ájô```M 2014/06/15م العدد ()144 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/06/15 )144م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (144) 15/06/2014
حرب مفتوحة بعناوين طائفية
�ش ّكل احتالل تنظيم الدولة الإ�سالمية "داع�ش" �أكرث من ن�صف العراق خالل يومني ( 11و 12من ال�شهر اجلاري) احلدث الأبرز يف املنطقة ،والالفت �أن يهرب اجلنود العراقيون دون �أية مواجهة تذكر مع عنا�رص التنظيم يف املو�صل ،وهم جنود �أحد �أكرب اجليو�ش يف املنطقة� ،إذ يبلغ تعداد اجلي�ش والأمن العراقيني حوايل مليون من ال�ضباط و�صف ال�ضباط والأفراد. هل كان نوري املالكي رئي�س وزراء العراق يتوقع خطوة كهذه؟ �ألي�س هو رئي�س الوزراء ووزير الدفاع بالوكالة ،والقائد العام للقوات امل�سلحة العراقية، وكان يفرت�ض به وبا�ستخباراته �أن يكونا على علم مبا يخطط له التنظيم� ،أم �أن املالكي كان م�شغو ًال برتتيب واليته الثالثة؟. العراق ،منذ �أن دخل الأمريكان �إليه ( ،)2003وبعد خروجهم منه ( ،)2011حتول �شيئ ًا ف�شيئ ًا �إىل دولة فا�شلة بكل املقايي�س ،حيث اال�ستئثار باحلكم هو �سيد املوقف ،وعدم القدرة على �إلغاء امليلي�شيات الطائفية، بل وال�سماح لها حتت نظر املالكي الذهاب �إىل �سوريا والقتال �إىل جانب نظام ب�شار الأ�سد ،بالإ�ضافة �إىل التنكر للمطالب ال�شعبية ملناطق الأنبار التي خرجت فيها املظاهرات منذ �أكرث من عام ،وزج ع�رشات الآالف يف ال�سجون حتت بند مكافحة الإرهاب ،وانت�شار الف�ساد املايل والإداري ،والذي يقدر بع�رشات املليارات من الدوالرات ،بينما تعي�ش �رشائح كثرية يف حالة من الفقر ،ودون كهرباء ،وال يجد �شبابه عم ًال ،وتفتقر مناطق كثرية �إىل اخلدمات الرئي�سية.
و�إيران ،هي الأخرى� ،أمل تكن تتوقع �أن تقود �سيا�ساتها الرامية �إىل ب�سط نفوذها على العراق �إىل هذا امل�آل، وهي التي �أ�رصت يف عام 2010على تن�صيب نوري املالكي رغم خ�سارته االنتخابات �أمام �إياد عالوي ،كما �أ�رصت على دعم ال�سيا�سات الإق�صائية جتاه خ�صوم املالكي من ال�سنة وال�شيعة على حد �سواء ،وي�ضاف �إىل كل هذا دعمها الالحمدود لنظام ب�شار الأ�سد يف حربه املعلنة على �شعبه ،وعدم دفعه لقبول عملية �سيا�سية تقي �سوريا خماطر عديدة ،مثل التق�سيم ،وانت�شار العنف الطائفي ،والفو�ضى التي قد تغرق البلد ل�سنوات قادمة. باركت �إيران دخول حزب اهلل �إىل �سوريا ،متجاوزة ال�سيا�سة الر�سمية للبنان جتاه الأزمة ال�سورية (الن�أي عن الأزمة) ،كما �أنها باركت ودعمت قوى عراقية للدخول �إىل �سوريا ،و�سمحت لكبار �ضباط احلر�س الثوري الإيراين بالقول �إن �أمن �إيران ميتد من طهران �إىل �شواطئ املتو�سط يف لبنان ،كما �شاركت يف دعم املهزلة االنتخابية ال�سورية ،و�أعادت تن�صيب الأ�سد على �أنقا�ض بلد ُدمرت مدنه، وتهجر �سكانه ،وقتل ّ نظامه �أكرث من � 200ألف من املواطنني. �إيران ،طَ محت �إىل ب�سط نفوذها على العراق وامل�رشق العربي ،وحتويل حكامه �إىل موظفني ،وفر�ض نف�سها بو�صفها الالعب اال�سرتاتيجي الأول يف املنطقة، دون �أن ت�أخذ بعني االعتبار م�صالح الدول الإقليمية
ح�سام مريو
الأخرى ،وقبل ذلك م�صالح ال�شعوب ،بعني االعتبار، واعتربت �أنها متتلك من مفاتيح القوة ما ميكنها للعب هذا الدور ،وفر�ضه ك�أمر واقع ،م�ستفيدة من تراجع الدور العربي ،ومن حاجة �أمريكا للخروج من املنطقة، وحتول ال�سيا�سة الأمريكية يف عهد �أوباما التي ال حتبذ االنخراط املبا�رش يف ق�ضايا املنطقة. لكن� ،إيران مل ت�ضع يف �سعيها لل�سيطرة على املنطقة �أن ح�سابات احلقل ال تطابق دائم ًا ح�سابات البيدر، و�أن ال�سحر ميكن �أن ينقلب على ال�ساحر ،و�أن القوى الإقليمية لن ت�سمح بتمدد �إيران لدرجة تهديد م�صاحلها ،و�أن املظامل يف العراق و�سوريا �ستحول الكثريين �إىل مقاتلني مل�رشوعها ،و�أن الع�صبية الطائفية ال�سنية �ست�شتد يف ظل التهديد الإيراين ،و�أن القوى املناه�ضة لإيران �ست�سعى للتحالف فيما بينها، وهو ما ي�ضع املنطقة برمتها �أمام حرب مفتوحة بعناوين طائفية ،ولي�س من ال�سهل �إخماد حرب كهذه، وال ميكن لأحد توقع النتائج. ما حدث يف العراق على يد تنظيم الدولة الإ�سالمية وف�صائل �أخرى هو �أحد نتائج ال�سيا�سة الإيرانية والأمريكية ،فهل �ستعيد الدولتان ح�ساباتهما جتاه املنطقة� ،أم �أن الوقت قد ت�أخر كثرياً؟. لكن ،اخل�شية هي �أن ال تتعلم �أمريكا و�إيران من درو�س املنطقة ،و�أن ت�ستمرا بتجاهل جذر امل�شكالت، و�رضورة بناء منظومة ال�سالم واال�ستقرار على قاعدة احرتام م�صالح اجلميع ،خا�صة حق �شعوب املنطقة ببناء دول حقيقية ال جمرد �أنظمة تابعة.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/15 )144م
تقارير
02
«داع�ش» من الرقة �إىل املو�صل يخلط الأوراق امليدانية والع�سكرية خا�ص «البديل» :
خالل �أيام قليلة ،متكن تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش" �أن يخلط الأوراق يف امليدان الع�سكري العراقي ،و�أن يلفت �إليه الأنظار على م�ستوى عاملي ،فقد احتل التنظيم م�ساحات وا�سعة من العراق ،قدرت بحوايل ن�صف م�ساحة العراق ،كما �أثارت خطوة "داع�ش" جملة من التحليالت الع�سكرية وال�سيا�سية ،خا�صة �أن التنظيم دخل مدن عراقية من دون مقاومة تذكر ،كما �أن تعداد مقاتليه يف العراق ال يتجاوز ال�سبعة �آالف مقاتل ،وهو رقم �ضئيل باحل�سابات الع�سكرية بعديد اجلي�ش العراقي الكبري ،والذي يقدر بح�سب بع�ض الإح�صاءات بحوايل املليون مقاتل من جي�ش و�أمن. ت�ش ّكل تنظيم الدولة اال�سالمية يف العراق وال�شام (داع�ش) يف ني�سان ،2013وكان ثمرة اندماج بني "دولة العراق الإ�سالمية" التابع لتنظيم "القاعدة" الذي ت�ش ّكل يف ت�رشين الأول (�أكتوبر) 2006وبني املجموعة الإ�سالمية امل�سلحة يف �سورية املعروفة بـ"جبهة الن�رصة"� ،إال �أن الأخرية رف�ضت هذا االندماج على الفور ،وبد�أت املعارك بني الطرفني يف كانون الثاين (يناير) .2014 واعرت�ض "داع�ش" علن ًا على �سلطة زعيم تنظيم "القاعدة" �أمين الظواهري ،ورف�ض اال�ستجابة لدعوته الرتكيز على العراق وترك �سورية جلبهة الن�رصة. وكان "داع�ش" يف بداياته يعمل حتت ا�سم "جماعة التوحيد واجلهاد" بزعامة ابي م�صعب الزرقاوي يف عام ،2004قبل �أن يبايع هذا االخري زعيم "القاعدة" ال�سابق �أ�سامة بن الدن لي�صبح ا�سمه "القاعدة يف بالد الرافدين". وبعد مقتل الزرقاوي "انتخب" �أبي حمزة املهاجر زعيم ًا للتنظيم .وبعد �أ�شهر �أعلن عن ت�شكيل "دولة العراق اال�سالمية" بزعامة �أبي عمر البغدادي الذي جنحت القوات الأمريكية يف ني�سان 2010من قتله وم�ساعده �أبي حمزة املهاجر ،واختار التنظيم من بعده �أبو بكر البغدادي خليفة له. ويقدر الباحث يف مركز "بروكينغز" يف الدوحة ت�شارلز لي�سرت �أعداد املن�ضوين يف هذا التنظيم ما بني خم�سة و�ستة �آالف مقاتل يف العراق ،و�سبعة �آالف يف �سورية. ويف ما يتعلق باجلن�سيات ،يقول اخلبري يف احلركات اال�سالمية رومان كاييه من املعهد الفرن�سي لل�رشق الأو�سط �أن معظم املقاتلني على الأر�ض يف �سورية، هم من اجلن�سية ال�سورية ،لكن قادتهم ي�أتون يف اغلب االحيان من اخلارج ،ويكونون قد قاتلوا من قبل يف العراق وال�شي�شان و�أفغان�ستان� .أما يف العراق فمعظم املقاتلني من العراقيني. وي�ضم التنظيم مئات املقاتلني الناطقني بالفرن�سية من فرن�سيني وبلجيكيني ومغاربة. و�سيطر التنظيم يف كانون الثاين املا�ضي مع جماعات �أخرى على الفلوجة وقطاعات من الرمادي غرب بغداد.
