تجريد البوح قصائد تجريدية عربية

Page 1

1


2


‫تجريد البوح‬ ‫قصائد تجريدية عربية‬ ‫اختيار انور غني الموسوي‬

‫‪3‬‬


‫تجريد البوح‬ ‫قصائد تجريدية عربية‬ ‫اختيار انور غني الموسوي‬ ‫دار اقواس للنشر‬

‫العراق ‪2020‬‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫الطبعة االولى ‪ 2018‬دار اقواس للنشر‬ ‫اللوحات الفنية من اعمال انور غني‬

‫‪4‬‬


‫المحتويات‬

‫المحتويات ‪1 ...............................................................‬‬ ‫المقدمة ‪4 ..................................................................‬‬ ‫التعبيرية و التجريدية في الكتابة ‪4 ....................................‬‬ ‫العامل التجريدي في النص ‪9 .........................................‬‬ ‫المشهد الشيئي و المشهد الشعوري ‪14 ...............................‬‬ ‫البعد االحساسي و البعد التفهيمي للكلمات ‪21 ........................‬‬ ‫القصائد ‪26 ................................................................‬‬ ‫أنور غني ‪27 ..........................................................‬‬ ‫فريد غانم ‪29 ..........................................................‬‬ ‫كريم عبدهللا ‪31 ........................................................‬‬ ‫عادل قاسم ‪33 .........................................................‬‬ ‫رشا السيد احمد ‪35 ....................................................‬‬ ‫مرام عطية ‪37 ........................................................‬‬

‫حسن المهدي ‪39 ......................................................‬‬ ‫حسين الغضبان ‪41 ....................................................‬‬ ‫عمر فهد حيدر‪43 .....................................................‬‬ ‫محمد يزن ‪45 .........................................................‬‬ ‫عالء الدليمي ‪47 ......................................................‬‬ ‫‪1‬‬


‫أحالم البياتي ‪49 .......................................................‬‬ ‫نصيّف الشمري ‪51 ...................................................‬‬ ‫كامل مرزوق ‪53 ......................................................‬‬ ‫عزيز السوداني ‪55 ...................................................‬‬ ‫مليكة الحامدي ‪57 ....................................................‬‬

‫زكية محمد ‪59 ........................................................‬‬ ‫فاطمة سعدهللا ‪61 ......................................................‬‬ ‫نعيمة عبد الحميد ‪63 ..................................................‬‬ ‫جميلة بلطي عطوي ‪65 ...............................................‬‬ ‫العامرية سعدهللا ‪67 ...................................................‬‬ ‫أحمد أسد صادق ‪69 ...................................................‬‬ ‫خلود فوزات فرحات ‪71 ..............................................‬‬ ‫هدى الصيني ‪73 ......................................................‬‬ ‫احمد بياض ‪77 ........................................................‬‬ ‫علي خضر علي ‪79 ...................................................‬‬ ‫محمد العكيلي ‪81 ......................................................‬‬ ‫فراس جمعه العمشاني‪83 .............................................‬‬ ‫رحمة عناب ‪85 .......................................................‬‬

‫اسماعيل عزيز ‪87 ....................................................‬‬ ‫خديجة حراق ‪89 ......................................................‬‬ ‫رسول مهدي الحلو ‪91 ................................................‬‬ ‫عماد ذيب ‪93 ..........................................................‬‬ ‫حنان وليد ‪95 ..........................................................‬‬ ‫‪2‬‬


‫كريمة دحماني ‪97 .....................................................‬‬ ‫خالد العراقي ‪99 .......................................................‬‬ ‫تيسير بكسراوي ‪101 .................................................‬‬ ‫عبدهللا سعدون المعموري ‪103 .......................................‬‬

‫‪3‬‬


‫المقدمة‬

‫التعبيرية والتجريدية في الكتابة‬ ‫بعد استقصاء و استقراء طويل و دقيق للكتابات‬ ‫األدبية تبين لنا و بوضوح ان الميزة المهمة التي‬ ‫تميز الكتابة االدبية عن الكتابة العادية هي (‬ ‫التعبيرية و التجريدية) في استعمال الوحدات‬ ‫الكالمية و الكتابية‪.‬‬ ‫ان االنسان في الكالم و الكتابة العادية التقريرية‬ ‫يستعمل الوحدات الكالمية كوسائل توصيلية‬ ‫الفكاره من دون اعتناء بجمالية الكالم وانما‬ ‫يكون االعتناء بدقة التوصيل‪ ،‬فيكون هناك ميل‬ ‫تجاه دقة التوصيل على حساب جمالية الكالم‪ ،‬ثم‬ ‫يرتقي الى مستوى اعلى فيجمع بين دقة التوصيل‬ ‫و جمالية الكالم وهذا هو الكالم البالغي وهو‬ ‫ادبي اال انه يحافظ على توصيلية اللغة‪ ،‬ثم يرتقي‬ ‫الى مستوى اعلى وهو االستعمال االدبي الفني و‬

‫‪4‬‬


‫الذي يميل بشكل كبير نحو جمالية الكالم و يكون‬ ‫ايصال الفكرة بوسائل اخرى غير توصيلية‬

