¦واحة دومة الجندل في قائمة التراث االسالمي. ¦ليلى األحيدب ..أديبة سعودية برؤى فلسفية. ¦ما هي الصداقة؟ من الواقعي إلى االفتراضي. ¦
..شهقة حياة.
¦منتدى منيرة الملحم لخدمة المجتمع يعقد دورته ( )١٢بالغاط. ¦نصوص :حليم الفرجي ،فهد العوذة، عمار الجنيدي ،د .أحمد اللهيب ،عبداهلل بـيـال ،نوير العتيبي ،حمد جويبر .. ¦مواجهات :أروى خميس ،د .أيمن بكر، األرجنتينية إلسا أوسوريو.
منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري في دورته الثالثة عشرة:
قطاع السياحة السعودي: اإلنجازات والتحديات وآفاق التطوير
66
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية والفكرية ودعم البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف 1-نشر الدراسات واإلبداعات األدبية والفكرية
يهتم بالدراسات ،واإلبداعات األدبية ،ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة ،وتشجيع حركة اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز. ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت النشر: أ -الدراسات التي تتناول منطقة الجوف ومحافظة الغاط في أي مجال من المجاالت. ب -اإلبداعات األدبية والفكرية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). ج -الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف ومحافظة الغاط (وفقاً لما هو مب ّين في البند « »٨من شروط النشر). شروطه: -١أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق ،وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية. -٢أن تُكتب المادة بلغة سليمة. -٣أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً ،وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق. -٤أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق ( )A4ويرفق بها قرص ممغنط. -٥أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة للنشر. -٦إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية فصيحة. -٧أن يكون حجم المادة -وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه -على النحو اآلتي: الكتب :ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور. البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز :تخضع لقواعد النشر فيتلك المجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة صفحة( .تحتوي الصفحة على « »250كلمة تقريباً). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر ،فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات منطقة الجوف ،إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام ،أما ما يتعلق بالبند (ج) فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط. -٩يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره ،إضافة إلى مكافأة مالية مناسبة. -١٠تخضع المواد المقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والرسائل العلمية
يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط ،ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف معاجلاتها وأفكارها. (أ) الشروط العامة: -١يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية ،كما يشمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مبؤسسات غير أكادميية. -٢يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعلقاً مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط. -٣يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جديداً يف فكرته ومعاجلته. -٤أن ال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه. -٥يقدم الباحث طلباً للدعم مرفقاً به خطة البحث. -٦تخضع مقترحات املشاريع إلى تقومي علمي. -٧للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز. -٩يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية. (ب) الشروط اخلاصة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة (البند «أ»). -٢يشمل املقترح ما يلي: توصيف مشروع البحث ،ويشمل موضوع البحث وأهدافه ،خطة العمل ومراحله،واملدة املطلوبة إلجناز العمل. ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع ،تشمل األجهزة واملستلزماتاملطلوبة ،مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة ،املشاركني يف البحث من طالب ومساعدين وفنيني ،مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة. حتديد ما إذا كان البحث مدعوماً كذلك من جهة أخرى.(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية: إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي: -١أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. -٢أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل. هاتف 014 6245992 :فاكس014 6247780 : الجـوف 42421ص .ب 458 هاتف 016 4422497 :فاكس016 4421307 : الغ ـ ـ ــاط 11914ص.ب 63 الرياض 11614ص .ب 94781هاتف 011 2015494 :فاكس011 2015498 :
info@alsudairy.org.sa www.alsudairy.org.sa
مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري
ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي هيئة النشر ودعم األبحاث
رئيساً د .عبدالواحد بن خالد الحميد عضواً أ .د .خليل بن إبراهيم المعيقل أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السدير ي عضواً عضواً د .علي دبكل العنزي عضواً محمد بن أحمد الراشد أسرة التحرير
إبراهيم بن موسى احلميد محرر ًا محمود الرمحي محرر ًا محمد صوانة اإلخراج الفني :خالد الدعاس
املشرف العام
هاتف)+966()14(6263455 : املراســــــالت : فاكس)+966()14(6247780 : ص .ب 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية السعودية www.alsudairy.org.sa aljoubahmag@alsudairy.org.sa
ردمد ISSN 1319 - 2566 سعر النسخة 8رياالت -تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع االشتراك السنوي لألفراد 50ريا ًال واملؤسسات 60ريا ًال
رئيساً فيصل بن عبدالرحمن السديري عضواً سلطان بن عبدالرحمن السديري د .زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب عضواً عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري عضواً د .سلمان بن عبدالرحمن السديري عضواً د .عبدالواحد بن خالد الحميد أ .د .خليل بن إبراهيم المعيقل عضواً سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضواً طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضواً سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضواً أ .د .مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضواً قواعد النشر
-1أن تكون املادة أصيلة . -2لم يسبق نشرها ورقياً أو رقمياً. -3تراعي اجلدية واملوضوعية. -4تخضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها. -5ترتيب املواد يف العدد يخضع العتبارات فنية. -6ترحب اجلوبة بإسهامات املبدعني والباحثني والكتّاب ،على أن تكون املادة باللغة العربية. «اجلوبة» مناألسماءالتيكانتتُطلقعلىمنطقةاجلوفسابقاً.
املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر.
يُعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املناشط املنبرية الثقافية، ويتبنّى برنامجاً للنشر ودعم األبحاث والدراسات ،يخدم الباحثني واملؤلفني ،وتصدر عنه مجلة (أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي ،ومجلة (اجلوبة) الثقافية ،ويضم املركز ك ً ال من( :دار العلوم) مبدينة سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء .ويصرف على املركز مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية.
0553308853
Alsudairy1385
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
6.......................... منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري في دورته الثالثة عشرة: قطاع السياحة السعودي: اإلنجازات والتحديات وآفاق التطوير
31..............................
القاصة والروائية ليلى األحيدب
97............................. األديبة السعودية وأستاذة التصميم
د .أروى خميس
الـمحتويــــات االفتتاحية ٤ ............................................................... ملف العدد :منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري (٦ .......)١٣ منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع (24 .............. )١٢ منتدى منيرة الملحم في الغاط وفكر المؤسسات اإلنسانية -د .هياء السمهري٢٩ ............................................................. دراسات ونقد :ليلى األحيدب٣١ ............................................. الخطاب الذكوري في رواية (عيون الثعالب) لليلى األحيدب -ميساء الخواجا٣٢ .............................................................. ليلى األحيدب ..اإلطار الذي يلفّونه حولي -عبداهلل السفر ٣٧ ......... ليلى األحيدب ..ورحلة البحث عن اليوم السابع -د .هناء بنت علي البواب٣٩ ................................................................ بوح الذات األنثويّة في "قميص أسود شفاف"للقاصة ليلى األحيدب - أ .د .عماد الضمور٤١ .................................................. ليلى األحيدب ..فتاة النص في زمن تبحث فيه الفتاة عن ذاتها - .د .خليل نصير ٤٥ ....................................................... شجاعة الحنين في جنّات صغيرة لليلى األحيدب -د .راشد عيسى٤٨ . َّص" -محمد جميعان ٥٢ ................ الصراعيَّة الض ِّديَّة في "فتاة الن ّ ِّ بيني وبين ليلى قصة صداقة متنازعة بين المواقف واألحاسيس - هدى الدغفق ٥٥ ........................................................ ليلى األحيدب ..في "عــود أزرق" :ال يُحْ بس النهر في بئر -محمد العامري٥٨ .............................................................. حوار مع الكاتبة ليلى األحيدب -حاورتها :هدى الدعفق ٦٢ ............ نصوص :بياض أنثى -حليم الفرجي٦٦ .................................... المتقاعد -عمار الجنيدي 67 ............................................ صاحبة القلنسوة -فهد عواد العوذة 70 .................................. شعراءُ بأقنعةٍ مستعملة -عبداهلل بيال78 ................................ موس ُم المعْنى! -محمد سيدي80 ........................................ ِ هنا الجوف -حمد جويبر الحربي 82 .................................... تكسّ ر الحياة -نويّر العتيبي83 ........................................... معزوف ُة شجن -د .أحمد اللهيب84 ...................................... حالة حرب -أحمد إبراهيم الحربي 86 .................................. حتْفٌ على الشفاه -إيمان محمد الحمد88 .............................. كبرياء وهوى -مشاعل عبداهلل 89 ....................................... ثالث قصائد -عصام أبو زيد90 .................................... هجرةُ اللغة -عبدالهادي الصالح 92 ..................................... ترجمة :ما هي الصداقة؟ من الواقعي إلى االفتراضي -ترجمة :خديجة حلفاوي٩٣ ................................................................. مواجهات :كاتبة في أدب األطفال وأستاذة التصميم د .أروى خميس - حاورها :عمر بوقاسم٩٧ .................................................. الناقد واألكاديمي د .أيمن بكر -حاوره :نور سليمان أحمد104 ........... الناقد والكاتب د .إبراهيم الحجري -:حاوره :هشام بنشاوي 113 ........ الكاتبة األرجنتينية إلسا أوسوريو -حاورتها :نسرين البخشونجى 121 ... نوافذ :الحياة ..شهقة حياة! -محمد علي حسن الجفري124 ............. اإلعالم الرقمي واإلشاعة -د .سعيد سهمي 128 ......................... تحفة آثارية باقية حتى اليوم :مسجد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه -محمود الرمحي 133 .............................................. سمو األمير سلطان بن سلمان يهنئ سمو أمير منطقة الجوف بتسجيل دومة الجندل ضمن قائمة التراث اإلسالمي136 ........................ سمو أمير الجوف يبارك تسجيل واحــة دومــة الجندل ضمن قائمة التراث اإلسالمي 138 ................................................... ملحة عبداهلل :سيدة المسرح السعودي -محمد القشعمي139 ....... قراءات143 .................................................................... الصفحة األخيرة :القصة القصيرة جدا -صالح القرشي 144 ............
■ إبراهيم بن موسى احلميد بعد مسيرة طويلة في عالم الكتابة الصحفية واإلبداعية ،رست قوارب ليلى األحيدب على
شاطئ الرواية الزاخر ،وهي بذلك ،إنما تثبت أنها أحد المبدعين الذين بنوا مداميك تجاربهم
بعرق الصبر وحرقة القلم والمعاناة والتحمل والحكمة.
عندما كتبت ليلى روايتها "عيون الثعالب" ،لم تكن تعلم على األرجح ،أنها بذلك تفتح صفحة
جديدة في عالم السرد الروائي المحلي ،وأنها تكتب تاريخً ا جديدًا لتجربتها الثرية والوطنية في عالم اإلبداع؛ ولذلك ..فإن كثيرا من القراء والنقاد يجدون رواية األحيدب هذه واحدة من أهم
األعمال األدبية المحلية ،وقد شهد نخبة من النقاد والقراء لمجمل أعمالها اإلبداعية ،ولروايتها على وجه التحديد ..والتي تعد من الروايات القليلة التي حظيت بمكانة مهمة على مستوى الوطن. تختار األحيدب شخصياتها من واقع الحياة اليومية ،وهي لم تخيّب قراءها يوما ،فقد كانت
تُعبّر بصدق عن أفكارها بجرأة وشفافية ،ولذا تمكنت من تشخيص أمراض اجتماعية خطيرة في
المجتمع ،خاصة على صعيد عالقة الرجل بالمرأة ،وكون هذه العالقة يشوبها الكثير من التوتر والشك ،ولذلك "المذكر المستأذب" والصراع بين الذكورة واألنوثة في روايتها "عيون الثعالب" كما
في مجموعتها "فتاة النص".
ونكتشف تسليط ليلى األحيدب الضوء على رؤية بعض أبطالها ،تلك الرؤية التي "تعكس نسقًا
ثقافيًا مضمرًا يحصر المرأة في جسدها فقط" ،كما تكشف عن "ذكورية كامنة" ولذلك فقد فضحت الروائية ليلى األحيدب "ازدواجية الرجل والمثقف تحديدا ..وتكشف عن تصور الثقافة
الذكورية للمرأة من جهة أخرى" وهي تكشف عن ثورة على الخطاب الذكوري السائد وتتمرد عليه.
4
وفي قصص ليلى كثير من الحكي المفيد ،ففي نصوص مجموعتها "عود أزرق" ..تنشغل في العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الحرية واالنفالت من الجاذبية بمعناها المجازي.
حـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدـة س ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ دراـ ـ ـ ـ ـ اف ـ ـاتـاون
مدارات الحرية وتجلياتها عبر جملة من النصوص المتوالدة والمتتابعة ،ومنها تلك التي تتطلع إلى وفي "جنات صغيرة" ،نكتشف أن "جميع النصوص أالهيب منقوعة بالشعرية الصافية المعتقة
في خوابيها منذ صرخة الميالد ،وأنها "نصوص متوهجة بالشعرية ،ولكنها ليست قصائد بالمعنى المعرفي الفني"..
وفي مجموعة "فتاة النص" ،نجد أن لغة ليلى تتخذ سياقا وجوديا بسبب "صراع األنوثة مع
السطوة الذكورية على الكتابة"؛ ولذلك كان الصراع من أجل نيل الحرية في النص والتجرء على
قيود المجتمع.
ولعل براعة األحــيــدب في "قميص أســود شفاف" في اختيار العنوان واختيار النصوص
وموضوعاتها ..حمل لغة داخلية عميقة من البوح ،مجسِّ دة كافة تجليات وانفعاالت المرأة بما
يعكس "روحها الثائرة ووجدانها المستلب".
ولــدت ليلى األحيدب في منطقة األحساء ،وعرفت كقاصة وكاتبة شهيرة تكتب في مجلة
اليمامة ،في زاوية أسبوعية بعنوان (تحوالت امرأة نهرية) ،وقد كتبت الرواية والقصة القصيرة.
وهي عضو في نادي الرياض األدبي .نشرت أول مجموعة قصصية لها عام 1997م ،وتُرجمت أعمالها القصصية للغة اإلنجليزية في كتاب ( )Beyond the dunesضمن مشروع (موسوعة األدب
السعودي) ،وترجمت قصصها إلى اللغة اإليطالية ضمن كتاب (زهور عربية) إليزابيال كامرا ،وفي عام 2009م نشرت روايتها األولى "عيون الثعالب" .ومن مؤلفاتها البحث عن يوم سابع ،مجموعة
قصصية (1997م) -عيون الثعالب ،رواية (2009م) -فتاة النص ،مجموعة قصصية (2011م) -
جنات صغيرة (2015م) إضافة للرواية..
إذا كنا اليوم نتحدث عن الرواية السعودية وأنها وصلت إلى مستويات جديدة على المستوى
وفعل ووجودا جديدًا ،خاليًا من ً العربي ،فإننا نجد أن ليلى األحيدب منحت هذه الرواية صوتا
االفتعال واالرتجال ،مرتكزًا إلى تجربة سردية مهمة انتهت نهايتها الطبيعية في عالم الرواية بعد أن كانت إحدى رواد السرد القصصي المحلي والكتابة الصحفية واإلبداعية ،وقد استحقت ليلى
بجدارة المكانة األدبية التي وصلتها.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
5
الدورة الثالثة عشرة -الغاط 12ربيع األول 1441هـ ( 9نوفمبر 201٩م)
" قطاع السياحة السعودي: اإلنجازات والتحديات وآفاق التطوير واألمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز شخصية المنتدى لهذا العام ■ كتب :محمد صوانة
عقد منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دورته الثالثة عشرة، في دار الرحمانية بمحافظة الغاط بعنوان " :قطاع السياحة السعودي :اإلنـجــازات والتحديات وآفــاق التطوير" ،وكـرّم صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز شخصية للمنتدى في هذه الدورة ،وذلك يوم السبت 12ربيع األول 1441هـ الموافق 9نوفمبر 2019م ،وحضر المنتدى جمع من االقتصاديين والمستثمرين والمهتمين بقطاع السياحة في المملكة. وقد تضمن المنتدى جلستي حــوار نوقش خاللهما واقــع قطاع السياحة السعودي وإنجازاته والتحديات التي يواجهها ،وسبل تعزيز إسهام السياحة في االقتصاد السعودي خالل المرحلة المقبلة ،وشارك في جلستي الحوار كل من د .عيد العتيبي ،د .وليد الحميدي ،أ .محمد إبراهيم المعجل ،د .حسين بن علي أبو الحسن ،د .محمد بن سلطان العتيبي ،وأدار الجلستين كل من د .عبداهلل العساف ،واألستاذ عبداللطيف الضويحي.
تكريم شخصية المنتدى وقــد ك ـرّم المنتدى صاحب السمو الملكي
شخصية المنتدى ،نظرا لما قدمه سموه خالل فترة توليه رئاسة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة ،منذ توليه رئاسة المجلس
األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ،بوصفه االستشاري لهيئة السياحة عام 2001م ،وحتى
6
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وسلمه رئيس مجلس إدارة مركز عبدالرحمن فيها :إن اهتمامي بالتاريخ واآلثــار انبثق من الــســديــري فيصل بن عبدالرحمن بن أحمد اعتزازي بوطني وبحضارته على م ِّر العصور. الــســديــري درع الــتــكــريــم وه ــو مجسم لخشم وإن الجزيرة العربية قد احتضنت حضارات العرنية ،المعل َم الطبيعي المتشكل في مدخل متتابعة في ربوعها ،حتى جــاء اإلس ــام .وإن محافظة الغاط ،تقديرًا لسموه الكريم ،وتعبيرًا االنطالق بالسياحة الوطنية ،يأتي من اعتزازنا عن أهمية المعالم الطبيعية والتراثية في صناعة بهذا الوطن وما احتضنه من حضارات إنسانية
السياحة في المملكة.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
انتهاء عمله فيها عام 2018م.
وقد ألقى سموه كلمة بهذه المناسبة ،قال
متتابعة ،وكانت أرض الجزيرة العربية التي
كلمة صاحب السمو الملكي األمير
تمثل المملكة العربية الــســعــوديــة المساحة
سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز
األكبر واألهم فيها ،كانت موطنا ألهم الممالك
صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز يتسلم درع شخصية المنتدى من رئيس مجلس إدارة مركز عبدالرحمن السديري فيصل بن عبدالرحمن السديري العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
7
8
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
التراثية أو الصناعات التقليدية ،أو البرامج السياحية التي تتولد يوما بعد يوم في مجال صناعة السياحة ،فالمواطن السعودي أثبت أنه قادر على أن يخوض هذا المجال ويبدع فيه. ونحن نتطلع إلى تطور صناعة السياحة لترفد االقتصاد الوطني ،وتسهم فــي زي ــادة األيــدي
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
سواء في مجاالت الفندقة أو المتاحف أو النزل
الوطنية العاملة في هذا المجال. وقال إن قبولي لهذا التكريم في هذا المنتدى، هو نيابة عن كل من عملت معهم في الهيئة صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز
العامة للسياحة والتراث الوطني ،منذ بدايات التأسيس التي واجهت تحديات كثيرة ،وحتى
والحضارات القديمة ،وتقاطرت على أرضها استطعنا الوصول بها إلى مرحلة نزهو بها ،مع طرق التجارة العالمية ،فمثلت وسيلة تواصل أن طموحنا ال يتوقف في تطويرها باستمرار بين األمــم والشعوب وحضاراتهم المتنوعة .خدمة للوطن والمواطن على حد سواء. وعندما نهتم اليوم بالمواقع التاريخية واألثرية ومنها الغاط ،نجد أثر هذه الحضارات والنقالت الكبيرة على مدى التاريخ ،شاهدًا أمامنا في المواقع اآلثارية والتراثية المهمة.
كلمة د .زياد السديري وألــقــى الــدكــتــور زيـ ــاد الــســديــري العضو المنتدب لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي، كلمة رحب فيها بحضور صاحب السمو الملكي
وتــحــدث سموه عــن مشاريع تطوير الهيئة األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ،قال العامة للسياحة والتراث الوطني والمبادرات فيها :إن الهيئة المنظمة للمنتدى درجت على والمشاريع السياحية والتراثية التي قامت بها ،اختيار شخصية المنتدى التي يتم تكريمها ،ممن للتأسيس لصناعة سياحية في المملكة والنهوض يكون له عطاء مميز في مجال موضوع المنتدى؛ بها وتطويرها ،لتكون قــوة اقتصادية داعمة ولذا ،جاء اختيار صاحب السمو الملكي األمير لالقتصاد الوطني ،ومــو ّلــد ًة لفرص عمل على سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز نظرًا لما قدمه سعة الوطن واتساع المواقع السياحية والتراثية خالل مسيرة عمله في خدمة قطاع السياحة التي يزخر بها في مختلف مناطقه ومحافظاته .في المملكة في التأسيس والتأصيل والتطوير العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
9
العديدة لخدمة المواقع السياحية المنتشرة في مناطق المملكة. وقال إن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي درج منذ تأسيسه في العام 1383هـــ (1963م) على اإلسهام في خدمة الثقافة على مستوى الوطن ،من خالل ما توفره مكتباته العامة في كــل مــن الــجــوف والــغــاط ،ومــا تقدمه برامجه للنشر ودع ــم األبــحــاث ،ومــا تحييه مناشطه د .زياد بن عبدالرحمن السديري
المنبرية ،وأنشطة موجهة للمرأة والطفل تشرف عليها إدارة القسم النسائي بالمركز ،تحقيقا لما
على مدى عشرين عاما ،كانت حافلة باإلنجازات أراده مؤسس المركز يرحمه اهلل ،خدمة للثقافة الكبيرة والمؤثرة في تطور هذا القطاع المهم والمعرفة. في المملكة. وفي نهاية كلمته أشار السديري إلى أن هيئة وأكد الدكتور زياد السديري أن سمو األمير المنتدى درجت على أن يكون لها كلمة تتحدث سلطان بن سلمان بن عــبــدالــعــزيــز ،يُــعــد في عــن شخصية المنتدى الــمــكـرّمــة ،وفــي هذه صناعة السياحة في المملكة أباها ومؤسسها، الدورة كان قد أعد الكلمة عضو هيئة المنتدى بذل نفسه في خدمة وطنه في مجاالت عديدة الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي ،يرحمه ومتنوعة ،وتشهد بذلك سيرته التي ستتناولها اهلل ،الذي تربطه بالشخصية المكرمة أواصر كلمة هيئة المنتدى في هذا اللقاء. كثيرة على امتداد عقود من الزمان ،لكن األجل وأش ــار الــدكــتــور الــســديــري إلــى أن األمير لم يمهله حتى يشهد فعاليات هــذا المنتدى،
سلطان كــان لــه فضل على محافظة الغاط ليلقيها بنفسه ،لذلك فإن الهيئة أوكلت مهمة بتبنّي مبادرة اقترحها الدكتور سلمان السديري ،إلقاء الكلمة نيابة عن الدكتور الشبيلي إلى إلعادة تأهيل بلدة الغاط القديمة ،وجرى ترميم عضو الهيئة الدكتور عبدالواحد الحميد. قصر اإلمارة والسوق القديمة وانطالق مشروع
النزل التراثية ،وهي مبادرات نالت جائزة منظمة السياحة العالمية
UNWTO
ألفضلِ مشروع
كلمة هيئة المنتدى
وف ــي كلمة هيئة الــمــنــتــدى ،ق ــال الــدكــتــور
تأهيل بلدة تراثية ،وهو إنجاز سياحي يسجل عبدالواحد الحميد إن الدكتور عبدالرحمن لسموه في محافظة الغاط ،إلى جانب مبادراته الشبيلي سطّ ر بقلمه هذه الكلمة ليتحدث عن
10
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
بأسلوبه الشيق نظرته في التعبير عن خبرات أصدره قُبيل مغادرته كرسي السياحة واآلثار، صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان تضمّن قصة الكيان الذي بناه ،من حيث كان وخصائصه الفكريّة المتنوعة ،ومالمح سماته فــكــرة فــي ذه ــن األمــيــر ال ــراح ــل سلطان بن ومناقبه التواصليّة .وكتب الدكتور الشبيلي عبدالعزيز أول رئيس لمجلس إدارة الهيئة ،إلى ّ أن الشغف المتأصل بــقــراءة التاريخ وإدراك أن صار شجرة باسقة مُورقة ،فكسب االعتراف ما يتّصل به من تحوّالت السنين ،إلى الذاكرة العالمي والتفاعل المحلّي .ولــم ينظر إلى
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
الشخصية المكرمة فــي المنتدى ،وبــث فيها
وأشــار إلى أن كتابه 'الخيَال الممكن' الذي
األرشيفيّة "الكريستاليّة" ميّزت شخصية األمير السياحة الوطنيّة من حيث كونها إيوا ًء ومواقع سلطان بن سلمان ،فمكنته من رصد األحداث ووسائط سفر ومواسم إجــازات ،مع أنها كلها والــســجـ ّـات ،وحــقــق معها تــنـوّعــا فــي حقول مقوّماتٌ مهمة ،ولكنه 'فلسف' السياحة ،لتكون المعرفة ،ما شكّلت مرتكزات ثقافيّة جعلته يظفر قيمة ابتكار ومنتجاً اقتصاد ّياً وطن ّياً ،حتى
بفكر سياحي بمساحة الكون الذي حلّق فيه .ولم يكن مصطلح السياحة يعبُر الذهن المحلّي وال يُقيم وزناً له ،ولم يكن للوطن حضور في خريطة تلك الصناعة ومؤتمراتها ،إذ كان المثقّف يتابع رالي داكار وتزلّج األلب ،ولم يخطر على باله أن نفود حائل يمكن أن يستفيق على سباقات بمذاق
غدا لتلك الفلسفة مع األيام موقعاً في كلّيات السياحة وعلومها. وختم كلمته بقوله إن منتدى عبدالرحمن الــســديــري لــلــدراســات الــســعــود ّيــة ،فــي دورتــه الثالثة عشرة ،الذي ينعقد سنو ّياً بالتناوب بين
محلي وجذب عالمي ،في الربع الخالي ونفود الــجــوف والــغــاط ،ويتناول هــذا الــعــام موضوع الثويرات والدهناء والصمّان .وكــان استثمار السياحة الوطنيّة ،لسعيد بأن يُختار للتكريم
سواحل البحر األحمر أضغاثَ أحالم ،ولم يكن مؤسّ س السياحة السعوديّة األول ،الذي عشق المرء يتصوّر وجود نُزُل صحراوي يبئى بمختلف الوطن وطاف أرجاءه ،واحتضن اآلثار والتراث درجات النجوم الفندقيّة في عروق بني معارض العمراني ،وخص الغاط بمشاعره وبمشروعاته، بالربع الخالي وفي العُال ،وأن منتجعات َفرْسان وحسْ به أنه من ساللة عبدالعزيز وسلمان ،ومن
وخلجان الصيد والغوص فيها ،ستتماهى ومذاق نسل ســارة وحصة وسلطانة السديري ،وأنه السائح السعودي ،بما شجّ ع المستثمر على سائح زادُه الدماث ُة والنُّب ُل والوفاء ،يُنتظر منه التوجه في هذا المضمار ،فكيف أسّ ــس هذا في موقعة الجديد ،أن يضع الوطن على قائمة ُّ الفارس لتلك الصناعة سعوديّـاً منذ مطلع القرن الدول المتصدّرة في عالم الفضاء الذي ارتاده الحادي والعشرين؟
قبل خمسة وثالثين عاماً. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
11
ندوة المنتدى حلقة الحوار األولى /المحور األول:
واقع القطاع السياحي السعودي :اإلنجازات والتحديات
المتحدثون :د .عيد العتيبي ،د .وليد الحميد ،أ .محمد بن إبراهيم المعجل. أدار الجلسة :د .عبداهلل العساف. افتتح د .عـبــداهلل العساف الجلسة فقال إن هــذه الـنــدوة تأتي فــي ظــل االهتمام الكبير على المستوى الوطني بصناعة السياحة ،بالنظر إلى دورها في االقتصاد الوطني .فالمملكة تعد قارة مترامية األط ــراف ،لديها كنوز تاريخية وأثرية وثقافية تتوزع في مختلف مناطقها في الشرق والغرب والشمال والجنوب .وإن استعراض هــذه الكنوز وهــذا التنوع يستغرق من الوقت الكثير، لكننا في هذه الجلسة ،سنقتصر الحديث عن واقع القطاع السياحي وأهم عناصره ،فهو قد أضحى أحد مقومات االقتصاد في العديد من الدول على مستوى العالم ،وإن الدول توليه اهتمامً ا كبيرً ا بالنظر إلى تأثيره الملحوظ في المجال االقتصادي والثقافي واالجتماعي .وقال :إننا اعتدنا أن نجوب العالم شرقً ا وغربًا ،ولم نعتد على أن يكون بلدنا وجهة سياحية تستقبل األفواج السياحية من مختلف دول العالم ،ونحن شعب مضياف امتاز بحسن الضيافة والبشاشة ،وهذا له دوره في رفع درجــة المملكة لتكون وجهة سياحية عالمية .وإن ترتيب المملكة حاليا ( )22على مستوى العالم من حيث تدفق الزوار (بما فيها السياحة الدينية) ،وهو مستوى جيد بإمكاناتنا الحالية، لكن مع المشاريع الكبرى وصوال إلى ( ،)2030فإن المأمول أن يتحسن الترتيب ،بزيادة السياحة على اختالف أنواعها.
حلقة الحوار األولى
12
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
زي ــادة الطاقة االستيعابية لــه لتسهيل حركة السفر ،واستيعاب األع ــداد المتزايدة ،سواء
السائحين القادمين من خــارج المملكة أم من
داخلها .فالمطار هو حلقة الوصل بين السائح
والوجهة السياحية التي يبحث عنها.
وأشار د .وليد ،إلى أهمية حاضنات األعمال
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
وفيما يتعلق بالمطار ،فإن من األهمية بمكان
الصغيرة في مجال السياحة لمساعدة المواطنين
على المشروعات السياحية المساندة ،مثل
د .وليد بن محمد الحميدي
المتحدث األول :د .وليد بن محمد الحميدي :أمين منطقة عسير
إنشاء المطاعم السياحية التراثية التي تقدم األكالت الشعبية والتراثية التي تجد إقباال من
السائحين ،والحرف اليدوية والتقليدية لما فيها من تأصيل للصناعات التقليدية التي تتميز بها
بــدأ حديثة بقوله إن رحــلــة السياحة في المناطق السياحية في المملكة ،وما يميز منطقة المملكة كــانــت رحــلــة شــاقــة وطــويــلــة ،حققت عسير هو أصالة تراثها الشعبي ،سواء األكالت نجاحات كبيرة ،لكنها واجهت تحديات ،استطعنا العسيرية المميزة ،أو الصناعات التقليدية التي بالصبر والحكمة مواجهتها والنهوض بالحركة يتقنها المواطن في عسير ويحافظ عليها .كما السياحية .وفيما يتعلق بمنطقة عسير كتجربة ،أكد أهمية دعم التوجه نحو التسويق السياحي أقول إن هيئة تطوير عسير وضعت استراتيجية اإللكتروني لتسويق المنطقة سياحياً ،لجذب لتنمية المنطقة وتطويرها سياحيا ،وكان التركيز السائحين من خارج المملكة ،الذين ال يعرفون ما على ثالثة محاور ،أولها المواطن ،والثاني البيئة تمتاز به هذه المناطق بوصفها وجهات سياحية الطبيعية التي تحظى بها منطقة عسير ،والثالث تملك الكثير من المقومات المشوقة والمحفزة مجتمع منطقة عسير ،ومــدى تفهمه ألهمية على زيارتها ،واإلقامة فيها ،واالستمتاع بأجوائها السياحة واهتمامه بأصالته وتراثه الوطني. وهذه المكونات الثالثة كانت تساندنا في عملنا وعناصرها التراثية والطبيعية. في التطوير والتخطيط السياحي ،وإن قرار المتحدث الثاني :أ .محمد بن إبراهيم الدولة بشأن إتاحة التأشيرة السياحية ،سيخدم المعجل رئيس مجموعة المعجل قطاع السياحة بشكل كبير ،ونحن اآلن نخطط أما األستاذ محمد المعجل ،فقال :نحن في الفتتاح الواجهة البحرية لمنطقة عسير بطول سبعة كيلومترات تم تجهيزها بالبنية التحتية اللجنة الوطنية للسياحة منذ إنشائها في مجلس الالزمة ،ونحن ننتظر قطف ثمار هذا اإلنجاز الغرف التجارية السعودية ،كنا نسعى باستمرار لمن يدعم القطاع السياحي ،وكان هو القطاع قريبا بإذن اهلل. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
13
للنهوض بالعمل السياحي في المملكة .وقد
كان األمير سلطان بن سلمان بحمد اهلل قياديا
ناجحا ،على الرغم من أن خبرته السابقة كرائد
فضاء كانت في مجال بعيد عن السياحة ،لكن العمل مع سموه كانت له روح العطاء والبذل واالبتكار ،لقد كنا نعمل مع صاحب فكر نيّر انطلق ليبني قاعدة سياحية واسعة في المملكة،
وقد واجهنا العديد من التحديات ،ولكنها كانت تواجَ ه من قبلنا باإلصرار على تحقيق الطموح واإلنجاز ،واستطاعت الهيئة العامة للسياحة
أ .محمد بن إبراهيم المعجل
أن تبني جيال من أبناء الوطن امتلكوا خبرات
اليتيم بين القطاعات األخرى ،الذي ال يحظى عملية ،وأتــقــنــوا مــهــارات عــديــدة فــي مجال
بجهة رسمية محددة ترعاه ،حتى تم إنشاء الهيئة السياحة ،مــا يــؤكــد أنــنــا قـــادرون على تحمل العليا للسياحة ،والتوجيه الكريم بتعيين صاحب مسؤولية هذا القطاع وتنميته وتطويره.
السمو الملكي األمــيــر سلطان بن سلمان بن
وأشار إلى الدور المهم المعوَّل على الجهات
عبدالعزيز في قيادتها ،واستبشرنا خيرا ،وبدأنا الــتــي ينتظر منها دعــم المنشآت السياحية العمل على تطوير القطاع السياحي ،وكــان الصغيرة ،وتقديم تسهيالت للمستثمرين الصغار
المنطلق هو وضــع تشريعات قانونية وقواعد من المواطنين الراغبين في العمل في مجال
جانب من الحضور
14
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
المشروعات السياحية الصغيرة ،وسيخلق ذلك
تطويرًا في صناعة السياحة ،ويسهم في زيادة إيرادات هذا القطاع ،وتشغيل العديد من األيدي
الوطنية الباحثة عن العمل المجدي.
كما نوّه إلى ضرورة وجود تشريعات قانونية
تنظم العمل في االستثمارات السياحية ،بما
يساعد على تشجيع االستثمار وبخاصة في
مجال اإليــواء والفندقة ،والحرص على توفير
التنافس الــعــادل وعــديــد األســعــار المناسبة للخدمات السياحية بما يكفل حقوق المستثمرين ويشجعهم.
وق ــال إن السياحة تعد الــبــتــرول األبــيــض،
بوصفها تحقق إيـــرادات مهمة فــي االقتصاد
د .عيد بن قعدان العتيبي
داعما لالقتصاد الوطني ،ومستوعبًا لمئات اآلالف من األيدي الوطنية العاملة. وأكد أن النظرة للقطاع السياحي هي على
الــوطــنــي ،والسياحة الدينية لها قسط كبير منها ،ويمكننا اإلفــادة من القادمين للمملكة أنــه القطاع الــقــائــد ،وأن القطاعات األخــرى بقصد الحج والعمرة إلطالة مدة اإلقامة وزيارة هــي قطاعات مساندة ،لذلك ال بــد مــن دعم
المناطق السياحية فيها.
المتحدث الثالث: د .عيد بن قعدان العتيبي مستشار نائب الرئيس في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وتــحــدث الــدكــتــور عــيــد م ــؤكــدًا أن قطاع
السياحة يُعد من أكبر القطاعات االستثمارية التي تقود االقتصاد في العالم اليوم ،فهو يوظف
نحو %10من إجمالي عدد الوظائف في العالم،
أي بحدود ثالثمائة مليون وظيفة حول العالم هي في القطاع السياحي ،سواء كانت مباشرة
استراتيجية عامة لتنمية السياحة الوطنية ،وإن القطاع الخاص في المملكة وكبار المستثمرين يترتب عليهم أدوار مهمة فــي دعــم القطاع السياحي ،وكــذلــك الــحــال بالنسبة للمجتمع المدني ومؤسساته المتنوعة .وإن قطاع السياحة في المملكة يعوّل عليه أن يكون القطاع األول والفاعل فيما يتعلق باإليرادات غير النفطية. وهــذه اإلي ــرادات تسهم حاليا بنحو %3.6من إجمالي الناتج المحلي ،بينما المستهدف في رؤية ( )2030أن تسهم بما ال يقل عن %10من إجمالي ناتج المملكة غير النفطي. وأشـ ــار الــدكــتــور العتيبي إل ــى أن قطاع
أم غير مباشرة ،ما يكشف أهمية التركيز على السياحة في المملكة يوظف حاليا ما ال يقل
هذا القطاع في المملكة وتطويره وتنميته ليكون عــن ( )600ألــف مــواطــن ومــواطــنــة ،ونتطلع العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
15
في رؤية ( )2030أن تصل النسبة إلى مليون أكاديمية متخصصة فــي المملكة ،لتدريب
وظيفة على األقل .وذلك في الوظائف المتعلقة
الــكــوادر الوطنية فــي الــمــجــاالت السياحية
بالمناشط السياحية من إيواء وفندقة ومطاعم المختلفة .كما استحدثت الهيئة منذ سنوات ومنتجعات وغيرها. بــرنــامــج تــكــامـ ٍـل لتطوير ال ــم ــوارد البشرية وقــال إن الخدمات المساندة فــي مجال السياحية في المملكة ،ومع إطالق التأشيرة السياحة يجب أن نُحطْ ه بالعناية الالزمة ،وهي تبدأ من لحظة وصــول السائح إلــى المطار،
بل قبل ذلك في كاونترات مطارات الجهات
القادمة ،وغيرها من وسائل النقل والليموزين
السياحية عقدت العديد من الدورات التدريبية لموظفي االســتــقــبــال فــي منافذ الــجــوازات بالمطارات ،وموظفي مكاتب سائقي التاكسي
والفنادق .وكل ذلك له تأثيره في مستوى رضى والفنادق ،ولكل من سيكون له احتكاك مباشر
السائح.
مع السائح أو الــزائــر .كذلك ينبغي أن نهتم
وأكــد أن هيئة السياحة والــتــراث الوطني بتطوير قــدرة األدالء السياحيين على إتقان
وقعت اتفاقية مع منظمة سياحية دولية إلنشاء اللغات العالمية لتسهيل التواصل مع السياح.
جانب من الحضور
16
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
آفاق تطوير قطاع السياحة ،وتعزيز إسهامه في االقتصاد السعودي خالل المرحل المقبلة
المتحدثون :د .حسين بن علي أبو الحسن ،د .محمد بن سلطان العتيبي، د .محد الدغيشم أدار الجلسة :أ .عبداللطيف الضويحي
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
حلقة الحوار الثانية /المحور الثاني:
بدأ مدير الجلسة بشكر مركز عبدالرحمن السديري الثقافي على تبنّي إقامة هذا المنتدى المهم في مجال قطاع السياحة في المملكة ،لما تشكله السياحة في العصر الحديث من اهتمام رئيسا في اقتصادها .وقال إن السياحة يعوّل عليها وعناية من الدول التي تمثل السياحة رافــدً ا ً الكثير في مجال توفير فرص العمل للمواطنين ،وكذلك في دعم إيرادات المملكة ،ونحن نطمح لتكون المملكة وجهة سياحية معتمدة لدى مكاتب السياحة الدولية ،ولدى السياح الباحثين عن وجهات سياحية جديدة. متعددة ،وإضافة إلى النفط ،فإن المملكة تضم المتحدث األول: تنوعا واسعا من المناطق الطبيعية واآلثارية ً د .حسين بن علي أبو الحسن والتراثية التي هي أهم مقومات السياحة في عضو المجلس العالمي للمتاحف العالم ،ولذا فهي تعد خيارًا استراتيجيًا بالنسبة تساءل الدكتور حسين في بداية حديثه ،لماذا للمملكة يجب التركيز عليه ..واالنطالق به بشكل االهتمام بالسياحة؟ وقال إن المملكة العربية قوي وواضح ،وقد ظهر ذلك جليا في القرارات السعودية حباها اهلل ثروات ومقومات طبيعية التي صدرت من الدولة ،وأطلقت كذلك العديد
حلقة الحوار الثانية العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
17
د .حسين بن علي أبو الحسن
18
د .محمد بن سلطان العتيبي
من المشاريع والمبادرات الكبرى في المجاالت الحرص عليها ،وبخاصة عند تسويقها سياحيا السياحية والترفيهية والرياضية ،لتصنع وجهات في الخارج. سياحية جديدة في المملكة ،سواء في نيوم ،أو وأش ــار إلــى أن اإلع ــام الغربي أسهم في العال ،أو بوابة الدرعية ،وكل ذلك أكد حرص تشويه صــورة المملكة ،وال بد من العمل على الدولة على اعتبار السياحة خيارًا استراتيجيا نشر الصورة الحقيقية لها وتعزيزها من خالل مهماً القتصادنا الوطني. إعــام شفاف ،يُظهر ما تمتاز به المملكة من المتحدث الثاني: كنوز حضارية آثــاريــة وتراثية ،ومــا لديها من مــواقــع سياحية ،إضــافــة إلــى تميز المجتمع د .محمد بن سلطان العتيبي السعودي بكرم العرب األصيل ،والبشاشة في عضو هيئة تدريس بكلية السياحة واآلثار استقبال الضيف والــزائــر ،وهــذا يحتاج إلى بجامعة الملك سعود خبراء لديهم الخبرة والمعرفة في بناء صورة بــدأ الدكتور محمد سلطان العتيبي كلمته ذهنية صحيحة وراســخــة عن صــورة المملكة بالحديث عن أهمية التركيز على الهوية التي الحقيقية المشرفة ،التي يمكن استثمارها في تتميز بها المملكة العربية السعودية ،باعتزازها تسويق المملكة سياحياً. بكونها موطن اإلسالم ومنطلقه ،اصطفاها اهلل المتحدث الثالث: من بين باقي بقاع األرض ،كما أن أرض الجزيرة العربية التي تمثل المملكة معظم بقاعها هي د .محمد الدغيشم منبت العروبة ،وفيها تجد عبق التاريخ وآثار عضو هيئة تدريس بكلية السياحة واآلثار الحضارات اإلنسانية العظيمة التي كانت أرض بجامعة الملك سعود المملكة حضنًا لها منذ آالف السنين ،فهذه نوّه د .الدغيشم بضرورة تهيئة المجتمعات الهويات الثالث تشكل صورة المملكة التي ينبغي العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
كــمــا أثــنــى الــدكــتــور الــدغــيــشــم عــلــى فكرة تبنّي مفاهيم جــديــدة فــي التسويق السياحي، لتحقيق النجاح فيما نصبو إليه عند تسويق المملكة سياحيا في الخارج .وأشــار إلى أهمية إدخــال المشروعات السياحية الصغيرة ضمن الــمــشــروعــات الــتــي تستحق الــدعــم مــن جهات
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
التمويل الداخلية ،وحاضنات األعمال لمساعدة الشباب الراغبين في إيجاد مشاريع خدمية أو منتجة في المجاالت السياحية ،وذلــك وفق ما يميز كل منطقة من مناطق المملكة ،التي ينبغي أن يكون لكل منها هويتها السياحية التي تميزها عن غيرها ،بالنظر إلى المقومات السياحية التي تملكها ..سواء أكانت دينية أم آثارية أم تراثية أم ترفيهية أم طبيعية .مع الحرص على التكاملية بين المجموع الكلي للمناطق السياحية؛ إذ ينبغي التسويق للمملكة بشكل تكاملي للمواقع السياحية، وال يمنع ذلــك مــن تميز كــل منطقة بمقومات د .محمد الدغيشم سياحية خاصة بها ،فالتنوع ضــروري ،لكن في المحلية في مختلف المواقع السياحية واآلثارية الصورة العامة ينبغي الحرص على التكاملية. بالمملكة للمرحلة المقبلة ،بما فيها من حركة مداخالت وتوصيات سياحية مؤملة ،يــزور المملكة خاللها أفــراد ومجموعات سياحية من مختلف دول العالم، شهدت الندوة حوارًا ومداخالت من الجمهور فالبعد االقتصادي للسياحة ال يغني عن النظر تناولوا العديد من القضايا المتعلقة بقطاع بجدية واهــتــمــام كبيرين بموضوع الضيافة ،السياحة ،ومنها أهمية التركيز على تسويق والتعامل مع السائح القادم من خارج المملكة ،المملكة كوجهة سياحية دولية ،للوصول إلى ونحن نعلم أن لكل مجتمع قِ يَمَه وعاداته ،وإن مكاتب تنظيم المجموعات السياحية في مختلف التعريف بثقافات الشعوب األخــرى وعاداتها دول العالم ،وبخاصة التي تتميز بإقبال الفت يعد ضــروريــاً ومــفــي ـدًا فــي التأصيل لثقافة بين شعوبها على الرحالت السياحية السنوية سياحية عند أبناء مجتمعنا ،والتواصل معه أو الموسمية .كما تناول العديد من الحضور بطريقة حضارية تخدم صورة المملكة وشعبها أهمية تأهيل العاملين في هذا القطاع ،وكذلك المضياف ،وبخاصة مع تنوع الثقافات واألعراق كل من سيعمل في المشاريع السياحية الصغيرة، والعادات لدى السياح على اختالف األماكن التي لتطوير وسائل التواصل والتعاون مع السائحين قدموا منها. والزوار. وأشار أحد المداخلين إلى الدور المتوقع أن تؤديه وزارة التعليم بالمملكة ،من خالل إدراج مواد مناسبة عن السياحة في المناهج المدرسية. وإن ما هو موجود حاليا في الجامعات السعودية في مجال كليات السياحة ،ال يفي بالغرض، وبخاصة أن المملكة تستهدف استقبال ما ال يقل العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
19
عن مائة مليون سائح ،وهو رقم كبير يحتاج إلى للسياحة والتراث الوطني: جهود كبيرة جدا في مجال بناء البنية التحتية األول ـ ــى :توظيف التقنية وتــطــويــر مــهــارات في المواقع السياحية ..سواء الدينية أو اآلثارية وكفاءات الكوادر العاملة في مجال أو المعالم الطبيعية والشواطىء وغيرها. كما أكــدت الــمــداخــات أننا -فــي الوقت
الخدمات السياحية،
الثانية :االهتمام بالهوية الوطنية التي تميز نفسه -نحتاج إلى تأهيل كل الجهات واألفراد المملكة العربية السعودية ومجتمعها العاملين في مجال الخدمات السياحية .ويشمل العربي المسلم المضياف.
ذلك جميع المحطات التي سيتعامل معها الزوار والسياح ابتداء من لحظة تخطيطهم للقدوم إلى المملكة وحتى مغادرتهم لها؛ ألن ذلك هو الذي سيؤكد الصورة الحقيقية للمملكة من وجهة نظر هؤالء السياح ،وسيكونون رسل إعالم ودعاية عن المملكة كوجهة سياحية دولية.
ال ـثــال ـثــة :عــقــد ش ــراك ــات اســتــراتــيــجــيــة بين المؤسسات المختلفة العاملة في قــطــاع الــســيــاحــة ،لــضــمــان العمل التكاملي فــي مــجــال تطوير قطاع السياحة في المملكة ،ويشمل ذلك قطاعات التعليم والنقل والجوازات وف ــي إحـ ــدى الــمــداخــات أشــــارت إحــدى واإلعالم والقطاع الخاص العامل في الــحــاضــرات إلــى ثــاث نقاط أساسية ينبغي األنشطة السياحية ،وغيرها. أخذها بعين االهتمام من قبل الهيئة العامة
20
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
التوصيات ومن أهم التوصيات التي أوصى بها المتحدثون والمشاركون ،ما يأتي: -أهمية مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع السياحية.
-االهتمام بتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع وتدريبهم لقيادة قطاع السياحة.
تشييد البنى األساسية ،والخدمات المساندة ودعمها ،وتبني المبادرات والمشاريعالتي تعُنى باالرتقاء بجودة الخدمات السياحية ودعمها ،وتوفير سبل نجاحها. -ضرورة تحديد خريطة لألماكن السياحية ونشرها على المواقع اإللكترونية.
العمل على جذب االستثمارات وتشجيعها في مجال السياحة ،من خالل تقديمالحوافز والتسهيالت للمستثمرين السعوديين واألجانب.
-التركيز على توظيف العمالة الوطنية في كافة المشاريع التي تتعلق بالسياحة البيئية.
اهتمام الجهات التدريبية وبخاصة الغرف التجارية الصناعية بتنويع أماكن عقدالــدورات التدريبية في مختلف مناطق المملكة ،واستغالل هذه الــدورات لتعريف المواطنين بمقومات السياحة في المملكة؛ ما يحفزهم على اصطحاب عائالتهم وتكرار زيارة هذه المناطق بما يدعم اقتصادها واالقتصاد الوطني ككل. إنشاء كليات سياحية في الجامعات السعودية ،ودعــم البحث العلمي في مجالالسياحة المحلية.
