ájô```M 2014/06/8ádGó``Yم العدد ()143 áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/06/8 )143م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (143) 8/06/2014
خطة املعار�ضة ال�سيا�سية بعد الوالية الثالثة للأ�سد
�أخذ ب�شار الأ�سد والية ثالثة يف حكم �سورية ،بعد انتخابات و�صفها الغرب ب�أنها "مهزلة" ،وال تعرتف بها املعار�ضة ال�سيا�سية ،وجرت يف ظل ظروف �أمنية م�شددة على من ذهبوا لالنتخاب ،وبعد �أن �أ�صبحت �سوريا مثا ًال على التدمري الذاتي املمنهج ،حيث �أ�رشفت الدولة /ال�سلطة على عملية التدمري بكفاءة ق ّل نظريها، كما خلقت كل مربرات الذهاب نحو التطرف ،لت�صبح بعد تقدم ثالث �سنوات ونيف من عمر االحتجاجات ال�شعبية ّ نف�سها بو�صفها اجلهة القادرة على مكافحة الإرهاب، يعول عليه النظام� ،إىل جانب �أمور �أخرى ،يف وهو ما ّ �إعادة ت�أهيل نف�سه. الأ�سد ما زال يف ال�سلطة ،واملعار�ضة ال�سيا�سية يف حالة ت�رشذم ،وف�شلت كل حماوالت التن�سيق فيما بينها ،على الرغم من اجلهود التي بذلتها �أطراف �سيا�سية �سورية عدة. �أما املعار�ضة امل�سلحة ،ف�إذا ا�ستثنينا القوى الراديكالية ف�إن القوى الإ�سالمية "املعتدلة" واجلي�ش احلر ،ال ي�شكلون القوى ال�ضاربة على �ساحة الف�صائل التي تقاتل قوات النظام ،وما زالت �إيران تعمل على دعم النظام، لي�س فقط من خالل مده باملال وال�سالح ،و�إمنا بت�سخري قوى مبا�رشة لدعمه ،واال�ستفادة من �أوراق �إقليمية �سيا�سية جتعل من �سقوط النظام �أمراً �صعباً. ما هي خطة املعار�ضة� ،أو املعار�ضات ،ال�سيا�سية ال�سورية يف املرحلة املقبلة؟ ،وهل �سيبقى االئتالف الوطني يطالب مبزيد من الدعم الغربي؟ وهو دعم ،و�إن �أتى ،فهو ال يخرج عن الر�ؤية الأمريكية التي لن ت�سمح
بدعم كبري ،و�إمنا مبا يبقي املعار�ضة حية ،وهو كالم قاله �سا�سة �أمريكيون م�ؤخراً يف �أكرث من منا�سبة، ومرروه عرب �أكرث من قناة. وبات معروفاً� ،أن الغرب يركز يف املرحلة الراهنة على املخاوف من عودة اجلهاديني الأوروبيني �إىل بلدانهم، كما �أن الغرب ،و�أمريكا ،من خالل �سياق الأزمة ال�سورية مل يظهروا عم ًال جدي ًا لإنهاء الأزمة ،و�إيجاد املخارج ال�سيا�سية لها ،ومن غري املتوقع �أن تتغري ال�سيا�سة الغربية ب�شكل خمتلف كلي ًا عما كانت عليه ،فعلى ماذا تعول "املعار�ضة" ال�سيا�سية ال�سورية؟. ميكن �أن ّ والأ�سد الذي ح�صل على والية ثالثة يركز على ما ي�سميه "الدولة املفيدة"� ،أي املناطق اخلا�ضعة ل�سيطرته ،مع عملية تنظيف لب�ؤر معار�ضة عرب امل�صاحلات والهدن، وت�أمني �أكرب قدر من ال�رشعية والتوا�صل والإمداد يف مناطق "الدولة املفيدة" ،وترك باقي املناطق يف حالة �إنهاك متوا�صل ،حيث تتقاتل الف�صائل وامليلي�شيات على النفوذ ،وحيث تزداد الأو�ضاع املدنية �صعوبة، وتزداد النقمة من �سكان املدن واملناطق التي يحكمها "داع�ش" من �أ�سلوب �إدارة التنظيم حلياتهم ،والتدخل يف م�أكلهم وملب�سهم و�رصتهم ومعظم �ش�ؤون حياتهم، وهي تتمكن من �ضم الكثري من ال�شباب �إليها عرب ما متتلكه من �إمكانات مالية قوية يف ظل �ضعف املوارد، وحاجة ال�شباب للمال ،حتى لو كان ذلك عرب القتال مع "داع�ش". وبغ�ض النظر عن قدرة النظام �أو عدمها يف حتقيق ا�سرتاتيجيته� ،إال �أن �رشائح كثرية من ال�سوريني غري
ح�سام مريو
املوالني للنظام ،وممن ت�أذوا منه ،ولهم برقبته دم، ي�س�ألون عن ا�سرتاتيجية "املعار�ضة" وما متتلكه من �إمكانات و�أوراق حلل الأزمة ال�سورية التي بات ي�صح عليها و�صف النكبة ،ولي�س جمرد �أزمة. يف املعطى الظاهر والعملي ،ال تبدو "املعار�ضة" مالكة ال�سرتاتيجية جتاه امل�ستقبل ،كما �أن م�سار عملها يربز بو�ضوح �أنها راهنت على �أح�صنة خا�رسة ،و�أنها مل تتمكن من م�أ�س�سة عملها ،وخا�ضت يف خالفاتها الداخلية �أكرث مما خا�ضت يف العمل ال�سيا�سي والثوري، وما زال م�سل�سل اخلالفات جارياً ،من دون �أفق لتجاوز �أخطاء املراحل املا�ضية. لي�س كافي ًا يف العمل ال�سيا�سي كيل االتهامات للخ�صم ب�أنه غري �أخالقي ،و�أنه غري وطني ،وغري �إن�ساين ،و�أن العامل كله كذب علينا ،فهذا بات معروفاً ،ولو كان اخل�صم �أخالقي ًا ووطني ًا ملا و�صلت �سوريا �إىل حالها الكارثي ،ولو كان العامل �صادق ًا من موقع حماية الأمن وال�سالم وحماية املدنيني ملا كان ال�شعب ال�سوري اليوم الجئ ًا ونازحاً. املطلوب من "املعار�ضة" ال�سيا�سية �أن تعيد الكثري من ح�ساباتها ،و�أن تقف نقدي ًا على جوهر �أزمتها ،و�أن تقدم خطاب ًا جديداً ،و�أن يقف بع�ض رموزها ليقولوا �إننا نتحمل جزءاً من امل�س�ؤولية ،ورمبا من املفيد �أن يخلي البع�ض مكانه لآخرين ،معطي ًا بذلك مثا ًال على ن�ضج �سيا�سي ،ونزاهة ،وموقف وطني حقيقي. هل �سيحدث �شيء من ذلك عند "املعار�ضة" ال�سيا�سية؟ �أم �أننا �سنبقى نعمي ب�رصنا وب�صريتنا عن الواقع.
