الجوبة العدد 17

Page 1

‫‪ -‬العدد ‪ - 17‬صيف ‪1428‬هـ ‪2007 -‬م‬

‫من �إ�صدارات م�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري اخلريية‬

‫اجلـوبــة‬

‫حوارات‬

‫مع ناصر الدين األسد‬ ‫وعلوي الهاشمي‬ ‫محمد الثبيتي‬

‫في البداوة حسن !‪.‬‬ ‫املنجز الروائي ليوسف‬ ‫احمليميد‬

‫صدر حديث ًا‬

‫البناء الفني في الرواية‬ ‫السعودية‬

‫قصائدة لـ عبدالعزيز‬ ‫الشريف وأحمد املال‬

‫نصوص قصصية لـ فهد‬ ‫اخلليوي وأحالم بشارات‬

‫ملف خاص عن الزيارة التاريخية خلادم احلرمني الشريفني‬ ‫امللك عبدالله بن عبدالعزيز الى منطقة اجلوف‬

‫‪17‬‬

‫‪17‬‬


‫اجلـوبــة‬

‫شباب من منطقة اجلوف يؤدون رقصة الطبول في العرضة السعودية‬

‫موكب خادم احلرمني الشريفني امللك عبدالله بن عبدالعزيز في زيارته‬ ‫التاريخية ملنطقة اجلوف‪ ،‬فيما اصطف طالب املدارس واملواطنون‬ ‫لتحيته حفظه الله‬


‫خادم احلرمني الشريفني امللك عبدالله بن عبدالعزيز يسقي شجرة زيتون‬ ‫جوفيه باملاء ‪ ،‬تأكيدا ألهمية الزيتون في حياة منطقة اجلوف‪ ،‬وإلى ميينه‬ ‫صاحب السمو امللكي األمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪1‬‬


‫العدد ‪17‬‬ ‫صيف ‪1428‬هـ ‪2007 -‬م‬

‫ملف ثقافي ربع سنوي‬ ‫يصدر عن مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‬

‫المشرف العام‬ ‫إبراهيم الحميد‬ ‫المراسالت‬ ‫توجه باسم المشرف العام‬ ‫ّ‬ ‫هاتف‪)966+( )4( 6245992 :‬‬ ‫فاكس‪)966+( )4( 6247780 :‬‬ ‫ص‪ .‬ب ‪ 458‬سكاكا‬ ‫اجلـ ــوف ‪ -‬اململكة العربية السعودية‬ ‫‪aljoubah@yahoo. com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319 - 2566‬‬

‫سعر النسخة ‪ 8‬رياالت‬ ‫تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع‬

‫قواعد النشر‬

‫‪ -1‬أن تكون المادة أصيلة‪.‬‬ ‫‪ -2‬لم يسبق نشرها‪.‬‬ ‫‪ -3‬تراعي الجدية والموضوعية‪.‬‬ ‫‪ -4‬تخضع المواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها‪.‬‬ ‫‪ -5‬ترتيب المواد في العدد يخضع العتبارات فنية‪.‬‬ ‫‪ -6‬ت��رح��ب ال��ج��وب��ة ب��إس��ه��ام��ات المبدعين والباحثين‬ ‫والكتّاب‪ ،‬على أن تكون المادة باللغة العربية‪.‬‬ ‫الجوبة من األسماء التي كانت تطلق على منطقة الجوف سابق ًا‬

‫الناش ـ ـ ـ ــر‪ :‬مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‬ ‫أسسها األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري (أمير منطقة اجلوف من ‪1362/9/5‬هـ‬ ‫ ‪1410/7/1‬هـ املوافق ‪1943/9/4‬م ‪1990/1/27 -‬م) بهدف إدارة ومتويل املكتبة العامة‬‫التي أنشأها عام ‪1383‬هـ املعروفة باسم دار اجلوف للعلوم‪ .‬وتتضمن برامج املؤسسة‬ ‫نشر الدراسات واإلبداعات األدبية‪ ،‬ودعم البحوث والرسائل العلمية‪ ،‬وإصدار مجلة‬ ‫دورية‪ ،‬وجائزة األمير عبدالرحمن السديري للتفوق العلمي‪ ،‬كما أنشأت روضة ومدارس‬ ‫الرحمانية األهلية للبنني والبنات‪ ،‬وكذلك أنشأت جامع الرحمانية‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫احملتويــــات‬

‫>‪6.........................‬‬ ‫زيارة تاريخية لخادم الحرمين‬ ‫الشريفين الملك عبدالله بن‬ ‫عبدالعزيز إلى منطقة الجوف‬

‫>‪96......................‬‬ ‫عالِ م وأكاديمي أ َّس َس مشروعه‬ ‫الفكري والثقافي على اإليمان‬ ‫بوحدة التراث والمعرفة اإلنسانية‬

‫>‪118....................‬‬ ‫سمو األمير سلمان بن‬

‫عبدالعزيز يزور مؤسسة‬ ‫عبدالرحمن السديري الخيرية‬

‫االفتتاحية ‪4.........................................................‬‬ ‫ملف العدد‪ :‬زيارة تاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن‬ ‫عبدالعزيز إلى منطقة الجوف ‪ -‬محمد صوانه ومحمود الرمحي ‪6........‬‬ ‫قصص‪ :‬رسالة ‪ -‬خليل إبراهيم الفزيع ‪30...................................‬‬ ‫حـ َّل الخريـف ‪ -‬جمعان الكرت‪33...........................................‬‬ ‫ومضات‪ - !!..‬سعيد بن عبدالله الدوسري‪36..............................‬‬ ‫لعبة الحروف ‪ -‬أحالم بشارات‪37..........................................‬‬ ‫«سقى الله» ‪ -‬ربى عنبتاوي‪40..............................................‬‬ ‫نصوص قصصية ‪ -‬فهد الخليوي ‪42.......................................‬‬ ‫الذي كان حراً ‪ -‬محمد سعيد الريحاني ‪44................................‬‬ ‫فصل من رواية‪ :‬يوميات ناقل أسرار ‪ -‬عصام أبو زيد‪46......................‬‬ ‫نقد‪ :‬ديوان محمد الثبيتي‪ :‬تهجيت حلماً تهجيت وهماً ‪ -‬د‪ .‬خالد فهمي ‪50....‬‬ ‫قراءة نقدية للمجموعة «حذاء بثالث أرجل» ‪ -‬حسن برطال ‪53...........‬‬ ‫رواية التوثيق التاريخي ‪ -‬د‪ .‬جميل حمداوي ‪55............................‬‬ ‫رواية سمر كلمات لطالب الرفاعي ‪ -‬هيا صالح ‪59........................‬‬ ‫البناء الفني في الرواية السعودية ‪ -‬سمير أحمد الشريف ‪63.............‬‬ ‫المنجز الروائي ليوسف المحيميد ‪ -‬سعيد بوكرامي ‪66...................‬‬ ‫شعر‪ :‬احتضار ‪ -‬عبدالعزيز الشريف ‪68.....................................‬‬ ‫غزلية ‪ -‬أمينة المريني ‪69..................................................‬‬ ‫وجوه ‪ -‬وائل السمري‪70....................................................‬‬ ‫لستُ إال الرسول ‪ -‬أحمد المال ‪71.........................................‬‬ ‫لحن الوهن ‪ -‬علي العلوي ‪72...............................................‬‬ ‫في المقـهــى ‪ -‬طارق فراج‪73...............................................‬‬ ‫اللص‪ - ..‬عمار الجنيدي ‪74................................................‬‬ ‫البعد والحرمان ‪ -‬محمود عبدالله الرمحي‪75.............................‬‬ ‫مواجهات‪ :‬حوار مع د‪ .‬ناصر الدين األسد ‪ -‬جعفر العقيلي‪76.............‬‬ ‫حوار مع الشاعر البحريني علوي الهاشمي ‪ -‬حاوره عصام أبو زيد‪84....‬‬ ‫نوافذ‪ :‬المشاركة الشعبية والمجتمع المدني ‪ -‬حسام عبدالقادر‪88.........‬‬ ‫أدب الناشئة ‪ -‬آمال صبحي الراشد ‪92....................................‬‬ ‫السرقات األدبية والتناص ‪ -‬رامي شهاب ‪95...............................‬‬ ‫األلف ‪ -‬محمد محمد مستجاب‪102........................................‬‬ ‫التفكير واإلبداع ضرورة ملحة في عالمنا العربي ‪ -‬جالل فرحي ‪105.....‬‬ ‫مسرح‪ :‬الفن حين يتحول إلى خطاب أممي ‪ -‬محمد الفضيالت‪108........‬‬ ‫تشكيل‪ :‬تشكيل الفراغ في الفنون اإلسالمية ‪ -‬سعيد نوح‪112..............‬‬ ‫قراءات‪ :‬كتاب تاريخ الكتابة ‪ -‬محمد الحمامصي‪114..........................‬‬ ‫كتاب تقويم أداء مديري مراكز التدريب المهني‪117........................‬‬ ‫التنظيمات العسكرية النبطية‪117...........................................‬‬ ‫نشاطات ثقافية ‪118..............................................‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪3‬‬


‫الشعر ‪..‬‬ ‫> إبراهيم احلميد‬

‫هل يعود زمن الشعر‪ ..‬؟!‬ ‫إذ على الرغم من سيل الروايات‪ ..‬والقصص القصيرة‪ ..‬والقصص القصيرة‬ ‫جداً‪ ..‬وأشكال الفنون اإلبداعية كلها‪ ،‬واألجناس األدبية على تنوعها ‪ ..‬يبقى للشعر‬ ‫سحره‪ ،‬وتظل للقصيدة دهشتها التي تأتي من شاعريتها‪ ،‬التي تجعل منها أيقونة‬ ‫تعلق في سماوات النهاية لها‪ ..‬وعلى الرغم من أنف عنترة الذي حاول وقف تدفق‬ ‫الشعر منذ ألف وخمسمائة سنة‪ ..‬عندما قرر في لحظة شعر‪« :‬هل غادر الشعراء‬ ‫من متردم ؟!‪ ،« ..‬متناسياً أن القصيدة ال يمكن لها إال أن تخرج إلى الضوء ألنها‬ ‫ال يمكن أن تعيش في العتمة‪ ،‬وأن التجارب الشعرية ال تنتهي عند تجربة شاعر أو‬ ‫حتى قبيلة من الشعراء‪.‬‬

‫ا فتتا حيــــة‬ ‫‪4‬‬

‫في السنوات الماضية برزت ظواهر عديدة في الشعر والشعرية العربية‪ ،‬ومدارس‬ ‫اختالف واتفاق‪ ،‬كما شهدت صعود أشكال لم يعهدها متلقي القصيدة العربية‪،‬‬ ‫الذي اعتاد على قالب جاهز للقصيدة‪ ،‬يتميز بالتقليدية والجرس الموسيقي‪..‬‬ ‫ما كاد يفتك بمستقبل الشعر العربي‪ ،‬على الرغم من وجود نماذج شعرية رائعة ال‬ ‫يمكن ألي أن يقلل من شأنها‪ ،‬وهي تجارب تبقى حية على الرغم من مرور الزمن‪،‬‬ ‫وتبقى أكثر حداثة وإدهاشاً مع تقادم األيام‪.‬‬ ‫وفي الغياب الثاني للشاعرة الكبيرة نازك المالئكة رائدة الشعر العربي الحديث‬ ‫التي أقعدها المرض وغيبها للمرة األولى قبل رحيلها األزلي‪ ،‬يتجدد الحديث عن‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫الشعر‪ ،‬إذ كانت الشاعرة المالئكة وع��دد من رواد الرواية ديوان العرب الجديد‪ ،‬متأثرين بسيل الروايات‬ ‫الشعر العربي الحديث هم من أخ��رج��وا القصيدة العربية الجديدة‪ ،‬أو كما يقول الناقد الدكتور سعد‬ ‫العربية من عنق الزجاجة الذي قيدها طوي ً‬ ‫ال لالنعتاق البازعي‪« :‬إن القاريء اليوم يفتش عن رواية أكثر منه‬ ‫إلى عوالم جديدة‪ ،‬لتبرز أشكال القصيدة الحديثة عن دي��وان شعر»‪ !..‬إال أن الشعر يبقى هو الصورة‬ ‫التي أعطت زخما جديدا للقصيدة‪ ،‬ومكنت ديوان الفنية األب��رز للغتنا العربية‪ ،‬على الرغم من بروز‬ ‫العرب وبحور القصيدة‪ ،‬أن تتسع لكل المراكب‪ ..‬لوال الفنون األخرى التي ال يمكن لها أن تكون بديال عن‬ ‫بعض العلل التي صاحبت هذا االنعتاق‪ ،‬مثل تبسيط القصيدة‪.‬‬ ‫كتابة القصيدة ولجوء الكثير إل��ى استسهال كتابة‬ ‫إن أي متابع للمشهد الثقافي‪ ،‬ال بد وأن يلحظ‬ ‫القصيدة‪ ،‬معتقدين أنهم سيصبحون شعراء بين ليلة‬ ‫وضحاها‪ ،‬إضافة إل��ى الغموض وه��ي التهمة التي أن ال��ق��ص��ي��دة تبقى ه��ي ال��س��ح��ر ال���ذي ظ��ل يغذي‬ ‫ظلت تالحق القصيدة الحديثة‪ ،‬وكادت أن تكون لعنة الوجدان العربي‪ ،‬وعلى الرغم من سنوات االنكسار‬ ‫تالحقها‪ ..‬مع أهمية الغموض أحيانا إذا أتى شفافاً‪ ،‬التي نعيشها‪ ،‬وبعد تراجع الشعر والشعرية العربية‬ ‫ل��س��ن��وات‪ ،‬وب����روز ال���رواي���ة إل���ى واج��ه��ة اهتمامات‬ ‫لمنح اللغة عمقا أكثر‪..‬‬ ‫الدواوين الثقافية؛ يمكننا أن نلحظ حالة من التعايش‬ ‫وعلى الرغم من بروز القصيدة الحديثة بأشكالها‪،‬‬ ‫بين األجناس األدبية والثقافية جنباً إلى جنب‪ ،‬إذ‬ ‫كقصيدة التفعيلة‪ ،‬وقصيدة النثر؛ إال أنه ظل للقصيدة‬ ‫بدأت الواقعية تسيطر على األجواء الثقافية‪ ،‬وتكرس‬ ‫العربية القديمة روادها الذين استطاعوا االرتقاء بها‬ ‫فنياً‪ ،‬والبعد بها عن االغ��راق في السطحية‪ .‬وبين مشهداً ال تتفرد فيه القصيدة على باقي األجناس‬ ‫شعراء الحداثة‪ ،‬وشعراء القصيدة التقليدية تظل األدبية األخرى‪ ..‬إال أنها تظل في صدارة الدواوين‬ ‫القصيدة ه��ي ال��ه��دف ال���ذي يطمح ل��ل��وص��ول إليه الثقافية؛ وه��ذا ما تؤكده المؤشرات التي نعيشها‬ ‫ال��ش��ع��راء وال��م��ب��دع��ون‪ .‬ولكن على ال��رغ��م م��ن سيل اليوم‪.‬‬ ‫القصائد ال��ت��ي تأتينا عبر مختلف أوع��ي��ة النشر فاصلة‪،‬‬ ‫المعاصرة‪ ..‬إال إنه قلما تصل بنا قصيدة منها إلى‬ ‫ي��ق��ول س��ع��دي ي��وس��ف‪« :‬ي��دخ��ل ال��ن��اس إل��ى بيت‬ ‫درجة ما تسميه الدكتورة فوزية ابو خالد بـ «تنميل‬ ‫الشاعر ل��ي��روا القديس‪ ،‬ف��إذا بهم أم��ام الساحر‪..‬‬ ‫األطراف‪ ..‬وارتعاش المشاعر»‪!..‬‬ ‫وليس من مقابلة هنا؛ فاالثنان يتكامالن على نحو أو‬ ‫لقد بقي العرب أمة تحتفي بالشعر‪ ،‬وظل الشعر‬ ‫آخر‪ ،‬وقد يثيران لدينا الدهشة ذاتها التي نستشعرها‬ ‫هويتها التي تجتمع حولها وتحتفي بها‪ ..‬على الرغم‬ ‫حين نرى لقلقاً طائراً نحو عشه المرتجى وهو يحمل‬ ‫من ظهور فنون األدب األخ��رى الحديثة وتطورها‪،‬‬ ‫في منقاره صحيفة أو علماً أو غصناً عجيباً»!‬ ‫وتكريسها واق��ع��اً في سماء الثقافة العربية‪ ،‬حتى‬ ‫وصل األمر إلى أن يطلق بعض األدباء والنقاد على‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪5‬‬


‫ملف العدد‬

‫زيارة تاريخية خلادم احلرمني الشريفني‬ ‫امللك عبدالله بن عبدالعزيز‬ ‫إلى منطقة اجلوف‬

‫> كتب محمد صوانه و محمود الرمحي‬ ‫جاءت جوالت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في شهر‬ ‫مايو (أيار) الماضي‪ ,‬التي شملت مناطق عدة من مناطق شمالي المملكة العربية‬ ‫السعودية ‪ ،‬لتؤكد عزم القائد على تعزيز مشروعه التنموي‪ ،‬المتمثل في عدالة‬ ‫توزيع المشاريع بين مناطق المملكة كافة ‪ ،‬بتحقيق مبدأ التنمية المتوازنة‪ ,‬ودفع‬ ‫عجلة التنمية االقتصادية لتشمل القطاعات االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬في منظومة‬ ‫متكاملة من النمو‪ ،‬وبمشاركة مختلف الشرائح االجتماعية في جميع مناطق المملكة‬ ‫في تنمية االقتصاد الوطني‪ ،‬والعمل على تطوره وازده��اره‪ ،‬واالرتقاء بالمستوى‬ ‫العلمي والتقني والمعيشي واالجتماعي للمواطنين‪ ،‬من خالل المشروعات التنموية‬ ‫والتعليمية والصحية والصناعية‪ ،‬التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬خالل‬ ‫زياراته المباركة لمناطق المملكة‪.‬‬

‫زي���������ارة امل���ل���ك‬ ‫‪6‬‬

‫إن وضع حجر األساس في عدد من المشروعات التنموية الكبيرة في كل من‬ ‫المناطق الثالث‪ :‬الجوف‪ ،‬والحدود الشمالية‪ ،‬وتبوك‪ ،‬جاء تأكيداً من خادم الحرمين‬ ‫الشريفين‪ ،‬الملك عبدالله بن عبدالعزيز‪ ،‬على رغبة القيادة السعودية في تأكيد‬ ‫إيمانها الراسخ بالتنمية الشاملة المتوازنة‪ ،‬التي تخطط لكي ينعم بها الوطن كله‪،‬‬ ‫وينعم بأثرها الطيب كل مواطن في المملكة‪ ،‬دون أي تمييز بين المناطق المركزية‬ ‫وتلك البعيدة عنها؛ فهذه المناطق كلها هي التي تمثل الوطن الواحد‪ ،‬وتشكّل‬ ‫مجموع ق��واه النهضوية‪ ،‬التي يعتز الوطن بها‪ ،‬وتسهر قيادته الحكيمة من أجل‬ ‫تنميتها وتطويرها‪.‬‬ ‫وتشكّل المخصصات الكبيرة التي رصدت للمشروعات التنموية‪ ،‬روافد قوية‬ ‫ومحركاً يدعم حركة االقتصاد السعودي‪ ،‬وستكون تلك المشروعات ‪ -‬بإذن الله‬ ‫‪ -‬روافد لمسيرة التنمية الشاملة في المملكة‪ ،‬وروافع قوية لها‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫> جوالت خادم احلرمني الشريفني في مناطق اململكة دعم قوي لعجلة‬ ‫النمو االقتصادي واالجتماعي وحتقيق ملبدأ التنمية املتوازنة‪.‬‬ ‫> ومتثل حراك ًا تنموي ًا ستكون له نتائجه الكبيرة في اقتصاد اململكة‪.‬‬ ‫لقد ركزت الزيارات الكريمة على بذل الجهود من‬ ‫أجل تحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬ورفع مستوى المعيشة‪،‬‬ ‫وت��وف��ي��ر ال��ح��ي��اة ال��ك��ري��م��ة‪ ،‬لتمكين المواطنين في‬ ‫مختلف أرجاء المملكة من العيش برخاء وطمأنينة‬ ‫وكرامة‪ ،‬وتوفير فرص المشاركة الشعبية في خدمة‬ ‫الوطن والنهوض به‪ ،‬واإلسهام في تنميته‪.‬‬

‫تجسيد لمعاني التالحم بين ال��ق��ادة والشعب في‬ ‫ب�لادن��ا‪ ,‬واس��ت��م��رار للنموذج ال��ف��ري��د‪ ،‬ال���ذي أقامه‬ ‫مؤسس ه��ذه البالد الملك عبد العزيز‪ ،‬طيب الله‬ ‫ث��راه‪ ،‬وس��ار على نهجه أب��ن��اؤه‪ ،‬الذين تعاقبوا على‬ ‫الحكم من بعده؛ يلتقون فيها بإخوانهم وأبنائهم في‬ ‫جميع مناطق المملكة‪ ،‬ويتفقدون أحوالهم‪.‬‬

‫وما تم اعتماده من مشاريع تنموية كبيرة ستنفذ‬ ‫في مختلف مناطق المملكة يعكس اإلرادة الحقيقية‬ ‫لتحقيق نهضة وطنية شاملة‪ ،‬تقودها حكمة ونظرة‬ ‫مستقبلية هاجسها وغايتها المواطن والوطن‪ .‬ولن‬ ‫تغب عنا تلك الروح الدفّاقة والقلب النابض بالحب‬ ‫واألم���ل والعزيمة المتدفقة عطاء م��ت��واص�لاً‪ ،‬التي‬ ‫يتمتع بها القائد‪ ،‬حفظه الله‪ ،‬ما ستعكس آثارها‬ ‫ال دؤوباً‪،‬‬ ‫على أبناء الوطن الغالي‪ ،‬انتما ًء ووفا ًء وعم ً‬ ‫بتوفيق من الله وعون‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ستأتي ثمارها يانعة‪،‬‬

‫وفي هذه المناسبة التاريخية ‪ ،‬يسر الجوبة أن‬ ‫تقدم في الصفحات القادمة عرضا ألبرز محطات‬ ‫زي��ارة خ��ادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن‬ ‫عبدالعزيز إلى منطقة الجوف‪:‬‬

‫وينبغي أن ال يبعدنا الحديث عن المشروعات‬ ‫ال��ك��ب��ي��رة وال���م���وازن���ات ال��ض��خ��م��ة المخصصة لها‪،‬‬ ‫عن دائ��رة االهتمام ب��ض��رورة أن ت��ت��وازى همم أبناء‬ ‫الشعب السعودي مع الهمة العالية التي يتمتع بها‬ ‫خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬وفقه الله وسدده‪ ،‬وأمده‬ ‫بالصحة والعافية‪ ،‬وأع��ان��ه على تحقيق األهداف‬ ‫التنموية والنهضوية التي يسعى إليها ويحرص على‬ ‫دفع عجلتها إلى األمام‪.‬‬

‫خادم الحرمين الشريفين يتقبل باقة ورد عند وصوله لمطار الجوف‬

‫الجوف تلبس أحلى حللها الستقبال الملك‬

‫وصل خ��ادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله‬ ‫بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه زيارة إلى‬ ‫منطقة الجوف عصر ي��وم األرب��ع��اء الموافق للثاني‬ ‫إن ج���والت خ���ادم ال��ح��رم��ي��ن ال��ش��ري��ف��ي��ن الملك والعشرين من شهر ربيع اآلخرة‪ ،‬عام ألف وأربعمائة‬ ‫عبدالله ب��ن عبد العزيز وول���ي ع��ه��ده األم��ي��ن‪ ،‬هي وسبعة وعشرين‪ ،‬في جولة تفقدية‪ ،‬يطلع خاللها‬ ‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪7‬‬


‫ملف العدد‬ ‫كعادته ‪ -‬حفظه الله ‪ -‬على أحوال المواطنين‪ ..‬يلتقي وبعد استراحة قصيرة غادر خادم الحرمين الشريفين‬ ‫بهم ويستمع إليهم؛ كما يدشّ ن عدداً من المشروعات المطار متوجهاً إلى مقر إقامته حفظه الله‬ ‫التنموية المهمة‪ ،‬وذلك ضمن زياراته التفقدية ‪ -‬أيده‬ ‫وكانت صالة مطار الجوف قد اكتظت بحشود من‬ ‫الله ‪ -‬لجميع مناطق المملكة‪.‬‬ ‫المواطنين من أهالي المنطقة‪ ،‬الذين قدموا منذ‬ ‫وك��ان في استقبال الملك المفدى ل��دى وصوله وق��ت مبكر من مختلف محافظات وم��دن المنطقة‬ ‫مطار الجوف صاحب السمو الملكي األمير سلطان للسالم على خادم الحرمين الشريفين ‪ -‬أيده الله ‪-‬‬ ‫بن عبدالعزيز‪ ،‬ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء فيما اصطف المئات من طالب المدارس واألطفال‬ ‫وزي��ر ال��دف��اع وال��ط��ي��ران والمفتش ال��ع��ام‪ ،‬وصاحب على جنبات طريق المطار للترحيب بمقدمه الميمون‪،‬‬ ‫السمو الملكي األمير بندر بن محمد بن عبدالرحمن‪ ،‬حاملين األعالم وصور المليك وولي عهده األمين ‪-‬‬ ‫وصاحب السمو الملكي األمير سلمان بن عبدالعزيز حفظهم الله ‪ -‬مرددين األهازيج الوطنية‪ ،‬فيما كانت‬ ‫أمير منطقة الرياض‪ ،‬وصاحب السمو الملكي األمير مجموعة من األطفال تنثر الورود في طريق الموكب‬ ‫فهد ب��ن ب��در ب��ن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف‪ ،‬الرسمي للمليك وولي عهده‪.‬‬ ‫وأصحاب السمو الملكي األمراء‪ ،‬ووكيل إمارة منطقة‬ ‫استقبال شعبي‬ ‫الجوف أحمد عبدالله آل الشيخ‪ ،‬ومحافظ القريات‬ ‫في عصر األرب��ع��اء خ��رج أهالي المنطقة صغاراً‬ ‫الدكتور عبدالله المريخان‪ ،‬ومحافظ دومة الجندل‬ ‫األس��ت��اذ ك��س��اب المويشير‪ ،‬وك��ب��ار المسؤولين من وكباراً في مسيرات فرح جابت الطرقات للتعبير عن‬ ‫فرحتهم بلقاء مليكهم الغالي وولي عهده األمين‪ ،‬فيما‬ ‫مدنيين وعسكريين‪ ،‬وجمع غفير من المواطنين‪.‬‬ ‫قام عدد من أعيان ومشايخ المنطقة بنصب المخيمات‬ ‫وق��د وص��ل في معية خ��ادم الحرمين الشريفين‬ ‫الكبيرة على جانبي طريق المطار ون��ح��روا الجمال‬ ‫ص��اح��ب ال��س��م��و ال��م��ل��ك��ي األم��ي��ر ع��ب��دال��رح��م��ن بن‬ ‫والذبائح ترحيباً بمقدمه الميمون للمنطقة‪ ،‬كما قام‬ ‫عبدالعزيز نائب وزي��ر الدفاع والطيران والمفتش‬ ‫عدد من النساء بالتعبير عن ترحيبهن وفرحتهن بهذه‬ ‫ال��ع��ام‪ ،‬وص��اح��ب السمو الملكي األم��ي��ر متعب بن‬ ‫المناسبة بطريقتهن الخاصة من خ�لال وض��ع عدد‬ ‫عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية‪ ,‬وصاحب‬ ‫كبير من دالل القهوة على جانبي عدد من الطرق داخل‬ ‫السمو األمير عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز آل‬ ‫المدينة تعبيراً عن الكرم والترحيب بوصول مليكهم‬ ‫س��ع��ود‪ ,‬وص��اح��ب السمو الملكي األم��ي��ر ن��اي��ف بن‬ ‫المفدى للمنطقة‪ ،‬فيما توشح أطفال المنطقة الذين‬ ‫عبدالعزيز وزي��ر الداخلية‪ ,‬وصاحب السمو األمير‬ ‫خرجوا مع آبائهم للتعبير عن بهجتهم بهذه المناسبة‬ ‫فيصل بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود‪ ,‬وصاحب‬ ‫الغالية ب��ال��زي الوطني حاملين األع�ل�ام والالفتات‬ ‫السمو األمير عبدالله بن مساعد بن عبدالرحمن‪,‬‬ ‫ال��ت��ي تزينت ب��ال��ش��ع��ارات وال��ع��ب��ارات الوطنية وصور‬ ‫وصاحب السمو الملكي األمير مقرن بن عبدالعزيز خادم الحرمين وسمو ولي العهد‪ ،‬كما شاركت أعداد‬ ‫رئيس االستخبارات العامة‪ ,‬وأصحاب السمو الملكي غفيرة من الجاليات العربية المقيمة في المنطقة‬ ‫األمراء‪ ,‬وعدد من كبار المسؤولين‪.‬‬ ‫أه��ال��ي المنطقة فرحتهم وعرسهم الوطني الكبير‪،‬‬ ‫وف���ور وص��ول��ه‪ ،‬حفظه ال��ل��ه‪ ،‬ق���دّم ط��ف��ل وطفلة فيما توشحت سيارات شباب المنطقة باللون األخضر‬ ‫لجاللته باقتين من الورود ترحيباً بزيارته الميمونة‪ .‬وباألعالم الوطنية ابتهاجاً بهذه المناسبة الغالية‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫وق�����د ش�����رف خ����ادم‬ ‫ال��ح��رم��ي��ن الشريفين‬ ‫ال���م���ل���ك ع���ب���دال���ل���ه بن‬ ‫ع��ب��دال��ع��زي��ز آل سعود‪،‬‬ ‫ح���ف���ظ���ه ال�����ل�����ه‪ ،‬حفل‬ ‫ال����غ����داء ال������ذي أقامه‬ ‫صاحب السمو الملكي‬ ‫األمير فهد بن ب��در بن‬ ‫عبدالعزيز أمير منطقة‬ ‫ال��ج��وف‪ ،‬وذل���ك بقصر‬ ‫سموه بمدينة سكاكا يوم‬ ‫األربعاء ‪ 22‬ربيع األخر‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫خادم الحرمين يحيي مستقبليه من أهالي الجوف‬

‫وف���ور وص���ول الملك‬ ‫المفدى اطلع حفظه الله‬ ‫على مجسم لمشروع اإلس��ك��ان التنموي بمحافظة‬ ‫القريات بمنطقة ال��ج��وف‪ ،‬التابع لمؤسسة الملك‬ ‫وح��ض��ر االط��ل�اع ع��ل��ى ال��م��ش��روع وح��ف��ل الغداء‬ ‫عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه لإلسكان التنموي‪ ،‬صاحب السمو الملكي األمير سلطان بن عبدالعزيز‬ ‫ومجسم لوحدة سكنية من وحدات المشروع‪.‬‬ ‫ولي العهد نائب رئيس مجلس ال��وزراء وزير الدفاع‬ ‫كما استمع‪ ،‬حفظه الله‪ ،‬إلى شرح واف من أمين والطيران والمفتش العام‪ ،‬وأصحاب السمو الملكي‬ ‫عام المؤسسة الدكتور يوسف العثيمين عن المشروع‪ ،‬ال����وزراء واألم�����راء‪ ،‬وك��ب��ار المسؤولين م��ن مدنيين‬ ‫الذي يقع على أرض تبلغ مساحتها أربعمائة ألف متر وعسكريين‪.‬‬ ‫مربع‪ ،‬وتتكون المرحلة األولى من المشروع من مئة‬ ‫وك��ان خ��ادم الحرمين ‪ -‬حفظه الله ‪ -‬قد شرف‬ ‫وحدة سكنية‪ ،‬موزعة على ثالثة نماذج‪ ،‬حسب حجم‬ ‫مساء يوم األربعاء ‪ 22‬ربيع األخر‪ ،‬بحضور صاحب‬ ‫األسرة المستفيدة‪ .‬وتتكون كل وحدة سكنية من ثالث‬ ‫السمو الملكي األم��ي��ر سلطان ب��ن عبدالعزيز ولي‬ ‫إلى خمس غرف نوم‪ ،‬وتقدر مساحة أرض الوحدة‬ ‫ال��ع��ه��د ن��ائ��ب رئ��ي��س مجلس ال�����وزراء وزي���ر الدفاع‬ ‫السكنية ب ‪ 340‬متراً مربعا‪ ،‬ومتوسط مساحة البناء‬ ‫والطيران والمفتش العام‪ ،‬الحفل الكبير الذي أقامه‬ ‫‪ 145‬متراً مربعا‪.‬‬ ‫أهالي منطقة الجوف‪ ،‬احتفاء بمقدمه الميمون إلى‬ ‫ويضم المشروع مسجدا‪ ،‬ومجموعة من الخدمات الجوف وذلك في مركز األمير عبداالله الحضاري‬ ‫االجتماعية والثقافية والصحية‪ ،‬ومركزا حضاريا بمدينة سكاكا‪.‬‬ ‫وثقافيا كما يشتمل المشروع على جميع خدمات‬ ‫وك��ان في استقبال الملك المفدى ل��دى وصوله‬ ‫الماء والكهرباء والصرف الصحي والهاتف‪ .‬وتقدر‬ ‫تكلفة المشروع اإلجمالية لهذه المرحلة بخمسة مقر الحفل صاحب السمو الملكي األمير فهد بن‬ ‫ب��در بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف وع��دد من‬ ‫وعشرين مليون ري���ال‪ ،‬وم��دة تنفيذه ‪ 18‬شهرا من‬ ‫تاريخ توقيع العقد‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪9‬‬


‫ملف العدد‬ ‫المسؤولين‪ ،‬وق��دم طفل وطفلة باقتي ورد للملك‬ ‫المفدى ترحيبا بجاللته‪.‬‬ ‫وف��ي طريقه إل��ى منصة الحفل الخطابي قوبل‬ ‫خ��ادم الحرمين بعاصفة من التصفيق والهتاف من‬ ‫أهالي المنطقة‪ ،‬الذين امتألت بهم مدرجات الحفل‬ ‫حيث بادلهم الملك المفدى التحية‪ ،‬ملوحاً بيده‬ ‫الكريمة لهم‪.‬‬ ‫وبعد أن أخذ خ��ادم الحرمين الشريفين حفظه‬

‫ومضى سموه قائالً‪« :‬لقد كنت دائم السؤال عن‬ ‫المنطقة وأهلها وفي كل مرة أتشرف فيها بلقائك‬ ‫كان سؤالك مشفوعا بالتأكيد على أن هناك مناطق‪،‬‬ ‫وفي مقدمتها منطقة الجوف‪ ،‬قد فاتها قطار التنمية‬ ‫والتقدم وستكون أوفر حظا في مركز دائرة اهتمامك‬ ‫واق��رب في محيط رعايتك إللحاقها بأخواتها من‬ ‫مناطق مملكتنا الحبيبة»‪.‬‬

‫وصحبهما الكرام لتدرك إبعاد هذه الزيارة ومعانيها‬

‫وأك��د سموه في كلمته أن��ه تحقق لهذه المنطقة‬ ‫أشياء منظورة وبقيت أكثر منها منتظرة‪ ،‬والمواطنون‬ ‫هنا لهم آمال عريضة وتطلعات إلى مستقبل مشرق في‬ ‫عهدك الزاهر‪ ،‬يبارك ما نظروه ويحقق ما انتظروه‪،‬‬ ‫مشيراً سموه إل��ى أن س��رد حاجاتهم مع ما عرف‬ ‫عنهم من كرم الضيافة وحرارة االحتفاء‪ ،‬يتناغم مع‬ ‫ثقتهم بأنك ستضع يدك على تلك الحاجات بحسك‬ ‫الوطني وقلبك األبوي‪.‬‬

‫الله مكانه‪ ..‬بدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم‪ ،‬بعد‬ ‫ذل��ك قُدمت فقرة فنية‪ ،‬تلتها كلمة صاحب السمو‬ ‫الملكي األمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة‬ ‫الجوف‪ ،‬أك��د فيها أن منطقة الجوف وه��ي تحتفل‬ ‫بمقدم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده األمين‬ ‫السامية‪ ،‬وإنها لفرصة أكيدة لرفعتها ودفع مسيرتها‪،‬‬ ‫هذه المعاني التي تؤكدها عبارتك الشهيرة‪( :‬نحن‬ ‫بال المواطن ال شيء)‪ ،‬ولذلك أجدني مضطرا إلى‬ ‫نقل خلجات أهالي هذه المنطقة مما ظهر لي من‬ ‫إصرارهم على مبادلتك الشعور؛ معنىً بمعنى‪ ،‬وكلم ًة‬ ‫بكلمة‪ ،‬وهم أيضا يقولون‪« :‬ونحن دون ولي األمر ال‬ ‫شيء»؛ وهو ما يؤكد صدق انتمائهم للوطن‪ ،‬والرغبة‬ ‫في أن يكونوا في مصاف األوطان المتقدمة‪.‬‬ ‫وأض���اف س��م��وه أن ه��ذه ال��زي��ارة ال��ت��ي ت��أت��ي في‬ ‫منظومة زياراتك التفقدية لكافة مناطق المملكة التي‬ ‫هي واجب في نظرك وهي كرم منك في نظر المواطن‬ ‫تحمل في طياتها معاني تند عن الحصر‪ ،‬يأتي من‬ ‫أهمها تلمس حاجة المواطن عن كثب وروية‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫أمير منطقة الجوف األمير فهد بن بدر بن عبدالعزيز يلقي كلمته‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫وق��ال سموه غ��داً (ي��وم الخميس التالي)‪ ،‬إن شاء‬ ‫الله‪ ،‬تفتتح ما اكتمل من مشاريع المنطقة األساسية‬ ‫وتضع حجر األساس لمشاريع أخرى‪ ،‬وهذه وتلك من‬ ‫أهم روافد المنطقة للسير في موكب العصر الجديد‬ ‫والتعاطي مع ما تمليه الحضارة‪ ،‬وه��ي محل تقدير‬ ‫المواطنين ومصدر اعتزازهم‪ ،‬ومع هذا بقيت لمواطني‬ ‫منطقة الجوف حاجات وحاجات يتطلعون إلى تحقيقها‪،‬‬ ‫موضحاً سموه أن مواطني منطقة الجوف يتمنون له‬


‫حفظه الله طيب اإلقامة ودوام السالمة‪.‬‬ ‫وف��ي ختام كلمته ق��ال سموه ال يفوتني أن انوه‬ ‫عن موقفين هما األق��رب من مواقفك الرائعة وما‬ ‫أكثرها‪..‬‬ ‫أولهما على الصعيد الداخلي اال وهو العفو عن‬ ‫سجناء الحق العام في جميع سجون المملكة‪ ،‬ممن ال‬ ‫تندرج قضاياهم تحت القضايا الكبيرة‪ ،‬وال تحت حد‬ ‫من حدود الشرع‪.‬‬ ‫وث��ان��ي��ه��م��ا ع��ل��ى ال��ص��ع��ي��د ال��خ��ارج��ي وه���و نجاح‬ ‫مساعيك في توقيع اتفاق صلح ثنائي‪ ،‬بين السودان‬ ‫وتشاد الحتواء الصراع بين غربي السودان وشرقي‬ ‫تشاد في قمة الجنادرية تحت رعايتك حفظك الله‪.‬‬ ‫سدد الله على درب الخير خطاكم وأمدكم بعونه‬ ‫وتوفيقه‪.‬‬ ‫عقب ذلك شاهد خادم الحرمين الشريفين وسمو‬ ‫ولي عهده والحضور فيلماً بعنوان (الجوف‪ ..‬التاريخ‬ ‫واألص��ال��ة) ثم قدمت فرقة الهجانة ل��ون ألهجيني‪،‬‬ ‫ث��م ألقى الشاعر الدكتور احمد السالم القصيدة‬ ‫التالية‪:‬‬

‫((تحية الجوف‪ ...‬ألعز الضيوف))‬ ‫أ‪ .‬د ‪ /‬أحمد بن عبد الله السالم‬

‫دب��ـ��ج ق��ـ��واف��ـ��ي��ك واس��ت��ل��ه��م معانيها‬ ‫أو فاعتزلها وأع��ـ��ط ال��ق��وس باريها‬ ‫أم��ـ��ط ل��ث��ـ��ام ال��ق��واف��ي ع��ن مموسقة‬ ‫فـيها مـن األدب المحمود م��ا فيها‬ ‫ت���ق���ال ف��ـ��ي م��ل��ت��ق��ى ش��ـ��م غطارفـة‬ ‫ت��ب��ق��ـ��ىوت��ب��ق��ـ��ى رواة ال��ش��ع��ر ترويها‬ ‫ال أدع��ـ��ي أن��ن��ي ص��رت اب��ن بجدتها‬ ‫أو صرت حسانها أو صرت شوقيها‬ ‫ك�ل�ا وال ن��ـ��ظ��ر األع���م���ى إل��ـ��ى أدبي‬ ‫ول���م أق���ل‪ :‬كلماتي ال��ص��ـ��م تـصغيها‬

‫ملف العدد‬

‫وإن���ـ���م���ا س��ـ��ق��ت م��ـ��ا ي��ن��س��اق قافية‬ ‫وق��دت أخ��رى حرونا مـن صياصيها‬ ‫قصيدتي فـرسي نحو التي صعبت‬ ‫م��ـ��ن ال��م��ن��ى ب��ع��م��ود الشعـر أفـريها‬ ‫إل���ي أف��ض��ت ب��س��ر م��ـ��ن سـرائرهـا‬ ‫ب��ـ��ه ت��م��ل��ك��ت ش��ـ��ع��را م��ـ��ن نواصيها‬ ‫لكـنها ل��ي��س��ـ��ت األول�����ى ال��ت��ي كتبت‬ ‫وال األخ���ي���ـ���رة ت��ـ��رح��ي��ب��ا وتنويـها‬ ‫ل��ـ��م ي��ت��رك��وا ل��ـ��ي ل��ف��ظ��ا ك��ي أجملها‬ ‫أو يغفلـوا عـن عميق م��ن معانيها‬ ‫وح��ي��ن ل��م ي��ب��ق ل��ي م��ا أس��ت��ع��ي��ن بـه‬ ‫عـلى ال��وق��وف وأب���دت لـي تجافيها‬ ‫ن��ه��رت��ه��ا وأن���ـ���ا م��ـ��ن ف����وق صهوتها‬ ‫وق���ـ���ل���ت‪ :‬إن ك��ـ��ب��ي��ر ال����ـ����دار آتـيها‬ ‫فأسلمت لعيـون الضيف مـقودها‬ ‫وأط��ل��ق��ـ��ت ب��ات��ـ��ج��اه ال���ري���ح سـاقيها‬ ‫تـختال حينا وح��ي��ن��ا تنتشي طربـا‬ ‫ت��ه��ـ��ز م��ـ��ن ف���ـ���رح ب��ال��ض��ي��ف كـفيها‬ ‫أهال بمن شرفت جوف الشمال بهم‬ ‫ف��ـ��ي ل��ي��ل��ة ه��ـ��ي م��ـ��ن أغ��ل��ى لياليها‬ ‫ط���اب���ت ل��ه��ـ��م وب���ه���م دار ن���ك���ون بـها‬ ‫ن��ح��ن ال��ض��ي��ـ��وف وه��ـ��م أب��ن��اء بانيها‬ ‫قد ضمخ الشيح والقيصوم نسمتها‬ ‫وط��ـ��رز األرض ش���يء م��ـ��ن أقاحيها‬ ‫وع��ط��ـ��رت ب��خ��زام��اه��ا ال��م��ك��ان وهـل‬ ‫ب��ع��د ال��خ��زام��ـ��ى ع��ب��ي��ر م��ـ��ا يـدانيها‬ ‫وح��ـ��ل��وة ال��م��اء زادت م��ن عذوبتها‬ ‫وح��ـ��ل��وة ال��ن��خ��ل م��اس��ت ف��ـ��ي تثـنيها‬ ‫كـأنها ال��ك��اع��ب الحسناء شاخصة‬ ‫ممشوقة ال��ق��ـ��د تسبى ل��ـ��ب رائـيها‬ ‫ك��أن��ه��ا ب��ـ��دم ال��ش��ري��ان ق��ـ��د ورسـت‬ ‫أو أثـمدت ف��س��واد الكحل غـاشيها‬ ‫ك��ـ��أن��م��ا ال���ج���ـ���وف أب����ـ����واب مـفتحة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪11 1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫ي��ل��ق��ـ��ى ال��ت��ح��ي��ـ��ة ق��ـ��اص��ي��ه��ا ودانيها‬ ‫أه��ـ�لا ب��أب��ن��اء ذاك الصقر فـي بلد‬ ‫ج��اءت��ـ��ه ف��ـ��ي ب��ل��د ش��ـ��ط��ت مراميها‬ ‫في سيرها قطعت رم��ل النفود إلى‬ ‫عبد العزيز ينص العيـس حـاديها‬ ‫ف��ص��ادف��ت فـي ت��خ��وم ال���رس موكبه‬ ‫ف��ـ��ب��ل��غ��ت��ه ال��ت��ح��ـ��اي��ـ��ا م��ـ��ن أهـاليها‬ ‫ج��اءت��ه ال تشتكي جوعا وال عطشا‬ ‫بل تشتكي األمن فـي شتى نواحيها‬ ‫أع��ط��ت��ه ع��ه��ـ��دا وأع��ط��اه��ـ��ا مفوضه‬ ‫ف���ص���ـ���ار ام���ـ���ره���ا ح��ـ��ي��ن��ا ونـاهيها‬ ‫ع��ـ��ادت بخفيـن بالخيرات ق��د ثقال‬ ‫ول��ي��ـ��س خ��ـ��ف��ا ح��ـ��ن��ي��ن م��ث��ل خـفيها‬ ‫ع��ادت وع��اد لها األم��ن ال��ذي فقدت‬ ‫فأصبحـت حيـث ال أخ��رى توازيها‬ ‫م����اء ون��خ�لا وزي���ت���ون���ا وط��ي��ب هوى‬ ‫والنفط أصبـح منها قـاب قوسيها‬ ‫سلو بسيطاء كم بالخضرة انبسطت‬ ‫ب��ـ��ك��ل م��ـ��ا ل��ـ��ذ ق��ـ��د ط��اب��ت مجانيها‬ ‫وال���ي���ـ���وم ق��ـ��د ح��ل��ه��ا ض��ي��ف زيارته‬ ‫ت��ـ��زي��د ف��ـ��ي ق��دره��ا ق��ـ��درا وتـعليها‬ ‫ض��ي��ف إذا ج��ـ��اء ج����اءت ف��ي معيته‬ ‫نعمـى وحسبك مـن نعمى تواليها‬ ‫أج���ـ���رى ع��ل��ى ي��ـ��ده ال��م��ول��ى نوائله‬ ‫ف��ـ��ق��ام ب��ال��ع��ـ��دل وال��م��ي��ـ��زان يجريها‬ ‫ج��ـ��اء المليك ال��ـ��ذي ت��رن��و لمقدمه‬ ‫دار وت��ف��ت��ح م��ـ��ن ش���ـ���وق ذراعـيها‬ ‫أه��ـ�لا أب��ـ��ا م��ت��ع��ب ط��ـ��اب��ت إقامتكم‬ ‫في جوف جوف علت زهوا بماضيها‬ ‫يكفيك مـن عمر ال��ف��اروق مسجده‬ ‫تكفيك ح��ـ��ادث��ـ��ة التحكـيم تنزيـها‬ ‫يا خادم الحرمين الجوف قد أخذت‬ ‫قـسطا وتـرنو لقسط منك تعطيها‬

‫‪12‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫م���ـ���دت ل��ك��ف��ـ��ي��ك ك��ـ��ف��ـ��ي��ه��ا مـجددة‬ ‫والءه���ـ���ا ف��ـ��ي وف���ـ���اق م��ـ��ن أهاليها‬ ‫أن سوف تبقى على الميثاق مابقيت‬ ‫م��ي��اه دوم���ـ���ة ت��ج��ـ��ري ف��ـ��ي مجاريها‬ ‫وس��وف تبقى على الميثاق م��دة ما‬ ‫ي���ـ���دور ن��ج��ـ��م ال��ث��ـ��ري��ا ف��ـ��ي مداريها‬ ‫تبقى على العهد مـا غنت مطوقة‬ ‫ب��ك��ـ��ل ل��ح��ـ��ن ش��ج��ـ��يٍّ م��ـ��ن أغانيها‬ ‫تبقى سكاكا على عهد ال��وف��اء لـكم‬ ‫ب��ق��ـ��اء زع��ـ��ب��ل زه���ـ���وا ف��ـ��ي أعاليها‬ ‫ول��ل��ق��ـ��ري��ات ف��ـ��ي ال��م��ي��ث��اق ملحمة‬ ‫قصـر الصعيـدي ل�لأج��ي��ال يرويها‬ ‫وال ت���م���ـ���رد ع��ـ��ن��ك��م م���ـ���ـ���ارد أبـدا‬ ‫ف��ـ��ال��دار أن��ـ��ت��م ل��ه��ا أغ��ل��ـ��ى أمـانيها‬ ‫وم��ـ��ن ط��ب��رج��ل ج��ـ��اءت��ك��م معاهـدة‬ ‫وغيرها في حظوظا المـوت ترميها‬ ‫ك���أن���م���ا ك���ـ���ل ج��ـ��وف��ـ��ي ي��خ��ـ��ط لكـم‬ ‫ص��ـ��ح��ي��ف��ـ��ة ب����ـ����دم ح���ـ���ر يـوشـيها‬ ‫ظهورنـا ح��ول س��ور ال���دار ننصبها‬ ‫س��ـ��ورا وم���ن دون��ه��ا األرواح نهديها‬ ‫أض�لاع��ن��ا كـسهام ال��م��ـ��وت نرسلها‬ ‫ن��ـ��روش��ه��ا ق��ـ��ب��ل أن ت��رم��ـ��ى ونبريها‬ ‫ف��ـ��أن��ت ي���ا خ���ـ���ادم ال��ب��ي��ت��ي��ن سـيدها‬ ‫وأن���ـ���ت ي��ـ��ا خ���ـ���ادم ال��ب��ي��ت��ي��ن راعيها‬ ‫وأن����ت أن���ت ال��ـ��ذي ت��رج��ـ��ى لرفعتها‬ ‫وأن���ـ���ت مـطعمها أي��ـ��ض��ا وسـاقيها‬ ‫وأن���ـ���ت ت��ب��ـ��دع ب��ـ��ع��د ال���ي���وم حليتها‬ ‫وأن��ـ��ت م��ـ��ن ب��ع��د ه���ذا ك��ح��ل عينيها‬ ‫ي��ا ق��ـ��ام��ة ت��ض��رب األم��ث��ال سـيرتها‬ ‫م��ا صعـرت لسـوى الرحمن خديها‬ ‫وكـيف ه��ذا ووال���ي العهد ساعدكم‬ ‫يعطـي ال��والي��ة معنـى حين يعطيها‬ ‫ق��ـ��د ودع ال���ـ���دار ف��اش��ت��اق��ت لرؤيته‬


‫ملف العدد‬ ‫أزكـى التحايا إل��ى سـلطان تزجيها ألقاها نيابة عنهم عضو مجلس ال��ش��ورى الدكتور‬ ‫إذا الخطوب ادلهمت والهموم طغت‬ ‫عبدالرحمن ال��ع��ن��اد‪ ،‬رح��ب فيها ب��خ��ادم الحرمين‬ ‫م��ـ��ن غ��ي��ر س��ـ��ل��ط��ان م��خ��ل��وق يجليها الشريفين وسمو ولي عهده األمين ‪ -‬حفظهما الله‬ ‫وك��ي��ف ه���ذا وف��ـ��ه��ـ��د ي���ا م��ل��ي��ك لكم‬ ‫– جاء فيها‪:‬‬ ‫عـينا ه��ن��ا ل��ـ��م ت���رح ب��ال��ن��وم جفنيها‬ ‫يغلف الصمت م��ا يؤتيه مـن عمل‬ ‫خ��ـ��ط��اه بـالعـفة ال��ب��ي��ض��اء يمشيها‬ ‫ب��ـ�لادن��ا س��ـ��اده��ا ب��األم��ـ��ن سـادتها‬ ‫ول��ي��ـ��س س��ـ��ادت��ه��ا ف��ي��ـ��ه��ا مـواليها‬ ‫دع��ن��ي أح��ي��ي إذا حلـوا ف��إن رحلوا‬ ‫قصيدتـي بشـظايا ال��ح��ـ��زن اذكيها‬ ‫وإن ت��ـ��رح��ل م��ن��ه��م م��ـ��ي��ت وقضى‬ ‫ق��ـ��ص��ي��دت��ـ��ي ب��ت��ـ��ع��ازي��ـ��ه��م أطـريها إحتفاء خاص من خادم الحرمين الشريفين بأطفال منطقة الجوف‬ ‫ع��ـ��ب��د ال��م��ج��ي��د وع��ـ��ب��د ال��ل��ه يتبعـه‬ ‫�لا ومرحباً يا سيدي بجوفنا‪ ،‬الجوف الذي‬ ‫«أه ً‬ ‫وال����روح يقبضها المولـى ويحييها‬ ‫سكنته قبل أن تأتي منطقة الجوف‪ ،‬ألست سيدي‬ ‫ذابـت لفقدهما األجساد وانفطرت‬ ‫ملك القلوب والقلوب تسكن ال��ج��وف‪ ،‬لقد سكنت‬ ‫مـنا ال��ق��ل��وب وزادت ف��ـ��ي تشظيها‬ ‫جوف أبناء شعبك وملكت قلوبهم وزدتها نبضاً وحياة‬ ‫وال��ج��وف ق��د كلفتـني أن أواسيهم‬ ‫وحباً ووالءً‪ ،‬وأتيت منطقة الجوف وشرفتها وأسعدتها‬ ‫ش��ع��را وه��ـ��ا أن��ـ��ا ذا أب����دي تعازيها‬ ‫وباركتها وقربتها وأعليت من شأنها»‪.‬‬ ‫أه��دي��ت��ه��م ق��ـ��در م��ا أسـطيع معذرة‬ ‫إن لـم تكن قوسهم ف��ي ك��ف باريها‬ ‫وأض����اف ق��ائ�لاً‪« :‬أه�ل�ا ب��ك ي��ا س��ي��دي بأرضك‬ ‫ليس ال��ه��داي��ا علـى م��ق��دار آخـذها‬ ‫وبين أبناء شعبك‪ ،‬الذين يتوقون كلهم للتعبير عن‬ ‫ب��ـ��ل ال��ه��ـ��داي��ا ع��ـ��ل��ى م��ق��دار مهديها بالغ فرحتهم بك وعظيم حبهم لك وخالص والئهم‬ ‫ماضاق عن ف��رح ص��دري والنضبت‬ ‫إليك وإلى هذا الوطن الكبير مملكة اإلنسانية‪ ،‬التي‬ ‫مشاعري بـل ح��روف��ي ع��ن معانيها تقودها بجسارة البطل وحنكة الزعيم وقوة السلطان‬ ‫ل��ـ��و أن ش��ع��ري ي��وات��ي��ن��ي كتبت لكم‬ ‫وعدل الملك ومحبة اإلنسان»‪.‬‬ ‫ق��ص��ي��دة م��ـ��ن ع��ي��ـ��ون الشـعر أبنيها‬ ‫وأكد في كلمته أن أهالي الجوف بادية وحاضرة‬ ‫أو ك��ـ��ان ش��ع��ري ي��وات��ي��ن��ي ف��ت��ل��ت به‬ ‫نسا ًء ورجاالً صغاراً وكباراً يرحبون بخادم الحرمين‬ ‫ع��ق��ود ورد إل��ـ��ى ال������زوار أهـديـها‬ ‫ال��ش��ري��ف��ي��ن وص��ح��ب��ه ال���ك���رام‪ ،‬وق����ال‪« :‬ه���م أبناؤك‬ ‫كما ألقى الشاعر خلف بن صالح الكريع قصيدة وإخ��وان��ك وأخ��وات��ك وج��ن��دك‪ ،‬يكبرون فيك سيدي‬ ‫نبطية تشرف بعدها بالسالم على خ��ادم الحرمين حبك للوطن كله‪ ،‬وحبك للشعب كله‪ ،‬ويرجون الله أن‬ ‫الشريفين وسمو ولي عهده حفظهما الله‪.‬‬ ‫يوفقهم ليكونوا دائماً عند حسن ظنك؛ وهم سائرون‬ ‫وقدمت كذلك فقرة فنية‪ ،‬ثم ألقيت كلمة األهالي خ��ل��ف��ك ي��دع��م��ون��ك وي��ؤي��دون��ك وي��ب��ارك��ون خطاك‪،‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪13 1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫المليك‪ :‬ال��وط��ن جسم واح��د وك��ل منطقة فيه السمو الملكي األم��ي��ر فهد ب��ن ب��در ب��ن عبدالعزيز‬ ‫أمير المنطقة‪ ،‬الذي كان وسيظل الناقل األمين عن‬ ‫قلب ينبض‪.‬‬ ‫احتياجات المنطقة وتطلعات أبنائها وطموحاتهم‬ ‫إنشاء أرب��ع كليات تقنية وسبعة مراكز تدريب‬ ‫لخادم الحرمين الشريفين الذي حمّله األمانة‪ ،‬وأوكله‬ ‫مهني ومعهدين عاليين تقنيين للبنات‪.‬‬ ‫المسؤولية‪.‬‬ ‫الموفقة‪ ،‬بمشيئة ال��ل��ه‪ ،‬ف��ي ح��رب��ك ال��ظ��اف��رة على‬ ‫الفقر والبطالة‪ ،‬واإلرهاب والتطرف والتعصب‪ ،‬وفي‬ ‫مبادرتك الوطنية الطموحة في اإلص�لاح والحوار‬ ‫الوطني وحماية النزاهة ومكافحة الفساد‪ ،‬والعناية‬ ‫بالمواطن وح��ق��وق اإلن��س��ان‪ ،‬وف��ي تحقيق التوازن‬ ‫وتوزيع التنمية الشاملة في أرجاء الوطن؛ فعم الخي ُر‬ ‫والبناءُ كافة مناطق المملكة»‪.‬‬ ‫واستطرد ق��ائ�لاً‪« :‬أه��ال��ي ال��ج��وف يكبرون فيك‬ ‫سيدي حبك الكبير وعملك ال��دؤوب ودبلوماسيتك‬ ‫ال��ف��ذة‪ ،‬ال��ت��ي وظفتها بكل اق��ت��دار لتعزيز العدالة‬ ‫والسلم والتعايش العالميين‪ ،‬ويقدرون فيك نزعتك‬ ‫إلى وحدة األمة اإلسالمية وتضامن الصف العربي‪،‬‬ ‫وكان من نتاج ذلك مبادرة السالم العربية والوصول‬ ‫بتشاد وال��س��ودان إل��ى ب��ر األم���ان‪ ،‬وف��ي ال��ع��راق إلى‬ ‫وثيقة رمضان‪ ،‬وبفلسطين إلى اتفاق مكة‪ ،‬وبتضامن‬ ‫العرب إلى قمة الرياض»‪.‬‬

‫خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يلقي‬ ‫كلمة في حفل أهالي منطقة الجوف‪.‬‬

‫وقد ألقى خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬حفظه الله‪،‬‬

‫كلمة بمناسبة زيارته الميمونة إلى منطقة الجوف‪،‬‬

‫أك��د فيها على أن أم��ام��ن��ا م��ع��ارك طويلة الب��د أن‬ ‫نخوضها‪ ،‬لكي نبني الوطن المثالي؛ وط��ن الرخاء‬

‫الذي ال يفتقر فيه أحد‪ ،‬ووطن العدل الذي ال يظلم‬ ‫فيه إنسان‪ ،‬ووطن االعتدال الذي ينفر من الكراهية‬

‫وأكد أن أبناء الجوف يثقون تمام الثقة بقدرة خادم والغلو‪.‬‬ ‫الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز‪،‬‬ ‫وفيما يلي نصها‪:‬‬ ‫وحنكته وفطنته‪ .‬وقال‪« :‬أنتم دون شك تعلمون أكثر‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫مما نعلم‪ ،‬وتدركون أكثر مما ندرك‪ ،‬وتقرؤون ما بين‬ ‫السطور‪ .‬نثق سيدي بعلمك الوافي الذي أعلنته على‬ ‫والحمد لله والصالة والسالم على رسول الله وبعد‪.‬‬ ‫المأل‪ ،‬أن بعض المناطق‪ ،‬ومنها الجوف‪ ،‬لم تنل حقها‬ ‫أيها اإلخوة واألخوات أبناء منطقة الجوف الغالية‬ ‫م��ن التنمية‪ ،‬ونحن معك ننتظر تنفيذ مشروعات‬ ‫السالم عليكم ورحمة الله وبركاته‬ ‫تنموية كثيرة‪ ،‬تترجم اهتمامك‪ ،‬وترتقي بمستوى‬ ‫تطلعاتك‪ ،‬وتستجيب لتوقعات أبنائك في هذا الجزء‬ ‫ي��س��ع��دن��ي أن أك���ون بينكم ف��ي منطقة الجوف‬ ‫من مملكتنا»‪.‬‬ ‫الغالية‪ ،‬التي شهدت البطوالت العربية في ممالك‬ ‫وأع��رب عن ثقة أهالي منطقة الجوف بصاحب ما قبل اإلسالم‪ ،‬وشهدت روعة اإلسالم وانطالقته في‬

‫‪14‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫إن ال��م��ش��اري��ع ال��ت��ي سيتم تدشينها خالل‬

‫غزوة دومة الجندل‪ .‬وفي التاريخ الحديث‪ ،‬سارعت‬ ‫الجوف في االنضمام إل��ى راي��ة التوحيد والوحدة الزيارة هي الدليل القاطع على أن دولتكم تؤمن‬ ‫في عهد الدولة السعودية األول��ى وفي عهد الدولة بالتنمية المتوازنة الشاملة‪ ،‬التي تطوق الوطن‬ ‫السعودية الثانية‪ ،‬وكانت من أوائ��ل المناطق التي من أقصاه إلى أقصاه‪ ،‬ويلمس أثرها كل مواطن‬ ‫أعلنت تأييدها للمؤسس العظيم‪ ،‬جاللة الملك في كل مكان‪ .‬وسوف يستمر العطاء‪ ،‬إن شاء الله‪،‬‬ ‫عبدالعزيز آل سعود رحمه الله‪.‬‬ ‫لهذه المنطقة تدريجياً‪ ،‬حتى تأخذ نصيبها‬ ‫أيها اإلخوة األعزاء‬

‫الوافر من التنمية‪.‬‬ ‫أش��ك��رك��م م��ن األع���م���اق ع��ل��ى ح��ف��اوت��ك��م وحسن‬

‫إن هذه المواقف المشرفة تدل على أن األوطان‬ ‫ال تبنيها س��وى إرادة ال��رج��ال‪ ،‬ولقد تمكّ ن الملك استقبالكم‪ ،‬وأتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح‪.‬‬ ‫عبدالعزيز‪ ،‬بتوفيق من الله‪ ،‬من إنشاء هذا الكيان‬ ‫والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬ ‫الشامخ مستعينا بالرجال األوف��ي��اء من أبناء هذا‬ ‫الوطن‪ .‬وإذا كانت معركة توحيد البالد قد انتهت‬ ‫بالنصر والحمد لله‪ ،‬فليس معنى ذل��ك أن نخلد‬ ‫إلى الراحة والسكون؛ فأمامنا معارك طويلة ال بد‬ ‫أن نخوضها لكي نبني الوطن المثالي‪ ،‬وطن الرخاء‬ ‫الذي ال يفتقر فيه أحد‪ ،‬ووطن العدل الذي ال يظلم‬ ‫فيه إنسان‪ ،‬ووطن االعتدال الذي ينفر من الكراهية‬ ‫والغلو‪ .‬وسوف يكون النصر حليفنا بإذن الله في ظل‬ ‫معاركنا‪ ،‬ما دمنا يد ًا واحدة وقلب ًا واحداً؛ متمسكين إحتفاء خاص من خادم الحرمين الشريفين بأطفال منطقة الجوف‬ ‫بعقيدتنا السمحة‪ ،‬ومستعينين بالله‪ ،‬جل جالله‪،‬‬ ‫ثم قدمت طفلتان شجرة زيتون لخادم الحرمين‪،‬‬ ‫صابرين محتسبين‪.‬‬ ‫حيث تفضل ‪ -‬رع��اه الله ‪ -‬بسقي الشجرة بالماء‪،‬‬

‫بعدها قدم طفالن هديتين لخادم الحرمين وسمو‬ ‫أيها الشعب الكريم‬ ‫ولي عهده‪ ،‬توالى بعد ذلك تقديم عدد من اللوحات‬ ‫أيها اإلخوة واألبناء‬ ‫الشعبية م��ن ت���راث المنطقة‪ ،‬ل��ت��ؤدي بعدها فرقة‬ ‫أن يكون البعض إقليميا أو عصبيا يعني أنه جرد الفنون الشعبية العرضة السعودية‪ ،‬التي شارك خادم‬ ‫نفسه من فضائل الدين‪ ،‬التي حذرت من ذلك‪ ،‬ودعت الحرمين فيها‪.‬‬ ‫لوطن‬ ‫ٍ‬ ‫إل��ى ال��وح��دة واالنتماء لله‪ ،‬جل جالله‪ ،‬ثم‬ ‫وفي نهاية الحفل‪ ،‬تجوّل خ��ادم الحرمين وسمو‬ ‫نعتز ونفخر به‪ .‬هذا الوطن‪ ،‬الذي جمع كل األقاليم ولي العهد في معرض المنتجات والحرف اليدوية‪،‬‬ ‫وال��ع��ص��ب��ي��ات‪ ،‬وج��ع��ل��ن��ا إخ����وة ع��ل��ى خ��ارط��ة القرن المقام بمقر الحفل بهذه المناسبة‪ ،‬واطلع أيده الله‬ ‫العشرين‪ ،‬معلنا قيام المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫على ما يضمه من معروضات‪.‬‬ ‫أيها اإلخوة الكرام‬

