دراسات د .حافظ مغربي عبدالله السمطي نقد نصار احلاج ،فهد املصبح دعاء صابر ،زكريا العباد قصص عبدالله الزماي
ملف العدد:
حسن البطران السيد البدري شعر محمد الفوز ،زكية جنم شقراء املدخلي مواجهات عواض العصيمي صالح بوسريف أحمد اخلطيب
منتدى األمير عبدالرحمن السديري في دورته الرابعة "النظام الصحي السعودي"
مشاركة :أ .د .فالح الفالح ،د .عثمان الربيعة ،أ .د .خالد بن سعيد ،أ .د .منصور النزهة، أ .د .عدنان البار ،أ .د .حسني الفريحي ،د .عبدالله املعلم ،د .طالل األحمدي ،د .عبدالله الشريف
31
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية في مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية -1نشر الدراسات واإلبداعات األدبية يهتم بالدراسات ،واإلبداعات األدبية ،ويهدف إلى إخ��راج أعمال متميزة ،وتشجيع حركة اإلب��داع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز. ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير. مجاالت النشر: أ -الدراسات التي تتناول منطقة اجلوف في أي مجال من املجاالت. مبي في البند « »٨من شروط النشر). ب -اإلبداعات األدبية بأجناسها املختلفة (وفقاً ملا هو نّ مبي في البند « »٨من شروط النشر). ج -الدراسات األخرى غير املتعلقة مبنطقة اجلوف (وفقاً ملا هو نّ شروطه: -١أن تتسم الدراسات والبحوث باملوضوعية واألصالة والعمق ،وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية. -٢أن تُكتب املادة بلغة سليمة. -٣أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً ،وأن يتم احلصول على موافقة صاحب احلق. -٤أن تُق ّدم املادة مطبوعة باستخدام احلاسوب على ورق ( )A4ويرفق بها قرص ممغنط. -٥أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية املرفقة باملادة جيدة ومناسبة للنشر. -٦إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية فصيحة. -٧أن يكون حجم املادة -وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه -على النحو اآلتي: الكتب :ال تقل عن مئة صفحة باملقاس املذكور. البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة تصدرها املؤسسة :تخضع لقواعد النشر في تلك املجالت. الكتيبات :ال تزيد على مئة صفحة( .حتتوي الصفحة على « »250كلمة تقريباً). -٨فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر ،فيشمل األعمال املقدمة من أبناء وبنات منطقة اجلوف ،إضافة إلى املقيمني فيها ملدة ال تقل عن عام ،أما ما يتعلق بالبند (ج) فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات املنطقة فقط. -٩متنح املؤسسة صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إص��داره ،إضافة إلى مكافأة مالية مناسبة. -١٠تخضع املواد املقدمة للتحكيم.
-2دعم البحوث والرسائل العلمية يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف ،ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة في معاجلاتها وأفكارها. ( أ ) الشروط العامة: -١يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات واملراكز البحثية والعلمية، كما يشمل البحوث الفردية ،وتلك املرتبطة مبؤسسات غير أكادميية.
-٢يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعلقاً مبنطقة اجلوف.
-٣يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جديداً في فكرته ومعاجلته. -٤أن ال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه.
-٥يقدم الباحث طلباً للدعم مرفقاً به خطة البحث. -٦تخضع مقترحات املشاريع إلى تقومي علمي.
-٧للمؤسسة حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل. -٨ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمؤسسة. -٩يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية. (ب) الشروط الخاصة بالبحوث: -١يلتزم الباحث بكل ما جاء في الشروط العامة (البند «أ»). -٢يشمل املقترح ما يلي: توصيف مشروع البحث ،ويشمل موضوع البحث وأهدافه ،خطة العمل ومراحله ،وامل��دة املطلوبةإلجناز العمل. ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع ،تشمل األجهزة واملستلزمات املطلوبة ،مصاريفالسفر والتنقل والسكن واإلعاشة ،املشاركني في البحث من طالب ومساعدين وفنيني ،مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة.
حتديد ما إذا كان البحث مدعوماً كذلك من جهة أخرى.(ج) الشروط الخاصة بالرسائل العلمية:
إضافة لكل ما ورد في الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي: -١أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية ،ويرفق ما يثبت ذلك. قدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل. -٢أن يُ ّ
اجلوف :هاتف - 04 624 5992فاكس - 04 426 7780ص .ب 458سكاكا -اجلوف الرياض :هاتف - 01 412 5277 - 01 412 5266فاكس - 01 402 2545ص .ب 10071الرياض 11433 nshr@abdulrahmanalsudairyfoundation.org
العدد 31 ربيع 1432هـ 2011 -م
ملف ثقافي ربع سنوي يصدر عن مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية
املشرف العام
إبراهيم احلميد أسرة التحرير محمود الرمحي ،محمد صوانة أمين السطام ،عماد املغربي اإلخراج الفني خالد الدعاس
املراسالت
توجه باسم املشرف العام ّ
هاتف)+966( )4( 6245992 : فاكس)+966( )4( 6247780 : ص .ب 458سكاكا اجلـوف -اململكة العربية السعودية www.aljoubah.com aljoubah@gmail.com ردمد ISSN 1319 - 2566
سعر النسخة 8رياالت تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع
قواعد النشر
- 1أن تكون املادة أصيلة. - 2لم يسبق نشرها. - 3تراعي اجلدية واملوضوعية. - 4تخضع املواد للمراجعة والتحكيم قبل نشرها. - 5ترتيب املواد في العدد يخضع العتبارات فنية. - 6ترحب اجلوبة بإسهامات املبدعني والباحثني والكتّاب، على أن تكون املادة باللغة العربية. «اجلوبة» من األسماء التي كانت تُطلق على منطقة اجلوف سابق ًا
الناش ـ ـ ـ ــر :مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية أسسها األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري (أمير منطقة اجلوف من 1362/9/5هـ 1410/7/1هـ املوافق 1943/9/4م 1990/1/27 -م) بهدف إدارة ومتويل املكتبة العامةالتي أنشأها عام 1383هـ املعروفة باسم دار اجلوف للعلوم .وتتضمن برامج املؤسسة نشر الدراسات واإلبداعات األدبية ،ودعم البحوث والرسائل العلمية ،وإصدار مجلة دورية ،وجائزة األمير عبدالرحمن السديري للتفوق العلمي ،كما أنشأت روضة ومدارس الرحمانية األهلية للبنني والبنات ،وجامع الرحمانية. 4
اجلوبة -ربيع 1432هـ
الـمحتويــــات
6....................... اجلوف حتتضن دورة منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري الرابعة
78..................... حوار مع القاص والروائي السعودي عواض العصيمي
114.................... رجاء عالم حتصد جائزة البوكر عن روايتها طوق احلمام
124.................... وثائق من الغاط
الغالف :لوحة تعبرعن موسم التقاط زيتون اجلوف للفنان نصير السمارة عميد فناني منطقة اجلوف.
االفتتاحية 4 ...................................................... ملف العدد :منتدى األمير عبدالرحمن السديري في دورته الرابعة 6 دراسات« :اإلبيجرام» النثري عند طه حسين -أ .د .حافظ المغربي 32 المنفلوطي وجمالية البالغة النثرية -عبدالله السمطي39 ..... قصص قصيرة :ليلة ٌ ال أحبها -السيد موسى البدري44 ..... األبخــــــــرة -آمال الشاذلي45 .................................... قصة قصيرة ..جاكلــــيــن وفطــــومة -هشام حراك 47 ................. بطاقة صعود -حسن علي البطران 48 ............................... كيف تنجح في التقاط صورة جميلة - !...عبدالله الزماي 49 ........... قصص قصيرة جدا -د .محمد محقق 50 ............................ قصتان قصيرتان -ماجدة الخالدي 51 ............................... شعر :أمنية صعبة -افراح الكبيسي 53 .............................. بقع على جدران القلب -زكية نجم 54 ................................ زمن اليرى -خالد الحلِّي55 ......................................... ساحرة النغمات -محمد عباس علي داود 56 ......................... في حضرة الرؤيا -محمد الفوز 57 .................................. مناسك -شقراء مدخلي 58 ......................................... أريــــج الــــثــــنــاء -جمال أزراغيد 59 .................................. للقاصة: ّ نقد :النقد االجتماعي في قصص« :أحالم ال تعرف التحليق» «الهام عقال البراهيم» من الجوف -د .إبراهيم الدهون 61 ........... قراءة نقدية في أعمال الراحل محمد الثبيتي -دعاء صابر 63 ......... صورة المثقف السلبية في مجموعة (البهو) -زكريا العباد 67 .......... قراءة في مجموعة محمد البشير «عبق النافذة» -فهد المصبّح 71 ..... حفرةُ الصحراء وسيا ُج المدينة لـ عبدالله السفر -نصار الحاج73 ...... مواجهات :حوار مع القاص والروائي السعودي عواض العصيمي - عمر بوقاسم77 ................................................... حوار مع الشاعر المغربي صالح بوسريف -عبدالرحيم الخصار 83 .... حوار مع الشاعر األردني أحمد الخطيب -عمار الجنيدي 90 .......... نوافذ :االختراق الثقافي بين األمس واليوم -د .نجالء عبدالحليم 96 .. االتصال التعليمي ،خصائصه ،وأشكاله -د .محمد عامر البلخي 99 .... القُـدس فِ ي الشِّ ـعر العَـربي -عَالء الدِّين حسَ ـن 102 .................... البــــــــــوح -سليم صالح الحريص 107 .................................. فهد الموسر ..قامة أدبية شمالية في الشعر والنقد -فواز الشمري 109 فراشة مكة تفوز بالبوكر -شمس علي 114 ............................ مال واقتصاد :تطور البنوك اإلسالمية وعالميتها يحتاج معايير توحد أسلوب العمل -د .نضال الرمحي 116 ............................... قراءات120 .......................................................:
اجلوبة -ربيع 1432هـ
5
افتتاحية العدد > إبراهيم احلميد وها هي اجلوبه تصل إلى عددها احلادي والثالثني ،في مرحلة حاولت من خاللها تلبية خيارات قرائها إلى النهم املعرفي واإلبداعي ،وقد عملت منذ عددها السابع عشر على تبنّي ملف لتغطية املنتديات الوطنية الكبرى التي تنظمها مؤسسة األمير عبدالرحمن السديري اخليرية ،كما هو شان ملف هذا العدد ،أو ملفات تتناول إحدى القضايا الثقافية أو الوطنية التي تعبر عن الشأن الثقافي بكافة صوره أو تؤثر فيه ،من مهرجان الزيتون باجلوف ،إلى جامعة امللك عبدالله للعلوم والتكنلوجيا (كاوست) بجدة .كما دأبت اجلوبه على أن تقدم ألوانا من اإلبداع الشعري والسردي والنقد األدبي والثقافي ومواضيع أخرى. وف��ي ه��ذا ال�ع��دد ،تخصص الجوبة ملفا عن استضافة المؤسسة بمقرها الرئيس في مدينة سكاكا بمنطقة الجوف دورة منتدى معالي األمير عبدالرحمن السديري الرابعة ،وموضوعها (النظام الصحي السعودي) ،خالل الفترة من 2011/12/3-1م والتي تلت ثالث دورات للمنتدى في األعوام السابقة ،أقيمت بالتناوب ما بين الجوف والغاط ،تناول كل منها موضوعاً له أهمية بارزة ومؤثرة في المجتمع السعودي .وكانت على التوالي: «الهيئات الخيرية السعودية بعد أح��داث الحادي عشر من سبتمبر –اآلثاروسبل تجاوزها». «األزمة المالية العالمية – وتداعياتها على النظام المالي السعودي». «النظام القضائي في المملكة العربية السعودية».وتقدم اجلوبه في هذا العدد دراستني أوالهما لعبد الله السمطي عن املنفلوطي وجمالية البالغة النثرية عنده ،وهي استعادة ألدب املنفلوطي الذي شكل ذائقة الكثير من املثقفني واألدباء العرب ،وكان مدخلهم إلى اإلبداع.
6
وتأتي الدراسة الثانية لألستاذ الدكتور حافظ املغربي و َف ْحواها «اإلبيجرام» قدم للق َّراء النثري عند طه حسني.... ً كرؤى ومواقف ،والذي يعد بحق أول من َّ اجلوبة -ربيع 1432هـ
وحتاور اجلوبه في هذا العدد القاص والروائي السعودي عواض العصيمي ..صاحب «املنهوبة» والذي يفاجئنا باجلديد دوما ومبواقفه الثقافية التي تعبر عن أصالته كمبدع واع ،إذ يتكرر اسمه ف��ي سماء اإلب ��داع «ال�س�ع��ودي» ،منذ ثمانينيات القرن املاضي بأعمال قصصية وروائية ،تدهش وتعايش القارئ ..وهو الذي ينسج رؤيته بأدوات يتفرد بها ..فيقول« :أعتقد أن الصلة بني الكاتب وأدوات��ه ..إن لم تكن من القوة واملتانة ،بحيث ال تكون شغله الشاغل ،فإن من األجدى له أن يعيد نظره في عالقته بالكتابة.»..
اف�����������ت�����������ت�����������اح�����������ي�����������ة
العرب تعريفاً واعياً مباهية فن اإلبيجرام.
لقرائها إال "م��دوزن��ة" بها حيث يأتي هذا الفوز الباهر لــ عالم ،تكليال ملسيرة روائ�ي��ة متفردة، طاملا استوقفت الكثيرين ،عبر أعمال روائية ،ذات قيمة فنية ،وجمالية ،وأدبية عالية ،ال يقلل منها منحها اجلائزة باملناصفة.
وحترص اجلوبة على تغطية جانب من احلياة الثقافية في منطقة اجلوف ،من خالل األحداث الثقافية التي تشهدها ،أو من خالل املواد التي تعدها ع��ن الشخصيات الثقافية؛ ول�ه��ذا تقوم املجلة ف��ي ه��ذا ال�ع��دد باستعادة حلياة األدي��ب والشاعر فهد بن قاسم املوسر ،فقيد القريات، الذي أضاف للمكتبة الثقافية قبل رحيله رحمه ك�م��ا حت ��اور ال�ش��اع��ر امل�غ��رب��ي الكبير ص�لاح الله أكثر من سبعة مؤلفات تقوم اجلوبة بعرض بوسريف الذي عرفه املثقفون من خالل إسهاماته جوانب منها. املهمـة في املجال النظري ،إضافة إل��ى أعماله وتسلط اجلوبة الضوء على ح��دث ثقافي الشعرية املتميزة. قد يظنه البعض عابرا ،إال أن حجم االجناز كما حاورت الشاعر األردن��ي أحمد اخلطيب الذي حتقق منه ،ال ميكن ألي باحث أو مثقف ال ��ذي ينهل م��ن م�ع�ين األب �ج��دي��ة ق ��والً مهموماً إال أن يشيد به و يقف عنده طويال ،فإجناز بالتجريب الشعري ،ومحتفياً بالرؤى التي تفيض مؤسسة األمير عبدالرحمن السديري لكتاب: صوراً ذهنية تتعالق في أخيلتها مع روح اإلبداع (وثائق من الغاط) يعد حدثا وطنيا بامتياز، وضميره. نظرا ملا يحمله هذا الكتاب املهم من مضامني
وإذا كان فوز الروائية السعودية ،رجاء محمد عالم باجلائزة العاملية للرواية العربية (جائزة البوكر) ف��ي دورت�ه��ا ال��راب�ع��ة ،ع��ن روايتها»طوق احل�م��ام» ،مناصفة مع ال��روائ��ي املغربي ،محمد األش �ع��ري ع��ن رواي �ت��ه»ال �ق��وس وال �ف��راش��ة» ،قد جاء واجلوبة ماثلة للطبع ،فإنها آثرت أال تخرج
ودالالت ،وما حققه من إجناز عبر جهد كبير، ك��ان للمؤسسة وللمؤلف عظيم اجل�ه��د فيه، آملني أن يتكرر مثل هذا اإلجن��از في منطقة اجلوف ،وفي جميع مناطق اململكة ،عبر هذه املؤسسة العظيمة ،وكافة املؤسسات الثقافية احلكومية والوطنية. اجلوبة -ربيع 1432هـ
7
اجلوف حتتضن دورة منتدى األمير
عبدالرحمن السديري الرابعة بعنوان
النظام الصحي السعودي من 2010/12/3-1م
> إعداد :محمود الرمحي -عماد املغربي ض��م��ن ال� �ب ��رن ��ام ��ج ال �س �ن��وي ل �م �ن �ت��دى األم� �ي ��ر ع �ب��دال��رح �م��ن ب��ن أح�م��د ال�س��دي��ري للدراسات السعودية ،استضافت مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ب��م��ق��ره��ا ف� ��ي م ��دي� �ن ��ة س �ك��اك��ا بمنطقة ال�ج��وف دورة المنتدى ال��راب��ع��ة ،وال��ت��ي ك��ان��ت ب�ع�ن��وان (ال �ن �ظ��ام ال �ص �ح��ي ال �س �ع��ودي)، ولمدة ثالثة أيام خالل الفترة من 2010/12/3-1م ،بمشاركة عدد من ذوي االختصاص في المملكة العربية السعودية.
جلسة االفتتاح
برنامج المنتدى: يوم االفتتاح األربعاء 2010/12/1م ،وقد تضمن كلمات األستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن أحمدالسديري ،رئيس مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري ،والدكتور عبدالرحمن الشبيلي ،عضو هيئة منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري ،والدكتور منصور بن محمد النزهة ،والدكتور عثمان بن عبدالعزيز الربيعة ،واألستاذ الدكتور فالح بن زيد الفالح ،وقد شملت فعاليات المنتدى -وللمرة الثانية -تكريم شخصية متميزة ،لها إسهام واضح في القطاع ،تتناول موضوعه ندوة المنتدى. وشخصية المنتدى لهذا العام كانت مناصفة بين الدكتور عثمان بن عبدالعزيز الربيعة ،واألستاذ الدكتور فالح بن زيد الفالح ،وهما من المختصين والمهتمين والفاعلين في القطاع الصحي.
-جلسات المنتدى
8
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
كلمة االفتتاح افتتحت أعمال المنتدى مساء يوم األربعاء 2010/12/1م ،ب�ك�ل�م��ة رئ �ي��س م�ج�ل��س إدارة المؤسسة ،فيصل ب��ن عبدالرحمن السديري، ال��ذي رحب بضيوف الندوة وحضورها الكرام، الذين جاءوا ليشهدوا انطالقة فعاليات منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته الرابعة ،المنعقدة في المقر ال��رئ�ي��س للمؤسسة ف��ي سكاكا– ال�ج��وف لهذا ال�ع��ام 1432/1431ه� � �ـ ،التي تلت ث�لاث دورات للمنتدى في األع��وام السابقة ،أقيمت بالتناوب ما بين الجوف والغاط ،تناول كل منها موضوعاً له أهمية بارزة ومؤثرة في المجتمع السعودي. وكانت على التوالي: «1 .1الهيئات الخيرية السعودية بعد أح��داث الحادي عشر من سبتمبر – اآلث��ار وسبل تجاوزها».
كلمة االفتتـاح يلقيها رئيس مجلس اإلدارة
رئيس مجلس اإلدارة يكرم الدكتور الفالح
«2 .2األزمة المالية العالمية – وتداعياتها على النظام المالي السعودي». «3 .3ال �ن �ظ��ام ال�ق�ض��ائ��ي ف��ي المملكة العربية السعودية». وذكر سعادته أنه تحققت في المملكة العربية السعودية إنجازات طبية ،أكسبتها سمعة عالمية ف��ي م �ج��االت ع� ��دة ..ك �ج��راح��ة ال �ق �ل��ب ،وفصل التوائم ،وزراعة األعضاء ،وطب العيون ،وغيرها، األمر الذي يستدعي النظر في كيفية تطوير هذه اإلن�ج��ازات واإلف��ادة منها .فبالربط بين الطلب المتزايد على الخدمات الطبية في الداخل ،وفي المحيط اإلقليمي ،وال�ح��اج��ة إلي�ج��اد مجاالت ال�ت��وظ�ي��ف ال�ت��ي تتناسب م��ع ط�م��وح��ات ال�ق��وى البشرية العاملة في المملكة ورغباتها ،فإن ذلك
رئيس مجلس اإلدارة يكرم الدكتور الربيعة
يعد مدعاة إلى أن يكون هناك توجه إستراتيجي الس �ت �ه��داف ال �خ��دم��ات ال �ط �ب �ي��ة ..ل�ك��ي ت�ك��ون- إضافة إلى رسالتها اإلنسانية -إحدى أو من أهم الصناعات االقتصادية التصديرية .والوصول إلى ذلك يأتي عبر مساعي تأهيل القوى البشرية الوطنية ،ورصد اإلمكانات المالية ،لتوفير البنى التحتية الالزمة ،والحوافز المناسبة لمستثمري القطاع الخاص من الداخل وال�خ��ارج ،وتسهيل العمليات اإلجرائية للقادمين إلجراء الفحوصات اجلوبة -ربيع 1432هـ
9
وأن يجتهد في الحصول على ترشيح الجهات العلمية واألك��ادي �م �ي��ة المعتمدة لكتاب متميز منشور في موضوع الندوة ،يجري تكريم مؤلفه وإعادة نشره. واس �ت �ط��رد ق��ائ�لا :إن ال�م�ن�ت��دى ع��وَّدن��ا أ ّال يختار الموضوع األسهل ،وال األقل حرجاً ،لكنه يبحث عن موضوع الساعة ،األكثر فائدة للوطن د .الشبيلي يلقي كلمة المنتدى كله ،وللمنطقة بخاصة .وم��اذا عسى أن تكون والمعالجة. البالد بحاجة إليه اليوم أهم من األمن والتعليم وأوض ��ح أن م��وض��وع ه��ذا المنتدى «النظام والصحة.. الصحي في المملكة العربية السعودية» ،الذي واختتم كلمته بتذكر وج��ه ع��زي��ز على قلبه سيتناوله نخبة م��ن المختصين وأه��ل الخبرة، عبر أربع جلسات .كما تشمل فعاليات المنتدى وقلوب الحاضرين ،فقال :من أعز الوجوه ،التي وللمرة الثانية -تكريم شخصية متميزة ،لها كنت أصافحها طيلة األع��وام والمناسبات فيإسهام واضح في القطاع الذي تتناول موضوعه هذه القاعة ،فاضل من أهل هذه المنطقة ،شهد ن��دوة المنتدى .وشخصية المنتدى لهذا العام له الوطن قبل أن نشهد له بما نعلم من السمت جاءت مناصفة بين الدكتور عثمان بن عبدالعزيز والهدوء ومكارم األخالق ،نفتقده الليلة ،محفوفاً الربيعة ،واألستاذ الدكتور فالح بن زيد الفالح ،ذك��ره بالتجلّة واالح�ت��رام ،أعزيكم ونفسي فيه، الصدوق الدكتور عارف بن مفضي وهما من المختصين والمهتمين والفاعلين في وهو الصديق ّ المسعر ،الذي أوفى التربية والتعليم والثقافة، القطاع الصحي. وق��دم ل�ه��ذه المؤسسة م��ا ق��دّ رت��ه ل��ه م��ن علمه بعد ذلك ..ألقى الدكتور عبدالرحمن الشبيلي وجهوده ،وجليل أعماله وصدق نواياه. كلمة هيئة المنتدى ،التي أثنى فيها على المؤسسة ث��م ت�ح��دث معالي ال��دك�ت��ور منصور النزهة، والقائمين على رعايتها منذ أن تأسست قبل ثالثة عقود ،وعلى منهج هذا المنتدى منذ أن الذي أثنى على المؤسسة والقائمين عليها ،وعلى أ ُحدِ ث قبل أربعة أعوام ،وأنهما يداران بمنتهى فكرة إنشاء المنتدى ..بعدها قدم الشخصيتين االح� �ت ��راف وال �م��ؤس �س �ي��ة ووض � ��وح األه � ��داف .المكرمتين ،وهما الدكتور عثمان بن عبدالعزيز وأنهما أنموذج للعمل الخيري األصيل ،واإلدارة الربيعة ،والدكتور فالح بن زيد الفالح ،وكل منهما الواعية ،والنهج المدروس .وقال :لقد دأب هذا قد خدم هذا الوطن من خالل مؤسستين مهمتين. المنتدى ال��ذي يحمل اس��م مؤسس ه��ذه ال��دار ،فالدكتور عثمان الربيعة ،من خالل خدماته بوزارة ويهتم بالدراسات السعودية ،على أن يدقق في الصحة طوال عمره ،أعطى هذا القطاع كل ما اختيار موضوعه ،فكرياً ومجتمعياً ،وفي انتقاء في وسعه من خدمات جليلة .واألستاذ الدكتور محاضريه ،واصطفاء المشاركين والمنتدين فيه ،فالح الفالح م��ن خ�لال انتمائه لجامعة الملك
10
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
سعود ،ثم عمله في مجلس الشورى ،قام بخدمة هذا الوطن في هاتين المؤسستين خير قيام. تاله الدكتور عثمان الربيعة ،الذي أبدى شكره وتشرفه وامتنانه لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ،على إتاحة هذه المناسبة التي يقفون فيها أم��ام ن��وع م��ن ،ال��وف��اء واإلخ�ل�اص للوطن، وال��وف��اء واإلخ�ل�اص ألح��د ال��ذي��ن ق ��ادوا العمل الوطني في المملكة ،وه��و األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري –طيب الله ث��راه -والوفاء واإلخالص تجاه مدينة الجوف كما كان لمدينة الغاط. إن م��ا ق��ام��ت ب��ه ه ��ذه ال �م��ؤس �س��ة م��ن إب ��راز الفضل ،والتفضل بتكريمنا أن��ا وزميلي الدكتور فالح الفالح ،في مناسبتين ..األولى :ما يتعلق بما قدمناه من خدمة في حياتنا المهنية ،والثانية فيما يتعلق بما قمنا به من عمل أدى إلى إخراج كتاب: «النظام الصحي السعودي» .والحقيقة أنه خالل عملي ف��ي وزارة الصحة ل�م��دة ت �ق��ارب األربعين عاماً ،عرجت فيها على جميع مواضع الخدمات الصحية ..كطبيب عام ،ومدير للشؤون الصحية، ومدير للقطاع الصحي الخاص في وزارة الصحة، ثم مسئوالً عن التخطيط والبحوث .كل هذا أتاح ل��ي ف��رص��ة االط�ل�اع ع�ل��ى تفاصيل م��ا ي�ق��دم من الخدمات الصحية ،وأت��اح ل��ي فرصة االحتكاك بعديد من التجارب ،وفرصة المشاركة في إعداد عدد من األنظمة ،كل ذلك قادني إلى التفكير في إخراج كتاب تجربة المملكة العربية السعودية في الخدمات الصحية ،من خالل النظر إلى النظام الصحي السعودي كنظام ..وليس كمنظومة خدمات صحية .والحقيقة أنني حظيت بمشاركة فعّالة من زميلي الدكتور فالح الفالح ،ال��ذي كان له السبق في إلقاء الضوء على كثير من األنظمة الصحية،
د .النزهة يقدم شخصيتي المنتدى
د .الفالح يلقي كلمته في حفل االفتتاح
د .الربيعة يلقي كلمته
ودرس بعمق األنظمة الصحية في العالم ..إلى جانب النظام الصحي السعودي ،وَخب َر من خالل
األبحاث التي قام بها ،ومن خالل المشاركات في اللجان المتعددة ..مجريات الخدمات الصحية في
المملكة ،فخرج جهدنا المشترك في شكل هذا الكتاب.
وأرى أن ما قمت به من عمل خالل فترة عملي
في وزارة الصحة ،ما هو إال جهد المُقِ ل كأحد المواطنين ،وم��ا قمنا به من إخ��راج لهذا الكتاب
اجلوبة -ربيع 1432هـ 11
الشورى ..مجموعة منهم من الحاضرين اليوم ،مثل الصديق الدكتور منصور النزهة ،والدكتور زياد بن عبدالرحمن السديري ،واألستاذ محمد الشريف،
والدكتور عبدالعزيز النعيم ،والدكتور عبدالرحمن صالح الشبيلي.
وف��ي تلك ال� ��دورة ،ك��ان ن�ظ��ام المجلس ينص
جانب من الحضور
على أنه حينما يقتنع عشرة من األعضاء بموضوع
معين ،يمكن رفعه لولي األمر لإلذن بمناقشته .ومن
ال��ذي نعتز ب��ه ،م��ا ه��و أي�ض�اً إال محاولة لخدمة حسن الطالع أنه منذ عام 1405هـ ..ووزراء الصحة الوطن والمواطن ،من خ�لال ما خلصنا إليه من المتعاقبون كانوا أيضاً مهتمين بإيجاد نظام صحي، يحدد مالمح النظام الصحي السعودي ،ومن حسن تجارب وأحكام تجاه خدماتنا الصحية. ثم تحدث الدكتور فالح الفالح ،فقدم الشكر الطالع أي�ض��ا أن ه��ذه الفكرة ال�ت��ي خ��رج��ت من للقائمين على منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد أعضاء مجلس الشورى ،تزامنت مع مشروع من السديري للدراسات السعودية ،وعلى اختياره مع وزارة الصحة للنظام الصحي ،ولهذا السبب رؤي الدكتور عثمان الربيعة ..من خالل كتاب «النظام أن يُضم كال المشروعين ،ونوقش هذا المشروع الصحي ال �س �ع��ودي» كشخصيتي ال�م�ن�ت��دى ،وهو في مجلس الشورى على مدى دورتين ،حتى خرج اخ�ت�ي��ار نعتز ب��ه ون �ق��دره .وال�ش�ك��ر م��وص��ول إل��ى ف��ي ع��ام 1424ه� �ـ .وخ�لال دراس��ة الموضوع في مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية على تنظيم مجلس الشورى ..كان الدكتور عثمان الربيعة هو هذه الندوة المهمة حول النظام الصحي السعودي ،الشخص المكلف من قبل وزارة الصحة (وشهادتي واستشعار هذه المؤسسة ألهمية هذا الموضوع .فيه مجروحة) ،فنحن بدأنا على مقاعد الدراسة
وع��ن فكرة تأليف الكتاب التي تعود إل��ى عام منذ عام 1378هـ في مدارس اليمامة في الرياض، 1414هـ قال :حينما تم اختياره مع ( )60شخصاً ومن ذلك الوقت لم نفترق ..بدأناها في اليمامة ل�ع�ض��وي��ة م�ج�ل��س ال� �ش ��ورى ،ب� ��دأت ت �ت��وال��ى على ثم في جامعة هادلبرج بألمانيا ،ثم عدنا للوطن.. اللجنة الصحية واالجتماعية في المجلس ،قضايا وظلت عالقتنا الشخصية والفكرية مستمرة. ال�خ��دم��ات الصحية المهمة ،مثل ت�ق��اري��ر وزارة وفي نهاية حفل االفتتاح ،تجول الحضور في الصحة ،ومراجعة األنظمة الصحية التي تكوّن معرض إلص��دارات المؤسسة ،ال��ذي أقامته على منظومة النظام الصحي ال�س�ع��ودي ..مثل نظام هامش المنتدى. مزاولة المهنة ،ونظام المؤسسات الصحية الخاصة، وق��د أب ��دوا إعجابهم بتلك اإلص� ��دارات ،وما وكان ذلك يتطلب منا أن نعود لألدبيات العالمية.. ونقارن وضعنا مع العالم ،لكن المهم هو اقتناعي تقدمه من إثراء للمكتبات السعودية بشكل خاص مع مجموعة من الزمالء في الدورة األولى لمجلس والعربية بشكل عام.
12
اجلوبة -ربيع 1432هـ
الجلسة األولى أدارها الدكتور عدنان بن أحمد البار الورقة األولى
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
فعاليات اليوم الثاني من منتدى األمير عبدالرحمن السديري الخميس 2011/12/2م ندوة« :النظام الصحي في المملكة العربية السعودية»
لألستاذ الدكتور فالح الفالح
تضمنت الورقة مراجعة عامة لألنظمة الصحية في العالم ،إذ اشتملت على تعريف النظام الصحي ،وعناصره ،وأه��داف األنظمة المتميزة ،وأن��واع األنظمة الصحية في العالم على حسب التمويل ،والمتمثلة في :التأمين االجتماعي اإللزامي ،وضرائب تؤخذ من المواطنين ،والتأمين الصحي الخاص ،وميزانية مركزية من الدولة ،والدفع المباشر مقابل الحصول على الخدمة. وقد تعرض ألهم التحديات الواضحة والمؤثرة
على مسيرة األنظمة الصحية ومنها:
< ظهور أف�ك��ار ج��دي��دة مبتكرة ف��ي أس�ل��وب أداء الخدمات الصحية ،مثل التدخل الطبي الذي
يهدف إلى تحسين الصحة وليس فقط لعالج األمراض.
< ف �ك��رة تحسين ال�ص�ح��ة ع��ن ط��ري��ق االه�ت�م��ام بالمؤثرات على الصحة ،مثل :البيئة ،وأسلوب
عليها ومدى مناسبتها له. < التطور السريع والهائل في التقنية الرقمية (ثورة السليكون شيبس) ،أوجد ثورة في المعلومات وث� ��ورة ف��ي االخ��ت��راع��ات ،م �ث��ل :االخ �ت��راع��ات المتسارعة ف��ي أج�ه��زة الرنين المغناطيسي، أو األشعة الطبقية ،أو المناظير ،وكذا األدوية الجديدة ،وكل ما يصاحب هذا من كلفة عالية من الخدمات الصحية.
الحياة ،وفكرة المنافسة في تقديم الخدمات كما تعرض في ورقته إلى: الصحية في بعض األنظمة ،وأف�ك��ار التكامل •دور آليات السوق في النظام الصحي. والتنسيق بين الخدمات الصحية. •م��ا ه��و ال�ن�ظ��ام األن �س��ب ف��ي تمويل الخدمات < وع ��ي ال�ج�م�ه��ور ع�ب��ر ت��وق�ع��ات��ه م��ن ال�خ��دم��ات الصحية؟ الصحية ،حين يقارن ما يراه في جودة صناعة ال��س��ي��ارات ،أو ال �خ��دم��ات ال�ب�ن�ك�ي��ة ،أو ث��ورة
االتصاالت بأساليب تقديم الخدمات الصحية؛
•ك �ي��ف ت �ت �ع��ام��ل ال � ��دول م ��ع ت �م��وي��ل ال �خ��دم��ات الصحية؟
ف�ق��د أص�ب��ح ال�ج�م�ه��ور يهتم ب �ج��ودة ال�خ��دم��ة• ،لماذا يجب أن تمول الدولة الخدمات الصحية؟ وسرعة الحصول عليها ،وكذلك سهولة الحصول أوال :الخدمات العامة:
اجلوبة -ربيع 1432هـ 13
•من اجل توفير خدمات الصحة العامة ،مثل: برامج األبحاث الطبية ،وبرامج القضاء على األوبئة ,وبرامج سالمة األغذية.
قضية المساواة وعدالة التوزيع في الخدمات الصحية تعريف العدالة أو المساواة في الخدمات الصحية:
•من أجل تقديم تلك الخدمات الصحية التي •هي أن يتمكن األفراد الذين لديهم االحتياج نفسه للخدمة الصحية ،من الحصول على المستوى يتعدى أثرها األفراد المتلقين لها ،مثل برامج ذات��ه من الخدمة الصحية ،بصرف النظر عن التحصين العام. دخلهم (وهذا ما يسمى بالمساواة األفقية). ثانيا :الخدمات الصحية التي تهم الفرد وحده• :إن ك ��ل م� �ب ��ادئ ال��ع��دال��ة أو ال� �م� �س ��اواة في •من أجل تمويل الخدمات الصحية للفقراء، وهم أولئك الذين ال يستطيعون دفع تكاليف تلك الخدمات مباشرة ،أو عن طريق االشتراك بالتأمين الصحي. •لعدم نجاح شركات التأمين بتمويل خدمات صحية ف�ع��ال��ة وع��ادل��ة لجميع ال�م��واط�ن�ي��ن، وبخاصة عدالة توزيع الخدمات.
ال�خ��دم��ات الصحية ،هدفها أن يحصل كل ال �ن��اس ح�ت��ى ال �ف �ق��راء ال��ذي��ن ال يستطيعون شراء بوليصة تأمين ..أو الدفع مباشرة من جيوبهم ،على حاجتهم من الخدمات الصحية. وفي الغالب ،كلما قل دخل اإلنسان كان ينتمي إلى من يحتاجون أكثر للخدمة الصحية ،وعلى سبيل المثال تجتمع قلة الدخل وتدني مستوى الصحة لدى أغلبية كبار السن.
نسبة الصرف على الخدمات الصحية من الناتج القومي بين مجموعة من الدول
14
وهناك خمسة أدوار على الدولة أن تقوم بها ولكن بنسب مختلفة ,وهذه األدوار هي: أوال :توفير المعلومات وتقديمها. ثانياً :وض��ع التنظيمات وال �ق��واع��د وال�ل��وائ��ح الضرورية ومراقبتها. اجلوبة -ربيع 1432هـ
ثالثاً :تكليف بعض قطاعات المجتمع مثل أصحاب العمل أو األفراد بأداء مهمات معينة. رابعاً :ت�م��وي��ل ال �خ��دم��ات الصحية م��ن ال�م��ال العام. خامساً :تقديم الخدمات الصحية.
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
موقع النظام الصحي السعودي في العالم من حيث المؤشرات الصحية
الورقة الثانية وك��ان��ت ع��ن ت�ج��رب��ة مجلس ال�ض�م��ان الصحي السعودي ،تحدث فيها الدكتور عبدالله بن إبراهيم الشريف -أمين عام الضمان الصحي السعودي، فبعد شكره للمؤسسة على إعطائه فرصة الحديث ف��ي ه��ذا ال�م�ن�ت��دى ،ل�ك��ي ي �ش��ارك ف��ي ن�ق��ل بعض التجارب ..حول تطبيق التأمين الصحي خالل أربع سنوات قال:
إل��ى أن وصلنا إل��ى الشركات الصغيرة ،وقد استغرق تقريباً سنة ون�ص��ف ،بعد التطبيق ع �ل��ى ال� �ش ��رك ��ات ،ب ��دأن ��ا نُ��ط��ال��ب بتطبيق التأمين الصحي على المعالين من العاملين في الشركات من غير السعوديين ،تال ذلك تطبيقه على السعوديين العاملين في القطاع الخاص وذويهم.
•ص�� ��در ال� �ن� �ظ ��ام ال� �ص� �ح ��ي ال� �ت� �ع ��اون ��ي ف��ي •ب�لا ش��ك ك ��ان ه �ن��اك ش��راك��ة م�ه�م��ة ج���داً.. 1420/5/1ه�ـ ،وتم تطبيقه نحو أربع سنوات (وهنا يأتي دور الشراكة التي ذكرناها) مع ون �ص��ف ع�ل��ى ال �ف �ئ��ات ال�م�س�ت�ه��دف��ة ،ليشمل ال �ج �ه��ات ذات ال �ع�لاق��ة ،وب �خ��اص��ة مؤسسة العاملين ف��ي القطاع ال �خ��اص ،ألحق أيضاًَ النقد العربي السعودي كجهة رقابية ،ووزارة ال�ن�ظ��ام الصحي ق� ��راراً م��ن مجلس ال ��وزراء الداخلية ممثلة في اإلدارة العامة للجوازات، الموقر بإدراج السعوديين العاملين في القطاع ومع شركات التأمين ،ومع مقدمي الخدمة من الخاص وأف��راد أسرهم ،بالتغطية التأمينية القطاع الخاص ،وأيضاً مع مقدمي الخدمة في هذا المجال ،بعد ص��دور القرار بإيجاد الذين انضموا إليهم من القطاع الحكومي، النظام الصحي ،وتم عمل اللوائح التنفيذية وعلى سبيل المثال أربعة وعشرون مستشفى واألن �ظ �م��ة ،ث��م ت�ح��دي��د البوليصة والمنافع حكوميا ،تأتي ضمن المنظومة لتقديم الخدمة المحددة بالنظام الصحي. الصحية. •بدأنا في بدايات التطبيق بالقطاع الخاص •في بداية التطبيق كان عدد مقدمي الخدمة للعاملين فيه من غير السعوديين (للعاملين نحو مئتي تقريباً ..كشرط أساسي إلدراج��ه فقط) ،ابتدأنا بالشركات الكبيرة التي لديها ضمن منظومة مقدمي الخدمة ،التطبيق في ( )5000ع��ام��ل ف��أك�ث��ر ،ث��م ت��درج�ن��ا تنازلياً بداياته كتجربة كانت جديرة بالتوثيق ،وإن
اجلوبة -ربيع 1432هـ 15
كانت هذه التجربة برمتها قصيرة في عرف األنظمة الصحية ،فمن أه��م أسباب النجاح (بعد فضل الله سبحانه وتعالى) ،هو االهتمام والرعاية مع الشركاء ،والعمل سوياً عند وضع أي تنظيم ..أو إجراء في سبيل تطبيقه ،فجمع اللوائح تم إعادة مراجعتها مع بداية التطبيق، ألنه وجد بعض النقاط بها ال تتناسب مع سوق التأمين الصحي في المملكة،
د .الشريف يلقي كلمته في الجلسة األولى
•انتهينا اآلن م��ن تطبيق ال�ت��أم�ي��ن الصحي ع �ل��ى س�ب�ع��ة م�لاي �ي��ن ش �خ��ص ،م��ن ضمنهم مليون ومائتي ألف سعودي )580( ،ألفاً من الموظفين ،و( )620ألفاً من المعالين ،والبقية •وبموجب نظام الضمان الصحي ،فالعامل أو الموظف ال يدفع شيئا من أقساط التأمين، من غير السعوديين. ولكنها تدفع بالكامل من قبل صاحب العمل. •لدينا اآلن ( )26شركة تأمين مسجلة -طبعاً جميع الشركات مسجلة ومرخصة ومجازة •نظام العمل الجديد الذي صدر مؤخراً ،وكما جاء في المادة ( )144تعزز نظام الضمان الصحي من قبل المقام السامي -لدى مؤسسة النقد التعاوني ،ويتم تقديم الخدمات الصحية بما العربي السعودي. يقرره معالي وزير العمل ،وبما يتوافق مع مراعاة •م �ق��دم��و ال �خ��دم��ة وص ��ل ع��دده��م اآلن إل��ى ما يحدده الضمان الصحي التعاوني. ( ،)2147م��ن ض�م�ن�ه��م ( )152مستشفى، وأغلب مقدمي الخدمة من مجمعات العيادات •أود أن يكون سياق الحديث ع��ن م��اذا رأينا خالل الفترة الماضية؟ ألن ذلك هو المحك. الخاصة والمستوصفات ،وج��راح��ات اليوم في بداية تطبيق التأمين الصحي كان هناك ال��واح��د ،وال�ع�ي��ادات الخاصة .وهناك أيضاً معارضات من قبل أصحاب العمل ،وكنا نُفاجأ جهة مهمة ج��داً لها عالقة بصناعة التأمين بأن أصحاب العمل -الذين لديهم الشركات ك�م��ا يعلم الجميع -وه��ي ش��رك��ات إداراتالكبيرة ،والمفترض أن يكون لديهم الوعي المطالبات ،اآلن سجلت لدينا خمس شركات ال �م��ال��ي ،الح �ت��واء ال�م�خ��اط��ر ال�م��ال�ي��ة حيال إدارات م�ط��ال�ب��ات ،وه ��ذه ال �ش��رك��ات تتولى ال�ص��رف على ال�خ��دم��ات الصحية للعاملين ل��دي �ه��م -ب ��أن ب�ع�ض�ه��م ك ��ان م �ع��ارض��ا ،وف��ي الحقيقة ساعدتنا وزارة العمل -ممثلة في مكاتب العمل بالمناطق -كثيراً على تفعيل تطبيق التأمين الصحي. التنسيق بين مقدمي الخدمة ،وبين دافعي قيمة الخدمة لشركات التأمين.
جانب مـن الحضور
16
اجلوبة -ربيع 1432هـ
•ك��ان��ت ك �ف��اءة ش��رك��ات ال �ت��أم �ي��ن -ف��ي ب��داي��ة التطبيق -وقدرتها على ت�ن��اول األع ��داد من المؤمن لهم كبنية إدارية وانتشار في المملكة ضعيفة.
تحدث فيها الدكتور عثمان بن عبدالعزيز الربيعة ،عن نشأة النظام الصحي السعودي وتطوره، والتحديات التي تواجهه ..فبدأ بتعريف النظام الصحي السعودي ،وعن مكونات النظام ومراحل تطوره وأساس إنشائه..
مراحل تطور النظام:
أساس إنشاء النظام:
مكونات النظام التنظيم واإلدارة
لماذا التقسيم إلى مراحل؟
-دائ��رة الصحة واإلسعاف
تقديم الرعاية الصحية
-خصائص لكل مرحلة
القوى العاملة
-تأثير المكونات فيما بينها
التمويل
-1مرحلة النشوء :لماذا؟
الوضع الصحي.
-2مرحلة البناء :لماذا؟
من 1280هـ أول��وي��ة الرعاية الصحيةللحجاج. -توافر بعض المنشآت في
-3مرحلة االرتقاء :لماذا المرحلة األولى – النشوء 1344هـ 1369 -هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
الورقة الثالثة
مكة.
ج– ما يدفعه المرضى مباشرة للقطاع الخاص.
تحدث عن الرعاية الصحية المقدمة حتى ثم انتقل إلى الوضع الصحي فقال: عام 1355هـ ،والخدمات الوقائية والقوى العاملة •أكثر األم ��راض ان�ت�ش��اراً (ال�س��ل – االلتهاب ومصادر التمويل آنذاك ،المتمثلة في: الرئوي – التيفوئيد -الدوسنتاريا – التراخوما – الجدري – أمراض الطفولة – المالريا).
أ – ميزانية الدولة
ب– إي��رادات ذاتية من أجور العمليات واألدوية •معدل العمر المأمول حوالي ( )37عاماً في 1369هـ. المأخوذة من الموسرين. القضايا و التحديات و الحلول:
•تواضع التغطية الصحية :األسرة والمستوصفات والقوى العاملة. •سيطرة الطب الشعبي لضعف التغطية الصحية. •ضعف الوعي الصحي ومقاومة التطعيم. •المشكلة الكبرى عدم توافر قوى عاملة :الحل ..التعاقد المباشر مع القادمين للمملكة. •تطبيق نظام استخدام الموظفين. •التجنيس. •نظام المستشفيات كاستجابة لتغير االحتياج.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 17
المرحلة الثانية – البـ ـنـ ــاء 1370هـ1394-هـ
•نظام مصلحة الطب الشرعي 1384هـ.
وتحدث فيها د .الربيعة عن التنظيم واإلدارة• ،نظام تسجيل وقيد المواليد والوفيات. م��ن حيث إن �ش��اء وزارة الصحة ع��ام 1370ه� �ـ، • نظام مكافحة األمراض السارية والبلهارسيا وال�ت�ق�س�ي�م��ات اإلداري� � ��ة ،واإلش� � ��راف ع �ل��ى كل والتراخوما. ال�خ��دم��ات الصحية بما فيها صحة ال�م��دارس والسجون والبيئة .ثم إع��ادة تنظيم ال��وزارة عام •ن �ظ��ام ال �ع �م��ل وال �ع �م��ال ون��ظ��ام ال�ت��أم�ي�ن��ات 1385ه � �ـ ب��زي��ادة أق �س��ام فنية وإداري� ��ة ،وزي ��ادة االجتماعية 1389هـ. ال� �ف ��روع إل ��ى ع �ش��ر م��دي��ري��ات .م��ع اإلش� ��راف •بقية القطاعات الحكومية = 340سرير – المباشر على مستشفيات ال تتبع المديريات والخاصة = 750سرير. (عنيزة – حائل – نجران – السداد بالطائف – مستشفى الشميسي بالرياض) ،مع وضع وصف •وزارة الصحة تنشئ وتفتتح أكثر من أربعين وظيفي لجميع ال��وح��دات .ث��م تحدث ع��ن أهم مستشفى. األنظمة ،والرعاية الصحية المقدمة ،والتغطية التمويل العالجية ع��ام 1394ه� �ـ ،وال�خ��دم��ات الوقائية، والقوى العاملة ،والتعليم الصحي للفترة • -1377االعتماد الكلي على ميزانية الدولة ،بسبب 1392هـ ،وسبل التمويل ،والوضع الصحي خالل إيرادات النفط ابتداء من عام 1367هـ. تلك الفترة. •ع��ام 1373ه� �ـ :ميزانية ال ��وزارة ( )37مليون أهم األنظمة
ريال.
•تعديل نظام التلقيح ضد الجدري (إلزامي •عام 1394هـ )583( :مليون ريال بنسبة %2,8 للطالب والجنود 1380هـ). من ميزانية الدولة. •ن� �ظ ��ام ال� �م ��ؤس� �س ��ات ال��ع�ل�اج��ي��ة ال �خ��اص��ة •العالج مجاني للجميع بما فيهم عمالة القطاع 1382هـ. الخاص في الشركات التي بها أقل من ()50 •نظام جمعية الهالل األحمر 1385هـ.
ع��ام�لاً ..وف��ي ال��واق��ع ..ف��إن جميع منسوبي القطاع الخاص يمكن أن يعالجوا مجاناً لعدم وجود ضوابط ألحقية العالج. •وخ�ل�ال عشر س�ن��وات (1394 – 1384ه� �ـ)، زادت المستشفيات الخاصة من ( )17إلى ( )19مستشفى ،واألس� ��رة م��ن ( )750إل��ى
جولة في معرض إصدارات المؤسسة
18
اجلوبة -ربيع 1432هـ
( ،)1096أي بنسبة %12من مجموع أسرة المملكة.
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
القضايا والتحديات والحلول •ب �ع��د ال �ن �م��و ال �س��ري��ع ل �ل �ق �ط��اع ال� �خ ��اص من مستشفيين عام 1370هـ إلى ( )17مستشفى ع��ام 1384ه� � �ـ ..تباطأ النمو خ�لال العشر
سنوات التالية من ( )17مستشفى إلى ()19 مستشفى بسبب:
د .الربيعة في الجلسة األولى
1 .1ممارسة أطباء الحكومة للعمل بعيادات •ضعف اإلنفاق الصحي عامة ( %5من الناتج خاصة. المحلي على األكثر). 2 .2ص� ��دور ن �ظ��ام ال �م��ؤس �س��ات ال�ع�لاج�ي��ة الخاصة.
•الدور المركزي للجهات الحكومية الضابطة للموارد.
•منح القروض للقطاع الخاص ابتداء من عام 1394هـ. •ال �م��رك��زي��ة ف��ي إدارة ال�س�ي��اس�ي��ة الصحية •نظام تفرغ األطباء عام 1392هـ.
واإلنفاق.
•خلص القطاع الخاص من المنافسة ،وزاد •الممول والمشتري.
الضغط على المستشفيات الحكومية مع •التركيز على الناحية العالجية ف��ي توزيع انتشار المستشفيات الحديثة. القوى العاملة ( %70للمستشفيات).
•ندرة القوى الفنية السعودية وضعف اإلقبال •اإلن�ف��اق :روات��ب المتخصصين /التجهيزات على المعاهد الصحية. الكبيرة /اإلنشاءات. •ضعف تأهيل مخرجات المعاهد الصحية •التنافس بين القطاعات الحكومية في توزيع ومدارس التمريض (االبتدائية). واستخدام الموارد ،وعدم التنسيق. •استمرار االعتماد على العمالة األجنبية. •غلبة ال�ت�ع��اق��د م��ع غ�ي��ر المتحدثين باللغة العربية.
المرحلة الثالثة – االرتقاء 1395هـ 1420 -هـ
•اإله�� ��دار ف��ي ال� �م ��وارد ب�س�ب��ب االزدواج� �ي ��ة ومجانية العالج.
•االستمرار في فتح وتشغيلها المرافق الصحية، رغم خفض االعتمادات وتراكم الديون.
تحدث فيها د .الربيعة عن التنظيم ،واإلدارة• ،ت��راج��ع أداء ش��رك��ات التشغيل بسبب تدني العطاءات ،وتأخر في صرف المستحقات. وال��رع��اي��ة ال�ص�ح�ي��ة ،وال��ق��وى ال �ع��ام �ل��ة ،وسبل التمويل ،والوضع الصحي ،والقضايا والتحديات• ،التغير المستمر في العمالة ،وضياع الخبرة المتمثلة في:
المتراكمة.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 19
•تخلف مخرجات التعليم الصحي عن متطلبات الخدمة الطبية الحديثة كما ونوعاً.
•ضعف أنشطة التدريب وإعادة التأهيل. •ضعف أداء الرعاية الصحية األولية من حيث: ضعف مستوى تأهيل العاملين ،وقصور نظام اإلحالة.
•أعباء الرعاية الصحية للوافدين رغم توسع
د .البار في الجلسة االثانية
القطاع الخاص.
•مراجعة أقسام اإلسعاف. • %28نسبة شغل األسرة من الوافدين. •ال �ع �م��ال��ة ال �م �ن��زل �ي��ة وم �ن �س��وب��و ال �ش��رك��ات الصغيرة.
الجلسة الثانية
وقد أدارها الدكتور عدنان بن أحمد البار األنظمة الصحية وتنمية الكوادر الصحية:
وكانت الورقة األول��ى لألستاذ الدكتور فالح بن زيد الفالح عن إرهاصات التحول (أو التوجه نحو التغيير). وق���د ت �ح��دث ف�ي�ه��ا ع��ن م�ج�ل��س ال �خ��دم��ات الصحية ،وأه��م مالمح نظام الضمان الصحي ال �ت �ع��اون��ي ،وع ��ن ال�م�ج�ل��س ال �م��رك��زي الع�ت�م��اد ال�م�ن�ش��آت ال �ص �ح �ي��ة ..ث��م ان�ت�ق��ل إل ��ى تحديث
•نظام المؤسسات الصحية الخاصة. •نظام مزاولة المهن الصحية. •نظام المنشآت والمستحضرات الصيدالنية •نظام الهيئة العامة للغذاء والدواء. •نظام اإلخصاب واألجنة وعالج العقم.
