Al badeel 138

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/05/4ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)138‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (138) 4/05/2014‬‬

‫م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا‬

‫ال�شك �أن القوى الإ�سالمية‪ ،‬وعلى خمتلف تنوعاتها‬ ‫وتنويعاها‪ ،‬راحت تكت�سب مع ع�سكرة االنتفا�ضة‬ ‫ال�سورية زخم ًا كبرياً على ال�ساحة ال�سورية‪ ،‬لكن‪ ،‬ثمة‬ ‫حتوالت كثرية جرت يف امليدان الع�سكري نف�سه‪ ،‬خا�صة‬ ‫جلهة تعدد الف�صائل الإ�سالمية‪ ،‬وتعدد مرجعياتها على‬ ‫تغيات يف العامل العربي مرتبطة‬ ‫كافة ال�صعد‪ ،‬كما جرت رّ‬ ‫باملوقف العام من الإ�سالم ال�سيا�سي‪ ،‬وهنا ميكن ذكر‬ ‫حالتني مهمتني‪ ،‬الأوىل تتعلق مبجريات ‪ 30‬يونيو‪/‬‬ ‫حزيران ‪ 2013‬يف م�رص‪ ،‬و�إبعاد الإخوان امل�سلمني عن‬ ‫احلكم‪ ، ،‬واحلالة الثانية تتعلق بالقرارات الأخرية التي‬ ‫�أ�صدرتها اململكة العربية ال�سعودية املتعلقة بالإخوان‬ ‫امل�سلمني والتنظيمات اجلهادية‪ ،‬وما يتفرع عنها من‬ ‫قرارات تنفيذية‪.‬‬ ‫وتالياً‪ ،‬ف�إنه من امل�رشوعية مبكان ‪� ،‬أن يكون ال�س�ؤال‬ ‫حول م�ستقبل القوى الإ�سالمية يف �سوريا �س�ؤا ًال �أ�سا�سي ًا‬ ‫يف تق�صي ما ميكن �أن يجري من حتوالت الحقة يف‬ ‫امل�شهد ال�سوري‪ ،‬ودور القوى الإ�سالمية يف حتديد مالمح‬ ‫هذا امل�شهد‪.‬‬ ‫بدا وا�ضح ًا �أن القوى الإ�سالمية مل تتمكن من حتديد‬ ‫مرجعية واحدة لعملها من جهة الأ�سا�س الفكري‪ ،‬وظلت‬ ‫تقدم خطاب ًا �سيا�سي ًا‬ ‫�أ�سرية ال�شعارات الف�ضفا�ضة‪ ،‬ومل ّ‬ ‫ميكن �أن يالم�س عموم ال�سوريني‪ ،‬مبا فيهم املكون‬ ‫ال�سني‪� ،‬إذا جاز لنا نظري ًا (ولو على �سبيل املقاربة)‬ ‫�أن ن�صنف املكون ال�سني باعتباره كتلة جمتمعية �أو‬ ‫عقائدية �أو فكرية واحدة‪ ،‬بل �أن قطاعات وا�سعة من‬

‫هذا املكون راحت تكت�شف التباعد املوجود بني الفكرة‬ ‫الأخالقية التي تعترب �أحد روافع القوى الإ�سالمية وبني‬ ‫املمار�سات الفعلية لهذه القوى‪ ،‬والتي ن ّفرت‪ -‬ب�شكل‬ ‫عام‪ -‬الأو�ساط االجتماعية التي عملت فيها تلك القوى‪،‬‬ ‫خا�صة جلهة احتكار النفوذ‪� ،‬أو القيام مبمار�سات ال‬ ‫تن�سجم مع اخلط الإ�سالمي‪ -‬االجتماعي املعتدل‪.‬‬ ‫وعلى رغم وجود نقاط قوة كثرية لدى القوى الإ�سالمية‬ ‫من توافر التمويل‪� ،‬إىل وفرة املنابر الإعالمية‪،‬‬ ‫والعالقات الإقليمية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل عامل قوة �آخر‬ ‫متثل يف �ضعف �إمكانات التيارات املح�سوبة على اخلط‬ ‫الدميقراطي العلماين‪ ،‬ومع ذلك ف�إن نقاط القوة تلك‪ ،‬و�إن‬ ‫مكنتها على الأر�ض‪� ،‬إال �أنها و�ضعت الإ�سالم ال�سيا�سي‬ ‫على املحك العملي‪ ،‬ومل يعد جمرد يوتوبيا حتمل‬ ‫اخلال�ص‪ ،‬و�إمنا حالة قابلة للنقد‪ ،‬بل للنق�ض‪ ،‬انطالق ًا‬ ‫من ف�شلها يف اال�ستفادة من نقاط قوتها وو�ضعها يف‬ ‫خدمة الق�ضية الوطنية للثورة‪ ،‬وغلبة عقلية اال�ستئثار‬ ‫الف�صائلي واحلزبي على عملها‪ ،‬وهو ما دفع الف�صائل‬ ‫الإ�سالمية وما زال لال�شتباك فيما بينها بلغة التخوين‬ ‫والتكفري �أو بلغة ال�سالح‪ ،‬كما راح الكثري من ال�سوريني‬ ‫يجدون �أن حتكم الف�صائل الإ�سالمية بالثورة هو �أحد‬ ‫�أ�سباب خروجها عن م�سارها‪ ،‬وت�شتيت وحدة القوى‬ ‫ال�ساعية للتغيري الدميقراطي‪ ،‬وهو ما برز يف غري م�ؤمتر‬ ‫للمعار�ضة (م�ؤمتر توحيد املعار�ضة يف القاهرة ‪2012‬‬ ‫منوذجاً‪ ،‬واالجتماع التح�ضريي مل�ؤمتر قرطبة يف‬ ‫ا�سطنبول‪ ،‬ولي�س �أخرياً م�ؤمتر فيينا)‪.‬‬

‫ح�سام مريو‬

‫�إن جزءاً ال يتجز�أ من خلل القوى الإ�سالمية يتمثل يف‬ ‫عدم التمييز بني امل�رشوع ال�سيا�سي للمكونات احلزبية‬ ‫وبني مفهوم الدولة‪ ،‬ف�إذا كان امل�رشوع ال�سيا�سي لأي‬ ‫تنظيم هو حق فكري و�سيا�سي م�رشوع لأي جهة �سيا�سية‬ ‫�إال �أن الدولة يجب �أن تكون على م�سافة واحدة من كل‬ ‫امل�شاريع ال�سيا�سية‪ ،‬كما ال يجب املطابقة بني مفهوم‬ ‫احلكومة‪ -‬احلكم وبني ومفهوم الدولة‪.‬‬ ‫ويف ال�سياق نف�سه‪ ،‬ف�إن تعاظم القوة لدى �أطراف‬ ‫�إ�سالمية جعلها تعتقد �أنه ميكن لها �أن تفر�ض ر�ؤيتها‬ ‫على باقي الأطراف‪ ،‬وهو الأمر الذي �أدى عملياً‪� ،‬إىل‬ ‫جانب عوامل �أخرى‪� ،‬إىل �إ�ضعاف فر�صة ن�شوء متثيل‬ ‫حقيقي للقوى ال�سيا�سية‪ ،‬يكون قادراً على خلق البديل‬ ‫املو�ضوعي للنظام‪.‬‬ ‫ال �شك‪� ،‬أن خطاب التيارات الإ�سالمية �سقط يف فخ‬ ‫ال�شعبوية‪ ،‬ولهذا الأمر �أ�سباب كثرية ال ميكن التوقف‬ ‫عندها يف عجالة‪ ،‬وحتتاج �إىل الكثري من البحث‪ ،‬لكن‬ ‫موقع القوى الإ�سالمية الحق ًا �سيحتاج �إىل مراجعة‬ ‫دقيقة لهذا اخلطاب‪ ،‬فعلى �ضوء هذه املراجعة �سيتحدد‬ ‫�إىل حد بعيد موقع الإ�سالم ال�سيا�سي يف م�ستقبل ال�رصاع‬ ‫يف �سورية‪ ،‬كما �سيتوقف م�صري �سورية يف جزء كبري‬ ‫منه على طبيعة القوى الإ�سالمية املوجودة‪ ،‬ف�إذا ما‬ ‫بقيت القوى الإ�سالمية الراديكالية هي �صاحبة الغلبة‬ ‫ف�إنه من غري املتوقع ا�ستقرار �سورية يف املدى املنظور‪،‬‬ ‫حتى لو �سقط النظام‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪02‬‬

‫�سيطرة اقت�صاد احلرب على �سورية وخ�سائر مهولة ملجمل القطاعات‬ ‫خا�ص‪« -‬البديل»‪:‬‬

‫لي�س من ال�سهولة مبكان حتري الدقة حول اخل�سائر‬ ‫االقت�صادية التي منيت بها �سورية خالل م�سار‬ ‫الأزمة‪� ،‬إذ �أن �إمكانية القيام مب�سح ميداين للخ�سائر‬ ‫يبدو �رضب ًا من اخليال‪ ،‬ومع ذلك ف�إن الكثري من‬ ‫الأبحاث والتقارير حتاول تلم�س مدى اخل�سائر‬ ‫ب�شكل تقريبي‪ ،‬وذلك باالعتماد على ما هو متوافر‬ ‫من بيانات ميدانية‪ ،‬وحماولة حتليلها‪ ،‬وتقدمي‬ ‫مقاربة لها تخدم فعلي ًا �إمكانية بناء ت�صور لواقع‬ ‫اخل�سائر يف جممل الأن�شطة االقت�صادية‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إىل الأ�رضار الكارثية التي �أ�صابت البنى التحتية‬ ‫يف �سورية‪.‬‬ ‫وقد تابعت “البديل” يف ال�شهرين املا�ضيني بع�ض‬ ‫الور�ش التي تناولت يف جانب منها واقع االقت�صاد‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وهي ور�ش عمل �أقيمت يف غري عا�صمة‬ ‫�أوروبية‪ ،‬وهدفت �إىل �إيجاد ت�صورات حول �إمكانية‬ ‫بناء م�سار �آخر موازٍ مل�سار املفاو�ضات الرئي�سي‬ ‫يف جنيف‪ ،‬والذي يبدو بح�سب خمتلف التقديرات‪،‬‬ ‫ومنها تقديرات الأخ�رض الإبراهيمي املبعوث‬ ‫العربي الأممي ل�سورية‪� ،‬أنه �سيبقى معط ًال يف الوقت‬ ‫الراهن‪ ،‬خا�صة بعد تراجع �أهمية امللف ال�سوري‬ ‫�أمام امللف الأوكراين يف العالقات الدولية‪.‬‬ ‫و�أ�شار اقت�صاديون �سوريون �إىل �أن الن�شاط‬ ‫ال�صناعي ت�أثر بن�سبة تفوق ‪ 60%‬مما كان عليه‬ ‫قبل مار�س‪� /‬آذار ‪ ،2011‬و�إىل هجرة حوايل ‪70‬‬ ‫‪ %‬من ر�أ�س املال ال�سوري �إىل اخلارج‪ ،‬وتقل�ص‬ ‫االقت�صاد الطبيعي ب�شكل كبري‪ ،‬و�سيطرة اقت�صاد‬ ‫احلرب يف مناطق النظام �أو املناطق التي خرجت‬ ‫عن �سيطرته على حد �سواء‪ ،‬حيث يعي�ش كرث من‬ ‫ال�سوريني على عملهم يف ف�صائل وميلي�شيات‬ ‫و�أجهزة تابعة للنظام �أو املعار�ضة امل�سلحة‪ ،‬وهو‬ ‫ما �أدى �إىل تراجع �أهمية املجتمع املحلي يف عملية‬