نشر ثقافة االختالف ،وتقبل اآلخر ،وحسن استقبال الــزوار والسائحين ،وتأهيلاألسواق الشعبية وتطويرها. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
21
■ عبدالرحمن الشبيلي*
عبدالرحمن السديري
ت ـتــواضــع ح ــروف ــي ع ــن تـشـخـيــص ال ـك ـفــايــات ال ـف ـكــر ّيــة الـمـتـنـ ّوعــة للشخصيّة المكرّمة ،وعن قــراءة مالمح سماته ومناقبه التواصليّة، موروثات سلوكيّةً ٍ لكن ما يمكن تقريره ابتداءً أن لديه من صفات والده المتأصل بقراءة التاريخ وإدراك ما يتّصل ّ مكتسبة ،بدء ًا من الشغف به من تحوّالت السنين ،إلى الذاكرة األرشيفيّة 'الكريستاليّة' لرصد وسجلت ،وصو ًال إلى تنوّع حقول المعرفة ،التي ّ ما سبق من أحداث شكّ لت مرتكزات ثقافيّة جعلته يظفر بفكر سياحي بمساحة الكون الذي حلّق فيه .وألن حديث المنتدى عن السياحة ،فإن السؤال الذي يطرح نفسه في المقام األول ،هو عن كيفيّة نشوء هــذا المكوّن من جوانب حياته؟
للدراسات السعوديّة ()١٣
فلو نظرنا في شريط الذكريات قبل عقدين ،لوجدنا أن مصطلح
كلمة هيئة منتدى
السياحة لم يكن يعبُر الذهن المحلّي وال يُقيم وزناً له ،وأن ليس للوطن
سلطان بن
حضور في خارطة تلك الصناعة ومؤتمراتها ،وربّما لم يكن العقل الباطن
سلمان
ولم يخطر على باله أن نفود حائل يمكن أن يستفيق على سباقات بمذاق
فكر سياحي
والصمّان يمكن أن تستنبت أنواعاً مبتكرة من الرياضات غير المألوفة.
بمساحة
أحالم ،ولم يكن المرء يتصوّر وجود نُزُل صحراوي بيئي بمختلف درجات
الكون الذي حلّق فيه
منتجعات َفـرْســان وخلجان الصيد والغوص فيها ،ستتماهى ومــذاق
يستوعب مقاصد الكلمة ،،كان المثقّف يتابع رالي داكار وتزلّج األلب، محلي وجذب عالمي ،وأن رمال الربع الخالي ونفود الثويرات والدهناء
وقبل عقدين من الزمن ،كان استثمار سواحل البحر األحمر أضغاثَ
النجوم الفندقيّة في عروق بني معارض بالربع الخالي وفي العُال ،وأن
التوجه في هذا المضمار، ُّ السائح السعودي ،بما شجّ ع المستثمر على
فكيف أسّ ــس هذا الفارس لتلك الصناعة سعوديّـاً منذ مطلع القرن
الحادي والعشرين؟ كان اإلنسان الذي راودته تلك األحالم بعد أن طاف آفاق األرض والفضاء ،وجال معظم أماكن العالم ،يتخيّل يوماً ينجذب
فيه المواطن إلى مرابع بالده ،بخيال يُـلهم باألفكار ،كان شعوره وشعاره
22
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
االستراتيجيّات ،مفرغاً من ذهنه ما أسماه 'الخيَال في أكسفورد وباريس وأبوظبي أثبت في األحدث الممكن' ليصير خياله مع األيّام إلى حقيقة ،ودوّن منها على أن اإلسالم بدأ في جزيرة العرب منذ
تجربته تلك في كتاب سيبقى الوثيقة األولى في خلق اهلل اإلنسان ،كما شهدت جامعة أكسفورد تحويل المملكة من قفار مجهولة إلى صقاع تأخذ في نــدوة خاصة عقدت فيها عام 2014بشرى نصيبها المبتكر من صنعة السياحة واقتصادها عــودة جــزيــرة الــعــرب لالخضرار بعد أن كانت في هذا العالم الفسيح. مــروج ـاً وأنــهــاراً ،مــصــداقـاً للحديث الشريف.
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدد
'أن الحياة تبدأ كل يــوم' فرسم مع مستشاريه فيها محاضرات معمّقة كنتُ شاهداً على بعضها
تضمّن كتابه 'الخيَال الممكن' الــذي أصدره ومن المحطات التي يرويها بحنين بالغ لو أوتي قُبيل مغادرته كرسي السياحة واآلثـــار ،قصة من الوقت ساعات ،شغفه الشديد منذ الصغر
الكيان الذي بناه ،من حيث كان فكرة في ذهن بطلعات البر وحياة الصحراء ،كيف ال وقد ورث األمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز أول رئيس هذا التيم من أعمامه ووالده وأخواله في قصص لمجلس إدارة الهيئة ،إلى أن صار الخيال شجرة تمت ّد لجلسات ،وال يكاد ينافسها ســوى عشقه
باسقة مُورقة ،كسب االعتراف العالمي والتفاعل الثاني للطيران ،الذي ننتظر أن يصدر فيه كتاباً المحلّي ،وكان أن أضفت اآلثار وتعلّقُـه بها مزيداً يحكي تجربته ،وأحسب أن توأمة فريدة قد تكوّنت من االمتزاج بين االختصاصين ،وأحسب أن حبه في قلبه بين معشوقتيه في األرض والسماء ،بما لآلثار كــان من أبلغ مؤثرات تعميق اإلبــداع في فيهما من ترابط مفهوم .وبعد،
فكره السياحي ،تنظيراً وتطبيقاً ،فال عجب أن
إن منتدى عبدالرحمن السديري للدراسات
يختار موقعًا للنزل الصحراوي في الربع الخالي السعوديّة ،في دورته الثالثة عشرة ،الذي ينعقد على مقربة من قرية الفاو األثريّة التاريخيّة ،وأن سنو ّياً بالتناوب بين الجوف والــغــاط ،ويتناول يقام نزل العال على ضفاف مدائن صالح.
هذا العام موضوع السياحة الوطنيّة ،لسعيد بأن
سفر ومــواســم إج ــازات ،مع أنها كلها مقوّماتٌ
اآلثار والتراث العمراني ،وخص الغاط بمشاعره
لم ينظر صاحبنا إلى السياحة الوطنيّة من يختار للتكريم مؤسّ س السياحة السعوديّة األول، حيث كونها إيــوا ًء ووسائل نقل ومواقع ووسائط ال ــذي عشق الــوطــن وط ــاف أرجـ ــاءه ،واحتضن مهمة ،ولكنه 'فلسف' للسياحة ،لتكون قيمة ابتكار وبمشروعاته ،وحسْ به أنه من ساللة عبدالعزيز ومنتجاً اقتصاد ّياً وطن ّياً ،حتى غدا لتلك الفلسفة وســلــمــان وم ــن نــســل سـ ــارة وحــصــة وسلطانة مع األيام موقع في كلّيات السياحة وعلومها .ولم السديري ،وأنه سائح زادُه الدماث ُة والنُّب ُل والوفاء،
يكن االقتران بين اآلثــار والسياحة لديه مجرّد يُنتظر منه في موقعة الجديد ،أن يضع الوطن تــزاوج بيروقراطي ،ولكنه وقد فهمها على أنها على قائمة الــدول المتصدّرة في عالم الفضاء شواهد البُعد الحضاري للجزيرة العربيّة ،كتب الذي ارتاده قبل خمسة وثالثين عاماً. * كُتبت الكلمة قبل وفاته رحمه اهلل بأسبوع ،وألقاها د .عبدالواحد الحميد. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
23
مكتبة منيرة بنت محمد الملحم
منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع الدورة الثانية عشرة -الغاط 2جمادى اآلخرة ١٤٤١هـ ( ٢٧يناير ٢٠٢٠م) أقام ندوة بعنوان:
دور القطاع غير الربحي في االرتقاء بمؤشر رأس المال االجتماعي في ضوء
رؤية 2030 ■ كتب :جهاد أبو مهنا
برعاية صاحبة السمو األمـيــرة الــدكـتــورة الـجــوهــرة بنت فهد آل سـعــود عقد منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع منتداه السنوي في دورته الثانية عشرة في دار الرحمانية بمحافظة الغاط بعنوان :دور القطاع غير الربحي في االرتقاء بمؤشر رأس المال االجتماعي في ضوء رؤية ،2030وذلك يوم االثنين 2جـمــادى اآلخ ــرة 1441ه ـ ـ ( 27يناير 2020م) ،وال ــذي يقيمه مركز عبدالرحمن السديري الثقافي سنوي ًا بدار الرحمانية بالغاط. افتتـح المنتـدى بكلمـة لرئيسـة المنتـدى مسـاعدة المديـر العـام لشـؤون القسـمالنسـائي -أ.د مشـاعل بنـت عبدالمحسـن السـديري ،التـي رحبـت بصاحبـة السـمو األميـرة الدكتـورة الجوهـرة بنـت فهـد آل سـعود ،وشـكرتها علـى رعايـة منتـدى منيـرة بنـت محمـد الملحـم لخدمـة المجتمـع فـي دورتـه الثانيـة عشـرة ،وثمّنـت دور سـموها فـي دعـم العمـل الجماعـي فـي مسـارات ترسـيخ دور المـرأة فـي التنميـة المسـتدامة فـي المجـاالت االقتصاديـة واالجتماعيـة والتنمويـة فـي المملكـة .كمـا رحبـت بالحضـور ،وأشـارت إلـى أن هـذا المنتـدى،
مـن األنشـطة الثقافيـة لمركـز عبدالرحمـن السـديري الثقافـي ،ويقـام سـنوياً بهـدف تسـليط الضـوء علـى موضـوع ذي أهميـة للقطـاع النسـائي فـي محافظـة الغاط بشـكل خـاص ،والمملكـة بشـكل عـام. وذكـرت السـديري أنـه يشـارك فـي هـذه الـدورة مـن المنتـدى نخبـة مـن األكاديميـات والمتخصصـات مـن الجامعات والمؤسسـات الوطنيـة المختلفـة ،بمـا يثـري الخبـرات المكتسـبة للمشـاركات مـن خلال اطالعهـن علـى تجـارب جديـدة وقيّمـة ،مـن شـأنها تحقيـق األهـداف المنشـودة مـن هـذا المنتـدى ،مـن خلال تركيزه على دور القطاع
م ـ ـن ـ ـتـ ــدى م ـ ـن ـ ـيـ ــرة املـ ـلـ ـح ــم
غيـر الربحـي لتحقيـق المكتسـبات االجتماعيـة وتنميتهـا ،ودور رأس المـال االجتماعـي فـي تعزيـز التنميـة المسـتدامة فـي المجتمـع ،وتعزيـز العالقات بين أبناء المجتمع الواحد ،واسـتثمارها لخلـق فـرص النمـو والتقـدم وتحسـين قدراتهـم علـى اتخـاذ القـرارات ،وقـدرة المجتمـع علـى تبنـي المبـادرات التـي تنهـض بالمجتمـع اقتصاديا واجتماعيـا وثقافيـا. وأشـارت السـديري إلـى أن رؤيـة 2030 تتضمـن االهتمـام بـدور المنظمـات غيـر الربحيـة والعمـل التطوعـي فـي المملكـة ،كمـا يؤكـد برنامج التحـول الوطنـي 2020علـى تفعيـل دور منظمـات القطـاع غيـر الربحـي وتعزيـز جهودها في مختلف العقديـن الماضييـنباهتمـام كبيـر ،وبخاصـة بعد المجـاالت التنمويـة ،ويدعو إلـى تكامل القطاعات تبنّـي الكثيـر مـن الحكومـات والمؤسسـات الدولية الثالثـة ،الحكومـي والخـاص والمجتمـع المدنـي .لهـذا المفهـوم ،نظـر اً لعالقتـه ببعـض متغيـرات وأضافـت د .مشـاعل إلـى أنـه مـن ضمـن التنميـة االقتصاديـة واالجتماعيـة؛ كالدخـل ، البرامـج والفعاليـات التـي نفذتهـا مكتبـة منيـرة والصحة ،والتعليم ،والفقر ،والبطالة ،ومستويات الملحـم لهـذا العـام فـي مجـال التنميـة المجتمعية الجريمـة ،وغيرهـا .فـرأس المال االجتماعي يعد المسـتدامة ،فقـد تـم تبنّـي العديـد مـن المبـادرات ضـرورة لخلـق نظـام اجتماعـي سـليم ومسـتقر، التطوعيـة المجتمعيـة الهادفـة إلـى خدمـة المـرأة يترافـق مـع وجـود مؤسسـات مجتمعيـة تـؤدي والطفـل ،واالهتمـام بمـا يعـزز مـن إمكاناتهمـا دورهـا التنمـوي فـي رفـع الكفـاءة وتسـهيل تبـادل ويمكنهمـا مـن أداء أدوار ثقافيـة واجتماعيـة المعلومـات ،ومـع توافـر دعـم حكومـي ومسـاندة واقتصاديـة ومجتمعيـة ،إسـهاماً منهـا في الحراك حقيقيـة تشـجع مؤسسـات المجتمـع المدنـي علـى أداء دورهـا فـي هـذا المجـال. المجتمعـي العـام ،وتعزيـزاً للمخرجات التي تطمح وللقطـاع غيـر الربحـي دورمهـم فـي اإلسـهام في المكتبـة لتحقيقهـا؛ إذ أطلقـت المكتبـة مبـادرات تطوعيـة ،باسـم "مبـادرات منيـرة الملحـم لخدمـة تحقيـقأهـداف التنميـة المسـتدامة ،إذ إن التعـاون المجتمـع" ،وانبثـق عنهـا حتـى اآلن أربـع مبـادرات المشـترك ببنـاء شـراكات للمؤسسـات االجتماعيـة تطوعيـة ،اسـتفاد منهـا هـذا العـام ( )450طفلاً غيـر الربحيـة ،مـع القطاعات الرسـمية األخرى ذات وطفلـة ،والعمـل مسـتمر فـي هـذه المبـادرات ،كما العالقـة،يفعّـل عناصر التنميـة المجتمعية ويطورها سـتنطلق قريبـا أربـع مبـادرات أخـرى جديـدة .بمـا مـن شـأنه أن يسـهم فـ ي االرتقـاء بمسـتوى المعيشـة ،وجـودة المنتجـات ،ويرفـع مسـتوى منتدىمنيرةبنتمحمدالملحملخدمةالمجتمع 12الرضـىاالجتماعـي ،ويسـاعد فـي حـل العديـد مـن "دورالقطاعغيرالربحيفياالرتقاء المشـكالت المجتمعيـة؛ كالبطالـة والفقـر ويخفـض بمؤشررأسالمالاالجتماعيفيضوء مسـتويات الجريمـة ،كمـا لـه دور مهـم فـي تحسـين المسـتوى التعليمـي وحمايـة البيئيـة. رؤية"2030 حظـي مفهـوم رأس المـال االجتماعـي خلال
وينبثـق منتـدى منيـرة بنـت محمـد الملحـم العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
25
لهـذا العـام مـن رؤيـة 2030وبرنامـج التحـ ّو ل الوطنـي 2020للتنميـــة واالسـتدامة ،فـي ظـــــل رؤيـــــة داعمـــــة وواعـدة نحـو مجتمـع حيـوي يتمتع باقتصـاد مزهـر. ويحـرص المنتـدى علـى المواءمـة بيـن النظريـة والتطبيق ،وذلك عبر جلسات حوارية ،وورش عمل متزامنـة معـه ،إلثـراء محتـوى موضـوع المنتـدى وتحليـل عناصـره ومحـاوره ،وتسـهم المناقشـات التـي تجـري بيـن المتحدثـات والمشـاركات فـي إيصـال المفاهيـم ،وتشـكيل معرفـة مشـتركة، وتحقيـق الهـدف األسـاس لعقـد هـذا المنتـدى.
مجتمعـه حيـوي واقتصــاده مزهـر .ويتنـاول المنتـدى ثالثـة محـاور ممكنـة للقطـــــاع غيــــر الربحـــي :االستثمــــــار في رأس المال االجتماعي واسـتراتيجيات االرتقـاء بـه ،واألثـر االجتماعـي للقطـاع غيـر الربحـي وتعظيـم دوره ،ومتطلبـات حوكمـة منظمـات المجتمـع المدنـي. المحور األول :دور القطاع غير الربحي في مؤشر رأس المال االجتماعي.
صاحبة السمو األميرة د .الجوهرة بنت فهد آل سعود (رئيسة مجلس إدارة جمعية مكين لحاضنات األعمال)
محاور الندوة: تحدثـت صاحبـة السـمو األميـرة د .الجوهـرة دور القطاع غير الربحي في مؤشر رأس المال بنـت فهـد آل سـعود عـن دور القطـاع غيـر الربحياالجتماعي. فـي االرتقـاء بمؤشـر رأس المـال االجتماعـي، وتوجـه حكومـة خـادم الحرميـن الشـريفين بـه، متطلبات حوكمة القطاع غير الربحي.ممثلاً برؤيـة 2030لتحقيـق مجموعـة مـن تعظيم دور القطاع غير الربحي.األهـداف أهمهـا: المتحدثون: -1إعـــــداد جــيــل رائــــد يــمــتــلــك ال ــق ــدرات صاحبـة السـمو األميرة الدكتـورة الجوهرة بنت وال ــم ــه ــارات ال ــازم ــة لــقــيــادة مصانع فهـد آل سـعود (رئيسـة مجلـس إدارة جمعيـة مكين المستقبل. لحاضنات األعمال)، أ .د .فهد بن حمد المغلوث ( أمين عام جائزة -2تذليل العقبات وإيــجــاد الــحــلــول فــي شتى األميـرة صيتـة بنـت عبدالعزيـز للتميـز فـي العمـل المجاالت التنموية. االجتماعي) واسـتعرضت سـموها مفهـوم القطـاع غيـر م .مشـاري بـن منصـور الطريّـف (مديـر عـام التطويـر فـي وكالـة التنميـة االجتماعيـة بـوزارة العمـل والتنميـة االجتماعيـة. أدارت الجلسة :أ.د .الجوهرة بنت فهد الزامل (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سـعود).
26
افتتحـت أ.د .الجوهـرة الزامـل النـدوة بقولهـا: ينبثـق المنتـدى هـذا العام من رؤية ٢٠٣٠وبرنامج التحـول الوطنـي ،٢٠٢٠للتنميـــة واالسـتدامة فـي ظـــــل رؤيـــــة داعمـــــة وواعـدة لوطــــن طمـوح: العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وقالـت إن رأس المـال البشـري يركـز علـى القـدرات الخاصـة بـكل فـرد ،والمهـارات التـي م .مشاري بن منصور الطرّ ف يكتسـبها ،أمـا رأس المـال االجتماعـي فهـو يركـز علـى اإلمكانـات التـي تمنحـه إياهـا العالقـات (مدير عام التطوير في وكالة التنمية االجتماعية - وزارة العمل والشؤون االجتماعية) االجتماعيـة بيـن األفـراد أو مجموعـة مـن المؤسسـات. هدفـت الورقـة التـي قدمهـا م .مشـاري وختمـت الورقـة بالحديـث عـن آليـات قيـاس الطريّـف إلـى تقديـم إحصـاءات عـن المنظمـات مؤشـر رأس المـال االجتماعـي ودور القطـاع غيـر غيـر الربحيـة (عـدد الجمعيـات األهليـة ،وعـدد الربحـي فـي االرتقـاء بـه ،مبينـة أهميـة قيـاس الجمعيـات التعاونيـة وعـدد المؤسسـات األهليـة،
م ـ ـن ـ ـتـ ــدى م ـ ـن ـ ـيـ ــرة املـ ـلـ ـح ــم
الربحـي ،وقالـت إنـه منظمـات وظيفتهـا خدمـة رأس المـال االجتماعـي ومؤشـراته لألفـراد السـكان غيـر المخدوميـن لتوسـعة مـدى الحريـة والمؤسسـات وألصحـاب القـرار فـي الدولـة. وتفجيـر طاقاتهـم ،مـن خلال الدفـاع عـن التغييـر المحور الثاني :متطلبات حوكمة القطاع غير الربحي االجتماعـي وتقديـم الخدمـات .أمـا مفهـوم رأس أ.د فهد بن حمد المغلوث المـال ،فهـو مجموعة من المعايير والشـبكات التي (أمين عام جائزة األميرة صيتة بنت عبدالعزيز تمكـن العمـل الجماعـي وهـو أحـد معالـم المنظمـة للتميز في العمل الجماعي) االجتماعيـة ،مثـل الشـبكات والمعاييـر والثقـة االجتماعية التي تسهل عملية التقييم والتعاون من قـدم أ.د .فهـد المغلـوث ورقـة تحـدث فيهـا أجـل المنفعـة المتبادلة ،وتحسـين فعالية المجتمع عـن متطلبـات حوكمـة القطـاع غيـر الربحـي، بواسـطة تسـهيل األعمـال المنسـقة ،وتوضيـح وهـي حوكمـة اإلدارة العليـا والسياسـات العامـة، أبـرز مؤشـراته ومنهـا :العضويـة فـي الجماعـات وحوكمـة السياسـات واإلجـراءات الماليـة، والشـبكات ،والعمـل والتعـاون الجماعـي ،والثقـة وحوكمـة سياسـات المـوارد البشـرية وإجراءاتهـا، المتبادلـة بيـن أفـراد المجتمـع ،وسـهولة الوصـول وقـال إن مفهـوم الحوكمـة والشـفافية يركـز علـى للمعلومـة ،والتسـهيالت الحكوميـة أو التمكيـن ،وجـود أنظمـة وسياسـات واضحـة ومعلنـة فـي كل مـا يتعلـق بصالحيـات العامليـن فـي المنشـأة والتماسـك االجتماعـي. وامتيازاتهـم وحقوقهـم وواجباتهـم ،وكذلـك مـا وذكـرت األميـرة الجوهـرة بنـت فهـد أن أهميـة يتعلـق بحقـوق المسـتفيدين وتحقيـق العدالـة موضـوع المنتـدى تنبـع فـي كونـه مـن المواضيـع بينهـم . التـي تحـرص عليهـا غالـب دول العالـم ومن أبرزها وأكـد الدكتـور المغلـوث علـى ضـرورة تسـهيل المملكـة ،فـي محاولـة لمواءمـة العمـل التطوعـي مـع متطلبـات التغييـر الـذي يشـهده المجتمـع .الوصـول إلـى المعلومـات المتعلقـة بالمنشـأة وسـرعة التجـاوب مـع األزمـات المختلفـة واسـتعرضت مؤشـرات االرتقـاء بـرأس المـال والمحافظـة علـى الدقـة والشـفافية ،وسلامة االجتماعـي فـي ضـوء تحديـد دور القطـاع غيـر هياكلهـا التنظيميـة ،ووجـود أنظمـة وسياسـات الربحـي فيـه ،ومتطلبـات الرقـي بمؤشـر رأس ماليـة موثقـة وذات مرجعيـة قانونيـة .وشـدد علـى المـال االجتماعـي ،وطـرق قيـاس مؤشـرات رأس أهميـة التـزام المنظمـات غيـر الربحيـة بالحـرص المـال االجتماعـي واهميتهـا ،كمـا تحدثـت عـن علـى توافـر التـوازن والعـدل والنزاهـة وعـدم إنجـازات جمعيـة مكيـن ودورهـا الفاعـل. التمييـز فـي تقديـم الخدمـات أو التبرعـات. المحور الثالث :تعظيم دور القطاع غير الربحي.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
27
االقتصاديـة واالجتماعيـة ،وهـو شـريك تنمـوي منـذ تأسـيس المملكـة العربيـة السـعودية. تنظيم ورش عمل تدريبية على هامش المنتدى نظمـت هيئـة المنتـدى ورشـتي عمـل تدريبـي، شـارك فيهـا مـا يزيـد عـن تسـعين مـن سـيدات المجتمع المحلي ،وقد شملتا موضوعين أساسيين: -1ورشــة التطوع ومؤسسات المجتمع المدني، وقدمتها د .هدى أحمد البراك (وكيلة عمادة البحث العلمي وعضو هيئة تدريس بجامعة المجمعة).
28
تضمنـت الورشـة عـدة محـاور مهمـة ،هـي: مجـاالت التطـوع ،ومؤسسـات المجتمـع المدنـي والتحـول مـن الرعايـة إلـى التنميـة ،وأهميـة التحـول للمؤسسـات مـن رعويـة إلـى تنمويـة ،واهتمـام وعـدد لجـان التنميـة ،وعـدد الصناديـق العائليـة مؤسسـات المجتمـع المدنـي بأمـور عديدة لمسـاندة التـي تـم تأسيسـها ) ،إضافـة الـى تحفيـز القطـاع المجتمـع. غيـر الربحـي لتطبيـق معاييـر الحوكمـة ،وتمكيـن -2ورشة الشراكة المجتمعية ...طري ٌق للتطوع، وقدمتها د .مها إبراهيم الكلثم (وكيلة عمادة القطـاع مـن التحـول نحـو المؤسسـية بإيجاد سـبل خدمة المجتمع والتعليم المستمر وعضو هيئة التعـاون بيـن مؤسسـات القطـاع غيـر الربحـي، تدريس بجامعة المجمعة). وكيفيـة تسـهيل عمليـة اسـتقطاب الكفـاءات تضمنت الورشـة عدة محاور مهمة ،هي :تعريف وتدربيهـا ،وبنـاء قدراتهـا لتمكينهـا مـن العمـل فـي القطـاع غيـر الربحـي ،والمحفـزات المقدمـة مـن الشـراكة المجتمعيـة ،ودور الشـراكة المجتمعيـة وزارة العمل والتنمية االجتماعية متمثلة في وكالة فـي خدمـة المجتمـع (جامعـة المجمعـة أنموذجـاً)، التنميـة االجتماعيـة ،ومنهـا ايضاً دعم االسـتدامة والتطـوع رئـة المجتمعـات المتمدنـة ،والتطـوع بوابـة المسـتقبل (فريـق رفـد التطوعـي) ،وأهميـة التطـوع نـواح أبرزها إنشـاء صندوق دعم الماليـة مـن عـدة ٍ فـي تعزيـز الشـخصية. الجمعيـات األهليـة ،وتفعيـل اإلسـناد مـن الجهـات كمـا أقيـم علـى هامـش فعاليـات المنتدى معرض الحكوميـة إلـى المنظمـات غيـر الربحيـة ،إضافـة إلـى اسـتعراض عمـل المركز الوطنـي للقطاع غير إلصـدارات مركـز عبدالرحمـن السـديري الثقافـي الربحـي الـذي يسـعى بـدوره إلـى تنميـة القطـاع ضمـن برنامـج النشـر ودعـم األبحـاث التـي بلـغ عددهـا نحـو ( )200إصـدار .وقـد حضـر المنتـدى غيـر الربحـي بالصـورة األشـمل. جمهـور مـن نسـاء محافظـة الغـاط والمحافظـات وأكـد م .الطريّـف أن القطـاع غيـر الربحـي المجـاورة ،وطالبـات كليـة التربيـة للعلـوم اإلنسـانية يعـد مـن أكثـر القطاعـات المواكبـة للمتغيـرات فـي الغـاط وطالبـات من جامعتي المجمعة والزلفي. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وفكر المؤسسات اإلنسانية ■ د .هياء عبدالرحمن السمهري*
م ـ ـن ـ ـتـ ــدى م ـ ـن ـ ـيـ ــرة املـ ـلـ ـح ــم
منتدى منيرة الملحم في الغاط
حازت محافظة الغاط منذ عقود منصات التنوير باقتدار؛ وما تزال تشرق في آفاقها! واسـتــدارتْ الغاط لتلتقي بكل القادمين إليها لجلب الثقافة واسترفاد معانيها بمفهومها الشامل؛ فانشق الـكــون عــن تلك المدينة الرشيقة األنيقة الـتــي شـهــدتْ منتدى «منيرة الملحم» فــي سـنــوات عـمــره اإلثنتي عـشــرة؛ فكانت فغدت الغاط ومنتداها صديقان صدوقان ٍ ُحزَما بصيرة من االنتقاءات المكتنزة، للمجتمع واهتماماته ،ليس في مجتمع الغاط وحدها فحسب ،بل امتد الوهج ألجــزاء من وطننا األشــم؛ ومــا تــزال تنداح من منبر منتدى منيرة الملحم رؤى وأفكار وتوصيات الفتة محفزة تهفو لها العقول وتزهو خاللها بحراك تنويري ممتد مــن شمالي الــوطــن حيث كــانـ ْـت الـبــدايــات فــي مــركــز األمـيــر عبدالرحمن السديري الثقافي في «الجوف» حين حمل رحمه اهلل ممكنات الثقافة المجتمعية من سكاكا ،حيث اإلمارة والتمكين ،إلى الغاط ،حيث المولد والحنين! يقينا منه رحمه اهلل أن وجها آخر للثقافة سوف يسطع في سماء الغاط؛ ويمتد التنوير فـوّارا إلى الغاط الــودودة التي حظيت بحفاوة األمير الراحل ومن بعده أبنائه وبناته ،ولكنها حفاوة من نوع آخــر حين اقترنت بــاســم وطــنــي أسهم في مــؤزارة الحراك التنموي آنــذاك في الــجــوف ،ومــن ثــم الــغــاط ،فكان منتدى منيرة الملحم رحمها اهلل صعودا مكينا للثقافة المجتمعية عندما تسلط األضواء على ممكنات جودة التشغيل ،فكانتْ «دار الرحمانية» في محافظة الغاط ميال َد مؤسسة ثقافية حملتْ مجموعة من
مشاعل التنوير ،فهي دار معرفة أصيلة لها معاييرها فيما تحمله وتنشره وتديره، وهي موقع فاخر يقام فيه «منتدى منيرة الملحم السنوي الثقافي المجتمعي» الذي يستجلي متطلبات التنمية المجتمعية في صــفــوف متوالية تــبــرز فيها االنتقائية العالية في الموضوعات ،كما يستقطب المنتدى العقول المتخصصة ،لتبسط في المنتدى شواهد الموضوع وممكناته وأدوات ـ ــه ،وتــعــرض دروب تــطــويــره ،من خالل نخبة مصطفاة من جديري الوطن والمبصرين في المجال المطروح؛ وفي مكتبة دار الرحمانية أيضا تأطير حاف ٌز العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
29
في صياغة التنمية المجتمعية داخــل نطاق ورؤساء عن بعض الجمعيات الخيرية التنموية المحافظة وما جاورها في مجاالت عديدة :وعن جوائز وطنية تحفز لخدمة المجتمع. ثقافة ،وتدريب ،وتأهيل ،ومعارض محفزة، وفي المنتدىشواهد تحمل دالالت التنوير؛ ودع ٌم للمعرفة بكل أشكالها ،وتحقي ٌق لممكنات وصــفــوف مــن الــحــوافــز الــداعــمــة للحراك النهوض من خالل المُشْ تركات مع المؤسسات المجتمعي المثمر اإليجابي الــذي يستهدف الحكومية فــي المحافظة وقــنــوات القطاع اإلنــســان وتنميته وال يستغلق على البصير الخاص؛ وتواشجا متينا مع المناسبات واأليام التقاط متغيراتها وتجدّدها الدؤوب ،فالمثاقفة الوطنية. تراسلتْ مع الغاط من الجوف فاقتربتْ الرؤى وتعزيزا لذلك السبق المؤسسي المجتمعي ،واس ــت ــدارتْ الــزوايــا ،أمــا المنتدى السنوي استضافت محافظة الغاط في يــوم االثنين الــمــكــتــنــز «مــنــتــدى مــنــيــرة الــمــلــحــم لخدمة الــمــوافــق الثاني مــن شهر جــمــادى الثانية /المجتمع» فهو منصة إشراق مجتمعية ومجيء الــســابــع والــعــشــريــن مــن يناير ٢٠٢٠وعلى مدهش ،توشحه اسمها رحمها اهلل ليصبح منبر منتدى «منيرة الملحم السنوي لخدمة جزءاً من الثقافة الوطنية وأتمت عائلتها رسم المجتمع» نسيجا إنسانيا وطنيا متينا لموضوع لوحاته النامية فعبر ذلك المنتدى المجتمعي حــيــوي لــصــيــق ومــتــواشــج مــع رؤيـ ــة بــادنــا مدارجه في اثنتي عشرة سنة حتى هذا العام العمالقة «دورالقطاع غير الربحي في اإلرتقاء .١٤٤١ بمؤشر رأس المال اإلجتماعي في ضوء رؤية نعم ُهنَاك في الغاط شعور جميل بالمغامرة ،»٢٠٣٠وذلك اإلنتقاء أحسبه إبصار جدير المحمودة لفتح بوابات الثقافة وخدمة المجتمع بالتقدير واإلشادة من القائمين على المنتدى على مصراعيها لتمتد من الغاط الجميلة إلى نحو ممكنات المجتمع الحيوي ذي االقتصاد كل أرجاء بالدنا ،فهنيئا للغاط حراكها الثقافي المزدهر؛ وفيما تم طرحه كانت هناك محكات المثمر ،وهنيئا لها ازده ــاره ــا المجتمعي ممنهجة سوف تمنح بعون اهلل مفاتيح البدايات المشهود الذي صنعته تلك العقول العظيمة، لكل الراغبين في تشكيل قطاعات غير ربحية رحمهم اهلل وحفظ امتدادهم ليكملوا المسيرة ذات دافع إنساني غير ربحي داعمة للتنمية التنموية الثقافية. المجتمعية؛ وقد توشح اللقاء بفتح حوارات عميقة حول الموضوع انكشفت عنها بعض ويستحق مركز األمير عبدالرحمن السديري الرؤى المتطورة لقيادة العمل االجتماعي غير في منطقة الجوف ومشاعله ومنتدياته في الربحي في مجاالت التنمية المجتمعية .ومن محافظة الغاط وما ينتج عنه من حراك ثقافي الالفت في جــدارة ذلك الموضوع للطرح أن تنموي مجتمعي تصدّر مصادر التنوير الثقافي المنتدى عــزز الموضوع باستضافة حيوية تأسيسا في بالدنا ،كما منح المرأة أول نوافذ مبصرة لمن يمثل المرجعية النظامية الرسمية التنوير في مشروع ثقافي كبير ،وتبنّى مفهوم للقطاع غير الربحي ممثال في وزارة العمل الشراكة المجتمعية قبل صياغاتها الحديثة؛ والتنمية االجتماعية وضــوء آخــر لممثلين يستحق تكريما وطنيا في أرفع مستوياته. * شاعرة وكاتبة ومؤلفة سعودية.
30
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ليلى األحيدب صوت أنثوي هارب من الصحراء إلى السماء حين تقف عند أبــواب األنثى الكاتبة ..فإنك تخضع لصوتها المكتوب الذي يأسرك رغما عنك ،ألنها صاحبة الروح الشفافة والقلب الرقيق. ليلى األح ـيــدب تحيلك فــي أبـعــادهــا الــداللـيــة والمرجعية والمقصدية إلى مجموعة من الثيمات الموضوعية التي تعكس لنا رؤى الكاتبة السعودية التي تكسر نطاق الكلمة لتعبر بها إلى العالم الخارجي ،ثم تتأرجح بين رؤى ذاتية ورؤى موضوعية ،كما تمتاز فلسفتها برؤى فلسفية مأساوية قائمة على الحزن والـمـعــانــاة واالغ ـتــراب والــوحــدة والـتـشــاؤم والـضـيــاع حينًا ،ورؤى أخ ــرى متفائلة تستشرف غــد األح ــام واألم ــل المعسول والمستقبل السعيد حينًا آخــر ،وذلــك حين تنفلت من قيود الحرب النفسية التي تصفها في قصصها لتلك المرأة التي تبحث عن مالذ لنفسها وروحها العاشقة. ارتكزت األحيدب في نظرتها على المعالجة النصية والــتــنــاول الحكيم لكل مــن :العبث ،والــمــعــانــاة ،واألمــل، والــتــلــذذ بـــاألحـــام ،واالرتـ ــكـ ــان إلــى الصمت والسكون ،والتساؤل الفلسفي، واالغتراب الذاتي والمكاني ،والهروب، والعنف ،والــقــســوة ،واإلبـ ــداع ،والفن، والــمــوت ،والــقــلــق ،والــنــفــي ،والهجرة، والطبيعة ،والحزن ،والحيرة ،والتفرد، وطرح أسئلة الــذات والذاكرة ،والثورة على الحياة والواقع الموبوء!
لغتها تماست مع قصيدة النثر ،وفن صياغة الحكمة ،وربما الخبر المحكي.. تلك ميزة المرأة القاصة التي حملت بداخلها روحا كروح ليلى األحيدب. كل مجموعاتها تحيلك إلــى مقولة "النفري"" :كلما اتسعتْ الرؤية ضاقت العبارة" ،لكن ضيق العبارة ال يعني حتما صغر الحجم وقصر العبارة حتمًا ،وهو ما ستشعره وأنت تتلمس حروفها في مشهدية مختلفة تمامًا. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
31
الخطاب الذكوري في رواية (عيون الثعالب) لليلى األحيدب ■ ميساء اخلواجا*
يمكن القول إن الرواية النسائية تحمل أنساقا مضمرة؛ ومن هنا ،فإن دراسة رواية ليلى األحيدب (عيون الثعالب) كانت تهدف في المقام األول إلى دراســة النص بما هو حادثة ثقافية تولد جمال ثقافية ومضمرات نسقية .فــإذا كانت الثقافة الذكورية تقدم األنوثة بوصفها قيمة خرساء أو كائنًا غير لغوي ،فما هو دور الكتابة النسائية في نقض ذلك التصور حين تمتلك الكاتبة زمام الكتابة ،وتنشئ خطابها الخاص لتصبح ذا ًتــا فاعلة ال موضوعً ا يحكى عنه؟ هل تماهت الكاتبة مع األدوار المعطاة لها أم عملت على محاولة نقض المفاهيم الثقافية وخلخلتها؟ لعل االلتفات إلى الخطاب الذكوري في هذه الرواية يمكن أن يشكل أحد مداخل اإلجابة عن تلك األسئلة وغيرها ،فتفكيك الخطاب والبحث عن المضمر أو المعلن فيه قد يكشف عن الرؤية المحركة للكاتبة وعن نصها بوصفه قيمة ثقافية وإبداعية في الوقت نفسه .وقد ظهر الخطاب الذكوري في الرواية موضوع القراءة مباشر ًا وظاهرا كما يلي: الخطاب الذكوري المباشر
خطابها سيحمل دالالت ثقافية ورؤى ضمنية
يمكن أن تشكل الرواية النسائية مجاال يمكن أن تبني حوارية مع المجتمع والثقافة، خــص ـ ًبــا لــلــكــشــف ع ــن األن ــس ــاق الثقافية ويمكنها في الوقت نفسه أن تمارس نوعً ا من المضمرة ،من حيث إنها تقدم خطابًا يمهد إعــادة تشكيل الثقافة عبر كشف المكبوت إلعــادة التفكير في المسلمات المرجعية ،وص ــور الهيمنة وخــطــابــات الــعــنــف .ولعل وإلـــى مــحــاولــة إحـ ــداث تغيير فــي البنية الخطاب الذكوري الذي صاغه الرجل عبر المعرفية ،وذلك في مواجهة خطاب يحرص الــزمــن هــو المجال األول للمساجلة معه
على تأييد الوضع القائم ومحاولة تثبيته ،أي ومحاولة نقضه ،وقد جاء صوت الخطاب الخطاب الذكوري السائد .ويمكن القول إنه الذكوري المباشر في الرواية عبر صوتين
32
عند تشكيل الروائية لعالمها الروائي ..فإن هما صوت الرجل وصوت المرأة.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
.1صوت الرجل /
الشخصية الذكورية: لــعــل الــرجــل ،بتمثالته الــمــتــعــددة ،هو
المحور األول الــذي يمكن أن يمثل خطاب الثقافة السائد .لذا يمكن أن يكون محورًا لــعــدد مــن ال ــرواي ــات النسائية ،وبأشكال
متعددة .والحديث عن الرجل هنا ال يعني
الحديث عن صــوره ال ــواردة ،بل عن صوته الممثل للثقافة الذكورية .فقد تتعدد صور الــرجــل؛ لكنها تــأتــي متماثلة فــي نسقها
الضمني وفــي صوتها المعبر عن الثقافة
المهيمنة التي تقمع الــمــرأة وتضعها في
مرتبة دونية ،وتحصر وظائفها في تحقيق متعة الرجل والعمل على خدمته وإسعاده.
وإذا ما استفدنا هنا من فصل جيرار جينيت
بين الصيغة والصوت على اعتبار أن الصيغة هي من يرى والصوت هو من يتكلم((( ،فإن
الصوت -أي من يتكلم -يمكن أن يكون
الرجل/الشخصية الذكورية ،ومن يرى هي الثقافة التي تحرك صــوت الرجل وتحدد
وجهة نظره .وغالبا ما يظهر اآلخر/الرجل، في سرد النساء العربيات ،عائقا أمام المرأة،
قــيـدًا يكبح جماحها ويئد أحالمها؛ ذلك
أن المرأة في المجتمعات الذكورية تخضع لنوعين من السلطات :السلطة االجتماعية
المباشرة ممثلة في الذكر المعين أيا كانت عالقته بــهــا :زواجــيــة أو عرقية ،والثاني السلطة الثقافية ممثلة في جميع الذكور(((.
اإلطار ،ومن ثم فإن الشخصية الذكورية كانت عنصرًا محوريًا بنيت عليه ،وغالبًا ما كانت
تلك الشخصية ممثلة لصوت الثقافة ورؤيتها للمرأة .وإذا اعتبرنا أن بناء الشخصية -
كما يرى فيليب هامون -ليس حدثًا نصيًا فحسب ..بل هو جزء من سيرورة إعادة بناء
ذاكرة تتم داخل الموسوعة((( ،فإن الروائية قــامــت بمحاولة فضح الــذاكــرة الجمعية
ورفضها من جهة ،وإعادة تشكيلها من جهة أخــرى .وقد عكست الشخصيات الذكورية
مفاهيم الثقافة عبر أقوالها وأفعالها على
حد سواء.
لقد جــادلــت النسويات فــي مسألة أن
ولم تخرج (عيون الثعالب) في كثير عن هذا الثقافة الذكورية تحصر المرأة في جسدها، العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
33
وبالتالي تــراهــا مــصــدرًا للمتعة والغواية
والشر في الوقت نفسه .وقــد أشــار بعض الــدارســيــن إلــى أن المعجم العربي يمدح
الرجل بالصفات النفسية في حين يمدح المرأة بصفاتها الجسدية ،وقد وجد عيسى
برهومة في دراسته لمعجم المرأة أن من بين ( )1800صفة للمرأة لم يذكر المعجم
سوى ( )92صفة معنوية محمودة ،في مقابل ( )197صفة معنوية مــذمــومــة ،و()1200
صفة تمحورت حــول الصفات الجسدية.
وقد استأثرت النعوت الجسدية المادية التي
تركز على معيار الجمال وحده بنسبة كبيرة.
أي إن الــمــرأة فــي المعجم تنزع منها كل
قيم الفضيلة واألخالق الحميدة في مقابل الصفات المتعلقة بالجمال وصفات المرأة
الــزوجــة واألم وتلبية الــرغــبــات الجنسية
للرجل((( .هكذا يتفق المعجم العربي مع ما رصدته النسويات ،ومع ما ركــزت عليه الروائيات في بنائهن للشخصية الذكورية.
لقد ردد عدد من أبطال الرواية مقوالت
تعكس هذه الرؤية التي تحصر المرأة في جسدها ،وتراها مصدرًا للمتعة فقط ،ومن
ثم فهي مجرد طريدة لصياد هو الرجل: "علي لم يخرج عن كونه رجال يقتنص أنثى.
هذا ما كان يعنيه في عالقته معي"((( ،يمكن
اعتبار الجملة األخيرة في االقتباس السابق جملة ثقافية تعكس نسقا ثقافيا مضمرًا
يحصر المرأة في جسدها فقط ،كما تكشف
34
أيضا عن ذكورية كامنة خلف مناداة البطل
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
المثقف بحرية الــمــرأة ،فتحررها يعني تحررها الجنسي فقط ،وأن تكون موضوعا إلشباع رغباته ،تقول الساردة" :رأيت جانبه اآلخــر وتعرفت على لغة الجسد لديه...، تلك اللغة التي يريدني أن أهادنها وأرضيها، وإال ستكون لغة المبدع لديه في مــأزق... لن يخرج المبدع في نزهة معي ما لم تكن لغة الجسد لديه مشبعة"((( .إذا كانت المرأة وسيلة للمتعة فإن عليها أن تحقق الصورة الجمالية المطلوبة ،وأن تتمتع بالصفات التي صفات جوهرية ومطلوبة في ٍ عدّتها الثقافة المرأة حتى تحقق معنى األنوثة .إنها األنثى الجريئة والمغناج ،العاشقة المرحة التي تنجح دومًا في استعادة الرجل مهما تكررت خيانته ومهما ابتعد عنها((( .ومن هنا ،يقول علي ل مريم فــي رواي ــة "عــيــون الثعالب": "الـ(وومن) تظل (وومن) بالنسبة للرجل حتى لو كانت مثقفة"((( .تكشف العبارة السابقة نسقا ثقافيا مضمرًا يرتبط بمفهوم األنوثة، إذ يجري حصرها في الجسد وفي أجزاء محددة من ذلــك الجسد ،فما هو مطلوب في األنوثة فقط ما يرتبط بتحقيق المتعة، أما العقل والتفكير والثقافة فهي أمور زائدة يمكن االستغناء عنها((( .وما يزيد في ترسيخ هذا النسق وإدانته أن الساردة وضعته على لسان بطل مثقف يــنــادي بتحرير الــمــرأة، ومن ثم فإنها بتلك الجملة الثقافية تفضح ازدواجية الرجل والمثقف تحدي ًٍدا من جهة، وتكشف عن تصور الثقافة الذكورية للمرأة من جهة أخرى.
لــلــكــون ولــأشــيــاء الــمــحــيــطــة ،كــمــا تقوم مع الفعل ،وقدمت الــروايــة نماذج لرجال أيــضــا بــإنــتــاج مفاهيمها الــخــاصــة حــول يــجــسّ ــدون الــثــقــافــة فــي أعــمــق صــورهــا، الــرجــل وال ــم ــرأة وف ــق مــحــددات تختلف واهــتــمــت بــازدواجــيــة الــرجــل فــي مواقفة مــن ثــقــافــة إل ــى أخـ ــرى .ويــبــرز ع ــدد من وتصرفاته ..ال سيما الرجل المثقف الذي
الدراسات السوسيولوجية واألنثروبولوجية يبدو متحررًا ،لكن أفعاله تكشف عن تغلغل والــســيــكــولــوجــيــة أن مــنــظــومــات الثقافة الثقافة الذكورية فيه .تسعى التربية إلى
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
عادة ما تقوم الثقافة بإنتاج تصوراتها عن رسوخها وثباتها ،فقد تضافر القول
وأنساقها وقيمها تؤثر بشكل كبير على غرس نظام تصنيفي وتراتبي يعطي الرجل تمثالت ووعــي الجنسين ،وعلى رؤاهما المكانة العليا ،ويعطيه حق التصرف في وتــصــوراتــهــمــا ،سلبية كــانــت أم إيجابية ،المرأة واالستمتاع بها ،في حين يحرم المرأة للذات ولآلخر المختلف الجنسي ،ولمجمل من التعبير وحق التصرف واختيار الطريق. حقوقهما وأدوارهما ومواقعهما ومكانتهما ويمكن عدّ شخصية (علي) أنموذجً ا على وصورتهما االجتماعية .وإذا كان الخطاب ازدواجــيــة الخطاب على مستويي القول
الذكوري السابق يكشف عن أنساق ضمنية تحصر المرأة في جسدها ،فإن ذلك يعكس مفاهيم تم غرسها وتمريرها عبر األجيال،
ومن ثم غدت مسلمات غير قابلة للنقاش.
تــحــاول الــروايــة هنا كشف هــذه األنساق
والفعل ،فهو يبيح لنفسه ما ال يبيح للمرأة،
ويقول ما ال يفعل(.((1
.2صوت المرأة تستخدم الثقافة ِحيَال متعددة لتكريس
وتعريتها عبر نماذج لشخصيات ذكورية مــفــاهــيــمــهــا ،ولــعــل الــمــهــمــة األولــــى التي تتبنى مفاهيم الثقافة بصورة تامة ،فتحدد اضطلعت بها الــروائــيــة كانت هــي الثورة
مفاهيمها للمرأة ومقاييس اختالفها عن على الخطاب الذكوري والعمل على تعريته الرجل ..فما يجوز له ال يجوز للمرأة: وكشفه بآليات مختلفة .وقد كان توظيف (قال مبتسما :يجب أن تعودي- . لماذا ؟ أألنني امرأة؟ - نــعــم ألن ــك امــــرأة .هــل تعرفين مــاذا سيحدث إن لم تعودي؟")(.((1
الشخصية الممثلة لمفاهيم الــذكــورة
وسيلتها األولى .إضافة إلى ذلك اعتمدت على السرد بضمير المتكلم ،فكانت الساردة
وسيلة أخــرى من وسائل تعرية الخطاب الذكوري وهدم القهر الذكوري ..حيث مثلت
لم تكن أقــوال الشخصية الذكورية هي صوتها الــفــردي الــخــاص وص ــوت النساء
وحدها ما يعري الثقافة الذكورية ويكشف الجمعي .ويأتي خطاب الــســاردة مباشرًا العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
35
يتوجه بنقد صريح للخطاب الذكوري ،تقول بتناقضه وزيف ادعاءاته .وتمعن الروائية
نــدى" :المشكلة أن كل المثقفين نصوص في تعرية الثقافة من خالل هذا النموذج،
رديئة ...نصوص مستذئبة! يبقى المثقف فقد قوبل تمرد الساردة بالهزيمة ،وانتصر مثقفا محترما حتى يقتنص األنثى بداخلك ،الرجل/علي حين قام بتهميشها وإرغامها عندها يتحول لــذكــر يفتض كــل بــكــارات على عيش حياة على الهامش؛ لكنه انتصار روحك مزهوا بنفسه ،لذلك كنت أقايضهم مؤقت ..حيث تعود الروائية لتنتصر لبطلتها
(((1 بكتابتي" .لقد كانت ندى هي النموذج حين تتمرد ،فتقص شعرها وتقرر اإلبقاء المباشر الذي حاول فضح ذكورية المثقف على حملها رغــم اعتراض علي" :لــم أعد
وازدواجيته من خالل عالقتها مع سعيد ،امرأة يغطيها الشعر ،لم أعد كذلك ،صار ومن خالل تعبيراتها المباشرة التي توجهها لوجهي وضوح قاتل ...كأني أرى نفسي من
لــلــســاردة نحو "الــرجــال الــذئــاب المثقف مرآة ال تعكس علي معي .((1("...بذلك يشكل المزدوج" وغيرها. تحرر الساردة من علي تحررًا رمزًيا من
لقد كانت شخصية الــســاردة أنموذجً ا الرجل ومن قيود الثقافة ،وانتصارًا لصوت واضحً ا على محاولة كسر قوانين الثقافة التمرد الواعي ،وكان خالصها الفردي في ومواجهتها ،واختارت أن تحب على طريقته استعادة وعيها بذاتها وفي امتالكها زمام
وأن تتزوج نموذجها الذي اختارته رغم علمها القرار وإرادة االختيار.
