نشرة موكبي - العدد الربع عشر

Page 1

14 øjôëÑdG áµ∏‡ - ¢ùHÉæ°ùdG ”CÉà ÖcƒŸG ¢ù∏› øY IQOÉ°U

Ω 2014 / ````g 1436 Ωô ô¡°T 14 Oó©dG



‫إقرأ في‬

‫‪2‬‬

‫الح ُّر الرياحي‬ ‫بنعمـة اإلمامة‪ ..‬اهتدى ُ‬

‫‪3‬‬

‫زينب‪ ..‬جبل الصبر‬

‫‪4‬‬

‫كربالء‪ ..‬دون مدد‬

‫‪6‬‬

‫كربالء ثانية‪ ...‬ال تخلو من مظاهر التبرج!‬ ‫المنامة‬ ‫ٌ‬

‫‪8‬‬

‫المركز اإلعالمي‬

‫‪9‬‬

‫افتتاح مقر لجنة السواد بالمأتم‬

‫‪10‬‬

‫المعرض الفوتوغرافي األول (صمت يتكلم)‬

‫‪11‬‬

‫أطول لوحة رسم ُحسيني لألطفال‬

‫‪12‬‬

‫زينب الحوراء‪ ..‬أين القبر الشريف؟‬

‫‪16‬‬

‫عناقيد المعرفة‬

‫‪18‬‬

‫كوادر بحرينية تبدع في مسلسل «باب المراد»‬

‫‪23‬‬

‫الهفهاف بن المهند الراسبي‬

‫‪24‬‬

‫ملتقى ديوان األدبي بمأتم السنابس‪...‬‬

‫‪25‬‬

‫الحسين قدوة‬

‫‪26‬‬

‫محطات في تاريخ الموكب الحسيني‬

‫‪28‬‬

‫منبر الحسين «ع» منبر الحق والعدل‬

‫‪29‬‬

‫مسرحي جديد‬ ‫فن‬ ‫(ومنها خابت أحرار)‪ٌ ..‬‬ ‫ٌ‬

‫‪30‬‬

‫انفصال شاعر؟‬ ‫محيط بارد! أم‬ ‫زلة الشعر‪..‬‬ ‫ُع ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫‪32‬‬

‫راحلون في الذاكرة‪ :‬الحاج حسن الموت‬

‫الآراء الواردة يف املقاالت ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي �أ�سرة التحرير‬

‫كلمة‬ ‫شعار هذا الموسم (منك إليك)‬

‫مت اقتبا�س ه��ذا ال�شعار م��ن �ضمن ع�شرات‬ ‫الكلمات التي ر�شحت لتكون �شعارا ملو�سم هذا‬ ‫العام‪ ،‬غري �أنه يف النهاية مت الوقوف عند "منك‬ ‫�إليك" وهي عبارة مقتطعة من دعاء �أبي حمزة‬ ‫الثمايل للإمام ال�سجاد (ع)‪ ،‬وقد مت اختياره‬ ‫ت��أك�ي��دا لعبوره يف ع��دة �أب �ع��اد‪ ،‬فهي منا�سبة‬ ‫لرت�سيخ ال��رواب��ط يف اجل��وان��ب االجتماعية‬ ‫وال�سيا�سية وال�سلوكية‪ ،‬فكل ما يبدر منك هو‬ ‫عائد �إليك بطريقة ما‪ ،‬وكل ما تقدمه هو لنف�سك‬ ‫ب��ال�ط�ب��ع‪ ،‬ويف اجل��ان��ب ال�ن�ف���س��ي وال���س�ل��وك��ي‬ ‫والعبادي‪� ،‬أن��ت ت�أخذ نتيجة ما تبذله من جهد‬ ‫وجت ��ازى ب�ق��در م��ا تتفاعل نيتك م��ع �أي �أم��ر‬ ‫لكي تكون موا�سمنا منع�سكة على كل الأبعاد‬ ‫غ�ير منح�صرة يف اجل��ان��ب الطقو�سي فقط‪،‬‬ ‫ومن امل�سلمات �أن تكون هناك عبارات جانبية‬ ‫ت��دع��م �إي �� �ص��ال ال�ف�ك��رة ل�ك��ل م��ن ي�ت��اب��ع �شعار‬ ‫املو�سم ويتحرى الو�صول �إىل غاية �سامية من‬ ‫�شعائرنا‪.‬‬ ‫كلمة‬ ‫اال�شراف العام‬ ‫عبدال�شهيد الثور‬ ‫الإعداد‬ ‫حممد عبدالر�سول‬ ‫جهاد ر�ضي‬ ‫ب�شار خزعل‬ ‫الدعم الفني‬ ‫عبداهلل دعبل‬ ‫�سعيد ال�صباغ‬ ‫الت�صميم والإخراج‬ ‫على املــال‬ ‫‪naseemalrooh‬‬


‫بقلم‪ :‬ياسرعباس خميس‬

‫بنعمـة اإلمامة‪..‬‬

‫الح ُّر الرياحي‬ ‫اهتدى ُ‬ ‫ت�شخَ � �ُ�ص �أمام ��ي يف عا�ش ��وراء الكث�ي ٌ�ر م ��ن‬ ‫املواق ��ف الت ��ي ت�ستح ��ق الت�أم ��ل والبح ��ث‪ ،‬منها‬ ‫موق ��ف ا ُ‬ ‫حل � ِّ�ر بن يزي ��د الرياح ��ي ر�ض ��وان الله‬ ‫علي ��ه‪ ..‬وال�س� ��ؤال الذي يتكرر دائم� � ًا ب�ش�أن هذا‬ ‫النا�ص ��ر للح�س�ي�ن علي ��ه ال�س�ل�ام ه ��و‪ :‬م ��ا �س � ُّ�ر‬ ‫االنقالب ال�سريع يف موقفه؟‬ ‫بالت�أكي ��د مل يتح ��ول ا ُ‬ ‫حل � ُّ�ر من جي� ��ش يزيد �إىل‬ ‫مع�سك ��ر احل�س�ي�ن (ع) ب�سب ��ب حما�ض ��رات �أو‬ ‫درو� ��س يف الفك ��ر والفقه �أو �سائر العلوم‪ ،‬فبني‬ ‫املوقفني فرتة زمنية حمدودة جد ًا ال ت�سع لدر�س‬ ‫وت�ضج باملقاتلني‪� .‬إذ ًا‬ ‫تعج‬ ‫ُّ‬ ‫و�سط �صحراء ملتهبة ُّ‬ ‫ما الذي ح�صل؟‬ ‫�إنه ��ا (الإمامة)‪ ..‬مل يتغري يف ا ُ‬ ‫حل ِّر �إال (التع ّمق)‬ ‫يف النظ ��رة �إىل احل�س�ي�ن على �أن ��ه الإمام‪ ،‬وتبع ًا‬ ‫تبدلت نظرتُه للحياتني‪ :‬الدنيا والآخرة‪.‬‬ ‫لذلك ْ‬ ‫وق ��د ي�س� ��أل �سائ ��ل‪� :‬أمل يك ��ن ا ُ‬ ‫حل � ّ�ر يع ��رف �أن‬ ‫احل�س�ي�ن ه ��و الإم ��ام؟! واجل ��واب‪ :‬بل ��ى كان‬ ‫يعرف ��ه‪ ،‬ولكن كانت جمموعة م ��ن ا ُ‬ ‫حل ُجب متنعه‬ ‫م ��ن �أن يلتزم بخ ��ط الإمام‪ ،‬وملَّا تغل ��ب عليها يف‬ ‫حلظ ��ة �صف ��اء‪ ،‬متك ��ن م ��ن التميي ��ز وق ��اده ذلك‬ ‫�إىل الهداي ��ة‪� .‬أذك ��ر ‪-‬يف و�ص ��ف ه ��ذا احل ��ال‪-‬‬ ‫حما�ض ��ر ًة قدمية لآي ��ة الله ال�شي ��خ عي�سى �أحمد‬ ‫قا�س ��م يف ليلة عا�ش ��وراء قال فيها‪َّ �« :‬إن ا ُ‬ ‫حل َّر مل‬ ‫يك ��ن �صف ��ر ًا؛ لأن ال�صفر ال يول ��د املائة»‪ .‬ورمبا‬ ‫َّمر على �سماعي هذه الكلمة من �سماحته حوايل‬ ‫‪� 25‬سن ��ة‪ ،‬لكني ما زل ��ت �أذكرها ل�ش ��دة جمالها‬ ‫وعمق فكرتها‪.‬‬ ‫اليوم �أ�ستح�ضر هذه الكلمة لأفهم منها �أن ا ُ‬ ‫حل َّر‬

‫‪2‬‬

‫كان يعرف الإمام بقَدر‪ ،‬وقد ظهر هذا من خالل‬ ‫تخاطب ��ه امل�ؤدب مع �سي ��د ال�شهداء عندما قال له‬ ‫(ع) بع ��د جعجعته بقافلة احل�سني‪ :‬ثكلتك �أمك يا‬ ‫ح ��ر‪ .‬رد عليه‪ :‬لو �أن غريك ذك ��ر �أمي بالثكل ما‬ ‫تركته‪ .‬عك�س �أولئك الذين غلبت عليهم �شقوتهم‬ ‫ف�ص ��اروا ي�سيئون �إىل �أبي عب ��د الله بكل �أنواع‬ ‫الإ�س ��اءة‪ ،‬فواح� � ٌد يق ��ول ل ��ه �إمن ��ا نقاتل ��ك بغ�ض ًا‬ ‫لأبي ��ك‪ ،‬و�آخر‪ :‬ل ��و كان ظه ُر الأر� ��ض كله ماء ما‬ ‫�سقين ��اك‪ ..‬وغريها م ��ن املواق ��ف‪� ،‬إىل �أن بلغت‬ ‫الإ�ساءة منتهاها بقتله والتمثيل بج�سده الطاهر‬ ‫و�سبي و�إيذاء �أهله‪.‬‬ ‫ولك ��ي نعرف مفع ��ول الإمامة و�أثره ��ا كمرجعية‬ ‫علين ��ا ‪-‬نحن �أتباع �أهل البيت (ع)‪ -‬دونكم هذا‬ ‫الواق ��ع املعا� ��ش‪ ،‬وكيف انعك�س �سل ��وكُ املوالني‬ ‫بن ��ا ًء عل ��ى تعالي ��م �أئمته ��م التي مات ��زال حية يف‬ ‫عقول ونفو� ��س �أتباعهم‪ ،‬والت ��ي يوقظها –كلما‬ ‫�ضعف ��ت‪ -‬نوابه ��م يف ع�ص ��ر الغيب ��ة الك�ب�رى‬ ‫للمنتظ ��ر (عجل الله فرجه) وهم املراجع العظام‪.‬‬ ‫ولي�س مطلوب ًا منا �سوى املقارنة بينهم وبني من‬ ‫جعل �أئمته غري �أولئك املن�صوبني من الله تعاىل‪.‬‬ ‫� َّإن ه ��ذا املوقف املتزن يف احلر� ��ص على �أنف�س‬ ‫النا�س ورعاية �أعرا�ضهم وحفظ �أموالهم لعموم‬ ‫ال�شيعة يف العامل على اختالف �ألوانهم ولغاتهم‬ ‫وبلدانه ��م ال ميك ��ن فهم ��ه �إال م ��ن خ�ل�ال وح ��دة‬ ‫وت�شرب‬ ‫املرجعية املتمثلة يف اعتقادهم بالإمامة‬ ‫ِ‬ ‫وجدانهم بها‪.‬‬ ‫ولن ��ا �أن نتخيل كيف ميكن �أن تع� � َّم هذه النظر ُة‬ ‫الرحيم� � ُة للآخر ‪-‬حت ��ى يف احلرب‪ -‬على عموم‬

‫امل�سلم�ي�ن ل ��و اتخذوا �أه � َ�ل البيت مرجعي� � ًة لهم‪،‬‬ ‫ورمب ��ا ه ��ذا �شيء مم ��ا كانت ت�ش�ي�ر �إلي ��ه �سيد ُة‬ ‫ن�س ��اء العامل�ي�ن فاطم ُة الزه ��راء (عليه ��ا ال�سالم)‬ ‫يف خطبته ��ا ال�شه�ي�رة عندم ��ا قال ��ت‪« :‬و�إمامتنا‬ ‫�أم ��ان من الفِ ْرقة»‪ .‬ولك ��ن وللأ�سف ال�شديد فكل‬ ‫م ��ا نراه م ��ن �ضياع له ��ذه الأمة يرج ��ع �إىل �أنها‬ ‫حادت عن اتخاذ �أهل البيت (ع) مرجعية لها‪..‬‬ ‫يق ��ول ال�شاع ��ر دعب ��ل اخلزاع ��ي (ر�ض ��وان الله‬ ‫عليه) يف تائيته املعروفة‪:‬‬ ‫ُو�صى �إليهِ زِ َما َمها‬ ‫ولو ق َّل ُدوا امل َ‬ ‫ـــــرات‬ ‫أمون مِ ـــن ال َعثــــَ ِ‬ ‫َل ُز ّمـَ ْت مب� ٍ‬ ‫ن�س� ��أل الل ��ه �أن يدمي علين ��ا نعم ��ة التم�سك بعرتة‬ ‫النب ��ي حممد �صلى الل ��ه عليه و�آل ��ه‪ ،‬و�أن يرزقنا‬ ‫�شفاعته ��م و�أن يه ��دي الأم ��ة �إىل ه ��ذا املع�ي�ن‬ ‫ال�صايف الذي ال ين�ضب‪.‬‬


‫َج َب ُل َّ‬ ‫الص رب ِ�‬ ‫بقلم‪ :‬بتول السيد‬

‫لعل �أول ت�سا�ؤل ينقدح يف �أذهاننا عندما نت�أمل‬ ‫�شخ�صية عظيمة كال�سيدة زينب ابنة علي بن �أبي‬ ‫طالب (عليهم ال�سالم) هو ما �إذا كان ب�إمكاننا‬ ‫�أن نقرتب من ما متتلكه هذه ال�سيدة العظيمة من‬ ‫مرتبة �إميانية متقدمة على �سائر امل�سلمني‪.‬‬ ‫ن�ش�أت زينب (ع) يف بيت الع�صمة ب�ين �سيدة‬ ‫ن�ساء العاملني فاطمة ال��زه��راء ‪-‬عليها ال�سالم‪-‬‬ ‫و�سيد املتقني علي بن �أبي طالب ‪-‬عليه ال�سالم‪،‬‬ ‫وامل � ��ؤك ��د �أن ��ش�خ���ص�ي�ت�ه��ا م ��ا ك��ان��ت لتكتمل‬ ‫ل��وال درج ��ة ال�ت�ق��وى ال�ت��ي و��ص�ل��ت �إل�ي�ه��ا ول��وال‬ ‫�إقبالها ال��دائ��م على الله عز وج��ل‪ ،‬فهي مل تكن‬ ‫مع�صومة تكوين ًا كوالديها و�أخويها الإمامني‬ ‫احل�سن واحل�سن (عليهما ال�سالم)‪ ،‬لكنها (ع)‬ ‫ق��د اكت�سبت ع�صمتها ج��راء التزامها ال�شديد‬ ‫بالأحكام ال�شرعية واالبتعاد عن ال�شبهات‪ ،‬وقد‬ ‫�شهد بع�صمتها الإمام ال�سجاد علي بن احل�سني‬ ‫(ع) عندما قال لها‪�« :‬أنت عاملة غري معلمة»‪ ،‬بعد‬ ‫خطبتها املعروفة يف الكوفة‪.‬‬ ‫رغ��م ا�ست�ضعافها و�سبيها بني حا�شية املجرم‬ ‫الذي قتل �أخاها احل�سني (ع) ورفع ر�أ�سه على‬ ‫الرماح لرييها �أب�شع و�أروع جرائم الإن�سانية‪ ،‬ال‬ ‫عجب‪� ،‬أن تقف هذه امل��ر�أة العظيمة لتزجر يزيد‬ ‫بن معاوية وترميه ب�سهام حارقة‪« :‬فكد كيدك‬ ‫وا��س��ع �سعيك ونا�صب ج�ه��دك‪ ،‬وال�ل��ه ال متحو‬ ‫ذك��رن��ا وال متيت وحينا وال ت��درك �أم��دن��ا‪ ،‬وال‬ ‫يرخ�ص عنك عارها»‪.‬‬ ‫�إن �صالبة موقفها (ع) يدلل على حالة االطمئنان‬ ‫الكبري الذي و�صلت �إليه زينب (ع)‪ ،‬لتخرج منها‬ ‫تلك الكلمات كال�سيل اجلارف ي�صطدم بوجوههم‬ ‫التي غرقت يف �أمواج من احلرية والده�شة‪.‬‬ ‫ما لهذه املر�أة ال تبايل القتل وقطع الر�ؤو�س؟!‬ ‫�إذ ًا هي التقوى ال�شديدة التي مكنتها من مقارعة‬ ‫ال�شدائد وامل�صائب‪ ،‬ومنحتها ب�صرية وت�سديد ًا‬ ‫يف �أمورها وحركتها وقرارتها‪ ،‬فالله �سبحانه‬

‫وتعاىل �أك��رم من �أن يرتك عبده التقي ي�صارع‬ ‫ال���ش��دائ��د وح ��ده‪ ،‬ك�ي��ف وه��و ال�ق��ائ��ل يف كتابه‬ ‫املجيد‪�(( :‬إِ َّن ُه َمن َي َّت ِق َو َي ْ�صبرِ ْ َف�إ َِّن ال َّل َه لاَ ُي ِ�ض ُيع‬ ‫�أَ ْج َر المْ ُْح ِ�سنِ َني ))‪.‬‬ ‫لقد عمل �أخوها الإمام احل�سني عليه ال�سالم على‬ ‫تهيئة �أهل بيته للبالء وفق ًا للقاعدة املبينة يف الآية‬ ‫املذكورة حيث قال لهم ا�ستعدوا للبالء واعلموا‬ ‫�أن الله حافظكم وحاميكم و�سينجيكم من �شر‬ ‫الأع��داء ويجعل خامتة �أمركم �إىل خري ويعذب‬ ‫�أعاديكم ب�أنواع البالء ويعو�ضكم الله عن هذه‬ ‫البلية ب��أن��واع النعم وال�ك��رام��ة‪ ،‬فال ت�شكوا وال‬ ‫تقولوا ب�أل�سنتكم ما ينق�ص من قدرتكم‪.‬‬ ‫وح�ق�ي�ق��ة الأم � ��ر‪ ،‬وك �م��ا ب ���ّ�ش��ر ال� �ق ��ر�آن ال �ك��رمي‬ ‫ب ��أن الآث ��ار العظيمة للتقوى لي�ست ح�ك��ر ًا على‬ ‫ال�شخ�صيات العظيمة ك�أمثال ال�سيدة زينب عليها‬ ‫ال�سالم‪ ،‬ولي�ست ملك ًا ح�صري ًا للعرفاء الربانيني‬ ‫وال �ع �ب��اد ال���ص��احل�ين ال��ذي��ن و� �ص �ل��وا ل��درج��ات‬ ‫متقدمة من الإمي��ان بحيث �أزيحت عنهم حجب‬ ‫الذنوب واملعا�صي‪ ،‬يقول النبي الأك��رم (�ص)‪:‬‬ ‫«لوال �أن ال�شياطني يحومون حول قلوب بني �آدم‬ ‫لنظروا مللكوت ال�سموات»‪.‬‬ ‫ورو���ض‬ ‫ف��راق��ب خ�ط��رات قلبك قبل ج��وارح��ك‪ّ ،‬‬ ‫نف�سك واكبح �شهواتك وال تي�أ�س من روح الله �إن‬ ‫�ضعفت �أو غفلت وغلبك هواك‪ ،‬فالتقي ي�ستطيع‬ ‫الرجوع من خالل التقوى �إىل ال�صراط امل�ستقيم‬ ‫ومينحه الله اطمئنان ًا وب�صرية يف القلب يت�سامى‬ ‫بهما ويتجاوز �شهواته ونف�سه الأم��ارة بال�سوء‬ ‫يف حلظات �ضعفه‪ .‬لقد وعد الله املتقني بالنجاة‬ ‫من املهالك‪ ،‬كما ج��اء يف �سورة الأع��راف الآي��ة‬ ‫‪�(( :201‬إ َِّن ا َّل��ذِ ي� َ�ن ا َّت� َق� ْوا �إِذَا َم َّ�س ُه ْم َطائِ ٌف ِّم َن‬ ‫ون))‪.‬‬ ‫ال�شَّ ْي َطانِ َتذَكَّ ُروا َف�إِذَا ُهم ُّم ْب ِ�ص ُر َ‬ ‫و�إن ك �ن��ت ق��د ع���ش�ق��ت ��ش�ي�ئ� ًا م��ن ه ��ذه ال��دن�ي��ا‬ ‫و�أدمنته‪ ،‬فال ت�ست�سلم له‪ ،‬ف�إن ذلك من �ش�أنه �أن‬ ‫�سود القلب و ُيطفئ نور العقل‪.‬‬ ‫ُيظلم ال��روح و ُي ّ‬

‫فبع�ض ال��ذن��وب ق��د ت�سلبك راح��ة ال�ب��ال وتهدر‬ ‫طاقتك يف امل�ح��رم��ات وتن�سيك ��س�ع��ادة الدنيا‬ ‫والآخ��رة‪ ،‬يقول �أمري امل�ؤمنني عليه ال�سالم «من‬ ‫ع�شق �شيئ ًا �أع�شى ب�صره و�أمر�ض قلبه»‪.‬‬ ‫� ّإن �سماحة ال�شيخ رجب علي اخل ّياط كان يعترب‬ ‫حبيب وحمبوب �صل على حممدٍ‬ ‫ذك��ر‪[ :‬ياخري ٍ‬ ‫و�آله] يفيد �إذا وقع ب�صر �أحد على امر�أةٍ �أجنبية‪،‬‬ ‫وق��د ك��ان يو�صي ب�ق��راءت��ه ليكون الإن���س��ان يف‬ ‫م�أمن من و�سو�سة ال�شيطان‪ .‬كان يقول‪[ :‬حني‬ ‫يقع ب�صرك على ام��ر�أة �أجنبية ف ��إن مل تعجبك‬ ‫ف�أنت مري�ض! و�أ ّما �إذا �أعجبتك فاغم�ض عينيك‬ ‫واخف�ض ر�أ�سك وق��ل‪ :‬يا خري حبيب‪� ...‬أي‪ ،‬يا‬ ‫�إلهي �إ ّنني �أحبك �أنت‪ ،‬فما هذه الأ�شياء التافهة‬ ‫التي ال ت�ستحق املح ّبة‪ ،‬ل ّأن كل ما ال دوام له ال‬ ‫ي�ستحق احلب]‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي �ق��ول ال���ش�ه�ي��د م �ط �ه��ري (ق ��د� ��س) يف �إح ��دى‬ ‫حما�ضراته «�إن احلكمة التي هي وليدة التقوى‪،‬‬ ‫وتلك الب�صرية املميزة التي يخت�ص بها املتقون‪،‬‬ ‫�إمن��ا هما احلكمة والب�صرية العمليتان‪ ،‬حيث‬ ‫يق�سم احلكماء العقل �إىل ق�سمني‪ :‬العقل النظري‪،‬‬ ‫والعقل العملي‪ .‬فالعقل العملي هو الذي يخلق لنا‬ ‫ال�صالح والطالح‪ ،‬واحل�سن والقبيح‪ ،‬وما ينبغي‬ ‫وم��ا ال ينبغي‪ ،‬والأم ��ر والنهي‪ ،‬وامل�سري ال��ذي‬ ‫يختاره الإن�سان يف حياته يرتبط بكيفية ا�شتغال‬ ‫العقل العملي وحكمه‪ ،‬وال يتعلق بالعقل النظري‬ ‫مبا�شرة‪ .‬ف�إن التقوى جتعل الإن�سان �أقدر على‬ ‫م�ع��رف��ة دائ ��ه ودوائ� ��ه يف ��س�ل��وك��ه‪ ،‬و�أب���ص��ر يف‬ ‫اختيار �سبيله يف احلياة‪.‬‬ ‫ه��ذه بع�ض �آث ��ار ال�ت�ق��وى ال�ت��ي م��ن ��ش��أن�ه��ا �أن‬ ‫تغمرنا بالنور الإلهي وتفتح لنا �أبواب ال�سعادة‬ ‫والإط �م �ئ �ن��ان يف ال��دن �ي��ا‪ ،‬وال �ن �ج��اة م��ن ع��ذاب‬ ‫الآخ� ��رة‪ ،‬وللتقوى �آث ��ار ومكت�سبات ع��دي��دة ال‬ ‫ميكننا �أن نح�صرها يف هذا املقام‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫إعداد‪:‬‬ ‫محمد عبدالرسول عبدالله‬

‫من �سمات القائد والزعيم الناجح قيادة اتباعه‬ ‫نحو اجل��ادة‪ ،‬وو�ضع لبنات النجاح يف �أ�س�س‬ ‫قيادته‪ ،‬ف�إذا ما ُو ِج��دت حال ٌة ما نهايتها ال�شتات‬ ‫ل �ه��ذه اجل�م��اع��ة ن�ئ��ى بنف�سه وب �ه��م ع�ن�ه��ا؛ حيث‬ ‫يحدثنا التاريخ عن ابتعاد ال�ق��ادة الع�سكريني‪،‬‬ ‫مث ًال‪ ،‬عن الدخول يف ح��روب خا�سرة وا�ضحة‬ ‫املعامل قبل ال�شروع فيها‪ ،‬فمث ًال‪ ،‬رف�ض الإمامان‬ ‫ال�سجاد (ع) وال�صادق (ع) الثورة الع�سكرية‬ ‫لفقدان مقومات الن�صر وعدم حتقق الهدف من‬ ‫الثورة يف تلك الفرتة‪ ،‬وهو ما ميكن ا�ستقراءه‬ ‫من رف�ض الإمام ال�صادق (ع) لقيادة ثورة بني‬ ‫العبا�س حني �أرادوه �إمام ًا وقائد ًا لثورتهم‪.‬‬ ‫�إال �أن �ضعيف الإميان امل�ستقرئ اجلاهل لثورة‬ ‫الإم ��ام احل�سني (ع) يجد احل�سني (ع) و�ضع‬ ‫نف�سه و�أه��ل بيته يف معركةٍ خ��ا��س��رةٍ ع�سكري ًا‬ ‫تنتهي مبجزرة وويالت بحق هذه اجلماعة ن�ساء‬ ‫ورج� ��ا ًال‪� ،‬أط �ف��ا ًال ور��ض�ع��ان� ًا‪ .‬وه��ذا �أم��ر عجيب‬ ‫وغ��ري��ب يتطلب وق�ف��ة ت��أم��ل ملعرفة ه��ذا التوجه‬ ‫املغاير للطبيعة الع�سكرية القيادية‪ ،‬خا�ص ًة �أن‬ ‫احل���س�ين (ع) ك��ان ي�ع�ل��م مب���ص�يره و�أه� ��ل بيته‬ ‫و�أن�صاره قبل التحرك من املدينة نحو مكة‪ .‬ففي‬ ‫ج��واب احل�سني (ع) لأم �سلمة‪� ،‬إذ قالت ل��ه‪ :‬يا‬ ‫بني‪ ،‬ال حتزن بخروجك �إىل العراق‪ ،‬ف�إين �سمعت‬ ‫ج ّدك (�ص) يقول‪« :‬يقتل ولدي احل�سني ب�أر�ض‬ ‫العراق يف �أر�ض يقال لها كربالء»‪ ،‬فقال لها‪« :‬يا‬ ‫�أُماه‪ ،‬و�أنا والله �أعلم ذلك‪ ،‬و�إنيّ مقتول ال حمالة‪،‬‬ ‫ولي�س يل منه ب � ّد‪ ...‬وق��د �شاء الله عز وج��لّ �أن‬ ‫يراين مقتو ًال‪ ...‬ويرى حرمي م�ش ّردين‪ ،‬و�أطفايل‬