العدد ( 2014/06/8 )143م تقارير 02 «داع�ش» يربط العراق بدير الزور واحلرب عليه تبوء بالف�شل ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ا�سطنبول -يا�سر بدوي
ت�ضاربت املعلومات حول ال�سيطرة على مناطق متفرقة يف دير الزور بني تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "اع�ش" واجلي�ش احلر و جمل�س �شورى املجاهدين امل�شكل حديث ًا ،لكن املعلومات املتطابقة تفيد ب�أن "داع�ش" �سيطر على الريف الغربي لدير الزور ،و بالتايل �أ�صبح طريق الرقة بيد التنظيم الإرهابي ،وب�سط مقاتلوه �سيطرتهم على كامل ريف دير الزور الغربي "ال�ضفة ال�شمالية لنهر الفرات" ،من حمافظة الرقة و�صو ًال �إىل مدخل مدينة دير الزور ال�شمايل "دوار احللبية". �أمام ا�ستعادة مقاتلي جمل�س �شورى املجاهدين قرية احلريجية يف ريف دير الزور ال�شمايل، واال�شتباكات متتد لبلدة ال�صور ال�ستعادتها ،فجر "داع�ش" �سيارة مفخخة يف �أحد �أحياء مدينة موح�سن ليبقي لعنته االجرامية حا�رضة ،ومكملة لإجرام نظام الأ�سد . معظم �أو �أغلب قادة الف�صائل والنا�شطني يجزمون بجملة واحدة :نطرد داع�ش �إذا توفر ال�سالح .هذا وقد ظهرت ت�شكيالت جديدة م�ضافة �إىل الت�شكيالت املوجودة لهذا الغر�ض ،ف�ض ًال عن هدف �إ�سقاط النظام ،فظهر جمل�س �شورى املجاهدين يف دير الزور ،وغرفة عمليات �سوريا احلرة يف حلب، �إ�ضافة اىل اجلي�ش احلر ،و اجلبهة الإ�سالمية ،و جي�ش املجاهدين ،والت�شكيل الأو�سع هو "�أهل ال�شام" الذي �ضم اجلبهة الإ�سالمية وجي�ش املجاهدين وف�صائل �أخرى . "جمل�س �شورى املجاهدين" هدف ح�سب البيان املعلن عند ت�شكيله �إىل "�إ�سقاط النظام ال�سوري, ودفع �صيال ع�صابة البغدادي ..وتخلي�ص البالد من �رشهم ,ف�ضال عن فك احل�صار املطبق على مدينة دير الزور املحا�رصة من جماعة البغدادي والنظام ال�سوري". ومن املوقعني على البيان عدد من ف�صائل مقاتلة يف مقدمتها "جبهة الن�رصة"" ،جي�ش اال�سالم"، "حركة احرار ال�شام"" ،جبهة الأ�صالة والتنمية"، �إ�ضافة �إىل عدة ف�صائل �أخرى. وهنا رمبا تكمن امل�شكلة يف �ضم جبهة الن�رصة يف الت�شكيل الذي يحارب النظام و "داع�ش" و معلوم �أن �أهم �سبب يف االمتناع االمريكي عن دعم املعار�ضة بال�سالح النوعي هو وجود القاعدة ،و اخلوف من و�صول ال�سالح �إىل مقاتليها ،ف"الن�رصة" يف الأهداف تقاتل و تكفر الغرب و�أ�صحاب الفكر الدميقراطي و الليربايل ،وما خالفها مع "داع�ش البغدادي" �إال يف املنهج و الطريق و ال�رصاع على الإمارة �أو احلاكمية ،فخلقت متايزات �أحدثت �رشخ ًا كبرياً بني تنظيم القاعدة الدويل بزعامة الظواهري ،وبني التنظيم الذي يقوده البغدادي، وبالتايل ف�إن اخلالف داخل البيت الواحد ح�سب تعبري �أبو حممد اجلوالين �أ�صبح فراق نهائي ،جلهة اختالف التفكري والعقلية واال�سرتاتيجية ..التمايز
التهـــــدئة التي دعــــا �إليـــــــها الظواهــري مل َ تلق �آذان ًا �صاغية لـــدى البغــــدادي و�أتبـــــاعه الذي بدا عليه التنظيم اجلديد بقيادة البغدادي، بعد مقتل بن الدن ،ي�شي بربوز عقلية "خطرة" للغاية ،وهي مغايرة لعقلية �أ�سامة بن الدن امل�ؤمنة بـ"ال�رضبات املوجعة امل�ؤدية �إىل االنهيار" ،وتقوم هذه التمايزات على �أ�سا�س "التحوالت امل�ؤدية �إىل البقاء" ،على عك�س ما كان بن الدن يريده �أن يكون التنظيم "هوية جامعة" لـ"ال�شعوب الإ�سالمية"، بالتايل ف�إن "تنظيم �أ�سامة" يبدو غريب ًا الآن يف ظل التغيرّات التي طر�أت على عقل "القاعدة"، والتحول �إىل "دولة عميقة" وفق ًا للت�صنيفات ّ ال�سيا�سية .من هذا التمايز م�ضافا �إليه التبعية ال�سيا�سية واملحركات الإقليمية و الدولية للفريقني ا�صبح ال�رصاع بهذه الق�سوة و العنف غري امل�سبوق يف التاريخ . تلق �آذان ًا التهدئة التي دعا �إليها الظواهري مل َ �صاغية لدى البغدادي و�أتباعه ،ويتملك ه�ؤالء �إ�رصاراً �أعمى على املوا�صلة للبقاء ال�سيا�سي ،لذلك قدموا الدولة على �أية مهام ثانية ،وهي جمموعة ت�ؤمن با�سرتاتيجية "م�سك الأر�ض" ،و�إعالن دولة اخلالفة . يتوهم العديد من اجلي�ش احلر و الف�صائل الإ�سالمية بتطهري �إدلب و حماة و الريف ال�ساحلي من عنا�رص "داع�ش" وي�شاطرهم الوهم احللبيون ، بينما املعطيات و املعلومات تقول بوجود خاليا نائمة على طول و عر�ض هذه امل�ساحات ،وما تزال ف�صائل تبايع داع�ش �إىل اليوم مثل "كتيبة �أبو ذر التون�سي" التي �أعادت مبايعة "داع�ش" ،ما ُيعد �رضبة قوية لـ"الن�رصة" ،وال �سيما �أن "الكتيبة" كانت قد ان�شقت عنها يف وقت �سابق .
الف�شل يف حماربة "داع�ش" ي�أتي بالتزامن مع الف�شل �أمام النظام و قواته ،و�إن اختلفت املعطيات و ال�صور و تداخلت الأ�سباب ،ففي حلب �أطلقت "اجلبهة الإ�سالمية" وف�صائل متحالفة معها غزوة " زلزال ال�شمال" لل�سيطرة على املناطق التي تهيمن عليها "داع�ش" يف الأرياف احللبية .وحاملا �أُعلنت الغزوة �ش ّنت �ألوية "�أجماد ال�شام" و" جبهة الأكراد" و" التوحيد" و�ألوية �أخرى �سل�سلة هجمات على مواقع "داع�ش" ،ومتكنت من طردها من قريتي الزيادية �رشقي اخرتين وتل بطال التابع لبلدة الراعي (ريف حلب ال�شمايل) ،التي �شهدت بدورها معارك عنيفة بعد قدوم تعزيزات لـ"داع�ش" من جرابل�س. بعد هذه الغزوة الفا�شلة كانت وجهة "داع�ش" دير الزور �ضمن ا�سرتاتيجية التالحم بني ق�سمي الدولة يف العراق و دير الزور ،وما تزال املعارك م�ستمرة ،و امل�ؤكد كما �أ�سلفنا ف�إن "داع�ش" ي�سيطر على الريف الغربي و�أجزاء من الريف ال�شمايل ،وما يزال املقاتلون يحلمون بال�سالح النوعي الذي ي�أتيهم من عدوهم؟ وما �إعالن جبهة الن�رصة عن ت�أ�سي�س م�صنع لل�سالح ودعوة جميع املجاهدين للم�ساهمة يف هذه ال�صناعة �إال تعبري عن �سل�سلة الأوهام التي تعي�شها هذه التنظيمات التي تنظر لل�سيا�سة الأمريكية على �أنها �ساذجة ،و�ستعطيهم ال�سالح النوعي ليعودوا ويحاربوها كما فعلوا يف �أفغان�ستان ،وا�ستن�ساخ جتربة قدمية ،ومل ي�س�ألوا �أنف�سهم ولو ملرة واحدة عن الأزمة الأكرب التي تعي�شها هذه املجموعات ،وهي �أزمة الفكر وال�سيا�سة و الأخالق التي نخرت الدين و الإن�سان و الأعراف و التقاليد واملنطق ،و الأنظار ما تزال تتجه �إىل غزوة دير الزور بني "الن�رصة" و "داع�ش" و ك�أن درعا والالذقية و حم�ص وحماة باتت خالية ،و لع ّل الغباء الأمريكي الوحيد يكمن يف تلك امل�ساحات الوا�سعة التي ُمنحت له�ؤالء ،و جوازات ال�سفر التي يطوفون العامل بها .
