ájô```M 2014/05/11م العدد ()139 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/05/11 )139م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (139) 11/05/2014
ما بعد حم�ص� ..أبواب احللول املغلقة
خرج املقاتلون من حم�ص القدمية ،ومتكن النظام من ب�سط �سيطرته على �أنقا�ض مدينة لها رمزيتها العالية يف حراك ال�سوريون من �أجل احلرية ،و�أتى خروج املقاتلني كما بات معروف ًا عرب �إرادة �إيرانية بالدرجة الأوىل ،وبعد ح�صار دام 700يوم للمدينة القدمية ،ومل يعد مبقدور املقاتلني اال�ستمرار لفرتة �أطول� ،إذ انعدمت من الناحية الع�سكرية �أية �إمكانية جدية لفك احل�صار عنهم. لكن الأ�سئلة التي يح�رض حتت وقع هذا احلدث كثرية، ومنها :ماذا بعد �إحكام النظام �سيطرته على حم�ص؟ هل �سيتقدم نحو حلب ونحو �إدلب ،مب�ساندة احللفاء من حزب اهلل والف�صائل العراقية؟ وماذا يعني لو ب�سط النظام �سيطرته من جديد على كامل اجلغرافيا ال�سورية؟. الكارثة ال�سورية جتاوزت ال�رصاع على اجلغرافيا ،فلو افرت�ضنا جد ًال �أن النظام �سيتمكن من ب�سط �سيطرته على كامل اجلغرافيا ال�سورية فهل لنا �أن نتخيل �إمكانية �أن يحكمها من جديد ،وما ينطبق على النظام ينطبق على �أي قوة �أخرى من الف�صائل امل�سلحة� ،إذ يبدو �رضب ًا من �رضوب اخليال توليد حكم جديد لكامل الأر�ض ال�سورية من دون توافق ال�سوريني �أنف�سهم ،ومن اخليال �أي�ض ًا ت�صور �أية فر�صة لدولة حتكم مركزي ًا من دم�شق ،لقد بات هذا الأمر من املا�ضي ،والتم�سك به، يعني الإجهاز فعلي ًا على ما تبقى من �سورية ،ويبدو
وا�ضح ًا �أن هناك من ال يريد �أن يفكر بغري هذه الطريقة، �أي تدمري �سورية دون �أي �إح�سا�س مب�س�ؤولية جتاه م�ستقبل البالد ،ووقف الكارثة عند احلد الذي �آلت �إليه من معطيات. �إ�رصار النظام على احلل الع�سكري مل يعد خيار النظام ال�سوري ،لقد بات �إ�رصاراً من احلليف الإيراين على ا�ستثمار الكارثة ال�سورية �إىل �أبعد حد ممكن ،ووفق ًا ملنطق الأوراق التي ميكن �أن تزيد من قدراته على التفاو�ض مع الغرب ،لي�س فقط على ملفه النووي، وحدود التخ�صيب ،وما �إىل هنالك من ق�ضايا تقنية، بل مفاو�ضات على موقع �إيران امل�ستقبلي يف جممل ق�ضايا ال�رشق الأو�سط ،ويف جممل امل�صالح التي تت�ضمنها املنطقة ،خا�صة يف جمال النفط والغاز. الإيرانيون� ،أي�ضاً ،مل يعودوا فقط خلفاء للنظام� ،إنهم على الأر�ض ،وهو ما ت�ؤكده جمموعة من الوقائع، ولي�ست مفاو�ضات خروج املقاتلني من حم�ص �إال �إحدى تلك الدالئل ،وهم لن ي�سمحوا من حيث املبد�أ ب�أي وقف للنزيف ال�سوري دون �أن يكونوا مكون ًا رئي�سي ًا يف �صياغة �أي حل م�ستقبلي ،و�أن ي�ضمنوا م�صاحلهم اال�سرتاتيجية. باملقابل ،ف�إن الأطراف الإقليمية والدولية لي�ست جاهزة بعد لأي حل يف �سوريا� ،إذ من غري املتوقع �أن يتوقف اال�ستثمار الإقليمي والدويل يف امل�أ�ساة ال�سورية قبل �إن�ضاج جملة من التفاهمات بني الأطراف
ح�سام مريو
املنخرطة يف الأزمة ،وما زال من املبكر التكهن فيما �إذا كان ال�رصاع �سينتهي �إىل تفاهمات من بينها امللف ال�سوري� ،أم �أن ال�رصاع الإقليمي �سي�ستمر ،وت�ستمر معه الأزمة ال�سورية يف ف�صول جديدة. وحدهم ال�سوريون يدفعون الثمن يف دراما ال تبدو مالمح نهايتها قريبة ،بل هي مر�شحة للمزيد من امل�أ�ساوية ،خا�صة �أن الأطراف ال�سورية من نظام ومعار�ضة مل تعد تقرر �سري الأحداث وتطورها ،لكنها مرغمة على ا�ستكمال دورها يف هذه اللعبة القاتلة. لقد بكى �سوريون كرث خروج املقاتلني من حم�ص، وخون البع�ض الف�صائل املوجودة يف �أماكن �أخرى ّ لتخاذلها عن م�ساندة مقاتلي حم�ص ،وهو ما يذكر فعلياً مبا جرى يف الق�صري والقلمون �سابقاً من تبادل لالتهامات ،لكن امل�س�ألة مل تعد خ�سارة قوى "الثورة" �أمام ميلي�شيا نظام� ،إنها م�س�ألة ان�سداد �أفق �أمام بزوغ عوامل حقيقية ميكن البناء عليها حلل �سوري� -سوري، وما يجب الت�أثر به وجداني ًا و�أخالقي ًا ووطني ًا هو عدم قدرتنا ك�سوريني على بناء حلول حتفظ �سوريا من الدمار ،ومتهد الطريق �أمام معاجلة �آثار املرحلة املا�ضية ،وامل�ضي نحو م�ستقبل جديد. باخت�صار� ،إن ما جرى يف حم�ص ي�ؤكد على �أن �أبواب احللول ما زالت مغلقة حتى �إ�شعار �آخر ،لكن امل�شكلة �أن مفاتيح احللول مل تعد يف �أيدي ال�سوريني ،فهل ثمة من �سيعمل على ا�ستعادتها؟.