‫‪4‬‬

‫دون مدد‬ ‫مذبوحني‪ .»...‬والأعجب ملثل هذا امل�ستقرئ هو‬ ‫رف�ض احل�سني (ع) ن�صرة املالئكة واجلن له يف‬ ‫بنحو ميحي مع�سكر ابن �سعد عن بكرة‬ ‫كربالء ٍ‬ ‫�أبيه واحل�سني (ع) يف مكانه دون جهد �أو دماء‬ ‫ت�سفك ‪ .‬فعن �أبي عبد الله ال�صادق (ع) قال‪ :‬ملا‬ ‫�سار �أب��و عبد الله احل�سني (ع) من املدينة لقيه‬ ‫امل�سومة يف �أيديهم احلراب‪..‬‬ ‫�أفواج من املالئكة َّ‬ ‫ف�سلموا عليه‪ ،‬وقالوا‪َّ � ..:‬إن الله �سبحانه �أم َّد جدك‬ ‫بنا يف مواطن كثرية‪ ،‬و� َّإن الله �أم� َّدك بنا‪ ،‬فقال‬ ‫لهم‪ :‬املوعد حفرتي وبقعتي التي �أُ�ست�شهد فيها‬ ‫وهي كربالء‪ ،‬ف��إذا وردتُها ف�أتوين‪ ...‬وعن �أبي‬ ‫عبدالله ال���ص��ادق (ع)‪« :‬و�أت �ت��ه �أف ��واج م�سلمي‬ ‫اجلن فقالوا‪ :‬يا �سيدنا‪ ،‬نحن �شيعتك و�أن�صارك‪،‬‬ ‫عدو‬ ‫فمرنا ب�أمرك‪ ،‬وما ت�شاء‪ ،‬فلو �أمرتنا بقتل كلِّ ٍّ‬ ‫فجزاهم احل�سني‬ ‫لك و�أنت مبكانك لكفيناك ذلك‪َّ ،‬‬ ‫خريا وقال لهم‪� :‬أَو ما قر�أمت كتاب الله املُنَزل على‬ ‫جدي ر�سول الله‪�" :‬أَ ْي َن َما َت ُكونُو ْا ُي ْدرِ ككُّ ُم المْ َ ْو ُت‬ ‫َو َل � ْو ُكن ُت ْم فيِ ُب � ُر ٍوج ُّم�شَ َّي َدةٍ "‪ ،‬وق��ال �سبحانه‪:‬‬ ‫" َلبرَ َ َز ا َّلذِ َين ُكتِ َب َع َل ْيهِ ُم ا ْل َق ْت ُل �إِلىَ َم َ�ض ِاجعِ هِ ْم"‪.‬‬ ‫ف�ل�م��اذا رف����ض احل���س�ين (ع) ه��ذا امل ��دد وال��ذي‬ ‫ق��د يغري م�سرى الأح ��داث يف تلك ال�ف�ترة؟ فهو‬ ‫مدد يقوي من �شوكة ثورة الإم��ام احل�سني (ع)‬ ‫ويزيدها لدى النا�س ملعان ًا‪� ،‬إذ ن�صرت املالئكة‬ ‫�سبط النبي (�ص) كما ن�صرت جده يف مواطن‬ ‫كثرية‪ ،‬فيزيل اللب�س على ج َّهال ذلك الزمان‪.‬‬ ‫يكمن ال���س�ب��ب الأول يف ع��دم ج ��دوى الن�صر‬ ‫الع�سكري يف حتقيق �أه ��داف الإم ��ام احل�سني‬ ‫(ع)‪ .‬لقد ه��دف الإم��ام احل�سني (ع) للإ�صالح‬

‫يف �أمة نخر فيها اجلهل حتى �أفرغها من معاملها‪،‬‬ ‫لينكر على الظامل ظلمه وف�ساده‪ ،‬وي�أمر مبعروف‬ ‫وجهِ ر به يف و�ضح‬ ‫تُرِ ك وينهى عن منكر ُم ِ�سك ُ‬ ‫النهار وال من ُمنكِ ر‪ .‬لقد ثار احل�سني (ع) على‬ ‫ظلم تف�شى يف �أم��ة ومل يجر�أ �أح��د على تغيريه‬ ‫خوف ًا من فظاعة العواقب‪ .‬هذه الأه��داف مل تكن‬ ‫لتتحقق بانت�صار احل�سني (ع) يف كربالء‪:‬‬ ‫�أ‌‪ -‬لأن هذا الن�صر �سي�ؤدي �إىل تكرار احلروب‬ ‫الواحدة تلو الأخرى‪ .‬فبعد انت�صاره يف كربالء‬ ‫�سيتوجه احل�سني (ع) نحو الكوفة وي�ؤ�س�س‬ ‫دولته فيها‪ .‬لكن يزيد لن يرتكه يف دول�ت��ه‪ ،‬بل‬ ‫�سيوجه جي�ش �آخر لقتاله من جديد‪ .‬و�سيتقابل‬ ‫هذا اجلي�ش من جديد باملالئكة واجلن و�سينت�صر‬ ‫ع�سكري ًا عليهم‪ ،‬وهكذا �ستتكرر ه��ذه الق�صة‪.‬‬ ‫وال�س�ؤال حتى متى؟ ومالفائدة املتحققة من ذلك؟‬ ‫�سيكرث القتل و�سفك ال��دم��اء و�ستفنى القاعدة‬ ‫ال�شعبية ل�ل�أم��ة الإ��س�لام�ي��ة‪ .‬وه ��ذا لي�س دي��دن‬ ‫�أهل البيت‪ .‬ف�أهل البيت – �سالم الله عليهم– ال‬ ‫يقاتلون هجوم ًا‪ ،‬بل دفاع ًا‪ ،‬فعلي (ع) قاتل �أهل‬ ‫اجلمل عندما قام �أهل اجلمل بالتعدي على الدولة‬ ‫الإ�سالمية يف الب�صرة‪ ،‬وقاتل �أهل �صفني بعدما‬ ‫بد�أ مع�سكر معاوية القتال‪ ،‬فكان قتاله «علي (ع)»‬ ‫دفاع ًا ورد فعل‪ .‬وقاتل احل�سني (ع) بعد هجوم‬ ‫مع�سكر ابن �سعد عليه‪� .‬أومل يرم ابن �سعد �أول‬ ‫ال�سهام قائ ًال‪(( :‬ا�شهدوا يل عند الأمري))‪ .‬فمنهج‬ ‫�أهل البيت هو حقن الدماء كما فعل احل�سن (ع)‪،‬‬ ‫ور��س��ول الله (���ص) يف �صلح احلديبية وكذلك‬ ‫�أم�ي�ر امل��ؤم�ن�ين واحل �� �س�ين(ع)‪ .‬وعليه ف ��إن هذا‬


‫اخل�ي��ار مرفو�ض ملنع �سفك ال��دم��اء دون حاجة‬ ‫وفائدة تعو�ض هذا الدم امل�سفوك‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬ك �م��ا �أن ك�ث�رة ال �ق �ت��ال �ست�ضعف ال��دول��ة‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬فحروب مثل هذه �ستقتل �أعداد هائلة‬ ‫م��ن امل�سلمني و�ستكون ال��دول��ة عندها معر�ضة‬ ‫لهجمات الأع��داء من كل ناحية و�سينتج عندها‬ ‫مزيد من �سفك الدماء الزاكيات و�إزهاق لأرواح‬ ‫الأطياب‪ .‬فت�صور مث ًال لو �أنهكت كرثة احلروب‬ ‫يزيد وق��رر الإ�ست�سالم ومبايعة احل�سني (ع)‬ ‫مث ًال‪ ،‬و�أ�س�س احل�سني (ع) دولته وو�ضع والته‬ ‫يف كل الأم�صار‪ .‬هذه الدولة �ضعيفة لقلة �أفرادها‬ ‫وحماتها‪ .‬فلو هجم الروم مث ًال على الدولة من �أي‬ ‫ُ‬ ‫ن��اح�ي��ة‪ ،‬م��ع قلة ع��دد امل�سلمني‪ ،‬ف ��إن ذل��ك يعني‬ ‫�إبادة له�ؤالء الأتقياء وخ�سارة للدولة‪ ،‬و�ستتجر�أ‬ ‫الأع� ��ادي على مهاجمة قلب ال��دول��ة الإ�سالمية‬ ‫و�إن� �ه ��اء الإ�� �س�ل�ام‪ .‬وه� ��ذا خ �ط��ر ك �ب�ير يرف�ضه‬ ‫احل�سني (ع)‪.‬‬ ‫جـ ‪ -‬كما �أن انت�صار احل�سني (ع) ع�سكري ًا يف‬ ‫املعركة يعني تكرار ال�سيناريو الذي ارت�سم �أمام‬ ‫�أم�ير امل��ؤم�ن�ين(ع)‪ .‬فقد يوفق احل�سني (ع) يف‬ ‫تعديل م�سار الأمة‪ .‬وبعد �أن ميوت احل�سني (ع)‪،‬‬ ‫قد يتعر�ض الإم��ام ال�سجاد (ع) ملثل ما تعر�ض‬ ‫له الإمام احل�سن (ع) مما قد يكرر نف�س امل�آ�سي‬ ‫وال�صعوبات التي واجهت الإم��ام احل�سن (ع)‪.‬‬ ‫�إذ ًا يكون ما ق��ام به الإم��ام احل�سني (ع) ما هو‬ ‫�إال ت�أجيل حلل امل�شكلة ولي�س ا�ستئ�صال امل�شكلة‬ ‫وحلها من جذورها‪ .‬هذا احلل ال يتنا�سب مع عظم‬ ‫امل�شكلة وال مع �شخ�صية مثل الإمام احل�سني (ع)‬

‫الثائر لله واحلامي لعرين الدين‪.‬‬ ‫�أم ��ا بالن�سبة لل�سبب ال �ث��اين‪ ،‬ف�ه��و ن�ي��ل ك��رام��ة‬ ‫ال�شهادة وغريها من املراتب العالية‪ .‬كان �أمام‬ ‫احل���س�ين (ع) ث�ل�اث خ �ي��ارات‪� :‬إم ��ا ال���س�م��اح له‬ ‫ب��ال��دخ��ول للكوفة وبقائه فيها لي�ؤ�س�س دولته‪،‬‬ ‫ولكن يزيد لن يرتكه يفعل ذل��ك‪ ،‬و�أم��ا �أن يذهب‬ ‫لأي بقعة م��ن بقاع الأر� ��ض‪ ،‬وه��و يف مثل ذلك‬ ‫ال�ظ��رف منفي م��ن دول��ة الإ� �س�لام‪ ،‬وه��و زعيمها‬ ‫وقائدها الديني والروحي وال�سيا�سي‪ ،‬و�إما �أن‬ ‫يقاتل فيقتل وبدمه تتحقق �أهداف ثورته ويعالج‬ ‫الدين من �سقمه‪ .‬ف�أُجبرِ َ احل�سني (ع) على القتال‬ ‫فكان �أن يقاتل ويقتل �شهيد ًا ويحوز على تلك‬ ‫املراتب �أع��ز و�أف�ضل من العي�ش ذلي ًال «والله ال‬ ‫�أعطيكم �إعطاء الذليل وال �أقر لكم �إقرار العبيد»‪،‬‬ ‫«القتل لنا عادة وكرامتنا من الله ال�شهادة»‪.‬‬ ‫وال���س�ب��ب ال�ث��ال��ث ل��رف����ض احل���س�ين (ع) ن�صرة‬ ‫املالئكة واجل��ن بل وا�ستخدام كل �سبب غيبي‪،‬‬ ‫هو رف�ضه �أن يعزى ن�صره يف كربالء وحتقيق‬ ‫�أهدافه للأ�سباب الغيبية التي قد تقلل من �أهمية‬ ‫الت�ضحيات الكربى التي قُدِ مت من �أجل الدين‪.‬‬ ‫فمث ًال قد يقول قائل �أن انت�صار احل�سني (ع) جاء‬ ‫ب�سبب الأر���ض التي قاتل فيها وهي مكة – ومل‬ ‫يخرج منها‪ -‬وفيها بيت الله‪ ،‬والله حامي لهذا‬ ‫البيت‪ ،‬ف�أعز الله احل�سني (ع) ب�سبب بيته احلرام‪،‬‬ ‫ولي�س لأحقية احل�سني (ع) يف دع��واه وثورته‪،‬‬ ‫ف�خ��رج عليه ال���س�لام م��ن مكة وق��ات��ل يف �أر���ض‬ ‫�صحراء ج��دب��اء قاحلة‪ .‬ه��ذا مثال وا��ض��ح لعدم‬ ‫ا�ستخدام الإم��ام احل�سني (ع) �أي من امل�سببات‬

‫الغيبية حتى ال تل�صق جناحاته بهذه املغيبات ‪.‬‬ ‫و�أخ�ير ًا �أراد احل�سني (ع) با�ست�شهاده �إحداث‬ ‫��ص��دم��ة يف الأم� ��ة الإ� �س�لام �ي��ة ت��وق�ظ�ه��ا وت�ع��ري‬ ‫النظام احلاكم الأموي الذي ان�سلخ من �إن�سانيته‬ ‫وع��روب �ت��ه و�إ� �س�لام��ه‪ ،‬ف�لا مي�ك��ن مل�سلم �أن يقر‬ ‫ل�ن�ظ��ام ب�ن��ي �أم �ي��ة ب��الإ� �س�ل�ام‪ ،‬وال ل�ع��رب��ي ل�ه��ذا‬ ‫البيت بالعروبة‪ ،‬وال �إن�سان ملثل ه��ذه اجلماعة‬ ‫ب�إن�سانيتها‪ ،‬ل�ي�ق��ول احل���س�ين (ع) �إن م��ن ق��ام‬ ‫مبثل هذه الفظائع ملثل احل�سني (ع) و�أه��ل بيت‬ ‫النبوة ال يرعوي للقيام ب�أفظع الأعمال يف حق‬ ‫باقي امل�سلمني ‪ -‬وهو ما حدث يف وقعة احلرة‪.‬‬ ‫َف ِل َم ال�سكوت على هذا الظلم والطغيان! كما �أراد‬ ‫ب��دم��ه حتفيز ال�ن��ا���س على اجل�ه��اد ورف��ع منارة‬ ‫�إعالمية على مر الع�صور لف�ضح النظام الأموي‬ ‫وب�ي��ان ح��ال امل�سلمني يف تلك ال�ف�ترة‪ ،‬وجتديد‬ ‫ما محُ ِ َي من معامل الدين‪ .‬فتبقى عا�شوراء عام ًا‬ ‫بعد عام تجُ � ِّدد القيم يف كل يوم وتذكَّ ر النا�س‬ ‫بالإ�سالم وقيمه �إن ن�سوا‪ ،‬ولري�شد النا�س �أن‬ ‫بالدماء تُبنى ح�ضارة الإن�سان ويرتقي �إىل عنان‬ ‫در�س جديد و�أعظم باحل�سني (ع)‬ ‫ال�سماء‪ .‬هذا ٌ‬ ‫معلم ًا‪.‬‬ ‫ب �ه��ذا ي�ت�ب�ين �أن مب�ق�ت��ل احل���س�ين (ع) ينت�صر‬ ‫احل�سني (ع) ويحقق �أهدافه بدمائه ودم��اء �أهل‬ ‫بيته و�أن���ص��اره‪ ،‬و�إن لي�ست ك��ل امل�ع��ارك ت�ؤخذ‬ ‫بالن�صر الع�سكري الذي قد ين�ساه الإن�سان على‬ ‫مر الع�صور‪ ،‬بل بالدماء تتحقق �أعلى الأهداف‪.‬‬ ‫فال�سالم عليك يا �إمام الإن�س واجلان ورحمة الله‬ ‫وبركاته‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫كربالء ثانية‪...‬‬ ‫المنامة‪...‬‬ ‫ٌ‬

‫ال تخلو من مظاهر التبرج عند النس��اء!‬ ‫| بقلم‪ :‬بتول إبراهيم‬

‫امل�ن��ام��ة‪ ,‬عا�صم ٌة لطاملا اكت�ست بال�سواد‬ ‫ون�شرت راي ��ات احل�سني ‪ ...‬فمن ي�صدق‬ ‫�أنها حم�صنة ب�أعرق امل�آمت احل�سينية التي‬ ‫تندب احل�سني (ع) وترثيه �أم��ام ه��ذا الكم‬ ‫الهائل م��ن ال�ف�ن��ادق ون��اط�ح��ات ال�سحاب‪.‬‬ ‫ومن ي�صدق �أن عا�صمة البحرين هي كربالء‬ ‫ثانية ال ميكنه �أن ي�ستوعب ما يجري يف‬ ‫زقاقها يف ع�شر ليالٍ متاحٌ لنا فيها �إعادة بناء‬ ‫�أنف�سنا كما �أراد احل�سني (ع) حني �ضحى‬ ‫بكل غ��الٍ ونفي�س ‪ ..‬نعم ‪ ,‬نفخر بعا�صمة‬ ‫مثلها‪ ،‬ولكننا ال نقبل ب�آخر �صيحات املو�ضة‬ ‫التي تت�شكل على هيئة �شابة ت�سري يف زقاق‬ ‫�سوقها القدمي كعار�ضة �أزياء ال ت�ستحي من‬ ‫ح�ضور جمل�س لطم وع��زاء على روح �سيد‬ ‫ال�شهداء و�أمام ح�ش ٍد من الرجال!‬ ‫م��ن امل��ؤ��س��ف �أن�ن��ا ن�ستغل ل�ي��ايل احل�سني‬ ‫(ع) و�أي��ام��ه يف ق�ضاء وقتنا بالت�سكع يف‬ ‫�أزقة القرى من امل�ؤ�سف �أننا ال ن�صرب على‬ ‫�وب من ال�شاي �أو �شطرية جنب نت�سابق‬ ‫ك� ٍ‬ ‫يف احل�صول عليها م��ن امل�ضائف املمتدة‬ ‫واملتقابلة يف ك��ل زق ��اقٍ و� �ش��ارعٍ ون��زاح��م‬ ‫الرجال يف ذلك‪ .‬من امل�ؤ�سف جد ًا �أن نن�سى‬ ‫�أن حجاب زينب وعفتها هي امتداد لثورة‬ ‫احل���س�ين‪ ..‬م��ا ي�ج��ري يف قلب امل�ن��ام��ة من‬ ‫�أخطاء �شائعة لهو �أمر مريب يجرنا لطرح‬ ‫ت �� �س��ا�ؤالت ع��دي��دة �أه �م �ه��ا‪ :‬م��ا ه��و ال�سر‬ ‫وراء تف�شي ظاهرة ت�برج الن�ساء مبو�سم‬ ‫عا�شوراء يف املنامة؟ وكيف ميكننا الق�ضاء‬ ‫عليها؟‬ ‫تقول ال�شابة زهراء �ضاحي عن الأمر الذي‬ ‫ي��دف��ع ال�ن���س��اء مل��زاح�م��ة ال��رج��ال مب��واك��ب‬

‫‪6‬‬

‫العزاء والفعاليات‪" :‬عدم �إدراك�ه��ن لهدف‬ ‫�إحياء عا�شوراء‪ ،‬و�ضعف ال��وازع الديني‪،‬‬ ‫�إىل جانب عدم و�ضوح ر�سالة احل�سني (ع)‬ ‫يف �أذهانهن‪ ،‬وتق�صري الأهل يف توعيتهن‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل عدم اتخاذ �إج��راءات تنظيمية‬ ‫�صارمة للمواكب العزائية التي متنع هذا‬ ‫االختالط‪ ،‬مما يعني ر�ضا العامة بالواقع‬ ‫والت�سليم له دون التحرك ملعاجلة الو�ضع"‪.‬‬ ‫و عن وجود اجلانب التوعوي للن�ساء فيما‬ ‫يخ�ص ه��ذا الأم ��ر ت�ق��ول ��ض��اح��ي‪" :‬هناك‬ ‫فرق بني الثقافة وال��وع��ي‪ ...‬الثقافة تعني‬ ‫�أن�ن��ي �أمتلك معلومات ومفاهيم موروثة‬ ‫�أو مكت�سبة‪ .‬فعلى �سبيل املثال (�سمعت �أن‬ ‫ه��ذا الأم��ر قبيح ويجب تركه ولكن ه��ذا ال‬ ‫يحركني‪ )..‬يعني �أين ل�ست واعية‪ ,‬فالوعي‬ ‫هو ال��ذي يحرك الإن�سان باجتاه ال�صواب‬ ‫وت��رك م��ا ال يجب‪� .‬إذاً‪ ,‬املجتمع الن�سوي‬ ‫يحتاج �إىل توعية تكاد تكون معدومة يف‬ ‫هذا اجلانب"‪.‬‬ ‫�أما عن ذكر مواقف مرت بـ �ضاحي فاكتفت‬ ‫بالتعليق على ما ت�شاهده قائلة " املواقف‬ ‫ك�ث�يرة على م��د الب�صر وتعليقي �أن هذه‬ ‫املواقف تدمي قلب الإمام احلجة وتزيد هم‬ ‫الزهراء وهم �أ�صحاب العزاء!"‬ ‫من جانبها ترى فاطمة �سيد �صالح (طبيبة)‬ ‫�أن الأم��ر ذاته يعود على تفاعلنا مع ق�ضية‬ ‫احل���س�ين (ع) ب�شكل ع��اط�ف��ي �أو عقالين‬ ‫بقولها‪" :‬يف احلقيقة عندما يكون تفاعلنا‬ ‫جت��اه ق�ضية الإم���ام احل�سني (ع) تفاع ًال‬ ‫عاطفي ًا ل��ن ت�ك��ون ت�صرفاتنا ذات خلفية‬ ‫عقالنية �أبداً‪ ،‬متام ًا كردة فعل طبيعية جتاه‬

‫فلم ح��زي��ن ��ش��اه��دن��اه‪ ,‬ت��أث��رن��ا ب��ه �سيكون‬ ‫حل�ظ�ي� ًا ينتهي ب��ان�ت�ه��اء ال�ف�ل��م ذات� ��ه‪ ,‬لكن‬ ‫حينما ت�ك��ون ق�ضية احل�سني (ع) ق�ضية‬ ‫مفهمومة بعقل نا�ضج‪ ،‬الب��د و�أن تنعك�س‬ ‫على �سلوكياتنا و�أخالقنا وحياتنا الرتبوية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬ومع الأ�سف رمبا فقدنا هذا‬ ‫الوعي ف�أ�صبح احل�سني (ع) ق�ضية تتوارثها‬ ‫الأجيال دون التعمق يف ر�سالته وق�ضيته‬ ‫التي ا�ست�شهد من �أجلها‪ .‬لذلك نرى اخلد�ش‬ ‫وع��دم احلياء متف�شي ًا يف ليايل عا�شوراء‬ ‫ولرمبا ا�ستُخدم هذا املجل�س �أو ذاك املوكب‬ ‫لأجل تلبية �أهوائنا امل�شوبة بحب النف�س‬ ‫وامللذات ‪"..‬‬ ‫وفيما يخ�ص اجلانب التوعوي للن�ساء تقول‬ ‫فاطمة‪ " :‬ما يجري يف املنامة لهو نتيجة‬ ‫لنق�ص يف جانب توعية املر�أة ‪ ..‬من جانبني‬ ‫الأ�� �س ��رة وامل �ن��اب��ر احل���س�ي�ن�ي��ة‪ ,‬وال �أع�ن��ي‬


‫املبادرة بالتوعية‪ ،‬لكني �أعني الطريقة �أو‬ ‫الأ�سلوب التوعوي امل�ستخدم املنفر يف كثري‬ ‫من الأح �ي��ان‪ .‬فال ب�أ�س باحت�ضان الفتيات‬ ‫واحتواء عقولهن الب�سيطة وحماولة �إي�ضاح‬ ‫جوهر عا�شوراء وزينب (ع)‪".‬‬ ‫و عن م�شاهد االختالط والتربج تعلق فاطمة‬ ‫بقولها " ال ي�سعني ذكر �أح��د املواقف التي‬ ‫تتكرر يف كل عام �أمام امل�ضائف احل�سينية‬ ‫املبالغ بها وت ��راود ال�شابات عليها بكامل‬ ‫زينتهن �أمام ال�شباب �أوغريها من الظواهر‬ ‫املخجلة ‪."..‬‬ ‫�أما �صالح مهدي ح�سن (�أ�ستاذ فل�سفة) يقول‬ ‫حول اجلو العا�شورائي ب�شكل عام‪" :‬يتميز‬ ‫مو�سم عا�شوراء يف بلدنا البحرين با�ﻹحياء‬ ‫ال�شعبي املتميز حيث ي�ستنفر الكل من جميع‬ ‫ا�ﻷ ع�م��ار من اجلن�سني للح�ضور والتعزية‬ ‫مت�شحني بال�سواد مما ي�ضيف لتلك املنا�سبة‬ ‫زخما جليا ال جتده يف �سائر �أيام العام "‪..‬‬ ‫و عن ح�ضور الن�ساء وتربجهن يف ليايل‬ ‫ع��ا���ش��وراء ب��امل �ن��ام��ة ي��ق��ول‪ " :‬احل���ض��ور‬ ‫الن�سوي يف املنامة ال بد من ا�ستثماره بد ًال‬ ‫من �إهماله �أو حماربته‪ ,‬فالإن�سان حري�ص‬ ‫ع �ل��ى م��ا م �ن��ع‪ .‬وق �ب �ي��ل م��و� �س��م ع��ا� �ش��وراء‬

‫ب��الإم�ك��ان عقد م��ؤمت��ر خا�ص ملناق�شة هذه‬ ‫الظاهرة بطريقة الع�صف الذهني لتوليد‬ ‫�أفكار خالقة لال�ستعداد والوقاية والعالج‪".‬‬ ‫و ي���ش�ير �أ‪� � .‬ص��ال��ح �إىل �� �ض ��رورة معرفة‬ ‫�أ�سباب و�أه��داف ح�ضور الن�ساء يف املنامة‬ ‫بقوله‪" :‬نحتاج لعمل بحث علمي اجتماعي‬ ‫دقيق ملعرفة دواف��ع و�أه��داف هذا احل�ضور‬ ‫الن�سوي الكبري �إىل املنامة �أثناء املو�سم‪,‬‬ ‫مما ي�ساعدنا على احتواء احل�ضور الن�سوي‬ ‫ودجم ��ه يف ف�ع��ال�ي��ات حم�ب�ب��ة �إل �ي��ه‪ ,‬وبعد‬ ‫املو�سم نقوم مبراجعة املمار�سات واالجتهاد‬ ‫يف تطوير ما ميكن تطويره"‪.‬‬ ‫من جانبه يرى املتحدث الر�سمي عن هيئة‬ ‫ال�ت�ن�ظ�ي��م احل���س�ي�ن�ي��ة يف امل �ن��ام��ة حم�م��ود‬ ‫احللواچي ب��أن تربج امل��ر�أة وتواجدها يف‬ ‫م�سار املوكب يدل على �ضعف الوازع الديني‬ ‫بقوله‪�" :‬إن ت��واج��د الن�ساء وحت��دي��د ًا يف‬ ‫�أعمار معينة بكامل زينتهن يف م�سار العزاء‬ ‫ينم عن �ضعف الوازع الديني وغياب الرقابة‬ ‫م��ن ق�ب��ل �أه��ال�ي�ه��ن وق �ل��ة وع�ي�ه��ن وان �ق�لاب‬ ‫املفاهيم لديهن ‪ "..‬وي�ضيف احللواجي‬ ‫بقوله " عندما يغيب ال��وازع الديني ترحل‬ ‫الغرية على املقد�سات وال�شعائر والأعرا�ض‬ ‫وعندها تغيب �شخ�صية ال�سيدة زينب (ع)‬ ‫وتغيب �أخالقها وعفتها كما هو حا�صل‪ .‬وال‬ ‫ترى زينب �إال من ا�ست�ضاءت روحها بروح‬ ‫زينب �سالم الله عليها" ‪.‬‬ ‫�أما ال�شيخ علي عا�شور فريجع تربج املر�أة‬ ‫�إىل �أ� �س �ب��اب نف�سية واج�ت�م��اع�ي��ة بقوله‪:‬‬ ‫"يعترب التربج عند الفتيات و�سيلة لالنفتاح‬ ‫على الطرف الآخر �أو للتعريف ب�شخ�صيتها‬ ‫املجهولة‪ ..‬وت�ع��ود �أ�سباب ه��ذه الظاهرة‬ ‫لعدم الوعي باجلوانب ال�سلبية والأ�ضرار‬ ‫النف�سية واالجتماعية على الفتاة نف�سها‪,‬‬ ‫ك�م��ا �أن امل�ج�ت�م��ع يتحمل ال�ق���س��ط الأك�ب�ر‬ ‫م��ن امل �� �س ��ؤل �ي��ة ن�ت�ي�ج��ة ال���ض�غ��ط الأ� �س��ري‬ ‫واالجتماعي‪ ,‬وبدورها تقوم الفتاة برتجمة‬