‫الإنتاج‪ ،‬ومن غري املتوقع �أن تكون هناك تغيريات‬ ‫جذرية يف املدى املنظور ت�سهم يف تقل�ص اقت�صاد‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫كما �أكد خبري اقت�صادي عمل ل�سنوات طويلة يف‬ ‫م�ستوى رفيع يف الدولة ال�سورية �إىل �أن احتياطي‬ ‫النقد الأجنبي لدى النظام ال�سوري بات �أقل من‬ ‫ملياري دوالر‪ ،‬ومن املتوقع نفاد هذا االحتياطي‬ ‫مع بداية عام ‪.2015‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬يجمع االقت�صاديون على �أن النظام‬ ‫ال�سوري متكن من اال�ستمرار اقت�صادي ًا‪ ،‬لي�س فقط‬ ‫من خالل الدعم الرو�سي‪ -‬الإيراين‪ ،‬و�إمنا ب�سبب‬ ‫تناق�ص مهام الدولة ال�سورية جتاه مواطنيها‪ ،‬وقلة‬ ‫اخلدمات املقدمة لهم‪ ،‬وهو ما يقل�ص النفقات �إىل‬ ‫حد كبري‪ ،‬ويخفف الكثري من الأعباء املالية على‬ ‫النظام‪ ،‬وهو ما �أ�سهم يف تثبيت �سعر �رصف اللرية‬

‫ال�سورية �أمام الدوالر‪ ،‬لكن‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن‬ ‫القيمة ال�رشائية للرية ال�سورية تراجعت �إىل حد‬ ‫بعيد‪ ،‬مع ندرة املواد يف ال�سوق‪ ،‬واحتكارها من قبل‬ ‫عدد قليل من رجاالت النظام‪.‬‬ ‫ويف �سياق الواقع االقت�صادي الراهن‪ ،‬ف�إن ال�س�ؤال‬ ‫حول م�ستقبل �سورية مل يعد مرهون ًا فقط بامل�سار‬ ‫ال�سيا�سي وم�آالته‪ ،‬و�إمنا �أي�ض ًا بالواقع الراهن‬ ‫لالقت�صاد ال�سوري وما �شهده من حتوالت‪ ،‬كما �أن‬ ‫امل�سار ال�سيا�سي نف�سه �أ�صبح رهن ًا بال�رصاع على‬ ‫احتكار املوارد من قبل النظام �أو ف�صائل املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة‪ ،‬ويعد قطاع النفط والغاز مثا ًال �صارخ ًا يف‬ ‫هذا الإطار‪� ،‬إذ �شهدت الأ�شهر املا�ضية �رصاع ًا كبرياً‬ ‫من قبل الف�صائل الحتكار النفط‪ ،‬ووقوع حالة‬ ‫اقتتال داخلي للتحكم بهذا القطاع احليوي الذي‬ ‫يغذي ا�ستمرارها يف احلرب‪.‬‬

‫مقاتلو املعار�ضة ين�سحبون من عا�صمة الثورة‬ ‫“رويرتز”‪“ -‬البديل” ‪:‬‬

‫قالت جمموعة مراقبة وحمطات تلفزيونية �إن‬ ‫ال�سلطات ال�سورية ومقاتلي املعار�ضة اتفقا يوم‬ ‫اجلمعة املا�ضي على وقف �إطالق النار ملدة ‪24‬‬ ‫�ساعة يف احلي القدمي مبدينة حم�ص لل�سماح‬ ‫ملقاتلي املعار�ضة املحا�رصين باالن�سحاب من‬ ‫�آخر معاقلهم يف املدينة التي تقع بو�سط �سوريا‪.‬‬ ‫و�سيمثل االن�سحاب النهائي ملقاتلي املعار�ضة من‬ ‫املدينة التي ي�سميها ال�سوريون "عا�صمة الثورة"‬ ‫تقدم ًا مهما ذا مغزى لقوات الرئي�س ال�سوري ب�شار‬ ‫الأ�سد قبل �شهر من االنتخابات الرئا�سية التي من‬ ‫املرجح �أن يعاد انتخابه فيها‪.‬‬ ‫وا�ستطاعت قوات الأ�سد بدعم من مقاتلني من حزب‬ ‫اهلل اللبناين ال�شيعي ومقاتلني عراقيني �شيعة �إجبار‬ ‫املقاتلني الأجانب على الرتاجع من حول دم�شق‬ ‫وو�سط �سوريا على مدى العام املن�رصم‪.‬‬

‫ومت �إجالء مئات املدنيني من و�سط حم�ص يف �أوائل‬ ‫فرباير‪� /‬شباط املا�ضي خالل وقف �إطالق نار‬ ‫لدواع �إن�سانية �أ�رشفت عليه الأمم املتحدة والهالل‬ ‫ٍ‬ ‫الأحمر‪ .‬و�سمح ب�إدخال املواد الغذائية والأدوية‬ ‫للمنطقة املحا�رصة‪.‬‬ ‫وظل كثري من مقاتلي املعار�ضة هناك لكن يف ظل‬ ‫تفوق الطرف الآخر من حيث العتاد ووقوعهم حتت‬ ‫احل�صار تبدو فر�صهم يف ال�صمود على املدى البعيد‬ ‫�ضئيلة‪.‬‬ ‫وقال املر�صد ال�سوري حلقوق الإن�سان "ن�ص‬ ‫االتفاق على وقف اطالق النار وان�سحاب مقاتلي‬ ‫الكتائب اال�سالمية املقاتلة والكتائب املقاتلة من‬ ‫�أحياء حم�ص املحا�رصة باجتاه مناطق يف الريف‬ ‫ال�شمايل"‪.‬‬

‫وتباينت �آراء �سيا�سيني ونا�شطني �سوريني حول‬ ‫االتفاق‪ ،‬حيث ر�أى البع�ض �أن خروج املقاتلني من‬ ‫حم�ص القدمية كان نتيجة لتخاذل قوى وف�صائل‬ ‫املعار�ضة امل�سلحة التي مل تكرتث حل�صار املقاتلني‪،‬‬ ‫ومل متدهم مبقومات ال�صمود‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫"االئتالف الوطني" امل�شغول بق�ضاياه وخالفاته‬ ‫على ح�ساب الق�ضايا الرئي�سية يف الثورة‪ ،‬والذي مل‬ ‫يكرتث لنداء املقاتلني املحا�رصين ب�رضورة �إيجاد‬ ‫م�ؤازرة لهم من قبل الف�صائل الأخرى املوجودة يف‬ ‫ريف حم�ص‪.‬‬ ‫كما اعترب �آخرون‪� ،‬أن االتفاق ينقذ �أرواح املقاتلني‪،‬‬ ‫وهو �أف�ضل بكثري من �أن يفقدوا �أرواحهم يف ظل عدم‬ ‫تكاف�ؤ القوة بينهم وبني قوات النظام وامليلي�شيات‬ ‫الداعمة لها‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫مَ�سرَحة االنتخابات «الرئا�سوية» ال�سورية‬ ‫فيكتوريو�س بيان �شم�س‬

‫�أثارت بع�ض الأ�سماء التي ُ�أعلن عن تر�شّ حها‬ ‫ملن�صب رئا�سة اجلمهورية يف �سورية موجة عارمة‬ ‫من ال�سخرية يف الأو�ساط املعار�ضة‪ ،‬و�سخط وتنديد‬ ‫وا�ستنكار يف الأو�ساط امل� ّؤيدة‪ ،‬ثم فرح عارم بعد‬ ‫�إعالن ب�شار الأ�سد عن نيته يف الرت�شّ ح‪ ،‬وك�أنهم‬ ‫كانوا خائفني �أن ال يفعلها‪� .‬إذ كيف يعقل �أن يجر�ؤ‬ ‫�أحدهم على مناف�سة ب�شار الأ�سد على هذا املن�صب‬ ‫ولو �شكلي ًا؟‪.‬‬ ‫للنظام ال�سوري‪ ،‬كما غريه من الأنظمة العربية‪ ،‬ال بل‬ ‫و "العامل ثالثية" �إن �صح الو�صف‪ ،‬تو�صيف �سيا�سي‬ ‫�أكادميي يعتربها �أنظمة "رئا�سوية"‪ ،‬لتمييزها‬ ‫عن "الأنظمة الرئا�سية"‪ ،‬ومثالها الأبرز الواليات‬ ‫امل ّتحدة الأمريكية‪ .‬هنالك ثالثة �أ�صناف �أخرى‬ ‫للأنظمة‪" :‬الأنظمة �شبه الرئا�سية"‪ ،‬ومثالها فرن�سا‪.‬‬ ‫"الأنظمة الربملانية"‪ ،‬ومثالها اململكة امل ّتحدة‪.‬‬ ‫"النظام املجل�سي" النادر‪ ،‬ومثاله "الكونفيدرالية"‬ ‫ال�سوي�رسية‪.‬‬ ‫لهذه الأنظمة �أعراف ود�ساتري يف غاية العراقة‪،‬‬ ‫مثل بريطانيا التي تحُ كم من خالل "الأعراف‬ ‫الد�ستورية" امل�ستندة �أ�ص ًال على �أربعة ن�صو�ص‬ ‫بد�أت مع "املاغنا كارتا" يف العام ‪ ،1215‬ثم‬ ‫"الهابيا�س كورب�س"‪ ،‬و"�رشعة احلقوق"‪ ،‬و "عري�ضة‬ ‫احلقوق"‪ .‬وهي ن�صو�ص و�ضعت ل�رضورات تبعد‬ ‫وتنظم العالقة بينه وبني‬ ‫التهديد عن �سلطة امللك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫رعاياه‪.‬‬ ‫� ّأما د�ستور الواليات امل ّتحدة الأمريكية الذي و�ضع‬ ‫يف العام ‪ 1784‬فال ي�شتمل �إال على (‪ )7‬مواد ال غري‪،‬‬ ‫ُع ّدلت (‪ )27‬مرة فقط منذ و�ضعه‪ ،‬كان �أخرها يف‬ ‫العام ‪ ،1992‬ل�صعوبة عملية التعديل‪.‬‬ ‫بينما ُتعترب فرن�سا خمترب الد�ساتري لكرثة ما تن ّقلت‬ ‫بني الأنظمة امللكية واجلمهورية منذ ثورتها يف‬ ‫العام ‪ ،1789‬ف�أنتجت د�ستوراً يو ّزع ال�صالحيات‬ ‫التنفيذية بني رئي�س اجلمهورية‪ ،‬والوزير الأول‬ ‫(رئي�س الوزراء)‪� ،‬أو ما ي�صطلح عليه‪" :‬نظام‬ ‫بر�أ�سني"‪ .‬كان �آخر د�ساتريها يف العام ‪،1958‬‬ ‫و�آخر تعديل عليه يف العام ‪.2008‬‬