العدد ( 2014/05/11 )139م تقارير 02 منظمات املجتمع املدين بني الرباميل املتفجرة والأعالم ال�سوداء ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ا�سطنبول -يا�سر بدوي:
ال يختلف كثريا امل�شهد املدين الفرعي عن ال�صورة الكلية والعامة للعمل ال�سيا�سي والع�سكري .احلالة ال�سورية تقع خارج املنطق وامل�ألوف ،والتباينات حادة يف الفكر وال�سيا�سة والعي�ش .الأزمة واحلرب جتمعات ال والثورة ،خلقت وقائع كارثية ،و�أنتجت ً متار�س الفو�ضى وتعيق التطور فح�سب ،بل تدعي لنف�سها حاكمية م�ستمدة من اهلل ,تلغي وتكفر كل ن�شاط ال يقا�س وفق �رشعها املنحرف عن معايري الب�رش. بعدما خنق نظام البعث املجتمع املدين ال�سوري لعقود ،جند من املفجع �أن يف�شل املجتمع الدويل الآن يف �إطالق طاقته البناءة فيما يتعلق بالو�صول �إىل �إجماع �أكرث و�ضوح ًا جتاه املعار�ضة ،وك�سبيل �أي�ضا لتح�سني الو�ضع (�أو على الأقل تقليل ن�سبة تدهوره) .بل كان ينبغي دعم ذلك منذ فرتة طويلة على اعتبار �أن حركة االحتجاج يف حد ذاتها كانت جت�سيداً ملجتمع مدين ين�شد انتقا ًال �سلمي ًا �إىل نظام دميقراطي. واليوم احلاجة ملحة �أكرث لدعم جمتمع مدين حملي، وذلك لتقليل خماطر ن�شوب حرب �أهلية مرتقبة. فالدعم القوي جلماعات جمتمع مدين منتقاة بعناية ميكن �أن يعمل على احلد من ال�رصاعات الطائفية والت�صعيدات الفو�ضوية النا�شئة عن هذا ال�رصاع ،وحتد من بروز ال�صور النمطية ملجاهدي القاعدة الذين احتلوا امل�شهد و امل�ساحات الفائ�ضة يف التغطيات الإعالمية ،وراح اخلوف يزداد حدة من �أن تتحول �أية م�ساعدات خلدمة العلم الأ�سود .فجماعات املعار�ضة التي ت�شجع على العالقات الإيجابية واحلوار بني خمتلف الف�صائل الدينية والعرقية ال�سورية تعترب حموراً �أ�سا�سيا لتوحيد ن�سيج املجتمع . رغم كل هذا الواقع امل�أ�ساوي ووط�أة احلاجات ما يزال املجتمع املدين يبحث عن نف�سه يف االغرتاب ،ل�صعوبة �إن مل يكن ا�ستحالة العمل يف الداخل ،فالرباميل املتفجرة و "داع�ش" عدوان لكل ما هو مدين ،ويعترب الطرفان النظام و القاعدة الروابط املدنية كفراً وم�ؤامرة ،ففي تركيا يحاول دعاة املجتمع املدين بناء م�ؤ�س�ساتهم يف جميع املجاالت ،لكن �إىل اليوم مل تتبلور ب�ؤرة وا�ضحة �أو وعاء يحتوي العمل املدين . عقدت العديد من امل�ؤمترات لبلورة �صيغة تنطلق منها م�ؤ�س�سات وجمعيات �أهلية ،لكنها كما �أ�سلفنا حمكومة بالظرف ال�سوري املتعدد الأقطاب، واخلائف من التوظيف ال�سيا�سي ،ولع ّل �أهم ما يحكم تبعرث ال�صورة العامة هو �ضعف الوعي ب�أهمية وجود هذه املنظمات ،ف�ض ًال عن الت�ضارب و الت�ضاد يف فهم طبيعية عمل هذه امل�ؤ�س�سات بني كونها عمل تطوعي حمكوم بن�شاط حول م�صالح وقيم و�أهداف م�شرتكة للمواطن ال�سوري وما يتطلب من تقدمي اخلدمات �أو دعم للتعليم و التنمية، وبني كونها و�سيلة ا�سرتزاق وربح ،ما يجعل بع�ض القوى تت�رس بها لتحقيق �أهداف خا�صة،
املجال�س املحلية يف الغوطة ال�رشقية
رغم كل هذا الواقع امل�أ�ساوي ووط�أة احلاجات ما يزال املجتمع املدين يبحث عن نف�سه يف االغرتاب و�إن كانت م�رشوعة يف عملية البناء املدين� ،إال �أن لها ح�سا�سيتها يف الظرف الراهن ،ف�ض ًال عن �ضعف االخت�صا�صات التي ت�ستطيع ت�أهيل الكوادر الب�رشية القادرة على النهو�ض يف هذا امل�سار . يف عملية البحث ال�شاقة عن منظمات املجتمع املدين ،تبزر ب�صعوبة م�شقة العثور على بناء وا�ضح، مما يدل على �ضعف الإنتاج ،فنجد احتاد منظمات املجتمع املدين ال�سوري ( )ouscsي�ضم االحتاد �أكرث من ثمانني رابطة وهيئة وم�ؤ�س�سة جلها م�شكلة يف دول العامل . م�ؤ�س�سة "وطن" ت�ضم جمموعة من امل�ؤ�س�سات يعرف عنها ملهم اجلندي املتحدث با�سمها �أنها تهدف لرت�سيخ العمل امل�ؤ�س�ساتي اجلماعي املنتظم، وتتكون "وطن" من ثمانية م�ؤ�س�سات يف جماالت الأعمال اخلريية والإعالمية والدرا�سات . جمموعة "نه�ضة وطن" قيد الت�أ�سي�س ،وهناك العديد من امل�ؤ�س�سات املدنية التي تولد يومي ًا ،لكن ي�صعب حتديد مقدار ت�أثريها الفعلي على الأر�ض، ما خال تقدمي امل�ساعدات الطبية و الإغاثة و�إقامة دورات متنوعة يف التنمية والت�أهيل والتطوير . �إن احلاجة ما�سة وملحة لدعم هذه امل�ؤ�س�سات الوليدة بعد �أن تقدم نظام ًا م�ؤ�س�سي ًا يراعي اجلودة واملعايري الدولية املتعارف عليها ،وعلى ر�أ�سها االخت�صا�ص الذي ي�ضمن �إنتاجا يلعب دوراً يف املتجمع ال�سوري الذي يتعر�ض �إىل جميع �صنوف القهر والقتل والإلغاء ،وهذه املهمة تقوم بها جميع املنظمات الدولية ذات ال�صلة والدول ال�صديقة لل�شعب ال�سوري ،ف�ض ًال من الفعاليات ال�سورية االقت�صادية ورجال الأعمال ،دون االنزالق �إىل
م�سار الربحية .ويف هذا املجال البد من التمييز بني �أنواع م�ؤ�س�سات املجتمع املدين ،و�أن يكون �إعالنها ووثائق ت�أ�سي�سها وا�ضحة الأهداف ،و�أن يكون هناك �آليات تك�شف عن مدى فعاليتها ودورها. تدرك جميع الأنظمة اال�ستبدادية �أن التجمعات ال�شعبية املنظمة هي �أكرب عامل يهدد وجودها و�سيطرتها وثباتها ،لذلك عمل النظام ال�سوري جاهداً خالل �سنوات حكمه على حتجيم دور املجتمع املدين ،و�إخ�ضاعه ل�سلطته التع�سفية املخابراتية ،وقد جنح يف حتويل النقابات العمالية واالحتادات املهنية من منظمات يفرت�ض �أن تدافع عن حقوق منت�سبيها �إىل مراكز �أمنية ت�سوق للأ�رسة احلاكمة ،وما يزال يحاول �إف�شال �أي جتمع مدين لذلك �رشده و ق�صفه . العوائق التي حالت دون حتول كيانات الثورة كثرية ،مل ت�ستطيع �أغلب الكيانات ال�سورية التحول �إىل م�ؤ�س�سات قادرة على مراكمة اخلربات و �إدارة الطاقات بال�شكل الذي ي�ضمن جتاوز العقبات و �ضمان �سالمة �سري �أعمال امل�ؤ�س�سة .و لعل توافر عن�رص اال�ستقرار يعترب �رشط ًا �أ�سا�سي ًا للعمل امل�ؤ�س�سي ،بينما الواقع �أن هذا العن�رص هو من �أكرث الأمور ندر ًة يف امل�شهد ال�سوري منذ بداية الأحداث اجلارية. رمبا تكون النظرة متباينة بني �ضعف الفعالية ب�سبب التعدد والتدفق لهذه امل�ؤ�س�سات وبني �رضورة تنوعها حتى ال تقع يف حظرية جهة �سيا�سية واحدة جتري ل�صاحلها ،وتعيد �إنتاج احلزب الواحد ،وبالتايل ت�ؤثر يف التعددية ال�سيا�سية واالنتقال الدميقراطي املن�شود يف �سوريا ،لكنها وفق ر�أينا تبقى حالة �صحية ا�ستطاعت تقدمي التغذية املعنوية واملادية يف املجتمع ال�سوري، و�إن ب�صورة غري مرتبة ب�سبب قوة الإظهار ل�صورة املدافع والطريان والرايات ال�سوداء .
