¦منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع :ريادة األعمال النسائية :الواقع والتطلعات. ¦لطيفة السديري :سيرة وحياة. ¦زياد السالم :حصة األدب والتاريخ. ¦البولوفونية والكرنفالية في رواية «نزل الظالم». ¦التشكيلي نصير السماره أمكنة الماضي بصورة جديدة. ¦مخاطر ترجمة اآلداب.
أهالي الجوف يحتفلون بصاحب السمو الملكي األمير
بدر بن سلطان بن عبدالعزيز ووصوله للمنطقة أمير ًا عليها
59
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف 1-نشر الدراسات واإلبداعات األدبية
يهتم بالدراسات ،واإلبداعات األدبية ،ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة ،وتشجيع حركة اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز. ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت النشر: أ -الدراسات التي تتناول منطقة الجوف في أي مجال من المجاالت. ب -اإلبداعات األدبية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). ج -الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). شروطه: -١أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق ،وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية. -٢أن تُكتب المادة بلغة سليمة. -٣أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً ،وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق. -٤أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق ( )A4ويرفق بها قرص ممغنط. -٥أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة للنشر. -٦إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية فصيحة. -٧أن يكون حجم المادة -وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه -على النحو اآلتي: الكتب :ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور. البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز :تخضع لقواعد النشر فيتلك المجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة صفحة( .تحتوي الصفحة على « »250كلمة تقريباً). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر ،فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات منطقة الجوف ،إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام ،أما ما يتعلق بالبند (ج) فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط. -٩يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره ،إضافة إلى مكافأة مالية مناسبة. -١٠تخضع المواد المقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والرسائل العلمية
يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف، ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف معاجلاتها وأفكارها. (أ) الشروط العامة: -١يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية ،كما يشمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مبؤسسات غير أكادميية. -٢يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعلقاً مبنطقة اجلوف. -٣يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جديداً يف فكرته ومعاجلته. -٤أن ال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه. -٥يقدم الباحث طلباً للدعم مرفقاً به خطة البحث. -٦تخضع مقترحات املشاريع إلى تقومي علمي. -٧للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز. -٩يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية. (ب) الشروط اخلاصة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة(البند «أ»). -٢يشمل املقترح ما يلي: توصيف مشروع البحث ،ويشمل موضوع البحث وأهدافه ،خطة العمل ومراحله،واملدة املطلوبة إلجناز العمل. ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع ،تشمل األجهزة واملستلزماتاملطلوبة ،مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة ،املشاركني يف البحث من طالب ومساعدين وفنيني ،مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة. حتديد ما إذا كان البحث مدعوماً كذلك من جهة أخرى.(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية: إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث(البند «بـ«) يلتزم الباحث مبا يلي: -١أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. -٢أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل. هاتف 014 6245992 :فاكس014 6247780 : الجـوف 42421ص .ب 458 هاتف 016 4422497 :فاكس016 4421307 : الغ ـ ـ ــاط 11914ص.ب 63 الرياض 11614ص .ب 94781هاتف 011 2015494 :فاكس011 2015498 :
info@alsudairy.org.sa www.alsudairy.org.sa
مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري
ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي هيئة النشر ودعم األبحاث
رئيساً د .عبدالواحد بن خالد الحميد عضواً د .خليل بن إبراهيم المعيقل عضواً د .ميجان بن حسين الرويلي أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضواً عضواً د .علي دبكل العنزي عضواً محمد بن أحمد الراشد أسرة التحرير
إبراهيم بن موسى احلميد محرر ًا محمود الرمحي محرر ًا محمد صوانة اإلخراج الفني :خالد الدعاس
املشرف العام
هاتف)+966()14(6263455 : املراســــــالت : فاكس)+966()14(6247780 : ص .ب 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية السعودية www.alsudairy.org.sa aljoubahmag@alsudairy.org.sa
ردمد ISSN 1319 - 2566 سعر النسخة 8رياالت -تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع االشتراك السنوي لألفراد 50ريا ًال واملؤسسات 60ريا ًال
رئيساً فيصل بن عبدالرحمن السديري عضواً سلطان بن عبدالرحمن السديري د .زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب عضواً عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري عضواً د .سلمان بن عبدالرحمن السديري عضواً د .عبدالرحمن بن صالح الشبيلي عضواً د .عبدالواحد بن خالد الحميد سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضواً طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضواً سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضواً أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضواً قواعد النشر
-1أن تكون املادة أصيلة . -2لم يسبق نشرها ورقياً أو رقمياً. -3تراعي اجلدية واملوضوعية. -4تخضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها. -5ترتيب املواد يف العدد يخضع العتبارات فنية. -6ترحب اجلوبة بإسهامات املبدعني والباحثني والكتّاب ،على أن تكون املادة باللغة العربية. «اجلوبة» مناألسماءالتيكانتتُطلقعلىمنطقةاجلوفسابقًا.
املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر.
يُعنى بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املناشط املنبرية الثفافية، ويتبنّي برنامجاً للنشر ودعم األبحاث والدراسات ،ويخدم الباحثني واملؤلفني ،وتصدر عنه مجلة (أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي ،ومجلة (اجلوبة) الثقافية ،ويضم املركز ك ً ال من( :دار العلوم) مبدينة سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء .وتصرف على املركز مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية.
0553308853
Alsudairy1385
www.alsudairy.org.sa
العدد - ٥٩ربيع ١٤٣٩هـ (٢٠١٨م)
الـمحتويــــات االفتتاحية -إبراهيم بن موسى الحميد٤ ............................ تعيين أمير الجوف :أهالي الجوف يحتفون بصاحب السمو الملكي األمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز ووصوله للمنطقة أميراً عليها٦ ... ملف العدد :منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع ..ريادة األعمال النسائية :الواقع والتطلعات المستقبلية ١٤ ........................ سيرة وإنجاز :ندوة لطيفة بنت عبدالرحمن السديري :سيرة وحياة ٢٤ ... محور خاص :زياد السالم حصة األدب والتاريخ -شارك فيه كل من: د .هناء بنت علي البواب ،راشد عيسى ،عبداهلل السفر ،محمد جميعان، شاهر إبراهيم ذيب ٣٢ ...................................................... دراسات ونقد :البولوفونية والكرنفالية في رواية «نزل الظالم» لماجد الجارد -إيمان عبدالعزيز المخيلد ٤٨ ..................................... المحتوى الفلسفي في رواية «نزيف الحجر» -صالح المطيري٥٤ ... أنواع الصور البالغية في قصص طاهر الزارعي -جميل حمداوي ٦٣ ... «ذروة الحياة» لـ «عيد الناصر» جولة في روايات خليجية وعربية وعالمية -زكريا العباد٦٩ ..........................................
14............................. دار الرحمانية -الغاط تستضيف الدورة العاشرة ملنتدى منيرة امللحم
32........................ زياد السالم حصة األدب والتاريخ
113............................ الشاعرة اعتــدال ذكـر اهلل
جماليات التوظيف االستعاري «في شعر جاسم الصحيح» -سعيد سهمي ...........................................................
٧٢ ٧٧ ٧٩ ٨١ ٨٢ ٨٦ ٨٧ ٨٨ ٩٠ ٩٢ ٩٦ ٩٩ ١٠٠ ١٠٢ ١٠٥ ١٠٩ ١١٣
قصص قصيرة :حفل استقبال -مريم الحسن ................... البرهان -فهد المصبح........................................... نو ٌم في ليلةِ الزفاف -محمد الرياني ............................ فوبيا الجغرافيا -أحمد طوسون................................. قصتان قصيرتان -حضيه عبده خافي .......................... شعر :رسُ و ُل الشِّ عْر -موسى الشافعي ............................. في معيّةِ القمرِ -عبدالهادي الصالح............................. تجمعنا معا يكفينا -أحمد المتوكل بن علي النعمي ............. الحُ ّ ُب على شروط -خالد البهكلي............................... وقال في صباه -مجدي الشافعي....................................... زامر الحي -موسى غلفان واصلي...................................... لوعة غياب! -حسين صميلي ........................................... نصوص شعرية -نويّر العتيبي .......................................... ترجمة :مجتمع الخطر -ترجمة :المهدي مستقيم..................... مواجهات :الشاعر المصري عالء جانب -أحمد الالوندى....... الشاعرة اعتــدال ذكـر اهلل -عمر بوقاسم ............................. نوافذ :مخاطر ترجمة اآلداب :فاليري منوغ وترجمة زوال -تركية العمري ١٢٤ ............................................................ الوعي الفكري واالنسالخ الثقافي -مالك الخالدي١٢٦ .................... فنون :التشكيلي السعودي نصير السماره العودة ألمكنة الماضي بصورة جديدة -محمد العامري ١٢٧ ................................. قراءات ١٣٢ ............................................................. فعاليات ١٣٥ ............................................................ الصفحة األخيرة١٣٦ .................................................
■ إبراهيم بن موسى احلميد
رايات خضرا َء وزغاريد ،مُجدِّدة عهدها ،وفا ًء ٍ ازدانت منطقة الجوف ووال ًء لقيادتها الرشيدة التي أهدتها أميرها الجديد ،مؤمِّل ًة أن تكون الجوف في عهده أكثر إشراقًا وتنمي ًة وتطورًا ،وأن تكون هذه المنطقة التي بدت وقد لبست ألوان الفرح باألمير بدر بن سلطان ،وبدا أن البهجة بتعيينه قد أدخلت السرور على كل بيت وشارع في كل مدينة وقرية في هذه المنطقة العزيزة من بالدنا ،من سكاكا إلى القريات. إن من يتجوّل في ربوع منطقة الجوف يلحظ أن لونها قد كساه ما يحتاج إلى التنمية والتطوير ،وإنه لمن مباهج الحظ أن تستقبل الجوف ال معه سقف لها سوى السماء ،حام ً َ طموحات ال ٍ أميرًا شاباً ..في جعبته رؤىً ومشاري َع نرجو من اهلل العلي القدير أن يوفّقه لتحقيقها. أمام األمير منطقة تعد من أبرز مناطق المملكة ،فهي تحمل عمقًا تاريخياً ،وإنسانيًا ،حيث الثقافة المتجذرة في أعماق التاريخ ،وهي المنطقة األقــدم استيطانًا في الجزيرة العربية ،حيث كانت الملكات ذكر للعرب في المدونات التاريخية، العربيات أبرز ماضيها ،وحيث أقد ُم ٍ وحيث البلد الذي خرج منه بِشر بن عبدالملك معلِّمًا لقريش الكتابة؛ إذ يقول الدكتور عبدالرحمن االنصاري عن أهلها في سالف الزمان.. وكأنه ال عمل لديهم سوى الكتابة ،فقد نشروا كتاباتهم في أنحائها، وهي المنطقة التي وجَّ ه رسول اهلل إحدى رسائله ومواثيقه ألهلها،
4
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
اف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
والتي بينت حقوقهم وما لهم وما عليهم بعد فتحها ودخولها اإلسالم، كما أنها المنطقة التي تحوي أقدم مئذنة في تاريخ االسالم ،وهي مئذنة تاريخية في المملكة، ٍ قلعة مسجد عمر بن الخطاب ،كما تضم أقدم ٍ والتي يزيد عمرها عن ثالثة أالف عام ،وهي قلعة مارد ،كما أنها تضم مئات الشواهد التاريخية التي تؤكد عراقتها واستحقاقها لكل اهتمام من جانب الدولة التي ترتكز رؤيتها الحالية على إبراز مؤهالت المناطق الثقافية والتاريخية ،وتشجيع االستثمار ،واستقطاب السياحة لتنويع مصادر الدخل ،حيث المنطقة مؤهلة لتضم هيئ ًة عليا لتطويرها أسوة بالمناطق التي سبقتها في ذلك.. كما أن المنطقة غنية بالموارد الكامنة فيها ،من مياه وأراض خصبة، وموارد معدنية ونفطية نفيسة ،وهي بذلك منطقة تعد من أكثر مناطق المملكة غنىً وتنوّعاً ،وفيها من مكنونات المستقبل ما ينتظر الكثير من اإلنجاز .واليوم تقف منطقة الجوف اليوم بانتظار استكمال مشاريعها أمس الحاجة لها ،في التنموية ،وإقرار المشاريع الجديدة التي هي في ِّ المجاالت التنموية والثقافية كافة ،التي تؤهلها لتكون من أبرز مناطق المملكة في استقطاب التنمية والمشاريع ،كما أنها مؤهلة الستقطاب المشاريع الثقافية القائمة على مداميك الماضي الراسخة ،ومخططات المستقبل الواعدة ،للحاضر والمستقبل ،وتأهيل المواقع األثرية ،وإعادة تأهيل المشاريع الخدمية وتطويرها بأن تكون ذكية وخضراء مبنية على أحدث فلسفات التخطيط العالمية. وحق ألهل الجوف التفاؤل بالمستقبل ،وأن يُشعلوا قناديل األمل بأميرهم ،خاصة وقد أكد سمو األمير بدر بن سلطان أمير منطقة الجوف أنه «سيعمل بمشيئة اهلل تعالى على إكمال مسيرة العطاء التي بذلها صاحب السمو الملكي األمير فهد بن بــدر بن عبدالعزيز في المنطقة مع أخي صاحب السمو الملكي األمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الجوف ،وسنسخر أنفسنا لخدمة أبناء الجوف األعزاء لكل ما فيه خير المنطقة والوطن». اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
5
أهالي الجوف يحتفون بصاحب السمو الملكي األمير
بدر بن سلطان بن عبدالعزيز أمير ًا على الجوف ■ احملرر الثقايف
أق ــام أهــالــي منطقة الـجــوف حفال الستقبال أمـيــر منطقة ال ـجــوف ،صاحب السمو الملكي األمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز ،مساء االثنين ٢إبريل 2018 16رجب 1439هـ ،ترحيبًا بقدوم سموه إثر صدور األمر الملكي الكريم بتعيينهأميرً ا لمنطقة الجوف ،وذلك في صالة االستقبال الكبرى بمدينة سكاكا. وفور وصول سموه مقر الحفل ،صافح الحضور من المواطنين وشيوخ القبائل وعمد وأعيان ومديري اإلدارات الحكومية من مدنيين وعسكريين والمواطنين. أيها الحفل الكريم
6
وانطلق الحفل الخطابي الذي أُقيم بهذه المناسبة بتالوة آيات من القرآن الكريم السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاتُه لألستاذ هشام الربيع ،ثم ألقى نائب وزير يشرفني ،ياصاحب السمو ،بالنيابةِ العمل سابقًا وعضو الهيئة االستشارية في عن أهالي منطقة الجوف أن أرحبَ بكم المجلس األعلى لمجلس التعاون ،معالي في ربوعِ هذه المنطقة التي يتطل ُع أهل ُها الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد ،كلمة إلى لقاءِ سموكم ،مستبشرين بمقدَمِ كم أهالي الجوف ،قال فيها: الــمــيــمــون ،وبــمــا تحملونه مــن بشائر صاحب السمو الملكي األمير بدر بن الخير والنماء للمنطقةِ وسكانِها إن شاء ال بكم بين أبنائكم وإخوانكم سلطان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه اهلل ،فأه ً وأهلكم. اهلل اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ـوف ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
يا صاحب السمو
صاحب السمو
تعتز منطق ُة الجوف بانتمائها إلى هذا تعلمو َن ما حبا اهللُ بِهِ هذه المنطق َة من الوطن الغالي منذ الدولةِ السعوديةِ األولى، إمكانات طبيعية وبشرية واسعة ومتنوعة. ٍ مقومات ٍ حيثُ امتد ظـ ُل هــذه الــدولــةِ المباركة إلى فعلى سبيل المثال ،تمتلك المنطق ُة منطقة الجوف منذ عام 1208للهجرة ،في زراعية هائلة اشتهرت بها مِ نْ ُذ القدم ،سواءٌ ٍ عهد اإلمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ،في ثرواتها المائية العذبةِ الغزيرة ،أو في ثم في الــدولــة السعودية الثانية في عهد طقسها ِ خصوبةِ أراضيها ،أو في مالءمةِ اإلمام فيصل بن تركي بن عبداهلل ،ثم شملها للكثيرِ مــن المحاصيل الــزراعــيــة .وهــي االستقرا ُر واألم ُن والنماء بانبثاقِ فجرِ الدولةِ اليوم في مُقدِ مَةِ مناطقِ المملكة في زراعةِ الملك المؤسس ِ السعوديةِ الثالثة على يدِ ال عن شهرتِها التاريخية في الزيتون ،فض ً جاللة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب اهلل ثــراه .وقد كانت هذه المحطاتُ إنتاج التمور ،ومحاصيلِها الزراعية المتنوعة ـات ب ــارزة فــي التاريخ الحديث لهذه األخرى .وهذا القطاع يمك َن أن يكو َن رافداً عــامـ ٍ المنطقة الموغلةِ في القدم والتي طالما كبيراً ومهماً القتصاد المنطقة من خالل كان لها موقعُها المميز في تاريخِ الجزيرة مشاريع التصنيع الــزراعــي الحديث التي العربية. تتطل ُع المنطق ُة إليها. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
7
معالي الدكتور عبدالواحد خالد الحميد يلقي كلمة األهالي
بإمكانات منذ زمنِ تجار ِة القوافلِ القديمة التي كانت ٍ كما أن منطقة الجوف تتمتع
سياحية وثقافية كبيرة ،فهي تضم مواقع تم ُر بها وهي في طريق الذهاب واإلياب بين
أثرية عديدة تعود إلى أقدمِ العصور ..حتى مناطق الهالل الخصيب والجزيرة العربية. بعض الدراسات األثارية الرصينة تشير وكانت المنطق ُة مهداً ألحــدِ أشهرِ األســواق َ إن إلــى أن هــذه المنطق َة شهدت أقــد َم أشكالِ العربية القديمة ،وهي سوق دومة الجندل، االستيطانِ الــبــشــري .وقــد كانت المنطق ُة التي كانت مكاناً للتبادل التجاري والثقافي. حاضر ًة عبر فصول التاريخ في مشهدِ الفعلِ ويمك ُن أن تستفي َد منطق ُة الجوف تجارياً من
والتأثير من خالل الممالك التي تعاقبت على موقعها الجغرافي المميز ،وأن تكون همزةَ وصل كما كانت سابقاً ،وبخاصة مع التوسعِ ٍ أرضها والتي ما تزال أثارُها باقي ًة حتى اليوم، سياحي في قطاع النقل والمواصالت. ٍ بقطاع ٍ تنهض َ وهي بثرائها يمك ُن أن وثقافي يسه ُم فــي نموِ اقتصاد المنطقة، وبــخــاصـ ٍـة عندما تــضــافُ إليها المقوماتُ السياحي ُة األخرى.
8
يا صاحب السمو هذه اإلمكاناتُ وغيرُها مما ال يخفى على
سموكم الكريم ليست هي األهم رغم ثرائها
وقد اكتسبت الجوفُ شهر ًة تجاري ًة واسعة وتنوِّعِ ها ،وإنما اإلنسان هو األهم ،وهو الثروة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ـوف ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
الحقيقية ،وهذا ما أكدتْ عليه الرؤي ُة التنموية والمؤسسات التعليمية والتدريبية األخــرى آالف الشباب مــن الــذكــور َ للمملكة (رؤية ،)2030والتي أصبحت برنام َج تُــخَ ــ ِّر ُج ك ـ َل عــام ٍ عمل وطني تتبناه وترعاه الدولة .وقد كان واإلناث المتسلحين بالعلم والمعرفة .هؤالء أه ُل هذه المنطقة ينتجو َن ما يحتاجو َن إليه هم ثروتُنا الحقيقية يا صاحب السمو ،وهم ِ ويتبادلون المنتجات مع األقاليمِ والمناطق يتطلعو َن إلى خدمة منطقتِهم ووطنِهم ،ويمدون المجاورة في زمــنِ ما قبلِ النفط ،و ُعــرِ َف أيدِ يَهُم إلى سموكم مرحبين بكم ،ويُقدِّمو َن إنسا ُن هــذه المنطقة عبر التاريخ بحيويته أنفسَ هم لخدمة مشروعِ كم التطويري ،يملؤهم مستقبل ٍ ـاس ،ويــحــدوهــم األمـ ـ ُل نحو ونشاطه وحبه للعمل .وفي الزمن الحديث ،الــحــمـ ُ ـرص وظيفية منتجة ،وسيكونون استثمرت حكومتُنا الرشيدة مليارات الرياالت مشرق ،وفـ ٍ عون إن شاء اهلل لكم بعد توفيق اهلل. في تطوير الموارد البشرية الوطنية؛ فنشرت خي َر ٍ التعلي َم وقضت على األمية ،وصار المواط ُن صاحب السمو مهي ًأ للعملِ واإلنتاج وفق مقتضيات ومتطلبات إن منطق َة الجوف المستبشرةَ بمقدَمِ كم، العصر ومــا وصلت إليه التقنية من أحدث األســالــيــب .وقــد كــان للمنطقةِ نصيبٌ من تتطل ُع إلــى استكمال مــشــروعــات التنمية ذلك وهلل الحمد ،واليوم نرى جامعة الجوف الــتــي أقــامــتــهــا حــكــومـتُــنــا الــرشــيــدة ،وإلــى
9
تطوير المشروعات القائمة ،وبخاصة في
شكر ووفــاء لسلفكم صاحب السمو الملكي األمير فهد بن بدر بن عبد العزيز ،و ِلكُلِ من أسه َم في خدمة هذه المنطقة متمنين لسموه التوفيق والسداد.
وهــم يدركون أن خــادم الحرمين الشريفين
حياكم اهلل يــا سمو األمــيــر بين أهلِكم الجوف التي تزدان وتبتهج بكم ،وتتفاءل ِ في بمستقبل مشرق تحت قيادة خادم الحرمين وولي ِ الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عهده األمين صاحبْ السمو الملكي األمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهما اهلل.
القطاعات الخدمية التي تتص ُل بحياة الناس.
ويتطلع الشبابُ إلى إيجاد المزيد من فرص
العمل للنهوض بمنطقتهم وبناء مستقبلهم، الملك سلمان بــن عبدالعزيز حفظه اهلل
إنما اصطفاكم لهذا الموقع إدراك ـاً منه لما ومهارات إدارية ٍ قدرات قيادية ٍ تمتلكونه من ومعرفة وعلم .وقد سَ عِ د أهالي منطقة الجوف ٍ
واستبشروا خيراً وهم يتابعون أخبار زيارات سموكم الكريم لعدد من الــوزراء وحواراتكم
معهم ،بشأن مشاريع المنطقة ومتابعتها، أســأل اهلل أن يوفقكم ويــســدد خطاكم، ومعرفة تفاصيلها س ــواءٌ المتعثر منها أو وأن يحقق على يديكم االزدها َر والنماء لهذه الناجز ،وذلك حتى قبل قدومكم للمنطقة. المنطقةِ وأهلِها ..والسالم عليكم ورحمة اهلل ختاماً ،يا صاحب السمو ،ال بد من كلمة وبركاته.
10
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ـوف ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
بعد ذلــك ألقى الدكتور بــدر بن محمد
طراد المعيقل قصيدة قال فيها:
قصيدة سطرتها في أربعة عشر بيتا، حيث يكتمل القمر بدرا ليلتها
ـاب تـلـيــدُ م ـج ــدٌ ع ـلــى ه ـ ــامِ ال ـس ـح ـ ِ ـدروب مشيد وشـ ـم ــوخُ ع ـ ـ ٍّز ف ــي الـ ـ ـ ـ ِ ـراث اإلب ـ ـ ـ ـ ــاء ونـ ـبـ ـع ــهِ أه ـ ـ ـ ـ ًـا بـ ـ ـمـ ـ ـي ـ ـ ِ ـوف فــي هــذا الـمـســاءِ سعيدُ وال ـجـ ُ ف ــي عـ ـه ـ ِـد س ـل ـم ــان اإلبـ ـ ـ ــاءِ ب ــادن ــا ع ـ ـ ـ ــزمٌ وح ـ ـ ـ ـ ــزمٌ وال ـ ـ ـف ـ ـ ـعـ ـ ــالُ ش ـ ـهـ ــودُ ***
الشاعر د .بدر محمد طراد المعيقل يلقي قصيدة
هـ ـ ــذا ولـ ـ ــي الـ ـعـ ـه ـ ِـد سـ ـي ـ ٌـف صـ ـ ــارمٌ مـ ــن زع ـ ـبـ ـ ٍـل أو مـ ـ ـ ــاردٍ أو مـ ــن هـنــا ب ـ ـت ـ ـ َر الـ ـ ـفـ ـ ـس ـ ــادَ ،ول ـ ـ ــأن ـ ـ ــاةِ ح ـ ـ ــدودُ ـاروق وهـ ــو سـعـيــدُ أو م ـس ـجـ ِـد ال ـ ـفـ ـ ِ ولـ ـ ـ ـك ـ ـ ــلّ خ ـ ـ ـ ـ ٍّـب أو ع ـ ـ ـ ـ ــد ٍّو قـ ــال ـ ـهـ ــا: تـ ـج ــدي ــدُ عـ ـه ــد لـ ـ ـل ـ ــوالءِ وص ــدق ــه بـ ــإعـ ــانـ ــة الـ ـ ـ ـب ـ ـ ــاري ،لـ ـك ــم س ــنٌ ـب ـي ــدُ لـ ـ ـ ـ ـ ــوالةِ أمـ ـ ـ ـ ــرٍ شـ ــرع ـ ـهـ ــم ت ــوحـ ـي ــدُ ـارك وه ـنــاك فــي ح ــدّ الـجـنــوب مـعـ ٌ ف ـي ـهــا الـ ـجـ ـن ــودُ ع ــن الـ ـب ــاد تـ ــذودُ ***
***
وال ـ ـن ـ ـخـ ــلُ وال ـ ــزيـ ـ ـت ـ ــونُ ردد ق ــائ ـ ًـا أه ـ ـ ـ ــا ب ـ ـكـ ــم ون ـ ـع ـ ـيـ ــدهـ ــا و َن ـ ـ ــزي ـ ـ ــدُ
أه ـ ـ ًـا ب ـكــم ي ــا ب ـ ــد َر م ـ ــل َء شـفــاهـنــا ـذاك مـمـلـكـتــي ب ـك ــلِّ شـمــوخـهــا وكـ ـ ـ َ ه ــي ب ـي ـع ــةٌ ف ــي ال ـ ـشـ ــرعِ آل س ـع ــودُ م ــن جــوف ـنــا هـ ــذا ال ـق ـص ـيــدُ بــريــدُ ـأي فـ ـخ ــرٍ نـحـتـفــي مـ ـ ــاذا نـ ـق ــول بـ ـ ـ ٍّ ف ــي م ـح ـفـ ٍـل ي ـ ــروي ح ـك ــاي ـ َة بـيـعــةٍ ـاض ت ـ ـل ـ ـيـ ــدُ وح ـ ـ ــاض ـ ـ ــرٌ غـ ـ ـ ّري ـ ــدُ مــــ ٍ ع ـ ـ ـ ــزمٌ وح ـ ـ ـ ـ ــزمٌ وال ـ ـ ـف ـ ـ ـعـ ـ ــالُ ش ـ ـهـ ــودُ ***
أعقبها قصيدة شعرية للشاعر منصور
الرويلي ،وبعدها تناول الجميع طعام العشاء
ـوف ف ـ ــي أركـ ـ ــانـ ـ ــه ورمـ ـ ـ ـ ــوزهِ والـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ُ ـوف يـشـيــدُ الذي أقيم بهذه المناسبة. رفـ ـ ـ َع ال ـت ـح ـي ـ َة ب ــال ـض ـي ـ ِ
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
11
سمو امير منطقة الجوف يؤدي القسم
أمر ملكي تعيين األمير بدر بن سلطان أميرا لمنطقة الجوف أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مساء اليوم االثنين عدداً من األوامر الملكية التي تضمنت إعفاء مسؤولين من مناصبهم وتعيين مسؤولين آخرين بمراكز أخرى.
بدر بن سلطان يرفع الشكر لخادم الحرمين بمناسبة تعيينه أميرً ا للجوف رفع صاحب السمو الملكي األمير بدر بن
سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف، أسمى آيات الشكر والعرفان لخادم الحرمين
الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ،وإلــى صاحب السمو الملكي األمير
وصدر أمر ملكي بإعفاء األمير فهد بن محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد
بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف من نــائــب رئــيــس مجلس الـ ــوزراء وزي ــر الــدفــاع منصبه بناء على طلبه ،وتعيين األمير بدر بن -حفظهما اهلل -بمناسبة صـــدور األمــر
سلطان بن عبد العزيز أميراً لمنطقة الجوف الملكي الكريم بتعيينه أميرًا لمنطقة الجوف.
12
بمرتبة وزيــر ،وذلك يوم االثنين 10جمادي وعـ ّبــر سموه فــي تصريح لوكالة األنباء الــســعــوديــة عــن فــخــره بــهــذه الثقة الملكية الثاني 1439هـ 26 -فبراير 2018م. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
تركي بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الجوف، وسنسخر أنفسنا لخدمة أبناء الجوف األعزاء لكل ما فيه خير المنطقة والوطن. ودعــا سموه اهلل العلي القدير أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ،وسمو ولي عهده األمين رعاهما اهلل -لما يحبه ويرضاه ،وأن يعينهعلى تحمل األمانة وخدمة الوطن ،وتلبية ما
ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ـوف ـواـيفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرـ ـ ـاـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تنـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنـ ـ ـأـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ
ال المولى عز وجــل أن يوفّقه تتطلبه منطقة الجوف من إمكانات تعزز من الغالية ،سائ ً لكل ما فيه خدمة الدين ثم الملك والوطن ،نهضتها التنموية في ظل النهضة الشمولية ال سيما أبناء منطقة الجوف ،تحت قيادة التي تعيشها البالد وفق رؤية المملكة .2030 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن وصول األمير عبدالعزيز آل سعود ،وسمو ولي عهده األمين بدر بن سلطان إلى مطار الجوف أيدهما اهلل .-وكان األمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز، وق ــال ســمــوه :ســوف أعــمــل بمشيئة اهلل أمير منطقة الجوف ،قد وصل عصر االثنين تعالى على إكمال مسيرة العطاء التي بذلها ٢إبــريــل 16 - 2018رج ــب 1439إلــى صاحب السمو الملكي األمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز فــي المنطقة مــع أخــي صاحب المنطقة إثــر صــدور األمــر الملكي الكريم السمو الملكي األمير عبدالعزيز بن فهد بن بتعيينه أميرًا للمنطقة. وقــد استقبله في المطار مدير جامعة ال ــج ــوف الــدكــتــور إســمــاعــيــل ب ــن محمد البشري ،ووكيل إمارة منطقة الجوف الدكتور حامد بن مالح الشمري ،وأصحاب الفضيلة رؤســاء المحاكم بالمنطقة ووكــاء اإلمــارة المساعدون ومديرو اإلدارات الحكومية من مدنيين وعسكريين ،وشيوخ القبائل وأعضاء مجلس المنطقة.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
13
■ محمد صوانة -جهاد أبو مهنا
افتُتح هذا المنتدى -الذي يقيمه مركز عبدالرحمن السديري الثقافي سنوي ًا بدار الرحمانية بالغاط -بكلمةٍ لرئيسة هيئة المنتدى أ.د مشاعل بنت عبدالمحسن ال ـســديــري ،الـتــي قــالــت إن ه ــذه الـ ــدورة تعقد بــالـتـعــاون مــع مــركــز بـحــوث الــدراســات اإلنسانية في جامعة الملك سعود ،لتفعيل المشاركة المجتمعية مع الجهات العاملة في مجال موضوع المنتدى .وقالت إن هذا المنتدى ،من األنشطة الثقافية لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي ،يقام سنوي ًا ويهدف الى تسليط الضوء على موضوع ذي أهمية بين القطاع النسائي في المملكة ،كما يعمل على تشجيع تبادل الخبرات، وإتاحة المجال للمشاركات بلقاء المتخصصات وذوات الخبرة في موضوع المنتدى. وذكرت السديري أن المنتدى لهذا العام يتناول موضوع ريادة األعمال النسائية بمشاركة نخبة من األكاديميات والمتخصصات من الجامعات والمؤسسات الوطنية المختلفة ،وأن الحوار الذي يجري بين المشاركات يثري الخبرات المكتسبة ،ويزيد
14
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وقدمت السديري شكرها لجميع المشاركات والمدربات اللواتي نفذن أربع ورش عمل في مجال المنتدى ،حضرها ما يزيد على مائة وعشرين من فتيات وسيدات الغاط والمحافظات المجاورة ،وقدمت شكر ًا خاص ًا لمركز البحوث والدراسات اإلنسانية بجامعة الملك سعود إلسهامه في إثراء فعاليات المنتدى ،وللجهات الراعية للمنتدى ،وفريق العمل.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
من إطالع المشاركات على تجارب جديدة وقيّمة ،من شأنها تحقيق األهداف المنشودة من هذا المنتدى.
وتسعى إلى تطويرها .وهذا الحراك يتطلب أن يكون مؤطراً برؤى واقعية تمكّن رائدات األعمال من المنافسة والنمو ،وال يتم هذا إال من خالل التأصيل األكاديمي المتوافق مع الواقع الممارس الناجح.
تــحــظــى ريــــــادة األعـ ــمـ ــال الــنــســائــيــة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة باهتمام كبير من قبل الجهات االقتصادية ،لما تمثله هذه المشروعات من رافعة مهمة لالقتصاد الوطني ،بالنظر للمدخالت والمخرجات التي تــرافــق هــذا القطاع اإلنــتــاجــي ،الــذي وقــد هــدف المنتدى إلــى إشــراك المرأة تملكه وتعمل فيه نسبة كبيرة من المواطنين العاملين في القطاع الخاص ،يسعون إلى الــســعــوديــة فــي ح ــدود الــنــطــاق الجغرافي تطوير مشروعاتهم والنهوض بها من النطاق لمحافظة الغاط ومــا حولها ،الراغبة في االستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، المحلي الى اإلقليمي والدولي. وإطالعها على التجارب الناجحة ،وإتاحة ومن خالل القراءة االقتصادية واالجتماعية لواقع ريــادة األعــمــال النسائية ،نلحظ أن المجال أمامها لمعرفة الجهات العاملة هناك حراكاً إيجابياً تمثل في إسهام المرأة في مجال ريــادة األعمال والفرص الممكنة بالمشاركة في النمو االقتصادي من خالل لإلفادة منها وتنفيذ مشاريع ريادية مناسبة زيادة إقبالها على تأسيس المشاريع الصغيرة للمنطقة ،تتوافق مــع مــؤهــات وإمكانات والمتوسطة الخاصة بها ،فتديرها وتعمل بها الراغبات في خوض هذا المجال.
دار الرحمانية -بمحافظة الغاط
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
15
جلسة الحوار األولى محاور الجلسة: واقع ريادة األعمال والتطلعات المستقبلية. أهم التحديات التي تواجه العنصر النسائي في ريادة األعمال في السوق السعودية. الجهات الداعمة والفرص المتاحة لالستثمار. اتجاهات السوق العالمي والمحلي في ريادة األعمال.المتحدثات :أ .د .وفاء املبيريك ،د .مليا العبدالكرمي ،أ .مها النحيط ،أ .عالية الشلهوب. أدارت الجلسة :أ .د .اجلوهرة فهد الزامل (أستاذ اخلدمة االجتماعية ،كلية اآلداب ،جامعة امللك سعود).
افتتحت أ .د .الـجــوهــرة الــزامــل الجلسة متحدثة عــن أهمية ري ــادة األع ـمــال ،وكيفية االستفادة من الفرص المتاحة والمنظورة ،واالستثمار الصحيح الذي من شأنه أن تكون له مخرجات إيجابية على صاحبة المشروع والمجتمع على السواء ،كما استعرضت الخدمات التي تقدمها المؤسسات الخدمية واألكاديمية والمجتمعية غير الربحية المتخصصة للراغبات في االستثمار. ثم بدأت الحوار مع المشاركات ،ووجهت أسئلة تساعد على تقديم معلومات تثري النقاش، وتعرض واقع ريادة األعمال النسائية والتطلعات المستقبلية بوجه عام أمام الجمهور. المتحدثة األولى: ا .د .وفاء ناصر المبيريك ريادي. (دكتوراة من جامعة نوتنجهام البريطانية، وأشــارت إلــى أن من عوامل نجاح ريــادة 1998م ،ريادة األعمال-جامعة الملك سعود) األعــمــال هــو إدراك أهمية كــل عنصر من واقع ريادة األعمال عناصر منظومة ريادة األعمال ،والتي تعرّف واآلفاق المستقبلية بأنها «عناصر وأف ــراد ومنظمات وجهات تحدثت عن واقع ريادة األعمال ،وأشارت محيطة برائد األعمال ،تعين أو تعيق توجُّ ه
المجتمع؛ ما يعزز مشاركتهم في مجتمع
إلى أن مدلولها المباشر هو إنشاء مشروع الفرد نحو ريادة األعمال» ،وفقا للشميمري استثماري مبتكر ،وهو بهذا المعنى يسهم والمبيريك (2016م) .إذ يسهم كل عنصر من
بشكل مباشر في التنمية االقتصادية .كما هذه العناصر في بناء ريادة األعمال ودعمها؛ أن تبنّي ريادة األعمال كاستراتيجية يسهم ابتداء برائد األعمال نفسه ،ومرورا بعناصر
16
بفاعلية في بناء الفكر الريادي لدى أفراد البيئة الخاصة المحيطة به ،وانتهاء بعناصر
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ومــن هــذا المنطلق ،فــإن ريــادة األعمال نسبته ،%39بينما كانت %4فقط في السابق. تعد من أبرز االستراتيجيات التي يمكن من ثــم تــنــاولــت تــطــور ريــــادة األع ــم ــال في خاللها النهوض باقتصاد المملكة ،خاصة المملكة ،وأشــارت إلــى ما ورد في الكتيب وأنها تتمتع بالعديد من الخصائص التي التعريفي لرؤية « ،2030أن المرأة السعودية تؤهلها لتبنّي هذه االستراتيجية ،والتي منها :تعد عنصراً مهماً ،إذ تشكل ما يزيد على المجتمع السعودي اليافع ،وأن المملكة عضو %50من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين، في منظومة الدول العشرين العظمى ،G2o وسنستمر فــي تنمية مواهبها واستثمار والحاجة لعالج مشكلة ارتفاع نسبة البطالة، طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص والتطور الكبير في البنية التحتية ،إضافة المناسبة لبناء مستقبلها واإلسهام في تنمية إلى برنامج التحول الوطني ،2030وغيرها مجتمعنا واقتصادنا». من العوامل األخرى. وأضــافــت أن المملكة تتجه حالياً إلى وفــي الختام استعرضت قصص نجاح مــخــتــارة لمجموعة مــن رائــــدات األعــمــال خفض مــعــدالت البطالة عند الــمــرأة ،من السعوديات الالتي تمكنَّ من االستثمار في خــال فتح مــجــاالت وفــرص عمل ،وإيجاد وظائف مناسبة في بيئة عمل آمنة ،وتشجيع الفرص التي تهيأت لهن. ابتكار وإبــداع رائــدات األعمال ،واالستفادة المتحدثة الثانية: أ .مها بنت سليمان النحيط (رائدة أعمال)
مــن أفكارهن التي لها دور كبير فــي دعم
أهمية ريادة األعمال في السعودية
رؤية المملكة العربية السعودية ،2030زيادة
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
البيئة العامة ذات الصلة الوثيقة بريادة ملحوظاً في نسب رائدات األعمال ،إذ بلغت األعمال. نسبة النمو بين عامي 2017 - 2007م ما
االقتصاد الوطني وتطويره .وأن من أهداف مشاركة المرأة في سوق العمل من %22إلى
وق ـ ــد ت ــح ــدث ــت عـ ــن أه ـ ــم الــتــحــديــات والمعوقات التي تواجه العنصر النسائي في .%30 ريادة األعمال ،وقالت إنها تحديات نظامية، وذكــرت أن هناك العديد من القطاعات وتحديات علمية ومهنية ،وتحديات اجتماعية الــتــي تميزت بها الــمــرأة الــســعــوديــة مثل: ونفسية. األزيـ ــاء ،والتعليم ،والسياحة والضيافة، وأش ــارت إلــى أنــه وعلى الرغم من تلك والبيئة والتدوير ،إضافة إلى قطاع التغذية التحديات التي تواجه المرأة السعودية في والــمــشــروبــات ،واالس ــت ــش ــارات والتنظيم ريادة األعمال ،إال إن المملكة سجلت ارتفاعاً والترفيه والتجزئة. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
17
المتحدثة الثالثة: أ .عالية الشلهوب (مستشارة اقتصادية) بـــدأت حديثها عــن الــجــهــات الــداعــمــة والفرص المتاحة لالستثمار ،وتناولتها من ثالثة محاور: األول ،الدعم اإلداري واللوجستي ،إذ أشارت إلى أن أي مشروع في البداية يحتاج دراسة جدوى اقتصادية وتراخيص مزاولة الــنــشــاط ،والــتــي تــصــدرهــا وزارة التجارة واالستثمار (السجل التجاري) ووزارة الشئون البلدية (رخص البلدية). الثاني هو الدعم المالي والقروض :فقالت إن أي مشروع يحتاج إلى تمويل سواء كان ال ذاتياً أم حكومياً من جهات اإلقراض، تموي ً بنك التنمية (التسليف سابقاً) والصندوق الصناعي ،وغيرها الكثير من طرق التمويل والتي أخطرها القروض التجارية من البنوك نظراً الرتفاع الفوائد. ثــالــث مــحــاور ورقتها الــفــرص المتاحة لالستثمار :كالفرص اإلبداعية واالبتكارية الجديدة ،وهذه مصدرها التفكير واإلبداع، وأكــدت أن المجتمع بحاجة إلــى مثل هذه وج ـدّة ،وهناك الفرص لما فيها من ابتكار ِ ال ــف ــرص الــتــقــلــيــديــة ومــصــدرهــا الــغــرف التجارية وهيئة االستثمار ومكاتب ترويج فرص االستثمار.
18
المتحدثة الرابعة :د .لميا العبدالكريم (دكتوراه من جامعة ماسانشوستش األمريكية -جامعة الملك سعود) تحدثت عــن اتجاهات الــســوق العالمي والمحلي ،واستعرضت قصص نجاح عمالقة السوق العالمية المتجهة للتقنية مثل :علي بــابــا وأمــــازون مــن بداياتهما المتواضعة وتخطي التحديات إلى النجاح الذي تحقق في منافسة السوق العالمي .كما أوضحت ما يميز هذه الشركات التقنية الحديثة مثل أمازون وأوبر واير بي اند بي بأنها أحدثت طفرة تنافسية تجاوزت النماذج التقليدية للشركات السابقة بــاالبــتــكــار ،والــوصــول للعالمية .كما تميزت هذه الشركات بالتركيز على إرضاء العمالء فوراً والسماح لعمالئها بتعديل المنتَج ،ومن أهم االبتكارات لهذه الشركات تعزيز وتحسين الكفاءة عن طريق استخدام األتمتة ،وفي أثناء شرح تطورات السوق الحالية وبعيدة األجــل أوردت كيف أن رواد أعمال لمنشآت صغيرة استفادوا من فــرص ســوق العمالقة في مجال أتمتة التسوق في السوبرماركت كما تفعل أمازون. ثم قارنت اتجاه السوق المحلي بعد عرض إحصاءات عن وضع سوق التقنية.
وأظ ــه ــرت أن أفــضــل خمسين منشأة صغيرة تركز على التطبيقات فقط ،وأن هناك فرصاً كبيرة لنقل ابتكارات السوق العالمي محليا للشابات والشباب السعودي، كما شرحت نماذج لمنشآت صغيرة بدأت تــعــمــل مــن الــمــنــزل ثــم تــطــورت وانتقلت إلــى العالمية .وتحدثت عــن مــصــادر دعم وختمت بأن كل ما هو متاح للرجل متاح المنشآت الصغيرة من حكومية وجامعات للمرأة ،وأكدت على ضرورة البعد عن التقليد ومراكز ربحية ،وختمت بتوصية الحاضرات العشوائي ،وضرورة دراسة أي مشروع دراسة بتعلم اللغة اإلنجليزية لتمكنهن من االطالع على االتجاهات العالمية. وافية قبل البدء بالتنفيذ ،لضمان نجاحه. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
نظمت هيئة المنتدى أربع ورش عمل تدريبية ،شارك فيها ما يزيد عن مائة وعشرين من سيدات المجتمع المحلي ،وقد شملت أربعة موضوعات: -1ورشة (اصنعي فكرتك الريادية) قدمتها :د .ريما بنت سعيد (دكتوراه في إدارة األعمال الدولية - جامعة الملك سعود).
تضمنت الورشة عدة محاور ،أهمها:
تكن معروفة سابقا ،كما وضحت الفرق بين اإلبداع واالبتكار في التطبيق. تخلل هذه الورشة عدة تمارين تطبيقية تهدف إلى تنمية جوانب معينة لدى الحضور وه ــي :التفكير خ ــارج الــصــنــدوق ،واألخــذ باآلراء ،والعمل الجماعي بين أعضاء الفريق.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
ورش تدريبية على هامش المنتدى
من أين تنبع الفكرة للمشروع.كما أكــدت على أن مــن واجبنا السعي كيف نقيم فكرة المشروع؟للنهوض بوطننا وبمجتمعنا ،لذا علينا البدء تقييم وضع المشروع بالنسبة للمنافسين .في االبتكار والعمل على أن تكون منشآتناومشاريعنا قائمة بأيدي أبنائنا بأفكارهم خطوات تحويل الفكرة إلى الواقع.وجهدهم ،كما تطرقت إلى عدة محاور مهمة: وبعد استعراض أهــم المحاور ،وتقديم الشرح عن كل محور ،تشاركت المشاركات -رؤية :2030األفكار اإلبداعية تساعدنا على تحقيق رؤية وطننا الملهمة ،وكيف بالندوة في حوار ثري حول صناعة الفكرة نصل إلى اقتصاد مزدهر ،ومجتمع حيوي الــريــاديــة ،وأثــيــر الــعــديــد مــن األســئــلــة من ووطن طموح وذلك بالخروج عن األفكار الــمــشــاركــات ،وش ــارك الجميع فــي اقتراح التقليدية ،والــنــظــر فــي تنويع مصادر اإلجابات في حوار رسّ خ الفائدة من الورشة الدخل ،بعيدا عن االعتماد على إيرادات لدى المتدربات ،كما تولت المدربة اإلجابة النفط. عن استفسارات وتساؤالت رائدات األعمال. -2ورشة (االبتكار في ريادة األعمال) -الــبــعــد االقــتــصــادي :ينهض االقــتــصــاد بإيجادنا لحلول مبتكرة وذات كفاءة عالية قدمتها :أ .جواهر سعد بن جوهر لمشاكل عدة مثل الفقر والبطالة ،وتتيح (ماجستير من جامعة ميامي ومدربة في مجال لنا تطوير برامجنا. إدارة األعمال والمشاريع).