القوى العاملة الصحية لعام 1428هـ من حيث العدد ونسبة السعودة
20
القطاعات
األطباء
نسبة السعوديين
التمريض
نسبة السعوديين
الفنيون الصحيون
نسبة السعوديين
وزارة الصحة
22643
%20
51188
%1 .44
27958
%6 .75
جهات حكومية
10808
%2 .48
21462
%2 .17
16162
%9 .50
القطاع الخاص
14458
%1 .4
21085
%6 .3
7168
%1 .13
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
ث��م ت�ح��دث د .ال�ف��ال��ح ع��ن إستراتيجية الرعاية •تفعيل دور ال�ق�ط��اع ال �خ��اص ،واع �ت �ب��اره م��وازي �اً الصحية بالمملكة ،مشيرا إلى أبرز مالح اإلستراتيجية لا م��ع دور ال��دول��ة ف��ي ت�م��وي��ل وتشغيل وم�ت�ك��ام� ً الجديدة المتمثلة في: وتقديم الخدمة الصحية ،وف��ي تطوير وتأهيل القوى العاملة ،واالستفادة المشتركة من بعض •إيجاد روافد تمويل جديدة لمساندة التمويل عن اإلمكانات. طريق ميزانية ال��دول��ة ،وذل��ك م��ن خ�لال تطبيق التأمين الصحي على ك��اف��ة ش��رائ��ح المجتمع• ،تعزيز الصحة بمفهومها الشامل ،من خالل ضمان توفير وتطوير أنشطة الرعاية الصحية األولية، وتحصيل إي��رادات مباشرة من بعض الخدمات، وت��أك�ي��د دوره ��ا ال�م�ح��وري ف��ي ال�ن�ظ��ام الصحي، وتشجيع المشاركة األهلية عن طريق التبرعات م��ع تحسين بنيتها التحتية وأن �ظ �م��ة إدارت �ه��ا، واألوق� ��اف ،وأخ �ي��راً العمل على ترشيد اإلن�ف��اق وتعزيز مجال خدماتها لتشمل جميع الشرائح واحتواء التكاليف. االجتماعية. •تطوير نظام المعلومات الصحية ،والتوسع في اس�ت�خ��دام�ه��ا ف��ي ج�م�ي��ع ال �ق �ط��اع��ات وال �م��راف��ق •رف��ع كفاءة الخدمات اإلسعافية إل��ى أقصى حد ممكن ف��ي ك��ل ال �ظ��روف ،وف��ي جميع المناطق، الصحية ،وال��رب��ط الشبكي بينها ،والعمل على وتنظيم وتنسيق التعاون والتكامل في التعامل مع توحيد الملف الصحي للمريض ،وإجراء الدراسات حاالت الطوارئ ،والعمل على دعم جمعية الهالل والبحوث لخدمة تحسين الوضع الصحي ..ورفع األحمر بما يكفل قيامها بدورها الريادي. مستوى األداء. •تنمية القوى العاملة وتطويرها ،وسعودة الوظائف •ت��وف�ي��ر وت �ط��وي��ر ال��رع��اي��ة ال�ع�لاج�ي��ة والتأهيلية ب�م�س�ت��وي��ات�ه��ا ال�م�خ�ت�ل�ف��ة ،وال �خ��دم��ات الصحية الصحية ،مع تحسين أساليب توفير وتطوير القوى المرجعية في كافة المناطق. العاملة ،وتوحيد الوصف الوظيفي.
•رفع كفاءة األداء ونظم اإلدارة والتشغيل ،عن طريق •العمل على التوزيع المتوازن للخدمات الصحية جغرافياً وسكانياً ،بما يضمن العدالة وتيسير انتهاج أسلوب الالمركزية في التنفيذ واإلدارة الحصول عليها. الذاتية وإدارة الجودة ،وإشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل وتملك بعض المستشفيات ،وتحقيق أهم مكونات النظام الصحي السعودي مبدأ الفصل بين مشتري الخدمة ومقدمها. •حدد اختصاصات وزارة الصحة ال سيما من حيث •ت��رك �ي��ز وزارة ال �ص �ح��ة ع �ل��ى دوره� ��ا اإلش��راف��ي ضمان توفر التغطية بالخدمات الصحية ،وحماية وال��رق��اب��ي ،وت��وف�ي��ر خ��دم��ات ال��رع��اي��ة الصحية المجتمع من األمراض الوبائية. األول��ي��ة وال �خ��دم��ات ال��وق��ائ �ي��ة ،وض �م��ان توفير •أوض��ح صالحيات ومسئوليات مديريات الشئون المعدالت الكافية من الخدمات الصحية لجميع ال �ص �ح �ي��ة ف ��ي ال �م �ن��اط��ق ،ب �م��ا ي �ك �ف��ل ال �م��رون��ة الفئات السكانية ،مع قيام كل جهة صحية بدورها والفعالية. المحدد ،حسب أهداف الجهاز الذي تنتمي إليه، •عرّف المستوى األول في نظام الرعاية الصحية واالستفادة المشتركة من الخبرات واإلمكانات.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 21
وواجباته ،بحيث يشمل المركز الصحي وما في حكمه في القطاعين العام والخاص.
هذه المادة في إق��رار مبدأ المشاركة في توزيع أع �ب��اء اإلن �ف��اق ال �ص �ح��ي ،ح�ت��ى ع�ل��ى ال�خ��دم��ات الصحية ال�ح�ك��وم�ي��ة م��ن م �ص��ادر مختلفة غير ميزانية الدولة.
•ح��دد التزامات ال��دول��ة عموما في ش��أن الصحة العامة للمجتمع.
وانتهى إل��ى أن المهم في عملية تطوير النظام الصحي ،هو اإليمان بأن هذا التطوير عملية متواصلة، تخضع باستمرار للتعديل والتصحيح ..ولكن على أسس علمية مدروسة .األم��ر ال��ذي يستدعي إيجاد مركز أو معهد متخصص في إدارة الخدمات الصحية واق�ت�ص��ادي��ات�ه��ا ،ي�ق��دم ال�م�ش��ورة العلمية المستقلة لصانعي القرار في الخدمات الصحية ،مستلهما خبرة الستين سنة األخيرة ،ومستفيدا من التجارب العالمية في إدارة وتقديم وتمويل األنظمة الصحية ,وبحيث يشكل هذا المركز المرجعية الفكرية لهذا النظام، مهما تغير المسئولون في الخدمات الصحية .مما يسمح بنشوء تراكم معرفي محلي ألسلوب التمويل واإلدارة ،وأسلوب تقديم الخدمات الصحية.
•أك��د ال �ن �ظ��ام ف��ي ت�ع��ري�ف��ه ل�ل��رع��اي��ة ال�ص�ح�ي��ة أن توفيرها ال يعني بالضرورة تقديمها من الدولة مباشرة .وه��ذا المبدأ مهم؛ ألنه يفسر ما كانت •أف �س��ح ال �م �ج��ال للتخصيص ف��ي إدارة وتملك تعنيه المادة ( )31من النظام األساسي للحكم. المرافق الصحية الحكومية ،بما تضمنته المادة كما أنه يمهد لمفهوم الفصل بين تقديم الخدمة ال �ح��ادي��ة ع�ش��رة م��ن ج ��واز ت�ح��وي��ل ملكية بعض وتمويلها أو شرائها ومراقبة أدائها. مستشفيات ال ��وزارة إل��ى القطاع ال�خ��اص .وقد أوضحت الالئحة التنفيذية للنظام أن ذلك يشمل •ح ��دد ه��دف �اً ع��ام �اً يتمثل ف��ي تحقيق التغطية نقل الملكية بالبيع أو التأجير ،أو إنشاء شركات الشاملة الكاملة بالرعاية الصحية بطريقة عادلة مساهمة أو مؤسسات عامة. وميسّ رة.
•حدد الفئات االجتماعية المعرّضة أكثر من غيرها للمخاطر الصحية ،وواج ��ب ال��دول��ة ف��ي توفير الرعاية الصحية بالطريقة المناسبة. •نصت المادة ( )31على( :تعنى الدولة بالصحة العامة ..وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن). •نص على مبدأ التنوع في مصادر تمويل الخدمات الصحية ،ب��ذك��ر ط��رق التمويل ال�ت��ي تتمثل في م�ي��زان�ي��ة ال ��دول ��ة ،وإي� � ��رادات ال �ض �م��ان الصحي التعاوني ،وموارد أخرى مثل األوقاف والتبرعات وغيرها ،وذلك في مادته العاشرة .وتتضح أهمية
الورقة الثانية ت�ح��دث فيها أ .د .حسين ب��ن محمد الفريحي ،وحتى عام1428هـ ،وتطور التعليم الصحي الجامعي أستاذ واستشاري األمراض الباطنة والجهاز الهضمي منذ عام 1381ه�ـ (1961م) ،وكذلك التعليم الصحي مدير جامعة اليمامة ،وموضوعها نظرة على التعليم العالي منذ ع��ام1397ه�ـ (1977م) ،وتخريج الدفعةوالتدريب الصحي في المملكة العربية السعودية .وقد األولى من كلية الطب جامعة الملك سعود حيث أورد تعرض فيها إلى البدايات منذ عام1345هـ1925 /م مجموعة من البيانات توضح أعداد العاملين الصحيين
22
اجلوبة -ربيع 1432هـ
كما تحدث عن كليات الطب وط��ب األس�ن��ان في المملكة العربية السعودية ،وت��اري��خ إنشائها ،وعدد الطالب والخريجين منها ..كما أورد بيانات توضح
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
ممن يحملون درجة البكالوريوس كحد أدنى ..وأوضح القوى العاملة الصحية في ع��ام 1428ه �ـ ،من حيث العدد ونسبة السعودة ،والتوسع الكبير بإنشاء الكليات الصحية منذ عام 1420هـ.
الخريجين من الكليات الصحية بوزارة التعليم العالي عام 1429هـ ،واألعداد المتوقعة للسكان في المملكة من 1425هـ حتى عام 1452هـ ،والمقيدين في الكليات الصحية ب��وزارة التعليم العالي ع��ام 1429ه �ـ ،وبيانا يوضح تطور أعداد المعاهد الصحية من عام 1426هـ إلى عام 1429هـ ،وآخر يمثل أعداد الطلبة والطالبات في المعاهد الصحية من عام 1426هـ 1429 -هـ.
بيان يوضح تطور أعداد طالب كلية الطب وطب األسنان الطالب
كلية طب األسنان
كلية الطب 1422/1421هـ
1430/1429هـ
1422/1421هـ
1430/1429هـ
مستجدون
1483
----
284
----
مقيدون
5535
10491
965
1768
الخريجون
573
1256
96
193
القوى العاملة الصحية في عام 1428هـ من حيث العدد ونسبة السعودة
التوسع الكبير بإنشاء الكليات الصحية منذ عام 1420هـ
اجلوبة -ربيع 1432هـ 23
الخريجون من الكليات الصحية بوزارة التعليم العالي عام 1429هـ
بيان بتطور أعداد المعاهد الصحية من عام 1426هـ إلى عام 1429هـ
األعداد المتوقعة للسكان في المملكة من 1425هـ حتى عام 1452هـ
عدد األطباء المطلوب إضافتهم لتحقيق األهداف المنشودة
24
اجلوبة -ربيع 1432هـ
أدارها الدكتور عبدالله بن صالح المعلم ون�ق��دم فيما ي��أت��ي ،م��وج��زاً بأهم مخرجات الحوار: < د .منصور النزهة :السؤال موجه لكل من د. فالح الفالح ،ود .عثمان ،فيما يتعلق بالنظام الصحي ،منذ اعتماده من مجلس الوزراء في عام 1424هـ ،ماذا تم من خطوات تنفيذية وآلية للتنفيذ حتى اآلن؟ > د .عثمان عبدالعزيز الربيعة:
ال �م �ب��دأ األول :ص ��در ال �ن �ظ��ام ال�ص�ح��ي ع��ام 1423ه� �ـ ،وك��ان��ت بدايته ع��ام 1412ه� �ـ ،حيث ك��ان يرتكز على م �ش��روع إستراتيجية (ع��ام 1406/1405ه �ـ) ،ثم تطور إلى مشروع نظام، ونوقش ه��ذا النظام في هيئة شعبة الخبرة، وك��ان يحمل بعض التغييرات التي بنيت على تجارب سابقة ،من ضمنها إدخال مبدأ التأمين الصحي ،ون��وع من الخصخصة ..من ضمنها تنظيم ال�ع�لاق��ات بين الجهات الصحية ،إال أنه أحيل من هيئة شعبة الخبرة إلى مجلس ال�ش��ورى-ف��ي دورت��ه األول��ى -وك��ان من حسن الحظ أن فيه أطباء لهم خبرة طويلة مثل د. منصور النزهة والدكتور فالح الفالح ،وأصبح ه�ن��اك تطوير للمشروع ال ��ذي ق��دم لمجلس الشورى ،وأضيف إليه أشياء أساسية.
وخالصة القول :إن النظام الصحي يتضمن مبادئ عامة جديدة (أوالً كما ذكر د .فالح) الخروج من فكرة أن الدولة تقدم الخدمات الصحية وتوفرها وتمولها ..وحدها وب��دون مقابل ،فالنظام فسرها على أس��اس توفير الرعاية الصحية لكل مواطن كما ورد في المادة
( ،)27المقصود أن تضمن وجوده ،وتعمل على أن يكون متوافراً ،وليس بالضرورة أن تكون هي التي تقدمها ،ألن بالفعل نحو %25-20من الخدمات الصحية بالمملكة ..تقدم عن طريق القطاع الخاص.
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
الجلسة الثالثة وكانت نقاش ًا مع الجمهور
المبدأ الثاني :الضمان الصحي ،وه��ذا طُ بق بالفعل ،وأعتقد أن ما أوضحه الدكتور عبدالله الشريف في ورقته يوضح ذلك ،واألمل إن شاء الله أن يكون هناك تطور إلى شمول السعوديين في الضمان الصحي بطريقة أو بأخرى ،ليس بالضرورة بالشكل القائم حالياً ،نظام شركات التأمين وهي شبه تجارية ،ولربما يكون هناك شكل آخر من التأمين يطبق على المواطنين. أم��ا النقطة المهمة (ف��ي ال �س��ؤال) موضوع التخصيص ،فالنظام الصحي بالفعل أش��ار إل��ى ه��ذا ال�م�ب��دأ ،وأش ��ار إل��ى إمكانية قيام وزارة الصحة بتحويل بعض مستشفياتها إلى القطاع الخاص ،ثم جاءت الالئحة التنفيذية للنظام الصحي ..وشرحت بنصها على أن: النقل للقطاع ال�خ��اص ال يعني نقل الملكية ت�م��ام�اً ،وإن�م��ا ق��د يعني التأجير أو البيع أو
مداخلة د .منصور النزهة
اجلوبة -ربيع 1432هـ 25
للخدمات الصحية:
إيكال اإلدارة والتشغيل إلى القطاع الخاص، أو إدارة المؤسسات الصحية التي تتبع الدولة ،األول :أن تتحسن اإلدارة الحكومية ويكون ولكن تدار بطريقة اقتصادية ،بطريقة القطاع تركيزها على الرقابة الصحية األولية ،وليس الخاص خارج نطاق البيروقراطية الحكومية، هناك مانع من تخصيص مستشفى أو اثنين. وهذا ما لم يتم حتى اآلن ،ولكن بشكل بسيط جداً من خالل برامج التشغيل الذاتي .بعض والثاني :هو االتجاه إلى تخصيص (عن طريق إدارة القطاع الحكومي) إدارة للقطاع الحكومي مستشفيات ب��رام��ج التشغيل ال��ذات��ي مثل: شبيهة ب� ��إدارة ال�ق�ط��اع ال �خ��اص ،ول �ك��ن ه��ذا مستشفيات ال�ح��رس ال��وط�ن��ي ،والمستشفى المشروع أيضاً لم ينفذ ،انتظاراً لما يترتب التخصصي ،تدار ذاتياً ،ولها ميزانية مستقلة، عليه مشروع «بلسم». وإلدارتها نوع من االستقاللية ،وال ترجع في أغلب األم��ور ..خاصة من النواحي التشغيلية < الدكتور زياد بن عبدالرحمن السديري :أوالً، أسمحوا لي أن أشير إل��ى أن المشارِ كات في إل��ى الجهة المركزية ،وه��ذا يعتبر ن��وع�اً من القسم النسائي ع��دده��ن ث�لاث��ون م��ش��ارك��ة.. التخصص ،وإن ك��ان ال ي��زال ج��زء كبير من منهن د .حنان ،ود .عائشة ،قدمتا من خارج المستشفيات-ملكية وتعيين القوى العاملة وما ال��م��ن��ط��ق��ة ل��ح��ض��ور ه���ذا ال��م��ن��ت��دى ،ف��ش��ك��ر ًا إلى ذلك -تحت يد الدولة. للضيفتين وللمشاركات من بنات المنطقة أما عن التخصيص؛ بمعنى تحويل المستشفيات لحضورهن هذا المنتدى. جميعها إل��ى م��ؤس�س��ة أو هيئة ت ��دار ب ��إدارة
خاصة ،فهذا مشروع (يسمى بلسم) ،كان قد ق��دم خ�لال فترة تولي ال��دك�ت��ور حمد المانع وزارة ال�ص�ح��ة ،وه��ذا ف��ي ال��واق��ع ل��م ينفذ.. وأعيد النظر فيه ،وكان التوجّ ه بأن نبدأ قبل التخصيص في تطوير العالقة بين المنظومة الصحية ،بحيث يوجد ف��ي ك��ل منطقة نظام ص�ح��ي م�ت�ك��ام��ل ،ي��رب��ط م��ا ب�ي��ن المستشفى ال�م��رج�ع��ي والمستشفى ال �ع��ام والمستشفى > ال��ري�ف��ي وال �م��رك��ز ال�ص�ح��ي ،ف��ي إط ��ار نظام متكامل مدعوم بنظام إحالة–نظام نقل-نظام معلومات جيد ،ثم بعد ذلك ينظر في موضوع التخصيص.
26
موضوع التخصيص لم يكن ضمن أفكار وزارة الصحة ،واللجنة ال��وزاري��ة للتنظيم اإلداري بحثت م��وض��وع تطوير القطاع الصحي على مدى سنوات ،وتوصلت إلى أن وضعت بديلين
اجلوبة -ربيع 1432هـ
س��ؤال��ي للدكتور ف��ال��ح :ك��أن��ي ب��ك ت��ق��ول أنك راض ع��ن ال��ن��ظ��ام ال��ص��ح��ي ال��م��رس��وم إط���اره ٍ ف��ي اإلستراتيجية ال��م��وض��وع��ة ،ولكنك غير راض ع��ن تنفيذ اإلس��ت��رات��ي��ج��ي��ة أو النظام ٍ وآل��ي��ة تطويره ،ف��إن ك��ان فهمي خاطئ ًا أرج��و التصحيح ،وإن كان غير ذلك ،فآمل منك أن تبين لنا ما هو اقتراحك؟
سؤالي لك د .زياد كرجل قانون ،أال ترى معي أن��ه م��ن ال�م�لاح��ظ ف��ي قوانيننا ال�ت��ي تصدر من مجلس الشورى ثم مجلس ال��وزراء أنه ال يوجد أحد يراقب تنفيذها ..وال حتى هل هي راض عن صحيحة أم ال؟! أنا ما قصدت أنني ٍ النظام ،أن��ا كل ما ذكرته أن النظام الصحي كمثل على هذه األنظمة ،جاء في رؤى واضحة جداً حول قضية معينة (هل هي صح أم ال)؛ لكني ال أجد أن عندنا آلية -سواء على النظام
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
ال�ص�ح��ي ،أو على ن�ظ��ام العمل وال �ع �م��ال ،أو على نظام التأمينات –في أن في جهة تذهب الح �ق �اً ..وتجد أن��ه ه��ل طبق أو ال ،ه��ذه هي القضية التي طرحتها. < د .زياد السديري :أو ًال القانونيون لم يقدموا آراءهم بدون مقابل ،ولكن يسرني الحديث عن هذا -ولي رأي فيه -ولكن ربما في مناسبة غير هذه المناسبة ،ألنها ستأخذ الوقت عن بقية المشاركين ،أن��ا رغبت أن أسمع رأي��ك أن��ت.. ليس من الجانب القانوني الفني ،ولكن من جانب ما هو المطلوب؟ ما هو الطرح الذي تقدمه للرقي بالنظام الصحي؟
مداخلة من د .زياد السديري
> د .فالح الفالح :أنا في رأيي ..إذا كانت الدولة، وهي أعلى جهة سياسية ،قد أقرت رؤية معينة، إحدى المداخالت في الجلسة الثالثة فهي مسئولة عن تلك الرؤية؛ بمعنى أنه ال يكفي أن يأتي مسئول ما ،ثم يتجاهل تلك الرؤى أو > د .ع��دن��ان ال �ب��ار :أوض ��ح م�ث��ال م��وج��ود اآلن ال ينفذها ..أو يتجاهل بعضها ،يجب أن تكون في بريطانيا وعدد من ال��دول األوروبية وفي هناك آلية عند الدولة للمتابعة .أنا أعرف في أمريكا ( ،)Medical Advisorوهو الموكل إليه ال مجلس الدول األخرى كيف تتم المتابعة ،مث ً مراقبة أداء القطاع الصحي ،وأوض��ح تجربة النواب أو غيره ..دائماً في هذه الرؤى الناخب معروفة أيام رئيسة وزراء بريطانيا مارجريت هو الذي يقرر (وتعرفون ما حصل مع أوباما).. تاتشر ،عندما أرادت أن تدخل تغييرات جذرية ربما إذا حضر الجمهوريون وتسلموا الحكم على النظام الصحي مخالفة للرؤية المطروحة يغيرون هذه الرؤى .أنا أقصد إذا الدولة أقرت م��ن ال �ق �ط��اع ،اع �ت��رض (،)Medical Advisor رؤية ..وأعتبر أن النظام الصحي الذي أ ُقِ َّر فيه وعندما أصرت على التطبيق ..قدم استقالته، رؤى كما ذكر الدكتور عثمان الربيعة ،بعضها م��ا جعلها ت�ت��راج��ع ع��ن ال�ت��وج��ه ،ه��ذه ليست مهمة جداً (مبادئ عامة) مثل إدخال التأمين.. ال إلى آلية ..ألنه من صورة وحيدة ،نحتاج فع ً وهل طبق بالطريقة الصحيحة أم ال ،هذا ال المالحظ دائماً أنه إذا كان الوزير من القطاع يكفي أن نجعل مجلس الضمان الصحي أو الطبي ،هناك مؤثرات كثيرة قد تصرف عن وزارة الصحة هي التي تقول لنا ذلك .مجلس المسار ،والمتأمل في تجارب التطبيق للرؤى ال �ش��ورى ف��ي ال��وق��ت الحالي ليس ل��دي��ه آلية اإلستراتيجية التي صدرت ..يجد أن كل وزير ليقوم بهذا العمل ..ألنه ليس تشريعياً ،وأنا يأتي ويأخذ الجزئية ..إم��ا هي أكبر جزئية عنده حاول أن يعمل فيها شيء ،لكن التطبيق أعتقد أن��ه هناك ف��راغ�اً ،وأتمنى إيجاد جهة الشامل للرؤية لم يوجد على أرض الواقع. معينة تراقب ما يصدر من أنظمة.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 27
الجلسة الرابعة أدارها الدكتور /حسين بن محمد الفريحي، وموضوعها إستراتيجية الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية
الورقة األولى وكانت لألستاذ الدكتور عدنان أحمد حسن البار ،الذي قال إن هناك توجها من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ،بتبنى فكرة إنشاء جمعية علمية ..لتكون هنالك مؤسسات في المجتمع المدني والخيري تهتم بنصرة المرضى ومن لهم شكاوى أو قضايا في القطاع الطبي ،وأخير ًا تكون لدينا مؤسسات لديها قدرات قضائية وحقوقية قوية في هذا االتجاه. نحن نعتز بنظامنا القضائي ،لكن هنالك حاجة كبيرة إل��ى إي�ج��اد تطوير كبير ج��داً في أنظمة وقوانين المرافعة والمقاضاة الطبية ،وقد سمعت من كثير من القضاة أن من أصعب القضاء هو القضاء الطبي ..بحكم تعقيداته ومداخالته.
أهميتها ..لكنها ضمن مجاالت االهتمام بها. وأن نوجد آلية وإمكانية ..بحيث كل من يحتاج إلى خدمة إسعافية طارئة أن يحصل على هذه الخدمة دون عناء ،ودون اإلطالة في الوقت ،لكي ال نفقد الكثير من فرص النجاحات السريرية في المعالجة لمثل هذه الحاالت.
في مجال الخدمات اإلسعافية ،نحن نحتاج لذلك ،ف��إن إيجاد نظام نقل طبي ،أو نظام إل��ى أن نفرق ما بين أم��ري��ن :هنالك الخدمات اإلس��ع��اف��ي��ة ال� �ت ��ي ح ��دده ��ا ال��ن��ظ��ام ال�ص�ح��ي إسعاف طبي فعّال في أقسام ووحدات الطوارئ كمسئولية لجمعية ال�ه�لال األح�م��ر السعودي ،عندنا ،يحتاج ف��ي الحقيقة إل��ى آل�ي��ة واضحة وه��ذه ليست ه��ي المقصودة ف��ي حديثنا على ومحددة وفعالة ،وتدعم بما يلزم لتحقيقها.
الورقة الثانية قدمها األستاذ الدكتور خالد بن سعيد -أستاذ اإلدارة الصحية بجامعة الملك سعود -رئيس الجمعية السعودية لإلدارة الصحية .تحدث فيها بإيجاز عن مصادر التمويل ،ألن من أحد السياسات العامة اإلستراتيجية للخدمات الصحية هي :إيجاد مصادر للتمويل لقطاع الخدمات الصحية، ومن أجل أن نطبق هذه اإلستراتيجية ..ال بد من وجود آليات وسياسات تدعم تطبيق فكرة التمويل، ألن االتجاه العام عالمي ليس دولة وحدها ..هي التي تقوم بتقديم الخدمات مجانياً ،وإنما البد أن حد سواء. يكون هناك مشاركة من القطاع الخاص واألفراد على ٍ ال���س���ي���اس���ة األول��������ى :م����ن آل����ي����ات ت��ط��ب��ي��ق الالئحة التنفيذية لذلك النظام عام 1423هـ ،وبدأ اإلستراتيجية :تطبيق نظام الضمان الصحي تدريجياً في التطبيق ،وهو اآلن ما يزال في عملية التعاوني ال��ذي ب��دأ ف��ي ع��ام 1420ه� �ـ ،وص��درت التقويم المستمر ،لكي نصل إلى تحديد السلبيات
28
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
واإليجابيات ( )Pros and consفي التطبيق ..حتى نصل إل��ى درج��ة الكمال في تطبيقه على أف��راد المجتمع (السعوديين والمقيمين). الضمان الصحي التعاوني أنا متفائ ٌل أن يكون أداة من أدوات الجودة ومراجعتها على مقدمي الخدمة ( ،)Service Providersألن شركات التأمين ال ترضى بالفحوصات المخبرية غير الضرورية، وال بعملية التنويم في المستشفيات أكثر من اللزوم، وه��ذه سوف تكون مراقبة على مقدمي الخدمة، وتطبيقها سوف يسهم في تقوية الجودة والجودة النوعية في المنشآت الصحية ،كنت متشائماً .. ألن البنية التحتية في ذلك الوقت ليست مهيأة حسب ما بينه الدكتور عدنان عن النظام المالي في وزارة المالية ،وتهيئة المرافق الصحية ،وعدم وجودها في المناطق النائية.
د .خالد سعيد يلقي ورقته
من جامعة الملك سعود في استخدام األوق��اف، فعندنا أكثر من عشرة أبراج ،واحد منها برج فندق خمس نجوم ،وجامعة الملك سعود هي الوحيدة في العالم التي يوجد لديها فندق خمس نجوم، وهذه ليست من الموارد الذاتية ،ولكن من األوقاف وتشجيع الهبات والتبرعات ،ويمكن أن يستفاد منها في المرافق الصحية ،حتى نسعى إلى تفعيل تطبيق السياسة الثالثة من ناحية التمويل ومصادر ال��س��ي��اس��ة ال��ث��ان��ي��ة :ط��رح��ت زي ��ادة ال �م��وارد التمويل. المالية للمرافق الحكومية ع��ن طريق مشاركة السياسة الرابعة :ترشيد اإلنفاق الحكومي ال �ق �ط��اع ال� �خ ��اص ،وإع� �ط ��اء ال �ف��رص��ة للجهات واالستخدام األمثل الحكومية في أن تؤجر إذا كان لديها أجهزة طبية ف��ي ب��داي��ة ال�ت�ن�ف�ي��ذ ..ل��م ت�ك��ن البنية التحية متطورة على القطاع ال�خ��اص ،لكي يكون هناك مصادر تمويل للمرافق الحكومية كالمستشفيات جاهزة ،المراكز الصحية األولية كانت عبارة عن والمراكز الصحية ،وه��ذا بحد ذات��ه ينسجم مع فلل صغيرة غير مهيأة لتكون مراكز صحية أولية، الخطة التنموية في المملكة منذ بداية الخطة (وأقول بكل صراحة كمتخصص) :إذا أردنا ترشيد التنموية الخامسة ال�ت��ي ت�ه��دف إل��ى تشجيع أو اإلنفاق الحكومي ،يجب علينا تفعيل فكرة مراكز تفعيل دور القطاع الخاص ،وأن ندير أعمالنا ليس الرعاية الصحية األولية ،ألن هناك ضغوطاً على بعقلية القطاع العام ..ولكن بعقلية قطاع األعمال األس� �رّة ..وعلى الخدمات والمستشفيات ،وهي (البزنس) ،على أن ال تؤثر تلك األسعار في سوق ناتجة م��ن ضعف ،Primary care centerلنبدأ والحمد لله اآلن موارد الدولة والميزانية مستواهاالخدمات الصحية. جيد -نستفيد من الوقت الحاضر ،ألن تفعيل دور ال��س��ي��اس��ة ال��ث��ال��ث��ة :تشجيع ف��ك��رة الهبات مركز ال��رع��اي��ة األول �ي��ة ..أح��د ال��وس��ائ��ل لترشيد واألوقاف في القطاع الخاص: اإلن�ف��اق الحكومي منها نظام اإلح��ال��ة (Referral أتمنى (بحكم أنني من جامعة الملك سعود) ،)Systemفعندما نفعل مركز الرعاية األول�ي��ة، من وزارة الصحة وغيرها ،أن يأخذوا خبرة جيدة سوف يكون عندنا الحاالت (أوتوماتيكيا) ،نظام
اجلوبة -ربيع 1432هـ 29
اإلحالة ..بطريقة أن نحيل الحاالت التي تحتاج إلى استخدام خدمات المستشفيات بمستوياتها المختلفة ،البد من التركيز على الوسائل الوقائية ال ��دوري ��ة وت�ف�ع�ي�ل�ه��ا ،ل �ن��رش��د اإلن � �ف� ��اق ..ون��زي��د االستخدام األمثل للموارد ،وم��ن ناحية الموارد البشرية ..يجب أن نعطيها الفرصة من فترة إلى أخ��رى ،وه��ذا بحد ذات��ه يعد صيانة دوري��ة للبشر والعاملين لثقل معلوماتهم .وصيانة دورية لألجهزة الطبية ..ألن الصيانة الوقائية تدفع فيها المبالغ البسيطة ( )In the near termوتقلل من التكاليف الباهظة في إس��اءة ()Up Using Or Miss Using لهذه األجهزة،
المواطنين لديه خمس ملفات (حالة اجتماعية معينة) في مستشفيات مختلفة ،والبعض اآلخر ال ملف واحدٌ ،إذا استخدمت ألـ(Smart يوجد لديه ٌّ ،)Cardيمكن للطبيب معرفة أن للمريض ملفاً في مكان آخر ،وبدالً من إجراء الفحوصات المخبرية يتمكن من تقليلها ،ما يساعد على ترشيد اإلنفاق الحكومي في القطاع الصحي.
أخيراً ،إذا أردنا الوصول للسياسة الخامسة في عملية التمويل ..لنحقق إستراتيجية الميزانيةالعامة للدولة والمخصص للقطاع ال�خ��اص ،يجب على ال ��دول ��ة ع���دم ال �م �س��اس ب�م�خ�ص�ص��ات ال �ق �ط��اع الصحي ،وهذه المخصصات تصرف لبناء مراكز نحن لم نستفد من (الـ )ITوجودة التقنية ،فبعض صحية أولية ،ومساعدة شركات التأمين.
الورقة الثالثة وكانت قراءة في إستراتيجية نظم المعلومات الصحية وإستراتيجية ضمان جودة أداء الخدمات الصحية للدكتور طالل بن عايد األحمدي -أستاذ مشارك في معهد اإلدارة العامة بالرياض ..وقد تضمنت: •عرضا مختصراً لألساسين الثاني والحادي عشر.
تواجه بناء وتطوير وتطبيق تقنية المعلومات في القطاعات الصحية.
•أهمية ك��ل منهما ف��ي التصدي لبعض أوج��ه •إنشاء مراكز معلومات لكل قطاع صحي. القصور في القطاع الصحي. •إي�ج��اد م��زود رئيس للتطبيقات والبرمجيات
•رؤية حيال إمكانية التطبيق وسبل تفعيلها. إستراتيجية نظم المعلومات:
•التدريب وبناء الكوادر المتخصصة في مجال المعلوماتية. •م�ت��اب�ع��ة ت �ط��ور ح �ق��ل ت�ق�ن�ي��ة ال �م �ع �ل��وم��ات في المملكة. •معرفة االتجاهات الحديثة. •ت��زوي��د ال �م �ت��درب ب��ال �م �ه��ارات األس��اس �ي��ة في التشخيص وحل المشكالت والمعوقات التي
30
اجلوبة -ربيع 1432هـ
بغرض:
1.1توحيد أنظمة المعلومات الطبية واإلدارية. 2.2تجنب شراء العديد من األنظمة من شركات مختلفة للمنشآت الصحية التي تتبع قطاع واحد. 3.3إن�ش��اء مركز وطني للمعلومات الصحية. يهدف إلى التنسيق بين الجهات الصحية المختلفة ،بغرض الترابط المعلوماتي بينها ليقوم باألنشطة التالية:
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
1 .1وضع مواصفات السجل الطبي اإللكتروني. 2 .2الترميز الدولي لألمراض .ICD 3 .3وضع مواصفات نظام الترابط بين السجالت الطبية اإللكترونية. 4 .4ال�م��واص�ف��ات ال�لازم��ة لتخزين المعلومات الطبية. 5 .5إنشاء شبكة الطب االتصالي. 6 .6وضع مواصفات نظام الفوترة.
جانب مـن الحضور
تحسين ال�خ��دم��ات الصحية م��ن النواحي اإلدارية والتنظيمية وغيرها.
7 .7إن�ش��اء وح��دة الحسابات الصحية معتمدة أه�������م ال����م����ش����ك��ل�ات ال�����ت�����ي ت����ت����ص����دى ل��ه��ا على التكاليف. 8 .8وضع مواصفات الحكومية اإللكترونية في إستراتيجية المعلومات الصحية: •عدم توافر نظام متوافق ومتكامل للمعلومات، المرافق الصحية. يربط بين أجهزة القطاع الصحي المختلفة 9 .9تبادل الخبرة والمعرفة والتنسيق في مجال ووحداتها المنتشرة ،وما ترتب على ذلك من تنمية المعلومات. ع��دم تدفق المعلومات بين مختلف الهياكل 1010إن� � �ش � ��اء س�� �ج�ل��ات وط� �ن� �ي���ة ل�ل��أم� ��راض اإلداري� ��ة وال�ف�ن�ي��ة بتلك األج��ه��زة ،ووح��دات�ه��ا واإلعاقات. المختلفة. 1111إنشاء سجالت وطنية ل�لأم��راض الشائعة •اعتماد جميع مزودي الخدمات الصحية على والمزمنة واألمراض الوبائية. الملف الطبي الورقي. 1212إنشاء سجالت وطنية للحوادث واإلعاقة •نقص األنظمة اإلدارية التي تكفل إيجاد نظام وربطها باإلنترنت. ملف صحي موحد ،بصرف النظر عن الجهة 1313إنشاء مركز وطني للبحوث الصحية.
المزودة للخدمة الطبية.
1414إيجاد كوادر من الباحثين في مجال الصحة •عدم توفر قواعد معلومات شاملة ودقيقة عن ال �ع��ام��ة وال �ص �ح��ة ال�س�ك��ان�ي��ة وال ��دراس ��ات الحالة الصحية للسكان. الوبائية. أه����م ال���ت���ح���دي���ات ال���ت���ي ت��ع��ت��رض تطبيق 1515اإلس� �ه ��ام ف��ي إج � ��راء ال �ب �ح��وث وال �م �س��وح إستراتيجية نظم المعلومات الصحية: الميدانية الصحية. •ع��دم وج ��ود ن �ظ��ام م��وح��د للملف ال�ط�ب��ي في مختلف المرافق الصحية. 1616تحديد المشكالت الصحية ،ووضع مرتسم ص �ح��ي ( )Health profileل�ل�م�ن��اط��ق في •غ �ي��اب ال �ن �ظ��ام اإلداري ال�ت�ق�ن��ي ال ��ذي يمكن المملكة ،على ضوء نتائج البحوث وبيانات استخدامه إلنشاء الملف الصحي اإللكتروني. السجالت الطبية. •اختالف أنظمة الترميز الطبي ،وعدم تطبيقها
1717اإلسهام في إجراء البحوث التي تهدف إلى
في العديد من الجهات والمراكز الصحية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 31
الشاملة.
•اختالف أنظمة المعلومات الصحية المطبقة في عدد من الجهات ،ما يؤدي إلى عدم وجود •تنمية ثقافة الجودة في النظام الصحي ومرافقه. تكامل معلوماتي بينها. •وضع قواعد تعيين وترقيات الكوادر الصحية في •النقص الحاد في الكفاءات القادرة على التعامل سلم الوظائف الصحية. مع الملف الصحي اإللكتروني بشكل محترف إجراء تقويم دوري لمستوى كفاءة المنشآت وفعال. والعاملين فيها
•سوء استغالل الميزانيات المخصصة لمشاريع •قيام مجلس الخدمات الصحية بتفعيل دور الهيئة الصحة اإللكترونية. الوطنية العتماد المنشآت الصحية ،لتطبيق نظام •تفتقر الكثير من مستشفيات المملكة إلى البنية م��وح��د ل �ل �ج��ودة ،واالع��ت��راف والتقييم للمنشآت التحتية لتقنية المعلومات ،فال يوجد فيها شبكة الصحية. حاسب آلي محلية في المستشفيات. •إج� ��راء ت�ق��وي��م دوري ل�م�س�ت��وى ك �ف��اءة المنشآت الصحية ..وفق مقياس وطني لالعتماد.
•ال توجد أنظمة صحية تساعد اإلدارات الطبية المختلفة ..كالمختبر والصيدلية واألشعة واإلسعاف •ت�ق��وي��م م�س�ت��وى ك�ف��اي��ة ال�م�م��ارس�ي��ن ف��ي ال�م��راك��ز وغيرها ،ألداء أعمالهم بشكل منظم وآلي. ومؤسسات الرعاية الصحية من القوى الوطنية بصفة دورية. •ي �ف �ت �ق��ر ال �ع��دي��د م ��ن ال �ق �ط��اع��ات ال �ص �ح �ي��ة في المملكة للتخطيط اإلستراتيجي للمعلوماتية ،في •تقويم مستوى كفاءة الممارسين من القوى الوافدة إط��ار متكامل م��ع بقية عناصر منظومة الرعاية قبل تواجدهم في المملكة. الصحية. •المراجعة الدورية لمتطلبات التسجيل المهني من
ضمان جودة وكفاءة أداء الخدمات الصحية وتقويمها دوري ًا •المراجعة الدورية لمتطلبات التسجيل المهني. •ت�ب� ّن��ي م�ف�ه��وم تحسين األداء وت�ج��وي��د ال�خ��دم��ات •اإلفادة من الجمعيات العلمية لوضع ضوابط األدلة كأسلوب عمل في كافة المرافق الصحية. العالجية وأسس االعتماد وبرامجها. •وض��ع معايير لتحسين ال�ج��ودة وم��ؤش��رات لقياس أه�������م ال����م����ش����ك��ل�ات ال�����ت�����ي ت����ت����ص����دى ل��ه��ا األداء. إستراتيجية الجودة وتقويم األداء: قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية.
•اعتماد مرافق وزارة الصحة والقطاعات الصحية •اخ �ت�لاف��ات ال�م�م��ارس��ة ال�ط�ب�ي��ة وت�ق�ل�ي��ل األخ �ط��اء األخرى. الطبية.
•إيجاد مركز وطني ألنماط التطبيب ،يتولى إعداد •ط��ول م��دة االن�ت�ظ��ار بين المواعيد ف��ي العيادات البروتوكوالت الطبية ،والممارسة الطبية المبنية ومواعيد العمليات. على البراهين. •تدنّي رضا المستفيدين من الخدمات الصحية.
•تشكيل اللجان المتخصصة لمتابعة االلتزام بتطبيق •تفاوت مستوى توفير الخدمات الصحية لجميع ضوابط الجودة. فئات المجتمع بشكل متوازن ،كاألطفال والنساء •تقوية البنية األساسية الالزمة لتطبيق إدارة الجودة وكبار السن وأصحاب اإلع��اق��ات وذوي األم��راض
32
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������ل������������ف ال������������ع������������دد
لقطة خاصة بضيوف المنتدى
المزمنة والشباب وغيرهم.
لتيسير رصد األخطاء في ظل مناخ من الثقة الالزمة، لدعم برامج الجودة والسالمة بالمستشفيات.
والمكان المناسب للمريض.
•قصور آليات التعلم التنظيمي وإدارة المعرفة لنشر الدروس المستفادة من األخطاء.
•ت�ف��اوت االل �ت��زام بالمعايير واألخ�لاق �ي��ات الطبية •ق�ص��ور آل �ي��ات ق�ي��اس وم�ت��اب�ع��ة م��ؤش��رات ال�ج��ودة واإلدارية. وال �س�لام��ة ،وت��وف�ي��ر ال�ت�غ��ذي��ة ال �م��رت��دة ل�ل��وح��دات •ع��دم وج��ود معايير ونظم واض�ح��ة تحكم النظام ال�ت�ن�ظ�ي�م�ي��ة ال�م�خ�ت�ل�ف��ة وال �ع��ام �ل �ي��ن ح �ي��ال ه��ذه الصحي. المؤشرات. •ع��دم ت��وف��ر الخدمة الصحية الفعالة ف��ي الوقت •عدم توافر إحصاءات حول األخطاء الطبية.
•ع��دم وج��ود مركز موحد للبالغات ع��ن األخطاء •عدم التركيز على سالمة المرضى كمفهوم أصبح هو محور اهتمام جميع المنظمات العالمية المعنية ال�ط�ب�ي��ة ،أو منظمة معنية ب �ه��ذا ال �ش��أن .أغلب بجودة الرعاية الصحية. ال�ح��االت المعلن عنها ف��ي المملكة ..إم��ا ح��االت مقدمة للقضاء من قبل المتضرر ..أو احد ذويه• ،تفاوت نضج تطبيق الجودة بين مختلف المرافق الصحية. للنظر فيها بإحدى اللجان الطبية الشرعية التي تم تعينها للبت بهذه القضايا في عدد من أرجاء •نقص البرامج األكاديمية المتخصصة في مجال جودة الرعاية الصحية. المملكة ،أو قصص نشرت ف��ي م�ص��ادر اإلع�لام المحلية. •ق �ص��ور أن�ظ�م��ة ال�م�ع�ل��وم��ات ب�م��ا ال ي��دع��م جهود أه����م ال���ت���ح���دي���ات ال���ت���ي ت��ع��ت��رض تطبيق إستراتيجية الجودة وتقويم األداء •معدل الدوران الوظيفي ،وتسرب الكوادر البشرية.. بما ال يضمن استمرارية برامج التحسين. •توفير نظم التبليغ اإللكتروني الذاتي عن األخطاء، الجودة.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 33
«اإلبيجرام» النثري عند طه حسني.. رؤى ومواقف ً
> أ .د .حافظ املغربي*
يمكن أن نقرر مطمئنين أن َّالدكتور طه حسين هو أول من قدَّ م للقرَّ اء العرب تعريف ًا واعي ًا بماهية فن اإلبيجرام ،على مستوى الرؤية واألداة ،من خالل مقدمة كتابه الرائد الشوك) .وقد كان تقديمه واعي ًا بمقروئيةٍ مستبطنةٍ لهويَّة فن في هذا الفن (جنَّة َّ اإلبيجرام في مظانِّه التراثيَّة في األدب اليوناني ،السكندري تحديداً؛ حيث سيطر وس��اد ،كما أشار إلى ظهور هذا الفن ظهور ًا ضئي ًال في األدب الالتيني عامةً ،واألدب السكندري خاصةً . اسمه األوروب ��ي ال��ذي سماه به «اليونانيون والالتينيون (إبيجراما) أي نقشاً ...فقد كان القدماء ينقشون على قبور الموتى وفي معابد اآللهة ،وعلى التماثيل واآلنية ،واألداة بيتاً أو أبياتاً من الشعر ،ي��ؤدون غرضاً قريباً أول األمر ،ثم أخذ هذا الفن يعظم ويتعقَّد أمره، حتى نأى عن األحجار ،واستطاع أن يعيش في الذاكرة ،وعلى أطراف األلسنة».
وألنَّ أدبنا العربي قد تأخرت فيه نشأة ه��ذا ال�ف��ن بمفهومه عند اليونانيين ،رغم ظ �ه��وره ال ��ذي ل��م ي��طُ ��ل ف��ي ال �ع��راق حاضرة األدب العباسي؛ فإنَّ إسهام طه حسين األدبي كان ساعياً أن يربط بين الحضارة اليونانية والالتينية القديمة من جهة ،والعربية قديماً وحديثاً من جهة أخ��رى ،من خالل استقراء تاريخي عن هُويَّة هذا الفن تنظيراً وإبداعاً، منذ أن ُع��رِ ف فناً مقصوراً على الشعر دون وعن بدء شكالنية هذا الفن واألغ��راض النثر في أول أمره ،حتى كان طه حسين أول التي استوعبته؛ يضيف ط��ه حسين قائالً: من كتبه نثراً في العصر الحديث ،في كتابه «وق ��د أط �ل��ق ال�ي��ون��ان�ي��ون وال�لات�ي�ن�ي��ون كلمة «جنة الشوك». (إب �ي �ج��رام��ا) أول األم� ��ر ع �ل��ى ه ��ذا الشعر يشير ط��ه حسين إل��ى أول ��ى إشكاليات القصير ال��ذي كان يُنقَش على األحجار ،ثم مصطلح «إب �ي �ج��رام��ا» ف��ي األدب ال�ع��رب��ي؛ على كل شعر قصير ،ثم على الشعر القصير وه��ي أن م��اض��ي ال�ش�ع��ر ال�ع��رب��ي ل��م يعرف الذي كان يصوِّر عاطفة من عواطف الحب ،أو ل��ه اس �م �اً متفقاً عليه ،وإن �م��ا ه��و ي�ع��رف له نزعة من نزعات المدح ،أو نزغة من نزغات
34
اجلوبة -ربيع 1432هـ
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
الهجاء .ثم غلب الهجاء على هذا الفن ،وال سيَّما عند اإلسكندريين وش�ع��راء روم��ا ،وإن ل��م يخلص من الغزل والمدح .فلمَّا كان العصر الحديث ..لم يكد الشعراء األوربيون يطلقون هذا االسم إال على الشعر القصير الذي يُقصد به إلى النقد والهجاء». ووف��ق تقسيم يتوافق م��ع ف��ن اإلب�ي�ج��رام ،لفظاً ومعنىً ،أو أدا ًة ورؤي �ةً؛ يعدد طه حسين خصائص ذل��ك الفن وميزاته ،وف��ق خمس خصائص :اثنتان منها للفظ /الشكل ،واثنتان للمعنى/الرؤية ،وواحدة تتعلق بكليهما (اللفظ والمعنى). فعن ميزتَيْ الشكل يقول طه حسين« :وأول ما يمتاز به هذا الفن أنه شع ٌر قصير ،فإذا طال فهو قصيدة في الغزل ،أو في المدح ،أو في الهجاء. فالقِ صر إذاً خصلة مقوِّمة لهذا الفن ،ثم يمتاز بعد ه��ذا القصر بالتأنُّق الشديد في اختيار ألفاظه؛ حيث ترتفع ع��ن األل �ف��اظ المبتذلة ،دون أن تبلغ رصانة اللفظ الذي يقصد إليه الشعراء الفحول في القصائد الكبرى ،وإنما هو شيء بين ذلك ،ال يُبْتَذل حتى يفهمه الناس جميعاً ،فتزهد فيه الخاصة، وال يرتفع حتى ال يفهمه إال المتفوقون الممتازون، والذين يألفون لغة الفحول من الشعراء».
من الحياة ال إلى أفراد بأعينهم من الناس». ويدعم طه حسين موقفه من الهجاء ال�لاذع- بخاصة -حين يقول« :فأنا صاد ٌق حين أقول :إنك لن ٍ ممضاً. ّ تجد في هذا الكتاب هجا ًء الذعاً ،وال نقداً وأنا صادقً حين أقول :إنك لن تجد في هذا الكتاب إال مرايا يمكن أن ترى الناس فيها أنفسهم.»... ووفق ملمح تجديدي مفارق لمفهوم اإلبيجراما قديماً ،مستشرفاً جديد الرؤى في األدب الحديث؛ يقول« :وواض��ح أني لم أذه��ب مذهب القدماء في االن��دف��اع م��ع ال�ح��ر َّي��ة ال�ج��ام�ح��ة؛ ف ��األدب العربي الحديث أكرم عليَّ وآثر عندي ،وأنت وأنا أكرم على نفسي من أن أذهب هذا المذهب الذي قد مضى مع أصحابه القدماء» .فهل كان طه حسين في فهمه ال للنقد السياسي واالجتماعي بوصفه مرايا -بدي ً ال للقارئ؟ هذا ما قد عن الهجاء -صادقاً ،أم مخات ً يكشف عنه قادم من تحليلنا إلبيجراماته.
وإذا كانت هاتان الميزتان تتصالن بالشعر -ألن ه��ذا الفن ف��ي بدايته ُك� ِت��ب الشعر وف�ق��ه -فإنهما تنطبقان -وال سيَّما فيما كتبه طه حسين في كتابه- على النثر أيضاً؛ نلمح ذلك أكثر في إبيجراماته؛ من خ�لال تجلي الميزة الشكليَّة الثانية ،ذل��ك أنَّ إبيجراماته قد خلت– أو كادت -من أن تستوعبها وبخاصة الهجاء ٍ األغراض القديمة من غزل ومدح، ال�م�ف�ح��ش ،ال ��ذي ن ��أى ع �ن��ه ،واس �ت �ب��دل ب��ه النقد االجتماعي والسياسي ،كما سيتبين م��ن تحليلنا وعن خَ ْصلَتَيْ المعنى في فن اإلبيجراما؛ يرى طه لنماذج من إبيجراماته .فهو القائل في هذا« :ولست أريد بهذا الكتاب إلى شيء إال النقد الذي يسمُّونه أن هذا الفن يمتاز «بخصلة ثالثة تتصل بالمعنى، بريئاً في هذه األيام ،والنقد الذي يوجَّ ه إلى ألوان وهي أن يكون هذا المعنى أثراً من آثار العقل واإلرادة
اجلوبة -ربيع 1432هـ 35
عن القوس حتَّى يبلغ الرميَّة ،ثم ينفذ منها في خف ٍَّة �س .وم��ن هنا امتاز ه��ذا الفن وس��رع� ٍ�ة ال تكاد تُ��حَ � ّ بالبيت األخير أو البيتين األخيرين من المقطوعة، فهما يقومان منها مقام الطرف الضئيل النحيل الرقيق الرشيق م��ن نصل ال�س�ه��م» .وه��ذا وصف يتقارب مع ما وصفه ب��ه» شاعر إغريقي مجهول بهذه الطريقة« :الصفات النادرة التي نجدها في النحلة ،يجب أال تختفي م��ن اإلب�ي�ج��رام ،جسمها يجب أن يكون دوم�اً صغيراً وعذباً ،واللسعة يجب أن تكون في ذيلها».
والقلب جميعاً .فليس هو شعراً عاطفياً يصدر عن القلب أو يفيض به الطبع ،وليس هو شعراً يصنعه العقل وحده ،وإنما هو مزاج من ذلك يسيطر الذوق عليه قبل كل ش��يء ،أث��ر العقل فيه أن��ه نقد الذع، �ض ،أو تصوير دقيق لشيء يُ�ك�رَه أو أو ه�ج��اءٌ م�م� ّ رؤية يُحب .وهذا كله يحتاج إلى بحث وتفكُّر ،وإلى ٍ وتأمل ،وال يأتي مستجيباً لعاطفة من العواطف ،أو ٍ هوىً من األهواء ،وأثر اإلرادة فيه أنه ال يأتي عفو الخاطر ،وال فيض القريحة ،وإنما يقصد الشاعر إلى عمله وإنشائه ،ويستعد لتجويده والتأنّق فيه، وأث��ر القلب فيه أنه يفيض عليه شيئاً من حرارته أما ما يتعلق بالخصلة األخيرة من هذا الفن، وحياته ،ويجري فيه روحاً من قوَّته التي يجدها ...التي تتصل باللفظ والمعنى معاً« :هي هذه الحريَّة عندما يرضى وعندما يسخط». المطلقة التي يتجاوز بها أصحابها حدود المألوف والحق أن هذه الخصال المتعلقة بالعقل والقلب من السّ نن والعادات والتقاليد ،والتي تدفع أصحابها ف��ي ف��ن اإلب �ي �ج��رام؛ تضعه ف�ن�اً ي�ن��أى أن يتمذهب إلى اإلفحاش في اللفظ ،وإلى اإلفحاش في المعنى، بالجموح الرومانسي ،في كونه ليس شعراً (أو نثراً) وإلى التحرر مما يفرضه الذوق على الرجل الكريم، يجمح بالعاطفة المنسالة ،فهو أقرب إلى الواقعيَّة؛ حين يتحدث إل��ى ال�ن��اس ،أو حين يتحدث الناس في نقدها للواقع االجتماعي ،وربما السياسي -في إليه» .وقد نأى طه حسين عن هذا اإلفحاش في خطاب مسكوت عنه -في إبيجرامات طه حسين ،اللفظ والمعنى ،واستبدل بهما – كما سنعرف- من خالل نقده الالذع وتصويره الدقيق لما يُكرَه أو النقد الالذع.