* أكاديمية وناقدة من السعودية. ((( انظــر ،أحمــد الســماوي " ،التبئيــر " واالســتدراك عليــه ،ضمــن كتــاب :وجهــة النظــر فــي الروايــة /بحــوث محكمــة ،إشــراف محمــد نجيــب العمامــي ،دار محمــد علــي ،تونــس ،نــادي القصيــم األدبــي ،القصيــم (الســعودية) ،ط ()2015 ،م ،ص.9 ((( انظر ،عبدالرحيم وهابي ،السرد النسوي العربي ،ص .87 ((( انظر ،المصدر السابق ،ص .21 ((( انظر ،المصدر السابق.136-129 ، ((( ليلى األحيدب ،عيون الثعالب ،رياض الريس للكتب والنشر ،بيروت ،ط ( ،2009 ،)1ص .148 ((( المصدر السابق ،ص .149 ((( يردد سعيد هذه الصفات في حديثه عن ندى ،انظر ،المصدر السابق ،ص .116 ((( المصدر السابق ،ص .126 ((( لقد أشار عبداهلل الغذامي إلى هذا المفهوم للتأنيث ،انظر ،ثقافة الوهم ،ص .52 ،51 ( ((1ليلى األحيدب ،عيون الثعالب ،ص 13وانظر أيضا ص .18 ( ((1حــول هــذه االزدواجيــة ،انظــر المصــدر الســابق ،ص 167 ،166 ،160 ،155 ،149 ،148وتجــدر اإلشــارة إلــى أن جميــع الشــخصيات الرجاليــة فــي الروايــة مثــل ســعيد ويوســف وغيرهمــا كانــت نمــاذج دالــة علــى ذكوريــة الخطــاب وازدواجيــة الرجــل. ( ((1المصدر السابق ،ص ،172وانظر أيضا ص .177 ،174 ،170 ،169 ،148 ( ((1ليلى األحيدب ،عيون الثعالب ،ص .286
36
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
■ عبداهلل السفر*
نقرأ لـ ليلى األحيدب في قصة "صمت" من مجموعتها القصصية "البحث عن يوم سابع، توزيع مكتبة مدبولي ،القاهرة ـ :"1997 "أريــد أن أنام وأعــود إلى نفسي مرة أخــرى! أن أفكّ ر بنفسي قليالً! أن أحقّ ق لها رغباتها كنت أفعل ،حيث ال أحد يتشبّث بي الصغيرة في اللهو البريء وتبديد الوقت دون قلق!! مثلما ُ مطالب ًا برضعته! ال أحد يصرخ في وجهي باحث ًا عن ثوبه النظيف وغترته المكوية!! ال أحد.. إال أنا .الوقت كل الوقت لي!! غرفتي هي الزمن ،هي الساعة ،هي الذاكرة الوحيدة لي ـ ص ."71 تتبدّى هنا رغب ٌة ملحّ ة في العودة إلــى الــذات "الحرّة الطليقة الوحيدة" دون منغّصات تبدّد سكونها أو تنبّهها من أحالمها وما فيها من وداعــةٍ ترتسم جسد يعانق غيمةٍ ويرحل معها .ال قيود في هناء ِة ٍ ُمسكُ بها وال أغالل تُل ْزمُها بدائرةٍ ال تتعدّاها ،في ت ِ جميع الظروف واألحــوال .إن هذه الرغبة الملحّ ة مردُّها إلى تلك األدوار المتعددة والمضغوطة في استحقاقات جبرية ال ٍ تتال ،وما يترتّب على ذلك من ٍ تكتسي بطابع مؤقّت بل إن لها امتداداً يشمل العمر كله ..بما ال يعطي مساح ًة وال فسحةً؛ مجاالً تتوقّف فيه قضبان تلك األدوار ،ولــو قليال ،عن الضغط والحصار وإصدار نفير االنضباط باستجابة موحّ دة متماثلة تغفل عن الذات ،وتركّز على الهيكل الحامل، وال ترى فيه غير صورة مادية .ال يهم ما تحتويه ،وال ما يسري في داخلها. الطَّ ْر ُق المتكرّر ،وعلى المنوال ذاته ،يقوم بعملية محو للذات وإزال ــة لها .إشاعة الشعور بالعجز، واالستسالم بانعدام الفاعلية والــمــبــادرة .تتحوّل معها شخصية األنثى إلى آلة خاضعة للتسيير .جرَى معايرتها وفقاً ألدوار محدّدة .وبالضغط على زر معيّن تستجيب مباشرة .كما هو الحال في القصة األول ــى "جــســد" مــن "البحث عــن يــوم ســابــع" حيث الجسد المقاد إلى ما يراد منه بال حول وال قوّة.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ليلى األحيدب ..اإلطار الذي ّ يلفونه حولي
هكذا صار مجرد "ماكينة" مضبوطة المسار والعمل والمواقيت؛ في المنزل وفي الوظيفة وفي العالقة البينية .استالب تام وغربة كاملة عن الجسد .كأنما يخصني ـ ص هو آلخر ..آلخرين" :الجسد الذي ال ّ .."13 ..وربــمــا ،هــذا االنــخــاع مــن الجسد ،هــو ما يجعله متماثالً ،رقماً ضمن أرقام .بال هويّة تميّزه وال شارة تمنحه اختالفا عمّا عداه .تطابق األدوار واالنجبار لها واالنحباس فيها ،يفرز تلك العين التي تغفل حضور الذات ،وتتعلّق بـ "جسد" تستطيع ،بكل جسد آخر. ٍ سهولة وفي نظرة ،أن تدغمه في أيّ دون عناء تنحذفُ األسماء والهويّات ويبقى فقط رداء الجسد المستخدم .ال أحد من خارجه يميّزه. يــذوب في جـ ْمــعٍ اسمه "نــســاء" على النحو الذي تعرضه القاصة بسخرية جارحة ومؤلمة في قصة "نساء" المنشورة في "البحث عن يوم سابع" وأعادَتْ نشرها في مجموعتها "قميص أســود شفّاف ،دار ميالد للنشر والتوزيع ،الرياض ـ "2018حيث تتبادل امرأتان دوريهما .كل واحدة منهما تذهب إلى منزل األخ ــرى بعد عودتهما مــن العمل دون انتباهٍ من الجميع وأولهم السائق "كلّنا في عينيه نساء" .تمضي واحدتهما بقية اليوم ،مع األوالد والزوج ،في رتابة األدوار ذاتها المنطبقة على االثنتين انطباقا تغيبان العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
37
معه عن داخلهما؛ الجذر الخاص ،الشخصي :الهويّة. وال يخفى على القارئ التنكير في عنوان القصتين ("جسد"" ..نساء") إلخضاعه لعموميّةٍ تنحسر معها مؤشّ رات الفردية والذاتية واالستقاللية. عبْ َر أكثر من نص ـ في "قميص أسود شفّاف" ـ تعود األحيدب إلى الوجود الشخصي المخذول.. إلى الذات المغيّبة ..إلى الجسد المعمّم في النظرة الــقــارّة المؤسّ سة على تــاريـ ٍـخ طــويـ ٍـل مــن الضنى والــعــســف؛ تــراسـ ٍـخ مــوغــل فــي التنميط والتسليع والحصار تبقى معه األنثى في الموضع نفسه وضمن األدوار ذاتها وفي المرتبة األقل .التابعة دائماً: مــع نــص "ص ــورة" (ص )47نلفي الــمــرأة التي تريد أن تخرج على اإلطار الموضوع لها ،وتململها منه ،وسعيها الحثيث للفرار ،غير أنها تظ ّل حبيسة ضعفها أو عجزها المكتسب على م ّر السنين حتى بات من المتعذّر التخلّص منه والظفر بـ "الفردية المنهوبة" ،فمنسوب الثقة في الحضيض الذي يقرّب إلــى حظيرة اإلطــار ،وهــذا منتهى الجرح والحرج والهوان ،ال تالم عليه الضحية بقدر ما يالم الجالد: (الرجل الملتحي يستع ّد ليلقي موعظته ،وأنا ألتصق بصورتي الذهنية عن نفسي أكثر وأكثر ،أريــد أن أخــرج من اإلطــار الــذي يلفّونه حولي " "...وكنتُ أدخل في الصورة بهدوء .شاة وحيدة في ممر ينتهي بجدار .وشياه أخرى تصطف حولي بعشوائية ـ ص .)47
واالستمرار فيه ،التي تمر بنا مع نصوص" :شَ رَك" (ص )23؛ "رصيف" (ص)25؛ "علبة" (ص .)51في هذه الصورة من اشتداد الحصار والتسوير العنيد يتبدّى مشروع مقاومة ومحاولة تمزيق ذلك الغشاء الصلب ،وإ ْن على نحوٍ حلمي (نص :مربّع وهمي، ص ..)51أو تلمّس بذر ِة "استفاقة" تحرّرٍ تعبّر عن بشكل أوّلي عبر الرفض الداخلي حتى لو لم نفسها ٍ ُفصح عنه ويَعرفه الطرف اآلخر" :أر ّد على كالمه ي َ في داخلي ،وابتسامتي فارهة أمامه ،يتحدّث وأنا صامتة ،انتقده بعباراتي الخاصة ـ نص "استفاقة" ص .."62
ونطالع في نص "شهادة" (ص )11تسليع المرأة ..بــذرةُ استفاقةٍ تخرج عمّا هو مرسو ٌم وتر ُّج من خالل ختْمٍ في رقبتها ثابت في الجلد؛ م َ ُلصق شَ رَكَ االمتثالية بعزمٍ يتخطّ ى مرحلة خدر الحلم إلى مدوّنة فيه معلومات المنتَج/المرأة .بيانات السلعة شمس الوقائع اليومية: المعتادة" :تــاريــخ الصنع .البلد المصنِّعة .كيفية "ال ألتفتُ ،ال أسمع وال أتكلّم االستخدام .وتاريخ انتهاء الصالحية ـ ص ."11 أتقدّم فحسب ..أتقدّم ..أتقدّم ..العمل على تثبيت تلك الــصــورة عن المرأة وإدامتها ينعكس في حالة الحصار ،لتأكيد الوضع * قاص وناقد من السعودية.
38
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وأخرج."...
■ د .هناء بنت علي البواب*
القصة القصيرة جنس أدبي مختلف ،يعتمد على التكثيف الموحى ،والحكاية المحبكة، والــوحــدة الموضوعية والعضوية ،والمفارقة المستفزة ،وخاصيتي االتـســاق واالنسجام، وهيمنة التركيب الفعلي ،وانـبـثــاق التوتر الــدرامــي ،والـتــأرجــح بين الواقعية والشاعرية والرمزية المقنعة ،واختزال األحداث في عدد محدود من الوظائف األساس ،فكيف وأنت تنظر إلى البحث عن اليوم السابع للكاتبة السعودية ليلى األحيدب ،تلك المجموعة وهي من منشورات مكتبة المدبولي ،القاهرة ،مصر ،الطبعة األولى سنة 1998م .وتتضمن خمس عشرة قصة قصيرة.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ليلى األحيدب ..ورحلة البحث عن اليوم السابع
وتــلــك المجموعة بكل مــا تحمله مــن معان ضمن هذا القالب السردي. مهمة وأرقام تعبيرية ،تقف عند تجنب الوصف تعددت األصوات السردية عند ليلى األحيدب المطنب واالســتــقــصــاء فــي الــوظــائــف الثانوية ف ــي بــحــثــهــا الــتــائــه لــانــتــظــار ،فــتــوزعــت بين وتفصيلها ،والتركيز على القصصية السردية .استخدامها لضمير الغائب ،فكان السارد في تمثل األحيدب في مجموعتها القصصية بالغة مجموعاتها من أنواع مختلفة متميزة متورطة بين اإليجاز واإلضمار والحذف ،واستعمال الصور السارد أو الراوي العليم الذي يعرف كل شيء عن المجازية ،واالرتكان إلى لعبة اإلدهاش واالنزياح األحداث وتطورها في القصة ،وضمير المتكلم، وإربــاك المتلقي ،وتوظيف اإلحــاالت التناصية وفي أحيان أقل ضمير المخاطب ،ويكون السارد والمعرفة الخلفية ،واستغالل التوازي الهرموني هنا من نوع السارد المشارك الذي ال يعرف عن والتنغيم اإليقاعي بين خمس عشرة قصة متوالفة األح ــداث في القصة أكثر مما يعرفه القارئ، تحت معنى واحد هو االنتظار في لحظات البحث وربــمــا استخدمت أكثر مــن ضمير فــي القصة واأللم ،والتحكم الجيد في سيميائية العنوان الذي الــواحــدة ،وقد لجأت المجموعة إلى استخدام يجعلك تتحكم في مغلقات النص الواهم من أول ضمير المخاطب بنوعيه المذكر والمؤنث في عبارات المعنى التائه في لغة األنثى ،واستخدام أكــثــر مــن قــصــة ،وتـ ــراوح استخدامها لضمير اللقطات المختلفة المميزة. الغائب بين الفعل المضارع الذي يدل على الحال فالمتأمل والقارئ لتلك المجموعة القصصية يتثبت تماما أن البحث عــن يــوم سابع يجسد أنموذجً ا الفتًا في طغيان هاجس الزمن ،وحضوره الذي أوشكت معه الكتابة أن تكون إعــادة إنتاج له ،ورسمًا لمحيط الساعة وفق الرؤية الكامنة وراء النصوص ،بما يندر وجوده في أعمال أخرى
واالستقبال ،وبين الفعل الماضي الذي يدل على انقضاء الحدث ليصبح مجرد ذكرى ،ولكنك لن تتوه عن صوت األنثى العميق المتمرد داخل ابنة الصحراء المتمردة بقالب البداوة واأللم الموجع لتلك الحدود التي تضبطنا دون أن نعرف لها فكاكا. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
39
البحث عن اليوم السابع نمط مختلف من السرد القصصي للقصص القصيرة المختلفة التي تحمل نمطا بصوت بالغ األنوثة ،وصرخة لن تسمعها حتى تقرأ حياة الكاتبة األحيدب. الــزمــن النفسي هــو المسيطر على أجــواء المجموعة القصصية ،وهــو يتسم باالنتظار والقلق ،فاالنتظار وحــده الــذي يجعلها تبحث عن اليوم السابع في دورة حياتية أسبوعية ال يمكن معها أن تفقد ذاك اليوم ،ولكنك في تلك المجموعة القصصية تجد صوت المرأة المتمردة الباحثة عن ذاتها في آخــر أيــام األســبــوع ،وفي حالة االنتظار يبدو الزمن طويال ..ســواء أكان د .هناء بنت علي البواب هذا االنتظار متعلقا بحبيب أو بأي شيء مبهج، في نهايات النص القصصي تنكسر وينكشف أو كان متعلقا بانتظار شر أو بالء يمكن أن يحط لك المعنى الحقيقي لما تريده القاصة ،أي ما على اإلنسان في أية لحظة ،لذاك دنيا القصيدة كــان مجهوال ،فالقصة منذ البداية مبنية على يفضحها الموت وتسترها الوالدة. انفجار الشيء المكشوف ،والشيء المنتظر من يستفز القارئ في مجموعة "البحث عن يوم لغة الحوار القصصي. ســابــع" العمل فــي اللغة ،خصوصا فيما يتعلق فــالــكــتــابــة لــحــظــة يــمــتــزج فــيــهــا ال ــذات ــي بالتلوين األسلوبي الماتع ،إذ استعملت ليلى لغة بــالــمــوضــوعــي ،فــتــأخــذ ال ـ ــذات األنــثــويــة في شفوية ال تخلو فــي أدبيتها مــن تالعب لفظي مجموعتها رموزا لوصف الموضوع ،كما يأخذ في حــريــف ،ومــن الــوقــوف عند لغة مختلفة مثل تلك المجموعة الموضوع صفة الذات المختنقة التحريف الصوتي لبعض الكلمات واالنتقال في زمن تبحث فيه عن الخالص ،وكاتب النص هو العفوي بين الضمائر وإف ــراغ الــمــدلــوالت من المحرك والصانع للغة ،فتضفي الموضوعية على محتوياتها المألوفة ،والكتابة داخل الكتابة. (األنا) في مجموعتها متابعة وتدرجا نحو سياق فمجموعتها القصصية هــي لغة الكشف، هذا الكشف هو اللغة ،ألنك وأنــت تقرأ النص القصصي لديها تحلل اللغة ،وفي نهايات قراءتك تجد نفسك كنت في مشهد تصويري مختزل، وكأنك كنت تتابع مشهدًا معرفيًا مختلفا ،وعندها ترى النص مرسوما رسمًا سينيمائيا. * أكاديمية وكاتبة وناقدة من األردن.
40
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الــذات المختبئة في سطور القصص المكتنزة، فالمجموعة تتم كتابتها بالتأكيد بدافع الرغبة في التعبير عن األوضاع االجتماعية والنفسية؛ لذلك سلكت الكاتبة في عموم نصوصها طريق الرفض للواقع المعاش ،حاملة في طياتها االحتجاج، وناظرة إلى المستقبل بأمل وخوف وقلق!!
■ أ .د .عماد الضمور*
ثمة قوة تعبيرية يمتلكها عنوان المجموعة القصصية "قميص أسود شفاف" للقاصة السعودية ليلى األحـيــدب؛ فالقميص يعكس ملمح ًا جسدي ًا ال تلبث القاصة أن تنعته بــاألســود ،ثــم تعمّ ق هــذا الوصف بنعته بشفاف؛ مــا خلق منذ العتبة األولــى للمجموعة القصصية فضاء تخييل ّي ًا يحاول فك االشتباك الداللي الذي أفرزه التتابع النعتي لمنعوت جمالي يخفي تحته جسد ًا ثائراً ،وروح ًا حائرة ،ووجد ًا دافئاً. ل ــعــ ّل هـ ــذا الــفــهــم الــظــاهــر لـ ــدالالت
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بوح الذات األنثويّة في "قميص أسود شفاف" للقاصة ليلى األحيدب
ولما كانت القصة القصيرة في األدب
(القميص) المعجمية ال يُخرجه عن داللته العربي نشأت لحاجة اجتماعية قبل أن الرمزيّة التي تعكس معنى التستر واإلخفاء تــكــون حــاجــة فنية ،فــإن معايشة الــواقــع لما هو أعمق وأبلغ بصر ّياً وذهن ّياً ،ممّا ومعالجة قضاياه من أبرز دوافع كتابتها؛ إذ يجعل مرجعيات اللون األسود قابلة للتشكّل ما زالت التغيّرات االجتماعية واالقتصادية اإليحائي في عملية تحفيز ذهني واشتعال من أبرز المؤثرات في هذا الفن اإلبداعي، وجــدانــي ال تنتهي؛ لتمنح الــنــص طاقة وبخاصة في الفترة األخيرة عندما ولدت إيحائية ورؤية فكرية خصبة.
القصة القصيرة جداً من رحم المتغيرات
إنّ التمييز بين األنثوية والنسائية أمر المعاصرة التي شهدها العالم في كافة مهم؛ فاألنثوية ليست مــرادفــة للنسوية؛ مجاالت الحياة. ألن األنثوية تتصل بالتعبير عن رؤية المرأة
داللــة العنوان وإيــحــاءات لوحة غالف
للحياة وما يجري فيها ،وتصوير مشاعرها المجموعة القصصية (قميص أسود شفاف) ال تمهدان لبوح أنثوي يمكن أن تكشفه قصص ال للرجل ،وبوصفه مكم ً بوصفها مكم ً لها .أمّا النسوية فتتصل بالتعبير عن رؤية ليلى األحــيــدب؛ فــاألســود اكتناز وابتالع المرأة بوصفها عنصراً نقيضاً للذكورة؛ لآلخر ،وهو في الوقت نفسه يكشف عن وهنا نلمس حال ًة صدامية نادرة مع اآلخر سلطة وأناقة لون يمتلك من القوة والوضح ال إلقصائه ،بل النتزاع بعض ما تظنه حقاً ما يمكنه من االقتراب من اآلخر بثقة ،وهو مكتسباً.
من ناحية أخرى من أكثر األلوان اقتراباً من العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
41
وجدان المرأة وأحاسيسها ،يسرد معاناتها
وأحالمها في الوقت نفسه؛ ما جعل الحفر المعرفي في ما يبعثه من رموز يحفّز على قــراءة كاشفة للرغبات النفسيّة ،وباعثة لآلالم واألحزان.
لع ّل وصــف الكاتبة للون األس ــود بأنه
شفاف لم يكن اعتباط ّياً أو عفو ّياً ،إنما
إع ــان مبكر عــن رغــبــة جامحة بالبوح، وما أجمل أن تبوح األنثى! وما أصعب أن
تعترف! إنّه البوح ..لغة األنثى عندما تتعسّ ر لغة الكالم ،تُلقي من خالله لؤلؤاً ،أو تقذف
مكنون ذاتها المستعر ،وفي كلتا الحالتين تُمارس حقها في إبداء الحبّ الجامح ،أو
الرفض لقيود اآلخر الطامح بامتالكها.
اإلبــداعــيــة بــعــداً إنــســانـ ّيـاً عــام ـاً؛ فالس ّر
هــكــذا تــتــحــول الــعــنــاويــن م ــن مــجــرد الدفين قابع في أعماق ك ّل نفس بشريّة، ملفوظات عابرة إلى نصوص موازية تشكل وهو س ّر موغل بقسوة الواقع والرغبة في
إض ــاءة للمتلقي ،ومفتاحاً لالستشراف ،االنفكاك من أســره ،فهي تقول مخاطبة فتغدو العناوين رقيق َة اإليــقــاع ،محاط ًة اآلخــر" :وستشعرون حتماً بثقل الصخرة،
ولغة ناطقة لباطن الذات مهما ادَّعيتم أنكم ال تعلمون ِسرّي! يكفي أن بشاعرية رامزةٍ ، المبدعة ،كما في العناوين :رغبة ،وغرفة ،تواف َق على معرفة الس ِّر لتحمل الصخرة، وحيّز ،وقمر ،14وكأس ،وأحبك ،وانكسار ،هذه الصخرة لن تغادرَك مهما فعلت"(.)1
وخيبة ،ومطر ،ونساء.
لع ّل هذا التحوّل في الخطاب السردي
لم تتأخر ليلى األحيدب كثيراً في التعبير الذي ينتقل من ضمير المتكلم إلى ضمير عن كينونة المرأة ،وبعث ما تعانيه من هموم الغائب يكشف عــن رغبة تعميق لمعاناة وآالم في كتابة إبداعية منتشية بقوة األنثى األنثى ،وجعلها بؤرة مركزية للسرد ،تنبعث وقــدرتــهــا على الــصــمــود ،فهي فــي قصة منها آالم الــذات إلــى المجموع ،وهــي في
(البئر) التي تبدأ بها مجموعتها القصصية الوقت نفسه ترسيخ للهويّة األنثوية في
42
(قميص أس ــود شــفــاف) ،تمنح تجربتها الكتابة ،وهي هوية جديرة باالهتمام ،إذ لم العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
إنّ الس ّر الدفين القابع في أعماق األنثى عالم ذكوري ال يرحم ،فكان وصفها لحال ما هو إال مقدمة لسلسلة من االنكسارات األنثى التي ذهب الرجل إلى متعة ظاهرة وإخــفــاقــات الــوجــدان ،لتبدأ صراعها مع
تخفي في طياتها ألماً مضاعفاً:
"بينما تدربتْ هي على ابتالع الملح في اآلخر ،وهو الرجل الذي يفشل مراراً بفعل ()3 االمــتــاك لــلــذات األنــثــويــة؛ ألنــه ال يُــدرك ك ّل مرةٍ يصحبها للبحر كي تشرب!" .
طبيعة الــذات األنثوية التي تطمع بقليل
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
تعدّ هذه اآلالم منفصلة عن معاناة اآلخرين .الراغبة في تصوير مــرارة واقعها في ظل
فــي قصة (شــهــادة) تتخذ معاناة ليلى
من االهتمام وكثير من الحبّ ،ففي قصة األحيدب طابعاً إنسانياً؛ لتُظهر أن المرأة (اعــتــراف) تستحضر ليلى األحــيــدب ما مضطهدة فــي كــ ّل مــكــان ،لكن بــدرجــات خطته األيام في ذاكرتها من مواقف مؤلمة ،تختلف من منطقة إلى أخرى. وذلك عبر تحوّل في الخطاب إلى ضمير لع ّل براعة الكاتبة في التصوير ،وبعث الغائب؛ لكنه تحوّل لم يخرج عن الصراع إحــســاســاتــهــا جعلتها تــوغــل فــي أنسنة ال أن تنجح في المألوف مع آخر ال يعبأ بمشاعر األنثى ،المعنوي ،وبعث المكنون أم ً
ورغباتها واحتياجاتها ،وال يعترف بوجودها بعث معاناتها وإيصال صوتها إلى أكبر قدر أصــاً ،إذ جــاءت هــذه القصة مكثفة في ممكن من اآلخرين ،فهي تشعر بأنها تحمل
ال وروحاً ما تزال تبحث عن جسد عباراتها ،معبّرة في مضمونها عن مشهد عبئاً ثقي ً مؤلم ألنثى مستلبة اإلرادة ،يُمارس ضدها لتستقر فيه ،وليس أبلغ وأرســخ من فكرة المكر والخداع:
تنبعث جسداً تبوح بــروح متمردة منتشية
"أجلسها في أقصى زاويــة اليسار في بعالمها ،كما في قصة (عبث):
المقهى ،طلب لها شاياً وكأس ماءٍ ،وقال لها
"الفكرة التي جعلت لها قدمين ،ولساناً
ٍ مترابطة، ٍ جمل ٍ عدة وواضحة ،حين رفعت وشفتين ،تعي جيداً إمكانية أن تتعثّر واردة، كأس الماء إلى شفتيها تحول لكتلة ٍ رمل كان أمراً مقبوالً أن تتحوّل لحروف تعوم في سدت حلقا"(.)2
إنّ تجسيد الكاتبة إلحساساتها النفسيّة،
جمجمتي"(.)4
البوح لغة داخلية عميقة ،ومناجاة الذات
وكأنها تنسج ثوباً من األحزان ،تبعثه انفعاالً لروحها ،ووجــد معتّق ال تجيده إال امــرأة حاداً وروحاً ثائرة في قالب إبداعي قوامه محملة باالنكسارات واآلمال معاً ،لذلك فإن الــصــورة ،وجوهره مــرارة الــواقــع ،كما في ليلى األحيدب تخرج في إبداعها من جسد
قصة (خروج) التي تبوح فيها بلسان األنثى القصة القصيرة بنسقها التعبيري؛ لتنطلق العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
43
في فضاء النثر باعثة صرختها ،كما في خالل مشهد مكاني يعكس سجناً معتماً، قصة (هدف) ،وقصة (انكسار) حيث تقول وشاهداً جديداً على معاناة أنثوية متجددة، في القصة األولى: إذ تقول:
الكرة لم تعد في ملعبي وال ملعبك الكرة مذ سدَّ دتها نحوي وهي تبحث عن شباك(.)5 في قصة (قميص أسود شفاف) تجسّ د
الــكــاتــبــة خــصــوصــيــة األن ــث ــى وهــمــومــهــا،
وعالقتها بالرجل ،ورصد واقعها الوجداني،
ضيقة ٍ "هكذا أط ُّل على العالم من غرفة ج ــداً ،جدرانها األربــعــة مطلية بالسواد، شباكها الوحيد في أقصى زاويــة اليسار، صغير ومغلق بإحكام ،الباب غير مرئيّ ، مخفي في طيات السواد ،ليس هناك نتوء يدل عليه وال أكروات عتبة تسرب الضوء أو
حيث نلمس صــورة مشهديّة ذات هيمنة الهواء ،مشقو ٌق في منتصف أحد الجدران إيحائية ،وبراعة تصويرية ،تلتقط القاصة كل ما يدل عليه خارج الغرفة ،أما داخلها ٍ من واقعها ما يعكس روحها الثائرة ووجدانها فسواد مستو وأملس!"(.)6 المستلب.
إنّ الــتــعـرّف إلــى مــاهـ ّيــة الــخــطــاب في
لذلك فإن محاولة القبض على المعنى قصص ليلى األحيدب أم ّر ضروري لم تغفله تجعل سلطة السرد تتراجع لصالح شفافية القاصة في معظم قصصها ،كما أنها في البوح ،وذلك في مشهديّة واضحة ،تنفلت
الذات من خاللها بشكل يمنح القصة قدراً من التفصيل ،ويبعث فيه رؤى متمردة ال
تقبل االستكانة ،ما سمح للصور باالحتشاد،
الوقت نفسه لم تُغفل كيفية تشكّل الخطاب بعدما عمدت إلى توظيف قدراتها الفنية في التقاط الفكرة وصياغتها بــرؤى فنية
وللغة بالتشكّل وفق منظومة جديدة توحّ د ذات وتيرة اتّصاليّة قادرة على إذكاء وتيرة الــذات في مدركات حسيّة نازفة ،كما في التلقي ،وحمل المتلقي إلى معانقة مضمون قصة (علبة) التي تتبدّ ى الــذات فيها من قصصها ،والتأثر ببوحها الشفيف.
* ناقد من األردن. ( )١ليلى األحيدب ،قميص أسود شفاف ،ط ،1دار ميالد للنشر والتوزيع ،الرياض1440 ،هـ ،ص .8 ( )٢المصدر نفسه ،ص .9 ( )٣المصدر نفسه ،ص .10 ( )٤المصدر نفسه ،ص .13 ( )5المصدر نفسه ،ص .19 ( )6المصدر نفسه ،ص.51
44
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
■ د .خليل نصير*
الرواية العربية السعودية هي روايــة نسائية بامتياز .والسبب في ذلك كثرة النصوص الروائية التي كتبتها المبدعات السعوديات .وجاءت ليلى األحيدب لتظهر بينهن بوصفها روائية وقاصة من زمن تبحث فيه الفتاة عن ذاتها داخل النص الهرم الذي ينبش الخراب فيه بالروح ،والــذي يشكّ ل معصمً ا قويًا حول يد أي امــرأة يجعلها تغني (أعطني حريتي ـدي) ،فلو لم تكن تلك الكلمات لتلك األغنية موجودة الستطاعت المرأة الكاتبة أطلق يـ ّ السعودية أن تبتكر جملة جديدة تقول فيها :ها |أنا هنا ،فال تبحثوا عن غيري ،وال تكونوا األجرأ في اجتياز حاجز النص إلى األنثى التي تستطيع أن تكون. إن الرواية السعودية النسائية أكثر تراكمًا بجميع الطرائق الممكنة والمتاحة. وإنتاجً ا في الساحة الثقافية العربية بأكثر عــنــدهــا ظــهــرت ليلى األحــيــدب والــتــي من مائتي رواية في الفترة األخيرة .ويشكل ولدت عام (1965م) ،تفوقت ككاتبة وروائية هذا الرقم الكبير -مقارنة بالمنتج الروائي ســعــوديــة ،وهــي مــن الكاتبات الملتزمات في السعودية حجمًا مهمًا يحتاج إلى دراسة بكتابة الرواية والقصة القصيرة ،نشرت أول خاصة؛ فهذا الهوس الروائي النسائي هو مجموعة قصصية عام 1997م ،وتُرجمت الطفرة المادية التي تحققت في الثمانينيات أعمالها القصصية للغة اإلنجليزية في كتاب مــن الــقــرن الــمــاضــي ،وانــتــشــار التعليم ( )Beyond the dunesضمن مشروع (موسوعة والتثقيف ،وكــثــرة الــمــدارس والجامعات، وتفوق النساء في ميدان التعليم والتحصيل األدب السعودي) ،وترجمت قصصها إلى الــدراســي ،ورغبة األنثى في االنعتاق من اللغة اإليطالية ضمن كتاب (زهور عربية) القيود االجتماعية ،والبحث عن الشهرة إليزابيال كامرا ،وفــي عــام 2009م نشرت والمجد والتحرر ،والميل نحو فرض الذات روايــتــهــا األولـــى (عــيــون الــثــعــالــب) ،والتي األنثوية شعوريًا وال شعوريًا ،ومواجهة الرجل تناولها عدد من النقاد السعوديين وغيرهم، بما لديها من طاقات في مجال اإلبــداع ،وكانت تكتب على مدى ( )18عامًا في مجلة والدفاع عن نفسها بكل ما أوتيت من قدرات اليمامة ،في زاوية أسبوعية بعنوان (تحوالت وكفايات تخييلية وإبداعية إلسماع صوتها امرأة نهرية). العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ليلى األحيدب.. فتاة النص في زمن تبحث فيه الفتاة عن ذاتها
45
فتاة النص ،تلك المجموعة المختلفة في لغتها عن بقية مجموعاتها تخبرنا أن الكتابة أصبحت هــي التي تطلبها ،ولــم تعد هي تطلب الكتابة ،ولكن وعلى رغم ذلك ،فإن فحوى هذه العملية التي تطلب فيها الكتابة الكاتبة ،تكون العملية صعبة وشاقة ،ينتج عنها تمزق وجــراح ،على رغــم االستسالم وعدم المقاومة تنتزع ليلى الحروف من فم األفعى انتزاعاً ،وكأنها هنا تعبّر عن معضلة األنثى مع النص ،ألن األنثى تخبئ ما تكتب في أدراجها ،وكما فرض عليها المجتمع أن تخبئ حبها في قلبها ،وأن تخبئ نظرتها في حدقاتها ،وأن تخاف من الكلمة قبل أن تنطقها ،وأن تقيسها بمقياس المجتمع قبل كل شــيء ،هنا فقط ليلى األحيدب تحمل على األبجدية التصاقها بالذكورة ،وتعبّر عن صعوبة انتزاع هذه األداة من مكوّن الثقافة السائدة لتؤكد أن الكاتبة تسعى إلى عذابات اقتناص التعبير ،وتنشر مكابدة األلم بغية تسطير الكلمات ،بحيث يقرر النص أن الــكــاتــبــة لــم تــخــرج بــعــد مــن فــوهــة بــركــان الــصــراع من أجــل نيل الحرية في النص، فالحرية ليست كلمة فقط ،بل الحرية عبادة وتصرف وتجرؤ على قيود المجتمع ،لغتها السردية في (فتاة النص) والتي تتخذ سياقاً وجودياً عبر منافذ التحدي والنزاع ..ما هي إال صراع األنوثة مع السطوة الذكورية على الكتابة.
46
يصر على تدوين التجربة األولــى ،وأنه لم يستطع حتى اآلن ،الــخــروج مــن مواضيع تعزيز الحضور األنثوي.
ويمكن الــقــول كــذلــك إن األحــيــدب قد
تفوقت على نفسها في نصها هــذا بشكل
كبير ،بتمثلها لكتابة تجريبية متميزة وفريدة في نوعها في الرواية العربية .ومن الصعب
على القارئ العادي أن يستوعب ما تكتبه
وتخطه إذا لــم يكن م ــزودًا بثقافة عالية وعالمة وموسوعية ،ولم يكن أيضا متسلحا بمعرفة خلفية كافية فــي مــجــال العلوم
والمعارف وتقنيات الكتابة الروائية.
فقد ركزت في (فتاة النص) كثيرا على
خصوصيات الــمــرأة وهويتها وكينونتها
كما يظهر أيضاً ومــن خــال النصوص باعتبارها أ ًّمــا ،وزوجــة ،وبنتا ،ومعشوقة. المنثورة في المجموعة ،أن الصوت األنثوي ومــن ثــم ،فقد دافعت المبدعة عن تعليم العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
والمتأمل مجموعتها يتأكد أنها تضمنت عــدداً من القصص القصيرة التي كتبتها الــقــاصــة فــي الــفــتــرة مــا بــيــن ع ــام 2006 2010م وهــي (فتاة النص ،مــرآة ،قــرار،هو ،امرأة النشيج المر ،لعنة ،حرائق ،إدانة، نساء ،عصا ،حـ....ل ،صحراء الجنة ،شرك، ج ــدران قصيرة ،حــافــة ،حــريــة ،قــاع ،سر، ورقــة ،بــاب ،مــرآة الصوف ،فتى اإلنترنت، مفتاح ،عباءة ،لوحة).
فــحــيــن تــقــرأ فــقــط ه ــذا الــمــقــطــع من
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
الــمــرأة ،وناضلت كثيرًا مــن أجــل تثقيفها الــذات ،والتغني بالحب والحرية والحياة، وتنويرها وتوظيفها .ثم ،ركزت كثيرًا ريشتها والــثــورة على الــرجــل الــقــاســي المستبد، المخنوقة على وصف معاناتها المأساوية والتمرد عن العادات والتقاليد والقوانين من جــراء تألمها من االضــطــراب النفسي المحافظة ،واستعمال كتابة روائــيــة لها والجسدي والقلق الجواني الذي تتعرض له خصوصيات أسلوبية نسوية.. يوميا بشكل مباشر أو غير مباشر. المجموعة: "له سحنة طفل في مجاعة ،وطول قزم في سيرك ،وروح شيطان في قمقم يتوكأ على عصا مــن الشمع يوقدها ليستطيع المشي على الضوء الشحيح الــذي تمنحه لطريقه ،وكلما أوقدها دنا من األرض أكثر. كثيرون يتأملون العصا ..كثيرون يعلمون أنها
أيضا ..يوهمونه أنها وتنوعت القصص ما بين قصص قصيرة ستنطفئ ..وكثيرون ً إلى قصص قصيرة جدا ،بلغة سردية شديدة تشبه عصا سليمان ..وأن الريح ما تزال األناقة ،اعتمدت فيها القاصة على تقنيات بعيدة عن شعلته". سردية متنوعة. تتأكد أن خلف األكمة ما خلفها من إبداع كــمــا تــطــفــح هـ ــذه الـ ــروايـ ــة الــنــســائــيــة بمجموعة من الظواهر الموضوعية والفنية ،وتعبير ليس له نظير أو مثيل. االكتئاب والحزن والقلق والوحدة والغربة ولن ننسى أن نؤكد ختاما أن األحيدب الذاتية والمكانية ،واستعمال ضمير المتكلم تعد من أهم كاتبات القصة في السعودية والــمــنــولــوج بــكــثــرة للتعبير عــن الــتــذويــت والــعــالــم الــعــربــي ،وقــد قــال عنها المبدع الــصــامــت والــنــاطــق ،ورصـ ــد االنــفــعــاالت الذاتية ،واإلفصاح عن المشاعر الوجدانية ،عبداهلل باخشوين قبل سنوات بأنها أفضل والتقاط األهواء الداخلية ،واالسترسال في مــن تكتب القصة القصيرة مــن الكاتبات العواطف المنسابة والمشاعر النابعة من عربيًا. * ناقد من فلسطين. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
47
شجاعة الحنين في جنّات صغيرة لليلى األحيدب ■ د .راشد عيسى*
إيماءة
مستني قشعريرة تشبه الشجن السعيد ،وذهبت أعترف أنني حين قرأت "جنّات صغيرة" َّ بي نسمات الذكريات إلى أواخر الثمانينيات عندما كنت مع كوكبة من الشباب والشابات في المملكة العربية السعودية ،نحاول فهم الحياة برؤى جديدة ،ونتقافز بين المتاح والمحذور بخفّ ة السمك الطيار .لذلك أزعم أني أوّل من سَ بَر قصص ليلى وتشوّف مرائيها الكامنة ومراقيها المؤجلة بشغف أديــب شــاب رأى في كتاباتها ما لم ينتبه له اآلخ ــرون ،وصــدرت رؤيتي النقدية عام 1994م في كتاب "معادالت القصة النسائية السعودية" .وقد كان الكتاب وتحس ًسا مغامرً ا لمالمح اإلبداع عند القاصات الشابات .كانت رؤيتي بسيطة ّ اجتهادًا مني األدوات في ذلك الوقت لكنها -ولي أن أزعم -بعيدة الرصد صادقة التكهّ ن. شجاعة الحنين
التي وَعَ ــتْ مكائد الضوء ،فاشتبكت معه
ليلى أديبة متنوعة المواهب ،مثل شجرة لتفهم أســراره ،ال لتطفئه بالضرورة ،بل، وبرتقال وعنبًا وتـ ّمـرًا في آن لتجرّب قدرتها على صناعة الحياة في أثناء ً تنبت كــرزًا واحد .فهي مثقفة وموهوبة وصاحبة رؤيا ،رفيفها حول الضوء المخادع.
مسة و ّقــادة، تصدر كتاباتها عن نفس مُشّ ِ
وهــي في هــذا البوح إنما توقظ زوابــع
وعــن شفافية حــزن يضاهي ألــم ال ــوردة الشعرية المؤجّ لة فــي موهبتها ،بعد أن لحظة مشاهدة المنجل الذي سيقطعها. جرّبت الكتابة في أنماط متعددة من األدب. لذلك ســأحــاول بجسارة استثنائية أن وأرى أن هــذا اإليــقــاظ أمــ ّر طبيعي لمن أتنَحّ ى عن الناقد األدبي ،إلى قارئ مرتبك يمتلكون األسئلة التي تحرج أسرار الحياة
نص. نصا على ّ يكتب ًّ
وطبائعها ،ويبحثوا عن حصة اإلنسان من
إنّ ما جاء في جنات صغيرة من نصوص كعكة الرضا ،تلك الكعكة المزّيفة ،فطحين لهو مَواكبُ الفراشات التي نجت من إغواء الكعكة يشبه الرمل ،وسكّر الكعكة يشبه
48
المصابيح ،أو هو سرب الفراشات الجسورة نوايا الحنظل ،وألوان الكعكة فاهية مراوغة. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نهضت طيور التخييل في ملكة ليلى لتعاتب الهواء واألشجار والشمس والبحار واألنهار والحب والصيادين والفخاخ عتابًا يشبه لذة األلم ومسرّات األنين ،ال بل هو عتاب
تجيد التّحدي وترسمُ بالضوءِ لونَ السؤال» فالمقطع السابق سليم الوزن مكتوب وفق
الحطب للنار ،وعــتــاب القمر على غيوم تفعيلة (فعولن) .وال أتوقّع أن ليلى قصدت ـص ـدًا ،إنــمــا تقاطرت عليها الشتاء .إنه شهقات المواجيد المخنوقة ،أو إلــى ال ــوزن قـ ّ
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
شمسا ً أمــام قحط اإلجــابــات عن تلك األسئلة األمانيِّ يختار
زفرات البحر الذي حُ بس في قارورة -كما موسيقى فعولن بعفوية خالصة .وتبدو مقاصد الكتابة أو البوح المسنون في مغزى تقول ليلى .- فــجــمــيــع الــنــصــوص أاله ــي ــب منقوعة
بالشعرية الصافية المعتّقة في خوابيها منذ صرخة الميالد .ذلك ألن الكون كله حالة شعرية .وأي قاص أو روائي أو موسيقيّ أو رسّ ام أو خطاط ..أي فنان أصيل ..فإنما يحجب في كينونته السّ رانية العميقة حالة شعرية خجولة .كــل الفنانين شــعــراء في
الدالالت المنتشرة كالعناقيد الناضجة في الكروم المنسية ،كقولها:
أكف عن «أخاف فقط ،أن أستسلم ،أن َّ الركض عكس الريح وأترك الماء يجري تصب في ما ُّ بي كما يريد البحر ،لكنها ال تريد». لذلك:
األصــل ،لكن ظــروف منابتهم تحيلهم إلى
«للنهر الحق بأن يضحك جداً عند المنبع، هو أعلم منا، إن وصل البح َر فلن يرجع» (من قصيدة لي).
ليست قصائد بالمعنى المعرفي الفني.
هكذا هو النهر ..أقصد اإلنسان يبحث
فنون أخرى. هذه النصوص متوهّ جة بالشعرية ،لكنها
فالقصيدة طراز معماريّ تظهر فيه قصدية عن مجراه وهــو ال يعلم أن هــذا المجرى الــبــنــاء الــلــغــوي الموسيقي ،وأم ــا الشعر يؤدّي به إلى نهاية محزنة.
بمعناه الصافي الطوطمي ،فهو موجود في
من هنا ،تجيء بعض المعاني المشعّة
تفاصيل الحياة اليومية ،أو في غابات الحلم عند ليلى لتسوّغ احتجاجها بوجبة تعبيرية الشديد ،ومع ذلك لم تن ُج بعض النصوص تشبه طعم األسف أو نكهة الندم ،لكأنها هنا من الموسيقى:
«والث ـ ـن ـ ـيـ ــن م ـن ـك ـس ــري ـ ِـن ي ـه ـب ــط ظ ــلُّ
رثّاءة رفّاءة للخيوط المنسولة المتمزقة في ثوب الحلم الخائب. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
49
تلك لعمري كتابة ذات شفافية داللية جارحة النعومة ،فاتكة الخفّة والتسامي، تشبه متعة طفل غريب بريّ حَ ِسبَ نجوم الــســمــاء فــواكــه ،فأحضر سلّته ليمألها بالنجوم ثم يوزّعها على عشاق العتمة. فللعتمة والليل حضور كثيف في شرفات النصوص ونوافذها ،تقول: «لـ ــم نـخـتــر ال ـع ـت ـمــة ،ولـ ــم ن ـس ـتــدل على الـضــوء بأنفسنا ،لــم نكن نملك نـعــم ،ولم نملك ال ..كنا فقط نقطع الـطــريــق نحو النصف الذي ُخلِ قنا منه». ففي العبارة وميض الهــب يكشف عن قناصة لألنسنة والتشخيص ّ آالم األنوّثة أمام جبروت الذكورة ،أو يبين محزونًا .فهي عن إشكالية التعالق غير اآلمن بين المرأة حين تقول :صباح هــرِ م ،وظهيرة شائخة. والــرجــل ،فالحب أن تــشـ ّم عطر ال ــوردة ،تعلن عن أسلوبها الفني بوضوح حين تقول والزواج أن تمضغ الوردة .وقد مسّ ت ليلى أيضا: ً
هــذه القضية بمكر فني لطيف ،وبإيماء أعــمــق مــن التصريح ،وتــلــك مهمة النص األدبي العظيم.
نصوص ليلى في "جنات صغيرة" تؤكد رأي غاستون باشالر بأن الشعر نوع من أحــام اليقظة ،وهــي لوحات تتماس مع
«أشـ ــارك الـمـجــاز سـمــاواتــه كــي ال تجرح سكين المعنى صيامي ،أراوغ الوقت ،ألوّ نه يكف صقر باألحمر واألصفر واألخضر كي ّ االنتظار عن خمش قلبي». فالمجاز هنا ليس ما هو عكس الحقيقة
تماسا رشيقًا خفيفًا ،فحسب ،ال بــل هــو فجيعة اإلنــســان أمــام ًّ الفكر والفلسفة من خالل مخيّلة نشطة محبوكة بالمجاز خيبة اإلجابة عن سؤال الطمأنينة أو عن العالي والتصوير الفني الذي خدم فائض سؤال المصير .فالنصوص تحمل قيمًا فنية
فضل عن حملها قيمًا فكريّة ً الداللة ،لوحات تشبه ماء فاض عن الكأس متجاوزة،
50
الممتلئة من ماء سال على حوافها نادمًا رشيقة منسوجة بحياء باهظ. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الشديد والمتوسط ،فالعبارات القصيرة منه في ظ ّل إصرار البحر على ابتالعه. جدًا كقولها:
هنا تعود ليلى إلى حقول براءتها األولى
«ال تقصر المسافات إال بوعد» ،فإنما كما يعود كل العظماء إلى طفوالتهم وإلى هي من ساللة النقوش األبيجرافية التي الحنين ليعيش بين أخــاق الطبيعة..