03
تقارير
العدد ( 2014/06/8 )143م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
�سوريا %54 :من ال�سكان يف فقر مدقع وخ�سارة 40عام ًا من التنمية بني نورتون -ترجمة و�إعداد “البديل”:
يظهر تقرير �صدر حديث ًا� ،أنه بعد ثالث �سنوات من احلرب الأهلية ،انهيار االقت�صاد ال�سوري على نحو كبري ،ويعي�ش �أكرث من ن�صف ال�سكان يف فقر مدقع، ويفتقر املاليني �إىل فر�ص العمل ال�رضورية لإعالة �أ�رسهم. “تواجه �سوريا واحدة من الكوارث الإن�سانية وانعدام التنمية الأ�شد يف التاريخ احلديث”، واملركز ال�سوري لأبحاث ال�سيا�سات ( )SCPRيبد�أ التقرير“ .هدر الإن�سانية :تقرير الر�صد االجتماعي واالقت�صادي على �سوريا” بتفا�صيل عن ظروف غري م�ستقرة يعي�شها العديد من ال�سوريني اليوم. الدرا�سة ،التي �أجريت بدعم من برنامج الأمم املتحدة الإمنائي ( )UNDPاملكتب القطري يف �سوريا ووكالة الأمم املتحدة لإغاثة وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني يف ال�رشق الأدنى (الأونروا)، تنظر �إىل الو�ضع االجتماعي واالقت�صادي يف �سورية من يوليو /متوز �إىل دي�سمرب /ت�رشين الثاين من العام . 2013النتائج هي قامتة ،وغري مفاجئة بالنظر �إىل �أن ال�شعب ال�سوري قد دخل يف خ�ضم حرب �أهلية دامية ملدة ثالث �سنوات حتى الآن. وقال ربيع ن�رص “هذه الأرقام مذهلة” ،وهو باحث يف مركز �أبحاث ال�سيا�سات يف يف دم�شق. وهنا بع�ض الإح�صاءات (الأكرث �إثارة لل�صدمة) التي قدمتها الدرا�سة: يعي�ش ثالثة من �أربعة �سوريني يف الفقر. يعي�ش 54.3يف املئة من ال�سكان يف فقر مدقع، دون احل�صول على غذاء كاف .ويف مناطق النزاع، يواجه العديد من املواطنني اجلوع ،و�سوء التغذية، واملجاعة. ُفقدت � 40سنة من التنمية الب�رشية ال�سورية قبل النزاع.
يواجه 54.3٪من قوة العمل 3390000 ،ن�سمة، البطالة .ويقدر �أن فقدان الدخل ب�سبب البطالة اجلماعية لهذا ي�ؤثر �سلب ًا على � 11030000سوري. على ال�صعيد الوطني 51.8 ،يف املئة من الأطفال مل يعودوا يذهبون �إىل املدر�سة -يف بع�ض املدن ،مبا يف ذلك حلب ،والرقم هو 90يف املئة. ت�رضرت 61من 91من امل�ست�شفيات العامة يف البالد 45 ،يف املئة هي خارج اخلدمة. �إن جمموع اخل�سائر االقت�صادية ب�سبب ال�رصاع، وبحلول نهاية عام ،2013يقدر ب 143.8مليار دوالر 276 ،يف املئة من الناجت املحلي الإجمايل للبالد لعام 2010بالأ�سعار الثابتة .وت�رضرت قطاعات التجارة والنقل واالت�صاالت الداخلية والتي ت�ضم معا 40يف املئة من الناجت املحلي الإجمايل. الدين العام ،ومعظمه حملي ،ولكن �أي�ض ًا الديون الأجنبية -يف املقام الأول من �إيران – وهي يف ت�صاعد م�ستمر ،وتقف الآن عند 126يف املئة من الناجت املحلي الإجمايل. ت�ضخم الأ�سعار :يتم ال�ضغط على ميزانيات الأ�رس من ال�سكان العاطلني عن العمل على نحو متزايد، والفقراء يائ�سون من ارتفاع تكاليف نفقات املعي�شة الأ�سا�سية ،وو�صل الت�ضخم حتى 275- 360يف املئة. وقد �ساهمت ،بالإ�ضافة �إىل كل هذا� ،أزمة الالجئني التي �أثرت على املنطقة ب�أ�رسها .بحلول نهاية عام ،2013كان عدد �سكان �سوريا الإجمايل قد فر �أكرث من 45يف انخف�ض 12يف املئة .وقد ّ املئة من املواطنني من منازلهم .ي�شكل الالجئون ال�سوريون الآن �أكرب عدد من الالجئني يف العامل. ويف تقريرها ال�صادر يف نوفمرب /كانون الأول
، 2013تقول منظمة حقوق الإن�سان �إن �أكرث من فر ت�سعة ماليني �سوري نزحوا من بيوتهم .وقد ّ 2.2مليون كالجئني 6.5 ،ماليني نازحني داخليا، وقدرت الأمم املتحدة �أن كل من هذين الرقمني �سيزيد اثنني مليون ن�سمة بحلول نهاية عام .2014 كانت الواليات املتحدة حتى الآن �أكرب جهة مانحة �ضمن اجلهود املبذولة لتقدمي امل�ساعدات لل�شعب ال�سوري� ،سواء النازحني داخلي ًا �أو الذين عربوا احلدود �إىل بلدان �أخرى يف املنطقة ،لكن �سجلها يف ا�ستقبال الالجئني لي�س جيداً ،فقد ا�ستقبلت فقط 120الجئ ًا. للأ�سف ،ال يبدو �أن حل هذه الأزمة الإن�سانية ب�سيط ًا، وهو ال يتعلق فقط بتقدمي امل�ساعدات ،وثائق الأمم املتحدة امل�رسبة تقول �إن غالبية امل�ساعدات من برنامج الغذاء العاملي التابع للأمم املتحدة ( )WFPتذهب اىل املناطق التي ي�سيطر عليها النظام ،مما يتيح للأ�سد ممار�سة جتويع املناطق التي ال ي�سيطر عليها ،وقال �أحد �أع�ضاء االئتالف ال�سوري املعار�ض �إن هذا الأمر يعد “�صدمة وف�ضيحة كربى”. يف حني �أن مثالية الو�سائل التي ميكن بها م�ساعدة ال�سوريني قد تكون غري وا�ضحة ،ما هو وا�ضح �أن احلاجة ما�سة .ويقدر الذين قتلوا �أو جرحوا �أو حتولوا �إىل معاقني ب�سبب احلرب بحوايل 3يف املائة من ال�سكان ،وهو ما يحتاج �إىل اتخاذ اجراءات دولية وا�سعة ،فمن امل�ؤكد �أن ما حدث يف �سوريا هو مطابق ملا ي�صفه التقرير ال�صادر عن املركز ال�سوري لأبحاث ال�سيا�سات�“ :إهدار الإن�سانية من خالل العنف واخلوف والدمار الذي �أحلق ال�رضر االجتماعي واالقت�صادي متعدد الأبعاد يف جميع جوانب حياة النا�س و�سبل العي�ش وال�سكن“.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/8 )143م
حتليل �سيا�سي
04
«تعيني» الأ�سد واال�سرتاتيجية الإيرانية غازي دحمان
