Al badeel 144

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/06/15‬م‬ ‫العدد (‪)144‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (144) 15/06/2014‬‬

‫حرب مفتوحة بعناوين طائفية‬

‫�ش ّكل احتالل تنظيم الدولة الإ�سالمية "داع�ش" �أكرث‬ ‫من ن�صف العراق خالل يومني (‪ 11‬و‪ 12‬من ال�شهر‬ ‫اجلاري) احلدث الأبرز يف املنطقة‪ ،‬والالفت �أن يهرب‬ ‫اجلنود العراقيون دون �أية مواجهة تذكر مع عنا�رص‬ ‫التنظيم يف املو�صل‪ ،‬وهم جنود �أحد �أكرب اجليو�ش يف‬ ‫املنطقة‪� ،‬إذ يبلغ تعداد اجلي�ش والأمن العراقيني حوايل‬ ‫مليون من ال�ضباط و�صف ال�ضباط والأفراد‪.‬‬ ‫هل كان نوري املالكي رئي�س وزراء العراق يتوقع‬ ‫خطوة كهذه؟ �ألي�س هو رئي�س الوزراء ووزير الدفاع‬ ‫بالوكالة‪ ،‬والقائد العام للقوات امل�سلحة العراقية‪،‬‬ ‫وكان يفرت�ض به وبا�ستخباراته �أن يكونا على علم مبا‬ ‫يخطط له التنظيم‪� ،‬أم �أن املالكي كان م�شغو ًال برتتيب‬ ‫واليته الثالثة؟‪.‬‬ ‫العراق‪ ،‬منذ �أن دخل الأمريكان �إليه (‪ ،)2003‬وبعد‬ ‫خروجهم منه (‪ ،)2011‬حتول �شيئ ًا ف�شيئ ًا �إىل دولة‬ ‫فا�شلة بكل املقايي�س‪ ،‬حيث اال�ستئثار باحلكم هو �سيد‬ ‫املوقف‪ ،‬وعدم القدرة على �إلغاء امليلي�شيات الطائفية‪،‬‬ ‫بل وال�سماح لها حتت نظر املالكي الذهاب �إىل �سوريا‬ ‫والقتال �إىل جانب نظام ب�شار الأ�سد‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫التنكر للمطالب ال�شعبية ملناطق الأنبار التي خرجت‬ ‫فيها املظاهرات منذ �أكرث من عام‪ ،‬وزج ع�رشات الآالف‬ ‫يف ال�سجون حتت بند مكافحة الإرهاب‪ ،‬وانت�شار‬ ‫الف�ساد املايل والإداري‪ ،‬والذي يقدر بع�رشات املليارات‬ ‫من الدوالرات‪ ،‬بينما تعي�ش �رشائح كثرية يف حالة‬ ‫من الفقر‪ ،‬ودون كهرباء‪ ،‬وال يجد �شبابه عم ًال‪ ،‬وتفتقر‬ ‫مناطق كثرية �إىل اخلدمات الرئي�سية‪.‬‬

‫و�إيران‪ ،‬هي الأخرى‪� ،‬أمل تكن تتوقع �أن تقود �سيا�ساتها‬ ‫الرامية �إىل ب�سط نفوذها على العراق �إىل هذا امل�آل‪،‬‬ ‫وهي التي �أ�رصت يف عام ‪ 2010‬على تن�صيب‬ ‫نوري املالكي رغم خ�سارته االنتخابات �أمام �إياد‬ ‫عالوي‪ ،‬كما �أ�رصت على دعم ال�سيا�سات الإق�صائية‬ ‫جتاه خ�صوم املالكي من ال�سنة وال�شيعة على حد‬ ‫�سواء‪ ،‬وي�ضاف �إىل كل هذا دعمها الالحمدود لنظام‬ ‫ب�شار الأ�سد يف حربه املعلنة على �شعبه‪ ،‬وعدم دفعه‬ ‫لقبول عملية �سيا�سية تقي �سوريا خماطر عديدة‪ ،‬مثل‬ ‫التق�سيم‪ ،‬وانت�شار العنف الطائفي‪ ،‬والفو�ضى التي قد‬ ‫تغرق البلد ل�سنوات قادمة‪.‬‬ ‫باركت �إيران دخول حزب اهلل �إىل �سوريا‪ ،‬متجاوزة‬ ‫ال�سيا�سة الر�سمية للبنان جتاه الأزمة ال�سورية (الن�أي‬ ‫عن الأزمة)‪ ،‬كما �أنها باركت ودعمت قوى عراقية‬ ‫للدخول �إىل �سوريا‪ ،‬و�سمحت لكبار �ضباط احلر�س‬ ‫الثوري الإيراين بالقول �إن �أمن �إيران ميتد من طهران‬ ‫�إىل �شواطئ املتو�سط يف لبنان‪ ،‬كما �شاركت يف دعم‬ ‫املهزلة االنتخابية ال�سورية‪ ،‬و�أعادت تن�صيب الأ�سد‬ ‫على �أنقا�ض بلد ُدمرت مدنه‪،‬‬ ‫وتهجر �سكانه‪ ،‬وقتل‬ ‫ّ‬ ‫نظامه �أكرث من ‪� 200‬ألف من املواطنني‪.‬‬ ‫�إيران‪ ،‬طَ محت �إىل ب�سط نفوذها على العراق وامل�رشق‬ ‫العربي‪ ،‬وحتويل حكامه �إىل موظفني‪ ،‬وفر�ض نف�سها‬ ‫بو�صفها الالعب اال�سرتاتيجي الأول يف املنطقة‪،‬‬ ‫دون �أن ت�أخذ بعني االعتبار م�صالح الدول الإقليمية‬

‫ح�سام مريو‬

‫الأخرى‪ ،‬وقبل ذلك م�صالح ال�شعوب‪ ،‬بعني االعتبار‪،‬‬ ‫واعتربت �أنها متتلك من مفاتيح القوة ما ميكنها للعب‬ ‫هذا الدور‪ ،‬وفر�ضه ك�أمر واقع‪ ،‬م�ستفيدة من تراجع‬ ‫الدور العربي‪ ،‬ومن حاجة �أمريكا للخروج من املنطقة‪،‬‬ ‫وحتول ال�سيا�سة الأمريكية يف عهد �أوباما التي ال حتبذ‬ ‫االنخراط املبا�رش يف ق�ضايا املنطقة‪.‬‬ ‫لكن‪� ،‬إيران مل ت�ضع يف �سعيها لل�سيطرة على املنطقة‬ ‫�أن ح�سابات احلقل ال تطابق دائم ًا ح�سابات البيدر‪،‬‬ ‫و�أن ال�سحر ميكن �أن ينقلب على ال�ساحر‪ ،‬و�أن القوى‬ ‫الإقليمية لن ت�سمح بتمدد �إيران لدرجة تهديد‬ ‫م�صاحلها‪ ،‬و�أن املظامل يف العراق و�سوريا �ستحول‬ ‫الكثريين �إىل مقاتلني مل�رشوعها‪ ،‬و�أن الع�صبية‬ ‫الطائفية ال�سنية �ست�شتد يف ظل التهديد الإيراين‪ ،‬و�أن‬ ‫القوى املناه�ضة لإيران �ست�سعى للتحالف فيما بينها‪،‬‬ ‫وهو ما ي�ضع املنطقة برمتها �أمام حرب مفتوحة‬ ‫بعناوين طائفية‪ ،‬ولي�س من ال�سهل �إخماد حرب كهذه‪،‬‬ ‫وال ميكن لأحد توقع النتائج‪.‬‬ ‫ما حدث يف العراق على يد تنظيم الدولة الإ�سالمية‬ ‫وف�صائل �أخرى هو �أحد نتائج ال�سيا�سة الإيرانية‬ ‫والأمريكية‪ ،‬فهل �ستعيد الدولتان ح�ساباتهما جتاه‬ ‫املنطقة‪� ،‬أم �أن الوقت قد ت�أخر كثرياً؟‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬اخل�شية هي �أن ال تتعلم �أمريكا و�إيران من‬ ‫درو�س املنطقة‪ ،‬و�أن ت�ستمرا بتجاهل جذر امل�شكالت‪،‬‬ ‫و�رضورة بناء منظومة ال�سالم واال�ستقرار على قاعدة‬ ‫احرتام م�صالح اجلميع‪ ،‬خا�صة حق �شعوب املنطقة‬ ‫ببناء دول حقيقية ال جمرد �أنظمة تابعة‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫«داع�ش» من الرقة �إىل املو�صل يخلط الأوراق امليدانية والع�سكرية‬ ‫خا�ص «البديل» ‪:‬‬