غــــار بــعــيــد ال أصــدقــاء ٍ كان يتركها المطاردون الغرباء والقساوسة والــســكــن ف ــي الــهــاربــون على الــحــجــارة والــصــخــور في ســوى هسهسات الريح وتغاريد الطيور الجبال في إحدى الحقب األوروبية.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
وقــد تــراوحــت الــنــصــوص بين القصر إلى مرحلة الينبوع ،أو إلى الجبل الذي نبع
المهاجرة .وهذه العودة تمناها األلماني
«من يستطيع أن يجفّ ل غزالة على بعد نيتشة حين كتب «ه ـكــذا تكلم زرادشـ ــت» أيضا حين دعا ري الـمــاء!؟» تلك عبارة عميقة وتمناها زميله شوبنهاور ً همسة من ّ
الصلة بالدفاع عن حق الكائن في االستمتاع إلى البرية من خبث المدنية وعواطفها ّ التجارية. بالحياة وبالمطالبة بحقوقه المشروعة. (جنّات صغيرة) واجهات أدبية مشعة
(جــنــات صــغــيــرة) ..قــطــرات مــن ماء
بأنوار قلبانية ،متوهجة بما هو إنساني الشغف الساخن تنتصر بها الكاتبة على وروحــانــي ،فهي واجــهــات تــقــاوم البؤس ِخــدع الدنيا ،وأكــاذيــب الحلم ..ومــراوح مثل شتم الشجرة جرّافة العزلة ،وسلطة آدم. حين تعرّيهً ،
تنوي اقتالعها .نصوص فنية تدافع عن
أعترف بأنني لم اكتب نقدً ا أدبيًا بل
الحياة باألسئلة وتقليب فاكهة المعنى ،كتبتُ تخاطرًا حــ ّرًا ،فلم أشــأ أن أكون وتفضح رائحة الهواء المشويّ على حطب مهندسً ا زراعيًا لما تكتبه وتزرعه فالّحة
الخديعة .لذلك تنحو ليلى إلــى أمنية أدبية نبيهة كَ "ليلى األحيدب" ،فاألرض مشروعة مختنقة في كهوف الروح الحييّة :تعرف وتشهد أن المزارع أعرف "بأخالق" «يغمرني ورد الـ َّـسـ ِـكـيـنــة ..أن ينمو لي نباتاته أضعاف معرفة المهندس الزراعي. جناحان ،وينبت ريش كثيف وأحلّق».
شكرًا للمجلة الميمونة الشجاعة التي
فهي تسعى إلى التماهي بحياة الطير تجيد اختيار المكرَّمين مــن األديــبــات
بعيدً ا عن أكذوبة اإلنسان ..وعن رقابة واألدبــــاء وشــك ـرًا لليلى األحــيــدب وهي
العقل الصارم ،وتلك أمنية النهر للعودة تستصلح األرض البور فنيًا. * ناقد من األردن.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
51
ص" الصراعيَّة الض ِّديَّة في "فتاة النَّ ّ ِّ ■ محمد سالم جميعان*
ُعشش فيها الرغبة المقموعة، النص" متواليةٌ سرديَّة تكشف حاالت األنثى حين ت ِّ ّ "فتاة فثمَّ ة رُهاب من الواقع المُ لتبس .لهذا يبدو الصراعُ حا ّد ًا بين الرَّ غبة واإلرادة ،ممّ ا ولَّد عالقةً ضدِّ يَّة صراعية بين الذات والذات ،وبين هذه واآلخر .فالوتيرة النفسية المحرِّكة للساردة تتذبذب بين اإلِ قــدام واإلِ حجام ،والجرأة والخوف ،فتبدو معادلة األلم واللذّ ة حاضرة في مواقف متعددة في هذه المتوالية القصصية. ّص" مُ ستقطب ًا لكل حاالت النفي واإلثبات التي تُحرِّك أبعاد َّص األوّل " فتاة الن ّ يبدو الن ّ ّص يُعدُّ بمثابة تكثيف و َم ْر َكزَة لكلِّ ما يليه من نصوص جاءت شارحة الشخصيات ،فهذا الن ّ لــه ،فهو المتنُ والنصوص األخ ــرى حاشية لــه ،بالمعنى التفسيري؛ مــا شكَّ ل بنية ف ّنيَّة للحدث؛ فثمة تصعيد للحدث وإيغال في تكريسه ،وتوتير للعالقة الملتهبة بصمت. ّ "فتاة النص" هنا هي نفسها فتاة الحياة بالنيابة عنها ،باستثناء "يحيى" و"هيا"، دالن على الذُّكورة القامعة المتأرجحة بين برودة الواقع بما هو حالة وهما نموذجان ّ سلب ،وبين ْ دفء الجنة المُشتهاة والمُتمنّاة ،واألنوثة المقموعة .فيحيى عبر النصوص النص /خارج الفعل= ّ فتقع أخيراً في جحيم اإلهمال والنَّبذ ،وهذه جميعها يحيا خارج هي خالصة العالقة الملتبسة بين الذكورة ففي قصة "نساء" يأتي (األب) ويسأل عن واألنوثة حين يستشرس ذئب الواقع. موعد الغداء فيتناوله ،ويخل ُد إلى قيلولة
لكنَّ الكاتبة تــراو ُغ واقعها بــروح ثعلبيّة لينام بــأوامــر عــدم إزعــاجــه ،ثــم يستيقظ لتمرير خطابها ،فما بين مــا هــو داخــل من رقاده ويطلب شاياً مُنعنعاً ثم يستدني ّ النّص وما هو خارج ال النص ،مساح ٌة مملوءة الهاتف ويثرثر طويالً ،ثم يخرج متسل ً بالمسكوت عنه ،وهذا المسكوت عنه هو خوفاً من تعلُّق أطفاله به ،ويعود في المساء ّ ما يُمثّل فتاة ال أمام التلفاز، النص التي ال تعبأ باألسئلة ويطلب عشا ًء ثم يتثاءب طوي ً الجارحة التي يمتلئ بها اآلخر سوا ًء أكان ثم ينام ،فيما تبقى هيا تحدِّ ق في الفراغ! شخصاً أم منظومة من القيم الكابحة. هذه الصورة لعالم الذكورة تُماثلها صورة
52
ما يلفت في هذه المتوالية القصصية الزوج غير المبالي بالرغبة الموؤودة ألنثاه غياب األسماء الدالة على الشخصيات التي في السردية التي حملت عنوان "حرائق"؛ إذ النص ،وحضور الضمائر ينشغل بالضرب بأصابعه على لوحة مفاتيح ّ تتحرَّك في فضاء
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
الــحــاســوب ،وينتقل إلــى مــوقــع (جــوجــل) مولعاً بالتَّنظير (حروف جامدة) لم تفهم بع ُد للدخول على "الشات" ،وبعد أن يفرغ منه (حمّى األبجدية)؛ ولهذا نجد المُذكَّر في يخلع نظارته ويتنهد وينقلب للطرف اآلخر! قصة "عصا"" :له سحنة طفل في مجاعة، ويعطيها ظــهــره ويطلب منها أن تُطفئ وطــول قــزم في سيرك ،وروح شيطان في الشموع ألنَّ رائحتها تثير حساسيته ،ثم "لو قمقم ،يتوكأ على عصا من الشمع ،يوقدها سمحت أطفئي (األباجورة) ،أريد أن أنام ،ليستطيع المشي على الضوء الشحيح الذي لديَّ عمل كثير غداً" وينام ،فتُطفئ جسدها تمنحه لطريقه ،وكلما أوقدها دنا من األرض وتنام. أكثر ،كثيرون يتأملون العصا ..كثيرون يعلمون
النص في داللته العميقة هو الفعل خارج أنها ستنطفئ ..وكثيرون أيضاً ..يوهمونه ّ النص من مجموعة أنها تشبه عصا سليمان ..وأن الريح ما تزال ّ التَّنظير .فكما يتألَّف من الكلمات ،تتألف العالقة بين الذكورة بعيدة عن شعلته!" وهذه أوصاف تبخيسيّة واألنوثة بيولوجياً من مجموعة من األفعال في حقّ الذكورة الجبانة؛ الذكورة التي تُؤْثر النص فال تجرؤ على أن تكون ّ الجسدية .وتبدو العالقة بين "هو" و"هي" البقاء خارج متنافرة كما تبدو في السياق العام للحدث جزءاً من حروفه المحمومة. كما فــي قصة "فــتــاة الــنــص" على نحو ما في ضوء ما سبق ..فللقارئ أ ْن يتأوَّل تُجلّيها المفردات الدالة على الفعل ،في الثمانية وعشرين ناباً مُسنَّنا في قصة "حلّ" المتقابالت الضدِّ يَّة التالية: بأنَّها حــروف األبجدية الجامدة ،الرامزة خارج النص حروف جامدة العفّة التخيُّل إطفاء الجهاز مشيئته هو المصلوب في سطور قديمة
داخل النص حمّى األبجدية اإلغواء الواقع /الفعل إشعال الجهاز مشيئتها هي نص جميل /نص حي
في مآلها األخير إلى الذُّكورة القامعة التي
النص وتأبى أن ّ ال تجرؤ على الدخول في نصاً جــديـاً ،لهذا ال تخشاها وال تتشكَّل َّ
تُقاومها ،فمع أنَّ يدها في ك ّل فعل تخرج
بيضاء من دون سوء ،إال أنها ما تزال تأمل أن تقبض قبضة من صدر يحيى لع ّل "حمّى
األبجدية" تقوده إلى غابة البنفسج .إنها
ـص غير مكتمل ،والحالة هذه تتقاطع مع داللة "الباب" كما وألنَّ مــا هــو خــارج الــنـ ّ النص تؤشِّ ر على خــروج "يحيى" تتبدّ ى صورته في هذه المتتالية القصصية، ّ فــإنَّ فتاة نصها ،إنها تُموضعه خارج إذ نلحظ أن الباب يكون مغلقاً ثم يكون وأشباهه من ّ ال ثم ينفتح .إنه ال يستق ُّر على النص وتحكم عليه باإلقصاء والنَّبذ ،فهو موارِ باً قلي ً ال يستحق الدخول إلى غابة البنفسج ،كونه حالة واح ــدة ،فالعواطف المتقلِّبة كحال العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
53
ال إلى الثعالب" ،من صراع بين الذكورة واألنوثة، الباب تقود أخيراً لمواقعة اإلثم سبي ً
التحرُّر من إرث األبجدية الجامدة كما في فالمذكَّر المستذئِب مخادع لذاته ولآلخر، قصة "ح ِّريَّة" ،وهي حريّة منقوصة؛ ألنَّها لم ومثقوب بالرغبة المجّ انية الخالية من
تتحقّق في سياقها الطبيعيّ الذي ينبغي أن مسؤولية االلتزام ،إنه الصراع بين التقليدية يكون؛ منقوصة للمؤنَّث كما هي للمذكَّر :والــحــداثــة تجاه قضية الــمــرأة .إنَّ داللــة
"تعرف أنه يستلقي على السرير مناصفة مع المرآة كافية لعكس كل الدالالت المخبوءة األخرى! يعبرها ذلك كل ليلة يودعها فيها في هــذه المتوالية القصصية التي تقول ويتوجه لألخرى فقد كانت غيورة وبكّاءة وسريعة العطب".
قضيتها بجرأة مُشبعة باأللم والخُ سران، حين يكون التنظير لتحرير المرأة صوتاً بال
األنــثــى فــي هــذه المتوالية القصصية صدى في عالم الذكورة الخشن بتقاليده تبدو معجونة بالقلق والسُّ هد والمصير ونمطيَّته الساكنة والباردة. المعلَّق بين رؤيتها جنّة محفوفة بالشهوات، ومزهوداً فيها ،تُعاني النبذ واإلهمال .وقد احتالت الكاتبة على المعجم اللغوي للفرار
بهواجسها المكبوتة ،فتكتفي بالعبارات
فطبيعة السرد الذي لجأت إليه الكاتبة يُخلي مسؤوليتها من تبنّي موقف مُعلن من القضية المطروحة في النص ،إنها ترسم
خال من األحكام ٍ ـص ،وحتّى الشخصية بحياد سرديّ الوامضة حتى تظلَّ داخــل الــنـ ّ النص الواقعية بكل هواجسها القيمية ،فالحدث وتفاعالته عبر التصوير ّ تظلَّ فتاة
ومخاوفها وحَ ذَرها الموغل في العبارات السردي هو ما يُملي على القارئ في أن المُكنّاة ،فالكناية سبيل أبلغ في التعبير عن يكون نصيراً لـ "هــي" أو "هــو" ،فكلٌّ منها
المراد المخبوء بفعل أنياب األفعى الثمانية تُعرّي الكاتبة حقيقته وتفضح مشاعره على مأل من اللغة التصويرية الواصفة إلقدامه ٍ النص هي المرأة العربية ّ والعشرين .ففتاة المخبّأة ثمر ًة محرَّمة في الجغرافيا الباردة ،أو إحجامه ،وهــي الذريعة النفسية التي تتكئ في سبيل تحقيق وجودها على عصا تتقنّع بها الكاتبة لتمرير خطابها ،حين بـــأدوات تقليدية ٍ من الشمع للخروج من القمقم .إنها والمذكَّر يــؤول التنظير للحداثة مستل َبان لمشيئة خارجة عن مشيئتهما. كما تعكسها شخصيات هــذه المتوالية إنَّ ليلى األ ُحيدب في مجموعتها هذه لم القصصية ،التي جاءت قصيرة في حجمها
تُفارق ما رسمته في روايتها األولى "عيون لكنّها غنية وباذخة في مدلوالتها. * شاعر وناقد من األردن.
54
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
قصة صداقة متنازعة بين المواقف واألحاسيس ■ هدى الدغفق*
برغم مرور نحو الثالثين عاما على صداقتنا التي عاصرت شبابها وأدركت كهولتها فلم تشخ بفضل خبرتها الخاصة وبوحها السري المتبادل .وبرغم ما في مراهقتها من تقلبات، فلم تكن مراهقة عابرة بفضل تجاربها االجتماعية واإلبداعية.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
بيني وبين ليلى
لعل لِ ما كان يحصل لنا من صدامات قاسية أحيانا نتيجة الرفض العائلي الذي يحدث لنا إزاء ممارساتنا لبعض التجارب الثقافية أو الشخصية عواقب؛ فقد أثمرت تلك التجارب نتائجها فيما بعد ،حيث استشعرت عائلتانا حماسنا الواضح في مغامراتنا المتواصلة للتعبير عن مواقفنا الفكرية الخاصة والعامة. عرفتنا الكتابة ببعضنا بعضاً ،وجمعتنا الدراسة الجامعية ،فقد انتقلت من كليتي التي التحقت بها قبل أن ألتقي بليلى؛ أللحق بليلى في كليتها ،وتكثر فرص اللقاء فيما بيننا بشكل دائــم على مــدى ثالث سنوات تقريبا. لم تكن بدايتنا في التعارف كبداية أية عالقة معرفية ،بل كانت لها مرتكزاتها ذات الصلة بالفكر والقراءة لما كانت تدفع به حركة النشر والصحافة الثقافية في أواخر الثمانينيات الميالدية لذلك ،فقد كان لصداقتنا أســاس متين يقومها كلما انحرفت عن مساره لسبب طارئ .فذكريات أيامنا المتزاحمة لــم تــزل تُعلم وتُعرف بأدواتها وعالمات تأثيرها وتأثرها .كانت بدايتنا الزاخرة كفيلة بدحض كل المواقف
السلبية والمعارك الهوجاء التي قد توقعنا الــظــروف المحيطة فيها ،وســرعــان ما تسامح إحــدانــا األخــرى وتتسامح معها، من أجل تلك الصداقة التي تعرضت إلى االختراق كثيرًا ليتجاوزها الهاكرز بعد أن يعرف أن لها مفاتيحها وأسرارها التي لم تكشف عن خباياها إحدانا ،ولم يكتشفها ثالث ليحتلها ويحل رباطنا .فبيننا من األسرار ما يربو على ثالثين عاما ..كوننا متفقتين على غاياتنا ومبادئنا حتى مع اخــتــاف قــنــاعــات إحــدانــا عــن األخ ــرى؛ فالخالف ما بيننا هو ما اختلفنا عليه .ال تشترط صداقتنا عتباً ،وال تتطلب تقديم مبررات أو صكوك غفران ،كل واحدة منا تتفهم األخرى دون اعتذار أو شكوى. كانت لنا لقاءاتنا الزاخرة بالمفاجآت العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
55
المكتنزة بــلــحــوم الــمــشــاريــع والــكــتــابــات
واألفكار المشتركة والحوارات المتبادلة.
مـــيـــراث مـــن ال ــح ــك ــاي ــات لـــه رمــــوزه
وشفراته التي تعود خزائنها إلى أرشيف
من األساطير التي أرخناها في كراريس الدراسة.
أول رحلة سفر قمت بها بمعزل عن
عائلتي كانت مع ليلى ،وحينذاك غضب
والدي رحمه اهلل عليّ ،وكانت تلك المرة
األولى التي أشهد فيها مقدار غضب أبي عليّ .
كانت أمي تسمح لي أن أخرج مع ليلى
الــتــي ال ألتقي بها إال أوقـــات الــدراســة
الجامعية ،وكــان ذلك أوائــل أيــام دراستي الجامعية؛ إذ كنت أقيم في بيت خالتي ويصعب عليّ الخروج من بيتها برغم موافقة
أمي ،ولكن صرامة خالتي كانت تغنيني عن
مالقاة ليلى مقابل عدم التعرض للتوبيخ.
قبل شهور كان لقاؤنا متزامنا مع مناسبة
ثقافية كبرى هي معرض الرياض الدولي للكتاب 2019م ،حيث كــان الفرح يطوق
ليلى ويطوقني ،كذلك بطباعة إصداريْنا
الجديدين ،ليفتح ذلك األمر بابا جديدًا من
الذكريات فيما بيننا بعد غيبة عام ونصف تقريبا.
وبــرغــم بــعــض الــمــشــاعــر الــمــمــزوجــة
بالتنافس وروح الندية ،فما يميز صداقتنا
56
أنا وليلى استثمار ذلك التنافس المشروع
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ليصير حافزنا لخوض مغامرة جديدة تؤتي ثمارها في عمل إبداعي جديد .قد توجزنا الخيبات وتغمسنا ظــروفــهــا فــي واقعنا الصعب ،فمع مرحلة زواجــي وزواج ليلى اضطررنا الى الغياب ،وربما حصلت شبه قطيعة بيننا بسبب بعض الظروف الزوجية التي مررنا بها. ال استطيع تذكر األسباب بالضبط ،ومن وجهة نــظــري ..فلعل حاجتي الشخصية البحتة إل ــى اكــتــشــاف حــيــاتــي ومعالجة بعض تغيراتها المفاجئة وتغيري تبعا لها؛ اضطرني الى الخلوة والتفكير في نمط حياتي الجديدة. لم تترك الحياة بتناقضاتها وظروفها وأح ــوال ــه ــا صــداقــتــنــا عــلــى نــقــائــهــا ،بل َصمت في جسمها بعض اآلثــار ،ولكنها و َ آثار لم تقطع ما بيننا من أواصر احترام وصلنا ،لتظهر عالقتنا ومحبة ،وظللنا على ْ لكلتينا كالشمس حيث تفيض بكل أحوالها الساطعة ،وطاقاتها المضيئة ،وأل ــوان خبراتها المغرية ،وشتى عزاءاتها ودهشاتها وأساليب مواساتها وسبل عالجها؛ حين تحتاج إحدانا إلى األخرى تجدها معها. لم تكن لدينا وجهات النظر ذاتها تجاه بعض القضايا اإلبداعية ،وربما اختلف موقف إحدانا اإلبداعي األدبــي والفكري من بعض األسماء الثقافية عن األخــرى؛ ذلك األمر لم يُحدث بيننا فرقة أو يدفع بإحدانا إلى قطيعة األخرى.
التي يقرها مجلس إدارة النادي .وربما ال يبدو حرفها مرتدًا إلــى قلب كلمته .وال أتفق مع بعض الــقــرارات أو االقتراحات يستوقفني خط األحيدب؛ ألنه أنيق وفخم التي كانت تــنــادي بها األحــيــدب ،وتفعل أو لفنيته ،،فهو ال يتسم بذلك .ولكن لخط الشيء ذاتــه ليلى حين ال تتفق معي في األحيدب استقاللية وخصوصية وجموح بعض آرائي.
ولقد دارت بعض السجاالت األدبية
الثقافية بيني وبين األحيدب ،وكم فاجأتني
بعض ردودها النقدية وانتقاداتها الموجهة لــي شخصيا ال إل ــى مــوقــفــي األدبـ ــي أو
الثقافي! ولقد كنت أتجاوز ذلك وأتوقف
عن السجال الذي لن يضيف ما يستحق. ألنني أكــنّ لألحيدب التقدير واالحــتــرام
ككاتبة قبل أن تكون صديقة.
أكــاد أعــرف ذوق ليلى الفني جيدا،
فهي تحب مشاهدة األفالم األجنبية ،تحب األغــانــي األجنبية ،تهوى الرقص وتحب
الشاي ساخنا والقهوة العربية.
يعبر عن ليلى نفسها وليس سواها.
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
مع تجربتينا اإلدارية في النادي األدبي يشبه بقية الــخــطــوط .فخطها الــيــدوي بحركة بعض دائرية ٍ بالرياض كنا نختلف على معظم القرارات منكفئ على نفسه
ولــلــيــلــى أحــزانــهــا الــطــويــلــة وأزمــاتــهــا الــمــتــتــابــعــة ،فــهــي عــنــدمــا تكتب قصتها فإنها تحس بها وكأنها تعيش تفاصيلها وأحداثها ..حتى أنه بانتهاء كتابتها لقصتها يصيبها الشجن .لذلك لم يجانبني الصواب إذا ذكــرت بــأن كتاباتنا اإلبداعية بشكل خاص قد تتداخل مع شخصياتنا ،وربما كانت نبوءات لمستقبلنا .من أحالمنا ما تحقق ،وأهدينا ما لم يتحقق منها لألجيال الجديدة لتعتني به. بيننا من الذكريات ما يصعب نسيانه، ولنا من الخبرات المشتركة ما سوف يظل.
تميل األحيدب إلى العاطفي في كتاباتها وف ــي قــراءاتــهــا ،وأزعـ ــم ب ــأن ليلى تقرا فبليلى غامرت ومعها سأمضي.
الشعر أكثر مما يقرؤه الشعراء أنفسهم. فــي الــحــب كما فــي الــكــراهــيــة ،ال تعرف ليلى من كواكب لها وشائجها وروابطها ليلى المرحلة أو الحالة الوسطى في أي المتشابكة بين أمــور وش ــؤون لكل منها شيء .تخنقها المجامالت برغم إجادتها إطار وركن واتجاه خاص .كما إنه ال يصح ولذلك ال يجوز إحصاء ما بيني وبين
لمراسمها أحيانا.
تعداد أفالك ذكرياتنا أيضا ،كي ال تتناقص
طالما استوقفني خط ليلى ..فهو ال وتدوم فضائلها وبركاتها. * قاصة وشاعرة من السعودية. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
57
ليلى األحيدب ..في "عود أزرق":
ال ي ُ ْحبس النهر في بئر ■ محمد العامري*
تنشغل نـصــوص "ع ــود أزرق" للكاتبة الـسـعــوديــة ليلى األح ـيــدب فــي مـ ــدارات الحرية وتجلياتيها السيميولوجية ،عبر جملة من النصوص المتوالدة والمتتابعة في موضوعة انـعـتــاق ال ــذات مــن واقـعـهــا الـقــاســي ،الـنـصــوص الـتــي تتشح بـعـنــاويــن جانبية تــؤشــر على هواجس رئيسة ترتبط بمفاهيم التفلت والتحرر اللذين ينتابان الشاعرة بوصفها امرأة في مجتمعات محافظة ،وذلك عبر بناء سردي متواصل ومحكوم بخيط واحد ينتظم في لظم ألم الذات المحبوسة خلف قضبان اجتماعية مركبة ،ويعود ذلك بِ كوْن تلك النصوص نبتت في ظل أجواء حزينة وكئيبة .فإذا نظرنا إلى نصوص "عود أزرق" ،نستطيع أن نقبض على جملة من اآلالم والهواجس الكابوسية ومكابدات تكاد تكون مستحيلة تجاه ما تتمناه الذات الشاعرة في الحصول على حرية ال حدود لها ،إذ تقول في نص "تحليق":
حرة كطائر، كقفص بال باب، كبيت بال جدران، وحدي مع نفسي، مع أخطائي وأسهمي اإلجبارية، ال أرض تحتي، ال سماء فوقي، وحدي ال (آخر) وال (آخرون). فالسرد النثري هنا قائم في جوهره
على فكرة الصراع بين الذات المتحررة
والــذاكــرة الجمعية المكبلة بتقاليدها المتكلسة ،تلك الجمل التي انتصرت
58
لداللة المعنى وإقصاء غنائية المقطع العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الــشــعــري لتحقيق الجملة التعبيرية الفاعلة ،كما فتحت النصوص مغاليق مــثــالــب محيطها الــمــحــافــظ كنقيض لطموحات الذات الحرة كحرية الطائر الذي يحلق في السماء .هذه المقاطع التي جــاءت بعنوان "تحليق" تبين مدى طموح الذات في االنفالت من الجاذبية، فال تريد بيتًا بال أبواب ،وتريد كونًا بال أرض وال سماء ،كما لو أنها تنتهج كونا "صفْرياً" ال بداية له وال نهاية ،فهي دعوة ِ جلية لنفي كل ما يعيق حريتها ،وهي صــورة مــن صــور المبالغة فــي التمني إلعطاء الجملة الشعرية وتسلسالتها قوة هائلة في تحقيق ما تتمناه ولو كان
ففي "عــود أزرق" يمنح النص نفسه
طــاقــة تعبيرية وتكثيفا فــي التصوير والبوح ،إضافة إلى البعد الداللي بوصف
األنثى مسلوبة الحرية والوجود ،وحينئذ تــتــمــرأى أحــامــهــا بــســيــاقــات صريحة وصــارخــة ،فهي تــمــزج بين االستلذاذ
بالمتخيل والواقع المرير كثنائية ضدية تنتظم فــي مــقــاربــات ومــفــارقــات بين موضع وآخــر ،فالعالقة العضوية بين
الشعر والحرية ،عالقة وجــود ،بدونها "الــحــريــة" تصبح القصيدة فــي سياق الــمــوت واالنــجــمــاد ،فــا بــد مــن حرية
في التعامل مع الموضوعة اإلنسانية فــي مناخ الشعر وتقنياته وصــوال إلى
األسلوبية التي تتقمص تلك النصوص،
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
ذلك من ضرب الخيال.
فهي وسيط تعبيري ال يمكن أن ينتظم دون إطالق الخيال في أي موضع تتخلق فيه القصيدة ،فهي شرط لقيام النص ومغذيات رئيسة لحياته واستمرايته، ومــن زاويــة أخــرى نستطيع االستدالل من خالل عتبات النصوص على ظاهرة تتابع األلم في مجمل النصوص وتكريس اإلح ــس ــاس بــالــعــزلــة واالغـ ــتـ ــراب عن المحيط والحيز المعيش؛ فنرى في تلك العناوين والمفتتحات دالالت تنسرب بشكل مباشر بين شرايين النص لتعلن فضح الواقع ومآسيه تارة؛ وتارة أخرى نراه مواربًا فيما يخص هواجس األنثى العربية وطبيعة وجــودهــا المستلب، ومن تلك العتبات" :مرايا ،وصية ،آدم، الحبر السري للحياة ،تحليق ،احتماالت، إيقاع ،سيناريو ،وعــد ،تعليل ،حقيقة، سؤال ،منحوتة ،نيجاتيف ،قبر ،وحشة، انبجاس ،متاهة ،غيم أســود ،عقوبة... الــخ ،تلك العتبات تقودنا إلــى مواضع مؤلمة فــي تمثالت النص وشخصيته المناكفة والمقاوِ مة والمتألمة والحزينة، للبرهنة واالستدالل على خصائص "عود أزرق" الشعرية ،التي تتميز بالكشف عن مسببات نضوب الحرية ،وفضح الوحشة والعزلة حد البكاء ،في كتابة انتهجت التحلل من األوزان والبحور الشعرية التقليدية ،لذلك جاء النص بفيوضات تنثال بألم اللحظة الشعرية ،ففي نص "غيم أسود" تقول:
59
في كل مرة نختلف فيها أسـتـيـقــظ مثقلة بغيم أسـ ــود ،صلب كالزجاج وحاد كشفرة موسى في كل مرة نفترق فيها يراودني الشعور ذاته أل ـ ــم ي ـش ـبــه ال ـت ـح ـل ـيــق ووجـ ـ ــع يـشـبــه الحرية.
الحسي) وتدفقاته النفسية والعاطفية والذهنية ،مساران يكشفان عن عوالم الــذات الداخلية ومكونها االجتماعي،
وسياق آخر يتمظهر في استالب القارئ
وانتباهاته لمناخات جمعية تخصه في جسد النص.
وكــــون "عــــود أزرق" يــطــلــق أســئــلــة
فــحــيــن يــتــحــول الــغــيــم الـ ــذي يحمل ضاغطة على روح ُمنْتِج النص بوصفه الخير والحياة والماء إلى سواد ودَكانة ..الحاضنة البيئوية لمؤثرات وتداعيات يعني ذلــك أننا أمــام يــأس هائل ينتاب البيئة الحاضنة المعنوية منها والمادية الكاتبة؛ اليأس الذي يحيط بها من كل الحسية كذلك ،بل هي إشارات سيميائية جانب ليشكل موقفا سلبيًا مــن فكرة لــروافــد ومغذيات النص ذاتــه .وهناك
العيش في حياةٍ شاع سوادها ،بل نب ٌذ أكثر من مرجعية لمغذيات النص تتمثل للحياة ومحيطها من "تــابــوهــات" تحد في مفردات وجمل منها :حرة كطائر/ من قدرة الكائن على التخيل .وتتحرك قفص بال أبــواب /فمي حر /ال يحبس فــي جــســد ه ــذا الــنــص مــفــردات دالــة النهر فــي بئر /أطير كريشة ناعمة/ وجلية فــي نكوصها تجاه واقــع معتم ،أحلق ،تلك المفردات التي تدلنا على
غيم أســود وصلب كالزجاج وهشاشته طموحات فردية في اقتناص الحرية بكل ووجع الحرية ،جمل ومفردات تتابع في تجلياتها اإلنسانية؛ وبالتالي شكلت تلك
رئيسا من جسد ً سياقات متنوعة لتؤكد هشاشة الواقع العبارات والكلمات جزءًا وبؤسه منها ،كماشة تشطرك /الواحد النصوص وتــصــورات الكاتبة عنه ،من
معزول في عزلته /أنا بدونك /منحوتتان خالل التشبيه والتصوير واإليحاء ،فهي لخنجر /تتوه منك مدينتك /مصباح "الكاتبة" تصور محيطها وتداخالته بين االنتظار /أهــوي في قــاع الجسد /وال الفردي والجمعي عبر جرعة تعبيرية لها يأتي المطر /وبمقدار ما تحمل تلك تأثيرها المباشر على القارئ ،فالتصوير المفردات من دالالت وعالمات تختص هنا يمتلك حواسً ا تجمع بين المقطع بالعزلة واليأس ،فهي رفض صارخ لواقع الــدرامــي والــصــورة السينمائية ،وأذكــر
يتحرك باليومي المعيش ،واقع يتحرك هنا قــول الشاعر اليوناني سيونيدس
60
بين مسارين (الخيال والمخيال) و(الواقع الكيوسي: العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
"الشعر صورة ناطقة، أو رسم ناطق وإن الرسم أو التصوير شعر صامت.
تندمج فيها مجمل العناصر المغذية
وسبقه إلى ذلك الجاحظ حين قال:
للنص ،الــذي يمنحه مساحة مفتوحة
بمشاهده المتداخلة ،يقودنا إلى صيرورة
"إن الـ ـشـ ـع ــر ص ـ ـنـ ــاعـ ــة ،وضـ ـ ـ ــرب مــن على األلـــم ،مــن خــال تفجير طاقته
النسيج ،وجنس من التصوير".
الكامنة في شرايين الصياغات القاسية؛
فقد جاءت الدوافع الالشعورية كمادة وأذكر هنا قول أونوريه دي بلزاك" :األلم لــايــحــاء المتناقض والــمــتــوافــق معًا ،ال نهائي ،أما الفرح فمحدود". سياق ٍ إذ يتجسد الرفض والتمرد في نــصــوص تــحــك األلـــم حــتــى الــجــص، تعبيري متدافع وجارف معلنًا عن تصوير وتشيع في قارئها قوة اإلنشاد والمقاومة عتمة الــواقــع نفسه ،لذلك أتــت القوة رغم ارتكاسها إلى ذاتنا الجمعية؛ فقد التعبيرية بحجم األوجاع واألحالم معًا. نبشت المرئي والمعيش لتحوله إلى ففي "عود أزرق" تتدفق صرخة النفس لغة جمالية مؤلمة كالمفردات العصرية معيش يوميٍّ ال فكاك منه، ٍ الصادمة تجاه منها :النيون ،والشوكوالته ،والدانتيال، فالمكان أيضا هو صــورة أخــرى لعتمة وال ــف ــات ــر ،واإلس ــم ــن ــت ،والــكــمــاشــة، الذات والبدن ،إذ تصبح مدينة الرياض كــمــمــيــزات فــنــيــة وعــصــريــة مــتــداولــة، شاشة سوداء في قولها: مــؤشــرات وعــامــات لطبيعة المكان
الرياض شاشة سوداء مغلقة ال زر فيها وال إعدادات تغيّر شفرتها السرية التي برمجتها معيّة الحب تتوه منك مدينتك األثيرة تتحول إلرم المهجورة بال عمد.
هنا ،يتحول أخــرى لليأس الكاتبة القناع مقارباتها بين
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
وإرم المهجورة بال عمد ،فسياق النص
وعصريته ،من شأنه أن يراكم حصيلة مهمة في معطيات النص ومغذياته التي تمكّننا مــن تــأويــل مضاعف فــي قــراءة ظواهر النص وبواطنه ،بوصف الكاتبة لسان حالها ومجتمعها ،فثنائية األلم
الحيز المكاني إلى جملة والعزلة شكلتا واقعًا جمعيًا يتحرك فيه والتشكي ،إذ استخدمت اإلنسان ،حتى أضحى الواقع المحرك الميثولوجي والديني في األساس في طبائع النص الشعري لليلى شاشة الرياض المعتمة األحيدب.
* كاتب من األردن. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
61
الكاتبة ليلى األحيدب: مبيعا الكتب األكثر ً عبارة مخادعة ال يلتفت المبدع الحقيقي إليها كاتبة سـعــوديــة ،وعـضــو فــي مجلس ن ــادي الــريــاض األدب ــي ،شغلت منصب مــديــرة إدارة اإلعالم التربوي بتعليم الرياض للفترة 2015-2000م ،نشرت أول مجموعة قصصية لها عام 1997م ،وتُرجمت أعمالها القصصية للغة اإلنجليزية في كتاب ( )Beyond the dunesضمن مشروع (موسوعة األدب السعودي) ،وترجمت قصصها إلــى اللغة اإليطالية ضمن كتاب (زهور عربية) إليزابيال كامرا ،وفي عام 2009م نشرت روايتها األولى (عيون الثعالب) ،وقد تناولها عدد من النقاد السعوديين وغيرهم ،وكانت تكتب على مدى ( )18عامً ا في مجلة اليمامة ،في زاوية أسبوعية بعنوان (تحوالت امرأة نهرية). لها العديد من المؤلفات منها" :البحث عن يوم سابع" ،مجموعة قصصية (1997م). "عيون الثعالب" رواية (2009م)" ،فتاة النص" ،مجموعة قصصية (2011م)" ،جنات صغيرة" 2015م" ،قميص أسود شفاف" و"عود أزرق"٢٠١٩م. كان للجوبه معها هذا الحوار حول بعض القضايا الثقافية مؤلفاتها. ■ حاورتها :هدى الدعفق
62
¦يــاحــظ م ــن ي ـقــرا قـصـصــك ونـصــوصــك ρ ρأعتقد أن خلق النص حالة خاصة جدا األخ ـي ــرة م ـقــارنــة بـمـقــاالتــك ال ـتــي كنت تنمو بعيدًا عن اآلخرين ،بينما المقاالت تكتبينها وال ـحــوارات التي أجريت معك والحوارات تحديدًا تأتي برفقة آخرين. ِح ــدّ ة لغتك فــي الـصـحــافــة ،بينما تأتي خُ لق النص ليتخمر وينضج بهدوء ،بينما لـغـتــك اإلب ــداع ـي ــة شــاعــريــة .ف ـ ّـس ــري لنا يــبــدو الــحــوار تفاعليا يتطلب شجاعة هذا االختالف بين ما هو مقالي وما هو ذكرت. ِ الحدّة كما تقترب من ِ إبداعي. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الجوائز األدبية بال شك محفزة على اإلبداع إذا ما ابتعدت عن العشوائية والمجاملة وكسب المواقف.
كتابة المقال الثقافي الذي يلقي الضوء عــلــى الــحــالــة اإلبــداعــيــة مــن جوانبها المختلفة ضــــرورة .غــالــبــا مــا تشدني نصا أو كتابات المبدعين حينما يتناولون ً يقرأون مشهدا ككتابات عبداهلل السفر ومحمد الحرز مثال ،فانا أجد في كتابتهم العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
¦مـ ــا رأي ـ ـ ــك ب ـب ـع ــض الـ ـظ ــواه ــر ال ـحــال ـيــة ρ ρال أحبذ أي منهما البتة ،فأنا أفضل أن انعت بالكاتبة وحــســب ،حيث أن هذا الـتــي يـقـ َّيــم اإلبـ ــداع عـلــى أســاسـهــا مثل: الوصف ال يقيد وال يحد. الـكـتــب األك ـثــر مـبـيــعً ــا /الـجــوائــز األدبـيــة /الـمـســابـقــات الـشـعــريــة وال ـســرديــة؟ ومــا ¦ماذا أضافت إليك تجربة كتابة الرواية؟ تأثير تلك األفكار على الحالة الثقافية ρ ρال أدري إن كانت أضافت لي شيئا جديدا وعلى نظرة األجيال األدبية الشابة؟ غــيــر مــا يمكن أن يضيفه كــتــابــة نص ρ ρالــكــتــب األكــثــر مبيعًا عــبــارة مخادعة قصصي أو نص مفتوح ،فالرواية تجربة ال يلتفت المبدع الحقيقي إليها ،وال أتعايش فيها مع الشخوص وقتا طويال، يسعى إلى متابعتها ،وال تحبطه نتائجها وأشعر بحيواتهم بين يدي ..خالف النص المعروفة مسبقا ،فتلك دعاية ترويجية القصصي ،فهو ومضة بالكاد تمسك واضحة ومكشوفة. فيها بالنص ،في ظني أن كتابة النص القصصي أكثر متعة وإث ــارة مــن كتابة أمـــا الــجــوائــز األدب ــي ــة فــهــي ب ــا شك نص روائــي طويل ،مع األخــذ باالعتبار محفزة على اإلبــداع إذا ما ابتعدت عن أن تجربتي في كتابة الرواية محدودة، العشوائية والمجاملة وكسب المواقف، وقد أغير من رأيي الحقًا لو اتسعت هذه وقد تبدو المسابقات اإلبداعية مطلوبة التجربة وخضت غمارها ثانية. ومهمة للفرز المبدئي كعتبة أولى تقدم لنا مواهب شابة خاصة حين تصدر عن ¦ك ـت ـب ــت الـ ـمـ ـق ــال ــة ال ـث ـق ــاف ـي ــة فـ ــي بـعــض الـصـحــف وال ـم ـجــات الـمـتـخـصـصــة في المؤسسات التعليمية ،ويفترض أن ال األدب .ت ـ ــرى ب ـ ـمـ ــاذا خ ــرج ــت مـ ــن تـلــك تتعدى ذلك. التجربة؟ ¦قاصة وروائية ،ما أقرب اللقبين األدبيين ρ ρفي ظل ندرة النقد وتواري النقاد خلف إلى نفسك؟ ولماذا؟ نظريات معلبة مخصصة لقاعات الدرس، أفضل أن انعت بالكاتبة وحسب، وتحول هؤالء النقاد للكتابة االستهالكية فهذا الوصف غير مقيد. التي ال تثمر وال تواكب النصوص ،فإن
63
الصحافة الورقية تحتضر ،وال جدوى من إنعاشها مالم تتحول رقميً ا ،وتواكب االنفتاح الكبير في التقنية وتنوع مصادر معلوماتها. ما يسمى بالقصة التويترية عبث في عبث ،وال يمكن ان تقود إلى شيء حقيقي؛ ألنها مدفوعة باللعب على عداد الكلمات ،والقصة لها شهقتها التي ال يمكن تحجيمها ب ( )١٤٠حرفا. الشرارة التي تحفز أو تطمئن ،بينما أجد صعوبة كبيرة في تتبع ما يكتبه النقاد اآلن ..فهو بعيد وغير مؤثر بالنسبة لي.
64
تلك الفترة لم تشهد انفتاحا تقنيا ،إال أنها شهدت صراعً ا فكريًا بين تيارين، وهو صراع برغم عنفه أورث لنا عقوال مستنيرة ،وخلق لنا حالة إبداعية شديدة الخصوصية ،وغير قابلة للكسر ..علمتنا الترميز والكتابة بلغة تحمي نفسها ،وال شك في أن هــذه الوسائل أسهمت في نضج تجاربنا كتابا وصحفيين. أما اآلن فالصحافة الورقية تحتضر ،وال جدوى من إنعاشها مالم تتحول رقميًا، وتواكب هذا االنفتاح الكبير في التقنية وتــنــوع مــصــادر معلوماتها مــع طغيان الصورة واللقطة على الكلمة التي كانت عصب الصحافة الثقافية.
¦هل تعتقدين أن المقال ما يزال يحتفظ ¦كعضو مجلس إدارة في نادٍ ادبي ومسؤولة بــأهـمـيـتــه وتــأث ـيــره ال ـقــرائــي ف ــي العصر في لجنة اإلصدارات .ماذا أضافت إليك الراهن؟ هاتان التجربتان في العمل على خدمة الثقافة واألدب؟ ρ ρالمقال يحتفظ بأهميته باستمرار ،فهو كالضوء ينير عتمة المشهد ،خاصة إن ρ ρال أستطيع أن أحكم على تجربتي اآلن كــان الكاتب واعيًا ونزيهًا وصــاد ًقــا في من حيث نجاحها أو فشلها ،فهي حلقة تشريح وتفكيك ما يــدور من حوله في من سالسل عديدة.. هذا العالم. لكنني أستطيع أن أقول إنني اجتهدت كي ¦وأنـ ــت م ـمــن كـتـبــن ف ــي ال ـص ـحــافــة؛ كيف أحفظ للمبدع حصته في النشر .وهي تـ ـنـ ـظ ــري ــن إل ـ ـ ــى الـ ـصـ ـح ــاف ــة ال ـث ـق ــاف ـي ــة حصة تتراجع في ظل الطلب المتزايد الــورق ـيــة مـقــارنــة بـمــا كــانــت عليه أواخ ــر على نشر الرسائل األكاديمية التي في الثمانينيات؟ رأيــي مكانها الجامعات وكراسي األدب فيه ،وليس النوادي األدبية التي يفترض ρ ρالحالة في الثمانينيات ال تتكرر أبــدا، أن تكون نافذة إبداعية ،فما يزال كاتبو وال يمكن مــقــارنــتــهــا بــمــا ينشر اآلن، الرسائل األكاديمية ينافسون المبدع فللثمانينيات وه ــج أخـ ــرج لــنــا كـ ّتــابـاً في مكانه ،بينما أمكنتهم في الجامعات متميزين وصحفيين متمرسين ،ومع أن العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
من التجارب التي تخرجها عن إطارها كومضة قصصية حرة نوعا ما .من وجهة نظرك ما أكثر ما يميز القصة القصيرة ج ــدا ،أو بالمعنى االف ـتــراضــي الـســائــد: الـقـصــة الـتــويـتــريــة؟ وم ــا ال ــذي يعيبها؟
دراس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ون ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد
محفوظة لهم ،وال يستطيع المبدع الولوج إليها .هل سمعت بجامعة نشرت كتبا إبداعية؟ وبرغم أن األكاديميين يقتاتون على نص المبدع دراســة وتحليال ،فهم يزاحمونه على مكانه في النوادي األدبية. وهــي ظــاهــرة تسترعي االلــتــفــات إليها ومعالجتها ووضع حد لها.
لخصائصها ،ولكنها تتعرض إلــى كثير
وإلــى أي حد تتفقين مع من يــرى بأنها
¦ص ــدر لــك ه ــذا ال ـعــام كـتــابــان إبــداع ـيــان: (عــود أزرق) نصوص ،ثــم( :قميص أسود والمؤقت .وأنه لن يبقى طويال؟ شفاف) قصص ،فلماذا أصــدرت كتابين معً ا هذه المرة؟ ρ ρمــا يسمى بالقصة التويترية عبث في
أسـ ـل ــوب م ــن الـ ـس ــرد اإلبـ ــداعـ ــي ال ـط ــارئ
ρ ρلــم أتعمد إصــدارهــمــا معا ،تأخر نشر مجموعتي القصصية كثيرا ،وبالتالي كان (عود أزرق) جاهزًا للنشر ،فنشرتهما معا.
¦لـ ـ ـم ـ ــاذا ت ـ ــأخ ـ ــرت ف ـ ــي نـ ـش ــر م ـج ـمــوع ـتــك القصصية (قميص أسود شفاف)؟ ρ ρلــم يــكــن األمـــر بــيــدي ،حــاولــت نشرها عبر األندية األدبية ولم أوفق ،لم أتقدم لنشرها في نادي الرياض؛ ألننا كمجلس إدارة توافقنا على عــدم نشر إنتاجنا كأعضاء ما دمنا في المجلس ،مع أن الالئحة ال تنص على عدم نظامية ذلك. لكنني أرى أن من النبل والنزاهة أن ال يستغل األعضاء عضويتهم لنشر كتبهم، وقد يدخل في ذلك المحاباة والمجاملة ـواد تنشر كتب أيــضــا ..مــع أن هــنــاك ن ـ ٍ أعضائها ،وهي كتب ال تستحق النشر مع األسف. ¦ت ـكــاد الـقـصــة الـقـصـيــرة ج ــدا أن تؤسس
عــبــث ،وال يــمــكــن أن تــقــود إل ــى شــيء حقيقي؛ ألنها مدفوعة باللعب على عداد الكلمات ،أنــت كمبدع ال تدخل لطقس الكتابة كما تدخل الى لعبة وتحدٍّ مرسوم الحواف ،القصة لها شهقتها التي ال يمكن تحجيمها بـ( )١٤٠حرفا ،قد تكتب قصة بعدد حروف أقل ..لكنه سيظل خيارك أنــت ال تحدي عــداد تويتر .مع األسف القصة القصيرة جدا التي أقرأها تجارب بعض مَن يسمون أنفسهم أبطاال في هذا الفن قصة (روبوت) ،إنها قصة آلية بال روح وال حــس وال حــيــاة .بينما القصة الحقيقة نص حي يقرر عدد كلماته بذاته يبدأ حين تلح عليك فكرة أو مشهد أو صــورة ،وينتهي حين تكمل شهقتك ،ال تبدأ القصة بحشرها في علبة الـ()١٤٠ حرفا ،أما هذه فليست قصة بل غصة. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
65
بياض أنثى
■ حليم الفرجي*
عجل فــي فجرٍ مــاطــرٍ ونهضت لترعى إخــوتــي ،ويـبــدو أيـضـ ًا أن أبي ٍ وضعتني أمــي على أرسلني إلى رحمها على عجل ،حيث كانت الحياة قديم ًا ال تمهلهم كي يلموا بالتفاصيل الجميلة للعالقات .فخلقت عجولة ،يضيق صــدري من التفاصيل المسهبة ،كنت طفلة مزعجة دائمة البكاء ،كثير ًا ما تعرضت للسخرية كلما خرجت للعب مع أطفال القرية ،فإذا فملت للوحدة. دت للمنزل ..تعرضت للعقاب دون سبب مقنع ،أصبحت دائمة االنزواءِ ، ما عُ ُ كانت أمي تردد على مسامعي كلما بدأت تبديل بجانبي وتظاهرت بالنوم ،وال تفتح عينيها حتى مالبسي بلهجتها القروية (هذا حق الناس) ،وتشير أقبلها ..فتبتسم كمالك ..وتنهض لتكمل لعبها. إلى كامل جسدي مشمئزة ،كنت أشعر بأني أحمل صحوت هــذا اليوم بمزاج ســيّ ء ،ال رغبة لي خطيئة وأتنقل بها أينما ذهبت ،فالجميع يراقب باللعب مع طفلتي ،هناك شــيء يدفعني ألتذكر هذا الجسد وكأنه خُ لق للنار. أحــداث ـاً مثقلة مضت في طفولتي ،تقترب مني كبرتُ وأنــا اخشى النظر أو التعامل مع (حق كي نلعب سويا ،أشيح بوجهي عنها ،أحاول الهرب الناس) الذي أودعوه لدي .دفنتُ أنوثتي ..وكرهت النظر في المرآة لجسد ال أملكه ،ولم أجرؤ على بعيداً ،أغمض عينيَّ ،فتقلدني ببراءتها المعتادة، لمس معالمه التي اعتبرتها قبيحة ،وحاولت دفن مددت يديّ نحوها وأحكمتها حولها بقوة ،ابتسمت وأنا أرى أمي وخاالتي وجدتي ونساء الجيران وكل تلك التغيرات المتتابعة. كرهت جسدي ،فوهبته ألول متسلق جاء يطلبني نساء العالم يضحكن لــي ،فككت قيوداً كبلتني، للزواج ،كي يحمل عني عبء هذه (الخطيئة) ،وبدالً يتساقط المطر غزيراً كيوم مولدي ،فصول عدة من أن يحررني منها ..قيدني لرغباته الدائمة .تتتابع عليّ ،أحــاول فتح عينيَّ ،شيء ما يخنقني فنزع عني تاج أنوثتي على عجل ،نعم مضى كل وأي ــادٍ عــدة تمتد لعنقي ،أحــاول الــفــرار فتتفرق شيء على عجل تماماً كمجيئي للحياة. الطرق أمامي ويواصل المطر النقر على النافذة.
