Al badeel 141

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/05/25‬م‬ ‫العدد (‪)141‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (141) 25/05/2014‬‬

‫ال�شرق الأو�سط م�شهد م�ضطرب وم�ستقبل من الأزمات‬

‫من يتوقع ح ًال قريب ًا يف �سورية؟ االعتقاد ال�سائد عند‬ ‫معظم الدول الفاعلة‪ ،‬ويف مقدمتها �أمريكا‪� ،‬أن ال حل‬ ‫قريباً‪ ،‬خا�صة فيما تبقى من والية �أوباما‪ ،‬فامل�س�ألة‬ ‫مل تعد تتعلق ب�سورية‪ ،‬فهي �ساحة من الفو�ضى ي�صعب‬ ‫�إغالقها‪ ،‬كما �أن ال�رصاع فيها بات يتعدى م�س�ألة ثورة‬ ‫�شعب يطالب بالتغيري والكرامة والدميقراطية‪ .‬كذلك‬ ‫الأمر‪ ،‬يعتقد خرباء كرث ممن �شاركوا خالل العامني‬ ‫ال�سابقني يف نقا�شات ا�سرتاتيجية يف ور�ش عمل‬ ‫�أقيمت يف غري بلد �أوروبي‪� ،‬أن امل�س�ألة تعدت تغيري‬ ‫ب�شار الأ�سد‪ ،‬و�أن ال�رصاع يف �سورية هو جزء من �رصاع‬ ‫�إقليمي ودويل‪ ،‬وال ميكن حله فقط‪ ،‬من خالل الإطاحة‬ ‫بالأ�سد‪ ،‬ورمبا مطلوب يف ا�سرتاتيجية بع�ض الدول‬ ‫الكربى بقاء الأ�سد‪ ،‬لي�س لأنه قادر على �إعادة ت�أهيل‬ ‫النظام ال�سوري‪ ،‬بل لأن ا�ستمراره يجعل الأزمة ت�ستمر‬ ‫حتى تن�ضج �رشوط ت�سمح برتتيبات �أكرب للمنطقة‪.‬‬ ‫امل�شهد يف عموم ال�رشق الأو�سط م�ضطرب‪ ،‬وال�رصاعات‬ ‫عميقة بني الأطراف‪ ،‬من �إيران �إىل اخلليج‪ ،‬ومن العراق‬ ‫�إىل لبنان‪ ،‬والدول تواجه حتديات داخلية وخارجية‪،‬‬ ‫والقدرة على ح�سم ال�رصاع تبدو م�ستحيلة‪ ،‬لذا ف�إن‬ ‫انخراط الأطراف الدولية والإقليمية يف ال�رصاع هو‬ ‫انخراط خارج الرغبة‪� ،‬أي �أن ما من طرف رئي�سي‬ ‫ميكنه �أن يكون خارج ال�رصاع‪ ،‬فركائز القوة لدى كل‬ ‫طرف تبدو نف�سها نقاط �ضعف‪� ،‬أو ميكن �أن تتحول‬ ‫�إىل نقاط �ضعف مع طول الأزمة‪ ،‬لكن‪ ،‬ال تبدو امليول‬ ‫ال�سيا�سية ما�ضية نحو حتقيق توافقات كربى حلل‬

‫م�شكالت ال�رشق الأو�سط‪ ،‬ويف مقدمتها الأزمة ال�سورية‪.‬‬ ‫ويف مثال عما نطرحه‪ ،‬ف�إن قوة حزب اهلل بالن�سبة‬ ‫لإيران هي ركيزة قوة يف متدد نفوذها داخل �سورية‪،‬‬ ‫لكن قرار حزب اهلل يف القتال �إىل جانب الأ�سد ي�ستنزف‬ ‫فعلي ًا احلزب و�إيران معاً‪ ،‬وثمة تقديرات تقول �أن تكلفة‬ ‫دعم حزب اهلل يف �سوريا تبلغ حوايل ‪ 100‬مليون‬ ‫دوالر �شهري ًا بالن�سبة لإيران‪ ،‬وهو رقم كبري قيا�س ًا‬ ‫للأو�ضاع االقت�صادية لطهران‪.‬‬ ‫الو�ضع اللبناين م�أزوم‪ ،‬وبالكاد ينجح اللبنانيون يف‬ ‫عدم االنزالق �إىل مواجهات بني الأفرقاء ال�سيا�سيني‪،‬‬ ‫مر خالل العامني ال�سابقني ب�أزمة‬ ‫لكن لبنان عموم ًا ّ‬ ‫متديد الربملان لنف�سه‪ ،‬و�أزمة ت�شكيل احلكومة‪ ،‬ويواجه‬ ‫اليوم م�شكلة الفراغ الرئا�سي‪ ،‬كما �أن اجلي�ش اللبناين‬ ‫مبا ميتلكه من �إمكانات ع�سكرية غري م�ؤهل ل�ضبط‬ ‫الأمن يف لبنان‪ ،‬وو�ضع االقت�صاد اللبناين منذ الأزمة‬ ‫ال�سورية يف تراجع‪ ،‬لي�س فقط ب�سبب وجود مليون‬ ‫الجئ �سوري على �أرا�ضيه‪ ،‬و�إمنا لكون �سوريا املنفذ‬ ‫الربي حلركته االقت�صادية‪ ،‬ولهذه الأ�سباب وغريها‬ ‫ف�إن لبنان لي�س بعيداً عن �أزمة تع�صف با�ستقراره‬ ‫اله�ش‪.‬‬ ‫اململكة العربية ال�سعودية لديها حتديات كبرية‪ ،‬ويف‬ ‫مقدمتها مواجهة االنعكا�سات واملخاطر اال�سرتاتيجية‬ ‫مت التو�صل �إىل اتفاق‬ ‫التي ميكن �أن تن�ش�أ فيما لو ّ‬ ‫نهائي بني �إيران وجمموعة ‪ ،1 5+‬كما تواجه‬ ‫التحديات الناجمة عن ف�شل اليمن يف بناء حالة‬

‫ح�سام مريو‬

‫ا�ستقرار‪ ،‬وخماطر الإرهاب يف اليمن على و�ضعها‬ ‫الداخلي‪ ،‬وهي قد اتفقت م�ؤخراً على �رشاء طائرات من‬ ‫دون طيار من ال�صني حت�سب ًا لو�ضع خمل ب�أمنها من‬ ‫احلدود اليمينة‪.‬‬ ‫ما نطرحه جمرد �أمثلة‪ ،‬وهناك غريها الكثري عن‬ ‫الأزمات املرتابطة يف املنطقة‪ ،‬والتحديات التي‬ ‫تفر�ضها على ا�سرتاتيجيات الدول‪ ،‬وعدم وجود �آفاق‬ ‫حلل هذه الأزمات‪ ،‬ومن هنا ف�إن الو�ضع ال�سوري‬ ‫ي�صبح جزءاً من عموم امل�شهد امل�ضطرب يف ال�رشق‬ ‫الأو�سط‪ ،‬وهو م�شهد مر�شح ملزيد من اال�ضطراب‪ ،‬وذلك‬ ‫لأن عوامل اال�ضطراب تفوق بوزنها النوعي عوامل‬ ‫اال�ستقرار‪ ،‬كما �أن كم الأزمات ي�صبح �أي�ض ًا عائق ًا‬ ‫�أمام حلها‪ ،‬فنحن ل�سنا �أمام �أزمة منفردة‪ ،‬و�إمنا �أمام‬ ‫جمموعة كبرية من الأزمات‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬تبدو العالقات الدولية يف مرحلة �سيئة‬ ‫للغاية‪ ،‬فقد ف�شل الغرب يف التو�صل �إىل تفاهمات مع‬ ‫رو�سيا متنع ذهاب �أوكرانيا �إىل ما ذهبت �إليه من‬ ‫خيارات تهدد وحدتها‪ ،‬كما �أن االحتاد الأوروبي مبا‬ ‫يعانيه من �أزمات اقت�صادية ال يبدو قادراً على العمل‬ ‫بفعالية لتحقيق توافقات دولية على �أكرث من م�شكلة‪.‬‬ ‫نحن �أمام م�ستقبل يعدنا مبزيد من الأزمات يف ال�رشق‬ ‫الأو�سط‪ ،‬ويعدنا ك�سوريني با�ستمرار كارثتنا الوطنية‪،‬‬ ‫وهو ما ينبغي �أن يدفع القوى ال�سيا�سية ال�سورية �إىل‬ ‫�إعادة قراءة دورها‪ ،‬وحتديد �أولوياتها‪ ،‬ورمبا تغيري‬ ‫حتالفاتها‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫«جمموعة عمل �سوريا» ت�ضع خارطة �أولويات اقت�صادية للحكومة االنتقالية‬ ‫تكت�سب امل�س�ألة االقت�صادية يف الأزمة ال�سورية‬ ‫بعداً متزايداً من قبل جهات دولية و�سورية عدة‪،‬‬ ‫ويبدو الأمر طبيعي ًا قيا�س ًا �إىل طول املدة الزمنية‬ ‫للأزمة‪ ،‬وما �شهدته من منعطفات �أثرت على جممل‬ ‫مناحي احلياة يف الوطن ال�سوري‪ ،‬وغريت الكثري‬ ‫من اخلرائط التقليدية على امل�ستوى الدميغرايف‬ ‫واالقت�صادي‪ ،‬والتي �سيكون لها �أثر كبري على‬ ‫م�ستقبل �سورية مهما كانت امل�آالت املقبلة التي‬ ‫تتنظر ال�سوريني‪.‬‬ ‫ويف ال�سياق‪� ،‬صدر عن جمموعة عمل اقت�صاد �سوريا‬ ‫تقرير “اخلارطة االقت�صادية ل�سوريا اجلديدة‪-‬‬ ‫القطاع العام ال�صناعي”‪ ،‬وي�شتمل التقرير على‬ ‫درا�سة جميع قطاعات االقت�صاد ال�سوري‪ ،‬وهي‬ ‫النفط والغاز‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬واملوا�صالت والطرق‪،‬‬ ‫واملياه‪ ،‬وال�سيا�سات املالية واالقت�صادية‪،‬‬ ‫والزراعة‪ ،‬والت�رشيعات االقت�صادية والإدارية‪،‬‬ ‫والتعليم واليد العاملة‪ ،‬والإ�سكان و�إعادة الإعمار‪.‬‬ ‫ومن الوا�ضح يف مقدمة التقرير �أن “جمموعة‬ ‫عمل �سورية” تتبنى يف التخطيط مل�ستقبل �سورية‬ ‫االقت�صادي منوذج االقت�صاد احلر بالتزامن مع‬ ‫النظام الدميقراطي املن�شود “ ال ت�ستطيع �سوريا‬ ‫الو�صول �إىل احلرية ال�سيا�سية احلقيقية ب�شكل‬ ‫منف�صل عن احلرية االقت�صادية والعك�س �صحيح‪،‬‬ ‫فالنه�ضة االقت�صادية يف �سوريا يجب �أن تقوم‬ ‫جني ًا �إىل جنب مع النه�ضة ال�سيا�سية التي حت�صل‬ ‫الآن‪ ،‬ومل نعد ن�ستطيع القول �أن الوقت ما زال مبكراً‬ ‫ملوازنة هذه النه�ضة‪ ،‬فمع ان�ضمام ال�شعب ال�سوري‬ ‫�إىل ركب ال�شعوب الدميقراطية‪ ،‬وا�ستعادة مكانته‬ ‫ال�رشعية يف املجتمع الدويل‪ ،‬وحتقيق ال�سالم‬ ‫واال�ستقرار �أ�صبح لزام ًا على ال�شعب ال�سوري �أن يبد�أ‬ ‫بت�أ�سي�س �سوق اقت�صادي حر”‪.‬‬ ‫وو�ضع التقرير جملة من التو�صيات التي �أتت حتت‬ ‫عنوان “تو�صيات خطة التحول الدميقراطي يف‬ ‫�سوريا يف املجال االقت�صادي”‪ ،‬وتناول الق�سم‬ ‫الأول منها �أولويات احلكومة االنتقالية‪ ،‬وحددها‬