‫خالل �أيام قليلة‪ ،‬متكن تنظيم الدولة الإ�سالمية‬ ‫يف العراق وال�شام "داع�ش" �أن يخلط الأوراق يف‬ ‫امليدان الع�سكري العراقي‪ ،‬و�أن يلفت �إليه الأنظار‬ ‫على م�ستوى عاملي‪ ،‬فقد احتل التنظيم م�ساحات‬ ‫وا�سعة من العراق‪ ،‬قدرت بحوايل ن�صف م�ساحة‬ ‫العراق‪ ،‬كما �أثارت خطوة "داع�ش" جملة من‬ ‫التحليالت الع�سكرية وال�سيا�سية‪ ،‬خا�صة �أن التنظيم‬ ‫دخل مدن عراقية من دون مقاومة تذكر‪ ،‬كما �أن‬ ‫تعداد مقاتليه يف العراق ال يتجاوز ال�سبعة �آالف‬ ‫مقاتل‪ ،‬وهو رقم �ضئيل باحل�سابات الع�سكرية بعديد‬ ‫اجلي�ش العراقي الكبري‪ ،‬والذي يقدر بح�سب بع�ض‬ ‫الإح�صاءات بحوايل املليون مقاتل من جي�ش و�أمن‪.‬‬ ‫ت�ش ّكل تنظيم الدولة اال�سالمية يف العراق وال�شام‬ ‫(داع�ش) يف ني�سان ‪ ،2013‬وكان ثمرة اندماج بني‬ ‫"دولة العراق الإ�سالمية" التابع لتنظيم "القاعدة"‬ ‫الذي ت�ش ّكل يف ت�رشين الأول (�أكتوبر) ‪ 2006‬وبني‬ ‫املجموعة الإ�سالمية امل�سلحة يف �سورية املعروفة‬ ‫بـ"جبهة الن�رصة"‪� ،‬إال �أن الأخرية رف�ضت هذا‬ ‫االندماج على الفور‪ ،‬وبد�أت املعارك بني الطرفني‬ ‫يف كانون الثاين (يناير) ‪.2014‬‬ ‫واعرت�ض "داع�ش" علن ًا على �سلطة زعيم تنظيم‬ ‫"القاعدة" �أمين الظواهري‪ ،‬ورف�ض اال�ستجابة‬ ‫لدعوته الرتكيز على العراق وترك �سورية جلبهة‬ ‫الن�رصة‪.‬‬ ‫وكان "داع�ش" يف بداياته يعمل حتت ا�سم "جماعة‬ ‫التوحيد واجلهاد" بزعامة ابي م�صعب الزرقاوي‬ ‫يف عام ‪ ،2004‬قبل �أن يبايع هذا االخري زعيم‬ ‫"القاعدة" ال�سابق �أ�سامة بن الدن لي�صبح ا�سمه‬ ‫"القاعدة يف بالد الرافدين"‪.‬‬ ‫وبعد مقتل الزرقاوي "انتخب" �أبي حمزة املهاجر‬ ‫زعيم ًا للتنظيم‪ .‬وبعد �أ�شهر �أعلن عن ت�شكيل "دولة‬ ‫العراق اال�سالمية" بزعامة �أبي عمر البغدادي الذي‬ ‫جنحت القوات الأمريكية يف ني�سان ‪ 2010‬من قتله‬ ‫وم�ساعده �أبي حمزة املهاجر‪ ،‬واختار التنظيم من‬ ‫بعده �أبو بكر البغدادي خليفة له‪.‬‬ ‫ويقدر الباحث يف مركز "بروكينغز" يف الدوحة‬ ‫ت�شارلز لي�سرت �أعداد املن�ضوين يف هذا التنظيم ما‬ ‫بني خم�سة و�ستة �آالف مقاتل يف العراق‪ ،‬و�سبعة‬ ‫�آالف يف �سورية‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق باجلن�سيات‪ ،‬يقول اخلبري يف احلركات‬ ‫اال�سالمية رومان كاييه من املعهد الفرن�سي لل�رشق‬ ‫الأو�سط �أن معظم املقاتلني على الأر�ض يف �سورية‪،‬‬ ‫هم من اجلن�سية ال�سورية‪ ،‬لكن قادتهم ي�أتون يف‬ ‫اغلب االحيان من اخلارج‪ ،‬ويكونون قد قاتلوا من‬ ‫قبل يف العراق وال�شي�شان و�أفغان�ستان‪� .‬أما يف‬ ‫العراق فمعظم املقاتلني من العراقيني‪.‬‬ ‫وي�ضم التنظيم مئات املقاتلني الناطقني بالفرن�سية‬ ‫من فرن�سيني وبلجيكيني ومغاربة‪.‬‬ ‫و�سيطر التنظيم يف كانون الثاين املا�ضي مع‬ ‫جماعات �أخرى على الفلوجة وقطاعات من‬ ‫الرمادي غرب بغداد‪.‬‬

‫معظم املقاتلني على الأر�ض يف �سورية‬ ‫هم من اجلن�سية ال�سورية لكن قادتهم‬ ‫ي�أتون يف اغلب االحيان من اخلارج‬ ‫احتل "داع�ش" مدن الأنبار نينوى و�صالح الدين‬ ‫واملو�صل‪ ،‬ودعا نوري املالكي رئي�س الوزراء‬ ‫العراقي الربملان لإعالن حالة الطوارئ‪ ،‬لكن مل‬ ‫ي�ؤمن الن�صاب الكايف لأع�ضاء الربملان من �أجل‬ ‫�إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬وهو ما يعك�س حالة �رصاع‬ ‫قوية بني املكونات ال�سيا�سية العراقية‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫االحتقان ال�سيا�سي كان قد و�صل �إىل ذروته خالل‬ ‫االنتخابات الربملانية‪ ،‬ورف�ض الكثري من املكونات‬ ‫تويل نوري املالكي رئا�سة الوزراء لوالية ثالثة‪،‬‬ ‫كما تعرت�ض الكثري من املكونات �سماح املالكي‬ ‫لكثري من امليلي�شيات ال�شيعية للقتال �إىل جانب‬ ‫النظام ال�سوري‪.‬‬ ‫وقال وزير اخلارجية الأمريكي جون كريي يوم‬ ‫اجلمعة املا�ضي �إنه يتوقع �أن يتخذ الرئي�س‬ ‫الأمريكي باراك �أوباما قراراً يف الوقت املنا�سب‬ ‫ب�ش�أن اخلطوات التي �ستتخذها الواليات املتحدة‬ ‫للم�ساعدة يف حماربة الهجوم ال�ضاري للمت�شددين‬ ‫الإ�سالميني امل�سلحني يف العراق‪.‬‬ ‫وقال كريي يف م�ؤمتر �صحفي مع وزير اخلارجية‬ ‫الربيطاين وليام هيج "نظراً خلطورة الو�ضع اتوقع‬ ‫قرارات يف الوقت املنا�سب من الرئي�س فيما يخ�ص‬ ‫التحدي‪".‬‬ ‫و�أ�ضاف "�إنني واثق من �أن الواليات املتحدة‬ ‫�ستتحرك ب�رسعة وبفاعلية مل�شاركة حلفائنا يف‬ ‫التعامل مع هذا التحدي‪".‬‬ ‫وقال �أوباما يوم اخلمي�س املا�ضي �إنه يدر�س "كل‬ ‫اخليارات" لدعم احلكومة املركزية يف العراق التي‬ ‫تقودها مكونات �سيا�سية �شيعة �سيطرت ب�شكل‬ ‫كامل بعد انتهاء االحتالل الأمريكي للعراق يف‬

‫عام ‪ 2011‬بعد مرور ثمانية �أعوام على الغزو الذي‬ ‫�أطاح ب�صدام ح�سني يف عام ‪. 2003‬‬ ‫وقال كريي كذلك �إن رئي�س الوزراء العراقي نوري‬ ‫املالكي يجب �أن يبذل املزيد لتنحية اخلالفات‬ ‫الطائفية يف بالده جانبا‪.‬‬ ‫وتابع قائال "رئي�س الوزراء املالكي وكل الزعماء‬ ‫العراقيني بحاجة لبذل املزيد لتنحية اخلالفات‬ ‫الطائفية جانبا"‪ ،‬ملمح ًا �إىل �شكاوى غربية قائمة‬ ‫منذ فرتة طويلة من �أن املالكي مل يبذل ما يكفي‬ ‫حلل اخلالفات الطائفية التي جعلت من ال�سنة‬ ‫العراقيني املحرومني من ال�سلطة منذ الإطاحة‬ ‫ب�صدام ي�شعرون بالظلم وي�سعون لالنتقام‪.‬‬ ‫�أما املرجع ال�شيعي الأعلى �آية اهلل علي ال�سي�ستاين‬ ‫حث �أتباعه على حمل ال�سالح والدفاع عن‬ ‫فقد ّ‬ ‫�أنف�سهم يف مواجهة تقدم املت�شددين ال�سنة‪ ،‬وذلك‬ ‫يف ت�صعيد خطري لل�رصاع الذي يهدد باندالع حرب‬ ‫�أهلية‪.‬‬ ‫وخالل �صالة اجلمعة يف مدينة كربالء تليت ر�سالة‬ ‫من ال�سي�ستاين دعا فيها النا�س �إىل االحتاد ل�صد‬ ‫تقدم م�سلحي تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق‬ ‫وال�شام‪.‬‬ ‫ويف التحرك الوا�سع لتنظيم "داع�ش" متكن من‬ ‫اال�ستيالء على مبالغ مالية كبرية من بنك املو�صل‪،‬‬ ‫قدرت بحوايل ‪ 400‬مليون دوالر‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫كميات كبرية من العتاد‪ ،‬و�سيارات الدفع الرباعي‪،‬‬ ‫وهو ما من �ش�أنه �أن يزيد من قوة التنظيم‪ ،‬كما‬ ‫ت�شري بع�ض التحليالت �إىل �أن ازياد نفوذ "داع�ش"‬ ‫من �ش�أنه �أن يدفع الكثري من قوى املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة ال�سورية �إىل االن�ضمام للتنظيم يف ظل‬ ‫قلة الدعم املقدم لها من الغرب‪ ،‬لكن الأخطر هو‬ ‫�أن "داع�ش" مبا بات عليه من قوة �أ�صبح العب ًا‬ ‫مهم ًا على ال�ساحتني ال�سورية والعراقية‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫متدده بني البلدين قد �أزاح جانب ًا معاهدة "�سايك�س‬ ‫بيكو"‪ ،‬وفتح احلدود وامل�شكالت بني البلدين على‬ ‫بع�ضهما البع�ض‪ ،‬كما قد ي�رسع بال�سعي �إىل �إيجاد‬ ‫حل للأزمة ال�سورية‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫حزب اهلل والثقب الأ�ســود ال�سوري‬ ‫غازي دحمان‬

