ájô```M 2014/06/1ádGó``Yم العدد ()142 áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/06/1 )142م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (142) 1/06/2014
�أمريكا «طائرة من دون طيار» يف ال�شرق الأو�سط
�سيا�سة �أوباما يف ال�رشق الأو�سط خالل واليتيه تعرب مرت عن م�أزق �أمريكي يف فهم جملة التحوالت التي ّ بها املنطقة منذ بدايات "الربيع العربي" ،ويكمن م�أزق الإدارة الأمريكية ،وعلى ر�أ�سها باراك �أوباما� ،أنها تبنت حماولة عدم االنخراط املبا�رش ،وحماولة توريط الآخرين ،لتخفيف التكاليف عن �أمريكا التي ما زالت ت�سيطر عليها املخاوف من تكرار جتربتي �أفغان�ستان والعراق. ال ميكن لإمرباطورية �أن تبقى �إمرباطورية من دون �أن ت�ؤدي دورها� .أمريكا ترغب بالبقاء �إمرباطورية لكن من دون �أن تدفع تكاليف من�صبها العاملي ،نوع من التذاكي الذي يك�سف التاريخ �أنه �شكل من �أ�شكال خداع النف�س، قبل خداع الآخرين ،فاملخاوف وعدم التدخل يف�سحان املجال �أمام م�سار جديد للمعطيات ال ميكن التعاطي مت التدخل معه الحق ًا من دون دفع تكاليف �أكرب مما لو ّ يف الوقت املنا�سب. ح�سناً ،يعتقد �أوباما �أنه قادر على مواجهة "القاعدة" بطائرات من دون طيار "درونز" ،كما يف �أفغان�ستان وباك�ستان واليمن ،لكنه ال يدرك تعقيدات اجليل الثالث من "القاعدة" ،وهو يختلف كلي ًا عن اجليلني اللذين �سبقاه من حيث �آليات التخطيط والتمويل والتنفيذ، والعالقة مع احلا�ضنات االجتماعية ،وارتباطاته الإقليمية. ويبدو وا�ضح ًا �أن �أوباما "القانوين" خريج كلية هارفرد يف �أمريكا ال يعرف الكثري عن التوازنات اال�سرتاتيجية يف ال�رشق الأو�سط ،وهو غري مدرك حلالة الفراغ
املوجودة يف املنطقة ،وخماطرها على املنطقة ،وعلى امل�صالح امل�ستقبلية لأمريكا نف�سها ،وموقعها الذي يجعلها ترتبع على عر�ش امل�صالح الدولية. كيف ميكن يف ظل ه�شا�شة الأعمدة اال�سرتاتيجية يف املنطقة ،وحالة العداء امل�ستحكمة بني �أطرافها ،بناء توازن قوي ملواجهة املخاطر والتحديات وو�ضع احللول؟. يرغب �أوباما بحل م�شكلة امللف النووي الإيراين ،لكنه ال يفكر يف ثمن حل هذا امللف على باقي الأعمدة اال�سرتاتيجية للمنطقة ،وال�س�ؤال هو :هل �ستقبل هذه الأعمدة "الدول الفاعلة الرئي�سية" بحل هذا امللف على ح�سابها؟ .الإجابة قطعاً :ال. رجل �أمريكا الذكي "�أوباما" يعتقد �أن بالده ميكن �أن تك�سب من بعيد ،دون �أن تت�سخ بوحل املنطقة ،ح�سناً، لكن هل هذا ممكن؟ ما زالت "القاعدة" يف العراق قوية ،و�إذا كان م�رشوعها قبل ان�سحاب القوات الأمريكية هو مقاومة االحتالل، �إال �أنها اليوم لها �أجندات �أو�سع ،وتعتمد على ما تراكم من م�شكالت �سيا�سية يف هذه الدولة ،حيث ان�سحب الأمريكيون وتركوا ورائهم م�شهداً �سيا�سي ًا تت�صارع فيه الطوائف والإثنيات والع�شائر ،ونفوذاً �إيراني ًا ال ميكن القبول به من دول �أخرى يف املنطقة ،وخا�صة ال�سعودية ،وجتد �أن النفوذ الإيراين يف العراق يتعار�ض مع م�صاحلها ،وهكذا ف�إن االن�سحاب الأمريكي من العراق مل يكن �إال بداية لت�شكل بلد فا�شل� ،أ�صبح العنف
ح�سام مريو
والعنف امل�ضاد من الأ�سلحة ال�سيا�سية الرئي�سية يف ت�شكيل و�إدارة امل�صالح. ويف �سورية ،مل ُيبد �أوباما اهتمام ًا كافياً ،تارك ًا امللف لرو�سيا كي تديره ،لكنه اكت�شف فيما بعد �أن رو�سيا بوتني �صعبة الإر�ضاء ،و�أحالمها بالعودة �إىل امل�شهد الدويل كقطب رئي�سي مل تنته مع �سقوط االحتاد ال�سوفيتي ،كما �أن �إيران التي ا�ستثمرت يف النظام ال�سوري لن تقدم تنازالت ال ي�ستطيع الآخرين �أخذها بالقوة ،وهي ا�ستفادت من ال�سيا�سة الأمريكية يف تعزيز انخراطها يف ق�ضايا املنطقة. ثمة عوامل �أ�سا�سية اليوم تف�شل جهود ا�ستقرار املنطقة، ويف مقدمتها عدم ثقة الأطراف ببع�ضها البع�ض، واعتماد الدول بالتايل على العبني حمليني من التنظيمات غري الع�سكرية ،وارتفاع من�سوب املواجهة على �أ�سا�س طائفي ،وا�ستنزاف اقت�صاديات الدول. �أوباما ،كما يود حماربة "القاعدة" والإرهاب عرب ا�ستهداف قادتها بطائرات من دون طيار ،يظن �أن حل امل�شكالت ال�سيا�سية والع�سكرية �أمر ممكن من دون انخراط مبا�رش فيها ،ومن ودون دفع تكاليف كبرية، وهكذا ف�إن �أوباما هو التعبري الأبلغ عن الرومان�سية ال�سيا�سية� ،أو عن تعب �أمريكا من دور القائد ،ويف احلالتني ف�إن �أمريكا يجب �أن ال تفكر بح�صد نتائج مثمرة من دون عناء ،وعليها �أن تنظر �إىل نف�سها جيداً يف مر�آة ال�رشق الأو�سط� ،إنها حتاول �أن حتل م�شكالته وم�شكالتها من "اجلو".
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تقارير
العدد ( 2014/06/1 )142م
02
جمل�س الأمن نحو قرار «حتت الف�صل ال�سابع» ي�سمح بو�صول م�ساعدات ل�سوريا الأمم املتحدة (رويرتز) :
قال دبلوما�سيون يوم اخلمي�س املا�ضي �إن �أع�ضاء جمل�س الأمن التابع للأمم املتحدة يدر�سون م�رشوع قرار ي�سمح ب�إدخال امل�ساعدات �إىل �سوريا من �أربع نقاط عرب احلدود دون موافقة احلكومة ال�سورية التي جتاهلت طلب ًا �سابق ًا للمجل�س مبنحه قدرة �أكرب على �إي�صال امل�ساعدات. وكان املجل�س امل�ؤلف من 15ع�ضوا �صوت يف فرباير �/شباط املا�ضي يف �إجماع نادر بت�أييد قرار يدعو �إىل حرية و�صول �رسيعة و�آمنة ودون عوائق داخل �سوريا .حيث �سقط �أكرث من � 150ألف قتيل يف حرب �أهلية م�ستمرة منذ ثالث �سنوات. لكن كيوجن وا كاجن نائبة من�سقة الإغاثة يف حاالت الطوارئ يف الأمم املتحدة �أبلغت جمل�س الأمن يوم اخلمي�س املا�ضي �أن القرار مل يحدث فارقا بالن�سبة لنحو 9.3مليون �شخ�ص يف �سوريا يحتاجون �إىل امل�ساعدة ،و 2.5مليون فروا من البالد ح�سبما ت�شري تقديرات الأمم املتحدة. و�أعدت �أ�سرتاليا ولوك�سمبورج والأردن الأع�ضاء يف جمل�س الأمن م�رشوع قرار متابعة �أكرث قوة. وقال دبلوما�سيون يف الأمم املتحدة حتدثوا ب�رشط عدم الك�شف عن �شخ�صيتهم �إنه �سي�سمح بتو�صيل امل�ساعدات �إىل �سوريا من نقاط حمددة يف تركيا والعراق والأردن لت�صل �إىل املاليني يف املناطق التي ت�سيطر عليها قوات املعار�ضة يف �سوريا. وقال ال�سفري اال�سرتايل يف الأمم املتحدة جاري كينالن لل�صحفيني بعد الإفادة التي �أدلت بها كاجن “ 90باملئة من امل�ساعدات تذهب �إىل مناطق ت�سيطر عليها قوات احلكومة ال�سورية وال تذهب �إىل ال�سوريني يف مناطق ت�سيطر عليها املعار�ضة”. وقال دبلوما�سيون �إن القرار �سيهدد باتخاذ “�إجراءات” يف حالة عدم االمتثال .وجرى توزيع
90باملئة من امل�ساعدات تذهب �إىل مناطق ت�سيطر عليها قوات احلكومة ال�سورية م�رشوع القرار على الدول اخلم�س دائمة الع�ضوية يف جمل�س الأمن التي تتمتع بحق النق�ض (الفيتو) الواليات املتحدة وبريطانيا وفرن�سا ورو�سياوال�صني .ومن املقرر ان جترى مفاو�ضات بني الأع�ضاء الثمانية يف الأيام املقبلة. وقال دبلوما�سيون �إن ن�ص امل�سودة �سيعمل وفق الف�صل ال�سابع من ميثاق الأمم املتحدة مما يجعله ملزما من الناحية القانونية ،وميكن فر�ضه باللجوء لعمل ع�سكري� ،أو ب�إجراءات �إجبار �أخرى مثل العقوبات االقت�صادية. والقرار ال�صادر يف فرباير �/شباط ملزم قانون ًا ،لكن ال ميكن تنفيذه بالقوة.