تقارير
03 تناق�ضات ال�صراع « :اجلبهة اجلنوبية» حتاول الترب أ� من «الن�صرة» العدد ( 2014/05/11 )139م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ليزا لندكوي�ست� -إعداد وترجمة «البديل»:
جتمع �أكناف بيت املقد�س يف درعا
تتواجد يف النزاع ال�سوري احلايل عدد ال يح�صى من الف�صائل واملجموعات املقاتلة ،وتقوم و�سائل الإعالم الر�سمية واملعار�ضة بتقدمي روايات متناق�ضة عما يجري ،وال يقت�رص الت�ضارب يف الروايات الإعالمية على النظام واملعار�ضة ،و�إمنا �أي�ض ًا جماعات املراقبني ،والأمم املتحدة ،والإعالم الدويل ،والدول املختلفة ،الكل يقدم وجهة نظره اخلا�صة ،وبات من ال�صعب �أن نف�صل بني الواقعي واخليايل. يتحدث تقرير لوكالة فران�س بر�س عن حتالف ن�ش�أ منذ �شهرين يف اجلبهة اجلنوبية ،وقال �أن الت�شكيل اجلديد يتكون من � 30ألف مقاتل ينتمون �إىل 55 ف�صي ًال من اجلماعات املقاتلة جنوب البالد. و يهدف التحالف اجلديد �إىل التخفيف من املخاوف الغربية حول �إمكانية و�صول امل�ساعدات املقدمة من الغرب �إىل ف�صائل مرتبطة بتنظيم القاعدة، وو�صول الأ�سلحة �إىل املتطرفني ،كما يهدف التحالف اجلديد �إىل "توحيد الف�صائل التي تقاتل للإطاحة بنظام ب�شار الأ�سد ،والعمل على خلق دولة دميقراطية من �ش�أنها �أن حتافظ على حقوق جميع ال�رشائح و الأقليات" وذلك بح�سب ابراهيم اجلباوي، وهو عميد �رشطة �سابق وحتول �إىل متحدث با�سم التحالف. وقال اجلباوي �إن "هذه الف�صائل خا�ضت معارك كبرية �ضد قوات الأ�سد ،وحققت االنت�صارات". وتابع" :يف الأيام الأخرية على �سبيل املثال، مقاتلني من �أكرث من 16ف�صي ًال حرروا موقعا ا�سرتاتيجيا تابع ًا للواء ،" 61وهو اللواء امل�س�ؤول عن حرا�سة احلدود ال�سورية مع �إ�رسائيل. وقال �أبو املجد ،املتحدث با�سم لواء الريموك ،وهو �أحد �أقوى الأع�ضاء يف التحالف �إن اجلبهة كانت ن�شطة منذ ف�شل حمادثات ال�سالم يف جنيف يف
وقت �سابق هذا العام. اململكة العربية ال�سعودية ،واحدة من الداعمني الرئي�سيني لالنتفا�ضة �ضد الأ�سد ،لديها ت�أثري قوي على املتمردين يف اجلنوب ،حيث �أنها عملت مع الأردن للم�ساعدة يف توحيد الف�صائل املختلفة ، وفقا مل�صادر يف املعار�ضة ال�سورية. اجلباوي وغريه ي�رصون على �أن حتالفهم ال يوجد فيه مكان جلبهة الن�رصة ،وهو اجلناح ال�سوري لتنظيم القاعدة � ،أو لتنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش". وقال اجلباوي " :تعدد الف�صائل ال ي�ؤدي �إىل نتائج �إيجابية ،وهذا هو ال�سبب الذي دفعنا �إىل توحيد الف�صائل املعتدلة حتت مظلة واحدة" .و�أ�ضاف �أن "الن�رصة ،التي لديها ت�أثري حمدود يف اجلنوب ،لي�س لديها �أي دور يف اجلبهة اجلنوبية ،واجلماعات الإ�سالمية الأخرى يف اجلنوب حمدودة ولي�ست قوية" . امل�شكلة مع هذه الق�صة �أننا ن�شعر بالر�ضا بادئ الأمر ،خا�صة �أن كون املعتدلني هم النواة الأ�سا�سية لهذا التحالف ،لكننا� ،إذا دققنا قلي ًال يف جمريات الأحداث يف اجلبهة اجلنوبية نف�سها� ،سنكت�شف �أن وجود "الن�رصة" لي�س �ضعيف ًا ،كذلك القوى الإ�سالمية الأخرى ،مثلما هو الأمر يف جميع �أنحاء البالد ،ففي �شهر �أبريل /ني�سان املا�ضي �شنت الن�رصة واجلبهة هجوم ًا قوي ًا يف حمافظة درعا لب�سط نفوذها يف املحافظة ،و�أي�ض ًا يف القنيطرة. يف � 25أبريل /ني�سان املا�ضي � ،أفاد املر�صد ال�سوري �أن العديد من الف�صائل الع�سكرية الإ�سالمية مبا يف ذلك جبهة الن�رصة جنحت يف ك�رس احل�صار الذي دام عام ًا كام ًال على مدينة نوى ،و�أن الدور الكبري يف املعركة تولته "الن�رصة" ،وفر�ضوا �سيطرتهم على تل اجلابية ،مقر اللواء . 61
كما �أن القائد امليداين للجبهة الإ�سالمية قتل يف معارك مع قوات النظام لل�سيطرة على تل اجلابية ، وجاء يف بيان ن�رشته جبهة الن�رصة يوم � 26أبريل/ ني�سان املا�ضي �أنها قامت بتحرير تل اجلابية، وجاء يف البيان �أن املعركة خا�ضها "الأ�سود من جبهة الن�رصة مب�شاركة ف�صائل �أخرى". وبالتايل ف�إن ادعاء اجلباوي املتحدث با�سم اجلبهة اجلنوبية �أن 16ف�صي ًال من اجلبهة اجلنوبية قاموا" بتحرير موقع ا�سرتاتيجي تابع �إىل اللواء " 61يغفل احلقيقة احلرجة ،وهي �أن جلبهة الن�رصة والف�صائل الإ�سالمية دور كبري وحا�سم يف املعركة. تل اجلابية ميتلك �أهمية كبرية للنظام ال�سوري، حيث يتواجد فيه اللواء ،61وهو �أحد �أكرب �ألوية اجلي�ش ال�سوري ،وفيه حمطات ا�ستطالع وت�شوي�ش. �إن ت�أكيدات اجلباوي حول "الن�رصة" والف�صائل الإ�سالمية الأخرى ال ميكن ت�صديقها ،فنحن نعلم �أن لواء الريموك ،وهو �أحد الف�صائل يف التحالف اجلديد "اجلبهة اجلنوبية" كان قد تعاون يف �سبتمرب� /أيلول من العام املا�ضي مع "�أكناف بيت املقد�س" وهي جماعة جهادية متحالفة مع تنظيم القاعدة يف عملية هدفت �إىل ال�سيطرة على املعرب احلدودي بني درعا والأردن. ما نراه ،وما �سوف ن�ستمر يف ر�ؤيته ،هو ا�ستمرار القتال جنب ًا �إىل جنب بني الف�صائل املعتدلة والف�صائل الإ�سالمية ،على الرغم من كل الت�أكيدات الغربية على �أن الدعم لن يوجه �إال للمعتدلني ،فلي�س احلر�ص على حتديد من هو املعتدل بني الف�صائل الذي يحدد الواقع ،ولكن ،هذا ال يعني �أن الغرب ال يبحث عن ف�صائل حمددة يقوم هو بدعمها، كما حدث م�ؤخراً مع "حزم" التي تتلقى دعم ًا من الواليات املتحدة الأمريكية.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/11 )139م
ر�أي
04
تق�سيم املق�سم من �سايك�س بيكو �إىل الأ�سد فيكتوريو�س بيان �شم�س
