Al badeel 138

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/05/4ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)138‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (138) 4/05/2014‬‬

‫م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا‬

‫ال�شك �أن القوى الإ�سالمية‪ ،‬وعلى خمتلف تنوعاتها‬ ‫وتنويعاها‪ ،‬راحت تكت�سب مع ع�سكرة االنتفا�ضة‬ ‫ال�سورية زخم ًا كبرياً على ال�ساحة ال�سورية‪ ،‬لكن‪ ،‬ثمة‬ ‫حتوالت كثرية جرت يف امليدان الع�سكري نف�سه‪ ،‬خا�صة‬ ‫جلهة تعدد الف�صائل الإ�سالمية‪ ،‬وتعدد مرجعياتها على‬ ‫تغيات يف العامل العربي مرتبطة‬ ‫كافة ال�صعد‪ ،‬كما جرت رّ‬ ‫باملوقف العام من الإ�سالم ال�سيا�سي‪ ،‬وهنا ميكن ذكر‬ ‫حالتني مهمتني‪ ،‬الأوىل تتعلق مبجريات ‪ 30‬يونيو‪/‬‬ ‫حزيران ‪ 2013‬يف م�رص‪ ،‬و�إبعاد الإخوان امل�سلمني عن‬ ‫احلكم‪ ، ،‬واحلالة الثانية تتعلق بالقرارات الأخرية التي‬ ‫�أ�صدرتها اململكة العربية ال�سعودية املتعلقة بالإخوان‬ ‫امل�سلمني والتنظيمات اجلهادية‪ ،‬وما يتفرع عنها من‬ ‫قرارات تنفيذية‪.‬‬ ‫وتالياً‪ ،‬ف�إنه من امل�رشوعية مبكان ‪� ،‬أن يكون ال�س�ؤال‬ ‫حول م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا �س�ؤا ًال �أ�سا�سي ًا‬ ‫يف تق�صي ما ميكن �أن يجري من حتوالت الحقة يف‬ ‫امل�شهد ال�سوري‪ ،‬ودور القوى الإ�سالمية يف حتديد مالمح‬ ‫هذا امل�شهد‪.‬‬ ‫بدا وا�ضح ًا �أن القوى الإ�سالمية مل تتمكن من حتديد‬ ‫مرجعية واحدة لعملها من جهة الأ�سا�س الفكري‪ ،‬وظلت‬ ‫تقدم خطاب ًا �سيا�سي ًا‬ ‫�أ�سرية ال�شعارات الف�ضفا�ضة‪ ،‬ومل ّ‬ ‫ميكن �أن يالم�س عموم ال�سوريني‪ ،‬مبا فيهم املكون‬ ‫ال�سني‪� ،‬إذا جاز لنا نظري ًا (ولو على �سبيل املقاربة)‬ ‫�أن ن�صنف املكون ال�سني باعتباره كتلة جمتمعية �أو‬ ‫عقائدية �أو فكرية واحدة‪ ،‬بل �أن قطاعات وا�سعة من‬