معظم املقاتلني على الأر�ض يف �سورية هم من اجلن�سية ال�سورية لكن قادتهم ي�أتون يف اغلب االحيان من اخلارج احتل "داع�ش" مدن الأنبار نينوى و�صالح الدين واملو�صل ،ودعا نوري املالكي رئي�س الوزراء العراقي الربملان لإعالن حالة الطوارئ ،لكن مل ي�ؤمن الن�صاب الكايف لأع�ضاء الربملان من �أجل �إعالن حالة الطوارئ ،وهو ما يعك�س حالة �رصاع قوية بني املكونات ال�سيا�سية العراقية ،خا�صة �أن االحتقان ال�سيا�سي كان قد و�صل �إىل ذروته خالل االنتخابات الربملانية ،ورف�ض الكثري من املكونات تويل نوري املالكي رئا�سة الوزراء لوالية ثالثة، كما تعرت�ض الكثري من املكونات �سماح املالكي لكثري من امليلي�شيات ال�شيعية للقتال �إىل جانب النظام ال�سوري. وقال وزير اخلارجية الأمريكي جون كريي يوم اجلمعة املا�ضي �إنه يتوقع �أن يتخذ الرئي�س الأمريكي باراك �أوباما قراراً يف الوقت املنا�سب ب�ش�أن اخلطوات التي �ستتخذها الواليات املتحدة للم�ساعدة يف حماربة الهجوم ال�ضاري للمت�شددين الإ�سالميني امل�سلحني يف العراق. وقال كريي يف م�ؤمتر �صحفي مع وزير اخلارجية الربيطاين وليام هيج "نظراً خلطورة الو�ضع اتوقع قرارات يف الوقت املنا�سب من الرئي�س فيما يخ�ص التحدي". و�أ�ضاف "�إنني واثق من �أن الواليات املتحدة �ستتحرك ب�رسعة وبفاعلية مل�شاركة حلفائنا يف التعامل مع هذا التحدي". وقال �أوباما يوم اخلمي�س املا�ضي �إنه يدر�س "كل اخليارات" لدعم احلكومة املركزية يف العراق التي تقودها مكونات �سيا�سية �شيعة �سيطرت ب�شكل كامل بعد انتهاء االحتالل الأمريكي للعراق يف
عام 2011بعد مرور ثمانية �أعوام على الغزو الذي �أطاح ب�صدام ح�سني يف عام . 2003 وقال كريي كذلك �إن رئي�س الوزراء العراقي نوري املالكي يجب �أن يبذل املزيد لتنحية اخلالفات الطائفية يف بالده جانبا. وتابع قائال "رئي�س الوزراء املالكي وكل الزعماء العراقيني بحاجة لبذل املزيد لتنحية اخلالفات الطائفية جانبا" ،ملمح ًا �إىل �شكاوى غربية قائمة منذ فرتة طويلة من �أن املالكي مل يبذل ما يكفي حلل اخلالفات الطائفية التي جعلت من ال�سنة العراقيني املحرومني من ال�سلطة منذ الإطاحة ب�صدام ي�شعرون بالظلم وي�سعون لالنتقام. �أما املرجع ال�شيعي الأعلى �آية اهلل علي ال�سي�ستاين حث �أتباعه على حمل ال�سالح والدفاع عن فقد ّ �أنف�سهم يف مواجهة تقدم املت�شددين ال�سنة ،وذلك يف ت�صعيد خطري لل�رصاع الذي يهدد باندالع حرب �أهلية. وخالل �صالة اجلمعة يف مدينة كربالء تليت ر�سالة من ال�سي�ستاين دعا فيها النا�س �إىل االحتاد ل�صد تقدم م�سلحي تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام. ويف التحرك الوا�سع لتنظيم "داع�ش" متكن من اال�ستيالء على مبالغ مالية كبرية من بنك املو�صل، قدرت بحوايل 400مليون دوالر ،بالإ�ضافة �إىل كميات كبرية من العتاد ،و�سيارات الدفع الرباعي، وهو ما من �ش�أنه �أن يزيد من قوة التنظيم ،كما ت�شري بع�ض التحليالت �إىل �أن ازياد نفوذ "داع�ش" من �ش�أنه �أن يدفع الكثري من قوى املعار�ضة امل�سلحة ال�سورية �إىل االن�ضمام للتنظيم يف ظل قلة الدعم املقدم لها من الغرب ،لكن الأخطر هو �أن "داع�ش" مبا بات عليه من قوة �أ�صبح العب ًا مهم ًا على ال�ساحتني ال�سورية والعراقية ،خا�صة �أن متدده بني البلدين قد �أزاح جانب ًا معاهدة "�سايك�س بيكو" ،وفتح احلدود وامل�شكالت بني البلدين على بع�ضهما البع�ض ،كما قد ي�رسع بال�سعي �إىل �إيجاد حل للأزمة ال�سورية.