على كل اجلبهات ويف خمتلف امليادين ،كان اللهاث الإيراين املحموم عايل الفحيح ،هناك كانت اال�ستعدادات جتري على قدم و�ساق للإعالن عن ت�أ�سي�س « حزب اهلل» ال�سوري ،مبا ي�ستلزم ذلك من جتهيز البنية اللوج�ستية الكاملة لإخراج هذا الكيان �إىل حيز الوجود امل�رشقي� ،أما على اجلبهة ال�سيا�سية فكانت �إيران �أم العرو�س يف عر�س ب�شار الأ�سد «الدميقراطي» ،تكلفت �إخراج املنا�سبة ب�أح�سن ال�رشوط ،من عقد م�ؤمتر ل»�أ�صدقاء النظام» �إىل �إح�ضار برملانيني من عدة دول للم�شاركة يف «مراقبة» عملية «االنتخاب» ،رغم �أن تلك الدول مل يعرف عنها �سابقا ممار�ستها لأي �شكل من �أ�شكال الدميقراطية! مل يعد هذا ال�سلوك مثرياً لال�ستغراب ،فقد بات معلوم ًا مدى االندماج الع�ضوي للملف ال�سوري يف �إطار اال�سرتاتيجية الإيرانية يف املنطقة ،غري �أن ما هو جدير باالهتمام ،والأمر الذي ي�ستحق درا�سته ب�شكل دقيق ،وتاليا تظهري ا�سرتاتيجية مواجهة حقيقية له ،هو ما تخطط �إيران للقيام به يف �سورية يف املرحلة املقبلة ،وا�ستنادا على واقعة �إعادة تعيني ب�شار لوالية جديدة مدتها �سبع �سنوات ،ذلك �أن طهران املتعجلة تر�سيخ هذا املعطى يف الواقع ال�سوري تفعل ذلك بوعي ا�سرتاتيجي بعيد املدى، ويف �سبيل حتقيق �أهداف خطرية ،يتوقع البع�ض �أن تبد�أ مالحمها بالظهور بعد اليوم الأول لإعادة تعيني الأ�سد ،وتثبيت كر�سيه يف ال�سلطة. عرب �سيل من الت�رصيحات ،حاولت �إيران تعمية امل�شهد ال�سيا�سي يف �سورية ،وذلك من خالل حماولتها �إظهار �أن انتخابات ب�شار الأ�سد قائمة على مبادئ دميقراطية حقيقية ،وبالتايل فهي ت�صلح لأن تكون �أ�سا�س ًا حلل الإ�شكالية احلا�صلة يف �سورية بني ال�شعب والنظام لإنهاء الأزمة ،انطالقا من �أكذوبة �أن ال�شعب اختار من يحكمه ،وبالتايل ف�إن احلل يجب �أن ي�أتي حتت �سقف هذا الواقع ومن�سجما مع طبيعته� .أما �آليات احلل ،وفق هذه الر�ؤية فهي تقت�رص على الطريقة التي ابتدعتها �إيران ونفذها نظام ب�شار الأ�سد يف بع�ض املناطق ،والتي تقوم على �آلية امل�صاحلات والهدن وتبادل املعتقلني والأ�رسى ،و�إخراج املقاتلني من بع�ض املناطق �إىل مناطق �أخرى تقع غالب ًا يف الأرياف املعزولة ،والهدف من وراء ذلك ا�ستقرار املدن وخطوط املوا�صالت والإمداد جلبهات �إيران يف �سورية ،وعزل املقاتلني يف مناطق حم�صورة ي�سهل االنق�ضا�ض عليها ،وق�ضمها يف مراحل �سابقة، مبا يتوافق مع اال�سرتاتيجية املرحلية التي ت�شتغل عليها �إيران يف �سورية ،والقائمة على مبد�أ الق�ضم البطيء للمناطق وللثورة �أي�ض ًا. هذه اال�سرتاتيجية تهدف بالدرجة الأوىل �إىل تقلي�ص خيارات ال�سوريني �إىل �أبعد احلدود ،بل �أنها تنطوي على �إعالن هزمية وا�ضح ،ذلك �أنها حتيل امل�شكلة برمتها �إىل جمرد م�س�ألة مطلبية تتعلق ببع�ض اخلدمات ،وحتولهم بنف�س الآن �إىل حرا�س
مل�رشوع �إيران الأكرب يف املنطقة و�شهود زور، يف مقابل ذلك تو�سيع هوام�ش املناورة والتحرك لدى ب�شار الأ�سد و�رشعنة كافة �إجراءاته ،ال�سابقة والالحقة ،بحق ال�سوريني ،مبا فيها �إكماله لعمليات التطهري العرقي ،و�إعادة �صياغة الواقع الدميغرايف قي �سورية بهند�سة جديدة تتوافق مع امل�رشوع الإيراين للمنطقة ،والذي مل يعد خافي ًا على �أحد ،من حيث تهمي�ش الأغلبية ال�سكانية ودفعها �إىل الي�أ�س والرحيل ،وذلك بعد ان يجري هند�سة جغرافية التوزع ال�سوري ،بحيث تتحول حوا�رض املكون ال�سني يف �سورية �إىل ما ي�شبه معازل حما�رصة �أمني ًا و مفككة جغرافيا� ،إ�ضافة �إىل افتقادها ملقومات احلياة و�إمكانية ممار�سة ن�شاطات اقت�صادية منتجة بداخلها ،حيث ت�ؤكد الكثري من التقارير �أنه يجري نقل الفعاليات االقت�صادية �إىل �أماكن جديدة بحجة عدم �صالحية الأماكن ال�سابقة للإنتاج ،ب�سبب عدم توفر البنية التحتية ،وعدم توفر الأمان م�ستقب ًال ،كما عملت �إيران على تظهري طبقة جديدة من رجال االعمال الذين �سيتحكمون بالعملية االقت�صادية م�ستقبال وبطبيعة الإنتاج برمته ،ومنط احلياة االقت�صادية و�أماكن الإنتاج. لي�س لذلك �سوى معنى واحد ،ت�ستعجل �إيران تثبيت الو�ضع ال�سوري على معطياته الراهنة ،ملحاولة تعوميه كحاله ناجزة باعتباره �أف�ضل املمكن ،ثم العمل على ت�سويق هذه احلالة ،و�إ�سباغ �رشعية حقيقة حتت عنوان الأمر الواقع واملمكن ،ويف هذا تتويج ملا تعتقده طهران انت�صارها احلقيقي يف امللف ال�سوري ،ثم بعد ذلك العمل على �إمتام م�رشوعها وا�ستكمال هند�سة املنطقة الواقعة حتت ظالل �سيوفها من الب�رصة �رشقا حتى الناقورة
غربا ،وذلك يف ترجمة ا�سرتاتيجية لإدعاءاتها ب�أن حدودها الغربية باتت على �شواطئ البحر الأبي�ض املتو�سط!. بالتطبيق العملي لهذا التفكري اال�سرتاتيجي الإيراين على خريطة امل�شهد ال�سوري ،ف�إن طهران ب�صدد تطوير ا�سرتاتيجيتها الهجومية على �سورية ، وذلك من خالل حمورين خطريين ،هي�أت الأر�ضية املنا�سبة لهما يف الفرتة ال�سابقة: املحور الأول :نزع �أي �صفة �سورية عن �سيا�سة البلد، وحتويل ب�شار الأ�سد و�أجهزته �إىل جمرد واجهات لي�س لها �سوى �صفات فخرية ،ذلك �أن ت�سيري �ش�ؤون الإقليم ال�سوري جرى �إحالتها �إىل قيادات �إيرانية تتعامل مبا�رشة مع الأطراف ال�سورية ،حيث ت�شري التوجهات �إىل نية �إيران تظهري قيادات تابعة لها يف خمتلف املكونات ال�سورية ،بحيث تظهر �إيران وك�أنها تدير ال�رصاع بني تلك املكونات وتعمل على �ضبطه ،وبهذه ال�صيغة يتحول نظام ب�شار الأ�سد �إىل طرف من �ضمن الأطراف ،بعدما �أجنزت �إيران اخرتاق الدوائر املحيطة به وجردته من �أوراق قوته. املحور الثاين :ت�أمني متو�ضع جديد للميلي�شيات التابعة لها على احلدود الإ�رسائيلية ،يف ال�رشيط احلدودي مع اجلوالن ،وت�أمني طرق توا�صله مع مناطق لبنانية ي�سيطر عليها حليفها «حزب اهلل»، وذلك بهدف �إثبات ح�ضورها الإقليمي ودورها يف خمتلف الرتتيبات امل�ستقبلية. باحل�سابات الإيرانية ،ما بعد مرحلة «انتخاب» ب�شار الأ�سد ،يتعني ك�شف الأوراق كاملة ،اذ مل يعد ثمة حاجة للتخفي بتقيات معينة ،وعلى العامل �أن يتعاطى ب�إيجابية مع هذا الأمر الواقع.
