ájô```M 2014/06/15م العدد ()144 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/06/15 )144م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (144) 15/06/2014
حرب مفتوحة بعناوين طائفية
�ش ّكل احتالل تنظيم الدولة الإ�سالمية "داع�ش" �أكرث من ن�صف العراق خالل يومني ( 11و 12من ال�شهر اجلاري) احلدث الأبرز يف املنطقة ،والالفت �أن يهرب اجلنود العراقيون دون �أية مواجهة تذكر مع عنا�رص التنظيم يف املو�صل ،وهم جنود �أحد �أكرب اجليو�ش يف املنطقة� ،إذ يبلغ تعداد اجلي�ش والأمن العراقيني حوايل مليون من ال�ضباط و�صف ال�ضباط والأفراد. هل كان نوري املالكي رئي�س وزراء العراق يتوقع خطوة كهذه؟ �ألي�س هو رئي�س الوزراء ووزير الدفاع بالوكالة ،والقائد العام للقوات امل�سلحة العراقية، وكان يفرت�ض به وبا�ستخباراته �أن يكونا على علم مبا يخطط له التنظيم� ،أم �أن املالكي كان م�شغو ًال برتتيب واليته الثالثة؟. العراق ،منذ �أن دخل الأمريكان �إليه ( ،)2003وبعد خروجهم منه ( ،)2011حتول �شيئ ًا ف�شيئ ًا �إىل دولة فا�شلة بكل املقايي�س ،حيث اال�ستئثار باحلكم هو �سيد املوقف ،وعدم القدرة على �إلغاء امليلي�شيات الطائفية، بل وال�سماح لها حتت نظر املالكي الذهاب �إىل �سوريا والقتال �إىل جانب نظام ب�شار الأ�سد ،بالإ�ضافة �إىل التنكر للمطالب ال�شعبية ملناطق الأنبار التي خرجت فيها املظاهرات منذ �أكرث من عام ،وزج ع�رشات الآالف يف ال�سجون حتت بند مكافحة الإرهاب ،وانت�شار الف�ساد املايل والإداري ،والذي يقدر بع�رشات املليارات من الدوالرات ،بينما تعي�ش �رشائح كثرية يف حالة من الفقر ،ودون كهرباء ،وال يجد �شبابه عم ًال ،وتفتقر مناطق كثرية �إىل اخلدمات الرئي�سية.
و�إيران ،هي الأخرى� ،أمل تكن تتوقع �أن تقود �سيا�ساتها الرامية �إىل ب�سط نفوذها على العراق �إىل هذا امل�آل، وهي التي �أ�رصت يف عام 2010على تن�صيب نوري املالكي رغم خ�سارته االنتخابات �أمام �إياد عالوي ،كما �أ�رصت على دعم ال�سيا�سات الإق�صائية جتاه خ�صوم املالكي من ال�سنة وال�شيعة على حد �سواء ،وي�ضاف �إىل كل هذا دعمها الالحمدود لنظام ب�شار الأ�سد يف حربه املعلنة على �شعبه ،وعدم دفعه لقبول عملية �سيا�سية تقي �سوريا خماطر عديدة ،مثل التق�سيم ،وانت�شار العنف الطائفي ،والفو�ضى التي قد تغرق البلد ل�سنوات قادمة. باركت �إيران دخول حزب اهلل �إىل �سوريا ،متجاوزة ال�سيا�سة الر�سمية للبنان جتاه الأزمة ال�سورية (الن�أي عن الأزمة) ،كما �أنها باركت ودعمت قوى عراقية للدخول �إىل �سوريا ،و�سمحت لكبار �ضباط احلر�س الثوري الإيراين بالقول �إن �أمن �إيران ميتد من طهران �إىل �شواطئ املتو�سط يف لبنان ،كما �شاركت يف دعم املهزلة االنتخابية ال�سورية ،و�أعادت تن�صيب الأ�سد على �أنقا�ض بلد ُدمرت مدنه، وتهجر �سكانه ،وقتل ّ نظامه �أكرث من � 200ألف من املواطنني. �إيران ،طَ محت �إىل ب�سط نفوذها على العراق وامل�رشق العربي ،وحتويل حكامه �إىل موظفني ،وفر�ض نف�سها بو�صفها الالعب اال�سرتاتيجي الأول يف املنطقة، دون �أن ت�أخذ بعني االعتبار م�صالح الدول الإقليمية
ح�سام مريو
الأخرى ،وقبل ذلك م�صالح ال�شعوب ،بعني االعتبار، واعتربت �أنها متتلك من مفاتيح القوة ما ميكنها للعب هذا الدور ،وفر�ضه ك�أمر واقع ،م�ستفيدة من تراجع الدور العربي ،ومن حاجة �أمريكا للخروج من املنطقة، وحتول ال�سيا�سة الأمريكية يف عهد �أوباما التي ال حتبذ االنخراط املبا�رش يف ق�ضايا املنطقة. لكن� ،إيران مل ت�ضع يف �سعيها لل�سيطرة على املنطقة �أن ح�سابات احلقل ال تطابق دائم ًا ح�سابات البيدر، و�أن ال�سحر ميكن �أن ينقلب على ال�ساحر ،و�أن القوى الإقليمية لن ت�سمح بتمدد �إيران لدرجة تهديد م�صاحلها ،و�أن املظامل يف العراق و�سوريا �ستحول الكثريين �إىل مقاتلني مل�رشوعها ،و�أن الع�صبية الطائفية ال�سنية �ست�شتد يف ظل التهديد الإيراين ،و�أن القوى املناه�ضة لإيران �ست�سعى للتحالف فيما بينها، وهو ما ي�ضع املنطقة برمتها �أمام حرب مفتوحة بعناوين طائفية ،ولي�س من ال�سهل �إخماد حرب كهذه، وال ميكن لأحد توقع النتائج. ما حدث يف العراق على يد تنظيم الدولة الإ�سالمية وف�صائل �أخرى هو �أحد نتائج ال�سيا�سة الإيرانية والأمريكية ،فهل �ستعيد الدولتان ح�ساباتهما جتاه املنطقة� ،أم �أن الوقت قد ت�أخر كثرياً؟. لكن ،اخل�شية هي �أن ال تتعلم �أمريكا و�إيران من درو�س املنطقة ،و�أن ت�ستمرا بتجاهل جذر امل�شكالت، و�رضورة بناء منظومة ال�سالم واال�ستقرار على قاعدة احرتام م�صالح اجلميع ،خا�صة حق �شعوب املنطقة ببناء دول حقيقية ال جمرد �أنظمة تابعة.