‫ه��ذا ال�ضغط والتهمي�ش ب��ردة فعل �سلبية‬ ‫معاك�سة بظهور التحدي باملجتمع‪ ..‬من‬ ‫هنا ف�إن امل�س�ؤلية التنح�صر على املر�أة فقط‬ ‫‪ ,‬بل نحن لنا الدور الأكرب �أي�ض ًا بتف�شي هذه‬ ‫الظاهرة ‪ ,‬ف��إذا كان هناك قلة وعي و�إدراك‬ ‫من الفتيات بالتربج ‪ ,‬فنحن �أي�ضا لدينا قلة‬ ‫وع��ي و�إدراك يف طريقة معاجلة املواقف‬ ‫�إ��ض��اف��ة �إىل التعامل اخل��اط��ئ يف املحيط‬ ‫الأ�سري‪".‬‬ ‫و ب�ش�أن �س�ؤالنا �إياه حول الإج��راءات التي‬ ‫ي�أخذها القائمون على مواكب العزاء باملنامة‬ ‫يجيب ال�شيخ علي عا�شور بقوله‪" :‬ال تنطبق‬ ‫ع�ل��ى جل��ان ال �ع��زاء وال�ه�ي�ئ��ات التنظيمية‬ ‫�شروط الأمر باملعروف والنهي عن املنكر‪،‬‬ ‫�إذ البد من توافر قدر كبري من الوعي الديني‬ ‫واالجتماعي وال��وع��ي الثقايف واملقبولية‬ ‫ل��دى الطرف الآخ��ر ومقاربة الأم��ور بالتي‬ ‫ه��ي �أح���س��ن كما ع�بر عنها ال �ق��ر�آن الكرمي‬ ‫باحلكمة واملوعظة احل�سنة‪� ,‬إذ �أن م�س�ألة‬ ‫ت�صحيح املواقف وال�سلوكيات �إمنا حتتاج‬ ‫للخبري الب�صري لكي يعرف ما يتوجب قوله‬ ‫�أو فعله‪ ..‬ومن هنا ف�إنا بحاجة لطبقة واعية‬ ‫من العلماء يتحدثون عن مفاهيم الإ�سالم‬ ‫وت�أ�صيل القيم الإ�سالمية وخماطبة العقول‬ ‫عن احلياة االجتماعية مبفهومها ال�صحيح‬ ‫بعيد ًا عن الت�شدد يف غري مو�ضعه ال�صحيح‬ ‫منع ًا من اختالط املفاهيم" ‪.‬‬ ‫وعن احللول املقرتحة للحد من ظاهرة تربج‬ ‫الن�ساء يف مو�سم عا�شوراء باملنامة يقول‬ ‫ال�شيخ علي ع��ا��ش��ور‪" :‬احللول املقرتحة‬ ‫ب�ن�ظ��ري تتمثل ب�ط��رح احل �ج��اب مبفهومه‬ ‫ال�صحيح واحلقيقي‪ ,‬فنحن ال نتكلم عن‬ ‫مفهوم احلجاب ال��ذي يختزل معناه ب�سرت‬ ‫الوجه والكفني‪ ,‬كما �أن وعي املجتمع بدور‬ ‫امل� ��ر�أة وع ��دم ا�ستنقا�صها �أو اال�ستعالء‬ ‫عليها واالل�ت��زام باال�ستحقاقات التي عليه‬ ‫يعترب من احللول الأ�سا�سية ملعاجلة هذه‬ ‫الظاهرة"‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫المركز اإلعالمي‬ ‫يعترب ما ي�سمى بالإعالم اجلديد واملتمثل حتديد ًا يف و�سائل التوا�صل االجتماعي (اليوتيوب واالن�ستغرام وتويرت والوات�س �أب) من‬ ‫العوامل الرئي�سة لنجاح �أي م�ؤ�س�سة‪ ،‬وحتديد ًا ذات الطابع االجتماعي‪ ،‬مثل امل�آمت وغريها‪ ،‬ملا ميثل هذا النوع من الإعالم كو�سيلة توا�صل‬ ‫�سريعة تربط ب�شكل مبا�شر امل�ؤ�س�سات باملجتمع وجتعلها قريبة منهم‪ ،‬وهو ما و�ضعه املركز الإعالمي مب�أمت ال�سناب�س ن�صب عينيه وج�سده‬ ‫�سنوات م�ضت؛ حيث ا�ستطاع من خاللها �أن يخطو بخطوات راقية وابتكارات‬ ‫خالل جتربة مميزة ومبدعة يف هذا املجال خالل �أربع‬ ‫ٍ‬ ‫متميزة �أحدثت نقلة نوعية بارزة خالل مو�سمي عا�شوراء و�صفر‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل املنا�سبات الأخرى‪.‬‬ ‫وكعادته عمل املركز الإعالمي للم�أمت على تطوير �أدائه حر�ص ًا منه لتقدمي خدمة تر�ضي اجلمهور‪ ،‬وهو ما متثل هذا العام يف افتتاح مقره‬ ‫اجلديد الذي مت جتهيزه بالأجهزة والكوادر وفرق العمل التي‬ ‫ميتد عملها ل�ساعات طويلة‪.‬‬ ‫ورغبة منا يف تعريف اجلمهور الكرمي بكل ما هو جديد‪ ،‬نقدم‬ ‫لكم خالل هذه امل�ساحة ا�ستعرا�ض َا لأبرز اخلدمات اجلديدة التي‬ ‫�سيقدمها املركز الإعالمي خالل مو�سمي حمرم و�صفر‪.‬‬ ‫افتتاح مقر المركز االعالمي‬

‫هو املركز املعني بت�صميم جميع الإعالنات ال�صادرة عن امل�أمت‪،‬‬ ‫كما �أنه نقطة التقاء وحلقة و�صل جلميع امل�صورين وامل�صممني‬ ‫من داخل وخارج القرية‪ .‬و�سيكون مبثابة �إمداد فني للم�صورين‪،‬‬ ‫كما ُيقدم خدمات �أخرى كتنزيل وفرز ورفع ال�صور اليومية‪.‬‬ ‫تفعيل خدمة البث المباشر للمنازل عن طريق اليوتيوب ‪youtube‬‬ ‫نظر ًا لكرثة طلبات ا�ستقبال البث املبا�شر للم�أمت يف املنازل‪ ،‬فقد قام املركز الإعالمي بتجربة البث املبا�شر عن طريق‬ ‫اليوتيوب خالل العام املا�ضي وقد القت التجرية جناح ًا كبري ًا‪ ،‬لذا فقد عمد القائمون عليها على حت�سني هذه اخلدمة من‬ ‫ناحية اجلودة وتقليل فارق التوقيت للبث واحتادها للجميع‪ ،‬وهو ما نتج عن توفري التغطية الالزمة ملتابعة البث املبا�شر‬ ‫ملحا�ضرات �سماحة ال�شيخ ح�سن العايل لهذا العام يف العا�صمة املنامة حيث �سيتم العر�ض بالتن�سيق مع الأخوة يف‬ ‫جمعية العا�صمة ليلي ًا طوال �شهر حمرم احلرام ابتدا ًء من ال�ساعه ‪ 9:15‬م�ساء ‪.‬‬ ‫تحديث يومي لصفحة ‪Sound clould‬‬

‫تتيح �صفحة م�أمت ال�سناب�س على ‪ Soundcloud‬للجمهور متابعة جميع امللفات ال�صوتية (للخطباء والرواديد وخمتلف‬ ‫الفعاليات) حيث ميكن الو�صول �إليها بالهواتف الذكية و�أجهزة الكمبيوتر‪ .‬ويتم حتديث ال�صفحة ب�إ�ضافة امللفات ال�صوتية‬ ‫ب�شكل دوري‪ ،‬مما زاد من عدد متابعي ال�صفحة ب�شكل ملحوظ حيث بلغ عدد متابعي ال�صفحة �أكرث من ‪� 30‬ألف متابع ‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫تفعيل التغطيات اليومية عن طريق التواصل االجتماعي بحلة جديدة‬

‫التغطية اليومية لفعاليات امل�أمت هي نتاج جهد حثيث لعدد كبري من كوادر امل�أمت �سخروا وقتهم وجهدهم من �أجل‬ ‫�إخراج هذه التغطية يف الوقت املحدد لها عند الثامنة �صباح ًا يف اليوم التايل‪.‬‬ ‫حيث ي�شمل (م�سج الربودكا�ست اليومي) تغطية العديد من الفعاليات التي تبد�أ منذ الـ ‪ 6:30‬م�ساء ًا حتى الـثانية‬ ‫فجر ًا تتلخ�ص يف تغطية فعاليات الرياحني وقراءة القر�آن الكرمي وزيارة االمام احل�سني (ع) وحما�ضرات اخلطباء‬ ‫واملوكب العزائي لداخل وخارج امل�أمت بالإ�ضافة لو�صالت امللفات ال�صوتية واملرئية مع م�سج مكتوب وملف ‪pdf‬‬ ‫يحتوي على تلخي�ص مكتوب ملحا�ضرات اخلطيب لي ًال‪� ،‬إذ �سيتم جمع هذه التلخي�صات و�إ�صدارها يف �شكل كتيب‬ ‫يف نهاية املو�سم‪.‬‬ ‫لال�شرتاك يف وات�س �أب امل�أمت يرجى �إر�سال ‪)+973 ( 36782224‬‬

‫افتتاح مقر لجنة السواد بالمأتم‬ ‫مع اق�تراب �شهر حمرم‬ ‫احل � � � � ��رام ق � � ��ام م� � ��أمت‬ ‫ال �� �س �ن��اب ����س ب��اف �ت �ت��اح‬ ‫م�ق��ر جم�م��وع��ة ال���س��واد‬ ‫بامل�أمت‪ ،‬مبا ي�ساعد على‬ ‫�إعداد ال�سواد و�إجنازه‬ ‫ب� ��أف� ��� �ض ��ل ال ��و�� �س ��ائ ��ل‪،‬‬ ‫ح � �ي� ��ث ي� �ت� �ي���ح امل� �ق ��ر‬ ‫تركيب الأقم�شة وعمل‬ ‫امل��خ��ط��وط��ات ع�ل�ي�ه��ا‪،‬‬ ‫م� ��ع ت� ��وف �ي�ر م �� �س��اح��ة‬ ‫منا�سبة للتخزين‪ .‬هذا‬ ‫وق��د �صرحت جمموعة‬ ‫ال�سواد �أن املقر �ساعدها‬ ‫ك � � �ث� �ي��ر ًا يف جت �ه �ي��ز‬ ‫اللوحات اجلديدة لهذا‬ ‫العام‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫المعرض الفوتوغرافي األول‬

‫ٌ‬ ‫مصت يتملك‬

‫يعترب ذكر �أهل البيت �صلوات الله عليهم يف �أحزانهم و�أفراحهم �أحد • الق�سم الثاين‪� :‬سيعر�ض �أف�ضل ‪� 3‬أعمال فوتوغرافية الذين مت‬ ‫�شعائر الله‪ ،‬ونحن يف �شهر حمرم احل��رام نُعظم ال�شعائر احل�سينية اختيارهم من قبل جلنة التحكيم‪ ،‬و�شملت عملني من مملكة البحرين‬ ‫بكل الو�سائل املختلفة‪ .‬ويف هذا العام نقدم �أحد ال�شعائر التي ت�ؤثر وعمل من اجلمهورية اللبنانية‪.‬‬ ‫يف الإن�سان املوايل‪ ،‬بقلبه وعينه‪ .‬فكانت فكرة املعر�ض الفوتوغرايف‬ ‫• الق�سم الثالث‪� :‬سيعر�ض باقي الأعمال امل�شاركة يف املعر�ض‪.‬‬ ‫الذي يج�سد ال�شعائر احل�سينية من خالل عد�سة �سوداء‪ ،‬تظهر �صوره‬ ‫و�إننا ن�شكر كل من �ساهم يف �إجناح هذا املعر�ض الفوتوغرايف الأول‪،‬‬ ‫للنا�س الكثري من امل�شاعر التي تدل على الوالء لهذه ال�شعائر‪.‬‬ ‫من الداعمني وال�شخ�صيات ومن الكوادر التي عملت خلف الكوالي�س‪،‬‬ ‫يحتوي هذا املعر�ض الفوتوغرايف على �أكرث من ‪� 20‬صورة ح�سينية مت‬ ‫كما ون�شكر كل من دعم املعر�ض دعم ًا معنوي ًا للإرتقاء للأف�ضل و�إظهار‬ ‫التقاطهم من قبل م�صورين �أناث وذكور من داخل البحرين وخارجها‪.‬‬ ‫ال�شعائر احل�سينية‪.‬‬ ‫وقد مت اختيار هذه ال�صور من بني ‪� 105‬صورة من قبل جلنة املحكمني‪،‬‬ ‫والتي �شملت‪ :‬امل�صور جعفر احللواجي‪ ،‬امل�صور �صادق امل��رزوق‪ ،‬و�سوف ُيفتح املعر�ض يومي ًا يف وقتني‪:‬‬ ‫وامل�صور ناهي عبدالله‪ ،‬وا�ستناد ًا على خربتهم يف املجال الفوتوغرايف‬ ‫• وقت للن�ساء‪ :‬من اليوم الثالث من �شهر حمرم وحتى �سابع يوم‬ ‫مت اختيار �أف�ضل ال�صور بدقة عالية للمعر�ض الفوتوغرايف‪.‬‬ ‫منه‪ ،‬و�سيكون ذل��ك من ال�ساعة ‪ 3:00‬ع�صر ًا وحتى ‪� 4:45‬أي قبل‬ ‫�أذان املغرب بن�صف �ساعة‪.‬‬ ‫ويحتوي املعر�ض على ‪� 3‬أق�سام‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫• الق�سم الأول‪ :‬وي�ضم �أعمال املحكمني الثالثة وهم امل�صور جعفر • وقت للرجال‪ :‬والذي �سيكون من ليلة ثالث �شهر حمرم وحتى ليلة‬ ‫احللواجي‪ ،‬امل�صور �صادق مرزوق‪ ،‬وامل�صور ناهي علي‪ ،‬وقد �شارك عا�شر منه‪ ،‬من بعد ال�ساعة‪6:30‬م�سا ًء وحتى ‪ 12:00‬عند منت�صف‬ ‫الليل‪.‬‬ ‫كل منهم بعملني‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫ُ ن أ‬ ‫سي� للطفال‬ ‫ح‬ ‫رمس‬ ‫لوحة‬ ‫أطول‬ ‫ي‬

‫َّ‬ ‫ال�سناب�س‬ ‫ال�سالم" اخلا�ص مب�أمت َّ‬ ‫نظم برنامج رياحني ال َّزهراء "عليها َّ‬ ‫�سيني للأطفال وذلك م�ساء يوم اخلمي�س‬ ‫م�شروع �أطول لوحة ر�سم ُح ّ‬ ‫املوافق ‪� 23‬أكتوبر ‪2014‬م‪ ،‬و يهدف امل�شروع �إىل اكت�شاف مواهب‬ ‫الأطفال من جانب و�إف�ساح املجال لهم للتعبري عن م�شاعرهم جتاه‬ ‫عا�شوراء والإمام ا ُ‬ ‫ال�سالم" من جانب �آخر‪ ،‬كما يهدف‬ ‫حل�سني "عليه َّ‬ ‫لتعزيز ال َّتعاون بني الأطفال من خالل ال َّر�سم يف لوحة واح��دة بلغ‬ ‫طولها ‪ 50‬م� ً‬ ‫�سجلوا يف‬ ‫ترا‪ .‬اجلدير بالذكر � ّأن عدد الأطفال ال ّذين َّ‬ ‫امل�شروع فاق ‪ 250‬طف ًال من �أكرث من ‪ 38‬منطقة من مناطق البحرين‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫أين القبر الشريف؟‪...‬‬

‫مرص أم الشام؟‬

‫هي �سيد ٌة جليلة‪ ،‬عامل ٌة من غري تعليم‪ ،‬وفاهم ٌة من غري تفهيم‪ ،‬وكيف ال تكون كذلك وقد تربت يف حجر النبي (�ص)‪،‬‬ ‫بنت علي و�أمها البتول و�أخواها ال�سبطان‪� ،‬إنها ال�صديقة ال�صغرى‪ ،‬احلوراء العقيلة‪ ،‬زينب الكربى‪� -‬سالم الله عليها‪.‬‬ ‫تبو�أت مكانة عظمى يف قلوب النا�س‪ ،‬ف�أ�صبح يتوافد على قربها حتى َمن ال ُي�ؤمن بع�صمتها ال�صغرى‪ .‬ونحن الآن‬ ‫حيث يختلي قربها من زوارها �إال القليل ِمن َمن وُفق للذهاب �إىل مزار كان يكتظ مبحبيها‪ ،‬ن�ستذكر �شخ�صها‪ ،‬حيث‬ ‫ثورتها بجنب �أخيها احل�سني (ع) يف كربالء‪ ،‬نناق�ش م�س�ألة طال حديث العلماء والباحثني فيه‪.‬‬

‫أين موضع قبرها؟‬

‫نقا�ش طويل اختلف فيه‬ ‫�إن يف حتديد مو�ضع قرب ال�سيدة زينب (ع) ٌ‬ ‫وجدت �أن كتاب «زينب الكربى ‪ ...‬من املهد �إىل اللحد»‬ ‫الباحثون‪ .‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫لل�سيد حممد كاظم القزويني من �أف�ضل الكتب التي ناق�شت املو�ضوع‬ ‫وعلّقت عليه ب�شكل مب�سط و�سل�س‪ .‬فحري بنا ومبن يهتم بهذه امل�س�ألة‬ ‫قراءة هذا الكتاب ملعرفة مو�ضع القرب‪� .‬إال �أين يف هذه العجالة �س�أ�ضع‬ ‫بني يدي القارئ العزيز بع�ض املعلومات والإ�ضافات على ما جاء يف هذا‬ ‫الكتاب القيم‪.‬‬

‫رضيح السيدة زينب (ع) بسوريا‬

‫‪12‬‬

‫مرقد السيدة زينب (ع)‬

‫هناك �أربع �أماكن يُحتمل وجود قرب ال�سيدة زينب (ع) فيه‪:‬‬ ‫‪� -1‬سوريا‪ :‬يف مدينة راوية يف �ضاحية دم�شق املعروفة حالي ًا بريف‬ ‫دم�شق‪.‬‬ ‫‪ -2‬م�صر‪ :‬وبالتحديد يف القاهرة‪.‬‬ ‫‪ -3‬العراق‪ :‬يف �سنجار‪ ،‬وه��ي مدينة �شمال ال�ع��راق جنوب ن�صيبني‬ ‫عن ميني الطريق �إىل املو�صل‪ .‬ومل يثبت �أن هذا املرقد هو لل�سيدة زينب‬ ‫الكربى (ع)‪� ،‬إذ يزعم �أ�صحاب هذا الر�أي �أنها تُوفيت �أثناء مرور ال�سبايا‬ ‫على هذا املكان‪ ،‬وهذا مل يثبت عنها يف التاريخ‪.‬‬ ‫‪ -4‬املدينة املنورة‪ :‬وهو ما ذهب �إليه ال�سيد حم�سن الأمني‪ ،‬وقد ناق�ش‬ ‫ال�سيد القزويني هذا الر�أي وفنده‪.‬‬ ‫من هذا يت�ضح �أن خال�صة البحث عن موقع املرقد ال�شريف يتمحور بني‬ ‫دم�شق والقاهرة‪.‬‬


‫�أهل املدينة‪ ،‬وال �أ�ستبعد �أبد ًا �أن مت د�س ال�سم لل�سيدة زينب (ع) للخال�ص‬ ‫منها يف �سرية وهدوء كما ُ�سم �أخيها احل�سن (ع)‪ .‬فما هو املر�ض الع�ضال‬ ‫الذي �أمل بها وتوفيت به! يحتاج الأمر لت�أمل وتفكر‪ ،‬وهذا ما ال ي�ستبعده‬ ‫العقل من قتلة الإمام احل�سني (ع)‪.‬‬ ‫مصر‬

‫مقام السيدة زينب (ع) بسوريا‬

‫دمشق‬

‫يقع مقام ال�سيدة زينب (ع) يف ريف دم�شق يف مدينة تعرف براوية‪� ،‬إال �أن‬ ‫ا�سم هذه املدينة ال يرتدد الآن على �أ�سماع النا�س الذين �أ�صبحوا يعرفون‬ ‫املكان با�سم ال�سيدة زينب (ع)‪ .‬وفق هذه الرواية‪ ،‬ف�إن ال�سيدة زينب (ع)‬ ‫�ألبت جمتمع املدينة املنورة �ضد يزيد بعد عودتها من رحلة ال�سبي املريرة‪،‬‬ ‫ف�أر�سل وايل املدينة عمرو بن �سعيد الأ�شدق �إىل يزيد �أن �أبعد ال�سيدة زينب‬ ‫�إن �أردت املدينة‪ ،‬ف�أخرجها �إىل ال�شام وبقيت هناك تقطن يف �أر�ض (مزرعة)‬ ‫ميلكها زوجها عبدالله بن جعفر �إىل �أن ماتت ودفنت هناك‪ .‬و ُيقال �أن جماعة‬ ‫�ضربت املدينة املنورة �سنة ‪ 62‬هـ ومنهم من قال �سنة ‪ 65‬هـ‪ ،‬فخرجت هي‬ ‫وزوجها نحو مزرعته يف دم�شق‪.‬‬ ‫�إن احلديث عن املجاعة التي �ضربت املدينة لهو �أم ٌر غريب مل �أجد م�صادر‬ ‫وثقته �سوى تلك التي تتحدث عن هجرة ال�سيدة زينب (ع) والتي ت�ستقي‬ ‫نف�س ال�ك�لام من�سوخ ًا بنف�س ال�صيغة‪ ،‬م��ا ي�شري �إىل �أن امل�صادر التي‬ ‫بحثت عن هذه املجاعة‬ ‫ا�ضطلعت عليها تعتمد على منبع واحد يف املعلومة‪ُ .‬‬ ‫هنا وهناك فلم �أجدها‪ .‬وعليه‪ ،‬ال �أميل �إىل فكرة خروج ال�سيدة زينب (ع)‬ ‫من املدينة �إىل دم�شق نتيجة املجاعة‪ .‬فلو حدثت جماعة جترب النا�س على‬ ‫الهجرة‪ ،‬ل�ضجت كتب التاريخ تتحدث عنها وع��ن تفا�صيلها‪ ،‬ولتحدث‬ ‫التاريخ عن خروج العديد من النا�س هرب ًا من ويالتها‪.‬‬ ‫�إنني �أميل ب�شدة �إىل نفي ال�سيدة زينب (ع) من املدينة املنورة �إىل دم�شق‬ ‫بعد ت�أجيج جمتمع املدينة �ضد احلكم الأموي‪ ،‬كما نُفي الإمام الكاظم (ع)‬ ‫لبغداد والإمام الر�ضا (ع) �إىل خرا�سان والإمامني الهادي والع�سكري (ع)‬ ‫�إىل �سامراء‪ .‬مت نفيها وو�ضعها حتت الإقامة اجلربية بني ناظري الدولة‬ ‫الأموية‪ ،‬كونها ام��ر�أة وقتلها كقتل احل�سني (ع) علن ًا �أمر يجر الف�ضيحة‬ ‫للنظام الذي هزته ف�ضيحة قتل احل�سني يف كربالء و�سبي ن�ساءه وحراك‬

‫ووفق الق�صة التي تن�ص على هجرة ال�سيدة زينب (ع) �إىل م�صر‪ ،‬ف�إنها بعد‬ ‫نفيها من املدينة توجهت نحو م�صر وا�ستقبلها الوايل الأم��وي م�سلمة بن‬ ‫خملد و�أ�سكنها داره باحلمراء بالقاهرة وبعد �إحدى ع�شر �شهر ًا وخم�سة‬ ‫ع�شر يوم ًا توفيت يف ‪ 15‬رجب ‪ 62‬هـ‪ ،‬و�صلى عليها ودفنها مبخدعها يف‬ ‫الدار ح�سب و�صيتها‪ .‬وباعتبار �أن الوايل كان �أموي ولي�س على حب �أمري‬ ‫امل�ؤمنني (ع)‪ ،‬ال يبعد �أنها كانت حتت الإقامة اجلربية يف م�صر‪ ،‬وهو نف�س‬ ‫االحتمال ال�سابق يف ال�شام‪ .‬يبدو �أنها نفيت و ُو�ضعت حتت الإقامة اجلربية‬ ‫ال حمالة‪ .‬جاءت هذه الرواية يف كتاب «�أخبار الزينبيات» للعبيديل‪.‬‬ ‫مييل ال�سيد القزويني �إىل �أن قرب احلوراء (ع) هو ذلك املوجود يف م�صر‪،‬‬ ‫وقد يكون اعتماد ال�سيد على ما جاء يف «�أخبار الزينبيات» �سبب ًا يف ذلك‪.‬‬ ‫ولكن من هو العبيديل؟ وما هو كتاب «�أخبار الزينبيات»؟‬ ‫وفق ًا ملا جاء يف كتاب القزويني �أن العبيديل هو‪ :‬العالمة اجلليل‪ ،‬ال�شريف‬ ‫ال�ط��اه��ر‪ ،‬امل�ح��دث املف�سر‪ ،‬الن�سابة‪ ،‬الثقة الأم�ي�ن‪� ،‬أب��و احل���س�ين‪ ،‬يحيى‬ ‫العبيديل‪ ،‬العقيقي الأع��رج��ي‪ ،‬بن احل�سن بن جعفر احلجة بن عبيدالله‬ ‫الأعرج‪ ،‬ابن احل�سني الأ�صغر‪ ،‬ابن الإمام ال�سجاد زين العابدين بن احل�سني‬ ‫بن علي بن �أبي طالب‪ُ .‬ولِد يف املدينة �سنة ‪ 214‬هـ وتويف �سنة ‪ 277‬هـ يف‬ ‫مكة‪ ،‬وقد روى منه جمع من علمائنا الأفا�ضل كال�شيخ املفيد وال�صدوق‬ ‫والطو�سي وغريهم‪.‬‬