‫وشرّف خادم الحرمين وسمو ولي العهد وأصحاب‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪15 1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫السمو ال��وزراء واألم��راء‪ ،‬حفل العشاء‪ ،‬الذي أقامه الوزارة لشئون الطرق المهندس عبد الله المقبل عن‬ ‫أهالي المنطقة بهذه المناسبة‪.‬‬ ‫مشاريع الطرق بمنطقة الجوف‪.‬‬ ‫وف��ي عصر ي��وم الخميس‪ ،‬رع��ى خ��ادم الحرمين‬ ‫ثم تسلم حفظه الله هدية تذكارية بهذه المناسبة‬ ‫الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ال سعود‪ ،‬من معالي وزير النقل كما تسلم سمو ولي العهد هدية‬ ‫حفظه الله‪ ،‬وبحضور صاحب السمو الملكي األمير مماثلة من معاليه‪.‬‬ ‫سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس‬ ‫بعد ذلك انتقل إلى جناح وزارة المالية «مشروع‬ ‫الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام‪ ،‬حفل‬ ‫الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)‪ ،‬الذي‬ ‫ت��دش��ي��ن ع���دد م��ن ال��م��ش��روع��ات التنموية بمنطقة‬ ‫اشتمل على عدد من الصور والخرائط‪ ،‬واستمع أيده‬ ‫ال��ج��وف‪ ،‬شملت مشروعات وزارة ال��ش��ؤون البلدية‬ ‫الله إلى شرح من معالي وزير المالية ورئيس مجلس‬ ‫وال��ق��روي��ة‪ ،‬ووزارة ال��ش��ؤون اإلس�لام��ي��ة واألوق����اف‬ ‫إدارة صندوق االستثمارات العامة‪ ،‬الدكتور إبراهيم‬ ‫والدعوة واإلرش��اد‪ ،‬والمؤسسة العامة للتعليم الفني‬ ‫ب��ن عبد العزيز العساف‪ ،‬وم��ن أمين ع��ام صندوق‬ ‫وال��ت��دري��ب المهني‪ ،‬والمؤسسة ال��ع��ام��ة للتأمينات‬ ‫االستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة شركة سار‬ ‫االجتماعية‪ ،‬ووزارة التعليم العالي‪ ،‬ووزارة التجارة‬ ‫منصور بن صالح الميمان‪.‬‬ ‫والصناعة‪ ،‬ووزارة المالية‪ ،‬والمؤسسة العامة لصوامع‬ ‫ثم توجه الملك المفدى إلى جناح وزارة العمل‪،‬‬ ‫ال��غ�لال وم��ط��اح��ن ال��دق��ي��ق‪ ،‬ووزارة ال��ن��ق��ل‪ ،‬ووزارة‬ ‫الصحة‪ ،‬ووزارة المياه والكهرباء‪ ،‬ووزارة التربية ح��ي��ث ش��اه��د م��ج��س��م��ي��ن ل��ل��ك��ل��ي��ة ال��ت��ق��ن��ي��ة‪ ،‬ومبنى‬ ‫التأمينات االجتماعية بالجوف‪ ،‬واستمع حفظه الله‬ ‫والتعليم‪ ،‬ومؤسسة الملك عبد الله‬ ‫إل��ى ش��رح م��ن معالي وزي��ر الثقافة‬ ‫ب��ن عبد ال��ع��زي��ز ل��وال��دي��ه لإلسكان خ�������ادم ال���ح���رم���ي���ن ي���رع���ى‬ ‫واإلع���ل���ام وزي�����ر ال��ع��م��ل بالنيابة‬ ‫التنموي‪ ،‬وجمعية األطفال المعاقين‪ ،‬ح���ف���ل ت���دش���ي���ن ع������دد من‬ ‫األس��ت��اذ إي��اد ب��ن أمين م��دن��ي‪ ،‬ومن‬ ‫وشركة أسمنت ال��ج��وف‪ ،‬ومؤسسة‬ ‫سليمان ب��ن عبد العزيز الراجحي ال����م����ش����روع����ات التنموية م��ع��ال��ي م��ح��اف��ظ ال��م��ؤس��س��ة العامة‬ ‫الخيرية‪ ،‬وذلك بمقر أقامته حفظه بمنطقة الجوف‬ ‫للتعليم ال��ف��ن��ي وال��ت��دري��ب المهني‬ ‫الدكتور على الغفيص وم��ن معالي‬ ‫الله بمدينة سكاكا‪.‬‬ ‫المليك يضع حجر األساس محافظ المؤسسة العامة للتأمينات‬ ‫وكان في استقبال الملك المفدى‬ ‫ويدشن مشروعات تنموية االج��ت��م��اع��ي��ة األس���ت���اذ س��ل��ي��م��ان بن‬ ‫ل���دى وص��ول��ه م��ق��ر ال��ح��ف��ل صاحب‬ ‫ف���ي ال���ج���وف ب��أك��ث��ر م���ن ‪ 11‬سعد الحميد‪ ،‬عن المشاريع التابعة‬ ‫السمو الملكي األمير فهد بن بدر بن‬ ‫للمؤسستين بمنطقة الجوف‪.‬‬ ‫مليار ريال‬ ‫عبد العزيز أمير منطقة الجوف‪.‬‬ ‫ك���م���ا ت���ف���ق���د خ�������ادم الحرمين‬ ‫وق��د اطّ ��ل��ع الملك المفدى على‬ ‫ال��ش��ري��ف��ي��ن ج���ن���اح وزارة التعليم‬ ‫جناح وزارة النقل وما اشتمل عليه من صور وخرائط‬ ‫العالي‪ ،‬حيث شاهد مجسماً لجامعة الجوف واستمع‬ ‫للطرق بمنطقة الجوف‪ ،‬واستمع إلى شرح من معالي‬ ‫إلى شرح عن هذا المشروع من معالي وزير التعليم‬ ‫وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري‪ ،‬ووكيل‬ ‫العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري‪ ،‬ومن معالي‬

‫‪16‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫م��دي��ر جامعة الملك س��ع��ود م��دي��ر جامعة الجوف الشيخ كما شاهد‪ ،‬أي��ده الله‪ ،‬مجسمين لمشروعي‬ ‫جامع الراجحي في كل من سكاكا والقريات‪ ،‬واستمع‬ ‫المكلف الدكتور عبد الله العثمان‪.‬‬ ‫وتفقد كذلك جناح وزارة الصحة‪ ،‬حيث شاهد إل��ى ش��رح عنها من الشيخ سليمان بن عبدالعزيز‬ ‫مجسمات لمستشفى الملك عبد العزيز بسكاكا سعة ألراجحي‪.‬‬ ‫وفي جناح وزارة الزراعة «المؤسسة العامة لصوامع‬ ‫(‪ )500‬سرير ‪ ،‬ومجسماً لمركز صحي نموذجي‪،‬‬ ‫ومجسما لمدينة الجوف الطبية‪ ،‬ومجسما لمشروع الغالل ومطاحن الدقيق» شاهد‪ ،‬أيده الله‪ ،‬مجسماً‬ ‫البرج الصحي‪ ،‬واستمع إل��ى ش��رح من معالي وزير لمبنى فرع المؤسسة بمنطقة الجوف واستمع إلى‬ ‫الصحة الدكتور حمد بن عبد الله المانع عن هذه شرح من معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم‪،‬‬ ‫وم��ن مدير ع��ام المؤسسة العامة‬ ‫المشروعات‪.‬‬ ‫المليك أعطى إشارة البدء في‬ ‫لصوامع الغالل ومطاحن الدقيق‬ ‫وفي جناح وزارة الشؤون البلدية مشروع سكة الخط الحديدي‬ ‫صالح السليمان‪.‬‬ ‫وال��ق��روي��ة ش��اه��د ال��م��ل��ك المفدى‬

‫بتكلفة ‪20‬مليار ًا‬

‫بعد ذل��ك انتقل أي���ده ال��ل��ه إلى‬ ‫مجسماً ل��م��رك��ز ال��م��ل��ك ع��ب��د الله‬ ‫الحضاري وص��وراً ورس��وم��اً بيانية خ���ادم الحرمين دش��ن ووضع جناح وزارة المياه والكهرباء‪ ،‬حيث‬ ‫لمشاريع منطقة الجوف‪ ،‬واستمع ال��ح��ج��ر األس����اس لجملة من ش��اه��د مجسما ل��م��ش��روع محطة‬ ‫إلى شرح عنها من صاحب السمو المشاريع التنموية بالجوف تنقية المياه ف��ي سكاكا وخطوط‬ ‫ن��ق��ل ال��م��ي��اه إل����ى س��ك��اك��ا ودوم����ة‬ ‫الملكي األمير فهد بن بدر بن عبد‬ ‫الجندل‪ ،‬ومجسماً لمحطة معالجة‬ ‫العزيز أمير منطقة الجوف‪ ،‬ومن‬ ‫م���ي���اه ال���ص���رف ال��ص��ح��ي بمدينة‬ ‫أم��ي��ن منطقة ال��ج��وف المهندس‬ ‫سكاكا‪ .‬كما شاهد لوحات بيانية لمشاريع الكهرباء‬ ‫محمد بن حمد الناصر‪.‬‬ ‫وفي جناح وزارة التجارة شاهد مجسماً لمختبر بمنطقة الجوف واستمع إلى شرح من معالي وزير‬ ‫مراقبة الجودة النوعية بالحديثة بمنطقة الجوف المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين ومن‬ ‫واس��ت��م��ع إل��ى ش��رح واف م��ن معالي وزي���ر التجارة القائمين على هذه المشاريع‪.‬‬

‫وفي جناح شركة اسمنت الجوف شاهد مجسماً‬ ‫الدكتور هاشم بن عبد الله يماني‪.‬‬ ‫ث��م ان��ت��ق��ل أي���ده ال��ل��ه إل���ى ج��ن��اح وزارة الشؤون للشركة واستمع إلى شرح عنها من المشرف العام‬ ‫اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪ ،‬حيث شاهد على الشركة الدكتور فهد الهبدان‪.‬‬ ‫ثم تسلم الملك المفدى هدية بهذه المناسبة من‬ ‫مجسمين لجامع خ��ادم الحرمين الشريفين الملك‬ ‫فهد بن عبدالعزيز ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بمحافظة القريات‪ ،‬نائب رئيس مجلس الشركة سعد الهديب كما تسلم‬ ‫وجامع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن سمو ولي العهد هدية مماثلة‪.‬‬ ‫عبد العزيز ‪ -‬حفظه الله ‪ -‬بسكاكا‪ ،‬واستمع إلى‬ ‫بعد ذلك أخذ خ��ادم الحرمين الشريفين مكانه‬ ‫شرح من معالي وزير الشؤون اإلسالمية واألوقاف في الحفل الخطابي الذي أقيم بهذه المناسبة وبدئ‬ ‫والدعوة واإلرش��اد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل بتالوة آيات من القرآن الكريم‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪17 1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫من فعاليات زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى الجوف‬

‫الجوف‪ ،‬بتنفيذ العديد‬ ‫من المشروعات؛ التي‬ ‫ت��ع��ددت وت��ن��وع��ت‪ ،‬ما‬ ‫بين سفلته وأرصفه‪،‬‬ ‫وإن������ارة‪ ،‬ورب����ط قرى‪،‬‬ ‫وتصريف سيول ودرء‬ ‫أخ���ط���اره���ا‪ ،‬وتحسين‬ ‫ال��م��دي��ن��ة وتجميلها‪،‬‬ ‫وإك����م����ال متطلباتها‬ ‫م����ن م����راك����ز تجارية‬ ‫وم���ش���اري���ع سياحية‪،‬‬ ‫بتكلفة إجمالية بلغت‬ ‫مليار ريال‪.‬‬ ‫وفي ختام كلمته توجه بالشكر لخادم الحرمين‬ ‫الشريفين وسمو ول��ي عهده األم��ي��ن على أعمالهم‬ ‫ال���دؤوب���ة وج��ه��وده��م المخلصة ل��ل��وط��ن والمواطن‬ ‫سائال المولى عز وجل أن يمنحهم الصحة والعافية‬ ‫والتوفيق والسداد‪ ،‬وأن يديم على هذه البالد نعمة‬ ‫اإلس�لام واألم��ن واألم��ان وأن يحفظها من كل سوء‬ ‫ومكروه‪.‬‬

‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين بتدشين هذه‬ ‫بعد ذل��ك أل��ق��ى ص��اح��ب السمو الملكي األمير‬ ‫المشاريع قائالً‪« :‬بسم الله وعلى بركة الله»‪.‬‬ ‫متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية‪،‬‬ ‫كما ألقى معالي وزير الشئون اإلسالمية واألوقاف‬ ‫كلمة رحّ ��ب فيها بخادم الحرمين الشريفين وسمو‬ ‫ولي عهده األمين‪ ،‬والحضور‪ .‬ونوّه بالنهج المبارك‪ ،‬والدعوة واإلرش��اد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن‬ ‫الذي سلكه خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬في الوقوف محمد آل الشيخ كلمة قال فيها‪« :‬كلنا فرح مغتبط‬ ‫مع أبنائه في شتى بقاع هذا الوطن الغالي‪ ،‬لتفقد ب��ال��زي��ارة المبهجة‪ ،‬والتفقد ال��ح��ازم‪ ،‬وك��ل مسؤول‬ ‫ال أم��رك‪ ،‬باالهتمام بجميع مناطق المملكة‪،‬‬ ‫ممتث ً‬ ‫أحوالهم وتلمس احتياجاتهم‪.‬‬ ‫وال��وق��وف على م��ا يحتاج إل��ي��ه ال��م��واط��ن‪ ،‬تحقيقاً‬ ‫وق��ال س��م��وه‪« :‬ب��األم��س القريب كنتم‪ ،‬يحفظكم‬ ‫وطاعة لقوله تعالى‪( :‬والذين هم ألماناتهم وعهدهم‬ ‫ال��ل��ه‪ ،‬ف��ي منطقة ال��ح��دود ال��ش��م��ال��ي��ة‪ ،‬وال��ي��وم في‬ ‫راعون)»‪.‬‬ ‫منطقة الجوف؛ تتفقدون وتتابعون إنجازات األجهزة‬ ‫وأضاف معاليه «المسجد أحب البقاع إلى الله‪،‬‬ ‫الحكومية المختلفة‪ .‬وأض��اف سموه لقد تشرفت‬ ‫وأول بناء أم��ر به ال��رس��ول‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫وزارة الشئون البلدية والقروية‪ ،‬ممثلة بأمانة منطقة‬

‫‪18‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫حين قدم المدينة مقيماً الدولة‪ ،‬هو المسجد‪ ،‬فهو‬ ‫مكان الصالة وبيت العبادة‪ ،‬وأساس األحياء والمدن‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬يتنافس في بنائه من رغب الزلفى إلى‬ ‫الله‪.‬‬ ‫وأض���اف ق��ائ�لاً‪« :‬ال��ي��وم تضعون حجر األساس‬ ‫لجامع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن‬ ‫عبد العزيز‪ ،‬بمنطقة الجوف‪ ،‬بتكلفة تقدر بثالثين‬ ‫مليون ري���ال‪ ،‬بمساحة ع��ام��ة ق��دره��ا ‪ 40‬أل��ف متر‬ ‫م��رب��ع‪ ،‬يتسع ل��ـ ‪ 5000‬م��ص ٍ��ل؛ كما تفتتحون جامع‬ ‫خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫بتكلفه ‪ 15‬مليون ري��ال‪ ،‬أقيم على نفقته الخاصة‬ ‫رحمه الله»‪.‬‬ ‫وأشار معاليه إلى أنه في ميزانية وزارة الشؤون‬ ‫اإلسالمية لهذا العام إتمام وترسية مشاريع للمساجد‬ ‫بناء وترميم وصيانة بما مجموعه ‪ 80‬مليون ريال‪.‬‬ ‫وأكد معاليه أن الوسطية واالعتدال رسالة اإلسالم‬ ‫وشعار الدعوة في المسجد وخارجه‪ ،‬والدعوة عنوان‬ ‫الخير وطريق الوسطية والوسيلة إلى تزكية الروح‬ ‫وطهارتها وتعظيم الخالق جل وعال‪.‬‬

‫ورجال األعمال والموجهون)»‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر‬ ‫األساس وافتتاح مشروعات وزارة الشؤون اإلسالمية‬ ‫قائال‪( :‬بسم الله وعلى بركة الله)‪.‬‬

‫خادم الحرمين يطلع على نماذج مشروعات تنموية كبرى في الجوف‬

‫بعد ذلك ألقى معالي وزير الثقافة واإلعالم وزير‬ ‫العمل بالنيابة األستاذ أياد بن أمين مدني كلمة قال‬ ‫فيها‪« :‬بتفضلكم حفظكم الله بإعطاء إشارة االنطالق‬ ‫وافتتاح مشاريع منطقة الجوف في هذا اليوم المبارك‬ ‫سيبلغ عدد الكليات التقنية ‪ 45‬كلية وعدد المعاهد‬ ‫العليا التقنية للبنات ‪ 41‬معهدا وعدد معاهد التدريب‬ ‫المهني ‪ 162‬معهدا على امتداد المملكة»‪.‬‬

‫ولفت معالي الوزير آل الشيخ إل��ى أن��ه لتحقيق‬ ‫الوسطية ونبذ الغلو واإلره��اب والمزيد من تحبيب‬ ‫الدين إلى الخلق‪ ،‬أقامت الوزارة في هذه المنطقة في‬ ‫العام الماضي نحو خمسة آالف منشط ومعرض كبير‬ ‫للدعوة ووسائلها‪ ،‬استفاد منها سبعون ألف شخص‬ ‫وقال معاليه أن توجيهاتكم الكريمة وتوجيهات سمو‬ ‫ولي العهد بالسلوك بنا إلى رد الغلو وتحكيم الدين‬ ‫الوسط هي شعار اإلسالم وسنة الخلفاء (أحب الدين‬ ‫إلى الله الحنيفية السمحة)‪.‬‬

‫وأض���اف معاليه‪« :‬والكليات التقنية والمعاهد‬ ‫العليا التقنية تقبل خريجي الثانوية العامة بنين‬ ‫وبنات‪ ،‬ومعاهد التدريب المهني تقبل كل المستويات‬ ‫التعليمية‪ .‬وب��رام��ج ه��ذه المؤسسات تعلّم وتدرّب‪،‬‬ ‫وتعيد تأهيل الشباب وتطور مهاراتهم بما يتوافق‬ ‫وي��ت��م��اش��ى م��ع اح��ت��ي��اج��ات س���وق ال��ع��م��ل ومتطلبات‬ ‫القطاع الخاص»‪.‬‬

‫وأك���د معاليه أهمية ال��وق��ف‪ ،‬وأن���ه سبب لدوام‬ ‫األج��ر‪ .‬وق��ال‪( :‬شملت هذه المنطقة برامج إلحياء‬ ‫سنة ال��وق��ف وأق��ي��م��ت ن���دوة ل��م��دة ث�لاث��ة أي���ام حول‬ ‫ال��وق��ف وم��ج��االت��ه حضرها وش���ارك فيها القضاة‬

‫وأض��اف قائالً‪« :‬ه��ذه هي األب��واب قد أشرعت‪،‬‬ ‫واإلمكانات قد وفرت‪ ،‬بفضل من الله‪ ،‬ثم بتوجيهاتكم‬ ‫المستمرة الحازمة والحاسمة‪ ،‬لتوفير فرص تدريب‬ ‫القوى العاملة الوطنية وتطوير مهاراتها وخبراتها‪،‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪19 1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫واالستثمار في رأس المال البشري والمعرفي‪ ،‬وال‬ ‫يبقى إال أن يحزم شبابنا أم��ره��م‪ ،‬ويقدمون على‬ ‫األخ��ذ بالسبل؛ فال بديل للحافز الشخصي‪ ،‬الذي‬ ‫نسأل الله أن نجده متقداً في داخل كل شاب وشابه‪،‬‬ ‫�لا منتجاً س��ائ��راً في‬ ‫ليصبح ك��ل منهم ع��ض��واً ف��اع ً‬ ‫مناكب األرض مشاركاً في إعمارها»‪.‬‬ ‫وأض���اف معاليه ي��ق��ول اآلن أرج���و أن تتفضلوا‬ ‫حفظكم ال��ل��ه ب��إع��ط��اء إش����ارة االن��ط�لاق لمشاريع‬ ‫منطقة الجوف التي بلغت تكلفتها خمسمائة واثنين‬ ‫وخمسين مليون ريال‪ ،‬وهي الكلية التقنية‪ ،‬والمعهد‬ ‫العالي التقني للبنات‪ ،‬ومعهد التدريب المهني في‬ ‫الجوف‪ ،‬وثالثة معاهد تدريب مهني في دومة الجندل‬ ‫وسكاكا وطبرجل‪ ،‬والكلية التقنية والمعهد العالي‬ ‫التقني للبنات ومعهد التدريب المهني في القريات‪،‬‬ ‫والتفضل بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية الفتتاح‬ ‫منشآت الكلية التقنية بالجوف‪.‬‬ ‫وق��د تفضل خ��ادم الحرمين الشريفين بإعطاء‬ ‫إش���ارة االن��ط�لاق لمشاريع منطقة ال��ج��وف وإزاحة‬ ‫الستار عن اللوحة التذكارية بافتتاح منشآت الكلية‬ ‫التقنية بالجوف قائالً‪( :‬بسم الله وعلى بركة الله)‪.‬‬ ‫كما دعا معاليه خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬حفظه الله‪،‬‬

‫‪20‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫للتفضل بافتتاح مكتب‬ ‫ال���م���ؤس���س���ة العامة‬ ‫للتأمينات االجتماعية‬ ‫بمنطقة ال��ج��وف في‬ ‫مدينة سكاكا‪ ،‬والذي‬ ‫ت����م ت���ن���ف���ي���ذه بتكلفة‬ ‫إج���م���ال���ي���ة ب��ل��غ��ت ‪14‬‬ ‫مليون ري���ال‪ ،‬وتفضل‬ ‫ح��ف��ظ��ه ال��ل��ه بافتتاح‬ ‫المكتب ق��ائ�لاً‪( :‬بسم‬ ‫الله وعلى بركة الله)‪.‬‬ ‫ع���ق���ب ذل�����ك ألقى‬ ‫م��ع��ال��ي وزي����ر التعليم‬ ‫العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري‪ ،‬كلمة رحب‬ ‫خاللها بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده‬ ‫األمين‪ ،‬حامدا الله على ما تحقق لمؤسسات التعليم‬ ‫الجامعي في بالدنا من مشروعات تعليمية‪ ،‬تؤسس‬ ‫لقيام م��دن جامعية بأفضل المستويات العالمية‪.‬‬ ‫وق��ال‪« :‬ها نحن اليوم نعيش مناسبة من مناسبات‬ ‫الخير والنماء لمملكتنا الحبيبة‪ ،‬وه��و ي��وم يدرك‬ ‫أهميته أهالي منطقة الجوف‪ ،‬ويعلّقون عليه آماالً‬ ‫كبيرة في انبعاث منارة علم وإشعاع لهم وألجيالهم‪،‬‬ ‫من خالل تفضلكم حفظكم الله بوضع حجر األساس‬ ‫للمدينة الجامعية في هذه المنطقة العزيزة من بالدنا‬ ‫الغالية‪ ،‬والتي ستكون بحول الله من المناطق األكثر‬ ‫جذباً لألجيال القادمة‪ ،‬لما حباها الله من خيرات‬ ‫زراعية وتنموية‪ ،‬وما توافر بها اليوم من قيام هذا‬ ‫الصرح العلمي‪ ،‬ال��ذي سيكون له األث��ر الكبير‪ ،‬في‬ ‫تدعيم حركة اإلنماء التي تعيشها المنطقة‪ ،‬وتيسير‬ ‫سبل تقدمها إلى األمام)‪.‬‬ ‫واستعرض معاليه المشروعات التي سوف يتفضل‬ ‫خ��ادم الحرمين الشريفين‪ ،‬حفظه الله‪ ،‬بافتتاحها‬ ‫التي تشمل مشروعات جامعة الجوف وهي‪ :‬الموقع‬


‫ملف العدد‬ ‫إث��ر ذل��ك ألقى معالي وزي��ر التجارة والصناعة‬ ‫الدكتور هاشم بن عبد الله يماني‪ ،‬كلمة نوه خاللها‬ ‫بمواصلة خادم الحرمين الشريفين‪ ،‬أيده الله‪ ،‬بغرس‬ ‫مشروعات الخير ورعايتها‪ ،‬في كل مكان من بالدنا‬ ‫الغالية‪.‬‬

‫العام للمدينة الجامعية‪ ،‬ومبنى كلية الهندسة‪ ،‬ومبنى‬ ‫كلية العلوم‪ ،‬ومبنى إدارة الجامعة‪ ،‬ومبنى المراكز‬ ‫والعمادات ‪ ،‬ومبنى المعامل والمختبرات‪ ،‬ومبنى كلية‬ ‫المجتمع ‪ ،‬ومبنى كلية الطب ‪ ،‬ومبنى كليتي العلوم‬ ‫الطبية التطبيقية للبنين والبنات ‪ ،‬ومباني وإسكان‬ ‫أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬وكلية المجتمع في القريات‪،‬‬ ‫وق��ال‪« :‬نتشرف يا خ��ادم الحرمين حفظكم الله‬ ‫وذلك بمبلغ إجمالي قدره ‪ 1000‬مليون ريال‪.‬‬ ‫بافتتاحكم للمبنى الجديد لمختبر وزارة التجارة‬ ‫وأعرب معاليه عن أمله أن تكون جامعة الجوف والصناعة لمراقبة الجودة والنوعية بمنفذ الحديثة‪،‬‬ ‫في المستقبل القريب من الجامعات المتميزة علميا‪ ،‬الذي أقيم‪ ،‬بحمد الله وفضله‪ ،‬على مساحة قدرها‬ ‫نظراً لما التزمته من أرقى أساليب التخطيط إليجاد ‪ 8000‬متر مربع‪ ،‬وبلغت مساحة المباني التابعة ‪4600‬‬ ‫بيئة أكاديمية تجمع بين التعليم واألبحاث والتطبيق متر مربع)‪ ،‬مشيراً إلى أنه يحتوي على خمسة أقسام‬ ‫واإلنتاج‪ ،‬وأن تسهم في التأهيل التقني وتطوير التعليم رئيسة‪ ،‬تشمل استقبال العينات‪ ،‬والتحليل الكيميائي‪،‬‬ ‫العالي وزيادة قدراته على اإلسهامات العلمية البناءة واألحياء الدقيقة‪ ،‬واألدوية‪ ،‬ومستحضرات التجميل‪،‬‬ ‫في التطوير والتنمية‪ .‬وقال (وبهذه المناسبة يسرني والمعادن‪ ،‬واألحجار الكريمة‪ .‬وقد تم تجهيزه بأحدث‬ ‫أن أزجي لصاحب السمو الملكي األمير فهد بن بدر األجهزة العلمية المتطورة‪ ،‬وتزويده بمحطة تحلية‬ ‫بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف جزيل الشكر مياه متكاملة‪ ،‬ومحطة توليد كهرباء احتياطية‪ ،‬ما‬ ‫وعظيم التقدير‪ ،‬لما أبداه من اهتمام ومتابعة لمشروع يضمن استمرارية العمل في كل الظروف‪.‬‬ ‫الخطوات األولى‬ ‫وأب���������������������ان‬ ‫ل��ه��ذه الجامعة‬ ‫م����ع����ال����ي����ه أن‬ ‫ال�����ن�����اش�����ئ�����ة)‪،‬‬ ‫للمختبر دورا‬ ‫�لا ال��ل��ه أن‬ ‫س��ائ ً‬ ‫ف��اع�لا وكبيرا‬ ‫ي��ح��ف��ظ خ����ادم‬ ‫ف��������ي تحليل‬ ‫ال�����ح�����رم�����ي�����ن‬ ‫المياه والمواد‬ ‫ال����ش����ري����ف����ي����ن‬ ‫ال������غ������ذائ������ي������ة‬ ‫وس������م������و ول�����ي‬ ‫ون��ح��وه��ا‪ ،‬وقد‬ ‫ع��ه��ده األمين‪،‬‬ ‫بلغ معدل عدد‬ ‫وأن ي����ب����ارك‬ ‫ال��ع��ي��ن��ات التي‬ ‫ف��ي ع��م��ره وأن‬ ‫يستقبلها أكثر‬ ‫يحقق األماني‬ ‫م������ن عشرين‬ ‫ل���ل���ج���م���ي���ع‪ .‬ثم‬ ‫ألف عيّنه‪ ،‬ما يدل على كثافة ما يرد للمختبر من‬ ‫تفضل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بتدشين عينات يجري تحليلها واستخراج نتائجها في زمن‬ ‫مشروعات جامعة الجوف قائالً‪( :‬بسم الله وعلى قياسي‪.‬‬ ‫بركة الله)‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪21 1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫وب��ي��ن أن المختبر ي��ع��د أح���د ع��ن��اص��ر منظومة‬ ‫وأوض����ح م��ع��ال��ي وزي���ر ال��م��ال��ي��ة أن���ه بمتابعة من‬ ‫المختبرات العشرين‪ ،‬الموجودة في منافذ المملكة خادم الحرمين الشريفين الكريم و سمو ولي عهده‬ ‫ومدنها الرئيسية‪ ،‬والتي تهدف إلى التأكد من سالمة األمين تواصل العمل خ�لال الفترة الماضية لبناء‬ ‫المنتجات التي تصل إلى المستهلك في المملكة‪.‬‬ ‫الخط الحديدي‪ ،‬الذي يمتد من الحديثة في منطقة‬ ‫ث��م تفضل خ���ادم الحرمين الشريفين بتدشين الجوف وحزم الجالميد في منطقة الحدود الشمالية‬ ‫م��ش��روع وزارة التجارة والصناعة بالجوف قائالً‪ :‬ش��م��االً‪ ،‬م����روراً ببقية منطقتي ال��ح��دود الشمالية‬ ‫والجوف وكذلك منطقة حائل‪ ،‬ليتفرع بعدها إلى‬ ‫(بسم الله وعلى بركة الله)‪.‬‬ ‫خطين أحدهما يتجه نحو منطقة القصيم ثم منطقة‬ ‫عقب ذل��ك أل��ق��ى معالي وزي���ر المالية الدكتور‬ ‫الرياض‪ ،‬مرتبطاً بالخط الحالي واآلخر إلى الزبيرة‬ ‫إبراهيم العساف كلمة قال فيها‪« :‬قبل ستين عاما‬ ‫ثم إلى رأس الزور‪ ،‬على الساحل الشرقي للمملكة‪،‬‬ ‫أمر والدكم‪ ،‬طيب الله ثراه ‪ ،‬بإنشاء أول سكة حديد‬ ‫حيث ت��وج��د المجمعات الصناعية لشركة معادن‬ ‫في تاريخ المملكة الحديث‪ ،‬الذي كان يعد في حينه‬ ‫وسوف يربط مع مدينة الجبيل الصناعية‪.‬‬ ‫واحداً من أهم المشاريع االقتصادية في المملكة»‪.‬‬ ‫ولفت معاليه إلى أنه إضافة إلى الهدف األساسي‬ ‫وأض����اف‪« :‬وف���ي ه���ذا ال��ي��وم ال��م��ب��ارك‪ ،‬تتشرف‬ ‫المتمثل بنقل ‪ 8‬ماليين و ‪ 500‬ألف طن من خامي‬ ‫الشركة السعودية للخطوط الحديدية‪ ،‬بأن تعطوا يا‬ ‫الفوسفات والبوكسايت‪ ،‬سيساعد الخط الحديدي‬ ‫خ��ادم الحرمين الشريفين إش��ارة البدء لواحد‪ ،‬من‬ ‫أهم المشاريع االقتصادية في المملكة‪ ،‬والذي يعد ف��ي نقل البضائع وال��رك��اب‪ ،‬وتيسير ال��ح��رك��ة بين‬ ‫من أكبر مشاريع سكك الحديد في العالم قاطبة شرقي ووسط المملكة‪ ،‬وشماليها‪ ،‬مشيراً إلى أنه من‬ ‫حيث سيبلغ طوله عند اكتمال مراحله ‪ 2400‬كيلو المتوقع أن ينقل هذا الخط أكثر من أربعة ماليين‬ ‫متر وبتكلفة إجمالية تقارب ‪ 20‬أل��ف مليون ريال طن سنوياً من البضائع العامة‪ ،‬ونحو مليوني راكب‬ ‫وسوف يربط بين ست مناطق من مناطق المملكة»‪ .‬سنوياً‪ ،‬بين المدن المختلفة على الواقعة مساره‪.‬‬ ‫وأكد معاليه أن هذا اليوم يعد يوم انطالقة جديدة‬ ‫وقوية لقطاعي النقل والتعدين في المملكة‪ ،‬حيث‬ ‫سيضيف هذا المشروع بعداً جديدا للتنمية المتوازنة‬ ‫في بلدنا العزيز‪.‬‬ ‫وبيّن أنه بتنفيذ هذا المشروع ستتضاعف شبكة‬ ‫الخطوط الحديدية في المملكة إلى أربعة أضعاف‬ ‫أطوالها الحالية‪ ،‬وس��وف تستغل ث��روات الفوسفات‬ ‫والبوكسايت التي حبا الله بها المملكة‪ ،‬ما سيعود‬ ‫بالنفع ب��إذن الله على المواطنين ويدعّ م اقتصادنا‬ ‫الوطني بشكل عام إضافة إلى ما ستقدمه الشبكة‬ ‫من خدمات لقطاع النقل والقتصاديات المناطق التي‬ ‫سيعبرها‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫وأوضح معالي الوزير العساف انه لتحقيق متطلبات‬ ‫هذا المشروع تم إنشاء الشركة السعودية للخطوط‬ ‫الحديدية (سار)‪ ،‬التي يملكها صندوق االستثمارات‬ ‫العامة‪ ،‬وذلك بموجب مرسوم ملكي كريم وبرأس مال‬ ‫يبلغ ألف مليون ريال‪ .‬وقد شكّل مجلس إدارتها من‬ ‫المسؤولين في الحكومة وقيادات القطاع الخاص‪،‬‬ ‫مبينا أن الشركة ستتولى مسؤولية اإلش��راف على‬ ‫تنفيذ هذا المشروع االستراتيجي وإدارته وتشغيله‪،‬‬ ‫وفق معايير التشغيل االقتصادية العالمية‪.‬‬ ‫وأكد أن النتائج التي تحققت‪ ،‬ولله الحمد‪ ،‬جاءت‬ ‫نتيجة لتضافر الجهود بين مختلف الجهات الحكومية‬ ‫والتي كانت دعماً كبيراً في بدء تنفيذ أعمال هذا‬


‫المشروع العمالق‪.‬‬ ‫وأع���������������رب‬ ‫م���ع���ال���ي وزي����ر‬ ‫ال���م���ال���ي���ة عن‬ ‫ش��ك��ره لجميع‬ ‫أمراء المناطق‪،‬‬ ‫ال�����ت�����ي سيمر‬ ‫ب�����ه�����ا ال����خ����ط‬ ‫ال������ح������دي������دي‪،‬‬ ‫وكذلك أمانات‬ ‫ال������م������ن������اط������ق‬ ‫والبلديات‪ ،‬على‬ ‫ا لتسهيال ت‬ ‫التي قدموها والنصح والمشورة التي لم يبخلوا بها‬ ‫مؤكداً أنه لن يستغني عن هذا التعاون في المرحلة‬ ‫المهمة القادمة‪ ،‬المتمثلة في التنفيذ واإلنشاء‪.‬‬

‫ملف العدد‬ ‫‪ 80‬أل��ف ط��ن‪ ،‬بتكلفة تقدر ب ‪ 125000000‬ريال‬ ‫م��ائ��ة وخمسة‬ ‫وعشرين مليون‬ ‫ريال‪.‬‬

‫وأش�������������������ار‬ ‫م���ع���ال���ي���ه إل����ى‬ ‫ه����������ذه‬ ‫أن‬ ‫ا لمشر و عا ت‬ ‫ت����ن����ض����م إل�����ى‬ ‫ك��وك��ب��ة صروح‬ ‫األمن الغذائي‪،‬‬ ‫ال��م��ن��ت��ش��رة في‬ ‫مناطق المملكة‬ ‫والبالغ عددها أحد عشر فرعا‪ ،‬والذي تحرص قيادتنا‬ ‫الحكيمة على ترسيخ أسسه في كل ركن من أركان‬ ‫بالدنا الغالية‪ ،‬كما يتيح للمؤسسة بمشيئة الله تعالى‬ ‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين بإعطاء إشارة التعجيل باستالم إنتاج مزارعي المنطقة الوفير من‬ ‫البدء في مشروع سكة الخط الحديدي قائالً‪« :‬بسم القمح‪ ،‬الذين بلغ عددهم نحو ‪ 4000‬مزارع‪ ،‬وتحقيق‬ ‫توجيهاتكم الكريمة بالحرص على تسهيل احتياجات‬ ‫الله وعلى بركة الله»‪.‬‬ ‫المزارعين‪.‬‬ ‫ب��ع��د ذل���ك أل��ق��ى م��ع��ال��ي وزي���ر ال���زراع���ة الدكتور‬ ‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر‬ ‫فهد ب��ن عبدالرحمن بالغنيم‪ ،‬كلمة رح��ب خاللها‬ ‫بخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده األمين األس����اس ل��م��ش��روع إن��ش��اء م��ط��اح��ن إلن��ت��اج الدقيق‬ ‫والحضور‪ .‬وقال‪« :‬اليوم نلتقي في جولة من جوالت ومشروع توسعة صوامع تخزين الغالل قائالً‪« :‬بسم‬ ‫الخير والعطاء‪ ،‬وتضعون بيدكم الكريمة المعطاءة الله وعلى بركة الله»‪.‬‬ ‫البانية حجر األساس لمشروعين تنمويين غذائيين‬ ‫ثم ألقى معالي وزير النقل الدكتور جباره بن عيد‬ ‫جديدين للمؤسسة العامة لصوامع الغالل ومطاحن الصريصري‪ ،‬كلمة أكد فيها أن قطاع النقل أصبح‬ ‫الدقيق‪ ،‬بتكلفة إجمالية تزيد على ‪ 251‬مليون ريال»‪ .‬شريانا رئيسيا للتنمية وأداة أساسية م��ن أدوات‬ ‫وأضاف إن هذين المشروعين هما‪:‬‬ ‫النمو االقتصادي‪ ،‬ووسيلة فاعلة للتواصل الثقافي‬ ‫أوال ‪ -‬إنشاء مطاحن إلنتاج الدقيق‪ ،‬بطاقة ‪ 600‬واالجتماعي‪.‬‬ ‫طن قمح في اليوم‪ ،‬بتكلفة تقدر ب ‪126000000‬‬ ‫وأوض��ح أن منطقة الجوف‪ ،‬كغيرها من مناطق‬ ‫ريال مائة وستة وعشرين مليون ريال‪.‬‬ ‫المملكة ال��غ��ال��ي��ة‪ ،‬حظيت ب��رع��اي��ة واه��ت��م��ام خادم‬ ‫ثانيا ‪ -‬توسعة ص��وام��ع تخزين ال��غ�لال بطاقة الحرمين الشريفين حفظه الله من خالل العديد من‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪23 1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫مشروعات الطرق‪ ،‬حيث بلغت أط��وال الطرق التي ‪ -‬وضع حجر األس��اس تنفيذ خمس تقاطعات على‬ ‫الطرق الرئيسية بالمنطقة وبتكلفة تزيد على ‪72‬‬ ‫تقوم الوزارة بتنفيذها في هذه المنطقة أكثر من ألف‬ ‫مليون ريال‪.‬‬ ‫وسبعمائة كيلو متر‪ ،‬بقيمة إجمالية تزيد على ألف‬ ‫وثالثمائة وخمسة وعشرين مليون ريال‪.‬‬ ‫ وضع حجر األساس لتنفيذ طريق خوعاء عذفا أبا‬‫رواث بطول ‪ 160‬كيلو متراً وبتكلفة تبلغ حوالي‬ ‫وقال‪« :‬في هذا اليوم المبارك تتفضلون حفظكم‬ ‫‪ 51‬مليون ريال‪.‬‬ ‫الله بافتتاح ووضع حجر االساس لعدد من مشاريع‬ ‫الطرق في المنطقة وهي‪:‬‬ ‫ورف��ع معاليه في كلمته الشكر والتقدير لخادم‬ ‫ افتتاح طريق الجوف حائل القصيم المباشر بطول الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده األمين على‬‫‪ 561‬كيلو متر بتكلفه تقدر بحوالي ‪ 1580‬مليون التميز في القيادة والريادة والعطاء‪.‬‬ ‫ريال‪.‬‬ ‫كما عبر عن شكره لصاحب السمو الملكي األمير‬ ‫ وضع حجر األس��اس الزدواج الطريق الحالي أبو فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف‪ ،‬على‬‫عجرم القريات (الجزء االول والثاني) بطول ‪ 300‬دعمه ومتابعته لمشاريع المنطقة‪.‬‬ ‫كيلو متر وبتكلفة تزيد عن ‪ 325‬مليون ريال‪.‬‬ ‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله‬ ‫ وض��ع حجر األس���اس الزدواج ط��ري��ق أب��و عجرم بافتتاح ووض��ع حجر األس��اس لعدد من مشروعات‬‫القليبة بطول ‪ 150‬كيلو متراً وبتكلفة تبلغ حوالي الطرق قائالً‪« :‬بسم الله وعلى بركة الله»‪.‬‬ ‫‪ 113‬مليون ريال‪.‬‬ ‫ثم ألقى معالي وزي��ر الصحة الدكتور حمد بن‬

‫ وض�����ع حجر‬‫األس�������������اس‬ ‫ال ز د و ا ج‬ ‫ط����������ري����������ق‬ ‫س������ك������اك������ا‬ ‫ع����������رع����������ر‬ ‫ب����ط����ول ‪80‬‬ ‫ك��ي��ل��و مترا‪،‬‬ ‫وب���ت���ك���ل���ف���ة‬ ‫ت�����زي�����د عن‬ ‫‪ 69‬مليون‬ ‫ريال‪.‬‬

‫عبد الله المانع‬ ‫كلمة قال فيها‪:‬‬ ‫«الصحة تفتخر‬ ‫با هتما مكم‬ ‫ودعمكم ألنكم‬ ‫ت�����������������رون ف����ي‬ ‫اإلنسان محور‬ ‫ال����ت����خ����ط����ي����ط‬ ‫وال�������ط�������م�������وح‬ ‫وال��وس��ي��ل��ة لكل‬ ‫م����ا م����ن شأنه‬ ‫أن ي��ع��ز البالد‬

‫ وض��ع حجر األس��اس الزدواج طريق سكاكا محجة وينفع البالد»‪.‬‬‫حتى التقائه مع طريق سكاكا ‪ -‬دومة الجندل بطول‬ ‫وأض���اف «زي����ارة ميمونة وإط�لال��ة كريمة وأبوّة‬ ‫‪ 50‬كيلو متر‪ ،‬وبتكلفة تبلغ حوالي ‪ 40‬مليون ريال‪ .‬حانية وقيادة حكيمة‪ ،‬هذا أقل ما يمكن أن نقوله‬

‫‪24‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫عن هذه الزيارة»‪ ،‬مؤكدا أن الجوف تحظى باالهتمام‬ ‫والرعاية من حكومتنا الرشيدة‪.‬‬

‫بسكاكا‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫ إنشاء مستشفى الصحة النفسية ومعالجة االدمان‬‫بسكاكا بسعة ‪ 100‬سرير ‪.‬‬

‫وأشار معاليه إلى أنه تم إنجاز العديد من المشاريع‬ ‫وتسلمها‪ .‬وقال‪« :‬وهكذا ‪ ..‬فالخير في وجودكم يزداد ‪ -‬إنشاء مستشفى أبو عجرم بسعة ‪ 50‬سرير اً‪.‬‬ ‫قدمتم الدعم والتشجيع واإلم��داد‪ ،‬فقامت الصحة‬ ‫ إنشاء مستشفى ميقوع بسعة ‪ 50‬سرير اً‪.‬‬‫بواجبها بتوجيهاتكم حفظكم الله وهيأت وأسست‬ ‫ إنشاء وتجهيز مركزي السكر بسكاكا والقريات‪.‬‬‫وجهزت المشاريع التالية‪:‬‬ ‫‪ -‬إنشاء وتجهيز عدد ‪41‬مركز رعاية صحية أولية‪.‬‬

‫أوال ‪ -‬المشاريع التي سيتم افتتاحها‪:‬‬

‫ افتتاح مستشفى دومة الجندل بسعة ‪ 100‬سرير‪.‬‬‫ افتتاح مستشفى صوير العام بسعة ‪ 50‬سريراً‪.‬‬‫ افتتاح مستشفى العيساوية بسعة ‪ 50‬سرير اً‪.‬‬‫ افتتاح إدارة التموين الطبي والمستودعات المركزية‬‫بسكاكا‪.‬‬

‫ولفت الوزير المانع إلى أن تكلفة هذه المشاريع‬ ‫تتجاوز ‪ 1196‬مليون ري��ال‪ ،‬معربا عن شكره لسمو‬ ‫أمير منطقة الجوف صاحب السمو الملكي األمير‬ ‫فهد بن بدر بن عبد العزيز‪ ،‬على ما تلقاه الوزارة‬ ‫من دع��م من قبل سموه لتنفيذ مشاريعها في هذه‬ ‫المنطقة‪.‬‬

‫ث��م تفضل خ��ادم الحرمين الشريفين حفظه الله‬ ‫ مشروع تاج الصحة الوقائي الخاص بدراسة عوامل بوضع حجر األس��اس وافتتاح ع��دد من المشروعات‬‫الخطورة لألمراض المزمنة‬ ‫الصحية بمنطقة الجوف قائالً‪« :‬بسم الله وعلى بركة‬ ‫الله»‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬المشاريع الجاري تنفيذها‪:‬‬

‫ إنشاء مستشفى الملك عبد العزيز التخصصي‬‫بسكاكا بسعة ‪ 200‬سرير‪ ،‬وال��ذي تفضلتم حفظكم‬ ‫الله بالموافقة على رفع سعته ال سرير ية إلى ‪500‬‬ ‫سرير‪.‬‬ ‫ إنشاء مستشفى طبرجل العام بسعة ‪ 100‬سرير‪.‬‬‫ إنشاء مستشفى الحديثة بالقريات العام بسعة ‪50‬‬‫سريراً‪.‬‬

‫بعدها ألقى معالي وزير المياه والكهرباء المهندس‬ ‫عبدالله بن عبدالرحمن الحصين‪ ،‬كلمة رح��ب فيها‬ ‫بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد‬ ‫العزيز وسمو ولي عهده األمين‪ ،‬في موقع من مواقع‬ ‫الخير والعطاء بمنطقة الجوف‪ ،‬وأنتم تدشنون وتضعون‬ ‫حجر األس��اس لعدد من مشروعات المياه والصرف‬ ‫الصحي والكهرباء التي بلغت تكاليفها االجمالية نحو‬ ‫بليونين وثمانمائة مليون ريال‪.‬‬

‫وقال معاليه في كلمة حفل التدشين‪« :‬إن احد هذه‬ ‫ إنشاء مركز الكلى بمستشفى دومة الجندل‪.‬‬‫المشروعات التي تضعون حجر األس��اس لها‪ ،‬وفقكم‬ ‫ثالثا ‪ -‬المشاريع التي سيتم وضع حجر األساس لها‪ :‬الله‪ ،‬مشروع إمداد سكاكا ودومة الجندل وقراها بمياه‬ ‫الشرب‪ ،‬الذي يجري تنفيذه ضمن عقدين األول مشروع‬ ‫ إنشاء البرج الطبي بمستشفى األمير عبد الرحمن إنشاء محطة تنقية المياه بسكاكا بطاقة تصميمية‬‫السديري بسكاكا بسعة ‪ 200‬سرير ‪.‬‬ ‫قدرها خمسون ألف متر مكعب من المياه يومياً‪ ،‬وقد‬ ‫‪ -‬إنشاء البرج الطبي بمستشفى ال��والدة واالطفال بلغت التكاليف االجمالية للتنفيذ نحو تسعة وعشرين‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪25 1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫مليون ري��ال‪ .‬أما المشروع الثاني‪ ،‬فهو مشروع إنشاء نقل لربط محطة سكاكا بمحطة عرعر‪ ،‬وتعزيز محطة‬ ‫محطة ض��خ وخ��ط��وط نقل المياه إل��ى سكاكا ودومة سكاكا‪ ،‬ومحطة التحويل‪ ،‬بتكاليف إجمالية قدرها‬ ‫الجندل وق��راه��ا وتبلغ تكلفته ثمانية وتسعين مليون ثالثمائة وسبعة وأربعون مليون ري��ال»‪« .‬كما تضعون‬ ‫حفظكم ال��ل��ه ال��ي��وم حجر األس���اس لمشاريع تعزيز‬ ‫ريال»‪.‬‬ ‫التوليد بمحطة الجوف‪ ،‬ومحطة القريات وإنشاء خط‬ ‫وأشار إلى أن هذا المشروع يُغذى من حقل لآلبار‬ ‫نقل من محطة التوليد إل��ى محطة سكاكا‪ ،‬وإيصال‬ ‫يقع غ��رب م��ط��ار ال��ج��وف اإلقليمي‪ ،‬حيث سيتم في‬ ‫الخدمة الكهربائية للمشتركين‪،‬وتعزيز شبكة التوزيع‬ ‫المرحلة األولى حفر خمسة آبار طاقتها اإلنتاجية تزيد‬ ‫وت��ب��ري��د وح���دات التوليد ب��ال��ج��وف‪ ،‬واس��ت��ب��دال نظام‬ ‫عن ثمانية عشر ألف متر مكعب في اليوم‪ ،‬وباإلمكان‬ ‫المراقبة والتحكم‪ ،‬بتكلفة إجمالية قدرها ثمانمائة‬ ‫زي���ادة ع��دده��ا ف��ي المستقبل‪ ،‬وتستخرج مياهها من‬ ‫وتسعة وستين مليون ريال»‪.‬‬ ‫طبقة الجوف‪.‬‬ ‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين ‪ -‬حفظه الله‬ ‫واستطرد معاليه ق��ائ�لا‪« :‬أم��ا ف��ي قطاع الصرف‬ ‫ بوضع حجر األس���اس وتدشين م��ش��روع��ات المياه‬‫ال لمشروعات‬ ‫الصحي بمنطقة الجوف فإنه يأتي مكم ً‬ ‫والكهرباء بمنطقة الجوف قائالً‪« :‬بسم الله وعلى بركة‬ ‫ال��م��ي��اه وال��ص��رف الصحي وع���دد م��ن ال��س��دود تحت‬ ‫الله»‪.‬‬ ‫التنفيذ‪ ،‬والترسية حاليا بتكلفة تبلغ تسعمائة وخمسين‬ ‫بعد ذلك ألقى معالي وزير التربية والتعليم الدكتور‬ ‫مليون ريال‪ ،‬منها تسعة مشاريع للمياه بتكلفة تقدر بنحو‬ ‫أربعة وسبعين مليون ريال‪ ،‬وثالثة عشر مشروعا آخر عبدالله بن صالح العبيد‪ ،‬كلمة رحب خاللها بخادم‬ ‫تحت الترسية بتكلفة ثالثمائة وخمسة وسبعين مليون الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده األمين والحضور‪،‬‬ ‫ري��ال‪ ،‬وأح��د عشر مشروعا للصرف الصحي بتكلفة واستعرض مسيرة التعليم الحديث بمنطقة الجوف‪،‬‬ ‫تقديرية تبلغ مائتين وخمسة وتسعين مليون ريال‪ .‬وفي مشيرا إلى أن التعليم الحديث بدأ من أوائل الستينات‬ ‫مجال السدود يجري تنفيذ سد سرمداء‪ ،‬بتكلفة تسعة م��ن ال��ق��رن ال��م��اض��ي ب���أع���داد م���ح���دودة م��ن الطلبة‬ ‫ماليين ريال‪ ،‬وهناك تسعة سدود تحت الترسية بتكلفة والطالبات‪ ،‬حتى بلغ ع��دده��م م��ا يزيد على ‪67400‬‬ ‫سبعين مليون ريال»‪ .‬وبيّن أنه تم اعتماد ما يزيد عن طالبا وطالبة يدرس فيها ‪7400‬معلم ومعلمة‪.‬‬ ‫ثالثمائة وخمسة وأربعين مليون ريال لمنطقة الجوف‬ ‫وق��ال معاليه‪« :‬وتشرف المنطقة يا خ��ادم الحرمين‬ ‫ف��ي ميزانية ه��ذا ال��ع��ام‪ ،‬لتنفيذ م��ش��روع��ات وأعمال الشريفين في هذا اليوم المشهود بتكرمكم ‪ -‬حفظكم‬ ‫جديدة تشمل شبكات مياه وخزانات شبكات صرف الله ‪ -‬بافتتاح ‪ 88‬مبنى تعليميا بتكلفة بلغت ما يزيد على‬ ‫صحي ومحطات معالجة‪ ،‬إذ سيعتمد في العام المالي ‪ 389685000‬ريال‪ ،‬ووضع حجر األساس ل ‪116‬مشروعا‬ ‫القادم ويتوقع بحول الله وقوته وتوفيقه تغطية كامل جديدا بتكلفة تصل إلى ‪ 565783000‬ريال‪ .‬وأضاف أن‬ ‫مدن منطقة الجوف وقراها بخدمات المياه والصرف هذه المباني التي تفتتحونها واإلعتمادات التي تمت خالل‬ ‫الصحي والسدود‪.‬‬ ‫السنوات ال تزيد على أصابع اليد الواحدة‪ ،‬والتي يصل‬ ‫وأض������اف ق���ائ�ل�اً ‪« :‬وع�����ن م���ش���روع���ات الخدمات عددها إلى ‪204‬مشاريع وبتكلفة تزيد على ‪955400000‬‬ ‫الكهربائية‪ ،‬فتدشنون وتضعون‪ ،‬حفظكم الله‪ ،‬حجر ريال‪ ،‬يتوقع تنفيذ ما بقي منها خالل السنوات الثالث‬ ‫األس���اس لعدد م��ن المشاريع المهمة بتكلفة قدرها القادمة»‪.‬‬ ‫بليون ومائتان وستة عشر مليون ري��ال‪ ،‬منها مشاريع‬ ‫تعزيز قدرة التوليد بمحطة الجوف‪ ،‬وتمديد خطوط‬

‫‪26‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫وأشار إلى أن هذه المشروعات تمثل ثالثة أضعاف‬ ‫م��ا ت��م تنفيذه م��ن م���دارس وم��ش��اري��ع تعليمية خالل‬


‫ملف العدد‬

‫ال��س��ت��ي��ن س��ن��ة الماضية‪،‬‬ ‫الفتاً إلى أن ما تم تنفيذه‬ ‫خالل تلك الفترة يمثل ‪75‬‬ ‫مشروعا فقط‪ ،‬بينما تم‬ ‫ف��ي خمس س��ن��وات تنفيذ‬ ‫واعتماد ‪ 204‬مشاريع‪.‬‬ ‫وقال «إنها بحق يا خادم‬ ‫الحرمين لتسجل بمداد‬ ‫من ذهب لعهدكم الميمون‬ ‫وعطائكم المحمود ألبناء‬ ‫مملكتكم السعيدة بكم»‪.‬‬

‫ورف�����ع م��ع��ال��ي��ه شكره‬ ‫وشكر أب��ن��اء وب��ن��ات وزارة‬ ‫ألربعمائة مواطن‪.‬‬ ‫التربية والتعليم بمنطقة‬ ‫الجوف لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده‬ ‫ك��م��ا ق���ام حفظه ال��ل��ه بتدشين م��ش��اري��ع مؤسسة‬ ‫اآلمين على ما يولونه للتعليم من اهتمام‪.‬‬ ‫سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية‪ ،‬المتمثلة في‬ ‫ث��م تفضل خ��ادم الحرمين الشريفين حفظه الله جامعين في كل من سكاكا والقريات‪.‬‬ ‫بتدشين ووضع حجر األس��اس للمشروعات التعليمية‬ ‫عقب ذلك شاهد الملك المفدى وسمو ولي عهده‬ ‫بمنطقة الجوف قائالً‪« :‬بسم الله وعلى بركة الله‪.‬‬ ‫األم��ي��ن والحضور ع��رض��اً ع��ن ب��رام��ج تأهيل وتدريب‬ ‫القائد يحيي أهالي الجوف ويبادلهم مشاعر المحبة‬

‫ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين بتدشين مشروع الشباب في منطقة الجوف‪.‬‬ ‫مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه لإلسكان‬ ‫إث���ر ذل���ك ع���زف ال��س�لام ال��م��ل��ك��ي ث��م غ���ادر خادم‬ ‫التنموي بمحافظة القريات في منطقة الجوف الذي‬ ‫الحرمين الشريفين مقر الحفل مودعاً بمثل ما استقبل‬ ‫يقع على أرض مساحتها أكثر من ‪ 406242.8‬متر مربع‬ ‫به من حفاوة وتكريم‪.‬‬ ‫وتتكون المرحلة األول��ى من المشروع من مائة وحدة‬ ‫وفي يوم الجمعة ‪ 24‬ربيع اآلخر ‪1428‬هـ‬ ‫سكنية‪ ،‬حيث تقدر التكلفة اإلجمالية لهذه المرحلة‬ ‫بخمسة وعشرين مليون ريال قائالً‪( :‬بسم الله وعلى‬ ‫استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله‬ ‫بركة الله)‪.‬‬ ‫بن عبد العزيز آل سعود‪ ،‬حفظه الله‪ ،‬في مقر إقامته‬ ‫بعد ذل��ك تفضل الملك المفدى بتدشين مشروع‬ ‫جمعية األط���ف���ال ال��م��ع��اق��ي��ن‪ ،‬وه���و ال��م��ب��ن��ى الخيري‬ ‫المسمى بواحة الجوف وتقدر تكلفته بأربعة وأربعين‬ ‫مليوناً ونصف ال مليون كمرحلة أولى‪ .‬ومشروع شركة‬ ‫أسمنت ال��ج��وف ال��ذي تزيد تكلفته ع��ن مليار ريال‪،‬‬ ‫وبطاقة قدرها ‪ 5000‬طن يومياً‪ ،‬وتوفر ف��رص عمل‬

‫بمدينة سكاكا‪ ،‬بحضور صاحب السمو الملكي األمير‬ ‫سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس‬ ‫مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام‪،‬‬ ‫أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وكبار المسؤولين‬ ‫من مدنيين وعسكريين‪ ،‬وجمع غفير من المواطنين‬ ‫الذين تشرفوا بالسالم عليه رعاه الله وتهنئته بسالمة‬ ‫الوصول إلى منطقة الجوف‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪27 1428‬‬


‫ملف العدد‬ ‫وف��ي البداية أنصت الجميع إل��ى ت�لاوة آي��ات من صاحب السمو الملكي األمير نايف بن عبدالعزيز وزير‬ ‫القرآن الكريم مع شرحها وتفسيرها‪.‬‬ ‫الداخلية والرجال المخلصين‪ ،‬بفضل الله عز وجل‪ ،‬ثم‬ ‫بعد ذلك ألقى رئيس محاكم منطقة الجوف الشيخ بتوجيهاتكم وسمو ولي عهدكم‪ ،‬لمحاربة الفكر الضال‬ ‫زي��اد ب��ن محمد السعدون كلمة رح��ب خاللها بخادم والكشف عن الخاليا اإلرهابية‪ ،‬التي تقوم على فكر‬ ‫الحرمين الشريفين وسمو ول��ي عهده األمين‪ ،‬داعيا ال��خ��وارج‪ ،‬وت��ري��د اإلف��س��اد ف��ي األرض وقتل األبرياء‬ ‫الله عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء على ما يقدمونه وزعزعة األمن‪..‬‬ ‫لشعبهم خاصة والمسلمين عامة‪.‬‬

‫وأض���اف‪« :‬إن الكلمات تقصر في التعبير بصدق‬ ‫ع��ن مشاعر ال��ف��رح وال��س��رور‪ ،‬والقلم ال يستطيع أن‬ ‫يجسد أحاسيس االمتنان الذي أشعر به ويشعر به كل‬ ‫أبناء هذه المنطقة تجاه زيارتكم وسمو ولي عهدكم‬ ‫لنا‪ ،‬وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم لتحمّلكم عناء السفر‪،‬‬ ‫وتخصيصكم هذا الوقت لنا مع كثرة ارتباطاتكم وعظم‬ ‫مسؤولياتكم الداخلية والدولية»‪.‬‬ ‫وأش��ار إلى أن هذه الزيارة تأتي تأكيدا على مبدأ‬ ‫عظيم م��ن ال��م��ب��ادئ ال��ت��ي ق��ام��ت عليها ه��ذه الدولة‬ ‫المباركة‪ ،‬وسنة والدكم المؤسس الملك عبد العزيز‬ ‫آل سعود طيب الله ث��راه وأسكنه ال��ف��ردوس األعلى‬ ‫من جنته‪ ،‬وه��و مبدأ التواصل بين الراعي والرعية‪،‬‬ ‫وال��ذي لم يقتصر على فتح الباب لكل مواطن ليقابل‬ ‫الملك وولي عهده؛ بل إنهما يأتيان للمناطق ويتفقدان‬ ‫احتياجات الناس على الواقع بل ويستضيفهم مليكهم‬ ‫في منطقتهم‪.‬‬

‫وإال م��اذا ي��ري��دون من ه��ذه ال��دول��ة المباركة دولة‬ ‫اإلسالم وهي الوحيدة التي تحكم شرع الله في شؤونها‬ ‫وهيئات األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ال توجد‬ ‫في سواها‪ ،‬والقرآن انتشر في أنحاء العالم من مجمعها‬ ‫«مجمع الملك فهد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته»‪،‬‬ ‫ومكاتب للدعوة وتوعية الجاليات في كل بلدة وقرية‬ ‫والخير فيها منصورة والشر مدحور بحمد الله تبارك‬ ‫وتعالى عمال بقوله عز وج��ل‪( :‬الذين أن مكّناهم في‬ ‫األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف‬ ‫ونهوا عن المنكر ولله عاقبة األمور)‪.‬‬

‫ون���وّه الشيخ ال��س��ع��دون ب��م��واق��ف خ���ادم الحرمين‬ ‫الشريفين السياسية ال��ت��ي زادت ه��ذه ال��ب�لاد رفعة‬ ‫وش��م��وخ��اً‪ ،‬واستضافته للمتنازعين وإص�لاح��ه ذات‬ ‫بينهم‪ ،‬واهتمامه في تحقيق العدل بين الناس‪ ،‬وحرصه‬ ‫على أن يأخذ كل ذي حق حقه‪ ،‬وتوجيهه الدائم بسرعة‬ ‫انجاز أمور الناس وتلمس احتياجات الضعفاء واألرامل‬ ‫واألي���ت���ام‪ ،‬وزي���ادت���ه ل��ل��روات��ب وم��خ��ص��ص��ات الضمان‬ ‫وقال الشيخ السعدون‪« :‬خادم الحرمين الشريفين‪ ..‬االجتماعي‪ ،‬وتفريج الكربات بالسداد عن أهل الديون‬ ‫إن تأثير أخ�لاق��ك النبيلة وتواضعك الجم وأفعالك وإخراجهم من السجون‪.‬‬ ‫الكبيرة ل��م يقتصر علينا ب��ل أث��رت بالعالم كله وكم‬ ‫عقب ذلك ألقى الشاعر سليمان بن محمد الكويليت‬ ‫أحسسنا بالزهو والفخر ونحن نقرأ تصدرك قائمة قصيدة بهذه المناسبة‪.‬‬ ‫أك��ث��ر م��ائ��ة شخصية م��ؤث��رة ف��ي ال��ع��ال��م‪ ،‬وه��ي قائمة‬ ‫وقد حضر االستقبال والغداء أصحاب السمو الوزراء‬ ‫صدرت من جهة دولية‪ .‬وأن هذا الحب الذي في قلوب‬ ‫واألمراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين‪.‬‬ ‫الناس لكم‪ ،‬والتفافهم حولكم‪ ،‬رسالة لكل ضال من أهل‬ ‫أدى خ��ادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن‬ ‫التفكير والتفجير‪ ،‬بأنه شاذ عن هذا المجتمع الطيب‪،‬‬ ‫وأن��ه خاسر؛ ألنه ضد شرع الله وأن الناس كلهم مع عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وأصحاب السمو الوزراء‬ ‫والة أم��ره��م‪ ،‬ي��د واح���دة ف��ي محاربته ورد ش��ره‪ ،‬وكم واألمراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين صالة‬ ‫فرح كل مخلص بما تم من انجاز أمني كبير على يدي الجمعة اليوم مع جموع المصلين في مدينة سكاكا‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ملف العدد‬

‫وق��د أ َّم المصلين فضيلة الشيخ على ب��ن سالم صف المسلمين‪ ،‬مشيراً فضيلته إلى أن ما لم يعلن من‬ ‫العبدلي م��دي��ر ع��ام ف��رع وزارة ال��ش��ؤون اإلسالمية هذه الجهود الخيرة كثير‪.‬‬ ‫واألوق���اف وال��دع��وة واإلرش���اد بمنطقة الجوف‪ ،‬الذي‬ ‫ودع��ا فضيلته الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه‬ ‫تحدث في خطبتي الجمعة عن اهتمام اإلسالم بإصالح‬ ‫ذات البين بين أفراد المجتمع المسلم وجماعاته ودوله‪ ،‬الجهود المباركة في موازين قيادتنا الرشيدة‪.‬‬ ‫حفاظاً على وحدة المسلمين وسالمة قلوبهم ‪ ،‬مشيراً‬ ‫وكان خادم الحرمين الشريفين قد غادر‪ ،‬بحفظ الله‬ ‫فضيلته إلى أن للمصلح بين الناس أجر عظيم وثواب ورعايته‪ ،‬المنطقة عصر يوم الجمعة‪ .‬وكان في وداعه‬ ‫كريم إذا ك��ان يبتغي بذلك مرضاة الله تعالى وأجره بمطار ال��ج��وف‪ ،‬صاحب السمو الملكي األم��ي��ر فهد‬ ‫يفوق ما يناله الصائم والقائم‪.‬‬ ‫بن بدر بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف‪ ،‬وصاحب‬ ‫وقال فضيلته‪« :‬لقد منَّ الله علينا في هذه البالد السمو الملكي األمير عبدالعزيز بن تركي بن طالل‬ ‫بوالة أمر‪ ،‬كان اإلصالح بين المسلمين وجمع كلمتهم بن عبدالعزيز‪ ،‬وصاحب السمو الملكي األمير محمد‬ ‫وتوحيد صفهم هدفاً سامياً لهم‪ ،‬وبذلوا في ذلك وقتاً‬ ‫بن فهد بن ب��در بن عبدالعزيز‪ ،‬ووكيل إم��ارة منطقة‬ ‫وجهداً عظيمين»‪.‬‬ ‫الجوف أحمد بن عبدالله آل الشيخ‪ ،‬وكبار المسؤولين‬ ‫وع����دَّ فضيلة ال��ش��ي��خ ع��ل��ى ال��ع��ب��دل��ي ج��ه��د خادم من مدنيين وعسكريين‪ ،‬وجمع غفير من المواطنين‪.‬‬ ‫الحرمين الشريفين الملك عبدالله ب��ن عبدالعزيز‬ ‫حفظ ال��ل��ه خ���ادم الحرمين الشريفين ف��ي سفره‬ ‫آل سعود لإلصالح بين األخ��وة في فلسطين وقضية‬ ‫ال واضحاً وإقامته‪ .‬وحفظ الله الوطن وب��ارك الله في جوالت‬ ‫دارفور والمصالحة بين السودان وتشاد دلي ً‬ ‫على ح��رص قيادتنا على إص�لاح ذات البين وتوحيد القائد‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪29 1428‬‬


‫رسالة ‪..‬‬ ‫خليل إبراهيم الفزيع‬

‫<‬

‫أرهقه السهر‪ ..‬ألقى نظرة على محتويات غرفة النوم‪ ..‬التي يعرف مكانها‬

‫دون أن يضطر لالستعانة بإضاءة المصباح الكهربائي‪ ..‬في وسط الغرفة منضدة‬ ‫صغيرة فوقها دلة ماء وكأس وعلبة مناديل ورقية‪ ..‬بجانب باب الغرفة تمتد خزانة‬

‫المالبس حتى نهاية جدار الغرفة‪ ،‬حيث ستارة النافذة المسدلة بألوانها الداكنة‪..‬‬ ‫مكيّف الهواء يحتل وسط الحائط‪ ،‬بمواجهة سرير النوم‪ .‬سقف الغرفة تتدلى منه‬ ‫ثريا وعدد من المصابيح الكهربائية‪ .‬األشياء كلها غارقة في العتمة‪ ..‬وهو غارق‬ ‫في عتمة الروح القلقة على االبن الغائب منذ أكثر من ثالثة أشهر‪ ..‬أصغى لصوت‬

‫المؤذن وهو ينادي لصالة الفجر‪ .‬تنحنح ليوقظ زوجته دون أن يناديها باسمها أو‬ ‫يحرك جسدها الغائب في لذيذ المنام‪ ..‬تحركت على صوت نحنحته‪ ..‬عركت‬

‫عينيها وتساءلت‪:‬‬

‫ هل أذّن الفجر يا أبا ناصر؟‬‫أجابها وهو يهم بمغادرة ال سرير ‪:‬‬ ‫‪ -‬نعم يا أم ناصر‪.‬‬

‫ق����ص����ص‬ ‫‪30‬‬

‫لم ينم ليلته وهو يفكر في أمر شغله كثيرا وأقض مضجعه‪ ،‬ودفعته الظنون ليسقط‬

‫في بئر الحيرة والقلق‪ ،‬منذ تناهى إلى مسـامعه همس بين زمالئه في المدرسة‪ ،‬عن‬ ‫انضمام ابنه إلى خلية إرهابية‪ ..‬لم يشأ أن يقلق زوجته بهذا النبأ‪ ،‬وهو يعرف مدى‬

‫حبها البنها‪ ..‬سوف تنهار لمجرد التلميح فكيف يمكنه التصريح؟‪ ..‬قد تصاب بالسكتة‬ ‫القلبية لهذا النبأ الفاجعة‪ ..‬جر قدميه ورمى بجسده على أحـد المقـاعد في غرفة‬ ‫الجلوس‪ ..‬غـرق في همومـه‪ ..‬منهك القـوى من كثرة السهر‪ ،‬مشتت العقل من كـثرة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ا لتفكـير ‪،‬‬ ‫وال�������خ�������وف‬

‫مما سيأتي‬ ‫به الغد!‬

‫ه��������������������و‬

‫م������������������درس‬

‫ف����ي ثانوية‬ ‫ال�����ق�����ري�����ة‪..‬‬ ‫أم���������ض���������ى‬

‫ح���ي���ات���ه في‬

‫تعليم طلبته‬ ‫ح���ب الدين‬ ‫وال�������وط�������ن‪.‬‬

‫كانت ثالثة األثافي ما سمعه باألمس عن انخراط‬

‫تخرجه ف��ي كلية الشريعة أت���اح ل��ه ه��ذه الوظيفة ابنه في إحدى الخاليا اإلرهابية‪ ..‬الم نفسه كثيرا‬ ‫التي نعم بها‪ ،‬تزوج امرأة صالحة‪ ،‬أنجبت أربع بنات لفشله في تربية هذا االب��ن‪ ..‬وك��ان يراهن على أن‬