05
ق�ضايا
العدد ( 2014/06/8 )143م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأ�سلحة النوعية و�أهميتها لقوات املعار�ضة ال�سورية مو�سى القالب*
تت�صاعد التكهنات حول قرب �إمداد املعار�ضة ال�سورية املعتدلة ب�أ�سلحة نوعية من قبل الواليات املتحدة ،ورمبا من دول �أوروبية ،فما هي هذه الأ�سلحة النوعية وما موا�صفاتها الفنية وقدراتها القتالية ،وما مدى �أهميتها يف هذا الوقت بالذات؟ يف هذا ال�سياق ال يوجد تو�صيف حمدد للأ�سلحة النوعية ،لكنها بالت�أكيد ت�شمل عدة �أنواع من الأ�سلحة املوجهة ودقيقة الإ�صابة يف م�سارح القتال� ،إ�ضاف ًة لأية جتهيزات ميدانية ت�ساعد وت�ساند العمليات القتالية. العوامل امل�ؤثرة ثمة عوامل عدة تقرر ماهية تلك الأ�سلحة املطلوبة مثل: . 1حجم وطبيعة العدو املقابل من حيث الت�سليح وقدرته على التدمري اجلائر غري املتوازن للمدنيني واملناطق امل�أهولة بال�سكان ،وهذا ما تقوم به قوات النظام ال�سوري خ�صو�ص ًا �ضد املدن والبلدات التي تنت�رش فيها قوات املعار�ضة واجلي�ش احلر واجلبهة اال�سالمية. . 2مدى قدرة عنا�رص املقاومة ال�شعبية امل�سلحة على ا�ستيعاب وا�ستخدام الأ�سلحة النوعية املتاحة والتدريب عليها .وهنا من املمكن القول �إن �ضباط و�ضباط �صف و�أفراد اجلي�ش احلر يحرتفون ا�ستخدام الأ�سلحة النوعية اخلفيفة ،ولديهم القدرات الب�رشية والفنية للتعامل معها .يف حني متتلك قوات املعار�ضة على خمتلف �أطيافها بع�ض العنا�رص املدربة اىل ح ٍد ما يكفل عملية ا�ستخدام تلك الأ�سلحة ب�شكل �آمن ،ومن املمكن تدريب عنا�رص �إ�ضافية يف وقت ق�صري على هذه املهمة ،خ�صو�ص ًا من لديهم خربات ع�سكرية �سابقة يف هذا املجال. �أما قوات اجلبهة اال�سالمية ،فيعتقد �أن لديها عدد من اخلرباء القادرين على حيازة مثل تلك اال�سلحة والتدريب عليها ،ولهم خربات قتالية ميدانية �سابقة يف مناطق متعددة داخل وخارج �سوريا ،ت�ضمن
التي تقلل من دور الرامي يف عملية الرماية ودقة الإ�صابة. قوة تدمري عالية نتيجة حجم الر�أ�س املدمر (املتفجر) ،وقدرته على االخرتاق ،بالإ�ضافة �إىل املعدل العايل للرماية. القدرة على العمل يف الظروف املتغرية ،ويتوقف ذلك على القدرة على متييز الأهداف لي ًال وحتت �أحوال طق�س �سيئة ،والقدرة على مقاومة �أعمال الإعاقة الإلكرتونية امل�ضادة من قبل الطرف املقابل. نظام �صواريخ تاو �ضد الدبابات TOW2A يتميز هذا النظام بكونه ي�ستخدم للدفاع جمهز بر�أ�س الفعال �ضد الدبابات ،حيث �أنه ّ حربي خارق وحارق ،وي�صل مداه اىل خم�سة كيلومرتات .لقد جرى تطوير هذا النوع ليعمل ال�سلكي ًا ،خالف ًا للطراز الأ�سا�سي الوا�سع االنت�شار الذي يتم توجيهه نحو هدفه بوا�سطة االت�صال ال�سلكي مع الرامي الذي يتتبع الهدف ب�رصي ًا. نظام �صواريخ �ستينغر امل�ضاد للطائرات FIM- 92 Stinger وهو �صاروخ �أر�ض -جوُ ،يحمل على الكتف من ويوجه بالأ�شعة حتت احلمراء قبل الفرد املقاتل، ّ .Infra-Redيبلغ مدى هذا ال�صاروخ نحو خم�سة كيلومرتات ،وي�ستطيع ا�سقاط طائرة على ارتفاع حوايل � 12ألف قدم عن �سطح البحر .يبلغ وزن الر�أ�س احلربي لل�صاروخ ثالثة كيلوغرامات، � ّأما �رسعته فتفوق �رسعة ال�صوت ،ويعمل نظام الدفع يف املحرك ال�صاروخي بالوقود ال�صلب. جدير بالذكر �أن كال النوعني امل�ضادين للقوات ٌ الربية والقوات اجلوية ،هما �سالحان دفاعيان تكتيكيان ق�صريا املدى ،وال ميتلكان �أية خ�صائ�ص هجومية .وعليه ف�إنها ال يكفالن ح�سم املعركة وحتقيق الن�رص النهائي ل�صالح قوات املعار�ضة، بل ي�ساهمان يف ردع القوات النظامية الهجومية عن التمادي واال�ستفراد يف �أر�ض املعركة .وبالتايل تقليل اخل�سائر يف �صفوف املدافعني اىل �أدنى حد ممكن ،ما ي�ؤدي اىل اجبار القوات النظامية على ا�ستخدام �أ�سلحة طويلة املدى عن بعد ،وهذا بحد ذاته ي�شتت جهدها ويقلل فاعليتها القتالية .لكن العامل الأكرث �أهمي ًة هو �إيقاع خ�سائر فادحة يف القوات الربية والقوات اجلوية النظامية ،نتيجة دقة الإ�صابة ،بحيث ي�صعب على النظام �سد النق�ص والتعوي�ض ال�رسيع يف الآليات والطائرات القتالية املعطوبة .وال نن�سى �أهمية ذلك على الروح املعنوية لقوات النظام ،ما ي�ؤدي �إىل انهيار نف�سي ومعنوي قد يجرب ال�ضباط واجلنود على الفرار من ميدان املعركة �أو اال�ست�سالم لقوات املعار�ضة التي �سوف ت�ستثمر الفوز وحتقق الن�رص ولو جزئي ًا يف املراحل النهائية من كل ا�شتباك �أو معركة. لعل ثمة جتهيزات نوعية �إ�ضافية حتتاجها ميداني ًا قوات املعار�ضة ال�سورية يف دفاعها �ضد هجمات القوات النظامية ،مثل و�سائل ومناظري الر�ؤية الليلية بالأ�شعة حتت احلمراء ،و�أجهزة االت�صاالت الال�سلكية امل�شفرة ،و�أنظمة حتديد املكان العاملي .GPS
احلد الأدنى من املهارات املطلوبة بهذا ال�ش�أن. . 3مدى توفر البيئة الأمنية الالزمة والكفيلة باملحافظة على الأ�سلحة النوعية من الت�رسب خارج ميدان املعركة ،وو�صولها اىل �أيدي غري م�س�ؤولة، مثل الإرهابيني املحليني والإقليميني والدوليني. وهنا ال بد من �إحكام عملية اال�ستالم والت�سليم والتخزين بقيود موثوقة ،وت�أمني احلرا�سة امل�شددة عليها ،وعدم ا�ستخدامها �إال من قبل عنا�رص موثوقة وم�ؤمتنة. عند احلديث عن الو�ضع ال�سوري نرى �أن قوات النظام الع�سكرية ت�ستخدم براً الدبابات و�آليات القتال املدرعة وناقالت اجلنود وراجمات ال�صواريخ واملدافع والر�شا�شات ،يف حني ت�ستخدم جواً طائرات متنوعة الأدوار واملهام منها الطائرات العمودية (املروحية) املقاتلة ،وطائرات القتال والهجوم الأر�ضي النفاثة ثابتة اجلناح ،التي تقذف الرباميل املتفجرة �إ�ضاف ًة للقنابل وال�صواريخ. وعليه ف�إن من بني الأ�سلحة الكثرية املوجهة واملتعددة الأدوار واملهام �صاروخ (تاو) امل�ضاد للدبابات واملدرعات والآليات املقاتلة ،و�صاروخ (�ستينغر) الذي ُيطلق من الكتف �ضد الطائرات العمودية والطائرات ال�رسيعة التي تطري على ارتفاعات منخف�ضة فوق �سطح الأر�ض ،وكالهما ي�صنعان يف الواليات املتحدة الأمريكية ،وهي اجلهة القادرة على اتخاذ القرار ال�سيا�سي من حيث �إمداد املعار�ضة ال�سورية بهذا النوع من الأ�سلحة املتقدمة. املتطلبات الرئي�سية لل�صواريخ املوجهة: حتى تتمكن ال�صواريخ املوجهة من �أداء دورها الربي واجلوي ف�إنها يجب �أن متتلك: قدرة تدمريية كبرية ميكن حتقيقها عن طريق ن�سبة عالية الحتمالية الإ�صابة .وهذا يتوقف على �رسعة ال�صاروخ بالن�سبة للهدف ،وكذلك على قدرة *عميد متقاعد/باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق ال�صاروخ على املناورة ،ودرجة التقنية العالية للبحوث -دبي
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
فكر
العدد ( 2014/06/8 )143م
06
«اجلاهلية » :من �أبي الأعلى املودودي �إىل �سيد قطب حكم عاقل