‫رضيح السيدة زينب (ع) مبرص‬

‫‪13‬‬


‫مقام السيدة زينب (ع) مبرص (قدميا)‬

‫قبر أم كلثوم‬ ‫عندما �أرادوا جتديد بناء حرم ال�سيدة زينب (ع) يف دم�شق‬ ‫وحفروا الأر�ض لبناء الأ�س�س و�صلوا �إىل القرب ال�شريف وعليه‬ ‫رخامة ُكتب عليها «هذا قرب زينب ال�صغرى املكناة ب�أم كلثوم‬ ‫بنت علي بن �أبي طالب �أمها فاطمة البتول �سيدة ن�ساء العاملني‬ ‫بنت �سيد املر�سلني حممد خامت النبيني �صلى الله عليه و�سلم»‪.‬‬ ‫ه��ذه الرخامة قد تثبت للبع�ض ب��أن ه��ذا القرب هو لل�سيدة �أم‬ ‫كلثوم (ع) �أخ��ت احل��وراء زينب (ع)‪ ،‬وقد يكون هذا ال�سبب‬ ‫وراء دفن ال�سيد حم�سن الأمني يف املقام بال�شام تربك ًا بال�سيدة‬

‫وكتاب «�أخ�ب��ار الزينبيات»‬ ‫ه� ��و �أح� � ��د ك� �ت ��ب ال�ت�راج ��م‬ ‫والرجال‪ ،‬يحوي على فوائد‬ ‫مل ت��وج��د يف ك �ت��ب غ�ي�ره‪،‬‬ ‫ت�ن��اول م�س�ألة ق�بر ال�سيدة‬ ‫زينب (ع)‪ُ .‬وج َد هذا الكتاب‬ ‫يف م��دي�ن��ة ح �ل��ب‪ ،‬ق��د ُك��تِ � َ�ب‬ ‫�سنة ‪ 676‬ه �ـ ب�خ��ط احل��اج‬ ‫حم �م��د ب �ل �ت��اج��ي ال �ط��ائ �ف��ي‪،‬‬ ‫وال�ك�ت��اب منقول ع��ن �أ�صل‬ ‫م� � � ��ؤرخ ب� �ت ��اري ��خ ‪ 483‬ه�ـ‬ ‫وبخط ال�سيد حممد احل�سيني الوا�سطي الأ�صل‪.‬‬ ‫والعجيب �أن وفق ما جاء يف الكتاب �أن وايل املدينة جهز ال�سيدة زينب (ع) ومن ت�شاء‬ ‫من بنات بني ها�شم �إىل م�صر‪ ،‬فخرجت معها فاطمة بن احل�سني (ع) و�أختها �سكينة‪.‬‬ ‫ولكننا مل ن�سمع بقرب لل�سيدة �سكينة يف م�صر‪ ،‬فهل عادت للمدينة بعد وفاة ال�سيدة‬ ‫مكان �آخ��ر؟ �إن هناك العديد من قبور ن�ساء بني ها�شم‬ ‫زينب (ع)؟ �أم هاجرت �إىل ٍ‬ ‫(الفواطم) يف ال�شام �أمثال ال�سيدة �سكينة بل وال�سيدة �أم �سلمة زوج النبي! فما الذي‬ ‫�أتى بهم �إىل �سوريا‪ .‬هذا يتنا�سب مع ن�ص خروج العائلة ب�صحبة ال�سيدة زينب (ع) نحو‬ ‫ال�شام ال م�صر‪� .‬إال �أن تكون قبور الفواطم بال�شام لي�ست لهن‪.‬‬ ‫هناك من امل�ؤرخني من ال مييل �إىل رواية م�صر خا�ص ًة �أن بع�ضهم يقول ب�أن قرب م�صر‬ ‫هو لزينب بنت يحيى‪� ،‬إال �أن ن�سب وثقة �شخ�صية العبيديل وقرب زمنه من وفاة ال�سيدة‬ ‫زينب (ع) يدفع البع�ض بالوثوق مبا جاء يف كتابه‪ ،‬خا�ص ًة �أن ح�سم مو�ضع القرب ال‬ ‫يزال يحتاج �إىل �أدلة �أوثق قد تظهر خالل ال�سنني القادمة‪� ،‬إن وجدت‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫رضيح السيدة زينب (ع) بسوريا‬


‫يف كربالء‪ ،‬فنقر�أ نف�س احلادثة م��رة على �أنها‬ ‫لل�سيدة زينب (ع) و�أخ��رى على �أنها ال�سيدة �أم‬ ‫كلثوم (ع) والتي ت�سمى بزينب ال�صغرى‪� ،‬إال‬ ‫�أن بع�ض امل�ؤرخني يرون �أن زينب ال�صغرى و�أم‬ ‫كلثوم ال�صغرى بنات للإمام علي (ع) من غري‬ ‫الزهراء (ع)‪.‬‬

‫�إن مو�ضع قرب ال�سيدة زينب (ع) الي��زال يفتقر‬ ‫للح�سم‪� ،‬إال �أن يف زيارة مرقدي ال�شام وم�صر‬ ‫راحة واطمئنان‪ ،‬تتنا�سب مع عبق النبوة‪ .‬علينا‬ ‫�أال نهمل املرقدين‪ ،‬بل ن�شد رحالنا قا�صدين زينب‬ ‫بقلوب �أوجعها حزنها‬ ‫بنت علي (ع) �أينما كانت ٍ‬ ‫و�آالمها يف كربالء‪.‬‬

‫اجلليلة �أم كلثوم‪.‬‬ ‫�إال ان �أمر ًا غريب ًا لفت ناظري‪ ،‬ال�صالة على النبي‬ ‫املبتورة واملكتوبة على الرخامة والتي ال يتنا�سى‬ ‫حمبوا �أهل البيت ذكر الآل فيها‪ ،‬وك�أن الرخامة‬ ‫ق��د ُك��تِ �ب��ت بعد وف��اة امل��دف��ون��ة يف ال�ق�بر م��ن قبل‬ ‫�شخ�ص غري الذي دفن ال�سيدة فيها والذي يعتقد‬ ‫ب�أن دافنها من �أهلها من �أهل البيت (ع)‪.‬‬ ‫�إن كان هذا القرب لل�سيدة زينب (ع) �أو لل�سيدة ال تدر ر�أ�سك نحو ال�شام وم�صر‪ ،‬ففي قلبك يا‬ ‫وقد الحظت مرار ًا �أن التاريخ ميزج بني ال�سيدة �أم كلثوم (ع)‪ ،‬ففي زيارتهما النفع الكبري لع�شاق حمب زينب (ع) قربها‪ ،‬دعه ينب�ض بع�شق الوالء‪،‬‬ ‫ي�صل عندها �سالمك للحوراء‪.‬‬ ‫زينب (ع) وال�سيدة �أم كلثوم الكربى (ع) حتى �آل امل�صطفى (�ص)‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫العمل التطوعي‬

‫اع ُلوا َف َس رَي َ�ى هَّ ُ‬ ‫قال تعاىل‪َ :‬‬ ‫«و ُقل مْ َ‬ ‫الل مَ َع َل مُ ْ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫مْ‬ ‫هُ‬ ‫َ‬ ‫َو َر ُس ُ‬ ‫ول َو ُ‬ ‫ال ْؤ ِم ُنون»‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬إبراهيم يوسف‬

‫عناقيد المعرفة‬ ‫‪16‬‬

‫�إن احل�ي��ا َة مليئ ٌة بالعمل والن�شاط وخ�ير الأع�م��ال تلك‬ ‫املتوجهة لله �سبحانه وتعاىل‪ .‬فالعمل للنف�س واملجتمع‬ ‫يتكامالن لبناء مكوننا الذي نعي�ش فيه ب�شكل متعا�ضد‬ ‫وتكاملي‪ ،‬وال�سعادة احلقيقية ال تكمن يف اللهث من �أجل‬ ‫حتقيقها لك وحدك فقط‪ ،‬بل تكمن يف �إ�سعاد الآخرين‬ ‫�أي���ض��ا ‪ .‬ح ��اول �أن تبني يف نف�سك �إ��س�ع��اد الآخ��ري��ن‬ ‫وم�ساعدتهم‪ ،‬عندها ت�أتيك ال�سعادة طواعية‪.‬‬ ‫وال حت��زن �إذا مل ي��ذك��رك النا�س �إ ّال وق��ت احل��اج��ة‪ ،‬بل‬ ‫ا�شكر الله تعاىل على ه��ذه النعمة‪ ،‬ف�أنت بالن�سبة لهم‬ ‫كامل�صباح امل�شع بالنور‪ ،‬ما �إن �أظلمت حياتهم �أ�سرعوا‬ ‫�إليك‪ .‬فالعالقة والأخ��وة الإجتماعية ال تقي�سها بالنفعية‬ ‫وال بطول الزمن‪� ،‬إمنا بجميل الأثر وجمالية الأخالق ‪.‬‬ ‫فالقلوب الطيبة التي �سخّ رت بع�ض وقتها يف العمل‬ ‫التطوعي متفاعلة يف حتريك احلياة للأف�ضل وب��دون‬ ‫مقابل ال ت�صد�أ �أبد ًا‪ ،‬و�إن �أنهكها التعب و�أبعدها الزمن‬ ‫م�ساف ًة بعيدة‪ ،‬جم� ّ�رد �إزال��ة الغبار عنها بكلمة �صادقة‬ ‫يعود بريقها ك�سبيكة الذهب‪.‬‬

‫ف�غ�ي��اب م�ث��ل ه � ��ؤالء ب�ف�ع��ل ح�م��اق�ت�ن��ا ال �ع��اب �ث��ة خ���س��ارة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬فهم يعملون ب�صمت‪ ،‬يختفون وراء ال�صورة‬ ‫والكلمة يتنكرون من �إح�سانهم يف ر�ضا الله‪ ،‬يكفيهم‬ ‫�أن املوىل تعاىل �شاهد عليهم‪.‬‬ ‫حق ًا �إن قيمة املرء لي�س بجماله وماله‪� ،‬إمنا مبا مينحه يف‬ ‫خدمة �أخيه الإن�سان واملجتمع ب�شكل ع��ام‪ .‬فاجعل لك‬ ‫م�صدر طاقة �إيجابية جتاه الآخرين بالعون وامل�ساعدة‪،‬‬ ‫وانحت لك و�شم ًا يف �صفحات املجتمع بالعمل املعطاء‬ ‫دون مقابل‪ ،‬ليخلده ل�سان التاريخ بالذكر الطيب‪ ،‬وال‬ ‫تبخل بالبذل القليل و�أنواعه فال�شم�س متلك النار‪ ،‬لكنها‬ ‫متلأ الكون بالنور‪.‬‬

‫الوهاب !!‬ ‫ال تنظ ��ر �إىل نف�س ��ك م ��ن تك ��ون و�أن ��ت ترفع يدي ��ك لله‪،‬‬ ‫ففي�ض ��ه لي�س حم�ص ��ور ًا على املتو�شح�ي�ن بعباءة الدين‬ ‫فقط‪ ..‬فهو الوهاب‪..‬‬ ‫ك ��ن كالعظماء‪ :‬ي�س�ألون الله تع ��اىل امل�ستحيالت ‪ ..‬وال‬ ‫يبالون ‪ ..‬ملاذا؟ لأنهم يدركون معنى «الوهاب» ‪.‬‬ ‫ت�أمل ��وا قول نب ��ي الله �سليم ��ان عليه ال�سالم‪َ ( :‬ق � َ�ال َر ِ ّب‬ ‫اغْفِ ْر ليِ َو َه ْب ليِ ُملْكًا ال َي ْن َبغِ ي ِ ألَ َحدٍ مِ ْن َب ْعدِ ي �إِ َّنكَ �أَ ْن َت‬ ‫�اب)‪� ..‬أراد مل ��ك ًا (فري ��د ًا)‪..‬‬ ‫ا ْل َو َّه � ُ‬ ‫(غ�ي�ر تقلي ��دي)‪ ..‬مل ��ك ًا حم�ش ��و ًا‬ ‫(بامل�ستحيالت) ‪..‬‬ ‫والنتيج ��ة‪� :‬أن جمع الله ل ��ه النبوة‬ ‫واملل ��ك والعلم واحلكم ��ة‪ ..‬و�سخر‬ ‫له الري ��ح واجلن والط�ي�ر والإن�س‬ ‫واخليل والوح�ش‪..‬‬ ‫لي� ��س م ��ن الزه ��د التوا�ض ��ع يف‬

‫الدعاء‪ ،‬ارفعوا �سقف دعاءكم يف الدنيا وال ترتددوا ‪..‬‬ ‫وارفع ��وا �سقف دعاءكم يف الآخرة فا�س�ألوه الفردو�س‬ ‫الأعل ��ى‪ ..‬حت ��ى ل ��و ر�أيتم ب�أنك ��م ال ت�ستحقوه ��ا‪ ..‬ف�أنتم‬ ‫تتعاملون مع ((الوهاب))‪..‬‬ ‫ه � َ�ي عِ بادة ر�آئع ��ة ‪ ..‬ن�سيه�آ َكثريون! لك ��ن الله ُيحب �آن‬ ‫«ح�سن الظّ ن بِ الله»‪ .‬يف‬ ‫نَعبد ُه ب َه ��ذه العِ ب�آدة �إنه َا عبادة ُ‬ ‫و�س ��ط َعامل ميل� ��ؤُه املَخ ��اوف‪ ،‬والق َل ��ق َعل ��ى املُ�ستق َبل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لتم�س ��ح ع َلى قل ُوب‬ ‫‪..‬‬ ‫ادة‬ ‫ب‬ ‫الع‬ ‫�ذه‬ ‫�‬ ‫ه‬ ‫�ي‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ّنا�س‪،‬وتعلم َن ��ا �أن نَعي� ��ش َ‬ ‫بفك ��رة رائِ عة‬ ‫ح�سن َظنك َبالله يحدث لكَ‬ ‫هي‪:‬عل ��ى قدر ُ‬ ‫َ‬ ‫ا َ‬ ‫خلري ويب َعد عنك ال�شَ ر‪.‬‬ ‫�أح�سن ��وا الظ ��ن بالله ‪...‬فخزائن ��ه ال تنفد‬ ‫�أب� � ًدا‪ ،‬فك ��م م ��ن �أنا� ��س ب�سط ��اء غطّ اه ��م‬ ‫الفي� ��ض االله ��ي ومل ينله ��ا العاكفون يف‬ ‫�صوامع العبادة‪.‬‬


‫قصة من واقع الحياة‬

‫ت أ� ريث� قمل رصاص ف ي� مسقبل ي ن‬ ‫طفل�‬

‫الأول‪�:‬أ�صبح �سارق ًا‪.‬‬ ‫الثاين‪� :‬أ�صبح م�س�ؤول �أكرب جمعية خريية‬ ‫يف مدينته‪.‬‬

‫‪ -1‬كنت ذات يوم جال�س ًا يف مكتب املحامني‪،‬‬ ‫وه �ن��اك ت�ع��رف��ت ع�ل��ى رج��ل م�سجل �أن ��ه �شقي‬ ‫خطر �سرقات (ل�ص كبري)‪ ،‬وله ق�ضية عند هذا‬ ‫املحامي‪ ،‬ف�س�ألت الرجل‪ :‬كيف �أ�صبحت على‬ ‫ما �أن��ت عليه? (�أق�صد ل�ص ًا‪ ..‬لكنني احرتمت‬ ‫الرجل)‪.‬‬ ‫فقال مبت�سم ًا‪� :‬أمي هي ال�سبب‪ .‬فقلت‪ :‬وكيف‬ ‫ذلك؟ فازدادت ابت�سامته وقال‪:‬‬ ‫كنت يف ال�صف ال��راب��ع االبتدائي وذات يوم‬ ‫رجعت من املدر�سة وقد �ضاع قلمي الر�صا�ص‪،‬‬ ‫وعندما علمت �أم��ي باخلرب �ضربتني بانتقام‬

‫و�شتمتني ب�أب�شع ال�شتائم وو�صفتتي بالعبط‪،‬‬ ‫وع� ��دم حت �م��ل امل �� �س ��ؤول �ي��ة وغ�ي�ره ��ا‪ .‬ونتيجة‬ ‫لق�سوة �أمي الزائدة عن احلد‪ ،‬قررت �أال �أعود‬ ‫لأمي فارغ اليدين‪ ،‬لقد قررت �أن �أ�سرق �أقالم‬ ‫زم�لائ��ي‪ .‬ويف اليوم التايل نفذت اخلطة ومل‬ ‫أكتف ب�سرقة قلم �أو قلمني‪ ،‬بل �سرقت جميع‬ ‫� ِ‬ ‫زم�لائ��ي يف ال�ف���ص��ل‪ .‬يف ب ��ادئ الأم� ��ر كنت‬ ‫�أ�سرق خائف ًا‪ ،‬و�شيئ ًا ف�شيئ ًا ت�شجعت ومل يعد‬ ‫للخوف يف قلبي مكان‪ ،‬وا�ستخدمت يف ذلك‬ ‫حي ًال كثرية‪ .‬ومن الطرائف �أنني كنت �أ�سرق‬ ‫الأق�ل�ام من زمالئي و�أبيعها لهم‪ ،‬وبعد �شهر‬ ‫ك��ام��ل م��ن �سرقة زم�لائ��ي يف الف�صل مل يعد‬ ‫للأمر تلك اللذة الأوىل‪ ،‬قررت �أن �أنطلق نحو‬ ‫الف�صول املجاورة‪ ،‬ومن ف�صل �إىل �آخر‪ ،‬انتهى‬ ‫بي املطاف يف حجرة مدير املدر�سة لأ�سرقها‪.‬‬ ‫وذلك العام كان عام التدريب امليداين‪ ،‬تعلمت‬ ‫فيه ال�سرقة نظري ًا وعملي ًا‪ ،‬ثم انطلقت بعد ذلك‬ ‫و�صرت حمرتفا‪.‬‬ ‫‪ -2‬ع �ن��دم��ا ك� ��ان اب �ن��ي يف ال �� �ص��ف ال �ث��اين‬ ‫االبتدائي رج��ع يوم ًا من املدر�سة وق��د �ضاع‬ ‫ق�ل�م��ه ال��ر� �ص��ا���ص‪ ،‬ف�ق�ل��ت ل ��ه‪ :‬وم � ��اذا ف�ع�ل��ت؟‬ ‫قال‪�:‬أخذت قلما من زميلي‪ ،‬فقلت له‪ :‬ت�صرف‬ ‫جيد‪ ،‬ولكن م��اذا ك�سب زميلك عندما �أعطاك‬ ‫قلم ًا لتكتب به؟ هل �أخذ منك طعام ًا �أو �شراب ًا‬ ‫�أو م��ا ًال؟ قال ابني‪ :‬ال‪ ،‬مل يفعل‪ ،‬فقلت له‪� :‬إذ ًا‬ ‫لقد رب��ح منك الكثري م��ن احل���س�ن��ات‪ .‬يابني‪،‬‬

‫ملاذا يكون هو اذكى منك؟ ملاذا ال تك�سب �أنت‬ ‫احل�سنات؟ قال‪ :‬وكيف ذلك؟ فقلت‪�:‬سن�شرتي‬ ‫لك قلمني‪ :‬قلم ًا تكتب به والقلم الآخ��ر ن�سميه‬ ‫((قلم احل�سنات))‪ ،‬وه��ذا لأن��ك �ستعطيها من‬ ‫ن�سي قلمه �أو �ضاع منه‪ ،‬طبع ًا �ستعطيه له ثم‬ ‫ت�أخذه بعدما تنتهي احل�صة‪ .‬وك��م ف��رح ابني‬ ‫بتلك ال�ف�ك��رة‪ ،‬وزادت �سعادته بعدما طبقها‬ ‫عملي ًا‪ ،‬ل��درج��ة �أن��ه �أ�صبح يحمل يف حقيبته‬ ‫قلما يكتب به و�ستة �أقالم للح�سنات‪ .‬والعجيب‬ ‫يف الأم ��ر �أن اب�ن��ي ه��ذا ك��ان ي�ك��ره امل��در��س��ة‪،‬‬ ‫وم�ستواه الدرا�سي �ضعيف‪ ،‬وبعد �أن جربت‬ ‫معه الفكرة فوجئت ب��أن��ه ب��د�أ يحب املدر�سة‪،‬‬ ‫وه��ذا لأن��ه �أ�صبح جن��م الف�صل يف �شيء ما‪،‬‬ ‫ف�ك��ل املعلمني �أ��ص�ب�ح��وا ي�ع��رف��ون��ه‪ ،‬وزم�ل�ا�ؤه‬ ‫يق�صدونه يف الأزم� ��ات‪ ،‬ك��ل م��ن ��ض��اع قلمه‬ ‫ي�أخذ منه واحد ًا‪ ،‬وكل معلم يكت�شف �أن �أحدهم‬ ‫ال يكتب‪ ،‬لأن قلمه لي�س معه فيقول‪� :‬أين فالن‬ ‫�صاحب الأقالم االحتياطية؟ ونتيجةحب ابني‬ ‫ل �ل��درا� �س��ة‪ ،‬ب ��د�أ م���س�ت��واه ال��درا� �س��ي يتح�سن‬ ‫�شيئ ًا ف�شيئ ًا‪ ،‬والعجيب �أنه اليوم قد تخرج من‬ ‫اجلامعة وتزوج ورزقه الله بالأوالد‪ ،‬ومل ين�س‬ ‫يوم ًا قلم احل�سنات‪ ،‬حتى �أنه اليوم م�س�ؤول عن‬ ‫�أكرب جمعية خريية يف مدينتنا‪.‬‬ ‫فلنحذر يف تربيتنا لأبنائنا ولنعاملهم بالرحمة‬ ‫ُحول املواقف ال�سلبية اىل موقف تربوي‬ ‫ولن ّ‬ ‫ثمني‪.‬‬

‫هي األيام ستأخذنا إلى هناك‬

‫جميل هو ذاك الأمل الذي يخربنا ب�أن الله تعاىل �سي�سعدنا عما قريب‪� .‬أحال ٌم كثري ٌة �سرت�سو‬ ‫بن ��ا عل ��ى �شواطئ الواقع اجلميل بفعل �سفينة الدع ��اء والثقة بالله تعاىل ‪ .‬فال ميكن �أن تعطي‬ ‫حياتك مزيد ًا من الأيام‪ ،‬ولكن مبقدورك �أن تعطي �أيامك مزيدا من الأمل بحياة �أف�ضل‪.‬‬ ‫ف�ل�ا تي�أ� ��س عندما ال يتحق ��ق لك �أمر‪ ،‬حاول مرار ًا وتكرار ًا‪ ،‬فقط ��رة املطر حتفر يف ال�صخر‪،‬‬ ‫لي� ��س بالعن ��ف ولكن بالتكرار‪ .‬ا�شحن نف�سك بالطم ��وح والطاقة النف�سية العالية ب�أنك �ست�صل‬ ‫ب�أيام ��ك �إىل نقط ��ة العب ��ور م ��ن الظ ��روف اخلانقة �إىل احلي ��اة الأك�ث�ر �إ�شراق ًا‪ ،‬ف ��كل املبدعني‬ ‫واملتميزين عربوا من هذا الطريق‪ ،‬ف�إن وددت �أن تكون �أحدهم فال ترتدد بالعبور‪.‬‬

‫احمل معك �أيامك وطاقاتك الإيجابية وظروفك ال�صعبة ويقني ب�صريتك وحمرابك وم�صالتك‬ ‫وكتاب ��ك م ��ع قلمك ودفاترك‪ .‬كن يف احلياة كامل�ص ��ور املحرتف‪ ،‬دائم ًا ينقل ال�صورة الأجمل‬ ‫ل َالخري ��ن‪( ،‬فامل�ؤم ��ن م ��ر َاة امل�ؤم ��ن)‪ ،‬حتم� � ًا �سن�صل �إىل نهاي ��ة العبور متى ما كن ��ا يف �ساحة‬ ‫الدعاء و�سفينة النجاة‪ ،‬هي الأيام �ست�أخذنا �إىل هناك‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫حظي مبليونني و‪� 700‬ألف دقيقة م�شاهدة على "اليوتيوب" وحقق جناح ًا كبري ًا‬ ‫فيما ِ‬

‫كوادر بحرينية تبدع فني ًا في المسلسل التاريخي "باب المراد"‬ ‫�أجرى احلوار‪ :‬ب�شار خزعل‪ ،‬جهاد ر�ضي‪ ،‬نا�صر زين‬ ‫فخورون ج��د ًا بالكوادر البحرينية التي تبدع �أينما تواجدت‪،‬‬ ‫ولعل م�شاركة طاقات بحرينية يف عمل �ضخم مثل م�سل�سل باب‬ ‫املراد �أكرب �شاهد على �أن ال�شاب البحريني قادر على �أن يفر�ض‬ ‫نف�سه يف كل ما هو مميز‪.‬‬ ‫باب املراد م�سل�سل درامي ت�أريخي يت�ألف من (‪ ٣٠‬حلقة) بت�صوير‬ ‫�سينمائي حم�ترف مل��راح��ل ح�ي��اة الإم ��ام اجل ��واد عليه ال�سالم‬ ‫والتحوالت التي مرت به منذ مولده يف املدينة املنورة ورعاية‬ ‫والده له الإم��ام علي بن مو�سى الر�ضا عليه ال�سالم حتى وفاته‬ ‫م�سوم ًا على يد اخلليفة املعت�صم العبا�سي يف بغداد �سنة ‪٢٢٠‬‬ ‫هجرية‪ .‬مت ت�صوير هذا العمل الدرامي ال�ضخم يف مناطق خمتلفة‬ ‫من �إي��ران‪ ،‬بطاقم فني متميز يحتوي نخبة من فناين البحرين‬

‫ودول عربية خمتلفة �إ�ضافة اىل فنيني حمرتفني من �إيران‪.‬‬ ‫يعد هذا امل�سل�سل هو �إعادة لبناء �سرية الإمام اجلواد (ع) بجميع‬ ‫تفا�صيلها‪ .‬فقد �أعيد �إن�شاء املدينة املنورة ومكة املكرمة يف املدن‬ ‫الإنتاجية التي مت الت�صوير فيها‪ ،‬بقراها وحوا�ضرها ومدنها‬ ‫الرئي�سية �إبان العهد العبا�سي‪ ،‬وذلك بناء على املعلومات الواردة‬ ‫يف امل�صادر التاريخية و�آراء املخت�صني يف هذا املجال‪ .‬ويتناول‬ ‫م�سل�سل “باب املراد” ق�صة ملحمية مل ي�سبق تناولها على �شا�شات‬ ‫التلفزيون‪ .‬ولت�سليط ال�ضوء على عمل وكوالي�س هذا امل�سل�سل‬ ‫ال�ضخم كان ملجلة موكبي بـ م�أمت ال�سناب�س هذا اللقاء مع نخبة‬ ‫من النجوم والكوادر البارزة‪:‬‬

‫امل�شاركون يف اللقاء ‪:‬‬

‫حامد املجيبل‬ ‫فني بحريني‪ -‬ت�صميم اجلرافيك�س‪،‬‬ ‫برومو�شن املقدمة واخلامتة‬

‫�شمم احل�سن‬ ‫ممثل عراقي‪ ،‬قام بدور عبدالله‬ ‫(ع)‬ ‫بن مو�سى �أخ الإمام الر�ضا‬

‫عال با�شا‬ ‫ممثلة �سورية قامت بدور‬ ‫"�أم الف�ضل" ابنة امل�أمون‬

‫حممد ال�صفار‬ ‫ممثل بحريني قام بدور‬ ‫يون�س بن عبدالرحمن‬

‫الأع��م��ال ال�ت��اري�خ�ي��ة حتتاج‬ ‫لتدقيق ومتابعة قد ت�ستغرق‬ ‫العديد من ال�سنوات‪ .‬ماهي‬ ‫اخل �ط��وات ال�ت��ي اتبعتموها‬ ‫يف عملية التدقيق التاريخي‬ ‫وال �ت �ح �� �ض�ير مل���س�ل���س��ل ب��اب‬ ‫املراد؟‬ ‫املجيبل‪ :‬ب��داي��ة االن�ط�لاق��ة كانت‬ ‫الفكرة ب�أن يتم �إن�شاء �شركة �إنتاج‬