‫وول��د‪ ..‬ناصر ال��ذي يأتي ترتيبه الثاني في سلسلة ن��وازع الخير ستجتث في النهاية بذور االنحراف‪..‬‬ ‫أبنائه‪ ،‬كبرى بناته تزوجت‪ ،‬وغ��ادرت القرية لتعيش لكن يبدو أنه خسر الرهان أو كاد‪ ،‬إنه أمام مصيبة لم‬ ‫مع زوجها في المدينة‪ ..‬بقيت معه ثالث بنات ال يزلن تكن في الحسبان‪ ..‬كل شيء يهون إال خيانة الوطن‪..‬‬ ‫على مقاعد الدراسة‪ .‬ناصر البالغ من العمر واحد ه��ذه الخيانة تعني خيانة الدين واأله��ل والمجتمع‬

‫وعشرين عاما تعثر في دراسته‪ ،‬وكثيرا ما أقلقه هذا واألم���ة‪ ..‬هكذا ح��دّث نفسه وه��و يسترجع مواقف‬ ‫التعثر‪ ،‬وأحرجه أمام زمالئه؛ فكيف يرضى بفشل عاشها مع ابنه‪ ..‬محاوال إعادته إلى جادة الصواب‬

‫ابنه وهو المدرس الناجح في عمله إلى درجة يشهد واالجتهاد في دراسته‪ ..‬دون جدوى‪.‬‬ ‫بها الجميع؟ كثيرا ما طلب من ابنه االجتهاد‪ ..‬دعا له‬ ‫ال��ه��دوء يخيم على ال��م��ن��زل‪ ..‬وبين آون��ة وأخرى‬ ‫بالهداية وال يزال‪ ،‬لكن االبن أوغل في فشله الدراسي‪،‬‬ ‫يتناهى إلى مسامعه صوت زوجته وهي تنادي بناتها‬ ‫وهـو أمـر كـثيرا مـا حـيّره‪ ،‬ألنه وفـر البنه كـل عـوامـل‬ ‫لصالة الفجر‪ ،‬وحركة انشغالها في المطبخ وهي‬ ‫النجاح والراحة للدرجة التي ال تؤدي إلى فشله أو‬ ‫تهيئ قهوة الصباح‪ ،‬التي تعودت على شربها باكرا‬ ‫فسـاده بهذا الشكل‪ ،‬وعلى الرغم من كل جهوده لم‬ ‫مع زوجها بعد عودته من المسجد‪ ..‬لم يدر بخلدها‬ ‫يلق من ابنه سـوى العـزوف عـن الدراسـة‪ ..‬كلما زاد‬ ‫أن زوجها في عالم آخر من القلق والخوف‪ ..‬والحيرة‬ ‫في نصحه‪ ..‬زاد في إهمال واجباته المدرسية‪..‬‬ ‫من أمر هذا االبن الذي ترك المنزل دون مقدمات‪.‬‬ ‫وتكرر فشله فيها!‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪31 1428‬‬


‫عاد ليغرق في لجج أفكاره المتالطمة‪ ،‬فماذا يفعل التفكير المضني‪ ..‬نهض ليتوضأ ويتجه إلى المسجد‬

‫إذا صدق ما قيل عن ابنه؟ كان قد أبلغ عن غيابه بنفس تعذبها االحتماالت‪ ،‬وعقل تشتته الظنون‪..‬‬

‫منذ األسبوع األول‪ ،‬ولم يحظ بجواب شاف من رجال وألول مرة ينتابه الخوف بهذا الشكل المريع‪ ،‬فأصبح‬ ‫األمن‪ ،‬وقد أخبروه أن ابنه رجل ويمكنه االعتماد على يتوقع الخطر إثر كل خطوة من خطواته‪ ،‬وكل لفتة‬ ‫نفسه‪ ..‬وليس هناك ما يدعو للقلق عليه‪ ..‬ترى كيف من لفتاته‪ ،‬حتى خيّل إليه أن هناك من يتبعه وهو في‬

‫سيكون حال زوجته إذا أخبرها بما سمع؟‪ ..‬أي شرخ طريق ذهابه وإيابه من المسجد‪.‬‬ ‫ينتظر حياتهما الهانئة المستقرة؟‪ ..‬أي تأثير لذلك‬ ‫ف��ي الصباح عندما ذه��ب إل��ى ال��م��درس��ة‪ ،‬وقبل‬ ‫على وضعه الوظيفي واالجتماعي؟‪ ..‬كيف سيواجه‬ ‫أن يبدأ عمله‪ ..‬استدعاه مدير ال��م��درس��ة‪ ..‬سلمه‬ ‫نفسه والناس أمام هذا الخطر المحدق به وبأسرته‪..‬‬ ‫خطابا‪ ..‬استلمه بيد مرتجفة‪ ..‬ع��رف أن��ه مرسل‬ ‫وهو الذي نال ثقة واحترام زمالئه ومعارفه؟‪ ..‬كيف‬ ‫بالبريد‪ ..‬اسمه وعنوانه مكتوب بخط يعرفه جيدا‪..‬‬ ‫له أن يصدق أن ابنه قد أصبح إرهابيا؟! ناصر الذي‬ ‫إنه خط ابنه ناصر‪ ..‬وبخوف شديد يختلط بشتى‬ ‫كان يعده ليكون سنده في الدنيا إذا تقدم به العمر‪..‬‬ ‫الهواجس واالن��ف��ع��االت‪ ،‬بسمل وح��وق��ل‪ ..‬تعوذ من‬ ‫امتداد وجوده إذا فارق الحياة‪ ..‬الغصن الذي أمّل أنه‬ ‫الشيطان الرجيم وتمتم مبتهال‪:‬‬ ‫سيورق في قادم األيام‪ ..‬الفرع الذي سيثمر أحفادا‬ ‫ـ اللهم اجعله خيرا‪..‬‬ ‫تقر بهم عيناه‪ ..‬تمتد بهم شجرة العائلة حتى تطاول‬ ‫السحاب‪ ..‬هل تبخرت كل هذه األح�لام‪ ..‬وتالشت‬

‫جلس على أقرب كرسي وفض الظرف‪ ..‬استخرج‬

‫تلك األماني الجميلة وكأنها لم تخطر على باله‪ ..‬منه رسالة بدأ في قراءتها بانفعال شديد‪:‬‬ ‫لم تحتل حيزا كبيرا من تفكيره‪ ..‬لم تكن دفء قلبه‬ ‫والدي العزيز‬ ‫وروحه‪ ..‬وهدفه األسمى في دنياه؟!‬ ‫أرجو أن تكون ووالدتي وأخواتي بخير‪ ..‬وأبشركم‬ ‫ترى من قاد ابنه إلى الهاوية؟ هل هم رفاق السوء؟‬ ‫أنني انخرطت في العمل في قوات مكافحة اإلرهاب‪،‬‬ ‫أم المضللون ال��ذي��ن يتصيدون الشباب ويغرونهم‬ ‫ول��م أخبركم برغبتي في العمل منذ البداية خوفا‬ ‫لالنخراط في سلك االنحراف؟ أم هي إرادة أقوى‬ ‫من إصراركم على أن أكمل الدراسة التي لم أوفق‬ ‫أرادت أن تمتحن صبره وإيمانه؟ أسئلة كثيرة تعصف‬ ‫فيها رغ��م محاوالتي النجاح إلرضائكم وتشريفكم‬ ‫بعقله وال يجد لها جوابا‪ ..‬انتبه إلى صوت زوجته‬ ‫أم��ام اآلخرين‪ ،‬لكن إرادة الله فوق كل إرادة‪ ،‬ولعل‬ ‫وهي تنبهه قائلة‪:‬‬ ‫فشلي في الدراسة يكون حافزا لنجاحي في العمل‪..‬‬ ‫لقد حان موعد الصالة‪ ..‬أال تريد الذهاب إلى ال أستغني عن دعواتكم المباركة‪ ..‬أشتاق لكم كثيرا‪،‬‬ ‫المسجد‪.‬‬

‫وس�لام��ي وق��ب�لات��ي لكم وألم���ي الفاضلة وأخواتي‬

‫كلمتا ال��ص�لاة وال��م��س��ج��د‪ ..‬أن��ق��ذت��اه م��ن عذاب العزيزات‪ ،‬وإلى لقاء قريب إن شاء الله‪.‬‬ ‫< المرسل‪ :‬ابنكم ناصر‬

‫‪32‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫َّ‬ ‫حـل اخلريـف‬

‫جمعان الكرت‬

‫<‬

‫أربع سنوات – تحفر – بأسنانها في جدران الزمن المتهالك‪ ،‬لقد تمدد الوقت‬ ‫وأصبح كطريق مستطيل ليس له نهاية؛ أو كسكين حادة تطعن األجواز العالية‪..‬‬ ‫ال بدأ ينـزاح من على صدرها‪ ..‬فركت بأصابع يمناها‬ ‫تنهدت أمل وكأن ثمة ثق ً‬ ‫الرقيقة جبينها حتى أصبح أحمر‪ ..‬فيما وضعت يدها اليسرى على رزمة أوراق‬ ‫امتألت بحروف زرق��اء‪ .‬قالت لكم أض��أت من شموع‪ ..‬وكم مزقت من أوراق‪..‬‬ ‫وسكبت ماء أزرق من محبرتي‪ ..‬ها هي‪ ..‬أوجاعي‪ ..‬أوراقي‪ ..‬آالمي‪ ..‬آمالي‪..‬‬ ‫أشواقي‪ ..‬أشجاني‪ ..‬أقدمها وبكل اعتزاز في مظروف لك أنت وحدك‪ .‬سنوات‬ ‫أربع‪ ..‬أحالت حياتي إلى صحراء قاحلة‪ ..‬مكثت أزرع الليالي ألرى طيفك الغالي‪..‬‬ ‫وأسمع همسك الحاني‪ ،‬كنت أتأبط حزني كقمر السماء وأجوس به في أرضي‬ ‫التي أبحتها لك‪.‬‬ ‫ذلك – المنديل األبيض الذي أهديته لي في صبيحة يوم العيد – غلفت به‬ ‫قلبي وأرويته من دمي حتى أزهر ياسميناً و ُفالً‪ ..‬تلك الرسالة الممهورة بحرف‬ ‫الخاء تضيء حياتي كبروق الشتاء‪ ..‬فكانت حروفها كالتماعات النجوم وارتواءات‬ ‫المزون واختالجات النفس‪ ،‬بل كفرح عارم ينبعث من كل مساحات جسدي‪ ..‬تلك‬ ‫الحروف كانت قنينات عطر تضج بأقحوان يخضب المكان والزمان‪ ..‬كانت ربيعاً‬ ‫يختال حسناً وبها ًء ونقا ًء أتنفسه صباح مساء – لم أنس وثيقتك التاريخية عندما‬ ‫همستها في أذني وأعلنتها لي وحدي بأنني زهرة النرجس‪ ،‬التي تتغضن على‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪33 1428‬‬


‫كثيب رملي‪ ،‬وتنتظر الماء الذي هو اتحاد قلبينا‪..‬‬ ‫ي��وم غ ٍ��د تحمل الطائرة – خ��ال��داً‪ ..‬ليعود إلى‬

‫الزمن‪..‬‬ ‫أمل‪ ..‬هل ينـزع اإلنسان ثقته من نفسه‪ ..‬فخالد‬

‫وطنه إلى قريته إلى مرابع طفولته‪ ..‬قالتها أمل‪ ..‬وأن��ا انشطرنا نصفين‪ ..‬نصف حلّق ف��ي السماء‬

‫انقضت تلك السنوات الثقيلة‪ ..‬لقد مضغت جليد ونصف مكث هنا ينتظر‪ ..‬وسوف يمتزجان‪ ،‬وربما‬ ‫الغربة‪ ،‬ولسعتني نيران الشوق‪ ..‬انتظاراً‪ ..‬للفارس‪ ..‬تندهشين حينما أقول يا أمي كنت أعيش بال ماء‬ ‫غد سوف يعشوشب القلب فرحاً أخضر وسوف وال هواء‪ ..‬في سنوات االنتظار‪.‬‬ ‫يوم ٍ‬ ‫ينثال الفرح عناقيد ملونة‪ ،‬وس��وف تنبت حديقة‬ ‫حياتنا – أزه��اراً – وس��وف تشدو عصافير الفرح‬ ‫بأناشيد صباحية لتشنف اآلذان شدواً عذباً‪ ..‬لكم‬ ‫تمنيت هذا اليوم األبيض‪ .‬لم أر أجمل من نسائم‬ ‫الصباح التي تحمل شذا الرياحين‪ ،‬ولم أسمع أجمل‬ ‫من تغريد الطيور‪ ،‬ولم أشاهد أروع من شعاع شمس‬ ‫صباح هذا اليوم‪ ..‬األربعاء‪ .‬فقد طرزت األرض بحلة‬ ‫ذهبية‪ .‬بل لم أعش أحلى من هذه اللحظات‪ ..‬هذا‬ ‫اليوم عيد‪ .‬صوت يحمل دفق الحنان يقول لماذا‬ ‫صحوت مبكراً ? إن لحظات السعادة يا أمي ال تقدَّ ر‬ ‫بثمن‪ ،‬وأنا أعيش هذه اللحظات الغالية من عمري‪،‬‬ ‫أعيشها بقلبي بجسدي بشعوري‪.‬‬ ‫بكل اختالجاتي‪.‬‬

‫األم‪ :‬أرجو لك السعادة‪ ..‬ومن كل قلبي‪.‬‬ ‫أمل‪ :‬أشكرك‪.‬‬ ‫حوار دافىء خضب أنسام الصباح‪ ،‬فيما اتجهت‬ ‫أم��ل إل��ى غرفتها ولبست ثوباً بنفسجياً‪ ..‬وغطت‬ ‫رأسها بشال حريري أبيض ووضعت قالدة ذهبية‬ ‫على ص��دره��ا‪ ،‬وسكبت العطر في نحرها ليندلق‬ ‫ع��ل��ى م�لاب��س��ه��ا األن���ي���ق���ة‪ .‬أص�����وات ت��ض��ط��رم في‬ ‫الخارج‪ ..‬تنظر أمل من خصاصة النافذة‪ ..‬لتتبيّن‬ ‫وصول الفارس المنتظر‪ ..‬لم تتفحص وجهه جيداً‪،‬‬ ‫ال من مالمحه‪..‬‬ ‫لقد نما شاربه لدرجة أنه غيّر قلي ً‬ ‫ال يرتدي قميصاً أزرق وبنطلوناً رمادياً‪..‬‬ ‫اقترب قلي ً‬ ‫بشكل متناسق وج����ذاب‪ ..‬يمسك بيسراه حقيبة‬ ‫سوداء متوسطة الحجم‪ ..‬يسير في خطوات واثقة‪..‬‬

‫األم‪ :‬هل تقصدين‪ ..‬يا ابنتي أمل – أبن عمك سامي شقيقه األص��غ��ر ي��ه��رول نحوه يمسك بيده‬ ‫اليمنى يقبِّله‪ ..‬يصر الطفل على حمل الحقيبة‪.‬‬ ‫خالداً ؟‬ ‫تقدم شقيقته هيله‪ ..‬تقبله مضى خالد نحو منـزله‬ ‫أم��ل‪ :‬العمر ال يقدر بالسنوات إنما بلحظات‬ ‫ذي األب���واب ال��م��ش�� َّرع��ة‪ ..‬أم��ل تتكيء بيدها على‬ ‫ال ولم يعرفوا‬ ‫السعادة – كم أناس عاشوا عمراً طوي ً‬ ‫النافذة‪ ..‬تمتمت‪ .‬لكم تمنيت لو لبس ثوباً أبيض‬ ‫بعد طريق السعادة‪ ..‬السعادة يا أمي الغالية كفراشة‬ ‫وعقاالً‪ ..‬بمقدوره أن يترك البدلة‪ ..‬سيما وأنه مكث‬ ‫جذلى ت��رف بجناحيها الرقيقتين الملونتين على‬ ‫في مدينة جدة يومين‪ ..‬ولكن ربما نزوة الشباب‪..‬‬ ‫األزهار وقد حطت فراشة السعادة‪ ..‬هذا الصباح‬ ‫ال يهم‪ .‬المهم ذل��ك المستودع الصغير ال��ذي بين‬ ‫الندى العاطر على قلبي‪.‬‬ ‫أضلعه‪ ..‬أسرعت إلى المبخرة لتضع في أحشائها‬ ‫األم‪ :‬أنت متفائلة‪ ..‬متفائلة ولم تنكأك بعد جراح جمراً متوقداً وبخوراً‪ .‬لتتناثر سحباً معطرة وضعت‬

‫‪34‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫على إبريق القهوة حفنة من الهيل‪ ..‬اخ��ت��ارت من – وليد كقطة صغيرة في حنايا الدرج يرتقي الدور‬ ‫صفيحة مركونة في زاوية المطبخ حبات من التمر األول‪ ..‬ليجد أمل تقف أمامه‪ ..‬خالد تزوج‪ ..‬خالد‬ ‫وضعتها بانتظام ف��ي صينية بيضاء إل��ى جوارها تزوج‪ .‬سقطت المبخرة من يدها‪ ،‬تناثر الجمر على‬ ‫فناجين القهوة‪.‬‬ ‫أدي��م األرض ليلحق بذؤابة ثوبها‪ .‬لملمت ثوبها‪..‬‬ ‫همست في أذن شقيقها األصغر الذي يتلصص‬

‫تحرقت أصابعها‪ ..‬رفعت يديها إلى وجهها الصغير‬

‫من خلف الباب لرؤية خالد بهذه البدلة األنيقة‪ ..‬لتواري الدموع التي بدأت تفيض من محجريهما‪.‬‬ ‫قالت استمع إلى حديث خالد‪ ..‬قفز وليد وكان يتوارى رددت بصوت خفيف ومكلوم‪ .‬نسيت يا خالد ماء‬ ‫خجالً‪ ..‬تقدم‪ ..‬خطوة‪ ..‬خطوتين‪ ..‬جلس في مكان الحب نسيت يا خالد‪.‬‬

‫غير بعيد‪ ..‬وبدأ يتفرس خالداً الذي راح يتحدث‬

‫وعرجت إلى غرفتها بخطوات سريعة وأقفلت‬

‫بكل ثقة عن الدراسة في الخارج‪ ،‬والصعوبات التي على نفسها الباب‪ ..‬وطوحت بجسدها النحيل على‬ ‫واجهته في باديء األمر‪ ..‬فيما راح والده سفر وعمه‬ ‫أرجوك‬ ‫ِ‬ ‫السرير فيما راح��ت أمها تقرع ال��ب��اب‪..‬‬ ‫فاضل والد أمل‪ ..‬وإخوانه ينصتون للحديث‪ ،‬سفر‬ ‫افتحي‪ ..‬استمرت أمل تتمتم – هل العيون الزرقاء‬ ‫يشعر من ثنايا حديث خالد‪ ..‬بأن هناك أخبارا غير‬ ‫والشعر األشقر سلبتك يا خالد مني؟ هل جرؤت‬ ‫سارة سوف يفصح عنها‪.‬‬ ‫أن تذبح وري��دي ؛ هل جرؤت أن تنثر األح��زان في‬ ‫خالد‪ ..‬ينظر إلى والده ويقول أود أن أهمس في طريقي‪ ،‬هل جرؤت أن تمسح نقشاً صادقاً مهرته‬ ‫أذنك‪ ..‬يهز رأسه يتقدم إليه‪ ..‬خالد يقول‪ .‬والدي في قلبي ؟؟ جئت يا خالد لتهيل الرمل على بحيرة‬ ‫ال أعرف كيف أخبرك‪ ..‬ولكن البد من ذل��ك‪ ..‬أنا األمل الصافية‪ ،‬آه يا خالد‪ ،‬لقد اغتلت كل ما أمتلكه‬ ‫تزوجت امرأة أجنبية بل أنجبت ول��داً‪ – ..‬سفر –‬

‫أسند ظهره على مسند ووضع يده على رأسه وقال‪:‬‬ ‫معقول‪ ..‬معقول‪ .‬يا خالد‪ ،‬أنسيت بنت عمك‪.‬‬ ‫خالد‪ ..‬قرار واتخذته‪ .‬والد أمل‪ :‬ما األمر سفر‪:‬‬

‫من فرح‪ ،‬ولكن أشكرك علَّمتني أن الحب يمكن أن‬ ‫يباع في س��وق النخاسة بأزهد األث��م��ان‪ ،‬وعلَّمتني‬ ‫أن ال��ح��ب كحلوى س��رع��ان م��ا ت���ذوب تحت أشعة‬ ‫الشمس‪ ..‬لك يا خالد أن تقضي حياتك مع ذات‬

‫ابني مشى في طريق متعرج‪ ،‬ابني تزوج أمريكية‪.‬‬

‫الشعر األشقر والعينين الزرقاوتين‪ ،‬ولي أن أزيل كل‬

‫مكانه‪ ،‬ولحق به أطفاله‪.‬‬

‫البيضاء‪ ..‬تلك يا خالد لم تعد س��وى وخ��ز موجع‬

‫أشاح فاضل بوجهه‪ ..‬بعد أن قال ابنك انسلخ من نقش وضعته في قلبي‪ ..‬وأحرق كل الحروف الزرقاء‬ ‫أهله وعشيرته‪ .‬رم��ى فنجان ال��ق��ه��وة‪ ،‬ونهض من التي سكبتها بماء دمي لتتراقص على الصفحات‬ ‫أم خالد من الداخل تتحدث بصوت مرتفع تعاتب حتى ال��ث��م��ال��ة‪ ..‬فعلتها ي��ا خ��ال��د ونسيت العينين‬ ‫زوج��ه��ا ال��ذي أهمل متابعة خ��ال��د‪ ،‬قفز – الطفل‬

‫العسليتين والشعر األسود‬

‫< قاص من السعودية‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪35 1428‬‬


‫ومضات‪!!..‬‬ ‫‪1‬‬ ‫لم أُص��دق وال��دي حين قال لي‪ :‬وحدها‪ ..‬قطرة‬ ‫المطر فوق وادي العقيق تطفئ لظى ظمئك‪ ..‬ظننته‬ ‫يهذي‪ ..‬فلم أصدّقه‪ ..‬وال زلت ظامئاً‪..‬‬

‫> سعيد بن عبدالله الدوسري‬

‫<‬

‫خرج‪ ..‬وأغلق الباب‪ ..‬سمعته يضحك!‬

‫‪6‬‬

‫فتحت عيني‪ ..‬فوجدت نفسي محاطاً بفتاتين‬ ‫شقراوتين فاتنتين‪ ..‬ابتسمت‪ ..‬فشعرت بألم في‬ ‫‪2‬‬ ‫شفتي ال��س��ف��ل��ى‪ ..‬ح��اول��ت ال��ق��ي��ام‪ ..‬فاكتشفت أن‬ ‫آه‪ ..‬كم كنت أحب أم��ي‪ ..‬ورائحة «شيلة» أمي‪ ..‬جسمي مثبت على ال سرير ‪ ..‬أووووه‪ ..‬الشاحنة!‬ ‫وحدها أمي كانت تعرف ذل��ك‪ ..‬واآلن‪ ..‬لم يبق لي‬ ‫الحمد لله ال زلت حياً!‬ ‫سوى شيلة أمي‪ ..‬ورائحة أمي‪..‬‬

‫‪3‬‬

‫‪7‬‬

‫ودع��ت��ه ب��ف��رح‪ ..‬ف��خ��رج يجرجر قدميه بأسى‪..‬‬ ‫في نهار وداع��ه��ا األخ��ي��ر‪ ..‬أذك��ر أنها قالت لي‪ :‬طلبت منه الرجوع‪ ..‬عاد مسروراً‪..‬‬ ‫سعيد‪ ..‬أنا من اختار لك هذا االسم يا ولدي‪ ..‬فال‬ ‫ال ب��أس إذن‪ ..‬سأتحمل األل���م مقابل سعادتك‬ ‫تبك‪ ..‬ال تجعلني أبدو كاذبة أمام الله‪..‬‬ ‫أنت‪..‬‬ ‫ابتسمتُ ‪ ..‬فابتسمتْ !‬ ‫أيها األلم!‬

‫‪4‬‬

‫‪8‬‬

‫في نهار وداع��ه��ا األخ��ي��ر‪ ..‬أذك��ر أنها قالت لي‪:‬‬ ‫بيننا شمعة‪ ..‬ووردة‪ ..‬متقابلين‪ ،‬جلسنا‪ ..‬لم ننبس‬ ‫أرج����وك‪ ..‬ال ت��ب��ك‪ ..‬فالله ال ي��أخ��ذ إل��ى ج���واره إال‬ ‫ببنت شفة‪ ..‬أشرت بسبابتي إلى ص��دري‪ ..‬وحلقت‬ ‫الطيبين‪..‬‬ ‫سبابتي وإب��ه��ام��ي‪ ..‬ووض��ع��ت كفي على صدري‪..‬‬ ‫أقسمت لها بكل مقدس‪ ..‬أن أصبح ول��داً‪ ..‬طيباً‪..‬‬ ‫كررت هي ما فعلته‪..‬‬ ‫بكت!‬ ‫أمسكت إصبع يسراي الوسطى بسبابتي وإبهامي‬ ‫‪5‬‬ ‫على هيئة لبس الخاتم‪ ..‬فتوردت خدودها خجالً‪..‬‬ ‫قال‪ :‬أنت حقير‪ ..‬وصفعني بقوة‪..‬‬ ‫بعد أن تزوجنا‪ ..‬عرفت أنها تحب قراءة القصص‬

‫ق���ل���ت‪ :‬ب���ل أن����ت ه���و ال��ح��ق��ي��ر‪ ..‬ف��ب��ص��ق علي‪ ..‬القصيرة‪ ..‬فكتبت لها هذه القصة‪ ..‬قرأتها‪ ..‬فقبضت‬ ‫فصفعته‪ ..‬فركلني‪ ..‬فسقطت أرضاً‪ ..‬وأخذت أتلوى أصابع كفها األيمن األربعة‪ ..‬ورفعت إبهامها عاليا‪..‬‬ ‫وأبكي‪ ..‬أبكي!‬ ‫ومدتها باتجاهي‪..‬‬ ‫< كاتب سعودي‬

‫‪36‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫لعبة احلروف‬ ‫> أحالم بشارات‬

‫<‬

‫كانت البداية هكذا‪:‬‬ ‫اسم أزرق‪ ،‬من ثالثة حروف‪ ،‬على ورقة بيضاء إلى جانب أسماء أخرى تختلف‬ ‫في عدد حروفها‪.‬‬ ‫في اليوم األول‪ ،‬كانت الحروف الثالثة تتحرك على غير ما تفعله حروف األسماء‬ ‫األخرى؛ ترقص أمام أصابعها‪ ،‬وترسم حواليّ نفسها دائرة بال مالمح‪.‬‬ ‫في يوم آخر‪ ،‬اتفقت الحروف الثالثة على أن تتنفس سوية مرة واحدة‪ ،‬وتنفخ‬ ‫الدائرة‪.‬‬ ‫في ي��وم آخ��ر‪ ،‬ص��ارت ال��دائ��رة بالونة تطير في الفضاء‪ ،‬وترفرف إل��ى جانب‬ ‫عصافير صغيرة‪.‬‬ ‫في يوم آخر‪ ،‬تعبت البالونة من التحليق‪ ،‬فحطّ ت على صفحة بحيرة هادئة‪،‬‬ ‫وقررت أن تصير فقاعة ماء‪.‬‬ ‫في يوم آخر‪ ،‬جاءت ريح قوية ال تشبه نسيماً اعتادته الفقاعة‪ ،‬ففقأتها وتناثرت‬ ‫حروفها على سطح البحيرة‪.‬‬ ‫في يوم آخر‪ ،‬كان ثمة جنين يحلّق بين أضالعها‪ ،‬فتلمسه برؤوس أصابعها من‬ ‫فوق قميصها‪ ،‬وكانت تستدل إلى أنه االسم من أرجله الثالثة‪.‬‬ ‫منذ ذلك اليوم‪ ،‬كانت النهاية هكذا‪ :‬قررت أال تلعب من جديد لعبة الحروف؛‬ ‫فقد فطنت إلى كسر ال يمكن مداواته في موضع الجنين تماماً‪.‬‬

‫قهوة وشوكاله‬ ‫كنا نحب الطين‪ ،‬ومراراً اقترحنا أن نسميه بغير اسمه‪:‬‬ ‫أنا سميته شوكاله‪ ،‬وهو سماه قهوة‪.‬‬ ‫سألني يوماً‪ ،‬وأنا مجهدة بسحق كتل ترابية كبيرة‪ ،‬وشعري يتناثر على وجهي‪:‬‬ ‫«هل سنكبر يوماً فنتشارك معاً‪ ،‬كما يفعل الكبار‪ ،‬بألواح شوكاله وفنجانيّ قهوة؟»‬ ‫ قلت له بيقين من ستصبح امرأة تعرف التاريخ‪:‬‬‫«اآلن نفعل»‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪37 1428‬‬


‫ركض غير بعيد‪ ،‬أذاب حفنة تراب جمعها‪ ،‬وحفنة يمكن التخلّص منه‪.‬‬ ‫أخ��رى عبّأ بها راحتي‪ ،‬أخذتها فجففتها وشكّلتها‬ ‫المدينة ممتلئة قذارة على غير حالها كل يوم‪.‬‬ ‫على هيئة أل��واح صغيرة‪ ،‬وجلسنا على الحشيش‪،‬‬ ‫الجميع يراقب قدرته على أن يكون ق��ذراً كفاية‬ ‫نم ّد أقدامنا في مياه القناة‪ ،‬ونشرب القهوة ونأكل‬ ‫على غير ما هو كل يوم‪ ،‬حيث يمشي نظيفاً بمعدة‬ ‫الشوكواله‪.‬‬ ‫ممتلئة في شارع نظيف‪ ،‬وينظر حواليه إلى نظافة‬ ‫وكبرنا‪..‬‬ ‫باعثة على االستفراغ‪.‬‬ ‫كان يم ّر يافعاً وال أكلمه وال يفعل؛ ألنه حرام في‬ ‫ف��رح الجميع حين اكتشفوا قدرتهم على نحض‬ ‫الدين وعيب في العرف‪.‬‬ ‫م��ا ف��ي بيوتهم‪ .‬صفقّوا وغ�� ّن��وا‪ .‬ث��م شبكوا أيديهم‬ ‫لكنه كان ينظر إليّ وهو مطأطئ‪ ،‬كانت نظراته جماعات جماعات‪ ،‬ورقصوا إلى ساعات متأخرة من‬ ‫تعكسها الشمس على ال��ح��ص��ى‪ ،‬ث��م إل��ى نافذتي‪ ،‬ليلة غير معتادة‪.‬‬ ‫ثم إلى عينيّ ؛ فأمضي إلى المطبخ وأج��ري عائدة‬ ‫كانت شوارع المدينة تمتلئ إلى عنقها من كل ما‬ ‫بصينية قش عليها ضيافتي؛ فيراني صورة معكوسة زاد في بيوت قاطنيها‪ ،‬أحست بتخمة م��ا‪ ،‬شعرت‬ ‫على جدار البيت الذي يحاذيه امرأة بلون الطين‪.‬‬ ‫بحموضة في معدتها‪ ،‬كل شئ تجمّع ووقف في حلقها‪،‬‬

‫وتغيّ ب ذات يوم‬

‫وظللت أبحث عن صورته تنعكس‪.‬‬ ‫ قالوا‪« :‬استشهد الولد اليافع‪ ..‬لن يعود أبداً»‪.‬‬‫وبعدها تغيّر لوني‪،‬‬ ‫رماد ّياً على األغلب‪..‬‬ ‫هكذا أصبح‪.‬‬

‫رزق‬ ‫اليوم عيد القمامة في المدينة‪.‬‬ ‫النساء ينظفن المطابخ‪ :‬أحواض الجليّ ‪ ،‬وخزائن‬ ‫األدوات‪ ،‬وثالجات األطعمة‪ ،‬وسالل الفاكهة‪ ،‬ومدافئ‬ ‫الخبز‪.‬‬

‫رفعت رأسها‪ ،‬مدت عنقها وأخرجت ما في جوفها‬ ‫في مدينة مجاورة‪ ،‬كان قاطنوها يشدون أيديهم على‬ ‫معداتهم وبيوتهم الخاوية‪ ،‬ويصلّون جماعات داعين‬ ‫الله أن ينزل رزقاً من السماء‪.‬‬

‫الطوفان‬ ‫يعرف زك��ري��ا ج��ي��داً أن ه��ذا ه��و مصير عَ َبدَة‬ ‫سواع ويغوث ويعوق ونسر‪ ،‬وبهذا أخبر أبا بسّ ام‬ ‫الذي كان يناوله ألوح الخشب‪ ،‬وهما يعمالن بدأب‬ ‫تحت أشعة الشمس التي تحرق بلهيبها الشجر‬ ‫والحجر‪.‬‬ ‫م ّر أخبث العبدة‪ ...‬قال ضاحكا‪:‬‬

‫ «سفينة تبنونها تحت لهيب الشمس الحارقة؛‬‫رجل قتله جنود االحتالل‪ ،‬وخرجت البلدة في جنازته‪،‬‬ ‫ال��رج��ال ينظفون المكاتب‪ :‬ال��ج��واري��ر‪ ،‬ورفوف واآلخر هو أبله البلدة»‪.‬‬ ‫الكتب واألوراق‪ ،‬وخزائن محفورة في الجدران‪.‬‬ ‫ض��ح��ك‪ ،‬ق��ه��ق��ه‪ ،‬وق��ه��ق��ه م��ع��ه ج��م��ع م��ن العبدة‪،‬‬ ‫األط��ف��ال ينظفون غرفهم‪ :‬األل��ع��اب‪ ،‬والدفاتر‪ ،‬وسخروا من االثنين؛ األبله والشبح‪.‬‬ ‫والثياب‪ ،‬وغطاءات األسرّة‪.‬‬ ‫بعد سبعة أي��ام انفجرت كل الينابيع‪ ،‬وانفتحت‬ ‫جميعهم يبذلون جهدهم في التخلّص من كل ما طاقات السماء‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ح��م��ل��ت السفينة‬ ‫األخ��ي��ار‪ ،‬وحملت من‬ ‫ك����ل زوج����ي����ن اثنين‪،‬‬ ‫زك�����ري�����ا ك�������ان يقود‬ ‫ال��س��ف��ي��ن��ة‪ ،‬أب���و بسام‬ ‫ي������ح������رك ش����راع����ه����ا‬ ‫وات��ن��اب��ش��ت��ي��م يحرس‬ ‫بوابتها‪.‬‬ ‫ل��������م ي�������ه�������دأ كل‬ ‫ش��ئ؛ غ��ي��وم‪ ،‬ورعود‪،‬‬ ‫وع�����واص�����ف تعصف‬ ‫بالجبال والناس‪.‬‬ ‫ص���اح���ت عشتار‪،‬‬ ‫ك��م��ا ت��ص��ي��ح المرأة‬ ‫أثناء الطلق‪.‬‬ ‫أخ���ب���ر زك���ري���ا أبا‬ ‫ب��س��ام أن���ه ذاه���ب كي‬ ‫ي���ص���ع���د م����ع الغيوم‬ ‫الصاعدة قبل أن تهدأ‬ ‫العواصف‪.‬‬ ‫سأله أبو بسام إن‬ ‫كان سيموت أم ال؟‬

‫خ‬ ‫ر‬ ‫ط‬ ‫أ‬ ‫ت د‬ ‫ث ج‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ع‬

‫أخ���ب���ره أن ال ما‬ ‫دام شهيد‪.‬‬

‫‪« -‬ما إمارة الحياة؟»‬

‫أجابه زكريا‪:‬‬

‫ «يموت األشرار ويظل األخيار‪ ،‬يغوص الماضون‬‫سأله من سيقود السفينة من بعد‪ ،‬أتنابشتيم أم‬ ‫في األرض ويولد من بطنها سام‪ ،‬وحام ويافث»‪.‬‬ ‫هو‪.‬؟‬ ‫أخبره أنه هو ما دام أتنابشتيم قد حوّلته األسطورة‬ ‫إلى إله‪.‬‬ ‫ابتسم أبو بسام ثم حزن‪ ،‬وسأل‪:‬‬

‫ «ما إمارة البدء؟»‪ ،‬سأل‪.‬‬‫«أطلق الحمائم تغدو وتعود لك بأغصان الزيتون‪،‬‬ ‫والسنونوات تغني على الشواطئ‪ - ،‬والغربان تدفن‬ ‫جثث من تبقّى من الكفرة»‪.‬‬

‫< قاصة من فلسطين‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪39 1428‬‬


‫«سقى الله»‬

‫<‬

‫> ربى عنبتاوي‬

‫<<‬

‫لم تزل خيوط الدخان تتراقص في المكان‪ ،‬هناك حيث يسود اللون األسود‪ ،‬قاتماً‬ ‫كالوضع العام‪ ،‬دخلت العائلة مذهولة؛ البنات يبكين‪ ،‬واألب يكتم دموعاً خلف وجهه‬ ‫المُحْ َم ِّر كلون الدم‪.‬‬ ‫«فار دمه من الحسرة»‪ ،‬تنَاق َل المشهد أناساً تهافتوا إلطفاء ألسنة النيران في المحلّ‪،‬‬ ‫إال إن آلهة المجوس التي خلقها البعض هناك‪ ،‬لم تترك خلفها ثوباً أو سترة‪ ،‬فقط زو َج‬ ‫جراب أسود‪ ,‬وجدا أسفل أحد الرفوف‪.‬‬

‫<<<‬ ‫اعتادت لينا أن ترتّب المالبس وتعيدها إلى أماكنها‪ ،‬ووالدها يكافئها بأن تختار‬ ‫قطعتين لها كل أسبوع‪ ،‬فتفعل‪ .‬أما هدى فتفضل النقود‪ ،‬تأخذ مبلغاً وتشتري كل مرة‬ ‫نظارة شمسية‪ ،‬أصبح لديها الكثير‪ ،‬تحب كثيراً شكلها على الوجه‪.‬‬ ‫وليد وحسن‪ ،‬التوأمان الشقيان‪ ،‬ال أحد يمنعهما من اللهو واللعب‪ ،‬وتدوير شماعة‬ ‫المالبس المتحركة‪ ،‬ما دفع والدهما بعد سقوط وليد وجرح رأسه إلى فتح غرفة للدمى‬ ‫ال عن العبث بالشماعات‪.‬‬ ‫ولُعب األطفال‪ ,‬حتى ينصرفا قلي ً‬ ‫أب��و وليد‪ ،‬محله هو عالمه‪ ،‬يقرأ المعوذتين كل صباح ويتذكر كيف ت��رك له والده‬ ‫ال صغيراً وسط البلد‪ .‬المحل بال بضاعة‪ ,‬واألرض بال زراع��ة‪ ,‬وعليه أن‬ ‫أرض��اً ومح ً‬ ‫يختار بينهما‪ .‬كانت التجارة تستهويه أكثر‪ ,‬ولوالها لما تعرف على شريكة حياته وأم‬ ‫أوالده جمانة‪ ،‬حين اشترت منه وشاحاً للعنق‪ ,‬لونه رمادي‪ ،‬كان يفضل لها الوردي ولكنها‬ ‫اختارت‪ ،‬كما أختارها هو وتزوجها في العام نفسه‪.‬‬ ‫صعد الدرج خطوة خطوة‪ ،‬واقترب يوماً من إشهار إفالسه‪ ،‬ألنه وسّ ع المحل‪ ،‬مقترضاً‬ ‫مبلغاً من أحد المصارف؛ تراكمت الديون‪ ,‬وباءت توقعاته بالفشل مع اشتداد المنافسة‪،‬‬ ‫قرر أن يبيع المنزل‪ ,‬لوال دعم زوجته وأشقائه‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫بعد شهر من ذلك اليوم‪ ،‬وبينما كان أبو وليد قرب‬ ‫ب��اع��ت ذهبها ك��ل��ه‪ ،‬وأخ��رج��ت بناتها م��ن مدارسهن‬ ‫الخاصة‪ ،‬واقتصدت في المنزل إل��ى أبعد ال��ح��دود‪ ،‬ال المدفأة‪ ،‬اقتربت زوجته منه واضعة يدها على رأسه‪:‬‬ ‫ينسى حين قالت له‪:‬‬ ‫ ال تقلق‪ ،‬اخوتك قاموا بالواجب‪ ،‬وم�لأوا المحل‬‫ سنبيع المنزل‪ ,‬ونسكن في بيت مستأجر لو شئت‪ .‬ببعض البضاعة‪ ،‬بداية ال ب��أس بها‪ ،‬وبالنسبة للجناة‪،‬‬‫تقشف واع��ت��دال‪ ،‬وبينها أو منها يتعلم فقد بلّغنا الرئيس‪ ،‬ووعَ د بكشف الجناة ومعاقبتهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫م��رت سنون‬ ‫الدروس‪ ،‬ويجني النقود‪ ،‬أصبح محله بعد عقد من الزمن‬ ‫لم يجب‪ ،‬وربما تمتم شتيمة‪ ،‬أدركت أن كل ما يتعلق‬ ‫أبرز محال المدينة‪ ،‬واألول في تجارة المالبس‪.‬‬ ‫بالمحل يؤلمه‪ ،‬قالت‪:‬‬

‫<<<‬ ‫صرخ أخوه‪:‬‬ ‫ زعران‪ ,‬يعتقدون أن البلد غابة‪ ،‬ونحن لقمة سائغة‪,‬‬‫سننتقم‪ ،‬جماعتنا ليست بالقليلة‪.‬‬ ‫ قال ال‪ ، ..‬ال‪ ..‬و«ال تزر وازرة وزر أخرى»‪.‬‬‫انهار فجأة ونقل إلى المستشفى‪ ،‬وفي اليوم الذي‬ ‫ت�لاه‪ ،‬م�لأت ص��ور محله المحترق ال��ج��رائ��د‪ ،‬ليس هو‬ ‫فحسب بل ثالثة اخرين‪.‬‬ ‫بوادر حرب أهلية‪ ،‬جو مشحون باالتهامات‪ ،‬ردات فعل‪..‬‬ ‫«اللعنة على تحليل الصحف ونشرات األخبار؛ الحرق‬ ‫حرق‪ ،‬والقتل قتل»‪ ،‬قالت هدى أيضا بغضب‪:‬‬ ‫ أصبحوا يشتبهون بمن يتقارب مع الفصيل الحاكم‪،‬‬‫ويحسبونه عليهم‪..‬‬ ‫جدال في رواق المستشفى بانتظار االطمئنان على‬ ‫صحة األب‪.‬‬

‫ ابنتك لينا نالت الدرجة الرابعة‪ ،‬تراجع بسيط بعد‬‫ما مررنا به في الشهر الماضي‪.‬‬ ‫حينها قال‪:‬‬ ‫ لسنا سياسيين وهكذا يحدث لنا‪ ،‬فكيف لو كنا‪،‬‬‫ليتهم هم من فعلوا‪.‬‬ ‫سألت‪ :‬تقصد المحتل؟‬ ‫أجاب‪:‬‬ ‫ كنت سأواسي نفسي‪ ،‬كنت سأتفهم‪.‬‬‫همست في أذنه‪:‬‬ ‫ ص��ح��ي��ح‪ ،‬نقتل بعضنا ب��ع��ض��اً‪ ،‬رب��م��ا ال نستحق‬‫الدولة؟‬ ‫ ق��ال‪« :‬سقى الله» اي��ام زم��ان‪ ،‬كنا إخ��وه‪ ،‬أم��ا اآلن‬‫فنحن اإلخوة األعداء!‬

‫تمنّى مع زوجته عودة الماضي بقتامته وظلمه‪ ،‬حيث‬ ‫خرج الطبيب متجهماً‪ ،‬تجهماً جعل الطفل حسن يبكي الحاكم المحتل القاسي‪ ،‬يحكمهم بقوانينه العنصرية‪.‬‬ ‫لساعات‪ ،‬ويبكي أيضاً كلما أدرك أن والده أضحى عاجزاً‬ ‫نظر إلى السماء‪ ،‬وكأنه أحس بخطأ ما‪ ،‬استغفر الله‬ ‫عن حمله وإلقائه في الهواء‪ ،‬أصبح يكتفي بالجلوس في مرتين‪.‬‬ ‫أحضانه على كرسي العجالت‪.‬‬ ‫وقبل أن يكمل المرة الثالثة‪ ،‬قرأ على شريط األخبار‪:‬‬ ‫<<<‬ ‫«مقتل طفل في اشتباك فصائلي»‪.‬‬ ‫< «سقى الله»‪ :‬تعبير يستخدم للترحم على أيام زمان‪.‬‬ ‫<< كاتبة وصحافية ‪ -‬فلسطين‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪41 1428‬‬


‫نصوص قصصية‬ ‫> فهد اخلليوي‬ ‫تجري في السماء‪ .‬هب لمطاردتها‪ ،‬وعندما شعر بالهزيمة‪،‬‬ ‫(إبادة)‬ ‫حرك جسده الضامر‪ ..‬فتح بيديه المرتعشتين خزانته‪ ،‬أدرك أن هذه سحابة وليست طريدة!‬ ‫المثقلة بأقفال صدئة‪ ,‬ق��رأ أوراق���اً نسخت بمداد زمنه‬ ‫تدفق قليل من غيث السحابة‪ ،‬على قمة الجبل‪.‬‬ ‫اآلفل‪ ..‬تذكّر ضحاياه وكأنهم طيور متوحشة‪ ،‬تهبط فوق‬ ‫أسدل الصقر جناحيه‪ ،‬وعاد لغفوته من جديد‪.‬‬ ‫روحه المتالشية!‬ ‫شعر بهمود ذهنه‪ ،‬ونفور عروقه‪ ,‬وقرقعة عظامه‪.‬‬

‫(سطور من تراث الوأد)‬

‫تحلقوا حول المدفن‪ ..‬خرج من بين الجمع رجل يحمل‬ ‫فأساً‪ ،‬وطفق يحفر في األرض‪.‬‬

‫نشطت حشرة اإلب��ادة‪ ،‬وأنجبت ساللتها المدمرة في‬ ‫رب��وع بيته الكبير‪ .‬قاومها بكل مقتنياته الفتاكة‪ ,‬انهارت‬ ‫مقاومته أمام الزحف الكاسح للحشرة‪ .‬توغلت الحشرة في‬ ‫اجتثت الفأس جذور أعشاب صغيرة‪ ،‬جفت فوق أكوام‬ ‫بطون الجدران ودلقت عناصر اإلبادة في كل زوايا البيت‪ .‬التراب‪ ،‬وتبعثرت بفعل الرياح‪.‬‬ ‫أطل عبر النافذة إلى بهو بيته الكبير‪ ,‬كان البهو يغرق في‬ ‫اصطفوا على شكل دائرة‪ ،‬أشهروا سيوفهم وبنادقهم‪،‬‬ ‫لزوجة صفراء والحشرة تسبح في تلك اللزوجة‪ ،‬تلتصق‬ ‫وأطلقوا أعيرة نارية في الفضاء‪.‬‬ ‫بجسدها القاتم اثداء مملوءة بسوائل نتنة‪.‬‬ ‫رقصوا على قرع الطبول‪ ,‬تمايلوا ج��ذالً‪ ،‬ثم انطلقت‬ ‫انتشر فحيح الحشرة‪ ،‬وف��اض��ت اللزوجة ف��ي أرجاء‬ ‫صرخة مدوية‪:‬‬ ‫المكان‪.‬‬ ‫تحسس نبض عروقه وصرخ‬ ‫‪ -‬كياني يحترق!‬

‫‪ -‬ادفنوها!‬

‫ارتدى جسدها الشفيف كفناً منسوجاً من عروق ليل‬ ‫طويل‪ .‬شعّت من روحها ومضات عذاب تليد‪.‬‬

‫تسلقت سالالت الحشرة أبدان حاشيته‪ ،‬وأخذت إحدى‬ ‫زوج��ات��ه تعوي م��ن قسوة داء ال��ج��رب‪ ,‬وعصف (الدرن)‬ ‫بأطفاله وفلول خدمه‪.‬‬

‫امتصتها العتمة‪ ..‬دلفت إلى مهرجان موتها‪ ،‬وتقاطرت‬ ‫أنوثتها شموساً وأناشيد‪.‬‬

‫حدق بالشمس وترجرج دمع آسن في قاع عينيه أسلمه‬ ‫إلى ظالم دامس‪.‬‬

‫أومض طيفها من خاليا الصمت‪ ،‬وساد سكون مهيب‬ ‫في ساحة المقبرة‪.‬‬

‫ انه الفناء‪.‬‬‫قال ذلك واستسلم لعواء طويل!!‬

‫(مكابدة)‬ ‫على قمة جبل ش��اه��ق‪ ،‬اس��ت��ف��اق الصقر م��ن إغفاءة‬ ‫قصيرة‪.‬‬

‫انصرف الجمع عند حلول المساء‪.‬‬ ‫كانوا يلوحون برايات س��وداء‪ ،‬ويحملون فوق كواهلهم‬ ‫ال حالكاً‪ ،‬وسالسل غليظة‪ ،‬وبقايا وأد قديم!‬ ‫لي ً‬

‫(صحراء)‬

‫طوّق خصره بحزام ذخيرته‪ ،‬وحمل بندقيته متجهاً نحو‬ ‫نفض جناحيه األسودين‪ ،‬رأى سحابة مكللة بالبروق‪ ،‬الصحراء‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫كانت أصداء الصحراء‪ ،‬تجسّ د وحدته‪ ،‬وتشعره بتفرّده رياح عاتية‪ ,‬ودكت سكونها‪ ،‬وبدلت أزمنة بأزمنة وأنماطاً‬ ‫كقناص ماهر‪.‬‬ ‫بأنماط ‪.‬وأوضحت تلك الكتب أن بعض الرياح تجري في‬ ‫شاهد عن بعد غزالة ش��اردة‪ ،‬وصمم على اقتناصها الفضاء الشاسع‪ ،‬وتمتزج بالبروق واألنواء والنيازك‪ ,‬وتنسج‬ ‫مفاصل التاريخ‪ ،‬وتبدل رونق الطبيعة‪ .‬ولكل ريح في ممالك‬ ‫بأسرع وقت ممكن‪.‬‬ ‫السماء فلك ومدار‪.‬‬ ‫لكن ذئباً شرساً‪ ،‬لم يكن ضمن حساباته كان كامناً عند‬ ‫إزداد هيام الناس بالتقاط أخبار الرياح من كل منفذ‬ ‫جبل قريب قلب موازين المعركة‪ ،‬قرر على الفور تصفيته‪.‬‬ ‫متاح‪.‬‬ ‫دارت معركة خاطفة بينه وبين الذئب انتهت بمقتل‬ ‫بعض المهتمين عاد به البحث الى أزمنة سحيقة‪ ،‬وروى‬ ‫خصمه بزخات من الرصاص أطلقها من فوهة بندقيته‪.‬‬ ‫أن للرياح أساطيرها وطقوسها وهي تضرب في أعماق‬ ‫بفعل دوي ال���رص���اص‪ ،‬ه��رب��ت ال��غ��زال��ة م��ذع��ورة إلى البحار‪ ،‬وتجتاح الصحاري‪ ،‬وتدك أقوى الحصون‪ ,‬وتهزم‬ ‫مجاهل الصحراء ولم يعد يرى لها أثرا‪.‬‬ ‫أعتى األباطرة‪ ,‬وتحيل الساكن الى متحرك والثابت الى‬ ‫رماد‪ .‬وحكى ال��راوي أسطورة القرية التي نسفتها الرياح‬ ‫(رياح)‬ ‫عن بكرة أبيها‪ ,‬ولم ينج من أهلها سوى بضعة رجال ونساء‬ ‫ل��م تعهد المدينة تلك ال��ري��اح التي أزّت بعنف قرب تناسلوا عبر االزمنة وأع��ادوا بناء القرية بأنساق جديدة‬ ‫شواطئها ‪ ,‬مماّ اضطر أمن السواحل إلصدار تحذير عن بعد أن هبت عليهم رياح؛ حملت أمطاراً غزيرة جلبتها من‬ ‫خطورة ارتياد البحر‪.‬‬ ‫سماء بعيدة‪ ،‬وارتوت بعد هطولها األرض‪ ،‬وأينعت السنابل‪،‬‬ ‫وردت اخ��ب��ار م��ن محيطات بعيدة تفيد أن المدينة وتكاثر النسل‪ ،‬وأقيمت أألعراس‪ ،‬وأضيئت الشموع في كل‬ ‫ستمنى برياح أشد‪ ,‬وأكد فلكيون انتقال الرياح من البحر دار وسابلة‪.‬‬ ‫إلى قلب المدينة‪.‬‬ ‫وص��ل��ت ال���ري���اح إل���ى وس���ط ال��م��دي��ن��ة‪ ،‬وأخ����ذ أزيزها‬ ‫كان سرب من الطيور يغرد فوق البحر‪ ,‬ثم دفعته شدة يصطخب‪ ،‬ويصل إلى أطرافها القصية‪.‬‬ ‫الرياح للتحليق بعيداً باتجاه الصحراء‪.‬‬ ‫انطوى اليوم األول من مجيء الرياح بعد أن حاصرت‬

‫أقفرت الشواطيء ‪ ,‬بعد أن هجرها الناس‪ ،‬وضلوا فى المدينة من الجهات كلها‪.‬‬ ‫بيوتهم‪ ،‬وج ّل أحاديثهم تدور عن الرياح‪.‬‬ ‫�لا ي��ن��م عن‬ ‫ت��ع��ام��ل ال��ن��اس م��ع ظ��اه��رة ال���ري���اح‪ ،‬ت��ع��ام ً‬ ‫قال كهل يقطن شرق المدينة ‪« :‬ليس في اليد حيلة‪ ،‬االس��ت��س�لام لألمر ال��واق��ع‪ ،‬وص��در ع��ن مرصد المدينة‪،‬‬ ‫توضيح أفاد أن المدينة لم تتعرض طوال تاريخها إلى رياح‬ ‫إنها الرياح «‪.‬‬ ‫ازدحمت سحب كثيفة في السماء‪ ,‬وكأنها تنذر بحدوث في مثل هذه القوة والتأثير!‬ ‫تضرع اآلباء واألمهات إلى الله أن تصبح هذه الرياح‪،‬‬ ‫ش��ىء م��ا؛ لكن بعضهم رجّ ��ح أنها مجرد أم��ط��ار غزيرة‪،‬‬ ‫فواتح خير ومحاصيل بركة ورحمة‪ ،‬وأن يحمي المدينة من‬ ‫ستدفع بها الرياح إلى أماكن أخرى‪.‬‬ ‫استبد شغف لدى الناس بتقصي كل ما يتصل بمعرفة شرورها وعواصفها المتقلبة‪.‬‬

‫ال���ري���اح‪ ,‬وت��وص��ل ب��اح��ث��ون إل���ى أن كلمة ري���اح ه��ي أكثر‬ ‫المفردات إنتشارا في الكتب المقدسة وفي معاجم األمم‬ ‫القديمة والحديثة‪ .‬كما أن الكتب المهتمة بتاريخ الرياح‬ ‫أش��ارت إلى أن مدناً مشتتة في أصقاع العالم اجتاحتها‬

‫كان القلق يرتسم على المالمح خوفاً من انهيار البيوت‬ ‫والصروح واألعمدة‪ ،‬سيما وأن المدينة بنيت على النسق‬ ‫القديم ذي الطبيعة العشوائية‪ ،‬وربما تصبح في مرمى‬ ‫الخطر المحدق‪ ،‬أمام هول الرياح وضراوتها‪.‬‬

‫< قاص من السعودية ‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪43 1428‬‬


‫الذي كان حرا ً‬ ‫> محمد سعيد الريحاني‬

‫<‬

‫«عندما يضطر األمير إلى سلب إنسان حياتَه‪ ،‬عليه أن يتوخى المبرر الصالح‬ ‫والسبب الواضح لذلك؛ ولكن عليه‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬أن يمتنع عن سلب اآلخرين‬ ‫ممتلكاتهم؛ إذ من األسهل على اإلنسان‪ ،‬أن ينسى وفاة والده‪ ،‬من أن ينسى ضياع‬ ‫ارثه وممتلكاته‪ .‬ويضاف إلى هذا أن المبررات لمصادرة الممتلكات‪ ،‬متوافرة‬ ‫دائماً! وكل من يبدأ في الحياة على النهب والسلب‪ ،‬يجد مبرراً لسلب اآلخرين ما‬ ‫يملكون‪ ،‬بينما أسباب القضاء على حياتهم أكثر ندرة وأسرع زواالً»‪.‬‬ ‫«األمير»‪ ،‬لنيقوللو ميكافيلي‬ ‫ترجمة‪ :‬د‪ .‬فاروق سعد‪( ،‬ص‪.)145 :‬‬ ‫وجدت نفسي أمد يدي للمصافحة وأنا أبتسم لهذا الوجه المنبعث من أعماق‬ ‫ذاكرتي‪:‬‬ ‫ تصور نلتقي أخيراً‪ ...‬في مخفر شرطة؟!‬‫يدي ممدودة في الهواء‪...‬‬ ‫أتراه لم يعرفني؟!‬

‫‪44‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫أتراه يتحفظ ؟!‬ ‫وكان يؤمن بأن االنسان الحر هو الذي يستطيع أداء‬ ‫أدواره بإتقان واختيار السلوك المناسب للظرف‬ ‫لماذا؟!‬ ‫ال��م��ن��اس��ب؛ ك��ي ي��ك��ون سيد ال��م��واق��ف ال��ت��ي تفرض‬ ‫أخوفاً من رجال األمن الذين يعبرون الممر بال عليه‪...‬‬ ‫انقطاع متأبطين الملفات والمتهمين؟‪...‬‬ ‫ والمسرح؟ أال زلت تمارس‪...‬؟‬‫يدي‪ ،‬دائما‪ ،‬ممدودة في الهواء‪...‬‬ ‫لم أعهده صامتاً هكذا‪..‬‬ ‫ب����������������ادل����������������ت‬ ‫ك���ان ثرثاراً‪..‬‬ ‫ال�����م�����ص�����اف�����ح�����ة‬ ‫س��������������اح��������������راً‪..‬‬ ‫ال��م��ع��ل��ق��ة بربتة‬ ‫ش��ي��ط��ان��اً‪ ،‬يدخل‬ ‫على كتفه‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫قلوب الفتيات من‬ ‫ األي��ام مرت‬‫آذانهن‪.‬‬ ‫بسرعة‪...‬‬ ‫ وال���ن���س���اء‪،‬‬‫ثم‪:‬‬ ‫هل‪...‬؟‬ ‫ ج���ئ���ت هنا‬‫ذوي انفجار‬ ‫ل���ط���ل���ب ش����ه����ادة‬ ‫آدم��������ي وصليل‬ ‫حسن السلوك‪...‬‬ ‫األصفاد في كعي‬ ‫مخاطبي وفرقعة‬ ‫وال تأثير‪...‬‬ ‫الشتائم والسباب‬ ‫ أال زل����ت‬‫ف�����وق رأس�������ي‪...‬‬ ‫تكتب الشعر؟‬ ‫ال���ج���رح الملتئم‬ ‫وال كلمة‪....‬‬ ‫على ف��ك الرجل‬ ‫ف������������وق رأس���������ي‬ ‫ك�����ان صاحب‬ ‫ي���ح���ت���ق���ن دم�������اً‪،‬‬ ‫أجمل صوت أيام‬ ‫وحاجباه الكثيفتان تختلطان فوق عينيه الغاضبتين‪..‬‬ ‫الثانوية‪:‬‬ ‫وأج��د نفسي تحت كائن يتحول بضربات فرشاة‬ ‫ لعلك تفرغت للغناء‪...‬‬‫خفية إلى تشكيالت مخيفة‪ ،‬تسحبها من خلف عنق‬ ‫لم يكن أبداً بارداً لهذا الحد‪...‬‬ ‫القميص قبضات أهل المكان بعيداً‪ ..‬بعيداً إلى‬ ‫كان ممث ً‬ ‫ال نشيطاً وبارعاً؛ يستطيع أداء أكثر من الظالم‪ ،‬حيث يغيب الرجل الحر والغضب وبقية‬ ‫دور في مشهد واح��د‪ ،‬بأصوات وانفعاالت متباينة؛ الكالم‪.‬‬ ‫< قاص وباحث من المغرب‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪45 1428‬‬


‫يوميات ناقل أسرار‬ ‫عصام أبو زيد‬

‫<‬

‫القسم األول‬ ‫ليلة السبت ‪ 21‬من نوفمبر‬

‫فصل من رواية‬ ‫‪46‬‬

‫أي َن أنتَ اآلن؟‬ ‫أرس ْل لي شيئاً عن موقعك في الكون‬ ‫المجرة السادسة والثالثون تغمرها أمطار من حزن كثيف‬ ‫يقولون إن كتيبة الفرسان انطلقت لتنقذ ما يمكن إنقاذه‬ ‫القائد اسمه أحمد‬ ‫على جبهته بصلة خضراء (مرسومة بالطبع)‬ ‫إذا رأيتَ الكتيبة من موقعك أخبرهم أن يسرعوا‬ ‫التأخير ليس في مصلحة أحد‬ ‫الكارثة ستشمل الجميع‬ ‫كتبتُ ه��ذه الرسالة‪ ،‬وأرسلتها بالبريد اإللكتروني إل��ى صديقي الشاعر ياسر‬ ‫عبداللطيف؛ فهو يحب مثل هذه الرسائل الكونية‪ ،‬ويحب أكثر مجانين العصور الوسطى‬ ‫في أوروبا! لكن عشقه األكبر للشارع رقم (‪ )9‬بضاحية المعادي في القاهرة‪.‬‬ ‫القاهرة اآلن اختفت‪ ..‬لم تعد موجودة‪.‬‬ ‫ربما نقلوها إلى مكان آخر‪ ،‬أو صنعوا بديال عنها‪ ،‬وفق أحدث برامج الكمبيوتر‬ ‫في تصنيع المدن‪ ،‬وما نراه اآلن هو النسخة التجريبية من البرنامج‪ .‬قاهرة جديدة‪..‬‬ ‫ولكن ما زال «حمار الحاكم بأمر الله» يتجول في شوارعها ويستريح أمام مقاهيها‪ .‬وها‬ ‫هو الوزير برجوان (المخصي) يبحث عن مواله‪ ،‬الذي تعب في تربيته وتعليمه وأطلق‬ ‫عليه‪ -‬في السر‪ -‬لقب «السحلية»!‬ ‫بعد قليل‪ ،‬ستبدأ مراسم تتويج خليفة جديد للمسلمين‪ ،‬بعد وفاة الخليفة الوالد‪.‬‬ ‫نعم يا قوم‪ ،‬الخليفة الجديد عمره (‪ )12‬سنة‪ ،‬وهو يختبئ اآلن بين غصون شجرة تين‬ ‫عجوز وعمالقة‪ .‬يقول الرواة إن الخوف قد ركب عقل الصغير‪ .‬أما السيدة الغامضة‪،‬‬ ‫والملفوفة في ثوب أسود‪ ،‬فتقول‪ :‬هذه عالمات وإشارات عن مستقبل باهر‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ لو سمحت يا موالي‪ ،‬انزل عن الشجرة؛ فالناس‬‫ينتظرونك‪ ،‬منذ الصباح الباكر‪ ،‬في الميدان الكبير‪..‬‬ ‫هكذا تكلم الوزير برجوان‪ ،‬ثم سكت عن الكالم‪.‬‬ ‫ونز َل الصبي‪ ..‬الكائن الوحيد الذي أعجبه ما حدث‬ ‫وكان مختفياً وسط الزحام؛ لكن ضحك ًة عالي ًة انفلتت‬ ‫منه‪ ،‬كشفت عن شخصية فريدة أهملها التاريخ‪ ..‬إنها‬ ‫اآلنسة تغريد‪..‬‬ ‫تعيش تغريد في منطقة شعبية‪ ،‬يطلقون عليها (بين‬ ‫السرايات)‪.‬‬ ‫يشتهر سكان ه��ذه المنطقة بالسفر عبر الزمن‪.‬‬ ‫وشعارهم المكتوب فوق كل باب‪( :‬هذا الزمن ملعون في‬ ‫أساسه‪ ..‬يعني زمن ابن حرام)‪ .‬وهذا – بالطبع‪ -‬أمر‬ ‫مكروه؛ ألن الحديث القدسي يقول‪ :‬ال تلعنوا الدهر فإن‬ ‫الدهر مني‪ .‬أما والدة تغريد فقد ماتت‪ ،‬ووالدها أيضاً‪.‬‬ ‫واآلنسة تعيش اآلن مع جدتها ألبيها‪ ،‬وهي امرأة ضا َع‬ ‫بصرها‪ ،‬وال تسمع غير صوت المؤذن عند كل صالة‪،‬‬ ‫فتحم ُد الله على كل حال‪ ،‬وتقول غداً سأصلي!‬ ‫تغريد حبيبة قلب الحاكم بأمر الله (‪ )...‬تحبه‬ ‫بجنون‪ ،‬ثم تنساه بعد دقائق من انصرافه عنها‪ .‬اآلنسة‬ ‫مشغولة بالبحث ع��ن ش��رائ��ح ع��ازل��ة‪ ،‬عالية الكفاءة‬ ‫ومقاومة للجذور‪ ،‬ومصنّعة خصيصاً لعزل المساحات‬ ‫المزروعة على األسطح والشرفات‪ .‬فهي ترغب في‬ ‫زراع��ة أن��واع من األعشاب الطبية النادرة فوق سطح‬ ‫منزلهم‪ .‬ثم تقوم ببيع تلك األعشاب إلى شركات األدوية‬ ‫العالمية‪ ،‬وتحقق حلمها في الثراء السريع‪ ،‬وبعيداً عن‬ ‫أنف الحبيب الحاكم وقلبه‪.‬‬ ‫تنهض ت��غ��ري��د ف��ي ال��ص��ب��اح وت��ب��ح��ث ع��ب��ر شبكة‬ ‫اإلن��ت��رن��ت عما ت��ري��د‪ .‬وه��ا ه��ي وج���دت مبتغاها في‬ ‫موقع شركة بيتونيل‪ ،)www.bitunil.com( :‬المنتج‬ ‫الذي تقدمه الشركة يحمل اسم ((بيتوجاردن)) وهو‬ ‫شرائح عازلة من البيتومين المعدل بالـ (‪ .)APP‬وتؤكد‬ ‫صنعت من مكونات غير ضارة‬ ‫الشركة أن منتجاتها ُ‬ ‫بالبيئة واإلنسان؛ وعليه‪ ،‬فإن المنتج آمن لالستخدام‪،‬‬ ‫وليست له أضرار أثناء جميع مراحل اإلنتاج والتركيب‬ ‫واالستخدام‪ .‬وتقول الشركة إن شرائح ((بيتوجاردن))‬ ‫صممت خصيصاً لمقاومة اختراق الجذور؛ وقد تم‬ ‫ُ‬

‫تحسين ه��ذه الخاصية بإضافة بعض الكيماويات‬ ‫الخاصة إلى المركب البيتوميني‪ ،‬والتي تعطي الغشاء‬ ‫القدرة على مقاومة االختراق بواسطة الجذور‪ ،‬دون‬ ‫أن تتأثر خصائصه األساسية الفائقة لعزل الماء‪ .‬كما‬ ‫يتميز ((بيتوجاردن)) بعدم القابلية‪ ،‬لتكون الفطريات‬ ‫أو البكتريا في المجال المحيط به‪ .‬ونظراً لمواصفات‬ ‫((بيتوجاردن)) الخاصة‪ ،‬فإنه يستخدم في تطبيقات‬ ‫ع��زل المساحات ال��م��زروع��ة على األس��ط��ح (الروف‬ ‫ج��اردن)‪ ،‬وأح��واض الزهور والشرفات وكافة أعمال‬ ‫ال��ع��زل ال��م��ع�� ّرض��ة الخ���ت���راق ال���ج���ذور‪ .‬وي��ت��م تركيب‬ ‫(بيتوجاردن) باستخدام الباشبوري‪ .‬ويجب تجهيز‬ ‫السطح المراد عزله حتى يكون نظيفاً‪ ،‬جافاً‪ ،‬مستوياً‬ ‫وخالياً من أية نتوءات‪ .‬ويتم تركيب شرائح (بيتوجاردن)‬ ‫إما بنظام اللصق الكامل أو اللصق الجزئي أو اللصق‬ ‫ال��ح��ر‪ ،‬وف��ق��اً لمتطلبات ن��ظ��ام ال��ع��زل‪ .‬ول��م��زي��د من‬ ‫المعلومات يمكن الرجوع إلى دليل «بيتونيل» لتركيب‬ ‫الشرائح العازلة‪.‬‬