بد�أت منذ فرتة ،وعلى خلفية احلرب الدائرة على الأر�ض ال�سوريةُ ،تطرح م�س�ألة م�صري �سورية املوحدة ب�شكلها احلايل على ب�ساط البحث .ويف ّ الطرح �إيحاء ب�أن امل�س�ألة قد ت�صبح واقع ًا فعلياً ،يف ظل عمليات "تران�سفري" ملناطق ب�أكملها ،وخا�صة بيتة لدى النظام مدينة حم�ص ،وحديث عن نوايا ُم ّ باالنكفاء �إىل "دولة علوية" كاجرتار مفل�س للتاريخ وحماولة لتكراره والعودة به �إىل العام 1922عندما ق�سم اال�ستعمار الفرن�سي �سورية �إىل خم�سة كيانات �سيا�سية ،فيما ُعرف بـ "االتحّ اد ال�سوري" وقتها، وتوحدت يف العام .1925يحدث هذا يف عادت ّ ظل و�ضع �إقليمي بالغ التعقيد ،وال يق ّل �سوءاً ،حيث ُق ّ�سمت ال�سودان بني �شماله وجنوبه يف العام 2011 بالفعل ،والق�صة مل تنته ،فدارفور م�شكلة �أخرى تواجه ال�سودان ،فيما بد�أت تعلو �أ�صوات بع�ض املطالبني مبنحها اال�ستقالل ،مثل ح�سن الرتابي .عدا عن النوايا بتق�سيم اليمن �إىل �ستة �أقاليم .وممار�سات مق�سمة بني توحي �أي�ض ًا ب�أن ليبيا على الطريقّ ، �رشق وغرب .ف�ض ًال عن �أن العراق ُفدرل بالفعل. متحركة تبدو اخلريطة ال�سيا�سية يف هذه املنطقة ّ ومتغيرّ ة ب�شكل دائم ،فهي حتت االحتالل العثماين �شيء ،وبعده �شيء �آخر .حتت االحتالل الفرن�سي �شيء ،وبعده �شيء �آخر .وال �شيء مينع تغيرّ ها بعد �أن ت�ضع هذه احلرب �أوزارها ،البل قد تكون احلرب �سبب ًا ومربراً لتق�سيم جديد ،يتماهى مع ما يح�صل مكم ًال ّ ّ يف املحيط القريب .فتق�سيم جديد ل�سورية� ،سينهي حقبة تاريخية كاملة متكاملة ،لتبد�أ �أخرى� .إذ ،من غري املعروف ما هو م�صري الأرا�ضي ال�سورية املحتلة، �سواء تلك التي يف اجلوالن� ،أو تلك التي يف ال�شمال حتت ال�سيطرة الرتكية منذ العام � ،1938أو حتى م�صري الالجئني الفل�سطينيني يف �سورية ،والذين �شرُ ّ دوا مع ال�شعب ال�سوري ،وعددهم يتجاوز الن�صف مليون. ومن املعلوم� ،أن �أي عملية تق�سيم ل�سورية �ستقوم
بال�رضورة على �أ�سا�س طائفي ،وامل�س�ألة لي�ست م�س�ألة "فدرلة" حتمي الأقليات كما قد يتبادر للذهن ،لأن منوذج العراق مازال ماث ًال ،ومازال م�ستمراً مل يتوقف حلظة واحدة. ال�رصاع فيه ّ الفدرالية ،هي عملية توحيد لكيانات �سيا�سية، بتوحدها ،تتنازل فيها هذه بتفرقها ،قوية ّ �ضعيفة ّ الكيانات للدولة الفدرالية عن �سلطاتها ال�سيادية الثالث� :ش�ؤون املال ،وحق �إ�صدار العملة ،والتمثيل اخلارجي� ،إ�ضافة لتخليها عن جيو�شها ل�صالح جي�ش واحد بقيادة الدولة الفدرالية .خري منوذج قدم يف التاريخ عن ذلك "الفدرالية الأمريكية" يف ّ العام ،1776والتي اعتمدت د�ستورها احلايل منذ العام .1787اتحّ دت ،فا�ستطاعت اال�ستقالل ،لتبني الهامة والكربى �أعظم قوة يف العامل� .أغلب الدول ّ يف �أوروبا فدرالية ،مثل �أملانيا ،وايطاليا ،واململكة امل ّتحدة ،وهولندا ،و�سوي�رسا ،والقائمة تطول. لكن الفدرلة ُتطرح يف بلداننا من زاوية �أخرى� ،أي من منطلق تفتيت الكيانات ال�صغرية ال�ضعيفة �أ�ص ًال ،حتى لو كانت هذه الكيانات مب�ساحة (10,000كم) ،مثل لبنان� ،أو (320كم) مثل غزة التي تبدو منف�صلة بالكامل عن �سلطة رام اهلل ،مع �أن م�ساحتهما جمتمعتني ال ت�ساوي ( )13%من م�ساحة فل�سطني التاريخية. وامل�شكلة التي تزيد الأمور تعقيداً� ،أن "املعار�ضة" ال�سورية تفتقد لأي ر�ؤية حول هذه امل�س�ألة� ،إذ يبدو جمرد ردود �أفعال على عملها وك�أ ّنه يف جممله ّ وح�شية النظام ،وطموحات بالو�صول لل�سلطة ب�أي �شكل من الأ�شكال .لكن هذا على �سوئه ال ُي�ساوي
احتمــــاالت التق�ســـيم مرتبطة بال�ضبــــــط باحتمـــاالت طــــول بقاء النظام
�شيئ ًا �أمام ممار�سات النظام وحلفائه" ،الوحدويني" منهم بالتحديد" .فاحلزب القومي ال�سوري" الذي يطالب بتوحيد دول و�أقاليم "الهالل اخل�صيب"، والذي �إ�ضافة �إىل �سوريا الطبيعية ،يعترب قرب�ص ابتداء من دجلة و�سيناء امل�رصية وغرب العراق ً جزءاً منها ،مل ي ُقم هذا احلزب بنقد واحد لأدائه مب�ؤازرة النظام يف عمليات القتل والتهجري ،على حت�سب ًا �إذا الأقل لرفع امل�س�ؤولية التاريخية عنه� ،أو ّ ما كانت "اخلطة ب" لدى النظام ،تقت�ضي تق�سيم البالد ما مل ت�ستقم له الأمور على كامل ترابها، برمتها .وق�س لأن �أي تق�سيم �سي�ؤ ّثر على املنطقة ّ على موقف هذا احلزب ،مواقف كل الأحزاب التي تدور يف فلك النظام ،من رافعي لواء القومية. يف بداية الأحداث ،كان النظام يرمي ا ّتهاماته على ال�شعب ال�سوري �رشق ًا وغرب ًا كيفما ا ّتفق ،يف حماولة لتلفيق النية بتق�سيم البالد ،قبل �أن تت�ش ّكل "املعار�ضة" ب�شكلها احلايل .فيما عبرّ م�س�ؤولون مرة عن خوفهم فرن�سيون رفيعي امل�ستوى يف �أكرث من ّ على الأقليات ،وبالتحديد امل�سيحيني .وعليه ،فقد حتم�س ًا ل�رضبة ع�سكرية للنظام كانوا �أكرث الأطراف ّ عندما ح�شدت �أمريكا �سفنها قبالة ال�سواحل ال�سورية يف �أوا�سط �آب ،2013 /لرت�سل فرقاطتها "�شيفالييه �رصح الرئي�س �رساً يف ال�رضبة ،فيما ّ بول" للم�شاركة ّ الفرن�سي عقب رف�ض "جمل�س العموم" الربيطاين بامل�شاركة�" :إن رف�ض جمل�س العموم للم�شاركة لن حترك متنا�سب ي�ؤ ّثر على موقف فرن�سا الداعي �إىل ّ ذكر بامل�شاركة وحازم �ضد دم�شق" .وهو ما ُي ّ الربيطانية الفعالة كقوة �أ�سا�سية يف احتالل العراق يف ني�سان ،2003 /والتي انتهت �إىل فدرلته بال�شكل الذي هو عليه اليوم .بريطانيا التي احتلت العراق يف العام ،1914وخرجت منه يف العام ،1947مل ُيعرف ما �إذا كانت عودتها نتيجة طموحات با�سرتداد م�ستعمرتها القدمية� ،أم من باب معرفتها مبخابئ و�أ�رسار هذا البلد .ما ينطبق على بريطانيا يف احلالة العراقية ،ينطبق على فرن�سا يف مثيلتها ال�سورية. معمق ،ال محُ ّرمات فيه، هذه م�س�ألة بحاجة لنقا�ش ّ ينطلق من �س�ؤال كالتايل :هل يدافع النظام عن حدود �سوريا التي ر�سمتها ا ّتفاقية "�سايك�س – بيكو" يف العام � ،1916أم لديه ر�ؤية �أخرى؟ .و�إن كان هذا، هكذا ،ما هي ا�سرتاتيجية "املعار�ضة" (بعيداً عن الف�صاحة واخلطابة) يف مواجهة هذا ال�سيناريو؟ لأن كل امل�ؤ�شرّ ات ،بالإ�ضافة ملمار�سات النظام ،و�صمت توجه نحو التق�سيم� ،أو ب�أح�سن "املعار�ضة"ُ ، تدل على ّ الأحوال حما�ص�صة على غرار النموذج اللبناين ،الذي بال�رضورة �سيالقي ترحيب ًا من الالعبني الدوليني يف �سوريا مبا هو �ضمانة لأمن الكيان ال�صهيوين .وحده ال�شعب ال�سوري مبا هو �صاحب امل�صلحة الأ�سا�سي، من ي�ستطيع �إف�شال هذا ال�سيناريو� ،رشيطة �أن يقوم بثورته الثانية على كل هذه ال�سيناريوهات ،والتي �سيكون �أ�سو�أها على الإطالق ا�ستمرار هذا النظام يف ال�سلطة ،لأن احتماالت التق�سيم ،مرتبطة بال�ضبط عمق ال�رشخ املجتمعي باحتماالت طول بقائه ،الذي ُي ّ �أكرث ف�أكرث.