‫(م��ودي��ل �آرت ب��رودك���ش��ن) وه��ي‬ ‫��ش��رك��ة كويتية تعمل ع�ل��ى �إن�ت��اج‬ ‫الأع� �م ��ال الإ� �س�لام �ي��ة وت���ض��اه��ي‬ ‫الأع� �م ��ال ال�ف�ن�ي��ة الإي��ران �ي��ة ب�ل��ون‬ ‫خ�ل�ي�ج��ي وع��رب��ي‪ ،‬وك ��ان ال�ه��دف‬ ‫الأ�سا�سي هو �إنتاج �أعمال راقية‬ ‫ومم � �ي� ��زة ت �ظ �ه��ر ت � �ق � � ّدم امل ��ذه ��ب‬ ‫ال�شيعي للعامل ب���ص��ورة م�شرفة‬ ‫ع�ب�ر ت �ل��ك الأع � �م� ��ال ال �ت��اري �خ �ي��ة‬

‫والإ�� �س�ل�ام� �ي ��ة‪ ،‬ح �ي��ث ب ��د�أن ��ا يف‬ ‫ال� �ع ��ام ‪2012‬م ب�ع�م��ل م�سل�سل‬ ‫"�إمام الفقهاء" ال� ��ذي يحكي‬ ‫�شخ�صية الأم ��ام ال���ص��ادق (ع)‪،‬‬ ‫ومت ت���ص��وي��ره يف ��س��وري��ا حيث‬ ‫كانت ت�شهد حينها ظروف �صعبة‬ ‫وق��ا��س�ي��ة ج ��د ًا ب�سبب الأو� �ض��اع‬ ‫الأمنية للأحداث الأخرية‪ ،‬وكانت‬ ‫ه��ي امل�ح��ك الأب� ��رز ل�ل�خ��روج بهذا‬

‫العمل ال��ذي الق��ى جناحا ومتيزا‬ ‫بالعامل العربي والإ�سالمي‪.‬‬ ‫بعدها جاءت فكرة "م�سل�سل باب‬ ‫املراد" ال ��ذي ب ��د�أ ال�ت�ح���ض�ير له‬ ‫منذ فرتة ا�ستغرقت �سنة ون�صف‬ ‫ت�ق��ري�ب� ًا‪ ،‬وه��ي ف�ت�رة قيا�سية �إذا‬ ‫م��ا ق��ارن��ا ه��ذا امل�سل�سل بالأعمال‬ ‫التاريخية الأخرى‪ ،‬مر خاللها عرب‬ ‫متحي�ص وا�ست�شارات و�أخذ �آراء‬

‫‪18‬‬


‫الكثري من الفقهاء والعلماء‪ ،‬وعلى‬ ‫ر�أ�سهم ال�شيخ علي الكوراين الذي‬ ‫ك ��ان ل��دي��ه ب�ح��ث ع�م�ي��ق ومف�صل‬ ‫عن �سرية الإم��ام اجل��واد (ع) من‬ ‫جميع �أح��داث �ه��ا ال�ت��اري�خ�ي��ة‪ .‬وق��د‬ ‫كان لل�شيخ الكوراين دور ًا كبري ًا‬ ‫بالعمل عرب تبنيه فكرة امل�سل�سل‪.‬‬ ‫وق��د مت اال��س�ت�ق��رار ع�ل��ى اختيار‬ ‫��ش�خ���ص�ي��ة الإم � � ��ام اجل � ��واد (ع)‬ ‫ليكون العمل الفني يحكي �سريته‬ ‫امل�ب��ارك��ة ك��ون �سريته حت��اك��ي يف‬ ‫تفا�صيلها ��س�يرة الأن�ب�ي��اء عي�سى‬ ‫وم��و��س��ى ويحيى"ع"‪ .‬وم��ن هنا‬ ‫مت االت �ف��اق م��ع ال�ك��ات��ب ال���س��وري‬ ‫حم�م��ود عبدالكرمي ليقوم بكتابة‬ ‫ال �� �س �ي �ن��اري��و واحل� � ��وار لأح � ��داث‬ ‫ال�سرية التاريخية‪ ،‬وقد مت عر�ض‬ ‫الن�صو�ص والق�صة مبجملها على‬ ‫كثري من الفقهاء ومت االتفاق على‬ ‫الن�ص النهائي لل�سرية ب�أحداثها‬ ‫التاريخية‪ ،‬هكذا بد�أ العمل‪.‬‬ ‫كيف مت اختيار الفنان حممد‬ ‫ال���ص�ف��ار لتج�سيد �شخ�صية‬ ‫(يون�س بن عبدالرحمن) يف‬ ‫امل�سل�سل؟‬ ‫علي جمموعة‬ ‫ال�صفار‪ :‬عر�ضت ّ‬ ‫م� ��ن ال �� �ش �خ �� �ص �ي��ات ال �� �ش ��اغ ��رة‬ ‫ل�ل�م���س�ل���س��ل ومل �أف ��ر� ��ض عليهم‬ ‫اخ �ت �ي��ار �أي دور �أو �شخ�صية‪،‬‬ ‫ح�ي��ث ال�ع�م��ل نف�سه يف م�سل�سل‬ ‫ب �ه��ذا امل���س�ت��وى وب �ه��ذا االت���س��اع‬ ‫اجلغرايف وبتمثيل �شخ�صية مثل‬ ‫�رف‬ ‫الإم � ��ام اجل� ��واد (ع) ل�ه��و ��ش� ٌ‬ ‫ك�ب�ير وع�ظ�ي��م‪ .‬و�إمي ��ان � ًا م�ن��ي ب ��أن‬ ‫ه ��ذا ال �ع �م��ل ال �ف �ن��ي ال� ��ذي يحكي‬ ‫�سرية الإم��ام اجل��واد (ع) البد �أن‬ ‫راق يف كل‬ ‫يظهر بكل �إتقان وفن ٍ‬ ‫جوانبه و�أحداثه و�شخ�صياته‪ ،‬مل‬ ‫�أفر�ض عليهم االختيار‪ ،‬بل قبلت‬

‫مبا هو مناط يل وقد كنت مرن ًا مع‬ ‫كل ما يطلب مني للخروج ب�أف�ضل‬ ‫ما ميكن �إبرازه ملا ميثل هذا العمل‬ ‫ال���ض�خ��م م��ن ت ��أك �ي��د ع�ل��ى ال�ه��وي��ة‬ ‫وتثبيت روح الإب��داع‪ .‬وقد وفقنا‬ ‫ول�ل��ه احل�م��د يف متثيل �شخ�صية‬ ‫دور يون�س بن عبدالرحمن‪.‬‬ ‫ال �ف �ن��ان��ة ع�ل��ا‪ :‬م�� ��اذا م � ّث �ل��ت‬ ‫ل��ك امل �� �ش��ارك��ة يف امل�سل�سل‬ ‫التاريخي باب املراد؟‬ ‫ع�ل�ا‪ :‬تمً � �ث ��ل ال �ت �ج��رب��ة ر� �ص �ي��د ًا‬ ‫كبري ًا يل من جمالني‪ :‬التعامل مع‬ ‫ف�ت�رة ت��اري�خ�ي��ة هام�شية �إىل حد‬ ‫م��ا‪ ،‬وتركيز ال�ضوء على �أح��داث‬ ‫ت��اري�خ�ي��ة �شبه مظلمة‪ .‬ف��الأع�م��ال‬ ‫ال �ت��اري �خ �ي��ة ع �م��وم � ًا ُت ��رك ��ز على‬ ‫ال �ظ��واه��ر وال���ش�خ���ص�ي��ات ال�ع��ام��ة‬ ‫وامل�شهورة واملتوارثة عمومي ًا من‬ ‫خالل اللغة والق�صة ال�شعبية‪.‬‬ ‫�أما هذا العمل فيفتح الباب لكتابة‬ ‫ن���ص��و���ص ت��اري�خ�ي��ة ع��ن �أزم �ن��ة ال‬ ‫ُي�سلط عليها ال�ضوء ب�شكل جيد‪.‬‬ ‫على الن�ص ال��درام��ي �أن يالم�س‬ ‫ُك��ل ��ش��يء وال�ع�م��ل ق��ام ب��االق�تراب‬ ‫من الهوام�ش التي عليها �أن ت�صبح‬ ‫متن ًا‪ .‬ثم املجال الآخ��ر هو التقانة‬ ‫والإنتاج العايل‪ .‬فال�شراكة العربية‬ ‫يف ال�ع�م��ل‪ ،‬ون�ق��ل ال �ك��ادر العربي‬ ‫�إىل ال�ب �ي�ئ��ة الإي ��ران� �ي ��ة امل �ت �ط��ورة‬

‫�إخراجي ًا ولوج�ستي ًا �ساعد العمل‬ ‫على التفتح يف مكان �أف�ضل‪ .‬من‬ ‫هنا كان ال��دور �إ�ضافة مو�ضوعية‬ ‫يل كفنانة بال �شك‪.‬‬ ‫الأخ � �ش �م��م‪ :‬ق �م��ت بتج�سيد‬ ‫دور عبدالله ب��ن مو�سى (�أخ‬ ‫الإم ��ام الر�ضا عليه ال�سالم)‬ ‫يف امل�سل�سل‪ ،‬ماذا م ّثل لك هذا‬ ‫الدور وهل جتد نف�سك را�ضي ًا‬ ‫ع��ن �أدائ� ��ك وجت���س�ي��دك لهذه‬ ‫ال�شخ�صية يف امل�سل�سل؟‬ ‫�شمم‪ :‬متثل لنا هذه ال�شخ�صيات‬ ‫التاريخية امل�م�ي��زة يف التاريخي‬ ‫الإ��س�لام��ي يف حياتنا االعتيادية‬ ‫�أ�شياء كثرية وم�ؤثرة يف نفو�سنا‬ ‫ب�شكل مبا�شر‪� .‬أع�ت�ق��د �أن املمثل‬ ‫ال ��ذي يج�سد ه��ذه الأدوار وه��ي‬ ‫جارية يف عروقنا من الأ�سا�س ال‬ ‫يحتاج �إىل االبتكار �أو �إىل تقم�ص‬ ‫ال���ش�خ���ص�ي��ة‪ ،‬ب ��ل ت� ��أت ��ي ال �ع�لاق��ة‬ ‫مبا�شرة ب�ين املمثل وال�شخ�صية‬ ‫وتكون عالقة ح�سية مليئة بامل�شاعر‬ ‫والأح��ا� �س �ي ����س امل�تراك �م��ة داخ�ل�ن��ا‬ ‫جت��اه ه��ذه ال�شخ�صيات العظيمة‪.‬‬ ‫فمن منا ال يعرف هذا الثائر العظيم‬ ‫ال ��ذي ث� ��أر ل��وال��ده الإم� ��ام مو�سى‬ ‫الكاظم و�أخيه الإمام الر�ضا عليهما‬ ‫ال�سالم‪ ،‬و�ساند اب��ن اخيه الإم��ام‬ ‫حممد اجل ��واد عليه ال�سالم طيلة‬

‫ف�ترة حياته‪� .‬أعتقد �أن مثل هكذا‬ ‫�شخ�صيات م ��ؤث��رة يف ال�ت��اري��خ‬ ‫الإ�سالمي هي حلم �أي ممثل عربي‬ ‫�أو ع��امل��ي‪ .‬وك�م��ا �أخ�برت��ك �سابق ًا‪،‬‬ ‫نحن نحمل يف داخلنا �أحا�سي�س‬ ‫وم�شاعر تلك ال�شخ�صيات ولهذا‬ ‫�سيكون االنفعال والأداء حقيقي‪،‬‬ ‫بل وحتى الدموع تكون حقيقية‪.‬‬ ‫كطاقات �إبداعية بحرينية كنتم‬ ‫�أم ��ام حت��د كبري مب�شاركتكم‬ ‫يف ه��ذا العمل و��س��ط كوكبة‬ ‫م��ن الفنانني ال�ك�ب��ار‪ ..‬م��ا هي‬ ‫طبيعة هذه التحديات؟ وكيف‬ ‫ا�ستطعتم التغلب عليها؟‬ ‫املجيبل‪ :‬نعم لقد ك�سب املمثل‬ ‫البحريني ه��ذه التحديات و�أثبت‬ ‫�أنه رق ٌم �صعب‪ ،‬بل جارى املمثلني‬ ‫ال�سوريني واللبنانيني والعراقيني‬ ‫وت ��رك ��وا ب �� �ص �م��ة وا� �ض �ح��ة ج ��د ًا‬ ‫وا�ستطاعوا �أن يحققوا �إجن��ازات‬ ‫كبرية وعلى م�ستويات عالية‪ .‬وهنا‬ ‫�أ�شري �أي�ض ًا �إىل �أن امل�سل�سل مت‬ ‫�إجن��ازه – على الرغم من الت ّنوع‬ ‫اجل�غ��رايف ب�ين املمثلني م��ن بلدان‬ ‫خمتلفة – يف ف�ترة قيا�سية منذ‬ ‫بدء ت�صويره ال تتجاوز ‪� 6‬أ�شهر‪،‬‬ ‫وهذا يعترب ًا �إجناز ًا كبري ًا‪ .‬وللعلم‪،‬‬ ‫�أن وج ��ود مم�ث�ل�ين بحرينيني يف‬ ‫امل�سل�سل ��س��اه��م يف رف ��ع ن�سبة‬

‫‪19‬‬


‫امل�شاهدين من البحرين التي مثّلت‬ ‫�أع�ل��ى ن�سبة يف دول اخلليج �إذا‬ ‫ما قُورنت بحجم البحرين وتعداد‬ ‫�سكانها‪.‬‬ ‫هناك عملية دمج بني املمثلني‪،‬‬ ‫ف� �م� �ث�ل ً�ا ه� �ن���اك مم��ث��ل�ي�ن م��ن‬ ‫�سوريا وال �ع��راق والبحرين‬ ‫فكيف تغلبتكم ع�ل��ى م�شكلة‬ ‫توحيد "اللكنة " فنطق املمثل‬ ‫ال���س��وري �أو ال�ع��راق��ي بع�ض‬ ‫احل � ��روف ال �ع��رب �ي��ة يختلف‬ ‫ع��ن نطقها بالن�سبة للممثل‬ ‫اخل �ل �ي �ج��ي؟ �أمل ي���س�ب��ب ه��ذا‬ ‫الأمر �صعوبة بالن�سبة لكم؟‬ ‫ال �� �ص �ف��ار ‪:‬ال �� �ش ��ك �أن ه �ن��اك‬ ‫اخ �ت�لاف يف ال�ل�ك�ن��ة يف ظ��ل ه��ذا‬ ‫ال� �ت� �ن � ّ�وع اجل � �غ� ��رايف ل�ل�م�م�ث�ل�ين‪،‬‬ ‫فمث ًال اللهجة ال�شامية تختلف عن‬ ‫اللهجة اخلليجية‪ ،‬وكذلك بالن�سبة‬ ‫للممثلني العراقيني‪ ،‬وال �شك على‬ ‫ق��وة ال���س��وري�ين على �إج ��ادة اللغة‬ ‫الف�صحى‪ ،‬ن �ظ��ر ًا ل�ك�ثرة الأع �م��ال‬ ‫التاريخية ال�ت��ي ق��ام��وا ب�إنتاجها‪،‬‬ ‫لكن جميع املمثلني – خ�صو�ص ًا‬ ‫البحرينيني – عملوا بجدٍ واجتهاد‬ ‫م ��ن خ�ل��ال ال� �ت ��دري ��ب وال �ت �ك��رار‬ ‫على �إج ��ادة اللغة الف�صحى حتى‬ ‫ي�ج��اري وال يظهر ه�ن��اك اختالف‬ ‫يف ال�ن�ط��ق‪ .‬واحل�م��د لله ق��د وفقنا‬ ‫�أميا توفيق يف ذلك‪ ،‬خ�صو�ص ًا �أن‬

‫‪20‬‬

‫اللهجة اخلليجية هي الأقرب للغتنا‬ ‫الف�صيحة‪.‬‬ ‫ب��اع �ت �ق��ادك‪ ،‬م��ع امل��زي��ج ال��ذي‬ ‫ت�شكل منه امل�سل�سل بتنوع‬ ‫املمثلني من بلدان خمتلفة ‪..‬‬ ‫هل ترك ب�صمة مغايرة فيه ؟‬ ‫�شمم‪� :‬أعتقد يف ال�سنوات الأخرية‬ ‫الحظنا يف العديد من امل�سل�سالت‬ ‫التي طرحت يف ال�سوق الدرامي‬ ‫تعمل على تنوع كوادرها من عدة‬ ‫دول‪� ،‬إن ك��ان��ت ال �ك ��وادر الفنية‬ ‫خ �ل��ف ال� �ك ��ام�ي�را وح �ت ��ى ك� ��وادر‬ ‫الفنانيني املمثلني �أم��ام الكامريا‪.‬‬ ‫ويف م�سل�سلنا هذا‪� ،‬أعتقد �أن هذا‬ ‫التنوع من �أجمل تفا�صيل العمل‪،‬‬ ‫و�أ�صبح امل�شهد الواحد كف�سيف�ساء‬ ‫جميلة ذات �شكل رائع ‪.‬‬ ‫يف ظ��ل ال �ت �ن��وّ ع اجل �غ��رايف‬ ‫للممثلني م��ن ب�ل��دان خمتلفة‪،‬‬ ‫كيف ك��ان التعاون يف �إجن��از‬ ‫العمل ب�ين املمثلني �أنف�سهم‬ ‫وطاقم العمل‪ ،‬خ�صو�ص ًا يف‬ ‫ال �ف�ترة ال��وج�ي��زة ال�ت��ي �أُن�ت��ج‬ ‫فيها؟‬ ‫ال�صفار‪ :‬التعاون كان كبري ًا بال‬ ‫�أدن��ى �شك بني اجلميع‪ ،‬وبالن�سبة‬ ‫يل �أن� ��ا �أت ��أق �ل��م م��ع ك��ل ال �ظ��روف‬ ‫و�أل ��زم نف�سي ب���ض��رورة التعاون‬ ‫لأب�ع��د ح��د م��ن �أج��ل �إخ��راج العمل‬ ‫ب��ال���ص��ورة امل���ش��رف��ة‪ ،‬وق��وة العمل‬

‫علي �ضرورة‬ ‫و�ضخامته تفر�ض َّ‬ ‫التعاون مع جميع املمثلني‪ ،‬وكذلك‬ ‫احل��ال بالن�سبة للزمالء الآخرين‪،‬‬ ‫فالروح الطيبة ت�سود �أجواء العمل‬ ‫وتفا�صيله‪ ،‬واخل�ب�رة يف امل�ي��دان‬ ‫وال� �ت� �ح ��دي م ��ع ال ��وق ��ت ال��وج �ي��ز‬ ‫وال � �ظ� ��روف ك� ��ان مي �ث��ل ه��اج���س� ًا‬ ‫وحت��دي� ًا لنا لإجن��از العمل بتعاون‬ ‫اجل�م�ي��ع‪ ،‬ه�ك��ذا ك��ان‪ .‬ف�ك��ان هناك‬ ‫تكامل مع بع�ضنا‪.‬‬ ‫ال���س�ي��د � �ش �م��م‪ :‬ك �ي��ف وج��دت‬ ‫التفاعل والتقارب بينك وبني‬ ‫املمثلني الآخرين وطاقم العمل‬ ‫يف امل�سل�سل؟‬ ‫��ش�م��م‪ :‬حت��دث��ت � �س��اب �ق � ًا ع��ن ه��ذا‬ ‫املو�ضوع يف العديد من اللقاءات‬ ‫وحتى املحافل الفنية‪ ،‬حيث كانت‬ ‫ال �ك��وادر الفنية يف امل�سل�سل من‬ ‫�أجمل الكوادر التي تعاملت معها‬ ‫يف ح �ي��ات��ي‪ ،‬وك��ان��ت ه�ن��ال��ك �أل�ف��ه‬ ‫حتدث بني اجلميع من �أول حلظات‬ ‫اللقاء حتى و�إن مل تكن هناك معرفة‬ ‫م�سبقة بينهم‪� .‬أعتقد �أن مثل هكذا‬ ‫تقارب و�أل�ف��ة بني ال�ك��وادر يجعلنا‬ ‫ن�صنع دراما حقيقية جميلة فاملحبة‬ ‫�أ�سا�س كل �شي‪.‬‬ ‫الفنانه عال‪ :‬ماذا عن جت�سيدك‬ ‫ل�شخ�صية (�أم الف�ضل) ابنة‬ ‫امل� ��أم ��ون يف امل���س�ل���س��ل‪ ،‬هل‬ ‫جتدين �أنها �أ�ضافة لر�صيدك‬ ‫الفني؟‬ ‫ع�ل�ا‪ :‬ع �م ��وم � ًا ُي �� �ش �ك��ل امل� ��أم ��ون‬ ‫بالن�سبة يل م��ا ُي�شبه ال�شخ�صية‬ ‫الأ�سطورية‪ .‬فهو ذو ت�أثري مركزي‬ ‫ب��ال�ث�ق��اف��ة ال �ع��رب �ي��ة والإ� �س�لام �ي��ة‪.‬‬ ‫وك ��ان و�أب �ي��ه �أح ��د ف��احت��ي �أب ��واب‬ ‫احل���ض��ارة ال�ع��رب�ي��ة والإ��س�لام�ي��ة‪،‬‬ ‫وخا�صة امل��أم��ون ال��ذي افتتح باب‬

‫الرتجمة‪ ،‬و�أ�س�س عوامل التح�ضر‬ ‫البنائية من خالل (العقل‪ /‬العلم)‪.‬‬ ‫ك��ان ثقل ال�شخ�صية طاغي ًا علي‪.‬‬ ‫ال �ل�اوع� ��ي ال �� �ش �خ ����ص ك� �ث�ي�ر ًا م��ا‬ ‫حملني ع�ب�ئ� ًا‪ ،‬وال�شخ�صية بحد‬ ‫ذات �ه��ا م��رك �ب��ة‪ .‬ا��س�ت�ح���ض��ار اب�ن��ة‬ ‫امل�أمون لي�س �أمر ًا ي�سري ًا‪ .‬ف�شكلت‬ ‫يل ال�شخ�صية ��س�ح��ره��ا ق�ب��ل �أن‬ ‫�أقر�أ الن�ص‪ ،‬وحماكاتها بد�أت قبل‬ ‫العمل‪ .‬الثقافة ال�شخ�صية �سارعت‬ ‫ال�ستح�ضار ال�شخ�صية والعمل‬ ‫ع�ل�ي�ه��ا ك ��ان م �� �ش��وب � ًا مب���س��ؤول�ي��ة‬ ‫ك�ب�يرة‪ .‬م��ن هنا ي�ترك��ز يف العمل‬ ‫ال��ذي قمت به الإح�سا�س املُح�ضر‬ ‫مب���س��ؤول�ي��ة ا�ستثنائية‪ .‬الإ��ض��اف��ة‬ ‫ت�ك��ون يف ال��درام��ا دائ �م��ة‪ ،‬ولكل‬ ‫ملمح �إن�ساين نقوم بتمثيله �إ�ضافة‪،‬‬ ‫ل �ك��ن ال �ن ����ص ال �ت��اري �خ��ي ي��دف�ع��ك‬ ‫للخلف الزمني لت�أتي به �إىل الواقع‬ ‫امل�ف�تر���ض وه��و ب�ح��د ذات ��ه جتربة‬ ‫هامة‪.‬‬ ‫الن�شاط الإع�لام��ي ك��ان ب��ارزاً‬ ‫وملفت ًا للم�سل�سل والتعريف‬ ‫ب��ه‪ ،‬وخ�صو�ص ًا على �شبكات‬ ‫التوا�صل الإجتماعية‪ .‬كيف‬ ‫كانت خطتكم يف ذلك؟‬ ‫املجيبل‪ :‬حر�صنا قبل �أن ُيبث‬ ‫امل�سل�سل على �شا�شات التلفزيون‬ ‫�أن ت �ك��ون ه �ن��اك ت�غ�ط�ي��ة �إع�لام�ي��ة‬ ‫ك��اف�ي��ة للتوا�صل م��ع ال�ن��ا���س من‬ ‫خ�لال ال�شبكة العنكبوتية املتمثلة‬ ‫ب��ال�ي��وت�ي��وب وت��وي�تر والفي�سبوك‬ ‫والإن �� �س �ت �غ��رام وخم�ت�ل��ف و��س��ائ��ل‬ ‫ال� �ت ��وا�� �ص ��ل االج� �ت� �م ��اع ��ي‪ .‬ه ��ذه‬ ‫الو�سائل �أ�صبحت بال �شك رديف ًا‬ ‫ل �ل �ق �ن��وات الإع�ل�ام �ي ��ة‪ ،‬ل��ذل��ك قمنا‬ ‫بالرتكيز على ال�شبكة العنكوبتية‬ ‫ب�شكل مكثف‪ ،‬وق��د قمنا بو�ضع‬


‫خ �ط��ة ك��ام �ل��ة ب��د�أت �ه��ا ب�ع�م��ل م��وق��ع‬ ‫�إل �ك�ت�روين خ��ا���ص بامل�سل�سل‪ ،‬ثم‬ ‫ان�ت�ق�ل�ن��ا مل�ق��اط��ع ب��ال�ي��وت�ي��وب‪ ،‬ويف‬ ‫نف�س ال��وق��ت كنا نعمل على تويرت‬ ‫واالن���س�ت�غ��رام وغ�يره��ا م��ن م��واق��ع‬ ‫التوا�صل االجتماعي لنكون دائم ًا‬ ‫م��ن و�إىل اجل�م�ه��ور وق��ري�ب�ين منه‬ ‫دائما‪.‬‬ ‫وللعلم فقد حقق باب املراد مليونني‬ ‫و‪� 700‬أل ��ف دق�ي�ق��ة م���ش��اه��دة على‬ ‫اليوتيوب‪ ، ،‬بالإ�ضافة �إىل �أكرث من‬ ‫‪� 36‬ألف "اليك" و‪ 700‬تعليق على‬ ‫ح�ساب الإن�ستغرام‪ ،‬وه��و م�ؤ�شر‬ ‫كبري يدل على مدى تفاعل اجلمهور‬ ‫والنا�س مع امل�سل�سل والنجاح الذي‬ ‫حققه هذا العمل الفني‪.‬‬ ‫م��ا �أ� �ص �ع��ب م���ش�ه��د بالن�سبة‬ ‫ل��ك �أن��ت كممثل يف جت�سيدك‬ ‫ل �� �ش �خ �� �ص �ي��ة (ي� ��ون � ��� ��س ب��ن‬ ‫عبدالرحمن)؟‬ ‫ال�صفار‪� :‬أ�صعب م�شهد وموقف‬ ‫يل يف هذه ال�شخ�صية حينما اجتمع‬ ‫الفقهاء بعد ا�ست�شهاد الإمام الر�ضا‬ ‫(ع) م��ن �أج��ل �إع�ل�ان �إم��ام��ة الإم��ام‬ ‫حممد (ع) بعد �أبيه (ع)‪ ،‬حيث كان‬ ‫ال��دور حينها م�شوب ًا بالإعرتا�ض‬ ‫ن �ظ��ر ًا ل���ص�غ��ر � �س��ن الإم � ��ام حممد‬ ‫اجل��واد (ع) حينها‪ ،‬فامل�شهد يغلب‬ ‫عليه ال��وج��دان و�إظ�ه��ار الإح�سا�س‬ ‫الداخلي باخلوف �أكرث من التعبري‬ ‫عنه باحلركة‪.‬‬ ‫و�أن���ت �أ� �س �ت��اذ ح��ام��د‪ ،‬م��ا �أه��م‬ ‫ال�صعوبات التي واجهتك يف‬ ‫جم��ال عملك كمدير للجرافيك‬ ‫واملقدمة واخلامتة؟‬ ‫املجيبل‪ :‬رمبا الغربة هي �أكرث ما‬ ‫عانيت منه يف العمل نظر ًا لالنتقال‬ ‫م��ن بلد لآخ��ر للت�صوير واملتابعة‪،‬‬