‫ليلة األحد ‪ 20‬من نوفمبر‬

‫(نصيبي ه��و ال����رب‪ ،‬م��ن أج���ل ذل���ك ق��ال��ت نفسي‬ ‫أرجوه)‪.‬‬ ‫األرملة القبطية تبكي زوجها الراحل؛ لكنها تناديني‪:‬‬ ‫يا حبيبي‪ ،‬وتضحك‪« .‬ضحكتها أنغام وورود»‪ ،‬مثلما قال‬ ‫نزار قباني‪.‬‬ ‫ف��ي ال��ع��م��ل ‪ 65‬ف��ي ال��م��ائ��ة م��ن ال���زم�ل�اء ه��م من‬ ‫األقباط‪ .‬المديرة التي تشرف على عملي تحمل اسم‬ ‫آلهة الخصب في مصر القديمة (إيزيس)‪ ..‬مديرة طيبة‬ ‫وحنون‪ ..‬صنعت من أجلي شرائح الكيك بالشيكوالته‪،‬‬ ‫وأوصتني أن أهتم برعاية أمي‪ .‬كأنك يا (إيزيس) أمي‪،‬‬ ‫وابنك رفيق أخي األصغر‪ ،‬الذي سأحكي له عن القائد‬ ‫أحمد وكتيبة الفرسان‪.‬‬ ‫تبدأ الحكاية في يوم من أيام شهر رمضان‪..‬‬ ‫كان رصيف محطة القطار مزدحماً – قلبي سيتمزق‬ ‫بعد قليل – والساعة تقترب من الثانية بعد الظهر‪.‬‬ ‫فجأة‪ ،‬دخ��ل إل��ى الرصيف ش��اب جميل الطلعة‪ ،‬كأنه‬ ‫ال في الوفاء والكرم ونجدة‬ ‫قادم من حفل تتويجه بط ً‬ ‫اآلخرين‪ ..‬ابتسامته نور في وجهه‪ ،‬وعيناه روضتان من‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪47 1428‬‬


‫رياض الجنة‪.‬‬ ‫ال يتذكر أح��د م��ا ح��دث بعد ذل���ك‪ ،‬فقد سقطت‬ ‫خمس دقائق من شريط الزمن‪ ،‬لكن الخبر السعيد‬ ‫وصل اآلن‪ :‬تحوّل الشاب إلى كائن شفاف يقهر قوانين‬ ‫الجاذبية ويطير!‬ ‫الرجل الذي شاهد المعجزة‪ -‬قبل اآلخرين‪ -‬أطلق‬ ‫عليه اسم القائد أحمد؛ ألنه رأى كذلك مجموعة من‬ ‫البشر الطائرين‪ ،‬تلحق به وتحلق معه عالياً في الفضاء‪،‬‬ ‫فصاحَ‪ :‬هذه هي كتيبة الفرسان يا أحمد‪ ،‬وما دمت في‬ ‫المقدمة‪ ،‬فأنت القائد‪.‬‬ ‫حكاية تخلو من التفاصيل‪ ،‬ألنها حكاية مؤلمة‪..‬‬ ‫حكاية كل شهيد‪.‬‬ ‫أحمد يا أخي‪ ..‬يا أغلى قطعة في قلب أمي‪.‬‬ ‫«بسنت» و»زه��وة» طفلتاك الرائعتان تجمعان قلبي‬ ‫ال��ذي تمزق‪ ،‬وتكشفان عن مشاعر أب��وّة وحنان‪ ،‬كنت‬ ‫أجهلها ف��ي ن��ف��س��ي‪ ..‬أن��ا إن��س��ان ج��دي��د‪ ..‬وم��ا أغلى‬ ‫الثمن‪.‬‬

‫الساعة ‪ 2:41‬من ظهيرة يوم األحد‬

‫هل من ال��ض��روري يا وليد ع�لاء الدين أن تكون‬ ‫يومياتي شهادة على العصر؟‬ ‫ستكون‪ ،‬لكن بطريقتي الخاصة‪ ..‬طريقة الدجاجة‬ ‫تبيض ذهباًَ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ذه��ب��تُ إل��ى المركز الثقافي‪ ،‬وس��أل��تُ ع��ن دورات‬ ‫تعليم التجارة اإللكترونية‪ ..‬كان الموظف قاعداً على‬ ‫األرض‪ ،‬ويقرأ كتاباً بعنوان‪« :‬أزمة المسلم المعاصر»‪..‬‬ ‫مثل ه��ؤالء الموظفين‪ ،‬ال تبحث عن تفسير ألفعالهم‬ ‫الغريبة‪ ..‬كانت الغرفة ممتلئة بالكراسي الفارغة‪،‬‬ ‫لكن الموظف اختار أن يقعد على األرض‪ ،‬وأخبرني‬ ‫من مكانه أن دورات التجارة اإللكترونية جميعها كاملة‬ ‫العدد‪.‬‬ ‫ الدورات هنا تذكرني بدورات المياه ‪-‬‬‫خطيبتي اتصلت بالتليفون‪ ،‬وقالت ألمي إن أعصابها‬ ‫احترقت؛ ألني لم أذهب اليوم إلى العمل‪ .‬وقالت أيضاً‬ ‫في يوم عيد ميالدي‪ :‬مع تمنياتي لكَ ب��دوام الصحة‬ ‫والستر وراحة البال‪.‬‬ ‫طيبة خطيبتي‪ ،‬ومتفهمة لكل األمور؛ لكنهم يقولون‬

‫‪48‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫إنها عندما تغضب تتحول إل��ى‪ ...‬وأع��ود إل��ى اآلنسة‬ ‫تغريد‪ ،‬حبيبة قلب الحاكم بأمر الله‪.‬‬ ‫نجحت اآلنسة في زراعة األعشاب الطبية النادرة‬ ‫ف��وق سطح منزلها‪ ،‬وتنتظر ال��وق��ت المناسب لجمع‬ ‫ال��م��ح��ص��ول‪ .‬وف��ج��أة‪ ،‬دخ��ل عليها ال��ح��اك��م ب��أم��ر الله‬ ‫غاضباً ينطلق ال��ش��رار م��ن عينيه؛ فسقطت اآلنسة‬ ‫على األرض‪ ،‬وماتت على نفسها من ش��دة الضحك‪.‬‬ ‫سألها الحاكم‪ :‬أين الرجل األجنبي الذي يعيش معك‬ ‫يا فاجرة؟ سأقتله‪ ..‬بل سأنزع أوالً خصيتيه مثلما فعل‬ ‫أبي مع الوزير برجوان‪..‬‬ ‫سامحوني سأتوقف اآلن؛ فقد دخل أحد األشخاص‬ ‫على (الماسنجر) وي��ري��د أن يتحدث م��ع��ي‪ ..‬شخص‬ ‫حكيم كنت أعرفه في الماضي‪.‬‬

‫قبل منتصف الليل بـ ‪ 16‬دقيقة‬

‫انتهى عصر القلم والورقة‪..‬‬ ‫الكتابة المباشرة على الكمبيوتر قفزة‪ ،‬تنقل الخيال‬ ‫معها إلى آفاق النهائية‪..‬‬ ‫اإلنترنت يدفعني إلى الجنون‪ ..‬أنا مجنون اإلنترنت‪..‬‬ ‫هنا أصن ُع ذاتي‪..‬‬ ‫يمكنكم أن تسهموا في ه��ذه الصناعة‪ ،‬عبر هذا‬ ‫اإليميل‪)Marco72eg@yahoo.com( :‬‬ ‫انتظر رسائلكم‪.‬‬ ‫يسألني عبدُالله‪ :‬لماذا ال أحاول تصميم موقع‪ ،‬ثم‬ ‫أرفعه إلى سماء الشبكة العالمية؟‪ ..‬برنامج تصميم‬ ‫المواقع في نسخته المعربة متوافر‪ ..‬مبدئياً‪ ،‬انتهيت‬ ‫من تصميم موقع عن القائد أحمد‪ ،‬وستجدونه قريباً‬ ‫على هذا الرابط‪)www.alkaedahamad.com( :‬‬ ‫الشيء األهم هو أنني أسعى حالياً إلى تعلّم برنامج‬ ‫(الميتاستوك)‪ ..‬وهو برنامج متخصص في التحليل‬ ‫الفني لحركة األس��ه��م ف��ي ال��ب��ورص��ة‪ ..‬ق���راءة مؤشر‬ ‫السهم مهمة بالنسبة لنا‪ ،‬ونجلب ألجلها أمهر الخبراء‪.‬‬ ‫ه��ك��ذا ق���ال ال��م��ه��ن��دس س��ل��ي��م��ان‪ ،‬م���ن ش��رك��ة (نجد)‬ ‫للصناعة واالستثمار‪ ،‬في اتصاله التليفوني معي‪ ،‬في‬ ‫العاشرة صباحاً‪ .‬وفي العاشرة كانت حركة التصويت‬ ‫في انتخابات الرئاسة المصرية بطيئة‪..‬‬


‫عصر يوم من األيام‬

‫يوم راكد‪..‬‬ ‫أنفاس خرجت وع��ادت‪ ..‬ال أحد في العمل يعرف‬ ‫حقيقة ما أحمله في صدري‪ ..‬أكرههم جميعاً‪ ،‬وأتمنى‬ ‫أن يلقوا مصرعهم في انفجار قنبلة‪ ،‬أو سقوط طائرة‪،‬‬ ‫فوق سطح المبنى الحكومي‪ ..‬ذكريات طائرات الحادي‬ ‫عشر من سبتمبر تفتح في قلوبنا باباً للفرحة‪ ،‬لم يكن‬ ‫موجوداً‪ ..‬انتصرنا على أميركا وسحقناها!‬ ‫ال أدري كيف نفكر هكذا؟! لكن أميركا هي السبب‪..‬‬ ‫أميركا شيطان العصر الحديث‪.‬‬ ‫لو كان الحاكم بأمر الله منتبهاً لما يحدث‪ ،‬ألصدر‬ ‫تعليماته بمنع التفكير في هذا الموضوع سواء بالخير‬ ‫أو الشر‪.‬‬ ‫لكن أين الحاكم؟!‬ ‫خر َج ولم يعد‪..‬‬ ‫طردته اآلنسة تغريد من منزلها‪ ،‬بعد اتهامه لها‬ ‫بالخيانة‪.‬‬ ‫موضوع أحمق وعبيط هذا الذي يسمونه الحُ ب‪.‬‬ ‫ليلة من ذات الليالي‪..‬‬ ‫لو كان صوتي جميالً‪..‬‬ ‫يغلبني حزني‪ ،‬لكني أتشجّ ع وأقاوم‪ ..‬رأيتُ باألمس‬ ‫القائد أحمد ف��ي (ال��م��ول) ال��ت��ج��اري يشتري دراجة‬ ‫أطفال زرق��اء‪ ..‬سألته‪ :‬لمن تشتري هذه الدراجة يا‬ ‫قائد؟‬ ‫تركني وانصرف‪.‬‬ ‫تقول األرم��ل��ة القبطية إن ال��ش��ه��داء ف��ي اإلسالم‬ ‫أحياء‪ ،‬عند ربهم يرزقون‪.‬‬ ‫قلبها يعاني من مشكالت‪ ،‬ونسأل عنها إذا غابت‬ ‫عن العمل‪ ،‬ونقلق‪ ..‬يا سيدة األقباط ال ترحلي‪ ..‬نحن‬ ‫نحتاج إل��ي��ك‪ ..‬الحياة م��ن بعدك ستفقد اإلحساس‬ ‫بالجمال والرشاقة‪..‬‬ ‫ان��س��د ح���وض ت��ص��ري��ف ال��م��ي��اه ف��ي ش��ق��ة العانس‬ ‫الجميلة‪ ..‬جميلة وبعيون عسلية‪ ،‬وعودها أحلى من‬ ‫عود راقصة باليه‪ ..‬أقول هذا ألنني أخاف منها‪ ..‬يدها‬ ‫قوية وتستطيع أن تصفع سبعة رجال بصفعة واحدة‪..‬‬

‫سامحني يا ربي‪.‬‬ ‫اختفت اآلنسة تغريد‪ ،‬مثلما اختفى الحاكم بأمر‬ ‫الله‪.‬‬ ‫الرجل الذي قالوا أنه يعيش معها كان مجرد قزم‬ ‫إنجليزي‪ ،‬أرسلته ملكة بريطانيا ليتجسس على البالد‪.‬‬ ‫لكن اآلنسة أنكرت ذلك في أكثر من مناسبة‪ ،‬وشرحت‬ ‫الموضوع باختصار‪ :‬كنت أحتاج إلى شخص يساعدني‬ ‫في إنهاء أعمالي‪ ..‬ي��زرع األع��ش��اب الطبية النادرة‪،‬‬ ‫ويسجل البيانات ويدقق الحسابات؛ ولهذا اشتركت‬ ‫ف���ي م���وق���ع‪ ،)www.bayt.com( :‬ال��م��ت��خ��ص��ص في‬ ‫خدمات التوظيف‪ ،‬واستطعت في النهاية أن أحصل‬ ‫على موظف أعجبتني الـ (‪ )C. V‬الخاصة به‪ .‬لم أكن‬ ‫أعلم في البداية أنه من األقزام‪ ،‬وأن بشرته الحمراء‬ ‫يمكن أن تخدع الناس فيظنونه أجنبياً!‬

‫فجر يوم االثنين ‪ 21‬من نوفمبر‬

‫أف��ك��ر أن أت��وق��ف ع��ن كتابة ه��ذه ال��ي��وم��ي��ات لعدة‬ ‫أيام‪..‬‬ ‫ع��ي��ون��ي ت��ع��ان��ي م��ن ال��ض��ع��ف ال��م��ت��زاي��د‪ ،‬وشاشة‬ ‫الكمبيوتر تسحبُ بصري‪.‬‬ ‫الدكتور منير ف��ارس عيادته في ش��ارع المحطة‪،‬‬ ‫سأذهبُ إليه وأطلبُ النجدة‪.‬‬ ‫قبل أن أنسى يا وليد عالء الدين‪ ،‬برجاء االتصال‬ ‫بالشخص الذي تقول إنه سينشر هذه اليوميات ويدفع‬ ‫لي مبلغاً معقوالً‪ ..‬أريد أن أعرف تفاصيل أكثر عن‬ ‫هذا الموضوع‪ ..‬كما أن مسألة المبلغ المعقول هذه ال‬ ‫تعجبني‪ ..‬لماذا ال يكون مبلغاً كبيراً؟‬

‫ملحوظة مهمة‬

‫عملي القادم سيكون أكثر أهمية‪ ..‬دراسة عن أنجح‬ ‫وسائل تجميل المدن‪..‬‬ ‫الناس في مصر‪ ،‬يسحقهم البحث عن لقمة العيش‪،‬‬ ‫ونحن نطالبهم بالتجميل‪ ،‬وهذا هو مربط الفرس كما‬ ‫يقولون‪ ..‬لن أستطرد في الشرح؛ فالدراسة المذكورة‬ ‫أعاله ستجيب عن كل األسئلة‬

‫< شاعر وقاص من مصر‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪49 1428‬‬


‫وفي البداوة حسن غير مجلوب‬

‫استنطاق محمد الثبيتي‪:‬‬

‫تهجيت حلماً‪ ..‬تهجيت وهما ً‬ ‫> د‪ .‬خالد فهمي‬ ‫غريق بليل الهزائم سيفي‬ ‫ورمحي جريح‬ ‫ومهري على شاطىء الزمن العربي‬ ‫يلوك العنان‬ ‫أعانق في جسدي شبح ًا‬ ‫مثخن ًا بالجراح‬ ‫ومرثية للكمي الذي ضاع من يده‬ ‫الصولجان‬

‫<<<‬ ‫ال الستنطاق ديوان الشاعر السعودي‬ ‫ربما تصلح مقولة الكلمات المفاتيح مدخ ً‬ ‫محمد الثبيتي‪ ،‬الذي يحمل عنوان‪( :‬تهجيت حلماً‪ ..‬تهجيت وهماً)‪.‬‬ ‫وربما صح من جانبنا أن نقرر أن البداوة وما يعلق بها من هوامش داللية تعكس‬ ‫كبرياء العربي وأنفته‪ ،‬والتي لحقها غير قليل من االنكسار في هذا الزمان ‪ -‬هي‬ ‫الكلمة المفتاح لقراءة هذا الديوان‪ ،‬حتى صح من جانبنا أن نستدعي عجز بيت‬ ‫للمتنبي ليكون عنواناً لهذا القراءة‪ ،‬يقول فيه‪ :‬وفي البداوة حسن غير مجلوب‪.‬‬

‫ن������ق������د‬ ‫‪50‬‬

‫ال وتكثيفاً للبحث عن هذه الروح العربية‪ ،‬التي استترت قهراً‬ ‫أنت واجد تمثي ً‬ ‫وراء هزائم تصنعها الروح العربية‪ ،‬وإنما فرضت عليها فرضاً ‪ -‬في تلمس الشاعر‬ ‫لمعجم البداوة بصحاريها الممتدة ونباتاتها المتناثرة‪ ،‬وما يشع منها من روائح‪ ،‬ال‬ ‫تكاد تشتبه بغيرها‪ .‬وأنت واجد كذلك من وراء هذه القائمة الممتدة من ألفاظ‬ ‫حقل البداوة ما يشي بما نقول‪ .‬تأمّل األسطر الشعرية التالية‪ ،‬تخبرك بمدى كثافة‬ ‫مفردات هذا الحقل الداللي‪ ،‬الذي يسكن جسد هذا الديوان كله‪.‬‬ ‫يقول محمد الثبيتي (ص‪:)11‬‬ ‫يختال فيها شميم العرار‬ ‫ويقول (ص ‪:0)2‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫فيه انسكاب الدالل‬ ‫ورائحة الشاذلية‬ ‫والهيل‬ ‫والزعفران‬ ‫يقول (ص ‪:)21‬‬ ‫ويعشقك النخل‬ ‫والذكريات بسقط اللوى‬ ‫والكثيب الذي وسدته المنايا‬ ‫كليب ًا‬

‫<<<‬

‫ويقول (ص ‪:)24‬‬ ‫وتنمو على شالك البدوي‬ ‫حقول العنب‬ ‫ويقول (ص ‪:)24‬‬ ‫سيدتي ترتدي النرجس الجبلي‬ ‫ويقول (ص ‪:)32‬‬ ‫رقصة تنتشي في حدائي‪ ،‬طريق‬ ‫المجرة يبدأ من داخلي‬ ‫فامتزجت مع الرمل‬ ‫ويقول (ص ‪:)40‬‬ ‫عرفت بأن الصحاري‬ ‫تخبيء في شفتيك‬ ‫اللظى‬ ‫ويقول (ص ‪:)44‬‬ ‫أنا لحنك البدوي‪ ..‬أنا‬ ‫ويقول (ص ‪:)49‬‬ ‫السماء القديمة مغلقة في طريق القوافل‬ ‫ويقول (ص ‪:)54‬‬ ‫تمتد هذي المفازة الهثة‬ ‫ويقول (ص ‪:)56‬‬ ‫وتبقى عروس الرمال‬ ‫الجميلة‪..‬‬ ‫نحت ًا بديع ًا من العاج‬ ‫واألبنوس‬ ‫ويقول (ص ‪:)58‬‬

‫حينما يصدر عنه الرعاء‬ ‫وحين يقول هجير المفازة‬ ‫ه��ذه النصوص المؤكدة من جانبنا تعكس هذه‬ ‫الروح البدوية الشفيفة‪ ،‬التي تطل من حنايا الديوان‬ ‫كله‪ ،‬وهي الروح التي عزّت بها الحياة العربية‪ ،‬عندما‬ ‫سكنت النفس العربية‪ ،‬وانتكست عندما فارقتها‬ ‫وحلّت محلها روح غريبة أخرى‪ ،‬ال نبالغ إن استعرنا‬ ‫في وصفها تعبير المتنبي عنها أنها غريبة الوجه‬ ‫واليد واللسان!‬ ‫ونحن ال نبالغ ف��ي ال��ق��ول بسطوة ه��ذا المعجم‬ ‫على ه��ذا ال��دي��وان‪ ،‬ال��ذي سكنته شاعرية متدفقة‪.‬‬ ‫ويمكن التدليل على سطوة معجم البداوة بجانب ما‬ ‫مر بقصيد‪ :‬محمد الثبيتي‪ ،‬التي عنونها «فواصل‬ ‫من لحن ب��دوي قديم»؛ ففي هذه القصيدة تبدهك‬ ‫لوحة للوجه المأمول المُتمنى‪ ،‬وجه البدوي المُشرع‬ ‫كالسيف‪ ،‬الذي طالما زرع الرمال خطى‪ ،‬يلفّه أينما‬ ‫رحل شعاع من شذا الدهناء‪.‬‬ ‫ف��ي ه���ذه ال��ق��ص��ي��دة ن���وع م��ن ال��ح��ن��ي��ن العجيب‬ ‫المستولي على ال��ش��اع��ر‪ ،‬وك��أن��ه أم تتحسس وجه‬ ‫وليدها العائد إليها بعد غياب طويل؛ أو أم تتحسس‬ ‫صورته أو آثاره من بقاياه بعد ما غاب‪ ،‬وترجو آملة‬ ‫وحالمة أن يعود‪ ,‬واسرح بأناملك على مالمح الصورة‬ ‫التالية‪ ،‬لتشعر معي بهذا الحنين الدافيء‪:‬‬ ‫ت���ن���ه���ل ال�����ص�����ح�����راء م������ن عينيه‬ ‫يرتمي الشيح على ص��در الروابي‬ ‫ويصل هذا الغرام بهذه ال��روح الشفيفة الغائبة‬ ‫ليحكم استدعاءات الشاعر التراثية التي يُطل من‬ ‫ورائ��ه��ا جميعاً ذل��ك الحلم بالعود الحميد للمجد‬ ‫العربي اآلفل‪.‬‬ ‫أنت واجد هذا الغرام وهذا الحنين في داحس‬ ‫وم��ا ده���اه‪ ،‬وف��ي دار عبلة ال��ت��ي يحيها إذا م��ا م ّر‬ ‫عليها ص��ب��اح��اً‪ ،‬وم��ن ت��ذك��ر ال��ذك��ري��ات على أطالل‬ ‫دمن الحبيبة‪ ،‬ومن استدعاء عنترة الذي خلع ثوبه‬ ‫الجاهلي ليصير رمزاً للعربي األبي‪ ،‬ومن االستغاثة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪51 1428‬‬


‫بمن سكن هذي األوطان على مر الزمان‪:‬‬ ‫ترى يا ابنة العم‬ ‫ماذا جرى؟‬ ‫وهل حمد القوم عند الصباح‬ ‫السرى‬ ‫ُّ‬ ‫وداحس‪..‬‬ ‫ماذا دهاه؟‬ ‫‪...‬‬ ‫أيا دار عبلة‬ ‫عمت صباح ًا‬ ‫ويا دمن الذكريات الحبيبة‬ ‫من غال في صورك الصبوات‬ ‫ويدعون في كل نازلة‬ ‫عنترة؟‬ ‫في ديوان محمد الثبيتي سفر نحو أمجاد وطن‪،‬‬ ‫طالما ساد وعزَّ‪ ،‬وسعدت به الدنيا‪ ،‬وفي ديوان الثبيتي‬ ‫حلم يترجل بين زم��ان الرشيد ال��ذي يشبه الخيال‪،‬‬ ‫وزمان ماء السماء الذي انتشى فيه زمن الكبرياء‪.‬‬ ‫ف��ي دي���وان الثبيتي بحث ع��ن روح غابت بسبب‬ ‫من أشياء كثيرة‪ ،‬وسببّت عذابات واغترابات تلمح‬ ‫صداها عند المراسي والمطارات‪ ،‬ولكنه يُلح إلى‬ ‫أن شيئاً من كبرياء الماضي لن تتأتى عودته دون‬ ‫استجماع روح الحصان العصي‪ ،‬ومن دون استعادة‬ ‫بقايا الرمل وعبير الخزامى‪ ،‬التي كانت تسكن هذه‬ ‫النفس المثخنة بالجراح‪.‬‬ ‫في ديوان الثبيتي مأتم مقام بسبب انكسار النفس‬ ‫العربية‪ ،‬وتوزع العرب‪ ،‬وتمزق الخريطة العربية‪.‬‬

‫ي�����خ�����ض�����ر ف��������ي ظ������ل������ه م������ول������دي‬ ‫ويجثم على ص��در ه��ذا الحلم ما يقترب به من‬ ‫ح��دود ال��وه��م‪ ،‬عندما تقفز أح���زان ال��وط��ن الممتد‬ ‫الغريب عن روحه المسافرة في الزمان‪:‬‬ ‫كأني لم ألق في ماء دجلة‬ ‫والنيل‬ ‫حزن الصحاري‬ ‫ولم أسق من عرق الشمس‬ ‫تيما‪..‬‬ ‫وزحلة‪..‬‬ ‫والقيروان‪..‬‬ ‫ل��م ي��ك��ن ع��ب��ث��اً أن يختم محمد الثبيتي ديوانه‬ ‫ب��ق��ص��ي��دة‪ :‬صفحة م��ن أوراق ب����دوي‪ ،‬وم���ن ورائها‬ ‫قصيدة مسافرة‪.‬‬ ‫في أوراق البدوي استجماع لما ال يصح نسيانه أو‬ ‫تجاوزه‪ ،‬فيها نبل فارس تكسوه أنوار الشمس بهجة‪،‬‬ ‫يبحث في جراحه ليتقوى بها‪ ،‬ويدرك أن فيها مكمن‬ ‫بداياته‪ .‬وف��ي قصيدة مسافرة أم��ل يمكن الوصول‬ ‫ما دامت القافلة قد تحركت‪ ،‬قد تتعطل أحياناً لكن‬ ‫استبصارها بضوء الفنار‪ ،‬واستمرارها في المسير‪،‬‬ ‫وإدراكها مخاطر العدادات واإلغارات من أمثال التتار‬ ‫ يؤذن بالوصول‪.‬‬‫ستعود األرض كل األرض‪ ،‬عندما يدرك العربي‬ ‫حقيقة ذاته‪ ،‬هذا ما يود هذا الديوان أن يبوح به‪ ،‬في‬ ‫لغة تلفها روح وجدانية شفيفة‪ ،‬يلفها الحزن النبيل‬ ‫على هذا النبيل الذي يصارع آالم االنكسار‪ ،‬ويسعى‬ ‫نحو استعادة الوطن ال��ذي لطخت معالمه سوءات‬ ‫مستعارة‪.‬‬

‫وفيه م��راوح��ة بين الحلم بعودة الخريطة متناسقة‬ ‫مترابطة األوصال‪ ،‬وبين وهم محبط عند االستيقاظ على‬ ‫الواقع المر؛ فالحلم يقوى ويقترب بنا من خير المجد‬ ‫القديم عندما نتمثل أنفاسه‪ ،‬ونستدعي من الذاكرة إلى‬ ‫وفي هذا الديوان سفر نحو أصول هذه النفس‪ ،‬في‬ ‫الواقع كل رموز ذلك المجد وحقائقه‪ ،‬وساعتها‪:‬‬ ‫ع����ل����ى س������اع������دي ي���������ورق ال����ج����دب‬ ‫لغة شاعرة تشهد بتطور الشعر السعودي المعاصر‪.‬‬ ‫< األستاذ المشارك بكلية التربية للبنات بالجوف‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫قراءة نقدية للمجموعة القصصية‬

‫حذاء بثالث أرجل‬

‫للكاتب عبدالرحيم مؤدن‬ ‫> حسن برطال‬

‫<‬

‫إن اعتماد الكاتب على الكلمة األخ��ط��ب��وط‪ ،‬ثالثية األبعاد‪،‬‬ ‫ذات تأويالت متعددة‪ ،‬تجعل من النص منتوجاً أدبياً (متشابهاً)‬ ‫غير (محكم)‪ ،‬يسهل للقارئ مغازلة نفسه وذاته‪ ,‬بعيداً عن هيمنة‬ ‫الكاتب ورقابته‪ .‬وهذا ليس بغريب؛ ألننا في حضرة كاتب متمرس‬ ‫غير مستبد‪ ،‬يسعى دوماً لمهادنة لغته ومصالحتها‪ ،‬إيمانا منه أن‬ ‫االستثمار في ميدان الكلمة يرفض حاالت االستنفار والنرفزة‪ ،‬دون‬ ‫أن ننسى سرعة بديهته في حواره السردي مع شخوصه‪ ،‬تمكّنه من‬ ‫ترشيد زمن األحداث واألمكنة وفق شدة الموقف وخطورته‪ .‬فال‬ ‫مجال لمقارعة نصوص عدوانية ترفض الخروج من جلدها المتوحش لمواجهتك‪ ،‬وتركن إلى‬ ‫الدفاع في انتظار مبارزتك لها‪ ،‬تلوّح إليك بإزار أحمر كالمصارع‪ ،‬وحينما تندفع كثور كتالني‪،‬‬ ‫تجد نفسك أمام ذئاب مسالمة أنطقها الله لتبرئ نفسها من المنسوب إليها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬

‫قصة (حميّر جدتي) ‪ ,‬وقصة (من قتل الشيخة؟) ‪ ،‬هنا‪ ،‬حيت تتحول الحوارات العمودية‬ ‫(الحشرة‪ /‬جدتي) إلى حوارات أفقية (حشرة‪ /‬حشرة) وذلك حينما تتحول الجدة‪ /‬اإلنسان‬ ‫إلى حشرة‪ ،‬والعكس صحيح (الجدة‪ /‬الجدة)‪ .‬هذه أعدها مداهنة من قبل القاموس اللغوي‪،‬‬ ‫للتستر على النتيجة الحتمية‪ ،‬أال وهي القتل الرحيم المتفرد‪ ،‬الذي ال ثاني له‪ .‬على الرغم من‬ ‫الطرق المتعددة التي تحملها اإلنفالتات وعداءات الشخوص لبعضها؛ فـ «اللغة المباحيثية»‬ ‫هنا‪ ،‬تأتي لمساءلة النص عن اقترافاته وسوابقه؛ ومن جهة ثانية لمساعدة المتلقي في إنجاز‬ ‫محضره البوليسي‪ ،‬ومده بخيوط الجريمة (من قتل الشيخة؟؟) (ص‪.)47‬‬ ‫(الحسد يعمي‪ ،‬الحسد يقتل (ص‪( ،))48‬جرائم النهار ال يقوم بها إال المحترفون (ص‪،))49‬‬ ‫دون أن ننسى نفحة األسلوب التقريري‪ ،‬واللغة الصارمة‪ ،‬التي تُحّ ول الكاتب إلى رئيس مباحث‪،‬‬ ‫كما أن اللغة الرقمية اإلنترنتية التي تبنتها بعض نصوص المجموعة بشجاعة‪ ،‬تكشف عن‬ ‫نوايا التمرد على الكالسيكية البديعية‪ ،‬والدفع باللغة إلى مسايرة (لغة األرقام) التيكنلوجية‬ ‫الحديثة‪« ،‬حذاء بثالث أرجل»‪( ..‬مقاسه (‪ ،)42‬وهو في الواقع ال يتجاوز (‪ )40‬ونصف)‪( ،‬الحذاء‬ ‫مثل القبر‪ :‬شبر وأربعة أصابع) (ص ‪ ،))35‬هذا الحقل المكشوف كما يقول المثل‪ ،‬واحد ‪+‬‬ ‫واحد = اثنان‪ ،‬ال يترك المجال للكاتب الحربائي كي يتلّون حسب هواه‪ ،‬فاألستاذ الجامعي‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪53 1428‬‬


‫عبدالرحيم م��ؤدن‪ ،‬يكون أق��رب إل��ى الواقعية بعقلنته‬ ‫للمتخيل‪ ،‬وارتباطه بالبنية التحتية لحفر األس��اس في‬ ‫أثربة المدن السفلى لبروجه اللغوية‪ .‬قصة (األوتوروت‬ ‫الثانية (ص‪ ،)57‬وجدت نفسي ألتحف السماء وأفترش‬ ‫الغبراء‪ ،‬مقطوعاً من شجرة‪ ،‬ال زوج وال ولد وال ظهر‬ ‫لي وال سند) (ص‪ ،)57‬وعندما يتحرر الوقت من قيود‬ ‫(اليومية)‪ ،‬تصبح األزمنة داخل النصوص متشابهة‪ ،‬ال‬ ‫فرق بين الظالم والنور إال بالتقوى‪.‬‬ ‫ال����وق����ت ب��ل�ا س���ي���ف يبدو‬ ‫مسالماً‪ ،‬ال قاطعاً وال مقطوعاً‪،‬‬ ‫ال���م���ق���دم���ة ت��ش��ب��ه الخاتمة‪،‬‬ ‫وال��م��داخ��ل ك��ال��ن��ه��اي��ات لفظاً‬ ‫ومعنى‪ ،‬وك���أن الكاتب يناشد‬ ‫ال��دي��م��وق��راط��ي��ة للقضاء على‬ ‫الطبقية‪ ،‬ال فرق بين المؤخرة‬ ‫وال���رأس‪ .‬قصة (ح��ذاء بثالث‬ ‫أرج���ل) ن��م��وذج‪ ،‬يبتدئ النص‬ ‫هكذا (أن��ا المسمى‪ ..‬حارس‬ ‫األم��ن بالمقاطعة مند أربعين‬ ‫ع���ام���اً وال���م���ع���روف بالحذاء‬ ‫ال��ل��ام�����ع)‪ ،‬وت��ن��ت��ه��ي بالنسق‬ ‫نفسه‪( ..‬أنا المسمى‪ ..‬حارس‬ ‫األمن بالمقاطعة‪ ..‬مند أربعين‬ ‫عاماً وأنا أحرس هذا الحذاء‬ ‫الوفي)‪.‬‬

‫يتكئ عليها كلما احتاج إلى ذل��ك‪ ،‬ويهش بها لحظات‬ ‫عصيان الكلمة‪ ،‬وله فيها مآرب أخرى‪ ،‬ال يعرفها إال هو‪.‬‬ ‫وذل��ك واض��ح من أول قصص المجموعة‪ ،‬التي تحمل‬ ‫اسم (قصة قصيرة)‪ ،‬يكون بطلها المتحرك داخل النص‬ ‫هي (القصة القصيرة) نفسها‪( :‬يُحكى أن قصة قصيرة‬ ‫ظلت ت��س��أل‪( :‬ل��م��اذا أن��ا ق��ص��ي��رة؟؟) (ص‪( ..))7‬هذا‬ ‫الصباح لم تغادر القصة القصيرة فراشها (ص‪..))8‬‬ ‫(ك��رك��رت القصة القصيرة عالياً‪ ،‬وه��ي ت��ردد بصوتها‬ ‫ال��ض��اح��ك (ص‪( ..))10‬ل��و لم‬ ‫أك���ن ق��ص��ي��رة ل��م��ا ت��ج��رأ عليَّ‬ ‫الزليج (ص‪.))10‬‬ ‫إنها قمة إب��داع نقدي لفن‬ ‫ال��ق��ص��ة ال��ق��ص��ي��رة بتحريكها‬ ‫وإح��ي��ائ��ه��ا‪ ،‬وس���وف ل��ن يتأخر‬ ‫ال����ك����ات����ب ف�����ي اإلع����ل����ان عن‬ ‫ذل���ك بنفسه‪ ،‬م��ن خ�ل�ال نصه‬ ‫الثالث‪ ،‬الذي اختار له عنوان‪:‬‬ ‫(ق����راءات قصصية)؛ فبفضل‬ ‫هذه المناورات السالفة الذكر‪،‬‬ ‫ي��ن��خ��رط ال��ك��ات��ب عبدالرحيم‬ ‫م���ؤدن ف��ي زم���رة ه���ؤالء الذين‬ ‫يحملون شعار التحدي‪ .‬لتحديث‬ ‫ال���ق���ص���ة ال���ق���ص���ي���رة بإعطاء‬ ‫ال��ح��ري��ة ال��ت��ام��ة لشخصياته‬ ‫داخل المنظومة‪ ،‬حسب ميولها‬ ‫وزاده���ا المعرفي‪ ..‬ودون ف��رض وج���وده عليها‪( ..‬إذا‬ ‫أردت جمع قبيلة فاألمر يهون‪ ..‬كل شيء يعتمد على‬ ‫هؤالء‪ ،‬حرّك أصابعك جيداً‪ ،‬والباقي يأتي «قصة كاتب‬ ‫عمومي» (ص ‪.)15‬‬

‫كما ن�لاح��ظ‪ ،‬ك��ذل��ك‪ ،‬طغيان روح مجادلة الذات‪،‬‬ ‫واألس��ل��وب ال��ن��ق��دي‪ ،‬وإحيائية ال��ج��م��ادي‪ ،‬وه���ذا ليس‬ ‫بجديد‪ ،‬بالنسبة للمتلقي المغربي على الخصوص؛‬ ‫ألن الكاتب أب��دع بامتياز ف��ي مجال النقد‪ ،‬ول��ه عدة‬ ‫فاللغة تتحول هنا إلى إيحاءات وإشارات أصابع‪ ،‬ثم‬ ‫مؤلفات منها «الشكل القصصي في القصة المغربية»‬ ‫(ج������زءان‪ ،)1988( /‬و«م��ع��ج��م م��ص��ط��ل��ح��ات القصة إلى حركات ميمية‪ ،‬كي تصل إلى أبعد حدود المتلقي‪،‬‬ ‫المغربية» (‪ .)1993‬فال غرابة في العودة إلى مكامن بل حتى مشارف إدراك (األص��م) و(األب��ك��م)‪ ،‬مع نفحة‬ ‫قوته‪ ،‬والتسلح بآليات النقد؛ لتكون بمثابة عصا موسى متواضعة لبنية فوقية لشخصية عادية‪.‬‬ ‫< حسن برطال‪ /‬المغرب‬ ‫(‪ )1‬لقب يطلقه األطفال في المغرب على أحد أنواع الحشرات‪.‬‬ ‫(‪ )2‬المطربة الشعبية‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫روايـــــة التوثيـــــق التاريــــــخي‬

‫(وزير غرناطة) لعبدالهادي بوطالب منوذجا ً‬ ‫> د‪ .‬جميل حمداوي‬

‫<‬

‫نشر الكاتب المغربي عبدالهادي بوطالب روايته التاريخية «وزير غرناطة» الصادرة‬ ‫سنة ‪1960‬م عن دار الكتاب بالدار البيضاء‪ .‬وقد ذكر د‪ .‬أحمد اليابوري في محاضرته‬ ‫(وضعية الدراسة األدبية بالمغرب) التي ألقاها ضمن نشاط فرع اتحاد كتاب المغرب‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)1‬‬

‫بالقنيطرة ‪ ،‬أن الطبعة األولى صدرت في بداية الخمسينيات ‪.‬‬ ‫وبوطالب ليس الوحيد الذي كتب القصة التاريخـية‪ ،‬بل هـناك الكثير من الروائيين‪،‬‬ ‫ونستحضر منهم‪ :‬عبدالعزيز بن عبدالله في رواي��ات��ه القصصية‪« :‬غ��ادة أصيال»‪،‬‬ ‫و»الجاسوسة السمراء»‪ ،‬و«الجاسوسة المقنعة»‪ ،‬و«ش��ق��راء ال��ري��ف»‪ ،‬و«ف��ي هضاب‬ ‫الريف»‪ ،‬و»الرومية الشقراء»‪ ،‬و»الكاهنة» و»جاسوسة في حدود فلسطين»‪ ،‬و«هجوم‬ ‫في جنح الظالم»‪ .‬وقد جمع الكاتب معظم أعماله السابقة في كتاب واحد‪ ،‬بعنوان‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(شقراء الريف) ‪.‬‬ ‫وقد تأثر عبدالعزيز بن عبدالله في كتاباته التاريخية بروايات جورجي زيدان‪،‬‬ ‫حينما طعّم نصوصه القصصية التاريخية بالعقدتين‪ :‬التاريخية والغرامية‪ ،‬من أجل‬ ‫إضفاء التشويق الفني على ما يبدعه من أعمال؛ إلثارة فضول القراء‪ ،‬وتحفيزهم على‬ ‫متابعة قراءة نصوصه المتسلسلة في حلقات‪ ،‬على منابر الصحافة الوطنية‪ ،‬وخاصة‬ ‫في جريدة (العلم)‪ ،‬منذ أواسط األربعينيات‪ .‬ونذكر أيضاً إلى جانب عبدالعزيز‪ ،‬آمنة‬ ‫اللوه في روايتها (الملكة خناثة)‪ ،‬وعبدالهادي بوطالب بروايته (وزير غرناطة)‪ ،‬التي تعد‬ ‫نموذجاً لرواية التوثيق التاريخي‪.‬‬ ‫ويركّز بوطالب في روايته (وزير غرناطة) على تاريخ األندلس‪ ،‬أثناء أفول نجم مملكة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪55 1428‬‬


‫بني األحمر في غرناطة في العصر الوسيط‪ ،‬وال األوضاع والقضاء على الثورات والفتن الداخلية‪ .‬وقد‬

‫سيما في عهد الدولة المرينية‪ ،‬إبان القرن الثامن انعكس كل ذلك على تدخالت المرينيين في شؤون‬ ‫الهجري‪.‬‬

‫األندلس؛ فتقلصت‪ ،‬من ثَمَّ‪ ،‬المساعدات العسكرية‬

‫يقدم عبدالهادي بوطالب روايته باستهالل يُحدد بعد هزيمتهم في معركة العقاب مع اإلسبان‪.‬‬

‫فيه اإلطارين التوثيقي والموضوعي‪ ،‬على غرار كتّاب‬

‫وقد جعلت تلك الظروف العصيبة مدينة غرناطة‬

‫الرواية التاريخية؛ وذلك بتصوير الفضاء التاريخي تعيش ف��ت��رات حالكة بين ال��ي��أس واألم���ل‪ ،‬وإن كان‬ ‫بأحداثه المرجعية ووقائعه الحقيقية وشخوصه اليأس هو الغالب على أهل المدينة بسبب ترقبهم‬ ‫اإلنسانية الحاضرة بقسماتها التاريخية‪ .‬وينقلنا بعد للعدو‪ ،‬واستعدادهم الدائم لكل هجوم مباغت قد ال‬ ‫ذلك مباشرة إلى مدينة غرناطة عاصمة ملوك بني يكون في التوقّع والحسبان‪.‬‬

‫األحمر ليسمعنا ما ينتظر سكان هذه المدينة من‬

‫مصائب‪ ،‬وما يبيته أعداء اإلسالم لهم‪.‬‬

‫و في هذا الجو من الصراع التاريخي‪ ،‬واالضطراب‬ ‫السياسي‪ ،‬وتأرجح بني األحمر بين مهادنة اإلسبان‬

‫ومن المعروف أن حصون اإلس�لام في األندلس مرة ومناصرة بني مرين مرة أخرى‪ ،‬والتزام الحياد في‬ ‫بدأت تسقط واحدة تلو األخرى‪ ،‬بسبب صراع ملوك أوقات تفرضها الضرورة والوفاء بالعهود والمواثيق‪،‬‬ ‫الطوائف وبني األحمر‪ ،‬حول الحكم ودواليبه‪ .‬في والسيما أن دولة بني األحمر ضعيفة من حيث العدد‬ ‫حين كان جيش األع��داء يتقوى بفعل وحدة إسبانيا وال��ع��دة‪ ،‬وال يمكن أن تجابه العدو إال بالتعاون مع‬ ‫والبرتغال‪ ،‬وانطالق الحملة الصليبية التي شاركت المرينيين؛ كان بنو األحمر يقضون أيامهم األخيرة‪،‬‬ ‫فيها معظم ق���وات أورب���ا ب��أم��ر م��ن ال��ب��اب��ا‪ ،‬لنصرة ويستشرفون نهايتهم البائسة‪.‬‬

‫المسيحية‪ ،‬ودرء أخطار اإلسالم؛ لذلك عقد اجتماع‬ ‫خطير ف��ي قصر ال��ح��م��راء‪ ،‬ح��ض��ره السلطان أبو‬

‫الحجاج يوسف ب��ن إسماعيل ب��ن األح��م��ر‪ ،‬إلعداد‬ ‫ال��ع��دة ل��ردع األع���داء ال��ذي��ن يتربصون بالمسلمين‪،‬‬

‫ويتحينون الفرص لالنقضاض عليهم‪ .‬وك��ان ملوك‬ ‫بني األحمر‪ ،‬يجدون في حملة المرينيين عوناً لهم‬ ‫على األعداء كلما استنجدوا بهم‪ ،‬لكن هذه الحمالت‬

‫العسكرية سرعان ما توقفت‪ ،‬بسبب الفتن الداخلية‬ ‫التي كان يعرفها مغرب المرينيين‪ ،‬نظراً للصراعات‬ ‫حول السلطة بين األبناء بعد وفاة يعقوب المنصور‪.‬‬

‫وترتب عن هذا الصراع السياسي الداخلي كثرة اإلحن‬

‫وم��ا أس��وأ لحظات الترقّب واالنتظار‪ ،‬التي كان‬ ‫يعيشها ب��ن��و األح��م��ر إب���ان س��ق��وط األن���دل���س! فقد‬ ‫ك��ان��وا يشعرون أن مملكتهم توشك على السقوط‪،‬‬ ‫على غ��رار الممالك األندلسية األخ���رى‪ ،‬بعد العز‬ ‫األمجد والشرف األعظم‪ .‬ذلكم هو الجو التاريخي‬ ‫ال��ذي ص��وّرت��ه ال��رواي��ة؛ لتقدم بعد ذل��ك شخصيتها‬ ‫المحورية‪ ،‬وهي شخصية لسان الدين بن الخطيب‬ ‫ذي الوزارتين‪ :‬وزارة السياسية ووزارة القلم‪ ،‬في عهد‬ ‫ملوك بني األحمر‪.‬‬ ‫عاش لسان الدين بن الخطيب يكتب ويؤلف في‬

‫ال عن التطاحن الشخصي والبالطي شتى المعارف والعلوم‪ ،‬ويحبّر الرسائل الديوانية‪،‬‬ ‫واألحقاد‪ ،‬فض ً‬ ‫والعسكري؛ ما ضيع جهود ملوك بني مرين في تهدئة وينظّ م األشعار في مدح ملوك بني األحمر وسالطين‬

‫‪56‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫بني مرين‪ .‬وقد ذاعت شهرته في المغرب‪ ،‬واألندلس‪ ،‬على وزي��ره‪ ،‬ليبعده عن الحكم أو يأمر بقتله‪ .‬ولما‬ ‫والمشرق‪ ،‬على حد سواء‪ .‬فلوال ابن الخطيب لما ذكر عرف ابن الخطيب هذه المؤامرات والخدع لتصفيته‪،‬‬ ‫لبني األحمر شأن‪ ،‬ولما كانت لهم مكانة في تاريخ قرر الهرب إلى تلمسان‪ ،‬حيث نزل ضيفاً عند الملك‬ ‫المغرب واألندلس‪.‬‬

‫عبدالعزيز‪ ،‬بينما سلطان األندلس يتوعده ويطالبه‬

‫وإل��ى جانب األدب والثقافة‪ ،‬ك��ان لسان الدين بالرجوع لمعاقبته على مكائده ونواياه السيئة‪ ،‬حسب‬ ‫اب��ن الخطيب وزي���راً للدولة ومستشاراً محنكاً‪ ،‬ذا وشايات ابن الزمرك والقاضي النباهي‪.‬‬ ‫خبرة وتجربة طويلة في مجال التدبير‪ ،‬والسياسة‪،‬‬

‫و بعد وفاة ملك تلمسان‪ ،‬تولى الحكم أحمد بن‬

‫وال��س��ف��ارة‪ ،‬ف��ي ج��ذب م��ل��وك بني م��ري��ن لمساعدة أب��ي سالم ال��ذي ك��ان موالياً الب��ن األح��م��ر‪ .‬فجرى‪،‬‬ ‫األندلس ونجدتها من مناوشات األعداء وهجماتهم من ثم‪ ،‬القبض على وزير غرناطة وأسره في سجن‬

‫المتكررة على سكان األندلس وممالكها وحرماتها‪ .‬المدينة البيضاء إلى أن تم خنقه ودفنه في مقابر‬ ‫ومن ثم‪ ،‬نال حظوة كبيرة لدى بني األحمر‪ ،‬ومكانة فاس‪ ،‬ثم إحراقه بعد ذلك‪.‬‬ ‫عظمى ل��دى أه��ل غ��رن��اط��ة‪ ،‬يتقرب إل��ي��ه العلماء‪،‬‬

‫ويتوسل إليه الناس؛ لمساعدتهم‪ ،‬أو لقضاء مآربهم‪،‬‬ ‫أو للتدخل لدى السلطان‪ ،‬أو للرفع من مراتبهم‪.‬‬

‫وإذا تفحصنا بنية هذه الرواية‪ ،‬وجدناها رواية‬ ‫تاريخية بالمفهوم الحرفي للتاريخ ؛ ألنها تهدف إلى‬ ‫توثيق التاريخ وتدوينه وصياغته‪ ،‬بطريقة موضوعية‬

‫و صار لسان الدين بن الخطيب شاعر بني األحمر قائمة عل السرد التاريخي‪ ،‬البعيد عن التشويق الفني‬ ‫ولسان بني مرين‪ ،‬بقصائد المدح الطوال؛ بيد أن ‪ -‬الغرامي‪ ،‬الذي رأيناه في روايات جورجي زيدان‪ ،‬أو‬ ‫هذه السعادة‪ ،‬وصفاء الجو‪ ،‬وراح��ة البال‪ ،‬سرعان الكاتب اإلنجليزي ولتر سكوت في روايته (أيفنهو)‪ ،‬أو‬ ‫ما انقلبت إلى الشقاء؛ بسبب حسد الوشاة‪ ،‬وكيد الكاتب الفرنسي ألكسندر دوما في روايته (الكونت‬

‫الحاقدين‪ ،‬سواء في المغرب أم األندلس‪ ،‬خاصة في دي مونت كريستو)‪ .‬ويعني ذلك أن الرواية خالية من‬ ‫عهد الغني بالله‪ .‬ومن المعروف أن ابن الخطيب كان الجوانب الرومانسية والصيغ الفنية‪ ،‬التي استبدلت‬

‫هو الوزير الوحيد‪ ،‬الذي يتحكم في كل أمور الدولة‪ ،‬بتوظيف الصراع التاريخي‪ ،‬الذي أخذ بمفرده المكانة‬ ‫مهما صغر شأنها أو عظم‪.‬‬ ‫الكبرى ونصيباً وافراً من األحداث‪ ،‬إلى جانب مواقف‬ ‫و من الذين تحاملوا على ابن الخطيب‪ :‬ابن زمرك ابن الخطيب المضطربة من هذه األحداث‪ ،‬بله عن‬

‫كاتب الغني بالله والقاضي النباهي وشاعرهما‪ .‬وقد التقلب بين السعادة والشقاء‪ ،‬وعدم االستقرار وكثرة‬ ‫أسدى إليهما ذو الوزارتين الكثير من فضائله‪ ،‬إذ عين االرتحال‪ ،‬واالنتقال بين غرناطة والمغرب وتلمسان‪،‬‬

‫ابن الزمرك كاتباً للسلطان‪ ،‬ورقّي القاضي النباهي وما كان يعانيه من حقد الحساد ووشاية األعداء‪،‬‬ ‫في عدة مراتب عليا‪ .‬ولكنهما في النهاية‪ ،‬سيتدخالن وتآمرهم عليه إلقصائه؛ ليخلو لهم الجو‪ ،‬وينالوا‬ ‫لدى السلطان بالوشاية على ابن الخطيب‪ ،‬واختالق السلطة ويتقربوا‪ ،‬من ثم‪ ،‬إلى السلطان تزلفاً وتملقاً‬ ‫أسباب الحقد؛ ليضمر السلطان في نفسه العداوة ونفاقاً‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪57 1428‬‬


‫و إلى جانب خلو رواية عبدالهادي بو طالب من إنسان‪ ،‬وهو فصل من تاريخ السياسة المغربية في‬ ‫الجانب القصصي الفني‪ ،‬القائم على الخيال واإلبداع القرن الثامن‪ ،‬وهو دفاع وطني رائع عن أسلوب لسان‬ ‫والتمويه‪ ،‬استند الكاتب إل��ى الترجمة الغيرية‪ ،‬أو الدين في الحكم والسياسة‪ ،‬إن كان قد حملك بعض‬

‫الخطاب البيوغرافي لكتابة سيرة ابن الخطيب في ما ق��رأت عن لسان الدين على لوم لسان الدين أو‬ ‫إطار تاريخي وسياق ذهني‪ .‬أي إن الكاتب كتب سيرة انتقاص أسلوبه في الحكم والسياسة‪ .‬هو إذاً كتاب‬ ‫ذهنية غيرية البن الخطيب‪ ،‬ليجعل التاريخ محكاً‬ ‫لهذه الشخصية العالمة المثقفة وسياسته المحنكة‪،‬‬ ‫وكيف أثّرت الظروف السياسية في هذه الشخصية‬

‫(‪)4‬‬

‫أدب وفن‪ .‬وهو إلى ذلك كتاب تاريخ وسياسة» ‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬فمن خالل التقديم الذي وضعه سعيد العريان‬

‫إيجاباً وسلباً‪ ،‬وكيف أودت به المحن والوشايات – وهو من كبار كتاب الرواية التاريخية في مصر –‬

‫الكاذبة قتيال مخنوقا ليلقى نهايته حرقاً وحتفاً‪.‬‬

‫لرواية (وزير غرناطة)‪ ،‬نستشف أن رواية عبدالهادي‬

‫وهكذا ف��رواي��ة (وزي��ر غرناطة) تاريخية بمعنى بو طالب أقرب إلى كتب السيرة والترجمة الغيرية‬ ‫الكلمة للتاريخ؛ لخلوها من التحليل الفني‪ ،‬وهيمنة من فن الرواية التاريخية ؛ ألن هذا العمل فيه الفائدة‬ ‫البعد المرجعي على فضاءاتها وشخوصها وأحداثها‪ ،‬التاريخية المحضة‪ ،‬أكثر من المتعة الفنية والتشويق‬ ‫وهيمنة الرؤية العارفة على الخطاب السردي‪ ،‬من‬

‫خالل استعمال ضمير الغياب والرؤية الموضوعية‬ ‫المحايدة نسبياً‪ ،‬واالرت��ك��ان إل��ى السرد واألسلوب‬ ‫التقريري المباشر‪.‬‬ ‫وقد كتب سعيد العريان عن ذهنية هذه الرواية‪،‬‬ ‫وطابعها البيوغرافي‪ ،‬وخروجها عن المعتاد‪ ،‬كما في‬ ‫الرواية المشرقية‪ ،‬التي كانت تمزج الحدث التاريخي‬ ‫بالحدث العاطفي والغرامي قائال‪« :‬أما لسان الدين‬ ‫فسيعرف عنه ق��ارئ ه��ذا الكتاب م��ا يكفي مؤونة‬ ‫التعريف ب��ه‪ ،‬وأم��ا ما كتبه عنه أب��و طالب في هذا‬ ‫ال��ك��ت��اب ف��ه��و ج��دي��د ل��م يسبق إل��ي��ه م��س��ت��ش��رق وال‬ ‫مستغرب‪ ،‬هو قصة إنسان إن شئت أن تقرأ قصة‬

‫الجمالي‪ ،‬على الرغم من وج��ود المجالس األدبية‬ ‫والعلمية‪ ،‬واالستشهادات الشعرية‪ ،‬والكتابات األدبية‪،‬‬ ‫وعناوين المؤلفات المحددة بسياقها التاريخي‪ .‬فهذا‬ ‫النص يشبه‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬نص التعريف البن خلدون‬ ‫الذي أورد فيه حياته واألحداث التاريخية‪ ،‬وضمّنه‬ ‫الرسائل واألشعار وكتاباته الديوانية‪ .‬وهكذا نقول‪:‬‬ ‫إن رواي��ة (وزي��ر غرناطة) رواي��ة التدوين التاريخي‪،‬‬ ‫والتوثيق المرجعي‪ ،‬والتأريخ الذهني لسيرة لسان‬ ‫الدين بن الخطيب في صراعه الحاد مع السلطة‬ ‫والطامعين فيها‪.‬‬

‫< جميل حمداوي‪ -‬المغرب‪.‬‬ ‫(‪ )1‬كان ذلك في ‪ 14‬أبريل ‪1984‬م‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مصطفى يعلى‪( :‬ببليوغرافيا الفن الروائي بالمغرب»‪ ،)»1984 1930-‬آفاق‪ ،‬المغرب‪ ،‬العدد ‪ ،4 3-‬دجنبر ‪ ،1984‬ص‪.76:‬‬ ‫(‪ )3‬صدر الكتاب عن دار النجاح‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.1973 ،‬‬ ‫(‪ )4‬انظر مقدمة سعيد العريان في رواية عبدالهادي بوطالب‪ :‬وزير غرناطة‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪.1960 ،1‬‬

‫‪58‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫رواية «سمر كلمات»‬

‫للكويتي طالب الرفاعي‪..‬‬

‫احلياة ُ إذ تنزرع بإشارات املرور‬ ‫> هيا صالح‬ ‫ ‬

‫<‬

‫تدور أحداث رواية «سمر كلمات» للروائي الكويتي طالب الرفاعي‪ ،‬خالل مدة‬

‫زمنية ال تتجاوز نصف الساعة‪ 22( ،‬دقيقة تحديداً)‪ .‬ويتقاطع هذا الزمن الخارجي‬ ‫(الكرونولوجي)‪ ،‬الذي يمكن تتبعه بدقة في الرواية‪ ،‬مع الزمن الداخلي (النفسي) الذي‬ ‫استوعب «التداعيات الجوانية» للشخصية‪ ،‬وبوحها بأسرارها‪ ،‬وكشفها عن لحظات‬

‫أفراحها وأحزانها‪ ،‬وتعبيرها عن معاناتها وآالمها‪.‬‬

‫وق��د ان��ج��دل ال��ح��دث ال��واح��د ف��ي ال��رواي��ة‪ ،‬بانثياالت غير مترابطة ت��أخ��ذ شكل‬

‫الهذيان المتدفق من وعي الشخصية حيناً‪ ،‬والوعيها أحياناً أخ��رى‪ ،‬إذ بدا واضحاً‬ ‫سعي الشخصيات إلى التخلص من الرّاكد في جوانياتها بتدفقه خارجاً إلى السطح‬

‫(محيطها‪ /‬خارجها) بشكل انفعالي غير منظَّ م‪ ،‬ما يقرّب األح��داث في الرواية من‬ ‫الفانتازية والالواقعية‪.‬‬

‫وقد ورّط االعتما ُد على خطّ ي الزمن (الخارجي‪ ،‬والداخلي) المتلقيَ ‪ ،‬الذي سرعان‬

‫ما يجد أن ذهنه خالل القراءة ينفتح على أبعاد ودالالت ال يقولها النص‪ ،‬وإنما يحدس‬ ‫بها‪ .‬ففي الفترة الزمنية الخارجية الواحدة‪ ،‬ثمة العديد من األح��داث التي قد تقع‬

‫ألشخاص كثيرين على مساحة الكرة األرضية‪ ،‬وثمة ذاكرات تواصل في اللحظة نفسها‬ ‫استرجاع حياتها‪ ،‬وإعادة النظر في وقائع الماضي‪ ،‬وكذلك ثمة أيضاً بوح‪ ،‬ال حدود له‪،‬‬

‫يمارسه البشر في دواخلهم‪.‬‬

‫تقوم الرواية على ضمير واح��د في ال��روي هو ضمير المتكلم‪ ،‬وعلى تعدّد الرواة‬

‫(الشخصيات الروائية) التي تنقل ك ُّل واح��دة منها انفعاالتها وأفعالها وردود أفعالها‬ ‫ومشاعرها‪ ،‬وأحياناً تنقد اآلخر من زاوية نظرها الخاصة‪ ،‬حتى يغدو للحدث الواحد‪ ،‬أو‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪59 1428‬‬


‫حتى للشخصية الواحدة أبعاد متعددة وزوايا‪ /‬وجوه طريقاً وعرة‪ ،‬ولكن تكفي خمس عشرة سنة‪ ..‬طلقني‬ ‫مختلفة‪ ،‬تكشف ك ّل منها عن طريقة الشخصية في وليد قبل الغزو بثالثة أشهر‪ .‬في الثانية والعشرين‬ ‫تحليل األحداث‪ ،‬وفهمها لما يدور حولها من عالقات من عمري دخلت جحيم المطلقات» (ص‪.)14‬‬ ‫إنسانية‪.‬‬

‫لكن «سمر» التي تبدو مرتاحة لخيارها في الزواج‬

‫ويرتبط هذا التحليل بنمط خاص (كاركتر) لكل من زوج أختها السابق‪ ،‬تبدو من وجهة نظر شخصيات‬

‫شخصية م��ن شخصيات ال��رواي��ة‪ ،‬وللمتلقي حرية أخرى في الرواية مُدانة ومحاصرة بأصابع االتهام‪،‬‬ ‫تبني فكر هذه الشخصية أو تلك بناء على قناعاته بدءاً من أختها «عبير» التي اتهمتها بالتخطيط لسرقة‬

‫المتشكلة حولها‪ ،‬وهو إلى جانب ذلك‪ ،‬قد ال يقتنع زوجها منها‪ ،‬م��روراً بأبيها ال��ذي طردها من البيت‪،‬‬ ‫بفكر أيّ واحدة منها منحازاً إلى تحليالته وتأويالته وأمها التي غضبت عليها‪ ،‬وليس انتهاء بابنة أختها‬ ‫الخاصة لألحداث‪ ،‬بعيداً عن تأثيرها‪.‬‬ ‫الشخصية األول��ى التي جاء السرد على لسانها‪،‬‬ ‫هي «سمر»؛ امرأة كويتية جاوزت الخامسة والثالثين‬

‫التي لم تستطع استيعاب فكرة أن خالتها ستتزوج‬ ‫من أبيها‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬التعاطف المبدئي الذي قد يظهره المتلقي‬

‫م��ن عمرها‪ ،‬عاشت تجربة ط�لاق م��ري��رة‪ ،‬ول��م تكن مع شخصية «سمر» وواق��ع حياتها‪ ،‬من المرجح أنه‬ ‫وقتها تتجاوز الثانية والعشرين‪ ،‬وظلت هذه التجربة سيتخذ مسارات أخرى‪ ،‬حين ينكشف له الوجه اآلخر‬

‫التي بصمتها بـ «المطلقة» تهدد عالقتها مع ذاتها من ه��ذه الشخصية؛ ما يشير إل��ى أن فكرة الخير‬ ‫أوالً‪ ،‬وم���ع المحيطين ب��ه��ا ث��ان��ي��اً؛ فأختها «عبير» المطلق‪ ،‬أو الشر المطلق‪ ،‬غير واردة ف��ي مجتمع‬ ‫مثالً‪ ،‬ال تتوانى عن تعييرها بطالقها كلما سنحت البشر‪ ،‬فكلٌّ ل��ه وج��ه حسن وآخ��ر قبيح ف��ي الوقت‬ ‫لها الفرصة‪ ،‬فهي حين تعود في وق��ت متأخر إلى نفسه‪ ،‬وال أح��د يمكنه القول إن��ه م�لاك أو شيطان‬ ‫البيت تبادرها «عبير» قائلة‪« :‬المطلقة الشابة ما وحسب‪ ،‬بل هو خليط عجيب منهما معاً‪.‬‬

‫عادت تعرف األدب‪ ..‬تتسكع حتى منتصف الليل في‬ ‫الشوارع» (ص‪.)16‬‬

‫وإلى جانب قيام السرد في الرواية على لعبة الزمن‬ ‫(خارجي‪ ،‬وداخلي)‪ ،‬هنالك لعبة (الروائي‪ /‬الراوي)‬

‫ال للتصالح مع ذاتها‪ ،‬يتمثل في أيضاً‪ .‬إذ يتحول كاتب الرواية «طالب الرفاعي» إلى‬ ‫تتبنى «سمر» ح ً‬ ‫ق��راره��ا ال����زواج م��ن «ج��اس��م» زوج أخ��ت��ه��ا السابق‪ ،‬بطل من أبطالها‪ ،‬تغريه شخصيات روايته الورقية‪،‬‬ ‫لتتخلص م��ن «ع���ار» ال��ط�لاق أوالً‪ ،‬ولتنهي عالقتها وتسحبه إلى عالمها‪ ،‬وهو يعترف‪« :‬مع بدء الكتابة‬ ‫بـ «سليمان» ال��ذي يرفض االرتباط بها ثانياً؛ وهي أبحر معهم على سفينة الرواية‪ ،‬أصبح واحداً منهم‪،‬‬ ‫تعترف‪« :‬أنا سعيت لهذا بعد رفض سليمان المتكرر نلتقي ونتحدث ونصغي بعضنا إلى بعض‪ ،‬ونختلف؛‬

‫لفكرة زواجنا‪ ،‬ما كان أمامي من خيار آخر‪ :‬إما حياتي وقد يموت أحدنا فنحزن عليه ونبكيه‪ ،‬وقد نحتفل‬ ‫الجديدة مع جاسم‪ ،‬وإما بقائي مطلقة يحرسني رضا بعيد ميالد آخر ونرقص» (ص‪.)41‬‬ ‫أهلي البليد‪ ،‬وأنفاسهم المتأففة‪ ..‬أعلم أنني اخترت‬

‫‪60‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫و«طالب» في عالمه الورقي‪ ،‬يقع في حب «ريم»‪،‬‬


‫وه��ي الشخصية ال��روائ��ي��ة ال��ت��ي ل��م يخطط طالب أسرار عالقته بـ «سمر» التي يعرفها هو من موقعه‬

‫(الكاتب) لوجودها‪ ،‬وإنما‪ ،‬والكالم على لسانه‪« :‬حين كروائي‪ ،‬لكنه ال يلقى القبول من «جاسم» أو التفاعل‬ ‫شرعت بكتابة الفصل األول‪ ،‬ومن خالل وجودي في من طرفه معه؛ وهو ما يظهره الحوار الذي دار بينهما‬

‫المشاهد التي تجمع بين سمر وصديقها سليمان‪ ،‬بُعيد لقاء جاسم بسمر في الحديقة‪(« :‬كأنني أعرف‬ ‫سمعت سمر تأتي على ذكر صديقة لها اسمها ريم‪ ،‬المرأة التي كانت تجلس معك‪ ،‬هي تعمل في البنك)‪.‬‬

‫شخصية لم أكن خططت لها‪ ،‬شخصية جديدة راحت‬ ‫ت���ت���ش���كّ���ل أم�����ام�����ي‪.‬‬

‫(ج�����اس�����م ي�����روي‬

‫ب��ض��م��ي��ر المتكلم)‪،‬‬

‫ك��ن��ت أب��ق��ى ممسكاً‬

‫كنت أنظر إليه غير‬

‫تخبر سليمان عنها»‬

‫نفسي‪ :‬من أي��ن جاء‬

‫بأنفاسي‪ ،‬أتابع سمر‬ ‫(ص‪.)42‬‬

‫يتواعد‬

‫«طالب» (الشخصية‬ ‫ال��روائ��ي��ة) م��ع «ريم»‬

‫(وهي امرأة متزوجة‬ ‫وأم لثالثة أطفال)‪،‬‬

‫ويتوق كل منهما للقاء‬ ‫اآلخ���ر‪ ،‬غير أن هذا‬

‫م�����ص�����دق‪ ..‬ح��� ّدث���ت‬ ‫هذا النحس؟‬

‫‪ -‬قلت ل��ه‪ :‬أرجو‬

‫أن تبتعد عنّا‪.‬‬

‫‪ -‬بالتأكيد‪ ،‬أستاذ‬

‫جاسم‪.‬‬

‫وي���ن���س���ح���ب ه���و‪،‬‬

‫ال��ل��ق��اء ي��ظ��ل عص ّياً‬

‫ق����ال‪ :‬م��ع السالمة‪.‬‬

‫إل����ى ض������رورة إبقاء‬

‫(م��ع إبليس)‪ .‬تركني‬

‫الروائي وشخصياته‬

‫خ���ط���وات���ه الهادئة‪،‬‬

‫على التحقق‪ ،‬ما يشير‬

‫وف���ي ق��ل��ب��ي‪ ،‬رددت‪:‬‬

‫م��س��اف��ة ك��اف��ي��ة بين‬

‫ف���ي وق��ف��ت��ي ومشى‬

‫مهما ح���اول ‪ -‬وهو‬

‫ولحظتها قررت أنني‬

‫الكائن الحقيقي ‪( -‬اإلندغام) في عالمهم المتخيّل‪ ،‬سأتعامل معه بشكل مختلف لو ظهر لي في المرة‬ ‫وبناء عالقة «وهمية» معهم‪.‬‬ ‫القادمة» (ص‪.)74‬‬ ‫وخير مثال على ذل��ك‪ ،‬هو ما يحدث حين حاول‬