05
ر�أي
العدد ( 2014/05/11 )139م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ب�شار الأ�سد مر�شح ًا وك�أن ال�سوريني مل يكتفوا! غازي دحمان
�أن ير�شح ب�شار الأ�سد نف�سه النتخابات جديدة ،فذلك له معاين �أبعد بكثري من �صفة االنف�صام عن الواقع التي و�صفه بها �سيا�سيون ومفكرون كانوا قد التقوا به يف الفرتة الأخرية� ،أو عاينوا جملة ت�رصفاته يف الآونة الأخرية ،فالواقع يقول �أن الرجل رمبا كانت لديه �أحالم ما يف الواقع امليداين ،كان يبعد اخلطر عنه �أو حتى ينفذ رغبات حلفاءه وم�شغليه� ،أو لرمبا ليزيد هام�ش امل�ساومة لديه بالتفاو�ض على خروجه و�أ�رسته �أمنا من �سورية مع بع�ض ال�ضمانات ،وهذه قد يح�صلها نتيجة اقتناع بع�ض الأطراف ب�أنه من الأف�ضل �إخراجه من ا�ستمرار قتاله والتفاو�ض معه على هذا الأ�سا�س. ح�سنا ،هذا الأمر كان ممكنا ،وحتى املعار�ضة ال�سورية نف�سها تهي�أت ملثل هذا االحتمال ،وكان ممكنا لب�شار الأ�سد �أن ي�ستخدم مادة د�ستورية من الد�ستور الذي �صممه بنف�سه ،والتي تن�ص على �أنه يحق للرئي�س متديد فرتة الرئا�سة ل�سنتني �إذا كانت الظروف غري منا�سبة لإجراء انتخابات رئا�سية ،وكان �سيكون براغماتيا بارعا لو فعل ذلك ،فهو ا�ستطاع املماطلة والتهرب من ا�ستحقاق جنيف ،وما ي�ستلزمه من ت�شكيل هيئة انتقالية ت�رشف على التح�ضري لالنتخابات الرئا�سية وملرحلة ال يكون للأ�سد دور فيها .ب�شار الأ�سد جتاوز هذا الأمر وهي�أ املناخ لقبول حالة التمديد التي بدت �أنها اخليار الأن�سب والأكرث واقعية للجميع ،خا�صة و�أن �أمريكا والغرب لي�س لديهم رغبة يف �إزاحة ب�شار الأ�سد نهائياً ،نظرا لعدم تبلور بديل وا�ضح. �أما �أن يتجاوز ب�شار الأ�سد كل هذه املعطيات ويتجه �إىل �إعادة انتخاب نف�سه فتلك م�س�ألة ترفع درجة التحدي �إىل مديات غري م�سبوقة ،ذلك �أن ب�شار الأ�سد لي�س طرف ًا براني ًا يف الأزمة ،كما �أنه يكاد ال ي�شبه �أحداً يف الأزمة ال�سورية ،هو حمور احلدث وجوهر و�صلب الق�ضية ،وهذه ال�صفات مينحها له طبيعة النظام ال�سيا�سي ال�شديد الرتكز حول �شخ�صية
الرئي�س ،والذي ال يكتفي غالبا بدور ووظيفة الرئي�س رغم �صالحياتها الوا�سعة� ،إذ جنده دائما ي�ستفيد من �أحزمة القوة التي تتيحها �صفات الزعيم والقائد، و�سواها من �صفات القوة تلك. كل الدالئل ت�شري �إىل �أن ب�شار الأ�سد ،ب�صفته تلك ،كان وراء كل �أمر �صغري فيما خ�ص عمليات القتل والدمار والتهجري ،الكثري من الوثائق جرى ت�رسيبها خال الفرتة املا�ضية �أو�ضحت مبا ال يدع جماال لل�شك ،ب�أن ب�شار الأ�سد كان يتابع بنف�سه كل عملية اعتقال وقتل واغت�صاب ،كانت حت�صل على الأر�ض ال�سورية ،ثمة بع�ض العمليات التي مل يكن على علم بتفا�صيلها، �أو مل يكن يعرف �أكرث عن حيثياتها ،وهي تلك التي كانت تقع يف قطاعات جرى ت�سليمها للجماعات ال�شيعية العراقية او جلماعة حزب اهلل� ،أو للمخابرات الإيرانية عموما ،هنا وبحكم عدم وجود عامل الثقة ف�إنه مل يكن يجري �إطالع ب�شار الأ�سد يف قطاعات املوت التي �سلمها ،على �شكل تعهد ،لإيران و�أذرعها. �إذاً ما الوعد الذي يحمله ب�شار الأ�سد ،ملا تبقى من �شعب �سورية؟ .مزيدا من اخلراب واملوت والت�رشيد، وهل هذه ال ميكن حتقيقها �إال �إذا �أخذت �صفة ر�سمية وطابع َا �رشعيا! ،الطغاة وقحون دائما ،املهم عندهم دائما ال�شكل اخلارجي للعملية ،بالن�سبة للنظام ، جمرد �إعالن �إطالق العملية وفق الأطر الر�سمية كان كافي ًا بحد ذاته ليغطي عن كل عيوب العملية� ،أمل ي�أتي ب�شار الأ�سد نف�سه اىل ال�سلطة وفق عملية �شكلية ركزت على تعديل واحدة من فقرات الد�ستور ،بغ�ض الب�رص عن الآلية التي متت بها واملناخ الذي رافقها والظروف التي �أنتجتها ،واالهم من كل ذلك ،طبيعة النتائج التي ترتبت عليها. كل قتيل وكل معاق وكل م�رشد من �سورية ،كل خمفي وكل معتقل يف �سورية هو ق�ضية بذاتها تنت�صب يف وجه مهزلة �إعادة انتخاب ب�شار الأ�سد. مل يح�صل يف تاريخ ال�سيا�سة �أن جرى �إعادة تدوير اجلرمية لتعيد �إنتاج �رشوط عملها اجلديدة� ،أي مبعنى
�إعادة تر�شيق اجلرمية ،ولكن هذه املرة وفق ا�شرتاط امل�ساهمة الفعلية لل�ضحايا يف �إكمال ِن�صاب اللعبة، والأهم �أنها يجب �أن تتمظهر على �شكل م�شهد مملوء بالرموز وال�صور امل�صممة جيدا لتعطي االنطباع الكايف عن العملية -العر�س ،واال�ستحقاق التاريخي، والدميقراطية التي فا�ضت عن الكيل ،والتي مل يوجد مثلها حتى يف الغرب نف�سه ،خمرتع الدميقراطية. لكن مه ًال ،ثمة �أ�سئلة كثرية تننت�صب يف وجه مثل هذا التزوير الفا�ضح ،من �أين لأي عملية انتخابية �أن جتري يف ظروف كهذه ؟ ،هل يكفي �إجراء العملية بالأ�شخا�ص املوجودين يف املناطق التي ي�سيطر عليها النظام؟ ،وماذا عن ماليني ال�سوريني امل�رشدين يف املخيمات وعلى احلدود ،هل �ستفقدهم العملية االنتخابية هويتهم ال�سورية ،على اعتبار �أن ما بعد االنتخابات لي�س كما قبلها ،وخا�صة على �صعيد الهوية الوطنية؟. لكن ال�س�ؤال الأهم هو ما يتعلق بامل�رشوع والربنامج االنتخابي لب�شار الأ�سد ،وما دامت هذه انتخابات تعددية ،فال �شك ان كل مر�شح �سيكون ملزما ب�رشح ف�ضائله وتعدداها و�إبرازها عن مناف�سيه الآخرين، حتى يت�سنى للنا�س انتخابها؟ ،الغالب ان ب�شار الأ�سد رجل من جن�س املالئكة ،هكذا يرى نف�سه ،وهكذا يراه م�ؤيديه وبيئته فال داعي ال�ستعرا�ض برامج انتخابية، الرجل ي�سطر بالدم والبارود والدخان والرباميل �أعظم م�أ�ساة على ج�سد �سورية ،فما احلاجة لأ�سطر من حرب؟. من امل�ؤكد �أن برنامج ب�شار االنتخابي �سيحتوي �ضمانات مل�شغليه الرو�س والإيرانيني ،وت�أكيدات ب�أنه �سيتابع امل�شوار الذي بد�أه بقتل ال�سوريني ،كما �أنه �سيعد �أن�صاره ومواليه ب�إنزال مزيد من الدمار والقتل بال�سوريني كي ي�شحذ هممهم ،ومينحهم دافع اال�ستمرار بت�أييده ،لكن ال�س�ؤال �أين ال�سوريني من كل ذلك؟ ،ماليني امل�رشدين ال رئي�س وال برنامج انتخابي وال عزاء.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/11 )139م
ق�ضايا
06
الإ�سالموية :الف�شل الأخالقي يف ممار�سة ال�سيا�سة حكم عاقل