لعب م�صطلح اجلاهلية امل�ستخدم للداللة على املرحلة الزمنية ال�سابقة على الإ�سالم دوراً هام ًا �أيديولوجيا� ،إذ حمل معه الإدانة والرف�ض وامل�صادرة على كل ما هو غري �إ�سالمي ،لقد طالب يف �أحد �أهم معانيه بالقطيعة مع ما �سبق .ورمبا كان من بني �أوائل من تنبه �إىل اخلطورة الأيديولوجية لهذا امل�صطلح� ،شبلي ال�شميل (�أحد م�ؤ�س�سي حزب البعث العربي اال�شرتاكي ونائب ًا لأمينه العام مي�شيل عفلق) الذي احتج على ا�ستبعاد امل�ؤرخني امل�سلمني للح�ضارة العربية ما قبل الإ�سالم حتت �شعار اجلاهلية، ور�أى يف اجنازات هذه احل�ضارة ،ال�سيما يف اليمن ،ما ي�ستحق االهتمام. ويف الفكر الإ�سالموي يلعب هذا امل�صطلح جنب ًا �إىل جنب مع م�صطلح "احلاكمية" دور الرافعة التي بنيت عليها �أهم امل�صطلحات التي نظر لها هذا الفكر .ال�سيما عند كل من �أبي الأعلى املودودي و�سيد قطب. ير�سي املودودي مفهوم احلاكمية فاهلل "وحده ذو ال�سلطة العليا و�أحكام ال�رشيعة الإ�سالمية" ،ويبحث عن مرجعيته القر�آنية" :ومن مل يحكم بغري ما �أنزل اهلل ف�أولئك هم الظاملون" (املائدة ،)43 :ويفرق بني ثالثة مفاهيم هي، احلاكمية ال�سيا�سية ،واحلاكمية القانونية ،واخلالفة. فاحلاكمية القانونية هي هلل ولر�سوله� ،أما احلاكمية ال�سيا�سية فهي هلل وحده ،واخلالفة ما هي �إال كلمة ت�شري �إىل قوة ال حتوز احلاكمية القانونية وت�ضيق �صالحياتها بقانون �أعلى ال قبل لها بالتغيري فيه ،وهي نائبة عن احلاكم الأعلى �أي اهلل. املودودي يعترب املجتمع غري امل�سلم جمتمعا جاهلياً، �أما قطب فيتلقف �أفكار املودودي ليطور �أيديولوجيته يف �سجنه ،مقتنع ًا �أن العلمانيني واملتدينني ال ميكن لهم العي�ش ب�سالم يف جمتمع واحد .تعذيب الإخوان و�إعدامهم وحماوالت جمال عبد النا�رص حتييد الدين ،ت�شكل بر�أيه �أركان ًا للجاهلية .بل ر�أى �سيد قطب �أن اجلاهلية احلديثة يف م�رص والغرب �أ�شد �سوءا من جاهلية ما قبل النبوة، ففي حني تقوم الأوىل على اجلهل ف�إن الأخرية هي مترد على اهلل .ف�أي حماولة لإنكار �سلطة اهلل هي جاهلية. ال�شيوعية امللحدة ،والقومية التي جتعل الدولة قيمة عليا، والدميقراطية التي يغت�صب فيها النا�س حكم اهلل .كلها متظهرات وجتليات لهذه اجلاهلية الأ�شد خطراً .ويرى يف
�سيد قطب يف �سجنه
كتابه "ظالل القر�آن" �أن اجلاهلية هي حكم الب�رش للب�رش لأنها عبودية الب�رش للب�رش واخلروج من عبودية اهلل، وهذه اجلاهلية هي لي�ست فرتة زمنية بل هي و�ضع �أو حالة قابلة للتكرار يف كل مرة "ينحرف فيها املجتمع عن الطريق الإ�سالمي� ،سواء يف املا�ضي �أو احلا�رض �أو امل�ستقبل" ،ويعد ذلك املقدمة لتكفري املجتمع عن �سيد قطب. يف كتابه "معامل على الطريق" الذي �أ ّلفه بعد خروجه من �سجنه ،يرى قطب �أن كل �أر�ض حتارب امل�سلم يف عقيدته وت�صده عن دينه ،وتعطل عمل �رشيعته ،هي دار حرب ولو كان فيها �أهله وع�شريته وجتارته وماله ،بينما كل �أر�ض تقوم فيها عقيدته وتعمل فيها �رشيعته فهي دار �إ�سالم ،ولو مل يكن فيها �أهل وال ع�شرية وال قوم وال جتارة. ومت�ضي هذه النزعة االممية الالمكانية قدماً. فالأفراد امل�سلمون "نظريا" الداخلني يف الرتكيب الع�ضوي للمجتمع اجلاهلي �سيظلون م�ضطرين حتما لال�ستجابة ملطالب هذه املجتمع الع�ضوية� ،أي �أنهم �سيظلون يقومون فعال بتقوية املجتمع اجلاهلي الذي يعملون نظريا لإزالته ،و�سيظلون خاليا حية يف كيانه ميدونه بعنا�رص البقاء واالمتداد بد ًال من �أن تكون حركتهم يف اجتاه تقوي�ض هذا املجتمع اجلاهلي لإقامة املجتمع اال�سالمي. ويف �إطار املجتمع اجلاهلي تدخل تلك املجتمعات التي تزعم لنف�سها �أنها م�سلمة .وهي �إن مل تعتقد ب�ألوهية �أحد غري اهلل �إال �أنها تعطي �أخ�ص خ�صائ�ص الألوهية لغري اهلل فتدين بحاكمية غريه لتتلقى منها نظامها و�رشائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها وكل مقومات حياتها تقريبا .فالكثري يف هذه املجتمعات مما نح�سبه ثقافة �إ�سالمية ومراجع �إ�سالمية وتفكرياً �إ�سالمي ًا وفل�سفة �إ�سالمية هذه كلها من �صنع هذه اجلاهلية .بذلك يكر�س قطب �رضورة االن�سالخ عن هذا الواقع اجلاهلي حتت امل�صطلح الذي بات يعرف يف الأدبيات الإ�سالموية بـ "الهجرة"� .أي الهجرة من دار احلرب �إىل دار الإ�سالم ،وهي هنا تبدو كا�ستلهام لهجرة امل�سلمني الأوائل من مكة اىل املدينة. ووظيفة الإ�سالم عند قطب لي�ست الت�صالح مع الت�صورات اجلاهلية ال�سائدة يف الأر�ض وال الأو�ضاع اجلاهلية القائمة يف كل مكان ،بل وظيفته هي نقل النا�س من
اجلاهلية �إىل الإ�سالم .لذا ال ت�صالح مع كل ما هو جاهلي، �أما املبد�أ القر�آين" :ال �إكراه يف الدين" في� ّؤول عند قطب على �أنه ت�سامح ما بعد الن�رص ال�سيا�سي للإ�سالم وت�أ�سي�س الدولة امل�سلمة احلقة� .إنها حلظة فتح مكة التي حقق فيها امل�سلمون ن�رصهم ب�إقامة الدولة امل�سلمة ،هنا فقط ت�صبح مقولة ":اذهبوا ف�أنتم الطلقاء" ممكنة� ،أما الت�ساهل مع اجلاهلية املعا�رصة فهو كما تقدم ا�ستجابة للمطالب الع�ضوية لهذه اجلاهلية. معظم الإخوان امل�سلمني حتلقوا حول من كان �أكرث اعتدا ًال من �سيد قطب� ،أي اله�ضيبي .لكن ذلك ال يعني �أن �آخرين مل ينت�رصوا لأفكار قطب م�ؤ�س�س الأ�صولية املعا�رصة �إن جاز التعبري .ف�شكري م�صطفى الذي خرج من �سجن �أبو زعبل عام 1971والذي ت�أثر بقطب واملودودي� ،أ�س�س ملا �سمي "اجلماعة امل�سلمة" ،وقد ظن �أع�ضا�ؤها �أنهم طالئع قطب، وكان عليهم �إجناز برناجمه ،فان�سحبوا من التيار الرئي�س يف جمتمعهم كي يعدو �أنف�سهم للجهاد �ضد اجلاهلية، فاملجتمع امل�رصي بنظرهم كان فا�سداً ،لذا رف�ضوا التعبد يف امل�ساجد ،وك ّفروا امل�ؤ�س�ستني الدينية والعلمانية �سواء ب�سواء ،هاجر بع�ضهم �إىل ال�صحارى والكهوف ،وجل�أت "اجلماعة" ال�ستخدام العنف �ضد النظام .ومل يكن غريبا �أن ُت�سمى هذه اجلماعة بـ "التكفري والهجرة" ،ن�سبة لأهم مبد�أين فكريني قامت عليهما اجلماعة وحكما توجهاتها. ولكن مل يكن لأفكار قطب الراديكالية �أن تلقى رواجا بني ال�شبان امل�رصيني من خالل حركات مثل "التكفري والهجرة" و"اجلهاد" لو مل تتوفر العوامل املو�ضوعية التي وفرت مناخا منا�سبا لهذا النوع من التطرف .طرائق التعليم التقليدية التي مل تقم على �أ�سلوب حل امل�شكالت والتفكري الناقد واالبتكاري ،بل اعتمدت على احلفظ واال�ستدعاء الآيل ،مما جعل خريجي حتى الكليات العلمية يحافظون على معتقداتهم وممار�ساتهم الدينية التقليدية دون �أن مت�س� ،سيا�سة االنفتاح التي �أفقرت �رشائح وا�سعة وعمقت الهوة بني الفقراء والأغنياء ،عدم اجلدوى االقت�صادية للتعليم وال�شهادات اجلامعية ،وعدم ربط اجلامعة ب�سوق العمل .وعوامل �أخرى كثرية جعلت �أعداداً غفرية من ال�شبان ي�شعرون �أن لي�س لهم مكان ًا يف بلدهم، �إنه "جمتمع جاهلي" ،نعم ..ولكن باملفهوم التنموي واحل�ضاري.