‫جمموعـة عمـــل �ســــورية تتبنى‬ ‫يف التخطيــط مل�ستقـــبل �سورية‬ ‫االقت�صادي منوذج االقت�صــاد احلر‬ ‫كالآتي‪:‬‬ ‫اال�ستمرار يف دفع رواتب العاملني يف القطاع العام‪.‬‬ ‫ت�أمني م�ساكن م�ؤقتة لالجئني والنازحني حلني‬ ‫متكينهم من العودة مل�ساكنهم‪.‬‬ ‫�أمني اخلدمات الأ�سا�سية لالجئني والنازحني من‬ ‫غذاء ولبا�س وعالج وغري ذلك‪.‬‬ ‫ت�أمني حماية اخلدمات الأ�سا�سية واملرافق العامة‪.‬‬ ‫الإعداد من �أجل �إعادة هيكلة القطاع العام‬ ‫والهيكلية الإدارية للدولة‪.‬‬ ‫العمل على ا�سرتجاع الأموال واملمتلكات املجمدة‬ ‫يف اخلارج‪.‬‬

‫جتميد وا�ستعادة الأ�صول املنقولة وغري املنقولة‬ ‫حلزب البعث‪.‬‬ ‫ت�شكيل جلنة لدرا�سة العقود املربمة من قبل النظام‬ ‫مع الدول واملنظمات الدولية‪.‬‬ ‫�إ�صدار قرار ب�إلغاء كافة العقود املربمة من قبل‬ ‫النظام ال�سوري يف الفرتة ما بني �آذار ‪2011‬‬ ‫وتاريخ ت�شكيل احلكومة االنتقالية‪.‬‬ ‫ �إن�شاء �صندوق لدعم �سوريا ولإعادة الإعمار‪.‬‬‫ �إ �صدار قانون عام ب�إعادة املمتلكات امل�ؤممة‬‫من قبل الدولة لأ�صحابها‪.‬‬ ‫ تبديل العملة ال�سورية احلالية‪ ،‬وهو ما يحتاج‬‫ال�ستقرار اقت�صادي وقد حتتاج فرتة طويلة من‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫ العمل على رفع العقوبات االقت�صادية عن �سوريا‪.‬‬‫وت�ضمن التقرير تو�صيف ًا حلالة القطاعات‬ ‫ال�صناعية‪ ،‬وحاول الك�شف عن �أ�سباب خ�سارة‬ ‫الكثري من ال�رشكات العاملة �ضمن القطاع العام‪،‬‬ ‫وو�ضع اقرتاحات م�ستقبلية لتلك القطاعات‪.‬‬

‫وثيقة �أبو م�صعب ال�سوري خدمت �أمريكا والنظام‬ ‫تك�شف الوثيقة التي ح�صلت عليها الواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية يف �أفغان�ستان عام ‪،2001‬‬ ‫والتي كتبها �أبو م�صعب ال�سوري‪ ،‬وهو �أحد �أع�ضاء‬ ‫“الطليعة املقاتلة” التي دخلت يف ا�شتباك م�سلح‬ ‫مع النظام ال�سوري عام ‪ ،1979‬تك�شف الوثيقة‬ ‫عن جمموعة من املراجعات والن�صائح التي‬ ‫يقدمها �أبو م�صعب ال�سوري للجهاديني‪ ،‬وهي‬ ‫خال�صة جتاربه ال�سابقة‪.‬‬ ‫ويعتقد على نطاق وا�سع �أن ن�صائح “�أبو م�صعب‬ ‫ال�سوري” �شكلت دلي ًال لعمل اجلهاديني من جهة‪،‬‬ ‫كما �شكلت بالن�سبة للأمريكان �أر�ضية لدرا�سة‬ ‫جملة من االحتماالت يف الواقع ال�سوري خالل‬ ‫الأزمة الراهنة‪ ،‬خا�صة يف منع �أي حماولة لنمو‬ ‫�أر�ضية م�شرتكة بني اجلهاديني والأكراد يف‬ ‫ال�شمال ال�سوري‪.‬‬ ‫ويركز �أبو م�صعب ال�سوري يف درا�سته “الوثيقة”‬ ‫على ثالثة موا�ضيع رئي�سية‪ ،‬وهي حتليل �أ�سباب‬

‫�إخفاقات احلركات اجلهادية‪ ،‬وتقييم جتربة‬ ‫“الطليعة املقاتلة” يف �سورية‪ ،‬وا�ستخال�ص‬ ‫الدرو�س املفيدة للجهاديني م�ستقب ًال‪.‬‬ ‫ويعتقد �أن اكت�شاف الواليات املتحدة الأمريكية‬ ‫للوثيقة التي تركها �أبو م�صعب ال�سوري قد‬ ‫�أفادتهم ب�شكل كبري يف التعامل مع جمريات‬ ‫الو�ضع يف �سورية‪ ،‬ومن �أهمها عدم الت�رسع يف‬ ‫دعم املجموعات املقاتلة على الأر�ض‪ ،‬و�إدراك‬ ‫طبيعة التحالفات اله�شة بني الف�صائل التي تقاتل‬ ‫النظام‪ ،‬وانتقاء جمموعات موثوق بها‪ ،‬بعد �أن‬ ‫يتم التحري بطرق عدة عن قدرتها على االلتزام‬ ‫بالعمل مع الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ا�ستخل�صت الواليات املتحدة‬ ‫در�س ًا مهم ًا وهو عدم التعويل على املعار�ضة‬ ‫املوجودة يف اخلارج‪ ،‬حتى لو �أقامت معها �صالت‬ ‫�سيا�سية‪ ،‬ولكن هذه املعار�ضة املغرتبة ال ميكن‬ ‫�أن تقدم �أية فائدة كبرية للأمريكان‪ ،‬خا�صة �أن‬

‫طول فرتة الأزمة �سيجعلها مقطوعة ال�صالت مع‬ ‫الداخل ال�سوري‪.‬‬ ‫كما كان �أبو م�صعب ال�سوري قد ح ّذر من تعامل‬ ‫اجلهاديني مع الدول العربية‪ ،‬وذلك “لأن هذه‬ ‫الدول م�صاحلها م�ؤقتة‪ ،‬وكذلك حتالفاتها‪ ،‬وميكن‬ ‫�أن تنقلب على اجلهاديني يف �أية حلظة‪ ،‬خا�صة‬ ‫�أن لديها الكثري من املخاوف من �أن يتحولوا �إىل‬ ‫داخلها”‪.‬‬ ‫لقد �أخذت الواليات املتحدة‪ ،‬كما النظام ال�سوري‪،‬‬ ‫خماوف الدول العربية والأوروبية من اجلهاديني‬ ‫روج‬ ‫يف بناء �سيا�ستها جتاه الأزمة ال�سورية‪ ،‬وقد ّ‬ ‫النظام ال�سوري منذ اليوم الأول لالحتجاجات‬ ‫ب�أن احلراك ال�شعبي تقف خلفه حركات �إرهابية‪،‬‬ ‫كما كبحت الواليات املتحدة جماح بع�ض الدول‬ ‫العربية يف دعمها للف�صائل املقاتلة حتت بند‬ ‫اخلوف من انت�شار الإرهاب‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫«الإ�سالم ال�شامي» بني وهم النموذج وحماوالت الهيمنة‬ ‫حكم عاقل‬

‫تنامى نفوذ احلركات الإ�سالمية املختلفة يف بداية‬ ‫الأزمة ال�سورية دون �ضجيج‪ ،‬اللهم �إال هدير �صوت‬ ‫النظام الذي �أكد وجود التطرف الإ�سالمي منذ بداية‬ ‫الأحداث‪ ،‬رمبا لأن تفا�صيل بروز هذه اجلماعات‬ ‫كانت يف حوزة رجال �أمنه مل�صلحة بدت وا�ضحة بعد‬ ‫ثالث �سنوات ونيف‪ ،‬طبعا قبل �أن يبد�أ الدعم والتمويل‬ ‫اخلارجي‪ .‬فهل ميكن القول �أن ما عرف بـ «الإ�سالم‬ ‫ال�شامي» املو�صوف بالو�سطي واملعتدل قد هزم �أما‬ ‫التطرف الإ�سالموي واجلهادية ال�سلفية؟‬ ‫بعد ق�ضائه على حركة الإخوان امل�سلمني‬ ‫‪ .‬‬ ‫حاول حافظ الأ�سد ت�أ�سي�س مرجعية �إ�سالمية قادرة‬ ‫على �سحب الب�ساط من حتت �أي مرجعية �أخرى لي�ست‬ ‫على مقا�س النظام ال�سوري‪ ،‬ت�ضمن بقاء الإ�سالم‬ ‫ال�شعبي حتت ال�سيطرة‪ .‬ففتحت املعاهد والكليات‬ ‫الإ�سالمية حتت �إ�رشاف النظام‪ .‬وكذلك معاهد حتفيظ‬ ‫القر�آن التي بات �أ�شهرها معاهد الأ�سد لتحفيظ القر�آن»‪،‬‬ ‫كما ح�صل البعثيون على �إيفاد �إىل كليات ال�رشيعة‬ ‫و�أ�صبح بع�ضهم مدر�سني ملادة الرتبية الإ�سالمية يف‬ ‫املدار�س الر�سمية‪ .‬وحظي كفتارو (مفتي اجلمهورية‬ ‫ال�سابق) مبكانة مميزة لإ�سهامه يف التنفيذ العملي‬ ‫لهذه اخلطة ال�سيا�سية التي هدف من ورائها نظام‬ ‫الأ�سد الأب الهيمنة على املرجع والرمز الإ�سالميني‬ ‫يف مواجهة منظومة �إ�سالموية فكرية‪ ،‬باقية بعد‬ ‫هزميتها الع�سكرية‪ ،‬و�سلفية «وهابية» متنامية‪ ،‬يف‬ ‫ظل ال�رصاع الإيراين ال�سعودي على النفوذ يف ال�رشق‬ ‫الأو�سط‪.‬‬ ‫ا�ستمر هذا النهج يف عهد الأ�سد االبن‪ ،‬وكان طريق‬ ‫رم�ضان البوطي �إىل الق�رص الرئا�سي هو الأق�رص‪،‬‬ ‫وكان لقيامه ب�إمامة امل�صلني يف ال�صالة على‬ ‫الرئي�س املتوفى حافظ الأ�سد و�سط ذهول رجال الدين‬ ‫من «الطائفة العلوية»‪ ،‬عالمة كا�شفة منذ البداية على‬ ‫الدور الذي �أنيط بهذا الرجل �أن يلعبه‪.‬‬ ‫ا�ستطاع البوطي منذ بداية عهد ب�شار الأ�سد �أن يقنع‬ ‫الرئي�س ب�أهمية الدور الذي ميكن لـ «القبي�سيات» �أن‬ ‫يلعبنه يف �ضمان انت�شار منط «الإ�سالم ال�شامي» بني‬