البعد البيئي :تؤثر إيجابا على اهتمامنابــدأت الــورشــة بتعريف لمعنى االبتكار بالبيئة بإيجاد طرق إبداعية للسيطرة أو اإلبـــداع كمفهوم علمي ،واســتــنــاداً إلى على التلوث وترشيد االستهالك. تعريف العلماء لــه على أنــه عملية عقلية هــادفــة ونــشــطــة فــي اســتــخــدام الــخــبــرات -البعد االجتماعي :تجعل المجتمع على تواصل مستمر مع بعضه بعضاً ،وأكثر والمعلومات ،تصحبها رغبة شديدة إليجاد حلول لمشكالت ومواجهة معوقات بطرق لم تالحماً. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
19
الــبــعــد الــخــدمــي :تسهيل الــكــثــيــر من توجيه المنتج أو الخدمة له؟الــخــدمــات بــطــرق إبــداعــيــة ،فتختصر كما تم تقديم شرح تفصيلي لكل عنصر الوقت والجهد والتكلفة مثل التطبيقات من عناصر نموذج العمل التجاري والــذي اإللكترونية. يشمل :الشريحة المستهدفة ،وقيمة العرض، البعد الشخصي :ترفع المستوى المعرفي والــقــنــوات ،والعالقة مع العمالء ،والمهاملألشخاص ،وتزيد ثقتهم بأنفسهم وتحقق األســاس ،والشركاء الرئيسيين ،والمصادر الرضى الذاتي. األساس ،وهيكل التكاليف ،ومصادر الدخل، كما تناولت المدربة العناصر الداعمة كما تم التركيز على آليات التسعير وضريبة للتفكير اإلب ــداع ــي مــن حــيــث الــمــهــارات القيمة المضافة. ال منها لها والسلوك والحوافز ،وكيف أن ك ً وختمت الورشة أن ثقافة ريادة األعمال أثــره فــي طــرق تفكيرنا وأخــذنــا إلــى عالم تتطلب اهتماماً كبيراً لما تتضمنها من األفــكــار الجديدة التي تالمس احتياجات فــوائــد :كــإقــامــة مجموعة مــن الملتقيات المستفيدين ،ولخصت األدوات التي نحتاج الخاصة بالريادة ،ونشر قصص نجاح لرواد إليها لنبدأ بالفكرة اإلبداعية بثالثة عناصر أعــمــال سعوديين ،وطالبت بــإدخــال ريــادة هي :الرغبة ،والخبرات والمعرفة ،والبحث .األعــمــال كمقرر دراس ــي لــلــمــدارس ،إذ إن واختتمت الورشة بشرح الخطوات المتبعة كل ذلك من شأنه دفع الشباب والمجتمع لالنطالق بالمشروع التجاري من الفكرة بشكل عام للتوجه إلى عالم ريادة األعمال، االعتيادية إلى الفكرة اإلبداعية ،ثم األداء التي ستسهم في تحقيق أحد أهداف رؤية ثم التقييم إلى التنفيذ. الوطن ،2030بالنظر لما تستهدفه الرؤية من رفع نسبة إسهام المؤسسات الصغيرة -3ورشة والمتوسطة في الناتج المحلي اإلجمالي، (من الفكرة إلى العمل التجاري) إضافة إلى تخفيض نسبة البطالة وتوفير قدمتها أ .لما النمي فرص عمل. (بكالوريوس في مجال ريادة األعمال -معهد
20
-4ورشة (اإلجراءات القانونية الملك سلمان لريادة األعمال). للمنشآت الصغيرة والمتوسطة -شركة تضمنت الــورشــة توضيح مفهوم ريــادة تمكّ ن لالستشارات اإلدارية) واستعراضا لنماذج ً األعمال واستراتيجياتها، قدمتها أ .لمياء القاضي مشاريع ريادية سعودية ،وشرحاً لعناصر (مدربة معتمدة في مجال تأسيس وإدارة المشاريع). نموذج العمل التجاري ،الذي يهدف إلعطاء كــل رائــد أعــمــال فــي بــدايــة تأسيس أي صورة أوضح للفكرة عند تطبيقها على أرض الواقع ،إذ يقدم إجابات مهمة لمجموعة من مشروع ينبغي أن يكون على معرفة عالية األسئلة من بينها ما هو المنتج أو ما هي بالسوق المستهدفة لمشروعه مــن حيث الخدمة التي يرغب رائد األعمال أو صاحب آلياته وإجراءاته ومتطلبات العمل فيه وفرص الــمــشــروع فــي تقديمها؟ ولــمــن ســوف يتم النجاح المتاحة؛ وبالتالي يجب أن يبحث عن اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
)2آلية البحث عن اإلجراءات الحكومية:
والتي تتلخص في البحث عن النشاط الــصــحــيــح لــلــفــكــرة ال ــم ــراد تنفيذها، ومــن ثــم تحديد الجهات ذات العالقة واشتراطاتها. )3اختيار المشروع المناسب:
تم التطرق إلى اآللية الصحيحة الختيار المشروع ،وبالتالي تقليل فــرص فشل المشروع وذلك من خالل: التمويل ،فبعض المشاريع تتطلب رأسعال (مثل تأسيس مقر -استقدام مال ٍ عمالة -أجهزة -نظام تقني ..الخ)؛ لذا يجب على صاحب المشروع األخذ بعين االعتبار القدرة المادية المتاحة لديه في وقت التنفيذ أو الحلول التمويلية التي يستطيع الحصول عليها.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
الــطــرق الصحيحة واألســـاس ليتمكن من العمل في مشروعه بطريقة سليمة تضمن نجاحه وتساعده في تجاوز الصعوبات وتبعد عنه أسباب الفشل .ويبدأ كل ذلك بمعرفة اإلجراءات القانونية والحكومية في المملكة العربية السعودية لبدء أي مشروع تجاري والتي يمكن تلخيصها بشكل مبسط بمعرفة -التفرغ ،عند اختيار المشروع المناسب الجوانب اآلتية: يــجــب م ــراع ــاة الــوقــت والــجــهــد الــذي )1األشكال القانونية للمشاريع والتزاماتها: سيتطلبه الــمــشــروع مــن صــاحــبــه ،في من حيث معرفة الفروقات بين المؤسسات حال كان التفرغ إلزامياً لدقة المشروع الفردية والشركات والتزاماتها القانونية، ومتطلباته العالية وصاحب المشروع غير وما تم استحداثه في النظام السعودي، قادر على الموازنة بين عمله والمشروع كــنــظــام شــركــة الــشــخــص الــواحــد التي الخاص ،فيجب عليه تعيين مدير بدوام تــســاعــد فــي تنمية االقــتــصــاد وزيـــادة كامل إلدارة المشروع ،أو اختيار مشروع االستثمارات الشخصية لقلة المخاطرة. آخر يتناسب مع جدوله بشكل أفضل. عمالة ذات مهارات عالية فنية أو تقنية، ومن الممكن عدم توافرها في المملكة، لذا ينبغي وضع خطة واضحة لإلمكانات المتوافرة والمهارات المطلوبة تساعد صاحب المشروع على اتــخــاذ قــرارات سليمة عند بدء مشروعه بالتوظيف.
المعرفة الفنية والتقنية ،إن المهاراتالفنية والتقنية لتنفيذ المشاريع هي جزء ال يتجزأ مــن الــمــشــروع ،فمن استطاع اتقانها استطاع إنجاح مشروعه؛ لذا يجب على صاحب المشروع أن يكون صادقا مع نفسه بالنسبة لمعرفته ومهاراته في المجال التخصصي لمشروعه ..حتى يعرف ما هي النواقص التي لن يستطيع تنفيذها ،وبالتالي توظيف فريق عمل مكمل لمهاراته ومعرفته.
كما استعرضت األستاذة لميا القاضي في الورشة ،الجهات الحكومية ذات العالقة على حسب نشاطاتها .وكذلك الجهات الداعمة للمشاريع الــصــغــيــرة والــمــتــوســطــة وطــرق دعمها ،وعمل دليل بأهم الجهات الداعمة وحاضنات األعــمــال والــمــبــادرات الخاصة التوظيف والعمالة ،هناك مشاريع تحتاج بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
21
في محافظة الغاط عراقة التاريخ وعبق الثقافة* ■ د .هيا بنت عبدالرحمن السمهري**
عندما يكون االرتحال لمحافظة الغاط من التوق والشوق للثقافة ،وعندما يكون تأطير ًا حافز ًا في صياغة التنمية ،وعندما يكون دعم ًا للمعرفة وتحقيق ًا لممكنات النهوض فحتم ًا سيكون االرتحال مختلف ًا في أصوله وشكوله .فهناك في الغاط حكايات للكرم األصيل، وتلويحة زمانية تخترق القلوب؛ وشــواهــد مكانية تحمل دالالت التنوير؛ وهـنــاك أحــام عربية بيضاء تكوّنت في دار الرحمانية ومكتبتها ذات الصفوف الملوَّ نة من أوعية المعرفة ال يستغلق على زائرها التقاط متغيراتها وتجدّ دها الدؤوب.
22
أمــا الــبــدايــات ،فقد ومــضــتْ هــنــاك في الــجــوف لتدفعنا لــاســتــفــاضــة فــي شــرح تفاصيل المشروع الثقافي ،الذي امتد من الجوف في تأسيس صــادق لتغذية العقول بالمعرفة ،ليستقبل مجتمع الــجــوف منذ نحو نيّف وخمسين عاماً مكتبة «دار العلوم» «1383هـــ» التي أسسها األمير عبدالرحمن ابن أحمد السديري -رحمه اهلل -إبَّان إمارته هُناك؛ وأصبحت منارة ثقافية تحمل وجيب مجتمعها ووطنها الكبير؛ وتعمّق من الجوف العطاء اإلنساني لمؤسس المركز الثقافي الموسوم باسمه -رحمه اهلل -فتراسلت المثاقفة مع الغاط ،إذ عزم (رحمه اهلل) أن يترك مساحة لتاريخ الثقافة في مرابع الغاط الجميل؛ فنهضت ثقافة الــغــاط ،فاقتربتْ الرؤى واستدارت الزوايا؛ فكانت مكتبة منيرة الملحم -رحمها اهلل -وكان المنتدى السنوي األب ــرز فــي دعــم الــمــرأة ..فالمكتبتان في سكاكا والغاط تشكالن مركزاً ثقافياً بفرعين اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
يرعى المناشط الثقافية ،ويقدم التمويل للبحوث ،وينشر الدراسات والكتب ويصدر دوريتين تعنيان باآلثار والثقافة واألدب ..كما يرعى المركز جائزة األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للتفوق العلمي في كل من الجوف والغاط؛ وهناك خطة ممتدة البتعاث المتفوقات لــلــدراســات التخصصية العليا تمخضت عن عدد محفز منذ عام 1425هـ. أمــا المنتدى السنوي المكتنز «منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع» فهو منصة إشــراق مجتمعية ،ومجيء مدهش توشحه اسمها (رحمها اهلل) ليصبح جزءاً من الثقافة الوطنية وأتمت عائلتها رسم لوحاته النامية، فعبر ذلك المنتدى المجتمعي مدارجه العشر حتى هذا العام 1439هـ وما يزال يستضيف نخبة مــن عقول بــادنــا النسائية لتتصدر طروحاته وتفيض بما يعزِّز معلومات المشهد. ولــكــل دورة تــخــطــيــط مــحــكــم وعــنــايــة
* المصدر :صحيفة الجزيرة ،العدد 16572األحد 25جمادى األولى 1439هـ (2018/2/11م). ** شاعرة وكاتبة سعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
بالتفاصيل لتحقيق األهداف المتوخاة؛ ودائماً ما يحصد المنتدى نجاحات تذكر وتشكر، تأسيساً على جــدارة االنتقاء للموضوعات التي تمس وجيب المجتمع؛ وَمِ ما طرح في المنتديات السابقة «أساليب كسب األبناء نــعــمُ ،هــنَ ــاك فــي الــغــاط شــعــور جميل وتوجيه سلوكهم« »،ذوو االحتياجات الخاصة بين التحدي والحقوق»« ،العنف األســري» ،بالمغامرة المحمودة لفتح بوابات الثقافة «دور األسرة في انحراف األبناء»؛ و«الصحة وخدمة المجتمع على مصراعيها لتمتد من النفسية ضمن الحياة األسرية» ،وموضوعات الغاط الجميلة إلى كل أرجاء بالدنا؛ فهنيئاً أخرى في الشأن الصحي العام ،وهذا العام للغاط ِحراكَها الثقافيّ المثمر ،وهنيئاً لها كانت دورة المنتدى في موضوع حيويّ يتصدر ازدهارها المجتمعيّ المشهود الذي صنعته تــظــاهــرتــنــا الــوطــنــيــة تلك العقول العظيمة أرض تختال في حضن نجد أي ٍ ُّ الجديدة وهــو (ريــادة دوحــةُ الفكر والفضاءُ الجميلُ -رحمهم اهلل وحفظ األع ــم ــال الــنــســائــيــة: امــتــدادهــم -ليكملوا الـــواقـــع والــتــطــلــعــات ت ـس ـك ـ ُـب الـ ـ ـ ــو َّد ل ـل ـح ـي ــاة غ ــزي ــرً ا ف ـ ــي دنـ ـ ـ ــان رحـ ـيـ ـقـ ـه ــا مـ ـعـ ـس ــولُ الــمــســيــرة الــتــنــمــويــة المستقبلية) ،فكان الثقافية. الـ ــمـ ــوضـ ــوع حــفــيّــا ،ذاك ربــع شــاقـ ْـت مغانيه نفسي فكل مــشــارِ كــة جــاءت ويــســتــحــق الــمــركــز تـ ـتـ ـه ــادى ف ـي ــه الـ ـ ـم ـ ــزونُ ت ـس ـيــلُ لــتــبــحــث ع ــن ضــمــان راك وما ينتج عنه من ِح ٍ الغاط موئل الحسن صاغوا ُ إنها ريادة األعمال وطريقة ف ـ ــي ث ـ ــراه ـ ــا حـ ـك ــاي ــة س ـت ـط ــولُ ثقافيّ تنمويّ مجتمعيّ إعـ ــدادهـ ــا وال ــش ــروع تصدّر مصادر التنوير فيها ،واستمعنا ُهنَاك ه ـ ـ ــي ح ـ ـ ـ ـ ٌّـب ورح ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــةٌ وت ـ ــآخ ـ ــي الثقافي تأسيساً في وبـ ـه ــا الـ ـعـ ـ ّز والـ ـشـ ـم ــوخُ ش ـك ــولُ لنخبة مختارة باقتدار بــادنــا ،ومــنــح الــمــرأة لمثاقفة الحاضرات وهـ ـ ــي م ــاش ـئ ــت ف ــرح ــة وض ـي ــاء أول نوافذ الثقافة في حــول كيفية الصعود وه ـ ـ ــي لـ ـ ـل ـ ــواردي ـ ــن ظ ـ ـ ـ ٌّـل ظ ـل ـي ــلُ مــشــروع ثقافي كبير، وص ــن ــاع ــة ال ــن ــج ــاح؛ وهـ ــي ن ـب ــعٌ ل ـم ــن ي ــاق ــي ث ــراه ــا وتبنّى مفهوم الشراكة فكان طرحاً أكاديمياً وهـ ـ ـ ــي فـ ـ ـ ــرع ودوحـ ـ ـ ـ ـ ــة وأصـ ـ ـ ـ ــولُ ال ــم ــج ــت ــم ــع ــي ــة قــبــل معرفياً من خالل نخبة مــن أســتــاذات جامعة ليت شعري في الغاط فكر وفير صياغاتها الحديثة؛ والثقافةُ تنثالُ منها الحقولُ ي ــس ــت ــح ــق ال ــم ــرك ــز الملك سعود ،إذ كان تكريماً وطنياً في أرفع الــمــنــتــدى بــالــتــعــاون إن عشقنا المُ قام في الغاط يوم ًا مـ ـــع مــــركــــز ب ــح ــوث ـوق وب ـ ـه ـ ـجـ ــةٌ وقـ ـ ـب ـ ــولُ مستوياته. ف ـ ـهـ ــو ش ـ ـ ـ ـ ٌ الــدراســات اإلنسانية في الجامعة؛ وطرحاً تنظيمياً محفزاً من متخصصات مــن الــقــطــاعــات المعنية في بالدنا؛ وورش عمل مصاحبة كانت إضاءات لتحفيز االستعداد لريادة األعمال.
23
دار العلوم بالجوف تعقد ندوة بعنوان:
لطيفة بنت عبدالرحمن السديري سيرة ..وحياة ■ فاطمة يوسف العلي و محمد جميل أحمد
عقد مركز عبد الرحمن السديري ،بمدينة الجوف ،ندوة حول رائدة التعليم في منطقة الجوف السيدة لطيفة بنت عبدالرحمن السديري رحمها اهلل ،وذلك يوم الخميس ١٩رجب ١٤٣٩هـ ( ١٥إبريل عام ٢٠١٨م) ،استضاف فيها األستاذات: السطام ،وعفراء الذباح ،ونوارة العرسان، َّ هيا الملحم ،وفاطمة العدوان ،و مريم وفاطمة القاضي .وأدارت الـنــدوة الــدكـتــورة هيا السمهري ،التي ابـتــدرت الندوة بقولها :نتحدث اليوم في هذه الندوة عن رائــدة من رائــدات التعليم في منطقة الجوف هي السيدة لطيفة بنت عبدالرحمن السديري ،رحمها اهلل .فقد كان لها دور محوري وريــادي في تعليم البنات بالمنطقة على مدى سنوات طويلة بدعم ومــؤازرة من والدها معالي األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري خالل توليه إمارة الجوف لنحو خمسة عقود .وستسعرض فارسات هذه الندوة بعض إنجازاتها التأسيسية في التعليم وكذلك في المجتمع. لقد كانت لطيفة السديري إحدى منسوبات مدرسة الجوف االبتدائية وترقت في السلم التعليمي وممارسة مهنة التعليم إلى أن تولت «التوجيه التربوي» في تعليم البنات بمنطقة الجوف (اإلش ــراف التربوي حالياً) .وكانت أبــرز صفاتها رحمها اهلل قـيــادة المجتمع النسائي بكل أطيافه عبر االسـتـفــادة القصوى من المعرفة والتعليم.
24
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز ولقد بــدأت في ظــروف صعبة وأسست كان مولدها في مدينة الغاط بنجد ،وجاءت دورهــا التعليمي عبر مسيرة تربوية شاقة إلى الجوف طفلة مع والدتها وتلقت تعليمها
ومشرّفة .كانت السيدة لطيفة السديري االبتدائي في البيت على يد معلمة خاصة، شغوفة بتعليم بنات وطنها وبخاصة في واخــتــبــرت الــصــف الــســادس مــع أخــواتــهــا
الجوف .وكان لها دور مميز في تحفيزهن في مدرسة األوالد ،ضمن غرفه مستقلة. على التعليم مــن خــال العمل الجماعي كما درســت المرحلة المتوسطة عن طريق والعالقات االجتماعية الناجحة والشخصية المنازل ،ثم المرحلة الثانوية في مــدارس القيادية الــــودودة ،كما ســنــرى فــي حديث «دار الحنان» بجده ونالت الشهادة الثانوية
الضيفات الكريمات خالل حديثهن الشيّق منها .وفيما هي تهم بالسفر إلــى بيروت عــن الــرائــدة لطيفة الــســديــري فــي مجال لــلــدراســة فــي الجامعة األمريكية مرضت المجتمع والتعليم.
الجانب اإلنساني عند لطيفة السديري
والدتها فجأة قبيل سفرها ،فاضطرت إلى مالزمة والدتها .ولم يتيسر لها السفر إلى
تناولت األســتــاذة هيا الملحم الجانب بيروت. اإلنساني عند لطيفة الــســديــري ،فقالت:
لقد تميزت السيدة لطيفة السديري بأنها اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
25
كانت بــارة بوالدتها ،ومتواضعة مع الكبير تعليمهن وتربيتهن ،مع حزم ووقار جعل من
والصغير إلى جانب شخصيتها القيادية التي ريادتها في التعليم بالجوف عالمة مضيئة كان يش ّع منها الوقار.
في تاريخ تعليم البنات بمنطقة الجوف حين
وأضافت هيا الملحم أنه في جميع مراحل كان المجتمع متردداً في تعليم البنات ،لكن حياتي عاشرت السيدة لطيفة السديري ،بصبرها وحكمتها وأسلوبها المقنع اللطيف فقد كانت مديرة مدرستي االبتدائية ،ورغم القرابة التي تربطني بها فقد كانت معي في المدرسة معلمة صارمة ،وكذلك كان الحال حين كانت مديرتي في المرحلتين المتوسطة
ومهاراتها وقدراتها ودعم والدها المستنير األمير عبدالرحمن السديري استطاعت أن تتغلب على العقبات.
كــانــت تمتلك مــؤهــات مثيرة بالنسبة
والثانوية .كما استفدت كثيرا من فكرها لطالباتها؛ فهي بمثابة األم واألخت الكبرى التربوي عند عملي مشرفة بالمدرسة معها .والمعلمة والمرشدة والصديقة ،وبكل تلك ومن صفاتها التي تدل على شخصيتها التربوية العظيمة أنها كانت تحس بمعاناة الناس وتحفظ أسرارهم ،وتظل قريبة منهم،
الصفات تمكّنت من ممارسة الــريــادة في مجال التعليم.
وم ــن مــواقــفــهــا الــخــالــدة؛ أول مــدرســه
مهتمة بشؤونهم ،مخلصة في العمل ووفية تــم افــتــتــاحــهــا بــالــجــوف عــبــارة عــن غــرف فــي اهتمامها بالعمل الخيري واإلنساني وساحة وبركة مكشوفة بال حواجز .فكانت
في خدمة الفقراء والمساكين واألق ــارب .السيدة لطيفة أثناء فسحة الطالبات تقف لقد تركت أستاذة لطيفة لنا سيرة إنسانية كــالــحــارس حــول البركة خــوفـاً مــن سقوط عطرة ،وتاريخاً حافال باإلنجازات ومناقب إحدى الطالبات ،وترشد الطالبات وتتابعهن كثيرة تدل عليها ،رحمها اهلل. الجانب التربوي
أثناء الفسحة ،تحمل على عاتقها مسؤولية رعايتهن وتربيتهن .ومن مواقفها التربوية الجميلة أنها ساعدت طالبة قصيرة القامة
وتحدثت األســتــاذة فاطمة الــعــدوان عن في الصف األول ابتدائي فحملتها بيديها الجوانب التربوية للسيدة لطيفة السديري ،لتتمكن مــن الكتابة على الــســبــورة ،وظلت
فقالت :كانت لها عالقة وطيدة وسامية مع تشجعها عــلــى الــمــشــاركــة الــصــفــيــة .ومــن
طالباتها وأولياء األمور؛ إذ كانت قريبة من مواقفها التربوية البليغة أن إحدى الطالبات طالباتها تشعرهن باللطف والمودة؛ فكانت كانت تسكن مع أخيها وزوجاته األربع وكنَّ
26
كالشمعة التي تنير لهن الظالم وتسهر على يشغلّنها في خدمتهن باستمرار ،ولما جاء اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
أعمال زوجات أخيها للمساء بعد أن تفرغ من الجوف عام 1381هـ مكونة من سبعة فصول
اختبار الصباح لكن زوجات أبيها أخبرنه بما تضم ( )157طالبة في ذلك الزمن المبكر فعلت وحرّضنه ،فمنعها من المدرسة ،وحين كان للريادة حقوقها التي استوفتها لطيفة سألت السيدة لطيفة عن الطالبة علمت الــســديــري استيفا ًء كــام ـاً ،فكانت كذلك بالخبر ،فأخبرت والدها األمير عبدالرحمن مديرة ألول مدرسة ابتدائية عام 1382هـ،
السديري فنصح أ َخ الطالبة وحثه على حسن وهو ما يدل بوضوح على أياديها البيضاء في معاملتها ،حتى تمكنت الطالبة من االختبار ،خدمة المرأة بمنطقة الجوف عبر كثير من والحقاً عينت معلمة في المدرسة نفسها.
واختتمت األستاذة فاطمة العدوان حديثها
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
مــوعــد االمــتــحــان حــاولــت الطالبة تأجيل في أول مدرسة ابتدائية للبنات في منطقة
المسارات االجتماعية والتعليمية. ظــل هدفها األول :النهوض بالمستوى
بالقول :كان حرص السيدة لطيفة السديري التعليمي والثقافي لبنات الجوف ،فجاءت على تعليم طالباتها أكبر دعم لهن .وكانت إسهاماتها وبصماتها بارزة في التعليم منذ أكثر حرصا على دروس القراءة والكتابة ،بداياته المبكرة. ف ــإذا رأت مستوى متدنياً لــدى إحــداهــن بعد تخرج الدفعة األولــى من المرحلة فإنها تظل تتابع معها حتى يتحسن مستواها االبتدائية ،واصلت جهودها إلى أن تم افتتاح وتحقق النجاح. معهد المعلمات المتوسط سنه 1388هـ. الجانب اإلداري
كان حضورها أبرز ما ميز عالقاتها مع
وعــن الجانب اإلداري تحدثت كــلٌّ ؛ من طالباتها .وعند تخرج الطالبات من كفاءة األســتــاذة مريم السطام في جانب التعليم المعلمات لعبت دورا كبيراً في افتتاح المعهد
العام ،واألســتــاذة عفراء الذباح في جانب الــثــانــوي للبنات بالجوف عــام 1391هــــ - اإلشراف التربوي. 1392هـــ ،وقد كانت لهن في المعهد بمثابة بــدأت األســتــاذة مريم السطام حديثها .األم واألخـــت والــمــديــرة والــمــربــيــة ،تشمل وقالت :في هذه الليلة نتذكر جميعاً سيرة الجميع بعطائها وإخالصها وعطفها رحمها
عطرة وتاريخاً مشرفاً لمربية فاضلة في اهلل. مــدرســة اإلنسانية .فالسيدة لطيفة بنت
عند تخرجي من الجامعة عملت معها
عبدالرحمن السديري رائدة للتعليم ومنارة مساعدة ألكثر مــن عشر ســنــوات .عرفت ِ
للتوجيه في منطقة الجوف .كانت أول معلمة أسلوبها في التدريس عن قرب ،كان كل شيء اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
27
فيها متفرداً ،فأسلوب إدارتها وتعاملها مع الرائدة لطيفة السديري استهلت األستاذة:
الــظــروف اإلنسانية واالجتماعية األسرية عفراء الذباح حديثها قائلة :حين نتحدث للطالبات كان تعبيراً عن رقيها وإنسانيتها اليوم عن رائدة كبيرة ،إنما نتقدم بالتقدير
عبر مسارعتها لمد يد العون إلــى كل من والعرفان للرائدة صاحبة القامة التربوية تحتاج إليه من الطالبات ،اهتمامها وشغلها الكبيرة التي افتقدناها ،فيما نحن نحتاج
الشاغل ارتبط بمصلحة بناتها الطالبات أشــد الــحــاجــة إلــى إخــاصــهــا ومثابرتها، واألخــــذ بــأيــديــهــن إلكــمــال دراســتــهــن في فقد كانت مثاالً يحتذى في كل ذلك وأكثر. المراحل الدراسية كافة. لقد نهلنا من خبراتها في مواصلة العملية تواضعها ،نظرتها البعيدة ،تغافلها عن التعليمية وظلت بصماتها وأفكارها باقية في
الصغائر ..كل ذلك جعل من تركيزها على اإلدارة واإلشراف والسلّم التعليمي. طريق النجاح والوصول إلى الغايات بأسهل لقد تشرفت بمعاصرة الــرائــدة لطيفة الطرق ،هو السبيل إلى وصول غاياتها في السديري منذ أن كانت مديرة ألول مدرسة الحياة وتحقيق أهدافها النبيلة والمشروعة؛ فقد كانت تحرض طالباتها باستمرار على أن ابتدائية في حي المطر ،إلــى أن أصبحت يكون اإلنجاز والتفاني في العمل هو معيار مشرفة وبعد تقاعدها ،ومــا أزال أتشرف التقدير ومؤشر التكريم ،رحمها اهلل رحمة بتلك الصحبة الطيبة. واسعة على ما قدمته من جهود طيبة.
كانت طيبة الخلق مع موظفاتها تقدرهن
وفـــي هـــذه األمــســيــة ال يــســعــنــا إال أن وتــحــتــرمــهــن ،وتــســأل عــنــهــن فــي غيابهن
نستحضر ســيــرة والــدهــا ووالــدنــا جميعاً مــع أنــه نـ ــادراً مــا تتغيب إحــداهــن لتحمل المرحوم األمير عبدالرحمن السديري الذي الــمــســؤولــيــة وألهــمــيــة الــعــمــل .ولــلــســيــدة
مأل السمع والبصر في هذه المنطقة ،وال الرائدة لطيفة السديري رحمها اهلل ذكرى يزال أهل الجوف يذكرون موافقة اإلنسانية معطرة باإلخالص في أداء واجبها والبذل وخلقة الرفيع طوال فترة بقائه بينهم لمدة طوال عمرها الوظيفي ،إذ كانت مثاالً في ( )48عــام ـاً ،فقد كــان أبــاً وصــديــقـاً ولكل االنضباط واإلنسانية ،في بشاشتها الدائمة مــواطــن رحــمــه اهلل رحــمــة واســعــة وأدخــلــه
فسيح جناته.
اإلشراف التربوي
28
فيما يتصل بجانب اإلشراف التربوي لدى اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
لنا ،وسؤالها الدائم عن الزميالت الالتي ال تعرف أخبارهن ،فقد كانت أختاً ووالــدة ال تعوّض. ولطالما تميزت رحمها اهلل برجاحة الرأي
األمور التعليمية والحياة األسرية .كرمها كان عندما كانت مديرة في مدرسة المطر كانت مفعماً ،وطيبتها غامرة .كانت تحضر معها هــنــاك طفلة عمرها أرب ــع ســنــوات متعلّقة للموظفات اللبن والزبدة والتمر ،وتدعوهن بأختها التي تــدرس بالصف األول فتحضر إلى منزلها أو المزرعة. وتجلس عند بــاب المدرسة .لكن األستاذة
كما كانت رحمها اهلل نزيهة في تعاملها لطيفة لم تتركها ،بل حببت إليها المدرسة؛ وال تقبل الواسطة .وكادت أن تتسبب بعض فكانت تأخذ الطفلة إلدارة المدرسة وتجلسها
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
والمشورة ،حين نسألها ونلجأ إليها في بعض
ومــن المواقف التعليمية التي ال تنسى؛
التعيينات بالواسطة ،في استقالتها ،مما حز فترة الشتاء عند المدفأة وتسكب لها الحليب
في نفوسنا فذهبنا اليها نطلب منها العودة وتطعمها من الكعك .فكانت الطفلة تقول:
للتعليم واستجابت لطلبنا -جزاها اهلل عنا كنت أحلم متى أكبر وأدرس مثل أختي وتكون كل خير .رحم اهلل أم عبداهلل ،وجمعنا بها مديرتي لطيفة ،فمن حبها لها تقول أتمنى في مستقر رحمته.
لطيفة السديري الشخصية المؤثرة وفي هذا المحور تحدثت كل من األستاذة:
نوارة العرسان واألستاذة :فاطمة القاضي.
استهلت األستاذة نوارة العرسان حديثها
بالقول :كانت المنطقة متعطشة للمعرفة،
أن أكون مثلها بتعاملها الراقي وبشخصيتها الهادئة ومع ذلك مهابة لدى الجميع. كــانــت ،رحــمــهــا اهلل ،تــحــب كــل مــن تتلو القرآن وتجوّده .تروي إحدى المتعلمات أنها كانت تتلو باإلذاعة «وكلما أتلو تالوة مرتلة قبلتني الــســيــدة لطيفة على رأســـي .وفي اليوم التالي أحضر حافظة لآليات وأنافس
وبريادة األستاذة لطيفة السديري السباقة فــي الــجــوف لعبت دوراً كبيراً فــي إحــداث زميالتي ألحظى بقبلة من لطيفة السديري؛ نهضة ناجحة في مجال تعليم البنات ،فقد فلها كل األجر رحمها اهلل ،وأنا اآلن أحفظ كانت حريصة جداً لدعم من تكمل تعليمها أكثر من نصف القرآن مع الترتيل والتجويد في العاصمة الرياض.
شعرت باألمومة قبل أن تكون أ ّمــاً ،من
من أثر تحفيزها لي بهذه القبلة».
كانت تستقطب الموهوبات لكي تنهض
خالل تعاملها مع األطفال وحبها لهم ،تحملت بمستوى تعليمهن وتطوير أفكارهن من أجل المسؤولية ،رغم صغر سنها ،فتربيتها هي خلق بيئة متكاملة للمبدعات والموهوبات.
التي ساعدتها على تحمّل المسؤولية وجسدت وكانت تشجعهن على مواصلة التعليم بالدعم حب والدها للجوف من خالل إخالصها.
الكامل للطالبة من سفر وسكن ومواصالت. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
29
وقــد أقــامــت السيدة لطيفة السديري ،معي المستخدمة وأوصلتني البيت ورجعت يرحمها اهلل ،دورات مسائية للمعلمات ،ولكنني وجدت أبي يرحمة اهلل قد توفي. لتطوير مهاراتهن التعليمية ،وتبادل الخبرات
الــمــواقــف والمناقب اإلنسانية للسيدة
فيما بينهن ،رغبة منها فــي تطوير آليات لطيفة السديري رحمها اهلل عــديــدة ،ومن التدريس ،وكانت تجري لهن اختباراً في نهاية أبرزها :تفقد أحوال الطالبات ،والتعرف على الدورة.
ظروفهن ومساعدتهن ،وكانت حريصة على
إلى جانب إسهاماتها النشطة في إقامة كل ما يفيد الطالبات في تعليمهن ودينهن المعارض والمسابقات العملية بين المدارس وحياتهن المستقبلية كانت ركناً وركيزة من
للنهوض وتحقيق المراكز المتقدمة .وأخيراً ركــائــز التعليم فــي منطقة الــجــوف وشمعة كانت زياراتها المفاجئة للمدارس تترك أثراً مضيئة لــدروب للتعليم والتربية الصالحة، طيباً في جميع مدارس المنطقة. وأخيراً ،تحدثت األستاذة فاطمة القاضي، قائلة :أهال وسهال ومرحبا بزائراتنا الكريمات وأخواتنا العزيزات .أود أن أتحدث عن بعض المواقف والممارسات اإلنسانية ،لمن كانت ركنا ودعامة متينة للعلم والتعليم والتربية الحسنة والقيادة الحكيمة واإلخالص بالعمل بأمانه وحزم ،علماً بأن مناقبها وممارستها اإلنسانية ال تحصى ،ولكن سأذكر منها حادثة شخصية :كنت في الصف الثالث بالمعهد، وكــان والــدي رحمه اهلل مريضاً ،وكنت كل
رحمها اهلل وأسكنها فسيح جناته. المداخالت مداخلة األستاذة بتالء مناحي:
وكانت مداخلتها عبر قصيدة نبطية في مديح السيدة لطيفة السديري رحمها اهلل. مداخلة األستاذة مشخص الــدرزي :كنت في المرحلة المتوسطة واتصلت األستاذة لطيفة رحمها اهلل على والدتي تسألها قائلة: متي يكبرون بناتك؟ كم أود تسليمهن مناصب. مداخلة أخرى قصيدة نبطية في مناقب
صباح أقبّل راسه قبل ذهابي للمدرسة .وفي صــاحــبــة الــســيــرة ،مــن األخـــت رســيــل فهد يوم وفاته منعوني من الدخول عليه ألنه كان صاهود النمش. يحتضر ،رحمه اهلل ،وأص ــروا على ذهابي
مداخلة األســتــاذة نادية السالمة ،تقول
للمدرسة فعرفت أنه سيفارق الحياة فذهبت فيها :كنت طالبة لــدى األســتــاذة القديرة لها وأنا أبكي بحرارة وأخبرتها بأنني أرغب لطيفة السديري وكــان لديها هيبة عظيمة
30
بالعودة للبيت فضمتني وهدأتني ،وأرسلت امتزجت برقة وحنان وحب! وكانت األستاذة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مداخلة أ .لطيفة الرويلي ،قالت فيها:
كانت خالتي لطيفة تتشبت بيدي وعندما
وددت لو أكتب كتاباً عن هذه الشخصية نقترب من بــاب المدرسة تفلتها قائلة! أنا العظيمة .وألول مــرة أجــد المتعة والفائدة خالتك بالبيت ،هنا تدخلين من باب الطالبات،
وثمرة في أمسية عن شخصية تمنيت واهلل لو وانا أدخل من باب أعضاء هيئة التدريس. ألتقيت بحضرتها ،أنا أبحر بشخصية عظيمة تميزت بهمة وطموح. كما ألقت فيها األستاذة فاطمه العدوان
يا أستاذة لطيفة! أي عدل هذا وأي سياسة
س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة وإن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاز
لطيفة تكافح من أجل تعليم بنات الجوف.
مداخلة الدكتورة رحاب الملحم:
عظيمة كانت هي مسيرتك! ليلة حافلة بالحب واالمتنان لسمو أخالقك
قصيدة نبطية فــي مديح ومناقب السيدة ورحمة تغشاك دومــاً ،شكراً بحجم العلم، لــطــيــفــة ال ــس ــدي ــري ،اس ــت ــذك ــرت مناقبها شكراً بحجم الهواء الذي ارتشفناه بالحديث وإنجازاتها خالل عملها بالتعليم.
عن سيرتك الطيبة.
إطالق جائزة «لطيفة السديري للبحث العلمي» أع ـل ـنــت أ .د .م ـشــاعــل ب ـنــت ع ـبــداحمل ـســن ال ـســديــري مساعدة املــديــر الـعــام لـشــؤون القسم النسائي يف مركز «األم ـيــر عـبــدالــرحـمــن الـســديــري ال ـث ـقــايف» ،خ ــال ال ـنــدوة، إحياء عن إطالق جائزة باسم «لطيفة السديري للبحث العلمي»، ً جلهودها وإجنــازاتـهــا بوصفها إح ــدى رائ ــدات التعليم يف منطقة اجلــوف؛ لتحفيز طالبات مــدارس الرحمانية األهلية ،وتطوير مهاراتهن يف مجال البحث العلمي.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
31
زياد السالم
حصة األدب والتاريخ ألنه ابن الجوف ،ومن عرار الصحراء وبيدائها ،وألن التاريخ ال يسجل سوى العظماء أد ًبــا وشـعــرً ا ولهفةً روحـيــة؛ كــان لزياد السالم ككل بني آدم نصيبه من الحياة.. فكيف لك أن تقرأ الحروف التي تتوه بين جنبات اللغة وآدابها الفذّ ة ،وأنت وفرحا بأن وجدت بين ثنايا الروح األدبية شاعرً ا من طراز ً تسعى ألكل النص نهمً ا مختلف ومن زمن مختلف.. إنه زياد السالم.. صاحب الورقة البيضاء التي تخربش عليها أرواحنا لهفةً وفرحا ..فهو يرسمنا بألوان مختلفة وروح عذبة.. فال يضيف نفسه إلى نفسه فقط.. بل يضيفنا معه إلى نفسه الثاقبة في عصور الورد الزعفران ،لتزهر أرواحنا بين ثنايا كتب ال ندرك منها سوى الشبق المعمّ ى للهفة الروح ،المشتاقة المتعطشة لبلع الجفاف الممتلئة به أرواحنا.. قوي ،وجدلك لن يفيد، فحين ترى وجوهً ا تمحوها العزلة فأنت صاحب نف ٍَس ّ ونقدك لن يسعفك لتكتب فيه ما تريد..
32
لذلك ،أنصحك أن تقرأ وتستمتع فقط. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
■ د .هناء بنت علي البواب -األردن
المبدع أن يجي َد ِ ألنَّ بؤرة اإلبداع األدبي هي تَحقيق التأثير في المتلقِّ ي؛ كان لزامً ا على استعمال لغته األدبيَّة ،وأن تكون منه كفاءة اإلرســال ،وتكون من المتلقِّ ي كفاية التأويل؛ كي تَكون عمليَّة التواصل بينهما ناجحة .السالم الكاتب الــذي سلمت روحــه من الكتابة ليتنشق روح النص الحداثي؛ ليصل بنا إلــى ما بعد الفضاء الميتافيزيقي، ّ التقليدية، وليدمجنا في عالم من الغربة الروحية؛ لنكتشف أننا نبحث عن منافذ للهواء ..من خاللها نتحدث إلى أنفسنا. الجماعية؛ وهــذا مــا يَجعل هذه البداية هي «المحجّ ل باأللواح»؛ لتلف هــذه األل ــواح حــبــا َل الرؤية َّ الغرب َة غربة ال كك ِّل الغربات ،بل والــرؤى حــول أعناق الكلمات ،ال فيها جانب يعلّقك بالسماء لتبحث لتشنق معانيها؛ بل لترفعها إلى ما بين األرض والسماء عن روحك، علياء الرمزيَّة والرسائل المشفَّرة لتجدك تائها في فلوات األرض، المسكوبة في دالالت عديدة تتعدَّ د تالوات ٍ باحثا عن منفى يقيك من وتتشظَّ ى كما تتشظى تلك الذَّ ات.. توالت في أرواحنا ،لتقول لنا دوما الــكــلــمــات تفيض بــأنــيــن الحجل طــأطــؤوا رؤســكــم لــذلــك الــتــراث المتراكم بين كلماته حين يقول: المتراكم ما بين عفنيات النصوص «ذهبت مع البدو ،شاهدت شموسهم تنهض وقدرات التخلص من ركام الماضي. من الدم والنوم .النساء سادرات يصعدن إلى الــســالــم المتفتّح فــي نصوصه ينتقل بنا مستوى المؤانسة ،وطيور القطا تبني أعشاشها إلــى نــص( :سقط آدم فــي الــعــراء الوحشي، في ثياب الــبــدويــات .مياه تنحت الظل تحت كــان سقوطاً في التورية والــلــون ،تحت سماء ال عليه .يضيق ال ثقي ً السواد ،ليف كثيف يتخلل الخُ ضرة الخائفة .تكتنز بالفحم يجرجر ظ ً ذهبت مع البدو ،تبوأت نصيباً من البرية». بالينابيع الــزجــاجــيــة مــن حــولــه ،يصنع من فالغربة الروحية ظاهرة بارِ زة في نصه منذ ضلعه ناياً ويغني ..فتتدفق الينابيع ،وتندلع النفس األول وأنت تتنشق تلك العبارات ،فال الكنايات .آدم أرهقه الوقت ،يمضي على غير تَخلو جملة ما من وجود هذه الظَّ اهرة اإلنسانيَّة هدي أو دليل .يضمر سراجاً وهّ اجاً في روحه التي عبَّر عنها السالم عبر كتابه المتفرّد كي يحرس الــدم والطريق ،كي يحرس الليل (حصة آدم من النار) ،لكن غربة الشاعر هنا والمعرفة .ها هو يالمس شجرة سروٍ مُسنة، ليست غربة «األنــا» وحدها؛ بل غربة الــذَّ ات فإذا بكهرباء الخشب تسري في جسده .قمر اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
1
زياد عبدالكريم السالم.. حجل باأللوان ُ الم ّ آدم ُ
33
أرعــن يــدحــرج منازله الشحيحة مفلوتة من زجاجات لها لزوجة الغسق ،تحت سماء مدربة يجس ّ على الوقاية والتخلية .يحدث هذا وآدم ال تتدلى عليه أعشاش عالية من الذهب. جب ً يا لهذا المصير .ليل أشعث تتخبطه وعــورة الريح». ظلم صدمة ه ـزَّت الكاتبَ لِما سمعه من ٍ وهوان ..انعدام الثِّقة في الواقع المعيش ،إنَّه يعاني من التِّيه والغربة في خندق القلق ..ها هو يوجِّ ه الخطابَ إلــى ذلــك السقوط الذي أتى به بحياة مختلفة تتوه به في وديان الحياة متشردًا ال يعرف مصيره ،كيف يحرس الليل والمعرفة؛ كيف لمن يقف بين سطور المعرفة أال يشقى ،فالمعرفة شقاء! ثم تتناوبه المشاعر ،فتجد السالم يخرج باحثا عن ذاته حين يكتب: « خراب الدم ،خرجت من خراب الدم وسورة النار ،خفيفاً لم أتهيأ لبديهة ما ،ولم تسكنني العادة .تحت ظالل التماثيل الثقيلة كنت للدم ذي الهيئة المعتمة ،أز ّيــن والدتــي المزدوجة باأللعاب البذيئة ،حيث الزواحف المتحوّلة عن الحجر تقذف مشيمتها وبولها البرتقالي على العالم .أتلمّس األشكال المشعّة ،فأقرأ روحاً تسكن المسافة بين المصير والــرمــاد .ليس وراء النهار مرمى كي يخبئ الطرائد عن صعيد استوى عليه الــصــيــادون .يا لساللة الطقس مسكوناً باختبارات كثيرة عن الوقت والحيوان، حيث مساة العدم تتدحرج بال جدوى بين البحر والنهار .هو الوقت ينش ُّق عني فتسفر الروح عن نعناعها الناعم تجاه األشياء .إذ أر ّبــي البرق على الحبر لعله يرفعني نحو مقامه الالمع .ها أرعن يخرب براءة مطر ٍ حرشفتي تشققت تحت ٍ النظر».
34
التأثر والقلق الــوجــودي ،يرسم السالم موقع الذات في هذا العالم ،ويبدو كأن الكالم موجه إلــى ذاتــه الذكورية المتفطرة في عالم مليء بالقوة ،فيرى أن على اإلنــســان أن يهز كيان الموروث البالي والمتحجر ،ويفرض نفسه كقوة للتغيير في طريقه إلى الحداثة والثورة على كل ما هو قار وقديم .كما يتوجب على اإلنسان الفرد أن يسعى ليكون النداء ال الصدى مبدعاً وليس مبتدعاً ،قائداً وليس مقوداً .والسالم يثبت لنا في نصه متكامال وأثبت أ ّن هناك دوماً من يعدك تابعاً وآخرون يعدونك مبدعاً ،ولكن المهم هو التحليق في سماء اإلبداع والعوم في فضاءات البصر والبصيرة ،وأن ترتسم فوق جبينك هــاالت من نــور وشعاع ميثرائي ،وأن تكون كفؤاً في الشدة والضيق والظلمة والنور. ثم يعصف بنا في روحه وأرواحنا حين يقول: «سأعود من موتي ،شبّت القيامة في نومي، كنت عالقاً في النزوة الالمعة ،يجذبني ماء أسود وينزف الفحم مني ،أدرّب حلزوناً يرعى بــجــوار البراكين ،سرقتني نــار ترتعش تحت الــزهــور ..كان البهلوان الليليّ ينف ُخ في رماد المدينة ،وأنا أتنكّب الهباء وأبكي».
وبهذه القدرة المتفلسفة يعرض السالم رأيه بصراحة ووضوح ،ويدعو إلى فضح المسكوت عنه والثورة على البالي والقديم ،واإلقبال على مــا هــو األجــمــل فــي هــذه الحياة ،وأن يصبح المرء رائــداً من رواد الحداثة والتحديث كما هو حال الشاعر ومآله .ونالحظ من الناحية الفنية االبتداء بالضمير المخاطب ،ثم التحول المفاجيء نحو الضمير الغائب ،ثم المخاطب مــرة أخــرى ،وفــي القدرة نفسها ،وهــو ما ينم عن مقدرة شاعرية كبيرة ،وبوح خلجات قلب السالم الــذي ينطق بالفلسفة والحكمة ،وقد بهذه السطور المليئة فلسفة وحكمة ،وبهذا استعمل قدرته اللغوية للتأكيد على الفكرة
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
زياد السالم أثناء لقاء في يوم الكتاب العالمي بنادي الجوف األدبي
واإللتفات والتفريق بين الفكرة واألخرى ،كما فقد كــان السالم أكثر جــرأة من غيره في أن له فيها مــآرب أخــرى كفسحة يجول فيها وصف المشهدية التراثية حول الحياة الواقعة. المتلقي ويجول. إن (حــصــة آدم مــن الــنــار) تــتــحــدث بلغة
لكنَّ السالم ال يَستطيع أن يصمتَ حيال ما ظلم وخنوع في المجتمع ،إنَّه يحاول يراه من ٍ البحث عن حَ ٍّل لألزمة ،يبحث عن الح ّل لتتفتح آفــاق الذكورية تجاه الموقف الصارم للرجل ضد المرأة؛ إنه يبحث عن نورٍ ينير الظُّ ل ْمةَ، وفر ٍَج يزيح ستائ َر الكربة ،إنه يحاول من خالل الضائعة ،والكينونة كتابه الوصول إلى العزَّة َّ الــمــفــقــودة؛ فالسالم يَبكي الهزيمة الذاتية لمواقف المجتمع من حوله .فالموقف المجتمعي يقيِّد رغبتَه ،وموقف األمة يقيِّد عزيمتَه؛ أمَّة ال تَعرف معنى التالحم والتعاوُن من أجل النُّهوض من جديد ..أمَّة بنَتْ صر َح حضارتها العلميَّة والمعرفيَّة على تراث قديم نَخَ َر فيه السوس ،ال يقدر الواحد منا الخروج عن تلك اآلراء خوفا من الهجوم ،وكان يَخشاها القاصي والدَّ اني، اآلن تَقبع في قاع الــذ ِّل والهوان واالستسالم لألمر الــواقــع ..وحــال أفكارنا هي اإلشكاليَّة المطروحة في الكتاب (حصة آدم من النار)، فهل يستطيع الكالم اإلسهام في تحريك عجل َة اإلصالح ،ومحاولة النُّهوض وإعادة التَّفكير في واقع الهزيمة الثقافية ،والعودة إلى الجذور التي ومتراصا؟ ًّ تغذِّي الهويَّة وبناء الذات بنا ًء محكمًا
صريحة عــن الــمــوت وأشــكــال التعذيب التي يتعرض لها اإلنــســان بشكل صريح وواضــح، ويصاحبنا الموت واأللم والمعاناة ونحن ندخل في تفاصيل عملية السرد التي ال تتوقف عند زمان أو مكان معينين ،ولذلك كان السالم قويًا في تعبيره عن الموقف الراهن ،مفترضا أن تكون الشذرات التي بثّها في آخر كتابه تعبيرًا حقيقيًا عن الوضع المؤلم ،ويمكن القول إن الزمان والمكان هنا و ْهــم ال يمكن أن تتحدد أبعادهما بسنين معينة ،أو بحدود جغرافية واضحة.
إن التشكيل الداللي عند السالم أعطى بُعدًا معمقًا في رسم أبعاد الصورة التي أصبحت مترابطة تركيبًا وداللة ،ولكن نهاية الشذرات ال تقدم فسحة مضاء ًة يمكن أن تشكّل نهاي ًة لكل تلك العذابات. يقول السالم:
«لكي تقترب من الفردوس ال بد أن تجرّب نوم الحيوان لم أربح من العمر سوى ساعتين: ساعةً سكنني بها الشعرُ سكنت بها ما َء األنثى ُ وساعةً اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
35
الـ ـم ــرآة قــاط ـعــة ط ــري ــق ،ت ـس ــرق ال ـق ـمــر وال لم يكن أكثر من مزبلة للذهب والذباب».