وكانت رو�سيا ا�ستخدمت حق الفيتو مدعومة من ال�صني �ضد �أربع قرارات تهدد ب�إجراءات �ضد حليفها الرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد .ومنعت رو�سيا �سعي املجل�س لإحالة الو�ضع يف �سوريا للمحكمة اجلنائية الدولية متهيدا ملحاكمات حمتملة الرتكاب جرائم حرب. وتقول الأمم املتحدة �إنها ال ت�ستطيع تو�صيل امل�ساعدات �إىل �سوريا بدون موافقة احلكومة �إال مبوجب قرار ي�ستند �إىل الف�صل ال�سابع. وطالب الأمني العام للأمم املتحدة بان جي مون جمل�س الأمن يف تقرير الأ�سبوع املا�ضي باتخاذ �إجراء عاجل ل�ضمان و�صول امل�ساعدات الإن�سانية �إىل عدد �أكرب من ال�سوريني. وقال بيان �صادر بعد اجتماع مغلق يف املجل�س ملناق�شة تقرير بان �إن كاجن �أبلغت املجل�س ب�رضورة “�أن تكون جميع طرق تو�صيل امل�ساعدات متاحة بالن�سبة لنا �-سواء عرب اخلطوط �أو عرب احلدود”.
بان كي مون :تدمري اال�سلحة الكيماوية لن ينجز يف املوعد املقرر ر�أى الأمني العام للأمم املتحدة بان كي مون �أن عملية تدمري الأ�سلحة الكيماوية ال�سورية لن تنجز يف املهلة املحددة يف 30حزيران (يونيو) ،يف ر�سالة وجهها �إىل جمل�س االمن. وكانت ر�سالة بان كي مون �إىل جمل�س الأمن مرفقة بالتقرير الأخري ملنظمة حظر الأ�سلحة الكيماوية الذي قدر ن�سبة الأ�سلحة التي خرجت حتى الآن من �سورية بـ .92%وجاء يف التقرير �أن �آخر الأ�سلحة الكيماوية ال�سورية “مت تو�ضيبها وباتت جاهزة لنقلها ما �أن ت�سمح الظروف الأمنية يف البلد بذلك” .وكتب بان يف ر�سالته �أنه “من الواجب �أن ت�ستكمل �سورية عمليات الإجالء
املتبقية ب�أ�رسع ما ميكن التزام ًا مبا تعهدت به ال�سلطات”. وتابع “لكنه بات من الوا�ضح �أن بع�ض االن�شطة املرتبطة بتفكيك برنامج الأ�سلحة الكيماوية ال�سورية �ستتوا�صل �إىل ما بعد 30حزيران ،”2014متوقع َا �أن “توا�صل البعثة امل�شرتكة ملنظمة حظر الأ�سلحة والأمم املتحدة عملها لفرتة حمدودة بعد 30حزيران .”2014 و�أو�ضح �أن “هذا �سيعطي �أي�ضا الوقت ال�رضوري لو�ضع الرتتيبات املنا�سبة التي يفرت�ض �أن تعقب هذه املهمة حتى توا�صل منظمة حظر الأ�سلحة الكيماوية القيام مبا تبقى من �أن�شطة تثبت يف
البالد بعد انق�ضاء هذه الفرتة”. واعرب بان يف ر�سالته عن “قلقه الكبري لالتهامات با�ستخدام غاز الكلور يف النزاع ال�سوري” ،وطالب “احلكومة ال�سورية وجميع �أطراف النزاع ال�سوري بالتعاون ب�شكل تام مع بعثة التحقيق” .وار�سلت بعثة تق�صي احلقائق هذه اىل �سورية للتحقيق يف هجمات حمتملة بغاز الكلور وزار فريق من املنظمة يوم الثالثاء املا�ضي على بلدة كفرزيتا يف ريف حماة ال�شمايل ،للتحقيق يف هذه املزاعم بعد �ساعات على تعر�ضها لهجوم بح�سب مقاتلي املعار�ضة.
03
ر�أي
العدد ( 2014/06/1 )142م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
حول ت�س ّلح الثورة ال�سورية :تف�سري ال تربير فيكتوريو�س بيان �شم�س
منذ حلظات انطالقها الأوىل �إثر حادثة �أطفال درعا، حاولت االنتفا�ضة ال�سورية –قبل �أن تتحول �إىل ثورة- وبعفوية� ،إثبات �سلمية مطالبها ،من خالل جمموعة من ال�شعارات "�سلمية� ..سلمية"�" ،سلمية حتى الن�رص"،.. وك�أ ّنها يف ال وعيها اجلمعي العام ،كانت ت�ستبق رد فعل عنيف متو ّقع من النظام ،وهذا ما حدث بالفعل. �إذ ووجهت املظاهرات بالر�صا�ص منذ حلظاتها الأوىل. ولع َّل املتابع يذكر املداخلة اجلريئة لع�ضو جمل�س ال�شعب ال�سوري يو�سف �أبو رومية ،والتي ُب ّثت على الهواء مبا�رشة يف �أواخر �آذار 2011عندما � ّأكد فيها ر�ؤيته لعنا�رص "الفرقة الرابعة – حر�س جمهوري" ب�أم العني املحتجني ال�سلميني يف وهي ترتكب �أفظع املجازر بحق ّ حمافظة درعا. ح�سه الأمني العايل� ،أدرك النظام خطورة ٍ وب�سبب من ّ لعدة �أ�سباب. االحتجاجات التي �ستطيح به بالفعل ّ أهمها� ،أنه يعرف طبيعة بنيته وتركيبته الأمنية � ّ الأوليغار�شية – التوليتارية ،املتمف�صلة على مافياوية ا�ستئثارية ،والتي ال متلك حلو ًال مل�شاكل النا�س ،بقدر تتفن على مدى عقود بنهبهم وا�ستعبادهم ما كانت نّ وجتهيلهم. وعليه ،فقد بد�أت �أجهزته الأمنية منذ اللحظة الأوىل بفربكة تهمة الإرهاب ،لإل�صاقها بحركة االحتجاج، كخطوة على طريق رفع ال�رشعية عن مطالب النا�س، جت�سدت يف بدايتها ببع�ض املطالب الإ�صالحية والتي ّ التي ما كان لها �أن ت� ّؤدي لرفع �شعار "�إ�سقاط النظام"؛ لو تعاطى معها ب�شكل عقالين .مثال ذلك ،بيان ع�شائر مدينة درعا ،والذي و ّزع يف � ،19/3/2011أي بعد انطالق حركة االحتجاج ب�ساعات ،وقد اقت�رصت مطالب ذلك البيان على ثالث: االن�سحاب من املدينة و�سحب املدرعات و�إيقاف حتليق الطريان فوق املدينة ،بالإ�ضافة للك�شف عن �أ�سماء القتلة. اطالق �رساح تالميذ ال�صف الرابع املحتجزين يف دم�شق منذ �أيام ،ورد االعتبار �إىل �أمهاتهم (كان رئي�س "فرع الأمن ال�سيا�سي" بدرعا ،ابن خالة ب�شار هدد باغت�صابهن) وحما�سبة الأ�سد عاطف جنيب ،قد ّ