‫�أما �سوي�رسا‪ ،‬فهي الدولة الوحيدة يف العامل التي‬ ‫تعتمد "الدميوقراطية املبا�رشة"‪� ،‬أي �أن النا�س‬ ‫جتتمع يف ميدان‪� ،‬أو قلعة لتنتخب م�س�ؤويل الدولة‬ ‫ب�شكل مبا�رش وبرفع الأيدي‪ .‬هذه واحدة من �أهم‬ ‫مميزات هذا النظام الذي يحكم من جمل�س رئا�سي‪،‬‬ ‫يتكون من (‪� )4‬أع�ضاء‪ ،‬مي ّثلون القوميات الأربعة‬ ‫ّ‬ ‫يف البالد‪ ،‬ويحق لأي مواطن فيه اقرتاح تعديل‬ ‫�أي قانون �أو مادة يف الد�ستور‪� ،‬رشيطة جمع عدد‬ ‫معني من تواقيع ال�سكان‪ .‬تن�ص املادة (‪ )25‬من‬ ‫د�ستوره املقر منذ العام ‪ 1874‬التي مازالت �سارية‬ ‫�إىل اليوم‪" :‬يحظر حظراً با ّت ًا ذبح احليوانات دون‬ ‫تخدير"!‪.‬‬ ‫�أنظمة عريقة‪ ،‬و�ضعت �آليات �صعبة ومع ّقدة‬ ‫لعملية تغيري د�ساتريها ل�ضمان نزاهة احل ّكام‪،‬‬ ‫وللحفاظ على كياناتها ال�سيا�سية‪ .‬كما �ضمنت‬ ‫عالقات متوازنة بني �سلطاتها الثالث‪ ،‬الت�رشيعية‪،‬‬ ‫تتدخل واحدة‬ ‫والتنفيذية‪ ،‬والق�ضائية‪ .‬بحيث ال‬ ‫ّ‬ ‫باخت�صا�ص الأخرى �أو تطغى عليها‪.‬‬ ‫مييزها عن �أنظمتنا‪ ،‬كاحلالة ال�سورية مث ًال‪.‬‬ ‫هذا ما ّ‬ ‫�إذ بعد وفاة الرئي�س ال�سوري الأ�سبق حافظ الأ�سد‬ ‫يف العام ‪ ،2000‬اجتمع "جمل�س ال�شعب ال�سوري"‬ ‫يف غ�ضون �ساعات لتعديل الد�ستور املقر يف العام‬ ‫‪ ،1973‬والذي ُع ّدل ملرة واحدة قبل ذلك يف العام‬ ‫‪ 1981‬ليجيز لرئي�س اجلمهورية و�ضع علم الدولة‬ ‫اجلديد‪ُ .‬خ ِّف�ض عمر رئي�س اجلمهورية من (‪40‬‬ ‫عام ًا) �إىل (‪ ،)34‬فنجحت �أول عملية توريث يف‬ ‫"الأنظمة اجلمهورية" يف العامل العربي (ربمّ ا كان‬ ‫عليهم حتديد تاريخ ميالده �أي�ض ًا!)‪ ،‬ليتولىّ ب�شار‬ ‫الأ�سد �إ�ضافة �إىل رئا�سة اجلمهورية‪ ،‬رئا�سة "جمل�س‬ ‫الق�ضاء الأعلى"‪ ،‬والأمني العام "حلزب البعث"‪،‬‬ ‫والقائد الأعلى للقوات امل�سلحة‪� ،‬إ�ضافة �إىل العديد‬ ‫من املنا�صب الأخرى‪.‬‬ ‫�آنذاك‪ ،‬اعرت�ض ع�ضو "جمل�س ال�شعب" منذر‬ ‫ووبخ‬ ‫املو�ص ّلي على ذلك‪ ،‬فل ّفقت له ع�رشات التهم‪ّ ،‬‬ ‫ب�أق�سى العبارات على امللأ لأن اجلل�سة كانت تنقل‬ ‫على الهواء‪ ،‬عدا عن امل�ضايقات والتهم التي وجهت‬

‫له فيما بعد‪.‬‬ ‫جدير بالذكر هنا �أن جمل�س ال�شعب ينتخب على‬ ‫�أ�سا�س �أغلبي على م�ستوى املحافظة‪ .‬وتهيمن‬ ‫التقدمية" على (‪ )70%‬من‬ ‫قوائم "اجلبهة الوطنية ّ‬ ‫مقاعده‪� ،‬أي �أن هام�ش الو�صول ملن هم خارج هذه‬ ‫القوائم (‪� )30%‬أو �أقل‪ ،‬لأن "االنتخابات" جتري‬ ‫حتت �إ�رشاف الأجهزة الأمنية‪.‬‬ ‫بعد قيام الثورة يف العام ‪� ،2011‬أقدم النظام يف‬ ‫العام ‪2012‬على تغيريات للد�ستور بدت وك�أ ّنها‬ ‫ُف�صّ لت على مقا�س ب�شار الأ�سد بالتمام والكمال‪،‬‬ ‫فا�شرتطت املادة (‪" :)85‬ح�صول املر�شّ ح على‬ ‫موافقة (‪ )35‬ع�ضواً من �أع�ضاء جمل�س ال�شعب"‪.‬‬ ‫ه�ؤالء البالغ عددهم (‪� ،)250‬أي �أن املجل�س ي�ستطيع‬ ‫�أن ُير�شّ ح (‪� )7‬أع�ضاء فقط‪ ،‬عدا عن �أن املادة نف�سها‬ ‫ت�شرتط "�إقامة املرت�شّ ح ملدة (‪� )10‬سنوات متوا�صلة‬ ‫يف �سوريا"‪.‬‬ ‫الغريب هنا‪� ،‬أن "املعار�ضة" تتعامل مع هذا الواقع‬ ‫عب عن‬ ‫باالحتجاج‪ ،‬ومبا يف�ضح ارتباكها الذي ُي رّ‬ ‫نية يف خو�ض غمار جتربة "االنتخابات" يف‬ ‫حزيران القادم‪ ،‬وك�أن الثورة التي كان من نتائجها‬ ‫تدمري النظام لبنية املجتمع ال�سوري‪ ،‬والتي حتتاج‬ ‫جبارة‪،‬‬ ‫�إعادة ترميمها ل�سنوات طويلة و�إمكانيات ّ‬ ‫وك�أنها قامت لتح�سني بع�ض ال�رشوط ال�سطحية‪،‬‬ ‫هذه ال�رشوط التي دغدغت طموحات البع�ض‬ ‫كالرئي�س ال�سابق "لالئتالف الوطني لقوى الثورة‬ ‫واملعار�ضة" �أحمد معاذ اخلطيب‪ ،‬الذي ُر ِّوج له‬ ‫بحملة تر�شيح على مواقع التوا�صل االجتماعي‪،‬‬ ‫ليخرج ببيان رمادي يف ‪� 3‬آذار املا�ضي على‬ ‫�صفحته ال�شخ�صية يف الفي�سبوك يقول فيه‪" :‬ال‬ ‫ميكن �ضمان االنتخابات �إال بوجود جلان مراقبة‬ ‫حيادية للت� ّأكد من نزاهتها"‪ .‬الغريب‪ ،‬هو ال�صمت‬ ‫املريب حيال ذلك من قبل �أقطاب "املعار�ضة"‪.‬‬ ‫وهذا ما يت�ضارب مع مفهوم الثورة ب�شكل‬ ‫ت�صادمي‪ ،‬فالثورة عملية تغيري �شامل‪ ،‬تهدم‬ ‫القدمي‪ ،‬لتبني على �أنقا�ضه اجلديد‪ .‬ولي�ست بالقطع‬ ‫عملية ا�ستمرار للنظام نف�سه‪ ،‬بذات الآليات مهما‬ ‫بلغت درجة حت�سينات قبحه‪ .‬عدا عن �أن النظام يف‬ ‫توجت‬ ‫�سوريا هو عبارة عن بنية �أمنية مافيوية‪ّ ،‬‬ ‫تتلخ�ص‬ ‫برمتها ّ‬ ‫برئي�س جمهورية‪� .‬أي �أن امل�س�ألة ّ‬ ‫يف ال�سيطرة الأمنية التي ظهرت للعامل �أجمع عندما‬ ‫واجهت احلراك منذ يومه الأول بالدموية التي‬ ‫�أو�صلت البالد �إىل ما هي عليه اليوم‪.‬‬ ‫هذا يعني �أن النظام ال�سوري ‪،‬ب�شكله احلايل‪ ،‬عبارة‬ ‫تغيها لعبة‬ ‫عن منظومة �أمنية‪ ،‬ال ُت�سقطها‪� ،‬أو رّ‬ ‫"دميوقراطية" �ساذجة ومك�شوفة‪ .‬البل �أكرث من‬ ‫ذلك‪� ،‬أظهرت الأحداث ارتباطاته الأخطبوطية‪،‬‬ ‫ودوره الوظيفي �إقليمي ًا ودولي ًا‪ .‬وبالتايل ي�ستحيل‬ ‫تغيريه ب�آلياته الد�ستورية نف�سها‪ ،‬بل بن�سفه ب�شكل‬ ‫ناجز‪.‬‬ ‫وهو ما يعني من جهة �أخرى‪� ،‬أن عقلية "املعار�ضة"‪،‬‬ ‫متماثلة مع عقلية النظام الذي ُي�ص َّنف يف علم‬ ‫ب�سبب من تلك الآليات التي‬ ‫ال�سيا�سة بالـ "رئا�سوي"‬ ‫ٍ‬ ‫ت�سمح له ب�إعادة �إنتاج ا�ستبداده‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫ترتيب الواقع اجلغرايف والدميغرايف لدولة الأ�سد‬ ‫غازي دحمان‬