لم أستوعب صدمة وجودي معه كأنثى يتسلقها استيقظت أخيراً ،حملت طفلتي وقبلتها ككل كلما أراد متعة أو تغيير رتابة ليله. مــرة نلعب فيها ،ولكنها لــم تستجب لقبالتي، مضت األيام تباعاً ،أصبحت أ ّمًا ،وها أنا أيضاً أخبرتها بأن اللعبة انتهت ..ولكنها استسلمت للنوم أتجنب النظر لجسد طفلتي وهــي تكبر أمامي .الطويل. أيعقل أن تحمل هــي خطيئتي نفسها الــتــي لم سيدي القاضي :أقسم لك أنه لم يكن خطئي، أرتكبها! أنظر إلى براءتها وهي تلعب أمامي ،أسرح بعيدًا ،أهرب من كابوس مزعج بات يتكرر عليّ كلما فقط طفلتي آثرت أن تنام باكراً ذلك الصباح ،باكراً لجأت للنوم .وكلما رأتني مغمضة عينيَّ ،..تكورت جداً ..وتركتني بمفردي أنتظر أن تستيقظ ثانية. * قاصة من السعودية.
66
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
المتقاعد ■ عمار اجلنيدي*
ت ّ َغ َيرَتْ عاداته اليومية وانقلبت على عَ ِقبِ ها ،بعد أن تقاعد من عمله؛ فصار َعيب عليهم سلوكياتهم، يصحو باكر ًا على غير عادته ،وينتقد ت ََصرُّ فات األبناء ،وي ُ ويتدخل في طرائق مالبسهم وألوانها ،وحالقةِ رؤوسـهــم ،وسَ هَرهم ،ومتابعتهم َّ لكرة القدم اإلسبانية. كثُ رَتْ انتقاداتُهُ وصار دائم التشكّ ي والمزاجية ،حتى وصل االنتقاد لزوجته؛ َض ٍب وهي تقوده من مُ َت َبرِّم ًا من ضيقها من وجوده الطويل في البيت .هَ مْ َهم َْت بِ غ َ يده أمام أوالده وأخذته إلى غرفتهما .أغلقت الباب وقالت بانفعال: َس". " -لح ّد هون وب ْ
وب ّررَت مطلبها مُؤ ِّك َدةً:
ـأهُ لم ينبس بكلمة واح ــدة؛ ما جَ َعل َها " -يجب ان تس ّد الــفــراغ الــذي َم ـ َ َ فاع: تُ َع ِّب ُر عن ضيقِ ها باندِ ٍ التقاعد". "منذ أن تقاعدت وأنــتَ ال هَ ـ َّم لكسوى التذمُّرِ ،والتشكّي ،وانتقادنا أي عمل ،المهم أن ال تشتغل "ج ـ ْد َّ جميعاً ،حتى كــادت انتقاداتك أن ِ - فينا". تقلب البيت جحيماً". شَ َع َر بأنها ت َو ِبّخهُ:
انْ َف َعل َتْ أكثر وهي تتخذ قراراً صارما:
هَ َّز رأسه موافقا ،وكأن ما يسمَع ُه
َس .منذ الغد ستذهب هو الح ُّل لمشكلة الفراغ التي تسبَّبَ "لح ّد هون وب ْللبحث عن عمل". فيها التقاعد.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
67
ب ــدأ يــتــعـرّف إل ــى بعضهم ،انــســجــم مع ثالثة ،وتبادلوا أرقام هواتفهم الخلوية؛ بُغية التواصل والتواعد أينما كانت المحاضرة التالية.
في الصباح انطلق في رحلة البحث عن عمل .اشترى جريدة ،وراح يبحث بجد عن فــرصــة عمل تناسبهَ .مـ ـ َّر على صفحات الجريدة تباعاً ،ألكثر من مــرَّةٍ .انتبه الى خبر في الصفحة الثقافية عن محاضرة ٍ صا َر وجهاً مألوفاً في المؤتمرات الثقافية، عن "األسلوبية في الشعر المعاصر" .ق َّر َر وال ــم ــح ــاض ــرات ،واألم ــس ــي ــات الــشــعــريــة، الــذهــاب الــى المحاضرة لتقضية الوقت والقصصية ،وبمزاجية ينتقي األماكن التي هناك بَ َد َل توبيخ زوجته. َض ـ َع أولوية خاصة تُ ـ َو َز ُع فيها الضيافةَ .وو َ وصل قبل الوقت المحدَّ دِ وانتقى مكاناً للفعاليات التي يُ َو ِّز ُع فيها المؤلفون ُكتُبَ َهمْ. الصف األول ،وبعد مضي عشر دقائق يَذهبُ ُمتَأنّقاَ .يَض ُع نظار ًة تميل الى األسود ِّ في من المحاضرة :بدأ الملل يتسلّ ُل اليه .وضع المُحْ مرِّ ،وي ُِص ّ ُر على المؤل ِِّف أن يكتُبَ له خاصاً باسمه .صــا َر جــزءاً من تلك ّ يــده تحت ذقنه وراح يكبو ،وال يوقظه إ ّال إهــداء تصفيق الجمهور حين يستشهد المحاضر الفعاليات ،ال يتزحزح من مكانه إ ّال عندما موع ُد الضيافة ،أو لتوقيع الكتاب يقترب ِ بأبيات من الشعر. مجّ اناً. ُحاضر رغم أنه لم أعجَ بَ ُه االحتفاء بالم ِ لم يكن من ُقرّاء الشعر وال القصص وال يستوعب شيئاً مما قاله. ـصـ ُّر على الــروايــات يوما ،ومــع ذلــك فهو يُـ ِ تأ ّم َل الجمهو َر العريض: أن يأخذ الكتاب المُحتفى بــه ،ال ليقرأهُ، "يـــاااااااهُ ،كـ ُّل هــؤالء يُعانون من فراغ ولكن لكي ال يعود الى البيت فارغ اليدين،التقاعد"!. وصفحته الفيسبوكية الــتــي تــضـ ّم مئات بعد االنتهاء من المحاضرة لَ َم َح الجمهور الكُتاب واألدباء -من الجنسين -كأصدقاء ضجَّ تْ باألصدقاء والصديقات يغادر الى صالة مجاورةَ ،فل َِح َقهُم على خجل .افتراضيين؛ َ تناول فنجان قهوة بدون سكر وقطعتين من مِ مَّن يحترفون مهنة الكتابة ،وعندما يقبَل ُ ُه الكيك ووقــف مع الواقفين ،وهم يتحدَّ ثون أح ُدهُم يأخّ ُذ بالبحث في قائمة أصدقائه خاصة النساء- ّ عن ارتفاع أسعار السيارات .شعر بالذهول وينتقي منهم العشرات- ألنهم لم يتحدَّ ثوا ولم يُناقِ شوا ما جاء في ويبعث لهم /لهنَّ بطلبات الصداقة ،حتى المحاضرة. امتألت صفحته بهم.
68
تب َّي َن له أن الكثير من الحضور يأتون أعــجَ ـبَ ـ ُه االحــتــفــاء بالمؤلفين خــاصــة: ألسباب مختلفة ،لكنها تقترب من مشكلته .الــشــعــراء ،والــروائــيــيــن .را َو َدهُ إحــســاس العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
بالضآلة وقِ لَّة احترام اآلخرين له وآلرائــه، فقبل تقاعده سارت وظيفته بشكل روتيني ،في البيت؟" ال جديد مؤثر فيها ،وال تَ َميُّز يُؤَشَّ ُر إليه حتى "أبيعها".زوجته وأوالده كانوا يرونه عبئاً على حياتهم الخاصة .تمنَّى لــو كــان روائــي ـاً أو شاعراً فوجئ بالجواب: يُحتَفى به .تناول ديواناً من الكتب المركونة "أال تقرأها؟"على طاولة الشاشة الكبيرة .فتح الكتاب وراح يتص َّف ُح على مضض قصائد الديوان: "أنا أقرأ هذا العبث!.؟" "ما هذا؟ ،أنا أستطيع الكتابة مثل هذهالقصائد".
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
ّس عندك " -ماذا تفعل بالكتب التي تتكد ُ
"ص َد ْمتَني يا صديقي". َسمع تبريرا؛ لم يحفظه ،ولم يستوعبه،
أحضر دفتراً وقلمًا من غرفة ابنه ،وراح يُجَ رِّبُ في جَ سَ دِ الدفتر بعض الخربشات؛ ِص من األخرى ،حياة مترفة ،وأنهم يكتبون من رَغَ ٍد ومن بَذَخ. ِص من هذه القصيدة ،ويَل ُّ فيَل ُّ وتارة يَقلِبُ الصورة الشعرية ويَعْكِ ُ س الكلمات " -ه ــؤالء يــا صديقي لــم يعيشوا حياة ويتعالق مع المعنى ،حتى لو بدَت ُمنَ ِّف َر ًة وغير الكفاح مثلما عشناه". ُمغْرِ ي ٍَة في مآلها الشعري .لم يهتم الى ما َد َف َعتْ ُه المكالمة لِحَ مْلِ كرتونتين متروستين َكتَبْ ..لكنه فَرِ ح ألنه َكتَبَ ن ََّصاً. بــالــكــتــب وال ــذه ــاب بهما ألح ــد األكــشــاك آ َم َن وتَباهى ِبن َِّصهِ ور َّد َدهُ حتى حفظهُ. لكن مجمله يشي بأن هؤالء ال ُكتَّاب يعيشون
الــمــنــتــشــرة فــي "رأس الــعــيــن" ،ومــســاومــة
سَ ـ ِـخـ َر األوال ُد مِ ـ ْن أبيهم وهــو يقرأ ُ لهم ن ََّصهُ ،وينفع َل مع الكلمات كما كان يراهُ من صاحب الكشك على ثمنها ،بعد أن بخَّ س كثيرا في قيمتها. األمسيات. ِ الشُ عراءِ في ضــاقــت زوجــتــه بالكتب المتكدِّسة في كراتين تحت السرير وخلف األحذية ،وعلى واشترى أوقيتين من "الكنافة" الخزانة .وتَ َذمّرتْ من إشغالها للمكان بال تحسس على كرشه .نظر في ساعته: فائدة:
مــشــى بــعــدهــا صــوب"حــلــويــات حبيبة"،
*
" -لماذا ال تُهديها ِل َم ْن يستفيد منها".
" -أوووه ،يجب أن ال أتأخّ ر".
اتصل بصديقه ِليَستفتيه باألمر:
وانطلق مسرعاً صوب المركز الثقافي.
كاتب وقاص من األردن. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
69
صاحبة القلنسوة ■ فهد عواد العوذة*
هل بحثتَ يوما عن شــيءٍ أنــت ال تعرف كنهه؟ هل مــددت لسانك باألثير كي تذوق طعمه؟ هل حفرت بالكثيب تبحث عن صخرة؟ هل تحسست قاع البحر تريد جمرة؟ وهل أوقفت النهر لكي تختبر صبره؟ كل هذا هين أمام تقليبك صفحات ذاكرتك تبحث عن شيءٍ أنت ال تملك عنه أدنى فكرة. بعد وفــاة أبــي رحمه اهلل ،أخــذت أفتش في ذاكــرتــي عن مواقف من حياته قد تجعلني أنعم بشيء من الطمأنينة ،حين أفكر بمستقبله في حياته اآلخرة ،وكيف هي أحواله في أول ليلةٍ له بالقبر. كثيرة مواقفه رحمه اهلل ،فقد كانت حياته مزدحمة كجزيرةٍ تحتلها الطيور؛ وهذا على العكس تماما من حياتي التي لم تعرف الزحام إال كما عرفه مسجد قصر بارد األروقة. ٍ في فناء
70
لألسف -أو ربما لحسن الحظ - ليس لدى جوجل محرك بحث أستطيع ربطه مباشرة بذاكرتي ،وليس عندي فهرس بالمحتويات ،أو نس ٌخ احتياطية على السحابة أو بالعليّة .ليس عندي إال أن أ ُطــــــرِ ق إلـ ــى األرض وأنــظــر مــاذا سيطرق ذهني .ولذلك الذكرى العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
تستدعيك وال تستدعيها؛ وه ــذا ما حدث حين فجأة تذكرت هذه القصة التي لم أحدّث بها أحدا من قبل؛ ألنها محيت تمامًا من ذاكرتي ،ولم يحدث لها استعادة (ريكفري) إال في اليوم التالي من وفاته رحمه اهلل ،حين فجأ ًة لمع في ذهني مشهد تلك الدمعة على ضوء ذلك (التريك)((( ،لتتوالى بعدها المشاهد وكأنهن على خط انتاج. مرابع الطفولة حدث هذا في بداية سبعينيات القرن
يقع هــذا المكان إلــى الشرق من مدينة شالالت منفصلة عن بعضها ،تمر سيولها سكاكا ،ويعد حي (اليابس) التجمع السكاني من غرب البيت وشرقه تجاه الجنوب ،فكأن األقرب له ،والذي يبعد عنه أكثر من ميل ،البيت في بالد الرافدين. فكنت أستطيع رؤية قمم نخيل (اليابس) من كان واح ٌد من تلك الشالالت يرتفع نحو مكاني وهي تلوح باألفق ،كأنها أعالم مدينة ثالثة أمتار ،ويبلغ عرضه نحو مترين .كان الــمــاهــي الــخــضــراء ،والمشكلة فقط أن شكل الماء وهو ينساب منه بِرِ قة ،والشمس هذه المالهي كانت بعيدة جدًا بعيون طفل ،تلمع عليه مع لونه األصفر المائل للحمرة وكأنها كانت في أفق البحر. قد بــدا وكأنه شعر دهني أشقر؛ منسدل
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
الماضي الميالدي ،حين كنت ال أعرف من شاهدت فيه للمرة األولــى في حياتي تلك هذا العالم إال سهل واسع -كصدر أبي -الشالالت والسيول وهي على رأس العمل. فيه بيت شعبي ،بجواره إلى الشرق بستان، يوجد إلى الشمال وإلى الشمال الغربي من وتحيط به الصحراء من كل الجهات؛ فكان البيت هضبة كبيرة تحتضن المنزل وكأنها الواحة ..وكان كل العالم الذي أعرفه. منجل مقبضه باتجاه الــغــرب ،فيها ثالث
على الظهر ويلمع بالشمس .كان هذا شالل (إنجل) الخاص بي ،والذي كنت أقف تحته وأنــا ال أشعر بالخوف من أن يسقط علي (وِ رع) وخلفه (جيب) ربع.
وهكذا ،كانت العزلة محتّمة عليّ .لكن لألمانة -لم تكن المسافة هي وحدهاالمسؤول األول عــن هــذه العزلة ،بــل كان بالجوار شيء آخر أكثر رعبا منها ،ويفرض عليّ اللعب بدائرة ال يزيد قطرها عن 200م فــي ذلــك الــوقــت كنت ال أفعل فــي هذا حــول الــمــنــزل ،وعــدم تــجــاوز هــذه الــدائــرة العالم إال شيئين؛ إمــا أن أكــون نائما أو تحت أي ظرف من الظروف إلى األراضي أن اكــون الهيا؛ وهــذا األخير كــان له اسم المحرمة بعدها؛ أراضي (حمار القايله)((( .آخر أكثر دقة عند أهلي ،إذ كانوا يسمونه كان أهلي قد نزلوا هذا المكان حديثا ،التخريب .وهذا التخريب رافقني في بقية عمري؛ لكنه بدل أن يكون في ممتلكات أهلي فكان جــديــداً ونظيفاً ،وكأنهم قــد نزعوا أصبح في نفسي. الكيس عنه للتو .فكنت أركــض مع السيل ال أخشى الزجاج المكسور ،وال األســاك أبي ..يرحمه اهلل (المتلولصه) ،وال علب المرطبات ،وال أي ال أدري كيف أصف أبي ،ولكن سأكتفي نــوع مــن الــنــفــايــات .فقط الــرمــال؛ فكأني بكلمة واحــدة تصفه وهي أنه كان مختلفاً. أركض على أحد شواطئ المالديف. نعم ..كان مختلفاً وكأنه من كوكب آخر ،كان بعد كل هذه السنين ما أزال أذكر رائحة يبتسم لي في الوقت الذي يتوقع فيه الجميع ذلــك الصباح المثير حد الهلوسة ،والــذي انــه سيغضب مني؛ وكــان يغضب مني في العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
71
الوقت الذي يتوقع فيه الجميع أنه سيضحك لي .وكان يحضر لي معه من أسفاره هدايا كوكب آخر في ٍ هي األخــرى كانت تبدو من ذلك الوقت.
لن يمنحك البالستيك ذيّاك المذاق الذي كنتَ تجده في (ملقاطة)((( التمر .لن يمنحك تلك الظالل التي تبدو وكأنها هبطت من الجنة .لن يمنحك ذكرى أمك وهي تفتح الماء بالجدول وتجعلك تسابق الماء .ولن يمنحك ذكــرى كل تلك العصافير التي كانت توجد متر مربع منه وكأنها األزهــار .وقد في كل ٍ اختفت كلها اآلن وحل محلها ثالثة أصناف دخيلة هي اليمام والدوري والنغري(((.
الجالد الصغير
تناولت الحبة ..ثم لم أحتج للكثير من الذكاء كي أفهم إنها بحجم الخردق نفسه. وحين جربتها مع المسدس وجدتها تفي بــالــغــرض تــمــامــا ،وكــانــت بالطبع متوفرة، فاستأنفت حملة اإلبادة والتصفية.
كنت قد ناهزت السابعة أو الثامنة من عمري حين أخــرج لي من متاعه في ذلك الصباح تلك الهدية التي كان أول ما رأيت منها اللمعة؛ ال ..بل كانت لمعتان؛ لمعة الهدية ولمعة ابتسامة أبي يرحمه اهلل .كان فقط قال أبي (:انتبه) ،ثم تركني أنطلق كالهما يلمع أشد من فالش (ساهر) .ثم في النهاية انتصرت لمعة الهدية ،فصرفت إليها بالمسدس إلى البستان ،وهناك على الفور (تــدعــشــنــت) وبــــدأت بــإطــاق الــنــار على كل انتباهي. من عاهدت وعلى من لم أعاهد من تلك كــانــت عــبــارة عــن مــســدس ه ــواء فضي العصافير البريئة حتى جاءها الفرج .فبعد بدا وكأنه مسدس (ماغنوم )357بسبطانة ساعات نفذ مني الخردق وأصبح المسدس طويلة ومطلي بالنيكل .قــام أبــي بكسره (فشنك)((( عديم الجدوى ،وكأنه مسبحة في أمامي ولقّمه وأطلق في الهواء ثم ناولنيه يد فاسق. وقال :جرب؛ هل تستطيع تلقيمه؟ في ذلك الوقت ..كانت فرص الحصول كان نابض المسدس أقوى من كل عضالتي على نيزك أصله من حلقات زحل أكبر بكثير مجتمعة ،فكنت وأنا أحاول كسره أبدو كمن من فرص الحصول على علبة خردق جديدة. يحاول كسر حديدة على فخذ دجاجة .ثم فضاقت بي السبل وشعرت بالهزيمة ،وبدأت في النهاية -وبعد أن حشرته بيني وبين أجرّب أشيا ًء كاألعواد وأوراق الشجر والقش الجدار -تمكنت منه .وعلى الفور انطلقت دون جدوى ،ثم فجأة وقعت على حبة بامية به إلى البستان انطالقة سجين أ ُخليَ سبيله .جافة.
72
سيبقى البستان الــذي استبدل جــداول الماء بأنابيب البالستيك يقدّم ثماره ،لكنه لن يمنحك ذلك العبق وتلك الرطوبة وذاك الخرير وتلك األجواء الطبيعية التي أدمنت مُصاحَ بة الماء على طول دربه. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
اقــتــرب الــمــســاء وأن ــا لــم أصــطــد شيئا،
في ذلك الوقت لم يوجد حولي من التقنية إال ثالثة أشياء؛ ثالجة تعمل على الغاز ،لكنها لألسف لم تكن تعمل إال كخزانة .ومذياع أبــي الــذي كــان ال ينفك يتحدث ،فكنت ال أستمتع معه بشيء إال حين أسمع دقــات ساعة (بيج بن)((( التي كانت تُثيرني أكثر من النشرة ،فكنت أدلدل رأسي مع دقاتها يمينًا النزيل الغامض وشماالً كما يفعل (النغري) برأسه وهو يقف يقع إلى الشمال الشرقي من البيت أمام مرآة السيارة الجانبية. تلٌّ مستدير كأنه زير ماء مقلوب يبلغ ارتفاعه وكان هناك شيءٌ ثالث كان أكثر تعقيدًا أكثر من عشرة أمتار .في الجهة الجنوبية من هذا التل غارٌ ،حين تنظر إليه من الغرب بكثير من الخزانة ومن مذياع أبي ومن كل يبدو لك كفم ضفدع عمالق .وفي هذا الغار ما كان يوجد في جزيرة العرب حينها .وال شــيء يميزه عن باقي الغيران التي كانت تؤاخذوني بهذا ..فالمسألة كلها كانت خيال طفل ..وال أظنكم ستحاسبون طفال على تحاصرني وكأنهن أفواهٌ تريد أن تبتلعني. خياله الذي يفرض عليه أن يعتبر كل ما يراه كــان أبــي يرحمه اهلل كثيرا مــا يــردد - ملكه ،وهــذا ما جعل طفلة أخــي الصغيرة وخصوصاً بعد نكباتي -قول القائل( :نرفأ تقول لي يوما( :يا وِ وِ وِ وِ وِ يلك تقول إن البَر خماله رفية العش بالغار ..ونودع له النفس حق اهلل) فهو ملكها .ولذلك فهذا الشيء القوية ضعيفة)((( ،وكان يرحمه اهلل يعد هذا أيضاً كان ملكي حتى ولو كان يحمل العلم البيت من أشعر األبيات النبطية ،وكان يقول األمريكي. ( :مــن لم يشاهد كيف يُخفي الغار العش كان هذا الشيء يمر من فوق رأسي كل ويستره في سقفه ،لن يفهم مدى روعة هذا البيت) .وبالفعل ..فقد كان في سقف هذا ليلة ،يوم كانت أمي تضع مضاجعنا بالفناء، وكــانــت السماء التي فوقي لــم تعرف بعد الغار عش بعيد المنال. كانوا في ذلك الوقت يتحدثون عن وصول التلوث الضوئي؛ فكنت أنام وأنا أنظر إلى اإلنسان للقمر فالخبر ما يزال طازجاً ،أما تلك النجمة التي تمشي مسرعة بين النجوم، أنا فكان حديثي عن كيف سأصل إلى هذا والتي أخبرني عمي العائد من أمريكا أنها الساكن فــي سقف الــغــار؟ لــكــن ..قبل أن ليست نجمة ،بل هي من صنع اإلنسان ،وأن أكشف سره عليّ أوالً أن استعرض تاريخي اسمها هو (سكاي الب)(.((1 السيء مع تلك العصافير.
ه ــذا كــل مــا ك ــان حــولــي إذا استثنينا
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
فمحاولة التصويب بــهــذا المسدس على تلك الكائنات الصغيرة التي ال تتوقف عن الحركة ،يشبه محاولة التصويب على هدف ((( متحرك أثناء الجلوس بحوض (شــاص) يمشي بطيئاً على (البطناج)((( .ثم ازدادت األم ــور س ــوءًا حين بــدأت هــذه العصافير ترحل شيئاً فشيئاً؛ حينها هممت بأمر سوء.
الحاجة أم اإلختراع
73
(ددســـن)( ((1أبــي و(دب ــاب) عمي و(ماطور) البستان .وألني مثل باقي األطفال بحاجة للعب وليس حولي أطفال -ليس حولي إال حمار القايله وغــيــران العهد الجوراسي- فأبناء عمومتي كلهم كانوا بالخفجي؛ وأختي تحبو واألخرى رضيعة؛ فكان محتمًا علي أن اخترع وسائل لهوي.
وحتى اآلن ال أدري كيف كانت تفعل ذلك، ببساطة كانت تمسكهن بيدها وكأنها ٍ فهي تستخدم التنويم المغناطيسي .فكانوا في ذلك الوقت يتحدثون عن سرعة لكمة محمد علي كالي ،أما أنا فكنت أتحدث عن سرعة قبضة أمي للعصفور. مضت خمسة عــقــود ..ومــا ي ــزال بريق أساور أمي يلمع في ذهني وهي تمد يدها وتناديني وتضحك وتشير بإصبعها إلى الرمانة .وحين انطلقت كالصاروخ فوجئت بالعصفور ينتظرني أســفــل الــرمــانــة وقد ربطت أمي ساقه بساق الرمانة.
فــبــدأت بمضغ أي شــيء قابل للمضغ؛ ثم حين لم يبق أمامي إال أن اتــحـوّل إلى (ك ــواال)( ((1على (كينة)( ((1بــدأت بكسر أي شــيء قــابــل للكسر؛ وحــيــن لــم يبق إال أن أحوّل المكان إلى مقلع حجارة ،بدأت بتسلق أي شــيءٍ قابل للتسلق بما في ذلــك ظهور كم كانت دهشتي كبيرة حين رأيته! كان غُنيمات جدي وجدتي يرحمهما اهلل .لكن أكبر من كل العصافير التي خنقت قبله، متعتي الحقيقية كانت بشيءٍ آخــر ..شيء كان بحجم السمان ،كان لونه األعلى رمادي كان أكثر جدية من مجرد امتطاء صهوة عنز. وجـــزؤه األســفــل أحــمــر! يــا إلــهــي! كــم كان الطرف الخامس جديدا! مع أن أمي لم تخرجه لي من علبة
في ذلك الزمن الغابر كانت أمي هي من كــرتــون! وأظــن المسكين كــان مهاجراً قبل يسقي البستان ،لكنها لم تكن مجرد شخص أن يسقط في ثقبي األســود ،ثم لم يُشاهد يفتح الماء بالجدول ..بل كانت أكثر من ذلك؛ بعدها أبداً. لقد كانت حقاً تفهم البستان وتنتمي إليه. حتى هذا الوقت كنت ال احظى بعصفور
بــاخــتــصــار ..وكــمــا وصــفــت أبــي بكلمة إال عن طريق أمــي ،لكن كل هذا كان على ســأحــاول أن اصــف أمــي بــثــاث كلمات ..وشك أن يتغير بعد أن وصلتني هدية غير فــأقــول؛ أمــي كانت النخلة التي تستطيع متوقعة من أمي. مغادرة البستان والــعــودة إليه متى شــاءت، أعطتني أمــي فخاً للعصافير ودربتني وهذا ال يعني أبدا أنني كنت الفسيلة التي عليه ،فتمكنت منه بسرعه .وعلى الفور تتبعها بل ربما الشوكة. أصبح هذا الفخ طرفي الخامس .وكان هذا
74
وكانت أمي تتمتع بمهارات تخدم البستان ،هو كل ما ينقصني لكي افتح على العصافير لكني لم أكــن مهتما إال بمهارةٍ واحــدة من أبواب الجحيم ،وأفعل بهن أكثر مما فعلته مهاراتها .فأمي ماهرة بصيد العصافير .الجرذان بـ(كيوي)( ((1نيوزيلندا.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ــع ــم ..هـــذا م ــا كـــان ال ــغ ــار يحتضن؛ تنظر إلي. (رميصية) جميلة ،كــان حظها العاثر قد يقولون( :ال تنظر في عين شــيء تريد أوقعها في طريقي .وكان أبي يعلم بأمرها قتله) لكني فــي تلك اللحظة لــم أجــد من ألنــنــي أخــبــرتــه عنها وع ــن مــوقــعــهــا .وقــد الشفقة إال كما تجد السنارة على السمكة، فقد كان للمسدس سكرة ،وكان األدرينالين أوصاني بها خيراً.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
كانت تلك (الرميصية) قد اعتادت على م ــع ذلـــك الــفــخ اص ــط ــدت تــقــريــبــا كل األصناف باستثناء تلك األصناف الكبيرة وجود هذا المخلوق -شبه العاري -معها التي كانت ال تعرف فخاً غير (ش ــوزن)( ((1بالغار ،فأصبحت ال تطير منه ،إذ لم يخطر عمي؛ وباستثناء طبعا ذلك الساكن بالغار .ببال المسكينة أنها كانت تتشارك الغار مع زومبي .ربما ألنها كانت تنظر لحجمي صاحبة القلنسوة وحجم الغار فتشعر باألمان ،لكن كل هذا كان هذا الذي بالغار حذرًا بمعنى الكلمة .سيتغير مع الطرف السادس. وال أدري هل كانت العرب تعنيه يوم قالت: الشيطان األول (كــن أحــذر مــن قِ ـــــرِ ّال()((1؟ وليت المسائل وقفت ذلك األصيل مع مسدسي الفضي توقفت مع قرال؛ لكنه أيضاً كان نادر الظهور. بالبستان مثل حــارس محمية فقد عقله. كان كأبي مختلفاً ..وكان أكثر ما يشدني وقفت ..وكنت كلما فشلت باصطياد عصفور، إليه أو إليها منقارها ..نعم منقارها! كان جاءني شيطاني الصغير يقول لي :قد ضاع منقارها مختلفاً تماما عن كل تلك المناقير وقتك وضاعت ذخيرتك ،ولن تصيب شيئاً التي فتحتها تلك العصافير وهي تستغيث مع كل هذا البعد عنك فدونك (الرميصية) مــنــي ،فمنقارها كــان معقوفا بــشــدة إلى بالغار قريبة وال تتحرك كأنها النيشان. األسفل ،وكان لونه وردياً ،فكانت تبدو وكأنها قــاومــت تــلــك الــفــكــرة مــقــاومــة الطالب حسناء تعتمر قلنسوة رومانية وتضع أحمر الكسول لفكرة الغياب وهــو مــا يــزال في شفاهٍ زهري ،وهذا طبيعي؛ ألن أخوالها على فراشه ،ثم في النهاية ذهبت ..نعم ذهبت ما أظن من ببغاوات استراليا. بعد أن تحججت بحجة أنــي لن أجدها - حين سألت أبي عن اسمها قال :هذه يا فلطالما كــنــت شــاطــرًا بالحجج -لكني بُني أحد أجمل شركاء الحياة هنا ،هذه هي وجدتها ،وأيــن عساها تذهب؟ فهي ليست السيدة (ال ُرمَيصية) ،والتي فشلت تماما في مدعوة عند مجانين في مهرجان (مزايين). بحثي عن اسمها العلمي .فحتى قوقل لم ارتقيت بزهو على تلك الصخرة في جنب ينل شرف لقائها والتعرف إليها كما حدث الغار والمسدس بيدي ،وكأني قد ارتقيت لمُحَ دثكم. على منصة تتويج ،وأخذت أنظر إليها وكانت
75
يعمل بي عمل (التربو) بمحرك البنزين، والفضول أجهز على ما بقي من العواطف، (هنقر) ٍ ثم في النهاية أصبح صدري أبرد من في الشتاء .وأصبحت مسألة إطالق البامية ال تُقاوم. ومـــرة أخـــرى تحججت بحجة أن ــي لن أصيبها ،فهذا المسدس ال يصيب إال الهواء. عندها رفعت السالح وصوبت بكلتي يدي عليها .كــان كل ما يفصلني عنها أقــل من مترين ،فاغمضت عينيّ وأطلقت رصاصة البامية .وحين فتّحت ..كانت (الرميصية) جثة هامدة على أرض الغار.
(الرميصية) فكان وضعها مختلفاً تمامًا مثلما كانت هي نفسها مختلفة تمامًا .كانت تلك هي المرة األولــى التي أقتل فيها مع سبق اإلص ــرار والــتــرصــد ،وليت المشاكل وقفت هنا ..ولكن كانت النكبة الحقيقية في أني قتلتها وقد أوصاني أبي أن ال أؤذيها أو حتى أزعجها .فكان أبي هو كل المشكلة.
رح ــل الــحــمــاس -وتــــرك الــنــدم عندي يفترسني -وتبعت ُه الشمس ،فبدأ الظالم يزحف كأنه تنين (كومودو)( .((1فعزمت على أن ال أخبر أحــداً بالجريمة ،وتخلصت من الجثة ،وعدت إلى البيت وكأن شيئاً لم يكن، ساد الصمت إال من وصوصة صغارها ثم لم ألتقِ بأبي حتى جاء مساء اليوم التالي. التي أصبحت في أذني أقوى من صراخ أختي قلب أبي الرضيعة .فتسمرت لحظة على صخرتي رحم اهلل أبي؛ فقد ضرب باألرض كثيرًا، أنظر إليها وقد تقاسمني الخوف والحماس، وأصبحت األفكار تتزاحم على نافذة عقلي وهذا -أيضاً -على العكس من حياتي التي الصغير تزاحم األوالد على نافذة المقصف؛ لم تعرف الضرب إال مع جدول الضرب. ثــم بــعــد بــرهــة قــفــزت مــن عــلــى الصخرة كان قد جاء من أحد مشاويره في مساءٍ وتقدمت نحوها وجلست القرفصاء عندها .اليوم التالي متأخرًا على عادته ،وكنت ما لم تدرِ المسكينة ما حل بها ،فقد أزالت أزال مستيقظً ا أو أنني استيقظت على صوت رصاصة البامية مؤخرة رأسها .حملتها بيدي مذياعه ..الحقيقة لم أعد أذكر. أتأملها وكانت ما تزال دافئة .تأملت منقارها أذكر أنه كان يجلس في الليوان على ضوء الجميل ،فردت جناحها الصغير ،هززتها مع (التريك) يتناول عشاءه مباشرة من الطاسة، ساقها النحيل ،لكن ال حياة ،وكأنها تجلس والمذياع يعمل إلى جانبه .وقفت على مقربة على كرسي في جامعة الدول العربية. منه أحــاول انتهاز فرصة أخبره فيها عن اكتشافي لفعالية حبوب البامية .فكنت كلما بداية الندم بالطبع ..لم تكن تلك جريمتي األولى مع قلت( :يبه)
76
تلك العصافير ،إال أن كل الجرائم السابقة كانت أقــرب للحادث منها للجريمة .أما
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
(شش) قالِ : :يبه
(((1
(منصووووور ..هات التريك وتعال).
فانفجرت بالبكاء وتبعتهما إلى باب
حتى انتهت الــنــشــرة ،وحينها أخبرته فقال( :بس يمكن يسدّن الماسورة) ،فقلت واختلس النظر إلى مشية أبي وعمي في تلك على الــفــور كــاألبــلــه( :ال يبه طخيت بهن الظلمة تجاه الغار ،وضوء (التريك) يحيط أمس الرميصية) ..ولم انتبه إال والكلمة قد بهما وكأنهما في وسط هالة من السماء. تجاوزت نقطة الالعودة. تــابــعــت الــبــكــاء قــلــيــا ..ثــم ج ــاءت أمــي فتغير وجه أبي على الفور وأعاد عليّ ما الفناء ،وهناك وقفت مع خيبتي أفرك عيوني
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
ِ :شش :يبه ِ :شش
حافتها ،ونهض وهو ينادي على عمي ويقول:
قلت ،فهززت رأسي بنعم ،فبدأ الدمع يلمع وأخذتني إلــى صالة عــرض (سكاي الب)، في عينيه وقال( :كيف يا بُني تقتلها وفراخها وحين بدأ العرض نسيت كل شيء وغرقت تحتها؟ لماذا على األقل لم تخبرنا؟ فمن لهم في النوم ،ثم لم أزل نائمًا حتى أيقظوني ذات يوم ،فإذا بي قد أصبحت بالثالثين ،وإذا بهم ٍ يطعمهم من يــوم أمــس؟) .ثم ألقى اللقمة ونفض يده بالطاسة ،وقشط ما علق بها على يقولون( :لقد مات أبوك). * شاعر وقاص من السعودية. ((( فانوس يعمل على الغاز. ((( فزاعة كانت تستخدمها األمهات قدميا إلخافة األوالد من اللعب بعيداً عن املنزل. ((( علبة حليب نيدو كانت قدميا تستخدم جلني الرطب. ((( عصفور دخيل على البيئة اسمه العلمي بلبل التمر. ((( مصطلح يطلق على الرصاص الغير احلي الذي فقط يحدث صوت. ((( شاحنة دفع رباعي. ((( متوجات تظهر على الطرق الترابية. ((( البيت من قصيدة عرفت بشيخة القصيد للشاعر مقحم النجدي يرحمه اهلل. ((( ساعة شهيرة يف لندن لها جرس عمالق. ( ((1أول محطة فضاء تطلقها الواليات املتحدة األمريكية. ( ((1شاحنة بك أب صغيرة. ( ((1نــوع مــن الثدييــات يتبــع جنــس الــدب اجلرابــي يعيــش يف اســتراليا يعيــش علــى أشــجار الكــن ويتغــذى علــى أوراقهــا. ( ((1وتسمى ايضا نبتة الكافور أو األوكالبتوس وموطنها األصلي استراليا. ( ((1طائر ال يطير مهدد باالنقراض .فتكت به اجلرذان بعد أن وصلت ملوطنة مع السفن التجارية. ( ((1بندقية صيد. ( ((1طائر صغير احلجم ،حاد البصر ،سريع االختطاف ،شديد احلذر ،وهو مُالعب ظله. ( ((1ورل كومــودو هــو نــوع مــن الســحالي مقصــور وجودهــا علــى بضعــة جــزر إندونيســية ،ضخــم قــد يتجــاوز حجمــه 3أمتــار. ( ((1إش ،يعني :صِه. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
77
بأقنعة مستعملة شعراء ٍ ُ ■ عبداهلل بيال
يا صديقي.. الدروب التي ..ال تزال بعيد ْة ُ الطريق ِ باقتراف ِ كنتَ تدهشني للح ِلم أجنحةً في سمائي وتفرش ُ أغانيك َ ببياض ِ كنت تنقذني تتقطر في داخلي ّ إذ في عماءِ دمائي. جميل: ٍ وهم قلت لي ذات ٍ الكلمات ِ ستشقى برحلتك األبديةِ في غربةِ ستنفيك تلك البالد التي لم تزرها َ وطن لم يؤثث مواقيتَه بعدُ إلى ٍ قل لي إذن: رؤاك الهب في َ ٍ كيف تمعن في سفرٍ وتمضي بال أثرٍ في مداك وحيدا. هكذا خارج ًا من مجازك تمضي وتفقأ عينَ البصيرةِ حتى ترى بعينيك هذا المدى. َ ويشف َّ الدروب التي لم تدنّس خطاها القصيد ُة يوم ًا ُ أراها كما برأتها يد اهللِ ساذجةً ناضجة. المجازات ُ كلما حا َولْتها أرهقها الخجلُ المطمئنُ 78
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
فلم تقترف إث َم تعميدها تركَتها كما أفلتتها يدُ اهلل في مرجها المستحيل سماءً تهدهدُ في حضنها األغنياتْ . قلبك َ فردوس ِ كلمّ ا م ّر بي خاطري نحو نازعني فيك هذا البهاءُ األنيقُ الغموض العميقُ ُ وذاك وأدركت أنّك تعرى رويد ًا رويد ًا من الشعرِ المجازات ِ تخلع كلَّ عنك الخياالت َ ِ تطرد سربَ قلبك َ َّاك وتفتحُ ُشب َ للوحشةِ /الدهشةِ الصامتة. ربما يا صديقي.. ستدنو إليك ولو مر ًة الدروب التي ال تزالُ بعيدة ُ أقرب منها إليها أنت ُ النابتات عليها ِ نبضات الخطى ِ أحن على ُّ قلبك آث َر في لحظةٍ َ ولكنّ سكون التأملِّ ِ ّض وحش َة أحالمهِ في أن يرو َ منك َ محتف ًال بالفرا َغ الذي نزفته القصائدُ تقول لها: مرَّ عمرٌ جميلٌ مذ افترقت ضفتانا الكلمات التي لم نقلها ِ على ُشرفةِ َين وها نحن نخرج منها بريئ ِ نخلع عن صوتنا األوج َه المستعار َة يلقفَها "شاعرٌ " خجل ٍ قد أراق بال ما َء وجه القصيدة. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
79
المعنى! ِ موس ُم ْ ■ محمد سيدي
()1 الغيب َ تقرأ
الحزن ِ لجةِ بعض التفاصيل في ّ َ تكتب ُ تضحك للماءِ ُ المتراقص فوق الهواءِ ِ للنورس ِ لحزنك َ تغنّي الخوف ِ تفتحُ بابًا إلى األفُ ق المتواري لدى الوجد ِ تصرخُ يا قومُ هذا أوانُ ارتحالي عن الموت ِ هذا أوانُ دخولي إلى غائب فاقرؤونِ ي ٌ هذا أنا األمس بهجته واسكبُوني ِ وردّوا إلى توق ميقاتِ كم واتركُ ونِ ي على ِ سوف أكونُ عليكم سديمً ا َ ..مع الفجرِ بالظنون ِ وسوف أظلّلكم َ يا سرابي ومائِ ي ويا وحشتِ ي في المنافي الجفون ِ ودم َع ..إنني عائدٌ فاقتلونِ ي.. 80
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
()2 الوجد ُ أزِ َف
السنين ِ وارتحلت فوق ماءِ الترقب كلُّ ْ القرون ِ أريج ونام المساءُ على أيْكةٍ من ِ بالليل ِ وجاء الرّفاقُ القدامى حفيّينَ رمل أجداِ دهمْ .. منسدلينَ على ِ ومرتكِ بينَ التوق َد في هبّة البردِ الجنون ِ مبتكِ رين نشي َد وخلف ُخطاهم رمادُ البرارِ ي َ الغصون ِ وشوك ُ وها قد أطلَّ على الماءِ توْقُ همُ للمراثي، للمنون ِ وشوْقُ همُ فإمَّ ا ترامى عليكم نشيدُ ُخطاهم القلب دوّامةً للمعانِ ي ِ فصوغوا من ُ بأحالمكم واكتبُونِ ي ِ ثمّ ِجيئوا الصخرِ ، على َّ فانقشوني ُ أو وإمَّ ا تلوَّ نَ موسمكُ م باألغاني فقوموا اقرؤوني، الليل حين يلوحُ حزينًا ،ويبكي.. ِ مع ..ثمّ اقتلونِ ي!!
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
81
هنا الجوف ■ حمد جويبر احلربي*
للوصال.. ِ هنا الجوف القريبة تسافر للمسافات القديمةْ.. وتطمح أن تكون لها حبيباً.. فتسعد بالتفاصيل الحليم ْة تفيض.. ُ نعم ذكرى الجمال بها و((مارد)).. قلعة الشوق العظيمة.. ويبقى ((للرجاجيل)) افتخارٌ.. تجلى فرحةً ..في كل قيمة.. ّ جندل تشدو ٍ ودومة وتشدو.. مالمات أليمة.. ٍ لتُ شفى من تناغمني طبرجل في نقاءٍ .. فترسم حسنها ذاتاً ..سليمة وحلمي بالقريات كبيرُ تجذّ رُ ..والشواهد مستقيمة.. السم الجوف في قلبي مكانُ .. يناجيني ..فلن أبقى خصيمه.. *
82
شاعر من السعودية.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نوير العتيبي* ■ ّ
يسيل الليل من عيني ،وأغزل بيدي نهارا أعمى.. تنبجس الدروب السراب وأوغل في الضياع تكسر الحياة و القلب المنهك ..يلملم ّ ليضمّ د الخراب
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
تكسر الحياة ّ
ال شيء يمضي ..ال خطة إنقاذ و أنت.. ُدس في التراب ال ميت ..كي ت ّ تذوب األيام وتصير عمرا ال يذاب يعمّ ر فينا الحزن ..وتلتهمنا حرائق األيام ال خراطيم ألمل ..وال أمل أن نغاث لم نعتد الشكوى نحن من أولئك ..عاقدوا الرجاء ..نهادن الجراح و نرمّ م الندوب.. تمر بنا األمنيات األولى ..نسامرها لحظة شتاء ..نربي القلق و نحشو العمر بالوعود.. نكرر نظرنا للسماء ..فــي إش ــارة واضـحــة ..لتفقد بريد مــا.. أرسلناه منذ عرفنا الدعاء.. وف ــي داخ ـل ـنــا ..نـكــابــر إح ـســاس شــك بـنــزاهــة الـســاعــي وتجلّي األولياء ونتحسس قلبا صار تمثاال ّ فنمسد النهارات الكفيفة.. ّ ونتخير االبتسامة من وجوه المارة كي ننفي أننا صرنا من حجر ..وأننا لم نزلّ في زمرة األحياء.. أتراه يضيء الدرب ..أم يعود الليل البارد لنحتطب الصبر.. ونعود نجفف أحزاننا ..بدموع األصدقاء.. *
شاعرة من السعودية. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
83
ُ معزوفة شجن ■ د .أحمد اللهيب*
م ـ ـ ـ ـ ـ ــن أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ي ـ ـ ـ ـ ــأت ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ُر س ـ ـ ـيـ ـ ــدتـ ـ ــي وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي؟ ـش كـ ـ ـ ـ ــآب ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــي ْ وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـس األن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوا َر صـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــةً أت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ درب مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ــوجـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد وأسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ٍ ال نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو َر أت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ فـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــرش ـ ـ ـ ـ ــدُ ن ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـ ــد ض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َع ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي ظـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــائِ ـ ـ ـ ــه ر ُْش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي ـرق ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـخ ـ ـ ـي ـ ـ ـل ـ ـ ـتـ ـ ــي كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ال َح ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ــا ظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد مـ ـ ـ ـ ـ ــن ب ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ِـد مـ ـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ْـت يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا ج ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلٌ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـ ُب ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـ ِـد ـرت فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي دن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــايَ رائـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ــةً أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـاب فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ق ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا و ِّد ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ الـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــلُ يـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمُ حـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــه ُس ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ ًب ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ـ ْـت عـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ــى آث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارِ ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ن ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ــدي حـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ْـت رواحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــى ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرًا إذ خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابَ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن آمـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ــا وعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـث ـ ـ ـ ـ ـ ــرتْ جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرا َح ال ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ِـب ض ـ ـ ــاحـ ـ ـ ـك ـ ـ ــةً حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزّقَ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلّ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــدي الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمُ يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردُ ظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا ب ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـح فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َة ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوردِ ُأنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ثُ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــت يُ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــاح ـ ـ ـ ـ ُب ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا امـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلٌ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األوه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامِ ال يُ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــدي أث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ُحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ــي وتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــركـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــالُ مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ب ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــدي 84
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ـوطـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــا ،ف ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــلُ يـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ُ مـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــن مَ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرّوح والـ ـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ِـد اآللُ
يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ُرن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ويُ ـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ُئـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــي إ ّنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي بـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـ ُـت مـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن األسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى و ْكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
ـال ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي خـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــدي أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت لـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى يُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــددُ ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد
أخـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ُح ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــن أوردتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي وص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا ُه ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــيّ كـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ِـد ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ق ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ــي ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلّ أم ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــةٍ وأضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـت ب ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــن ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهِ جـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدي ـدت مُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًأ ع ـ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ــى أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل وق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـرح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ،ولـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب ل ـ ـ ـ ـ ـ ــي قـ ـ ـ ـص ـ ـ ــدي فـــــــ ً ح ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــى م ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـت وخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ق ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ٌـق ورح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقُ آم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رِ فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ـدث م ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــزوف ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ــي ُبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرتْ ع ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــى جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرّوح بـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــن أنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الـ ـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ـ ــقْ ـ ـ ـ ـ ـ ِـد ـات ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـئـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـن م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـف ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـات أن ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ــاسـ ـ ـ ـ ـ ــي م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ِـد ت ـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارْا مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاؤهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا زبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدٌ وف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُرهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ــو ُر ال يـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدي وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعٌ ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد َم فـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ــا ولـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ ـزن ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادقُ ال ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ِـد مـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـث ـ ـ ـ ـ ــاقُ ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُر م ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ُخ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ ْـت يـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ُـب ل ـ ـهـ ــا ق ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــي ،فـ ـ ـ ـ ـ ــأيـ ـ ـ ـ ـ ــنَ م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازلُ الـ ـ ـ ـ ـ ُـخ ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ِـد؟ *
شاعر من السعودية. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
85
عندما آخذ جرعة كيماوي أكون في حالة حرب معه، فولد هذا النص..