‫وك��ل ما يتطلبه العمل من ال�ضغط‬ ‫امل �ت��وا� �ص��ل م��ن �أج� ��ل �إجن � ��ازه يف‬ ‫ف�ت�رة وج �ي��زة وب��ال���ش�ك��ل امل ��أم��ول‪،‬‬ ‫خ�صو�ص ًا ون�ح��ن نعمل يف ق�صة‬ ‫تاريخية ل�شخ�صية �إ�سالمية عظيمة‬ ‫ك��الإم��ام حممد اجل��واد (ع)‪ .‬ولكن‬ ‫ك��ل ذل��ك يهون م��ن �أج��ل �أن يخرج‬ ‫العمل مب��ا يليق‪ ،‬واحل�م��د لله �أننا‬ ‫وفقنا يف ذلك‪.‬‬ ‫م � ��ا ه � ��ي �أك� �ث� ��ر امل� �ع���وق���ات‬ ‫وال���ص�ع��وب��ات ال�ت��ي واجهتك‬ ‫�أثناء �أداء العمل وجت�سيد هذه‬ ‫ال�شخ�صية؟‬ ‫ع�لا ‪:‬ال اع�ت�ق��د �أن ك�ل�م��ة م�ع��وق��ات‬ ‫م �ن��ا� �س �ب��ة‪ .‬ل �ك��ل ع �م��ل � �ص �ع��وب��ات‪،‬‬ ‫وع�ل��ى العمل �أن ي�ج�ت��ازه��ا‪ .‬العمل‬ ‫ال���ش�خ���ص��ي واجل �م��اع��ي يتعر�ض‬ ‫ل �� �ص �ع��وب��ات ج �م��ة‪ .‬ب�ي�ئ��ة ال�ت�ج��رب��ة‬ ‫كانت حديثة و�شديدة التقنية‪ ،‬كما‬ ‫�أن التعاون الإي��راين يف الإخ��راج‬ ‫والت�صوير والبيئة اجلغرافية �أي�ض ًا‬ ‫ط��رح��ت � �ص �ع��وب��ات ت�ق�ن�ي��ة ُي�سهل‬ ‫التجاوب معها‪� .‬إىل حد كبري يتمكن‬ ‫خريجو املعهد العايل من الت�أقلم مع‬ ‫ال�صعوبات الدرامية كيفما كانت‪.‬‬ ‫وكما قلت �سابق ًا بالن�سبة لتج�سيد‬ ‫ال�شخ�صية عبئها موجود ووا�ضح‬ ‫من خلفيتها يف الوع��ي ال�شخ�صي‬ ‫ويف بنية الن�ص املكتوب والتجاوب‬ ‫معها كان لزام ًا فني ًا و�أخالقي ًا‪ .‬ومل‬ ‫�أ�شعر ب��أي �صعوبة �سوى �صعوبة‬ ‫ت�ع�ي�ين ال���ش�خ���ص�ي��ة يف ك��ل حلظة‬ ‫ج�سدت بها الدور‪.‬‬ ‫اال�� � � �ش� �ت ��راك يف الأع� � �م � ��ال‬ ‫ال�ت��اري�خ�ي��ة وخ���ص��و��ص� ًا تلك‬ ‫التي تتحدث ع��ن �سرية �أئمة‬ ‫�أه� ��ل ال �ب �ي��ت ع�ل�ي�ه��م ال �� �س�لام‬ ‫و��ص�ح��اب�ت�ه��م ع� ��ادة تتعر�ض‬

‫النتقادات الذعة حول اختالف‬ ‫الروايات التاريخية �أو بع�ض‬ ‫الأحداث التي دارت مما ي�سبب‬ ‫هواج�س للقائمني على العمل‪..‬‬ ‫م��ا ه��ي �أب ��رز الهواج�س التي‬ ‫واج �ه �ت �ك��م وك �ي��ف ا�ستطعتم‬ ‫التغلب عليها ؟‬ ‫ال�صفار‪ :‬االنتقاد �شي مهم ومتوقع‬ ‫يف مثل هذه الأعمال التي تتحدث‬ ‫ع��ن البعد ال�ع�ق��ائ��دي وال�شخ�صية‬ ‫املقد�سة‪ ،‬والبد هنا �أن تكون حذر ًا‬ ‫يف ك��ل خ �ط��وة ت�خ�ط��وه��ا وك ��ل ما‬ ‫تتناوله من �أحداث جرت يف عهده‪،‬‬ ‫وك ��ذل ��ك ك ��ل ح� ��رف ي �ن �ط��ق ب ��ه من‬ ‫يج�سد �شخ�صية الإم ��ام املقد�سة‪،‬‬ ‫بل �أن كل ما يدور يف فلكه ويرتبط‬ ‫به يكون مقد�س ًا‪ ،‬والبد من �إي�صال‬ ‫هذا املقد�س للنا�س والعامل يف �إطار‬ ‫الأح � ��داث وال �ت��اري��خ ب���ش�ك��ل الئ��ق‬ ‫وب�صورة راقية‪ ،‬فهذه امل�س�ألة كانت‬ ‫متثل لنا هاج�س ًا كبري ًا‪.‬‬ ‫فمث ًال كيف لك �أن جت�سد �آخر ليلة‬ ‫م��ن ح�ي��اة الإم ��ام قبل وف��ات��ه؟ فهل‬ ‫ب��ا��س�ت�ط��اع�ت��ك �أن ت�ع�ي����ش وجت�سد‬ ‫هكذا �أدوار؟ ل��ذا وج��دن��ا التفاعل‬ ‫والتعاون الكبريين من قبل �سماحة‬ ‫ال �� �ش �ي��خ ع �ل��ي ال� �ك ��وراين يف ه��ذا‬ ‫ال���س�ي��اق‪ ،‬واحل �م��د ل�ل��ه تغلبنا على‬ ‫الكثري من تلك الأمور‪.‬‬ ‫املجيبل‪ :‬الهاج�س موجود دائم ًا‬

‫ب ��أن ت�ك��ون هنالك ان�ت�ق��ادات الذع��ة‬ ‫�ست�صلك خ�صو�ص ًا و�أن��ت تتحدث‬ ‫ع� ��ن � �ش �خ �� �ص �ي��ة �إم� � � ��ام م �ع �� �ص��وم‬ ‫و�شخ�صية مقد�سة‪ ،‬فهناك هاج�س‬ ‫مهم وهو كيف تظهر مث ًال الطريقة‬ ‫ال�ت��ي مي�شي فيها الإم ��ام �أو كيف‬ ‫ي�أكل �أو يلب�س وغريها من الأمور‪،‬‬ ‫الأم��ر ال��ذي كنا حذرين فيه للغاية‬ ‫ح �ت��ى ال ي���ض�ي��ع ك ��ل م ��ا ع�م�ل�ن��اه‪،‬‬ ‫خ �� �ص��و� �ص � ًا و�أن امل �� �ش��اه��د ذك��ي‬ ‫وي�لاح��ظ �أب�سط التفا�صيل‪ .‬ولكن‬ ‫ا��س�ت�ط�ع�ن��ا ال�ت�غ�ل��ب ع�ل�ي�ه��ا ب�ظ�ه��ور‬ ‫�شخ�صية الإمام غري وا�ضحة املعامل‬ ‫مبا �أن امل�س�ألة لها بعد عقائدي‪.‬‬ ‫م�سل�سل باب امل��راد مثل حقبة‬ ‫تاريخية م��ؤث��رة ومهمة‪ ،‬فهل‬ ‫ترون �أن امل�سل�سل ا�ستطاع �أن‬ ‫يقدمها ب�صوره فنية راق�ي��ة‪،‬‬ ‫مما ي�أهله لأن يكون يف م�صاف‬ ‫ن �خ �ب��ة الأع � �م� ��ال ال �ت��اري �خ �ي��ة‬ ‫املميزة؟‬ ‫ع�لا‪ :‬ك��ل عمل فني ُي�شكل تراكم‬ ‫ج� �ه ��د وع� �م ��ل ك� �ب�ي�ر‪ .‬ال �ن �خ �ب��وي��ة‬ ‫م ��وج ��ودة ب��امل���س�ل���س��ل م ��ن خ�لال‬ ‫ما�شرحته �سابق ًا مثل التقانة العالية‬ ‫يف ت���ص��وي��ره والإن� �ت ��اج ال�ضخم‪،‬‬ ‫الذي يجعله فني ًا عم ًال هام ًا‪ .‬احلقبة‬ ‫املنتقاة لي�ست كال�سيكية كما ذكرت‬ ‫يف مقدمة �أجوبتي والهام�ش الذي‬ ‫يتحول ملنت ُي�شكل �إعادة خلق ل�شيء‬

‫‪21‬‬


‫موجود �أ� ً‬ ‫صال ولكنه ُمهمل‪ .‬يقول‬ ‫القدي�س �أوغ�سطني مث ًال �أننا نبحث‬ ‫ع��ن �أ��ش�ي��اء ق��د وج��دن��اه��ا يف وقت‬ ‫�سابق‪ ،‬وعمل باب املراد �أعاد خلق‬ ‫اللحظات التاريخية بواقع فني‪� .‬أي‬ ‫�أع��اد بحث الكثري م��ن امل�شاهدين‬ ‫وجد بالأ�صل‪.‬‬ ‫عما ِ‬ ‫هل ترى �أن امل�سل�سل قد �أ�ضاف‬ ‫قيمة فنية للأعمال الدرامية‬ ‫ال��ت��اري��خ��ي��ة الإ�� �س�ل�ام� �ي ��ة ؟‬ ‫خ�صو�ص ًا يف ظل تقدم الأفالم‬ ‫الإ��س�لام�ي��ة على ي��د خمرجني‬ ‫�إي� ��ران � �ي �ي�ن ك � �ـ ي��وزر� �س �ي��ف‬ ‫واملختار الثقفي ؟‬ ‫�شمم‪ :‬مبا �أن املو�ضوع املطروح‬ ‫يف امل �� �س �ل �� �س��ل ذا ق �ي �م��ة ف �ك��ري��ة‬ ‫و�إن���س��ان�ي��ة ودي�ن�ي��ة ع��ال�ي��ة‪ ،‬ومهمة‬ ‫وه��ذه القيمة ال ن�ستطيع التحدث‬ ‫عنها‪ ،‬فاجلميع يعرفون �أهل البيت‬ ‫عليهم ال�سالم‪� ،‬إذ ًا �سيكون العمل‬ ‫ذا قيمة فنية عالية ج��د ًا والت�أكيد‬ ‫على ه�ك��ذا ك�لام ه��و املنجز ال��ذي‬ ‫ق��دم ور�أي �ن��اه يف ال���ش��ا��ش��ة‪ ..‬ول��و‬ ‫و��ض�ع�ن��اه يف م�ق��ارن��ة م��ع قريناته‬

‫‪22‬‬

‫الأخريات من �أعمال فنية �إ�سالمية‬ ‫ف��أع�ت�ق��د �أن ��ه مناف�س ��ش��دي��د ال�ق��وة‬ ‫لهذه الأعمال من خالل الإحرتافية‬ ‫العالية يف التنفيذ واملو�ضوعات‬ ‫العميقة املطروحة يف طيات العمل ‪.‬‬ ‫بعد هذا الإجن��از والنجاحات‬ ‫التي حققها امل�سل�سل مب�شاركة‬ ‫نخبة م��ن ممثلني بحرينيني‬ ‫وط ��اق ��م �إداري �أي �� �ض��ا‪ ،‬هل‬ ‫�سن�شهد م�ستقب ًال عم ًال فني ًا‬ ‫ب�ح��ري�ن�ي� ًا �أو م �� �ش��ارك��ات يف‬ ‫�أعمال تاريخية �أخرى كهذه؟‬ ‫امل �ج �ي �ب��ل‪ :‬ال ي �ن �ق ����ص ال� �ك ��ادر‬ ‫ال �ب �ح��ري �ن��ي ال� �ي ��وم �أي � �ش��ي م��ن‬ ‫�أج��ل �أن ينتج �أو ي�شارك يف مثل‬ ‫ه��ذه الأع�م��ال الفنية الراقية �سواء‬ ‫ت��اري �خ �ي��ة �أو غ�ي�ره��ا‪ ،‬م��ا ينق�صه‬ ‫فقط ه��و ال��دع��م امل��ادي فقط �سواء‬ ‫عن طريق النا�س �أنف�سهم �أم من‬ ‫خالل بع�ض اجلهات وامل�ؤ�س�سات‬ ‫وال �ت �ج��ار‪ ،‬ح�ي�ن�ه��ا � �س�ترى املمثل‬ ‫والكادر والفنان البحريني يت�صدر‬ ‫ال�ك�ث�ير م��ن الأع �م ��ال ال�سينمائية‬ ‫املبدعة والراقية‪ ،‬وهذا هو ما ن�أمله‬ ‫فع ًال‪.‬‬

‫ه��ل ت��رون �أن امل�سل�سل حقق‬ ‫ال �ن �ج��اح امل��رج��و م �ن��ه؟ وه��ل‬ ‫�سن�شهد لك م�سل�سالت تاريخية‬ ‫م�ستقب ًال يف ذات ال�سياق؟‬ ‫ع�لا ‪:‬ال �ن �ج��اح يف ال��درام��ا ُي�شبه‬ ‫امل ��أ� �س��اة امل�ن�ت�ظ�م��ة‪ .‬ال �غ��اي��ة الفنية‬ ‫وال ��درام� �ي ��ة ت �� �ص �ط��دم مب �ع��وق��ات‬ ‫ع ��دة‪� ،‬أه�م�ه��ا اجل�م�ه��ور و��ش��رك��ات‬ ‫الإن�ت��اج والت�سويق والإع�ل�ام‪ .‬من‬ ‫هنا يبدو م�صطلح النجاح مهو ًال‬ ‫وم ��رب� �ك� � ًا‪ .‬ل �ك��ن ع �م��وم � ًا احل��داث��ة‬ ‫ال�ت���ص��وي��ري��ة والإخ ��راج� �ي ��ة ك��ان��ت‬ ‫جذابة للم�شاهدين الذين يتوقون‬ ‫�أي�ض ًا لالحرتافية واجلمالية هذا‬ ‫م ��ن ن��اح �ي��ة‪ .‬وم ��ن ن��اح �ي��ة �أخ ��رى‬ ‫�أهمية العمل كبيئة تاريخية منتقاة‬ ‫م��ن � �ص��در ال �ت��اري��خ‪ ،‬والأح� � ��داث‬ ‫ت��اري �خ �ي��ة ل�ي���س��ت ب�ق�ل�ي�ل��ة ال �� �ش ��أن‪.‬‬ ‫وبالن�سة للم�ستقبل فكتاب الدراما‬ ‫ميلكون بو�صلة كرمية‪ ،‬والأح��داث‬ ‫وال �ف�ترات والتقطعات التاريخية‬ ‫الإ��س�لام�ي��ة وال�ع��رب�ي��ة ق��د ت�ك��ون ال‬ ‫متناهية‪ .‬م�شاركتي ب�أي عمل قائمة‬ ‫ع�ل��ى ج��اذب�ي��ة ال�ن����ص وامل�ستوعب‬ ‫الفني الذي يقدمه‪ .‬العمل التاريخي‬ ‫جذاب لأي ممثل‪ ،‬فاللغة الف�صحى‬ ‫ُت�خ��رج املمثل �إىل ا�ستح�ضارات‬ ‫ه ��ام ��ة ع� �ل ��ى م �� �س �ت��وى ال �� �ص��وت‬ ‫والتخيل‪ ،‬والن�ص التاريخي يجعل‬ ‫امل�م�ث��ل �أك �ث�ر ال�ت���ص��اق� ًا ب��ال�ت��اري��خ‬ ‫الإن� ��� �س ��اين ع �م ��وم � ًا‪ ،‬ال �ب �ح��ث عن‬ ‫امل��ا��ض��ي ج� ��ذاب‪ ،‬و�إن �ت��اج��ه يجعله‬ ‫�أك�ث�ر جمالية‪ .‬ل��ذل��ك ي�ك��ون الن�ص‬ ‫التاريخي دوم ًا جذاب ًا لروحي‪.‬‬ ‫ال�سيد �شمم‪ :‬ماذا عن ردة فعل‬ ‫اجلمهور يف حميطك الفني �أو‬ ‫االجتماعي؟‬ ‫�شمم‪� :‬شاهدت ردود �أفعال رائعة‬ ‫م��ن ق �ب��ل امل�خ�ت���ص�ين يف �صناعة‬

‫ال��درام��ا واجل�م�ي��ع ك��ان��و ي�شيدون‬ ‫مب�شروعنا ه��ذا وحتى التفا�صيل‬ ‫النقدية التي ذكرت كانت �إيجابية‪..‬‬ ‫�أم��ا عن ردود �أفعال املتلقي الغري‬ ‫خمت�ص فكانوا مذهولني بالعمل‬ ‫ي �ط��ال �ب��ون ب � ��الإع � ��ادات ل�ل�ح�ل�ق��ات‬ ‫واال�ستمرار يف نقل ق�ص�ص �أهل‬ ‫البيت عليهم ال�سالم بهذا ال�شكل‬ ‫الدرامي احلقيقي‪.‬‬ ‫من هي ال�شخ�صيات البارزة‬ ‫التي زارت وح�ضرت مواقع‬ ‫ال�ع�م��ل �أو ت�ل��ك ال�ت��ي �أ� �ش��ادت‬ ‫بالعمل بعد ب ّثه على �شا�شات‬ ‫التلفزيون؟‬ ‫املجيبل‪ :‬ك��ان للرئي�س الإي��راين‬ ‫ح �� �س��ن روح� � � ��اين زي� � � ��ارة مل��وق��ع‬ ‫ال�ت���ص��وي��ر و�أ�� �ش ��اد ب��ال�ع�م��ل حيث‬ ‫وج ��ه امل�سئولني م��ن �أج ��ل ت�سهيل‬ ‫ّ‬ ‫وت��ذل �ي��ل ال �� �ص �ع��وب��ات يف �إن �ت��اج‬ ‫العمل‪ ،‬وكذلك ممثل ووكيل ال�سيد‬ ‫علي ال�سي�ستاين يف �إي��ران ال�سيد‬ ‫ج ��واد ال���ش�ه��ر��س�ت��اين‪ ،‬ح�ي��ث زار‬ ‫�سماحته مواقع الت�سجيل و�أ�شاد‬ ‫ب��ال�ع�م��ل وال �ق��ائ �م�ين ع�ل�ي��ه �إ� �ش��ادة‬ ‫ك�ب�يرة‪ ،‬وال�ن��ائ��ب الكويتي في�صل‬ ‫الدوي�سان الذي كان له �شرف كتابة‬ ‫املقدمة يف امل�سل�سل‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل‬ ‫مدير التلفزيون العراقي الذي وجه‬ ‫العديد من املالحظات املفيده‪ ،‬وعدد‬ ‫من املراجع وال�شخ�صيات والعلماء‪.‬‬ ‫ويف اخل � �ت� ��ام‪ ،‬ن� ��� �س� ��أل ال �ل��ه‬ ‫العلي القدير �أن يوفق كل من‬ ‫�ساهم يف ن�شر �سرية وف�ضل‬ ‫�أه� ��ل ال �ب �ي��ت ع�ل�ي�ه��م ال �� �س�لام‪،‬‬ ‫متمنني للطاقم الفني املزيد‬ ‫من املوفقية‪ ،‬ومرتقبني املزيد‬ ‫من الإنتاجات التاريخية لهذه‬ ‫ال�سرية العطرة‪.‬‬


‫الهفهاف بن المهند الراسبي‬ ‫من �سل�سلة �أن�صار احل�سني (ع) ‪...‬‬ ‫فار�س �شجاع‪ ،‬ومن الذائبني يف‬ ‫الهفهاف بن املهند الرا�سبي الب�صري ‪ٌ ...‬‬ ‫الوالء لأمري امل�ؤمنني (ع)‪� ،‬شهد مع الإم��ام معركة اجلمل و�صفني وواله‬ ‫�أمري امل�ؤمنني (ع) على �أزد الب�صرة يف �صفني‪ .‬الزم الإم��ام وان�ضم بعد‬ ‫ذل��ك مع احل�سن (ع) ثم احل�سني (ع)‪ُ .‬و ِل � َد يف الب�صرة وا�ست�شهد يف‬ ‫كربالء‪.‬‬ ‫عندما و�صل خ�بر خ��روج احل�سني (ع) م��ن مكة ب��اجت��اه ال�ع��راق‪ ،‬خرج‬ ‫قا�صد ًا الإمام يف كربالء‪ .‬و�صل ع�صر عا�شوراء‪ .‬مل ي�صل �إال وقد �أُ َ‬ ‫�سدل‬ ‫ال�ستا ُر على م�شهدٍ فظيع‪ ،‬قُتِ َل احل�سني (ع) والأر���ض متلونة بالدماء‪،‬‬ ‫مفرو�شة ب�أج�ساد خري �أه��ل الأر���ض‪ ،‬بني �آه��ات الن�ساء وبكاء الأطفال‪.‬‬ ‫دخل على الع�سكر ف�س�ألهم عن اخلرب‪� .‬أين احل�سني (ع)؟ من �أنت؟ قال �أنا‬ ‫جئت لن�صرة �سيدي وموالي الإمام احل�سني‬ ‫الهفهاف الرا�سبي الب�صري‪ُ ،‬‬ ‫(ع)‪� .‬أجابه �أحدهم‪ :‬قتلنا احل�سني و�أ�صحابه و�أن�صاره وكل من حلق به‬ ‫ومل يبقَ �إال الن�ساء والأطفال وابنه العليل علي بن احل�سني‪ .‬عندها �شهر‬ ‫�سيفه وارجتز قائ ًال‪:‬‬ ‫يا �أيها اجلند املجند ‪� ...‬أنا الهفهاف وابن املهند ‪...‬‬ ‫احمي عياالت حممد‬ ‫قاتلهم بقوة وب�شرا�سة وقتل منهم جمع وجرح �آخر حتى قتلوه‪.‬‬ ‫قال عنه الإم��ام ال�سجاد (ع)‪« :‬مل ي َر النا�س �شجاع ًا بعد �أهل البيت (ع)‬ ‫كمثل هذا‪ ،‬اللهم اح�شره مع �أبي احل�سني (ع) و�آل بيته»‪ .‬وورد �أنه (ع)‬ ‫قال فيه‪« :‬قلما ر�أى النا�س منذ بعث الله حممد ًا فار�س ًا بعد علي بن �أبي‬ ‫طالب قتل ما قتل بعده كهذا الرجل»‪.‬‬ ‫�إن �شخ�صية ك�شخ�صية الهفهاف الرا�سبي حتتاج لت�أمل للوقوف على‬ ‫خ�صائ�صها‪ ،‬لن�ستقي منها درو�سا وعِ رب‪ ،‬كي ن�سمو ب�أنف�سنا نحو عليائها‪.‬‬ ‫�إن �إميان الهفهاف ب�أهل البيت (ع) و�إخال�صه يف الوالء لأئمة الهدى لأبرز‬

‫�أن ت�صل مت�أخر ًا خريا من �أن ال ت�صل‬

‫در�س ميكننا الأ�ستفادة منه‪ .‬وقف ب�إخال�ص لن�صرة �أمري امل�ؤمنني (ع)‬ ‫ثم احل�سن (ع)‪ ،‬ثم خرج نا�صر ًا للح�سني (ع) باجتاه كربالء منذ �سمع‬ ‫بخروج الإمام (ع)‪� .‬إنها ن�صرة نابعة عن اعتقاد ب�أحقية احل�سني (ع) و�أنه‬ ‫ال�صراط امل�ستقيم‪� .‬إنه الوفاء للحق و�أهله‪.‬‬ ‫كما ميثل موقفه يف كربالء مدى �شجاعة الرجل وبطولته و�إقدامه‪ .‬و�صل‬ ‫واملعركة قد انتهت‪ ،‬مل َ‬ ‫يخ�ش اجلنود املجندة وهو وحيد‪ ،‬بل قاتل من �أجل‬ ‫احلق م�صر ًا على ن�صرة احل�سني (ع)‪.‬‬ ‫�إن من �أك�بر الدرو�س امل�ستفادة من �شخ�ص الهفهاف در���س «�أن َ‬ ‫ت�صل‬ ‫مت�أخر ًا خري ًا من �أال ت�صل»‪ .‬لقد و�صل املعركة بعد انتهائها‪ ،‬لكنه �شَ َه َر‬ ‫�سيفه لن�صرة احل�سني (ع) و�أهل بيته‪ .‬مل يقل ب�أن املعركة انتهت وقد قُتِ ل‬ ‫احل�سني (ع) و�أنه قد �أدى ما عليه‪ ،‬حاول الو�صول لن�صرة الإمام فلم يكن‬ ‫ذنبه الو�صول مت�أخر ًا‪ .‬مل ي�ؤثر احلياة‪ ،‬فهو قد �أخل�ص النية‪ ،‬يحث الطريق‬ ‫لهذه الن�صرة ومل يوفق‪ .‬كلها �أعذار كانت كافية �أن ترجع الهفهاف مرتاح‬ ‫ال�ضمري وفي ًا موالي ًا لأهل البيت (ع) ونا�صر ًا لهم وقد �أكمل احلجة على‬ ‫نف�سه‪ .‬بل �آثر �أن يركب يف �سفينة احل�سني (ع) حتى ولو و�صل مت�أخر ًا‪،‬‬ ‫معتقد ًا ب�أن الو�صول مت�أخر ًا يكفي ب�أن يقطف املرء من ثمار العمل‪ ،‬معتمد ًا‬ ‫على �سالمة النية‪ ،‬وهو �أف�ضل من الرجوع ِ�صف َر اليدين‪.‬‬ ‫�إن هذا الدر�س من �أهم الدرو�س‪ ،‬ف�إن االلتحاق ب�صالة اجلماعة بعد بدئها‬ ‫وقطع �شوط كبري منها خري من ال�صالة فرادى‪ ،‬فيك�سب املرء حينها ثواب‬ ‫اجلماعة‪ .‬كما �أن حماولة الطالب التفوق والو�صول �إىل �أق�صى حد ممكن‬ ‫لهذا التفوق خري من عدم الو�صول‪� .‬أي �أن حماولة ركوب ال�سلم للو�صول‬ ‫للقمة خري من اجللو�س عند ال�سلمة الأوىل رافع ًا الر�أ�س حمدقا نحو الأعلى‪.‬‬ ‫علينا دائم ًا �أن ن�ستذكر الهفهاف الرا�سبي لنتذكر منه �أن املحاولة بجد‬ ‫وب�إ�صرار‪ ،‬مهما كانت املعوقات‪ ،‬تو�صل للهدف‪ ،‬ف�أن ت�صل مت�أخر ًا للنجاح‬ ‫خري ًا من �أن ال ت�صل �أبد ًا‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫أ‬ ‫مت‬ ‫ىق‬ ‫د� مب�أ� السنابس‪...‬‬ ‫ملت� ديوان ال ب ي‬