‫و«ط��ال��ب‪ /‬ال��روائ��ي» ال ينجح‪ ،‬ك��ذل��ك‪ ،‬ف��ي إقناع‬

‫«طالب الروائي» حشر أنفه في خصوصيات إحدى «سليمان» بطل الرواية‪ ،‬بضرورة زواجه من «سمر»‪،‬‬ ‫شخصياته‪ ،‬والتي يمثلها جاسم (ال��ذي يطل علينا فها هو ذا يقول‪(« :‬إذا أردت أن تختبر حبك إلنسان‪،‬‬ ‫من بين فصول الرواية‪ ،‬راوياً حيناً ومروياً عنه حيناً فجرب أن تعيش من دونه‪ ،‬فإن استطعت فاعلم أنك‬ ‫آخ���ر)‪ ،‬إذ يكشف «ط��ال��ب» ال��روائ��ي ل��ـ «ج��اس��م» عن ال تحبه‪ .‬الحب حاجة لآلخر‪ ،‬ف��إن انتفت الحاجة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪61 1428‬‬


‫انتفى)‪.‬‬ ‫(يرد سليمان‪ ):‬أنا ال أجبرها على شيء‪.‬‬ ‫(ي��ق��ول ط��ال��ب‪ ):‬ليس صحيحاً‪ ،‬ه��ي تحبك وال‬ ‫تستطيع تركك‪ ،‬وأنت تستغل ضعفها وتستغلها‪.‬‬ ‫(يرد سليمان‪ ):‬تتكلم عني وكأنني مجرم‪.‬‬

‫كنت أفكر أن الذي بيني وبين جاسم لن ينتهي‪ ،‬وأنني‬ ‫يجب أن أتنازل عن كرامتي قليالً‪ ،‬أبادر إلى االتصال‬ ‫به والتفاهم معه إلرجاعي إلى بيتي‪ ،‬وساعتها سنبدأ‬ ‫من جديد» (ص ‪.)115‬‬ ‫وتنتهي الرواية‪ ،‬كما بدأت‪ ،‬على لسان «سمر» التي‬ ‫تقرر مسار حياتها‪ ،‬وتختار‪« :‬لن أكرر تجربتي الفاشلة‬

‫ أتكلم عنك ألنك سليمان صديقي ال��ذي أحبه م��ع ول��ي��د‪ ..‬ج��اس��م ح��ش��ر نفسه ع��ن��وة ف��ي حياتي‪،‬‬‫وأحترمه‪ ،‬وألنك بطل روايتي‪.‬‬ ‫فرض تقربه فرضاً عليّ دون رغبتي‪ ،‬ظل يطاردني‬ ‫ دع��ك م��ن ال��رواي��ة اآلن» (ص‪ ،)203‬ويستمر كالمجنون‪ .‬مشيت شوطاً بائساً معه‪ ،‬لن أنج ّر خلفه‬‫الحوار دون أن يتمكن «طالب الروائي» من إقناع بطل وأورط نفسي‪ ،‬ال ش��يء يغريني فيه‪ .‬سأبقى طوال‬ ‫روايته الذي يبدو واعياً أنه شخصية ورقية‪ ،‬بفكرته‪.‬‬ ‫و«سليمان»‪ ،‬كما باقي شخصيات الرواية‪ ،‬يعاني من‬ ‫تجربة مرت به‪ ،‬وتركت آثارها القاسية على حياته‪،‬‬ ‫وشكلت منعطفاً في رؤيته للحياة‪ ،‬فقد تعرف إلى‬

‫عمري في عراك مع عبير وأهلي‪ .‬كيف سأنظر في‬ ‫وج��ه دالل التي أح��ب؟ سأدفن ما ح��دث بيني وبين‬

‫جاسم في طي ذاكرتي‪ ،‬ولن أعود إليه‪ .‬ليبحث عن‬ ‫امرأة أخرى غيري‪.‬‬ ‫الحادية عشرة وسبع وع��ش��رون دقيقة‪ .‬سأغلق‬

‫«دانة» أثناء دراسته في الخارج‪ ،‬وكانت تعاني بدورها‬ ‫من مشكالت عدة‪ ،‬أدّت في النهاية إلى انتحارها‪ ،‬ما هاتفي النقال ولن أر ّد على أي أحد‪.‬‬ ‫جعله يرى ‪ -‬بعد هذه التجربة ‪ -‬أن الزواج تملُّك؛ وهو‬

‫قلبي يخفق لسليمان‪ ،‬ويكفيني أن أحيا بقربه»‬

‫حين أحبّ «سمر» لم يكن يريد امتالكها‪ ،‬وإنما كان (ص ‪.)270‬‬ ‫يريدها أن تظل إلى جانبه فقط‪.‬‬

‫وأخ����ي����راً‪ ،‬ت���ح���اول ه���ذه ال����رواي����ة‪ ،‬ال��ق��ائ��م��ة على‬

‫ويستمر الروي على لسان «عبير»‪ ،‬المرأة التي لم التداعيات الذهنية واالعترافات‪ ،‬االقتراب من عوالم‬

‫تستطع‪ ،‬رغم أنها أستاذة جامعية‪ ،‬الحفاظ على زوجها الحياة المعلنة وال��س��ري��ة لنماذج م��ن ن��س��اء ورجال‬ ‫لعنادها وتكبرها‪ ،‬وه��ذه الشخصية التي تبدو من يعيشون في الكويت‪ ،‬يغلف حياتهم زمن خارجي وإطار‬ ‫خالل نظر الشخصيات األخرى في الرواية متسلطة مكاني محدد‪ ،‬ويُخرجهم من عزلتهم زم ٌن نفسي يتفهم‬

‫مغرورة‪ .‬ينكشف الجانب اآلخر من شخصيتها حين بوحهم اإلنساني المتدفق‪ .‬وتتماهي سياقاتُ حياتهم‬ ‫يتحوّل السرد على لسانها‪ ،‬ففيما هي تروي بضمير مع إشارات المرور التي كانوا يقفون عندها عند كل‬

‫المتكلم معاناتها‪ ،‬تبدو امرأة ضعيفة‪ ،‬مستعدة للتنازل منعطف حياتي يمرون به‪ ،‬يسترجعون ما مر بهم من‬ ‫عن كرامتها إرضاء لزوجها‪ ،‬وسعياً لرتق العالقة التي أحداث‪ ،‬وكأنما إشارات المرور محطات للوقوف مع‬ ‫تفككت خيوطها وما عاد باإلمكان رتقها‪« :‬ظهر اليوم‪ ،‬الذات ومراجعة المسيرة‪.‬‬ ‫< كاتبة أردنية‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫البناء الفني في الرواية السعودية‬ ‫دراسة نقدية تطبيقية‬

‫سمير أحمد الشريف‬

‫<‬

‫صدر للدكتور حسن حجاب الحازمي‪ ،‬كتاب‪( :‬البناء الفني في الرواية السعودية‪/‬‬ ‫دراسة نقدية تطبيقية)‪ ،‬في ‪ 756‬صفحة من القطع الكبير‪ ،‬موزعة على سبعة فصول؛‬ ‫شملت المقدمة‪ ،‬والتمهيد‪ ،‬ولمحة موجزة عن اتجاهات الرواية السعودية‪ ،‬ومفهوم‬ ‫البناء الروائي‪.‬‬ ‫في الفصل األول من الدراسة‪ ،‬تحدث الباحث عن أنواع الحدث‪ :‬رئيسي وثانوي‬ ‫وبنائه وفق نسق التتابع والتضمين والتناوب‪ .‬وفي الفصل الثاني تناول أنواع الحبكة‬ ‫من تقليدية وحديثة ومتماسكة ومفككة وبسيطة ومركبة؛ كما توقف مل ّياً أمام عناصر‬ ‫الحبكة‪ :‬البداية ووسائل التشويق والتدافع واإليقاع والتوقيت والنهاية‪.‬‬ ‫وفي فصل الدراسة الثالث‪ ،‬عرض لشخصيات في الرواية السعودية الرئيسية‬ ‫منها والثانوية‪ ،‬من حيث البناء واألبعاد الجسمية والنفسية واالجتماعية‪ ،‬والعالقة بين‬ ‫الشخصيات الرئيسة والثانوية‪ ،‬ودور كل منها في البناء الروائي‪.‬‬ ‫وخصص الباحث فصل دراسته الرابع للمكان في الرواية السعودية‪ ،‬وقد شمل هذا‬ ‫الفصل أنواع المكان كالمدينة والقرية والصحراء والبحر واألحياء والبيوت والمساجد‬ ‫وأمكنة الدرس والمقهى‪ ،‬كما تناول عالقة المكان بالحدث والشخصية وخاصة عندما‬ ‫يكون المكان مؤثرا في الشخصية وكاشفا عنها ومتأثرا بها‪.‬‬ ‫وشمل الحديث عن الزمن في الرواية السعودية فضاءات الفصل الخامس‪ ،‬وفيه‬ ‫تناول الباحث الزمن ماضيا وح��اض��را ومستقبال‪ ،‬مركزا على تقنيات االسترجاع‬ ‫واالستباق والزمن من حيث السرعة والبطء والتلخيص والحذف والمشهد والوقفة‪،‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪63 1428‬‬


‫إضافة لوقفة لدى الزمن التاريخي‪.‬‬ ‫حضور اللغة كان الفتا كما هو مفترض في أي‬ ‫جانب سردي‪ ،‬ولهذا كانت اللغة محطة‪ ،‬توقف الباحث‬ ‫أمامها بإسهاب في الفصل السادس ال��ذي تحدث‬ ‫فيه عن مستويات لغة السرد من تقريرية وتصويرية‬ ‫وتعبيرية وتسجيلية ومضمنة‪ ،‬متوقفا أمام بالغة اللغة‬ ‫السردية والحوار‬ ‫مناقشا مستوياته‪:‬‬ ‫ف��ص��ي��ح��ا وعاميا‬ ‫وم�����زي�����ج�����ا بين‬ ‫المستويين‪ ،‬والفتا‬ ‫ل���ع���ي���وب ال���ح���وار‬ ‫ك����ع����دم مالءمته‬ ‫ل����ل����ش����خ����ص����ي����ات‬ ‫وال���ب���ي���ئ���ة وط����ول‬ ‫ال���ح���وار المفرط‬ ‫واللجوء لمسرحة‬ ‫الحوار‪ ،‬مع إشارة‬ ‫متأنية للرمز‪.‬‬

‫‪1418‬ه����ـ‪ ،‬فألنها تشكل مرحلة ه��ام��ة ف��ي مسيرة‬ ‫الرواية السعودية‪ ،‬حيث شهدت تطورا كميا ونوعيا مع‬ ‫مالحظة ميل الكاتبين لهذا النوع للتجاوز التقليدي‬ ‫ومالمسة التجديد في سعي حثيث ودءوب لمسايرة‬ ‫التجربة العربية‪ ،‬ولكون التجارب السابقة على هذا‬ ‫التأريخ لم تروح فنيا شكل البدايات األولى عدا تجربة‬ ‫«دم������ن������ه������وري‬ ‫وإب�������راه�������ي�������م‬ ‫الناصر»‪.‬‬

‫م����ث����ل ه����ذا‬ ‫الجهد البحثي‬ ‫ال��ن��ق��دي القيم‬ ‫ي����ح����ت����اج إل����ى‬ ‫صبر ودراية لم‬ ‫ينقصا الباحث‬ ‫ال����ذي اعترف‬ ‫ب����م����واج����ه����ت����ه‬ ‫ل���������ب���������ع���������ض‬ ‫ال����ص����ع����وب����ات؛‬ ‫أن��واع ال���رواة في ال��رواي��ة السعودية كانت محور كضخامة المادة المدروسة (مئة رواية) خاصة وأن‬ ‫دراسة الفصل األخير‪ ،‬وفيه تناولت الدراسة الراوي بعض الروايات غير متوافرة في المكتبات المحلية‬ ‫الخارجي بضمير الغائب‪ ،‬والراوي الداخلي بضمير بسبب طباعتها في الخارج‪ ،‬وكذلك بعض المصادر‬ ‫والمراجع المهمة األم��ر ال��ذي دفع بالباحث للسفر‬ ‫المتكلم‪ ،‬ورواية األصوات‪.‬‬ ‫باحثا وجامعا لتلك المصادر والروايات‪.‬‬ ‫أما سبب اهتمام الباحث بهذا العنوان فيعود لكون‬ ‫وكما هي العادة في كل األبحاث الجادة‪ ،‬خرجت‬ ‫االهتمام بدراسة البناء الروائي في مقدمة األولويات‬ ‫التي يتناولها أصحاب االهتمامات السردية‪ ،‬ولكون الدراسة بخالصات سجلها الدكتور حسن الحازمي‪،‬‬ ‫البناء الروائي يشكل أس العملية النقدية على وجه وتستحق التقدير لعمقها وشموليتها ودقتها ومنها‪:‬‬ ‫ ال��رواي��ة ال��س��ع��ودي��ة سلكت ف��ي ب��ن��اء أحداثها‬‫اإلج���م���ال؛ وم���ن ج��ان��ب آخ���ر وج���د ال��ب��اح��ث عزوف‬ ‫الدراسات التي سبقته عن تناول هذا الجانب مجمال‪ ،‬األس��ال��ي��ب المعروفة وال��م��ن��وع��ة‪ ،‬غير أن غالبيتها‬ ‫وإن تناول بعضها عناصر محددة في معالجتها للسرد وظفت األسلوب التتابعي التقليدي في السرد‪.‬‬ ‫الروائي السعودي‪.‬‬ ‫ الحبكة الحديثة لم تغب عن بعض الروايات وإن‬‫أم��ا اختيار الباحث للفترة الممتدة من ‪ 1400-‬تفاوتت الروايات السعودية في تناولها للحبكة‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫‪ -‬ق��دم��ت ال���رواي���ة ال��س��ع��ودي��ة شخصياتها وفق ‪ 2-‬سيطرة البناء التقليدي‪.‬‬

‫م��ن��ظ��وري��ن أس��اس��ي��ي��ن‪ ،‬أول��ه��م��ا ت��ق��دي��م الشخصية ‪ 3-‬تسجيل الرواية السعودية لبادرة محاولة الخروج‬ ‫بطريقة تقليدية ترسم األبعاد الجسمية والنفسية‬ ‫من أسر التقليد باستخدام التقنيات المعاصرة‪.‬‬ ‫واالجتماعية للشخصية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬تحطم الطريقة‬ ‫‪ 4‬بروز ظاهرة التجريب لدى بعض األقالم لرجاء‬‫التقليدية وتجرد الشخصية من سماتها الرئيسة‬ ‫عالم‬ ‫حتى اسمها‪ ،‬وهذا النوع محدود جدا‪ ،‬مع مالحظة‬ ‫‪ 5‬ارت��ب��اط ال��رواي��ة ال��س��ع��ودي��ة بالمكان والحراك‬‫أن البعد النفسي واالجتماعي في رسم الشخصية‬ ‫االجتماعي السعودي وإخالصها لهما‪.‬‬ ‫كان لهما حضورهما الواضح‪.‬‬ ‫‪ 6‬أن الرواية السعودية بدأت أخيرا ومن خالل بعض‬‫ المكان في الرواية السعودية احتل مكانة بارزة‬‫النماذج‪ ،‬تفقد ما يميزها عن مثيالتها في العالم‬ ‫حتى إنه ليع ُّد من أهم عناصر البناء الفني الروائي‬ ‫العربي والعالمي‪ ،‬أال وهو لغتها المؤدبة وحياؤها‬ ‫حضورا لدرجة يمكن القول فيها إن المكان هو بطل‬ ‫الفطري كما في « شقة الحرية والعدامة» على‬ ‫ال��رواي��ة ب�لا م��ن��ازع‪ ،‬م��ا يؤشر على ارت��ب��اط الرواية‬ ‫سبيل التمثيل‪.‬‬ ‫السعودية ببيئتها بصورة ألصق في فترة الدراسة‬ ‫‪ 7‬إن بعض الروائيين وعلى الرغم من إصدارهم‬‫منها في روايات الفترات السابقة‪.‬‬ ‫ألكثر من عمل‪ ،‬ظلوا يراوحون مكانهم فنيا بال‬ ‫ عند دراسة الباحث للزمن في الرواية السعودية‪،‬‬‫تطور يذكر‪.‬‬ ‫الح��ظ أن تقنية االس��ت��رج��اع ك��ان لها حضورها مع ‪ 8-‬إن ع��ن��اص��ر ال��ن��ج��اح ال���ذي حظيت ب��ه الرواية‬ ‫تفاوت في التناول داخل الرواية الواحدة‪.‬‬ ‫السعودية يعود لبروز عنصر فني واحد وتفوّقه‪،‬‬ ‫وذل��ك على حساب كثير م��ن العنصر األخرى‪،‬‬ ‫ على صعيد الحوار‪ ،‬يسجل للرواية السعودية‬‫ومن هنا فال زالت الرواية السعودية دون مستوى‬ ‫توظيفها للحوار الفصيح بشكل الفت‪.‬‬ ‫النضج واالكتمال الفنيين‪.‬‬ ‫ توظيف الرواية السعودية للرواة انحصر في‬‫ه��ذا الجهد ال��م��وس��وع��ي ال���ذي اعتمد منهجية‬ ‫ال��راوي الخارجي كل المعرفة بضمير الغائب وهو‬ ‫علمية رصينة‪ ،‬إضافة لمدماك النقد السردي الجاد‪،‬‬ ‫األكثر استخداما‪ ،‬والراوي الداخلي بضمير المتكلم‬ ‫ولبنة إضافية لصرح العمل الدءوب الجاد‪ ،‬العتماده‬ ‫ورواي��ة األص��وات ‪/‬تعدد ال��رواة‪ ،‬ومن خاللها يظهر‬ ‫النقد التكاملي ال��ذي يعالج عناصر العمل الفني‬ ‫االهتمام بالتجديد وان كانت اإلفادة منه محدودة‪.‬‬ ‫جميعا وال يتناول واحدا منها كما هو العهد بكثير من‬ ‫ويقودنا ذلك إلى تسجيل بعض النتائج التي انتهت المعالجات المبتسرة‪.‬‬ ‫إليها الدراسة‪:‬‬ ‫عمل الدكتور حسن إضافة رصينة جادة للمكتبة‬ ‫‪ 1‬أن الرواية السعودية شهدت نماء كميا صاحبه النقدية‪ ،‬وهو بدراسته هذه يؤسس لمنهج تكاملي بتنا‬‫نفتقده في الدراسات السريعة‪.‬‬ ‫بروز مجموعة من األسماء‪.‬‬ ‫< ناقد من األردن‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪65 1428‬‬


‫النقد من الداخل‪ ..‬قراءة في كتاب‪:‬‬

‫احلرية والسرد‪ :‬قراءة في املنجز الروائي‬

‫لـ «يوسف احمليميد» للناقد صدوق نورالدين‬ ‫سعيد بوكرامي‬

‫<‬

‫(هذا ما يجعلك إنساناً‪ :‬الحرية !) زوربا‪ :‬نيكوس‬ ‫كزانتزاكي‪.‬‬

‫شروط المقاربة النقدية‪.‬‬ ‫ينطلق الناقد صدوق نورالدين في كتابه النقدي‬ ‫(السرد والحرية)‪ ،‬الصادر مؤخراً عن دار االنتشار‬ ‫العربي ببيروت‪ ،‬من أهداف محددة تجترح أدواتها‬ ‫التحليلية من النص الروائي نفسه‪ ،‬إذ يقارب أعمال‬ ‫يوسف المحيمد من ال��داخ��ل؛ فهي التي تستدعي‬ ‫قوالب تحليلية محددة ذات بعد ثقافي‪ ،‬يستعير مرجعيته من جدلية معرفية تصاحب‬ ‫وتتفاعل من النص الروائي‪.‬‬ ‫لكن ليس أي نص روائ��ي‪ ،‬وإنما ذلك الذي تتوافر فيه شروط محددة يعلنها كما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫ التفرد ويقصد به التميز االبداعي‪.‬‬‫ الحضور والقوة‪.‬‬‫ االعتدال في التجريب‬‫‪ -‬التجديد في المعاني واألفكار‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ ان���خ���راط ال����روائ����ي ف���ي ال��ك��ت��اب��ة ذات القيمة الذاتي والتمثل الثقافي واالجتماعي والجرأة ورهان‬‫المضافة‪.‬‬ ‫التجريب وال��م��وازاة بين القصة القصيرة والرواية؛‬ ‫لتحقيق االمتداد واالشعاع وكسر أنماط السلطات‪،‬‬ ‫ تجربة روائية متكاملة وشمولية‪.‬‬‫التي تحد من الحرية وفاعليتها‪ :‬سلطة السياسة‪،‬‬ ‫المنهجية النقدية‪:‬‬ ‫وسلطة الدين‪ ،‬وسلطة التقاليد االجتماعية‪..‬‬ ‫يقرأ ص��دوق نورالدين التشكل الروائي ليوسف‬ ‫في الواقع‪ ،‬يفتح كتاب صدوق قوساً كبيراً على‬ ‫المحيمد ب��اح��ث��ا ع��ن مختلف ال�����دالالت الممكنة ح��ال النقد العربي‪ ،‬ال��ذي يأتي النص م��ن الخارج‬ ‫الكامنة ف��ي النصوص ال��روائ��ي��ة‪ ،‬مستعمال أليات متدفقا دون قياس أو احتباس‪ ،‬فيصيب النص ما‬ ‫ال��ف��ه��م وال��ت��ف��س��ي��ر والتأويل‪.‬‬ ‫أص���اب أه��ل م���أرب م��ن دمار‬ ‫مستعينا ب��ال��م��ن��ه��ج المقارن‬ ‫وشتات‪.‬‬ ‫ب��ي��ن ت��ج��ارب روائ��ي��ة موازية‪،‬‬ ‫إن رهان صدوق على النقد‬ ‫والروايات األربع‪( :‬لغط موتى‪،‬‬ ‫الداخلي الذي يشتغل به منذ‬ ‫وف��خ��اخ ال��رائ��ح��ة‪ ،‬والقارورة‪،‬‬ ‫س���ن���وات ف���ي إط�����ار منهجية‬ ‫ونزهة الدلفين)‪.‬وهي منهجية‬ ‫تحليلية للنصوص السردية بدأ‬ ‫م��ف��ت��وح��ة ل��ل��ق��راءة التفاعلية‬ ‫يعطي ثماره في هذا الكتاب‪،‬‬ ‫والتأويل البحثي والمستقصي‬ ‫المتكامل برؤيته النقدية ومتنه‬ ‫لمنجز روائ����ي م��ق��روء قراءة‬ ‫السردي المتميز‪.‬‬ ‫ج��ي��دة‪ ،‬ت��خ��ل��ص م��ث�لا إل���ى أن‬ ‫إن تركيز صدوق على هذه‬ ‫ال��م��ن��ج��ز ال���س���ردي للمحيمد‬ ‫الرباعية الروائية له ما يبرره‪،‬‬ ‫راهني‪ ،‬ويندفع نحو المستقبل‬ ‫إذا ما علمنا أن الرواية العربية‬ ‫ببنائه الجمالي وحسه االنساني‬ ‫ع���ام���ة وال����رواي����ة الخليجية‬ ‫وال��ن��ق��دي‪ ،‬ال���ذي ي��راه��ن على‬ ‫خ��اص��ة ت��ع��رف ح��راك��ا مهماً‪،‬‬ ‫ال���رف���ع وال���دف���ع بموضوعة‪:‬‬ ‫وبالتركيز عليها وحدها يمكن‬ ‫(الحرية)‪ ،‬فشخصياته تتوق إلى الحرية من عوالم‬ ‫أن ن��ق��وّم وضعيتها األدب��ي��ة وعوالمها االجتماعية‪.‬‬ ‫الكآبة والفقد والعزلة واالنغالق‪.‬‬ ‫ليست طبعا صورا نمطية‪ ،‬بل هي تتعدى ذلك إلى‬ ‫الرهان النقدي‬ ‫جرأة صادمة وتجريبية جمالية واعية ونقد اجتماعي‬ ‫ي��راه��ن الناقد ص��دوق ن��ورال��دي��ن ف��ي كتابه على الذع‪.‬‬ ‫ال��ج��دة ال��ت��ي أت��ى بها ي��وس��ف المحيمد‪ ،‬واالضافة‬ ‫ودعوني في الختام أق��ول إن ما من نص روائي‬ ‫الروائية المتميزة بحسها الجمالي وابتعادها عن جيد إال ويخلق قراءة ونقدا جيدا‪ .‬وما من نص روائي‬ ‫الفضائحية التجارية‪ .‬لهذا تعد‪ ،‬عالمة فارقة في ثري بثقافته ووعيه السردي والجمالي‪ ،‬إال ونتعلم منه‬ ‫مسار التجربة السردية العربية ألنها تعتمد التخييل مناهج جديدة في القراءة والحياة‪.‬‬ ‫< ناقد من المغرب‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪67 1428‬‬


‫احتضار‬ ‫عبدالعزيز الشريف‬

‫إلى‪ /‬عيد الخميسي‬

‫أسود مليء بتجاعيد المتعبين‪.‬‬

‫ه�����ذي ال����ن����واص����ي غ�����رق�����ى‪ ..‬كشقوق‬

‫اآلن‪..‬‬

‫التوابيت‬

‫يطفح كمدينة العار‪.‬‬ ‫‪2004/5‬‬

‫التي أذنت في الرحيل‪.‬‬ ‫عند احتضار الفراشات يا صديقي‪.‬‬ ‫ترشق طاولة وصبية دمى كخيمة ثلج‪.‬‬ ‫ضع عقارب زمنك خارج عشب‪..‬‬ ‫صدرك‪.‬‬ ‫كل بهجة والثانية ألف عام مما يعدون‪.‬‬ ‫فزوايا الظالم عيدنا الوحيد‪.‬‬ ‫بقي في جيبك األبيض من أظافر‬ ‫المرأة‪//‬المر‪.. ..‬‬

‫ش������ع������ر‬ ‫‪68‬‬

‫تعبد‬ ‫غريب شبق هذا الصباح‬ ‫ينهض نحو الفضيلة‪..‬‬ ‫تمدد شرايينه‪..‬‬ ‫يختفي داخل ليل‪..‬‬ ‫ساخن‪.‬‬

‫كم‪..‬‬

‫ليل ‪..‬‬

‫‪2005/11‬‬

‫<<<‬ ‫الوطوبة تتخلق اآلن‪..‬‬ ‫وجه للحياة‪.‬‬

‫<<<‬

‫ملقي في الشارع المقابل‪..‬‬

‫لذة كتعري الشوارع التي‪. ..‬‬

‫يعد خيوط الصمت ألعود أغتسل‬

‫تقرأ‪..‬‬

‫بطهور الضالالت‪.‬‬

‫كتابها‪.‬‬

‫كل صباح يخرج من جيبه كالم‬ ‫< شاعر من السعودية‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫<‬

‫‪2006/8‬‬


‫غزلية‬

‫أمينة املريني <‬

‫شادن في الدياجي‬

‫معه روحنا‬

‫راقصا‬

‫رنا‬

‫ما له ولنا‬

‫فا نيا‬

‫ما له والضنى‬

‫فاتنا‬

‫يغنم الزمنا‬

‫و لنا‬

‫فاتكا‬

‫وكئوس الجوى‬

‫زا دنا بعده‬

‫نمتطي بحره‬

‫شعشعت راحها‬

‫شغفا‬

‫نحرق السفنا‬

‫ذوبت روحنا‬

‫زادنا قربه‬

‫<<<‬

‫شجنا‬

‫انجن به شاهدا‬

‫كلما ساقنا‬

‫غائبا‬

‫حسنه نحوه‬ ‫باعدت حجبه‬ ‫خطونا‬

‫ونشيد له قلبنا‬ ‫مدنا‬ ‫ونهيم به ال نرى‬

‫زمنا‬

‫غيره‬

‫<<<‬

‫ويكا شفنا‬

‫في الزجاج سنا‬ ‫ما رأى ليلنا‬ ‫مثلنا فرحا‬ ‫أو رأى نجمنا‬ ‫مثلنا حزنا‬ ‫أو همت أعين‬ ‫في هوى كالذي ساقنا‬ ‫في الدجى عنده رهنا‬

‫<<<‬

‫موغال في الفتون‬

‫فيرى غيرنا‬

‫دنا‬

‫ونضن بسر الهوى‬

‫ليته‬

‫ورمى سحره‬

‫ال نبوح به‬

‫يصطفي طيننا‬

‫شركا وانثنى‬

‫ثم يفضح من نارنا‬

‫لؤلؤا‬

‫وانجلى بيننا‬

‫سرنا‬

‫فنرى بالسنا‬

‫سافرا‬

‫لو رأى مالكي‬

‫في الورى‬

‫باسما‬

‫جمعنا والها‬

‫فاتنا‪.‬‬

‫واختفى آسرا‬

‫وامقا‬

‫< شاعرة من المغرب‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪69 1428‬‬


‫وجوه‬ ‫وائل السمري‬ ‫أجتاز الشارع عبر وجوه‬

‫ذاك الوجه الحجري ويسألني‬

‫تخبرني‬

‫عمن يمشي في الصبح على أربع؟‬

‫أن الوجه حقائب‬

‫عمن يبكي حين يغني؟‬

‫أن الوجه مراتب‬

‫عمن عمَّ د نور الصبح‬

‫أن الوجه مرايا‬

‫فما صلبوه‬

‫نتبادل دور الرائي‬

‫يأخذني‬

‫حينا‬

‫ذاك الوجه‪/‬البنت‬

‫ثم نتوه‬

‫<<<‬ ‫أجتاز الشارع عبر وجوه‬ ‫مثقلة‬

‫يمسحني ‪ ..‬ويطيبني ‪ ..‬ويعلمني‬ ‫كيف أرتل بوح الوجه‬ ‫وكيف ُأأَوِّل رؤيا الوجه‬ ‫ويجعلني‬

‫بغبار الرحلة‬ ‫بين الوجه‪/‬اللفظ‬ ‫وبين الوجه‪/‬المعنى‬ ‫تشكل موسيقاها‬

‫فوق خزائن فيض الوجه حفيظا‬ ‫ويفاجني‬ ‫حين يقول بأني‬ ‫في مملكة األوجه‬

‫من خفقة قلب‬

‫صرت الشارع‬

‫من ردة طرف‬ ‫من وقع القدم المستسلمة لجذب األرض‬ ‫فتأسى حينا‬

‫فيّ‬ ‫ستسبح‬ ‫بعض وجوه‬

‫ثم تموه‬

‫<<<‬

‫<<<‬ ‫أجتاز الشارع‬

‫تجتاز الشارع‬

‫يستوقفني‬

‫بعض وجوه‬

‫< شاعر من مصر‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫<‬


‫لست إال الرسول‬ ‫ُ‬ ‫أحمد املال‬

‫<‬

‫و ألنني‬ ‫أش ُّد نحوال ًمن صيحةِ الناي في الوديان؛ أبطأتُ عن صوتِها‪ .‬فالتهبتْ شمعة‬ ‫صدفة ًقربَها‪ ،‬لم أج َد‬ ‫العشب وارتعَشَ تْ غابة ٌ عبرتْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُصدرها‪ ،‬سا َل عس ٌل على‬ ‫ثوب غابَ ولم يتبقَّ من رئتيها كِ سَ ُر زجاج ٍ وال برق‪ ،‬سبقتني خطىً‬ ‫ريشا ً وال أث َر ٍ‬ ‫بالضباب وأعادتْ الرجفة إلى األعشاش ِوالنوافذ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وري ٌح مشطتْ السه َل‬ ‫أين أخ��ذتْ بك ِّل أغصانِها؟ أيُّ فأس ٍأف��رغ َالهوا َء حتى هوى؟ أطل َق حشرجة‬ ‫َال��روح ِ‪ ،‬تلك التي فتَّ الحصى تشبُثُ حطبـ ِها؟ حطبٌ مسحوبٌ من شعر ِه في‬ ‫انتفاض ِالغبار ِ‪.‬لم يلم َح الرعاة ُأجراسَ ها‪ ،‬ناديتُ عربة َالشمس لتبطئَ ‪ ،‬عباءة َ‬ ‫ِوذهب‬ ‫ِ‬ ‫الليل ِلتتخفـ َِّف بأقمارها وزفرةَ الضباب‪ .‬بحثتُ من عل ٍ عن صفير ِ النار‬ ‫أعراف الدخان‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الكهوف‪ ،‬عن رنينِ اللهب ِفي عروق ٍ لم تز ْل خضرا َء وعن‬ ‫ِ‬ ‫اقتفيتُ الرمادَ‪ ،‬تبعتُ ما تطاي َر في الريح ِمن بُرادةٍ وسألتُ النجّ اري َن وتوسَّ لتُ‬ ‫أسنا َن المنشار‪.‬‬ ‫لم أكن أط ُر ُق األبوابَ يا ساكني المنازل‪ .‬لم أترُكَ نضرتي في ُدر َِف النوافذِ‬ ‫شوكة عابرةٍ في الطريق نُصرَة ًللحفا ِة و ال بي َن‬ ‫ٍ‬ ‫ّش عن‬ ‫لتبل َل االنتظار ِولستُ أفت ُ‬ ‫الخشب‪،‬ابتها ٌل‬ ‫ِ‬ ‫جنبيَّ كتاب؛ جئتُ في ابتهال ٍ تعرف ُه الثكلى التي أطلتْ من شقوق ِ‬ ‫صبر ِالشيوخ‬ ‫ِالشيب في َ‬ ‫ِ‬ ‫ُخلف شبّاكِ ها‪ ،‬ابتها ٌل يتمرَّغ ُفي أحضان‬ ‫َ‬ ‫الصبيَّة‬ ‫ترقبُ ُه َ‬ ‫ِوفي ذاكر ِة األرامل ِ‪.‬ابتها ٌل زادتْ الوجوهُ سمرة َحنينهِ وأنح َل الفق ُد عصاه‪.‬‬ ‫لستُ إال الرسولَ‪،‬‬ ‫حمَّلتني الحقو ُل بثمرةٍ نشفَتْ في نداءِ ضالـ َّتها‪:‬‬ ‫أينك أيّتها الشجرة؟‬ ‫ِ‬

‫< شاعر من السعودية‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪71 1428‬‬


‫حلن الوهن‬ ‫علي العلوي‬ ‫هذا سرير ك ال يكلمني‬

‫وفي عيني بقايا دمعة ساحت‬

‫وال يدنو من الجدران أو مني‬

‫على جفن الرخا ْم‬

‫وهذا سرك المدفون في جفني‬ ‫أقول لك السالمُ‬ ‫فتعبر األيام من خلفي‬

‫انتظرت‬ ‫ُ‬ ‫بالقرب من يدك‬ ‫وما نظرت إلى الدمارِ‬

‫ويرتبك الكال ْم‬

‫بقيت أحبو مثل عصفورٍ‬

‫وأقول للظل السالمُ‬

‫على سفح الجدا ْر‬

‫فتختفي عيناي في وجه الغما ْم‬

‫ألبرد يمحوني‬

‫وأقول لليل السالمُ‬

‫ووجهك ظل يمنحني‬

‫فتنتفي األلوان من حولي‬

‫لهيبا دون نا ْر‬

‫ويرتحل الحما ْم‬

‫ألنار تعبرني‬

‫<<<‬ ‫سأعود بعد غد إلى وطني‬ ‫ألنتظر القطارات التي‬ ‫ستمر ثانية‬

‫عن صدر النها ْر‬ ‫إليك‬ ‫الحزن يأخذني ِ‬ ‫وصمت هذا االحتضارِ‬

‫<<<‬

‫سوف أحصيها‬ ‫وأحصي بعدها سحب الركا ْم‬

‫<<<‬ ‫سأعود من كفني‬ ‫< شاعر من المغرب‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫ودمعك يمسح األحال َم‬

‫يشدني وسط الديا ْر‬

‫بالقرب مني‬

‫‪72‬‬

‫<<<‬

‫من يا ترى سيعيد أسئلتي‬ ‫على أرجوحة الذكرى؟‬ ‫ومن سيعب نار قصيدتي‬ ‫لما يطول االنتظارْ؟‬

‫<‬


‫في املقـهــى‬ ‫طارق فراج‬ ‫العشق‬

‫وامرأة عاشقة‪..‬‬

‫ندوب وجروح‪..‬‬

‫من بين أصابعها‬

‫أفئدة‬

‫يتفجر شوقا رقراقا‬

‫تغدو‪ ..‬وتروح‪،‬‬

‫تلتفت أصابعه‬

‫وعيون تنشر فتنتها‬

‫وتحث الخطوة نحو النبع‬

‫في أفق الروح‬

‫لكي تشرب‬

‫<<<<‬

‫<<<<‬

‫امرأة عاشقة‬

‫في ركن المقهى أغنية‬

‫جلست في ركن المقهى‪،‬‬

‫تتمايل طربا‬

‫فاختلج المقعد‪،‬‬

‫وأياد تلعب‬

‫ارتعشت أضلعه‪،‬‬

‫وشفاه تشرب !!‬

‫انسابت أدمعه‪، ..‬‬

‫في ركن المقهى‬

‫وتمنى‪..‬‬

‫عصفوران جميالن‬

‫لو ينظر في عينيها !!‬

‫يطيران بال أجنحة‬

‫<<<<‬ ‫في ركن المقهى‬

‫<‬

‫ودماء دافئة‬ ‫تنساب بال أسلحة‪.‬‬

‫يجلس رجل عاشق‪،‬‬

‫< شاعر من مصر‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪73 1428‬‬


‫اللص‪..‬‬ ‫عمار اجلنيدي‬ ‫هذيان الشعر ؛‬ ‫ِ‬ ‫هزيع متأخر من‬ ‫ٍ‬ ‫في‬ ‫خطوات ؛‬ ‫ٌ‬ ‫دهمتني‬ ‫للت ِّو وللّحظه‬ ‫اللص‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عرفت‬ ‫ُ‬ ‫صديق‬ ‫ٌ‬ ‫أدمنَ كس َر مراياي‬ ‫حتى ال يبص َر فيها وجهه‪..‬‬ ‫صديق‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫بنعش القصيدة‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫الوجع‬ ‫ِ‬ ‫يدق مسامي َر‬ ‫ما زال ُّ‬ ‫للوطن‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يغافِ لُني دوم ًا وأنا أدندنُ أغنيةً‬ ‫فيم ُأل تقرير ًا أسود‪.‬‬ ‫الحج ِاج على أشعاري‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ويوغرُ صد َر‬ ‫وألن القهو َة‬ ‫توقظهُ من سكرته‪،‬‬ ‫وتشعلُ فيه الرغب َة أن يسم َع شيئ ًا‬ ‫هذيان الشعر ؛‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ظلّ يعيّرني بأن القهوةَ‪:‬‬ ‫ قهوة أمي ‪-‬‬‫مرّه‪..‬‬ ‫ذاك اللص ؛‬ ‫أشفقت عليهِ كثير ًا‬ ‫ُ‬ ‫حين سطا ذاتَ ظالمٍ على كينونة بيتي‪.‬‬ ‫أيقظني من صحوي‪.‬‬ ‫< شاعر وقاص من األردن‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫<‬

‫أشه َر مديتهُ المجنونة في وجهِ ارتباكي‪،‬‬ ‫ورجاني أن أعطيهِ كنوزي‪..‬‬ ‫مددت يدي تحت سرير ِ األيامِ ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫لهُ‬ ‫أخرجت كنوزي‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قصاصات مترعةً بالشعرِ‬ ‫ٌ‬ ‫سنوات من قهري‪. ..‬‬ ‫ٍ‬ ‫سهرت عليها‬ ‫ُ‬ ‫مزّقها‪.‬‬ ‫حروف اللغةِ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و تحت حوافرِ جهله نث َر‬ ‫ترك الغرف َة غارقة بالنكران‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ومضى‬ ‫يسب ويلعن‪..‬‬ ‫وهو ُّ‬ ‫لكنه عاد؛‬ ‫لم يمهلهُ الحقدُ طويالً‪.‬‬ ‫عا َد وقد‬ ‫أكلت مديتهُ المجنونة جزء ًا من قلبه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ولكي يثبتَ حسنَ النيّة ؛‬ ‫سلّمني المدي َة‬ ‫ترشحُ بدماءٍ سوداء‪،‬‬ ‫ثم ؛‬ ‫بأعلى صوته نادى‬ ‫كل الجيران !!‬


‫البعد واحلرمان‬ ‫محمود عبدالله الرمحي‬ ‫نسيت ال��ح��بَّ ي��وم��ا بعدما‬ ‫ِ‬ ‫أ َو ه�� ْل‬ ‫م���ن���ذ ال���ط���ف���ول���ة وال�����ف�����ؤا ُد مُ����لَ����و ٌع‬ ‫ي���ا م���ن ع��ش��ق��تُ ه���واك��� ُم ي���وم���اً أنا‬ ‫وت������ب������دل������تْ آالمُ�������������ه ب��������سُ ��������رور ِه‬ ‫س����اد ال���س���ك���و ُن ل���ق���ا َءن���ا‪ ،‬ل���ك��� ْن به‬ ‫أنَّ ال���ق���ل���وبَ ت��ع��ل��ق��تُ فتعانقتُ‬ ‫�����رت‪ ..‬وأي��� َن ك��ان لقاؤُنا‬ ‫أو ه��ل ذك ِ‬ ‫�����رت غُ���� ُد َّون����ا ورَواحَ ���ن���ا‬ ‫أ َو ه��� ْل ذك ِ‬ ‫ن��ل��ه��و ون����م����ر ُح وال����س����ع����ادةُ حولنا‬ ‫ي���ا م���ا س��ع��دن��ا ف���ي ح���دي ٍ���ث شي ٍِّق‬ ‫م����ازل����تُ أح���ي���ا ي���ا ح��ب��ي��ب بحبكم‬ ‫�������وم ج���م��� ْع���ن���ا م����ر ًة‬ ‫ل���ه���ف���ي ع���ل���ى ي ٍ‬ ‫أ َو ه���� ْل ي���ع���ود ف��ي��ن��ج��ل��ي كابوسُ نا‬ ‫ل��ه��ف��ي ع��ل��ى ح���ل ٍ���م أران������ي طيفكم‬ ‫����ش أن�����ا ع���ل���ى ذك����راك���� ُم‬ ‫ح���ق���اً أع����ي ُ‬ ‫����ك وليتَ ُه‬ ‫ق����د ه�������زهُ ش�������و ُق إل����ي ِ‬ ‫����واك‪ ،‬وف��ي ال��ف��ؤادِ ودائماً‬ ‫يبقى ه ِ‬ ‫إ ْن عَ ����� ََّز ي��وم��ا ي���ا ح��ب��ي��ب لقاؤك ُم‬

‫<‬

‫ك����ن����ا س������وي������اً ن������ك������رهُ النسيانا‬ ‫ط�����ال ال����ب����ع����ا ُد وزادن��������ي حرمانا‬ ‫��ي األح���زان���ا‬ ‫ع��ش��ق��اً أذابَ ب��ق��ل��ب َ‬ ‫ي������و َم ال��ت��ق��ي��ن��ا‪ ،‬وال���ت���ق���تْ عينانا‬ ‫��وب‪ ،‬وق���د غ���دا إيذانا‬ ‫��س ال��ق��ل ِ‬ ‫ه��م َ‬ ‫���ش ه����واك���� ُم وهوانا‬ ‫وغ�������دتْ ت���ع���ي ُ‬ ‫�������رت ل���ق���ا َءك���م ولقانا‬ ‫أو ه���� ْل ذك ِ‬ ‫ن��ح��و ال���ك���روم‪ ،‬وق���د حَ ���ل���تْ دُنيانا‬ ‫ي���ا م���ا ق��ط��ف��ن��ا ال����خ����و َخ والرمانا‬ ‫م���ن���ي وم����ن����ك‪ ،‬ف��ن��س��ب�� ُق األزم����ان����ا‬ ‫ح�����ب�����اً أراهُ ه����ن����اءك����م وه���ن���ان���ا‬ ‫أو ه���ل ي���ع���و ُد ف��ي��ط��رد األح���زان���ا‬ ‫ويُ������������زال ه�������مٌّ س�����ادن�����ا وغ�����زان�����ا‬ ‫���ف م��ن��ك ي���ع���ودن���ي أحيانا‬ ‫وال���ط���ي ُ‬ ‫وال����ق����ل����بُ زا َد م���ح���ب��� ًة وحنانا‬ ‫م�����ا ك������ان ل����ي����تَ ك������ َأنَّ������ ُه م�����ا كانا‬ ‫م����ا ق����د ح���ي���ي���تُ ‪ ،‬مُ�����ؤَّمِ ��ل��ا لقيانا‬ ‫أرج�������و ب����حُ ����ل ْ ٍ����م أن ي����ك����ون لقانا‬

‫< شاعر أردني مقيم بالسعودية‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪75 1428‬‬


‫َ‬ ‫س مشروعه الفكري‬ ‫س َ‬ ‫عالِم وأكادميي أ ّ‬ ‫والثقافي على اإلميان بوحدة التراث‬ ‫واملعرفة اإلنسانية‬

‫> حاوره‪ :‬جعفر العقيلي‬

‫<‬

‫يصعب على امل��رء ال��ذي يتح ّلى بروح‬

‫التلمذة – وإخالُني كذلك ‪ -‬إالّ أن تتلعثم‬

‫حروفُه وترتبك كلماتُه فيما هو يكتب عن‬ ‫أستاذه‪ .‬وهكذا هي حالي مع أستاذي‪ ،‬وأستاذ‬

‫اجليل‪ ،‬أطال الله في عمره‪« ،‬أبي بشر»‪،‬‬

‫أح َ‬ ‫ظ باجللوس‬ ‫أ‪.‬د‪.‬ناصر الدين األسد‪ ،‬الذي لم ْ‬ ‫على مقاعد الدرس أتتلمذ عليه‪ ،‬وهو العالِم‬

‫املوسوعي‪ ،‬املفكر والباحث‪ ،‬األكادميي واحملقق‪ ،‬ال مترجم والشاعر‪،‬‬ ‫ضت عن ذلك مبا استطعت؛ فقرأت على‬ ‫والدارس اللغوي‪ ..‬ولكني ع ّو ُ‬

‫مهلٍ ‪ ،‬ما تيسر لي من مؤلفاته‪ ،‬وما وُضع عنه من كتب ومقاالت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أفك اخلط‪ ،‬وأفهم املراد من الكلمات‪.‬‬ ‫منذ بدأت‬

‫م��واج��ه��ات‬ ‫‪76‬‬

‫وألن مجالس َة د‪.‬األس��د‪ ،‬فرص ٌة يا لَسَ ْع َد مَن تُتاح له فيغتنمها! وج ْدتُني أسعى إلى‬ ‫بنصيب أكب َر من ذلك‬ ‫ٍ‬ ‫هنيهة فيها‪ ،‬وإن كنتُ استأثرتُ‬ ‫ٍ‬ ‫اغتنامها ما وسعني األمر‪ ،‬حتى آخر‬ ‫الذي أ ُتيح ألستاذي في الحديث‪ ،‬ربما ألنه كان وما يزال لديّ الكثي َر مما أود‪ ،‬أو ينبغي‬ ‫أن أقولَه‪ ،‬ولديه القلي ُل من ثمينِ وقتهِ ليمنحني إياه‪ .‬فالرجل‪ ،‬ما يزال يواظب على تسيير‬ ‫وعناد ق ّل مثيل ُهما‪ ،‬يليقان به وح َدهُ وهو الذي ال يفتأ يدعو الله‪« :‬اللهم‬ ‫ٍ‬ ‫بإصرار‬ ‫ٍ‬ ‫شؤون عمله‬ ‫ال خفيفاً‪ ،‬وإنما أسألك ظهراً قوياً»‪ .‬إذ يمكث األسد في مكتبه صبيحة‬ ‫إني ال أسألك حم ً‬ ‫كثب ما تيسر له من شؤون‬ ‫كل يوم‪ ،‬حا ّف ٌة به الكتب من كل جانب؛ يكتب‪ ،‬ويقرأ‪ ،‬ويتابع عن ٍ‬ ‫المشهد الفكري والثقافي‪ ،‬المحلي والعربي والعالمي على السواء‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫د‪.‬ن��اص��ر ال��دي��ن األس���د‪ :‬ح�ين يستسلم امل��رء‬ ‫للرضا يفقد التطلع إل��ى م��زي��د م��ن اإلت��ق��ان‬

‫ولعل أكثر ما يترك وق َع ُه الطيبَ في نفسي‪ ،‬وتنصرف‬ ‫ويتحصل فيه إعجابي‪ ،‬هو حرص األسد‬ ‫ّ‬ ‫إليه عنايتي‪،‬‬ ‫على التحدث بالفصيحة (كنت أظنها الفصحى حتى‬ ‫صحّ حها لي)‪ ،‬واستماعه إلى من يجلس إليه أو يكلّمه‬ ‫حتى النهاية قبل أن ي��ر ّد عليه أو يجيب عن أسئلته‬ ‫وتقليب لها من وجوهها كافة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بت َر ٍّو وتأم ٍّل في المسألةِ‬ ‫وبشاشة تخالط ابتسامة الرضا التي تكاد ال تفارق‬ ‫ٍ‬ ‫تواضع هو‬ ‫ٍ‬ ‫ال من‬ ‫جانب ما يبدو منه أصي ً‬ ‫ِ‬ ‫محيّاه‪ ،‬إلى‬ ‫سم ُة العلماء الذين إن نطقوا ينطقون ال ُّد َر َر حسْ ب‪ ،‬أو‬ ‫حين فكرت في الموضوع وب��دأت كتابته لم يكن‬ ‫يؤثْرون الصمتَ ‪ ،‬وفيه بالغ ٌة كتلك التي تتأتى للكالم يخطر ببالي أن يكون بحثي رداً على د‪.‬طه حسين في‬ ‫إ ْن أ ُحسن استخدامُه‪.‬‬ ‫كتابه «في الشعر الجاهلي»‪ ،‬ألن هذا الكتاب قد نال‬ ‫ل��ن أس��رد هنا بيبلوغرافيا تفصيلية لما تسنّمه حظه وافراً من الردود عند صدوره وخالل السنوات‬ ‫األس�����د‪ ،‬وم���ا أُس���ن���د إل��ي��ه م���ن م��ه��ام ج��ل��ي��ل��ة‪ ،‬وس���ردِ التالية‪ ،‬وألنه كتابٌ ‪-‬في تقديري‪ -‬ليس فيه من العلم‬ ‫تأثير كبير في الحياة الفكرية في‬ ‫ٍ‬ ‫المحطات الكثيرة المضيئة في مسيرته‪ ،‬فهذا شأ ُن شيء وإن كان ذا‬ ‫المفهرس والمؤرخ‪ ،‬ومثل هذه المعلومات على أية حال مصر وس��ائ��ر ال��ب�لاد العربية بسبب م��ا أح��دث��ه من‬ ‫مصدر ورقي أو إلكتروني لمن شاء‬ ‫ٍ‬ ‫متوافرة في غير‬ ‫تحريك للجمود والتقليد والنمطية التي كانت تسود‬ ‫ٍ‬ ‫العودة إليها واالستزادة منها‪ ،‬ولكني قبل أن أترككم معظم جوانب تلك الحياة الفكرية‪ ،‬والكتاب كذلك‬ ‫مع أسئلتي وأجوبة األسد عنها‪ ،‬سأترك قلمي يواصل مليءٌ باألحكام المطلقة والنتائج التي ال تترتب على‬ ‫بدفق حقيقي ص��ادق من‬ ‫ٍ‬ ‫اندفاعَ ه على ال��ورق فوّاحاً‬ ‫علمية صحيحة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عقلية أو‬ ‫ٍ‬ ‫مقدمات‬ ‫ٍ‬ ‫التقدير الخالص‪ ،‬ومن مشاعر الرهبة التي ها هي‬ ‫أما ما كان في تفكيري حين بدأت مشروعي فهو أن‬ ‫ال علمياً لمناهج البحث في تاريخ الرواية‬ ‫ذي تنتابني وأنا أكتب للرجل‪ ،‬وأكتب عنه‪ ،‬وهو المثقف يكون تأصي ً‬ ‫العضوي والعالِم المسلم‪ ،‬والقامة الرفيعة في عالم الشفهية والكتابية للشعر الجاهلي وتأسيساً ألصول‬ ‫الثقافة واألدب‪ ،‬خبر ًة وتجرب ًة ومسيرةَ حياة‪.‬‬ ‫البحث في هذا الموضوع‪ .‬وكان ال بد أن يجيء كل ذلك‬ ‫األث��ر في تصويب بعض اآلراء التي قيلت في الشعر‬ ‫الجاهلي‪ ،‬والذي عدّه د‪.‬أحمد خطاب العمر – وكثيرون‬ ‫غيره– مرجعاً فريداً لم يستطع أي باحث إلى اآلن‬ ‫ال عن منابع تلك الشجاعة‬ ‫تجاوزه‪ .‬ماذا لو حدثتنا قلي ً‬ ‫التي دفعتك إلى التصدّي ألستاذك طه حسين‪ ..‬وكيف‬ ‫تصرفتَ إزاء ما استتبعه ذلك أو كاد يستتبعه من ردود‬ ‫فعل غاضبة‪ ،‬دون أن أغفل هنا أن كتابك وُصف على‬ ‫الدوام بالموضوعية والخطاب العلمي الرصين؟‬

‫ما يزال كتاب طه حسين حول الشعر الجاهلي مثار‬ ‫حديث وج��دال رغم ص��دوره قبل ثمانية عقود‪ ،‬وكلما‬ ‫ذُكر هذا الكتاب ذُكر إلى جانبه كتابك «مصادر الشعر‬ ‫الجاهلي وقيمتها التاريخية» (‪ ،)1955‬الذي له عمي ُق‬

‫بالضرورة رداً على كتاب «في الشعر الجاهلي»‪ ،‬وقد‬ ‫فَهِ َم الذين قرأوا الكتاب هذا الفهم الذي لم أقصده‬ ‫ابتدا ًء وكذلك فهمه د‪.‬طه حسين في بداية األمر وجاء‬ ‫رد فعله غ��اض��ب��اً‪ ،‬ولكنه م��ا لبث أن استبان حقيقة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪77 1428‬‬


‫كتابي وطريقتي في البحث ففاء إلى الهدوء والرضا ال الحفاظ عليها من أيدي العابثين وغير الغيورين‬ ‫وأسمعني أطيبَ الثناء عليه‪.‬‬ ‫ع��ل��ى أهمية ذل��ك بالتأكيد‪ -‬ب��ل أي��ض�� ًا إل��ى علماء‬‫< كتابك «الشعر الحديث في فلسطين واألردن»‪ ،‬يجتهدون ويعملون على «عصرنتها» ومواكبتها العص َر‬ ‫الشعرية وتطوراته؟‬ ‫من المحاوالت األولى لجمع شتات الحركة ّ‬ ‫اطلعت على‬ ‫في المنطقة (‪ ،)1961‬ومن المؤكد أنك ّ‬ ‫َ��ض�� ُل مصطلح اللغة «الفصيحة»‪ ،‬وه��ي التي‬ ‫> أف ِّ‬ ‫كتب ودراس��ات أخرى الحقة تناولت هذه الحركة‪ .‬هل نستطيعها ون��ق��در ع��ل��ى ال���وص���ول ل��م��س��ت��واه��ا‪ ،‬على‬ ‫تنظر بعين الرضا إلى هذه الدراسات‪ ،‬وهل هي وفية مصطلح «الفصحى»‪ ،‬وهي المستوى األعلى الذي ال‬ ‫كما ترى– لجهود التأسيس التي حاولتَ إرساءها مع يستطيعه إال القلّة ال��ن��ادرة‪ .‬وأن��ا أستعمل الفصيحة‬‫رواد آخرين؟‬ ‫السّ ليمة في كتاباتي وأحاديثي العامة في المجالس‬ ‫> ه��ذه ال���دراس���ات ال��ت��ي ت��ن��اول��ت ال��ح��ي��اة األدبية مع المثقفين والمتعلّمين‪ ،‬ولكنّني ال أستطيع أن أتجنّب‬ ‫الفكرية في فلسطين واألردن بعد كتبي األربعة عنها اللّغة المحكيّة حين أتحدث في األسواق مع البائعين‬ ‫مقام مقاالً‪ ،‬وألن‬ ‫ٍ‬ ‫هي دراس��اتٌ متفاوتة في قيمتها العلمية‪ ،‬وليس من وال مع سائقي السَّ يارات أل ّن لك ّل‬ ‫شك في أن بعضها كان قريباً من الشمول واالستيفاء‪ ،‬المقصود من التحدث مع ه��ؤالء هو إفهامهم وليس‬ ‫وبعضها دون ذل��ك‪ .‬وكتبي األربعة ه��ي‪« :‬االتجاهات التعالي عليهم وعدم الوصول إلى مداركهم‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫األدبية الحديثة في فلسطين واألردن»‪ ،‬وقد صدر سنة فإن هذه اللغة المحكيّة التي أستعملها تقترب كثيراً من‬ ‫‪ ،1957‬و «الشعر الحديث في فلسطين واألردن» وقد اللغة الفصيحة‪.‬‬ ‫صدر سنة ‪ ،1961‬و «خليل بيدس رائد القصة الحديثة‬ ‫في فلسطين»‪ ،‬وقد صدر سنة ‪ ،1963‬و»محمد روحي‬ ‫الخالدي رائد البحث التاريخي الحديث في فلسطين»‪،‬‬ ‫وقد صدر سنة ‪ .1970‬وهي كلها محاوالتٌ أولى كانت‬ ‫تحتاج إلى المتابعة واالستكمال‪ ،‬وكنت أتمنى لو سمح‬ ‫لي وقتي ومشاغلي أن أستكملها بالكتابة عن بعض‬ ‫رواد الفكر واألدب اآلخرين في بالدنا‪ ،‬ولكن غيري‬ ‫قد تناولوا بعضهم وقد قاموا مشكورين بما استطاعوا‬ ‫القيام به‪.‬‬

‫وأن���ا معك ف��ي أن لغتنا العربية تحتاج إل��ى من‬ ‫يدفع عنها الهجمات التي تتعرض لها من اإلكثار من‬ ‫استعمال اللغة اإلنجليزية في غير ضرورةٍ وال حاجة‪،‬‬ ‫ومن استعمال العاميّات المبتذلة وخاص ًة في إعالنات‬ ‫الصحف ول��وح��ات ال��م��ح��ال التجارية وال��ح��دي��ث في‬ ‫الندوات والمؤتمرات‪ ،‬وسوى ذلك من المظاهر التي‬ ‫تحرص األم��م الحيّة على االرتفاع بلغتها عنها‪ .‬وقد‬ ‫تشريعات متعددة في الماضي إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ُق ِّدمَت مشروعاتُ‬ ‫الجهات المسؤولة كان آخرها ما قدمه مجمع اللغة‬ ‫العربية األردن���ي منذ سنوات ول��م يصدر حتى اآلن‪.‬‬ ‫تنص عليه هذه التشريعات‪،‬‬ ‫والمهم بعد ذلك تنفيذ ما ّ‬ ‫واأله��م نشر الوعي باللغة العربية وقيمتها وكرامتها‬ ‫نطاق‬ ‫التي هي من كرامة األمة في المجتمع بين أوسع ٍ‬ ‫ممكن‪.‬‬

‫< اهتمامك ب��ال��دراس��ات اللغوية مثيرٌ لالنتباه‬ ‫واإلعجاب معاً‪ ،‬ومؤخر ًا صدر لك «تحقيقات أدبية»‪،‬‬ ‫وأن��ت حريص في أحاديثك الشفهية على استعمال‬ ‫الفصحى وتجنّب العامية‪ ،‬ما يبعث محاوريك‪ ،‬وأنا‬ ‫م��ن��ه��م‪ ،‬ع��ل��ى ال��ح��ذر خ��ش��ي�� َة ال��س��ق��وط ف��ي زل���ة لسان‬ ‫«لغوية» ربما ال تُغتَفر‪ ..‬أال ترى معي أن اللغة أحوج ما‬ ‫واللغة العربية لغ ٌة نامي ٌة متطورة كانت في كل عصر‬ ‫تكون اآلن إلى من ينافح عنها‪ ،‬وإلى تشريعات تضمن تستجيب لمتطلباته وتطوّر متغيّراتها بما يناسب تلك‬

‫‪78‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫الحاجات م��ع المحافظة على ثوابتها التي ال تكون جديدة في مراحل التعليم المختلفة‪ ،‬وهو ما يقلّص‬ ‫اللغ ُة لغ ًة إال بها‪ .‬والحديث عن تطوير اللغة العربية دور اللغة العربية‪ .‬فإذا أردنا الحديث عن النتائج فال‬ ‫و»عصرنتها» حديثٌ شائع وتكث ُر فيه المبالغات التي بد أن نتحدث أيضاً عن المقدمات أو األسباب‪.‬‬ ‫يُقصد منها وص��م اللغة العربية بأنها ج��ام��دة غير‬ ‫< ما ت��زال دراس��ت��ك ال��رائ��دة «االتجاهات األدبية‬ ‫متطورة‪.‬‬ ‫الحديثة في فلسطين واألردن» تعدّ حتى اآلن مرجع ًا‬ ‫يتوخى الحصول على‬ ‫ّ‬ ‫< يقودنا السؤال السابق إلى الحديث حول مدى ال غنى عنه للباحث ال��ذي‬ ‫رض��اك ع��ن استعمال المناهج التعليمية للعربية‪ ،‬ص���ورة ع��ن المعالم الكبرى لحياة األدب الحديث‬ ‫وح���ول ال���دور ال���ذي على مجامع اللغة العربية أن في ك��لٍّ من فلسطين واألردن‪ .‬اآلن‪ ،‬بعد م��رور زهاء‬ ‫تضطلع به في بث الحياة في كثير من مفردات العربية نصف قرن على صدور هذا الكتاب‪ ،‬كيف ترى المشهد‬ ‫التي ظلّت لقرون في تالفيف النسيان‪ ،‬وأيض ًا في إقرار األدبي األردني‪ ،‬وما الذي حققه تراكم التجارب فيه‬ ‫تعابير ومصطلحات ربما تكون ذات جذور أو «إيقاعات» منذ ذلك الوقت؟‬ ‫أجنبية‪ ،‬خصوص ًا المصطلح العلمي الحديث‪.‬‬ ‫> لقد نمت الحركة األدبية في بلدنا نمواً ك ّم ّياً‪،‬‬ ‫> يبدو أن هذه المناهج التعليمية والكتب المدرسية‬ ‫مثلما نما هذا النم َّو الكمّيَّ كثي ٌر من جوانب الحياة‬ ‫الخاصة باللغة العربية وثقافتها قد ب��دأت تتعرض‬ ‫عندنا‪ ،‬ونحن نتخذ ذلك مدعا ًة للتفاخر ومثاالً على‬ ‫منذ حين للتفريغ التدريجي من النصوص التأصيلية‬ ‫التقدم والتطور‪ ،‬في حين يكون التطور الحقيقي هو‬ ‫التأسيسية‪ ،‬وهو تفري ٌغ يخضع لخطّ ٍة محكمة ننفذها‬ ‫في اجتماع النمو النوعي والنمو الكمّيّ معاً‪ .‬وليس‬ ‫وعي أحياناً‪ .‬أما مجامع اللغة‬ ‫بوعي حيناً وبغير ٍ‬ ‫بأيدينا ٍ‬ ‫من شك في أن المشهد األدب��ي األردن���ي فيه نماذج‬ ‫العربية فإن الحديث عنها يجانب ُه كثي ٌر من الصواب‪،‬‬ ‫مشرقة‪ ،‬ولكن الجوانب المظلمة الكثيرة تغطي على‬ ‫ألن بعض المتحدثين –أو أغلبهم– لم يطّ لعوا على‬ ‫هذا اإلشراق وتحجبه‪ ،‬ويقولون في االقتصاد‪ :‬العملة‬ ‫جهود تلك المجامع في األمرَين المذكورَين في السؤال‪،‬‬ ‫الرديئة تطرد العملة الجيدة‪ .‬ويكفي أن أحيلك إلى‬ ‫وخاص ًة في المصطلحات العلمية والفنية ومصطلحات‬ ‫الحضارة ومستلزماتها‪ ،‬وه��ي جهو ٌد مضنية شملت بعض ما يُنشر في المالحق الصحفية وما يُلقى في‬ ‫ك��ث��ي��راً مما يحتاج إل��ى متابعة م��ن م��وض��وع��ات هذه ال��ن��دوات واألم��س��ي��ات وال��س��ه��رات لتعرف م��ا أقصد‪،‬‬ ‫مجلدات متعددة وبُثّت وحسبي هذا اإلجمال الذي يغني عن التفصيل‪ .‬ومع‬ ‫ٍ‬ ‫المصطلحات‪ ،‬وص��درت في‬ ‫على شبكات المعلومات اإللكترونية لتصل إلى الذين ذل��ك فأنا متفائل ألنني أت��اب��ع ه��ذا المشهد األدبي‬ ‫قبسات –ولو ضئيلة‪ -‬م��ن النور‬ ‫ٍ‬ ‫الحالي وأرى فيه‬ ‫يحتاجون إليها‪.‬‬ ‫في الشعر والقصة والرواية والمقالة والنقد والبحث‬ ‫ولكن المشكلة في أن قلّ ًة قليلة من الناس تستعمل‬ ‫األدبي الجامعي‪.‬‬ ‫ه���ذه ال��م��ص��ط��ل��ح��ات ال��ع��رب��ي��ة ألن ت���دري���س موادّها‬ ‫< أن��ت موسوعي‪ ..‬ع��الِ ��م‪ ،‬مفكر‪ ،‬باحث‪ ،‬أكاديمي‪،‬‬ ‫ف��ي ال��ج��ام��ع��ات ف��ي جميع ب�لادن��ا العربية –ما عدا‬ ‫سورية– هو باللغة اإلنجليزية في المشرق العربي دارس لغوي‪ ،‬محقق‪ ،‬مترجم‪ ،‬وشاعر‪ ..‬كيف تأتّى لك‬ ‫وباللغة الفرنسية في المغرب العربي‪ .‬واستعمال هاتين ذلك كله‪ ،‬وإلى أي هذه التخصصات أنت أمْ يَل‪ ،‬أو أيها‬ ‫اللغتين األجنبيتين في التدريس ي��زداد ويشمل مواد تشعر أنك حققت فيه ذاتك‪ ،‬وأدّيتَ فيه رسالتك؟‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪79 1428‬‬


‫> أنا من الذين يؤمنون بوحدة التراث في ميادينه‬ ‫وم��وض��وع��ات��ه ال��م��ت��ع��ددة الخصبة‪ ،‬ب��ل أي��ض��اً بوحدة‬ ‫جانب‬ ‫ٍ‬ ‫المعرفة اإلنسانية عا ّمًة‪ ،‬وأعتقد أن معرفة أي‬ ‫من جوانب التّراث يزي ُد الجوانب األخرى إضاءةً‪ ،‬وعلى‬ ‫هذا االعتقاد يقوم مشروعي الفكري الثقافي‪.‬‬

‫> وه��ل يكون «الحاضر» بغير «الماضي»؟! فهذا‬ ‫الماضي هو التاريخ والتراث واآلب��اء واألج��داد‪ ،‬وهو‬ ‫ال��ت��ج��ارب وال��خ��ب��رات نستخلص منها عناصر النمو‬ ‫والحياة والقوة‪ ،‬ونطعِّم بهذه العناصر ما نعيش فيه‬ ‫من «الحاضر»‪.‬‬

‫وربما كان الشعر هو المتغلغل في أعماق نفسي‪،‬‬ ‫��س أنّي أ ْم َي ُل إليه من غيره‪ ،‬ولكن ظروف العمل‬ ‫وأح ّ‬ ‫والمناصب التي توليتها وأع��ب��اء الحياة شغلتني عن‬ ‫الشعر‪ ،‬وهو نمط حياةٍ كاملة ال يعطيك بعضه إال إذا‬ ‫أعطيته كلك‪ ،‬وهكذا انصرفتُ إلى البحث الجامعي‬ ‫في الموضوعات التي أشارت إليها أسئلتك وتناولتها‬ ‫راض بعض الرضا عما حققت حتى‬ ‫إجاباتي‪ ،‬وأن��ا ٍ‬ ‫ال أمام ما أطمح إليه‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬وإن كنت أراه قدراً ضئي ً‬