‫�رشائح وا�سعة من الن�ساء مما يعززه كنمط اجتماعي‬ ‫�سائد‪ ،‬ويعزز �شعبية الرئي�س العتيد‪ ،‬مما جعل الرئي�س‬ ‫ال�سوري يوجه برفع القيود عن ن�شاطهن‪ .‬كما ا�ستطاع‬ ‫البوطي فر�ض منوذج للتدين ال�شعبي بدا �أكرث انفتاحا‬ ‫من الناحية النظرية‪ ،‬وقاد ما يعرف بـ «احتاد علماء‬ ‫بالد ال�شام» الذي مثل تياراً وا�سع ًا يف مدينتي دم�شق‬ ‫وحلب بالدرجة الأوىل‪ .‬والذي �ضم رجا ًال هم الأكرث‬ ‫�شهرة على النطاق الوطني‪ ،‬كالبوطي و�أتباعه‪ ،‬ووريثه‬ ‫وجممع ال�شيخ �أحمد كفتارو‬ ‫الديني ابنه توفيق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ح�سون يف‬ ‫الدين‬ ‫بدر‬ ‫ال�شيخ‬ ‫اجلمهورية‬ ‫و�أن�صار مفتي‬ ‫ّ‬ ‫ال�صوفية يف كلٍ من حم�ص و‬ ‫الطرائق‬ ‫حلب‪ ،‬و�شيوخ‬ ‫ّ‬ ‫احل�سكة وغريهما‪ .‬وقد لعب هذا االحتاد دورا كبريا يف‬ ‫مواجهة العديد من الفتاوي الدينية التحري�ضية التي‬ ‫�أطلقها رجال دين �ضد النظام ال�سوري‪ ،‬يف الداخل‬ ‫واخلارج‪ .‬لذا بدت عملية اغتيال البوطي �رضبة م�ؤملة‬ ‫ملا اعترب �إ�سالما �شامياً‪.‬‬ ‫وبالرغم من �أن «حزب البعث» الذي «كان»‬ ‫ ‬ ‫حزبا قائدا للدولة واملجتمع هو حزب علماين‪� ،‬إال �أن‬ ‫الأمور يف الواقع كانت تتجه نحو مزيد من التدين‬ ‫ال�شعبي والت�شدد به‪ ،‬ميكن مل�سه يف ال�سنوات الأخرية‬ ‫بدءا من الت�شدد يف ق�ضية احلجاب‪ ،‬والذي رغم ت�أثره‬ ‫بكل �أ�شكال "املو�ضة" بقي عالمة فارقة لـ «الإ�سالم‬ ‫ال�شامي» والذي مل يعد دليال للح�شمة الأخالقية‬ ‫بقدر ما �أ�صبح طريق ًا للزواج املقبول اجتماعيا‪ .‬كما‬ ‫ويالحظ هيمنة املحجبات الكا�سحة على النظام‬ ‫التعليمي ال�سوري ال�سيما يف القطاع اخلا�ص‪ .‬وحظي‬ ‫القر�آن واملواد الدينية الأخرى‪� ،‬أقلها الإن�شاد الديني‪،‬‬ ‫مب�ساحة وا�سعة يف املنهاج التعليمي للقطاع اخلا�ص‪.‬‬ ‫وقد دعا مفتي �سوريا بدر الدين ح�سون �إىل �إلغاء‬ ‫الرتبية الدينية من املدار�س واالكتفاء مبادة الرتبية‬ ‫الوطنية‪ ،‬وهذا طبعا ال يعني الرغبة يف �إعادة نظر‬ ‫يف ال�سيا�سية املتبعة يف التعامل مع الدين وعالقته‬ ‫باملجتمع‪ ،‬لكنه يبدو لنا �أنه تعبري عن الف�شل يف‬ ‫ال�سيطرة على الإ�سالم ال�شعبي‪ ،‬ولن يكون بالطبع‬ ‫خطوة يف اجتاه علمنة حقيقية للنظام التعليمي‪� ،‬أو‬

‫تغريا جوهري ًا يف ا�سرتاتيجية التوازنات املتبعة حتى‬ ‫الآن‪ ،‬والتي �أف�ضت �إىل تكري�س هوة عميقة بني منطني‬ ‫من الإ�سالم‪ ،‬واحد �شعبي و�آخر ر�سمي‪ .‬وقد �شكل‬ ‫خروج املظاهرات االحتجاجية الأوىل من اجلوامع‬ ‫التعبري البالغ عن هذه الهوة‪.‬‬ ‫حاول ب�شار الأ�سد منذ انطالق احلراك ال�شعبي‬ ‫اال�ستمرار يف ا�ستمالة رجال الدين «الر�سميني»‬ ‫و�ضمان والئهم ال�سيما يف اجتماعه الأخري معهم يف‬ ‫‪ .23/4/2014‬و يبدو �أن الأ�سد م�رص على امل�ضي‬ ‫يف الت�أكيد على دور «الإ�سالم ال�شامي» يف مواجهة‬ ‫املتطرفني الإ�سالمويني‪ .‬و تكمن اخلطورة يف الإ�رصار‬ ‫على امل�ضي قدما فيما ثبت ف�شله‪� ،‬أي حماولة الهيمنة‬ ‫على الدين بدل العمل على ف�صل الدين عن الدولة‪ .‬هنا‬ ‫يلتقي النظام من حيث يدري �أو ال يدري مع الفكر‬ ‫الإ�سالموي نف�سه الذي يرف�ض بدوره هذا الف�صل بني‬ ‫الديني وال�سيا�سي‪.‬‬ ‫�إن ا�سرتداد احلا�ضنة ال�شعبية التي هيمن عليها‬ ‫«الإرهاب» كما يرى النظام ال ميكن �أن يبنى على منط‬ ‫�آخر من التدين يختلف يف الدرجة‪� .‬إن االختالف هنا‬ ‫البد �أن يكون يف النوع‪� ،‬أي عرب م�رشوع وطني جامع‬ ‫ي�ضع كل م�شكالت الوطن على طاولة واحدة والتعاطي‬ ‫معها بلغة علمية ال االلتفاف عليها من خالل الفنون‬ ‫والو�سائل ال�سيا�سية‪ ،‬و�أن يكون ذلك بعيدا عن ح�سابات‬ ‫الهيمنة والقوة ولعبة التوازنات التي �أنهكت الوطن‬ ‫ال�سوري �أكرث مما ينبغي‪ .‬ناهيك عن �أنه ال وجود‬ ‫لذلك النموذج من «الإ�سالم ال�شامي» املتعايل على‬ ‫التاريخ‪ ،‬فهو من حيث كونه �إ�سالما �شعبيا‪ ،‬عر�ضة‬ ‫للتغري وحمكوم مب�ستوى التطور االجتماعي ال�سيا�سي‬ ‫واالقت�صادي يف حلظة تاريخية ما‪� ،‬أما ما ميكن عده‬ ‫منوذجا فهو ذلك النمط من «الإ�سالم الر�سمي» الذي‬ ‫يحاول النظام ورجال الدين الر�سميون فر�ضه‪ .‬والذي‬ ‫لن تكون نتيجته �إال ف�شال ذريعا يف مواجهة مارد‬ ‫الإرهاب والتطرف‪ ،‬ال�سيما يف ظل تعمد امل�شاركة يف‬ ‫�إطالق هذا املارد من القمقم‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫ايران تعلن انت�صارها يف �سورية!‪.‬‬ ‫غازي دحمان‬

‫تعترب ايران نف�سها انت�رصت يف �سورية‪ ،‬خلقت واقعا‬ ‫ع�سكريا من ال�صعب جتاوزه‪ ،‬وخا�صة بعد �أن �سيطرت‬ ‫على القلب اال�سرتاتيجي ل�سورية املمتد من العا�صمة‬ ‫دم�شق وحتى ال�ساحل‪� ،‬أما بقية املناطق‪ ،‬ف�إما �صارت‬ ‫جزرا معزولة ال ت�شكل خماطر حقيقية‪ ،‬وقد يجري‬ ‫ق�ضمها بعد �أن ي�صار �إىل �إنهاكها‪� ،‬أو هي خمرتقة‬ ‫من قبل التنظيمات التي تدعمها طهران يف اخلفاء‪� ،‬أو‬ ‫تخرتقها بطريقة ما‪.‬‬ ‫االنت�صار الأهم بالن�سبة لإيران متثل باخرتاق النظام‬ ‫ال�سيا�سي ال�سوري نهائياً‪ ،‬وحتويله �إىل جمرد كيان‬ ‫�إيراين داخلي‪ ،‬مثل �أي كيان �إداري داخل ايران‪ ،‬حيث‬ ‫ت�شري املعلومات‪ ،‬التي مل تعد �رسية‪� ،‬إىل تخ�صي�ص‬ ‫حكومة طهران مليزانية ثابتة يجري �رصفها با�سم‬ ‫نظام دم�شق‪ ،‬ت�شمل كل م�رصوفات ت�شغيل هذا‬ ‫الكيان مبا فيها ت�رصيف ال�ش�ؤون العادية‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن املوازنات الكبرية للميلي�شيات املقاتلة‪ ،‬وجي�ش‬ ‫النظام ال�سوري واحدة منها‪ ،‬وكميات الأ�سلحة‬ ‫والذخائر التي توردها �إيران‪ .‬بالطبع نظام املاليل‪،‬‬ ‫واملعروف عنه حر�صه ال�شديد جتاه العامل اخلارجي‪،‬‬ ‫�أو حتى جتاه الربملان الإيراين وخوفا من ت�رسب‬ ‫املعلومات‪ ،‬يقوم بعمل �إجراءين ماليني‪ ،‬حيث يعمل‬ ‫على ت�سجيل الأموال التي تذهب لت�رصيف �أمور النظام‬ ‫ال�سوري على �شكل ديون وودائع واجبة اال�ستحقاقات‪،‬‬ ‫و�أن ب�آجال طويلة‪ ،‬والهدف من وراء ذلك ا�ستمرار‬ ‫�إخ�ضاع نظام دم�شق احلايل‪ ،‬او �أي نظام قد ي�أتي يف‬ ‫امل�ستقبل وال�ضغط عليه‪� .‬أما م�ستلزمات الإنفاق على‬ ‫امليلي�شيات فيتم متويل جزء كبري منها من اخلزائن‬ ‫العراقية‪ ،‬خا�صة و�إن يف العراق ف�ساد كبري وفو�ضى‪،‬‬ ‫وتعمل �إيران على اال�ستفادة من هذه احلالة لتمويل‬ ‫حروبها �ضد �أهل امل�رشق يف �سورية والعراق ولبنان‪.‬‬ ‫هذا االخرتاق الذي حققته طهران‪ ،‬جاء بف�ضل وجودها‬ ‫الع�سكري و�سيطرتها على امليدان بعد انهيار �شبكة‬ ‫�سيطرة نظام الأ�سد على �سورية‪ ،‬اذ بعد عام من الثورة‪،‬‬ ‫كانت جميع ت�شكيالت جي�ش النظام و�أجهزته الأمنية‬