‫يف �أحدث تقرير لها‪ ،‬و�صفت جمموعة» الأزمات‬ ‫الدولية»‪ ،‬تورط حزب اهلل يف �سورية‪ ،‬مبثابة دخوله‬ ‫تورطه الطويل الأمد‬ ‫الثقب الأ�سود يف كناية �إىل‬ ‫ّ‬ ‫يف هذا ال�رصاع‪ ،‬وذلك يف حماولة يائ�سة لإنقاذ‬ ‫حليفه ب�شار الأ�سد‪ ،‬ويتزامن �صدور هذا التقرير مع‬ ‫ظهور م�ؤ�رشات عن حالة من التململ بد�أت بالتبلور‬ ‫�سواء داخل الأطر التنظيمية للحزب �أو داخل بيئته‬ ‫احلا�ضنة‪ ،‬يف وقت ذهب ح�سن ن�رص اهلل �إىل التب�شري‬ ‫بانت�صار تنظيمه يف �سورية‪ ،‬فيما بدا �أنها حماولة‬ ‫لرفع معنويات بيئته املتذمرة من ارتفاع خ�سائرها‬ ‫يف حرب ال نهاية وا�ضحة لها‪.‬‬ ‫مل يعد خافيا حجم اخل�سائر الكبرية وحالة‬ ‫اال�ستنزاف التي يعاين منها تنظيم حزب اهلل يف‬ ‫�سورية‪ ،‬وت�شري التقديرات احلذرة جداً �إىل خ�سارته‬ ‫حلوايل �ألف مقاتل من �أتباعه‪ ،‬ف�ضال عن ع�رشة‬ ‫�أالف جريح‪ ،‬جزء كبري منهم �أ�صيب ب�إعاقات متنع‬ ‫عودته �إىل �ساحات القتال وتخرجه من �إطار القوة‬ ‫ال�ضاربة للحزب‪� ،‬إ�ضافة �إىل مقتل العديد من قادته‬ ‫الكبار‪ ،‬والذين كانوا يديرون مواقع ح�سا�سة داخل‬ ‫التنظيم‪ ،‬مما يعر�ض التنظيم خلطر االنك�شاف‬ ‫والتفكك‪� ،‬إن مل يكن اال�ضمحالل بعد �سنوات قليلة‪،‬‬ ‫وهو الزمن املقدر ال�ستمرار ال�رصاع يف �سورية‪� ،‬أو‬ ‫يجد التنظيم نف�سه �أمام خيار االعرتاف بالهزمية‬ ‫واالنكفاء �إىل الداخل اللبناين‪ ،‬وهذا ما ال يريده‬ ‫ن�رص اهلل‪ ،‬لذا يتمنى علينا ت�صديق �أكذوبته و�إلقاء‬ ‫ال�سالح ليعلن هو ن�رصه‪� ،‬أو بتعبري �أدق ليتخل�ص‬ ‫من هذه الورطة‪.‬‬ ‫املركبة التي و�ضع تنظيم حزب اهلل‬ ‫هذه الورطة‬ ‫ّ‬ ‫نف�سه فيها ت�ضعه‪ ،‬يف حال قرر اال�ستمرار‪ ،‬حتت‬ ‫خطر اال�ستنزاف الدائم و�صوال �إىل االنتحار‪ ،‬ذلك‬ ‫�أنه ويف �سبيل تظهري انت�صاراته‪ ،‬ي�ضطر التنظيم �إىل‬ ‫�إجراء عملية انت�شار وا�سعة متتد على كامل الأر�ض‬ ‫ال�سورية‪ ،‬وهو �إن مل يفعل ذلك ف�إن نظام الأ�سد الذي‬ ‫و�صل �إىل درجة عالية من الإنهاك �سيجرب على‬ ‫اال�ست�سالم والتال�شي‪ ،‬وهذا احلجم من االنت�شار‬

‫يفوق قدرات التنظيم الب�رشية والع�سكرية‪ ،‬وهو يكاد‬ ‫ي�شبه �سكب املاء يف الرمال‪.‬‬ ‫�أمام هذا الواقع‪ ،‬ثمة ت�رسيبات تفيد ب�أن التنظيم‬ ‫بات يجري مراجعات يومية عما يفعله يف �سورية‬ ‫على وقع ارتفاع خ�سائره ‪ ،‬حيث بات يواجه‬ ‫�أ�سئلة دائمة من الكثري من كوادره عن مدى قدرة‬ ‫التنظيم على حتمل كلفة احلرب يف �سورية‪ ،‬وما‬ ‫هو االنت�صار الذي يتحقق �أمام كل ذلك العدد من‬ ‫القتلى واجلرحى‪ ،‬وما هو م�صري التنظيم بعد �أن‬ ‫دمرت احلرب يف �سورية وحداته اخلا�صة وا�ستنزفت‬ ‫طاقته؟ �أكرث من ذلك فقد بدا التململ داخل حا�ضنته‬ ‫ال�شعبية التي متثل خزانه الب�رشي‪� ،‬إذ يظهر ا�ستطالع‬ ‫�أجراه م�ؤخرا مركز درا�سات �أمريكي عن ارتفاع‬ ‫ن�سبة كارهي ب�شار الأ�سد يف �صفوف �شيعة لبنان‪،‬‬ ‫ما يعك�س مدى التعب الذي باتت تعانيه تلك البيئة‬ ‫التي ترهن �أبناءها وقوداً بهدف بقائه على كر�سي‬ ‫احلكم يف �سورية‪.‬‬ ‫الر�أي ال�سائد لدى الكثري من القريبني من دوائر‬ ‫القرار داخل حزب اهلل �أن م�شاركة احلزب يف احلرب‬ ‫ال�سورية قرار خارجي فر�ضته مرجعيات �إيرانية‪،‬‬ ‫ومل يكن بالإمكان رف�ض تلك الأوامر نظرا للدور‬ ‫الإيراين الداعم للحزب على خمتلف الأ�صعدة‪،‬‬ ‫وخا�صة و�أن �إيران ت�ؤمن �سنويا حوايل ‪ 200‬مليون‬ ‫دوالر من �أجل تغطية نفقات احلزب‪ .‬وتاليا ف�إن‬ ‫خروج احلزب من دوامة احلرب ال�سورية مرتبط‬ ‫بدرجة كبرية باال�سرتاتيجية الإيرانية‪� ،‬أو بالأ�صح‬ ‫مرهون بهذه اال�سرتاتيجية‪.‬‬ ‫ال �شك �أن وجود حزب اهلل يف امليدان ال�سوري‬ ‫�سي�شكل جاذبا دائما لتنظيمات متطرفة من‬ ‫منطه‪ ،‬و�سي�ستدعي ا�ستمرار ن�شاطه �إيجاد مربر‬ ‫لربوز �رصاع مذهبي عميق بني مكونات ال�شعب‬ ‫ال�سوري نف�سه‪ ،‬وبالتبعية �سيجد �صداه يف الإقليم‬ ‫بكامله‪ ،‬الأمر الذي ي�ؤدي لي�س فقط �إىل تهديد امن‬ ‫و�سالمة املنطقة برمتها‪ ،‬بل �إىل �إطالة �أمد ال�رصاع‬ ‫ل�سنوات قادمة‪ ،‬وهو متاما ما تف�ضله بع�ض القوى‬

‫الغربية و�إ�رسائيل‪ ،‬تطبيقا لقاعدة» ليقتل الأ�رشار‬ ‫بع�ضهم بع�ضا»‪ ،‬ويف هذه احلالة يبدو حزب اهلل‬ ‫وك�أنه ي�ؤدي وظائف مزدوجة‪ ،‬فهو من جهة يخدم‬ ‫امل�رشوع الإيراين املذهبي يف املنطقة‪ ،‬ومن جهة‬ ‫ثانية ينفذ خطط �إ�رسائيل وا�سرتاتيجياتها املتطلعة‬ ‫�إىل دمار �سورية وتفتيتها وا�ستنفاد جهود القوى‬ ‫التي ت�صنفها يف خانة الأعداء لها!‪.‬‬ ‫لقد �أثبتت التطورات امليدانية‪ ،‬يوما بعد �آخر‪،‬‬ ‫قدرة الثورة ال�سورية على ابتداع طرق جديدة‬ ‫للتكيف مع املتغريات احلا�صلة يف امليدان‪ ،‬ولع ّل‬ ‫�أخرها التحوالت التي جتريها قوى الثورة على‬ ‫طرق وتقنيات عملها‪ ،‬للتكيف مع طبيعة حرب‬ ‫الع�صابات التي فر�ضها حزب اهلل وامليلي�شيات‬ ‫العراقية والإيرانية‪ ،‬مع اعتمادها ا�سرتاتيجية‬ ‫جديدة ال تركز على م�س�ألة االحتفاظ بالأر�ض‪،‬‬ ‫وترك اخل�صم يو�سع انت�شاره ليجري ا�ستنزافه على‬ ‫م�ساحات وا�سعة‪ ،‬فيما يبدو �أنه ت�صحيح للنهج‬ ‫القتايل لذي كاد ي�ستنزف قوى الثورة يف مراحل‬ ‫�سابقة‪ ،‬وقد �أراحت تلك الأخطاء يف مرحلة �سابقة‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬وا�ستطاع بف�ضلها حتقيق انت�صارات‬ ‫�إعالمية كبرية‪.‬‬ ‫يحاول حزب اهلل اخلروج من امل�أزق ال�سوري عرب‬ ‫�إيهام قوى الثورة ال�سورية ب�أنها انهزمت ومل يعد‬ ‫�أمامها �سوى الإقرار بهذا الواقع‪ ،‬على اعتبار �أنه‬ ‫بات من امل�ستحيل تعديل موازين القوى مل�صلحتها‬ ‫يف امليدان‪ ،‬بالطبع ال يعدو ذلك كونه �أ�سلوب حرب‬ ‫نف�سية يخفي وراءه امل�أزق الكبري الذي يحاول‬ ‫حزب اهلل اخلروج منه‪ ،‬و�إذ تبدو تلك املحاوالت‬ ‫جمرد �أماين ورغبات للحزب بالتخل�ص من امل�أزق‪،‬‬ ‫ف�إن تطورات الواقع امليداين تفر�ض عليه واحداً من‬ ‫خيارين‪� ،‬إما �إعالن اخل�سارة واالكتفاء بهذا القدر‬ ‫وتاليا االنكفاء �إىل لبنان لريمم جراحه وبنيته‪،‬‬ ‫و�إما ا�ستمرار اال�ستنزاف يف حرب لن يك�سب فيها‪،‬‬ ‫بل �سي�ؤجل �إعالن الهزمية بعد ان يكون احلزب قد‬ ‫و�صل �إىل �أعتاب التال�شي واالنقرا�ض‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫ر�أي‬

