ájô```M 2014/05/4ádGó``Yم العدد ()138 áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/05/4 )138م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (138) 4/05/2014
م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا
ال�شك �أن القوى الإ�سالمية ،وعلى خمتلف تنوعاتها وتنويعاها ،راحت تكت�سب مع ع�سكرة االنتفا�ضة ال�سورية زخم ًا كبرياً على ال�ساحة ال�سورية ،لكن ،ثمة حتوالت كثرية جرت يف امليدان الع�سكري نف�سه ،خا�صة جلهة تعدد الف�صائل الإ�سالمية ،وتعدد مرجعياتها على تغيات يف العامل العربي مرتبطة كافة ال�صعد ،كما جرت رّ باملوقف العام من الإ�سالم ال�سيا�سي ،وهنا ميكن ذكر حالتني مهمتني ،الأوىل تتعلق مبجريات 30يونيو/ حزيران 2013يف م�رص ،و�إبعاد الإخوان امل�سلمني عن احلكم ، ،واحلالة الثانية تتعلق بالقرارات الأخرية التي �أ�صدرتها اململكة العربية ال�سعودية املتعلقة بالإخوان امل�سلمني والتنظيمات اجلهادية ،وما يتفرع عنها من قرارات تنفيذية. وتالياً ،ف�إنه من امل�رشوعية مبكان � ،أن يكون ال�س�ؤال حول م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا �س�ؤا ًال �أ�سا�سي ًا يف تق�صي ما ميكن �أن يجري من حتوالت الحقة يف امل�شهد ال�سوري ،ودور القوى الإ�سالمية يف حتديد مالمح هذا امل�شهد. بدا وا�ضح ًا �أن القوى الإ�سالمية مل تتمكن من حتديد مرجعية واحدة لعملها من جهة الأ�سا�س الفكري ،وظلت تقدم خطاب ًا �سيا�سي ًا �أ�سرية ال�شعارات الف�ضفا�ضة ،ومل ّ ميكن �أن يالم�س عموم ال�سوريني ،مبا فيهم املكون ال�سني� ،إذا جاز لنا نظري ًا (ولو على �سبيل املقاربة) �أن ن�صنف املكون ال�سني باعتباره كتلة جمتمعية �أو عقائدية �أو فكرية واحدة ،بل �أن قطاعات وا�سعة من
هذا املكون راحت تكت�شف التباعد املوجود بني الفكرة الأخالقية التي تعترب �أحد روافع القوى الإ�سالمية وبني املمار�سات الفعلية لهذه القوى ،والتي ن ّفرت -ب�شكل عام -الأو�ساط االجتماعية التي عملت فيها تلك القوى، خا�صة جلهة احتكار النفوذ� ،أو القيام مبمار�سات ال تن�سجم مع اخلط الإ�سالمي -االجتماعي املعتدل. وعلى رغم وجود نقاط قوة كثرية لدى القوى الإ�سالمية من توافر التمويل� ،إىل وفرة املنابر الإعالمية، والعالقات الإقليمية ،بالإ�ضافة �إىل عامل قوة �آخر متثل يف �ضعف �إمكانات التيارات املح�سوبة على اخلط الدميقراطي العلماين ،ومع ذلك ف�إن نقاط القوة تلك ،و�إن مكنتها على الأر�ض� ،إال �أنها و�ضعت الإ�سالم ال�سيا�سي على املحك العملي ،ومل يعد جمرد يوتوبيا حتمل اخلال�ص ،و�إمنا حالة قابلة للنقد ،بل للنق�ض ،انطالق ًا من ف�شلها يف اال�ستفادة من نقاط قوتها وو�ضعها يف خدمة الق�ضية الوطنية للثورة ،وغلبة عقلية اال�ستئثار الف�صائلي واحلزبي على عملها ،وهو ما دفع الف�صائل الإ�سالمية وما زال لال�شتباك فيما بينها بلغة التخوين والتكفري �أو بلغة ال�سالح ،كما راح الكثري من ال�سوريني يجدون �أن حتكم الف�صائل الإ�سالمية بالثورة هو �أحد �أ�سباب خروجها عن م�سارها ،وت�شتيت وحدة القوى ال�ساعية للتغيري الدميقراطي ،وهو ما برز يف غري م�ؤمتر للمعار�ضة (م�ؤمتر توحيد املعار�ضة يف القاهرة 2012 منوذجاً ،واالجتماع التح�ضريي مل�ؤمتر قرطبة يف ا�سطنبول ،ولي�س �أخرياً م�ؤمتر فيينا).
ح�سام مريو
�إن جزءاً ال يتجز�أ من خلل القوى الإ�سالمية يتمثل يف عدم التمييز بني امل�رشوع ال�سيا�سي للمكونات احلزبية وبني مفهوم الدولة ،ف�إذا كان امل�رشوع ال�سيا�سي لأي تنظيم هو حق فكري و�سيا�سي م�رشوع لأي جهة �سيا�سية �إال �أن الدولة يجب �أن تكون على م�سافة واحدة من كل امل�شاريع ال�سيا�سية ،كما ال يجب املطابقة بني مفهوم احلكومة -احلكم وبني ومفهوم الدولة. ويف ال�سياق نف�سه ،ف�إن تعاظم القوة لدى �أطراف �إ�سالمية جعلها تعتقد �أنه ميكن لها �أن تفر�ض ر�ؤيتها على باقي الأطراف ،وهو الأمر الذي �أدى عملياً� ،إىل جانب عوامل �أخرى� ،إىل �إ�ضعاف فر�صة ن�شوء متثيل حقيقي للقوى ال�سيا�سية ،يكون قادراً على خلق البديل املو�ضوعي للنظام. ال �شك� ،أن خطاب التيارات الإ�سالمية �سقط يف فخ ال�شعبوية ،ولهذا الأمر �أ�سباب كثرية ال ميكن التوقف عندها يف عجالة ،وحتتاج �إىل الكثري من البحث ،لكن موقع القوى الإ�سالمية الحق ًا �سيحتاج �إىل مراجعة دقيقة لهذا اخلطاب ،فعلى �ضوء هذه املراجعة �سيتحدد �إىل حد بعيد موقع الإ�سالم ال�سيا�سي يف م�ستقبل ال�رصاع يف �سورية ،كما �سيتوقف م�صري �سورية يف جزء كبري منه على طبيعة القوى الإ�سالمية املوجودة ،ف�إذا ما بقيت القوى الإ�سالمية الراديكالية هي �صاحبة الغلبة ف�إنه من غري املتوقع ا�ستقرار �سورية يف املدى املنظور، حتى لو �سقط النظام.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تقارير
العدد ( 2014/05/4 )138م
02
�سيطرة اقت�صاد احلرب على �سورية وخ�سائر مهولة ملجمل القطاعات خا�ص« -البديل»:
لي�س من ال�سهولة مبكان حتري الدقة حول اخل�سائر االقت�صادية التي منيت بها �سورية خالل م�سار الأزمة� ،إذ �أن �إمكانية القيام مب�سح ميداين للخ�سائر يبدو �رضب ًا من اخليال ،ومع ذلك ف�إن الكثري من الأبحاث والتقارير حتاول تلم�س مدى اخل�سائر ب�شكل تقريبي ،وذلك باالعتماد على ما هو متوافر من بيانات ميدانية ،وحماولة حتليلها ،وتقدمي مقاربة لها تخدم فعلي ًا �إمكانية بناء ت�صور لواقع اخل�سائر يف جممل الأن�شطة االقت�صادية ،بالإ�ضافة �إىل الأ�رضار الكارثية التي �أ�صابت البنى التحتية يف �سورية. وقد تابعت “البديل” يف ال�شهرين املا�ضيني بع�ض الور�ش التي تناولت يف جانب منها واقع االقت�صاد ال�سوري ،وهي ور�ش عمل �أقيمت يف غري عا�صمة �أوروبية ،وهدفت �إىل �إيجاد ت�صورات حول �إمكانية بناء م�سار �آخر موازٍ مل�سار املفاو�ضات الرئي�سي يف جنيف ،والذي يبدو بح�سب خمتلف التقديرات، ومنها تقديرات الأخ�رض الإبراهيمي املبعوث العربي الأممي ل�سورية� ،أنه �سيبقى معط ًال يف الوقت الراهن ،خا�صة بعد تراجع �أهمية امللف ال�سوري �أمام امللف الأوكراين يف العالقات الدولية. و�أ�شار اقت�صاديون �سوريون �إىل �أن الن�شاط ال�صناعي ت�أثر بن�سبة تفوق 60%مما كان عليه قبل مار�س� /آذار ،2011و�إىل هجرة حوايل 70 %من ر�أ�س املال ال�سوري �إىل اخلارج ،وتقل�ص االقت�صاد الطبيعي ب�شكل كبري ،و�سيطرة اقت�صاد احلرب يف مناطق النظام �أو املناطق التي خرجت عن �سيطرته على حد �سواء ،حيث يعي�ش كرث من ال�سوريني على عملهم يف ف�صائل وميلي�شيات و�أجهزة تابعة للنظام �أو املعار�ضة امل�سلحة ،وهو ما �أدى �إىل تراجع �أهمية املجتمع املحلي يف عملية