فكر ورويَّةِ وتأمل .أما اإلرادة التي جعل يحب ،وفق ٍ أثرها في كون هذا الفن ال يأتي عفو الخاطر ،وال فيض القريحة ،وإنما يأتي عن قصدية من منشئه ومبدعه؛ فهو مفهوم يتفق معه تعريف بعض مواقع الشبكة العنكبوتيَّة؛ التي يقدم أحد مواقعها ما مفاده: «أن اإلبيجرام في األدب اليوناني وما تاله :القصيدة القصيرة أو القول الموجَّ ه ،وأهم مميزاته اإليجاز والصقل والوضوح والتوازن» .فالقول الموجَّ ه إلى ولعل القارئ لنتاج طه حسين اإلب��داع��ي الذي متلق مًستهدَف؛ هو ما يتفق مع مفهوم القصديَّة، ٍ ضمَّنه في إبيجرامه النثري؛ قد يطمئن إلى كونه الذي أشار إليه طه حسين. نقداً الذعاً في أحايين كثيرة ،وفق منحيين يتسمان أما الخصلة األخرى المتعلقة بالمعنى« :فهي أن بالسخرية التي قد تصل إلى حد المرارة؛ المنحى تكون المقطوعة منه أشبه بالنصل المرهف الضئيل األول :يتسم بالنقد االجتماعي لنماذج رديئة في الحا ّد قد ُركِّب في سهم رشيق خفيف ،ال يكاد ينزع المجتمع لم يسمِّها بأسمائها ،وإنما جعلها رم��وزاً هذا مها ٌد نظريٌّ طويل؛ أردنا به أن يكون مرجع َّي ًة نحيل عليها ،ونحن نفحص بمعونتها ما كتبه طه حسين في إبيجراماته نثراً ،بوصفه رائداً من رواد هذا اإلبداع في العصر الحديث ،وقد تبعه آخرون، يأتي على رأسهم العقاد ،من خالل ما جمعه ابن كتاب سمَّاه «الكلمات األخيرة أخيه عامر العقاد في ٍ للعقاد».
36
اجلوبة -ربيع 1432هـ
وأحسب أنه قد نجح -ربما من حيث ال يعمد -في أن يعطي المحلل الناقد إلبيجراماته ،فرص ًة سانح ًة أن يستدعي من آليات قراءة الموروث فنوناً أحياها آنئذ ،مع بدايات ذوقه ..بنكهةِ خاصة مجددة ومجربة ٍ تجديده الفكري ،على مشارف العصر الحديث في منتصف أربعينيات القرن الماضي؛ حين صدرت الطبعة األولى من كتابه «جنة الشوك» ،ونعني بهذه ال ومضموناً؛ فنوناً مثل :أسلوب الفنون القولية شك ً الحكيم ،واألجوبة المسكتة في مقطَّ عات األعراب النثرية وغيرهم ،والتورية ،والحكمة وإن اتخذت تماهياً عكسياً؛ حين يستدعيها خطابه السَّ اخر. وربما ك��ان نتاجه أكثر سخا ًء وإغ��داق�اً للمحلِّل والناقد المعاصر ،وهو يرى إبيجراماته تخضع– وف��ق حداثة ال��رؤى المعاصرة -إل��ى ما تحتفي به نظريات التأويل والتلقي الكاسر ألفق انتظار قارئ ضمني ،يُرجع هذه اإلبيجرامات – في استدعائها شكل للموروث -إلى ما يستنطقها به التناص في ٍ عكسي ،وغير ذلك من قضايا الحداثة وما بعدها. وربما كان مفهوم المفارقة التصويرية بأنماطها المختلفة؛ يبدو غائباً في عرض طه حسين وتنظيره لخصائص اإلب�ي�ج��رام��ا ،ر َّب�م��ا ألن��ه مفهوم ل��م يكن ق��د تبلور مصطلحاً نقدياً م�ع��اص��راً ،وق��ت كتابته لنماذجه ،رغم احتوائها على مفارقات .وقد تنبه إلى المفارقة بوصفها خصيص ًة مميَّزة -تقيم بنية اإلبيجرام -الدكتور ع� ّز الدين إسماعيل (يرحمه إبيجرامات ٍ ال�ل��ه) ،وه��و ي�ق�دِّم لديوانه ال��ذي كتبه شعريَّة ،والمعنون بـ «دمعة لألسى ..دمعة للفرح»، حين يقول« :وحين تُذكَر اإلبيجرام في النقد األدبي؛ ي �ك��ون ال�م�ق�ص��ود ب�ه��ا – بصفة ع��ام��ة -القصيدة
وسنشرع اآلن في تحليل نماذج من إبيجرامات طه حسين النثرية ،وفق :إبيجراماته التي اتخذت شكل النقد االجتماعي .إ ْذ ت��راوح��ت ن�ق��دات طه حسين االجتماعية عبر إبيجراماته بين الطول والقصر ،ولكنها لم تفقد في الحالين استقصاء لحظة ت��أزم المفارقة التصويرية ،وفداحتها في بعض األحيان.
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
�وت عنه ف��ي بنية سلبيَّة؛ ي �ع �رِّض ب�ه��ا ،وف��ق م�س�ك� ٍ إبيجراماته العميقة ،والمنحى اآلخر :وهو األخفى في تلك البنية العميقة؛ ذلك هو المتمثل في النقد السياسي المخبوء في نسغ بعضها.
القصيرة التي تتميَّز على وجه الخصوص بتركيز ال على العبارة وإيجازها ،وكثافة المعنى فيها ،فض ً اشتمالها على مفارقة ،وتكون مدحاً أو هجا ًء أو حكمةً ،وق��د عرَّفها الشاعر الرومانسي كوليردج بقوله :إنها كيان مكتمل وصغير ،جسده اإليجاز.. والمفارقة روحه».
فتحت عنوان إبيجرام طويل موسوم بـ «ضمائر» يقول طه حسين في نقد اجتماعي« :قال الطالب الفتى ألستاذه الشيخ :أال تح ِّدثُني عن هذه الضمائر التي تفعل ما تشاء ،ثم تستتر وراء أفعالها ،وجوباً م َّرةً ،وج��وازاً م َّرةً ،فهي داني ٌة نائية ،وبادي ٌة خافية، وهي ملحوظ ٌة غير ملفوظة ،ومعقولة غير مقولة، وهي على ذلك تكلِّف األساتذة والتالميذ ه ّماً ثقيالً، وعنا ًء طويالً! قال األستاذ الشيخ لتلميذه الفتى :ما أنت وهذه الضمائر البريئة النقيَّة! إنما هي بنات الوهم ،قد فرضها العلماء رياض ًة لعقول الطالب، على التحليل واإلع ��راب ،وه��ي ال ت��ؤذي أح��داً من قريب أو بعيد .فإذا علمتَ عملها ،فدعْها وشأنها، وت�ح��دَّ ث عن ضمائر أخ��رى أش��دَّ في حياة الناس خطراً ،وأبعد في أعمالهم أثراً ،تستخفي في أعماق النفوس ،عابس ًة تشيع االبتسام المريب ،ومظلم ًة تنشر الضوء المخيف .قال الطالب الفتى ألستاذه الشيخ :لقد ع��دت إل��ى ما دأب��ت عليه من األلغاز، فوضح لي بعض ما تقول! قال األستاذ الشيخ لتلميذه ِّ الفتى :ما تقول في ضمائر األطباء حين يعودون المرضى ،وف��ي ضمائر المرؤوسين حين يتلقَّون
اجلوبة -ربيع 1432هـ 37
أمر الرؤساء ،وفي ضمائر الطالب حين يسمعون دروس األساتذة ،وفي ضمائر بعض األصدقاء ،حين يبسمون لألصدقاء؟ وكنت حاضر ه��ذا الحديث، فتلوت قول الله عز وجل (وتحسبهُم أيقاظاً وهم رق��ودٌ ،ونقلِّبهُم ذاتَ اليمينِ وذات الشِّ مالِ ،وكلبهم باسطٌ ذراعيهِ بالوصيدِ ،لو اطَّ لعْتَ عليهم لولَّيتَ منه ْم فِ راراً ول ُملِئتَ منهم رعباً)(.»)16
التي عرَّفت بماهيَّة المفارقة؛ كونها «تكنيك فنيّ ... إلبراز التناقض بين طرفين متقابلين بينهما نوع من التناقض ،...والتناقض في المفارقة التصويريَّة فكرةٌ تقوم على استنكار االختالف والتفاوت بين أوضاع كان من شأنها أن تتفق وتتماثل ،أو بتعبير مقابل؛ تقوم على اف�ت��راض ض��رورة االت�ف��اق فيما واقعه االختالف».
لعل أبرز ما يميز هذه اإلبيجراما على مستوى اللفظ /الشكل/التصوير -كما رص��د خصائصها طه حسين -هو بساطة اللفظ الذي يُ ْعنَى بالتأنُّق المقصود ،ذلك المتبدي في العناية بوجوه البديع اللفظي منذ بدايتها :سجعاً وطباقاً وجناساً وموازنةً، استدعاها من تراثه ،ليضمن معايشة المتلقي لها أريحية وع��ذوب� ٍ�ة ،لكن ٍ صاك ًة بجرْسها لسمعه في اإلك �ث��ار م��ن ه��ذه المحسِّ نات أوق�ع��ه ف��ي ش��يء من اإلطالة ،التي دونها ما وعدت به مقدمته ،من أمر وجوب قِ َصر اإلبيجراما!
واإلبيجراما السابقة قائمة على مفارقة كبرى بين ثنائية الوعي بمعنى الضمير النحوي المستتر ال واحداً في الوعي بها – جوازاً ووجوباً ،متخذ ًة شك ً ظاهر ًة ومستترةً -عند المتلقي؛ في مقابل الضمائر اإلنسانيَّة التي تستخفي في النفوس ،بما قد تظهر خالف ما تبطن .وإلى جانب هذه المفارقة الكبرى؛ ثمَّة مفارقات صغيرة فخَّ خ طه بها إبيجرامه؛ أبرزتها وسائل تشكيل احتضنت مغزاها المسكوت عنه في نسغها ،وقد تمثَّلت هذه الوسائل التي استدعاها إلبيجرامه؛ بين قديم ت��راث��يّ ،ك��أل��وان البديع كما بيَّنا ،ومن أبرزها الموازنة والسجع ،وكذلك الجواب الحكيم ،والجواب المسكِ ت ،وحداثيٍّ معاصر مثل: التناص ،وكسر أفق التلقي.
ومن خصال المعنى فيها بروز آثار العقل واإلرادة والقلب جميعاً ،دون أن يستأثر طرف بآخر .فأثر لصنف من ٍ العقل ب ِّي ٌن في نقد طه حسين ال�لاذع فانحط َّ البشر -دون أن يسميهم -غاب ضميرهم قدرهم؛ يسوقه فك ٌر منظَّ مٌ ،يحكمه منطق الحوار والجدل بين األستاذ والتلميذ .أمَّا اإلرادة فتبرزها قصدية طه حسين في إنشاء مثل هذا اإلبيجرام متلق يفهم قصدية المغزى، عمداً ،وتوجيهه إل��ى ٍ من حيث تعرية الضمير عن باطن عفِ ن ،ثم تتجلى العاطفة التي تغلِّف العقالنية أخ�ي��راً؛ في موقف طه حسين القلبي المستشهد بآيات القرآن الكريم تناصاً؛ ينطق بتعارض ما بين الظاهر والباطن ،وهذا ما يقودنا إل��ى الحديث عن المفارقة التصويرية، التي هي عصب فن اإلبيجرام ،فبأيَّة كيفية بنى طه حسين إبيجرامه؟
إن المفارقة الكبرى القائمة لغوياً ومعنوياً على ثنائية معنى الضمير؛ أظ�ه��رت ف��داح��ة السخرية االجتماعية الناقدة؛ بين المعنى النحوي للضمير ال��رام��ز إل��ى ال��وض��وح/ال�ب��راءة/ال�م�س��ال�م��ة/ري��اض��ة البصيرة ،في مقابل ضمائر أخرى رامزة إلى الخفاء/ الرِّياء/المداهنة/الغدر .ولكي يعمِّق طه حسين من فداحة هذه المفارقة بين الضميرين المتناقضين ليبرزها بعد خفاء؛ لجأ في وصف طرف المفارقة اآلخ���ر -ال ��ذي حملته ال�ض�م��ائ��ر اإلن �س��ان �ي��ة -إل��ى وصفين؛ تحملهما م��وازن � ٌة تنبِّه بحسن تقسيمها إل��ى بشاعة م��آل تلك الضمائر ،فهي« :أش� � ُّد في حياة الناس خطراً ،وأبعد في أعمالهم أثراً» ،وذلك لعلَّه من نافلة القول أن نذكر أنَّ من أهم المفاهيم بخفائها في أعماق النفوس األ َّم��ارة بالسوء .وقد
38
اجلوبة -ربيع 1432هـ
وإذا به يجبهنا ويكسر أفق تلقينا عبر موازنة جديدة؛ حمَّلها مفارقة أخرى فادحة؛ توقفنا على جُ رْم طويَّتهم :ظاهراً باسماً مضيئاً ،وباطناً عابساً مظلماً مخيفاً ،فأعماق النفوس العابسة ال تشيع االبتسام إال أن يكون مريباً ،والمظلمة منها ال تنشر الضوء إال أن يكون محرقاً ُمع ِْشياً مخيفاً ،ولكن الكاتب أراد ذل��ك مفارق ًة س��اخ��رةً؛ تعارض منطق األشياء السويِّ المبين .إنَّ الموازنة هنا كانت فخّ اً عمَّق فداحة المفارقة ،صانع ًة ومولِّد ًة من المفارقة أخرى ،فظاهرها موازنة ،وباطنها مفارقة.
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
كان الكاتب دقيقا حين خبَّأها في األنفس ،ألنها مآل التسفُّل ،ولم يخبئها في األرواح ،استشرافاً إلى عرفان صوفيٍّ ال يعرفون قدره. ٍ
متوجهاً ،ولكن الحكيم ق��د يعدل ف��ي ج��واب��ه عمَّا يقتضيه السؤال تنبيهاً على أنَّه كان من حق السؤال أن يكون ك��ذل��ك» .وي�ع� ُّد د .أس��ام��ة البحيريّ هذا مفارق ًة دالل� َّي��ة ،إذْ»تسير الحركة الذِّهنيَّة وحركة الداللة عند المجيب (المستقبِل) في اتجاه مخالف (المخاطب) ،وهذه المفارقة الدالليَّة؛ تهدف ِ للسائل إلى إحداث موافقة من خالل تعديل موقف السائل، والتأثير عليه ،لكي يسير في اتجاه المجيب». وقد تنبّه د .صالح فضل بوعي إلى فقه الشعرية التي يمكن أن تخلقها ثنائية معنى الضمير ،في مقاربة بينهما تؤدي إلى اختيار صائب ،وذلك حين ٍ يقول« :من عالمات شعرية النحو العربي اختياره الدَّ ال للكلمات التقنية التي تشير إلى أجزاء الجملة وأدوات الكالم ،فثنائية المعنى في كلمة (ضمير) المتراوحة بين الوعي الكامن داخ��ل اإلن�س��ان من جانب ،واألدوات التي تشير للفاعلين والمفعولين من أشخاص من جانب آخر؛ تتيح الفرصة التصال المجالين في مستوى داللي عميق ،ويصبح توظيف ه��ذه األدوات ف��ي ف��ن ال�ك�لام للداللة على القوى الكامنة في الوعي الفردي أو الجماعي للمتحدثين امتداداً مشروعاً لهذا االختيار الصائب».
وق��د لعب أس�ل��وب الحكيم دوراً ب ��ارزاً -بشكل معاصر -في إب��راز صدمة المفارقة؛ التي كسرت متلق ينتظر أفقاً منطقياً ،ليتلقَّى أفق التلقي عند ٍ خيب ًة لذيذة عن طريق أفق مفارق ال يتوقع مفاجأته. إن جواب األستاذ على تلميذه أول األم��ر ،المتمثَّل بعضه في طلبه اإلعراض عن السؤال عن الضمير النحوي ،وتوجيهه إلى السؤال عن الضمير اإلنساني الذي هو أولى بالسؤال؛ ذلك ما كان يدور الحديث عليه في تراثنا البالغي والنقدي ،من خالل مفاهيم؛ ولكي يعمِّق اإلبيجرام السابق من غور المفارقة تستوعب في وع� ٍ�ي ما يسمَّى بـ«أسلوب الحكيم» ،بين الضمير النحوي طرفاً أول ،والضمير اإلنساني بالموجب» ،و«األجوبة المسكتة». ِ و«القول ال��ذي يمثِّل الوعي الكامن داخ��ل اإلنسان طرفاً آخر «ويُ� � َع� � ًّد أس �ل��وب الحكيم م�ح��اول��ة ل�ل�خ��روج من وهو األهم؛ نراه لكي يقر في وجدان المتلقي مفارقته إس ��ار م��رك��ز َّي��ة الجملة ال ��واح ��دة ،وهيمنتها على تلك؛ يضع تناقضاً جديداً وفق مفارقة أكثر فداحة؛ معظم مباحث البالغة العربيَّة ،ألنَّ هذا األسلوب من خ�لال الموازنة البديعيَّة في قوله عن الضمائر يتشكَّل في سياق تحاوري ،تتمثَّل حكمته في الفطنة المخاتلة التي تستخفي في النفوس( :عابسة تشيع واللباقة في إدارة الحوار بطريقة عقليَّة ،أو بمهارةٍ االبتسام المريب ،ومظلمة تنشر الضوء المخيف) .إن لفظيَّة (كالتالعب بثنائيَّة معنى لفظ «الضمير») ،من شأن العبوس -كما ذكرنا -أال يشيع االبتسام إال أن إلقناع المتلقي ،والوصول به إلى التسليم بما يريده يكون مريباً ،وظلمة القلب األسود ال تنشر الضوء إال أن المرسل» ،وهو هنا األستاذ الشيخ .إذ «األصل في يكون مخيفاً ،وهذا منطق المفارقة ،حفظ اإلحساس الجواب أن يكون مطابقاً للسؤال إذا كان السؤال بها -معنىً -الموازنة القائمة على مفارقة إيقاعيَّة
اجلوبة -ربيع 1432هـ 39
بين الفعل ورد الفعل ،أو بين الظاهر والباطن. ويتخذ ال �ح��وار بين األس �ت��اذ وتلميذه شيئاً من ال��درام � َّي��ة؛ حين ي��وض��ع التلميذ ف��ي وض��ع السائل المتردد في فهمه منطق المفارقة بين الضميرين ال ألستاذه متعجِّ باً :لقد عدت إلى ما دأبت عليه قائ ً فوض ْح لي ما تقول! » ،وبوعي من طه من األلغازِّ ، �ص�ل��ة ف��ي استفسار التلميذ حسين يلتقط بنية ال� ِّ بقوله( :ما تقول!) التي تحمل تعجباً ،ليحولها إلى بنية استفهاميَّة؛ تحمل مفارقات أكثر فداحة ،وأكثر غموضاً ،تسكت – في بنية عميقة – عن أطرافها الخفيَّة ،ليسأل ع��ن ضمائر األط�ب��اء حين يعودون مرضاهم ،والمرؤوسين حين يتلقون أمر الرؤساء، وضمائر ال�ط�لاب حين يسمعون دروس األس��ات��ذة، وض�م��ائ��ر بعض األص��دق��اء حين يبسمون بسمات صفراء مريبة لآلخرين. وتظل هذه أسئلة بال أجوبة ،على التلميذ /المتلقي أن يجيب عليها ،ويتحدى بها قوة فهمه ،إلى أن تأتي نهاية اإلبيجراما مفارقة عظمى ،تعمِّق ما بين الضمير النحوي /الظاهر ق��والً وع�م�لاً ،والضمير اإلنساني ُبطن ،وذلك بظهور الخفي؛ الذي قد يُظهِ ر خالف ما ي ِ صوت طه حسين فجأةً ،فيما يشبه صوت الراوي في نص قرآني يقتبسه المقامات ،حين يلجأ إلى استدعاء ِّ تناصاً عكسياً؛ يعمِّق فداحة هذه المفارقة الكبرى ،من خالل قصة أهل الكهف ،التي تغدو هي الطرف اآلخر الخفي /المسكوت عنه في المفارقة.
وه�ن��ا تستبين لنا المفارقة بين الظاهر والباطن من طريق أخ��رى؛ من خ�لال طبيب خائن لألمانة، وم��رؤوس�ي��ن خائفين ينافقون رئيسهم المتسلط- ت�ق� َّي�ةً -ال ح �ب �اً ،ومثلهم ط�لاب ال�ع�ل��م ،واألص��دق��اء الثعالب الخونة ال��غ��دَّ ارون ،وه��ذا ه��و م�غ��زى اآلي��ة القرآنية ،التي عمَّقت فداحة المفارقة بين الظاهر والباطن ،لينجح طه حسين بذكره آي ًة حملت مفارق ًة ال مرهفاً رقيقاً حاداً -ال يكاد تنفذ من القوس نص ً يُنْ َز ُع من القوس حتى يبلغ الرميَّة دون أن يُحَ َّس-؛ أن يستنطق إبيجرامه بما أراده ،أدا ًة ورؤيةً. وربَّما لجأ طه حسين في تلخيص أمر المفارقة- ماض في تحوُّل الزمن المحتوِ ي للشيء ونقيضه بين ٍ وح��اض��ر -إل��ى م��ا يمكن أن نستعيره م��ن القصة القصيرة ،كالومضة ولحظة التنوير ،وك��أن بعض إب�ي�ج��رام��ات ط��ه حسين ال�ت��ي بُنيت على ش��يء من –آنئذ -بما اصطلح عليه ٍ القِ َصر ،كانت مرهص ًة و«القصة َّ في نقدنا المعاصر بـ«القصة القصيرة» القصيرة ج ��داً» ت �ح��دي��داً ،تلك ال�ت��ي تعتمد حركة معنويَّة ،من دالئلها عند طه حسين الحوار المكثَّف المقتصد في لغته ،والمحتوي على الومضة.
مراجع لالستزادة: «ج�ن��ة ال �ش��وك» -د .ط��ه حسين -دار ال�م�ع��ارف- مصر1965 -م. •«الكلمات األخيرة للعقاد» -عامر العقَّاد -دار الكتاب العربي -بيروت1970 -م.
ف��إذا كان ظاهر أهل الكهف المرعب المخيف، الطارد فراراً من بشاعة مظهرهم ،يتنافى مع باطنهم •«دمعة ل�لأس��ى ..دمعة للفرح» -دي��وان للدكتور عز الدين إسماعيل (انظر المقدمة) -دار لوتس اإليماني النقيّ الجميل؛ فإن هذا يأتي مفارقاً لظاهرِ للطباعة والنشر2000 -م. آخ��ر ي �ب��دو -ف��ي خ���داعِ -أك�ث��ر ج �م��االً ،وف��ق معاني الرحمة ،وحسن القيادة ،والتعلّم ،والصداقة ،رغم ما •«النص الكلي» -د .يوسف حسن نوفل -الهيئة العامة لقصور الثقافة2004 -م. مخادع/قاس/منافق/خائف/غدَّ ار. ٍ يحمله من باطن *
40
جامعة الملك سعود -كلية اآلداب قسم اللغة العربية وآدابها.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
املنفلوطي وجمالية البالغة النثرية > عبدالله السمطي*
تتمثل تجربة المنفلوطي الكتابية ف��ي ثالثة أل���وان من الكتابة هي: أوال :النثر الفني ،وتجلى ذل��ك ف��ي كتابيه« :النظرات» بأجزائه الثالثة ،و«العبرات». ثانيا :الترجمة ،إذ قام بترجمة عدد من الروايات الفرنسية، مضفيا عليها أسلوبه النثري الرومانتيكي. ثالثا :الشعر التقليدي ،فقد نظم بعض القصائد التي صدرت بعنوان «ديوان المنفلوطي»(.)1 أش��ارت بعض ال��دراس��ات التي تناولت قصيدة النثر أو الشعر المنثور تحديدا إلى كتابي المنفلوطي« :النظرات» و«العبرات» بوصفهما م��ن أوائ ��ل الكتب األدب �ي��ة التي تتجلى فيهما ظاهرة الشعر المنثور ،وربما سمات قصيدة النثر ،ويذكر د .عبدالقادر ال �ق��ط« :وع �ل��ى ال��رغ��م م��ن ج��دة التسمية المأخوذة من بعض اآلداب الغربية ،فإن (ال�ش�ك��ل) نفسه ليس ج��دي��دا على األدب بيد أن النظر ف��ي كتابات المنفلوطي العربي قديمه وحديثه ،وق��د عرفناه منذ النثرية يثبت أنه لم يتوجه مطلقا إلى كتابة مطلع هذا القرن باسم (الشعر المنثور)« ،الشعر المنثور» ،ولم يدع البتة أنه تطرق وه ��و اس ��م ي�ح�م��ل م��ا ي�ح�م�ل��ه المصطلح الجديد من نسبة هذا اإلبداع إلى الشعر، لكنه ال يبلغ به حد (القصيدة) .وكان لنا في هذا الفن رواد معروفون من أمثال جبران خليل جبران ،ومصطفى ص��ادق الرافعي، وم�ص�ط�ف��ى لطفي ال�م�ن�ف�ل��وط��ي ،وحسين عفيف ،وأحمد حسن الزيات ،وفي بعض كتابات طه حسين»(.)2
اجلوبة -ربيع 1432هـ 41
إل��ى ه��ذا ال�ن��وع م��ن الكتابة ..وإال لكان ذك��ره في مقدمة «النظرات» الطويلة التي أوضح فيها أنه اعتمد أربعة أمور حددها كما يلي« :ولقد كان من أكبر ما أعانني على أمري في كتابة تلك الكلمات أشياء أربعة أنا ذاكرها ،لعل المتأدب يجد في شيء منها ما ينتفع به في أدبه: (أوالها) إنني ما كدت أتكلف لفظا غير اللفظ الذي يقتاده المعنى ويتطلبه ،وال أفتش عن معنى غير المعنى الطبيعي القائم في نفسي ،بل كنت أحدث الناس بقلمي كما أحدثهم بلساني... (وثانيها) أن��ي ما كنت أحمل نفسي على الكتابة حمال ،وال أجلس إلى منضدتي مطرقا مفكرا :ماذا أكتب اليوم ،وأي الموضوعات أعجب وأغرب وألذ وأشوق ،وأيها أعلق بالنفوس ،وألصق بالقلوب؟ بل كنت أرى فأفكر فأكتب فأنشر ما أكتب ..فأرضي الناس مرة ،وأسخطهم أخرى من حيث ال أتعمد سخطهم ،وال أتطلب رضاهم. (وثالثها) أن��ي ما كنت أكتب حقيقة غير مشوبة بخيال ،وال خيال غير مرتكز على حقيقة، ألني كنت أعلم أن الحقيقة المجردة عن الخيال ال تأخذ من نفس السامع مأخذا ،وال تترك في قلبه أثرا ،وأحسب أن السبب في ذلك ..أن أكثر ما تشتمل عليه النفوس من العقائد والمذاهب واآلراء واألخالق ،والخواطر والتصورات ،إنما هو أثر من آثار الخياالت الذهبية التي تتراءى في سماء الفكر ،ثم ال تزال بها األيام تكسوها طبقة بعد طبقة من غبار القدم ،حتى تصبح حقيقة من الحقائق الثابتة في األذهان.. (ورابعها) أني كنت أكتب للناس ألعجبهم،
42
اجلوبة -ربيع 1432هـ
بل ألنفعهم ،وال ألسمع منهم :أنت أحسنت ،بل ألجد في نفوسهم أثرا مما كتبت»(.)3 إن ه ��ذه ال �ن �ق��اط األرب� ��ع التي ذك��ره��ا ال �م �ن �ف �ل��وط��ي ،وح� ��دد بها طريقته في الكتابة ،تؤكد على أنه ل��م يتوجه لكتابة الشعر المنثور، وإال لكان أش��ار إل��ى ذل��ك ،إذ كان ال�م�ف�ه��وم ش��ائ�ع��ا ف��ي ذل��ك ال��وق��ت ال��ذي ك��ان ينشر فيه كتاباته ،وك��ان يتماس هذا المفهوم بشكل أو بآخر ،مع كتابات المنفلوطي ال��ذي كانت لديه القدرة على كتابة هذا الشكل األدب��ي الشعري ،لكنه لم يكتبه ،ول��م يؤكد على ذلك في كتاباته ،ولم يمارس «قصدية» الكتابة في هذا الشكل. إن كتابته في «النظرات» و«العبرات» هي رسائل يوجهها للناس ،تحمل آراءه في النفس واإلنسان، وال�ق�ض��اي��ا االجتماعية المتنوعة ،وت �ت��أدى في شكل مقالة أدبية ،أو قصة ،أو خطبة ،أو حكاية، ويغلب على ذلك كله أسلوبه األدب��ي ال��ذي يقدم أفانين لغوية متعددة ،ويشير المنفلوطي إلى ذلك في بدء مقدمته« :يسألني كثير من الناس كما يسألون غيري من الكتاب :كيف أكتب رسائلي، كأنما يريدون أن يعرفوا الطرق التي أسلكها إليها فيسلكوها معي ،وخير لهم أال يفعلوا ،فإني ال أح��ب لهم وال ألح� ٍ�د من الشادين في األدب أن يكونوا مقيدين في الكتابة بطريقتي ،أو طريقة أح��د م��ن ال�ك�ت��اب غ �ي��ري ،وليعلموا – إن كانوا يعتقدون أن لي شيئا من الفضل في هذا األمر- أني ما استطعت أن أكتب لهم تلك الرسائل بهذا األسلوب الذي يزعمون أنهم يعرفون لي الفضل فيه ،إال ألني استطعت أن أنفلت من قيود التمثل واالح� �ت ��ذاء ...فقد كنت أق��رأ م��ن منثور القول
•النظرات. •الجزء األول )40( :رسالة. •الجزء الثاني )46( :رسالة. •الجزء الثالث )35( :رسالة. •العبرات )9( :نصوص.
«وهي مجموعة روايات قصيرة بعضها موضوع وبعضها مترجم»(.)5 إن جملة م��ا كتبه المنفلوطي ف��ي النظرات وال�ع�ب��رات يتمثل ف��ي ( )130ن�ص��ا .ت�ت��وزع على فنون كتابية مختلفة ،ه��ي :المقالة ،والقصة، والحكاية ،والنثر الفني ،والقصة المترجمة ،وهي كلها ت�ن��درج تحت مسمى «ال��رس��ائ��ل» ال�ت��ي هي هدف الكاتب األساسي في النظرات والعبرات، وهي تمثل أيضا مجموعة من المقاالت الذاتية، واألدبية ،واالجتماعية ،التي قد يغلب على بعضها الطابع الرمزي ،كتبها المنفلوطي ونشرها كمقالة أسبوعية في صحيفة (المقتطف) ،وه��ي تقدم للناس عبر قصص ومواقف العبرة والعظة ،وال يقصد بها أنها شعر منثور ،بل كان مقصده األول بيان قدرته اللغوية والبيانية ،وليجد في نفوس الناس أثرا مما كتب. وم��ن ع�ن��اوي��ن ه��ذه ال��رس��ائ��ل يتضح مغزاها
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
ومنظومه ما شاء الله أن أقرأ، ثم ال ألبث أن أنساه ..فال يبقى منه في ذاكرتي إال جمال آثاره وروعة حسنه»( )4وإذا ما تأملنا ب �ش �ك��ل إح��ص��ائ��ي م �ح �ت��وي��ات الكتابين األدبيين للمنفلوطي: «ال� � �ن� � �ظ � ��رات» و«ال�� �ع�� �ب� ��رات» سنجدهما كالتالي:
أدب المناظرة ،اإلح�س��ان في الزواج ،ال همجية في اإلسالم، البعوض واإلنسان ،زيد وعمرو، أب��و الشمقمق ،تأبين فولتير، دم �ع��ة ع �ل��ى اإلس��ل��ام ،ال�غ�ن��اء العربي ،رباعيات الخيام ،أدوار الشعر العربي ،إلى تولستوي، دم �ع��ة ع�ل��ى األدب ،المالعب ال��ه��زل��ي��ة ،م ��ن ال� �ش� �ي ��وخ إل��ى ال�ش�ب��اب ،المؤتمر اإلس�لام��ي، مذكرات مرغريت»(.)6 وهي مجموعة نصائح وعبر وعظات من قبيل: «أي�ه��ا اإلن �س��ان .ارح��م األرم �ل��ة ال�ت��ي م��ات عنها زوجها ،ولم يترك لها غير صبية صغار ،ودموع غزار ...ارحم المرأة الساقطة ال تزين لها خاللها وال تشتر منها عرضها ...ارحم الزوجة أم ولدك وقعيدة بيتك ومرآة نفسك وخادمة فراشك ألنها ضعيفة ...أيها السعداء أحسنوا إلى البائسين والفقراء ،وامسحوا دموع األشقياء ،وارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء»(.)7 والمقاالت في جلها تربوية اجتماعية مثل: «أفسدك قومك» ،التي يتحدث فيها عن الجريمة ودوافعها ،ومثل« :الصدق وال�ك��ذب» ،والمقارنة ب �ي �ن �ه �م��ا( .)8وت��أت��ي ب��داي��ات ب�ع��ض ال�ق�ص��ص أو المقاالت هكذا:
الصياد: «حدث أحد األصدقاء قال :بينا أنا في منزلي صبيحة يوم ،إذ دخل علي رجل صياد يحمل في شبكة فوق عاتقه سمكة كبيرة»(.)9
ومنها :مدينة السعادة ،إلى الدير ،رسالة الغفران ،االنتحار: النظامون ،عبرة الهجرة ،اإلس�لام والمسيحية،
«في كل موسم من مواسم االمتحان المدرسي،
اجلوبة -ربيع 1432هـ 43
نسمع بكثير من ح��وادث االنتحار ب �ي��ن ال �م �ت �خ �ل �ف �ي��ن م ��ن ال �ت�لام �ي��ذ وال��راس��ب��ي��ن ،ول���و ُر ِّب� � ��يَ التلميذ ت��رب�ي��ة دي �ن �ي��ة ،ل�م��ا ه ��ان ع�ل�ي��ه أن يخسر سعادته األخ��روي��ة خسراناً مبينا»(.)10
العام الجديد: «في مثل هذا اليوم من كل عام، يقف رك��ب العالم السائر بمنزلة من منازل الحياة ،فينزل عن مطاياه ،ليستريح فيها ساعة من وعثاء السفر ،بعد أن ن��ال منه األين والكالل ،وأضناه سري الليل وسير النهار، ثالثمائمة وخمسة وستين يوما»(.)11
درج��ة متقدمة من التناسق الفني والداللي ،كما أنه يدل على امتالكه البارز لجمالية العربية في سياقها الرومانتيكي ال�ن�ث��ري ،كما يتبدى على األخ��ص في ترجماته لبعض ال� ��رواي� ��ات ال �ف��رن �س �ي��ة م �ث��ل ب��ول وفرجيني ،والشاعر(.)13 بيد أن ذلك كله ،ال يجعلنا نقول إن المنفلوطي ق��د ت��وج��ه لكتابة الشعر المنثور ،فحتى النماذج التي قد تقترب من فن« :الشعر المنثور» ،والتي تتأدى وفق األسلوب المنفلوطي ال��روم��ان�ت�ي�ك��ي ،ت��أت��ي ض�م��ن سياق المقاالت والقصص على هيئة فقرات بسيطة، ال تمثل مجمل النص بوصفه كال ،أو تمثل داللته الفنية التي يتوخاها الكاتب ويقصد إليها ،وهذه بعض النماذج:
فكما يبدو لنا هنا أن األداء النثري للمنفلوطي كما تظهر بدايات هذه النماذج أداء مقالي محض، قد يستثمر العنصر القصصي أو الحكائي ،وقد يعطي حكمة أو عظة ،وقد يتشح بفنيات النثر من رسالة بعنوان« :الغد» المعهودة ،لكنه ال يتوجه إلى كتابة الشعر المنثور «أيها الغد إن لنا آماال كبارا وصغارا ،وأماني التي تمثل أوليات قصيدة النثر. حسانا وغ�ي��ر ح �س��ان ،فحدثنا ع��ن آم��ال�ن��ا أين أم��ا ك �ت��اب ال �ع �ب��رات ،فيتضمن ( )9قصص مكانها منك ،وخبرنا عن أمانينا ماذا صنعت بها، منها ما هو موضوع من قبل المؤلف ،ومنها ما أأذللتها واحتقرتها ،أم كنت لها من المكرمين؟ هو مترجم ،فالقصص الموضوعة هي« :اليتيم، والحجاب ،الهاوية ،العقاب» والقصص المترجمة تحمل ع �ن��اوي��ن« :ال �ش �ه��داء ،ال��ذك��رى ،ال �ج��زاء، الضحية ،مذكرات مرغريت» ،وال تتالقى هذه القصص وفن الشعر المنثور مطلقا(.)12
ص��ن س��رك ف��ي ص ��درك ،واب��ق لثامك ال ،ال ُ على وجهك ،وال تحدثنا حديثا واحدا عن آمالنا وأمانينا ،حتى ال تفجعنا في أرواحنا ونفوسنا، فإنما نحن أح�ي��اء ب��اآلم��ال ..وإن كانت باطلة، وسعداء باألماني ..وإن كانت كاذبة»(.)14
إن هذا يضع نتاج المنفلوطي بشكل جلي ضمن إط��ار النثر الفني ،ال��ذي قد يغلب عليه الطابع القصصي حينا ،وقد يغلب عليه الطابع التأملي «أن��ا ذل��ك األب�ل��ه وذل��ك الضعيف ،فاسمع كيف والوعظي أحيانا أخرى ،ولعل تمكن المنفلوطي خدعني األصدقاء ،وزينوا لي ما يزينه الشيطان من فنه ه��ذا ،يجعل منه كاتبا أديبا نثريا على لإلنسان.
ومن :الكأس األولى
44
اجلوبة -ربيع 1432هـ
والصحة ،والفصاحة ،واإلقدام ،فوجدت فيه أربع رزايا :الفقر ،والمرض ،والسقوط ،والجنون»(.)15
من مناجاة القمر: «أيها الكوكب المطل من علياء سمائه .أأنت عروس حسناء تشرف من نافذة قصرها ،وهذه النجوم المبعثرة حواليك قالئد من جمان؟ أم ملك عظيم جالس ف��وق عرشه ،وه��ذه النيرات حور وولدان؟ أم فص من ماس ما يتألأل ،وهذا األف��ق المحيط ب��ك خاتم م��ن األن ��وار؟ أم م��رآة صافية ،وه��ذه الهالة الدائرة بك إط��ار أم عين ثرة ثجاجة؟ وهذه األشعة جداول تتدفق؟ أو تنور مسجور ،وهذه الكواكب شرر يتألق؟! * *
* () 1 ( )2
() 3 ( )4 ( )5 ( )6
() 7 ( )8 ( )9 ( )10 ( )11 ( )12 ( )13 ( )14 ( )15 ( )16
إن��ك أن��رت األرض :وه��اده��ا ون�ج��اده��ا ،وسهلها ووعرها ،وعامرها وغامرها ،فهل لك أن تشرق في نفسي فتنير ظلمتها ،وتبدد ما أظلمها من سحب الهموم واألحزان؟(.)16 ف�ه��ذه ال �ن �م��اذج ال تمثل ب��أي��ة ح��ال ن��وع��ا من قصدية الكتابة الشعرية النثرية لدى المنفلوطي، إنما تجيء على شكل استرسال نثري فني داخل النصوص المنفلوطية التي لها هدف آخر غير الشعر المنثور ،يتجلى في تأمل العظة والعبرة التي يطرحها النص للقراء ،خاصة وأن جل هذه ال�م�ق��االت ،أو القصص الوعظية كانت موجهة ل�ل�ق��ارىء ال �ع��ام ،ال��ذي يطالع ذل��ك ف��ي صحيفة أسبوعية هي (المقتطف).
دراس����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ـ����ات
صدقت أن في الشراب أربع مزايا :السعادة ،أيها القمر المنير:
المنفلوطي لم يكتب الشعر المنثور بل كتب النثر الفني. «النظرات» و«العبرات» رسائل يوجهها المنفلوطي للناس تحمل آراءه في النفس واإلنسان والقضايا االجتماعية، وتتأدى في شكل مقالة أدبية ،أو قصة ،أو خطبة ،أو حكاية. كنت أرى ،فأفكر ..فأكتب ..فأنشر ما أكتب ..فأرضي الناس مرة ،وأسخطهم أخرى ،من حيث ال أتعمد سخطهم ،وال أتطلب رضاهم. مصطفى لطفي المنفلوطي :األعمال الكاملة ،المجلد األول ،دار الشرق العربي ،حلب -بيروت د .ت «». د .عبدالقادر القط :رؤية للشعر العربي المعاصر في مصر. مجلة :إبداع ،السنة الرابعة عشرة ،العدد الثالث ،مارس 1996م ص .ص .19 – 8 مصطفى لطفي المنفلوطي :األعمال الكاملة ،المجلد األول( ،ص .ص .)26-25 المرجع السابق (ص .)5 المرجع السابق (ص .)479 المرجع السابق :الصفحات ،257 ،254 ،213 ،194 ،172 ،167 ،165 ،145 ،138 ،135 ،132 ،116 ،83 ،78 ،58 ،50 ،44 576 ،400 ،354 ،335 ،308على الترتيب. المرجع السابق (ص .ص .)57-56 المرجع السابق ص ،70وص .72 المرجع السابق (ص .)96 المرجع السابق (ص .)100 المرجع السابق (ص .)237 المرجع السابق ص .ص .596 -483 مصطفى لطفي المنفلوطي :األعمال الكاملة ،المجلد الثاني ،دار الشرق العربي ،حلب ،بيروت د .ت. المنفلوطي :األعمال الكاملة – المجلد األول ص .ص .28-27 المرجع السابق ص .ص .31-30 المرجع السابق «ص .36
اجلوبة -ربيع 1432هـ 45
ليلة ٌ ال أحبها > السيد موسى البدري*
هذه الليلة التي ال أحبُّ ها ..ليلةُ عقد قران حبيبتي «سعاد» ..التي أحببتها صغير ًا وكنت أعتقد أنها تحبُّ ني ..لم تكن السنون بيننا فارق ًا كبيراً ..كانت تصغرني بسنتين أو ُ ثالث ..لكن نفسي تميلُ إليها ميال ً عظيماً.. هذه ليلة ٌ ال أحبُّ ها.. طلبَ منـّي أب��ي أن أحضر ليلة عقـ ْد والمرتين.. قرانها ..لم أشأ أن أمانع ..أردتُ أن أثبت ك ��ان أح ��د ال �ح �ض��ور ق��د ج ��اء ق�ب��ل أن له أنني أستطيع أن أدوس على قلبي كما يُق ّدم العشاء .جلس قرب الجدار متكئاً.. يفعل ال��رج��ال ال�ك�ب��ار ،..الكبار إل��ى أبعد نحن فوق السطح ال تظللنا سوى السماء م ��دى ..وه��و يعلم :أن�ن��ي أردتُ خطبتها؛ السوداء ،تحت حراب الضوء الساطع. لكنه رفض ذلك الطلب؛ ألني ما زلتُ طالبا قيل لي :هناك قادم! جامعيا وال أملك من حطام الدنيا شيئاً، سوى مكافأةٍ زهيدةٍ ،لم يشأ أبي أن يتطلع ذهبتُ إليه فتربّع ..ال أدري لماذا تذكرتُ إليها؛ فحسبه أني قد كفيته نفسي من باب حبيبتي كفالش الكاميرا ،ولمحتُ بسمتها «إلم يكن خيرُك فكفاية شرِّك!!». فجأة ً ،لدرجة أن يدي ارتعشتْ ؛ فامتأل حضرتُ مبكراً مع أب��ي ..ك��ان الوجوم الفنجان وانسكب بعض القهوة على يدي.. يرسم في عينيَّ مالمح الثائر الجاهليّ ..ول��م أشعر بحرقتها ..نظر إل��يّ الضيف ضبطتُ انفعاالتي رغ��م أن��ي رف�ض��تُ أن عاتباً .لكنني لملمتُ حَ رَجي وأبدلته بعدم أشرب القهوة ..كان أبي يخالسني ..لعله اكتراث ..أخذتُ الفنجان وتخطيتُ الضيف إلى الجدار .ومن فوقه صببتُ القهوة إلى يحسب الدقائق قبل االنفجار.. أسفل ،خارج السطح.. و لكي أبرهنَ :أنني أستطيع أن أدوس فجأة ً سمعتُ صرخة ً تن ّم عن الحُ زْن على قلبي يا «سعاد»؛ قمتُ وحملت الدلة بيدي اليسرى ،والفناجين باليد اليمنى ،والمرارة ..ث ّم سمعتُ امرأة تقول غضبى: وأخ��ذتُ أدو ُر بها على الضيوف ..أصبُّ أحدهم صبّ القهوة على العروس.. لهذا وآخذ فنجان هذا إذا فرغ .أدو ُر المرة !!*
46
قاص من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ق���������ص���������ص ق������ص������ي������رة
األبخــــــــرة > آمال الشاذلي*
زخات المطر المتتابعة تضرب بعنف في الجدران والنوافذ ,محدثة أصوات ًا عديدة.. تزيد من إحساسه العميق بالوحدة والوحشة ,ال يبددهما ضجيج المذياع وال المئات من قنوات التلفاز .يريد أن يتجاذب أطراف الحديث مع أحد ..أن يختلف في وجهة نظر.. يرفض ..يوافق ..يقترح ..يريد أن يشعر أنه على قيد الحياة. كم يجتاحه إحساس عميق بالندم ,حين
اعتقد أن حياته رتيبة بسبب تلك المشاكل التي ع��ادة م��ا كانت تستقبله بها زوجته
حال عودته من العمل مجهداً ,عن شجار
األوالد ..احتياجاتهم ..دروسهم ..كل ذلك لم يكن إال بئر سعادة ,تعامى عنه ,ولم ينهل
منه كما كان يجب .إنه يتشوق ولو لساعة
ومتحكماً .انتقل الولدان واالبنة الوحيدة, بكامل إرادتهم إلى أحضان غرباء ..جنوا ب�س�ه��ول��ة م��ا ظ��ل س �ن��وات ط��وي�ل��ة يغرسه ويرعاه ..فإذا به في نهاية المطاف وحيداً, شقياً ,ال يجني إال الصمت القاتل؛ والذي زاد م��ن وط��أت��ه رح �ي��ل زوج �ت��ه بغتة دون رقاد ..تاركة خلفها فراغاً موحشاً..
واحدة من تلك األيام الدافئة ..يستشيره أين تلك الليالي التي كانت تملؤها بهجة أحد ..يبث إليه شكواه ..يعود ملكاً؛ حاكماً بحديثها المكرور عن زوج ابنتها األثيرة,
اجلوبة -ربيع 1432هـ 47
على واجهته حبات الزبيب والبندق المجروش.. ك��م يجتاحه االش �ت �ي��اق اآلن إل��ى اصطكاك األوان� ��ي ..إل��ى صوتها ال��رخ�ي��م ..إل��ى طبق أرز باللبن.. دفع األغطية عنه ..أدار جسده ..هبط بتؤدة من ف��راش��ه ..اتجه نحو المطبخ ,مستنداً بيده على الحائط ..جال ببصره أنحاء المطبخ ..مد يده المثقلة باألردية الشتوية السميكة ..جذب األرز من أحد األرفف ..أخرج اللبن من الثالجة.. أشعل النار ..وقف حائراً ..من أين يبدأ؟! وكيف ينتهي؟! هرع نحو التليفون ..أدار رقم ابنته التي كانت تغط في نومها؛ حيث تجاوزت الساعة الثالثة صباحاً .جرس التليفون في ذلك الوقت ال يعني إال أخ�ب��اراً سيئة !..اجتاحها هي وزوج�ه��ا قلق واضطراب شديدان ..استجمع زوجها شجاعته بعد تردد لم يدم طويالً ..هاله صوت حماه الذي أكد بثبات ،وبعد إلحاح أنه بخير ..فقط يريد أن يعرف كيف يصنع أرزاً باللبن. وزوج� ��ة ال��ول��د ال�ك�ب�ي��ر ال�م�ت�ع�ج��رف��ة ,واألخ���رى
المدللة ..عن األحفاد ونوادرهم ?..ينصرف عن
حديثها إلى اإلنصات لنشرة األخبار أو متابعة
مسلسل؛ فتنصرف هي األخ��رى إلى المطبخ.. تعبث باألواني والمالعق ،وسرعان ما تتصاعد األبخرة عبر نافذة صغيرة تربط بين المطبخ
وال��رده��ة ..فيشع ال��دفء واألل�ف��ة ،وس��رع��ان ما
تأتي إليه بخطواتها ال��وئ�ي��دة حاملة طبق أرز باللبن ,ال تزال تتصاعد منه األبخرة ..وقد نثرت
*
48
قاصة من مصر.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ابنته تكاد ال تصدق أذنها ,وقد أخذت تعيد عليه ما سبق أن قاله زوجها لالطمئنان عليه؛ فأكد لها بنفاد صبر أنه بخير ..ألحت عليه أن ينتظر سويعات قليلة ,وسوف تأتي إليه لتعده له، ولكنه أبى في حزم وعناد. ع��اد إل��ى المطبخ ..وض��ع ال�م��اء ف��ي وع��اء.. أضاف إليه األرز بعد غسله ..رفع الوعاء على النار ..غمرته سعادة طاغية لتصاعد األبخرة.. أنسته الخطوة التالية ..دون تردد راح يدير قرص التليفون..
ق���������ص���������ص ق������ص������ي������رة
قصة قصيرة
جاكلــــيــن وفطــــومة > هشام حراك*
...قبالة جهاز التلفاز ،الذي يتحكم فيه ذاك الصحن المقعر المسمى «بارابول»، جلست فطومة تتابع أحداث الحلقة األولى من سلسلة« :الفاتنة جاكلين» التي شرعت تبثها قناة أجنبية ...جاكلين دائما مبتسمة ،وفطومة دائما عبوسة ...جاكلين تبعثر أوراقها المالية يمنةً ويسرة ،وفطومة ما تزال تتقشف في صرف منحتـها التي قبضتـها منذ شهرين ونصف الشهر ...جاكلين ترتدي تنورة قصيرة خضراء ،قالت عنـها فطومة إنـها أحدث موضة ظهرت في السوق ،لذلك قررت أن تنـزع عنها الجالبية ،وأن تبتاع لها واحدة مثلها بمجرد أن تخرج من البيت في اليوم التالي... ...شاهدت فطومة جاكلين تخرج رفقة
جون من الجامعة ،وأعجبت أيما إعجاب بتلك الجلسة الرومانطيقية التي جمعتهما بمقهى «الجونيس» بدعوة من جون طبعا...
تذكرت فطومة يوم دعاها عباس لشرب
مشروب على حسابه بمقصف الجامعة... تألمت لرفضها االستجابة لدعوة المسكين
عباس ،لذلك قررت أن تطلب – هي هذه
ال��م��رة – منه مرافقتها لشرب مشروب،
على حسابه طبعا ،ولالستمتاع بجلسة
رومانطيقية ،تماما ،مثل التي تستمتع بها جاكلين ،اآلن ،برفقة جون...
*
...ع�ل�اق���ة ج��اك��ل��ي��ن ب���ج���ون ال ت���زال مستمرة ،لكن فطومة طلبت من عباس أن يتقدم لخطبتها من أهلها ،وهددته بوضع حد لعالقتها به؛ ألن القيل والقال كثر هذه األي��ام ...رفض تلبية طلبها رفضا قاطعا، وقال إن هاجسه األول هو الحصول على الشهادة ...تألمت فطومة ،كثيرا ،لموقف ع��ب��اس م��ن ال��ط��ل��ب ،وت��س��اءل��ت م���اذا ك��ان سيكون موقف جون لو أن جاكلين طلبت منه ذلك؟؟؟ ...لكن ...ماذا يفيد السؤال يا فطومة وق���د ان��ت��ه��ت ح��ل��ق��ات س��ل��س��ل��ة« :ال��ف��ات��ن��ة جاكلين»؟!
قاص من المغرب.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 49
بطاقة صعود > حسن علي البطران*
كنت -كأي مسافر في صالة المطار -حام ًال حقيبتي بيد ،وتـذكرة السفر باليـد ُ األخرى ..ومصطف ًا خلف وفود بشرية في سلسلة طويلة أمام (كاونتر) إصدار بطاقات ��وت خفيفةٍ وناعمةٍ من الخلف نبرات ص ٍ ِ صعود الطائرة .وأثناء ذل��ك امتصت أذن��اي التفت تجاه تلك النبرات الصوتية التي تحملُ اسمي، ُ تناديني ..نعم تناديني باسمي، وشددت التركيزَ ،وقد اهتديت ُ ولكن لم يتسنَّ لي معرفة مصدرها تحديداً ..أطلت النظر، وتوصلت غايتي في معرفة من يناديني ..إنها فتاة في العشرين من ْ إلى تحقيق مرادي، ركزت فيها، عمرها ،وتمتلك أعلى مراتب الجمال ،ويتحقق فيها كامل مقومات األنوثةُ .. ال أعرفها ،وال نظرتها عيناي ،وال رأيتها حتى في األحالم أو الخيال!.. ب���ادرت���ن���ي ب���ال���س�ل�ام ب���ح���رك���ة ي���ده���ا، وبابتسامة م��ن شفتيها ..فضولي (أل��ح) عليّ السير نحوها ،وإليها تحديداً وعنوةً.. سألتها :أختي العزيزة ..عفواً من أنت..؟ أجابت دون تردد وبهدوء :أنا (سمر).. ومن هي (سمر)..؟ قلتُ لها!. أجابت :أن��ت أكيد ال تعرفني ،ولكنني أعرفك جيداً.. ازداد استغرابي !..وكيف ك��ان لك أن تعرفيني..؟! فأجابت :وهل يخفى( )...قالتها دون ثقة من أمرها.. خجل أو تردد ،وهي في ٍ ٍ شكرتها ..وع��اودتُ سؤالي مرة أخرى: كيف تعرفينني أو كيف عرفتيني ..وأنا لم يسبق أن رأيتك قط ،ولم يسبق لي الحديث مع فتاة في سنك وجمالك..؟!