‫‪04‬‬

‫جلـــــوء املــعــار�ضــة ال�ســورية‬ ‫فيكتوريو�س بيان �شم�س‬

‫لعب الالجئون ال�سوريون يف م�رص‪ ،‬والذين بلغت‬ ‫�أعدادهم يف الذروة قرابة (‪ )250,000‬دوراً رائداً‬ ‫يف �إظهار ثورتهم �إىل العامل عرب خمتلف الأن�شطة‬ ‫املدنية والثقافية والتعليمية واالحتجاجية‬ ‫وغريها‪ .‬يف وقت كانت هجرات النزوح يف �أوجها‬ ‫ب�سبب ت�صاعد عنف النظام �ضد مناطقهم‪ ،‬فكانت‬ ‫م�رص‪� ،‬صاحبة التاريخ البعيد املرتبط ع�ضوي ًا‬ ‫ب�سورية‪ ،‬بلد الأمن والأمان التي احت�ضنتهم يف‬ ‫�أ�شد حلظات �ضعفهم‪ ،‬وقلعة يتم ّتعون فيها بتعاطف‬ ‫متميز عن كل دول اللجوء العربية الأخرى‪،‬‬ ‫�شعبي‬ ‫ّ‬ ‫وميار�سون فيها خمتلف �أ�شكال �أن�شطتهم بحرية‬ ‫ملفتة‪.‬‬ ‫افتتحت املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬وعلى خمتلف‬ ‫انتماءاتها وم�شاربها ال�سيا�سية والأيديولوجية‬ ‫ومقرات يف م�رص‪ ،‬دون �أن ُيع ّكر �صفو ذلك‬ ‫مكاتب‬ ‫ّ‬ ‫�شيء‪ .‬لكن التعاطي‪ ،‬على ما فيه من �إيجابية كما‬ ‫يتحرك ب�شكله الر�سمي بني م�ستويني‪،‬‬ ‫قد يظهر‪ ،‬كان ّ‬ ‫املمتدة‬ ‫امل�سلمني‬ ‫إخوان‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫حكم‬ ‫وحتديداً يف فرتة‬ ‫ّ‬ ‫من ‪/30‬متوز‪ 2012/‬وحتى ‪/3‬متوز‪.2013/‬‬ ‫ففي حني كان الإخوان امل�سلمني يوحون‪ ،‬و�أحيان ًا‬ ‫ي�رصحون بانحيازهم لل�شعب ال�سوري‪ ،‬وثورته‬ ‫ّ‬ ‫على نظامه‪ ،‬كما حدث يف ‪ ،15/6/2013‬عندما‬ ‫قطع الرئي�س املعزول حممد مر�سي عالقات بالده‬ ‫الدبلوما�سية مع النظام ال�سوري‪ ،‬وهي خطوة على‬ ‫أهميتها �سيا�سي ًا ودعائي ًا‪ ،‬كانت غري حم�سوبة‪،‬‬ ‫� ّ‬ ‫وكارثية لل�سوريني املقيمني يف م�رص‪ ،‬لأن �إغالق‬ ‫عطل �أعمالهم‪ ،‬وع ّقد عملية ح�صولهم على‬ ‫ال�سفارة ّ‬ ‫�أوراق ي�سيرّ ون بها حياتهم‪ .‬و ربمّ ا كانت هذه‬ ‫اخلطوة حماولة لك�سب ال�سوريني املقيمني يف‬ ‫"مترد" قد انطلقت‪ ،‬وبد�أ حكم‬ ‫م�رص‪� ،‬إذ كانت حملة ّ‬ ‫"الإخوان" يت�ضع�ضع رويداً رويداً‪ .‬هذا ما انعك�س‬ ‫وبا ًال على حياة ال�سوريني املوجودين يف م�رص‬ ‫بعد الإطاحة بهم‪� ،‬إذ ا�ستغ ّلت بع�ض و�سائل الإعالم‬ ‫امل�رصية ذلك‪� ،‬إ�ضافة مل�شاركة بع�ض ال�سوريني‬ ‫لت�شن‬ ‫يف احتجاجات "الإخوان" بعد الإطاحة بهم‪ُ ،‬‬ ‫حملة حتري�ض‪ ،‬وتهديد‪ ،‬وكراهية �ضد ال�سوريني‪،‬‬ ‫مع �أن �أعداد ال�سوريني الذين �شاركوا مبظاهرات‬ ‫ميدان "التحرير" تفوق �أولئك الذين كانوا يف ميدان‬ ‫املرات‪ .‬هذا ما � ّأدى فيما بعد لرفع‬ ‫"رابعة" مبئات ّ‬ ‫ليتعر�ضوا‬ ‫ال�سوريني‪،‬‬ ‫عن‬ ‫أمني‬ ‫ل‬ ‫الغطاء ال�سيا�سي وا‬ ‫ّ‬ ‫مل�ضايقات ال عد لها وال ح�رص يف جو من التوتر‬ ‫ال�شديد‪ ،‬وهو ما � ّأدى بدوره لهجرات �رسيعة يف‬ ‫جهات الأر�ض الأربعة‪.‬‬ ‫يقدم "الإخوان" بعد‬ ‫مل‬ ‫الثاين‪،‬‬ ‫على امل�ستوى‬ ‫ّ‬ ‫و�صولهم لل�سلطة ال�شيء الكثري لل�سوريني‪ ،‬فعمليات‬ ‫التع�سفي �أثناء �إجراءات متديد الإقامة‪،‬‬ ‫الت�سفري‬ ‫ّ‬ ‫كانت تطال البع�ض دون �أي �سبب �أو تف�سري منطقي‪.‬‬ ‫املحملة بال�سالح‪،‬‬ ‫عدا عن �أن ال�سفن الإيرانية‬ ‫ّ‬ ‫واملتوجهة �إىل �سورية لإمداد قوات النظام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫كانت تعرب قناة ال�سوي�س ب�شكل طبيعي‪ ،‬رغم كل‬ ‫املطالبات امل�رصية وال�سورية بوقفها‪.‬‬ ‫الأدهى‪� ،‬أن الرئي�س املخلوع حممد مر�سي‪ ،‬ويف‬ ‫زيارته ال�شهرية لرو�سيا يف ‪/14‬ني�سان‪،2013/‬‬ ‫والتي حاول فيها �أن يح�صل على القمح الرو�سي‬

‫املادة‬ ‫ب�شكل �أ�سا�سي (ب�سبب ال�شح املزمن لهذه‬ ‫ّ‬ ‫�رصح �أثناء لقائه بالرئي�س الرو�سي‬ ‫اال�سرتاتيجية) ّ‬ ‫فالدميري بوتني ب�أن "الر�ؤية امل�رصية ملا يحدث يف‬ ‫�سورية‪ ،‬متطابقة متام ًا مع الر�ؤية الرو�سية"!‪.‬‬ ‫تخبط يف‬ ‫م�ستويان من التعاطي يد ّالن على وجود ّ‬ ‫الر�ؤية‪ ،‬وعدم قدرة على موازنة م�صالح البالد‪،‬‬ ‫ب�أيديولوجيا التنظيم‪ ،‬الذي من املفرت�ض �أن‬ ‫الرئي�س ا�ستقال منه يوم �أعلن عن فوزه‪.‬‬ ‫�أتى هذا يف ظل حماوالت م�رصية‪ ،‬يف تلك الفرتة‪،‬‬ ‫ممتدة �إىل اليوم‪ ،‬لر�سم عالقات‬ ‫وبعدها‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫دولية جديدة بني �أحد املع�سكرين الكبريين الذين‬ ‫يتناهبان املنطقة‪� ،‬أي رو�سيا‪ ،‬و�أمريكا‪.‬‬ ‫املح�صلة‪ ،‬دفع ال�سوريون والفل�سطينيون ثمن‬ ‫يف‬ ‫ّ‬ ‫هذه التغيريات امليلودرامية – الدراماتيكية‪ ،‬فبد�أت‬ ‫عمليات الهجرة الثانية وب�أعداد هائلة من م�رص‪،‬‬ ‫�سواء ال�رشعية منها‪� ،‬أو غري ال�رشعية عرب البحر‪،‬‬ ‫حيث و�صل الي�أ�س بالبع�ض حد املغامرة بحياته‬ ‫للو�صول �إىل ال�ضفة الأخرى‪.‬‬ ‫يف هذه الأثناء‪ ،‬وب�سبب من انعدام حيويتها‪،‬‬ ‫وغرقها مب�شاكل جانبية �شغلتها عن هموم النا�س‬ ‫وم�شاكلها‪ ،‬كانت "املعار�ضة" ال�سورية قد بد�أت‬ ‫تخ�رس واحدة من �أهم �ساحاتها‪ ،‬يف ظل كالم‬ ‫كثري عن انت�شار الف�ساد‪ ،‬وانعدام ال�شفافية فيها‪،‬‬ ‫وهو ما �أرغم النا�س يف داخل �سورية لت�سمية‬ ‫جمعة ‪ ،21/3/2014‬بـ "جمعة �إ�سقاط رئي�س‬ ‫االئتالف �أحمد اجلربا"‪ ،‬ل�شعور النا�س بعدم قدرة‬ ‫هذا "االئتالف" على القيام بواجباته وم�س�ؤولياته‬ ‫جتاههم يف الداخل واخلارج‪.‬‬ ‫كما بات وا�ضح ًا �أن "االئتالف" الذي ت�ش ّكل يف‬ ‫�أواخر العام ‪ ،2012‬كغريه من الأطر ال�سيا�سية‬ ‫تدعي متثيل ال�شعب ال�سوري‪،‬‬ ‫"املعار�ضة" التي ّ‬ ‫ميثل جملة توازنات دولية‪ ،‬تعب عن م�صالح الدول‬ ‫الداعمة له‪� ،‬أكرث بكثري من تعبريه عن م�صالح‬

‫ال�شعب القابع حتت الق�صف والدمار‪ .‬هذا ما � ّأكدته‬ ‫على �سبيل املثال النا�شطة رميا فليحان يف بيان‬ ‫ا�ستقالتها من "االئتالف" يف ‪/29‬ني�سان‪2014/‬‬ ‫عندما قالت‪" :‬يف االئتالف زمالء وزميالت �رشفاء‬ ‫�أعتز بهم والعمل معهم لكنهم ال ي�ستطيعون ال هم‬ ‫وال �سواهم التغيري بفعل التجاذبات اخلارجية التي‬ ‫تق�سم االئتالف وتتجاذب القرار"‪ .‬وا�ضحة تبعية‬ ‫"االئتالف" ك�أكرب قوى "املعار�ضة" للخارج‪ .‬ظهر‬ ‫هذ ب�شكل جلي على خلفية اخلالفات اخلليجية‪ ،‬بعد‬ ‫�أن قطعت بع�ض الدول و�أبرزها ال�سعودية عالقاتها‬ ‫الدبلوما�سية بقطر يف �آذار‪.2014/‬‬ ‫امللفت بعد كل هذا‪� ،‬أن "االئتالف" الذي ي�سيطر‬ ‫على �أكرث من �سفارة �سورية يف اخلارج‪ ،‬يف باري�س‪،‬‬ ‫وقطر‪ ،‬وليبيا‪ ،‬وبلغاريا وغريها‪ .‬عجز عن انتزاع‬ ‫حق ا�ست�صدار الوثائق والأوراق الثبوتية لأكرث‬ ‫هجرين عن بيوتهم‬ ‫من (‪ 10‬ماليني) �سوري ُم ّ‬ ‫ومناطقهم كما وعد ب�أكرث من منا�سبة‪.‬‬ ‫الأدهى من ذلك ك ّله‪� ،‬أن بع�ض رموز هذه املعار�ضة‬ ‫من الذين ال يحملون جن�سيات دول �أخرى (وهم‬ ‫ق ّلة)‪ ،‬كهيثم املالح مث ًال‪ ،‬والذي كان قد �أعلن‬ ‫عن حكومته امل�ؤ ّقتة من القاهرة يف �أواخر‬ ‫متوز‪ 2012/‬من القاهرة‪ ،‬ح�صل مع جمموعة من‬ ‫زمالئه يف "االئتالف" مثل ب�سام امللك‪ ،‬و�أنور بدر‪،‬‬ ‫وغريهم على حق اللجوء ال�سيا�سي ب�أملانيا يف‬ ‫ني�سان‪.2014/‬‬ ‫هذا ما ي�ؤ�شرّ ب�شكل ال لب�س فيه‪� ،‬إىل �أن "املعار�ضة"‬ ‫ال�سورية باتت عاجزة‪ ،‬لي�س فقط يف الرهان على‬ ‫�شعبها وقواه احلية‪ ،‬بل حتى على نف�سها وقدراتها‪.‬‬ ‫وهو ما ُيح ّتم على ال�شعب ال�سوري االنتفا�ض للمرة‬ ‫الثانية لت�صحيح م�سار ثورته‪ ،‬لتغيري النظام مبا‬ ‫هو تركيبة كاملة متكاملة –�سلطة و "معار�ضة"‪-‬‬ ‫وانتزاع ح ّقه بخلق بديله الثوري الذي ُيعبرّ عن‬ ‫طموحاته و�أحالمه‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫جتاهل دويل لدعم احلركات املدنية يف �سوريا‬ ‫�سكوت لوكا�س‪ -‬ترجمة و�إعداد «البديل»‪:‬‬