ترتوي من األسرار غير أنّها عاقر»
هذه صورة مبدئية ألسلوب سينمائي يحيلنا عليه الكاتب من خــال تجديد رمزية النص وتوثيقه بتسلسل األحداث في كتابه ،فيبدو لنا النص نواة فكرية متالحمة ظاهريا ،ومتشظية باطنيًا تش ّد القارئ نحو ما خفِ يَ من الوقائع، ومعان أخرى؛ ٍ وما استبطنه الكاتب من مقاصد إنّها قضيّة جوهرية في ا ّل ـذّاكــرة اإلنسانية، والــكــاتــب هنا يــنــزع هــذا الــخــوف عــن الــكـلّ، ويسقط أحد أقنعة المجتمع العربي من خالل طرحه لهذه القضيّة. ولو انتقلنا للحديث عن الحركة الداخلية لــنــصــوص الــكــتــاب ،ســنــجــد حــركــة األفــعــال المضارعة تتنامى وتمتدُّ ،ويتسارع إيقاعها على نَغمات ما يموج ويهيّج في أعماق السالم الغضب ،إنَّها أفعال مليئة بديمومة َ من مشاعر الحركة ،إنَّها حركة الغليان المتكرِّر والمستمر.. ومــ ّد الــصــوت -الــحــرف -بحركة الصائت «الــواو»؛ وهي حركة طويلة يَــزداد معها إيقا ُع الغضب والثورة تسارعً ا ،إذ تطويل الحركات أداة من األدوات المتوافرة بين يدَي المتكلِّم للتعبير عن أغراض شتَّى ،ونقل حالته النفسيَّة وانفعاالته الداخليَّة والــخــارجـ َّيــة ،وتضمين العبارات دالالت متعددة.
36
وقــد انــطــوت البنية االستراتيجية للنص عــلــى الــحــيــرة والــقــلــق وع ــب ــارات الــتــســاؤالت اللطيفة الصادرة عن عواطف إنسانية مؤثرة؛ فالتساؤالت الضمنية تشكل تتابعات مركزية وحــراكـاً انفعالياً وإم ــداءات داللية في جسد النص ،وأفضت إلى نوع من جمالية التلقّي، أي هناك ما يمكن أن نسميه بتوتر مؤثر بين األطــراف الثالثة :المبدع ،والمتلقي ،والنص. كما أق َد َم السالم على استخدام تقنية تراسل الحواس من السمعية إلى البصرية ،مترافقاً مــع لــوحــة شــاعــريــة تجسّ د الــحــالــة المتقلبة لسيكولوجية الــذات ما بين السكون والهدوء النفسي ،وإلــى حالة من اإلنتشاء بين أجفان الحياة.
وألنَّ بؤرة اإلبداع األدبي هي تَحقيق التأثير في المتلقِّي؛ كان لزامًا على المبدِ ع -سواء أكان شاعرًا أم كاتبًا -أن يجي َد استعمال لغته األدبيَّة ،وأن تكون منه كفاءة اإلرسال ،وتكون من المتلقِّي كفاية التأويل؛ كي تَكون عمليَّة التواصل بينهما ناجحة ،وهذا يلمسه القارئ من أول وهلة يقرأ فيها الشخص نصوص الكتاب ،فيُذهلك ثم يختم كتابه بشذرات وهي شفرات البرق :العنوان بما يتضمنه من عناوين داخلية ..فتجد «الجنة التي كنا نعيش على ضفافها حين نفسك محتارًا أين تتوه في هذا الكتاب. كنا أطفاالً ،اكتشفتُ في ما بعد أنها لم تكن فمعمار الــكــتــاب يــعـ ُّد أيــقــونــة سيميائية، أكثر من مزبلة عشوائية ترعاها الحشرات ...وموسيقا الشَّ كل البصري يتالحَ م مع اإليقاع اآلن بعد أن تقدم بي العمر صاحبت أطلس.. والصورة النصيّة؛ ليرسم لنا مقصديَّة النص، وصـ ــرت أكــثــر مــن ســنــدبــاد ،ضــربــت البحر بعصاي ،ومضيت في األرض بعيداً مثل حيوان والتعبير عن القصد يع ُّد ركيزة الخطاب ،وهذا الــخــرائــط .نضجت البصيرة ..وانبثقت في نخاع الفاعليَّة الشعريَّة الرائعة التي تضمنها الرأس بؤرة مشعة ،فاكتشفت أن الكوكب بأكمله كتاب (حصة آدم من النار).
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
■ راشد عيسى -األردن
أراني مغتبط ًا ممنون ًا لما كتبه األديب عبداهلل السفر في مقدمته لألديب زياد السالم، فقد استطاع عبداهلل بنباهة شجاعة ان يقدم بانوراما نقدية دقيقة وعالية في تقنيات الكتابة عند زياد ومعانيها المتشظية ،بلغة أدبية فائقة ال تقل إبداع ًا وامتياز ًا عن أسلوبية زياد .قال عبداهلل «زياد السالم هذا الشاعر يتكئ على السرد ويطيل في خيطه ،ينظم فيه ما فات على العين ،واستدخلته الذاكرة من تربة تغوص إلى الباطن .األراضــي المنسية المحجوبة المتروكة في وداعتها ،يحركها زيــاد فيما يشبه الحمى ،ال يرتب المشهد وال يعيد تأهيله إلى ما نألف». أدهشني زياد فوق ما ينبغي حين رأيته السعيد! يكتب مــرائــيــه ويــرســم مــراقــيــه بــفــذوذيــة أزعــم أن مــا قــرأتــه لــزيــاد مــن سرديات تعبيرية ،قلّما وقفتُ على مثلها عند ال ُكتّاب منسوبة للقصة ،أو نصوص منسوبة للشعر، الــمــعــاصــريــن .فهو طــيـ ٌر مــوهــوبٌ لمنافي هو كتابة إبداعية تستعصي على األجناس ّ الكتابة النارية وانزياحاتها الخلقة التي األدبــيــة ،ال بــل مــن الظلم تحديد هويتها تشوّش الــمــدارك ،وتبعثر الــحــواس بلذاذة الشكلية تحديداً حاسماً مطمئناً ،فالتجنيس سامية واحــتــراف رحيب في إدارة سجايا األدبي هنا ال يليق بالكتابة التي تتفلت من اللغة وشمائل الــدالالت ،حتى ليبدو ّ نصه ماهيتها ووظيفتها وسجاياها المتجددة تطريزاً جن ّياً على قماش الدهشة ،أو خريطة النافرة من كل طمأنينة توصيفية محتملة. ساحرة آلثار نمل يلتهم سحابة حُ بلى! كــمــا أنــنــي ال أجـ ــرؤ عــلــى وص ــف هــذه هكذا ،تسوقني الكتابة إلــى التوصيف النصوص بقصائد نثر؛ فهي نائية متعالية الــمــجــازي المرتبك ال ــذي ال يــكــاد يمسك عــن ه ــذا الــتــأطــيــر ،فــمــا قــرأتــه وعــرفــتــه الكلمات من أعنتها ليوجّ هها صوب طريق من قصائد النثر المعاصرة ال يرقى إلى كاتب أو ٍ ٍ النقد .وأتصور أنّ أيّ ناقد يتناول األخاييل االنفعالية الباذخة في نصوص نص زياد تفكيكاً أو تنخي ً ال ال بُ ّد واق ٌع في ما زياد وملهاته ،وال إلى آفاق لغته الحاردة عن وقعت فيه أنا من شهقات في وادي الذهول أخالقها؛ سواء بالمفهوم النثري أم المفهوم اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
2
زياد السالم و البالغة الفتاكة
37
38
الشعري ،إال لكوكبة نخبوية من األدباء؛ من وراح يراقب أحــزان اإلنسان ببراعة صقر أمثال سليم بــركــات ،ونــوري الــجــراح ،ومن أسطوري حزين. قبلهما الماغوط. وتتسامى تلظيات المضاف إلــى نفسه لذلك ،اسمحوا لي أن أعترف أنني هنا من صومعة ناسك زاهد بالرغيف ،وبالماء، تخليت عن دور الناقد األكاديمي ،أو ذلك وبالوردة ،مؤتنس باغترابات حنينه وبكسور العرّاف النقدي المنمط الزاعم بأنه مهندس خاطره ،ال يثق بقدرة الجبل على ص ّد الريح، زراعــي في حقول األدب ،فقد رأيتني في فيشكك بحاجة النحلة إلى الرحيق .لكنه مكتف بمكابداته الجوانية التي حوّلها ٍ نص زياد (قارئاً) ،وإذا أنصفت نفسي ،أنا مكتمل هنا قارئ خبيرٌ ..أو من ِصن ِْف القارئ الذي إلى أغاريد عصافير. وصفه جاك ريفادير بالقارئ العمدة. المضاف إلى نفسه هو المتوحّ د عند ابن هذه النصوص تملك طغوى باهرة على باجة األندلسي ،وهو الشنفرى ،وهو الغريب متلقيها ،تــقــوده إلــى متعة االستيحاش أو الالمنتمي عند كولون ويلسون (،)Outsider وحشة اإليناس ،على حد سواء .وأتوقع أنّ وهو الغريب (مرسو) عند ألبير كامو. سبب هــذه الجدلية المتفردة هو أنّ زياد فــالــنــصــوص فــي الــمــضــاف إل ــى نفسه مسكو ٌن بتعددية المبدع ،وتنوّع الشخوص في كائنه الفرد ،على غرار منطق الطير حين خصيبة في تربتها الثقافية التي تستدعي يطير عالياً في السماء ،فتتوحّ د وتتضام إلى كــل مــا لــه عــاقــة باحتجاج الــشــاعــر على أن تصبح طائراً واحــداً لسرب متخيّر من واقــعــه ،بــدءاً من دمــوع النملة ،واستمراراً بنواح أشجار الرصيف ،وصوالً إلى المكياج الطيور. الزائف على وجــوه المدن الملوثة بضجيج يــمــتــاح «الــمــضــاف إل ــى نــفــســه» ســرائــر القبح. كلماته من شفافية فلسفية جسورة تنتصر (المضاف إلــى نفسه) وهــو قرين زيــاد، لجماليات العبث التأملي اللذيذ في سيرورة اإلنسان المتاخمة لصيرورة األبد ،من بداءته زائ ــر مــؤثــث بمياسم الــوحــشــة واالغــتــراب إلى مآله يقول« :أيها المتصدع في الصلصال والغموض ،كتابته نقوش برية ،كتلك النقوش على مرمى حجر مــن الفاكهة المحرمة ،التي كان يتركها جوّابو اآلفاق ،حاملو األفكار إلــى أيــن تسري بــأهــلــك؟» فــالــذات نموذج الصعبة في أوروبا ،على الصخور والحجارة للكينونة البشرية المتشظية عن ماهيتها والكهوف في القرون الوسطى ،وتسمى تلك المفترضة ،وعن عقدها االجتماعي بشجن الكتابة ( )Epigramaإبــجــرامــا ..نصوص ِسرّاني باهظ ،يحتمي بغابات المجاز .كأن تنهش فيها المعاني ،كلماتها متراني ًة إلى الكاتب بنى له خيمة بجوار الكرة األرضية ،مطلق التأويل وشرفات الحكمة. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
كذلك تتحافز الهمة الشعرية لدى زياد إلى النأي عن أخــاق المدن ،واللجوء إلى أحــضــان الطبيعة بكائناتها البريئة التي تمارس حياتها بعفوية حميمة .وهذا النأي النفسي إنما هو رحيل الفارس الذي يحمل هموم الكون على كتفيه في تصوير سوريالي غــرائــبــي منسجم مــع فــتــوحــات الــحــداثــة الرمزية المعاصرة:
«سأرتب هذه المدينة وأرحل غير أنكم لن تروني مرة أخرى يكفي أن أعلّق ثكنة سوداء على شفاهكم وأمضي معي كالب بيضاء تصعد الجبل وقواقع ملوّنة ترشح باألمس ألوذ بظالل النائمين حتى دلوك الشمس هـ ــا م ــدي ـن ـت ـك ــم ان ـش ـق ــت ف ـ ـ ــإذا هـ ــي وردة كالدهان، يحزمها طفل بدمه ويموت» فــفــي ه ــذا المقطع تــصــويــر ذاهـــل من الــامــعــقــول ال ــذي يستدعي ذاكـــرة النص
بمراق برّاني عنيف النعومة .ومع أنّي شاعر غنائي منحاز الــى اإليــقــاع الموسيقي في الشعر؛ غير أنني مع نص زياد أرى اإليقاع غير ضروري البتة ،وربما كما حمولة زائدة على النص ،أدهشني هذا الشاب الموهوب بانمياز ابتكاري فريد .وأراني مطمئناً إلى القول بأنه فيما قدّم من أعمال قليلة« :وجوه تمحوها الــعــزلــة» ،و«حــصــة آدم مــن نــار»، منجز ٍ و«المضاف إلى نفسه» ..أعُده صاحبَ أدبي أخّ اذِ مرشوق بالفكرنة ومعارج الرؤى الطليعية ،ومستعصم بأعلى منائر المجاز، وأجمل تحوّالت االستعارة في األدب العربي الجديد .وعليه ،فليغفر الحساد حماستي هذه لمكائد اإلبداع في نصوص زياد ..هذا الفتى المضيء ،الذي يذكرنا بحماسة طرفة بن العبد ،واغــتــراب الشنفرى ،وإشراقات رامبو ،عبر شخصية أدبية متجاوزة لألنماط الكتابية السائدة .فهنيئاً لنا ولألدب العربي بهذا الصوت الذي أراه إضافة بالغة النوع لإلبداع المعاصر. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
الــشــعــراء بــاإلجــمــال أطــفــال غــربــاء عن الديني ،ويؤالفها مع الواقعية السحرية في أمومة المكان وأب ـوّة الزمان ،غير متآلفين كابوس شعري يمتاز بالتفرّد الوقور. مع السياق االجتماعي أو األُســري ،لكنهم ليس ختاماً.. منتمون إلــى الكبرياء بصفتها أعلى قيمة أحسب أن زيــاد السالم صوت أدبــي ف ّذ إنسانية تنصر اإلنسان على واقعه األليم. من هنا يتأتى خروجهم على أشكال القبح بامتياز .ونجم إبداعي ال يدور إال في هالته، نصه ألي صــدى من أديــب آخر واالستالب ،فيرتقون بكتابتهم إلى فضاءات ال أثــر في ّ الصعلكة بمعناها الجليل السامي ،ويأنسون يكتب من مخيال فائق النباهة والشجاعة. بعزلتهم ،ويــصــبــح الــواحــد منهم كــثــرة ال يناصص الكائنات أحــزانــهــا ،ويــديــر نوايا تحصى. المفردات كما تدير النحلة أسباب العسل
39
3
يند عن التشابه زياد السالمّ .. ويمعن في االختالف
■ عبداهلل السفر -السعودية
في فاتحة كتابه «وجــوه تمحوها العزلة» (2001م) يضع زيــاد السالم ثالثة مقتطفات من «يوميات ريلكه»؛ األولــى منها« :ليست لي أي عالقة مع الناس ،ال أُشَ كِّ لُ جــزءً ا من أي مجموعة ،من أي حركة :مجموعتي أنــا وأنــا حركة تذهب باتجاه الــداخــل ،هكذا أعيش». والصنيع ذاته يقوم به السالم في فاتحة كتابه «المضاف إلى نفسه» (2007م) حيث يعلّق جملة الشاعر نوري الجراح« :نحاول أن ال يتعرّف علينا أحد .نحاول أن ال يكون لنا أهل». مصباحان ال يشيان بتجربة الكاتب في حقل هذين الكتابين وحسب ،إنما يمتدّ ضوءُ هما إلى مجمل التجربة التي تابعها قارئ زياد إلى هذه اللحظة.. أثر أو إشــارة» .وهذه الشذرة وغيرها من بال ٍ وكتابات مقطعيّة لزياد ،تأتي تطبيقاً ٍ ـذرات شـ ٍ إبداعيا مدهشاً لمفهوم الريزوم أو الجذمور عــنــد دولـ ـ ــوز ،حــيــث االت ــص ــال واالنــفــصــال، واالنــفــات وعــدم التحدّد ،والتعدد «المتعدّد يزدا ُد ويضيء» ..والهروب عن ك ّل ما هو نَسَ قي تعاقبي يأخذ كياناً منتظمًا له أول وآخر؛ بداي ٌة ونهاية .زياد يعلَق ويعلّق؛ ينغلق وينفتح؛ ينسرب ويظهر؛ يغيب ويبغت بحضوره .كتاب ٌة روّاغــة؛ مغرية ومغوية .كأنها الصحراء ،كأنها الواحة، كأنها الغابة .هي واحدة ذلك وهي جميعه في الــوقــت نفسه ،ال يمسّ كها إال منطق التحوّل غير القارّ؛ أبديّة الرحلة التي ال تعرف نقطة توقّف؛ تعرِّج ..تتعرَّج ثم تمضي ممسوس ًة مرّة بالبراكين وأخرى بالشهب« :ال أزال أبحث عن أسلوب يشابه حياة الغجر»« ..نفضتُ يدي من ٍ العين واللون ومتاع العالم»« ..أنا جوّا ٌل وحيد»..
40
..النافر مــن القيد ومــن السياج؛ البريّ حدَّ التوحّ ش؛ النائي عن الخطوط المرسومة والبعيد عن أن يترسّ م الخطوات؛ تغريه الكهوف معتكَفاً ويلبّي نداء الصحراء معت َزالً .لن تجد الكاتب .لن تعثر على الشاعر .ثمّة ما يجتذبه؛ يحضه على االختفاء .تبتلعه الشقو ُق ويتبدّد في ّ المسافات .ال ضو َء يترك وال دليل يقود إليه. العــبُ المتاهات ومحترفُ أســرارِ هــا .نقرأ له شذر ًة وردت تحت عنوان «طريق البيت ال ينتهي» (مجلة الجزيرة الثقافية ،جريدة الجزيرة14 ، فبراير 2015م) هي أقرب إلى بطاقةٍ شخصيّة وهــو ّيــة ثقافية وإبداعية ال ينفكّ عنها أب ـدًا، ويستعيدها مرارًا بطريقةٍ أو أخرى على سبيل التأكيد وتجلية المالمح وبيان خارطة عالمه؛ الخارطة المموّهة الراغبة عن كل أحــد ،فال تمنح مفاتيح وال تعيّن نقاط اعتالم« :مذ عرفتُ نفسي لم أكن خيطاً في نسيج ،ولم أدخل في جماعةٍ قط ،أسلك من الدروب أكثرها وعورةً، لكن ،لــمــاذا يتبدّى زيــاد السالم فــي غاية سل من النظام الذي تلك التي يكون حظّ ها شحيحاً من العابرين ،الحرص على س ّل نفسه ّ ً اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
السالم وسط مجموعة من األصدقاء في النادي األدبي بالجوف
تتهيكل فيه الجماعة ،فتمثّل صوتاً واحدا وإن تعددت صياغاته ،إال إن الرنين ذاته يشير إلى كتلة مصمتة يحكمها النسق والرتبة !..لماذا هذا الفرار الجاد والتمادي في التخفي ،كأنما عدوى ستناله جـرّاء القرب واالنــدراج في جماعة..؟ هذا الوجه من النفور ،إذا جاز لنا أن نفهمه على أنه تعبي ٌر صارم عن رفض المطروق والمستهلك والعادي المعاد حتى االهتراء؛ فإنه أيضاً ترجم ٌة وسعي ال يركن إلى هدأةٍ للعثور ٍ بحث دؤوب عن ٍ على أرضه البكر العذراء التي ما تزال في أول خصبها وفي بدء عطائها؛ السمة التي تقول الفرادة والتميّز ،وإ ّن هذا المبدع ال يفري فَرِ يّه أحد .وربما في تركيب هذه الجملة الدال على القطع واإلنشاء ما يفسّ ر هذه الوجه على نحوٍ أكثر جالءً ،حيث «القطيعة» التي تفصل وتبني في ٍآن معاً .تحت عنوان «نــار الــحـدّاد وعين الــفــراشــة» (مجلة الجزيرة الثقافية ،جريدة الجزيرة 4 ،أبريل 2015م) تطالعنا شذرة مفعمة بالمناخ الذي ينشده السالم« :الكتابة الجذرية محاول ٌة للفرار من األشياء .إنها مح ٌو للشبهِ وإمعا ٌن في القطيعة .ما جدوى الكتابة إذا لم تبتكر دروباً للتيه ،يتعثّر في مسالكها النظراء»
ولع ّل ما يلفت هنا ربط فاعلية الكتابة وجدواها بأن تكون نقشاً ال نظير له وغير قابل للتكرار، وقد يكون موتُ الكتابة اشتراكَ أكثر من حنجرةٍ قلم في إعــادة في ترجيع إنتاجها ،وأكثر من ٍ ابتكارها بالصيغة نفسها .وهذا ما يتحرّز منه زيــاد المبدع «مهندس المتاهات» ويضحي له هاجساً يتردّد فيعود إليه في واحدةٍ من شذراته الباهرة التي اعتا َد نشرها في حسابه بـ «تويتر» فيفصل في ّ بين العامين « ٢٠١٥و 2017م»؛ المسافة الثابتة بينه وبين «الشبيه» الذي يج ّد في طلب صورة الكاتب واكتساب هيئته ،بل إنه يوسّ ع ويعمّق من هذه المسافة بانخالعه من الهيئة التي هو عليها بوصفها «أثــراً» ال ينبغي أن ينطبع مرتين ،كما تصرّح بذلك شذرة أخرى مكان آخر .هي مطاردة ال يُك ّل منها وتتجدّد في ٍ كلّما وقع الحرفُ على الورقة« :الشبيه ال يصعد إليَّ وال أهبط إليه؛ لئن أوشك على االقتراب مــنــي ،أو تشكلت هيئته بما يــوهــم اآلخــريــن بالشبه ،فإني أتغيّر قبل أن يسقط على ما كنتُ ُه منذ لحظة؛ أتوقّع أشباهي ،غير أنهم لن يتوقعوا ما ين ّد عن التشابه ويمعن في االختالف». اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
41
4
الم َّ ركبة ..في ُ العزلة ُ الع ُ زلة» لـ «زياد السالم» ٌ «وجوه تمحوها ُ ■ محمد سالم جميعان -األردن
في عتبة الكتاب األولى (فاتحة) ثالث عبارات مُ قتبسة من يوميات ريلكة ،الشاعر األلماني ،وهو اقتباس غير اعتباطيّ ،لجأ إليه القاص .فهذه االقتباسات هي دوالّ جامعة على المنحى العام الذي يسيطر على أجواء المجموعة القصصية «وجو ٌه تمحوها العزلةُ لـ «زياد السالم» .ففي االقتباس والمجموعة مع ًا «تبرير نظري معقول بامتياز لنزعة دفينة للسيطرة على الجموع ،واإلعالء من حرية الذات الفردية على نحو استثنائي ،بالرغم من االنخراط في هذه الجموع ،مع بقاء الجدار النفسي السميك بينه وبينها ،ألنَّ الحرية أمرٌ ال يمكن استئصاله .فالمؤلِّف ينتخب عزلة ريلكة متوحد ًا في اآلن نفسه مع ذاته، ّ على المستوى السلوكي ،فيكتب وحيد ًا في زمن الكثرة الغثائيّة، وفق ًا لنصيحة «فــردريــك نيتشه« :ســارع الــى عزلتك ،يا صديقي» .وفــي عزلته هــذه يبدو الكاتب عصية على استشعار ذاتها االجتماعية ،راضخة للمُ حبطات متسلِّح ًا بقوة األنا الفاعلة في بيئة ّ وكل أشكال االستالب المادي والمعنوي .فبدت لذلك المجموعة صرخة تنويرية ترمي إلى غسل أدران التقاعس على المخذولين والمتخاذلين ،نتيجة انهزام الذات أمام قواهر الذات واآلخر.
وتلخّ ص الكلمة الموجزة على الغالف األخير ما يسكن اإلنسان/ المؤلف من هواجس مُغترِ بة عن ذاتــهــا وعــن الــعــالــم ،ودخــولــه في النص عُزلة المكان والزمان .فهذا ّ االستقصائي المكثَّف يُع ُّد كافياً إلزاحة ستائر الريبة التي يمكن أن تُعكِّر مزاج المتلقي في اصطياد المغزى الداللي لغرائبية النص. وبلغة سينمائية :يضيء صالة العرض السردي فالتضاد قائم بين الــذات العارفة والوعي حتى ال يلتبس الخيال بالوهم الذي يمكن أن المتعالي فيها ،فهي تسعى إلــى الخروج من يأخذ المتلقي في سرداب العتمة الداللية. تبخيس ال ــذات ،فالشخصية المحورية في فــالــخــيــال القصصي فــي مجموعة زيــاد النصوص األربعة التي تتضمنها هذه المجموعة السالم خيال فعّال ،يجعل شفافية السَّ رد جزءاً تعيش حالة صراعية بين الحرية المبتغاة والقوة من الفن .فالسارد اتكأ على اللغة الشعرية الممكنة واإلرادة المعطّ لة .ولعدم قدرة الذات
بما تحمله من مجازات وتكثيف ليحقق اســتــقــالــيــتــه وحــقــه في التفكير الحرّ ،كون التجربة التي يعالجها زي ــاد ذات طــابــع فاجع تتطلب الصراخ في وجه الوحشة الــتــي تكتنفه مــن كـ ـ ِّل الــجــهــات. فالعزلة التي تسعى الذات المثالية إلى االنفكاك من أسرها القاهر إنما هي عُزلة مركّبة.
42
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
على حسم الموقف ،فقد خسر الوعي الذاتي في بؤس الواقع المظلم. معركته في القدرة على التعايش مع الواقع وثالث العزالت المركّبة هو مكان االجتماع الموضوعيّ المخت ّل الذي يحول دون أن يكون اإلنساني .ويبدو من النصوص مكاناً منبوذاً، على ما هو عليه في الواقع ،فآث َر العزلة التي مطروداً من الجغرافيا السعيدة .ولذلك محت كتبت عليه أخيراً التوحُّ د مع ذاته متعالياً أكبر ّياً وجوهها العزلة ،وحين ينمحي الوجه تندثر على كل السرخسيات والهالميات (عالم غريب المعالم الــدالــة على الــوجــود العيني للذات يقف بينك وبين البشر .علّمتك قوقعة التوحُّ د والموضوع .وهو ما تريد النصوص قوله حين كيف تمنع نفسك عن األحالم ،بيد أنَّ المقرّبين نستشف من عمق رؤية الكاتب أهمية التفريق يعرفون قصتك المحزنة ،وإن كانوا يتواطأون بين وجه الحياة ووجــه الوجود ،فهو ال يعني على إهالة الرماد عليها ألسباب معيّنة ،ربما الحياة بما هي دا ّل على البُعد البيولوجي، تقودهم إلــى التهلكة كما يزعمون) ص -45وإنما الوجود الكلّي بما هو دال على البُعد .46فهذه العزلة الذاتية هــي ولــيــدة ناشئة األنتولوجي. عن شــروط خارجية تتميز بالقهر واستالب من المه ّم االنتباه أنَّ الشخصيات في هذه الذات الواعية ،وخالصة هذه الشروط تبدو المجموعة ذات أبعاد دالــة على ِصفَةِ حالة، في مكوث السارد /في «حضوضا» :وهي أرض وليست شخصيات متعيّنة في الواقع أو نماذج رملية تبتلع الناس وال ــدواب ،تقع في الجزء تختزل التمثيل له .وهي ذات إشاريات ترميزية المهجور من الشمال ،غامضة كمثلث برمودا ،ألشكال من القوى الحاكمة للفعل اإلنساني بحسب حاشية المؤلف .فأش ّد ألــوان العزلة وتوجيه مساراته نحو السّ لب والعطالة (حارس أن يُــدرك الــوعــيُّ الشَّ قيّ وجــوده في المكان الفضيلة؛ العسس ،الهاربين ،المقرود.)... واللحظة الخطأ .وهو ما يؤشر من جانب آخر والــروائــي إذ يحشد شخصياته ويطعّمها على األبعاد الصراعية بين البادية والحضر، برموز الحيوان ،إنما يستوحي داللة الحيوان أو بصورة أدقّ بين المركز والهامش ،في كل فــي (كليلة ودمــنــة) ليستعين بها فــي تقديم الــعــاقــات الــتــي تــبــدو مــن خــال النصوص، الذات اإلنسانية المتوارية بالشر واألذى .وإذا مرتبكة ومُختلّة الموازين واألبعاد واألحجام. كــان كتاب كليلة ودمنة يحقق هــدف التسلية والجانب اآلخــر من هذه العزلة المركّبة ،والتربية وسياسة الرعيّة ،فإنَّ استعارة الحيوان هو عزلة الــذوات األخــرى التي تمارس على ورمــوزه في (وجــوه تمحوها العزلة) تأتي في ذاتــهــا أشــكــال الــقــصــور الــذاتــي الــك ـلّــي ،فال إطار تثويري تحريضي ،قوامه نبذ الش ِّر وتخلية تكتفي فقط بالتلذُّذ باستبعادها واستدخال الفساد والتهميش؛ فثمة قوى مهيمنة تتصارع الــتــصــورات والــمــقــوالت التبريرية المألوفة ،وتتنابذ ضمن منظومة من الجهل واالنــزواء فيستحيل وجودها العيني إلى عدم .وهي إذ والخوف الذي يعتري إنسان القضية ،ال إنسان ال تكتفي بتلذُّذ مصادرة وعيها فإنما تتجاوز العيش .فحين تتحول الذات اإلنسانية وتنزل هذا لِمصادرة وعي الذات األكبرية المتعالية من مستوى القضية إلى مستوى العيش فإنها بالوعي المُفارِ ق للسائد؛ الوعي الذي يمتلك عندئذ تتحوّل إلــى شــيء يخلو مــن المعنى، عين زرقاء اليمامة ،ويرى البشاعة متجسّ دة وذلك يعني أنهم ينحدرون إلى هاوية اليأس،
43
ألنه ليس بإمكانهم القدرة على الصعود؛ فهم عن ضحايا اإلبــادة ،ونــوال وقعت تحت وطأة مقيدون ِبـ ِـشــراك خفية قوامها الوهم الذي هذا الفعل ،ووقعت في هاوية الموت. يسيطر على قواهم النفسية. واللغة في الرواية تأخذ نصيباً موفوراً من وتــبــدو إدانــــة ال ــواق ــع ب ــاإلش ــارة إل ــى أن الــحــدس الشعري ،وقرائنه االستداللية في الحيوانات والحشرات( :الجرذان ،البراغيث ،استقراء الدال والمدلول في أبعاده المتعددة النمل ،الضباع ،الصراصير ،الدبابير )...التي (تــهــمــيــش ،إق ــص ــاء ،اس ــت ــاب ،حــنــيــن ،قلق، تستخدم مدركاتها لالستدالل وتلمس طريق رفض .)...وهذا الحدس يتطلب من القارئ أن خالصها؛ في حين أن قوى الناس معطلة ،فهم يركز االنتباه على (تحوّالت الحدث) ال على لغة ال يستخدمونها على نحو استخدام الحيوان صياغة النص القصصي ،فالذهاب مع فتنة لها ،للتأسيس لوجودهم المستقبلي. اللغة الفاتنة ،سيقود القارئ انفالت الخيط ولكن شخصية (المقرود) على نحو مختلف، إذ إنها قادرة على الخالص والتحلل من دناءة الهزائم والمؤامرات ،إذ تسمو هذه الشخصية الواعية على واقعها المزري في عالم ضحل مستسلم ،وتستمر في رفضها وعنادها ،وتنجو من فخ الواقع البئيس باستخدام وتفعيل وعيها، وبهذا يقول لنا الكاتب إن الخالص بالجنون والتمرد الوجودي أمر ملحّ وضروري لكي يحقِّق اإلنسان إرادته الحرة.
ومن هنا ،فإن في المجموعة سعياً حثيثاً الخلق، ّ إلى دفع اإلنسان إلى التفكير النقيِّ رغــبـ ًة فــي خــاصــه ،لهذا يــقـدّم زيــاد السالم أنساقا فكرية تنأى باإلنسان عــن أن يكون ضحية :ضحية خوفه ،ووهمه.
44
ومما يقع أيضاً في دائرة الرغبة في تنمية الوعي ،تحويل قيمة الحب إلى معادل موضوعي للحياة ،فليس عسيراً على المتلقي التقاط طرافة المفارقة بين «نــوال» وبطل القصص األربــع ،حتى في اللحظة التي يستشعر فيه القارئ أن هذه العالقة تعتمد على ما تفجره الــحــواس .لكنها بالمقابل تقوم على الخيال الف ِّذ الذي يجعل الحبيب َة مشتهاة ومُمجّ دة ،ألن وظيفة الحب إعادة تكوين الحياة ،والتعويض اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
تبصر الرئوي منه ،ذلك الخيط الذي يقود إلى ُّ اليأس المفجع وتخاذلية المتن للهامش ،كما النص المكثّف التالي ،الذي يكشف ّ يتبدّى في عن انسحاقيَّة الذات أمام قواهرها المُعطّ لة لــــإرادة ،ولــيــاحــظ الــقــارئ طبيعة التوالي والتعاقب اللغوي فــي التعبير عــن فجائعيّة الحالة« :تمتص حزناً ح ــا ّداً يلوب في دمي الفاسد الملوث بجلسات الكهرباء والقطران الزفت المتفسخ ،والعثّ والخيبات والنجاسات الطافحة كبلغم هالمي له ذيل رفيع ما يني يلغ في وعاء سطحه ،يكسوه الرجس والغرين والفطر والزبد والزرنيخ والبكتيريا الخضراء المتعفنة ،والبثور والدمامل المفقوءة يسيل قيحها فيشوخ الطين ،وتتدفق العصارة كبيض ممري) ص.19-18 كثي ٌر الــذي يمكن أن يُقال في تخصيبات هذه المجموعة ،ولكن حين يُط ِب ُق الف ُم على الصمت ،فإنَّه يقول ما ال يُقا ُل كذلك ،فعبارة (فسروا مثل ما تِبغون) ص 46التي وردت في ّْ خاتمة قصة (حضوضا) تفصح عن المعنى الثاوي في بطن الشاعر ،حين يكون (بين الغار والنار) ص ،20فللمكان (شُ بهته التي ال تُشبهها شُ بهة أخرى) ص.15
■ شاهر إبراهيم ذيب -اجلوف
الصادرة عام 2008م عن اخترت هذا النص من مجموعته الشعريَّة :المضاف إلى نفسهَّ ، نصا ً،تقع في ( )80صفحة من الحجم الوسط. دار أزمنة بعمَّ ان -األردن ،التي تضمنت (َّ )31
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
5
ٌ نص «المجنون»، قراءة في ِّ َّ السعودي زياد السالم والقاص للشاعر ّ ّ
موغ ًال في فضح تفاصيل الحياة ،برمزيَّةٍ فائقةٍ ؛ جعل َْت من الكاتب في مجموعته ِ ُ َبدَا مقاربة القارئ للنصوص متعة وقلق ًا واستفزازاً .فالنّص عند السالم يَسبح في مجموعة بحرَفيّة تجعل للقارئ ُبدعت صياغتها ِ الجمل والرُّ موز التي أ ْ متراكبة -معقدة أحيان ًا -من ُ نفسه ،أو باألحرى لدارس النَّص ،إسهام ًا كبير ًا في تكوينه! في الوقت الذي يعمل به على تفكيك رموزه وإيحاءاته الشعريّة الغنيّة ،ليجد نفسه في نهاية النّص أمام مفترق طرق، تجعل من النّص نفسه تكوين ًا يحتمل تأويالت عديدة. هــــذا ال ــك ــات ــب بــهــواجــســه إنّ قـــــــــراءة ن ــص ــوص المجموعة تُشعر مُقاربَها المتموِّجة ،وبقلقه الطافي بـــمـــدى ت ــج ــرب ــة الــكــاتــب على تضاريس حياته ،فإنَّ الحياتيّة وعمقها ،بما تفرزه َــبــش دراســـــة نــصــوصــه ون ِ ه ــذه الــنــصــوص مــن رمــوز دالالتها وتحليل رموزها على َكثُرتْ مدلوالتها وتشابكت الصعيد الحياتي واإلنساني بــطــريــقــة تمنحها نسيجاً ناقصا كثيراً؛ لذلك ً سيكون مــحــبــوك ـاً ،يَــجــبُ التدقيق أدّعــي أنَّ معرفتي لتجربة بتفاصيله وســب ـ ُر دقائقه الشاعر هي محاولة صغيرة الختراق مكنوناته وفهمها. جداً ال تنطبق إ َّال على هذا ومن مالحظة كثرة الرُّموز الصغير بما يحتله الـ َّنــص َّ الحيوانيّة والنباتيّة الموظَّ فة في أجساد من مساحة ورقيّة في المجموعة. النصوص ،فإنَّ دراسة هذه الرُّموز تحتاج إلى المجنون َّ وقفة خاصة ،ال تهدف هذه القراءة لتناولها أنا أطفالي وتحليلها. اهلل كتاب
مِ ْن شبه المؤكد لي أنّه إ ْن لم نعرف طبيعة ساعة وينتهي العالم
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
45
ربَّما ال أكــون مبالغا كثيرًا عندما أقول بكثير من الموت؛ ألنّنا ال نستطيع أ ْن نكون إنَّ هــذا النّص ملعو ٌن وخبيثٌ ،فقد حقق مجانين ،هكذا بسهولة ودون أي ثمن. انتصاره في اللّحظة األولى التي قرأه فيها ربَّما أراد الشَّ اعر أ ْن يربط بين الموت شخص ما ..فهل يكفيه ذلك؟ والــحــيــاة بــكــل تفاصيلها ،وأ ْن يجعلهما كاف لي ُه َّز القارئ الِّلقاء األول مع النّص ٍ بل ليَرُجَّ هُ ،وإذا كان مِ ن ألــقِ النُّصوص أ ْن تُباغتَ القارئ ،فهذا النَّص يباغتُ مقاربه مباغت ًة حقيق َّي ًة وبامتياز دون أ َّيــة ضرورة للقارئ أ ْن يدخل حَ رم النّص ويسبر أغواره.
بصرف النَّظر عن ردة الفعل لدى قراءة النَّص إيجابيّة كانت أم سلبيّة ،فالنَّص يترك أثراً ال محالة في ذهن القارئ ،ربَّما لشذوذه بسبب الــظــروف التاريخيّة لطريقة كتابة الشِّ عر ..ولطريقة استقبالنا له. إذاً بــصــرف الـ ّنــظــر عــن ال ـرَّجَّ ــة األولــى الناتجة عن تحسّ س النّص وما يرافقها من تعابير إيحائيّة ،فالتَّمعن في النّص يستنهض العديد من األفكار والتساؤالت ،ابتدا ًء من عنوانه ومرورًا بتفاصيله.
استمراريّة لكينونة واحدة ،فهو يدرك أهميّة العنوان بالنسبة للنَّص تمام اإلدراك ..ألم يقل جــاك دري ــدا إنّ الــعــنــوان يعلو النَّص ويمنحه النور الــازم لتتبعه! فكيف لنا أن نتَّبع مجنونا! استخدام للتضاد والتناقض بشكل يدخل القارئ في حيرة تهدف لدمج الحياة بالجنون والــمــوت ،وهــذا التتابع اإليقاعي المذهل هو في حد ذاته حكيما؛ فالجنون والموت يُطبِقان على الحياة ك ٌل من طرف ،وال سبيل لنا إال أ ْن نعيشهما بين روعتيهما.
ال ـ ّنــص بخصوصيته وب ـ ُعــر ِيــهِ الغامض يُحرّض على التفكير ،فكلماته قليلة تضم األقــانــيــم األربــعــة :اهلل واإلنــســان والــزمــان والمكان.
يحتوي الـ َّنــص على سبع كلمات فقط، مَن يقرأ النَّص يظن أنَّه مجدِّف ،ولك ْن وكلُّنا يعرف مدلوالت الرَّقم سبعة في القرآن ما أ ْن يعود القارئ للنّص مـرّة أخــرى حتى الكريم. يتراجع عن هــذه الفكرة ،إذ إنَّ النص قد فبماذا يشي الشَّ اعر؟ هل اختصر الحياة عُنوِ َن بالمجنون وقد رُف َع القلم عن المجنون .وبارءَها على لسان مجنون ال يمكن مقاضاته
ولــكـنْ ..أيّ مجنون ذلــك؟ فما جــاء بعد في حال ثبوت تهمة التَّجديف عليه؟ العنوان ال يمكن اعتباره جنوناً. بالولوج إلــى التفاصيل فــإنّ جملة (أنا يدرك السَّ الم أنّ أمرين اثنين ربما يتوق أطفالي) تحمل معنى الصيرورة الرتيبة بال لهما الكثير من المبدعين ..الموت والجنون .انقضاء .تواصل الحياة من األب عبر أبنائه األول قد يستطيع الكاتب أ ْن يدخله بإرادته بفطرة ال يقف في وجهها أيُّ حاجز.
46
إن شاء -دون أن ي َِحدَّ أيُّ شيء من حركتهثم هناك تلك الغريزة التي تُحرّك دوافع نحوه ،أما الثَّاني -أي الجنون -فهو أصعب اإلنسان فيضحّ ي في سبيل أطفاله دون ثمن، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
(اهلل كتاب) ..جملة قاسية في مظهرها وشائكة عند مقاربتها ،ومع ذلك فباطنها الزمان والمكان هما العنصران األساسان يفيض باالتساع والشفافية ،فمن لم يقل أنّ للحياة ،وهما اللَّذان يحددان حركات أيدينا اهلل معرفة فقد خاب ،بل هو كتاب مفتوح ويموضعان أفكارنا. يحثّ اإلنسان ويستدرجه؛ لدراسته والتعمق الزمان والمكان إبــداع حقيقي .معجزة في أسمائه وصفاته ،وأيضاً هو طريق يتالزم فريدة راقيّة ال يمكن فصلهما دون أ ْن يفقد جبراً مع البحث والمعرفة. ألم تكن (إقرأ) الكلمة األولى في اتصال المكان قيمة وجوده.
الصالة والسَّ الم؟ اهلل بنبيه عليه وعلى آله َّ على الرغم من كينونة الزمان والمكان (اهلل كتاب) جملة تؤكّد أ ْن ال شيء يقرِّبنا المستقلَّة عنَّا ،إال إنّه ال تجسيد ألهميتهما ويوصلنا إلــى اهلل كالمعرفة ،فمن خاللها بعيداً عن حواسنا ومشاعرنا وأغراضنا. تتبدد جهاالتنا وتعصبنا وضيق انتمائنا.. المكان أقــرب إلــى تصورنا من الزمان، تلك المعرفة الحقَّة التي يحثُّ اهلل عليها وذلــك إلمكانيّة الشعور به بطرق عــدة ،إال ويدعونا إلــى االنــدمــاج بها .فمن خاللها أنّ الزَّمان ينطوي على كثير من الغموض، نستكشف الرموز ونستبين الدالالت ..نقفو ولذلك فمن الصعب فهمه بكل تفاصيله.. أثر اهلل في ملكوته ،فيتجَّ لى لنا بكل دالالته. على الــرغــم مــن سعي الكثير مــن العلماء ال شيء يقرِّبنا إلى اهلل أكثر من الكتاب .لمحاولة التعرف عليه على مدى العصور. والقرآن الكريم كتاب اهلل والمعجزة التي يوحي النَّص بفكرة الشَّ اعر بعدم ارتباط حملها نبيُّنا األكرم ،ومن قبله من الرسل من الزَّمان والمكان ،فبعد انتهاء العالم سيستم ُّر أصحاب الكتب. الزَّمان بصيرورته إلى ما شاء اهلل ،ولن يؤثّر بعد ذلــك يقول الشاعر (ساعة وينتهي عليه انتفاء المكان ،فساعة وينتهي العالم، العالم): ولكن الساعة التالية قادمة ال ريب. هنا ينتاب القارئ إحساس حقيقي مُرهص هــذه محاولة قــراءة في نص المجنون، بضيق الحياة مهما امتدَّ ت ،وشعور بتضاؤل الــفــرد فــي بحثه عــن الــخــلــود .ومتى يأتي وإضــاءة ال تتعدى كونها أنَّها ال تهدف إلى هذا اإلحساس؟ بعد المعرفة أي بعد (اهلل التقليل من تجربة الشاعر أو تحميل النص كتاب) ،عندما تزداد المعرفة يزداد القلق ،أكثر مما يحتمل. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص
ويشعر أنّهم استمراره وحياته بعد موته .ال شيء يفصل بين األنا وأطفالها كالهما كو ٌن واحد ..صيرورةٌ واحدةٌ متواصل ٌة من بداية الخلق دون انتهاء.
وتكثر األسئلة ،ونشعر بضيق الحياة وحرجها أمام سبر مجاهيلها ،وبالفعل كل شيء يوحي بالفناء ،وكل عمل ينتهي ويصبح في الماضي ال ينطبق عليه تأثير فعل الحاضر ،فيصبح كإحساس لشيء عابر ال غير.
47
البولوفونية والكرنفالية في رواية «نزل الظالم» لماجد الجارد ■ إميان عبد العزيز املخيلد*
إنَّ الرواية البولوفونية هي إحدى تجليّات التجديد في السرد ،فقد يعمد الروائي إلى أن يتخفّ ى وراء األصوات المتعددة؛ كي يتحرر السرد من الهيمنة األحادية، ويترك بذلك مجاال للتأويل بما يسمح بتعدّ د الـقــراءات والــرؤى والمواقف من أبطال الرواية وأحداثها ،وبذلك تتعزّز فنيّتها ،وأوجه الجمال والمتعة فيها ،وهو ما يتيحه التعدد في مستويات الخطاب في النص ،أو ما يسمى بالكرنفالية ،وهي السمة التي يتيحها تعدد األصــوات في السرد ،وهي سمة وصفت بها ما يُسمّ ى نقديا بالرواية الجديدة؛ إذ« :تنهض لغة الكتابة في الرواية الجديدة على التنوع، وتعدد مستويات اللغة؛ فاللغة في الروايات لغات ،واألسلوب أساليب .وللتعدّ د في الفن الروائي أوجــه شتى؛ منه أن الروائي يستقبل داخــل عمله األدبــي التعددية اللسانية والصوتية للغة األدبـيــة وغير األدبـيــة ،دون أن يضعف عمله من جراء ذلك ،بل يصير أكثر عمقا .وترسم هذه الكرنفالية للغات المنحدرة من انتماءات ثقافية مختلفة ،ومن طبقات اجتماعية متعددة صورة الرواية النموذجية حسب التصور الباختيني ،لذلك ال يتردد بعض النقاد في إطالق صفة الديمقراطية عليها ،وهم يقصدون بذلك الحوارية التي يمنحها العمل الروائي للشخصيات حتى تعبّر بأصواتها عن همومها»(.)١ وقد عرّف ميخائيل باختين الرواية بعضها في مواجهة بعضها اآلخر ،مثلما
البوليفونية بأنها« :الــروايــة المتعددة يحدث عند المزج بين مختلف األلحان األصـــــوات ذات طــابــع ح ـ ــواري على في عمل موسيقي .حقًا إن العالقات
نطاق واسع .وبين جميع عناصر البنية الــحــواريــة هــي ظــاهــرة أكــثــر انــتــشــارًا الروائية ،توجد دائما عالقات حوارية ،بكثير من العالقات بين الردود الخاصة
48
فنجد «أن هــذه العناصر جــرى وضع بالحوار الذي يجري التعبير عنه خالل
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
التكوين ،إنها ظاهرة شاملة تقريبا ،تتخلّل كل الحديث البشري وكــل عالقات الحياة اإلنسانية وظواهرها ،تتخلل تقريبا كل ما له فكرة ومعنى»(.)٢ ويــجــب أن تــتــحــدث كــل ه ــذه األص ــوات التي يستخدمها الكاتب في فضائه السردي بزوايا رؤية مختلفة ،لكنها في عمومها تنتمي للمؤلف ،وتنطق باسمه. وقـــد يــســتــخــدم بــعــض الــ ُكــ ّت ــاب تقنية «الكرنفالية» مــن دون الــوعــي بأهمية أن يختلف الــصــوت الــســردي عــن اآلخ ــر في سرد الحدث الواحد؛ فلو افترضنا أن كاتبًا استخدم تعدداً في ضمائر السرد المختلفة والمتنوعة لسرد الحدث الواحد ،من زاوية الرؤية ووجهة النظر نفسها ،مهما اختلف عدد الــرواة الذين سيروونه؛ فهل يعد هذا تعددًا في األصــوات؟ «إن الكرنفالية التي أطلقها باختين في تقديري ليست مجرد تعدد في اللغات المستخدمة ،أو في الرواة داخل النص الواحد ،بقدر ما هي عرض لوجهات النظر المتنوعة ،سواء كان العمل الروائي فيها مبنيا على شكل فصول متفرقة ،يروي كلَّ فصل فيها أح ُد الشخصيات ،وبذلك يقع تقويمه من خالل وجهة نظر مفردة ،أم تُقدَّ م وجهات النظر المتنوعة في هــذه الصورة ـوات أيديولوجي ًة متساوي ًة في بوصفها أصـ ٍ األس ــاس ،وهــي الــصــورة التي أطلق عليها ميخائيل باختين (البوليفونية) أي الرواية ذات األصوات المتعددة»(.)٣
ومجال اشتغال البوليفونية التي قصدها
باختين هي الرواية ،فالرواية هي الجنس األدبــــي األكــثــر قـ ــدرة عــلــى تجسيد هــذا المصطلح الــذي أتــى من حقل فني مغاير هو حقل الموسيقى؛ ليمارس اشتغاله في النصوص الروائية؛ ليعكس وجوداً تعددياً في النصوص األدبية ،وال سيما الروائية منها،
مثل :تعددية فــي األســالــيــب ،وتعددية في اللغات ،وتعددية في األصوات والشخصيات،
وتعددية في الــرؤى والمنظورات السردية،
وتعددية في الضمائر ،وتعددية في الرؤى
األيديولوجية.