العنا�رص امل�س�ؤولة وتقدمي اعتذار علني عن هذه الأعمال الال�أخالقية التي قام بها زبانية النظام الكاذب. اطالق �رساح معتقلي الر�أي من كل �أبناء �سوريا ومن كافة ال�سجون ال�سورية على الفور. مطالب كانت ب�سيطة ،وكان مبقدور النظام تلبيتها، و�إن على مراحل .لكن عنجهية من ميلكون قرار احلياة واملوت ،حالت دون االلتفات �إليها ،فبد�أت الدبابات ولأ�شهر طويلة ،حممولة على ظهور ال�شاحنات جتوب البالد طو ًال وعر�ض ًا لإخ�ضاع ال�شعب و�إعادته �إىل حظرية الطاعة .كان هذا متوازي ًا مع جتيي�ش �إعالمي لإخافة الأقليات ،وك�سبها بالتايل �إىل جانب النظام، بعد ت�صوير احلراك على �أ ّنه �إرهاب تقوم به "ع�صابات م�س ّلحة" ذات لون طائفي واحد. يف مرحلة الحقة ،اعرتف بع�ض رموز النظام ب�أن احلراك ،مل يكن م�س ّلح ًا يف الأ�شهر الأوىل .فها هو نائب الرئي�س ال�سوري فاروق ال�رشع يجيب عن ت�سا�ؤالت جريدة الأخبار اللبنانية يف 17كانون الأول 2012 قدمت للقائها معه بالتايل" :يف بداية الأحداث والتي ّ تتو�سل ر�ؤية م�س ّلح واحد �أو ق ّنا�ص على ال�سلطة كانت ّ �أ�سطح �إحدى البنايات" .وال�س�ؤال�" :أين م�س�ؤولية الدولة يف حتري �أ�سباب و�صول الأزمة �إىل ما و�صلت �إليه، خ�صو�ص ًا لناحية ع�سكرة احلراك؟ �ألمَ ت�شكل جلان حتقيق لتحديد هذه الأ�سباب؟"� .أجاب ال�رشع" :مل ت�ش ّكل جلان حتقيق ذات م�صداقية منذ بداية الأحداث، و�إذا ُ�ش ّكل بع�ض منها ف�إن نتائج التحقيق مل ُتن�رش يف مهد لن�رش �شائعات �أفقدت و�سائل الإعالم ،الأمر الذي ّ املت�رضرين يف الداخل أمام النظام م�صداقيته وهيبته � ّ واملراقبني يف اخلارج". �إذاً ،مل ِ "تتو�سل ر�ؤية م�س ّلح كانت ال�سلطة ينف ال�رشع �أن ّ �أو ق ّنا�ص على �أ�سطح �إحدى البنايات"!. لكن الغريب هنا ،هو �إدانة ال�صحيفة نف�سها فيما بعد لت�س ّلح الثورة ،وهي التي تعي �أ�سباب هذا الت�س ّلح جيداً. عامة رمادية اللون ،حتر�ص وهي بهذا تعبرّ عن حالة ّ تربر للنظام على حماولة الظهور املُحايد ،فيما ّ ممار�ساته من جهة �أخرى عرب تبنيها لرواياته .فبد�أت ب�إدانة ت�س ّلح الثورة التي كان من املفرت�ض �أن تقتدي
بغريها من ثورات "الربيع العربي"� ،أي على غرار ما ح�صل يف تون�س ،وم�رص ،واملثال الأبرز اليمن ،هذه الدولة الغارقة بال�سالح ( 30مليون قطعة �سالح خفيفة تقدم مع اجلي�ش ،ومثلها مع القبائل) والتي ا�ستطاعت �أن ّ منوذج ًا ملفت ًا يف هذا املجال بالفعل .لكن من يدينون الثورة ال�سورية ،ين�سون –�أو يتنا�سون� -أن حجم القتل الذي مار�سته �سلطات هذه الدول بحق �شعوبها كان كبرياً ن�سبي ًا قيا�س ًا �إىل عدد �أيامها املعدودة ،و�أن ق�رص عمر االنتفا�ضات عليها ،وبالتايل الإطاحة بها ب�أزمنة قيا�سية ( 18يوم يف م�رص ،و 28يف تون�س) هو ما و ّفر �شالالت من الدماء ،وبالتايل كان بالإمكان تكرار التجربتني ال�سورية والليبية فيهما ،لو طال عمر الأزمة. هذا عدا عن �أ�سباب و�رشوط �أخرى ،ال جمال لتحديدها يف هذه العجالة. لعل �صور الثورات على الأنظمة "اال�شرتاكية" يف ال�سنوات الأخرية التي �سبقت� ،أو تلت انهيار "االحتاد ال�سوفييتي" ال�سابق ،ومنها الثورة على الديكتاتور الروماين املخلوع يف العام 1989نيكوال ت�شاو�شي�سكوف مازالت حا�رضة يف �أذهان بع�ض من يدينون الثورة ،وعلى �أ�سا�سها يحاكمونها. �أو ربمّ ا ال يزال �أثر ما فعله املاهامتا غاندي بثورته "الالعنفية" �ضد االحتالل الربيطاين حتى نالت الهند ا�ستقاللها يف العام ،1947ي�ؤ ّثر يف عقول البع�ض .مع �أن غاندي نف�سه ا�شرتط لنجاح "ثورة الالعنف"�" :أن يتم ّتع اخل�صم ببقية من �ضمري ،مت ّكنه يف النهاية من فتح حوار مو�ضوعي مع الطرف الآخر" .فهل تو ّفر هذا ال�رشط يف املثال ال�سوري؟ .ثم �أن كالم غاندي يعني �أن عدم تو ّفر هذا ال�رشط يفتح على احتماالت �أخرى ،قد يكون اللجوء �إىل ال�سالح واحد منها. هناك قانون فيزيائي بديهي وب�سيط" :لكل فعل رد فعل، يوازيه يف القوة ،ويعاك�سه يف االتجّ اه" .لكن هذا يف الفيزياء ،والفيزياء �شيء خمتلف متام ًا عن االجتماع الب�رشي الذي ي� ّؤكد يف بع�ض احلاالت ،كاحلالة ال�سورية مث ًال� ،أن رد الفعل ،قد يفوق الفعل ب�أ�ضعاف م�ضاعفة.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/06/1 )142م
حتليل �سيا�سي
04
بوادر تعديل قواعد اال�شتباك يف �سورية غازي دحمان
ثمة م�ساعي دولية جادة ،بد�أت بع�ض تبا�شريها بالظهور ،تهدف �إىل و�ضع امل�س�ألة ال�سورية على �سكة التغيري� ،إذ مل يعهد �أي مراقب للأزمة مثل هذا احلجم من التحركات املكثفة واجلادة وعلى �صعد خمتلفة ،وهو ما يب�رش بحدوث تغيري جدي للمقاربة الدولية للو�ضع ال�سوري� ،أو قد يعك�س م�ستوى جديد من الإدراك الدويل حلجم املخاطر التي بات ينطوي عليها ا�ستمرار �إدارة الأزمة بالطريقة ال�سابقة التي جرت على قاعدة ترك الأعداء ي�صفون بع�ضهم يف امليدان ال�سوري ،ومراقبة تورط �إيران ورو�سيا ،وتركهما ت�ستنزفان نف�سيهما يف �رصاع طويل الأجل. من الأردن جاءت �أول النذر ،حيث �أقدمت حكومته على طرد �سفري النظام بهجت �سليمان بعد طول انتظار ،وبعد �إ�رصار طويل من قبل حكومة الأردن على �إبقاء بع�ض القنوات مفتوحة مع نظام دم�شق ،وقد جرى تف�سري ذلك ال�سلوك الأردين ب�أنه كان يعك�س �إدراك الأردن عدم توفر رغبة جادة لدى القوى