‫يتزامن �إعالن نظام الأ�سد عن نيته �إجراء انتخابات‬ ‫رئا�سية جديدة مع اكتمال ارت�سام خارطة جغرافية‬ ‫جديدة ت�ضمن جناح هذا اال�ستحقاق‪ ،‬وا�ستيعاب‬ ‫مرتتباته‪ ،‬مما يعني �أننا �أمام حالة ميكن و�صفها‬ ‫ب�صناعة �سورية جديدة‪ ،‬يجري ت�صميمها وفق‬ ‫موا�صفات معينة و�رشوط م�سبقة‪ ،‬وهذه حالة‬ ‫فريدة‪� ،‬إذ يجري تطوبع اجلغرافيا و�صياغة‬ ‫الدميغرافيا وقف قوالب وهند�سات م�سبقة الت�صميم‪،‬‬ ‫حالة مل حت�صل حتى يف ذروة الزمن الفا�شي يف‬ ‫�أوروبا‪ ،‬والذي مثلته “الهتلرية” يف �أق�صى درجات‬ ‫عنفوانها‪.‬‬ ‫ال ي�ستطيع نظام الأ�سد العي�ش خارج �أطر �سورية‬ ‫الأ�سد‪� ،‬سورية ما مل تكنى بذلك ت�صبح بيئة معادية‬ ‫وجغرافيا ال لزوم لها‪ ،‬وي�صبح دمارها �أو حرقها‬ ‫نتيجة طبيعية لهذا اخلروج‪ ،‬لذا على الدوام‪� ،‬سعى‬ ‫الأ�سدين‪ ،‬الأب واالبن‪� ،‬إىل تكييف الوقائع ال�سورية‬ ‫مبا يتنا�سب وحلمهما ال�سلطوي العائلي‪ ،‬وقد �رصفا‬ ‫يف �سبيل هذا الأمر ما مل ي�رصفاه على �أي جمال‬ ‫اخر‪ ،‬بل مبا يوازي ويفوق كل املجاالت الأخرى‪.‬‬ ‫وعلى الدوام كانت �سورية الأ�سد �أهم بكثري من‬ ‫�سورية الوطن و�أ�سمى وت�ستدعي �رشا�سة �أكرب يف‬ ‫الدفاع عنها من �سورية الوطن‪ ،‬احتالل �إ�رسائيل‬ ‫جلزء من �سورية الوطن احتمل �أربعة عقود ومل يكن‬ ‫ثمة حاجة ال�سرتدادها ومل ي�شكل ذلك خطراً داهما‪،‬‬ ‫وخروج الأطفال وال�شباب مبظاهرات �ضد �سورية‬ ‫الأ�سد �أ�ستدعى ا�ستنفار كل الطاقات وحرق احلجر‬ ‫والب�رش دفاعا عن �سيادة �سورية الأ�سد‪.‬‬ ‫يف التطبيق العملي لذلك‪ ،‬يك�شف م�سار احلراك‬ ‫العمالين لقوات النظام والأطراف امل�ؤيدة له‪،‬‬ ‫عن م�ساعي حثيثة لت�شكيل بنية �سورية جديدة‪،‬‬ ‫جغرافي ًا واجتماعيا‪ ،‬يف ال�شكل ال تنطبق على‬ ‫حدود انت�شار الوطنية ال�سورية بحدودها اجلغرافية‬

‫ما بعد اال�ستقالل عن فرن�سا‪ ،‬وبالتايل فهي بنية‬ ‫مفارقة للحالة التاريخية ال�سورية‪ ،‬وتنذر بر�سم‬ ‫معامل جديدة لي�س ل�سورية وح�سب‪ ،‬و�إمنا على‬ ‫امل�ستوى الإقليمي الأ�شمل‪� ،‬أما يف امل�ضمون فهي‬ ‫بنية خمتلطة ببعد وظيفي واحد يهدف �إىل �صياغة‬ ‫�سورية جديدة م�ؤيدة ومتما�سكة مقابل �سورية‬ ‫متمردة وم�شتتة‪.‬‬ ‫دولة النظام تلك لي�ست دولة طائفية على ما حاولت‬ ‫الكثري من التحليالت ت�سليط ال�ضوء عليه‪ ،‬و�إن كانت‬ ‫تنطوي على �سيطرة ع�سكرية و�سيا�سية لطائفة‬ ‫مقابل تهمي�ش طوائف �أخرى‪ ،‬فهي وفق املنظومة‬ ‫اجلغرافية التي يراد تكري�سها بها تبدو دولة ما‬ ‫فوق طائفية‪ ،‬متجاوزة للطوائف وذلك ال�شتمالها‬ ‫على طيف وا�سع من املكونات ال�سورية‪ ،‬او جميع‬ ‫املكونات التي تقع يف مدار هالل اجلغرافية‬ ‫امل�ستهدفة‪ ،‬يف حني �أنها تبدو ذات طبيعة‬ ‫�أيديولوجية‪� ،‬سواء جلهة انطوائها على الفئات‬ ‫امل�ؤيدة لنظام احلكم‪� ،‬آو جلهة ارتباطها اجلغرايف‬ ‫والدميغرايف بال�رشايني االجتماعية وطرق‬ ‫املوا�صالت اخلا�صة مبا ي�سمى حلف املمانعة‪.‬‬ ‫من دم�شق جنوبا �إىل �شواطئ املتو�سط غرب ًا‪ ،‬وما‬ ‫بينهما القلمون وحو�ض العا�صي‪ ،‬ترت�سم دولة‬ ‫النظام‪ ،‬املواقع اخلارجة عن هذه اخلريطة ال تعدو‬ ‫�سوى كونها ثغور �أو قواعد متقدمة للدفاع عن‬ ‫حدود هذه الدولة‪ ،‬يف اجلنوب جلهة القنيطرة او‬ ‫درعا‪ ،‬ويف الو�سط وال�شمال باجتاه �إدلب وحلب‪ .‬جل‬ ‫الن�شاط والفعالية الع�سكرية لقوات النظام ترتكز يف‬ ‫هذه املناطق‪ ،‬كما توجد هناك �أي�ضا �أكرث مواقعه‬ ‫الع�سكرية �أهمية‪� ،‬إ�ضافة لذلك تقع �ضمن هذه‬ ‫املنطقة �شبكة خطوط موا�صالته التي تربطه بحلف‬ ‫املمانعة‪� ،‬سواء عرب القلمون بجبال لبنان ال�رشقية‬ ‫وحليفه حزب اهلل‪ ،‬او عرب ريف حم�ص ال�رشقي‬

‫الذي ي�صله بالعراق‪ ،‬او من خالل املنفذ على العامل‬ ‫اخلارجي عرب موانئ البحر املتو�سط‪.‬‬ ‫غري �أن البعد الأيديولوجي يف حالة ال�رصاع القائمة‬ ‫ينطوي‪ ،‬وهذه حقيقة واقعية‪ ،‬على بعد مذهبي‪،‬‬ ‫بحيث ت�صادف �أن احلدود وطرق املوا�صالت التي‬ ‫تت�ضمنها دولة النظام‪ ،‬هي �أي�ضا حدود الف�صل‬ ‫بني بع�ض املكونات يف املنطقة‪ ،‬كما �أن طرق‬ ‫املوا�صالت تكمن �أهميتها اللحظية يف مدى �ضخها‬ ‫للقوة الب�رشية القادمة للدفاع عن النظام‪� ،‬سواء‬ ‫جلهة لبنان �أو العراق‪ ،‬والأمر نف�سه ينطبق على‬ ‫حدود �سورية اخلارجة عن �سيطرة النظام‪ ،‬ذلك‬ ‫ان وظائف طرق موا�صالتها هي ذات الوظائف‬ ‫ال�سابقة من حيث ا�ستخدامها كممر يعرب عليه‬ ‫املقاتلون امل�ؤيدون للثورة‪ ،‬و�إن غلب على �أولئك‬ ‫القادمون انتماءهم ملكون مذهبي مقابل‪.‬‬ ‫و�إذا كانت دولة النظام ت�أخذ الكثري من تعيناتها‬ ‫وموا�صفاتها‪ ،‬لي�س من ت�ش ّكلها وح�سب‪ ،‬و�إمنا �أي�ضا‬ ‫من الت�ش ّكل الذي حتاول �صناعته يف املقلب املقابل‪،‬‬ ‫ف�إن هذا الت�ش َكل ال يبخل مبنحها مزيداً من املربرات‬ ‫و�أ�سباب ال�رشعية‪ ،‬و�إذ تظهر دولة النظام �أكرث قدرة‬ ‫على االن�سجام ال�سيا�سي والتوا�صل اجلغرايف وكذا‬ ‫التما�سك الع�سكري‪ ،‬ف�إن الكيان‪ ،‬الكيانات‪ ،‬املقابلة‬ ‫تنطوي على درجة عالية من التفكك‪ ،‬بالأ�صل هي‬ ‫لي�ست نواة مل�رشوع دولة �أو كيان‪ ،‬ال يف الربنامج‬ ‫وال يف املنهج‪ ،‬كما تنطوي على حالة �رصاعية‬ ‫ب�سبب تنافر مكوناتها‪ ،‬ف�ضال عن كونها تعني فيما‬ ‫تعني حالة من الفو�ضى الإقليمية ال�سلبية‪ ،‬وهذه‬ ‫احلالة عمل النظام الذي احتكر ال�سلطة املركزية‬ ‫وموارد الدولة ال�سورية على تظهريها و�إبرازها‬ ‫باعتبارها ال�صفة الأبرز للمناطق اخلارجة عن‬ ‫�سيطرته‪ ،‬وي�أتي هذا ال�سلوك يف �سياق جهده لإبراز‬ ‫حالة التمرد وتعميمها و�إلغاء ال�صفة الثورية‪ ،‬وهو‬ ‫يف ذلك يعيد بناء جتربة �أنظمة �أمريكا الالتينية‬ ‫التي واجهت حركات مترد‪ ،‬وخا�صة يف الأقاليم‬ ‫البعيدة عن املراكز والتي تنطوي على مكونات‬ ‫عرقية خمتلفة‪ ،‬وظلت تلك الأنظمة حمافظة على‬ ‫�رشعيتها كما �أنها مل حتا�سب على ما ارتكبته بحق‬ ‫بيئات املتمردين‪ ،‬تلك واحدة من وظائف ت�شتيت‬ ‫اجلغرافيا ال�سورية‪.‬‬ ‫تلك هي �سورية اجلديدة التي ي�سعى نظام الأ�سد اىل‬ ‫بناءها وتر�سيخها يف الواقعني الإقليمي والدويل‪،‬‬ ‫حدودها �صارت ظاهرة و�شبه معلنة‪� ،‬أما تثبيتها‬ ‫بحكم الأمر الواقع فهو ق�ضية ال تتجاوز مدتها‬ ‫تاريخ ح�صول االنتخابات الرئا�سية‪ ،‬ف�سورية التي‬ ‫�ستنتخب باتت جاهزة‪ .‬و�سورية هذه هي التي‬ ‫�ستنتخب بالروح والدم‪ ،‬هي التي �ستربق للأ�سد ب�أن‬ ‫�سورية اختارتك مل يعد خيارك وال قرارك‪ ،‬ما عليك‬ ‫�سوى تلبية النداء‪ ،‬فالطغاة وقحون لدرجة �أنهم ال‬ ‫ي�أبهون كثريا مل�شاعر اخرى غري تلك التي تعظم‬ ‫�سياق جمدهم وطغيانهم‪ ،‬ال ي�أبهون لالبتذال مهما‬ ‫زاد من�سوبه‪ ،‬تلك بالأ�صل بيئتهم التي ينتع�شون يف‬ ‫ظاللها‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل ع�سكري‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫الأهمية اال�سرتاتيجية والع�سكرية للجبهة اجلنوبية‬ ‫مو�سى القالب*‬