الــروايــة البوليفونية تتيح لكاتبها أن
يستعرض كل وجهات النظر والرؤى المفارقة في الحياة .وهي التي تقدم أنماطً ا متنوعة من الوعي والتصورات األيديولوجية المختلفة، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
49
دون أن يفرضها المؤلف على المتلقّي ،بل يترك له الحرية في اختيار األنسب. إذاً ،تعدد األص ــوات يعني تعدد الــرؤى والمنظورات األيديولوجية التي تعبّر عنها الشخصيات داخل الرواية ،فـ «عندما نتحدث عن المنظور األيديولوجي ال نعني منظور ال عن عمله ،ولكن الكاتب بصفة عامة منفص ً نعني المنظور الذي يتبنّاه في صياغة عمل محدد ،وإضافة إلى هذه الحقيقة ،يجب أن نذكر أن الكاتب قد يختار الحديث بصوت مخالف لصوته ،وقد يغير منظوره -في عمل واحــد -أكثر من مــرة ،وقد يقـيّم (بتشديد الياء) من خالل أكثر من منظور»(.)٤ ويرى أوسبنسكي أن الرواية البوليفونية يجب أن تتميز بعدة شروط هي :أن توجد في الفضاء الروائي «عدة منظورات مستقلة داخــل العمل ..ويجب أن ينتمي المنظور مباشرة إلــى شخصية ما من الشخصيات المشتركة في الــحــدث .أي بعبارة أخــرى، أال يــكــون موقفا أيــديــولــوجـ ًيــا مــجــردًا من خارج كيان الشخصيات النفسي .وأن يتضح التعدد المبرز على المستوى األيديولوجي فقط ،ويبرز ذلك في الطريقة التي تقيّم بها الشخصية العالم المحيط بها»(.)٥
50
رواتــه ،في ثمانية عشر فصال ،وزعها بين أصواته السردية المختلفة ،ما بين صوت األب وص ــوت األم وص ــوت محمد البطل الرئيس ،ثم صوت صديقيه في «نزل الظالم» خالد وإبراهيم .في الفصول االثني عشر األولى ،راوح الكاتب تنويعاته السردية ما بين صوت «محمد» السارد الرئيس وصوت األب وصوت األم ،يقول على لسان محمد« :إنني حين ولــدت نظر والــدي لتقلب لــون عيني من األسود إلى األبيض ،ومن يومها تحولت الــعــاقــة بيني وبينه إلــى عــاقــة صامتة، أشعر به يلحظني ويتابعني من بعيد دون أن يتدخل في تصرفاتي .والدي لم ينسج لنفسه حلمًا ورديًا يعيش به ويتطلع إليه ،ولم يلجأ لألطباء ،ويطارد سراب الشفاء وعودة نور البصر لعيني .كنت في قلب لوحة الحياة، وكــان وال ــدي خــارج لوحتي التي أرسمها. لــجــأت أمــي إلــى الــقــرويــة ،لكل مــا يصفه لها عجائز القرية من وصفات ،تبيت على عيني كل ليلة قطعة من القماش المحشو عجينة دبــقــة أو عشبة لها رائــحــة عفنة، وحين أستيقظ ال أستطيع فصل رمشَ يَّ عن بعضهما لما قد أطبق عليها من كل ما يثير شهية الذباب»(.)6
هكذا يتحدث محمد عن رد فعل األب وسوف تقرأ الباحثة رواية «نزل الظالم» واألم تجاه ما أصاب عينيه من عماء ،لكن لماجد الجارد؛ لتكشف عن االستراتيجية كيف يــرى األب واألم األمــر؟ من أي زاويــة السردية التي اتخذها الجارد؛ لعرض وجهة رؤية ينقالن لنا ذات الحدث؟ نظره ،وزاويــة الرؤية التي يرى من خاللها يُنوّع مؤلف «نــزل الظالم» في الضمائر العالم .حــرص الجارد على تعدّد أصــوات الــســرديــة ،حــيــث يــشــغــل ضــمــيــر الــغــائــب،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
أريد أن أسجل ابني،
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
فضمير المتكلم ،ثم ضمير المخاطب .أو البوليفونية لجعل األب يقوم بالسرد دون أن ينتقل بين ســارد حاضر وســارد غائب ،أو يلجأ لهذا الحوار الطويل. بين ســارد مــشــارك وس ــارد محايد .وكلما وكذلك فعل حين أراد أن يسمع القارئ تعددت وجهات النظر ،واختلفت المنظورات صوت األم ،لتقوم بدورها في إضاءة جانب كف بصر «محمد» ،بدأ السردية ،وتعددت الضمائر ،وتنوّع الــرواة من الحكاية ،حكاية ّ والــسُّ ـرّاد ،كانت الرواية أقــرب إلى الرواية السرد على لسان محمد ،وهو بدوره أسلم الحوارية منها إلى الرواية التقليدية ذات زم ــام الحكي ل ــأم ،لتقوم بــســرد جوانب الصوت الواحد. مخفية من الحكاية على هيئة حوار طويل لــكــن الــكــاتــب يــواجــه مشكلة فنية في بين السارد واألم ،لكن الحوار كان من جانب االنــتــقــال مــن ضمير إلــى ضمير فــي سرد واحد على لسان األم ،وطال أيضا أكثر من الــنــص ،ففي الفصل الــرابــع يــبــدأ السرد الالزم( :حدثتني أمي بصوتها الدافئ «كنت بضمير األنا على لسان محمد ،الشخصية أنفق ج ّل وقتي في حجرتك ،ومع هذا لم الرئيسة ،وبدون مبرر فنيّ أو دراميّ يسلم أستطع ردم الفجوة .أشعر أنك بحاجة ألخ السرد لألب؛ ليكمل الحكاية« :هَ م أبي عن يقاسمك اللعب والشجار والطعام والمنزل. مقعد أقتعده بمدرسة ،ولكن ابنه األعمى بــذلــت جــهــدي لــيــزورنــا أطــفــال الــجــيــران، قد ضاقت به مدارس الطائف ..وفي إحدى فــابــتــكــرت الــمــغــريــات مــن دم ــى ومكعبات المساءات كــان والــدي يتحدث إلــى جدي :وصنوف الحلوى ،لتتحول غرفتك إلى قاعة «ذهبت إلى مكة المكرمة ،كنت طوال الطريق لعب مزدانة بشرائط متدلية من السقف، أمنّي نفسي ،أوقف سيارتي عند الباب ،ثم وتتطاير فيها أحجام متعددة من البالونات، أطفأت المحرك ..يا األخو ..وين رايح؟ لكن كل حيلي فشلت في تبديد وحدتك، فأوالد الجيران ال يمكثون طوال النهار.)8(»..
وه ــك ــذا ف ــي ك ــل األصــــــوات الــســرديــة طيب أنت تريد المدير المتعددة أو كرنفالية السرد التي أراد أن ومشى إلى الداخل»(.)7 يوظفها الجارد في نصه ،كلها فقدت شروط تستمر الحكاية على شكل حوار بين األب الحوارية والكرنفالية التي وضعها النقاد والجد ،ألربع صفحات كاملة ،ألن الكاتب لم وعلى رأسهم باختين. يستطع توظيف تقنية تعدد األصوات ،فبدأ غياب فلسفة الزمن في الرواية السردية ،ثم أسلم األب الحكي على هيئة فــي «ن ــزل الــظــام» لــم ينشغل الــجــارد حوار بينه وبين الجد .فطال الحوار أكثر من الالزم ،فلو أن الكاتب يدرك أبعاد توظيف كثيرًا بفلسفة الزمن وتأمله ،إال في مواضع اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
51
نادرة من النص ،فقد كتب على لسان والدة البطل الريفية التي لم تنل حظا من التعليم البطل رؤيته للزمن ،وما يفعله في اإلنسان ،أسهمت بثقافتها الشعبية الريفية في ازدياد وكيف يكون قــادرًا على إلهائه عن العقبات عاهة إبراهيم ،ينطلق الكاتب من مفهوم النفسية الــتــي تــواجــهــه« :أســنــدت ذقنها أن البيت القديم ،بيت الطفولة ،هو مكان الصغير على كتفي العريض ،شعرت بدفء األلفة ،ومركز تكيّف الخيال .وعندما نبتعد أنفاسها المختلطة بفحيح كلمات خافتة .يا عنه نظل دائــم ـاً نستعيد ذكـــراه ،ونسقط أبا إبراهيم ال أقول ّ كف عن الحزن ،فذاك على الكثير مــن مظاهر الــحــيــاة المادية أمــل مستحيل .إنــمــا ألجئه للتابع الزمن ذلــك اإلحــســاس بالجمالية واألمــن اللذين والليالي فهما القادران على تحويل كل جرح كان يوفرهما لنا البيت ،فال شك أن مفهوم غائر ونزيف هادر لندبة متحجّ رة متصلّبة ،البيت «يــركــز الــوجــود داخ ــل ح ــدود تمنح نتلمسها بين الفينة والفينة»(.)٩ الحماية»( ،)١١ويمثل ذلــك في النص ،قول المكان في الرواية يُع ُّد المكان في «نزل الظالم» بنية أساس في العنوان ،المكان الضيق (نزل) ،كما يع ُّد كذلك بنية أساس من البنى الجمالية التي يتكون منها النص ،فالكاتب يكتب سيرة بطله إبراهيم مع الظالم ،مع فقدان البصر ،بل سيرة كل زمالء النزل الذين فقدوا أبصارهم مبكرًا أو وُلــدوا فاقدي البصر ،فجميعهم ضمهم هذا المكان ،الذي خصص للعميان: «أوقفتنا األقــدار على أول عتبة من عتبات نزل الظالم ودفعتنا إلى الداخل دفعاً ،حيث وجدنا أيامنا تنساب مع تيار ال ينتهي إال في قرار دير العتمة القسري»(.)١٠
52
الجارد على لسان إبراهيم« :أمــي القروية
لجأت لكل ما يصفه لها عجائز القرية من وصفات ،فتُبيّت على عينيّ كل ليلة قطعة من
القماش المحشو عجينة دبقة أو عشبة لها رائحة عفنة ،وحين أسيقظ ال أستطيع فصل رمشيّ عن بعضهما لما قد أطبق عليها من
كل ما يثير شهية الذباب العنيد»(.)١٢
يجيد الكاتب استخدام المكان لتصوير
ووصف ما يعانيه البطل طوال حياته ،فبعض األماكن بالنسبة إليه هي السكن واألمــان،
وبعضها اآلخر هي الخوف والتشتت والقلق.
فمكان فيه أمــه يمثل بالنسبة إليه األمــان واالطــمــئــنــان ،ومــكــان يفتقد وجــودهــا فيه
تتنوع األماكن في الرواية ما بين المكان يمثل بالنسبة إليه الخوف والــفــزع« :منذ الواسع المفتوح ،حيث يعيش البطل إبراهيم ميالدي لم أنم إال في غرفتي التي صممتها فــي قريته ،والمكان الضيق المغلق حيث على ذوقها ،ولم تلقمني إال يدها ،تتابعني، الــنــزل ،وقــد انعكست ثقافة المكان على تالحقني في كل مكان ..أيسهل أن أ ُودَع في تشكيل الخطوط الدرامية في النص ،فأم سكن داخلي يحول نزيله إلى رقم يحتل خانة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
محددة الكمية والزمن»(.)١٣
الكرونوتوب أو الزمكانية في الرواية
أتمدد في غرفتي الرطبة المكتومة ،أغفو،
يمر الزمن بطيئا ،أغــوص في جب عميق جهنمي ،أستيقظ ،أتكئ ،أجلس ،أتقلّب من
من الممكن أن يكون الكرونوتوب وسيلة من جنب إلى جنب ،والصمت يخيم في كل زاوية، وسائل الروائي الفنية لتلمّس انعكاس الزمان وال يبدده إال طقطقة سريري من تحتي،
على الــمــكــان ،وتــغـ ّيــر إحــســاس الشخوص ونافذة قديمة الطراز تسرب شرائح دفتيها بالمكان نتيجة للمتغيرات الزمانية؛ ففي الخشبية أصوات المارة ،لكنها تحرمني لذة
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بين الــســجــات ،تُــصــرف لــه ثــاث وجبات محروم من الضوء والمنافذ« :منذ البارحة
رواي ــة «نــزل الــظــام» كــان إحــســاس البطل اإلطــالــة على الــحــارة مــن تحتي ..ألصق بالمكان متسعا بَرَاحَ ا ،لكن بتغير اللحظة أذنــي على الجدار لعلّي أستأنس بأنين أو
الزمانية من االنتقال من عالم الرحابة ،حيث تنهيدة وحيد مثلي .أين الذين كانوا معي البيت وحميميته واألم وعطفها وحنانها إلى البارحة حينما جمعتنا الحمى؟! عندما وقف ال ـنُــزل ،ساعتها يتحول المكان إلــى مكان المشرف الصحي في الصالة المتوسطة مغلق ،وفضاء ضيق ،حيث انعكاس اللحظة لشقتنا ،ونادى عليّ ثم صعدنا ألسرة الكبار، الزمنية على الفضاء المكاني ،ويصير النزل ونادى على طالبين ال أعرفهما .كنا مسرورين
كمتغير (من متغيرات) كرونوتوب أكثر قتامة على الرغم من مرضنا ،ألننا ألول مرة نغادر وعتمة على روح البطل ،حيث انغالق وفضاء النزل في المساء»(.)١٤
* كاتبة من السعودية. ( )١هويدا صالح ،صورة المثقف في الرواية الجديدة ،دار رؤية للنشر والتوزيع ،القاهرة2011،م،ص.50 ( )٢ميخائيل باختين :شعرية دويستفسكي ،ترجمة :جميل نصيف التكريتي ،دار توبقال للنشر ،المغرب ،ط1ـ 1986م ،ص.59: ( )٣هويدا صالح ،مرجع سابق،ص.50 ( )٤بوريس أوسبنسكي ،شعرية التأليف :بنية النص الفني وأنماط الشكل التأليفي ،ترجمة سعيد الغانمي وناصر حالوي ،مرجع سابق،ص.30 ( )٥المصدر السابق ،ص.29 ( )6ماجد الجارد ،نزل الظالم،مصدر سابق،ص،66 ( )٧المصدر السابق ،ص.24 ( )٨المصدر السابق ،ص.20 ( )٩ماجد الجارد ،نزل الظالم ،مصدر سابق،ص.28 ( )١٠ماجد الحارد ،نزل الظالم ،مصدر سابق ،ص.9 ( )١١جاستون باشالر ،جماليات المكان ،مرجع سابق ،ص.60 ( )١٢ماجد الحارد ،مصدر سابق ،ص.27 ( )١٣المصدر السابق ،ص.33 ( )١٤ماجد الجارد ،مصدر سابق ،ص.56 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
53
المحتوى الفلسفي في رواية «نزيف الحجر» ■ صالح محمد املطيري*
تجوال في إحدى المكتبات على رواية رصينة هي (نزيف الحجر) ٍ وقعت ذات ُ للروائي الليبي إبراهيم الكوني ،ولكوني على صلة قرائية بهذا الروائي الملحمي ـدت يــدي تمتد لتستحوذ على هذا ال ــذي يـقــارن حقا بعبدالرحمن منيف ،وج ـ ُ الكتاب ،ومن ثم تشرع في قراءته. وإبراهيم الكوني كاتب معروف بأعماله الروائية ذات الطابع الملحمي مثل: رباعية (الخسوف) ،وثنائية (المجوس) ،و(التبر) ،و(السحرة) ،وغيرها من أعمال روائية وقصصية .المؤلف ذو صيت ذائع بين أوساط النقاد داخل الوطن العربي وخارجه ،وقد ترجمت أعماله إلى عدة لغات أوروبية وشرقية. وغالبا ما يختار ابراهيم الكوني حياة الرواية ويدور الصراع بين شخوصها.
الصحراء مسرحا لرواياته وقصصه ،وكان المؤلف قد أصدر هذه الرواية في خاصة في الشمال اإلفريقي ..حيث طبعتها األولــى عام 1990م ،ثم توالت الصحراء الكبرى تفترش مساحة هائلة طبعاتها بعد ذلك التاريخ ،وبين يدي
من عدة أقطار عربية وأفريقية.
اآلن طبعة الدار المصرية اللبنانية في
وهكذا كانت روايــة (نزيف الحجر) القاهرة وتاريخها 1434هـ 2013 -م.
أيضا ،حيث اتخذت من الصحراء الليبية
54
والــروايــة في مجملها تحكي قصة
في الغرب حيزاً تتحرك فيه أحــداث (أســـوف) ،ذلــك الفتى الــطــوارقــي من
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بدو الصحراء ،الذي آثرت أسرته أن تنعزل عــن بقية ســكــان الــصــحــراء؛ فانتبذت لها
مكاناً قصياً عن اآلخرين .وتعرض أحداث ُالرواية تقاطعات وتجاذبات لحياة هذا الفتى
الصحراوي الذي دأب على رعي معيزه في
بطون األودي ــة وعــروق الــرمــال ،وبين ثنايا الصخور الضخمة وشعاف الجبال؛ وظل
الفتى طوال عمره يتجاوب مع رموز المكان الموحش ،ويناغي مالمحه القاسية ،ويتماهى
مع إيحاءاته وأصــواتــه العميقة .لكن هذه
تلف في طياتها قدرًا العزلة المكانية التي ّ من العافية والطمأنينة والسكون ال تستمر
لألسف (وأي نعيم يستمر؟) ،إذ تتقاطع أحــداث هذا الراعي المتأمل في صفحات
الصخور ومــا تحويه من رســوم مع آخرين
غرباء طارئين ،أقلقوا سكينة الصحراء، وخدشوا وتيرة الهدوء ،وبعثروا نظام الحياة
لإلنسان والحيوان على حدٍّ سواء.
إن ذلك النظام الطبيعي في الصحراء ظل
يسير على طبيعته المتوازنة أحقابا وقروناً
طويلة ،حتى ظهر على المسرح هذا اإلنسان الحديث؛ وهكذا يتغير رتم الحياة لدى الفتى ولــدى الصحراء مع مجيء الطارئين إلى
حوزة الصحراء ،حيث تتحول هذه الحياة من
الهدوء إلى االضطراب ،ومن النظر والتأمل
والسكون إلى المطاردة والمالحقة واللهاث؛ يحدث ذلك خاصة عندما يظهر على المشهد
والذي ال يبيت على غير لحم ،وال يصبر على
حيوان واحــد ،ثم يظهر معه على المشهد
أيضا المغامرون من السياح واألجانب ،مثل األوروب ــي جــون بــاركــر ،مدجّ جين بالبنادق
الحديثة والسيارات السريعة؛ فيكدرون بغبار
سياراتهم األفق ،ويجرحون أديم األرض بوقع العجالت؛ وهكذا يــدردر في بطون األودية
هدي ُر المُحَ رِّك ألول مرة ،ويلعل ُع بين جنبات الصخور صوتُ الرصاص ،حتى يصبح (ال صــوت يعلو فــوق صــوت الــرصــاص) ،الذي
يخنق الحياة فــي رشقة أو رشقتين على قطيع كامل من الغزالن.
وتــتــعــالــى غـ ــارات الــصــيــد الــتــي يشنُّها
(قابيل) ،ذلك الرجل الذي ُغذِّيَ منذ نعومة الطارئون على حرم الصحراء ،وتُبا ُد قِ طعا ٌن
أظفاره على لحوم الغزالن ولحوم (الودّان) ،بكاملها في غزوة أو غزوتين على متن إحدى
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
55
العربات ،حتى تتناقص الغزالن وتتداعى إلى مركزًا ومكثفا ،حتى غدت هذه الرواية -في الهرب واللجوء إلى شعاف الجبال ..وتختبئ نظري -عمال أقرب رحمًا إلى الفلسفة منه بين أنياب الصخور ،وتصل الحال إلى أن إلــى الــروايــة ،أو قل إنها روايــة تحتاج إلى يُقال إنه رُؤيَ في تلك الرملة غزالة وبنتها قارئ من نوع خاص ،قارئ متريث يتكئ على ترعيان مع الفجر ،بعد أن كانت قطعانا رصيد سابق في الفلسفات القديمة على تجوس خالل الصحراء كيف تشاء؛ وهكذا الخصوص. يكمل الوافد المخرّب باركر ما كــان بدأه وأنا أؤمن أن القراءة السطحية لمثل هذه (المواطن) قابيل ،فيقضيان معاً على البقية األعمال ال يخرج منها القارئ بطائل ،ألن الباقية من الحياة الفطرية في الصحراء مثل هذه األعمال تتطلب قــدرًا من التؤدة الوادعة ،وبخاصة الغزالن والودان. الستبطان المعاني الفكرية التي يمهّد لها ومـــدار الحكاية فــي ال ــرواي ــة ،ومــا دار النص ،إن النص الــروائــي ،خاص ًة الموغل بين شخوصها وما هو واقعي منها وما هو في طرحه الفلسفي مثل الذي بين أيدينا ال متخيّل ليس في نظري ما يش ُّد الناقد هنا ،يكشف عن مكنونه ،إال إذا أصخت له السمع ألن مثل هذه الشخوص (الصحراوية) سواء فيما يريد أن يفاتحك به ،وها نحن نعرض اإلنسانية منها أم الحيوانية قد تنولت من هنا لبعض المكاشفات الفلسفية التي تجلت قبل وعولجت في أعمال أ ُخر ،كما أن تركيب لي بعد قراءتي لرواية (نزيف الحجر). الواقع بالمتخيل وتلبيس الممكن بالمعجز.. الهروب نحو العزلة هــو مــن األدوات المخيالية (الــفــنــتــازيــة) إن أول فكرة يلتقي بها الــقــارئ وجهاً التي يتوسّ ل بها الروائي كما هو معروف، وإنما الــذي يشد الناقد حقا هنا هو هذه لوجه في الرواية هي فكرة (الهروب نحو الحموالت الفلسفية والمضامين العرفانية العزلة) ،أو ما يُعبّر عنه أحيانا بـ(الفلسفة واإليــمــاءات الفكرية التي تتغلغل فــي كل العالئية) .حيث تشيع في الفصول األولى حدث من أحداث الرواية ،وتتهادى على كل من الرواية األحداث والمقوالت التي تبشر حدث ما ،بالعزلة وتباركها ،بوصفها طريقة سامية ٍ سطر يخطه المؤلف معلقا على أو ملخصاً نهاية إحــدى الشخصيات ..أو لتحقيق الطمأنينة النفسية والتخلّص من أذى اإلنسان. واصفاً ما آلت إليه الحال في اإلجمال. إن المرء المعتزل يختار هــذا المسلك
56
وهمّنا اآلن فــي هــذا المقال أن نجلو الغشاء عــن كيفية توظيف هــذه الحمولة ليحيا بعيدًا عن أوضار االختالط بالبشر، الفلسفية الزائدة في أعطاف الرواية توظيفا وما ينجم عنه من تكالب على الحطام ،وقد اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
إيثاراً للعزلة ،وأن الوالد -أي رب األسرة-
ف ـل ـيــت ول ـ ـيـ ــد ًا م ـ ــات س ــاع ــة يــومــه ما فتىء يلحّ على العزلة ويحبّذها مصبحاً ولـ ــم يــرت ـضــع م ــن أمـ ــه ال ـن ـف ـســاءِ !
وممسياً ،حتى أنه لما نزل قطي ٌن من البدو على مقربة من مضارب األســرة ..نرى أن الوالد لم يهدأ له بال حتى أمر األسرة بشد الرحال من الغد ،نائياً عن المكان ،ومتخلصاً من جوار اإلنسان ،كان األب يوحي إلى ابنه يفضل الخير ال بد له قائال( :اإلنسان الذي ّ أن يهرب من أذى اإلنسان) .وعندما عذلته زوجته على الرحيل عن المكان صاح فيها قائال( :أجاور الجن وال أجاور اإلنس ،أعوذ باهلل من شر الناس) ص .25
الحمية النباتية ِ ويرتبط بفلسفة أبي العالء هنا وبالفلسفة
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ـدس وح ـن ـ ٍ ـصــر يـهــم ن ـه ــارٍ ِ ـأف ل ـ َعـ ْ رأينا في الرواية أن عائلة الفتى (أسوف) ف ـ ـ ٍ ّ قد انتبذت لها مكانا قصيًا في الصحراء ـال مـ ـنـ ـه ــمُ ون ـ ـسـ ــاءِ وجـ ـنـ ـس ــي رج ـ ـ ـ ـ ٍ
القديمة عموما نظام أو حمية المذهب النباتي ( ،)vegetarianismوهو نظام يتمذهب
به (أسوف) بطل الرواية هنا ،ألن هذا الرجل الصحراوي قد حرّم على نفسه أكل اللحم بعد حادثة الودان المهيب ،وقد رأيناه بعدها
يصرخ فــي وجــه قابيل ،الــذي مــا أتــى إلى عمق الصحراء إال لكي يأكل الغزالن ويقتات
وال ننسى أن أحد فصول الرواية معنون بشراهة عجيبة على اللحم قائال: بعبارة صريحة تقول (ش ٌر اسمه اإلنسان). (أنــا لم أذق اللحم ..أنا ال آكل اللحم!) طبعا فلسفة العزلة هذه تذكرنا بال ريب (ص)39 بفلسفة أبي العالء المعري؛ إن أبا العالء والمذهب النباتي الذي قيّد (أسوف) به فيلسوف اختار أن يعبر عن منهجه شعرًا، والمسلك الذي اختاره طريق ًة للعيش إنما نفسه ،وقبله أبو العالء ،يستند إلى فلسفة ينبعث من رؤيته الفلسفية للعالم والمخلوقات ،شرقية (هندية قديمة) تحرّم االعتداء على اخــتــار أبــو الــعــاء كما هــو مشهور العزلة الحيوان وإزهاق روحه من أجل الغذاء ،هذه واالنــطــواء ،وان ــزوى فــي بيته منقطعا عن الفلسفة تُعلي من شأن وجود الروح الحية قليل يعدون على األصابع في الحيوان؛ فمن هنا ،تحرّم سلبه هذه نفر ٍ الناس ،إال عن ٍ من تالمذته الذين كانوا يأتونه ليأخذوا مما الهبة اإللهية من أجل الزاد والطعام ،الذي لديه من علم واسع باللغة والشعر والعروض ،يمكن أن يجده اإلنسان في غير الحيوان. وراح أبو العالء يبرر مسلكه هذا في أشعار طبعا الى هذا الح ّد تبدو لنا هذه الفلسفة كثيرة بثها في ديوانه اللزوميات ،نذكر منها نزع ًة إنساني ًة نحو الحيوان قوامها الشفقة والــرحــمــة وال ــح ــرص عــلــى إرادة الــحــيــاة قوله منددًا بجنس البشر: اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
57
للكائنات ،لكني أرى من طرف خفي أن هذه ومثل شخصية الزاهد (جلّولي) أحد شيوخ الفلسفة الهندية القديمة تنطوي على أثر الواحات ال تفتأ تتألم على تناقص الغزالن
من مــادة تناسخ األرواح ،وبــاد الهند كما في نواحي الصحراء ،فأسوف يكره جدا أن هو معروف هي المنشأ العريق لهذه الفكرة يستعبده جشع قابيل ليرغمه على مالحقة
القديمة ،أعني تناسخ األرواح ،وعلى هذا الــصــيــد فــي بــطــن الـ ـ ــوادي ،وبــيــن حــواف فال تعجب أن وُلد كتاب كليلة ودمنة -وهو الصخور الضخمة المنغرزة فــي الــرمــال.
عبارة عن شخوص حيوانات تتحاور فيما والشيخ الزاهد في الواحة يتجهّم في وجه بينها -في بالد الهند على وجه الخصوص( .جــون بــاركــر) الــذي مــا هبط هــذه الديار واآلن وقد رأينا توجّ ه بطل الرواية نحو المقفرة إال لمالحقة الغزالن ،وما هي إال المذهب النباتي ،وامتناعه عن إيذاء الحيوان أن يعرف عنه غزوته التي أسفرت عن مقتل
بأي شكل من األشكال أو سلب شعلة الحياة الغزالن حتى يشيح بوجهه عنه ثم يجابهه منه؛ لنا إذاً ،أن نتفهّم تشقيق المعنى الذي بألم( :كيف تدعي الديانة بدين المسيح
أراد الكاتب إيصاله عند العتبة األولى في وهو بريء منك؟ ال أنت منه وال هو منك!) طائر ص.111 ٍ األرض وال ِ الرواية( :وما من داب ٍّة في
يطير بجناحيه إال أم ٌم أمثالكم)؛ لقد صدَّ ر الكاتب عمل َه بهذه اآلية الكريمة. االتجاه البيئي تــكــاد الـــروايـــة أن تــكــون ف ــي مجملها
بياناً أول ينعي ضياع الحياة الفطرية في عالم الــصــحــراء ،أعني (البيئة الطبيعية
الصحراوية) ومــا فيها مــن مخلوقات من الحيوان والنبات ،وما فيها أيضا من معالم
وآثــار وتضاريس ،إنها حقا بكائية الفقد
إن الــروايــة بمجموعها تعد حقا بمثابة
(منشور) صارخ يفضح جناية (اإلنسان) على
طبيعة الصحراء على األخص ،وعلى إرادة
الحياة بوجه عــام .إن اإلنسان الحديث ما فتىء يعيث فسادًا في عالم الصحراء وعالم الطبيعة كــكــل ،حتى تبدلت األرض غير
األرض والسماء غير السماء.
ثنائية قابيل وهابيل ولــهــذا الــغــرض -جــنــايــة اإلنــســان على
والــثــكــان ،على تدمير طبيعة الصحراء الطبيعة -فإن الكاتب إبراهيم الكوني يعيد واستئصال رمــوزهــا األســاس من الحيوان إنتاج قصة قابيل وهابيل هنا ،وهي قصة والنبات.
معروفة في الكتب السماوية لألديان الثالثة،
والشخوص التي تحمل الهاجس اإلنساني قوامها حسد قابيل ابن آدم ألخيه هابيل..
58
في الرواية مثل شخصية البطل (أسوف) ،ثم قتله جراء ذلك ،وأما كيف وظّ ف الكاتب اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
على نحو تمثيلي رمزي ،فاإلنسان الحديث تطمح عيناه إلى صيد (الودّان) بين شعاف في الرواية يمثل شخصية قابيل ،والحيوان الجبال ،وال ــودان هو وعــل الجبل أو تيس
الذي يرتع في عالم الصحراء يمثل شخصية الجبل المعروف عند اإلغريق بـ ( ،)ibexوهو
هابيل ،وقد رأينا أن اإلنسان الحديث قد صيد عزيز ومطلب عسير ،ألنه يتسلق على هبط إلى مراتع الحيوان الــذي كان يعيش الحواف الصخرية بزاوية تسعين درجة بكل وخفَّة ،وكأنه ليس من ذوات األربع بسالم فــي الــصــحــراء ،وجعل ينغّص عليه رشاقة ِ
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
هذه القصة؟ فإنه قام بإعادة إنتاجها هنا قابيل وشهواته اللحمية في االزديــاد حتى
العيش ويــزعــجــه ويــاحــقــه مــن مــكــان إلى بل من الزواحف والحشرات ،ولتحقيق هذا
مــكــان ،ويسلب منه شعلة الــحــيــاة بالقتل المطلب العسير يح ّل قابيل ورفيقه مسعود والصيد ،ليكون في النهاية لقمة سائغة تشبع ضيفا ثقيال على أس ــوف ابــن الصحراء،
نهم قابيل ،حتى وصلت الحال الى حد الفناء ويلحّ ان عليه ويتهددانه لداللتهما على آثار
والتالشي والعدم ،أي محا جنس الحيوان في الــودان ومساكنه بين شعاف الجبال ،فيقع
الصحراء بالقتل على يد اإلنسان (قابيل).
أسوف -الذي عقد نذرًا بينه وبين الودان-
ولهذا الغرض جعل المؤلف أحد أبطال في حرج عظيم وعنَت شديد ،فكيف يدلّهما الرواية تحت اسم (قابيل) ،وهو يقوم بدور على مدارج الودان وقد قطع عهدًا معه ،وقد
شخص من أهل البلد؛ لكنه يعاني من نهم أخذ منه ميثاقا غليظا؟ شديد عجيب إلى اللحم منذ والدتــه ،فقد
وال يكتمل دور (قابيل) في الــروايــة إال
ُغـذّي على دم غزالة وهو لمّا يزل رضيعا ،بانضمام (جــون بــاركــر) إليه ،وظهور هذه وعــنــدمــا كبر جعل ديــدنــه أن يقتات على الشخصية األجنبية فــي الــروايــة هــو في اللحم كل يــوم حتى قيل إن في فمه دودة نظري نو ٌع من تلوين الفسيفساء الشخوصية
ال تفتأ تطلب اللحم ،وهكذا درج هــذا الـ ألبطال الرواية ،و(باركر) هذا شخصي ٌة تبعث (قــابــيــل) عــلــى هــبــوط األوديــــة مــع رفيقه على االهتمام حقا ،فهو قد جاء في األصل
مسعود (الدباشي) الذي له من اسمه أجزل ضابطا في القاعدة العسكرية في الشمال، النصيب ،ألنــه ليس له شخصية مستقلة ،غير أنه مثل بعض الغربيين الذين تشرئب
وإنما هو يتابع ويوافق ويواتي على الدوام ،أعناقهم إلــى مــعــارج الفلسفة والتصوف، ويــقــوم ه ــذان الــرجــان بمالحقة الــغــزالن وقد استغرق في قراءة الفلسفات الصوفية
وصيدها وقتلها بأعداد كثيرة ،ففي كل آن والشرقية القديمة حتى تأثر بمقوالتها، لهما صولة وجــولــة فــي الــصــحــراء ،يذهب ومــن تلك الــمــقــوالت مقولة حلولية تقول
ضحيتها أعداد من الغزالن ،وتستمر أطماع (إن الس ّر في األنعام) وإن الس َّر في الغزال اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
59
على وجــه الخصوص ،فَتولّع عندها هذا الشيطانية تدور كالطاحونة .تسكع الجندب
الضابط الوافد بصيد الغزالن في النواحي اللئيم عبر سفح السلسلة متفقدا التجويفات المجاورة ومالحقتها بالبنادق والسيارات ،والصخور والمنحدرات العارية حتى بدا عن
وشــرع يالحق ذلــك (الــسـرّ) ،وجعل يطوف بعد مثل صقر في بحثه العنيد عن فريسة. بين القرى والواحات في الشمال ،فسمعهم حطوا عند حذاء الجبل .بحثوا عن مأوى يرددون مقولة شعبية تقول (الزيت غريان، يحميهم من شر الشمس ،الكهوف الظليلة والتمر ف ـزّان ،واللحم ودان!) وما أن وصل تعتلي أعالي الجبل .الطريق إليها يمر عبر إلى واعيته هذا المفهوم ،حتى بدأ يطلب صخور ملساء وأخ ــرى متوحشة ،مسلحة الودان أيضا ،ويا له من صيد عزيز! بــأحــجــار كــأنــيــاب ال ــوح ــوش ..على الرمل ويتفق جون هذا وقابيل ابن البلد على الناعم ارتسمت آثــار األفــاعــي والسحالي
غزو الصحراء طلبا للصيد ،ويقتفيان أثر والعظاءات وجرذان الصحراء. الصيد بين الوهاد والسهول والجبال ،وتُباد فوق الرمال الذهبية ،عثر قابيل على آثار إثر ذلك قطعا ٌن من الغزالن ،وتهرب البقية أخرى :الغزالن!) ص 114 الباقية من الصيد إلى الرمال البعيدة أو وبهذه الغارة الجوية على صهوة الجندب تعتصم بالظالل الخافتة بين أنياب الصخور.
ويُــســخّ ــر جــون بــاركــر أقــصــى إمكانياته اللعين يختفي من السهول جنس الغزال، المادية لتمشيط الجبال بحثا عن الغزالن ،زينة الصحراء وحليتها األزلية ،وهكذا تفقد فــيــأخــذ ط ــائ ــرة اســتــطــاع مــروحــيــة من الــصــحــراء (ســرهــا) األثــيــر على يــد قابيل الــقــاعــدة العسكرية ،ويــركــب وإل ــى جانبه وشريكه باركر األثيم.
قابيل ،ويشرعان في تعقب أي أثر يدل على
وأما الغزالة وابنتها ومعها بالطبع حيوان
الغزالن ،ويقصدان (جبل الحساونة) ،ذلكم الصحراء فيقومان في الرواية بدور شخصية المعقل النهائي واألخير للبقية الباقية من هابيل ،وكــانــت الــغــزالــة تقص على ابنتها الغزالن:
قصة المكان منذ البدء أو (أمثولة الوطن)
(حــلــق الــجــنــدب الــخــرافــي فــي الفضاء كما يقول الكاتب ،وتخبرها فيها كيف خلق الــصــافــي وعــبــر ســهــول الــحــمــادة الخالية اهلل الــروح أول مــرة وكيف حــدَّ لها حــدودا
الصامتة .في متاهة العراء تتناثر أشجار ثالثة :الزمان والمكان والجسد ،وقد حقت سدر وطلح ورتم ،تنمو متباعدة. اللعنة وهلك كل من حاول أن يخرج من هذه
60
ســاد صمتٌ كئيب .استمرت المروحة الحدود( .ص .)99-98 اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
إن السرد الروائي لحكاية الوطن أو حكاية الدعاة في مصر إلى مثل هذه العلة ،لكنه الروح بحسب ما ترويه الغزالة البنتها يوحي -وهــو في معرض الدفاع -لم يرجعها الى
هنا بعدة إيماءات؛ طبعاً وبنا ًء على معطيات معتقدات فلسفية يتأثرها ،وإنما قال إنه التفسير اإلشــاري ..فإن كون الخطاب من فقط يمتنع عن أن يعرض للحيوان بسوء نــوع اإلش ــارة واإليــمــاء فــإن ذلــك ال يضفي رغم إيمانه-دينيا -بإباحة أكله .والغريب عليه قطعية الــداللــة؛ لــذا ،فــإن الناقد هو أن أتــبــا َع الديانات الشرقية اآلسيوية مع
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
الروح..
العالء نفسه في رسائله المتبادلة مع داعي
في فسحة من األمر ليذكر ما يبدو له من أنهم يتحرجون من قتل الحيوان ،إال أنهم إيماءات بال مشاحة في االصطالح .فمن يبيحون ألنفسهم قتل اإلنسان ،كما حدث تلك اإليماءات التي تبدو للقارئ من حكاية في الصراعات التي شهدتها بورما مؤخرا. الغزالة وابنتها هــو فكرة (وح ــدة ال ــروح)،
الحقيقة أن الرواية مفعمة بالتوجهات
بمعنى أن الــروح الحية هي نفسها نفسها ،الفلسفية المتشعبة ،وفيها مادة مركزة من وإنما الوعاء الذي تتشكل فيه يختلف ما بين الموروث الشرقي القديم ،وال يسعنا في هذه
إنسان أو حيوان أو نبات (هناك خالف قديم المعالجة أن نبسط كل فكرة ،لكن لعل ما وعقيم هل للنبات روح أم ال) ،أي أن الروح ألمحنا إليه هو أهم األفكار الفلسفية التي مثلها مثل المادة الغذائية التي تراها أنت وُظفت في الرواية.
في المتجر :فقد تكون المادة نفسها مغلّفة في علبة أو زجاجة أو كيس ..إلخ ،فالمادة الداخلية هي من نــوع واحــد ،لكن األوعية
رموز وتشخيص بقي أن أشير إلــى ناحية مهمة أسبغت
فيضا من الحركة والحياة على رموز الرواية ً الحاوية مختلفة .وهذا في نظري ما تومئ إليه حكاية الغزالة في الــروايــة .فالمؤلف وشخوصها ،وهي أسلوب (التشخيص) ،أي هنا يؤسس خطاب الغزالة على فكرة وحدة تشخيص الرموز في الرواية من حيوان أو الــروح بين المخلوقات .وهــذه الفكرة هي نبات أو جماد ..ووصف تصرفاتها وتحوالتها
من الفلسفة الشرقية القديمة؛ ومن هنا ،وكأنها شخصيات عاقلة ،فالودّان ،رغم أنه تنبثق فكرة تحريم االعــتــداء على الــروح ،مجرد حيوان جبلي نَفور ،إال أنه يبدو في سواء أكانت هذه الروح حالّة في إنسان أم ال ــرواي ــة شخصية كــامــلــة الــشــروط حقا، في حيوان ،وهــذه هي العلة األســاس التي وتظهره تصرفاته وانفعاالته فــي أحــداث
يرتكز عليها الفالسفة النباتيون ،مثل أبي الرواية ذا إرادة وذا عزيمة وذا إصرار؛ فهو العالء المعري كما ذكرت آنفا ،وقد لمّح أبو إذاً ،شخصية (مناضل) من الطراز األول؛ اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
61
ال يقبل أنصاف الحلول ،وال يمسك العصا أال إال ت ـ ـ ـكـ ـ ــن إبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلٌ ف ـ ـ ِـمـ ـ ـع ـ ــزى من الوسط كما يقال ،وال يؤمن بالموادعة ك ـ ـ ـ ــأنّ ق ـ ـ ـ ــرون ِجـ ـ ّلـ ـتـ ـه ــا ال ـ ـع ـ ـصـ ـ ُّـي ّ!
يفضل أن والمهادنة مع جنس اإلنسان ،إنه ّ يتصوّب من عـ ٍـل ..وتندقّ عنقه في الهاوية ليغيظ اإلنــســان ويــزيــده حسرة ،ال أن يقع
أسيرًا أو صيدًا سهال في يد اإلنسان ،أي أنــه مــأخــوذ عاطفيا بمقولة ذلــك الشاعر
المناضل القديم:
أما الغزالن فلها شأ ٌن آخر :إنها أسطورة
و(سرّ) الصحراء! الرمال بل أيقونة الجمالِ ، تــص ـوّر الــروايــة الــغــزال وكــأنــه (مــواطــن
أصــلــي) مــوطــنــه الــصــحــراء ،وه ــو مرتبط
بموطنه أش ـ ّد االرتــبــاط ،ال يبغي به بدال، ومع ذلك يصادر اإلنسان حق هذا (المواطن
ف ـ ـ ــإمّ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـيـ ـ ــاة ت ـ ـ ـس ـ ـ ـ ّر ال ـ ـصـ ــديـ ــق ـات يـ ـغـ ـي ــظ ال ـ ـ ــعِ ـ ـ ــدا! وإمّ ـ ـ ـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ٌ ويضطره بالمطاردة والتقتيل إلى أن يتشرد األصــلــي) فــي العيش فــي موطنه األثــيــر،
وك ــذل ــك تــســري آلـــة الــتــشــخــيــص على فــي اآلف ــاق ،ويــمــوت مــن جــراء الــفــراق .إن حيوانات الصحراء كافة؛ كالسحالي واإلبل الغزال يبدو لنا هنا مخلوقا بريئا له قضية والماعز والــغــزالن ،فأما أمــة الماعز فهي عادلة سوف يحتكم بها إلى رب السماء .كان شعب يجنح إلــى خــرق قواعد النظام ،لذا األب كثيرا ما يردد( :هذا يحيرني ..لماذا فهي تحتاج إلــى ٍ راع حــازم متيقظ ،وتبدو على اإلنسان المجرم أن يطارد مالكاً كهذا ذكور الماعز في رغبة دائمة إلى إثارة الشغب ليقتله ويحشو به جوفه؟) ص .51 والــفــوضــى ،وتتنقل المعيز بين الصخور
وختاماً أقــول ،استطاع الكاتب أن يُعمِ ل
وكأنها فرقة من سالح المهندسين؛ تفتش آلة التشخيص في كل الرموز األخــرى في وتمشط الثنايا بحثًا عن األعشاب الخضراء الــروايــة ،مثل الشمس والسهول والصخور
النابتة بين ألسنة الصخور.
والــرمــال واألشــجــار ،فكل ذلــك يسبغ عليه
وأنا أزعم أن من يقرأ هذه الرواية سوف الكاتب بواسطة لغته االستعارية العالية ثوبا يتفهّم حقا رغبة الشاعر أحمد الصافي فضفاضا من الحياة والحركة واالنفعال. ً النجفي التي تغناها في قصيدته (راعــي ولعل هذا ما يشد القارئ الذي يعجب باللغة الــغــنــم) ،كما سيتفهم أيــضــا تلك الرغبة الشاعرية في السرد ،خاصة مع كاتب يفضل
القديمة الــتــي أبــداهــا ذات يــوم الشاعر االعتماد على تلوين النص بأطياف تتماهى الجاهلي أمرؤ القيس ،ألم يقل ذلك الملك بين الحقيقة والمجاز ،هذا وباهلل التوفيق
الضليل في مقطوعة تنسب إليه: * كاتب من السعودية.
62
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وهو المستعان في كل األحوال.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
البالغية الص َو ِر ِ ُ أنواع ُ في قصص طاهر الزارعي ■ جميل حمداوي*
المقدمة
تشتمل مجموعة (زبــد وثمة أقفال معلّقة) للمبدع السعودي طاهر الزارعي على مجموعة مــن الـصــور القصصية الـســرديــة ذات الطابع الـبــاغــي .وهـنــا ،لن نتوقف عن البالغة البيانية الكالسيكية التي تحوي صور المشابهة (التشبيه، واالستعارة) ،وصور المجاورة (المجاز المرسل ،والمجاز العقلي ،والكناية) ،بل ـوســعُ موضوعنا ليشمل ص ــورا بالغية أخ ــرى تستنبط مــن داخ ــل المجموعة نـ ِّ القصصية ،بمراعاة دالالت الموضوعات ،واإلنصات إلى جوانبها الشكلية ،ورصد وظائفها الفنية والجمالية والرؤيوية ،على النحو اآلتي: المطلب األول :صــــورة النقيضـــة تعتمد صــورة النقيضة ،أو صــورة الطباق ،على إيراد لفظتين متطابقتين أو متعاكستين أو متناقضتين إيجابًا
فنية جمالية داللية وحجاجية ،تقوم على
التطابق الذهني والفكري والجمالي. بمعنى أن الطباق صورة فكرية وذهنية
قائمة على منطق الحجاج واالستدالل والبرهنة .وتحضر هــذه الــصــورة في
وســلـ ًبــا .وقــد أدرج البالغيون العرب قصة (احتفاء على تخوم الحشرجة) الــقــدامــى الــطــبــاق ضمن المحسّ نات للكاتب السعودي طاهر الزارعي ،حينما البديعية ،ولكنه -في الحقيقة -صورة يشير إلى مربي الحمام داخــل السوق اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
63
األســبــوعــي ،وهــم يقارنون بين الحمامات القصصي السعودي بوصفها الصورة األكثر
الجميلة ذات القيمة الكبيرة ،وحمامات انتشارًا في الشعر العربي إلى جانب صورة منافسيهم الــتــي يصفونها بشتى العيوب االستعارة وصــورة التشخيص .ويعني هذا والعاهات والنقائص؛ محاولين إقناع زبائن أن الــســرد القصصي الــســعــودي مــا يــزال الــســوق بــجــودة بضاعتهم ،مــع ذكــر رداءة يتكئ على التصوير البالغي الشعري في ما
بضاعة منافسيهم:
يخص توظيف بالغة المشابهة .ومن أمثلة
« كنت أطعمها جيدا ،وأبلل ريشها بالماء ،ذلك صورة التشبيه لدى الطاهر الزارعي، بــل أح ــرص جــيــدا على تنظيف منقارها ،فهي تتأرجح بين أداة الكاف وأداة مثل:
وأختار منها األجــود :كالحمام الحساوي،
«نهضت مــن سفرة الطعام كالمفزوع،
والقالبي ،حتى أتمكن من بيعها بثمن جيد تتخبط قدماي بثوبي ،صعدت بخفة غزال في ســوق الخميس الــذي يمثل لي خروجا متجهًا نحو السطح ،رأيت حماماتي تتطاير
عن روتين القرية المم ّل حينما انطلق إليه في القفص الكبير والخوف يحتضن أعينها. صباحا ،حتى إذا ما وصلت هناك فسأجد تلك القطط الشاردة طالما تتلذذ بحمامة
المنافسة الكبيرة مع نخبة من مربي الحمام ،أو حمامتين كل أسبوع ،فقد كانت ترتكب يمتلئ بهم الــســوق ،كــل واحــد منهم يزعق خطيئة كبيرة بحق هذه الحمامات!»(.)٢ بصوته الــمــألــوف :الــزويــن عندنا والشين حولنا.)١(».
ترصد صــورة التشبيه في هذا المقطع
السردي حالة خوف السارد على حماماته
تؤشر صورة الطباق (الزين عندنا والشين الوديعة فــوق السطح ،وتصور أيضا مدى حولنا) على تناقض الــمــواقــف ،واختالف استعداده الكامل للدفاع عنها ،حينما يحدق
وجهات النظر ،وصــراع القيم التي تتحكم بها خطر القطط .وكــان دفــاع الــســارد هو فيها المصالح والمنافع واألهواء على حساب الردع والطرد ليس إال:
الحقيقة والمصداقية واليقين ،واختالف معيار التقويم من شخص إلى آخر إيجابًا وسلبًا .عالو ًة على سلبية صورة اآلخر في منظور األنــا ،في فــضــاءات القيم المادية
والكمية والتبادلية.
المطلب الثاني :صـــورة التشبيـــه
64
«أمي تقول لي :انتبه ال تموت القطط راح
تسكن في نارها .هذا التحذير جعلني خائفا جــدا ،وحينما أجــد القطط تعتلي السطح
لشن هــجــوم مباغت على الــحــمــام أكتفي
بردعها وطردها»(.)٣
وهكذا ،تحضر صورة الخوف من خالل
تستعمل صورة التشبيه بكثرة في السرد تجليات ص ــورة التشبيه ،لتبين لنا مدى اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
الوديعة التي كان يهتم بها فوق سطح المنزل حماماتي التي أرهقت نفسي في تربيتها،
اهتماما عاطفيًا كبيرًا ،تــدل على رحابة لكن يبقى هذا قدرها اللعين ،قدرها القادم
إنسانيته األخــاقــيــة ،وتــؤشــر أيـ ً ـضــا على نحو الموت والفناء.)٤(». مروءته العملية والسلوكية.