‫قد متزقت وو�صلت �إىل عتبة االنهيار‪ ،‬وجتلى ذلك يف‬ ‫�صيف ‪ 2012‬عندما بد�أت كتائب الثورة تطبق على‬ ‫دم�شق‪ ،‬حينها جرى تنحية قيادات النظام عن امل�شهد‬ ‫وحتويلها �إىل جمرد ديكور للت�صوير يف نهاية املعارك‪،‬‬ ‫حتى �أن ح�سن ن�رص اهلل نف�سه �أقر بهذه الواقعة بقوله‬ ‫‪� :‬إننا لو مل نتدخل ل�سقطت دم�شق يف �أ�سبوع‪ ،‬وكذا‬ ‫ت�رصيحات �إيران �أن الأ�سد باقٍ لأنها �أرادت ذلك‪.‬‬ ‫بالطبع التدخل الإيراين �سبق ذلك‪ ،‬وكان موجوداً‬ ‫وحمايث ًا لكل مراحل الثورة‪ ،‬ذلك �أن �إيران وبعد �شهور‬ ‫قليلة من الثورة بد�أت تدرب �أعداداً كبرية من �أن�صار‬ ‫النظام يف مع�سكرات ايرانية‪ ،‬ثم ا�رشفت على �إن�شاء ما‬ ‫ي�سمى اجلي�ش الوطني‪ ،‬وهو �شكل من �أ�شكال احلر�س‬ ‫الثوري الإيراين ( البا�سيج)‪ ،‬غري �أن هذه الإجراءات مل‬ ‫حتقق املطلوب ومل ي�صار �إىل الق�ضاء على الثورة‪ ،‬ما‬ ‫دفع �إيران �إىل النزول بكامل جاهزيتها الع�سكرية �إىل‬ ‫امليدان‪ ،‬وتولت م�س�ؤولية القطاعات التي تراها �أكرث‬ ‫ا�سرتاتيجية حلماية النظام‪ ،‬وكانت اخلطة يف البداية‬ ‫تق�ضي بوقف انهيار خطوط حماية القلب يف دم�شق‬ ‫وتثبيت الثوار يف مناطقهم كمرحلة اوىل‪ ،‬وخا�صة يف‬ ‫دم�شق‪ ،‬ثم العمل على حتقيق اخرتاقات ا�سرتاتيجية‬ ‫يف مناطق معينة‪ ،‬وقد جرى الرتكيز على الطرق‬ ‫اال�سرتاتيجية وطرق الإمداد بني ال�ساحل ودم�شق‪،‬‬ ‫وربط مناطق اجل�سور بني لبنان و�سورية‪ ،‬وقد جنحت‬ ‫هذه اخلطة ب�سبب �سهولة قطع طرق �إمداد الثوار‪،‬‬ ‫وبالنظر �إىل وجود مناطق ال تعترب بيئة حا�ضنة‬ ‫للثوار‪� ،‬إ�ضافة �إىل قربها من مناطق حزب اهلل‪.‬‬ ‫باملعنى اال�سرتاتيجي‪ ،‬ت�شكل هذه املناطق قلب‬ ‫�سورية‪ ،‬لتحكمها ب�شبكة خطوط املوا�صالت بكامل‬ ‫�سورية‪ ،‬ومن ناحية �أخرى ت�شكل اجلزء الأكرب امل�أهول‬ ‫من �سورية‪ ،‬كما تتمتع بطبيعة جغرافية ت�سهل‬ ‫التح�صن بها من قبل قوات ع�سكرية منظمة‪ ،‬ف�ضال‬ ‫عن �إ�رشافها على مناطق ع�سكرية وا�سعة‪ ،‬وحتويلها‬ ‫باملعنى الع�سكري الكال�سيكي �إىل مناطق �ساقطة‬ ‫حربيا‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل امتالك هذه املناطق لأهم‬

‫عن�رص اقت�صادي حياتي وهو املياه‪ ،‬حو�ضا بردى‬ ‫والعا�صي‪.‬‬ ‫وثمة م�ؤ�رش �أخر ت�ضيفه �إيران �إىل حزمة م�ؤ�رشات‬ ‫جناحها يف احليز ال�سوري‪ ،‬وهو واقعة اخرتاقها‬ ‫للنظام الإقليمي العربي وته�شيمه‪ ،‬بعد �إخراج العراق‬ ‫و�سورية من �إطارهما اجلغرايف والب�رشي‪ ،‬خا�صة‬ ‫و�أن حربها الطائفية قامت على ا�ستبعاد واجتثاث‬ ‫املكون العربي من هذين البلدين‪� ،‬أو يف �أقل الأحوال‬ ‫تهمي�شه وحتويله �إىل عن�رص غري فاعل وم�ؤثر يف م�سار‬ ‫الأحداث وم�آالتها النهائية يف ظل �إعادة �صياغة‬ ‫توجهات هذين البلدين مبا يتنا�سب وخدمة الأهداف‬ ‫اال�سرتاتيجية الإيرانية الكربى‪ ،‬يف املنطقة‪ ،‬او حتى‬ ‫يف �إطار تفاعلها مع البيئة الدولية ب�رصاعاتها‬ ‫وحواراتها‪ ،‬وت�أتي اهمية هذا املتغري بنظر قادة �إيران‬ ‫من كونه يجعلهم طرف ًا مقرراً فيما تبقى من النظام‬ ‫الإقليمي العربي‪ ،‬ومتنحهم فر�صة �إعادة �صياغة‬ ‫النظام الإقليمي برمته وحتديد مواقع �أطرافه‪ ،‬وهو‬ ‫�أمر يعترب من الأهداف اال�سرتاتيجية الكربى لطهران‪،‬‬ ‫وطاملا داعب خيال قادتها‪.‬‬ ‫من امل�ؤكد �أن الواقع لي�س بال�صورة التي حتاول �إيران‬ ‫تظهريها‪ ،‬ثمة جزئية �صحيحة يف �سياق هذا الواقع‪،‬‬ ‫وهي �أن �إيران ا�ستطاعت ترتيب م�شهد �آين يظهر هذه‬ ‫ال�صورة‪ ،‬وذلك بق�صد توظيفه داخليا وخارجيا‪ ،‬لكن‬ ‫هذا امل�شهد يرتكز على معطيات متحركة‪ ،‬ومل ت�ستقر‬ ‫بعد‪ ،‬وبالتايل ال ميكن البناء عليه �أو �أخذه على حممل‬ ‫اجلد‪ ،‬ملا ينطوي عليه من حماوالت ت�ضليلية وا�ضحة‪،‬‬ ‫وهو يف �أح�سن الأحوال ال يعدو كونه حماولة لقطف‬ ‫ثمار ن�رص مل يح�صل بعد‪ ،‬وتدرك الأطراف املق�صودة‬ ‫باحلالة الإيرانية مدى الوهن واال�ستنزاف الذي باتت‬ ‫عليه �إيران هي ومن ت�ؤيده يف الإقليم‪ ،‬بعد �أن �رصفوا‬ ‫اجلزء الأكرب من احتياطاتهم وعلى كافة ال�صعد يف‬ ‫معركة ي�ستحيل الن�رص فيها‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫احلر�س الثوري الإيراين «البا�سدران» يف مهام و�أدوار «املطرقة وال�سندان»!‬ ‫مو�سى القالب *‬

‫لي�س �رساً �أن احلر�س الثوري الإيراين " البا�سدران"‬ ‫هو �أقوى م�ؤ�س�سة �أمنية وع�سكرية م�س�ؤولة عن‬ ‫حماية النظام الإيراين‪ ،‬منذ قيام الثورة يف ‪1979‬‬ ‫‪ ،‬حيث ثقة �آية روح اهلل اخلميني بوالء اجلي�ش‬ ‫الإيراين التقليدي وقادته و�ضباطه‪ ،‬كانت متدنية‬ ‫�إىل م�ستوى احل�ضي�ض‪ ،‬الرتباطهم الوثيق ب�شاه‬ ‫�إيران والغرب والواليات املتحدة‪ ،‬تنظيم ًا وت�سليح ًا‬ ‫وتدريب ًا وعقيد ًة قتالية‪ ،‬ف�أ�سند للبا�سدران مهام‬ ‫حفظ و�صون والية الفقيه من �أي خماطر داخلية �أو‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫لكن البا�سدران يقوم ب�أدوار متعددة على ال�صعيدين‬ ‫الداخلي واخلارجي‪ ،‬حيث ي�شكل اليوم الالعب‬ ‫االقت�صادي الأقوى على ال�ساحة الإيرانية‪ .‬ما‬ ‫ينعك�س مبا�رش ًة وبقوة على جممل القرارات‬ ‫ال�سيا�سية العليا يف البالد‪ ،‬ال �سيما و�أن عالقة قادته‬ ‫و�ضباطه باملر�شد الأعلى �آية اهلل علي خامنئي‪ ،‬هي‬ ‫عالقة تكافلية متبادلة‪.‬‬ ‫لع ّل العقوبات االقت�صادية التي فر�ضتها الواليات‬ ‫املتحدة على �إيران‪� ،‬أدت اىل تقوية مركز البا�سدران‬ ‫بق�صد �أو بغري ق�صد‪ ،‬على ح�ساب قوى �أكرث واقعية‬ ‫واعتدا ًال �ضمن الهيكل التنظيمي للجمهورية‬ ‫الإ�سالمية‪ .‬فهو ميتلك املطارات واملوانئ واملعابر‬ ‫احلدودية اخلا�صة به‪ ،‬ويدير �ش�ؤونها املالية‬ ‫واجلمركية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يكتف البا�سدران ب�سحق القوى‬ ‫من هذه الر�ؤية مل‬ ‫املعار�ضة لفكر اخلميني يف الداخل الإيراين يف‬ ‫املراحل الأوىل من الثورة فح�سب‪ ،‬بل جتاوزت‬ ‫مهمته اىل �صد الهجمات العراقية خالل احلرب‬ ‫العراقية ‪ -‬الإيرانية من ‪ 1980‬اىل ‪ ،1988‬حيث‬ ‫�سالحه الأقوى عقيدته الدينية ال�شيعية وقوميته‬ ‫الفار�سية‪ ،‬رغم قلة خربته القتالية يف تلك احلقبة‪.‬‬ ‫متكن البا�سدران من الهيمنة على �أدوار �أفرع القوات‬ ‫امل�سلحة التقليدية‪ ،‬الربية والبحرية واجلوية‪ ،‬ف�أخذ‬