رمبا كانت ال�سمة املميزة ملعظم البلدان املو�صوفة بامل�سلمة هو �ضعف املتطلب الدميقراطي .ويتوجب علينا بداية البحث عن �أ�سباب �ضعف هذا املتطلب يف الذهنية ال�سيا�سية الإ�سالمية نف�سها. فنقي�ض اال�ستبداد يف هذه الذهنية لي�س احلرية، بل ي�شكل مطلب العدل النقي�ض ملمار�سة اال�ستبداد، و امل�صطلح املتداول تراثيا هو " احلاكم العادل". ويكت�سب العدل مفهوما ف�ضفا�ضا �أكرث من كونه م�صطلحا حتدده هذه الذهنية بدقة� .إذ تتعامل الكتب الرتاثية مع م�صطلح "احلاكم العادل" من خالل تو�سيع دالالته لي�شمل ممار�سات �أخالقية عدة بدءا من متابعة �ش�ؤون الرعية مهما كانت �صغرية و�صوال �إىل حفظ احلرمات� .أما املعار�ضة لال�ستبداد فت�أخذ طابع ًا �أخالقيا �أكرث من كونها مطلبا دميقراطيا �أو احتجاج ًا من �أجل ممار�سة احلرية� .إذ يغدو �أخطر �أ�شكال اال�ستبداد هو انتهاك احلرمات :الدين ،العر�ض، املال ،النف�س...الخ ال وجود للدولة يف الذهنية ال�سيا�سية الإ�سالمية ،بل �إن املجتمع املثايل هو الأمة ،ويعبرّ عنها �سيا�سيا بالتوحيد ،وهو يف �أحد �أعمق معانيه يعني امل�ساواة، و�إنكار كافة التمايزات العرقية والطبقية .،فالتمايز لي�س معطى �سو�سيولوجيا بقدر ما هو خطيئة ،هكذا يبتعد ال�سيا�سي عن �أحكام الوجود لي�صبح حكم ًا قيمياً. واملفا�ضلة بني الأفراد يف املجتمع ال تقوم على �أ�سا�س الكفاءة ،بل على �أ�سا�س "التقوى"� ،أي االلتزام الديني «�إن �أكرمكم عند اهلل �أتقاكم». �إن اال�سالم مل يطور مفهوم ًا �سيا�سيا عن احلرية، فالعدل ال احلرية هو املتعلق بال�سيا�سي� ،أما احلرية فهي مطلب ميار�س يف �إطار احلياة ال�شخ�صية .حتى �أن الرواية ال�شهرية حول زجر عمر بن اخلطاب البن �أحد الوالة (عمر بن العا�ص) و�إطالقه مقولته ال�شهرية« :متى ا�ستعبدمت النا�س وقد ولدتهم امهاتهم �أحرارا؟» ومهما كانت تقدمية مبقايي�س ذلك الع�رص ف�إنها تبقى دون املفهوم ال�سيا�سي احلديث والأعمق للحرية .فاحلرية هنا ما اكت�سب بالوالدة ،فما كان لعمر �أن يحتج لو �أن املعتدى عليه هنا �أحد العبيد �أو املوايل ،ناهيك عن �أن الإ�سالم ا�ستبدل بتحرمي العبودية املعاملة الأخالقية
وحث على اعتاقهم �أخالقيا مع غياب احل�سنة للعبيد، ّ الت�رشيع امللزم لهذا الإعتاق .هكذا يهيمن املفهوم الأخالقي للحرية فتخرج من �إطار ال�سيا�سي. هذه الذهنية ال�سيا�سية الكال�سيكية ت�شكل �أحد املرجعيات للإ�سالموية املعا�رصة بحركاتها املتنوعة .فاليوم مل يعد هناك �أمة �إ�سالمية باملعنى التقليدي ،بل دول ،وهذا الت�رشذم من وجهة نظر �إ�سالموية هو خطيئة .وتبقى املهمة الأ�سا�سية هي �إعادة توحيد الأمة التي تعك�س وحدانية اهلل ،ومن هنا تلك النزعة العاملثالثية التي متيز احلركات الإ�سالموية املعا�رصة. فامل�صطلح املركزي يف الفكرة الإ�سالموية هو احلاكمية� .إن احلاكمية هلل و�شتان ما بني �رشع اهلل و�رشع الب�رش .فالقوانني الو�ضعية هي عبودية للب�رش من دون اهلل .واملجتمع الفا�ضل املثال هو الذي يطبق ال�رشيعة ،والو�صول اىل ال�سلطة هو ال�سبيل لهذا املجتمع �إما عرب الدعوة (ح�سن البنا) و�إما عرب اجلهاد ( �أبو الأعلى املودودي و�سيد قطب) .ويف كال احلالني، احلاكم امل�ستبد هو الذي ال يطبق �رشع اهلل� ،أما املجتمع اخلا�ضع للقوانني الو�ضعية فهو جمتمع غارق يف اجلاهلية لأنه ينكر �سلطة اهلل .وهذه اجلاهلية �أ�سو�أ من جاهلية ما قبل الإ�سالم ،ففي حني قامت الأوىل على اجلهل ،ف�إن اجلاهلية املعا�رصة هي مترد على اهلل .و اجلاهلية لي�ست حقبة زمنية ،بل هي عند قطب (معامل على الطريق) حالة متكررة يف كل مرة ينحرف فيها املجتمع عن الطريق الإ�سالمي يف املا�ضي واحلا�رض وامل�ستقبل. �إن الدعوة ك�أحد و�سائل الزحف نحو ال�سلطة تفرت�ض خلق مثال �إ�سالمي .فمن واجب الإ�سالموي �أن يحاكي �سلوك النبي حممد قو ًال وفع ًال� .إن هذا املثال هو يف النهاية لي�س �سيا�سيا بل �أخالقيا� .أما الهيكلية التنظيمية للحركات الإ�سالموية فهي �أبعد ما تكون عن �أن ت�شكل حزبا ،بل هي �أقرب �إىل املجتمع امل�ضاد. ومن هنا كانت هيمنة ت�سمية "اجلماعة" والتي هي يف الذاكرة اجلمعية الإ�سالموية ،مالذ للم�ؤمن بو�صفها نوعا من الهجرة الداخلية اتقاء من �رش �أعداء الإ�سالم. �أما اجلهاد فهو كما يرى املودودي« :كفاح ثوري
لال�ستيالء على ال�سلطة من �أجل خري الب�رشية جمعاء» ويبدو �أن مفهوم اخلري هنا ال يحمل معنى �سيا�سي ًا يحيله �إىل مفهوم امل�صلحة .واجلهاد الذي مل يرد ك�أحد �أركان الإ�سالم اخلم�سة �أ�صبح لدى الإ�سالمويني فري�ضة غائبة .وهو ال يكون على م�ستوى الدولة بل على م�ستوى الأمة .ف�ألوف ال�شبان توافدوا للجهاد من هنا وهناك �إىل �أفغان�ستان و�سوريا والعراق وغريها متجاوزين االعتبارات ال�سيا�سية والعرقية .وهو �أمر ال يتعلق بالنتيجة املتوخاة منه بقدر ما هو �أمر بني املرء وربه ولي�س بني املرء وعدوه. �أما التعددية احلزبية فهي مرفو�ضة لأن اخلالف يف الأمة يجب �أن يكون بني �أفراد� ،أما على م�ستوى الأمة فهناك الإجماع الذي ي�ضمن وحدتها .فالإجماع هنا هو الوجه الثاين لعملة الأمة التي ي�شكل التوحيد وجهها الأول. الإ�سالمويني الذين انتقدوا ذهنية العلماء التقليديني يف الإفراط يف الفقهية الأخالقية وعدم مباالتهم بال�سيا�سي� ،آل فكرهم لأن يغرق يف الناحية القيمية الأخالقية ،ومل يكن فكراً �سيا�سيا ،حقيقيا .وجتربة «الإخوان امل�سلمني» يف م�رص تربهن �أنه حتى حماولة تطبيق ال�رشيعة كانت م�ضادة ملنطق الدولة احلديثة، و�أدرك «الإخوان» عدم قدرتهم على �أ�سلمة املجتمع فاكتفوا بـ «�أخونة» الدولة� .أما �إ�صالح املجتمع فكان �إ�صالحا �أخالقيا و�شكلي ًا قبل كل �شيء ،فاحلجاب كان �أهم بكثري من ق�ضايا احلريات والتنمية والبطالة والفقر ،وحتى �أهم من جمموع ديون م�رص. الإ�سالموية يف حلظات عدة ال�سيما يف حلظات الف�شل وتعر�ضها للقمع ،متاهت مع تطرف احلركات اجلهادية ال�سلفية ،رغم الفارق يف تقبل الإ�سالموية للحداثة ب�شكل عام .ولكن كال االجتاهني �أ�صيب ب�إخفاق �سيا�سي وحتى �أخالقي ذريع .فلم تنت�رص الأمة ،ومل تفلح هذه احلركات يف ال�سيطرة على الت�رشذم التقليدي، فانت�رصت اخلطيئة ومنطق الدولة تارة والدويالت والإمارات (�سوريا – �أفغان�ستان -غزة) تارة �أخرى. وحتى يف �إيران التي حققت ثورتها الإ�سالمية نتائج ملمو�سة تخلت عن النزعة العاملثالثية ل�صالح التقوقع داخل حدود الدولة ،وخلف جدران جمتمع حمافظ.