‫وسيصبح هذا الحاضر ماضياً فور انتهاء كالمنا‬ ‫ال هو الحاضر‪ .‬فأنت‬ ‫عليه‪ ،‬ويصبح ما ك��ان مستقب ً‬ ‫ترى أن هذه سلسل ٌة حلقاتها مترابطة محكمة‪ ،‬وال بد‬ ‫أن نفهم كل حلقة ونعيش فيها دون أن نخلط أزمانها‬ ‫فتضطرب علينا المفاهيم والمقاييس ونضطرب معها‪.‬‬ ‫وكما ال يجوز العودة بالحاضر إلى الوراء حضارياً وال‬ ‫يمكن زمنياً‪ ،‬كذلك ال يجوز جلب هذا الماضي بغمّته‬ ‫وبكل مفاهيمه ومقاييسه إلى األمام ليصبح حاضراً‪.‬‬ ‫وال يجوز أن نشغل أنفسنا بالتضا ّد بين ما يبدو أنه‬ ‫ثنائيات مثل‪ :‬الماضي والحاضر‪.‬‬

‫بك قد نذرتَ نفسك للفكر والثقافة واألدب‪،‬‬ ‫< وكأني َ‬ ‫لتكمل ما جاء به أو بدأه رواد النهضة الفكرية العربية‬ ‫< رأس�����تَ ال��م��ج��م��ع ال��م��ل��ك��ي ل��ب��ح��وث الحضارة‬ ‫المعاصرة (طه حسين‪ ،‬العقاد وسواهما‪ .)..‬أليس هذا‬ ‫اإلسالمية (مؤسسة آل البيت) منذ تأسيسه في العام‬ ‫حم ًال ثقي ًال حال ربما دون أن تلتقط أنفاسك‪ ،‬وأن‬ ‫‪ ،1980‬ولمدة تزيد على العقدين‪ .‬ما المنهج الذي‬ ‫تعيش حياتك كما اآلخرين؛ أقصد غالبيتهم؟‬ ‫تبنيته إلرس���اء دع��ائ��م المجمع والتعريف برسالته‬ ‫> لقد يَسَّ ر الله لي بفضله أن أعيش حياتي وأن والترويج لها‪ ،‬وإلى أي مدى ترى أن جهودكم أتت أكُ لَها‬ ‫أستمتع بها بكل جوانبها ولم يكن الحمل الثقيل –كما على صعيد تحقيق األهداف؟‬ ‫ال دون هذا االستمتاع‪ ،‬وقد‬ ‫وصفته في سؤالك– حائ ً‬ ‫> ه��ذا المنهج واض��� ٌح م��ن أول أم ٍ��ر ف��ي المجمع‬ ‫ال‬ ‫ك��ان من أدعيتي دائ��م��اً‪« :‬اللهم إن��ي ال أسالك حم ً‬ ‫الملكي لبحوث ال��ح��ض��ارة اإلس�لام��ي��ة (م��ؤس��س��ة آل‬ ‫خفيفاً وإنما أسألك ظهراً قوياً»‪ ،‬فاستجاب سبحانه‬ ‫البيت)‪ ،‬فعنوانه يتضمن أسس هذا المنهج‪ ،‬وأولها أنه‬ ‫لدعائي ومنحني الظهر القوي ومعه األحمال الثقيلة‪،‬‬ ‫«مجمع للبحوث» وهي المقابل العربي للكلمة األجنبية‬ ‫تنس أنك ذكرت في سؤالك السابق عن الجمع بين‬ ‫وال َ‬ ‫«أك��ادي��م��ي��ة» مثل‪ :‬األكاديمية الفرنسية‪ ،‬األكاديمية‬ ‫شؤون الدنيا والدين معاً‪.‬‬ ‫البريطانية‪ ،‬األكاديمية السوفياتية‪ ،‬ثم إن هذا العنوان‬ ‫< تبدو مشغو ًال بثنائية الماضي والحاضر‪ ،‬التي أعطى نفسه الوج َه الحضاري بالتسمية نفسها‪ ،‬فهو‬ ‫تكاد تشكل النسق العام لخطابك الفكري‪ .‬هل ثمة لبحوث «الحضارة»‪ ،‬وتشمل الحضارةُ النتا َج الفكري‬ ‫إمكانية حق ًا لإلفادة من الماضي في الحاضر‪ ،‬دون أن والعلمي واألدبي من شؤون الدين والدنيا‪ ،‬وهكذا كان‬ ‫يبعث ذلك على النكوص أو استعادة «القوالب الجاهزة» اإلس�ل�ام‪ ،‬وم��ن هنا ج��اء في العنوان تعبير الحضارة‬ ‫أو العودة بالحاضر إلى الوراء‪ ،‬زمني ًا وحضارياً؟‬ ‫اإلسالمية‪ .‬وأما التعريف برسالته والترويج لها فكانت‬

‫‪80‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫لغتنا حتتاج إل��ى م��ن يدفع عنها الهجمات‬

‫من‬

‫استعمال‬

‫اإلجنليزية‬

‫والعاميات‬

‫املبتذلة‬

‫وسائلهما عندنا متعددة‪ ،‬وأهمها انضما ُم أعضاء له من التصور الصحيح لطبيعة عملهم‪ ،‬والرؤية المستقبلية‬ ‫أنحاء العالم‪ :‬من الصين وأندونيسيا وماليزيا والهند الشاملة لتطويره‪ .‬ونحن دائماً نرفع شعار‪« :‬الشخص‬

‫وباكستان ش��رق��اً إل��ى ب�لاد المغرب العربي الثالث المناسب في المكان المناسب»‪ ،‬وهو شعا ٌر صحيح‪،‬‬ ‫وموريتانيا غرباً وإلى أقطار آسيا الصغرى والوسطى ولكن تطبيقه عندنا غير صحيح‪.‬‬

‫عدد من األقطار‬ ‫وبعض األقطار األوربية شماالً وإلى ٍ‬

‫اإلفريقية جنوباً‪.‬‬

‫فلسفة تبنيتها لتطوير هذا التعليم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أما سؤالك عن‬

‫فالجواب عنه طويل ال تسمح به مثل هذه المناسبة‪،‬‬

‫هؤالء األعضاء من كبار العلماء هم رُسُ ل المجمع وقد ذكرت طرفاً يسيراً منه وجانباً واحداً من جوانبه‬

‫والمعرّفون به والمروّجون له‪ ،‬باإلضافة إلى ما نشره في كتابي «ت��ص��ورات إسالمية في التعليم الجامعي‬ ‫المجمع من الكتب وما عقده من الندوات والمؤتمرات والبحث العلمي»‪ ،‬وأنا أشك أن أحداً من المسؤولين‬ ‫وم��ا نظمه من حلقات الحوار اإلسالمي اإلسالمي‪ ،‬األوائل الذين بيدهم األمر قد قرأ الكتاب!‬

‫واإلسالمي المسيحي‪.‬‬

‫< لنتوقف قلي ًال عند كتابَيك «نحن واآلخر «‪ ،‬و»نحن‬

‫< لكونك أولَ وزي���رٍ للتعليم ال��ع��ال��ي ف��ي األردن‪ ،‬والعصر»‪ ..‬أال ترى معي أنه باإلضافة إلى الفائدة التي‬ ‫كما ترأستَ مجلسَ ي أمناء جامعتَين أهل ّيتَين‪ ،‬كيف يجنيها ال��ق��ارىء العربي منهما‪ ،‬باإلمكان أن تكون‬ ‫ترى مستوى التعليم الجامعي في األردن اليوم‪ ،‬وأية فائدتهما للقارىء الغربي أكبر‪ ،‬وأن��ا هنا أشير إلى‬ ‫معوقات تعترض طريقه وت َُحول دون تطوره أو وصوله مسألة ترجمتها ونشرهما على نطاق واسع لمخاطبة‬ ‫إل��ى المستوى ال��م��أم��ول‪ .‬وه��ل م��ن فلسفةٍ تبنيتها اآلخ���ر وت��ع��ري��ف��ه ب��ن��ا ت��اري��خ��ي�� ًا وث��ق��افِ ��يّ�� ًا وحضارِ ّياً‪،‬‬ ‫لتطوير هذا التعليم؟‬

‫ولتوضيح عالقة ديننا بالعصر أيضاً‪ ،‬مع معرفتي أن‬

‫> يبدو أن اإلجماع منعقد على أن مستوى التعليم عدد ًا من بحوثهما كُ تب أص ًال باإلنجليزية؟‬

‫هبوط مستمر‪ .‬والعوائق التي‬ ‫ٍ‬ ‫الجامعي في األردن في‬

‫> لقد ذك َر لي وجوبَ ترجمة الكتابَين إلى اللغتَين‬

‫��ض ال��ذي��ن ق��رأوه��م��ا من‬ ‫تَحُ ول دون وقف هذا الهبوط وتعين على االرتقاء به – اإلن��ج��ل��ي��زي��ة وال��ف��رن��س��ي��ة ب��ع ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وقد كان مدعا ًة إلى فخرنا في‬ ‫سنوات مضت– عوائق كبار المثقفين المسؤولين (وما أقلّهم)‪ ،‬ومن اليسير‬

‫ٍ‬ ‫ندوات‬ ‫ٍ‬ ‫بحث في‬ ‫كثيرة كانت مدار ٍ‬ ‫ومؤتمرات نتج عنها القيام بالترجمة ثم وضع هذه الترجمة في المخازن‬

‫مزي ٌد من الهبوط والتدني‪ .‬وأرى أن العائق األكبر في عندنا‪ .‬لقد كنت أنتظر من ناشر الكتابَين ‪-‬وهو ناش ٌر‬

‫وثيقة بدور‬ ‫ٍ‬ ‫صلة‬ ‫التعليم الجامعي وفي غيره من شؤون الحياة هو أن م��رم��و ٌق في ب�لادن��ا‪ -‬أن يكون على ٍ‬ ‫المسؤولين األوائ��ل الذين يتسلمون الصفوف األولى النشر الكبرى األميركية واإلنجليزية والفرنسية‪ ،‬وأن‬ ‫من المناصب يفتقدون العنصرين األساسين وهما‪ :‬يعرّفهم بالكتابَين لتتولى إحدى دور النشر الكبرى في‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪81 1428‬‬


‫حينئذ فقط تتحقق‬ ‫ٍ‬ ‫تلك البالد ترجمتهما ونشرهما‪.‬‬ ‫الفائدة من ترجمتهما‪.‬‬

‫بين األفكار والمواقف‪ ،‬وهو ليس بالضرورة صراعاً‬ ‫مريباً أو عدوانياً‪ .‬ومن هنا لم أجعل العنوان اختياراً‬ ‫بينهما بحيث يكون «ص���را ٌع أم ح���وار»‪ ،‬ألنني ال أرى‬ ‫فيهما تناقضاً وال بينهما اختالفاً حتى يتاح اختيار‬ ‫واحد منهما‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫إلينا وتتولى وسائل اإلعالم نشره بيننا‪ ،‬وهو من العوامل‬ ‫التي تساعد على تغريب فكرنا ونفوسنا‪ .‬ويكون في‬ ‫كثير من األحايين لهذا المصطلح ال��واف��د مصطلح‬ ‫ٍ‬ ‫أصيل في ثقافتنا فيح ّل محلّه بالتدريج ويقضي عليه‪.‬‬ ‫لمفهوم جديد فال‬ ‫ٍ‬ ‫أما إذا لم يكن في ثقافتنا مصطل ٌح‬ ‫كثير من‬ ‫بأس من استعمال المصطلح األجنبي مثل ٍ‬ ‫المصطلحات العلمية والفنية ومصطلحات الحضارة‪.‬‬ ‫وقد وضحتُ رأيي في الكتابَين وضربت أمثل ًة كافية‬ ‫فيهما بما يغني عن اإلعادة والتفصيل‪.‬‬

‫> «الفرصة» مهيأة دائماً للحوار مع الغرب‪ ،‬ولكننا‬ ‫نحن غير مهيَّئين بسبب تفرّقنا وجهلنا بالوسائل‬ ‫الصحيحة لمخاطبة اآلخر‪ .‬ومن جملةِ جهلنا بالوسائل‬ ‫ما ذكرته في سؤالك من «تقديم التنازالت بين الحين‬ ‫واآلخر بغية الوصول إلى حلول الوسط»‪ ،‬فهذا شأن‬ ‫م��ا ي��ح��دث ف��ي المباحثات وال��م��ف��اوض��ات السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬وال يجوز أن يحدث في الحوار الفكري‬ ‫الثقافي‪ .‬والحديث عن الحوار حديثٌ متشعب تضمّن ما‬ ‫سبق جزءاً منه وسيتضمن ما سيأتي جزءاً ثانياً‪ ،‬ويظل‬ ‫الموضوع مفتوحاً لآلراء واالجتهادات المختلفة‪.‬‬

‫< ما استوقفني في كتابَيك «نحن واآلخر» و «نحن‬ ‫والعصر»‪ ،‬عنايتُ ك بالمصطلح عنايةً عميقة وفائقة‬ ‫تحديد ًا وتوضيحاً‪ ،‬ربما انطالق ًا من أن المصطلح‬ ‫ومعان‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫ليس صوت ًا أو حروف ًا وإنما مفاهيم وأفكار‬ ‫‪ ,‬أال ترى معي أن الفرصة ليست مهيأة بع ُد للحوار‬ ‫فلماذا هذا االهتمام‪ ،‬وإلى أيّة درجة ترى أن المصطلح مع الغرب‪ ،‬وأن ما يجري اآلن هو تجاذبات وتجلّيات‬ ‫مهم في المواجهة مع اآلخر؟‬ ‫مختلفة للصراع بعيداً عن الحوار وأصدائه‪ .‬فإذا كنا‬ ‫����واب عنه‪ ،‬نمد أيدينا للغرب‪ ،‬وربما نقدم التنازالت بين الحين‬ ‫���ض ال����ج ِ‬ ‫> ل��ق��د ت��ض��مّ��ن س���ؤالُ���ك ب���ع َ‬ ‫ومعان وهو ال��ذي يصوغ واآلخ��ر بغية الوصول إلى حلول وس��ط‪ ،‬فإن الواضح‬ ‫ٍ‬ ‫فالمصطلح مفاهيم وأفكار‬ ‫كثيراً من اتجاهاتنا ومواقفنا‪ .‬وقد ُعنِيَ به اآلخر وله أن الغرب لم ‪ /‬ال يكترث بدعواتنا؟ أليس هذا أمراً‬ ‫عندهم خبراء و مترجمون يصكّونه ثم يتولّون إرساله مُحبطاً؟‬

‫< في استعراضك طبيع َة العالقة بيننا وبين اآلخر‪،‬‬ ‫تفضل –كما في كتابك «نحن واآلخر»– تعبير «صراع‬ ‫ّ‬ ‫وح��وار»‪ ،‬ال «ص��راع أم ح��وار»‪ ،‬بمعنى أنك ترى أن هذه‬ ‫العالقة تشتمل ال بدّ على الصراع والحوار معاً‪ .‬نرجو‬ ‫منك إيضاح ه��ذا الجانب أوالً‪ ،‬وه��ل من قصدية في‬ ‫جعل الصراع أسبق على الحوار في هذه العالقة ثانياً‪،‬‬ ‫كما يعرض عنوانُ الكتاب‪.‬‬

‫< كثيرون يتحدثون عن «ثقافة ال��س�لام» في ظل‬ ‫النكوص عن «ثقافة‬ ‫َ‬ ‫الحوار مع اآلخر‪ .‬هل يعني هذا‬ ‫المقاومة»‪ ،‬انطالق ًا من أنها تعني الحرب والمواجهة‬ ‫مثالً؟‬

‫تناقض بين «ثقافة السالم» و»ثقافة‬ ‫ٍ‬ ‫> ليس من‬ ‫المقاومة»‪ .‬فاألولى ال تعني االستسالم والتنكّر للثقافة‬ ‫> لقد ذكرتُ في مقدمةِ كتاب «نحن واآلخر» أنني األصيلة لألمة ولشخصيتها وهويتها‪ ،‬والثانية ال تعني‬ ‫أعتقد أن كل ص ٍ‬ ‫��راع معه ح��وار‪ :‬يسبقه أو يلحقه أو العدوان والحرب‪ ،‬وإنما تعني تحصين ثقافة األمة دون‬ ‫حوار هو في حقيقته صرا ٌع ومواجه ٌة‬ ‫يتخلله‪ ،‬وأن كل ٍ‬ ‫انغالق وتقوقع‪ ،‬واألمة ال تستطيع تلقّي ثقافة السالم‬ ‫ٍ‬

‫‪82‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫وال المشاركة فيها إذا لم تكن لها ثقافتها وشخصيتها‬ ‫وهويتها‪.‬‬ ‫��ك م��ح��اول��ةُ ت��ن��ق��ي��ةِ الفكر‬ ‫��روع َ‬ ‫< ف��ي ج��وه��ر م��ش ِ‬ ‫اإلسالمي وإنجازه الحضاري مما علق به من شوائب‬ ‫راض عمّ ا قدمته أو أنجزته‬ ‫ومفاهيم خاطئة‪ .‬هل أنت ٍ‬ ‫في هذا الشأن؟‬ ‫> ما قدمته ج��زءٌ يسي ٌر في ه��ذا الموضوع‪ ،‬وقد‬ ‫كتابات كثيرة بعضها مستنير‬ ‫ٍ‬ ‫كتب فيه غيري من قب ُل‬ ‫يشارك مشارك ًة فعالة في توضيح الصورة الصحيحة‬ ‫للفكر اإلسالمي وإنجازه الحضاري‪ .‬وأنا لست راضياً‬ ‫كل الرضا عما قدمته أو أنجزته في هذا الشأن وال‬ ‫ف��ي غ��ي��ره م��ن ال��م��وض��وع��ات ال��ت��ي تناولتها ف��ي كتبي‬ ‫ومحاضراتي وبحوثي‪ .‬وحين يستسلم المرء للرضا‬ ‫مزيد من اإلتقان‬ ‫ٍ‬ ‫عن أعماله فإنه يفقد التطلع إلى‬ ‫واإلنتاج‪.‬‬ ‫< لك تجربة شعرية أحبّ أن أدعوها بـ»الخجولة»‪،‬‬ ‫أو هكذا ربما أردتَ لها أن تكون؛ أن تط ّل على استحياء‪،‬‬ ‫ف��ي حين تطغى انشغاالتك الفكرية ودراس��ات��ك في‬ ‫اللغة والتاريخ األدبي عليها‪ ..‬ألم يحن الوقت لتنشر‬ ‫قصائدك بين د ّفتَي كتاب؟‬ ‫> أنا عاز ٌم على ذلك بمشيئة الله‪ ،‬وقد بدأت بجمع‬ ‫ما تبقى من هذا الشعر بعد أن ضاع أكثره‪ ،‬ولعل هذه‬ ‫المجموعة الشعرية تصدر في عامنا الحالي‪.‬‬

‫هو النثر الفني فقد كنت أ ُ ْكثِر منه في مطالع شبابي‪،‬‬ ‫ولكني لم أبعثر سطور كتاباتي بحيث يكون سط ٌر منها‬ ‫من كلمة ثم السطر التالي من كلمتين أو ثالث ثم أعود‬ ‫سطر فيه كلمة واحدة وهكذا‪ ،‬فتلك الكتابات لم‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬ ‫تكن تبدو في الشكل الحالي لهذا الشعر الحداثي‬ ‫بتسمياته المتعددة‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬سيكون للشعر العربي مستقبله الذي نرجوه‪،‬‬ ‫وليس انحسا ُر مستوى ه��ذا الشعر خ�لال السنوات‬ ‫الخمسين األخيرة دا ّالً على موته أو انقضاء رسالته‪،‬‬ ‫حالة من الجمود‬ ‫فقد ظل شعرنا نحو خمسة قرون في ٍ‬ ‫والضعف إال القليل النادر وذلك خالل حقبتَي المماليك‬ ‫والعثمانيين‪ ،‬ثم نهض نهضته العمالقة في آخر القرن‬ ‫ّصف األول من القرن العشرين‪ ،‬ثم‬ ‫التاسع عشر والن ْ‬ ‫عاد إلى «البيات» مؤقتاً إلى حين‪ ،‬وهذه سُ نَّة الحياة ال‬ ‫حال واحدة‪.‬‬ ‫يستمر فيها شيءٌ وال إنسان على ٍ‬ ‫أما الرواية فكثي ٌر منها ال قيمة له‪ ،‬وهو حكايات‬ ‫ممطوطة ساذجة فيها كثي ٌر من الثرثرة التي ال تغني‪،‬‬ ‫ولكنّ من الرواية نماذج قليلة جداً هي التي تستحق‬ ‫القراءة‪ ،‬وكذلك الشّ أن في النِّتاج الغربيّ ‪ ،‬فأكثر ما‬ ‫يُطبَع من الروايات هناك هو للتّسلية وإج��زاءِ الوقت‬ ‫وال��ق��راء ِة السّ ريعةِ ف��ي ال��ق��ط��ارات ومحطّ اتها وقبل‬ ‫النّوم‪ ،‬وينقضي أثر الرواية بانتهاء قراءتها‪ .‬أما روائع‬ ‫الروايات العالمية فهي قليلة إذا قيست بغيرها‪.‬‬

‫< نعرف أنك تنقّ لت في طفولتك وصباك وشبابك‬ ‫< ألم تجرّب كتابة قصيدة التفعيلة‪ ،‬أو ما يدعونه ب��ي��ن أم��اك��ن م��ت��ع��ددة وب��ي��ئ��ات متباينة ومجتمعات‬ ‫أي أثرٍ لهذا التنقل في تجربتَيك الحياتية‬ ‫«ق��ص��ي��دة ال��ن��ث��ر»‪ ،‬وك��ي��ف تنظر إل��ى مستقبل الشعر مختلفة‪ُّ ،‬‬ ‫العربي الذي ظل لقرون ديوا َن العرب‪ ،‬في ظل مزاحمة واإلبداعية؟‬ ‫فنون السرد (الرواية خصوصاً) له‪ ،‬وفي ظل ما يراه‬ ‫تلخيص لحياتي كلِّها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫> ه��ذا س��ؤا ٌل في جوابه‬ ‫النقاد إضافةً نوعية على المستوى الفني للرواية‪ ،‬وي��ص�� ُع��بُ ع��ل��يَّ أن أج��ي��بَ عنه إج��اب�� ًة مقتضب ًة في‬ ‫وتزايُد جمهور قرائها أيضاً؟‬ ‫مقابلة‬ ‫ٍ‬ ‫سطور‪ ،‬وأستأذِ نُك في أن ن��دّ ِخ�� َرهُ إلى حين‬ ‫> إذا كان المقصود بهاتين التسم َيتَين وما يشابههما قادمة‪.‬‬

‫< كاتب وإعالمي من األردن‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪83 1428‬‬


‫حوار مع الشاعر والناقد البحريني علوي الهاشمي‪:‬‬

‫اإلبداع العربي يشبه جسد احلمار الوحشي‬ ‫الكتابة احلداثية في اخلليج تبدو مغتربة‬

‫حاوره عصام أبو زيد‬

‫<‬

‫يرى الشاعر والناقد البحريني علوي الهاشمي أن اإلبداع‬

‫عادة ما يتضمن الوعي النقدي‪ ،‬فهو ليس عملية مفارقة‬

‫لهذا الوعي‪ ،‬ألن تحت جلد كل شاعر يوجد ناقد‪.‬‬

‫وقال الهاشمي‪ ،‬عميد كلية اآلداب في جامعة البحرين‪،‬‬

‫في مقابلة مع (الجوبة)‪ :‬إن الحركة الشعرية في البحرين‬

‫في أفقها األخير‪ ،‬دخلت خندق اللغة الشعرية‪ ،‬وتحاول‬

‫التركيز على هذا المكون الشعري وحده بكثافة واضحة‬

‫ومركّ زة‪ ،‬وكأنما النص الشعري تجوهر لغوي أو تجوهر شعري‬

‫في اللغة‪ .‬وأكد أن التميز الفردي هو أساس اإلبداع‪ ،‬وعلى‬

‫الشاعر أن يعنى به ويركز عليه ال أن يشغل نفسه بلعبة‬

‫األجيال‪ ،‬التي أنتجت على الصعيد العربي عموما ً حالة من‬ ‫التشرذم والشللية‪ .‬وفيما يلي نص الحوار‪:‬‬

‫‪84‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫< الكتابات الحداثية في الخليج تثير حيرة الباحث‪،‬‬

‫ال���ب���ح���ري���ن اآلن‬

‫ألنه يجد بينها وبين الواقع الخليجي الثقافي أو‬

‫وب�����ع�����د ت���ج���رب���ة‬

‫البيئي فجوة كبيرة أحياناً‪ ،‬كيف ترى هذا؟‬

‫قصيدة النثر؟‬

‫> هناك فرق بين الظواهر اإلبداعية الحداثية أو > أن���ا أرى الحركة‬ ‫الحداثوية المتقدمة في الخليج‪ ،‬التي يكتبها أو‬

‫ال����ش����ع����ري����ة في‬

‫ينتجها مبدعون يعيشون في بيئة الخليج وبين‬

‫ال����ب����ح����ري����ن في‬

‫مبدعين يعيشون خارج بيئة الخليج؛ ألن المبدع‬

‫أف���ق���ه���ا األخ���ي���ر‬

‫األول يعيش الحداثة بوصفها حالة إشكالية فيها‬

‫دخ������ل������ت خ����ن����دق‬

‫من المكابدة والمعاناة والتحدي والتفعيل والخلق‬

‫اللغة الشعرية‪ ،‬وتحاول التركيز على هذا المكون‬

‫المنبثق من أبنية مضادة‪ ،‬ثم يسهم في تفتيح بنية‬

‫الشعري وح��ده بكثافة واض��ح��ة‪ ،‬وكأنما النص‬

‫جديدة‪ ،‬ال على المستوى اإلبداعي الذي يمارسه‬

‫الشعري عبارة عن تجوهر لغوي أو تجوهر شعري‬

‫ف��ح��س��ب‪ ،‬ب��ل ع��ل��ى م��س��ت��وى ت��أث��ي��ر ذل���ك اإلبداع‬

‫في اللغة‪ ،‬ويتم التركيز على التداعي الصوري‬

‫في الواقع الذي يعيشه‪ .‬أما المبدع في الحالة‬

‫المكثف إلى درجة يُصاب معها كل من الشاعر‬

‫األخرى‪ ،‬حيث العيش في بيئات أخرى مختلفة‪،‬‬

‫والمتلقي بالدوار الذي عادة ما يتسبب في هذه‬

‫عربية كانت أم غربية‪ ،‬بعيدة عن خصائص بيئة‬

‫الفجوة بين االثنين‪ ،‬إذ ينسى الشاعر المكونات‬

‫الخليج ومشكالته‪ ،‬وهو وطن اإلنتاج اإلبداعي‬

‫األخرى للنص الشعري‪ ،‬المتمثلة في البناء الفني‪،‬‬

‫ل��ذل��ك ال��م��ب��دع‪ ،‬م��ا يجعل س��م��ات اإلب����داع لديه‬

‫والوحدة العضوية والموسيقية‪ ،‬والمرتكز الفكري‬

‫مختلفة إلى حد كبير‪ ،‬ألنها عندئذ تكون متصلة‬

‫والموضوعي‪ ،‬والمضامين المتنوعة‪ ،‬والترابطات‬

‫بإشكاالت البنية الفوقية الثقافية التي يمارسها‬

‫ب��ي��ن ال���ص���ور وت��ق��س��ي��م��ات ال��ن��ص إل���ى وح���دات‬

‫ذل��ك المبدع‪ ،‬فتصبح تجاربه ذات منزع ثقافي‬

‫صغيرة‪ ...‬إلخ‪ ،‬كما أن اللغة الشعرية في المفهوم‬

‫لغوي بالدرجة األولى‪ ،‬ومن هنا غربتها عن الواقع‬

‫ال من الصور الشعرية‬ ‫النقدي الواسع ال تعني سي ً‬

‫البيئي الذي ينتمي إليه المبدع‪ ،‬خصوصاً إذا كان‬

‫ال يقوم على‬ ‫المتتابعة‪ ،‬بقدر ما تعني نظاماً متكام ً‬

‫ذلك الواقع متسماً بالتخلف االجتماعي والفكري‬

‫غياب الصورة وحضورها‪ ،‬إلى الحد الذي يمكن‬

‫والفني مثل بعض مناطق الخليج العربي‪ ،‬إذ تبدو‬

‫أن تتخلل المساحات الصورية مساحات تقريرية‬

‫الفجوة عميقة بين المبدع ومنشئه أو موطنه أو‬

‫مباشرة‪ ،‬تقوم بإضاءة الصور الثانوية تحتها على‬

‫مسقط رأسه‪ ،‬وبخاصة إذا كانت مضامين هذا‬

‫نحو يختلف عن اإلضاءة التي تقوم بها الصور في‬

‫المبدع وصوره وإيقاعاته غير مشحونة بأي من‬

‫مساحاتها المباشرة‪ ،‬وكأنما مساحات التقرير‬

‫سمات ذلك الواقع البيئي الخاص‪.‬‬

‫وال��م��ب��اش��رة أص���داء ألص���وات ال��ص��ور الشعرية؛‬

‫< م��ا اآلف����اق ال��ت��ي تجوبها ال��ح��رك��ة ال��ش��ع��ري��ة في‬

‫وبذلك يتخلق النص الشعري ضمن عدد متنوع‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪85 1428‬‬


‫من المستويات التصويرية‪ ،‬ناهيك عن عدد من المتراكمة‪ ،‬وعلى هذا األس��اس تتميز مالمحها من‬ ‫المستويات التركيبية التي تهتم بخصائص الجملة فئة إلى أخرى‪ ،‬إذ يبدو صاحب الخبرة الشعرية على‬ ‫ووح��دات��ه��ا اللفظية والترابطية ف��ي ال��ن��ص‪ ،‬ما مستوى اإليقاع واللغة والمضمون والرؤية أكثر قدرة‬ ‫يتقاطع مع المستوى التصويري األول في عالقة وتمكناً من شحن قصيدة النثر بالطاقات الشعرية‪،‬‬ ‫بنيوية تجعل من النص الشعري أشبه بالمروحة التي يمكن أن تقل لتصل إلى مستوى التسطيح أو‬ ‫التي تنتج األخيلة ب��دوران وحداتها على نقطة االهتمام اللغوي المباشر‪ ،‬عند الفئة التي لم تكتب‬ ‫التقاطع أو نواة النص‪ ،‬ال بلطم وجه القارئ بمكون سوى قصيدة النثر من وقت قريب أو في زمن قصير؛‬ ‫ال مضيئة على يد‬ ‫واحد من مكونات النص ولتكن الصورة الشعرية وه��ذا ما يجعل قصيدة النثر مث ً‬ ‫المكثفة لطماً مباشراً‪.‬‬ ‫وأض���������اف ال����ه����اش����م����ي‪ :‬إن‬ ‫ال����ص����ورة ال��ش��ع��ري��ة الجميلة‬ ‫والمبدعة ف��ي ال��ن��ص الشعري‬ ‫هي التي ال تبدو وكأنها صورة‬ ‫شعرية‪ ،‬بل تبدو وكأنها مقطع‬

‫يمثل تجربة كبرى ف��ي قصيدة‬ ‫النثر‪ ،‬أثرت في شعراء بحرينيين‬ ‫عديدين أت��وا من بعده‪ ،‬وأخذوا‬ ‫ي���دورون ح��ول تجربته ويمثلون‬ ‫ظالالً أو أجنحة لها‪.‬‬

‫نثري بسيط يختزن في داخله‬

‫< ك��ي��ف ت��ك��ون��ت ل���دي���ك خبرة‬

‫كوناً تخيلياً ال ح��دود ل��ه‪ .‬وفي‬

‫الناقد في ظل حساسية الشاعر‬

‫ه���ذا ال��س��ي��اق ال��خ��ن��دق��ي للغة‬

‫ال��م��ره��ف��ة وال��م��ت��ك��ون��ة عندك‬

‫وال��ت��ص��وي��ر ال��ش��ع��ري المجاني‬

‫سابقاً؟‬

‫تتحرك غالبية تجارب قصيدة‬

‫> اإلب���داع ع��ادة يتضمن الوعي‬

‫النثر في البحرين‪ ،‬وأنا أرى أن‬ ‫قصيدة النثر هي أف��ق جديد في الحركة الشعرية‬ ‫العربية عموماً‪ ،‬يرتاده الشعراء من مختلف الخلفيات‬ ‫الشعرية‪ .‬فمنهم من كان يكتب قصيدة النثر ولم يكتب‬ ‫سواها من قبل‪ ،‬ومنهم من كان يكتب قصيدة التفعيلة‬ ‫ف��ق��ط‪ ،‬وم��ن��ه��م م��ن يكتب ق��ص��ي��دة ال��ن��ث��ر ول���م يكتب‬ ‫سواها من قبل‪ ،‬ومنهم من كان يكتب قصيدة العمود‬ ‫والتفعيلة‪ .‬وأرى أن الفئات الثالث تختلف فيما بينها‬ ‫عندما تكتب قصيدة النثر‪ ،‬ألن هذه القصيدة لدى‬ ‫كل فئة مشحونة بخبرة صاحبها وذاكرته الشعرية‬

‫‪86‬‬

‫شاعر مثل (ق��اس��م ح���داد) الذي‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫النقدي‪ ،‬فهو ليس عملية مفارقة‬ ‫ل��ذل��ك ال��وع��ي‪ ،‬ألن تحت جلد ك��ل ش��اع��ر يوجد‬ ‫ن��اق��د‪ ،‬وبالنسبة ل��ي ك��ان النقد ه��و ال��ذي يوجه‬ ‫العملية اإلبداعية‪ ،‬لكن ضمن مستوياتها الخاصة‬ ‫المرتبطة بآلية الكتابة الشعرية؛ فاختيار المفردة‬ ‫وال��ص��ورة وال��رب��ط بينهما‪ ،‬وال��ح��ذف واإلضافة‬ ‫وت��ح��دي��د م��س��ار ال��ن��ص وح��ت��ى ك��ت��اب��ة السطور‪،‬‬ ‫وعالقة األبيض باألسود على الصفحة‪ ،‬ووضع‬ ‫ال��ن��ق��اط وال��ف��واص��ل وك��ل ع�لام��ات الترقيم في‬ ‫أماكنها‪ ،‬واختيار العنوان المناسب ف��ي النص‬


‫وتقرير نهاية القصيدة وموعد نشرها ومكانه‪ ،‬كل‬

‫أشبه بوضع (نجاة الصغيرة)‪ ،‬التي ستظل دائماً‬

‫تلك المسائل تدخل ضمن آليات النقد لكنه النقد‬

‫صغيرة حتى وإن ص��ار عمرها مائة ع��ام‪ ،‬وهي‬

‫المتضمن في العملية الكتابية أو الشعرية‪ .‬أما‬

‫مفارقة غير دقيقة في التحليل األخير‪ .‬أما اليوم‬

‫الدور الذي أقوم به اآلن فهو دور الباحث الذي‬ ‫يكشف عن الظواهر الكلية لتجربة الشعر في‬ ‫البحرين وفي الوطن العربي‪ ،‬ويقوم بتوثيق كل ما‬ ‫يتصل بها على الرغم من أنني اهتم كثيراً بالرؤية‬ ‫المنهجية التي أسست عليها نظري للشعر‪.‬كما‬ ‫أهتم كثيراً بالجانب التحليلي للظواهر الشعرية‪،‬‬ ‫غير أنني على الرغم من ذل��ك ال اعتبر نفسي‬ ‫ال خرجت في ذلك من‬ ‫ناقداً متخصصاً ألنني أص ً‬ ‫رحم القصيدة ولم أسقط عليها سقوط الناقد‪،‬‬

‫فاعتقد أن الساحة الشعرية العربية تعيش تحت‬ ‫وطأة ذلك االجتراح السبعيني الذي شق طريق‬ ‫التخطيط العقدي‪ ،‬فصار كل صف من الشعراء‬ ‫يبحث عن عقد من السنوات لكي يدخل تحت‬ ‫مظلته‪ ..‬األمر الذي يجعل كل صف يضطر إلى‬ ‫اصطناع خصائص تميزه عن سواه من الشعراء‬ ‫الذين سبقوه‪ ،‬متناسياً التميز الفردي الذي هو‬ ‫طبيعة اإلبداع سواء كان هذا التميز على المستوى‬ ‫األفقي؛ أي بين أفراد الجيل الواحد أم كان على‬

‫إذ يمكن تسمية ما أكتبه بالقصيدة النقدية‪.‬‬

‫المستوى ال��ع��م��ودي بين أف���راد م��ن أج��ي��ال من‬

‫< أخيراً‪ ،‬ما رأيك في تقسيم المبدعين إلى أجيال كل‬

‫صفوف مختلفة‪ .‬إن ه ّم التميز الفردي كما ذكرت‬

‫عشر سنوات‪ ،‬خصوص ًا وأنك من جيل ما يسمى‬

‫�لا بالصدق‬ ‫هو جوهر اإلب���داع‪ ،‬ألن��ه يرتبط أص ً‬

‫(جيل السبعينيات) الذي ابتدع هذه التقسيمات‪..‬‬

‫مع النفس‪ ،‬واإلخ�لاص لتجربتها‪ ،‬والدخول إلى‬

‫ح��دثَ ذلك في القرن الماضي وم��ازال يؤثر في‬

‫أعماقها‪ ،‬والصدور عن ذاكرتها الخاصة؛ وهذا‬

‫الحياة اإلبداعية العربية حتى اآلن‪ ..‬كل جيل‬

‫ما ينبغي على الشاعر أن يعنى به ويركز عليه ال‬

‫يرفض – وأحيان ًا يلغي – من قبله؟‬ ‫> أنا كنت من أوائ��ل من رفضوا هذه التقسيمات‪،‬‬ ‫فقد رفضت تسمية جيلنا بجيل السبعينيات ألن‬ ‫هذه التسمية تحدد اإلبداع وتحصره في أنابيب‬ ‫الزمن ثم إنها تجعل الساحة الثقافية المتصلة‬ ‫مقسمة إلى خطوط عقدية من السنوات أشبه‬ ‫بجسد الحمار الوحشي‪ ،‬إضافة إلى أن الزمن‬ ‫ليس في صالح ه��ذا التخطيط ألن��ه يشد هذه‬ ‫الجماعة أو تلك إلى الوراء‪ ،‬مثل تسمية البعض‬

‫أن يشغل بسواه من التخطيطات الزمنية المفتعلة‬ ‫التي ع��ادة ما تنتج وأنتجت في ال��واق��ع العربي‬ ‫الثقافي حالة من التشرذم والشللية؛ إذ أحالت‬ ‫تلك إلى كتلة من الخصائص النفسية التي تتكون‬ ‫باالشتغال على المجموعات واتخاذها موضوعاً‬ ‫ال لها‪ ،‬لذلك‬ ‫ال شاغ ً‬ ‫لها بدالً من اتخاذ اإلبداع شغ ً‬ ‫تكثر الصراعات النقدية والتنظيرية والكالمية‪،‬‬ ‫دون أن ت��ك��ون ه��ن��اك ص��راع��ات فنية وإبداعية‬ ‫حقيقية بين هذه الجماعات المتصارعة‪ ،‬فأكثرهم‬

‫ألنفسهم بالشعراء الشباب‪ ،‬إذن‪ ،‬ماذا سيفعلون‬

‫يكتب نصاً متشابهاً في سماته العامة التي تنتمي‬

‫عندما ي��ت��ج��اوزون ه��ذه المراحل وه��م ف��ي ذلك‬

‫إلى مرحلة ما بعد الريادة الشعرية الحديثة‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪87 1428‬‬


‫دور املشاركة الشعبية في دعم املجتمع‬ ‫املدني ومناصرته وتنميته‬

‫> حسام عبدالقادر‬

‫<‬

‫نشأ مفهوم المجتمع المدني ألول مرة في الفكر اليوناني اإلغريقي‪ ،‬فقد أشار إليه أرسطو‬ ‫بوصفه «مجموعة سياسية تخضع للقوانين»‪ ،‬أي أنه لم يكن يميز بين الدولة والمجتمع المدني؛‬ ‫فالدولة في التفكير السياسي األوروبي القديم‪ ،‬يُقصد بها مجتمع مدني‪ ،‬يمثل تجمعاً سياسياً‪،‬‬ ‫أعضاؤه المواطنون الذين يعترفون بقوانين الدولة‪ ،‬ويتصرفون وفقاً لها‪.‬‬ ‫تطور المفهوم بعد ذلك في القرن الثامن عشر‪ ،‬مع تبلور عالقات اإلنتاج الرأسمالية‪ ،‬وبدأ‬ ‫التمييز بين الدولة والمجتمع المدني؛ فطرحت قضية تمركز السلطة السياسية‪ ،‬وأن «الحركة‬ ‫الجمعياتية» هي النسق األحق للدفاع ضد مخاطر االستبداد السياسي‪.‬‬ ‫و في نهاية القرن الثامن عشر تأكد في الفكر السياسي الغربي ضرورة تقليص هيمنة الدولة‬ ‫لصالح المجتمع المدني الذي يجب أن يدير أموره الذاتية بنفسه‪ ،‬وأن ال يترك للحكومة إال‬ ‫القليل‪ .‬وفي القرن التاسع عشر حدث التحّ ول الثاني في مفهوم المجتمع المدني‪ ،‬إذ عـ َّد كارل‬ ‫ماركس المجتمع المدني ساحة الصراع الطبقي‪.‬‬

‫ن�����واف�����ذ‬ ‫‪88‬‬

‫ومع نضج العالقات الرأسمالية في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشرالميالديين‪،‬‬ ‫وانقسام المجتمع إلى طبقات ذات مصالح متفاوتة أو متعارضة‪ ،‬واحتدام الصراع الطبقي‪ ،‬كان‬ ‫ال بد للرأسمالية (أي الطبقة السائدة) من بلورة آليات فاعلة إلدارة هذا الصراع واحتوائه‪،‬‬ ‫ما يضمن تحقيق مصالحها واستقرار المجتمع‪ .‬ونجحت الرأسمالية األوروبية‪ ،‬في أن تحقق‬ ‫هذا الهدف‪ ،‬من خالل آليتين‪ :‬آلية السيطرة المباشرة بوساطة جهاز الدولة‪ ،‬وآلية الهيمنة‬ ‫األيديولوجية والثقافية‪ ،‬من خ�لال منظمات اجتماعية غير حكومية‪ ،‬يمارس فيها األفراد‬ ‫نشاطاً تطوعياً لحل مشكالتهم الفئوية واالجتماعية‪ ،‬وتحسين أوضاعهم الثقافية واالقتصادية‬ ‫والمعيشية‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫وت��أت��ى أهمية اآلل��ي��ة الثانية م��ن أن��ه��ا ت��ؤك��د استجابة مختلف الفئات االجتماعية لقيّم‬ ‫النظام الرأسمالي وقبولها لها‪ ،‬وممارسة نشاطها للدفاع عن مصالحها في إطارها؛ وبذلك‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫تتأكد ق���درة الطبقة ال��س��ائ��دة (ال��رأس��م��ال��ي��ة) على إدارة‬ ‫الصراع في المجتمع‪ ،‬ما يدعم أسس النظام الرأسمالي‬ ‫وأيديولوجيته‪.‬‬

‫ قبول التنوّع واالختالف بين الذات واآلخرين‪.‬‬‫‪ -‬عدم السعي للوصول إلى السلطة‪.‬‬

‫وسائل تفعيل مناصرة المجتمع المدنى‪:‬‬

‫ونتيجة لهذا التطور‪ ،‬فنحن أمام ثالثة مفاهيم مختلفة‪،‬‬ ‫وال بد أن نعترف أن القاعدة الشعبية هي من أولويات‬ ‫ولكنها في الوقت نفسه متكاملة‪ :‬المجتمع‪ ،‬والمجتمع‬ ‫مناصرة المجتمع المدني في أي دولة‪ ،‬وأن مفهوم المناصرة‬ ‫السياسي‪ ،‬والمجتمع المدني‪.‬‬ ‫ في رأي��ي‪ -‬يبدأ من الشعب‪ ،‬فهو الذي يؤيد ويعترض‪.‬‬‫أما المجتمع‪ ،‬فهو اإلطار األشمل الذي يحتوي البشر‬ ‫وكلما استطاعت منظمات المجتمع المدني أن تلعب دوراً‬ ‫وينظم العالقة بينهم في إطار اقتصادي واجتماعي محدد‪،‬‬ ‫م��ؤث��راً على القاعدة الشعبية كلما ك��ان نجاحها أفضل‪،‬‬ ‫ويتطور من خالل عالقة فئاته ببعضها‪ ،‬وصراعاتها‪ .‬في‬ ‫ودعم وسائل مناصرتها أكبر‪ .‬ويتطلب دعم الطابع الشعبي‬ ‫حين أن المجتمع السياسي هو مجتمع الدولة الذي يتكون‬ ‫للمجتمع المدني االهتمام أكبر بالمنظمات الشعبية‪ ،‬ذات‬ ‫من الدولة وأجهزتها والتنظيمات واألحزاب السياسية التي الجذور العميقة في المجتمع‪ ،‬التي تهملها حاليًا المنظمات‬ ‫تسعى إل��ى السيطرة عليها أو ممارسة الضغط عليها‪ .‬غير الحكومية المنشأة حديثًا‪.‬‬ ‫والمجتمع المدني هو األف���راد والهيئات غير الرسمية‪،‬‬ ‫وتشمل المنظمات الشعبية – ت��ح��دي��داً ‪ -‬النقابات‬ ‫بصفتها عناصر فاعلة ف��ي معظم ال��م��ج��االت التربوية‬ ‫واالق��ت��ص��ادي��ة والعائلية والصحية والثقافية والخيرية المهنية والعمالية‪ ،‬والمنظمات الفالحية‪ ،‬والتعاونيات‪،‬‬ ‫وات��ح��ادات ال��ط�لاب‪ ،‬ومنظمات الحرفيين‪ ،‬والمنظمات‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫المهنية‪ ،‬تنظيمات ال��خ��دم��ة االج��ت��م��اع��ي��ة‪ .‬وي��وف��ر هذا‬ ‫ويتكون المجتمع المدني من الهيئات التي تسمى في التنسيق استفادة المنظمات غير الحكومية‪ ،‬وسائر مكونات‬ ‫علم االج��ت��م��اع «المؤسسات ال��ث��ان��وي��ة»‪ ،‬مثل‪ :‬الجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬من التراث الطويل‪ ،‬والخبرات الواسعة‪،‬‬ ‫األهلية‪ ،‬والنقابات العمالية والمهنية‪ ،‬وشركات األعمال‪ ،‬للحركة النقابية في مجاالت التعبئة وحشد القوى‪ ،‬ولديها‬ ‫والغرف التجارية والصناعية‪ ،‬وما شابهها من المؤسسات الوسائل والكوادر المدربة على ذلك‪ ،‬ولها خبرات مهمة في‬ ‫التطوعية‪ .‬والمقصود بالدعوة للمجتمع المدني هو تمكين المجال المطلبي‪.‬‬ ‫هذه المؤسسات األهلية من تحمّل مسؤولية أكبر في إدارة‬ ‫وتتوافر لدى المنظمات األخرى‪ :‬التعاونية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬ ‫شؤون المجتمع‪ ،‬ليصبح مداراً ذاتياً إلى حد بعيد‪.‬‬ ‫والطالبية‪ ،‬والفالحية‪ ،‬خبرات متنوعة‪ ،‬وإمكانيات بشرية‬ ‫وهكذا يستبعد من المفهوم المؤسسات االجتماعية ت��ط��وع��ي��ة‪ ،‬ي��م��ك��ن أن تستفيد م��ن��ه��ا ال��م��ن��ظ��م��ات حديثة‬ ‫األولية‪ ،‬مثل‪ :‬األسرة‪ ،‬والقبيلة والعشيرة‪ ،‬والطائفة اإلثنية‪ ،‬ال��ن��ش��أة؛ الك��ت��س��اب ال��ق��درة على التأثير‪ ،‬واالس��ت��ن��اد إلى‬ ‫أو المذهبية أو الدينية؛ كما تستبعد منه المؤسسات ق��اع��دة اجتماعية واس��ع��ة‪ ،‬وام��ت�لاك خ��ب��رات ج��دي��دة في‬ ‫السياسية والحكومية‪ .‬ويبقي في نطاق المجتمع المدني مختلف ال��م��ج��االت؛ وس��وف يساعدها ذل��ك على تجاوز‬ ‫المؤسسات والمنظمات غير الحكومية‪ ،‬التي يقوم نشاطها وضعها الحالي كمنظمات منعزلة عن بعضها‪ ،‬تعمل في‬ ‫على العمل التطوعي‪.‬‬ ‫إطار أهداف جزئية‪ ،‬بحيث تتجه إلى إقامة تحالفات مع‬ ‫المنظمات األخرى‪ ،‬العاملة في المجال ذاته‪ ،‬مثل‪ :‬حقوق‬ ‫وللمجتمع المدني أربع مقومات أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫اإلنسان‪ ،‬والمرأة‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والتنمية‪ ..‬الخ؛ وتجاوز وضعها‬ ‫ الفعل اإلرادي الحر أو التطوعي‪.‬‬‫النخبوي إلى آفاق جماهيرية وشعبية أوسع‪ ،‬تساعدها على‬ ‫ التواجد في شكل منظمات‪.‬‬‫تفعيل نشاطها‪ ،‬واكتساب المقومات الضرورية‪ ،‬لتحولها‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪89 1428‬‬


‫إلى حركات اجتماعية لها عمق شعبي كاف‪.‬‬

‫المشاركة في عضوية الجمعيات ومجالس إداراتها‪.‬‬

‫وخير مثال على ذلك‪ ،‬ما قامت به الهيئة القبطية اإلنجيلية‬ ‫بمصر (‪Coptic Evangelical Organization for‬‬ ‫‪ )Social Services‬وهو مشروع خيري يساعد على توفير‬ ‫فرص عمل للشباب وخدمة المجتمع في الوقت نفسه؛ فقد‬ ‫أنشأت مراكز لرعاية المسنين صحياً ونفسياً‪ ،‬وبدأت‬ ‫بتشغيل الشباب لخدمة ه��ؤالء المسنين‪ ،‬فحققت بذلك‬ ‫فوائد متعددة‪ :‬أوالً‪ ،‬وفرّت الرعاية لفئة من المجتمع‪ ،‬هي‬ ‫‪ - 5‬تراجع ثقافة التطوع‪ :‬وسببه عدم إيمان عدد كبير من‬ ‫في أشد الحاجة إليها‪ ،‬وثانياً وفرّت فرص عمل لعدد به‬ ‫الشعوب بأهمية ما تقوم به منظمات المجتمع المدني‪،‬‬ ‫من الشباب‪ ،‬وهو جهد يسهم في القضاء على البطالة‪،‬‬ ‫لقلة اختالطها بالناس والتعرف على مشكالتهم‪ .‬كما‬ ‫وثالثاً‪ :‬تمكنت من االختالط بالقاعدة الشعبية للمجتمع‬ ‫أن هناك مفهوم أخذ ينتشر مفاده أن منظمات المجتمع‬ ‫والتعامل مع مشاكلها‪ ،‬ما دعّ ��م موقفها بوصفها إحدى‬ ‫المدني لها أغ��راض غير معلنة وس��ري��ة‪ ،‬تختلف عن‬ ‫جمعيات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫األغراض واألهداف المعلنة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬الحاجة إلى بلورة رؤية استراتيجية أو أجندة قومية‬ ‫للجمعيات والمؤسسات األهلية‪ ،‬تتبنى‪ ،‬بشكل مركز‬ ‫وعلمي‪ ،‬بعض األولويات مثل‪ :‬مساعدة األقليات العرقية‬ ‫والدينية في حل مشاكلهم‪ ،‬واحتواء كثير من المشكالت‬ ‫التي قد تنجم داخل المجتمعات‪ ،‬والمشاركة في قضايا‬ ‫الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬بهدف تفعيلها‪.‬‬

‫مشاكل تواجه المجتمع المدنى‪:‬‬ ‫‪ - 6‬ط��ول اإلج����راءات ‪ -‬ف��ي بعض األح��ي��ان‪ -‬م��ن جانب‬ ‫الجهة اإلداري��ة المختصة بالترخيص‪ ،‬للحصول على‬ ‫هناك مشكالت دائمة ومستمرة تواجه المجتمع المدني‬ ‫الموافقات‪ ،‬سواء للتأسيس‪ ،‬أو الحصول على التمويل‬ ‫بفئاته ومكوناته المختلفة‪ ،‬وهي تنحصر فى اآلتي‪:‬‬ ‫للمشروعات‪ ،‬أو تعيين أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬أو غير‬ ‫‪ - 1‬ض��ع��ف ال��ب��ن��اء ال��م��ؤس��س��ى ل��ل��ج��م��ع��ي��ات‪ ،‬م���ا يكرس‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫الشخصانية (أى انفراد شخص واح��د فقط بالقرار‬ ‫هذا وقد ربط اإلع�لان العالمى لحقوق اإلنسان بين‬ ‫والسيطرة على ال��ك��ي��ان)‪ ،‬وغ��ي��اب الصف الثانى في‬ ‫الحق في تكوين الجمعيات‪ ،‬والحق في المشاركة الشعبية‪،‬‬ ‫أغلب الحاالت‪.‬‬ ‫وتوافر الحقوق والحريات األساسية في المجتمع؛ وتتكامل‬ ‫‪ - 2‬صعوبة الحصول على التمويل‪ ،‬الذي دائماً ما يحمل‬ ‫ه��ذه الجوانب الثالثة بوصفها شروطاً ضرورية للتطور‬ ‫شبهة حوله‪ ،‬وتكون مبرراً للهجوم على أي منظمة أو‬ ‫الديمقراطى للمجتمع‪.‬‬ ‫جمعية تمارس نشاطاً‪ ،‬خاصة إذا كان في إطار حقوق‬ ‫ويجب أال نُغفل أن أنشطة المجتمع المدني أنشطة‬ ‫اإلن��س��ان‪ .‬إذ دائ��م��اً م��ا يشكك التشكك ف��ي مصدر‬ ‫التمويل‪ ،‬ويجري التأثير على القاعدة الشعبية ضد تلك تطوعية‪ ،‬تختلف اختالفاً جوهرياً عن أنشطة الحكومات‪،‬‬ ‫المنظمة أو الجمعية من خالل هذا المدخل؛ ومن ثم‪ ،‬كما تختلف عن األنشطة المالية واالقتصادية المتعلقة‬ ‫تكون دعاية مضادة لفكرة المناصرة‪ .‬وأذكر هنا الدور بأخالقيات السوق‪ ،‬ألنها تبحث وراء الخير والصالح العام‪،‬‬ ‫األمريكى في دعم عدد كبير من منظمات المجتمع وليس وراء الربح المادي؛ ولذا فكثيراً ما يشار إلى المجتمع‬ ‫المدني على مستوى العالم وتمويلها‪ ،‬وحساسية ذلك المدني بـ «القطاع الثالث» (‪.)Third Sector‬‬ ‫مع عدد كبير من الدول‪ ،‬خاصة الدول العربية‪ ،‬وهى‬ ‫كما ظهر مصطلح جديد وهو المجتمع المدني الكوكبي‬ ‫حساسية مفرطة على المستوى الشعبي أكثر منها على (‪ ،)Global Civil Society‬وذلك عندما نشر «نيكانور‬ ‫المستوى الحكومي‪.‬‬ ‫بيرالس»‪ ،‬مقاالً في المجلة األلمانية (‪ )INFO3‬بعنوان‪:‬‬ ‫‪ - 3‬ضعف الممارسة الديمقراطية‪ ،‬وعزوف الشباب عن «المجتمع المدني القوة الكوكبية الثالثة انهيار مخطط‬

‫‪90‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫منظمة التجارة العالمية في سياتل»‪.‬‬ ‫غير الحكومية‪ ،‬ذات الطابع العالمي‪ ،‬والعابرة لكل الحدود‬ ‫فبعد أن ك���ان ال��ع��ال��م تتحكم ف��ي��ه ق��وت��ان سياسيتان الدولية واإلقليمية‪.‬‬ ‫عظميان ه��م��ا‪ :‬ال��والي��ات المتحدة األم��ري��ك��ي��ة‪ ،‬واالتحاد‬ ‫وتذهب بعض التقديرات المبدئية إلى أنه يوجد في‬ ‫السوفيتى‪ ،‬أصبحت توجهه اآلن ثالث قوى هى‪ :‬المصالح الوقت الحالى ما يزيد على عشرين ألف مؤسسة من هذه‬ ‫ال عن عشرات‬ ‫االقتصادية الكبرى‪ ،‬والحكومات القوية‪ ،‬والمجتمع المدني المؤسسات المدنية العالمية‪ ،‬وذل��ك فض ً‬ ‫الكوكبي‪.‬‬ ‫اآلالف إن لم يكن مئات اآلالف من المؤسسات والمنظمات‬ ‫األهلية الوطنية أو القومية‪ ،‬المنتشرة في كل دول العالم‪،‬‬ ‫دور شبكة اإلنترنت في المجتمع المدني‪:‬‬ ‫وتؤلف كلها اآلن وبفضل االستعانة بالشبكات اإللكترونية‬ ‫وق��د عمدت منظمات المجتمع المدني الكوكبي في الدولية (اإلنترنت) في تحقيق التواصل والتشاور فيما‬ ‫تنظيم عالقاتها وت��وح��ي��د مواقفها وحمالتها منذ عام بينها قوة فاعلة جديدة ذات إمكانيات ومسؤوليات ضخمة‪،‬‬ ‫‪ 1998‬إل��ى االعتماد على شبكات اإلنترنت‪ ،‬وك��ان لذلك ولم تعد تقنع في إبداء الرأي بتنظيم مسيرات االحتجاج‪،‬‬ ‫أثره في تجميع الصفوف‪ ،‬إذ شارك في مسيرات االحتجاج أو حتى بمناقشة المشكالت المطروحة ف��ي المحافل‬ ‫الجماعي ضد منظمة التجارة العالمية أثناء مؤتمر سياتل ال��دول��ي��ة‪ ،‬وإن��م��ا ستكون لها ال��ق��درة ب��ل وال��ح��ق ف��ي طلب‬ ‫خمسون ألف ناشط من مختلف دول العالم‪ ،‬وك��ان يقف المشاركة في إعداد (جدول األعمال) الذي سوف تناقشه‬ ‫وراءه��م دون شك ماليين الناشطين اآلخ��ري��ن‪ ،‬الذين لم تلك المحافل‪.‬‬ ‫يتمكنوا من الذهاب إلى مقر انعقاد المؤتمر‪.‬‬ ‫وأصبح ال��ق��ادة السياسيون واالقتصاديون اآلن أمام‬ ‫وال��ج��دي��د وال��م��ه��م ه��ن��ا‪ ،‬ه��و األس���ل���وب ال��م��ب��ت��ك��ر في أحد أمرين ال ثالث لهما‪ ،‬فإما أن يتقبلوا المجتمع المدني‬ ‫التواصل وتبادل األخبار والمعلومات من خالل اإلنترنت‪ ،‬الكوكبي بكل متطلباته‪ ،‬ويعملوا على تنفيذ ما هو معقول‬ ‫فقد ساعد ذلك على تنظيم تلك الحركة الجبارة‪ ،‬التي ومشروع منها‪ ،‬بعد التفاوض واالتفاق وبما يحقق الصالح‬ ‫استطاعت فرض نفسها على المجتمع الدولي‪ ،‬والحصول العام للجنس البشري؛ وإم��ا أن يتجاهلوا ه��ذا المجتمع‬ ‫على االعتراف بوجودها وفاعليتها‪ ،‬بوصفها قوة مؤثرة المدني الكوكبي‪ ،‬ويسقطوا من اهتماماتهم ما يتقدم به‬ ‫في األحداث العالمية‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن المكاسب التي حققتها من مطالب ومشروعات‪ ،‬وما يعرضه من آراء‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫الجماعات التي تتحدث باسمها وتدافع عن حقوقها‪.‬‬ ‫خطورة كبرى على بقائهم هم أنفسهم‪ ،‬وعلى استمرار‬

‫وكان هذا كله بشيراً بانتهاء العهد الذي كانت تجري منظماتهم ومؤسساتهم الدولية الكبرى في الوجود‪.‬‬ ‫فيه المناقشات والمفاوضات حول المعاهدات واالتفاقيات المراجع‪:‬‬ ‫الدولية‪ ،‬خلف األبواب المغلقة حسب التعبير السائد وأن‬ ‫المشاركة الشعبية من خالل مؤسسات المجتمع المدنى ‪ 1-‬عبدالغفار شكر‪ ،‬المركز العربى للمصادر والمعلومات‬ ‫حول العنف ضد المرأة‪ ،‬أمان‪.‬‬ ‫أصبحت حقيقة واق��ع��ة‪ ،‬ال مفر م��ن التسليم بوجودها‪،‬‬ ‫‪ 2‬د‪ .‬أحمد أبو زيد‪ ،‬المعرفة وصناعة المستقبل‪ ،‬كتاب‬‫واالعتراف بقدرتها على توحيد األمور‪.‬‬ ‫العربى‪ ،‬يوليو ‪.2005‬‬ ‫فعصر المعلومات يهيئ الفرصة إذاً لقيام مجتمع مدني‬ ‫عالمي أو كوكبي يمثل ماليين البشر‪ ،‬الذين ينتمون إلى ‪ 3-‬د‪ .‬أحمد صالح‪ ،‬صدمة اإلنترنت وأزم��ة المثقفين‪،‬‬ ‫كتاب الهالل‪ ،‬يوليو ‪.2005‬‬ ‫عدد كبير ج��داً من المنظمات والمؤسسات والجمعيات‬ ‫< كاتب وصحفي مصري‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪91 1428‬‬


‫أدب الناشئة‬ ‫> آمال صبحي الراشد‬

‫<‬

‫من أجل تحديد معنى الناشئة‪ ،‬ال بد من العودة إلى المعاجم العربية‪ ،‬فنجد أن مصطلح‪« :‬نشأ‬ ‫الطفل» تعني شب وقرب من اإلدراك أي البلوغ؛ وأن الناشئ هو الغالم أو الجارية جاوزا حد الصغر‪.‬‬ ‫ويجمع على نشء وناشئة؛ فالناشئ والفتى والحدث ألفاظ مترادفة‪ ،‬تعني َم ْن بارح الطفولة وقرب‬ ‫من البلوغ‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬ما هي الشريحة المقصودة حين نقول‪ :‬أدب الناشئة أو أدب الفتيان؟‬ ‫وإلى من يتجه هذا األدب؟‬ ‫ال من العلماء‪ ،‬وال يتشددون في الحدود الزمنية بين الطفولة‬ ‫يجدر بنا القول‪ :‬إ ّن األدباء أكثر تساه ً‬ ‫والمراهقة والرشد‪ ،‬وهم حين يطلقون تعبير أدب الناشئة أو أدب الفتيان ينظرون إلى شريحة من‬ ‫القراء‪ ،‬تجمع بين نهاية الطفولة والمراهقة بمرحلتيها المبكرة والمتأخرة؛ فعندهم ثالث مستويات‬ ‫من األدب‪ :‬أدب األطفال‪ ،‬وأدب الناشئة‪ ،‬وأدب الكبار‪ .‬وتتداخل هذه األصناف في توجهها إلى القارئ‬ ‫وتوجّ ه القارئ إليها؛ فالقضية هنا هي قضية مقدرة على االستيعاب والفهم‪ ،‬ال قضية عمر زمني بح ّد‬ ‫ذاته‪ ،‬ألن المقدرة البشرية ال تخضع للحدود الرقمية والقياسية الصارمة‪ ،‬بل يجري التعامل معها‬ ‫ضمن حدود المرونة والنسبية‪.‬‬ ‫ْس وتمييز‪ :‬إن أدب الناشئة ‪ -‬بسبب تركيبه اإلضافي ‪ -‬يتضمن التباساً‪ ،‬فقد يعني األدب‬ ‫لَب ٌ‬ ‫المكتوب للناشئة والموجّ ه إليهم قصداً أو الصالح لهم ولغيرهم دون أن يكون مكتوباً لهم في األصل‪،‬‬ ‫وقد يعني األدب الذي يكتبه الناشئة أنفسهم؛ ويختلف هذان النوعان اختالفاً جوهرياً‪.‬‬ ‫فالنوع األول‪ :‬يكتبه األدب��اء الكبار ليقرأه الفتيان‪ ،‬ألنهم المقصودون بالخطاب والتثقيف‪ ،‬ولذا‬ ‫يراعي فيه الكتّاب شروطاً معينة كي تناسب مستوى الفتيان‪ ،‬من حيث مداركهم وأذواقهم وميولهم‬ ‫ومستواهم الثقافي واللغوي‪.‬‬ ‫والنوع الثاني‪ :‬هو األدب الذي تنتجه أقالم الناشئة‪ ,‬وهذا له كيان آخر ‪ ,‬وصفات مختلفة‪.‬‬ ‫وشتّان بين كاتب متمرس في الكتابة‪ ،‬وفتى حديث العهد بها يبحث عن نفسه فيما يحاول من‬ ‫تجارب غضة‪ ،‬ويعبر عن ذاته وما يجول فيها من الخواطر واالنفعاالت‪ ،‬الخاصة بسنه وطبيعة مرحلته‪.‬‬ ‫ولمّا كانت مسمى (أدب الناشئة) ذات حدين فقد وجب التمييز بينهما باستخدام هذا المسمى لألدب‬ ‫المكتوب للناشئة واستخدام مسمى (األدب الذي يكتبه الناشئة) أو (أقالم الناشئة) للداللة على النوع‬

‫‪92‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫الثاني‪ ،‬كيال نقع في االلتباس والخلط‪.‬‬ ‫مسألة الحدود‪ :‬الناشئة يشاركون الكبار واألطفال‬ ‫بعض الصفات؛ ففي كل طفل‪ ،‬كبير مضمر؛ وفي كل‬ ‫راشد‪ ،‬طفل صغير‪ .‬من هنا لزم أن يشارك أدب الناشئة‬ ‫أدبي األطفال والكبار بعض الخصائص والمميزات‪ ,‬وأن‬ ‫تتالشى الحدود الفاصلة والحاسمة بين هذه اآلداب‬ ‫في كثير من األحيان‪.‬‬ ‫يقول أحد الدارسين‪« :‬يصعب رسم الحدود بين أدب‬ ‫األطفال وأدب البالغين‪« ,‬فسرفانتس» لم يكتب (دون‬ ‫كيخوته) لألطفال وال للناشئة‪ ,‬وكذلك «سويفت» لم‬ ‫يكتب (جليفر) لهما‪ .‬وإن قصص (روبنس كروزو) و(أليس‬ ‫في بالد العجائب) صالحة للصغار والناشئة‪ ،‬ومؤلفات‬ ‫«جول فيرن» صالحة للكبار والصغار والناشئة»‪.‬‬

‫االهتمام على أدب األطفال‪ ،‬وبقي الفتيان محسوبين‬ ‫في الكبار‪ ,‬كما بقيت مرحلة المراهقة مغفلة من قبل‬ ‫الكتاب‪ ,‬على الرغم من خطورتها وأهميتها‪ .‬وكان على‬ ‫الفتى أن يطالع في أدب األطفال وقد شب عن الطوق‪،‬‬ ‫أو يغـوص في أدب الكبار ولم يقو على الغوص‪ ,‬وأنّى‬ ‫له أن يحظى ببغيته في خضمي هذين األدبين دون أن‬ ‫تمتد يد إلى توجيهه ومساعدته؟!‬ ‫فالناشئ يحب المطالعة ألن المرحلةالتي يمر بها‬ ‫هي مرحلة إتمام التكّون المؤدية إلى النضج واالستقرار؛‬ ‫فمن طبعها قضاء وقت الفراغ فيما يجلب االستمتاع‬ ‫والتسلية؛ وم��ن طبعها لعب الخيال ال��ذي ال يريد أن‬ ‫يقف عند حدود األحالم‪ ,‬وفرط الحساسية واالنفعال‪،‬‬ ‫والبحث عن الحقيقة وحب اإلط�لاع‪ ،‬والمغامرة وحب‬ ‫االكتشاف‪ ،‬والتطلع إل��ى المعالي والمثل األخالقية‪،‬‬ ‫والنزوع إلى التفكير والمناقشة‪ ،‬ونمو القدرات اللغوية‪،‬‬ ‫وب��روز المواهب األدب��ي��ة‪ ،‬وال شئ يلبي تلك الحاجات‬ ‫ويسير بها في الطريق السوي مثل المطالعة المرشّ دة‪.‬‬