الفاعلة حل�سم موقفها يف داع لتوتري املو�ضوع ال�سوري ،وتاليا مل يكن هناك من ٍ العالقة مع نظام الأ�سد ،وترك الباب موارب للعالقة بني الطرفني ،بالرغم من ال�سلوك الال دبلوما�سي ملمثل النظام يف عمان� ،إال �أن �إقدام حكومة على اتخاذ خطوة طرد ممثل النظام لها مدلوالت بعيدة املدى ،وهي تعك�س �أي�ضا جانبا مهما من التن�سيق الدويل اجلاري بني حتالف �أ�صدقاء �سورية ،كما تك�شف جزءا من امل�شهد الذي يراد �صناعته يف الواقع امليداين ال�سوري. يتزامن هذا التطور الالفت مع جملة من التطورات امليدانية ،من �رشق �سورية و�شمالها �إىل �أق�صى اجلنوب، �إذ تك�شف الوقائع عن تقدم كبري حترزه قوات املعار�ضة على �أغلب تلك اجلبهات ،والأهم من كل ذلك� ،أنها تك�شف عن حجم خ�سائر كبرية تتكبدها قوات الأ�سد وحلفاءها على خمتلف اجلبهات ،وخا�صة على �صعيد تدمري �آلتها احلربية ،وهو الأمر الذي ي�شري �إىل تطوير قوى املعار�ضة لتقنياتها الع�سكرية وطرقها القتالية ،ولي�س خافيا �أن هذا الأمر طاملا �أوقفه قرار دويل اتخذته �أمريكا لأهداف بات اجلميع يدركها ،ما يعني �أن هناك تغيري �أكيد يف
�رشعت مبد�أ املوقف الأمريكي ،خا�صة و�أن وا�شنطن ّ مد قوات الثورة ال�سورية املعتدلة ب�أنواع معينة من الأ�سلحة ،وذلك عرب القرار الذي اتخذته جلنة الدفاع يف الكونغر�س الأمريكي. التقارير الدولية املتابعة للحراك اجلديد تك�شف عن التجهيز لهجوم دويل �شامل على �أكرث من ميدان، ويف �أكرث من منرب دويل ،وذلك بق�صد تعطيل مفاعيل التحالف الذي يدعم ب�شار الأ�سد ودفعه اىل طاولة التفاو�ض وتغيري مقاربته احلالية ،وطبيعة تعاطيه التي ت�ستند �إىل الركون �إىل القوة لهزمية الثورة ال�سورية، وتاليا حتقيق انت�صار على القوى امل�ؤيدة للثورة �إقليميا ودوليا ،يح�صل ذلك يف الوقت الذي بد�أت القوى امل�ؤيدة تعلن انت�صارها احلا�سم يف امليدان ال�سوري ،فبعد الت�رصيحات الكثيفة للم�س�ؤلني الإيرانيني بهذا االجتاه، �أعلن زعيم حزب اهلل ح�سن ن�رص اهلل انت�صار مقاومته املزعومة يف �سورية ودعوته لل�سوريني الذهاب �إىل �صناديق االقرتاع وانتخاب ب�شار الأ�سد ،باعتبار ذلك اخليار الوحيد الذي بقي متاحا لهم بعد �أن هزمتهم �آلته الع�سكرية!. ثمة �أي�ضا م�ؤ�رشات قوية بد�أت ت�صدر عن العا�صمة الأمريكية عن انخراط �أمريكي جدي يف عملية التغيري تلك� ،صحيح �أنها لن ت�صل �إىل حد التدخل الع�سكري املبا�رش ،لكنها قد تكون قريبة من طريقة امل�شاركة يف عملية �إ�سقاط نظام القذايف ،حينما تولت �إدارة �أوباما القيادة من اخللف ،وي�أتي هذا التغيري لأ�سباب �أبعد من امل�س�ألة ال�سورية ،وتتعلق برتاجع القيادة الأمريكية يف العامل ،بعد �أن تعر�ضت �إدارة اوباما النتقادات الذعة من النخب الأمريكية ،الأمر الذي جعل الأطراف الدولية الأخرى ،وخا�صة رو�سيا وال�صني و�إيران ،ت�سعى اىل تغيري قواعد اللعبة الدولية مبا ي�رض امل�صالح الأمريكية بدرجة كبرية ويف �أكرث من منطقة حيوية ويعر�ض النظام الدويل برمته �إىل خماطر جمة ،وهذا ما كان قد ح ّذر منه حلفاء وا�شنطن الدوليني والإقليميني مرارا. يف التطورات �أي�ضا ،ثمة ت�رسيبات ت�ؤكد نية التحالف
الغربي تزخيم ق�ضية املحكمة اجلنائية �ضد جمرمي احلرب يف �سورية ،وذلك عرب نقل امللف �إىل اجلمعية العامة وطرحه على الت�صويت يف ظل وجود �أغلبية �ضامنة لتمرير القرار ،وثمة نية يف هذا املجال �إىل جعل املحاكمة جتري يف الأردن ،باعتبار قوانينها ت�سمح بهذا النوع من املحاكمات على �أرا�ضيها� ،إ�ضافة اىل كونها دولة ع�ضو يف املحكمة اجلنائية الدولية. ال �شك �أن جملة هذه التحركات يقابلها حترك مواز يقوم به احللف الداعم لب�شار الأ�سد ،وعدا عن جهوده وم�ساعيه يف ال�سيطرة امليدانية وحماولة فر�ض �أمر واقع ،ي�ستعجل هذا احللف �إجراء االنتخابات الرئا�سية ومتريرها من �أجل تثقيل �أوراقه التفاو�ضية ،حيث مل يبق ملو�سكو وطهران �سوى التذرع ب�رشعية النظام َ وقانونيته ،وبالتايل الإ�رصار على عدم خمالفة القوانني الدولية التي ت�ؤكد على عدم جواز تغيري الأنظمة بالقوة. غري �أن الوقائع ت�شري �إىل و�صول حلفاء الأ�سد �إىل درجة عالية من الإنهاك واال�ستنزاف بعد انخراطهم على مدار ثالث �سنوات بتقدمي كل �أنواع الدعم حلليفهما املنهار، وبالتايل ف�إن مرحلة ما بعد االنتخابات �ستكون غري ما بعدها ،و�أن مو�سكو وطهران اللتني ت�شتبكان مع املجتمع الدويل ب�أكرث من ملف وق�ضية باتتا ت�ستعجالن التفاو�ض للتخل�ص من �أعباء بع�ض امللفات التي تثقل حتركهما باجتاه حلحلة �أو�ضاعهما مع البيئة الدولية ،والو�صول اىل ت�سويات وترتيبات معينة حتفظ م�صاحلهما الأ�سا�سية ،وال �شك �أن الغرب بات على دراية كافية بحقيقة موقف البلدين وظروفهما ،وال�شك �أن التحرك اجلديد باجتاه ال�ساحة ال�سورية يهدف بدرجة كبرية �إىل �إ�ضعاف مواقفهما بدرجة �أكرب ،وخف�ض �سقف توقعاتهما يف التفاو�ض على امللفات الأخرى، ذلك �أنه �إذا كانت �إيران ورو�سيا قد ا�ستنزفتا جهودهما وطاقاتهما عرب انخراطهما املبكر يف احلرب على ال�سوريني ،ف�إن الغرب بد�أ للتو يت�أهب لدخول احللبة ،وال تزال طاقته ب�أوجها.
