Al badeel 142

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/06/1ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)142‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/06/1 )142‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (142) 1/06/2014‬‬

‫�أمريكا «طائرة من دون طيار» يف ال�شرق الأو�سط‬

‫�سيا�سة �أوباما يف ال�رشق الأو�سط خالل واليتيه تعرب‬ ‫مرت‬ ‫عن م�أزق �أمريكي يف فهم جملة التحوالت التي ّ‬ ‫بها املنطقة منذ بدايات "الربيع العربي"‪ ،‬ويكمن م�أزق‬ ‫الإدارة الأمريكية‪ ،‬وعلى ر�أ�سها باراك �أوباما‪� ،‬أنها‬ ‫تبنت حماولة عدم االنخراط املبا�رش‪ ،‬وحماولة توريط‬ ‫الآخرين‪ ،‬لتخفيف التكاليف عن �أمريكا التي ما زالت‬ ‫ت�سيطر عليها املخاوف من تكرار جتربتي �أفغان�ستان‬ ‫والعراق‪.‬‬ ‫ال ميكن لإمرباطورية �أن تبقى �إمرباطورية من دون �أن‬ ‫ت�ؤدي دورها‪� .‬أمريكا ترغب بالبقاء �إمرباطورية لكن من‬ ‫دون �أن تدفع تكاليف من�صبها العاملي‪ ،‬نوع من التذاكي‬ ‫الذي يك�سف التاريخ �أنه �شكل من �أ�شكال خداع النف�س‪،‬‬ ‫قبل خداع الآخرين‪ ،‬فاملخاوف وعدم التدخل يف�سحان‬ ‫املجال �أمام م�سار جديد للمعطيات ال ميكن التعاطي‬ ‫مت التدخل‬ ‫معه الحق ًا من دون دفع تكاليف �أكرب مما لو ّ‬ ‫يف الوقت املنا�سب‪.‬‬ ‫ح�سناً‪ ،‬يعتقد �أوباما �أنه قادر على مواجهة "القاعدة"‬ ‫بطائرات من دون طيار "درونز"‪ ،‬كما يف �أفغان�ستان‬ ‫وباك�ستان واليمن‪ ،‬لكنه ال يدرك تعقيدات اجليل الثالث‬ ‫من "القاعدة"‪ ،‬وهو يختلف كلي ًا عن اجليلني اللذين‬ ‫�سبقاه من حيث �آليات التخطيط والتمويل والتنفيذ‪،‬‬ ‫والعالقة مع احلا�ضنات االجتماعية‪ ،‬وارتباطاته‬ ‫الإقليمية‪.‬‬ ‫ويبدو وا�ضح ًا �أن �أوباما "القانوين" خريج كلية هارفرد‬ ‫يف �أمريكا ال يعرف الكثري عن التوازنات اال�سرتاتيجية‬ ‫يف ال�رشق الأو�سط‪ ،‬وهو غري مدرك حلالة الفراغ‬