03
حتليل �سيا�سي
العدد ( 2014/06/15 )144م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
حزب اهلل والثقب الأ�ســود ال�سوري غازي دحمان
يف �أحدث تقرير لها ،و�صفت جمموعة» الأزمات الدولية» ،تورط حزب اهلل يف �سورية ،مبثابة دخوله تورطه الطويل الأمد الثقب الأ�سود يف كناية �إىل ّ يف هذا ال�رصاع ،وذلك يف حماولة يائ�سة لإنقاذ حليفه ب�شار الأ�سد ،ويتزامن �صدور هذا التقرير مع ظهور م�ؤ�رشات عن حالة من التململ بد�أت بالتبلور �سواء داخل الأطر التنظيمية للحزب �أو داخل بيئته احلا�ضنة ،يف وقت ذهب ح�سن ن�رص اهلل �إىل التب�شري بانت�صار تنظيمه يف �سورية ،فيما بدا �أنها حماولة لرفع معنويات بيئته املتذمرة من ارتفاع خ�سائرها يف حرب ال نهاية وا�ضحة لها. مل يعد خافيا حجم اخل�سائر الكبرية وحالة اال�ستنزاف التي يعاين منها تنظيم حزب اهلل يف �سورية ،وت�شري التقديرات احلذرة جداً �إىل خ�سارته حلوايل �ألف مقاتل من �أتباعه ،ف�ضال عن ع�رشة �أالف جريح ،جزء كبري منهم �أ�صيب ب�إعاقات متنع عودته �إىل �ساحات القتال وتخرجه من �إطار القوة ال�ضاربة للحزب� ،إ�ضافة �إىل مقتل العديد من قادته الكبار ،والذين كانوا يديرون مواقع ح�سا�سة داخل التنظيم ،مما يعر�ض التنظيم خلطر االنك�شاف والتفكك� ،إن مل يكن اال�ضمحالل بعد �سنوات قليلة، وهو الزمن املقدر ال�ستمرار ال�رصاع يف �سورية� ،أو يجد التنظيم نف�سه �أمام خيار االعرتاف بالهزمية واالنكفاء �إىل الداخل اللبناين ،وهذا ما ال يريده ن�رص اهلل ،لذا يتمنى علينا ت�صديق �أكذوبته و�إلقاء ال�سالح ليعلن هو ن�رصه� ،أو بتعبري �أدق ليتخل�ص من هذه الورطة. املركبة التي و�ضع تنظيم حزب اهلل هذه الورطة ّ نف�سه فيها ت�ضعه ،يف حال قرر اال�ستمرار ،حتت خطر اال�ستنزاف الدائم و�صوال �إىل االنتحار ،ذلك �أنه ويف �سبيل تظهري انت�صاراته ،ي�ضطر التنظيم �إىل �إجراء عملية انت�شار وا�سعة متتد على كامل الأر�ض ال�سورية ،وهو �إن مل يفعل ذلك ف�إن نظام الأ�سد الذي و�صل �إىل درجة عالية من الإنهاك �سيجرب على اال�ست�سالم والتال�شي ،وهذا احلجم من االنت�شار
يفوق قدرات التنظيم الب�رشية والع�سكرية ،وهو يكاد ي�شبه �سكب املاء يف الرمال. �أمام هذا الواقع ،ثمة ت�رسيبات تفيد ب�أن التنظيم بات يجري مراجعات يومية عما يفعله يف �سورية على وقع ارتفاع خ�سائره ،حيث بات يواجه �أ�سئلة دائمة من الكثري من كوادره عن مدى قدرة التنظيم على حتمل كلفة احلرب يف �سورية ،وما هو االنت�صار الذي يتحقق �أمام كل ذلك العدد من القتلى واجلرحى ،وما هو م�صري التنظيم بعد �أن دمرت احلرب يف �سورية وحداته اخلا�صة وا�ستنزفت طاقته؟ �أكرث من ذلك فقد بدا التململ داخل حا�ضنته ال�شعبية التي متثل خزانه الب�رشي� ،إذ يظهر ا�ستطالع �أجراه م�ؤخرا مركز درا�سات �أمريكي عن ارتفاع ن�سبة كارهي ب�شار الأ�سد يف �صفوف �شيعة لبنان، ما يعك�س مدى التعب الذي باتت تعانيه تلك البيئة التي ترهن �أبناءها وقوداً بهدف بقائه على كر�سي احلكم يف �سورية. الر�أي ال�سائد لدى الكثري من القريبني من دوائر القرار داخل حزب اهلل �أن م�شاركة احلزب يف احلرب ال�سورية قرار خارجي فر�ضته مرجعيات �إيرانية، ومل يكن بالإمكان رف�ض تلك الأوامر نظرا للدور الإيراين الداعم للحزب على خمتلف الأ�صعدة، وخا�صة و�أن �إيران ت�ؤمن �سنويا حوايل 200مليون دوالر من �أجل تغطية نفقات احلزب .وتاليا ف�إن خروج احلزب من دوامة احلرب ال�سورية مرتبط بدرجة كبرية باال�سرتاتيجية الإيرانية� ،أو بالأ�صح مرهون بهذه اال�سرتاتيجية. ال �شك �أن وجود حزب اهلل يف امليدان ال�سوري �سي�شكل جاذبا دائما لتنظيمات متطرفة من منطه ،و�سي�ستدعي ا�ستمرار ن�شاطه �إيجاد مربر لربوز �رصاع مذهبي عميق بني مكونات ال�شعب ال�سوري نف�سه ،وبالتبعية �سيجد �صداه يف الإقليم بكامله ،الأمر الذي ي�ؤدي لي�س فقط �إىل تهديد امن و�سالمة املنطقة برمتها ،بل �إىل �إطالة �أمد ال�رصاع ل�سنوات قادمة ،وهو متاما ما تف�ضله بع�ض القوى
الغربية و�إ�رسائيل ،تطبيقا لقاعدة» ليقتل الأ�رشار بع�ضهم بع�ضا» ،ويف هذه احلالة يبدو حزب اهلل وك�أنه ي�ؤدي وظائف مزدوجة ،فهو من جهة يخدم امل�رشوع الإيراين املذهبي يف املنطقة ،ومن جهة ثانية ينفذ خطط �إ�رسائيل وا�سرتاتيجياتها املتطلعة �إىل دمار �سورية وتفتيتها وا�ستنفاد جهود القوى التي ت�صنفها يف خانة الأعداء لها!. لقد �أثبتت التطورات امليدانية ،يوما بعد �آخر، قدرة الثورة ال�سورية على ابتداع طرق جديدة للتكيف مع املتغريات احلا�صلة يف امليدان ،ولع ّل �أخرها التحوالت التي جتريها قوى الثورة على طرق وتقنيات عملها ،للتكيف مع طبيعة حرب الع�صابات التي فر�ضها حزب اهلل وامليلي�شيات العراقية والإيرانية ،مع اعتمادها ا�سرتاتيجية جديدة ال تركز على م�س�ألة االحتفاظ بالأر�ض، وترك اخل�صم يو�سع انت�شاره ليجري ا�ستنزافه على م�ساحات وا�سعة ،فيما يبدو �أنه ت�صحيح للنهج القتايل لذي كاد ي�ستنزف قوى الثورة يف مراحل �سابقة ،وقد �أراحت تلك الأخطاء يف مرحلة �سابقة حزب اهلل ،وا�ستطاع بف�ضلها حتقيق انت�صارات �إعالمية كبرية. يحاول حزب اهلل اخلروج من امل�أزق ال�سوري عرب �إيهام قوى الثورة ال�سورية ب�أنها انهزمت ومل يعد �أمامها �سوى الإقرار بهذا الواقع ،على اعتبار �أنه بات من امل�ستحيل تعديل موازين القوى مل�صلحتها يف امليدان ،بالطبع ال يعدو ذلك كونه �أ�سلوب حرب نف�سية يخفي وراءه امل�أزق الكبري الذي يحاول حزب اهلل اخلروج منه ،و�إذ تبدو تلك املحاوالت جمرد �أماين ورغبات للحزب بالتخل�ص من امل�أزق، ف�إن تطورات الواقع امليداين تفر�ض عليه واحداً من خيارين� ،إما �إعالن اخل�سارة واالكتفاء بهذا القدر وتاليا االنكفاء �إىل لبنان لريمم جراحه وبنيته، و�إما ا�ستمرار اال�ستنزاف يف حرب لن يك�سب فيها، بل �سي�ؤجل �إعالن الهزمية بعد ان يكون احلزب قد و�صل �إىل �أعتاب التال�شي واالنقرا�ض.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/15 )144م
ر�أي
04
جلـــــوء املــعــار�ضــة ال�ســورية فيكتوريو�س بيان �شم�س