07
عربي
العدد ( 2014/06/8 )143م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
لبنان :الأزمة ت�ضرب امليزانية بعجز 5.1بليون دوالر
�أزمات لبنان متتالية ،وهي متعددة ،وال تقت�رص على الأزمة ال�سيا�سية التي �أو�صلت البالد �إىل حالة الفراغ الرئا�سي. منذ الأزمة ال�سورية تغريت الكثري من املعادالت يف لبنان، مدد الربملان لنف�سه ،حيث كانت املخاوف كبرية من فقد ّ عدم االتفاق على قانون لالنتخاب ،ومن ثم كانت �أزمة احلكومة ،ولوال التفاهم الإيراين ال�سعودي لبقي لبنان من دون حكومة ،لكن التفاهم على الرئا�سة مل يحدث بعد، ورمبا هناك وقت طويل قبل �أن يحدث التوافق. لبنان الذي تعد �سوريا منفذه الربي من �أجل الت�صدير، خ�رس هذا املنفذ ،وهو ما انعك�س على الكثري من املنتجات التي كانت ت�صدر من بريوت �إىل بلدان اخلليج العربي عرب احلدود ال�سورية الأردنية ،وهو الأمر الذي مل يعد متاحاً. و�أ�صدرت وزارة املالية اللبنانية تقريرها ،وتوقعت �أن
ي�صل عجز امليزانية �إىل 7669بليون لرية ( 5.1بليون دوالر) يف العام احلايل� ،أو ما يعادل 10.7باملئة من الناجت املحلي االجمايل مع منو الإنفاق وارتفاع مدفوعات الدين العام وبقاء الإيرادات م�ستقرة. وتوقع لبنان يف التقرير منو االقت�صاد بن�سبة اثنني باملئة يف .2014 وبلغ متو�سط النمو االقت�صادي يف لبنان ثمانية باملئة يف الفرتة من العام 2007حتى 2010لكنه تراجع ب�شدة منذ ذلك احلني ،وهو ما يرجع �إىل حد بعيد �إىل �آثار اال�ضطرابات يف �سورية واالنق�سامات ال�سيا�سية اللبنانية. وتوقع التقرير الذي �سيعر�ض على احلكومة لإقراره ارتفاع امل�رصوفات هذا العام �إىل 21927بليون لرية لعوامل على ر�أ�سها منو الأجور وزيادة قدرها 190بليون لرية يف خدمة الدين �إىل 5890بليون لرية.
ومن املتوقع ا�ستقرار الإيرادات دون تغري يذكر عند 14257بليون لرية. وقالت �صحيفة ال�سفري اللبنانية �إن الدين العام بلغ 65.1 بليون دوالر مقارنة مع 64.9بليون دوالر �أعلنها وزير املالية علي ح�سن خليل يف �أبريل /ني�سان املا�ضي. وتوقع التقرير �أن يبلغ معدل الت�ضخم 3.6باملئة. ومن االجراءات ال�رضيبية اجلديدة املقرتحة يف م�رشوع موازنة 2014رفع التقديرات املبا�رشة للأمالك املبنية وزيادة ر�سوم رخ�ص ا�ستثمار املياه اجلوفية وتعبئتها. كما تقرتح املوازنة رفع ر�سم التوكيالت ،وفر�ض ر�سوم على عقود االيجار التمويلي ،ولوحات ال�سيارات اخل�صو�صية املميزة ،وا�ستهالك املازوت. (الدوالر = 1508.6250لرية).
االحتجاجات يف ليبيا ت�صيب قطاع النفط بخ�سائر 30بليون دوالر طرابل�س -رويرتز: قال م�س�ؤول يف م�رصف ليبيا املركزي �إن البالد خ�رست �إيرادات قيمتها 30بليون دوالر ب�سبب االحتجاجات امل�ستمرة منذ ع�رشة �أ�شهر يف حقول ومرافئ ت�صدير النفط لكنها متلك ما يكفي من احتياطيات النقد الأجنبي لتلبية احتياجاتها. وت�سببت موجة االحتجاجات يف تقلي�ص �إنتاج البالد من اخلام �إىل �أقل من � 200ألف برميل يوميا من 1.4مليون برميل يوميا يف يوليو /متوز من العام املا�ضي قبل بدء االحتجاجات. واالحتجاجات جزء من ا�ضطرابات �أو�سع ت�شهدها ليبيا منذ الإطاحة مبعمر القذايف عام .2011وتعجز احلكومة عن ال�سيطرة على امليلي�شيات ورجال القبائل امل�سلحني الذين �ساهموا يف الإطاحة بالقذايف ،لكنهم ي�سيطرون حالي ًا على حقول نفط �أو م�ؤ�س�سات تابعة للدولة لل�ضغط من �أجل تنفيذ مطالب �سيا�سية �أو مالية. وقال م�صباح العكاري مدير �إدارة الأ�سواق املالية يف م�رصف ليبيا املركزي لـ»رويرتز» �إن اخل�سائر التي تكبدتها الدولة الآن بعد �أكرث من ع�رشة �أ�شهر هي فقد �إيرادات مبا ال يقل عن 30بليون دوالر. وتبلغ االحتياطيات النقدية حاليا نحو 110باليني
دوالر بعد �أن كانت 130بليون دوالر يف ال�صيف املا�ضي حني اندلعت االحتجاجات ،وقد يزداد الو�ضع �سوءاً يف الأيام القليلة املقبلة. وقالت امل�ؤ�س�سة الوطنية للنفط يف ليبيا الأربعاء املا�ضي �إنها قد ت�ضطر ال�ستخدام اخلام الذي ينتجه حقالن بحريان -مل يت�أثرا باالحتجاجات حتى الآن -يف تغذية م�صفاة حملية .وقد يعني ذلك توقف ليبيا عن ت�صدير النفط للمرة الأوىل منذ عام .2011 وقال العكاري �إن بالده جتني �إيرادات نفطية تقارب البليون دوالر �شهري ًا يف الوقت احلايل مقابل ما كان يرتاوح بني �أربعة باليني وخم�سة باليني �شهري ًا قبل بدء االحتجاجات. وت�شكل �صادرات النفط والغاز امل�صدر الوحيد للإيرادات يف ميزانية البالد البالغة قيمتها 50بليون دوالر ،ولدفع ثمن م�شرتيات الغذاء ،وواردات �أخرى بقيمة 30بليون دوالر يف الوقت الذي ال ت�شهد فيه ليبيا �إنتاج ًا �صناعي ًا يذكر خارج قطاع النفط. وذكر العكاري �أن االحتياطيات تكفي لتغطية امليزانية والواردات ملدة ثالث �سنوات ون�صف لكن ينبغي �إيجاد حلول منا�سبة لهذه امل�شكالت.