‫والتيارات مبا يف ذلك الر�سمية وال�شعبية‪ ،‬هو �أنه‬ ‫ينفرد مبهمة "الدفاع املقد�س" عن جمهورية �إيران‬ ‫الإ�سالمية وقياداتها العليا ومكت�سباتها و�شعبها‪،‬‬ ‫وهذا بحد ذاته ي�شكل �سيف ًا م�س َّلط ًا على رقبة كل من‬ ‫ت�سول له نف�سه مناف�سته يف هذا الدور الرفيع‪ ،‬حتى‬ ‫و�إن كان رئي�س اجلمهورية‪.‬‬ ‫لكن الدور الأخطر من كل ذلكن �أن البا�سدران احرتف‬ ‫�إدارة احلرب "الالمتناظرة" عن طريق قوات النخبة‬ ‫"فيلق القد�س"‪ ،‬وتدريب الأذرع امل�سلحة كحزب اهلل‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وامليلي�شيات ال�شيعية العراقية ودورها‬ ‫املعروف يف ما يحدث على ال�ساحة ال�سورية من‬ ‫دعم نظام الأ�سد عالني ًة وب�شكل مبا�رش دون �إخفاء‬ ‫�أو مواربة‪.‬‬ ‫كما يوظف البا�سدران ويدير خاليا نائمة تعمل يف‬ ‫منطقة اخلليج‪ ،‬ل�رضب �أهداف �أمريكية وغربية يف‬ ‫حال تعر�ضت �إيران لهجوم �أمريكي �أو �إ�رسائيلي‪،‬‬ ‫ي�رصح بذلك قادة احلر�س الثوري وغريهم يف‬ ‫وكما َّ‬ ‫كل منا�سبة‪.‬‬ ‫يبدو �أن ا�سرتاتيجية البا�سدران البحرية يف جمال‬ ‫احلرب الالمتناظرة هي الأكرث �أهمي ًة‪ ،‬حيث ي�سعى‬ ‫يف �أوقات ال�شدة وال�ضغط اخلارجي ليكون قوة‬ ‫هائلة ل�رضب الأ�سطول الأمريكي يف اخلليج‪ ،‬و�أية‬ ‫قوات بحرية متعددة اجلن�سيات‪ ،‬قد ت�شكل يف �أي‬ ‫وقت تهديداً �رصيح ًا �ضد مراكز الثقل اال�سرتاتيجية‬ ‫االيرانية‪ ،‬مبا يف ذلك مواقع ال�صواريخ البال�ستية‬ ‫واملفاعالت النووية‪ .‬كما �أن البا�سدران ي�ستطيع‬ ‫ن�رش مئات الزوارق ال�صاروخية ال�رسيعة امل�سلحة‬ ‫بال�صواريخ اجلوالة " كروز" وبث الألغام البحرية‬ ‫يف مياه اخلليج وم�ضيق هرمز‪.‬‬ ‫يبلغ �إجمايل تعداد القوى الب�رشية العاملة يف‬ ‫البا�سدران حوايل ‪ 150000‬رجل‪ ،‬يف حني ت�شكل‬ ‫القوة الربية عموده الفقري‪ ،‬بتعدادها الذي يرتاوح‬ ‫من ‪ 100000‬اىل ‪ 125000‬رجل‪ ،‬ب�ضمنها‬ ‫قوات النخبة "فيلق القد�س" وتعدادها نحو ‪5000‬‬ ‫مقاتل‪ .‬يف حني ي�صل تعداد القوتني البحرية‬ ‫واجلوية التابعتني له من ‪ 20000‬اىل ‪30000‬‬ ‫جندي‪ُ .‬ي�ضاف لذلك ميلي�شيات "البا�سيج" �أو‬ ‫اجلي�ش ال�شعبي الذي ي�صل تعداده اىل مئات الآالف‪،‬‬ ‫وينت�رش يف كافة املحافظات الإيرانية‪� .‬إ ْذ �أن‬ ‫مهمة قوات البا�سيج تتلخ�ص باحلفاظ على الأمن‬ ‫واال�ستقرار املحلي يف تلك املحافظات وبع�ض‬ ‫املعابر احلدودية‪ ،‬كونها هي �أداة القمع الطويلة بيد‬ ‫البا�سدران �ضد االحتجاجات ال�شعبية يف الداخل‬ ‫الإيراين وعلى الأطراف‪.‬‬ ‫�أما مبا يتعلق مب�ستقبل البا�سدران‪ ،‬فيمكن القول‬ ‫ب�أن هيمنته �ستكون �شبه مطلقة على كافة ال�ش�ؤون‬ ‫اال�سرتاتيجية‪ ،‬خ�صو�ص ًا القدرات النووية‪ ،‬رغم‬ ‫�إعطاء املر�شد الأعلى هام�ش احلرية التفاو�ضية‬ ‫لرئي�س اجلمهورية روحاين وطاقمه احلكومي‪ ،‬مع‬ ‫القوى الدولية حول امللف النووي‪.‬‬ ‫من هذا املنطلق يبدو جلي ًا �أن البا�سدران مبهامه‬ ‫و�أدواره املطلقة‪ ،‬هو "املطرقة وال�سندان" يف �آنٍ‬ ‫مع ًا‪ ،‬داخل وخارج �إيران!‬

‫يدير قواته الربية والبحرية واجلوية اخلا�صة به‪،‬‬ ‫والواقعة حتت قيادته املبا�رشة‪ ،‬رغم وجود القوات‬ ‫التقليدية بحجمها ال�ضخم‪ .‬لكن البا�سدران مل‬ ‫يتوقف عند هذا احلد‪ ،‬بل و�ضعت حتت قيادته القوة‬ ‫ال�صاروخية البال�ستية اال�سرتاتيجية‪ ،‬ف�أ�صبح جي�ش ًا‬ ‫وطور �سيطرته امليدانية ليمثل‬ ‫مبوازاة جي�ش و�أكرث‪َّ ،‬‬ ‫دولة داخل الدولة‪.‬‬ ‫نتيج ًة لعنا�رص الدعم والقوة التي ما زال البا�سدران‬ ‫�سواء من قبل احلكومة‬ ‫يحظى بها دون تدخل �أحد‪ً ،‬‬ ‫�أو الربملان‪ ،‬فقد متكن من ال�سيطرة على زمام‬ ‫امل�سارين ال�سيا�سي واالقت�صادي من دون منازع‪.‬‬ ‫كما متكن من ان�شاء و�إدارة �رشكات خا�صة به‬ ‫تناف�س‪ ،‬بل وتتحكم بنفوذ وح�ص�ص الدوائر‬ ‫االقت�صادية الر�سمية‪ ،‬ف�أ�صبح مركز قوة ترابطية‬ ‫رباعية الأبعاد ‪�(:‬أمنية‪-‬ع�سكرية‪ -‬اقت�صادية‪-‬‬ ‫�سيا�سية)‪.‬‬ ‫فعو�ض املر�شد الأعلى بالبا�سدران �أي تراجع‬ ‫َّ‬ ‫حمتمل يف �سلطته نتيجة طموحات احلركات‬ ‫الإ�صالحية‪ ،‬بت�ضييق اخلناق عليها من قبل‬ ‫البا�سدران واتهامها باخليانة الوطنية‪ .‬وك�ضامن‬ ‫للمبادئ الأ�سا�سية للثورة‪ ،‬لعب احلر�س الثوري دوراً‬ ‫رئي�سي ًا يف تهمي�ش الف�صائل املحافظة والإ�صالحية‬ ‫الواقعية قبل �أن تتمكن من حتدي تلك املبادئ‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك �سلطة املر�شد الأعلى الدينية والدنيوية‪.‬‬ ‫�سبق و�أن قمع البا�سدران بق�سوة منظمة جماهدي‬ ‫خلق الي�سارية ورموزها ومنا�رصيها يف الداخل‬ ‫كرر عمليات البط�ش باحلركة اخل�رضاء‬ ‫واخلارج‪ .‬و َّ‬ ‫بعيد انتخابات عام ‪ 2009‬الرئا�سية‪ ،‬مثلما متكن‬ ‫من تغييب وحتجيم كافة رموز وقادة الأحزاب‬ ‫والكتل ال�سيا�سية والقوى العرقية والدينية على‬ ‫اختالف �أطيافها وتطلعاتها منذ قيام الثورة‬ ‫اال�سالمية حتى اليوم‪.‬‬ ‫*عميد متقاعد‪ /‬باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق‬ ‫القوى‬ ‫خمتلف‬ ‫�ضد‬ ‫البا�سدران‬ ‫ما يقوي و�ضع‬ ‫للبحوث ‪ -‬دبي‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫ق�ضايا‬

