السؤال اجلمالي والنصوص الغائبة يف رواية «صورة وإناء يف املزاد» النص املترابط.. نحو نظرية أدبية رقمية حوار مع د .سعد البازعي الروائي وشخصياته َمن يقود اآلخر؟
55
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف -1نشر الدراسات واإلبداعات األدبية
يهتم بالدراسات ،واإلبداعات األدبية ،ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة ،وتشجيع حركة اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز. ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت النشر: أ -الدراسات التي تتناول منطقة الجوف في أي مجال من المجاالت. ب -اإلبداعات األدبية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). ج -الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). شروطه: -١أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق ،وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية. -٢أن تُكتب المادة بلغة سليمة. -٣أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً ،وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق. -٤أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق ( )A4ويرفق بها قرص ممغنط. -٥أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة للنشر. -٦إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية فصيحة. -٧أن يكون حجم المادة -وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه -على النحو اآلتي: الكتب :ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور. البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز :تخضع لقواعد النشر فيتلك المجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة صفحة( .تحتوي الصفحة على « »250كلمة تقريباً). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر ،فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات منطقة الجوف ،إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام ،أما ما يتعلق بالبند (ج) فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط. -٩يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره ،إضافة إلى مكافأة مالية مناسبة. -١٠تخضع المواد المقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والرسائل العلمية
يهتم بدعم م�شاريع البحوث والر�سائل العلمية والدرا�سات املتعلقة مبنطقة اجلوف ،ويهدف �إلى ت�شجيع الباحثني على طرق �أبواب علمية بحثية جديدة يف معاجلاتها و�أفكارها. (أ) الشروط العامة: -١ي�شمل الدعم املايل البحوث الأكادميية والر�سائل العلمية املقدمة �إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية ،كما ي�شمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مب�ؤ�س�سات غري �أكادميية. -٢يجب �أن يكون مو�ضوع البحث �أو الر�سالة متعلق ًا مبنطقة اجلوف. -٣يجب �أن يكون مو�ضوع البحث �أو الر�سالة جديد ًا يف فكرته ومعاجلته. � -٤أن ال يتقدم الباحث �أو الدار�س مب�شروع بحث قد فرغ منه. -٥يقدم الباحث طلب ًا للدعم مرفق ًا به خطة البحث. -٦تخ�ضع مقرتحات امل�شاريع �إلى تقومي علمي. -٧للمركز حق حتديد ال�سقف الأدنى والأعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل �إج��راء تعديالت جذرية ت��ؤدي �إلى تغيري وجهة املو�ضوع �إال بعد الرجوع للمركز. -٩يقدم الباحث ن�سخة من ال�سرية الذاتية. (ب) الشروط اخلاصة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء يف ال�شروط العامة(البند «�أ»). -٢ي�شمل املقرتح ما يلي: تو�صيف م�شروع البحث ،وي�شمل مو�ضوع البحث و�أهدافه ،خطة العمل ومراحله ،واملدةاملطلوبة لإجناز العمل. ميزانية تف�صيلية متوافقة مع متطلبات امل�شروع ،ت�شمل الأجهزة وامل�ستلزمات املطلوبة،م�صاريف ال�سفر والتنقل وال�سكن والإعا�شة ،امل�شاركني يف البحث من طالب وم�ساعدين وفنيني ،م�صاريف �إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة. حتديد ما �إذا كان البحث مدعوم ًا كذلك من جهة �أخرى.(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية: �إ�ضافة لكل ما ورد يف ال�شروط اخلا�صة بالبحوث(البند «بـ«) يلتزم الباحث مبا يلي: � -١أن يكون مو�ضوع الر�سالة وخطتها قد �أق ّرا من اجلهة الأكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. � -٢أن ُيق ّدم تو�صية من امل�شرف على الر�سالة عن مدى مالءمة خطة العمل. هاتف 014 6245992 :فاكس014 6247780 : الجـوف 42421ص .ب 458 هاتف 016 4422497 :فاكس016 4421307 : الغ ـ ـ ــاط 11914ص.ب 63 الرياض 11614ص .ب 94781هاتف 011 2817094 :فاكس011 2811357 :
info@alsudairy.org.sa www.alsudairy.org.sa
مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري
ملف ثقايف ربع �سنوي ي�صدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي هيئة النشر ودعم األبحاث
رئي�س ًا ع�ضو ًا ع�ضو ًا ع�ضو ًا
د .عبدالواحد بن خالد الحميد د .خليل بن �إبراهيم المعيقل د .ميجان بن ح�سين الرويلي محمد بن �أحمد الرا�شد
رئي�س ًا في�صل بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا �سلطان بن عبدالرحمن ال�سديري زياد بن عبدالرحمن ال�سديري الع�ضو المنتدب ع�ضو ًا عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا �سلمان بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا د .عبدالرحمن بن �صالح ال�شبيلي ع�ضو ًا د .عبدالواحد بن خالد الحميد �سلمان بن عبدالمح�سن بن محمد ال�سدير ي ع�ضو ًا طارق بن زياد بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا �سلطان بن في�صل بن عبدالرحمن ال�سديري ع�ضو ًا ع�ضو ًا د .م�شاعل بنت عبدالمح�سن ال�سديري
املشرف العام� :إبراهيم بن مو�سى احلميد أسرة التحرير :حممود الرحمي �سكرترياً � -1أن تكون املادة �أ�صيلة. حممد �صوانة حمرراً -2مل ي�سبق ن�شرها ورقياً �أو رقمياً. �إخـــراج فني :خالد الدعا�س -3تراعي اجلدية واملو�ضوعية. قواعد النشر
املراســــــالت :هاتف)+966()14(6263455 : فاك�س)+966()14(6247780 : �ص .ب � 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية ال�سعودية www.alsudairy.org.sa aljoubahmag@alsudairy.org.sa
ردمد ISSN 1319 - 2566 سعر النسخة 8رياالت -تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع
-4تخ�ضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل ن�شرها. -5ترتيب املواد يف العدد يخ�ضع العتبارات فنية. -6ترحب اجلوبة ب�إ�سهامات املبدعني والباحثني والك ّتاب ،على �أن تكون املادة باللغة العربية. «اجلوبة» من الأ�سماء التي كانت ُتطلق على منطقة اجلوف �سابقاً.
املقاالت املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املجلة والنا�شر.
ُيعنى بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املنا�شط املنربية الثفافية ،ويتب ّني برناجم ًا للن�شر ودعم الأبحاث والدرا�سات ،ويخدم الباحثني وامل�ؤلفني ،وت�صدر عنه جملة (�أدوماتو) املتخ�ص�صة ب�آثار الوطن العربي ،وجملة (اجلوبة) الثقافية ،وي�ضم املركز ك ًال من( :دار العلوم) مبدينة �سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما ق�سم للرجال و�آخر للن�ساء .وت�صرف على املركز م�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري اخلريية. www. alsudairy. org. sa
العدد - 55ربيع 1438هـ ()2017
93............................. حوار مع د .سعد البازعي .. حاورته هدى الدغفق
107............................ سيرة وإجناز: زياد بن عبدالكرمي السالم
88........................ مترجمة برلني: كاتي ديربيشر
الـمحتويــــات االفتتاحية ..إبراهيم الحميد 4 ............................................... دراسات :قراءة في كتاب الجوف ..وادي النُفاخ -آيات عفيفي 6 ........... السؤال الجمالي والنصوص الغائبة في رواية «صورة وإناء في المزاد» - د .هويدا صالح15 ......................................................... في أن يكون للعشق خطاب ولسان -عبدالقادر القلسي21 ................. النص المترابط المفهوم /الصيرورة /المقاصد نحو نظرية أدبية رقمية د .سعاد مسكين26 ......................................................«ال تجرح الماء» ...شعرية البحث عن كينونة جمالية وإنسانية بديلة - إبراهيم الحجري 31 ....................................................... عاهل الجزيرة في وادي النيل ..قصيدة مجهولة لمحمود حسن إسماعيل مصطفى يعقوب37 ......................................................عندما يتحول الموت نغما للحياة! -نجاة الزباير42 ........................ في مديح الكتابة -هشام بنشاوي47 ........................................ أنفاس الغرقى - ُ قصص قصيرة :نصوص قصيرة زِ يٌّ برتقاليّ تب ّق ُع ُه عبداهلل السفر 50 ............................................................ الذي اختفى داخل قميصه -وفاء الحربي52 ............................... لحظة شك -مشاري محمد 53 ............................................. صورة -حليمة الفرجي 54 .................................................. الرجل صاحب أكبر مُخَ يلة! -أميرة الوصيف 55 ........................... طابور في مدينة الشمع! -أحمد طوسون 57 ............................... (يحيى) -رجاء عبدالحكيم الفولى 59 ...................................... طاقات مؤجلة -فهد المصبّح60 ............................................ طفول ٌة منسوجة بنبوءة الجد - ..ماجد سليمان63 .......................... شعر :جوارب معلقة على شتاء القلب -نـوّارة لـحـرش64 ..................... سيـِّــــــــ ُد الدَّ هْ ــــــرِ -نجاة خيري65 .......................................... وكنتُ العطشى -مالك الخالدي66 ......................................... إلـهــي -مجد السريحين 68 ................................................. آ َن األوانُ - ...محمود الرمحي69 ........................................... األمل عشب اصطناعي -عبدالوهاب الملوح70 ............................ قصيدتان -مها العتيبي 73 .................................................. بعد رحيلي -ميسون طه النوباني76 ........................................ من أنجي ِلهَا - !..نويّر بنت مطلق العتيبي78 ................................. عندما تـنهد البدر -نجاة الماجد81 ........................................ الجـــــــــوف -حنان فرحان الريس82 ........................................ النخيل يختلي بالشوق وناي الغروب -أحمد تمساح83 ..................... ترجمة :العـــاجز ..قصة للكاتب الفرنسي :غي دي موباسان -ترجمة: ياسمينة صالح 84 ............................................................ مترجمة برلين :كاتي ديربيشر -ترجمة وتحرير :تركية العمري 88 ........ مواجهات :حوار مع د .سعد البازعي -حاورته :هدى الدغفق 93 .......... الشاعر خليف الغالب -حاوره :عمر بوقاسم102 ............................ سيرة وإنجاز :زياد بن عبدالكريم السالم107 .................................. نوافذ :الروائي وشخصياته من يقود اآلخر؟ -عبداهلل الزماي109 ............ فنون الرياضيات :من الشريط إلى الزجاجة -د .أبو بكر سعد اهلل 116 .... مهرجان (الجنادرية) في دورته الحادية والثالثين -ضاري الحميد122 ..... قراءات135 .................................................................... :
لوحة الغالف :لوحة من الورشة الفنية لبنات من الجوف -لجنة التنمية االجتماعية -بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالجوف.
افتتاحية ال�����ع�����دد ■ إبراهيم بن موسى احلميد
اختتمت مؤخرا دورة مهرجان الجنادرية الحادية والثالثون ،هذا المهرجان الوطني للتراث والثقافة ،والذي تضيء شعلته وزارة الحرس الوطني منذ تأسيسه قبل ثالثة وثالثين عاما ،على يد الملك الراحل عبداهلل بن عبدالعزيز رحمه اهلل ،ورعاية واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه اهلل ،وإدارة وتوجيه األمير متعب بن عبداهلل بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني ،عاشت خالله العاصمة الرياض وجميع مناطق المملكة واقع انفعاالت جمالية ..يتمازج فيها الفن والتراث واللغة والثقافة ال ببحور الشعر والقصيد والنثر واإليقاع. والوطن والتاريخ معًا؛ لتشكل أفقًا محم ً مهرجان الجنادرية ،مهرجان كبير في اسمه وفي موضوعه ،تقوم به وزارة واحدة هي وزارة الحرس الوطني ،رغم مشاركة كافة الجهات الفاعلة ،إال إن وزارة الحرس الوطني تبقى الجهة التي تعطي المهرجان حياته وبقاءه. بعيدًا عن السياسة وقريبًا منها ..وفي قلب الثقافة واألدب ،تنداح ليالي الجنادرية تؤتي ثمارها ،وتنشر عبق جمالها بحب الوطن وشموخه ،في الحوارات الجانبية ،وفي ليالي المهرجان ،وفي ممرات القرية واألسواق التي يضجّ بها المهرجان. مهرجان الجنادرية كان كما أراده له مؤسسة الملك عبداهلل بن عبدالعزيز رحمه
4
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
اف����������������ت����������������ت����������������اح����������������ي����������������ة
اهلل ،مهرجانًا وطنيًا يتجدد كل عام إبداعً ا وجماالً ،يقدم أجمل اللوحات التي تجدد حضور ثقافات الوطن وجمالياتها ،ويبرز الثقافة بشكلها الشامل محلياً وعربياً وإسالمياً، وللمهرجان والقائمين عليه أن يفخروا بتقديم إبداعاتهم وقدراتهم التنظيمية ،وباألشواط الماراثونية التي عبروا بها واحدا وثالثين موسمًا من العمل واالجتهاد ،لبناء هرم الجنادرية الذي يتجذر ويزيد أصالة وثقة مع كل دورة من دوراته المتعاقبة. عندما يستضيف المهرجان نخبة من أهل االختصاص من داخل المملكة وخارجها، إضافة إلى الدولة الضيفة ،والضيوف من العلماء والمفكرين من دول إسالمية عزيزة.. فإنه يؤكد على توسع آفاقه وتعددها ..حتى بات مهرجانا يشار إليه دوليا كأبرز النشاطات الثقافية في المملكة والعالم العربي ،إضافة إل��ى تأكيد مرجعية المملكة العربية واإلسالمية ،واهتمامها بمواطنيها وأشقائها العرب والمسلمين. وعندما نشاهد بعض المناسبات الثقافية التي باتت مناسبات يومية في دول شقيقة أو بعيدة ،فإننا نطمح إلى أن يعيش مواطنونا حياة كهذه ،خاصة وأن تجربة مهرجان الجنادرية سبقت العديد من الدول في مهرجاناتها ويومياتها الثقافية؛ ما يجعل من توسيع دائرة الجنادرية لتصبح مهرجانا يمكن أن يعاش طوال العام ،ليكون رائدا في استقطاب الوجهات السياحية ،خاصة مع الخبرات التراكمية التي بنتها وزارة الحرس الوطني الغراء ،والصورة البهية الجميلة التي طبع بها المهرجان. مهرجان الجنادرية بتاريخه وقوته مهرجان إنساني محلي عالمي ،يمكن أن يتم تقديمه إلى كل الدنيا كأجمل ما يكون المهرجان ،سفيرا لوطننا إلى النجوم. ولهذا ،وارتباطاً مع رؤية المملكة ،2030ليس جديدا أن نرى مهرجان الجنادرية بات يشكل ظاهرة وطنية تستحق أن تدعم وتقدر ،وأن تتكرر في مناطق المملكة األخرى من خالل إقامة مهرجانات مماثلة برعاية الدولة ،تكون لها مواعيد ثابتة ،إضافة إلى ما يمكن أن تقوم به جهات أخرى كوزارة الثقافة ،وهيئة الترفيه ،من مهرجانات وفعاليات ومدن ثقافية وترفيهية ،بما يمكن البناء عليه من تجارب كتجربة الجنادرية ،أو سوق عكاظ ،أو مهرجان أسبوع الجوف الثقافي الذي كان مركز األمير عبدالرحمن السديري الثقافي يقيمه بنجاح وإبداع قبل سنوات بالجوف. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
5
قراءة في كتاب
الجوف – وادي ُ النفاخ لألمير عبدالرحمن بن أحمد بن محمد السديري ρρآيات عبدالقادر عفيفي*
نظرً ا لما نالته منطقة الجوف من أهمية كبيرة في دراسة تاريخ الشرق األدنى القديم وشبه الجزيرة العربية ،بوجه ع��ام ،وتاريخ المملكة العربية السعودية، ب��وج��ه خ���اص؛ ف��إن ال��م��ح��اوالت ال��ج��ادة الك��ت��ش��اف ت��اري��خ المنطقة عبر العصور المختلفة قد بدأت بالفعل منذ عدة عقود سابقة .تلك المحاوالت – فردية كانت أم مؤسسية – جاءت نتيجة إما لشغف بعض الباحثين ،خاصة من أبناء الجوف الكتشاف وتتبع تاريخ موطنهم منذ العصور القديمة حتى وقتنا الحاضر ،أو لما تتمتُ ع به منطقة الجوف فعليًا بالكثير من الدالئل الوثائقية واألثرية التى تثبت الوجود اإلنساني بها منذ عصور سحيقة؛ فعلى سبيل المثال ،تم تحديد الوجود ال��ح��ض��اري والحقبة األث��ري��ة األول���ى م��ن ت��اري��خ ال��ج��وف ال���ذي ي��ع��ود إل��ى العصر الحجري القديم األدنى فى “منطقة الشويحطية” بشرق مدينة سكاكا(.)1
6
يعد كتاب «الجوف – وادي النفاخ» لمؤلفه األمير عبدالرحمن بن أحمد ابن محمد السديري من أهم المصادر ال��ف��ري��دة ع��ن منطقة ال���ج���وف ،فقد قدم دراس��ة تتبع فيها تاريخ المنطقة منذ العصور القديمة وحتى التاريخ اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
المعاصر .ورغم قلة المصادر والوثائق العربية المرتبطة بتلك الفترات ،إال إن ال��م��ؤل��ف اعتمد على ال��ع��دي��د من ال��م��ص��ادر األج��ن��ب��ي��ة ،م��ن أج���ل إت��م��ام تلك الفكرة وإخراجها إلى دائرة النور. وق��د ب��ذل الجهد والوقت وكُلف فريق
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د عمل يضم نخبة من أبناء منطقة الجوف لما تمتع به من قبول لدى القراء بشكل عام والعاملين فيها ،للحصول على ما تيسر من والباحثين المتخصصين على حد س��واء، المصادر داخل المنطقة العربية واإلسالمية فقد ص��درت الطبعة الثانية المنقَّحة عام وخ��ارج��ه��ا ..إض��اف��ة إل��ى أوروب���ا وأمريكا1426( ،هـ2005/م) ،كما تم ترجمة الكتاب إلى وذلك تحت رعاية ودعم مركز عبدالرحمن اللغة اإلنجليزية ،وتولت نشره دار «استاسى السديري الثقافي .صدرت الطبعة األولى انترناشيونال
Stacey International«
للنشر
من الكتاب عام (1407ه���ـ1986/م) .ونظرًا بلندن تحت عنوان: اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
7
«The Desert Frontier of Arabia (Al- »Jawf) Through the Ages
الكبير على العناية بضيفهم ،كما هي صفة العرب .ونظرًا لروعة مثل هذا التراث ،ما
وفيما يلى استعراض لما جاء في محتويات كان أجمل وضعه عنوانًا لهذا الكتاب»(.)2
الكتاب من خالل ق��راءة بانورامية ،نبدأها
يتألف الكتاب من ثمانية فصول ..حاول
بعنوان الكتاب .وقد وقع اختيار المؤلف على المؤلف من خالل الفصول الستة األولى أن عنوان قد يبدو مباشراً ،وهو «الجوف -وادي يستعرض تاريخ منطقة الجوف – فى ظل النُفاخ» .فقد يتوقع أحد القراء ممن ال يعرف الوثائق واآلث��ار والكتابات المتاحة – منذ الكثير عن واحة الجوف وتراثها ،أن «وادي عصور ما قبل التاريخ ،حتى تاريخ تأسيس
النُفاخ» ربما يكون أحد األماكن أو المواقع ال��دول��ة السعودية األول���ى ،وكذلك التاريخ داخل واحة الجوف ،ولكن جمال رمزية هذا الحديث لمنطقة الجوف من خالل كتابات العنوان يكمن فى استخدامه للتعبير عن الرحالة األوروبيين الذين وفدوا إلى الجوف إحدى شيم أهل الجوف التى عرفها تراث خالل الفترة (من 1845م 1922 -م) .إضافة
المنطقة ،أال وهى «ال َكرَم»! فعلى ح ِّد قول إل��ى ذل��ك ،فقد تطرق فى الفصل السابع المؤلف ً نصا فى توضيحه لسبب اختياره إل��ى طبيعة سكان أه��ل ال��ج��وف وسماتهم
مثل هذا العنوان« :لقد عُرِ فت بادية شمال وعاداتهم ،ثم اختتم مؤلَفه بالفصل الثامن الجزيرة العربية الجوف باسم «وادي النُفاخ» الذي احتوى على مالمح النهضة الحديثة
8
بسبب ش��دة ك��رم أه��ل ال��ج��وف ،وحرصهم في الجوف ،من مؤسسات خدمية حكومية
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
اس��تُ��هِّ��ل ال��ك��ت��اب بالفصل األول ال��ذى ال��ج��وف -سكاكا» ،وال��ذي عُ��دَّ أق��دم موقع استعرض فيه مقدمة تفصيلية تاريخية أثري فى المملكة العربية السعودية ،والذي وج��غ��راف��ي��ة مهمة ع��ن ال��ج��وف وتاريخها يعود إلى «العصر الحجري القديم األسفل القديم وطوبوغرافيتها ومناخها ،وكذلك « .)3( Lower Paleolithicوالحقًا ،تم جمع موقعها المتميز كإحدى أشهر الواحات فى ( )1884عينة من األدوات المختلفة الشكل الحدود الشمالية لصحراء النفود ،كونها وال��خ��ام��ة م��ن ستة عشر موقعاً أث��ري��اً في وقعت داخل مسار طرق تجارية مهمة ،سواء المنطقة ،بما فيها موقع الشويحطية ،تلك بين الشرق والغرب من جانب ،أو فيما بين اللقى ت��� ّد َّر َج تأريخ بعضها ما بين العصر الشمال والجنوب من جانب آخر؛ ما جعلها الحجري القديم األسفل واألوس���ط ،بينما من أكثر المناطق استيطانًا لفترات تاريخية لم يعثر على أدلة استيطان تعود للعصرين طويلة عبر عصور مختلفة ،وم��ن ثَ�� َّم كيف «الحجري القديم األعلى ،وما قبل الحجري». أصبحت الجوف الطريق المفضل إلى قلب كما أضاف المؤلف أنه عُثر على منشآت ذات الجزيرة العربية ،كما أنها باتت شريكًا مهماً أنماط مختلفة ،وما يزال الجدل قائمًا حول في الحركة التجارية اآلسيوية-األفريقية ،طبيعة استخدامها .بعضها قد أ َِطلق عليها اسم «الدوائر الحجرية» والتي يعود تاريخها واآلسيوية-اآلسيوية. إلى العصر النحاسي ،والبعض اآلخر سُ مي ثم تم تقسيم تاريخ واحة الجوف ،وفقًا «بالرجوم الصخرية» بالقرب من قرية «كاف» لتسلسل ت��ت��اب��ع��ى ت��اري��خ��ي ع��ب��ر العصور والتي أرخت بالعصر الحديدي( .)4ثم أشار المختلفة ،فجاء الفصل الثاني للحديث إلى موقع «الرجاجيل» الواقع في الجنوب ع���ن ت���اري���خ ال���ج���وف ف���ى ع��ص��ور م���ا قبل الشرقي من سكاكا ،والذي يُعد شاهدًا على التاريخ ،فوثّق تاريخ بداية إج��راء أعمال االستيطان اإلنساني ف��ي منطقة الجوف المسح األث��ري فى منطقة الجوف ،والذي خالل العصر البرونزي ،وال��ذي أرخ – عن ك��ان في (1396ه�����ـ1976/م) ،ثم تلته عدة مهام استكشافية أخرى فى سنوات الحقة ،طريق موقع مشابه في انجلترا -بنهاية وك��ي��ف أس��ه��م��ت ت��ل��ك ال��خ��ط��وة وم���ا ترتب األل��ف ال��راب��ع��ة وب��داي��ة األل��ف الثالثة قبل ��دد من الميالد. عليها من دراس���ات في اكتشاف ع ٍ وقد أش��ار المؤلف إلى غموض الحقبة المواقع األثرية المهمة ..وما احتوت عليه اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
وخ��اص��ة ف��ى مختلف ال��م��ج��االت ومناحي من لُقى أثرية ك��ان لها الفضل فى تأريخ الحياة المتعددة المرتبطة بالتعامل اليومي تلك ال��م��واق��ع المكتَشفة .ك��ان م��ن أهمها مع كل من يعيش على أرض منطقة الجوف .موقع «الشويحطية» الواقع شمالي «حوض
9
التالية من تاريخ الجوف ،والتي لم يعثر على ال��وث��ائ��ق واألدل����ة األث��ري��ة ال��خ��اص��ة ببعض أدلة أثرية لها ..وقد أحدثت فجوة عميقة الفترات الزمنية من تاريخ منطقة الجوف، فى تاريخ المنطقة خالل األلف الثانية ق.م .فقد استكمل الفصل بتناول تاريخ الجوف في والتي خمَّ َن بعض المتخصصين أنها تزامنت الفترة ما بين (القرن الثالث والقرن الخامس مع بداية ظهور اإلبل المستأنسة فى منطقة الميالديين) وعودة ظهور الجوف في بعض «هضبة ال��ج��وف-س��ك��اك��ا» وال��ت��ي صاحبها الكتابات التاريخية مرة أخرى ،عندما تمت الوجود األوَّلي للبدو فى منطقة الجوف. اإلش��ارة إلى دومة الجندل فى عهد الملكة
وق��د اختتم الفصل ب��س��رد س��ري��ع حول «زن��وب��ي��ا» ،وكيف أن تحصين قلعتها وقف وجود بعض اللقى األثرية فى أجزاء متفرقة عائقًا أمام جيش الملكة من اقتحامها .ثم من منطقة الجوف ،والتي تعود لحضارات ظهور اسم المدينة مرة أخرى عندما سيطر مختلفة مثل الحضارة اآلشورية والنبطية عليها الملك العربى «امرؤ القيس» الذى كان يستوطن العراق مع قبيلته ،ولكنهم استقروا والرومانية والبيزنطية. في النهاية في دومة الجندل .وأجمل المؤلف بينما تناول الفصل الثالث تاريخ الجوف فى عصور ما قبل اإلس�ل�ام ،وع��رض أهم تلك الفترة بشرح كيفية دخ��ول «الجوف/ الكتابات ال��ت��ي ورد فيها ذِ ك���ر اس��م واح��ة دومة الجندل» ضمن ممتلكات مملكة األكيدر الجوف فى تلك الفترة ،بداية من المصادر «األكيدر ابن عبدالملك» من قبيلة كنده عند اآلشورية ،وكذلك وجود مملكة أدوماتو في مجيء اإلسالم. «دوم���ة ال��ج��ن��دل» ف��ي ف��ت��رة الح��ق��ة ،م���رورًا واستطرد بالحديث عن أهم ما تميزت بذكر بعض النصوص التى تثبت تحول دومة به واح��ة الجوف على المستويين التجاري الجندل لتصبح عاصمة ٍ عدد من الملكات والثقافي .فعلى الصعيد التجاري ،تحدث ال��ع��رب��ي��ات ف��ى ت��ل��ك ال��ف��ت��رة م��ث��ل :الملكة عن «سوق دومة الجندل» ،وكيف كان ملتقىً «تلخونو» ،و«تبؤه أو تاربوا» ،وأخريات مثل مهماً يشترك فيه الكثير من القبائل العربية، الملكة «زبيبة» و«سمسى» و«اياتى» .ثم قام إذ كان يُعّد أحد أكبر األسواق العربية للتبادل بسرد أحداث بعض الصراعات التى دارت التجاري في ذل��ك الوقت .أم��ا فيما يتعلق بين تلك الممالك التى كانت مسيطرة في بالجانب الثقافي ،فقد ذك��ر ال��دور الذي ذلك الوقت ،وكيف كان ذلك مؤثرًا سلبًا أو لعبته دوم��ة الجندل في التعريف بالكتابة إيجابًا على تاريخ الجوف ،تلك الفترة التي ونشر الشعر في الفترة التي سبقت ظهور انتهت تقريبًا بنهاية القرن الرابع ق.م. اإلس�لام .إضافة لذكر أهم الديانات التي
10
ونتيجة لما ذكره المؤلف سابقًا من نقص كانت سائدة في دوم��ة الجندل قبل الفتح
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د قصر كاف
الرجاجيل
مأذنة مسجد عمر بن الخطاب 11 اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
اإلسالمي .وتطرق إلى ذكر المواقع األثرية بمنطقة الجوف ،مبينًا ما جاء من معلومات تاريخية حول تلك المواقع مصحوبة بعدد من الصور الفوتوغرافية التوضيحية عن تلك المواقع ،ثم اختتم الفصل بالحديث عن دوم��ة الجندل وعالقتها ببالد الشام حتى القرن السابع الميالدي.
سماعهم بمجيء المسلمين ،وتركوا خلفهم ما يملكونه .وقد أرسل الرسول (صلى اهلل عليه وسلم) بعض رجاله للبحث عن أهالي المنطقة الفارين ،فلم يجدوا س��وى رجل واحد ،أقنعوه بالعودة معهم ،وكان أن اعتنق الرجل اإلسالم على يد الرسول (صل اهلل عليه وسلم)(.)5 واستكمل الفصل ع��رض تفاصيل بقية الغزوات التى تعرضت لها دوم��ة الجندل، والتاريخ اإلسالمي للمنطقة منذ منتصف القرن األول الهجري وحتى القرن الثاني ع��ش��ر ال��ه��ج��ري .وأُض��ي��ف��ت ب��ع��ض ال��ص��ور لعدد من المناطق األثرية ذات الفوتوغرافية ٍ العالقة بتلك الفترة التاريخية مثل مسجد عمر بن الخطاب وغيره من المنشآت التي شيدت في تلك الفترة وما بعدها.
12
ونأتي إل��ى الفصل ال��راب��ع ،ال��ذي تناول تاريخ منطقة الجوف منذ ظهور اإلس�لام حتى بداية الدولة السعودية األول��ى .فقد سرد الفصل الكيفية التى دخل بها اإلسالم إلى الجوف بعد هجرة الرسول (صل اهلل عليه وسلم) إلى المدينة المنورة وتأسيس دعائم الدولة اإلسالمية التي حرص على تأمينها والحفاظ على سالمة أهلها من جانب ،والعمل على نشر الدين الحق من خالل إرسال رجاله إلى حكام وقادة المناطق وج���اء ال��ف��ص��ل ال��خ��ام��س ليحدثنا عن المختلفة في الجزيرة العربية من جانب ال��ت��اري��خ ال��ح��دي��ث لمنطقة ال��ج��وف خالل آخر. الدولة السعودية األولى والدولة السعودية وفيما يتعلق بالجوف/دومة الجندل ،فكان ال��ث��ان��ي��ة ،ث��م ت��اري��خ��ه��ا خ�ل�ال ف��ت��رة الحكم من األسباب الرئيسة لغزوتها هو رد إغارة العثماني .وجاء هذا الفصل مصحوبًا بعدد رج��ال حاكمها ف��ي ذل��ك ال��وق��ت «األك��ي��در» م��ن ال��ص��ور الفوتوغرافية لبعض الوثائق على قوافل التجارة ،وكذلك للسيطرة عليها العثمانية الرسمية المترجمة التي توضح وإخ��ض��اع��ه��ا ،حيث ج���اءت ال��غ��زوة األول��ى كثيرًا من تفاصيل الشكل السياسي الذى لدومة الجندل – وفقًا للمصادر -في العام كانت عليه منطقة الجوف في ظل الحكم الخامس للهجرة النبوية بقيادة الرسول العثماني .وأن��ه كيف كانت هيمنة الحكم نفسه (صلى اهلل عليه وسلم) وبصحبته ألف العثماني -رغم ما تمتع به من سلطان في من رجاله ،وعندما وصلوا إلى دومة الجندل ذلك الوقت -غير مستتبة في منطقة الجوف وجدوها خالية من السكان ،إذ ف َّر أهلها بعد حتى انتهاء عهده .ثم اختُتم الفصل بتاريخ اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
قلعة زعبل من الداخل
قصر مارد بدومة الجندل
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
13
الجوف خالل فترة الدولة السعودية الثالثة.
به من تفاعل مع متطلبات الحياة العصرية الحديثة ،وذلك في ظل دعم المملكة العربية السعودية وتشجيعها لمقومات النهضة االجتماعية والثقافية واالقتصادية والعلمية، وكيف استفادت منطقة ال��ج��وف م��ن هذا الدعم ،جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة بشكل خاص على مستوى بعض الشخصيات م��ن المهتمين والمهمومين ب��إع�لاء شأن منطقة الجوف وأهلها ،ومواكبتها للتطور الذي فرضته الحداثة في عالمنا الحالي. وت��ط��رق الفصل ل��ذك��ر جميع المؤسسات المرتبطة بكافة التعامالت اليومية ومناحي الحياة المختلفة التي يحتاج إليها مواطن منطقة الجوف وسكانها .واحتوى الفصل على صور فوتوغرافية لهذه المؤسسات.
وع���ن���د ال���وص���ول ل��ل��ف��ص��ل��ي��ن ال���س���ادس والسابع ،نجد أنفسنا أمام عدد من كتابات واصفة منطقة الجوف في عيون بعض أبناء الغرب الذين وفدوا إلى شبه الجزيرة العربية من شتى بقاع األرض في شكل رحالة مهام بحثية .ه��ؤالء الرحالة ج��اءوا إل��ى منطقة الجوف واستقروا بها لفترة من الزمن في العصر الحديث -اختلفت فيما بينهم - عاشوا بين أهلها ،ودوّنوا كل ما وقعت أعينهم عليه من تفاصيل .تلك الكتابات كانت زاخرة وث��ري��ة بالكثير م��ن المعلومات ع��ن طبيعة المكان الجغرافية والمناخية وديموغرافية سكان الجوف وشكل الحياة بين أهلها ،إلى جانب ما جاء بها من تفاصيل عن طبيعة أهل الجوف وثقافتهم بما تحتويه تلك الثقافة من وفي النهاية ،ال يسعنى إال أن أثني على عادات وتقاليد وأعراف وممارسات حياتية ما بذل في هذا الكتاب المرجع من جهد يومية. كبير جعله -في تقديري الشخصي -بمثابة وجاء الفصل الثامن واألخير من الكتاب موسوعة ع��ام��رة بتاريخ منطقة ال��ج��وف، ليلقي الضوء على مالمح النهضة الحديثة في اتسمت بزخم التفاصيل وروع���ة الوصف منطقة الجوف في العصر الحاضر ،وما تنعم ودقة التعبير ومنهجية العرض. * باحثة في التاريخ واآلثار. ( )1منطقة الجوف فى عصر ما قبل التاريخ ،دومة الجندل 2800 :سنة من التاريخ فى المملكة العربية السعودية ،الرياض2013 ،م ،ص .60 ( )2عبدالرحمن بن أحمد بن محمد السديري ،الجوف – وادي النفاخ ،مؤسسة عبدالرحمن السيري ،ط ،2 الرياض 1426 ،هـ ،ص .6 (Whalen, N. et al. (1986). A Lower Pleistocene Site Near Shuwayhitiyah in North Saudi Arabia, Atlas, )3 .Vol. 10, p. 94 ( )4عبدالرحمن بن أحمد بن محمد السديري ،الجوف – وادي النفاخ ،مرجع سابق ،ص ص .39-38 ( )5المرجع السابق ،نفسه ،ص ص .86-85
14
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
في رواية «صورة وإناء في المزاد»
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
السؤال الجمالي والنصوص الغائبة ρρد .هويدا صالح*
حين نقرأ رواية «صورة وإناء في المزاد» للكاتب السعودي العاصي بن فهيد، التي صدرت مؤخرا عن دار صفصافة بالقاهرة ،نتمثل قول الناقد الفرنسي «جان إف تادي» ،الذي قال« :إن كل رواية هي بقدر ٍ ما قصيدة ،وكل قصيدة هي في بعض الدرجات قصة» .وبما أن الرواية هي جنس أدبي ال يعرف االستقرار ،يعيش حركة التطور والبحث عن جدة األساليب وفنيات الكتابة ،بل هي أكثر األجناس األدبية مرونة وقدرة على االنفتاح على األجناس األخرى من شعر وسينما وفنون بصرية وتاريخ وسيرة ذاتية؛ ما يؤهلها ألن تفيد من كل هذه الخطابات ،لتصنع خطابا سردي ًا مغاير ًا عن بقية األجناس األدبية .ورغم الحدود الصارمة بين األجناس التي حاول النقاد وضعها ،فإن العملية اإلبداعية عملت على كسر هذه الحدود بتأليفها بين السرد والشعر. لكن ،كيف تتجلى مظاهر الشعرية في النص الروائي؟ وكيف تبنى العالقة الجدلية بين الشعري والسردي؟ رغم أن لكل جنس خصائصه الفنية ومقوماته؟ ك��ي��ف يتحقق ال��ت��ف��اع��ل ب��ي��ن جنسين مختلفين؟ بل كيف تتأسس العالقة بين الشعري والسردي؟ إن اللغة هي القاسم المشترك بين الشعر والرواية ،بل هي الوسيط األكثر ق��درة على وس��م رواي���ة م��ا بالشعرية؛ ل��ذل��ك ،ي��ق��ول «ج���ان إي��ف ت��ادي��ي��ه» في
وصفه ألسلوب القصة الشعرية« :إنّ المرء ال ي��درك أنّ قصة من القصص توسم بميسم الشعر ،إال إذا انطلق من دراسة اللغة؛ فال مفهوم الشخصيات، وال م��ف��ه��وم ال���زم���ان أو ال��م��ك��ان ،وال مفهوم بنية القصة ،تعد شروطا كافية لذلك ،أما التكثيف واإليقاع الموسيقي وال��ص��ور ،فال تغيب أب���داً ..فهي تصل إلى حد خلق االنطباع بأنك تقبل على هذه القصص وكأنما تقرأ قصائد نثرية طويلة»(.)1 اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
15
وقد وعى «إدوار الخراط» تلك المساحة األصلية ،أو للرواية القصيرة «صورة وإناء المخاتلة ما بين الشعر والسرد ،وأفرد لذلك في المزاد» ،وهذه الرواية هي القسم الثاني كتابين من أهم كتبه النقدية هما« :مهاجمة من النص. المستحيل» ويمثل الناحية التنظيرية لظاهرة ف��ي ال��ن��ص��وص األول����ى ال��ت��ي يفتتحها شعرية الرواية أو العالقة بين الشعر والسرد ،بقصيدة «م��ن ال��ط��ارق» يمهد ذه��ن القارئ وكتاب «الكتابة عبر النوعية» ال��ذي يمثل ل��وص��ول «غ��ص��ي��ن» ال��س��ارد ال��رئ��ي��س لباب الناحية التطبيقية ،ويعبر عن تداخل ما هو السيدة «ديانيرا» بطلة النص ،وي��وازي بين شعري في متن وتضاعيف المحكي السردي شخصية غصين (تصغير غ��ص��ن) ،وبين في تجاربه اإلبداعية ،فيقول« :إنّ القصص شخصية العصفور الذي ينقر الخشب .ومن والروايات التي كتبتها منذ األربعينيات وحتى يقرأ النص السردي يكتشف تلك الرهافة اآلن ،يسري فيها روح شعري قوي ومخامر والعذوبة في شخصية «غصين» ،وكأنه فعليا (ه��ك��ذا) وأس��اس��ي وليس مجرد إضافة أو عصفور ضعيف صغير ينقر باب السيدة: زينة أو اقتحام بل هو نوع من االنصهار بين «مَ ن الطارق يا ترى عناصر السرد القصصية وعناصر الشعر في قفر هذه الساعة؟! ()2 األساسية» .
لعله ..كأنه ..أو ربما وقد تبع محاوالت الخراط في التنظير ال أحد سيدتي ال أحد لهذه ال��ظ��اه��رة ،ك��ل م��ن سعيد يقطين في عصفور ينقر في الخشب «الخطاب الشعري والخطاب الروائي» ضمن عصفور ينقر في الخشب» (ص.)8
كتاب «القراءة والتجريب» ،وصالح فضل في في النص التالي مباشرة ،والذي يمنحه كتاب «تحليل شعرية السرد» ،وكذلك كتاب ال��ك��ات��ب اس���م «ص����ور» ت��ب��رز ل��ن��ا ال��س��ي��دة «سرديات الرواية العربية المعاصرة» لصالح ديانيرا في صور متتالية ،تكشف جانبا من صالح. شخصيتها ،ومَن يقرأ الرواية القصيرة بعد واعتبار اللغة أحد معايير شعرية الرواية ج��ع��ل ب��ع��ض ال��ن��ق��اد ف���ي ال��ن��ق��د ال��ح��دي��ث يختصرون الشعرية في شعرية اللفظ ،لكن بعضهم اآلخ��ر ح��اول أن يربط بين البحث في شعرية اللفظ وشعرية التركيب وشعرية الصورة وغيرها.
16
يقسم العاصي بن فهيد النص بنائيا إلى قسمين؛ القسم األول ،بعنوان «على باب السيدة دي��ان��ي��را» يتكون م��ن س��ت قصائد شعرية ،معنى وب��ن��اء ،يمهّد بها للحكاية اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
(ص.)9
يواصل الكاتب في القصائد القصيرة المتتالية أن يضيف لمحات م��ن عالقة غصين بالسيدة دي��ان��ي��را ،مستغال كثافة الشعر الذي يختزل المعنى ويقطره في أقل عدد من الكلمات ،ليمهد ذهن القارئ حتى يستقبل تلك العالقة الملتبسة التي سوف تحكي في لغة ال تقل كثافة وال شعرية حكاية اإلناء واللوحة وديانيرا وغصين. تحكي الرواية القصيرة قصة امرأة اسمها دي��ان��ي��را تنتسب لخلطة كوزموبولوتانية، أب إيطالي ي��ت��زوج م��ن أم حبشية ،يعيش بها في القاهرة .تهجرها األم وتعود إلى موطنها األص��ل��ي ،وي��م��وت األب ،وتربيها عجوز إيطالية على أرض مصرية ،فتعيش الثالثينية الخالسية الريانة حياة سرية غامضة أق��رب إل��ى القصص األسطورية: «ديانيرا الخالسية ،في بيئة مصرية ريانة، جادت عليها بخضرة الروح وحالوة اإلقبال. تعيش في هذه الفيال التي ورثتها عن أبيها ال��ذي لقي مصرعه في ح��ادث حريق شب
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
ذلك سيلمح تلك السمات التي وسمها بها في أحد كازينوهات شارع عماد الدين في ثالثينيات القرن المنصرم ،وقد كان يعمل في قصيدة «صور»: في أستوديو لتظهير األف�لام السينمائية. «أنا أرملة برجوازية عصابية أما أمها «إستر» فقد كانت مغنية شعبية في ولم تنجب أطفاال فرقة استعراضية في «مصوع» في أرتريا عرائسي البكماء على الصوفة عندما التقت بزوجها ،ثم قدمت معه إلى وهذا السرير القاهرة .لم تنل إستر حظها من الشهرة في لكل دمية اسم وكنية سوق الغناء ،فعادت إلى الحبشة ،بعد إقامتها وال أحداث ليلية في حياتي تذكر في مصر بضع سنوات ،وانفصالها المحبط وحده كلبي العجوز عن زوجها ،وديانيرا لما تبلغ السادسة من كلما أوقدت في الظالم شمعة ق��ل��ب ف���ي األل����ب����وم وب��ح��ل��ق ف���ي ال���ص���ور» .ع��م��ره��ا ...ف��رزح��ت الطفلة ديانيرا تحت سلطة عجوز إيطالية». وحينما تطلب من «العم جابر» أن يحضر لها خادما أو راعيا أمينا ،يحضر لها «غصين» الشاب القروي الذي يعايشها ،يرعاها لفترة حتى تقرر أن تتخذه عشيقا ،وبعد فترة تقرر أن تبيع اإلناء واللوحة والقصر وترحل ،ويعود هو مجددًا إلى قريته ،لم يفهم أبدا لماذا شغفت ب��ه ،ول��م��اذا ق��ررت الرحيل« :وصل غصين إلى القاهرة قادما من قريته النائية في حوالي التاسعة صباحا ،بعد رحلة طويلة استخدم فيها جميع وسائل النقل المتاحة في تاريخ المواصالت» (ص.)18 البنية السردية للنص في بنية دائ��ري��ة ،يكتب لنا العاصي بن فهيد حكاية «السيدة دينانيرا» في لوحات أو كادرات سينمائية متالحقة ،متخلصا فيها من كل تزيُّد أو حشو سردي ،فهي لغة مقطرة مكثفة تكاد تشف من شعريتها .ووصف البنية السردية بأنها دائرية ،ألن النص يبدأ بوصول «غصين» م��ن قريته ط��ارق��ا ب��اب السيدة، وينتهي بأن يغلق «غصين» باب القصر متجها اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
17
مجددًا إلى قريته بعد أن قررت السيدة بيع القصر والسفر في ال�لازم��ان والالمكان، فتلك الشخصية الكوزموبولتانية ليس لها وطن أو عنوان تركن إليه ،فقط قررت بيع «اإلناء» في المزاد والرحيل. النصوص الغائبة في النص ي��ت��ن��اص ال��ك��ات��ب ف���ي ن��ص��ه م���ع قصة «ديانيرا» زوجة هرقل التي حاول القنطور نيسوس الكائن األس��ط��وري أن يخطفها. بينما ك���ان ه��رق��ل ف��ي ط��ري��ق ع��ودت��ه إل��ى الوطن ،مصطحباً زوجته الجديدة «ديانيرا» ولدى بلوغه نهر إيفنيوس صادفه القنطور نيسوس ،وعرض عليه أن يحمل عنه زوجته إل���ى ال��ض��ف��ة ال��ث��ان��ي��ة .ف���رأى ف��ي ال��ع��رض إغراءً ،نظراً لمعرفة نيسوس بمواقع العبور الضحلة ،ولدرايته بممرات النهر الغاضب. فعهد البطل لنيسوس بزوجته التي انتابها الوجل من هيئة القنطور وان��دف��اع النهر، وبينما كان هرقل يرمي بقوسه وهراوته إلى الضفة األخرى ،كان القنطور ككتلة الصخر الصامدة المتحركة يحمل ديانيرا مخترقاً دوام��ات النهر الصاخبة ،وما إن ه ّم هرقل بالتقاط القوس والهراوة من الضفة األخرى، حتى سمع صراخ زوجته يتردد في الهواء، فألقى ببصره تجاهها ،ف��وج��د القنطور يسابق الريح ليهرب بها ،وليجعلها محظية له ،عندها تناول قوسه ورمى القنطور بسهم مشبع بسم الهيدرا الزعاف ،فأصابه ليتدفق ال��دم على قميصه ،ال��ذي أه���داه لديانيرا م��وه��م��اً إي��اه��ا ب��أن��ه ت��ع��وي��ذة ت��ح��رك الحب الدفين إذا خبا!
