مراتــــــب معـرفـــة
03
MOHARAM DAY
اهلل تعـالـــــــــــــــــى ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
مراتــــــب معـرفـــة اهلل تعـالــــــــــــــى وت�س��تمر جمال���س الأ�س��ى والتفج��ع يف مو�س��م عا�ش��وراء احل�س�ين لع��ام 1436ه�ـ لي�ص��ل قط��ار الت��زود املع��ريف والروح��ي م��ن مدر�س��ة الط��ف اخلال��دة ملحط��ة الليل��ة الثالث��ة� ،إذ ارتقى منرب م�أمت ال�سناب���س �سماحة ال�شيخ ح�سن العايل يف جمل�س ح�سيني م�ؤمل ركز احلديث فيه يف مو�ضوع قيم توجت نقاطه بعن��وان (مرات��ب معرفة اهلل تعاىل). 2
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
وبعد �أن افتتح �س��ماحته جمل�س��ه ب�أبيات نعي املقدمة ،د�ش��ن ال�ش��يخ ح�س��ن العايل مو�ضوعه بحديث َ هلل)) ،ثم بني �س��ماحته ب�أن ارتقاء االن�س��ان يف �ا � ب اهلل ((اع ِر ُف��وا ِ الإم��ام ال�ص��ادق (علي��ه ال�س�لام)ْ : م��دارج ال�س�ير وال�س��لوك هلل تع��اىل يحت��اج �س��لمني هم��ا �س��لم العل��م و�س��لم العم��ل ،حتى �أطل��ق عليهما العرف��اء بال�ـ (اجلناح�ين) يف عملي��ة التحلي��ق هلل تع��اىل� ،إال �أن �س��ماحته ب�ين ب��أن هذه الت�س��مية غري دقيق��ة ،كونه��ا جتع��ل االن�س��ان يعتق��د ب�أن العلم والعمل �س��واء يف القيمة يف عملي��ة ال�صعود هلل ،بينما احلقيقة هي �أنه ال يوجد ت�سا ٍو بينهما ،ولذلك عرب بع�ض العلماء عن العلم بالـ (الروح) وعن العمل بالـ (اجل�سد). 3
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ومن هذه املقدمة يتبني لنا دقة التفا�سري ال�شائعة يف �آية (�إليه ي�صعد الكلم الطيب والعمل ال�صالح يرفع��ه)) والت��ي تب�ين عل��و مرتب��ة العل��م عل��ى مرتب��ة العم��ل ،ب��ل �أن الكل��م الطي��ب (العل��م) ه��ي الت��ي ترف��ع (العم��ل ال�صال��ح) ،وهن��ا تتب�ين الأهمي��ة الق�صوى للعل��م ،ومما ال ريب فيه ب��أن �أبرز علم يجب على االن�سان تعلمه والتمعن فيه هو علم معرفة اهلل تعاىل ،وقد �أعطانا �أمري امل�ؤمنني القاعدة املثلى باخل�صو�ص حني �أفاد بقوله ال�شريف (اعرفوا اهلل باهلل) �أن اهلل تعاىل ال ُيعرف �أكرث ما ُيعرف �إال بنف�س��ه ،وهذه املقولة بالذات كتب عنها الكثري من العلماء� ،إال �أن البع�ض لديه ت�صورات خاطئة يف فهم هذه العبارة. 4
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ث��م �أورد الع��ايل معلوم��ة مفاده��ا ب�أن��ه م��ن �أب��رز ه��ذه الت�صورات اخلاطئ��ة ،جندها متمثل��ة ب�أنه يظن البع���ض ب��أن الطري��ق احل�ص��ري ملعرف��ة اهلل تعاىل هو معرفة اهلل بنف�س��ه ،بينما جند ب�أن الطرق �إىل اهلل بع��دد �أنفا���س اخلالئ��ق ،وه��ذا يت�ض��ح يف العدي��د م��ن مق��والت �أه��ل البي��ت والت��ي تب�ين ب��أن هناك طريقني رئي�س��يني ملعرفة اهلل تعاىل وهما :معرفة اهلل بنف�س��ه ،معرفة اهلل بخلقه ،وهذان الطريقان ال ي�سريان على نحو واحد ،فمعرفة اهلل بنف�سه تو�صل ملعرفة اهلل عن قرب ،بينما معرفة اهلل بخلقه ت�ش��به املعرفة من خالل املنظار� ،إذ �أن الكل (اهلل) ال ُي�س��تدل له باجلزء (املخلوق). بعد ذلك� ،أورد العايل �إ�ش��كالية مثارة حول معنى معرفة اهلل باهلل ،وما �إذا كانت تلك املعرفة تعني 5
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