07
عربي
العدد ( 2014/05/11 )139م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
�شباب ثورة يناير يخ�شون عودة القب�ضة الأمنية القاهرة« -البديل»:
تنظر قطاعات وا�سعة من ال�شباب امل�رصي �إىل التطورات التي �شهدتها ثورتهم �ضد نظام مبارك بكثري من الإحباط ،فالبع�ض يعتقد �أن الثورة مل حتقق �أهدافها التي �أعلنتها «عي�ش ،حرية ،عدالة اجتماعية» ،بل اجتهت الأمور نحو الأ�سو�أ ،فاملواجهة بني الع�سكر والإخوان �أفرغت الكثري من م�ضامني ثورة ال�شباب ،و�أبقت معادلة التغيري يف حالة ا�ستقطاب ،وال تظهر �أية مالمح جدية لنهاية هذا اال�ستقطاب. املحاكمات الأخرية يف م�رص �أفزعت الكثري من ال�شباب الذين �شاركوا يف ثورة 25يناير ،2011و�إن مل يكن ه�ؤالء ال�شباب من منا�رصي الإخوان ،لكنهم ي�شعرون بعودة القب�ضة الأمنية على البالد ،خا�صة بعد املحاكمات ال�رسيعة التي �أف�ضت �إىل �إ�صدار �أحكام بالإعدام على �شباب من «اجلماعة» ،و�إ�صدار �أحكام بال�سجن �ضد �شباب من حركة � 6أبريل.
من جهة �أخرى ،يرى بع�ض ال�شباب امل�رصي �أنه ال ميكن العودة �إىل الوراء ،و�أي حماولة من هذا النوع �ستكون كارثة حقيقية� ،إذ مل يعد ممكن ًا �إقناع النا�س بال�شعارات، «نحتاج �إىل خطوات ملمو�سة ،و�إىل م�شاركة حقيقية ،وال يبدو �أن هذا هو املنحى» ،بهذه العبارة يلخ�ص �شاب م�رصي ر�ؤيته للأحداث ،وهي ر�ؤية ي�شاركه فيها كرث من جيله ،وهم من ال�شباب الذي �شارك يف �إ�سقاط نظام مبارك ،لكنه ي�شعر اليوم بالتهمي�ش ،فقد عادت الكثري من الرموز �إىل الواجهة ب�شكل مبا�رش �أو غري مبا�رش ،كما �أن الإعالم امل�رصي مل يبارح حقبة مبارك ،ومل يحدث فيه �أي تغيري جدي ،وما زال اخلطاب هو نف�سه ،وهو ما �أ�صبح ي�شعر قطاعات وا�سعة من امل�رصيني ب�أن الأمل يف �أن يتحول الإعالم �إىل �إعالم لكل الآراء هو جمرد �رساب. ومع كل ذلك ف�إن احلركة املطلبية امل�رصية ما زالت
موجودة ،خا�صة �أن الوعود بتغيري �أو�ضاع العاملني قد ذهبت �أدراج الرياح ،وتعول احلركة املطلبية على تنظيم نف�سها لتكون قادرة على حتقيق مطالبها ،لكن كل هذه املطالب ت�صطدم بواقع اقت�صادي �صعب، وترهل الكثري من امل�ؤ�س�سات التي تفتقد �إىل �أية قدرات حقيقية لتح�سني البيئة املنا�سبة لتنمية الواقع امل�رصي، وافتقادها �إىل �أي خطط م�ستقبلية. ورغم كل امل�ؤ�رشات ال�سلبية �إال �أن احلراك ال�شبابي يحاول �إعادة تنظيم نف�سه ،وبناء قياداته ،وهو ما تعرب عنه الكثري من �أن�شطة هذا احلراك ،حيث يبدو الإ�رصار على موا�صلة الن�ضال من �أجل الدميقراطية ،وهو ما يعرب عنه �أحد قادة هذا احلراك بالقول« :م�رص ال حتتمل االختناق من جديد ،علينا �أن نفتح النوافذ ،و�إال ف�إن ما ينتظر البلد خطري».
فوز املالكي وم�ستقبل الدميقراطية يف العراق خا�ص «البديل»: ملن منح العراقيون �أ�صواتهم يف االنتخابات الربملانية العراقية؟ ووفق ًا لأية قناعات كان ت�صويتهم؟ وما هي الأولويات التي اختار من خاللها العراقيون كتلتهم ال�سيا�سية؟ .هذه الأ�سئلة وغريها تك�شف عن �أزمة الدميقراطية يف العراق ،ورمبا عن الأزمة البنيوية يف طريقة حكم العراق و�إدارته. توقعت الكثري من التقارير فوز نوري املالكي (ائتالف دولة القانون) بوالية ثالثة ،وعلى الرغم من عدم �صدور النتائج بعد� ،إال �أن الرتجيحات ت�أتي يف هذا املنحى الذي ي�ؤكد على �أن املالكي �سيمكث يف رئا�سة الوزراء لوالية جديدة. و�سبقت االنتخابات احلالية مواجهات بني اجلي�ش العراقي وتنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام يف منطقة الأنبار ،وحماولة املالكي االتفاق مع الع�شائر على التهدئة ،ويطمح املالكي من خالل ذلك
الت�أكيد على �إمكانية الدولة يف مواجهة الإرهاب. لكن ،وكما بات معروفاً ،ف�إن �أزمة احلكم يف العراق ال ميكن حلها من خالل الهروب �إىل الأمام ،وو�ضع ق�ضية الإرهاب يف مقدمة م�شكالت العراق ،فالقوى ال�سيا�سية واملجتمعية ما زالت �أ�سرية املحا�ص�صة الطائفية التي كر�سها الد�ستور العراقي ،ولي�س من املتوقع �أن تتغري املعادلة يف الأمد املنظور. �أحكم املالكي قب�ضته على الكثري من مفا�صل الدولة العراقية ،وحتديداً اجلي�ش العراقي ،كما �أ�سهمت االنتهازية ال�سيا�سية يف بناء حتالف قوي �ضد �أي �إمكانية لتغيري قواعد العمل ال�سيا�سي بعيداً عن الطائفية ،و�أكرث مالم�سة لهموم املواطن العراقي الذي يفتقد �إىل عدد كبري من اخلدمات يف �شتى املجاالت ،و�أولها الكهرباء. عراقيون كرث �أدلوا ب�أ�صواتهم مل�صلحة املالكي على قاعدة �أنه الرجل القادر على مواجهة التنظيمات
املتطرفة ،و�إعادة اال�ستقرار �إىل العراق ،كما حدث يف عام ،2008بعد عامني من االقتتال الأهلي (.)2007-2006 خا�ض املالكي خالل العامني �ألأخريين �رصاعات كبرية مع خ�صومه ال�سيا�سيني ،ومتكن من �إق�صاء العديد من املناف�سني ،وبنى العديد من الوالءات داخل �أجهزة احلكم ،وهي اليوم تعود تخدم طموحاته من خالل �صناديق االقرتاع ،لي�س لأن الدميقراطية ال�سيا�سية تفرز الأف�ضل ،بل لأن العراق ما زال يعاين من �ضعف النخب ال�سيا�سية ذات امل�رشوع الوطني اجلامع ،وهو ما ت�ؤكده خطابات القوى ال�سيا�سية التي تتناف�س على الطوائف واملكونات املذهبية والع�شائرية ،وميكن بهذا ال�ش�أن مراجعة خارطة القوى ال�سيا�سية ،ور�صد جذورها الطائفية امل�ؤ�س�سة لوجودها وا�ستمراريتها.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/11 )139م
الأخرية
08
الثقافة العربية و�صدمة امل�ستقبل د .عبداهلل تركماين