‫ويقول الكاتب السوفيتي سيرجي ميخالكوف‪« :‬لو‬ ‫أخ��ذن��ا كتيبا للصغار وآخ���ر ل��ل��راش��دي��ن س��ن��رى حتما‬ ‫حدوداً كبيرة‪ ،‬ولكن هذه الحدود ليست متضادة أو ليس‬ ‫تضادها كبيراً‪ ،‬وإني على ثقة أن أدب األطفال الحالي‬ ‫فحرمان الفتى المطالعة كارثة تربوية‪ .‬والكارثة‬ ‫يدخل في األدب العام أو أدب الراشدين تدريجياً‪ ،‬كما‬ ‫يدخل النهار في المساء‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك نرى أدب األكبر أن يقرأ على غير هدى‪ ،‬أو يقرأ ما يضره ‪ ,‬وما‬ ‫األطفال يملك سماته الخاصة التي تزداد كلما قلت سن أكثر ما يتعثر الفتى إذا ترك وشأنه في إرضاء نزوعه إلى‬ ‫المطالعة إذ قد يقع على كتاب أعلى من مداركه فيضيّع‬ ‫القارئ»‪.‬‬ ‫وقته فيه دون طائل‪ ,‬بل ربما أورث��ه السأم والملل من‬ ‫أما الكاتب الروماني خريستو كاندرو فيانو فيرفض المطالعة‪ .‬واألمر األخطر أن تجذبه الكتب الضارة‪ ،‬مثل‬ ‫أن يعترف بتحديد األدب بالعمر ‪ ,‬ويقول‪« :‬إن ما نسميه بعض الروايات البوليسية‪ ،‬ومسلسالت الخيال المريض‬ ‫أدب��اً لألطفال هو في الواقع أدب شامل‪ ..‬وق��د يكون‬ ‫البعيد عن الواقع‪ ،‬وكتب األلغاز‪ ،‬والجنس‪ ،‬والمجالت‬ ‫األدب لألطفال والمراهقين‪ ،‬ولكنه ربما يروق البالغين‬ ‫المصورة التافهة‪ ،‬ذات التوجيه السيئ المضلل‪.‬‬ ‫وربما ي��روق لنطاق أوس��ع فكتبُ (سويفت) ‪ ,‬واألخوة‬ ‫وهذا ال يعني أن ليس في أدب الكبار ما يصلح لقراءة‬ ‫(غريم) وحكايات (بوشكين) موجهة لألطفال والبالغين‬ ‫الناشئة‪ ،‬ولكن أنّى للناشئ أن يكتشف ذلك بنفسه‪ ،‬إذا‬ ‫معا»‪.‬‬ ‫واع؟ٍ‬ ‫لم يرشده معل ٌم بصي ٌر أو مربٍّ ٍ‬ ‫وعلى كل حال ليس هذا االمحاء الحدودي عاماً وال‬ ‫ومع ذلك ال نزال نسمع الكثير من المعلمين ينصحون‬ ‫دائماً‪ .‬فنحن مع ذلك نجد أدباً لألطفال‪ ،‬وأدباً للناشئة‪،‬‬ ‫وأدب��اً للكبار‪ ،‬ويجب علينا أن نتفهم الخطوط العامة بقراءة كتب المنفلوطي وطه حسين والرافعي والعقاد‪,‬‬ ‫والسمات البارزة التي يتميز بها أدب الناشئة‪ ،‬والتي لمجرد أن هؤالء كانوا أساتذة األسلوب اإلنشائي في‬ ‫تصلح أن تكون معايير لمعرفته واختياره حيث وجدت‪ .‬النصف األول من هذا القرن‪ ,‬مع أن الزمن يسير واألدب‬ ‫يتطور‪ ،‬فنحن ال ننكر أستاذية هؤالء ومكانتهم‪ ،‬ولكن‬ ‫العرب ومشكلة أدب الناشئة‪:‬‬ ‫أصحيح أن أساليبهم ال تزال مقبولة في معايير ذوقية‬ ‫ّ‬ ‫ال مدة من الزمن‪،‬‬ ‫بقي قطاع الناشئة مهم ً‬ ‫وانصب العصر؟ أصحيح أن أفكارهم واتجاهاتهم ال تزال كلها‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪93 1428‬‬


‫مقبولة في هذه األي��ام؟ أليس المنفلوطي يعلم البكاء المضمون التربوي في أدب الناشئة‪:‬‬

‫والتشاؤم‪ ،‬ويبحث عن اإلصالح فال يهتدي إلى الحل؟‬ ‫كل أدب يحمل القيم السائدة في مجتمعه‪ ،‬وال ب ّد‬ ‫أليس في أسلوب طه حسين الكثير من التكرار واإللحاح‬ ‫في نظر التربية من احتواء أدب الناشئة على مضمون‬ ‫على الفكرة الواحدة؟ أليس الرافعي صعباً على إفهام‬ ‫هادف ومفيد‪ ،‬وإال كان عبثاً وتسلية فارغة‪ ،‬أو مداعبة‬ ‫الناشئة وال سيما حين يتفلسف؟ أليس العقاد صاحب‬ ‫سطحية للحواس‪ ،‬أو مغامرة ضارة‪.‬‬ ‫األسلوب الجاف؟‬ ‫واألديب الذي يتوجّ ه إلى النشء يقوم مقام المربي‬ ‫وعلى الرغم من ه��ذا وذاك‪ ،‬ففي عصرهم يوجد‬ ‫الغيور‪ ،‬ال��ذي ينظر من وراء عمله إل��ى غاية إنسانية‬ ‫من هو أكثر جاذبية وسهولة‪ ،‬إمتاعاً وسالسة‪ ،‬كالمازني‬ ‫والبشري ومي زي��ادة‪ ...‬ويزيد المشكلة تعقيداً تفاوت سامية‪ ،‬هي بناء شخصية الناشئ وإعداده؛ ليكون في‬ ‫ال ونافعاً في المجتمع‪ ،‬وناجحاً‬ ‫مستويات الناشئة وكذلك اختالف الجنس‪ ،‬الذي يؤدي المستقبل عضواً فاع ً‬ ‫ف��ي ال��ح��ي��اة‪ ،‬م����زوّداً بالخلق وال��ع��ل��م وال��ث��ق��اف��ة‪ ،‬ثقافة‬ ‫إلى اختالف المنازع والميول‪.‬‬ ‫اإلنسان المتطلع إلى الحياة‪ ،‬النهم إلى المعرفة‪ ،‬معرفة‬ ‫ونستنتج مما سبق‪ :‬أن هذه الصعوبات لم تكن لتوجد‬ ‫كل ما يحيط به وما يخطر عليه من التساؤالت‪ ،‬وما‬ ‫إال بسبب غياب أدب الناشئة‪ ،‬وصعوبة الوصول إليه‪،‬‬ ‫يعرض له من المشكالت التي تتعلّق بوجوده وعالقاته‪،‬‬ ‫ولذا يضطر الناشئ إلى مطالعة أدبي الكبار والصغار‪،‬‬ ‫التي تسهم في تكوين شخصية المراهق ضمن الغاية‬ ‫وهما لم يكتبا في األص��ل ل��ه‪ .‬وم��ن ال��ض��روري تثقيف‬ ‫التربوية الرشيدة‪.‬‬ ‫المعلم بطبيعة أدب الناشئة ومعاييره وأسسه‪ ،‬حتى‬ ‫يستطيع توجيه طالبه إليه في سياق عمله التعليمي المراجع‪:‬‬ ‫وال��ت��رب��وي‪ .‬وم��ث��ل ه��ذه الثقافة مطلوبة ل��دى ك��ل من‬ ‫‪1‬ـ المعجم الوسيط‪ .‬إخ��راج الدكتور إبراهيم أنيس‪,‬‬ ‫يتصدّى لرعاية مواهب الفتيان وأنشطتهم األدبية في‬ ‫د‪ .‬عبدالحليم منتصر‪ ,‬د‪ .‬عطية الصوالحي دار‬ ‫سائر المنظمات والمؤسسات التربوية‪.‬‬ ‫األمواج بيروت‪.‬‬ ‫وك��م��ا سبقتنا ش��ع��وب ال��غ��رب إل���ى ال��ع��ن��اي��ة بأدب‬ ‫‪ -2‬المعجم المدرسي تأليف محمد خير أب��و حرب‪،‬‬ ‫األطفال‪ ،‬سبقتنا أيضاً إلى العناية بأدب الناشئة‪ ،‬وتزداد‬ ‫وزارة التربية‪ ،‬سورية‪.1985 ،‬‬ ‫هذه العناية عند الشعوب االشتراكية بسبب اهتمامها‬ ‫بالناشئة تربية وتغذية وترفيهاً‪.‬‬ ‫‪ -3‬األدب والقراءة عبدالرزاق األصفر‪ ،‬وزارة التربية‬ ‫دمشق‪.1990 ،‬‬ ‫أما العرب فقد اهتموا أوالً بأدب األطفال‪ ،‬ثم التفتوا‬ ‫في الثلث األخير من القرن الميالدي المنصرم إلى‬ ‫االهتمام بأدب الناشئة‪ ،‬وأخذوا يعدون لهم السالسل‬ ‫ال��ق��ص��ص��ي��ة‪ ،‬وي��ك��ت��ب��ون ل��ه��م ال��م��س��رح��ي��ات واألشعار‬ ‫ويخصونهم بأبواب من المجالت‪ ،‬وقد جرى‬ ‫ّ‬ ‫والمقاالت‪،‬‬ ‫هذا االهتمام على نطاق التأليف والترجمة واالقتباس‬ ‫واإلعداد‪ ،‬وعلى صعيد النشر الخاص والرسمي‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه الوثبة ال تزال في المهد‪.‬‬ ‫< كاتبة من سوريا‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫‪ - 4‬أدب األطفال والناشئة في العالم‪ ،‬مجموعة من‬ ‫األدباء‪ ،‬ترجمة نادر ذكرى‪.‬‬

‫‪ -5‬أدب األطفال نظرياً وتطبيقياً‪ ,‬عبدالله أبو هيف‪,‬‬ ‫وزارة التربية‪ ،‬دمشق‪.1970 ،‬‬ ‫‪ -6‬أدب الناشئة تأليف عبدالرزاق األصفر ونزار نجار‬ ‫وسمر روحي الفيصل‪ ،‬سوريا‪.1990 ،‬‬


‫السرقات األدبية والتناص‬

‫> رامي شهاب‬

‫إن االستيعاب للنصوص األخرى ذات السبق الزمني‪،‬‬

‫كانت من أهم المحاور التي اعتمد عليها منظرو التناص‬

‫في الدراسات النقدية المعاصرة‪ ،‬من خالل االتكاء على‬ ‫رؤية تنبثق من التأثر المدرك أو غير المدرك لسلطة تلك‬ ‫النصوص‪ ،‬وقدرتها على التسرب إلى النصوص ونسيجها‬ ‫اللغوي واأليدلوجي؛ إضافة إلى عدم تبرئة من أي تأثر نصي‬

‫آخر إن كان تأثرا ً مدركا ً أو غير مدرك؛ بينما تحددت النظرة‬ ‫النقدية العربية القديمة بتوجه آخر‪ ،‬اتخذ مفهوم التأثر‬ ‫بصورته السلبية‪ ،‬بوصفه مقياسا ً لبيان قدرة المبدع على‬ ‫االبتكار أو االنتحال‪ ،‬مع أن تلك التصورات كانت األكثر‬

‫شمولية‪ .‬ولكن بمقدورنا أن نقرأ تنظيرا ً فنيا ً بين تلك‬

‫األحكام‪ ،‬ال تبتعد كثيرا ً عن التوجّ هات الحديثة لمدرسة‬ ‫التناص‪ ،‬إن لم تكن تسبقه وتتسق معه‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪95 1428‬‬


‫ه��ذا ما سنالحظه عند ع��دد من النقاد العرب أن يبتدئ ال��ش��اع��ر ف��ي معنى ل��ه وغ���رض أسلوباً‪،‬‬

‫بصورة أو بأخرى‪ ،‬فها هو ابن رشيق في «قراضة واألسلوب الضرب من النظم والطريقة فيه‪ ،‬فيعمد‬ ‫الذهب»‪ ،‬يقول‪« :‬يمر الشعر بمسمعيّ الشاعر لغيره شاعر آخر إلى ذلك األسلوب‪ ،‬فيجيء به في شعره‪،‬‬ ‫ال على مثال نعل قد‬ ‫فيدور في رأسه‪ ،‬أو يأتي عليه الزمان الطويل فينسى فيشبه بمن يقطع من أديمه نع ً‬ ‫(‪)4‬‬

‫أنه سمعه قديماً‪ ...‬وربما كان اتفاق ذلك القرائح‪ ،‬قطعها صاحبها‪ ،‬فيقال قد احتذى على مثاله» ‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫«ويستشهد على ذلك بالفرزدق ال��ذي كان راوية فالنص من هذا المنظور هو استحضار وتعالق نصي‬ ‫مع نصوص أخرى‪ .‬ولنقرأ ما يقوله (ليتش) في هذا‬ ‫للشعر وحافظاً له‪.‬‬ ‫يكشف ما سبق عن إحساس عظيم لدى الناقد الصدد لنكتشف مقدار التقارب بين ما يقوله وما‬

‫نص عليه النقاد العرب منذ قرون طويلة‪« :‬إن شجرة‬ ‫ّ‬ ‫العربي بعملية التأثر والتأثير ال��ذي ت��ج��اوز فكرة‬ ‫السبق التي قامت عليها دراس���ة ال��س��رق��ات؛ فابن نسب النص حتماً لشبكة غير تامة من المقتطفات‬ ‫طباطبا ينحو هذا المنحى‪ ،‬قائال‪« :‬ويحتاج من سلك المستعارة شعورياً أو ال شعورياً والموروث يبرز في‬ ‫(‪)5‬‬

‫هذه السبيل إلى إلطاف الحيلة‪ ،‬وتدقيق النظر في حالة تهيّج‪ .‬وكل نص حتماً‪ :‬نص متداخل « ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫تناول المعاني واستعارتها» ؛ ويقارب ذلك ابن األثير أوال‪ :‬تفاعل النص‬ ‫إذ يقول في أح��د تقسيماته لهذا الموضوع‪« :‬وأما‬

‫تعتمد نظرة النقاد على أن التناص يشمل عدة‬

‫النوع الرابع وهو اإلطالع على كالم المتقدمين من مستويات؛ منها السياق أو التعالق النصي أو الوجود‬ ‫(‪)6‬‬ ‫المنظوم والمنثور‪ ،‬ف��إن في ذل��ك فوائد جمة‪ ،‬ألنه اللغوي كما يسميه جيرار جانيت ‪ ،‬وهذا التعالق‬

‫يعلم منه أغراض الناس ونتائج أفكارهم‪ ،‬ويعرف به النصي من حيث التشكيل اللغوي كان حاضراً في‬ ‫مقاصد كل فريق منهم‪ ،‬وإلى أين ترامت به صنعته الدرس النقدي العربي‪ ،‬ولكن مشكلته كانت تنحصر‬ ‫ف��ي ذل���ك‪ ،‬ف��إن ه��ذه األش��ي��اء مما تُشحذ القريحة في كثرة المصطلحات التي تعاملت معه‪ ،‬ومرد ذلك‬ ‫وتُذكي الفِ طنة‪ .‬وإذا كان صاحب هذه الصناعة عارفاً إل��ى رغ��ب��ة ال��ن��ق��اد ال��ع��رب‪ ،‬ف��ي تحديد المسميات‬ ‫بها تصير المعاني التي ذكرت وتعب في استخراجها بهدف إبراز القيمة الفنية للنص‪ .‬وترتب على ذلك‬ ‫كالشيء الملقى بين يديه‪ ،‬يأخذ منه ما أراد‪ ،‬ويترك ال��خ��وض ف��ي كثير م��ن المصطلحات‪ ،‬التي حاولت‬ ‫(‪)3‬‬

‫ما أراد» ‪.‬‬

‫توجيه التعالق من خالل المنظور اللغوي‪ ،‬ومن ثم‬

‫إن ال��ق��راءة ل��ل��م��وروث‪ ،‬واس��ت��ع��ادة النص السابق الداللة‪ ،‬أو المعنى‪ ،‬وأخيراً الصورة واألسلوب‪ .‬ومن‬ ‫كانت ح��اض��رة‪ ،‬إم��ا بشكلها الخفي أو الظاهر؛ إذ هنا برزت تلك المصطلحات‪ ،‬التي شكلت اتجاهين‪،‬‬

‫نجد أن االستدعاء المدرك كان حاضراً في أذهان اعتماداً على نظرة الحكم للنص من حيث القيمة‪،‬‬ ‫النقاد العرب‪ ،‬وهذا مما يدخل في باب االقتباس‪ ،‬ف��وج��دت مصطلحات‪ :‬ال��ن��س��خ‪ ،‬وال��س��ل��خ‪ ،‬والنهب‪،‬‬ ‫أو ال��ت��ض��م��ي��ن‪ ،‬أو ال��م��ع��ارض��ة‪ ،‬أو االح���ت���ذاء‪ ،‬كما واإلغارة‪ ،‬واالنتحال‪ ،‬التي كانت تحمل نظرة أخالقية‬

‫يسميه عبدالقاهر الجرجاني‪« :‬واعلم أن االحتذاء سلبية‪ ،‬ولكنها كانت تعّبر ع��ن قيمة ووع��ي نقدي‬ ‫عند الشعراء وأه��ل العلم بالشعر وتقديره وتمييزه لحركة النص‪ ،‬من حيث التأثر والتأثير؛ وفي المقابل‪،‬‬

‫‪96‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫نجد في مقابل تلك المصطلحات ذات األثر السلبي‪ ،‬فإنها ال تنفلت مني‪ .‬هذا الفعل يذكرني بقوتي التي‬ ‫مصطلحات م��وازي��ة تحمل السمة اإليجابـية‪ ،‬في أسهو عنها طول الوقت؛ فأنا أتعلم بمقدار ما يتيحه‬ ‫نظرتها لحـركة النص مع النصـوص األخرى‪ ،‬ومنها لي فكري المقيّد‪ ،‬وال أت��وق إال إلى معرفة تناقض‬ ‫االقتباس والتضمـين والمعارضات واالحتذاء‪.‬‬ ‫لنأخذ مثاالً على إدراك النقاد العرب لحركة النص‬

‫(‪)8‬‬

‫روحي مع العدم» ‪.‬‬ ‫إن هذا النموذج يكشف عن مقدار ذلك التقارب‪،‬‬

‫مع النصوص األخرى‪ ،‬مقارنة مع المدرسة الغربية‪ ،‬ال��ذي قدمه القاضي الجرجاني‪ ،‬لنظرية أصبحت‬ ‫معتمدين على منظورين‪ :‬المنظور األول لناقد عربي م��ن ال��ن��ظ��ري��ات األك��ث��ر أهمية ف��ي ال���درس النقدي‬

‫هو القاضي الجرجاني‪ ،‬والثاني لباحثة غربية هي المعاصر‪ ،‬بسبب تقدمها وحداثتها‪ .‬ولكن القاضي‬ ‫«جوليا كرستيفا»‪ .‬وسنحاول تلمس مقدار التقارب قدّم هذه النظرية منذ قرون عدة‪ ،‬إذ إننا نكاد نلمح‬ ‫ال��ح��اد ب��ي��ن ه��ذي��ن ال��م��ن��ظ��وري��ن‪ ،‬إذ ي��ق��ول القاضي ذلك التشابه والسبق حتى في استخدام المصطلح‪،‬‬

‫الجرجاني عن أحد مصطلحات السرقة‪ ،‬القلب‪ :‬إنه مثل مصطلح «القلب» الذي جاءت به كرستيفا‪.‬‬

‫نقض المعنى‪ ،‬ويقدم لنا نموذجاً من قول المتنبي‪:‬‬

‫ويهدف هذا المثال إلى إبراز قراءة الناقد العربي‬

‫أأحبه وأحب فيه مالمة إن المالمة فيه من أعدائه‬

‫لهذا المفهوم‪ ،‬حتى بحرفيته الموجودة لدى النقاد‬

‫وفيه نقض المتنبي قول أبي الشيص‪:‬‬

‫الغربيين‪ ،‬وإذا كانت نظرية «جوليا كرستيفا» تقوم‬

‫أجد المالمة في هواك لذيذة‬ ‫ ‬

‫حب ًا لذكرك فليلمني ال ّلوّم(‪)7‬‬

‫يالحظ هنا كيفية إدراك القاضي لعملية التعالق‬ ‫النصي التي قام بها المتنبي‪ ،‬إذ استفاد من نص سابق‪،‬‬ ‫فنتج لديه نص جديد؛ وهنا تحققت مقولة التوالد‬ ‫النصي‪ .‬وللمقارنة نعرض مثاالً «لجوليا كرستيفا»‪،‬‬ ‫تتحدث فيه عن التداخل النصي تحت عنوان (النفي‬

‫على االقتطاع أو التحويل لتعبيرات سابقة أو متزامنة؛‬ ‫فإن هذه النظرة نجدها حاضرة في القراءة النقدية‬ ‫العربية‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك االلتقاط والتلفيق كما‬ ‫جاء في العمدة البن رشيق القيرواني‪ ،‬ومنه قول يزيد‬ ‫بن الطثرية‪:‬‬ ‫إذا ما رآني مقب ًال غض طرفه كأن شعاع الشمس دوني يقابله‬ ‫فأوله من قول جميل‪:‬‬

‫الكلي)‪ ،‬إذ تقول‪« :‬وفيه يكون المقطع الدخيل منفياً‬

‫إذا ما رآني طالع ًا من ثنية يقولون‪ :‬من هذا؟ وقد عرفوني‬

‫كلياً‪ ،‬ومعنى النص المرجعي مقلوباً؛ هناك مثال هذا‬

‫وكذلك عند اب��ن األثير يقول‪ »:‬واعلم أن علماء‬

‫المقطع لباسكال‪« :‬وأنا أكتب خواطري‪ ،‬تنفلت مني البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية‪ ،‬فأكثروا‪،‬‬ ‫أحياناً‪ ،‬إال إن هذا يذكرني بضعفي الذي أسهو عنه وكنت ألفّت فيه كتاباً‪ ،‬وقسمته ثالثة أقسام‪ :‬نسخاً‬

‫طول الوقت‪ ،‬والشيء الذي يلقنني درساً بالقدر الذي وسلخاً ومسخاً؛ أما النسخ‪ ،‬فهو أخذ اللفظ والمعنى‬ ‫يلقنني إياه ضعفي المنسي‪ ،‬ذلك أنني ال أتوق سوى برمته من غير زي��ادة (عليه م��أخ��وذاً ذل��ك من نسخ‬

‫إلى معرفتي عدمي»‪.‬‬

‫الكتاب)‪ ،‬وأما السلخ‪ ،‬فهو أخذ بعض المعنى (مأخوذاً‬

‫وهو يصبح عند لوتريامون‪« :‬حين أكتب خواطري ذلك من سلخ الجلد الذي هو بعض الجسم المسلوخ)‪،‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪97 1428‬‬


‫وأما المسخ‪ ،‬فهو إحالة المعنى إلى ما دونه (مأخوذاً «إنها نصوص تجري صناعتها عبر امتصاص‪ ،‬وفي‬ ‫ذلك من مسخ اآلدميين قردة)‪ .‬وهاهنا قسمان آخران اآلن نفسه‪ ،‬عبر ه��دم النصوص األخ���رى‪ ،‬للفضاء‬ ‫(‪)12‬‬

‫أخللت بذكرهما في الكتاب الذي ألفته‪ ،‬فأحدهما المتداخل نصياً»‬

‫‪ ،‬وهذا الهدم الذي تتحدث عنه‬

‫أخذ المعنى مع الزيادة عليه‪ ،‬واآلخر عكس المعنى جوليا كرستيفا للنصوص‪ ،‬نجده عند أغلب الكتب‬ ‫إلى ضده‪ ،‬وهذان القسمان ليسا بنسخ وال سلخ وال النقدية العربية‪ ،‬ومنها على سبيل ال��م��ث��ال كتاب‬ ‫(‪)9‬‬

‫(ال��ع��م��دة)‪ ،‬يقول اب��ن رش��ي��ق‪« :‬وااله��ت��دام نحو قول‬

‫مسخ ‪.‬‬

‫ويتضح من هذا أن مفهوم (االقتطاع) وارد لدى النجاشي‪ :‬وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ورجل‬ ‫ابن رشيق وابن األثير‪ ،‬كما هو عند غيرهما من النقاد رمت فيها يد الحدثان‬ ‫العرب القدماء؛ بينما نجد (التحويل) كان مطروقاً‬

‫فأخذ كثير القسم األول واه��ت��دم باقي البيت‪،‬‬

‫عند النقاد العرب‪ ،‬ومنه مفهوم (العكس) ومن األمثلة فجاء المعنى في غير اللفظ فقال‪:‬‬ ‫عليه‪ :‬قول أبي حفص البصري‪:‬‬ ‫«سود الوجوه‪ ،‬لئيمة أحسابهم فطس األنوف من‬ ‫الطراز اآلخر‬ ‫هذا البيت‪ :‬عكس لبيت حسان المشهور‪:‬‬

‫(‪)13‬‬

‫ورجل رمى فيها الزمان فشلّت ‪.‬‬ ‫واع��ت��ق��د إذا م��ا أردن���ا البحث ع��ن ه��ذه النقاط‬ ‫المشتركة؛ فإننا سنجد الكثير منها‪ ،‬ولكن الذي‬ ‫يتبين لنا‪ ،‬أن المصطلح النقدي العربي كان يتعامل‬

‫بيض ال��وج��وه‪ ،‬كريمة أحسابهم شم األن��وف من مع هذه القضية ليس على صعيد التنظير النقدي‬ ‫(‪)10‬‬ ‫االصطالحي فقط‪ ،‬بل من خالل صعيد الممارسة‬ ‫الطراز األول‬ ‫العملية‪ ،‬وح��ت��ى ع��ل��ى م��س��ت��وى الفلسفة والتنظير‬ ‫نجد أيضا أن «جوليا كرستيفا» تتحدث عن عكس‬ ‫الفكري لهذه القضية‪.‬‬ ‫المعنى تحت مسمى (النفي المتوازي)‪ ،‬مقدمة مثاال‬

‫على هذا النموذج بهذا المقطع «لألرو شفوكو»‪« :‬إنه ثانياً‪ :‬صل‪ ،‬االمتداد‬ ‫لدليل على وه��ن ال��ص��داق��ة‪ ،‬ع��دم االنتباه النطفاء‬

‫ننطلق بداية في هذه الجزئية من تنظير «باختين»‬

‫الصداقة «والحالة أنه يصبح لدى لو تريامون»‪« :‬إنه في مفهوم التناص‪ ،‬وإن لم ينص عليه بلفظه الدارج‬ ‫لدليل على الصداقة ع��دم االنتباه لتنامي صداقة حالياً‪ ،‬فقد أطلق عليه (الحوارية)‪ .‬ولكن هذا التناص‬ ‫(‪)11‬‬

‫أصدقائنا» ‪.‬‬

‫ينتسب للخطاب ال للغة‪ ،‬إذ يتخذ أهميته من حيث‬

‫ونلمح هنا أيضا هذا التقارب‪ ،‬من خالل االعتماد كونه خطاباً ناتجاً عن فاعل ومبدع‪ ،‬فهو يحمل سمة‬

‫يوضح «تودوروف»‬ ‫على أسس نقدية واحدة‪ ،‬وحتى مصطلحات واحدة‪ ،‬شخصية؛ لذلك‪ ،‬فإن تعريفه كما ّ‬ ‫وإذا ك��ان مصطلح (االه���ت���دام)‪ ،‬م��ن المصطلحات هو تعريف لغوي إذ يقول‪« :‬ال يوجد تعبير ال تربطه‬ ‫(‪)14‬‬

‫التي دخلت في باب السرقات؛ فإن هذا المصطلح عالقة بتعبيرات أخرى» ‪ .‬فالنص في مجمله عالم‬ ‫يظهر أيضاً في التناص الغربي‪ ،‬فقد نظر له على لغوي‪ ،‬وال بد أن له حضوراً سابقاً في أكثر من مستوى‪،‬‬ ‫أنه هدم لنصوص أخرى‪ ،‬إذ تقول «جوليا كرستيفا»‪ :‬وفي أكثر من زمن‪ .‬فاللفظة ذات وجود قديم‪ ،‬ومن‬

‫‪98‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫هنا‪ ،‬كانت النظرة العربية للسرقات في اتجاه لغوي هذا الصيغ والتراكيب أو الصور المشتركة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫(‪)16‬‬

‫واسع أيضاً أو كما يسمى «اللفظ»؛ فكما ينظر أحد يقارب نظرية التناص ‪.‬‬

‫الدارسين العرب وهو الدكتور عبدالعزيز حمودة إلى‬ ‫أن بحث العرب للسرقات كان بطريقة أو بأخرى‪ ،‬هو‬ ‫حديث تمهيدي للتناص وسابق عليه‪ .‬ويجمل الدكتور‬ ‫حمودة رأيه في كتابه «المرايا المقعرة»‪ ،‬ضمن عنوان‬ ‫(التناص والسرقات األدبية)‪ ،‬فما هي وجهة نظره؟‬ ‫ي��رى الدكتور حمودة أن السرقات األدب��ي��ة ذات‬ ‫ارتباط بالمصطلح الغربي (التناص)‪ ،‬اعتماداً على‬ ‫عدة نقاط‪ ،‬تجمل الرؤية النقدية العربية القديمة‪.‬‬ ‫فالنقاد العرب أباحوا عملية التأثر من السابق‪ ،‬من‬ ‫حيث اللفظ والمعنى‪ ،‬وتحديداً عند نشوب الصراع‬ ‫بين القديم والحديث؛ ومن هنا كانت البداية الحقيقية‬ ‫لمفهوم (التناص)‪ ،‬على حد تعبير الكاتب‪.‬‬ ‫وتسير الرؤية العربية في جانبها اللغوي «اللفظ»‪،‬‬ ‫وهو األهم‪ ،‬لكون المعاني ال تدخل في باب السرقات‬ ‫– وفق رأي د‪ .‬حمودة ‪ -‬ومن هنا كان اتفاق النقاد‬

‫ثالث ًا ‪ -‬كيميائية النص‬ ‫إن مفهوم التناص يكاد يأخذ طابعاً هالمياً‪ ،‬ولكنه‬ ‫في المحصلة النهائية عملية معقدة‪ ،‬تعتمد على‬ ‫قدر كبير من الموجود المادي (اللغة)؛ وهذه اللغة‬ ‫أشبه ما تكون بمادة مرنة تتحول‪ ،‬وتتحرك‪ ،‬وتتفاعل‬ ‫متخذة أشكاالً كثيرة‪ ،‬والتناص في مجمل القول هو‬ ‫هذه المادة اللغوية التي تتفاعل‪ ،‬مع بعضها‪ ،‬لينتج‬ ‫عنها مادة أخرى بشكل آخر‪ ،‬أو كما يسميه «روالن‬ ‫(‪)17‬‬

‫بارت»‪( .‬متعة تشويه اللغة) ‪.‬‬ ‫وإذا كنا فيما سبق قد توقفنا عند توضيح تلك‬ ‫العملية‪ ،‬فإننا هنا نحاول تلمس هذا التذويب اللغوي‬ ‫بمنظور النقد العربي؛ وبذلك‪ ،‬فإننا سنخرج بعض‬ ‫المصطلحات م��ن ه��ذه العملية؛ ألن��ه��ا تتنافى مع‬ ‫التذويب الذي جاء به التناص‪ .‬ومن تلك المصطلحات‬ ‫المعارضات‪ ،‬واالقتباس‪ ،‬والتضمين وما شاكله في‬

‫العرب على أن السرقة تكون في البديع‪ ،‬فالمعاني‬ ‫م��وج��ودة؛ فحضورها وحركتها في النص الشعري هذا الباب‪ ،‬وعلة هذه المصطلحات‪ :‬أنها تدخل في‬ ‫ليس محكوماً بالثبات‪ ،‬وإذا كانت المعاني ستدخل باب الوعي للمبدع‪ ،‬وهذا الوعي ينقله المبدع للمتلقي‬ ‫في باب السرقات؛ فإن الجميع سيكون قد أصابته بأنه يناصص نصاً ما؛ وبالتالي فإن ذوبان النص لم‬ ‫التهمة على حد تعبيره‪ .‬ويرى أن اتفاق النقاد العرب يتحقق‪ ،‬فهل كان النقد العربي مدركا لهذه القضية؟‬

‫م��ن اب��ن طباطبا إل��ى عبدالقاهر الجرجاني كانت‬ ‫(‪)15‬‬

‫لعل مالحظات كثير من النقاد العرب تمحورت‬

‫تصب في هذه الخانة ‪ ،‬ومنها مفهوم االحتذاء‪ ،‬حول هذه الفكرة‪ ،‬ولكن نكتفي هنا بإيراد بعض اآلراء‪،‬‬ ‫الذي جاء به عبدالقاهر الجرجاني ما هو إال دعامة التي تتقارب في هذه النظرة التي تقوم على التذويب‬ ‫ي��ورده��ا عبدالعزيز ح��م��ودة ف��ي تأكيد نظرته إلى وصهر النص‪ ،‬وإخراجه بصورة جديدة‪ ،‬حيث فقد‬

‫الموضوع‪ ،‬فاالحتذاء يقصد به كما يرى من خالل عناصره السابقة‪ ،‬أو لنقل إنها تحولت‪ .‬فها هو ابن‬ ‫دراسته لعبدالقاهر أنه يدخل في باب االتفاق على طباطبا يقارب هذا المفهوم إلى درجة قريبة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ع��م��وم ال��غ��رض‪ ،‬ووج���ه ال��دالل��ة على ع��م��وم الغرض «وإن وجد المعنى اللطيف في المنثور من الكالم‪ ،‬أو‬ ‫كتشبيه األس��د بالشجاعة وغيرها‪ ،‬ويدخل ضمن في الخطب أو الرسائل فتناوله‪ ،‬وجعله شعراً كان‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪99 1428‬‬


‫أخفى وأحسن‪ .‬ويكون كالصائغ الذي يذيب الذهب فعل جيمس جويس في حربه ضد التقاليد األدبية‬ ‫(‪)21‬‬

‫والفضة المصوغين‪ ،‬فيعيد صياغتهما بأحسن مما العالمية‬ ‫(‪)18‬‬

‫كانا عليه» ‪.‬‬

‫‪ .‬فالمبدع يلجأ لنص ما‪ ،‬ويحاول إدخال‬

‫هذا النص في عالم نصه؛ ومن ثم‪ ،‬فإنه يدخله في‬

‫كشف ابن طباطبا عن المعنى العميق للتناص‪ ،‬إذ عملية تشويش‪ ،‬وربما‪ ،‬يحاول إثبات مقدار هشاشة‬ ‫يرى في النص تكّوناً جديداً ناتجاً من خالل النصوص ه��ذا النص السابق‪ ،‬وربما يأتي به بصورة أخرى‪،‬‬

‫السابقة‪ ،‬وهذا التكّون فقد هويته الحقيقية بوعي من وهذا يقارب تلك الدعوة التي قام بها الشعراء العرب‬ ‫المنتج المبدع‪ ،‬ويقارب هذا ما دعا إليه ابن األثير إل��ى إخ���راج النص بالصورة األف��ض��ل‪ ،‬بحيث يحوز‬ ‫الشعراء إلى إخفاء سرقاتهم‪ ،‬من منطلق أن الشعر باب السبق على من سبقه‪.‬‬

‫مفتوح وقديم ومتحرك‪ ،‬عبر الزمان والمكان‪« :‬واعلم‬

‫وكتب النقد العربي مليئة بهذه التناصية التي يلجأ‬

‫أن الفائدة من هذا النوع أنك تعلم أين تضع يدك في فيها الكاتب إل��ى المنافسة مع نص آخ��ر‪ ،‬وق��د أورد‬ ‫أخذ المعاني‪ ،‬إذ ال يستغني اآلخر عن االستعارة من ال��غ��ذام��ي م��ث��االً تطبيقياً م��ن خ�لال وص��ف البحتري‬ ‫األول‪ ،‬لكن ال ينبغي لك أن تعجل في سبك اللفظ والمتنبي لمعركة مع األسد‪ ،‬جاء ذكرها أيضاً في كتاب‬ ‫على المعنى المسروق‪ ،‬فتنادي على نفسك بالسرقة‪ ،‬المثل السائر البن األثير‪ ،‬وقد كانت دراسة الغذامي‬ ‫فكثيراً ما رأينا من عجّ ل في ذلك فعثر‪ ،‬وتعاطى فيه من باب المشاكلة واالختالف‪ ،‬باالعتماد على نظرية‬ ‫البديهة فعقر‪ ،‬واألصل المعتمد عليه في هذا الباب «هارولد بلوم» عن التداخل النصي بين شاعرين‪ ،‬تتضمن‬

‫التورية واالختفاء‪ ،‬بحيث يكون ذلك أخفى من سفاد ست مستويات‪ ،‬أهمها السادس‪ ،‬وفيه يأتي المبدع إلى‬ ‫الغراب‪ ،‬وأظرف من عنقاء مغرب في اإلغراب‪ .‬وقد إبداع سالفه من جديد؛ وإعادة ابتكاره‪ ،‬وتقديم رؤية‬

‫ذهب طائفة من العلماء إلى أنه ليس لقائل أن يقول جديدة‪ ،‬وهنا تجنب المتنبي التماثل الشكلي من حيث‬ ‫(‪)22‬‬ ‫إن ألحد من المتأخرين معنى مبتدعاً فإن قول الشعر الوزن والقافية‪ ،‬والمعجم الشعري‬ ‫قديم منذ نطق باللغة العربية‪ ،‬وإنه لم يبق معنى من‬ ‫(‪)19‬‬

‫المعاني إال وقد طرق مراراً ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬النص المتنافس‬ ‫إذا كان التناص يعني وجود عالقة ما مع نص آخر‪،‬‬

‫فإن هذه العالقة تبدو غير مستقرة‪ ،‬فقد وقفنا عند‬ ‫توالد النص وتداخلها وانبثاقها وتعالقها‪ ،‬ولكن ثمة‬

‫وه���ذه القضية ك��ان ق��د طرحها اب��ن األث��ي��ر في‬

‫كتابه‪ ،‬وأورد هنا جزءاً من تعليقه على هذه القصيدة‪،‬‬

‫التي تفّوق فيها المتنبي على البحتري‪« :‬سأحكم بين‬ ‫هاتين القصيدتين‪ ،‬وال��ذي يشهد به الحق وتتقيه‬

‫العصبية أذكره وهو أن معاني أبي الطيب أكثر عدداً‬ ‫وأشد مقصداً‪ ،‬أال ترى أن البحتري قد قصر مجموع‬

‫قصيدته على وصف شجاعة الممدوح في تشبيهه‬

‫عالقة أخرى تدخل في مفهوم مغاير‪ ،‬وهي التنافس‬ ‫فقد يدخل النص تنافساً مع نص آخ��ر‪ ،‬من خالل باألسد مرة وتفضيله عليه أخ��رى‪ ،‬ولم يأت بشيء‬ ‫المخالفة والصراع(‪ .)20‬وكأن النص الجديد يحاول سوى ذلك‪ ،‬وأما أبو الطيب فإنه أتى بذلك في بيت‬

‫هدم النص السابق واالستهزاء به‪ ،‬وحتى تحطيمه‪ ،‬واحد وهو قوله‪:‬‬ ‫أمعفر الليث الهزبر بسوطه لمن ادخرت الصارم‬ ‫وتحطيم تقاليده األدبية ومضمونه الفكري؛ مثلما‬ ‫‪ 100‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫المصقوال ثم إنه تفنن في ذكر األسد‪ ،‬فوصف صورته نتيجة‬ ‫وهيئته‪ ،‬ووص���ف أح��وال��ه ف��ي ان��ف��راده ف��ي جنسه‪،‬‬ ‫وف��ي هيئة مشيه واختياله‪ ،‬ووص��ف خلق نجله مع‬ ‫وفضله‬ ‫ّ‬ ‫شجاعته‪ ،‬وشبّه الممدوح به في الشجاعة‪،‬‬ ‫(‪)23‬‬

‫عليه بالسخاء ‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا نجد أن التهمة ال��ت��ي تلقى على النقد‬ ‫العربي بأنه نقد جزئي يهتم بالبيت والبيتين‪ ،‬هو نقد‬ ‫قاصر‪ ،‬مع إننا ال ننفيه‪ ،‬ولكن ال يجوز عدّه قاعدة‬ ‫مطردة‪ ،‬فابن األثير انطلق في نقده للقصيدتين من‬ ‫منظور نقدي كلي‪ ،‬استطاع أن يتلمس هذا التنافس‬ ‫الشعري بين شاعرين‪ ،‬من خالل نصين‪ ،‬واستطاع أن‬

‫وه��ك��ذا ن��ص��ل إل���ى نتيجة م���ؤداه���ا؛ أن مفهوم‬ ‫التناص ال يشكل أسبقية في الطرح‪ ،‬إذ إن قضية‬ ‫ال��س��رق��ات ق��د حققت األس��ب��ق��ي��ة‪ ،‬ول��ك��ن��ه��ا فقدت‬ ‫االصطالح المعبر‪ ،‬وارتبطت بالمنطلق األخالقي‪،‬‬ ‫حينما اتخذت مصطلح السرقات‪ ،‬ما أضعف بنيتها‬ ‫التنظيرية والتطبيقية‪ .‬ولكن ذل��ك ال ينفي نضج‬ ‫المضمون وال��ت��ع��اط��ي م��ع ال��ن��ص��وص‪ ،‬إذ بيّنا في‬ ‫المحور األخير مقدار التقارب في الطرح‪ ،‬بين ما‬ ‫جاء به النقاد العرب القدامى‪ ،‬وما قدمته المدرسة‬

‫يبني حكماً معتمداً فيه على ترابط النصين‪ ،‬والعالقة الغربية‪ .‬وجاء هذا مؤكداً باالعتماد على االستخدام‬ ‫التي حكمت بينهما‪ ،‬وهذا النقد نجده مدرجاً تحت التطبيقي للمصطلح والتقنية المستخدمة عند‬ ‫الدارسين‪ ،‬إلى درجة التشابه والتماثل‪ .‬وقد اتخذنا‬

‫باب السرقات‪.‬‬

‫وي���دخ���ل أي���ض���اً ف���ي ب����اب ال��ت��ن��اف��س‪ ،‬م���ا ي����ورده أمثلة عديدة من تنظيرات النقاد العرب القدامى‪،‬‬ ‫عبدالمطلب من رؤية لعبدالقادر الجرجاني في هذا وقارناها بين ما ج��اءت به المدرسة الغربية‪ ،‬وال‬

‫الموضوع فيما يختص بالبناء الشعري من تشبيه سيما «جوليا كرستيفا» إحدى أبرز من تناول قضية‬ ‫(‪)24‬‬

‫وتركيب واستعارة وداللة ‪.‬‬

‫التناص‪.‬‬

‫(‪ )1‬محمد هدارة‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،195‬انظر قراضة الذهب البن رشيق‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫(‪ )2‬ابن طباطبا‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬ص ‪ )3( .80‬ابن األثير‪ ،‬المثل السائر‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.60‬‬ ‫(‪ )4‬عبدالقادر الجرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز‪ ،‬ط‪ ،1‬تحقيق محمد التنجي‪ ،‬دار الكتب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1995 ،‬ص ‪.338‬‬ ‫(‪ )5‬شكري عزيز ماضي‪ ،‬إشكالية النقد العربي الجديد‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،1997 ،‬ص ‪.158‬‬ ‫(‪ )6‬محمد عبدالمطلب‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ )7( .152‬محمد هدارة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫(‪ )8‬جوليا كرستيفا‪ ،‬علم النص‪ ،‬ترجمة فريد زاهي‪ ،‬دار توبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.78‬‬ ‫(‪ )9‬ابن األثير‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ )10( .343‬بدوي طبانة‪ ،‬السرقات األدبية‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫(‪ )11‬جوليا كرستيفا‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ )12( .79‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫(‪ )13‬ابن رشيق‪ ،‬العمدة‪ ،‬ص ‪ )14( .287‬عبدالعزيز حمودة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.446‬‬ ‫(‪ )15‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ )16( .447‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.450‬‬ ‫(‪ )17‬روالن بارت‪ ،‬لذة النص‪ ،‬تقديم وترجمة عبدالله الغذامي ومحمد خير البقاعي‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،1998 ،‬ص ‪.43‬‬ ‫(‪ )18‬ابن طباطبا‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪ )19( .81‬ابن االثير‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪.342‬‬ ‫(‪ )20‬شكري عزيز ماضي‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪ )21( .160‬كاظم جهاد‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫(‪ )22‬عبدالله الغذامي المشاكلة واالختالف قراءة في النظرية النقدية العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،1994 ،‬ص ‪.120‬‬ ‫(‪ )23‬ابن االثير‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص ‪ )24( .387‬محمد عبدالمطلب‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.184-182‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪101 1428‬‬


‫األلف‬ ‫فكرة‪ :‬محمد محمد مستجاب‬ ‫الفرق بين األلف وكوز الذرة‪ ،‬أن الذرة تستطيع أن تشويها أو تصنع منها الفيشار‬ ‫أو تطحن مع القمح كي تصبح دقيقاً‪ ،‬أما األلف فال تعترف بها القواميس؛ ستجد بابا‬ ‫للهمزة‪ ،‬وسوف يقف تحتها األلف‪ ،‬خاصة في أول الكالم‪ ،‬وسوف تغرز قدميك بين‬ ‫اإليالف واأللفة‪ ،‬دون أن تجد باباً في المعاجم لأللف‪ .‬مع أن أهل المدن يقعون في‬ ‫غرامها‪ ،‬ويدمرون بها حرف القاف القوي القادر – بوصفه حرفاً فطريا طيبا يصلح‬ ‫للقراءة أكثر منه للنطق الرقيق‪( ،‬انتبهوا جيداً للنطق الرقيق)‪.‬‬ ‫وأجمل ما في األلف طولها‪ ،‬وشموخها‪ ،‬وامتدادها الفاخر‪ ،‬كسيف في يد فارس أو‬ ‫فرشاه رسام أو قلم أديب‪ .‬وكل هذا العدد من األلف الممتدة كالنخيل‪ :‬تلقي بالظالل‬ ‫الوارفة على (األنا) لتزداد فخرا وتضخماً‪ ،‬حتى الـ (أنا) تحاصرها األلف في أولها‬ ‫وآخرها ضاغطة على النون‪ ،‬مثل أنامل امرأة تتلذذ بتفصيص فص ثوم!‬ ‫واألب‪ :‬هو السلطة‪ ،‬وهو األستاذ‪ ،‬وهو السيف في معركة الحياة اليومية بحثاً عن‬ ‫رزق أبنائه؛ وهو المسطرة حين تحدد الخطوط‪ ،‬وحين تضرب األصابع الشتوية لكسل‬ ‫حل الواجب المدرسي‪ ،‬والجيب المليء بالنقود؛ واألب ينحني على أسرته الصغيرة‬ ‫ليكني بها‪ -‬أي يمتزج لقبه بأكبر أبنائه‪ ،‬أو بما يحب أن يدعي‪ :‬أبو حنفي‪ ،‬أبو تمام‪،‬‬ ‫أبو الطيب‪ ،‬أبو احمد‪ ،‬وأبو السباع للشجاعة‪ ،‬وأبو مركوب‪ :‬طائر يعتقد له صله قرابة‬ ‫بطائر اللَّقْلق‪ .‬وقد يكني ويلقب بما ال يحب‪ :‬أبو كرش‪ ،‬أبو قردان‪ ،‬أبو فصادة (ألقاب‬ ‫لطيور وآدميين أيضاً)‪ ،‬أبو الحصين (للثعلب)‪ ،‬أبو عين غليظة (أو جريئة في األغاني)‪،‬‬ ‫أبو الليل‪ :‬عندما يصبح قاطع طريق‪ ،‬وأشهر قاطع طريق تحوّل إلى شاعر ابن عروس‬ ‫في صعيد مصر‪ ،‬وأب��و رج��ل مسلوخة‪ :‬يداهمك في أح�لام الليالي الشتوية‪ ،‬واآلن‬ ‫يداهمك يومياً في نشرات التليفزيون‪ ،‬أبو لهب‪ ،‬أبو جهل‪ ،‬أبو الزغبيب‪ :‬لقب فصل‬ ‫الربيع الحتوائه على أعاصير الخماسين‪.‬‬ ‫فإذا ما استعدنا قدرتنا وتخلصنا من سطوة األب‪ ،‬فإننا سوف نرتاح في حجر األم‪.‬‬ ‫‪ 102‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫سنترك جانباً أنواعاً مرعبة من حشرات وعناكب‬ ‫وح��ي��وان��ات‪ :‬أم أرب��ع��ة وأرب��ع��ي��ن‪ ،‬وأم الحيط (تقال‬ ‫للعقرب – وهي في األصل أم الحائط‪ ،‬في حين أن‬ ‫العقرب يطلق عليها قديما‪ :‬أم عريط وأم ساهرة)‪،‬‬ ‫وأم قويق‪ ،‬وأم سحلول (كانت شخصية كاريكاتورية‬ ‫في مجلة البعكوكة)‪ ،‬وأم لبانة (تقال لألنثى المدللة‬ ‫التي تلوك اللبان ف��ي فمها دون عمل ش���يء)‪ ،‬وأم‬ ‫زغلول (الحمامة) وأم شنب (األنثى التي تهمل شؤون‬ ‫أنوثتها)‪ ،‬وأم غربال (التي تتكسب من‬ ‫تنظيف الحبوب في البيوت)‪ ,‬أم كلّوب‬ ‫– م��ع ت��ش��دي��د ال�ل�ام – ت��ك��ون المرأة‬ ‫ذات ال��ف��ك ال��ب��ارز ج���داً بشكل يوحي‬ ‫باالفتراس‪.‬‬

‫ال يرضي عنها الدين وال��ع��رف واألخ�ل�اق‪ ،‬وأحسن‬ ‫حاالته شخصية (ريت) في رواية (ذهب مع الريح)‬ ‫الشهيرة لألمريكية مرجريت ميتشيل؛ واألبنوس‪:‬‬ ‫خشب أسود صلب‪ ،‬يقتطع من شجر ينمو في الحبشة‬ ‫والهند‪ ،‬تُصنع منه أدوات وأثاث فاخر‪ ،‬وعندما يصبغ‬ ‫األب��ن��وس ملمسه الناعم على أنثى س��وداء البشرة‪،‬‬ ‫فلن يجاريها جمال آخر! واألبد‪ :‬الدهر – أي الزمن‬ ‫المطلق‪ ،‬وف��ي المثل‪ :‬ط��ال األب��د على لبد‪ :‬يضرب‬ ‫للشيء المعمر‪ ،‬وربما يكون المقصود‬ ‫به – مباشرة – الزوجات المعمّرات؛‬ ‫واإلب�����رة‪ :‬أداة ح���ادة رف��ع��ي��ة مسنونة‬ ‫ومعروفة‪ ،‬نادراً ما نراها في يد المرأة‬ ‫المعاصرة‪ ،‬غير أننا يمكن تصورها في‬ ‫مؤخرات النحل والزنابير والعقارب أو‬ ‫يد مساعد الطبيب – حقنة واخزة؛‬ ‫واإلب��ري��ز‪ :‬الذهب الخالص عيار ‪،24‬‬ ‫ف���إذا شابته م��ع��ادن أخ���رى كالنحاس‬ ‫وال���ب���رون���ز ال ي��ص��ب��ح إب����ري����زاً؛ كذلك‬ ‫اإلب��ري��س��م‪ :‬أح��س��ن ال��ح��ري��ر‪ ،‬واإلبريز‬ ‫واإلبريسم لفظتان مهجورتان قد نجد‬ ‫لهما أث��را في كليات التقعّر اللغوي؛‬ ‫تماماً مثل أبيس‪ :‬هذا العجل ذو الصفات الخاصة‬ ‫الذي جعله القدماء المصريون رمزاً للقوة الحيوانية‪،‬‬ ‫وهناك نفق ضخم يحوي توابيت عدة عجول أبيس‬ ‫في منطقة سقارة جنوب أهرامات مصر؛ واألرنب‬ ‫حيوان داجن يصعب مشاهدته دون أن تتسامي حوله‬ ‫قدحة الملوخية الخضراء المتألقة بالفلفل األسود‪،‬‬ ‫وأرز‪ :‬محصول غذائي مهم يأكله معظم سكان العالم‪،‬‬ ‫يصنع بأكثر من طريقة على المائدة‪ ،‬وعندما تضاف‬ ‫إليه المكرونة والعدس يصبح «كشري»؛ أما األسد‬ ‫فهو أبو السباع المهيمن على الغابة‪ ،‬ومع ذلك ينتمي‬ ‫لفصيلة القطط‪ ،‬وهو الشجاع الذي كثيرا ما يكون‬ ‫– على الرغم من قدمه المزمن وتاريخه الموغل في‬ ‫الزمان التليد – نائما في الغابة في انتظار عودة‬

‫أ‬

‫أم���ا األم – كتعبير مطلق – فهو‬ ‫ال��رح��م��ة ب�لا ح���دود‪ ،‬وط��اق��ة ح��ن��ان ال‬ ‫م���رادف لها‪ ،‬ف��إذا ك��ان التحديد دون‬ ‫اإلطالق‪ :‬فاألم كتاب لإلمام الشافعي‬ ‫– رحمة الله عليه‪ ،‬واألم رواية للروسي‬ ‫ماكسيم جوركي‪ ،‬واألم شجاعة مسرحية‬ ‫لبريخت من ألمانيا التي كانت شرقية‪.‬‬ ‫واألم بالتأكيد لفظة مؤنثة‪ ،‬لكنها حين‬ ‫ت���زداد أن��وث��ة تصبح‪ :‬اُمّ���ة‪ ،‬واألم���ة جمع م��ن البشر‬ ‫يتفاعل في المصالح والتقاليد داخ��ل الوطن؛ فإذا‬ ‫خفضت تشديد الميم مع فتحها تتحول إلى (أَمَة)‬ ‫أي الجارية‪ ،‬وبين األُمّة المشددة واألَمَة المحررة تقع‬ ‫المرأة الشرقية‪ ،‬وتثور‪ ،‬وتناضل أيضا‪.‬‬ ‫وتتشابك األلف – بهمزتها – في كثير من المهن‪:‬‬ ‫األراجوز‪ ،‬وأصلها (قره جوز) لكن لسان المدينة همز‬ ‫القاف لحسابه‪ ،‬وأمين الخزينة أو الصندوق‪ ،‬وهي‬ ‫وظيفة نادراً ما يصل صاحبها إلى سن اإلحالة إلى‬ ‫المعاش‪ ،‬إذ يتولى هو ذل��ك مبكراً – مع احتفاظه‬ ‫بمحتويات الخزينة أو الصندوق‪ .‬واألفّاق – مع تشديد‬ ‫الفاء – شخص ماهر له دراية بوسائل االرتزاق التي‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪103 1428‬‬


‫زوجته بالزاد الوفير‪ :‬حالة معاصرة ليست نادرة‪،‬‬ ‫واأللم‪ :‬الوجع‪ ،‬ويقابله اللذة‪ ،‬واأللم الدفين‪ :‬نوع‬ ‫ال‬ ‫من اآلالم المعاصرة ينشأ من إمعان األزواج – طوي ً‬ ‫�لا في وج��ه اآلخ��ر‪ ،‬وربما يكون أساسه الملل‪،‬‬ ‫–ك ً‬ ‫وعالجه باالنشغال‪ :‬بالفروسية أو العوم أو اكتشاف‬ ‫القارات أو الموت أمام التليفزيون أو االستشهاد في‬ ‫لعب الدومينو والطاولة وال��ورق أو كتابة القصص‬ ‫(الشعر يوسع ويعمق دائ��رة األل��م)؛ واألل��م��اظ – أو‬ ‫األل��م��اس‪ ،‬حجر ن��ادر نفيس توقف النطق ب��ه عند‬ ‫الماس باعتقاد أن (ال) هي أداة التعريف مع أنها‬ ‫جزء من األلماس؛ واألرض‪ :‬وهي الدنيا‪ ،‬والبسيطة‪،‬‬ ‫والحياة‪ ،‬والحقول‪ ،‬واآلفاق الممتدة‪ ،‬والفناء؛ ومنها‬ ‫َض���ة – تلك الدويبة الدقيقة التي تتغذي‬ ‫تأتي األَر َ‬ ‫بالخشب وتعرض المنشآت (والقرى أيضا) للدمار‪،‬‬ ‫واألرض���ة الحديثة‪ :‬ال��م��خ��درات وال��س��رط��ان اللذان‬ ‫يفعالن بالجسد والعقل ما تفعله األرضة في الخشب؛‬ ‫وتعني أيضا‪ :‬األغاني الهابطة‪ ،‬والكتابات غير المهذبة‬ ‫(حمراء كانت أو صفراء)‪ ،‬وفضائح الصف األول من‬ ‫السياسيين والقياديين والضباط والسماسرة‪ ،‬وغير‬ ‫األخالقي من أفالم الفيديو‪ ،‬والمأكوالت الفاسدة‪،‬‬ ‫والخبص‪ ،‬والنميمة‪.‬‬ ‫واألخ‪ :‬الشقيق‪ ،‬وغير الشقيق‪ ،‬والمنازع في الميراث‪،‬‬ ‫والجمع إخوة‪ ،‬ويستخدمها خطباء السياسة في التقرب‬ ‫من الناس وق��ت إلقاء الخطاب ثم تتراجع – بعدها‬ ‫– األخ��وة إل��ى الخلف؛ وأخميم بلد في صعيد مصر‬ ‫به آثار قديمة من عصر رمسيس الثاني‪ ،‬وبها مشاغل‬ ‫حرير يدوي فاخر؛ وهي غير أبيدوس التي يقع فيها‬ ‫مبنى ضخم للسيد والد رمسيس الثاني‪ ،‬والمنطقتان‬ ‫– أخميم وأبيدوس – متقاربتان في محافظة سوهاج؛‬ ‫واألديب‪ :‬صفة لمن يعمل في الكتابة اإلبداعية األدبية‪:‬‬ ‫ق��اص��اً ك��ان أو ش��اع��راً أو م��ن��ظّ ��راً‪ ،‬وف��ي أوائ���ل القرن‬ ‫< قاص وكاتب من مصر‪.‬‬

‫‪ 104‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫العشرين كانت المحاكم ال تقبل شهادة األديب بصفته‬ ‫ال غير محدد (أو مشكوكا في قدرته على‬ ‫يمتهن عم ً‬ ‫قول الحق)‪ ،‬لكن األم��ور ص��ارت لصالح األدي��ب حتى‬ ‫أصبحت له – في كل العالم – وزارات تُعنى بشؤونه‪:‬‬ ‫الثقافة‪ ،‬والداخلية‪ ،‬والعالقات الخارجية‪ ،‬وهناك عدد‬ ‫مهول من األدب���اء تولى ال���وزارة‪ :‬طه حسين‪ ،‬ومارلو‬ ‫(الفرنسي)؛ لكن أخطر األدباء من ظهرت عليه النجابة‬ ‫وحب الكتابة وعشق األدب بعد أن أصبح ذا شأن في‬ ‫قومه‪ .‬كثير من رؤساء األمم يتعالون على الكتابة‪ ،‬في‬ ‫األحقاب األولى من أعمارهم‪ ،‬ثم يفعلونها عند اقتراب‬ ‫األجل‪ ،‬واألجل – هنا يعني العمر‪ ،‬أو الوقت الموغل‬ ‫في السلطة‪.‬‬ ‫وإس�ل�ام‪ :‬الدين ال��ذي حمله سيدنا محمد [‪،‬‬ ‫ويقصد به التوحيد وإخالص الضمير لله عز وجل‪،‬‬ ‫وهو آخر الديانات السماوية‪ ،‬كما أن سيدنا محمد‬ ‫خ��ات��م النبيين‪ ،‬ون��ج��ده ف��ي إس����راء‪ :‬معجزة انتقال‬ ‫ال من المسجد ال��ح��رام إل��ى المسجد‬ ‫النبي [ لي ً‬ ‫األقصى؛ وأذان‪ :‬نداء الصالة في أوقاتها الخمسة‬ ‫ويوم الجمعة‪.‬‬ ‫واألم���ل أول م��ا ي��راودن��ا – قبل أن نوقف نزيف‬ ‫األل��ف – وحتى ال نقع ف��وق أدي��م األرض‪ ،‬اآلن‪ ،‬أو‬ ‫حين يأتي األوان‪ ،‬يظل األم��ل ف��ي األم��ن واألمان‪،‬‬ ‫وأال تضللنا الظواهر عن األعماق‪ ،‬مع إدراك المعنى‬ ‫الكبير لألوج‪ :‬إنه في ذروة االبتهاج‪ ،‬سواء كان االبتهاج‬ ‫مع اآلخرين‪ ،‬أو بآحادنا‪ ،‬أي بمفردنا‪ ،‬وهو أمر حين‬ ‫يحدث – دون شك – يريق علينا كثيرا من اآلالء‪،‬‬ ‫واآلالء هي النعم الذي ندعو الله أن نصل إليه‪ ،‬والتي‬ ‫نحاول استخراجها من األبجدية كلها‪ ،‬حيث يصبح‬ ‫مناسباً أن تأوي إلى ِخدرك‪ ،‬وتترك نفسك مع األمل‪،‬‬ ‫وصوت أم كلثوم بالذات!‬


‫التفكير واإلبداع‬

‫ضرورة ملحة في عاملنا العربي‬ ‫> جالل بوشعيب فرحي‬

‫<‬

‫ذكر بعض الفالسفة قديماً أن اإلنسان حيوان عاقل‪ ،‬وهو قول صائب إلى حد ما‪،‬‬ ‫ويبقى العقل نعمة من نعم الله التي س��اوى الله فيها بين البشر‪ ،‬عندما وهبهم هذا‬ ‫الجهاز المفعم بالحيوية‪ ،‬إنه أداة معجزة للتعلم تالزم البشر طيلة حياته؛ فالعقل ميزة‬ ‫إنسانية يستأثر بها اإلنسان عن باقي المخلوقات في الكون‪ ،‬وهو القاعدة التي من‬ ‫خاللها يُدار التفكير‪ .‬ويمكن تشبيه العقل بمركز القيادة‪ ،‬الذي من خالله تدار األفعال‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬هذه القيادة تستقبل المعلومات وتقوم بتحليلها وتفسيرها‪ ،‬ومن ثم تحويلها‬ ‫إلى فعل‪ ،‬مهما كان نوع الوسيلة المستخدمة أو اللغة التي جاءت عبرها هذه المعلومات‪.‬‬ ‫يقول عز وجل في كتابه الكريم‪{ :‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون} سورة‬ ‫الروم اآلية ‪9‬؛ ولذلك فإن الله سبحانه عندما وهب اإلنسان العقل أمره بالتعلم‪ ،‬ولم‬ ‫يضع سبحانه وتعالى حداً للعلم‪ ،‬وهو دليل على أن للعقل قدرات كبيرة ال نهاية لها‪،‬‬ ‫ويتجلى ذلك في قوله تعالى‪{ :‬وما أوتيتم من العلم إال قليالً} سورة اإلسراء اآلية ‪.85‬‬ ‫ال من قدراته العقلية الهائلة‪ ،‬وهو‬ ‫واإلنسان ‪ -‬بطبعه ‪ -‬ال يستخدم سوى جزءاً قلي ً‬ ‫مطالب بالتعلم والبحث وب��ذل جهد كبير في التحصيل العلمي‪ ،‬ولكن هذا ال يعني‬ ‫االكتفاء فقط بالتعلم‪ ،‬بل ينبغي عليه التفكير وهو ما يقوده إلى اإلبداع الذي نفتقده‬ ‫اليوم في عالمنا العربي‪.‬‬

‫دعوة إلى التفكير‬ ‫يقول تعالى‪ ...{:‬الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في‬ ‫ال سبحانك فقنا عذاب النار} سورة‬ ‫خلق السموات واألرض‪ ،‬ربنا ما خلقت هذا باط ً‬ ‫آل عمران اآلية ‪ . 191‬عندما يدعونا الخالق إلى التفكير‪ ،‬فإنه ينبغي علينا أن نفهم‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪105 1428‬‬


‫هذه الدعوة السامية؛ فهي دعوة إلى التفكر‪ ،‬ودعوة‬ ‫إلى اإلبداع من بديع السماوات واألرض‪ .‬ومن خالل‬ ‫التفكير في مخلوقات الله وفي النفس البشرية فإن‬ ‫هذا هو التفكير اإلبداعي بعينه‪ .‬تصوروا معي توقف‬ ‫اإلنسان عن التفكير وعن اإلبداع‪ ،‬كيف له أن يصنع‬ ‫المصباح؟ وكيف له أن يخترع السيارات والطائرات‬ ‫والبواخر والغواصات؟‬ ‫إن عالمنا اليوم بحاجة إل��ى مزيد من التفكير‬ ‫ومزيد من اإلبداع‪ ،‬ولألسف فإن مدارسنا وجامعاتنا‬ ‫تهمل هذا الجانب المهم في حياة البشرية؛ فاألمم‬ ‫تتطور بالتفكير واإلبداع‪ ،‬والثورة التقنية والتكنولوجيا‬ ‫الحديثة تحتاج إل��ى مفكرين ومبدعين لمواكبتها‬ ‫وم��واص��ل��ة التقدم العلمي والتكنولوجي‪ .‬إن تعليم‬ ‫التفكير واإلب���داع ف��ي بيوتنا وم��دارس��ن��ا وجامعاتنا‬ ‫مطلب مهم‪ ،‬يجب أن ننادي به ونركز عليه‪ ،‬ونسعى‬ ‫إلى تحقيقه على أرض الواقع‪ .‬وهذا األمر يتطلب‬ ‫إع���ادة النظر ف��ي مناهجنا التعليمية‪ ،‬وزرع بذور‬ ‫التفكير واإلب���داع في األج��ي��ال القادمة في مراحل‬ ‫مبكرة‪.‬‬ ‫والمؤسسات التعليمية والتربوية هي المعني األول‬ ‫بتحمل مسؤولية تعليم التفكير اإلب��داع��ي‪ ،‬ولذلك‬ ‫يجب تطوير مناهجها ب��اس��ت��م��رار‪ .‬وه���ذا التطوير‬ ‫يحتاج ‪ -‬ب��دوره ‪ -‬إل��ى تفكير وإب��داع في األساليب‬ ‫والطرق التعليمية لالرتقاء بمهارات التفكير لدى‬ ‫النشء وصقل المواهب بهدف تحقيق غايات وأهداف‬ ‫سامية على ال��م��دى القريب والمتوسط والبعيد‪.‬‬ ‫وعلى المثقفين وأرباب األقالم واإلعالميين والكتّاب‬ ‫والصحفيين أن يكونوا على قدر عظم مسؤولية هذه‬ ‫الغايات السامية؛ ألن العالم يتغير ويتطور بسرعة‬ ‫كبيرة فال مجال لإلهمال والتهاون‪ ،‬إنه زمن أصبحت‬ ‫ال مرناً وسريعاً‬ ‫فيه التكنولوجيا طاغية تتطلب تعام ً‬ ‫معها‪ ،‬وهو بال شك زمن العقول اإللكترونية واآلالت‬ ‫‪ 106‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫الذكية‪ ،‬زم��ن أصبحت فيه الصناعة ال تعتمد فيه‬ ‫على المجهود اليدوي البشري بل أصبحت التقنية‬ ‫ال عن اليد‬ ‫واستخدام الحواسيب اإللكترونية بدي ً‬ ‫العاملة البشرية‪ .‬ولكن ال ننسى أن اآلالت والمكائن‬ ‫م��ا كانت لتكون ل��وال العقول البشرية واالبتكارات‬ ‫والتفكير اإلبداعي اإلنساني‪.‬‬ ‫لقد حان الوقت إلعادة التفكير في أنفسنا‪ ،‬ولتغيير‬ ‫أساليبنا في التفكير بشكل نستطيع به مواكبة التطور‬ ‫الهائل في العلوم واالكتشافات والقدرات التكنولوجية‬ ‫والعلوم والتقنيات واإلب��داع��ات‪ .‬كما أصبح التفكير‬ ‫واإلب��داع مطلبين أساسيين لمواجهة التحديات في‬ ‫جميع المجاالت‪.‬‬