معرفة اهلل بال وا�سطة �أو و�سيلة� ،أو �أنها ال تنفي وجود الو�سيلة فيها ،و�إن وجدت تلك الو�سيلة تعني ب�أن املعرفة هلل تعاىل تتحول للنوع الثاين من املعرفة (معرفة اهلل بخلقه)� ،إذ �أن الالفت ب�أن بع�ض امل�س��لمني �أخط�أوا حينما �أ�س��قطوا وجود الو�س��ائط يف عملية معرفة اهلل تعاىل ،بينما الواقع ب�أن �أهل البيت بينوا لنا ب�أن معرفة اهلل غري ممكنة دون و�سائل �أو و�سائط. ويف ه��ذا اخل�صو���ص ب�ين الع��ايل ب��أن ه��ذه الفئ��ة املخطئ��ة م��ن امل�س��لمني� ،إمن��ا خلط��ت ب�ين الو�س��يلة واجلب��ت ،وه��ذا الأخ�ير (اجلب��ت( ه��و عل��ى �أح��د نحوي��ن :الأول :الذه��اب لو�س��يلة غ�ير م�أذون��ة ل��ك، والث��اين :الذه��اب لو�س��يلة م�أذون��ة ولك��ن التوق��ف عنده��ا وع��دم الأخ��ذ به��ا يف عملي��ة ال�س�ير للخال��ق تع��اىل وبالت��ايل ع��دم اتخ��اذ الو�س��يلة كع�بر ل��ه تعاىل. 6
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
ث��م ب�ين الع��ايل �أي�ض��ا ب�أن��ه حت��ى بع���ض العرف��اء �أخط��أوا يف تبي�ين احلاج��ة للو�س��ائل يف عملي��ة ال�س�ير هلل تعاىل حينما توهموا ب�أننا نحتاج للو�سائل يف بداية طريق الو�صول هلل تعاىل �أو يف و�سطه �إال �أننا ن�ص��ل ملرحل��ة معين��ة ن�صب��ح فيه��ا (نح��ن واهلل) وال نحت��اج فيها للو�س��ائل� .إال �أن الق��ر�آن الكرمي يفيد ب��أن طري��ق معرف��ة اهلل ب��اهلل ال يت��م �إال بو�س��يلة يف جمي��ع مراح��ل الطريق� ،إذ تق��ول الآية الكرمية (يا �أيه��ا الذي��ن �آمن��وا اتق��وا اهلل وابتغ��وا �إلي��ه الو�س��يلة)� ،إذ �أن ه��ذه الآي��ة له��ا ثالث��ة معاين بني متو�س��طة وعالية: و�أول تلك املعاين هو �أن تقوى اهلل تعني اخلوف منه والو�سيلة هي العبادات املختلفة. 7
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
و�أمااملعنىالثاينفيفيدب�أنتقوىاهللتعنيعبادتهو�أماالو�سيلةفهيحممدو�آلحممد(عليهمال�سالم). و�أم��ا املعن��ى الثال��ث فه��و بدي��ع ومه��م ،كون��ه مبني من تف�س�ير علمي ال عملي ،ويفيد هذا التف�س�ير ب�أن التق��وى تعن��ي ال��ورع مبختل��ف �أ�صناف��ه ال�س��يما الورع يف العل��م باهلل من خالل الأخذ بالو�س��يلة ،و�أبرز الو�س��ائل ه��ي حمم��د و�آل حمم��د (عليه��م ال�س�لام) ،وهن��ا جن��د ب�أنه حتى الر�س��ول (���ص) كان ي�أخذ بالو�س��ائل يف معرفة اهلل تعاىل و�أبرز تلك الو�س��ائل هي الأنوار املحمدية. بع��د ذل��ك �أو�ض��ح الع��ايل ب��أن معرف��ة اهلل ب��اهلل حتت��اج للو�س��ائل دائم��ا ،وهنا �ش��دد العايل ب��أن النظر 8
ُك َّتيــب ُملخــص ُمحاضــرات
جتل من جتليات اهلل تعاىل للو�سيلة ينبغي �أال يكون حم�صورا على كونها و�سيلة ج�سمية ،بقدر ما هي ٍ يف املوج��ودات� ،إذ �أن اهلل تع��اىل جتل��ى للخل��ق بالو�س��ائل ،وهن��ا ينبغ��ي �أن نعرف ب�أنه كلما �س��رنا �أكرث يف عملي��ة ال�صع��ود هلل تع��اىل ،كان��ت و�س��ائلنا �أك�ثر ترقيقا� ،إذ �أن الو�س��يلة ال�صغرى تو�صل هلل بقدر، فيما الو�سيلة الكربى مثل �أنوار �أهل البيت تو�صل هلل بقدر �أكرب. ختام��ا �أورد الع��ايل مث��اال حقيقي��ا باخل�صو���ص ب�ين في��ه ب��أن بي��ت اهلل احلقيق��ي يتب�ين يف احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) �إذ �أن قل��ب امل�ؤم��ن ه��و �أك�ثر م��ا ي�س��ع اهلل تع��اىل بح�س��ب الرواي��ات ال��واردة ع��ن �أه��ل البي��ت (عليه��م ال�س�لام) .ولذل��ك ب��ات احل�س�ين (علي��ه ال�س�لام) ه��و خ�ير و�س��يلة مو�صل��ة هلل تع��اىل 9
صادر عن المركز اإلعالمي بمأتم السنابس