لعب الالجئون ال�سوريون يف م�رص ،والذين بلغت �أعدادهم يف الذروة قرابة ( )250,000دوراً رائداً يف �إظهار ثورتهم �إىل العامل عرب خمتلف الأن�شطة املدنية والثقافية والتعليمية واالحتجاجية وغريها .يف وقت كانت هجرات النزوح يف �أوجها ب�سبب ت�صاعد عنف النظام �ضد مناطقهم ،فكانت م�رص� ،صاحبة التاريخ البعيد املرتبط ع�ضوي ًا ب�سورية ،بلد الأمن والأمان التي احت�ضنتهم يف �أ�شد حلظات �ضعفهم ،وقلعة يتم ّتعون فيها بتعاطف متميز عن كل دول اللجوء العربية الأخرى، �شعبي ّ وميار�سون فيها خمتلف �أ�شكال �أن�شطتهم بحرية ملفتة. افتتحت املعار�ضة ال�سورية ،وعلى خمتلف انتماءاتها وم�شاربها ال�سيا�سية والأيديولوجية ومقرات يف م�رص ،دون �أن ُيع ّكر �صفو ذلك مكاتب ّ �شيء .لكن التعاطي ،على ما فيه من �إيجابية كما يتحرك ب�شكله الر�سمي بني م�ستويني، قد يظهر ،كان ّ املمتدة امل�سلمني إخوان ل ا حكم وحتديداً يف فرتة ّ من /30متوز 2012/وحتى /3متوز.2013/ ففي حني كان الإخوان امل�سلمني يوحون ،و�أحيان ًا ي�رصحون بانحيازهم لل�شعب ال�سوري ،وثورته ّ على نظامه ،كما حدث يف ،15/6/2013عندما قطع الرئي�س املعزول حممد مر�سي عالقات بالده الدبلوما�سية مع النظام ال�سوري ،وهي خطوة على أهميتها �سيا�سي ًا ودعائي ًا ،كانت غري حم�سوبة، � ّ وكارثية لل�سوريني املقيمني يف م�رص ،لأن �إغالق عطل �أعمالهم ،وع ّقد عملية ح�صولهم على ال�سفارة ّ �أوراق ي�سيرّ ون بها حياتهم .و ربمّ ا كانت هذه اخلطوة حماولة لك�سب ال�سوريني املقيمني يف "مترد" قد انطلقت ،وبد�أ حكم م�رص� ،إذ كانت حملة ّ "الإخوان" يت�ضع�ضع رويداً رويداً .هذا ما انعك�س وبا ًال على حياة ال�سوريني املوجودين يف م�رص بعد الإطاحة بهم� ،إذ ا�ستغ ّلت بع�ض و�سائل الإعالم امل�رصية ذلك� ،إ�ضافة مل�شاركة بع�ض ال�سوريني لت�شن يف احتجاجات "الإخوان" بعد الإطاحة بهمُ ، حملة حتري�ض ،وتهديد ،وكراهية �ضد ال�سوريني، مع �أن �أعداد ال�سوريني الذين �شاركوا مبظاهرات ميدان "التحرير" تفوق �أولئك الذين كانوا يف ميدان املرات .هذا ما � ّأدى فيما بعد لرفع "رابعة" مبئات ّ ليتعر�ضوا ال�سوريني، عن أمني ل الغطاء ال�سيا�سي وا ّ مل�ضايقات ال عد لها وال ح�رص يف جو من التوتر ال�شديد ،وهو ما � ّأدى بدوره لهجرات �رسيعة يف جهات الأر�ض الأربعة. يقدم "الإخوان" بعد مل الثاين، على امل�ستوى ّ و�صولهم لل�سلطة ال�شيء الكثري لل�سوريني ،فعمليات التع�سفي �أثناء �إجراءات متديد الإقامة، الت�سفري ّ كانت تطال البع�ض دون �أي �سبب �أو تف�سري منطقي. املحملة بال�سالح، عدا عن �أن ال�سفن الإيرانية ّ واملتوجهة �إىل �سورية لإمداد قوات النظام، ّ كانت تعرب قناة ال�سوي�س ب�شكل طبيعي ،رغم كل املطالبات امل�رصية وال�سورية بوقفها. الأدهى� ،أن الرئي�س املخلوع حممد مر�سي ،ويف زيارته ال�شهرية لرو�سيا يف /14ني�سان،2013/ والتي حاول فيها �أن يح�صل على القمح الرو�سي
املادة ب�شكل �أ�سا�سي (ب�سبب ال�شح املزمن لهذه ّ �رصح �أثناء لقائه بالرئي�س الرو�سي اال�سرتاتيجية) ّ فالدميري بوتني ب�أن "الر�ؤية امل�رصية ملا يحدث يف �سورية ،متطابقة متام ًا مع الر�ؤية الرو�سية"!. تخبط يف م�ستويان من التعاطي يد ّالن على وجود ّ الر�ؤية ،وعدم قدرة على موازنة م�صالح البالد، ب�أيديولوجيا التنظيم ،الذي من املفرت�ض �أن الرئي�س ا�ستقال منه يوم �أعلن عن فوزه. �أتى هذا يف ظل حماوالت م�رصية ،يف تلك الفرتة، ممتدة �إىل اليوم ،لر�سم عالقات وبعدها ،وهي ّ دولية جديدة بني �أحد املع�سكرين الكبريين الذين يتناهبان املنطقة� ،أي رو�سيا ،و�أمريكا. املح�صلة ،دفع ال�سوريون والفل�سطينيون ثمن يف ّ هذه التغيريات امليلودرامية – الدراماتيكية ،فبد�أت عمليات الهجرة الثانية وب�أعداد هائلة من م�رص، �سواء ال�رشعية منها� ،أو غري ال�رشعية عرب البحر، حيث و�صل الي�أ�س بالبع�ض حد املغامرة بحياته للو�صول �إىل ال�ضفة الأخرى. يف هذه الأثناء ،وب�سبب من انعدام حيويتها، وغرقها مب�شاكل جانبية �شغلتها عن هموم النا�س وم�شاكلها ،كانت "املعار�ضة" ال�سورية قد بد�أت تخ�رس واحدة من �أهم �ساحاتها ،يف ظل كالم كثري عن انت�شار الف�ساد ،وانعدام ال�شفافية فيها، وهو ما �أرغم النا�س يف داخل �سورية لت�سمية جمعة ،21/3/2014بـ "جمعة �إ�سقاط رئي�س االئتالف �أحمد اجلربا" ،ل�شعور النا�س بعدم قدرة هذا "االئتالف" على القيام بواجباته وم�س�ؤولياته جتاههم يف الداخل واخلارج. كما بات وا�ضح ًا �أن "االئتالف" الذي ت�ش ّكل يف �أواخر العام ،2012كغريه من الأطر ال�سيا�سية تدعي متثيل ال�شعب ال�سوري، "املعار�ضة" التي ّ ميثل جملة توازنات دولية ،تعب عن م�صالح الدول الداعمة له� ،أكرث بكثري من تعبريه عن م�صالح
ال�شعب القابع حتت الق�صف والدمار .هذا ما � ّأكدته على �سبيل املثال النا�شطة رميا فليحان يف بيان ا�ستقالتها من "االئتالف" يف /29ني�سان2014/ عندما قالت" :يف االئتالف زمالء وزميالت �رشفاء �أعتز بهم والعمل معهم لكنهم ال ي�ستطيعون ال هم وال �سواهم التغيري بفعل التجاذبات اخلارجية التي تق�سم االئتالف وتتجاذب القرار" .وا�ضحة تبعية "االئتالف" ك�أكرب قوى "املعار�ضة" للخارج .ظهر هذ ب�شكل جلي على خلفية اخلالفات اخلليجية ،بعد �أن قطعت بع�ض الدول و�أبرزها ال�سعودية عالقاتها الدبلوما�سية بقطر يف �آذار.2014/ امللفت بعد كل هذا� ،أن "االئتالف" الذي ي�سيطر على �أكرث من �سفارة �سورية يف اخلارج ،يف باري�س، وقطر ،وليبيا ،وبلغاريا وغريها .عجز عن انتزاع حق ا�ست�صدار الوثائق والأوراق الثبوتية لأكرث هجرين عن بيوتهم من ( 10ماليني) �سوري ُم ّ ومناطقهم كما وعد ب�أكرث من منا�سبة. الأدهى من ذلك ك ّله� ،أن بع�ض رموز هذه املعار�ضة من الذين ال يحملون جن�سيات دول �أخرى (وهم ق ّلة) ،كهيثم املالح مث ًال ،والذي كان قد �أعلن عن حكومته امل�ؤ ّقتة من القاهرة يف �أواخر متوز 2012/من القاهرة ،ح�صل مع جمموعة من زمالئه يف "االئتالف" مثل ب�سام امللك ،و�أنور بدر، وغريهم على حق اللجوء ال�سيا�سي ب�أملانيا يف ني�سان.2014/ هذا ما ي�ؤ�شرّ ب�شكل ال لب�س فيه� ،إىل �أن "املعار�ضة" ال�سورية باتت عاجزة ،لي�س فقط يف الرهان على �شعبها وقواه احلية ،بل حتى على نف�سها وقدراتها. وهو ما ُيح ّتم على ال�شعب ال�سوري االنتفا�ض للمرة الثانية لت�صحيح م�سار ثورته ،لتغيري النظام مبا هو تركيبة كاملة متكاملة –�سلطة و "معار�ضة"- وانتزاع ح ّقه بخلق بديله الثوري الذي ُيعبرّ عن طموحاته و�أحالمه.