الإنتاج ،ومن غري املتوقع �أن تكون هناك تغيريات جذرية يف املدى املنظور ت�سهم يف تقل�ص اقت�صاد احلرب. كما �أكد خبري اقت�صادي عمل ل�سنوات طويلة يف م�ستوى رفيع يف الدولة ال�سورية �إىل �أن احتياطي النقد الأجنبي لدى النظام ال�سوري بات �أقل من ملياري دوالر ،ومن املتوقع نفاد هذا االحتياطي مع بداية عام .2015 من جهة �أخرى ،يجمع االقت�صاديون على �أن النظام ال�سوري متكن من اال�ستمرار اقت�صادي ًا ،لي�س فقط من خالل الدعم الرو�سي -الإيراين ،و�إمنا ب�سبب تناق�ص مهام الدولة ال�سورية جتاه مواطنيها ،وقلة اخلدمات املقدمة لهم ،وهو ما يقل�ص النفقات �إىل حد كبري ،ويخفف الكثري من الأعباء املالية على النظام ،وهو ما �أ�سهم يف تثبيت �سعر �رصف اللرية
ال�سورية �أمام الدوالر ،لكن ،من جهة �أخرى ،ف�إن القيمة ال�رشائية للرية ال�سورية تراجعت �إىل حد بعيد ،مع ندرة املواد يف ال�سوق ،واحتكارها من قبل عدد قليل من رجاالت النظام. ويف �سياق الواقع االقت�صادي الراهن ،ف�إن ال�س�ؤال حول م�ستقبل �سورية مل يعد مرهون ًا فقط بامل�سار ال�سيا�سي وم�آالته ،و�إمنا �أي�ض ًا بالواقع الراهن لالقت�صاد ال�سوري وما �شهده من حتوالت ،كما �أن امل�سار ال�سيا�سي نف�سه �أ�صبح رهن ًا بال�رصاع على احتكار املوارد من قبل النظام �أو ف�صائل املعار�ضة امل�سلحة ،ويعد قطاع النفط والغاز مثا ًال �صارخ ًا يف هذا الإطار� ،إذ �شهدت الأ�شهر املا�ضية �رصاع ًا كبرياً من قبل الف�صائل الحتكار النفط ،ووقوع حالة اقتتال داخلي للتحكم بهذا القطاع احليوي الذي يغذي ا�ستمرارها يف احلرب.
مقاتلو املعار�ضة ين�سحبون من عا�صمة الثورة “رويرتز”“ -البديل” :
قالت جمموعة مراقبة وحمطات تلفزيونية �إن ال�سلطات ال�سورية ومقاتلي املعار�ضة اتفقا يوم اجلمعة املا�ضي على وقف �إطالق النار ملدة 24 �ساعة يف احلي القدمي مبدينة حم�ص لل�سماح ملقاتلي املعار�ضة املحا�رصين باالن�سحاب من �آخر معاقلهم يف املدينة التي تقع بو�سط �سوريا. و�سيمثل االن�سحاب النهائي ملقاتلي املعار�ضة من املدينة التي ي�سميها ال�سوريون "عا�صمة الثورة" تقدم ًا مهما ذا مغزى لقوات الرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد قبل �شهر من االنتخابات الرئا�سية التي من املرجح �أن يعاد انتخابه فيها. وا�ستطاعت قوات الأ�سد بدعم من مقاتلني من حزب اهلل اللبناين ال�شيعي ومقاتلني عراقيني �شيعة �إجبار املقاتلني الأجانب على الرتاجع من حول دم�شق وو�سط �سوريا على مدى العام املن�رصم.
ومت �إجالء مئات املدنيني من و�سط حم�ص يف �أوائل فرباير� /شباط املا�ضي خالل وقف �إطالق نار لدواع �إن�سانية �أ�رشفت عليه الأمم املتحدة والهالل ٍ الأحمر .و�سمح ب�إدخال املواد الغذائية والأدوية للمنطقة املحا�رصة. وظل كثري من مقاتلي املعار�ضة هناك لكن يف ظل تفوق الطرف الآخر من حيث العتاد ووقوعهم حتت احل�صار تبدو فر�صهم يف ال�صمود على املدى البعيد �ضئيلة. وقال املر�صد ال�سوري حلقوق الإن�سان "ن�ص االتفاق على وقف اطالق النار وان�سحاب مقاتلي الكتائب اال�سالمية املقاتلة والكتائب املقاتلة من �أحياء حم�ص املحا�رصة باجتاه مناطق يف الريف ال�شمايل".
وتباينت �آراء �سيا�سيني ونا�شطني �سوريني حول االتفاق ،حيث ر�أى البع�ض �أن خروج املقاتلني من حم�ص القدمية كان نتيجة لتخاذل قوى وف�صائل املعار�ضة امل�سلحة التي مل تكرتث حل�صار املقاتلني، ومل متدهم مبقومات ال�صمود ،بالإ�ضافة �إىل "االئتالف الوطني" امل�شغول بق�ضاياه وخالفاته على ح�ساب الق�ضايا الرئي�سية يف الثورة ،والذي مل يكرتث لنداء املقاتلني املحا�رصين ب�رضورة �إيجاد م�ؤازرة لهم من قبل الف�صائل الأخرى املوجودة يف ريف حم�ص. كما اعترب �آخرون� ،أن االتفاق ينقذ �أرواح املقاتلني، وهو �أف�ضل بكثري من �أن يفقدوا �أرواحهم يف ظل عدم تكاف�ؤ القوة بينهم وبني قوات النظام وامليلي�شيات الداعمة لها.
03
ر�أي
العدد ( 2014/05/4 )138م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
مَ�سرَحة االنتخابات «الرئا�سوية» ال�سورية فيكتوريو�س بيان �شم�س
�أثارت بع�ض الأ�سماء التي ُ�أعلن عن تر�شّ حها ملن�صب رئا�سة اجلمهورية يف �سورية موجة عارمة من ال�سخرية يف الأو�ساط املعار�ضة ،و�سخط وتنديد وا�ستنكار يف الأو�ساط امل� ّؤيدة ،ثم فرح عارم بعد �إعالن ب�شار الأ�سد عن نيته يف الرت�شّ ح ،وك�أنهم كانوا خائفني �أن ال يفعلها� .إذ كيف يعقل �أن يجر�ؤ �أحدهم على مناف�سة ب�شار الأ�سد على هذا املن�صب ولو �شكلي ًا؟. للنظام ال�سوري ،كما غريه من الأنظمة العربية ،ال بل و "العامل ثالثية" �إن �صح الو�صف ،تو�صيف �سيا�سي �أكادميي يعتربها �أنظمة "رئا�سوية" ،لتمييزها عن "الأنظمة الرئا�سية" ،ومثالها الأبرز الواليات امل ّتحدة الأمريكية .هنالك ثالثة �أ�صناف �أخرى للأنظمة" :الأنظمة �شبه الرئا�سية" ،ومثالها فرن�سا. "الأنظمة الربملانية" ،ومثالها اململكة امل ّتحدة. "النظام املجل�سي" النادر ،ومثاله "الكونفيدرالية" ال�سوي�رسية. لهذه الأنظمة �أعراف ود�ساتري يف غاية العراقة، مثل بريطانيا التي تحُ كم من خالل "الأعراف الد�ستورية" امل�ستندة �أ�ص ًال على �أربعة ن�صو�ص بد�أت مع "املاغنا كارتا" يف العام ،1215ثم "الهابيا�س كورب�س" ،و"�رشعة احلقوق" ،و "عري�ضة احلقوق" .وهي ن�صو�ص و�ضعت ل�رضورات تبعد وتنظم العالقة بينه وبني التهديد عن �سلطة امللك، ّ رعاياه. � ّأما د�ستور الواليات امل ّتحدة الأمريكية الذي و�ضع يف العام 1784فال ي�شتمل �إال على ( )7مواد ال غري، ُع ّدلت ( )27مرة فقط منذ و�ضعه ،كان �أخرها يف العام ،1992ل�صعوبة عملية التعديل. بينما ُتعترب فرن�سا خمترب الد�ساتري لكرثة ما تن ّقلت بني الأنظمة امللكية واجلمهورية منذ ثورتها يف العام ،1789ف�أنتجت د�ستوراً يو ّزع ال�صالحيات التنفيذية بني رئي�س اجلمهورية ،والوزير الأول (رئي�س الوزراء)� ،أو ما ي�صطلح عليه" :نظام بر�أ�سني" .كان �آخر د�ساتريها يف العام ،1958 و�آخر تعديل عليه يف العام .2008