‫تربز امل�س�ألة ال�سورية العديد من النقاط املتعلقة‬ ‫بتجاهل احلركات ال�سلمية من قبل الدول الفاعلة‪،‬‬ ‫وتركيز الدعم لف�صائل املعار�ضة امل�سلحة‪.‬‬ ‫قمع النظام احلراك ال�سلمي‪ ،‬ومن ثم تطورت �ألأمور‪،‬‬ ‫وجتاوزت الواقع املحكوم بال�سالح احلركات ال�سلمية‪.‬‬ ‫�إن �أقل ما ن�سمع عنه من الأخبار القادمة من �سوريا‬ ‫هي الأخبار املتعلقة باحلراك ال�سلمي‪ ،‬حيث تت�صدر‬ ‫�أخبار العمليات امل�سلحة الواجهة‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬بالعودة �إىل م�سار الو�ضع ال�سوري‪ ،‬ف�إن احلراك‬ ‫ال�سلمي‪ ،‬وما ن�ش�أ عنه من حركات‪ ،‬كان هو الأ�سا�س‬ ‫يف االحتجاجات ال�سلمية التي انطلقت يف منت�صف‬ ‫�آذار من العام ‪ ،2011‬وكان العامل يربز تعاطف ًا‬ ‫وا�سع ًا مع هذا احلراك الن�ضايل اجلماهريي الوا�سع‪،‬‬ ‫ويف ذلك الوقت �شهدنا ان�شقاقات وا�سعة من قبل‬ ‫ع�سكريني حتى حتولت االن�شقاقات يف فرتة ما �إىل‬ ‫ظاهرة وا�سعة‪.‬‬ ‫�إن الإجراءات العنيفة التي اتخذها النظام ال�سوري‬ ‫�ضد املحتجني دفعت الأمور �إىل حالة املقاومة‬ ‫امل�سلحة‪ ،‬وهو �أمر يجب �أن نعرتف ب�أنه واقعي نظراً‬ ‫ل�شدة العنف امل�ستخدمة �ضد املتظاهرين‪.‬‬ ‫�أعقب ذلك ظهور اجلي�ش ال�سوري احلر الذي تطور‬ ‫عن املقاومة امل�سلحة‪ ،‬لكن هذا اجلي�ش افتقد لتنظيم‬ ‫حقيقي وقيادة مركزية‪ ،‬وهو ما جعل من ال�سهل على‬ ‫اجلماعات املتطرفة الأجنبية بالدخول �إىل �سورية‬ ‫واختطاف االنتفا�ضة‪ .‬بد�أوا يف تخريب ذلك‪ ،‬وحتويل‬ ‫االنتفا�ضة من حركة عن احلرية والعدالة �إىل �شيء‬ ‫خمتلف جداً‪.‬‬ ‫مل متتلك املقاومة املدنية �إمكانية منع حتول‬ ‫االنتفا�ضة من �شكلها ال�سلمي �إىل �شكلها امل�سلح‪،‬‬ ‫ووا�صل �أع�ضائها عملهم يف مواجهة العداء واخلطف‬ ‫واالعتقال واملوت‪� ،‬سواء ارتكبت من قبل النظام‬ ‫واملتطرفني الذين يعملون يف �صفوف املعار�ضة‬

‫امل�سلحة‪.‬‬ ‫جتدر الإ�شارة �إىل �أن احلركة ال�سلمية هي ب�أي حال‬ ‫من الأحوال متجان�سة‪ .‬هناك يف الواقع مئات من‬ ‫املجموعات التي ظهرت منها عرب �سوريا التي‬ ‫تختلف يف �أن�شطتها وو�سائل التنظيم‪ .‬هناك تنوع‬ ‫بني �أع�ضاء هذه املجموعات‪ ،‬التي تت�ضمن ال�سوريني‬ ‫من جميع الطبقات واملذاهب والأديان‪.‬‬ ‫بينما كانت املنظمات املدنية حيوية يف توفري‬ ‫الإغاثة الإن�سانية �إىل املناطق املحا�رصة‪ ،‬ودورها‬ ‫يتجاوز ذلك‪ .‬يف العديد من املناطق التي ال ت�سيطر‬ ‫عليها احلكومة و�أ�صبحت جلان بقيادة مدنية حملية‬ ‫التن�سيق‪ ،‬واملجال�س املحلية التي تنت�رش يف الكثري‬ ‫من املدن والبلدات ال�سورية‪.‬‬ ‫مت اختطاف �أربعة ن�شطاء بارزين كانوا قد عملوا‬ ‫ّ‬ ‫على توثيق انتهاكات حقوق الإن�سان يف دي�سمرب‪/‬‬ ‫كانون الأول عام ‪ 2013‬من مكاتب ومركز توثيق‬ ‫االنتهاكات يف دوما‪ ،‬وهناك اليوم بع�ض اجلهات‬ ‫ال�سورية والدولية التي تعمل على �إطالق �رساحهم‪.‬‬ ‫وهناك ن�سبة كبرية من العمل الذي قامت به‬ ‫اجلماعات املدنية‪ ،‬وهي املعنية يف املقام الأول‬ ‫ب�إعادة بناء الأ�س�س االقت�صادية والقانونية واملدنية‬ ‫واالجتماعية والثقافية والأخالقية للبلد‪ ،‬وتعزيز‬ ‫امل�صاحلة‪ ،‬وحماولة ملواجهة �ضغوط من اجلماعات‬ ‫املتطرفة‪ ،‬وقد �شمل هذا �أ�شياء مثل ن�رش وتوزيع‬ ‫الن�رشات واملجالت‪ ،‬و�إنتاج الفن‪ ،‬وت�شغيل حمطات‬ ‫الإذاعة‪ ،‬وور�ش العمل التي ت�سعى لتذكري النا�س من‬ ‫الأهداف الأ�صلية والقيم لالنتفا�ضة‪.‬‬ ‫بني الأكرث و�ضوح ًا دوليا من هذه املحاوالت هي‬ ‫الفتات اللغة الإجنليزية ال�ساخرة من بلدة كفر‬ ‫نبل التي تكتب بتحري�ض من النا�شط رائد فار�س‪.‬‬ ‫ثم هناك �أحداث مثل مهرجان "الربيع‪ :‬بني الألوان‬ ‫والثقافات"‪ ،‬التي نظمها عدد من املجموعات يف‬

‫مدينة القام�شلي يف ال�شمال ال�سوري‪ ،‬وهي ت�سعى‬ ‫�إىل ا�ستخدام الفنون مبثابة تذكري بالتنوع الغني بني‬ ‫�سكانها‪.‬‬ ‫احلركات املدنية يف �سوريا‪ ،‬وعلى مدار ال�رصاع‪،‬‬ ‫كان عليها التكيف مع الأو�ضاع اجلديدة‪ ،‬و�إعادة‬ ‫تكوين نف�سها ‪ .‬عند هذه النقطة‪ ،‬لكن م�ؤيدي هذه‬ ‫احلركات يدركون جميع ًا �أن هذه احلركات غري‬ ‫قادرة على وقف ال�رصاع امل�سلح‪ ،‬خا�صة �أن جزءاً من‬ ‫املتظاهرين ال�سلميني �أنف�سهم حتولوا �إىل املقاومة‬ ‫امل�سلحة‪ ،‬وان�ضموا �إىل حركات وف�صائل مقاتلة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬بالن�سبة لأولئك الذين ما زالوا يعملون �ضمن‬ ‫دائرة احلراك ال�سلمي‪ ،‬ويف جمموعات ومنظمات‬ ‫مدنية‪ ،‬ف�إنهم يدركون احلاجة لعملهم‪ ،‬خا�صة‬ ‫عندما يكون هناك فر�صة لإنهاء ال�رصاع‪ ،‬ولذلك‬ ‫ف�إن املجتمع الدويل يحتاج �أي�ضا �إىل �إعادة تركيز‬ ‫اهتمامه‪ ،‬و�إن�شاء فهم خمتلف حلركات املعار�ضة‬ ‫يف �سوريا التي متتد �إىل �أبعد من املعار�ضة امل�سلحة‬ ‫وال�سيا�سية‪ ،‬فاجلماعات املدنية ميكن لها �أن ت�سهم‬ ‫ب�شكل كبري يف �إعادة بناء �سوريا‪ ،‬وت�شكيل بدائل تقلل‬ ‫من الطبيعة العنفية لل�رصاع‪.‬‬ ‫بطبيعة احلال‪� ،‬إننا ندرك‪ ،‬حجم امل�أ�ساة يف �سوريا‪،‬‬ ‫لكن �أي�ض ًا ندرك حجم التق�صري يف عدم تقدمي الدعم‬ ‫الكايف للجماعات املدنية واملحلية‪ ،‬واالهتمام فقط‬ ‫باجلانب امل�سلح بال�رصاع‪ ،‬وهو ما زاد من حجم‬ ‫الفو�ضى داخل الكثري من املدن ال�سورية‪ ،‬و�أكرث من‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد جعل الكثري من الف�صائل امل�سلحة تهيمن‬ ‫على �إدارة املناطق من دون امتالك �أي ت�صور عن‬ ‫طرق الإدارة والتنظيم‪ ،‬وهكذا فقد ُحرمت املنظمات‬ ‫املدنية التي ت�ضم �أع�ضاء من ذوي الكفاءة من القيام‬ ‫بعملها على النحو ال�صحيح‪ ،‬والذي يزيد من ثقة‬ ‫املجتمعات املحلية بعملها ودورها راهن ًا وم�ستقب ًال‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫ق�ضايا‬