‫بعد �أ�شهر من اجلمود امليداين يف �سوريا‪� ،‬صدرت‬ ‫�سل�سلة من التقارير من وا�شنطن والقد�س وعمان‬ ‫واخلليج ت�شري �إىل وجود خطة �رسية جديدة يجري‬ ‫بذلها لفتح "اجلبهة اجلنوبية" �ضد نظام ب�شار‬ ‫الأ�سد‪ .‬تتمحور اخلطة املقرتحة حول هدف توحيد‬ ‫جهود عنا�رص املعار�ضة املنق�سمة‪ ،‬والذين غالب ًا‬ ‫ما يكونون من جمموعات املتمردين املعتدلني‬ ‫والعلمانيني قليلو الفعالية‪ ،‬و�إمدادهم باملزيد من‬ ‫املال والأ�سلحة املتطورة والدعم اال�ستخباري‪.‬‬ ‫لقد بات وا�ضح ًا للعيان �أن جبهة حوران اجلنوبية‬ ‫�أخذت مت�سك بزمام املبادرة يف �إطار قوى‬ ‫املعار�ضة ال�سورية التي ت�ضغط على النظام من‬ ‫جميع اجلهات‪ ،‬وذلك يف �إطار التقدم نحو العا�صمة‬ ‫دم�شق‪.‬‬ ‫عندما يرى املحللون اال�سرتاتيجيون والع�سكريون‬ ‫�أن اجلبهة اجلنوبية ومقرها درعا‪ ،‬هي التي �سوف‬ ‫ت�صل قب�ضتها اىل قلب دم�شق قبل غريها‪ ،‬ف�إن هذه‬ ‫الر�ؤية لها ما يربرها‪ ،‬لي�س من منظور �أن لكل ثورة‬ ‫�رشارة‪ ،‬و�أن �رشارة الثورة ال�سورية انطلقت فع ًال املنطقة اخلا�رصة اجلنوبية الرخوة للنظام ال�سوري‪،‬‬ ‫ال قو ًال من قبل �أطفال درعا ال�شجعان‪ .‬ولكن من والقب�ضة احلديدية للمعار�ضة ال�سورية‪.‬‬ ‫منطلق �أن اجلبهة اجلنوبية لها ميزات ا�سرتاتيجية عربت املعار�ضة ال�سورية عن الأهمية اال�سرتاتيجية‬ ‫وع�سكرية غاية يف الأهمية وهي التي تق�ض والع�سكرية جلبهة حوران اجلنوبية من خالل ما‬ ‫م�ضاجع النظام‪.‬‬ ‫�أدىل به من عمان العميد املن�شق ابراهيم اجلباوي‪،‬‬ ‫الأهمية اال�سرتاتيجية‬ ‫م�ساعد قائد �رشطة حم�ص ال�سابق ومدير الهيئة‬ ‫تنبع هذه الأهمية من منطلق �أن املوقع اجليو ال�سورية للإعالم والناطق الر�سمي با�سم اجلبهة‬ ‫�سرتاتيجي ملنطقة حوران التي تخنق النظام اجلنوبية ان اجلبهة ت�أ�س�ست قبل نحو �شهرين وت�ضم‬ ‫من اجلنوب هو الأكرث ت�أثرياً يف ح�سم املوقف �أكرث من ‪ 55‬ف�صي ًال ثوري ًا م�سلح ًا يقدر تعدادها‬ ‫اال�سرتاتيجي املرتنح منذ �أكرث من ثالث �سنوات بحوايل ‪ 30‬الف مقاتل‪ .‬م�ضيف ًا �أن الهدف من‬ ‫ل�صالح املعار�ضة‪ .‬كما �أن هذه املنطقة ي�سهل �إن�شاء اجلبهة هو �إ�سقاط نظام ب�شار اال�سد �أو ًال‪ ،‬ثم‬ ‫دعمها من الناحية اال�سرتاتيجية من قبل حلفاء االنطالق لإقامة دولة �سورية دميقراطية مدنية‬ ‫املعار�ضة يف منطقة اخلليج من خالل املوقف متعددة الأطياف ال�سيا�سية بحيث حتفظ حقوق‬ ‫االردين املحايد ن�سبي ًا والراف�ض لداع�ش والن�رصة‪ .‬االقليات وجتد االر�ضية اخل�صبة للعي�ش الكرمي‬ ‫ُي�ضاف لذلك بعد منطقة حوران عن دائرة النفوذ امل�شرتك لكافة مكونات ال�شعب ال�سوري‪.‬‬ ‫الإيراين والعراقي املبا�رش املوايل للنظام ال�سوري‪ ،‬متكن اجلي�ش احلر ميداني ًا من ال�سيطرة على مواقع‬ ‫ونفوذ القوى اجلهادية املعار�ضة للجي�ش احلر ع�سكرية مهمة تابعة للنظام ال�سوري يف درعا قرب‬ ‫واملعتدلني ‪ ،‬مقارن ًة باجلبهتني ال�رشقية وال�شمالية‪ .‬احلدود مع الأردن‪ ،‬مطلق ًا "ا�سم بركان حوران" على‬ ‫ردا ميداني ًا على �أعمال العنف‬ ‫من هذا املنطلق تعلق املعار�ضة ال�سورية �آما ًال عملياته التي جاءت ً‬ ‫كبري ًة على اجلبهة اجلنوبية التي �شكلت م�ؤخراً التي ترتكبها قوات الأ�سد �ضد املدنيني ال�سوريني‬ ‫زخم ًا ع�سكري ًا كبرياً‪ ،‬وبعداً ا�سرتاتيجي ًا عميق ًا من وقوات املعار�ضة‪� .‬أكدت قوات املعار�ضة م�ؤخراً‬ ‫حيث ان اجلبهة اجلنوبية املمتدة من اجلوالن غرب ًا �أن ا�شتباكات عنيفة ح�صلت بني كتائب املعار�ضة‬ ‫حتى �أطراف �سهول حوران �رشق ًا‪ ،‬ت�ضم مقاتلني من وقوات النظام يف بلدة "النعيمة" يف ريف درعا‪،‬‬ ‫ف�صائل ثورية م�سلحة معتدلة و�شبه موحدة‪� ،‬أخذت تزامنت مع ق�صف اجلي�ش احلر لكتيبة الرادار يف‬ ‫حتارب نظام الرئي�س ب�شار اال�سد يف جنوب البالد �إطار معركة "بركان حوران"‪ .‬من �أهم النتائج‬ ‫بهدف فر�ض �سيطرتها على املنطقة قبل التقدم نحو الع�سكرية �أن اجلي�ش احلر �سيطر على بلدة "داعل"‬ ‫العا�صمة دم�شق‪.‬‬ ‫يف ريف درعا‪ ،‬وعلى مقار ع�سكرية وعلى �رشيط‬ ‫الأهمية الع�سكرية‬ ‫يقع على طول احلدود بني �سوريا والأردن‪.‬‬ ‫تنبثق الأهمية الع�سكرية للجبهة اجلنوبية من وحدة لقد �ضمت اجلبهة اجلنوبية لوائي الريموك و�شهداء‬ ‫قوى املعار�ضة ال�سورية واعتدالها وتوازنها‪ .‬وكذلك حوران‪ ،‬وخا�ضت العديد من املعارك النوعية‪،‬‬ ‫�سهولة ح�صولها على �إمدادات ب�رشية وت�سليحية وحققت نتائج �إيجابية وانت�صارات ع�سكرية‬ ‫ولوج�ستية من اخلارج والداخل ال�سوري‪� .‬إ�ضاف ًة على قوات اال�سد على الأر�ض ال�سورية املحررة‬ ‫لقربها ميداني ًا من العا�صمة دم�شق‪ ،‬حيث متثل هذه يف القنيطرة ودرعا وبقية املناطق يف جنوب‬

‫�سوريا‪ .‬جت�سدت وحدة القرار اال�سرتاتيجي والتنفيذ‬ ‫الع�سكري منذ ف�شل جنيف ‪ 2 -‬حينما عقد �أكرث من‬ ‫‪ 16‬ف�صي ًال م�سلح ًا العزم على حترير موقع ع�سكري‬ ‫ا�سرتاتيجي تتواجد فيه قيادة لواء "‪ "61‬امل�س�ؤول‬ ‫عن حرا�سة ال�رشيط احلدودي مع منطقة الف�صل‬ ‫مع �إ�رسائيل‪ .‬لعل من �أهم نقاط القوة يف اجلبهة‬ ‫اجلنوبية �أنها ال ت�ضم جماعات متطرفة مرتبطة‬ ‫بتنظيم القاعدة‪ ،‬مثل جبهة الن�رصة �أو مناف�سها‬ ‫تنظيم الدولة اال�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش"‪.‬‬ ‫ذلك لأن الت�رشذم والفرقة يف جميع املناطق ال‬ ‫ي�ؤديان �إىل نتائج �إيجابية وانت�صارات ع�سكرية‬ ‫حا�سمة‪ .‬هذا التوجه اجلديد املنطلق من اجلبهة‬ ‫اجلنوبية يعني توحيد جماعات معارِ�ضة معتدلة‬ ‫حتت ائتالف واحد ينبذ التطرف والفرقة يف �صفوف‬ ‫املعار�ضة ال�سورية‪ .‬لقد انقلب ميزان القوة التكتيكي‬ ‫يف القطاع الغربي من جبهة اجلنوب‪ ،‬ل�صالح قوات‬ ‫املعار�ضة بعد حترير تل اجلابية اال�سرتاتيجي‬ ‫ب�سالح غرفة عمليات الفاحتني‪ ،‬ف�سقط �أخرياً اللواء‬ ‫"‪ "61‬الذي يتمركز على قمته‪.‬‬ ‫يبدو �أن لدى اجلبهة ما يكفيها من الأ�سلحة‬ ‫اخلفيفة‪ ،‬لكنها كبقية جبهات املعار�ضة ال�سورية‬ ‫تفتقر �إىل الأ�سلحة النوعية‪ ،‬مثل �صواريخ الكتف‬ ‫للدفاع اجلوي‪ ،‬وتلك امل�ضادة للآليات املدرعة‪،‬‬ ‫التي ت�ساعد يف �صد الغارات اجلوية وهجمات‬ ‫الدبابات لقوات النظام‪.‬‬ ‫ف�إذا ما حتقق هدف الت�سليح املتقدم ووحدة‬ ‫القيادة وح�شد القوة ف�إن اجلبهة اجلنوبية �سوف‬ ‫تكون قادر ًة على حترير جميع املناطق املحاذية‬ ‫للعا�صمة‪ ،‬حيث بعدها �ستكون قواتها على �أبواب‬ ‫دم�شق‪.‬‬

‫*عميد متقاعد‪ ،‬باحث ا�ست�شاري يف مركز‬ ‫ال�رشق للبحوث‪ -‬دبي‬


‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬ ‫ق�ضايا ‪06‬‬ ‫االنتخابات الرئا�سية‪ :‬امل�ضحك املبكي يف و�صف الواقع ال�سوري‬ ‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫حكم عاقل‬

‫يف �إحدى النكات "الفي�سبوكية" ي�رصح رامي خملوف �أنه‬ ‫م�ستعد للنزول عند خيار ال�شعب ال�سوري ليقبل �أن يكون‬ ‫ابن خال �أي رئي�س �سوري قادم! هكذا يعرب ال�سوريون‬ ‫كعادتهم بح�سهم الفكاهي وخفة دمهم عن واقع �أحوالهم‬ ‫وهواج�سهم وت�صوراتهم‪ ،‬وعذاباتهم �أي�ضا‪.‬‬ ‫هو واقع احلال وامل�ضحك املبكي‪ ،‬فب�شار الأ�سد‬ ‫لي�س رمزاً ل�شخ�ص بقدر ما هو رمز لزمرة �ضيقة من‬ ‫امل�ستفيدين واملتنفذين كانت �أ�ضيق من الوطن بكثري‪،‬‬ ‫بل حتى �أ�ضيق من الطائفة نف�سها‪ .‬وا�ستمرار ب�شار الأ�سد‬ ‫يعني ا�ستمرارا لهذه الزمرة‪ ،‬و�ضمانة ل�شبكة حتالفاتها‬ ‫وم�صاحلها الداخلية واخلارجية التي ن�سجتها عرب عقود‪،‬‬ ‫متحكمة مب�صري البلد بل حتى مبلفات املنطقة الأكرث‬ ‫ح�سا�سية‪.‬‬ ‫يعلم الأ�سد ومن حوله �أنه لي�س بحاجة ل�رشعية انتخابية‬ ‫طاملا امتلك النظام "�رشعية" الأمر الواقع‪ .‬فيم�ضي‬ ‫يف م�سل�سل االنتخابات رغم �أنف �أ�صدقائه و �أعدائه‬ ‫معاً‪ ،‬ليربهن للجميع مدى �سيطرته على الو�ضع ومدى‬ ‫ا�ستقرار �أركان نظامه‪ ،‬وهو ما ميهد لعملية �سيا�سية‬ ‫حمتملة يف "جنيف‪ ،"-3‬عادت رو�سيا للتذكري بها‪،‬‬ ‫وهذه املرة على �أ�س�س ومعطيات جديدة �أكرث رحابة مما‬ ‫فر�ض عليه يف "جنيف‪."-1‬‬ ‫بعدما �ضمن الد�ستور املعدل وامل�ستفتى عليه جتريد‬ ‫العديد من ال�سوريني من "�سوريتهم"‪� ،‬ستمار�س املواالة‬ ‫"حقها" االنتخابي باختيار مر�شحها ب�شار الأ�سد‬ ‫بكل حرية‪� ،‬أما املناطق التي ال تخ�ضع ل�سلطة النظام‬ ‫وامل�صنفة معار�ضة �ستحرم من حقها يف مقاطعة‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وما عرف بالأكرثية ال�صامتة �ستخرج عن‬ ‫�صمتها جمربة لت�شارك يف االنتخابات كي ت�ضمن لها‬ ‫قطع �أو�صال املدن‬ ‫تذاكر العبور عرب حواجز النظام التي ُت ّ‬ ‫واملناطق‪� .‬أما املغرتبون من ال�سوريني الذين يفكرون‬ ‫بالعودة يف املدى القريب لزيارة وطنهم �سي�ضطرون‬ ‫لدفع ثمن رحلة �آمنة دون ت�أخري يف قاعات �أمن املطار‬ ‫�أو املراكز احلدودية‪.‬‬ ‫ك ّتاب وخمرجو الدراما االنتخابية ال�سورية واملنتجة‬ ‫هذه املرة حملي ًا يبدو �أنهم يعتنون بالتفا�صيل الدقيقة‪،‬‬ ‫فكان ال بد من عدد من املر�شحني حتى ال تتحول‬

‫االنتخابات �إىل ا�ستفتاء كما اعتاد امل�شاهد‪/‬ال�شعب‬ ‫ال�سوري‪ ،‬ومبا �أنه ويف �أي عر�س دميقراطي ُترف�ض �أوراق‬ ‫مر�شحني‪ ،‬وجدوا �أن اكتمال احلبكة يق�ضي ب�أن يتقدم‬ ‫م�سيحي ب�أوراقه �إىل املحكمة الد�ستورية مع �أن الد�ستور‬ ‫ين�ص على �أن دين رئي�س الدولة هو الإ�سالم‪ .‬اال�ستحمار‬ ‫يبدو جزءا �رضوري ًا من احلبكة الدرامية‪.‬‬ ‫عموما ومنذ بدايته‪ ،‬يتابع ال�سوريون هذا امل�سل�سل‬ ‫بحما�س �شديد‪ .‬يت�ساءل بع�ضهم كيف جترّ�أ البع�ض‬ ‫فر�شّ ح نف�سه؟ البع�ض يرى فيه نوع ًا من الذكرى للتاريخ‬ ‫ال�شخ�صي للمر�شح �أو لتاريخ العائلة‪ ،‬والبع�ض الآخر‬ ‫يجدها وقد متت بتوجيه من "فوق"‪ .‬ي�شتد احلما�س‬ ‫حني يدور احلديث عن احلمالت االنتخابية للمر�شحني‪،‬‬ ‫ما هو برناجمهم االنتخابي؟ كيف �سيطرحون برناجم ًا‬ ‫يف وجه املر�شح الرئي�س احلايل والقادم؟ هل �سي�سمح‬ ‫لهم فعال بفر�ص مت�ساوية لت�سويق �أنف�سهم عرب و�سائل‬ ‫الإعالم الر�سمية و�شبه الر�سمية؟ هل �ستقام مناظرات‬ ‫تلفزيونية بني الأ�سد ومناف�سيه مثال؟ ما هي حجم‬ ‫االنتقادات التي قد يوجهها مر�شح ما ملناف�سه الأ�سد؟‬ ‫هل �سيفلت هذا املر�شح من قب�ضة الأمن الحقا؟ هل‬ ‫�سيفوز �أع�ضاء جمل�س ال�شعب الذين منحوا التزكية‬ ‫ملر�شح خال ب�شار الأ�سد يف �أي انتخابات قادمة ملجل�س‬ ‫ال�شعب؟ هي �أ�سئلة عدة و�إن ات�سم بع�ضها باجلدية ف�إن‬ ‫بع�ضها الآخر ال يخلوا من ال�سذاجة �أحيان ًا ومن الفكاهة‬ ‫�أحيان ًا �أخرى‪.‬‬ ‫يف نكتة "في�سبوكية" �أخرى تظهر �صورة املر�شح ب�شار‬ ‫الأ�سد وهي حتمل عبارة "انتخبوا مر�شحكم لرئا�سة‬ ‫اجلمهورية" ويف �أ�سفلها �صور للمر�شّ حني الآخرين يظهر‬ ‫فيها كل مر�شّ ح وهو ي�شري ب�إ�صبعه نحو �صورة الأ�سد مع‬ ‫عبارة تقول "انتخبوا مر�شّ حكم لرئا�سة اجلمهورية"!‬ ‫ورمبا كانت الت�سا�ؤالت الأهم والأكرث جدية التي يطرحها‬ ‫ال�سوريون‪ ،‬على �أنف�سهم على الأقل‪ ،‬هي تلك التي تدور‬ ‫حول ما �سيحمله الربنامج االنتخابي للرئي�س الأ�سد‬ ‫ونظرته مل�ستقبل �سوريا‪ ،‬ما هي وعوده االنتخابية؟ ما‬ ‫هي خطط الإ�صالح وما هي حدوده؟ وما هي احللول‬ ‫التي �سيطرحها للخروج من امل�أزق؟ هل �سيطرح جمدداً‬ ‫نظرية الع�صا ال�سحرية الغائبة التي طرحها حني ورث‬

‫احلكم للمرة الأوىل حني كان الإ�صالح �أي�رس �ألف مرة‬ ‫مما هو اليوم يف ظل �سيطرة نزعة "نيكروفيلية" (ال�شغف‬ ‫بالتدمري) عارمة؟‬ ‫هناك نكتة كررها ال�سوريون يف كل مرة ُي�ستفتون فيها‬ ‫على رئي�س اجلمهورية ويح�صد امل�ستفتى عليه ت�سعات‬ ‫�أربع �أو يف حدودها‪� ،‬أن اجهزة الأمن ال�سوري تالحق‬ ‫تلك الن�سبة ال�ضئيلة التي رف�ضت متديد الوالية للرئي�س‪.‬‬ ‫هي نكتة طبعا لأن املفارقة فيها تكمن �أن اجلميع يعلم‬ ‫�أن هذه الن�سبة وهمية بقدر ما هي الن�سبة املقابلة‬ ‫ملفقة �أي�ضاً‪ .‬لكن هذه املرة الو�ضع خمتلف فهي لي�ست‬ ‫ا�ستفتاء‪ ،‬و�إمنا يفرت�ض �أنها انتخابات تعددية تجُ رى‬ ‫لأول مرة يف التاريخ ال�سوري‪ .‬لذا حتى نكاتها �ستكون‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫حتى لو فاز ب�شار الأ�سد يف هذه االنتخابات بن�سبة‬ ‫تتعدى ‪ 90%‬من �أ�صوات امل�شاركني يف الت�صويت‪،‬‬ ‫فعليه‪ ،‬من وجهة نظر منطقية و�إح�صائية ودميقراطية‪،‬‬ ‫�أن ي�ضمن م�شاركة �شعبية يف االنتخابات بن�سبة رمبا ال‬ ‫تقل عن اخلم�سني باملائة من �أجمايل من يجب �أن يقيدوا‬ ‫يف اجلداول االنتخابية حتى تكون تلك االنتخابات‬ ‫معربة نوع ًا ما عن �إرادة ال�شعب ال�سوري‪ .‬فهل ي�ستطيع‬ ‫النظام �ضمان ذلك بعد �أن �أ�صبح ربع ال�شعب الجئ ًا ونزح‬ ‫وغيب مئات الألوف؟‬ ‫ربعه الآخر وقتل و�أعتقل وخطف ّ‬ ‫رمبا لن يعدم الو�سائل يف �سبيل ذلك‪.‬‬ ‫املجتمع الدويل املنق�سم �إزاء الأزمة ال�سورية لن‬ ‫ي�ستطيع منع العملية االنتخابية‪ ،‬وال املعار�ضة ال�سورية‬ ‫ت�ستطيع ذلك‪ ،‬وهي املن�شغلة بتحالفاتها وانتخاباتها‬ ‫وا�ستقاالتها والرتاجع عنها‪ ،‬ومبمار�سة ال�سيا�سة‬ ‫مع ال�سيا�سيني بدل ممار�ستها مع اجلمهور ال�سوري‬ ‫وتفا�صيل واقعه اليومي‪ .‬وجل ما ميكنها فعله هو الطعن‬ ‫ب�رشعية االنتخابات قبل الطعن بنتائجها‪ ،‬لتعجز جمدداً‬ ‫عن مد يد العون لل�سورين‪ ،‬فت�ستمر حالة الف�صام بني‬ ‫املعار�ضة من جهة وبني الواقع امليداين والإن�ساين يف‬ ‫الداخل ال�سوري‪ ،‬ويف خميمات الالجئني من جهة �أخرى‪،‬‬ ‫بل بني املعار�ضة وامل�ستقبل ال�سوري �أي�ضاً‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫عربي‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫م�صر‪� :‬أحكام �إعدام لكوادر من «اجلماعة» وت�صاعد العنف مع اقرتاب اال�ستحقاق الرئا�سي‬ ‫القاهرة‪« -‬البديل»‪:‬‬