المطلب الثالث :الصـــورة األسطورية تنبني الــصــورة األســطــوريــة ،أو الصورة
الميثولوجية ،على التخريف واألســطــرة
والتخييل المجنّح في التجريد والطقوسية. ومن ثم ،تكشف كثيراً من القصص القصيرة
بالمملكة العربية السعودية ،وذلك من خالل
صورها الميتية الفكرية والتخييلية والعملية،
طبيعة الذهن اإلنساني العربي في التعامل مــع الــواقــع الــمــوضــوعــي ،وتكشف طريقة
تفسير األمــور وتحليلها ومعالجتها .لذا،
يتداخل الالهوت مع الميثولوجيا واألسطورة
هكذا ،يصبح طقس التضحية وإسالة
الدم من الظواهر األنتروبولوجية التي تعوَّد
عليها اإلنسان منذ القِ دَم في التعامل مع
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
إحــســاس الشخصية الرئيسة بحماماته خوفي واشمئزازي ،فكيف إذا كان يسيل من
ظواهرالطبيعة ،ومواجهة الكوارث واألمراض
واألوبئة .واآلتي ،أن هذه الطقوس أصبحت ظواهر اجتماعية وإنسانية وثقافية ،تعبر عــن مرحلة األســطــورة مــن جهة ،ومرحلة
الالهوت من جهة أخرى ،لينتقل اإلنسان - بعد ذلك -إلى مرحلة الوضعية القائمة على
العلم والعقل والتجربة.
المطلب الرابع :صــــورة االستعـــارة تستعين القصة القصيرة السعودية بصورة
والخرافة في التعامل مع الظواهر الحياتية االستعارة مثل القصيدة الشعرية؛ نظرًا لكون لــدى اإلنــســان الــســعــودي ،وخــاصــة البدوي االستعارة من أقــدم الصور البالغية التي منه .وهذا إن دل على شيء ،فإنما يدل على عرفها اإلنسان ،فقد ارتبطت هذه الصورة مدى تشبث اإلنسان بالتفكير الخرافي في باألسطورة والنزعة اإلحيائية في تجسيد
التفاعل مع كثير من أمور الحياة ،وخاصة الطبيعة أنسنة وإحياء وتشخيصا .ومن ثم، فيما يتعلق بمداواة األمراض ،كما يتبين ذلك تتخطى صــورة االستعارة عوالم الحقيقة جلياً في هذه الصورة الخرافية:
الكائنة إلى عوالم مجازية خيالية وافتراضية
«بعد أيــام تأتي إلــيّ أمــي تبشرني بأن قائمة على المشابهة ،والتقاط ترسبات
إحـ ــدى مــعــارفــهــا ق ــد طــلــبــت مــنــهــا ش ــراء الذاكرة والالشعور والتناص األنتروبولوجي.
حمامتين لتذبحهما على ابنتها التي تشتكي وقلما نجد كاتبًا قصصيًا ال يشغل صورة من آالم رأسها المتواصل ،وكنت أرضخ لهذا االستعارة ذات البعد االنزياحي والتضميني،
الطلب بصعوبة بالغة ،فمظهر الــدم يثير كما يظهر لنا ذلك واضحا في هذه الصور اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
65
االستعارية الموحية:
غريزة الرغبة ،ســواء أكــان ذلــك في عالم
«القرية هذا اليوم تنقش الفرح على كل الذكورة أم األنوثة: شبر فيها ،على ترابها وجدرانها ونخيلها، ٍ
«كلما أنظر إلى وجه أمي اختلس منها
وتسيل من فمي ضحكات كثيرة كنت أفتقدها دمعة هاربة من عينيها ،كانت أمي تحرص منذ مدة ،وعريس القرية صديق لي سأكافئه على أن أكون تاجرًا كبيرًا في سوق الحمام كما كافأت كل العرسان من قبله ،سأهدي حتى أمحو تلك الــصــورة التي الزمــت أبي له خمس حمامات وثالثة أكياس صغيرة من الرقاص ،فقد اشتهر بهذا اللقب بعدما كان الشعير ،وسأحرص كعادتي على أن أفرج يؤدي دور الرقص في زواجات القرية أثناء عن كل حماماتي في صباح زواجه ،وأطيرها تأدية العرضة ،ويكسب من ذلك رزقه ..لكن لتحتفل في السماء ،حتى إذا ما قرب المساء هذه التسمية الزمته وأوقعتني في حرج دائم. أفتح لها قفصها الكبير لتدخل مطمئنة تلملم كان أبي ماهرًا جدًا في أداء الرقصة مع ما تبقى من حريتها»(.)٥ طبول العرضة التي تسخن على نار هادئة، يبدو أن هذا المقطع السردي يعج بالصور رأيته بنفسي ،كان يربط عجيزته الممتلئة
المجازية ،وال سيما الصور االستعارية منها ،بالشماغ المتهالك ويتمايل بها ،وأحيانا مثل :تسيل من فمي ضحكات -لتحتفل في يهزها هزًا كبيرًا حتى إن الناظر إليها يخمن السماء -تلملم ما تبقى من حريتها .وتقوم بــأن تــيــارًا كهربائيًا التمس بتلك العجيزة كــل هــذه الــصــور على خاصية التشخيص ونفضها .وبقدر جمال الرقص ومدته يحصل والحركة والنزعة اإلحيائية اإلنسانية؛ بمعنى على رزقه من فئة الرياالت والعشرات التي أن الطبيعة بكل تجلياتها تشارك عريس غالبا ما يتم وضعها في فمه أو تتناثر عليه
القرية فرحته وسعادته العارمة.
المطلب الخامس :الصـــورة الشبقيـــة
من فوق. أصعد إلى سطح البيت مع بداية كل يوم،
تــحــمــل بــعــض الــمــقــاطــع الــســرديــة في وأقف هناك مثل فزاعة ال أتحرك ،أتذكر أبي القصة السعودية صورا شبقية تتأرجح بين وأجهش ببكاء يهتك هدوء الصباح ،وحينما
اإلثارة والشهوة واإليحاء بالعوالم الجنسية أصحو من هذه النوبة -نوبة البكاء-أتأمل
تخييال وممارسة ،كما يظهر ذلك جليًا في ذكور الحمام وهي تالحق إناثها حينما تقوم هذا المقطع السردي الــذي يغص بالصور بمزاحمتها وتنظيفها من بقايا ريش متسخ،
66
اإليروسية والشبقية التي توحي باشتداد وتشرع بعد ذلك تسفدها بهيجان كبير. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
الصور الشبقية التي تتضح بالغتها الجنسية يتهامسون فيما بينهم؛ وش يقصد بوتأشيرة من خالل هذه الملفوظات السردية التالية :من هالكالم»(.)٧ الــرقــص -يــهــزهــا ه ــزا -يــربــط عجيزته-
وهكذا ،تحيل هذه الصورة التناصية على
يهتك -ذكور الحمام تالحق إناثها -هيجان.
إشكال المفارقة بين القول والفعل .ويعني
المطلب السادس :الصورة التناصية
هذا أن ما يقوله الشيخ من كالم ونصائح
تعتمد الــصــورة التناصية على اإلحالة المرجعية ،والمعرفة الخلفية ،واستدعاء الــذاكــرة الواعية وغير الواعية ،في شكل ترسبات ثقافية ومعرفية من أجــل تطعيم النص السردي تعضيدًا وإسنادًا وتقوي ًة له، كما يبدو ذلك جليًا في هذه الصورة التناصية التي تسترجع قصة النبي أيوب عليه السالم، وقد استحضر المؤلف السارد هذه الصورة التناصية للتأشير على الصبر واالبتالء الذي قدّره اهلل على أيوب:
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
يتضمن هذا المقطع السردي مجموعة من رأسه وحوقل كثيرا ،أما بقية الحضور فكانوا
مــعــتــادة ح ــول ضــــرورة الــصــبــر واالبــتــاء يتناقض مع ما يفعله من سلوكيات ال يقوم بها الشيطان .أي :ليس هناك تطابق عملي وسلوكي بين الفعل والعمل الممارس واقعيا. إن البطل يدين تصرفات الشيوخ ويسخر منها مــا دام ــت ال تتناسب مــع نصائحهم وأقوالهم الدينية. المطلب السابع :الصورة الوصفية تــقــوم الــصــورة الــوصــفــيــة عــلــى تشغيل الــمــوصــوفــات النعتية والــحــالــيــة والــصــور
«بــدأ الشيخ بسرد قصة نبي اهلل أيوب المجازية لتتبع الموصوف خارجيًا أو داخليًا، إذ ســرد قصته وكيف أن اهلل ابتاله .لكنه وتتعدى الصورة الوصفية طابعها التزييني أو صبر على بلواه ،كانت عينا كل واحــد من التقبيحي إلــى طابعها الــداللــي والوظيفي المستمعين تتوجه إلى الشيخ كعيني بومة والحجاجي ،كما في هذه الصورة الوصفية حادة أثناء ذكره لقصة هذا النبي .وحينما االستهاللية التي ترصد لنا شخصية الخراز أراد هــذا الشيخ أن يختم حديثه بنصائح المشعوذ ال ــذي فشل فــي حــرفــة الــخــرازة معتادة قام «أبــو تأشيرة الخبل» كما يحب ليصبح طبيبًا شعبيًا يداوي النساء والرجال أن يطلق عليه أصدقاؤه األطفال ،ورفع ثوبه ،على حد ســواء من أجل كسب القوت ،إلى ووجه حديثه للشيخ :أقول القيامة قامت ..أن عجز عــن مـ ــداواة نفسه بــذلــك الطب قامت ..اتركوا الشيطان وعلم روحك القصة الذي مارسه وامتهنه عن جهل وغباوة وسوء مو تعلمنا» ذهل الشيخ من هذا الكالم ،فهز تصرف .ومن هنا ،يصف السارد شخصيته اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
67
بــاســتــعــمــال الــتــشــابــيــه والــنــعــوت والــصــور
وتتميز الــصــورة الوصفية باستخدام
التخييلية الدالة على غرابة هذه الشخصية النعوت (اليومية-الشاي المنعنع ،)-والصورة وفشلها في الحياة المهنية: « تناول وجبة إفطاره اليومية في المحل
التشبيهية (كالقطن يلتصق -ككرة تتدحرج- يصفه بالجني).
الذي يمتلكه لخرازة النعل وتعديل الشنط وتخييط المحفظات ،وغيرها .ارتشف عدة
خاتمة خــاصــة الــقــول؛ يتبين لــنــا ،مما سبق
رشــفــات مــن كــأس الــشــاي المنعنع بعد أن ذكــره ،أن المبدع والكاتب السعودي طاهر أضاف إليه المزيد من السكر ،ثمة زبادي الزارعي ،في مجموعته القصصية القصيرة
كالقطن يلتصق على شفته السفلى يثير (زبد وثمة أقفال معلقة) ،قد وظّف مجموعة ضحك الخراز الهندي الذي بجانبه ،فأصبح من الصور السردية ذات الطاقة البالغية، من شدة الضحك ككرة تتدحرج..أخذ خرقة مثل :الصورة الوصفية ،والصورة النقيضة، ومسح بها الزبادي المتبقي وهو يشتم ذاك والــصــورة التناصية ،والــصــورة الشبقية، العامل ويصفه بالجني لشدة سواده.)٨(».
وصورة االستعارة ،وصورة التشبيه ،والصورة
تنضح هــذه الــصــورة بــأوصــاف إنسانية االستعارية. حية ،وتزخر بنبضات اللقطة السينمائية
وثــمــة ص ــور بــاغــيــة وســرديــة أخــريــات
المتحركة .بمعنى أن هذه الصورة الوصفية لم نتوقف عندها لضيق المقام كالصورة لقطة سينمائية تتكئ على الحركة المعبّرة ،الــمــفــارقــة ،والــصــورة الــســاخــرة ،والــصــورة
وتحمل في طياتها دالالت نفسية وأخالقية الرمزية ،وصــورة التدرج ،وصــورة التقبيح، واجتماعية وإنسانية متميزة.
وصورة التزيين ،والصورة الحجاجية.
* كاتب من المغرب. ( )١طاهر الزارعي :زبد وثمة أقفال معلقة ،فراديس للنشر والتوزيع ،البحرين ،الطبعة األولى سنة 2010م، ص.11: ( )٢طاهر الزارعي :زبد وثمة أقفال معلقة ،ص.11: ( )٣طاهر الزارعي :نفسه ،ص.11: ( )٤طاهر الزارعي :نفسه ،ص.12-11: ( )٥طاهر الزارعي :نفسه ،ص.12: ( )٦طاهر الزارعي :نفسه ،ص.13-12 : ( )٧طاهر الزارعي :نفسه ،ص.66 : ( )٨طاهر الزارعي :نفسه ،ص.55 :
68
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ُ «ذروة الحياة» لـ «عيد الناصر» ٌ جولة في روايات خليجية وعربية وعالمية ■ زكريا العباد*
عن دار مسعى ..أصدر القاص والناقد عيد الناصر مؤخرً ا كتابه «ذروة الحياة.. قراءة في روايات عربية وعالمية مختلفة» ،يضم بين دفتيه خالصة خبرة الكاتب في استجالء عوالم الرواية وقضاياها واهتماماتها؛ ولكن الالفت في الكتاب هو محاولة الكاتب االرتفاع بمستوى القارئ العادي ،من خالل تقريب مفاهيم نقدية مبسط وسلس وممتع ،يعتمد أسلوب الحوار وفنية تتعلق بعالم الرواية ،بأسلوب ّ مــع ال ــذات مــن خــال ســؤال وج ــواب؛ ولكنه فــي اآلن ذاتــه أسـلــوب بعيد كــل البعد تلخص غني بالمعلومات والمعارف التي ّ عن السطحية والشكالنية؛ فالكتاب ٌّ خبرة الكاتب وتجربته ،وكــأن الناصر أراد من خــال هــذا األسـلــوب أن يستجوب ذاته ،ويستحثها على إبراز مكنوناتها المعرفية ،إضافة إلى الهدف األساس وهو تسهيل الوصول إلى القارئ الــذي يشكو كثيرً ا من تعالي عالم الثقافة وترفّ عها على لغة اإلنسان البسيط ،وعزلها نفسها في سياج من المصطلحات واألسماء واللغة المقعّ رة واالشتقاقات المعقّ دة. يحتوي الكتاب على عشر قراءات ما بعد طفرة النفط؛ وبعضها يتناول ومــنــاقــشــات لعشر رواي ـ ــات ،بعضها هموما عربية؛ أمــا الشق الثالث من يتناول قضايا وهموم إنسان الخليج المناقشات ..فقد تناول روايات عامية وتغيّراته االجتماعية والدينية في فترة تتسم برؤية فلسفية ،وكأن الكاتب قد اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
69
أراد بهذا التقسيم االرتــفــاع بالقارئ في
وفــي الجزء الثالث من الكتاب يقترب
ٍ تدرّج سلس وشي ٍّق من الحالة المحلية إلى الــنــاصــر م ــن ال ــط ــرح الــثــقــافــي الــنــقــدي الهموم اإلنسانية الفلسفية المشتركة ،التي النخبوي ،بعد أن درّب قارئه على قراءات تشكل «ذروة الحياة» وعمقها المشترك بين متنوعة ترفع من قدرته واستعداده لتلقي بني البشر حسبما يشي عنوان الكتاب.
أطــروحــة نــقــديــة ..تتناول أهمية الرؤية
تتحدث رواي ــات «دق الــطــبــول»« ،ســاق الفلسفية في البناء الــســردي ،وذلــك من البامبو» ،و «شارع العطايف» ،عن المآزق خالل ثالث روايات عالمية هي «المسخ»،
التي يعيشها اإلنسان العربي في الخليج و«خزي» ،و«نداء البراري» ،وهو مقولة يرى بعد طفرة النفط ،وما جلبته من تغيرات الكاتب أنها جديرة بالتأمل والحوار. في بنية المجتمع .وتأتي روايــة «ال تشته
وسأقتصر هنا على طرح نموذج مختصر
امرأة جارك» في ذات السياق ،فهي تسلط مــن ه ــذه األن ـ ــواع الــثــاثــة الــتــي تناولها ما أصــاب شخصية إنسانها من انشراخ .الكاتب ،والنموذج األول هو روايــة «شارع
أما رواية «زمبوه» ،فهي تتحدث عن نفس العطايف» للسعودي عبداهلل بخيت ،فهي األجواء ..إال أنها تقاربها بطريقة مختلفة .تتناول مرحلة تاريخية مهمة من الناحية وينفتح الكتاب على أفق أوسع ،وهو األفق االجتماعية في تاريخ المملكة ،وانطلقت العربي ..حيث خطورة األوضاع االجتماعية حبكة النص من العاصمة الرياض كمكان
والدينية في الوطن العربي كما في رواية ونقطة تجمع للشخصيات ،وص ــوال إلى «طيور الجنوب» ،وهي تشير إلى ما تحدثه البحرين والــعــراق فــي رح ــات محمومة الطائفية من شرور ودمار فردي وجماعي ،بحثًا عن بيوت بيع األجساد في شارع (أبي أما رواية «اليهودي الحالي» فهي تؤشر إلى صرة) أو (الكوواوله) ،أو بيوت المتعة في
أن الحياة المشتركة لشعب واحد دائما ما عبدان بإيران .الموت هو مفتتح الرواية في
تكون مهددة بالتمزق في أي لحظة لمجرد لحظة وفاة والدة البطلة في بيت متهالك. االختالف في المعتقد ،حتى وإن كانت هذه يصور النص حياة القاع في المجتمع من
الديانات سماوية« ،بل إن ما تحمله هذه طبقة العبيد التي تم عتقها ،والصراع بين الديانات من مقوالت متوارثة تصبح هي طبقات المجتمع على خلفية بــث الــروح األعلى من كل عالقة أخــرى ،وكأننا في الدينية ،وبداية األندية الرياضية ،والخمر،
70
األمم التاريخية نعيش نقيض المستقبل». اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وتربية الحمام ،والجنس بصور مختلفة.
البخيت عن روايته إذ يقول« :البسطاء فقط المولود معضلة ليس لها حل سوى حبيبين هم الذين ال يشاهدون في الرواية سوى شبيهين بفاطمة وسالم ،هما صبا اليهودية الجنس ..ألن خيالهم وإدراكهم الفلسفي وعلي المؤذن اللذين تزوجا وتركا قريتهما ال يأخذانهم ألبعد من ذلــك» ،وعليه يبني إلى صنعاء. الناصر رؤيته التي تقول بأن الجنس في أمــا الجزء الثالث من الــروايــات التي الرواية هو تعبير عن بعد فلسفي يبتني على
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ويــســتــشــهــد الــنــاصــر بــكــام ال ــروائ ــي اليهود مشكلة ألنها (كافرة) ،وصارت تربية
رؤية محددة ألسباب التحوالت والتغيرات تناولها الكتاب ،فنختار نموذجا لها رواية «المسخ» لفرانز كافكا ،إذ يفيق البطل من التاريخية في المجتمعات.
أمــا روايــة «اليهودي الحالي» للروائي نومه ليجد نفسه قد «انمسخ» إلى حشرة اليمني علي المقري ،فهي رواية أجيال ..لها مواصفات الــصــرصــار .بــاب الغرفة ويحكي الجزء األكبر والرئيس منها قصة مغلق ،يتأخر البطل عن العمل ،فيأتي كبير فــاطــمــة ،ابــنــة مفتي الــقــريــة الــتــي أحبت الموظفين في الشركة .يعرف القارئ قبح الصبي الــيــهــودي ســالــم ،الــذي كــان كثير البيروقراطية والتسلط الذي تمارسه هذه
التردد على منزل العائلة؛ ألنه كان يقضي الشركة على عمالها وحتى على عوائلهم حوائج منزلهم من الحطب وغيره ،أحبته بما في ذلــك هــذه العائلة الفقيرة ،بعد
فعلّمته الــقــراءة والكتابة باللغة العربية ،مــنــاورات ســرديــة وحــواريــة يفتح الباب، هذه الخطوة التي صــارت أشبه بالحرب فيهرب مسؤول الشركة بعد أن يــرى ما في حارة اليهود الذين قرروا إثرها تعليم حدث لموظفهم .يعالج هذا النص الذي أوالدهم القراءة والكتابة بالعبرية ،فتمكن تقع معظم أحداثه داخل غرفة صغيرة في سالم من تعلّم العبرية وتعليمها لفاطمة.. شقة ضيقة ..كيف يتغير اإلنسان فيتغير ليتحقق بذلك مشهد التبادل والتكامل الفكري بينهما ،تخطب فاطمة سالم بعد المكان ،وتتغير نظرة البشر المحيطين
بلوغه لنفسها ،ويتزوجان سرًا ،ويخرجان فيتحول الحب إلى كــره ،والشجاعة إلى من القرية إلى صنعاء ،توفيت فاطمة أثناء جبن ،والرأفة إلى قسوة ،هذه الصورة التي ال ــوالدة فصارت قضية دفنها في مقابر يطلق عليها النقاد «الواقعية السوداوية». * كاتب من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
71
ُ جماليات التوظيف االستعاري «في شعر جاسم الصحيح» ■ سعيد سهمي*
كانت االستعارة وما تزال أداة الشاعر للتعبير الصادق عن مشاعره وعن رؤيته للعالم والوجود؛ فاالستعارة هي القناة اللغوية التي يقرّب بها الشاعر المعنى من المتلقي ،فتقوم بوظيفة التوصيل والتبليغ ،وفي الوقت نفسه اآللية التي ينزاح بها عن الواقعي ..لينقلنا إلى عوالم الخيال في أوسع نطاقاته ،فتكون وظيفتها من جانب آخر ،فنيّة جمالية. لقد رأى القدماء أن الشاعر ال يكون قويًا (أو فحالً) إال إذا أحسن استعمال االستعارة وتوظيفها في المقامات المناسبة توظيفً ا جيدً ا ،وذلك ما دفع اآلمدي مثال ،إلى عدِّ ها أحد أركان عمود الشعر« :أن تكون االستعارات والتمثيالت الئقة بما استعيرت له وغير منافرة لمعناه» ،كما أن المرزوقي أكد في تحديده لعمود الشعر على ضرورة «مناسبة المستعار منه والمستعار له». ورغم أن الشعر الحديث قد حاول تجاوز النمطي في التصوير البالغي، م ــن خــــال مــحــاولــتــه االب ــت ــع ــاد عن االســتــعــارة التقليدية ،واالنــتــقــال إلى صور جديدة تنسج مقوماتها من ثقافة الشاعر المشحوذة بــالــتــراث والفكر والفلسفة والتاريخ واألسطورة ،فصارت القصيدة كلها صورة شعرية معبرة تقوم
72
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
على أسس أسطورية وإحــاالت رمزية، وعلى شعرية االنزياح واإليحاء ،إال إن الشاعر لم يستطع الفكاك من االستعارة كــأداة فنية ،بل إنه استطاع أن يرتقي بها لتخدم المعاني الجديدة ،فنقلها من عالم القرية والصحراء إلى عالم اإلنسان الذي صار محور االشتغال في األدب المعاصر.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ويمكن اعتبار الشاعر السعودي جاسم الصحيح واحدًا من الشعراء الذين اتخذوا االستعارة وسيلتهم للتعبير المجازي عن الحياة وهو يمتطي متن اللغة ،وما تتيحه من إمكانات بالغي ٍّة ال حصر لها ،ليدافع عن القيم النبيلة في مجتمعه وفي األمة العربية من قبيل الحب والحرية والحياة والموت. أوال :االستعارة المكنية والتعدد الداللي تطغى في الشعر عامة االستعارة المكنية التي يتم فيها حذف المستعار منه ،بوصفها أبلغ في التعبير من االستعارة التصريحية. وإذا كــانــت االســتــعــارة فــي الشعر القديم تقوم على بيئة صحراوية تتخلق مما يلمسه الــشــاعــر فــي مــا يحيط بــه ،فــإن الشاعر الحديث سيعمد إلى تطويع االستعارة لخدمة المعاني الجديدة؛ وفي هذا الصدد سنجد الشاعر جاسم يميل أكثر إلى االستعارات المكنية ،وذلك ما نلحظه في جُ ِّل قصائده، وقد وظفها توظيفا سمح بتنويع الــدالالت من خالل الوقوف على ثيمات متعددة نذكر بعضها. ثيمة القلق يطغى القلق على قصائد كثيرة من شعر جاسم ،وهــو ناتج عن تأثره بما حوله من قالقل تعيشها األمــة العربية واإلسالمية، مما يرقى به إلى المثقف العضوي المنخرط في االجتماعي والمعيش ،ومن ذلك قوله في قصيدة «في حضرة السيد الوجع»:
ذوق.. هَ لْ (وصلتَ ) فلم يعدْ للن ُْط ِق ٌ
الشاعر جاسم الصحيح
أ ْم ملكتَ أ َِع ّن َة الرؤياَ الصمت.. ِ فض َيّقتَ العبار َة ح ّ َد هذا ـوك ـرض الـ ـت ــي ت ـك ـسـ َ فـ ــاحَ ـ ـ ْـت ُجـ ـ ـ ّ َب ـ ــةُ ال ـ ـمـ ـ ِ باالشعارِ وارتبك الشذَى: َ ـرض ال ـش ـع ــراءُ إال ح ـيــن تـبـتــدئُ ه ــلْ ي ـم ـ ُ القصيدةُ.. الصفات ِ فالقصيد ُة ِع َلّةٌ خضراءُ ..فاقعةُ ـص ـرَتْ شرايينَ الـحــروف وعَ ـ ّ َذ َب ـ ْـت مُ هَجَ عَ ـ َ اللغات ِ ففي هــذه القصيدة تحضر االستعارة المكنية بكثافة ،كما نلحظ فــي عــبــارات: «للنطق ذوق ،أم ملكت أعنة الــرؤيــا ،جبة المرض ،شرايين الحروف ،مهج اللغات»، فقد أسهمت االســتــعــارة هنا فــي التعبير عن ألــم الشاعر من خــال تصوير معاناة القصيدة ،وهو ما جعل الصفات المستعارة تنتقل من عالم الشاعر لترتديها القصيدة التي صارت بدورها تحس وتتألم وتعاني. هذه المعاني نجدها أيضا في قصيدته «جــرح مفتوح على نهر الكالم» ،إذ تحضر اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
73
االستعارة المكنية للتعبير عن معنى القلق المساء؟
منذ المطلع:
إلى قوله:
ب ـم ـل ـع ـق ــة م ـ ــن الـ ـقـ ـل ــق ال ـم ـح ـل ــى تلد البنفسج فــوق قــارعــة الفناء أح ـ ـ ــرك فـ ــي دمـ ـ ــي ض ـ ـجـ ــرً ا مُ ـ ِـم ــا ع ـ ـمـ ــر الـ ـبـ ـنـ ـفـ ـس ــج س ـ ــاع ـ ــة زرقـ ـ ـ ــاء
فنلمس منذ مطلعها استعارة مكنية «القلق إذ نلحظ االستعارة في عبارات «المساء المحلى» مشبها القلق بسائل تتم تحليته، بال مآزر»« ،الفتنة السمراء»« ،تلد البنفسج»، قبل أن يحذف المشبه به ويبقي القرينة «قارعة الفناء»؛ وفي قصيدة «آخر مقامات «المحلى» على سبيل االستعارة المكنية، العشق» يقترب الشاعر إلى المعنى الغزلي ومنه كذلك قوله ،وفيها يقول: التقليدي ،وتأتي االستعارة لخدمة المعنى ولـ ـ ـ ــي أمـ ـ ـ ـ ــلٌ ت ـ ــول ـ ــى ح ـ ـكـ ــم ق ـل ـبــي كما نلحظ في مطلع القصيدة:
ف ـ ــرح ـ ـ ُـت ُأ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوّج األمـ ـ ـ ــل الـ ـم ــول ــى
لغتي سفرجلة تفوح بأبجديات الغرام إذ يــشـ ّبــه األمـــل بملك يــتــوج ،ليحذف وأنا وأنت غوايتان سخيّتان المشبه بــه (المستعار مــنــه) ويبقي على فما اكتفى الشوق الحالل من الهوى القرينة «أتوج». إال هفا الشوق الحرام ثيمة الحب هل يُ عرف الشوق الحالل من الحرام؟ على أن الحب يشكل إحدى الموضوعات فتتجسد االستعارة المكنية واضحة في الــبــارزة فــي شعر جاسم رغــم القلق الــذي عبارات «غوايتان سخيتان»« ،اكتفى الشوق يسيطر على بعض قصائده ،ويشكل هذا من الهوى». الــحــب رهــا ًنــا تبحث عنه القصيدة بغية ثيمة الموت تحقيق األمن والسالم؛ إذ يشتغل على هذه الموضوعة بالطريقة نفسها التي نجدها في يحضر الموت في مواقف محددة ليبرز الشعر الصوفي ،ويمكن االستدالل على ذلك الوجه اآلخــر الــذي يقابل األمــل والحياة، بقصيدته «شهيق الالزورد» التي يقول فيها :وتحتفي قصيدته ومرثيته «موسيقى مؤجلة» بهذه الثيمة منذ المطلع:
من غابة التفاح خلف الغيب ينحدر المساء بال مآزر ال ــري ــح ت ـن ــأى عـ ــزاء أي ـه ــا الـقـصــب صارخا بالعري لن نسمع الناي بعد اليوم ينتحب حيث العري شاعر نفسه.. ويقول في آخرها: والفتنة السمراء ترسم في المدى شكل ال ـيــوم أمـسـكــت بــالـمـعـنــى وطــائــره النساء؟ ماذا لو القمر انتشى بالحسن في جسد وانطش فوق يديك الريش والزغب ّ 74
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
المعاني المجردة أو الكائنات الجامدة، كـفــاك فــي الـمــوت ســرٌّ أنــت كاشفه فاهنأ بكشفك واستمتع بما يهب من ذلك ما نجده في قصيدته «جائع يأكل أسنانه» ،إذ يصور هول الحياة وقد انتهى هنا يصور فجيعته من خالل االستعارة الربيع وأشرف العمر على نهايته: المكنية «الريح تنأى عزاء»« ،الناي ينتحب»؛ الش ِّك وفي قصيدته «زيارة إلى شعور هرم» يحضر أقلم أسئلة َّ الموت في تأمل نهاية الجسد وسفر العمر قبل تصلُّب أظفارها في دمائي كأني في مشهد البدءِ نحو نهايته ،يقول:
مــا أكـثــر مــا توجعني األفـ ــراح فــي العمر وحشية روضتها الفنون لقد كنت أحمل جرحي إلى عيد ميالده المعاق األلف. دت كي أبحث عما مات مني عُ ُ مرعبة ٍ إنسانية ٍ صفات ٍ فشاعرنا يستعير واألســاط ـيــر ال ـتــي خلّفتها ت ــذرع أط ــوال الرواق يخلعها عــلــى األفــكــار الــمــجــردة ،فيجعل عدت يا (دار).. لألسئلة أظفارًا وللجرح احتفاالً وعيدًا ،كما لعلي ألتقي فيك شعورا هرما يخلع على أعضائه صفات الوحشية ،ويقلب قد فر من قلبي وناداني :اللحاق المفاهيم فيغدو اآلكل مأكوال:
فتتجسد االستعارة معبّرة عن هذه الرحلة فمي اآلن يأكل آخر أسنانه! نحو الفناء في عــبــارات« :العمر المعاق» ،غارقا في خضم السكون.
«شعورًا هرما». ويظل البعد اإلنساني حاضرًا بقوةٍ في شعر جــاســم ،مــن خــال التشخيص الــذي ثانيا :التوظيف االستعاري وبالغة يخلعه على الجمادات والــمــجــردات ،ومنه التشخيص ما جاء في قصيدته «غواية في المحطة»، استطاع الشاعر أن يبني استعاراته على يقول: أنساق متعددة تتخلق من رحم المعاني التي تستنضجُ العابرين على لهب ِ يصبو إليها ،وفي هذا الصدد كان التوظيف والمحطة االستعاري متعددًا بتعدد المواقف التي تتبأر االنتظار حول رؤيا تجعل اإلنسان أبرز اهتماماتها ،وتطعمهم للقطار وك ــان مــن نتائج ذلــك توظيف التشخيص وثمة فوضى تمارس مهنتها بامتياز قبالة نافذة للتذاكر مخنوقة بالشجار بشكل الفت في جُ ِّل قصائد الشاعر. نسجل توظيفًا قويًا للتشخيص من خالل ويأتي التشخيص حين يستعير الشاعر صفات إنسانية أو جسد اإلنسان ،لتشكيل استعارة صفات اإلنسان في كل المعاني، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
75
طــالــمــا أن «االنــتــظــار ،اإلط ــع ــام ،ممارسة يتمظهر التشخيص كذلك في تأملنا لهذه المهنة ،الخنق» تحيلنا على اإلنسان ،وكأن األسطر: الشاعر يرى في اإلنسان المسؤول األول عن فجأة هطلت عليك الريح كل تحوالت الطبيعة وأفعالها وحركاتها. ولم يسعف الشاعر غير التشخيص في تصوير فجيعته بعد رحيل صديقه محمد الــثــبــيــتــي ،الـــذي رثـــاه بقصيدة لــه بعنوان «مــوســيــقــى مــؤجــلــة» ،وه ــي مــن القصائد العمودية التي احتفت باالستعارة وخاصة التشخيص ،منذ مطلعها:
وارتطم الهواء بجبهة القنديل.. فاندلع الظالم على الزجاجة وانزوى عنق الفتيلة فوق أكتاف الجهات ودخلت في غيبوبة الضوء الطويلة مثل خاطرة معلقة بأهداب الحياة
تلعب الصورة الشعرية ،فضال عن البعد الجمالي ،وظيفة أخــرى تتمثل فــي أنسنة ال ــري ــح ت ـن ــأى عـ ــزاء أي ـه ــا الـقـصــب األشــيــاء عبر التشخيص ..وذلــك جليٌّ في لن نسمع الناي بعد اليوم ينتحب العبارات (جبهة القنديل ،عنق الفتيلة ،أكتاف فيصور الشاعر أنين الكائنات وألمها الجهات ،غيبوبة الــضــوء ،أه ــداب الحياة) تضخيما للمصاب الجلل :فالريح تعزي ،وكلها اســتــعــارات صفات إنسانية للمجرد والناي ينتحب ،ويضيف في المقطع نفسه: والــمــحــســوس ،ووظــفــت التشخيص الــذي أضفى الحياة على المستعار له. أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداره كـ ـلـ ـم ــا زلـ ـ ـ ــت س ــال ـم ـه ــا
في األفق تسندها الغيمات والسحب
يــقــوم الــتــشــخــيــص هــنــا بوظيفة التوصيل من خالل المبالغة الداللية في قلب عناصر المشخّ ص ،حيث تزل الساللم عوض اإلنسان الذي يصعدها ،وفي عبارة «تسندها الغيمات والسحب» نسجل تعبيرًا مجازيًا آخر قام على التشخيص ،طالما أن الذي يسند هو اإلنسان ال الغيمات. وفي «حضرة السيد الوجع» ،نجد الشاعر منذ العنوان يعمد إلى االستعارة التي يزيّنها التشخيص ،فهو يخلع على الــوجــع صفة اإلنسان من خالل القرينة «في حضرة» ،كما * كاتب من المغرب.
76
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
هكذا ،تتضح وظيفة االستعارة في رسم جمالية الــقــصــيــدة الــحــديــثــة ،ودورهــــا في التوصيل وفي تجديد المعاني كذلك ،وهكذا أيضا تظهر قــدرة الشاعر جاسم الصحيح على استنطاق االستعارة ،كأسلوب بالغي تقليدي ،لخدمة المعاني الجديدة؛ ما يحيل على قدرتها على أن تبث الحياة في األشياء والمجردات ،وقد أحسن الشاعر استخدامها لتقريب المعاني التي طرقها ،وللتعبير عن مختلف الموضوعات التي تناولها ،فجمعت االســتــعــارة عنده بين الوظيفتين الجمالية والداللية.
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــص قـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرة
ُ حفل استقبال ■ مرمي احلسن*
وســاوس كثيرة تنتاب أم قاسم في مشوار حياتها الصعب ،بعد أن تقدّ م بها العمر ،وصارت األدوية رفيقة لها بعد وفاة زوجها ،الذي فارق الحياة وتركها تعاني المرض والفقد ،ومخاوف تعاودها كل حين ،تشعر أنها غير قادرة على تخيّل أن يداهمها الموت هكذا ،بال استعداد! كانت مطمئنة إلى تناول العالج المستمر ،وكان عالج وحدتها صعب المنال. كثير من المرات يرهقها الموضوع لديها ابنتان متزوجتان تسكنان بعيدا عنها ،ويسكن بالقرب منها حبيب القلب وتشعر باإلعياء يسيطر على جسدها ابنها قاسم ومعه أسرته. ويصل الى أعماق روحها. وجمل ٍ بعبارات متعثرة على لسانها، في هذه اللحظات تنتزع نفسها من مفككة تتردد في توصيل قلقها إليه. الشعور بالموت ومفارقة الحياة. في بحثها عن السلوى تحب أن تقرأ وتشاهد األفالم ،وتمضي وقتها بمتعة، لكنها تفشل كلما حاولت إخفاء هوسها وخوفها من الوحدة. ما إن تلتقط أخبار الوفاة من هنا أو هناك ،ال تتمالك نفسها وترتمي منهارة على كرسيها ،وتغرق في دموعها ،وحين تنجلي عنها عاصفة الحزن واألســى، تجلس وحيدة في غرفتها ،وال ترغب أن يتحدث إليها أحد.
مع الــوســاوس المستبدة ..ابتعدت عــن ســعــادةٍ كــان يمكن لها أن تحصل قدر منها ..بإمكانها أن ترى الراحة على ٍ واالطمئنان ،وتراقب سنيّ عمرها اليانعة كشجرة عامرة تهتز طربا ،وتشعر بحياة جديدة ،يحصل ذلك عندما يفسح لها ابنها قاسم مساحة واسعة بين أسرته في شقته التي يقطنها قريبا من منزلها. يدعوها إلى مشاهدة فيلم مشارك ًة مع زوجته وطفليه. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
77
تشعر باإلجهاد من أثر االنتظار ،يلفحها تستقبلها المرأة بمشاعر تكشف عن مدى االحتفاء بها ،تحيل أجواء المنزل إلى أنفاس برد النافذة وترتجف. معطرة منعشة برائحة الالفندر من خالل نوم عميق، وتغط في ٍ ّ تتدثر في سريرها شموعها المفضلة ،وأنغام الموسيقى تترنم وال يــزال قلبها مــتــأثـرًا بشهقات صدرها حولهم .تصافح أذنيها كلمات لطيفة من الخائفة. زوجة ابنها فتسعدها. ***
بينما تشرح صــدرهــا كلمات حفيديها كبتت حزنها في الليلة الثانية من غياب بلثغتهما المحببة ،تتوالى زقزقة عصافير قاسم بقوة إرادة منها ،متأملة ظهوره في أي الحب من حولهما. كل تلك الحركة تعطيها شعورًا باالنشراح ،لحظة ..وفي عينيها نظرات قاتمة تحمل ه ّم القلق والوحدة المميتة. وأمل في الحياة بعمر متجدد. ً
تحدق مــن خــال الــنــافــذة بــعــيـدًا ،تركز لكن غياب ابنها يطول ،وتمضي الليالي واحد باهتمام ،ترى من ٍ نظراتها في اتجاه رتيبة ما بين محادثة ابنتيها والقراءة. بعيد قاسم متجها نحو منزلها. الليلة كــانــت تفكر فــي تــلــك الطقوس هناك شيء ما يحمله إليها ،تنتظره بفرح: المحببة إلــى قلبها بشكل ملح ،ترغب لو يتصل بها قاسم اآلن ليدعوها إليها من «ما هو هذا الشيء يا ترى؟» جــديــد ،وتتخلص مــن هــذا السكون الــذي ل ــم تــكــن تـــــدري ،بــلــغــت مــنــهــا الــحــيــرة ا مــا استطاع يسيطر على المكان ،وهذا الشعور بالسماء والغموض وهــو يدخل حــامـ ً الملبدة بالغيوم الــســوداء المتراكمة ككتلة حمله ،لدرجة أنها بحماسة أخذت تساعده سواد في قلبها الحزين ،تثير هذه األجواء على تمزيق الكراتين لتخرج منه القطع كآبتها أكــثــر ،وتذكرها بحزن فــي زمــن ما الكبيرة والصغيرة. مضى. ال يمكن وصف شعورها في هذه اللحظة، تسند رأســهــا إل ــى الــخــلــف عــلــى درفــة زحف هائل من الصدمات انهال مع زخات ٌ النافذة المفتوحة بهدوء ،ودونما أي حركة المطر التي انهمرت إزاء دخوله المنزل، كأنها تصيخ السمع إلى شهقات قريبة منها ،واشتدت وهــو يتحدث إليها« :يمه ،أنــا ما وأنفاس اعتادت أن تسمعها ،أحست بتلك بغيت أتعبك كل يوم تجين شقتي وتشاهدين الشهقة تخرج مــن صــدرهــا وتمأل حلقها األفـــــــام ،جــبــت لـــك كـــل شـــــيء ،مشغل بجفاء. االســطــوانــات ،وتلفزيون حــديــث ،وعشرة احتجت راح أزودك ِ تهتز مرتهبة من شعورها ،يختلج قلبها أفــام جــديــدة ،وكلما وتهمهم« :ما بال ابني تأخر؟» بالجديد!.. * قاصة من السعودية.
78
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
■ فهد املصبح*
حدثني صديق شغف بــاألنـثــى ..جــلّ حديثه عنها ،وهــاجــس الجسد يحتل مخيلته.. أطلقنا عليه ألقابًا كثيرة ،من بينها الطيب والبسيط وأحيانا الغبي ،والحق أنه يتقبل كل ذلك وال يعترض؛ فنحار أمام نظراته البريئة ،وننخرط معه في وجدانياته ،وهو يؤكد أنه لم يجد بغيته عند امرأة ليتزوجها .كنا نستمع إليه بولهٍ يسيل اللعاب ..ذات مرة انتحى بي جانبًا ليخبرني بحادثة ،ال أدري حتى هذه اللحظة لِ َم اختارني لها ،فبعد أن اطمأن إلى انفرادنا قال:
ســوف أســرد عليك حادثة وقعت لي مع فرحب بال تــردد ..كــان وقتها يتلقى وليده المرأة. األول ،وزوجته في بيت أهلها ..كان فرحً ا بي ،وهو يزف إليّ بشرى قدوم مولوده األول، ففتحت أذني له: فقررت أن نبدأ برؤية الصغير. في السبعينيات مع بداية تفتحنا على حملتنا سيارة أجرة إلى الزقازيق ..باركت األسـ ــفـ ــار ،ســألــت الــعــارفــيــن ع ــن مــوطــن الجمال ،فقالوا عليك بالخارج ..وقتها كنت للمدام ،ودسست في لفافة الصغير مبلغًا من أنــوي الــذهــاب إلــى لبنان ،غير أن ظــروف المال كما هي عادتنا في اإلحساء ،وقبل أن الحرب حالت دون ذلك ،فوصفوا لي أرض يحمل الطفل من حجري كنت محموالً على الكنانة ،فشددت العزم إلى قاهرة األحباب أكــف الــراحــة من أهــل ال ــدار ،ثم عدنا إلى واألعداء على حد سواء ..تزودت بكل شيء ،القاهرة ،وأنا أتلمظ شوقًا لشوارع القاهرة، وقد دلني األصدقاء على شخص سيحقق حيث البشر والــبــاعــة والــنــســاء المتأنقات لي كل مطالبي ،وقــد سبقتني إليه رسالة بمالبس تفضح أجسادهن ،وتريح الناظر توصية منهم ..وصلت المطار وكان هو في إليها .الحظ صاحبي ما أنا عليه ونظراتي استقبالي ..كنت وقتها أحمل معي كل شيء التي تثقب مالبسهن ،فأخذني إلــى شارع حتى جوعي للجمال ،وبدأت لقاءه بسخائي عدلي وشــواربــي ،وأنــا اشترى الهدايا ،ثم المعهود مشترطً ا ومذكرًا على ما ورد في فاجأني بترتيب حفلة (بارتي) على شرفي خطاب األصدقاء أن يلبي لي ما أطلبه ،ويدع في شقته ..اتفق مع أصدقائه أن تكون حفلة كألف ليلة. ما ال أطلبه فاتفقنا. بعد العشاء اكتمل حضورنا في حفلة لم كان الحذر يتلبسه من نظراتي المتلصصة والغريبة ،لم أتمكن من الصمود طويالً ،حيث أشهد مثلها حتى في أفالم السينما ..كانت كانت األنثى نقطة ضعفي ..والجمال سر التصرفات حــذرة تجاهي ،فما أريــده يكون سخائي ،فطاشت يــدي بــذالً .لم يشأ ذلك حاالً ،وافتتحت الحفل مقررًا أن نبدأ بتقديم الصديق أن يتركني نهبًا لمن هب ودب ،فقرر الــهــدايــا ،أخــرجــت مــا عــنــدي ووزعــتــه على بأريحية أن يضعني في عينيه بدءاً بالسكن الحضور حسب الموقف ،ثم تواصلت فقرات معه ،فوافقت على أن أدفــع أجــرة سكني ،الحفل من رقــص وغناء ونــكــات ..وتناولنا
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــص قـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرة
البــــرهــــــــان ُ
79
المسبك والمشبك ،وشربنا العصائر ..كنت في كامل وعيي ألنني اشترطت أن ال يدار المسكر في الحفل ،وما عداه فهم فيه أحرار، ونفذت رغبتي ،وبدأت فقرات (التقشيط)، ريال ،وأنا حقًا دفعت أكثر من عشرة آالف ٍ سعيد ،حتى ثمل الحضور من كرمي في حفل انقضى ربعه ،وبقيت فيه فقرات ،وحركات بدأت تبدر ،بانتظار إشارة البداية من يدي السخية ،وفجأة قطع علينا أحدهم الحديث، وأدار األنظار إليه وهو يقول:
ده بيؤول عاوز ماما. نعم كنت وقتها أريد أمي ،بعد ما سمعت العرافة تقطع بالقول أنني سافرت من غير رضاها ،فذكرتني بها ..وأخذت أبكي.
بعضهم أعاد إليّ نقودي والهدايا الغالية، بزعم أنني أبكي عليها دون فائدة ،وكان في الحفل سمسار قرر بثقة إيصالي إلى أمي، قمت معه إلى سيارته في حركة منه لعلّي هناك فقرة خاصة لضيفنا العزيز له أعاني عقدة نفسية تجاه األم ،وبالفعل صرنا وح ــده؛ إن أراده ــا بقربنا ،أو أراده ــا على في طريق المطار ،وهو يقول: انفراد منعًا للحرج. حاالً تركب الطائرة وتعود إلى أمك. قائل: تساءل الحضور عنها ،ومع من؟ فرد ً كنت أحمل معي جواز سفري ،وبالمصادفة
مع امرأة تنتظر. توفرت لي رحلة على وشــك اإلق ــاع ،قلت ثــم نــادى عليها ،فحضرت ام ــرأة كأنها للرجل: تلوك شيئاً ..تنظر في الوجوه نظرات خارقة، سوف أذهب فماذا تطلب مني إزاء هذه تعدت الخمسين على ما أظن ،تقدمت مني الخدمة؟ والرجل يقول: فردّ: اآلن يا ضيفنا تعرف شيئًا عن مستقبلك، فــهــذه أشــهــر عــرافــة فــي الــبــلــد ،وستقوم سالمتك بالواجب وأكثر. ألححت عليه فقال: أداروا شريطً ا غنى فيه عبدالحليم حافظ قارئة الفنجان ،وحام الرقص من حولي ،وهي عقد عمل تحضر به إلينا في زيارة أخرى. تقعد أمامي ،قرأت كفي ،ونثرت أحجارها قبلته وودعته ،وما هي إال ساعتين ونصف أمامي ،وأنا أتابع مشدودًا إليها ،كان كالمها مجرد تعميمات عن الحياة والمستقبل ،لم إال وأنا في مطار الظهران الدولي ،أخذت تحرك فيَّ ساكنًا ،حتى خرجت منها كلمة سيارتي إلى المنزل ،وهناك شاهدتها تجلس طعنت فــؤادي ،فانخرطت في بكاء لذيذ لم كما وعدت بعباءتها حتى أعود ..قبلت رأسها، أرد أن أوقفه ،وعال صوتي. ال سهرتي البكائية وارتميت في حضنها مكم ً اقترب الحاضرون مني دون أن أكف عن تحت أقدامها ،وهي تمسح على رأسي ،وتتلو البكاء ،أحسست أن دموعي تغسلني ،أطفئوا المعوذات ،حتى أخذني نوم عميق وهادئ، المسجل ،وانعفس الحفل ،وتكدرت الوجوه ،رأيت فيه وجهًا مشرقاً يقول لي: أخذتني إحــداهــن بين ذراعــيــهــا البضين، هــذا وقــد رأيــت بــرهــان أمــك ،فكيف لو والذت بي على جنب ،ثم تركتني بعدما تفاقم رأيت برهان ربك؟ بكائي ،سألوها ماذا أريد فردت: * قاص من السعودية.