‫‪06‬‬

‫احتالل املدن من قبل «املعار�ضة» بني اخلط�أ وال�صواب‬ ‫مو�سى القالب*‬

‫ثمة ت�سا�ؤالت عدة ُتثار من قبل املحللني اال�سرتاتيجيني‬ ‫حول مدى جناح ا�سرتاتيجية الت�رسع يف احتالل املدن من‬ ‫قبل قوات املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬حيث مل يعد ممكن ًا احل�صول‬ ‫على جواب موحد يف هذا ال�ش�أن نتيج ًة الختالط الأوراق‬ ‫يف الآونة الأخرية‪ ،‬وعدم و�ضوح الر�ؤيا حول امل�صري‬ ‫النهائي للمعار�ضة والنظام على ح ٍد �سواء‪ ،‬خ�صو�ص ًا‬ ‫بعد مرور ثالث �سنوات ونيف على اندالع الثورة ال�سورية‬ ‫واملطالبة بالتغيري‪.‬‬ ‫عندما انفجرت الثورة االحتجاجية من مدينة درعا يف‬ ‫�أق�صى اجلنوب ال�سوري يف منت�صف �آذار‪ ،2011‬مل يلبث‬ ‫�أن ا�ستجابت لها بقية املدن ال�سورية‪ ،‬مثل �إدلب وحم�ص‬ ‫وحماة ودم�شق وحلب واحل�سكة ودير الزور وغريها‪.‬‬ ‫مل يكن �أحد يتوقع يف بداية الأحداث �أن ي�سلك الو�ضع‬ ‫ال�سوري هذا ال�سيناريو الدموي الطويل واملرعب‪ ،‬مقارن ًة‬ ‫بثورات الربيع العربي التي �أ�سقطت ب�صورة �رسيعة‬ ‫ومذهلة حكام تون�س وم�رص وليبيا واليمن على التوايل‪.‬‬ ‫ذلك لأن العمليات القتالية اجلارية على امل�رسح ال�سوري‪،‬‬ ‫ت�شكلت على هذا النحو امل�شتت ب�سبب ت�شابك وغمو�ض‬ ‫وت�ضارب املواقف الدولية واالقليمية‪ ،‬ما �أ�سفر عن ح�صول‬ ‫فراغات ميدانية وجغرافية قابلة للتعبئة واالحتالل من‬ ‫قبل الطرف الأقوى مكان ًا وزمان ًا يف حينه‪ .‬و�أدى ذلك اىل‬ ‫ت�سابق وتناف�س خمتلف ف�صائل القوى امل�سلحة يف الداخل‬ ‫ال�سوري فيما بينها‪ ،‬لل�سيطرة على �أق�صى ما ميكن من تلك‬ ‫املدن والبلدات والقرى املنت�رشة على م�رسح الأحداث‪،‬‬ ‫دون التخطيط وااللتزام با�سرتاتيجية موحدة من �ش�أنها‬ ‫ت�رسع ب�سقوط النظام بدءاً من العا�صمة دم�شق‪.‬‬ ‫�أن ِّ‬ ‫لدى حتليل خارطة العمليات القتالية على امل�رسح‬ ‫ال�سوري‪ ،‬ال بد من ت�سليط ال�ضوء على عدة جوانب هامة‬ ‫يف �سبيل ا�ستنتاج مدى جناح �أو ف�شل ا�سرتاتيجية احتالل‬ ‫املدن الرئي�سية والثانوية من قبل قوات املعار�ضة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬واحلكم عليها من خالل العوامل االتية‪:‬‬

‫عدم وجود قيادة ميدانية موحدة‬

‫�أدى ذلك �إىل احتالل جزئي متفرق وغري متزامن لكثري من‬ ‫املدن والبلدات ال�سورية‪ ،‬من قبل �أطياف �سيا�سية م�شتتة‬ ‫وغري موحدة‪ ،‬مل تتمكن من التعاون والتن�سيق فيما بينها‪،‬‬

‫�أو �إجراء ات�صال ميداين وتبادل دعم ناري ولوج�ستي مع‬ ‫املدن والبلدات املجاورة‪ .‬ما جعل عملية احتالل وتقا�سم‬ ‫�أحياء يف املدن عملية باهظة التكاليف و�صعبة التطبيق‪،‬‬ ‫و�سهل بالتايل على قوات النظام ق�صفها وتدمريها‬ ‫َّ‬ ‫باملدفعية والطائرات عن بعد‪ ،‬كما جرى يف حلب وحم�ص‬ ‫وغريها من املدن ال�سورية‪ ،‬دون اقتحامها بقوات برية‪،‬‬ ‫ما وفر على النظام وقوع خ�سائر ب�رشية كبرية يف �صفوف‬ ‫قواته‪.‬‬

‫قلة تعداد القوى الب�رشية امل�سلحة للمعار�ضة‬

‫ادى ت�شتت �أطياف املعار�ضة ال�سورية واالقتتال فيما‬ ‫بينها يف بع�ض االحيان‪� ،‬إىل قلة تعداد القوى الب�رشية‬ ‫امل�سلحة للمعار�ضة ال�سورية ككل‪ .‬وعليه باتت عاجز ًة‬ ‫عن االحتفاظ مبا احتلته من �أحياء �سكنية يف معظم‬ ‫املدن‪ .‬ثم ا�صبح هذا االحتالل عبئ ًا كبرياً‪ ،‬ا�ضطرت‬ ‫بعده قوات املعار�ضة لالن�سحاب بعد هزمية ع�سكرية‬ ‫ميدانية موجعة‪ ،‬كما جرى يف الق�صري والنبك ويربود‪.‬‬ ‫�أو لالن�سحاب طواعي ًة باتفاقية مع النظام‪ ،‬كما جرى يف‬ ‫مدينة حم�ص‪ ،‬وما يجري حالي ًا من حماوالت تتعلق بحي‬ ‫"الوعر" التابع ملدينة حم�ص‪.‬‬

‫تفاقم حدة النزاعات الأيديولوجية وال�سيا�سية‬ ‫وت�شتت اجلهد الكلي للثورة‬

‫حدث هذا اخللل ب�صورة وا�ضحة بني قوات اجلي�ش احلر‬ ‫و�أطياف املعار�ضة الإ�سالمية الأخرى خ�صو�ص ًا يف‬ ‫مدينتي حلب و�إدلب‪ .‬كما جرى قتال �شديد بني تنظيم‬ ‫الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش" وجبهة‬ ‫الن�رصة يف كثري من املواقع‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف مدينتي الرقة‬ ‫ودير الزور‪ .‬و�سادت حالة ارتباك خطرية عندما تقدمت‬ ‫قوات النظام نحو النبك ودير عطية والقلمون والق�صري‬ ‫ويربود واحل�صن‪ .‬وكذلك على اجلبهة اجلنوبية يف درعا‪،‬‬ ‫حيث مل تكن ف�صائل املعار�ضة متعاون ًة فيما بينها‪،‬‬ ‫ب�سبب النزعات الأيديولوجية وال�سيا�سية‪ .‬وعليه مل تكن‬ ‫تلك القوى م�ؤهلة �أو قادرة على االحتفاظ مبا احتلته من‬ ‫مدن وبلدات يف بداية الثورة امل�سلحة‪.‬‬ ‫�ضعف املوارد االقت�صادية واملالية واللوج�ستية والإدارية‬ ‫ب�سبب العوامل املذكورة �آنف ًا �أ�صبحت املوارد االقت�صادية‬

‫واملالية واللوج�ستية والإدارية للمعار�ضة �ضعيفة‪ .‬وعليه‬ ‫مل تتمكن ف�صائل املعار�ضة التي تغلغلت ب�رسعة يف املدن‬ ‫مع بداية الأحداث من تقدمي اية خدمات لل�سكان املحليني‪،‬‬ ‫بحيث ت�ضمن والئهم �أو امل�ساهمة يف �صمودهم‪.‬‬

‫�رشا�سة ق�صف قوات النظام املدن جوا ً‬

‫مار�ست قوات النظام �رشا�س ًة فائقة غري م�سبوقة بق�صفها‬ ‫العنيف للمدن والبلدات والأحياء امل�أهولة‪ ،‬بوا�سطة اجلو‬ ‫وال�صواريخ واملدفعية‪ ،‬ما �أدى اىل تدمريها ب�صورة �شبه‬ ‫كاملة‪ .‬كما احرتف النظام �سيا�سة جتويع ال�سكان ب�سبب‬ ‫قطع معظم خطوط الإمداد اللوج�ستي والطبي‪ ،‬وكما حدث‬ ‫يف خميم الريموك جنوبي دم�شق العا�صمة‪ ،‬وغريه من‬ ‫املواقع يف كافة االجتاهات‪.‬‬ ‫ن�ستنتج من كل ذلك �أن اخليار الأف�ضل يف ظل هذه العوامل‬ ‫واملعطيات ال�سلبية وعدم توازن القوى على الأر�ض‪ ،‬رمبا‬ ‫كان عن طريق تبني خطة "حرب الع�صابات" و�أ�سلوب‬ ‫"الكر والفر"‪ ،‬من خالل التكتيكات التالية‪:‬‬ ‫ت�شكيل قيادة ميدانية مركزية وقيادات فرعية تابعة لها‪،‬‬ ‫تتبادل عمليات الإ�سناد الناري واللوج�ستي والإداري من‬ ‫خارج املدن‪.‬‬ ‫ح�صار املدن من اخلارج وقطع الطرق الرئي�سية يف وجه‬ ‫قوات النظام ب�أطواق متحركة غري ثابتة ولي�س احتاللها‪.‬‬ ‫وذلك على ح�سب طبيعة الت�ضاري�س وم�ستجدات املوقف‬ ‫القتايل على الأر�ض‪.‬‬ ‫قطع خطوط وطرق املوا�صالت الرئي�سية بني املدن‬ ‫والعا�صمة دم�شق‪ ،‬وبني املدن نف�سها‪ ،‬مبا يربك قوات‬ ‫النظام وي�شتت جهدها‪.‬‬ ‫االنت�شار الوا�سع يف البلدات والقرى والأرياف جتنب ًا‬ ‫للق�صف اجلوي والربي املركز من قبل قوات النظام‪.‬‬ ‫ا�ستقطاب وا�ستيعاب اكرب عدد من القادة وال�ضباط و�صف‬ ‫�ضباط والأفراد واملدنيني املن�شقني عن قوات النظام‪.‬‬ ‫اال�ستيالء على خمازن وم�ستودعات الأ�سلحة والذخائر‬ ‫واللوازم التابعة للجي�ش النظامي يف �إطار خطط حمكمة‬ ‫ومدرو�سة‪.‬‬ ‫*عميد متقاعد‪/‬باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق‬