‫هذا املكون راحت تكت�شف التباعد املوجود بني الفكرة‬ ‫الأخالقية التي تعترب �أحد روافع القوى الإ�سالمية وبني‬ ‫املمار�سات الفعلية لهذه القوى‪ ،‬والتي ن ّفرت‪ -‬ب�شكل‬ ‫عام‪ -‬الأو�ساط االجتماعية التي عملت فيها تلك القوى‪،‬‬ ‫خا�صة جلهة احتكار النفوذ‪� ،‬أو القيام مبمار�سات ال‬ ‫تن�سجم مع اخلط الإ�سالمي‪ -‬االجتماعي املعتدل‪.‬‬ ‫وعلى رغم وجود نقاط قوة كثرية لدى القوى الإ�سالمية‬ ‫من توافر التمويل‪� ،‬إىل وفرة املنابر الإعالمية‪،‬‬ ‫والعالقات الإقليمية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عامل قوة �آخر‬ ‫متثل يف �ضعف �إمكانات التيارات املح�سوبة على اخلط‬ ‫الدميقراطي العلماين‪ ،‬ومع ذلك ف�إن نقاط القوة تلك‪ ،‬و�إن‬ ‫مكنتها على الأر�ض‪� ،‬إال �أنها و�ضعت الإ�سالم ال�سيا�سي‬ ‫على املحك العملي‪ ،‬ومل يعد جمرد يوتوبيا حتمل‬ ‫اخلال�ص‪ ،‬و�إمنا حالة قابلة للنقد‪ ،‬بل للنق�ض‪ ،‬انطالق ًا‬ ‫من ف�شلها يف اال�ستفادة من نقاط قوتها وو�ضعها يف‬ ‫خدمة الق�ضية الوطنية للثورة‪ ،‬وغلبة عقلية اال�ستئثار‬ ‫الف�صائلي واحلزبي على عملها‪ ،‬وهو ما دفع الف�صائل‬ ‫الإ�سالمية وما زال لال�شتباك فيما بينها بلغة التخوين‬ ‫والتكفري �أو بلغة ال�سالح‪ ،‬كما راح الكثري من ال�سوريني‬ ‫يجدون �أن حتكم الف�صائل الإ�سالمية بالثورة هو �أحد‬ ‫�أ�سباب خروجها عن م�سارها‪ ،‬وت�شتيت وحدة القوى‬ ‫ال�ساعية للتغيري الدميقراطي‪ ،‬وهو ما برز يف غري م�ؤمتر‬ ‫للمعار�ضة (م�ؤمتر توحيد املعار�ضة يف القاهرة ‪2012‬‬ ‫منوذجاً‪ ،‬واالجتماع التح�ضريي مل�ؤمتر قرطبة يف‬ ‫ا�سطنبول‪ ،‬ولي�س �أخرياً م�ؤمتر فيينا)‪.‬‬

‫ح�سام مريو‬

‫�إن جزءاً ال يتجز�أ من خلل القوى الإ�سالمية يتمثل يف‬ ‫عدم التمييز بني امل�رشوع ال�سيا�سي للمكونات احلزبية‬ ‫وبني مفهوم الدولة‪ ،‬ف�إذا كان امل�رشوع ال�سيا�سي لأي‬ ‫تنظيم هو حق فكري و�سيا�سي م�رشوع لأي جهة �سيا�سية‬ ‫�إال �أن الدولة يجب �أن تكون على م�سافة واحدة من كل‬ ‫امل�شاريع ال�سيا�سية‪ ،‬كما ال يجب املطابقة بني مفهوم‬ ‫احلكومة‪ -‬احلكم وبني ومفهوم الدولة‪.‬‬ ‫ويف ال�سياق نف�سه‪ ،‬ف�إن تعاظم القوة لدى �أطراف‬ ‫�إ�سالمية جعلها تعتقد �أنه ميكن لها �أن تفر�ض ر�ؤيتها‬ ‫على باقي الأطراف‪ ،‬وهو الأمر الذي �أدى عملياً‪� ،‬إىل‬ ‫جانب عوامل �أخرى‪� ،‬إىل �إ�ضعاف فر�صة ن�شوء متثيل‬ ‫حقيقي للقوى ال�سيا�سية‪ ،‬يكون قادراً على خلق البديل‬ ‫املو�ضوعي للنظام‪.‬‬ ‫ال �شك‪� ،‬أن خطاب التيارات الإ�سالمية �سقط يف فخ‬ ‫ال�شعبوية‪ ،‬ولهذا الأمر �أ�سباب كثرية ال ميكن التوقف‬ ‫عندها يف عجالة‪ ،‬وحتتاج �إىل الكثري من البحث‪ ،‬لكن‬ ‫موقع القوى الإ�سالمية الحق ًا �سيحتاج �إىل مراجعة‬ ‫دقيقة لهذا اخلطاب‪ ،‬فعلى �ضوء هذه املراجعة �سيتحدد‬ ‫�إىل حد بعيد موقع الإ�سالم ال�سيا�سي يف م�ستقبل ال�رصاع‬ ‫يف �سورية‪ ،‬كما �سيتوقف م�صري �سورية يف جزء كبري‬ ‫منه على طبيعة القوى الإ�سالمية املوجودة‪ ،‬ف�إذا ما‬ ‫بقيت القوى الإ�سالمية الراديكالية هي �صاحبة الغلبة‬ ‫ف�إنه من غري املتوقع ا�ستقرار �سورية يف املدى املنظور‪،‬‬ ‫حتى لو �سقط النظام‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.