18
وال��س��ؤال ما ال��ذي يجمع ديانيرا النص اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ودي��ان��ي��را األس��ط��ورة؟ ه��ل ه��و البحث عن المعنى؟ هل وقوع ديانيرا األسطورة في فخ الشك تجاه هرقل ،حيث ت��رددت شائعات عن حبه البنة ملك أويخاليا .وجدت ديانيرا نفسها ما بين المعنى والالمعنى ،معلقة في خيوط العنكبوت تحاول التخلص منها، وهي ،وفي كل فجر جديد ،تفصل الليل عن النهار ،وكلما أصرَت على الخالص ،جذبتها محاوالتها إلى المزيد من الغوص في تلك الشبكة .إنها الحياة أم الحلم أم اليقين؟ أم المستقبل يستبق ذاته؟ أم أنه ماض لم تعشه؟ إنها نقاط المطر تحاول إيقاظها خارج رحم الزمان ،فالحاضر يفلت منها إلى الماضي دون أن تتذكره ،والبجعة األم المولودة من رحم الريح شطرتها إلى نصفين في اللحظة نفسها ،والضربة ذاتها ،فهل ديانيرا العصر الحديث تعيش نفس ال��م��أس��اة؟ م��ا قصة اللوحة التي تحتوي على كل أساليب التعذيب م��ن عصور قديمة؟ م��ا قصة اإلن���اء ال��ذي تعتبره محرمًا وممنوعاً على أحد أن يلمسه أو يحركه من مكانه ،وفي النهاية تعرضه في المزاد؟ هذا ما لم يفسره الكاتب للقارئ؛ ما يوجب على القارئ أن يحاول إنتاج المعنى بإيجاد تلك العالقة بين ديانيرا األسطورة ودي��ان��ي��را الحديثة .على ال��ق��ارئ أن يمأل فراغات النص ويحاول تصور حياة ديانيرا قبل أن يضعها العاصي بن فهيد في متن الحكاية .على القارئ أن يتخيل قصة لوحة آالت التعذيب ،وقصة اإلناء .وما تعرضت له هذه الخالسية الريانة الجميلة من مآسي جعلتها تعيش هذه الحياة الغامضة .صحيح إن الكاتب أشار في إشارات قصيرة أن زوجها األول كان ساديا ال يحلو له ممارسة العشق
إن الكاتب ربما يتمثل نظرية «القارئ واالس��ت��ج��اب��ة» ال��ت��ي ت��م��ن��ح ال���ق���ارئ دورًا رئيسً ا ف��ي إن��ت��اج المعنى ووض��ع تصورات جمالية تخصه تجاه ه��ذا النص المكثّف المختزل .وربما يعترض ق��ارئ آخر ويتهم ال��ن��ص وال��ك��ات��ب ب��ال��غ��م��وض ،وي��ع��ت��رف أنه كان ينتظر من الكاتب أن يبل ريقه ببعض التفاصيل تلقي الضوء على تلك الشخصية الغامضة« :فرم غصين عينيه ،التفت حوله.. الصالون متحف ألدوات االعتقال والتعذيب المنقرضة ،لوحة زيتية عريضة للقنطروس تطالعه في ص��در ال��ص��ال��ون.ح��ذوة حصان عند فتحة الممر ،يعلوها سرج من الجلد، وعلى الجدار من الناحية الجانبية للساتر الخشبي الذي يفصل بين الصالون وحجرة أخرى ،كانت تتدلى معلقة على الجدار أنواع وأش��ك��ال بمختلف األح��ج��ام م��ن السالسل واألص��ف��اد والكرابيج واألق��ف��ال» (ص.)22 ربما الشاعر العاصي بن فهيد الذي تعود على اختزال العالم في جمل كثيفة المعنى قليلة المبنى هو ما دفعه لتغييب تفاصيل الحكاية حدَّ االختزال.
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
إال بالتعذيب ،تعذيبها جسديا؛ ما جعلها هي ال تستمتع بالعشق إال عبر إيذائها جسديا، وقد احتفظت بآالت تعذيبه ،كما احتفظت بميولها المازوخية التي جعلت غصين يفر من عشقها ،ويخبرها برغبته في أن يعود لقريته.
ووقعت في غ��رام��ه ،وح��اول��ت إغ���واءه ،فهل غصين هو يوسف وديانيرا هي زليخة؟ لكن يوسف في النص القرآني أفلت من الغواية حينما رأى «برهان رب��ه» ..لكن غصين لم يفلت من الغواية ،فرغم غياب التفاصيل ال��س��ردي��ة ،إال إن��ن��ا ن��ع��رف م��ن جمل قليلة ومختزلة أن غصين عاش مع ديانيرا حياة مكتملة ،قبل أن تقرر الرحيل وي��ق��رر هو العودة إلى قريته من حيث أتى« :ال تتأخر عندما أناديك» تغلق الباب ،ثم تفتحه ثانية، غصين م��راه��م التدليك على التسريحة، هاتها معك ال تنس( »..ص.)58 التناص الثالث كان مع قصة أهل الكهف، وكلبهم ،صحيح أن الكاتب لم يوظفه دراميا في النص ،لكنه أت��ى بجملة تستدعي في ذه��ن ال��ق��ارئ قصة أه��ل ال��ك��ه��ف« :تنفس غصين الصعداء بعد هذه المقابلة ،ونهض الجميع ،و«معهم كلبهم» (.)30 وأخ��ي��رًا س��ؤال الشعري ف��ي النص يطرح سؤاال مهمًا ،ما مدى تحمل القارئ الختزال حيوات الشخصيات في بضع صفحات ربما ال تطفئ لظى شوق القارئ لمعرفة تاريخها واشتغالها الدرامي؟ كذلك يتضح في النص بعد صوفي واضح سواء في تعرضه لعالم الرهبنة والكنسية المسيحية أو الصوفية اإلسالمية. المراجع: 1ـ جان إيف تادييه ،شعريـة الروايـة ،المكونـات الداخليـة والمحددات ،ترجمة سعيد بوعيطة، مجلة الرافد ،دائرة الثقافة واإلعالم ،الشارقة، 2009م ،ص.22
التناص الثاني الذي يستحضره الكاتب ّ في النص ،بجملة مختزلة ،لكنها تشتغل على داللة محمولها الثقافي ،مستفيدًا من 2ـ إدوار الخراط ،الكتابة عبر النوعية ،مقاالت في المخزون المعرفي لدى القارئ؛ إنه يتناص ظاهرة القصة القصيدة ونصوص مختارة ،دار شرقيات للنشر والتوزيع ،القاهرة1994 ،م ،ص.39 مع قصة «زليخة» ويوسف الذي شغفها حبا، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
19
حقيقة
نصوص
()3
من الطارق
()1
غير المستقبل
مَ ن الطارق يا ترى في قفر هذه الساعة؟! لعله ..كأنه ..أو ربما.. ال أحد سيدتي ال أحد عصفور ينقر في الخشب عصفور ينقر في الخشب صور
()2
طيفا يحمل األحاجي لي كل ليلة ويشير إلى بالد مجهولة أنا الذي يغادرني إليك ذكرى تغرد في أشجار الصمت مرآة النرجس
()4
أحبابي ثيابهم جميلة
أنا أرملة برجوازية عصابية
طلعتهم كالقمر
ولم تنجب أطفاال
معارفهم لطيفة
عرائسي البكماء على الصوفة وهذا السرير لكل دمية اسم وكنية.. وال أحداث ليلية في حياتي تذكر
20
لم يبق لي منك
صافية كاللهب وإغماءة مضيئة لزهرة في الظل. على صفحة الماء تذكرت روحي
وحده كلبي العجوز
وروحي في بهو الليل تغني
كلما أوقدت في الظالم شمعة
أحبابي ثيابهم جميلة
قلّب في األلبوم وبحلَق في الصور
طلعتهم كالقمر.
* كاتبة من مصر. ( )1العاصي بن فهيد ،من كتاب «صورة وإناء في المزاد» الصادر في 2016م. ( )2المرجع السابق. ( )3العاصي بن فهيد ،من ديوان ممرات السنونو. ( )4المرجع السابق. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراسة في ديوان الشاعرة السعودية نجاة الماجد
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
خطاب ولسان للعشق في أن يكون ٌ ِ ρρعبدالقادر القلسي*
منذ التقائنا بديوان الشاعرة السعودية نجاة الماجد ،نكون قد هيأنا خيولنا من أجل السفر في عالم شعري ال يروم المحاكاة لتجارب سابقة ،أو للماثلة معها بقدر ما ينح إل��ى ال��ف��رادة والخصوصية ،ه��ذه ال��ف��رادة التي تتبدى لنا في شغف الشاعرة بعمود الشعر ،وبالبحور القديمة بكل حمولتها اإليقاعية المحببة إلى النفس ،وبكل ما تختزنه من انفعاالت جمالية قديمة متجددة مع فعل القراءة الذي نرجو أال ينقطع أبدا. لو سألت الشاعرة عن منزلة التراث في شعرها وفي مفهومها للشعر ،ألجابت بأن امر َؤ القيس هو جدها األعلى ،فهي اتخذت من عمود الشعر سبيال للتعبير عن صوتها بما هي إنسان يرى الوجود من خالل بوابة الشعر ،على اعتبار أن الشعر رؤي��ة إل��ى ال��وج��ود واإلن��س��ان.. تماما مثله مثل األنظمة الرمزية األخرى كالدين واألسطورة والفن ...وبما هي أنثى تنزل نفسها ،وتموضع ذاتها في عالم ت��زدوج فيه الرقة مع الفظاظة، وتتجاور فيه قيم الليونة واألن��وث��ة مع قيم الرجولة والصالبة ،مثلما تلتقي فيه ال��ذات الحالمة والرؤيوية مع تلك التي تنكسر أمام شدة الواقع وبأسه.
ف��ي ظ��اه��ر ال��خ��ط��اب معجم غزلي كالسيكي ،ففي قولها «وات��رك القلب أسيراً للنوى» ما يشي حقا بأن الشاعرة، إم��ا ق��د ف��رغ��ت على ال��ت�� ّو م��ن تجربة غزلية ،وإما أنها قد حسمت أمرها في اتجاه التعالي عن الغزل بكل ممكناته العالئقية والمعجمية وال��ب��ن-ذات��ي��ة. ويبدو أن اتجاهها إلى االختيار الثاني أقرب ،خاصة وأن «اهلل قد حباها عقال يافعا» ص ،18فـ «غدوت اليوم من أهل الحجا» فهي في هذا الفضاء الغزلي والعشقي ق��د خلقت س��ردي��ة لذاتها، وقصة طوت فصولها القديمة إلى األبد، وفتحت فصوال جديدة ترى أنها أكثر اتزانا واع��ت��داال ،بحيث ترى الشاعرة نفسها في هذه القصة القديمة وكأنها اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
21
تعيش نوعا من االغتراب أو الغربة ،ولكنها اآلن ..وف��ي ه��ذه اللحظة النورانية ،انفتح وجدانها على ممكنات أخ��رى من الوجود، ذات طبيعة نورانية وحلمية ومستقبلية. ن��ح��ن نعلم أن ال��ش��ع��ر ع�لاق��ة ب��اآلخ��ر، وف��ي ه��ذه ال��ع�لاق��ة إش����ارات م��ن التكامل واالختالف ..ما يجعل الشعر معبرًا عن هذا االختالف الذي هو أصل من أصول نشأته، ومظهر من مظاهر تجليه ،وفي هذا الديوان «الجرح إذا تنفس» والصادر عام 2010م ،نرى أن الشاعرة تتكلم عن العشق ،وعن الوجود بوصفه عاشقا ومعشوقا ،وبما هو تجربة مع الطرف اآلخ��ر ،ولك ْن أيضا بوصفه خطابا من الذات إلى الذات .وتعتمد في هذا المقام على ما يسميه علم النفس بتقنية انشطار الوعي ،بحيث يخاطب جزءٌ من وعيها الجز َء الثاني؛ يخاطبه لكي يستطلع منه دوافع هذا الفراغ الوجداني الذي تراه الشاعرة ماثال أمامها ،ودوافع هذا العروج الروحاني الذي تتأهب لولوجه والدخول إليه.
22
تنزيلها منزلتها من تاريخها الخاص وسيرتها ال��ذات��ي��ة ،وإن��م��ا ع��ن ذك��ري��ات قديمة ،وعن مشاعر هاربة تشي بفراق الحبيب الذي ال حضور له في هذا الديوان إال بضمير «له» وبضمير الخطاب كما يبدو في قولها:
«ي���ا س��ي��دي ع��د ت����داو ن��ج��م��ة أفلت «وف�����ي ك���ل االح�������وال ال« ..أن������ا» له وه���ذا يجعل تجربة العشق كلها تحت سيطرة ال��ش��اع��رة ،تديرها كيفما ش��اءت، وبحسب المبادئ والقيم التي تؤمن بها هي.. وليس بحسب النواميس والقوانين التي تحكم العشق والغرام ،فالمرأة لدى الشاعرة نجاة الماجد هي امرأة قبانيه في األسلوب ،ودون أن تكون قبانيه في المعجم :في األسلوب ألنها حاضرة بوعيها وبخطابها ،وهي نواة القصيدة التي تبدو كما لو كانت مملكتها الخاصة ،فيما المعجم القباني يكون أكثر تحررًا وأق��ل محافظة ،ويسعى إلى تسمية األشياء بمسمياتها.
قواعد العشق في هذا الديوان واضحة، في بعض القصائد واألبيات ،نرى تعاليا وهي من صنع الشاعرة ،والشاعرة فحسب؛ ع��ن ال��غ��زل وإع��راض��ا ع��ن��ه« ،وع��ي��ون��ي أين ألنها إذ تخاطب الرجل الحبيب ص:25 كانت /عندما قلبي سُ لب» ص ،21ولكننا نرى أيضا في قصائد أخرى من الديوان ذاته أن «دع��ن��ي وخ��ذن��ي ف��ي يمينك زه��رة ثم اسقني من نهر حبك ملمسا» الشاعرة تبحث عن العشق في الكتابة ،وفي فإنها تنزع من هذا الرجل فاعليته في الواقع والتجربة على حد سواء ..كما لو كان هذا العشق قدرًا مكتوبا ومصيرًا لكل امرأة ،القصيدة؛ ولذلك ،فإن الرجل في هذا الكون فكل امرأة تبحث في حياتها عن اآلخر ،عن الشعري ليس ذاتا مكافئة لذات الشاعرة، هذا الرجل «ألن طعم النوى ما عاد محتمال» بل هو موضوع تشتغل عليه ،مثلما يشتغل ص ،22وألنه «ال دواء للوداع إال اذا عاد حبل ال َمثّال على الطين والصخر ،والرسام على الود متصال» ص ،22وألجل ذلك نرى أنها ال األصباغ واأللوان ،وهذا يمنع جموح التجربة تكتب في هذا الديوان عن تجربة في العشق الى اتجاه من االتجاهات ،أو إلى أفق من راهنة ،أو بصدد التشكل واالنبناء ،ويمكن اآلف��اق ،بل إن الشاعرة تسيّجها بالقواعد اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
ال��ت��ي سنتها ال��ش��اع��رة ،وبالمعجم ال��ذي انتخبته بدقة وبالرؤية األيتيقية (األخالقية) التي أوجبت على الرجل أن يمتثل إليها ،ولو أوتي للرجل فرصة للخطاب النتفض على تحكم الشاعرة عليه ،وعلى تسيّدها المشهد الغزلي م��ن دون���ه ،ولكن أن��ى ل��ه ذل��ك وقد احتكرت الشاعرة الخطاب مثلما احتكرت شهرزاد الكالم يوما ما! الشاعرة وقد ارت��أت أن تتبوأ في كونها الشعري والغزلي المنزلة المحورية ،ال بد وأن تعلل هذا االختيار لهذه المنزلة التي ترسخ لتراتبية في العالقة مع الرجل ،فهي وإن أقرت بأنه:
«أضحى ظالم الليل عندي مشمسا» بعد ان «وجد الفؤاد الفارس» ص 24 إال إنها ال تلزم تجربتها بما يجب أن ي��ت��رت��ب ع��ن��ه ه��ك��ذا م��وق��ف ،ف��ه��ي عاشقة لالنفعاالت النبيلة والصادقة ..ال لكي تكون موضوعا للتبادل مع اآلخ��ر ،وإنما لتؤكد على أن المرأة قادرة على العطاء األنثوي، وعلى التدفق الشعوري الذي يغدو كالنهر. على أن يرتبط ذل��ك بسمو في المقاصد، وف��ي ش��رف في العالقة ،وألج��ل ذل��ك نرى الشاعرة محكومة ب��أع��راف اجتماعية لم تذكرها صراحة ،وإنما يمكن ان نستشفها من الوع��ي النص ،ففي قولها« :في الحب غير تعاسة وجحود» صدى لتجربة كل عاشق تنتهي بمأساة ،ولكن أيضا مراجعة لمفهوم ف��ي قصيدة «ال��ج��رح اذا تنفس» نلحظ الحب ذاته ،أي إن فشل التجربة يؤدي في هذا الوجه من الوجود الذي تصبو الشاعرة نظر الشاعرة إلى بطالن المفهوم ،وهذا في إليه ،وهو وجود روحاني يتضاءل فيه وجود تقديرنا شطط في الرأي. اآلخر مقابل تضخم وجود األنا الروحاني في هذا البيت صدى لبيت كتبه الشاعر المالئكي ،فهذه القصيدة ابتهال إلى الذات الفرنسي الكبير أراغ��ون (ت1981م) حيث اإللهية بعد تجربة لم تدم طويال في العشق يقول« :ال وجود لعشق سعيد» ،ولكن أيضا فيه صدى لنظام اجتماعي يخشى الحب أو يخشى من الحب؛ ألنه يفتح على ممكنات في العالقة بين الرجل والمرأة على اتجاهات أخ��رى ،وألجل ذلك كله نرى الشاعرة تلوذ مباشرة بعد قصيدة «والجرح إذا تنفس» بـ «معارج الحلم» ،والمعراج صعود إلى األعلى، وانبثاق إل��ى المنازل الخفية ف��ي الوجود اإلنساني لم يطأها سوى األنبياء ،واستنفار للقوى غير الواعية الكامنة في اإلنسان من أجل أن يكتشف وجها آخر من الوجود.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
23
– فيما يبدو – ورغم مشروعية هذا االبتهال – ك��ش��ك��ل خ��ط��اب��ي ،إال إن��ن��ا ال ن��ق��ف على دوافعه وأسبابه على نحو واضح ،بحيث كان هذا التوجه الروحاني لديها قطعا راديكاليا مع الماضي الغزلي ،فالشاعرة ال ترى في الرجل أهال لمشاعرها وصبابتها:
«سأظل أغرس في اليباب صبابتي ف��ل��ع��ل��ن��ي أج����ن����ي ال����������وداد زه�������ورا» ولذلك ،كان الحب لديها «زيفا وتزويرا»، ما يعني أنها خرجت من غربة الحب إلى ألفة ال��روح واإليمان مع ما في هذا العبور م��ن إح��س��اس عميق ب��ال��وح��دة؛ ألن كِ لتَيْ التجربتين هنا تقومان على الوحدة ،وهكذا ينمو الديوان ويتطور -إنسانياً -عبر محورة الخطاب على ذات سابحة في فيض إيماني، و -معجميا -على سجالت لغوية تنحو نحو التجريد واش��ت��غ��ال أك��ث��ر على االس��ت��ع��ارة، و -ت��اري��خ��ي��ا -ع��ل��ى ال��ث��ب��ات ف��ي ال��ح��رك��ة واالس��ت��ق��رار ف��ي ال��م��وق��ف؛ فالشاعرة قد لقيت نمط الوجود ال��ذي بحثت عنه ،وفي ظل هذا الوعي الشعري والروحي أصبحت األشياء الحاضرة في الديوان تشي بالمطلق وباالمتداد ،مثل مخاطبتها للبحر والليل، وتنزع الشاعرة نجاة الماجد إلى التوغل أكثر في رقة هذا الوجود وشفافيته ..من خالل استحضار الذات اإللهية ،فهي:
«أشكو إل��ى عرفات ش��وق جوانحي ف��ت��ف��ي��ض دم���ع���ا مُ ��ل��ج��م��ا ل��ب��ي��ان��ي»
24
غير أننا ما يمكن أن نعاتب عليه الشاعرة هو أنها لم تستنفذ بعض الممكنات الكامنة في التناص مع القرآن الكريم ،خاصة وأن دي��وان��ه��ا يحمل عنوانا يشير ب��وض��وح إلى التقاطع م��ع اآلي���ة الكريمة «وال��ص��ب��ح إذا تنفس» ،فهي بشرت بأمر ..ولكنها أخلّت اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
به ،فكان من الممكن أن يكون ديوانها حوارًا أسلوبيا بين الشعر والقرآن ،خاصة وأن هذه االستراتيجية في الكتابة موجودة عند نخبة قليلة من الشعراء العرب ،أهمهم تقريبا :من العراق الشاعر أديب كمال الدين ،ومن مصر الشاعر أحمد الشهاوي .وأي��ا كان الحال، فإن الشاعرة نجاة الماجد قد ضاعفت من الجرعة الروحانية في ديوانها ،خاصة في القصائد األخيرة ،فخصت الحج ومناسكه بقصيدة نلمس فيها أي��ض��ا ذاتً���ا عطشى إل��ى اإلي��م��ان ال��روح��ي الصافي ،ولكنني – وأن��ا القارئ من تونس أق��رأ هذه القصيدة من خلفيتي الثقافية الخاصة – ف��أرى أن تخصيصها لقصيدة عن الحج ينبئ بأنها تفكر في األج��ل خاصة وأن ه��ذه الشعيرة مرتبطة لدى جمهور من القراء في تونس ب��ق��رب نهاية ال��ح��ي��اة ،وب��ق��رب دن��و األج��ل، وبالتقاعد م��ن العمل ..وم��ا إل��ى ذل��ك من األشياء التي تجعل الموت عنصرًا جديدًا من عناصر المتخيل الفردي والجماعي. إن القصائد األخيرة من الديوان تحمل الشاعرة إل��ى مناطق جديدة من الخطاب الشعري ..محورها األمة والعروبة واإلسالم والوطنية وقيم التسامح في الدين اإلسالمي، وتمعن في إضفاء الطابع الروحاني ،وترى في الكالم عن «سماحة اإلسالم» و«التعطر بالتالوة والقيام» سبيال لكي يفهمها اآلخر، وهذا ما نلمسه في قصيدة «ج��اري» ،وفي غيرها م��ن القصائد ال��ت��ي ت��دخ��ل الوعي الشعري لنجاة الماجد في مساحات أخرى غ��ي��ر م��س��اح��ة ال��ك��ت��اب��ة ف��ي ال��ش��ع��ر وع��ن��ه، مساحة ال��م��وق��ف ال��ف��ك��ري واإلي��دي��ول��وج��ي ال��ذي يبدو لنا مهمًا وظيفيًا ف��ي مستوى بناء الموقف الشعري ذات��ه ،فهي مسكونة بهاجس العروبة واإليمان ،وهذه الهواجس
إن في ديوان الشاعرة البارزة نجاة الماجد ق��وت��ي��ن ،ق��وة ت��وج��ه خطابها ال��ى الدنيوي والغزلي ،وق��وة توجه خطابها إل��ى اإللهي وال��م��اورائ��ي ،ولكل ق��وة خطابها ومعجمها ال��خ��اص ،فنحن إزاء تجربتين في الكتابة الشعرية ،وإذا ما كانت للكتابة الغزلية لغتها المعروفة ،ف��إن للكتابة الروحية تقاليدها ال��م��ت��ف��ردة ،ف��ف��ي ق��ص��ي��دة «ي���ا ح��اس��دي» أحصيت على األقل ( )16مفردة مستمدة من القرآن الكريم ،ولكن دون أن يعني ذلك أننا إزاء ظاهرة التناص ال��ذي هو من مولدات الشعرية الحديثة ،ولذلك نرى أن الشاعرة ق��ادرة على تحريك هذه اآللية في مستوى
تبدو لنا الروحانيات بديال عن الغزليات ف��ي دي���وان «وال��ج��رح إذا تنفس» .ال يبدو أن التجربتين الغزلية والروحية تتعايشان في حيز زمني واح��د ،بل إن الثانية تعقب األولى وتنفيها .هذا ما يمكن أن استوحيه من ق��راءة هذا الديوان ،وقد نشأ عن هذه الرؤية الشعرية الواضحة وعي بعدم اإليمان بالحب -على األقل في معناه المألوف - «فقلبها يبقى ص��ام��دا ل��ن يبتغي بالحب إح��راق��ي» ص ،88م��ا يجعلنا ال نشاطرها هذا الموقف -أيا كانت التعليالت والمبادئ والتجارب التي دعتها إلى ذلك -فهي قد نطقت بهذا الموقف تقريبا في آخر قصيدة م��ن ال���دي���وان ،إذ ال��ح��ب ف��ي رأي��ه��ا عالمة مدلولها «الحرام والشيطان والسعير» ،وهذا في تقديرنا صورة لم يسبقها إليها أحد في قسوتها وعنفها ،فالحب هو الحب في كل الشرائع ،ولكن الشاعرة تفاضل التجربة الروحية وتسيدها على خطابها ،فالخالص في تقديرها يكمن في ال��ل��واذ بالروحاني واإللهي إلى أبعد نقطة ممكنة.
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
هي الحمولة اإليديولوجية لخطابها ،وهي التي تعطي للشاعرة هويتها األصلية التي تمتح من التراث اإلسالمي ،وبناء على ذلك يمكن أن نستنتج بأن هذه الشاعرة شاعرة تراثية ،متشبعة بتراثها بيقين مطلق وإيمان ص��ادق .نقول إنها شاعرة تراثية ليس من قبيل معارضتها مع الشاعرة الحداثية ،بل على اعتبار أنها ترى في التراث وعيًا يالزم القصيدة ،ويصاحب الرؤية الشعرية نحو اإلنسان والوجود .المؤكد لدينا أن جوانب المحافظة أقوى وأف َع ُل من جوانب التحرر التي ظهرت في ال��دي��وان كشعاع ووميض، وقد ترتب عن ذلك اشتغالها على ظاهرة من ظواهر الشعر لم تلق شيوعا وانتشارًا ف��ي الشعرية العربية ال��م��ع��اص��رة ،ونعني بذلك شعرنة المواقف اليقينية والنزعات الروحانية وإخضاع ضغط الظمأ الروحاني إلى ضغط آخر هو ضغط القصيدة وااليقاع، وم��ا يتولّد عنه من إمكانية تسريد البعد الشعائري في الخطاب الشعري.
أعمق من مستوى التضمين ،إذ أن التضمين مجاله السيميائي محدود ،وهو ير ّد المفردة إلى معنى واحد ،ما قبلي عن لحظة الكتابة، فيما التناص مولد أللف معنى ،كما يقال.
إننا نقرأ هذا الديوان ونستكشف تجربة جميلة في الكتابة ،هي تجربة الشاعرة في الحياة ،أو على األقل فصول مهمة من سيرة هذه الشاعرة التي ترى في الشعر وسيطً ا من أجل التعبير عن األفكار المتصلة باإليمان وبالتجربة الروحية في الوجود.
* ناقد من تونس. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
25
النص المترابط المفهوم /الصيرورة /المقاصد نحو نظرية أدبية رقمية ρρد .سعاد مسكني*
يأتي اهتمام الناقد سعيد يقطين بالنص المترابط في إطار مشروعه النقدي، الذي يقوم على تتبع تطور الكالم العربي في مختلف تجلياته الخطابية ،سواء أتعلق األمر بالسرود العربية القديمة ،أم بالسرود العربية الحديثة .تطور يواكب انفتاح العقل العربي على مستجدات النظريات الحديثة ف��ي مختلف العلوم اإلنسانية التي تجاور تطور األدب أو تتجاوزه. وهو في هذا السياق يسهم في جعل السرديات تنفتح على آفاق جديدة قابلة للمساءلة ال��دائ��م��ة ،وال��ت��ط��ور المستمر؛ منطلقا ب��ذل��ك م��ن س��ردي��ات حصرية تهتم بدراسة الخطاب والمادة الحكائية ،إلى دراس��ة النص في سياق السرديات التوسيعية ،بانفتاحه على علوم أخرى :علم النفس المعرفي ،واألنثروبولوجيا، والذكاء االصطناعي ،واإلعالميات اللسانية ،ونظريات اللعب ،ونظريات التواصل. ب��ه��ذا ال��م��ن��ط��ق ،ي��ش��ك��ل ال��ب��ح��ث في النص المترابط امتدادًا للمسار النقدي ل��دى الباحث ،إذ سيخوّل له االنخراط في حقبة إنسانية جديدة ،تفرض علينا االن���خ���راط ف��ي��ه��ا ،وال��ب��ح��ث ف��ي ش��روط تشكلها ،ومقاربة تجليات تطورها .إنها حقبة التكنولوجيا ال��ج��دي��دة ،وعصر وعليه ،يُعرّف الناقد النص المترابط ال��م��ع��ل��وم��ات .فما ت��ص��ور ال��ن��اق��د سعيد يقطين للنص األدب���ي وه��و ينفتح على بكونه هو (النص الذي نجم عن استخدام هذه الحقبة؟ وما األشكال الجديدة التي الحاسوب وبرمجياته المتطورة والتي تمكن من إنتاج «ال��ن��ص» وتلقيه بكيفية ستتولد عن تطور النص األدبي؟ تُبنى على «ال��رب��ط» بين بنيات النص -1النص المترابط :المفهوم الداخلية والخارجية)( .)2إن تعريف النص ي��ن��ط��ل��ق ال��ن��اق��د س��ع��ي��د ي��ق��ط��ي��ن في المترابط على ه��ذا النحو ،هو ما دعا تحديده للنص المترابط م��ن أط��روح ٍ��ة الناقد إل��ى توجيه ان��ت��ق��ادات إل��ى بعض أساس ،مفادها أن «توظيف أداة جديدة المقابالت العربية لمصطلح hypertexte للتواصل ي��ؤدي إلى خلق أشكال جديدة للتواصل»( ،)1ومن خالل هذه األطروحة، يخلق إب��داالت جديدة للنص األدب��ي ،إذ سيتحول من نص ثالثي األبعاد إلى نص رب��اع��ي األب��ع��اد ،ونُظهر ذل��ك م��ن خالل (الشكل :)1
26
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
والتي استعملها بعض النقاد العرب من قبيل: المفرَّع (حسام الخطيب)( ،)3والمتفرع (فاطمة ال��ب��ري��ك��ي)( ،)4والمتشعب (عبير س�لام��ة)(،)5 والتعالق (نبيل ع��ل��ي)( ،)6مبيناً أن (التشعب والتفرع نجدهما داخل أي بنية نصية محددة داخ��ل نص معين شفوياً ك��ان أم مكتوبا ،ألن التشعب والتفرع سمة أيّ نص ،أما الترابط، سمة مركزية ف��ي ال��ن��ص ال��م��ت��راب��ط ،فهو ال يتحقق إال بواسطة شاشة الحاسوب عندما تكون هناك رواب��ط تمكننا من االنتقال من مكان إلى آخر في النص)( .)7وللتدقيق أكثر في مفهوم النص المترابط عند الناقد ..ال بأس أن نقف على مفهوميْن آخريْن يظالن في وشائج
متصلة بالنص من جهة ،وتطور هذا األخير (النص) الذي يفضي بنا إلى النص المترابط من جهة أخرى ،ونقصد بذلك مفهومَيْ «التعلق النصي» و«الترابط النصي» .ولنا أن نوضح ذلك عبر (الشكل :)2 يتبين من خالل هذه الترسيمة أن الترابط سمة جوهرية توجد في النص المكتوب كما توجد في النص المترابط ،إال أن أشكال تجليها تختلف من نص آلخر ،ووسائطها اللغوية تختلف من مجال إلى آخر ،فإذا حضرت في التعلق النصي اللغة التلفظية الخطية والمكتوبة ،فإن األم��ر يختلف في النص اإللكتروني والنص الرقمي ،إذ إلى جانب اللغة تحضر الحركة
الشكل1 : اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
27
الشكل2 :
والصورة والصوت ،وال يقتصر التعبير على ال��رق��م��ي ،وال��م��ب��رم��ج ،وال��ح��اس��وب ،وال��ق��ارئ اللغة التلفظية ..بل يتوسل بعالمات وأيقونات (الجوال/المبحر). تخلخل خطية النص ،وتفتحه على احتماالت ويدعونا الحديث عن صيرورة تحول مفهوم قرائية جديدة ،األمر الذي دعا الناقد بأن يميز «ال��ن��ص» إل��ى تتبع تطور نظرية النص -مع بين القارئ في النص المكتوب والقارئ الجوال البنيوية واللسانيات وال��دراس��ات الحديثة- والمبحر في النص اإللكتروني والمترابط .التي اهتمت بالسرد ف��ي مختلف تجلياته. وبذلك يحقق اإلبحار إبداال آخر لفعل القراءة فقد نظَ رت اللسانيات إلى النص بما هو بنية مع تطور تصورنا للنص في عالقته بالحاسوب مغلقة تتكون من جُ مَل تحتاج إلى التحليل وفق والشبكة العنكبوتية. مستويات خطابية معينة ،واستطاعت البنيوية -2النص المترابط :الصيرورة
قبل أن نتحدث عن صيرورة تحوّل مفهوم ��ص��ا مترابطً ا ،نقف عند النص حتى غ��دا ن ًّ السيرورة التاريخية التي أدت إلى تطوره عبر م��راح��لَ ،انطالقا من المرحلة الشفهية إلى المرحلة الرقمية ،م���رورًا بمرحلتي الكتابة والطباعة ،ولنا أن نوضح ذل��ك في ترسيمة إجرائية ،على النحو كما في (الشكل :)3
28
نفهم م��ن خ�لال المسار ال��ت��ط��وري للنص أن «ال��ن��ص ال��م��ت��راب��ط» م��ف��ه��وم ج��دي��د ظهر نتيجة تطور مفهوم «ال��ن��ص» نظرا القترانه بالوسيط الجديد :أي «الحاسوب» والفضاء الشبكي اللذين سمحا بتبلوره سواء في صيغته اإللكترونية أو الرقمية .ويستدعي تشكل النص المترابط قرائن أخ��رى نجملها ف��ي :المبدع اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
التي تأثرت بالمنطق اللساني أن ترى النص بوصفه خطابا يتجاوز الجملة ،ويتم تحليله في ذات��ه ولذاته .وفي هذا السياق ،ظهر مفهوم «التناص» في أواخر الستينيات مع كريستفا، مفهوم فتح النص على غيره م��ن النصوص ع��وض أن يظل بنية مغلقة ،وأعقبه مفهوم َ «المتعاليات النصية» ال��ذي ج��اء ب��ه جيرار جنيت ليبين مختلف العالقات التي تربط بين النص والبنيات النصية األخ���رى( :معمارية النص ،المناصات ،الميتانص ،التعلق النصي، ال��ت��ن��اص) .وبسبب توظيف «ال��ح��اس��وب» في العملية التواصلية ،وتحَ كُّمه في كيفية إنتاج النص وتلقيه ،ح َّل مفهوم «النص المترابط» مح َّل النص ،فخلخل بنيته الخطية ،وفتحه على إمكانات قرائية جديدة تراهن على متلقٍّ خاص، بمنطق جديد في القراءة والتحليل. ٍ وتتوسل
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
الشكل3 :
ولنا أن نظهر في هذه الخطاطة مسار تطور التنشيط .وهكذا نجد أنفسنا كلما تقدمنا مفهوم «النص» عبر مراحله الثالث األساس :في مواصلة فتح النوافذ الجديدة ،نبتعد عن نستنتج من خالل هذه الترسيمة أن مقاربة نقطة االنطالق الشيء الذي يدخلنا في دوامة «النص» عليها أن تتم عبر مستويين متقابلين أو «متاهات»(.)8 كما في (الشكل :)4 -3النص المترابط :المقاصد يكسر النص المترابط البنية الثابتة للنص يندرج تفكير الناقد سعيد يقطين في النص المقروء التقليدي ويصبح محكوما بقواعد أخ����رى ت��ق��وم ع��ل��ى ال��ت��ش��ظ��ي ،وع��ل��ى البنية المترابط ضمن نسق ثقافي يدعو الثقافة الشذرية ،إذ «تتحدد داخله «معينات» تسمح العربية إل��ى أن تساير روح العصر ،تحديدًا لنا باالنتقال إلى الشذرات النصية المختلفة العصر اإللكتروني عبر (توظيف تكنولوجيا بمجرد تنشيطها بالنقر عليها بواسطة الفأرة .جديدة «وسائط جديدة» في العمل الثقافي وكلما قمنا بعملية التنشيط هذه وقفنا على وس���واه م��ن ال��م��ج��االت الحيوية ف��ي الحياة بنيات نصية جديدة من خالل نوافذ جديدة ،العربية العامة ،وأي تأخر في التفكير فيه، وه��ي تتضمن ب��دوره��ا «م��ع��ي��ن��ات» تستدعي والعمل الجاد من أج��ل تحقيقه ال يمكن إال
الشكل4 : اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
29
الشكل5 :
أن يضاعف من تأخرنا الثقافي)( ،)9وال يمكن تحقق ه��ذا ال��ره��ان إال عبر تمثل روح هذا .4تطوير الكتابة العربية كي تنتقل من الكتابة العصر ال االكتفاء بأدواته واالنبهار بوسائطه. االستطرادية إلى الكتابة المنظمة والمبنية. ع��بْ�� َر ال��وع��ي ب��ه��ذا ال��ره��ان يحقق النص .5مد الجسور بين األدب التقليدي واألدب المترابط مقاصد ثقافية ونصية وجمالية، الرقمي من خالل عملية الذهاب واالرتداد نذكر منها: من النص إلى النص المترابط ،ثم من النص .1إنتاج أدب جديد ،ينفتح على تكنولوجيا المترابط إل��ى ال��ن��ص ،وي��ظ��ل «ال��ت��راب��ط» اإلعالم والتواصل. السمة الجوهرية بين العمليتين ،واإلمساك بها قادر على تجديد إنتاج النص ،وتطوير .2تجديد الوعي بالنص واإلبداع والنقد. عملية تلقيه. .3تحسيب النص العربي سيخلق إب��داالت ج��دي��دة ف��ي فعل ال��ق��راءة والتلقي ،وذل��ك .6السعي إلى تقديم أوليات تصور متكامل لنظرية أدبية رقمية. ب��اس��ت��خ��دام مفاهيم ج��دي��دة ق���ادرة على وصف الظواهر النصية قديمها وحديثها.
30
* أستاذة تعليم عال مساعدة -جامعة عبدالمالك السعدي ،تطوان -المغرب. ( )1سعيد يقطين ،من النص إلى النص المترابط ،مدخل إلى جماليات اإلبداع التفاعلي ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،الدار البيضاء ،ط2005 ،1:م( ،ص.)10: ( )2المصدر السابق( ،ص.)9 : ( )3حسام الخطيب ،األدب والتكنولوجيا وجسر النص المفرع ،المكتب العربي للتنسيق والترجمة والنشر، الدوحة1996 ،م, ( )4فاطمة البريكي ،مدخل إلى األدب التفاعلي ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،الدار البيضاء2006 ،م. ( )5عبير سالمة ،النص المتشعب ومستقبل الرواية ،موقع جهة الشعرhttp:llwww.jehat.com ، ( )6نبيل علي ،العرب وعصر المعلومات ،سلسلة عالم المعرفة ،أبريل 1994م ،رقم ،184:المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت. ( )7سعيد يقطين ،النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية ،نحو كتابة عربية رقمية ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،الدار البيضاء2008،م (ص.)31 : ( )8سعيد يقطين ،من النص إلى النص المترابط ،مصدر سابق (ص.)133 : ( )9المصدر السابق (ص.)19 : اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
شعرية البحث عن كينونة جمالية وإنسانية بديلة ρρإبراهيم احلجري*
ال تتوانى القصيدة السعودية عن تجديد ذاتها ،في عصر انصرفت فيه المتابعة النقدية إلى وجهات أخرى ،مثل الرواية والسينما اللذين تبوآ المشهد اإلبداعي العربي؛ انسجامً ا مع السياقات الدولية ،من جهة ،واستتباعا للموجة اإلعالمية عال فرضية انطفاء القصيدة الشعرية ،وتراجعها لفائدة أنواع التي تردد بصوت ٍ أدبية أخرى فرضها منطق العصر ،من جهة أخرى .لكن الشعراء ال يهادنون ،وال يستكينون.
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
«ال تجرح الماء»...
وفي غفلة من النقد والتدارس ،تظل القصيدة تجدد نفسها ،وتبحث لذاتها عن هوية جديدة تحافظ بها على موقعها ضمن باقي الصنوف اإلبداعية .صحيح أن هناك شعراء كبار انساقوا مع التيار ،واستسلموا للوضع الفني القائم ،وراحوا يبحثون ألنفسهم عن هوية جديدة ،تخرجهم من عزلتهم؛ لكن ،في المقابل ،هناك شعراء ظلوا أوفياء الختياراتهم الفنية واألسلوبية ،وظلوا يراكمون قصائدهم ويجربون صيغ ًا أداتية متنوعة ،تجيب عن حاجاتهم وخصوصياتهم اإلنسانية والجمالية ،وحرصوا على انتظامهم في الكتابة والنشر وال��دف��اع عن مواقفهم واختياراتهم دون ان��ج��راف م��ع ه��واء الموجة اإلع�لام��ي��ة ،مؤمنين أش��د اإليمان بأن القصيدة لن تموت ،ألنها قناة الوجدان ،وبوابة المشاعر واألحاسيس ،وهي أشياء لصيقة باإلنسان ،وقلّما يجيد أي جنس آخر التعبير عنها مثل القصيدة الشعرية ،ومتأكدين أن الشعر ال بد أن يعود إلى الواجهة من جديد ،وأن األجناس واألن���واع األدب��ي��ة تتبادل األدوار فيما يخص الوجاهة اإلعالمية دون أن تتنحى نهائيا عن االشتعال في الظل ،لتبتكر قوالب جديدة ،وتستنبت أسئلةً وليدة روح العصر ومنطق اإلنسان الحديث. وم��ن ه���ؤالء ،الشاعر محمد ق��ران ال���زه���ران���ي ،ال����ذي ن��ل��م��س ف���ي متنه الشعري «ال تجرح الماء»( )1بعضا من هذه االنشغاالت واألسئلة .فهو يكتب
ما يكتب من قصيد مستحضرًا هذا ال��ج��دل الفني ،وال��ح��راك األجناسي، وكأنه يصرخ في الناس شعرًا ،أن صوت القصيدة ما يزال يعلو هنا وهناك ،وأن اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
31
أوردت��ه��ا تتفتح في العوالم لتحارب القبح
المستشري في غير هوادة.
-1التفكير في القصيدة: يفكر دي���وان «ال ت��ج��رح ال��م��اء» بصوت
ع��ال ف��ي ال��ق��ص��ي��دة ،ف��ي ذات���ه ،ف��ي تشكل ال��ك��ون ال��ش��ع��ري ،ف��ي بنية ال��ق��ص��ي��دة ،في
متوحش ومشتعل ،في ٍ عالم جدواها ضمن ٍ
ما يمكن أن ترفد به السيرورة البشرية في
هذا الزخم المتالطم ،دون أن تقصي موقع عنها بقيم استهالكية بديلة تُهمّش الفطري ال���ذات الشاعرة م��ن اهتماماتها ،طارح ًة في اإلنسان ،وكل ما هو آدم��ي فيه ،بينما
س���ؤال ال���ج���دوى ،وم��ع��ن��ى ال��م��ع��ن��ى ،وه��وي��ة تُ��ح��رّض فيه ال��ج��وان��ب الشهوانية ،وتهيج الكتابة ،ومنطق التعدد ،واحتكاك األجناس فيه جينات ال��ش��ر النائمة .وب��م��ا أن قيم واألنواع األدبية والفنية ،واحتماالت تحوّالتها الجمال ف��ي القصيدة ال تنفصل ع��ن قيم في سياق متجدد ،متسائلة عما يمكن أن اإلنسان الجوانية ،تلك المرتبطة بالمشاعر تضفيه الكتابة الشعرية ،في زمن التهافت والعالقات والروحانيات ،فإن التفكير فيها، على المادة ،على الرصيد الرمزي للفرد باثًا وفي جوانبها الشكلية والجمالية ال ينأى ،في كان أو متلقيًا .يقول الشاعر مخاطبًا شاعراً شقه الفلسفي بالنسبة للشاعر وخصوصيته افتراضياً: كمبدع ،عن االنشغاالت اليومية التي تقض
«أبدل حروفك ال تدعني أمنح األشياء ما ال تستحق ورتب األسماء وفق األبجدية في الحروف لعل بعض الوقت يسعفنا ل��ك��ي ن��ع��ط��ي ال����ش����وارع م���ا ي��ن��اس��ب��ه��ا من األسماء ()2 علَّ الوقت ال يمضي بعيدا» .
مضجع الفرد في عالم شديد الحساسية،
سريع التحوالت.