05
فكر
العدد ( 2014/06/1 )142م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ً ممار�سة وفكراً �إخفاق املارك�سية العربية حكم عاقل
منذ بداية الت�سعينيات من القرن املا�ضي� ،أ�صبح و�صول الإ�سالمويني للحكم �أمراً م�ألوف ًا يف امل�شهد العربي ،فقد ا�ستند ه�ؤالء �إىل ر�صيدهم اجلماهريي حل�صد نتائج االنتخابات ب�أ�شكالها املختلفة ،من بلدية وجلان حملية ونيابية .ومل يكن ذلك ممكنا لوال الفراغ ال�سيا�سو�سيولوجي نتيجة انح�سار املد الي�ساري العربي ،وا�ستئثار التيار القومي بال�سلطة لعقود دون حتقيق نه�ضة "الأمة" �أو وحدتها. ترافق انح�سار املد الي�ساري املارك�سي مع انهيار االحتاد ال�سوفييتي واملنظومة ال�شيوعية العاملية، وكان ذلك مبثابة �إعالن الرتاجع �أمام الأطروحتني الدينية ،والليربالية اجلديدة �سواء تلك الوافدة من اخلارج والتي تعلن نهاية التاريخ بانت�صارها النهائي� ،أو تلك الن�سخة العربية منها ب�شكلها امل�شوه. لعبت جملة عوامل ذاتية ومو�ضوعية يف تراجع الي�سار املارك�سي العربي .مو�ضوعي ًا� ،أفقد انهيار املنظومة ال�شيوعية الأحزاب واحلركات ال�شيوعية قدراً كبرياً من الدعم املعنوي واملادي ترافق مع تزايد القمع الذي مار�سته ال�سلطة ال�سيا�سية على الي�سار ب�سبب توجهاته الراديكالية ،على الأقل كما تقوله �أدبيات وكتيبات هذه احلركات والأحزاب، لكن هذه العوامل املو�ضوعية مل تكن احلا�سمة مقارنة بالعوامل الذاتية .فقد جاء انهيار هذه الأحزاب نتيجة لرتاكمات قد بد�أت قبل �سقوط االحتاد ال�سوفيتي ،لكنها و�صلت مع �سقوطه �إىل النقطة احلرجة� ،إذ طاملا �أخفقت �أحزاب الي�سار العربي التي ت�صف نف�سها باملارك�سية فكراً وممار�سة وبنية تنظيمية و�أهداف ًا. مل تكن املارك�سية على يد املارك�سيني العرب فل�سفة مفتوحة تتم�سك بالعقالنية يف مواجهة امل�سلمات اجلامدة والوثوقية العمياء ،ومل تكن م�ستعدة دوما للتفكري و�إعادة التفكري من جديد حني تثبت اخلربة
والتجربة زيف وعقم امل�سلمات القدمية .فتحولت �إىل ما ي�شبه الدوغمائية املدعمة Reinforced .Dogmatismو�إذا كان مارك�س قد �أعلن يوم ًا �أنه �إذا كانت املارك�سية مذهبا فهو لي�س مبارك�سي، ف�إن املنطق الأ�صويل الذي حكم البنية الذهنية للمارك�سية العربية يذهب �إىل �أبعد من ذلك يف كل مرة تظهر فيها بوادر الف�شل وحتني فيها حلظة املواجهة مع الذات .فانطلقت كل عمليات املراجعة الفكرية والتنظريية من منطلق (مل يكن اخلط�أ يف النظرية بل اخلط�أ يف التطبيق) مما �أ�صاب عملية املراجعة ذاتها بالعقم والإخ�صاء. افتقدت هذه الأحزاب لعملية الإعداد والتثقيف احلزبي احلقيقية ،فكثري من الكوادر والقيادات كون مارك�سيته من خالل ال�رشوحات والتلخي�صات ّ للكتب الأمهات �أو لكبار املارك�سيني املعا�رصين. وكان من الطبيعي �أن تعجز ثقافة كهذه �أن تتجاوز ذاتها بالنقد والتربير ،وميكن القول �إن نقد املارك�سية جاء حمدوداً و�ضح ًال بقدر حمدودية و�ضحالة الوعي باملارك�سية. ميكن �أن منيز يف املارك�سية جانبني :الأول ،جانب و�ضعي يدر�س الواقع وي�صف ويف�رس ما هو واقع فيك�شف القوانني مطلق ًا �أحكام وجود ،و الثاين: قيمي معياري يقرتح ما ينبغي �أن يكون يف �ضوء مثل �أعلى م�صدراً �أحكام قيمة .تبدى اجلانب الأول يف ك�شف مارك�س للت�شكيالت االجتماعية االقت�صادية التي ظهرت عرب التاريخ وقوانينها الناظمة ،ال�سيما النظام الر�أ�سمايل كما ت�شكل حتى ع�رص مارك�س ومكامن قوته و�ضعفه و�أزماته والقوانني واملقوالت التي حكمته كفائ�ض القيمة وتراكم ر�أ�س املال وغريها ،وذلك باالعتماد على الديالكتيك كمنهج .بينما متثل الثاين بالت�صورات التي اقرتحها مارك�س للحل من �أجل الو�صول �إىل جمتمع ال طبقي تتحقق فيه العدالة وي�ستعيد فيه
الإن�سان �إن�سانيته� ،إنه املجتمع املثال �أو ما ينبغي �أن يكون .لكن الديالكتيك على يد املارك�سية العربية حتول �إىل نتائج جاهزة ،فتجاهلت �رضورة �إخ�ضاع جمتمعاتها لهذا املنهج لت�صل �إىل نتائج حمددة. وفيما يتعلق باجلانب الثاين اكتفت املارك�سية العربية بتبني ما يجب �أن يكون مارك�سيا(ن�سبة اىل مارك�س نف�سه) ،ون�سيت �أو تنا�ست �أن املارك�سية كمعرفة حمكومة كغريها من �أ�شكال املعرفة يف تطورها ون�سبيتها بالديالكتيك� ،إذ يربز الديالكتيك هنا بو�صفه منهجا للتجاوز الدائم وامل�ستمر. �أما غياب الدميقراطية فكرا وممار�سة فقد لعب دورا هاما يف عدم قدرة هذه الأحزاب على التطور والتطوير .فلم ي�ستطع احلزب املارك�سي �أن يتطور ح�سب قرارات �أع�ضائه� ،إذ ا�ستبدلت املركزية الدميقراطية بالدميقراطية املركزية ،وابتعدت القيادات احلزبية عن القواعد احلزبية بقدر ابتعاد الأخرية عن اجلماهري الب�سيطة التي كان من ال�صعب عليها �أن ته�ضم املقوالت املارك�سية وممار�سات الكوادر احلزبية التي كانت بالن�سبة للجموع الغفرية من الفقراء واملعدمني ع�صية على الفهم واال�ستيعاب .فلم تتعامل املارك�سية مع التدين كظاهرة اجتماعية يكون حلها من خالل عملية التحول االجتماعي االقت�صادي فكانت املمار�سات امل�ضادة للتدين ال�شعبي �أ�شبه با�ستفزاز غري مدرو�س ،فبدا الي�سار املارك�سي �أبعد �أن يالم�س ب�شكل حقيقي هموم النا�س املعي�شية بالرغم من ال�شعارات الكثرية واليافطات العري�ضة التي رفعها. فعجز عن الربط بني الن�ضال الوطني والتحرري والن�ضال من �أجل الدميقراطية .هنا يلتقي الي�سار املارك�سي مع الإ�سالموية يف حلظاتها الأكرث ت�شددا يف رف�ض الدميقراطية بو�صفها ب�ضاعة غربية. الزالت هذه الأحزاب تعاين من حالة الت�شتت واالرتخاء التنظيمي واحلزبي وعدم الو�ضوح الفكري وال�سيا�سي وتغليب امل�صالح ال�شخ�صية والعالقات الفئوية على املمار�سات احلزبية التنظيمية ،بل ال تزال تتحكم بها �سيا�سة الفرد ليتحول احلزب اىل مزرعة متوارثة تلعب فيه الكوادر �أدوار املوظفني. وال �أدل على حالة التبعية واجلمود العقائدي والفكري للمارك�سيني العرب من موقفهم جتاه ما بات يعرف بـ «الربيع العربي» ،فهم يف الوقت الذي ينظرون �إليه بعني الريبة واحلذر بو�صفه م�ؤامرة �إمربيالية على �أوطانهم وجمتمعاتهم، غري قادرين �أن ي�أخذوا امل�سافة الكافية �أخالقيا على الأقل من ممار�سات الأنظمة احلاكمة يف حق احلراك اجلماهريي .ناهيك عن �أن تلك امل�ؤامرة التي ن�سجت تلك الأحزاب نف�سها من خالل دعوى مواجهتها منذ عهد ما قبل اال�ستقالل قد ف�شلت فيه حتى الآن .ويبقى ال�س�ؤال حول م�رشوعية ا�ستمرار تلك الأحزاب �س�ؤاال م�رشوعا بدوره ،ال�سيما يف ظل الف�شل التاريخي للمارك�سية العربية لأن تلعب دور النقي�ض االجتماعي واالقت�صادي والأيديولوجي وال�سيا�سي مل�شاريع الهيمنة الر�أ�سمالية على املنطقة ،وللم�شاريع الت�سلطية لأنظمة احلكم ال�شمولية ،بل حتى للم�شاريع الأكرث ظالمية للإ�سالم ال�سيا�سي.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ق�ضايا
