Al badeel 139

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/05/11‬م‬ ‫العدد (‪)139‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/05/11 )139‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (139) 11/05/2014‬‬

‫ما بعد حم�ص‪� ..‬أبواب احللول املغلقة‬

‫خرج املقاتلون من حم�ص القدمية‪ ،‬ومتكن النظام من‬ ‫ب�سط �سيطرته على �أنقا�ض مدينة لها رمزيتها العالية‬ ‫يف حراك ال�سوريون من �أجل احلرية‪ ،‬و�أتى خروج‬ ‫املقاتلني كما بات معروف ًا عرب �إرادة �إيرانية بالدرجة‬ ‫الأوىل‪ ،‬وبعد ح�صار دام ‪ 700‬يوم للمدينة القدمية‪ ،‬ومل‬ ‫يعد مبقدور املقاتلني اال�ستمرار لفرتة �أطول‪� ،‬إذ انعدمت‬ ‫من الناحية الع�سكرية �أية �إمكانية جدية لفك احل�صار‬ ‫عنهم‪.‬‬ ‫لكن الأ�سئلة التي يح�رض حتت وقع هذا احلدث كثرية‪،‬‬ ‫ومنها ‪ :‬ماذا بعد �إحكام النظام �سيطرته على حم�ص؟‬ ‫هل �سيتقدم نحو حلب ونحو �إدلب‪ ،‬مب�ساندة احللفاء‬ ‫من حزب اهلل والف�صائل العراقية؟ وماذا يعني لو‬ ‫ب�سط النظام �سيطرته من جديد على كامل اجلغرافيا‬ ‫ال�سورية؟‪.‬‬ ‫الكارثة ال�سورية جتاوزت ال�رصاع على اجلغرافيا‪ ،‬فلو‬ ‫افرت�ضنا جد ًال �أن النظام �سيتمكن من ب�سط �سيطرته‬ ‫على كامل اجلغرافيا ال�سورية فهل لنا �أن نتخيل‬ ‫�إمكانية �أن يحكمها من جديد‪ ،‬وما ينطبق على النظام‬ ‫ينطبق على �أي قوة �أخرى من الف�صائل امل�سلحة‪� ،‬إذ‬ ‫يبدو �رضب ًا من �رضوب اخليال توليد حكم جديد لكامل‬ ‫الأر�ض ال�سورية من دون توافق ال�سوريني �أنف�سهم‪ ،‬ومن‬ ‫اخليال �أي�ض ًا ت�صور �أية فر�صة لدولة حتكم مركزي ًا من‬ ‫دم�شق‪ ،‬لقد بات هذا الأمر من املا�ضي‪ ،‬والتم�سك به‪،‬‬ ‫يعني الإجهاز فعلي ًا على ما تبقى من �سورية‪ ،‬ويبدو‬