*
50
قاص من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
قالت :أمور عديدة عرفتني بك.. زاد استغرابي ،وانتفضت فرائصي.. سبقتني بالكالم قائلةً :كلها خير.. ما هي قلتُ :لها..؟ قالت :كل ما أعرفه عنك خير ويستحق الثناء.. حاولتُ أن أشرع معها في الحديث حول ذل���ك ،لكن ن���داء م��وظ��ف ش��رك��ة الطيران عرقل ذلك ..لكنها وعدتني أن نلتقي مرة أخ��رى ،وغ��ادر ك� ٌل منا إل��ى بوابة سفره.. سخونة الموقف أنستني أن أسألها ..متى وأين وكيف نلتقي ،ولم يترك كالنا لآلخر وسيل ًة لذلك اللقاء..؟!
> عبدالله الزماي*
النجاح في التقاط صورة ،يعني النجاح في القبض على الزمن الهارب منا عنوة.. فأي لحظاته أجدر بالقبض عليها وتخليدها..؟ هذا سؤال تأملي بعيد الغور ..ربما لست مستعد ًا لخوض متاهته اآلن... اآلن أمامك مشهد حي ..وبيدك آلتك/ سالحك ..ولكنك تريد صيدا ثمينا ..لحظة نادرة ..تريد اختطاف أجمل لحظات هذا المشهد على اإلطالق.
ق���������ص���������ص ق������ص������ي������رة
كيف تنجح في التقاط صورة جميلة!...
تنزلها وأنت تنظر بنظرة متأملة ..وتزفر. ك��ان عليك أن تتخذ ق� ��راراً ف��ي اللقطة الماضية ..ولكنك تصر على االنتظار بحثا عن مشهد أجمل !..االنتظار ليس ق��راراً على كل حال..
ي��راودك سؤال آخر ..أشد إلحاحا من س��اب�ق��ه ..ولكنك تتجاهله ..وت �ب��دو أكثر يطير الطائر األي�س��ر وأن��ت تراقبه.. حزما وتركيزا ..تقبض على اآللة بيديك ..كانت لحظة وُثوبه مواتية ..ولكنك تمعن تتظاهر ب��االح�ت��راف�ي��ة ..وت�ص��وب فوهتها في التأجيل ..يحلق الطائر على مقربة نحو المشهد. من الطائر األول ..يقتربان من بعضهما.. الشمس تتكسر أشعتها خلف البيت وينعطفان سويا بحركة انسيابية ..وعلى الطيني المواجه ..ويمأل ضياؤها األفق ..ارتفاع مناسب عن البيت الطيني المقابل.. وينعكس على طائرين يقفان بشكل متجاور وأنت ما تزال مشدوها ..تفكر أن المشهد على أسالك الكهرباء المقابلة لك تماما ..ل��م يكتمل بالنسبة ل ��ك ..تظل تتابعهما فيشكل النخيل اليابس الطويل المقابل كما لو كنت تتابع مشهداً درام �ي �اً ..تردد للبيت ال�ط�ي�ن��ي ش� �م ��االً ..خلفية جميلة مع نفسك ..أنك لم تكن تبحث عن أكثر للصورة التي تنوي التقاطها. من صورة ..وأن لكل فن منطقه ومنطلقه
ت�ن�ت�ظ��ر ..رب�م��ا ت�ك��ون اللحظة ال�ق��ادم��ة الخاصين به ..يجب أن تكون أكثر إيمانا أبلغ جماالً! يطير الطائر األيمن بأفق مواز بهذه العبارة في المرة القادمة ..وتتعرف لسطح البيت الطيني ..تاركا اآلخر خلفه ..على اللحظة األجمل في وقتها ..تماما! يحلق ال�ط��ائ��ران على مستوى أعلى.. ت�ت��ردد أك�ث��ر ..وت ��زداد حيرتك ..تدني العدسة من عينك وتنظر من خاللها ..ثم يفترقان ..ويغيبان في الشفق!.. *
قاص من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 51
قصص قصيرة جدا > د .محمد محقق*
نهاية طاردته أشباح الهم والعذاب..
فأمسك بسيف أوهامه..
وعلى كتفه أراح رأسه المحموم..
حين ارتشف آخر جمرات الحياة...
إلهام في خفة الروح ورقة الفؤاد..
ينسكب ينبوع إلهامه..
قصائد تنبض في معنى الكلمات.. منقوشة على مرايا الحلم..
تثير زوبعة الذكرى ورياح األمل..
جندي اإلبداع في دروب فن االكتشاف..
يظهرمالمحه للعابرين..
يبحث عن إبداع اآلخرين..
إلحياء شهوة الكتابة في كيانهم..
مجنون يراود العشق روحه المتعطشة..
إلى نسائم فن الكتابة..
يداعب نجماتها المتأللئة.. ويعطر ليلها الجموح..
معلناً بداية االفتنان والجنون!
*
52
كاتب وناقد وباحث مغربي.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
نصر توجّ ه إلى ساحة الوغى، يحمل جثته في كفه.. لما خرج من المعركة.. سقطت الجثة، وفي الكف نبتَ غص ٌن أخضر..
منبوذ كأن عينيه سيل عرم.. حين تقلصت مساحته.. وتقاذفته عواصف الفراغ.. إلى عالم النسيان..
أسطول الحرية الحمائم في عرض البحر ،وعلى الشط تقف العصافير تتلهف الوصول ،وزبانية جهنم توجه مدافعها صوب أغصان الزيتون..
شاعر في ساحة الشعر.. حيث الهمم منتصبة.. حمل قصيدته بين فكيه.. يرثي جمالية اللغة، وانكسار ميزان الذهب..
> ماجدة اخلالدي*
حد السيف ُّ تطل من نافذة غرفتها واقفة واضعة رأسها على جانب اجلدار ،حيث نسمات الهواء اللطيفة تداعب خصالت شعرها املنساب على كتفيها.. تفكر مباضيها وحاضرها.. تسترجع ذكريات طفولتها.. ن���اظ� � َرت ال��س��م��اء ال��ت��ي حت �ت �ض��ن جن��وم�ه��ا الالمعة ..تتأملها وحتاكيها.. تعبت من الصمت ..وجتاهلِ أهلها لها.. لم يكن لها أي رأي.. تغيرت أشياء كثيرة في حياتها.. دف� �ن ��ت ع��م��ره��ا ال �ص �غ �ي��ر ب �ص �م��ت ي �ط��ول مجاراته. أجبرها والدها على ال��زواج من ابن خالها.. فوافقت خوفا من بطشه.. ول��م ميض شهر على زواجها حتى انفصلت عن زوجها؛ فابن خالها لم يكن ليناسبها ..فقد كان ُمكرهاً عليها كما كانت هي األخرى مكرهة عليه ..لكن رغبة والديهما أكرهتهما على ذلك.. الشيب بعد فترة قصيرة تقدم لها رجل خط ُ رأس���ه ،وظ �ه��رت جت��اع�ي��د وج �ه��ه ..ف�ق��د جت��اوز
ق���������ص���������ص ق������ص������ي������رة
قصتان قصيرتان اخلمسني عاما ..أما هي ففي احلادية والعشرين من عمرها.. ل��م تكن ل�ت��رف��ض ..فغلظة وال��ده��ا وقسوته أجبراها على الزواج منه ..فهي في رأي والدها مطلقة ..وك�لام ال�ن��اس كثير ..فرضخت ألمر والدها ..ومت زواجهما.. وماذا كانت النتيجة ؟ الطالق ..مرة أخرى.. فلم يتوافق عمرها مع عمره ،وال تفكيره مع تفكيرها.. فهي الصغيرة ..ولها أحالمها وطموحاتها كأي فتاة حاملة مبستقبلها.. رجعت إلى ظالم أحالمها ..وإلى سجن قلبها الصغير ..إل��ى بيت وال��ده��ا ال��ذي تتعامل فيه معاملة اخلدم.. فال رأي لها ..وال خروج من البيت وال يسمح لها مبهاتفة زميالتها.. فقد حرموها من كل ش��يء ..ذنبها في ذلك أنها مطلقة!!.. لقد حكمت عليها األيام بالصمت.. وها هي تنتظر من يخلّصها من هذا الكابوس املزعج..
اجلوبة -ربيع 1432هـ 53
بقايا ألوان حتلّق بخيالها بعيداً عب َر فرشاتها السحرية، وه��ي تتغلغل داخ��ل مساحات ال��ورق األب�ي��ض.. ح�ل�م�ه��ا أن ت�ص�ب��ح رس ��ام ��ة ع��امل �ي��ة ب�ف��رش��ات�ه��ا الذهبية.. كبرت ،وكبر حلمها ،ودخلت قسم الفنون.. وتعلمت فيه الرسم ومزج األل��وان ..ترسم جرأة وثقة ،فهي متلك أنامل محملة بكل فن ممتع.. مرسم يليق بها كفنانة فتح تخرجت على أمل ِ ٍ واثقة من ريشتها املتواضعة.. ويوما بعد يوم ..حتطمت كل أمالها وتكسرت فرشاتها وتبعثرت ألوانها ..إذ ال مجيب ملوهبتها الضائعة ما بني ركام املجتمع وتقاليده الزائفة.. إنها تعمل خادمة لآلخرين.. فتمسك ال�س�ك�ين ..وتقطع ال �ب �ص��ل ...و... و...
*
54
قاصة من الجوف -السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
> أفراح الكبيسي* تمنيت أنْ أصبحَ شيئ ًا آخرَ.. ُ
أصبحت شجرة.. ُ تخيلت أني ُ
غير ابن آدم
بالفعل شجرة.. ِ لكني
صخرةٌ مثالً..
أعطي الثما َر بال انتظارٍ للشكر..
أحس بشيءٍ .. ال ُ
وأتجردُ من أوراقي كلّ خريف..
هدف.. ْ واقف مكاني دونما ُ
أ ُِظلُّ كلّ الحيارى..
للجلوس عندي.. ِ راعني أنّ المار َة يتوقفون أحبب أبد ًا أنْ أصبحَ محط َة استراحة ْ لم *** تخيلت نفسي أصبحُ بحراً.. ُ قرص الشمس.. ممتد ًا يتأل ُأل تحت ِ النوارس.. ْ وتحومُ حوله لكنّ فكر َة السفرِ لم تستهوني.. نفس الواقع واألعاصيرُ أعادتني إلى ِ
الشمس بكل قسوتها.. ُ وتضربني العواطف.. ْ أعماق ِ جذري ممتدٌ نحو والكتب.. ْ وقمتي عالية وتنمو بالماءِ أغصاني متدليةٌ من الحزنْ *** صرت زهرة.. ُ ماذا لو عطرها يم ُأل المكانَ .. القلوب..؟ ْ وألوانها تُبهجُ لكني سرعانَ ما سأذوي..
ربما قد أصبحُ سماءً ..
أو طيراً..
صافيةً ..دافئةً ..
أم ُأل بالزقزقةِ أشجا َر الحي..؟
قريبةً ..بعيدةً..
مخلب ْ لكني سأكونُ فريسةً لكلّ ذي
واسعةً ..زاهية..
أي شيء آخر.. تمنيت أنْ أكونَ ّ ُ
الفصول ليس من شيمي.. ِ لكنّ تقلّبَ
أي شيء حولي.. ّ
وأودُ لو أكون أكث َر ثباتا
غي َر ابن ادم..
*** *
ش������������������������������������ع������������������������������������ر
أمنية صعبة
ما أصعبَ أن أكونَ بشراً!
شاعرة من العراق.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 55
بُ َ ع على جدران القلب ق ٌ > زكية جنم*
بقعة زمن
بقعة دم تختلف كريّات الدم داخل جسدي
في الفراش ..يجف حلقي
يتداخل في دمي شعوران معذبان
تتسع حدقتاي
عجزٌ وفزع ٌ
يقفز سمعي خارج الباب المغلق
أصبحت ال أحتملهما
باحث ًا عن نهاية ٍ لحدة ٍ
تخور قواي
تمتطي األصوات المفزعة
تنهار قامتي
كم أكره الصراخ؟!
تتعامد أضلعي بصدر األرض وأفقد بعدها الوعي بإصرار
بقعة سؤال
أشرب كأس هدوء تتغلغل برودته بأوردتي
كيف لي أن أجرّب الذوبان داخل عمقك؟
تكتسي أضلعي
وعمقك ليس سوى
أهدأ ..أهدأ
صخور ناتئة
ويهدأ ..حين أغلق عيناي ..كل شيء
أرض جدباء
ال أظن أن عيناي
وصحراء قاحلة..
ستعرفان طريق الدمع مرّة أخرى
قطرة مطر أنا
اعتدت عدم البكاء
لكن ليس بوسع المطر
اعتدت الصمت
إرواء الصحاري
وال شيء غير الصمت
*
56
بقعة هدوء
شاعرة من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ش������������������������������������ع������������������������������������ر
زمن ال يرى > شعر :خالد احل ِّلي* ��������ت وك��������لُّ ال����ع����م����رِ ط���ف���لُ ط���ف���ل���ةٌ أن ِ
وه�������و ك�����ه�����لٌ ول�������ه األح������ل�����امُ ت��ح��ل��و
ال تُ����ف����ي����ق����ي ف����ي����ه ج������م������ر ًا ن����ائ����م���� ًا
واح���������ذري ف���ال���ج���م���ر ي��ب��ق��ى وي���ظ���لُ
�����ب ي�����غ�����دو ل���ه���ب��� ًأ ف������ي دم���������اء ال�����ق�����ل ِ
������������وى ل����ي����س ل������ه بَ�������عْ �������دٌ وق����ب����لُ ً وج
�����س ع���ي���ن���ي���ك ل��ه خ����فّ ����ف����ي م������ن ه�����م ِ
ف��ه��و م��ن ه��م ِ��س ِ��ك ال ..ال ..ال ..يملُّ
����ض دف�����ت�����ر ال�����ع�����م�����رِ خ����ل����ي����ط غ����ام ٌ
وال������ه������وى ص���ف���ح���ات���ه ال ت��ض��م��ح��لُ
ال ت������ك������ون������ي ص�����ف�����ح�����ة م���ن���س���ي���ة
���س���تَ���ه���لُ �������ت ل���ل���ص���ف���ح���ات ف����ج����رٌ يُ ْ أن ِ
ل���م���ل���م���ي أوراق�������������ك ال�����ح�����ي�����رى ب�لا
�����ب وع����ق����لُ �����ض�����ن�����ى ب������ه ق�����ل ٌ ن����������دمٍ يُ ْ
������������ت ل������ل�����أرض اب������ت������ه������اجٌ دائ���������مٌ أن ِ
��������������ت ل�����ل�����ج�����نّ�����ةِ ري�������ح�������ان وف�������لُّ ٍِ أن
����م ات�������رك�������ي�������ه ف���������ي ف�������ض�������اء م����ب����ه ٍ
ل�������ه ف�������ي أف������ي������ائ������ه ض������������وءٌ وظ�������لُ
�������زق ف�����ه�����و ي�������ا ط�����ف�����ل����� َة ع������م������ري ن ٌ
�������زوات ت��ح��ل��و ُ وه�������و ك����ه����لٌ ول�������ه ال�������ن
*
شاعر عراقي مقيم في أستراليا.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 57
ساحرة النغمات فاتنة األوتار السمراءْ
فاتنة األوتار العذراءْ
بأنامل بسمتها البيضاءْ
بأنامل بسمتها البيضاءْ
*** الوتر يتوق ألنملة ٍ
تركض عبر سماءِ النغمة ِ ُ
تلعب في أوتار القلب
تعزف
تلثم وجه البدر ِ
تصوغ النغمةً
وتمرحُ في األجواءْ
يخرج لحن ًا من كفيها
تلمس وتر ًا باألنملة
شمس بين يديها ٌ تشرق
الدف ْ تمنحه
يغردُ
تروى األعين باألضواءْ
يصوغ اللحن
يقفزُ
يورق شجرٌ
يهز الليل
يصرخ أن حياة المرء
ينضج ثمرٌ
يحيل الظلمة أنغاما
بدون الحب
ي���رق���ص ن��ج��م ال��ل��ي��ل س��ع��ي��د ًا
تكونُ هباءْ
باألصداءْ ***
***
صانعة أحالما ًٌ ترويه حنان ًا يتسامى
.......... ويجيء البدر يطوف ويسأل عن بسماتْ الصامت صار اآلن ُ الليلُ
فاتنة األوتار تساف ْر
فاتنة األوتار تراها
يعيش وينعم بالهمساتْ
تسبح عبر الموج الهاد ْر
هائمةً في فيض رؤاها
يطل الطيرُ ويهمس
ترفع كف ًا
تنطلق الروحُ بصحبتها
من بحر النشو ْه
تشعل موج ًا
لسهول النشوة ورباها
ي��ا ب���در ه��ن��ال��ك ت��ع��زف س��اح��رة
تخفض كف ًا
والوتر يحن للمستها
تزرع أحالم ًا وبشائ ْر
تغضب فتثير بغضبتها
تسكن بيت النغمة زمن ًا
ثائرة النفس وشكواها
ثم تغاد ْر
وتعود نسيم ًا يتهادى
اإلنصات ِ
فتسر القلب بنجواها
ويصبح من أهل الصفو ْه
*** *
58
> محمد عباس علي داود*
شاعر من مصر.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
النغمات ِ تردد أنغام ًا حلو ْه فيطل البد ُر ي��ج��ال��س أرواح������ ًا ت��س��ك��ن بحر
> محمد الفوز* روح –هنا -م��ن��س��ي��ة َ ال���عُ ���مُ ���رِ أن����ي����نُ ٍ ���ب ف���ي ح���ض���رةِ ال����رؤي����ا ،وت��ش��غ��ل��ن��ي أغ���ي ُ ث���وب���ي س������ؤالُ ال����ه����وى ،ي���ا وي�����لَ رائ���ح���ةٍ ت�����واط�����أ ال����ل����ي����لُ غ������ي������ران������ا ...ب��م��ت��ك��ئ جسد ٍ يخيط سنينَ ال��ده��رِ ف��ي ُ بعضي �������ل يُ �����واس�����ي�����ن�����ا؛ ف����ن����دركُ ����هُ م������ش������وا ُر ظ ٍ ����اف ال���وص���اي���ا ال ي��ؤج��ل��ن��ا ن��م��ش��ي خ����ف َ ِم������نَ ال���م���ش���ي ِ���ب اب���ت���دأن���ا/ي���ا َل��غ��ف��ل��ت��ن��ا ����اف م��ل��بَ��سَ ��نَ��ا ����م/ع َ ������وب ق����دي ٍ ف����ي كُ ������لِّ ث ٍ ��س ال����وج���� َع ال��م��ن��س��يَّ ف���ي ش��ج ِ��ن و ن��ل��ب ُ ���ت ق���م���ي���ص ي����وس����ف آوي���ن���اه/ف���اش���ت���ع���ل ْ ����ص ح����ي����ن ن���ن���زع���ه ن����غ����ت����الُ ك�����ل ق����م����ي ٍ ���واب/ت���ص���رع���ن���ا ال���س���ر ف����ي ش��ه��ق��ة األث ِ م���ه���م���ا ح����زم����ن����اه /ال ي���ك���ف���ي ل��ش��ه��وت��هِ ث������وب������ي ..م������ف������از ُة أس������������رارٍ ُ /أج���نِّ���بُ���ه���ا كُ ���ن���ا ص���دي���ق���ي���ن/و ال���ن���س���ي���انُ ث��ـ��ـ��ـ��الِ ��ثُ ��ن��ا إذا ت��������ع��������ددتْ ال���������م���������رآ ُة ف�������ي ش����ب����هٍ ��ت ذاك��������ر َة ال���ح���ي ال������ذي ه���دم���وا ل��م��ل��م ُ �����ب ظ����ه���� َر ال���ت���لَّ /ن���ص���ع���ده أي����������امَ ،ن�����رك ُ و ال���ط���ي���نُ ف����ي ج���ي���ب���ن���ا/مَ ���اال ن��خ��ب��ئ��ه ���ن م��غ��ت��ب��ط��ا أك���������اد أت�����رك�����ن�����ي /ل���ل���ط���ي ِ ������رت آخ�������� َر م�����ن ي��������أوي ل���ح���ان���تِ ���هِ ������ص ُ ف ِ ال ش�����يء ي����رح����لُ ع����ن����ا /ق����ب����لَ م����وع����دهِ خ���ي���ط ال��������وداع ه����و ال����ح����ادي ل��ش��ب��ه��ت��ن��ا ��ص على ت��م��زق ال��ط��ي��ن/و ان��س��ل ال��ق��م��ي ُ *
ش������������������������������������ع������������������������������������ر
في حضرة الرؤيا
����ل ش���������اردِ ال���ق���م���رِ �����د ل����ي ٍ ت����غ����ف����و ..ألب�����ع ِ ����اك -أس��ئ��ل��ة ٌ ف���ي م��ن��ت��ه��ى ال���ح���ذرِ ه����ن َم��������رَّ تْ ع���ل���ى ج����س����دي م���خ���ب���وءة األث����ر ����ك م���ا ج������ادتْ ب���ه وت���ري ����س����م����ارِ ،يُ ����ربِ ُ ال ًّ و اآلخ�������رون «ب��ب��ع��ض��ي» أف���ل���ت���وا عُ ���مُ ���ري /ط��ف��ن��ا م��ل��ع��بَ ال ِ��ص��غَ��رِ ��ال ُ ف��ي زح��م��ةِ ال��ب ِ ثِ ���ق���لُ ال����وع����ودِ /نُ����داري ال��خ��ط�� َو ب��األث��رِ �����م ،ت���ن���اءَتْ ف���ي دُ ج����ى ال��ب��ص��رِ س��ن��ي��نُ وه ٍ روح؛ ت���م���ن���ى سَ ������ك������ر َة ال����ق����درِ ن����ب����ي����ذُ ٍ ُ�����درك أال ش���ي َء ف��ي ال ُ��ح��فَ��رِ ال��م��وت��ى ..ون ُ أزرا ُر ج���س���م���ي ف�����ي ت���ن���ه���ي���دةِ ال����ح����ورِ ������راث/ن������واري ل���ح���ظ���ة ال����خ����درِ ب��ل�ا اك������ت ٍ ب���ك���ل خ���ي���ط ،ق���ض���ى ال���ون���ات/ب���ال���وطَ ���رِ ����ت ن������وائ������حُ ال����ش����رر �����ن؛ ح����ت����ى ط����غ ْ ي�����ئ ُّ ����ت ب���ال���حَ ���ذَرِ ري�����حَ ال���م���ك���ارهِ ح��ت��ى ِض����قْ ُ ن���ل���ه���و ب���خ���ي���ب���ةِ أش�����ب�����اهٍ م������دى ال���عُ ���مُ ���رِ �������ر ن��ف��ن��ى ،ونُ����ول����دُ ِم�����نْ أش��ب��اه��ن��ا األُخَ ِ �����ق ال��م��ط��ر غ�����م�����ا َم ُش����رف����تِ ����ه/ف����ي م�����زل ِ ب��ل�ا ي����دي����ن/ث����م����ال����ى ..ق����ه����وةِ ال���س���م���رِ و ال ن���ب���ي���ع/م���ق���ام ال����������روح ،ب����ال����نُّ ����ذُ رِ دف َء ال���ره���اف���ة /ل��م��ا ح����اص����روا كِ ��� َب���ري ��������د ،ل��م��ع��ت��ذرِ ..ن����دي����مُ ذات�����ي/ب��ل��ا وج ٍ م���ا ل���م ن���غ���ادره /م��س��رى ال���ب���دو للحضر ال�����زرق�����اءِ ،م���اج���ت ع��ل��ي��ن��ا ه������دأ ُة ال��ب��ح��ر ������اب ال���م���دي���ن���ة /ذُ ب����ن����ا ف����ي دم ال��غ��ج��رِ ب ِ
شاعر وإعالمي من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 59
مناسك > شقراء مدخلي* ط����اف ال����غ����رام ب���روح���ي ح���ج واع��ت��م��را
أع��ل��ى ال���ن���داء ف��ل��ب��ى ال��ق��ل��ب واف��ت��خ��را
ت�����واف�����د ال�����ش�����وق واآله����������ات ص���ادح���ة
ل��ب��ي��ك ي���ا ح���ب ل��ب��ى ال��ج��ف��ن وان��ك��س��را
ت��ن��ق��ل ال���وج���د ف���ي األف����ي����اء م��ل��ت��م��س�� ًا
خطى الحبيب فسد السمع والبصرا
ض���ج األن������ام رض����ا ال���رح���م���ن غ��اي��ت��ه��م
وب�����ح ص���وت���ي ف������د ًا ل��ل��ع��ش��ق وان���ت���ح���را
ل����ي����ل ال�����ب�����ع�����اد ك����ئ����ي����ب����ات ش�����واه�����ده
ول���ي���ل خ���ل���ي ك��ف��ج��ر ال���ع���ي���د م���زده���را
س����ل ال���ط���ل���ول ال����ت����ي غ���ن���ت ل��ط��ل��ع��ت��ه
وس���ائ���ل ال��ق��م��ر ال��م��ف��ت��ون وال��ش��ج��را
ّ��ض ال��ول��ه��ان أنجمه واس����أل س��م��ا ال��بَ��ي ِ
وادي ال��ش��ج��ون دروب ت��ل��ه��ب ال��ف��ك��را
ف��ت��ش م���س���اءات���ن���ا ال��خ��ج��ل��ى دف��ات��رن��ا
واق���رأ سحاب ًا على ال��ق��رط��اس منهمرا
س���ل ال���غ���واي���ة خ���ط ال���وج���د ده��ش��ت��ه��ا
أع��ان��ق��ت رج��ف��ن��ا أم ص��اف��ح��ت ص����ورا؟
ذاب�����ت ل��واح��ظ��ن��ا ب��ال��وص��ل وان��ط��ف��أت
ن�����ار ال���غ���ي���اب ودب ال����ف����رح وان���ت���ش���را
ل���ي���ل ه����و ال���ع���م���ر ب������األش������واق ن��غ��زل��ه
تفنى ال��ح��ي��اة وي��ب��ق��ى ال��ح��ب مشتهرا
ل���ي���ل ت����ض����يء ال����دن����ا أس��������رار ش��ه��ق��ت��ه
تحيي ال��ج��م��ال ت��ن��ث ال��س��ح��ر وال��س��ورا
ق���ض���ى ال���ح���ج���ي���ج وأن����س����اك����ي م��ع��ل��ق��ة
م����ع ال����رج����اء ب���ه���ام ال����وع����د م��ن��ت��ظ��را
وف�������ى ال������ك������رام وأح���ل��ام������ي م���ؤج���ل���ة
ف��اس��أل ك��ث��ي��ر ًا أذاق الخمر واع��ت��ص��را؟
*
60
شاعرة من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ش������������������������������������ع������������������������������������ر
أريــــج الــــثــــنــاء > جمال أزراغيد*
()1
ض ِأشعتَها على مهل تنْفُ ُ
يا حاملَ الحرف
تُجيز للبالغةِ أن تترجلَ بين الصفوف
تأبَّط ور َد عيدك األُمَ ِمي
وأن تُفْ ِسح فصاحَ تَها
القلب والفرح ِ وأوقد شمو َع
الذهاب إلى المدى. ِ للراغبين في
في موسم ،سنابلُه مُ ْثقـلَة بأريج الثناء
()2 يا حاملَ الحرف
أسرع الخطو نحو البهاء
أسرِ جْ حروفَك البَهية ْ
فالفلْذات تبتغي ِ
للسعي عالي ًا
عطفا
راضي ًا
وجهدا
عافي ًا
يدك اليمنى من ِ
فصل يهيجُ نور ًا ٍ نحو
الواقفةِ شار َة جَ الل
اس َت ْو َق َد ُه من مصابيحَ لما ْ
تخط عدد ًا ُّ
ت َْحمَ دُ ربَّها
أو
الذي
شمس ٌ حرفا َتتَلب َُّسه
أ ْو َف َد إليها رسوال
اجلوبة -ربيع 1432هـ 61
معارف وعلوم. َ َاصدَعْ بما لُقِّ نت من ف ْ
وانتث َر ألوانَ قو ِْس قزح على اللوح
أنت وحدك ،تعود
رصع بِ عُ ـقود الفلق المُ َّ
بمنتهى الخطى
فكنت القائد األنيق
كلَّ مساءْ
األليق
ّاك م ْنب َُت األفراح مُ حي َ
في مجمع العيون المشرئبة إلى النجاح
كلمات تَرِ نُّ نغما ٌ ُخطاك
فاكهة النُّ ْجبة
وص ْحبُك مالئكة َ
على الريق
تترجاك فكر ًا
كنت السفينَ الذي يشق عُ بابَ الضالل
وقوف ًا وتبجيال.
بأبجدية
()3
تنثالُ على مرأى القرى والمدن
الحرف ،ما أسعدك! ِ ياحاملَ
عالمةً
يأتيك ،وأنتَ ما زلتَ َ القمرُ
تحدُّ المنتهى. ُ
ُتنَقِّ ُب في بياض الورق
كنت المثلَ
وأسرارِ الكُ تُ ب
لمن يقرأ الطريق
ُغات عنْ ل ٍ
نحو األعالي
تتنامى رفق َة أقالمٍ تبتني منائر تضئ السبيلَ إلى األبرياء بُكر ًة وأصيال.
()4
السالمُ عليك يا حامل الحرف ها أنت اليو َم ترقى المُ ْشتهى
يا حاملَ الحرف
فاغنم من التحايا والهدايا
السالم عليك
الشظايا ما يردُّ َّ
فاض العلمُ من يديك إذا َ
إنْ باغَ َتتْك في أَوْج المنايا..
*
62
()5
شاعر من المغرب.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
النقد االجتماعي في قصص:
«أحالم ال تعرف التحليق»
للقاصة« :إلهام عقال البراهيم» من اجلوف ّ > د .إبراهيم الدهون*
عن دار المفردات بالرياض ،أصدرت الكاتبة السعودية إلهام عقال البراهيم مجموعتها القصصية األول��ى بعنوان( :أح�لام ال تعرف التحليق) ..ج��اءت في ( )100صفحة من القطع المتوسط ،ضمت ثالثين نصاً ،تمثل تجربة ناجحة لكاتبة واع��دة ،أفصحت من خاللها عن رؤاها االجتماعية ونظرتها للمجتمع ..فكشفت بذلك مخبوء ًا عميق ًا للمجتمع وعاداته ،وتجنيه -أحيان ًا -على الفرد وآماله التي تنمو وتنمو ..وتصبح أخيرا في مهب الريح ،وتكون في نهاية األمر أحالم ًا واهية ،سرعان ما تتالشى.. يبدو ذل��ك في لوحات معبِّرة ومؤثرة،
ج ��اءت منسجمة م��ع رؤى ال�ك��ات�ب��ة التي
رسمتها ريشة الزمن ،مزجت فيها األمل حملها ع �ن��وان المجموعة م�ث��ل( :شريط واأللم ،والفرح والحزن ،والنجاح والفشل ،الماضي ،الصرخة األخيرة ،جروح التفاح، وال�ت�س��اؤل واالس �ت �س�لام ،وق��د استطاعت
سنوات الخديعة ،شموع باكية ،بين أحضان
بذكائها التغلغل في المجتمع لتنتزع منه
الندم.)..
موضوعات لوحاتها.. وم��ن ال�م�لاح��ظ أنّ ع�ن��اوي��ن قصصها
وإذا أمعنا النظر في عنوان المجموعة ال� ��ذي ي �ح �م��ل ع� �ن ��وان إح� ��دى ق�ص�ص�ه��ا:
اجلوبة -ربيع 1432هـ 63
المتلقي فيه لذة واستمرارية بالمتابعة والتوقع لما سيحصل. وف ��ي ق�ص��ة (خ �ل��ف أس� ��وار ال �م �ص��ح) تفجر القاصة واق �ع �اً مؤلماً وظلماً إنسانياً صارخاً م��ن ج�ه��ة ..ومثالية الطبيبة علياء ف��ي األمانة والتماهي بالوظيفة اإلنسانية ،ومحاولة الوصول القاصة من شدّ ّ إل��ى خبايا مرضاها ،فتمكّنت انتباه القارئ لإلعجاب بهذا النموذج المثالي لا ع��ن التأكيد على للموظفة المخلصة ،ف�ض� ً إبداع المرأة في شتى مجاالت الحياة والتعاون اإلنساني. �اص��ة ت �ك �رّس ف��ي القصتين ال ش ��كّ أن ال �ق� ّ السالفتين طاقات إبداعية ،لتجسّ د من خاللهما (أح�لام ال تعرف التحليق) التي انتهت بالحلم الذي أصبح سرابا ،بعد جهد وكفاح الزما بطلها أي��ام دراسته منذ حروفها األول��ى ،وحتى انتهاء دراسته ،متطلعا إلى أن يصبح معلماً ..إال أنه انتهى إلى بائع خضار ..معلقاً شهادته على جدار غرفة االستقبال..
أب� �ع ��اداً أس��اس � ّي��ة ت �ت��أس��س ع �ل��ى ق �ي��م إن�س��ان� ّي��ة حميدة. لم يكن النموذجانِ السابقانِ الوحيدينِ اللذين القاصة خبايا الحياة والمجتمع، ّ صوّرت فيهما بل هنالك أمثلة مختلفة مثل( :سعود وفوزية، مريم )... ،ولعلّه يتّضح لنا كيف تتخذ (البراهيم) من حركات المجتمع وأحداثه اإلنسانية محوراً
لقد شكّلت «البراهيم» من قصته لوحة تفيض تأثيرياً تجسّ د م��ن خالله مواقفها الشعورية، أسى ،وتمتلئ ألماً ،وتطفح حسرة وحشرجة ،بقولها :ومعاناتها الروحية.
...حلمه «انتحر».
وال شك أن المتمعن في مجموعة (أحالم ال
ّ إنّ لمسات القاصة اإلبداعيّة ،تلوّن األحداث تعرف التحليق) ،ال بدَّ أن يتوصل إلى أنَّ أشكال من معالمها الواقعية لتأخذها بأبعاد ودالالت المجتمع وسلوكياته المتعددة كشفت عن غرض إشراقية ،تنقل المتلقي لفكرها ومشاركتها به ،الكاتبة الرئيس من قصصها وموقفها الخاص م��ا يدفعها لتسكب واقعية وص��دق �اً فنياً يجد تجاه المجتمع والحياة. *
64
جامعة الجوف.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
فراديس الكلم ..وبواطن النغم
قراءة ألعمال الراحل محمد الثبيتي > دعاء صابر*
ترتحل الحمائم بعيد ًا خلف سماوات من النور البهي ،تاركة لنا هديلها الجميل الذي تردده األلسنة ،وتتلذذ به األرواح واألفئدة .وهكذا رحل الشاعر السعودي الكبير محمد الثبيتي تاركا خلفه إبداعا يثري األجيال ،فهو قامة شعرية سامقة ،نحت بتفعيلته حروف اسمه بعبير البنفسج ،وهو أهم أعمدة الشعر الحداثي بالمملكة العربية السعودية، كنورس وحيد يجوب مياه القصيدة ،ويتغلغل في باطن المعنى ..ليلوح النغم الطيب من فيضه األرحب. ولد شاعرنا بمنطقة الطائف ،وحصل على بكالوريوس في علم االجتماع ،أصدر عدة مجموعات شعرية منها ديوان (عاشقة الزمن الوردي) و (تهجيت حلماً ..تهجيت وه� �م� �اً) و (ال��ت��ض��اري��س) .واس �ت �ط��اع أن يحصد العديد من الجوائز األدبية ،منها: جائزة نادي جدة ،وجائزة عبدالعزيز سعود البابطين بالكويت ،وجائزة شاعر عكاظ. إن ال�م�ت��أم��ل ألع �م��ال ال�ش��اع��ر الكبير محمد الثبيتي ،يجد أنه ينتهج نهجا خاصا في كتابة قصيدته ،يحاول من خالل هذا النهج اس�ت�خ��دام لغة م�غ��اي��رة ،فهو يقوم بتوظيف مفردات التراث ،ودمج التعبيرات
الصوفية ببراعة .وهو ال يقلد أح��دا؛ بل يتفرد بأسلوبه الخاص ،وإبداعه المتفرد، ولغته األث �ي��رة ال�ت��ي تقف أمامها متأمال فلسفتها ،وم �ح��اوال اس�ت�ك�ش��اف م��ا وراء المعنى ،ونقف قليال أمام قصيدته تغريبة القوافل والمطر التي يقول فيها: أدر مهج الصبح صب لنا وطنا في الكؤوس يدير الرؤوس. وزدنا من الشاذلية حتى تفيء السحابة. واس��ف��ح ع��ل��ى ق��ل��ل ال��ق��وم ق��ه��وت��ك ال��م��رة المستطابة. نلمح في مفتتح النص رحيال داخليا،
اجلوبة -ربيع 1432هـ 65
وغربة ذاتية ،وحنينا للوطن الذي يتفلت كالماء من بين األصابع ،تفوح رائحة حزن خاص ،ونكهة لقاء يتعصى تواجده ،إنها تغريبة خاصة يخوضها ش��اع��رن��ا ع �ب��ر س�ف�ي�ن��ة ك�ل�م��ات��ه ون �ظ �م��ه ،ف�ن��رى المفردات تتوالف وتتآلف مكونة ذل��ك النسيج الذي يولد منه المعنى المتكامل؛ لذا أتى شاعرنا بمفردات معينة :الصبح بما يحمل في باطنه م��ن والدة متجددة ،ال�ك��ؤوس بما تعكس صفاء الوطن ال��ذي يشتاقه الشاعر ..وي��ود أن يستقر بين ضلوعه ،فهو في حالة وجده وهيامه وحزنه أيضا يود احتساء الوطن كي يتجمل به ،ويراه في صورته األبهى واألحلى ،هو يريد وطنا يدير الرؤوس من فرط جماله ورونقه ،هي حالة حب متفردة ،وص��ورة شعرية طازجة ،ورؤي��ة صوفية تنم عن وجد ال يضاهى بهذا الوطن الرحب. يقول في مقطع آخر: أدر مهجة الصبح حتى يئن عمود الضحى وجدد دم الزعفران إذا ما أمحى أدر مهجة الصبح حتى ترى مفرق الضوء بين الصدور وبين اللحى. ما زال شاعرنا عبر مقاطع قصيدته األثيرة يغني ويحلم معا ،ينشد لحظة ال تفنى وال تتغير، يود تثبيت ذلك المشهد ليحيا داخل إطاره دائما وأبدا ،ما يزال يحلم بالصبح ،ليس صبحا عاديا رتيبا يمر سريعا ،ولكنه صبح مختلف في المعنى والمبنى وال��زم��ان والمكان ،إن��ه الصبح الخلود إذا جاز المعنى ،ذلك الصبح ال��ذي يتمدد عبر خارطة الوطن ليغير الطقس المعتاد ،واألوج��ه ال��رت�ي�ب��ة ،وال��زم��ن ال�م�ك��رر ،زارع ��ا ك��ل م��ا حوله بزهور الضوء وعبير النور ،إنها ثورة على السواد بكل ما يحمله من خ��وف وترقب وجهل ،وحلم بعالم مختلف ،ووطن كل سكانه قلوبهم بيضاء،
66
اجلوبة -ربيع 1432هـ
وسرائرهم نقية (بين الصدور وبين اللحى) هكذا يمضي شاعرنا قائال: يا كاهن الحي طال النوى كلما هل نجم ثنينا رقاب المطي لتقرأ يا كاهن الحي فرتل علينا هزيعا من الليل والوطن المنتظر. نالحظ تفرد النسق الشعري عبر صياغة متأنية لمقطع الختام ..وكأنه إس��دال للستار؛ ولكن إسدال الستار هذه المرة ال ينم عن النهاية، ول�ك��ن ع��ن حلم يتجدد بصباح آخ��ر س��رم��دي، نالحظ بعض المفردات التي يجب أن نقف على بابها متأملين (النوى /نجم /المطي /المنتظر)، هذه الكلمات المشتقة من كتاب السفر والغربة تشير إش��ارة واضحة إلى حالة شاعرنا وغربته الداخلية ،فجميع ه��ذه المفردات حين يختتم بها القصيدة ،ال تعبر إال عن شيء واح��د ..هو الحاجة لذلك الحلم المفقود ،والترنيمة الغائبة، هي رحلة للبحث والحلم معا. وإذا انتقلنا إلى قصيدة األسئلة التي يقول في مطلعها: أقبلوا كالعصافير يشتعلون غناء فحدقت في داخلي كيف أقرا هذي الوجوه وفي لغتي حجر جاهلي هل يعود الصبا مشرعا للغناء المعطر أو للبكاء الفصيح. نجد أنفسنا أمام صياغة متأملة تتقن غرس الدالالت الكامنة وراء طبيعة المفردات ،وتستطيع تكثيف أسئلة البوح لتشكل في مضمونها لغة رشيقة وقصيدة رقيقة ،نلحظ تلك الرقة من خالل مفردات منها (العصافير /الصبا /الغناء/ المعطر) ..بذكاء ي��زرع شاعرنا هذه المفردات
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
الشاعر محمد الثبيتي
لتتكون لدى المتلقي تلك الصورة الشعرية ،التي تعكس مراياها ما يعتمل في مكنون الشاعر من أسئلة ..يحاول من خاللها إيجاد لغة يتصالح من خاللها مع الطبيعة ،ويتواصل مع الذات .تحمل الكلمات لغة استعارية راقية ،وتضاد يضفي على المعنى رونقا جذابا ،ودهشة تزرع داخل المتلقي حقال من األسئلة ..حين يغدو للبكاء لغة ال يتقنها إال القالئل.
ه��ذا المقطع ،ولكن المتكلم هو المخاطب في ذات الوقت ،ويجب أن يقف المتأمل قليال أمام الفارس البدوي في المقطع األول ،بكل عنفوانه وفتوحاته ،حينما يتجرع كؤوس حزنه تباعا ،كما نلحظ ذل��ك التباين بين ال�غ��داة والعشي نهاية بذلك المصير (دما أعجمي).
نلحظ مالحقة اللغة وب�ن��اء البيت الشعري المعتمد على نهاية موسيقية تطرب لها األذن.. وفي مقطع الختام نجده يقول: ما ساعد كثيرا على بناء الصورة التي أراده��ا حسنا أيها الفارس البدوي الشاعر انطالقا من الصورة الجزئية إلى الصورة هل تجرعت حزن الغداة الكلية ،التي يتضح من خاللها المشهد ..وإذا وصبر العشي تتبعنا خريطة المفردات ،وما تحمله من دالئل.. أرى وجهك اآلن خارطة للبكاء وجدنا (حزن /العشي /البكاء /دما) ،إذ باغتنا وعينيك تجري دما أعجمي. الشاعر بمجموعة من المفردات ،تتناغم مكونة ي�ت�ض��ح أن إن �ت��اج ال��دالل��ة ف��ي ه ��ذه ال��دف�ق��ة صورة إيحائية تتآزر في وحدة نفسية متجانسة، الشعرية يعتمد على السؤال المتصل بالحوار ،وسياق لغوي موجه؛ فالشاعر يتحدث عن ملحمته وقد يظن البعض أن هناك متكلماً ومخاطباً في التي يعيشها ..نجد أن هذا المقطع من أغنى
اجلوبة -ربيع 1432هـ 67
مقاطع القصيدة كثافة وعمقا.. من خالل دالالت وإشارات رمزية، وغوص في خفايا النفس.
بعناية فائقة. صاحبي ه��ل ستهجس بالحب بين اتساع الحنين وضيق الميادين لو طوقتك خيول الدرك. هل ستوقظ أنشودة الروح في غابة الخيزران األنيقة لو أنكرت مظهرك.
م��ا زل �ن��ا نقتنص ال��وم �ض��ات الشعرية ال��راق�ص��ة على نغم ال يشبه النغم ،ولغة تتجسد مكونة بنيان القصيدة ،وهذا ما نلمحه عبر قصيدة «وضاح» التي يقول ي �ظ �ه��ر ج �ل �ي��ا أن ال �ت �ض��اد في فيها: ال��م��ع��ن��ى ي� �ب ��رز ج� �م ��ال ال �م �ع �ن��ى صاحبي.. وي��وض��ح��ه ،وي �ظ �ه��ر ذل���ك ج�ل�ي��ا ف ��ي (ات� �س ��اع/ ما الذي غيرّك. ضيق) ،كما نلمح أن األتساع يكون مع الحنين ما الذي خدر الحلم في صحو عينيك بكل ما تحتمله الكلمة من شاعرية وخيال ورقة من لف حول حدائق روحك هذا الشرك. تعبير ،أما الضيق فأرض الواقع بما يحدها من عهدتك ت��ط��وي دروب المدينة مبتهجا وتبث تضاريس وعسكر وخيول ل�ل��درك ،إن��ه يطالبنا بأطرافها بالغناء ،وبأن نقتنص بهجة الحياة بكل ما فيها عنبرك. من نشوة وصحوة ،رغم ما يحيط بنا من حصار تختلف اللغة تماما في هذه القصيدة ،فتتمايل حسي أو معنوي ،يطالبنا بالبقاء على عهدنا حتى الكلمات طربا على إيقاعها المخملي ،من خالل لو أنكرنا الجميع. ع��دة أسئلة تتكاثف وتتجمع ك��أل��ف سحابة ..صاحبي.. لتهطل فوق دروب روحه المسهدة ،ورغم موسقة ال تمل الغناء فما دمت تنهل صفو الينابيع هائل من النص الشعري؛ إال أنه أتى محمال بك ٍّم ٍ شق بنعليك ماء البرك. اإلسقاطات والرموز الخفية ،التي تزيد من عمق ت�ت�ب�ل��ور ف��ي خ �ت��ام ال�ق�ص�ي��دة م�لام��ح ث��ورة المعنى وكثافة التجربة. ت �ت �ك��ون ف��ي رح ��م اإلرادة ،ف �م��ن خ�ل�ال ذل��ك نلمح أسئلة البراءة والطفولة من خالل حوار النصح باستمرارية الغناءـ يتضح ذلك الحس شيق ..وركيزة تعبيرية منمقة ،تحتل الذات فيها الثوري الذي ينم عن اإلرادة ،ويتجمل المعنى م��وق��ع المتحدث وال�م�ت�ح��دث إل�ي��ه على صعيد باإلتيان بكلمات (الينابيع /البرك) وفعل األمر واحد ،فالدفقة الشعورية أنتجت داللتها البيانية (شق) ،الذي ينم عن رغبة حثيثة في التغيير باستخدام أدوات االستفهام (ما ،من) ،حالة من لميالد صباح جديد مشبع بغناء البالبل وبهاء األسى تتشكل عبر موسيقى المفردات المتراصة الضحى. *
68
كاتبة من مصر.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
للقاص عبدالعزيز الصقعبي
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
صورة املثقف السلبية في مجموعة (البهو) إطاللة عميقة على املشهد الثقافي > زكريا العباد*
«أن��ت كلّ ش��يء ،لكنّك لست شيئ ًا على اإلط�لاق ..ألنك ال تفعّ ل إمكاناتك ،وال تقوم بدورك.».. هذه هي الرسالة التي بدا لي أنّ مجموعة (البهو) للقاص عبدالعزيز الصقعبي تريد إيصالها «للذات المثقفة» ،بعد رحلة خاضتها هذه الذات في تأمل وجودها ،إنها رسالة منها وإليها. ل��دى ول��وج ع��وال��م أي مجموعة قصصية، يلحظ ال�ق��ارئ أنّ لجوء كاتبها إل��ى عنونة مجموعته بعنوان إحدى قصصها ليس أمراً اعتباطياً ،إنما يأتي بغرض تحويلها إلى رافعة لمجمل قصص المجموعة المتباينة. ويبدو من المنطقي أن الخوض في العالم ال �خ��اص ال ��ذي ت��رس�م��ه م�ن�ظ��وم��ة ال�ع��وال��م النفسية للمجموعة ،يأتي عبر استخدام قصة العنوان مفتاحاً يشرع أبواب المعاني الملتبسة ،وي�ف�س��ر ال �م��دل��والت المتباينة لتظهر منتظمة في عقد واحد. ومجموعة (البهو) للصقعبي الصادرة مؤخراً عن نادي المنطقة الشرقية األدبي ،هي خير
نموذج لهذه الفكرة ،إذ أن المجموعة تحمل اسم قصة تعتبر مفتاحاً لفهم سائر قصص المجموعة ،وم��رت �ك��زاً لعوالمها النفسية والثقافية معاً. وكما أنّ قصة العنوان تمنحك مفتاح الولوج، فإنّ المقطع الذي يضعه الكاتب في نهاية الكتاب ..قد يرسم لك الحدود المعرفية ال�ت��ي ي��ري��دك ال�ك��ات��ب أن تتحرك خاللها أثناء القراءة ،وكأنه بذلك يمنحك المفتاح والبوصلة ،ويرسم لك الخارطة ،ثم يتركك لرحلة ال�ق��راءة .الملفت أنّ المقطع الذي اختاره الكاتب ليقفل به قوس كتابه ..هو جزء من قصة تحيل بشكل رمزي إلى تأمّل
اجلوبة -ربيع 1432هـ 69
«الشعر» ،ربما باعتباره أبرز رموز العوالم الثقافية العربية. تتناول قصة العنوان (البهو) نظرة مغايرة لعالم الثقافة ،وترسم ص��ورة سلبية للمثقف .بخالف الدور اإليجابي المثالي الذي يرسم في األذهان حين تذكر كلمة «مثقف» ،والتي تتضمن الوعي والحركة واإلبداع واإلنجاز ،فالصور المبثوثة في المجموعة ال تدل إال على جهل ال��ذات ..ناهيك عن معرفة الواقع أو تغييره ،كما تشير جوانب أخرى من المجموعة إلى غياب األهداف الكبرى، وااللتهاء بالبحث عن مطالب صغيرة ..قد يكون أكبرها الحصول على «كرسي». ه��ذه الثيمة (هاجس ص��ورة المثقف ودوره) ،ال نلحظها في قصة (ال�ع�ن��وان) فحسب ،بل يتأكد حضورها في الكثير من قصص المجموعة التي تسهم في رسم مالمح المثقف بالتلميح للفكرة ت��ارة ..وبالتصريح ت��ار ًة أخ��رى ،حتى أن القارئ ليخالجه الشكّ في أنّ ك ّل قصص المجموعة قد تشير إلى هذه الثيمة من قريب أو بعيد ،وبخاصة ف��ي مجموعة تتكئ ب �ق��وة ع�ل��ى أس �ل��وب اإلي �ه��ام والغموض؛ فالذوات التي يوغل الكاتب في سبر أغ��واره��ا في مواقف ال تشير إل��ى عالم الثقافة مباشرة ،هي ذوات ممسوسة بالحالة الثقافية التي سعى الكاتب ابتداءاً إلى رسم مالمح عامة لها ،ال تخطئها العين حين تقع عليها فيما يلي من قصص ،حتى لو لم تحوِ سرداً مباشراً عن الذات المثقفة أو الحالة الثقافية؛ كما في قصة (دفء) الرمزية ،التي ينطق بطلها ال �ع��ام��ل ال�ب�س�ي��ط ال�م�ه��اج��ر منأجل لقمة العيش -بعبارة تتجاوز مستواه الثقافي ،فهو يقارن بين وطنه والبلد الذي يعمل فيه ،بينما يتحلق م��ع مجموعة م��ن العمال
70
اجلوبة -ربيع 1432هـ
حول النار «هناك برد ..ولك أن تنفيه عنك ببعض الدفء ،وهنا بر ٌد وال دفء له». غير أنّ ما سبق ،ال يعني أنّ المجموعة اقتصرت على ت �ن��اول مجتمع النخبة وأف �ك��اره وع��وال�م��ه، ب��ل تعدت ذل��ك إل��ى ت�ن��اول األوض ��اع االقتصادية واالج�ت�م��اع�ي��ة ،رب�م��ا لتشير إل��ى مسئولية هذه النخبة عن هذه األوضاع ،ولتذكرها بمسؤوليتها نحوها. منذ القصة األولى في المجموعة (غفوة) ،يتناول السارد فكرة (المثقف البعيد عن ال��واق��ع) ..من خالل البطلة التي تشكل أنموذجاً لحالة ثقافية تسكن في أبراج عاجية ،وتنتمي لطبقة ثرية ،بيد أنها تكتب عن الطبقة الفقيرة من بعيد ،وتصف ال�م�س��اك��ن الشعبية ال�ت��ي تسكنها ه��ذه الطبقة ب �ـ«وج��ه المدينة ال�م�ش��رق» ف��ي مفارقة صارخة لحال الشقاء الذي تعيشه هذه الطبقة ،والذي ال تعلم عنه الكاتبة المترفة أي شيء! ألنها ،نتيجة غفوتها أثناء عودتها من العمل ،تغفو في الوقت ال��ذي يدلف فيه السائق بالسيارة إل��ى الشوارع الشعبية ،تفاديا ل��زح��ام ال �ش��وارع الرئيسة ،وال تصحو إال لتدخل في عالمها المترف مرة أخرى، لدى تنبيه السائق لها وقتَ وصوله للمنزل. وتتكرر المفارقة ذاتها ،في قصة (صباح) ،ففي ال��وق��ت ال ��ذي ي�ط��ال��ب ال�م��ذي��ع ال �ن��اس م��ن خلف م �ي �ك��روف��ون��ه ب��االب��ت��س��ام ،يصف النص الحياة الالهثة التي يعانونها ّ لمكابدة الزحام والتلوث البيئي. أما قصة (البهو) ،فهي نقد مباشر الجتماعيات المثقفين ،فالبيئة ال �م �ك��ان �ي��ة ،وال� �ت ��ي ل �ي �س��ت س��وى بهو لمقهى يشكل ح�ي��زاً للقاءات المثقفين ،واختيار بهو (المقهى) للعنوان ليحتل مكانة مركزية في ال�م�ج�م��وع��ة ..ي��ؤك��د صفة العزلة
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
عن المجتمع ،والتي كانت ال �ق �ص �ت��ان ال �س��اب �ق �ت��ان قد ب��دأت��ا ف��ي رس�م�ه��ا للنخبة الثقافية البعيدة عن أمكنة المجتمع وهمومه. وي �ت �ن��اول ال �ك��ات��ب (ال �ب �ه��و) ب��وص��ف غ��رائ �ب��ي ،إذ تبدأ ال��ق��ص��ة ب �م �ش �ه� ٍ�د ي �ص��ور ال�ط��ري�ق��ة ال �ت��ي يشغل بها عبدالعزيز الصقعبي المثقفون فضاء المقهى: «م�ق��اع��د م�ت�ن��اث��رة ،أج�س��ا ٌد متناثرة». عنه مطلقاً.».. وه��و وص��ف يجسد بصرياً حالة التشرذم التي وللبحث عن تفسير نفسي لهذه الحالة ،فعلينا أن ال عن المجموعة ،ونقترب من الواقع يعاني منها المثقفون ،إضافة إلى غياب الهدف :نبتعد قلي ً «حديث يبدأ وال ينتهي ،وحديث ينتهي قبل أن لكي نجد جذور المشكلة ،إذ يشير الصقعبي في يبدأ» ،وضعف العالقات «هو البهو ..حيث الوجوه معرض رده على أحد األسئلة في إحدى األمسيات، تلتقي ألول مرة ،حيث الوجوه تلتقي آلخر مرة» .أن األض ��واء ف��ي الثمانينيات كانت م��ر ّك��زة على كما تشير القصة بتهك ٍّم إلى غياب معايير الزعامة الشعراء ،ويرفض في الوقت ذاته أن ينسب إلى الثقافية «أط�ل��ب فنجاناً م��ن القهوة ،تحيط بي الحداثة ،بحجة أنه ينتمي لإلبداع ،وال يريد أن م�ج�م��وع��ة م��ن االب �ت �س��ام��ات« ،ل ��م ت�س��أل�ن��ا م��اذا يسرق من قبل تيار ما ،والمعروف أنّ تيار الحداثة نشرب» أسألهم تباعاً ..ش��اي ،قهوة ،كبتشينو .الذي سرق األضواء في الثمانينيات كان أغلبه من أكون أنا السيد المسموع صوتُه« ،»...إن الثقافة الشعراء ،ولتقوية ه��ذا الخيط التفسيري الذي لها وجوه متعددة بتعدد المشروبات والمأكوالت ربما بدا واهياً للوهلة األولى ،ننتقل إلى شواهد والمجامالت المفتعلة». أخ��رى لساردين آخرين ،فالروائي عبدالحفيظ وتستطرد القصة لتحكي ع��ن أدي��ب يبحث عن الشمري قال صراحة في إح��دى األمسيات :إنّ هويته بين األصناف األدبية ،يصف صوته بأنه شعراء الثمانينيات احتكروا المشهد الثقافي، «لم يكن مموسقاً ،ولم يكن كالمي موزوناً مقفى» واتهمهم بإقصاء القاصين ،فيما قال القاص فهد م��ا يجعله ف��ي مكانة أق��ل ،بحيث يقاطع كالمه المصبح أثناء حديثه عن بداياته إنّه واجه صعوبة اآلخ ��رون ،وتأتي بعد ه��ذا المقطع مباشرة ردةُ تتعلق بتسيّد الشعر للساحة الثقافية ..وغياب ال�ف�ع��ل النفسية ،وص � ٌ �ف يقلل م��ن ش��أن الشعر نظرة التقدير التي كان يحتكرها الشاعر .أعتقد «أخ َر َج آخ ٌر قصيدة من ألف بيت ..لم يكن البيت أنّ الشواهد السابقة قد تكون كافية إللقاء بعض يصلح لسكنى حرف.».. الضوء على دور تاريخ العالقة بين الشعر والسرد ومن الملفت أن المجموعة تتسم بموقف نفسي في النظرة السلبية التي تتعاضد عليها الشواهد سلبي م��ن ال�ش�ع��ر ،س�ي��د األج �ن��اس األدب �ي��ة في من داخل المجموعة. ال �ث �ق��اف��ة ال �ع��رب �ي��ة ،يتضح ه��ذا الموقف ،في ع��دد من ق �ص��ص ال �م �ج �م��وع��ة ،حتى ي�ص��ل إل��ى ال� ��ذروة م��ع آخ��ر قصص المجموعة (معك) م ��ن خ �ل�ال إص ��اب ��ة ال�ب�ط��ل (ب��ال �غ �ث �ي��ان) ،ي �ح��اور البطل ذاته« :ال تحبّ الشعر!! لتكن ت �ج��رب��ة ن �م��ارس �ه��ا ..ب ��دأت ت�ش�ع��ر ب��ال �غ �ث �ي��ان ..ال تحب الشعر ..حسناً ل��ن أتحدث
اجلوبة -ربيع 1432هـ 71
إال أنّ م��ا يجعل ال�ن�ظ��رة السلبية للشعر أكثر م��وض��وع �ي��ة ،ه��و أن تحميل ال �ق��در األك �ب��ر من المسؤولية للشعراء ،هو أمر طبيعي ..بوصفهم األعلى مكانة ،سوا ًء في الساحة الثقافية ،أو لدى عامة الناس ..بسبب الصورة الموروثة عن الشاعر في الثقافة العربية ،الذي عُدَّ لسان القبيلة. وفي المجموعة ثيمة أخ��رى تتكرر في أكثر من واح��دة م��ن قصص المجموعة ،ه��ي الشخصية ال �ت��ي ت �ق��ول وال ت �ف �ع��ل ،وه ��ي ث�ي�م��ة ذات صلة بالشخصية الشعرية ،إذ يظهر أنّ الصورة السلبية للمثقف ف��ي المجموعة ،تتركز بشكل أكبر في الشخصية الشعرية ،كما في قصة (خيانة) ..التي اختارها القاص لتكون ممثلة لقصص المجموعة، من خالل اختيار مقاطع منها لغالف المجموعة األخير ،ولتعطي من خالل ثيمتها تأكيداً للصورة السلبية للمثقف في المجموعة. الخيانة التي تضمنتها القصة ،ليست سوى خيانة الشعر للعاشق في الوقت الذي يحتاج إليه وقت لقائه بحبيبته ،الفكرة رغم بساطتها الظاهرية، ورغم عدم احتفاء المجموعة بالمرأة بشكل عام، إال أنّها اختيرت للغالف ..لتصب في نهر تأكيد ال �ص��ورة السلبية للمثقف ،وللشاعر على وجه الخصوص .وهي بقدر ما تحمل من إدانة ،تعترف بالمكانة الكبرى المطلوب من الشعر ملؤها. وف��ي مثال آخ��ر يؤكد على أنّ غياب العمل هو سبب رئيس ف��ي نقد شخصية المثقف ،تصف ق�ص��ة (ف� ��راغ) ق��وة ت��أث�ي��ر ال�م�ث�ق��ف ..م��ن خ�لال ح��دي �ث��ه ،ول�ك�ن�ه��ا ت �ث��ور عليه ف��ي ال��وق��ت نفسه، رافضة ما تسميه «الخيوط العنكبوتية الواهية»، التي ينسجها بحديثه ليأسر بها مستمعه ،إال أنّ المثقف رغم حديثه اآلسر ،فهو ال ينتج سوى حالة من الفراغ ،كما يوحي بذلك العنوان. *
72
كاتب من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
وتستمر المجموعة في تناول شخصية المثقف، ال بالنقد وحسب ،بل بالتحليل العميق لها أيضاً، فالحق أنّ المجموعة بمجمل رس��ائ�ل�ه��ا ،تشبه دراس��ة موضوعية لحال المثقف العربي ،وذلك من خالل شمولية تناولها للمقدمات والمشكلة والنتائج ،وإشارتها غير المباشرة إلى مسؤولية المثقف في ح � ّل المشكلة ،حتى أن المجموعة ال تهمل المقارنة بين األوض��اع االجتماعية قبل النفط وبعده ،لتقارن بين العالقات بين الناس في الزمنين. في قصة (مرآة) نقد م ّر للدور الذي يلعبه المثقف، فهو ي�ن��ال مكانته ألن��ه «أه ��وج منفلت ال�ل�س��ان»، ويضطر المجتمع التقاء شرّه ،إال أنّ المثقف في الوقت ذات��ه هو ص��ورة في م��رآة ،وهو نتاج عجز المجتمع عن فعل شيء للمبادرة بلجمه. في قصة (تأمّل) ..إشارة إلى ما قد يصحّ وصفه باألسباب التي تكمن وراء هذه السلبية في شخصية حوار داخلي لشخصية تعاني ٍ المثقف ،من خالل من االغتراب عن ذاتها ،واالنقسام عليها أحياناً، والتوق إلى معرفة كنهها في أحيان أخرى ،وفكرة الشخصية التي تجهل ذات�ه��ا ،وتتوق الكتشافها فكرة مكررة في أكثر من قصة ..ما يشير إلى أهمية هذه الفكرة في تشخيص الحالة التي تعاني منها شخصية المثقف كما تصورها المجموعة. وب��ال�ف�ع��ل ،ف ��إنّ م�ع��رف��ة ال���ذات م�ع��رف��ة صحيحة هي بداية الطريق نحو اإلص�لاح ،والحديث عن م�ع��رف��ة ال�م�ث�ق��ف ل��ذات��ه ،ه��و ح��دي��ث رم ��زي عن وج ��وب تشخيص األم ��ة ل��ذات�ه��ا وألدوائ� �ه ��ا ،من أج��ل إص�لاح�ه��ا ،وه��ي إش ��ارة دقيقة وذك�ي��ة إلى لعب المثقف دوراً مزدوجاً ،بوصفه مكمن الداء ومكان ال��دواء في الوقت نفسه ،فهو عقل األمة وضميرها.