لقد عدَّ الزهراني التساؤل عن القالب
الشعري ،وكنه أسئلته ،من جوهر التساؤل
الفلسفي ح���ول ال��ح��ي��اة ال��ع��ام��ة ،وت��ح��ول
متغيراتها ،وت��ب��دل قيمها .ل��ذل��ك ،تصبح ال��ق��ص��ي��دة بالنسبة إل��ي��ه ق��ن��ا ًة للتفكير،
متن لحشو المشاعر ،وشحن ويأتي التفكير في جدوى الكتابة متزامنًا وليست مجرد ٍ
م��ع لحظة انهيار القيم المثلى ،بما فيها األحاسيس ،ورصف القول .أي أنها تنطق
32
قيم الجمال ،والجبلة األول��ى ،واالستعاضة بلسان الفرد مثلما تنطق بلسان المجموعة، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
رغبته في أال يكون مجرد عابر للكالم ،يقول
وأعالمه.
بالتساؤل والنقد والنقض ،مثلما تهمس -استحضار فنون أخ��رى م��ج��اورة لقول بالفن والجمال وعبق الروح ،وكأنه يعبر عن الشعر مثل الفن التشكيلي ،وبعض رموزه شبه ساخر:
«تأتي على جسد القصيدة ،مثلما تأتي سحابةٌ فوق ِظلِّ الريح اقتباس القول ُ يسحرها ()3 من كتب الخرافة» وتظهر آث��ار تدخّ ل الشاعر في السيولة
النصية ،بما يوحي بإيقافه لتدفق المشاعر
واألحاسيس ،وإلقحام محيالت االشتغال على ال��ص��وغ ال��ف��ن��ي ،أس��اسً ��ا ،ف��ي جهات
محددة ،منها:
التنويع م��ن شكل انبصام ال��م��داد علىبياض فضاء الصفحة ،بما هو عنصر جمالي ودالل���ي ت��راه��ن عليه القصيدة ال��ح��دي��ث��ة؛ إلث����راء معانيها وتنويعها.
استدعاء األغنية العربية بكل حمولتهاالداللية والتأثيرية .والالفت أن الشاعر
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
وتعالج وضعًا مثلما تبض جماال ،وتجهر
الفضائي للنص(.)4
قرّان وظف في قصيدة «وشاية الغربة»
أغنيات شهيرة للفنانتين اللبنانيتين
نانسي عجرم وفيروز .ويعلق على هذا التوظيف ،بقوله «القصيدة تتحدث عن
الغربة في المدينة العربية بشكل خاص، وعن التناقضات التي يعيشها اإلنسان ال��ع��رب��ي ..وق���د صيغت ب��ط��ري��ق��ة غير
مباشرة ،إذ قمت بتوظيف أغنية فيروز «على جسر اللوزية» وأغنية نانسي عجرم
«شخبط شخابيط» في مفارقة بين اللغة
والمضمون في األغنيتين؛ ما يشكل حالة
اإلنسان العربي»(.)5
ول�لإش��ارة ،فقد تحولت إح��دى قصائد
وه��و شكل متحول يحمل ما يحمل من هذه المجموعة الشعرية إلى معرض تشكيلي إيقاع ال���روح ،وتدفق النبض الداخلي ،أقامه أحد الفنانين التشكيليين استلهامًا
وتفاعل النفس م��ع مقتضيات السياق ألجواء قصيدة «وشاية الغربة» بفعل حركية المحيط بالذات ،واندماجها في اللحظة الصور الشعرية وغناها األسلوبي ،ومراهنتها الشعرية ،وانغماسها في تفاصيل العملية على اللحظة الزمنية المفارقة ،ومقدرتها اإلبداعية حزنًا وف��رحً ��ا ،ألمًا وتلذذا ..على اإليحاء والترميز واإلحالة. ذلك أن «الموضعة الفضائية» هي ،قبل
وقادت هذه القصيدة /اللوحة التشكيلية
()6
كل شيء ،إبراز لعالقات معقدة ،وتحت الفنان التشكيلي طه صبان للفوز بجائزة المظهر العالئقي للفضاء نفهم االشتغال سوق عكاظ ألفضل لوحة تشكيلية مستوحاة اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
33
م��ن ال��ش��ع��ر ال��ع��رب��ي .وق���د ص���رح الشاعر
ال��س��ع��ودي محمد ق���ران معقبا على هذا
التتويج« :جاءت الفكرة حين التقيت بالفنان
طه صبان بحضور الفنان هشام قنديل ،وت ّم
االتفاق على إقامة معرض تشكيلي تستوحى لوحاته من نصوص ديواني الجديد «ال تجرح الماء» ،وحينما أعلنت جائزة سوق عكاظ (ل��وح��ة وق��ص��ي��دة) ،ك��ان ق��د استلم الفنان
صبان نسخة مخطوطة من الديوان ،وحينها
أبلغني برغبته في المشاركة في المسابقة بلوحتين مستوحيتين من نصين شعريين
لي هما «وشاية الغربة» و«ال تجرح الماء»، وأبلغته بموافقتي وتمنياتي له بالفوز خاصة وأنه فنان كبير ،وتجربته التشكيلية تجربة
عميقة ،وكنت أشعر ب��أن النصين اللذين مختلفة ،إذ سنحاول أن نتنقل بالمعرض قام باختيارهما سيوحيان له بفكرة تقوده في عدد من العواصم المهمة ،مثل القاهرة وتونس وباريس ،وقد أخذنا موافقة مبدئية إل��ى ال��ف��وز ،والحقيقة أن النصين اللذين من بعض الجهات الثقافية هناك ،وسنحاول اختارهما من أهم النصوص التي كتبتها ومن عرضها داخلياً في بعض المدن المحلية». أقربها إلى روحي»(.)7 وأض����اف ق�����رّان :إن ال��م��ع��رض سيقام
(بشكل مبدئي) بعد شهر رمضان في أتيليه
-2إعادة ترميم صدع العالم: تنكتب المعاني في المجموعة الشعرية
جدة للفنون الجميلة ،وسيشهد حفل توقيع م��ن معين ال��وج��ع ،وج��ع ال��ف��رد والمجتمع، للديوان. وج��ع عميق يجعل ال��ش��اع��ر يتحرق ألما، وعن هدفه من هذا المعرض قال «أسعى وم��ع��ه ال��ح��روف ،وال��ك��ل��م��ات واإلي��ق��اع��ات. مع الفنان طه صبان إلى أن تكون التجربة تصدر المعاني عنه خائبة محنّطة بالرعاف، بداية توأمة بين الشعر والفن التشكيلي ،صاخبة بالولَه .ال تعرف كيف ترسم شكل وأعتقد أن التجربة التي ستجمعني بالفنان الجراح(.)8
34
طه صبان من خالل المعرض ستكون تجربة اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
تخرج اإليقاعات المشبوبة حرّى من رحم
في النفس وجعًا دفينًا ،هو وج��ع مشترك وأس��ه��م ف��ي صنعها األج����داد واألس�ل�اف، هويته خ��س��ارة ال��ع��رب��ي ،ووج��ع��ه ،وخيباته وح��م��ل��ت ك��ث��ي��را م��ن آالم��ه��ا ال��م��م��ت��دة في المتالحقة ،تلك التي يتغنى بها دروي��ش األرواح والنفوس واألجساد :الجسد العربي وفيروز ،ذابحة للوعي والمشاعر اليقِ ظة ،الجريح(.)10
تنكأ ف��ي األرواح ج��روحً ��ا ل��م تندمل على الرغم من مرور وقت طويل .يقول الشاعر:
«وجه المدينة ظلها المخفي ضوء حاسر وجع شفيف حالة من رهبة المعنى سراب موقن بالغيب حلم ماثل للطاعنين ومقفرٌ من دونما غرباء»(.)9 ال ي��ك��ت��ب ال��ش��اع��ر وج��ع��ه ف��ح��س��ب ،بل
يكتب وجع القصيدة ،ووجع التاريخ ،ووجع العرب أيضا ،بل وتحسه يوغل في شعرية
الوجع ،ليكتب جراح البشر كلهم بلغة تفيض
باإليحاء ،وتسكر باألنين .كل كلمة أو حرف من القصيدة يسقط على روح الباث والمتلقي
معًا مثل حجر مشتعل ،فيؤرق الروح ،ويوقظ في النفس خيبات كانت تنساها أو تتناساها
الذاكرة الجمعية .فتبدو المجموعة الشعرية
متعفن ٍ كلها تكرارًا لرسمِ مشوَّهٍ لصورة جرح ال يبرأ ولن يندمل أبدا مع العصور.
تناقش المجموعة شعريًا قضايا عميقة
تخص األم���ة العربية ،واإلن��س��ان العربي،
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
المعاني الخبيئة ،سادرة في الشحوب ،توقظ وش��ه��دت عليها ،وت��ل��ك ال��ت��ي ل��م تشهدها،
مسافر ًة في الزمان والمكان ،طوال وعرضا،
أف��ق��ي��ا وع��م��ودي��ا ،راس���م��� ًة ب��ذل��ك ،معالم
جغرافية األسى ،وخارطة المتاه والخيبات التي عشناها ،وتلك التي لم نعشها ،لكنها م��ا ت���زال تسير ف��وق رؤوس��ن��ا مثل سحاب عقيم ،وم��ؤث��رة على حاضرنا ومستقبلنا.
ومما يزيد ال��ص��ور والمعاني واإليقاعات
تراجيدية ،كونها تهدهد األسئلة الحارقة وتصوير مرهف .تنكأ ٍ بنف ٍَس شعريِّ بليغ، الجراح ،ثم تصوّر وقع ألمها الحادّ ،حتى إن
الحروف ترتج ،والكلمات تتقطع ،واإليقاعات ��س ب���روح ال��ش��اع��ر ،هناك، تضطرب ،وت��ح ّ
تصرخ مولّولة ،فتبكي معها جسور المعاني واألزمنة واألمكنة الغميسة بالتاريخ المنسي،
والجغرافيا المعذبة بالذكريات والصور
والفواجع .وال تغادر القصيدة هذه الحدود والتخوم إال لتأمل تلون صور البشر الغفل،
بين ال��ف��رح واألس���ى ،الغموض وال��وض��وح، الزيف والجد ،النشوة والحب .يقول المتن
تقرأ القصائد ،فتقرأ تاريخك الشخصي ،الشعري ،مشخِّ صا مذبحة اإلنسانية في وت��اري��خ��ك ال��ح��ض��اري ،وخيباتك الذاتية ،ع��ص��ر تهافتت ف��ي��ه األف����راد واألم����م على وخ��ي��ب��ات��ك الجمعية ال��ت��ي أس��ه��م��ت فيها ،المصالح المادية ،وتخلّت عن القيم اإلنسانية اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
35
واالجتماعية الرفيعة:
فإنني ،ال يمكن أن أنكر أن الديوان ،بالمقابل،
«مروا على باب المدينة أوقفوا سرب الحمام ورتلوا شعرا وغنوا للصغار الغافلين عن الهوى «شخبط شخابيط ..لخبط لخابيط، مسك األلوان ورسمٌ على الحيطان»»(.)11
ي��ط��رح أ ُف��قً��ا ش��اس��عً��ا ل��ت��ن��اول��ه م��ن منظور
وإذا كنت أتفق مع الناقد محمد الشهدي
الذي يرى أن المجموعة الشعرية «ال تجرح
الماء» تنطوي على تضاريس من اإلجحاف
شمولي؛ لكون القصائد ،مثلما يجوز قراءتها ع��م��ودي��اً بشكل م��ج��ه��ري ،ينظر إليها في استقالليتها ،بما تتيحه القراءة التجزيئية، يجوز أيضا مساءلتها في عموميتها؛ لكونها ونصا ً تجربة واح��دةٍ ، ٍ في الختام ،خالصة منسجمًا تجمعه دفّتا كتاب له سياق تأليفي، وله رؤية للعالم تجمعه ،وإن تفاوتت تواريخ
عبور تضاريسها مكوكيًا ،ألن األصح وضعًا كتابة ق��ص��ائ��ده ،واختلفت أس��ب��اب نزولها نصاً ّ هو استالمها قصد ال��درس ّ نصاً( ،)12بالنسبة ألفق اإلنتاج والتلقّي.
* ( )1
ناقد وروائي من المغرب. محمد قران الزهراني :ال تجرح الماء ،شعر ،دار الريس للكتب والنشر ،بيروت -لبنان ،الطبعة األولى، 2009م. المصدر السابق نفسه ،ص.25 . المصدر السابق نفسه ،ص.27 . محمد الماكري :الشكل والخطاب :مدخل لتحليل ظاهراتي ،المركز الثقافي العربي ،البيضاء -بيروت، الطبعة األولى1991 ،م ،ص.179 . حسن آل عامر :موقع جسد الثقافة ،بتاريخ 2009 -9 -2م /انظر الموقع اإللكترونيhttp://aljsad.org/ :
() 6 ( )7 ( )8
الشكل والخطاب ،مرجع سابق الذكر ،ص.249 . المرجع السابق نفسه. إبراهيم الحجري :الشعر والمعنى ،دار النايا /دار محاكاة ،دمشق ،سوريا ،الطبعة األولى2012 ،م، (انظر التقديم الذي خص به المؤلف الكتاب ،حول مالزمة الشكل الشعري للمعنى الشعري ،وارتباط مستوى الصوغ الفني بالمستوى الداللي ارتباط وثيقا من خالل مؤشرات تقرأ في ضوء التحليل النصي للقصيدة بحثا عن معانيها الخفية والظاهرة ،التي يكرس الشاعر جهده الفني إلبرازها). محمد قران الزهراني ،مصدر سابق ،ص.20 . سعى الراحل عبدالكبير الخطيبي ،في كتاب «االسم العربي الجريح» ،إلى إعادة قراءة الجسم العربي من خالل موروث الثقافة الشعبية المغربية بوعي نقدي ،يستند إلى بعدين - :نقد المفهوم الالهوتي للجسم العربي – .نقد المقاربات اإلثنولوجية التي تتعامل مع الثقافة الشعبية تعامال خارجيا ومتعاليا. (ترجمة محمد بنيس ،دار الجمل ،الطبعة األولى ،بغداد -بيروت -كولونيا2009 ،م) محمد قران الزهراني ،مصدر سابق ،ص.22 . محمد الشهدي ،صحيفة المدينة ،المدينة المنورة ،المملكة العربية السعودية ،بتاريخ األربعاء ،2011/12/14انظر على الموقع اإللكترونيhttp://www.al-madina.com/node/344834 :
() 2 ( )3 ( )4 ( )5
( )9 ( )10
() 11 ( )12
36
showthread.php?t=149399
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
عاهل الجزيرة في وادي النيل.. قصيدة مجهولة لمحمود حسن إسماعيل ρρمصطفى يعقوب*
على الرغم من كثرة الشعراء الذين أنجبتهم كلية دار العلوم بالقاهرة ،والذين حظي بعضهم بنصيب ال بأس به من الشهرة ،مثل الشاعر طاهر أبو فاشا ،إ ّال أنّ محمود حسن إسماعيل يقف وحده ،دون منازع ،كأنبغ مَن أنجبتهم دار العلوم في تاريخها كله ،حتى في وجود شاعر بقامة علي الجارم ،وهو ممن تخرجوا فيها. وع���ل���ى ال���رغ���م م���ن ك���ث���رة ش��ع��راء مع اإلج��ادة ،ولعل تفرده يكمن في أنه ج��م��اع��ة أب��ول��ل��و ف��ي ال��ث�لاث��ي��ن��ي��ات من عندما يُصدر الشعراء دواوينهم األولى، القرن الماضي ،وبروز شعراء من تلك فإنه غالبا ما تكون مثل هذه الدواوين ال��ج��م��اع��ة األدب���ي���ة ،ع��رف��ه��م القاصي هي من بواكير الشعر ال��ذي ال تتضح وال��دان��ي من أبناء الوطن العربي مثل فيه بالقدر الكافي شخصية الشاعر.. إب��راه��ي��م ن��اج��ي ،وع��ل��ي م��ح��م��ود ط��ه ،أو اكتمال النضج الفني له ،بل غالبا ما وأبي القاسم الشابي ،غير أن محمود يكون شعر الشاعر في ه��ذه المرحلة حسن إسماعيل يفوقهم جميعا في أقرب إلى مجاراة مَن سبقوه من كبار التفرد والتنوع وكثرة العطاء الشعري الشعراء .غير أنـه لم يحدث لشاعر من اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
37
قبل أن أص��در ديواناً وهو لم يبرح مقاعد
الدراسـة بعد ،وأن يكون هذا الديوان عالمـة
مميزة في تاريخ الشعر العربي المعاصر ،بل ويثير ضجـة ضخمـة في األوساط األدبيـة.
فديوان «أغاني الكوخ» الذي صدر في سنة 1935م للطالب محمود حسن إسماعيل
بالفرقة الثالثة بكلية دار العلوم ،والوافد من قرية النخيلة بصعيد مصر ،كان نمطً ا فريدًا
بين الدواوين الصادرة في حينها ،فال ترسّ م
صاحبُ ُه خُ طى مَن سبقوه كشوقي وحافظ عـام 1938م ،و«أَيْ���ن انمفرٌ» عـام 1947م، ومطران ،وال هو س��ا َر كما سار عليه أبناء و«نار وأصفاد» عـام 1959م ،و«قاب َقوْسَ ينْ»
جيله من شعراء «أبوللو»..
وع���ن ع��ط��ـ��اء م��ح��م��ود ح��س��ن إسماعيل
ال���ش���ع���ريٌ ،ي���ق���ول ال���دك���ت���ور ع��ب��دال��ع��زي��ز الدسوقي« :كان من أعظم أبناء هذا الجيل
عـام 1964م… ال��خ ،وبعد وف��ات��ه ص��در له
ديوانان هما «موسيقى من السر» (1978م) و«صوت من اهلل» (1980م). أما عن الجوانب الفنية ،فلعل أبرز مالمح
الرائد – يَقْصد جيل جماعـة أبولل ٌو – حيث شاعرية محمود حسن إسماعيل ما يحدثنا استأثرت التجربـة الشعريٌـة بحياتـه كل ٌهـا .عنها الدكتور الدسوقي بقولـه« :إنه يتميز ولعلٌـه الشاعر العربيٌ الوحيد ال��ذى ظ ٌل عن كل أبناء جيله ب��أن له قاموسً ا شعريًا خاصا ،وخياالً مجنحً ا ،ورؤي ًة كوني ًة متفردة. ً وشباب ٍ يُن ِْجب ويغرٌد في حيويٌـة وع��ذوبَ��ة يحس ولعل هذه السمات هي التي جعلت لرؤيته ُّ طوال أَربعين عامـا ..دون أَ ْن يتوقف أَ ْو نضوبَ مَعِ ينـه الشعريٌ الزاخر ،أَ ْو يَشْ عر الشعرية طابعاً جديدًا ،وأللفاظه وتعبيراته خاصا ،ولتجربته الشعرية ً بالقلق حيال أدواته الفنيٌة .وقد ظ ٌل راهباً وص��وره مذاقًا محراب الف ٌن طوال حياته ،لَ ْم تستطع جاذبية عميقة وتأثيرًا بعيدًا»(.)2 في ِ
األجناس األدبيٌـة األخرى أَ ْن تشدٌه إليهـا»(.)1
إن محمود حسن إسماعيل من الشعراء
والحق ..ما قاله الدكتور الدسوقي ،فقد القالئل الذين تواصل إنتاجهم الشعري دون
ظل طيلة حياته ( 1977 -1910م ) يوالي توقف حتى واف��اه األج��ل ،بعيدا عن أهله تباعـاً إص��دار دواوينـه بَعْد ص��دور ديوانـه ووط��ن��ه ،ف��ي الكويت التي أك��رم��ت وفادته
38
تقدير مستحقٍّ له قد افتقده ٍ األوٌل «أغاني الكوخ» ،فأصدر «هكذا أغنـىٌ » وعوضته عن
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
الشاعر إضافـة إلى شعره المخطوط الذي لم يُقدَّ ر له إصداره في ديوان ،لتُصدِ ر هذا الك ٌم الكبير من شعر الشاعر في «األع��م��ال الشعرية كاملـة» سنة 1993م .وفي سنة 2008م أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة الثانية ..مصورة عن طبعة دار سعاد الصباح.
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
في مصر ،إذ تولٌت «دار سعاد الصباح» جَ مْع دواوين
وبرغم وج��ود ه��ذه «األع��م��ال الشعرية الكاملـة» التي بَل َغ عدد صفحاتهـا ما يزيد على أَلفي صفحـة، جمعت فيها ما تفرٌق من شعر الشاعر مطبوعاً كان أَ ْم مخطوطا ،إال أنه قد أتيح لنا أن نعثر على عدد من القصائد المجهولة التي لم ترد في أي من دواوينه، ولم تستدركها األعمال الكاملة(.)3 قصيدة مجهولة م��ن أمتع الكتب التي ص��درت ع��ن دارة الملك عبدالعزيز كتاب الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي؛ «الملك عبدالعزيز في الصحافة العربية» (نماذج مختارة) ،إذ استعرض بعض ما جاء في الصحافة العربية ،وخاصة الصحافة المصرية ،في تناولها للملك عبدالعزيز عاهل الجزيرة العربية من جوانب شتى .ولعلنا نأخذ على المؤلف أمرين هما أشبه كما يقول المتنبي في بيته المشهور «كنقص القادرين على التمام». فعن األمر األول نقول :إن المؤلف وهو يختار ،لم يختر مقاالت كبار الكتاب واألدباء في مصر ،وكانت للملك عبدالعزيز معزة خاصة في نفوسهم ..تحدثوا بها جميعا في وسائل الصحف والمجالت المختلفة، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
39
وخاصة محب الدين الخطيب صاحب مجلة مجهول تماما لشاعر كبير بقامة محمود
«الفتح» الذي أفسح الكثير من صدر صفحات حسن إسماعيل ،الذي يمثل مع أترابه من المجلة للحديث عن الملك عبدالعزيز شعرًا أبناء جيله من جماعة أبوللو زم��ن الشعر ون��ث��رًا .كما كتب العقاد م��ق��االت ع��دة عن الملك في «الرسالة» وفي غير الرسالة ،وهي
المقاالت التي جُ معت بعد وفاته ،وصدرت
الجميل الرائع. وف��ض�لا ع��ن روع���ة ال��ق��ص��ي��دة وبالغتها
في كتاب «مع عاهل الجزيرة العربية» ،وقد وحسن اختيار البحر «البسيط» ،وتلك القافية
كانت لكاتب هذه السطور منذ عشرين عاما التي يندر أن ينظم عليها الشعراء ،إذ أنها من مساهمة متواضعة في الكشف عن واحدة القوافي التي تتطلب قدرًا كبيرًا من امتالك
()4 من تلك ال��م��ق��االت ،وكذلك ك��ان الزيات األدوات الفنية للشاعر المجيد ،وخاصة صاحب الرسالة ال��ذي كتب مقاال بعنوان مراعاة النحو؛ ما يذكرنا بفحول الشعراء في «عاهل الجزيرة العظيم» في العدد ()645 العصر العباسي .وأغلب الظن أن الشاعر الصادر في 14يناير 1946م( )5لدى زيارة تعمّد ذلك ،فجاء شعره على هذا النحو من الملك عبدالعزيز لمصر في ذلك الحين. الصياغة والبالغة والتشكيل والبيان وهو أما األمر الثاني :إن الشعر قد غاب عن يخاطب سيد الجزيرة العربية ،وه��ي مهد اختيار المؤلف ،على الرغم من أن الشعر أبقى من التحقيقات الصحفية ،التي ال تهتم الشعر ..ليقول له إن في مصر صوتًا شعريًا
إال باألمور الجارية والحوادث الطارئة ،بينما ال يقل في بالغته عن شعراء الجزيرة. يظل الشعر سيدًا على األس��م��اع واألفهام
يتردد بين الحين والحين.
وفضال عن ه��ذا وذاك كله ،فالقصيدة ج��زءٌ م��ن التاريخ ل��رج ٍ��ل صنع التاريخ في
وقد أتاح لنا الحظ أن نعثر على قصيدة الجزيرة العربية ،ولعل األجيال الناشئة في نادرة مجهولة لمحمود حسن إسماعيل في المملكة العربية السعودية أحوج ما تكون إلى مجلة «الرسالة» ،وتحديدًا في العدد ()655 مطالعة هذه القصيدة التي تنشر اآلن ألول الصادر في 21يناير سنة 1946م إبان زيارة مرة ،منذ ما يقرب من سبعين عاماً ،لتعلم الملك عبدالعزيز لمصر وقتها ،ولم ترد تلك القصيدة في أي من الدواوين التي أصدرها حقيقة المؤسس األول للمملكة في نفوس
الشاعر في حياته ،كما لم ت��رد أيضا في أب��ن��اء ال��وط��ن ال��ع��رب��ي ،ال ف��ي ن��ف��وس أبناء
40
«األع��م��ال الكاملة» .إذاً فنحن أم��ام عمل المملكة وحدها.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د * كاتب من مصر. ( )1محمود حسن إسماعيل ،مدخل إلى عالمه الشعري ،د .عبدالعزيز الدسوقي ،ص .4 ( )2المصدر السابق ،ص.6 ( )3محمود حسن إسماعيل ،قصائد مجهولة ،مصطفى يعقوب عبدالنبي ،مجلة «جذور» ،ج 26مج ،11 فبراير 2008م. ( )4الملك عبدالعزيز في مقال منسي للعقاد ،مصطفى يعقوب عبدالنبي ،مجلة «الفيصل» العدد ،239 جمادى األولى1417 ،هـ. ( )5يراجع المقال ضمن مجموعة المقاالت التي جمعها الزيات في كتابه «وحي الرسالة» ،ج ،3ص .259 اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
41
ُ ُ نغما للحياة! يتحول عندما الموت ً قراءة في ديوان «معبر األضداد» للشاعر أحمد بلحاج آية وارهام
*
ρρجناة الزباير**
الْ���مَ ���و ُْت َي ْ��ح ِ��ف��رُ فِ ���ي د َِم����يَ ،و َك���أَنَّ���هُ يَطَ ُأ الْحَ يَاةَ ،هَ ِل الْحَ يَا ُة خَ رَابَةٌ ؟
��ص مَ ��عَ��اوِ لُ��هُ ال ُّ��س��كُ ��ونُ الْ��مُ ْ��ح��رِ قُ لِ ٌّ َض���ـ���وْءٌ مُ ��ـ��قْ ��لِ ��ـ��قُ ؟! أَ ْم أَ َّن��ـ��هَ��ا عَ �� َب��ـ ٌ��ق و َ الشاعر
حفيف البداية أحمد بلحاج آي��ة واره���ام؛ ه��ذا الشاعر الكبير ال��ذي يسكن أح���داق القصيدة بتفرده ،فيرى الكون من خالل أهدابها ،ويمشي بخفيها بين العبارات واإلشارات، ليكتب ف��ي ه���ذا ال���دي���وان ،ذي ال�����دالالت ال��ب��ال��غ��ة ال��دق��ة وال��خ��ص��وص��ي��ة ،والغني بالتخييل والحدس الصوفي ،جزء ًا من احتراق أنفاسه. فهل هو شاعر متمرد ،اعتاد االنفتاح إش���اري ،تقطع مسافاتها لغة تنزع
على العالم السري لصنع آفاقه المختلفة ،األقنعة عن األشياء ،وتجعل للمعنى والتي بلغت أقصاها في هذا الديوان؟ أج��ن��ح��ة ق��وي��ة تحلق ب��ي��ن ال��م��أل��وف أم أنه يطل على القارئ من خالل والالمألوف؟ ألن «لغة الشّ عر ليست رؤاه التي تحيط بممارسته الشعرية ،لغة تعبير بقدر ما هي لغة خلق،»..
42
ال��ت��ي ح���ررت ذات���ه للسفر ف��ي عالم كما يقول أدونيس.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
ضوء خافت في جبة الذات إن الغوص في معالم الشعر العربي يجعلنا نقف عند لحظات انكسار كتبها الشعراء بحبر دمهم ،من خالل قصائد سطروا فيها مسيرتهم الشعرية بإزميل الموت ،ومن هؤالء أمل دنقل ،وبدر شاكر السياب ،وأبو القاسم الشابي ،وأحمد بلحاج آية واره��ام ،دون أن ننسى ذك���ر م��ح��م��ود دروي����ش ف��ي ج��داري��ت��ه وآخرين. فهل يرفع الشاعر الستار عن تراجيديا ذاتية نراها تمشي هنا وهناك في قصيدته أُجَ مِّ عُ جَ مْ َر ُان ِْشطَ ارِ ي الكونية «معبر األضداد»؟ أُسَ كِّ رُ ظَ ِاه َر وَقْ تِ ي َاط ِن اُلالَّنِ هَائِ ي وص عَ لَى ب ِ وأي حقيقة هذه التي تنطوي بين جناحي أَغُ ُ َاسو ص��راخ��ه؟ وأي ان��ف�لات��ات تلك ال��ت��ي تعانق َكأَنِّي ِّبك ُ َي ِ�����دي َت���فْ ��� َت���حُ ُال ِْ����م����هْ ����رَجَ ����ا َن لأِ َلْ���������و َِان عُ ��مْ ٍ��ق الدالالت الرمزية المثقلة باألنين؟ يقول:
يب. خَ ِص ٍ
إن المشهد السردي الذي نسج الشاعر تَخَ َّطفَنِ ي غُ ْصنُ َلي ٍْل خيوط صوره ومعانيه عبارة عن لوحة فنية وس َاش ال ُْحدُ ُ كَمَ ا َتتَخَ َّط ُف َقلْبَ ُا ْل َفر ِ تحاكي بألوانها المتعددة فن بيكاسو ،ولكن إن الليل هو مفتاح القصيدة /الديوان ،عن أي مشهد سريالي سيتحدث ،وهو يضع فمن هنا يبدأ الشاعر حكايته ،ؤذ يسامر بين أيدينا بورتريه لحالة إنسانية تجنح بنا برهافة عمقه ،ويمشي تحت ظالله باحثا نحو التأمل؟ عن نفسه .وف��ي لحظة خاطفة ارتمى في فالشاعر الكبير آية وارهام لم يشر للون سره ،وتلوى بين أضداده ،متبعثرا في سحره، محدد ك��ي ن��ط��ارد جمالياته ،ب��ل تمثل في وغائصا في بحره. لحظة شعرية ،فنانا رس��م أعماقه بفرشاة فهل كانت ه��ذه فاتحة للبحث في كهف عاطفية؛ فهل كرنفال األلوان الذي سكر منه ال��ذات عن هواجس تقيد معصم حبره؟ أم كان يستند على اللون األزرق ،كمحور رمزي أنه ضجيج صامت يسكن الروح ويستند على يمثل الحزن والصفاء ،باعتبار أن أهم مرحلة جدار القصيدة ،لإلعالن عن ظهوره وهو يتلو مر منها بيكاسو هي المرحلة الزرقاء حسب علينا مزامير انشطاره؟ نقاد الفن التشكيلي؟ يقول في مقطع «لهوات الكوابيس»:
ول��ك��ن؛ لننس األل���وان قليال ،ولنقل بأن اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
43
الصو ِْت أَ ْيقَظَ نِ ي التركيبة النفسية الخاصة بالشاعر هنا تمر مَ طَ رُ َّ من مرحلة قلقة ،فهو سينسى كل ما يحيط جَ سَ ِدي لَمْ ُي َبلَّلْ ْض َضوْءٍ جَ لِ يلْ . به كي يغوص في أعماقه ،ليصطاد فراشاته َولَكِ نْ حَ نَايَايَ َب َّل َلهَا َفي ُ النائمة في كف الالنهائي.
ض ْ��وؤُكَ .يقول إنه نوع من ال ِنهَائِي تَ َز َّل َج َ ِل َّ االغتراب الروحي ذاك ال��ذي جعل الشاعر يقطع عالقته بالعالم الحسي ،لخلق معادلة بين ظاهر األشياء وباطنها ،في رحلة وجودية تترجم مكنونات النفس التي ترتوي من نبع صوفي ،ليخرج بنتيجة مهمة وهو يغير مسار الخطاب الشعري من المتكلم نحو المُخاطَ ب. يقول:
َما ِمنْ أَحَ دْ ُك إِ نْ لَمْ تَكُ نْ أَنْتَ يَكُ ون َ مَ ا ِمنْ أَحَ دْ يَرُ ُّش بِ يُ ت ِْمهِ َق ْبرَكَ أَ ْو َك َفن َْك.
لقد ح���اول اإلف����راج ع��ن ه��واج��س��ه التي حولت تجربته الفردية إل��ى دالالت رمزية، تحاصر معاناته في بؤرة فنية ،فتح من خالل نافذتها آفاقا جمالية تخترق بلغتها الشفافة المستحيل ،بعيدا عن االن���زواء داخ��ل رؤية أحادية. شظايا من انكسارات الروح إن ع��ب��ور عتبات الجسد ،توصلنا نحو منافي ال نجد فيها غير لغة مخنوقة باأللم، تتسكع فيها مرايا الشاعر الداخلية التي تعكس ترنّحه بين أمواج الذات الممزقة.
فهل هو سقوط في دائرة الصراخ المكتوب بماء الجراح النازف؟ أم إنه اتكاء على غصن الصحو والهذيان ،لكتابة اعترافات تلتحف فإذا كان سقراط قد قال« :اعرف نفسك التساؤالت؟ بنفسك» ،والشاعر أحمد مطر في قصيدته يقول في «مخاتلة األنقاض»: «البحث عن ال���ذات» يقول« :اع��رف نفسك بنفسك ..قم وابحث عن ذاتك» ،فإن حكمة جَ سَ دٌ يط تَمَ زُّ عَ هُ شاعرنا تتجاوز ما ذكرناه ،ليقول لنا بأن «ال فِ ي الْمَ شَ افِ ي ي َِخ ُ َاضهُ أحد يكونك إن لم تكن أنت»َ ( ،ف ُك ْن أَنْتَ ذَاتَكَ ) َويُخَ اتِ لُ أَ ْنق َ تَا َر ًة يردد في مقطع « تَحْ تَ ن ُْص ِب دُوغُولْ».
اس ِم ُجرْعَ ةِ َص ْحوٍ ، بِ ْ فالصوتان المتحاوران ليسا سوى صوت ْصدُ ُه يضهُ َير ُ ن َِق ُ الشاعر المتعدد المالمح ،إذ ن��راه ينتصر وق ا ْل َهوَاءِ فِ ي ُشقُ ِ
44
لفلسفة الحياة التي تعتمد على القوة في السيطرة على األشياء ،والتي يستمد طاقتها *** م��ن لغة عمقه المسكون ب��أن��وار التجليات ي��ح��اول ال��ش��اع��ر رص���د رع��ش��ة أوراق����ه والمكاشفات. ال��ن��ف��س��ي��ة ،وال��ت��ي م��ن خ�لال��ه��ا ي��ق��رأ ذات��ه المصلوبة فوق جذع الفراغ المرعب. يقول: اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
فالمكان ،هو المستشفى؛ والجسد ،هو أيقونة الحكي؛ فبقدر ما يقترب منه نراه يبتعد عنه متأمال صراخه ،ليروي لنا تلك اللحظات التي نشر فيها خرائطه ،ومعاو ُل األلم تهدم راحته. هكذا يضفي الشاعر نوعا من الواقعية على شعره الغني بسرد مفتوح على حيرة كبرى ،يحاول من خاللها أن يهيئنا الستقبال غربة مشبعة بغنائية حزينة ،ومتلفعة بخوف جارف ،إنها ذاته الممزقة إلى أجزاء ،يخاطب كل جزء اآلخر لتجتمع الشظايا كلها بين يديه. وكأنه يقول مع الشاعر محمود درويش :أنا الغريب بكل ما أوتيت من لغتي..
الصهِ يلْ . يج َّ ِمثْلَ أَرِ ِ
يقول: لقد مد الموت أصابعه ليقلب صفحات أَذَاكَ أَنَا؟ مُ����رَّة ،فبين م��رض ال��ش��اع��ر وف��ق��ده لعمته هَ لْ أَعُ ودُ ؟ «عائشة» التي قال عنها «هي أيقونة دمي»، تَسَ ا َءل ُْت مُ ْلت َِصقً ا بِ ِجدَارِ ا ْل َغي َِاه ِب ك��ان لحاف اآله���ات يلف ال���ذات ،ف�لا نكاد مُ ْلت َِحفً ا عَ رَقِ ي. أنين يمشي بخطاه ف��وق صدر نسمع غير ٍ ففي مشهد سينمائي التقط بكاميرا الكالم. نفسية دقيقة صورة جمالية مكثفة ،ووضعها فخاخ المواجع بين يدي القارئ ،إذ نرى ظل الشاعر يتحرك لقد تحوّل الديوان لحلبة مصارعة شعرية بين زواي��ا المفردات م��ذع��ورا ،وك��أن نصفه ي��دع��وه لكسر قيود ال��م��رض الشريد داخ��ل حزينة ،ألن الشاعر ترنّح صريع اليأس مرات، نبضه ،والنصف اآلخر يجلس متأمال محنته وإن حرك بوصلة أعماقه في اتجاه الهروب الحس ُّ وهو يقطع فيافي األمل؛ فمن يدري قد يتغير من براثنه في فترات أخ��رى .ليبقى كل شيء ويصبح للعمر م��وّال جديد يسرقه التراجيدي مسيطرا على مجريات رحلته منذ َفت ِْحهِ باب الليل ،واالستمرار في المشي بين مما كان! أحجاره. يقول:
ُربَّمَ ا الْعُ مْ رُ ي َْص ُحو عَ لَى قُ ْبلَةٍ َو َيرَى ال َّثلْجَ أ َْخ َض َر وح ا ْله َِديلْ َفوْقَ ُس ُط ِ ُربَّمَ ا ا ْلوَقْ ُت ي ُْخرِ جُ شَ ْطأَ ُه
يقول:
هَ ذَا الْجَ سَ دْخَ ائِ ٌن َات الزَّ بَدْ َيتَحَ وَّ ى َوي َْطفُ و كَمَ ا نَهْ َنه ُ اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
45
ون��ذك��ر منها أي ال��رم��وز (أراغ����ون وإل���زا، أَثْخَ َنتْهُ ال َّنوَى َات الْمَ نَايَا َاس َتبَدَّ تْ بِ هِ سَ َكر ُ و ْ فولتير،،إيديث ب��ي��اف ،روالن ب���ارث ،جاك عَ لَى شَ رْشَ ٍف ديريدا ،فولتيرِ ،إ ْرنِسْ تُوت ِْشي ِجيفَارَا ،شَ ارْل َات مَ نْ مُ دِّ دُ و ْا َف ْوقَهُ ل َِس ٍن بِ ِحكَاي ِ بُو ْدلِيرْ ،فَ��ا ْن غُ��وغْ )..وآخرين ممن صنعوا لِ عُ بُورِ الْجَ ِحيمْ . سقفا فلسفيا وفنيا لهذا الديوان ،دون أن و يخترق الشاعر كثافة الحزن المخبأ في ننسى األمكنة التي زاره��ا أو التي نصبت التِينِي، غيمة قلبه ،وهو يحيلنا نحو المالمح األولى خيامها في وجدانه .ومنها (الحي ال َّ لخلق اإلنسان وسقوطه في ِشباك الخطيئة، َاس، شَ ا ْن زِ يلِيزِ ي ،بُرج إيفل ،مقهى مُونْبَارن ْ حين باع آدم نعيم الجنة بجحيم األرض. شيراز..،إلخ) يقول: يقول في مكان آخر:
كَا َن آدَمُ يَقْ َرأُنِ ي َذ َّر ًة َالصل ِْب َاب ال َّترَائِ ِب و ُّ فِ ي كِ ت ِ َاث ِمنْ سَ ْوءَتِ ي َي ْلت ُ مَ دَّ لِ ي نَفْ حَ ةً ِمنْ غَ ِضيرِ الَّتِ ي كَا َن ِم ْنهَا أَكَلْ
إنها جدلية البداية والنهاية التي تميط اللثام عن روح دثّرها إزار الوجود ،في انتظار قصيدة معافاةَ ،فر َِح ُم الديوان لم تلد غير الظالم .لتتحول باريس إلى نعش كبير ،ألم تمد حبالها لسَ جْ نه في دائرة التباريح؟ يقول متسائال في استنكار:
يس أَرَاهَ ا مَ ا لِ بَارِ َ ت َْصطَ ِفي نَعْ ِشي؟ فالمسرح ال��ذي اختاره الشاعر الرائد أحمد بلحاج آية وارهام كي ينثر فيه أزمنته المتعددة ،كانت مدينة النور ،هذه التفاحة الضوئية التي تتكئ على تراثها اإلنساني، وال��ذي استلهم رموزها كي يستطيع تجاوز الذبح ال��ذي تعرضت له ذات��ه الرومانسية،
يس مَ ْطعَمُ نُورٍ بَارِ ُ إِ ذَا ُطفْ تَ فِ يهِ ا ْر َتدَتْ نَفْ ُس َك الأْ َز ِْم َن ْه نعم؛ إنها أنفاس جمالية تطوف بأقداح االنفعاالت ،فضاء خلخل الشاعر تقنياته باالنفتاح على كل العوالم ،وه��ذا وإن دل على شيء فإنما يدل على بناء متين للنص الوارهامي. نوتة النهاية كانت باريس فضاء لحكي مشبع بالثراء الشعري ،والنغم األوريفي المغلف بالشجن، والذي تماهى مع مختلف الصور الدرامية المتحركة ف��ي غنائية بحتة .ليبقى هذا ال��دي��وان وإن ت��دف��ق النزيف بين أس���واره، واهتزت جنباته برياح المعاناة ،صوتا قويا يُخرج الذات من طوفان الموت نحو شاطئ الحياة.
* صدر ديوان «معبر األض��داد» عن منشورات أفروديت ،ترجم إلى اللغة الفرنسية من طرف المترجم الشاعر الطاهر لكنيزي.
46
** شاعرة وناقدة من المغرب. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρρهشام بنشاوي*
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
في مديح الكتابة فرحا وشغبَا ،تشعل الحروب بين الشعراء، تشبه قصيدة النثر طفلة ممتلئة ً وتمضي غير عابئة بالجرحى والمعطوبين؛ إنها «ك��ال��دول��ة العبرية ،ول��دت في الحروب وال تعيش إال في مناخات الحروب»! بتعبير جهاد فاضل؛ وال ننس الضجة الكبرى التي أثارها كتاب «قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء» لصاحب «مدينة بال قلب» ..الشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي. ويرى زولي أن الشاعر ،هو مَن يعيش القصيدة في يومياته ،قبل أن تتحوّل إلى لغة مكتوبة على الورق ،وبالتالي لن يكون ثمّة طقس للقصيدة قبل الكتابة وبعدها.
ودفاعا عن قصيدة النثر ،عن حرقة الكتابة وأشياء أخرى ،خصص الشاعر السعودي إبراهيم زولي إصداره األخير (مخرج للطوارئ «نصوص مفتوحة»)، وق��د ع���رّف الكتابة بأنها م��وع��د مع الغياب ،أو هي المكوث بانتظار جودو، وم��ع ازده��ار ثقافة التصفيق ،على قريبة من البحث عن وليد مسعود .قد الشاعر أن يلوذ بصمته الحكيم ،وعزلته تأتي وقد ال تأتي. المضيئة ،بعيداً بعيداً ع��ن الهشيم، «األوراق ،وستة عشر بحراً ،وإرثٌ والصخب المجّ ان ،ألن الكتابة الحقيقية هائل من قصائد النثر ،وقلم دون غطاء ،تتكئ على عالئقها المكينة بالذاكرة ولوحة مفاتيح شاهتْ حروفها بالنقر والتخييل ،في مسعى حثيث النقالب ��ظ وم��ف��كّ��ك، أب��ي��ض ع��ل��ى ع��ال��م م��ت��ش ّ المتوالي من السبّابة اليسرى. هاجسها ديمومة تتعالى على الزمن وتط ّل قصيدة النثر ،ذات الكلمات والظروف المرحلية .وليس ثمّة شكل المغسولة بعناية ،والنظيفة كطفل يرتقب بعد قصيدة النثر ،ذلك أن داخل يذهب في يومه األول للمدرسة .تلك هذا النمط ،أنماط مختلفة في إطار التي بإيمان كبير تهدم وثنية اإلطناب، واحد ،وبالتالي فتخلّقات الشعر الجديد وال تبجّ ل شراسة اإليقاع ،معها يفيض لن تخرج عن هذا النموذج غالبا ،أقلّه المعنى في جمل قليلة». ف��ي المستقبل ال��ق��ري��ب ،على الرغم *** من إف��ادة هذا النوع من كل التجلّيات اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
47
اإلبداعية واألدبية من سينما ومسرح وسرد. وبالتالي فإن تداخل األجناس معادل رمزي وظ�� ّل من ظالل العولمة للتداخل الحياتيِ ، التي تقتحمنا حيثما كنا .والشعر ،دون ريب، في صدارة المتأثرين بتحوّالت العصر ،ولو لم يكن كائنا ح ّياً يقبل التأثر والتأثير لما كانت له هذه الديمومة عبر العصور. فسحة م��ن الكلمات وقليل م��ن الضوء النبيل ،ذلك ما يدّخره الشاعر في مواجهة ال��ع��ال��م .ن��ع��م ،بمحض إرادت����ه ق��د يختار الشاعر طريقة موته ،الطريقة التي تتناسب وغربته ال��وج��ودي��ة .إن ل��م يستطع اختيار والدته ،فليخت ْر حتفه بيديه ،لتكن نهايته كما يشاء .ذلك فعل شعري بامتياز ،موقف من العالم الذي يناصبه العداء والسخرية .وال عجب ،أن يكون الشعراء أكثر المنتحرين عن سواهم من المبدعين ،فمثاالً ال حصراً؛ خليل حاوي عرب ّياً .وعالمياً :سيلفيا بالث، وآن سكستون ،وصاحب «غيمة في بنطلون» الروسي ماياكوفسكي. حالة االنتحار إذاً ،ال تبتعد كثيراً عن ن��ص م��ف��ارق للسائد ن��ص مختلفّ ، كتابة ّ وال��م��أل��وف ،كالهما فع ٌل يجترح ال��ع��ادي، ويلقي حجراً في نهر الواقع ،واقع موسوم بالركود والسكون .وحتماً ،ستكون القصائد من أوائل المشيِّعين ،ووحدها من ستتجمهر على نعشه دون أن تستأذن اآلخرين ***
48
بالنسبة إلى إبراهيم زولي ..القرى لم تعد قرى ،ولم تتحوّل إلى مدن بالمفهوم الواسع للكلمة ،هي بين بين ،في منطقة رماديّة بين األبيض واألسود ،كائن شبحيّ ال نستد ّل عليه، وال يستد ّل علينا ،ق��رى تشيح بوجهها عنا ك ّل صباح مخافة أن نكشف زيفها وضاللها. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
فالقرية التي تسكنه ،قرية م��ن لغة وك�لام مصفّى ،ق��ري��ة ف��ي خ��رائ��ط المخيّلة ،قرية يلوذ بها الشاعر م��ن صخب جهنمي يضجّ ف��ي رأس���ه ،قرية تسكن الكتب المستريبة، والتضاريس المارقة .ويعتقد أن القرية - بعوالمها السحرية وفضاءاتها الرحبة -لم تستثمر بما فيه الكفاية ،ولما ت��زل مثقلة بالدالالت واإليحاءات في ك ّل أجناس الكتابة، وليس القصيدة فحسب .لهذا يظل «الجنوب، طعنة مضيئة تنبعث ك��ال��ب��رق ،طعنة ،تفتح عين الشاعر على مساحات العطش ،تلك المساحات التي تعبث بكينونته ،من صرخة ال��والدة حتى شهقة الكفن ،م��رورا بالنهارات الفقيرة وان��ح��ن��اءات ال��ب��ي��وت» .م��ن دون أن يكون متحامال على استئثار الشمال بكثير من األشياء ،ذلك الشمال الذي انفرد حتى بتدوين اللغة منذ البدء ،وتضامنت معه البوصلة في انحياز سافر.