‫املوجودة يف املنطقة‪ ،‬وخماطرها على املنطقة‪ ،‬وعلى‬ ‫امل�صالح امل�ستقبلية لأمريكا نف�سها‪ ،‬وموقعها الذي‬ ‫يجعلها ترتبع على عر�ش امل�صالح الدولية‪.‬‬ ‫كيف ميكن يف ظل ه�شا�شة الأعمدة اال�سرتاتيجية يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬وحالة العداء امل�ستحكمة بني �أطرافها‪ ،‬بناء‬ ‫توازن قوي ملواجهة املخاطر والتحديات وو�ضع‬ ‫احللول؟‪.‬‬ ‫يرغب �أوباما بحل م�شكلة امللف النووي الإيراين‪ ،‬لكنه‬ ‫ال يفكر يف ثمن حل هذا امللف على باقي الأعمدة‬ ‫اال�سرتاتيجية للمنطقة‪ ،‬وال�س�ؤال هو‪ :‬هل �ستقبل هذه‬ ‫الأعمدة "الدول الفاعلة الرئي�سية" بحل هذا امللف على‬ ‫ح�سابها؟‪ .‬الإجابة قطعاً‪ :‬ال‪.‬‬ ‫رجل �أمريكا الذكي "�أوباما" يعتقد �أن بالده ميكن �أن‬ ‫تك�سب من بعيد‪ ،‬دون �أن تت�سخ بوحل املنطقة‪ ،‬ح�سناً‪،‬‬ ‫لكن هل هذا ممكن؟‬ ‫ما زالت "القاعدة" يف العراق قوية‪ ،‬و�إذا كان م�رشوعها‬ ‫قبل ان�سحاب القوات الأمريكية هو مقاومة االحتالل‪،‬‬ ‫�إال �أنها اليوم لها �أجندات �أو�سع‪ ،‬وتعتمد على ما تراكم‬ ‫من م�شكالت �سيا�سية يف هذه الدولة‪ ،‬حيث ان�سحب‬ ‫الأمريكيون وتركوا ورائهم م�شهداً �سيا�سي ًا تت�صارع‬ ‫فيه الطوائف والإثنيات والع�شائر‪ ،‬ونفوذاً �إيراني ًا ال‬ ‫ميكن القبول به من دول �أخرى يف املنطقة‪ ،‬وخا�صة‬ ‫ال�سعودية‪ ،‬وجتد �أن النفوذ الإيراين يف العراق يتعار�ض‬ ‫مع م�صاحلها‪ ،‬وهكذا ف�إن االن�سحاب الأمريكي من‬ ‫العراق مل يكن �إال بداية لت�شكل بلد فا�شل‪� ،‬أ�صبح العنف‬

‫ح�سام مريو‬

‫والعنف امل�ضاد من الأ�سلحة ال�سيا�سية الرئي�سية يف‬ ‫ت�شكيل و�إدارة امل�صالح‪.‬‬ ‫ويف �سورية‪ ،‬مل ُيبد �أوباما اهتمام ًا كافياً‪ ،‬تارك ًا‬ ‫امللف لرو�سيا كي تديره‪ ،‬لكنه اكت�شف فيما بعد �أن‬ ‫رو�سيا بوتني �صعبة الإر�ضاء‪ ،‬و�أحالمها بالعودة �إىل‬ ‫امل�شهد الدويل كقطب رئي�سي مل تنته مع �سقوط االحتاد‬ ‫ال�سوفيتي‪ ،‬كما �أن �إيران التي ا�ستثمرت يف النظام‬ ‫ال�سوري لن تقدم تنازالت ال ي�ستطيع الآخرين �أخذها‬ ‫بالقوة‪ ،‬وهي ا�ستفادت من ال�سيا�سة الأمريكية يف تعزيز‬ ‫انخراطها يف ق�ضايا املنطقة‪.‬‬ ‫ثمة عوامل �أ�سا�سية اليوم تف�شل جهود ا�ستقرار املنطقة‪،‬‬ ‫ويف مقدمتها عدم ثقة الأطراف ببع�ضها البع�ض‪،‬‬ ‫واعتماد الدول بالتايل على العبني حمليني من‬ ‫التنظيمات غري الع�سكرية‪ ،‬وارتفاع من�سوب املواجهة‬ ‫على �أ�سا�س طائفي‪ ،‬وا�ستنزاف اقت�صاديات الدول‪.‬‬ ‫�أوباما‪ ،‬كما يود حماربة "القاعدة" والإرهاب عرب‬ ‫ا�ستهداف قادتها بطائرات من دون طيار‪ ،‬يظن �أن حل‬ ‫امل�شكالت ال�سيا�سية والع�سكرية �أمر ممكن من دون‬ ‫انخراط مبا�رش فيها‪ ،‬ومن ودون دفع تكاليف كبرية‪،‬‬ ‫وهكذا ف�إن �أوباما هو التعبري الأبلغ عن الرومان�سية‬ ‫ال�سيا�سية‪� ،‬أو عن تعب �أمريكا من دور القائد‪ ،‬ويف‬ ‫احلالتني ف�إن �أمريكا يجب �أن ال تفكر بح�صد نتائج‬ ‫مثمرة من دون عناء‪ ،‬وعليها �أن تنظر �إىل نف�سها جيداً‬ ‫يف مر�آة ال�رشق الأو�سط‪� ،‬إنها حتاول �أن حتل م�شكالته‬ ‫وم�شكالتها من "اجلو"‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.