�أما �سوي�رسا ،فهي الدولة الوحيدة يف العامل التي تعتمد "الدميوقراطية املبا�رشة"� ،أي �أن النا�س جتتمع يف ميدان� ،أو قلعة لتنتخب م�س�ؤويل الدولة ب�شكل مبا�رش وبرفع الأيدي .هذه واحدة من �أهم مميزات هذا النظام الذي يحكم من جمل�س رئا�سي، يتكون من (� )4أع�ضاء ،مي ّثلون القوميات الأربعة ّ يف البالد ،ويحق لأي مواطن فيه اقرتاح تعديل �أي قانون �أو مادة يف الد�ستور� ،رشيطة جمع عدد معني من تواقيع ال�سكان .تن�ص املادة ( )25من د�ستوره املقر منذ العام 1874التي مازالت �سارية �إىل اليوم" :يحظر حظراً با ّت ًا ذبح احليوانات دون تخدير"!. �أنظمة عريقة ،و�ضعت �آليات �صعبة ومع ّقدة لعملية تغيري د�ساتريها ل�ضمان نزاهة احل ّكام، وللحفاظ على كياناتها ال�سيا�سية .كما �ضمنت عالقات متوازنة بني �سلطاتها الثالث ،الت�رشيعية، تتدخل واحدة والتنفيذية ،والق�ضائية .بحيث ال ّ باخت�صا�ص الأخرى �أو تطغى عليها. مييزها عن �أنظمتنا ،كاحلالة ال�سورية مث ًال. هذا ما ّ �إذ بعد وفاة الرئي�س ال�سوري الأ�سبق حافظ الأ�سد يف العام ،2000اجتمع "جمل�س ال�شعب ال�سوري" يف غ�ضون �ساعات لتعديل الد�ستور املقر يف العام ،1973والذي ُع ّدل ملرة واحدة قبل ذلك يف العام 1981ليجيز لرئي�س اجلمهورية و�ضع علم الدولة اجلديدُ .خ ِّف�ض عمر رئي�س اجلمهورية من (40 عام ًا) �إىل ( ،)34فنجحت �أول عملية توريث يف "الأنظمة اجلمهورية" يف العامل العربي (ربمّ ا كان عليهم حتديد تاريخ ميالده �أي�ض ًا!) ،ليتولىّ ب�شار الأ�سد �إ�ضافة �إىل رئا�سة اجلمهورية ،رئا�سة "جمل�س الق�ضاء الأعلى" ،والأمني العام "حلزب البعث"، والقائد الأعلى للقوات امل�سلحة� ،إ�ضافة �إىل العديد من املنا�صب الأخرى. �آنذاك ،اعرت�ض ع�ضو "جمل�س ال�شعب" منذر ووبخ املو�ص ّلي على ذلك ،فل ّفقت له ع�رشات التهمّ ، ب�أق�سى العبارات على امللأ لأن اجلل�سة كانت تنقل على الهواء ،عدا عن امل�ضايقات والتهم التي وجهت
له فيما بعد. جدير بالذكر هنا �أن جمل�س ال�شعب ينتخب على �أ�سا�س �أغلبي على م�ستوى املحافظة .وتهيمن التقدمية" على ( )70%من قوائم "اجلبهة الوطنية ّ مقاعده� ،أي �أن هام�ش الو�صول ملن هم خارج هذه القوائم (� )30%أو �أقل ،لأن "االنتخابات" جتري حتت �إ�رشاف الأجهزة الأمنية. بعد قيام الثورة يف العام � ،2011أقدم النظام يف العام 2012على تغيريات للد�ستور بدت وك�أ ّنها ُف�صّ لت على مقا�س ب�شار الأ�سد بالتمام والكمال، فا�شرتطت املادة (" :)85ح�صول املر�شّ ح على موافقة ( )35ع�ضواً من �أع�ضاء جمل�س ال�شعب". ه�ؤالء البالغ عددهم (� ،)250أي �أن املجل�س ي�ستطيع �أن ُير�شّ ح (� )7أع�ضاء فقط ،عدا عن �أن املادة نف�سها ت�شرتط "�إقامة املرت�شّ ح ملدة (� )10سنوات متوا�صلة يف �سوريا". الغريب هنا� ،أن "املعار�ضة" تتعامل مع هذا الواقع عب عن باالحتجاج ،ومبا يف�ضح ارتباكها الذي ُي رّ نية يف خو�ض غمار جتربة "االنتخابات" يف حزيران القادم ،وك�أن الثورة التي كان من نتائجها تدمري النظام لبنية املجتمع ال�سوري ،والتي حتتاج جبارة، �إعادة ترميمها ل�سنوات طويلة و�إمكانيات ّ وك�أنها قامت لتح�سني بع�ض ال�رشوط ال�سطحية، هذه ال�رشوط التي دغدغت طموحات البع�ض كالرئي�س ال�سابق "لالئتالف الوطني لقوى الثورة واملعار�ضة" �أحمد معاذ اخلطيب ،الذي ُر ِّوج له بحملة تر�شيح على مواقع التوا�صل االجتماعي، ليخرج ببيان رمادي يف � 3آذار املا�ضي على �صفحته ال�شخ�صية يف الفي�سبوك يقول فيه" :ال ميكن �ضمان االنتخابات �إال بوجود جلان مراقبة حيادية للت� ّأكد من نزاهتها" .الغريب ،هو ال�صمت املريب حيال ذلك من قبل �أقطاب "املعار�ضة". وهذا ما يت�ضارب مع مفهوم الثورة ب�شكل ت�صادمي ،فالثورة عملية تغيري �شامل ،تهدم القدمي ،لتبني على �أنقا�ضه اجلديد .ولي�ست بالقطع عملية ا�ستمرار للنظام نف�سه ،بذات الآليات مهما بلغت درجة حت�سينات قبحه .عدا عن �أن النظام يف توجت �سوريا هو عبارة عن بنية �أمنية مافيويةّ ، تتلخ�ص برمتها ّ برئي�س جمهورية� .أي �أن امل�س�ألة ّ يف ال�سيطرة الأمنية التي ظهرت للعامل �أجمع عندما واجهت احلراك منذ يومه الأول بالدموية التي �أو�صلت البالد �إىل ما هي عليه اليوم. هذا يعني �أن النظام ال�سوري ،ب�شكله احلايل ،عبارة تغيها لعبة عن منظومة �أمنية ،ال ُت�سقطها� ،أو رّ "دميوقراطية" �ساذجة ومك�شوفة .البل �أكرث من ذلك� ،أظهرت الأحداث ارتباطاته الأخطبوطية، ودوره الوظيفي �إقليمي ًا ودولي ًا .وبالتايل ي�ستحيل تغيريه ب�آلياته الد�ستورية نف�سها ،بل بن�سفه ب�شكل ناجز. وهو ما يعني من جهة �أخرى� ،أن عقلية "املعار�ضة"، متماثلة مع عقلية النظام الذي ُي�ص َّنف يف علم ب�سبب من تلك الآليات التي ال�سيا�سة بالـ "رئا�سوي" ٍ ت�سمح له ب�إعادة �إنتاج ا�ستبداده.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/05/4 )138م
حتليل �سيا�سي
04
ترتيب الواقع اجلغرايف والدميغرايف لدولة الأ�سد غازي دحمان