* كاتب من المغرب. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دراس �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��ات ون �ق �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ �ـ��د
ويحن زول��ي في نصوصه المفتوحة إلى وال��ل��غ��وي ،وال ينتهي ب��األس��ط��وري ،لخوض الطفولة ك��ذاك��رة مشاغبة تسترق الكلمات التجربة الجديدة بأقدام راسخة؛ لهذا ،جاءت المخبّأة في ذمّة البحر ،ثم ترشقها بالضوء تجربة التضاريس مختلفة لغة ورؤيا. الكريم« .الطفولة كنز كامن بالشعرية ،لم *** نستنفد التعبير عنها حتى ه��ذه اللحظة، وفي كتابة جارحة تفضح الوسط الثقافي الطفولة ث��روة من األل��وان الحميمة يتأجّ ج ألقها بالكتابة .هي واحدة من أولئك الذين الموبوء ،يصف حضوره الجتماع المثقفين يستطيعون إضرام النيران في جسد القصيدة ،ال����ذي ي��ع��ق��د ك��ل ج��م��ع��ة ف��ي م��ق��ه��ى زه��رة البستان بوسط القاهرة ،وكانت الجلسة وينفخون روح الحياة فيها تارة أخرى». تضم عددا من المبدعين منهم :عبدالمنعم *** رمضان ،ومكاوي سعيد ،وهدى حسين ،وطه نكاية في المشهد الثقافي العربي الجاحد ،عبدالمنعم ،ونجاة علي ،وعزت القمحاوي، وب��ن��ب��رة وف���اء شجي لشاعر س��ع��ودي كبير ،وأمل عبداهلل ،وجاءت سيدة ثالثينية يبدو اعتبر صاحب «شجر ه��ارب في الخرائط» عليها التعب واﻹرهاق .وبعد السالم ،سألها محمد الثبيتي ،يمثل حالة استثنائية في عبدالمنعم رمضان« :إزيّك يا مي؟» ،ثم طلبت المشهد الشعري السعودي ،إن لم نقل في سيجارة وكوبا من الشاي ،وبعد قليل جاءت الجزيرة العربية خالل الربع األخير من القرن تطلب رقم جابر عصفور ،وكان وزيرا للثقافة العشرين .وقد كان مبدع «التضاريس» صوتا حينئذ ،قائلة« :عاوزه أكلم وزير الثقافة ،أريد مغايرا ،استطاع بحرفة شعرية أن يوائم بين عالجا على نفقة الدولة ،في العباسية أو في النخبوية والجماهيرية في مزج إبداعي لم أي مكان» .فسأل إبراهيم الشاعر عبدالمنعم يتوفر إال لقامات ن��ادرة يتقدمهم دروي��ش .رمضان :مَن هذه المرأة؟ فأجابه :هذه مي، ول���م ت��ك��ن ت��ج��رب��ة ص��اح��ب م��وق��ف ال��رم��ال ،ابنة الشاعر ص�لاح عبدالصبور ،مريضة غريبة الوجه واليد واللسان ،ول��م تكن نبتاً نفسياً ،وتحلم بالعالج. شيطانياً ،بل جاءت تنامياً للمراحل السابقة شعر زول��ي بغصة في الحلق ،متحسرا على التضاريس ،بدءاً بعاشقة الزمن الوردي ،على حال ابنة رائد المسرح الشعري العربي، مروراً بـ «تهجّ يت حلماً تهجيت وهماً» .وكان وص��اح��ب ال��ق��ص��ي��دة اﻷش��ه��ر «ال��ن��اس في سيد البيد ينزع من البدء لخلق معجم شعري بالدي» ،وديوانَيْ «أقول لكم» ،و«تأمالت في خاص به؛ معجم الصحراء ،المعجم ،الذي زمن جريح» ،وهي تتسوّل العالج ..أصيب كان يتكئ على مفردة تراثية .وهذا المزج بين بكآبة غريبة ،وقال في نفسه« :بئس الثقافة اللغة المعجمية في سياقات حديثة مع تنوّع إن ل��م تتحول إل��ى س��ل��وك ،وسحقاً ل�لأدب في اإليقاع العروضي .ولم تكن فرادته قادمة ال��ذي ال نعرف من معناه إال المطبوعات من ف��راغ ،بل كان يتمثل أيضا منجز التراث والمجالت والمهرجانات» ،وخرج من مقهى العربي واإلنساني .وقد مهد له هذا الفضاء الزهرة وهو ي��ردد بوجع ب��اذخ« :الناس في والمعمار الفني الذي يبدأ بالمستوى اإليقاعي بالدي جارحون كالصقور».
49
نصوص قصيرة برتقالي تبقّ ُع ُه ِز ٌّي ّ أنفاس الغرقى ُ
ρρعبداهلل السفر*
...فلمّا اضطربَ ورغبَ في اللجِّ ؛ أنك َرهُ البح ُر وتآم َر عليه الصيّادون. *****
ُص حكايتَكَ وال تَه َِب السور. هذه هي الحديقة .ق َّ *****
تح ّت َم عليه أن يعبر .تح ّت َم عليه أن يجر َع كلَّ هذا السُّ م ،وأنتَ يا «حبّك ِسباني يا سَ مرة» ماذا كنتَ تصنع؟ *****
وفخاخك .تتحيّن فرص َة االنقضاض .ويحدثُ ِ يذهبُ بعيداً ،وأنت ورا َءهُ بحبالِكَ أنك تطب ُق عليه وتنظر .انظرْ؛ فلن تج َد سواك في الفكرة .يجأ ُر بيدينِ حسيرتين. *****
عبداهلل! تتلفّتُ مذعوراً. عبداهلل! تلتفتُ باسماً. إال َم ينقّلونَكَ على هذه الرقعة؛ في هذه اللعبة ،والضرب ُة األخيرة ليست لك؟ *****
وحبل مبروم ٍ برقبة نحيلة، ٍ تشغل ُ ُه النحنح ُة عن الصدى ..يتفشّ ى على الحائط جدلتْ ُه الغلظ ُة بأسنانها الحديد. *****
الشوط موشك .إنه تمري ُن َ صافرةٌ طويلة ال تعني أن المباراةَ انتهت أو أن أنفاس الغرقى. ُ اإلفالس بالزيِّ البرتقاليّ تب ّق ُع ُه *****
50
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
بع َد ك ِّل هذا الرماد؟
*****
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
الطفل ُة التي علّقتْ يدَها على يدي ،ونسيتْها هناك .كيف تجيءُ اليو َم تستعيدُها
والحصادون ،فكن جاهزاً بالممحاة. ّ سيأتي الورّاقون *****
أ ّيتُها الطبو ُل من يدق ُِّك؛ يضخّ ُم الفرا َغ وحسب. *****
َصتْ قلبَ ُه أغنية. أرداهُ العنب ،وعَ ق َ *****
«ج ّدلي يا ام الجدايل ج�� ّدل��ي» .األغني ُة وح�� َده��ا .الطفل ُة وح�� َده��ا ،والبَكَرةُ
تدووور...
*****
ث ّم َة كلبٌ أسود ال يفار ُق الحكاي َة أبداً. *****
حتى وهو يوجّ ه نظراته لآلخرين ويتحدّث عنهم ،فذلك ليس اهتماماً بمقدار ما
هو مدخل إلى حالة هذيانية عن ذاته الغارقة في مرآتها التي ال ترى أحداً سواها. *****
يراقب بدقّة ،لكن في المرآة فقط. *****
بمهل ما تع ُّدهُ اختياراً نهائ ّياً ،ما هو إال مجزرة .تصفية حساب أنجزها الالوعي ٍ
ولم تب َق إال السكين التي تضعها على نحرك. *****
الهارب في الصفحات .انتب ْه إليه .ربما هذه التي تراها .لم تكن نقطةً .رماده.
رماده .تح ّق ْق منها جيداً.
* قاص وكاتب من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
51
الذي اختفى داخل قميصه ρρوفاء احلربي*
في صغري كنت إذا شعرت بالخوف فأظنه لصاً يريد أن يقتلني ويسرق أضع رأسي داخل قميصي وأتخيل أنني ألعابي .ع��اش رأس��ي داخ��ل قميصي، دخلت حديقة سرية ال يعرف بها أحد داخل حديقتي السرية أكثر مما عاش س��واي ..فأُبقي رأس��ي داخ��ل القميص ف��ي ال��خ��ارج ..حديقتي السرية التي حتى يتبدد خوفي .زوج��ة أبي لم تكن أحفظ تفاصيلها ،شجرة شجرة ،وردة شريرة للغاية ،غير أنها حين تغضب وردة ،البيت وجدرانه الملونة ،أحيانا فحتى أبي يخاف منها ،يغادر البيت وال أراه قصرًا كبيرًا ،وأحيانا كوخً ا خشبيًا يعود حتى تهدأ .ال أملك أية مشاعر ال يتسع ألكثر من شخصين ،لعل األمر تجاهها ،فقد كانت مثل معلمة صف متفانية في عملها إل��ى درج��ة ال وقت مرتبط بشدة خوفي حينها. لديها لتبادل المشاعر .كانت تطعمني، تطور األم��ر ..صرت أثني أقدامي، تحرص على نظافتي ،وج���دول نومي أتكوّر وأظ ّل داخل قميصي حتى يطلع الثابت .فقط ال شيء آخر .أما أبي ،ربما النهار .لقد كبرتُ اآلن ويبدو أنني قد كان يعاني من مشكلة ما ،فهو كمن يرفع تغلبت على م��خ��اوف��ي كلها .ه��ا أن��ذا الفتة «ممنوع اللمس ..ممنوع االقتراب» أجلس مطمئنا داخل حديقتي السرية. يجلس بعيدا عني ،يخاطبني كأب ،غير وال أعلم ه��ل رأي��ت شيئًا مخيفًا إلى حريصا على أن ال يحدث بيننا ً أنه كان حد الموت بحيث وضعت رأسي داخل أي ات��ص��ال ج��س��دي ..ال أح��ض��ان ،وال قبالت أبوية حانية مطلقا .عشت طفال قميصي ولم أ ُخرجه منه أبدًا .أم أنني مرعوبا طوال الوقت ،خائفا من البقاء حرصت على أن أعيش في مكان يبدو وح��دي ،من الظالم ،من الوحش تحت تماما مثل الحديقة التي أدخلها حين السرير ،من الستارة التي يحركها الهواء أضع رأسي داخل القميص. * قاصة من السعودية.
52
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρρمشاري محمد*
كانت موهبته في اكتشاف حبكة أي قصة قبل نهايتها ال تصدق .كان يطالب الموظف على شباك أي دار ع��رض ل�لأف�لام بدفع نصف السعر فقط ،ألنه بعد م��رور نصف الفلم تقريباً يكون قد خمّن ماذا سيحدث وق��ام من كرسيه وخ��رج ،ك��ان يكفيه ق��راءة نصف أي رواية ليعيدها إلى الرف وقد خمن بسهولة وانتهى بما سيحدث في الصفحات األخيرة منها.
عن أي طريقة ليسقط فيها ،حتى بعد تجاوز الثالثين ما تزال هذه هي هوايته المفضلة، وكلما س��أل��ه أص��دق��اؤه ع��ن ه��ذه الهواية الغريبة في هذا السن ،بنفس اإلجابة دائماً، يرفع بنطاله إلى األعلى ويضحك ضحكة قصيرة متواضعة ويقول« :هه ال يمكن أن تكبر عن مثل هذه األشياء أبداً» في الواقع لقد شكّل له جمهوره الخاص من الجيران الذين يسكنون في الطوابق التي تحته.
في المرة األخيرة عندما رأى أنه يستطيع التخمين بحبكة أكبر وهي قصة حياته ،قفز من نافذة شقته في الطابق السابع ورأى الشارع ولم يجد المنقذين في األسفل كما خمّن ،عندها في ثانية صفاء أثناء سقوطه جاءته لحظة شك بكل األف�لام وال��رواي��ات التي تركها في منتصفها.
عندما يصعد على الكرسي لتبديل النور يفتعل سقوطاً ويسمع السيدة في الطابق الذي تحته تضرب السقف بعصا المكنسة وتردد «هذه جيدة ..هذه جيدة ..أحسنت»، لكن م��ث�لاً ،عندما يسقط وه��و يستحم.. يسمع أحدهم يصرخ من النافذة «تستطيع أن تفعل أفضل منها».
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
لحظة شك
هوايات غريبة ك���ان م��س��ك��ون��ا ب��ذل��ك ال��ش��غ��ف لسقوط بدأ األمر عندما كان في العاشرة من عمره الجسد مرتخياً على األرض ،هكذا فقط عندما تعثر بحبل حذائه وسقط ،بدا األمر تتهاوى وال تعرف أي جزء سيصل أوالً ،كان رائعاً بالنسبة له ،منذ ذلك الوقت وهو يبحث ذلك هو الفتنة بالنسبة له. * قاص من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
53
صورة
ρρحليمة الفرجي*
مئة وخمسون عاما الي��زال في نفس المكان ،أناس يرحلون وآخ��رون يستقرون عاما أو عامين ،وال يلبثون أن يرحلوا تاركين خلفهم بعضا من ذكريات ..والكثير من األسرار ،وهو اليزال في مكانه ينظر للوجوه العابرة ..وال يملك أن يخاطبها ،يعيش معهم قصصهم وال يستطيع تغيير فصولها. اآلن بعد مضي كل هذه السنوات ،وقد بالعالم ال تتعدى وجوهاً تأتي وترحل ،وبعض ض��اق ذرع��ا بخرسه العجيب ال بد له من الجمل التي تعلمت نطقها. الرحيل ،فقد ش��اخ ال��ب��رواز ال��ذي يحتويه، هم يمجدوني كصورة ،يقفون أمامي كثيرا وأصبح أقل قوة من السابق. ممتدحين إتقان المصور ،وعبثه بالمكان،
كثيرا ما حاول التمرد طوال تلك األعوام ممجدين ذاك الكرسي الذي ظللت أسيرا له ول��ك��ن ال��خ��وف م��ن ال��ع��ال��م ال��خ��ارج��ي ك��ان ما يفوق عمر البشر ،اآلن وقد تخليت عنه يا يمنعه ..لكنه اآلن بدا أكثر إص��رارا للعبور ترى من سيشعر بوجودي؟! نحو النور. يسمع ص���وت خ��ط��وات ق��ادم��ة ،وبعض في غفلة الليل ،بدأ في التمرد للخروج ،السباب المنطلق من األفواه ،يحاول العودة ح��طّ ��م األغ��ل�ال ال��ح��دي��دي��ة ال��ت��ي تربطه لالختباء داخل البرواز ،ولكنه أضاع طريق بالجدران ها هنا ..يمد يديه نحو الفراغ ،العودة ،يفتح الباب ،فيتسلل ضوء المصباح ي��ب��دأ ف��ي اإلح��س��اس ب��ال��وج��ود ال���ذي سمع للحجرة المظلمة ،ي��رك��ض ليختبئ خلف عنه كثيرا ،وحين وضع قدميه أرض��ا ..بدأ رجل الكرسي الذي يتوسط قاعة المتحف يرتجف من البرد ،فقد نسي معطفه معلقا األنيقة ،تتهاوى أقدام عمالقة على رأسه.. هناك داخل البرواز. :اوووووووه هذا البرواز أصبح قديما جدا ك��م��ق��ع��د ي��م��ش��ي ألول م����رة ،ب���دأ أول���ى وال يستطيع حمل الصورة!! خطواته ،فقد مضى زمن بعيد عن آخر مرة :نعم يجب علينا تغييره بالغد.. تنقلت فيها قدماه فوق جماد يبحث عن الباب ،فقد نسي أن يحفظ :حسنا أرفعه اآلن ..وفي الصباح ننظر ماذا يمكننا فعله. مكانه قبل أن يحل الليل ،يسيطر عليه خوف من المجهول.. ينسحب الجميع من القاعة بعد تعليقهم ي��ا ت���رى ،إل��ى أي��ن أن��ا ذاه���ب؟ فعالقتي البرواز الكهل وبداخله صورة لكرسي خال.
* شاعرة وكاتبة سعودية.
54
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
ُ صاحب أكبر ِ ُم َخ ّيلة! الرجل ُ ρρأميرة الوصيف*
كان يَلت َُّف في سرواله الضيق ،قدمه المُ تقشفة يغار منها الطين حتى أن آذان الشَ جر تسمعه يُغازلها بحقد قائالً :صباحك دأب يا سيدة القذارة! ما أصبر قدمك على السير يا صاحب المُ خيلة الكبيرة! ف��ي ق��ري��ةِ يَ��ده��ن خطوط جدرانها
الناس في القرية يحبون كل شيء،
زيت الشموس ،يحيا الناس ُمتَدثّرين ويتقبلون كل ش��يء ،وال يكرهون شيئاً بالواقع ،تماماً بتلك الطريقة العفوية إال هذا الرجل ُمتَورد الوجه ،ذو اللحية ال��ت��ي وج���دوا عليها آب��اءه��م ،وتَقبّلوا الذهبية ،والعينين الرماديتين اللتين يختلط دمعهما بالفلسفة ،رجل من هذا بها كروشهم ،وقَبلوا ظهور أيديهم إثر النوع ال��ذي ما إن وق��ع بصرك عليه، ابتالعهم ربع رغيف. إال واستشعرت في ق��رارة نفسك أنه أه ُل القرية ال يختلفون في أمر ،وال يفهمك.
ينقسمون حول أمر ،وال يتأملون أمراً،
يُحكى أن الرجل كان دائم الصمت،
وال يُفكرون في األم��ر .جميعهم ي ُِحب ال يتحدث أب��داً ..حتى إن أهل القرية ُوصد ال أخرس ،أو أن فمه م َ النظر الى السماء دون أن يجرؤوا على ظنوه رج ً لَمسها.
بأيدي الجان ،ثم تناقلوا الشائعة فيما
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
55
بينهم حتى ص��دق��وه��ا ،وصدقتها البيوت متنوعة ،وأصدافاً بحرية ،ولم يطلب يوماً والنوافذ والديدان الطويلة وسراويل الفقراء مَعونة وال طعام ..لم يعرف الضحك ..لكنه المكشوفة ،وكلفّوا أصحاب األوزان الخفيفة ك��ان باسماً ،ول��م يَعبس وج��ه��ه ..لكنه كان بتتبعه ،والمشي خلفه أينما ذهب.
ويُحكى أن الرجل لم يَلتفت يوماً خلفه، كي يلمح تلك الوجوه التي تُراقبه وهو مُتج ٌه مع نداءات الفجر المُربكة الى ضفة النهار، جالساً القرفصاء ،ناظراً الى صفحة النهر بفضول غير مفهوم ،هائ ٌم في عوالمه الخَ فية وخَ بله المُعل َن أمام الجميع. الوجوم على وجهه ،ما أغرب تلك اليَقظة النائمة عندما تبدو للجميع مفتوح األعين وأنتَ تغط في سُ بات عميق. يظل الرجل مُبحراً بعينيه في النهر ،يُقبِل الليل ..وليل هذا الرجل ال رَهبة فيه ،وما من حزن يجرى في عروقه ،فكل مَن راقبه وجد
مهموماً. استمر أهل القرية في مُراقبة الرجل، ولم يحدث أن ثار العجوز يوماً على عاداته الغامضة ،إال إنهم يوماً وجدوه مُستلقياً أمام النهر ،وه��ذه ال��م��رة ك��ان مُغمض العينين، رائق الوجه ،مُسترخي العضالت ،كان وجهه شفافاً كصفحة النهر ،وشفتاه مُطبقتان على صمته الطويل ..وب��ج��واره صندوق خشبي مملوء باألصداف والبذور ،وورق��ة يغمرها ال��ب��ي��اض منقوش ف��ي قلبها ع��ب��ارة ب���ارزة: أوصيكم بالخيال! َدم��ع��ت أعين ال��ن��اس المتجمهرين حول
وجهه مَبيتاً للسالم ،وكأن الطمأنينة شَ كَّلت جُ ثَة الرجل ،وتَ��درج��ت وجوههم بالحمرة، وكأنهم وألول مرة يتوقون لمعرفة حكايته، مالمحه ال الصلصال. وتَمنى بعضهم لو أنه ذات مرة تطفل على يضع يَده على أذنيه كمحاولة الستجداء هذا الرجل بسؤال ،واشتاق بعضهم إلمالء المزيد من األصوات من حوله ،وكأنه يسمع أشياء أخرى غير التي يسمعها الناس .يرمي أع��ذاره على الرجل ..وهَ �� َّم بعضهم يسأل: بكَفه العجوز في األت��رب��ة أم��ام��ه ،ويضغط كيف ومتى ولماذا؟
بأصابعه اللينة على ال��ت��راب ف��ي قَ��راب��ة واضحة.
وتناقلوا حكاية الرجل ،ودَفنوه في مقبرة كتبوا فوقها :هُنا يرقد الرجل صاحب أكبر
كان يحمل معه ق��ارورة ماء ،وب��ذور ثمار مُخَ يلة. * قاصة من مصر.
56
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
مدينة َّ الشمع! طابور في ِ ٌ ρρأحمد طوسون*
ل��م ينتبه ل��ه أح���د م��ن ق��ب��ل ب��ي��ن زح��ام شكلهم مألوفا للكافة. ال��م��ح��ت��ش��دي��ن ،فليس ف��ي��ه م��ا ي��م��ي��زه عن ال فرق بين مدير في مصلحتك الحكومية، اآلخرين ليلفت انتباهنا إليه .مجرد تكرار وبين مدير يعمل في جهة حكومية أخرى.. جديد لجيش من الموظفين ،في نهاية كل تواطؤ جمعي جمعنا ،باستثناء المديرين من شهر يتراصون في طوابير طويلة أمام ماكينة القواعد والقوانين المنظِّ مة للطابور مهما صرف النقود لسحب رواتبهم ..ترى بعضهم طال أو قصر! فال تعرف إن كان معك في الديوان نفسه، يمر المدير من بيننا مصحوبا بنظرات أم جاء من مصلحة أو هيئة حكومية أخرى تنتشر دواوي��ن��ه��ا الوظيفية ف��ي المنطقة ،التقديس واإلع��ج��اب ..والغضب والنقمة وتجمعهم ماكينة ص��رف النقود نهاية كل والكراهية ،ويغادر دون أن يجرؤ أحدنا على التمتمة واالعتراض ..أو مص الشفاه بصوت شهر. مسموع ،فلكل مدير عيونه المزروعة بيننا، المديرون يتمتعون بمزية خاصة ال يحصل وال��ق��ادرة على نقل ما توسوس به النفوس عليها غيرهم .بمجرد حضورهم يفسح لهم الطابور طريقا مباشرا إلى ماكينة صرف ألصحابها. النقود دون أن يعترض أح���د ،حتى صار
لكن ،في هذه المرة ،حين حضر المدير، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
57
سمعنا صوتا مدويا: -إلى أين؟؟ أال ترى الطابور؟!
ناحية المدير وأمسك به ..في محاولة منعه من الوصول إلى ماكينة الصرف. -لن يصرف أحد إال بالدور!
التفتنا جميعا ناحية الصوت ،الذي بدا لشبح يجرب صوته في الفراغ ،نبحث عن ق��ال كلماته وس��ط شهقات االن��ده��اش صاحبه ونتأمل مالمحه. والترقب. هل يعرفه أحد؟!
ظل المدير برهة صامتا بفعل الصدمة،
سألنا أنفسنا دون أن نحصل على إجابة يبحث ع��ن طريقة مجدية ف��ي السيطرة قاطعة. على شعوره بالضيق ،واستعادة هيبته التي
ك��ان يشبهنا جميعا ،واح���د م��ن مئات سقطت أمام طابور األشباح الشمعية. أو آالف الموظفين الذين ي��ؤك��دون قاعدة أنت مجنون!التكرار والتماثل ،ويجيدون االبتسام دائما ص���اح ال��م��دي��ر وه���و ي��زي��ح��ه ع��ن��ه بعيدا كدمى شمعية في وجه رؤسائهم ومديريهم. بمساعدة بعض األعوان. التفتنا ناحية الصوت ،سألنا وهرعنا ص��ار ه��رج وم��رج ول��غ��ط ،وان��ف��رط عقد بنظراتنا ناحية المدير الذي وقف ثابتا في مكانه للحظة ،رم��ق فيها صاحب الصوت الطابور ،ولم يعد أحد مهتما بالوصول إلى مثلنا ،قبل أن يواصل طريقه إل��ى ماكينة فوهة ماكينة الصرف وصرف راتبه ،بقدر صرف النقود -دون مباالة -ويسحب نقوده اهتمامه بمتابعة ما يحدث وتحليله والنقاش حوله. وينصرف! ف��ي ال��دي��وان ال��ح��ك��وم��ي ،ص��رن��ا نتابعه
ل��ي��ع��ود ال��ط��اب��ور إل���ى ص��م��ت��ه وع��ادات��ه جميعا بنظراتنا وه��و يمر ف��ي الطرقات، الشمعية من جديد. بعد ساعة وأكثر جاء مدير آخ��ر ،سلك كنبوءة قادرة على التحقق.
الطريق نفسه ،وسمعنا الصوت نفسه يزعق بحدة أكبر: عينيه ،والغضب الذي سكن تجاعيد جبهته نحسده على تلك الثقة التي تسكن في
-سنقف هنا طول النهار وهم براحتهم!
ووجهه ،وأزاح ابتسامته الشمعية بعيدا..
ونتلهف إلى أول الشهر ليجمعنا به طابور
وقبل أن يسمح لنا بااللتفاف وااللتفات ناحيته ،خ��رج الشبح ع��ن ال��ط��اب��ور ،وه��رع آخر.
58
* كاتب من مصر. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
(يحيى) ρρرجاء عبداحلكيم الفولى*
يُ�� َرق ُ ِّ��ص ال��ك��رةَ ،يتسل ُل بها ،يُ َم ِّررُها ب��زوج ٍ��ة أخ��رى وخ��لّ��ف غيري عشرات مالبسه ،ج َّر ِ َض الترابَ عن بين أرجُ ���لِ ال��ص��غ��ار ،ي��ج��ذب��و َن مالبسَ ه الصغار .نف َ ُ وهُ��م يضحكون .قب َل أن تُسلِّ َم بيت خالِه .مع أُمِّهِ الشمس جسدًا مهزومًا إلى ِ ِ مصيرَها واحد ينامان ،يقرأ مالمحَ ه، ٍ سرير ٍ للغروب ويُلقي اللي ُل بظاللِه على الشبحيةِ على المكان ،يقِ فُ رجُ �� ٌل أما َم يشعر بتعاستِها وهي تمس ُح وجهَه تنقِّبُ األب���واب وي��ن��ادي :يحيى ..يحيى. ِ أح��دِ تهاجمُه التعاسةُ، ِ بعينيها في باطنِه، يهتِفُ الصغار :كلِّم أب��وك ..تَهج ُم عليه قة تفتِّتُ قلبَه وروحَ ��ه إلى شظايا محرِ ٍ روحه، تنبش مك َم َن التعاسةِ في ِ ُ الكلم ُة تلتهِ ُم ال��ج��س�� َد ك��لَّ��ه ،يغتالُه ال��ح��زنُ، َض الصغا ُر مِ ن حولِه واحدًا تل َو اآلخر، يَنف ُّ ي��زح��فُ ال��غ��روبُ وت��ه�� ِّد ُد العتم ُة بمحوِ تترقرق دمو ُع التعاسةِ في عينيه ،تقتربُ الحائط ،مِ نه أُمُّه أكثرَ ،تُخلِّ ُل أصابعَها في شَ عرِ ه، ِ األشياءِ حولَه ،يسن ُد ظ ْهرَه على جفاف عالَمِ ها َ س حضنُه الطري جائع يالمِ ُ كحيوان وحْ ِشي ٍ ٍ َض عليه األسئل ُة تَنق ُّ و َق َع على فريستِه ،األسئل ُة كأسنان اإلبَرِ -ما بك يا يحيى؟ تَشُ كُّ روحَ ه :سيعرفُ األطفا ُل الحقيقةَ، ال شيء ،سأنام .ثم يدف ُن وجهَه فيهذا الرجُ ُل ليس أبي ،هو خالي سيقولون الوسادة. لي :أين أبوك؟ ولماذا أنت جالس في بيت خالك؟ أليس لك أب؟ تن َّه َد حسر ًة وألمًا، تمدد الصمت بينهما ..ضوءُ الحجرة ض ِحكَ لح ِّد البكاءِ .. ماذا أقول لهم؟ َ الواهن ألقى على الجدار صورة شبحين فكرة ..أق��ول إن أب��ي استبد َل أُمِّ��ي بديا كأنهما طائرين بأجنحة محطّ مة. * قاصة من مصر. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
59
طاقات مؤجلة املصبح* ρρفهد ّ
بدا القلق واضح ًا عليه ،وهو يذرع الغرفة جيئة وذهابا .يتحرك في كل مكان كمَن فقد شيئًا ثمينًا ،ويسأل نفسه :أيهما أفضل الحزن أم الرهق؟ األحداث ال تدعه يجيب ،أو هو ال يريد ذلك ،فيقف متفرج ًا على نفسه ،وهي تصطلي بنار الحزن حال غياب أهله ،وبهجير الرهق حين وجودهم .كم يكره هذه الجدران اإلسمنتية عندما تخلو من نبض الصغار وضجيجهم. زوج��ت��ه الح��ظ��ت ق��ل��ق��ة ال��م��ت��زاي��د ،وسائل اإلعالم. فأخذت تخفف عنه ما أشعلته فيه تواً، ج��راء تأخر األوالد عن الحضور إلى الدار. ال���وق���ت ظ���ه���راً وال��م��ط��ر يتساقط
فرك األب يديه وزفر قائالً: العيال تأخروا!نطقت الزوجة بتفاؤل:
خفيفاً ،لكن بتواصل ..البوادر تشير إلى -سيصلون حاالً فال تقلق. حدوث عاصفة هوجاء ،أعلن عنها في
60
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
دخ��ل االب��ن األص��غ��ر يجر حقيبته،
أخ��وه عبداهلل إم��ام المسجد ..استقبلهما األب بنشوة قائالً:
كان يعرف هذا في ابنه إمام المسجد، فيغيّر دفة الحديث إلى موضوع آخر ،فقال
-ماذا حصل؟
وهو ينظر إليهم:
-زلق خالد فسقط في الطين.
-أحمد لديه إج��ازة اليوم ،وبهذا يكتمل
ضم األب ابنه بحنان وقبله ،ثم استدار نحو عبداهلل مستفسراً: ماذا أخرّك؟ -أص ّر األهالي على الجمع بسبب المطر.
شملنا. قالت األم بزهو: كل الناس تدعوه المالزم أحمد إال أنت.ال وهو يتذكر يوم تخرج ابنه سرح األب قلي ً
-الدين يسر.
من كلية الطيران ،كان يوماً بهيجاً قبّل فيه
-لكن الجمع نهاراً فيه خالف.
أحمد رأس أبيه ،وأعطاه الشهادة ،وأخذت
قطع األب الحديث مع ابنه عبداهلل قبل أن يتحول إلى جدل. العاصف ُة فعلت فعلها في البيوت البعيدة،
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
وق��د اتسخت مالبسه بالطين ،وم��ن ورائ��ه فيها إلى رأي متفق عليه!
لهما الصور تخليدًا لتلك اللحظة. كان أحمد بزيه الرسمي والنجمة تتألأل على كتفه ،فعاد األب من نشوة شروده قائالً:
كما رأوه عياناً في التلفاز ،وه��ا هي على -أين نورة؟ وش��ك ال��وص��ول إل��ي��ه��م ..أخ��ذ األب يحذر أس��رت��ه م��ن ال��خ��روج ف��ي ال��وق��ت ال��راه��ن، ويزودهم بالتوجيهات الالزمة عند هبوب العاصفة ،ولما بالغ في تحذيره ،قال عبداهلل بسكينة نفس: حافظ. ٍ اهللُ خي ُر -لكن االحتياط واجب.
ثم صاح منادياً: نورة ..نورة.قالت األم بهمس حذر: نورة ذهبت إلى الكلية.جلس األب على ال��ك��رس��ي ،وق��د تعكر مزاجه من جديد ،ثم قال بغضب:
وللمرة الثانية ،تجنّب األب الخوض في -م���اذا ل��و تغيبت ال��ي��وم ،أو حتى تركت حديث مع ابنه عبداهلل ،فما هو فيه أهم
ال��دراس��ة نهائياً ،ه��ي ام���رأة مصيرها
من تلك المجادالت العقيمة ،والتي لن يصال
الستر في بيت زوجها. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
61
نهض من مكانه بعصبية باحثاً عن نعليه،
وما طال انتظارهم ،فبعد العشاء بدأت
وهو يصلح غترته ،وقال:
العاصفة أشدَّ مما توقعوا ،هزّت الدار هزاً
-سأذهب إلحضارها.
عنيفًا ،وقلعت األش��ج��ار ،وحطمت بيوتًا
ردت األم: -أحمد سيمر بها.
قريبة منهم ..كانت األس���رة سعيدة بهذا السور الذي اقترحه األب ،فقد لمسوا فيه بعد نظره ،ومرت العاصفة دون أن تحدث
وم��ا ج��اوزت الساعة ال��واح��دة والنصف في داره��م دم��اراً س��وى تهشم زج��اج بعض ظ��ه��رًا حتى اكتمل عقد األس���رة ،وأخ��ذت النوافذ ،أو اقتالع شجيرات صغيرة. نفسية األب تهدأ ،ثم راح يحادث نفسه « :لم
يبق إال المزرعة والمطر سيتكفل بها». قبل غروب ذلك اليوم ،سمعت بالخارج ض��وض��اء ،كانت ص���ادرة م��ن عمال مصنع
في الصباح أشرقت الشمس ،وقد ولت العاصفة األدبار. كان األب أول الخارجين من ال��دار ،لقد
الحديد وهم يشيدون س��وراً حديدياً حول أحس بالضيق وهو يعبر السور .كان السور الدار ،ويضعون حواجز حديدية على النوافذ .شامخاً ق��وي��اً ،لكنه معيق لحركة الدخول جاء األوالد إلى أبيهم الستطالع الخبر،
وال��خ��روج ،ألقى األب نظره على داره وهو
ف��وج��دوه يتبسم وال��ف��رح يقفز م��ن عينيه ،يتجه نحو مزرعته ،فكان منظره يبعث على تضايق ع��ب��داهلل وأح��م��د م��ن ه��ذا ال��س��ور ،الضيق ..تخيل داره سجناً ،فأخذ يفكر في لكنها رغبة أبيهم ويجب أن تحترم ،فهو عائلته داخله وكيف سيتلقون األم��ر ،وهل مقتنع بالسور لصد العاصفة. ك��ان األب ي��ت��ن��اول طعامه وه��و يتحرك
سيحتملونه؟
وصل مزرعته والقلق يعصر قلبه ،ألقى
داخل الدار ،وقد زاده السور الذي يلف الدار نظرة عليها وفكره مشدود هناك ،وبعد أن
اطمئناناً.
اطمأن على مزرعته ،عاد سريعاً إلى داره،
حادث نفسه مرة أخرى« :سيغضبون من واله ُّم يتضخم في داخله ،وقد استقر تفكيره ذلك وال شك ،لكن عندما تشتد العاصفة على أمر ،تمنى من صميم قلبه أن توافقه سيعرفون قيمة هذا السور الحديدي». * قاص من السعودية.
62
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
أسرته عليه.
ρρماجد سليمان*
متأخرة من الليل ،فالتقطته جدته ألبيه وأودعته في لُفافةٍ قطنيّة ِّ َولَدته أُمُّ ه في ساعة بيضاء ،وَهَ مَست لألم المنهكة من والدته: الطفل ال يبكي!!!!!!!! -ال تقلقي سأهتم به..
ق� � � � � � �ص � � � � � ��ص ق� � � � �ص� � � � �ي � � � ��رة
ٌ طفولة منسوجة بنبوءة الجد..
َدلَ�� َف��ت به مخدعاً صغيراً وشَ �� َرع��ت بتجهيز كان سكان القرية مؤمنين بنبوءات الجد التي ٍ مرقد له ،وعندما بَلَغ من العمر أربعاً جميالت ،لم تُخطئ نبالها يوماً ،حيث تنبَّأ بوفاة حفيدته وفي باحة صغيرة من منزل جده ألمه بمنطقة من األم نفسها ،وبعد أشهر منتوفة من تلك السنة قرويَّة ،دفعته أمه إلى جده ،وهي تقول: وجدوها بعينين بيضاوين وقد انطفأت روحها. هذا ابني يا أبي..وعندما َع ِلمَت األم بالخبر ،هال مَن حولها يُدر ُج الج ُّد كفّيه الكبيرتين تحت إبطي الطفل ،منظرها وهي تدعك خدّها الطويل على حائط بإيمان ضعيف ..لم يُجد لفيف ٍ المنزل ،وتسخط ويرفعه مخاطباً األم: جاراتها البتة ،بيد أنهنّ كُنّ أق َّل إيماناً منها. َكبُ َر بسرعة!!َقبَّله ثم أنزله أرضاً ،ومسح رأسه ذا الشعر األشقر الناعم القصير مُنادياً: منيرة.. أمرك يا أبي..ينظر إلى الطفل ويقول: أظ ُّن أن طفلك هذا سيُك ِّر ُر جَ دَّه ألمه..جَ َمعَت األم كفّيها مُتعجِّ بة: -أبي أنت تمزح..
***
وانصهر عقدان من الزمن لتنبلج نبوءة الجد بسنوات أربع ٍ في الحفيد ،فسحقته امرأة تصغره هزيالت ،وصيّرته عاشقاً ال يعي ما يهذي طوال يومه وليلته ..وجدوا األم بعدها تبكي على ظهر يد الجد وهو مغمض العينين: واآلن يا أبي التسعينيّ ..أال تستطيع بنظركالقصير هذا أن تُعيد التأمُّل بابني ،وتتنبَّأ بما سأرى فيه بقيّة عمره ..هذا إن طال بي العمر؟ َر َف َع جفنيه الرماديين األشيبين مُجيباً:
انصرف من أمامه لتضع يدها خلف رقبة تقول النبوءة إن أخته تقف على رؤوسالطفل وتدخل به وهي تُكلِّم نفسها: نعش الموتى ،ترقُبُ وصوله إليها محموالً على ٍ أهذا ما تنبَّأت به يا أبي؟!!مشطور..
63
* كاتب من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
63
جوارب معلقة على شتاء القلب نـوارة لـحـرش* ّ ρρ
1 يهيئ قلبي للورد الذي الحياة جورب قديم، ال يغفو بين رفوف الظالم، ال يكفي خيط رفيع لترقيعه يحرس حدائق األمام يكفي أن تنظر إليه بخيبة شاهقة فتشرئب أوردته باألماني. ثم تغفو على أريكة من الوهم! يفكر، 2 فتغيم الفكرة ويركله نهار كفيف! األمل ،جورب مثقوب بتعاسة الكائنات 5 ملط ٌخ ببقع الحسرة الغ ُد جوربٌ نحيل أياد صغيرة بماء األمنيّات تغسله ٍ مبل ٌل بالقلقِ والظنون تنشره على فكرة االحتمال أ ُعلِّقه على أمنيّات كسيحة كيما يقطر تعاسة مشرئبة ٍ يجف من َّ كي على مهل ومن حسرة صاهلة. فيتَّسع البلل! تتهالك الفكرةُ ،تتَّسع الثقوب! 6 3 ّات المعنى ثمّة مالذي في طي ِ الصباح جورب قصير، ّ وف��ي أغصان الصقيع المترامي على ل��وّح للكائنات الغافية على م��دى من مشارف العمرِ ندوب، ثمّة جوربٌ يلكز قد َم الجرحِ كي يُشفى لم تنتبه! فيمعن في النزيف! جرحته العصافير التي أخطأت سماءه إذ ذاك ،أنزوي في ضريح المعنى وشرّدت أشجار البال! ثمرة من حدوس الرّيح! 4 7 بأوهام ضالة، ٍ يفكر لو مثال :يفرك اليأس عن أهداب السعادة جورب قديم م ّر َّت ٌق الغيم مهم ٌل على مشاجب العراء يضمِّد حسرة الكون مرثاته شجرة خدوش ورضوض! * شاعرة وإعالمية من الجزائر.