‫حين تتالقى التجارب والثقافات األدبية‬

‫لي�س من الغريب �أن جتد يف البحرين يف كل‬ ‫زاوية من كل قرية هنا �أو هناك جمموعة �أدبية‬ ‫تتعاطى ال�شعر وحتب الثقافة وحتتفي بالإبداع‪،‬‬ ‫فالبحرين والدة وقراها مليئة بال�شعراء‪ ،‬ويكفي‬ ‫�أن متر يف �أي منا�سبة من املنا�سبات اخلا�صة‬ ‫�أو العامة لتجد حجم ال�شعراء وم��ن يتعاطون‬ ‫الإي� �ق ��اع ي �� �ص��دح��ون ب�ق���ص��ائ��ده��م وي �ن�ث�رون‬ ‫احل��روف عذب ًة ط��ري� ًة‪ ،‬يت�شاطرون املعاين يف‬ ‫�أخذ ورد‪ .‬وال متر الأيام حتى جتد هذه الأ�شعار‬ ‫قد تال�شت وانتهت‪ ،‬رمبا لطبيعة خا�صة تكمن‬ ‫يف عدم التوثيق واالهتمام ب�إبداعات ال�شعراء‬

‫‪24‬‬

‫كم�شاريع �أدبية‪ ،‬ثم بعد فرتة جتدهم يعيدون‬ ‫االبتداء من حيث انتهوا‪ ،‬ملا ق ّر يف �أذهانهم من‬ ‫جمال تلك التجارب وحفاوة تلك اللقاءات على‬ ‫ب�ساطتها وتلقائيتها و�أث��ره��ا على �إبداعاتهم‪.‬‬ ‫ولعل هذا ما حدا مبجموعة امللتقى الإبداعي يف‬ ‫ال�سناب�س الذي ت�أ�س�س و�شرع يف جمموعة من‬ ‫الأم�سيات الثقافية والإبداعية يف فرتة ما‪� ،‬أن‬ ‫يعيد لنف�سه الألق من جديد يف �شكل جمموعة‬ ‫ج��دي��دة ي���ش��رف عليها جم�ل����س امل��وك��ب مب ��أمت‬ ‫ال�سناب�س حتت عنوان «ملتقى ديوان الأدبي»‪.‬‬ ‫ملتقى دي ��وان ل��ه ر�ؤي �ت��ه الإب��داع �ي��ة وتطلعاته‬

‫وبرناجمه الأدب��ي ال��ذي ي�أتي ام�ت��داد ًا مللتقيات‬ ‫�أدب �ي��ة �سابقة يف منطقة ال�سناب�س وتطلعات‬ ‫��ش�ع��رائ�ه��ا‪ ،‬م� ��ؤك ��د ًا ب ��أن �ه��ا �ستمتد يف �شكل‬ ‫�أم�سيات �شعرية ونقدية و�أدبية تعقد م�ساء كل‬ ‫خمي�س بواقع �أربعة لقاءات متوا�صلة يف كل‬ ‫�شهر‪.‬‬ ‫فقد نظم ملتقى ديوان الأدبي �أم�سيات متعددة‬ ‫كانت �أوىل �أم�سياتها بعنوان «�شيء من غزة»‬ ‫مب�شاركة نخبة من �شعراء القطيف والإح�ساء‬ ‫والبحرين تلتها �أربع �أم�سيات �أخرى ‪.‬‬


‫ين‬ ‫احلس� قدوة‬ ‫يتميز العظماء يف ال�ت��اري��خ مب��ا ي�ق��دم��وه م��ن نتاج‬ ‫يختلف عن النا�س العاديني يف احلياة ‪ ،‬و�أنهم كانوا‬ ‫عظماء لأنهم جتاوزوا امل�ألوف واملعتاد يف حياتهم‪،‬‬ ‫�إىل ال�شيء املميز واملختلف يف العطاء والعمل‪.‬‬ ‫ونحن هنا نعترب الإم��ام احل�سني (ع) قدوة لنا لأنه‬ ‫متيز ب�أ�شياء كثرية عن الآخرين‪ ،‬فهو القدوة واملثل‬ ‫الأعلى و�أكرث من ذلك‪.‬‬ ‫�أوال‪ :‬متيز بالأخالق مع ال�صديق والعدو‪ ،‬القريب‬ ‫والبعيد‪ ،‬ال�صغري والكبري على ح��د ��س��واء‪ ،‬ومبا‬ ‫ميلي عليه �إ�سالمه والقيم واملبادئ ال�سمحة‪ ..‬حيث‬ ‫مل يبادر بالقتل مع �أنه اعتدى عليه‪ ،‬وظلم يف حقه‪،‬‬ ‫وتكاثر الأعداء عليه من كل جانب‪ ،‬وهو يبكي على‬ ‫�أعدائه يف عر�صة كربالء‪ ،‬وعند ا�صطكاك الأ�سنة‪،‬‬ ‫�إذ �سيدخلون النار والعذاب ب�سبب قتله‪ ،‬فما �أعظم‬ ‫هذه الأخ�لاق التي يحملها هذا العظيم ابن العظيم‬ ‫�أي �� �ض��ا‪ ..‬و�أخ�ل�اق��ه ال�ت��ي ذك��ره��ا �أ� �ص �ح��اب ال�سري‬ ‫والتاريخ م�شهودة يف كتبهم وم�صادرهم الكثرية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬متيز بالتم�سك بالقيم وامل�ب��ادئ احلقة‪ ،‬فهو‬

‫بقلم‪ :‬الشيخ محمد أبوجسام‬

‫�صاحب املبادئ التي تعلمها من ج��ده‪ ،‬و�أبيه و�أمه‬ ‫الطاهرة‪ ،‬ال ي�ساوم على املبد�أ‪ ،‬وال ي�ست�سلم �أو �أن‬ ‫يهاون يف �سبيل احلق ‪ ،‬بل هو القائل‪ " :‬كلمة حق‬ ‫�أمام �سلطان جائر " وقالأمام طاغية زمانه‪" :‬مثلي‬ ‫ال يبايع مثله"‪ ،‬وغ�ير ذل��ك م��ن الكلمات وامل��واق��ف‬ ‫ال�شجاعة التي فيها العظمة والعلو من �أج��ل �إع�لاء‬ ‫كلمة احلق‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬متيز بالعطاء والت�ضحية واجلهاد يف �سبيل‬ ‫الله‪ ،‬خ�صو�صا عندما ر�أى الطاغوت يهدم الإ�سالم‪،‬‬ ‫ويعتدي على احلرمات‪ ،‬ويف�شي الفح�شاء واملنكر‪..‬‬ ‫بادر الإمام �إىل اجلهاد والت�ضحية لإنقاذ الإ�سالم‬ ‫وامل�سلمني م��ن ال�ضياع والتف�سخ و�إرج ��اع احلق‬ ‫�إىل �أهله و�أ�صحابه‪ ،‬فقدم نف�سه و�أ�صحابه و�أوالده‬ ‫وجميع م��ا ميلك يف �سبيل ال�ل��ه ت�ع��اىل‪ ،‬وه��ذا هو‬ ‫التميز العظيم الذي خلد عا�شوراء واحل�سني �إىل هذا‬ ‫الزمان‪ ،‬بعك�س الآخرين الذين ذكرهم التاريخ ولكن‬ ‫لي�س مثل احل�سني (ع) ال��ذي يف ك��ل ع��ام يحتفل‬ ‫بذكراه العطرة ‪ ،‬كما يقال " كل يوم عا�شوراء وكل‬

‫�أر�ض كربالء " ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬متيز ب�أمور كثرية منها �إمام مفرو�ض الطاعة‬ ‫‪ ،‬وه��ذا م��ا ق��ال فيها ال��ر��س��ول الأع �ظ��م‪ " :‬احل�سن‬ ‫واحل�سني �إمامان قاما �أو قعدا" و"ح�سني مني و�أنا‬ ‫من ح�سني"‪ ،‬و�أحب الله من �أحب ح�سينا وغري ذلك‬ ‫من الأقوال امل�أثورة لر�سول الله (�ص)‪ ،‬فهو الإمام‬ ‫املن�صو�ص عليه‪ ،‬واملفرو�ض الطاعة �أي�ضا ومعروف‬ ‫عند امل�سلمني طاعة �أويل الأمر ‪ ،‬فما بالك بالذي ن�ص‬ ‫عليه الر�سول الذي ال ينطق عن الهوى بل هو وحي‬ ‫يوحى‪ ..‬وتكفي هذه امليزة عند العاقل احلقيقي الذي‬ ‫يعي ما يقوله النبي الأك��رم دون تكابر �أو مكابرة‬ ‫بالتفل�سف والتالعب بالألفاظ‪..‬‬ ‫�إذ ًا احل�سني ق��دوة يف جميع الأم��ور‪ ،‬من خمتلف‬ ‫اجل��وان��ب وال �ن��واح��ي‪ ،‬فهو املعلم الأول‪ ،‬والإم ��ام‬ ‫ال�ث��ال��ث و��ص��اح��ب اخل�ل��ق العظيم وه��و ال��رائ��د يف‬ ‫مقارعة الظلم والطاغوت وال�شجاع �صاحب الإميان‬ ‫والعمل ال�صالح‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫حمطات يف‪..‬‬ ‫تاريخ الموكب الحسيني‬ ‫بقلم عبدال�شهيد الثور‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫ •العناية بالتاريخ مل ت�صبح هما بالن�سبة للكثريين من املهتمني باملوكب‪.‬‬ ‫ •هناك ثوابت يف ال�شعائر ال ميكن �أن نتخلى عنها وهناك تفريعات واجتهادات ميكننا �أن نغريها وجنتهد كما اجتهد الآباء‪.‬‬ ‫ •عندما ّ‬ ‫نطلع على تاريخنا ن�ستطيع �أن نوا�صل امل�سرية بخطى ثابتة ونتجاوز العرثات والإخفاق‪.‬‬ ‫ •نحن بحاجة �إىل ال�سري احلثيث كي تتقدم �شعائرنا ب�صورة ير�ضى عنها �أهل البيت‪.‬‬

‫مراحل تطور املوكب احل�سيني من كتاب‬ ‫تراجيديا كربالء ‪� /‬إبراهيم احليدري‬

‫ �أق��دم امل��ؤ��ش��رات ت�شري �إىل ال�شعائر الرمزية‬‫التي قام بها التوابون من حيث كانوا يتجمعون‬ ‫عند قرب احل�سني (ع) يوم عا�شوراء لإظهار الندم‬ ‫وطلب املغفرة‪.‬‬ ‫ ح�سب امل�صادر �أن املختار الثقفي هو �أول‬‫من �أقام احتفاال ً ت�أبين ًيا يف داره و�أر�سل بع�ض‬ ‫النادبات �إىل �شوارع الكوفة للندب على احل�سني‬ ‫عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫ وكانت هناك ظواهر جتمع عند قبور الأئمة من‬‫�أبناء علي واحل�سني (ع) خا�صة لإن�شاد ال�شعر‬ ‫والرثاء وتقدمي العزاء وال�سلوى لأهل البيت‪.‬‬ ‫ وق��د ذك��ر ي��اق��وت احل �م��وي واب ��ن خ�ل�ك��ان يف‬‫وفياته �أن ال�شاعر املعروف (النا�شئ الأ�صغر)‬ ‫كان يعقد جمال�س النياحة على احل�سني (ع) بعد‬ ‫�أن انت�شر الت�شيع وخفت وط ��أة ال�سلطات على‬ ‫العلويني‪.‬‬ ‫ ثم تطورت النياحة �إىل ق��راءة مقتل احل�سني‬‫البن منا وابن طاوو�س‪.‬‬ ‫ يف ال�ق��رن ال�سابع ال�ه�ج��ري �أ�صبحت ق��راءة‬‫املقتل ع��ادة متبعة ي��وم عا�شوراء وك��ان اخلليفة‬ ‫امل�ستن�صر بالله قد �أم��ر مبنع النا�س من ق��راءة‬ ‫املقتل يف امل�ح��ال وال���ش��وارع �سوى يف م�شهد‬ ‫الكاظم‪.‬‬ ‫‪ -‬وق��د �أ��ص�ب��ح ق�بر احل���س�ين (ع) م��رك��ز جتمع‬

‫‪26‬‬

‫ال�شيعة‪ ،‬لهذا عملت ال�سلطات على هدمه وحرقه‬ ‫وزرع �أر�ضه ومعاقبة زائريه بالقتل واملالحقة‪.‬‬ ‫ كما �أنه يروى �أن �أول من رثى احل�سني (ع) هو‬‫�سليمان بن قبة عندما مر بكربالء بعد ‪� 3‬سنوات‬ ‫من مقتل احل�سني (ع) فرثاه‪.‬‬ ‫ وقيل �أن �أول م��ن رث��اه يف عقد بعيد يت�صل‬‫بع�صر الفاجعة هو ال�شاعر ا ُجلمحي‪.‬‬ ‫ وقيل �أن الأول هو ب�شر بن حذمل عندما دخل‬‫املدينة باك ًيا احل�سني عليه ال�سالم ب�أمر الإم��ام‬ ‫ال�سجاد عليه ال�سالم‪.‬‬ ‫ هناك الكثري من ال�شعر املكتوم واملخفي الذي‬‫مل يظهر خوفا من الإ�ضطهاد‪.‬‬ ‫ وت�ؤكد امل�صادر �أن ال�سيد �إ�سماعيل احلميرّ ي‬‫ك��ان م��ن الأوائ ��ل ال��ذي رث��وا احل�سني (ع) عند‬ ‫الإمام ال�صادق (ع)‪:‬‬ ‫ امرر على جدث احل�سني وقل لأعظمه الزكية‪...‬‬‫ وقال له الإمام‪ :‬ان�شدين بالرقة كما تن�شدون‪...‬‬‫بلحن حزين‪.‬‬ ‫ كذلك كان الكميت يقر�أ مدحا ورثاء لأهل البيت‬‫( ‪ 160 – 126‬هـ)‬ ‫ وللإمام ال�شافعي ق�صائد عدة يف رثاء احل�سني‬‫عليه ال�سالم ( ‪ 204 – 150‬هـ)‪.‬‬ ‫ ل�ق��د ا�شعلت واق �ع��ة ك��رب�لاء �أذه� ��ان ال�شعراء‬‫والأدباء وال جند �شاع ًرا م�شهو ًرا �إال وكتب فيها‪.‬‬ ‫ وتائية دعبل �أ�شهر من �أن تذكر يف هذا املجال‪.‬‬‫‪ -‬تاريخيا ارتبط العزاء احل�سيني بالإ�ضطهاد‬

‫الأموي ثم العبا�سي‪.‬‬ ‫ يف فرتة حكم الدولة البويهية �أخذت مرا�سيم‬‫ال�ع��زاء تتو�سع ملنا�صرة احل��اك��م للمذهب حيث‬ ‫ك��ان��ت ت�غ�ل��ق الأ� � �س� ��واق وت �� �س�ير ال �ن��ادب��ات يف‬ ‫ال�شوارع ي��رددن مرثيات وب��رزت ظاهرة لب�س‬ ‫ال���س��واد وو��ض�ع��ت امل �ي��اه يف ال �� �ش��وارع ل�سقي‬ ‫ال�سبيل‪.‬‬ ‫ بعد ت�سلط ال�سالجقة والأت� ��راك ��س��اء و�ضع‬‫ال�شيعة‪.‬‬ ‫ لكنها ف�ترة تلتها ف�ترة حكم ال�صفويني حيث‬‫حت�سنت الأمور كث ًريا مما �ساعد على ن�شر العزاء‬ ‫احل�سيني وتطوره ‪ ...‬فر�ض ال�شعائر واملذهب‬ ‫بعد ان كان �سن ًيا‪.‬‬ ‫ وك��ان��ت ال���س�ل�ط��ات ال�ع�ث�م��ان�ي��ة حت ��اول مل��رات‬‫الت�ضييق على مرا�سيم العزاء مما ا�ضطر ال�شيعة‬ ‫لإقامة العزاء يف ال�سراديب‪.‬‬ ‫ و�أول جمل�س ت�ع��زي��ة علني ك��ان يف جمل�س‬‫ال���ش�ي��خ حم�م��د ب��ن ن���ص��ار ‪�� ...‬ص��اح��ب امللحمة‬ ‫امل���ش�ه��ورة وال�ت��ي منها ‪.....‬ق �� �ض��وا ح��ق عليهم‬ ‫دون خل �ي��ام‪ ......‬يخويه ان��روح يخويه انك�سر‬ ‫‪ ...‬ويحتمل �أن ي�ك��ون ه��و �أول خطيب منربي‬ ‫بال�صورة احلا�ضرة حال ًيا‪.‬‬ ‫ يف كربالء ي�شار �أن �أول من �أقام املواكب هو‬‫�آية الله ال�شيخ حممد جواد البالغي‪.‬‬ ‫ يف الن�صف ال�ث��اين م��ن ال�ق��رن التا�سع ع�شر‬‫بد�أت احل�سينيات تربز كمواقع لإقامة العزاء‪.‬‬


‫ الق��ت امل��واك��ب ت�ضييقًا �شديدا يف ع�شرينات‬‫القرن الع�شرين‪.‬‬ ‫ يف ال���س�ب�ع�ي��ات ك ��ان ت���ض�ي�ي��ق اخل �ن��اق على‬‫اخلطباء والرواديد �شدي ًدا وب��ارزًا ‪...‬ك��ان هناك‬ ‫ترغيب ب�إعطاء الأموال ملدح حزب البعث‪.‬‬ ‫‪ -‬ويف ‪ 1976‬مت منع م�سرية الأربعني ‪ ...‬امل�شاية‬

‫�إطاللة على تطور املوكب يف البحرين‬

‫ كان املوكب بالبحرين يعتمد على الهو�سات يف‬‫طول الطريق‪.‬‬ ‫ ك��ان��ت ت�ل�ق��ى ب�ع����ض ال�ق���ص��ائ��د داخ� ��ل امل� ��أمت‬‫على غ��رار الق�صائد العراقية (تنقل بالأ�شرطة‬ ‫الإ�سطوانية)‪.‬‬ ‫ بع�ض ال�ل�ي��ايل كليلة ال��وح���ش��ة ي�ك��ون موكب‬‫الفرقتني ‪ ...‬فرقة جتيب الأخ��رى مثل (موكب‬ ‫�سناب�س يا ن�سل حيدر ‪.) ...‬‬ ‫ ثم بد�أت ق�صائد امل�سري يف ال�ستينات ‪ ..‬جنهل‬‫�أول من ابتكرها‪.‬‬ ‫ الق�صيدة يف تلك الفرتة كانت ب�سيطة الرتكيب‬‫ولرمبا ال تتجاوز الأ�سلوب ال�شعبي ‪ ...‬النبطي‬ ‫‪ ...‬الف�صيح قليل ‪ ...‬موكب اجلناح ‪ ...‬موكب‬ ‫الزجنيل‪.‬‬ ‫ رمبا كان حلن الفقرات هو نف�سه حلن امل�ستهل‬‫وال تتعدى الفقرة ‪� 4‬أو ‪� 6‬أبيات‪.‬‬ ‫ امل�ستهل كثري التكرار بني الفقرة والأخرى ‪...‬‬‫وكان اجلمهوريتحفز للجواب وتلقفه‪.‬‬ ‫ الهو�سات ت�أخذ حي ًزا وا�س ًعا ي�صل �إىل ‪� 7‬أو ‪8‬‬‫هو�سات ‪ ...‬تناف�س يف حلقات املوكب وحما�س‬ ‫م�ستمر‪.‬‬ ‫ مع انت�صار الثورة الإ�سالمية يف �إيران دخل‬‫�أ�سلوب الوقفات فا�صال بني الق�صيدة والهو�سة‪.‬‬ ‫‪ ...‬مثال ندري بيها ‪ ...‬الله الله الله الله �أكرب ‪...‬‬ ‫ال �إله �إال الله‪.‬‬ ‫ يف الثمانينات ا�ستطاعت الق�صيدة احل�سينية‬‫�أن تقتحم كل املوا�ضيع ال�سيا�سية واالجتماعية‬ ‫والعقائدية‪( .‬اخلطباء – املوكب – القر�آن – ‬ ‫�أم��ري�ك��ا – �إ�سرائيل – الظلم – الإخ�لا���ص –‬ ‫احلب يف الله – املخدرات – ال�سفور – امل��ر�أة‬ ‫– زيارة القبور – ال�سجود على الرتبة ‪ -‬مراحل‬ ‫حياة االن�سان )‪.‬‬ ‫ م�ؤ�شر الوعي اتخذ م�ؤ�ش ًرا ت�صاعد ًيا لتحيى‬‫كل منا�سبات املع�صومني بعد �أن كانت من�سية‪.‬‬

‫ �شيئا ف�شيئا �أ�صبح امل�ع��زي ي��رت��دي ال�سواد‬‫مالز ًما للمنا�سبة‪.‬‬ ‫ ظ��واه��ر ك�ث�يرة ب ��رزت م�ث��ل امل���ش��ي ل �ل��وراء –‬‫تراجع ن�سبة ك�شف ال�صدور يف املوكب – بد�أ‬ ‫�شكل املوكب ينتظم كحركة ع�سكرية ‪ -‬ترتبت‬ ‫�صفوفه �أربعة �أربعة او �أكرث – ح� ��رك� ��ة ال �ل �ط��م‬ ‫�أ�صبحت ذات حركة خا�صة تختلف عن القدمي –‬ ‫دائرة املوكب بد�أت تتو�سع – تو�سع عدد املواكب‬ ‫وال�شعراء والرواديد واجلمهور‪.‬‬ ‫ ن���س�ب��ة ح���ض��ور ال�ق���ص�ي��دة ال�ف���ص�ي�ح��ة ب ��د�أت‬‫ت ��زداد يف الت�سعينات م��ع ب��روز ع��دد كبري من‬ ‫�شعراء الف�صيح‪� :‬شيخ جميد‪� ،‬شيخ ب�شار‪� ،‬شيخ‬ ‫عبدالهادي املخو�ضر‬ ‫أي�ضا بد�أت ظاهرة �أكرث من وزن‬ ‫ يف الت�سعينات � ً‬‫وحلن يف الق�صيدة الواحدة ب�أ�ساليب خمتلفة –‬ ‫تعدد �أحلان مع نف�س ال�سرعة‪ ،‬وتعدد �سرعات مع‬ ‫نف�س اللحن‪ ،‬وتعدد �أحلان و�سرعات ‪ ...‬كثريون‬ ‫يدعون لنف�سهم الأولوية يف ابتكار هذا الأ�سلوب‬ ‫مع غياب احلقيقة الثابتة‪.‬‬ ‫ م��ع �أوائ��ل الت�سعينات ب��رزت ظ��اه��رة املواكب‬‫املركزية ب�صورتها احلالية بعد �أن كانت املركزية‬ ‫لأي��ام يف ع��ا��ش��وراء – ك��ل منطقة يف يومها –‬ ‫�صباحا – يوم عا�شر ع�ص ًرا‬ ‫يوم عا�شر املنامة‬ ‫ً‬ ‫ال�سناب�س – يوم تا�سع كرباباد – يوم ‪ 11‬الديه‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫ يف �أوائ ��ل الت�سعينات ب ��د�أت تتبلور مالمح‬‫م��دار���س ال�ع��زاء ل�ل��روادي��د‪ :‬لكل رادود �أ�سلوبه‬ ‫(الدراز – ال�سناب�س – البالد)‪.‬‬

‫ منذ ما بعد ‪2000‬عام ت�شكلت ظاهرة الإفراط‬‫يف الأوزان وباتت ت�شكل خلال يف اللطم والنظم‪.‬‬ ‫ ع �� �ص��ر ال��وق �ف��ات ال��ذه �ب��ي ب�ي�ن ال�ث�م��ان�ي�ن��ات‬‫والت�سعينات كان ي�شكل نقلة للموكب ب�شحنات‬ ‫احلما�س التي ي�ضخها يف املوكب‪.‬‬ ‫ امتداد مركزية ال��رادود بعد ان كانت مركزية‬‫امل�أمت‪.‬‬

‫الت�شخي�ص احلايل للموكب‪:‬‬

‫‪ o‬ال�سلبيات‪:‬‬ ‫ غ�ي��اب دور ال��وق�ف��ات بعد �أن ابتلعته ق�صيدة‬‫امل�سري‪.‬‬ ‫ متدد حجم الق�صيدة يف م�سار اللحن والكلمة‪.‬‬‫ ح�ضور اللحن ح���ض��و ًرا طاغ ًيا على ح�ساب‬‫الكلمة‪.‬‬ ‫ االفتقار �إىل الإبتكارات املدرو�سة‪.‬‬‫ كرثة املواكب بطريقة غري من�سقة ت�صطدم مع‬‫الوحدة �أو ال تطمح �إىل الأف�ضل‪.‬‬ ‫ نفتقد اجلهة الراعية لل�شاعر وال��رادود وجلان‬‫املوكب ‪� ...‬س�أم ومتلمل املعزي‪.‬‬ ‫‪ o‬الإيجابيات‪:‬‬ ‫ احل���ض��ور والإن �� �ش��داد للموكب �سمة مميزة‬‫لزماننا‪.‬‬ ‫ ال��وف��رة يف ال�شعراء وال��روادي��د م��ع اختالف‬‫امل�ستويات‪.‬‬ ‫ ا�ستخدام الو�سائط الع�صرية ل�صالح املوكب‬‫خري ا�ستخدام‪.‬‬ ‫‪ -‬بروز فعاليات تثقيفية من قبل اللجان‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫منـ�‬

‫احلســــــ�ن‬ ‫ي‬

‫«ع»‬

‫منبر الحق والعدل‬

‫بقلم‪ :‬سعيد محمد سعيد ‪ -‬إعالمي وكاتب صحفي‬

‫طرحت على مدى �سنوات ت�سا�ؤ ًال يتعلق بامل�سار‬ ‫ُ‬ ‫ال�ت��اري�خ��ي يف �إط ��ار حم ��اوالت �إ� �س �ك��ات املنرب‬ ‫وبحثت عن ال�سبب وراء ذلك فقلت‪:‬‬ ‫احل�سيني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ه��ل مي�ك��ن �أن ت�ن�ج��ح حم� ��اوالت ت���ش��وي��ه امل�ن�بر‬ ‫احل�سيني من جانب �أعدائه؟ وملاذا � اً‬ ‫أ�صل ي�سعى‬ ‫البع�ض ملحاربته؟ ومع كل ما ميتلكون من �أموال‬ ‫و�إع�لام وف�ضائيات ونفوذ ودع��م وتغطية‪ ،‬ملاذا‬ ‫ف�شلت كل حماوالتهم؟‬ ‫وك�ت�ب��ت ذات م� ��رة‪ ،‬رد ًا ع�ل��ى م��ن ي�ت�ه��م امل�ن�بر‬ ‫احل�سيني يف مملكة البحرين‪ ،‬ب�أنه منرب لن�شر‬ ‫العداوة والبغ�ضاء وال�شرك والكفر والدعاء لغري‬ ‫الله والنيل من رموز �إ�سالمية عرب �شتم ال�صحابة‬ ‫و�أم�ه��ات امل�ؤمنني‪ ،‬كتبت متحد ًيا �أن يتقدم �إىل‬ ‫الق�ضاء كل من يتهم املنرب‪ ،‬على �أن تكون يف‬ ‫ي��ده الأدل��ة الدامغة‪ ،‬ذل��ك �أن منرب احل�سني عليه‬ ‫ال�سالم‪� ،‬شاء من �شاء و�أب��ى من �أب��ى‪ ،‬هو منرب‬ ‫�إ�سالمي عظيم للحق وال�ع��دل واملحبة والأخ��وة‬ ‫واخل �ي��ر‪ ،‬ف �ل��م �أج� ��د وال ف � ��رد ًا واح � ��د ًا جت��اوب‬ ‫ليثبت �أن املنابر احل�سينية يف البحرين تنال‬ ‫من رم��وز الطائفة ال�سنية الكرمية �أو تدعو �إىل‬ ‫قتلهم واالنتقام منهم كما يدعى خطباء وم�شايخ‬ ‫الفتنة‪ ،‬وبهذا‪ ،‬من ال�سهل ت�أجيج نفو�س النا�س‬ ‫عرب مقوالت كاذبة‪ ،‬لكن لي�س من ال�سهل �إثبات‬ ‫االتهامات التي ال ميكن �أن يقبلها �إال ذوو امليول‬ ‫الطائفية �أ� ً‬ ‫صال‪.‬‬ ‫ويتذكر كبار ال�سن م��ن الطائفتني الكرميتني‪،‬‬ ‫كيف ك��ان مو�سم عا�شوراء منذ القدم يف هذه‬ ‫البالد الكرمية‪ ،‬حمف ًال يجمع كل �أهل البلد‪ ،‬ذلك‬ ‫�أن ذكر �سيد ال�شهداء‪ ،‬احل�سني بن علي عليهما‬ ‫ال���س�لام‪ ،‬ه��و ذك��ر يخلده ال�ل��ه �سبحانه وتعاىل‬