يتزامن �إعالن نظام الأ�سد عن نيته �إجراء انتخابات رئا�سية جديدة مع اكتمال ارت�سام خارطة جغرافية جديدة ت�ضمن جناح هذا اال�ستحقاق ،وا�ستيعاب مرتتباته ،مما يعني �أننا �أمام حالة ميكن و�صفها ب�صناعة �سورية جديدة ،يجري ت�صميمها وفق موا�صفات معينة و�رشوط م�سبقة ،وهذه حالة فريدة� ،إذ يجري تطوبع اجلغرافيا و�صياغة الدميغرافيا وقف قوالب وهند�سات م�سبقة الت�صميم، حالة مل حت�صل حتى يف ذروة الزمن الفا�شي يف �أوروبا ،والذي مثلته “الهتلرية” يف �أق�صى درجات عنفوانها. ال ي�ستطيع نظام الأ�سد العي�ش خارج �أطر �سورية الأ�سد� ،سورية ما مل تكنى بذلك ت�صبح بيئة معادية وجغرافيا ال لزوم لها ،وي�صبح دمارها �أو حرقها نتيجة طبيعية لهذا اخلروج ،لذا على الدوام� ،سعى الأ�سدين ،الأب واالبن� ،إىل تكييف الوقائع ال�سورية مبا يتنا�سب وحلمهما ال�سلطوي العائلي ،وقد �رصفا يف �سبيل هذا الأمر ما مل ي�رصفاه على �أي جمال اخر ،بل مبا يوازي ويفوق كل املجاالت الأخرى. وعلى الدوام كانت �سورية الأ�سد �أهم بكثري من �سورية الوطن و�أ�سمى وت�ستدعي �رشا�سة �أكرب يف الدفاع عنها من �سورية الوطن ،احتالل �إ�رسائيل جلزء من �سورية الوطن احتمل �أربعة عقود ومل يكن ثمة حاجة ال�سرتدادها ومل ي�شكل ذلك خطراً داهما، وخروج الأطفال وال�شباب مبظاهرات �ضد �سورية الأ�سد �أ�ستدعى ا�ستنفار كل الطاقات وحرق احلجر والب�رش دفاعا عن �سيادة �سورية الأ�سد. يف التطبيق العملي لذلك ،يك�شف م�سار احلراك العمالين لقوات النظام والأطراف امل�ؤيدة له، عن م�ساعي حثيثة لت�شكيل بنية �سورية جديدة، جغرافي ًا واجتماعيا ،يف ال�شكل ال تنطبق على حدود انت�شار الوطنية ال�سورية بحدودها اجلغرافية
ما بعد اال�ستقالل عن فرن�سا ،وبالتايل فهي بنية مفارقة للحالة التاريخية ال�سورية ،وتنذر بر�سم معامل جديدة لي�س ل�سورية وح�سب ،و�إمنا على امل�ستوى الإقليمي الأ�شمل� ،أما يف امل�ضمون فهي بنية خمتلطة ببعد وظيفي واحد يهدف �إىل �صياغة �سورية جديدة م�ؤيدة ومتما�سكة مقابل �سورية متمردة وم�شتتة. دولة النظام تلك لي�ست دولة طائفية على ما حاولت الكثري من التحليالت ت�سليط ال�ضوء عليه ،و�إن كانت تنطوي على �سيطرة ع�سكرية و�سيا�سية لطائفة مقابل تهمي�ش طوائف �أخرى ،فهي وفق املنظومة اجلغرافية التي يراد تكري�سها بها تبدو دولة ما فوق طائفية ،متجاوزة للطوائف وذلك ال�شتمالها على طيف وا�سع من املكونات ال�سورية ،او جميع املكونات التي تقع يف مدار هالل اجلغرافية امل�ستهدفة ،يف حني �أنها تبدو ذات طبيعة �أيديولوجية� ،سواء جلهة انطوائها على الفئات امل�ؤيدة لنظام احلكم� ،آو جلهة ارتباطها اجلغرايف والدميغرايف بال�رشايني االجتماعية وطرق املوا�صالت اخلا�صة مبا ي�سمى حلف املمانعة. من دم�شق جنوبا �إىل �شواطئ املتو�سط غرب ًا ،وما بينهما القلمون وحو�ض العا�صي ،ترت�سم دولة النظام ،املواقع اخلارجة عن هذه اخلريطة ال تعدو �سوى كونها ثغور �أو قواعد متقدمة للدفاع عن حدود هذه الدولة ،يف اجلنوب جلهة القنيطرة او درعا ،ويف الو�سط وال�شمال باجتاه �إدلب وحلب .جل الن�شاط والفعالية الع�سكرية لقوات النظام ترتكز يف هذه املناطق ،كما توجد هناك �أي�ضا �أكرث مواقعه الع�سكرية �أهمية� ،إ�ضافة لذلك تقع �ضمن هذه املنطقة �شبكة خطوط موا�صالته التي تربطه بحلف املمانعة� ،سواء عرب القلمون بجبال لبنان ال�رشقية وحليفه حزب اهلل ،او عرب ريف حم�ص ال�رشقي
الذي ي�صله بالعراق ،او من خالل املنفذ على العامل اخلارجي عرب موانئ البحر املتو�سط. غري �أن البعد الأيديولوجي يف حالة ال�رصاع القائمة ينطوي ،وهذه حقيقة واقعية ،على بعد مذهبي، بحيث ت�صادف �أن احلدود وطرق املوا�صالت التي تت�ضمنها دولة النظام ،هي �أي�ضا حدود الف�صل بني بع�ض املكونات يف املنطقة ،كما �أن طرق املوا�صالت تكمن �أهميتها اللحظية يف مدى �ضخها للقوة الب�رشية القادمة للدفاع عن النظام� ،سواء جلهة لبنان �أو العراق ،والأمر نف�سه ينطبق على حدود �سورية اخلارجة عن �سيطرة النظام ،ذلك ان وظائف طرق موا�صالتها هي ذات الوظائف ال�سابقة من حيث ا�ستخدامها كممر يعرب عليه املقاتلون امل�ؤيدون للثورة ،و�إن غلب على �أولئك القادمون انتماءهم ملكون مذهبي مقابل. و�إذا كانت دولة النظام ت�أخذ الكثري من تعيناتها وموا�صفاتها ،لي�س من ت�ش ّكلها وح�سب ،و�إمنا �أي�ضا من الت�ش ّكل الذي حتاول �صناعته يف املقلب املقابل، ف�إن هذا الت�ش َكل ال يبخل مبنحها مزيداً من املربرات و�أ�سباب ال�رشعية ،و�إذ تظهر دولة النظام �أكرث قدرة على االن�سجام ال�سيا�سي والتوا�صل اجلغرايف وكذا التما�سك الع�سكري ،ف�إن الكيان ،الكيانات ،املقابلة تنطوي على درجة عالية من التفكك ،بالأ�صل هي لي�ست نواة مل�رشوع دولة �أو كيان ،ال يف الربنامج وال يف املنهج ،كما تنطوي على حالة �رصاعية ب�سبب تنافر مكوناتها ،ف�ضال عن كونها تعني فيما تعني حالة من الفو�ضى الإقليمية ال�سلبية ،وهذه احلالة عمل النظام الذي احتكر ال�سلطة املركزية وموارد الدولة ال�سورية على تظهريها و�إبرازها باعتبارها ال�صفة الأبرز للمناطق اخلارجة عن �سيطرته ،وي�أتي هذا ال�سلوك يف �سياق جهده لإبراز حالة التمرد وتعميمها و�إلغاء ال�صفة الثورية ،وهو يف ذلك يعيد بناء جتربة �أنظمة �أمريكا الالتينية التي واجهت حركات مترد ،وخا�صة يف الأقاليم البعيدة عن املراكز والتي تنطوي على مكونات عرقية خمتلفة ،وظلت تلك الأنظمة حمافظة على �رشعيتها كما �أنها مل حتا�سب على ما ارتكبته بحق بيئات املتمردين ،تلك واحدة من وظائف ت�شتيت اجلغرافيا ال�سورية. تلك هي �سورية اجلديدة التي ي�سعى نظام الأ�سد اىل بناءها وتر�سيخها يف الواقعني الإقليمي والدويل، حدودها �صارت ظاهرة و�شبه معلنة� ،أما تثبيتها بحكم الأمر الواقع فهو ق�ضية ال تتجاوز مدتها تاريخ ح�صول االنتخابات الرئا�سية ،ف�سورية التي �ستنتخب باتت جاهزة .و�سورية هذه هي التي �ستنتخب بالروح والدم ،هي التي �ستربق للأ�سد ب�أن �سورية اختارتك مل يعد خيارك وال قرارك ،ما عليك �سوى تلبية النداء ،فالطغاة وقحون لدرجة �أنهم ال ي�أبهون كثريا مل�شاعر اخرى غري تلك التي تعظم �سياق جمدهم وطغيانهم ،ال ي�أبهون لالبتذال مهما زاد من�سوبه ،تلك بالأ�صل بيئتهم التي ينتع�شون يف ظاللها.