64
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
أدب ��������ج��������ودُ ل��ل��آت�����ي�����نَ ف����ـ����ي ٍ هُ ���ـ���ن���ـ���ـ���ـ���ـ���ا هُ ���ـ���ن���ـ���ـ���ـ���ـ���ا ال ُ ��������ت ب����هِ ����مْ ُس�� ُب��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��لُ ���ف إنْ زاغ ْ وَهَ ��������ا هُ ����ن����ا ال���س���ي ُ َّ�����ت ي������دُ ال���ب���غ���ي ف����ي َب�������يْ�������دَاءِ فِ ��تْ�� َن��تِ ��ـ��ـ�� َه��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا ُش�����ل ْ ل���ط���ال���م���ا دِ ي����نُ����ه����ا اإلف���س���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ادُ وال��زَّ َل��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��لُ
ρρجناة خيري*
���������������������������������������������������ع � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ر ���������������������������������������������������ر ش� � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � �
ــــــــد سيـ ُ ِّ ــــــر َّ الد ْه ِ
����ح����ـ����ـ����ـ����ـ����لُ �����ج�����دُ ف�����ي م����وط����ن����ي َي�������زْهُ �������و و َي���� ْر َت ِ ال�����مَ ْ أرض ال�����نَّ�����دَى ُح�� َل��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��لُ ����س����و ُه ف����ي ِ واألمْ ����������نُ ت����ك ُ
ح������������زْمٌ وع��������������زْمٌ ل����ن����ا ه����������ا َم ال��������زم��������انُ ب���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���هِ ���ص���طَ ���ل���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ونَ ب����ه����ا إذا ن��زل��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��وا ون�������ا ُرن�������ا َي ْ �����س ل�� َن��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا �������ف ال����خ����ي����رِ ل�����ي َ ����ب ك َّ ����ح ِّ َن�����مُ �����د ل����ل ُ إال والءٌ إذا م���ـ���ـ���ـ���ـ���ا غ����ي����رُ ن����ا انْ���خ���ذل���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���وا �������واف ِه���مَّ ���تِ ��� َن���ـ���ـ���ـ���ا �������ط ِ ����س ِم������ن تِ ْ ���وح���ن���ا ال����ش����م ُ ط���م ُ �����راج�����ن�����ا ب�����ال�����ع�����زْمِ مُ ْ���ش��� َت���عِ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���لُ وك���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���لُّ ِم�����عْ ِ ���ت َ���ص���ـ���ـ���ـ ْ �����وس ال������مَ ������دَى رق َ ي����ا س����يِّ���� َد ال������دهْ ������رِ ف�����ان ُ ����ح���� َن����ـ����هَ����ا مُ ��ـ��ـ��ـ��ثُ ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��لُ َّ����ت َل ْ ب���ـ���ـ���ـ���هِ ال���م���ع���ال���ي وغ����ـ����ن ْ ������ع������ ِّز ق��اف��ل��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ةً �������د امْ ���ت���ط���ي���ن���ا مُ ������ت������ونَ ال ِ ق ِ ���ح���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���نُ ب����ي����نَ ال������������ َورَى إ ْذ س���اب���ق���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���وا ُأوَلُ و َن ْ هلل عُ �����ن�����ق�����ودُ ال������� َوفَ�������ا ُص���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ��� َو ٌر �������ك ا ُ ت���������دري ل َ إل���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ى ب���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ�ل�ادي وَعَ �������يْ�������نُ ال������������ورْدِ َت���كْ ��� َت ِ���ح���ـ���ـ���ـ���ـ���لُ ف�����ي ِض�����فَّ �����ةِ ال����خ����ي����رِ ع���لَّ���قْ ���ن���ا س��ن��ابِ �� َل�� َن��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ا ������وات مَ ��������نْ ح�����ض�����روا ومَ ����������نْ رَحَ ����ل����ـ����ـ����وا وف�������ي س������م ِ إلخ���وتِ ��� َن���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ا نُ����هَ����ي����ـِّ����ـ����ئُ ال����عُ ����مْ ����ـ����ـ����ـ���� َر مُ ���تَّ ��� َك���ـ���ـ���ـ���ـ��� ًأ ْ ���ش���هْ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���دُ واألمَ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���لُ َ���ح���بُّ ���ـ���ـ��� َن���ا ِظ���لُّ���هُ ���ـ���ـ���ـ���ـ���مُ وال َّ ف ُ �����وح�����ي ن������و ُر ال����ح����قِّ مُ ��نْ�� َب��لِ ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ ٌ��ج ����ط ال ْ ِم������نْ مَ ����هْ ����بِ ِ �����اس مُ ���نْ���سَ ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ���ـ ِ���دلُ ����ط����ـ����ـ����الُ ب����ي����نَ ال�����ن ِ وال���خ���ي���ـ���ـ���رُ هَ َّ * شاعرة من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
65
وكنت العطشى ُ ρρمالك محمد اللحيد اخلالدي*
وأتيتَ بعد انتظارٍ ونأي كنت على يقين.. حينَ استطالَ اشتياقي ُ أنت.. فأنتَ ْ ال تبخلُ وال تجفلُ ،لذا أجبتَ الحنين.. فأتيت! ْ أتيتَ .. رحيقك الدافئ َ تمطرني الحيف ِ ـتص َرتـ ْني مواسم بعد أن اعـ ْ َ و لفظتني األيامُ حروف ًا ثكلى وانكسارات ٍ تحد و ٍ فكنت العطشى! ُ ***
أتيتَ لتسربلني بالضوء تمسحُ الحير َة عن مُ حياي تنتزعُ أناملي الصغيرة بعينيك النورانيتين َ تدحجني تحتفي بقصائدي الكسيرة تصرفني إلى السماءِ الليل بعيد ًا عن زفراتهم! ِ خلوات ِ في ***
66
لوحدي ..لوحدي و أنت تسكنني ..تُشعلُ خالياي رب رحيم. فتطفرُ دموعي بين يدي ٍ تندلقُ وتندلقْ .. بقلب مرتعش وجوار َح خاضعة.. ٍ أسمو بضعفي في رحابهِ فأتركها تندلقُ لتمسحَ سحن َة الدموعِ الخالية.. فهما يتمايزان اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
كفاصلة المسافات والمسافات الفاصلة! ***
أي رمضان.. ْ أشعلتَ فتيلَ الشعورِ صادق ًا فغدوت عصفور ًا ُ يغتسلُ بضوءِ اهللِ ذات وجع.. كل ِ البياض َ يتنفس ُ يهرقُ أغانيهِ حينَ يلتهمهُ الصباح. ***
الكون ِ ذرات المبثوث في ِ ُ أجملك أيها َ ما وأنتَ تغرقني ببهائك وروحانيتك حتى أنتشي! نهاراتك والليالي َ عشقت ُ أتبتلُ وأبتهلُ الغدقة وفيوضاتك ِ َ حنانك َ أتزودُ من الزمن ِ ألداوي تصدّ عات الرفيف َ و أواصلَ في فضاءات الغربةِ والجمال.. ***
تمض.. فال ِ إشراقك َ امتزجت بخيوط ُ و قد أنفاس َك شراييني ُ خالطت ْ و دونك.. َ ثوان ٍ عدت أستطيقُ فما ُ ابقَ هنا دوماً.. امض في تفاصيلنا الجرداء و ِ ألهمها خفقان الحياةِ ابتكر في خالياها التواقا َن هلل هينمات الرضا والفأل ِ و بثـ ّها ابقَ هنا ..ال تغادر فأطياف العمرِ ستكبُرُ شاحبةً إن اقترفتَ الرحيل! ُ * شاعرة وقاصة وكاتبة من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
67
إلـهــي ρρمجد السريحني*
ْ�����������ت جَ ������وَى ِّ�����ك ذُ ب ُ �����ح�����ب َ إل�����ه�����يْ بِ ُ
ف�������ب�������ارِ ْك إل�����ه�����يَ ه�������ذا ال�����هَ�����وَى
������ك ُح������بّ������ ًا كَ���������وَى خ���افِ ���ق��� ًا أح������بُّ َ
ب���غ���ي���رِ مَ ����حَ ����بَّ����تِ ����كُ ����مْ م����ا اك���� َت����وَى
وح��زْتَ الجَ اللَ مَ لَكْ تَ الجَ مالَ ُ
وفيك ال��كَ��م��الُ اب��ت��دَى وانْجَ لَى
���ك ي���ا ذا ال��عَ��ط��اءِ وج���هُ َ َت����ب����ار ََك ْ
أض�����ا وي������ا مَ ������������ورِ َد ال������نّ������ورِ إمّ ��������ا َ
��ك الْ��مَ ْ��ج��دُ ي��ا سَ ��يِّ��دي والعُ لَى ل َ
َت����ب����ارَكْ ����تَ ي���ا ذا ال َّ���س���ن���ا وال��ثَّ��ن��ا
لِ و َْج ِه َك تَعْ نو ال��وج��و ُه انكسار ًا
������ع������زُّ والْ����مُ ����لْ���� َت����ج����ا ُ��������ك ال ِ وع��������زَّ ت َ ِ
وأن�������تَ لِ ���ع���افِ ���ي ال�����جَ �����دَا مَ ����وْئِ ����لٌ
�����ك ي�����ل�����وذُ ال���فَ��� َت���ى �����ك إل�����ي َ وم�����ن َ
�����ش�����رَعٌ ����ج����ي مُ ْ ُ������ك ل����ل����مُ ����ر َت ِ وب������اب َ
وعَ ����ف����وُ َك م���ن دونِ �����هِ الْ��مُ �� ْر َت��جَ ��ى
��وب و َت���عْ ��� َل���مُ م���ا و َْس����وَسَ ����تْ����هُ ال��ق��ل ُ
����ج����وايَ َت��س��مَ ��عُ ��ه��ا ف��ي ال��خَ ��ف��ا و َن ْ
إذا انقطَ ع َْت بي ِحبالُ الرّجاءِ
�����واك ال���� َورَى فَ���مَ ���نْ ذا يُ ���ر َِّج���ي ِس َ
َل���ئِ ���نْ جَ ����لَّ َذنْ���ب���ي ف��أن��تَ ال��غَ��ف��و ُر
���ك إل���ه���ي ال���رَّ ج���ا وم����ا خ�����ابَ ف���ي َ
إل���ه���ي بِ �����بُ�����رْدِ ال���تُّ ���قَ���ى فَ��ا ْك ُ��س��ن��ي
ْ�������ع�������مْ عَ ����� َل�����يَّ بِ ������ َب������رْدِ ال���� ِّرض����ا وأَن ِ
* شاعرة وطبيبة من األردن.
68
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
�������ان وان����������ث���������� ْر ع�����ل�����ي�����ه�����م ب���������اق��������� َة ال�������ري�������ح ِ
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
األوان... آن َ ُ
ُش������ـ������ـ������دّ ال����������رح����������الَ وج���������هَّ ���������زِ ال������رك������ب������انَ �������وف ع����ش����قً ����ا زان��������هُ ����ت ال�������ج َ إن��������ي ع����ش����ق ُ ������خ���ل��ان ِ ������ال وص������ح������ب������ةُ ال ������ب ال������ف������ع ِ ط������ي ُ اهلل ي�������ع�������ل�������مُ ك�����������م َي�������������عُ �������������زُّ ف�����������راقُ �����������هٌ ��������ب ك������ل������ه������مْ إخ��������وان��������ي وف���������������������راقُ ص��������ح ٍ �������������������ك ح�����ال�����ه�����ا َ ل������ك������نّ������ه������ا ال��������دن��������ي��������ا وذل
ρρمحمود الرمحي*
ه���������ل دا َم ف���������������رحٌ أو أس���������������ىً ب����م����ك����ان ������ب ب���������ع���������وْدةٍ ���������������د ي��������وم��������ا ل������ل������غ������ري ِ ال ب َُّ ������ان م�����ه�����م�����ا ي��������ط��������ولُ ال������ب������ع������دُ ب������اإلن������س ِ ***
آنَ
األوانُ
ل�������ج�������ل�������س�������ةٍ
ف���������واح���������ةٍ
�������������������وان ِ ف������ي������ه������ا ُأن�����������اج�����������ي م����������ب����������د َع األك �����ت ل�������ق�������ا َء ُه ف����ي����ه����ا أن�������اج�������ي مَ �����������نْ ع�����ش�����ق ُ �������ن ول����������������ق����������������اؤُ ُه وع������������������دٌ م�����������ن ال�������رح�������م ِ أرج������������و ل�������ق�������اءً خَ ����������يِّ����������رً ا ف������ي������هِ ال������ ّرض������ا ���������وان ِّض ِ م�����ن�����هُ ال�������ك�������ري�������مُ ..وج������ن������ةُ ال���������ر ْ وأن�����������ا ال�����ف�����ق�����ي�����رُ لِ ��������عَ��������فْ ��������وِ هِ ي�������ا ل���ي���ت���ن���ي ��������رآن أح�������ظ�������ى َب��������عَ��������فْ ��������وِ مُ ������������ َن������������ز ِِّل ال��������ق ِ * شاعر أردني مقيم في السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
69
األمل عشب اصطناعي ρρعبدالوهاب امللوح*
بقلبي؛ ليس بيدي أخذتك إلى الحدائق التي سقتها ضحكاتك، بقلبي ليس على ظهري حملتك ألعالي األنهار ،حيث توقظ الغيوم السماء من غيبوباتها؛ بقلبي؛ ليس بصوتي غنيت لك شجن الهنود الحمر ،يعودون بمحاصيل الرياح التي تهب من بين خطاهم؛ بقلبي؛ ليس بظاهر كفي قرأت تعويذات اآلتي من مستقبل الهواء ،الذي طاردناه من غرفة فوق سطوح عاطفة تستعجل الجدران؛ بقلبي؛ ليس بعيني قرأت كائنات حروفك وهي تنهض متدفقة من رغوة صباحاتك، وتركض وعوال بين أزقة مسافاتنا؛ بقلبي؛ ولم يكن بمقدوري أن أفعله بشيء آخر مني أو من أدوات الكون بقلبي دائما؛ ذاك الذي رأيتك به ،ولم أره أبد ًا معي ،أو حذوي ذاك الذي ال يفكر 70
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
وال يعرف كيف يحقق في شؤونه الملتبسة. بقلب يدي؛ بقلب ظهري؛ بقلب ظاهر كفي؛ بقلب عيني؛ بما ال أعرفه وال أراه مني. لم يكن ثمة داعٍ لهذه الباء: ذل��ك ال��ب��اص ال���ذي يتوجب أن اقتطع م��ن أج��ل��ه ت��ذك��رة ،وأن انتظره ألمتطي الطريق. هناك أغنية غجرية تقول: لنكتف بالصمت طريقا.. هناك؛ عند زاوية في االنتظار ،شجر يرتدي قميص فرح بنكهة دعاوي الجدات ،ويصنع للصبيان كرنفاالت من ن��زوات الفواكه التي تنضج في عيون المارة. بقلبها األشجار تصنع الفواكه التي توقظ جيرانها العصافير، وتدفع بهم فراخا إلى صنع سماء غير مشوّهة بالرجاء. اسرحي بخراف شغفي التي ترعى في نظراتك اكنسي رده��ة الليل م��ن عتمات الضجر ال��ذي تبعثر يشاغب مالئكة االنتظار الرحيم: سوف يتطلب األمر شيئا ما كاحتجاز دقات قلبك بين كلمتين ال معنى لهما غير إطالة أمد عرق الشغف. لم يكن االنتظار رحيما.. سوف يتطلب األمر شيئ ًا ما ،كاحتجاز دقات قلبك بين كلمتين ال معنى لهما غير إطالة أمد عرق الشغف.. لم يكن االنتظار رحيما غير إن المسافة ذئبة تنجب ذكرها القتيل في الجهة األخرى من القلب..
71
اس��رح��ي بشجني ..خ��ذي��ه حيث تطير قهقهاتك ش��اال ينقذ الهواء من يأسه فاألمل عشب اصطناعي سوف أرتق الظالم ،ال لشيء سوى أن أطل من بين ثقوبه على صدق نوايا الحلم وأرى فصاحة العناكب و هي تفسر معنى العزلة لم يكن صمتك علبة جواهر ثمينة. الدمعة التي في قلبي تنتظر أن تتحول إلى فراشة أنت التي ستطلّين من الشرفة سوف تكتفي بمنديلك إشارة للبالد ستكونين حزينة أو أقلّ كنزتك الصوفية البيضاء تؤجل قيلولة المعنى ّ نظرتك أبعد من الحلم قليال تسرح بماعز الرغائب عند أعشاب المنخفضات ها هو دمي يبكي وهو يبحث عن ظالله المهدمة في دمعتك الصلبة. بد ًال من التدقيق في معنى الكلمات ..كان البد من اإلصغاء إلى ضوء نبضاتها بين أروقه القلب ،والتنازل عن الفرح ألولئك الذين يرتجلون األلم لظاللهم المهدمة في دمعتك الصلبة.. بقلبي ليس بعمري ،أحملك عمرا متجددا لي.. * شاعر من تونس.
72
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρρمها العتيبي*
اقتراب
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
قصيدتان
������������������ب ه���������������ذا ال�������������������������وردُ م�����������ن ش�����ف�����ت�����ي�����هِ ي�����������ا ح ُّ �����������د م�����������������������لءُ ي����������دي����������هِ ون�������������س�������������ائ�������������مٌ ل�����������ل�����������وج ِ ق����������د اش������غ������ل������ت������نِ ������ي ع����������ن ت�����������م�����������دّ دِ وح������ش������تِ ������ي ��������ك ال�������������دم�������������وعُ ال��������س��������م��������رُ ف����������ي ع����ي����ن����ي����هِ ت��������ل َ �������������رب اش��������ت��������ي��������اق�������� ًا ل������ل������ذي ������������������ت أق�������������ت ُ م�����������ا زل ُ ������������وت ع������ل������ي������هِ ������������ي وك����������������م ح������������ن ُ ي��������ح��������نُ��������و ع������������ل ّ َ �������ن ت�����ض�����مّ �����ن�����ي ��������������اف ال�������ح�������ن�������ي ِ أدن������������������و وأط��������������ي ُ �����������ت ك�����ف�����ي�����هِ ت������م������ح������و ال��������������� َنّ���������������وى إن الم�����������س ْ ��������������راح ب�����ل�����ه�����ف�����ةٍ ِ ���������م أش�������������ج�������������ا َن ال��������������ج ف���������ي���������ض ُّ أف������������دي������������ه ع��������ش��������ق�������� ًا ذابَ م������������ن ل�����ح�����ظ�����ي�����هِ ��������������اع��������������ي وق��������������د ع������ان������ق������تُ ������ه ق�����������د َض��������������������� ّ َم أوج ِ وال����������������� ّ َدم�����������������عُ يُ ������������غ������������رقُ ب��������ال��������ه��������وى ك�����ت�����ف�����ي�����هِ ف�������أن�������ا ال���������هَ���������وى إن ق�������������الَ غ��������اي��������ةُ م����ط����م ِ����ع����ي �����������ش�����������ق وال���������������������وف���������������������اءُ ل����������دي����������هِ ������������ب ت�����������ع ّ َ ق������������ل ٌ وأن�����������������������ا ال������������������وف������������������اءُ ودم����������������ع����������������ةٌ أغ���������ن���������يّ���������ةٌ س����������������ارت ب���������ش���������وقِ ���������يَ ف����������ي ُخ��������ط��������ى ق������دم������ي������هِ ������������ب ف���������ي ال�������ت�������م�������اس طَ ������ري������ق������ةٍ ق���������د ث���������������ا َر ح ٌ ��������������ب ع��������������اد ال�������ي�������هِ ������������������ل ال�������������� َنّ��������������وى وال��������������ح ُّ ض َّ
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
73
يارا
�������ن ع������ل������ى وج������������ه ال�������م�������را َي�������ا ل������ه������ف������ةُ ال�������ح�������س ِ ������ص������ب������ايِ ������ا ����������وق ف��������ي ع�������ط�������رِ ال ّ َ وأن����������ي����������نُ ال����������ش ِ ��������س ال����������� َنّ�����������دَى دم���������ع���������ةُ األح����������ل����������امِ ف���������ي ه��������م ِ ������������������ق سَ ��������م��������ا َي��������ا ���������م ف�����������ي أف ِ �������������اث ال���������غ���������ي ِ ول�������������ه ُ وال���������م���������وس���������ي���������قَ���������ى أج����������ج����������ت ف������������ي دم������ع������ه������ا ف�������اس�������ت�������ف�������اقَ ال����������ش����������وقُ وال��������ع��������ط��������رُ ه��������دا َي��������ا ق������������������������الَ ي������������������������ارا ب����������س����������م����������ةٌ ق���������������د ع����������طَ ����������رت وح���������ش��������� َة ال��������� َنّ���������ائ���������ي ب������������أس������������رارِ ال������ح������ك������ا َي������ا م��������ن��������ذُ أن ث����������������ا َر ال������������� َنّ�������������وى ف����������ي خ��������اط��������رِ ي �����ت ال�����وص�����ا َي�����ا ف������ي ان�����ت�����ظ�����ارِ ال�����ل�����ي ِ�����ل ف������ي ص�����م ِ ������������ع ال�����ه�����وى �������اق ال�����ل�����ح�����ن ف��������ي دم ِ ف��������ي اش�������ت�������ي ِ ���������وق ف�������ي ك�������ل ال�����خ��ل��ا َي�����ا �������اح ال���������ش ِ ف�������ي اج�������ت�������ي ِ ��������ت �����������ث ي����������������������ارا ط���������ف���������ل���������ةٌ ق�������������د ب��������اغ��������ت ْ ح�����������ي ُ ��������ن ال�������ب�������را َي�������ا ������������������������راق ف���������ي ع��������ي ِ ِ ب������ه������ج������ َة اإلش ص����������������������ارت األي�������������������������������امُ ح���������ل���������م��������� ًا م������ش������ت������هَ������ى �������������وق ق�����������د ُص�������������يّ������������� َر ن�������ا َي�������ا وح���������ن���������ي���������نُ ال�������������ش ِ �����������ن ك�����������ان�����������ت آي��������������ةً ��������������ب ال�����������ح�����������س ِ ف��������������ي م��������������ه ِ ّ ��������ق ن���������وا َي���������ا ��������������������ج ال��������ع��������ش ِ ت����������رت����������دي م����������ن واه ِ ت�����������اه�����������ت األح�����������������������������������زانُ م��������������ا إن ل���������وحَ ���������ت ������������م ق�����������د ص�����������������رنَ ش������ظ������ا َي������ا وخ������������ي������������ولُ ال������������ه ِ ّ
74
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
������ع������ه ��������������س��������������ع��������������دُ م��������������ن م������ط������ل ِ ف�����������������أف�����������������اقَ ال ّ َ �������������زن ق�����������د ل���������م���������نَ ب������ق������ا َي������ا وب����������ق����������ا َي����������ا ال�������������ح ِ
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
��������م ي�����������ا ح���������ل��������� َم ال���������هَ���������وى ي�����������ا ف�����������ت�����������ا َة ال��������غ��������ي ِ ع���������������������ادت األي�����������������������������امُ ت��������س��������ت��������ج��������دي رؤا َي���������������������ا
������ض������ا �������������وق ف�����������ي ع�������م�������ق ال������ف َ ون�������������������������ذو ُر ال�������������ش ِ رق ال�����خ�����ط�����ا َي�����ا ت�����س�����م�����ت�����ي�����حُ ال����������وج���������� َد م��������ن ِ ������������ال ال�����������ف�����������ج�����������رِ ف��������������ي أع���������ت���������ابِ ���������ه الم������������ت������������ث ِ �������ض ال����������زوا َي����������ا ������اق ف��������ي ن�������ب ِ ل������ه������ف������ةُ ال������م������ش������ت ِ وح����������ن����������ي����������نُ ال����������ع����������ط����������رِ أم�������������سَ �������������ي اله���������ث��������� ًا راع�����������������ه ال�������ب�������ع�������د وف��������������ي ال��������ع��������ط��������رِ خ������ب������ا َي������ا ق������������������������اده ال�����������������ش�����������������وقُ وأغ����������������������������������راه ال����������ه����������وى وورود ال���������ف���������ج���������رِ أص��������ب��������ح��������ن شَ ������������ذا َي������������ا وم����������������� َن�����������������ايَ ال�������������ي�������������وم وال�����������ع�����������م�����������رُ ِص����������� ًبّ�����������ا ������������ات مُ �������� َن��������ا َي��������ا ������������ب س������������اح ِ أن ي��������ض�������� َم ال������������ح ُّ ����������������ات رت���������ل���������ت ���������������ث ي�����������������������������ارا أغ����������������ن����������������ي ٌ ح���������������ي ُ ����������وق ف���������ي ك���������ل ال������ح������ َن������ا َي������ا �����������������م ال����������ش ِ م���������ن أدي ِ ����������م ح���������������������ازت دم���������ع���������ةً م�������������ن ب�������������ك�������������اءِ ال����������غ����������ي ِ ت������ل������ث������مُ ال�����������وج����������� َد وت���������زه���������و ف���������ي ال�������م�������را َي�������ا ���������������اض ال����������ع����������م����������رِ أم�������������سَ �������������ى وط����������� َن����������� ًا ُ وب���������������ي ل���������ل��������� َنّ���������دى وال���������ع���������ط���������رِ وال�������������������������وردِ س�������جَ �������ا َي�������ا �����������ب اق��������ت��������ب��������اس�������� ًا ل��������ل�������� َنّ��������دَى ��������م��������ه��������ا ال�����������ح ُّ ض َّ ������ح ت������ح������ا َي������ا ������������وق ل������ل������ص������ب ِ ������������س ال������������ش ِ ورس������������ي ُ * شاعرة وأكاديمية سعودية -جامعة أم القرى. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
75
بعد رحيلي ρρميسون طه النوباني*
يا مَ ن عبّد هذا الدربَ ألتبعهُ فاستنشقت خطا ْه ُ لم يتغ َّي ْر شيءٌ بعد رحيلي تخط ظالال باهتةً ُّ ما زالت أعمد ُة النورِ كل مساءْ وخطاك المنقوشةُ في الشارعِ َ اإلسفلت يردّدُ ها ُ ما زالَ وأنا مَ ن تبتلعُ األصداءْ لم يتغ ّي ْر شيءٌ بعد رحيلي ترش الما َء على خضرتها الفجل ُّ ِ بائعة الحرف ِ وتعُ دُّ لهاث على ألسنةِ الناس تبحث عن شفتيها ُ زلت أراها ما ُ كي تتبسمَ.. لكنّي لم أسمع أبدا ضحكتها ما زال األطفال يبيعون الور َد على األرصفة الصمّ اء والعرقُ المالح يقطرُ فوقَ جبين الوردةِ 76
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
كالماءْ فيتو ُه العشاقُ أيهدون الورد َة جرح الفقراء؟ أم يبكون على ِ األبيض ِ الثوب ِ وبنات الحيِّ المسكونات بأفراح ُ ما زلنَ على الشرفاتْ بأيد مرتجف ْة يكتبنَ رسائلهنَّ ٍ والغدُ يمحو أحالما ورجاال وبناتْ تصب الصبحَ بأقداح من نورْ.. ُّ ما زالت فيروز بأيد ناعمةٍ الحلم ٍ ِ تغسلُ وجه طفل فوق شفاهِ عجو ْز وتعتِّقُ بسم َة ٍ فتحجُّ الشمس إلى مغربها ويعود الحلمُ يغرِّدُ كالعصفو ْر رحيلك َ لم يتغ َّي ْر شيءٌ بع َد منتصف العمر اثنين ِ كنا في والواحدُ منا ال يكفي زلت هنا وحدي وأنا ما ُ أسترُ قام َة هذا الحزن بكفّ ي * شاعرة من األردن. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
77
أنجيل َها!.. من ِ نوير بنت مطلق العتيبي* ّ ρρ
يخرجُ من أسفارِ العمرِ المجنون جنونًا... ِ ويسرقُ منَ العصرِ الضجيج ِ يمرقُ منَ من كُ هَّ ٍان يرجمو َن الحيا َة ليص َلهَا وال يصلُ .. ِ مكسو ٌر ضلعُ هُ األيمنُ وفي حرفِ هَا جبيرةٌ تستعصي عليهِ ِ الرواح ِ ُمارس فضيل َة المجيءِ ..وإث َم ت ُ تتكسر ألويتُ هُ في بحرِ هَ ا ّ ويسقط في مُ ناهُ.. ُ تُرتّقُ هُ حرفً ا حرفً ا بعضهَا فيهِ .. وتترك َ ُ لترحلَ بعيدً ا مال الش ِ كنجمةِ ِّ يناديهَا العمرُ المتهدِّ لُ على كتفي يداك.. ِ يحتاجُ أن تجدلَهُ مساحات كبريائِ هَا.. ِ تائهٌ صوتُهُ في يخنقُ هُ الزفيرُ جسد األيامِ ِ يم ِّر ُر كلماتِ هَا على اليابس ِ الزمن ِ نتوءآت ِ يتحس ُس ّ 78
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
ليستنهض الحيا َة وينادِ ي.. َ في أطرافِ هِ يا سيدتي.. ما أسهلَ القتلَ هنَا وقتل ُِك مُ باحٌ تلك المالمحَ مَ ِّس ِدي َ مداك ِ قنديلين ألبص َر ِ وأشعلِ ي ِ وامنحيِ ني الرِّما َح ال تخافي منقصةً فأصيلةٌ داخلي الدماءُ تعالي.. وازرعي في الصدرِ بستانًا وأعيدي للكمنجةِ صو َتهَا المسروقَ وانفُ ِخي الرو َح في عازفِ هَا المخنوق حنينًا ووفاءً .. ِ بالحنين.. ِ يا عابثةً تُشبهينَ المنافي لكن َِّك الوطنُ المكابرُ تباركينَ الغرب َة الفجا َج البارد َة على المتعبينَ وتوزعينَ ِ تعالي لنُرتّقَ المساف َة بيننَا ُؤاخي التاريخَ الميّتَ ونرتِّبَ الحكايا ون ِ الذي أضحى ضغينةً ُتلف الذاكر َة السودا َء أو دعينا ن ُ جديد ٍ ونبد ُأ من وننسى العام التسعين ونداوي النُّ دب َة من ن َْخ ِب قصيدةٍ حديث وخطيئةٍ ٍ ال وج َع ونتلف اللحنَ الحزينَ ُ اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
79
فهل ستأتينَ ؟ أم تتركينني حكايةً منقوصةً ..موجوعةً ..يتناق ُلهَا ِصبيةٌ خائبينَ مداك ِ فإنْ ضا َع النداءُ في سأجلس هنا ُ الخليج ِ عن َد ماءِ ألُخب َر ُه عن قِ فَارٍ نبتتْ فيها أزها ُر اليَاسمينَ عن هَ ْضبةٍ صارتْ جنةً تحرسهُ مالئكةٌ ُ وعن موردٍ الشياطين ِ وتطوف حولَهُ أقداحُ ُ عن امرأةٍ سأخبرُ ُه ِ تُجيدُ التآخي الموت ضدَّ الميتينَ ِ م َع بيدها بِ دايةٌ .. ِ للربيع... ِ وفي األخرى مواسمُ لن تأتيَ ..أعرف! وأعرف ساد َّيت َِك التي تعشقينَ ُ لكني.. الخليج ِ سأجلس هنا عن َد ُ بخيبتي العربيةِ وكوفيتي البائسةِ للسنوات الخرساءِ القادمةِ ِ ألحكي الوطن المنفى ِ عن وعذابات المهاجرينَ ِ الموت ِ وكيف يكونُ طعمُ َ فم التائهينَ .. في ِ * شاعرة من السعودية.
80
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρρجناة املاجد*
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
ع���ن���دم���ا ت���ـ���ن���ه���د ال�����ب�����در
�لا ت��ـ��ن��ـ��هّ ��ـ�� َد ب���ـ���ـ���ـ���د ُر ُه إ ِّن��ـ��ـ��ـ��ـ��ي أرى ل��ـ��ـ��ي��ـ ً ��اب إذ إن��ـ��ـ��ـ��ـ��ه ي��ـ��ـ��ح��ـ��ي��ـ��ا ب��ـ��ـ��ـ��ـ�لا أص��ـ��ـ��ح��ـ ِ يـشكو الـقطيع َة وال��ـ��ن��ج��ومُ ج���وا ُر ُه ��اب ل��ـ��ـ��ك��ـ��ـ��ن ب��ـ��ـ��ـ�لا ُح���ـ���ـ���ـ ٍ���ب وال إع��ـ��ـ��ج��ـ ِ يُ ملي على ص��درِ ال��س��م��اءِ قصي َد ُه ��اب ن��ـ��ـ��ـ��ور ًا ي��ـ��ـ��ض��ـ��وعُ ب��ـ��ع��ـ��اط��ـ��رِ األط��ـ��ي��ـ ِ ����واق ج��ـ��نَّ ج��ن��ونُ��ه��ا ن���ـ���ور ًا م��ـ��ن األش����ـ ِ ��اب ف��ـ��ت��ـ��واف��ـ��دتْ ح��ـ��ش��ـ��د ًا ب��ـ��غ��ي��رِ ح��ـ��س ِ ـحبوب أي��ـ��ـ��نَ أمـاسـي ًا ُ ��ك الـم يـا ذل��ـ َ ���راب ك��ـ��ـ��ـ��انَ ال���ـ���ـ���غ���ـ���رامُ ك��ـ��خ��ـ��ب��زةٍ وش���ـ���ـ ِ �لا م��ـ��ن مُ ��ـ��زن��ةٍ ك��ـ��ـ��ا َن ال��ـ��ك��ـ�لامُ ج��ـ��دائ ً ��اب ت��ـ��ه��م��ي ع��ـ��ل��ى ف���ـ���اهِ ال���ه���وى ب��رض ِ غ��ـ��ارتْ ن��ـ��ج��ومُ ال��ل��ي ِ��ل م��ن همساتِ ـنا ��اب س��ـ��ه��ـ��رتْ ت��ـ��راق��ـ ُ��ب ع��ـ��ش��قَ��ن��ا ب��ـ��ع��ت ِ رق��ـ��ص ْ��ت عـلى ش���دوِ ال��ه��وى آم��الُ��ن��ا ��اب وغَ ���ـ��� َف���ـ ْ���ت ع��ـ��ل��ى أق��ـ��ص��وص��ةٍ وك��ـ��ت ِ وال��ـ��ي��ـ��و َم ال َح الـبـينُ ب��ـ��ع�� َد م��ـ��واص ٍ��ل ��اب ِم��ـ��ـ��ـ��ن غ��ـ��ـ��ي��ـ��رِ م��ـ��ا ع���ـ���ذرٍ وال أس��ـ��ب��ـ ِ ف��ـ��ك��ـ��أن��ـ��م��ا ك��ـ��ـ��ـ��ان ال��ـ��ـ��ه��ـ��وى ُأل��ـ��ع��ـ��وب��ةً ��راب وك��ـ��أن��ـ��م��ـ��ا ك���ـ���ـ���ان ال���ـ���ه���ـ���وى ك��ـ��س��ـ ِ ******
ي��ـ��ا أيـهـا الـنـائـي الـبـعـيـد تـحـيـةً ��واج��ع��ي وع��ذاب��ي أذك���ـ���ي���تَ ج��ـ��م�� َر م��ـ ِ ـساحنا ع��ـ��ـ��رِّجْ عـلـينا إن م��ـ��ـ��ررتَ ب ِ ��اب س��ـ��ـ�� ِّل��ـ��م ع��ـ��ل��ـ��ي��ـ��ن��ا ل��ـ��ـ��و ورا َء ِح��ـ��ج��ـ ِ ودعِ ال��ـ��ـ��ع��ـ��واذلَ وال��ـ��ن��ـ��ج��و َم ل��ـ�� ُب��ـ��ره��ةٍ ��اب ي��ـ��ـ��رق��ـ��ـ��ي��ـ��ن��ـ��ن��ـ��ا ب��ـ��ـ��ـ��ت��ـ��ـ��ـ�لاوةٍ وك��ـ��ـ��ـ��ت��ـ��ـ��ـ ِ ف��ـ��ل��ـ��رُ ب��ـ��م��ـ��ا ع��ـ��ـ��ي��ـ ٌ��ن أص��ـ��ـ��اب��ـ��ت ُحـبـنـا ���راب ـبيب ك��ـ��س��ائ��رِ األغ���ـ ِ ف��ـ��غ��ـ��دا الـح ُ �لا ف��ـ��ي ال��ـ��ج��وارِ لـعلَّهُ وام��ـ��ك ْ��ث ق��ـ��ل��ي ً ��اب ي��ـ��ـ��ح��ـ��ي��ـ��ا ال��ـ��ـ��غ��ـ��رامُ ب��ـ��ـ��ع��ـ��ودةٍ وإي��ـ��ـ��ـ ِ * شاعرة من السعودية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
81
الجـــــــــوف ρρحنان فرحان الريس*
أال ه��ب��ي ب��ص��ح��نِ ِ��ك فاصبحينا ص���ب���اح��� ًا زاه���������ر ًا وأري��������ج م��س ٍ��ك ��ض��ب ِ��ت ش���ع���ر َِك س��رم��دي�� ًا وإن خ َّ �لا وف��خ��ر ًا ت��ع��ال��ي واك��ت��س��ي خ��ج ً ع���ن ال������زوارِ ع���ن م��ل ِ��ح ال��ح��ك��اي��ا! ����������د وط����ن����ي ون���ب���ض���ي ����ف واح ٍ ب����ك ٍ ك��ع��ق ِ��د ال���ل���ؤل���ؤِ ال��م��ن��ظ��ومِ ل��ح��ن�� ًا �������اض ال����ع����زِ ل���ل���م���ج ِ���د ال���ب���ق���اءُ ري ُ بها ان��ت��ش��رت ب���ذو ُر ال��ع��ل ِ��م حق ًال �����ز قِ ����دْ م���� ًا ب���ه���ا ن����ش����أتْ ن��������وا ُة ال�����ع ِ ّ القصيم ِ الرياض إلى ِ أرض ومن ِ وف�����ي ق���ل ِ���ب ال���ح���ج���ازِ ل���ن���ا م���ق���امٌ �����رق ال����ب��ل�ادِ ل��ن��ا س��واع��د وف����ي ش ِ ��وب وي����رح����لُ م��زن��ن��ا ج���ه��� َة ال��ج��ن ِ الحروف أجى وسلمى ُ وتسبقني ُأح�����دِّ ث�����ك�����م وال أوف�������ي ال���ه���داي���ا حجم األراضي ِ بحجم سمائي أم ِ قلوب ال��ج��وف فاضت بالبشائر ون����خ����لٌ ط�����ال أه��������داب ال���س���راي���ا ورائ�����ح�����ة ال���ع���س���ي���ب أن��������اء ف��ج��ر وم���ن ب���رج ال��ش��م��وخ ل��ن��ا ان��ت��ظ��ار وف����ي ج���وف���ي ح��ك��اي��ا م���ن ح��ري��ر ب����ك����م ت����������اجٌ أف������اخ������ر ي������ا ب���ل��ادي * الجـــوف -سكاكا.
82
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
وزي�����دي ال���زه��� َر ور َد ال��ي��اس��م��ي��ن��ا الجوف تاجٌ في الجبينا ِ ضيوف ُ ي��ف��وحُ ال��ع��ط��رُ م��ن ت��ل��ك اليدينا ح����ري����ر ًا م���ن زب���رج���د واخ��ب��ري��ن��ا ����دان م�������اذا ت���درك���ي���ن���ا؟ ع����ن ال����ب����ل ِ خ�����م�����ائ�����لُ ع����ن����ب����رٍ ك���������ادت ت��ل��ي��ن��ا ت������ج������ودُ ك����م����ا ي������ج������ودُ األول����ي����ن����ا وأرض ال��ن��ه��ض��ةِ ال����غ����را َء حينا ُ ����ق ال��ي��ق��ي��ن��ا وس������ا َد ال����ع����دلُ وال����ح ُّ ����ف����ا ح��زي��ن��ا وص����اف����حَ س���ع���دُ ه���ا ك ًّ ح���م���اة ال���دي ِ���ن ي���ا درع�����ا حصينا لسانُ الصدقِ يا الحرفَ األمينا ن���ق���اءُ ن��ف��وس��ه��ا غ���ل���بَ ال��ف��ط��ي��ن��ا ي��ع��ان��ق غ��ي��ثُ ��ه��ا ال��ق��ل��بَ ال��ره��ي��ن��ا وت��ح��ض��ن��ن��ي س����م����اءُ األك���رم���ي���ن���ا ���وك ال�������وردُ ت�����روى ل���ي سنينا ت���ب ُ أم األم������ط������ارِ ت���وف���ي���ك���م ح��ن��ي��ن��ا ���اح���ه���ا غ���ي���م��� ًا وت��ي��ن��ا وزان ص���ب ُ وع������ان������ق زي����تَ����ه����ا ذه������بً������ا ث��م��ي��ن��ا على الخبز المحمَّ ر تُطعمينا ع��ل��ى ال��ت��اري��خ أن���ف���اس الحنينا م���������ط���������رزة ب������ح������ب ال����ط����ي����ب����ي����ن����ا ش��م��ال ال��ق��ل��ب أو ش��ئ��ت اليمينا
ρρأحمد متساح*
1
النخيلُ يطرحُ لغةً وسالم ًا وأحالم ًا تدومُ يغزلُ للبدرِ قميصاً.. وينامُ على كتف النجوم 2
النخيلُ في قريتنا
4
يا أيها النخيلُ وأنتَ تشقُ المدى صب الهديلَ ِّ الشمس خجالً.. ُ تتوارى وتطر ُز شالها بالحناء واألصيل
ال ينام..
5
يقف حارس ًا للديار ُ كتف الثمار ويربت على ِ ُ سأمرُّ عليه في منتصف النهار فأقلد ُه
الحرف َ من يزرعُ ينتظرُ الكالم األرض.. َ يحرث ُ ومن يسوقُ قافل َة الغمام
وشا َح الشموخ 3
يفرك لي سنبل َة النبض ُ النخيلُ
أنا ابن النخيل الطارح.. أم ابن الوطن في أول الزحام
���رب ن��ب��ي�� َذ ال��ح��ك��اي��ا م��ن س��واق��ي وي���ش ُ األوردة واألرض يرسمُ على جبينى ِأهلَّةً ونجوم ًا
ش���������������������������������������������������ع���������������������������������������������������ر
النخيل يختلي بالشوق وناي الغروب
6
النخيلُ يبوحُ لي.. يعزف ناي الغروب ُ حين
المجذوب.. ُ أعتاب وأنا ِ ثمَ يبعثرُ البوح أقـ ـ ــمار ًا على
الوطن
بعشق اليمام والوطن
* شاعر من مصر. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
83
العـــاجــــــــز قصة للكاتب الفرنسي :غي دي موباسان ρρترجمة :ياسمينة صالح*
حدثت لي هذه المغامرة سنة 1882م .كنت على متن القطار ،وكنت راغبا في البقاء ل��وح��دي ،فقررت الجلوس في مقطورة ف��ارغ��ة ،وإذ بباب المقطورة يفتح فجأة ،أطل رجل برأسه من الباب وهو يقول: احذر يا سيدي ،نحن نمر على تقاطع السكك الحديدية ،وهنالك مرتفعاتسوف تفاجئنا. رد صوت:
الكبير ،ولمحت خالل قماشة بنطلونه
ال تقلق يا لوران ،سأمسك المقبض ساقا من الخشب ،سرعان ما تبعتها الساق الخشبية األخرى. بكل قوة. لمحت رأس����اً ي��ط��ل م��رت��دي��ا قبعة
رأس من خلف الرجل وسأل ٌ أطل
دائ��ري��ة ،وي�� َديْ��ن ممسكتين بحزام من دون مقدمات:
الجلد ومن القماش المثبت على الباب،
مخفية جسما ضخما ،وكانت لخطواته
على الممر نقر العصا على األرض.
84
عندما أطل الرجل كامال ،رأيت جذعه
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
هل أنت مرتاح يا سيدي؟ نعم يا بني. حسنا ،إليك أغراضك وركائزك!
هذا كل شيء يا سيدي ،هنالك خمسة أغراض :الحلوى ،الدمية ،الطبل ،البندقية، ورقائق اللحم. شكرا يا بني. العفو ،أرجو لك صحة طيبة!
معك حق يا سيدي! قلت له وانا أمد يدي للمصافحة: اسمي «هنري بونكلير» ،قاض. بدا مترددا وهو ينظر إليّ بعينين غطاهما
الغموض ،ثم بصوت أراده عاديا قال:
ت � � � � � � � � � � � � � � � � � ��رج � � � � � � � � � � � � � � � � � � �م � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة
بدا كخادم وهو يحمل تلك األغراض بين يديه ثم يضعها وهو يقول:
رد الرجل موافقا:
نعم ت��ذك��رت! التقيت بك في بيت «لي
قالها الخادم وهو ينسحب مقفال الباب خلفه ،وبقيت أتأمل ج��اري .كان يبدو في سنة! الثالثينيات من العمر ،وإن غطى الشيب آآآ ،نعم يا سيدي ،تذكرت ..أنت المالزم شعره ،قوي البنية ،بشنب كث .مسح على جبينه وهو يتنهد بعمق ،ثم التف نحوي وهو «روفاليير»؟ نعم ،وترقيت بعدها إلى نقيب ،إلى اليوم يقول: بونسيل» قبل ال��ح��رب ،منذ اثنتي عشرة
أرج��و أال يزعجك دخ��ان السيجارة يا الذي فقدت فيها ساقيَّ االثنتين ،بانفجار عبوة. سيدي. ال أبدا!
ت��ل��ك ال��ع��ي��ن��ي��ن ،وذل����ك ال���ص���وت ،كنت أعرفهما ،لكن كيف وأي���ن؟ كنت متأكدا أنني قابلته من قبل ،وصافحته .كنت أبحث ف��ي ذاك��رت��ي ع��ن تفاصيل ذل���ك ،وشعرت أنني أغوص بعيدا جدا ،بينما كان الرجل يتفحصني بنفس اإللحاح ،وبنفس اإلحساس أنه رآني ،ولكنه ال يذكر أيضا أين!؟ نظرت إليه وأنا أقول بصوت قوي:
أذكر جيدا هذا الشاب الوسيم والنحيف
ال��ذي ك��ان يقود ال��رت��ل العسكري بنشاط منقطع ال��ن��ظ��ي��ر ،وك��ن��ا نطلق عليه على
ما أذك��ر اس��م «ت��ورن��ادو» .لكن خلف هذه ال��ص��ورة التي تبدو واض��ح��ة ،يوجد شيء
عائم ،حكاية سمعتها ونسيتها .حكاية من النوع الذي يشد انتباهنا سريعا ،لتسقط
في قاع الذاكرة سريعا .لكني أذكر أن الحب ك��ان حاضرا فيها .أردت الغوص في قاع
الذاكرة ،للوصول إلى تفاصيل الحكاية .ثم
يا الهي ،بدال من مراقبتنا لبعضنا بهذا شيئا فشيئا ،الح خيال ام��رأة أم��ام عيني، الشكل ،أال يجدر أن نفكر معا لنتذكر أين وت��ذك��رت على ال��ف��ور اسمها اآلن��س��ة «دي تقابلنا سابقا؟ مندال» .ساعتها تذكرت كل شيء! اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
85
كانت قصة حب ،عادية وساذجة .وقعت الطبلة والبندقية البنيه ،ورقائق اللحم له!» الفتاة ف��ي ح��ب ه��ذا ال��ش��اب .أذك���ر أنني قلت له فجأة: عندما التقيتُ به ،كان الجميع يتكلم عن هل صرت أبا؟ اقتراب موعد زفافهما. رد ببساطة: نظرتُ إلى األغراض التي حملها الخادم ال يا سيدي! منذ قليل ،والتي كانت تهتز على وقع سرعة شعرت باالرتباك والحرج وأنا أكتشف أن القطار .وتذكرت صوته عندما قال: ـ «هذا كل شيء يا سيدي ،هنالك خمسة خيالي أخذني بعيدا عن الحقيقة .حمحمت أغراض :الحلوى ،الدمية ،الطبل ،البندقية ،وأنا أضيف: أرجو المعذرة ،لكني ظننت عندما تكلم ورقائق اللحم».
وللحظة ،تجسدت خيوط ال��رواي��ة في خادمك عن األلعاب ..حسنا! أحيانا نصغي مخيلتي ،لعله ارتبط فعليا بخطيبته التي دون أن نسمع تماما ،ونخمّن فيما بعد! رغم الحادث المؤلم الذي وقع له ،أرادت ابتسم وهو يقول بصوت خافت: االل��ت��زام بوعدها .ب��دت ل��ي ه��ذه ال��رواي��ة ال ،ولست متزوجا. جميلة ،بسيطة ،كما يمكن أن تكون األشياء تظاهرت بأني ت��ذك��رت معلومة وقلت الجميلة بسيطة .ث��م الح أم��ام��ي احتمال آخر ،أقل تفاؤال ،وأكثر واقعية .ربما تزوجت بصوت يتماهى مع الدهشة: آ ..نعم ،أذك��ر أنكما كنتما خطيبين،خطيبته قبل الحرب ،قبل الحادث! ث��م ل��و ل��م ت��ت��زوج ،ه��ل ك��ان��ت تستطيع اسمها اآلنسة «دي ماندال» على ما أظن! االعتناء برجل ك��ان وسيما ورائ��ع��ا ،وعاد مبتور الساقين ،لتعتني ب��ه على حساب طموحها ،وشبابها؟
-لديك ذاكرة جيدة يا سيدي!