05
ر�أي
العدد ( 2014/06/15 )144م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
جتاهل دويل لدعم احلركات املدنية يف �سوريا �سكوت لوكا�س -ترجمة و�إعداد «البديل»:
تربز امل�س�ألة ال�سورية العديد من النقاط املتعلقة بتجاهل احلركات ال�سلمية من قبل الدول الفاعلة، وتركيز الدعم لف�صائل املعار�ضة امل�سلحة. قمع النظام احلراك ال�سلمي ،ومن ثم تطورت �ألأمور، وجتاوزت الواقع املحكوم بال�سالح احلركات ال�سلمية. �إن �أقل ما ن�سمع عنه من الأخبار القادمة من �سوريا هي الأخبار املتعلقة باحلراك ال�سلمي ،حيث تت�صدر �أخبار العمليات امل�سلحة الواجهة. لكن ،بالعودة �إىل م�سار الو�ضع ال�سوري ،ف�إن احلراك ال�سلمي ،وما ن�ش�أ عنه من حركات ،كان هو الأ�سا�س يف االحتجاجات ال�سلمية التي انطلقت يف منت�صف �آذار من العام ،2011وكان العامل يربز تعاطف ًا وا�سع ًا مع هذا احلراك الن�ضايل اجلماهريي الوا�سع، ويف ذلك الوقت �شهدنا ان�شقاقات وا�سعة من قبل ع�سكريني حتى حتولت االن�شقاقات يف فرتة ما �إىل ظاهرة وا�سعة. �إن الإجراءات العنيفة التي اتخذها النظام ال�سوري �ضد املحتجني دفعت الأمور �إىل حالة املقاومة امل�سلحة ،وهو �أمر يجب �أن نعرتف ب�أنه واقعي نظراً ل�شدة العنف امل�ستخدمة �ضد املتظاهرين. �أعقب ذلك ظهور اجلي�ش ال�سوري احلر الذي تطور عن املقاومة امل�سلحة ،لكن هذا اجلي�ش افتقد لتنظيم حقيقي وقيادة مركزية ،وهو ما جعل من ال�سهل على اجلماعات املتطرفة الأجنبية بالدخول �إىل �سورية واختطاف االنتفا�ضة .بد�أوا يف تخريب ذلك ،وحتويل االنتفا�ضة من حركة عن احلرية والعدالة �إىل �شيء خمتلف جداً. مل متتلك املقاومة املدنية �إمكانية منع حتول االنتفا�ضة من �شكلها ال�سلمي �إىل �شكلها امل�سلح، ووا�صل �أع�ضائها عملهم يف مواجهة العداء واخلطف واالعتقال واملوت� ،سواء ارتكبت من قبل النظام واملتطرفني الذين يعملون يف �صفوف املعار�ضة
امل�سلحة. جتدر الإ�شارة �إىل �أن احلركة ال�سلمية هي ب�أي حال من الأحوال متجان�سة .هناك يف الواقع مئات من املجموعات التي ظهرت منها عرب �سوريا التي تختلف يف �أن�شطتها وو�سائل التنظيم .هناك تنوع بني �أع�ضاء هذه املجموعات ،التي تت�ضمن ال�سوريني من جميع الطبقات واملذاهب والأديان. بينما كانت املنظمات املدنية حيوية يف توفري الإغاثة الإن�سانية �إىل املناطق املحا�رصة ،ودورها يتجاوز ذلك .يف العديد من املناطق التي ال ت�سيطر عليها احلكومة و�أ�صبحت جلان بقيادة مدنية حملية التن�سيق ،واملجال�س املحلية التي تنت�رش يف الكثري من املدن والبلدات ال�سورية. مت اختطاف �أربعة ن�شطاء بارزين كانوا قد عملوا ّ على توثيق انتهاكات حقوق الإن�سان يف دي�سمرب/ كانون الأول عام 2013من مكاتب ومركز توثيق االنتهاكات يف دوما ،وهناك اليوم بع�ض اجلهات ال�سورية والدولية التي تعمل على �إطالق �رساحهم. وهناك ن�سبة كبرية من العمل الذي قامت به اجلماعات املدنية ،وهي املعنية يف املقام الأول ب�إعادة بناء الأ�س�س االقت�صادية والقانونية واملدنية واالجتماعية والثقافية والأخالقية للبلد ،وتعزيز امل�صاحلة ،وحماولة ملواجهة �ضغوط من اجلماعات املتطرفة ،وقد �شمل هذا �أ�شياء مثل ن�رش وتوزيع الن�رشات واملجالت ،و�إنتاج الفن ،وت�شغيل حمطات الإذاعة ،وور�ش العمل التي ت�سعى لتذكري النا�س من الأهداف الأ�صلية والقيم لالنتفا�ضة. بني الأكرث و�ضوح ًا دوليا من هذه املحاوالت هي الفتات اللغة الإجنليزية ال�ساخرة من بلدة كفر نبل التي تكتب بتحري�ض من النا�شط رائد فار�س. ثم هناك �أحداث مثل مهرجان "الربيع :بني الألوان والثقافات" ،التي نظمها عدد من املجموعات يف
مدينة القام�شلي يف ال�شمال ال�سوري ،وهي ت�سعى �إىل ا�ستخدام الفنون مبثابة تذكري بالتنوع الغني بني �سكانها. احلركات املدنية يف �سوريا ،وعلى مدار ال�رصاع، كان عليها التكيف مع الأو�ضاع اجلديدة ،و�إعادة تكوين نف�سها .عند هذه النقطة ،لكن م�ؤيدي هذه احلركات يدركون جميع ًا �أن هذه احلركات غري قادرة على وقف ال�رصاع امل�سلح ،خا�صة �أن جزءاً من املتظاهرين ال�سلميني �أنف�سهم حتولوا �إىل املقاومة امل�سلحة ،وان�ضموا �إىل حركات وف�صائل مقاتلة. ومع ذلك ،بالن�سبة لأولئك الذين ما زالوا يعملون �ضمن دائرة احلراك ال�سلمي ،ويف جمموعات ومنظمات مدنية ،ف�إنهم يدركون احلاجة لعملهم ،خا�صة عندما يكون هناك فر�صة لإنهاء ال�رصاع ،ولذلك ف�إن املجتمع الدويل يحتاج �أي�ضا �إىل �إعادة تركيز اهتمامه ،و�إن�شاء فهم خمتلف حلركات املعار�ضة يف �سوريا التي متتد �إىل �أبعد من املعار�ضة امل�سلحة وال�سيا�سية ،فاجلماعات املدنية ميكن لها �أن ت�سهم ب�شكل كبري يف �إعادة بناء �سوريا ،وت�شكيل بدائل تقلل من الطبيعة العنفية لل�رصاع. بطبيعة احلال� ،إننا ندرك ،حجم امل�أ�ساة يف �سوريا، لكن �أي�ض ًا ندرك حجم التق�صري يف عدم تقدمي الدعم الكايف للجماعات املدنية واملحلية ،واالهتمام فقط باجلانب امل�سلح بال�رصاع ،وهو ما زاد من حجم الفو�ضى داخل الكثري من املدن ال�سورية ،و�أكرث من ذلك ،فقد جعل الكثري من الف�صائل امل�سلحة تهيمن على �إدارة املناطق من دون امتالك �أي ت�صور عن طرق الإدارة والتنظيم ،وهكذا فقد ُحرمت املنظمات املدنية التي ت�ضم �أع�ضاء من ذوي الكفاءة من القيام بعملها على النحو ال�صحيح ،والذي يزيد من ثقة املجتمعات املحلية بعملها ودورها راهن ًا وم�ستقب ًال.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/15 )144م
ق�ضايا
06
احتالل املدن من قبل «املعار�ضة» بني اخلط�أ وال�صواب مو�سى القالب*