‫معنى التفكير‬ ‫يذكر د‪ .‬أحمد عزت راجح‪ ،‬أستاذ ورئيس قسم علم‬ ‫النفس بجامعة اإلسكندرية سابقاً‪ ،‬في كتابه أصول‬ ‫علم النفس‪ ،‬أن للتفكير في علم النفس معنيان‪ ،‬معنى‬ ‫ع��ام واس��ع ومعنى خ��اص ضيق‪ .‬ويقول إن التفكير‬ ‫بمعناه ال��ع��ام‪ ،‬هو كل نشاط عقلي أدوات���ه الرموز؛‬ ‫أي يستعيض ع��ن األش��ي��اء واألش��خ��اص والمواقف‬ ‫واألحداث برموزها بدالً من معالجتها معالجة فعلية‬ ‫واقعية‪ .‬ويقصد د‪ .‬راج��ح بالرمز كل ما ينوب عن‬ ‫الشيء أو يشير إليه أو يعبر عنه أو يحل محله في‬ ‫غيابه‪ .‬أما التفكير بمعناه الخاص فيقتصر في نظره‬ ‫ال ذهنياً أي عن طريق الرموز‪،‬‬ ‫على حل المشكالت ح ً‬ ‫أي حل المشكالت بالذهن ال بالفعل وه��ذا هو ما‬ ‫يعرف بالتفكير االستداللي أو االستدالل‪.‬‬ ‫وما يهمنا نحن من هذا المعنى هو الوصول إلى‬ ‫االبتكار واإلبداع؛ فاإلبداع هو إيجاد حل جديد وأصيل‬ ‫لمشكلة علمية أو فنية أو اجتماعية أو اقتصادية أو‬ ‫سياسية أو غيرها‪ .‬ويقصد بالحل األص��ي��ل الحل‬ ‫ال��ذي لم يسبق صاحبه فيه أح��د‪ ،‬بمعنى أن الحل‬


‫اب��ت��دع واب��ت��ك��ر بشكل‬ ‫ج��دي��د‪ .‬والمشكالت‬ ‫ع���ل���ى أن�������واع فمنها‬ ‫م��ا يستهدف تفسير‬ ‫ظ���اه���رة أي معرفة‬ ‫أسبابها كالمشكالت‬ ‫الفلكية والفيزيقية‬ ‫والطبية‪ ،‬التي تعرّض‬ ‫لحلها أم��ث��ال نيوتن‬ ‫وجاليليو وأينشتين‬ ‫وج��ي��ن��ز؛ أو مشكلة‬ ‫ن�����ش�����أة األم����������راض‬ ‫النفسية التي عالجها فرويد‪ ،‬وكل هذا يعده د‪ .‬راجح‬ ‫تفكير وإبداع‪ ،‬ورسمت أسماء منجزيها بحروف من‬ ‫إبداع من قبيل الكشف‪.‬‬ ‫ذهب في صفحات كتب التاريخ‪.‬‬ ‫ولذلك فإنه من المهم أن نُ َعلِّم اإلب��داع واالبتكار‬ ‫إن األج��ي��ال ال��ق��ادم��ة تنتظرها ت��ح��دي��ات كبيرة‬ ‫لألجيال القادمة؛ فاإلبداع ال يعني العلماء واألدباء‬ ‫لمواكب هذه الثورة التكنولوجية‪ ،‬لتتمكن من المنافسة‬ ‫والمثقفين فقط؛ بل يعني جميع فئات المجتمع كلها‪:‬‬ ‫والمحافظة على مكانتها بين األم��م‪ ،‬ولذلك فنحن‬ ‫كبيرها وصغيرها سليمها ومعاقها‪ ،‬متعلميها وأمييها‪،‬‬ ‫معنيون بتقديم يد العون لألجيال القادمة ومشاركتها‬ ‫وال يمكننا استثناء أحد‪ .‬فاإلبداع يكون على مستويات‬ ‫التقدم السريع والفاعل لتحقيق اإلنجازات‪ ،‬واستغالل‬ ‫تختلف حسب أهميتها وقيمتها في المجتمع‪.‬‬ ‫نعمة العقل لتقديم اإلب��داع للعالم‪ ،‬ألن اإلب��داع هو‬ ‫لماذا أصبحت الحاجة ملحة للتفكير اإلبداعي؟ ثروة الشعوب العظيمة‪.‬‬ ‫إنه سؤال مهم جداً‪ ،‬واإلجابة عليه تحتاج إلى كتب‬ ‫ومجلدات‪ ،‬ولكن ما يمكن قوله باختصار شديد أن‬ ‫العالم اليوم بحاجة إلى التفكير اإلبداعي بالتوازي‬ ‫م��ع التعليم‪ ،‬ف��ب��دون إب���داع يبقى العالم ي��دور حول‬ ‫نفسه‪ .‬تصوروا معي أن توماس أديسون لم يخترع‬ ‫المصباح‪ ،‬وتصوروا معي أن العالم لم يخترع اآللة‬ ‫البخارية والطباعة والحاسب اآلل��ي‪ .‬سيظل العالم‬ ‫يعيش في ظالم دامس بال شك‪ .‬واإلنجازات األدبية‬ ‫والتقنية والفنية والعلمية هي في حد ذاتها نتجت عن‬

‫تأمل أخي القارئ جهاز الجوال الذي بين يديك‪،‬‬ ‫وت��أم��ل شاشة الكمبيوتر التي أم��ام��ك وف��كّ��ر ملياً‪،‬‬ ‫وتأمل السيارة التي تنقلك إلى عملك‪ ،‬واسأل نفسك‬ ‫لماذا نحن كعرب ومسلمين لم نستطع صنع الجوال‬ ‫والكمبيوتر والسيارة؟ واسأل نفسك أيضاً‪ :‬هل هؤالء‬ ‫اليابانيون والصينيون والكوريون يمتلكون عقوالً غير‬ ‫عقولنا؟! ل��م��اذا ه��م يفكرون و يصنعون ويبتكرون‬ ‫وي���ب���دع���ون وي��ن��ت��ج��ون وي��خ��ت��رع��ون؟ ون��ح��ن نكتفي‬ ‫باالستهالك فقط!؟ إنها أسئلة تنتظر منا اإلجابة‪.‬‬

‫< كاتب مغربي‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪107 1428‬‬


‫الفن حين يتحول إلى خطاب أممي‬

‫مسرح «احلارة» الفلسطيني‬

‫وجع الواقع وبنفسج التسييس‬ ‫> محمد الفضيالت‬

‫<‬

‫«نحن لسنا سياسيين‪ ،‬نحن في الدرجة األول��ى فنانون‪ ،‬استطعنا ترجمة الصراع العربي‬ ‫ اإلسرائيلي إلى خطاب أممي‪ ،‬نجحنا في إيصاله إلى العالم على الرغم من اآللة اإلعالمية‬‫ال اآللة العسكرية»‪ .‬بهذه المداخلة بدأ حوارنا مع عضوي فرقة «مسرح الحارة»‪:‬‬ ‫اإلسرائيلية‪ .‬وقب ً‬ ‫نقوال أبو زرينة‪ ،‬وسامي متواسي‪ ،‬اللذين حمال مع بقية أعضاء الفرقة الهم الفلسطيني إلى الغرب‪،‬‬ ‫متحدين ومتحديين الضغوط «اليهودية»‪ ،‬التي كانت تمارس عليهم وعلى الدول المستضيفة‪.‬‬ ‫يذكر أن «مسرح الحارة» تأسس في شهر (يناير) كانون الثاني عام ‪2005‬م‪ ،‬امتداداً لمسرح‬ ‫عناد سابقاً الذي شارك أعضاؤه في عدد من المهرجانات المسرحية العربية والعالمية‪ ،‬وحازوا‬ ‫عدداً من الجوائز؛ إذ حصل نيقوال زرينة على جائزة أفضل ممثل عام ‪2004‬م‪ ،‬عن دوره في‬ ‫مسرحية «بائعة الكبريت»‪ ،‬في مهرجان مسرح الطفل العربي في األردن‪ ،‬كما حصلت زميلته رُبى‬ ‫صبحي على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في العمل ذاته‪ ،‬وحازت مسرحية «وبعدين» جائزة‬ ‫أفضل تقنيات مسرحية في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح‪.‬‬ ‫خاضت الفرقة تجارب مشتركة مع عدد من الفرق العالمية‪ ،‬كان آخرها مسرحية «حنين‬ ‫البحر»‪ ،‬التي افتتحت في (إبريل) نيسان ‪2005‬م‪ ،‬على خشبة مسرح باكا‪ -‬السويد‪ ،‬بالمشاركة‬ ‫بين أعضاء مسرح الحارة ومسرح باكا‪ ،‬وهو العمل الذي حاز جائزة أفضل عرض في مهرجان‬ ‫مسرح الطفل في رومانيا ‪2005‬م‪.‬‬

‫م�����س�����رح‬

‫هنا حوار مع كل من ممثل الفرقة نقوال أبو زرينة‪ ،‬والممثل والمخرج سامي متواسي‪ ،‬حول‬ ‫واقع المسرح الفلسطيني‪ ،‬في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من توترات وعدم استقرار‪،‬‬ ‫رافق التطورات السياسية عامة‪ ،‬في السنوات العشر األخيرة‪ ،‬وأثر ذلك على الواقع المسرحي‬ ‫للفن الفلسطيني‪.‬‬ ‫< المسرح الفلسطيني‪ ،‬أين موقعه على خارطة العمل المقاوم؟‬ ‫> نقوال أبو زرينة‪ :‬موقعه متقدم جداً‪ ..‬إذا عدنا إلى الوراء‪ ،‬وتحديداً إلى تاريخ انطالق االنتفاضة‬ ‫األولى نجد أن العمل المسرحي أو أي عمل متصل بالفعل الثقافي كان مرفوضاً من المجتمع‪ ،‬إذ‬ ‫كانت تلك االعمال تصنّف ضمن التسلية فقط‪ ،‬ومرفوضة‪ ،‬في ظل ثقافة تشكلت بفعل ما يعيشه‬ ‫الناس من قتل‪ ،‬وهدم للبيوت‪ .‬لكن المتابع للشأن الثقافي الفلسطيني يرى أنه بعد االنتفاضة‬

‫‪ 108‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫ال��ث��ان��ي��ة ح��دث��ت ثورة االنتفاضة أمام عشرات اآلالف من أطفال فلسطين‪ ،‬وكان‬ ‫ث��ق��اف��ي��ة ح��ق��ي��ق��ي��ة في تركيزنا في العرض على األماكن التي تتعرض للقصف‬ ‫ال��داخ��ل الفلسطيني‪ ،‬المباشر في مختلف مدن الضفة الغربية‪.‬‬ ‫ف�����أص�����ب�����ح ال�����ن�����اس‬ ‫< إذ ًا كانت هناك منهجية أو رسالة اعتمدها «مسرح‬ ‫وبمختلف شرائحهم‪ ،‬الحارة» في مخاطبة الطفل الفلسطيني؟‬ ‫يقدّرون أهمية الفنون‬ ‫نقوال أبو زرينة‪ :‬سعينا ومن خالل أعمالنا المسرحية‬ ‫بأشكالها المختلفة‪.‬‬ ‫الموجهة للطفل‪ ،‬إل��ى إخ��راج األط��ف��ال من أج��واء العنف‬ ‫ف�������������ي ب���������داي���������ة والتوتر األمني‪ ،‬الذي يعيشون؛ إذ ليس لهم ذنب في أنهم‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬أذك��ر أننا وج��دوا في هكذا أج��واء وظ��روف‪ .‬وهنا أود أن أن��وّه إلى‬ ‫ج��ل��س��ن��ا م���دة شهرين أنه ليس كما تتناقل وسائل اإلع�لام أن األم الفلسطينية‬ ‫نقوال أبو زرينة‬ ‫أق���������رب إل��������ى حالة أو الطفل الفلسطيني يرمي بنفسه إلى الموت‪ ،‬والحقيقة‬ ‫ما‬ ‫نعرف‬ ‫أن‬ ‫دون‬ ‫الشلل‪،‬‬ ‫أنه «ليس هنالك أم ترمي بابنها إلى الموت‪ ،‬مهما كانت‬ ‫سيكون عليه دورنا‪ ،‬وما هو موقف الناس‪ ،‬هل سيقاطعون القضية وحتى لو كانت القضية الفلسطينية‪ ،»..‬ال يوجد‬ ‫ال أو شاباً‪ ،‬وتكون سعيدة بذلك‪،‬‬ ‫األعمال المسرحية؟ وهل سنالقي قبوالً إذا قمنا بمبادرة أم يتوفى لها ابن سواء طف ً‬ ‫وعرضنا أعمالنا؟‬ ‫ربما ردة الفعل األولى‪ ،‬ولكن في النهاية الفقيد هو ابنها‪.‬‬ ‫فترة الصمت والقلق والتفكير هذه قطعتها مكالمات دورنا في العمل المسرحي كان تذكير األطفال بطفولتهم‪،‬‬ ‫هاتفية ع���دة‪ ،‬تلقيناها م��ن ع��دد م��ن م��دي��ري المدارس نقول لهم إن التزامكم‬ ‫وتحديداً من مدارس بيت ساحور في محافظة بيت لحم ب�����دراس�����ت�����ك�����م وف����ي‬ ‫يطلبون منا مساعدتهم‪ ،‬وق��ال لنا م��دي��رو ال��م��دارس إن ال��م��ق��اع��د الدراسية‬ ‫الطالب حاضرون بأجسادهم دون عقولهم‪ ،‬وإنهم يعانون وذهابكم إلى المدرسة‬ ‫من مشاكل كثيرة في بيوتهم‪ ،‬الطالب ال ينامون‪ ،‬ويرون وال���ع���ودة إل���ى بيوتكم‬ ‫أحالماً مزعجة‪ ،‬ويعانون من التبوّل ال�لاإرادي‪ .‬في وقتها ب��أم��ان ه��و المطلوب‬ ‫فكرنا بشكل المساعدة التي يمكن تقديمها لهم‪ ،‬استشرنا منكم حالياً‪ .‬ه��ذا ما‬ ‫اختصاصيين نفسيين واجتماعيين في تلك الفترة وأخبرونا نريده من أطفالنا وهو‬ ‫بضرورة أن يُعبّر الطفل عن نفسه وما يشعر به‪ ،‬ويجب ما نترجمه لهم خالل‬ ‫وضع الطفل في جو يخرحه من دوامة العنف المحيط به‪ .‬أع��م��ال��ن��ا المسرحية‬ ‫ال مسرحياً الموجهة لهم‪.‬‬ ‫قدمنا وقتها عرض (يالله يالله) ولم يكن عم ً‬ ‫سامي متواسي‬

‫بقدر ما هو عمل ترفيهي‪ ،‬يستند إل��ى الغناء والرقص‪،‬‬ ‫فالطفل يشارك بالعرض بحركاته وصوته بوصفه جزءاً‬ ‫من القصة التي نقوم بسردها‪ ،‬وبعد انتهاء العرض كنا‬ ‫نقوم بتقسيم األطفال إلى مجموعات‪ ،‬ليتكلموا مع بعضهم‬ ‫بعضاً‪ ،‬ويعبّروا عن مشاعرهم‪ ،‬كي يشعروا أنهم ليسوا‬ ‫الوحيدين ف��ي ال��ظ��روف الصعبة التي نعيشها‪ ،‬ب��ل نحن‬ ‫> سامي متواسي‪ :‬مهمتنا في الفرقة المسرحية أخذنا‬ ‫الكبار نعيش معهم المخاوف والظروف السيئة ذاتها‪.‬‬ ‫على عاتقنا معالجة وض��ع‪ ،‬وال أق��ول تغييره‪ .‬وتلك مهمة‬ ‫وقد قدمنا ذلك العرض في السنوات الثالث األولى من صعبة؛ فالطفل الفلسطيني يُمثّل حالة متفردة بالنسبة‬ ‫هذا ما عبّرنا عنه‬ ‫في «حنين البحر» والتي أوصلنا من خاللها رسالة إلى‬ ‫األطفال مضمونها عدم التخلي عن أحالمهم‪ ،‬والتمسك‬ ‫باألمل‪ ،‬من أجل تحقيق أهدافهم‪ ،‬للوصول إلى مستقبل‬ ‫أفضل‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪109 1428‬‬


‫لعالم الطفولة عامة؛ فهو ليس بطفل متلق فقط‪ ،‬بل له ليس في اإلمكان أن نعمل بمنأى عن الواقع السياسي‪.‬‬ ‫ق���راره‪ ،‬ال��ذي يتشكل نتيجة ما يشاهده ويحس ب��ه؛ فهو‬ ‫ومن خالل خبرة متواضعة في العمل المسرحي‪ ،‬اكتشفنا‬ ‫يعيش ظرفا ليس طبيعيا على اإلط�لاق‪ ،‬فاألطفال حين ‪ -‬أثناء جوالتنا في عدد من الدول العربية واألوروبية في‬ ‫يخرجون من بيوتهم ليجدوا الدبابات أمامهم‪ ،‬تنتابهم ردود (فرنسا‪ ،‬وسويسرا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬والسويد‪ ،‬واألردن‪ ،‬ومصر‬ ‫فعل متباينة‪ ،‬فيشعرون بأنهم من ينبغي أن يقدموا الحماية وغيرها) ‪ -‬أن الفن والمسرح أداة فاعلة‪ ،‬واكتشفنا كم‬ ‫ألهلهم‪ .‬وه��ؤالء األطفال استشهد من أسرهم أب أو أخ هو تقبّل الغربيّ للغة الفن؟ عندما نتوجه إلى الغرب بعمل‬ ‫أو صديق؛ ومن ثم تتشكل لديهم معطيات بدهية للعمل مسرحي راق وحضاري نستطيع ايصال رسالة‪ ،‬يعجز عن‬ ‫الذي قد يفكرون باإلقدام عليه‪ ،‬األمر الذي يؤكد صعوبة ايصالها أي سياسي‪ ،‬يقف ليخطب ث�لاث ساعات أمام‬ ‫مخاطبتهم بهذا الشأن‪.‬‬ ‫الجمهور! هذا الكالم سمعناه من سفراء فلسطين في كل‬ ‫وعلى الصعيد ال��داخ��ل��ي‪ ،‬وأس���وة بمسارح فلسطينية الدول التي قدمنا عروضنا فيها؛ قالوا لنا‪« :‬نحن ولسنوات‬ ‫أخ��رى لدينا مشكالت كثيرة نتيجة االح��ت�لال‪ .‬وهنا كان في السفارة لم نستطع ايصال الرسالة التي أوصلتموها‬ ‫دورنا‪ ،‬إذ عملنا على معالجة العديد من القضايا‪ ،‬من خالل في ساعة من العرض المسرحي»!‬ ‫عروضنا التي تتناول قضايا المرأة والطفل والمسنين؛‬ ‫< تميزت فرقة «مسرح الحارة» عن غيرها من الفرق‬ ‫فالمسرح إضافة إلى أنه يعد فناً راقياً‪ ،‬فهو أيضا عالج الفلسطينية أنها حملت المسرح الفلسطيني إلى خشبة‬ ‫نفسي واجتماعي‪.‬‬ ‫المسرح العالمي‪ ،‬عبر عروضها في دول أوروبية عديدة‪..‬‬

‫س�� ّب��ب االح���ت�ل�ال م��ش��اك��ل ك��ث��ي��رة‪ ،‬وف���رض أج�����وا ًء من ما حجم الصعوبات التي واجهتكم‪ ،‬إزاء ذل��ك‪ ،‬في ظل‬ ‫االنغالق؛ هناك فقر وجهل وانعدام تواصل مع اآلخر‪ .‬تلك ما تبثه وتكرّسه اآلل��ة اإلعالمية اإلسرائيلية في الغرب‬ ‫الحيثيات دفعت باالنسان الفلسطيني إلى أن يصبح شغله تحديداً؟‬ ‫الشاغل قوت يومه وأطفاله‪ ،‬لم يعد هناك شغف للتعلم‬ ‫> سامي متواسي‪ :‬نحن نعمل على مستويين‪ ،‬األول‬ ‫والمعرفة‪ ،‬هذه من المشاكل التي نتطرق إليها في عروضنا‬ ‫ضرورة أن يعرف الناس الحقيقة‪ ،‬خصوصاً في ظل التعتيم‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬الذي تمارسه إسرائيل على القضية الفلسطنية‬ ‫< هل استطاع «مسرح الحارة» تغليب الفن في قضية والشعب الفلسطيني؛ ف��دورن��ا كفنانين توضيح حقيقة‬ ‫المسرح المسيّس؟‬ ‫القضية وإن كانت رسائلنا السياسية غير مباشرة‪ ،‬فنحن‬ ‫> ن��ق��وال أب��و زري��ن��ة‪ :‬ال ش��ك أن ف��ن ال��م��س��رح تكتنفه نحمل قضية يجب أن يعرفها العالم‪ ،‬كما أننا في رسالتنا‬ ‫ص��ع��وب��ات متعلقة بماهية المحتوى‪ ،‬خ��ص��وص��اً ف��ي ظل الفنية يعنينا أن نتوجه إلى العالم الغربي ونحن على قدم‬ ‫المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني‪ ،‬وما يفرض علينا من المساواة معهم‪ ،‬وبكل ندية‪ .‬نحن نمتلك فناً مثلهم‪،‬‬ ‫الحياد بالنسبة لمفهوم الفن المجرد‪ ،‬وليس في اإلمكان وفننا يصل إلى العالمية‪ .‬توجهنا إلى الغرب في إطار من‬ ‫تفنيد مسألة المسرح المسيّس‪ ،‬ودائ��م��اً يكون السؤال الندية وليس في إطار استجداء الشفقة والعطف‪.‬‬ ‫لدينا حول طبيعة الرسالة التي نريد توجيهها عبر حراكنا‬ ‫كما أن وصولنا إلى الغرب‪ ،‬في حد ذات��ه‪ ،‬يعد تحدياً‬ ‫المسرحي؟‬ ‫واضحاً وانجازاً يسجل للحراك المسرحي الفلسطيني‪.‬‬ ‫مسرح الكبار عامة يتحدث في األس��اس عن القضية‬ ‫الفلسطينية ‪ -‬ولو بشكل غير مباشر ‪ -‬ونحن في المسرح‬ ‫الفلسطيني نؤمن أن هذا ال��دور من األدوار المهمة التي‬ ‫ينبغي علينا تقديمها‪ ،‬وهي توصيل رسالة في غاية األهمية‪،‬‬ ‫نحن لسنا سياسيين‪ ،‬في الدرجة األولى نحن فنانون‪ ،‬ولكن‬

‫‪ 110‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫تعرضنا ف��ي بعض ال��ج��والت إل��ى مشكالت تقف وراءها‬ ‫جهات وأف��راد من الجاليات اليهودية‪ ،‬أقلها ما تقوم به‬ ‫هذه الجاليات من مظاهرات احتجاج ضدنا‪ ،‬وضد الدولة‬ ‫المستضيفة لنا‪ .‬المفارقة المثيرة للتساؤل والدهشة أنهم‬ ‫ينددون باستضافتنا بوصفنا فرقة مسرحية فلسطينية‪،‬‬


‫تحظى بفرصة تواجدها وتقديم عروضها‪ ،‬دون أن يكون حساب الصراع‪ ،‬الذي هو أصل معاناة شعبنا‪.‬‬ ‫هناك في المقابل فرقة مسرحية يهودية!‬ ‫ومن هذه المأساة اإلنسانية‪ ،‬كانت فكرة مسرحية «ولد‬ ‫نحن في النهاية فنانون‪ ،‬وك��أف��راد فلسطينيين نحمل‬ ‫رسالة قضيتنا على مستويات عدة‪ ،‬وقد عمدنا إلى استثمار‬ ‫فرص وجودنا في دول الغرب؛ فخالل ع��روض األطفال‪،‬‬ ‫التي قدمناها ه��ن��اك‪ ،‬كنا نهدف م��ن ورائ��ه��ا التوجه إلى‬ ‫أطفال الغرب‪ ،‬الذين نعدهم «الطريق السريع» للدخول إلى‬ ‫مجتمعاتهم‪ ،‬فاألطفال أصحاب تحرر فطري‪ ،‬وليس ثمة‬ ‫أجندات لعقولهم البريئة‪ ،‬ولديهم فضول ليسمعوا ويكتشفوا‪،‬‬ ‫وليسوا منغمسين في أفكار ومفاهيم أجدادهم التي يتوجب‬ ‫كسرها وتغيرها‪ .‬أطفال الغرب هم اطفال اإلنسانية أوالً‪،‬‬ ‫وعلينا إيجاد المداخل المناسبة والمضامين المبسطة‬ ‫إليصال فكرة أن لدينا أطفاالً فلسطينيين يدفعون «فاتورة»‬ ‫االحتالل والحروب والدماء‪ ،‬دون أي ذنب اقترفوه‪.‬‬

‫< نلحظ ان اآللة االعالمية العالمية تركز على أخبار‬ ‫فلسطين‪ ،‬المتعلقة بالقتل وال��دم��ار‪ .‬ثمة تركيز على‬ ‫الحدثين السياسي والعسكري‪ ،‬كيف تتعاملون مع ذلك‬ ‫الواقع وما هو دوركم؟‬ ‫> سامي‪ :‬أعمالنا فيها رسائل سياسية غير مباشرة‪،‬‬ ‫نحن ال نستطيع تقديم عمل مسرحي شكسبيري ألن‬ ‫األولوية لألعمال التي تعكس معاناة شعبنا وقصصه‪ ،‬حتى‬ ‫نحافظ على المصداقية‪ .‬نحب أن نقدم أعماالً عالمية‪،‬‬ ‫لكننا نستمتع كفناني مسرح عندما نقدم واقعنا‪ ،‬عادة ما‬ ‫نبتعد بأعمالنا عن المباشرة‪ ،‬نبتعد عن القتل والرصاص‬ ‫حتى تكون أعمالنا عالمية‪.‬‬ ‫عندما نقدم القضية الفلسطينية ف��ي إط��ار المعاناة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬التي يعيشها الشعب الفلسطيني‪ ،‬وما يتضمنه‬ ‫العمل المسرحي من محتوى يرصد معاناة شعبنا بطريقة‬ ‫تسجيلية واقعية ت��ع��رض ت��د ّن��ي مستوى العيش‪ ،‬والفقر‪،‬‬ ‫وال��ح��ص��ار االق��ت��ص��ادي‪ ،‬وان��ع��دام األم���ن‪ ،‬وال��ص��م��ود؛ هذه‬ ‫المشهديات حينما تُعرض أمام المشاهد الغربي‪ ،‬يجد نفسه‬ ‫أمام معاناة إنسانية لشعب أعزل مظلوم‪ .‬نحن في عروضنا‬ ‫في دول الغرب‪ ،‬وحتى في الدول العربية‪ ،‬نكون أمام ثقافات‬ ‫مختلفة ومن ثم نجذب المشاهد من خالل محتوى العمل‬ ‫الذي يطغى عليه الخطاب األممي‪ ،‬نقدم ما هو إنساني على‬

‫في بيت لحم»‪ ،‬التي حاولنا فيها التقريب بين عذابات السيد‬ ‫المسيح التاريخية‪ ،‬وما يعانيه الشعب الفلسطيني اآلن من‬ ‫عذابات على يد االحتالل‪ ،‬والتركيز على محاوالته طمس‬ ‫حقيقة الوجود واإلرث التاريخي للشعب الفلسطيني‪ ،‬وجاء‬ ‫العمل في إطار إنساني بحت‪ ،‬يحمل على عاتقه مهمة تعريف‬ ‫العالم بقضية شعب يحب الحياة ويؤمن بالسالم العادل‪.‬‬ ‫> ن���ق���وال‪ :‬وألج����ل ذل���ك ت��ج��د أن ال��ع��م��ل المسرحي‬ ‫الفلسطيني حاضراً في كل المهرجانات التي نذهب إليها‪،‬‬ ‫سواء في العالم العربي أو في أوروبا‪ .‬الكثير من الحضور‬ ‫المهتمين‪ ،‬والنقاد المتابعين‪ ،‬ينتظرون العمل الفلسطيني‪،‬‬ ‫الذي سيقدم في تلك المهرجانات‪.‬‬ ‫< االنتظار بالفهم العاطفي أم اإلبداعي؟‬ ‫> نقوال‪ :‬هذا األمر أخذناه بعين االهتمام‪ ،‬مع بداية‬ ‫مشاركاتنا بتقديم عروضنا في الخارج‪ ،‬والواقع أنه إذا‬ ‫تم استثناء تونس على المستوى العربي‪ ،‬يكون المسرح‬ ‫الفلسطيني أرق��ى مسرح عربي‪ ،‬من الناحية اإلبداعية‬ ‫والفنية‪ ،‬إضافة إلى أننا لم نغفل أننا نخاطب عقوالً واعية‪،‬‬ ‫األمر الذي جعلنا ننأى عن اإلفراط في استثمار العاطفة‬ ‫أو استجداء التعاطف‪ ،‬وإن كان ذلك هو النهج الذي اتبعته‬ ‫المؤسسات االسرائيلية بشتى أصنافها في كسب تأييد‬ ‫الغرب لهم‪ .‬فقط قدمنا لهم عبر أعمالنا فناً إبداعياً‬ ‫ومحتوى واقعياً ذا معطيات حقيقية‪.‬‬

‫> س��ام��ي‪ :‬ف��ي الحقيقة نحن ف��ن��ان��ون ه���واة‪ ،‬ليس‬ ‫لدينا خ��ب��رات أكاديمية ف��ي عالم الفن وال��م��س��رح‪ ،‬أو‬ ‫معاهد مختصة لتدريس الفن‪ ،‬لكننا تربينا على روائع‬ ‫األع��م��ال التي أنتجها العالم العربي والغربي‪ ،‬وكانت‬ ‫عيوننا مفتوحة على كل التجارب‪ ،‬من أجل رفد تجربتنا‬ ‫واالرت��ق��اء بها‪ .‬وخ�لال السنوات العشر الماضية ومع‬ ‫تراكم األعمال الجيدة التي قدمها المسرح الفلسطيني‪،‬‬ ‫يمكن القول إنه في كل مهرجان‪ ،‬أو في كل عام‪ ،‬يُعرض‬ ‫عمل أو عمالن فلسطينيان مميزان‪ ،‬األمر الذي يترك‬ ‫أث��ره الجيد في نفس المشاهد ال��ذي يأتي لمشاهدة‬ ‫المسرح الفلسطيني‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪111 1428‬‬


‫تشكيل الفراغ في الفنون اإلسالمية‬

‫سعيد نوح‬

‫<‬

‫دأب الغرب على اتهام الفنان المسلم بأنه يسعى دوما لشغل الفراغ في فنونه وزخرفته للخوف‬ ‫واع لفكر‬ ‫من الشياطين واألرواح الشريرة‪ ،‬التي تسكن في الفراغات‪ ،‬وكأن شغل الفراغ رد فعل غير ٍ‬ ‫جمعي يؤمن ويؤسس للخرافة‪ .‬وفي هذا المجال‪ ،‬يمكن أن نوضح لماذا حرص الفنان المسلم على‬ ‫شغل فراغاته بزخرفات ومنمنمات من أوراق األشجار والزهور وأشكال الطيور والحيوانات‪ ،‬ودافعه في‬ ‫هذا أن الدين حرم عليه فكرة التجسيم لألشكال الحية‪ ،‬فاستعاض عن ذلك بتقطيع األشكال الحية‬ ‫وتجزئتها‪ ،‬وشغلها وزخرفة فراغاته بها‪.‬‬ ‫قامت الفنون اإلسالمية على دعامتين هما‪ :‬الفنون القائمة الثابتة والفنون الخرافية‪.‬‬ ‫وقد حافظت الفنون القائمة المعمارية على تنوع الطراز المعماري وثباته‪ ،‬داخل كل إقليم إسالمي‪،‬‬ ‫معطياً إياه شخصيته المستقرة من (أموي‪ ،‬وعباسي‪ ،‬وفاطمي‪ ،‬وأيوبي‪ ،‬ومملوكي‪ ،‬وعثماني‪ ،‬ومغولي‬ ‫وغيرهم)‬ ‫أدت الفنون الزخرفية المنقولة دوراً مهماً في دمج فنون األقاليم اإلسالمية األخرى في قالب واحد‪،‬‬ ‫ألن تلك الفنون الصغيرة لها مكانة الحركة‪ ،‬من وإلى كل واليات العالم اإلسالمي الكبير‪ ،‬بتجارة القوافل‬ ‫والبيع والشراء في موسم الحج كل عام‪ ،‬حيث تجتمع وفود كل إقليم في هذا المكان المقدس بمكة‪،‬‬ ‫ومعهم مصوغات ومشغوالت بالدهم‪ .‬كانت تجري فيها المقايضة والبيع والشراء‪ ،‬وبذلك يتم االمتزاج‬ ‫والتبادل الثقافي والفني‪ ،‬وتذوّق القيم الجمالية والنفعية للمنتجات‬

‫ت��ش��ك��ي��ل‬

‫ومن المسلّم به أن الفن اإلسالمي مظهر مهم للحضارة اإلسالمية ودائما يتحرك بتفاعالته في إطار‬ ‫العقيدة اإلسالمية والتواءم معها من جهة‪ ،‬ومع متطلبات اإلنسان المسلم الروحية والدنيوية من جهة‬ ‫أخرى؛ فابتعد عن خاصية التجسيم والبروز التي تقرّبه من تشكيل التماثيل الوثنية‪ ،‬فخالف الطبيعة‬ ‫في رؤية تجريدية راقية‪ ،‬واتجه إلى رسم األشياء الخيالية والخرافية‪ ،‬وابتعد عن تصوير الكائنات الحية‬ ‫حتى ال يرتد المسلم إلى العالم الوثني القديم؛ فنجد كل السطوح في الفنون اإلسالمية مشغولة دائما‬ ‫بالزخارف المتكررة ذات األصول النباتية والحيوانية والهندسية‪ ،‬أو الكتابات الخطية بأسلوب زخرفي‪.‬‬ ‫ويال حظ أن تلك الزخارف الشاغلة للفراغ تغطي أيضاً أجساد التماثيل أو المخلوقات الخرافية‬ ‫األسطورية؛ أي أن الفراغ المادى السطحى لكل الفنون اإلسالمية يُغطى بزخارف متنوعة ممتدة برؤية‬ ‫جمالية‪.‬‬

‫الفراغ نقيض االشغال والتواجد‬ ‫هناك نوعان من الفراغ‪:‬‬ ‫الفراغ غير المرئي‪ ،‬أي عدم وصول أي إشاعة منعكسة عن األشياء إلى الخاليا المخروطية أو‬

‫‪ 112‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫العصوية لشبكية العين البشرية‪ ،‬ومن ثم ال ينتقل إلى‬ ‫العصا البصري أي موجات كهرو كيميائية‪ ،‬فال يصل إلى‬ ‫مراكز اإلبصار بالمخ أي إحساس بصري يتم إدراجه‪.‬‬ ‫الفراغ المرئي‪ ،‬فعندما تهاجم العين أشعة ضوئية‬ ‫ش��دي��دة ومباشرة أو انعكاس ق��وى تؤثر على خالياها‬ ‫الحساسة للضوء‪ ،‬فتلتهب وتصاب بعدم الرؤية لفترة‪،‬‬ ‫مثل التعرّض للكشافات المبهرة فتأتى لعين اإلنسان بقع‬ ‫متطايرة تحجب عنة الرؤية لفترة محددة‪.‬‬ ‫وفى الحالتين يُلغى اإلحساس البصري بالمحيط من‬ ‫حوله‪ ،‬ويصبح مجهوال بالنسبة ل��ه؛ أي أن ع��دم إدراج‬ ‫المحيط يثير ف��ى ال��ن��ف��س ال��ب��ش��ري��ة ال��خ��وف واإلث����ارة‬ ‫وال��ح��ذر‪ .‬ويالحظ أن الفنون اإلسالمية دائما تحضر‬ ‫فيها الزخارف المتكررة‪ ،‬فى سيطرة كاملة‪ ،‬تخفى تحتها‬ ‫وخلفها فراغ سطور للموضوعات الفنية ‪.‬‬

‫قبة جامع قرطبة باألندلس‬

‫اإلنسان هو سيد الكون‪ ،‬الذي سُ خِّ ر لخدمته وق َّل اعتقاد‬ ‫المسلم بالسحر والشعوذة تدريجيا ولجأ الفنان المسلم‬ ‫إل��ى رس��م الخيال والمحال أدبيا في قصص أل��ف ليلة‬ ‫وليلة‪ ،‬لكى يمحو السمات الطبيعية ويحولها إلى تجريدية‬ ‫متحررة من قيود الواقع الطبيعي المادي‪.‬‬

‫نتائج الفن االسالمى‬

‫كان عند العرب فى الجاهلية اعتقاد شائع‪ ،‬وهو أن‬ ‫‪ 1‬لم يكن الفنان المسلم يعاني من حالة الخوف والفزع‬‫كل شاعر له شيطانه الذي يُملي علية إبداعه الشعري‪.‬‬ ‫من الفراغ أو األماكن المفتوحة أثناء إبداعه‪.‬‬ ‫وكان كبير وادي عبقر‪ ،‬ولكن بعد ظهور االسالم تغيرت‬ ‫مفاهيم اإلنسان العربي بعد ن��زول القرآن واألحاديث ‪ 2-‬ترك اإلنسان المسلم عالم الخرافات‪.‬‬ ‫النبوية فى تصحيح المفاهيم عن الشياطين‬ ‫‪ 3‬شغل الفنان المسلم السطوح بزخارفه كرد فعل لشغل‬‫اللون بالمخلوقات التي يراها‪.‬‬

‫وه��ذا الشاعر (حسان بن ثابت) بعد إسالمه ترك‬ ‫االدعاء بأن لدية شيطان يلهمه الشعر‪ ،‬ما أهّ له أن يكون ‪ 4-‬تعمد الفنان المسلم تجميل فنونه ومنتجاته النفعية‪،‬‬ ‫الشاعر المسلم المدافع عن المسلمين ضد الشعراء‬ ‫وإتقانها بحس ديني جمالي‪.‬‬ ‫الكفار بعد أن أمره النبي ([)‪.‬‬ ‫‪ 5‬ربط الفنان المعماري المسلم بين لون الفراغ السماوي‬‫وفي عصور متأخرة صار المعمار في بيت المسلم‬ ‫وبين نهاية الخط األفقي للبناء‪ ،‬بواسطة الشرفات‬ ‫معماراً إس�لام��ي��اً‪ ،‬مثل ن��اف��ورة أو فسقية م��ن الداخل‪،‬‬ ‫(ال��ع��رائ��س)‪ ،‬ناقال ل��ون المبنى على خلفية الفراغ‬ ‫تتوسط البيت المكشوف‪ ،‬وأم��ا فى الواجهة الخارجية‬ ‫السماوي‪ ،‬واصال بين األعلى واألسفل والعكس‪.‬‬ ‫من المنزل اإلسالمي فتغطى فراغات النوافذ بزخارف‬ ‫خشبية مخروطة من خشب بفن األراب��ي��س��ك؛ وسميت ‪ 6-‬نقل المعماري المسلم لون الفراغ السماوي إلى داخل‬ ‫المنزل عن طريق النافورة أو الفسقية‪.‬‬ ‫هذه النوافذ بالمشربية‪ .‬فالقيمة الجمالية لهذا الفن‬ ‫اإلسالمي هي صوفية راقية‪ ،‬ناتجة من التأمل المجرد ‪ 7-‬تعامل الفنان المسلم مع المطلق الالنهائي‪ ،‬الممتد‬ ‫في تداخل تكراري‪ ،‬متأثرا مع بيئة الصحراء ذات‬ ‫للقيم الجمالية الموجودة فى تلك الزخارف المتنوعة‬ ‫التداخالت المتشابهة‪ ،‬وما تحويه من غموض وإثارة‬ ‫داخ��ل وح��دة فنية‪ ،‬تدفع اإلنسان إلى االستمتاع الفني‬ ‫داخل فراغها الواضح وغير الواضح في آن واحد‪.‬‬ ‫بها والتعايش معها وداخلها‪ .‬وقد أكد اإلس�لام على أن‬ ‫< روائي وفنان من مصر‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪113 1428‬‬


‫فاز بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬

‫تاريخ الكتابة‪ ..‬من التعبير التصويري إلى‬ ‫الوسائط اإلعالمية املتعددة‬

‫محمد احلمامصي‬

‫<‬

‫يعد كتاب «تاريخ الكتابة‪ :‬من التعبير التصويري إلى الوسائط اإلعالمية المتعددة»‪،‬‬ ‫الصادر عن مركز الخطوط بمكتبة اإلسكندرية‪ ،‬والفائز بجائزة مؤسسة الكويت للتقدم‬ ‫العلمي ألفضل كتاب مترجم إلى اللغة العربية في مجال األدب واإلنسانيات هذا العام‪ ،‬من‬ ‫أكثر الكتب المتعمقة في دراسة تطور الكتابات والخطوط في العالم؛ إذ يقدم آخر نتائج‬ ‫األبحاث العلمية في تاريخ الكتابة‪ ،‬ويحلل دور الصورة فيها‪ ،‬مستعرضاً معظم الكتابات التي‬ ‫عرفتها الشعوب‪،‬‬ ‫حرر الكتاب د‪ .‬خالد عزب‪ ،‬وشارك في إعداده ثمانية عشر باحثا في مجال الخطوط‬ ‫وع��دد م��ن الجامعات المصرية‪ .‬وق��دم ل��ه ال��دك��ت��ور إسماعيل س��راج ال��دي��ن مدير مكتبة‬ ‫اإلسكندرية‪ ،‬وهو يقع في (‪ )397‬صفحة من القطع الكبير‪.‬‬ ‫يستهل الكتاب بمقدمة بعنوان «من الصورة إلى الكتابة»‪ ،‬بقلم آن ماري – كريستيان‪،‬‬ ‫ويضم ثالثة فصول‪ ،‬خصص القسم األول منها ألقدم العصور‪ ،‬وهو يخص أساليب الكتابة‬ ‫غير األبجدية‪ ،‬والتطور العبقري الذي أنجزته الحضارات التي اختارت أن تُكيِّف لغاتها‬ ‫وثقافاتها مع هذا المنهج الكتابي‪ :‬منذ تطور الكتابة المسمارية القديمة في جنوبي بالد‬ ‫الرافدين‪ ،‬إلى الكتابات التصويرية المعقدة في الصيني والياباني أو كتابات جزيرة اإليستر‬ ‫الرونجو رونجو‪ ،‬التي مازالت بحاجة إلى فك رموزها‪.‬‬

‫ق���������راءات‬

‫القسم الثاني يركز على تاريخ األبجديات وانتشارها‪ ،‬الذي يستقصي أصول األبجديات‬ ‫السامية الغربية و«شقيقتها» الكتابة العربية مرورًا بالكتابات األقل ذيوعً ا مثل كتابات القوقاز‬ ‫أو كتابات أفريقيا جنوب الصحراء‪.‬‬ ‫وأخيرًا‪ ،‬يأتي القسم الثالث‪ ،‬الذي يبحث في إعادة اندماج الصورة في األبجديات الغربية‪،‬‬ ‫ويتطلع إلى األشكال العديدة من الكتابات المخطوطة باليد والمطبوعة ب��دءاً بالتجليات‬ ‫الرائعة لكتاب كيلز‪ ،‬إلى ظهور الطباعة واألشكال المكتوبة طباعيًا في العصور الحديثة‪،‬‬ ‫وبوجه عام‪ ،‬يتحدث هذا الكتاب عن الكتابات المستخدمة في العالم‪ ،‬ويحتوي كل فصل‬ ‫على العديد من الموضوعات المختلفة‪ ،‬وكل موضوع منها يعطي معلومات عن نشأة البلد‪،‬‬

‫‪ 114‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫والعادات والتقاليد‪ ،‬والتعداد السكني‪ ،‬والشواهد األثرية سطح طيني في أغلب األحيان‪ .‬وقد انتشرت الكتابة‬ ‫الموجودة فيه‪ ،‬إضافة إل��ى نشأة الكتابات والخطوط المسمارية عبر الشرق إلى أن وصلت ذروتها في القرن‬ ‫أيضا الثالث عشر ق‪ .‬م‪ ،‬حتى ظهرت في مصر‪.‬‬ ‫التي كانت تستخدم من قبل شعوبه‪ .‬كما يوضح ً‬ ‫كيفية تكوين وتركيب الجمل في كل لغة مع ش��رح كل‬ ‫ث��م استعرض الكتاب بعد ذل��ك كتابة ب�لاد م��ا بين‬ ‫القواعد النحوية المستخدمة فيها‪.‬‬ ‫ال��ن��ه��ري��ن‪ ،‬ون��ق��رأ ف��ي��ه ع��ن األدوات ال��ت��ي استخدمها‬ ‫ال��خ��ط��اط��ون وال��م��واد ال��ت��ي كان‬ ‫ت���ب���دأ م���وض���وع���ات الفصل‬ ‫يكتب عليها‪ ،‬ب���دءًا بالصلصال‬ ‫األول ب���اإلره���اص���ات المبكرة‬ ‫والبوص الموجودة في كل السهل‬ ‫للكلمة المكتوبة في حوض نهر‬ ‫الرسوبي لنهري دجلة والفرات‪،‬‬ ‫ال���دان���وب‪ ،‬ال���ذي ش��ه��د حضارة‬ ‫راقية من األلفية السادسة إلى‬ ‫إن تعقيد الكتابة المسمارية‬ ‫األلفية الرابعة ق‪ .‬م‪ .‬وانتشرت‬ ‫قد قيد استخدامها في المجتمع‪،‬‬ ‫تلك الحضارة إلى مختلف أرجاء‬ ‫فالفئة الصغيرة من الكتّاب فقط‬ ‫وسط القارة األوروبية‪ .‬كما عُثر‬ ‫ه���م ال���ذي���ن ك���ان باستطاعتهم‬ ‫على الكثير من آثارها في كل من‬ ‫الكتابة ومن الصعب حساب عدد‬ ‫ألمانيا وفرنسا‪ .‬ويرجع الفضل‬ ‫الكتاب والخطاطين الذين كانوا‬ ‫ف���ي ت��ط��ور ه���ذه ال��ح��ض��ارة في‬ ‫يعملون في حقبة معينة إال أن‬ ‫الدرجة األولى إلى مهارة أهلها‬ ‫تلك المهمة قد أنجزت حديثًا‪.‬‬ ‫ف��ي صنع ال��ف��خ��ار‪ ،‬وال���ذي صار‬ ‫وتحدث هذا الفصل كذلك عن كتابات مصر القديمة‪،‬‬ ‫صناعة رئيسية‪ .‬وكان الصلصال هو الخامة المفضلة‬ ‫لتصنيع أش��ك��ال ثالثية األب��ع��اد‪ ،‬بما ف��ي ذل��ك التمثيل التي ظهرت في أواخر األلف الرابع ق‪ .‬م‪ ،‬وعن الرموز‬ ‫والتصوير الزخرفي‪ .‬ويتميز فن ح��وض نهر الدانوب والعالمات المصرية القديمة وتطورها بدءًا من الكتابة‬ ‫كذلك بالتراوح في طرزه الهندسية المحززة في تصنيع الهيروغليفية في الحضارة الفرعونية‪ ،‬التي تعني الخط‬ ‫أص��ص ال��زي��ن��ة‪ .‬وت��ط��ورت فنون النقش ال��زخ��رف��ي فيه المقدس‪ ،‬وتعد الهيروغليفية األصل األول من الكتابة‬ ‫لتصبح مجموعة من اإلشارات والرموز التي تكتنز فيها الذي تطورت عنه كل أنواع الكتابة األخرى التي ظهرت‬ ‫الفراغات على جوانب األوان��ي المصنوعة من الطين بعد ذلك‪ .‬وبدأ المصري الكتابة بها منذ األسرة األولى‬ ‫اللبن‪ .‬وتلك البدايات األولى التي أتاحت للعين أن تتدرب نحو ‪ 3180‬ق‪ .‬م‪ ،‬واستمرت إلى نهاية النصف األول من‬ ‫األس��رة الثامنة عشرة وسميت الكتابة في هذا العصر‬ ‫على قراءة الرموز‪.‬‬ ‫بـ «المصري الكالسيكي»‪ ،‬ووصلت فيه الهيروغليفية‬ ‫الموضوع الثاني هو الكتابة المسمارية‪ ،‬التي تعد‬ ‫بصيغها وقواعدها النحوية ما يمكن تسميته بالعصر‬ ‫واح��دة من الخصائص األساسية في حضارة الشرق‬ ‫الذهبي‪ ،‬وبعد ألف عام تقريبًا نشأ نوع سريع من الكتابة‬ ‫القديم‪ ،‬إذ ك��ان أول ظهورها في جنوبي ب�لاد ما بين‬ ‫استخدم جنبًا إلى جنب مع الكتابة القديمة معتمدًا على‬ ‫النهرين ف��ي نهاية األل��ف��ي��ة ال��راب��ع��ة ق‪ .‬م‪ .‬وق��د ألحق‬ ‫الصور المختصرة‪ ،‬وقد سجلت به الشؤون الحكومية‬ ‫المكتشفون اسم المسمارية بهذه الكتابة وهي مأخوذة‬ ‫أيضا‪ ،‬وهو ما يعرف بالهيراطيقي‬ ‫وشؤون الحياة اليومية ً‬ ‫م��ن كلمة التينية معناها م��س��م��ار‪ ،‬أط��ل��ق��ت ع��ل��ى تلك‬ ‫بمعنى الخط الكهنوتي‪ .‬وخالل القرن الثامن أو السابع‬ ‫العالمات ح��ادة الشكل‪ ،‬وج��اء االس��م بسبب استخدام‬ ‫ق‪ .‬م‪ .‬استحدث المصريون خطً ا ثالثًا كان أكثر إيجازًا في‬ ‫قلم م��ح��دب لتنفيذ ع�لام��ات ذات أب��ع��اد ثالثية على‬ ‫صوره عن خطهم الثاني‪ ،‬وقد عرف بالخط الديموطيقي‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪115 1428‬‬


‫أي الخط الشعبي‪ .‬وتم استخدامها من بداية األسرة المتحركة الطويلة‪.‬‬ ‫الخامسة والعشرين إلى نهاية العهد الروماني‪.‬‬ ‫أم��ا عن األبجديات المسيحية أله��ل القوقاز وهي‬ ‫أما الكتابة في الصين‪ ،‬فتعد من الموضوعات المهمة ال��ك��ت��اب��ات األل��ب��ان��ي��ة‪ ،‬واألرم��ي��ن��ي��ة‪ ،‬وال��ج��ورج��ي��ة فكانت‬ ‫التي تناولها هذا الفصل بوضوح‪ .‬ويبين موضوع «ممارسة ه��ذه ال��ش��ع��وب ال��ث�لاث��ة تتكلم بلغات تختلف واحدتها‬ ‫فنون الخط في الصين» األدوات الالزمة لفن الخط في عن األخ��رى‪ ،‬ألن كل لغة منها تنتمي إلى شجرة لغوية‬ ‫اللغة الصينية التي يطلق عليها «الكنوز األربعة لغرفة مستقلة‪ .‬أما الخط الروني فلقد ظهر نظام الكتابة به‬ ‫الباحث» وهي الورق والريشة والحبر والمحبرة‪.‬‬ ‫على يد الشعوب الجرمانية ألول مرة مع بدايات التاريخ‬ ‫كما يبين الكتاب كيف ظهرت الكتابة اليابانية إلى الميالدي‪ .‬وقد عُثر على عينات من أقدم هذه الكتابات‬ ‫اليابان عن طريق شبه الجزيرة الكورية مع بداية العصر في الدنمرك‪ ،‬في نقوش على األسلحة وأدوات أخرى من‬ ‫أدوات الحياة اليومية‪ ،‬التي دفنت مع أجساد الموتى‪ .‬ثم‬ ‫المسيحي؟‬ ‫استعرض الكتاب بعد ذلك موضوع الخط األوجامي‪.‬‬ ‫وينتقل بنا الحديث بعد ذلك عن كتابات شبه القارة‬ ‫أما الكتابات في الصحراء األفريقية‪ ،‬فلقد جلبت‬ ‫الهندية وإقليم جنوب شرقي آسيا ننتقل بعد ذلك إلى‬ ‫األبجدية الكورية التي تكتب بخط هجائي‪ ،‬يعرف اليوم التجارة عبر الصحراء األفريقية والفتوحات اإلسالمية‬ ‫باسم «ه��ان غ��ول «‪ han>gul‬وه��و خط ك��ان يتألف في الكتابة واللغة العربية إلى الصحراء وإلى الساحل في‬ ‫األصل من ثمانية وعشرين حرفًا ولكن تم اختصارها الوقت نفسه‪.‬‬ ‫اآلن إلى أربعة وعشرين حرفاً (أربعة عشر حرفاً ساكناً‬ ‫وينتهي الكتاب بالفصل الثالث باستعراض الكتابة في‬ ‫وثمانية حروف متحركة)‪.‬‬ ‫العصور الوسطى‪ .‬وعلى الرغم من أن مصادر العصور‬ ‫تُع ُّد كتابة هنود مايا واح��دة من أعظم المنجزات‬ ‫الفنية والثقافية التي ابتدعها أهل تلك البالد وإن كانت‬ ‫واحدة من أكثر الكتابات تعقيداً بالنسبة للفترة السابقة‬ ‫لوصول كريستوفر كولومبس إلى أمريكا‪ .‬وقد ظلت لغزاً‬ ‫يحيّر العلماء في فك طالسمها‪ ،‬خاصة وأن نصوصها ال‬ ‫تنتمي إلى تتابع زمني متسلسل‪.‬‬ ‫يبدأ الفصل الثاني بموضوع الكتابات اإليجية في‬ ‫األلفية الثانية ق‪ .‬م‪ .‬وبها نوعان من الكتابة‪ :‬الكتابة‬ ‫الكريتية الهيروغليفية (المقدسة الشبيهة بالهيروغليفية‬ ‫المصرية)‪ ،‬والكتابة الخطية األولى‪.‬وينتقل الحديث بعد‬ ‫ذلك عن أصل األبجدية السامية الغربية‪ ،‬وبعد ذلك إلى‬ ‫الكتابة العربية والكتابات على هوامش المخطوطات‬ ‫العربية‪ ،‬والذي يتناول باستفاضة تاريخ الكتابة العربية‬ ‫حيث أنها تعد األخت الصغرى في منظومة األبجديات‬ ‫السامية‪ ،‬التي تعتمد على األصوات الساكنة والمقاطع‬ ‫< القاهرة‬ ‫< هكذا ورد في النص (المجلة)‬

‫‪ 116‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬

‫الوسطى تعرضت للعديد من أشكال الخطوط‪ ،‬التي‬ ‫كانت تتنوع وتختلف وفقًا لتغيرات األوق��ات واألماكن‪،‬‬ ‫إال أن نمطاً معيناً قد نجح في فرض نفسه لمدة تقارب‬ ‫األربعة ق��رون على الساحة األورب��ي��ة‪ .‬وه��ذا الخط هو‬ ‫المعروف باسم «الخط الكارولنجي المُنمنمْ»‪.‬‬

‫ث��م يتناول الفصل م��وض��وع��ات أخ��رى متعددة مثل‬ ‫أش��ك��ال م��ن كتابات المدينة ف��ي ال��ق��رن الثامن عشر‪،‬‬ ‫اإلمالء وضبط الخطوط في فرنسا‪ ،‬فن المراسلة في‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬التعلم في المجتمعات الغربية‪،‬‬ ‫والكتابات على الملصقات اإلعالنية والتوقيع‪ .‬أما عن‬ ‫فن المراسلة في القرنين السادس عشر والثامن عشر‬ ‫فنجد فضل رسامي هولندا في القرن السابع عشر ومن‬ ‫بعدهم رسامي فرنسا في القرن الثامن عشر تصوير‬ ‫قراءة أو كتابة الخطابات‪ .‬وينتهي هذا الفصل باألشكال‬ ‫الرقمية لفن الطباعة ثم الكتابة والوسائط المتعددة‪.‬‬


‫تقومي أداء مديري مراكز التدريب املهني‬ ‫في اململكة العربية السعودية‬

‫المؤلف‪ :‬‬

‫دخيل الله بن تركي الشمدين – مدير مركز التدريب المهني‬ ‫سابقا وعميد كلية التقنية حاليا‪.‬‬

‫الناشر‪ :‬‬

‫مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية‪.‬‬ ‫المدربين‪ ،‬ما جعل مجتمع الدراسة شامال‪ ،‬بهدف‬ ‫الحصول على معلومات دقيقة‪ ،‬ثم ع��رض المؤلف‬ ‫البيانات وحللها ‪ /‬وختم الكتاب بعدد من النتائج‬ ‫والتوصيات الجديرة بأن تؤخذ بعين االعتبار‪.‬‬

‫يلقي ه��ذا اإلص���دار ال��ض��وء على أهمية تقويم‬ ‫األداء لمديري مراكز التدريب المهني في المملكة‬ ‫العربية ال��س��ع��ودي��ة‪ ،‬إذ يعد التقويم رك��ن��ا أساسيا‬ ‫لتطوير المؤسسات‪ ،‬ومعالجة جوانب القصور التي‬ ‫يمكن أن تطال مسارات العمل فيها‪ .‬وتأتي أهمية‬ ‫وم��ؤس��س��ة ع��ب��دال��رح��م��ن ال��س��دي��ري ال��خ��ي��ري��ة إذ‬ ‫الكتاب نظرا ل��زي��ادة االه��ت��م��ام بالتدريب المهني‪ ،‬يسرها أن تقدم ه��ذا الكتاب ضمن برنامج النشر‬ ‫واألدوار المهمة التي تضطلع بها مؤسسات التدريب ودع��م األب��ح��اث‪ ،‬فإنها تأمل أن يجد العاملون في‬ ‫المهني في المملكة‪.‬‬ ‫م��راك��ز التدريب المهني الفائدة المرجوة منه في‬ ‫يتضمن الكتاب دراس��ة ميدانية لعينة عشوائية ت��ط��وي��ر آل��ي��ات ع��م��ل األج���ه���زة اإلداري�����ة ف��ي مجال‬ ‫شملت ثالثمائة شخص من مديري مراكز التدريب ال��ت��دري��ب المهني وتفعيلها م��ا يعود بالفائدة على‬ ‫ال��م��ه��ن��ي وال��م��ش��رف��ي��ن ال��ف��ن��ي��ي��ن ورؤس�����اء األقسام مخرجات التدريب‪.‬‬

‫التنظيمات العسكرية النبطية‬ ‫المؤلف‪ :‬‬

‫صالح بن إبراهيم بن صالح الدغيم – محاضر في قسم‬ ‫التاريخ بكلية العلوم العربية واالجتماعية بجامعة اإلمام‬ ‫محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪.‬‬

‫الناشر‪ :‬مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية‪.‬‬ ‫الكتاب هو دراسة للتنظيمات العسكرية عند األنباط‪،‬‬ ‫الذين أق��ام��وا كيانا سياسيا واقتصاديا‪ ،‬وامتلكوا قوة‬ ‫وأسلحة وخبرات عسكرية‪ ،‬مشابهة لجيوش معاصريهم‪.‬‬ ‫ويعرض الكتاب في فصله األول األح��وال السياسية‬ ‫واالقتصادية لدولة األن��ب��اط‪ .‬وف��ي فصله الثاني نشأة‬ ‫ال��ق��وة العسكرية النبطية بمراحلها ال��م��ت��ع��ددة‪ ،‬منذ‬

‫بداياتها‪ ،‬مرورا بمرحلة قوة الدولة النبطية‪ ،‬وحتى زوالها‪.‬‬ ‫أم��ا الفصل الثالث فقد تعرض للتقسيمات العسكرية‬ ‫في الجيش النبطي بالتفصيل‪ ،‬مع استعراض صناعة‬ ‫األسلحة النبطية وأنواعها‪ .‬كما استعرض في الفصل‬ ‫ال��راب��ع ال��ن��ش��اط العسكري ل�لأن��ب��اط‪ ،‬ض��د التهديدات‬ ‫الخارجية التي واجهتهم‪.‬‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪117 1428‬‬


‫سمو األمير سلمان بن عبدالعزيز‬

‫يزور مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‬ ‫المؤسسة‪ .‬وق��د راف��ق سموه خ�لال جولته‬ ‫صاحب السمو الملكي األمير محمد بن سلمان‬ ‫بن عبدالعزيز‪ ،‬وصاحب السمو الملكي األمير‬ ‫تركي ب��ن سلمان ب��ن عبدالعزيز‪ ،‬وصاحب‬ ‫السمو الملكي األمير خالد بن سلمان بن‬ ‫عبدالعزيز‪ ،‬وصاحب السمو الملكي األمير‬ ‫نايف بن سلمان بن عبدالعزيز‪ ،‬وسعادة وكيل‬ ‫إم��ارة منطقة الجوف أحمد بن عبدالله آل‬ ‫الشيخ‪ .‬وف��ي ختام زي��ارت��ه الميمونة سجل‬ ‫الكلمة التالية في سجل الزيارات‪:‬‬

‫ن���ش���اط���ات ث��ق��اف��ي��ة‬

‫قام صاحب السمو الملكي األمير سلمان بن‬ ‫عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ‪ -‬سلمه الله ‪-‬‬ ‫بزيارة خاصة لمؤسسة عبدالرحمن السديري‬ ‫(في هذا اليوم الخميس ‪1428/4/23‬هـ زرت‬ ‫الخيرية‪ ،‬وذل��ك ي��وم الخميس الموافق ‪ /4/23‬مؤسسة الخال عبدالرحمن السديري الخيرية في‬ ‫‪1428‬ه��ـ أثناء زيارته لمنطقة الجوف مع خادم الجوف أثناء زيارتي للمنطقة رفق خادم الحرمين‬ ‫الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه‬ ‫حفظه الله‪ .‬وقد تجول سموه بالدار واطلع على الله‪ ،‬وإنني لسعيد بزيارة هذه المنطقة العزيزة‬ ‫معرض حضارة الكتابة وقسم الدوريات والمكتبة على قلبي‪ ،‬وقد سرني ما رأيت في سكاكا‪ ،‬وأرجو‬ ‫العامة بقسميها (الرجال‬ ‫للمنطقة االزدهار والتقدم وأن‬ ‫وال�����ن�����س�����اء)‪ ،‬وف������ي قاعة > سموه يقول‪ :‬سرني في زيارتي تكون هذه الزيارة فاتحة خير‬ ‫ال����ع����رض والمحاضرات‬ ‫للمؤسسة م��ا رأي��ت م��ن عمل للمنطقة وأبنائها األعزاء‪ ،‬وقد‬ ‫ب��ال��دار حضر سموه فيلماً‬ ‫يرجو مؤسسها عندما أسسها سرني في زيارتي للمؤسسة ما‬ ‫وثائقيا عن مؤسسة األمير‬ ‫الخير ألبناء المنطقة والثواب رأيت من عمل يرجو مؤسسها‬ ‫ع��ب��دال��رح��م��ن السديري من الله عز وجل‪.‬‬ ‫ع��ن��دم��ا أس��س��ه��ا ال��خ��ي��ر ألبناء‬ ‫ال����خ����ي����ري����ة‪ :‬تأسيسها‬ ‫المنطقة وال��ث��واب من الله عز‬ ‫وأهدافها واالنجازات التي‬ ‫وجل‪ ،‬أرجو له الرحمة وألبنائه‬ ‫حققتها منذ إنشائها في البرامج والمشروعات التوفيق والعمل على استمرار تطويرها‪ ،‬والله‬ ‫الثقافية والخيرية والتعليمية‪ ،‬وكذلك إصدارات يوفقنا جميعا للعمل الصالح‪.‬‬

‫‪ 118‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


‫التجربة الشورية في اململكة العربية‬ ‫السعودية بني اإلطار والتطوير‬

‫محاضرة في مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية في اجلوف‬ ‫ضمن برنامجها الثقافي لهذا ال��ع��ام‪ ،‬أقامت‬ ‫م��ؤس��س��ة ع��ب��دال��رح��م��ن ال��س��دي��ري ال��خ��ي��ري��ة في‬ ‫منطقة ال��ج��وف بعد ص�لاة م��غ��رب ي��وم األربعاء‬ ‫‪ 24‬صفر ‪1428‬ه���ـ‪ ،‬محاضرة بعنوان‪« :‬التجربة‬ ‫الشوربة في المملكة العربية السعودية بين اإلطار‬ ‫والتطوير» ألقاها الدكتور عبدالرحمن بن صالح‬ ‫الشبيلي‪ ،‬عضو مجلس الشورى السابق‪ ،‬وذلك في‬ ‫قاعة العرض والمحاضرات بدار الجوف للعلوم‪ .‬الدكتور‪ /‬زياد بن عبدالرحمن السدير ‬ ‫ي‬ ‫حضرها عدد من أعضاء مجلس الشورى الحالي الدكتور‪ /‬محمد بن حمد القنيبط‬ ‫والسابق وهم‪:‬‬ ‫الدكتور‪ /‬زيد الحسين ‬ ‫الدكتور‪ /‬على بن إبراهيم النملة‬

‫الدكتور‪ /‬مسعد بن عيد العطوي‬

‫الدكتور‪ /‬عبدالعزيز النعيم‬

‫اللواء‪ /‬كمال سراج الدين ميرغالني ‬

‫اللواء‪ /‬عبدالقادر بن عبدالحي كمال ‬

‫األستاذ‪ /‬محمد بن عبدالله الشريف‬

‫الدكتور‪ /‬عبدالرحمن بن عبدالله البراك‬

‫الدكتور يزيد بن عبدالرحمن العوهلي ‬ ‫األستاذ‪ /‬عبدالله أبو ملحة‬ ‫الدكتور‪ /‬منصور الحازمي ‬ ‫كما حضرها س��ع��ادة األس��ت��اذ محمد العقال‬ ‫وكيل وزارة الشئون االجتماعية ال��ذي ك��ان زائرا‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫وقد نقلت المحاضرة إلى القسم النسائي عبر‬ ‫الدائرة التليفزيونية المغلقة‪.‬‬

‫أعضاء مجلس الشورى الحاليين و السابقين‬ ‫وعدد من المواطنين حضروا المحاضرة‬

‫اجلوبة ‪ -‬صيف ‪119 1428‬‬


‫احتفاءً بزيارة خادم احلرمني الشريفني‬

‫افتتاح معارض تاريخية في دار اجلوف للعلوم‬ ‫بمناسبة زيارة خادم الحرمين‬ ‫الشريفين ال��م��ل��ك ع��ب��دال��ل��ه بن‬ ‫عبدالعزيز‪ ،‬وول��ي عهده األمين‬ ‫ص��اح��ب السمو الملكي األمير‬ ‫سلطان بن عبدالعزيز للمنطقة‪،‬‬ ‫أق���ام���ت م��ؤس��س��ة عبدالرحمن‬ ‫ال���س���دي���ري ال��خ��ي��ري��ة بمنطقة‬ ‫الجوف بالتعاون مع مكتبة الملك‬ ‫ع��ب��دال��ع��زي��ز ال��ع��ام��ة بالرياض‬ ‫معرضين‪ ،‬أحدهما للصور التاريخية النادرة عن مناطق المملكة وبلغت لوحاته (‪ )47‬لوحة‪ ،‬وآخر‬ ‫عن حضارة الكتابة وعدد لوحاته (‪ )24‬أربعا وعشرين لوحة‪ .‬وقد تم افتتاحهما مساء األحد الموافق‬ ‫‪1428/4/19‬هـ في صالة دار الجوف للعلوم‪ ،‬واستمرا أسبوعا كامال تمكن األهالي خالله وبمختلف‬ ‫شرائحهم من زيارة هذين المعرضين اللذين كان لهما وقع طيب في نفوسهم‪.‬‬ ‫وقد خصص يوما االثنين واألربعاء (الفترة المسائية) للنساء‪.‬‬

‫التأمني الصحي الذي تسعى له وزارة الصحة – حقيقته وجدواه‬ ‫محاضرة في مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية في اجلوف‬

‫ضمن برنامجها الثقافي لهذا العام‪ ،‬أقامت مؤسسة التعاوني بوزارة الصحة‪ .‬وقد تحدث عن فكرة التأمين‬ ‫عبدالرحمن السديري الخيرية بعد صالة مغرب يوم ونشأتها واألسباب المؤدية لذلك وعن مكونات النظام‬ ‫االثنين ‪1428/03/28‬ه���ـ الموافق ‪2007/04/16‬م‪ ،‬وتدرج تطبيقه‪.‬‬

‫في قاعة العرض والمحاضرات بدار الجوف للعلوم‬ ‫وق���دم للمحاضرة األس��ت��اذ اب��راه��ي��م ب��ن موسى‬ ‫محاضرة بعنوان‪« :‬التأمين الصحي الذي تسعى له الحميد عضو المجلس الثقافي بالمؤسسة ‪.‬‬ ‫وزارة الصحة‪-‬حقيقته وجدواه» ألقاها األستاذ فهد‬ ‫وقد تحدث المحاضر عن فكرة التأمين و نشأته و‬ ‫بن جلوي بن األزه��ر – مدير عام الضمان الصحي عن مكونات النظام وتدرج تطبيقه‪.‬‬

‫‪ 120‬اجلوبة ‪ -‬صيف ‪1428‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.