العدد ( 2014/06/1 )142م
06
القدرات ال�صاروخية البال�ستية الإيرانية ...تهديدات �إقليمية خطرية مو�سى القالب*
توجهت �إيران �إىل �صناعة ال�صواريخ البال�ستية بعد هزميتها يف حربها مع العراق التي ا�ستمرت من 1980 – ،1988ال �سيما ب�سبب ق�صور و�ضعف قواتها اجلوية عن �شن �أية عمليات هجومية بوا�سطة الطائرات املقاتلة خارج نطاق احلدود الإيرانية. تعرف املو�سوعات العلمية الدفاعية ال�صاروخ البال�ستي مقذوف ُيطلق من قاعدة ثابتة �أو متحركة� ،سالك ًا ب�أنه " : ُ ممراً جوي ًا ثم ف�ضائياً ،وبعد ذلك ي�سري ب�شكل �شبه مداري حول الأر�ض ،بهدف حمل و�إ�سقاط ر�أ�س �أو جمموعة ر�ؤو�س حربية تدمريية ،على �أهداف �أر�ضية حمددة �سلف ًا على الرب �أو يف البحر ،بق�صد تدمريها ". ما زالت عمليات التطوير والتجارب التي �أجرتها �إيران على منظومة �صواريخها البال�ستية منذ عام ،1998 تثري جد ًال وا�سع ًا لدى �أو�ساط اخلرباء اال�سرتاتيجيني، ال �سيما بعد �إطالق نوعني من ال�صواريخ هما "�شهاب – "4و" قادر" مبدى ي�صل �إىل �ألفي كيلومرتاً ،وذلك يف فرباير�/شباط �، 2014إ ْذ كانت تلك التجربة الأكرث �إثار ًة لالهتمام ،لي�س ب�سبب نوع ومدى تلك ال�صواريخ فح�سب، ولكن �أي�ض ًا ب�سبب م�س�ألة امللف النووي الإيراين التي مل يتم الإعالن عن االتفاق النهائي حولها من قبل �إيران واملجموعة الدولية 1 5+حتى الآن. تكمن �أهمية ال�صواريخ البال�ستية ب�صورة عامة يف خطورتها ،كونها و�سائل �إي�صال حربية قادرة على حمل ر�ؤو�س تقليدية؛ وغري تقليدية ك�أ�سلحة الدمار ال�شامل، النووية والكيماوية واجلرثومية .هذا من جهة ،ومن اجلهة الأخرى �صعوبة اكت�شافها ومتابعتها وتدمريها خالل مراحل انطالقها نحو �أهدافها ،ب�سبب خروجها ال�رسيع من الغالف اجلوي ونطاق اجلاذبية الأر�ضية �إىل الف�ضاء اخلارجي خالل دقائق معدودة .ثم عودة ر�ؤو�سها احلربية �إىل الغالف اجلوي من جديد ل�رضب �أهدافها الأر�ضية ب�رسعات هائلة خالل دقيقة واحدة �أو �أكرث بقليل ،حيث ال ي�سمح هذا الوقت الق�صري جداً للو�سائل الدفاعية املُ�ضادة لل�صواريخ البال�ستية باكت�شافها وتدمريها يف املكان والزمان املنا�سبني. ُت�ش ِكل ال�صواريخ البال�ستية الإيرانية تهديداً كبرياً للقوات امل�سلحة والتجمعات ال�سكانية واملراكز اال�سرتاتيجية
احليوية يف منطقة ال�رشق الأو�سط عموم ًا ويف دول اخلليج على وجه اخل�صو�ص .لقد ن َّفذت �إيران عدة اختبارات وجتارب �إطالق على عدة �أنواع من ال�صواريخ البال�ستية التي تعمل بالوقود ال�سائل والوقود ال�صلب والقادرة على �رضب �أهداف حيوية يف منطقة ال�رشق الأو�سط. ت�ستفيد �إيران يف جمال ت�صنيع ال�صواريخ وتطويرها من خربات تعتمد على تقنيات �صناعية خارجية غري موثوقة من حيث �رشوط الأمان وال�سالمة ،خ�صو�ص ًا من دول مثل رو�سيا وال�صني وكوريا ال�شمالية وال�سوق ال�سوداء الدولية عن طريق التهريب. يف هذا ال�سياق� ،أثار �إعالن �إيران عن �صاروخ "عا�شوراء" امل�س�ؤولني يف وزارة الدفاع الأمريكية ،حيث عربوا عن تخوفهم من امتالك �إيران �صاروخا بال�ستي ًا �ضمن تر�سانة ال�سالح غري التقليدي ي�صل مداه �إىل � 2000أو 2500كلم، ويكون ب�إمكانه حمل ر�أ�س نووي متفجر يف امل�ستقبل بعد �إجراء بع�ض التعديالت الفنية عليه. تعمل �إيران على تنويع مديات ال�صواريخ البال�ستية ،حيث ت�ستخدم ال�صواريخ ق�صرية املدى بهدف �رضب �أهداف ع�سكرية ميدانية بحرية وبرية قريبة من ال�سواحل الغربية الإيرانية مثل( �شهاب� ،-1شهاب ، -2فاحت ،زلزال -2 و– )3التي يرتاوح مداها من 750 – 200كيلومرتاً. يف حني ت�ستخدم �إيران ال�صواريخ متو�سطة املدى من 3000-1000كيلومرتاً ل�رضب �أهداف ا�سرتاتيجية �أكرث بعداً �ضمن دائرة منطقة اخلليج وال�رشق الأو�سط ،مثل( �شهاب � ،-2شهاب – 3وفجر� .) -3أما ال�صواريخ و�سيطة املدى فيرتاوح مداها من 5500-3300كيلومرتاً ،مثل �صاروخ قادر.-110 ما زالت �إيران ت�سعى لتطوير ال�صواريخ طويلة املدى (العابرة للقارات) مثل �شهاب – 4و ،5 -وذلك من �أجل متكينها من �رضب �أهداف على بعد 5000كيلومرتاً .حيث ذكرت م�صادر ر�سمية �أمريكية تابعة لإدارة ال�صواريخ العابرة للقارات ،ICBMب�أن �إيران على و�شك �أن تكون قادرة على �إنتاج �صواريخ عابرة للقارات مبدى ي�صل �إىل 3000ميل ،وذلك بحدود عام .2015 ت�شكل القدرات ال�صاروخية البال�ستية الإيرانية تهديدات �إقليمية خطرية ،للأ�سباب التالية:
� . 1أعدادها الكبرية وعدم دقتها ،حيث معيار الكم يتفوق على معيار الكيف ،ما ي�ؤدي �إىل �رضب جتمعات �سكنية وايقاع خ�سائر ب�رشية كبرية يف �صفوف املدنيني ،عن طريق اخلط�أ. . 2التدمري الع�شوائي ال�سافر للمجمعات النفطية وحمطات حتلية املياه والت�سبب بخ�سائر اقت�صادية باهظة ،نتيج ًة لتدين م�ستوى التقنيات ال�صناعية لل�صواريخ البال�ستية، ال �سيما تلك امل�صنعة حملي ًا يف �إيران يف ظل احل�صار ونق�ص قطع الغيار الالزمة لل�صيانة والتحديث. . 3املبالغة يف اال�ستخدام غري املتوازن لل�صواريخ ،ب�سبب �إ�سناد مهمة ال�سيطرة عليها للحر�س الثوري " البا�سدران" املت�شدد لأ�سباب �أيديولوجية وقومية يف غياب التزامه بتقنيات وتكتيكات احلرب العادلة واالقت�صاد باجلهد، خ�صو�ص ًا ما يتعلق ب�سالمة املدنيني وحقوق الإن�سان، والذي ن�ص عليها بكل �رصاحة وو�ضوح القانون الدويل الإن�ساين ،وكذلك املواثيق والأعراف الدولية. � . 4صعوبة العمليات الدفاعية �ضد ال�صواريخ البال�ستية، من قبل منظومات الدفاع ال�صاروخي ب�سبب قرب امل�سافة اجلغرافية ،وقلة الوقت املتاح للإنذار املبكر وامل�شاغلة والرماية. . 5احتمالية تعبئة ر�ؤو�سها احلربية بغازات �سامة ومواد كيمائية �أو بيولوجية �أو �إ�شعاعية ،ما يحولها من �سالح تقليدي حمدود اخل�سائر �إىل �سالح دمار �شامل ،قادر على �إفناء الب�رش وتدمري البيئة والرثوات وتلويث الهواء واملياة والرتبة. لعل خري مثال على ذلك ما يجري حالي ًا من تدمري ع�شوائي ال م�س�ؤول للمدن واملناطق ال�سكنية واملدنيني يف �سوريا بوا�سطة الرباميل املتفجرة و�صواريخ �سكود والغازات ال�سامة ،من قبل قوات النظام ال�سوري ،مب�شاركة و�إ�رشاف البا�سدران الإيراين نف�سه. من هذا املنطلق ال بد من الأخذ بعني االعتبار �إدراج م�س�ألة حتديد وحتجيم القدرات ال�صاروخية البال�ستية الإيرانية� ،ضمن حمادثات امللف النووي ،حيث ت�شكل هذه ال�صواريخ تهديدات �إقليمية ال ح�رص لها. *عميد متقاعد ،باحث ا�ست�شاري يف مركز ال�رشق للبحوث – دبي.