‫‪06‬‬

‫ف�شل املجتمع الدويل يف حتقيق العدالة لل�سوريني‬ ‫جان كورد‬

‫ما جرى ليلة اخلمي�س‪ /‬اجلمعة املا�ضي يف جمل�س‬ ‫الأمن‪ ،‬وما متخ�ض عنه االجتماع الذي دعت �إليه‬ ‫فرن�سا بهدف حتويل امللف ال�سوري �إىل حمكمة‬ ‫اجلنايات الدولية‪ ،‬يدل على �أن رو�سيا وال�صني‬ ‫ت�ضحيان بال�شعب ال�سوري كله من �أجل �إنقاذ ما‬ ‫لهما من م�صالح خ�سي�سة مع نظام العائلة الأ�سدية‪،‬‬ ‫وبذلك تدعمان الإرهاب واملنظمات الإرهابية‬ ‫التي �ست�ستغل ان�شقاق املجتمع الدويل وعدم قدرته‬ ‫على القيام بواجبه جتاه ما يحدث من جرائم‬ ‫�ضد الإن�سانية يف �سوريا‪ ،‬واخلا�رس الوحيد يبقى‬ ‫هذا ال�شعب الذي عانى ما مل يعانيه �شعب �آخر‬ ‫يف ظل نظامه ال�سيا�سي احلاكم‪ ،‬يف حني تعطي‬ ‫ال�صني ومعها رو�سيا نظام الأ�سد ال�ضوء الأخ�رض‬ ‫لال�ستمرار يف �شن غاراته اجلوية بالرباميل‬ ‫املتفجرة وبا�ستخدام الغازات ال�سامة �ضد ال�شعب‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وهذا يعني �أن لي�س لدى حكومتي مو�سكو‬ ‫وبكني �أي رادع �أخالقي‪ ،‬و ال ميكن لهما �إخفاء‬ ‫وح�شيتهما �أمام العامل الذي يعترب هذا يوم ًا �أ�سوداً‬ ‫�آخر يف تاريخه احلديث‪.‬‬ ‫كان هذا املوقف الال�أخالقي متوقع ًا‪ ،‬وال�سوريون‬ ‫الذين يكافحون من �أجل ا�سقاط نظام الأ�سد‬ ‫املدعوم من قبل رو�سيا ورو�سيا و�إيران وع�صابات‬ ‫لبنانية وعراقية خا�ضعة لإيران‪ ،‬من �أبرزها ما‬ ‫ي�سمى بحزب اهلل‪ ،‬ال يعولون على جمل�س الأمن‬ ‫ٍ‬ ‫�سنوات متتالية يف‬ ‫الدويل‪ ،‬الذي ف�شل لثالث‬ ‫م�ساعدته م�ساعد ًة جادة حتى يف املجاالت‬

‫الإن�سانية وتخفيف وط�أة ا�ستخدام الأ�سلحة الفتاكة‬ ‫�ضده‪ ،‬ومنها الغازات ال�سامة‪ ،‬والر�أي العام العاملي‬ ‫�أي�ض ًا يعلم متام ًا �أن م�صالح الدول بالن�سبة لها �أهم‬ ‫من �ضمان الأمن واال�ستقرار و�صون حقوق الإن�سان‬ ‫و�إنقاذ حياة الب�رش‪ ،‬ولذلك ف�إن احلرب ال�سورية‪،‬‬ ‫طائ�ش م�ستع ٍد لتدمري كل بيت يف بالده‬ ‫نظام‬ ‫ٍ‬ ‫حرب ٍ‬ ‫وقتل �سائر �أطفاله مقابل بقائه حاكم ًا‪� ،‬ست�ستمر‬ ‫فرت ًة طويلة‪ ،‬قام املجتمع الدويل بواجباته الدولية‬ ‫كهيئة عاملية حلفظ ال�سالم �أم مل يقم‪ ،‬فلل�سوريني‬ ‫خربة يف هذا املجال‪ ،‬بعد كل الت�ضحيات اجل�سيمة‬ ‫التي قدموها من �أجل حريتهم و�أمنهم وا�ستقرارهم‪.‬‬ ‫وا�ستمرار احلرب يعني مزيداً من �سفك الدماء‬ ‫وات�ساع دائرة الدمار والتهجري واملعاناة الإن�سانية‪،‬‬ ‫�إال �أن ال�سوريني لن يتخلوا عن حريتهم وعن حقهم‬ ‫يف اختيار النظام ال�سيا�سي الذي يريدونه‪� ،‬شاءت‬ ‫ال�صني ورو�سيا و�إيران �أم مل ت�ش�أ‪.‬‬ ‫الآن‪ ،‬يتحتم على ال�سوريني العمل اجلاد والد�ؤوب‬ ‫من �أجل وحدة �سالحهم وتوحيد �صفوفهم وو�ضع‬ ‫�أولويات ن�ضاالتهم والكف عن تبادل التهم املتبادلة‬ ‫وو�ضع اخلطط اخليالية ملراحل م�ستقبلية‪ ،‬والدعوة‬ ‫�إىل م�ؤمت ٍر وطني وا�سع ت�شارك فيه معظم الفعاليات‬ ‫املنتجة والعازمة على اال�ستمرار يف الكفاح امل�سلح‬ ‫والن�ضال ال�سيا�سي‪ ،‬وو�ضع خطة متكاملة لتخفيف‬ ‫معاناة الالجئني ال�سوريني‪ ،‬وتنظيم ال�شباب امل�ؤمن‬ ‫باحلرية والن�ضال يف �سبيلها‪ ،‬وعدم االكرتاث مبا‬ ‫يتم حياكته من م�ؤامرات وين�سج من تفاهات وما‬

‫تطلقه بع�ض الدول من فقاعات �سيا�سية هدفها‬ ‫الأول �إحباط ال�شعب ال�سوري و�إعادته �إىل مربع‬ ‫ال�صفر‪ ،‬من قبل اندالع الثورة ال�سلمية يف البالد‪.‬‬ ‫من ناحية �أخرى‪ ،‬على �أ�صدقاء ال�شعب ال�سوري‪،‬‬ ‫ومن بينهم دول عربية و�إ�سالمية‪� ،‬أن تدرك عمق‬ ‫هذه امل�أ�ساة وفظاعة اجلرمية املرتكبة بحق‬ ‫تت�رصف دون عقد �أي �أملٍ على‬ ‫الإن�سانية‪ ،‬و�أن‬ ‫ّ‬ ‫جمل�س الأمن الذي على ال�سيد بان كي مون‪ ،‬الأمني‬ ‫العام للأمم املتحدة‪� ،‬إغالق بابه وختمه بال�شمع‬ ‫الأحمر وكتابة عبارة (معطل من قبل رو�سيا‬ ‫وال�صني)‪ ،‬كما على ه�ؤالء الأ�صدقاء �أن ال يرتددوا‬ ‫يف تقدمي خمتلف �صنوف الأ�سلحة والعتاد واخلرباء‬ ‫للمقاومة ال�سورية الوطنية امل�سلحة امل�ؤمنة ب�أن‬ ‫�سوريا ت�ستحق احلرية و�صون حقوق الإن�سان فيها‬ ‫وترف�ض الإرهاب جمل ًة وتف�صي ًال ‪ ،‬وت�رص على‬ ‫�إنهاء حقبة حكم العائلة الأ�سدية‪ .‬ف�إن رو�سيا‬ ‫وال�صني و�إىل جانبهما �إيران يف دعوتها �إىل �إعادة‬ ‫كل الأمور �إىل احلوار‪� ،‬إمنا تعمل بعد �إف�شال جمل�س‬ ‫الأمن يف اتخاذ �أي قرار ل�صالح ال�شعب ال�سوري‬ ‫لتفكيك كتلة �أ�صدقاء ال�شعب ال�سوري‪ ،‬وزرع‬ ‫اخلالفات فيها‪ ،‬وذلك بهدف دعم االجتاه الداعي‬ ‫للإبقاء على حكم الأ�سد رغم كل فظاعاته و�إرهابه‬ ‫وجرائمه على الإن�سانية‪ .‬ومن واجب الإعالم احلر‬ ‫يف هذه الدول ويف العامل ب�أ�رسه ن�سف املخطط‬ ‫ال�صيني – الرو�سي – الإيراين املعادي للإن�سانية‬ ‫ب�شكل �صارخ كما �شاهدناه يف جمل�س الأمن الدويل‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫عربي‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫م�صر بانتظار ال�سي�سي رئي�س ًا وحظوظ �صباحي �ضعيفة‬

‫تقام االنتخابات الرئا�سية امل�رصية على مدار يومني‪،‬‬ ‫وتبد�أ من �صباح الغد االثنني‪ ،‬ويبلغ عدد الناخبني يف‬ ‫م�رص ‪ 53‬مليونا و‪� 309‬آالف ناخب‪ ،‬لهم حق الت�صويت‪،‬‬ ‫وكان املر�شح عبد الفتاح ال�سي�سي قد ح�صل على ‪� 313‬ألفا‬ ‫و‪ 835‬من �أ�صوات امل�رصيني يف اخلارج بن�سبة ‪94.52‬‬ ‫يف املائة يف الت�صويت الذي انتهى يوم االثنني املا�ضي‪،‬‬ ‫مقابل ‪� 17‬ألفا و‪� 207‬أ�صوات ل�صباحي بن�سبة ‪ 5.48‬يف‬ ‫املائة‪.‬‬ ‫و�ستقوم بعثات من االحتاد الأوروبي واالحتاد الإفريقي‬ ‫وجتمع «الكومي�سا» ومنظمة «الفرانكفونية» وجتمع دول‬ ‫ال�ساحل وال�صحراء مبتابعة االنتخابات‪ ،‬وقال املتحدث‬ ‫با�سم وزارة اخلارجية امل�رصية ال�سفري بدر عبد العاطي‬ ‫�إن الوزارة جتري ات�صاالت ت�ستهدف ترتيب لقاءات‬ ‫لر�ؤ�ساء هذه البعثات‪ ،‬وعدد من امل�س�ؤولني امل�رصيني‪،‬‬ ‫وممثلي املجتمع املدين‪ ،‬مبا يف ذلك وزارة اخلارجية‬ ‫واللجنة العليا لالنتخابات الرئا�سية وكبار امل�س�ؤولني يف‬ ‫الوزارات و�أجهزة الدولة املعنية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل م�س�ؤولني‬ ‫يف الأزهر والكني�سة القبطية‪ ،‬ا�ستجابة للطلبات التي‬ ‫تقدمت بها هذه املنظمات‪.‬‬ ‫و �أكد نيكوالي فول�شانوف نائب رئي�س بعثة االحتاد‬ ‫الأوروبي ملتابعة االنتخابات‪� ،‬إن هناك وفدا من الربملان‬

‫الأوروبي �سين�ضم ملتابعي البعثة ملتابعة االنتخابات‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل ‪ 51‬متابعا من املعنيني حمليا من �سفارات‬ ‫الدول الأع�ضاء لدى االحتاد الأوروبي يف م�رص‪ ،‬لي�صل‬ ‫جمموع البعثة �إىل نحو ‪ 150‬متابع ًا من جميع الدول‬ ‫الأع�ضاء يف االحتاد الأوروبي‪.‬‬ ‫وكان ال�سي�سي قد وجه خطابا لل�شعب امل�رصي عرب �شا�شات‬ ‫الف�ضائيات‪ ،‬طلب فيه من ال�شعب امل�رصي امل�شاركة يف‬ ‫الت�صويت يف االنتخابات الرئا�سية‪ ،‬و»النزول بكثافة �إىل‬ ‫�صناديق االقرتاع‪ ،‬والت�صويت للمر�شح الذي يختارونه‪،‬‬ ‫لي�ؤكدوا للعامل �أجمع عراقة التجربة الدميقراطية لدى‬ ‫امل�رصيني‪ ،‬الذين ي�سطرون �صفحات جديدة يف تاريخهم‬ ‫احل�ضاري الأ�صيل»‪.‬‬ ‫وعقد املر�شح حمدين �صباحي م�ساء اجلمعة املا�ضي‬ ‫م�ؤمتراً جماهرييا يف ميدان عابدين يف القاهرة‪ ،‬يف‬ ‫ختام دعايته االنتخابية‪ ،‬مب�شاركة �أع�ضاء حملته من‬ ‫جميع املحافظات‪ ،‬ودعا املواطنني �إىل عدم مقاطعة‬ ‫االنتخابات‪ ،‬و�أن «يعربوا عن �إرادتهم واختيارهم ب�شكل‬ ‫حر‪ ،‬م�شددا على �أن الوطن يحتاج من اجلميع اال�صطفاف‬ ‫والتوحد حتت رايته»‪ .‬وقال �صباحي �أن برناجمه‬ ‫االنتخابي» يحقق مطالب الثورة يف العي�ش واحلرية‬ ‫والعدالة االجتماعية والكرامة الإن�سانية»‪.‬‬