حالة حرب ■ أحمد إبراهيم احلربي*
تعبت مشاعرُ نا ْ وماتت في الشفاهِ المفرداتْ .. ْ لواعج صمتنا.. ِ النا ُر تخرج من بالتباريح المليئةِ بالبقايا ِ تهرب ُ والريحُ تهاويم السباتْ .. ِ من الريح المريض َة ِ من ذا يساعدُ مهج َة كي تحمّ لَ ما يخلفهُ الرمادُ من الكالمْ.. القائمونَ على الحدودِ ناب الخيانةْ.. يعضهم ُ ّ األرض، ِ يغرس مخلب ًا في ُ والجوعُ السؤال ِ وجع والملقى على ِ التراب ِ التراب على ُ عض وكلّ ما ّ تأوهت نا ُر السالمْ.. ْ 86
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
الفتنةُ الكبرى اإلنسان ِ وبعض دعاتِ ها كفروا بإنسانيةِ ُ اإليمان ِ فاستعصت عليهم قو ُة ْ وارتدّ تْ قوافلهمْ إلى كلّ الشياطين ال ...تعربدُ في الخيامْ.. األرض يسرقها الطغاةْ.. َ األرض أن ِ بلّغْ حما َة والبنادق والرماةْ.. ِ المدافع ِ عليك من َ ماذا أشعلْ فتيلَ الهمةِ المثلى وعدْ بالمنجزاتْ .. الموت سيدُ يومنا ُ الوقت األثيرِ ومستبدّ المرحلة.. ِ بل سيد طعنات الرماحْ .. ِ األرامل غير ِ ال شيء يزرعُ في جوف الليالي واأليامى النائحاتْ .. والدمعُ في ِ برق تألأل وانبالجُ الضوءِ في صدرِ الظالمْ.. ٌ وغد ًا سننشدُ (فوق هام السحب) كالقلوب ِ والرايات تخفقُ ُ اهلل أكبرُ هذهِ األضواءُ ملحمةُ األسودْ.. بالعزمِ والحزمِ األبيّ تحرس مجدَهمْ ُ التوحيد ِ ورايةُ والع ّز في الحدّ الجنوبي استقامْ.. *
شاعر من السعودية ورئيس نادي جازان األدبي سابقا. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
87
حت ٌف على الشفاه ْ ■ إميان محمد احلمد*
ـك سـ ــال وج ــدُ إذا س ـ ِـم ـ َع ـ ْـت ح ــروف ـ َ
عـ ـل ــى خـ ــد ال ـح ـن ـي ــن وم ـ ـ ــال وردُ !
ـك ال ي ــراه ــا خـ ـط ــرتَ ك ـ ــأن ص ـب ــحَ ـ َ
وقـ ـ ـ ـ ْب ـ ـ ــلَ الـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوءِ قـ ـ ّبـ ـلـ ـه ــا وب ـ ـعـ ــدُ
ـات حـتـفـ ًا ـض ال ـك ـل ـم ـ ُ تـ ـح ــا ُر وتـ ــركـ ـ ُ
ع ـ ـلـ ــى فـ ـمـ ـه ــا وي ـ ـس ـ ـكـ ــت م ـ ـ ــا ت ـ ـ ــودُّ
وأنـ ـ ـ ـ ــت حـ ـ ــديـ ـ ـ ُـث أم ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ــارٍ ،وروحٌ
ـات واألوجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاعُ رع ـ ــدُ م ـ ــن الـ ـغـ ـيـ ـم ـ ِ
أمـ ـ ــا زالـ ـ ـ ــت تـ ـك ــاب ــر والـ ـحـ ـن ــاي ــا ا ْر
ـاش لـ ـي ــس حـ ـ ـبـ ـ ـ ًا ذاك ب ـ ـ ــردُ ! تِ ـ ـ ـعـ ـ ـ ٌ
أمـ ـ ـ ــا زال ـ ـ ـ ــت تـ ـغـ ـط ــي شـ ــوق ـ ـهـ ــا كـ ــمّ
ت ـ ـجـ ــور الـ ـشـ ـم ــس إذ يـ ـحـ ـمـ ـ ّر خ ــدُّ
ومـ ــا ج ـ ــارت سـ ــوى األضـ ـ ــاع تعلو
وت ـ ـ ـه ـ ـ ـبـ ـ ـ ُـط والـ ـ ـصـ ـ ـب ـ ــاب ـ ــة تـ ـسـ ـتـ ـب ــدُّ
وصـ ــوتـ ــك م ـن ـت ـهــى الـ ـن ــاي ــات كـ ــونٌ
ي ـ ـ ـ ــرنّ ب ـ ـق ـ ـبـ ــةٍ ،فـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ــروح ي ـع ــدو
وص ـ ـ ــوت ـ ـ ــك آهِ ل ـ ـ ـ ــوال أن تـ ـن ــاه ــى
إلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيّ ب ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــلّ أنـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـم ـ ـ ــه َيـ ـ ـ ـج ـ ـ ــدُّ
ل ـ ـغ ـ ـ ّل ـ ـقـ ـ ُـت ال ـ ـ ـنـ ـ ــوافـ ـ ــذ ع ـ ـ ــن غ ـ ـ ـ ــرامٍ
ل ـي ـخ ـب ــو داخ ـ ـ ـ ــل الـ ـعـ ـيـ ـنـ ـي ــن وقْ ـ ـ ــدُ
ـان ونـ ـ ــكّ ـ ـ ـسـ ـ ـ ُـت الـ ـ ـكـ ـ ـم ـ ــان ف ـ ـ ــا أغ ـ ـ ـ ـ ٍ
ل ــرقـ ـصـ ـتـ ـن ــا ال ـ ـ ـفـ ـ ــريـ ـ ــدةِ ت ـس ـت ـع ــدُّ
وي ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـغ ـ ــراب ـ ــة ال ـ ـ ـحـ ـ ــب اقـ ـت ــربـ ـن ــا
فـ ـبـ ـعـ ـ َثـ ـ َرن ــا عـ ـل ــى الـ ـغـ ـيـ ـم ــات ُبـ ـع ــدُ
ويـ ـ ـ ــا لـ ـ ـغ ـ ــراب ـ ــة الـ ـ ـح ـ ــب ابـ ـتـ ـع ــدن ــا
فـ ـ ـ ــدار بـ ـك ــوك ــب ال ـ ـسـ ــاعـ ــات ُسـ ـه ــدُ
وي ـ ـ ـ ــا لـ ـ ـغ ـ ــرابـ ـ ـت ـ ــي م ـ ـ ــا ق ـ ـ ـلـ ـ ـ ُـت أ ّن ـ ـ ــي
ولـ ـ ـك ـ ــن ال ـ ـق ـ ـص ـ ـيـ ــدة ك ـ ـيـ ــف تـ ـب ــدو
ـك ال ت ـج ـب ـه ــا إذا قـ ـ ــالـ ـ ــت ت ـ ـح ـ ـبـ ـ َ
وخـ ـ ـ ــلِّ الـ ـلـ ـي ــل بـ ـ ــاألشـ ـ ــواق ي ـح ــدو
*
88
شاعرة من السعودية.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
■ مشاعل عبداهلل*
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
كبرياء وهوى.. فـ ـ ـ ــي كـ ـ ـ ــل ي ـ ـ ـ ـ ـ ــومٍ أرى فـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـح ـ ـ ــب مـ ـ ـعـ ـ ـج ـ ــز ًة تـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــس قـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـب ـ ـ ــي وأوت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاري وأق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداري ت ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ــيء روحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ــيءٍ ل ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ُـت أع ـ ـ ــرف ـ ـ ــه ت ـ ـ ـف ـ ـ ـيـ ـ ــض مـ ـ ـ ـن ـ ـ ــه أح ـ ـ ــاسـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـس ـ ـ ــي وأش ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــاري ي ـ ـ ـخ ـ ـ ـي ـ ـ ـف ـ ـ ـنـ ـ ــي ف ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــه أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ُـت واث ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــةً أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب م ـ ـ ـ ـ ـ ــن أفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ــار أفـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ــاري ح ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ًا ي ـ ـ ـ ـ ــران ـ ـ ـ ـ ــي!.ي ـ ـ ـ ـ ــرى ك ـ ـ ـ ــم ك ـ ـ ـنـ ـ ــت غـ ـ ـ ــارقـ ـ ـ ــةً ح ـ ـ ـقـ ـ ــا ت ـ ـ ـ ـخ ـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ــى! .ولـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـعـ ـ ـل ـ ــم بـ ـ ــأخ ـ ـ ـبـ ـ ــاري إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذا الـ ـ ـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ـ ــوق يـ ـ ـع ـ ــرفـ ـ ـن ـ ــي والـ ـ ـ ـ ـ ــذنـ ـ ـ ـ ـ ــب ذن ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ــيَ واألسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرار أس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراري أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ضـ ـ ـ ــوئـ ـ ـ ــي وأحـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا داخـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ــي ش ـ ـف ـ ـق ـ ـ ًا م ـ ـ ـ ـ ــن ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال إن الـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــوى دا ٌر ب ـ ـ ـ ـ ــا دارِ لـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـن ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـ ـ ــوف يـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـش ـ ـ ــان ـ ـ ــي ع ـ ـ ــانـ ـ ـ ـي ـ ـ ــةً أخ ـ ـ ـ ـ ــاف ح ـ ـ ــزنـ ـ ـ ـ ًا ط ـ ـغـ ــى ف ـ ـ ــي خ ـ ـ ــوف ـ ـ ــيَ ال ـ ـ ـعـ ـ ــاري ـدي عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري مـ ـ ـ ـك ـ ـ ــاب ـ ـ ــر ًة أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوي يـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّ ل ـ ـ ــم يـ ـحـ ـمـ ـن ــي ف ـ ـ ــي ل ـ ـيـ ــالـ ــي الـ ـ ـ ـش ـ ـ ــوق إن ـ ـ ـكـ ـ ــاري إن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي اكـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــوي ـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــارٍ ك ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــت أح ـ ـ ـ ــذره ـ ـ ـ ــا ولـ ـ ـ ـ ـس ـ ـ ـ ـ ُـت ي ـ ـ ـ ــا رب أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ُحـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ـ َة الـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــارِ . *
شاعرة من السعودية. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
89
ثالث قصائد
■ عصام أبو زيد*
-1-
وأنت أجمل الكائنات في الدنيا ِ أجمل من الكواال والحوت األزرق ومونيكا بيلوتشي أجمل من السمكة الراقصة بطولها الفارع 46سنتيمترًا رأسها حيث تخطو قبالة الساحل وخياشيمها تتحرك فوق ِ وتتدلى من صدرِ ها ثالثة قلوب ألوانها زاهية وبديعة وأنت أجمل من جميع أفالم الكارتون التي أحببتها معك ِ أحببنا "شركة المرعبين المحدودة" وأحببنا "العلبة الوردية" أنت أجمل من بط الماندارين وثعالب البحر ونجوم البحر ِ أجمل من النمر األبيض والذئب األبيض والباندا الحمراء أجمل من السهول المضيئة في الليل بين الجبال أجمل من السنوات الطويلة والسنوات القصيرة أجمل من الكورال الشرقيّ في أغانينا العاطفية أنفسنا وأجمل من أفكارِ نا الحزينة والجريئة عن ِ وقت ما - ال وجريئًا في ٍ ربما كان الحز ُن جمي ًوأنت أجمل من فكرتي عنك. ِ
-2-
90
هناك رجل اسمه فينسنت فان جوخ لم يكن هولند ّيًا ألنّه لم تعد هناك هولندا فينسنت كان اسم سيارتي الكاديالك القديمة وكان الهاتف الذي أجريت عبره مكالم ًة سريعة بكلمة واحدة ٍ مكالم ًة كا َن ال ب ّد أن تنتهي ولكنّ الكلم َة تحجّ رت في عيوني ،وبكيت. وفينسنت علبة صغيرة يض ُع الغرباءُ فيها الهدايا األبواب ويهربون... ِ ويتركونها أما َم وفينسنت ال وجو َد له على اإلطالق ليس الباخرة الفاخرة الكبيرة وليس المستشفى الوحيد القريب الذي يحترق بال سبب وليس الشوارع الرئيسية التي بعربات اإلطفاءِ والبوليس ِ تمتل ُئ إنّه مجرد فكرة لطيفة تخطر على بالي في الصباح. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوص
-3-
أحبُّ شاعرة من مكان صعب وقاحل أحبُّها من يدي المضمومة على حبّةِ قمح فوق أنفِ ها القويّ وأغمض عينيّ وأسم ُع صوتَ األعاصير... ُ أض ُّم الحبّة هناك أعاصير وكوارث وسقوط حر لألشياء أحبُّ ك ّل األشياء في الشاعرة وأحبُّ طولَها الفارع قامتَها العالية فوق قمم الجبال أحبُّ انحناءة بسيطة في كتفيها من أثر القراءة من أثر السهر في الليالي الباردة وأحبُّ النور والسرور في عينيها أحبُّ عينيها الجميلتين جدًا مثل دكان ألعاب مفتوح قبل العيد ومفتوح طوال نهار العيد وما بعده من نهارات أحبُّ مهارتها في السباحة لتنقذني أحبُّ الشمس معها، والقمر فوق حبّة القمح فوق أنفِ ها أحبُّ أنفَها المائل كشجرة بلوط ال كباب قديم وعظيم ...باب الزمان مث ً أحبُّ "مثالً" التي ال أحبها إال عندما أكتب عنها كيف يمكنني أن أكتبَ عنها؟! عن مؤسسة الحنان الكبرى والعنف الجميل؟! أحبُّ صورتها في الطفولة وصورتها في السرير وهي تبكي أحبُّ دموعها العصافير ودموعها التماسيح أحبُّ األساور الملوّنة في يدها اليمنى وأحبُّ السيارة الكهربائيّة التي تقودها فوق ذراعي وفوق ظهري وبطني وبين الرئتين أحبُّ عنقَها الراسخ ،وعنقها المشدود، وعنقها الطريَّ الناعم أحبُّ العقود الكثيرة حول عنقِ ها عقود األحالم والكالم أحبُّ الخوخ. *
شاعر من مصر. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
91
ُ هجرة اللغة ■ عبدالهادي الصالح*
ن ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ــوى وش ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ــوى مـ ـ ـ ـ ــن ظ ـ ـ ـ ـ ـ ــال عـ ــري ـ ـن ـ ـهـ ــا ـاول أجـ ـ ـلـ ـ ـب ـ ــوا ح ـ ـ ـيـ ـ ــث األعـ ـ ـ ـ ـ ــاجـ ـ ـ ـ ـ ــمُ بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ِ ـاب ع ـ ـ ـن ـ ـ ـهـ ـ ــم م ـ ـ ــوص ـ ـ ــدٌ فـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ـم ـ ـ ــوا وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ وإذا تـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـق ـ ـ ــهُ بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ــائـ ـ ـ ـ ِـب يـ ـ ـثـ ـ ـع ـ ـ ُـب وي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوّلُ الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى بـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــد ًا خَ ـ ـ ـ ـ ــا َل ـ ـ ـ ـ ــهُ ـاس م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـزّقَ وال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ــانـ ـ ـ ــي يـ ـ ــرقـ ـ ــب ق ـ ـ ـ ـ ـ ــرط ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ـاس شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذو َذ ُه ولـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ـ َد ت ـ ـ ـب ـ ـ ـ ّنـ ـ ــى ف ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ِ ـرب وأت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ب ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ٍـظ ال يُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاغُ ويُ ـ ـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ـامـ ـ ـه ـ ــم ـات الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدّ وا َة وذر ْ ص ـ ـ ـل ـ ـ ـيـ ـ ــلَ ك ـ ـ ِ هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ـاق يُ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ـر ُّب ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ُـث الـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ــاق ـ ـ ـ ــةُ بـ ـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ـ ـ ّـطـ ـ ـ ـ ـ ِ يـ ـ ـ ــا لـ ـ ـ ـي ـ ـ ــتَ شـ ـ ـ ـع ـ ـ ــري أي ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ أي ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ لـ ـ ـغ ـ ــاتـ ـ ـن ـ ــا..؟ ـرف يُ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ُـب...؟ أيـ ـ ـ ـ ــن الـ ـ ـحـ ـ ـمـ ـ ـي ـ ــةُ أي ـ ـ ـ ـ ـ ــنَ ح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ أق ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْر وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّيـ ـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـ ــا ول ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد لـ ـ ـس ـ ــانـ ـ ـه ـ ــم ـرب ـاش ل ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ٌـن بـ ـ ـ ـ ــاألعـ ـ ـ ـ ــاجـ ـ ـ ـ ـ ِـم يـ ـ ـ ـش ـ ـ ـ ُ مـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ ول ـ ـ ـ ـ ـئـ ـ ـ ـ ــنْ رأي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ تـ ـ ـ ـ ــدفّ ـ ـ ـ ـ ـ َق ـ ـ ـ ـ ـ ًا لـ ـ ـ ـك ـ ـ ــامـ ـ ـ ـه ـ ـ ــم!.. ـس غ ـ ـ ـ ـ ّربـ ـ ـ ــوا ـرف أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ ف ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـل ـ ـ ــمْ ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأنّ الـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ َ ـول وج ـ ـ ـر ِْس ـ ـ ـهـ ـ ــا وإذا بـ ـ ـكـ ـ ـي ـ ــتَ عـ ـ ـل ـ ــى الـ ـ ـ ـ ّـط ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ِ ـرب عـ ـ ـ ـ ــاثـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـ ـ ــك الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذّ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى ويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومٌ يـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ُ *
92
أكاديمي وشاعر من الجوف.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
ما هي الصداقة؟
*
من الواقعي إلى االفتراضي ■ ترجمة :خديجة حلفاوي**
ميشيل إيرمان (،)Michel Erman كاتب وفيلسوف وأستاذ بجامعة بورغون (.)Université de Bourgogne من مؤلفاته: "رابط الصداقة :قوة رو22حية" ))(Le Lien d'amitié. Une force d’âme (Plon, 2016 تعد الصداقة شكال فرديا من أشكال الفيلسوف الفرنسي "ميشيل دو مونتين" التعلق ( )L'attachementالــذي يستند
(de Montaigne
)Michelحول "إتيان
إلــى جدلية األخــذ والعطاء .ما الذي دي البويسيه" (:)Étienne de La Boétie يميز الصداقة عن العالقات العاطفية؟ "ألنه هو ،وألنني أنا" (من اختار اآلخر). ماذا عن "الصداقة االفتراضية؟
ولكن ما هي طبيعة هذا السند المميز
في اختالف عن الروابط العائلية أو الذي هو أيضا شعور؟ المهنية ،تتميز الصداقة بكونها موضوع
حققت الملحمة الروائية "الصديق
اخــتــيــار يعتمد عــلــى بــعــض الصفات الــرائــع"
(prodigieuse
)L'amieإليلينا
الــغــريــبــة أحــيــانــا كــمــا يــذكــرنــا تعليق فيرانتي ( )Elena Ferranteنجاحا منقطع العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
93
أهلها ألن تتحول إلى مسلسل تلفزيوني، النظير ًّ ما فاجأ الناشرين والنقاد الذين ظلوا يراهنون
ترابط اختياري وحر في أصل الصداقة ،هناك اختيار ينشأ
عوضا عن الحب ً بشكل عام على "الرومانسيات" للمنافسة على عن جرعة من التعاطف، أفضل المبيعات (.)best-sellers من النظرة األولى ،ال يحول دون وجود رابطة في الــواقــع ،ومنذ الحقبة الرومانسية ،عاطفية قوية ،لكنه يبقى لصيق الجمع بين
شكل الحب شأنًا وجوديًا يدرك ويزدهر من إرادتــيــن مختلفتين :نحب بعضنا بعضاً، قبل األفــراد ،في حين أن الصداقة انبثقت بحيث تصبح العاطفة الودية مرتبطة جوهريا منذ القدم بوصفها شعورًا إنسانيًا خالصا .بأخالقيات المعاملة بالمثل .تناشد الصداقة
لــكــن ،أال يشكل االنــزعــاج ال ــذي نالحظه الروح وتختلف عن النداءات التي تدعو إلى اليوم بخصوص المشاعر -من تمدد لمجال اختيار القلب (الــحــب) .مع ذلــك ،يجب أن الــطــاق إلــى حــرب الــجــنــدر -إعــانــا عن نتذكر أنه في هذه الحالة يغلف العقل القلب
مركزية الطابع اإليروسي" وقوته ضمن هذه لدرجة تجعله يدرك الرغبة التي تشغل جميع الترابطات ،والــذي نلحظه في "الحب"
(la
األفــراد :أن يكون محط تقدير لذاته ،مهما
،)philiaوالثقة والمعاملة بالمثل التي تنطوي كانت صفاته ،التي يعرف بها كشخص .يكون
94
على هذه المشاعر؟
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
الصديق إذاً ذاك الشخص الــذي يستقبلنا
ودون أن يــحــاول الظهور بشكل مصطنع،
نحترمه ونقدره ويبادلنا الشعور نفسه.
تختلف الــصــداقــة بــاخــتــاف درجــاتــهــا، فمنها السطحية ،ومنها العميقة .على سبيل
تحمل الصداقة فكرة االختيار الحر بين المثال ،حينما يتعلق األمر بلحظات "التواطؤ"، فردين متطابقين ،ما يجعلهما متطابقين آن ــذاك نتحدث عــن الــرفــقــاء .يضعف أثر دون إلغاء اختالفاتهما .تعتمد على المعاملة مصطلح "الصديق" في حالة استعماله في بالمثل فــي الــتــبــادالت الــتــي تغذيها وعلى صيغة الجمع ،ألنه حينما يصف شخص ما
تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
دون تحامل ويظهر نفسه على ما هو عليه،
األصدقاء "االفتراضيون" المزيفون
المتعة التي توفرها .في معظم األحيان ،مجموعة من األشخاص بكونهم أصدقائه، ال تنشأ اإليماءات الودية عن أفعال مادية يتبادر إلــى أذهاننا "الــرفــاق" نظرًا لكونه
أو مباشرة ،بــل عــن مــواقــف ،اهتمام ،ثقة صديق الجميع وليس ألحد. ومشروع ذي طابع حميمي مشترك .تشير مــن أج ــل تمييز الــرفــيــق عــن الصديق أيضا الصداقة إلى روح الكرم؛ تلك الفضيلة الحقيقي ،يجب أن نستذكر االنبثاق الطوعي القادرة على تحرير األفراد من ميلهم إلى أن لهذا األخير ،في مقابل المحددات الخارجية يصيروا أنانيين. المتحكمة في حاجة األفــراد لرفقاء وإلى يتبادل األصــدقــاء كياناتهم وال يبحثون بعضهم بعضاً في الشغل ،والغرفة ،وفي
عــن جــعــل ال ــراب ــط الـــذي يــوحــدهــم مليئاً لعبة كرة القدم ...ويمكن مضاعفتهم بتعدد بلحظات حية ،وتكاثف العالقات اإلنسانية ضروريات الحياة. يُعوّض الضعف المحتمل للترابط القائم، وال ينفصلون عن بعضهم بعضاً ،ويربطون
بين الرعاية الحرة للذات ورعاية اآلخرين، واح ــت ــرام تــفــرد كــل مــنــهــم دون الــمــســاس
بالمبادئ األخالقية المتوافق حولها .وبما أن كل عالقة وُدية تتطلب الوعي باآلخرين حينما يكون التعلق داخليًا ،سريعًا ومدمرًا
في نهاية المطاف ،ففي الصداقة ال ننسلخ
في خضم مجتمعاتنا ،حينما نعيش جنباً إلــى جنب مع اآلخــريــن بــدالً من أن نعيش مجتمعين ،تمثل "الرفقة" أنموذجً ا لرابط الصداقة -بفعل التضامن الــذي تجسده- وملجأ من مخاطر العالم وصعوبات الوجود، وربما استجابة لتوترات الهوية التي نعايشها. مع ذلك ،نجد الصداقة تدفع أكثر في اتجاه
عن أنفسنا ،ونادرًا ما نتحدث بال"نحن" ،كما الرفقة ،منها في اتجاه التواصل. في حضرة العشاق ،وتصير ال"أن ــا" الزمة أساس.
هـــل يــمــكــن ال ــح ــدي ــث عـــن ص ــداق ــات
افتراضية عبر الشبكات االجتماعية؟ لنتفق العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
95
على القول بأن هذا النمط من الصداقات يتحدث "األصدقاء الرقميون" بصيغة "األنا"،
ال يــعــدو أن يــكــون شكال مزيفا للصداقة وإنما يقولون "ذاتي أنا" مع إظهار حاجتهم الحقيقية .تــعــود ج ــذور ه ــذا الــنــمــط من إلى التواصل مع اآلخرين ،وبعبارة أوضح الصداقة إلى بدايات ظهور شبكات التواصل "الحاجة إلى الوجود". االجــتــمــاعــي األمــريــكــيــة ،الــتــي ســعــت إلــى
ختاما ،بين النرجسية والنفعية ،تكاد
الترويج لمواقعها من خالل اإلشارة إلى أن العالقات الرقمية تقارب الرفقة في الحاالت العالقات الرقمية حاملة لفكرة "الصداقة" التي يتم التعبير فيها عن نوع من التضامن،
ال حاصالً. وفقًا لنموذج التعاطف المعمم الذي يسود وهي النتيجة التي تظل تحصي ً في األخالقيات ال"ما وراء أطلسية" كمرادف لكن ،حينما نتحدث عن التعلق ،آنذاك يجوز ألخالق المنافسة .فضال عن هذا ،نلحظ أن ربطه باألشياء والتكنولوجيات ،مثل الهاتف مستخدمي موقع "فيسبوك" ،والذين يمتلكون الذكي ..هذا الكائن االنتقالي الجديد ،أكثر ( )160صديقًا في المتوسط ،ال يجمعهم من غيره...
أي اتصال واقعي بين بعضهم بعضاً ،حتى وإن تضمنت شبكتهم االجتماعية أقــار ًبــا أشخاصا التقوا بهم بالفعل ،ويعتقدون ً أو أنهم على اتصال فيما بينهم .يتفوق هنا منطق التسيير (االفتراضي) على التجربة االختيارية التي تجمعنا بشخص آخر؛ نظرا لعدم إمكانية توسيعها وفتحها على الجمهور: التبادل الــودي فريد ،في حين أن التبادل الــرقــمــي اجــتــمــاعــي ،وحــتــى جمعي .ينشأ عــن هــذا الــوضــع منافسة بين األصــدقــاء. على سبيل الــمــثــال ،مــا هــي الــصــورة التي ستعطى لشخص لديه عدد قلي ٌل جـدًا من المتابعين أو اإلعجابات أو المشاركات؟ ال *
نشــر هــذا المقــال فــي:
** كاتبة وباحثة من المملكة المغربية.
96
John Bowlby, Attachement et perte, 3 vol., Puf, 2002-2007. Nicole et Antoine Guedeney, L'attachement: approche théorique, 4' éd,, Elsevier Masson, 2016. Nicole et Antoine Guedeney, L'attachement: approche clinique et thérapeutique, 2' éd., Elsevier Masson, 2016. Michel Delage, La Vie des émotions et l’attachement dans la famille, Odile Jacob, 2013. Yvane Wiart, L'Attachement, un instinct oublié, Albin Michel, 2O11. Anne-Sophie BARBEY-MINTZ, Odile FaureFillastre et Romain Dugravier, L'attachement, de la dépendance à l'autonomie, Érès, 2017. raphaële miljkovitch, Les fondations du lien amoureux, Puf, 2009.
Michel Erman, Qu'est-ce que l'amitié ? Magazine sciences humaines, Mensuel N° 314 - mai
.2019 L'attachement, un lien vital, pp: 60-61
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
المراجع
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
كاتبة في أدب األطفال وأستاذة التصميم الدكتورة
أروى خميس:
كتب األطفال باب لألدب الخلفي على حديقة مدهشة أتمنى أن أجد في صحفنا وفي منصاتنا الثقافية مراجعات نقدية لكتب األطفال الدكتوره أروى خميس ،أستاذ مشارك في كلية التصاميم والفنون بجامعة الملك عبدالعزيز ،من أبرز الكتّاب في أدب الطفل على المستوى المحلي والعربي ،تؤمن بأن عالم الطفل عالمها الذي تشخص من خالله األفكار ،وتشخص الحلم ودوره في حياتنا المثالية .أثرت المكتبة الثقافية بإصداراتها التي تتجاوز ال 25كتاباً، ومعظم هذه اإلصــدارات في فضاء أدب الطفل ،ولديها دار للنشر تم تأسيسها في عام 2012م« ،دار أروى العربية للنشر» ،مختصة في نشر كتب أدب الطفل.. وبثقة تبوح لنا بسر من أسرار عالمها ،تقول« :أبوح بسر أردده كثيرً ا حتى أنه لم يعد سرا« ،كتب األطفال ليست لألطفال فقط ،إنها باب األدب الخلفي على حديقة مدهشة»..أنا دومـ ًا أشكر حــراس هذا العالم الصغار الذين سمحوا للكبار أمثالي بالدخول إلى مدينتهم السحرية ،ترافقني الدهشة أينما حللت فيها». ه ــذا ال ـح ــوار تـمـيــزه الــدك ـتــوره أروى خميس بــإجــابــاتـهــا الـمـبــاشــرة والفلسفية والصادقة.. ■ حاورها :عمر بوقاسم العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
97
طفلنا العربي كنز!.. ¦من ضمن ما يميز فضاء الدكتوره أروى، ح ـضــورهــا الـمـمـيــز والـكـبـيــر ف ــي الكثير من الـنــدوات والفعاليات محلي ًا وعربي ًا وعــالـمـيـاً ،وه ــذا مــا يــدعــونــي أن أســألــك، ما الذي يميز الطفل العربي عن الطفل فــي ال ـب ـلــدان األخـ ــرى عـلــى المستويين التعليمي والتربوي؟ ρ ρتتميز دولــنــا الــعــربــيــة ذات المساحة الكبيرة مجتمعة ،أن اللغة العربية توحد بينها خاصة في الكتابة والــقــراءة؛ ما يجعل خصوصية أي من الدول العربية في متناول الجميع ..لدى طفلنا العربي كنز مــن الــتــاريــخ والــثــقــافــة والقصص واألدب ،وإذا عدنا إلى مأثوراتنا الشعبية والتاريخية ،سنجدها زاخرة بالكثير الذي يتوحد فيه العالم العربي ،والذي يمكن استخالص الكثير من القصص التي ال تموت وإظهارها بطريقة عصرية ،كما أن نقاط التشابه الثقافية المختلفة بين دول الخليج وبين العالم العربي الكبير كفيل بالتوحيد والمشاركة في هذه العناصر، خاصة أن وسائل اإلعالم العربية موجهة للعالم العربي ككل. المزيد من الحراك.. فيما يخص أدب الطفل!..
الكتاب الذهبي في المهرجان القرائي األول لألطفال عام 1426هـ ،في الشارقة عن قصة «عربة سديل ودميتي» ،وهناك الـ ـع ــدي ــد مـ ــن الـ ـج ــوائ ــز ال ـم ـه ـم ــة ال ـتــي حصلت عليها مــن خــال أعـمــالــك ،هل ه ــذا الـتـكــريــم والـمـهــرجــانــات دلـيــل على الوعي بقيمة الطفل ودوره المجتمعي لدينا؟ ρ ρاالهتمام بــأدب الطفل توجه ناشئ في دول الخليج على الرغم من القفزة التي حدثت في العشر سنوات األخيرة ..إال إنني ما أزال أتمنى المزيد من الحراك على مستوى الــمــدارس والمؤسسات الثقافية والجهات الحكومية واألنشطة المجتمعية ،فيما يخص أدب الطفل وكتبه .الجوائز مــن أكثر الــطــرق التي تجوّد اإلنتاج ،وترفع سقف المنافسة، وتشجع العاملين في الكتب من كتّاب ورسامين ودور نشر على إظهار أفضل ما لديهم ،وعلى الجانب اآلخر ال بد من استغالل المناسبات الثقافية المختلفة.. مثل مواسم المملكة ،والمهرجانات في تسويق جانب ثقافي مهم ورفــع الوعي تجاهه وهو الكتاب؛ ما يسهم في تنمية حــب الكتاب والــقــراءة كعنصر ثقافي أصيل. لدعم نهضة كتاب الطفل!..
¦ح ـظ ـيــت الـمـكـتـبــة ال ـعــرب ـيــة والـعــالـمـيــة بعدد من الكتب واألبحاث المهمة التي ¦هـ ـ ـ ـن ـ ـ ــاك عـ ـ ـ ـ ــدد مـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ـك ـ ـ ـتـ ـ ــاب ال ـ ــذي ـ ــن يقومون بنهضة كتاب الطفل في العالم قــدمـتـهــا الــدك ـتــوره أروى خـمـيــس ،وكــان العربي ،وأنــت أحــد هــؤالء الـكـ ّتــاب ،فمَ ن لها األثــر الــائــق ،وتــم تكريمك بجائزة
98
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ρ ρإن كنت تتحدث عن «أفالم الكرتون» في مرحلة الثمانينيات ،فأنت تتحدث إما عن محتوى يستخدم اللغة العربية الفصحى ب ــص ــورة مــمــتــازة ،مــمــا يــعــلــم األطــفــال المتابعين اللغة ويسهل عليهم القراءة بالفصحى .أو عــن أفــام ومسلسالت أطفال أصولها أدب كالسيكي عالمي مثل جزيرة الكنز (رواية أوروبية) ،وفلونة (روبنسون كــروزو) وسندريال ،وقصص األمــيــرات (اإلخـــوان جريمز) ،وهايدي العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
ِمن األسماء يلفت انتباهك على الساحة األدبية اليوم؟ ρ ρنظن أحيانا أن المرأة هي المؤهلة فقط للكتابة للطفل بحكم التصاقها به أكثر، ρ ρفي الساحة األدبية الخليجية والسعودية ولعل النسبة األكبر تكون من النساء.. عـــدد م ــن األس ــم ــاء كــكــتــاب ونــاشــريــن ولكن هــذا ال يعني انفراد المرأة بهذا ال ومبادرات لدعم نهضة كتاب الطفل ،مث ً ال ـ ــدور ،فعلى مــســتــوى الــعــالــم ،هناك فــي اإلمـــارات الشيخة بــدور القاسمي الكثير من الكتاب الرجال والذين احتفظ ومـــا تــقــوم ب ــه م ــن مـــبـــادرات مختلفة التاريخ بأسمائهم ككتّاب ورواد في عالم خــاصــة بــدعــم وتحسين كــتــاب الطفل. كتاب الطفل .وهــنــاك عــدد مــن أسماء في السعودية لدينا عدد من الدارسات الرجال إضافة لألسماء النسائية التي والكتّاب في مجال أدب الطفل مثل د. ظهرت في العالم العربي ككتّاب في أدب صباح عيسوي ،د .هند خليفة ،د .وفاء األطفال .كالهما -طالما باستطاعتهما السبيّل .وعلى مستوى العالم العربي.. روايــة الحكاية -لهما دور مهم في أدب األسماء كثيرة مثل الكاتب والرسام وليد األطفال. طاهر من مصر ،والكاتبة تغريد النجار من األردن ،والرسامة حنان قاعي من أفالم الكرتون!!.. لــبــنــان ..وغــيــرهــم الكثير مــن األســمــاء ¦«أفالم الكرتون» هي أحد الروافد وأقربها الملهمة والمهمة. ل ـل ـط ـفــل ،وت ــدخ ــل ض ـم ــن أدب ال ـط ـفــل، كيف يمكن توظيف هــذا األدب المرئي المرأة هي المؤهلة فقط!!.. واالستفادة منه ،واالبتعاد عن مخاطره ¦هــل هـنــاك دور تتفرد بــه ال ـمــرأة فــي أدب أو سلبياته؟ الطفل؟
99
(رواية من األدب السويسري) ،وسندباد (من ألف ليلة وليلة). فــي عــصــرنــا الــحــالــي لــو عــدنــا لــأدب الــمــكــتــوب واســتــلــهــمــنــا مــنــه م ــا يــقــدم لألطفال ..فحتماً ستكون نافذة يتعرف منها الطفل على روائع هذا العالم وباللغة العربية. استخدام أساليب حديثة في الرسم!.. ¦م ــا ه ــي األدوات ال ـتــي اكـتـسـبـهــا الطفل العربي ،..أو األسباب التي جعلته يتطور ρ ρلم يكن الدخول في تجربة النشر قراراً ليتماشى مع العصر؟ جــاء بين يــوم وليلة ،بل هو نتيجة عدد ρ ρلعل النظرة إليه اختلفت وخرج من عباءة من التجارب في هذا الحقل ،فقد بدأت الوصاية وأنه أداة تربوية فقط إلى فضاء بكاتبة نشرت عند دار نشر سعودية ،ثم األدب الرحب ..النظر ألدب الطفل بهذا دار نشر لبنانية ،ثم صرت شريكة في دار المفهوم جعله ينمو ويتسع مــن ناحية نشر سعودية ،ثم جربت النشر الخاص، النصوص واألفكار والرسم والتعبير. ثم افتتحت دار نشر خاصة. كما أن استخدام أساليب حديثة ومتطورة كان قرار فتح دار النشر بعد أن حضرت من الرسم واإلنتاج جعلت كتاب الطفل عــدة مــعــارض كتب عالمية ،وتعرضت منتجاً ثقافيًا عصريًا يجمع ما بين األدب لتجارب وخــبــرات ناشرين من مختلف والرسم بشكل متمازج عصري .هذا ال دول الــعــالــم ،وأخـــذت عـــدداً مــن ورش يجعل من الكتاب منتجاً غريباً عن الطفل، العمل في النشر والكتابة اإلبداعية ،كل وال يضعه في مرتبة أقل من الوسائط هذه العوامل جعلتني مستعدة ألكوّن دار المختلفة التي تحيط به ،والعالم العربي نشر مستقلة. بشكل عام ،والمملكة بشكل خاص بدأت هذه الخطى ،وإن كانت على استحياء، ذات الجوهر من حيث الكتابة وتحتاج للمزيد من االلتفات. والتأليف!.. والكتّاب وأيضا مع الساحة الثقافية..؟
100
¦م ــا م ــدى مـنــافـســة ال ـك ـتــاب اإلل ـك ـتــرونــي قرار فتح دار النشر!.. للكتاب الورقي أو الكتاب التقليدي؟ ¦«أروى ال ـعــرب ـيــة» لـلـنـشــر والـ ـت ــوزي ــع ،هل حدثتنا عن تجربتك كناشر مع الكتاب ρ ρالمنافسة بال شك قائمة ،ولكني أحب العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
لم يعد سراً!..
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
أن أنظر للموضوع بسالم أكبر ..فسواء أكان الكتاب منشوراً ورقيا أم إلكترونيا أم صوتياً ،فإن الوسائط هي التي تعددت واختلفت ،ولكنه يملك ذات الجوهر من حيث الكتابة والتأليف.
ρ ρأبــوح بسر أردده كثيرًا حتى أنه لم يعد سـ ـرًا« ،كــتــب األطــفــال ليست لألطفال فــقــط ،إنــهــا ب ــاب األدب الخلفي على حديقة مدهشة»..أنا دوماً أشكر حراس هذا العالم الصغار الذين سمحوا للكبار أمثالي بالدخول إلى مدينتهم السحرية، ترافقني الدهشة أينما حللت فيها.
¦«جــربــوا أن تشاركوا قــراءة كتب األطفال مع األطـفــال حولكم ،أو أن تختبئوا في ركن ما وتقرأوا كتب األطفال الجميلة، س ـيــوقــظ ذل ــك ف ــي داخ ـل ـكــم ط ـف ـ ًـا ن ــام، سـيـثـيــر ب ـعــض ال ـش ـغ ــب ،ول ـك ـنــه سينشر الكثير مــن ال ـفــرح ،سيفتح كــل الـنــوافــذ ويكسر حــدة الحياة وصخبها» ..هــذا ما إجحاف بحق المرأة!.. ت ــردده أروى خميس ،أظــن أنــك تراهنين بـشــيء مــا بــدعــوتــك لـلـعــودة ل ـقــراءة كتب ¦«األدب ال ـن ـس ــوي» ،أو «أدب ال ـ ـمـ ــرأة» ،أو األطفال ،ماذا تبوحين في هذا االتجاه؟ «أدب األن ـثــى» ..بين االخـتــاف والقبول وال ــرف ــض ،عـلــى أي ضـفــة تقفين ،وم ــاذا توثَّ ق من أسطرٍ خلف سؤالي هذا؟ ومن خالل تجربة ..أدرك أن من يعود ليقرأ -وهو كبير -قصصاً كتبت لألطفال بعناية ،يبتسم قلبه ..وقــد يفهم منها طبقات أخــرى من المعاني تختلف عن تلك التي كان قد فهمها من القصة ذاتها حين قرأها وهو طفل!
الدكتورة أروى مع األطفال
ل ــو كـ ــان الــمــقــصــود بـــــاألدب الــنــســوي تخصيص الــمــواضــيــع ..فــهــذا إجحاف بحق المرأة التي تستطيع أن تكتب عن أي شيء ،كذلك هو إجحاف بحق الرجل لو كنا نريد اعتبار أدب الطفل أدباً نسوياً بحكم األمومة وقرب المرأة من الطفل، ألن لدينا في العالم العربي والغربي كتابًا رجــاالً في أدب الطفل أصحاب أسماء مميزة ،بــاإلضــافــة إلــى الــســيــدات ،إذاً هذه الفكرة تنطبق على كل التخصصات األدبية وجود النساء والرجال جنبًا إلى جنب. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
101
بشكل عــام ،ذلــك ربما يحفز المهتمين بــالــشــأن الــثــقــافــي والــمــهــتــمــيــن بــشــأن األطــفــال تعليما وتربية لاللتفات لهذه الكتب ،وأخذها بجدية ،والحرص على إظهار الجيد والمختلف منها. ظهور أشكال مختلفة!.. ¦مــن الــواضــح تــوجــه الكثير مــن األسـمــاء في السعودية لكتابة الرواية في السنوات األخيرة ،هل لهذا التوجه تفسير لديك؟ ρ ρيقول غازي القصيبي ،رحمه اهلل« ،الرواية ديوان العرب اآلن كما كان الشعر ديوان العرب قديما» ..ولعله لألنماط األدبية دورة حــيــاة وتفضيالت تختلف بتغير الــزمــان ،واآلن نحن نعيش دورة حياة الرواية .وحتى في الرواية-وكما حدث في الشعر قديما -ظهرت أنماط وقوالب في معرض الكتاب الدولي بالرياض روائــيــة عديدة جــديــدة .ولعله حتى في كتب األطفال إن شئنا اعتباره أحد روافد النقد األدب ،فقد ظهرت عدة أشكال عصرية ¦هل يزعجك الناقد أو «النقد»؟ متماشية مع التطور والتغير السريع في ρ ρال يزعجني ،بل على العكس ،يزعجني كل مناحي الحياة. ع ــدم وج ــود حــركــة نــقــديــة ومــراجــعــات أحب مكتبتي!.. مختلفة لكتب األطــفــال الــصــادرة ،مما ال يــســلــط الــضــوء عــلــى الــمــمــيــز منها ¦هل لنا أن نتعرف على محتويات مكتبة الدكتوره أروى؟ والمستحق .وال يجعلها فــي أي دائــرة للضوء أب ـدًا .وال يدفع الكتاب للتنافس ρ ρهــذا س ــؤال أحــبــه ،أحــب مكتبتي ،هي الذي يجوّده.. مكتبة كل البيت وهي في الغرفة األحب
102
أتمنى أن أجد في صحفنا أو في منصاتنا الثقافية مراجعات نقدية لكتب األطفال الصادرة في المملكة أو في العالم العربي
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
إلي وتغطي رفوفها الخشبية البنية اللون والتي تصل للسقف جدران كل الغرفة ،مع وجود سلم خشبي للوصول إلى األرفف
أنتظر الشعور باالمتالء وبالحاجة للبقاء في البيت والكتابة ،وحتى امتلئ ،أسافر وأقرأ وأسمع كثيرًا من الموسيقى. «لقد اصطدت قمراً»!..
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
ليس لــدي طقس مُعيّن للكتابة ،لكني
¦وم ــن الـمـهــم ج ــدا أن أســالــك أي ـض ـ ًا هــذا السؤال التقليدي ،ما هو جديدك؟ ρ ρلــديَّ كتابان جــديــدان ،أحدهما اسمه «لقد اصطدت قمراً» وهو كتاب أهديه لكل الشعراء والرسامين وكل من يلهمهم القمر ،والثاني اسمه «يــالــل »..ويحكي الــعــلــيــا ،أح ــب فــي مكتبتي ال ــرواي ــات، والكتب األدبية ،وكتب الفلسفة ،والكتب الفكرية ..وكتب األطفال.
عن طفل يصادف مفاجآت جميلة «يا للعجب»!.
كنت ذات يوم طفلة!.. ¦«ه ــل أت ـق ـمــص شـخـصـيــة ال ـط ـفــل وأف ـكــر بطريقته ،..ألكتب عن عالمه .»!..بعض الكتاب والمبدعين بصفة عامة يلتزمون بطقس معين أثناء الكتابة ،كيف ومتى تكتبين؟ ρ ρربما ال أحتاج لتقمص شخصيته ،فقد كنت ذات يوم طفلة ،أنا فقط آتي بهذه الطفلة للعصر الحاضر ،أخرجها من داخــلــي وأراقــبــهــا كيف تتصرف؟ كيف تفكر وماذا تقول؟ وال أطلب منها أبداً أن تكون مثالية.
في معرض الكتاب الدولي بالرياض العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
103
الناقد واألكاديمي
د .أيمن بكر «المثقف» مفهوم إشكالي ،وكلما اشتعلت األحداث العالمية يعود الجدل حول هذا المفهوم الدكتور أيمن بكر ناقد وأكاديمي مصري حاصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة ،يعمل حاليا أستاذا مساعدا لــأدب والنقد في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا بالكويت؛ لــه عــدة كتب مهمة فــي النقد األدب ــي منها :الـســرد في مقامات الهمذاني ،سلسلة دراسات أدبية ،أزمة النقد التطبيقي في مصر ،تشكالت الوعي وجماليات القصة ،السرد المكتنز ،انفتاح النص النقدي ،وغيرها(((. حول المشهد النقدي العربي وموقف النقاد من اإلبداع وقضايا نقدية كثيرة، لها من األهمية ما يجعلنا نعيد تشكيل وعينا النقدي واإلبداعي من جديد ،كان لي معه هذا الحوار الثري والممتع..
■ حاوره :نور سليمان أحمد
¦مــا أه ــم الـمـحـطــات الـتــي تظنها قد أسهمت في تشكيل وعيك النقدي؟ ρ ρالمرحلة األولى في الصبا والشباب المبكر ،تشكلت عبر نــوادي األدب فــي بــنــي س ــوي ــف وال ــف ــي ــوم ،حيث مجموعة من الشباب المبدعين من
104
شعراء وكتاب قصة ومشاريع نقاد العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
تلتئم بصورة مستمرة ،لتطرح أسئلة عاصفة ملكنا ساعتها القدرة على تتبعها فــي نقاشات هــادئــة أحيانا وحادة غالبا ،لكنها كانت مرانًا عقليًا مخلصا وعميقا .في هذه المرحلة ً أحسب أن القراءة تحولت إلى جزء أصيل من أسلحة التعرف على العالم واقتراح إجابات لألسئلة الوجودية
فــي ه ــذه الــمــرحــلــة وحــتــى الــتــخــرج في الــجــامــعــة ..قـ ــرأت بــكــل مــا مــلــكــت من تــركــيــز ساعتها عـ ــددًا مــن الفالسفة: هيجل وسارتر وفيشته واألفكار األساس للماركسية ،كما عكفت على مؤلفات فرويد ..وتحديدا تفسير األحــام الذي قرأته أكثر من مرة .أنهيت قــراءة كل ما
ρ ρبداية أحسبنا نتحدث عن ثقافات عربية وليس ثقافة واحــدة ،فاالختالفات كبيرة ويبدو أنها تــزداد اتساعا .نحن بحاجة إلعادة تعريف مفهومنا للثقافة /الثقافات العربية ..لنعرف عن أي شــيء نتحدث بالتحديد .بالطبع ،يمكننا أن نقول كالمًا مكرورًا عن التبعية الثقافية التي تعاني
تــقــاطــع مــع ه ــذه الــحــالــة الــتــي تميزت بدرجة كبيرة من حرية الفكر ،الوجود في الجامعة ..وأظنني كنت محظوظا بصورة خــاصــة؛ ألنــي قضيت سبع ســنــوات في قاعات الدرس ،ثالث سنوات منها في كلية المرحلة الثالثة أحسبها ممتدة ما بين التربية بالفيوم ..وكنت أدرس الرياضيات الــبــدء فــي رســالــة الماجستير واالنتهاء التي أحسب أنها أسهمت بصورة كبيرة في من رسالة الدكتوراه ،وقد أتيح لي فيها، إضفاء طابعها التحليلي على عقلي .بعدها إضافة إلعــداد رسالتين علميتين ،الفوز توجهت لكلية اآلداب قسم اللغة العربية.. بجائزة الشارقة للنقد ،وإصدار أكثر من وقـ ــد ســعــدت كــمــا ســعــد جــيــلــي بــكــبــار مؤلف .لقد كانت فترة مشتعلة بالتحصيل األســاتــذة الذين وضــع كل منهم بصمته والتساؤل وبناء التصورات ،وكذلك اإلنتاج على تكويني المعرفي ،ولك أن تتخيل أنك النقدي التطبيقي تحديدا .تعرفت على تتنقل في قاعات الدرس لتجلس متعلمًا فوكو ،ودريــدا ،وجيرار جينيت ،وإدوارد ومتحاورًا مع أسماء مثل نصر أبو زيد، سعيد ،وجــاك الك ــان ،وق ــرأت بعمق طه ومحمد بــريــري ،وحــســن حنفي ،وسعد حسين ،ونصر أبــو زيــد ،وحسن حنفي، مصلوح ،وسيد حنفي ،وسيد البحراوي، وعابد الجابري ،وحسين مروة ،وغيرهم. وعبد المنعم تليمة ،وأحمد مرسي ،وجابر لقد كانت مرحلة تتصف باالنتقائية في عصفور .وتخيل أنهم لمحوا فيك بذرة التحصيل المعرفي الرتباطها برسالتي قابلة للنمو ..فمنحك بعضهم (وأخــص الماجستير والدكتوراه. الدكتورين محمد بريري ونصر أبو زيد) عناية خاصة ،ولم يبخل باقوهم بالنقاش ¦ك ـي ــف ت ـ ــرى ال ـم ـش ـه ــد ال ـث ـق ــاف ــي ال ـعــربــي والنقدي تحديدا؟ والحوار كلما تيسر لهم الوقت.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
الــمــوجــعــة والــمــهــددة لــلــتــوازن الــداخــلــي أحيانا.