قراءة في مجموعة محمد البشير القصصية «عبق النافذة»
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
البشارة
املصبح* > فهد ّ
تنمو القصة عند محمد البشير بعافية ,فهو يكتبها بهدوء ودعة ,وبمداد متمرس في اللغة ,يكبح جماحها بالتمرد قليال؛ لتتوازن األمور في كثير من نصوصه .مفسح ًا لها سب ًال شتى في التشكل ,حتى ال تظلمه ذات نص بتحامله وكبت انفالتاتها. نعم ..يكتبها بدربة من عرف خيط القص ,وأخ ٍ��ذ يمارسه في مجتمع يشع سرداً ,وهو ما يوجب صدور مطبوع يؤكد هذا الحضور الملفت للنظر ,فكانت المجموعة كبشارة لمرحلة جديدة للقص األحسائي. قرأته بدءا في موقع القصة العربية في نصوص مجهولة ال�ط��رق ,ومربكة للمتلقي سبق نتاجه اإلبداعي دراسة عن الشاعر الذي كنت منهم وقتها .ذلك ألنه كان يجرب أبو سعد رحمه الله .كمطب هوائي لكاتب أكثر مما يكتب ,ويبحث عن حقيقة وجدها جديد على الساحة ،قد تحلو له لعبة النقد, قبل الكتابة. وال أخفيكم أن��ي خشيت أن ال يتجاوزها، طبعت المجموعة ف��ي دار ال�ك�ف��اح من حتى ج��اءت المجموعة كشاهد إثبات على ال�ح�ج��م ال�ص�غ�ي��ر ب�ص�ف�ح��ات ع��دده��ا ست خطأ تصوري .إذ حينها كان البشير يشحذ وثمانون صفحة ،احتوت سبع ًة وثالثين نصا ع ��دده ب �ه��دوء؛ ليباغت ش �ه��رزاد دون خط ٍ قصصيا, وبغالف لعبت الحرفية فيه دورا رجعة ،فينهر دماءها درراً .كان نص «عبق» كبيرا ,بعدسة عماد الشامسي ،وصممته على سدتها ،فارتاح وأراح من وجع الكتابة، نهال الضويان. وضم جناحيه إلعالن نفسه وجها في وسط الكثير فيها.
المجموعة متساوية في الحد القصصي, ومتفاوتة في الحد النثري ,ومتماهية في الحد السردي ,ومتباينة في الحد الجنوني.
ل�ع�ب��ة ش�ب�ق��ة ب��ال��دف��ق ال �ع �ت��ي ..ق ��ام بها البشير من خلف الصفوف ،وعلى غفلة منا، لذلك سنظل نجهل كتاباته ..ألنه أراد ذلك، وألن شهادتي فيه مجروحة ,سأخرس عن
يغط ف��ي االح �ت �م��االت .ق��د لطخت سماءه روايات شرهة الظهور ,فضاع من ضاع في زخمها ،وانخفض مؤشر األسهم إل��ى دون الوسط على شاشة بالزمية ،فتحرك شيء في نفسه ،وهو يبصر هذا المشهد المؤلم من عين متمخضة الدمع ،وإضرام نار ينذر بثقب األوزون؛ ليوسّ ع الشق على الراقع من
اجلوبة -ربيع 1432هـ 73
ن��ص «رأي» ب�ت�ص��رف ص (-69 .)70
تقدير شاهد عليها ،يقف قبالتها راصدا إرهاصة أولى لفتحه.
ويخيب أمل هذه البشارة إزاء منتج يمثل القصة القصيرة في السعودية ،يوضع بين يدي قارئ ال��ي��وم ،ف�س�ق��ط اس �م��ه س �ه��وا أو عمدا؛ وما أحسبها تتعدى الميانة على بساطة األحسائي ،وبخاصة إذا كان في رهافة حس قاصنا.
ب� �ي���ن «ك � � �ت� � ��اب» أول ن��ص و«ج ��ال� �ي� �ل� �ي ��و» آخ � ��ر ن� ��ص ت�ق��ع المجموعة ال�ت��ي منها :م�ب��اراة سخرية ح ��ادة ،وف��راش��ة نهاية غ� �ي ��ر م� �ف ��اج� �ئ ��ة ,أو س�ب�ق�ت�ه��ا ال �ف �ج��ائ �ي��ة ،وف ��ي ل�ع�ب��ة تأنيس ل�لأش�ي��اء ب��اق �ت��دار ,ف�ث��ار الغبار كسال ص .32
(لك ذلك) كما أجاب الكاتب بأريحية المتمكن في أمسيته بنادي الشرقية األدبي؛ لفك االختالف ولعل أضعف النصوص «باكمان» أو المعالجة وإهدار الوقت في المفيد ،ونجح بامتياز ،لكنه لم بعجلة ،وبطريقة كان يمكن أن تكون أفضل. ينل الشهادة حتى اآلن ..وأظنه سينتظر طويال ،فلن نص «تدوير» افتقد النهاية السريعة المتسقة يدرج اسمه ضمن أجندة النقاد إال بتك الشهادة .م��ع ب��داي�ت��ه ،و«ت��اري��خ» غلب عليه ال �ح��وار فقتل إال أن غلطة المطبوع األول لن ينجو منها أحد ،جماله ,و«سخرية العيد» لعبة مرة يتقنها محمد ومنهم كاتبنا بمجموعته ،فهناك قصص ال تمثله بمهارة ،و«جاليليو» رجعة الى مخترع التليسكوب البتة ،أو على أقل تقدير لم يكن من الضروري في محنته. إدراجها في هذه المجموعة .كنص تاريخ ص ,71 ومحمد بارع في العناوين السردية ,وهو قاص وباك مان ص .49 متفائل بغد مشرق.
وقد عنونت سطوري باالنطباع ،فما أنا بناقد، ب��ل وأم �ق��ت ال�ن�ق��د ال� ��رديء ال ��ذي ش��وه منتجنا. م��ع ج��ل ت�ق��دي��ري ل�ن�ق��اد ق�ل��ة ي�ق��ف اإلن �س��ان لهم احتراما .مخلصين للمنتَج وليس لكاتبه ،وهذه القلة سينحسرون ت��واري��ا أم��ام إسهابنا األدب��ي. إذ ال فائدة من منتج يُقرأ بتوصية ،ويكتب عنه بمكالمة ،ويدفع بمنحة ،لكن ربما مع مثل هذه البشارة تستقيم األمور نحو األحسن .كما تعدلت أم��ور كثيرة ،وغ��دت أكثر جماال في عهد جديد نحياه .تنفسنا فيه شيئا من الحرية ،فال نسرف في استخداماتها سرديا ،فنحن في حاجة إلى النصح أكثر من حاجتنا الى الفضح .بعدما غدت الكلمة عندنا مسموعة .قد أفسح لها حيزا كبيرا في الظهور.
برفق المجموعة فلمان قصيران لم يضيفا للمجموعة ش�ي�ئ��ا ,ش��اع ت��داول�ه�م��ا ف��ي عصرنا الحاضر ,تماما كالقصة القصيرة جدا التي لم يعترف بها حتى اآلن في غالب مشهدنا الثقافي. ولعل م��ن ب��اب ال�ص��دف��ة ,ورب�م��ا الصدمة أن تورق القصة القصيرة في األحساء على يد هذه المجموعة التي أنعتها بالبشارة ,ألن وقودها تواطؤ مسبق بين ال�ق��اص ونصوصه؛ لتأتي شخوصه متواضعة ،وأحيانا يدنو القاص من النص ,فتبهت شخوصه ،ألنه خالف التواطؤ المسبق بينهما.
هذا ما اشتهت نفسي اإلبحار فيه مع «عبق ال�ن��اف��ذة» بفيض ع��ان��ق ال�ج�ن��ون ت ��ارة ,والجنوح ت���ارات .ألن الكتابة ع��ن القصة مثل اكتشاف ج��زي��رة صغيرة ف��ي البحر ال ب��د أن تأتيها من ولقد حوّل البشير إهداء مجموعته بتفرد منه كل الطرق ،وما أنت بقادر ,فعذرا على قصوري إل��ى ن��ص م�ش��ارك ف��ي المجموعة ،أو على أقل وفهاهتي.
*
74
قاص وناقد من السعودية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
لـ عبدالله السفر
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
وسياج املدينة حفرة ُ الصحراء ُ د من روح الشعر وزواياه ُ الصافية د إذ يول ُ النق ُ > نصار احلاج*
كتاب عبدالله السفر (حفر ُة الصحراء وسياجُ المدينة–الكتابة السردية في السعودية)، الصادر في طبعته األولى عن النادي األدبي بالجوف ،بدء ًا من عنوانه وحمولته الشعرية البائنة ،والمفارقة التي ينسجها شرك ًا لقراءة هذه النصوص السردية ما بين الصحراء والمدينة والحفرة والسياج .تحيلنا هذه الشعرية إلى عبدالله السفر– الشاعر الذي يكتب القصيدة الجديدة في أرقى نماذجها ،وها هو يضيف للمكتبة العربية كتاب ًا نقدي ًا أحدثت حفرياتها في ْ عن الكتابة السردية في السعودية؛ فهل السطوة الشعرية التي إنتاج عنوان الكتاب ،بتلك الثنائية المكتنزة بشعرية عالية وصافية ،ظلت فاعلة وتمارس سطوتها داخل متن الكتاب؟ أي هل دخل الشاعر عبدالله السفر إلى كهوف النقد بأدواتهِ الشعرية ،ورهانتها النقدية الكامنة داخلها؟ أم تحرَّ َر من تلك السطوة وجاء أعز ًال من �لا إلى دائ��رةِ النقد ب��أدوات��هِ الصارمة؟ أم هي هُ جنةٌ تزاوجت فيها أق��واس الشعر ،داخ ً الشعرية بغيرها من أشكال إبداعية ،لتصل إلى سردية نقدية مختلفة؟ جاءت مقدمة الكتاب تحت مسمى (تجليات ّف عبرها الكاتب في صندوق ب��ان��دورا) ،ط�و َ المنتج الروائي السعودي الرَّاهن ،وانهماره ال��دَّ اف��ق ف��ي العقد األخ�ي��ر ،مغلقاً ب��اب هذا التقديم بسؤال :هل تكون الرواية السعودية ومعها القصة القصيرة واح��دة من تجليات ص �ن��دوق ب ��ان ��دورا؟ وه��ل يصبح المبدعون والمبدعات من يجترح كشف الغطاء وإطالق المخبوء؛ لعلنا نعثر على األمل؛ أمل التغيير، في قعر هذا الصندوق؟ هنا تظهر جل َّياً أدواتُ
الشعرية وأسرارها وكمائنها التي ال تنفد وال تنضب ،أو تتخلى ع��ن جَ � ِّرنَ��ا إل��ى أغ��واره��ا المتجاوزة للسطوح واألع�م��اق القريبة ،بما �وص للشعر م��ن رغ �ب��ة دائ �م��ة للكشف وال �غ� ِ عميقاً في الجوهر دون أن يغل َق البابَ أبداً بإجابات حتمية ،وهكذا هو الشعر في صورةٍ من رهاناتهِ ،دائما ما يتركُ الشع ُر الصافي �ارات تحقق االستمرارية أسئل ًة خلفهُ ،وم �غ� ٍ والرغبة في التوغل أكثر ،والوصول المتجدد إلى تأويالت وتفسيرات وإجابات جديدة ال
اجلوبة -ربيع 1432هـ 75
متناهية ،وهو ما تخبئه تجليات صندوق الباندورا في هذه المقدمة ،بينما يسعى النقد عبر رهاناته ال �س��ردي��ة المطلقة ل�ت�ق��دي��م إج��اب��ات وت�ف�س�ي��رات صارمة. ف��ي سبيل دخ��ول عبدالله السفر لتجربة ع��واض العصيمي ال��روائ �ي��ة ،ن�ج��ده يسميه ال �ب��دوي ال��ذي (يكتب قصيدة الصحراء روائ�ي�اً) ،منتبهاً لبدايات ال��روائ��ي ع��واض العصيمي الشعرية ،ومنتبهاً إلى المجاز ال��ذي وظَّ فه في رواي�ت��ه (أو ..على مرمى صحراء ..في الخلف) بتشييده مجازاً نامياً عبر الرواية ،والمجاز هو من أرواح الشعرِ العديدة التي تتغذى منها القصيدة ،لتصفو شعريتها ..وعبره يدخل عبدالله السفر إل��ى سبر أغ��وار بنية هذه الرواية من خالل االحتجاز مفتاحاً لقراءة الرواية، مفككاً داللة الحفرة ..حيث انزلقت قدم «ميثاء»، وفقدت عذريتها إثر هذه السقطة ،وأيضاً الحفرة التي عَ ل َ َق فيها «ضاوي» تحت قمرة سيارته المهشمة في أرض عشيرة الغربان ،غرماء الماضي .والسياج رمزاً للمدينة ،إذ ينهض من سؤال ضاوي عن ذلك الحجر ال� ّزل��ق ال��ذي سحبه م��ن قدميه إل��ى داخ��ل السياج ،تعبيراً عن فداحةِ العيش داخل السياج – المدينة. ويتوقف عند المجاز في رواي��ة فهد العتيق «كائن مؤجل» ،وفي رواي��ة محمد الرطيان (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) ،يكشف عن مجاز الشخصية الذي يتجاوز معطى الحدث ،ويصبح معادالً وتعبيراً عن رفحاء المدينة المقدودة خارج هويتها. بتتبع جميع ال�ع�ن��اوي��ن ال��داخ�ل�ي��ة لمتنِ ال�ك�ت��اب - حفرة الصحراء وسياج المدينة -نجدها جميعاً بال استثناء ..ن ُِحتَتْ ببراعة شعرية عالية ،وصكَّها برصانة منحازةٍ للشعر ف��ي أكثر ٍ عبدالله السفر تجلياتهِ دالل ًة وتصويراً جمالياً صرفاً لنجد عنونة مثل :إن أحببت أح��داً أعطه باباً وجناحين /عر ٌق يفض ُح الفرائس /البرقع في إنتظار رقصةِ الماء/ غ�ط�س��اتُ ال ��روح ال�س��ري�ع��ة /س �ق��وطٌ ي��وق��ظ ال��روح الجميلة /ض��رب� ُة الجناح المنيرة /م�س��ر ٌح مدب ٌر للعتمة /جماجم عارية يتدفق منها الرماد /موسيقى صاخبة في األدوار العليا .إضافة إلى أن لغة الكتابة
76
اجلوبة -ربيع 1432هـ
التي اشتغل عليها عبدالله السفر في هذا الكتاب، تعتمد إل��ى ح� ٍ�د كبير تقنيات الشعر م��ن اقتصاد اللغة ،وتركيز في الوصف ،وعدم الترهل ،واختزال كل ما يمكن أن يشكل زوائد للنص ،مخلصاً ووفياً بلغة تقترب للتعبير عن الفكرة النقدية والتأويليةٍ .. من الشعر أكثر من انحيازها للغة السرد ،المفتونة بالشرح والوصف المطوَّل الموغل في التفاصيل؛ لذلك ،دائما ما يتوقف وينتبه للروايات ،أو الفصول والمشاهد الروائية التي يشوبها الترهل واإلنبساط ف��ي ال��وص��ف وال��ح��وار ،وال �ت��ي تهمل ال�ل�غ��ة وعمل المخيلة ،وال توغل في األغوار للمزيد من الكشف واإلمساك بجوهر الشخصيات السردية. يلتقط عبدالله السفر سؤال «مدى» لزوجها عبدالله، و«مدى» هي بطلة رواية (شجرة الحب غابة األحزان) مغلق ونحن في مكان ٍ َجلس في ٍ ألسيمة درويش «أن ُ الصحراء؟» ،عبر هذه المفارقة الحارقة والصادمة ذات اآلن ،يكشف السفر عن المفارقة التي ينبني في ِ عليها الكثير من مقوالت «مدى» ورمزية االسم ..إذ يتساءل :هل هو اسم علم تحمله بطلة الرواية؟ أم أنه يكشف عن مسار الرواية ،حيث «مدى» األفق الذي ال ينتهي ..وال يستجيب لتحديد وال تأطير؛ يحبسه عن التفتح واالم �ت��داد ،واج�ت��راح التجربة الخاصة الملغومة بـبذرة التمرد منذ الطفولة ،ليستمر في ق��راءة ال��رواي��ة كاشفاً المفارقة التي تتشكل عبر شخصية عبدالله جابر الذي تزوج «مدى» وانطلق بها إل��ى ل�ن��دن ،لتنطلق ه��ي ف��ي ح��ري��ة ونشاطات تنسجم مع شخصيتها ،ويبدو زوجها منسجماً معها في ذل��ك الجو المتسق مع المكان وثقافته وبنيته االجتماعية ،س��رع��ان م��ا يتحول ه��و نفسه ،ذات الزواج عند العودة إلى البالد في الخليج إلى رجل تقليدي ..مثل والدها حسن زهران يحبس «مدى» في القفص ،ويلتقط السفر تحقق المفارقة نفسها بشكل آخر في حياة الطبيب «فيشر» ،طبيب العائلة الذي تعثرت عالقته بزوجته ..ملكة الجمال المفتونة بالظهور الباذخ إشباعاً لعقدة رافقتها منذ الطفولة، وتطور العالقة بينه وبين «م��دى» ،كل منهما باحثاً عن إكمال النقصان في حياته ،دون أن يتحقق بينهما الوصول ،ويستمر السفر راصداً وقارئاً للرواية عبر
ن�������������������������������������ق�������������������������������������د
التقاط المفارقات التي تشكل حياة شخصياتها .وال يغفل في إش��ارة نقدية صارمة إلى المفارقة التي يراها بين عنوان الرواية نفسه (شجرة الحب غابة األحزان) ومتنها؛ إذ يرى أن عنوان الرواية ع َّب َر عن سطح الرواية وحسب ،دون اإلش��ارة إلى المرامي التي تبثها الرواية ..وهي محاربة السطوح ،ليقول إنها رواية جميلة ممتعة بعنوان باهت ،وأيضاً يرصد المفارقات التي اشتغلت عليها رواية «حياة السيد كاف» لعلي الشدوي .كما أنه بوصفه شاعراً لم يفته االنتباه واإلشارة إلى أن لغة الرواية المشغولة بعناية وإحكام في (شجرة الحب غابة األحزان) تصل إلى الشعرية دون الوقوع في إغ��راء فخاخها ،ويكشف السفر عن ذات المنحى الشعري ال��ذي تميزت به رواي��ة «العتمة» لسالم عبدالعزيز ،حيث يرى أنها تميل للشعرية واالنخطاف نحو الصور والمجازات، بما يكافئ المشهد الجواني الذي لن توصله اللغة المحايدة. عب َر التطرق لقراءة عبدالله السفر لرواية عواض ال�ع�ص�ي�م��ي ك��اش �ف �اً ال �م �ج��از ال���ذي اش�ت�غ�ل��ت عليه ال��رواي��ة ،وكاشفاً المفارقة التي شكلت بنية رواية أسيمة درويش ،نجده متتبعاً رواية «الحزام» ألحمد أبو دهمان ،من خالل داللة الرمز ،منطلقاً إلى ذلك من شخصية «ح��زام» وخصوصية المكان والبشر في قرية آل خلف ،منتبهاً إلى الجانب األسطوري في شخصية «ح��زام» ،واألسطورة هي منبع الشعر والحكمة كما يشير لذلك ،وينفذ إلى تأثير الشعر من خ�لال ال��راوي اب�ت��دا ًء من أسرته ،بخاصة األم التي علّمته الشعر وتنظيف الكلمات والغناء المرادف لتحقيق الذات ..وإن كان بشبهة الجنون. في رواي��ة ليلى الجهني (جاهلية) ،يكشف عبدالله السفر عن فعل اإلزاحة الذي اشتغلت عليه الرواية، وهي عملية تحريك الـجاهلية منزوعة من تعريفها وموقعها في الماضي التاريخي الغارق في القدم.. إلى موقع الحاضر براهنيته وتحوالته اإلجتماعية والثقافية ،مفككاً كل ذلك من خالل ما سماه «الحب ال�م�ع��اق» بين الفتاة «ل�ي��ن» البيضاء؛ اب�ن��ة الوطن واألص��ل والحسب ..وبين الشاب «م��ال��ك» األس��ود الغريب بأصله األفريقي الطارئ ،وكما يقول السفر
حيث تتبدى الهوة التي تبتلع األمل ،وهذا ما تكشف عنه المصائر المعتمة للشخصيات الرئيسة والعابرة في «جاهلية». بذات االنحياز الشفاف لقراءة الكتابة السردية في ِ �أدوات شحنتها السعودية ،من زواي��ا أكثر ألقاً ،وب � ٍ مرجعيات الشعر وشروطه الخالصة لتنقية الكتابة من شوائبها وترهالتها ..نجد عبدالله السفر قد س��ا َر في ق��راءة رواي��ة «ال��وارف��ة» ألميمة الخميس، و«م�ي�م��ون��ة» لمحمود ت� ��راوري ،و«ف �خ��اخ ال��رائ�ح��ة» ليوسف المحيميد ،التي يكشف السفر أن اللغة احتلت مركزاً باذخاً فيها ،بينما رواية «لغط موتى» ليوسف المحيميد ،تخلَّت عن شغل اللغة لصالح �ص��ت ب�ك��م من ض��وء ال �ح��دث ،إذ ي��رى أن �ه��ا ق��د غ� ّ األحداث ينوء بها جسدها ،مشيراً إلى أن المحيميد لو حافظ على رهانه متوازناً بين طاقة الحكي وبين طاقته اللغوية الالزمة الستكناه أبعاد شخصياته، لحقق نجاحاً أبعد للرواية ،وهنا يُوظِّ ف عبدالله السفر عمل اللغة داخ��ل النص الشعري ووظيفتها ف��ي ع��دم ال��رك��ون وال�ت�ك�ل��س واالن �ح �ي��از ،لقدرتها الفائقة على الكشف الستكناه أبعاد الشخصيات، وب��ذات األدوات التي تنحا ُز لتجاوز السطوح إلى ال�غ��وص والحفر ف��ي أب�ع��اد الشخصيات ،الجوهر األعمق والذي دائماً ما تسعى له القصيدة أكثر من غيرها من الخيارات اإلبداعية ،تصل هذه الطريقة في القراءة بعبدالله السفر إلى توصيف رواية «بنت الجبل» لصالح القرشي ،بأنها تمثل توطئة تنتظر ما يدعمها ويخط سطور تعميقها عبر العودة إلى تفتيق بتأن وعمق. الخلفيات ،ونبش الفراغات ٍ ف��ي ال�ق�س��م األول م��ن ال �ك �ت��اب ..ت �ن��اول عبدالله السفر عدداً من األعمال الروائية لكل من عواض العصيمي/أسيمة درويش /أحمد أبو دهمان /ليلى الجهني /أميمة الخميس /محمود تراوري /يوسف المحيميد /سالم عبدالعزيز /صالح القرشي /علي الشدوي /عبدالواحد األنصاري /محمد الرطيان/ أحمد البشري. ل�ي�ت�ن��اول ف��ي ال�ق�س��م ال �ث��ان��ي ع� ��دداً م��ن األع �م��ال القصصية ،حيث أرى أن تناوله لها لم تغب عنه تراكمات وأدوات عبدالله السفر الشعرية ،وقدرته
اجلوبة -ربيع 1432هـ 77
حفرة الصحراء وسياج املدينة (الكتابة السردية في السعودية)
ط��اب �ع �اً أس��ط��وري��اً ت �ن��أى عن ع�ل��ى اس�ت�ب�ط��ان دالل���ة النص عبدالله السفر ال�ع��ادي��ة ،وت��رق��ى إل��ى مستوى ال �س��ردي ،وع��ن م��دى ابتعاده ال�ت�م�ي��ز ال�م�ص�ب��وب ف��ي مناخ واق �ت��راب��ه م��ن ف�ن�ي��ات الكتابة شعري. وجمالياتها والصور الشعرية حفرة الصحراء وسياج املدينة في قسم القصة القصيرة تناول وهو يقرأ هذه النصوص ،كأن الكتابة السردية في السعودية ق�ص�ص�اً ل �ـ أم�ي�م��ة الخميس/ ينتبه إل ��ى أن ال �ق��اص جبير هل تكون ال��رواي��ة السعودية ،ومعها القصة عبدالرحمن ال��درع��ان /فهد باندورا« .قصص كتابه المليحانمن ف� �ي صندوق جتليات القصيرة ،واحد ًة وهل يصبح املبدعون واملبدعات َمن يجترح ال�خ�ل�ي��وي /ظ��اف��ر الجبيري/ لجأعلى للفنتازيا صغيرة ج ��داً»، كشف الغطاء وإطالق املخبوء؛ لعلنا نعثر األمل؛ أمل التغيير ،في قعر هذا الصندوق. ج �ب �ي��ر ال� �م� �ل� �ي� �ح ��ان /م�ح�م��د ل �م �ع��ال �ج��ة م��س��أل��ة ال�س�ل�ط��ة املؤلف ال�ن�ج�ي�م��ي /ص��ال��ح األش �ق��ر/ ب�ط�ي�ف�ه��ا ال �م �ت �ع��دد ،وال��زم��ن سعيد األح�م��ر /ضيف فهد/ وأث��ره الغائر في الشخصيات ع� ��واض ال �ع �ص �ي �م��ي /م �ب��ارك واألم�ك�ن��ة ،وذل��ك باللجوء إلى ال �خ��ال��دي /ط��اه��ر ال��زارع��ي/ طريقة تسعف في االستنطاق ناصر الجاسم /فهد المصبح. وال� �ت ��أوي ��ل ع �ل��ى ن �ح��و ش�ع��ري عبر هذا الكتاب أنجز عبدالله وج� �م ��ال ��ي ،وي��ش��ي��ر إل � ��ى أن لا ن �ق��دي �اً م�م�ي��زاً، ال�س�ف��ر ع �م� ً ال �م �ل �ي �ح��ان ق � ��ارب م��وض��وع��ة السلطة وعسفها في أكثر من نص بشعرية عالية ،دخل إلى هذه التجربة وهو خارج من كمائن الشعر ويختم عبدالله السفر قراءته لقصص صالح األشقر وأناقته ..نحو حقول النقد ومختبراتها في التفكيك بهذا «التلخيص» لع َّل هذا الح َّز العميق الذي اختبره وال�ت�ح�ل�ي��ل وم �ق��ارب��ة ال �ن �ص��وص ،م��دف��وع �اً ب��ذاك��رة القاص بما فيه الكفاية هو ما يجعل نداء الكتابة وأدوات شعرية يقظة ومشعة في االلتقاط وإدراك ال�ض��رورات الفنية والجمالية ،لسبر أغ��وار النص قريباً ونافذاً ،ال يغادر ماء الشِّ عر أبداً. يلتقط عبدالله السفر تسمية ع��واض العصيمي السردي وتطور الشخصيات وقوة حضورها وقدرتها لكتابه بأنه نصوص قصصية ،ويكشف تجليات على النمو ،وتحقيق ذلك العمق الذي يمنح العمل الشعرية في السرد الذي تتضح كسمة بارزة لعدد السردي أبعاده الكُليَّة ،وكذلك كشف ما تقاصر عن من قصص الكتاب ..ليذهب أكثر في التوضيح أن مالمسة الغاطس والكامن خلف السطوح العادية.. الشعرية ال تنهض من اللغة وحدها .إنما الى جانب أو ما تراوح بين كل تلك التموجات والدرجات من اللغة ،ينظر إلى الحاالت التي ينبثق عنها السرد مستويات السرد. وكيفية بنائها ،ليقول إن الجملة الشعرية عند لم يتخ َّل عبدالله السفر عن شعريته ..أو يتخلَّص عواض العصيمي ليست مسقطة من الخارج ،ليست من سطوتها ،لكنها شكلت أفقاً ج��دي��داً ،وإضافة حلية وال استعراضاً لذخيرة من الصور المحتشدة عمَّقت من مستويات القراءة وعمقها في تناول هذه في الذاكرة ..فتصبح عبئاً وعبثاً ،وبمقولة الكاتب األعمال السردية ،ومنحت هذه القراءات النقدية ميزات عديدة شكلت اختالفها وجمالها المقطَّ ر ٍ الفنزويلي لويس بريتو غارسيا «إن حقيقة القصة القصيرة جداً ،مثل حقيقة الشعر ،»....يدخل إلى من جذوة الشعر ومائه الصافي ،الذي كان له أثره قراءة قصص طاهر الزارعي القصصية ،كما يتوقف وحضوره في لغة الكتابة بمجملها ،إذ جاءت محمَّلة عند أب��رز سمات لغة ناصر الجاسم القصصية ،بشحنات شعرية مضيئة ،وخادمة للغة السرد في وه��ي األس �ط��رة ..بحيث يجعل شخصياته تحمل هذه القراءات النقدية. عبدالله السفر
النادي األدبي باجلوف
*
78
ناقد من السودان.
اجلوبة -ربيع 1432هـ
النادي األدبي باجلوف
ردمك978-603-90018-7-4 :
الطبعة األولى
1431هـ 2010 -م
م������������������واج������������������ه������������������ات
مع القاص والروائي السعودي عواض العصيمي..
> حاوره عمر بوقاسم
عواض العصيمي ..اسم يتكرر في سماء اإلبداع «السعودي» ،منذ ثمانينيات القرن الماضي ،بأعمال قصصية وروائية ،تدهش القارئ وتعايشه؛ ينسج رؤيته بأدوات يتفرد بها ..يقول« :اعتقد أن الصلة بين الكاتب وأدواته ..إن لم تكن من القوة والمتانة ،بحيث ال تكون شغله الشاغل ،فإن من األجدى له أن يعيد نظره في عالقته بالكتابة» ..بهذه الجدية التي يتمتع بها أديبنا عواض العصيمي« ..الجوبة» تفتح معه باب الحوار.. تحويلها إلى ال��ورق ،من دون أن أستعجل ف��ي كتابتها أو أستسلم إلغ��راءات�ه��ا على حساب الشكل والمضمون.
< «ذات مرة 1997م»« ،ما من أثر 2007م»« ،أو على مرمى صحراء في الخلف 2002م»، «أك��ث��ر م��ن ص����ورة ..ع��ود كبريت 2003م»، «ق��ن��ص 2005م»« ،المنهوبة 2009م»؛ ما < م��ا أدوات ال��م��غ��ام��رة ال��ت��ي ت��رت��ك��ز عليها م���دى ال��م��س��اح��ة ال��ت��ي اخ��ت��ص��رت��ه��ا ه��ذه لكتابة أعمالك؟ اإلص�����دارات القصصية وال��روائ��ي��ة ،وهل > أعتقد أن الصلة بين الكاتب وأدوات��ه إن أكملت بها مشوارك الكتابي؟ لم تكن من القوة والمتانة بحيث ال تكون > في رأيي ،ال تزال المساحة صغيرة مقارنة شغله الشاغل؛ فإن من األجدى له أن يعيد بحجم الكتابة السردية التي أطمح إلى نظره في عالقته بالكتابة اإلبداعية على إنتاجها ،أو إنتاج ما يشغلني منها ،وبهذا نحو خ��اص .أقصد من ه��ذا أن مباشرة أق��ول إن المشوار ال ي��زال يحفل بوعود الكتابة بطريقة ميكانيكية ت�ج��ري عفو العادة ..و«التساهيل» هي ما يحول الكاتب وأح�ل�ام تغذيني م��راودت�ه��ا ك��ل ي��وم بأمل
اجلوبة -ربيع 1432هـ 79
ال ألوم النقاد من أجلي ،بل من أجل المشهد الروائي كامال. في السنوات األخيرة ..هناك اهتمام جيد بالرواية المحلية أفضل من ذي قبل. الكتابة في الصحافة بشكل يومي تهدد المبدع ،وتستهلك مساحة كبيرة من وقته وجهده. لم أكن اسم ًا المعاً؛ األسماء الالمعة التي تستحق أن تقرأ في الشعر العامي قليلة. األقالم الشابة ،لديها إطالع جيد على األدب المعاصر وفنونه ولكنها منقطعة قرائي ًا عن التراث العربي. ُفضل أن أقرأ قصيدة لفهد ،أو لبدر ،على أن أكتب قصيدة. أنا أ ِّ تغيب بالطبع ،وه��ي هنا توسيع وتعميق دائ��رة الحس الجمالي واالشتغال على اللغة ليس بهدف مطابقة ما سبق ،وإنما باإلضافة إليه ،على أن يجري العمل من دون تكلف وال تصنع فج ،فالنهر قد يجري في أراض جديدة ،بأشكال مختلفة، ولكنه يحتفظ بخصائصه ،وإن ق��ل زخمه في مكان ،وارتفع في مكان آخر ،المهم هو النهر.. وليس الطبيعة التي تتلقاه.
إلى خادم مطيع لشهوة الكتابة كيفما اتفق ،ومن ثم تحيله إلى مكينة إنتاج تعمل على الكم ضد الكيف ،لكن الكاتب عندما يتنبه م��ن البداية إلى أهمية أن يكتب في حضور أدوات ناضجة، مدفوعاً إلى تغيير وعيه الكتابي بالفن واللغة إلى مستويات تتجدد في كل عمل ،أو على األقل تنتقل إلى شيء مغاير ولو بنسبة بسيطة ،فإن عندئذ تصبح جزءاً مهماً من حضوره ٍ الممارسة اإلبداعي أثناء الكتابة ،وال يلزمه أن يفرق بين < في جلسة حميمة سمعت منك تعليق ًا يلوم النقد الكتابة واألدوات ال�ت��ي م��ن دون �ه��ا يقع العمل والنقاد ..هل تخشى أن يصل النقاد ألعمالك؟ في الميكانيكية األفقية الخالية بالضرورة من > ال أل��وم النقاد من أجلي ،بل من أج��ل المشهد المغامرة. ال��روائ��ي ك�ك��ل ،ه��ذا إذا ج��از أن أسميه ل��وم�اً، < ق����رأت رواي���ت���ك األخ���ي���رة «ال��م��ن��ه��وب��ة» ،حقيقة نحن لدينا ك��مٌّ كبير من ال��رواي��ات التي يكتبها خ��رج��ت بانطباع أن لها ب��ن��اءً خ��اص�� ًا اعتمدت ش�ب��ان وش��اب��ات بطموح أن يصبحوا ي��وم �اً في أنت على نسجه ،هل هذا اتجاه نحو المغامرة أفضل أحوالهم الفنية في كتابة الرواية ،ولكن الكتابية التي تؤمن بها؟ هذا الكم الذي يتضاعف عدده كل عام تقريباً، يقابله غياب واض��ح في العمل النقدي الجاد، > ك��ل أعمالي ال��روائ�ي��ة السابقة ،تجنبتُ إع��ادة الجاد وليس النقد االنطباعي الصحافي ،عندنا إنتاجها في عناوين جديدة ،بمعنى أنني أحاول أسماء كثيرة من النقاد ،ولكنها ال أن أض ��ع ك��ل ع �م��ل ف��ي ف�ض��اء تقوم بعملها كما يفترض منها ،بل إن مختلف ،إن على صعيد الشكل بعضها تخاذل بشكل كبير وانجرف أو المضمون ،لكني ال أقوم بذلك م ��ع م ��وج ��ة ال �ك �ت��اب��ة االن �ط �ب��اع �ي��ة بقصد قطع مسار األسلوب العام إلرضاء شهوة الظهور في الصحف للمشروع ال��روائ��ي ،هذا الشيء فحسب ،ومن ثم أصبح بعض هؤالء ال يمكن للكاتب أن يحدثه ..ألن نجوماً إع�لام�ي��ة ..ألنها تظهر في األس �ل��وب مثل البصمة ،أو هو شكل متكرر في اإلع�لام ،وبطريقة بصمة معقدة تنمو مع الكاتب استهالكية ،استهبالية مضحكة، كلما استمر ،ومن الصعب تغيير وال�غ��ري��ب أن بعضهم يعترف بأنه خريطتها أو تخريب خطوطها ال يقرأ رواي��ات محلية ،ورغ��م ذلك ال��رئ �ي �س��ة ،ول �ك��ن ال �م �غ��ام��رة ال
80
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������������واج������������������ه������������������ات
على ضفاف بحيرة الجوف
يبدي رأيه في كل شيء يتعلق بالرواية المحلية، أل�ي��س ه��ذا م��ن األش �ي��اء ال�ت��ي ت��دل على مرض ثقافي من الصعب إنكار وجوده؟ فيما يتعلق بي، أنا ال أطالب أي ناقد أن يكتب عن أعمالي ،بل إنني أطالب النقاد أن يتجنبوا الكتابة عنها إذا كانت العملية ال تخرج من الظهور على حساب ال�ع�م��ل ،أو ال �خ��روج م��ن خ�لال الكتابة بمظهر الناقد النجم .أنا ضد ظهور الناقد النجم الذي يركب األعمال الروائية لمنفعته الخاصة. < ه��ل صحيح أن فترة النضج النقدي ول��ت مع رح��ي��ل رواد ال��ن��ق��د األوائ����ل أم��ث��ال ط��ه حسين والعقاد ورفاقهما؟
> في السنوات األخيرة ،نعم ،هناك اهتمام جيد بالرواية المحلية أفضل من ذي قبل ،وال يعود هذا إلى نشاط نقدي ما ،بل يعود إلى إصرار الكتاب أنفسهم على التعريف بالقدرة السردية المحلية، والدفع بها إلى أفق عربي أوسع ،هذا في نظري هو التحدي الذي أنجزه الكتاب والكاتبات في ال�س�ن��وات األخ �ي��رة ،وم��ن الطبيعي أن يستقبل اإلع�لام هذا الفعل من زاوي��ة أوسع وأكثر قرباً من المشهد ،ال أقول بأن األعمال المحلية كلها جيدة وفي مستوى المنافسة ،ولكن هذا التحرك الجماعي ال��ذي لم يأبه بالذهنية السائدة في
> ال أظ��ن ذل��ك ،فما زال ف��ي الحقل النقدي من يمارس النقد بتمكن وت�ج��رد ،ولكنهم تعرضوا لمزاحمة آخرين يكتبون بكثرة من دون أثر نقدي ي��ذك��ر ،يكتبون لمنافسة ال�ص�ف��وف األول ��ى من الكتاب المتوجين إعالمياً ،وعندما يلتقي هذا ب��ذاك في المضمار اإلع�لام��ي ،وتتسع الدائرة بهذا الشكل ،فمن الطبيعي أن يضطر النقاد الجادون إلى الخروج من المشهد النقدي حفاظاً على مكانتهم العلمية وسمعتهم األدبية. < هل لك أن تحدّ د موقعا للرواية السعودية على الخارطة العربية؟
عواض العصيمي
اجلوبة -ربيع 1432هـ 81
استقبال األع�م��ال ،ول��م يكترث بسلطة النقد ال�م�ك��رس��ة ،هذا التحرك الجماعي الجميل هو الذي فتح الحدود على الرواية المحلية ،وقدم نفسه من خالل إنتاجه إلى العربي وغير العربي أيضاً ،وال أشك في أن كثيراً من هذا المنتج لن يكتب له البقاء طويالً ،إن لم ينس في الحال، ولكن هناك أعمال قوية ومتميزة عرفت وقرئت ،واحتفي ببعضها ع�ل��ى ن�ح��و تستحقه ب��ال�ف�ع��ل ..ول �ي��س م��ن ب��اب الصدقة وبذل المعروف. < وأن��ت ق��ارئ جيد للتراث م��ن العصر الجاهلي واألموي والعباسي ..الخ ،كتَاب اليوم منهم من لم يقرأ وليس لديه أدوات لقراءة هذا الموروث، بقدر حرصه على قراءة بعضهم وما هو مترجم، ماذا تقول في هذا؟
ه��ذا ه��و المجال المطلوب ليكون ك��ات�ب�اً أو ش��اع��راً .ك��ل ه��ذا جميل ومطلوب؛ لكن االنقطاع عن تراث الرعيل األول ،أو عن كنوز التراث العربي عموماً ،بحجة تغير الزمن وتطور األدب ،ه��ذا االنقطاع إنما يعبر عن موقف قصير النظر. < الصحافة جذبت الكثير من األسماء اإلبداعية ،ألم تكن مغرية لك؟ الكتابة في الصحافة في شكل > ي��وم��ي ،أو أس�ب��وع��ي ،ت�ه��دد ال�م�ب��دع ،وتستهلك م�س��اح��ة ك�ب�ي��رة م��ن وق �ت��ه وج �ه��ده خ ��ارج شغله األساسي ،اإلب��داع ،وأعرف كتاب مقاالت كانوا ف��ي زم��ن م�ض��ى ع�ل��ى ق��در ج�ي��د م��ن الحضور اإلبداعي ،لكنهم اليوم فقدوا لياقتهم في الكتابة األدب �ي��ة ،أو ه��ذا م��ا ي�ب��دو ل��ي حسب الظاهر، بدليل أنهم ل��م ينتجوا شيئاً يذكر حتى اآلن. م��ن المحتمل أن�ه��م وج ��دوا كتابة ال�م�ق��ال��ة ،أو العمل الصحافي اإلداري ،خياراً أفضل مادياً وإعالمياً ،وال أحد ينازعهم في هذا الخيار ،لكنه دليل بسيط على خطورة االنشغال بالكتابة في الصحافة ،مع تقديري طبعاً لمن أثبت أنه في المكان المناسب.
> ال أ ّدع ��ي أن�ن��ي ق��ارئ جيد ل�ل�ت��راث ،لكن وجهة نظرك صحيحة ،وه��ذه واح��دة من المشكالت التي تواجه فئة من األقالم الشابة ،لديها اطالع جيد على األدب المعاصر وفنونه ،ولكنها منقطعة قرائياً عن التراث العربي عموماً ،بل إن هناك من يركز في قراءته على المترجمات المنقولة من لغات أخرى ،ويعزف عن قراءة أعمال الرواد < «هذا زمن الرواية»« ..هذا زمن الشعر» ..عبارتان المحليين في الشعر والرواية ،البعض لم يقرأ تتكرران على ألسنة الروائيين والشعراء ،أنت لحامد دمنهوري ،وعبد القدوس ماذا تقول؟ األن� �ص ��اري ،وأح �م��د س�ب��اع��ي، > ه��ي مصطلحات ج��رت على وغ �ي��ره��م م��ن أدب � ��اء ال�م��رح�ل��ة ألسنة النقاد ،وتبعهم اإلع�لام ،من الباكرة من مكة والمدينة وبقية دون دراس��ات نقدية معمقة .وسوا ًء المدن السعودية ،وعندما تسأله كان هذا زمن الرواية أو زمن الشعر، لماذا هذا العزوف؟ ال يجيبك ف��إن المهم ه��و المحتوى اإلب��داع��ي إج��اب��ة واض �ح��ة ،ب��ل ينتقل إلى في كل منهما ،كما أن الفنون تتجاور الحديث عن أسماء عالمية قرأ وت�ت�ح��اور م��ن دون أن يلغي بعضها لها في ترجمات عربية ،ويسهب البعض اآلخر ،وقد يأتي زمن يتقدم في الحديث عن شعراء وروائيين فيه فن من الفنون ويبرز إلى الواجهة، عرب معاصرين ،وكأنه يقول إن
82
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������������واج������������������ه������������������ات
بجوار أقدم مئذنة في تاريخ اإلسالم مئذنة مسجد عمر بدومة الجندل
كما الرواية اآلن ،ولكن تبقى بقية الفنون حاضرة، وإن قلَّت مساحة االهتمام بها ،أو تراجع اإلنتاج فيها؛ فالشعر والسرد والمسرح لم يغب وهجها عندما كبرت مساحة السينما ،وتعاظمت سلطة الصورة في األزمنة المتأخرة؛ بل استمرت في استقطاب المزيد من منتجيها ،وأضافت إليها قراء جدداً ،ومتابعين من كل األعمار تقريباً ،مع مالحظة تباين حجم اإلقبال بين الفن المكتوب واألدائ��ي من جهة ،وبين السينما والصورة من جهة أخ��رى ،لكن الشعر م��وج��ود على مستوى العالم ،والرواية موجودة في شكل واسع ،وكذلك
المسرح ،ما يزال يتحرك ويقوم بدوره في كثير من مناطق العالم ،وأحب أن أشير باختصار إلى مصطلح زم��ن ال��رواي��ة ،وه��و أن أول من أطلقه عربياً كان الروائي المصري عبده جبير في عام 1986م ،في جريدة عراقية ،وكان تحت مسمى أن الرواية (ديوان العرب الجديد) ،ثم تغير إلى مصطلح (زم��ن ال��رواي��ة) على ي��د بعض النقاد العرب في عملية سطو على المصطلح األصل.. كما يؤكد ذلك الروائي عبده جبير في لقاء معه أجراه محمد الحمامصي في جريدة السفير في تاريخ (2005/8/5م).
اجلوبة -ربيع 1432هـ 83
في زيارة إلى دار الجوف للعلوم ومسرحها
< ع��واض العصيمي اس��م الم��ع ف��ي سماء الشعر الشعبي ،كشاعر يملك ص��وت مميز ف��ي هذه ال���س���اح���ة ،ه���ل ق�����رأت ع��ل��ي��ن��ا أس���ط���ر ًا ف���ي ه��ذا االتجاه؟
لألنا وللعالم؛ لكن من الصعب مطاولة شعر فهد وبدر بقصد إزاحتهما عن القمة ،رغم مرور زمن على تواريهما شعرياً عن القراء .هذا هو رأيي الخاص ،أنا أفضل أن أقرأ قصيدة باهرة جديدة لفهد ،أو لبدر ،على أن أكتب قصيدة عامية، علماً أنني توقفت عن كتابة الشعر العامي منذ أن بدأت أكتب في المجال الروائي.