07عربي ليبيا «الفو�ضى» :حتدي غياب ال�شرعية واحلرب على الإرهاب العدد ( 2014/06/1 )142م
�إىل �أين تتجه ليبيا؟ امل�ؤ�رشات الوا�ضحة اليوم تخرب مبزيد من االقتتال الداخلي ،ومواجهة بع�سكرية بني قوات حفرت والقوات الإ�سالمية ،وال�صيف الليبي �سيكون �صيف ًا خارق ًا بكل معنى الكلمة ،فما يجري يف ليبيا لي�س فقط تطوراً طبيعي ًا مل�شهد االنق�سام الداخلي والفو�ضى التي تعم البالد ،و�إمنا يت�ضمن عوامل �إقليمية ودولية عديدة ،وهو بهذا املعنى لي�س �ش�أن ًا وطني ًا داخلي ًا ،و�إمنا م�س�ألة حتديات على م�ستوى �أبعد. م�ساء الثالثاء املا�ضي �أذاع حممد الزهاوي امل�س�ؤول العام لتنظيم "�أن�صار ال�رشيعة" من بنغازي (�رشق ليبيا) بيان ًا هه فيه بتدخالت الواليات املتحدة الأمريكية يف حال حاولت التدخل يف الأزمة الليبية، واتهم الزهاوي �أمريكا بدعم اللواء املتقاعد خليفة حفرت يف حربه "�ضد الت�شدد" يف ليبيا. و �أفاد ثوار �سابقون �أن طائرة حربية ليبية تابعة لقوات حفرت ق�صفت يوم االثنني (قبل يوم من البيان)، مقر كتيبة �شهداء " 17فرباير" الإ�سالمية يف منطقة القوار�شة الواقعة عند املدخل الغربي ملدينة بنغازي من دون ت�سجيل �سقوط قتلى. وقال الناطق با�سم غرفة ثوار ليبيا �أحمد اجلازوي �إن "مقاتلة ق�صفت مع�سكر كتيبة �شهداء ال�سابع ع�رش من فرباير ب�صاروخني" .و�أ�ضاف �أن "الق�صف مل يخلف �ضحايا يف �صفوف الثوار فيما تعامل ه�ؤالء بامل�ضادات الأر�ضية معها حتى غادرت حميط املنطقة". وكان الزهاوي �رصح ب�أن "�إ�رصارهم (حفرت والأمريكيني) على هذه احلرب القذرة� ،سيفتح اجلحيم عليه وعلى املنطقة برمتها ،ف�إن �أهل التوحيد يف املنطقة بل ويف العامل ب�أ�رسه لن يخذلوا �أبداً �أهل نذكر �أمريكا بهزائمها النكراء التوحيد يف ليبيا ،كما ّ يف العراق و�أفغان�ستان وال�صومال" .و�أكد البيان نبذ التوجه نحو �إقامة نظام دميوقراطي يف ليبيا ،م�شرياً �إىل �أنه "كنا وا�ضحني منذ البداية بالتزام حتكيم ال�رشيعة ،ال �إقامة الدميوقراطية ،دين الغرب الكافر".
ليبيا التي �سقط فيها حكم العقيد القذايف بعد 42 عام ًا ،تبدو اليوم �ساحة قتال مفتوحة بني �أن�صار الدميقراطية و�أن�صار تطبيق ال�رشيعة ،و�إذا كانت الواليات املتحدة والأوروبيني قد �ساعدوا يف �إ�سقاط نظام القذايف �إال �أن القوى التي قادت املعارك على الأر�ض ت�ضمنت الكثري من الف�صائل والكتائب الإ�سالمية املت�شددة ،وكانت قد تلقت الدعم من جهات �إقليمية معينة ،كما �أن اللواء حفرت الذي يقود اليوم احلملة �ضد هذه القوى يلقى دعم ًا من جهات �إقليمية، ويدخل �أمن م�رص امل�ستقبلي �ضمن املعادلة الليبية، �إذ �أن تنامي قوة الإ�سالميني املت�شددين يف ليبيا �سوف يكون له انعكا�سات مماثلة على الإ�سالميني املت�شددين يف م�رص ،وقد بات معروف ًا �أن مت�شددي ليبيا باتوا اليوم من �أهم م�صدري ال�سالح �إىل جهات مت�شددة يف �آ�سيا و�أفريقيا. وتتهم الواليات املتحدة الزهاوي بتنفيذ الهجوم على قن�صليتها يف بنغازي يف � 11أيلول (�سبتمرب) 2012 الذي ُقتل خالله ال�سفري الأمريكي كري�ستوفر �ستيفنز و 3من �أع�ضاء ال�سفارة. وجاء بيان الزهاوي بعد �ساعات على قرار وا�شنطن �إر�سال بارجة هجومية برمائية ،على متنها �ألف جندي من م�شاة البحرية (مارينز) قبالة ال�سواحل الليبية� ،إ�ضاف ًة �إىل عدد من املروحيات التي قد �ستعمل يف �إجالء الديبلوما�سيني ،علم ًا �أن للواليات ُت َ املتحدة 250جندي ًا و 7طائرات "�أو�سرباي" و3 طائرات متوين يف قاعدة "�سيغونيال" يف جزيرة �صقلية الإيطالية ،للم�ساعدة يف �إجالء حمتمل لطاقم ال�سفارة الأمريكية يف طرابل�س التي يديرها القائم بالأعمال وليام روباك بعد �سفر ال�سفرية الأمريكية لدى ليبيا ديبورا جونز �إىل وا�شنطن. ون�صحت وزارة اخلارجية الأمريكية يوم الأربعاء املا�ضي ،مواطنيها بعدم ال�سفر �إىل ليبيا ،داعي ًة رعاياها هناك �إىل مغادرة البالد "فوراً" .ويبدو �أن بيان الزهاوي قد �أرعب �سيا�سيني ليبني كرث، واعتربوا البيان مبثابة "بداية حرب �إرهابية" ،وهو
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ما يعني �أن ليبيا �ست�شهد ا�صطفافات على قاعدة حماربة الإرهاب. ويف بنغازي ودرنة فم�سل�سل االغتياالت ما زال م�ســـــتمراً� ،إذ اغتيل �ضابط �سابق يف جهاز الأمن الداخلي خالل عهد معمر القذايف يف بنغازي يوم الأربعاء املا�ضي ،كما وجد ر�أ�س طالب جامعي مف�صو ًال عن جثته يف كي�س قمامة �أمام م�سجد ال�صحابة يف درنة. ع فقد ال�رشعية، على نزاع حالة ودخلت ليبيا يف ينّ �أع�ضاء يف امل�ؤمتر الوطني العام (الربملان) رجل الأعمال �أحمد معيتيق قبل ثالثة �أ�سابيع كثالث رئي�س للوزراء يف �شهرين بعد اقرتاع �سادته الفو�ضى، وذلك بدعم من الإ�سالميني وامل�ستقلني يف الربملان املنق�سم. لكن القائم ب�أعمال رئي�س احلكومة الليبية عبد اهلل الثني رف�ض يوم الأربعاء املا�ضي ت�سليم ال�سلطة ب�سبب �شكوك ب�ش�أن �رشعية انتخاب معيتيق الذي عينه برملان يرى فيه كثري من الليبيني �سبب بطء تقدمهم الدميقراطي. وقال م�س�ؤولون وم�ست�شارون �إن رئي�سي الوزراء ينتظران قرارات �أخرى من امل�ؤمتر الوطني العام �أو حكما للمحكمة العليا ب�ش�أن االنتخابات ،فيما قامت جلنة خا�صة بالو�ساطة بني الطرفني يوم اخلمي�س. ومل يتبق لليبيا �سوى القليل من م�ؤ�س�سات الدولة التي تتمتع بال�رشعية ،مع غياب جي�ش وطني قادر على فر�ض �شكل ما من �أ�شكال اال�ستقرار. لكن الوقت ق�صري بالنظر �إىل التوتر يف طرابل�س وخطر ال�رصاع امل�سلح يف بنغازي بينما ال تزال امليزانية يف انتظار موافقة الربملان واحلكومة. وقال دبلوما�سي غربي "هناك خطورة يف ذلك ..من �سيوقع ال�شيكات؟ من �سيدير البالد؟ و�صلنا �إىل هذه النقطة الآن ".و�أ�ضاف "يلوح خطر حدوث ت�شو�ش حقيقي ب�ش�أن من يتوىل امل�س�ؤولية". وهناك احتمال وا�ضح حلدوث فو�ضى �إذا انهارت املفاو�ضات حول الربملان ومن�صب رئي�س الوزراء.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأخرية
العدد ( 2014/06/1 )142م
08
املحنة و�ضرورة مواجهة الذات ال�سورية د .عبداهلل تركماين