كتب نجيب محفوظ ،وتوفيق الحكيم، ومحمد عبدالحليم عبداهلل ،وأدونيس، وعفيفي مــطــر ،والــســيــاب ،والــبــردونــي، وغيرهم .كنت مفتونا بأبي العالء ،وقرأت بــدقــة "رســالــة الــغــفــران" ،وهــي قادتني للكوميديا اإللهية لدانتي.
105
منها تلك الثقافات للغرب االستعماري، الذي لم يتوقف عن تعويق حاالت النهوض في المجتمعات العربية لصالح رفاهيته ¦ه ــل ه ـن ــاك أزم ـ ــة ث ـقــاف ـيــة ف ــي الـمـجـتـمــع الــتــي تعتمد عــلــى المنطقة الــعــربــيــة.. العربي بشكل عام؟ وما هي مشكلة القارئ كسوق ،وكمصدر للمواد الخام ،وأخص الـعــربــي؟ بـمـعـنــى ..ل ـمــاذا يـتـهــرب الـقــارئ الطاقة .لكن هناك تحوالت كبيرة على العربي من القراءة؟! مستوى العالم تنبئ بأن الغرب مضطر ρ ρطالما ربطنا بين الثقافة والمجتمع ،فمن لالنفتاح على ثقافات العالم بكل المعاني، المناسب أن نعرف الثقافة كما عرفها حتى يــواجــه الــفــجــوة االقــتــصــاديــة التي عــلــمــاء األنــثــروبــولــوجــيــا بوصفها الكل تتسع بينه وبين دول الجنوب (إفريقيا/ المركب من األفكار ،والعادات والتقاليد، أمــريــكــا الــاتــيــنــيــة /بــعــض دول جنوب والقيم ،وأنماط السلوك والفنون واآلداب شرقي آسيا ومنها الهند) ،والتي تسببت الــتــي تصنع خصوصية جماعة معينة، في تسونامي من الهجرات التي توجهت وتحرص تلك الجماعة على تمثلها ونقلها لــلــغــرب الــقــانــع بــســامــه الــمــوهــوم .لم عبر األجــيــال .هنا سيبدو تعبير األزمــة يعد لمقوالت االنــعــزال والتبعية والغزو الثقافية لصيقًا بثقافات العالم كلها على الثقافي والعالمين األول والثالث وجود اختالفها عبر التاريخ ،أي إن هناك دومًا في عالم السماوات المفتوحة ،كما يبدو أزمة ثقافية تطل برأسها طبقا لظروف كل أن هذه المقوالت أصبحت عاجزة على ثقافة .نحتاج إذاً أن نتعرف إلى خصوصية تفسير الوضع الثقافي العالمي .أحسب األزمة الثقافية ،وإلى أي مدى زمني يمكن أن مقوالت التبعية والهيمنة الثقافية قد تتبع أزمــات الحاضر؟ أحسب أن أزمتنا ورثها الشرق العربي دون سواه .الصراع الكبرى هي التعريفات األولى التي تغيب الثقافي يبدو عالميا ويبدو أيضا أننا نمر عن وعينا العام ،أو لنقل عن الثقافات داخل منحنىً تاريخي ال يقل خطورة عن العربية؛ بل يبدو في كثير من األحيان منحنى الحربين العالميتين. أننا ثقافات عاجزة عن تعريف نفسها الــنــقــد األدبـ ــي والــثــقــافــي الــعــربــي ليس ومفردات عالمها .علينا بداية أن نعرف بمعزل عن حراك ثقافي ومعرفي عالمي أنفسنا واضعين في حسباننا االختالفات عــلــى مــســتــوى األف ـ ــراد ،لــذلــك ستسمع الثقافية القائمة بين المجتمعات العربية. عــن مــنــجــزات فــرديــة هنا وهــنــاك ،لكن نحتاج أيضا الوقوف بالتحديد الصارم المؤسسات المنتجة للمعرفة في الثقافات أمــام المشكالت االجتماعية والمعرفية العربية في حالة انهيار حقيقي ،ويبدو والــســيــاســيــة والــديــنــيــة الــتــي تواجهها ثقافاتنا. أننا فشلنا في استنباتها في تربتنا التي تغلي بالفساد ،والتعصب الديني والعرقي والطائفي.
106
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
األزمة لدينا متجذرة في منظومات القيم العربية التي تعفن جانب كبير منها ،وتآكل، ويجد من يدافع عنه ويحافظ على انهياره ألنه صاحب مصلحة .نحن ثقافات منكرة للواقع ،تعيش خياالت ماضوية منفصلة عــن حــركــة الــتــاريــخ ،نــتــحــرك فــي عالم معقد بتصورات نيئة ساذجة مفضوحة لكل القوى المستعدة الستغالل المنطقة العربية بأكملها ،لكننا نرفض في الوقت نفسه االعتراف بسقوط ورقة التوت التي كانت تستر تلك التصورات الهشة قبل حرب الخليج األولى. ¦يقول أحــد شـعــراء الحداثه إنــه ال توجد حــداثــه نقديه ت ــوازي المنتج اإلبــداعــي، وق ــد وض ــع ال ـن ـقــد نـفـســه ف ــى مـ ــأزق ألنــه يتعامل مع النص بفوقية عالية ..مدى قناعتك بذلك.
ρ ρمرة أخــرى يطل ســؤال التعريف برأسه: ما الذي نقصده بالنقد وبحداثته؟ أفضل دوما فهم النقد األدبي كما يقترح جوناثان كلر بوصفه صيغة من صيغ إنتاج المعرفة، فهو ليس محصورًا في مالحقة النصوص بالتفسير أو التأويل أو بلورة الجماليات كما نفهم ما يسمى "النقد التطبيقي". النقد األدبي بصورة أو بأخرى من الورثة الشرعيين للفلسفة ،يتأسس على مقوالتها ويــطــورهــا عبر التفاعل مــع النصوص. أفضل استخدام كلمة التفاعل مع النص األدبي؛ ألن النقد ليس تاليا للنص األدبي أو تابعا له .هناك أزمة مضحكة في مسألة النقد التطبيقي ،وهي أن من يمارس هذا الــنــوع مــن ال ــق ــراءات يلغي دور الــقــارئ أو يــكــاد ،أو هــو كمن يوفر على القراء اآلخرين الوقت والجهد وإعمال العقل، وهو توفير يلغي الفائدة من عملية القراءة العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
107
ككل بإغالق مساحات التفاعل المحتملة مع وعي كل قــارئ؟ النقد بهذه الطريقة ليس مسألة تقييم للنصوص أو ترتيب لطبقات فحول الكتاب ،ولذلك ال مجال هنا لفكرة التعالي .وفي ظني حتى اآلن أن أزمة النقد هي أزمة الفكر الفلسفي كله فــي الثقافة العربية ال ــذي لــم يزل يسعى الكتساب المشروعية ،وإنقاذ نفسه من رياح التكفير المتوطنة في الثقافات العربية .المفتقد في الثقافة العربية هو النقد الذي يطرح أسئلة على النصوص، تخرجها مــن دائ ــرة التلقي الساكن إلى دائــرة الفعل الثقافي الواعي بذاته .لقد اجتهدت أن أقدم هذا النمط من النقد، لكنه مرهق وال يرضي طموح الكتاب في تركيز الضوء كامال على كتاباتهم. أما عن عالقة اإلنسان العربي بالقراءة، فاألمر معقد حقا ،هناك اجتياح بربري مــن وســائــل التواصل لعقليات لــم تنشأ على القراءة كعادة يومية ،أي إننا نعاني باألساس من فقدان العالقة المنتظمة بفعل القراءة بحكم الملمح الشفوي القوي في الوعي العربي ،ثم زاد على هذا ما غذته وسائل التواصل من شعور موهوم باقتراف المعرفة. ¦يمر الــوطــن الـعــربــي بـتـحــوالت مختلفة؛ سياسية وفـكــريــة واجـتـمــاعـيــة ،فهل على المثقف أن يتبنى موقفً ا معينا تجاه ما تـمــر بــه األم ــة مــن أحـ ــداث ،أم أن الكاتب يجب أن يكون حياديًا؟
108
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
"ρ ρالمثقف" مفهوم إشكالي ،وكلما اشتعلت األحداث العالمية يعود الجدل حول هذا المفهوم ،مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية .يمكن أن يشير "المثقف" إلى كل مبدع في مجاالت الفكر والفن واألدب وكــذلــك الــشــخــص الــقــادر عــلــى الــوعــي بالوعي ،أي إنه قادر على االنعكاس على وعيه والتعبير عما يدور فيه من عمليات وأفكار .هنا يمكن للمثقف أن يعيش من أجل إنتاجه النوعي ،ثم يترك ما ينتجه للتفاعل مع من يتلقون إنتاجه الفكري أو األدبي أو اإلبداعي .لكن األمر يتخذ شكال أكثر تفاعال مع العالم في طروحات بعض المفكرين مثل أنطونيو جرامشي ومن بعده إدوارد سعيد .طرح جرامشي مفهوم المثقف العضوي الــذي ال بد أن ينخرط فــي فعل اجتماعي يعمل على تغيير الواقع المتردي باتجاه المزيد من العدالة ودعم الفئات المهمشة واألضعف. ومن بعده أصر سعيد على الدور اإلنساني للمفكر بوصفه مسؤوال بصورة أخالقية دور تــجــاه قيم الــحــق والــعــدل عــن لعب ٍ والــمــســاواة ومــســانــدة األضــعــف صــو ًتــا. تفاعل المثقف غالبا يكون مدفوع الثمن؛ ألنــه يتعارض غالبًا مع أشكال السلطة المختلفة ،ومع جماعات المصالح التي تنشأ حولها .وفي ثقافاتنا العربية هناك نماذج حديثة للمثقف المنطوي على ذاته، المنشغل بمالحقة الزمن ..كي يتمكن من إنتاج ك ٍّم كبير وذي مواصفات رفيعة مما يبدع مثل جمال حمدان ،وهناك نموذج
¦هناك من يرى أنه إذا أراد المثقف العربي أن يلحق بالثقافات العالمية ..عليه أن يـتــرك عــالـمــه الـعــربــي هــاربــا إل ــى أحـضــان الـثـقــافــات الغربية بحثً ا عــن مساحة من الحرية ،فما رأيك؟ ρ ρهــنــاك الــكــثــيــر مــن األوهـــــام المرتبطة بالثقافات الغربية في ثقافاتنا العربية. بال شك توجد درجــات أعلى من الحرية واحترام حقوق اإلنسان بدرجات مختلفة في الــغــرب ..وأخــص أوروب ــا .لكن هناك أنواعا أخرى من القمع الفكري والسياسي يعرفها من عاش في الغرب .االندماج في
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
للمثقف الذي قرر االنخراط في صراعات ثقافته ومقاومة جماعات المصالح والنفوذ مثل نصر أبو زيد الــذي دفع ثمنًا فادحً ا بسبب وقوفه أمام سماسرة الدين .بالنسبة لي أحسب أن المنحنى التاريخي الخطير الـــذي نعيش بــداخــلــه اآلن بــحــاجــة إلــى المثقف العضوي اإلنساني المنخرط في عمليات التحول بقوة ،وهو ما ال ينفصل عن تركيزه فيما يبدع أو يقدم من منتج فكري وفني ..بوصف هذا اإلنتاج هو أثره الباقي األصــيــل .لكن ال بــد مــن إعــان الموقف والتحيز أيا كان الثمن اآلن؛ ألنه كما قال مارتن لوثر كينج "أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤالء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك األخالقية العظيمة". وبصرف النظر عن المنطلق الديني لكينج، فإن السكوت خوفًا أو طمعًا أو كليهما في لحظتنا التاريخية الملتبسة والفارقة هو جرم ال يمكنني تخيل مدى قبحه.
الثقافات الغربية يتطلب من المثقف قدراً من التنازالت التي يقدمها الكثيرون كي يحصلوا على منابر يمكنهم من خاللها إيصال صوتهم ،إن بقيت لديهم حنجرة قــادرة على النطق بعد ما سيقدمونه من تــنــازالت ُمــذلــة .وهــنــاك المثقف الــذي ينطوي على مشروعه اإلبداعي في الغرب تماما كما كان حاله في الثقافات العربية، لكن مع مساحة ضرورية ومهمة من الحرية الشخصية في الغرب .هناك نماذج عرفتها عــن قــرب للنوعين ،وحــدثــونــي بصراحة صدمتني عن عنصرية الغرب تجاه العالم الثالث ،وقيودها الخفية غير المعلنة حول كل عقل مهاجر يظن نفسه قد وصل إلى الجنة الموعودة .الغرب يبقى شهيًا براقًا بمساحات من الحرية الشخصية والدينية والسياسية تبدو لنا حلما في ثقافاتنا التي العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
109
تعاني من غياب هذه الحريات تحديدًا. لكن كما يقول عفيفي مطر: ف ــك ــل بـ ـ ــاد ت ــرت ــج ــي ــه ــا إق ــام ــة فجيعتها فــيــهــا ومــنــهــا ال ــن ــوازل ولعل األوفق واألشرف للمثقف العربي أن يخوض معارك ثقافته حتى إن كان مقيما في الغرب .هناك كما أشرت من ينخرط فــي الثقافات الغربية ،ويجعل مــن خده "مداسً ا" بحسب التعبير الشعبي؛ كي يأخذ مكانه طبقا للشروط الغربية؛ ليكتشف بعدها أن الثقافة الغربية قد حوّلته بقوة انتظامها ووعيها بذاتها إلى تنويعة لحنية ضمن سيمفونيتها الخاصة ،ال يكاد بعدها
يميز صوته الثقافي المم ِيّز .وهناك من ينغلق انغالقا مرضيًا على ذاته ،ويرفض التفاعل مع الثقافات الغربية بأي معنى أو درجة ،فيتحول إلى كيان هزيل أعمى وأكثر تعصبًا .وهناك الموقف الذي أحسبه أكثر توازنا ،وهو موقف المثقف الذي اضطرته ظروفه للهجرة ،لكن عينه تبقى على ثقافته التي تمثل هويته ،كما يبقى وعيه منفتحً ا على قــضــايــاهــا ،مستغال مــا أش ــار إليه إدوارد سعيد؛ وهو قدرة المثقف المغترب مكانيًا من رؤيــة العالقات بين األحــداث في ثقافته ،والحكم بدرجة أكبر من العمق والتفهم الــهــادئ ال ــذي ينتج عــن البعد، وشحذ طاقات الفهم المحملة بأحاسيس انتماء متوهجة في الوقت نفسه. ¦ب ــرأي ــك ..مــا الـمـشــاكــل ال ـتــي يـعــانــي منها ال ـك ــات ــب أو األديـ ـ ــب ال ـع ــرب ــي ب ـش ـكــل ع ــام، والمصري بشكل خاص؟ ρ ρالحرية ،الحرية ،الحرية .المسألة ليست رفاهية أو مفردة يمكن االستغناء عنها بديل لها .لكن تبقى الحرية في أو إيجاد ٍ حد ذاتها من جانب آخر موضوعا للكتابة ومحفزًا عليه .الحرية غاية وطريق وصول في الوقت نفسه ،إنها مسألة جدل عميق ونشط بين قوى التحرر ..وضمنها الكتاب والمبدعين وقــوى إبــقــاء الــوضــع كما هو عليه بكل صالبتها وعنفها في الدفاع عن مصالحها.
110
ما يمكن أن يكون مدهشا هو أن الحرية تظل هي أيضا الغاية في الثقافات الغربية العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
المبدع أو المفكر المصري تحديدًا ،وهو تعميم أعتذر عنه ،يعاني مشكلة الحرية نفسها إلــى جانب مشكالت أخــرى أكثر إلحاحً ا ،وأقصد بالتحديد أز َمتَيْ االكتفاء االقــتــصــادي ،وغــيــاب الــتــقــديــر .المبدع المصري كذلك ينوء بحمل ثقيل من تراثه المعاصر فــي مختلف مــجــاالت اإلب ــداع األدبــي والموسيقي والتشكيلي والفكري ¦أي الـمـفـكــريــن أو الـنـقــاد مــن غـيــر الـعــرب أقرب إليك؟ وبمن تأثرت؟ مما تحقق في النصف األول من القرن العشرين تحديدًا؛ ألنه مطالب بالتفاعل ρ ρاألكثر قربا إلــيّ بصورة عامة هو إدوارد مع هذا التراث بهدف تجاوزه والبناء عليه. سعيد وميشيل فوكو وجــاك دري ــدا ،لكن مسألة اإلضافة للتراث النوعي والوصول مسألة التأثر هــذه معقدة بعض الشيء، إل ــى مــكــانــة مــرمــوقــة تـ ــزداد صــعــوبــة مع فهي ترتبط بالبحث الــذي أقــوم به ،فكل انفجار وسائل النشر واالتصال واختالط بحث هو حركة في الزمن واألفكار معًا، األصوات للدرجة التي يصبح بها متوسطو بسياقاتهما المختلفة .وال أبالغ إذا قلت القيمة والــمــوهــبــة نــجــومــا فــقــط؛ ألنهم إنني ال أذكــر بمن كنت متأثرا في بداية أذكياء في قراءة العقل الجمعي لينتجوا ما حياتي ،بل لعلي ال أذكر الكثير من األفكار يدغدغ عقول الناس ويمنحها وهمًا عميقا التي كنت أناقشها ،فالمهم هــو ماكينة باقتراف المعرفة دون أن تتحرك عقولهم الــتــفــكــيــر ،ولــيــس مــا يــصــدر عــنــهــا .لكن خطوة واحدة من مكانها .هؤالء يسهمون يمكنني القول إنني اآلن في حالة تفاعل بقوة في إغالق أبواب التأثير المتبادل بين وتأثر بكتابات زيجمونت بومان ،وميشيل الجمهور والمبدع المجدد. فوكو ،ومحمد حيان السمان ،والجاحظ، وبــديــع الــزمــان الهمذاني ،والنيسابوري ¦ه ــل ي ـص ـلــك أثـ ــر م ــا ت ـك ـتــب ع ـل ــى ال ـق ــارئ صاحب كتاب "عــقــاء المجانين"؛ ألني العربي والثقافة العربية عموما؟ العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
التي يظنها مــن يجهلها قــد وصلت إلى الغاية في الحريات .صحيح هناك خطوات واسعة تقدمت بها أوروبا والغرب عن حالة القمع البدائية التي نشهدها في الثقافات العربية ،لكن القيود الخفية وإرغــامــات المجتمعات الرأسمالية العنيفة تمثل قيودًا دامية على حركة الفكر واإلبداع في الغرب.
ρ ρغالبا ال يصلني أثر كتاباتي بصورة منتظمة، لكن هناك إشارات تقول بأن لألفكار أجنحة مهما طالت دورة قراءتها والتفاعل معها. هناك من يتصل بي من دول عربية مختلفة ليطلب بعض كتبي كجزء من إعداد رسائل علمية ،وهناك من يصلني سؤاله عن كتبي من داخل المنطقة العربية وخارجها بسبب بعض المفاهيم التي اقترحتها ،مثل مفهوم "السرد المكتنز" أو "المفكر الرقاصة". وهي كلها أمور تسعدني بعمق ،لكني دربت نفسي أال أنشغل بتحري أثر ما أكتب بحثًا عن الشعور بالتقدير .صحيح هو شعور يحتاجه كــل كــاتــب ،لكنه ربما يغيب في ثقافاتنا لما بعد موت هذا الكاتب.
111
أعمل على بحث حول "خطاب الجنون في الثقافة العربية في العصور الوسطى". ¦كيف ترى الفرق الــذي يصر عليه كثيرون بين الكتابة النسوية والكتابة الذكورية؟ ρ ρلقد أتيح لي االشتراك في ترجمة كتاب عن "النسوية والمواطنة" ،صدر عن المجلس األعلى للثقافة في مصر عام ٢٠٠٤م ،وهو ما فتح لي عالم الفكر النسوي بموجاته المختلفة. الكتابة النسوية ليست مختلفة بحكم الــفــوارق البيولوجية إال بــقــدر ضئيل ال يصنع فجوة ،إال حين تكون تلك الفوارق البيولوجية هي موضوع التجربة اإلبداعية.
112
لكن ما ال فكاك منه ..هو تلك المسافة التي يصنعها التمييز ضد المرأة ،والقمع الذي تعاني منه بدرجات في مختلف أنحاء العالم ،وأخص ثقافتنا التي يعد فيها قمع المرأة بسبب الفزع من جسدها واشتهائه بصورة مرضية في الوقت نفسه أمــرا ال ينكره المراقب المنصف .الكتابة النسوية لها تــاريــخ يعالج نفسه بنفسه ليتجاوز الخطاب العنصري المضاد الذي مارسته نسويات الموجة األولى ،وصوال إلى خطاب أدبــي وفكري نسوي يعبر عن خصوصية تجربة الــمــرأة ومعاناتها فــي ظــل تسيد الثقافة الذكورية ،دون الوقوع في التضاد الفج والعنصري مع الرجل.
((( كتب المؤلف: -1السرد في مقامات الهمذاني ،سلسلة دراسات أدبية ،الهيئة المصرية العامة للكتاب1998 ،م. -2أزمــة النقــد التطبيقــي فــي مصــر (تحريــر ومشــاركة) ،الهيئــة العامــة لقصــور الثقافــة ،مؤتمر بنــي ســويف األدبــي األول1999 /م. -3تشــكالت الوعــي وجماليــات القصــة ،دائــرة الثقافــة واإلعــام بالشــارقة ،مطبوعــات جائــزة الشــارقة لإلبــداع العربــي ،دولــة اإلمــارات العربيــة2002 ،م. -4السرد المكتنز ،الهيئة العامة لقصور الثقافة ،سلسلة كتابات نقدية 2002 /م. -5المفكر الرقَّاصة :من تفاصيل ثقافة منهارة ،الدار للنشر والتوزيع ،القاهرة2007 ،م. -6أصــداء الشــاعر القديــم :تعــدد الروايــة فــي الشــعر الجاهلــي ،دائــرة الثقافــة واإلعــام بالشــارقة، 2008م. -7قصيــدة النثــر العربيــة :مالمــح النــوع وحــدود التجريــب ،أرابيســك للنشــر والتوزيــع ،القاهــرة/ 2009م. -8اآلخــر فــي الشــعر العربــي :المتنبــي -شــوقي -العريــض ،صفصافــة للنشــر والتوزيــع ،القاهــرة/ 2010م. Thorsten Botz-Bornstein and Ayman Bakr (editors), The Crisis of the Human Sciences: Proceedings of the -9 .Conference held at the Gulf University for Science and Technology, March 6-8, 2011.Gust Publications, 2011 -10مقدمــات الثــورة المصريــة فــي السياســة واإلعــام والفــن ،صفصافــة للنشــر والتوزيــع ،القاهــرة، 2011م. -11انفتــاح النــص النقــدي :نحــو تحليــل ثقافــي لــأدب ،مســعى للنشــر والتوزيــع ،مملكــة البحريــن، 2013م. -12متون الساحر (ديوان شعر) ،األدهم للدراسات والنشر والتوزيع ،القاهرة2013 ،م. -13قالت أميمة :تأمالت في التراث ،دار العين للنشر ،القاهرة2016 ،م. ترجمات: أيمــن بكــر وســمر الشيشــكلي ،النســوية والمواطنــة ،تأليــف :ريــان فــوت ،المشــروع القومــي للترجمــة، المجلــس األعلــى للثقافــة ،القاهــرة2004 ،م. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
الناقد والكاتب د .إبراهيم الحجري: المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية بخير، وأنا معجب بالحراك األدبي والثقافي في المملكة كتابة تقديم حوار تبدو لي مهمة شاقة جدا ،كما أنني محرج للغاية ،ألن ضيف هذه المواجهة صديقي الغالي ،وأخي الذي لم تلده أمي :د .إبراهيم الحجري، أحــد الــوجــوه التي شرفت -وتـشــرف دومــا -مدينتنا ووطننا ،كاتب ،ناقد ومبدع، غزير اإلنتاج في مجاالت شتى ،القاسم المشترك فيها هو عشق الحرف ،وسالح الكلمة.. عـمــل الـحـجــري مــراســا ثـقــافـيــا لـجــريــدة «ال ـع ــرب» الـقـطــريــة ،وكــذلــك موقع «الجزيرة .نت» ،ومجلة «اليمامة» السعودية ،وموقع «الشارقة» ،24ونشر مقاالته األدب ـيــة ودراس ــات ــه الـنـقــديــة فــي الـعــديــد مــن الـمـنــابــر الـعــربـيــة ،مــن بينها مجلة «الجوبة» ،التي رحبت بإجراء إحدى مواجهات هذا العدد مع أحد كتابها البارزين، وهو حاصل على عدة جوائز عربية ،من بينها جائزة الطيب صالح ،وجائزة كتارا. ور ُّشح غير مرة للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد في فرع الدراسات النقدية. ■ حاوره :هشام بنشاوي
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
113
¦من هو إبراهيم الحجري؟ ولمن يكتب؟ ¦هل تــرى أنــك استطعت أن تحقق بعض أح ــام ــك ال ـمــؤج ـلــة ف ــي م ـش ـهـ ٍـد ثـقــافــي ρ ρعــبــد م ــن عــبــيــد اهلل الــمــتــواضــعــيــن، تحول إلى ما يشبه المستنقع؟ إنــســان ق ــروي ،أحــب الـ ــوادي ،والبحر، والحقول الخصبة ،والمراعي الممتدة؛ ρ ρعندما بــدأت أكتب لم أطــرح البتة هذا الــســؤال :ســؤال األح ــام الكبرى .كنت أكــره الضجيج ،والكسل ،والغوغائية، سلوك عشقته. ٍ فقط ،أروض نفسي على والفضاءات المغلقة؛ أميل للبساطة ،وال وكل ما جاء أو حصل من أشياء جميلة أجد نفسي في البذخ ،والرخاء الفاحش؛ لــم أكــن أفــكــر فيها ،أو أتــمــنــاهــا .لقد أرتاح أكثر بين الناس البسطاء ،يحكون حصل َت بالصدفة ،ولم أخطط لها .كنت َ لي حربهم الشرسة مع الفقر ،والحاجة، أعد الكتابة ،منذ البدء ،أو لنقل الثقافة والــمــرض ،والــحــفــاء ،والــفــاقــة ،بعفوية عــمــو ًمــا ،ال تجلب ســوى المتاعب ،في وصدق ،فتحس أنهم محايدون في هذا بلد تتبوأ فيه الثقافة المركز األخير في العالم ،ال يحملون ِغـ ًّـا ألحــد ،وال أمل دائرة االهتمامات .وكل ما جنينا من ثمار لهم سوى في السماء ،وال يرهبهم أبدا، الكتابة كان يهب علينا من خارج الحدود، أن يأتي مالك الموت فيقبض أرواحهم ورغم كثرة الستائر التي تحجب عنا نور حينئذ. الشمس ،فإننا نخطو ،ونسير ونواصل التسلق ،غير عابئين بالجراح. أكتب أحيانا لنفسي ،دون إحساس بأية نرجسية :أن أقنع نفسي أوال بما أكتبه¦ ،د .إبراهيم ،كيف تــرى العالقة الجدلية وأطرب له ،وآنس فيه نورًا ما ،ثم أتركه بين النقد واإلبــداع في عالمنا العربي؟ للزمن .ال تغريني عبارة أكتب لآلخرين، وهل الناقد مبدع فاشل ،كما يشاع؟ من أجل نيل إعجابهم ،أو من أجل إبالغ ρ ρال أومــن بهذه الفكرة ،ولست أدري من رسالة ما؛ يبدو األمر مطمحً ا بعيدًا في هو هــذا األحمق الــذي وضعها .الناقد مجتمعنا؛ لذلك ،من األجــدى أن يكتب واع بتشكل السيرورة، ببساطة هو كاتب ٍ المرء ليجدد صفاء نفسه ،ليغير ذاته، وعـ ــارف بخبايا طــقــوســهــا ،ومــســارات ويرقيها ،قبل أن ينظر في تأثير ما يكتبه ـاك لشفرات معانيها تحولها ذهنيا ،وفـ ّ على اآلخرين في زمن ينعدم فيه القراء، ودالالتها المتعددة .واألدلّ على ذلك ،أن وعشاق الكلمة الجادة ،ثم يترك األشياء األخ ــرى للزمن ،هــو كفيل بــأن يحركها
114
حسب السياقات والتحوالت. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
كثيرًا من ال ُكتّاب نجحوا في االختيارين مــعــا ،لكن هــنــاك أدب ــاء لــم يفلحوا في ممارسة النقد حتى بعد أن حصلوا على
يفلح نقاد في إبداع نص حقيقي يستحق
الذكر ،تبقى الموهبة ،في اإلبداع ،شيئًا مفصليًا ،ويبقى التكوين فــي العملية
النقدية أمرًا ضروريا.
¦رغــم إكــراهــات الـحـيــاة الـيــومـيــة ،تحرص على متابعة األصــدقــاء المبدعين هنا وهناك ،ما هو تقييمك للمشهد األدبي والثقافي في المملكة العربية السعودية الشقيقة؟ ρ ρالمشهد الثقافي السعودي بخير ،وأنا بكل ص ــدق ،معجب بالحركية العامة
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
شهادات عليا ،والعكس صحيح أيضا ،لم
الــتــي تعرفها المملكة أدب ـ ًيــا وثقافيا، رغــم العوائق والتحديات ،بل واألدهــى من ذلك ،فالمشهد يقدم خدمات كبيرة للثقافة العربية خارج المملكة من خالل المنشورات ،واإلصــــدارات ،والجوائز، والمهرجانات الثقافية ،وبحكم أن لي أصدقاء أدباء ومثقفين كثرًا من المملكة، وأحرص على متابعتهم بانتظام ،ونتبادل األعمال والمنشورات ،فأنا أسجل تطورًا ملموسً ا سوا ًء على مستوى اإلنتاج األدبي والفني أو على المستوى النقدي ،وهذا، كما هو معروف ،نتيجة حــراك األندية والــجــامــعــات ،والمهرجانات المحفزة، والجوائز المتنوعة التي تحتضن زبدة األعمال على مستوى كل التخصصات. ¦تطرقت فــي إح ــدى دراســاتــك إلــى تأثير العالم الرقمي وعوالمه االفتراضية على الــروايــة العربية ،هــل يمكن أن تحدثنا، باقتضاب ،عــن اسـتـفــادة روائيينا العرب من هذا الوسيط الجديد؟
حفل توقيع إصدار جديد
ρ ρبكل صدق ،ليست هناك روايــات عربية تفاعلية بالمعنى الــذي تقره التقاليد الغربية ،بل هناك مجرد محاوالت قام بها بعض األدباء من قبيل محمد سناجلة، ومحمد شويكة وغيرهما ،فأنت تعرف أنه لتكون لديك رواية تفاعلية بالمعنى الحقيقي للكلمة ،ال بد من إرساء بنيات ثقافية رقمية ،ال تتوقف عند مستوى اإلنتاج والرغبة فيه ،بل تمتد على مستوى العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
115
القناعات الرسمية ،فتتخلل بنيات النشر،
والتلقي ،والبرمجة ،وكل العناصر مؤثرة، ال على مستوى وال يكفي أن تنتج عم ً الــوســيــط الــجــديــد لــتــقــول إن ــك روائ ــي
رقمي أو تفاعلي .وللعلم ..فكل الذين قــامــوا بتجارب تفاعلية ،فــقــدوا ثقتهم
في الوسيط الجديد ،وعــادوا ليطبعوا األعمال نفسها ورقيًا حتى تجد طريقها إلى القارئ .في ظل عدم وجود بنيات
نشر ،وذائقة تلقي رقميتين ،ال تكفي رغبة الكاتب ومحاوالته إلنتاج أدب رقمي ،لكن مع ذلك ،تحسب لهؤالء الساعين للتجديد
مبادراتهم المجيدة لتجريب ثقافة الكتابة
الرقمية الجديدة على المجتمع العربي.
¦ف ــي اآلون ـ ـ ــة األخـ ـ ـي ـ ــرة ،أوص ـ ـ ــدت الـكـثـيــر مــن الصحف الـسـيــارة أبــواب ـهــا ،حتى أن صحيفة «االكسبرس» األمريكية عنونت خبر نعيها بما يشبه الشتيمة« :ابقوا مع هواتفكم الحقيرة» ،هل سيلقى الكتاب ال ــورق ــي ال ـم ـص ـيــر ال ـت ــراج ـي ــدي الـمــؤلــم نفسه؟
ويعمل بجد على التصدي لهذه التحوالت، ويهيئ األرضية لها ،التراجيديا ستعلق بالعرب ومن معهم من األمم المتخلفة عن الركب ،ألنهم سيظلون تابعين ،وال موقف لهم ضمن هذا الحراك القوي ،األهوج، العواصف ،الذي ال يرحم الضعاف.
ρ ρهذا مسار حتمي يا صديقي ،وال مجال ¦بـ ـم ــاذا ت ـش ـعــر ح ـيــن ت ـتــذكــر رائـ ـح ــة ورق الصحيفة ال ـطــازجــة ،فــي التسعينيات، للرثاء أو الوقوف على األطــال ،الزمن الرقمي قادم بقوة ،وسيمتد صداه ليهيمن على كل شيء ،فكما انتقل البشر تاريخيا،
حين كنا نتصفحها بحثا عن نصوصنا البكر؟
مــن المخطوط إلــى المطبوع ،سينتقل ρ ρنحن نحنّ لهذه األشياء بقوة ،ونستعيد
116
العمل من المطبوع إلى الوسيط الجديد،
طعمها الجميل ،مثل أي شيء طفولي،
كيفما كانت تسمياته ،وهذه الحركية لن
ألنــه يرتبط بكفاحنا األول ،وبتشكل
واع بهذا األمر، تتوقف إطالقا ،والغرب ٍ
وعينا البدئي ،وهو شعور سيخالج أيضا
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
والمواقع الرقمية ،وهلم جرا. ¦س ـن ـحــاول أن ن ـت ــرك ال ـجــانــب اإلب ــداع ــي ق ـل ـيــا ،ألن ف ــي ال ـق ـلــب غ ـص ــة ،ون ـغــوص أك ـث ــر ف ــي م ــا ي ـع ــرف ب ــوس ــائ ــل ال ـتــواصــل االجتماعي ،التي استلبت أفــراد األســرة ال ــواح ــدة ،وحــولـتـهــم إل ــى ج ــزر متباعدة ع ـل ــى ضـ ـف ــاف الـ ـه ــوات ــف ال ــذكـ ـي ــة ،وق ــد يتواصلون عبر ال ـ «واتساب» أو «مسنجر» ت ـحــت س ـقــف ب ـيــت واحـ ـ ــد!! م ــا ذا يـقــول الحجري في ذلك؟ ρ ρعلى اعتبار أني رب أسرة ،ورجل تعليم، فاألمر يعني لي الشيء الكثير ،وفي القلب
غصة ،نحن نشاهد هذا االنعكاس السلبي،
ونرى آثاره الفاضحة على أبنائنا ،ونعمل ما في وسعنا لتجنب الكارثة ،لكن على
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
من فتحوا أعينهم على العالم األزرق،
ما يبدو .فالعاصفة أقوى من إمكاناتنا. فالميديا عــالــم افــتــراضــي ســاحــر ،له مقومات عجيبة على اإلثــارة ،ويستميل الكبار قبل الصغار ،وله انعكاسات سلبية على القيم ،والهوية ،والثقافة ،والعادات السلوكية ،وبحكم هذا التخدير األسود، الذي يعمي الجميع ،مؤسسات وأفراداً، فالكل غافل أو متغافل ،وسننهض يوما ما على حافة الجنون بعد أن نكتشف أننا صرنا كائنات افتراضية ال أثر لها في هذا الوجود .ينصرم العمر بين أيدينا، فال نحس به ،ونفقد من نحب دون أن ننتبه إلى أنهم كانوا باألمس بيننا ،دون أن نولي حضورهم أدنى قيمة ،وفضلنا عليهم آالت صماء ،وعوالم ال وجود لها أصــا ،وهــكــذا لــن ينفع الــنــدم ،وتــزداد الخيبة خيبات. ¦وماذا عن إساءة استخدام الشباب العربي لهذه الهواتف الذكية ،إذ تحول كــل من ودب إلـ ــى ص ـح ــاف ــيّ إل ـك ـت ــرون ــي ،أو هـ ـ ّـب ّ بمعنى أص ــح« :م ـج ــرم» إل ـك ـتــرونــي يبتز اآلخرين ،بعد التطفل على خصوصياته؟ بل حتى إن بعض األنظمة الدكتاتورية، ت ـص ـف ــي خ ـص ــوم ـه ــا ال ـس ـي ــاس ـي ـي ــن ،عـبــر ثغرة إلكترونية ،وتتغاضى عن مجانين «السوشيال ميديا» ،الــذيــن تحولوا إلى مشاهير بين عشية وضحاها ،ودمروا كل ما هو جميل ونبيل…
عند تسلم جائزة الطيب صالح
من يقف وراء كل هذا الهراء؟ ما جدوى العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
117
مع طالب الرفاعي
ما نكتب؟ ما هو دورنا؟ كما تعرف ،فالميديا سيف ذو حدين: وبما أن السوشيال ميديا قضت على الخصوصية ،وانتهكت كافة الــحــدود، وسطت على العوالم الحميمية لألفراد والمجتمعات ،فــإن األنظمة السياسية واالقــتــصــاديــة المهيمنة عــلــى الــعــالــم،
ستعمل ،كما في كل مرة ،على استثمار
هذه المكتسبات لصالحها ،خاصة في ما
يتعلق بالحفاظ على حضورها ،وتطوير تجذرها ،والقضاء على خصومها ،ونشر القيم التي تمدد أعمارها ،وهي طبعًا،
غالبا ما تكون مجانية ،فيستغل أصحابها ضعف مستندات التعاقد بين الشركة والــمــوقــع والــمــشــتــرك ،لبيع البيانات،
وجعلها متاحة أمام كل من يقدم المال، ويصبح الناس عرايا أمــام عالم ينتهك حرماتهم ،وفي الوقت الذي يعتقد كثيرون أنهم يسبحون في الخفاء ،ويمارسون أنــشــطــتــهــم فــي الــتــكــتــم ،نــجــد آخـــرون
يتفرجون على توهمهم هــذا ،ويتغذون منه ،ويراكمون من ورائــه ثرواتهم ،وفي الواقع ،فاألمر أصبح مفضوحا أكثر من أي زمن مضى.
تــرصــد لــذلــك ،م ــوارد مــاديــة ومالية ال ¦أنا أديــن المثقف… أال ترى كيف يتسلق
يمكن توقع قيمتها ،ولألسف ،فالشركات
المشرفة على السوشيال ميديا ال تؤمّن
118
بيانات متصفحيها ومشتركيها ،ألنها العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
م ـج ـمــوعــة م ــن ال ـط ـف ـي ـل ـي ـيــن ،ال ـن ـك ــرات، الـمـنـبـطـحــون الـمـشـهــد األدبـ ــي والـفـنــي، عبر تعليق مجاملة في «فيسبوك» لمدير
الكتابة عن كتبه ،وبضربة حظ ،قد تجد
اآلمرين والناهين ،وأحيانا بدون منجزات
نفسك عضوا في لجنة تحكيم جائزة ما، أو تصبح كاتبًا قارا في إحدى المجالت، يتوسط اسمك كبار كتاب العالم العربي؟ هل هذا المثقف مثل أعلى؟ ρ ρلم يخل العالم من طفيليات بشرية في أي تــاريــخ .وهــي كــائــنــات تعتاش على الــبــرك اآلســنــة المتوافرة هنا وهناك، وه ــم لــأســف كــثــرة فــي ه ــذا الــزمــن،
تذكر ،وإن وجدت فهي ضعيفة ،ومسروقة، ومفتعلة .لكن التاريخ ال يحتفظ بهؤالء، فهو ال يعترف سوى باألعمال اإلنسانية الجادة ،وال يدون غير األسماء الخالدة
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
ت ـحــريــر م ـج ـلــة ع ــرب ـي ــة ،أو م ـح ــاورت ــه أو
والمكتوبة واالفتراضية ،ويصبحون هم
التي تركت دمها على القرطاس والقلم. ¦كيف ننتشل أنفسنا من هذا المستنقع اآلسن؟
ويعرقلون مسار الثقافة الجادة ،خاصة ρ ρبالعمل ثم العمل ثم العمل ،وتجنب التفكير في هذا الوضع ..ألنه يشعر باإلحباط، أنهم بسرعة كبيرة ،تتهيأ لهم الظروف، فينالون مــواقــع حساسة فــي الهيئات والــمــنــظــمــات ،والــمــؤســســات الثقافية،
والمنابر اإلعالمية المرئية والمسموعة
واإلفـــاس ،ويجعل الــمــرء يطرح بحدة
جدوى الكتابة والثقافة والحياة أصال، بين هذه الكائنات.
إبراهيم الحجري وهشام بن الشاوي العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
119
¦بحكم مشاركاتك في العديد من الجوائز العربية ،بينها جوائز مرموقة ،هل تتفق مع من يقصفون بعضها ،ويشككون في مصداقيتها؟ ρ ρال أريـــد أن أنــخــرط فــي ه ــذا الــجــدل العقيم .وأعمل وفــق منطقي الخاص: فكرة الجوائز فكرة رائــدة ،تشكر عليها الهيئات الوطنية واإلقليمية والدولية التي تشرف عليها وتحتضنها ،لما لها من دور ريادي في تنمية اإلبداع ،والفن ،والكتابة بكل أشكالها ،خاصة لما تنبثق عن رؤى تنويرية خالية مــن اإليديولوجيا ،وما دون ذلك ،من تفاصيل ،يخص المعايير، واألجندات ،واألولويات ،واللجان العلمية، ودوائـ ــر األمــانــات ،واالخــتــيــارات ،فهي تخص الجهة المنظمة ،ويبقى الحق للكتاب والمبدعين في إبداء مالحظاتهم
أن يعلم أنه يسهم في قصف تاريخه مهما عال شأنه ،وطفا نجمه ،فموقف الكاتب، ونزاهته ،وصرامته العلمية ،وخصاله الرفيعة ،ووقوفه مع الحق ...أمور تصير
شريطة أن تكون بناءة ،وتخضع لمنطق
أحيانا ،أهم بكثير مما يكتبه .لكن فكرة
الذوق الرفيع ،وعلى المشرفين اإلنصات
الجوائز أنا أشجعها ،وأدعو للمزيد من
لها ،وتطوير عملهم داخل برامج الجوائز. وأنا أرى أن المشكل ال يأتي من الجوائز أو دوائرها المحتضنة في الغالب األعم ،بل يأتي من جهة اللجان المفرزة .فلألسف، المثقف الــعــربــي ال يملك فــي الغالب استقالليته ،وليست له تلك الكاريزما
المراهنة عليها ،وبالتأكيد مــع تراكم التجارب سوف تنزاح الكثير من السحب الطفيلية ،وتــزهــر النتائج عــن أزهــار الكتابة الفواحة. ¦ما هو جديدك؟
القوية القادرة على فرض رأيه ،وغالبا ما ρ ρلــدي كتاب نقدي أنتظر خبر صــدوره، ولــدي مخطوطات روائــيــة ونقدية قيد يستسلم أمام أهوائه ،ورغبات اآلخرين،
120
فيصير ألعوبة ضمن لوبيات مهيمنة ،دون العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
التنقيح.
إلســــــــــا أوسـوريو
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
الكاتبة األرجنتينية
إقامتي في العاصمة األسبانية منحتني مساحة لكتابة الرواية بال خوف أو قلق تعد الكاتبة إلسا أوســوريــو واح ــدة مــن أشهر كاتبات األرجنتين حاليا ،حيث نالت العديد من الجوائز األدبية من بينها الجائزة الوطنية باألرجنتين ،وجائزة منظمة العفو الدولية. ولدت في بوينس أيريس عام 1952م ،وترجمت روايتها «أسمى نور» التى صدرت فى األرجنتين عام 1998م إلى عشرين لغة من بينها العربية ،حيث صدرت طبعتها العربية فى القاهرة.
■ حاورتها :نسرين البخشوجنى
¦«أسمى نور» ..رواية تاريخية فى إطار اجتماعى ،تتناول الحرب القذرة فى األرجنتين أثناء فترة السبعينيات، حدثينا عن مرحلة التحضير لهذا الـعـمــل ..خــاصــة أنــك عــاصــرت هذه الفترة. ρ ρكتبت ه ــذه ال ــرواي ــة بــعــد عشرين عاما من سقوط الديكتاتورية فى األرجنتين ،وهي بالفعل عمل أدبي ذو إطــار تاريخي ،يتناول موضوع
اختطاف األطفال بعد اختفاء أهلهم قسريا ،بعد سقوط الديكتاتورية، بدأ األحفاد في البحث عن ذويهم مــن خالل بنك وطني ت ـ ّم تأسيسة لهذا الغرض ،وهو بنك يعمل بنظام الــجــيــنــات الــوراثــيــة ،كــي يعثر كل شخص على عائلته الحقيقية .ومع ذلــك لــم أقــم بالبحث عــن قصص حقيقية فى هــذا الشأن ،بل كتبت بإحساسي كمواطنة عــاشــت هذه الحقبة من الزمن .الجميل أن بعض العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
121
األحــداث كانت خيالية ..ولكنها صارت حقيق ًة فشعرت بالسعادة.
ال يمكن ان يؤخذ باعتباره جــرى ِب ِنيّة طيبة.
¦هل اخترت أن يــدور الحدث األســاس في ¦ميريام شخصية طموحة وأنانية ،لكنها ال ــرواي ــة «ل ـق ــاء االب ـن ــة واألب» ب ـمــدريــد؛ تحولت فجأة إلى شخص عطوف ،فنست ألنك عشت منذ عام 1994م ولمدة أربعة ك ــل أح ــام ـه ــا وت ـت ـب ـعــت ع ــواط ـف ـه ــا ،كــان عشر عاما في أسبانيا؟ مدهشا جدً ا تصرفها مع خطيبها الذي ً تركته من أجل «نور»؟ ρ ρليس تمامًا ،لكن يمكنني أن أقــول إن مريام تغيرت حين قابلت السجينة األم، اإلقامة في العاصمة اإلسبانية أعطتني وسألت نفسها سؤاالً بسيطاً ،لماذا أخذ مساحة لكتابة الرواية بال خوف أو قلق. الطفلة وأمها تحبها؟ كذلك هي أكتشفت شخصا فــاســدً ا، ً ¦الـجـنـيــرال ألفنسو كــان واقعاً مريراً خاصة بعدما تم قتل األم ولكنه حين تبنى «نور» ،فعل ذلك بغريزة أمام عينها. أبويه..هل تتفقين معي؟ مــيــريــام إنــســانــة بسيطة لــم تــكــن يوما ρ ρما حدث لألطفال لم يكن تب ّنيًا نبيال ،بل مناضلة سياسية وال حتى مثقفة ،هي هو اختطاف وطمس للهوية .هناك فر ٌق مجرد إنسانة طيبة .وهي الشخصية التي كبي ٌر بين الكلمتين «اختطاف» و«تبني»، استطاع «إدواردو» تغييرها خالل أحداث الفرق هو الحد الفاصل بين العمل النبيل الرواية ،وهي من الشخصيات التي لديها والعمل اإلجرامي .اتفهَّم أن وجهة نظري القابلية للتغير ..وهذا أمر جيد. ربما ال تكون مفهومة بالنسبة للقراء،
ولكن الكذب على أشخاص طوال حياتهم ¦أثناء قــراءة النص الروائي ،شعرت بأنك
إلسا أوسوريو ندوة الشارقة
122
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
¦«اسمي نور» هي روايتك السادسة ،ولكنها أول عـمــل أدب ــي يـتــم تــرجـمـتــه ل ــك ،متى بـ ــدأت ال ـك ـتــابــة؟ وك ـيــف تـقـ ّيـمـيــن تجربة تـقـصــديــن ال ـك ـشــف ع ــن ب ـعــض األحـ ــداث الترجمة؟ قـبــل األوان ،مـثــل الـقـصــة المفبركة عن موت «ليليانا» التي تم سردها مرتين فى ρ ρبالفعل« ،اسمي نــور» هى الــروايــة التى تسببت فى شهرتي ،ونلت عنها أول جائزة النص الروائي من خالل شخصيتي «نور» أدبية «جائزة منظمة العفو الدولية». و«ميريام». بالنسبة للكتابة ،فأنا أكتب منذ تعلمت ρ ρأنا مؤمنة أنه من المهم أن يحافظ الكاتب القراءة والكتابة ،ومن وقتها لم أتوقف على عنصر التشويق في النص ،وأعتقد أبدا .أما عن الترجمة فهي أم ٌر مه ٌم جدًا أني نجحت في ذلك. بالنسبة ألي كاتب ،وبالطبع بالنسبة لي، فــي الــمــقــدمــة ..ســيــعــرف ال ــق ــاريء أن ألن هذه التجربة أظهرت لي أن القاريء «نــور» عثرت على والــدهــا ،ورغــم ذلك، رغم اختالف المجتمعات واللغات ..إال يظل القارئ متشوقا الستكمال الرواية؛ انــه مهتم بمعرفة تــاريــخ بــلــدي .فهناك ألن بناءها سمح بذلك منذ البداية .المهم بــعــض ال ــق ــراء ســألــونــي كــيــف يمكنني بالنسبة لي ،ليست النهاية بحد ذاتها.. مساعدة هؤالء األشخاص فى العثور على ولكن كيف يصل السارد لهذه النقطة. أهلهم؟ ¦ه ــل سـمـيــت الـبـطـلــة «نـ ــور» لـتـصـبــح رم ــزا ¦يود القاريء العربي أن يتعرف أكثر على لألمل والمستقبل؟ الكاتبة األرجنتينية إلسا أوسريو. ρ ρبالفعل ..هــي كــذلــك ،وهــي أيــضــا رم ـ ٌز للحقيقة والــشــفــافــيــة .فــاســم الــروايــة باإلسبانية هو «20عاما ،لــوث» ،و«لوث» يعني «ن ــور» ،وهــو أوال اســم الشخصية األساس في العمل ،كانت تبلغ من العمر عشرين عامًا حين قررت أن تبحث عن أهلها .ثانيا« ،نور» التى تسلط الضوء على أحــداث تاريخية بعد عشرين عامًا من
ρ ρأحب ما أفعله ،وأنا محظوظة جدًا بذلك. أحب القراءة وأمضي أوقاتاً طويلة في أمــاكــن مختلفة مــع أشــخــاص مختلفين لغات ال أفهمها ،وأكتب .أعيش يتحدثون ٍ فى بوينس أيريس ،وهناك في بيتي مكتبة ضخمة .صرت أ ُ ّمًا لثالثة أطفال في وقت مبكر ،فكبرنا معًا .لديهم اآلن عائلتهم.. وهذا ما أعطاني الفرصة للسفر كثيرا. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
مـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات
حدوثها .ثالثا ،طلبت من أحد األصدقاء أن يخبرني كيف يمكن حساب عشرين سنة ضوئية؟! وكان الرد أن الرقم أكبر من أن يتم حسابه ،وهو ما يفسر بشاعة اختطاف األطفال.