‫و�شدد �صباحي على �رضورة التفريق يف املرحلة املقبلة‬ ‫ما بني الإرهاب و�أعمال العنف والأفكار التي تدعو �إليه‪،‬‬ ‫واحرتام حرية التعبري ال�سلمي عن الر�أي‪ ،‬مهما كان‬ ‫اجتاهه‪.‬‬ ‫و�أكد �صباحي �أن م�رص حتتاج �إىل رئي�س لكل امل�رصيني‪،‬‬ ‫ولي�س رئي�سا حلزب �أو جماعة‪ ،‬وهو من �أهم الدرو�س‬ ‫امل�ستفادة من حكم حممد مر�سي مل�رص‪ ،‬الذي كان رئي�سا‬ ‫جلماعته‪ ،‬ولي�س لكل امل�رصيني‪.‬‬ ‫وحول دور م�رص يف املنطقة والعامل يف حال فوزه‬ ‫باالنتخابات‪ ،‬قال �صباحي «�إن م�رص مهي�أة‪ ،‬لأن تكون‬ ‫العبا مهما‪ ،‬وله دور فعال خالل الفرتة املقبلة‪� ،‬سواء يف‬ ‫املنطقة العربية �أو يف العامل‪ ،‬وا�ستعادة دورها الإقليمي»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬معظم املراقبني واملتابعني لالنتخابات الرئا�سية‬ ‫يف م�رص‪ ،‬ال يجدون �أن �صباحي ميتلك فر�صة حقيقية‬ ‫ملناف�سة امل�شري ال�سي�سي‪ ،‬وهو ما �أكدت عليه انتخابات‬ ‫امل�رصيني يف اخلارج‪ ،‬ويرون �أن االنتخابات الرئا�سية‬ ‫هي �إجراء د�ستوري لو�صول ال�سي�سي �إىل الرئا�سة‪ ،‬خا�صة‬ ‫تعول على العالقات‬ ‫�أن قطاعات كبرية من امل�رصيني ّ‬ ‫اجليدة للم�شري ال�سي�سي مع دول اخلليج‪ ،‬وخا�صة‬ ‫ال�سعودية‪ ،‬يف دعم الو�ضع االقت�صادي امل�رصي املرتدي‬ ‫منذ ثورة ‪ 25‬يناير‪.‬‬

‫ليبيا‪ :‬اللواء حفرت يقود معركة «الكرامة» ملواجهة الإ�سالميني‬ ‫منذ مقتل العقيد معمر القذايف يف ‪� 20‬أكتوبر‪ /‬ت�رشين‬ ‫الأول ‪ 2011‬ولغاية اليوم‪ ،‬ما زالت ليبيا تعاين من‬ ‫تعرث العملية ال�سيا�سية‪ ،‬ومن فو�ضى عارمة يف انت�شار‬ ‫امليلي�شيات امل�سلحة يف طول البالد وعر�ضها‪ ،‬وعدم‬ ‫اعرتاف الكثري من الف�صائل امل�سلحة باحلكومة الليبية‪،‬‬ ‫وهو ما يجعل ليبيا مر�شحة لف�صول �أخرى من االقتتال‬ ‫الداخلي‪ ،‬والتناف�س والتنازع على ال�رشعية‪.‬‬ ‫و�أطلق م�ؤخراً قائد املجل�س الع�سكري الأعلى للجي�ش‬ ‫الوطني اللواء خليفة بلقا�سم حفرت معركة الكرامة‪،‬‬ ‫وذلك بح�سب زعمه من �أجل «تطهري ليبيا من الإرهاب‬ ‫والع�صابات واخلارجني عن القانون وااللتزام بالعملية‬ ‫الدميقراطية ووقف االغتياالت خ�صو�صا التي ت�ستهدف‬ ‫اجلي�ش وال�رشطة»‪ ،‬وكان اللواء حفرت قد نفى �أن تكون‬ ‫معركة «الكرامة» انقالب ًا ع�سكري ًا على احلكومة يف‬ ‫طرابل�س‪ ،‬وبد�أت قوات حفرت مواجهات م�سلحة مع‬ ‫ميلي�شيات �إ�سالمية‪ ،‬مثل �أن�صار ال�رشيعة‪ ،‬وميلي�شيات‬ ‫‪ 17‬فرباير‪ ،‬وراف اهلل ال�سحاتي‪ ،‬وجمموعات �إ�سالمية‬ ‫�أخرى من درنة‪.‬‬ ‫وتظاهر يوم اجلمعة املا�ضي مئات �آالف الليبيني يف‬

‫عدة مدن خا�صة العا�صمة الليبية طرابل�س ومدينة‬ ‫بنغازي (�رشقا) ت�أييدا لعملية «الكرامة»‪.‬‬ ‫وعربت الواليات املتحدة ودول �أوروبية عن القلق‬ ‫العميق جتاه العنف يف ليبيا‪ ،‬وحذرت من �أن البالد‬ ‫تقف على «مفرتق طرق» بني موا�صلة الطريق نحو‬ ‫حتول �سيا�سي �أو ال�سقوط يف هوة الفو�ضى واالنق�سام‬ ‫والعنف والإرهاب‪.‬‬ ‫وقالت هذه الدول يف بيان م�شرتك �أ�صدرته ‪« :‬ي�شعر‬ ‫االحتاد الأوروبي وفرن�سا و�أملانيا و�إيطاليا وبريطانيا‬ ‫والواليات املتحدة بقلق بالغ من �أعمال العنف‬ ‫امل�ستمرة وتدعو كل الأطراف �إىل عدم ا�ستخدام القوة‬ ‫وت�سوية اخلالفات بال�سبل ال�سيا�سية»‪ .‬وعر�ض البيان‬ ‫�أي�ضا دعم الغرب لعملية م�صاحلة �شاملة مب�ساعدة‬ ‫الأمم املتحدة‪ ،‬لكنه حذر من �أن «االنق�سامات امل�ستمرة‬ ‫بني الليبيني �ست�ؤثر ب�شكل كبري على قدرة املجتمع‬ ‫الدويل على تقدمي امل�ساعدة»‪.‬‬ ‫و�أعلن املجل�س الع�سكري الأعلى للجي�ش الوطني‬ ‫بقيادة حفرت يف بيان تاله حممد حجازي‪ ،‬الناطق‬ ‫الر�سمي با�سمه‪� ،‬أن عملية الكرامة هي لكل الليبيني‬

‫بهدف الق�ضاء على الإرهاب والع�صابات اخلارجة عن‬ ‫القانون‪ .‬وقال البيان الذي يعد الثالث من نوعه منذ‬ ‫بدء العملية الأ�سبوع املا�ضي‪« :‬نتمنى �أن نرى ليبيا يف‬ ‫م�صاف الدول املتقدمة‪ ،‬ال نريد احلديث عن املا�ضي‬ ‫وال عمن �سبقونا‪ ،‬دعونا نتكلم عن امل�ستقبل وما نطمح‬ ‫�إليه جميعا»‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف‪�« :‬إن جي�شكم هب لتقدمي نف�سه فداء لكم وتلبية‬ ‫لندائكم‪ ،‬ال مكان بيننا للإرهاب با�سم الدين وال ملن‬ ‫يكفرنا‪ ،‬بل ن�سعى لدولة مدنية دميقراطية»‪.‬‬ ‫وطم�أن م�رصف ليبيا املركزي‪ ،‬املواطنني‪ ،‬بتوفر‬ ‫ال�سيولة املالية بكافة فروع امل�صارف التجارية‬ ‫يف ليبيا‪ ،‬وقال ‪� »:‬إنه على ا�ستعداد ل�سد االحتياجات‬ ‫امل�ستقبلية للم�صارف التجارية مبختلف �أنحاء ليبيا‬ ‫عرب فروع امل�رصف املركزي»‪ .‬و�أ�ضاف امل�رصف‪� ،‬أنه‬ ‫م�ؤ�س�سة مالية �سيادية ت�ؤدي عملها مبهنية كاملة وفق‬ ‫القوانني ال�سائدة ويحظى باحرتام امل�ؤ�س�سات الدولية‪،‬‬ ‫و ين�أى بنف�سه عن �أي جتاذبات �سيا�سية‪ ،‬و�أنه �سي�ستمر‬ ‫يف القيام بدوره لت�أ�سي�س دولة القانون وموا�صلة‬ ‫م�ساعيه يف مكافحة الف�ساد‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/05/25 )141‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫الأبعاد الثقافية للمحنة ال�سورية الراهنة‬ ‫د‪ .‬عبداهلل تركماين‬