�إذ مينح التاريخ للأمم حلظات حا�سمة من حياتها حتى تقف �أمام احلقائق العارية ال�ستخال�ص الدرو�س الكربى ملوا�صلة البقاء ،ف�إننا �أمام حلظة فا�صلة يتحتم فيها على ال�سوريني �أن يح�سنوا ا�ست�رشاف ما هو متوقع وحمتمل ،بعيداً عن التم ّني والرجاء ،وبعيداً عن اال�ستغراق يف الأوهام� ،سواء من جانب الذين ينتظرون «املعجزة» التي �سي�صنعها اجلي�ش احلر� ،أو من جانب الذين ي�أملون «انت�صار» �سلطة �آل الأ�سد على ال�شعب ال�سوري. ّ � إن ما جرى يف �سورية م�آل لعقود من االنحطاط والعي�ش الق�رسي و�سط القمع املمنهج و�أقبيته� ،إنه نهاية رهانات �أخرية جليلٍ من �أتباع خطابات �شعبوية مل تنجز النه�ضة املن�شودة عرب النموذج الع�سكريتاري االنقالبي ،وما رافقه من جرائم بحق املجتمع وع�سكرة و�سجون وقد�سية فرد وتركيب ع�صبيات جهوية وترييف حوا�رض ،وحتويل الف�ساد والكذب مدماكني لبناء الوالء وتكوين القاعدة «اجلماهريية» وجتيي�شها. �إننا نعي�ش ،منذ احلراك االجتماعي يف �آذار ،2011 زلزال حلظة يف انهيار تاريخي �شامل ،ال بد من درا�سته بروية ونظرة نقدية وا�ستخال�ص درو�سه وعربه .فبعد النكبة ال�سورية بات وا�ضح ًا و�رضوري ًا حاجتنا �إىل مواجهة الذات مب�صداقية وعقالنية، من �أجل جتاوز ال�سلبيات التي تنت�رش يف بنياننا ال�سيا�سي واالقت�صادي واالجتماعي والثقايف، والعمل بكل جهد خمل�ص لإ�صالحها مبا يحقق ال�صالح ال�سوري العام ،وحتى ميكن التعاطي املجدي مع املخاطر التي تتعر�ض لها �سورية اليو م وما قد ينتج عنها من تداعيات، ف�ض ًال عن ال�رضورة احلتمية التي تفر�ضها علينا التحديات العاملية التي �أ�صبح الهروب منها �أو ت�أجيلها هو امل�ستحيل بعينه .فمنذ خم�سينيات القرن الع�رشين ن�ستعيد اخلطابات نف�سها ،و�أنواع ال�سلوك نف�سها ،ونعجز عن بلورة وعي حقيقي� ،أو عن القيام بنقد ذاتي ي�ساعد على تطوير بذور وعي نقدي للواقع ومتطلبات تقدمه. حتمل امل�س�ؤولية و�إلقائها على الغري، �إننا نتهرب من ّ ونتحدث عن امل�ؤامرات التي تدبر من اخلارج لتغطية نقر بالهزمية لكي العجز عن التدبري يف الداخل ،وال ُّ
نتعلم من الأخطاء ون�ستفيد من التجارب وال�شواهد .هذا د�أبنا يف م�ساعينا ال�سورية :نت�سرت على الآفات التي هي �أ�صل امل�شكلة ،نرجئ فتح امللفات التي حتتاج �إىل الدر�س والنقد. النظام اال�ستبدادي الذي �أ ّله الفرد احلاكم ،وامتهن كرامة ال�شعب و�أذ ّله و�أرعبه بالقمع الوح�شي ،و�أ�شاع الف�ساد، وا�ضطهد الأحرار ،و�أعطى دوم ًا القدوة ال�سيئة يف الكذب وفرط يف ا�ستقاللية والتزوير والتع�صب واملحاباةّ ، القرار الوطني .هذا النظام الفا�سد هو الذي �أهدر قوانا يف �رصاع داخلي راحت �ضحيته مئات الآالف من خرية و�سجنوا �أو ُقتلوا �أو نزحوا عن املواطنني الذين ُع ّذبوا ُ ديارهم �أو �أُجربوا على الهجرة واللجوء. ومتثل مظاهر املحنة جوهر اهتمامات نا�شطي ال�ش�أن العام يف �سورية ،ومن �أهمهاّ � :إن تعرث بناء الدولة احلديثة هو جوهر الق�ضية ،منه بد�أت م�آ�سينا ،وعنه انطلقت م�شاكلنا ،وارتبطت به نكباتنا وهزائمنا ،بل كوارثنا .وعليه ف� ّإن طموحات ال�شعب ال�سوري للحرية والكرامة تعني بال�رضورة ك�سب املعركة �ضد الت�أخر ال�سيا�سي بكل �أ�شكاله ،ذلك � ّأن الإرادة ال�سيا�سية لبناء دولة احلق والقانون هي «املتغيرّ امل�ستقل « الذي يقود املتغيات التابعة يف جوانب وراءه جمموعة كبرية من رّ احلياة كافة .كذلك ف� ّإن الت�أخر ال�سيا�سي يرتبط غالب ًا بالفقر الفكري واال�ضمحالل الثقايف وتدنيّ م�ستوى املعي�شة وغياب العدالة يف املجتمع ،كما يرتبط �أي�ض ًا ب�ضعف الأداء الإداري ونق�ص اخلدمات وق�صور امل�شاركة ال�سيا�سية وغياب الدميوقراطية احلقيقية. نحن �أ�ضعفنا �أنف�سنا ب�أنف�سنا ،فاملجتمع املدين يف �سورية ممزق ،واملجتمع ال�سيا�سي تافه وعاجز عن ال�صمود يف وجه تطاول ال�سلطات� ،إذ �أ�صبح من املمكن �رشاء بع�ض ال�سيا�سيني �أو املثقفني الكبار ب�أرخ�ص الوظائف �أو �أرخ�ص الأموال ،و�أ�صبح من املمكن لل�سلطــــات «تركيع» بع�ض اجلماعات طوال �أربعني �سنة دون �أن متد فئات املجتمع الأخرى يد امل�ساعدة ولو ملجرد االحتجاج ،و�أ�صبح من املعتاد ل�سلطة �آل الأ�سد اليوم �أن تقوم بعملية خرق كامل لكل القوانني با�ستخدامها الكيماوي والرباميل املتفجرة.
معوقات تقدمنا، وهو الفرق ثم فلننظر �إىل واحد من ّ بني الكلمة ومعناها، بخالف الو�ضوح والتطابق بني املعنى املق�صود منها يف الدول املتقدمة ،وهو ال�رشط الأ�سا�سي لعدم الت�رشذم يف احلركة االجتماعية امل�ساندة لتحقيق �أي هدف عام، وهو احلبل الذي يربط املجموع ببع�ضه، فحني يقع الت�ضارب بني الكلمة املنطوقة وحمتواها الفعلي يحدث الت�شو�ش، والتفكك، والتقاع�س، والالمباالة، وعدم اجلدية ،و�ضياع االلتزام. كلما تابعنا نزيف الدم ال�سوري ت�أكد لنا �أكرث من �أي وقت م�ضى � ّأن هناك طريق ًا واحداً و�سبي ًال وا�ضحاً ،وهو القيام بعملية مراجعة �شاملة جلوانب حياتنا ومواجهة �شجاعة مع م�شاكلنا وم�صارحة �أمينة ل�شعبنا الذي ال يقتات بال�شعارات وال يعي�ش بالأحالم وال تقوده الأوهام� ،إذ ال بد من وعي �صادق ومكا�شفة كاملة تطفو فيها احلقائق على ال�سطح ،وتختفي منها االزدواجية التي نعي�ش فيها. الرهان هو �أن نتغيرّ يف �ضوء املتغيرّ ات ،فكراً وعم ًال، ر�ؤي ًة ومنهجاً� ،سيا�س ًة وا�سرتاتيجيةً ،بحيث نتغيرّ به نحول الواقع .وذلك يتوقف على عما نحن عليه ،لكي ّ امل�صادرة و�رصف طاقاتنا قدرتنا على ت�شغيل عقولنا َ امل�شلولة وا�ستغالل مواردنا املنهوبة ب�صورة مثمرة، فعالة وراهنة ،مبا نخلقه من الوقائع �أو نحققه من ّ الإجنازات �أو نحدثه من التحوالت يف غري جمال من جماالت احلياة. ورمبا يكون ال�س�ؤال ال�صعب الذي يواجهنا اليوم هو: كيف نعيد املعنى �إىل ق�ضايانا ونبني حداثتنا ونثبت الأمل بدل الي�أ�س ،و�أن نبد�أ التفكري ب�أقل ما ميكن من االنفعال و�أكرث ما ميكن من العقل لتحديد معامل م�رشوع اجلمهورية ال�سورية الثالثة ؟ التقدم له طريق واحد، يبد�أ من نقطة االتفاق على هدف، و�أن تكون للهدف فل�سفة ُيبنى عليه ا، وما الذي نريد �أن ن�صل �إليه ونحققه ؟ وما هي �إمكاناتنا ومواطن قوتنا ؟ وما الذي ينق�صنا ؟ وكيف نعو�ضه ببدائل لدينا �أو لدى غرينا ؟ وذلك يف �إطار منظومة عمل لها مدى زمني، تراجع فيه خطوات التنفي ذ، ويراجع تقومي الأ�شخا�ص املكلفني بها.