‫وا�ضح ًا �أن هناك من ال يريد �أن يفكر بغري هذه الطريقة‪،‬‬ ‫�أي تدمري �سورية دون �أي �إح�سا�س مب�س�ؤولية جتاه‬ ‫م�ستقبل البالد‪ ،‬ووقف الكارثة عند احلد الذي �آلت �إليه‬ ‫من معطيات‪.‬‬ ‫�إ�رصار النظام على احلل الع�سكري مل يعد خيار النظام‬ ‫ال�سوري‪ ،‬لقد بات �إ�رصاراً من احلليف الإيراين على‬ ‫ا�ستثمار الكارثة ال�سورية �إىل �أبعد حد ممكن‪ ،‬ووفق ًا‬ ‫ملنطق الأوراق التي ميكن �أن تزيد من قدراته على‬ ‫التفاو�ض مع الغرب‪ ،‬لي�س فقط على ملفه النووي‪،‬‬ ‫وحدود التخ�صيب‪ ،‬وما �إىل هنالك من ق�ضايا تقنية‪،‬‬ ‫بل مفاو�ضات على موقع �إيران امل�ستقبلي يف جممل‬ ‫ق�ضايا ال�رشق الأو�سط‪ ،‬ويف جممل امل�صالح التي‬ ‫تت�ضمنها املنطقة‪ ،‬خا�صة يف جمال النفط والغاز‪.‬‬ ‫الإيرانيون‪� ،‬أي�ضاً‪ ،‬مل يعودوا فقط خلفاء للنظام‪� ،‬إنهم‬ ‫على الأر�ض‪ ،‬وهو ما ت�ؤكده جمموعة من الوقائع‪،‬‬ ‫ولي�ست مفاو�ضات خروج املقاتلني من حم�ص �إال‬ ‫�إحدى تلك الدالئل‪ ،‬وهم لن ي�سمحوا من حيث املبد�أ‬ ‫ب�أي وقف للنزيف ال�سوري دون �أن يكونوا مكون ًا‬ ‫رئي�سي ًا يف �صياغة �أي حل م�ستقبلي ‪ ،‬و�أن ي�ضمنوا‬ ‫م�صاحلهم اال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫باملقابل‪ ،‬ف�إن الأطراف الإقليمية والدولية لي�ست‬ ‫جاهزة بعد لأي حل يف �سوريا‪� ،‬إذ من غري املتوقع‬ ‫�أن يتوقف اال�ستثمار الإقليمي والدويل يف امل�أ�ساة‬ ‫ال�سورية قبل �إن�ضاج جملة من التفاهمات بني الأطراف‬

‫ح�سام مريو‬

‫املنخرطة يف الأزمة‪ ،‬وما زال من املبكر التكهن فيما‬ ‫�إذا كان ال�رصاع �سينتهي �إىل تفاهمات من بينها امللف‬ ‫ال�سوري‪� ،‬أم �أن ال�رصاع الإقليمي �سي�ستمر‪ ،‬وت�ستمر معه‬ ‫الأزمة ال�سورية يف ف�صول جديدة‪.‬‬ ‫وحدهم ال�سوريون يدفعون الثمن يف دراما ال تبدو‬ ‫مالمح نهايتها قريبة‪ ،‬بل هي مر�شحة للمزيد من‬ ‫امل�أ�ساوية‪ ،‬خا�صة �أن الأطراف ال�سورية من نظام‬ ‫ومعار�ضة مل تعد تقرر �سري الأحداث وتطورها‪ ،‬لكنها‬ ‫مرغمة على ا�ستكمال دورها يف هذه اللعبة القاتلة‪.‬‬ ‫لقد بكى �سوريون كرث خروج املقاتلني من حم�ص‪،‬‬ ‫وخون البع�ض الف�صائل املوجودة يف �أماكن �أخرى‬ ‫ّ‬ ‫لتخاذلها عن م�ساندة مقاتلي حم�ص‪ ،‬وهو ما يذكر‬ ‫فعلياً مبا جرى يف الق�صري والقلمون �سابقاً من تبادل‬ ‫لالتهامات‪ ،‬لكن امل�س�ألة مل تعد خ�سارة قوى "الثورة"‬ ‫�أمام ميلي�شيا نظام‪� ،‬إنها م�س�ألة ان�سداد �أفق �أمام بزوغ‬ ‫عوامل حقيقية ميكن البناء عليها حلل �سوري‪� -‬سوري‪،‬‬ ‫وما يجب الت�أثر به وجداني ًا و�أخالقي ًا ووطني ًا هو‬ ‫عدم قدرتنا ك�سوريني على بناء حلول حتفظ �سوريا‬ ‫من الدمار‪ ،‬ومتهد الطريق �أمام معاجلة �آثار املرحلة‬ ‫املا�ضية‪ ،‬وامل�ضي نحو م�ستقبل جديد‪.‬‬ ‫باخت�صار‪� ،‬إن ما جرى يف حم�ص ي�ؤكد على �أن �أبواب‬ ‫احللول ما زالت مغلقة حتى �إ�شعار �آخر‪ ،‬لكن امل�شكلة �أن‬ ‫مفاتيح احللول مل تعد يف �أيدي ال�سوريني‪ ،‬فهل ثمة من‬ ‫�سيعمل على ا�ستعادتها؟‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.