‫لوحة للفنان ال�سوري منري ال�شعراين‬ ‫يعي�ش ال�شعب ال�سوري حمنة حقيقية جتلياتها مت�شعبة‪:‬‬ ‫ع�رشات �آالف القتلى واملعتقلني‪ ،‬ماليني النازحني‬ ‫داخلياً‪ ،‬ماليني الالجئني �إىل اخلارج‪ ،‬ماليني البيوت‬ ‫ت�صدع جمتمعي‪،‬‬ ‫املعوقني‪،‬‬ ‫املهدمة‪ ،‬ع�رشات �ألوف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طغيان الع�سكرة والتطرف والإرهاب‪ 130 ،‬مليار دوالر‬ ‫خ�سائر االقت�صاد ال�سوري الكلي‪ ،‬مهزلة االنتخابات‬ ‫الرئا�سية‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫و�إزاء كل ذلك‪ ،‬يبدو �أنه من ال�رضوري �أن يعمل املثقف‬ ‫على �إعادة �صياغة وترتيب �أفكـاره‪ ،‬مبا مي ّكنه من فهم‬ ‫وت�شخي�ص هذا الواقع‪ ،‬ومن ثم االنخراط يف تغيريه‬ ‫نحو اجتاه حتقيق مطامح ال�شعب ال�سوري يف احلرية‬ ‫والتكيف الإيجابي مع معطيات وحتوالت‬ ‫والكرامة‬ ‫ّ‬ ‫العامل املعا�رص‪ .‬ف�إذا كنا قد خ�رسنا العديد من حلظات‬ ‫االنتماء والفعل يف التاريخ الثقايف ‪ -‬املعريف الكوين‪،‬‬ ‫ف�إننا يف الوقت الراهن نقف مكتويف الأيدي �أمام ثقافة‬ ‫جمتمع املعرفة‪ ،‬خا�صة ما يتعلق منها بحقوق الإن�سان‬ ‫ب�أجيالها الثالثة‪ :‬احلقوق ال�سيا�سية واملدنية‪ ،‬احلقوق‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬احلقوق العامة (حقوق املر�أة‬ ‫والطفل‪ ،‬احلق يف التعليم‪ ،‬احلق يف التنمية‪ ،‬احلق يف‬ ‫العمل ‪.) ....‬‬ ‫امل�س�ألة �أننا مل نح�سن اخلروج من عجزنا وق�صورنا لكي‬ ‫نتحول �إىل م�شاركني يف العامل املعا�رص ب�صورة غنية‬ ‫وخالقة‪ .‬ولعل ما �أعاقنا عن ذلك هو دميومة اال�ستبداد‬ ‫واحلموالت الأيديولوجية وامل�سبقات الدوغمائية‬ ‫وطغيان ال�شعارات التي منعتنا من ا�ستثمار طاقاتنا‬ ‫على اخللق والتحـول‪ ،‬بقدر ما حملتنا على �أن ال نعرتف‬ ‫ب�إجنازات الغرب والتع ّلم منه‪� ،‬أو التي جعلتنا نتعامل مع‬ ‫هذه الإجنازات بعقلية تقليدية عقيمة وغري منتجة‪.‬‬ ‫كل ذلك �إىل ت�صاعد نزعات التع�صب والتطرف‪،‬‬ ‫وقد �أدى ُّ‬ ‫وتزايد عمليات الإرهاب‪ ،‬وارتفاع درجة العنف الذي‬ ‫�صاحب الدعوة �إىل الدولة الدينية‪� ،‬أو �صاحب االجتاهات‬ ‫التقليدية اجلامدة التي ت�صف التحديث ببدعة ال�ضاللة‬ ‫املف�ضية �إىل النار‪ .‬هكذا‪ ،‬ر�أينا االعتداء على املواطنني‬ ‫الأبرياء‪ ،‬ورموز ن�شطاء املجتمع املدين‪ ،‬وتهديد املثقفني‬ ‫امل�ستنريين بكل و�سيلة ممكنة‪.‬‬ ‫ولعل التحدي الأكرب الذي ي�ستوجب على ال�سوريني‬ ‫مواجهته هو التحكم يف نقاط �ضعفهم نف�سها‪ ،‬التي‬

‫ك�شفتها ثورة احلرية والكرامة‪ ،‬خا�صة خماطر اخليار‬ ‫الأمني ل�سلطة �آل الأ�سد وعبثية الع�سكرة والأ�سلمة‬ ‫والتطرف‪ ،‬ويف مقدمتها عدم قدرة معار�ضاتها‬ ‫ال�سيا�سية على ت�شكيل خيمة �سورية جامعة‪ ،‬واكت�شاف‬ ‫هذه النقاط و�إدراك النقائ�ص وال�سعي �إىل معاجلتها‪.‬‬ ‫هذه هي اخلطوة الأوىل نحو تكوين الفاعل ال�سوري‬ ‫القادر على حتديد �أهداف وبلورة خريطة طريق للو�صول‬ ‫�إليها‪.‬‬ ‫� ّإن ح�ضور �س�ؤال امل�ستقبل يف �أية ثقافة هو دليل‬ ‫حيويتها‪ ،‬فبقدر ح�ضوره يف تكوينها تتحدد قابليتها‬ ‫للتطور‪ ،‬وقدرتها على التقدم‪ ،‬ورغبتها يف الإبداع الذاتي‪.‬‬ ‫� ّإن الوعي امل�ستقبلي يقي�س على احلا�رض يف حركته �إىل‬ ‫امل�ستقبل‪ ،‬وال ين�شغل باملا�ضي �إال بو�صفه عن�رصاً من‬ ‫عنا�رص احلا�رض الذي يقبل التحول والتطور وامل�ساءلة‪.‬‬ ‫و�س�ؤال امل�ستقبل عن�رص تكويني يف هذا الوعي وعالمة‬ ‫عليه‪� ،‬سواء يف حر�صه على االرتقاء بالإن�سان ال�سوري‬ ‫من م�ستوى ال�رضورة �إىل م�ستوى احلرية‪� ،‬أو االنتقال‬ ‫باملجتمع ال�سوري من الت�أخر �إىل التقدم‪.‬‬ ‫البد من الت�أكيد على جمموعة جوانب مرتابطة‬ ‫وهكذا‪َّ ،‬‬ ‫للتغيري‪ ،‬الذي مي ّكننا من القطيعة مع الت�أخر واالنطالق‬ ‫�إىل م�سارات النمو والتنمية الذاتية امل�ستدامة‪ ،‬والتحرر‬ ‫من املحنة ال�سورية‪:‬‬ ‫(‪ -)1‬مبد�أ احلرية واالختيار‪ ،‬ل ّأن احلرية ترتبط‬ ‫بامل�س�ؤولية وتنفي احلتمية �أو اجلربية‪ ،‬وجتعل من‬ ‫ال�رضوري �إلقاء ال�ضوء على فعل االختيارات املمكنة‬ ‫تاريخياً‪ ،‬و�صنع االختيار انطالق ًا من الوعي مبعطيات‬ ‫الواقع والذات‪.‬‬ ‫والتنوع واالعرتاف بالآخر‪ ،‬فكل حقيقة‬ ‫(‪ -)2‬الن�سبية‬ ‫ّ‬ ‫ن�سبية‪ ،‬ولكل فكرة جتلياتها اجلزئية‪ ،‬ومن حق املجتمع‬ ‫يطلع على كل االختيارات املتاحة‪ ،‬التي تبلورت‬ ‫�أن ّ‬ ‫بحرية‪ ،‬و�أن يختار من بينها‪.‬‬ ‫(‪ -)3‬ثقافة ح�سن االختيار‪� ،‬إذ يرتتب على القول بن�سبية‬ ‫كل حقيقة � ّأن �أي اختيار يكون �صائب ًا بقدر ما يتفق مع‬ ‫ويحل بع�ض �أهم مع�ضالته‪.‬‬ ‫معطيات الواقع‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫(‪ -)4‬امل�ؤ�س�ساتية‪� ،‬إذ حتتاج الثقافة ال�سورية احتياج ًا‬ ‫�أ�سا�سي ًا وعميقاً‪ ،‬خا�صة على �ضوء حماولتي املجل�س‬ ‫الوطني ال�سوري واالئتالف الوطني لقوى الثورة‬

‫واملعار�ضة‪ ،‬ال�ستيعاب �أهم منجزات احلداثة وهي‬ ‫امل�أ�س�سة‪ ،‬مبا تنطوي عليه من‪ :‬متييز اخلط الفا�صل بني‬ ‫ال�شخ�صي والعام فيما يتعلق بالدور وامللكية وال�سلطة‪،‬‬ ‫واالت�صال والدميومة يف �أداء الوظائف‪ ،‬والدقة البالغة‬ ‫يف تعيني االخت�صا�ص والتمييز بني الأدوار‪ ،‬وتق�سيم‬ ‫العمل‪ ،‬و�إحداث التكامل بني الوظائف واالخت�صا�صات‬ ‫عرب �آليات م�ستقلة – ن�سبي ًا ‪ -‬عن الأ�شخا�ص‪.‬‬ ‫(‪ -)5‬الت�صحيح امل�ستمر والنظر للم�ستقبل‪ ،‬فب�سبب‬ ‫امل�ساحة املهيمنة للمطلقات‪ ،‬والتعلق ال�شديد باملا�ضي‪،‬‬ ‫ال يحتل امل�ستقبل امل�ساحة اجلديرة به يف الثقافة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬وك�أن الزمن ال يفعل �سوى �إعادة �إنتاج نف�سه‬ ‫يف �أمنوذج مثايل �رسمدي مطلق ال�صالحية واحل�ضور‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬ف� ّإن الركود املمتد لأكرث من خم�سة عقود له‬ ‫�أ�سا�س قوي يف ثقافتنا‪ ،‬والتحرر من الركود مرهون‬ ‫بتغيري وجتديد نظرتنا للم�ستقبل‪ّ � .‬إن امل�ستقبل يحمل‬ ‫جديداً ولي�س جمرد �إعادة �إنتاج متوا�صل للما�ضي‪،‬‬ ‫ولذلك يجب �أن ن�صحح ‪ -‬با�ستمرار ‪ -‬ما نعرفه وما‬ ‫منلكه وما ن�صنعه‪ ،‬وهو ما يعيدنا للقول بن�سبية كل‬ ‫حقيقة ب�رشية و�إخ�ضاعها للنقد والتمحي�ص‪.‬‬ ‫(‪ -)6‬ا�ستعادة ثقافة امل�ساواة واحلق‪ ،‬فمثال مل ينجح‬ ‫ال�سوريون يف �إقرار حق املر�أة يف امل�ساواة‪ ،‬وما زالت‬ ‫تلك ال�رضورة واحلتمية متعرثة يف الوعي ويف املمار�سة‬ ‫على ال�سواء‪ ،‬ونعتقد � ّأن حترير املر�أة والإقرار بحقها‬ ‫يف امل�ساواة هو �رشط مهم لتحرير عقولنا جميعاً‪ ،‬بل‬ ‫ولتحرير تاريخنا من الركود‪.‬‬ ‫(‪ -)7‬جدلية التعاون والتناف�س‪� ،‬إذ يجب �أن نغر�س‬ ‫يف الثقافة ال�سورية فكرة � ّأن التطور رهن بالتناف�س‬ ‫والتعاون معاً‪ ،‬ومن ثم �أولوية الن�ضال ال�سلمي من �أجل‬ ‫حل التناق�ضات ح ًال عاد ًال‪ ،‬ودون �إخالل باحلق‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬يبدو وا�ضح ًا �أننا �أحوج ما نكون �إىل عملية‬ ‫متر يف مرحلة‬ ‫�إحياء ثقايف‪ .‬فالثقافة ال�سورية الراهنة ُّ‬ ‫وردة وا�ضحني‪ ،‬فهناك تراجع عن الفكر العلمي‬ ‫انحطاط ّ‬ ‫لفائدة الفكر اخلرايف‪ ،‬وهناك ا�ستفحال ظاهرة اخلطاب‬ ‫املا�ضوي الذي يجهد يف حماولة �إرجاع �سورية �إىل‬ ‫الع�صور املظلمة‪ ،‬ويح ّفزها على الت�شبث مبرجعية‬ ‫ما�ضوية‪ ،‬وك�أن املا�ضي ينبغي �أن يحكم احلا�رض‬ ‫وامل�ستقبل‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.