‫‪28‬‬

‫لتكون منبع ًا للعطاء الإ�سالمي اخلال�ص‪ ،‬فهي‬ ‫جتمع والتفرق‪ .‬تقوي والت�ضعف‪ ،‬تن�شراملحبة‬ ‫وتت�صدى للكراهية‪ ،‬فدعوات الت�آخي والوحدة‬ ‫واملحبة‪ ،‬تتغلب على ممار�سات التفريق والفتنة‪،‬‬ ‫حتت �أي م�سوغ ووفق �أي ممار�سة التتما�شى مع‬ ‫تراث و�أخالق وطبيعة �أهل البحرين الطيبة‪.‬‬ ‫وال�ي��وم‪ ،‬تغريالو�ضع ك�ث�ير ًا‪ ،‬فهناك م��ن يتعمد‬ ‫�إثارة «الفتنة» حتت �أكرثمن عنوان‪ ،‬فتارة حتت‬ ‫ع�ن��وان الإ� �س��اءة اىل ال��دي��ن الإ� �س�لام��ي‪ ،‬وت��ارة‬ ‫حت��ت ع �ن��وان ��ش�ت��م ال���ص�ح��اب��ة ون���ص��ب ال �ع��داء‬ ‫والتحري�ض على العنف والكراهية‪ ،‬وتارة حتت‬ ‫ع�ن��وان تطهرياملجتمع م��ن املمار�سات امل��وروث��ة‬ ‫عن اليهود والن�صارى‪ ،‬لكن‪ ،‬كل تلك العناوين‬ ‫ت�سقط �صاغرة حت��ت ع�ن��وان واح��د كبري خلده‬ ‫التاريخ حني �أبلغ الر�سول الأعظم حممد (�ص)‬ ‫الأم��ة‪« :‬ح�سني مني و�أن��ا من ح�سني‪� ..‬أح��ب الله‬ ‫من �أحب ح�سين ًا»‪.‬‬ ‫ويف ال�سنوات املا�ضية‪� ،‬شهدت موا�سم عا�شوراء‬ ‫�أفعا ًال مرفو�ضة منها توزيع الكتيبات والن�شرات‬ ‫الطائفية التي توغر ال�صدور وت�شعل نار الفتنة‪،‬‬ ‫وبع�ضها الآخر ظهريف �صورة ت�صاريح �صحفية‬ ‫لنواب وخطباء جمعة‪ ،‬و�صنف ثالث منها يدخل‬ ‫حت��ت اط ��ار �إ� �س��اءة ا��س�ت�خ��دام امل �ن�بر وامل��وك��ب‬ ‫احل�سيني‪� ،‬إال �أن كل تلك الأفعال تذهب �أدراج‬ ‫الرياح‪ ،‬ذلك �أن حمبو احل�سني ميتلكون احلكمة‬ ‫والعقل لتجنيب املجتمع ماال يحمد عقباه‪.‬‬ ‫ومل يقت�صر ال�ت��أل�ي��ب ع�ل��ى امل�ط�ب��وع��ات ال�سيئة‬ ‫واخل �ط��ب الت�أجيجية ل�ب��ث ال �ع��داوة والبغ�ضاء‬ ‫بني النا�س‪ ،‬بل امتد �إىل الهجوم على اخلدمات‬ ‫احلكومية التي تقدمها الدولة �سنوي ًا يف ذكرى‬

‫ع��ا� �ش��وراء م��ن ا� �س �ت �ع��دادات ط�ب�ي��ة ومت��وي�ن��ات‬ ‫وتنظيم حلركة ال�سري و�ضمان الأم��ن‪ ،‬لينربي‬ ‫بع�ض النا�س ل�ل�إ��س��اءة �إىل اجل�ه��ات التي تقدم‬ ‫ه��ذه اخل ��دم ��ات! ويف ال��وق��ت ال ��ذي ي ��ؤك��د فيه‬ ‫الكثري من املواطنني على كيان ال��ذك��رى كجزء‬ ‫م��ن امل��وروث الديني يف البلد‪ ،‬ينتقدون �أي�ض ًا‬ ‫امل�م��ار��س��ات ال�سيئة �أي � ًا ك��ان م�صدرها‪� ،‬سواء‬ ‫ج��اءت عرباملن�شورات والكتيبات والت�سجيالت‬ ‫الطائفية‪� ،‬أم م��ن حم��ا��ض��رات امل� ��آمت‪ ،‬م��ع ف��ارق‬ ‫�أن ممار�سات امل ��آمت �أ�ضحت جلية وميكن لأي‬ ‫�إن�سان �أن ي�ستمع متعرف ًا على املتحدث‪ ،‬لكن تلك‬ ‫املمار�سات اخلفية‪ ،‬تكون جمهولة امل�صدر! ويف‬ ‫التجمعات العا�شورائية‪ ،‬ميكن للمرء �أن يرى‬ ‫املواطنني من الطائفتني ي�شاركون مع بع�ضهم‬ ‫البع�ض‪ ،‬فهناك من يقدم امل�ساعدات العينية من‬ ‫التموينات والتجهيزات وهناك من ي�ساهم يف‬ ‫التنظيم متطوع ًا‪ ،‬وه�ن��اك م��ن يقدم امل�ساعدات‬ ‫املالية من قبل الطائفتني‪ ،‬فمثل هذه الذكرى يجب‬ ‫�أن تبقى منا�سبة �سنوية جلمع النا�س على املحبة‪.‬‬ ‫�إن املنرب احل�سيني تعر�ض وال ي��زال لهجمات‬ ‫ال ح�صر لها‪ ،‬لكنه بقي �صامد ًا يحمل ر�سالته‬ ‫الإ�سالمية والأخالقية والإجتماعية‪.‬‬ ‫لهذا‪ ،‬ف�إن �أهل البحرين يدركون �أن كل فعل �أو‬ ‫ممار�سة من �ش�أنها �أن ت�ؤثرعلى العالقات الطيبة‬ ‫بني النا�س لن ت��دوم طوي ًال لأن��ه �أم��ر مرفو�ض!‬ ‫وهذا �أمر قد ال ي�ؤمن به البع�ض‪� ،‬إال �أن احلقيقة‬ ‫هي �أن منرب احل�سني عليه ال�سالم‪ ،‬يف البحرين‬ ‫ويف ك��ل م �ك��ان‪ ،‬ال مي�ك��ن ال�ن�ي��ل م�ن��ه باتهامات‬ ‫واف �ت�راءات باطلة‪ ،‬و�سيبقى �إىل الأب ��د م�صدر‬ ‫�إ�شعاع �إ�سالمي عظيم ميثل �صوت احل��ق �ضد‬ ‫الباطل‪.‬‬


‫هن‬ ‫(وم�ا خابت أحرار)‪...‬‬

‫ٌ‬ ‫مسرحي جديد في السنابس الشرقية‬ ‫فن‬ ‫ٌ‬

‫ال� �ف ��ن احل �� �س �ي �ن��ي ‪ ..‬ل� �غ� � ٌة ت �ف �ه �م �ه��ا كل‬ ‫احل�ضارات وال�شعوب‪ .‬الفن الذي يحلق‬ ‫يف �سماء الإبداع ليو�صل ر�سالة الإ�سالم‬ ‫املحمدي الأ�صيل وعظمة الدين وقيمه‬ ‫ومبادئه التي قدم االمام احل�سني (ع) دمه‬ ‫الطاهر فدا ًء له‪.‬‬ ‫لغة امل�سرح ‪� -‬أو كما ي�سمى بالفن الراقي‬ ‫ ير�سم لوحة عا�شورائية تنه�ض مببادئ‬‫�سيد ال���ش�ه��داء‪ .‬اع �ت��اد م� ��أمت ال�سناب�س‬ ‫ال�شرقية وم�ن��ذ ��س�ن��وات يف ت�ق��دمي هذا‬ ‫الفن‪ ،‬ك�إقامة امل�شاهد التميثيلية يف ليلة‬ ‫العا�شر من �شهر حمرم من كل عام‪.‬‬ ‫م�سرحية ه��ذا العام حتمل ا�سم (ومنها‬ ‫خابت �أح ��رار)‪ ...‬و ت��دور �أحداثها حول‬ ‫�شخ�صية م��ن �شخ�صيات ك��رب�لاء‪ ،‬كانت‬ ‫ه��ذه ال�شخ�صية �شريكة يف تخليد مبد�أ‬

‫انت�صار ال��دم على ال�سيف ال��ذي ر�سمه‬ ‫الإم��ام احل�سني (ع) بري�شة الت�ضحية و‬ ‫الفداء و رف�ض الظلم و الركون �إليه‪.‬‬ ‫"جون بن حوي" موىل �أبي ذر الغفاري‪،‬‬ ‫ذلك ال�شهيد الذي ق�ضى حياته يف خدمة‬ ‫الإمام علي (ع) و تعلم منه الف�ضائل‪ .‬ثم‬ ‫الزم �أبا ذر الغفاري وحتول بعد ذاك �إىل‬ ‫ركب ال�شهداء يوم كربالء ليفوز بال�سعادة‬ ‫الأبدية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يتناول هذا العمل بُعدا واح��دا من �أبعاد‬ ‫ه ��ذه ال�شخ�صية ال�ع�ظ�ي�م��ة‪ ،‬وه ��و بعد‬ ‫الن�ضال م��ن �أج��ل احل��ق‪ ،‬حيث مل يقبل‬ ‫"جون ب��ن حوي" ع�ل��ى نف�سه �إال �أن‬ ‫ي�ست�شهد بني يدي الإمام احل�سني (ع) بد ًال‬ ‫من �أن العي�ش يف ذل العبودية و االنقياد‬ ‫للظلم و الظاملني واملتجربين‪.‬‬

‫يدخل "جون بن حوي" م�سرح كربالء‬ ‫و يف ي ��ده �سيفه ي�ست�صلحه ل�ل�ح��رب‪،‬‬ ‫مي ّني نف�سه بال�شهادة و لقاء الله تعاىل‪،‬‬ ‫يخاطب �سيفه‪ :‬يا �سيف‪ ،‬اعل ْم �أين ال � ُ‬ ‫أترك‬ ‫أ�ضارب بك الأعدا َء و�أك�س َر‬ ‫قب�ض َتـك حتى �‬ ‫َ‬ ‫�صدورهم �شفرتيك ‪ ،‬فما �شحذ ُتك �إال‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫�رب‬ ‫ل�ه��ذهِ ال�ساعة‪ ،‬و�إن خذلتني ذاتَ ح� ٍ‬ ‫ف�إين ا�ستغني عنك باحلجارةِ امللقاةِ على‬ ‫الرثى‪ ،‬فال � ُ‬ ‫ر�سول الله حتى‬ ‫أفارق ريحان َة‬ ‫ِ‬ ‫�أ�ست�شه َد ب َ‬ ‫ني يديه ‪.‬‬ ‫قلب ح� ٍ ّ�ر �أب� ٍ ّ�ي‬ ‫بهذه الكلمات الدافقة من ٍ‬ ‫يخو�ض غمار احل��رب موقن ًا �أن البقاء‬ ‫للقيم و املثل و املبادئ و�أن الفناء للظلم‬ ‫و ال �ظ��امل�ين‪ ،‬ي�سقط ع�ل��ى ت ��راب ك��رب�لاء‬ ‫م�ضمخ ًا ب�شذى ال�شهادة و عبري اخللود‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫ُع ُ‬ ‫زلة الشعر ‪..‬‬

‫محيط بارد!‬ ‫ٌ‬ ‫انفصال شاعر؟‬ ‫ُ‬ ‫ أم‬ ‫يُقال يف و�صف الأم��ر النافذ يف املجتمع وال� ُع��رف اجل��اري بني النا�س‬ ‫(اعتقا ٌد م�ستقِ ر)‪ ،‬وق��د يكون ذل��ك االعتقاد جمانب ًا لل�صواب ‪ ..‬فيكون‬ ‫�صائب ًا لأن��ه ا ّت���س��م بالت�سيّدِ واال��س�ت�ق��رار ومل يكن م�ستقِ ر ًا التّ�سامِ ه‬ ‫بال�صوابية وال�صحة‪�(..‬صائبٌ لأنه ا�ستقرّ‪ ،‬لكنه مل ي�ستقر لأنه �صائب)‪.‬‬ ‫كذلك اعتقا ُد بع�ض النا�س �أو ال�شعراء جتاه معنى ال�شعر من �أنه �شعو ٌر‬ ‫وانفعالٌ يتجلى يف �شكل �أعمدةٍ موزونةٍ حتمل �أ�شكا ًال من عاطفة ال�شاعر‬ ‫مو�ضوع ما‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حدث �أو‬ ‫و�أو�صا ًف ًا عن حالته النف�سية جتاه ظاهرة �أو ٍ‬ ‫فال�شعر لي�س ما اعتاد عليه النا�س من اعتقاد �سائد ا�ستقر يف �أذهانهم‬ ‫موزون تُ�سر ُد من خالله‬ ‫ٍ‬ ‫بن�سق‬ ‫ب�أنه �شعو ٌر انفعايل يتم ت�سجيله �أو تدوين ُه ٍ‬ ‫م�شاعر وعواطف‪ ،‬وتُطِ لُّ من �شُ رفَتِ هِ ت�سريداتٌ وهواج�س تعك�سها �ألفاظٌ‬ ‫�شكلية‪ ،‬وه��ذه تقني ٌة بدائية �سادت قدمي ًا وتبنّاها معظم �شعراء يومنا‬ ‫تق�صري ًا وجمود ًا واكتفاء ًا بالأمناط التقليدية والأدوات البدائية‪..‬‬ ‫ويف بع�ض الأبيات �أمثلة يف هذا ال�ش�أن منها قولُ ميخائيل نعيمة يف مطلع‬ ‫ق�صيدته‪:‬‬ ‫يا نه ُر هل ن�ضبَتْ مياهُ ك فانقَطَ عتَ عن اخلريرْ؟‬ ‫و قول جربان‪:‬‬ ‫قب�س بدا من جانب ال�صحراءِ هل عاد عهد الوحي يف �سيناءِ‬ ‫ٌ‬ ‫و قوله‪:‬‬ ‫هُ م يفتحون ال�سماء وميلكون الهوا ْء‬ ‫و قول مطران‪:‬‬ ‫دا ٌء �ألمَ َّ فخلت فيه �شفائي‬ ‫ه��ذه الأمثلة من الن�سَ ق امل��وزون ال��ذي ��س��رد ُه ال�شعراء كونها ت�سجي ًال‬ ‫انفعالي ًا بتقنيةٍ بدائيةٍ يف ا�ستهالل الن�ص العمودي‪ ،‬تفتقر للنقلة الروحية‬ ‫والفكرية‪ ،‬والتي تغيرّ جمرى الأحداث وتخلق ال�شخ�صية ال�شعرية التي‬ ‫تكتنف ا�ستقراء حا�سم ًا يتطوّ ر بعد نقطة االنطالق‪ ،‬وهذا ما �أعتق ُد بوجوب‬ ‫ُ‬ ‫حترر الن�ص منه‪.‬‬ ‫�أعتق ُد �أن الن�ص من واجبه تقد ُمي نظرة نوعية �شاملةٍ حول الأ�شياء وفهمنا‬ ‫لها وت�صورنا عنها‪ ،‬تلك ما نطلق عليها (الر�ؤية) وهي تولي ُد الفر�ضيات‬ ‫العقلية الفكرية احل�سّ ا�سة لتف�سري الظواهر وق��راءة احلياة عرب تقنية‬ ‫أمناط �أخرى منها‪ ،‬ال اال�ستغراقُ يف احلديث عنها وعن‬ ‫ابتداع واقرتاح � ٍ‬ ‫مظاهرها وظواهرها و�سرد �صفاتها وو�صف ت�أثريها‪ ،‬وذلك ال�ستنها�ض‬

‫‪30‬‬

‫الفاعلية الذهنية بهدف الو�صول لر�ؤيةٍ جديدة مل ي�صل ملنتهاها وعمقها‬ ‫ن�ص بعد ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫�ذرات جل ّي ًة يف تقدمي تقنية االب �ت��داع الفكري احل�سا�س‬ ‫�إن�ن��ا لنج ُد � �ش� ٍ‬ ‫للظواهر يف بع�ض مالمح الر�ؤية املتّ�سمة بالن�ضج‪ ،‬عندما يتلمّ�س القارئ‬ ‫بانقالب روحي يف بع�ض‬ ‫ٍ‬ ‫وامل�ستمع لغة الألفة والإ�شراق اللفظي املمتزج‬ ‫الأبيات‪ ،‬على �سبيل املثال (�أبو طالب) مثل قولهِ ‪:‬‬ ‫و الله لن ي�صلوا �إليك بجمعهم حتى �أو�سّ د يف الرتاب دفين ًا‬ ‫حيث ال ت�أمل وال �سرد النفعالٍ ح�سّ ي فقط بل تقدمي منوذج ومبد�أ فكري‬ ‫مت�صل باخلط الر�سايل املحمدي ت�ضحية وفدا ًء من �أجل ر�ؤية �إلهية للكون‪،‬‬ ‫فتج ُد القَ�سم وجتد (لن) �أداة نفي الفعل يف امل�ستقبل و(حتى) �أداة انتهاء‬ ‫الغاية‪ ،‬فهنا يخيرّ النف�س بني غايتني �أظهر �إحداها و�أخفى الأخ��رى بني‬ ‫ثنايا البيت وهي (حمم ٌد ووجوده‪� ،‬أو املوت على الهدى والر�شاد) وتلك‬ ‫لنمط �أكرث عمقًا لظاهرة الوجود وعلة‬ ‫ملحة ت�ؤ�س�س لفكرة ر�سالية ت�شري ٍ‬ ‫احلياة‪ ،‬فهو يقرتح حياة ب�شكل غري مادي وو�صفي‪ ،‬هدفه منها حتريك‬ ‫عمق �أكرب و�أنبل للحياة ‪.‬‬ ‫عوامل نف�سية منطلقها الذهن ت�ؤدي لر�ؤية ذات ٍ‬ ‫نلحظ �أي�ضا يف �أب�ي� ٍ�ات �أخ��رى ل��ه حتمل ن�ضج ًا فكري ًا م�ضطلع ًا مبهمة‬ ‫الر�سالة املحمدية يف قوله م�شيد ًا بر�سول الله (�ص)‪:‬‬ ‫لقد �أكرم الله النبي حممد ًا ف�أكـــر ُم خلق الله يف النا�س �أحم ُد‬ ‫و �شـــقّ لـه من �إ�سمه بتجـــلّةٍ فـذو العر�ش حمـــمو ٌد وهذا حمم ُد‬ ‫فلم جن��د ُه ي�ستغرق يف و�صف النبي و�سرد ميزاتهِ ‪ ،‬بل �شخّ �ص حالته‬ ‫املعنوية امللكوتية و ُقرْبها من رب امللكوت فتعمّق يف كيان النبي ال يف‬ ‫مكانه ومكانتهِ فقط‪ ،‬هذا النتاج الفكري ن��را ُه نا�ضح ًا نا�ضج ًا يف فرتة‬ ‫حاميةٍ ا�ضطربت فيها م��راع��اة ال�صياغة الفنية‪� ،‬إال �أن��ه ام�ت��از خاللها‬ ‫بال�صياغة املحكمة لغ ًة وداللةً‪ ،‬فرتا ُه �أح َك َم العبارة و�أجْ زلَ معناها ومَتنها‬ ‫ال�صوَري بر�ؤيةٍ انفرَد ومتاي َز بها �آنذاك يف قوله ‪:‬‬ ‫حني تو ّك�أ على العن�صر ُ‬ ‫و �أبي�ض ي�ست�سقى الغمام بوجههِ ثمالُ اليتامى ع�صمة للأراملِ‬ ‫كما �أن النبي قد ثمّن هذا البيت يف موار َد عديدةٍ كما �أ�شار امل�ؤرخون و�أنه‬ ‫واملع�صومون �أو�صوا بحفظ �شعره‪ ،‬فقد قدّم �أبو طالب من اجلانب الفكري‬ ‫ما هو �إ�سالمي ا�ستلهم ُه من النبي (�ص) وابتدعَ من خالله ر�ؤيته عن منط‬ ‫احلياة اجلديدة ف�أ�شار خل�ضوع اجلزيرة و�أطرافها للإ�سالم وانت�شار‬ ‫الر�سالة فيها‪ ،‬وذلك برهان قراءتهِ الهادئة املت�أنّية النفعاله نف�سي ًا وفكري ًا‬


‫بقلم‪ :‬ياسر الحمران‬

‫وا�ستح�ضارهِ يف �صورةٍ �شعريةٍ روحيةٍ ال كالميةٍ لفظيةٍ تعتم ُد تقنية ال�سرد والو�صف وحدها ‪.‬‬ ‫ا�ستوقف م�ؤرخي الأدب موالني و�أعداءاً‪ ،‬املُع َت ُّد به من الطبقة الأوىل من الناحية االلتزامية والفنية‪( ،‬دعبل اخلزاعي) لوجدنا يف نتاجاته‬ ‫َ‬ ‫و لو تتبعنا �آخر ًا‬ ‫الر�ؤية الالمعة واجلمالية ال�ساطعة‪ ،‬ناهيك عن حيويّة قراءته للظواهر واحلديث حولها ب�أ�ساليب فنية عميقة منفجرة الدالالت بالغة الإمتاع فنُورِ د له على �سبيل‬ ‫املثال قوله ‪:‬‬ ‫قرب الزكي وال على الزكي بقرب الرج�س من �ضـررِ‬ ‫ما ينفعُ الرج�س من ِ‬ ‫ــــرئ رهنٌ مبـا كــ�سبـت لـــ ُه يــــدا ُه فــخـــذ مـا �شــــئتَ �أو فـَــــــــذَرِ‬ ‫هيهــات كل ام ٍ‬ ‫هنا قراءة �صاغها ال�شاعر لكيان ورئا�سة الروح تت�ضمّن املقارنة بني قربين متجاورين‪ ،‬قرب الر�ضا (ع) والر�شيد‪ ،‬وفق �صورٍ ت�ضمينية وا�ستداللية تعتم ّد‬ ‫الت�ضاد واملقابلة بني ال�ضرر والنفع والإيجاب وال�سلب‪ ،‬وهذا منطٌ فائق التنظري جميلُ التعبري ذو ت�أثريٍ حاد‪ ،‬ي�ستند على متني الفكرة ون�ضوج التجربة‪.‬‬ ‫فال�شع ُر �إذاً‪ ،‬اخرتاق الطبقات والأطر التقليدية واحلُجب البدائية بهدف ارتياد العامل املجهول يف املعارف الإن�سانية وقراءة الظواهر لتف�سري وفهم البواطن‬ ‫بنمط ذهني متوقّد ثاقب النظرة‪ ،‬ينتزعُ وي�ستلهم الإح�سا�س واملعرفة وال يكون ذلك �إال عن طريق‬ ‫طمع ًا يف الن�ضج والتمدّد يف االجتاه التعبريي عن احلياة ٍ‬ ‫خا�ص من العالقة بني الن�ص واحلياة تعزّزها خربة االت�صال والتكامل وامل�شاركة‪.‬‬ ‫نوع ٍ‬ ‫�إنتاج ٍ‬

‫‪31‬‬


‫راحلون في الذاكرة‬

‫احلاج حسن املوت‬

‫�أن جتد قلبا رقيقا منفعال مع م�صائب‬ ‫�أه��ل البيت ومب�ج��رد الإمي��اء �إىل فاحتة‬ ‫امل�صاب ت�سمع ن�شيجه عاليا وعويله باديا‬ ‫فتلك �صفة القلوب الوالئية التي اغت�سلت‬ ‫مب ��اء ال��رق��ة وال �� �ص �ف��اء وت���ش�ب�ع��ت بحب‬ ‫حممد و�آل ��ه‪ ،‬تلك ه��ي �صفة م��ن �صفات‬ ‫املرحوم احلاج ح�سن املوت (�أبو �أكرب)‬ ‫ذل��ك الوجه املالئكي املت�شرب ب�صفات‬ ‫الإمي� � ��ان‪ ،‬ل �ق��د ك ��ان دي��دن��ه ال �ب �ك��اء يف‬ ‫جمال�س �أه��ل البيت املنربية واملوكبية‪،‬‬

‫‪32‬‬

‫كان بكا�ؤه عاليا وبنربة مميزة حتر�ض‬ ‫ال�سامع على االجن ��ذاب والتفاعل معه‬ ‫حزنا وبكاء‪ ،‬ما �إن ينطلق الناعي حتى‬ ‫يتلوه احلاج ح�سن مب�سرية بكاء ت�ستمر‬ ‫ط��وي�لا‪ ،‬ولقد كانت امل��واك��ب احل�سينية‬ ‫يف منطقة ال�سناب�س حتفل كثريا ب�صوته‬ ‫باكيا‪ ،‬وال زال��ت الت�سجيالت ال�صوتية‬ ‫ال�ب��اق�ي��ة حت�م��ل �أث� ��را �شجيا م��ن �إي �ق��اع‬ ‫�صوته الباكي ي�صاحب �صوت الرادود‪.‬‬ ‫بذلك القلب املرهف كان املرحوم احلاج‬

‫ح�سن يوا�سي �أهل البيت‪ ،‬غري خجل من‬ ‫ال�ن�ظ��رات هنا وه �ن��اك‪ ،‬قلب ع��رف عظم‬ ‫امل�صيبة ف��راح ي��ذرف دم��وع��ه رخي�صة‬ ‫وي ��رف ��ع � �ص��وت��ه م�ل�ب�ي��ا ل� �ن ��داء ال �ف �ط��رة‬ ‫الوالئية‪ ،‬فرحمة الله عليه باكيا ح�سينيا‬ ‫الزال �صدى �صوته يالم�س ذكرياتنا وال‬ ‫زال راحال حا�ضرا‪.‬‬


‫إعالن‬

‫ﺟﺮﺑﻬﺎ ﻣﺮ ّة‬ ‫ﻟﻦ ﺗﻨﺴﺎﻫﺎ‬ ‫ﺑﺎﳌﺮ ّة‬

‫ﻫﺎﺗﻒ ‪ - ١٧٥٨٣٠٠٤ :‬ﻓﺎﻛﺲ ‪ - ١٧٥٨٠٥٩٩ :‬ﺿﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﻒ ) ﻛﺮﺑﺎﺑﺎد ( ‪Sales@aljaser.com.bh - www.aljaser.com.bh‬‬

‫إعالن‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.