‫للبحوث – دبي‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫عربي‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تقدم املت�شددين يف العراق يقلل فر�ص التقارب ال�سعودي الإيراين‬

‫رويرتز‪:‬‬ ‫يوفر التقدم الذي حققه مت�شددون �إ�سالميون �سنة يف‬ ‫العراق هذا الأ�سبوع �سبب ًا قوي ًا كي تنهي �إيران وال�سعودية‬ ‫النزاع بينهما الذي يت�شابه مع احلرب الباردة‪ ،‬لكن من‬ ‫املرجح �أي�ضا �أن ي�ؤدي اىل انتكا�سة للتقارب بني القوتني‬ ‫الإ�سالميتني املهيمنتني يف اخلليج‪.‬‬ ‫و�أعلنت ال�سعودية يف مايو‪� /‬أيار املا�ضي �أنها وجهت‬ ‫الدعوة لوزير اخلارجية الإيراين حممد جواد ظريف ليقوم‬ ‫بزيارة نادرة للمملكة‪ .‬ويف وقت �سابق هذا ال�شهر قام‬ ‫�أمري الكويت ب�أول زيارة يقوم بها حاكم للكويت لإيران‬ ‫منذ قيام الثورة الإيرانية يف عام ‪ .1979‬واجتمع مع‬ ‫الزعيم الأعلى الإيراين �آية اهلل علي خامنئي‪.‬‬ ‫ومع و�صول احلرب الأهلية ال�سورية �إىل طريق م�سدود‪،‬‬ ‫ويف ظل انت�شار اال�ضطرابات يف �أنحاء املنطقة‪ ،‬و�سعي‬ ‫ايران لإبرام اتفاق نووي مع الغرب‪ ،‬تتوفر للريا�ض‬ ‫وطهران �أ�سباب للبحث عن �سبل للتعاون‪ .‬ويقول‬ ‫دبلوما�سيون �إن الدولتني قد تبحثان على الأقل عن‬

‫طريقة لتجنب تفاقم الو�ضع يف املنطقة‪.‬‬ ‫ويعزز التقدم اخلاطف الذي حققه تنظيم الدولة‬ ‫الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش» احلجة امل�ؤيدة‬ ‫للتقارب‪ ،‬فطهران والريا�ض ت�شرتكان يف اخلوف من �أن‬ ‫احتمال انزالق العراق �إىل حمام دم طائفي �سي�شكل خطراً‬ ‫على اجلميع‪.‬‬ ‫لكن من املحتمل �أن يثري تقدم الدولة الإ�سالمية يف‬ ‫العراق وال�شام �شكوك ًا على املدى القريب جتعل �أي حت�سن‬ ‫يف العالقات �أكرث �صعوبة‪.‬‬ ‫وقال ال�صحايف ال�سعودي املعروف جمال خا�شقجي ‪:‬‬ ‫«�إن التقارب ال�سعودي الإيراين ال بد و�أنه معلق الآن»‪.‬‬ ‫اما الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام «داع�ش» ‪ ،‬وهي‬ ‫جماعة ت�ستلهم نهج تنظيم القاعدة‪ ،‬وعدو لدود لإيران‪،‬‬ ‫فهي تعترب �أن ال�شيعة خارجون على الإ�سالم‪ ،‬وي�ستحقون‬ ‫القتل‪ ،‬وتقتل مئات املدنيني ال�شيعة �شهري ًا يف تفجريات‬ ‫يومية يف العراق‪.‬‬ ‫لكنها �أي�ضا لي�ست �صديقة للريا�ض‪ ،‬وحاربت حلفاء‬ ‫ال�سعودية يف اقتتال فيما بني ف�صائل املعار�ضة ال�سنية‬

‫امل�سلحة يف �سوريا‪.‬‬ ‫و�أعلنت الريا�ض ال�شهر املا�ضي جماعة الدولة الإ�سالمية‬ ‫يف العراق وال�شام «داع�ش» تنظيما �إرهابياً‪ ،‬مما يربز‬ ‫القلق من �أن ال�شبان ال�سعوديني الذين اكت�سبوا خربة‬ ‫قتالية قد يعودون �إىل اململكة م�شكلني تهديداً للأمن‪ ،‬كما‬ ‫حدث بعد احلرب يف �أفغان�ستان ويف العراق‪.‬‬ ‫وب�سبب �صالبة جماعة الدولة الإ�سالمية يف العراق‬ ‫وال�شام ف�إن الريا�ض لن ترحب بتقدمها حتى لو كان هذا‬ ‫التقدم على ح�ساب رئي�س الوزراء العراقي نوري املالكي‪.‬‬ ‫قال �شا�ؤول بخ�ش �أ�ستاذ التاريخ يف جامعة جورج‬ ‫مي�سون يف فرجينيا «يف الأحوال العادية رمبا كانت‬ ‫ال�سعودية �سرتحب ب�إذالل املالكي‪ ،‬لكن عراق ًا ت�سوده‬ ‫الفو�ضى وتخ�ضع �أجزاء منه ل�سيطرة مت�شددين �إ�سالميني‬ ‫ميار�سون العنف لن يكون مو�ضع ترحيب �إىل حد كبري»‪.‬‬ ‫وو�صف م�صدر مطلع على ال�سيا�سة ال�سعودية التطورات‬ ‫يف العراق يف الأيام القليلة املا�ضية ب�أنها فرتة اختبار‬ ‫للعالقات الإيرانية ال�سعودية‪.‬‬

‫تون�س‪ :‬خماوف من متدد الأعمال الإرهابية لتنظيم “�أن�صار ال�شريعة”‬ ‫م�ضت تون�س بخطوات �أكرث ثبات ًا يف العملية ال�سيا�سية‬ ‫بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫اخلالفات التي ظهرت باكراً بني جماعة «النه�ضة»‬ ‫الإ�سالمية وباقي القوى العلمانية‪� ،‬إال �أن الأفرقاء‬ ‫ال�سيا�سيني متكنوا من تنظيم خالفاتهم �ضمن العملية‬ ‫الد�ستورية‪� ،‬إال �أن �شبح الإرهاب مل يغب عن امل�شهد‬ ‫ال�سيا�سي‪ ،‬خا�صة �أن جماعة «�أن�صار ال�رشيعة» تعترب �أن‬ ‫حماربتها داخلي ًا هي من قبيل التملق للغرب «الكافر»‪،‬‬ ‫وخدمة مل�صاحله‪.‬‬ ‫وقالت تون�س يوم اجلمعة املا�ضي �إن قوات الأمن قتلت‬ ‫اثنني من امل�سلحني الإ�سالميني قرب احلدود اجلزائرية‬ ‫يف تبادل لإطالق نار بعد �أ�سبوعني من مهاجمة‬ ‫مت�شددين �إ�سالميني منزل عائلة وزير الداخلية يف‬ ‫هجوم تبنته «القاعدة» يف املغرب الإ�سالمي‪.‬‬ ‫ويف نهاية ال�شهر املا�ضي قتل �أربعة من قوات ال�رشطة‬ ‫بعد �أن فتح م�سلحون �إ�سالميون النار على منزل عائلة‬ ‫وزير الداخلية لطفي بن جدو يف مدينة الق�رصين‬ ‫وقال حممد علي العروي املتحدث با�سم وزارة الداخلية‬

‫«قواتنا قتلت اثنني من املجموعة الإرهابية يف‬ ‫جندوبة‪».‬‬ ‫و�أ�ضاف �أن تبادل �إطالق النار مع املت�شددين‬ ‫الإ�سالميني اندلع يف وقت مت�أخر ليل اخلمي�س‪.‬‬ ‫وقال العروي �إن ال�رشطة �صادرت �أ�سلحة كال�شينكوف‬ ‫وقنابل ومالب�س ع�سكرية �أثناء املواجهة مع الإ�سالميني‪.‬‬ ‫ويف بيان ن�رش يوم اجلمعة املا�ضي تبنى تنظيم القاعدة‬ ‫يف بالد املغرب الإ�سالمي الهجوم على منزل عائلة‬ ‫وزير الداخلية وتعهد مبالحقته وقتله‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف «انطلقت �رسية من �أ�سود القريوان لقطف ر�أ�س‬ ‫املجرم لطفي بن جدو‪ ..‬و�إن جنا املجرم هذه املرة فلن‬ ‫ينجو املرة القادمة‪».‬‬ ‫وقال التنظيم يف بيانه �إن احلرب �ضدهم يف تون�س‬ ‫هي «�إر�ضاء لأمريكا واجلزائر وفرن�سا»‪ ،‬ودعا العلماء‬ ‫�إىل م�ساندته يف احلرب التي قال �إنها «حرب واحدة يف‬ ‫املنطقة �ضد العلمانية»‪.‬‬ ‫وبد�أت القوات امل�سلحة التون�سية هجوم ًا وا�سع ًا يف‬

‫جبال ال�شعانبي يف املنطقة الغربية من البالد بالقرب‬ ‫من احلدود مع اجلزائر‪ ،‬والتي يحتمي بها مت�شددون‬ ‫�إ�سالميون‪.‬‬ ‫و»�أن�صار ال�رشيعة» ‪-‬التي �أدرجتها الواليات املتحدة‬ ‫يف قائمتها للمنظمات الإرهابية‪� -‬إحدى احلركات‬ ‫الإ�سالمية املت�شددة التي ظهرت بعد �أوىل انتفا�ضات‬ ‫«الربيع العربي» يف تون�س يف ‪ 2011‬والتي �أطاحت‬ ‫بالرئي�س ال�سابق زين العابدين بن علي‪.‬‬ ‫ويقود �سيف اهلل بن ح�سني املعروف �أي�ضا با�سم ابو‬ ‫عيا�ض‪ ،‬وهو مقاتل �سابق يف �أفغان�ستان‪ ،‬تنظيم‬ ‫«�أن�صار ال�رشيعة» املتهم باقتحام ال�سفارة الأمريكية‬ ‫يف ‪ .2012‬ويعلن «�أن�صار ال�رشيعة» الوالء لتنظيم‬ ‫القاعدة ببالد املغرب الإ�سالمي‪.‬‬ ‫وت�سري عملية االنتقال ال�سيا�سي قدم ًا يف تون�س منذ‬ ‫االنتفا�ضة‪ .‬لكن ال�سلطات التون�سية قلقة من احتماالت‬ ‫امتداد اال�ضطرابات يف ليبيا املجاورة‪ ،‬حيث متكن‬ ‫�إ�سالميون مت�شددون من اكت�ساب موطئ قدم‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/06/15 )144‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫خماطـر الف�ســـاد وكيفيــات حمــــاربته‬ ‫د‪ .‬عبد اهلل تركماين (*)‬