80
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــص قـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرة
الزفاف ليلة ِ نوم في ِ ٌ ■ محمد الرياني*
جميلةٌ ؛ بل فاتنة ،لو وضعت الحنا َء على كفيها ..لرأيتَ أجمل كفين ،يصف ّر ثم يحم ّر لون الحناء حتى يقترب من السواد ،يتألق مع لون كفيها ،تزين مع كفيها كل األلوان، جميلةٌ ..تنام وعيناها إلــى أعلى ،لون الحناء ،اقترب الليل ،جاءها العتاب والشعر يتدلى للناظرين ،نامتْ في ليلة عن عدم الحضور ،مدّت يديها ليراها الزفاف ،ليست ليلة الزفاف لها ،هي الــداعــون ،عرفوا سبب تخلفها ،كتبوا مدعوة وال تزين الليالي إال بها؛ ليالي براءتها ،أشاعوا بين الناس أن هناك الزفاف ،نامت والحناء على يديها ،تريده ليلة أخــرى ،أعــادوا ليلة الفرح ،كانت أن يَيْبس ،يتألق ،تريد أن تكون كفاها ليلة فاتنة ،تسامع الناس ،تكاثروا أكثر أجمل كفين في ليل الفرح ..ولكن للنوم من الليلة الحقيقية ،كل الحاضرات رأيًا آخر ،نامت ولم يحركها أحد ،غابت أدهشهن الجمال ،كان لون الحناء في عن ليل الفرح ،كانت ليلة فر ٍَح ناقصة، استيقظت صباحً ا على تفاصيل الفرح ،غاية الجمال ،وكانت الساحرة النائمة على أحاديث الساهرات ،كاد القهر أن في غاية الجمال .غادر الليل ،أشرقت يقتلها من الداخل ،نظرت في كفيها ،لم الشمس والساهرات يتحدثن عن الليلة تلمس شيئا ذلك اليوم ،لم تأكل بيدها ،الثانية وعن الفاتنة التي نامت لتجعل وضعت حول كفيها غطاءين كي يبقى من ليلة الزفاف ليلة ثانية. * قاص من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
81
فوبيا الجغرافيا ■ أحمد طوسون*
تالشت المسافة ما بين الواقع والخيال حين توقف الباص الذي حملني من المطار وأشــار المرافق لي بالنزول ،ورأيتني أقف أمــام واجهة منزل يشبه كثيرً ا المنزل الذي اخترته سكنا لبطل قصتي. كان مرافقي عربيًا لكنني بالكاد كنت أستطيع التقاط بعض الكلمات من بين شفتيه اللتين اعتادتا المزج ما بين أكثر من لغة. مسحت بقايا ابتسامة علقت بوجهي حين وجدتني أمــام المنزل ذات ــه ،ولم يصطحبني إلى أحد فنادق البلدة كما اعتدت في إقامتي القصيرة بالبالد التي زرتها ،وقلت ردًا على سؤال ظننته سأله :ال شيء! سبقني إلى باب المنزل وفتحه بينما حملت حقيبتي ولحقت به ..كان يثرثر بكلمات كثيرة وهو يتجول بي في أرجاء المنزل. استوقفته وقلت: أال تجيد العربية؟
82
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
نظر إليّ باستنكار وقال: قليال.. كنت أعــرف أن مرافق بطل قصتي كــان حانقًا عليه حين سأله السؤال ذاتــه ،فهو ســؤال يشعر معه بالمهانة والتشكيك فــي هويته العربية ،رغم
بقوا في بالدهم فلهجاتهم المحلية خليطٌ
برأسي صورة الفتيات الشقراوات ،فأصابني
األولى الفرنسية خاصة بالنسبة للمتعلمين الــبــاص الــذي سيأتيني ،فكرت أن أرتــدي الذين سافروا مبكرًا إلــى أورب ــا ..أمــا من مالبسي وأخرج ألتعرف على المكان ،طافت من لغات القبائل والمستعمرين والفاتحين خدر ،وتحمست للفكرة رغم فوبيا الجغرافيا العرب. التي تصيبني وتجعلني ال أحفظ األماكن قاطعت شرودي وصمته وقلت: ال تتعب نفسك معي سأتعرف على المنزل بنفسي المهم أين أجد الحمام؟!
التي أرتادها جيدًا ،ساعتها كيف سأعود
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــص قـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرة
معرفة الكافة أن كثيرين من أهل بلده لغتهم
ـات على موعد كــان أمــامــي بضع ســاعـ ٍ
إلى سكني..؟ ال أحمل ه ّمًا إذا كنت برفقة أحدهم ،أو في بلد عربي أستطيع االستفسار
دون عائق اللغة ،أما هنا فالكلمات اإلنجليزية التي عرفتها بحكم دراستي تضيع مني في
أشار إلى ممر معتم بالجهة المقابلة وقال :سرعة حديثهم ولن تسعفني اللغة!
نحيت هواجسي جانبًا وقــررت المضي
هناك.. ثــم أعــطــانــي بطاقة بها أرقـــام هواتف
الستخدامها وقــت الــحــاجــة ،خمنت أنها
قدمًا في فكرتي..
وأنا أرتدي مالبسي وخزني الجوع ..كانت
ستساعدني في طلب الطعام ،أو االتصال عادة تالزمني في سفرياتي عكس حالي في البيت ،حيث أ ُصبح زاهدًا في الطعام! بالمؤسسة! قبل أن يغادرني قال إن الباص سيأتي في
المساء ليأخذني إلى الحفل! ***
المنزل كان يشبه الكثير من بيوتنا ،له
طابع شرقي ،ولــم يكن ذلــك مستغربًا في بالد سكنها العرب لقرون طويلة.
أخــذت حما ًمًا ساخنا ألستعيد نشاطي
كنت لم أتناول شيئا منذ أكلت بالطائرة،
وفكرت أنني ربما وجدت شيئا بالثالجة..
ذهــبــت إلــى المطبخ ووجــدتــهــم وضعوا
بثالجتي الوجبات التي تكفي مدة إقامتي
كاملة ..ال يحتاج األمر مني إال بعض الجهد اليسير في إعدادها!
كان للمطبخ جانب زجاجي يكشف مطبخ
المنزل المقابل ،ويكشف الشارع الفاصل
ووقــفــت فــي الــنــافــذة أتطلع إلــى األشــجــار الخضراء النضرة وأزهارها الملونة بألوان بينهما وأشجاره النضرة. قوس قزح التي مألت الشارع.
صــمــت مــوحــش شــعــرت مــعــه بــالــوحــدة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
83
والــعــطــش الــشــديــديــن ،تــنــاولــت عــصــيـرًا مغادرًا الحجرة باحثًا عنها في حجرة أخرى. وشربته ..وقع نظري ناحية المطبخ المقابل قميصا أرجوانيًا ً فوجدت شقراء ترتدي فضفاضا يكشف ما فوق ركبتيها تدخل إلى ً
المطبخ وتفتح ثالجتها.
***
من حجرة إلــى أخــرى طفت بال جدوى
أثر لها ،شعرت باليأس دون أن أحصل على ٍ
وباألسى على الفرصة التي أضعتها بالتعرف
ســرت سخونة في جسدي وظــلَّ نظري على المدينة والتسكع فــي شوارعها بين عالقا ناحيتها حتى وقع نظرها ناحيتي.. العديد من الشقراوات ..لكنني عدت وقلت ابتسمتُ وربما أشرت لها بكفي محييًا ،لكنها لنفسي :لم تضع الفرصة بعد ،وأسرعت إلى انصرفت عني وتركت مطبخها! مغادرة المنزل إلى الشارع. أســرعــت مــغــادرًا مطبخي إلــى الــردهــة كــان الــشــارع نظيفًا ولــه رائــحــة ربيعية الواسعة ،لمحتها تمر من ردهتها وضبطها محملة بأريج األزهار ..سرتً ببطء متفحصا تلتفت ناحية شرفتي في التفاتة عابرة. واجــهــة العمائر القصيرة والــبــيــوت التي ازداد حــمــاســي وســــرت ف ــي الــطــريــق ارتاحت في حضن األشجار ،متأمال وجوه
المفترض الــذي قــادنــي إلــى حجرة مكتب الناس القليلين الذين قابلوني بالطريق. صغيرة ،فتحت شرفتها ،لكنها كانت تطل ال أع ــرف ِلــ َم ل ـ ْم أشــعــر بغربة مــع تلك على شــارع جانبي صغير لم يكن مواجهًا بعيد كثيرًا ٍ الــوجــوه ..كانت تشبه إلــى حــدٍّ لمنزل الشقراء! مــن الــوجــوه التي أراه ــا فــي ب ــادي ،فقط أصبت بخيبة أمــل ،لكنني كنت صرفت ينقصها بعض الغضب الــذي يقطب جباه النظر عــن فــكــرة الــخــروج تحاشيًا لفكرة بعضهم عندنا بسبب ضيق المعيشة وصعوبة فوبيا جغرافيا الشوارع ..أخرجت سيجارة األحوال والرطوبة الخانقة والغبار. وأشعلتها وتفحصت المكتبة التي تراصت خطر ببالي أن يكون أحد أجــدادي جدًا بعدد من المجلدات األجنبية ..وقع نظري
على كتاب أو أكثر باللغة العربية عن اآلثار مشتركا ألحــد ه ــؤالء فابتسمت ،وعــادت صورة جارتي الشقراء تخايلني من جديد! األندلسية في أسبانيا والبرتغال! م ّنيْتُ نفسي بتصفحها حين يفترس الليل
84
عندها خبطت بكفي فوق جبهتي وقلت
المدينة وأبقى وحيدًا في الفراش ،وخطر لنفسي متعجبا :هل يمكن للواقع أن يطابق ببالي أن أذ ّكــر مرافقي أن يصطحبني إلى الخيال مستعيدًا صــورة بطل قصتي حين قصر الحمراء وزيارة معالم قرطبة ،وأسرعت اخــتــرت لــه أن يــرى جــارتــه الــشــقــراء وهي اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
نومه..؟! حينها هرولت عائدًا إلى المنزل ،األجنبية الــتــي أستدعيها وفــي خطواتي ولم يخطر ببالي أن فوبيا الجغرافيا اللعينة المتراجعة للخلف ،حتى استجمعت نفسي ستفعل فعلتها معي (وربما رغباتي الدفينة التي أجهلها) وأجدني داخل منزل آخر لم
أكن أتخيل أنه منزلها ،إال عندما وجدتني مبهوتًا أمــام حمام السباحة ،حين رأيتها
تسبح على ظهرها وتتأمل السماء الصافية!
طــافــت بــرأســي خــيــاالت استعرتها من
قراءاتي في الليالي األلف ومشاهدة األفالم األجنبية ،وطافت برأسي أفكا ٌر مجنونة عن
جرأتها التي جعلتها تقتحم سكني وتبدد
المسافة التي كنت أحتاج سنين ألقطعها.. تقمصت دور دونجوان ..وحاولت تنشيط ما أعــرف من كلمات باإلنجليزية وقلت برقة
ساذجة:
hello
وقلت: it is my home
افتعلت ضحكة كبيرة ساخرة وظلت تردد
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــص قـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرة
تستحم فــي حــمــام الــســبــاحــة مــن غرفة
لم أفهم شيئا ،وظللت أتعثر في الكلمات
بعصبية: Demente Savages Bárbaro Crazy y brutal
كنت مرتبكا ،أشعر بالتضاؤل والخزي وأنا أفر من أمامها وأقف في الشارع أبحث عن المنزل الذي أسكن فيه ،ولم أقم بحسبة بسيطة تساعدني في الوصول إلى سكني
لكنها أثارت موجات غاضبة بتدافع يديها الذي يقطن منزل جارتي الشقراء في ظهره. المرمريتين للماء ،وظلت تتفوه بكلمات لم ظللت أتسكع بين الــشــارعــيــن ،أخشى أفهمها حتى خرجت من حمام السباحة وهي تصرخ وتكرر في:
mirr a otro lado
ولم أعِ شيئا مما تقول حتى ارتدت روبها
وهرولت ناحيتي وهي تزيحني بعيدًا وتصيح
فيّ :
¡Fuera de mi casa
االقــتــراب من أبــواب المنازل التي تتشابه
حتى لمحت الباص الذي جاء في الموعد المحدد ليحملني إلى حفل استالم الجائزة. حينها تمنيت في نفسي لو كــان عنوان قصتي الفائزة .It is your home, my friend
* قاص من مصر. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
85
قصتان قصيرتان ■ حضيه عبده خايف*
عزاء
تنقّلنا في أحيائها ،شوارعها ،أزقتها.
لم أرغــب بالحضور ذاك المساء ،عالم ال نعرف عنه شيئاً ..أثناء تلك تــفــوه بــكــل مصطلحات الــشــتــائــم .التنقالت رأيت مَن هم من بالدي ،يقفون حانت مراسيم الــوداع؛ تقدمت وخلفي متسولين أمــام اإلشــارات ..نــاظــرتــهــم بعض النسوة ،بــدأت أرتجف ،أتعرق ،بحزن ..انتابتني نوبة غريبة ..لم أشعر ثقلت خطاي؛ اقترب رفع الغطاء عن بنفسي إال وأنــا بجانب برميل نفايات وجهها ،نظرت إليها ثم أدرت ظهري. قريب ..تركتني أمي وانطلقت لتحضر ناداني صوت من خلفي :ودعيها . لي الماء ..كنت أفتح عيني تارة ..وأغَ يِّبُ لم أعرف ماذا أفعل :قلت لها :ربما تارة أخرى ،كانت تتنقل بين السيارات.. في وقت آخر.. بين المارة .تبحث عن مساعدة ،ث ّم تعود عـــا صــوتــهــا مــــرة أخــــــرى :وهــل علي.. لتطمئن ّ ستجدينها؟ ســـقـــطـــتُّ أرضــــــــــــاً ..ال أع ـ ــرف
كانت آخر كلمة سمعتها قبل ثالث ساعات مضت من حالة التشنج التي ســــبــــب ســــقــــوطــــي أكــــــــان ألـ ــم ـ ـاً انتابتني .. أم جـــــوعـــــاً ..حــــزنــــاً أم خــــوفــــاً . وطن
كل ما أذكــره لحظة فتحتً عيني أني
عــنــدمــا وصــلــنــا ،شــعــرت بــالــغــربــة رأيتُ أناساً تركض ..وسمعتُ صراخاً .. تــتــلــبــســنــي ،س ــرن ــا ف ــي شــــــوارع تلك رحلتْ ،رحلتْ ..كما رحلتْ من بالدي ال ــب ــاد دون أن نــعــرف مــصــيــرنــا؟ ولن تعود ..فهل يا ترى ستعود أرضي؟ * قاصة من السعودية.
86
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ρρموسى الشافعي*
ـوع ـ ـ ـ ـ ــي أ ُِع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــذُ ِك ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُب ـ ـ ـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ـ ـ ــايَ َو ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ دُ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ وَجَ ـ ـ ـ ـ ــعِ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذي َتـ ـ ـ ـ ـ ْـحـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ـ ـ ُّـض ـ ـ ـ ـ ُل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !! ِ
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ول ِّ رس ُ الش ْعر ُ
ُوح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي.. وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ِح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْبـ ـ ـ ـ ـ ــرِ ي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذي أ ُْسـ ـ ـ ـ ـ ِـق ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــهِ ر ِ فـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ِـص ـ ـ ـ ُـف بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ..ويـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ـ ـ ُـك بـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ُـجـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ــوعِ !! ـش ..و َُجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعٌ سَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ٌّي أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــطَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ ـوعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي!! وال َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ ريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ مَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ــطَ ـ ـ ـ ـ ـ ِـشـ ـ ـ ـ ــي و َُجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ـس ا َلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـب َو شَ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ أَ َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ٌر بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاَ وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـج ..سَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ ِـذ ُر بـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ُّـط ـ ـ ـ ـ ـ ُلـ ـ ـ ـ ــوعِ !! ُص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ..كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيْ َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـج ـ ـ ـ ـ ـ ــي َء الـ ـ ـ ـ ـ ِّـشـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ــرُ عَ ـ ـ ـ ـ ــذْ ب ـ ـ ـ ـ ـ ًا أ َ ـوعـ ـ ـ ــي!! َفـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـأْتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ..وَيُ ـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ـ ِـسـ ـ ـ ـ ــدُ لِ ـ ـ ـ ـ ــي ُخـ ـ ـ ـ ُـشـ ـ ـ ـ ِ َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُّ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ــوافِ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـ ــلَ عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود ٍ ـوعـ ـ ـ ــي!! ِم ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ــكِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْب ـ ـ ــرِ ي ـ ـ ـ ِـت يُ ـ ـ ـ ـ ْـشـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ــلُ لِ ـ ـ ـ ـ ــي ُشـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ِ ـات َب ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ِـض ـ ـ ــي أخـ ـ ـ ـ ـ ُّـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ـ ــاَ ..ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقْ ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ُ و َِحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ُ ـوع ـ ـ ـ ــي!! ـوض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء َة ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُس ـ ـ ـ ـ ُـط ـ ـ ـ ـ ِ ل ـ ـ ـ َتـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ِـسـ ـ ــبَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ر َُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ًال ِجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْئ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت َم ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ـ ـ ُـجـ ـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ـوَافِ ـ ـ ـ ـ ــي ا ر ُُج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !! وآ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ال ـ ـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـض ـ ـ ـ ـ ـ ُّـي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإنْ آمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي وسَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـم ـ ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت ِشـ ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ ي سَ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ْي ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ِـك َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْو َث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُّ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعِ !! * شاعر من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
87
القمر معي ِة ِ في ّ ρρعبدالهادي الصالح*
شيب وزيّنَ بالعارضين من ٍ ِ سامرت ما عال وال َح ُ وفي معيّةِ القمرِ ... فقلت: ُ حديث وأفولُ ؛ ٌ كريات ِ أيّام ًا لها بالذّ أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروٍ إذا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ شـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ٌـب ـاب ـأخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـا مـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــى الـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـش ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ فـــــــ ْ ن ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــرُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَ ن ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ن ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ــي ـصـ ـ ـ ـ ــابـ ـ ـ ـ ــي ـدح ل ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ّتـ ـ ـ ـ ـ َ وفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ـات مـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا؟ أش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى أ ْم ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ اآلهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـاب رف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـب ِغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌّـل بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّض فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَقْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر ال ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحْ ِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر ًا وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ْ ـاب ـاح ال ـ ـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ِ ج ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــلَ األمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ فـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤلَ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ــو ونـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــي ـاب ّوح فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أحـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــى انـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ِ ث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِ وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ دوم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا رِ ْي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ن ـ ـ ـف ـ ـ ـسـ ـ ــي ـاب ـاب هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ِ وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــا
دار ًا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا أ ْو لـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا ـاب مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو َر الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َر ال ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ِ
حـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزرنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ِسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيّ ِ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ زهْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ًا ـراب فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا َر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ـات ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ّدع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ـراب وأع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ا ّلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت أزو ُر م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ويـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــوى ـاب رأس الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َ وأل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ــا 88
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ـواب ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ـاط الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ حـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ َم األم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـس مـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ َ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـن ـ ـ ـف ـ ـ ـسـ ـ ــي ـاب ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذلُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ وأغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا َر وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ًـا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوادُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ
ـاب وُ ر ِّْي ب ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ِ
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ون ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى رأي ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــا
رويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ًا ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـ ـ ــديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروي ـاب ـاح ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ُره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ظ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ًا ك ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــرُّ ض ـ ـ ـ ـ ـ ــاب فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرخُ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء كـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ــا ـاب ن ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرُ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر قـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ إه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواد ًا ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ مـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ــا ـاب وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا رمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ـاق فـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــا غُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ًا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــلَ بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ـاب وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر َة األولـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ًا نـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ أ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ـاب ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ُن ـ ـ ـ ـ ــفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن تـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ِ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودع م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنِّ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـش ُط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّر ًا ـراب ـأس بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلَّ ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ درس عُ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ــرٍ ُ ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ اآلجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالُ مـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ـاب ـض الـ ـ ـ ـ ـ ـ َّـش ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ــرِ أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُ الـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ِ وبِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ * شاعر وأكاديمي بجامعة الجوف. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
89
معا يكفينا تجمعنا ً
ρρأحمد املتوكل بن علي النعمي*
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أض ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ــت سـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــى أض ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا؟ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أالق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ د ب ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أو اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا؟ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــده عـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــا أروم وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد احـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ــت ظ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ــا؟ أو ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ــة ح ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراء م ـ ـ ـ ـ ـ ــا وهـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ــت ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا واغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــاظ واتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــع الـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــوى و ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـ ــه حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام م ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ــا ال شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك أن ال ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوائ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا و ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ألس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرع ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذة كـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ــت س ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـي ـ ـ ــض م ـ ـه ـ ـي ـ ـنـ ــا *** أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــي شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـئ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ــذ ب غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادت ـ ـ ـ ــي ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ــا تـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـنـ ــا إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي يـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواك م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاق ـ ـ ــه و ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذوب عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ــل يـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــم جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــونـ ـ ــا أسـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــو عـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى طـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـع ـ ـ ــي لـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا أت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك ال ـ ـ ـ ـ ـ مـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــوب يـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـك ـ ـ ــو الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ــوف وال ـ ـ ـت ـ ـ ـخ ـ ـ ـم ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا و بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ف ـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــي تـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر ج ـ ـ ـ ـ ـ ــوارح ـ ـ ـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ــا وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض أن أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون ح ـ ـ ــزيـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــي أسَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادي حـ ـ ـيـ ـ ـنـ ـ ـم ـ ــا ن ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرب ال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــام كـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا فـ ـ ـ ـ ـ ُأصـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــت ف ـ ـ ـ ـ ــي األضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن ت ـ ـ ـم ـ ـ ـك ـ ـ ـنـ ـ ــت.. م ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــي وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ــت م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ــاب سـ ـ ـجـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ــا درة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدن ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ح ـ ـسـ ـ ـ ـ ـن ـ ـهـ ــا أغـ ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــات ال ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــاء لـ ـ ـ ـح ـ ـ ــون ـ ـ ــا 90
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءنـ ـ ـ ـ ــي أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ــت ب ـ ـعـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـهـ ــا وغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــى غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدوت رهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا أيـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول ضـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــى وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرزت بـ ـ ـ ـ ـ ــوس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــط ض ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ـ ــه س ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى وإن ضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت فـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــس ي ـ ـ ـ ـ ــردن ـ ـ ـ ـ ــي شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ــب ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـنـ ــا
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ف ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــي فـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــن ال أل ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـهـ ــا شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ال ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال مـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ــا
فـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء وأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ت ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــم ظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاف ـ ـ ــرا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤاده وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ال ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا؟ إنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أعـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــش مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــب سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــادة أج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ل ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــيَّ م ـ ـعـ ـ ـ ـ ـي ـ ـنـ ــا م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذا أؤمِّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدم ـ ـ ـ ـ ـ ــا ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أن ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ــان ـ ـ ـت ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ــت ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ط ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ــت يـ ـ ـمـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا؟ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال واص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ض ـ ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ــط م ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ــر لـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدت م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ال ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد حـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا ومـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــت أسـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ــب مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن مـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ــك غـ ـ ـيـ ـ ـم ـ ــة ب ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ــاح وأقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــريـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا فـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ــت لـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي تـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ب ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـبـ ـ ــي عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــرا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ــا ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواي م ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـنـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــأ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــإنـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي يـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــك ح ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ــم وأرى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا ولـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــت ولـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاب ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاذة تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــي دق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال تـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ــويـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ــا أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال أري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك دائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات وال أري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد خ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـنـ ـ ــا حـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ــأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ــل ب ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي أرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك تـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث ال ـ ـ ـت ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا حـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـب ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـل ـ ـ ــص مـ ـ ـ ـ ـ ــن لـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــة الـ ـ ـ ـ ـ لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومٍ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــه دفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا * شاعر من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
91
الح ُّب على شروط ُ ρρخالد البهكلي*
1
َص َف ال َقل ْْب اسكُ نِ ي مُ ْنت َ ْ اليمینْ ال تَكُ وْنِ ي فِ ي ِ أو تَكُ وْنِ ي فِ ي الیَسَ ا ْر الحب َود َِعینَا َن ْب َد ُأ ُ َهج الوَسَ ِطية بِ ن ِ الجنُونْ الح ِ ّب ُ َفأَنَا جَ ّ َرب ُْت في ُ َو َت َع ّ َقل ُْت كَثِ ْی َر ًا وَآمَ ن ُْت قَلِ ْی ًال َو َك َفرْتْ إحدَى ال َتّجارِ ْب الح ّ َب فِ ي ْ َودَخَ ل ُْت ُ َوأَنَا أ َْح ِملُ ِم ْیرَاثَ القَبِ یْلةَ ..و َتقَالِ ْی َد القَبِ ْیلَة فَخَ ِسرْتْ الح ّ َب بِ شَ كْ ٍل وَسَ ِطيْ وَلِ َهذَا أ َْطلُب ُ 2
ل َْس ِت -یَا سَ ِ ّیدَتِ ي -مُ ْضطَ ّ َر ًة أَنْ تَقْ بَلِ ي ُح ِبّي وَال مُ ْضطَ ّ َر ًة أَنْ َت ْتبَعِ ینِ ي ال فَاتْرُ كِ یْنِ ي ف ِ َّكرِ ي فِ ي األمْ ر إنْ ِشئ ِْت ..وَإ ّ َ إِ َنّنِ ي أَهْ وَى عَ لَى شَ رْطيْ وَدِ یْنِ ي 3
ال َت ْند َِه ِشيْ أَقْ َر ُأ ال ّ َدهْ شَ َة فِ ي عَ ْی َنی ِْك ِمنْ َقوْلِ يَ ..ف َ 92
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ُر َبّمَ ا أ َْخطَ أ ُْت فِ ي ُح ِبّي الق َِدیْمْ .. وضي.. ُر َبّمَ ا كُ ن ُْت َضعِ ْی َف ًا فِ ي فُ رُ ِ ُر َبّمَ ا حَ ا َول ُْت أَنْ أَمْ ُح ْو ِسنِ ْی َن ًا ُر َبّمَ ا مَ ار َْس ُت دِ ْی َن ًا غَ ْی َر دِ یْنِ ي الح ِ ّب.. ُر َبّمَ ا عَ ْربَدْ ُت فِ ي ُ َض َیّعْ ُت و َ و َِضعْ ْت 4
أجمَ لَ عَ ی ٍْن ال ُأنْكِ رُ یَا ْ أَنَا َ أ َن ِّك األ َْحلَىْ ِمنَ الالتِ ي عَ رَفْ ْت أل ْنقَىْ ..و َِمن و َْح ٍي سَ مَ اوِ ٍ ّي ُخلِ قْ ِت أل ْروَعُ وَا َ ألكْمَ ل وَا َ أَ َن ِّك ا َ ْض ًا َوأَنَا أعْ رِ ُف أَی َ أَ ّ َن فِ ي عَ ْی َنی ِْك ملیُ وْنَ جَ زِ ْیرَة لِ مَ الیِ ی ِْن ا ْل َفرَاشَ ِات الخَ جَ الَىْ الهن ِْد ّي فِ ي كُ ِ ّل الفُ ُصوْلْ وَعَ لَى ثَغْ رِ ِك َینْمُ ْو ال َك َر ُز ِ و َْجهُ ِك المُ ْختَالُ ُح ْس َن ًا یَفْ تَحُ الجَ ّ َن َة لِ يْ ..وَیُ عِ یْدُ ال ُّن ْو َر وَا ْأل ْلوَانَ یُ هْ ِدیْنِ ي ُشمُ وْسَ ا الد ْنیَا َوأَرَانِ ي مَ الِ َك ُّ َولَكِ نْ اقْ بَلِ یْنِ ي حَ ْسبَ شَ ر ِْطي 5
ال تَقُ وْلِ ي إ َنّنِ ي أ َْختَلِ قُ األَعْ ذَا َر كَي أَهْ رُ بَ ِمن ِْك ال تَقُ وْلِ ي إ َنّنِ ي أَفْ ت َِعلُ األ َْشیَاء ِمنْ دُ و ِْن سَ ب َْب َصافِ یرُ ُتغ َِنّي ِحیْنَ یَكْ ُسوهَ ا ال ّ َتع َْب.. الع َ اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
93
6
الح ِ ّب مُ ْت َع َب ًا أَمْ ِشي بِ َذن ِْب ُ َنیْسَ انَ یُ ع ِ َّریْنِ ي َكبَدْ رِ البَادِ یَة َص َضوْئِ يْ وَان ِْحنَاءَات الكَالمِ الهَمَ ِجيْ تَمْ ت ُّ الذ ِ ّل ِمنْ ُح ِبّي الق َِدیْمْ َو َبقَایَا ُّ َور ُُسوْمَ ات ال ُن ُّجوْمِ ال ّ َذ ِاهبَة فاسمعيني كُ َلّمَ ا حَ ّ َدقْ ُت فِ ي ت َْجرِ بَةٍ .. ت َْخنُقُ َصوْتِ ي عندها أَبْكِ ي -عَ لَى ال َت ّْطوِ ی ِْق -وَقْ َت ًا وَعَ لَى ال ّ َتوْدِ ی ِْع ِح ْینَا النفَاقْ ..وابْتِ سَ امَ ِات ِشفَاهٍ كَاذِ بَة َوأَرَى ِمنْ خَ ل ِْفهَا َك ْو َم ِ ّ 7
الفكْ رَةِ - حَ اوِ لِ ي -سَ ارِ حَ َة ِ َاك ُظ ُنوْنِ ي إ ْدر َ حَ اوِ لِ ي أَنْ ت ُْخرِ ِجیْنِ ي ِمنْ دَهَ الِ یْز ُج ُنوْنِ ي استَطَ عْ ْت أخ َر َج ِم ِنّي مَ ا ْ َفأَنَا حَ ا َول ُْت أنْ ْ 8
كُ َلّمَ ا َف ّ َكر ُْت فِ ي ُح ِبّك أَغْ دُ ْو َبیْنَ حَ ا َلی ِْن.. َو َل ْی َلی ِْن وَال یُ مْ كِ نُنِ ي ال َتّمْ یِ ْی َز َبیْنَ األ َْصفَرِ المُ مْ ت ِ َّد حَ وْلَ ال َنّهْ ِد أَ ْو َبیْنَ ُخ ُطو ِْط (المَ ْندَلِ ْینَا) 94
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
َوأَرَانِ ي فِ ي ذُ هُ وْلِ ي غَ ارِ َق ًا ِح ْی َن ًا وَبِ ال َتّفْ كِ یْرِ ِح ْینَا َوأَرَى ُح َب ِّك َیر ِْمیْنِ ي قَتِ یْال 9
أَنَا ال أَقْ َر ُأ فِ نْجَ انَ الغُ یُ و ْْب ال أَعْ لَمُ مَ نْ َتأَتِ ي غَ َد ًا ال َو َ َ الح ُّب سَ َیأْتِ ي مَ ّ َر ًة أ ُْخرَى وَمَ تَى ُ الذ ْي َیوْمَ ًا عَ َلیْه سَ أَمُ وْتْ وَال ال َنّهْ َد ِ أ ْو مَ تَى أَقْ ِط ُف مَ ْو َج الب َْحرِ أُهْ ِدي شَ هْ َو ًة لِ لْكِ بْرِ یَاءْ 10
أَنَا یَا سَ ِ ّی َد َة ال ّ َروْعَ ةِ ِمنْ أَ َو ِّل َیوْمٍ الشمْ ِس ِمنْ عَ تْمَ تِ هَا الِ غْ تِ سَ ِال ّ َ أَبْحَ ُث عَ نْ فَاتِ نَةٍ َتأَتِ ي عَ لَى قَدْ رِ ُج ُنوْنِ ي وَعَ لَى شَ ر ِْطي وَدِ یْنِ ي السمَ اءْ َوأَرَى فِ ي عَ یْنِ هَا سَ ْح َر ّ َ إِ َنّنِ ي أَبْحَ ُث عَ نْ سَ ِ ّیدَةٍ تَفْ هَمُ نِ ي دُ وْنَ كَال ْم الصغِ یْرة والح ْل َم َوأ َْشیَائي ّ َ اض َر ُ تَقْ َر ُأ الحَ ِ باختصار ت ُْشبِ هُ أ ِ ُّميْ وَفِ ي َض ْحكَتِ هَا نَغْ مَ ةُ أ ِ ُّمي َالسال ْم و َّ * شاعر من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
95
وقال في صباه ρρمجدي الشافعي*
يـ ـ ـ ـ ــا حـ ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ـ ـ َر ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرأي بـ ـ ـ ـي ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ــوص ـ ـ ـ ـ ـ ِـل والـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ـش ف ــي ُضـ ـح ــى الـ ــقُ ـ ـ ـ ـ ـر ِْب أو مُ ـ ـ ـ ْـت ف ــي دج ـ ــى ال ـ ُب ـع ـ ِـد ِعـ ـ ـ ْ ِصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ مَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود ُه أو ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ ع ـ ـ ـ ـ ــن م ـ ـ ـ ـ ـ ــودَتِ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ إن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّد َد مـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا ط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ ال يُ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ــدي ـوف أرى يـ ـ ـ ــا مَ ـ ـ ـ ـ ــن تـ ـ ـ ـق ـ ـ ــول غ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ًا فـ ـ ـ ــي األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـاح مـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـس ـ ـ ــوي ـ ـ ــف ت ـ ـس ـ ـت ـ ـج ـ ـ ـ ــدي أي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ُّ ـردّدِ هِ م ـ ـ ـ ـ ــا زلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ وال ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ُـب ي ـ ـ ـش ـ ـ ـقـ ـ ــى ف ـ ـ ـ ـ ــي تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرتَ بـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ َورْدِ ْك إنْ ِ ّ تـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ــذك ـ ــرُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ــشَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو َ أراك َ
ت ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزمٍ إن أردتَ ب ـ ــه تـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـم ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـوَهْ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد أ ْو تـ ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ــو فـ ـ ـلـ ـ ـلـ ـ ـنـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ِـد
ي ـ ـ ـ ـ ــا أيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـب الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر َوّاحُ ف ـ ـ ـ ـ ــي َك ـ ـ ـ ــسَ ـ ـ ـ ـ ٍـل وأي ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـب ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َداءُ ب ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ِ ّـج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ـاك اعـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــادٌ ال يـ ـ ـ ـخ ـ ـ ــالِ ـ ـ ـ ُـط ـ ـ ــهُ هـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ فـ ـ ـ ـ ــي ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ _ إذا ن ـ ـ ـ ــوي ـ ـ ـ ــت جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادً ا ..شَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـك مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ف ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا انـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ــاعُ أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــاظ ـ ـ ـ ــرِ هِ ـض بـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ َو ِّد إذا اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ ّ قـ ـ ـ ـ ــد ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َر طـ ـ ـ ـ ـ ــرفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك فـ ـ ـ ـ ــي أَمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن بـ ـيـ ـنـ ـهـ ـم ــا ـس الـ ـ ـ ـ ـ ـ َفـ ـ ـ ـ ـ ـرْقَ بـ ـ ـي ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ِ ّـي والـ ـ ـ ــرُ ْش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد مـ ـ ـ ــا يـ ـ ـطـ ـ ـم ـ ـ ُ ـك عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َـمـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ــرتـ ـ ـ ـج ـ ـ ــي رَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـب فـ ـ ـ ـك ـ ـ ــم َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـأَى بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـوق ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوِ رْدِ ـك دواع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــازَعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْتـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـاك إل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى م ـ ـ ـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـ ّ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــي رَغَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـب و َكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ دَعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـوف ب ـ ـ ــال ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ِ ّـد ـك ن ـ ـ ـ ــواه ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ِ َف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ــا َنـ ـ ـ ـ ـ َعـ ـ ـ ـ ـ ْت ـ ـ ـ ـ َ 96
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا إنْ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـك بـ ـ ـيـ ـ ـنـ ـ ـهـ ـ ـم ـ ــا َو َددْتَ أنْ ت ـ ـ ـج ـ ـ ـم ـ ـ ـ َع الـ ـ ـسـ ـ ـيـ ـ ـفـ ـ ـي ـ ـ ِـن ف ـ ـ ـ ــي ِغ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ِـد ـك ق ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ــي ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــهِ بـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــى ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ع ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــده مـ ـ ـ ـ ـ ــا يُ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ــي وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردِ ي
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ـف ال ـ ــمَ ـ ـ ـ ْن ـ ــعُ ِم ـ ـ ـ ــنْ زُهْ ـ ـ ـ ـ ِـد ف ـ ــا -عـ ـل ــى الـ ـ ـ ُب ـ ــعْ ـ ـ ِـد -خَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َ ـف ال ـ ـ ـ ـ َدفـ ـ ـ ــعُ مـ ـ ــن و َْجـ ـ ـ ـ ـ ِـد وال -ع ـ ـلـ ــى الـ ـ ـ ــقُ ـ ـ ـ ـرْب َِ -كـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َ
ـأن حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ــر َت ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ أع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت ب ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ َر َتـ ـ ـ ـ ــهُ كــــــــــــــ َّ حـ ـ ـ ـت ـ ـ ــى ب ـ ـ ـ ـ ـ ــدا لـ ـ ـ ـ ــه مَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ ي ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ــوي َك ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ــنْ َيـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدي ومَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ لـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ـ ــهِ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعٍ بـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ــهِ فـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـي ـ ـ ــس ي ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــمُ مـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـف ـ ـ ــي ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا يُ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــدي ي ـ ـ ــالـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــو ُة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َر ُة الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ُّـر ق ـ ـ ــاص ـ ـ ــدُ ه ـ ـ ــا ركـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوبَ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل عـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرٍ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهْ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـك مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودي مَ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـل ـ ـ ــي إل ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ِـك كـ ـ ــمَ ـ ـ ـي ـ ـ ـلـ ـ ــي عـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ِـك لـ ـ ـ ـ ــي سـ ـ ـكـ ـ ـ ًب ـ ــا حـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــوً ا م ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ِـصـ ـ ـ ـ ـ ْب ـ ـ ـ ــرِ أو مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًّرا م ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـشـ ـ ـه ـ ـ ِـد ـوى م ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـيـ ـ ــن ذاك وذا ل ـ ـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ــرادِ ه ـ ـ ـ ـ ً ـض ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد إذا هَ ـ ـ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ب ـ ـ ـ ـ ـ ــأم ـ ـ ـ ـ ـ ــرٍ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ لـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّ ـاك ي ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــحُ ب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـ ــن فـ ــا مـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ِ ـأي سـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا ال ـ ـ ـن ـ ـ ـج ـ ـ ـم ـ ـ ـيـ ـ ــن يـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـه ـ ــدي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّ ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرِ حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك أل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُه تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردده ـوج ف ـ ـ ـ ـ ــي ح ـ ـ ــالـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـي ـ ـ ــهِ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ــزرِ والـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ك ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ِ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزمُ يـ ـ ـ ـ ـ ــدفـ ـ ـ ـ ـ ــعُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزمُ يـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــعُ ـ ـ ــهُ ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُه كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن بـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ــشَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ـش يـ ـ ـ ـ ــأمـ ـ ـ ـ ــرُ ُه ـرص ي ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ُه عـ ـ ـ ـ ـ ّ َـمـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ُ الـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ُ وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى طـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ــة ال ـ ـ ـح ـ ـ ـك ـ ـ ـم ـ ـ ـيـ ـ ــن مـ ـ ـ ـ ـ ــن ُب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد َف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزْمُ رَهْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ن ـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــهِ ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ عُ ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ٍـد وعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزْمُ رَغْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ داعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ل ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ َعـ ـ ـ ــقْ ـ ـ ـ ـ ِـد اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
97
َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ سَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َر ُه ِمـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ِـك م ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ــدْ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء ُه فـ ـشـ ـك ــى ط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ اإلق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــةِ ب ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــنَ األخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذ وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر ِ ّّد ـك مـ ـ ـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َر ُه ف ـ ـب ـ ـكـ ــى وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َء ُه ِم ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـصـ ـ ـ ِـد م ـ ـ ــن ح ـ ـ ـيـ ـ ــرة ال ـ ـ ـق ـ ـ ـلـ ـ ـ ِـب بـ ـ ـي ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َف ـ ـ ـ ـر ِْط وال ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ْ َكـ ـ ـ ــمْ َص ـ ـ ـ ّ َي ـ ـ ـ َر ْتـ ـ ــهُ االمـ ـ ــانـ ـ ــي _ حـ ـي ــن ِطـ ـ ـ ـ ـ ـرْنَ ب ـ ــه يـهـفــو ـصـ ـ ـ ـ ـ ِـد!! ـض ال ـ ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ـ ـ ْ لـ ـ ـ ـم ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــهُ ي ـ ـ ـج ـ ـ ـفـ ـ ــو -غـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ َ ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ مـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ِـك ف ـ ـ ـ ـ ــي دنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــامِ س ـ ـ ــوى ُب ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ــدٌ عـ ـ ـل ـ ــى ال ـ ـ ـ ـ ــقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ِْب أو قُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ٌْب عـ ـ ـل ـ ــى ال ـ ـ ـ ُبـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ِـد ***
مـ ـ ـ ـ ـ ــأسـ ـ ـ ـ ـ ــو ُر ُحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـك َيـ ـ ـ ـ ْـش ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــى دونَ غـ ـ ـ ــا َيـ ـ ـ ــتِ ـ ـ ـ ــهِ ـط وال شَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد يـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـق ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـر ِّح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاْلُ ب ـ ـ ـ ـ ــا حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّ بـ ـ ـ ـي ـ ـ ــن الـ ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــى وال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــايـ ـ ـ ــا ال َيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َزاْلُ َل ـ ـ ـ ـ ــهُ ـوت ف ـ ــي ال ـ ــمَ ـ ــهْ ـ ـ ِـد مـ ـث ــل الـ ـ ـ َعـ ـ ـ ْي ـ ـ ِـش ف ـ ــي الـ ـ ـ ّ َل ـ ـ ْـح ـ ـ ِـد ال ـ ـ ـمـ ـ ـ ُ ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ
ول ِك إمْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َر َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ّ َ ـصـ ـ ـ ـ ـ ِـد ال ي ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ ِـقـ ـ ـ ـ ـ ُّـر بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمٌ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى َقـ ـ ـ ـ ـ ْ
ـوعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدٌ بـ ـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ــردى ف ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ َن ـ ـ ـ ـ ـ ْـح ـ ـ ـ ـ ـ ِـس ي ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ُب ـ ـ ــهُ تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّ ومـ ـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ـ ــدٌ بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــدى يـ ـ ـ ـ ـ ــرجـ ـ ـ ـ ـ ــو ُه ف ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ــسَ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ِـد ـوت أص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد َر فِ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــهِ م ـ ـ ـ ـ ــا َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـو ّ ََع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ُه ال ال ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ وال ال ـ ـ ــمُ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى أ ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـز َْت مـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ِمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ وَعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد * شاعر من السعودية.
98
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
الحي زامر ُ ِّ
ρρموسى غلفان واصلي*
ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ُنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــك الـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــوى أع ـ ـشـ ــى
ذُ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ب ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ك ـ ـب ـ ـشـ ــا
أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق لـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـل ـ ـ ــي رغَ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــا
وم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه إن ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ــا
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذاك الـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــب ق ـ ـ ــدّ مـ ـ ـ ـن ـ ـ ــي
ب ـ ـ ـ ــرغ ـ ـ ـ ــم الـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـق ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ــا يـ ـخـ ـش ــى
يُ ـ ـ ـ ــطَ ـ ـ ـ ـ ـوِّعُ ـ ـ ـ ــنِ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـخ ـ ـ ـطـ ـ ــا ولـ ـ ـه ـ ــا
أسـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــاء كـ ــال ـ ـع ـ ـط ـ ـشـ ــى
إال
إلـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ـ ــل م ـ ـ ـ ـ ـ ــا يُ ـ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ــشَ ـ ـ ـ ــى
فـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـب ـ ـ ــك ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــى ي ـ ـس ـ ـقـ ــي
ش ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــرات الـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا الـ ـ ـهـ ـ ـش ـ ــا
لـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـم ـ ـ ــر مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ل ـ ـ ــواعـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـج ـ ـ ــي
ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأن ق ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ــاف ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا (بـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا)
فـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــرقـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ــأش ـ ـ ـ ـ ــواق ـ ـ ـ ـ ــي
وك ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ــح جـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــره ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـغـ ـ ـش ـ ــى
لـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا أسـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل
رش ـ ـ ـ ـ ـ ــا ـاب مـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــك ل ـ ـ ـ ـ ـ ــو ّ سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ
بـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا ي ـ ـ ـط ـ ـ ـفـ ـ ــي الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى وطـ ـ ـ ـ ــرا
ع ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــى ن ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــوى رع ـ ـ ـشـ ـ ــا
ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـجـ ـ ـمـ ـ ـعـ ـ ـن ـ ــا
ـأرض ورده ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فـ ـ ـ ــرشـ ـ ـ ــا بـــــــــــــــ ٍ
ك ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــا وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا وف ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ــه
وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد أخـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــه غـ ـ ـ ـش ـ ـ ــا
أي ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ــو زام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــي
ب ـ ـ ــا رق ـ ـ ـ ــص ع ـ ـلـ ــى الـ ـ ــمَ ـ ـ ــعْ ـ ـ ــشَ ـ ـ ــى!؟
فـ ـ ـ ـ ــهُ ـ ـ ـ ـ ـ ّبـ ـ ـ ـ ــي واج ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــي ص ـ ـفـ ــي
عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى نـ ـ ـ ـف ـ ـ ــس الـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـط ـ ـ ــا ربـ ـ ـش ـ ــا
أن ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ــى ل ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــوى س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا
وزامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ ح ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــا أفـ ـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ــى!!؟
وال
أدري
الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدى
* شاعر من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
99
ُ غياب! لوعة ٍ ρρحسني صميلي*
ـاب ي ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ُّـف ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــي ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ؟! م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ِ أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا يـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــاف ـ ـ ـ ـ ــرُ ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي خـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ــي طـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ــهُ ! و يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدو ُر ب ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ــدن ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــا ربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َع م ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ٍـن روض عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! ٍ َي ـ ـ ـ ـ ـ ــزه ـ ـ ـ ـ ـ ــو بـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـل أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي هَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا ُه عـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى شَ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرٍ س ـ ـ ـ ــاح ـ ـ ـ ـ ٍـق م ـ ـ ـ ـ ـ ــن أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـذ ُب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وكـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــف أَكُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ؟! أ َْشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ،أدري جَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر َة مُ ـ ـ ـه ـ ـ ـج ـ ـ ـتـ ـ ــي ـذاب يـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ُّـفـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــي وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـف ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! حـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـذوب ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي َز َف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراتِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ َويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــهِ ،ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ و َْج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا ،و َيـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ِـح ـ ـ ـ ـ ُـف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َدي ـ ـ ـ ـ ــاج ـ ـ ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـ ــزفُ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! 100
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
ُخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـ َع ـ ـ ـ ـ ْـجـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــى إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ِمـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ــادِ هِ نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ ،و َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّ َنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحَ َض ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ــهُ َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـق ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعُ بـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ُـض ـ ـ ـ ــهُ ب ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ـاً ،وأشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواقُ الـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــاءِ ُتـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـفـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! ـدروب ب ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــرِ هِ وافـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ،فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأزهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ألنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامِ وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي َت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزُ ُّف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! و بِ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــةِ ا َ و أَن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــى حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ّـد ال ـ ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــامِ أ َُض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ـام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُنـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ،ف ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ــكُ ـ ـ ـ ــنُ خـ ـ ـ ـ ـ ــوفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! قُ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ و أظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـل أَلـ ـ ـ ـ ـ ــثُ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َف ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــعِ ـ ـ ـ ــلُ الـ ـ ـ ـ ـ ّـشـ ـ ـ ـ ــذا و يـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــو ُر م ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ َتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـب عَ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! ـض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ ًـا بـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــا َفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاءتْ ب ـ ـ ـ ــهِ فـ ـ ـ ـ ــأغ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـب مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ َلـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ــا ُت ـ ـ ـ ــهُ مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـاً ،وأفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ـ ــى ُلـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ــهُ ! أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى بِ ـ ـ ـنـ ـ ــا هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلْ كـ ـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت األحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ مـ ـ ـ ـ ـ ــا ْ مُ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ّوهـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــنَ أم ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُ و َزيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ؟! ـان ف ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا جَ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى هـ ـ ـ ـ ـ ــي سـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــةٌ أو سـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــاتـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ وصـ ـ ـ ـ ـ ــفُ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ! أح ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ــا ُر ف ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ــهِ َ ..و َق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ َتـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاي ـ ـ ـ ــنَ ْ * شاعر من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
101
ٌ شعرية نصوص ٌ نوير العتيبي* ّ ρρ
١
غسق الليلة األولى.. في الثلث األخير من الذكرى أقيس قامة الزمن أتلو في المساءات زبورك ..وأشياء أخرى فأصير قديسة معك.. وغسق الليلة األولى في ذاكرتي طاهر ..كما يد أم.. ينفض عني كل الخطايا.. ويعصمني إذا ما شرعت انتظر الحكايا أن تجيء بك والزمن اآلثم ..يخادعنا ..يماطلنا فيطول وال يجمعنا.. أغادر صوتي كرها وأكون صوتهم وصورتهم وخرافتهم التي ال تموت.. وفي داخلي أتجلى بك.. أخبئ طهرك عنهم وأعيد لون صوتك الفضيّ اغتسل بقداستك ،وأرتل أسئلتي عنك بصوت خفيض.. أحلم بالغناء ..وبزبيب أيلول المعتق يقلقني الضياع.. والضياع هوية العاشقين أخاتل شهوة الصمت و أرجو غيمة 102
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر
تعتاد خلق الدهشة في الظلمات.. أن تمر سماءنا وتغرقنا بال نجوى.. ٢
قتيلها تهزه عيونُ النساءِ وتمنحه السكين َة ابتسامتها يمتلئ بالعراء وتزيده زادً ا من جفاء ينادم دربًا تهاوت عليه خطواتها ويقض الذكرى الغافية ُّ فيرتلها قافية قافيةً إني قتيلها! مسترسل.. ً يقولها جئت ألستريح في ظاللك يا امرأة هاربًا من الحلم للحلم قادمً ا من عوالم تُزجي الرزايا والمنايا بال عدد جئتك مستنصرً ا وما معي إال غمدٌ منكسرٌ وأغنية.. وفرحة عتيقة دسستها عن بؤس الحياة ألخلق منها جنة أنت فردوسها.. يرهقني هذا العمر الضالل وتراكم األصفاد في يدي والنشيد الباهت في صباحات تبحث فيك عن نورها.. أعرج للحلم البين ِ وتُسرفين في وتسكنين ظهر سحابة ال تمطر إال موسمين صفصافة هذا العمر اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
103
يا جمارتي تسقط أيامنا وتُلوّن النواصي ببرق ال نُحبّه ويحبنا.. والسؤال الكهل يفيض بي كل مساء: كيف أمضي ..والوراء يجرني لالنتهاء؟ وأنت تكتبين هدا التاريخ الذي ال ينتهي عمق فيَّ لك االنتماء ويُ ِ ّ كيف أرسم للروح بسمةً وداخل الروح توابيت لم أركنها في القبر منذ أربعين شتاء؟ ما م َرّني نسوة إال وذكرتك فمسختهن بنورك قديسا ال يعرف النساء ً وعكفت في الذكرى يا امرأة.. ما كان غيابك إال تمائم نزعتُ ها كفرً ا بكفرك واغتسلت بصمتِ ِك القدسي ُ ألعيدك لمسارات األوردة المتيبسة وأعيد للّيالي أقمارهن البيضاء عصي أنا على االنكسار ٌّ وتعرفين كم خلقت من طحين الحياة األسود خبزً ا أطعمه النهارات الماضيات.. هل أَ ْنك َِسرُ وأنت جبيرة وبك الدواء..؟! * شاعرة من السعودية.