بداية ،يطرح واقع الثقافة العربية جمموعة ت�سا�ؤالت: ماهي م�شكالت الثقافة العربية ؟ وهل هناك تف�سري لأ�سباب هذه امل�شكالت ؟ وما هي التحديات اجلديدة التي تطرحها العوملة على الثقافة العربية ؟ وهل ن�ستطيع �أن نبلور �أ�سئلة حتدد �أجوبتها ا�سرتاتيجية ثقافية ؟ عر�ضت الثورات املعرفية والتكنولوجية لقد ّ واملعلوماتية العامل العربي ملا ي�سمى بـ «�صدمة امل�ستقبل» ،بكل ما تنطوي عليه من حتديات مت�س الكيان العميق للعرب .وتزداد الأخطار ت�أثرياً ب�سبب ما يعانيه الكيان العربي نف�سه من عوامل ال�ضعف املتمثلة يف انت�شار الأمية ،وتخ ّلف برامج الرتبية والتعليم عن حاجات املجتمعات العربية ومتطلبات الع�رص ،ونق�ص احلريات ،وانعدام امل�شاركة ال�شعبية احلقيقية والفاعلة ،وعدم �شمولية ال�سيا�سات الثقافية، و�ضعف ال�صناعات الثقافية ،و�سيادة الإعالم ال�سطحي. � ّإن النظام الثقايف العربي �ساهم� ،إىل حد بعيد ،يف �إبعاد العرب عن دائرة امل�شاركة الفعلية يف النظام الثقايف الكوين ،وجعلهم �أ�رسى الثقافة اال�ستهالكية. حول الثقافة الرتاثية �إىل قالع ُمغلقة ويف املقابلّ ، حتاول ت�سوير نف�سها خوف ًا من رياح التغيري ،وحتتمي وراء التقليد وترديد مقوالت ال�سلف ال�صالح. وال �شك � ّأن �أزمة الثقافة العربية هي جزء ال يتجز�أ من �أزمة الدولة الوطنية العربية من جهة ،وهي ،من جهة ثانية� ،أزمة بنية ثقافية عربية تندرج يف �إطار بنية اقت�صادية -اجتماعية متوارثة منذ عقود طويلة من الركود والت�أخر .مما ي�سمح لنا ب�أن نطرح ال�س�ؤال املقلق الذي �أثاره الأمري �شكيب �أر�سالن يف مطلع القرن الع�رشين :ملاذا تراجع العرب وتقدم غريهم ؟ وت�سا� َؤل عبداهلل العروي يف كتابه «الإيديولوجية العربية املعا�رصة» عن واقع الثقافة العربية ،وتف�سريه �أزمتها ب�أنها �أزمة وعي� ،أو بالأحرى �أزمة انعدام الوعي بواقعها اخلا�ص .على �أنه يف كتابه « مفهوم العقل» ال�صادر عام ،1996انتهى �إىل � ّأن �أزمة الفكر العربي
هي �أزمة الفعل يف منهجه العقلي� ،أو بالأحرى �أزمة انعدام الفعل� .أي � ّأن �أزمة الثقافة العربية املعا�رصة تتمثل يف اختالل العالقة بني الوعي والفعل ،بني الوعي املنقو�ص والفعل العاجز ،بني التوفيقية امللتب�سة وافتقاد القدرة على احل�سم ؟! املهددة املخاطر ويف زمن العوملة ،ف� ّإن طبيعة ّ للثقافة العربية ال تتعلق بعمليات العوملة وتداعياتها الثقافية وال�سيا�سية واالجتماعية ،بقدر ما تتعلق مبدى قدرة هذه الهوية الثقافية العربية على جتاوز �أزمتها، خا�صة ما يتعلق منها بالتنمية ال�شاملة وتو�سيع �إطار الدميقراطية ،وتعزيز م�ؤ�س�سات املجتمع املدين ،وتفعيل قيم احلوار والتعددية ،وقبول الر�أي والر�أي الآخر، َ وتوفري حرية البحث العلمي ،و�إن�شاء نظام تعليمي خمتلف عن النظم القائمة حالياً ،خمتلف يف مادته وفل�سفته ،يقوم يف الأ�سا�س على ت�أهيل و�إعداد كوادر تعليم عالية املهارات ،واحرتام عقل املتل ّقي ،وتوفري و�سائل متكينه من اال�ستيعاب الناقد للمعلومات والآراء و�إبداع الأفكار ،واخت�صار الزمن يف مناهجنا التعليمية ،و�إطالق العنان للطاقات ال�شابة يف كل املجاالت لكي تفكر وتبدع وتعزز ثقتها ب�إمكاناتها. وللخروج من هذه احلالة ال�ضعيفة للثقافة العربية، بد من الت�أكيد على خا�صة يف ظل ثقافة العوملة ،ال َّ ّ جمموعة جوانب مرتابطة للتغيري الثقايف ،الذي مي ّكننا من القطيعة مع الت�أخر واالنطالق �إىل م�سارات النمو والتحرر من املحنة العربية: والتنمية الذاتية، ّ ( - )1ثقافة الدور �أو الواجب احل�ضاري� ،أي �إحياء فكرة الإعمار التي هي من �أهم الأر�صدة الثقافية للح�ضارة العربية -الإ�سالمية ،مبا هي واجب الإن�سان يف الكون. خا�صة و� ّأن القول قد ح َّل حمل الفعل يف �أداء ر�سالة الدور احل�ضاري يف ثقافتنا العربية ،حني اطم�أن العرب �إىل دورهم يف املا�ضي ،فعكفوا على متجيده، دون الإ�ضافة �إليه. ( - )2ثقافة االمتياز والإجناز� ،إذ � ّأن الفائزين يف املناف�سة احل�ضارية هم َم ْن ي�سعون لتحقيق �أعلى
معدالت و�أرقى م�ستويات الأداء يف جماالت احل�ضارة املختلفة ،وبخا�صة جماالت الإنتاج واالقت�صاد. وتتطلب ثقافة الأداء واالمتياز الت�أكيد على معنى رئي�سي وهو � ّأن العامل قد هجر التفاخر بالأ�صل، والنوع ،والهوية ،وجعل القيمة احلقيقية الالزمة لالحرتام والهيبة هي الإجناز. ( - )3االنفتاح واملبادرة الإيجابية ،حيث � ّأن االنكما�ش واتخاذ موقف الدفاع حيال ما ي�سميه البع�ض بـ «الغزو الثقايف» هو ا�سرتاتيجية بائ�سة وفا�شلة متاماً، فلم تعد اال�سرتاتيجيات الدفاعية والف�صامية قادرة على �إنقاذ الذات احل�ضارية من الهزمية �أو التبعرث، و�إمنا �صار الأمل احلقيقي يف ال�صمود رهن ًا بالتعلم وا�ستيعاب واتقان ما لدى الآخرين من ر�صيد املعارف وفنون الإنتاج ،ثم يف الثقة بالذات وال�شعور بالواجب احل�ضاري ،و�إ�صالح �ش�ؤوننا الداخلية بعدما ف�سدت وتدهورت. ثمة �أهمية أعاله، � املو�صوفة املعطيات، من وانطالقا َّ كربى ل�صياغة ا�سرتاتيجية عربية للحوار مع الثقافات الأخرى ،مما ي�ستدعي القيام بدور نقدي مزدوج: اال�ستيعاب النقدي لفكر الآخر ،مبعنى املتابعة الدقيقة للحوار الفكري العميق الذي يدور يف مراكز التفكري العاملية ،ويف العوا�صم الثقافية الكربى .والنقد الذاتي للأنا العربية ،باعتبار � ّأن ذلك هو اخلطوة الأوىل يف �أي جاد. حوار ح�ضاري ٍّ وهنا تربز مهمة املثقفني بالتوجه �إىل احلداثة كهدف وككل متكامل ،مبا ينطوي عليه ذلك من تب ّني ل�سلطان العقل على النقل ،والف�صل بني الديني وال�سيا�سي، والتخ ّلي عن ال�شعارات والأوهام ،وفهم اجتاه احلقبة التاريخية املعا�رصة ،والدعوة �إىل التحديث ال�سيا�سي باعتباره املدخل احلقيقي لأي حتديث �آخر ،والدفاع عن املواطنة التي قوامها امل�ساواة بني املواطنني يف احلقوق والواجبات ،والتم�سك باحرتام احلق يف االختالف انطالق ًا من ن�سبية املعتقدات والقناعات.