05
حتليل ع�سكري
العدد ( 2014/05/4 )138م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأهمية اال�سرتاتيجية والع�سكرية للجبهة اجلنوبية مو�سى القالب*
بعد �أ�شهر من اجلمود امليداين يف �سوريا� ،صدرت �سل�سلة من التقارير من وا�شنطن والقد�س وعمان واخلليج ت�شري �إىل وجود خطة �رسية جديدة يجري بذلها لفتح "اجلبهة اجلنوبية" �ضد نظام ب�شار الأ�سد .تتمحور اخلطة املقرتحة حول هدف توحيد جهود عنا�رص املعار�ضة املنق�سمة ،والذين غالب ًا ما يكونون من جمموعات املتمردين املعتدلني والعلمانيني قليلو الفعالية ،و�إمدادهم باملزيد من املال والأ�سلحة املتطورة والدعم اال�ستخباري. لقد بات وا�ضح ًا للعيان �أن جبهة حوران اجلنوبية �أخذت مت�سك بزمام املبادرة يف �إطار قوى املعار�ضة ال�سورية التي ت�ضغط على النظام من جميع اجلهات ،وذلك يف �إطار التقدم نحو العا�صمة دم�شق. عندما يرى املحللون اال�سرتاتيجيون والع�سكريون �أن اجلبهة اجلنوبية ومقرها درعا ،هي التي �سوف ت�صل قب�ضتها اىل قلب دم�شق قبل غريها ،ف�إن هذه الر�ؤية لها ما يربرها ،لي�س من منظور �أن لكل ثورة �رشارة ،و�أن �رشارة الثورة ال�سورية انطلقت فع ًال املنطقة اخلا�رصة اجلنوبية الرخوة للنظام ال�سوري، ال قو ًال من قبل �أطفال درعا ال�شجعان .ولكن من والقب�ضة احلديدية للمعار�ضة ال�سورية. منطلق �أن اجلبهة اجلنوبية لها ميزات ا�سرتاتيجية عربت املعار�ضة ال�سورية عن الأهمية اال�سرتاتيجية وع�سكرية غاية يف الأهمية وهي التي تق�ض والع�سكرية جلبهة حوران اجلنوبية من خالل ما م�ضاجع النظام. �أدىل به من عمان العميد املن�شق ابراهيم اجلباوي، الأهمية اال�سرتاتيجية م�ساعد قائد �رشطة حم�ص ال�سابق ومدير الهيئة تنبع هذه الأهمية من منطلق �أن املوقع اجليو ال�سورية للإعالم والناطق الر�سمي با�سم اجلبهة �سرتاتيجي ملنطقة حوران التي تخنق النظام اجلنوبية ان اجلبهة ت�أ�س�ست قبل نحو �شهرين وت�ضم من اجلنوب هو الأكرث ت�أثرياً يف ح�سم املوقف �أكرث من 55ف�صي ًال ثوري ًا م�سلح ًا يقدر تعدادها اال�سرتاتيجي املرتنح منذ �أكرث من ثالث �سنوات بحوايل 30الف مقاتل .م�ضيف ًا �أن الهدف من ل�صالح املعار�ضة .كما �أن هذه املنطقة ي�سهل �إن�شاء اجلبهة هو �إ�سقاط نظام ب�شار اال�سد �أو ًال ،ثم دعمها من الناحية اال�سرتاتيجية من قبل حلفاء االنطالق لإقامة دولة �سورية دميقراطية مدنية املعار�ضة يف منطقة اخلليج من خالل املوقف متعددة الأطياف ال�سيا�سية بحيث حتفظ حقوق االردين املحايد ن�سبي ًا والراف�ض لداع�ش والن�رصة .االقليات وجتد االر�ضية اخل�صبة للعي�ش الكرمي ُي�ضاف لذلك بعد منطقة حوران عن دائرة النفوذ امل�شرتك لكافة مكونات ال�شعب ال�سوري. الإيراين والعراقي املبا�رش املوايل للنظام ال�سوري ،متكن اجلي�ش احلر ميداني ًا من ال�سيطرة على مواقع ونفوذ القوى اجلهادية املعار�ضة للجي�ش احلر ع�سكرية مهمة تابعة للنظام ال�سوري يف درعا قرب واملعتدلني ،مقارن ًة باجلبهتني ال�رشقية وال�شمالية .احلدود مع الأردن ،مطلق ًا "ا�سم بركان حوران" على ردا ميداني ًا على �أعمال العنف من هذا املنطلق تعلق املعار�ضة ال�سورية �آما ًال عملياته التي جاءت ً كبري ًة على اجلبهة اجلنوبية التي �شكلت م�ؤخراً التي ترتكبها قوات الأ�سد �ضد املدنيني ال�سوريني زخم ًا ع�سكري ًا كبرياً ،وبعداً ا�سرتاتيجي ًا عميق ًا من وقوات املعار�ضة� .أكدت قوات املعار�ضة م�ؤخراً حيث ان اجلبهة اجلنوبية املمتدة من اجلوالن غرب ًا �أن ا�شتباكات عنيفة ح�صلت بني كتائب املعار�ضة حتى �أطراف �سهول حوران �رشق ًا ،ت�ضم مقاتلني من وقوات النظام يف بلدة "النعيمة" يف ريف درعا، ف�صائل ثورية م�سلحة معتدلة و�شبه موحدة� ،أخذت تزامنت مع ق�صف اجلي�ش احلر لكتيبة الرادار يف حتارب نظام الرئي�س ب�شار اال�سد يف جنوب البالد �إطار معركة "بركان حوران" .من �أهم النتائج بهدف فر�ض �سيطرتها على املنطقة قبل التقدم نحو الع�سكرية �أن اجلي�ش احلر �سيطر على بلدة "داعل" العا�صمة دم�شق. يف ريف درعا ،وعلى مقار ع�سكرية وعلى �رشيط الأهمية الع�سكرية يقع على طول احلدود بني �سوريا والأردن. تنبثق الأهمية الع�سكرية للجبهة اجلنوبية من وحدة لقد �ضمت اجلبهة اجلنوبية لوائي الريموك و�شهداء قوى املعار�ضة ال�سورية واعتدالها وتوازنها .وكذلك حوران ،وخا�ضت العديد من املعارك النوعية، �سهولة ح�صولها على �إمدادات ب�رشية وت�سليحية وحققت نتائج �إيجابية وانت�صارات ع�سكرية ولوج�ستية من اخلارج والداخل ال�سوري� .إ�ضاف ًة على قوات اال�سد على الأر�ض ال�سورية املحررة لقربها ميداني ًا من العا�صمة دم�شق ،حيث متثل هذه يف القنيطرة ودرعا وبقية املناطق يف جنوب
�سوريا .جت�سدت وحدة القرار اال�سرتاتيجي والتنفيذ الع�سكري منذ ف�شل جنيف 2 -حينما عقد �أكرث من 16ف�صي ًال م�سلح ًا العزم على حترير موقع ع�سكري ا�سرتاتيجي تتواجد فيه قيادة لواء " "61امل�س�ؤول عن حرا�سة ال�رشيط احلدودي مع منطقة الف�صل مع �إ�رسائيل .لعل من �أهم نقاط القوة يف اجلبهة اجلنوبية �أنها ال ت�ضم جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة ،مثل جبهة الن�رصة �أو مناف�سها تنظيم الدولة اال�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش". ذلك لأن الت�رشذم والفرقة يف جميع املناطق ال ي�ؤديان �إىل نتائج �إيجابية وانت�صارات ع�سكرية حا�سمة .هذا التوجه اجلديد املنطلق من اجلبهة اجلنوبية يعني توحيد جماعات معارِ�ضة معتدلة حتت ائتالف واحد ينبذ التطرف والفرقة يف �صفوف املعار�ضة ال�سورية .لقد انقلب ميزان القوة التكتيكي يف القطاع الغربي من جبهة اجلنوب ،ل�صالح قوات املعار�ضة بعد حترير تل اجلابية اال�سرتاتيجي ب�سالح غرفة عمليات الفاحتني ،ف�سقط �أخرياً اللواء " "61الذي يتمركز على قمته. يبدو �أن لدى اجلبهة ما يكفيها من الأ�سلحة اخلفيفة ،لكنها كبقية جبهات املعار�ضة ال�سورية تفتقر �إىل الأ�سلحة النوعية ،مثل �صواريخ الكتف للدفاع اجلوي ،وتلك امل�ضادة للآليات املدرعة، التي ت�ساعد يف �صد الغارات اجلوية وهجمات الدبابات لقوات النظام. ف�إذا ما حتقق هدف الت�سليح املتقدم ووحدة القيادة وح�شد القوة ف�إن اجلبهة اجلنوبية �سوف تكون قادر ًة على حترير جميع املناطق املحاذية للعا�صمة ،حيث بعدها �ستكون قواتها على �أبواب دم�شق.