‫يتجه العامل نحو قيم ومبادئ ومعايري عملية‬ ‫مغايرة ملا هو �سائد يف عاملنا العربي‪ ،‬ذلك � ّأن‬ ‫عامل اليوم يتجه نحو اخلال�ص من وح�ش الف�ساد‬ ‫واملف�سدين يف العاملني املتقدم والنامي على‬ ‫ال�سواء‪ ،‬حيث يحتل الف�ساد وكيفيات حماربته‬ ‫مكان ًا هام ًا يف �أجندة الع�رص‪� .‬إذ يثري وح�ش الف�ساد‬ ‫ت�سا�ؤالت كثرية‪ :‬كيف ينمو وي�ستمر وتت�سع دوائره‬ ‫ومراكز نفوذه ؟ وكيف ميكن توظيف االتفاقية‬ ‫الدولية ملكافحة الف�ساد لزيادة �إنتاجية العمل‬ ‫وتفعيل الإمكانيات املتوفرة لنجاح م�شاريع‬ ‫التنمية امل�ستدامة وا�سرتداد الأموال التي ُنهبت من‬ ‫عاملنا العربي طوال العقود الأربعة املا�ضية ؟‬ ‫الأمر امل�ؤكد � ّأن حماربة الف�ساد �أ�ضحت مطمح ًا‬ ‫�شعبي ًا‪ ،‬ولع ّل ما ُك�شف من بع�ض ق�ضايا الف�ساد يف‬ ‫بع�ض الأقطار العربية‪ ،‬خا�صة بعد ربيع الثورات‬ ‫العربية‪ ،‬يب�رش ب� ّأن رياح الإ�صالح والتغيري قادمة‬ ‫ال حمالة‪ .‬فقد �ضجر النا�س من الف�ساد واملف�سدين‪،‬‬ ‫وتاقوا �إىل مواطنية عادلة تتكاف�أ فيها الفر�ص‬ ‫للجميع‪ ،‬ويتقدم فيها ذوو الكفاءة على �أهل الوالء‪،‬‬ ‫ويرتفع �صوت الوطنية احلقة على �أ�صوات املف�سدين‬ ‫يف الأر�ض‪.‬‬ ‫� ّإن جميع احلري�صني على امل�ستقبل الأف�ضل‬ ‫املدمر للف�ساد‬ ‫ل�شعوبهم يعرتفون اليوم بالت�أثري‬ ‫ّ‬ ‫الذي ي�سبب الفقر ويفاقمه ويزيد من النزاعات‬ ‫والتطرف والعنف‪ ،‬فبح�سب كثري من املنظمات‬ ‫الدولية ي�ضعف الف�ساد من فر�ص التنمية‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية املجدية وامل�ستدامة‪،‬‬ ‫حيث لوحظ � ّأن الدول الأكرث ف�ساداً هي الدول الأقل‬ ‫منواً والأكرث ت�أخراً‪.‬‬ ‫وتكمن �أهمية «االتفاقية الدولية ملكافحة الف�ساد»‬ ‫يف �أنها تفر�ض عقوبات على �أعمال الف�سـاد‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك ا�ستغالل ال�سلطة وتبيي�ض الأموال و�سوء‬ ‫االئتمان ‪� ..‬إلخ‪� .‬إ�ضافة �إىل �شمول االتفاقية على‬ ‫�آليات للمراقبة و�أحكام تتعلق باجلرائم الناجتة‬

‫ال�شفافية يف عمليات اتخاذ القرار و�ضمان تي�سري‬ ‫ح�صول النا�س فعلي ًا على املعلومات‪ ،‬والقيام‬ ‫ب�أن�شطة �إعالمية ت�ساهم يف عدم الت�سامح مع الف�ساد‪.‬‏‬ ‫كما �شملت االتفاقية املبادئ واملعايري التي ينبغي‬ ‫�أن حتكم فل�سفة الوظيفة العامة وت�ضمن ‪ -‬بالتايل‬ ‫ تعزيز التنمية الإدارية وال�سيا�سية‏‪.‬‏ وهي فل�سفة‬‫تقوم على الكفاءة وال�شفافية واملعايري املو�ضوعية‬ ‫مثل الكفاءة والإن�صاف‪.‬‏ وعلى �صعيد تر�سيخ‬ ‫مفاهيم النزاهة وال�شفافية ت�ضمنت االتفاقية �أي�ض ًا‬ ‫الإ�شارة �إىل �رضورة اعتماد الإجراءات املنا�سبة‬ ‫الختيار وت�أهيل الأفراد املر�شحني لتوليّ املنا�صب‬ ‫العمومية التي تعترب ب�صفة خا�صة عر�ضة للف�ساد‪،‬‏‬ ‫و�ضمان تناوبهم على املنا�صب‪.‬‏‬ ‫وتربز �أهمية االتفاقية يف العامل العربي الذي‬ ‫يتعامل �أغلب م�س�ؤوليه مع منا�صبهم احلكومية‬ ‫وك�أنها مرياث من �آبائهم‪ ،‬ومع امل�ؤ�س�سات التي‬ ‫يديرونها ك�أنها �إقطاعياتهم اخلا�صة‪ .‬ففي الكثري‬ ‫من احلاالت تفتقد امل�ؤ�س�سات العربية ال�شفافية‬ ‫الالزمة للإدارة العقالنية املجدية للموارد‬ ‫االقت�صادية والب�رشية املتوفرة‪ ،‬مما جعل نتائج‬ ‫التنمية الإن�سانية حمدودة جداً ال تتنا�سب مع‬ ‫الأموال التي ُهدرت يف م�شاريعها املختلفة‪.‬‬ ‫واحلق الذي يجب �أن يقال هو � ّأن الف�ساد و�إن �أ�صاب‬ ‫بع�ض امل�ؤ�س�سات يف الغرب‪� ،‬إال � ّأن ك�شفه وتتبعه‬ ‫مي�سور بف�ضل حرية االطالع على املعلومات‬ ‫ووجود برملانات منتخبة دميقراطي ًا وتعدد منابر‬ ‫الر�أي والر�أي الآخر‪ .‬يف حني � ّأن �أغلب �أقطارنا‬ ‫العربية تفتقد �إىل مثل هذه الآليات الدميقراطية‪،‬‬ ‫مما يفر�ض �رضورة �إيجاد �آليات وقائية فعالة‬ ‫تف�شي الف�ساد واحلد من �آثاره االقت�صادية‬ ‫ملنع ّ‬ ‫واالجتماعية املدمرة ‪.‬‬

‫عن الف�ساد‪ .‬ولع ّل املت�أمل يف ن�صو�ص االتفاقية‬ ‫يدرك ما ميثله هذا ال�صك الدويل من �أهمية كبرية‪،‬‬ ‫فلم يكن غريب ًا �أن ت�شري ديباجة االتفاقية �إىل القلق‬ ‫�إزاء خطورة امل�شاكل التي يطرحها الف�ساد‏‪ ،‬والتي‬ ‫وتقو�ض‬ ‫ميكن �أن تهدد ا�ستقرار املجتمعات و�أمنها‪ّ ،‬‬ ‫قيم الدميقراطية‪،‬‬ ‫وتعر�ض التنمية االجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫واالقت�صادية وال�سيا�سية للخطر‪ ،‬وكذلك التعبري عن‬ ‫القلق من ال�صالت القائمة بني الف�ساد و�سائر �أ�شكال‬ ‫اجلرمية‏‪ ،‬خ�صو�ص ًا اجلرمية املنظمة واجلرمية‬ ‫االقت�صادية مبا فيها غ�سل الأموال‏‪.‬‏‬ ‫كما و�ضعت االتفاقية مدونات �سلوك حتدد املعايري‬ ‫والإجراءات لتعزيز النزاهة وال�شفافية‪ ،‬على � ّأن‬ ‫�أهم ما ت�ضمنته االتفاقية لت�أكيد مفاهيم النزاهة‬ ‫وال�شفافية هو ما �أ�سمته «منع ت�ضارب امل�صالح»‬ ‫حيث تدعو املادة‏‪ /11‬‏‪ 2‬هـ �إىل فر�ض قيود لفرتة‬ ‫زمنية معقولة على ممار�سة املوظفني العموميني‬ ‫�أن�شطة يف القطاع اخلا�ص بعد ا�ستقالتهم �أو‬ ‫تقاعدهم‪ ،‬عندما يكون لتلك الأن�شطة �صلة مبا�رشة‬ ‫بالوظائف التي توالها �أولئك املوظفون �أو �أ�رشفوا‬ ‫عليها �أثناء مدة خدمته ‏م العامة‪.‬‏‬ ‫كر�ست االتفاقية حق الدول يف ا�سرتداد عوائد‬ ‫كما ّ‬ ‫الف�ساد‏‏‪ ،‬ولع ّل هذا احلق ميثل جوهر االتفاقية‬ ‫والغاية منها‏‪ ،‬ولعله كان �أي�ض ًا �أحد الدوافع‬ ‫الأ�سا�سية التي دعت الكثري من الدول النامية �إىل‬ ‫ت التمهيدية‪.‬‏ �إذ‬ ‫امل�شاركة الن�شيطة يف املفاو�ضا ‏‬ ‫تو�ضح املادة‏‪61‬‏ من االتفاقية �رضورة �أن تقوم‬ ‫الدولة الطرف التي ت�صادر عوائد الف�ساد ب�إرجاع‬ ‫تلك املمتلكات �إىل مالكيها ال�رشعيني ال�سابقني‪،‬‏‬ ‫وفق ًا لأحكام هذه االتفاقية وقانونها الداخلي‏‪.‬‏‬ ‫ولع ّل �أهم ما ت�ضمنته االتفاقية ت�أكيد �رضورة‬ ‫م�شاركة منظمات املجتمع املدين يف منع الف�ساد‬ ‫وحماربته‪ ،‬لتحفيز وعي النا�س فيما يتعلق بوجود‬ ‫الف�ساد و�أ�سبابه وج�سامته‪ ،‬وما ميثله من خطر‪ * ،‬باحث ا�ست�شاري يف «مركز ال�رشق للبحوث »‬ ‫وكذلك �أهمية تدعيم هذه امل�شاركة عن طريق تعزيز دبي‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.