ثمة ت�سا�ؤالت عدة ُتثار من قبل املحللني اال�سرتاتيجيني حول مدى جناح ا�سرتاتيجية الت�رسع يف احتالل املدن من قبل قوات املعار�ضة ال�سورية ،حيث مل يعد ممكن ًا احل�صول على جواب موحد يف هذا ال�ش�أن نتيج ًة الختالط الأوراق يف الآونة الأخرية ،وعدم و�ضوح الر�ؤيا حول امل�صري النهائي للمعار�ضة والنظام على ح ٍد �سواء ،خ�صو�ص ًا بعد مرور ثالث �سنوات ونيف على اندالع الثورة ال�سورية واملطالبة بالتغيري. عندما انفجرت الثورة االحتجاجية من مدينة درعا يف �أق�صى اجلنوب ال�سوري يف منت�صف �آذار ،2011مل يلبث �أن ا�ستجابت لها بقية املدن ال�سورية ،مثل �إدلب وحم�ص وحماة ودم�شق وحلب واحل�سكة ودير الزور وغريها. مل يكن �أحد يتوقع يف بداية الأحداث �أن ي�سلك الو�ضع ال�سوري هذا ال�سيناريو الدموي الطويل واملرعب ،مقارن ًة بثورات الربيع العربي التي �أ�سقطت ب�صورة �رسيعة ومذهلة حكام تون�س وم�رص وليبيا واليمن على التوايل. ذلك لأن العمليات القتالية اجلارية على امل�رسح ال�سوري، ت�شكلت على هذا النحو امل�شتت ب�سبب ت�شابك وغمو�ض وت�ضارب املواقف الدولية واالقليمية ،ما �أ�سفر عن ح�صول فراغات ميدانية وجغرافية قابلة للتعبئة واالحتالل من قبل الطرف الأقوى مكان ًا وزمان ًا يف حينه .و�أدى ذلك اىل ت�سابق وتناف�س خمتلف ف�صائل القوى امل�سلحة يف الداخل ال�سوري فيما بينها ،لل�سيطرة على �أق�صى ما ميكن من تلك املدن والبلدات والقرى املنت�رشة على م�رسح الأحداث، دون التخطيط وااللتزام با�سرتاتيجية موحدة من �ش�أنها ت�رسع ب�سقوط النظام بدءاً من العا�صمة دم�شق. �أن ِّ لدى حتليل خارطة العمليات القتالية على امل�رسح ال�سوري ،ال بد من ت�سليط ال�ضوء على عدة جوانب هامة يف �سبيل ا�ستنتاج مدى جناح �أو ف�شل ا�سرتاتيجية احتالل املدن الرئي�سية والثانوية من قبل قوات املعار�ضة ال�سورية ،واحلكم عليها من خالل العوامل االتية:
عدم وجود قيادة ميدانية موحدة
�أدى ذلك �إىل احتالل جزئي متفرق وغري متزامن لكثري من املدن والبلدات ال�سورية ،من قبل �أطياف �سيا�سية م�شتتة وغري موحدة ،مل تتمكن من التعاون والتن�سيق فيما بينها،
�أو �إجراء ات�صال ميداين وتبادل دعم ناري ولوج�ستي مع املدن والبلدات املجاورة .ما جعل عملية احتالل وتقا�سم �أحياء يف املدن عملية باهظة التكاليف و�صعبة التطبيق، و�سهل بالتايل على قوات النظام ق�صفها وتدمريها َّ باملدفعية والطائرات عن بعد ،كما جرى يف حلب وحم�ص وغريها من املدن ال�سورية ،دون اقتحامها بقوات برية، ما وفر على النظام وقوع خ�سائر ب�رشية كبرية يف �صفوف قواته.
قلة تعداد القوى الب�رشية امل�سلحة للمعار�ضة
ادى ت�شتت �أطياف املعار�ضة ال�سورية واالقتتال فيما بينها يف بع�ض االحيان� ،إىل قلة تعداد القوى الب�رشية امل�سلحة للمعار�ضة ال�سورية ككل .وعليه باتت عاجز ًة عن االحتفاظ مبا احتلته من �أحياء �سكنية يف معظم املدن .ثم ا�صبح هذا االحتالل عبئ ًا كبرياً ،ا�ضطرت بعده قوات املعار�ضة لالن�سحاب بعد هزمية ع�سكرية ميدانية موجعة ،كما جرى يف الق�صري والنبك ويربود. �أو لالن�سحاب طواعي ًة باتفاقية مع النظام ،كما جرى يف مدينة حم�ص ،وما يجري حالي ًا من حماوالت تتعلق بحي "الوعر" التابع ملدينة حم�ص.
تفاقم حدة النزاعات الأيديولوجية وال�سيا�سية وت�شتت اجلهد الكلي للثورة
حدث هذا اخللل ب�صورة وا�ضحة بني قوات اجلي�ش احلر و�أطياف املعار�ضة الإ�سالمية الأخرى خ�صو�ص ًا يف مدينتي حلب و�إدلب .كما جرى قتال �شديد بني تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش" وجبهة الن�رصة يف كثري من املواقع ،خ�صو�ص ًا يف مدينتي الرقة ودير الزور .و�سادت حالة ارتباك خطرية عندما تقدمت قوات النظام نحو النبك ودير عطية والقلمون والق�صري ويربود واحل�صن .وكذلك على اجلبهة اجلنوبية يف درعا، حيث مل تكن ف�صائل املعار�ضة متعاون ًة فيما بينها، ب�سبب النزعات الأيديولوجية وال�سيا�سية .وعليه مل تكن تلك القوى م�ؤهلة �أو قادرة على االحتفاظ مبا احتلته من مدن وبلدات يف بداية الثورة امل�سلحة. �ضعف املوارد االقت�صادية واملالية واللوج�ستية والإدارية ب�سبب العوامل املذكورة �آنف ًا �أ�صبحت املوارد االقت�صادية
واملالية واللوج�ستية والإدارية للمعار�ضة �ضعيفة .وعليه مل تتمكن ف�صائل املعار�ضة التي تغلغلت ب�رسعة يف املدن مع بداية الأحداث من تقدمي اية خدمات لل�سكان املحليني، بحيث ت�ضمن والئهم �أو امل�ساهمة يف �صمودهم.
�رشا�سة ق�صف قوات النظام املدن جوا ً
مار�ست قوات النظام �رشا�س ًة فائقة غري م�سبوقة بق�صفها العنيف للمدن والبلدات والأحياء امل�أهولة ،بوا�سطة اجلو وال�صواريخ واملدفعية ،ما �أدى اىل تدمريها ب�صورة �شبه كاملة .كما احرتف النظام �سيا�سة جتويع ال�سكان ب�سبب قطع معظم خطوط الإمداد اللوج�ستي والطبي ،وكما حدث يف خميم الريموك جنوبي دم�شق العا�صمة ،وغريه من املواقع يف كافة االجتاهات. ن�ستنتج من كل ذلك �أن اخليار الأف�ضل يف ظل هذه العوامل واملعطيات ال�سلبية وعدم توازن القوى على الأر�ض ،رمبا كان عن طريق تبني خطة "حرب الع�صابات" و�أ�سلوب "الكر والفر" ،من خالل التكتيكات التالية: ت�شكيل قيادة ميدانية مركزية وقيادات فرعية تابعة لها، تتبادل عمليات الإ�سناد الناري واللوج�ستي والإداري من خارج املدن. ح�صار املدن من اخلارج وقطع الطرق الرئي�سية يف وجه قوات النظام ب�أطواق متحركة غري ثابتة ولي�س احتاللها. وذلك على ح�سب طبيعة الت�ضاري�س وم�ستجدات املوقف القتايل على الأر�ض. قطع خطوط وطرق املوا�صالت الرئي�سية بني املدن والعا�صمة دم�شق ،وبني املدن نف�سها ،مبا يربك قوات النظام وي�شتت جهدها. االنت�شار الوا�سع يف البلدات والقرى والأرياف جتنب ًا للق�صف اجلوي والربي املركز من قبل قوات النظام. ا�ستقطاب وا�ستيعاب اكرب عدد من القادة وال�ضباط و�صف �ضباط والأفراد واملدنيني املن�شقني عن قوات النظام. اال�ستيالء على خمازن وم�ستودعات الأ�سلحة والذخائر واللوازم التابعة للجي�ش النظامي يف �إطار خطط حمكمة ومدرو�سة. *عميد متقاعد/باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق
للبحوث – دبي.