> لم أكن اسماً المعاً يا أخي ،األسماء الالمعة التي تستحق أن تقرأ في الشعر العامي قليلة ،أما الملمعة ،فكثيرة وال حصر لها .من الفئة األولى يأتي في المقدمة الشاعر فهد عافت ،والشاعر < بالمناسبة ،ما المواقع التي تزورها على النت؟ بدر بن عبدالمحسن في حقل القصيدة العامية > ليست ك�ث�ي��رة ،ل�ك��ن ال ب��د م��ن االع �ت��راف بقوة الحديثة الناضجة .أم��ام هذين المبدعين في استيالء النت على المتصفح ،إن��ه عمل أشبه مجالهما ال يمكن ألي شاعر ،باستثناء الحميدي باإلدمان على التدخين ،غير أن التورط اليومي الثقفي ،أن يقول إنه يضاهيهما في قوة الموهبة فيه ال دخان فيه وال نار ،وإن كان حرق الوقت وعمق الرؤية وجبروت الحضور الشعري ،يمكن ال�ط��وي��ل ف��ي التصفح ال يختلف ف��ي النتيجة ألي شاعر أن يكتب قصيدته على ضوء تجربته المدمرة عن حرق السيجارة ،وتأثير النيكوتين ال�خ��اص��ة ،ووع �ي��ه ال�ش�ع��ري ،ون�ب��اه�ت��ه اللغوية، في الجسم يقابله في النت تأثير الفقر الثقافي وفطنته ف��ي اخ�ت�ي��ار ال��زاوي��ة ال�ت��ي تمثل رؤيته والمعرفي ال��ذي يعرضه النت على المتصفح ط��وال ساعات متواصلة ال انقطاع فيها .النت من هذه الزاوية ،ومن هذا االستخدام ،عدو قوي للقراءة والكتابة والتفكير ،وحتى التأمل السليم. بل يحيل اإلنسان إلى أداة معطلة ذهنياً ،وفكرياً، مثل كثير من القنوات الفضائية العربية وغير العربية التي تستهدف مشاهدين م��ن السهل وأتباع مطيعين ٍ تحويلهم إلى متفرجين دائمين.. لها في كل شيء.
84
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������������واج������������������ه������������������ات
حوار مع الشاعر املغربي صالح بوسريف > حاوره :عبدالرحيم اخلصار*
هناك ِحرَاك جليّ اليوم في الساحة الثقافية المغربية، ال يُعْ زَى إلى حركة المُ ؤسسة ،بقـدر ما يصنعه الكثير من وجدِّ يَتِ هم األفراد الذين تَحَ وَّ لُوا بفضل انشغالهم الدَّ ؤُوبِ .. إلى مؤسسات .ويمكن للمتتبع الذي ال تخدعه العين أن يلحظ ذلك في كافة مجاالت التأليف ..من النقد إلى الرواية ،ومن القصة إلى الشعر والفكر. ووسط هذا الحراك ..تنشب أحيانا بعض المعارك السرية أو الظاهرة أحيانا ،بسبب اختالف وجهات النظر ،وفي أحيان أخرى بسبب قِ َصر النظر. وكي نقف عند حقيقة السجاالت الثقافية المغربية ،فتحنا الحوار مع الشاعر صالح بوسريف ..محاولين فهم وضعية المؤسسة الثقافية بهذا البلد األمين ،والوقوف عند العالقة الملتبسة بين الراهن السياسي والمثقف. في هذا الحوار يوجه بوسريف انتقاداته لبيت الشعـر واتحاد كتاب المغرب ،وللنقد السائد ،ولـ[ربابنة] الثقافة أيضا. لصالح بوسريف إسهامـات مهمة في المجال النظري ،هي :رهانات الحداثـة ،96 المغايـرة واالختالف في الشعر المغربي ،98بين الحداثة والتقليد ،99فخاخ المعنى ،2000مضايق الكتابة ،2002الكتابي والشفاهي في الشعر العربي المعاصر 2006إضافة إلى أعماله الشعرية :فاكهة الليل ،94على إثر سماء ،97شجر النوم ،2000نتوءات زرقاء «خبـزُ العائلة» ،وهو ديـوان ،2002شهوات العاشق وحامل المرآة ُ ،2006شرفة يتيمة ،جُ 1 يجمـع بيـن الكتابـة والصوت. يكتسي هذا الحوار أهمية كبيرة ،ألنه يسهم بشكل جدّ ي وواع في إزالة العديد من األقنعة ،وفي رد االعتبار لجالل وهيبة الكتابة عوض تقديس األشخاص والمؤسسات.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 85
< تقُ ول في ديوانك «حامل المرآة»:
«سَ َيبْدُ و الهَواءُ عَ ارِ ي ًا
والشجَ رُ َّ
سَ َيبْدُ و كما َل ْو أنَّهُ َف َق َد أ ْنفَاسَ هُ »
أرج��و أن يكو َن هَ ��واءُ الكلمات ،من خالل هذا ال��ح��وار ،بيننا ،عَ ���ارِ ي���اً .ه��ل ك��ان ه��ذا العمل ال��ج��دي��دَ ،ر ّد ًا شعري ًا على وضعيات ثقافية محدَّ دة؟
مثالً ،فإنني أب��دأ ُ من ال� ِ�ج��راح التي طالتني، ألذهب إلى غيري ممن طالتهم الجراح نفسها، أو الخيانات نفسها باألحرى .وما يجع ُل الجُ ر َح فادِ حاً ،هو أن تأتيك الخيانة من أهل بيتِك! أو هكذا كُنتُ أتص َّورُهم ،انظر ما يقولُه المسيح عن أهل بيته في الديوان. فكيف إذاً ،تُري ُد الكتابة أن تكون خالية من َم� �وْقِ � ٍ�ف ،أو ت �ك��ون ،ب��األح��رى ُم ��حَ ��ا ِي� � َدةً ..ال فالحياد في الكتابة ،يُشْ ِب ُه البُرود ،ألنَّ يُمكنِ ، العالقة ،في هذا الوضع ،هي وُجُ ��ود طرفين يتفاعالن ،ويتبادالن شيئاً ما .ليس ضرورياً أن يكون تبادُل المحبة ،هو األساس ،قد يكون تبادُل العداء حافزاً ،أيضاً الستشعار اآلخر في ذاتكَ ..وال داعي الستحضار رامبو هُنا.
> قد يبدو عنوا ُن الدِّيوان عَ تَ َبةً ،السْ تِشْ عار ما انتَ َبهْتَ إليه .فالمرآة ،تحم ُل جُ مل ًة من األبعاد، وهي دَالٌّ مفتوح على أكثر من احتمال ،لعلَّ يس ،حين تَنَ َّب َه لآِ خَ ِ ��ر ِه في الماء، وضعية نَر ِْس ْ تَك ِْشفُ عن حَ جْ مِ الخَ سارة التي قد تَ ْعتَرينَا، ونح ُن ننظُ ُر إلى حقيقة هذا اآلخَ ر ،في هذا < ف��ي ه��ذا العمل ت��ع��ودُ لتتقاطـع م��ع نصوص كشف، ٌ الصقيل؛ فالمرآةُ ،بقدر ما هي الجسم َّ ال ْوت ُْسو ،وسقـراط، التـوراة واإلنجيل ،وفلسفة َ َضحٌ ،وتَعْرِ يَةٌ. فهي ف ْ ونيتشه ،وأوفيد وطرفة بن العبد ،وبشار بن بُ���رد ،وال��غ��زال��ي وال��ح�لاّج ،وغيرهم؛ ه��ل كُ نْتَ الشِّ عرُ ،وفق هذا المنظور ،هو َر ٌّد دائٌ��م على َّقاطع مع نصوص الماضي، تُكِ نُّ في هذا الت ُ الصراخ وضعيات ،أو أوض��اع ،وه��و ن��وع من ُّ ٍ ِّضا واالرتياح على الحاضر نوع ًا من عدم الر َ ال ��ذي يسب ُق إط�ل�اق ال � َّن��ار .فما نعيشُ ه من ��ك ب��كُ ��لِّ ه��ؤالء ��ج��مَ ��عُ َ ال��ث��ق��اف��ي؟ وم���ا ال���ذي َي ْ والخيَاناتُ ، الجرَاحُِ ، وضعيات ،تفا َقمَت فيها ِ المتمردين الكبار؟ فيها ،تَتَوَالى ،وتتناسَ ل ،تجع ُل الكتابة تكون استنكاراً دائماً ،لِما يجري ،ويحدُثُ .األمرُ، َضعاً ثقافياً ما ،بل يَسْ ري على صو ْ هنا ،ال يَخُ ُّ َداع مُستَمِ ٍر، ُك ِّل الجسم العربي ،الذي هُو في ت ٍ تذكَّر الحديث النبوي ،ح��ول تداعي الجسم كامالً ،حين تُصابُ بعض أطرافه بعلة ما... هو ما سيقولُه نيتشه بطريقته الخاصة.
86
وأن��ا حين أُش �ي � ُر إل��ى ال� ِ�ج�س��م ال�ع��رب��ي ،وفي ال��دي��وان ،بُ ْع ٌد إنساني لهذه المأساة ،ال َِح��ظْ وُجُ � ��و َد س�ق��راط والمسيح ،إل��ى ج��ان��ب بشار
اجلوبة -ربيع 1432هـ
نصوص ،بل مع ح��االت. ٍ > ل� ْم أ ُك��ن أتقاط ُع مع وحين يكون األم ُر مُتعلِّقاً بالمُتأمِّلينَ ،أو بمن يشتغلون بالتفكير ،ومُراقبة ال�وُجُ ��ود ،يُصب ُح األم ُر أكثر فداحَ ةًُ .ك ُّل هؤالء الذين َذ َك ْرتَهُم، َشعرُون طَ التْهُم جراح هذا الوُجود ،وكانوا يَسْ ت ِ ما يجري من خالل التعبير عنه بالكتابة؛ ِبنَ ْقلِهِ رح شخصي ،إلـى جُ ـرح وُجُ ـودي .أليس من جُ ٍ وُجُ ـودُنا على األرض هو نـوع من العقاب ،ثمَّة خطيئة ما حَ َدثَتْ في أز ٍَل ما ،نح ُن ما نزا ُل
ال يمكن للكتابة أن تكون خالية من موقف. ُفرض عليك في الظالم.. وضها ،هي التي ت ُ الحروب التي قد ت َُخ ُ أخطَ رُ أنواع ُ ليست الدولة من خَ رَّ ب اتحاد كُ تاب المغرب ،بل األحزاب ،واألفراد. نَ ْد َف ُع ث َمنَها ،وأن تَ ْد َف َع ثمن ما لم تَ ْف َعلْهُ ،فهذا
هو أقسى جُ رح .ولعلَّ ما ذهَ بَ بي إلى هؤالء
تحديداً ،هو هذا الجُ رح الكبير الذي يطالُنا دون ه��وادَة ،وهذا القت ُل الذي ال يفتأ يأ ُكل ُنا، رغم مُواجَ َه ِتنـا له .فنيتشه ،كتاباتُـه كُلها تعبير
عن فداحَ ــةِ ما جَ رى في زمنه ،واقرأ ما يقُولُه
عن األلمان ،والنقد القوي الذي وَجَّ َه ُه لهُم، وكذلك نص دفاع سُ قراط عن نفسه ،فهو لم
يكن دفاعاً ،بقدر ما كان إدان��ة .وهو ما قاله ال�ح�لاج ،وه��و مصلوبٌ ،حين كانت أط��را ُف� ُه
م������������������واج������������������ه������������������ات
الشعر عندنا في المغرب لم يبدأ بعد ،وما يجري هو نوع من الكتابـات الصحفيـة نقدُ ِّ المُ بتذلة
ألنَّها شهادة وتَثْبِيتٌ . < ِع ْ��ش��تَ عشر سنوات من العُ زلة ،أغلقتَ باب اتِّ��ح��اد كُ ��ت��اب ال��م��غ��رب ،وب��ع��ده ب��ي��ت ال ِّ��ش��ع��ر، وفتحت غُ رَف ًا أخرى لتأمُّ ل الذات ،وما يُحيط لديك َ بها ،وإلع��ادة النظر ،فيما ص��ار ي ُْشبِ هُ الماضي الثقافي ،هل كان البُعد عن المؤسسة خيار ًا فردياً ،أم أنَّ��ك وج��دتَ نقسَ ك مدفوع ًا للشاعر أن يكسبه أو إليه؟ وم��ا ال��ذي يُمكن َّ يخسره ،حين يترُ ك ه��ذه األفضية ،ويجلس إلى ذاته من أجل الكتابة؟
تُ� َم �زَّق ،كما لو ك��ان هو مُرتَكِ ب خطيئة هذا > أنتَ تعرف أنَّ الشاع َر ليس له ما يخسرهُ .فهو الوُجود. دائماً يُوالي الخسارات .المُؤسسات الثقافية، دائماً هناك عدم رضا ،وإ َّال ماذا سيكو ُن ما في العالم العربي ،ال يُمكنها أن تكون نافذة نكتبُ ُه إذا ك��ان اقتناعاً بما ي�ج��ري .خطاب يلتجيء للمعرفة ،فهي نافذة للكَسْ ِب ،لهذا ِ الرضا ،والقناعة ،هو خطاب سُ ل ْطَ ة ،خطابُ صو َن إليها َم ْن ال عالقـة لهم بالكتابـة ،ويَحْ رِ ُ من يُ َبرِّر الهزائم ،والمُؤامرات ،ويُ َبرِّر القتل، أو يَدَّ عيه ،في ما يكو ُن هو القاتِل الحقيقي.
وضها ،هي وأخطَ ُر أنواع الحُ روب التي قد تَخُ ُ
ُفرض عليك في الظالم.. التي ت ُ
ل��ذا ف��ال��ذَّ ه��ابُ نحو الكبار ،ه��و تحجيم لمن يَسْ َع ْو َن إلى إبْعادِ كَ ،أو لَجْ مِ لسانِك عن قول
ما يجري ،وتثبيتِهِ ،وأنت تعرف ،أن الكتابَة،
بعكس الكالم ،هي تثبيتٌ ،كما يقول دري��دا، فيما ال�ك�لام ا ِّم �ح��اءٌ .ه��ؤالء يخافون الكتابة
اجلوبة -ربيع 1432هـ 87
على تَ َولِّي شُ ؤونِها ،إمّا بدعم من الدَّ ولة ،أو من األح ��زاب ،أو باستعمال الجامعة ،وهذا أم��ر ي�ح�دُثُ اليوم عندنا في المغرب بشكل ق��ات� ٍ�ل ،لتفريخ أص ��وات ،يَ� ِت � ُّم استعمالُها في لصنْع التصويت ،للحُ صول على المناصب .أو ُ األصنام ،من خالل ما يكتبـونُه عن أشخـاص دون غيـرهم (انظر ما يُنشر عندنا من ُكتُب موضوعُها ،وهو ُ ودراس��ات) .الشخص نفسه ف عليها ،و َم � ْن يطبعُها ،أليس هذا من يُ��شْ ��رِ ُ تَ ْدلِيساً في حَ ��قِّ المعرفة ،وتحديداً في حق الشِّ عر ..أهذا هو الحقُّ في الشِّ عر!؟
88
الكُبرى ،وفق هذا المنطـق البليد الذي أشـرتُ إل�ي��ه ،ب��ل األف �ـ��راد ،وليس م��ن يَ��دَّ ع�ـ��ون اليُتْ َم والقتلَ ،وه��م ال يَحْ َي ْو َن إ َّال ب��اآلب��اء ،وه��م َم ْن يسعون لقتل ُك ِّل حاالت الضوء التي تتبدَّ ى في أُف ٍُق ما .لهذا ،فعُزلتي ساعدتني كثيـراً ،على إنجـاز أعمالي ،التي طالما أجَّ لْتُها ،والعُثور على وضها اليوم ،في المُمارسـة، الطُّ رق التي أخُ ُ كما في النَّظر .فاب ُن خلدون حين كان ُمتَسكِّعاً ال ُنج َز عم ً في أروقة السُّ لطة ،لم يستطع أن ي ِ مفيداً ،هذا حدث له ،عندما اعتزل في قلعة ابن سالمة في تونس ،وكانت نتيجة العُزلة، عمله الكبير كتاب «المقدمة» ،وهذا ما جعله حاضراً معنا اليوم ،وليس بدسائسه ،وأطماعه التي أشعلها من أجل أشياء تافهة.
ال � ُم �ث �ق��فُ ،أو ال��شَّ ��اعِ � ُر ال � َم � ْع � ِن��يُّ بالمشاريع الثقافية الحقيقية ،سَ ي َِج ُد نفسه ،خار َج هذه ال�لُّ�ع�ب��ة ،وس�ي�ج��د ن�ف��سَ ��ه ،ع��اري �اً ،يُ��داف��ع عن مشروع ال أحَ � َد يرغَ بُ فيه؛ فمشروع اتحاد < دعنا نقول الحقيقة دون أن يعني ذلك اليأس، أال ترى أن المؤسسات الثقافية في المغرب كُتاب المغرب ،ا ْمت ََّص ُه الحزب ،ومشروع بيت تعيش حالة من اإلهمال والنكران والتهميش الشعر ،أكلتْ ُه النزعات الفردية ،ومنطق الهيمنة الكبير ،بحيث ال تجد لها أي صدى أو أثر في واالستحواذ. سيرورة األحداث الكبرى في هذه البالد؟ وه��ذه ه��ي مُصيبة الثقافة العربية ،والعمل > هذا هو مصي ُر ُك� ّل المؤسسات التي تَتَقَا َد ُم الثقافي ،كما قال الشابّي ،الذي عاش الوضع م �ش��اري � ُع �ه��ا أو ت��م��وت .ف �ك��رة ا ِّت� �ح ��اد ُك � َّت��اب ن�ف�س��ه ،أل َّن �ه��ا ت �خ �رُج ع��ن سياقها الثقافي، المغرب ،مثالً ،أو اتحادات ال ُكتَّاب ،في العالم وتتحوَّل إلى سياقات األطماع والمُواجهات. العربي ،كما أشـرتُ في استطالع ،منذ أكثـر ليست الدولة من خَ رَّب اتحاد كُتاب المغرب، من سنة ،وكما أكَّدتُ ذلك في رسالتي لرئيس بل األحزاب ،واألفراد ،واألمر ذاته ينطبق على اتِّحاد كتاب المغرب ،لم تَعُد ذات جدوى ،ألنَّها بيت الشِّ عر ،ال��ذي هو أيضاً أصبح محكـوماً ضرو َرتَها ،وأصبح االتِّحاد يعمل من استنفذت َ �ص��ة ،وه ��ذا م��ا ج� � َّرهُ إليه �اص� َ بمنطـق ال � ُم��حَ � َ دون مشروع ثقافي ،ومن دون سياسة ثقافية رئيسُ ـه األوَّل ،الـذي أقصى َم ْن أقصى ،وقتَ َل واضحة ،تستطي ُع أن تُساير ال َّت َغيُّرات الطارئة، م��ن ق�ت��ل ..وج��اء ف��ي نهاية المطاف ليَدَّ عِ ي وم��ا أصبح يَ ْعتَمِ ُل في الساحَ ة الثقافية من ال َموْتَ واإلقصاء. �ات ،ل��م تَ� ُك��ن م��وج��ودة م��ن قبل .حتى ُم�ق�تَ� َرح� ٍ ليس مُهماً أن تَفْشَ َل في نظري هذه المشاريع، شريحة المنخرطين الجُ دد في االتحـاد ،الذين �زاب، جـاءوا إليه من الكتابة ،وليس من األح� ٍ ليست المؤسسات ه��ي م��ن يبني المشاريع
اجلوبة -ربيع 1432هـ
هذه المُؤسسات ،لم تعُد ذات مصداقية ،وأنت ترى أنَّ عدداً كبيراً من الكُتاب والشعراء ،لم تَعُد تعنيهم ه��ذه المؤسسات؛ ألنَّ ما سَ عَوا لتغييره ،وم��ا ك��ان��وا يعملون م��ن أج��ل بلورتِهِ ك �ت �ص��ورات ،وب��رام��ج ،ل�ل�خ��روج بها م��ن وضع ُوج � َه��ت ،بتدخُّ الت ال عالقة لها الغيبوبة ،و ِ بالشأن الثقافي .يُمكنُك أن تقوم بجـرد بسيط ألسماء المنتسبين لالتحـاد ،ستُفاجأ ب ُوجـود أشخاص ،ال تستطيع أن تعرف مُبرِّر انتسابهم لهذه المؤسسة .أو َم ْن هُم في المشهد الثقافي في المغرب!
التهميش ط��ا َل هذه المؤسسات من داخلها، وهذا ما ُكنَّا من قبل ،نعيبُه على وزارة الثقافة، ال�ت��ي ه��ي ق�ط��اع م��ن قطاعات ال��دول��ة ،وهي < هل ق��در المثقف المغربي أن يغض الطرف ع��ن الحياة ال��ع��ام��ة ،ويكتفي بالجلوس إلى مؤسسة من دون سياسة ثقافية ،ومشروعاتُها طاولة صغيرة في الحانة كل يوم يندب حظه م�ن��ذ االس �ت �ق�لال إل��ى ال �ي��وم ب� ��اءتْ بالفشل. العاثر الذي لن يستقيم؟ أال ترى أن التاريخ َرض فيها فحين تُصبح المؤسسات ،التي يُفت ُ السياسي الراهن أفرز المثقف الذي ترتاح له أن تكون مُستقلة ،خاضعة لبرامج ال ��وزارة، السلطة؟ ولما يأتي من هذه ال��وزارة ،فاألم ُر يُضاعِ فُ م��ن قلقنا ،ألنَّ ه��ذه ال�م��ؤس�س��ات ،أصبحت > السُّ لطة لم تعد مشغولة بالمُثقف؛ فتجربة تبحثُ عن ُك � ِّل ما تُتَمِّم به تقاريرها األدبية ما سُ مِّيَ بالتناوب ،أفسَ دَت ُك��لَّ ش��يء ،ألنَّها التي تتقدَّ ُم بها للمؤتمر ،وتُراهن على الكم، أقحمت ،ف��ي استجابتها للحُ كم ،أشخاصاً ال على طبيعة عمل المؤسسة ،والغرض الذي محسوبين على المثقفين ،فكانت النتائج التي من أجله و ُِج�دَت .فما الذي سيجع ُل من هذه أفرزوها كارثية ،ليس على الثقافة فقط ،بل المؤسسات تكون حاضرةً ،في ما هي ،غير على المُثقفين .لهذا أصبحت السُّ لطة تتحدث موجودة في األصل.. عن التقنوقراط ،بوصفهم الخيار المُمكن ،في مواجهة انتهازية المثقفين ،وتهافتهم .قِ لَّة مِ َن األم��ر نفسه ي�س��ري على بيت ال��شِّ �ع��ر ال��ذي
م������������������واج������������������ه������������������ات
ع�ل��ى االت �ح��اد أن ي�ت�ع��ا َم� َل معهم م��ن منظور مُغاي ٍِر ،ال بوصفهم نِصاباً قانونياً ،لتَمرير، القوانين والبرامج ،التي تتح َّولُ ،فيما بعد إلى أداة لقمع الجميع.
تَ َّم تدْمي ُرهُ ،وتجميد مشروعه الشِّ عري الذي �ص �وُّر ج��دي��د للشعر ،وللعمل أسَّ ��سْ �ن��ا ب��ه ِل �تَ� َ الشِّ عري .والتَّحدِّي المطروح اليوم على هذه المؤسَّ سات؛ أن تستوعِ بَ ،أ َّوالً ،ما يجري في الساحة الثقافية بالمغرب ،وأن تفتح حوارات، أو تعقد لقاءات للحوار ،مع َم ْن ي ُهمُّهم األمر، ألج��ل ال�ب�ح��ث ع��ن َم��خْ ��رَج ،وت �ف��ادي السكتة القلبية التي أصبحت وشيكةً. ال يُمكن للعمل الثقافي أن يكو َن مُج َّر َد لقاءات نعقـدُها هنا أو ه�ن�ـ��اك ،ف�ه��ذا م��ا أصبحت تُنجزه جمعيات محلِّيَة بطريقة أفضل من ه��ذه المؤسسـاتُ .ك � ّل مؤسسة ،ال تُحافـظ على استقالليتها ،وال يكون لها مشروع واضح، مبنياً في سياق حوار جديِّ ،وعميق ،مع ذوي االخ �ت �ص��اص ،وب�ن�ـ��وع م��ن الشفافيـة ،وقبول االختالفات ال ُممْكِ نة ُكلّها ،ال يمكنها أن تخرُج من نفق الهزائم التي تعيشُ ها.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 89
المٌثقفين ،هُم من نَ � َأوَا بأنفسهم ،منذ بداية اللعبة ،عن هذا الفخ ِّ؛ ألنَّهم استشعروا خُ طورة ما يجري ،ولم يكونوا طَ رَفاً في حوار التناوب، إذ لم يكن هناك ح��وار أص�لاً .فحين نُقصي المُثقف ،من تقرير مصير بَل ٍَد بكامله ،ونعطي الكلمة ،للسياسي ،أو للمثقف الذي تربى في أحضان السياسة ،أعني الحزب ،فإن النتائج، ال يُمكن أن تكون إ َّال بالصورة التي آلت إليها (انظر ما حدث في وزارتي التعليم ،والثقافة، مثالً).
المُثقف كان دائماً قو ًة اقتراحيةً ،ولم يكن آل ًة لتنفيذ ما هو ُم�ق�رَّر سلفاً .فهو شريك ،وال يقبل أن يكون كُو ْم َبرْساً في مسرحية رديئة، ُصهم الموهبة. بممثلين ،تنق ُ ؤخر ًا بيـانا للشعراء المغاربة تنـاول < أطلقتَ مُ َّ العديد من القضـايا الحساسـة والمُ حرِ جَ ة ، وأ ْو َردْتَ فيه ما يأتي:
«أساء إلينا النقد .زاَوَلَ علينا خَ �� َد َرهُ ،وحوَّ لنا إلى غابة ،شَ جَ رُ ها ال فرق بين أنواعه ،شَ جَ رَةٌ واحدة تكفي لِ ت َْس ِميَةِ الغَابَة»..
هل كُ نتَ تقصدُ أنَّ المغرب ظلَّ خالل العُ قود األخ��ي��رة مظلوم ًا شعرياً ،بحيث ك��ان يُ��ش��ارُ ، دائم ًا وفقط ،إلى أسماء قليلة ،هي التي أو َكلَت إلى نفسها مهمة تمثيل أكثر من ثالثة أجيال من الشعراء في هذا البلد؟
> أرجو أن يقرأ المغاربة ،وحتى غير المغاربة، س هذا البيان ،فهو نداء ،فيه حاولتُ أن أ ُالمِ َ الممنوع ،وما ال يُسْ َم ُح بقولِهِ ،أو ما يُقال بنـوع من التَّخَ فِّي والتَّقِ يَةِ .
90
نق ُد الشِّ عر عندنا في المغرب لم يبدأ بعد،
اجلوبة -ربيع 1432هـ
وم��ا يجري هو ن��وع من الكتابـات الصحفيـة المُبتذلة ،أو ك�ت��اب��ات ،تعمل بعض الشُّ عَب، ف��ي ُك �ل �ي��ات ُم� �ح ��دَّ دة ،ع �ل��ى ال �ت��روي��ج ل��ه من خ�لال توجُّ هات مُعينة ،إل��ى درج��ة أنَّ هناك، ممن يدَّ عون االنتساب للشعر ،يفرضون على الباحثين ،استنسـاخ طُ �رُقِ �ه��م ف��ي الكتابـة، َص� �ل ُ��وا إل �ي��ه م��ن ن�ت��ائ��ج في واس�ت�ن�س�ـ��اخ م��ا و َ ُنجز من أطاريح حول الشِّ عر أطاريحهم .ما أ ِ المغربي ،أعني المنشور منه ،ك��ان نوعاً من ال�ق��راءات التي وضعت قوانين لهذا الشِّ عر، حتى قبل أن تَ��شْ � َر َع في ق��راءت��ه ،وه��ي اليوم، انتهت ،وال يُ َروَّج لها إ َّال داخل الجامعة نفسها، ألنَّها لم تُسْ هِ م في خَ ل ْقِ أُفُق شعري جديد ،وال أراض أ ُخرى ،بل في فتح النص الشِّ عري على ٍ أسهمتْ في تعطيل كثير من االنفراجات التي كانت قد بدأت تظهر آنذاك. ه��ذا ما جعل المشارقة آن��ذاك ينظرون إلى الشعر المغربي ،بنوع من االزدراء ،ألنَّ هذا ال�ن��وع م��ن ال �ق��راءات ،وه��و م��ا ي��زال مُستمِ ّراً صو ٍَر أكثر فداحَ ةً ،كان يسعى إلى اليوم ،في ُ لتكريس أسماء مُحدَّ دة ،هي التي تجدُها اليوم في ُك ِّل مكان. اليوم تَ َغ َّير َِت األمور ،فوسائل االتصال الحديثة عَ �رَّت ه��ؤالء ،وكشفـت عن حقيقة ما يجري في األراضي الشِّ عرية في المغرب .لهذا فأنا ال أرى أن هناك من يُ َمثِّل األجيال المغربية بمختلف تنوُّعاتها ،أو يَنُوبُ عنها في الكالم باسْ مِ ها ،ألنَّ النصوص والتجارب أصبحت مُتاحَ ةً ،وتُقرأ في أكثر من مكان ،وال ينبغي أن نتعجَّ ل ال�ن�ت��ائ��ج ،أو يُ��زع��جُ �ن��ا م��ا يجري. ف��اإلع�لام ،مع األس��ف ،أفسَ َد الثقافة ،و َر َّو َج ألمور ،ال صلة لها بما هو حادِ ثٌ عندنا. ٍ
< نعم ،نحن نعرف ربما ما الذي يقصده المشارقة حين يصفون المغرب بأنه بلد نقد ،لكن دعني أسألك أين يوجد النقاد المغاربة اآلن؟ وماذا يفعلون؟ صدر مؤخرا عمل شعري مميز لمحمد بنطلحة ،وقبله صدرت األعمال الكاملة للشاعر محمد السرغيني المثقف المغربي الوازن ،الذي لم ينل حظه بعد في أوساطنا الثقافية ،وربما هو اآلن في غنى عن هذا الحظ ،لكن النقاد لم يكتبوا شيئا عن هذين العملين الكبيرين ..وعن غيرهما طبعا ،م��اذا ينتظرون؟ هل ينتظرون أن تكتب اآللهة شعرا حتى يراجعوا أعمالها؟ وبالمقابل تجدهم يكتبون عن رؤساء التحرير ال��ع��رب وع���ن أس��م��اء نسائية م��ن الخليج وم��ا جاوره ،ما الذي يقع؟ > نح ُن نُعاني من عُقدة اآلخر ،وببساطة ،يعو ُد ه��ذا إل��ى ام�ت�لاك ه��ذا اآلخ��ر ،ال��ذي س َّميْتَ ُه ال �م �ش��رق ،إلم �ك��ان��ات ل�ت�س��وي��ق ك �ت��اب��ات��ه ،من م�ج�لات ،وج��رائ��د ،ودور نشر ،ومهرجانات، وقنوات فضائيةُ ..كلُّها تصلنا ،وتُ � َو َّز ُع عندنا بشكل منتظم .وه��ذا م��ا خلق وَهْ � � َم األسماء عندنا ،دون قيمة األعمال .هذا ما سيد َفعُ، َم ْن تُسمِّيهم بالنُّقاد ..يذهَ بون إلى المشرق، *
األسماء المُهمة في المشرق ،ال أح��د يَكتبُ عنها ،نظراً ألهمية مشروعاتها في الكتـابة وال � َّن �ظ �ـ��ر ،وح �ت��ى ح �ي��ن يُ � ْك �تَ��ب ع��ن ه���ؤالء.. تكون تلك الكتابات صحفي ًة ُمبْتَ َذلَةً .محمد السرغيني ،ومحمد بنطلحة ،وأضيف عبدالله زريقة ،وشعراء من الجيل ال��ذي أنتمي إليه، ومن األجيال التالية ،تجاربُهم تتجا َو ُز معارف ه� ��ؤالء ال � ُّن �ق��اد ،أل َّن �ه��م ال ي�م�ل�ك��ون ال�م�ع��رف��ة الشعرية الكافية لالقتراب من الشِّ عر .هؤالء ُخرجهم من حالةِ البيات هم من تُعْوِ زُهم آلهة لت ِ المعرفي الذي يعيشونه ،إلى مُراقبة الصيرورة، ومُزا َولَتِها .إنَّ عجزهُهم عن مُسايرة ما يَحْ دُث شعرياً ،هو ما يجعل ُهم يذهبون إلى غير الشِّ عر. والذَّ هاب إلى الكتابة عن رؤساء التحرير ،وعن نساء من هنا وهناك ،هو أحد مُبرَّرات هذه الدُّو ِنيَة التي يعيشونَها في رؤيتهم لما يجري. والنَّق ُد هو مشروع ،هو رؤية ،و ُك ّل ما ال صلة له بمشروع هذا الناقد أو ذاك ،فال داعي له. حين يصير النَّقد كتاب ًة بدون أفق ،فالنتيجة تكون بالصورة التي تكلَّمتَ عنها .نح ُن في المغرب ،وبخاصة في الشِّ عر ،ليس لدينا نُقّاد أصحاب مشروع نقدي واضح.
م������������������واج������������������ه������������������ات
إنَّ أخطر ما يُرعِ بُني شخصياً ،هو هذا النق ُد الذي أصبح يُكتَبُ اللغة بنفسها ،والكالم ذاته، وأصبح نوعاً من استنساخ النتائج؛ كأننا إزاء نص واح��د يتناوب الشُّ عراء على نَسْ ِخهِ ،وال فر َق بين شاعر وآخر .هذه هي لحظة الحرَج التي تُف ِْس ُد اليوم ما يجري ،ليس في المغرب فقط ،بل في العالم العربي .وه��ذا بعض ما أقص ُدهُ بإساءة النقد.
أل َّنهُم يبحثون عن مواقع لهُم هناك ،وكتاباتُهم عن المشارقة هي نوع من جوازات المُرور.
وكيفما ك��ان ال �ح��ال ،فنحن لسنا ف��ي حاجة ل�ه��ؤالء .نحن ف��ي حاجة إل��ى ال�ه��دوء ال�لازم، لنَنْكَبَّ على مشروعاتنا .والمُستقب ُل كفيل بكشف الحقيقة ،أعني كشف قيمة ما نعمل على إنجازه .هذا ما تعلَّمناه من تاريخ المعرفة منذ اإلغريق إلى اليوم.
شاعر وناشط ثقافي من المغرب.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 91
أحمد اخلطيب شاعر أردني يرى أن الشعر هو انسجام مع الذات > حاوره في اربد :عمار اجلنيدي*
بعد سجال طويل مع الشعر دام أكثر من ثالثين عاما، ترنّح فيه مُ نجز ينوف العشرين ديوانا من الشعر ،وثالثة كتب متخصصة في النقد الشعري؛ ما يزال الشاعر «أحمد الخطيب» ينهل من معين األبجدية قو ًال مهموم ًا بالتجريب الشعري ،ومحتفي ًا بالرؤى التي تفيض صور ًا ذهنية تتعالق في أخيلتها مع روح اإلبداع وضميره. وفي ح��وار موسوم بالتلقائية ،وض��اجٍّ بالبوح باالستفزاز المريح.. ف��إن��ه ي���رى ال���س���ؤال ع���ن ماهية لحظاته األولى» ،لإلنسان مكانة تحت قبّة
الشعر بأنه« :س��ؤال مباغت؛ ألنه ربما
الشمس ،أو تحت ظ�لال زيتونة مباركة،
يكلفني عناء التجوال في سيرتي الذاتية .لهذا كان للشعر مسارهُ في ال��دم ،وسعي ُه ال أظ��نّ أن الشعر منفصل ع��ن حيثيات
ال عن عتبة لالنتشار مع عوالم النبض ،بدي ً
هذه السيرة؛ فإذا ما نظرنا للخلف قليالً،
الظالم ،وشقوق المجرى الذي ذهب بعيداً
سأجدني بين فكيّ رح��ى ،ت��دور ،وتطح ُن في تحنيط الروح والجسد ،إذاً الشعر هو ك ّل شيء جميل ،لم يبق هذا الزمن «أقصد
هذا النقاء ،وهذا الفلتر -إن جاز التعبير-
الزمن ال��ذي تواجهتُ فيه مع الشعر في الذي ينقّي الدم من الشوائب التي تتراكم
92
اجلوبة -ربيع 1432هـ
م������������������واج������������������ه������������������ات
من ضغط الواقع ،نعم الشوائب الجرثوميّة التي
تصيب اإلنسان بما أسميه الخمول الطارىء ،من
هنا أستطيع اإلجابة على سؤالك لماذا الشعر: ألس�ت�ف� ّز ال�خ�لاي��ا ف��ي ال�ج�س��د وال� ��روح ل�ت�ق��اوم، وتمضي ف��ي سبيلها إل��ى تصليب ع��ودِ الكائن،
وقدرته على المواجهة والمجابهة».
القصيدة مفتاح الحياة وه ��و ي ��رى م�ع�ن��ى مختلفا ل�لإن �س��ان عندما
يكون ش��اع��راً؛ ف �ـ« :أن تكون ش��اع��راً ،يعني أن التبصر ،والتحليل، ُّ تملك الحكمة ،والقدرة على
والكشف ،والتوازن.
أن تكون شاعراً؛ يعني أن تصبح سيّداً للغة،
وسيّداً للتأويل.
أن تكون شاعراً ،يعني أن تنسجم مع ذاتك،
وأن تسبر غور الخفاء ،وتنظر من زاوية جانبية
إل��ى تحوالت الفصول ،لتعيد لها أل��ق الخصب لحظة الجفاف.
الشاعر أحمد الخطيب
البدايات وع��ن ب��داي��ات��ه المعتّقة بالمعاناة ت��راه يبوح
بأنها« :لحظة مستترة في لوحة العمر ،مردّها إل��ى نهاية سبعينيات القرن الماضي ،تكشّ فت
عن أصالتها في حضرة البحث عن هوية الذات، بعد أن ت��أزّم الموقف التعليمي ،إذ خرجتُ من
الجامعة ،ولم أكمل ألسباب ع��دّ ة؛ كانت رمادية
األشياء قد أتت أ ُ َكَلها ،وتصاعدت وتيرة الغرق،
أم ��ا ال �ق �ص �ي��دة ف �ه��ي م�ف�ت��اح��ي إل ��ى ال �ب �ق��اء ،ولم يكن ثمة قارب في الشاطىء ،فالتجأتُ إلى ومفتاحي إلى العبور لجهة الروح ،وجهة الحياة ،أنفاس التأمّل للخروج من أزمة ال��ذات ،لم أكن
وق��راءة الماضي ،وتفريغ الحاضر ،واستقطاب أرقبُها ،بل كنتُ أرقبُ صعدة الروح إلى تجليات المستقبل برويّة تامة .ألم تشكل بعض القصائد صوفية حالمة ،كانت قبل ذلك قد راودتني بقليل ن�ب��وءة م��ا؟! أل��م ت�ح�رّك جماهيراً خ��ام�ل��ة؟! ألم من األمل للقاء فتاة ،ولكنها لم تكن لتفسح لي تحرس القمر لحظة عشق؟! ألم تعتق الروح من مكاناً بين الشعراء ،غير أنها كانت مؤشّ راً لدبيب
خانة القلق؟! ال��م تحدث ش��رخ�اً ف��ي شخصية جمرتها ،ولكن الموقف األخ�ي��ر والمتفرّع عن متأزّمة وم��أزوم��ة؟! أل��م تطارد غ��زالن البراري ،هوية ال��ذات وإنسانيتها ،حثّا طيورها للتحليق،
وت�ق��رىء الصقر وصية السّ مك؟! أل��م يستنجد والتمرّد ،والتالقح؛ فجاءت عصيّة على النسخ.. بها جيش عرمرم في مواجهة الهبوط؟! ألم تفتح عصية ع�ل��ى ال �ت��دج �ي��ن ..ج ��اءت منسجمة مع ال للحيارى ليرسموا ذات ٍ سب ً نفس لوحة األمل؟! الداخل المكبوت ،ومنسجمة مع التغيرات التي
ألم تقتل القصيدة صاحبها؟!».
طرأت على حياتي ،مسرجة أمامي خيول الحياة،
اجلوبة -ربيع 1432هـ 93
ألع��ود م��ن ج��دي��د ،إن�س��ان�اً يحم ُل لبنة صلبة ..لبناء جسور التواصل بين الذات المنكسرة والعالم».
طقوس عادية وألن ط� �ق ��وس ال� �ش� �ع ��ر ع�ن��د ص��اح��ب «ال ت�ق��ل ل�ل�م��وت خ��ذ ما شئت م��ن وق��ت إض��اف��ي» :ليست ك �م��ا اع� �ت ��دن ��ا ع �ن��د ال �ك �ث �ي��ر م��ن المبدعين ،فهو يقول بكل أريحية أنْ« :ال إلحاح ألث��ر القصيدة عليّ ،لهذا تتنوّع الطقوس ،وتتشكل وفق معطيات النص الشعري. أحياناً يتمرد الكائن داخل النص ،فيحتاج وقتئذ لحظات صافية ليمارس هذا التمرّد.
بعد ،أو وجهته الشعرية ،وبوابات لغته ،ومرتفعات مخيلته ،وحضور ثقافته في النص .من هنا ,النص المبدع هو مرآة صاحبه ،فإذا ما وقفت أمام المرآة ..سترى بوضوح تام جوانية الشاعر».
المواجهة مع الشعر
وكما هو اإلبداع الحقيقي يقود ال�م�ب��دع إل��ى س �م��اوات ال يتوهّ م االق �ت��راب منها ،ف��إن صاحب «م��راي��ا الضرير» ي��ؤك��د أن ��ه« :م��ؤم � ٌن ببوصلة ال �ش��اع��ر» الشاعر ال �م �ب��دع» ،وق��درت��ه على تنسّ م مفاتيح الشعر، ومستوطناته ،وغزواته ،وانتصاراته ،وانكساراته. النص الشعري ،فهو نافخ ّ وأحياناً تأتي القصيدة بكامل رونقها ،فال ومؤم ٌن بسيادتهِ على اللحنِ في وتر اللغة ،هذا من ناحية الهدف من يضير ضجيج الشارع. الشعر ،والدائرة التي يطوف فيها ،أما من ناحية أوقات تتشكّل الخطوطُ على بقعة ضوء ٍ وفي أساليبه وأطواره ونمو تشكالته ،أحياناَ يضعني أبيض ،فأحتاج قلماً وورقاً. في مواجهة لم أكن أريدها ،أو أبحث عنها ،أو وأحياناً تلمع خشبة المسرح أمامي ،فألقي أسترق السمع لها». بالحروف والكلمات على الكيبورد.
ف��ال�ط�ق��وس م �ت �ع��ددة ،وال�م��واج�ه��ة م��ع النص الشعري هو المنبع األوّل لهذه الطقوس».
القصيدة مرآة الشاعر وإذا كان الكثيرون يصلون بين النص ومؤلفه، ف��إن ال�ش��اع��ر «أح �م��د الخطيب» ال يعتقد أن: «ثمة انفصال بين مقام الشعر وح��ال الشاعر، فكالهما وسيط ناقل لألحاسيس ،فأنت عندما �ص��اً تظهر أم��ام��ك م�ع�ط�ي��ات ال�ش��اع��ر، ت �ق��رأ ن� ًّ وتقلباته ،ونزوعاته ،التي يريد من خاللها تقديم ذاته ومرايا كشفه ،وعندما تجالس شاعراً وتتفيأ نصه الذي لم يكتب أحاديثه ،تستطيع أن تقرأ ّ
94
اجلوبة -ربيع 1432هـ
الصحافة بوابة العبور إلى الواقع
ففي عُرفه أن« :اإلب ��داع هو حقل تشكيلي، وإسنادي للغة ،وهو تثوير لفتنتها ،وتحبير أزقتها وح��واري �ه��ا ب ��األل ��وان ،وه��و ف��وق ط��اق��ة ال��واق��ع؛ ألن��ه محكوم عليه بالمؤبّد في سجن المتخيل والتخييل ،فيما تشكل اللغة الصحفية بوابة للعبور إلى الواقع بك ّل إرهاصاته ،وهي محكومة بعوامل األرض ،ال الفضاء كما هو اإلبداع ،وهذا يحتاج إلى إلغاء المتخيّل اللغوي ،من هنا أرى أن مستغن عن لغة الواقع « لغة ٍ األوّل قائم بذاته، الصحافة» ،فيما يحتاج اإليقاع الصحفي للتلوين في بعض مادته اإلخ�ب��اري��ة ،وخاصة الثقافية،
لهذا أجزم أنّ اإلبداع هو مورد عذب للصحافة إذا أحسن التعامل معه». < لماذا يطلب الشاعر من المتلقي أن يرتقي لمستواه؟ التالحم مع القصيدة ال يحتاج الشعر غير الوقت ،فأنا لم أدع ثاني ًة تم ُّر إال ومارستُ فيها فعل التثوير لهذا الكائن، حتى في أش ّد ظلمات الواقع ،كنتُ أنير ل ُه سلّمهُ، ليصعد واثقاً مطمئناً ،الوقت المتمثّل بالمجاهدة والسّ هر ومعالجة ال�ع��دوى القاتلة التي تصيبه ج �رّاء اختزال ال��ذاك��رة للمنتج الشعري الكبير، فيما أخذت من ُه قوّة المواجهة مع اآلخر ،وكيفية تالحم التضاد ،وقدرة الكشف وقراءة المخبوءات النفسية لإلنسان.
بصمات < ل��ك��ن م����اذا ع���ن ب��ص��م��ات ال��ش��ع��ر وال��ش��ع��راء األردنيين على خريطة الشعر العربي?.. > يؤكد «أحمد الخطيب» أن« :الحركة الشعرية األردن��ي��ة ه��ي م��ن أه��م ال �ح��رك��ات الشعرية العربية ،وق��د قدّمت فرساناً للشعر ،وهذا ليس كالماً في الهواء ،بل قراءة متأنية لحركة الشعر العربي .نحن نمتلك طاقات شعرية س��ام�ق��ة ،ح ��ازت ع�ل��ى ال�ع��دي��د م��ن ال�ج��وائ��ز العربية والعالمية ،وشعراؤنا في المحافل ال �ش �ع��ري��ة ال �ع��رب �ي��ة ه ��م من ي�س�ت�ح��وذون على الجماهير، وه � ��ذا ل �ي��س رأي � � �اً ش�خ�ص�ي�اً م� �ن� �ح ��ازاً ،ب ��ل ي ��دع� �م� �هُ ،رأي متلمّس م��ن أص��دق��اء وأدب ��اء ع��رب؛ ولكننا على المستوى اإلعالمي ،والحراك الجمعي، نفتقد إلى الكثير؛ نحن نحتاج إلى ماكينة إعالمية تتابع هؤالء
> ربما هو سؤال استفزازي ،لكن ماذا عندما يتحمّل الجواب ج��زءا من عبء المسؤولية؛ إذ يقول صاحب «أحوال الكتابة» أن الشاعر «يَطلب من المتلقي أن ينهض بثقافته ،وأن يستند على إرثه العربي الكبير ،وأن يتحمّل م�ش��اق اللحظة الكتابية ال�ت��ي ي�ع��ان��ي منها الشاعر ،ال يجوز أن يمضي الشاعر ساعات وربما أياماً ،في كتابة نص متشابك لغة وإرثاً وتناصاً ،ومحموالً على أجنحة الخيال (أس ّ العملية اإلبداعية) .ويأتي المتلقي المشغول بفتنة ال�ح�ي��اة وأح��وال �ه��ا السريعة ف��ي هذا العصر ،عصر االنترنت ،والثقافة الهابطة، نصاً هابطاً ،أو ركيكاً ،أو وجبة سريعة ويطلب ّ إلشباع رغباته الدنيوية .لهذا ،يجهد المبدع الحقيقي للنهوض بالمستوى القرائي المبني على ثقافة واسعة ،ثقافة مرنة ،على المتلقي أن ينهض أيضاً بثقافته ،أن يسعى إلى تراثه، وأن ي �م �رّن عقله على التحليل والمواجهة والتأويل ،عليه أ ْن يعيش لحظة األلم الكتابي، وعلينا كمبدعين أن نؤسس للمتلقي العمدة ع�ل��ى رأي ص��دي�ق�ن��ا ال �ش��اع��ر د. راشد عيسى».
م������������������واج������������������ه������������������ات
الشعراء ،وتسلط الضوء على منجزاتهم».
مخاض القصيدة «القصيدة ليست ك��ام�ي��را ،أو برج مراقبة ،ليست دفتراً إلثبات ال �ح �ض��ور وال� �غ� �ي ��اب ،إن��ه��ا كتلة متفجّ رة ،تأتي في سياق مخاض م��ؤل��م ،وال�ق�ص �ي��دة ل�ي��س إي�ق��اع�اً
اجلوبة -ربيع 1432هـ 95
النثر ،أبحثُ عن جبران خليل جبران ،وعندما تتقمصني اللحظة ،أذهب في نزهة مع الروائي جبرا إبراهيم جبرا ،والروائي حنا مينا ،وحينما تعترضني فكرة المواجهة مع الذات ،أصعد سلَّم الفلسفة ،ألصل إلى ابن رشد».
مبرمجاً لحركة ما ،أو مشهد ما ،بل هي دورة خلية في هذا الواقع، تتنصت لك ّل ٍ ّ كبرى للحياة، ولكنها تختار ما يوافق أجنّتها ،لتظهر في النهاية كائناً ح ّياً يعيش الواقع ،نستطيع أن نظفر بك ّل قصيدة تفاصيل يومية لممارسات الشاعر ،ولكن تتفاوت أقواس الرؤية بالنسبة للمتلقي ،في إطار < ما هو رد فعلك حين تقرأ نصا شعريا رديئا؟ ما يبحث عنه». نصاً شعر ّياً ردي�ئ�اً ،ألنني منذ > «أن��ا ال أق��رأ ّ الشاعر يؤسس لعالم مليء بالجمال ال�ج�م�ل��ة األول� ��ى أرم ��ي ب��ه ع��رض ال�ح��ائ��ط! وأع��ت��رف أن �ن��ي ال أق���رأ ش �ع��راً إال ألس�م��اء «الشاعر يجد في معالجة إشكاليات الكون وال��وج��ود متنفّساً له للحياة ،بعيداً عن دائرته م �ح��دودة ،ال �ق��راءة المتأمّلة الواعية تحتاج الضيقة ،لهذا هو دائ��م السعي لتحقيق عدالة منك إلى يقظة؛ فالساحة الشعرية العربية األشياء واألسماء والصفات ،األشياء المرتكزة تكتظ بالنصوص الرديئة بعد غياب رقابة ع �ل��ى ت��داخ��ل األش� �ك ��ال ال ��وج ��ودي ��ة ،واألس��م��اء الضمير». الناتجة عن تشكل أسباب ال��وج��ود ،والصفات سلوك الشاعر التي يحسبها مرآة له للنظر بعمق إلى جوانيته ال أعتقد ،إذا كان ثمة التزام بمفهوم األدب، التي تنهار ،هو يؤسس لعالم مليء بالجمال ،ألن هذا العالم هو المحيط ،وال يقف البيتُ عائقاً ،وق��راءة هذا الجذر ،ولكننا نلحظ انفصاالً في فالشاعر يضيء العالم ،وال تكون اإلض��اءة إال بعض الجوانب ،ومرد ذلك إلى المتخيّل الذي يلحّ باالحتراق ،وأستطيع أن أفهم الداللة اإليحائية على نافذة اإلبداع ،فالنص في وجهته التكوينية، ل�ل�س��ؤال ،وإع ��ادة اقتناصه م��ن ج��دي��د :يضحّ ي وسعيه إلى ترميم الخراب ..يتصل بالممارسة الشاعر بنفسهِ ومالهِ وبيته من أجل حياة أفضل اليومية للشاعر ،وفي سعيه للتأمّل واالنفالت من لآلخرين ،ألنّ في هذا خلود للجمال». عقال الواقع ،يحدث انفصال جزئي بين الحالة الوجدانية األخالقية والممارسة اليومية ،ولكن عبقر الشعر هذا ال يشكل قاعدة نستطيع أن نطلق من خاللها وألن ال�ق��راءة هي زوّادة الشاعر ومعينه في األحكام على االنفصال أو االتصال بين الحالة مواجهة الحداثة ،ف��إن «أحمد الخطيب» يؤمن والممارسة. بأن:
سؤال الحداثة
«ال �ق��راءة متشعّبة ،وال تقف على ب � ٍّر واح��د، الحداثة من وجهة نظري ال تعني االنقطاع، ب��ل تنسجم وف��ق معطيات ال�م�خ��اض الكتابي، يهجس عبقر الشعر ف��ي ذاك��رت��ي ،بل االمتداد الطبيعي لعملية التكوين اإلبداعي، ُ فأنا عندما ألجأ كثيراً للشاعر محمود دروي��ش ،والشاعر وتفريع منازله ،من حيث االتصال واالنفصال، العربي المثقب العبدي ،وعندما تداهمني جمرة االت�ص��ال م��ع جمهرة الفعل اإلب��داع��ي واالت�ك��اء
96
اجلوبة -ربيع 1432هـ
سؤال الخلود تحقيق ه��ذا الشرط يخضع لسببين اثنين: األول أن ت�ك��ون القصيدة قائمة ب��ذات�ه��ا ،غير مستنسخة؛ والثاني أن تق ّدم حمولة إنسانية ذات خطاب إبداعي ،وهذا ال يمكن فصله عن القراءة
م������������������واج������������������ه������������������ات
عليه ،وال�ت��راك��م على منجزه، في دوائر االستقطاب واإلفادة، واالن �ف �ص��ال ع��ن ال �م �ح��دودي��ة الرياضية المحسوبة بعالمات تتفق أو ال تتفق م��ع ال�غ��رض ال ��زم� �ن ��ي ،أو س ��رع ��ة ح��رك��ة ال �ت��اري��خ ،ف��ي دائ���رة اإلض��اف��ة والتراكم الثقافي والحضاري أي� �ض� �اً .م��ن ه �ن��ا ،ال أرى في ال��ح��داث��ة م ��ا ق ��د ي �س��يء إل��ى األصالة ،بل هو ميدان تكاملي يت ّم خالله تعميق الهوية الثقافية والحضارية وفق معطيات الزمن وتحوالته ،وإذا ما أخذنا الشعر كنموذج لهذا المفهوم ،فالحداثة المتصلة رأبت الصدع بين المسافة الزمنية التي تشكل فيها عمود الشعر ،وبين المساحة المعاصرة لقصيدة التفعيلة ،من خالل المحافظة على منبع اإلبداع الشعري المرتبط مباشرة بقلق ال��روح وفضاء المخيّلة ،بينما أضافت إلى األصالة منزالً جديداً يتمثل بتعطيل المساحات الرياضية المحسوبة، وفتح الغرف الصوتية على أوت��ار متعددة تتيح للشاعر إمكانية الشدو خارج أسوار المنزل ،ومن دائرة الحداثة الشعرية المتصلة نستطيع أيضاً إع��ادة البنية الرياضية لعمود الشعر بقليل من التصرف بالوحدات الصوتية للمقطع الشعري الحداثي.