شعرت بجرأة غريبة وأنا أتابع: وأذكر فيما بعد أنني سمعت أن اآلنسة
تملكتني رغبة عارمة في معرفة قصته، على األقل معرفة ما يزيح فضولي ويجعلني السيد.. أتوقع األشياء التي ال يقولها لي صراحة. من السيد «دي فلوريل» تبادلت معه كلمات عادية ،وكنت أنظر قالها بصوت هادئ. إل��ى األغ����راض م��ف��ك��را« :ل��دي��ه إذًا ثالثة أط��ف��ال :الحلوى لزوجته ،الدمية البنته، نعم بالضبط! أتذكر أنني علمت وقتها
«دي م��ان��دال» ت��زوج��ت م��ن ال��س��ي��د ..من
86
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
نظرت إلى عينيه ،فاصطبغ وجهه بحمرة للتضحيات حدود! مفاجئة .رد بصوت ق��وي ،وحماسة رجل قلت أحاول أن أواصل الحديث: يدافع عن قضية تعنيه ..قضية قد تكون هل للسيدة «دي فلوريل» أطفال؟ خاسرة ،ولكنها تعني بالنسبة إليه كل شيء: نعم ،طفلة وصبيين ..أن��ا أحمل هذه ال يجوز يا سيدي ،أن تربط اسمي باسم الهدايا ألجلهم ..لقد كانا ،هي وزوجها، ال��س��ي��دة «دي ف��ل��وري��ل» .عندما ع��دت من كريمين معي. الحرب ،بال ساقين ،لم أكن أقبل أب��دا أن ك���ان ال��ق��ط��ار ي��ص��ع��د م��رت��ف��ع «س��ان��ت ترتبط بي .هل كان ذلك ممكنا حقا؟ الزواج ال عالقة له بالشفقة! الزواج حياة مشتركة ،جيرمان» ،ثم دخل النفق ،ليصل أخيرا إلى دائمة ،كاملة مع رجل مناسب ،وعندما يكون المحطة ..يتوقف .أردت أن أم��د ذراع��ي ذلك الرجل في ظروفي ،ستحكم المرأة على للضابط ألساعده على النزول ،عندما رأيت نفسها بالعذاب الذي سيدوم حتى الموت! رجال يدخل ،ويمد يديه نحو جاري قائال: بالتأكيد أنا ككل الناس أحترم التضحيات صباح الخير عزيزي «ريفالييه» بكل أنواعها ،لكن حتى للتضحيات حدود، صباح الخير «فلوريل»! لهذا لم أكن ألقبل أن تتخلى امرأة عن حقها خ��ل��ف ال��س��ي��د «ف��ل��وري��ل» وق��ف��ت ام���راة في الحياة وفي السعادة وفي األحالم ،ارضاءاً للناس! أحيانا وأنا في غرفتي ،أصغي إلى مبتسمة ،وجميلة وهي تقول :صباح الخير! صوت قدمَيّ الخشبيتين على األرض ،وإلى كانت بالقرب منها طفلة تقفز من الفرح، صوت عكازتي ،فأشعر بالقهر! هل تعتقد أنه وصبيين ينظران إل��ى الطبلة والبندقية من العقالني أن أطلب من ام��رأة أن تتقبل بعينين مبهورتين.. شيئا أنا نفسي ال أتقبله؟ ثم هل تبدو لك عندما نزل «ريفالييه» من القطار ،انهال رجل َيّ الخشبيتين جميلتين؟ عليه األطفال بالعناق والقبالت ،ثم مشوا قالها وهو يطأطئ رأسه. جميعا مبتعدين ،ك��ان��ت الطفلة ممسكة
ت � � � � � � � � � � � � � � � � � ��رج � � � � � � � � � � � � � � � � � � �م � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة
بإصابتك.
بالطبع ال! التضحيات جميلة ،ولكن حتى
صمتُّ بدوري .ماذا بوسعي قوله له؟ لقد بحافة العكاز وهي تمشي معه ،كما لو كانت كان محقا .هل يمكن لومها أو الحنق عليها؟ ممسكة بإبهام صديقها العظيم. * روائية ومترجمة جزائرية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
87
مترجمة برلين :كاتي ديربيشر Katy Derbyshire
ρρترجمة وحترير :تركية العمري*
«أشعر أنني بشكل كبير قريبة من كل الكتاب الذين أترجم لهم ،وأعتقد أن ذلك بسبب أنني أحفر عميقا في أعمالهم «هذا ما ذكرته المترجمة البريطانية كاتي ديربيشر عن عالقتها مع مؤلفيها. سميت كاتي ديربيشر مترجمة برلين ،وأسمت مدونتها (حب الكتب األلمانية). فتحت كاتي جسرا بين الثقافة األلمانية واإلنجليزية عبر الترجمة األدبية. ولدت كاتي ديربيشر في لندن ،ودرست األدب األلماني في جامعة برمنجهام، واستمرت في استكمال تعليمها حتى حصلت على دبلوم ترجمة من جامعة لندن .
88
ف���ي ع���ام 1996م ،ان��ت��ق��ل��ت ك��ات��ي
مترجمة مستقلة ،وترجمت أعماال
ديربيشر إلى برلين ،وهناك عملت
مـــن ال��ل��غ��ة األل��م��ان��ي��ة إل���ى اللغة
ف��ي ع���دة وظ��ائ��ف م��ن��ه��ا :ت��دري��س
اإلنجليزية .لديها أوراق قاموس
اللغة اإلنجليزية لألطفال ،مرشدة
ل��ل��ك��ل��م��ات األل��م��ان��ي��ة ال��غ��ام��ض��ة،
سياحية ،ولكنها كانت مفعمة برغبة
وق��ام��وس نقابات ضباط الشرطة
ترجمة اآلداب.
األلمانية ،وقاموس الكليشيهات.
في عام 2002م ،بدأت كاتي العمل
ت��رج��م��ت ك��ات��ي أع��م��اال ل��ع��دد من
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ت � � � � � � � � � � � � � � � � � ��رج � � � � � � � � � � � � � � � � � � �م � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة
الكتاب األلمان المعاصرين ،ومن ذلك: ملك الصين /تيلمان رامستيدت (رواية)، ماذا كان الظالم /إنكا باري (رواية) ،ابنة بالك سميث /سيلم اوزدوغان (رواية)، حيوات /ديفيد وقنر (رواية) ،كما أنها من حين إلى آخر تعطي دروسا في الترجمة إضافة إلى مشاركتها في مختبر الترجمة
الشهري.
على الرغم من أن كاتي قضت كثيرا من
الوقت في دراسة اللغة األلمانية ،كما أنها كانت تتحدثها يوميا ،ولكنه كان تحديا
في البداية بالنسبة لها عندما سافرت
إلى المانيا «أتيت إلى ألمانيا مباشرة بعد انتهاء الموسم الدراسي ،كطالبة ،كنت
أعيش مع أسرة في برلين .كانت األم هي الوحيدة التي تتحدث اللغة اإلنجليزية. ك��ان لديهم سائق وعاملتان منزليتان،
وكان السائق وإحدى العاملتين يتحدثان
لهجات برلين الصعبة ،فقد كان أحدهما من الغرب واآلخ��ر من الشرق ،ولم أكن أفهم ما يقولون ،ولكنني استطعت أن
أفرق بين اللهجات بشكل واضح».
اس��ت��ط��اع��ت ك��ات��ي أن ت��ت��ج��اوز صعوبة اللغة األلمانية ولهجاتها عبر دروس إضافية فيها ،وأيضا ممارسة التحدث
بها ،وقد أدى ذلك إلى تعزيز مهاراتها
الى الدروس كل يوم بعد الظهيرة ،وأقوم بتمارين نحوية صعبة كل ثالث ساعات ي��وم��ي��ا ،إن��ن��ي أع���رف ق��واع��د ال��ف��ق��رات الفرعية أكثر من الكثير من األلمان». وترى كاتي أنه يجب على المترجمين أن يكونوا متمكنين بالكتابة بلغتهم األم ،وأن يحافظوا على المواعيد النهائية ،ويبدأوا في جمع القواميس ،فالمترجمين غالبا ينبغي أن يصبحوا خبراء بشكل متميز في الكلمات الدقيقة والغامضة. ¦ ¦كيف تعلمت اللغة األلمانية؟ ρ ρتعلمت اللغة األلمانية كلغة أجنبية ثالثة ف��ي ال��م��درس��ة بعد اللغتين الفرنسية
والالتينية ،وق��د ب��دأت تعلمها وأن��ا في الرابعة عشرة من عمري.
في اللغة األلمانية ،حتى استطاعت أن ¦ ¦ك��ي��ف أت��ي��ت إل����ى ع��ال��م ال��ت��رج��م��ة ع��ام��ة، تصل إلى البراعة المحلية «كنت أذهب
والترجمة األدبية على وجه الخصوص؟ اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
89
ρ ρبعد إقامتي في برلين ،كان من الصعب ¦ ¦ه��ل تصفين لنا ي��وم��ك وأن���ت تترجمين أن أج��د عمال دون م��ؤه�لات ف��ي اللغة رواية؟ األلمانية ،وعملت في سلسلة من المهن،
جلست وفكرت كيف أستطيع أن أجمع نقودًا بالطريقة التي أستمتع بها ،وكانت
الترجمة تبدو لي خيارا متاحا .حصلت
على شهادة دبلوم في الترجمة من جامعة لندن ،وب��دأت مترجمة حرة ،أعمل عبر
الوكاالت والزمالء ،وحقيقة استمتعت في الترجمة كـعمل كامل ،ولكني رغبت أن
أنتقل إلى الترجمة األدبية ،ألنها المجال الذي أحبه.
¦ ¦ماهي الطرق التي اتبعتها للدخول إلى عالم الترجمة األدبية؟ ρ ρإحدى الطرق إلى الترجمة األدبية كان بالتواصل مع الناشرين األلمان ،فعرضتُ
عليهم أن أترجم نماذج من كتبهم ،وهذا
أوصلني إلى ترجمة رواية كاملة ..وكانت للناشئة ،الطريق اآلخر كان بناء سيرتي
الذاتية عبر ترجمة قصص قصيرة ،ثم أقوم بتقديمها إلى المجالت األدبية .كان
لدي بعض المنشورات التي تظهر ذاتي، وأي��ض��ا عبرها يستطيع ال��ن��اش��رون أن
يحكموا على جودة عملي .األمر الثالث ك��ان صنع ع�لاق��ات ف��ي عالم الترجمة األدب��ي��ة ،وال��ت��ي ب���دأت عندما حضرت
برنامجا صيفيا للترجمة األدب��ي��ة في
90
المركز البريطاني للترجمة األدبية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρ ρأستيقظ مبكرة ،وأذه���ب إل��ى مكتبي، والذي اتشاركه مع شخصيتين هادئتين، ع���ادة أن��ا أك���ون أول م��ن ي��ذه��ب هناك، أتسلل إل��ى الفيسبوك ،أزور ع��ددا من المدونات ،بعد ذل��ك أب��دأ بالعمل على ترجمة الرواية بمراجعة ال��ذي ترجمته في اليوم السابق .أنا سريعة جدا ،بحيث أنني أستطيع مراجعة عشر صفحات، وه��ذا يعتمد على ال��ن��ص .يوجد دائما ع��دد من التغيرات التي تعدل في هذه المرحلة ،وهي المسودة الثانية بعد ذلك، أعلق في الترجمة عندما تكون األشياء على ما ي��رام ،وهنا أك��ون مستغرقة مع النص لدرجة أن زمالئي في المكتب ال يستطيعون التحدث معي ،ألنني حقيقة ال أسمعهم ،أبحث في المعاني مباشرة وبشكل كبير على شبكة اإلنترنت ،ولكن لدي مجموعة كبيرة من قواميس مختلفة وم��راج��ع .أم��ا األم��ور التي تحتاج بحثا عميقا أكثر ،أصحب الكتب وأقرأها في المنزل .وفي بعض الحاالت يتم التواصل مع الكاتب ،وأ ُلقي عليه استفساراتي، ولكنني أحب أن أدخر أسئلتي ،ثم أسألها دفعة واحدة ،وإذا كان الكاتب/الكاتبة في برلين أو في زيارة لها فقد ألتقي بهم في المساء لكي أناقشهم.
ρ ρأن��ا ال أكتب السرد ،أن��ا فقط أدوّن في مدونتي ،وأك��ت��ب م��ق��االت متباعدة عن أسلوب الكتابة األدبية األلمانية والترجمة، نعم ،أعرف عددا من المترجمين يكتبون، وع��ددا من الكتاب يترجمون ،ولكنني ال فيقتضي حرية أكثر ،واختيارات أكثر. أعتقد أنني أجرؤ أن أكتب رواي��ة .فأنا شخصية من الصعب رضائي ،وسريعة ¦ ¦ما هو عمل المترجم؟ الحكم ،وال أستطيع أن أتحمل أن أؤلف ρ ρعمله ال��ي��وم��ي يشبه ع��م��ل أي ك��ات��ب، كتابا متوسط المستوى. ولكنه يشمل م��ف��اوض��ات مستمرة مع ¦ ¦ما هو مرجعك الثالث؟ النص األص��ل��ي ،فالمترجمين يجب أن ρ ρالبحث ،أحتاج بشكل حقيقي أن أفهم ال��ن��ص ال���ذي أت��رج��م ،ول��ك��ي أف��ع��ل ذلك ي��ج��ب أن أب��ح��ث ع��ن األش���ي���اء ،أذه��ب إل��ى األم��اك��ن ،وأختبر األج���واء ،أتحدث إلى الكتاب ،أقرأ مواد المالحق ،بعض األوق���ات أق���رأ عمال آخ��ر وال���ذي ألهم أو أوح��ى بالكتاب ،أج��رّب األشياء التي فعلتها الشخصيات ،كل أنـواع األشياء، بالنسبة لي الترجمة ليست على اإلطالق ما يحدث على مكتبي».
¦ ¦م������ا ال������ف������رق ب����ي����ن ال����ت����رج����م����ة األدب�����ي�����ة والتجارية؟
ت � � � � � � � � � � � � � � � � � ��رج � � � � � � � � � � � � � � � � � � �م � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ة
¦ ¦ه��ل تكتبين أي نمط م��ن الكتابة بعيدا عن الترجمة؟
يتخذوا ق���رارات بشأن النسق واختيار الكلمة والتضمين أو احتمالية التضمين لألساليب األدب��ي��ة كالجناس واالي��ق��اع والسخرية والنغمة ،عندما تعزف هذه العناصر ال��م��ت��ع��ددة ،ف��واح��د يجب أن يضحى به ليبقى اآلخرون ،وبسبب اللغة يفضل ع��دد من الكتاب الترجمة تتبع ال��ن��ص األص��ل��ي بالضبط ،بينما بعض المترجمين يفضلون الترجمة الحرة، إذ يستطيعون ابتكار النص ال��ذي يرن ف��ي اللغة ال��ه��دف ،ول��و ك��ان ذل��ك يعني االنحراف أو الميالن عن النص األصلي.
ρ ρبينهما اختالفات بسيطة ولكنها عظيمة، حيث الترجمة التجارية مثل المرشد عملك كمترجمة أدبية؟ التقني أو كتاب طبي يتطلب أن يكون دقيقا وثابتا متماسكا ،أما ترجمة األدب ρ ρالذي ال أحبه عندما ال يُ َقدِّر المراجعون
¦ ¦ما الذي تحبينه وما الذي ال تحبينه في
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
91
إسهام المترجم في العمل المترجَ م.. وه��ذا شعور مؤلم ،أم��ا ال��ذي أحبه في عملي كمترجمة ،فهو معقد جدا :أحب أن أحلَّ مآزق التالعب بالكلمات ،وأحب أن أغمر نفسي في النص محاولة أن أق��ب��ض ع��ل��ى نغمته .ك��م��ا أن��ن��ي أن��ح��از لحقيقة أن هناك إبداعا عظيما ،ولكن في الوقت ذات��ه يوجد عناصر كثيرة ال نستطيع تغييرها. ¦ ¦أي كتاب ألماني أحببْتِ هِ ،ولماذا؟ ρ ρمن الصعب أن أختار كتابا واحدا ،ولكنني أستطيع ال��ق��ول إن رواي���ة (اب��ن��ة بالك
سميث) لسيــلم اوزدغ��ان ،قصة بسيطة ¦ ¦م���ا ه���و ال���ش���ي ال�����ذي أح��ب��ب��ت��هِ ف���ي ال��ل��غ��ة لعائلة في الريف التركي ،إذ تنتقل االبنة إلى ألمانيا لتعمل هناك كضيفة عاملة، كتبت ال��رواي��ة بطريقة جميلة ممتلئة بالعاطفة وملهمة ،وتجنب الكاتب بحذر الصورة النمطية عن النساء التركيات، وأصبحت أنا والكاتب أصدقاء. ¦ ¦مَ ن هم كُ تّابك؟ ρ ρأ ُت��رج��م بشكل خ���اص للكتاب األل��م��ان المعاصرين منهم :سيلمينس ماير ،هيلين
األلمانية؟ ρ ρالشيء الذي أحبه في اللغة األلمانية أنها إلى حد كبير لغة رياضية في دقتها ،ولكن يوجد استثناءات كافية تجعلها زاهية وحيوية .تستطيع أن تكون مبدعا جدا، ففيها تستطيع ترتيب الكلمات وبسهولة أكثر من اللغة اإلنجليزية. ¦ ¦متى تقررين أن الترجمة انتهت؟
هيقمانا ،أن��ك��أ ب���اري ،دورث���ي الميقرρ ρ ،عندما أك��ون ق��د عملت أرب��ع مسودات
سيمون أربون ،جان براندت.
وحان الموعد النهائي.
* كاتبة ومترجمة من السعودية .تم اختيار أسئلة هذا اللقاء من لقاءات عديدة أجريت مع المترجمة
كاتي ديربيشر في عدد من المواقع والمجالت والصحف اإللكترونية األجنبية منهاhttp://www. : young-germany.de/topic/work/jobs-career/career-translation-an-interview-with-literary-translator-katy-
92
.derbyshire
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
الدكتور سعد البازعي
:
أحس ُب أنَّ ني مُ طاردٌ بالقلق َ أحرص على فتح أبواب الحوار عبر الثقافات بتخطي حدود المحلية بين الحين واآلخر. التأليف هو جمع ما لم يأتلف من قبل ،أي أنه عملية ربط لمتشتت، تأليف لمغتربات من األفكار أو االنطباعات بتقريبها واكتشاف ما يصلها بعضها ببعض. القلق يتحول إلى معرفة حين تتوفر لدى اإلنسان الملكة أو الموهبة من ناحية ،والمحصول الثقافي أو الفكري من ناحية أخرى. تويتر بمساحته الضيقة ال يتيح حيز ًا كافي ًا للتحليل ،وإنما هو للخاطرة العابرة ،في حين أن الصحف تتيح مساحة أوسع للتأمل والتحليل. قصيدة النثر ابنة الكتابة وليست ابنة النظم واإليقاع ،وتلقّ يها أقرب إلى أن يكون تلقي القارئ ال المستمع. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
93
منذ كتابه األول «ثقافة ال��ص��ح��راء» ،م���رور ًا بـ«المكوّن اليهودي في الحضارة الغربية» و«االختالف الثقافي وثقافة االختالف» ،و«قلق المعرفة» ،و«مواجهات ث��ق��اف��ي��ة» ،و«ج����دل ال��ع��ول��م��ة» ،وان��ت��ه��اءً ب��ـ «ه��م��وم ال��ع��ق��ل»؛ ك���وّن ال��ب��اح��ث وال��ن��اق��د األكاديمي سعد البازعي مشروعه الثقافي انطالقً ا من األدب المقارن ،مركز ًا على وظف دراساته شؤون الثقافة ،وعبر تجربته عضو ًا في مجلس الشورى السعودي َّ لمناقشة مجمل القضايا؛ سياسية واجتماعية وإنسانية؛ ومنها طغيان الجماعات اإلره��اب��ي��ة ،وح��ق��وق اإلن��س��ان ،وال��ت��ش��دد ال��دي��ن��ي؛ ن��اق��دا ال��ت��ي��ارات التنويرية التي شهدتها النهضة العربية .إضافة إلى ما سبق ،فقد صدر للدكتور البازعي أيضا كتاب :إح��االت القصيدة :ق��راءات في الشعر المعاصر (ال��ن��ادي األدب��ي 1998م)، مقاربة اآلخر :مقارنات أدبية (الشروق1999م) ،دليل الناقد األدبي :إضاءة ألكثر من سبعين تيار ًا ومصطلح ًا نقدي ًا معاصراً ،بالمشاركة مع د .ميجان الرويلي، (ال��م��رك��ز ال��ث��ق��اف��ي ال��ع��رب��ي 2006م) ،اس��ت��ق��ب��ال اآلخ����ر :ال��غ��رب ف��ي ال��ن��ق��د العربي الحديث (المركز الثقافي العربي – 2004م) ،أب���واب القصيدة :ق���راءات باتجاه الشعر (المركز الثقافي العربي – 2004م) ،شرفات للرؤية :حول العولمة والهوية والتفاعل الثقافي (المركز الثقافي العربي – 2005م) .حول مشاريعه الثقافية وغيرها أجرت الجوبة معه الحوار اآلتي.. ρρحاورته :هدى الدغفق*
¦ ¦ف����ي ك���ت���اب���ك ال���ج���دي���د ال��م��ل��ف��ت (ه���م���وم العقل) ،تندرج انشغاالت وتساؤالت عدد كبير م��ن المفكرين وال��ب��اح��ث��ي��ن ال��ذي��ن يضمهم ه��ذا ال��ك��ت��اب ،أم��ث��ال :بورخيس وأمبرتو إيكو ،وإدوارد سعيد ،آالن باديو وغيرهم ،التي تطرح قضاياها الملحة فى عالم اليوم ،كالديمقراطية والحرية وأثر االنتماء العرقي واألقلوى .كل ذلك وغ��ي��ره ش��كّ ��ل م��ت��ن�� ًا للتفكير واالن��ش��غ��ال ال��ب��ح��ث��ى ل��دي��ك ،ك��ي��ف؟ ول���م���اذا حصرت ب��ح��ث��ك ع��ل��ى ت��ل��ك األس���م���اء دون أس��م��اء أخرى ،على خارطة الخليج مثال؟
94
ρ ρيبدو لي أن أهمية األسماء التي تناولت، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
كافية لتكون مبرراً لذلك التناول ،فنحن أم���ام أس��م��اء ت��رك��ت أث���راً على خريطة الثقافة العالمية ،وما تبديه من آراء حول القضايا المشار إليها مهم بحد ذات��ه؛ لبعد وعمق تأثير تلك اآلراء .غير أن السبب في استحضار تلك األسماء لم يكن أهميتها فحسب ،وإنما أنها طرحت آراء مهمة حول قضايا مهمة .ولست ممن يقلل من أهمية كتّاب المنطقة العربية وم��ن��ه��ا ال��خ��ل��ي��ج ،لكني ل��م أك���ن بصدد عمل مسح لكل ما قيل حول قضية من القضايا أو عمل مقارنات ،إل��ى جانب أن��ن��ي ال أع���رف أح���داً ط��رح آرا ًء حول القضايا المشار إليها بعمق ما وجدته
¦ ¦ف�����ي ك���ت���اب���ك ال����ط����ري����ف (ج��������دل األل���ف���ة ¦ ¦ذك���رت ف��ي م��ق��دم��ة ك��ت��اب��ك المميز (قلق ال��م��ع��رف��ة) أن ال��ع��ن��اوي��ن ت��أت��ي ف��ي نهاية وال����غ����راب����ة) ت����أم��ل�ات ف����ي ت���ل���ك ال��ع�لاق��ة ال��م��ق��دم��ات ،ترافقها ف��ي عملية السعي التبادلية التي تشكّ ل معادلة الرؤية إلى ل��ت��ب��ي��ن م���س���ارات ال��ك��ت��اب .وي���ص���دق ذل��ك م��س��أل��ة ال��غ��راب��ة ب��م��ا تعنيه م��ن مقاومة بشكل خ��اص على كتب م��ن ال��ن��وع ال��ذي األل���ف���ة ال��ت��ي ب���دوره���ا ت��ق��ت��ل خصوصية ي��ط��ال��ع��ه ال�����ق�����ارئ ،وه�����و ن�����وع ش���ائ���ع ف��ي األش��ي��اء .فما األه���م ،م��ن وج��ه��ة نظرك، عملية التأليف ،مشيرا إل��ى أن ختامية ا ُألل���ف���ة أم ال���غ���راب���ة؟ وك���ي���ف ن���ظ���رت إل��ى ال��م��ق��دم��ة وال����ع����ن����وان ،وإن ل���م ت��ك��ن من كليهما حينما تناولتهما فلسفياً؟ مسلّمات التأليف ،فلربما كتبت مقدمات ρ ρلقد وضعت األلفة والغرابة في جدلية وع��ن��اوي��ن ق��ب��ل ت��أل��ي��ف ال��ك��ت��اب ،أو حتى أراها ليست واقعة فحسب ،وإنما سبباً ج��م��ع م��ق��االت��ه ،أن ت��ل��ك ال��خ��ت��ام��ي��ة هي في صعوبة المفاضلة بينهما .فكل منهما م���ن ط��ب��ي��ع��ة ال��ت��ف��ك��ي��ر ،ع��ل��ى أي األط���ر تكتسب قيمتها من عالقتها باألخرى، المعرفية بنيت هذه المسلمات؟ وما هو وف���ي م��ا ي��ح��دث بينهما م��ن ت��ج��اذب. النوع الشائع في عملية التأليف الذي غير أن ه��ذا ال يعني أنهما متساويتان ي��س��ت��رع��ي م��ط��ال��ع��ة ال����ق����ارئ ،م���ن وج��ه��ة بالضرورة في إحداث المتعة التي نحصل نظرك العلمية المعرفية ومطالعاتك؟ عليها من عالقتنا بالفن بأنواعه .يبدو لي أن الغرابة أكثر شيوعاً وتأثيراً في ρ ρما قلته في «قلق المعرفة» أحلته إلى الفن ،فهي األثيرة سواء لدى المبدعين مقولة معروفة للفيلسوف األلماني هيغل، أو لدى المتلقين .األلفة هي مدار حياتنا فهو ال��ذي ذكرنا ب��أن المقدمات تكتب اليومية وم��ص��در ال���دفء والطمأنينة، في النهاية .هذا من حيث أن مقدمات ل��ك��ن ..ألنها أي��ض��اً مصدر للملل ،فإن التأليف تعد تعريفاً بالمؤلَّف بعد تمامه، الحاجة تتعاظم إلى ما يكسرها ،وأظن فكيف يمكن التعريف بما لم يتم بعد .قد أن الفنون تتكئ على هذه الحاجة إلى نكتب المقدمات أوالً لكننا سنعود إليها حد بعيد في اجتذاب المتلقي ،ليس كل لتعديلها بالضرورة ،إذا كنا ندخل في المتلقين بالطبع ،فهناك مَن يبحث عن عملية التأليف أو الكتابة ،بوصفها عملية اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
لدى من ذكرت (وهذا ال ينفي عدم وجود أح��د ط��رح ما يستحق ال��ذك��ر) .أضيف إلى ذلك حرصي على فتح أبواب الحوار عبر الثقافات بتخطي حدود المحلية بين الحين واآلخر.
أشياء أخرى كالحكمة والمعرفة ،وإنما تجتذب أولئك الذين يمتلكون حساسية في التلقي ،تضارع ما لدى المبدع من ضيق بالمكرر وعدم ركون إلى المستقر بغض النظر عن مصدره وطبيعته.
95
القلق يستثمر أوالً بعدم التخلّي عنه وع��دم الضيق ب��ه ،ألن��ه شريان لإلبداع في كل مجال ،اإلبداع في االكتشاف وفي العطاء المبني على ذلك االكتشاف.
استكشاف لمجاهل من التفكير ليست حاضرة منذ البدء .التأليف هو جمع ما لم يأتلف من قبل ،أي أن��ه عملية ربط لمتشتت ،تأليف لمغتربات من األفكار أو االنطباعات بتقريبها واكتشاف ما يصلها ¦ ¦ت���ن���اول���ت ف����ي ك���ت���اب���ك (ق����ل����ق ال���م���ع���رف���ة) بعضها ببعض .وم��ن هنا ،فإنها عملية أن���م���اط ال��ق��ل��ق ال��ف��ك��ري ال��م��ع��رف��ي ل��دى مفارِ قة لليقين ،بعيدة عن المتوقع ،أو هي عارضا لـ ً كبار المفكرين العرب وغيرهم حوار بين متوقع وال متوقع؛ ولذا ،كان من “تساؤالت غربية حول اإلسالم ،وتساؤالت االفتعال ادع��اء معرفة ما ستفضي إليه أوروبية حول دور العرب ،وثقافة أمريكا مسبقاً .أم��ا الختام أو الخاتمة ،فإني من منظور فلسفي» ،منتق ًال إل��ى القلق شخصياً ال ارى جدواها إال من حيث هي ال���ي���ه���ودي ،وم��خ��ت��ت��مً ��ا ب���ـ “قلق ال��ت��أل��ي��ف تلخيص لما سبق ،وهو تلخيص يفترض والكتابة عن اليهود» .ترى ما هي النتائج أن المقدمة تلم أطرافه. األخ��رى الموازية التي خرجت من تتبع هذا الكم المثير من المشاريع المعرفية ¦ ¦قلت في كتابك (قلق المعرفة) أيضا إن القلقة؟ ال��ق��ل��ق ال��ن��ات��ج ع��ن ع���دم االط��م��ئ��ن��ان إل��ى الجاهز والسهل من األج��وب��ة والحلولρ ρ ،أحسب أنني مسكون بل مطارد بالقلق ه���و م��ص��در ال��م��ع��رف��ة وال��ن��ات��ج ع��ن��ه��ا في ال��ذي أتحدث عنه وأن��ه محرك أساس ال���وق���ت ن��ف��س��ه ،ف��م��ن ال��ق��ل��ق ي��رت��ف��ع مد ل��ل��م��زي��د م���ن ال��ب��ح��ث وال��ك��ت��اب��ة ،ول��ع��ل اإلب�����داع اإلن��س��ان��ي ت��ن��وعً ��ا وع��م��قً ��ا؟ كيف المقاالت والكتب التي صدرت بعد “قلق ب����رأي����ك ي��م��ك��ن اس���ت���ث���م���ار ال���ق���ل���ق ك�����أداة المعرفة» تتضمن النتائج الموازية التي معرفية؟ يشير إليها ال��س��ؤال .ف��ي أح��دث كتبي
ρ ρال أعرف وصفة الستثمار القلق ،فهذا ما يهتدي إليه المفكر تحت ضغط القلق، بمعنى أن القلق يتحول إلى معرفة حين تتوافر لدى اإلنسان الملكة أو الموهبة من ناحية ،والمحصول الثقافي أو الفكري من ناحية أخرى .هي عناصر تأتلف لتصنع ¦ ¦فيما يتعلق ب��ال��ن��ق��د ال��ث��ق��اف��ي واألدب����ي، معرفة جديدة لم تكن لتخرج إلى الوجود ب��رأي��ك م��ا ه��و ال��ف��رق بين النقد األدب��ي لوال قلق الكاتب المفكر. والنقد الثقافي إذا ك��ان االث��ن��ان يقفان إل��ى جانب ذل��ك ،ينبغي ال��ق��ول بأن ع��ل��ى ال��ن��ص األدب�����ي ..وإن ك���ان الثقافي “هموم العقل» صور أخرى من صور القلق ل��ديّ كما ل��دى غيري ممن استكشفت عطاءاتهم وتفاعلهم مع قضايا مختلفة، كانت مطاردة بالقلق الذي يلبس هنا ردا ًء مشابهاً هو رداء الهمِّ.
96
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
ي���ب���ع���د إل�����ى ال���ن���ص���وص األخ���������رى؟ وه���ل تداخل أحدهما مع اآلخر اآلن؟
إل���ى ج��م��ع��ي��ة ال��ث��ق��اف��ة وال���ف���ن���ون .ب��رأي��ك هل للمؤسسة الثقافية دور في تأسيس ث��ق��اف��ة مختلفة ،أم ل��ذل��ك األم���ر عالقة بإدارتها ثقافيا؟
ρ ρلم أكن يوماً مقتنعاً بوجود شيء اسمه النقد الثقافي كما بينت في بعض مداخل كتاب “دليل الناقد األدبي» .فالغرب الذي ρ ρأنا من المؤمنين بالدور األساس للمؤسسة يولد هذه المصطلحات لم يعرف سوى الثقافية ،السيما في البالد النامية ،حيث الدراسات الثقافية ،وفي نماذج محدودة ي��ح��ت��اج األف�����راد وال��ج��م��اع��ات مظالت ع��رف ما يسمى بالتحليل الثقافي .إن داعمة ومنظمة لنشاطهم على المستويين كان المقصود بالنقد الثقافي أحد هذين السياسي واالقتصادي .المؤسسة مظلة النموذجين فهو لون من االنشغال بقضايا للثقافة .صحيح أن لوجودها أحياناً آثاراً تشغل الرأي العام ،مثل شبكات االتصال سلبية بوصفها قوى ضاغطة أو خانقة، وأث���ره���ا ،وع�لاق��ة اإلن��ت��رن��ت بالثقافة عندئذ مقاومة ذلك ٍ لكن مهمة األف��راد إل��ى غير ذل��ك .وه��ذه دون ش��ك ليست الضغط والقيود سعياً إلى حلول وسطى القضايا التي تشغل النقد األدبي الذي تحفظ حقوق الطرفين .وكانت تجربة عرفه اإلنسان منذ عرف التعبير األدبي. الملتقى الثقافي أنموذجاً لذلك ،فقد التحليل الثقافي وال��دراس��ات الثقافية تكيّف الملتقى مع متطلبات النادي ،وأفاد ليست معنية ب��األدب بوصفه أدب��اً وذلك من إمكاناته حتى وصل إلى نقطة تعذر فرق كبير. معها االس��ت��م��رار ،فانتقل إل��ى مؤسسة أخرى وجدها أكثر رحابة وأقل تقييداً ¦ ¦كنت ت��ش��رف على الملتقى الثقافي في أدب�����ي ال����ري����اض ،وان��ت��ق��ل��ت ب��ع��د ذل����ك به لنشاطه. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
97
بعضهم يطلب مني أن أتوسع في قضية ما في تويتر ..فأجد ذل��ك متعذراً إال عبر سلسلة من التغريدات يحتاج الكاتب والمتابع إلى لملمتها بشكل مرهق.
¦ ¦من خالل تدريسك الجامعي ..كيف رأيت ال��ث��ق��اف��ة ال��ش��اب��ة ف���ي ال��ج��ام��ع��ة؟ م���ا هي الثقافة التي تؤسس لها الثقافة الجديدة في السعودية؟ وما هي مالحظاتك على األجيال الجامعية الحالية؟ ¦ ¦ذك����رت ف��ي ت��وي��ت��ر ب���أن م��ن ال��ب��ده��ي��ات أن ال��م��ؤس��س��ات وزارات ك��ان��ت أم ه��ي��ئ��ات ال (ρ ρه��ذا س��ؤال ضخم أعتذر عن اإلجابة تصنع الثقافة ،وأن م��ن يصنع الثقافة عليه ألنه يحتاج تفكير واستعداد والكثير ه���م األف�����راد وال��ج��م��اع��ات .وي��ت��ح��دد دور من الكتابة) ال��م��ؤس��س��ات ف��ي ال��دع��م والتنظيم .فهل ¦ ¦ذك���رت ف��ي إح���دى ت��غ��ري��دات��ك أن ال��كُ ��تّ��اب ينطبق ما قلت على مؤسساتنا الثقافية ي����س����ارع����ون إل������ى ت���وي���ت���ر ل���ل���ن���ق���ل ،وإل�����ى الحالية؟ الصحف للتحليل .ماذا قصدت بالنقل؟ وه��ل تعتقد ب��أن نشر اإلب���داع م��ن خالل تويتر مثال ،يعد نقال؟
ρ ρتحدثت عما ينبغي أن يكون ال ما هو ال ك��ائ��ن .مؤسساتنا ت��ق��دم ال��دع��م فع ً وتمارس التنظيم ،ولكنها تفعل ذلك بشكل محدود ،وأحياناً بشكل مُعيق ،حين تُكثر من التدخّ ل ،أو حين تتدخل بطريقة غير مستوعبة لعملية الصناعة الثقافية.
ρ ρال أذك��ر أنني استعملت كلمة «نقل» في تغريدتي ،ولكن مهما تكن الكلمة فما ق��ص��دت��ه أن ت��وي��ت��ر بمساحته الضيقة ال يتيح حيزاً كافياً للتحليل ،وإنما هو للخاطرة العابرة ،في حين أن الصحف ¦ ¦لك موقف ح��اد من “الواتس أب» عبرت تتيح مساحة أوس��ع للتأمل والتحليل. عنه ف��ي كثير م��ن تغريداتك .وقلت بأن
98
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات ظاهرة التكرار في “الواتس أب» تعود الى شعبوية الواتس ..مقارنا ذلك بمرحلة ما قبل الواتس من تكرار السوالف والنكت ρ ρأح��اول أن أستفيد من نقد التلقي في القديمة .كيف تحلل هذا الرأي؟ استيعاب االختالف الذي تمثله الثقافة ρ ρالواتس هو شبكة التواصل الشخصية، العربية وأوض���اع العالم ال��ع��رب��ي ،عند بين األصدقاء واألسر والمعارف ،وليس ق��راءة النصوص األدب��ي��ة العربية .ففي شبكة عامة مكشوفة كما هو الحال في ال��ظ��روف ال��ت��ي ن��ع��ي��ش ،ت��ح��دث عملية تويتر وفيسبوك ،فليس بإمكان أحد أن التلقي للنصوص األدبية حسب ما نظّ ر يطلع على ما تكتبه في ال��وات��س ما لم لها نقاد التلقي ..سواء من حيث الحمولة ترسله إليه ،أو يشترك معك ،أو يقوم الداللية أو الجمالية؛ أي أن الدارسين أح��د بنقل م��ا ذك��رت��ه ل��ه إل��ى اآلخ��ري��ن العرب محكومون في الغالب بفرضيات فينتشر .وفي ظني أن هذا أحد األسباب نظرية منسجمة م��ع البيئات األصلية التي تجعل الواتس ام��ت��داداً للسواليف لنشوء تلك الفرضيات وغير مستوعبة و«الحش» ،وأيضاً للمعلومات المتداولة ّ من ثم للبعدين السياسي واالجتماعي/ بشكل شخصي ،والتي قد ال تكون أكثر الثقافي في الوطن العربي؛ ما يضطر من معرفة عامية أو شعبية غير موثقة معه الكاتب إلى أخذ البعد الغائب عن ويجب التعامل معها بحذر .المجموعات النظرية الغربية بعين االع��ت��ب��ار .ذلك فيه هي التجمعات القديمة والفرق في البعد ه��و البعد ال��رق��اب��ي ال��ذي يصنع كونها افتراضية أو شبكية. القارئ الرقيب ،أو ما أسميته الرقيب التلقي وأن��م��اط��ه؟ وك��ي��ف يمكن تطوير قراءات تستوعب المتغيرات الشعرية؟
¦ ¦برأيك كيف يمكن إع��ادة النظر في نقد
ال��ض��م��ن��ي .ف��ال��رق��اب��ة ن���وع م��ن التلقي، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
99
والرقيب الضمني متلق يجاور ما يعرف بالرقيب الداخلي .وفي تصوري ،إن أخذ هذه المسائل بعين االعتبار من شأنه أن ينبهنا إلى مساحات في تلقي النصوص، لم تكن لتخطر على البال لو بقينا ضمن مفاهيم وأطر التلقي الغربية.
ن��اه��ي��ك ع��ن ال��ف��ك��ر .وم���ن ه��ن��ا ،كانت مالحظتي على نشاط المؤسسة ككل. ففي غياب الفكر الحقيقي (الفلسفي والمتصل بالعلوم على اختالفها) يصعب القول إن ما يجري في المؤتمرات هو فكر ،بل هو إلى الثقافة أقرب ،الثقافة بمفهومها األوسع واألقل صرامة ،ولعل األفضل هو القول بأنها عالقات ثقافية طالما أن فكر تسعى لتكون الجسر بين المثقفين والمؤسسات الرسمية ،كما تصف نفسها.
ف���ي االح��ت��ف��ال��ي��ن ال��ل��ذي��ن حضرتهما لفكر ،السيما األخير في أبوظبي .فمع تقديري للجهد الكبير الذي تضطلع به مؤسسة فكر ،كنت أتمنى لو أن الجانب العملي طغى على االحتفال أو المؤتمر ول��ي��س الجانب االحتفائي المظهري. ك���ان واض��ح��اً أن ع����دداً م��م��ن ح��ض��روا ويحضرون ع��ادة ال ش��أن لهم بالثقافة
ρ ρلم أنف في محاضرتي عن الرقابة أنها مصدر قمع وتكبيل ،ألنها كذلك فعالً، لكني أضفت أنها يمكن أن تكون مصدر إبداع .أما أدب المرأة أو األدب النسوي فهو بالفعل ثري بالنصوص التي تتفاعل مع الرقيب الضمني ،كما أوضحت ما قصدته به في إجابة سابقة ،على نحو مبدع .ذلك أن المرأة تواجه رقابات متعددة ،وحين
¦ ¦ان���ت���ق���دت اس����م ف��ك��ر ف���ي م��ؤس��س��ة ال��ف��ك��ر ال���ع���رب���ي ،ورأي�����ت ن��س��ب��ت��ه��ا إل����ى ال��ث��ق��اف��ة. ك���م���ا ذك������رت أن�����ه ي��غ��ل��ب ع���ل���ى م���ؤت���م���رات ف��ك��ر ال��ت��اب��ع��ة ل��ت��ل��ك ال��م��ؤس��س��ة ال��ط��اب��ع االح���ت���ف���ال���ي وال��ت��ب��ج��ي��ل��ي ع���ل���ى ح��س��اب ال��م��ح��ت��وى ال���ف���ك���ري وال���ث���ق���اف���ي .ل��م��اذا ¦ ¦ف�����ي م����ح����اض����رت����ك ال���م���ه���م���ة (ال����رق����ي����ب برأيك يغلب ذلك المناخ على مؤسسات الضمني) التي ألقيتها في أدبي الرياض.. الفكر وال��ث��ق��اف��ة بشكل ع��ام ع��رب��ي��ا؟ وما ذكرت بأن الرقابة مصدر وحافز لإلبداع، ال��ف��رق م��ن وج��ه��ة ن��ظ��رك ب��ي��ن مفهومي وليس مصدر قمع أو تكبيل ،وذكرت أيضا فكر وثقافة؟ أن أدب المرأة هو األدب الثري لمصطلح الرقيب االفتراضي مستدركا بأن الرقيب ρ ρال أدري إن كان ما الحظته في مؤتمرات الضمني هو القارئ الضمني ،عالم بنيت أو احتفاالت مؤسسة فكر موجود في هذه التصورات لمفهوم (الرقيب) ،ولماذا االحتفاالت األخ��رى ،بل إن كانت لدينا ربطت بين مفهومي (رقيب) و(ضمني)؟ ب��ال��ف��ع��ل م��ؤس��س��ات ف��ك��ر أخ�����رى .أم��ا وكيف ب��رأي��ك تجتمع ك��ل ه��ذه ال��دالالت مالحظتي ف��ك��ان��ت ان��ط�لاق��اً م��ن ع��دم في مصطلح واحد؟ ارتياحي من غلبة الفخامة والمظهرية
100
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
¦ ¦ذك��رت أن قصيدة النثر قصيدة للقراءة وح��س��ب ،ول��ي��س��ت ل�لإل��ق��اء ،وذاك ب��رأي��ك م��ا يجعل بعض ش��ع��راء النثر يعتذرون عن إلقاء الشعر في المحافل والمنابر. ما ال��ذي دع��اك إلى هذا التصور؟ وكيف استنتجت هذه الرؤية؟ ρ ρقصيدة النثر ابنة الكتابة وليست ابنة النظم واإليقاع ،وتلقّيها أقرب إلى أن يكون تلقي القارئ ال المستمع .بل إن
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
تشترك مع الرجل في الكثير من تلك، فإن نصيبها يأتي مضاعفاً؛ ألن الرجل ج��زء من تلك الرقابات .ل��ذا ،ك��ان حرياً باألدب الذي تبدعه المرأة أن يأتي غنياً بالمقاومة ألشكال الرقابة ،مع أن من ذلك األدب ،كما ه��و ح��ال األدب عموماً في كثير من األحيان ،ما يأتي أسيراً للرقيب ال��داخ��ل��ي ومنسجماً م��ن ث��م م��ع القيود المحيطة بأنواعها.
اط�لاع��ي على ت��ج��ارب شعرية حديثة خارج إطار قصيدة النثر ،أي قصائد تلتزم اإليقاع ،أقنعني بأن ذلك يصدق على الشعر الحديث عموماً .الجانب البصري والتشكيلي في كتابة النص: المسافات ،البياض ،النقاط ،الخ .كل هذه تستدعي قارئاً ال مستمعاً .كيف تقول للجمهور أث��ن��اء اإلل��ق��اء ب��أن في القصيدة مساحة من البياض أو عدداً من النقاط التي تشير إلى محذوف؟ كل ذلك تشترك فيه قصيدة النثر مع الكثير من قصائد التفعيلة ..بل وحتى بعض القصائد العمودية /البيتية .لذا ه��ي ن��ص��وص ل��ل��ق��راءة أك��ث��ر م��م��ا هي لإللقاء .ومع ذل��ك ،فإن ال شيء يمنع من إلقائها إذا استطاع الشاعر اإليحاء بما في النص للمتلقين ،أو إذا عُلم أن ج��وان��ب م��ن النص تبقى عصية على اإللقاء.
101
الشاعر خليف الغالب ال أرى أديبا مميزا إال وهو قارئ مميز ..واإللمام بالتراث وقراءته والوعي به من أهم ميزات األدباء البارعين السرد أصبح ديوان العالم الكبير ،وال غرابة أن تتوجه إليه األقالم.. وهو فن عظيم له أهله ومبدعوه!.. متفائل بمرحلة قوية لألدب السعودي ..والحركة الثقافية ستكون األمْ يَ ز في الوطن العربي لطالما كان اإلبداع متمردا على سنن النقاد وصرامتهم ..لكن على الشاعر أن يحذر من تسرب الصبغة األكاديمية الجافة إلى ماء إبداعه!.. أجل من اإلنترنت حاضن رقمي لإلبداع ،وفوائده على األدب والفنون ّ اإلحصاء ،لكني ال أرى حتى اليوم خصائص فنية فارقة في منتجه األدبي
«رسالة إلى الشنفرى» ..هي ليست مجرد قصيدة ،هي بصمة أولى تميز بها شاعر شباب سوق عكاظ الشاعر خليف الغالب« .رسالة إلى الشنفرى» ..بمثابة جسر روحي بين الماضي والحاضر ,بناه الشاعر بأدواته الشعرية والثقافية الخاصة به .تعمّ دت أن تكون مقدمة الحوار بعنوان قصيدته «رسالة إلى الشنفرى» ألنها تنسجم كثيرا مع جنونه ومغامراته كشاعر وثقته كمثقف وأكاديمي ..وعند سؤالي عن توجهه الثقافي األكاديمي ..ألن يترك أثر ًا على الشاعر خليف الغالب على المستوى اإلبداعي؟ قال: «ولطالما كان اإلبداع متمردًا على سنن النقاد وصرامتهم ..لكن على الشاعر أن يحذر من تسرب الصبغة األكاديمية الجافة إل��ى م��اء إب��داع��ه ،وهناك تجارب عربية مهمة جمعت بين التنظير األكاديمي واإلبداع األدبي.».. ρρحاوره /عمر بوقاسم*
102
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
كنت أتوقع فوزي!.. ¦ ¦قرأت في إحدى الصحف خبرا عنك ،بعد حصولك لجائزة شاعر شباب سوق عكاظ، وك����ان ه���ذا ال��خ��ب��ر ي��ت��ض��م��ن ت��ص��ري��ح�� ًا لك بأنك كنت تتوقع فوزك بالجائزة ،وأنها أي ال��ج��ائ��زة ه��ي بمثابة نقطة مهمة وتحول في مسيرتك ..م��اذا تقول في اتجاه هذا البوح؟ ρ ρن��ع��م ،ك��ن��ت أت��وق��ع ف����وزي .ال ل��ش��يء في شعري ،بل هو حدس وحسن ظن خامرني قبل إع�لان الجائزة من قِ بل سمو األمير خالد الفيصل ..وأع ّد فوزي بجائزة شباب عكاظ أحد أهم المنعطفات المهمة في تجربتي القصيرة ،وه��ي ب�لا ش��ك راف��د كبير ومصدر اع��ت��زاز ،لكن ذل��ك حمّلني كثيرا من الحذر والتأني ..لذلك لم أقدم ديواني بعد ،الشعر بشكل عام طريق مليء باألسئلة واالحترازات والشكوك والقلق.. وهو بعد ذلك نبع إنساني يعبر عن أسئلة اإلن��س��ان ووج����وده ووع��ي��ه ب��ه��ذا ال��وج��ود، وأرجو أن يمنحني بعض أسراره وأستاره. ماض ووجع»!.. قصيدة «خيانة ٍ ¦ ¦قريبا ستصافح الساحة الشعرية بديوانك
ماض ووجع!» «خيانة ٍ
ق������ف أي�����ه�����ا ال����مُ ����ت����س����اق����ط ال���ن���ائ���ي �����ك :أش����ي����ائ����ي! دع����ن����ي ُأل�����م�����ل�����مُ م�����ن َ دع������ن������ي أراك وأن���������������تَ ت���ف���ق���دن���ي وت�����������ذوب ف������ي وهَ ������ج������ي وأص������دائ������ي ق���د ُخ���ن ُ���ت ل��ي�� َل��ـ��ك ..ي���ا ض���ي���اع دم��ي ك���ي���ف ان���غ���م���س ُ���ت ب�������ذُ لِّ أض����وائ����ي؟! ����رت م���ش���ي���بَ ق��اف��ي��ت��ي ك���ي���ف اح����ت����ق ُ وس����ح����ـ����ـ����ل����ت����ه����ا ف�������ي ك�������ل ض������وض������اءِ ��ك ف��ي ال��ط��ري��ق ضحىً ع��ـ��رَّ ي ُ��ت نُ��ب��ل َ ���ك ..ش��ه��ام�� َة ال��ط��ائ��ي! ���رت ف���ي َ وك���س ُ
�������ت راح�������ل������� َة ال������ك���ل��ام ع��ل��ى �������خ ُ األول ،هذا ما استنتجته من حوار جانبي وأ َن�������ـ ْ زن������دي������ك ..ف�����ي س�����فَ�����ري ووع���ث���ائ���ي ك���ان ب��ي��ن��ن��ا ،وأن����ا أث���ق ب��أن��ك ت��ح��رص على ���ك ..ل���س ُ���ت م��ع��ت��ذر ًا ���ت ل���ي���ل َ اإلض���اف���ة وال��ت��م��ي��ز ،ه��ل ن��ح��ظ��ى ب���أن تقرأ ق���د ُخ���ن ُ ال عُ ���������ذ َر ي���ح���م���ل���ن���ي ..ل��ظ��ل��م��ائ��ي! نصا من هذا الديوان؟ علينا ًّ
ρ ρأرجو أن يكتب لهذا الديوان القبول ..وهذا ع����ي����ن����اك ج������ام������دت������ان! وا وج���ع���ي أحد النصوص: ت����أب����ى ال�����ب�����ك�����اءَ ..وأن��������تَ م����ن م������اءِ ! اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
103
�������اص ع���ل���ى األس������م������اء ..م��ك��ت��م��لٌ ع ٍ ول����ق����د َب����ـ����ك���� ْت����ـ َ ����ك ج���م���ي���ع أس���م���ائ���ي ...ρ ρأن تكون دارسا لما تحبه وتهتم به أمر جميل ،وله أثر بالغ على ما يكتبه الشاعر.. رؤي����������اكَ :ن���ه���رُ ال���ص���م���ت ي��ح��رس��ن��ي ف��ال��ق��راءات األدب��ي��ة وال��دراس��ات النقدية وت�������ب�������خ�������رت رؤي����������������������اك ..ي�������ارائ�������ي على المستوى اإلبداعي؟
«ال ظ����������لَّ ي����ت����ب����ع����ن����ـ����ـ����ي» ألت����ـ����ـ����ب����ع����هُ أي������ن ال�����ش�����ف�����اء ..و ُرق�����ي�����ت�����ي :دائ������ي! ����ت ال ع�������ذر ل�����ي ل����ي����ـ����ـ����ر َّد م�����ا اق����ت����رف ْ ل���غ���ت���ي ..وال «ن����عَ����مٌ » ت��ق��ـ��ـ��ـ��ي «الئ�����ي»! ال ع��������ذر ل������ي وغ������واي������ت������ي :ن���فَ���س���ي وال�����ق�����ل�����ب م�����ع�����ج�����ونٌ ب���أخ���ط���ـ���ـ���ائ���ي أت����ح����س����س األح�������ب�������اب ف������ي ك����بِ ����دي م����������اذا ت���ب���ق���ـ���ـ���ى م������ن أح���� ّب����ـ����ـ����ائ����ي؟! ي���ا أي���ه���ا ال���م���وت���ى ان���ب���ش���وا ج��س��ـ��دي ������ت ج����م����ي���� َع أح����ـ����ي����ائ����ي! إن��������ي أَ َم������ـ������ـ ُّ
104
ترفد النص اإلبداعي وتوجهه ..ولطالما ك��ان اإلب����داع م��ت��م��ردًا على سنن النقاد وصرامتهم ..لكن على الشاعر أن يحذر من تسرّب الصبغة األكاديمية الجافة إلى ماء إبداعه ،وهناك تجارب عربية مهمة جمعت بين التنظير األكاديمي واإلب��داع األدب����ي ..مثل الناقد ال��روائ��ي التونسي شكري المبخوت ..والفلسطيني العراقي ج��ب��را اب��راه��ي��م ج��ب��را فهو ن��اق��د وشاعر وروائ�����ي ،وال��ي��م��ن��ي ع��ب��دال��ع��زي��ز المقالح الشاعر الناقد ،والمغربي الرائع عبدالفتاح كيليطو ..وغيرهم كثير.
اإلبداع يتمرد على سنن النقاد!.. ¦ ¦م���ن ال���واض���ح ت��وج��ه ال��ك��ث��ي��ر م���ن األس��م��اء الشعرية في السعودية لكتابة الرواية في ¦ ¦وأن���ت ح��اص��ل على درج���ة الماجستير في السنوات األخيرة ،هل لهذا التوجه تفسير تحضر لنيل درجة ِّ األدب السعودي ،واآلن لديك؟ الدكتوراه ،هذا التوجه الثقافي األكاديمي، ألن يترك أثر ًا على الشاعر خليف الغالب ρ ρال��س��رد أصبح دي���وان العالم الكبير ،وال اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρ ρالساحة السعودية مميزة ..وال أعني ما ي��دور في المؤسسات الرسمية فحسب، بل أشمل تلك الحركة الشبابية الجادة ف��ي الشعر وال��س��رد وال��ت��رج��م��ة والنقد، هناك غثاء كثير لكنه سيماء طبيعية في هذا الزمن ..متفائل بمرحلة قوية لألدب السعودي والحركة الثقافية تكون األميز في الوطن العربي .لدينا حركة ترجمة من شباب مميزين ..وحلقات فلسفية وندوات وأمسيات ومعارض ..وقد تكون المملكة ¦ ¦ما المواقع التي تنصح الشعراء والمثقفين أبرز البالد العربية في جانب المحاضرات بزيارتها على شبكة اإلنترنت؟ والندوات واألمسيات ..وسيترك كل هذا ρ ρكثيرة ..لكن «موسوعة أدب العالمية» أحد أثره. أبرز هده المواقع ،ففيها جهد كبير وعمل ¦ ¦ل��دي��ك ح��ض��ور مميز م��ع ال��ش��ع��ر النبطي، واضح ،كذلك موقع «حكمة» الثري فكريا
م� � � � � � � � � � � � � � � � ��واج � � � � � � � � � � � � � � � � �ه� � � � � � � � � � � � � � � � ��ات
غ��راب��ة أن تتوجه إليه األق�ل�ام وتتطاول إليه األع��ن��اق ..وه��و ف��ن عظيم ل��ه أهله ومبدعوه ..ومن أراد اقتحام أسواره فيجب أن يكون ذا قراءة معمقة فيه ..وبكل أسف ρ ρليس لي حضور ج��اد في ه��دا المجال.. فقد استسهله كثير من الكتاب ..فنتجت أكتب النص العامي محبة في هدا اللون أعمال محبطة ،وهناك مبدعون مميزون وتعبيرًا عن بعض الذات المتشظية ..وفي يمتلكون في ه��ذا الطريق أدوات���ه ..وقد الساحة الشعبية ما هو مميز ج��دا على نجح بعضهم نجاحا باهرا ..نذكر محمد مستوى الصورة والخيال والفكرة.. حسن علوان الذي بدأ شاعرا ثم اتجه إلى ¦ ¦في ظل التغيرات السياسية واالقتصادية الرواية وكتب فيها تجارب الفتة ..ال إشكال ال��ت��ي ي��ش��ه��ده��ا ال��ع��ال��م ال��ع��رب��ي ،م���ا األث���ر في التحول فهو سمة للفن ،اإلشكال في ال��ذي ق��د تتركه ه��ذه التغيرات على شكل محاولة التجريب على غير بصيرة. الخطاب اإلبداعي ومضمونه؟ ¦ ¦هناك تصنيف يقيم الساحات الشعرية من ρ ρال أع����رف ع��ل��ى وج���ه ال��ت��ح��دي��د ..لكن بلد إلى آخر ..فمثال هناك شعراء يصنفون التغيرات الكبرى تضرب بظاللها على ساحاتهم بأنها األكثر تألقا وجدية ،كيف األدب بصورة جليّة ..وأظن األدب سيحتوي تقيم أنت الساحة الشعرية السعودية؟ ه��ذه التحوالت ..إذ إن ه��ذا من طبيعته ك���ش���اع���ر ي���م���ل���ك ص����وت���� ًا م���م���ي���ز ًا ف����ي ه���ذه الساحة ،وبقصائد مميزة ،ما سر حضورك في هذا الفضاء؟
وتكوينه .وك��م واك��ب األدب ظروفاً كبيرة واستطاع التعبير والتشكّل والمواجهة .م ّر بالعرب ظروف وتغيرات جذرية في العصر العباسي من انفتاح على األم��م ،وتواصل م��ع اآلخ���ر ،وث���ورات وان��ق�لاب��ات وح��روب، وواك��ب األدب كل ه��ذا وتأثر ب��ه ..ومرت بأوروبا الثورة الصناعية والحروب العالمية وك��ان األدب في كل ذلك حاضرًا كما هو باق ما بقي اإلنسان. اإلنسان ..األدب ٍ
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
105
وفلسفياً..
من عناصر السرد ال تتم الرواية إال بها.. أما في الشعر فليس للنت سوى أنه حاضن
¦ ¦أن��ت ق��ارئ جيد للتراث ال��ش��ع��ري ..شعراء اليوم منهم من لم يقرأ وليس لديه أص ًال لإلبداع يزيد في انتشاره وتوسع مقروئيته. أدوات ال��ق��راءة لهذا ال��م��وروث ،ويحرصون ...ال أمتلك مكتبة غنية! على ق���راءة بعضهم وم��ا ه��و مترجم ،م��اذا تقول في هذا؟ ¦ ¦هل لنا أن نتعرف على محتوى مكتبتك؟ ρ ρال أزعم أني مجيد ..ولكل وجهة هو موليها.. لكني ال أرى أدي�� ًب��ا مميزا إال وه��و قارئ مميز ..واإللمام بالتراث وقراءته والوعي به من أهم ميزات األدباء البارعين .ذلك ال من المعارف أن التراث يحمل كماً هائ ً واألف���ك���ار وال���ص���ور ،وه���و سبيل للوعي بالحاضر واستشراف آفاق المستقبل ..وال غنى للقارئ من معرفة نتاج اآلداب األخرى واإلف�����ادة م��ن أدب��ه��ا ومعرفتها ومناهج بحثها ..وليس بين األمرين تعارض. ¦ ¦ظ��ه��ر ف��ي ال��س��ن��وات األخ���ي���رة م��ص��ط��ل��ح ،ال أعرف هل وصل إلى مسمعك وهو «شعر أو شعراء النت» ماذا تقول ..هل سيكون هذا مالذ ًا للقصيدة وبخصائص فنية مغايرة؟
106
ρ ρاإلنترنت حاضن رقمي لإلبداع ،وفوائده على األدب والفنون أج�� ّل من اإلحصاء، لكني ال أرى حتى ال��ي��وم خصائص فنية فارقة في منتجه األدبي ،وإن كان من النقاد من يرى انحرافًا في بنية النص وتركيبه فيما يسمى «النص اإللكتروني»..أما في ال��رواي��ة اإللكترونية فهناك ف��روق كبيرة بينها وبين ال��رواي��ة ال��ورق��ي��ة ..ذل��ك أنها تعتمد على التشكيل اإللكتروني والصورة والخيارات الرقمية بوصفها عنصرًا رئيسً ا اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρ ρاألدب ل��ه ال��ح��ص��ة ال��ك��ب��رى ..ال��دواوي��ن الشعرية وال���رواي���ات العربية والعالمية وال��دراس��ات النقدية في السرد والشعر وال��ن��ظ��ري��ة ..ث��م ال��ك��ت��ب ال��ف��ك��ري��ة بنسبة أقل ..ثم تجيء االهتمامات األخرى ..هذا ولستُ أمتلك مكتبة غنية ..بل هي مكتبة محدودة.. أهتم كثيرا ب��ال��دراس��ات النقدية للشعر والسرد ..وكذلك بالكتب المهتمة بقضايا المصطلح النقدي ،إضافة إلى كتب تراثية ف��ي األدب وال��ب�لاغ��ة ك��ال��ب��ي��ان والتبيين للجاحظ ،وطبقات فحول الشعراء البن س�ل�ام ،وك��ت��ب ق��دي��م��ة الب���ن جعفر واب��ن طباطبا والتوحيدي وثعلب وغيرهم ..أما ف��ي ال��دواوي��ن الشعرية فغالبها لشعراء القرن العشرين ،والروايات كذلك تتوزع بين روايات عالمية مترجمة وروايات عربية.. أح���اول أن أهتم بما ه��و أصيل ومتميز، وأف��ش��ل أحيانا ،فأخسر فيما ه��و رديء ومكرور.
س � � � � � � � � � � �ي� � � � � � � � � � ��رة وإن � � � � � � � � � � �ج� � � � � � � � � � ��از
زياد بن عبدالكريم السالم زياد السالم ..مفكر وأديب شاب يحمل رؤية ثقافية مغايرة ،تحمل ثراءً يأتي من عمق مسقط رأسه مدينة دومة الجندل – الجوف ،المدينة التاريخية العريقة الضاربة في عمق التاريخ ،حيث أقدم مئذنة في تاريخ اإلسالم ،في مسجد عمر بن الخطاب ،رضي اهلل عنه ،وحيث قلعة مارد ،قصر األكيدر ،الذي تعجب الصحابة م��ن بُ��ردت��ه التي أه��داه��ا للنبي صلى اهلل عليه وس��ل��م؛ وال��ت��ي ج��اء منها بشر بن عبدالملك معلم القراءة والكتابة ألهل مكة قبل اإلسالم. ق���اص وش��اع��ر وم��ف��ك��ر ،عميق ال��ق��راءة والثقافة ،واسع االطالع ،ناشط في قضايا الثقافة والمجتمع ،داعم لألنشطة الثقافية الحقيقية ،مساند لقضايا الحريات ونبذ العنف. يسبق عمره بمراحل ،ال تخاله عندما تشاهده للمرة األول���ى ،اال ك��أي ش��اب في مقتبل العمر في اهتمامات معظم شباب هذه األيام ،ولكن بمجرد تعرفك عليه ،تتأكد أنه شاب مختلف جدا ،عن السائد والمألوف،
يتمتع بحنكة ودراية وثقافة موسوعية ،متعمق في بحث معظم الثقافات والفلسفات ،له حضوره االبداعي في الصحف والمجالت العربية والمحلية. ي��ق��ول ال��س��ال��م ،ف��ي ح���وار أج��رت��ه معه مجلة الجوبة سابقا ،إن األحداث السياسية والثورات ال تصنع بالضرورة إبداعاً مختلفاً في علم الفوضى ،ونظريات الكايوس ،فخفقة خفيفة من جناح فراشة في ماليزيا تتسبب بإحداث عواصف مدمرة في الجزء البعيد اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
107
أسطورة يجيد خلقها. زياد السالم شاعر يحتفي بالغرابة التي ه��ي ديباجة «الحلم» ونهايته.. ي����راوغ ال��ع��ال��م ب��إس��ق��اط��ات��ه ال��ت��ي قد تخدش مَ��ن ال يجيد ال��غ��وص ..يؤمن بالتغيير سواء على مستوى النص أو اإلنسان. وه��ك��ذا ،يجيء الشاعر زي��اد من من الكرة األرضية؛ وعليه ،فإن أثر الفراشة يخلب نهارات مغسولة بالمطر متنقال مثل لبّي أكثر ألف مرة من هياج ألف ثوري .وهو يرى قناص شديد القلق بين حقول الشعر والسرد أن ثمة أبعاداً ال مرئية تستحق التدبر واالستبصار ،والفلسفة.. كما أن الشاعر النجم ال��ذي يمتلك أث��راً وصوتاً إصداراته ورائحة انتهى مع انتهاء عصر الوراقين. نصوص السالم حظيت باإلعجاب م��ن قبل 1 .1وج���وه ت��م��ح��وه��ا ال��ع��زل��ة -أرب��ع��ة نصوص ق��ص��ص��ي��ة ف��ق��ط ض��م��ت��ه��ا ال��م��ج��م��وع��ة في عدد من النقاد والمهتمين ب��األدب والفكر ،فقد صفحاتها التي لم تتجاوز الخمسين صفحة، وصف الناقد حسن المصطفى نصوص السالم لكنها ،وبما توافر لدى كاتبها من جرأة وتمكن بـ «النصوص المفتوحة» التي تتكئ على اللغة أكثر من آالت��ه الفنية وثقة عالية ،استطاعت أن من اتكائها على السرد». تقدّم تجربة شعورية وإبداعية متكاملة إلى وتقول الدكتورة فاطمة الوهيبي :هكذا يمكن أن ح ّد بعيد. تفسر نصوص زياد بأنها تصوير لعمل الفنان في محترفه ،قبل أن يتخلق الشكل النهائي لعمله :إنها 2 .2حصة آدم من النار (مجموعة شعرية) ويتكون من جزءَين :األول ش��ذرات فلسفية ،واآلخر فوضاه وأحالمه واجتهاده وتعبه .نعم ،في أماكن شعر .الكتاب ذو أفق حداثي فلسفي علمي، معينة من كل نص من نصوص السالم تشعر بتعب يطرق ع��دة ج��وان��ب ع��ن ال��ك��ون ،واإلن��س��ان، اللغة وإرهاق الفكرة التي دارت دورات عدة تحت والوجود. ضربات من هنا وهناك ،إلى أن استقرت في نتوء 3 .3المضاف إلى نفسه (مجموعة شعرية) :ركز معين أو حفرة غائرة في تمثال اللغة الصخري. فيه على الصورة الشعرية بجدارة ،مجرداً ويقول القاص عبدالحفيظ الشمري :إن زياد لغته من دالالتها الفيزيائية ،لينتج نصاً فارقاً، عبدالكريم السالم (شاعر يتكئ على السرد) ..هذا عالميا يتمفصل في جذور الكون ،وتتشابك ما تشي به مقدمة ديوانه الجديد (المضاف إلى فيه رؤى الحلم مع تطلعات الذات والمجتمع. نفسه) التي كتبها الشاعر عبداهلل السفر ،فهو، يقول: وَوِ فق هذه اإلضاءة يزاوج بين تجربتين هما الشعر والسرد ،بوصفهما حالتين من حاالت دهشته وألمه أيها المتصدع في الصلصال الذي يمور كمرجل على وشك الطيش المدمر ..على مرمى حجر من الفاكهة المحرّمة فهو الذي يكشف لنا في ج ِّل أعماله مأساة موت الى أين تسري بأهلك؟ العالقة اإلنسانية وأخطارها المحدقة فينا. إنه ليل شائك يخزق بحسكاته كل بوصلة سرية
ويقول الشاعر عمر بو قاسم :ينتهز حالته حتى وإن موّهها األدالء تحت غطاء قطني!! الشعرية بفضاء من اللغة ،التي تنقل القارئ إلى ليس ثمة مكان إال وفيه شجرة حمراء.
108
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ρρحتقيق :عبداهلل الزماي*
أمل الفاران :
ه��ذه األسئلة هي أشباح هواجس ال تعبر ذه��ن المبدع وإن اضطر للتعامل معها.
أميرة المضحي :
أح��اول أن أوازن بين ما رسمته لشخصياتي ،وهامش الحرية الذي منحته لها.
حمور زيادة :
األصوب ،هو مساحة بين الجبر والسباحة الحرة.
ريم الكمالي :
أحب إدخال شخصية واقعية واحدة من صلب التاريخ.
شكري الميدي أجي :
تمتزج بأشخاص حقيقيين ،أو تستعير بعض شخصيات أخرى من ذاكرتها.
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
الروائي وشخصياته َمن يقود اآلخر؟
عبدالوهاب الحمادي :نصر الكاتب على شخصياته نصر يبطن الهزيمة. محمد الغربي عمران :تتطور الشخصيات ،نتيجة لتحرك كتل الحكي وتطور األحداث. محمد ولد محمد سالم :ت��م��رد ال��ش��خ��ص��ي��ات ،ل��ي��س س����وى ش��ع��ار ي��ح��ل��و لبعض الروائيين إطالقه. ت��ق��ول ال��روائ��ي��ة التشيلية إي��زاب��ي��ل أن تكون كذلك أيضا». الليندي« :حين أطوّر الشخصيات غالبا ث��م ت���ردف« :أس��م��ح للشخصيات أن م��ا أب��ح��ث ع��ن ال��ش��خ��ص ال���ذي يمكن تعيش حياتها الخاصة في الكتاب .غالبا أن ي��ك��ون أن��م��وذج��اً .إذا وج���دت ه��ذا ما يتكون لديّ شعور أنني ال أستطيع أن الشخص ف��ي ذه��ن��ي ..فمن السهل أن أتحكم بهم .تذهب القصة في اتجاهات أخلق شخصيات مقنعة .الشخصيات غير متوقعة ،ووظيفتي أن أكتبها حتى معقدة ومركبة ونادرًا ما يظهرون حقيقة ال��ن��ه��اي��ة .ال أن اح��ت��ك��ره��ا وأخضعها شخصياتهم .الشخصيات الروائية يجب ألفكاري السابقة». اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
109
فكيف يُسَ يِّر ال��روائ��ي شخصياته؟ وهل ه��و مَ���ن ي��ذه��ب ب��ه��ا إل���ى مصيرها محكما ب��ذل��ك سيطرته عليها؟ أم ه��ي مَ��ن تختار ذل��ك المصير؟ وه��ل تمضي بالتالي بذلك االختيار بالروائي إلى مناطق لم تخطر بباله في البداية؟ أم هو مَن يتركها تختار طائعًا ومنقادًا الختياراتها؟ هذه أسئلة من صميم العمل الروائي ،تشغل دائما الروائي الواعي بنصه والمهموم ب��ه .طرحناها بدورنا على عدد من الروائيين ،فكان لكل منهم إجابته وتجربته الخاصة. أمل الفاران
إيزابيل الليندي
ف��ي ال��ب��دء ،تحدثت ال��روائ��ي��ة السعودية أمل الفاران بقولها« :ليست كواليس العمل ال��س��ي��ن��م��ائ��ي ال��م��ده��ش م��ا ت��ح��رض��ك على مشاهدته أو تنصرف ب��ك عنه؛ ب��ل المنتج النهائي يكتمل ،ثم يعرض نفسه أمام ذائقتك الجمالية لتنفعل به وتصنّفه وتقيّمه ..بعد أن تقرر إن كنت ستكمل مشاهدته أم ال .ومع ذلك، ما العنوان الذي سأختاره لكتابي؟ العنوان فالفن بعوالمه السحرية يثير فيك الرغبة في الذي أنا على استعداد لكشطه ووضع بديل له.. التلصص على المخبوء من أسراره ،ويغريك بعد أن أسير نصف الرحلة أو أكاد أنهيها ،ثم كمتلق بإمكانية كشفها. ٍ يبدو لي أنه ليس مفتاحها األنسب؟ ما األفكار وبين حوليات زهير ب��ن أب��ي سلمى وما الرائجة في المجتمع والتي تحنقني ،وأريد أن ينفثه مسلح بن جندل فيصدر األعشى وحتى أعد لميزان األمور فأكتب عن سواها ،أو أكتب ج��ن ناصر الفراعنة ..ظ��ل المتلقي مؤرقاً عنها من زاوية تجعل قارئا واحدا على األقل بأسئلة اإلب���داع ..أهي ثمرات إلهام خالص يقف منها موقفاً مختلفا؟ لذا ،فإن أسئلة مثل أم هي العمل الدؤوب؟ ثم أضافت« :الحقيقة هل تكتب العمل أم يكتبك؟ لماذا تكتب؟ إلى أن األسئلة التي يطرحها القراء ،النقاد ،أو أي مدى يتماس عملك مع واقعك؟ وإلى أي ال��ص��ح��ف��ي��ون ..مختلفة ع��ن ال��ت��ي يطرحها حد تتحكم بشخوصك؟ هل تقودها أم أنها الكاتب على نفسه؛ فما يقلق الكاتب هو كيف تتمرد عليك؟ ه��ي أش��ب��اح ه��واج��س ال تعبر سيكون السطر األول في عملي القادم؟ هل ذهن المبدع وإن اضطر للتعامل معها حين سيكون هناك ثمة سطر أول وعمل ألكتبه؟ ما تطرح عليه ..مع أنها لم تك أسئلته .وقبل أن الذي سأرغب في قوله في العمل؟ ومن البطل يجيب أي كاتب ستصطف شخوصه كجياد أو األبطال الذين سأنفث فيهم من روح الكلمة ليتمثلوا بشرا ينهض برسالتي هذه المرة؟ وبعد أن أرضى (قليالً) عما كتبته ..هل أجد قراء يغرمون بما كتبت ،أو على األقل يتكبدون مشقة قراءته؟
110
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
أميرة المضحي
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
سليمان ليستعرضها ويدقق في سلوكها منذ انبثاقها على سطح نصه حتى يرضى عنها بما يكفي لنشرها» .وتكمل صاحبة رواي��ة «غواصو األحقاف» قائلة« :ستسمع ال ُكتّاب يتحدثون عن شخصياتهم التي فعلت أشياء لم يخططوا لها ،وكأن ذلك خارج عن عملية الكتابة التي من حيث هي بناء ..هي هدم متواصل لكل ما هو سابق للنص .سينسبون ألبطالهم بعض التمرد أو أقله ،ألن السؤال يوجه تفكيرهم ويقودهم إلحدى طريقين :أنا أتحكم بشخصياتي ،أو هي تتحكم بي؟ ما أراه هنا ..هو أن ما يبدو تفلتًا من بعض شخصيات النص هو جزء من عمليات البناء والهدم أثناء خلق صرح النص الممرد ،فحين يضع الكاتب شخصية في سياق ما ..يعطيها مساحة ..ثم يجد نفسه يعود ليخربش حولها فتتمدد أو تنكمش ،تتغير بعض األحداث المرتبطة بها أو بعض أقوالها ..هذا ال يعني أن الشخصية تتمرد ،هذا يعني أن ثمة مسافة بين الفكرة في رأس مبدعها وبين تخلّقها على ال��ورق، مسافة تجعل المبدع يرى خللها حين ينسجها أحرفاً وخياالت».
أميرة المضحي
الشخصيات فرصة لتصنع خياراتها وحيواتها، ولترسم لنفسها خريطة طريق بعيداً عني لو أرادت .أح��اول أن أوازن بين ما رسمته لها، وبين هامش الحرية ال��ذي أمنحه لها .فأنا أحب أن تكون الشخصيات من «لحم ودم»، تحب وتغضب وتثور ،وتنفعل وتغضب وتكره، ليتفاعل معها القارئ بكل عيوبها وإخفاقاتها وعذاباتها وجنونها». وتضيف صاحبة رواية «يأتي في الربيع»: «سبق لشخصية «م��ي��راي» ف��ي رواي���ة «أنثى مفخخة» ،والتي كانت تتذمر على رتابة حياتها هنا ،فأذنتُ لها بقضاء شهور حملها األخيرة في بيروت مع عائلتها قبل االنتقال النهائي إلى دبي ،لكنها واجهت مصيراً غامضاً عندما تصادف مرورها بسيارتها في وسط بيروت، واالنفجار الكبير في الرابع عشر من شباط عام 2005م.
أما الروائية السعودية أميرة المضحي، فتقول« :خلق الشخصية يضعني أمام معضلة حقيقية ..عندما أعجز عن السيطرة عليها وأن���ا ال��ت��ي أع��د خلق الشخصية ه��و األم��ر األكثر متعة بالنسبة لي خالل كتابة الرواية. الشخصية الروائية ..والتي أخلقها في دور مرسوم محدد وب��دق��ة ،لكني أكتشف خالل أما «دالل» في روايتي األخيرة «يأتي في الكتابة خيباتي تالياً ،عندما تتمرد إحدى الربيع» ،فقد كانت خطتي المبدئية إبقاءها الشخصيات ع��ل��يّ وت��أخ��ذ زم���ام ال��م��ب��ادرة لعام آخ��ر على ب��دء أح���داث الربيع األس��ود ف��ي مواجهة الحياة .رغ��م أن��ي أفسح لهذه في عالمنا العربي ،لكنها استعجلت سفرها
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
111
ريم الكمالي
وسافرت في العام ذات��ه ..تاركة وراءه��ا كل شيء ،ومبقية على السؤال األهم :لماذا قررت وتجيب الروائية اإلماراتية ريم الكمالي ع��دم مواجهة مشكالتها المعقدة وفضلت بقولها« :إن تحدثت ع��ن تجربتي الخاصة السفر أو الهروب؟». وما كان يحدث لي أثناء العمل ،فإنني أخطط الفكرة مسبقًا وأمضي بها نحو السرد ،لكن ما حمور زيادة ال��روائ��ي ال��س��ودان��ي حمور زي���ادة ،يقول :يجري لي أنني أثناء الكتابة ،تحل عليّ أفكا ٌر «يمكن للكاتب أن يضع للشخصيات مسارها ،أخرى أرى أنها مناسبة إلدخالها في الرواية ويسوقها لتتحدث وتنحاز لما يختاره .لكن وتمنحها المزيد من القوة وتعززها؛ حينها، ال فنياً ظاهراً .كما إن ترك أجدني أغيّر بعض الخطط وأمضي بالرواية». ذلك سيبدو خل ً الشخصيات تتحرك وحدها دون منهج مسبق وأضافت صاحبة رواية «سلطنة هرمز»« :أما قد يبدو عبثياً ويفسد خط العمل» .وأضاف النهاية فعندما أنتهي ،أب��دأ بالمراجعة من صاحب رواي��ة «شوق الدرويش»« :أعتقد إن جديد ألغير المسارات هنا وهناك تقديرًا األص���وب فنياً – ل��و أن ه��ن��اك م��ا يمكن أن واعتمادًا على تلك النهاية .لذا أنا من النوع يوصف باألصوب في الفن – هو مساحة ما الذي يعتمد على النهاية التي ما إن تأتيني بين الجبر والسباحة الحرة .يكون ذلك هيّناً وتقنعني فإن الرواية حينها تكتبني ال أكتبها، إن بنى الكاتب الشخصية بنا ًء مُحكماً قبل أي أع��ود من جديد أغيّر وفقًا للنهاية التي البدء في الكتابة .هذا البناء يجعل المصائر حضرت ،ورغمًا عن كل الخطط المسبقة». شبه محددة سلفاً ،وتكون اختياراتها منطقية وتختم الكمالي حديثها ع��ن الشخصيات ومفهومة ،فال هي تأتي عنوة بال اتفاق ،وال بقولها« :أم��ا الشخوص واألب��ط��ال فهي من هي تأتي فجأة نتيجة تحوالت تراكمية مفاجئة مخيلتي ،لكن أثناء السرد والعمل يحدث أن أخ��رج بشخوص أخ��رى أتخيلها وأضعها في لم يكن الكاتب يفكر فيها قبل الكتابة».
حمور زيادة
112
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ريم الكمالي
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
المسار ،إما للتشويق أو ألسباب فنية ..وكوني أكتب الرواية التاريخية ،فإنني أحب إدخال شخصية حقيقية واح��دة من صلب التاريخ، أضعه وف��ق ت��ص��وري ،للمزيد م��ن اإلق��ن��اع.. ألخرج برواية كتبتني بعد أن كتبتها». شكري الميدي أجي أما الروائي الليبي شكري الميدي فيجيب بقوله« :أثناء نحت الشخصية ..أعتمد على الذاكرة .طالما بوسعي تذكّر أغلب تفاصيل وج��وده��ا -ال��م��خ��ط��ط ل��ه��ا م��س��ب��ق��اً -فإنني متحكم بها وبمصيرها ضمن النص .يحدث خالل الكتابة أن أفقد التحكم بذاتي ،بسبب تأثير خارجي كسقوط إن��اء ف��ارغ ،أو اندالع حرب أهلية بالجوار ،أو تنتابني الرغبة في تجاوز الفقرة بسبب التعب أو الملل ،عندها يقل التركيز ..فتضعف سطوة الذاكرة ،لتصبح الشخصية وكأنها خرجتْ عن السيطرة ،تبدع تفاصيل ج��دي��دة ،تشرب القهوة ألول مرة، تبدي تصرفات غريبة ..كأن تقف في ممرات المكتبة ،وتتخيل وجود شبح يراقبها ،أو تذهب إلى الحديقة للتعرف على شخصية أخرى ،أو إنها تتذكر رحلتها إلى باريس في عشرينيات القرن الماضي ،لتبدع حياتها الخاصة هناك. ببساطة تستعير بعض شخصيات أخرى من ذاكرتي الخاصة ،تمتزج بأشخاص حقيقيين وتفرض بذلك وج��وداً خاصاً بها ،بتفاصيل أكثر تعقيداً وحياة كاملة .عندها أدرك أنني تورطتُ ضمن النص ،وإن الشخصيات التي أسطرها على ال��ورق ما هي إال مزيج كثيف من ذكرياتي الخاصة.
شكري الميدي أجي
أساس ضمن النص ،والتي ٌ الروايات .بعضها ي��ب��دأ بها ال��ك��ات��ب ،غ��ال��ب��اً م��ا ت��ك��ون متوقعة ومتحك ٌم بها بمنتهى الدقة ،تحدث المعضلة عندما تحتك بالشخصيات الثانوية ،عندما تعلن إحداها عن مسألة تعارض أو توافق توجِّ ه الشخصية األساسية ،فتحدث تلك اللقطة التي تتسبب بخروج الشخصيات عن المخطط المعد مسبقاً ،دون أن تعرف من أين ظهرتْ تلك الشخصية الثانوية وغير المخطط لها. ثم يضيف صاحب رواية «المكتباتي»« :حدث معي هذا خالل انجازي للروايتين ،وفي كلتيهما لم أستطع التخلص من هذا التمازج المربك. ف��ي األول���ى (المكتباتي) ذه��ب��تْ شخصيتي األساس إلى باريس في العشرينيات ،والتقتْ هناك بشخصيات شبحية لم تظهر بشكل حقيقي ضمن ال��ن��ص .وف��ي الثانية ،ول��دتْ شخصية كاملة من ال��ذاك��رة وج��دتْ سبيلها ضمن صفحات النص ،واحتلت نحو ثالثين صفحة من الرواية .التحكم بالشخصية يتبع كتبتُ رواي��ت��ي��ن خ�لال م��دة وج��ي��زة ،وهي مدى قوة الذاكرة المهيأة لتحمل مشقة تذكر ليست بالتجربة الكبيرة ،لكنها كانتْ كافية كل التفاصيل الخاصة بها .هذا ال يحدث في لمعرفة وتعلم كيفية والدة الشخصيات ضمن القصة القصيرة ،فالشخصيات ،ال تخرج عن اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
113
السيطرة بسبب قدرة الذاكرة على اإلحاطة بكل التفاصيل .أغسل ذاك��رت��ي ه��ذه األي��ام بالقصة القصيرة ،استعداداً لتجربة روائية أكبر ،مدركاً قيمة الخيوط التي يجب شدها دوم��اً ،لتعود الشخصيات إلى حقيقة كونها مجرد شخصيات بال قدرة على التملص .هذا الماراثون غالباً ما يحتاج إلى الزمن ،بحيث ال تُجهد الذاكرة .هذه خالصة تجربتي التي عشتها حتى هذه اللحظة». عبدالوهاب الحمادي أما الروائي الكويتي عبدالوهاب الحمادي فيقول« :في البداية يسيطر على الكاتب وَهْ م القدرة على السيطرة ،يتضخم ،ثم بك ِّم كبيرِ من السخرية تمضي الشخصيات في طريقها دون أن تلتفت لكاتبها ،تحت تهديد :إن عبثت بنا وم��ارس��ت سلطتك ل��ن نذعن ل��ه��ا!» .ثم يضيف صاحب رواي��ة «ال تقصص رؤي��اك»: «فال يملك الكاتب إال تمهيد الطريق لها وفتح المعابر لتأخذ مساحة تتحكم بها .ويأتي يوم تكون ساحة الكتابة ساحة معركة بين الكاتب وشخصياته .لها الغلبة في نهايتها ،ويسلم لها بذلك ،ألنه إن انتصر عليها كان نصرا يبطن الهزيمة». محمد الغربي عمران
114
بينما يقول الروائي اليمني محمد الغربي عمران« :يخطط أكثر ال ُكتّاب للعمل السردي قبل البدء ..وضمن ذلك التخطيط يأتي على شخصيات عمله؛ مساراتها ،وأدواره���ا حتى نهاية العمل ..لكن ما أن يُبحر في الكتابة حتى يجد شخصيات بعينها تتمرد ،ولْنَقل تتطور.. تسير إلى مصائر غير ما خُ طط لها ..هي ال تصنع نفسها ،بل نتيجة لتحرك كتل الحكي اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
عبدالوهاب الحمادي
وتطور األحداث ..فنجد شخصيات تضمحل.. وب��ع��ض��ه��ا ت��خ��ت��ف��ي ع��ك��س م���ا خ��ط��ط ل��ه��ا.. وك��ان مخططا لها أن تكون من الشخصيات المحورية ..وشخصيات ثانوية يتعاظم دورها وتطغى على م��ا س��واه��ا» .ث��م يكمل صاحب رواية «الثائر» ،بقوله :لكنه الكاتب مَن يمسك بخيوط مصائر جميع شخصياته ..وإن خرجت عما خطط لها في البداية ..وه��ذا ال يعني كتابة نفسها ..بل الكاتب مَن يرى ويستحسن ت��ط��ور شخصياته ..وإن أده��ش��ه ت��ط��وره��ا.. وعبور مسارات ما كانت على البال ..فهو في النهاية مَن يقرر االستمرار من عدمه .قد نقول إن الشخصيات تتمرد أو تقود الكاتب ..وهذا ليس دقيقا ..وإن بدا األم��ر كذلك ..لكن لو أراد الكاتب أال يسير بشخصياته في مساراتها فهو المقتدر ..وعلينا أن نعلم أن ما يحدث في تغير مسارات الشخصيات نتيجة لعدة عوامل يصنعها الكاتب ..منها مسار األحداث وتطورها وتغيرها ..ومنها حالة الكاتب الذهنية المتغيرة كون العمل متخيالً ..والمتخيل يتوالد ويتشكل وفق مشاهد ال يراها إال الكاتب نفسه فيعكسها كلمات .وكل ذلك من إبداع الكاتب ..إذًا نحن
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
محمد الغربي عمران
محمد ولد محمد سالم
أمام خيال ينتجه الكاتب وليس نقل وقائع.. ال يمكن أن يخرج عنها» .ث��م يختم عمران حديثه بقوله« :إذًا الشخصيات تتطور ليرى الكاتب بعد إنجازه لعمله أن الرواية قد سارت وتطورت أثناء الكتابة بشكل مختلف عما خطط له ..وذلك ال يعني أن الشخصيات ليست بنات أفكار الكاتب ..وأنها مَن استحسنت تغيرات مساراتها ،وإن حسبناه تمردًا على الكاتب فهو ترف أدبي».
التنسيق ال��ذي نسق به أحداثه ،أو المالمح التي أعطاها لشخصياته ال تفي بالغرض، ولن توصله إلى وجهة النظر التي يريدها؛ فيلجأ إلى التعديل ،سواء في سياق األحداث، أم في رسم الشخصيات ،أم الظروف التي تكتنفها؛ ما يعني أن مقولة «تمرد» الشخصية على الكاتب ،وقيادتها له ليست صحيحة ،وال منطقية فالكاتب هو مبدع الشخصية ،وليست س��وى شعار ج��ذاب يحلو لبعض الروائيين والنقاد إط�لاق��ه» .ثم يضيف صاحب رواي��ة «دحان»« :إن الكتابة الروائية محفوفة بمزالق منطقية ومعرفية وزمنية كثيرة ،ألنها تفترض تشكيل مجتمع متكامل ،بكل مالمحه ،وهذا يجعل عمل الكاتب عبارة عن عملية «بناء وه��دم بناء» مستمرة ،ويظل كل نسق فيها ع��رض��ة للتغيير وال��ت��ح��وي��ر ..إل��ى أن يصل الكاتب إلى نقطة النهاية التي حددها ،عندها يكون البناء قد اكتمل ،وتكون الشخصيات قد أخذت مالمحها النهائية ،وهنا ترى أنه ال الشخصية وال الحدث هما ما يتحكم في مسار الكاتب ،وإنما وجهة النظر التي انطلق منها وأراد قولها هي ما يرسم له طريقه».
محمد ولد محمد سالم ويجيب ال��روائ��ي الموريتاني ،محمد ولد محمد سالم ،على تساؤلنا بقوله« :ينطلق الروائي من رؤية معينة هي ما يسميه النقاد «وجهة النظر» أو «المنظور ال��روائ��ي» ،وهي المعنى التأويلي وال��ش��ع��وري الكامن خلف الحكاية برمتها ،ووجهة النظر هذه هي التي ت��ح��دد م��س��ار حكايته وط��واب��ع شخصياته؛ فعندما يبدأ ..يكون قد رسم في ذهنه مسارا معينا ل�لأح��داث ،وح��دد لها نهاية ،يفترض أنها تحقق وجهة النظر التي يريد أن يتركها لدى القارئ ،لكنه أثناء الكتابة قد يبدو له أن * كاتب من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
115
فنون الرياضيات: من الشريط إلى الزجاجة ρρد .أبو بكر خالد سعد اهلل*
كثير من الناس يعتبرون الرياضيات بعيدة عن الفن ،مثل الفنون الشعبية والموسيقى والنحت ،وغيرها من فروع العلوم اإلنسانية .وهم عموما ال يدركون مثال بأن الموسيقى كانت تعد فنا من فنون الرياضيات ،وأن عديد الفنون الشعبية يمكن اع��ت��م��اده��ا ف��ي ال���م���دارس لتسهيل إل��م��ام التلميذ بالعمليات الحسابية واألشكال الهندسية .أما الرسم فقد يعتبره هؤالء من الفنون التي تجد عامال مشتركا مع الهندسة والحساب. نريد هنا ،اإلش��ارة إل��ى التقارب الموجود بين الفن والرياضيات ..من خالل بعض المجسمات والنحوت .وسيعجب القارئ عندما يطلع على أن بعض هذه النحوت استلهمها أصحابها من أعقد ما يعرف في الرياضيات :شريط موبيوس Möbiusوزجاجة كالين .Klein شريط موبويوس
عشرات ال��ف��روع .كما أن الطبولوجيا
يع ُّج عالم الرياضيات بالتفريعات نفسها تتفرع إلى عديد االختصاصات والتخصصات .ومن تلك الفروع البارزة ،القائمة بذاتها ،منها الطبولوجيا العامة، والتي يجد الطالب عموما في سبيل والهندسية ،والجبرية ،والتفاضلية.