*عميد متقاعد ،باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق للبحوث -دبي
العدد ( 2014/05/4 )138م ق�ضايا 06 االنتخابات الرئا�سية :امل�ضحك املبكي يف و�صف الواقع ال�سوري ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
حكم عاقل
يف �إحدى النكات "الفي�سبوكية" ي�رصح رامي خملوف �أنه م�ستعد للنزول عند خيار ال�شعب ال�سوري ليقبل �أن يكون ابن خال �أي رئي�س �سوري قادم! هكذا يعرب ال�سوريون كعادتهم بح�سهم الفكاهي وخفة دمهم عن واقع �أحوالهم وهواج�سهم وت�صوراتهم ،وعذاباتهم �أي�ضا. هو واقع احلال وامل�ضحك املبكي ،فب�شار الأ�سد لي�س رمزاً ل�شخ�ص بقدر ما هو رمز لزمرة �ضيقة من امل�ستفيدين واملتنفذين كانت �أ�ضيق من الوطن بكثري، بل حتى �أ�ضيق من الطائفة نف�سها .وا�ستمرار ب�شار الأ�سد يعني ا�ستمرارا لهذه الزمرة ،و�ضمانة ل�شبكة حتالفاتها وم�صاحلها الداخلية واخلارجية التي ن�سجتها عرب عقود، متحكمة مب�صري البلد بل حتى مبلفات املنطقة الأكرث ح�سا�سية. يعلم الأ�سد ومن حوله �أنه لي�س بحاجة ل�رشعية انتخابية طاملا امتلك النظام "�رشعية" الأمر الواقع .فيم�ضي يف م�سل�سل االنتخابات رغم �أنف �أ�صدقائه و �أعدائه معاً ،ليربهن للجميع مدى �سيطرته على الو�ضع ومدى ا�ستقرار �أركان نظامه ،وهو ما ميهد لعملية �سيا�سية حمتملة يف "جنيف ،"-3عادت رو�سيا للتذكري بها، وهذه املرة على �أ�س�س ومعطيات جديدة �أكرث رحابة مما فر�ض عليه يف "جنيف."-1 بعدما �ضمن الد�ستور املعدل وامل�ستفتى عليه جتريد العديد من ال�سوريني من "�سوريتهم"� ،ستمار�س املواالة "حقها" االنتخابي باختيار مر�شحها ب�شار الأ�سد بكل حرية� ،أما املناطق التي ال تخ�ضع ل�سلطة النظام وامل�صنفة معار�ضة �ستحرم من حقها يف مقاطعة االنتخابات ،وما عرف بالأكرثية ال�صامتة �ستخرج عن �صمتها جمربة لت�شارك يف االنتخابات كي ت�ضمن لها قطع �أو�صال املدن تذاكر العبور عرب حواجز النظام التي ُت ّ واملناطق� .أما املغرتبون من ال�سوريني الذين يفكرون بالعودة يف املدى القريب لزيارة وطنهم �سي�ضطرون لدفع ثمن رحلة �آمنة دون ت�أخري يف قاعات �أمن املطار �أو املراكز احلدودية. ك ّتاب وخمرجو الدراما االنتخابية ال�سورية واملنتجة هذه املرة حملي ًا يبدو �أنهم يعتنون بالتفا�صيل الدقيقة، فكان ال بد من عدد من املر�شحني حتى ال تتحول
االنتخابات �إىل ا�ستفتاء كما اعتاد امل�شاهد/ال�شعب ال�سوري ،ومبا �أنه ويف �أي عر�س دميقراطي ُترف�ض �أوراق مر�شحني ،وجدوا �أن اكتمال احلبكة يق�ضي ب�أن يتقدم م�سيحي ب�أوراقه �إىل املحكمة الد�ستورية مع �أن الد�ستور ين�ص على �أن دين رئي�س الدولة هو الإ�سالم .اال�ستحمار يبدو جزءا �رضوري ًا من احلبكة الدرامية. عموما ومنذ بدايته ،يتابع ال�سوريون هذا امل�سل�سل بحما�س �شديد .يت�ساءل بع�ضهم كيف جترّ�أ البع�ض فر�شّ ح نف�سه؟ البع�ض يرى فيه نوع ًا من الذكرى للتاريخ ال�شخ�صي للمر�شح �أو لتاريخ العائلة ،والبع�ض الآخر يجدها وقد متت بتوجيه من "فوق" .ي�شتد احلما�س حني يدور احلديث عن احلمالت االنتخابية للمر�شحني، ما هو برناجمهم االنتخابي؟ كيف �سيطرحون برناجم ًا يف وجه املر�شح الرئي�س احلايل والقادم؟ هل �سي�سمح لهم فعال بفر�ص مت�ساوية لت�سويق �أنف�سهم عرب و�سائل الإعالم الر�سمية و�شبه الر�سمية؟ هل �ستقام مناظرات تلفزيونية بني الأ�سد ومناف�سيه مثال؟ ما هي حجم االنتقادات التي قد يوجهها مر�شح ما ملناف�سه الأ�سد؟ هل �سيفلت هذا املر�شح من قب�ضة الأمن الحقا؟ هل �سيفوز �أع�ضاء جمل�س ال�شعب الذين منحوا التزكية ملر�شح خال ب�شار الأ�سد يف �أي انتخابات قادمة ملجل�س ال�شعب؟ هي �أ�سئلة عدة و�إن ات�سم بع�ضها باجلدية ف�إن بع�ضها الآخر ال يخلوا من ال�سذاجة �أحيان ًا ومن الفكاهة �أحيان ًا �أخرى. يف نكتة "في�سبوكية" �أخرى تظهر �صورة املر�شح ب�شار الأ�سد وهي حتمل عبارة "انتخبوا مر�شحكم لرئا�سة اجلمهورية" ويف �أ�سفلها �صور للمر�شّ حني الآخرين يظهر فيها كل مر�شّ ح وهو ي�شري ب�إ�صبعه نحو �صورة الأ�سد مع عبارة تقول "انتخبوا مر�شّ حكم لرئا�سة اجلمهورية"! ورمبا كانت الت�سا�ؤالت الأهم والأكرث جدية التي يطرحها ال�سوريون ،على �أنف�سهم على الأقل ،هي تلك التي تدور حول ما �سيحمله الربنامج االنتخابي للرئي�س الأ�سد ونظرته مل�ستقبل �سوريا ،ما هي وعوده االنتخابية؟ ما هي خطط الإ�صالح وما هي حدوده؟ وما هي احللول التي �سيطرحها للخروج من امل�أزق؟ هل �سيطرح جمدداً نظرية الع�صا ال�سحرية الغائبة التي طرحها حني ورث
احلكم للمرة الأوىل حني كان الإ�صالح �أي�رس �ألف مرة مما هو اليوم يف ظل �سيطرة نزعة "نيكروفيلية" (ال�شغف بالتدمري) عارمة؟ هناك نكتة كررها ال�سوريون يف كل مرة ُي�ستفتون فيها على رئي�س اجلمهورية ويح�صد امل�ستفتى عليه ت�سعات �أربع �أو يف حدودها� ،أن اجهزة الأمن ال�سوري تالحق تلك الن�سبة ال�ضئيلة التي رف�ضت متديد الوالية للرئي�س. هي نكتة طبعا لأن املفارقة فيها تكمن �أن اجلميع يعلم �أن هذه الن�سبة وهمية بقدر ما هي الن�سبة املقابلة ملفقة �أي�ضاً .لكن هذه املرة الو�ضع خمتلف فهي لي�ست ا�ستفتاء ،و�إمنا يفرت�ض �أنها انتخابات تعددية تجُ رى لأول مرة يف التاريخ ال�سوري .لذا حتى نكاتها �ستكون خمتلفة. حتى لو فاز ب�شار الأ�سد يف هذه االنتخابات بن�سبة تتعدى 90%من �أ�صوات امل�شاركني يف الت�صويت، فعليه ،من وجهة نظر منطقية و�إح�صائية ودميقراطية، �أن ي�ضمن م�شاركة �شعبية يف االنتخابات بن�سبة رمبا ال تقل عن اخلم�سني باملائة من �أجمايل من يجب �أن يقيدوا يف اجلداول االنتخابية حتى تكون تلك االنتخابات معربة نوع ًا ما عن �إرادة ال�شعب ال�سوري .فهل ي�ستطيع النظام �ضمان ذلك بعد �أن �أ�صبح ربع ال�شعب الجئ ًا ونزح وغيب مئات الألوف؟ ربعه الآخر وقتل و�أعتقل وخطف ّ رمبا لن يعدم الو�سائل يف �سبيل ذلك. املجتمع الدويل املنق�سم �إزاء الأزمة ال�سورية لن ي�ستطيع منع العملية االنتخابية ،وال املعار�ضة ال�سورية ت�ستطيع ذلك ،وهي املن�شغلة بتحالفاتها وانتخاباتها وا�ستقاالتها والرتاجع عنها ،ومبمار�سة ال�سيا�سة مع ال�سيا�سيني بدل ممار�ستها مع اجلمهور ال�سوري وتفا�صيل واقعه اليومي .وجل ما ميكنها فعله هو الطعن ب�رشعية االنتخابات قبل الطعن بنتائجها ،لتعجز جمدداً عن مد يد العون لل�سورين ،فت�ستمر حالة الف�صام بني املعار�ضة من جهة وبني الواقع امليداين والإن�ساين يف الداخل ال�سوري ،ويف خميمات الالجئني من جهة �أخرى، بل بني املعار�ضة وامل�ستقبل ال�سوري �أي�ضاً.