07
عربي
العدد ( 2014/06/15 )144م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تقدم املت�شددين يف العراق يقلل فر�ص التقارب ال�سعودي الإيراين
رويرتز: يوفر التقدم الذي حققه مت�شددون �إ�سالميون �سنة يف العراق هذا الأ�سبوع �سبب ًا قوي ًا كي تنهي �إيران وال�سعودية النزاع بينهما الذي يت�شابه مع احلرب الباردة ،لكن من املرجح �أي�ضا �أن ي�ؤدي اىل انتكا�سة للتقارب بني القوتني الإ�سالميتني املهيمنتني يف اخلليج. و�أعلنت ال�سعودية يف مايو� /أيار املا�ضي �أنها وجهت الدعوة لوزير اخلارجية الإيراين حممد جواد ظريف ليقوم بزيارة نادرة للمملكة .ويف وقت �سابق هذا ال�شهر قام �أمري الكويت ب�أول زيارة يقوم بها حاكم للكويت لإيران منذ قيام الثورة الإيرانية يف عام .1979واجتمع مع الزعيم الأعلى الإيراين �آية اهلل علي خامنئي. ومع و�صول احلرب الأهلية ال�سورية �إىل طريق م�سدود، ويف ظل انت�شار اال�ضطرابات يف �أنحاء املنطقة ،و�سعي ايران لإبرام اتفاق نووي مع الغرب ،تتوفر للريا�ض وطهران �أ�سباب للبحث عن �سبل للتعاون .ويقول دبلوما�سيون �إن الدولتني قد تبحثان على الأقل عن
طريقة لتجنب تفاقم الو�ضع يف املنطقة. ويعزز التقدم اخلاطف الذي حققه تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش» احلجة امل�ؤيدة للتقارب ،فطهران والريا�ض ت�شرتكان يف اخلوف من �أن احتمال انزالق العراق �إىل حمام دم طائفي �سي�شكل خطراً على اجلميع. لكن من املحتمل �أن يثري تقدم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام �شكوك ًا على املدى القريب جتعل �أي حت�سن يف العالقات �أكرث �صعوبة. وقال ال�صحايف ال�سعودي املعروف جمال خا�شقجي : «�إن التقارب ال�سعودي الإيراين ال بد و�أنه معلق الآن». اما الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش» ،وهي جماعة ت�ستلهم نهج تنظيم القاعدة ،وعدو لدود لإيران، فهي تعترب �أن ال�شيعة خارجون على الإ�سالم ،وي�ستحقون القتل ،وتقتل مئات املدنيني ال�شيعة �شهري ًا يف تفجريات يومية يف العراق. لكنها �أي�ضا لي�ست �صديقة للريا�ض ،وحاربت حلفاء ال�سعودية يف اقتتال فيما بني ف�صائل املعار�ضة ال�سنية
امل�سلحة يف �سوريا. و�أعلنت الريا�ض ال�شهر املا�ضي جماعة الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش» تنظيما �إرهابياً ،مما يربز القلق من �أن ال�شبان ال�سعوديني الذين اكت�سبوا خربة قتالية قد يعودون �إىل اململكة م�شكلني تهديداً للأمن ،كما حدث بعد احلرب يف �أفغان�ستان ويف العراق. وب�سبب �صالبة جماعة الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام ف�إن الريا�ض لن ترحب بتقدمها حتى لو كان هذا التقدم على ح�ساب رئي�س الوزراء العراقي نوري املالكي. قال �شا�ؤول بخ�ش �أ�ستاذ التاريخ يف جامعة جورج مي�سون يف فرجينيا «يف الأحوال العادية رمبا كانت ال�سعودية �سرتحب ب�إذالل املالكي ،لكن عراق ًا ت�سوده الفو�ضى وتخ�ضع �أجزاء منه ل�سيطرة مت�شددين �إ�سالميني ميار�سون العنف لن يكون مو�ضع ترحيب �إىل حد كبري». وو�صف م�صدر مطلع على ال�سيا�سة ال�سعودية التطورات يف العراق يف الأيام القليلة املا�ضية ب�أنها فرتة اختبار للعالقات الإيرانية ال�سعودية.
تون�س :خماوف من متدد الأعمال الإرهابية لتنظيم “�أن�صار ال�شريعة” م�ضت تون�س بخطوات �أكرث ثبات ًا يف العملية ال�سيا�سية بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي ،وعلى الرغم من اخلالفات التي ظهرت باكراً بني جماعة «النه�ضة» الإ�سالمية وباقي القوى العلمانية� ،إال �أن الأفرقاء ال�سيا�سيني متكنوا من تنظيم خالفاتهم �ضمن العملية الد�ستورية� ،إال �أن �شبح الإرهاب مل يغب عن امل�شهد ال�سيا�سي ،خا�صة �أن جماعة «�أن�صار ال�رشيعة» تعترب �أن حماربتها داخلي ًا هي من قبيل التملق للغرب «الكافر»، وخدمة مل�صاحله. وقالت تون�س يوم اجلمعة املا�ضي �إن قوات الأمن قتلت اثنني من امل�سلحني الإ�سالميني قرب احلدود اجلزائرية يف تبادل لإطالق نار بعد �أ�سبوعني من مهاجمة مت�شددين �إ�سالميني منزل عائلة وزير الداخلية يف هجوم تبنته «القاعدة» يف املغرب الإ�سالمي. ويف نهاية ال�شهر املا�ضي قتل �أربعة من قوات ال�رشطة بعد �أن فتح م�سلحون �إ�سالميون النار على منزل عائلة وزير الداخلية لطفي بن جدو يف مدينة الق�رصين وقال حممد علي العروي املتحدث با�سم وزارة الداخلية
«قواتنا قتلت اثنني من املجموعة الإرهابية يف جندوبة». و�أ�ضاف �أن تبادل �إطالق النار مع املت�شددين الإ�سالميني اندلع يف وقت مت�أخر ليل اخلمي�س. وقال العروي �إن ال�رشطة �صادرت �أ�سلحة كال�شينكوف وقنابل ومالب�س ع�سكرية �أثناء املواجهة مع الإ�سالميني. ويف بيان ن�رش يوم اجلمعة املا�ضي تبنى تنظيم القاعدة يف بالد املغرب الإ�سالمي الهجوم على منزل عائلة وزير الداخلية وتعهد مبالحقته وقتله. و�أ�ضاف «انطلقت �رسية من �أ�سود القريوان لقطف ر�أ�س املجرم لطفي بن جدو ..و�إن جنا املجرم هذه املرة فلن ينجو املرة القادمة». وقال التنظيم يف بيانه �إن احلرب �ضدهم يف تون�س هي «�إر�ضاء لأمريكا واجلزائر وفرن�سا» ،ودعا العلماء �إىل م�ساندته يف احلرب التي قال �إنها «حرب واحدة يف املنطقة �ضد العلمانية». وبد�أت القوات امل�سلحة التون�سية هجوم ًا وا�سع ًا يف
جبال ال�شعانبي يف املنطقة الغربية من البالد بالقرب من احلدود مع اجلزائر ،والتي يحتمي بها مت�شددون �إ�سالميون. و»�أن�صار ال�رشيعة» -التي �أدرجتها الواليات املتحدة يف قائمتها للمنظمات الإرهابية� -إحدى احلركات الإ�سالمية املت�شددة التي ظهرت بعد �أوىل انتفا�ضات «الربيع العربي» يف تون�س يف 2011والتي �أطاحت بالرئي�س ال�سابق زين العابدين بن علي. ويقود �سيف اهلل بن ح�سني املعروف �أي�ضا با�سم ابو عيا�ض ،وهو مقاتل �سابق يف �أفغان�ستان ،تنظيم «�أن�صار ال�رشيعة» املتهم باقتحام ال�سفارة الأمريكية يف .2012ويعلن «�أن�صار ال�رشيعة» الوالء لتنظيم القاعدة ببالد املغرب الإ�سالمي. وت�سري عملية االنتقال ال�سيا�سي قدم ًا يف تون�س منذ االنتفا�ضة .لكن ال�سلطات التون�سية قلقة من احتماالت امتداد اال�ضطرابات يف ليبيا املجاورة ،حيث متكن �إ�سالميون مت�شددون من اكت�ساب موطئ قدم.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/15 )144م