استيعابها الكثير م��ن ال��ص��ع��وب��ة ،ما
التحليل الرياضي مبني على مفهوم
يسمى بالطبولوجيا .وب���دون اإللمام «النهاية» ال��ذي ل��م يضع الرياضيون ب��ه��ذا .ب��م��ب��ادئ ه��ذا الحقل يستحيل ق��واع��ده السليمة وال��م��ع��ق��دة إال في إدراك أي مفهوم من مفاهيم التحليل منتصف ال��ق��رن التاسع عشر .وه��ذا ال��ري��اض��ي ال���ذي ي��ن��ط��وي ب����دوره على المفهوم يقوم على مبادئ الطبولوجيا.
116
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
المفتوح ف��ي مجموعة»! وبمجرد تحديد العديد من األشكال الهندسية. هذا المفهوم (األجزاء المفتوحة) يأتي منه
ب��ال��ب��ح��ث ف���ي ه����ذا االت����ج����اه اك��ت��ش��ف
مباشرة مفهوم «ال��ج��زء المغلق» (بوصفه الرياضيون سطوحا ال تقبل «التوجيه» ،أي يصف ما تبقى في المجموعة األصلية إذا سطوحا مغلقة ليس لها «داخل» وال «خارج». ما حذفنا منها ذلك الجزء المفتوح) ،ومفهوم وكان أول من وجد مثاال بسيطا يوضح هذه «الحافة» (التي تفصل الجزء المفتوح عن ال��ظ��اه��رة ه��و األل��م��ان��ي ف��ردي��ن��اد موبيوس
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
ومنطلق كل هذه المفاهيم هو تحديد «الجزء فاألمر سوف يتعقد؟ ويمكن بعد ذلك تصور
الجزء المغلق) ومفهوم «داخ���ل» مجموعة (1868-1790م) ال���ذي عُ���رف بشريطه (بوصفه أكبر جزء مفتوح تحتويه المجموعة) «شريط موبيوس» .Möbius stripوفرديناد و«خارج» مجموعة و«جوار» مجموعة ..إلخ.
موبيوس رياضي وعالم فلك تخصص في
تسمح ه��ذه المفاهيم مجتمعة بوضع الهندسة ونظرية األع��داد ،وكان عضوا في
أسس التحليل الرياضي ،فتمخّ ض عن ذلك أكاديمية العلوم الملكية في بروسيا .نشير البرهان على آالف النظريات في التحليل ف��ي ه��ذا ال��س��ي��اق أن ه��ن��اك ري��اض��ي��ا آخر وال��ه��ن��دس��ة .وق��د اح��ت��اج بعضهم م��ن تلك اكتشف أيضا هذا الشريط بشكل مستقل
النتائج إلى إدخال مفهوم «التوجيه» .وظهرت عن مبيوس ،وهو الرياضي األلماني جوهان في هذا المفهوم تعقيدات متعددة إذا غصنا ليستينغ
في الرياضيات المجردة.
Listing
(1882-1808م) الذي كان
أول م��ن أدخ���ل مصطلح “طبولوجيا» في
نحن نستعمل في الحياة العامة الكثير من الرياضيات ،وحدث ذلك عندما تطور هذا المصطلحات لنتمكن من معرفة االتجاهات :العلم وتزايد االهتمام به.
اليمين واليسار واألعلى واألسفل واألم��ام
ما هو شكل شريط موبيوس؟ لقد أخذ
والخلف .وفي الرياضيات نوجّ ه دائرة وفق موبيوس ورق���ة مستطيلة وط��واه��ا بوصل اتجاه يصطلح على أنه االتجاه المباشر (أو أط��راف��ه��ا م��ن خ�لال إدارة أح��ده��ا ب��زاوي��ة الموجب) فنحدده بالقول إنه إذا ما سرنا 180درج���ة ،ث��م وص��ل عرضي المستطيل
على منحنى الدائرة ظل القرص الذي تحيط بطريقة معينة .إذا ما سرت على سطح هذا به على يسارنا وخارجه على يميننا (نقول الشريط فستفقد صوابك ،إذ يختلط عليك أيضا إن��ه عكس ات��ج��اه ع��ق��ارب الساعة) .اليمين والشمال واألم��ام والخلف واألعلى واألمر أبسط إن كنا نريد اختيار اتجاه على واألس��ف��ل ،وه��ذا رغ��م أن للشريط “حافة»
مستقيم .تصور اآلن أننا نسير فوق كرة ..م��ن المفترض طوبولوجيًا أن تفصل بين اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
117
«الخارج» و»الداخل» .كما يختلط عليك وجه الورقة الذي تسير عليه :هل هو صفحتها األولى أم الثانية؟ في الحقيقة .فإن شريط موبيوس ل��ه وج��ه واح���د وت��ل��ك ه��ي إح��دى مميزاته! يقول الرياضيون في هذه الحالة إنه سطح ال يمكن توجيهه .وقد أدى هذا الشريط بالباحثين إلى اكتشاف عدد هائل
صنع بطي ورقة مستطيلة الشكل الشكل :1شريط موبيوسُ ،
من النظريات الجديدة. زجاجة كالين وم���ن ب��ي��ن ال��س��ط��وح األخ�����رى ال��غ��ري��ب��ة والشهيرة في الرياضيات ما يعرف بـ «زجاجة كالين»
Bottle
.Kleinوهذه التسمية يقول
فيها بعض الرياضيين إنها ترجمة للعبارة األلمانية
Flasche
،Kleinscheبينما يذهب
آخرون إلى تصويب تلك ويؤكدون أن صاحبها يقصد
Klein Fläche
(أي «سطح كالين»)!
الشكل :2رسم يوضح كيفية إنشاء «زجاجة كالين»
يُعد فيلكس كالين 1925-1849( Kleinم) بدون «داخ��ل» وال «خ��ارج» .كما أنه ال يقبل أحد عمالقة الرياضيات ،إذ اشتهر بأعماله التوجيه!! في الجبر والهندسة والتحليل ،وله دراسة متميزة تحول البحث في مختلف الهندسات إلى ما يسميه المختصون «زمر التناظر».
ليس من اليسير أن نستوعب بنية زجاجة ك�لاي��ن ال��ري��اض��ي��ة ك��م��ا ي��ري��د أن يقدمها أصحابها انطالقا من تمثيلها المتداول،
ما هو شكل هذه الزجاجة؟ خذ زجاجة وذلك مهما كان اجتهادنا الفكري وخيالنا. من عنقها ومدده ما استطعت ،ثم أدِ ره نحو لتقريب فهم ما يجري ..يطلب الخبراء منا
جانب من جوانب الزجاجة واجعله ينغمس أن نتصور أننا نعيش في عالم ذي بعدين، بداخلها حتى يصل أسفلها (انظر الشكل .)2بمعنى أن قامة كل منا تساوي الصفر ،وكذلك ما الذي يميز هذه الزجاجة؟ إنها تمثل ارتفاع وسمك الكائنات التي تحيط بنا! ثم
118
سطحا بوجه واحد بدون حافة ،وهو أيضا نتخيل أننا نريد أن نوضح ألحدهم معنى اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
عنها أشرطة موبيوسية وزجاجات كالينية بالغة التعقيد.
اهتمام رجال الفن بالشريط والزجاجة الشكل :3شكل جديد من أشكال المنبثقة عن زجاجة كالين
العقدة وكيفية إنجازها باستخدام خيط
فنرسمها له .لكن هذا الرسم سيراه ذلك الشخص ثنائي األبعاد .وبالتالي سيشاهده
ف��ي شكل منحني متقاطع األط���راف عند
بعض نقاطه .علينا أن نشرح عندئذ أن الخيط في تلك التقاطعات يمر أحيانا فوق جزء منه ،وأحيانا أخرى تحته بدون تقاطع!
هناك فنانون كثيرون من نحّ اتين ورسامين
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
وأدخلت عليه تعقيدات ال حصر لها نجمت
استلهموا أعمالهم الفنية من شريط موبيوس وم��ن زج��اج��ة ك�لاي��ن .نذكر م��ن ه��ؤالء النحاتة
النرويجية أوس تكسمن ريغ Aase Texmon Rygh
البالغة من العمر ( ،)92عاماً والذائعة الصيت
بفضل نحوتها البرونزية الضخمة المستنبطة من شريط موبيوس .وقد نظمت خالل السبعين سنة الماضية معارض كثيرة في بالدها وأوروبا
والبرازيل (انظر األشكال .)6 ،5 ،4
غير أن المخلوق الذي يعيش في عالم ثنائي
األبعاد وال يعرف البعد الثالث لن يدرك ما
يعني «فوق» و«تحت» الخيط.
تُطرح هذه المشكلة عندما نريد توضيح
بنية زج��اج��ة ك�لاي��ن؛ ألن سطحها يقطع
نفسه ...فما علينا إال أن نتصور أننا نعيش
في فضاء رباعي األبعاد ،وأن هناك «فوق»
و«تحت» .وبالتالي فليس هناك تقاطعات بل ثمة مرور «تحت» و«فوق» جزء من السطح.
بهذا المنظور ،يمكن أن نتصور أن زجاجة كالين تمثل سطحا أنجزنا ب��ه «ع��ق��دة»..
وإنجاز العقدة هنا يتطلب أربعة أبعاد!
بعد هذا توالى االهتمام بهذا الموضوع،
الشكل :4النحاتة النرويجية أوس تكسمن ريغ
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
119
الشكل :5تمثال برونزي لشريط موبييوس بالنرويج من نحت أوس تكسمن ريغ عام 1995م
120
الشكل :8تمثال من الغرانيت في اليابان (كيزو أوشيو1990 ،م)
الشكل :6نحت برونزي أنجزته أوس تكسمن ريغ مستنبط من شريط موبيويس (النرويج1998 ،م)
الشكل :9النحّ ات كيزو أوشيو وتمثاله من الغرانيت المستنبط من شريط موبيوس (اليابان2014 ،م)
الشكل :7شريط موبيوس شعار عالمي للمواد القابلة لالسترجاع منذ 1970م
الشكل :10تمثال لشريط موبيوس (أستراليا2011 ،م)
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
شريط موبيوس ،وهو كيزو أوشيو
Keizo
آالف الباحثين ف��ي ال��ري��اض��ي��ات عبر
،Ushioالنحّ ات الياباني الكبير المولود العالم. عام 1951م ،فقد جاءت كثير من نحوته م��ن ال��غ��ران��ي��ت ومستنبطة م��ن شريط
موبيوس ،ونالت أعماله عديد الجوائز.
وقد استدعي في أغسطس عام 2006م
لنحت شريط موبيوس من الغرانيت أمام قصر المؤتمرات في م��دري��د ،بمناسبة
انعقاد المؤتمر الدولي للرياضيات الذي
ت��ل��ك ه��ي عينة م��ن ع�لاق��ة ف��ن النحت والمجسمات بالرياضيات .وأية رياضيات؟ بالهندسة المجردة التي تُعد عند المختصين م��ن أع���وص ال��م��واض��ي��ع ال��ري��اض��ي��ة .وه��ذا يدل على أن التعاون بين جميع العلوم بكل فنونها أمر ممكن ،بل محبذ في باب اإلبداع واالبتكار.
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
ك��م��ا اش��ت��ه��ر ف��ن��ان آخ���ر ف��ي م��وض��وع يعقد مرة كل أربع سنوات ،ويلتقي خالله
الشكل :11كثير من المجسمات تم إنشاؤها اعتمادا على مبدأ «زجاجة كالين». نرى هنا مجسمات زجاجية وأخرى نحاسية أو نسيجية
بعض المراجع 1. Thilliez F: L’anneau de Moebius, Le Passage, 2008.
to
Introduction
U.:
2. Hertrich-Jeromin
Möbius differential geometry, London
Mathematical Society, Cambridge Univ. Press, 2003.
3. Amith J.: The Möbius Strip: A Spatial
History of Colonial Society in Guerrero, Mexico, Stanford University Press, 2005.
4. Herges R.: Möbius, Escher, Bach – Das
unendliche Band in Kunst und Wissenschaft . In: Naturwissenschaftliche Rundschau, 6, 58, 2005.
5. Clifford P.: The Möbius Strip: Dr. August
Möbius‘s Marvelous Band in Mathematics, Games, Literature, Art, Technology, and Cosmology, Thunder‘s Mouth Press, 2005.
6. Stewart I.: Équations qui ont changé le monde, Éditions Robert Laffont, 2014.
_http://mel.vadeker.net/arts/sculptures/ruban mobius/sculptures_ruban_mobius.html
* قسم الرياضيات /المدرسة العليا لألساتذة /القبة-الجزائر. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
121
مهرجان (الجنادرية) في دورته الحادية والثالثين ρρضاري احلميد
أسدل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية )31الستار على فعالياته وأنشطته التي ام��ت��دت لـستة عشر ي��وم��اً ،وال���ذي تنظمه وزارة ال��ح��رس الوطني بالمملكة العربية السعودية منذ العام 1985م ،عاش معها ستة ماليين وسبعمائة وتسعون ألف زائر وزائرة أجواء الماضي العريق ،التي حملت معها نسمات تراث الوطن المتنوع ،من خالل القرى والبيوت التراثية التي مثلت مختلف مناطق المملكة ومحافظاتها ،مع مشاركة الفتة لجمهورية مصر العربية (ضيف شرف المهرجان) ،وأجنحة دول مجلس التعاون الخليجي ،ومعارض الجهات الحكومية البالغ عددها ( )45معرضاً ،بما فيها المؤسسات الخيرية واإلنسانية ،وك��ان قد افتتح يوم األربعاء 1438/5/4ه���ـ الموافق 2017/2/1م ،واختتم في 1438/5/20 الموافق 2017/2/17م. ال��ح��ض��ور المميز للفرق الشعبية خالل العروض والفنون الشعبية التي
البالغ عدد المشاركين فيها أكثر من قدموها ط��وال أي��ام المهرجان داخل ( )500مشارك ،أضفى على األج��واء القرى والبيوت التراثية ،أو في المسيرة
122
ب��أرض المهرجان طابعاً ت��راث��ي��اً ،من اليومية لهذه الفرق في جميع أنحاء اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
فعاليات ثقافية وفنية وشعبية وسط حضور سبعة ماليين زائر
القرية التراثية بالجنادرية. وازدان������ت أرض ال��ج��ن��ادري��ة ب��ال��ح��رف اليدوية التي تولى العمل عليها أكثر من ( )300حرفي وحرفية ،توزعوا بين القرى والبيوت التراثية والسوق الشعبي وبعض األجنحة المشاركة ،عارضين المهن التي توارثها أبناء هذا الوطن منذ القدم ،وقدمت لزوار المهرجان جانباً تعريفياً وتثقيفياً بها.
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
الجنادرية مناسبة وطنية ،يمتزج فيها عبق التاريخ المجيد ،ونتاج الحاضر الزاهر
والثقافة «الجنادرية »31قد أقيمت برعاية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ،بحضور حشد كبير من األدب��اء والمفكرين من مختلف دول العالم .ويعد هذا المهرجان مناسبة تاريخية وطنية في مجال الثقافة ،ومؤشراً عميقاً على اهتمام قيادة المملكة العربية السعودية بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية األصيلة. فكرة الجنادرية
وقد ذكرت وكالة األنباء السعودية أن آخر تعد الجنادرية مناسبة وطنية ،يمتزج فيها أيام المهرجان شهدت حضور مليون ومائتي عبق التاريخ المجيد ،ونتاج الحاضر الزاهر، ألف زائر وزائرة حرصوا أن يودعوا مهرجان وتأكيداً للهوية العربية اإلسالمية ،وتأصيل الجنادرية في نسخته الـ .31 الموروث الوطني بشتى جوانبه ،والحفاظ ال لألجيال القادمة .وبدأت كانت فعاليات المهرجان الوطني للتراث عليه ليبقى ماث ً اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
123
عشاق هذه الرياضة العريقة. وتؤكد رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ب��ن عبدالعزيز آل سعود رعاه اهلل -لهذا الحدث الوطني ،األهميةالقصوى التي توليها قيادة المملكة لعملية رب��ط التكوين الثقافي المعاصر لإلنسان السعودي بالميراث اإلنساني الكبير الذي يشكّل جزءاً كبيراً من تاريخ البالد. ومن أولويات الجانب التراثي بالمهرجان، إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة ،متمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية، بهدف ربطها ب��واق��ع حاضرنا المعاصر، والمحافظة عليها بصفتها هدفاً من أهداف المهرجان األساس وإبرازها ،لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق ألبناء الوطن على م��دار أجيال سابقة ،إضافة إلى أنها تعد عنصر جذب جماهيري للزائرين. يبرز المهرجان الرسالة الحضارية للحرس الوطني ،في خدمة المجتمع السعودي التي تواكب رسالته العسكرية في الدفاع عن هذا الوطن وعقيدته وأمنه واستقراره .وتضم قرية الجنادرية بين جنباتها ،مجمعاً لكل منطقة من مناطق المملكة ،يشتمل على بيت وسوق تجاري ،ومعدات وصناعات ومقتنيات وبضائع قديمة ،وما تشتهر به كل منطقة من المناطق من موروثها الثقافي والحضاري والعروض الشعبية.
124
فكرة المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» ،ب��ذرة بذرها خ��ادم الحرمين الشريفين الملك عبداهلل بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه اهلل -ورعاها حتى نمت وأثمرت ،وأنتجت من مختلف صنوف الثقافة وال���ت���راث ال��ع��رب��ي األص��ي��ل لتعرضها في قرية متكاملة ،تقع شمال شرقي العاصمة الرياض ،تضم الموروث الثقافي والمادي ل�لإن��س��ان ال��س��ع��ودي واألدوات ال��ت��ي ك��ان يستخدمها في بيئته منذ عقود ،إضافة إلى سباق سنوي للهجن ،اكتسب مع مرور الوقت وت��ح��ت��ض��ن ق���ري���ة ال���ج���ن���ادري���ة أغ��ل��ب ذيوعاً على المستوى الوطني واإلقليمي بين مؤسسات الدولة ووزاراتها الخدمية ،لتقدم اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ت��ح��اك��ي ال���ج���ن���ادري���ة ح���ي���اة ال��م��واط��ن السعودي قديماً ،وتقدم نماذج لهذه الحياة البدائية من خالل نماذج مصغرة لها ،مثل المزرعة ،وجلب المياه عن طريق السواني، وح��رث األرض بوسائل زراع��ي��ة بدائية.. وتجسد القرية الشعبية نماذج استوحيت من البيئة القديمة للمجتمع السعودي مثل السوق الشعبي ،ومجموعة من المعارض التراثية ومعارض المقتنيات التي شاركت بها الهيئات الحكومية والقطاع الخاص. وت��ق��دم ف��رق ال��ف��ن��ون الشعبية بمناطق المملكة المختلفة للجمهور ف��ي قاعة ال���ع���روض ط����وال أي����ام ال��م��ه��رج��ان جميع العروض الشعبية المعروفة في المملكة. ويستضيف ال��م��ه��رج��ان ال��وط��ن��ي للتراث والثقافة سنوياً دول��ة شقيقة أو صديقة ل��ت��ك��ون ض��ي��ف ش���رف ال��م��ه��رج��ان ،تقدم ثقافتها وإنتاجها المادي والحضاري لزوار الجنادرية ،وقد استضافت الجنادرية خالل دوراتها الثالثين الماضية ،دوالً منها :تركيا، روس��ي��ا ،فرنسا ،اليابان ،كوريا الجنوبية، الصين ،دول��ة اإلم���ارات العربية المتحدة الشقيقة ،ألمانيا االتحادية ،وفي هذا العام، استضافت جمهورية مصر العربية الشقيقة، ضيف شرف.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
الخدمة لجمهور قرية الجنادرية أثناء افتتاح المهرجان ،وتعرفهم بما تقدمه من خدمات، ومنها األنظمة والقوانين ،التي تخدم الوطن والمواطن.
يختار المهرجان الوطني للتراث والثقافة سنوياً شخصية ثقافية ،تكرم على مستوى الوطن نظير جهدها ،وما قدمته من نتاج فكري وثقافي لخدمة اإلن��س��ان ،وق��د كرم خالل دورات المهرجان السابقة « »21مفكراً وأديباً ومثقفاً ..هم الشيخ حمد الجاسر، محمد بن أحمد العقيلي ،حسين عرب ،محمد حسن فقي ،يحيى ب��ن ع��ب��داهلل المعلمي، عبدالكريم الجهيمان ،الشيخ عبداهلل بن خميس ،أحمد بن علي المبارك ،محمد بن ناصر العبودي ،الشيخ علي بن الشيخ حسن الجشي ،عبداهلل بن أحمد العبدالجبار ،د.
125
حسن بن فهد الهويميل ،الشيخ عبدالعزيز
بن عبدالمحسن التويجري ،د .عبدالعزيز بن عبداهلل الخويطر ،الشيخ عبداهلل بن
إدريس ،د .عبدالوهاب أبو سليمان ،الشاعر إبراهيم خفاجي ،الدكتورة ثريا عبيد ،سعد ال���ب���ورادي ،ع��ب��داهلل أح��م��د ال��ش��ب��اط ،أبو
عبدالرحمن بن عقيل الظاهري ..وفي هذا
العام تم تكريم د .أحمد بن محمد علي ،ود. عبدالرحمن الشبيلي ،واألستاذة صفية بنت
زقر.
ونفذت اللجنة الثقافية في المهرجان
الوطني للتراث والثقافة « »306ن��دوات فكرية متخصصة ،و« »69محاضرة و«»63
أمسية أدبية وشعرية إلى جانب العديد من ورش العمل التي تقام بالتزامن مع دورات
ال��م��ه��رج��ان ف��ي مختلف ج��ام��ع��ات مناطق المملكة.
وق��د اخ��ت��ار المهرجان الوطني محوراً
رئيساً ف��ي ال����دورات الخمس األول���ى من
126
انطالقة المهرجان ،هو ال��م��ورث الشعبي
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
وعالقته باإلبداع الفني والفكري في الوطن العربي ،فقام العديد من الندوات ..ومنها ن���دوة األدب الشعبي ،واألدب الفصيح، واألدب السعودي ،والقصة القصيرة في الجزيرة العربية ..بدايتها وتطورها ،كذلك ن��دوة المسرح الخليجي ،والندوة الثقافية الكبرى وم��ن عناوينها ..أهمية ال��م��ورث الشعبي في األعمال اإلبداعية ،والموروث الشعبي في الفنون االحتفالية ..الفكاهة والمسرح والموسيقى وال��رق��ص ،والتراث التقليدي لمالبس النساء ف��ي نجد .كما تطرقت ن��دوات المهرجان الوطني للتراث والثقافة إل��ى م��وض��وع��ات أكثر حساسية وقريبة من الواقع ..ومنها ن��دوات «تجربة ال��ت��ن��م��ي��ة ..م���اذا ب��ع��د ال��ن��ف��ط» وفلسطين صراع حضاري ،والوطن العربي في خضم التحوالت السياسية الجديدة ،ومسئولية اإلعالم في تأكيد هويتنا الثقافية ،ومفهوم الشورى في اإلسالم. وناقش المهرجان الوطني مواضيع مهمة منها ،ن���دوة «اإلس�ل�ام وال��غ��رب ..ال��ج��ذور التاريخية ،والخطر اإلسالمي على الغرب.. بين الحقيقة والوهم ،والتجربة السعودية ف��ي خ��دم��ة اإلس��ل�ام ،واإلس��ل�ام وال��ش��رق، واالس��ت��رات��ي��ج��ي��ات االق��ت��ص��ادي��ة الوطنية ال��دول��ي��ة ف��ي ال��ش��رق ودور اإلس�ل�ام فيها، والحوار العربي العربي ،والحوار اإلسالمي اإلسالمي». واس��ت��م��ر ال��م��ه��رج��ان ال��وط��ن��ي ل��ل��ت��راث
ذات بعد سياسي واجتماعي عميق ،منها
للتراث والثقافة 31
ندوات :التطرف والغلو ..األسباب والعالج،
أقام البرنامج الثقافي «الجنادرية »31
ندوات ٍ الفضائيات العربية بين النقد والتقويم ،جملة من المحاور المختلفة ،من خالل ��رات علمية ،ت��ن��اوب ف��ي الحديث واقع األمة ..نماذج مقارنة االتحاد األوروبي وم��ح��اض ٍ
أن��م��وذج��اً ،وسطية اإلس�ل�ام ،رؤي��ة الملك عنها خبراء ومتخصصون من مختلف دول عبداهلل بن عبدالعزيز -رحمه اهلل -للحوار العالم ،مسلطين الضوء على قضايا إقليمية
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
والثقافة ف��ي مناقشة موضوعات حيوية
البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني
وال��س�لام وق��ب��ول األخ���ر ،ال��غ��رب واإلس�لام ودولية ،تتعلق بالشأن الثقافي والسياسي واالقتصادي. ف��وب��ي��ا .ك��م��ا ن��اق��ش ال��ن��ش��اط ال��ث��ق��اف��ي
المصاحب للمهرجان في دورات��ه الماضية عدداً من المحاور من أبرزها :ندوة بعنوان «الملك عبداهلل في ذاكرتهم ،ندوة «الملك سلمان بن عبدالعزيز ق��رارات وإنجازات»، مستقبل الدولة الوطنية والتحديات المحلية والدولية ،ج��اءت في ( 4ن��دوات) ،الصورة العربية واإلسالمية في المخيلة األلمانية، ال��ع�لاق��ات السعودية األلمانية منطلقات وآف����اق ،دور ال��ع��ل��م��اء ف��ي ال��ب��ن��اء الفكري للشباب ،م��وق��ف ال��دع��وة اإلص�لاح��ي��ة من التطرف والتكفير (ن��دوت��ان) ،دور األس��رة في حماية وتنمية المجتمع (ثالث ندوات)، القيم ..تأصيل ومفاهيم (ندوتان) ،الرمز ف��ي الحكاية الشعبية ،الفنون اإلبداعية وبناء الشخصية ،ندوة «الشخصية الثقافية المكرمة. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
127
بالرياض ،وقد شدد فيها آل الشيخ على أن من عوامل قوة أهل السنة والجماعة: األخ�ل�اق وإخ�ل�اص العمل هلل ،والعدل
والصبر واالقتداء بالنبيين والرسل في
الدعوة إلى اهلل سبحانه وتعالى ،وتحمّل ال��م��ش��اق ف��ي سبيل ذل��ك إخ�لاص��اً هلل سبحانه وتعالى وح���ده ،إض��اف��ة لكثرة
أهل السنة وتنوع ثقافاتهم وتخصصاتهم ن����دوة «رؤي����ة ال��م��م��ل��ك��ة ..2030رؤي��ةتستشرف المستقبل» ،عقدت في قاعة الملك فيصل بفندق إنتركونتيننتال ب���ال���ري���اض ،ب��م��ش��ارك��ة وزي����ر ال��ط��اق��ة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح ،ووزير المالية د .محمد بن عبداهلل الجدعان ،ونائب
لإلسالم إذا أصبح هناك تعاون لوحدة
الكلمة والدفاع عن عقيدتهم الصحيحة. ن����دوة «ال��م��م��ل��ك��ة :2030واالق��ت��ص��ادال��وط��ن��ي» :وش���ارك ف��ي ال��ن��دوة ك��لٌّ من
م��ع��ال��ي وزي����ر االق��ت��ص��اد والتخطيط
السابق د .محمد بن سليمان الجاسر، واستاذ االقتصاد بمعهد اإلدارة العامة
وزي��ر االقتصاد والتخطيط د .محمد
د .عبداهلل الربيعان ،والمحلل والباحث
الشرقية فضل سعد البوعينين ،وأدارها
وأداره����ا رئيس تحرير صحيفة اليوم
ال��ت��وي��ج��ري ،وع��ض��و مجلس المنطقة
االق��ت��ص��ادي د .عبدالحميد العمري،
اإلعالمي والكاتب االقتصادي حسين
عبدالوهاب بن محمد الفايز.
شبكشي.
128
وب��ل��دان��ه��م وم��ص��ادره��م ،م��م��ا ي��ع��د ق��وة
-ندوة الشخصيات المكرمة في الجنادرية
-م��ح��اض��رة« :ع���وام���ل ق���وة أه���ل السنة
( 31د .أح��م��د ب��ن محمد ع��ل��ي ،ود.
اإلس�لام��ي��ة وال��دع��وة واإلرش����اد الشيخ
بنت سعيد بن زقر) :وشارك فيها كل من
السديري نائب وزير الشؤون اإلسالمية
الرصيص ،ود .إبراهيم التركي ،وأدارها
للمؤتمرات ف��ي فندق اإلنتركنتيننتال
الحيدري
والجماعة» القاها معالي وزير الشؤون
عبدالرحمن بن صالح الشبيلي ،وصفية
ص��ال��ح آل ال��ش��ي��خ ،وأداره����ا د .توفيق
د .عبداهلل بن صادق دحالن ،ود .محمد
والدعوة واإلرشاد في قاعة الملك فيصل
رئيس النادي األدبي بالرياض د .عبداهلل
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
األوسط» :د .عبدالكريم الدخيل أستاذ
قينان الغامدي.
العلوم السياسية في معهد األمير سعود -ن����دوة ال��س��ع��ودي��ة وم���ص���ر :ت���اري���خ من الفيصل للدراسات الدبلوماسية ،ووزير العالقات الراسخة والمسؤولية القومية ال��خ��ارج��ي��ة ال��م��ص��ري األس��ب��ق د .نبيل فهمي ،ومدير معهد المشرق للشؤون االستراتيجية د .سامي ن��ادر ،والخبير الكويتي د .سامي الفرج ،وأدار الندوة د. سعود التمامي من جامعة الملك سعود. ندوة «مهددات النظام اإلقليمي العربي»:ش���ارك فيها د .عبدالعزيز ب��ن صقر م��ن المملكة العربية ال��س��ع��ودي��ة ،ود.
واالقليمية ( )2ش��ارك فيها د .صالح الخثالن ود .السيد فليفل ،ود .عبداهلل م��ن��اع ،ود .ج��م��ال ش��ق��رة وأداره�����ا د.
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
-ن��دوة «السياسة األمريكية نحو الشرق
د .أحمد كريا الشلق وأداره��ا األستاذ
عبداهلل العساف. ن���دوة مستقبل االع�ل�ام ال��س��ع��ودي فيضوء الثورة الرقمية :شارك فيها معالي د .عبدالعزيز الخضيري ،ود .محمد
عبدالحميد سعيد من مصر ،ود .خالد الرويحي من البحرين ،ود .عبدالحق ع��زوزي من المغرب ،وأداره��ا د .زهير فهد الحارثي. ن����دوة «األي��دي��ول��وج��ي��ا ف���ي المشهدالسياسي للعالم العربي» شارك فيها د. محمد السلمي ويوسف مكي من المملكة العربية السعودية ،ود .محجوب أحمد الزويري من األردن ،ود .محمد عثمان الخشت من مصر ،ود .فهد الشليمي من الكويت وأدارها د .سعود البلوي. ن����دوة ال��س��ع��ودي��ة وم���ص���ر :ت���اري���خ منالعالقات الراسخة والمسؤولية القومية واالق��ل��ي��م��ي��ة ش����ارك ف��ي��ه��ا ك��ل م���ن :د. عبدالمنعم سعيد ،د .محمد السعيدي، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
129
الحيزان ،ود .إبراهيم البعيز ،ود .فهد الطياش ،وأدارها د .فهد العسكر. ن�����دوة ال����رواي����ة ال��ع��رب��ي��ة ال��م��ع��اص��رةواألي��دل��وج��ي��ا (ش��ه��ادات) بمشاركة د. محمد سلماوي م��ن م��ص��ر ،د .شعيب
األندية األدبية بجدة والرياض والدمام. المكرَّ مون بالجنادرية 31 •عبدالرحمن الشبيلي ..أيقونة اإلعالم ومؤرخ السير والتراجم.
حليفي من المغرب ويوسف المحيميد •أح��م��د م��ح��م��د ع��ل��ي ..م��ط��وّر البنك اإلسالمي للتنمية. وأدارها د .صالح المحمود. ن�����دوة ال����رواي����ة ال��ع��رب��ي��ة ال��م��ع��اص��رة •صفية بن زقر ..راصدة الفلكلور وناقلةالتراث وموثقته. واأليدلوجيا (ن��ق��د) وق��د ش��ارك فيها: د .سعيد ع��ل��وش ال��م��غ��رب ،ود .عامر
ويشارك في األنشطة الثقافية المصاحبة
الحلواني تونس ،ود .سعد البازعي من للمهرجان الوطني للتراث والثقافة سنويا السعودية ،وأدارها د .معجب العدواني .أكثر من « »300مفكر وأدي��ب ومثقف من كما عقدت فعاليـات ثقافيـة عديدة في مختلف أنحاء العالم ،وشخصيات مؤثرهجامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،على المستوى العالمي. وجامعة الملك سعود ،وجامعة األميرة فقد ش��ارك في ال���دورات السابقة مهاتير نورة بنت عبدالرحمن. محمد رئيس وزراء ماليزيا األسبق ،األمير كذلك ثمة فعاليات أخ��رى نفذت في تشالز ولي العهد البريطاني ،د .صموئيلهنتغتون ،د .جون اسبزيتو ،الشيخ إبراهيم جوب ،د .جامد تشوي يونغ كيل ،د .خورشيد أحمد ،المخرج مصطفى العقاد ،د .محمد ع��اب��د ال��ج��اب��ري ،الشيخ محفوظ نحناح، د .رض����وان ال��س��ي��د ،يفجيني بريماكوف (رئيس وزراء روسي سابق) ،د .باتريك سيل، د .هلموت فيشر (وزي��ر خارجية ألمانيا)، د .كمال الدين إحسان أوغلو ،د .محمد جابر األن��ص��اري ،الشيخ محمد علي تسخيري،
130
المستشار ط��ارق البشري ،د .ألفن توفلر، اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ عمرو موسى ،جهاد الخازن ،بوريس روغة الخليج العربي في المهرجان الوطني للتراث (سفير ألمانيا ف��ي المملكة) ،مصطفى والثقافة سنوياً. النعمان ،د .عبدالمجيد األنصاري ،د .سعيد
لقد أسهم المهرجان الوطني للتراث
ح��ارب ،وغيرهم المئات من خ��ارج الوطن والثقافة «الجنادرية» خالل دوراته الثالثين وداخله. الماضية ،في توحيد الرؤى الثقافية ،وزيادة لقد أث���رى المهرجان الوطني للتراث اللحمة الوطنية ،وتقريب لهجات مناطق والثقافة المكتبة العربية بما يزيد عن ( )361المملكة المختلفة ،حتى أصبحت ثقافة إصداراً في عدد من حقول التراث والثقافة واحدة لكل الوطن ..وأعطى زائر الجنادرية والفنون واإلب��داع ،كما أصدر ما يزيد عن انطباعاً وتصوراً ،عن ما تحتويه «الجنادرية» « »510نشرات متنوعة ،تصاحب فعاليات من كنوز وإرث ثقافي وطني ثمين. المهرجان أثناء إقامته .ويقيم المهرجان
وتعد العرضة السعودية ،إحدى نشاطات
معرضاً للفنون البصرية ف��ي ك��ل أجنحة المهرجان الوطني للتراث والثقافة ،وتعبر مناطق المملكة ،إذ خصص في جناح كل عن وحدة الوطن واتحاد الشعب والقيادة، منطقة حيز تعرض فيه لوحات تمثل الفنون وتمثل تجسيداً ل��ع��زة األم���ة تحت لمعان البصرية المختلفة ،تشمل الفن التشكيلي سيوف العرضة ،وفي وسط ميدانها ترفرف والتصوير ،والخط العربي ،وغيرها.
راية التوحيد ،يردد فيها المشاركون الكلمات
كما تشارك دول مجلس التعاون لدول الشعرية الوطنية الحماسية. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
131
مشاركة منطقة الجوف في جنادرية :31 بتوجيه من أمير منطقة الجوف صاحب الثقافة والفنون ،وجناح خاص للزيتون بدعم
ال��س��م��و ال��م��ل��ك��ي األم��ي��ر ف��ه��د ب��ن ب���در بن من الغرفة التجارية الصناعية بالجوف. ع��ب��دال��ع��زي��ز ،ب��ال��م��ش��ارك��ة ف��ي ال��م��ه��رج��ان ون��ظ��راً لشهرة منطقة ال��ج��وف بزراعة الوطني للتراث والثقافة الحادي والثالثين أشجار الزيتون وإنتاج زيت الزيتون ،فقد تم ب��ال��ج��ن��ادري��ة .رأس م��دي��ر جمعية الثقافة والفنون بالجوف د .نواف بن ذويبان الراشد عرض أنموذج لمعصرة زيتون من الجوف الخالدي وفد اإلمارة.
وأوض��ح الخالدي أن مشاركة المنطقة
لعصر الزيتون أثناء المهرجان ،كما شاركت المنطقة بثالث عشرة حرفة ،وبفرقة الجوف
كانت متميزة ،إذ شاركت بعدة أجنحة تمثل للفنون الشعبية ،وتم عرض مائة صورة من جامعة ال��ج��وف ،وإدارة التعليم ،ومجلس كافة مدن الجوف في الصيوان المخصص
132
شباب ال��ج��وف ،وال��ن��ادي األدب���ي ،وجمعية للجوف. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ش��ارك المركز بجناح خاص بالمركز وقد ضم الجناح إصدارات برنامج النشر ض��م��ن م��ش��ارك��ة محافظة ال��غ��اط التي ودع��م األب��ح��اث ،ومعلومات كاملة حول تحتضن ف��رع المركز ،دار الرحمانية ،نشاطاته الثقافية بالجوف والغاط.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ن � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��واف � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��ذ
مشاركة مركز األمير عبدالرحمن السديري الثقافي بالجنادرية 31
133
الكتاب :ألنني أنثى – مجموعة شعرية املؤلف :هيفاء مصطفى خليفة الناشر :املؤلفة
تكتب هيفاء خليفة الشعر كأنه لحن ينساب بين ضفاف تهز عميق الوجدان ،والنداءات التي تسكن
جاء الكتاب في ( 284صفحة) من القطع ال��ع��ادي ل��ي��وث��ق مضامين م��ح��اض��رات ال��م��وس��م ال��ث��ق��اف��ي ل��ع��ام 1433ه�����ـ في
كل مالمح وطنها السعودي الكبير ممزوجة بعاطفة
دار الرحمانية ب��ال��غ��اط ،ش���ارك فيها
العروبة ..لذا جاء ديوانها األول (ألنني أنثى) حامال
نخبة من المتخصصين والخبراء في
معه حديقة زهور ..فيها الكثير من الرومانسية التي
موضوعات الرحالت والصحة العامة وال��ت��س��وي��ق وش��ج��رة ال��ح��ي��اة ( ال��ب��ان)،
افتقدناها في زمن مادي ،وفي ظروف بدت عاجزة
ومشاريع النباتات الصحراوية واكتشاف
عن الحديث بلغة هي األخ��رى ب��دت مستوردة في
الموهوبين في المراحل العمرية األولى،
أوط��ان غير عربية ،لتؤكد الشاعرة كينونتها وسط عالم الشعر. جاء الديوان في ( )68صفحة من القطع الصغير.
ومرضى التوحد والزهايمر ،إضافة إلى وظائف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة حقوق االنسان. سلسلة كتاب الحصاد توثيق للمحاضرات وال���ن���دوات الثقافية ال��ت��ي ت��ق��ام ضمن
ومن عناوين قصائده :مالي تاريخ دونك ،القرار ،أمير
ال��م��وس��م ال��ث��ق��اف��ي ل����دار ال��رح��م��ان��ي��ة
أشعار ،كبرياء أنثى ،تسألني من أنا ،سأقول أحبك،
بمحافظة الغاط التي يحرص المجلس
قل لي ،أنا والليل والدموع « ،ألنني أنثى» ،الذي جاء
134
الكتاب :احلصاد ()8 املؤلف :مجموعة من املشاركني الناشر :مركز عبدالرحمن السديري الثقايف
عنوانا للديوان. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
الثقافي فيها في كل ع��ام على اقتراح وتنفيذ ف��ع��ال��ي��ات ثقافية ج��دي��دة في موضوعات تهم المجتمع المحلي.
صدر حديثا كتاب (أمثال وبعض المأثور من األقوال) للكاتب المعروف فلحي ب��ن ع��اي��د الفلحي ع��ن (دار المفردات) للنشر والتوزيع بالرياض. ج��اء الكتاب في ( )132صفحة من القطع المتوسط ،وقد ضم عددا من األمثال والمأثور الشعبي الذي تتناقله األج��ي��ال عبر السنين ،إض��اف��ة إلى بعض القصائد الشعرية التي أبدعها الكاتب بأسلوب تفاعلي جميل. الجدير ذكره ،أن الفلحي كاتب من الجوف ،سبق أن صدر له عام 2012م رواي��ة (بنات الحي الشرقي) ،والتي القت القبول واإلعجاب بين محبي القراءة.
املؤلف :فاحتة مرشيد الناشر :املركز الثقايف للكتاب ،الدار البيضاء 2017م
بعد إنجازاتها المتنوعة في مجالي الشعر (سبعة دواوين شعرية من بينها «ما لم يقل بيننا» الحاصل على جائزة المغرب للشعر) ،والرواية (خمس روايات آخرها رواية «التوأم») ،تقتحم األديبة الطبيبة مجال القصة القصيرة بإصدار مجموعة قصصية تحت عنوان «ألن الحب ال يكفي» )As Love is Not Enough( ،باللغتين العربية واإلنجليزية .الترجمة اإلنجليزية من إنجاز األستاذ نور الدين زويتني. قدمت فاتحة مرشيد في مجموعتها القصصية نصوصاً قصصية متنوعة األحجام والقضايا واألشكال الفنية تحت العناوين التالية )1 :السر في األنامل )2 .إدمان. )3اللعنة الجميلة للشعر )4 .عدوى الحب )5 .مسلسل تركي )6 .ألن الحب ال يكفي ) 7 .ألنني أستحقه )8 شراك الحنين. تسبر المبدعة عبر القصص الثمانية ،كعادتها ،أغوار النفس البشرية في مواقف مختلفة ومن زواي��ا مثيرة ومشوّقة ،كاشفة عن العديد من المسكوت عنه في العالقات والممارسات اإلنسانية. “ألن الحب ال يكفي» ص��درت ضمن منشورات المركز الثقافي للكتاب ،بيروت /ال��دار البيضاء 2017م ،في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط. اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
ق � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � � ��راءات
الكتاب :أمثال وبعض املأثور من األقوال املؤلف :فلحي عايد الفلحي الناشر :املفردات للنشر 2016م
الكتاب « :ألن احلب ال يكفي» مجموعة قصصية
135
136
الكتاب :تقدير تدفق ال���ذروة لشبكة ... «دراسة ميدانية» املؤلفون :د .علي الدوسري، د .محمد بوروبه ،عمر القايدي الناشر :مركز عبدالرحمن السديري الثقايف
الكتاب :أبناء األدهم ( رواية) املؤلف :جبير املليحان الناشر« :دار ج���داول للنشر وال��ت��رج��م��ة» ،بيروت 2016م
تتعرض محافظة الغاط الواقعة شمال غربي منطقة الرياض لتأثيرات السيول السريعة وال��خ��ط��ي��رة ،نتيجة ت��س��اق��ط األم��ط��ار غير المنتظمة ،ما استدعى ض��رورة إيجاد حلول للحد م��ن مخاطرها ..كإنشاء ال��س��دود ،أو التحويالت االصطناعية ،أو شبكات تصريف لمياه األودية. هذا الكتاب ثمرة دراس��ة علمية ميدانية في محافظة الغاط قام بها الباحثون بتمويل من مركز عبدالرحمن السديري الثقافي .وترتكز ه���ذه ال���دراس���ة ع��ل��ى منهجية ت��ق��دي��ر كمية الجريان السطحي ومقدار الخطر الناجم عنه، ونمذجة مخاطره السيلية ،باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية والتقنيات الحديثة. تسهم مثل هذه الدراسات في مساعدة أصحاب القرار على االستغالل األمثل لعناصر المجال الطبيعي :ف��ي توطين المشاريع العمرانية والزراعية ،والخدمات ،والطرق ،وغيرها ..كما تساعد نتائج التحليل المورفومتري لعناصر الشبكة المائية على اتخاذ اإلجراءات السليمة لتالفي المخاطر البيئية ،خاصة تلك التي تنتج عند حدوث السيول.
ص��درت ال��رواي��ة األول���ى للقاص جبير المليحان ،في ( )183صفحة من القطع المتوسط ،وقسم صفحاتها إلى :أصل الحكاية ،شخص لم يعد هنا منذ أمد بعيد، الشيخ مران ،انا مران ،هن شياهي ،لم تنس الغناء أبدا، أنا الحمراء يا صاحبي ،أجا ،منهاد ،الذئاب ،رائحة الدم، منحنى صخرة ،نخيل وعين ماء ،نسيت مغزلي وصوفي، رائحة األرض والعشب ،ليس حزنها فقط ،خروج مر، أجا ومنهاد ،أجا وسلمى ،صمت ،سنة الذهيبة ،أحنت رأسها حياء ،جبالن عاشقان ،يكمن قرب عين الماء، صوت قلب األده��م ،سهل بن سلمى بن أج��ا ،إي��اك أن تضحكي لرجل ،أبناء األدهم ،الحكاية ،غناء ،النيران، والمالحظات.
اجلوبة -ربيع 1438هـ ()2017
من أجواء الرواية ...ومع أن ا ّلنَخْ يالت ذات العسب المتدلية ،والصخور المبعثرة في أماكنها منذ األزل ،والجبال العالية التي كانت تتطلع إل��ى الغيوم وال��س��م��اء ،والقمر المكتمل الصاعد بهدوء وسعادة ،والغيمة التي تالعب الريح، والهواء العذب ،الذي بدا رقيًقا ،هيًنا ،وهو يمر برفق على خديهما ،أو الماء الضاحك سابحا في حضن العين، أو حتى العشب المكتظ بالروائح والعطر ،أو الطيور التي سمعا رفرفة أجنحتها ،دون أن يرياها ،والتي ،ربما أفاقت فرحة بهذا العرس ،أو ربما تصفق في كف صخرة ،أو في حضن شجرة ،أو تخرج رأسها من عش ،كلها؛ كانت تبارك ما يجري بين حبيبين.
من إصدارات برنامج النشر في
صدر حديثا