123
الحياة ..شهقة حياة! ■ محمد علي حسن اجلفري*
في عام 1966م ،دخل شاب على مؤسس جريدة "الحياة" كامل مروّة في مكتبه في بيروت ،وأطلق عليه رصاصة واحدة من مسدس كاتم للصوت .تحامل مروة، وتشاجر مع الجاني حتى تهشم زجاج النافذة القريبة ،لكن النزيف اشتد عليه.. فسقط ميتا ،وتسلل القاتل هاربا. بــدأ كامل مــروّة -رحمه اهلل الجريدة -عــام 1946م ،وســط ( )55جريدة أخرى منافسه في لبنان ،ورفعت شعارًا" :إن الحياة عقيدة وجهاد" ،من بيت ألحمد شوقي يقول:
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا
يا جارة الوادي طربت وعادني
إن ال ـح ـي ــاة ع ـق ـيــدة وج ـهــاد
ما يشبه األحالم من ذكراك
وكان الشاعر أحمد شوقي قد توفي
وبــقــيــت (الــحــيــاة) طيلة عمرها
عام 1932م ،لكنه ..لما زار لبنان ألقى محافظة على شعرة معاوية بينها وبين في مدح لبنان غرر القصائد ،ومنها الشعر العربي ،بل كانت تنشر قصائد
124
قصيدته الشهيرة المغناة في زحلة: العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
لنزار قباني ،وغــازي القصيبي ،في
وتزدان مكتبتي بكتاب أو قل موسوعة إلى أكثر من المبلغ الالزم إلصدار األعداد بعنوان "قل كلمتك وامش" ،وفي آخر الجزء األولــى .وعلى كل حــال لم أجــد أكثر من الــرابــع ،روى المغدور كامل م ــروّة قصة عشرة آالف لــيــرة ،فكان عليّ أن أتدبر أمري بها. (الحياة) اقتبس منها هذي الفقرات: كــان في بيروت يومئذ ( )55صحيفة
قضينا األيــام األولــى من كانون الثاني
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
صدر صفحتها األولى.
كنت أعتقد أن الجريدة ستروّج ،ولن أحتاج
يومية ،صدر أكثرها ال من أجل الصحافة( ،يناير1946م) نعمل بمعدل ( )16ساعة بل لإلفادة من كميات الــورق التي كانت في اليوم ،وكثيرًا ما كنت أنام الساعات
السلطات الفرنسية توزعها بسعر ( )7األخرى على مقعدي وراء المكتب بانتظار ليرات للماعون ،بينما يباع الماعون في الــصــبــاح ،حين يأتي زمــيــان لــي وثالثة الــســوق الــحــرة بأكثر مــن سبعين ليرة .إداريين.
وكانت شكوى الحكومة اللبنانية والجمهور من هذا الدفق الصحفي المزيف عارمة.
أم ــا قــصــة الــمــكــتــب ،فــقــد استقدمت بعض طــاوالتــه مــن مخلفات أســرتــي في
مع ذلــك ،قــررتُ اإلقــدام على إصــدار صيدا ،واشتريت األخرى من باعة حطام الــصــحــيــفــة الــســادســة والــخــمــســيــن في بيروت ،وليس لدي من وسائلها غير العزم، وقد شجعني المرحوم جبران التويني على المضي في مسعاي ،وأفرد لي في مكتب "النهار" في سوق الطويلة غرفة إلصدار جريدتي منها. بعد المكتب ،بقيت أمامي مشكلتان: تدبير رأس المال ،وتدبير امتياز .أما رأس المال ..فقد وجدته في قرض قدره عشرة آالف لــيــرة ،عقدته مــع أحــد المرابين،
بكفالة التاجر السيد محمود صفا ،وكان وسيط العقد السيد محمد قرة علي. والمبلغ في حد ذاته زهي ٌد جدا ،ولكني العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
125
األثاث في سوق سرسق الشعبي ،وانتزعت 1966م .وفــي الساعة التاسعة ليل 16
الكراسي من بيتي ،ونقلت الراديو القديم مايو (أيار) 1966م ،سقط مروّة مضرجا الموجود فيه منذ سنة 1934م .وما عدا بدمائه رحمه اهلل. ذلك كان الرياش من الكرتون وصناديق
ثــم شــاء اهلل أن يتدخل سمو األمير
الفاكهة العتيقة.
خالد بن سلطان ،فيشتري امتياز جريدة
إلى بيتي ألنام من شدة التعب.
1990م ،حتى اجــتــاحــت ق ــوات عراقية
وفــي 28كــانــون الثاني 1946م دارت الحياة لتصدر مــن جديد عــام 1988م. رام ،وفي وكانت الصفقة رمي ًة من غير ٍ مطبعة السيد عمر ميمنة في سوق إياس، الوقت نفسه ضربة معلم. لتخرج العدد األول من جريدة الحياة، فــمــا أن جـــاء الــثــانــي م ــن أغسطس ورأيت الناس يتخاطفونه بعد قليل .وذهبت لقد قطعت عهدا عند صــدور العدد األول بأن تكون "الحياة" (جريدة نظيفة بأيدي نظيفة في خدمة غايات نظيفة).
الكويت باعتبارها المحافظة العراقية التاسعة عــشــرة ،وأصبحت على مرمى
حجر من الخفجي والــحــدود السعودية.
وكانت المملكة بحاجة إلى قوات عسكرية
هذه القصة كتبها كامل مروّة في يناير للدفاع عن حدودها من ناحية ،وإلى قوة
126
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
االستاذة سناء البلبيسي -الكاتبة المصرية في جريدة األهرام في 27يناير 2019م إذ قالت: "ماذا حدث للصحافة المصرية؟ ولماذا فقد القارئ ثقته في الصحيفة؟ ولماذا
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
تــمــا ًمــا ،وعــبــرت عــن ذل ــك خــيــر تعبير
سقطت المؤسسات الصحفية القومية في مستنقع اإلفالس والفساد ،وأصبحت اليوم تمد يديها للحكومة لدفع مرتبات العاملين؟" إن انهيار الصحف القومية والمستقلة ليس قضية األهرام وحدها ،ولكنها مسألة ناعمة لتهيئة الصورة الحسنة في أذهان عالمية تعاني منها كافة الصحف الورقية. ال ــرأي الــعــام العربي واإلســامــي .وكــان وقد توقفت الحياة ورقيًا قبل نحو عامين، األمــيــر خــالــد بــن سلطان قــائــد الــقــوات وأصبحت ضوئية على الفضاء العنكبوتي- العربية الشقيقة والــصــديــقــة وصاحب اإلنترنت أو الشابكة كما عرّبها اللغويون. جــريــدة الحياة ذات الــصــورة المستقلة ،لكنها مع ذلك لم تستمر إال أقل من عشرين شهرًا ثم وصلت إلى نهاية الحياة! بكوادر معظمها لبنانية ،لتجفيف شبهة وإنا هلل وإنا إليه راجعون. االنحياز والمحاباة. وما أدراك ما تفعل القوة الناعمة ،ثم ما أدراك ما تفعل القوة الناعمة! فقد قال الشاعر قبل مائة عام:
ل ـ ـكـ ــل زم ـ ـ ـ ــان فـ ـيـ ـم ــا م ـ ـضـ ــى آيـ ــة وآي ـ ـ ـ ــة ه ـ ـ ــذا الـ ـ ــزمـ ـ ــان ال ـص ـح ــف لكن الفلك دار ،وانعكست اآليــة هذه * مترجم ونائب مدير مركز معلومات مؤسسة عكاظ سابقا. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
127
اإلعالم الرقمي واإلشاعة كيف تسهم الشائعات في التضليل وصناعة الشخصية األسطورية؟
■ د .سعيد سهمي*
السلطة الرابع َة في العُ رف السياسي ،لكونه قادرًا على أن يفعل وأن يعدّ اإلعالمُ ُّ يغيِّر في المجتمع ،وأن لديه سلط َة القرار وتغيير االتجاه؛ غير إننا في المجتمع الرّقمي الذي يعتبر المتغير األســاس أو البراديغم ( )le paradigmeالجديد في األلفية الثالثة ،قد نوه السلطة األولــى ،لما لديه من قدرة على تغيير كثير من األمــور والحقائق لدى المتلقي ،وجعله منسجما مع رغبة اإلعالمي وتوجهاته اإليديولوجية ،وهو ما يمكن معه التأثير على باقي السلطات األخرى :التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ إذ إن األخبار التي تنتقل كالنار في الهشيم ،تقوم على التضليل في غالب األحيان بما يقع في الــواقــع ،فيتعاطف معها الماليين من حرجا في تصديق كل شيء؛ ما يجعل المعلومة تنتشر، الناس الذين ال يجدون ً ويجعل السلطة أو المشرّع في كثير من األحيان يستجيب إلخماد نار اإلشاعة. وإذا كــان لإلعالم الرقمي الفض ُل المنشورات المكتوبة ،أو الفيديوهات في التنوير ونشر الحقائق والمعلومات ،السمعية البصرية التي تنتشر كالنار مــن خــال إيــصــال المعلومة والخبر في الهشيم. للجماهير فــي وقــت قــيــاســيٍّ عندما -1من يصنع اإلشاعات؟ يتعلق األمـــر بــمــا ينفع الــنــاس ،فــإن الواقع أن اإلشاعة أو الشائعة ،ال المشكل كل المشكل في التضليل الذي
اكتشاف ُ يخلقه اإلعالم الرقمي غير المسؤول ،أصل لها ،أو على األقل ال يمكن وفــي اإلشــاعــة الــتــي ينشرها ،والتي هذا األصل ،غير أنها تعود عمومًا إلى
128
تخلق كثيرًا من التفاعل السلبي مع ذلك الفرد الراغب في خلق البلبلة أو العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ الفوضى في المجتمع ،أو التشويش على للتعامل مــع األخــبــار الكاذبة التي تنتشر
الصورة في ذهن المتلقي عن فرد آخر ،أو بشكل سريع ومتغير ،وإنــمــا يعمدون الى عن جماعة من الجماعات؛ فقد تنتج عن تصديق اإلشاعة وترويجها ،فيت َّم تحقيق
السياسي الذي يرغب في تحطيم خصمه األهداف التي رسمها لها مروِّجها في غياب ِ في االنتخابات ،فينش َر اإلشاعات المضلل َة ثقافة التعامل مع اإلشاعة ،ثم في غياب التي تمس بشخصية غريمه ،عبر الحزب العقاب الــزجــري ..خــاصــة إذا علمنا أن أو النقابة أو جمعيات المجتمع المدني ،اإلشاعة تفتقد إلى المصدر ،فغالبا ما يكون
مجهول. ً وذلــك بهدف تشويه صورته أمــام العامة؛ مصدُرها وقد تنتج عن المنتِج التجاري الذي يريد أن يبخس سلعة غيره ،فيصن َع حولها األقاويل -2اإلشاعة والدعاية وثقافة "البوز" واإلش ــاع ــات لجعلها دون قيمة فــي نظر
من أشكال اإلشاعة ما نالحظه اليو َم مِ ن
العمالء ،ومن ثم تتحطم قيمتها انطالقا من دعايات تعمل على خلق نوع من التضامن ٍ أباطي َل تتخذ من الدين أو األخالق أو القيم االجتماعي الذي ينتقل من العالم االفتراضي مادتها لتشويه صورتها في متخيل المتلقي .إلى الواقع مع بعض األفــراد؛ فنانين كانوا والمشكل فــي الــواقــع أن الــنــاس الذين أم سياسيين أم أدبــاء ( ،)...عبر الرسائل
يصدقون اإلشاعة ال يمتلكون الوعي الكافي اإللكترونية والنشر اإللكتروني الذي يلعب العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
129
التفاعل مع ما ينشر أو يبث إلكترونيا. -3الرقمية المضللة ونهاية العبقرية كــان الــمــرء مــن قبل يصنع عبقريته أو شخصيتَه األسطوريَّة اعتمادًا على مُنجزه األدبي أو العلمي أو السياسي أو الرياضي، وذلــك فــي زمــن طويل قــد يتطلب عــقــودًا، على أوتار العاطفة لدى العامة ،من خالل مواقع التواصل االجتماعي ،حيث أصبحنا أمــام شخصيات شبه أســطــوريــة صنعتها ثقافة ما يسمى بالبوز ( ،)buzzوهي ثقافة الصورة التي تستطيع أن تخلق لدى المتلقي صــورة مثالية لفرد مــن األف ــراد فــي وقت قياسي ،من خالل بريق الصور التي ينشرها مناصروه من أجل الظفر باالنتخابات ،أو ثقافية ،أو من أجل تحسين ٍ الفوز بجوائ َز صورته أمام الناس للتضامن معه اجتماعيا
حيث يتناقل الناس أفكاره وكتبه وإنجازاته العلمية أو النضالية ،ومن ثم يخلق لشخصه األسطورة التي تناسبه ،أو يصبح هو بعد مــوتــه أســطــورة مــن خــال مــا يحكى حول سيرته. أما اليوم فقد أصبح من السهل جدا أن نخلق من أي شخصية تافهة في المجتمع أسطورةً ،وذلك عبر نشر األكاذيب واألباطيل واإلنجازات الوهمية حول شخصية سياسية أو ثقافية أو فنية اعتمادًا على الحكاية ،أو انطالقا من نسبة إنجازات وهمية له ،أو عن
أو ماديا ،من قبيل نشر األخبار المزيفة حول شخص ما تعرض للظلم االجتماعي طريق الخيال من خالل إلصاق أمور خرافية أو السياسي أو األكــاديــمــي رغــم كفاءته ،بشخصية من الشخصيات. مما يحقق له تعاطف العامة ،ويصنع له
فكم رفعت الدعاية واإلشاعة من أناس
مكانة اجتماعية او سياسية بفعل التضامن كانوا ال يساوون شيئا في مجال معين إلى االجتماعي ،فيأتي الناس للتضامن معه مصاف العالميَّة ،وكم وضعت من أناس كبار
ماديا أو معنويا ،وبذلك تتحقق له الشخصية بفعل نشر معلومة كاذبة أو تلفيق صورة من األسطورية من خالل الشائعات التي تجعل الصور المضللة ،والتي مهما كانت مفبركة
وسائل اإلعالم تتوافد عليه ألهداف مادية ومصطنعة ..فإنها مع الزمن تظل راسخ ًة محضة ،اعتبارا للمداخيل المادية الهائلة في متخيَّل المتلقي .بل إن كثيرًا من الصور
130
التي تجنيها المواقع اإللكترونية بفضل واألفـــام المُغرضة جــرّت أشخاصا إلى
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ظلمًا ،بسبب اإلشاعة.
الشخصية ورفع مكانتها في عين المتلقي
لقد تنبأ بعض المراقبين للرقمية بأنها ومخيلته ،حتى يتحول مع الزمن إلى ما يشبه األسطورة السياسية ،ويضمن له النجاح في ستؤدي حتما إلى نهاية العبقرية ،من خالل االنتخابات ،أو االرتقاء في مجال السياسة، كــون العباقرة الحقيقيين لن يكون لديهم لما تتركه الــصــورة مــن سلطة رمــزيــة في مكان في مجتمع اليوم الــذي يتحكم فيه المتخيل الشعبي. اإلعالم الرقمي وتتغوَّل فيه مواقع التواصل لقد خلقت الرقمية شخصيات سياسية االجتماعي اإللكترونية ،إذ إن العباقرة من
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
المحاكم ،وربما أوقعت بهم في السجون يديره متخصصون من أجل تلميع صورة تلك
فالسفة وعلماء وأبطال لم يعد لديهم مكان ال بريق لها إال على مستوى الصورة ،ومن في المجتمع الرقمي الذي صن َع عبقريات ثم كانت لها آثــار خطيرة على التحوالت
أخرى من خالل ثقافة "البوز" التي تصنع االجتماعية وعلى الديمقراطية ،وهــو ما شخصيات كبيرة حتى بدون أي إنجاز مُهمّ ،يدعو على ضرورة تقنين التعامل الرقمي مع فكم من أديب تم رفعه عبر مواقع التواصل الصورة بشكل خاص ،إذ إن صراعا محتدما االجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب يبدو على األفق ،وذلك أدى ويؤدي إلى تمييع
إلى مصاف العالمية بفضل حكاية تافهة العمل السياسي والــمــشــاركــة السياسية، جنس له وال انتماء ،إذ فتحت الرقمية الــبــاب للجميع لولوج َ بسيط ال ٍ نص كتبها ،أو ٍّ
أو قصة تافهة ،أو سيرة ترضي الجمهور العمل السياسي مشاركة وتنظيرا بــدون البسيط الــذي ال يمتلك ذو ًقــا أدبيًا راقيا ،تأطير سياسي ،ولعل من تجليات ذلك هذه ولكن بفعل تواتر القراءات وغزارة التفاعل الفوضى التي نشاهدها اليوم في العالم معها أصبح في درجة العالمية .وكم من فنان العربي ،من انتفاضات شعبية ال مؤطر لها،
دخل العالمية بفضل أعماله السوقية التي
وال بوصلة ،تطالب بالحرية دون فهم معنى
ترضي الجماهير ،ولعل ذلك يطرح أسئلة أخــرى عميقة حــول جماليات التلقي في عصر الرقمية. -4السياسة اليوم وثقافة الصورة ال نستغرب اليوم إذا وجدنا لكل شخصية سياسية موقعا على فيسبوك أو تويتر، العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
131
والسرقة وغيرها من الجرائم التي تدخل فــي خــانــة الــجــنــايــات ،خــاصــة مــا يتعلق بالتصوير والتسجيل السمعي والسمعي البصري ،خاصة وأن الجميع اليوم أصبح يتوفر على الهاتف الذكي الذي يمكّنه في أيّ لحظة من التقاط صورة أو شريط فيديو، ومن ثمة كان دور المحاكم اإللكترونية البث في المنازعات المرتبطة بهذا التصوير دون إذن الشخص صاحب الصورة أو الفيديو، إذن صحافي. ودون مشرّع قانوني أو ٍ والواقع أن تفعيل المحاكم اإللكترونية بالشكل السليم مــا ي ــزال غير وارد ،وال تــزال األحــكــام المرتبطة بنشر الشائعات التي تمس بالحقوق المدنية لألشخاص غير مفعلة ،أو ال يتم تنفيذها بشكل فوري، لصعوبة هذه العملية ،ولكونها تتطلب جحافل من المتخصصين في المجال اإللكتروني. الحرية ،وتدعو إلى التغيير دون وعي فلسفي
بأبجديات التغيير وبأهدافه وغاياته.
هكذا تبقى اإلشاعة إحدى أبرز مساوئ الرقمية ،فالنشر اإللكتروني الغزير يصعب
-5المحاكم اإللكترونية بين تطبيق
التحكم فيه ،وهو ما قد يدعو إلى إنشاء
القانون وإكراهات الواقع
محكمة دولية في المجال اإللكتروني ،ما دام
لقد وجدت المحاكم الرقمية اإللكترونية األمر يرتبط بشبكات التواصل االجتماعي في ج ّل الدول المتحضرة ،من أجل مواكبة العالمية ،والتي ينبغي أن تحترم قوانين
الــجــرائــم اإللــكــتــرونــيــة الــتــي تــتــجــاوز نشر اإلعالم والنشر وأخالقيات العمل الصحفي
الشائعات العادية ،إلى النصب واالحتيال في بُعدها العالمي. * كاتب من المغرب.
132
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
تحفة آثارية باقية حتى اليوم:
وأقدم مئذنة في تاريخ اإلسالم ■ محمود الرمحي
مسجد عمر بن الخطاب ،أحد أهم المواقع األثرية في شمالي الجزيرة العربية فــي دوم ــة الجندل بمنطقة الـجــوف ،وال ــذي ينسب بناؤه إلــى الخليفة الــراشــد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه .ويتميز بمئذنته الفريدة في نوعها ،والتي يقول بعض المؤرخين عنها إنها أول مئذنة في اإلسالم ،وهذا ما يؤكده المؤرخ حسين مؤنس في بحث نشره بمجلة الفيصل عام 1996م. وقــد وصفها أحــد الرحالة الذين زاروا المنطقة في القرن التاسع عشر أنها تشبه المسلة ،ولها ارتفاع ( )15متراً .وقد أعيد ترميم بناء المسجد مؤخراً ،إال أن المئذنة بقيت محافظة على شكلها منذ أن بنيت قديماً. أهمية المسجد
أحد أقدم المساجد التاريخية القديمة
وت ــرج ــع أهــمــيــة مــســجــد عمر بن التي لم يتبدل نظام تخطيطها وبنائها. الــخــطــاب الــتــاريــخــيــة إلـــى تصميم
وتخطيطه ،إذ بنائه ،حيث يمثل بناؤه نمط البناء للمساجد األولى في عهد
تأسيسه و بناؤه تم بناء المسجد في منطقة الجوف
اإلســام ،ويشبه نمط بنائه نمط بناء على يد الخليفة الراشد الفاروق عمر بن المساجد في عهد الرسول صلى اهلل الخطاب رضي اهلل عنه ،إذ تقول كتب
عليه وسلم .ومما يزيد من أهميته كونه التاريخ إن عمر بن الخطاب بناه أثناء
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
133
توجهه إلى بيت المقدس في فلسطين ،ويعود ذلك إلى عام ( )17للهجرة النبوية. موقعه ومكانه بني المسجد وسط دومة الجندل ،بجانب حيّ
يسمى حــيّ ال ــدرع فــي الجهة الجنوبية .ودومــة الجندل هــي إحــدى محافظات منطقة الجوف الواقعة شمالي المملكة العربية السعودية. تخطيط بناء المسجد إن تخطيط بناء المسجد وتصميمه يماثل
نمط بناء المساجد في عهد الرسول الكريم ،
وتخطيطه يشابه تخطيط بناء مسجد الرسول في المدينة المنورة ،في المراحل األولــى لبناء
المسجد ،وقد تم بناء سقف المسجد من اإلثل وسعف شجر النخيل المغطى بالطين ،وهــو ما يعدُّه الخبراء استمرارًا لنمط بناء المساجد األولى
لظهور اإلسالم.
وقد بُني على شكل يقارب المستطيل ،ويبلغ
طــولــه مــن جهة الــغــرب إلــى الــشــرق ()32.5م،
134
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
وبعرض ()18م تقريبا ،وتم تصميمه من الداخل من :رواق القبلة ،ومحراب ،ومنبر ،وصحن ،وساحة المسجد ،والمصلى ،ومما يميز المسجد أيضا الجزء الخلفي منه ،وهو مكان خلوة للتعبد والصالة في الشتاء ..حيث البرد القارس. مئذنة المسجد ويتميز المسجد بمئذنة فريدة في نوعها ،مئذنة رائعة في تصميمها ،يبلغ طولها ( )12.7متراً ،بني الجزء األسفل منها على شكل مربع طول ضلعه ( )3أمتار ،وكلما ارتفعت تضيق ..لتأخذ جدرانها كلما ارتفعت شكل الهرم ،وتصل في النهاية إلى شكل مخروطي. ٍ وتتكون المئذنة من الداخل من أربع طوابق بنيت على سقف ممرّ المسجد المؤدي للخروج.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
135
سمو األمير سلطان بن سلمان يهنئ سمو أمير منطقة الجوف
بتسجيل دومة الجندل ضمن قائمة التراث اإلسالمي
*
هنأ صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مؤسسة التراث الخيرية صاحب السمو الملكي األمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف بمناسبة تسجيل واحة دومة الجندل ضمن قائمة التراث اإلسالمي. وعدّ سموه هذا التسجيل إنجا ًز ًا وطن ًي ًا لموقع متميز يضاف إلى مئات المواقع التاريخية في المملكة ،مؤكدً ًا سموه أن موقع واحة دومة الجندل مرشح للتسجيل في قائمة التراث العالمي اليونسكو -إن شاء اهلل . - وقــــال ســمــو رئــيــس مــؤســســة الــتــراث التوفيق. الخيرية :إن سمو أمــيــر منطقة الجوف ويذكر أن واحــة دومــة الجندل بمنطقة وأمانة المنطقة وفريق اآلثار بذلوا جهوداً الجوف تحتضن مسجد عمر بن الخطاب كبيرة أدت لتحقيق هذا اإلنجاز ،متمنياً لهم وقلعة مارد ،وسوق دومة الجندل التاريخي،
136
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وتسهم مؤسسة الــتــراث الخيرية ،التي أسسها ويرأسها صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في خدمة الــتــراث الوطني السعودي ،والتراث العربي واإلسالمي منذ تأسيسها سنة 1417هـ ـــ ،وتسعى إلــى المحافظة على هذا التراث ،وتأكيد أهميته الخيرية سواء كان سعود ًياً أم عربياً أم إسالمياً ،وتسعى لزيادة االهتمام والوعي بالتراث لجعله من اهتمامات اإلنسان في حياته، ليكون مصدراً لثقافته الحضارية.
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
وحي الــدرع ،ومتحف الجوف اإلقليمي ،ومقومات سياحية متنوعة ،كالتراث الوطني والسياحة الزراعية والبيئية التي تجذب أعداداً كبيرة من الزوار الباحثين عن األصالة والتراث.
137
سمو أمير الجوف
يبارك تسجيل واحة دومة الجندل ضمن قائمة التراث اإلسالمي** بارك صاحب السمو الملكي األمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف، تسجيل واحة دومة الجندل ضمن قائمة التراث في العالم اإلسالمي ،بالمنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة ،وذلك في استقباله للمدير العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة الجوف ياسر بن إبراهيم العلي ،يرافقه رئيس قسم المحافظة على التراث العمراني بفرع الهيئة أحمد بن عبدالكريم الهذلول في مكتب سموه بديوان اإلمارة. وأبلغ العلي سموه أن تسجيل واحة دومة بشكل خاص ،ومن شأنه إعطاء دفعة قوية
الجندل تمت الموافقة عليه بإجماع من دول للجهود التي تبذلها الدولة في إبراز مواقع منظمة التعاون اإلسالمي التي تضم في التراث بالمملكة وحمايتها ،وتسجيل المزيد عضويتها ( )57دولة.
من المواقع التراثية في منطقة الجوف.
وأكد العلي أن هذا التسجيل يأتي تتويجاً وأشار العلي إلى أن واحة دومة الجندل تعد للمكانة التاريخية والحضارية التي تحظى من المواقع المرشحة للتسجيل في قائمة بها المملكة بشكل عــام ومنطقة الجوف التراث العالمي في اليونسكو بإذن اهلل. * الرياض ٩جمادى اآلخرة 1441هـ الموافق 03فبراير 2020م واس -االثنين. * سكاكا ٤جمادى اآلخرة 1441هـ الموافق 29يناير 2020م واس -األربعاء.
138
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
ملحة عبداهلل
"سيدة المسرح السعودي" ■ محمد عبدالرزاق القشعمي*
ولدت الدكتورة ملحة بنت عبداهلل آل مزهر في أبها ،وتلقت تعليمها األولي بها، ثم انتقلت إلى القاهرة لتلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون ،وتخرجت في قسم الدراما والنقد عام 1412هـ1992 /م ،وواصلت دراساتها العليا حـتــى نــالــت الماجستير وال ــدك ـت ــوراه فــي الـمـسـ ــرح مــن جــامـعــة دينيسون البريطانية ،وتعتبر أول سعودية تحصل على الدكتوراه في المسرح ،ولذلك لقبت بـ (سيدة المسرح السعودي). تقول عند استضافتها في اثنينية عبدالمقصود خوجة بجدة في 1430/1/29هـ 2009/1/25 /م بعد أن أعادت الفضل لوالدها ..« :والدي الذي سبق عصره كان هو من أدخلني المدرسة في الستينيات ،وكنت أنا من أول الدفعات التي دخلت المدرسة في أبها وكان يالم بشدة لماذا أدخلت البنت للمدرسة؟ بكرة تتعلم كيف تخاطب الناس بالرسائل الغرامية ..وكان يتحدى كل هذه األشياء ُخف بأن أكمل هو ووالدتي ،ولكنني لم أ ِ تعليمي ،وكنت أحلم بأن أكون طبيبة، وكنت دائماً األولى ومتفوقة ،وأ ُخذت كرهاً من المدرسة وانتزعت انتزاعاً ،وكانت
حقيبة كتبي فيها مصروفي اليومي ريال واحد ،وكنت ذاهبة للمدرسة يوم فرحي، ألن الدراسة كانت عالمي الخاص ،ولكن الفضل يرجع هلل ثم لوالدي ،ألنه كتب في عقد الزواج أن تتم هذه البنت تعليمها تحت أي ظروف ،وكان لزوجي فضل كبير؛ ألنني حينما طالبته بعد الزواج بست سنوات أن أكمل تعليمي ،ساعدني وأوفدني إلى القاهرة ألحصل على الشهادة االبتدائية ،ألنه كان لدي ستة أطفال ..وحصلت على الشهادة االبتدائية ثم الثانوية من القاهرة ،ثم مضيتُ إلى األكاديمية ثم إلى إنجلترا للحصول على الماجستير والدكتوراه ..« ،»..عندما العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
139
توجهت للملحق الثقافي ألحصل على ترشيحي التاريخ .».. ألكاديمية الفنون لدراسة المسرح ،رفض وسبق حديثها تقديم صاحب اإلثنينية وبكل شدة ..وهذا منذ عشـرين سنة ،وكان عبدالمقصود خوجة الذي قال ...« :وقد يصنف المسرح في الملحقية الثقافية ضمن اشتهرت ضيفتنا الكريمة بلقب (سيدة المسرح الدراسات الالأخالقية ،فأصررت وبعنف السعودي) ..وهو لقب أحسبه لم يخلع عليها شديد جداً لدراسة المسرح ..أوالً :ألنني كنت ترفاً ..بل كافحت وأنجزت ثمرات نسعد بها في أحب الكتابة وكنت أكتب قصصاً .وكنت أقرأ مجال المسـرح ،ما جعلها تتبوأ هذه المنزلة، كثيراً ،منذ الطفولة ،كنت أتمنى أن أصبح كاتبة، وأهلّها لتقتعد مقعد التكريم في هذا المنتدى ولم أكن أعلم أن هناك قسماً في أكاديمية الذي يمد يده لكثير من المبدعين إعراباً عن الفنون يؤهل للتخرج ألن تكون هناك مؤلفة أو كلمة شكر مستحقة لهم .»..وقال ..« :لقد ناقدة ،هذا من الناحية الثانية؛ أما من الناحية قدمَت ضيفتنا الكريمة أعماالً مسـرحية نالت األولى فأنا وجدت المسرح السعودي غائباً تقدير الكثيرين ،وأسهمت في إثراء الساحة عن الساحة الثقافية العربية ،لوجود عقبات بمؤلفاتها التي تناولت المسرح كأداة تثقيف كثيرة .»..وقالت ..« :كتبت واحترفت الكتابة وحوار متقدم على مستوى الفرد والجماعة.. المسـرحية بعد تخرجي من أكاديمية الفنون، كما اهتمت بثقافة الطفل كرافد أساس في وكتبت مسرحية (أم سعد) ،و(البذخ) وهما أول مسرحيات كتبتهما ،قدمت في مسـرح الشمال منظومة العمل المسرحي ،وقد أعملت مبضعها بالقاهرة ،وقدمت مسرحية (أم الفاس) في جسم المسرح السعودي من خالل كتابين لجائزة أبها الثقافية عام 1994م ،وحظيت على درجة كبيرة من األهمية( :أثر البداوة المسـرحيتان بنجاح باهر جداً ،وقد شاركت على المسرح في السعودية) و(أثر الهوية في المهرجان التجريبي ،وكانت المسرحية اإلسالمية على المسـرح في السعودية).. األخرى (أم الفاس) ،وحظيت بالجائزة األولى وأحسب أنها وفقت بدرجة كبيرة في اختيار في جائزة األمير خالد الفيصل أو مهرجان هذين المحورين »..وقال أحد الحضور - أبها الثقافي آنذاك ،وكان هذا هو الحافز أو الدكتور مدني عالقي ..« :-تحية لهذه السيدة ال في الدافع ،ثم توالت كتاباتي المسـرحية بالتشجيع الفاضلة التي شقت طريقها علماً وعم ً فن من فنون الحياة وفنون الثقافة واألدب. من بلدي الحبيب. ذلك هو فن المسرح ،لقد تأخر المسـرح في نصاً مسرح ًياً كتبت إلى اآلن خمسين ً المملكة العربية السعودية كما تأخرت أنشطة وبعض كتب الدراسات ،وكان همي الوحيد أخرى ،ولكن بعد صراع وتفكير وتمحيص ظهر أن أثري المكتبة السعودية بنصوص سعودية، ألنني عانيت كثي ًراً أثناء الدراسة ،ألنه ال يوجد أن أبواب الثقافة ال يمكن أن تقفل ،وأن ما هو نص مسرحي مطبوع ،حتى تلك النصوص ممنوع سيصبح مفتوحاً وحقاً للجميع.»..
140
المسرحية التي كانوا يمثلونها على المسرح كانت األوراق تمزق أو تهمل ،وبالتالي حين تكون هناك دراسات ال يوجد هناك نص مطبوع في المكتبة السعودية .وبالتالي يضيع
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
وقال يحيى باجنيد ..« :كانت بدايتها كبيرة ،وهي كبيرة اآلن ،بدءاً بها وبمتابعتها، وبتقصيها هذه المعلومات تتثبت عندي حينما كانت لنا عالقة عمل ،كانت تراسل جريدة
ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ
(المدينة) التي كنت رئيس تحريرها ،ومجلة (اقرأ) أيضاً ،وكان لون كتابتها كله يتعلق بهذا الطرح التخصصي النادر الذي لم نكن قط ال أقول ألفناه ،ولكن لم نكن تعمقنا فيه بمعنى الكلمات ،فقد كانت دراسة المسـرح يوم كان المسـرح غائباً.».. وقالت الدكتورة هانم ياركندي -راعية األمسية ..« :-وبعد سنوات من االنتظار ها نحن نقف معكن هذا المساء المشرق موقفاً واحداً لنرحب بضيفة غالية ..ضيفة لقبت بسيدة المسـرح السعودي. في الوقت الذي يتوارى مسرحنا خلف السحاب ويظهر أحياناً باستحياء ،بينما الدكتورة ملحة بنت عبداهلل مزهر تُزهر وتسطع بأعمالها سماء الدول العربية بمسـرحيات متعددة وبعناوين هادفة جميلة، بل وتنال الجوائز العربية مثل :جائزة األزهر بحضور عميد كلية الدراسات اإلسالمية والعربية وآالف من الطلبة والطالبات».
د .ملحة العبداهلل
العربية ،وحظيت بالتكريم لكوني سعودية ..وإن لهذه الليلة طعماً خاصاً يفوق كل المنطق ،أو كل منصة اعتليتها بما فيها دراستي أو نيلي لجائزة ،لعاملين أساسيين ،العامل األول كوني في وطني الحبيب ،وعلى تراب الوطن بعد مرارة الغربة ،وأنتم تعلمون الحنين للمغترب، كما شاركت ضيفتنا الفاضلة في مهرجانات لقد قمت بتأليف ملحمة شعرية من ثماني مائة مصرية وعربية مثل مهرجان ملتقى المسـرح بيت رائية ،كلها تصف القرية في أبها والعادات العربي األول بعرض مسرحية المسخ، والتقاليد في الجنوب.».. ومهرجان القاهرة الدولي للمسـرح التجريبي، وقالت ضمن المداخالت والتعليقات في ومهرجان المسـرح العربي التابع للجمعيات المصرية ،ونالت شهادة عرض متميزة مع نهاية الحفل ..« :هناك رسالة تجريها طالبة شهادة تقدير ،ومهرجان الرواد بالقاهرة بعرض اسمها رندا الحربي في جامعة مكة بعنوان مسرحية «سر الطلسم» ،وقد فازت المسرحية (مسرح ملحة عبداهلل رواسب واتجاهات). بعدة جوائز منها :جائزة أحسن عرض متميز ،وضمن المداخالت الكثيرة جاءت ابنتها سميرة وجائزة أحسن إخراج ،وجائزة أحسن ديكور ،الشهراني الباحثة في القسم اإلعالمي بوزارة وجائزة أحسن ممثل وغيرها ،كما شاركت في الخارجية قائلة« :لقد تعلمنا منك الكثير نحن أبناؤك ،ونفتخر بك وبمسيرتك ،واآلن انتهز مهرجان البتراء للمسرح العربي باألردن.».. وقالت ملحة« :إنني كرمت من مشرق الوطن الفرصة ألسألك كوني متلقية ما هو أثر أبنائك العربي إلى مغربه ،من الشارقة إلى المغرب الستة على مسيرتك بما لهم من مسؤوليات؟
إلى تونس إلى مصر إلى الجزائر إلى كل البالد
فأجابتها والدتها ملحة قائلة ..« :أعتبر
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
141
سميرة ثمرة من ثمرات كفاحي ،الحمد هلل والجامعية ،ثم الدكتوراه في نقد الدراما ،وما هي اآلن من أوائل من اعتمدوا في الخارجية تزال تقيم هناك. السعودية ..سميرة سألت عن أوالدي؛ ألنهم وطبعت لها الهيئة العامة المصرية للكتاب كانوا العقبة الكبيرة بالنسبة لتوفيقي ما بين مجموعتين ،فيما لم يعرض لها في السعودية تربية األطفال وما بين ملحة المفكرة والكاتبة سوى مسرحية (حكاية الجدة) ،ولم تطبع التي لها مكتب خاص تجلس فيه وتبدع فيه لها إال مسرحيتان هما( :شق المبكي) لوحدها ،وعندما أدخل المكتب أكون ال أمتّ و(سر الطلسم) عن نادي أبها األدبي ،من لألمومة بصلة ،واحدة ثانية في شكلها ،أنا ما بين خمسين مسرحية .ولهذا فإن وصفها عندي انفصام في الشخصية ،لكني أستطيع بالكاتبة العربية أدق من وصفها بالسعودية، ما يسمى بالفصل في التمثيل ،عندنا الممثل وهو ما ترتاح له ،كما يظهر من أسلوبها ال بد أن يفصل ما بين شخصيته والممثل األقرب إلى المسرح الذهني ..ولكن جمعية الذي يتقمصه ،فأنا أمثل شخصية الكاتبة المسرحيين السعوديين اختارتها للتكريم في مكتبي ..أقابل ضيوفي ،وأكتب وأتصرف ،في ملتقى النص األول في الرياض ،يوليو وعندما أدخل البيت أخلع عباءة الكاتبة2010 ..م؛ ألهميتها في توثيق دور المرأة أكون األم التي تحزن وتربي وتكافئ وتعاقب السعودية في الحركة المسرحية. وتواصل المجتمعات ..أنا أم بالفطرة وأربي كذلك ترجم لها في (موسوعة الشخصيات أبنائي كما تعودنا في بالدنا وفي الريف ،ولم يكونوا عقبة ،كانوا يساعدوني ،ولما كبروا السعودية لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشـر).. ووصلوا لهذا السن ،كانوا هم الذين يجهزون وقالت عنها ..« :لها مشاركات صحفية متعددة بجريدة الرياض ،وكتبت عشـرات المقاالت لي الجو ألتفرغ لعملي فشكراً لهم.».. النقدية عن المسرح والسينما نشرتها مجلة وقد ترجم لها (موسوعة األدب العربي اليمامة على مدى أربع سنوات ،وكان لها باب السعودي الحديث ..نصوص مختارة ثابت بعنوان( :شاشة سلوت) في مجلة اقرأ، ودراسات) في المجلد التاسع ،واختار لها تعمل مديرة لمكتب مجلة السراج العمانية الدكتور معجب الزهراني معد المجلد بالقاهرة ..كما شاركت في عدة مؤتمرات السابع المخصص لـ(المسرحية) واعتبرها دولية بأوراق عمل مثل :اإلعالم وأثره في الرأي من مرحلة التجديد ،واختار لها مسرحية العام في األردن ،إبداعات الجزر المنعزلة (سر الطلسم). (مؤتمر رابطة األديبات العربيات) بمهرجان كما ترجم لها في (قاموس األدب واألدباء المرأة بتونس ،مهرجان المسرح التجريبي، في المملكة العربية السعودية) وقال عنها تولت رئاسة لجنة تحكيم في مهرجان عربي األستاذ محمد بن رشيد السحيمي إنها كاتبة (مهرجان البتراء العربي باألردن) ،صدرت مسرحية ،وباحثة ،اشتهرت بـ (ملحة عبداهلل) أعمالها المسرحية كاملة عن الهيئة المسرحية ولدت في أبها ،وانتقلت إلى القاهرة في العامة للكتاب 1422هـ2001/م وتضم 22 مرحلة مبكرة ،حيث اتمت دراستها الثانوية مسرحية. * باحث من السعودية.
142
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
املؤلف :محمد صوانه
الناشر :مركز عبدالرحمن السديري الثقايف
الناشر :مركز عبدالرحمن السديري الثقايف
ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــراءات
الكتاب :ه ّيا نل ّون
مجلة أدوماتو :العدد (.)٤٠
■ كتب جهاد أبو مهنا ضمن سلسلة اإلصدارات الموجهة لألطفال ،صدر
صدر العدد 40من مجلة أدوماتو المتخصصة
حديثاً عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي كتاب
بالدراسات والبحوث اآلثارية في الوطن العربي .ضم
(هيّا نلوّن) ،تحرير أ .محمد صوّانة. يتكون الكتاب من 28صفحة بحجم ،A4كل صفحة تحتوي على صورة مصغرة وملونة مع رسمة كبيرة مفرغة لغايات التلوين من قبل الطفل. يسعى الكتاب إلى تحريك أذهان النشء منذ نعومة أظفارهم للتعامل مع الرسومات التي تنمي خزينة
العدد ستة أبحاث ،هي :خزف موقع فيد بمنطقة حائل ،ونقوش عربية شمالية (بحثان) ،وعقد شراكة بين بني بوس وبني جدن باليمن في ضوء نقش بخط الزبور ،ومسكوكات بالس في العصر الطولوني، وتاريخ مدينة مريمة بوادي حريب باليمن في ضوء نقوش المسند. تناولت افتتاحية العدد دور فتح باب التأشيرات
المعرفة لديهم ،من خالل الرسم والنصوص الهادفة
السياحية
المرافقة لها؛ وذلك لما يحققه من متعة حقيقية
والتاريخية واألثرية بالمملكة ،ومنها المواقع الخمسة
لدى األطفال ،كما هو وسيلة نافعة لشغل أوقاتهم بين الحين واآلخر ،بدالً من هدر ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز أو غيرها يأتي هذا الكتاب من مركز عبدالرحمن السديري الثقافي ،إسهاماً منه في كشف مواهب األطفال، وبخاصة إذا تابع األهل معهم هذا النشاط ،بالتشجيع
في
التعريف
بالمناطق
السياحية
التي سجلت ضمن الئحة اليونسكو ،وهي :الدرعية التاريخية ،ومدينة جدة التاريخية ،ومدائن صالح، وواحة األحساء ،وموقعي جبة والشويمس في حائل. أشارت االفتتاحية إلى الجائزة السنوية التي أطلقتها المجلة ،ألفضل بحث وملصق بحثي طالبي ،في ندوة الدراسات العربية ،باسم :جائزة مجلة أدوماتو ألفضل ثالثة أبحاث وثالثة ملصقات طالبية تقدم
والتحفيز ،ومشاركتهم وإثارة تفكيرهم ،وأن يغرس
في الندوة ،بهدف تعزيز حضور المجلة في الفعاليات
فيهم حب الكتاب ،منذ سنوات أعمارهم األولى.
البحثية ،وتعريف الباحثين الشباب بالمجلة. العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
143
الـ ـ ـصـ ـ ـفـ ـ ـح ـ ــة األخـ ـ ـ ـي ـ ـ ــرة
القصة القصيرة جدا
■ صالح القرشي*
في واحدة من األمسيات القصصية ،وبعد قراءة مجموعة من القصص القصيرة جداً، وأثناء التعليقات على األمسية ..سأل أحد الحضور قائال :ما هو الداع لكتابة قصة قصيرة جدا؟ هل هو الميل لالختصار فقط؟ ومثل هذا السؤال يمنح داللــة على أن القصة القصيرة جدا ،ورغم مضي ما يقارب النصف قرن على حضورها الكتابي ،تبدو غائبة وملتبسة لدى الكثير من القراء.
ضعيفة جدا تستسهل كتابة هذا النوع من السرد، وتعتقد أنه مجرد خاطرة عابرة ،أو لحظة شاعرية خالية مما يميز الفنون السردية جميعا عن غيرها.. وهو عنصر الصراع .وربما تواجه القصة القصيرة جــدا هنا ما واجهته قصيدة النثر عندما اعتقد بعض من يكتبونها ،أنها مجرد كلمات خالية تماما مما يمكن أن يسمى بروح الشعر.
أجبت وقتها بأن المسألة ال عالقة لها بالرغبة في االختزال أو االختصار ،وال بد من النظر إلى القصة القصيرة جــدا كفنٍّ مستقل تمامًا ،وهذه االستقاللية يجب أن تــكــون واضــحــة لــدى كاتب وبالعودة إلى تجربة شخصية ،فإنني أعتقد أن القصة القصيرة جــدا ،ولــدى الــقــارئ في الوقت كتابة القصة القصيرة جدا هو أمر صعب جدا، نفسه. ألن المسألة أشبه برصاصة ..إما أن تنطلق نحو ويبدو لي أنه في هذا األمر تحديدًا ،يواجه هذا هدفها ،أو تذهب بعيدا عنه ،ويرى الناقد الدكتور صعب ٍ (كفن النوع من الكتابة معضلته ..سواء من خالل بعض من جابر عصفور القصة القصيرة جداٍ : يمارس كتابته ،أو لدى بعض من يطالعه ،هنالك من ال يبرع فيه سوى األكفاء من الكتاب القادرين على ينظر للقصة القصيرة جدًا على اعتبار أنها تشويه اقتناص اللحظات العابرة قبل انزالقها على أسطح للقصة القصيرة ال أكثر ،أو أنها مجرد استسهال الذاكرة ،وتثبيتها للتأمل الذي يكشف عن كثافتها لكتابة شيء يسمى في النهاية قصة قصيرة جدا .الشاعرية بقدر ما يكشف عن دالالتها المشعة في
والحق أن هنالك من يكتب القصة القصيرة جدا أكثر من اتجاه). باستسهال كبير ،فيمارس بدون قصد تأكيد تلك وهــنــا ،ال بــد مــن التذكير بــأن أي حديث عن النظرة. االهــتــمــام الــنــقــدي ،ال ــذي مــن دوره أن يمحص وتــحــلــيــل ه ــذه اإلشــكــالــيــة م ــن وجــهــة نــظــري المتواضعة ..هو أنها ناجمة عن ضعف االطالع على التجارب العالمية والعربية ،واألمر هنا يتعلق بالكتاب وبالقراء معا ،ويبدو لي أن ضعف إطالع الكتاب هو األخطر؛ ألنه يؤسس في النهاية لتجارب * كاتب من السعودية.
144
العدد - ٦٦شتاء ١٤٤١هـ (202٠م)
التجارب الكتابية ،ويسهم في خلق الوعي الفني المرتجى بهذا النوع من الكتابة ،هو الكالم المكرر.. ذلك أن القراءات النقدية تكاد تكون غائية تجاه كافة الفنون ،وبالتالي فال مناص من أن يبقى الحكم في النهاية للزمن.
من إصدارات اجلوبة
من إصدارات برنامج النشر في
صدر حديثاً