104
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
الخطر مجتمع ِ ُ ■ ترجمة :املهدي مستقيم*
فــي ح ــوار مــع الفيلسوف الـفــرنـســيّ ل ــوك فـيــري 1952( Luc Ferryم) ،الــذي شغل منصب وزيــر التربية الوطنيّة في عهد رئيس الــوزراء جون بيار رافــاران ما بين العا َميْن 2002و2004م ،وال ــذي أج ــراه كلود كابليي ،Claude Capelierوتــمّ استنباطه بتصرّف من كِ تاب «تاريخ الفلسفة األجمل» La Plus belle histoire de ،la philosophieالصادر في العام 2014م عن دار روبير الفون الفرنسيّة ،دا َر الحوا ُر بشكل أساس حول السؤال اآلتي« :كيف انتهى بنا األمر إلى هذا الوضع الجديد؟ ٍ قريب ركائ َز وقت ٍ لماذا أصبحنا نرتاب من مُ ثُ ٍل كانت العقول المُ ستنيرة تعدُّ ها إلى ٍ الحضارة األوروبيّة؟ فيري ،الذي هو من أشهر الفالسفة ل ــوك فــيــري إل ــى كــفــاءة وحــنــكــة على
الفرنسيّين فــي عــصــرنــا إل ــى جانب مستوى البحث واإلنجاز األكاديميَّين، نخص بالذكر منها كِ تاب «الفلسفة ّ ميشال أونفري وأندري كونت سبونفيل ،والتي
يجيب بأنّ في هذا السؤال يكمن مربط السياسيّة» (في ثالثة أجزاء باالشتراك مع أالن رونو (1985-1984م) ،و«مقال الفرس ،ويسأل بدَوره عمّا إذا كان األمر ـاصــرة» فــي ُمــنــاهــضــة األنــســنــة ال ـ ُمــعـ ِ بنتيجة ٍ يتعلّق بتنك ٍّر للمُثل ..أو أنّه يتعلّق (1985م) ،و«لــمــاذا لسنا نتشيويّين» غير متوقَّعة لما يُمكن أن ينج ّر عن (1991م) ،و«اإلنسان اإلله أو في معنى مبادئ كهذه؟ الحياة» (1996م) ،وصوالً إلى «هايدغر، تُشير أعمال الفيلسوف الفرنسيّ
أوهــام التقنيّة» (2013م) ،و«االبتكار اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
105
الهدّام» (2014م) ،و«تاريخ الفلسفة األجمل» ،بها ،نتيجة تسارع وتيرة العَولمة التي يعرفها
باالشتراك مع كلود كابليي (2014م).
التقدّم العلميّ والتقنيّ ،بحيث نتجت عن
من سؤال كلود كابليي األمّ ،يجترح لوك هاتَين الحداثتَين تصادمات وتناقضات عدّة، تكتنفها في اآلن نفسه عالقات خفيّة .ومن فيري األسئلة ال األجوبة ،فيتساءل َبــدوره أجل استيعاب هذا الوضع الجديد الذي بات قــائ ـاً :هــل يرجع خوفنا إلــى ذلــك الخلل يرخي بظالله على الغرب المتقدِّم ،و ُِجب بشكل واسع، ٍ النَّاتج عن المرض المعروف أ ّوالً فهم كال الحداثتَيْن على حدة. والذي عهدنا على نعته بـ«مقاوَمة التغيير»،
أو أنّ األمــر يتعلّق ،على العكس من ذلك،
بمرحلة جديدة في تاريخنا ،منفصلة ك ّل
كتملة ودوغمائيّ ة حداثة أولى غير مُ ِ
تــتــفـرّد الــحــداثــة األولـــى بحسب فيري
االنفصال عن أيّ مخلَّف رجعيّ ،ومرتبطة بمجموعة مــن الــمــمـ ّيــزات الرئيسة التي بأقصى مُنتجات الحداثة التي بإمكانها أن تفضي كـ ّل واحــدة منها إلــى األخــرى .فهي
ٍ تؤهّ لنا لمستقبل أجمل؟ إنّها أسئلة حاسمة ..أ ّوالً ،تتأسَّ س على تصو ٍّر سلطويّ ودوغمائيّ بيد أنّ مــا يُمكن أن تــقـدّمــه مــن أجــوبــة ،للعِ لم؛ إذ كان العِ لم واثقاً من نفسه ،وذلك ستجعل سيناريوهات المستقبل مختلفة تمام بإحكام قبضته على موضوع دراسته الرئيس، االختالف. الذي هو الطبيعة ،ما دفعه إلى التمادي في
ومــن أجــل اإلجابة عن هــذه األسئلة ،أو الدعاية لقدرته على تحقيق التناغم ،وتحرير بشكل أوضــح ،يجدر بنا البشر ،والحرص على إسعادهم ،من دون ٍ على األقـ ّل تأمّلها والــكــام لفيري -أن نــشـدِّد على تقديم إخضاع ذاته لمحكّ النقد .كما كان يتعهّدالــنــصــح لــلــقــارئ الــكــريــم بــقــراءة «مجتمع بتخليص الناس من أتون الظالمية الدينية
الــخــطــر» ،بوصفه أهـ ـ ّم كِ ــتــاب أ ّلــفــه عالِم التي سيطرت على القرون الوسطى ،وذلك االجــتــمــاع األلــمــانــي إيــلــريــش بيك Ulrichبمنحهم المسوّغات التي من شأنها ،بحسب ،Beckويُمكننا بسط الخطوط المركزية التعبير الــديــكــارتــي الشهير ،أن تجعلهم
ألطروحته كما يلي :بعد الحداثة األولى التي كـــ«أســيــاد وأصــحــاب ملكية» لــعــالَــم يُمكن نمت بذورها في القرن الثامن عشر ،والتي توظيفه واستثماره في ك ّل ما من شأنه أن هَ يمنت على القرن التاسع عشر بأكمله ،يخدم انتعاشهم المادّي.
والتي ال تزال لم تكتمل إلى يومنا هذا ،تكون
لقد تجذَّ رت فكرة التقدّم بعد التفاؤل
مجتمعاتنا الغربية قد أقبلت على مرحلة الكبير الــذي روَّج له الِعلم ،وت ـ ّم تركيزها
106
جديدة ،تتّسم بالوعي بالمخاطر المُحدقة فــي عــبــارة دالّـــة على الــحـرّيــة والــســعــادة،
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
الديمقراطية البرلمانية والدولة األ ّمــة؛ ما هشاشتها الظاهرة بما هي مبدأ ،كما أثير أدّى إلى زواج العِ لم بالديمقراطية الوطنية :الحديث آنــذاك ،عن مسألة الحضارة في ألــم يحدث أ ْن كــان من البدهي القول إنّ شكلها المفرد ،وكأنّها أوروبيّة األصل بيضاء المتوصل إليها مــن قبل األولــى ذكوريّة. َّ الحقائق تُع ُّد صورة تعكس المبادئ التي تؤسِّ س لها
إنّ مجموع ما ِجئنا على ذكره أعاله من
ًّ الثانية ،وهي مسخرة لنا من حيث األصل؟ نقاط ،سيُمهِّد النبجاس الحداثة الثانية ،هذه إنّ ما ينطبق على حقوق اإلنسان بما هي األخيرة التي ستركن إلى الدخول في قطيعة
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
وجدت تجلّيها ّ يمس ،على الرّغم من ّ اللمع والمنطقي في إطار كانت ذرعـاً منيعاً ال
نقد نــزو ٌع َكــونــيّ صالح ،من حيث المبدأ على مع الحداثة األولى ،ليس كنتيجة لمفعولِ ٍ األقلّ ،لك ّل الكائنات البشرية ،بصرف النظر خارجي ،يعتمد نموذجاً اجتماعياًّ سياسياًّ
عن عرقها وطبقتها وجنسها ،ينطبق على جــديــداً ،بــل على العكس مــن ذلــك تماماً، القوانين العِ لمية بالسواء. وأعني بذلك استنادها الجذريّ على مبادئها الخاصة. ّ ولــع ـ ّل هــذا مــا جعل مــن هــاجــس إنتاج
الثروات وتقاسمها ،بؤرة اهتمام الدول العلمية
الديمقراطية .ومن ثمّة كانت إيقاعاتها كما سبق وأعلن توكفيل ،مؤسَّ سة على المساواة، أو باقتباسنا للصيَغ الماركسية ،إيقاعات
اللمساواة .وفي هذا الصراع ض ّد أشكال ّ
المخاض الصعب والحاسم في آن ،كان من
الـ ّـازم وضع الثقة في المستقبل ،إذ غالباً
ما كــان يت ّم إرجــاء المصاعب إلــى المرتبة
الثانية.
الحداثة الثانية :من االعتقاد في التقدم إلى مجتمع الخطر. ّ وعــن هــذه الـ ُمــفــارَقــة الهائلة ،الــتــي ما
تزال مكسوّة بااللتباس إلى اللّحظة ،يسأل كلود كابليي ،كيف باإلمكان تفسير انتهاء
الحال باألنسنة الديمقراطية ،المنبجسة شكل جديد من ٍ عــن األنـــوار ،إلــى تقمّص الــحــداثــة ،أعــقــبــه ان ــق ــابٌ عــلــى مستوى
المنظورية .فيجيب فيري قائالً :أ ّوالً ،في
يخص عالقة العِ لم بالطبيعة ،نحيل على ّ وفــي نهاية األمــر نجد الجمود قد بدأ ما يطبع األدوار االجتماعية والعائلية ،بل إنها الثورة الحقيقة التي شهدتها نهاية القرن
تــحـوّلــت إلــى مــا يشبه «الطبيعة»؛ ومثال العشرين ،إذ منذ ذلك الحين لم نعُد نميل ذلك أنــواع التمييز الطبقي والجنسي ،من إلى إرجــاع األخطار الجسيمة التي تحدق
دون أن نتحدّث عــن االخــتــافــات اإلثنية ،بنا إلى الطبيعة ،وإنّما (لألسف) إلى البحث التي استم ّر الواقع في التعامل معها كما لو العِ لمي ،حيث لم نعُد نراهن على الهَيمنة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
107
على الطبيعة ،بقدر مراهنتنا على إحكام تزايد وتيرة هذا النموّ .هنا بك ّل تأكيد يظهر
قبضتنا على البحث العِ لمي ،ذلك أنّ العِ لم ،س ـ ّر نجاح أولــئــك الــذيــن يــريــدون إقناعنا، وألوّل مرّة في تاريخه ،أصبح ينتج للجنس شأن جمهوريّينا الجدد ،بأنّه تمّت إمكاناتٌ البشري مسوّغات دماره وأفوله ،وهذا غير للرجوع إلى الوراء ،وأنّ التحالف القديم بين وارد بالنسبة إلى المجتمعات الحديثة التي العِ لم واألمّة والتقدّم مسألة ينحصر تحقّقها
باتت تعاني من مخلّفات االستثمار الصناعي في «المدنية» و«اإلرادة السياسية» ..كم للتكنولوجيات الحديثة ،بل يحصل أيضاً ،بودّنا تصديق ذلك! ،وخصوصاً أنّ شحنة ال عندما يت ّم توظيف هذه التكنولوجيا من قِ بل بأس بها من التعاطف تُرافِ ق حتماً أقوالهم غيرنا .وإذا كنّا اليوم نشعر بالتهديد أكثر المفعمة بالحنين. من أيّ وقت مضى ،فذلك يرجع ِلوَعينا بأنّ
اإلرهاب بإمكانه أن يمتلك من اليوم -أو في
وقت قريب -األسلحة الكيماوية ،بل وحتّى
النووية المروّعة .لقد بات العِ لم الحديث بفروعه وتفعيالته كلّها متملِّصاً منّا ،وقوَّته
الماحقة صارت تبعث فينا الدهشة.
بنا ًء على ما سبق ،وأمام هذه «السيرورة
نحس أنّه ما ّ َولمة تجعلنا فاقدة الــذات» لع ٍ من حَ وْكمة عالمية بإمكانها التحكّم فيها،
فــإنّ مجال الدولة /األ ّمــة ومجال األشكال
أمــام هذا التطوّر الــذي شهدته البلدان األكثر تقدّماً ،تنتصب مسألة توزيع الثروات إلى أن تُرجأ إلى مخطَّ ط ثانوي ،هذا ال يعني أنّها قيد األفول ،وإنّما يعني أنّها تضعف إلى ح ّد االندثار أمام حتميّات التضامن الجديدة، نظراً لتفاقُم أخطار ترتفع وتيرتها بموازاة تعولمها وانفالتها من قبضة الدولة /األمّة، ومن أساليب العمل الديمقراطي المعهودة. أخــيــراً ،ونتيجة نــقـ ٍـد ذاتـــي ،أو بتعبير
التقليدية للديمقراطية البرلمانية بدأ يضيق ،أفضل نتيجة تأمّل ذاتــيٍّ ذي طابع معمّم، حتّى ال نقول إنّه فقد قيمته .لم تقف سحابة توضع األدوار االجتماعية القديمة على
تشيرنوبيل بفعل معجزة جمهورية اخترقت محكّ السؤال؛ فتتوقّف ،نتيجة اختاللها، بشكل ين ّم عن تعرّضها لالختراق ٍ ح ــدود فرنسا .كما أنّ الــســيــرورات التي عن الظهور تحكم النم ّو االقتصاديّ ،أو األسواق المالية ،من قبل طبيعة خــالــدة ،وتشهد على ذلك لــم تعُد هــي األخ ــرى تخضع ألوام ــر ن ـوّاب األوجه العديدة التي تتقمّصها حركة التحرّر الشعب الذين توقّفوا عن إخفاء عجزهم عن النسوية ،وغيرها من الحركات المُطالَبة
االلتزام بالوعود التي يودّون تقديمها ،أمام بالمصادقة على مطالبها الجديدة. * أستاذ /باحث -المغرب.
108
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
المرأة معنى الحياة والحب والنماء واإلشراق، وحبيبة ومشروعُ حياة ٌ والوطن امرأة بمعنى من المعاني ،والقصيدة أمٌ
عــاء أحمد السيد الشهير بعالء جانب ،شاعر مصري ،ولــد في 25ديسمبر عام 1973م في قرية عرابة أبو دهب التابعة لمحافظة سوهاج ،حصل على المركز األول ولقب أمير الشعراء في جائزة أمير الشعراء من هيئة أبــي ظبي للثقافة والتراث بدولة اإلمارات العربية المتحدة عام 2013م.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
المصري عالء جانب الشاعر ُّ ُ
حصل على ليسانس اللغة العربية من كلية اللغة العربية -جامعة األزهــر بأسيوط بتقدير ممتاز عام 1996م ،والماجستير في األدب والنقد الحديث عن موضوع :شعر الدكتور سعد ظالم دراسة تحليلية نقدية ،من كلية اللغة العربية جامعة األزهــر بالقاهرة بتقدير ممتاز عام 2002م ،كما نال درجــة الدكتوراه في األدب القديم عن موضوع (الصورة الفنية في قصيدة المدح بين ابن سناء الملك والبهاء زهير ..تحليل ونقد وموازنة) بمرتبة الشرف األولى مع التوصية بطبع الرسالة وتبادلها بين الجامعات ،ويعمل حاليا أستاذًا مساعدً ا بكلية اللغة العربية قسم األدب والنقد -بجامعة األزهر.صدر له أربعة دواوين شعرية هي «أنا وحدي» عن دار كاسل للطباعة عام 2002م، و«ولد ويكتب بالنجوم» عن دار التالقي بمصر عام 2011م ،و«القط التوت» عن دار روعة بمصر عام 2013م ،و«متورط في الياسمين» عن أكاديمية الشعر بأبي ظبي عام 2015م ،كما له تحت الطبع :ديوان «لم يفهموك». شــارك فــي كثير مــن المهرجانات ،وحصل على العديد مــن ال ــدروع والجوائز واألوسمة وشهادات التقدير ،وكُ رِّم من عدة بلدان عربية منها :الكويت واإلمارات والسعودية والـعــراق ولبنان وسلطنة عـمــان ،وهــو عضو لجنة الشعر بالمجلس األعلى للثقافة ،وعضو مؤتمر أدباء مصر منذ عام 2013م وحتى اآلن. ■ حاوره :أحمد الالوندى
¦حدثنا عــن نشأتك وم ــدى عالقتك بقريتك عرابة أبو دهب؟ ρ ρنشأت نشأة أي طفل ريفي ،مشيت
حافيًا في الطريق ،وربيت الحيوانات، وركبت الجمل ،والفرس ،والحمارة، ومشيت على جسر الزراعة ،غير أن اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
109
األكثر تأثيرًا في روح ــي هــو منظر الــغــروب ،ومنظر الــقــمــر ،الــطــريــق إلى بيوت أخوالي قصيدة النثر أقبلها ،وال أنكرها فــي نــجــع مــجــاور أدبيا جميال ،مع بوصفها شكال ًّ كان طريقًا جبل ّيًا اختالفي على تسميتها. ب ــي ــن ال ــم ــق ــاب ــر، الدراما نضج في الشعر ،يبتعد به وقبل الكهرباء كنا عن الخطابية والمباشرة ،ويرتفع نذهب بعد العشاء به إلى الخيال اإلنساني الحساس أنــا وأبــي أو أحد ¦هـ ـ ـ ـ ـ ــل ت ـ ـ ـك ـ ـ ـبـ ـ ــرت إخــوتــي أو أبــنــاء عليك القصيدة يومً ا عــمــي م ــن خــال وصارت عصية وممتنعة عنك؟ هذا الطريق الذي كان مليئًا بالعفاريت، واألساطير في عقلي وفي مخيلتي طبعًاρ ρ .هـ ــذا يــحــدث م ــع أي شــاعــر حقيقي، فالمسألة لو كانت إقامة وزن وإعــراب ¦م ــا ه ــو ال ـش ـعــر م ــن وج ـه ــة ن ـظ ــرك؟ وهــل وقافية وصــورة كيفما اتفقت أسهل من لــه ضـ ــرورة فــي حـيــاتـنــا؟ وك ـيــف أصبحت التنفس بالنسبة لي ،لكن الشأن في أن شاعرً ا؟ تجد في نفسك حاجة إلى قول الشعر، ρ ρقلت ذات قصيدة: بحيث يصبح الكتمان مــراد ًفــا للوأد ،ثم راض عن تطوري وخطواتي التي أنا ٍ طامح في ٌ أحسبها جيدة ،لكني تحقيق قصيدة تسكن وجدانات الناس.
والــقــصــيــدة ،الــمــرأة معنى الحياة والحب والــنــمــاء واإلشــــراق، والـــــــوطـــــــن امـــــــرأة بمعنى من المعاني، والقصيدة أم وحبيبة وم ــش ــروع حــيــاة ،كل ش ــع ــري أو جُ ـ ـلّ ــه ال يــبــتــعــد ع ــن ال ــم ــرأة والوطن.
الـشـعــر أن تـلــد الـقـصـيــدة ربـهــا في سكرة الشبق المعتق في األلم والعشق أن تجد العشيقة نفسها صنم ًا فتعبد من تعبد للصنم أحلى القصيدة أن تكون عشيقة ¦لـمــاذا تكتب الشعر العمودي فقط؟ وما حـتــى تلقنك الـفـنــاء فــمً ــا لفم هو موقفك من قصيدة النثر وهل يمكن فاغرس حروفك في البياض وروّها أن تكتبها؟ ال موت للحرف الذي يسقى بدم ρ ρأنا أكتب الشعر بكل أنواعه ،حتى القصيدة تجد عندك من لغتك ما يعبر عنك كما تريد ،ال كما يريد لك الــوزن أو تسوقك إلــيــه اللغة ،وهــنــا تكمن صعوبة الشعر وتأبيه.
¦حدثنا عن تجلي صورتي المرأة والوطن في قصائدك؟ ρ ρثالثة تتماهى حتى تتحد :المرأة والوطن
110
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
العامية أكتبها ،إال المسرح الشعري فلم يخطر لي أن أكتبه ،مع حبي الشديد لهذا الفن ،أما قصيدة النثر فأنا أقبلها ،وال
¦ال ـعــالــم بـ ــدون ال ـش ـعــر خ ــراب..ك ـي ــف تــرى ذلك؟
ناقصا بدونه، ً ρ ρكل مهتم بشيء يرى العالم ويرى أن فنه وصنعته ستسد النقص في بناء العالم ،وال شك أن الشعر بالنسبة ¦حـصـلــت عـلــى ال ـمــركــز األول ول ـقــب أمير ال ـش ـع ــراء م ــن هـيـئــة أبـ ــي ظ ـبــي لـلـثـقــافــة لي أمر مهم ج ّدًا ،وفي المقابل قد يكون والـتــراث عــام 2013م ،صــف لنا إحساسك لغيري شيئًا ترفيه ّيًا وتافهًا ،لكن العقالء بـعــد ف ــوزك بــالـجــائــزة؟ وه ــل كـنــت تتوقع قد اتفقوا على أن الشعراء أبعاض أنبياء. ذلك؟ ¦اذكر لي موقفً ا أثر فيك وما تزال تذكره؟ ρ ρأما التوقع فقد كنت أتوقع لكن ليس بنسبة ρ ρالمواقف كثيرة ،المؤلم منها والمفرح، ،%100ألن ذلك أمر غيبي ال يعلمه أحد الدامع ،والمبتسم ،والباكي فرحً ا ،والصارخ إال اهلل ،أمّا وقد صارت األمور إلى الخير جزعً ا ،الوتر مشدود دائمًا ،لذلك كل نقرة فقد كنت فرحً ا ج ـ ّدًا بفوزي بالجائزة، بريشة الزمن تحدث نغمًا ما ،لكني أحب فمن ناحية مثلت شعراء بلدي تمثيال يليق ذكرى هبَّة الشعب المصري في يناير. كما أظن ،ومن ناحية أخرى حققت حُ لمًا ¦ف ــي ق ـصــائــدك درامـ ـ ــا ..ه ــل ه ــذه ال ــدرام ــا راودني منذ انطالق المسابقة. تجذب القارئ أو المستمع؟ ¦م ــاذا تـمـثــل لــك الـقـصــائــد ال ـتــي ألقيتها
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
أنكرها بوصفها شكال أدب ّيًا جميال ،مع اختالفي على تسميتها قصيدة.
تتفاوت أشعارنا إذاً؟ دائمًا هناك افتراضي يجلس عن كثب يترقب مــاذا نكتب ،قد يكون هذا االفتراضي أنا ذاتي ،وقد يكون غــيــري ،الــقــارئ عفريت يسكن اإلب ــداع، والفنان نفسه ينشطر أثناء الكتابة إلى أصل ومرآة.
ρ ρالــدرامــا نُضج في الشعر ،يبتعد به عن الخطابية والــمــبــاشــرة ،ويــرتــفــع بــه إلى ρ ρتمثل مرحلة من مراحل نضج القصيدة الــخــيــال اإلنــســانــي الــحــســاس ،فاللفتة عندي ،لكنها تبقى قصائد كغيرها ،وقد الدرامية الــواحــدة خير من خطابة مئة قلت من قبل إن البرنامج لم يُخرج أفضل صفحة. مــا لــديّ مــن الشعر، آنذاك على مسرح شاطئ الراحة؟
¦ه ــل ت ـضــع ال ـق ــارئ فــي اعتبارك وأنــت تكتب القصيدة؟ ρ ρبالطبع ..فالقارئ شــريــك ف ــي نــتــاج الـــــنـــــص ،لـ ــمـ ــاذا
القارئ شريك في نتاج النص ،ولذا تتفاوت أشعارنا
المعارف النقدية إذا طغت في ناقدا ،وإذا كانت تقف ً تأثيرها كنت خاشعة لموهبة الشعر بحيث ال تتغلب عليها فأنت الشاعر!
وإنما اخترت له من القصائد ما يناسبه. ¦مـ ـ ـ ـ ــا هـ ـ ـ ـ ــي أه ـ ـ ــم الكتب التي أثرت في ذائقتك وأسهمت في نمو تجربتك؟
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
111
ρ ρسؤالك صعب ..ألن المؤلف الواحد له عدة كتب ،وأنا مفتون بكثير من الكتَّاب، كمحمود شــاكــر ،وطــه حسين ،والعقاد، ومــحــمــد ع ــب ــده ،والــشــيــخ مــحــمــد زكــي إبراهيم ،ومئات غيرهم.
يذكرني بالموت دائمًا مع علمي أنه يفتح للحياة نافذة جديدة ،ال شك أن السفر والقراءة هما وسيلتا الخروج من كل ضيق إلى متسعات مذهلة. ¦ه ــل أنـ ــت راض ع ـم ــا وصـ ـل ــت إلـ ـي ــه؟ وم ــا
¦أنت تعمل في جامعة األزهر بقسم األدب والـنـقــد أس ـت ــا ًذا م ـســاعــدً ا ..إل ــى أي مــدى أفادتك معارفك النقدية في الكتابة؟ ρ ρالرضا بمعنى اكتمال المشروع ال ،لكني الجديد الذي أضفته للشعر؟
راض عن تطوري وخطواتي التي أحسبها ٍ
ρ ρالمعارف النقدية إذا طغت في تأثيرها جيدة ،لكني طام ٌح في تحقيق قصيدة كــنــت ن ــاقــدًا ،وإذا كــانــت تــقــف خاشعة لموهبة الشعر بحيث ال تتغلب عليها فأنت تسكن وجدانات الناس. الشاعر ،أنا دائمًا في قلق على موهبتي من ¦م ــا ال ـ ــذي ي ـن ـقــص عـ ــاء ج ــان ــب ال ـشــاعــر طابع األكاديمية ،فاألكاديميون يحسبون واإلنسان؟ كل شــيء ،والشعراء ال يحسبون حساب ش ــيء ،ه ــؤالء علميون ونــحــن شعريونρ ρ ،وقت لقراءة األدب العالمي بلغاته األصلية. والشعر ضد العلم كما يقول ريتشاردز في ¦هل لك جمهور أم قرَّ اء؟ كتابه القيم «العلم والشعر». ρ ρأفهم تفرقتك بينهما بالطبع مع أنهما ¦ما الذي يقلقك؟ واحد ،لكن بناء على فهمي لسؤالك ..نعم ρ ρالوطن ومستقبله ..أكبر قلق عندي جمهور يأتي ألمسياتي بالمئات،
وجـ ـه ــي ل ــوج ــه اهلل ي ـش ـكــو بـثــه وبمصر شعب في انتظار مصيره ومتابعين لليوتيوب والفيس بوك والتويتر. وط ـ ـ ــن وح ـ ـ ــق اهلل ل ـ ــم أر ق ـب ـلــه وط ـن ــا ي ـج ــدّ ب ـن ــوه ف ــي تــدم ـيــره ¦رســالــة توجهها إل ــى صعيد م ـصــر ..مــاذا وعــنــدي ق ـ ـرَّاء فــي شــتــى بــقــاع األرض،
¦هــل يمكن للكتاب اإللـكـتــرونــي أن يكون بديال للكتاب الورقي؟ ρ ρبالنسبة لنا ال ،وسوف تسأل هذا السؤال معكوسً ا ألوالدنا بعد ذلك. ¦ماذا يمنحك السفر وماذا يأخذ منك؟
112
ρ ρأحب السفر ج ّدًا ،وأكره مواعيده ،السفر اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
تقول له؟ تمسَّ ك بقيمك ،فأنت هويتنا أيها الجنوب، يا مصدر الحضارة ،وواضع الحجر األول في معابد الحب ،يا أبا النهر ،والشمس، والجباه العنيدة ،كن ظهيرًا لمصر أظهرها اهلل على عدوها.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
الشاعرة اعتــدال ِذكـر اهلل تمخضت تجربتي الكتابيَّ ة، لوال النقد لما َّ انتباهَ القارئ الفَ ِطن وج ،وال لفتت ِ وما دخلت طورَ النُّ ُض ِ
اعتدال موسى ذكراهلل ..شاعرة سعودية من مواليد األحساء ،الهفوف1976 ،م.. أثرت المكتبة الشعرية العربية بعدد من الدواوين الشعرية ،من دواوينها« :تراتيل الــروح في زمــن الغربة1424 -ه ــ» و« أينعت األش ــواق1427 -ه ــ» و«أغــاريــد البالبل/ ُك عشقاً1432 -هــ» ،وصدر لها مؤخرا ديوان شعر لألطفال1428 -هـ» و«استمطرت َ الديوان الخامس بعنوان «وإنني في الحب ال أتعفف!!» عن الدار العربية للعلوم بـيــروت ،ولها الكثير مــن المشاركات فــي األمسيات الشعرية على المستويينالمحلي والـعــربــي ..وعندما تحضر فــي منبرٍ شـعــري ،دائـمـ ًا توثق هــذا الحضور وتميزه بثقة وإضافة جديدة ،وطموحها ليس له حدود مع القصيدة« ،قصيدتها صوتها ..صوتها قصيدتها» ،..رأيها وموقفها نابع من إيمانها الــذي يتكئ على حي ،بهيكليةٍ الشع َر كائنٌ ٌّ ثقافة تتسلح بعمق أصالتها ،تقول ...« :كلي يقين أن ِّ الشعُ ور، وأساسه ُّ ُ أسه عُ ضويَّة ٍ مُ تكاملة ،ينمو ،ويتطوَّ ر ،ويمرض وال يموت! ما دام ُّ والح ُّس ،واإلحساس ..ووفق معاييره التنظيميَّة المُ حافِ ظة فيه على والعاطفةِ ، تفرُّ دِ ه من بين فُ نون األدب ،»!..هذه الديباجة ،نافذة لحواري مع «شاعرة األحساء».. ■ حاورها :عمر بوقاسم
لوال النقد ..يظل العمل األدبي ناقصاً!..
لــدواويـنــك الـشـعــريــة ،منها مــا نشر
¦هناك قراءات نقدية قام بها عدد من
عـلــى الـصـحــف الـمـحـلـيــة والـعــربـيــة
النقاد واألكاديميين محليا وعربيا
أي ـ ـض ـ ـاً ،ف ـم ــن ه ـ ــذه ال ـ ـ ـقـ ـ ــراءات ك ــان اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
113
أع ــرجــاً ،وال يمكنه بمثابة االحتفاء الموهوب في إمكانه أن يكتُ َب َ الشاعرَ َّ التَّحلي َق فــي فضاءِ ب ــاس ـم ــك ك ــام ــرأة قصة ،ولكن الروائي النَّ اثر رواية ،أو َّ الـ ـ ــوجـ ـ ــودِ ،وعـــالـــمِ اسـ ـ ـتـ ـ ـط ـ ــاع ـ ــت أن الشعر ال يمكنه أن يمتطي صهوة ِّ اإلمــــــكــــــان !..وف ــي ت ــرس ــم ح ـضــورهــا وباألخص العمودي الخليلي. ِّ أعماق ك ِّل مُبدِ ٍع يكم ُن بتميز في الساحة ود ِّي السعُ ِ التربية والتعليم ُّ ِ إقرارَ وزارةِ نــاق ـدٌ .يــقــرأ ُ ،يُــق ـ ِّومُ، الـ ـشـ ـع ــري ــة ،وم ــن الشعريَّ ة نصين من نُ صوصي ِّ تدريس َّ َ يُشذِّبُ ،ويُهذِّب! ومن ه ـ ـ ــذه ال ـ ـ ـقـ ـ ــراءات في مناهج التعليم الرسمية في هنا تستطيع أن تج َد ناه َضةٌ وتعزيز دور الدولة ..خطوةٌ ِ أي ـض ـ ًا م ــا حــاولــت السعودي في تشكيل واقعنا األديب ُّ اعــتــدا َل الــشَّ ــاعــرة.. أن ت ــدخ ــل عــالــم ثقةً أشبعتني ها نُّ وأظ ُ المحلي، التربوي حيثُ إضاءاتُ التَّأثُّـرِ ال ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ــرة م ــن أكتب. ما ة ِ بواقعيَّ من بين ثنايا النَّقدِ ، خـ ــال الـقـصـيــدة والـــــرَّد !..وأظـــنُّ أنَّ وعـ ـ ـ ـ ــوال ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــا الشَّ اعرَ ،أو الكاتبَ الذي ال يأبَـ ُه بالنَّقدِ ، وفنياتها ..هــل اسـتـطــاع النقد أن يصل واالنتِقاد ،ويتجاه ُل الرأيَ ،وال يهت ُّم بوقعِ أو يضيء للشاعرة اعتدال ذكــراهلل زاوية ـص لــدى المُتلقِّي .ويخشى األثــرَ.. الـ َّنـ ِّ «ما» في فضاء الشعر ،أم أنك ال تهتمين مَعتُوهاً إبــداعـ َّيـاً!! يحتا ُج إلــى مُعالجة بالنقد وال تخشينه؟ فِ عليَّة يتشفى فيها من وَعَ ـ ِـك التَّوجُّ ِس، ـص ال ـنُّ ـ َّقــاد ،وت ــذ ُّو ُق ρ ρلــوال النَّـقدُ ،وتــفــحُّ ـ ُ الل مُباالة! ونرجسيَّةِ َّ ِ الفنِّيين المُحترِ فين ،وال ُقرَّاءِ المُجيدِ ين ِّراسات ِ وصي الشِّ عريَّة في تلك الد ُص ِ لن ُ جوهر التواصل!.. النقدِ يَّة ،والــقِ ــراءات الف ِّنيَّة ،واإلشــارات ¦أق ـ ـمـ ـ ِـت أمـ ـسـ ـي ــات ش ـع ــري ــة فـ ــي ع ـ ــدد مــن االنــطــبــاع ـ َّيــة ،لــمــا تــمــخَّ ــضــت تجربتي المنابر كاألندية األدبـيــة والمهرجانات ـضــوجِ الــكــتــاب ـ َّيــة ،وم ــا دخــلــت طـــو َر ال ـنُّـ ُ الثقافية ،طبعا هــذا التواصل المباشر اإلبداعي ،وال لفتت انتبِاهَ القارئ الف َِطن، م ــع الـ ـق ــارئ «ال ـج ـم ـهــور» ل ــه الـكـثـيــر من ونالت استحسانكم عن بُعد لنكو َن هنا األه ـم ـيــة ل ـل ـشــاعــر ،ف ـهــو ي ـت ـعــرف كيفية معاً في هذا الحوار!! وص ــول قصيدته لــآخــريــن ،وم ــدى األثــر
114
فالنَّق ُد مِ حو ُر العَمليَّةِ اإلبداعيَّة ،ومدا ُر اإلنتاجيَّةِ الجماليَّةِ الفاعلة، ِ تكامُليَّةِ بديناميكيَتِها ذات األثــرِ ،والتَّأثير .ومن باهتاً، دونها يظ ُّل العم ُل األدبيُّ ناقِ صاًِ ، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ال ــذي تركته القصيدة مــن خــال درجــة ال ـ ـت ـ ـفـ ــاعـ ــل ،..الـ ـش ــاع ــرة اع ـ ـ ـتـ ـ ــدال ..هــل تؤيد وتــؤكــد أهمية مثل هــذه األمسيات الشعرية؟
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
ــــــك ρ ρمــــمــــا ال شَ َّ فـــيـــه! وأظُ ـ ـ ـنُّ ـ ــكَ س ــأل ــتَ وأج ــب ــتَ ه ـ ــن ـ ــا!! فــيــبــقــى تعزيز دور األديب ومنصاتُ َّ المِ نبرُ، معزل عما ٍ المرأةُ المبدعة ليست في السعودي!.. اإللـــــقـــــاء ..عــبــر يُ حيطها من أحداث ،وشؤون البلد.. ¦اع ـت ـمــد م ـشــروع الـ ــمـ ــلـ ــتـ ــقـ ــيـ ــات واستطاعت أن تترجم تمازجها الـ ـتـ ـط ــوي ــر ال ـش ــام ــل ال ــج ــم ــاه ــي ــري ــة، بالحدث عبر كتاباتها وبحوثها لـلـمـنــاهــج الــدراس ـيــة ومـــــبـــــاشـــــريَّـــــة وحضورها على كافَّ ة األصعدة. ل ـطــال ـبــات الـمــرحـلــة ال ـ ُمــتــلــق ـيَ ـيْــن من أعدها الشخصيَّ ة..التي ُّ مكتبتي َّ االب ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــدائ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــة ف ــي ُــرتــكــزات ِ أهــــ ِّم م نوات، الس ِ وخزائن َّ َ ثروتي العُ ُم ِريَّ ة الـ ـ ـسـ ـ ـع ـ ــودي ـ ــة ال ـ ـ ــذي َّواصل اإلنتاجي الت ُ وعلُومَ الدنياُ ، معارف ُّ َ أنهل منها ُ ت ـعــده وت ـن ـفــذه وكــالــة النَّاهض للكاتب.. المجل ََّد الثُّ قاة ..أتصفَّ ُح فيها ُ التخطيط والتطوير وصغارَ الكُ تيِّ بات. خمِ ، الض َ َّ شــاعــراً كـــان ،أم ف ــي وزارة ال ـت ـع ـل ـيــم، أديــبـاً في أيٍّ من ون األدب فن من فُ نُ ِ ألي ٍّ أنا ال أتنكَّ ر ِّ الشعر الحديث ن ـ ـص ـ ـيـ ــن ل ـ ـل ـ ـشـ ــاعـ ــرة نوف ِّ وكل ُص ِ ُف ـ ـنُـ ــون األدب ..العربيُّ .. اعـتــدال ذك ــراهلل ،هما فــمــن خـــالِ تلك (حر / جميلة بكافَّ ة مسمَّ ياته ُ «وطـنــي» و«معلمتي»، الــلــقــاءات يتم َّك ُن مُ رسل /تفعيلة /مُ طلق /حديث / ـص ـ ـ ــان م ــن ـص مُ عاصر) ..ولكن ال تقل قصيدة نثر!! وه ـ ـ ـمـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ّ ال ـ ُمــرس ـ ُل ال ـ َّنـ َّ مـ ـجـ ـم ــوع ــة اع ـ ـتـ ــدال م ــن الــطُّ ــمــأنــيــنــة الـــشُّ ـــعُـــورِ يَّـــة من الـ ـشـ ـع ــري ــة «أغ ـ ــاري ـ ــد جوهر التَّواصل ،وكُنهِ العَالقةِ بينه وبين البالبل» ،هل سيكون لهذه الخطوة من اآلخر من محاور لغة الجسد ،والتلوين قبل الوزارة صدى على تجربتك الشعرية ـصــوتــي ،وتمثيل الــمــعــانــي ،ودرام ـ َّيــة الـ َّ موضوعيً ا وفنيً ا؟ الن ِّ نصين من تدريس َّ َ َّص ..وبالطبعِ ك ُّل هذا يتطلبُ المزي َد ρ ρإنَّ إقرا َر وزارة التعليم أدوات مُقابلة الجمهُور ،واعتالء ِ مــن نُصوصي الشِّ عريَّة في مناهج التعليم ـواصــل! ومــث ـ ُل هذه المِ نبر ،و ُقـ ــدرة ال ـ َّتـ ُ صها الرسمية في الدولة -بعد تفحُّ ُ اللقاءات تفت ُح العدي َد من النَّوافذ للمُرسل مــن اللجنة العلميَّة لمشروع الملك (الشَّ اعر) والمُتلقي (الجمهور) .وتخل ُق عبداهلل لتطوير المناهج -هي خطوةٌ ج َّواً من التَّفاعُليَّةِ اإلبداعيَّةِ المُشتركة. األدب السُّ عودي من ِ ض ٌة في تمكين ناه َ ِ أدعو لالنتباه إلى المسرح ،هذا الفن الجماهيري الحضاري النَّ اهض ِّ واالهتمام فيه في ظل تطور البلد في االتجاهات كافَّ ة!..
لــتــتــش ـ َّك ـ َل واق ــعِ ـ ـ َّيـ ـ ُة الـــحَ ـــد َِث بــتــكــا ُمـ ِلـ َّيــةِ العَالقة!
115
فن المسرح!.. ¦وأنــا أقــرأ سيرتك الــذاتـيــة «اإلبــداعـيــة».. ه ـنــاك م ــا يـشـيــر إل ــى ح ـصــدك لـلـجــائــزة األول ــى للتأليف المسرحي مــن جامعة ال ـم ـلــك ف ـي ـصــل ،ه ــل ل ـل ـشــاعــرة اع ـت ــدال أن ت ـبــوح لـنــا عــن تـجــربـتـهــا فــي الـفـضــاء المسرحي؟
116
مناهجنا التعليميَّة ،وتعزيز لدور األديب السُّ عودي في تشكيل واقعنا التربوي المحلي ،وأظُ نُّها أشبعتني ثق ًة بواقعيَّةِ وتواصليَّةِ العمليَّةِ اإلنتاجيَّة ُ ما أكتب! الفكريَّة بِهدفيَّةِ التَّعاطي مع الكلمةِ ـاعــلــة ،وأ َّنــهــا لتجرب ٌة عميق ٌة في الــفـ ِ الملموس ِ الولوجِ لِعالمِ اإلنجازِ الفعلي واقِ عاً ،ولِترداد الكلمات الشِّ عريَّة على الطالب والطالبات في مدارس ِ ألسن وهــجَ ــر مناطق المملكة قــرى ومُـــدُن ِ األث ــر األعــظــم فــي مراقبة مسؤوليَّة الكتابة ،والتَّعامُل مع اللُّغةِ ،والحرف.. وإن جــاءت ببساطة الفكر الطفولي، وسالسة األسلوب المُنتقى وقتها. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
األدب ِ ρ ρيُع ُّد فنُّ المسرح من أرقى ُفنُون وبرؤية ٍ العالميَّة والتي من شأنها أن تسهم بائِنة ،مُستبانة ،جليَّة األثر في تهذيب ُوك البشري ،وتأدُّم الفِ علِ ،وتأنسُ نِ السُّ ل ِ األطباع ،ومن خاللِ مشاهده الدَّ رامِ يَّة ال ُمتَّصلة بالواقع المُعاش يتم ّك ُن من َّحضر ،والتَّمدُّن الفكري تأدية رسالة الت ُّ الــ َّن ــاه ــض ..ولــقــد أجــــدَت ُمــحــاوالتــي اإلنتاجية في التأليف المسرحي نفعاً، ُختصين في هذا ونالت استحسا َن الم ِّ شغف بكل ما هو جميل.. ٍ الفنِّ في لحظةِ حيث كنتُ حينها مُشتتة الكتابات ما بين وشــعــراً.. فنون األدب ،وأطيافه نــثــراًِ ، فكتبتُ نصوصاً مسرحية اجتماعية، وتوعويَّة ،ووطنيَّة ،وفي الطبيعةِ والتَّناغُم وجــمــال الــصــانــعِ عـ ـ َّز جــالــه! وكــانــت إسهاماً جا َّداً في تفعيل هذا الفن األدبي شبه الغائب عــن أدبــنــا المحلي ..وقد بعض نصوصي المسرحيَّة تلك ُ نُفِّذت على مــســارح (جــامــعــة الملك فيصل/ وكلية التربية /ومركز التعليم المستمر بمستشفى الملك فهد بالهفوف أثناء
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
حمالت التوعية بأمراض الدم الوراثية.
الشعريَّ ة ُغة ِّ وج الفَ نِّ ي لل ِ النُّ ُض ِ
وفي إدارة التربية والتعليم /ودار الرعاية ¦«تراتيل الروح في زمن الغربة1424 -هــ»، االجــتــمــاعــيــة) م ــع مــســرحــيــة شــعــر َّيــة و«أي ـن ـعــت األش ـ ــواق1427 -ه ـ ـ ــ» ،و«أغ ــاري ــد
إنــشــاد َّيــة لــأطــفــال بــعــنــوان «ســوســن»
و«بستان األحالم» التي أجازتها مُؤخَّ راً وزارة الثقافة واإلعالم للعرض بالتعاون مع الجمعية السعودية للثقافة والفنون -
فرع األحساء .وأرجأتها الحقا ألسبقيَّة نصوص مسرحية ،وتعذُّر التَّمويل المادي
البالبل /ديوان شعر لألطفال1428 -هـ»، ـك عـشـقـاً1432 -ه ـ ــ» ،وصــدر و«اسـتـمـطــر ُتـ َ مؤخر ًا الديوان الخامس بعنوان «وإنني في الحب ال أتعفّ ف!!» عن الدار العربية للعلوم -بيروت ..طبعاً ،مالمح تجربتك الشعرية بدت تتشكل من ديوانك األول
إلنتاجها درام َّياً!!
بخصوصية البوح وتميزه ..ولكن أجد أن
َهيب َّاب ذلك الفنِّ الم ِ وال أنسبُ نفسي ل ُكت ِ
شاعرتنا خصت ديوانها األخير بوصفه
ومُرتاديه ..غير أنني كتبته ،وحَ قَّقتُ من خالله أهدافاً فكريَّة ،اجتماعيَّة ،تربويَّة،
إبــداع ـ َّيــة ،جماليَّة سامية .وإ َّنــنــي هنا
ألجدها فرصة للدعو ِة لالنتباه إلى هذا
م ــرآة لـلـتـجــارب الـســابـقــة ،وبخصوصية مغايرة عنها على المستويين الموضوعي والفني .هل نحظى منك ببوح خاص عن هذه التجربة؟
الفنِّ الجماهيري الحضاري النَّاهضρ ρ ،المتت ِّب ُع تجربتي الشِّ عريَّة عبر مساري واالهــتــمــام فــيــه فــي ظــل تــطــور البلد الــكــتــابــي اإلنــتــاجــي مــع دي ــوان ــي األول
المنعكس في االتجاهات كافَّة.