‫تت�صاعد �أعمال العنف يف مدن م�رصية بالتزامن مع‬ ‫اقرتاب موعد االنتخابات الرئا�سية امل�رصية التي‬ ‫�ستجرى يف ‪ 26‬و‪ 27‬من ال�شهر اجلاري‪ ،‬حيث �شهد‬ ‫يوم اجلمعة املا�ضي تفجريات عدة‪ .‬و�أفاد م�صدر ر�سمي‬ ‫بوقوع قتيلني‪� ،‬أحدهما �ضابط برتبة مالزم �أول‪ ،‬يف‬ ‫تفجريين يف العا�صمة‪ ،‬بينما قتل جندي وجرح ثمانية‬ ‫�أ�شخا�ص يف تفجريين انتحاريني يف �سيناء‪.‬‬ ‫و�أدان جمل�س الوزراء امل�رصي يف بيان التفجريات‪ ،‬وقال‬ ‫«تلك العمليات اجلبانة لن تزيد رجال القوات امل�سلحة‬ ‫وال�رشطة البوا�سل �إال عزمية و�إ�رصارا على ا�ستكمال‬ ‫معركتهم ال�رشيفة للق�ضاء على الإرهاب الأ�سود‬ ‫ومالحقة عنا�رصه الإجرامية و�إعادة الأمن واال�ستقرار‪».‬‬ ‫وتوقع مراقبون وباحثون �أن تزداد وترية العمليات‬ ‫تعر�ضت له‬ ‫االنتحارية يف م�رص‪ ،‬وذلك على خلفية ما ّ‬ ‫جماعة الإخوان امل�سلمني منذ �إقالة حممد مر�سي ولغاية‬ ‫الأحكام الأخرية بالإعدام على عدد كبري من كوادر‬ ‫اجلماعة‪ ،‬وخا�صة احلكم الأخري الذي ا�صدرتهمحكمة‬

‫جنايات املنيا جنوب القاهرة بالإعدام على مر�شد‬ ‫متهما‬ ‫جماعة االخوان امل�سلمني حممد بديع و‪682‬‬ ‫ً‬ ‫�آخرين‪ ،‬بتهم القتل وال�رشوع يف قتل �ضباط �رشطة‪ ،‬يف‬ ‫�أحداث عنف اعقبت ف�ض ال�سلطات اعت�صام الإ�سالميني‬ ‫يف القاهرة يف �آب (�أغ�سط�س) املا�ضي‪ ،‬والذي �أ�سقط‬ ‫مئات القتلى‪.‬‬ ‫وكانت الأحكام بالإعدام قد قوبلت برف�ض غربي وا�سع‪،‬‬ ‫وانتقاد منظمات حقوقية كثرية‪ ،‬ور�أت �أن هذه الأحكام‬ ‫�سيا�سية بالدرجة الأوىل‪ ،‬وتعك�س �سيطرة الع�سكر على‬ ‫الق�ضاء‪ ،‬وتهدف �إىل �إزاحة الإخوان امل�سلمني من امل�شهد‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬متهيداً حلكم امل�شري عبد الفتاح ال�سي�سي‪.‬‬ ‫ويف الوقت نف�سه‪ ،‬ف�إن فوز ال�سي�سي بات �أمراً حم�سوم ًا‬ ‫بر�أي املراقبني واملحللني‪ ،‬و�أن حظوظ مناف�سه حمدين‬ ‫�صباحي تكاد تكون معدومة‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬موجة الت�شكيك بقدرة ال�سي�سي وامل�ؤ�س�سة الع�سكرية‬ ‫على حل م�شكالت م�رص املتفاقمة يف ت�صاعد م�ستمر‪،‬‬ ‫�إذ �أنه من غري املرجح �أن يتمكن ال�سي�سي من معاجلة‬

‫الأزمة االقت�صادية التي متر بها م�رص‪ ،‬خا�صة مع بطء‬ ‫الأن�شطة االقت�صادية‪ ،‬وتراجع الكثري من القطاعات منذ‬ ‫ثورة ‪ 25‬يناير التي �أطاحت بالرئي�س ح�سني مبارك‪،‬‬ ‫وتوقف قطاع ال�سياحة ب�شكل �شبه نهائي‪.‬‬ ‫ويف ال�سياق ذاته‪ ،‬ف�إن املعاجلة الأمنية لأزمة احلكم‬ ‫يف م�رص‪ ،‬لن تكون كافية‪ ،‬وهو ما �أكد عليه غري تقرير‬ ‫دويل‪� ،‬إذ �أنه جماعة الإخوان امل�سلمني تعر�ضت خالل‬ ‫تاريخها الطويل (�أكرث من ثمانية عقود) �إىل حاالت‬ ‫من االعتقال والإعدام طالت كوادرها‪ ،‬وا�ضطرت للعمل‬ ‫ال�رسي ل�سنوات طويلة‪ ،‬لكنها ظلت تتمتع بقدرة على‬ ‫البقاء يف خمتلف الظروف‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ف�إن قطاعات كبرية من ال�شعب‬ ‫امل�رصي تعاين من �أزمة اقت�صادية خانقة‪ ،‬و�أعداد‬ ‫ال�شباب العاطلني عن العمل يف تزايد م�ستمر‪ ،‬كما �أن‬ ‫جذب م�ستثمرين �أجانب يحتاج �إىل حالة من اال�ستقرار‬ ‫ال�سيا�سي والأمني‪ ،‬وهو ما تعاين منه م�رص ب�شدة‪.‬‬

‫لبنان �أمام �سيناريو الفراغ يف من�صب الرئا�سة‬ ‫يواجه لبنان �سيناريو الفراغ الرئا�سي بعد �أن تعذر‬ ‫ت�أمني الن�صاب الربملاين املطلوب يف اجلل�سة الثانية‬ ‫النتخاب رئي�س اجلمهورية يوم الأربعاء املا�ضي‬ ‫‪ ،‬وكانت جميع الكتل الربملانية قد ح�رضت اجلل�سة‬ ‫الأوىل‪ ،‬والتي ح�صل فيها �سمري جعجع على ‪48‬‬ ‫�صوتاً‪ ،‬وح�صل فيها النائب هرني احللو مر�شح كتلة‬ ‫جنبالط على ‪� 16‬صوتاً‪ ،‬وما زال الف�شل يف التو�صل‬ ‫�إىل مر�شح توافقي متعذراً‪ ،‬وهو ما يعك�س حدة الأزمة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وعدم قدرة الأفرقاء ال�سيا�سيني على‬ ‫التوافق‪ ،‬يف �أجواء �إقليمية ت�شهد �رصاعات كربى‪،‬‬ ‫ي�ضاف �إليها الأزمة ال�سورية‪ ،‬وتدخل حزب اهلل �إىل‬ ‫جانب النظام ال�سوري‪.‬‬ ‫ودعا الرئي�س اللبناين مي�شال �سليمان �إىل جت ّنب‬ ‫الفراغ الرئا�سي‪ ،‬و�إىل � ّأن يكون الرئي�س «�صناعة‬ ‫لبنانية»‪ ،‬وقال � ّإن «تعطيل الن�صاب عمل غري‬ ‫دميقراطي تعطيلي»‪ ،‬و�أ�ضاف يف كلمة �أمام �أع�ضاء‬ ‫ال�سلك الدبلوما�سي �ضمن فعاليات م�ؤمتر الدبلوما�سية‬ ‫الفاعلة برعاية وزارة اخلارجية يف ق�رص بعبدا‪ ،‬يوم‬ ‫اجلمعة املا�ضي‪ّ � ،‬أن «اال�ستحقاقات يجب �أن حت�صل‬

‫يف مواعيدها قبل انتهاء املهلة الد�ستورية وبالتايل‬ ‫«تدخل الدول مرفو�ض‬ ‫م�شدداً على � ّأن ّ‬ ‫جتنب الفراغ»‪ّ ،‬‬ ‫خ�صو�صا باالختيار‪ ،‬ودورها يجب �أن يقت�رص على‬ ‫ت�شجيع اللبنانيني على �إجراء اال�ستحقاق مبوعده‪».‬‬ ‫و�أ�شار �سليمان �إىل �أ ّنه اتفق مع وزير اخلارجية‬ ‫جربان با�سيل على «تنظيم جمموعة �ضغط على البنك‬ ‫الدويل مل�ساعدة لبنان»‪ ،‬وقال «�سيا�ستنا هي حتييد‬ ‫لبنان عن ال�رصاعات ولي�س الن�أي بالنف�س �إنمّ ا هذا‬ ‫معي»‪ ،‬ودعا �إىل «متكني اجلي�ش‬ ‫القرار جاء يف ظرف نّ‬ ‫من احل�صول على ال�سالح الذي يكفي كي يكون‬ ‫امل�س�ؤول عن ال�سالح‪ ،‬وهذا يجب �أن يتم بخطوة �إقرار‬ ‫اال�سرتاتيجية الدفاعية»‪ ،‬الفت ًا �إىل �أنه «بالتعاون‬ ‫مع املجتمع الدويل ميكننا ح�رص ال�سالح بيد اجلي�ش‬ ‫و�إقرار اال�سرتاتيجية الدفاعية التي تنظم ا�ستعمال‬ ‫املقاومة لل�سالح»‪ ،‬و�إىل «�أن هناك قراراً دولي ًا‬ ‫بنزع ال�سالح من املجموعات امل�سلحة وا�ستعماله‬ ‫ب�إدارة الدولة»‪ ،‬وداعي ًا �إىل «�ضبط النزوح ال�سوري‬ ‫واحلفاظ على اللبناين �أو ًال»‪ ،‬وقال‪« :‬نرف�ض التوطني‬ ‫الفل�سطيني ومن بعده ال�سوري ومتم�سكون مببادرة‬

‫ال�سالم العربية‪ ،‬وعلى �سوريا عدم املوافقة على‬ ‫تدخل �أي طرف لبناين ب�ش�ؤونها ‪.‬‬ ‫ودعا �سليمان �إىل «مراجعة» االتفاقات املعقودة‬ ‫مع �سوريا‪ ،‬كما دعا دم�شق �إىل رف�ض تدخل حزب‬ ‫اهلل �أو غريه على �أر�ضها‪ ،‬وقال‪« :‬يجب �إعادة النظر‬ ‫باالتفاقات التي �أبرمت قبل التبادل الدبلوما�سي»‪،‬‬ ‫م�شرياً �إىل «تعار�ض بني دور ال�سفري ودور الأمني‬ ‫العام للمجل�س الأعلى اللبناين ال�سوري‪ ،‬و�إىل وجوب‬ ‫«النظر ب�أمور �أخرى» ‪.‬‬ ‫من جهة �أخرى‪ ،‬ر�أى رئي�س احلكومة متام �سالم �أن‬ ‫«لبنان ال يزال يت�أثر مبحيطنا العربي والإقليمي‬ ‫الذي يت�أثر بدوره بالواقع الدويل‪ ،‬ونحن ن�شهد‬ ‫للأ�سف و�ضع ًا غري مريح �إقليمي ًا ودولياً‪ ،‬وهذا يتطلب‬ ‫منا املزيد من الت�ضامن والتوحد‪ ،‬فهناك جزء من‬ ‫�أرا�ضينا ما يزال حمت ًال‪ ،‬وهناك عدو «�إ�رسائيلي»‬ ‫مرتب�ص بنا ويهددنا من حني لآخر بو�سائل وطرق‬ ‫خمتلفة‪� ،‬أما الو�ضع يف �سوريا فهو م�أ�ساوي ومزعج‬ ‫وينعك�س علينا �إن كان على م�ستوى النازحني �أو على‬ ‫امل�ستوى ال�سيا�سي‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫الأخرية‬

‫العدد (‪ 2014/05/4 )138‬م‬

‫‪08‬‬

‫�إ�شكالية العالقة بني الثقايف وال�سيا�سي يف العامل العربي‬ ‫د‪ .‬عبداهلل تركماين‬

‫لوحة للفنان ال�سوري يو�سف عبد لكي‬ ‫اليخفى على كل ذي ب�رص وب�صرية � ّأن العجز العربي‬ ‫الذي بدا وا�ضح ًا يف ال�سنوات الأخرية يعود �إىل‬ ‫�أ�سباب عديدة تغور يف �أعماق الأو�ضاع االقت�صادية‬ ‫واالجتماعية وال�سيا�سية والثقافية العربية‪ ،‬ويبدو‬ ‫� ّأن من �أهم هذه الأ�سباب العالقة اخلاطئة بني‬ ‫امل�ستويني الثقايف وال�سيا�سي‪� ،‬أو القطيعة العميقة‬ ‫بني �أ�صحاب الر�أي و�أ�صحاب القرار‪.‬‬ ‫ويعك�س هذا الو�ضع �أزمة خطرية يف احلياة العامة‪،‬‬ ‫فهو ال ي�شري �إىل انعدام التوا�صل بني النخب‬ ‫العربية املختلفة التي يتوقف على تفاهمها حتقيق‬ ‫الأهداف الرئي�سية للمجتمعات و�صوغ الر�أي العام‬ ‫فح�سب‪ ،‬ولكنه يطرح �أ�سئلة كثرية حول �أ�سلوب بناء‬ ‫حد‬ ‫ال�سيا�سات العربية ذاتها‪ .‬فهو يعك�س �إىل � ِّأي ٍّ‬ ‫ي�ؤدي عدم التوا�صل بني النخب الثقافية والنخب‬ ‫ال�سيا�سية �إىل تفريغ ال�سيا�سة ذاتها من حمتواها‪،‬‬ ‫مما يعني �أنها �سيا�سات تقت�رص على التلم�س الذاتي‬ ‫الإرادوي للأو�ضاع وامل�شاكل واحللول وال تقوم‬ ‫على �أ�س�س �سليمة من التفكري املو�ضوعي‪ ،‬وتفتقر‬ ‫بالتايل للر�ؤية البعيدة وال�شاملة‪.‬‬ ‫ويبدو تباعد الثقايف وال�سيا�سي �أمر واقع‪ ،‬ب�سبب‬ ‫� ّأن املثقف يحمل قيم احلق واخلري والعدل ويتطلع‬ ‫�إىل امل�ستقبل‪ ،‬يف حني � ّأن ال�سيا�سي �سكوين يعي�ش‬ ‫احلدث الآين مبعزل عن �سياقاته و�آفاقه امل�ستقبلية‪.‬‬ ‫وبالرغم من هذا الأمر الواقع ‪ ،‬كلما انتهى م�رشوع‬ ‫عربي �إىل ف�شل‪ ،‬جتد كثرياً من �أ�صابع االتهام‬ ‫ت�شري �إىل املثقفني لتلقي على عاتقهم وزر الف�شل‪،‬‬ ‫وجتعل منهم ال�سبب الأ�سا�س للخيبات واالنتكا�سات‬ ‫و�ضياع الأحالم‪ ،‬وك�أنهم القائمون الفعليون على‬ ‫�أمور جمتمعاتهم و�أ�صحاب احلل والربط فيها‪.‬‬ ‫� ّإن ال�سيا�سة التي ندعو �إىل ممار�ستها ينبغي �أن ت�أخذ‬ ‫بعني االعتبار االختالالت املتولدة عن املرحلة‬ ‫االنتقالية التي نعي�شها‪ ،‬والناجمة عن تخلفنا‬ ‫الثقايف يف املجال ال�سيا�سي بال�ضبط‪ ،‬واملتمثلة‬ ‫يف ترويج فكرة خاطئة حولها بتقدميها كمجال‬

‫لل�رصاعات الذاتية والالعقالنية وغري املجدية‬ ‫وكمجال للأحقاد والكراهية واالتهامات الدنيئة‬ ‫و�إ�سقاط العقد النف�سية لأ�صحابها على من يتحمل‬ ‫م�س�ؤولية تدبري ال�ش�أن العام يف مراحل معينة‪.‬‬ ‫� ّإن فل�سفة الأنوار هي التي وفرت الأ�سا�س النظري‬ ‫للدولة الدميقراطية احلديثة التي عرفها الغرب منذ‬ ‫القرن الثامن ع�رش‪ ،‬بحيث ميكننا القول « � ّإن الأفكار‬ ‫واملقوالت النظرية عندما تتحول �إىل �أدوات للتعبئة‬ ‫والتغيري تغدو فاعلة يف �صياغة الوقائع وتوجيه‬ ‫الرهان ال�سيا�سي «‪ ،‬وبذلك يكون رجال الفكر‬ ‫فاعلني م�ؤثرين يف ال�ش�أن ال�سيا�سي‪.‬‬ ‫ويف العامل العربي‪ ،‬عندما يقف البع�ض عند‬ ‫عجز ال�سيا�سات العربية وانحدارها و�إخفاقها‬ ‫وانحطاطها‪ ،‬ال منلك �إال الت�أكيد على �أولوية‬ ‫و�أ�سبقية ال�سيا�سة التي تعني الدميقراطية واملواطنة‬ ‫والإرادة العامة‪ .‬فال�سيا�سة التي ندعو �إليها كتلة‬ ‫من الأعمال والأفعال‪ ،‬تتعامل مع احلقل ال�سيا�سي‬ ‫كمجال للمبادرة واخللق والإبداع وكف�ضاء ل�صياغة‬ ‫متف�صالت جديدة مع الواقع‪ ،‬فال ميكن اختزالها‬ ‫يف قبول املوجود ك�أمر واقع‪� ،‬إنها �سيا�سة �إرادة‬ ‫م�ستمرة للمزيد من العدالة والإن�صاف ل�صالح‬ ‫املجتمع‪ .‬ويقت�ضي ذلك �رضورة �إعادة �صياغة‬ ‫عقد جديد بني ال�سلطات العربية وبنى جمتمعاتها‬ ‫املدنية بكل متف�صالته االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫والثقافية وال�سيا�سية‪ ،‬وخا�صة �إعادة حتديد طبيعة‬ ‫احلقل االجتماعي وا�ستقالليته وحركيته وقواعده‪.‬‬ ‫وي�أخذ املثقفون‪ ،‬احلاملون لق�ضايا ال�ش�أن العربي‬ ‫العام‪ ،‬على النخب احلاكمة ترهلها وف�سادها‬ ‫و�ضعف �إجنازاتها يف جميع امليادين وجتاهلها‬ ‫للم�صالح واحلقوق الوطنية وتعلقها املتزايد‬ ‫مب�صاحلها اخلا�صة الفئوية وعجزها عن بناء‬ ‫ا�سرتاتيجيات وطنية قادرة على الوقوف يف وجه‬ ‫التحديات العاتية التي ال تكف املجتمعات العربية‬ ‫عن مواجهتها‪ .‬وهم يعتقدون � ّأن ا�ستمرار الأو�ضاع‬

‫كما هي ورف�ض التغيري وقبول م�شاركة ال�شعب‬ ‫ونخبه املختلفة يف احلياة ال�سيا�سية واالجتماعية‬ ‫والثقافية �سوف يقود حتم ًا �إىل م�ضاعفة �آثار‬ ‫الكارثة الوطنية‪ ،‬و� ّأن �شيئ ًا ال يربر �أن ُترتك �أمور‬ ‫اتخاذ القرار وبلورة ال�سيا�سات العامة لنخب مل‬ ‫حتقق جناح ًا ملحوظ ًا يف قيادة امل�سرية الوطنية‬ ‫ويف �إدارة املوارد الب�رشية واملادية‪ .‬وهم يعتقدون‬ ‫� ّأن �ضمان اال�ستقرار ال يتحقق بكبت احلريات‬ ‫وبالبط�ش وت�أبيد القوانني اال�ستثنائية ‪،‬و�إمنا‬ ‫بالإ�صالح ال�رسيع واجلدي الذي يعطي لل�شعوب‬ ‫فر�صة حت�سني �أو�ضاعها وم�شاركتها يف حمل‬ ‫امل�س�ؤولية ويطمئنها على نف�سها وعلى م�ستقبلها‬ ‫ويعزز ثقتها بقياداتها‪� ،‬أما اال�ستمرار على النهج‬ ‫القدمي الذي �أنتج الأو�ضاع الكارثية احلالية التي‬ ‫جعلت من العامل العربي �آخر منطقة من حيث النمو‬ ‫يف العامل �أجمع فلن يقود �إال �إىل انفجارات قريبة‬ ‫�ستدفع ال�شعوب ثمن ًا غالي ًا لها‪ ،‬ورمبا �أدت �إىل‬ ‫الق�ضاء على جميع املنجزات اجلزئية التي حتققت‬ ‫يف املا�ضي‪.‬‬ ‫� ّإن ال�سيا�سة حني جتتمع مع الثقافة يكون للقيادة‬ ‫معنى‪ ،‬و�إذا حدث التباعد فيما بينهما جتدنا‬ ‫نقرتب من الكارثة‪ .‬فال�سيا�سة بدون ثقافة ال‬ ‫حتل الأمور ال�صعبة‪ ،‬وحني‬ ‫تنتج �أثراً فاع ًال‪ ،‬وال ُّ‬ ‫ي�ضخ املجتمع �إىل ال�ساحة ال�سيا�سية �أفراداً غري‬ ‫ُّ‬ ‫مثقفني‪ ،‬جا�ؤوا بال�صدفة‪� ،‬أو بالوا�سطة‪� ،‬أو ك�أهل‬ ‫والء‪ ،‬يحدث الت�ضاد‪ .‬واحلل يكون يف ال�ضوابط‬ ‫التي ي�ضعها املجتمع لف�ضائه العام‪ :‬االعرتاف‬ ‫بالتعددية واحلريات والقانون العام‪ .‬وما مل نخرج‬ ‫من املعادلة التناق�ضية بني الثقايف وال�سيا�سي‬ ‫ون�صل �إىل �أر�ضية ت�سمح بالتفاهم بني �أهل الر�أي‬ ‫و�أهل ال�سلطة للتعاون على بناء املجتمعات من‬ ‫الداخل‪� ،‬أي يف الوعي والإرادة وال�ضمري والوجدان‪،‬‬ ‫فلن ن�ستطيع �أن نخرج ب�شيء و�سنجد �أنف�سنا ننحدر‬ ‫�أكرث ف�أكرث يف �سلم احل�ضارة واملدنية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.