07
عربي
العدد ( 2014/05/4 )138م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
م�صر� :أحكام �إعدام لكوادر من «اجلماعة» وت�صاعد العنف مع اقرتاب اال�ستحقاق الرئا�سي القاهرة« -البديل»:
تت�صاعد �أعمال العنف يف مدن م�رصية بالتزامن مع اقرتاب موعد االنتخابات الرئا�سية امل�رصية التي �ستجرى يف 26و 27من ال�شهر اجلاري ،حيث �شهد يوم اجلمعة املا�ضي تفجريات عدة .و�أفاد م�صدر ر�سمي بوقوع قتيلني� ،أحدهما �ضابط برتبة مالزم �أول ،يف تفجريين يف العا�صمة ،بينما قتل جندي وجرح ثمانية �أ�شخا�ص يف تفجريين انتحاريني يف �سيناء. و�أدان جمل�س الوزراء امل�رصي يف بيان التفجريات ،وقال «تلك العمليات اجلبانة لن تزيد رجال القوات امل�سلحة وال�رشطة البوا�سل �إال عزمية و�إ�رصارا على ا�ستكمال معركتهم ال�رشيفة للق�ضاء على الإرهاب الأ�سود ومالحقة عنا�رصه الإجرامية و�إعادة الأمن واال�ستقرار». وتوقع مراقبون وباحثون �أن تزداد وترية العمليات تعر�ضت له االنتحارية يف م�رص ،وذلك على خلفية ما ّ جماعة الإخوان امل�سلمني منذ �إقالة حممد مر�سي ولغاية الأحكام الأخرية بالإعدام على عدد كبري من كوادر اجلماعة ،وخا�صة احلكم الأخري الذي ا�صدرتهمحكمة
جنايات املنيا جنوب القاهرة بالإعدام على مر�شد متهما جماعة االخوان امل�سلمني حممد بديع و682 ً �آخرين ،بتهم القتل وال�رشوع يف قتل �ضباط �رشطة ،يف �أحداث عنف اعقبت ف�ض ال�سلطات اعت�صام الإ�سالميني يف القاهرة يف �آب (�أغ�سط�س) املا�ضي ،والذي �أ�سقط مئات القتلى. وكانت الأحكام بالإعدام قد قوبلت برف�ض غربي وا�سع، وانتقاد منظمات حقوقية كثرية ،ور�أت �أن هذه الأحكام �سيا�سية بالدرجة الأوىل ،وتعك�س �سيطرة الع�سكر على الق�ضاء ،وتهدف �إىل �إزاحة الإخوان امل�سلمني من امل�شهد ال�سيا�سي ،متهيداً حلكم امل�شري عبد الفتاح ال�سي�سي. ويف الوقت نف�سه ،ف�إن فوز ال�سي�سي بات �أمراً حم�سوم ًا بر�أي املراقبني واملحللني ،و�أن حظوظ مناف�سه حمدين �صباحي تكاد تكون معدومة. لكن ،موجة الت�شكيك بقدرة ال�سي�سي وامل�ؤ�س�سة الع�سكرية على حل م�شكالت م�رص املتفاقمة يف ت�صاعد م�ستمر، �إذ �أنه من غري املرجح �أن يتمكن ال�سي�سي من معاجلة
الأزمة االقت�صادية التي متر بها م�رص ،خا�صة مع بطء الأن�شطة االقت�صادية ،وتراجع الكثري من القطاعات منذ ثورة 25يناير التي �أطاحت بالرئي�س ح�سني مبارك، وتوقف قطاع ال�سياحة ب�شكل �شبه نهائي. ويف ال�سياق ذاته ،ف�إن املعاجلة الأمنية لأزمة احلكم يف م�رص ،لن تكون كافية ،وهو ما �أكد عليه غري تقرير دويل� ،إذ �أنه جماعة الإخوان امل�سلمني تعر�ضت خالل تاريخها الطويل (�أكرث من ثمانية عقود) �إىل حاالت من االعتقال والإعدام طالت كوادرها ،وا�ضطرت للعمل ال�رسي ل�سنوات طويلة ،لكنها ظلت تتمتع بقدرة على البقاء يف خمتلف الظروف. من جهة �أخرى ،ف�إن قطاعات كبرية من ال�شعب امل�رصي تعاين من �أزمة اقت�صادية خانقة ،و�أعداد ال�شباب العاطلني عن العمل يف تزايد م�ستمر ،كما �أن جذب م�ستثمرين �أجانب يحتاج �إىل حالة من اال�ستقرار ال�سيا�سي والأمني ،وهو ما تعاين منه م�رص ب�شدة.
لبنان �أمام �سيناريو الفراغ يف من�صب الرئا�سة يواجه لبنان �سيناريو الفراغ الرئا�سي بعد �أن تعذر ت�أمني الن�صاب الربملاين املطلوب يف اجلل�سة الثانية النتخاب رئي�س اجلمهورية يوم الأربعاء املا�ضي ،وكانت جميع الكتل الربملانية قد ح�رضت اجلل�سة الأوىل ،والتي ح�صل فيها �سمري جعجع على 48 �صوتاً ،وح�صل فيها النائب هرني احللو مر�شح كتلة جنبالط على � 16صوتاً ،وما زال الف�شل يف التو�صل �إىل مر�شح توافقي متعذراً ،وهو ما يعك�س حدة الأزمة اللبنانية ،وعدم قدرة الأفرقاء ال�سيا�سيني على التوافق ،يف �أجواء �إقليمية ت�شهد �رصاعات كربى، ي�ضاف �إليها الأزمة ال�سورية ،وتدخل حزب اهلل �إىل جانب النظام ال�سوري. ودعا الرئي�س اللبناين مي�شال �سليمان �إىل جت ّنب الفراغ الرئا�سي ،و�إىل � ّأن يكون الرئي�س «�صناعة لبنانية» ،وقال � ّإن «تعطيل الن�صاب عمل غري دميقراطي تعطيلي» ،و�أ�ضاف يف كلمة �أمام �أع�ضاء ال�سلك الدبلوما�سي �ضمن فعاليات م�ؤمتر الدبلوما�سية الفاعلة برعاية وزارة اخلارجية يف ق�رص بعبدا ،يوم اجلمعة املا�ضيّ � ،أن «اال�ستحقاقات يجب �أن حت�صل
يف مواعيدها قبل انتهاء املهلة الد�ستورية وبالتايل «تدخل الدول مرفو�ض م�شدداً على � ّأن ّ جتنب الفراغ»ّ ، خ�صو�صا باالختيار ،ودورها يجب �أن يقت�رص على ت�شجيع اللبنانيني على �إجراء اال�ستحقاق مبوعده». و�أ�شار �سليمان �إىل �أ ّنه اتفق مع وزير اخلارجية جربان با�سيل على «تنظيم جمموعة �ضغط على البنك الدويل مل�ساعدة لبنان» ،وقال «�سيا�ستنا هي حتييد لبنان عن ال�رصاعات ولي�س الن�أي بالنف�س �إنمّ ا هذا معي» ،ودعا �إىل «متكني اجلي�ش القرار جاء يف ظرف نّ من احل�صول على ال�سالح الذي يكفي كي يكون امل�س�ؤول عن ال�سالح ،وهذا يجب �أن يتم بخطوة �إقرار اال�سرتاتيجية الدفاعية» ،الفت ًا �إىل �أنه «بالتعاون مع املجتمع الدويل ميكننا ح�رص ال�سالح بيد اجلي�ش و�إقرار اال�سرتاتيجية الدفاعية التي تنظم ا�ستعمال املقاومة لل�سالح» ،و�إىل «�أن هناك قراراً دولي ًا بنزع ال�سالح من املجموعات امل�سلحة وا�ستعماله ب�إدارة الدولة» ،وداعي ًا �إىل «�ضبط النزوح ال�سوري واحلفاظ على اللبناين �أو ًال» ،وقال« :نرف�ض التوطني الفل�سطيني ومن بعده ال�سوري ومتم�سكون مببادرة
ال�سالم العربية ،وعلى �سوريا عدم املوافقة على تدخل �أي طرف لبناين ب�ش�ؤونها . ودعا �سليمان �إىل «مراجعة» االتفاقات املعقودة مع �سوريا ،كما دعا دم�شق �إىل رف�ض تدخل حزب اهلل �أو غريه على �أر�ضها ،وقال« :يجب �إعادة النظر باالتفاقات التي �أبرمت قبل التبادل الدبلوما�سي»، م�شرياً �إىل «تعار�ض بني دور ال�سفري ودور الأمني العام للمجل�س الأعلى اللبناين ال�سوري ،و�إىل وجوب «النظر ب�أمور �أخرى» . من جهة �أخرى ،ر�أى رئي�س احلكومة متام �سالم �أن «لبنان ال يزال يت�أثر مبحيطنا العربي والإقليمي الذي يت�أثر بدوره بالواقع الدويل ،ونحن ن�شهد للأ�سف و�ضع ًا غري مريح �إقليمي ًا ودولياً ،وهذا يتطلب منا املزيد من الت�ضامن والتوحد ،فهناك جزء من �أرا�ضينا ما يزال حمت ًال ،وهناك عدو «�إ�رسائيلي» مرتب�ص بنا ويهددنا من حني لآخر بو�سائل وطرق خمتلفة� ،أما الو�ضع يف �سوريا فهو م�أ�ساوي ومزعج وينعك�س علينا �إن كان على م�ستوى النازحني �أو على امل�ستوى ال�سيا�سي.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأخرية
العدد ( 2014/05/4 )138م
08
�إ�شكالية العالقة بني الثقايف وال�سيا�سي يف العامل العربي د .عبداهلل تركماين
لوحة للفنان ال�سوري يو�سف عبد لكي اليخفى على كل ذي ب�رص وب�صرية � ّأن العجز العربي الذي بدا وا�ضح ًا يف ال�سنوات الأخرية يعود �إىل �أ�سباب عديدة تغور يف �أعماق الأو�ضاع االقت�صادية واالجتماعية وال�سيا�سية والثقافية العربية ،ويبدو � ّأن من �أهم هذه الأ�سباب العالقة اخلاطئة بني امل�ستويني الثقايف وال�سيا�سي� ،أو القطيعة العميقة بني �أ�صحاب الر�أي و�أ�صحاب القرار. ويعك�س هذا الو�ضع �أزمة خطرية يف احلياة العامة، فهو ال ي�شري �إىل انعدام التوا�صل بني النخب العربية املختلفة التي يتوقف على تفاهمها حتقيق الأهداف الرئي�سية للمجتمعات و�صوغ الر�أي العام فح�سب ،ولكنه يطرح �أ�سئلة كثرية حول �أ�سلوب بناء حد ال�سيا�سات العربية ذاتها .فهو يعك�س �إىل � ِّأي ٍّ ي�ؤدي عدم التوا�صل بني النخب الثقافية والنخب ال�سيا�سية �إىل تفريغ ال�سيا�سة ذاتها من حمتواها، مما يعني �أنها �سيا�سات تقت�رص على التلم�س الذاتي الإرادوي للأو�ضاع وامل�شاكل واحللول وال تقوم على �أ�س�س �سليمة من التفكري املو�ضوعي ،وتفتقر بالتايل للر�ؤية البعيدة وال�شاملة. ويبدو تباعد الثقايف وال�سيا�سي �أمر واقع ،ب�سبب � ّأن املثقف يحمل قيم احلق واخلري والعدل ويتطلع �إىل امل�ستقبل ،يف حني � ّأن ال�سيا�سي �سكوين يعي�ش احلدث الآين مبعزل عن �سياقاته و�آفاقه امل�ستقبلية. وبالرغم من هذا الأمر الواقع ،كلما انتهى م�رشوع عربي �إىل ف�شل ،جتد كثرياً من �أ�صابع االتهام ت�شري �إىل املثقفني لتلقي على عاتقهم وزر الف�شل، وجتعل منهم ال�سبب الأ�سا�س للخيبات واالنتكا�سات و�ضياع الأحالم ،وك�أنهم القائمون الفعليون على �أمور جمتمعاتهم و�أ�صحاب احلل والربط فيها. � ّإن ال�سيا�سة التي ندعو �إىل ممار�ستها ينبغي �أن ت�أخذ بعني االعتبار االختالالت املتولدة عن املرحلة االنتقالية التي نعي�شها ،والناجمة عن تخلفنا الثقايف يف املجال ال�سيا�سي بال�ضبط ،واملتمثلة يف ترويج فكرة خاطئة حولها بتقدميها كمجال
لل�رصاعات الذاتية والالعقالنية وغري املجدية وكمجال للأحقاد والكراهية واالتهامات الدنيئة و�إ�سقاط العقد النف�سية لأ�صحابها على من يتحمل م�س�ؤولية تدبري ال�ش�أن العام يف مراحل معينة. � ّإن فل�سفة الأنوار هي التي وفرت الأ�سا�س النظري للدولة الدميقراطية احلديثة التي عرفها الغرب منذ القرن الثامن ع�رش ،بحيث ميكننا القول « � ّإن الأفكار واملقوالت النظرية عندما تتحول �إىل �أدوات للتعبئة والتغيري تغدو فاعلة يف �صياغة الوقائع وتوجيه الرهان ال�سيا�سي « ،وبذلك يكون رجال الفكر فاعلني م�ؤثرين يف ال�ش�أن ال�سيا�سي. ويف العامل العربي ،عندما يقف البع�ض عند عجز ال�سيا�سات العربية وانحدارها و�إخفاقها وانحطاطها ،ال منلك �إال الت�أكيد على �أولوية و�أ�سبقية ال�سيا�سة التي تعني الدميقراطية واملواطنة والإرادة العامة .فال�سيا�سة التي ندعو �إليها كتلة من الأعمال والأفعال ،تتعامل مع احلقل ال�سيا�سي كمجال للمبادرة واخللق والإبداع وكف�ضاء ل�صياغة متف�صالت جديدة مع الواقع ،فال ميكن اختزالها يف قبول املوجود ك�أمر واقع� ،إنها �سيا�سة �إرادة م�ستمرة للمزيد من العدالة والإن�صاف ل�صالح املجتمع .ويقت�ضي ذلك �رضورة �إعادة �صياغة عقد جديد بني ال�سلطات العربية وبنى جمتمعاتها املدنية بكل متف�صالته االقت�صادية واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية ،وخا�صة �إعادة حتديد طبيعة احلقل االجتماعي وا�ستقالليته وحركيته وقواعده. وي�أخذ املثقفون ،احلاملون لق�ضايا ال�ش�أن العربي العام ،على النخب احلاكمة ترهلها وف�سادها و�ضعف �إجنازاتها يف جميع امليادين وجتاهلها للم�صالح واحلقوق الوطنية وتعلقها املتزايد مب�صاحلها اخلا�صة الفئوية وعجزها عن بناء ا�سرتاتيجيات وطنية قادرة على الوقوف يف وجه التحديات العاتية التي ال تكف املجتمعات العربية عن مواجهتها .وهم يعتقدون � ّأن ا�ستمرار الأو�ضاع
كما هي ورف�ض التغيري وقبول م�شاركة ال�شعب ونخبه املختلفة يف احلياة ال�سيا�سية واالجتماعية والثقافية �سوف يقود حتم ًا �إىل م�ضاعفة �آثار الكارثة الوطنية ،و� ّأن �شيئ ًا ال يربر �أن ُترتك �أمور اتخاذ القرار وبلورة ال�سيا�سات العامة لنخب مل حتقق جناح ًا ملحوظ ًا يف قيادة امل�سرية الوطنية ويف �إدارة املوارد الب�رشية واملادية .وهم يعتقدون � ّأن �ضمان اال�ستقرار ال يتحقق بكبت احلريات وبالبط�ش وت�أبيد القوانني اال�ستثنائية ،و�إمنا بالإ�صالح ال�رسيع واجلدي الذي يعطي لل�شعوب فر�صة حت�سني �أو�ضاعها وم�شاركتها يف حمل امل�س�ؤولية ويطمئنها على نف�سها وعلى م�ستقبلها ويعزز ثقتها بقياداتها� ،أما اال�ستمرار على النهج القدمي الذي �أنتج الأو�ضاع الكارثية احلالية التي جعلت من العامل العربي �آخر منطقة من حيث النمو يف العامل �أجمع فلن يقود �إال �إىل انفجارات قريبة �ستدفع ال�شعوب ثمن ًا غالي ًا لها ،ورمبا �أدت �إىل الق�ضاء على جميع املنجزات اجلزئية التي حتققت يف املا�ضي. � ّإن ال�سيا�سة حني جتتمع مع الثقافة يكون للقيادة معنى ،و�إذا حدث التباعد فيما بينهما جتدنا نقرتب من الكارثة .فال�سيا�سة بدون ثقافة ال حتل الأمور ال�صعبة ،وحني تنتج �أثراً فاع ًال ،وال ُّ ي�ضخ املجتمع �إىل ال�ساحة ال�سيا�سية �أفراداً غري ُّ مثقفني ،جا�ؤوا بال�صدفة� ،أو بالوا�سطة� ،أو ك�أهل والء ،يحدث الت�ضاد .واحلل يكون يف ال�ضوابط التي ي�ضعها املجتمع لف�ضائه العام :االعرتاف بالتعددية واحلريات والقانون العام .وما مل نخرج من املعادلة التناق�ضية بني الثقايف وال�سيا�سي ون�صل �إىل �أر�ضية ت�سمح بالتفاهم بني �أهل الر�أي و�أهل ال�سلطة للتعاون على بناء املجتمعات من الداخل� ،أي يف الوعي والإرادة وال�ضمري والوجدان، فلن ن�ستطيع �أن نخرج ب�شيء و�سنجد �أنف�سنا ننحدر �أكرث ف�أكرث يف �سلم احل�ضارة واملدنية.