المعمّقة ل�ل��ذات ،ألنها تشكل ال ذات �ي �اً وإنسانياً ب�ه��ذا مفص ً غ�ي��ر ق��اب��ل ل �ل �م��وات ،إلمكانية ال �ق��راءة المتعددة لها ف��ي كل آن ،وإم�ك��ان�ي��ة إسقاطها على ال�م�س�ت�ج��دات ف��ي ك�� ّل عصر، وإم�ك��ان�ي��ة تتبع أث��ر القصيدة التاريخي..
دور القصيدة في مواجهة الزيف والبهرجة والخنوع ل��م ت�ع��د ال�ق�ص�ي��دة ك�س��اب��ق ع �ه��ده��ا ،فاعلة ومفعّلة للدور اإلنساني؛ ال لعجز في مكوناتها، بل لضعف التلقي ،وانشغال المتلقي المعاصر بذاته الخارجية ،وهروبه من تتبع الداخل؛ وكأنه بذلك يسعى إلى تحييد هذه الجوانية التي تتصل بالقصيدة ،ألنّ منبعهما واح��د ..هو انشغاالت الروح.
من يحمي الشعر من المتطفلين عليه؟ التاريخ هو الفيصل .بل أؤكّد أنّ المسؤولية المشتركة تقع على ع��ات��ق ال�م�ب��دع الحقيقي، والناقد الحقيقي ،والمؤسسة الثقافية الحقيقية؛ ف�ه��م والة أم��ر ه��ذا ال�ك��ائ��ن ال �ح��ي ،وه��م حماة ج��واه��ره ،وه��م ال �ق��ادرون على ضبط ال�ح��دود، وتسييج الحمى برؤيتهم ،وهم وحدهم من يستطيع التصدى لظاهرة رويبضي اإلب ��داع .فالشاعر يوضح ،وأن عليه أن ال يجامل ،والناقد عليه أن ّ يعمل مبضعه في هذا الجسد الهزيل؛ والمؤسسة الثقافية عليها واجب عدم منح جواز مرور مزيف لهؤالء.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 97
االختراق الثقافي بني األمس واليوم > د .جنالء محمود عثمان عبداحلليم*
إن قضية البث الوارد ،وما يمثله من اختراق ثقافي في دول العالم الثالث ،من أهم قضايا اإلعالم الدولي ،وبخاصة بعد ظهور األقمار الصناعية واستخدامها. بدأت هذه القضية بقيام الدول الغربية ببث برامجها لشعوب ودول العالم الثالث، فبعد ظهور عصر السماوات المفتوحة ..تالشت المسافات وانتهت الحدود ،وأصبحت المجتمعات -وبخاصة الدول النامية -تتجه للدخول في قالب ثقافي واحد ،يتم إعداده في الدول الغربية(.)1 ظهر مفهوم االختراق الثقافي ،وهو كليا أو جزئيا بمختلف الوسائل(.)3 كمفهوم علمي «ح��رك��ة ان�ت�ق��ال األف�ك��ار
أما االختراق الثقافي من حيث أساليبه
والعقائديات والقيم وال �ع��ادات الغربية وأدواته ،فهو مجموعة األنشطة الثقافية بشكل مكثّف وغير مسيطر عليه إلى واإلعالمية والفكرية التي توجهها جهة المجتمعات العربية»(.)2
واالخ�� � �ت� � ��راق ال� �ث� �ق ��اف ��ي ك �س �ي��اس��ة
أو عدة جهات ،نحو مجتمعات وشعوب معينة ،بهدف تكوين أنساق االتجاهات
وإستراتيجية تنتهجها بعض ال��دول ،هو السلوكية والقيمية ،أو أنماط وأساليب
98
التدخّ ل في شؤون اآلخرين بقصد التأثير
م��ن التفكير وال��رؤي��ة والميل ل��دى تلك
في ثقافتهم وسلوكهم ومعتقداتهم ،تدخال
المجتمعات والشعوب ،بما يخدم مصالح
اجلوبة -ربيع 1432هـ
عملية االختراق(.)4
فال يعرف المستقبِل ممن يستقبل ..فهل هو
وتهدف عملية االختراق الثقافي إلى: -1س��ي��ادة ق �ي��م ال � ��دول ال�م�خ�ت��رق��ة وأن �م��اط معيشتها ،وتالشي قيم ال��دول المستقبلة وضياع هويتها.
يستقبل من دولة أجنبية غربية مخالفة له في الدين وال�ع��ادات والتقاليد والنظم والقوانين فنحذر منها ،أو أنه يستقبل من دول��ة عربية لها الظروف والعادات والتقاليد والدين والنظم
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
وأه���داف ال�ج�ه��ة ..أو ال�ج�ه��ات ال�ت��ي تمارس
ويمكن أال تحمل القناة شعارا يبين هويتها..
والقوانين نفسها ،وأن هذه الدولة العربية -بما
-2فرض نمط ثقافي عالمي من حيث األذواق تبثه -قد تقدمت نحو األمام وسبقتنا بخطوات، الثقافية واألساليب المعيشية والمضامين ويجب علينا أن نلحق بها ونتخذها قدوة. الحياتية.
ل��م تعد ال ��دول العربية كلها لها العقيدة
-3تشويه صورة اإلنسان في الدول المستقبلة نفسها ..فخرجت إلى السطح عقائد مختلفة، للبث ،وذلك من خالل خلق صور نمطية،
وأصبح لها من يعبر عنها بوضوح وصراحة
تحمل مضامين سلبية تجسد التخلف وح��ري��ة ،فأصبحت القنوات الفضائية تضج والوحشية ..في حين ترسم صورا إيجابية بعقائد مختلفة مثال (سنة -شيعة -بهائية م�س�ي�ح�ي��ة) ،ول�لأس��ف ق��د ي �ك��ون ال�م��دخ��للإلنسان في بلد البث.
-4خ�ل�خ�ل��ة ال �ن �ظ��م االج �ت �م��اع �ي��ة ف��ي ال ��دول المستقبلة ،من خالل تحطيم نظم القيم السائدة واستبدالها بنظم أخرى(.)5
للمستقبل جذاباً إلى حد قد يؤدي إلى إقناع
األطراف المستقبِلة ..وإن لم يؤد هذا إلى إقناع المستقبِل بالقيم الوافدة ،فهو على األقل يؤدي إلى خلخلة وزعزعة القيم المترسخة داخله،
وف ��ي ال �م��اض��ي ك ��ان االخ� �ت ��راق واض �ح��ا ،وه��ذا أش��د خطرا على المستقبِل من القيم ويمكن مواجهة أو على األقل بث قيم مناهضة الغربية الوافدة. ل �ق �ي��م ال� �ب�ل�اد ال �م �خ �ت��رق��ة ،وم��ح��اول��ة غ��رس
الهوية الثقافية ..والتأكيد عليها لدى الدول المستقبلة.
وليكن معلوما أن هذه القنوات ليست موجهة لفئة بعينها ،بل أصبح لكل فئة قنواتها ،فهناك قنوات إعالمية للشباب ،تضج بمشاهد اإلثارة
أما اآلن ،فالخطورة أشدّ وأقسى ،وال يمكن والعري الفاضح ،وقنوات أخرى للدين تحمل مناهضتها؛ ألن االختراق في هذه األيام لم يعد بين طياتها أفكارا مسمومة ،وقنوات إخبارية اختراقا من دولة أجنبية بلغة أجنبية؛ بل أصبح
ليس لها هم إال سبّ أنظمة وأجهزة وحكومات
بلغة عربية ،أو لغة الدولة التي يتم البث إليها ،ب�ع�ي�ن�ه��ا ،وخ �ل��ق ع� ��داء ت �ج��اه �ه��ا ،ورف� ��ع ش��أن
اجلوبة -ربيع 1432هـ 99
أجهزة أخ��رى بأسلوب سهل وشيق وج��ذاب ،بينهما العداء الطبيعي الذي فطر الله الخلق يجعل المتلقي العادي يقتنع بها ،وأصبح من عليه. السهل جدا أن تدعو قناة أو حكومة أو حزب
م��ن خ�لال ق�ن��اة ف�ض��ائ�ي��ة ..إل��ى قلب أنظمة للحكم ،وإسقاط أجهزة في دول أخرى ..عن طريق مخاطبة الشعوب ،وتكوين ما هو أشبه بالطابور الخامس.
الكلب وال �ق��ط م��وج��ودان ،وه�م��ا أصحاب يعيشان ف��ي س�لام دائ ��م ،وي�س��اع��د أحدهما اآلخر للتغلب على مشكالته. ه ��ذا م �ج��رد أن� �م ��وذج ي��وض��ح م��ا ي �ق��وم به
ولعل أخطر ما نجده في االختراق الثقافي االختراق الثقافي اآلن ،وال أزعم أن لدي الحل ه��ذه األي ��ام ،ه��و اخ �ت��راق األط �ف��ال ،فالمتابع السحري الذي نواجه به هذه المشكلة ..وهذا ل�ل��دش يجد أن ه�ن��اك ق �ن��وات كثيرة موجهة االختراق ،وال آلية محددة ..إال مراقبة األهل
ل�لأط�ف��ال يجلسون أم��ام�ه��ا س��اع��ات طويلة ،جيدا لما يبث لشكل عقول ووجدان أطفالهم المهم أال يشاغب غيره من األطفال.
في البداية؛ ألن جيل البسبس بوني سيكون
ول�س��ت أزع ��م ،ب��ل أؤك ��د أن ه�ن��اك قنوات شباب البسبس بوني الذي ال يملك هوية ثقافية
أطفال موجهة ،همها األس��اس هو خلق جيل تربطه بمجتمعه وقيمه وعاداته وأخالقه. من األطفال تربى على قيم توالي الدول التي تبث تلك البرامج ،والدليل على ما أقوله ..قيام إحدى قنوات األطفال ببث برنامج كرتوني عن شخصية كرتونية ج��دي��دة اسمها( :بسبس- بوبي) وهو عبارة عن كائن حي له جسد واحد ورأسين من الطرفين ،أحدهما لقط (بسبس) واآلخر لكلب (بوبي) ،وكيف أن هذين الرأسين
فهلموا لننقذ أطفالنا من القيم الوافدة التي تحاول إلغاء ما فطرنا الله عليه ..وتبث أفكارا أخ��رى ،وال بد أن تكون هناك قنوات إيجابية محايدة تواجه هذا االختراق بجدية ،وتؤكد على الهوية الثقافية والقيم والعادات واألخالق التي تتفق مع الدين اإلسالمي الصحيح.
يعيشان في جسد واحد بأمن وسالم ،ولم يعد * أستاذ الصحافة واإلعالم -جامعة الحدود الشمالية -عرعر. ( )1أيمن منصور ندا ،االختراق الثقافي عن طريق البث الوافد ،أعمال ندوة االختراق اإلعالمي للوطن العربي،24-13 : نوفمبر1996 ،م ،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،ط ،3 .القاهرة2001 :م ،ص.13 ( )2برهان غليون ،التنمية الثقافية العربية بين التبعية واالنغالق ،مجلة الوحدة ،عدد1992 ،92 :م ،ص.14 : ( )3أيمن منصور ،مرجع سابق ،ص.14 : ( )4حامد صادق سليمان ،الغزو الثقافي وابعاده المجتمعية ،مجلة دراسات عربية ،العددان ( )8 ،7مارس ،يونيو ،88 ص.56 ( )5أيمن منصور ندا ،مرجع سابق ،ص.33 ،32
100اجلوبة -ربيع 1432هـ
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
االتصال التعليمي ،خصائصه ،وأشكاله > د .محمد عامر البلخي*
يشهد العصر الحاضر أزمات وتغيرات في مجاالت الحياة كافة؛ فاالنفجار السكاني وما صاحبه من ازدياد عدد السكان ،أدى إلى ازدحام الصفوف بالطلبة ،والتفجر المعرفي الذي كان يتضاعف حجمه كل عشر سنوات قبل الثمانينيات ،أصبح يتضاعف كل سنتين في أواسط التسعينيات بعد انتشار شبكات المعلومات الحاسوبية ،ما يلقي على التربية مسؤوليات كبيرة في إعداد المتعلمين بما يساعدهم على مواكبة هذا التفجر المعرفي.. والتطور التقني السريع ،وضرورة التكيف مع متطلبات العصر ،ليتمكّ ن المتعلمون من التغلب على ما يواجههم من مشكالت ،ويدفعوا بالتعليم لكي يقوم بمسؤوليته في تطوير المجتمع. وال�ي��وم ،أصبحنا ننظر إل��ى الوسائل نقل المعرفة ،على أن ي�ك��ون االت�ص��ال والمعينات والتقنيات التربوية كنظام تعليمي متكامل ..يشترك فيه المدرّس
شفهياً أو غير شفهي ،وجهاً لوجه ،أو باستخدام وسائل متعددة».
(ISCED
–
والطالب والمادة والمنهج ،ويعمل لتحقيق عن :حسنين.)204 ،1993 : أهدافه بفعالية عالية وبأقل كلفة ممكنة. (القالّ ،ناصر.)206 ،1990 ،
وقد عرّف (حمدان) االتصال بمفهومه الواسع بأنه «عملية يتم بوساطتها نقل
وقد ورد في التصنيف الدولي المقنّن المعلومات أو المهارات أو الميول والقيم للتعليم ،األسكد
()ISCED
بأن االتصال من فرد آلخر ،أو من فرد إلى مجموعة
هو «العالقة بين شخصين أو أكثر بقصد
من الناس ،أو من فرد إلى كائن حيواني،
اجلوبة -ربيع 1432هـ 101
أو من فرد إلى آلة ،أو من مجموعة من الناس ال��وس��ائ��ل السمعية وال�ب�ص��ري��ة ،كالتلفزيون، إلى مجموعة أخرى أو من آلة إلى آلة أخرى» .والفيديو ،والحاسب اآلل��ي ،واالن�ت��رن��ت التي (حمدان.)55 ،1984 :
أح��دث��ت ت�غ�ي�ي��راً ج��ذري �اً ف��ي معظم م�ج��االت
أما (فالتة) فقد عرّف االتصال بأنه «ذلك الحياة ،بعد أن أصبحت مصدراً من مصادر ال�ح�ص��ول على المعلومات ف��ي أس��رع وق��ت، النشاط أو سلسلة النشاطات المتجانسة التي وبأقل جهد وتكلفة. تتفاعل فيما بينها ،أو بالبيئة المحيطة بها ولالتصال عناصر هي :المرسل والمستقبل وبصفة مؤثرة لتولد ناتجاً»( .فالتة،1416 : .)45 وق��د ت�ن� ّوع��ت أس��ال�ي��ب االت �ص��ال م��ع م��رور الزمن ،فقد اشتهر العرب قبل اإلسالم بالشعر والخطابة ،وخير دليل على ذل��ك المعلقات التي كانت تعلّق على جدران الكعبة ،واألسواق كسوق عكاظ .وقبل البعثة النبوية ،كان النبي عليه الصالة وال�س�لام يمارس لوناً آخ��ر من ألوان االتصال ،يمكن أن يطلق عليه االتصال الروحي ،وذلك من خالل التأمّل والتفكر في غار حراء ،ونزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم وجهاً لوجه. وبعد تبليغ ال��رس��ال��ة ،وف��ي ضوئها ،تطوّر مفهوم االتصال ،ويتمثل ذلك في دعوة الناس لعبادة الله ،ويتجلى ذلك في قوله تعالى{ :يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك ،وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته( .} ..المائدة ،اآلية .)67 وق��د ت��وس�ع��ت دائ���رة االت �ص��ال ف��ي ال��وق��ت الحاضر ،حيث يشهد العصر الحالي تطوراً سريعاً ف��ي عالم االت �ص��ال ،ويتمثل ذل��ك في 102اجلوبة -ربيع 1432هـ
والرسالة والوسيلة .وإذا طبّقنا هذه العناصر
ع�ل��ى العملية التعليمية ،ن�ج��د أن ال �م��درّس ه ��و ال��م��رس��ل ،وال��ط��ال��ب ه ��و ال�م�س�ت�ق�ب��ل.. ألن��ه المستفيد من المعلومات التي يقدّ مها المدرّس ،أما الرسالة فتطلق على المعلومات أو المادة التعليمية ،أما الوسيلة فهي طريقة نقل المادة التعليمية أو الرسالة إلى الطالب، وتتضمن كتاباً أو خريطة أو أنموذجاً أو فيلماً أو شرائح... وللمدرس دور أساسي في عملية االتصال، إذ ينبغي عليه أن يكون مل ّماً بفن االتصال وقواعده ،وذلك من خالل: •إج ��ادة ف��ن الخطابة وال �ت �ح��دّ ث أم��ام الطلبة. •أن ي �ك��ون ص��وت��ه واض� �ح� �اً وع �ب��ارات��ه قوية. •لغته سليمة. •ق��درت��ه ع �ل��ى رب ��ط ال�ط�ل�ب��ة ب�م��وض��وع الدرس. •كفاءته العلمية وتمكنه من مادته.
تكون واضحة وسليمة ،وتلبّي حاجة ال �م �س �ت �ق �ب��ل ،وت� �ت� �ص ��ف ب��ال��واق �ع �ي��ة والبساطة. وأم� ��ا ب �خ �ص��وص ال�م�س�ت�ق�ب��ل ،ف �ق��د ي�ك��ون المستقبل ش�خ�ص�اً أو مجموعة أش �خ��اص، وقد يكون آلة ،أو حيواناً ،وما يهمنا من أمر المستقبل هنا هو الطالب .فله مجموعة من الخصائص منها: •ما يرتبط بالعوامل النفسية. •ما يرتبط بالقدرات الطبيعية في الفهم واكتساب المهارة..
•االتصال بين اإلنسان واآللة. •االتصال بين اآللة واآللة. وم ��ن أم�ث�ل��ة ال �ن��وع األول ،م��ا ي �ح��دث بين المدرس والطالب ،وبين المدرسين أنفسهم، وبين الطالب وزمالئه.
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
•وب��ال �ن �س �ب��ة ل �ل��وس �ي �ل��ة ..ف �ي �ن �ب �غ��ي أن
•االتصال بين اإلنسان واإلنسان.
وم��ن أمثلة ال�ن��وع ال�ث��ان��ي ،ات�ص��ال المتعلم باآللة ،كاستخدام الحاسوب والفيديو. أما النوع الثالث «االتصال بين اآللة واآللة»، فمن أمثلته :التفاعل بين الفيديو والحاسوب ما يسمى الفيديو التفاعلي ،أو االتصال بين شبكات الحاسوب العالمية وأج�ه��زة التلكس
•ما يرتبط بالعوامل االجتماعية.
والفاكس.
•ما يرتبط بالعوامل االقتصادية.
المراجع:
ويقصد بالوسيلة ،تلك األداة التي تساعد 1 .1القرآن الكريم. على نقل المعلومات من المرسل إلى المستقبل2 .2 ،ح �م��دان ،محمد زي ��اد1984 ،م :االت�ص��ال في التربية ،المعلم العربي ،وزارة التربية، وبأقل ق��در من معوقات االت�ص��ال ،وم��ن أبرز دمشق ،السنة ،35العدد ،4ص .55 خصائصها:
3 .3ح�س�ن�ي��ن ،ع�ب��دال�م�ن�ع��م1993 ،م :التوجيه •أن ت�ك��ون مناسبة ل�م��وض��وع الرسالة القرآني ألساليب التعليم والتعلم ،التربية، التي تحملها. اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة، الدوحة ،العدد ،104آذار. •أن تكون مناسبة لمستويات التالميذ. •أن تتيح ف��رص المشاركة ألكبر عدد 4 .4القالّ ،فخر الدين ،ناصر ،يونس:1990 ، أصول التدريس ،جامعة دمشق ص .206 ممكن من التالميذ. 5 .5فالتة ،مصطفى بن محمد عيسى1416 ،م: •أن تتصف بالتنوّع. المدخل إلى التقنيات الحديثة في االتصال ويمكن أن يتخذ االتصال صوراً ثالث: والتعليم ،جامعة الملك سعود ،ط.3
*
كلية التربية -جامعة الجوف.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 103
ِّ ال ُ العـربي قـدس ِفي الشـعر َ حسـن* > َعالء ِّ الدين َ �����ش�����ـ�����رائ�����عْ ����������دس ي������ا م�����ن�����ـ�����ار َة ال َّ ُ ي������ا ق
ي���ا ط��ف��ل��ةً ج��م��ي��ل��ةً م���ح���روق��� َة األص���اب���عْ
���اك يَ�����ا م���دي���ن��� َة ال���ب���ت���ولْ ح���زي���ن���ةٌ ع���ي���ن ِ
يَ�����ا راح��������ةً ظ���ل���ي���ل���ةً م�����رَّ ب���هَ���ا ال�����رَّ س�����ولْ
مقطع صـغير م��ن ت��راث شـعري كبير ت��راك��م على امتـداد السـنين؛ يغازل مدينـة القدس ويأسى لها ،ويشـفق على حالهـا، ِّ ويتغنَّى بأمجادهـا ،ويـؤرِّخ لقيمتهـا ،ويرثي لحزنهـا وآالمهـا، ويتـوق إلـى اليـوم الـذي يحـرِّرهـا فيـه المخلصـون من أبنائها.
يقول الشَّ ـاعر إبراهيم جواد:
رأس!! كجثمان بال ِ ٍ فلسـطين بال قدس
القبلتين فريضــةٌ ت��ح��ري��رُ أول���ى ِ
وال ي�م�ك��ن أن ن�ن�س��ى ق �ص �ي��دة( :ن ��داء
��ات ��س ب��ال ُّ��ش��ـ��بُ��ه ِ ال ت��ق��ب��لُ ال�� َّت��ل��ب��ي َ إنْ ك���ان ل��ي��ل ال��ي��وم ي��ب��دو ح��ال��ك�� ًا ��ل�ا ارت��ق��ب��ت��م ف��ج��ـ�� َر ص���ب ٍ���ح ِآت ه ّ ويقول المفكِّر والشَّ ـاعر الكبير الدكتور يوسف القرضـاوي: قدس؟ فمامعنىفلسطينبالأقصىوال ِ 104اجلوبة -ربيع 1432هـ
الفـداء) للشَّ اعر علي محمود طه ،والتي يقول فيها: أخ����ي ج�����او َز ال��ظ��ال��م��ـ��ون ال��م��دى ف����ح����قَّ ال����ج����ه����اد وح�������قَّ ال���ف���دى أخ����ي إنَّ ف���ي ال���ق���دس أخ���ت��� ًا لنا أع������دَّ ل���ه���ا ال����ذَّ اب����ح����ـ����ون ال���م���دى
عبدالرحيم محمـود:
وأمَّته إلى حمل ه ِّم التحرير ،ويستحثُّها للعمل له
س�����ـ�����أح�����م�����لُ روح�����������ي ع�����ل�����ى راح�����ت�����ي
من دون تمييز بين ديانات أو شرائع ،ويخاطب
وأه�����������وي ب����ه����ا ف������ي م������ه������اوي ال���������رَّ دى ����ص����ـ����دي����ق ف�������إمَّ �������ا ح�����ي�����ـ�����اة ت������س������رُّ ال َّ وإمَّ ��������������ا م�����م�����ـ�����ات ي����غ����ي����ظ ال����ع����ـ����دى تحظ به مدينة َ والقدس مدينة حظيت بما لم أخرى من اهتمام؛ نظراً لمكانتها المقدَّ سة دينياً وحضارياً وثقافياً وتاريخيا. وقد ظهر الدافع الدِّ يني جل َّياً في الصياغة
فيها اليهود قائال: ف����ل���ا ت�����ح�����س�����ب�����وه�����ا ل������ك������م م����وط����ن����ا ����������ك ي�������وم������� ًا ل�����ك�����م م����وط����ن����ا ف�����ل�����م ت ُ
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
وم��ن م� َّن��ا ل��م ت �ه �زُّه أب �ي��ات ال��شَّ �ـ��اع��ر الشَّ هيد
في قصيدة له ..يدعو إيليا أبو ماضي نفسه
وإمَّ �����������ـ�����������ا أب������ي������ت������ـ������م ف�����أوص�����ي�����ك�����م ب�����������أنْ ت����ح����م����ل����وا م����ع����ك����م األك����ف����ن����ا ف���������إنَّ���������ا س�����ن�����ج�����ع�����ل م���������ن أرض������ه������ا ل������ن������ـ������ا وط����������ن���������� ًا ول��������ك��������م م�����دف�����ن�����ا
وال �م �ف��ردات ال�ت��ال�ي��ة ل�ش��اع��ر األق �ص��ى يوسف بين النكبة والنكسة كانت خيبة األمـل كبيرة تجاه ما ح��دث في
العظم: ���ج���ي���لُ ح�����ج�����ار ُة ال����ق����دس ن�����ي�����رانٌ وس���ـ ِّ وف���ت���ي���ـ���ةُ ال�����ق�����دس أط������ي������ا ٌر أب���اب���ي���ـ���لُ وس��اح��ةُ المسجد األق��ص��ى ت��م��وجُ بهم ���������ات وت���نْ���زي���ـ���لُ وم����ن����ط����قُ ال�����ق�����دس آي ٌ ويقول الشَّ ـاعر كمال غنيـم في قصيدتـه (يا قدس): �����دس ِّص���ب���ي م���ن دم���ـ���اك ودم���دم���ي ي���ا ق ُ ف��ل��ق��د ت���راج���ع���ت ال���ب���ن���ادق ف��ارج��م��ـ��ي ����ش����ج����ب ط����ـ����ال أوان�������هُ ه������ذا زم�����ـ�����ان ال َّ ���ب ع�����ا ٌر ف���ي ج��ب��ي��ن ال��م��ج��ـ��رمِ ���ش���ج ُ وال َّ
الحضـاري َ البُ عـد وقد شكَّلته األحداث التاريخية المتالحقة من
النكبـة ،وكان موقف الشـعراء الشعبي هو عدم السكوت عما قام به البعض من تخاذل ..كان له الدور الكبير في النكبة.. وم��ن ه�ن��ا ،خ��رج��ت قصيدة عمر أب��و ريشـة الشهيرة (ب�ع��د النكبة) ،أو (ن�خ��وة المعتصم)، أو (أ َّم �ت��ي) ،ع��ام 1949م ،ونختار منها أبياتها الشهيرة: �����������م أمَّ ���������ت���������ي ه���������ل ل���������ك ب������ي������ن األم ِ ����م �����ف أو ل����ل����ق����ل ِ �����س�����ـ�����ي ِ م������ن������ب������رٌ ل�����ل َّ ����ت ر َُّب وام������ع������ت������ص������م������ا ُه ان����ط����ل����ق ْ ����م ������ات ال����ي����تَّ ����ـ ِ م�����������ل َء أف���������������واهِ ال������ب������ن ِ الم��������س��������ت أس�������م�������اع�������ه�������م ل����ك����نَّ����ه����ا ل�������م ت���ل��ام������س ن�������خ�������و َة ال���م���ع���ت���ص ِ���م
��������ب ف�������ي ع�������دوان�������هِ اإلسراء والمعراج ،مروراً بالعهدة العمَريَّة ،وصوالً ال ي�����ل����ام ال��������ذئ ُ إلى انتفاضة األقصى وأحداث غزَّة األخيرة..
����م ���������ك ال��������راع��������ي ع�����������د َّو ال����غ����ن ِ إن ي ُ
اجلوبة -ربيع 1432هـ 105
مالي يد فيما جرى ،فاألمر ما أمروا وأنـا ضعيف ليس لي أ ثـرُ .. وأنـا بسـيف الحرف أنتحـرُ وأنا اللهيب ..وقادتي المطر ،فمتى سأستعرُ ؟
أنسـنة المدينـة أش ��ار ال��راح��ل الكبير م�ح�م��ود دروي� ��ش في قصيدته (تحت الشبابيك العتيقة) إل��ى تفريغ المدينة من أهلها ،فقال: واقف ْ واقف تحت الشـبابيك ..على الشـارع درجات السلم المهجور ال تعرف خطوي ـارف ال وال الشــباك ع ْ
شـوق وحنـين أججت القدس الحنين في نفوس الشـعراء، فكان منها مناجاة القدس بعد سـقوطها ،والبكاء
وعلى أنقاض إنسانيتي.. العواصف ْ تعبر الشمس وأقدام ورأى بعض الشعراء في القدس رابطاً تأريخياً
معان إسالمية؛ حيث أنَّ أهميَّة المدينة تنبع على فراقها ..كما في قصيدة (بكيت) لـ :نِزار ذا ٍ قباني التي يربط فيها برباط القدس السماء من ليلة اإلسراء ،كما في الشاهد اآلتـي: باألرض:
يا ليـلة اإلســراء يا درب من مروا إلى السماء
ب����ك����ي����ـ����ت ح�����ت�����ى ج����ف����ـ����ت ال�����دم�����ـ�����وع ص����لَّ����ي����ت ح����ت����ـ����ى ذاب����������ت ال���ش���ـ���ـ���م���وع قلوبنا إليك ترحل كلَّ يوم رك�����ع�����ـ�����ت ح�����ت�����ى م���� َّل����ـ����ن����ي ال����� ّرك�����ـ�����وع س��أل��ت ع���ن م��ح��مَّ ��د ف��ي��ك ،وع���ن ي��س��وع ي����ا ق�����دس ي����ا م���دي���ن���ـ���ة ت���ف���وح أن��ب��ي��ـ��اء
حب لعروس المدائن ٌّ وق��د تناوله الشَّ ـاعر خالد أب��و العمـرين في قصيدة مليئـة ب��األغ��راض والمقاصد والصور
ي��ا أقصر ال���دروب بين األرض والسماء المتتابعة ،نقتطف منها التعبير عن الغربة واليتم في حـين يدعـو الشَّ ـاعر أحمـد مطـر ،إلى في بعده عنها: الثـورة في قصيدتـه (عـاش ..يسقط):
قدس! يا حبِّـي الكبير يا ُ
قدس معذرة ومثلي ليس يعتـذ ُر يا ُ
يا وجه أمي يا كتاب ًا من عبير
106اجلوبة -ربيع 1432هـ
كلُّ الوحوش تعود لألوكار
ـدس ..يـا حبـيبـتي يـا ق ُ
إ ّال أنا يا قدس أخطأني القطار
غـدً ا ..غدً ا سيزهرُ الليمـون
وم��ن أل�ط��ف المعاني ال�ت��ي نُظمت ،قصيدة وتفرح السنابل الخضراء والزيتون للشَّ اعر عبدالناصر محمود ،ال��ذي يلقي اللوم وتضحـك العيــون... على جمالها بحيث جعلها هدفاً للطامعين: ال ال�����ق�����دس أن����س����اه����ا وال ت��ن��س��ان��ي ������دان أغ���ص���ـ���ان���ه���ا ف�����ي ال���ق���ل���ب واألب������ـ ِ م���ل��أت ف���������ؤادي م�����ن م���ف���ات���ن���ه���ا ال���ت���ي
ورب�م��ا ك��ان خالد أب��و خالـد األك�ث��ر وضوحاً
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
كلُّ الطيور تعود في ذيل النهار
ـدس ..يـا مـدينـتي يـا قُ ُ
في تحديد جغرافية القدس؛ ألنَّه أفاد من قول الله تعالى عن المسجد األقصى{ :الَّذي باركنا حوله}؛ فأشار صراحة إلى اآلمـال:
����دان ويقترب البحر ،تبتعد القدس عنا س���ت���ظ���لُّ ط�����ول ال���ع���م���ر ف����ي ال����وج ِ وعلى الرغم من أنَّ الشعر الذي تناول هذه المدينة المقدسة -في األغلب -متشابه من حيث المضمون لتكرار الظروف المأساوية ،فإنَّ ج��زءاً من شعر الحداثة ،وج��زءاً أقل من الشعر
كسـنبلة أحرقوا حقلهـا فتفتش عن شهقة من رصاص وأجوبـة مـن غض ْـب ويقول الشـاعر علي الكيـالني في قصيدته
الكالسيكي ..ح��اول أن ي��رق��ى إل��ى خصوصية بعنـوان« :القدس»:
������رت ه���������������وايَ ع�����ل�����ى درب����ه����ـ����ا تجسدت في إقامة عالقات روحية بين الشاعر ح������ف������ـ ُ والمدينة ،ويمكن في هذا المجال اإلش��ارة إلى الشَّ اعرة هالة إسـماعيل التي تقـول: أموت على رصيف العمـر بحثـاً ..عن ثرى وطـني أنـا القـدس ،وجرحي ..غارق في الملح ل�ق��د ك��ان��ت ق�ص�ي��دة ال�ت�ف�ع�ي�ل��ة ،أق���در على
ت�������ب�������اري�������حَ ش������ـ������وق وآه���������������ات ق����ه����ـ����رِ وم��������ا زل��������ت أم����ض����ـ����ي أغ����������ذُّ ال���م���ن���ى ودون وص�������ول�������ي م������راص������ـ������د غ�������درِ ي�����زي�����ـ�����د ح����ن����ي����ـ����ن����ي إل����������ى ط���ي���ف���ه���ـ���ا ودون خ����ي����ـ����ال����ي م��������ف��������او ُز ه���ج���ـ���رِ ويقول الشَّ اعر وحيد الدهشان في رباعياته
الدخول في تفاصيل الحبِّ القدسي ،سواء كان المقدسـية: ���دس ق��دس��ي وال���م���ح���راب م��ح��ـ��راب��ي ذلك من خالل الحديث عن جماليات المدينة ال���ق ُ الشاعر المقدسة ،أو عن العالقة السِّ رية بين َّ
�����س�����اح س����اح����ي ،واألب����������واب أب���واب���ي وال َّ
����ش����ـ����م����اء ق��ب��ت��ن��ـ��ا والمدينة المقدسة ،يقول ن��زار قباني مصوراً وق���� َّب����ـ����ة ال����ص����خ����رة ال َّ ذلك الحبّ :
واألرض أرض������ي ف��ي��ه��ا إرث أح��ب��اب��ي
اجلوبة -ربيع 1432هـ 107
وب����ي����ن م����كَّ ����ة واألق�����ص�����ى ع������رى ن���س ٍ���ب
سأنقش عند باب الشوق أشعاري ُ
خ��ط��ى ال����ب����راق ه��ن��ا م��ف��ت��اح أن��س��ـ��اب��ي أرصع في جبين الشعر تذكاري م����ا راح ي���ت���ل���و م����ن اإلس������ـ������راء م��دك��ر
وأهتف للنـدى اآلتي:
وم����ا ال َّ القدس ِ ���ش���ـ���ه���ادة ق���ال���ت :إي����ه خ��ط��اب��ي على بوابـة كالدرس ِ األشواق لألطفال ِ رسمت قصيدة ُ وفي صرخـة األقصى ،يقول الشَّ ـاعر هارون هاشـم رشيد: ال���م���س���ـ���ج���دُ األق����ص����ى وف������ي ك��ل��م��ات��ن��ا وع���������دٌ ب���ن���ص���ـ���رت���ه وع����ه����ـ����ـ����دٌ يُ ������ب������رَمُ ه����و ث����ال����ث ال���ح���رم���ي���ن ،أوَّلُ قِ ��ب��ـ��ل��ةٍ ل���ل���م���س���ـ���ـ���ل���م���ي���ن ن���ق���ول���ه���ا ونُ���س���ـ���ل���مُ
الشمس ِ وخلف حكاية اآلتين من بوابة أغنِّي مثلما غَ نَّى على األقمار ُسمَّ اري.. ومن دفتر الشَّ اعر مصطفى عثمان تلوح نجمة تؤكِّد على عبير المدائن ،سيبقى فوق الزمان، وشمس المدائن لن تأفل ..يقول:
وه��ذا شاعرنا صالح الجيتاوي ،وقد الحظ نُ����ه����دي إل�����ى ال����ق����دس األب����ي����ة ش��وقَ��ن��ا مشـاعر اليأس استبدت ،فانبرى يشـجِّ ع أبناء
ل�����ي�����ظ�����لَّ وح�����������يُ ج��ل��ال�����ه�����ا ي����ت����رت����لُ
�����س��ل��ام ه�����داي�����ةً جلدتـه على خلع أردية الغفـلة ،وتوطين العزائـم ال������ق������دس ت���ب���ق���ى ل�����ل َّ على مقارعـة الباطل: ال���������م���������ج���������ـ���������دُ أن�����������������ت ل�������������ه وف���������ي
م���ه���م���ا ت���م���ل���كَّ ���ه���ا ال������ظ���ل��امُ س���ي���رح���لُ ويقول الشَّ اعر سعد العاقب:
ي������م������ن������ـ ِ ����دس م��اث��ل��ةٌ ������اك ت�����ح�����ق�����ي�����ق األم������ـ������ان������ي ق��دْ س��ـ��ي��ةٌ ف���ي ص���خ���ور ال����ق ِ ��������������دس ص�������ـ�������ب�������ر ًا ل�����ل�����زَّ م�����ـ�����ان ُ ي��������ا ق
����اس وال��ـ ِ��م�� َل ِ��ل �����ت ل��ه��ا س��ـ��ائ��رُ األج����ن ِ دان ْ
ف���������������������إنَّ ن�������ص�������ـ�������ر ال�����������ل�����������ه ِ ���ك ت��م��ض��ي ف���ه���ي ف��ان��ي��ةٌ دان ك�����لُّ ال���م���م���ـ���ال ِ وللشَّ اعر السـوري عدنان ب��رازي مساهمته الموسومة« :كلُّنا سواء» ،وفيها يقول: س�����ـ�����أب�����ك�����ي ول�������ك�������ن ب�����غ�����ي�����ر دم��������وع
مت ِم��ن س��ط��وةِ األج ِ��ل ��دس ق��د سَ لِ ْ وال��ق ُ ونختم بهذين البيتين للشَّ ـاعر عدنان علي رضا النحوي بعنوان (يا قبَّة األقصى):
ف����ق����ل����ب����ي ي������ت������وق ل�����ي�����ـ�����وم ال������رج������وع ي���ا ق��بَّ��ة األق���ص���ى ط��ل��ع ِ��ت ع��ل��ى ال��م��دى دم������وع������ي س����ت����غ����رق ه��������ذي ال����ب����ق����اع أف�����ق�����ـ����� ًا ي���ظ���ـ���ل���ل ل���ه���ف���ـ���ت���ي وأَواري ـ��ل��أت آف���������اق ال����ح����ي����ـ����اة ص���ب���اب���ةً ف�����ت�����م��ل��أ ب������ال������ش������وق ك����������لَّ ال�������رب�������وع ف�����م����� ِ وعلى بوابة القدس يقول الشاعر سمير عطية: *
كاتب من سوريا.
108اجلوبة -ربيع 1432هـ
ع���ن���د ال���ه���ج���ي���رِ وع����ن����د ك������لِّ ِع���ص���ـ���ارِ
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
البــــــــــوح > سليم صالح احلريص*
حين غبت ..أرأيت كيف اصف ّر شجر الزيتون؟! أرأي����ت ال��ش��ح��وب ال���ذي اع��ت��رى ال��ق��م��ر؟ ك��ي��ف ذب��ل��ت أزه���ار الياسمين ،وتحوّل عشب األرض إلى يباس ...وعطش ًا جفَّ ف ���اض مخصبة ،وك��ي��ف ح��زن��ت أزه��ار ينبوع ًا يسقي منابت ري ٍ الدحنون ..فتوارت رقصتها!!.. من غيَّبك عن أرض كانت بحضورك مزهرة..؟ من سرق النوم من عينيك؟ من أطفأ شموع ًا كانت تنير لك عتمة الليل؟ *حين لمّ عباءة الظلمة ،وسكّ ن دفء األنفاس عن لفحة برد تأتينا كلما تسرب نسيم بسحب ٍ الغربي ،وطال الليل التشريني ..وامتد شتاء يغطينا بألحفة الصقيع ..ويجللنا تأتي لتشق ظالم الليل بالعج برقها... ** حين تغيبين ..تبهت الحياة ..يتوارى
** ق�ف��ي ت�ح��ت ال �ش �م��س ..ف��ال�ش�م��س ال
األنس ..وتورق الكآبة ,فتمتد أغصانها
تخفي سرا ..ال تتلون بألوان الزيف..
لتطال كل األشياء.
تُعري كل شيء وتجعله سافرا!!..
** فيك ..عناد للواقع ..رفض ..إصرار..
** أش�ي��اء كثيرة تجمعنا ..تدنينا ..لم
صبر يمنحك قدراً من تفكير يعبر بك
يخذلني إحساسي ب��ك ..لم تخذلني
ش�ط��آن األم� ��ان ..وص��دق ووض ��وح ال
كل أشيائك ..فقد كنت على قناعة..
يخذالن أبدا.
كنت على ثقة..
اجلوبة -ربيع 1432هـ 109
** كنت تناكفين ..تستفزين ف��يّ ك��ل ش��يء..
ومتاعب عن نفسي وتزيل كوابيس تزدحم..
ألغ�� ��راض ..ل �م �ق��اص��د !!..لكنها رسّ �خ��ت
تقتل أنفاسي في لحظات ال أجد متسعا من
قناعاتك ...جذرتها ...فاسترحنا من عناء
وقت ..تأخذ همومي من نفسي وتتمنطقها،
التجارب.
فتشرق فيّ شموعا تنير لي دروب العتمة.
ويرف قلبي فرحا.. ّ ** قلت ذات م�س��اء م�ض��ى ..يطربني صوتك ** تتلوى أغصاني جذْال.. وتخضر أورا ٌق مصفرة ..وتمأل دنياي ارواءً.. ّ حين يتعبك استفزازي ..لكن رنة الحزن في صوتك تبكيني ..تأسرني لحظة فيها وجع..
وتفجر فيّ ينابيع ال تنضب.
يبكيني ..ال أحتمل رؤيتك حزينا ..مهموما ** ..أنت فجر جدّد فيّ الحياة ..غيّر مجرى الدم
تقتلني دمعة تجول في عينيك ..تحرقني إن سقطت بسببي على خديك. ** أمازحك ..نعم ..أريد أن تقوى على نفسك..
والدمع ..سكب ضالتي التي أنشدها عمرا طويال ,في مهجة الفؤاد ..أنت ضوء أزاح عني سواد ليل طويل.
على مشاعرك ..على شعورك كي ال تفجع ** ..أنت سحابة ممطرة أروت ..أسالت ..تشققت
أريد أن أروض حواسك على كل طقوسي. ** أع��ش��ق ارت� �ع ��اش ��ات ص���وت���ك ..وم �ت��اه��ات حيرتك ..يسعدني قلقك وخوفك عليّ . ** قد اجتزت امتحاناتي.. ** نظمت لك من خواطري قصائداً ..صنعت م�ن�ه��ا ل �ج �ي��دك ق�ل�ائ ��داً ..وص �غ��ت ل��ك في قلبي مفردات قلَّما مُوسقت ..وسكبت لك على خصالت الشعر همسات تتماوج كلما الطفتها أنفاس تأتي منك مغرقة في البوح، وتحررت من (معتقلها) تتراقص ..أطربها صوت الناي المبحوح. ** يا كل البوح ..شالال تأتي ,تغسل إرهاصات.. *
مدير مكتب جريدة الجزيرة بالقريات -السعودية.
110اجلوبة -ربيع 1432هـ
األرض من فرط فرحها بإروائها ،فتباسق واخضرت جنباتها ..استعذبت ديمها ّ طلعها، فكانت تهطل عليَّ كل حين ..تبللني بشذاها العطر ..تغرقني بشبر من عواطف. ** أدرك��ت أن في بعُدك وحشة تـُمرض ,وفي حضورك زهو ..اشتاقك كل حين وحين يمتد الغياب ..أص��اب بالعطش ..تلفني سُ حب ال�ك��آب��ة ..ويوجعني انتظار قاتل لساعات اجتر فيها هموم العمر ..لكن مع حضورك ينتهي كل شيء بضحكة ..بهمسة تغسل كل نكد ..بكلمة تعيد لي توازني ..أنسى ما كنت أكابده من لوعة البعد ..وأعود للذة الحياة في البوح معك.
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
فهد املوسر..
قامة أدبية شمالية..
تخصصت في الشعر والنقد > فواز بن زايد العقيل الشمري*
عندما تود الكتابة عن قامة شمالية تخصصت في الشعر والنقد ،فال شك أن الحديث والقلم سيجبراك على التحدث عن فهد بن قاسم الموسر ،الذي شغل الشمال في شعره ومؤلفاته .وألن شعره قد فُ قد منه الكثير ،فقد أرتأيت أن أخوض في جانبه النقدي. والجدير ذكره أن هذا الناقد البصير ،والمؤلف الشمالي الكبير ،لم يكن يوم ًا أستاذ ًا جامعياً ،وال عضو ًا في نادٍ أدبيٍّ ،بل كان موظف ًا يتنقل بين القطاعات الحكومية ،ولم تتجاوز دراسته النظامية السنة الثالثة في قسم التاريخ بجامعة الرياض سابق ًا الملك سعود حالياً.
وعلى الرغم من تنقله بين العديد من وله عدة مؤلفات منها: الوظائف الحكومية وأعماله الخاصة ،إال أن ذلك لم يحد من نشاطه األدبي ،الذي عشقه منذ نعومة أظفاره ،وميوله الشديد للقراءة واالط�لاع على المجالت ،وأمهات الكتب األدب�ي��ة ،التي ول��ع بها ،وأف��اد منها الشيء الكثير. إضافة إلى ذلك كان له نشاطه الصحفي من خ�لال :اليمامة األسبوعية ،والبالد، واألسبوع التجاري ،والجزيرة ،والمدينة، واليوم.
•ص ��ور م��ن ط �ب��ائ��ع ال� �ن ��اس ،ص��در عام 1413هـ وطبعته دار الشادي، دمشق. •م�ق�ط��وع��ات ش�ع��ري��ة ع�ل��ى بساط ال�ن�ق��د ال �ج��زء األول ،ص ��در ع��ام 1414هـ (دار الشادي ،دمشق). •م�ق�ط��وع��ات ش�ع��ري��ة ع�ل��ى بساط النقد ال �ج��زء ال�ث��ان��ي ،ص��در عام 1420هـ (دار الشادي ،دمشق).
اجلوبة -ربيع 1432هـ 111
•رحلة من شمال المملكة
بهما ،ويقول في المقدمة نفسها
ال�ع��رب�ي��ة ال�س�ع��ودي��ة إل��ى
« ...فقد عرضت كشكول كتابي
أطراف الشام ،صدر عام
هذا (الجزء األول) (من مقطوعات
1414ه� �ـ (دار ال �ش��ادي،
ش� �ع ��ري ��ة ع� �ل ��ى ب� �س���اط ال �ن �ق��د)
دمشق).
ع�ل��ى األس �ت��اذ حسين ال�ع�م��وري، ال���ذي أب���دى وج �ه��ة ن �ظ��ره حيال
•الرواية والقصة القصيرة،
م�لاح�ظ��ات��ه ،ال�ت��ي ك��ان يناقشني
صدر عام 1414ه �ـ (دار
ف�ي�ه��ا ..وك�ن��ت أت ��ردد أح�ي��ان�اً في
الشادي ،دمشق). •طرائف من أح��ادي��ث المجالس ،الجزء األول ،صدر عام 1420هـ (دار الشادي، دمشق). •سأتناول –هنا -فهد الموسر من خالل
أن أوافق على بعض ما يرد ..في حين أنني أجده صائباً في المالحظات»(.)2 ب��دأ كتابه ب��دراس��ة أدبية لقصيدة اب��ن زريق البغدادي ومطلعها: ال ت����ع����ذل����ي����ه ف��������إن ال������ع������ذل ي���ول���ع���ه
كتابه (مقطوعات شعرية على بساط
ق����د ق���ل���ت ح���ق��� ًا ول���ك���ن ل���ي���س ي��س��م��ع��ه
ف �ي��ه ع � ��دداً م��ن ال �ش �ع��راء المتقدمين
متبعاً المنهج التاريخي مرةً ..والمنهج النفسي
النقد) ،الجزء األول منه ،وال��ذي تناول
وال �م �ح��دث �ي��ن ,ول��رب �م��ا ك �ت��اب��يّ ال��دك�ت��ور مر ًة أخرىـ
غ��ازي القصيببي رحمه الله( :قصائد
وقد أخذت القصيدة ،وشاعرها جزءاً وافراً
أع� �ج� �ب� �ت� �ن ��ي) ،و(أح� �ل ��ى
من الكتاب بلغ نحو اثنتين وثالثين
ع��ش��رون ق �ص �ي��دة ح��ب)
صفحة ،ت�ح��دث م��ن خاللها عن
ل �ف��اروق ش��وش��ة ه�م��ا ما
مناسبة القصيدة ،ورحلة الشاعر
شجعاه على إصدار كتابه
م��ن ب �غ��داد إل ��ى ب�ل�اد األن��دل��س.