الأخرية
08
خماطـر الف�ســـاد وكيفيــات حمــــاربته د .عبد اهلل تركماين (*)
يتجه العامل نحو قيم ومبادئ ومعايري عملية مغايرة ملا هو �سائد يف عاملنا العربي ،ذلك � ّأن عامل اليوم يتجه نحو اخلال�ص من وح�ش الف�ساد واملف�سدين يف العاملني املتقدم والنامي على ال�سواء ،حيث يحتل الف�ساد وكيفيات حماربته مكان ًا هام ًا يف �أجندة الع�رص� .إذ يثري وح�ش الف�ساد ت�سا�ؤالت كثرية :كيف ينمو وي�ستمر وتت�سع دوائره ومراكز نفوذه ؟ وكيف ميكن توظيف االتفاقية الدولية ملكافحة الف�ساد لزيادة �إنتاجية العمل وتفعيل الإمكانيات املتوفرة لنجاح م�شاريع التنمية امل�ستدامة وا�سرتداد الأموال التي ُنهبت من عاملنا العربي طوال العقود الأربعة املا�ضية ؟ الأمر امل�ؤكد � ّأن حماربة الف�ساد �أ�ضحت مطمح ًا �شعبي ًا ،ولع ّل ما ُك�شف من بع�ض ق�ضايا الف�ساد يف بع�ض الأقطار العربية ،خا�صة بعد ربيع الثورات العربية ،يب�رش ب� ّأن رياح الإ�صالح والتغيري قادمة ال حمالة .فقد �ضجر النا�س من الف�ساد واملف�سدين، وتاقوا �إىل مواطنية عادلة تتكاف�أ فيها الفر�ص للجميع ،ويتقدم فيها ذوو الكفاءة على �أهل الوالء، ويرتفع �صوت الوطنية احلقة على �أ�صوات املف�سدين يف الأر�ض. � ّإن جميع احلري�صني على امل�ستقبل الأف�ضل املدمر للف�ساد ل�شعوبهم يعرتفون اليوم بالت�أثري ّ الذي ي�سبب الفقر ويفاقمه ويزيد من النزاعات والتطرف والعنف ،فبح�سب كثري من املنظمات الدولية ي�ضعف الف�ساد من فر�ص التنمية االقت�صادية واالجتماعية املجدية وامل�ستدامة، حيث لوحظ � ّأن الدول الأكرث ف�ساداً هي الدول الأقل منواً والأكرث ت�أخراً. وتكمن �أهمية «االتفاقية الدولية ملكافحة الف�ساد» يف �أنها تفر�ض عقوبات على �أعمال الف�سـاد ،مبا يف ذلك ا�ستغالل ال�سلطة وتبيي�ض الأموال و�سوء االئتمان � ..إلخ� .إ�ضافة �إىل �شمول االتفاقية على �آليات للمراقبة و�أحكام تتعلق باجلرائم الناجتة
ال�شفافية يف عمليات اتخاذ القرار و�ضمان تي�سري ح�صول النا�س فعلي ًا على املعلومات ،والقيام ب�أن�شطة �إعالمية ت�ساهم يف عدم الت�سامح مع الف�ساد. كما �شملت االتفاقية املبادئ واملعايري التي ينبغي �أن حتكم فل�سفة الوظيفة العامة وت�ضمن -بالتايل تعزيز التنمية الإدارية وال�سيا�سية. وهي فل�سفةتقوم على الكفاءة وال�شفافية واملعايري املو�ضوعية مثل الكفاءة والإن�صاف. وعلى �صعيد تر�سيخ مفاهيم النزاهة وال�شفافية ت�ضمنت االتفاقية �أي�ض ًا الإ�شارة �إىل �رضورة اعتماد الإجراءات املنا�سبة الختيار وت�أهيل الأفراد املر�شحني لتوليّ املنا�صب العمومية التي تعترب ب�صفة خا�صة عر�ضة للف�ساد، و�ضمان تناوبهم على املنا�صب. وتربز �أهمية االتفاقية يف العامل العربي الذي يتعامل �أغلب م�س�ؤوليه مع منا�صبهم احلكومية وك�أنها مرياث من �آبائهم ،ومع امل�ؤ�س�سات التي يديرونها ك�أنها �إقطاعياتهم اخلا�صة .ففي الكثري من احلاالت تفتقد امل�ؤ�س�سات العربية ال�شفافية الالزمة للإدارة العقالنية املجدية للموارد االقت�صادية والب�رشية املتوفرة ،مما جعل نتائج التنمية الإن�سانية حمدودة جداً ال تتنا�سب مع الأموال التي ُهدرت يف م�شاريعها املختلفة. واحلق الذي يجب �أن يقال هو � ّأن الف�ساد و�إن �أ�صاب بع�ض امل�ؤ�س�سات يف الغرب� ،إال � ّأن ك�شفه وتتبعه مي�سور بف�ضل حرية االطالع على املعلومات ووجود برملانات منتخبة دميقراطي ًا وتعدد منابر الر�أي والر�أي الآخر .يف حني � ّأن �أغلب �أقطارنا العربية تفتقد �إىل مثل هذه الآليات الدميقراطية، مما يفر�ض �رضورة �إيجاد �آليات وقائية فعالة تف�شي الف�ساد واحلد من �آثاره االقت�صادية ملنع ّ واالجتماعية املدمرة .
عن الف�ساد .ولع ّل املت�أمل يف ن�صو�ص االتفاقية يدرك ما ميثله هذا ال�صك الدويل من �أهمية كبرية، فلم يكن غريب ًا �أن ت�شري ديباجة االتفاقية �إىل القلق �إزاء خطورة امل�شاكل التي يطرحها الف�ساد ،والتي وتقو�ض ميكن �أن تهدد ا�ستقرار املجتمعات و�أمنهاّ ، قيم الدميقراطية، وتعر�ض التنمية االجتماعية ّ واالقت�صادية وال�سيا�سية للخطر ،وكذلك التعبري عن القلق من ال�صالت القائمة بني الف�ساد و�سائر �أ�شكال اجلرمية ،خ�صو�ص ًا اجلرمية املنظمة واجلرمية االقت�صادية مبا فيها غ�سل الأموال. كما و�ضعت االتفاقية مدونات �سلوك حتدد املعايري والإجراءات لتعزيز النزاهة وال�شفافية ،على � ّأن �أهم ما ت�ضمنته االتفاقية لت�أكيد مفاهيم النزاهة وال�شفافية هو ما �أ�سمته «منع ت�ضارب امل�صالح» حيث تدعو املادة /11 2هـ �إىل فر�ض قيود لفرتة زمنية معقولة على ممار�سة املوظفني العموميني �أن�شطة يف القطاع اخلا�ص بعد ا�ستقالتهم �أو تقاعدهم ،عندما يكون لتلك الأن�شطة �صلة مبا�رشة بالوظائف التي توالها �أولئك املوظفون �أو �أ�رشفوا عليها �أثناء مدة خدمته م العامة. كر�ست االتفاقية حق الدول يف ا�سرتداد عوائد كما ّ الف�ساد ،ولع ّل هذا احلق ميثل جوهر االتفاقية والغاية منها ،ولعله كان �أي�ض ًا �أحد الدوافع الأ�سا�سية التي دعت الكثري من الدول النامية �إىل ت التمهيدية. �إذ امل�شاركة الن�شيطة يف املفاو�ضا تو�ضح املادة61 من االتفاقية �رضورة �أن تقوم الدولة الطرف التي ت�صادر عوائد الف�ساد ب�إرجاع تلك املمتلكات �إىل مالكيها ال�رشعيني ال�سابقني، وفق ًا لأحكام هذه االتفاقية وقانونها الداخلي. ولع ّل �أهم ما ت�ضمنته االتفاقية ت�أكيد �رضورة م�شاركة منظمات املجتمع املدين يف منع الف�ساد وحماربته ،لتحفيز وعي النا�س فيما يتعلق بوجود الف�ساد و�أ�سبابه وج�سامته ،وما ميثله من خطر * ،باحث ا�ست�شاري يف «مركز ال�رشق للبحوث » وكذلك �أهمية تدعيم هذه امل�شاركة عن طريق تعزيز دبي