و�سيطرت جمموعة م�سلحة يف �رشق ليبيا على عدد من مرافئ ت�صدير النفط ،ورفعت مطالب مالية ،ومطالب مبزيد من احلكم الذاتي. ووقعت احلكومة اتفاق ًا يف �أبريل /ني�سان املا�ضي مع امل�سلحني لإعادة فتح املوانئ ،لكن التنفيذ بطيء ب�سبب غياب الثقة بني اجلانبني. ويرف�ض امل�سلحون التعامل مع رئي�س الوزراء اجلديد �أحمد معيتيق الذي انتخبه الربملان يف ت�صويت �شابته الفو�ضى وطعن عليه بع�ض النواب. وقال العكاري �إن البنك املركزي نوع احتياطياته النقدية الأجنبية �إذ �أنها موزعة بني �أموال نقدية ،وودائع ق�صرية الأجل ،و�سندات �أجنبية ،وم�ساهمات بح�ص�ص يف بنوك و�رشكات ت�أمني. وحتدث عن ا�سرتاتيجية البنك اال�ستثمارية قائال �إنه يف�ضل ال�سندات الدوالرية مثل �سندات اخلزانة الأمريكية نظراً لأن نفط البالد يباع بالدوالر. وميتلك البنك �أي�ضا �سندات �سيادية و�سندات �أخرى تتمتع بت�صنيفات عالية من دول �أوروبية ،وح�ص�صا يف �رشكات بينها بنك «�أوين كريديت» وبنك خليجي ،و�رشكات ت�أمني.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأخرية
العدد ( 2014/06/8 )143م
08
�سبع و�أربعون عام ًا على هزمية العرب الكربى د .عبد اهلل تركماين (*)
لوحة “ماذا بعد” للفنان ال�سوري الراحل ل�ؤي كيايل
ِ مي�ض �سوى عقد من الزمن على هزمية �أملانيا مل واليابان يف احلرب العاملية الثانية حتى مللمتا جراحهما وانطلقتا يف �إعادة بناء نف�سيهما ،انطالق ًا من ا�ستيعابهما لأ�سباب هزميتيهما وملوازين القوى ولروح الع�رص بعد احلرب� ،إىل �أن �أ�صبحتا عمالقتني اقت�صاديتني ُيح�سب لهما يف موازين القوى الدولية. �أما نحن فما زالت هزمية 5يونيو/حزيران 1967 تالحقنا حتى اليوم ! � ّإن تاريخ العامل العربي املعا�رص عامة ،وامل�رشق العربي بوجه خا�ص ،هو �سل�سلة من الأحداث التي ت�شكلت وانتظمت باعتبارها نتائج تلك الهزمية .لقد و ّلدت الهزمية �آثاراً عميقة يف احلياة العربية كلها، فهي مل تكن هزمية ع�سكرية منيت بها اجليو�ش العربية فقط ،و�إمنا هزمية �شاملة لكل بنى املجتمع العربي� ،إذ كانت اختباراً لـ «اال�شرتاكية» التي ُبنيت، ولـ «التنمية» التي حتققت ،ولـ «الدولة الأمنية» التي مت ت�شييدها .ومهما يكن من �أمر ،ف� ّإن الهزمية كانت �إيذان ًا بتغيري جمرى الأحداث نحو املزيد من االنحدار العربي ،ومنعطف ًا تاريخي ًا بد�أت ديناميته تت�ضح و�ضوح ًا جلي ًا منذ �سبعينيات القرن املا�ضي حتى اليوم. مل تكن الهزمية حلظة عابرة يف احلياة العربية ،فقد و�ضعت ال�شعوب العربية كلها على منحدر ،مل تنت�شلها منه حرب �أكتوبر/ت�رشين الأول 1973التي حتولت �إىل هزمية �سيا�سية ،راحت تداعياتها تتواىل يف جميع املجاالت .من ذلك � ّأن املجتمعات العربية ،التي �أ�صابت �شيئ ًا من التحديث ،انتك�ست �إىل �أ�سو�أ ما يف تاريخها� ،أي �إىل منط من احلياة ال�سيا�سية �أقرب ما يكون �إىل منط احلياة يف الع�رص اململوكي/العثماين، الذي �أبرز �سماته انف�صال احلكم عن ال�شعب وانف�صال املجتمع عن �سلطة الدولة ،وركود املجتمع ،وهيمنة �أيديولوجية تقليدية تعزز التطرف والإرهاب والعجز والعزوف واخلوف ،اخلوف من �سلطة الدولة ومن احلقيقة ومن احلرية ،واخلوف من مواجهة الذات ومن
مواجهة الواقع ،واخلوف من امل�ستقبل. � ّإن العرب يعي�شون ،منذ العام ،1967يف الو�ضعية العامة التي فر�ضتها نتائج هذه الهزمية عليهم ،مروراً باحلرب الأهلية يف لبنان ،وبحروب اخلليج الأوىل والثانية والثالثة ،واالنتفا�ضتني الفل�سطينيتني، وف�شل النظام الإقليمي العربي يف �أن يكون رافعة حقيقية للنهو�ض العربي ،و�صو ًال �إىل تعرث ربيع الثورات العربية واملحنة ال�سورية الراهنة ،ما يعني � ّأن الهزمية التي تطبع تاريخ العرب املعا�رص هي هزمية احلركة التغيريية الوا�سعة التي انطلقت يف خم�سينيات القرن الع�رشين للرد على النكبة الفل�سطينية يف العام � .1948إنها �أزمة بنيوية عامة� ،أ�صابت االقت�صاد والثقافة وال�سيا�سة واملجتمع ،وما يتعلق بها �أو ينتج عنها .وبهذا املعنى ،ي�صح �أن ن�صفها ب�أنها �أزمة ح�ضارية �شاملة. الوقت حان لالنتهاء من �آثار �سبع و�أربعني عام ًا ثقيلة على العرب� ،إذ �أ�صبح يتعني علينا �أن نقف، مبو�ضوعية وواقعية� ،أمام روح الع�رص �رشكاء فاعلني فيه ال متفرجني �سلبيني عليه .لقد �آن الأوان لكي يعك�س العرب �إمكاناتهم احلقيقية على �سيا�ساتهم، حتى ال يعود من جديد �شبح ذلك املا�ضي الكئيب ليطل عليهم من جديد ،وكي يتمكن ال�شعب الفل�سطيني من نيل حريته وا�ستقالله وبناء دولته امل�ستقلة القابلة للحياة ،ويتمكن ال�شعب ال�سوري من جتاوز حمنته التي تفوق النكبة الفل�سطينية. � ّإن الأزمة العربية ال�شاملة املفتوحة هي من تلك الأزمات التي تتقل�ص فيها االختيارات �إىل اثنني ال ثالث لهما� :إما الغرق يف الأزمة والدخول يف م�سل�سل من التدهور والفو�ضى واالنحالل وال�ضياع .و�إما جتاوزها �إىل و�ضعية جديدة متاماً ،انطالق ًا من التفكيك الواعي للو�ضعية القائمة امل�أزومة ،وال�رشوع يف عملية بناء جديدة ،مبنطلقات وا�ست�رشافات جديدة كذلك. � ّإن التغيرّات العاملية اجلديدة تواجهنا بت�سا�ؤالت
جديدة ،وحتديات وفر�ص جديدة �أي�ضاً ،مما يتطلب قدراً كبرياً من العمق يف املراجعة ،ونقد الذات، و�إعادة ال�صياغة الفكرية وال�سيا�سية للق�ضايا العربية، باعتبارها متثل م�سائل جوهرية عديدة تتداخل فيها مهمات التحديث الفكري وال�سيا�سي مع مهمات النهو�ض االقت�صادي واالجتماعي والثقايف ،وهو ما يفرت�ض ممار�سة الدميقراطية كمنهج للتعامل ال�سيا�سي على �صعيد الدولة واملجتمع ،منطلقني من � ّأن م�س�ألة �إجناز الدولة احلديثة ،دولة كل مواطنيها، هي جوهر تلك الق�ضايا. وعليه ،ف�إننا ل�سنا بحاجة ل�شعارات من �أجل التعاطي املجدي مع التحديات الكبرية املطروحة علينا ،بل االرتقاء �إىل م�ستوى التحديات ،يف براجمنا وو�سائل عملنا ،مبا يخدم م�صالح �شعوبنا وي�ضمن حقوقها الأ�سا�سية يف ال�سيادة واحلرية واال�ستقاللّ � .إن م�رشوع النه�ضة العربية كان وال يزال يف حاجة �إىل فكر التحوالت والتغيرّات الأنوار واحلداثة ،وكذلك ا�ستيعاب ّ التي تطر�أ على ال�ساحتني الإقليمية والدولية .ومن �أجل ذلك ،تبدو الدميقراطية يف ر�أ�س �أولويات التجديد العربي ،فامل�س�ألة ت�ستدعي مقوالت جديدة :املجتمع املدين ،الدميقراطية ،الدولة احلديثة ،املواطنة. ولعلنا بذلك نفتح من جديد باب التاريخ وندق �أبواب امل�ستقبل وننه�ض لإطالق خطاب عربي ع�رصي، مع �آليات فاعلة لتنفيذه ،عناوينه يف توجهاته وم�ضامينه ويف جتديدنا له ،يحتمل دائم ًا الت�أويل والتعديل ل�صالح �شعوبنا العربية� .إنها �إعادة قراءة واجبة ،لي�س فقط يف جتديد هذا اخلطاب ،و�إمنا يف جتديد العقلية العربية املدعوة �إىل خو�ض مغامرة امل�ستقبل ب�أدوات جديدة ،تتجاوز �أدوات الهزمية، و�أفق مفتوح وحوار دائم على امل�صالح والأهداف والأولويات واملمكن وامل�ستحيل.
(*) – باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق للبحوث -دبي