(مقطوعات شعرية) ،فهو
وي �ق��ول «إن �ه��ا ص���ورة ف��ري��دة من
ي��ذك��ر اه �ت �م��ام��ه ب �ق��راءة
صور شعراء العربية الذي تضلعوا
هذين الكتابين ،وإعجابه
ف��ي لغتها ،ول��و أن�ن��ا ول�لأس��ف ال
بطريقتهما ،فيقول في
نجد شيئا من مآثره التي تحدث
م �ق��دم��ة ك �ت��اب��ه «وج �ئ��ت
في غياهب التاريخ»(.)3
ألدل��ي ب��دل��وي ،ول��و أنني أتحرج أحياناً حين ال أصيب»(.)1 بمعنى أنه جاء بعد القصيبي ،وشوشه ،وتأثر 112اجلوبة -ربيع 1432هـ
وق��د ج��اء على العديد م��ن ال�ص��ور الشعرية ال عند قوله: فيها ،ووقف طوي ً
ي����ك����ف����ي����ه م��������ن ل�������وع�������ة ال���ت���ش���ت���ي���ت أن ل��ه م��ن ال��ن��وى ك��ل ي���وم م��ا ي��روع��ه
()4
ال عند الصورة المتحركة في كما وقف طوي ً
كما تناول في كتابه قصيدة األمير عبدالقادر البيتين التاليين: الجزائري التي مطلعها:
ن����ب����اك����ر ال����ص����ي����د أح�����ي�����ان����� ًا ف��ن��ب��غ��ت��ه ف��ال��ص��ي��د م��ن��ا م���دى األوق������ات ف���ي ذع��ر
ي���ا ع�����اذر ًا الم����رئ ق���د ه���ام ف���ي الحضر وع����������اذ ًال ل���م���ح���ب ال�����ب�����دو وال����ق����ف����ر
()5
م��وض �ح �اً أن��ه ق��ال�ه��ا ب�ع��د نفيه إل��ى دم�ش��ق، بعد استعمار فرنسا لبلده الجزائر .ثم تطرق
ف���ك���م ظ���ل���م���ن���ا ظ���ل���ي���م��� ًا م�����ع ن��ع��ام��ت��ه
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
لكن جهلت وك��م في الجهل من ض��رر
()7
وإن ي��ك��ن ط���ائ���ر ًا ف��ي ال��ج��و ك��ال��ص��ق��ر
()8
ثم ينتقل بنا إلى المنخل بن الحارث اليشكري
إلى مناسبتها معل ً ال أن «المناظرة الطريفة بين في قصيدته (فتاة الخدر) التي يقول فيها: أدباء كانوا بين أمرين في المفاضلة بالمعيشة؟ م��������ا ش��������ف ج�����س�����م�����ي غ�����ي�����ـ�����ر ح���ب���ك (معيشة البدو أم معيشة الحضر؟) ،وطلبوا رأي ف����������اه����������دئ����������ي غ���������ن���������ي وس���������ي���������ري
األمير عبدالقادر الجزائري في أيهما أفضل؟ وأح����������ب����������ـ����������ـ����������ه����������ا وت�������ح�������ب�������ن�������ـ�������ي فنظم القصيدة التي نوردها ،ولكونها من الدرر ()9 وي������ح������ب ن����اق����ت����ـ����ه����ا ب����ع����ي����ـ����ـ����ـ����ري
التي أح��رص عليها ،فقد احتفظت بها ،وتنتقل نسختها في موجوداتي من مكان إلى آخر .كونها من بدع التمثيل الشعري الرائع في اللغة ال�ع��رب�ي��ة؛ ف��األم�ي��ر الش��ك أنه عاصر حياة الحضارة ...ولكنه حين ك��ان ي�ق��وم بالمقاومة ال�ص�ل��دة ضد
وشكك الموسر عند شرحه لهذه القصيدة أن ي��ك��ون ال �ب �ي��ت األخ� �ي ��ر من القصيدة: ي���ا ه��ن��د مَ ����نْ لمت ِّيـ ــم ي�����ا ه���ن���د ل���ل���ع���ان���ـ���ـ���ي األس���ي���ر
الفرنسيين نزعت نفسه إلى البقاء وآثر حياة الصحراء.)6(»... وي��ق��ف ال �م��وس��ر ع �ن��د ال��ص��ورة الشعرية في األبيات التالية. ي��ا ع����اذر ًا الم����ريء ق��د ه���ام ف��ي الحضر وع�������������اذ ًال ل���م���ح���ب ال������ب������دو وال���ع���ق���ر ال ت����ذم����م����ن ب����ي����وت���� ًا خ�����ف م��ح��م��ل��ه��ا وت���م���دح���ن ب����ي����وت ال���ط���ي���ن وال���ح���ج���ر ل���و ك��ن��ت ت��ع��ل��م م���اف���ي ال���ب���دو ت��ع��ذرن��ي
اجلوبة -ربيع 1432هـ 113
فيقول« :وأما البيت األخير ،فإنني أشك أنه
كما سلط الضوء في كتابه على رباعية الشاعر
للمنخل اليشكري ،ولو أنني أعتقد أن هذا البيت ،إبراهيم ناجي« ,األطالل» ,ومطلعها: كان سبب معاناة الشاعر»(.)10
ي�������ا ف��������������ؤادي رح���������م ال������ل������ه ال�����ه�����وى
أما قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي ،وعنوانها (أنا) ،ومطلعها:
����ال ف�����ه�����وى ك������ان ص����رح���� ًا م����ن خ����ي ٍ
()14
وقد حاول من خالل دراسته لها أن يوفق بين المادحين لهذه القصيدة وبين المجرحين
ح��������رٌ وم������ذه������ب ك��������لّ ح�������� ٍّر م���ذه���ب���ي
��ص ِ��ب فيقول« :ولربما تعرضت مقطوعته الشعرية – م����ا ك���ن���ت ب����ال����غ����اوي وال ال��م��ت��ع ّ األط �ل�ال – إل��ى
أن���������ي ألغ������ض������ب ل����ل����ك����ري����م ي���ن���وش���ه ���ب ���ض ِ م���ن دونَ�������هُ وأل�������ومُ م���ن ل���م ي���غ َ
()11
النقد والتجريح,
ف�ي��ذك��ر ف��ي ث�ن��اي��ا مقدمته ل �ه��ا» ..وال أعلم أو إل ��ى اإلط���راء إن كانت ال�ج��ودة التي تشدني ألكتب ع��ن هذه في جعلها نموذجاً المقطوعة هي الستمرار تذكره للماضي ،أم ألنها ح ّياً لواقع يعفي ال� � �ش�� ��اع�� ��ر م��ن جيدة فعالً.)12(»... أخ� �ط���اء ي��ؤاخ��ذ
ويقف طويال عند قوله: ����ن ف����ي م��ع��ق ِ��ل أن�����ا م����ن ض���م���ي���ري س����اك ٌ ���ب أن����ـ����ا م����ن خ��ل�ال����ي س����ائ����رٌ ف����ي م���وك ِ ف���������إذا أران������ـ������ي ذو ال����غ����ب����ـ����اوة دون����ـ����ه ف��ك��م��ا ت����رى ف���ي ال���م���اء ظ����لَّ ال���ك���واك ِ���ب
عليها.)15(»... ثم يضع منهجاً لدراسة هذه القصيدة فيقول« :لسنا في صدد وزن أو تقييد الشاعر في عداد فحول العربية، ممن ي�ج�ي��دون ال ��وزن ف��ي تفعيالت العربية,
معلقاً «ففي وصفه بالبيت األخير حين تنزل فالشاعر م��ن المحدثين ال��ذي��ن ج ��ددوا في قيمة من هم دونه ليستمر عنهم ومن أنهم ظل مضامين هذا اللون من ألوان الشعر ,إال أننا
ل��ص��ورت��ه ،ف��أم��ر بصدد تصوير النص الشعري.)16(»... يسيء إلى تقدير وقد جاءت دراسة هذه المقطوعة فيما يقرب ال �ش��اع��ر ،ولكننا خمس وخمسين صفحةً ,شارحاً فيها أبيات ٍ من ال ن � � � � � ��زال ف ��ي القصيدة ,وإن كنت أرى أن شرحه لها ال يتجاوز ح� �ل ��م ال� �ق ��دام ��ى المعاني والكلمات ،دون ال��وق��وف على الصور ال� ��ذي� ��ن أك � �ث� ��روا البالغية والمحسنات البديعية ,رغم إشارته إلى م� � ��ن ال��ت��م��ج��ي��د أن��ه قصد من دراس�ت��ه لهذه المقطوعة تصوير للعلياء.)13(»... ال�ن��ص ,ول�ك��ن ت�ص��وي��ره هنا ج��اء على المناهج
114اجلوبة -ربيع 1432هـ
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
ال��دراس�ي��ة التقليدية .ولعلنا نلتمس ل��ه العذر ,ط �ب �ع��ات دي� ��وان فهو لم ي��درك مناهج النقد الحديثة ،علماً أنه الشابي المسمى ذك��ر أن في القصيدة أخطاء لغوية فهو يقول(( :أغ � � � � � ��ان � � � � � ��ي «الشاعر ،توجد بمقطوعته أخطاء لغوية كثيرة ..ال��ح��ي��اة)) ،وق��د وأننا لسنا بصدد نقده لغوياً ،وإنما تصوير لهذه أش � ��ار ال �م��ؤل��ف إل � ��ى ذل� � � ��ك(,)20
المقطوعة»(.)17
وتضمن كتابه قصيدتي أبو القاسم الشابي وأص� � � � � ��ر ع� �ل ��ى دراس� �ت� �ه ��ا رغ��م ((النسيم يهب)) ومطلعها: ب�� �س� ��اط�� �ت�� �ه� ��ا،
أن������س������ي������م ي������ه������ب ف���������ي األس�������م�������ار ب�����ي�����ن ت�����غ�����ري�����ـ�����د ب�����ل�����ب�����ل وه�������ـ�������زار أم أن������اش������ي������د م�����ع�����ب�����د رت���ل���ت���ه���ـ���ا ك��ال��ن��س��ي��م��ات غ���ن���ي���ات ال������ج������واري
()18
و((هيكل الحب))( )19ومطلعها.. ع����������ذب����������ة أن���������������ت ك������ال������ط������ف������ول������ة كاألحالم كاللحن ،كالصباح الجديد كالسماء الضحوك كالليلة القمراء
وض � � � � � � �ع� � � � � � ��ف م� �ن���اس� �ب� �ت� �ه���ا؛ ف �ق��د ك ��ان ��ت رد ث�ن��اء على تهنئة قدمها قريبٌ له بزفافه. وخ�� � � � � �ت� � � � � ��م ال �م��وس��ر ك�ت��اب��ه
ك������ال������ـ������ورد ك����ـ����اب����ت����س����ـ����ام ال����ول����ي����د بترجمة واف �ي��ة ،وتمجيد ق�� ّل مثيله ،للشاعر ببعض ٍ وإن كنت أرى أنه لم يوفق في دراسته لألولى ،العراقي معروف الرصافي ،مستشهداً ووفق -نوعاً ما -في الثانية ..وليته اكتفى بها دون أبياته الشعرية التي تمجد العروبة ،وتدعو إلى سواها ,لكون القصيدة األول��ى تفتقدها معظم الشمائل الحميدة(.)21
*
( )1 () 2 ( )3 ( )4 ( )5 ( )6 ( )7 ( )8 ( )9
جامعة الجوف -كلية العلوم واآلداب بالقريات. الموسر ،فهد ،مقطوعات شعرية على بساط النقد، ج ،1دار الشادي للنشر ،1414 ،ص.10 السابق ،الصفحة نفسها. المصدر السابق ،ص.13 انظر الكتاب ص.18-17 الكتاب ص.45 ص.45 الكتاب ص.46 ص 50وص.51 الكتاب ص.66
() 10 ( )11 ( )12 ( )13 ( )14 ( )15 ( )16 ( )17 ( )18 ( )19 ( )21 ( )21
ص.74 الكتاب ص.78 مدخل القصيدة ،ص .77 ص.85 الكتاب ،ص.88 ص.88 الكتاب ،ص.89 ص.133 الكتاب ،ص.143 .146 في مقدمة القصيدة ،الكتاب ،ص.143 الكتاب ،ص.171
اجلوبة -ربيع 1432هـ 115
فراشة مكة تفوز بالبوكر > شمس علي*
فازت فراشة مكة ،الروائية السعودية ،رجاء محمد عالم ،أخ��ي��را ،بالجائزة العالمية للرواية العربية (جائزة البوكر) في دورتها الرابعة ،عن روايتها«طوق ال��ح��م��ام» ،مناصفة م��ع ال��روائ��ي المغربي ،محمد األش��ع��ري ع��ن رواي��ت��ه» ال��ق��وس وال��ف��راش��ة» .ويأتي ه��ذا الفوز الباهر ل ـ عالم ،تكليال لمسيرة روائية متفردة ،طالما استوقفت الكثيرين ،عبر أعمال روائ��ي��ة ،ذات قيمة فنية ،وجمالية ،وأدب��ي��ة عالية، سبرت من خاللها أغوار البيئة الحجازية المكتنزة، رجاء عالم بإرث إنساني متعدد المشارب ،وثري ،يمتلك فرادته، وخصوصياته ..لتجلي للقارئ ،عبر أعمالها المتميزة ،على المستويين المحلي والعربي، عوالم حياتية ،غاية في الدهشة ،و ال تخلو من غرائبية.
116اجلوبة -ربيع 1432هـ
ن����������������������������������واف����������������������������������ذ
بترجمتها وتنفيذها ،عدد من طالب جامعة والية أوريغون األمريكية ،بمشاركة ممثلين من نادي الطالب السعوديين ،ووصفت بأنها« :بسيطة في أسلوب عرضها ،مباشرة في هدفها ،خالية من التعقيدات .بيد أنها غنية في موضوعها ،مفعمة بالحوار المثير للعصف الفكري ،ح��ول سلمية اإلسالم ،وعدم ارتباطه بالعنف». ول�ع��ال��م ت��اري��خ م��ع ال �ف��وز وال �ج��وائ��ز ،فأولى رواياتها «أربعة أصفار» ،فازت بـ جائزة ابن طفيل للرواية من المعهد اإلسباني العربي للثقافة ،كما فازت عالم أيضا بـ«جائزة اإلب��داع العربي لعام ،2007وكتب حول أعمالها دراسات نقدية عدة، من أهمها رسالة ماجستير لمعجب العدواني ب �ع �ن��وان :التناصية ف��ي رواي���ة ط��ري��ق ال�ح��ري��ر، إضافة إلى ما كتبه كل من الدكتور عالي القرشي كما يحمل ه��ذا الفوز ف��ي طياته ،تأكيدا والدكتور أحمد جاسم الحسين ،واألستاذة نورة على جدارة الرواية السعودية من جهة ،وجدارة المري ،والدكتور عزت محمود علي الدين. المبدعة السعودية من جهة أخ��رى ،ما خولها وتأخذ «طوق الحمام» ،الرواية الفائزة بالبوكر، للتفوق على مثيالتها ،في الوطن العربي ،خاصة طابعا سرديا بوليسيا ،ترصد تداعياتها ،عبر إذا م��ا علمنا ب��أن رج��اء ع��ال��م ،ه��ي أول كاتبة ( )600صفحة ..التطور اإلجتماعي واإلقتصادي عربية ،تحظى بجائزة بهذا الحجم. لمكة المكرمة ،في القديم والحديث ،من خالل والمتابع لمسيرة عالم الروائية ،يعرف مدى تتبع خيوط جريمة قتل ،في إح��دى أحياء مكة مثابرتها ،وإخالصها ألدبها ،وإشتغالها الحثيث ،المتداعية ،والفقيرة. على توثيق التراث المكي ،الذي يظهر عمق شغفها به ،والعمل على استجالء مكنوناته ،عبر سلسلة من األع�م��ال الروائية ،ذات الصبغة الصوفية، ال�ت��ي يتماهى فيها ال�خ�ي��ال م��ع ال��واق��ع ،بشكل أخاذ ،كما في رواياتها« :أربعة -صفر» ،و«ستر»، و«حّ � ّب��ى» ،و«م��وق��د الطير» ،و«خ��ات��م» ،و«سيدي وح��دان��ة» ،و«نهر ال�ح�ي��وان» ،و«ط��ري��ق الحرير»، و«م �س��رى ي��ا رق �ي��ب» ،وأخ �ي��را» ط��وق ال�ح�م��ام»، إضافة إلى نصوص مسرحية ،هي« :ثقوب في الظهر» ،و«الرقص على سن الشوكة» ،و«الموت األخير للممثل» ،و«إن�ن��ي أرى ال�ل��ه» ،والتي قام
اجلوبة -ربيع 1432هـ 117
تطور البنوك اإلسالمية وعامليتها
توحد أسلوب العمل يحتاج معايير ّ > د .نضال الرمحي*
تنمو الصناعة المصرفية اإلسالمية بشكل منقطع النظير، إذ تقدر نسبة النمو في هذه الصناعة بين %16إلى %18سنوياً. وتتخذ عملية النمو في هذه الصناعة صيغ ًا مختلفة ،بعضها في شكل تأسيس بنوك ومؤسسات مالية جديدة تعمل وفق أحكام الشريعة اإلسالمية من أول يوم لتأسيسها ،وبعضها اآلخر يتخذ صيغة تقديم المنتجات المصرفية اإلسالمية؛ بحيث يعطى عميل البنك فرصة االختيار في التعامل وفق المنتجات التي يختارها. يعلم الجميع أن األزمة المالية العالمية أس� ��س أخ�ل�اق��ي��ة ،ال س �ي �م��ا ال �م �ع��ام�لات التي اثرت وتؤثر على االقتصاديات العالمية المالية االقتصادية .وه��ذا ما يدعو إليه أظهرت هشاشة وظلم وم�س��اويء النظام ق��ادة االق�ت�ص��اد العالمي اآلن ..وبخاصة االقتصادي القائم على الفائدة ..وزادت من ال �م �ص��رف �ي��ون م �ن �ه��م .وي �ت �م �ي��ز ب��األم��ان��ة اتجاه االقتصاديات العالمية وانجذابها نحو وال �ص��دق .وال��وف��اء ب��ال��وع��د ،وال�س�م��اح��ة، تطبيق بعض جوانب االقتصاد اإلسالمي واح � �ت� ��رام ال �م �ل �ك �ي��ة ال��خ��اص��ة ،وال �ح��ري��ة الذي يتميز بما يأتي: االقتصادية المقيدة بقيود تضمن تحقيق -1االق��ت��ص��اد اإلس�ل�ام���ي اق��ت��ص��اد مصلحة الفرد والمجتمع ،وترشيد اإلنفاق، أخالقي وال�ح��ث على ع��دم اإلس ��راف أو التبذير. االق� �ت� �ص ��اد اإلس�ل�ام���ي ال ي��ف��رق بين والعدالة االجتماعية ،وحفظ التوازن بين االق �ت �ص��اد واألخ� �ل��اق ،ب��ل ي��رب��ط بينهما أف ��راد المجتمع م��ن خ�لال منع االحتكار برباط وثيق؛ إذ أن معظم أحكام الشريعة وفرض الزكاة ..الخ ،والحث على استثمار اإلسالمية مرتبطٌ ب��األخ�لاق ،ويقوم على المال وعدم تعطيله .واإليمان بأن مزاولة
118اجلوبة -ربيع 1432هـ
-2االقتصاد اإلسالمي اقتصاد واقعي االق �ت �ص��اد اإلس�لام��ي اق�ت�ص��اد واق �ع��ي؛ ألنه ي��راع��ي ف��ي ن �ظ��رت��ه االق �ت �ص��ادي��ة واق� ��ع ال �ف��رد والمجتمع ،فيرى متطلباته من خالل الواقع الذي يعيش فيه ،فينظر إلى إمكاناته وظروفه وبيئته وطبيعته وفطرته؛ فال يحمله من التكاليف ما ال يطيق.
رغبة لوكسمبورج في العودة الى توفير األدواتوالخدمات المالية اإلسالمية للمسلمين وغير المسلمين ،بعد أن كانت قد أنشأت مؤسسات مصرفية إسالمية قبل ( )35سنة تقريبا ،إال أن هذه التجربة لم تلق النجاح المأمول ،وذلك من خالل سن قوانين تساعد وتشجع إنشاء ال�م�ص��ارف اإلس�لام �ي��ة .ي�ق��ول رئ�ي��س البنك ال�م��رك��زي ف��ي لوكسمبورغ'' :إن المعامالت المالية اإلسالمية أخالقية ومهمة لتحقيق العدالة االجتماعية ،وهي قادرة على خدمة غير المسلمين أيضا''.
م����������������ال واق��������ت��������ص��������اد
النشاط االقتصادي عبادة ،واإليمان بالحساب في اآلخرة عن نشاط الفرد في الحياة الدنيا.
في فرنسا من التكييف إلى التجديد ،وذلك بحضور عدد كبير من خبراء الصناعة ،وتحت رعاية البنك اإلسالمي للتنمية.
لقد حققت الصناعة المالية اإلسالمية عام 2010م انتشارا واسعا في معظم بقاع العالم؛ فبعد إنشاء مصارف إسالمية في كثير من دول العالم المتقدمة في أوروبا وأمريكا ،ازداد عدد البنوك اإلسالمية في العالم ،حتى في الدول التي -تقيم مالطا مؤتمرا الستكشاف الفرص في يعد المسلمون فيها قلة قليلة ،مقارنة بعدد سكان عالم التمويل اإلسالمي بعنوان ''مالطا قطاع تلك البالد .وفيما يلي أهم المؤشرات التي تدل الخدمات المالية ..التغيير والفرص :تحقيق على ما حققته المصرفية اإلسالمية في العام ال�ن�م��و ال �م �س �ت��دام ف��ي ب �ي �ئ��ة'' ،وت�ع�م��ل أيضا األخير: على إع��ادة صياغة جملة من القوانين التي تحكم بيئة العمل ،وتهيئها للعمل المصرفي طلبت روسيا المساعدة من دول مختلفة ،لهااإلسالمي. باع في الصيرفة اإلسالمية في إنشاء نظام مصرفي إس�لام��ي ،بسبب الطلب المتزايد على الخدمات المالية اإلسالمية .وروسيا هي من أوائ��ل دول ش��رق أوروب��ا التي تبحث مثل هذا االمر.
ق��ررت ألمانيا افتتاح أول بنك إسالمي فيمدينة مانهايم في بداية عام 2011م ،وألمانيا – كما هو حال باقي دول العالم المتقدم – تعترف اآلن بدور االقتصاد اإلسالمي في بناء نظام مالي ع��ادل وناجح ،وق��د سبق لمدينة «ساكسن إنهلت» االلمانية أن قامت بإصدار سندات مقارضة في الماضي ،وه��ي ترغب ب��إن�ش��اء ب �ن��وك إس�لام�ي��ة أي �ض��ا ف��ي القريب العاجل.
محاوالت من فرنسا في مجال إصدار سنداتب �ض��واب��ط إس�لام �ي��ة (س��ن��دات م �ق��ارض��ة أو مشاركة) ،وذلك من خالل البحث في تعديل ال�ق��وان�ي��ن ال �س��اري��ة ،أو س��ن ق��وان�ي��ن جديدة تساعد في إصدار مثل هذه األدوات المالية اإلس�لام�ي��ة .ويستضيف المجلس الفرنسي -الهند أيضا لحقت بالركب من خالل رغبتها للمالية اإلسالمية مؤتمر المالية اإلسالمية ف��ي تلبية رغ �ب��ة ( )150م �ل �ي��ون م�س�ل��م في
اجلوبة -ربيع 1432هـ 119
الحصول على الخدمات المالية اإلسالمية، األمر الذي جعلها ترضخ وتتراجع عن رفضها الدائم خالل السنوات الماضية لتطبيق أي نوع من هذا النظام.
الموريتانيين بأهميتها ،وال سيما في الوقت الحالي ،إذ تهتم البالد بفتح الباب واسعا أمام االستثمارات األجنبية ،ويدعو االقتصاديون هناك إل��ى ض��رورة العمل على إن�ش��اء مزيد م��ن ال�م�ص��ارف اإلس�لام�ي��ة ،والترخيص لها الستقطاب المستثمرين الذين يثقون بهذه المصارف التي نجحت في اآلونة األخيرة في إثبات جدواها في كثير من دول العالم.
-ترغب الفلبين في إصدار صكوك إسالمية، لتمويل مؤسسات البنية األساسية على وجه الخصوص ،وه��ذه هي أول م��رة تنضم فيها الفلبين التي تعد أكبر دولة مسيحية في آسيا -ف��ي ع ��ام 2008م ..ب ��دأ ال�ع�م��ل المصرفي إلى ركب الصناعة المالية اإلسالمية. اإلسالمي في المغرب ..إال انه بدا واضحا ك��وري��ا ال �ج �ن��وب �ي��ة أي �ض��ا ت��رغ��ب ف��ي إن �ش��اءتطور هذا العمل عام 2010م رغم تركيزه – مصارف وخدمات مالية إسالمية نتيجة تزايد كغيره من البنوك اإلسالمية العريقة – على أعداد المسلمين فيها مؤخرا ،وكمؤشر على المرابحة واإلج��ارة ،إذ سجلت رقم معامالت ذلك ترغب كوريا الجنوبية في تنظيم مؤتمر بلغ ( )500مليون دره��م (ال��دره��م المغربي عالمي للتمويل االسالمي. يعادل ثمانية دوالرات تقريبا) ،إال أن حصيلة صيغة ال�ت�م��وي��ل ب��ال�م�ش��ارك��ة ج ��اءت مخيبة أصدرت اليابان ألول مرة صكوكا متوافقة معلآلمال؛ إذ لم تقدم المصارف على أي عملية أحكام الشريعة ،وه��ذا يعني اقتناع اقتصاد تمويل بهذه الصيغة. من أكبر اقتصاديات العالم بضروروة ركوب سفينة التمويل والصيرفة اإلسالمية رغم هذا إضافة إلى التطور الهائل في موجودات أننا نعلم أن االقتصاد الرأسمالي يصب في المصارف اإلسالمية ،وحجم الصكوك ،وصناديق صالح الدول الغنية -ومنها اليابان ،-ويجعلها االستثمار اإلسالمية في العالم ،بشكل عام ،وفي تتحكم بالدول الفقيرة. الخليج العربي وماليزيا ،بشكل خاص.
أم��ا في المغرب العربي ..فقد تطور العملالمصرفي اإلسالمي هناك من خالل إنشاء مصرف الزيتونة اإلسالمي ،إضافة إلى بنك التمويل التونسي السعودي الذي أنشيء سنة 1983م.
جميع هذه المؤشرات تؤكد أن العمل المصرفي اإلسالمي يتطور بشكل مطرد ،وال بد من تطور األدوات التي تنظم ه��ذا العمل على المستوى االداري والقانوني والمحاسبي والمالي ...الخ.
ال أحد ينكر أن هناك مؤشرات أيضا تدل على وفي جيبوتي ..زادت أعداد البنوك اإلسالمية ،تطور الهيئات التي تنظم العمل المالي اإلسالمي،وتعاون جيبوتي في هذا الخصوص مع دول ونذكر منها على سبيل المثال: متقدمة في مجال المصرفية اإلسالمية ،كما -1ه�ي�ئ��ة ال�م�ح��اس�ب��ة وال �م��راج �ع��ة للمؤسسات هو الحال مع بعض دول الخليج. المالية اإلسالمية ( ،)AAOIFIوالتي أنشئت وف��ي موريتانيا ت ��زداد قناعة االقتصاديين 120اجلوبة -ربيع 1432هـ
ع���ام 1991م ،وم �ق��ره��ا ال��ب��ح��ري��ن ..وه��ي
-2المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية واإلسالمية( ،)GCIBFIال���ذي أن �ش��ئ ع��ام 2001م ،ومقره البحرين ،والذي يهتم بتوفير المعلومات عن الصناعه المصرفية اإلسالمية ون�ش��ر ال��وع��ي ال�ع��ام ح��ول العمل المصرفي اإلسالمي. •إنشاء اتفاقيات بين الدول المختلفة بشكل -3مجلس الخدمات المالية اإلسالمية ()IFSB ي ��ؤدي ال��ى اي �ج��اد إط ��ار م�ع�ي��ن ،يمكن من والذي أنشئ عام 2002م ومقره ماليزيا ،وقد خالله للبنوك المركزية في جميع ال��دول ق��ام بتأسيسه العديد من البنوك المركزية التي يوجد فيها بنوك إسالمية ،إلزام تلك ومؤسسات النقد في العالم ،ومنها مؤسسة البنوك بالمعايير المحاسبية الصادرة عن ال �ن �ق��د ال �ع��رب��ي ال��س��ع��ودي ،وم��ؤس �س��ة نقد هيئة المحاسبة وال�م��راج�ع��ة وال�ض��واب��ط البحرين ،وبنك نيجارا المركزي بماليزيا، ل�ل�م��ؤس�س��ات ال �م��ال �ي��ة اإلس�ل�ام��ي��ة ،وه��ذا إضافة إلى البنك اإلسالمي للتنمية ،وصندوق سيمكن من المقارنة بين القوائم المالية النقد الدولي ،ويهتم المجلس بإصدار معايير للبنوك اإلسالمية وتحليلها علميا بشكل ال��رق��اب��ة واإلش � ��راف ،وت�ط��وي��ر آل �ي��ات إلدارة أفضل. المخاطر بالمصارف اإلسالمية. •توحيد القوانين التي تعمل في ظلها البنوك ورغ� ��م ه ��ذا ال �ت �ط��ور ف��ي ال �ع �م��ل ال�م�ص��رف��ي اإلسالمية قدر اإلمكان .وهذا يمكن التوصل اإلس�لام��ي ،وال�م�ح��اوالت ال�ج��ادة لتطوير العمل اليه في الدول اإلسالمية. المصرفي اإلسالمي ،إال أن المهتمين في هذا أخ� �ي ��را ،ي�م�ك��ن ال��ق��ول إن ت��وح �ي��د أس��ال�ي��ب المجال ي��ؤك��دون ض��رورة تضافر جهود البنوك ع�م��ل ال �م �ص��ارف اإلس�لام �ي��ة -ك�م��ا أسلفنا- اإلس�لام �ي��ة وال�ه�ي�ئ��ات وال�ج�م�ع�ي��ات والمجالس ليس مستحيال ،ألن هناك الكثير من العوامل والمجامع المختلفة ،من أجل التوصل الى معايير ال�م�ش�ت��رك��ة ب�ي��ن ه ��ذه ال �م �ص��ارف وب �ي��ن ال ��دول وأس��س م��رن��ة وقابلة للتطبيق م��ن قبل البنوك اإلسالمية التي تعمل فيها؛ فإذا استطاع العالم اإلسالمية في مختلف دول العالم ،تعمل على توحيد أساليب عمل المصارف التقليدية إلى توحيد أساليب عمل المصارف اإلسالمية ،بحيث حد كبير (القوانين ،معايير المحاسبة ،أساليب تتمكن المصارف اإلسالمية من: الرقابة ) ...فهذا يعنى – على األقل من الناحية
م����������������ال واق��������ت��������ص��������اد
تهتم بإصدار معايير المحاسبة والمراجعة الخاصة بالمصارف اإلسالمية ،وقد أصدرت حتى اآلن نحو ( )18معيارا محاسبيا.
التزام المصارف اإلسالمية بالفتوى ذاتها. ويكون ذلك من خالل إيجاد مجلس فتوى موحد على مستوى دول��ي ،تكون ق��رارات��ه ملزمة لجميع ال�ب�ن��وك اإلس�لام �ي��ة .وه��ذا األمر سيؤدي إلى اختفاء ظاهرة التناقض التي ن��راه��ا بين البنوك اإلس�لام�ي��ة ،ففي ح�ي��ن تقبل ب�ع��ض ال �ب �ن��وك م�ث�لا بعمليات التورّق ،فإن بنوكاً أخرى ال تقوم بها.
•ال �ق �ي��ام ب��ال�ع�م�ل�ي��ات ال�م�ص��رف�ي��ة ف��ي إط��ار النظرية – أن هذا األمر سيكون أسهل بالنسبة م�ت�ق��ارب أو متشابه م��ن ال �ف �ت��اوى؛ بمعنى للمصارف اإلسالمية. *
رئيس قسم الجودة -جامعة الزرقاء -األردن.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 121
ظالم النهار
> نزهة َأبو غوش
املؤلف :رواية للكاتب جميل السلحوت الناشر :دار اجلندي للنشر -القدس السنة 2010 :م حملت الرواية بين صفحاتها هموم وآالم مجتمع فلسطيني قروي ،يعيش في جبل المكبر ،من قضاء مدينة القدس ،ما بين نكبة العام ،1948و1967م. بطل الرواية طفل يدعى خليل ،ولد بعد عام واحد من النكبة ،عاش في كنف عائلة تعاني الجهل والحرمان والفقر بكل أَنواعه :االجتماعي ،والثقافي ،والديني ،والسياسي.. بُترت يد الطفل خليل نتيجة لبدائية العائلة المطلقة ،ومعتقداتها البائدة ،التي ترتكز على الع َرّافين ،والسحرة ،والخرافات ،وعدم اإلِيمان باألَطباء وطرق العالج الحديثة. سافر الفتى خليل ذو األَربعة عشر عامًا إِلى مدينة لندن عند عائلة انجليزية ،تع َرّف عليها من خالل عمله في التنقيب عن اآلثار في مدينة القدس .شاهد في بالد اإلِنجليز تمت حياة أ ُخرى تتوافر فيها كل معاني الحرية ،والرفاهية والمتعة يكل أَنواعها ،والتي ال ّ ُ لحياته في قريته بأَي شيء ،عاد بيد اصطناعية أَبهرت كل من رآها ،خاف خليل بأَن تتكرر مأساتُه مع أ ُخته زينب ،لذلك وقف مع أَخيه كامل ،وتحدى كل العادات والتقاليد واستنكرا معًا كل الخرافات ،وص َمّما تحدي سلطة األَب ومصاحبة أ ُختهما عند الطبيب في مدينة القدس ،وذلك بعدما أ ُصيبت بصدمة نفسية في ليلة زفافها بعد تزويجها في سن الثالثة عشرة. 122اجلوبة -ربيع 1432هـ
ق�������������������������������������������������������������راءات
األ ُسلوب :تحدث الراوي بضمير الغائب ،وهو هنا يعرف كل شيء.
الظالم ،والنور ،بعد أَن زار مدينة أ ُوروبية ،أَ َمّا اليوم وسط كل هذه الحضارة ،ووسط كل هذه التقلبات التكنولوجية الرهيبة أَعتقد أَن كل من يقرأ أَحداث الرواية يتفق وبشدة على التسمية؛ لذا ،أَرى أن هناك تطابقًا مباشرًا ما بين عنوان الرواية ومضمونها.
التقط ص ��ورًا حقيقية م��ن واق��ع بيئة عاش وتعايش فيها ،فكانت صورًا واضحة معبرة لحياة ال�ب��ؤس ال��ذي عانت منه العائلة .هناك ص��ورة المرأَة المقموعة من قبل الذكر ،سواء كان أَباً أَو أَخ �اً أَو زوج �اً .صورتها وهي تحلب األَغنام، اللغة :استخدم الكاتب لغتين :األُول��ى اللغة وترعاها ،وتنام معها جنبًا ِإل��ى جنب .صورتها العربية الفصحى التي اتسمت بسالستها ،وقربها ام� ��رأَة مطيعة ب��ل خ�ن��وع��ة ،مضحية م��ن أَج��ل من القارئ ،أَ َمّا اللغة الثانية فهي اللهجة القروية زوجها ،وأَبنائِها ،وكل أ ُسرتها. ألَهل المكان-جبل المكبر .-لقد استخدم الكاتب لقد ص� � َوّر ال ��راوي ب�ص��دق ،وع�ف��وي��ة الحياة السلحوت هذه اللغة بكثرة في معظم الحوارات االجتماعية ،والثقافية بكل تفاصيلها :ص��ورة التي جرت في الرواية .يبدو أَن الكاتب ال يعنيه األف ��راح بما تشمله م��ن أَه��ازي��ج وأَغ ��ان شعبية بأَن تكون فئة الق َرّاء محدودة تقتصر فقط على وزغ ��اري ��د و ِإط �ل��اق ن� ��ار ،ون �ح��ر ال �ن �ع��اج ،وأَك ��ل من يعرفها ،ألَن معظم اللهجات في بالدنا وفي (ال�م�ن��اس��ف) ،وغ�ي��ره��ا .هناك ص��ور للنـزاعات البالد العربية كلها تختلف عن بعضها بعضا، والخالفات والصلح العشائري ،والقسم بالطالق لذلك سوف يجد القارئ صعوبة بالغة في فهمها، َيضا لترجمة عند كل ش��اردة وواردة ،فهناك ص��ورة الحترام ويبدو أَن الكاتب لم يعمل حسابه أ ً الصغار للكبار حتى وإِن كانوا على خطأ ،هناك الكتاب للغة أ ُخرى –أَجنبية -مستقبال .ال أَعتقد ص��ورة للكرم ونصرة الفرد للعشيرة وبالعكس ،حينها بأَن اللهجة التي في الكتاب ستؤدي هدفها وه �ن��اك ص ��ور ل��ل��دوا ،م �ث��ل :ال�ح�م�ي��ر ،وال�ب�غ��ال الذي أَراده الكاتب. واألَغ �ن��ام التي تندمج حياتها مع حياة األَف��راد أَود أَن أ ُلفت نظر الكاتب إلى أَن هناك بعض بشكل كبير ،إذ تمثل المصدر األول لغذائهم، األَخطاء الفن َيّة مثل تغيير موقع الصفحات في وط��رق معيشتهم ،تميز أُس �ل��وب ال�ك��ات��ب بدقة بداية الرواية ،وكذلك ترتيب الفقرات ،وغيرها الوصف ،والقدرة على السرد ،والحبكة الفنية من األخطاء المطبعية التي يسهل تصحيحها في للقصة .لقد كانت كل هذه الصور التعيسة بكل الطبعة الثانية بإِذن الله. أَحداثها ظالمًا في وضح النهار ،ربما يحق للفتى أَش�ك��ر الكاتب جميل السلحوت وأَت�م�ن��ى له خليل في ذلك الزمان بأَن يسمي الرواية ظالم النهار ،ألَن��ه وح��ده أَول من عرف الفرق ما بين المزيد من اإلنتاجات األَدبية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 123
بريد احلواس
املؤلف :محمد جميل أحمد الناشر :النادي األدبي باجلوف السنة 2011 :م ديوان متميز ،يحمل تجربة شعرية متعددة وفريدة ،تسهم في إثراء مشهدنا الشعري العربي المضيء دوماً بالشعر الذي يحمل تجارب متفردة ..كتجربة محمد جميل أحمد. وهو الديوان األول للشاعر ال��ذي سبق أن أص��در رواي��ة (بر العجم) .تتوزع النصوص الشعرية في الديوان على تجارب إيقاعية مختلفة ..وتقنيات شعرية متلونة بين قصيدة النثر ،والتفعيلة ،واإليقاع العمودي .وتأتي هذه النصوص التي تنحاز في معظمها إلى قصيدة النثر كخالصة اختارها الشاعر في هذه المجموعة األولى بعد تجربة دامت أكثر من خمسة عشر عاماً في كتابة الشعر. ص ْولـ َة ٌ /وال َمدَى أحْ ِصنَهْ/ ونقرأ من أجواء الديوان" :هو الطِّ ي ُن تَعْوِ يذَة ٌ ُمزْمِ نهْ /ال َّردَى َ صو َرتَهً /وال َهيَاكِ ُل أ قـ ْ ِنعَة ٌ/ ف الطِّ ِي ُن ُ فاهرُبْ مِ َن الطِّ يِنِ هَ ذَا أوَانُكَ في المَّحْ وِ /ال يَعْرِ ُ والغَرِ يِبُ ال ُمعَــلَّـ ُق بَيْنِي وبَيْنِكَ /اُرْجُ وُحَ ة ٌ مُحْ زِ نَهْ". وتتصدر ال��دي��وان لوحة الغالف للفنان التشكيلي السعودي نصير السمارة عميد الفنانين التشكيليين بالمنطقة ،ورئيس جماعة الجوف للفنون التشكيلية. ويشار إلى أن ديوان (بريد الحواس) تم تدشينه بجناح نادي الجوف األدبي ،بمعرض الرياض الدولي للكتاب ..ضمن سبعة إصدارات جديدة للنادي ،كما قام الشاعر محمد جميل أحمد بتوقيع نسخ منه للقراء على منصة التوقيع بالمعرض. 124اجلوبة -ربيع 1432هـ
ق�������������������������������������������������������������راءات
متاما كما كنت أظن
املؤلف :محمد خضر الناشر :دار التنوخي السنة 2009 :م عن دار بدايات القرن في القاهرة صدرت طبعة جديدة من المجموعة الشعرية «تماما كما كنت أظن» ،وهي المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر السعودي محمد خضر. تضمنت المجموعة 27نصا ً شعريا ،منها :جناح يترمد ،وصورة طبق األصل ،وعدالة، وذهول. يأتي صدور المجموعة في طبعة جديدة بعد أن صدرت مطلع العام 2009م عن دار التنوخي في المغرب ،بعد عدد من المجموعات الشعرية كان أولها عام 2002م بديوان: مؤقتا تحت غيمة ثم صندوق أقل من الضياع ثم المشي بنصف سعادة. ومن أجواء المجموعة من قصيدة رحالة :ترميكَ األزمنة ويفسر تقول الحكاية ويقتلك مستحيالت في الخاطر /تقول الحكمة وتنساها /تواريخ في ذيل ٍ السرد /لك الحلم البياض فتنتحر أجنحة الروح /وتنسى! توقع تواريخ في. جاءت المجموعة في 115صفحة بغالف للفنان السعودي حسين المحسن وتصميم الفنان المصري وليد فكري.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 125
وثائق من الغاط
> عرض :محمد صوانة
املؤلف :فائز بن موسى البدراني احلربي الناشر :مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية السنة 1431 :هـ2010/م تعد الوثائق المحفوظة من أكثر أوعية تخزين المعلومات التاريخية أهمية ،ذلك أنها توفر لألجيال الالحقة البيانات المتعلقة بتوثيق كثير من مناشط األفراد والمجتمعات والدول ،في زمن تدوينها ،مع األخذ بعين االعتبار توافر شرط التحقق من مصداقيتها ،من دون التقليل من أهمية المصادر التاريخية األخرى في توثيق مناشط الحياة. من هنا ،جاء اختيار مركز الرحمانية الثقافي بمحافظة الغاط -وهو فرع مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية -لهذا الموضوع ،في باكورة إطالق برنامج النشر ودعم األبحاث من خالل البدء بدراسة ميدانية لجمع ما أمكن من الوثائق المحفوظة لدى األهالي في الغاط ،لتوثيقها ابتدا ًء ثم تحقيقها ،ونشر محتواها ،لتمكين الباحثين والمهتمين والدارسين من االطالع عليها واإلفادة منها كل في مجال اهتمامه؛ وذلك للقناعة األكيدة بأهمية هذا المصدر التاريخي في معرفة جوانب مهمة من تاريخ الغاط ومختلف أنشطة سكانها الحياتية والحضارية ,خالل الحقبة الزمنية التي تغطيها تلك الوثائق. ال إل��ى الشمال الغربي الغاط اآلن هي مقر محافظة الغاط ،الواقعة على بعد 230كي ً من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية ،وتتيع إلمارة منطقة الرياض .ومن اإلشارات المتعلقة بالغاط؛ التي حفلت بها بعض الوثائق التي تضمنها الكتاب مدار البحث ما ورد في الوثيقة التي تعود لسنة 1120هـ تقريباً أن الغاط كان بلداً عامراً ،وأن له رئيساً ،وأن فيه مسجد 126اجلوبة -ربيع 1432هـ
ق�������������������������������������������������������������راءات
الزميل صوانة يتحدث مع مؤلف الكتاب ،األستاذ فائز الحربي.
جمعة له إمام خاص به. ج��اء الكتاب في ستة مجلدات ليمثل موسوعة تاريخية مهمة ،أشرف عليها الباحث المتخصص في الوثائق والتاريخ السعودي األستاذ فائز بن موسى ال�ب��دران��ي الحربي .وتضمنت الموسوعة ()2000 وثيقة تتعلق بالغاط وك�ث�ي��راً م��ن ال�م��دن والبلدات من حولها بحكم العالقات االجتماعية واإلنسانية واالقتصادية التي كانت تربط سكان الغاط بالمناطق األخرى ،خالل الحقبة الزمنية من عام 1120هـ إلى 1370هـ ما يكشف الحجم الكبير للعمل الذي بُذل خالل جمعها وتوثيقها وحفظها من الضياع ،سواء ك��ان ذل��ك بسبب التلف نتيجة العوامل البيئية ،أو الضياع واالندثار مع تقادم الزمن وانتقالها من جيل آلخر.
تم جمعها في هذا البحث ال تمثل كل وثائق منطقة الغاط العريقة التي تختزن ثروة وثائقية كبيرة"؛ ففي الغاط – من دون شك – آالف أخ��رى من الوثائق التاريخية المهمة التي يؤمل أن تجد الفرصة للكشف عنها وثوثيقها وتحقيقها ونشرها لتضاف إلى الوثائق التي ضمتها هذه الموسوعة ،مشكلة قاعدة مصادر وبيانات وثائقية تاريخية مهمة .وي��رى المؤلف أن نشر الوثائق التي تمكن من جمعها وتحقيقها -على قلتها – تمثل بداية مهمة لهذا البحث ،وذلك لعدة أسباب منها :أن استقصاء وثائق المنطقة والبحث عن المزيد منها سوف يستغرق زمناً طويالً ،قد يؤخر اإلفادة من الوثائق التي تم جمعها ،ومن ذلك أيضاً أن نشر هذه المجموعة -بوصفها المجموعة األولى قد يكون حافزاً لظهور المزيد من الوثائق التيسيبادر أصحابها إلى إخراجها وإتاحتها للباحثين بعدما تتضح لهم أهمية نشر الوثائق في إبراز تاريخ أجدادهم وأسرهم ومنطقتهم.
كما يحتوي الكتاب على كشافات وافية ومهمة ب��األس �م��اء وال �م��واض��ع واألم ��اك ��ن ،وأس��م��اء األس��ر والقبائل ،وكذلك كشافاً بأسماء األعيان والقضاة وكذلك أسماء الكتبة والمصطلحات اللغوية التي وي��ؤك��د الحربي أن دراس ��ة ال��وث��ائ��ق تكشف عن ك��ان��ت دارج ��ة خ�لال ال�ف�ت��رة الزمنية للوثائق التي معلومات مهمة تتعلق ب��األوض��اع العامة التي ربما جمعها الباحث. ال توجد في المصادر التاريخية التقليدية ،وقدم أشار المؤلف فائز الحربي إلى "أن الوثائق التي الباحث تعريفاً بأهمية الوثائق المحلية ،وتعريفاً
اجلوبة -ربيع 1432هـ 127
موجزاً بمنطقة البحث ،ثم عرض للوثائق التي أمكن الزراعة ،ونظارة األوقاف وتنفيذ الوصايا. جمعها ،مع إثبات صورة من كل وثيقة ،وتفريغ نصها، وي �ق��ول ال�م��ؤل��ف إن ال��وث��ائ��ق كشفت ع��ن بعض وشرح ما يحتاج إلى شرح من ألفاظها ،إضافة إلى اللهجات المحلية ،والعمالت النقدية المتداولة ،ومن تعريف موجز أحياناً لما فيها من مواضع وأعالم العمالت (األحمر ,والزر ،والمحمدية :وهي عمالت وأسر وقبائل. عثمانية كانت متداولة في الحجاز وبعض مناطق
جوانب حياتية غنيّ ة الجزيرة العربية أثناء الحكم العثماني؛ والرياالت يتضمن الكتاب عشرات الموضوعات المهمة ،الفرنسية :وهي العملة النمساوية؛ والريال الفضة؛ التي خرج بها المؤلف بعد تحليل مضامين الوثائق والربع (أرب��اع)؛ والتفليسة :وهي عملة محلية ذات منها :الحياة السياسية ،إذ تصور هذه الوثائق جوانب قيمة منخفضة). مهمة من الحياة السياسية واألوضاع األمنية لسكان كما أتاحت الوثائق مدار البحث دراسة الكتابة المنطقة ،م��ن خ�لال اإلش� ��ارات الموثقة ل�لأح��وال والمراحل التي مرت بها ،في منطقة الدراسة .إذ إن االجتماعية والسياسية والحكم المحلي .إضافة إلى مجرد إلقاء نظرة عامة على صور تلك الوثائق بعد كشفها عن أخبار الحروب أو االضطرابات والجوانب ترتيبها زمنياً يعطينا تصوراً جيداً عن شكل الكتابة، األمنية خالل الحقبة الزمنية للوثائق .كما توضح وم��ا م��ر بها م��ن م��راح��ل التطور أو الضعف خالل كثيراً من جوانب الحياة االقتصادية ونشاط السكان؛ المدة التي تغطيها تلك الوثائق .كما أمكن التعرف وتبين أن نشاط السكان ك��ان يتمحور في الزراعة على أشهر نسَّ اخ الوثائق في الغاط وما حولها خالل والتجارة والرعي ِ والجمالة ،ومن ذلك إشارة الوثائق القرون الثالثة الماضية. إلى أنواع البضائع والمزروعات التي غالبها القمح صعوبة قراءة الوثيقة وال��ذرة والبرسيم والخضار ،ومن األشجار :النخيل أشار المؤلف إلى الصعوبات التي واجهته في واألثل والتين واألترنج والليمون والقطن. قراءة نصوص الوثائق ،ومنها :تلف بعض الوثائق أو كما حفلت الدراسة بالكشف عن جوانب مهمة سقوط أجزاء منها ،واختالف لهجات ُكتَّاب الوثائق، أيضاً من الحياة الفكرية والدينية والمذاهب الفقهية وتفاوت مستوى الخطوط؛ إذ تتسم الوثائق األهلية السائدة آن��ذاك ,وذك��رت أسماء العديد من أعالم ع�م��وم�اً ب� ��رداءة ال�خ��ط وض�ع��ف ال�ل�غ��ة نتيجة ن��درة القضاة والفقهاء وأئ�م��ة المساجد .وفيما يتعلق الكتّاب ،وقلة المتعلمين ،وتفشّ ي األمية ،وبخاصة باألنساب؛ فإن الوثائق كان لها دور واضح في حفظ في األرياف البعيدة عن المدن الكبيرة. أسماء الجدود واألعيان في منطقة البحث ،وتوثيق أسباب قلة العناية بالوثائق المحلية معلومات مهمة تتعلق بحياتهم وأس��ره��م ومعرفة ي��ؤك��د ال�م��ؤل��ف أن ال��وث��ائ��ق المحلية ل��م تنل ما أس �م��اء أم�ه��ات�ه��م وزوج��ات �ه��م وأوالده � ��م ،ومكانتهم االجتماعية والتجارية ،وتواريخ وفياتهم .كما كشفت تستحقه م��ن العناية وال��دراس��ة بوصفها م�ص��درًا الوثائق عن دور المرأة في النشاط اليومي للسكان ،تاريخيًا مهماً ،بل إنها لم تنل من الدراسة ما نالته ومشاركتها في الحياة االجتماعية ،وأه��م األعمال الوثائق األجنبية ،التي ذهب باحثونا يبحثون عنها التي كانت تقوم بها ،وأن المرأة كانت تمارس البيع شرقاً وغ��رب�اً .ويعزو الباحث سبب ع��دم االهتمام وال �ش��راء ،وتملّك ال�ع�ق��ارات ،وت�ق��وم ب��دور ب��ارز في بالوثائق المحلية إلى عوامل كثيرة ،من أهمها: 128اجلوبة -ربيع 1432هـ
-3اعتقاد كثير من الباحثين أن حياة الناس العاديين ال عن عدم لم تكن تحظى بالتدوين والتوثيق؛ فض ً االحتفاظ بها. -4صعوبة االط�ل�اع على الوثائق الخاصة بسبب خصوصيتها في نظر أصحابها.
لقد صنف الباحث الوثائق ورتبها ترتيباً زمنياً تسلسلياً ،وف��ق تاريخ الوثيقة السنوي ثم الشهري ث��م ال�ي��وم��ي .ولتسهيل ق ��راءة ن�ص��وص ال��وث��ائ��ق ،تم تثبيت النص إلى جانب صورة الوثيقة .ونظراً لكثرة الوثائق التاريخية وصعوبة قراءتها ،كان هذا العمل م��ن أص �ع��ب م��راح��ل ال�ب�ح��ث ،وم��ع ذل��ك ف�ق��د ب��ذل المؤلف جهداً كبيراً في تحقيق تلك الوثائق وكتابة بحواش لشرح ٍ نصوصها ومراجعتها ،كما تم تزويدها بعض المفردات والعبارات والتعليق عليها ،وإضافة معلومات عن األعالم والمواضع.
ق�������������������������������������������������������������راءات
-1قِ َص ُر تجربتنا البحثية والتاريخية مقارنة باألمم يمثل خطورة حقيقية ،ألن اكتشاف تزوير الوثائق أمر سهل ومتيسر للباحثين المتخصصين في دراسة التي سبقتنا في هذا المجال. -2صعوبة ال��وص��ول إل��ى ال��وث��ائ��ق األهلية مقارنة الوثائق. بالوثائق الرسمية أو األجنبية. كيف تعامَ َل الباحث مع الوثائق؟
وأخيراً؛ يشير المؤلف إلى أن الوثائق التاريخية قد تكون سالحاً ذا حدين؛ فكما أنه يمكن اإلفادة منها في تحقيق التاريخ ،فإنه يمكن كذلك أن تسيء إل��ى ال�ت��اري��خ إذا م��ا تعرضت لالستخدام ال�س��يء، وبخاصة عندما يقوم بتحقيقها أناس غير مؤهلين، كلمة تقدير فيسيئون إل �ي �ه��ا ،وي �ش � ِّوه��ون حقيقتها؛ ف��ال��وث��ائ��ق التاريخية -سواء كانت أجنبية أو محلية -ينبغي أ ّال إن المتصفح لهذا الكتاب ،يشعر ببالغ التقدير يخرج الباحث فيها عن الهدف العلمي ،وهو اإلفادة لكل من كان وراء إطالق هذه الدراسة العلمية التي منها بوصفها مصدراً من مصادر التاريخ المحلي تضيف مرجعاً تاريخياً مهماً ليسهم في تشكيل فيما يتعلق بأحواله وحوادثه وشخصياته ،مع وجوب صورة حقيقية موثقة عن الجوانب الحياتية لسكان االبتعاد ع��ن االس�ت�خ��دام غير السليم ،مثل تشويه الغاط وما حولها في المنطقة الوسطى بالمملكة الحقائق ،أو ل�لإس��اءة إل��ى أط��راف معينة ،ما يثير العربية السعودية خ�لال الحقبة الزمنية للوثائق الشك ح��ول أهمية الوثائق، ال�ت��ي ت��م جمعها وتحقيقها. وي � ��ؤدي إل ��ى ال �ت �ع��ام��ل معها املؤلف: وم��ا يُ�ش�ع��ر ال �م��رء بالسعادة بحساسية مفرطة م��ن قبل أ .ف ��ائ ��ز ب� ��ن م ��وس ��ى ال� �ب ��دران ��ي ه ��و م� �ب ��ادرة ن��اش��ر ال �ك �ت��اب الحربي. األفراد أو الجهات الرسمية. (م� ��ؤس � �س� ��ة ع� �ب ��دال ��رح� �م ��ن ال� �س ��دي ��ري ال��خ��ي��ري��ة) إل��ى باحث في التاريخ المحلي. أم��ا فيما يتعلق بالخوف ل��ه م��ؤل �ف��ات م�ت �ع��ددة ف��ي ال��وث��ائ��ق دعوة الباحثين لالستفادة من م��ن إم�ك��ان�ي��ة ت��زوي��ر ال��وث��ائ��ق ال�م��ادة العلمية التي تقدمها واس�ت�غ�لال�ه��ا اس �ت �غ�لاالً غير المحلية. أخ�ل��اق� ��ي ،م� ��ن ق� �ب ��ل ب�ع��ض ل��ه أك�ث��ر م��ن 40م��ؤل�ف�اً ف��ي مجال ه ��ذه ال��وث��ائ��ق ف��ي ال�ب�ح��وث ض�ع��اف ال �ن �ف��وس؛ واس �ت �ن��اداً األدب الشعبي وال �ت��اري��خ المحلي ال��ت��اري��خ��ي��ة واالج �ت �م��اع �ي��ة للمنطقة ،ودعوتهم لالستفادة إل ��ى ال �م��ؤل��ف ،ف��إن��ه ينبغي الوثائقي. ن�ش��ر ن�ح��و 20ب�ح�ث�اً ف��ي ال�ت��اري��خ من برنامج المؤسسة لتمويل تطمين ال �ق��ارئ ال�ك��ري��م بأن الدراسات المتعلقة بالغاط. ت��زوي��ر ال��وث��ائ��ق التاريخية ال المحلي في مجالت علمية.
اجلوبة -ربيع 1432هـ 129
نقوش صفوية من شمالي
اململكة العربية السعودية
املؤلف :أ .د .سليمان بن عبدالرحمن الذبيب الناشر :مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية السنة 1424 :هـ2003/م يمثل هذا الكتاب دراسة علمية لنقوش عربية شمالية (صفوية) ،عثر عليها في عدد من المواقع بمنطقة الجوف ،بشمالي المملكة العربية السعودية ..وقد حملت مضامين هذه النقوش مفاهيم اجتماعية ،لعل من أهمها مدى الحب والوله الكبيرين اللذين يكنهما العرب في شمالي الجزيرة العربية لحياة البادية واالنطالق ،فضال عن العشق الكبير للصحراء الذي ال يزال موجودا لدى أهالي منطقة الجوف حتى اآلن. ولعل أبرز ما انفردت به هذه المجموعة من النقوش التي تعد األولى المنشورة في بالدنا ،هو تعميقها للفكر والمعتقد الديني الذي كانت تؤمن به القبائل الصفوية وتمارسه آن��ذاك ..وهو اعتقادهم بالحساب بعد الموت ،وقد كان ذلك سائدا عند شعوب بالد الرافدين والمصريين القدماء آنذاك .كما امتازت هذه القبائل على غيرها من شعوب الشرق األدنى القديم باإليمان بعذاب القبر. قدمت هذه المجموعة مائة وستة وأربعين عَ ل َما من أسماء األشخاص ،منها ثمانية وثالثون تُذكر للمرة األول��ى ،وخمسة أعالم لقبائل عربية صفوية كانت تقطن شمالي المملكة العربية السعودية ،إضافة إلى ست وثالثين لفظة ..منها سب ٌع ترد للمرة األولى في هذا النوع من النقوش. 130اجلوبة -ربيع 1432هـ
من إصدارات اجلوبة
صدر حديث ًا عن مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية