ájô```M 2014/05/25م العدد ()141 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/05/25 )141م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (141) 25/05/2014
ال�شرق الأو�سط م�شهد م�ضطرب وم�ستقبل من الأزمات
من يتوقع ح ًال قريب ًا يف �سورية؟ االعتقاد ال�سائد عند معظم الدول الفاعلة ،ويف مقدمتها �أمريكا� ،أن ال حل قريباً ،خا�صة فيما تبقى من والية �أوباما ،فامل�س�ألة مل تعد تتعلق ب�سورية ،فهي �ساحة من الفو�ضى ي�صعب �إغالقها ،كما �أن ال�رصاع فيها بات يتعدى م�س�ألة ثورة �شعب يطالب بالتغيري والكرامة والدميقراطية .كذلك الأمر ،يعتقد خرباء كرث ممن �شاركوا خالل العامني ال�سابقني يف نقا�شات ا�سرتاتيجية يف ور�ش عمل �أقيمت يف غري بلد �أوروبي� ،أن امل�س�ألة تعدت تغيري ب�شار الأ�سد ،و�أن ال�رصاع يف �سورية هو جزء من �رصاع �إقليمي ودويل ،وال ميكن حله فقط ،من خالل الإطاحة بالأ�سد ،ورمبا مطلوب يف ا�سرتاتيجية بع�ض الدول الكربى بقاء الأ�سد ،لي�س لأنه قادر على �إعادة ت�أهيل النظام ال�سوري ،بل لأن ا�ستمراره يجعل الأزمة ت�ستمر حتى تن�ضج �رشوط ت�سمح برتتيبات �أكرب للمنطقة. امل�شهد يف عموم ال�رشق الأو�سط م�ضطرب ،وال�رصاعات عميقة بني الأطراف ،من �إيران �إىل اخلليج ،ومن العراق �إىل لبنان ،والدول تواجه حتديات داخلية وخارجية، والقدرة على ح�سم ال�رصاع تبدو م�ستحيلة ،لذا ف�إن انخراط الأطراف الدولية والإقليمية يف ال�رصاع هو انخراط خارج الرغبة� ،أي �أن ما من طرف رئي�سي ميكنه �أن يكون خارج ال�رصاع ،فركائز القوة لدى كل طرف تبدو نف�سها نقاط �ضعف� ،أو ميكن �أن تتحول �إىل نقاط �ضعف مع طول الأزمة ،لكن ،ال تبدو امليول ال�سيا�سية ما�ضية نحو حتقيق توافقات كربى حلل
م�شكالت ال�رشق الأو�سط ،ويف مقدمتها الأزمة ال�سورية. ويف مثال عما نطرحه ،ف�إن قوة حزب اهلل بالن�سبة لإيران هي ركيزة قوة يف متدد نفوذها داخل �سورية، لكن قرار حزب اهلل يف القتال �إىل جانب الأ�سد ي�ستنزف فعلي ًا احلزب و�إيران معاً ،وثمة تقديرات تقول �أن تكلفة دعم حزب اهلل يف �سوريا تبلغ حوايل 100مليون دوالر �شهري ًا بالن�سبة لإيران ،وهو رقم كبري قيا�س ًا للأو�ضاع االقت�صادية لطهران. الو�ضع اللبناين م�أزوم ،وبالكاد ينجح اللبنانيون يف عدم االنزالق �إىل مواجهات بني الأفرقاء ال�سيا�سيني، مر خالل العامني ال�سابقني ب�أزمة لكن لبنان عموم ًا ّ متديد الربملان لنف�سه ،و�أزمة ت�شكيل احلكومة ،ويواجه اليوم م�شكلة الفراغ الرئا�سي ،كما �أن اجلي�ش اللبناين مبا ميتلكه من �إمكانات ع�سكرية غري م�ؤهل ل�ضبط الأمن يف لبنان ،وو�ضع االقت�صاد اللبناين منذ الأزمة ال�سورية يف تراجع ،لي�س فقط ب�سبب وجود مليون الجئ �سوري على �أرا�ضيه ،و�إمنا لكون �سوريا املنفذ الربي حلركته االقت�صادية ،ولهذه الأ�سباب وغريها ف�إن لبنان لي�س بعيداً عن �أزمة تع�صف با�ستقراره اله�ش. اململكة العربية ال�سعودية لديها حتديات كبرية ،ويف مقدمتها مواجهة االنعكا�سات واملخاطر اال�سرتاتيجية مت التو�صل �إىل اتفاق التي ميكن �أن تن�ش�أ فيما لو ّ نهائي بني �إيران وجمموعة ،1 5+كما تواجه التحديات الناجمة عن ف�شل اليمن يف بناء حالة
ح�سام مريو
ا�ستقرار ،وخماطر الإرهاب يف اليمن على و�ضعها الداخلي ،وهي قد اتفقت م�ؤخراً على �رشاء طائرات من دون طيار من ال�صني حت�سب ًا لو�ضع خمل ب�أمنها من احلدود اليمينة. ما نطرحه جمرد �أمثلة ،وهناك غريها الكثري عن الأزمات املرتابطة يف املنطقة ،والتحديات التي تفر�ضها على ا�سرتاتيجيات الدول ،وعدم وجود �آفاق حلل هذه الأزمات ،ومن هنا ف�إن الو�ضع ال�سوري ي�صبح جزءاً من عموم امل�شهد امل�ضطرب يف ال�رشق الأو�سط ،وهو م�شهد مر�شح ملزيد من اال�ضطراب ،وذلك لأن عوامل اال�ضطراب تفوق بوزنها النوعي عوامل اال�ستقرار ،كما �أن كم الأزمات ي�صبح �أي�ض ًا عائق ًا �أمام حلها ،فنحن ل�سنا �أمام �أزمة منفردة ،و�إمنا �أمام جمموعة كبرية من الأزمات. من جهة �أخرى ،تبدو العالقات الدولية يف مرحلة �سيئة للغاية ،فقد ف�شل الغرب يف التو�صل �إىل تفاهمات مع رو�سيا متنع ذهاب �أوكرانيا �إىل ما ذهبت �إليه من خيارات تهدد وحدتها ،كما �أن االحتاد الأوروبي مبا يعانيه من �أزمات اقت�صادية ال يبدو قادراً على العمل بفعالية لتحقيق توافقات دولية على �أكرث من م�شكلة. نحن �أمام م�ستقبل يعدنا مبزيد من الأزمات يف ال�رشق الأو�سط ،ويعدنا ك�سوريني با�ستمرار كارثتنا الوطنية، وهو ما ينبغي �أن يدفع القوى ال�سيا�سية ال�سورية �إىل �إعادة قراءة دورها ،وحتديد �أولوياتها ،ورمبا تغيري حتالفاتها.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/25 )141م
تقارير
02
«جمموعة عمل �سوريا» ت�ضع خارطة �أولويات اقت�صادية للحكومة االنتقالية تكت�سب امل�س�ألة االقت�صادية يف الأزمة ال�سورية بعداً متزايداً من قبل جهات دولية و�سورية عدة، ويبدو الأمر طبيعي ًا قيا�س ًا �إىل طول املدة الزمنية للأزمة ،وما �شهدته من منعطفات �أثرت على جممل مناحي احلياة يف الوطن ال�سوري ،وغريت الكثري من اخلرائط التقليدية على امل�ستوى الدميغرايف واالقت�صادي ،والتي �سيكون لها �أثر كبري على م�ستقبل �سورية مهما كانت امل�آالت املقبلة التي تتنظر ال�سوريني. ويف ال�سياق� ،صدر عن جمموعة عمل اقت�صاد �سوريا تقرير “اخلارطة االقت�صادية ل�سوريا اجلديدة- القطاع العام ال�صناعي” ،وي�شتمل التقرير على درا�سة جميع قطاعات االقت�صاد ال�سوري ،وهي النفط والغاز ،والكهرباء ،واملوا�صالت والطرق، واملياه ،وال�سيا�سات املالية واالقت�صادية، والزراعة ،والت�رشيعات االقت�صادية والإدارية، والتعليم واليد العاملة ،والإ�سكان و�إعادة الإعمار. ومن الوا�ضح يف مقدمة التقرير �أن “جمموعة عمل �سورية” تتبنى يف التخطيط مل�ستقبل �سورية االقت�صادي منوذج االقت�صاد احلر بالتزامن مع النظام الدميقراطي املن�شود “ ال ت�ستطيع �سوريا الو�صول �إىل احلرية ال�سيا�سية احلقيقية ب�شكل منف�صل عن احلرية االقت�صادية والعك�س �صحيح، فالنه�ضة االقت�صادية يف �سوريا يجب �أن تقوم جني ًا �إىل جنب مع النه�ضة ال�سيا�سية التي حت�صل الآن ،ومل نعد ن�ستطيع القول �أن الوقت ما زال مبكراً ملوازنة هذه النه�ضة ،فمع ان�ضمام ال�شعب ال�سوري �إىل ركب ال�شعوب الدميقراطية ،وا�ستعادة مكانته ال�رشعية يف املجتمع الدويل ،وحتقيق ال�سالم واال�ستقرار �أ�صبح لزام ًا على ال�شعب ال�سوري �أن يبد�أ بت�أ�سي�س �سوق اقت�صادي حر”. وو�ضع التقرير جملة من التو�صيات التي �أتت حتت عنوان “تو�صيات خطة التحول الدميقراطي يف �سوريا يف املجال االقت�صادي” ،وتناول الق�سم الأول منها �أولويات احلكومة االنتقالية ،وحددها
جمموعـة عمـــل �ســــورية تتبنى يف التخطيــط مل�ستقـــبل �سورية االقت�صادي منوذج االقت�صــاد احلر كالآتي: اال�ستمرار يف دفع رواتب العاملني يف القطاع العام. ت�أمني م�ساكن م�ؤقتة لالجئني والنازحني حلني متكينهم من العودة مل�ساكنهم. �أمني اخلدمات الأ�سا�سية لالجئني والنازحني من غذاء ولبا�س وعالج وغري ذلك. ت�أمني حماية اخلدمات الأ�سا�سية واملرافق العامة. الإعداد من �أجل �إعادة هيكلة القطاع العام والهيكلية الإدارية للدولة. العمل على ا�سرتجاع الأموال واملمتلكات املجمدة يف اخلارج.
جتميد وا�ستعادة الأ�صول املنقولة وغري املنقولة حلزب البعث. ت�شكيل جلنة لدرا�سة العقود املربمة من قبل النظام مع الدول واملنظمات الدولية. �إ�صدار قرار ب�إلغاء كافة العقود املربمة من قبل النظام ال�سوري يف الفرتة ما بني �آذار 2011 وتاريخ ت�شكيل احلكومة االنتقالية. �إن�شاء �صندوق لدعم �سوريا ولإعادة الإعمار. �إ �صدار قانون عام ب�إعادة املمتلكات امل�ؤممةمن قبل الدولة لأ�صحابها. تبديل العملة ال�سورية احلالية ،وهو ما يحتاجال�ستقرار اقت�صادي وقد حتتاج فرتة طويلة من الزمن. العمل على رفع العقوبات االقت�صادية عن �سوريا.وت�ضمن التقرير تو�صيف ًا حلالة القطاعات ال�صناعية ،وحاول الك�شف عن �أ�سباب خ�سارة الكثري من ال�رشكات العاملة �ضمن القطاع العام، وو�ضع اقرتاحات م�ستقبلية لتلك القطاعات.
وثيقة �أبو م�صعب ال�سوري خدمت �أمريكا والنظام تك�شف الوثيقة التي ح�صلت عليها الواليات املتحدة الأمريكية يف �أفغان�ستان عام ،2001 والتي كتبها �أبو م�صعب ال�سوري ،وهو �أحد �أع�ضاء “الطليعة املقاتلة” التي دخلت يف ا�شتباك م�سلح مع النظام ال�سوري عام ،1979تك�شف الوثيقة عن جمموعة من املراجعات والن�صائح التي يقدمها �أبو م�صعب ال�سوري للجهاديني ،وهي خال�صة جتاربه ال�سابقة. ويعتقد على نطاق وا�سع �أن ن�صائح “�أبو م�صعب ال�سوري” �شكلت دلي ًال لعمل اجلهاديني من جهة، كما �شكلت بالن�سبة للأمريكان �أر�ضية لدرا�سة جملة من االحتماالت يف الواقع ال�سوري خالل الأزمة الراهنة ،خا�صة يف منع �أي حماولة لنمو �أر�ضية م�شرتكة بني اجلهاديني والأكراد يف ال�شمال ال�سوري. ويركز �أبو م�صعب ال�سوري يف درا�سته “الوثيقة” على ثالثة موا�ضيع رئي�سية ،وهي حتليل �أ�سباب
�إخفاقات احلركات اجلهادية ،وتقييم جتربة “الطليعة املقاتلة” يف �سورية ،وا�ستخال�ص الدرو�س املفيدة للجهاديني م�ستقب ًال. ويعتقد �أن اكت�شاف الواليات املتحدة الأمريكية للوثيقة التي تركها �أبو م�صعب ال�سوري قد �أفادتهم ب�شكل كبري يف التعامل مع جمريات الو�ضع يف �سورية ،ومن �أهمها عدم الت�رسع يف دعم املجموعات املقاتلة على الأر�ض ،و�إدراك طبيعة التحالفات اله�شة بني الف�صائل التي تقاتل النظام ،وانتقاء جمموعات موثوق بها ،بعد �أن يتم التحري بطرق عدة عن قدرتها على االلتزام بالعمل مع الواليات املتحدة. من جهة �أخرى ،ا�ستخل�صت الواليات املتحدة در�س ًا مهم ًا وهو عدم التعويل على املعار�ضة املوجودة يف اخلارج ،حتى لو �أقامت معها �صالت �سيا�سية ،ولكن هذه املعار�ضة املغرتبة ال ميكن �أن تقدم �أية فائدة كبرية للأمريكان ،خا�صة �أن
طول فرتة الأزمة �سيجعلها مقطوعة ال�صالت مع الداخل ال�سوري. كما كان �أبو م�صعب ال�سوري قد ح ّذر من تعامل اجلهاديني مع الدول العربية ،وذلك “لأن هذه الدول م�صاحلها م�ؤقتة ،وكذلك حتالفاتها ،وميكن �أن تنقلب على اجلهاديني يف �أية حلظة ،خا�صة �أن لديها الكثري من املخاوف من �أن يتحولوا �إىل داخلها”. لقد �أخذت الواليات املتحدة ،كما النظام ال�سوري، خماوف الدول العربية والأوروبية من اجلهاديني روج يف بناء �سيا�ستها جتاه الأزمة ال�سورية ،وقد ّ النظام ال�سوري منذ اليوم الأول لالحتجاجات ب�أن احلراك ال�شعبي تقف خلفه حركات �إرهابية، كما كبحت الواليات املتحدة جماح بع�ض الدول العربية يف دعمها للف�صائل املقاتلة حتت بند اخلوف من انت�شار الإرهاب.
03
ر�أي
العدد ( 2014/05/25 )141م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
«الإ�سالم ال�شامي» بني وهم النموذج وحماوالت الهيمنة حكم عاقل
تنامى نفوذ احلركات الإ�سالمية املختلفة يف بداية الأزمة ال�سورية دون �ضجيج ،اللهم �إال هدير �صوت النظام الذي �أكد وجود التطرف الإ�سالمي منذ بداية الأحداث ،رمبا لأن تفا�صيل بروز هذه اجلماعات كانت يف حوزة رجال �أمنه مل�صلحة بدت وا�ضحة بعد ثالث �سنوات ونيف ،طبعا قبل �أن يبد�أ الدعم والتمويل اخلارجي .فهل ميكن القول �أن ما عرف بـ «الإ�سالم ال�شامي» املو�صوف بالو�سطي واملعتدل قد هزم �أما التطرف الإ�سالموي واجلهادية ال�سلفية؟ بعد ق�ضائه على حركة الإخوان امل�سلمني . حاول حافظ الأ�سد ت�أ�سي�س مرجعية �إ�سالمية قادرة على �سحب الب�ساط من حتت �أي مرجعية �أخرى لي�ست على مقا�س النظام ال�سوري ،ت�ضمن بقاء الإ�سالم ال�شعبي حتت ال�سيطرة .ففتحت املعاهد والكليات الإ�سالمية حتت �إ�رشاف النظام .وكذلك معاهد حتفيظ القر�آن التي بات �أ�شهرها معاهد الأ�سد لتحفيظ القر�آن»، كما ح�صل البعثيون على �إيفاد �إىل كليات ال�رشيعة و�أ�صبح بع�ضهم مدر�سني ملادة الرتبية الإ�سالمية يف املدار�س الر�سمية .وحظي كفتارو (مفتي اجلمهورية ال�سابق) مبكانة مميزة لإ�سهامه يف التنفيذ العملي لهذه اخلطة ال�سيا�سية التي هدف من ورائها نظام الأ�سد الأب الهيمنة على املرجع والرمز الإ�سالميني يف مواجهة منظومة �إ�سالموية فكرية ،باقية بعد هزميتها الع�سكرية ،و�سلفية «وهابية» متنامية ،يف ظل ال�رصاع الإيراين ال�سعودي على النفوذ يف ال�رشق الأو�سط. ا�ستمر هذا النهج يف عهد الأ�سد االبن ،وكان طريق رم�ضان البوطي �إىل الق�رص الرئا�سي هو الأق�رص، وكان لقيامه ب�إمامة امل�صلني يف ال�صالة على الرئي�س املتوفى حافظ الأ�سد و�سط ذهول رجال الدين من «الطائفة العلوية» ،عالمة كا�شفة منذ البداية على الدور الذي �أنيط بهذا الرجل �أن يلعبه. ا�ستطاع البوطي منذ بداية عهد ب�شار الأ�سد �أن يقنع الرئي�س ب�أهمية الدور الذي ميكن لـ «القبي�سيات» �أن يلعبنه يف �ضمان انت�شار منط «الإ�سالم ال�شامي» بني
�رشائح وا�سعة من الن�ساء مما يعززه كنمط اجتماعي �سائد ،ويعزز �شعبية الرئي�س العتيد ،مما جعل الرئي�س ال�سوري يوجه برفع القيود عن ن�شاطهن .كما ا�ستطاع البوطي فر�ض منوذج للتدين ال�شعبي بدا �أكرث انفتاحا من الناحية النظرية ،وقاد ما يعرف بـ «احتاد علماء بالد ال�شام» الذي مثل تياراً وا�سع ًا يف مدينتي دم�شق وحلب بالدرجة الأوىل .والذي �ضم رجا ًال هم الأكرث �شهرة على النطاق الوطني ،كالبوطي و�أتباعه ،ووريثه وجممع ال�شيخ �أحمد كفتارو الديني ابنه توفيق، ّ ح�سون يف الدين بدر ال�شيخ اجلمهورية و�أن�صار مفتي ّ ال�صوفية يف كلٍ من حم�ص و الطرائق حلب ،و�شيوخ ّ احل�سكة وغريهما .وقد لعب هذا االحتاد دورا كبريا يف مواجهة العديد من الفتاوي الدينية التحري�ضية التي �أطلقها رجال دين �ضد النظام ال�سوري ،يف الداخل واخلارج .لذا بدت عملية اغتيال البوطي �رضبة م�ؤملة ملا اعترب �إ�سالما �شامياً. وبالرغم من �أن «حزب البعث» الذي «كان» حزبا قائدا للدولة واملجتمع هو حزب علماين� ،إال �أن الأمور يف الواقع كانت تتجه نحو مزيد من التدين ال�شعبي والت�شدد به ،ميكن مل�سه يف ال�سنوات الأخرية بدءا من الت�شدد يف ق�ضية احلجاب ،والذي رغم ت�أثره بكل �أ�شكال "املو�ضة" بقي عالمة فارقة لـ «الإ�سالم ال�شامي» والذي مل يعد دليال للح�شمة الأخالقية بقدر ما �أ�صبح طريق ًا للزواج املقبول اجتماعيا .كما ويالحظ هيمنة املحجبات الكا�سحة على النظام التعليمي ال�سوري ال�سيما يف القطاع اخلا�ص .وحظي القر�آن واملواد الدينية الأخرى� ،أقلها الإن�شاد الديني، مب�ساحة وا�سعة يف املنهاج التعليمي للقطاع اخلا�ص. وقد دعا مفتي �سوريا بدر الدين ح�سون �إىل �إلغاء الرتبية الدينية من املدار�س واالكتفاء مبادة الرتبية الوطنية ،وهذا طبعا ال يعني الرغبة يف �إعادة نظر يف ال�سيا�سية املتبعة يف التعامل مع الدين وعالقته باملجتمع ،لكنه يبدو لنا �أنه تعبري عن الف�شل يف ال�سيطرة على الإ�سالم ال�شعبي ،ولن يكون بالطبع خطوة يف اجتاه علمنة حقيقية للنظام التعليمي� ،أو
تغريا جوهري ًا يف ا�سرتاتيجية التوازنات املتبعة حتى الآن ،والتي �أف�ضت �إىل تكري�س هوة عميقة بني منطني من الإ�سالم ،واحد �شعبي و�آخر ر�سمي .وقد �شكل خروج املظاهرات االحتجاجية الأوىل من اجلوامع التعبري البالغ عن هذه الهوة. حاول ب�شار الأ�سد منذ انطالق احلراك ال�شعبي اال�ستمرار يف ا�ستمالة رجال الدين «الر�سميني» و�ضمان والئهم ال�سيما يف اجتماعه الأخري معهم يف .23/4/2014و يبدو �أن الأ�سد م�رص على امل�ضي يف الت�أكيد على دور «الإ�سالم ال�شامي» يف مواجهة املتطرفني الإ�سالمويني .و تكمن اخلطورة يف الإ�رصار على امل�ضي قدما فيما ثبت ف�شله� ،أي حماولة الهيمنة على الدين بدل العمل على ف�صل الدين عن الدولة .هنا يلتقي النظام من حيث يدري �أو ال يدري مع الفكر الإ�سالموي نف�سه الذي يرف�ض بدوره هذا الف�صل بني الديني وال�سيا�سي. �إن ا�سرتداد احلا�ضنة ال�شعبية التي هيمن عليها «الإرهاب» كما يرى النظام ال ميكن �أن يبنى على منط �آخر من التدين يختلف يف الدرجة� .إن االختالف هنا البد �أن يكون يف النوع� ،أي عرب م�رشوع وطني جامع ي�ضع كل م�شكالت الوطن على طاولة واحدة والتعاطي معها بلغة علمية ال االلتفاف عليها من خالل الفنون والو�سائل ال�سيا�سية ،و�أن يكون ذلك بعيدا عن ح�سابات الهيمنة والقوة ولعبة التوازنات التي �أنهكت الوطن ال�سوري �أكرث مما ينبغي .ناهيك عن �أنه ال وجود لذلك النموذج من «الإ�سالم ال�شامي» املتعايل على التاريخ ،فهو من حيث كونه �إ�سالما �شعبيا ،عر�ضة للتغري وحمكوم مب�ستوى التطور االجتماعي ال�سيا�سي واالقت�صادي يف حلظة تاريخية ما� ،أما ما ميكن عده منوذجا فهو ذلك النمط من «الإ�سالم الر�سمي» الذي يحاول النظام ورجال الدين الر�سميون فر�ضه .والذي لن تكون نتيجته �إال ف�شال ذريعا يف مواجهة مارد الإرهاب والتطرف ،ال�سيما يف ظل تعمد امل�شاركة يف �إطالق هذا املارد من القمقم.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/25 )141م
حتليل �سيا�سي
04
ايران تعلن انت�صارها يف �سورية!. غازي دحمان
تعترب ايران نف�سها انت�رصت يف �سورية ،خلقت واقعا ع�سكريا من ال�صعب جتاوزه ،وخا�صة بعد �أن �سيطرت على القلب اال�سرتاتيجي ل�سورية املمتد من العا�صمة دم�شق وحتى ال�ساحل� ،أما بقية املناطق ،ف�إما �صارت جزرا معزولة ال ت�شكل خماطر حقيقية ،وقد يجري ق�ضمها بعد �أن ي�صار �إىل �إنهاكها� ،أو هي خمرتقة من قبل التنظيمات التي تدعمها طهران يف اخلفاء� ،أو تخرتقها بطريقة ما. االنت�صار الأهم بالن�سبة لإيران متثل باخرتاق النظام ال�سيا�سي ال�سوري نهائياً ،وحتويله �إىل جمرد كيان �إيراين داخلي ،مثل �أي كيان �إداري داخل ايران ،حيث ت�شري املعلومات ،التي مل تعد �رسية� ،إىل تخ�صي�ص حكومة طهران مليزانية ثابتة يجري �رصفها با�سم نظام دم�شق ،ت�شمل كل م�رصوفات ت�شغيل هذا الكيان مبا فيها ت�رصيف ال�ش�ؤون العادية ،ناهيك عن املوازنات الكبرية للميلي�شيات املقاتلة ،وجي�ش النظام ال�سوري واحدة منها ،وكميات الأ�سلحة والذخائر التي توردها �إيران .بالطبع نظام املاليل، واملعروف عنه حر�صه ال�شديد جتاه العامل اخلارجي، �أو حتى جتاه الربملان الإيراين وخوفا من ت�رسب املعلومات ،يقوم بعمل �إجراءين ماليني ،حيث يعمل على ت�سجيل الأموال التي تذهب لت�رصيف �أمور النظام ال�سوري على �شكل ديون وودائع واجبة اال�ستحقاقات، و�أن ب�آجال طويلة ،والهدف من وراء ذلك ا�ستمرار �إخ�ضاع نظام دم�شق احلايل ،او �أي نظام قد ي�أتي يف امل�ستقبل وال�ضغط عليه� .أما م�ستلزمات الإنفاق على امليلي�شيات فيتم متويل جزء كبري منها من اخلزائن العراقية ،خا�صة و�إن يف العراق ف�ساد كبري وفو�ضى، وتعمل �إيران على اال�ستفادة من هذه احلالة لتمويل حروبها �ضد �أهل امل�رشق يف �سورية والعراق ولبنان. هذا االخرتاق الذي حققته طهران ،جاء بف�ضل وجودها الع�سكري و�سيطرتها على امليدان بعد انهيار �شبكة �سيطرة نظام الأ�سد على �سورية ،اذ بعد عام من الثورة، كانت جميع ت�شكيالت جي�ش النظام و�أجهزته الأمنية
قد متزقت وو�صلت �إىل عتبة االنهيار ،وجتلى ذلك يف �صيف 2012عندما بد�أت كتائب الثورة تطبق على دم�شق ،حينها جرى تنحية قيادات النظام عن امل�شهد وحتويلها �إىل جمرد ديكور للت�صوير يف نهاية املعارك، حتى �أن ح�سن ن�رص اهلل نف�سه �أقر بهذه الواقعة بقوله � :إننا لو مل نتدخل ل�سقطت دم�شق يف �أ�سبوع ،وكذا ت�رصيحات �إيران �أن الأ�سد باقٍ لأنها �أرادت ذلك. بالطبع التدخل الإيراين �سبق ذلك ،وكان موجوداً وحمايث ًا لكل مراحل الثورة ،ذلك �أن �إيران وبعد �شهور قليلة من الثورة بد�أت تدرب �أعداداً كبرية من �أن�صار النظام يف مع�سكرات ايرانية ،ثم ا�رشفت على �إن�شاء ما ي�سمى اجلي�ش الوطني ،وهو �شكل من �أ�شكال احلر�س الثوري الإيراين ( البا�سيج) ،غري �أن هذه الإجراءات مل حتقق املطلوب ومل ي�صار �إىل الق�ضاء على الثورة ،ما دفع �إيران �إىل النزول بكامل جاهزيتها الع�سكرية �إىل امليدان ،وتولت م�س�ؤولية القطاعات التي تراها �أكرث ا�سرتاتيجية حلماية النظام ،وكانت اخلطة يف البداية تق�ضي بوقف انهيار خطوط حماية القلب يف دم�شق وتثبيت الثوار يف مناطقهم كمرحلة اوىل ،وخا�صة يف دم�شق ،ثم العمل على حتقيق اخرتاقات ا�سرتاتيجية يف مناطق معينة ،وقد جرى الرتكيز على الطرق اال�سرتاتيجية وطرق الإمداد بني ال�ساحل ودم�شق، وربط مناطق اجل�سور بني لبنان و�سورية ،وقد جنحت هذه اخلطة ب�سبب �سهولة قطع طرق �إمداد الثوار، وبالنظر �إىل وجود مناطق ال تعترب بيئة حا�ضنة للثوار� ،إ�ضافة �إىل قربها من مناطق حزب اهلل. باملعنى اال�سرتاتيجي ،ت�شكل هذه املناطق قلب �سورية ،لتحكمها ب�شبكة خطوط املوا�صالت بكامل �سورية ،ومن ناحية �أخرى ت�شكل اجلزء الأكرب امل�أهول من �سورية ،كما تتمتع بطبيعة جغرافية ت�سهل التح�صن بها من قبل قوات ع�سكرية منظمة ،ف�ضال عن �إ�رشافها على مناطق ع�سكرية وا�سعة ،وحتويلها باملعنى الع�سكري الكال�سيكي �إىل مناطق �ساقطة حربيا ،بالإ�ضافة �إىل امتالك هذه املناطق لأهم
عن�رص اقت�صادي حياتي وهو املياه ،حو�ضا بردى والعا�صي. وثمة م�ؤ�رش �أخر ت�ضيفه �إيران �إىل حزمة م�ؤ�رشات جناحها يف احليز ال�سوري ،وهو واقعة اخرتاقها للنظام الإقليمي العربي وته�شيمه ،بعد �إخراج العراق و�سورية من �إطارهما اجلغرايف والب�رشي ،خا�صة و�أن حربها الطائفية قامت على ا�ستبعاد واجتثاث املكون العربي من هذين البلدين� ،أو يف �أقل الأحوال تهمي�شه وحتويله �إىل عن�رص غري فاعل وم�ؤثر يف م�سار الأحداث وم�آالتها النهائية يف ظل �إعادة �صياغة توجهات هذين البلدين مبا يتنا�سب وخدمة الأهداف اال�سرتاتيجية الإيرانية الكربى ،يف املنطقة ،او حتى يف �إطار تفاعلها مع البيئة الدولية ب�رصاعاتها وحواراتها ،وت�أتي اهمية هذا املتغري بنظر قادة �إيران من كونه يجعلهم طرف ًا مقرراً فيما تبقى من النظام الإقليمي العربي ،ومتنحهم فر�صة �إعادة �صياغة النظام الإقليمي برمته وحتديد مواقع �أطرافه ،وهو �أمر يعترب من الأهداف اال�سرتاتيجية الكربى لطهران، وطاملا داعب خيال قادتها. من امل�ؤكد �أن الواقع لي�س بال�صورة التي حتاول �إيران تظهريها ،ثمة جزئية �صحيحة يف �سياق هذا الواقع، وهي �أن �إيران ا�ستطاعت ترتيب م�شهد �آين يظهر هذه ال�صورة ،وذلك بق�صد توظيفه داخليا وخارجيا ،لكن هذا امل�شهد يرتكز على معطيات متحركة ،ومل ت�ستقر بعد ،وبالتايل ال ميكن البناء عليه �أو �أخذه على حممل اجلد ،ملا ينطوي عليه من حماوالت ت�ضليلية وا�ضحة، وهو يف �أح�سن الأحوال ال يعدو كونه حماولة لقطف ثمار ن�رص مل يح�صل بعد ،وتدرك الأطراف املق�صودة باحلالة الإيرانية مدى الوهن واال�ستنزاف الذي باتت عليه �إيران هي ومن ت�ؤيده يف الإقليم ،بعد �أن �رصفوا اجلزء الأكرب من احتياطاتهم وعلى كافة ال�صعد يف معركة ي�ستحيل الن�رص فيها.
05
حتليل �سيا�سي
العدد ( 2014/05/25 )141م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
احلر�س الثوري الإيراين «البا�سدران» يف مهام و�أدوار «املطرقة وال�سندان»! مو�سى القالب *
لي�س �رساً �أن احلر�س الثوري الإيراين " البا�سدران" هو �أقوى م�ؤ�س�سة �أمنية وع�سكرية م�س�ؤولة عن حماية النظام الإيراين ،منذ قيام الثورة يف 1979 ،حيث ثقة �آية روح اهلل اخلميني بوالء اجلي�ش الإيراين التقليدي وقادته و�ضباطه ،كانت متدنية �إىل م�ستوى احل�ضي�ض ،الرتباطهم الوثيق ب�شاه �إيران والغرب والواليات املتحدة ،تنظيم ًا وت�سليح ًا وتدريب ًا وعقيد ًة قتالية ،ف�أ�سند للبا�سدران مهام حفظ و�صون والية الفقيه من �أي خماطر داخلية �أو خارجية. لكن البا�سدران يقوم ب�أدوار متعددة على ال�صعيدين الداخلي واخلارجي ،حيث ي�شكل اليوم الالعب االقت�صادي الأقوى على ال�ساحة الإيرانية .ما ينعك�س مبا�رش ًة وبقوة على جممل القرارات ال�سيا�سية العليا يف البالد ،ال �سيما و�أن عالقة قادته و�ضباطه باملر�شد الأعلى �آية اهلل علي خامنئي ،هي عالقة تكافلية متبادلة. لع ّل العقوبات االقت�صادية التي فر�ضتها الواليات املتحدة على �إيران� ،أدت اىل تقوية مركز البا�سدران بق�صد �أو بغري ق�صد ،على ح�ساب قوى �أكرث واقعية واعتدا ًال �ضمن الهيكل التنظيمي للجمهورية الإ�سالمية .فهو ميتلك املطارات واملوانئ واملعابر احلدودية اخلا�صة به ،ويدير �ش�ؤونها املالية واجلمركية. ِ يكتف البا�سدران ب�سحق القوى من هذه الر�ؤية مل املعار�ضة لفكر اخلميني يف الداخل الإيراين يف املراحل الأوىل من الثورة فح�سب ،بل جتاوزت مهمته اىل �صد الهجمات العراقية خالل احلرب العراقية -الإيرانية من 1980اىل ،1988حيث �سالحه الأقوى عقيدته الدينية ال�شيعية وقوميته الفار�سية ،رغم قلة خربته القتالية يف تلك احلقبة. متكن البا�سدران من الهيمنة على �أدوار �أفرع القوات امل�سلحة التقليدية ،الربية والبحرية واجلوية ،ف�أخذ
والتيارات مبا يف ذلك الر�سمية وال�شعبية ،هو �أنه ينفرد مبهمة "الدفاع املقد�س" عن جمهورية �إيران الإ�سالمية وقياداتها العليا ومكت�سباتها و�شعبها، وهذا بحد ذاته ي�شكل �سيف ًا م�س َّلط ًا على رقبة كل من ت�سول له نف�سه مناف�سته يف هذا الدور الرفيع ،حتى و�إن كان رئي�س اجلمهورية. لكن الدور الأخطر من كل ذلكن �أن البا�سدران احرتف �إدارة احلرب "الالمتناظرة" عن طريق قوات النخبة "فيلق القد�س" ،وتدريب الأذرع امل�سلحة كحزب اهلل يف لبنان ،وامليلي�شيات ال�شيعية العراقية ودورها املعروف يف ما يحدث على ال�ساحة ال�سورية من دعم نظام الأ�سد عالني ًة وب�شكل مبا�رش دون �إخفاء �أو مواربة. كما يوظف البا�سدران ويدير خاليا نائمة تعمل يف منطقة اخلليج ،ل�رضب �أهداف �أمريكية وغربية يف حال تعر�ضت �إيران لهجوم �أمريكي �أو �إ�رسائيلي، ي�رصح بذلك قادة احلر�س الثوري وغريهم يف وكما َّ كل منا�سبة. يبدو �أن ا�سرتاتيجية البا�سدران البحرية يف جمال احلرب الالمتناظرة هي الأكرث �أهمي ًة ،حيث ي�سعى يف �أوقات ال�شدة وال�ضغط اخلارجي ليكون قوة هائلة ل�رضب الأ�سطول الأمريكي يف اخلليج ،و�أية قوات بحرية متعددة اجلن�سيات ،قد ت�شكل يف �أي وقت تهديداً �رصيح ًا �ضد مراكز الثقل اال�سرتاتيجية االيرانية ،مبا يف ذلك مواقع ال�صواريخ البال�ستية واملفاعالت النووية .كما �أن البا�سدران ي�ستطيع ن�رش مئات الزوارق ال�صاروخية ال�رسيعة امل�سلحة بال�صواريخ اجلوالة " كروز" وبث الألغام البحرية يف مياه اخلليج وم�ضيق هرمز. يبلغ �إجمايل تعداد القوى الب�رشية العاملة يف البا�سدران حوايل 150000رجل ،يف حني ت�شكل القوة الربية عموده الفقري ،بتعدادها الذي يرتاوح من 100000اىل 125000رجل ،ب�ضمنها قوات النخبة "فيلق القد�س" وتعدادها نحو 5000 مقاتل .يف حني ي�صل تعداد القوتني البحرية واجلوية التابعتني له من 20000اىل 30000 جنديُ .ي�ضاف لذلك ميلي�شيات "البا�سيج" �أو اجلي�ش ال�شعبي الذي ي�صل تعداده اىل مئات الآالف، وينت�رش يف كافة املحافظات الإيرانية� .إ ْذ �أن مهمة قوات البا�سيج تتلخ�ص باحلفاظ على الأمن واال�ستقرار املحلي يف تلك املحافظات وبع�ض املعابر احلدودية ،كونها هي �أداة القمع الطويلة بيد البا�سدران �ضد االحتجاجات ال�شعبية يف الداخل الإيراين وعلى الأطراف. �أما مبا يتعلق مب�ستقبل البا�سدران ،فيمكن القول ب�أن هيمنته �ستكون �شبه مطلقة على كافة ال�ش�ؤون اال�سرتاتيجية ،خ�صو�ص ًا القدرات النووية ،رغم �إعطاء املر�شد الأعلى هام�ش احلرية التفاو�ضية لرئي�س اجلمهورية روحاين وطاقمه احلكومي ،مع القوى الدولية حول امللف النووي. من هذا املنطلق يبدو جلي ًا �أن البا�سدران مبهامه و�أدواره املطلقة ،هو "املطرقة وال�سندان" يف �آنٍ مع ًا ،داخل وخارج �إيران!
يدير قواته الربية والبحرية واجلوية اخلا�صة به، والواقعة حتت قيادته املبا�رشة ،رغم وجود القوات التقليدية بحجمها ال�ضخم .لكن البا�سدران مل يتوقف عند هذا احلد ،بل و�ضعت حتت قيادته القوة ال�صاروخية البال�ستية اال�سرتاتيجية ،ف�أ�صبح جي�ش ًا وطور �سيطرته امليدانية ليمثل مبوازاة جي�ش و�أكرثَّ ، دولة داخل الدولة. نتيج ًة لعنا�رص الدعم والقوة التي ما زال البا�سدران �سواء من قبل احلكومة يحظى بها دون تدخل �أحدً ، �أو الربملان ،فقد متكن من ال�سيطرة على زمام امل�سارين ال�سيا�سي واالقت�صادي من دون منازع. كما متكن من ان�شاء و�إدارة �رشكات خا�صة به تناف�س ،بل وتتحكم بنفوذ وح�ص�ص الدوائر االقت�صادية الر�سمية ،ف�أ�صبح مركز قوة ترابطية رباعية الأبعاد �(:أمنية-ع�سكرية -اقت�صادية- �سيا�سية). فعو�ض املر�شد الأعلى بالبا�سدران �أي تراجع َّ حمتمل يف �سلطته نتيجة طموحات احلركات الإ�صالحية ،بت�ضييق اخلناق عليها من قبل البا�سدران واتهامها باخليانة الوطنية .وك�ضامن للمبادئ الأ�سا�سية للثورة ،لعب احلر�س الثوري دوراً رئي�سي ًا يف تهمي�ش الف�صائل املحافظة والإ�صالحية الواقعية قبل �أن تتمكن من حتدي تلك املبادئ ،مبا يف ذلك �سلطة املر�شد الأعلى الدينية والدنيوية. �سبق و�أن قمع البا�سدران بق�سوة منظمة جماهدي خلق الي�سارية ورموزها ومنا�رصيها يف الداخل كرر عمليات البط�ش باحلركة اخل�رضاء واخلارج .و َّ بعيد انتخابات عام 2009الرئا�سية ،مثلما متكن من تغييب وحتجيم كافة رموز وقادة الأحزاب والكتل ال�سيا�سية والقوى العرقية والدينية على اختالف �أطيافها وتطلعاتها منذ قيام الثورة اال�سالمية حتى اليوم. *عميد متقاعد /باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق القوى خمتلف �ضد البا�سدران ما يقوي و�ضع للبحوث -دبي
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/25 )141م
ق�ضايا
06
ف�شل املجتمع الدويل يف حتقيق العدالة لل�سوريني جان كورد
ما جرى ليلة اخلمي�س /اجلمعة املا�ضي يف جمل�س الأمن ،وما متخ�ض عنه االجتماع الذي دعت �إليه فرن�سا بهدف حتويل امللف ال�سوري �إىل حمكمة اجلنايات الدولية ،يدل على �أن رو�سيا وال�صني ت�ضحيان بال�شعب ال�سوري كله من �أجل �إنقاذ ما لهما من م�صالح خ�سي�سة مع نظام العائلة الأ�سدية، وبذلك تدعمان الإرهاب واملنظمات الإرهابية التي �ست�ستغل ان�شقاق املجتمع الدويل وعدم قدرته على القيام بواجبه جتاه ما يحدث من جرائم �ضد الإن�سانية يف �سوريا ،واخلا�رس الوحيد يبقى هذا ال�شعب الذي عانى ما مل يعانيه �شعب �آخر يف ظل نظامه ال�سيا�سي احلاكم ،يف حني تعطي ال�صني ومعها رو�سيا نظام الأ�سد ال�ضوء الأخ�رض لال�ستمرار يف �شن غاراته اجلوية بالرباميل املتفجرة وبا�ستخدام الغازات ال�سامة �ضد ال�شعب ال�سوري ،وهذا يعني �أن لي�س لدى حكومتي مو�سكو وبكني �أي رادع �أخالقي ،و ال ميكن لهما �إخفاء وح�شيتهما �أمام العامل الذي يعترب هذا يوم ًا �أ�سوداً �آخر يف تاريخه احلديث. كان هذا املوقف الال�أخالقي متوقع ًا ،وال�سوريون الذين يكافحون من �أجل ا�سقاط نظام الأ�سد املدعوم من قبل رو�سيا ورو�سيا و�إيران وع�صابات لبنانية وعراقية خا�ضعة لإيران ،من �أبرزها ما ي�سمى بحزب اهلل ،ال يعولون على جمل�س الأمن ٍ �سنوات متتالية يف الدويل ،الذي ف�شل لثالث م�ساعدته م�ساعد ًة جادة حتى يف املجاالت
الإن�سانية وتخفيف وط�أة ا�ستخدام الأ�سلحة الفتاكة �ضده ،ومنها الغازات ال�سامة ،والر�أي العام العاملي �أي�ض ًا يعلم متام ًا �أن م�صالح الدول بالن�سبة لها �أهم من �ضمان الأمن واال�ستقرار و�صون حقوق الإن�سان و�إنقاذ حياة الب�رش ،ولذلك ف�إن احلرب ال�سورية، طائ�ش م�ستع ٍد لتدمري كل بيت يف بالده نظام ٍ حرب ٍ وقتل �سائر �أطفاله مقابل بقائه حاكم ًا� ،ست�ستمر فرت ًة طويلة ،قام املجتمع الدويل بواجباته الدولية كهيئة عاملية حلفظ ال�سالم �أم مل يقم ،فلل�سوريني خربة يف هذا املجال ،بعد كل الت�ضحيات اجل�سيمة التي قدموها من �أجل حريتهم و�أمنهم وا�ستقرارهم. وا�ستمرار احلرب يعني مزيداً من �سفك الدماء وات�ساع دائرة الدمار والتهجري واملعاناة الإن�سانية، �إال �أن ال�سوريني لن يتخلوا عن حريتهم وعن حقهم يف اختيار النظام ال�سيا�سي الذي يريدونه� ،شاءت ال�صني ورو�سيا و�إيران �أم مل ت�ش�أ. الآن ،يتحتم على ال�سوريني العمل اجلاد والد�ؤوب من �أجل وحدة �سالحهم وتوحيد �صفوفهم وو�ضع �أولويات ن�ضاالتهم والكف عن تبادل التهم املتبادلة وو�ضع اخلطط اخليالية ملراحل م�ستقبلية ،والدعوة �إىل م�ؤمت ٍر وطني وا�سع ت�شارك فيه معظم الفعاليات املنتجة والعازمة على اال�ستمرار يف الكفاح امل�سلح والن�ضال ال�سيا�سي ،وو�ضع خطة متكاملة لتخفيف معاناة الالجئني ال�سوريني ،وتنظيم ال�شباب امل�ؤمن باحلرية والن�ضال يف �سبيلها ،وعدم االكرتاث مبا يتم حياكته من م�ؤامرات وين�سج من تفاهات وما
تطلقه بع�ض الدول من فقاعات �سيا�سية هدفها الأول �إحباط ال�شعب ال�سوري و�إعادته �إىل مربع ال�صفر ،من قبل اندالع الثورة ال�سلمية يف البالد. من ناحية �أخرى ،على �أ�صدقاء ال�شعب ال�سوري، ومن بينهم دول عربية و�إ�سالمية� ،أن تدرك عمق هذه امل�أ�ساة وفظاعة اجلرمية املرتكبة بحق تت�رصف دون عقد �أي �أملٍ على الإن�سانية ،و�أن ّ جمل�س الأمن الذي على ال�سيد بان كي مون ،الأمني العام للأمم املتحدة� ،إغالق بابه وختمه بال�شمع الأحمر وكتابة عبارة (معطل من قبل رو�سيا وال�صني) ،كما على ه�ؤالء الأ�صدقاء �أن ال يرتددوا يف تقدمي خمتلف �صنوف الأ�سلحة والعتاد واخلرباء للمقاومة ال�سورية الوطنية امل�سلحة امل�ؤمنة ب�أن �سوريا ت�ستحق احلرية و�صون حقوق الإن�سان فيها وترف�ض الإرهاب جمل ًة وتف�صي ًال ،وت�رص على �إنهاء حقبة حكم العائلة الأ�سدية .ف�إن رو�سيا وال�صني و�إىل جانبهما �إيران يف دعوتها �إىل �إعادة كل الأمور �إىل احلوار� ،إمنا تعمل بعد �إف�شال جمل�س الأمن يف اتخاذ �أي قرار ل�صالح ال�شعب ال�سوري لتفكيك كتلة �أ�صدقاء ال�شعب ال�سوري ،وزرع اخلالفات فيها ،وذلك بهدف دعم االجتاه الداعي للإبقاء على حكم الأ�سد رغم كل فظاعاته و�إرهابه وجرائمه على الإن�سانية .ومن واجب الإعالم احلر يف هذه الدول ويف العامل ب�أ�رسه ن�سف املخطط ال�صيني – الرو�سي – الإيراين املعادي للإن�سانية ب�شكل �صارخ كما �شاهدناه يف جمل�س الأمن الدويل.
07
عربي
العدد ( 2014/05/25 )141م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
م�صر بانتظار ال�سي�سي رئي�س ًا وحظوظ �صباحي �ضعيفة
تقام االنتخابات الرئا�سية امل�رصية على مدار يومني، وتبد�أ من �صباح الغد االثنني ،ويبلغ عدد الناخبني يف م�رص 53مليونا و� 309آالف ناخب ،لهم حق الت�صويت، وكان املر�شح عبد الفتاح ال�سي�سي قد ح�صل على � 313ألفا و 835من �أ�صوات امل�رصيني يف اخلارج بن�سبة 94.52 يف املائة يف الت�صويت الذي انتهى يوم االثنني املا�ضي، مقابل � 17ألفا و� 207أ�صوات ل�صباحي بن�سبة 5.48يف املائة. و�ستقوم بعثات من االحتاد الأوروبي واالحتاد الإفريقي وجتمع «الكومي�سا» ومنظمة «الفرانكفونية» وجتمع دول ال�ساحل وال�صحراء مبتابعة االنتخابات ،وقال املتحدث با�سم وزارة اخلارجية امل�رصية ال�سفري بدر عبد العاطي �إن الوزارة جتري ات�صاالت ت�ستهدف ترتيب لقاءات لر�ؤ�ساء هذه البعثات ،وعدد من امل�س�ؤولني امل�رصيني، وممثلي املجتمع املدين ،مبا يف ذلك وزارة اخلارجية واللجنة العليا لالنتخابات الرئا�سية وكبار امل�س�ؤولني يف الوزارات و�أجهزة الدولة املعنية ،بالإ�ضافة �إىل م�س�ؤولني يف الأزهر والكني�سة القبطية ،ا�ستجابة للطلبات التي تقدمت بها هذه املنظمات. و �أكد نيكوالي فول�شانوف نائب رئي�س بعثة االحتاد الأوروبي ملتابعة االنتخابات� ،إن هناك وفدا من الربملان
الأوروبي �سين�ضم ملتابعي البعثة ملتابعة االنتخابات، بالإ�ضافة �إىل 51متابعا من املعنيني حمليا من �سفارات الدول الأع�ضاء لدى االحتاد الأوروبي يف م�رص ،لي�صل جمموع البعثة �إىل نحو 150متابع ًا من جميع الدول الأع�ضاء يف االحتاد الأوروبي. وكان ال�سي�سي قد وجه خطابا لل�شعب امل�رصي عرب �شا�شات الف�ضائيات ،طلب فيه من ال�شعب امل�رصي امل�شاركة يف الت�صويت يف االنتخابات الرئا�سية ،و»النزول بكثافة �إىل �صناديق االقرتاع ،والت�صويت للمر�شح الذي يختارونه، لي�ؤكدوا للعامل �أجمع عراقة التجربة الدميقراطية لدى امل�رصيني ،الذين ي�سطرون �صفحات جديدة يف تاريخهم احل�ضاري الأ�صيل». وعقد املر�شح حمدين �صباحي م�ساء اجلمعة املا�ضي م�ؤمتراً جماهرييا يف ميدان عابدين يف القاهرة ،يف ختام دعايته االنتخابية ،مب�شاركة �أع�ضاء حملته من جميع املحافظات ،ودعا املواطنني �إىل عدم مقاطعة االنتخابات ،و�أن «يعربوا عن �إرادتهم واختيارهم ب�شكل حر ،م�شددا على �أن الوطن يحتاج من اجلميع اال�صطفاف والتوحد حتت رايته» .وقال �صباحي �أن برناجمه االنتخابي» يحقق مطالب الثورة يف العي�ش واحلرية والعدالة االجتماعية والكرامة الإن�سانية».
و�شدد �صباحي على �رضورة التفريق يف املرحلة املقبلة ما بني الإرهاب و�أعمال العنف والأفكار التي تدعو �إليه، واحرتام حرية التعبري ال�سلمي عن الر�أي ،مهما كان اجتاهه. و�أكد �صباحي �أن م�رص حتتاج �إىل رئي�س لكل امل�رصيني، ولي�س رئي�سا حلزب �أو جماعة ،وهو من �أهم الدرو�س امل�ستفادة من حكم حممد مر�سي مل�رص ،الذي كان رئي�سا جلماعته ،ولي�س لكل امل�رصيني. وحول دور م�رص يف املنطقة والعامل يف حال فوزه باالنتخابات ،قال �صباحي «�إن م�رص مهي�أة ،لأن تكون العبا مهما ،وله دور فعال خالل الفرتة املقبلة� ،سواء يف املنطقة العربية �أو يف العامل ،وا�ستعادة دورها الإقليمي». لكن ،معظم املراقبني واملتابعني لالنتخابات الرئا�سية يف م�رص ،ال يجدون �أن �صباحي ميتلك فر�صة حقيقية ملناف�سة امل�شري ال�سي�سي ،وهو ما �أكدت عليه انتخابات امل�رصيني يف اخلارج ،ويرون �أن االنتخابات الرئا�سية هي �إجراء د�ستوري لو�صول ال�سي�سي �إىل الرئا�سة ،خا�صة تعول على العالقات �أن قطاعات كبرية من امل�رصيني ّ اجليدة للم�شري ال�سي�سي مع دول اخلليج ،وخا�صة ال�سعودية ،يف دعم الو�ضع االقت�صادي امل�رصي املرتدي منذ ثورة 25يناير.
ليبيا :اللواء حفرت يقود معركة «الكرامة» ملواجهة الإ�سالميني منذ مقتل العقيد معمر القذايف يف � 20أكتوبر /ت�رشين الأول 2011ولغاية اليوم ،ما زالت ليبيا تعاين من تعرث العملية ال�سيا�سية ،ومن فو�ضى عارمة يف انت�شار امليلي�شيات امل�سلحة يف طول البالد وعر�ضها ،وعدم اعرتاف الكثري من الف�صائل امل�سلحة باحلكومة الليبية، وهو ما يجعل ليبيا مر�شحة لف�صول �أخرى من االقتتال الداخلي ،والتناف�س والتنازع على ال�رشعية. و�أطلق م�ؤخراً قائد املجل�س الع�سكري الأعلى للجي�ش الوطني اللواء خليفة بلقا�سم حفرت معركة الكرامة، وذلك بح�سب زعمه من �أجل «تطهري ليبيا من الإرهاب والع�صابات واخلارجني عن القانون وااللتزام بالعملية الدميقراطية ووقف االغتياالت خ�صو�صا التي ت�ستهدف اجلي�ش وال�رشطة» ،وكان اللواء حفرت قد نفى �أن تكون معركة «الكرامة» انقالب ًا ع�سكري ًا على احلكومة يف طرابل�س ،وبد�أت قوات حفرت مواجهات م�سلحة مع ميلي�شيات �إ�سالمية ،مثل �أن�صار ال�رشيعة ،وميلي�شيات 17فرباير ،وراف اهلل ال�سحاتي ،وجمموعات �إ�سالمية �أخرى من درنة. وتظاهر يوم اجلمعة املا�ضي مئات �آالف الليبيني يف
عدة مدن خا�صة العا�صمة الليبية طرابل�س ومدينة بنغازي (�رشقا) ت�أييدا لعملية «الكرامة». وعربت الواليات املتحدة ودول �أوروبية عن القلق العميق جتاه العنف يف ليبيا ،وحذرت من �أن البالد تقف على «مفرتق طرق» بني موا�صلة الطريق نحو حتول �سيا�سي �أو ال�سقوط يف هوة الفو�ضى واالنق�سام والعنف والإرهاب. وقالت هذه الدول يف بيان م�شرتك �أ�صدرته « :ي�شعر االحتاد الأوروبي وفرن�سا و�أملانيا و�إيطاليا وبريطانيا والواليات املتحدة بقلق بالغ من �أعمال العنف امل�ستمرة وتدعو كل الأطراف �إىل عدم ا�ستخدام القوة وت�سوية اخلالفات بال�سبل ال�سيا�سية» .وعر�ض البيان �أي�ضا دعم الغرب لعملية م�صاحلة �شاملة مب�ساعدة الأمم املتحدة ،لكنه حذر من �أن «االنق�سامات امل�ستمرة بني الليبيني �ست�ؤثر ب�شكل كبري على قدرة املجتمع الدويل على تقدمي امل�ساعدة». و�أعلن املجل�س الع�سكري الأعلى للجي�ش الوطني بقيادة حفرت يف بيان تاله حممد حجازي ،الناطق الر�سمي با�سمه� ،أن عملية الكرامة هي لكل الليبيني
بهدف الق�ضاء على الإرهاب والع�صابات اخلارجة عن القانون .وقال البيان الذي يعد الثالث من نوعه منذ بدء العملية الأ�سبوع املا�ضي« :نتمنى �أن نرى ليبيا يف م�صاف الدول املتقدمة ،ال نريد احلديث عن املا�ضي وال عمن �سبقونا ،دعونا نتكلم عن امل�ستقبل وما نطمح �إليه جميعا». و�أ�ضاف�« :إن جي�شكم هب لتقدمي نف�سه فداء لكم وتلبية لندائكم ،ال مكان بيننا للإرهاب با�سم الدين وال ملن يكفرنا ،بل ن�سعى لدولة مدنية دميقراطية». وطم�أن م�رصف ليبيا املركزي ،املواطنني ،بتوفر ال�سيولة املالية بكافة فروع امل�صارف التجارية يف ليبيا ،وقال � »:إنه على ا�ستعداد ل�سد االحتياجات امل�ستقبلية للم�صارف التجارية مبختلف �أنحاء ليبيا عرب فروع امل�رصف املركزي» .و�أ�ضاف امل�رصف� ،أنه م�ؤ�س�سة مالية �سيادية ت�ؤدي عملها مبهنية كاملة وفق القوانني ال�سائدة ويحظى باحرتام امل�ؤ�س�سات الدولية، و ين�أى بنف�سه عن �أي جتاذبات �سيا�سية ،و�أنه �سي�ستمر يف القيام بدوره لت�أ�سي�س دولة القانون وموا�صلة م�ساعيه يف مكافحة الف�ساد.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/25 )141م
الأخرية
08
الأبعاد الثقافية للمحنة ال�سورية الراهنة د .عبداهلل تركماين
لوحة للفنان ال�سوري منري ال�شعراين يعي�ش ال�شعب ال�سوري حمنة حقيقية جتلياتها مت�شعبة: ع�رشات �آالف القتلى واملعتقلني ،ماليني النازحني داخلياً ،ماليني الالجئني �إىل اخلارج ،ماليني البيوت ت�صدع جمتمعي، املعوقني، املهدمة ،ع�رشات �ألوف ّ ّ ّ طغيان الع�سكرة والتطرف والإرهاب 130 ،مليار دوالر خ�سائر االقت�صاد ال�سوري الكلي ،مهزلة االنتخابات الرئا�سية ،وغريها. و�إزاء كل ذلك ،يبدو �أنه من ال�رضوري �أن يعمل املثقف على �إعادة �صياغة وترتيب �أفكـاره ،مبا مي ّكنه من فهم وت�شخي�ص هذا الواقع ،ومن ثم االنخراط يف تغيريه نحو اجتاه حتقيق مطامح ال�شعب ال�سوري يف احلرية والتكيف الإيجابي مع معطيات وحتوالت والكرامة ّ العامل املعا�رص .ف�إذا كنا قد خ�رسنا العديد من حلظات االنتماء والفعل يف التاريخ الثقايف -املعريف الكوين، ف�إننا يف الوقت الراهن نقف مكتويف الأيدي �أمام ثقافة جمتمع املعرفة ،خا�صة ما يتعلق منها بحقوق الإن�سان ب�أجيالها الثالثة :احلقوق ال�سيا�سية واملدنية ،احلقوق االقت�صادية واالجتماعية ،احلقوق العامة (حقوق املر�أة والطفل ،احلق يف التعليم ،احلق يف التنمية ،احلق يف العمل .) .... امل�س�ألة �أننا مل نح�سن اخلروج من عجزنا وق�صورنا لكي نتحول �إىل م�شاركني يف العامل املعا�رص ب�صورة غنية وخالقة .ولعل ما �أعاقنا عن ذلك هو دميومة اال�ستبداد واحلموالت الأيديولوجية وامل�سبقات الدوغمائية وطغيان ال�شعارات التي منعتنا من ا�ستثمار طاقاتنا على اخللق والتحـول ،بقدر ما حملتنا على �أن ال نعرتف ب�إجنازات الغرب والتع ّلم منه� ،أو التي جعلتنا نتعامل مع هذه الإجنازات بعقلية تقليدية عقيمة وغري منتجة. كل ذلك �إىل ت�صاعد نزعات التع�صب والتطرف، وقد �أدى ُّ وتزايد عمليات الإرهاب ،وارتفاع درجة العنف الذي �صاحب الدعوة �إىل الدولة الدينية� ،أو �صاحب االجتاهات التقليدية اجلامدة التي ت�صف التحديث ببدعة ال�ضاللة املف�ضية �إىل النار .هكذا ،ر�أينا االعتداء على املواطنني الأبرياء ،ورموز ن�شطاء املجتمع املدين ،وتهديد املثقفني امل�ستنريين بكل و�سيلة ممكنة. ولعل التحدي الأكرب الذي ي�ستوجب على ال�سوريني مواجهته هو التحكم يف نقاط �ضعفهم نف�سها ،التي
ك�شفتها ثورة احلرية والكرامة ،خا�صة خماطر اخليار الأمني ل�سلطة �آل الأ�سد وعبثية الع�سكرة والأ�سلمة والتطرف ،ويف مقدمتها عدم قدرة معار�ضاتها ال�سيا�سية على ت�شكيل خيمة �سورية جامعة ،واكت�شاف هذه النقاط و�إدراك النقائ�ص وال�سعي �إىل معاجلتها. هذه هي اخلطوة الأوىل نحو تكوين الفاعل ال�سوري القادر على حتديد �أهداف وبلورة خريطة طريق للو�صول �إليها. � ّإن ح�ضور �س�ؤال امل�ستقبل يف �أية ثقافة هو دليل حيويتها ،فبقدر ح�ضوره يف تكوينها تتحدد قابليتها للتطور ،وقدرتها على التقدم ،ورغبتها يف الإبداع الذاتي. � ّإن الوعي امل�ستقبلي يقي�س على احلا�رض يف حركته �إىل امل�ستقبل ،وال ين�شغل باملا�ضي �إال بو�صفه عن�رصاً من عنا�رص احلا�رض الذي يقبل التحول والتطور وامل�ساءلة. و�س�ؤال امل�ستقبل عن�رص تكويني يف هذا الوعي وعالمة عليه� ،سواء يف حر�صه على االرتقاء بالإن�سان ال�سوري من م�ستوى ال�رضورة �إىل م�ستوى احلرية� ،أو االنتقال باملجتمع ال�سوري من الت�أخر �إىل التقدم. البد من الت�أكيد على جمموعة جوانب مرتابطة وهكذاَّ ، للتغيري ،الذي مي ّكننا من القطيعة مع الت�أخر واالنطالق �إىل م�سارات النمو والتنمية الذاتية امل�ستدامة ،والتحرر من املحنة ال�سورية: ( -)1مبد�أ احلرية واالختيار ،ل ّأن احلرية ترتبط بامل�س�ؤولية وتنفي احلتمية �أو اجلربية ،وجتعل من ال�رضوري �إلقاء ال�ضوء على فعل االختيارات املمكنة تاريخياً ،و�صنع االختيار انطالق ًا من الوعي مبعطيات الواقع والذات. والتنوع واالعرتاف بالآخر ،فكل حقيقة ( -)2الن�سبية ّ ن�سبية ،ولكل فكرة جتلياتها اجلزئية ،ومن حق املجتمع يطلع على كل االختيارات املتاحة ،التي تبلورت �أن ّ بحرية ،و�أن يختار من بينها. ( -)3ثقافة ح�سن االختيار� ،إذ يرتتب على القول بن�سبية كل حقيقة � ّأن �أي اختيار يكون �صائب ًا بقدر ما يتفق مع ويحل بع�ض �أهم مع�ضالته. معطيات الواقع، ُّ ( -)4امل�ؤ�س�ساتية� ،إذ حتتاج الثقافة ال�سورية احتياج ًا �أ�سا�سي ًا وعميقاً ،خا�صة على �ضوء حماولتي املجل�س الوطني ال�سوري واالئتالف الوطني لقوى الثورة
واملعار�ضة ،ال�ستيعاب �أهم منجزات احلداثة وهي امل�أ�س�سة ،مبا تنطوي عليه من :متييز اخلط الفا�صل بني ال�شخ�صي والعام فيما يتعلق بالدور وامللكية وال�سلطة، واالت�صال والدميومة يف �أداء الوظائف ،والدقة البالغة يف تعيني االخت�صا�ص والتمييز بني الأدوار ،وتق�سيم العمل ،و�إحداث التكامل بني الوظائف واالخت�صا�صات عرب �آليات م�ستقلة – ن�سبي ًا -عن الأ�شخا�ص. ( -)5الت�صحيح امل�ستمر والنظر للم�ستقبل ،فب�سبب امل�ساحة املهيمنة للمطلقات ،والتعلق ال�شديد باملا�ضي، ال يحتل امل�ستقبل امل�ساحة اجلديرة به يف الثقافة ال�سورية ،وك�أن الزمن ال يفعل �سوى �إعادة �إنتاج نف�سه يف �أمنوذج مثايل �رسمدي مطلق ال�صالحية واحل�ضور. ومن ثم ،ف� ّإن الركود املمتد لأكرث من خم�سة عقود له �أ�سا�س قوي يف ثقافتنا ،والتحرر من الركود مرهون بتغيري وجتديد نظرتنا للم�ستقبلّ � .إن امل�ستقبل يحمل جديداً ولي�س جمرد �إعادة �إنتاج متوا�صل للما�ضي، ولذلك يجب �أن ن�صحح -با�ستمرار -ما نعرفه وما منلكه وما ن�صنعه ،وهو ما يعيدنا للقول بن�سبية كل حقيقة ب�رشية و�إخ�ضاعها للنقد والتمحي�ص. ( -)6ا�ستعادة ثقافة امل�ساواة واحلق ،فمثال مل ينجح ال�سوريون يف �إقرار حق املر�أة يف امل�ساواة ،وما زالت تلك ال�رضورة واحلتمية متعرثة يف الوعي ويف املمار�سة على ال�سواء ،ونعتقد � ّأن حترير املر�أة والإقرار بحقها يف امل�ساواة هو �رشط مهم لتحرير عقولنا جميعاً ،بل ولتحرير تاريخنا من الركود. ( -)7جدلية التعاون والتناف�س� ،إذ يجب �أن نغر�س يف الثقافة ال�سورية فكرة � ّأن التطور رهن بالتناف�س والتعاون معاً ،ومن ثم �أولوية الن�ضال ال�سلمي من �أجل حل التناق�ضات ح ًال عاد ًال ،ودون �إخالل باحلق. وهكذا ،يبدو وا�ضح ًا �أننا �أحوج ما نكون �إىل عملية متر يف مرحلة �إحياء ثقايف .فالثقافة ال�سورية الراهنة ُّ وردة وا�ضحني ،فهناك تراجع عن الفكر العلمي انحطاط ّ لفائدة الفكر اخلرايف ،وهناك ا�ستفحال ظاهرة اخلطاب املا�ضوي الذي يجهد يف حماولة �إرجاع �سورية �إىل الع�صور املظلمة ،ويح ّفزها على الت�شبث مبرجعية ما�ضوية ،وك�أن املا�ضي ينبغي �أن يحكم احلا�رض وامل�ستقبل.