«تراتيل ال ـرُّوح في زمــن الغُربة 2004م اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
117
118
حتى إصــداري الحديث 2017م «وإنَّني َّف» ،ووفق إطار زمني في الحُ بِّ ال أتَ َعف ُ قابل للتغيير ،والتطوَّر ..حتمًا سيالحظ تقاسيم المُغايرة في األخير ،إذ امتألت ُّضوجِ ال َفنِّي لل ُغةِ الشِّ عريَّة؛ نوعا ما بالن ُ قياساً على مستوى المحاوالت السَّ ابقة، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وت ــنـ ـوُّع هــيــكــلــة الــقــصــائــد ف ــي بُنيتِها التَّكوينيَّة ،بعد أن اقتصرت في الدواوين األربــعــة السابقة على الشكل البيتي العمودي ،التقليدي ،الخليلي ،الكالسيكي القديم ،وشيءٍ من التفاعيل المتناثرة في قصيدة األشطر !..فمع ديمومة القراءات المتنوّعة لتجارب الشُّ عراء المبدعين ـواصــل وتــتـ ُّبــع أساليبهم ال ـلُّــغــو َّيــة ،وال ـ َّتـ ُ المباشر الفوري معهم وبخاصة الشُّ عراء المغاربة المُعاصرين ،الذين صاغوا حبائل سبائك قصائدهم بمونتاجيتهم الف ِّنيَّة الفريدة في نوعها في قصائد التفاعيل المتكررة ،وفق نظام موسيقي مُمنتج في منأى عن عمودِ يَّة القصيدة الكالسيكيَّة، وأشطر التفعيلة ،وعدم التنازل عن الوزن َّص ،وقافيَّته ..وفي طليعتهم العروضي للن ِّ العلمة مُعلِّمي األوَّل لهذا الفنِّ الشَّ اعر َّ محمَّد علي الـ ـ َّر َّب ــاوي والــشَّ ــاعــر الف ِّذ محمَّد بنيِّس والشَّ اعرة المَجيدة أمينة المريني ..الذين استقيتُ من تفرُّدهم ما يشفي غليل الراغب تطوراً ،والقاصد إبــداع ـاً في فــضــاءات الشِّ عر الظَّ ريف، وحاولتُ تجديداً فيه ،واستمتاعاً بالكتابة الصوت التَّفاعليَّة أن أوظِّ َ ــف مصطلح َّ (حــس ،حسيس ،همس) في ومرادفاته ِ لحاالت ٍ ُترجمة خلق تجربة ِشــعــر َّيــة م ِ صور ِعدَّ ة .وتنوَّعت القصائد انفعاليَّة في ٍ في الديوان ما بين الوجدانيَّة ،والعاطفيَّة، والفلسفيَّة ،الصوفيَّة وأيدولوجيا الفِ كر المعرفي ،والقصائد القوميَّة العربيَّة في
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
تونس ،والجزائر ،ومصر والعراق .ومن مُكاشفات الشُّ عُور الشِّ عري االنفعالي فــيــه ،وإطـ ــاق حُ ــ ِّر َّي ــة ال ـبَــوح النَّفسي، ووجدانيِّة المونولوج التعبيري جاء عنوان الديوان!! فالعُرف السَّ ائد أن العِ فَّة من َّحضر البشري المُتأدِّمِ أسمى مفاهيم الت ُّ سُ لوكاً ظاهراً عَ يناً وعياناً؛ غير أننا في حــاجـ ٍـة شُ ــعــور َّيــة للتَّعري عــن مُالبسات التعبير االنفعالي ألحبابنا ،ومواقفنا الحياتيَّة ،وفي تعابيرنا ،وصور تعايشنا معاً وتعاشرنا المُؤنسن حياةً ،وشُ عُورا.. أمناً ،وأماناًِ ،سلماً ،وسالماً ..وإن ُقدِّر صــوره مع وعشنا الحُ بَّ بال تعفُّف في ُ َمــن نُــحــب ،ومــن دون حــواجــز التَّوجُّ س واللمُباالة بلحظة انتشاء ،وساعة ِعرفان َّ مع الوصل وتوابِعه فلنعلم جيداً ،ونتيقَّن أننا في النَّعيمِ الخالد! خصخصة الفنون!.. أميل إلى َّ ُ ¦أن ي ـك ـتــب ش ــاع ــر «مـ ـ ــا» رواي ـ ـ ــة أو ع ـم ـ ًا سردياً ،لم يعد شيئًا غريباً؛ فهذه الحالة أصبحت منتشرة في الساحات الثقافية العربية؛ فمن الكتّاب مَ ن يرفض وصف هــذه الحالة بالتحوّل ،بل يعده تواص ًال طبيعيً ا بين فضاءات الكتابة ،ومــن حق الشاعر أن يحضر في أي فضاء إبداعي، وأن هــذه الحالة ليست بالجديدة على ال ـش ــاع ــر ..وم ـن ـهــم مَ ــن ي ــرى أن ـهــا عـقــدة الـتـصـنـيــف ،ولـهــا سلبياتها الـتــي تعاني منها الساحة الثقافية ،الشاعرة اعتدال اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
119
ذكراهلل ،ماذا تقول في هذا االتجاه؟ ρ ρال أج ـ ُد هناكَ ما يمنع من الغوص في
وأمتعنا ،كــلٌّ حسب ما يجد متعته في ُفضلة لديه ..غير نقوشه ،وزركشاته الم َّ خصخصة الفنون ،والتَّفرغ إنِّني أمي ُل إلى َّ لفروعها ،والتَّفنُّن فيها فــي منأى عن شتات الموهبة ،وبخاصة عند متوسطي ِ اإلبداع!! فقديما ً قالوا« :الفَنُّ لن يعطيكَ بعضه إذا لم تعطه ُك ـلَّــك .»!..وأعتقد َ أنَّ الشَّ اع َر الموهوبَ إبداعا في إمكانه قصةً ،ولكن الروائي أن يكتُبَ روايـةً ،أو َّ النَّاثر ال يمكنه أن يمتطي صهوة الشِّ عر، وبخاصة العمودي الخليلي ،أو التقليدي، وربما هنا تتضح أفضليَّة سيِّدنا الشِّ عر على ُفنُون األدب ..وإن كــان هناك مَن يــنــادي ب ــأنَّ العص َر الـزَّمــنــي هــو عص ُر الرِّواية!! ال تقل قصيدة نثر!!
فنون األدب كتاب ًة ِشعراً أم نثراً ما دامت ¦«ال اعترف بــأن الشعر الحديث شعرا».. الموهبة حاضرة ،والقدرة على التَّعبير ه ــذه ال ـع ـب ــارة قــرأت ـهــا ف ــي س ـيــاق حــديــث مـ ـنـ ـس ــوب لـ ـ ـ ِـك ف ـ ــي إحـ ـ ـ ــدى ال ـت ـغ ـط ـي ــات قائمة بعناصرها المتباينة األطــيــاف! الصحفية ..ما بُعْ دُ أو اتجاه هذه العبارة؟ فلدينا العديد من األسماء الالمعة في
120
أعوام خلت!.. ٍ أدبنا المحلي ،والعربي ممن صــاغ من ρ ρالعبارةُ منشورةٌ منذ ثمانيةِ ومن الطبيعي أنَّ الفِ كر البشريَّ للفرد موهبته اإلبداعية أجمل عقود الجمال، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
المُنتِج في حالة نمو ،وتطور ،وتغيُّر!! وال أعني هنا االنفالت من تبعيَّة تلك العبارة، (المسرحية ،المقال ،القصة ،الخاطرة، أو نفيها ..ولكن للعبار ِة أبعا ٌد استقرائ َّي ٌة الحكم ،الوصايا) وال الخطابة ،األمثالِ ، تخص قائل ُها في حينها!! فالعِ بارةُ ُّ فردِ َّي ٌة يمكن للجنسين األدبيين أن يجتمعا معاً، نُشرت مفتوح ًة مُطل َقةً!! ومصطل ُح الشِّ عر وتصعب المقارنة بينهما ،فمن الممكن أن الحديث مصطل ٌح واســع مُتشعِّبٌ عند نطلق عليها نُصوصاً جماليَّة مفتوحة ..أو دارسي الشِّ عر ،فلربما كنتُ أعني وقتها وجدانيَّات ِغنائيَّة لطيفة أو نثريَّات َف ِّنيَّة النَّثر المُستشعِ ر!! أو ما تسمى بنصوص ُصوصاً تماز ُِجيَّة تناغميَّة بــارِ قــة !!.أو ن ُ الومضة ،أو الخطفة المطلقة ،أو البارقة إبداعيَّة جميلة. الــمــنــثــورة ..وربــمــا قــصــائــد (الــهــايــكــو) ترجمة سقيمة لثقافة أجنبية الــمــتــأثــريــن كـ َّتــابــهــا بــتــجــارب الــشــعــراء الفرنسيين واإلنكليز ،إبَّان عصر النهضة¦ ،مــن المالحظ أن قصيدة النثر هــي من وثورة األفكار ،أو انبثاق اإلبداع ..أو سمِّها تتصدر المشهد الشعري في الكثير من ما شئت!! فموقفي منها واض ٌح بائِـ ٌن جليٌّ المحافل الثقافية في الوقت الحالي.. ال تنازل عنه!! فالشِّ ع ُر ِشعر ،والنَّث ُر نثر.. فماذا تقولين؟ ولُكلٍّ منهما جمالياتُه الخاص ُة فيه؛ ف ِل َم ρ ρتس ُّي ُد هــذا الفنِّ في المشهدِ الشِّ عري خلطُ الحابلِ بالنابل!! وأنا هنا أعترف ـضــرور ِة أن يكون هو الظَّ اهرة ليس بــالـ َّ بهيكلية ٍ وكلي يقين أن الشِّ ع َر كائ ٌن حيٌّ ، التَّكوينيَّة اإلبداعيَّة الجماليَّة األصحّ !! أو عُضويَّة ٍ مُتكاملة ينمو ،ويتطوَّر ،ويمرض بالتعبير التقليدي المتداول بيننا حسب وال يموت! ما دام أ ُسُّ ه وأساسُ ه الشُّ عُور، س ،واإلحساس ..ووفق والح ُّ ِ والعاطفة، األعراف الشِّ عريَّة الثابتة أنها شرعيَّة في معاييره التنظيميَّة المُحافِ ظة فيه على تفرُّدِ ه من بين فُنون األدب عالميَّا ً!.. وأنا هنا ال أتنكَّر أليِّ فنٍّ من ُفنُونِ األدب نوف الشِّ عر الحديث ص ِ العربي ..وك ـ ُّل ُ جميلة بكافَّة مسمَّياته (حُ ر /مُرسل / تفعيلة /مُطلق /حديث /مُعاصر).. فالتناقض ُ ولكن ال تقل قصيدة نــثــر!! بائ ٌن من المُسمى!! كيف قصيدة!! وكيف نثر! !.ال يوجد في فنون النثر فنٌّ بمسمى اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
قــصــيــدة ..مــا درســنــاه مــن فــنــون النثر
121
رؤية الشِّ عر العربيِّ األصيل!! وإ َّال ماذا يعني خروجها عــن أس ــوار المسابقات اإلبداعية للمؤسسات الثَّقافيَّة المحليَّة والدُّوليَّة ،وخارج أسوار المناهج التعليمية وال ُّدرُوس األكاديميَّة إ َّال ما ندر!! وال تزال في طور الصراع المحتدم عرب َّياً!! وبيتُ القصيد هنا خالصة ما أشار إليه الناقد د .سلطان القحطاني في إحدى حواراته «قصيدة النثر ترجمة سقيمة لثقافة أجنبية» .وإن كان لها مُروجون وداعمون، خاصة َّ وأصبح لها ملتقيات ومسابقات فــيــهــا!! (ولــســنــا هــنــا فــي ص ــدد ســيــادة الفنون وصدارتها).
كــا َّفــة األصــعــدة ،وبمختلف مستويات التعاطي مع الحدث ..فللشِّ اعرة هدى الدغفق ،وهند المطيري ،وأشجان هندي
النخراط المرأة ِ من النُّصوص المُعبِّرة
األنثى في الشِّ ارع المحلي ،ولألستاذتين األكــاديــمــيــتــيــن لــمــيــاء بــاعــشــن ،وأمــيــرة
كشغري مع د .سُ هيلة زين العابدين حمَّاد
الصحفيَّة والبحوث الورقيَّة من المقاالت َّ المالمسة للواقع المُعاش ما يشفي ظمأ
الكثير من عطشى المعرفة ،وقاصدي الــحــقــائــق ..إضــافــة إل ــى اإلعــامــيــات
الـ َّنــاهــضــات الــنــاقــات الــظــروف بشتى
تحوالتها عبر اإلعالم المرئي والمكتوب منى أبو سليمان وبدرية البشر ،وسمر
تتناغم تلقائيَّ ا!.. ُ المبدعة المرأة ُ
المقرن وحليمة مظفر وبلقيس الملحم.
¦ه ـ ــل خ ـ ـطـ ــاب ال ـ ـ ـمـ ـ ــرأة اإلب ـ ـ ــداع ـ ـ ــي ت ــأث ــر
كر!.. الف ِ حي ِ مهبَ ُط وَ ِّ
بالظروف السياسية واالقتصادية؟ ρ ρمــن الطبيعي أنَّ العمليَّة اإلبــداعــيــة،
¦ه ــل ل ـل ـق ــارئ أن ي ـت ـعــرف ع ـلــى مـحـتــوى مكتبة الشاعرة اعتدال ذكراهلل؟
ُّ وبالذات فيما يخص الخطاب التعبيريρ ρ ..مكتبتي الشَّ خصيَّة هي مُستَقَــ ُّر ال ُّــروُحِ ، هي عمليَّة دِ يناميكيَّة ذات أثر وتأثير.. ـس ،ومهبَطُ وَح ــيِّ الفِ كرِ ، ومَلجأُ الـ َّنــفـ ِ
122
وأنَّ الــمــرأة الـ ُمــبــدعــة تتناغ ُم تلقائيَّا
فاف واصط ُ ِ س، الح ِّ اصطفاءات ِ ِ و َمــدا ُر
المحلي لتتشب َع بكافة تقاسيمه ،وأدق
ـات األمــلِ بِطُ مأنينةِ الــقــلـ ِـب ،واسـ ِتــفــاقـ ِ
معزل عما ٍ والمرأةُ اإلبداعية ليست في
المُتباين ُة االتِّجاهات ،والتي أعدُّها ثروتي
واستطاعت أن تترجم تمازجها بالحدث
معارف الدُّنيا ،و ُعل ُو َم الثُّقاة ..أتص َّف ُح َ
وظـ ــروف بيئتها ،وتــحــوالت مجتمعها
األُم ــن ــي ــات ...فيها تستكي ُن اللَّحظ ُة
تفاصيله وتتمازج معها فكراً ،ونتاجاً..
القابعِ على جَ فنِ الحياة ..فيها ُكتُبي
يُحيطها مــن أحـــداث ،وش ــؤون للبلد..
نوات ،منها انه ُل ال ُعمُرِ يَّة ،وخزائ َن السَّ ِ
عبر كتاباتها وبحوثها وحضورها على
وصغا َر الكُتيِّبات، الضخمَِ ، فيها المُجلَّ َد َّ
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
دواويــ َن الشِّ عر ،وشــرح المُعلَّقاتُ ،كتُبَ
ـداءات ِ الفلسفة ،و ُفنُو َن الحَ ضارات ،إهـ
ـف الــمــكــانــاتُ ،د ُر ُو َع الــمــؤ ِّلــفــيــن ،وتُ ــحَ ـ َ
أسطوانات ِ وص ُو َر المُشارَكات، التكاريمُ ،
ـرب ،وفناجي َن ُوس الــشُّ ـ ِ الموسيقى ،و ُكــؤ َ ال ـ َقــهــواتَ ،مــبــخَ ـ َرةُ ال ـ ُع ـوُدِ هنا ،وهناك
الحبرِ على الورقِ ، قِ نِّين ُة عطُ وُرات ،بقايا ٍ أرشيف األعمال ُ و ُمــســودَّاتُ كِ تابات!!..
ضجيجاً، أل المكا َن َ الصحفيَّة الورقي يم ُ َّ
وشَ تاتُ الذِّكريات!! ومِ حرابُ الذِّكرِ يبدو زاهــراً عذباً فُراتا ..هُنا ُقــرآ ٌن تجلَّى...
الصلواتُ !..كلُّها جَ َّن ُة عُمرِ ي، َّ وهُناكَ
َملَكُوتُ الحَ يَوَات ..فيها اشراقاتُ نفسي،
وضياءُ األُمنيات!! ِ
ال تقيُّ دني الصفحات!.. ¦وم ــا الـمــواقــع الـتــي تـتـصــدر اهتماماتك على الشبكة العنكبوتية؟ لرغبة ٍ أتلمَّـس فيها تلبي ًة ُ ρ ρالمواقِ ع التي وغواية هناك تستدرجني ٍ هنا تعتريني، نحو انتشاء!! ال تقيُّدني الصفحات ،وال
تحتكرني االهتمامات ..أينما استشعرتُ
الـ ُمــتــعــة ،والــفــائــدة ،وعــلــمـاً ،ومــعــرفــة ً،
وإضاف ًة للمخزونِ المعرفي والتَّعارفي.. كان االصطفاء ..والصدارة ..وفي منأى عن التبويبات الخاوية والتي ال تُسمِ ُن وال تُغنِي من جوع!
ρ ρص ـ ــدور ديـــوانـــي ال ــشِّ ــع ــري ال ــسَّ ــادس المتزامن وصــدور الخامس من بيروت بــعــنــوان «مــزامــيــر الــحــيــاة فــي الحكم والــمــواعــظ واألمــثــال» ،وهــو عــبــارة عن نظم الكلِمات القِ صار لإلمام علي بن أبي
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
قــوامــيـ َ ـس ال ـلُّــغــةِ ،و َمــعــاج ـ َم ال ـ ُمــفــردات¦ ،مــن المهم ج ــد ًا أن أســألــك هــذا الـســؤال مــســائـ َل الــفِ ــقــه ،وبُــحُ ــوثَ االع ـ ِتــقــادَات، التقليدي ،ما هو جديدك؟
طالب ِشعراً .مع توثيق عدد من األماسي الشِّ عريَّة المحليَّة والدُّوليَّة ،والحوارات الفضائيَّة ،واللَّقاءات الثَّقافيَّة ،واألناشيد التَّمثيليَّة على موقع الويب للتسجيالت المرئية الدولية ( )you tubeبقناة خاصة باسم اعتدال ذكراهلل حفظاً لإلنجازات من شتات الزَّمن ،وأماناً لها من التلف، وتوثيق مسيرة وسيرة دوليَّا .مع إجازة كتاب نثري في الخواطر والوجدانيَّات ال ــذَّ اتـ ـ َّي ــة إعــامــيَّــا لــلــطــبــاعــة بــعــنــوان (الزوردِ َّيــات تتدلَّى) .واستمراريَّة العمل في كتاب نقدي لقراءات ف ِّنيَّة انطباعيَّة لــعــدد مــن ال ـ َّتــجــارب الــشِّ ــعــر َّيــة لشُ عراء سُ عوديين وخليجيين وعرب. والــجــدي ـ ُد األجَ ـــــ ُّد أ َّنــنــي أحــــاو ُل ج ــا َّد ًة التَّجدي َد في تجاربي اإلنشائية ،وتكويناتي ُّهوض بمواهب قد تتالشى اإلنتاجية ،والن َ لوال تكفُّلها بالتجديد الدائم ،والتَّطوير المُستمِ ّد من خزائن الحياة ،ومكامن العلوم ،ومعارف األمنيات!.. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
123
اآلداب: ترجمة مخاطر ِ ِ ُ فاليري منوغ وترجمة زوال
■ تركية العمري*
ـردي بــأمــريــن مـهــمّ ـيــن ،أولهما ينشغل الـمـتــرجــم األدب ــي عـنــد تــرجـمــة نــص س ـ ّ شخصية النص ،وثانيهما كاتبه .تتمثل شخصية النص في لغته وفكرته ونبرته؛ فالجمَل وتراكيبها تفتح آفاقا شاسعة نحو اللغة؛ أما المصطحات ،فإنها تأخذ ُ المترجم إلى جذور اللغة .وتأتي نبرة النص التي تطلُّ على أسلوب الكاتب وأفكاره، عبر حــوارات الشخصيات وإيماءاتهم وتعبيراتهم التي تعطي صورة واضحة عن حياتهم وأسلوب تفكيرهم ،كما تقدّ م للقارئ تاريخهم وتراث أرضهم وجغرافيتها؛ في الجانب اآلخر ،يأتي كاتب النص األصلي ،والذي يمثل انشغاال آخ َر للمترجم.
124
فالمترجم يتتبع ســيــرة الكاتب، واهتماماته ،وأفكاره .وهذان األمران ُعرضان المترجم األدبــي لمشكالت ي ّ ومــخــاطــر أثــنــاء ترجمته للنصوص األدبية ،وقد ذكرت المترجمة األدبية الفرنسية فاليري منوغ هذه المشكالت والــمــخــاطــر فــي مــقــالــهــا (الــتــرجــمــة األدبية :مشكالت ومخاطر) ،والذي نشرته في مدونة أكسفورد ،إذ تناولت مشكالت الترجمة األدبية ومخاطرها، وفسّ رت مهمة المترجم بأنه يحمل إيقاعات العمل ،والشخصية ونبرة العمل ،ومجازاته ،ونقاط التركيز فيه إلى اللغة األخرى ..وهي لغة مختلفة تماما ،لغة تمتلك فضاءها ،وإيقاعاتها، اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
وأسلوبها ،وثقافتها وخلفيتها التاريخية والثقافية ،وتحدثت في مقالها عن تجربتها في ترجمة روايتين للكاتب الفرنسي الشهير إميلي زوال؛ ورغم أن منوغ فرنسية األصل ،إال إنها وجدت صــعــوبــات فــي ترجمة روايــتــي زوال: «المال» و«ذنب القس موريه» إلى اللغة اإلنجليزية. ومن المشكالت التي واجهتها منوغ عبر ترجمتها لــروايــة الــمــال1890م، التعامل مــع الــمــفــردات االقتصادية والــســيــاســيــة والــمــالــيــة ،والــعــمــات الفرنسية في تلك الحقبة وهي القرن التاسع عشر.
أما من ناحية اللغة ..فقد وجدت منوغ تحديات أخرى، وهـ ــي أن بــعــض الــكــلــمــات الفرنسية عندما تترجم إلى اللغة اإلنجليزية حرفيا ،فإن قــارئ اللغة الــهــدف ..وهي اللغة اإلنجليزية /ال يفهمها كــمــا يفهمها الــفــرنــســيــون، لتختم فاليري منوغ مقالها قائلة« :المشكلة الجوهرية
ك ــان ــت أن أج ــع ــل ال ــق ــراء
المعاصرين يقرؤونها بكل
سهولة ،بينما تحافظان على نكهة عصرهما ،ومكانهما، وعـــــــاوة ع ــل ــى ذلــــــك ،أن
تحتفظ باإليقاع ،والنبرات
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوافـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
أمــا في ترجمتها لرواية «ذنــب القس مــوريــه» والتي ُكــتــبــت ع ــام 1875م ،فقد بدأت مشكالتها من العنوان، عــتــبــة ال ــن ــص األولــــــى ،إذ احــتــارت فــي الــعــنــوان ..هل تــتــرجــمــه خــطــيــئــة الــقــس موريه أم ذنب القس موريه؟ فــاخــتــارت الــعــنــوان الثاني؛ ألنه يناسب وضع موريه في الرواية .كما الحظت وجود م ــف ــردات كــنــائــســيــة كثيرة مثل بيت الــقــس ،واألث ــواب الكهنوتية ،والمستلزمات، واألواني والطقوس الدقيقة لشعائر الكنيسة ،وهنا ..كان ال بد من العودة إلــى بيوت القساوسة ،وحياتهم في تلك الفترة.
والحقيقية في كلتي الروايتين
والحيوية ،والمتانة ،وبالبعد
الشاعري لكتابات زوال».
فـــي رأيــــــي ،أن كـــل ما
ذكرته منوغ في مقالها يمثل المشكالت ذاتها التي تواجه المترجم األدبي ،والمخاطر الــحــقــيــقــيــة ال ــت ــي تحيط
بترجمة النصوص األدبية؛ لذلك تتطلب ترجمة العمل األدبــــي مــتــرج ـ ًمــا مــوهــو ًبــا مفعمًا بــالــخــيــال ،ورهــافــة
اللغة ،واتساع الفكر ..حتى
يمنح النص ظــاالً جمالي ًة
زاهي ًة تتمثل في اإلحساس بــكــل مــا حــولــه مــن أمكنة،
وأنــاس ،وكائنات ،وطبيعة،
وكون خالق.
* فاليري منوغ ،بروفيسور فخري ،قامت بتدريس األدب الفرنسي في عدد من الجامعات البريطانية ،كما أنها تشغل منصب رئيس جمعية إميلي زوال بلندن منذ عام 2005م .نشرت الكثير عن األدب الفرنسي في القرنين التاسع عشر والعشرين ،وفي عام 2014م ترجمت رواية زوال إلى اللغة اإلنجليزية ،وفي عام 2017م ،ترجمت رواية «ذنب القس موريه» ،وكالهما لمنشورات أكسفورد العالمية لألعمال الكالسيكية. المرجع/http://blog.oxforddictionaries.com/2016//literary-translation : ** كاتبة ومترجمة من السعودية. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
125
ُ الثقافي واالنسالخ الفكري الوعي ُّ ُ ُّ
■ مالك اخلالدي*
أدّى التمدّ د المذهل لوسائط التواصل االجتماعي في أوساط مجتمعاتنا العربية ،إلى نمط سلوكي ملتبس وغير واعٍ لدى عدد كبير من الناشئة والشباب ،يعود هذا النمط إلى الخلط بين االنفتاح الفكري الواعي واالنسالخ الثقافي؛ فكثير ًا ما نجد فئة شابّة تؤكد نمط وفكرٍ على انفتاحها عبر التخلّي عن اللغة والهويّة والثقافة المحليّة ،والتباهي بكل ٍ نقد أو تفكيرٍ أو تمحيص. وافد ..دون أدنى ٍ ٍ إن االنفتاح الفكري الواعي الذي يحتاجه المجتمع ،يتمثل في قبول اآلخر دون النظر لمحدداته القبلية من ِعرق أو فكرة أو معتقد أو طــيــف» بــل واالســتــفــادة مــن رؤى ذلــك المختلف عنّا ،واالستفادة من تجاربه العلمية إن المسألة تحتاج لشيء مــن الــتــوازن والمعرفية ،والقبول به ،واالعتقاد أن الفضاء والعقالنية ،فال التجرّد من الهوية والثقافة يتسع للجميع. ُجد ،وال رفــض اآلخــر وإقصائه المحلية م ٍ هذا هو االنفتاح الذي يخلق مجتمعاً راقياً مقبول. فيّاضاً معطاءً. على النخبة المثقفة والمفكِّرة ..الخروج فمثل هذا النمط في الفكر والتفكير ،جدير بالكبح والــرفــض االجــتــمــاعــي؛ ألنــه نمط إقصائيّ متراجع يمضي بالبُنية الفكرية والثقافية للمجتمع إلى التآكل واالنهيار.
أما االنسالخ الثقافي القائم على التخلي عن الذات بكل مقوماتها الثقافية واألخالقية، عبر االنصهار في اآلخر ،والتماهي التام مع رؤيته ،فهذا هو المِ عوَل الذي يه ُّز النسيج الفكري والمعرفي واالجتماعي ،ويقود إلى جيل سطحيٍّ غير واثق؛ فال هو الراسخ في ٍ فالجيل الناشئ بحاجة إلى تنشئة عقلية، انتمائه الثقافي ،وال الحاذق في علوم زمانه لبناء مستويات عالية من التفكير ،تمكّنه من وفنونه. التعاطي مع الحالة الثقافية الجديدة تعاطياً ـاب عبر فكر شـ ٍّ وفي المقابل ،قد نجد تطرفاً فكرياً رافضاً خـ ّـاقـاً ،نحن بحاجة لبناء ٍ لآلخر المختلف ،ومُلغياً لحضوره الثقافي ،شباب يفكر بوعي. مــن الهالة النخبوية ،ومخاطبة الجمهور وفكر أكثر قبوالً، ٍ الشابِّ بلغة أكثر وصوالً، لتصحيح المسار ،ومِ لء الفوضى التي خلّفها بعض الفارغين من «أبطال» وسائط التواصل االجتماعي.
* كاتبة وشاعرة وقاصة من الجوف.
126
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ُ جديدة بصورة ألمكنة الماضي العودة ٍ ٍ ِ
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون
السعودي نصير السمارة التشكيلي ُّ ُّ
■ محمد العامري*
التقيت الـفـنــان الـسـعــودي نصير الـسـمــارة فــي عــمّ ــان ،بـمـعــرض لــه فــي رابـطــة التشكيليين األردنـيـيــن ،عرفته شغوفا بالرسم والتلوين؛ فهو يتغذى مــن مــادة بصرية مدهشة هي الجوف ،بتاريخها العريق؛ تلك المنطقة التي سكنتها حضارات متعددة عبر التاريخ ،بل كانت جزءً ا من أهداف الرحالة ،ويعدُّ «جون فيلبي» أول مدهشا للفنانين ً أوروبــي يقطع الربع الخالي ،وقد شكلت الجزيرة العربية لغزً ا األوروبيين والرحالة على حدٍّ سواء .من هذه األهمية انتصر نصير السمارة إلى موطنه األصلي ،ليقدم له مجموعة من األعمال الفنية األقرب إلى التسجيلية، وأعما ًال أخرى تمتزج بين خصوصية العمائر القديمة والموروث الشعبي ..وصو ًال إلــى بعض الـ ِّرقــم الـتــي تركتها الـحـضــارات محفورة على الـحـجــارة؛ فقد أخلص السمارة لطبيعة المحيط والحيّز الذي يعيش فيه ،بل شكّ ل مؤونته الفنية عبر توظيف العناصر الشعبية والمناظر الطبيعية ..خاصة األمكنة واألوابد. المتأمل ألعــمــال الــســمــارة يلتقط مباشرة شغفه الهائل بالمكان والتراث السعودي ..وخاصة تراث أهل الجوف؛ إذ نرى اعتماده الشديد في بناء لوحته عــلــى مــقــطــعــات تنتظم فــي سايقات المتواليات الهندسية المسكونة برموز تــراثــيــة ،وزخـ ــارف شعبية تنتمي إلى طبيعة األلبسة والرقوش الموجودة على األبنية واألدوات التراثية.
تمظهرات المحيط والحيّ ز في العمل الفني يُشكِّل المكان بكل جمالياته العنصر األهم في أعمال السمارة؛ إذ سجل في أكثر من لوحة مجموعة من العمائر األقــرب إلى القِ الع ،وهي تعد ميزات مكانية لــلــجــوف؛ تــلــك الــعــمــائــر التي حملت في مفاهيمها الجمالية طبيعة اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
127
الفنان نصير السمارى في أحد المعارض
الهندسة ذات الوظيفة الدفاعية ..كانت تشكل الدهشة األكــبــر للفنان؛ فقد أعــاد صياغة تلك المشاهد بعاطفته الفنية ،من خــال اعــتــمــاده على السطوح التصويرية الخشنة ذات الطبقات المتعددة ،كونه يكثر من استخدام سكين األلوان التي تحتاج إلى كثافات لونية تتراكم فوق سطوح أعماله، ما أعطاها غنىً خاصاً وعمقاً في طبيعة الحيوية اللونية ،فالسطح التصويري لديه عبارة عن مساحات طبوغرافية تتراكم باتجاه إظهار الشكل ،وفي الغالب نجد انحسارات اإلنسان في تلك األمكنة واالنتصار للقيم الجمالية العليا لتلك األوابد.
128
ومن المعروف ،أن صورة المكان كموضوع اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون
مع نائب أمير منطقة الجوف األمير عبدالعزيز بن فهد
فني ..هي إحدى الوسائط للفنون التشكيلية، كونه يلعب دوراً أساسً ا في طبيعة بنائية العمل الفني. فنجد التشكيلي نصير الــســمــارة قد أضحى المكان بكل إيقاعاته أحد األعمدة الرئيسة في توصيفات عمله الفني ،وقد حقق أكثر من ذلك في إضافة عامل الزمن ال ــذي تمظهر فــي طبيعة تعتيق السطوح التصويرية ،كما لو أنها تلك الصخور المتآكلة تحتمل ثقوبًا وحزوزًا كجزءٍ من صور عوامل التعرية الطبيعية ،وهــذا األمــر أضــاف إلى عمله الفني عمقًا جديدًا يتناسب وطبيعة الموضوع الذي يتناوله. فالمنحى الجمالي غايتة في إيصال رسالة الفعل الجمالي المبثوث في العمل الفني ،في طبيعة المكان وتجلياته في المحيط والحيز. فالفنان ي ــدرك أمكنته ،ويــتــعــرف على اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
129
رائحتها وطبائعها الجمالية ،بل يصل األمر إلى طبيعة أعمق ،تتمثل في عالقة الفنان السمارة بتلك األمكنة التي رافقت طفولته وذكرياته ،بل شكلت خزّانًا بصريًا فيما بعد لتلحَّ عليه ،فيخرجها من كونها ذكريات ..إلى مناخات جديدة عبر إعادة تسجيلها بوسائط مختلفة .فالمدرك بالنسبة لنصير هو مدركٌ أقرب إلى استعادة تلك الطفولة وخياالتها الساكنة في دواخله. فهي المكان األكثر حميمية في طبيعة ـرع يقيه من التعامل معها ،أقــرب إلــى ضـ ٍ عطش المشهد ،ومغذيات ثقافية وماضوية تصبح حاضرة في اللوحة. فهو يــولــي تلك الــمــوضــوعــات األهمية
130
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
مجسم لحجارة الرجاجيل -موقع أثري بالجوف من أعمال الفنان نصير السمارى
في التعامل معه ،وهي جزء أساس من لذه الــرســم والتلوين ،الــرســم ب ــأداة أقــرب إلى أدوات البناء ،سكين األلوان؛ لذلك بدت تلك العمائر مجسّ دة تجسيدًا حسيًا وزمانيًا، فهو هنا يتحاور مع المكان والــزمــان معًا، يدخل فــي تجريبه كــذاكــرة متخيلة وواقــع
فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون
الــقــصــوى ..كونها أيضا تتناسب وقــدراتــه
ماثل في العيان ،فهي امتدادات تكشُ ط عنها الغياب لتعيد لنفسها أزماناً متعددة ،الزمن الذي نبتت فيه ،وزمن التأويل الجمالي في حضورها الجديد ،هذا االمتداد يدخل في بــاب طبيعة التداخل بين المكان وحركة اإلنسان وأنفاسه ،فالمكان يعيش عبر ناسه، وعبر طبيعة التعامل معه ،وطبيعة تضميده فــي أعــمــال فنية ذات هــواس مختلفة في بعديها النفسي والميثولوجي. ولكننا أم ــام تجربة كــان الــمــكــان فيها البطل ..دون أن يغفل الفنان ما علقت به ذاكــرتــه مــن تطريزات تراثية فــي األثــواب والتعاويذ والـ ُر ُقــم الميثولوجية؛ إذ أعطت تلك المفردات مناخً ا عميقًا في طبيعة فهم المكان وتجليّاته في الحياة والناس. يبقى الفنان نصير السمارة واحــداً من الفنانين الذين التحموا بالمكان كوجاء من من أعمال الفنان نصير السمارى
خسارة الذات.
* كاتب من األردن. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
131
ُ الذاكرة فيض ِ ُ النفس وحديث ِ املؤلف الناشر السنة
:أ .د .نادر أحمد أبو شيخة. :املؤلف نفسه. 2015 :م.
ولــد المؤلف في بلدة ميثلون بمنطقة أزهار األدب ،ويقف على شيء من عادات جنين فــي فلسطين ،وغــادرهــا وهــو في األهـ ــل فــي فلسطين ،وكــذلــك الــعــادات الثامنة عشرة من عمره ،ليغدو في عنفوان المألوفة والمعروفة في منطقة أبها في رجولته واحـدًا من كتّاب اإلدارة والخبراء اإلداريــيــن في الوطن العربي .ومــن القلة المملكة العربية السعودية التي عمل فيها الذين وصلوا إلى أعلى الدرجات العلمية مــدرسً ــا لعدة ســنــوات عــاد بعدها ليكمل والمراتب األكاديمية والمهنية. الماجستير والدكتوراه. في هذا الكتاب ،الذي يعد بمثابة سيرة ذاتية للمؤلف ،والذي يؤمل أن يحمل صدقا فــي الخبر ،وعــدال فــي الحكم ،وإنصافا في القول ،يــروي المؤلف تفاصيل رحلته العلمية والعملية ،فيأتي على حياة الغُربة، لكن مع صعوبة هذه الحياة فإنها ال تخلو من متعة وإثارة.
132
وفي الكتاب أيضا رصد وتحليل بصير لــخــبــرة أكــاديــمــي مـ ــدرك ألب ــع ــاد مهنته ودروس ٌ وتــخــصــصــه .وفــيــه كــذلــك عــب ـ ٌر استخلصها من لقاءاته العديدة مع رجال الفكر والمسؤولين اإلداريين العرب. تضمن الكتاب مقدمة وعشرة فصول
وفي الكتاب ،سياحة للقارئ في رحاب بستان يس ّر الناظرين ،ويقطف فيه من جاءت في ( )460صفحة من القطع الكبير. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراءات
ُ املتحفية املجموعات دليل ِ ِ مبركز عبدالرحمن السديري الثقايف املؤلف
:أ .د .خليل بن ابراهيم املعيقل البراهيم،
الناشر السنة
أ .عبدالهادي خليف املعيقل ،أ .أحمد عتيق القعيد. :مركز عبدالرحمن السديري الثقايف. 2015 :م.
تنبع أهمية المجموعات التراثية واألثرية جلب أغلبها من وادي السرحان ،كما تضم من أبعادها الثقافية التاريخية والتربوية بعض هذه الصخور وسوماً لبادية شمالي واالجتماعية واالقتصادية .ولآلثار والتراث الجزيرة العربية؛ بينما تتمثل المجموعة والتي تمثل تراكماً ثقافياً دور في تعزيز الثالثة ،في أدوات ومصنوعات تراثية شعبية الهوية الوطنية. محلية بمنطقة الجوف ،كما تضم أسلحة
تــعــد الــمــجــمــوعــة الــمــتــحــفــيــة بــمــركــز تقليدية عثمانية ،وب ــن ــادق ،ومــســدســات، عــبــدالــرحــمــن ال ــس ــدي ــري الــثــقــافــي من ورشــاشــات مستوردة من مختلف األقطار المجموعات التراثية المهمة على مستوى األوروبية. منطقة الجوف ،فقد جُ معت على مدى فترة فــي هــذا الــدلــيــل ،تصنيفٌ يُــيــسِّ ـ ُر على طويلة؛ وهي تضم ثالث مجموعات؛ األولى، تحوي متحجرات أحيائية لبقايا أسماك ،المُطّ لع الوصول إلى صورة ولو جزئية عن وقواقع ،ورخويات ،وشُ عَباً مرجانية بحرية ،تراث منطقة الجوف ،ويتعرف على التواصل وعظاماً ،وأجــزا ًء من جــذوع األشجار؛ أما الحضاري بين الجوف والمناطق المحيطة الثانية ،فتحوي مواد أثرية ،ونقوشاً ،وكتابات بها ،والتبادل الثقافي الذي كان يميّز تاريخ صفوية ،ونصوصاً من المسند الشمالي ،وقد الجوف في عصورها المختلفة. اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
133
مال الر ِ من ِ فوق ِّ (ديوان شعر)
املؤلف الناشر السنة
:محمود عبداهلل الرمحي. :النادي األدبي باجلوف. 2018 :م.
ص ــدر حــديــثــا عــن ال ــن ــادي األدبــــي في الجوف ديــوان «مــن فــوق الــرمــال» للشاعر
صاح قلْ لي مَ ن أكونُ ومَ ن أنا يا ِ فــالـقـلـ ُـب مـنــي لــم ي ـعــدْ قـلـبــي أنــا
محمود عبداهلل الرمحي ،وقد تضمن نحواً أنـ ــا م ــذ ت ــرك ـت ـ ِـك ض ــائ ــعٌ ومـ ـشـ ـرّدٌ من ثالثين قصيدة ومقطوعة ..جــاءت في تركتك لم أذقْ طعم الهنا ِ أنا مُ ذْ
( )88صفحة من القطع المتوسط ..وقد ويختم الشاعر ديوانه ِب ِن َّيتِه في الرحيل قــدم للديوان الدكتور محمود الــبــادي من عن الجوف التي أمضى فيها ما يزيد على جامعة الجوف والذي جاء فيه: الخمسين عامًا ،وقلبه ممز ٌق بين مَن عاش «نحن أمــام ديــوان صغير الحجم يشمل معهم عقودًا ،وبين أهله وعشيرته التي ال بد أن يكون معهم فيقول: أكثر من ثالثين قصيدة ومقطوعة ،يدور
معظمها حول األرض وحبه إياها ،والتعلق ش ـ ـ ـ ّـد الـ ـ ــرحـ ـ ــالَ وج ـ ــهّ ـ ــزِ ال ــركـ ـب ــا َن ـان وان ـ ـثـ ــر ع ـل ـي ـهــم ب ــاق ــة ال ــريـ ـح ـ ِ بأسلوب مُعب ٍّر ٍ بها ،والبكاء عليها .ص ّو َر ذلك
ـوف عـشــقً ــا زان ــهُ شعرية عذبة ،إن ــي عـشـقـ ُـت ال ـج ـ َ ٍ وبسالسة ٍ واضح ال تعقيد فيه، ٍ ـال وصـحـبــةُ ال ـخ ـاّن ط ـيـ ُـب ال ـف ـعـ ِ سهلة عكست مشاعر الحزن واأللم في ٍ ولغة ٍ
134
تصوير المأساة الفلسطينية ومعاناة أهلها لـ ـكـ ـنـ ـه ــا الـ ــدن ـ ـيـ ــا وذلـ ـ ـ ـ ــك ح ــال ـه ــا النفسية على وجه الخصوص ..فيقول: ه ـ ــل دام فـ ـ ـ ــرحٌ أو أسـ ـ ـ ــىً ب ـم ـك ــان اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
سـباق الرحمانية العاشر للجري بالغاط
نظم مركز عبدالرحمن السديري الثقافي في دار الرحمانية بالغاط سباق الرحمانية العاشر للجري تحت شعار (الرياضة ثقافة) وذلك يوم األربعاء 1439/07/18هـ (2018/04/04م) .شارك في السباق ( )131متسابق ًا من أبناء الغاط والمحافظات المجاورة؛ وأشرف على السباق ثمانية حكام بمشاركة معلمي التربية الرياضية ،ومدربي نادي الحمادة الرياضي بالغاط .انطلق المتسابقون بعد عصر ذلك اليوم من أمام متحف الغاط بالقرية التراثية ،وانتهى عند دار الرحمانية ،لمسافة ( )٤كلم تقريبا ً ،قطعها الفائز األول في 13دقيقة و 55ثانية.
وبرعاية مدير التعليم وعضو المجلس الثقافي -المركز الــرابــع ،المتسابق محمد فهد الفهد. لدار الرحمانية أقيم حفل توزيع الجوائز في قاعة
األمــيــر سلطان بــن عبد العزيز آل ســعــود بــدار -المركز الخامس ،المتسابق سالم محمد الرحمانية. الوادعي. الفائزون بالمراكز الخمسة األولى: كما تم تكريم الجهات المشاركة في السباق المركز األول ،المتسابق حسين مقبل بشهادات شكر وتقدير :وهي مركز شرطه الغاط،ودوريات االمن ،وشعبة المرور في الغاط ،والهالل سهيل. األحمر ،والبلدية ،وإداره التعليم ،ونادي الحمادة، -الــمــركــز ال ــث ــان ــي ،الــمــتــســابــق محمد وشركه حافل للنقل.
عبدالوهاب آدم.
حــضــر حــفــل تــوزيــع الــجــوائــز بــعــض ممثلي المركز الثالث ،المتسابق سلطان جمال الدوائر الحكومية وجمع غفير من أهالي الغاطعبد الهادي. والمتسابقون.
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
135
الـ ـ ـصـ ـ ـفـ ـ ـح ـ ــة األخـ ـ ـ ـي ـ ـ ــرة
األعزاء المترجمون َ ُ
■ صالح القرشي*
نـحــن الــذيــن ال نـتـقــن ال ـق ــراءة س ــوى بــالـلـغــة الـعــربـيــة ،نـحـمــل الـكـثـيــر مــن االم ـت ـنــان والـعــرفــان للمترجمين األعــزاء .نحن مدينون لهم ..وال خالف حول هذا األمر ،وبفضلهم قُ دِّ ر لنا أن نطالع األدب العالمي ،وكأنما نتملك القدرة على القراءة بعشرات اللغات ،ولقد ترسّ خت أسماء المترجمين الكبار في أذهاننا كما هي أسماء الكُ تّاب الكبار تماما ،هكذا ارتبط األدب الروسي في أذهاننا غالبا بسامي الدروبي ،واألدب الفرنسي بسهيل إدريس ،واألدب اإليطالي بأحمد الصمعي ،واألدب الالتيني بصالح علماني .ولعل ما قاله الروائي الكبير (سارماغو) يختصر ما يمكن أن يُقال حول الترجمة والمترجمين (إن أدب كل أمة يصنعه كتابها بلغاتهم ،أما أدب العالم فيصنعه المترجمون). لكننا ال نملك ،ونحن نقرأ ألع ــداد متزايدة من المترجمين الجدد ،إال أن نتحدث قليال عن اإلتقان .نــو ُّد أن يصنع المترجمون األعــزاء أدب العالم كما قال سارماغو ..ال أن يشوِّهوه. ويبدو لي أن العائق األول الذي يواجهه بعض المترجمين الجدد ،ليس هو مدى معرفتهم باللغة التي يترجمون منها ،بل هو مدى معرفتهم باللغة التي يترجمون إليها. فمن استخدام كلمات عامية هي أقرب للركاكة إلى ضعف في األسلوب ..يذكرنا بترجمة متصفح (قوقل) إلى ترجمة حرفية ألسماء أعالم معروفة.. كمن يترجم (يحيى) إلى (يايا). وأتذكر هنا ما أشار له الناقد المعروف حسين بافقيه عبر حسابه في (تويتر) قائال« :قرأت في كتاب مترجم :وادي نومان والقصد وادي نعمان، وجبل قورا والقصد جبل كرا». وال يتوقف األم ــر عند اإلتــقــان اللغوي رغم أهميته البالغة ..ولكنه يتعدى إلى الثقافة نفسها، ومن البديهي القول إن الخبرات المعرفية والثقافية للمترجم ..تلعب دورًا كبيرًا في الوصول لإلتقان المنشود.
كأخشاب التابوب ،فخذاها شبيهان ببوابة برج، وأثــار الحزام على خاصرتها كالبحيرات الجافة الممتلئة بالحصى ..إن لمستها في هذا المكان، تظن أنك تلمس مبردًا ..وهي شبيهة بقنطرة بناها إغريقي ،وغطاها بالقرميد) .انتهى نقل كازنتزاك للقصيدة العربية .لكن ممدوح عــدوان يعلق في الهامش قائال :لنا أن نتصور من هذه الترجمة ما يصيب الشعر عند نقله عبر لغتين ،فالكالم هنا هو عن ترجمتي للترجمة اإلنجليزية ،ولكي يكون القارئ العربي في الصورة الصحيحة ،نشير إلى أن كازانتزاكيس يقصد أبيات طرفة بن العبد وهي: وإنـ ـ ــي ألمـ ـض ــي الـ ـه ــم ع ــن اح ـت ـض ــاره ب ـ ـعـ ــوجـ ــاء مـ ـ ــرقـ ـ ــال ت ـ ـ ـ ــروح وتـ ـغـ ـت ــدي أمـ ـ ـ ـ ـ ــون كـ ـ ـ ــألـ ـ ـ ــواح األران نـ ـص ــاتـ ـه ــا ـرج ـ ـ ِـد الح ـ ـ ـ ـ ٍـب َك ـ ـ ـ ـأَ ّ َنـ ـ ـ ــهُ ظَ ـ ـ ـه ـ ــرُ ُب ـ ـ ُ عـ ـل ــى ِ ل ـهــا فـ ـخ ــذان أك ـم ــل ال ـن ـحــض فيهما كـ ـ ــأن ـ ـ ـه ـ ـ ـمـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ــاب م ـ ـ ـن ـ ـ ـيـ ـ ــف مـ ـ ـ ـم ـ ـ ــردِ ل ـ ـ ـهـ ـ ــا م ـ ـ ــرفـ ـ ـ ـق ـ ـ ــان أفـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــان كـ ــأن ـ ـمـ ــا ت ـ ـ ـمـ ـ ــر ب ـ ـس ـ ـل ـ ـمـ ــي دالـ ـ ـ ـ ـ ـ ــج م ـ ـ ـت ـ ـ ـشـ ـ ــدد ِ ك ـ ـق ـ ـن ـ ـطـ ــرة ال ـ ـ ـ ــروم ـ ـ ـ ــي أق ـ ـ ـسـ ـ ــم ربـ ـه ــا لـ ـتـ ـكـ ـتـ ـنـ ـف ــن حـ ـ ـت ـ ــى ت ـ ـ ـشـ ـ ــاد بـ ـق ــرم ــد
في (تقرير إلى غريكو) السيرة الذاتية والفكرية لـ(نيكوس كازانتزاكيس) ،والتي ترجمها األديب ماذا لو سألنا :كم من المترجمين األعزاء في (ممدوح عدوان) يقول كازانتزاكيس :هناك قصيدة هذا الزمن يمكن له أن ينتبه لما انتبه له ممدوح عربية قديمة تمتدح رفيق البدوي المحبوب: عدوان ،هنا نكتشف قيمة الثقافة والمعرفة بآداب (تمشي الــنــاقــة فــي الــصــحــراء وتــتــقــدم قوية اللغة العربية وتاريخها. * كاتب وقاص من السعودية.
136
اجلوبة -ربيع 1439هـ ()2018
من إصدارات اجلوبة
من إصدارات برنامج النشر في
صدر حديثا