‫الوحدات الكالمية‪ ،‬تلك الطرق التي يوصل بها‬ ‫المبدع االدبي فكرته الى المتلقي عادة ما تكون‬ ‫جمالية غير تفهيمية‪.‬‬ ‫ان هذه المركزية للبعد الجمالي في الكالم هو‬ ‫شكل من اشكل التجريد‪ ،‬أي تجريد الكالم عن‬ ‫غاياته التفهيمية التوصيلية‪ ،‬و حينما يكون هناك‬ ‫احضار و تجسيد لزخم شعوري و طغيان‬ ‫الرسالة الفردية و البعد النفسي الذاتي للمؤلف في‬ ‫النص يكون لدينا التعبيرية‪ ،‬و التي هي من اهم‬ ‫وسائل المؤلف لتجريد كالمه‪ ،‬و في الحقيقة‬ ‫التجريدية هي اعلى درجات التعبيرية‪ .‬فلو فهمنا‬ ‫ان التعبيرية هي ذاتية و فردية خاصة في‬ ‫التعبير‪ ،‬فان التجريدية هي اقصى درجات تلك‬ ‫الذاتية و الفردية‪.‬‬ ‫من هنا فالمقوم الجوهري و الحقيقي الدبية االدب‬ ‫االبداعي و جماليته هو التعبيرية‪ ،‬و نستطيع ان‬ ‫‪5‬‬


‫نقول ان هناك تعبيرا كالميا توصيليا تفهيميا و‬ ‫هناك تعبير كالمي جمالي تجريدية تعبيري‪.‬‬ ‫فالتعبيرية تقابل التوصيلية و التجريدية تقابل‬ ‫التفهيمية‪ ،‬و من الكالم ما ال يكون تعبيريا و ان‬ ‫كان معبرا عن االفكار و مالزم للتعبير‪ .‬وهنا‬ ‫حصل لبس عند البعض بان الكالم ال بد ان يكون‬ ‫معبرا و تعبيرا وهذا صحيح الن اصل وجود‬ ‫الكالم هو التعبير لكن ما نقصده بالتعبيرية هو‬ ‫استعمال فردي خاص للكالم و الكلمات يكون هو‬ ‫المسؤول عن جماليته و تاثيريته و تعظيم طاقاته‪.‬‬ ‫و اعلى درجات تلك التاثيرية الفردية هي‬ ‫التجريد‪ .‬فالتعبيرية نظام جمالي و وسيلة تاثيرية‬ ‫و بيانية تعتمد على عناصر غير توصيلية و غير‬ ‫معنوية‪ .‬وان فكرة كون التعبيرية و التجريدية‬ ‫وسائل بيان هو تقدم مهم في فهم الفن و خطوة‬ ‫حقيقي نحو ادب مابعد الحداثة‪ ،‬اذ ان الحداثة‬ ‫تجعل التعبيرية و التجريدية في قبال البيان‪ ،‬و‬ ‫االمر ليس كذلك التعبيرية و التجريدية هي في‬ ‫قبال مركزية التفهيم و الداللة و ليس في قبال‬ ‫البيان و الرسالة‪ .‬فاالدب التعبيرية و التجريدي‬ ‫له بيان عن افكر و رسالة الى المتلقي و ليس كما‬ ‫‪6‬‬


‫يدعي اهل الحداثة انها بال رسالة و بال بيان اال‬ ‫انها تكون بواسطة ادوات غير تفهيمية و غير‬ ‫داللية ب بادوات جمالية شعورية احساسي فردية‬ ‫و خاصة‪.‬‬

‫ان التعبيرية في االدب قريبة جدا من التعبيرية‬ ‫في الفن التشكيلي ‪ ،‬و تعتمد الفلسفة نفسها و‬ ‫االفكار ذاتها ‪ ،‬اال ان صعوبة استيعاب االمر و‬ ‫صعوبة توضيحه في الكتابة ناتج عن حقيقة ان‬ ‫الكالم متقوم بالتعبير وان الكالم و الكتابة ال‬ ‫يمكن اال ان يكون معبرا‪ ،‬وهذا بخالف االشكال‬ ‫و االلوان في الرسم التي في اصلها غير معبرة‪،‬‬ ‫فبينما الرسم يمكنه ان يستعمل اللون و الشكل‬ ‫بشكل غير توصيلي و غير معبر فان الكالم ال‬ ‫يمكن ان يستعمل فيه الحرف الذي هو غير معبر‬ ‫و ال توصيلي ‪ ،‬و انما اصغر وحدة كالمية هي‬ ‫الكلمة وهي ذاتا معنى و معبرة دوما‪ .‬من هنا فال‬ ‫بد من التأكيد و بشكل حاسم ان البيان الكالمي قد‬ ‫يكون بشكل تفهيمي اعتمادا على المرجعية‬ ‫المعنوية و قد يكون بشكل تعبيري يعتمد على‬ ‫تفنن كالمي جمالي و تاثيري‪ .‬وبعبارة مختصرة؛‬ ‫‪7‬‬


‫ان التعبير الكالمي قد يكون توصيليا تفهيميا وقد‬ ‫يكون جناليا تعبيريا و االخير هو المقصود في (‬ ‫التعبيرية) في الكتابة االدبية‪ ،‬و حينما يبلغ اعلى‬ ‫درجاته في الحضور الجمالي و االحساسي‬ ‫يحصل التجريد‪ .‬فالتجريدية درجة من درجات‬ ‫التعبيرية وهي اعلى درجاتها‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫العامل التجريدي في النص‬ ‫ّ‬ ‫ان منظومة الوعي البشري اللغوية منظومة‬ ‫عظيمة و عميقة و واسعة‪ ،‬و ربما نحن البشر ال‬ ‫نستعمل اال جزءا يسيرا منها في تعامالتنا العادية‬ ‫و الفنية و لقد كشفت الرمزية و االشتغاالت‬ ‫الحداثوية و ما بعد الحداثوية عن سعة و عمق‬ ‫النظام اللغوي كعالم فكري وابداعي‪ .‬كما ان‬ ‫التناهي البصمة االبداعية عند ال ُكتاب ‪ -‬حتى قيل‬ ‫ان " االسلوب شخص" أي ان لكل شخص‬ ‫اسلوبه التعبيري الخاصة و طريقته الخاصة في‬ ‫استعمال اللغة في كالمه‪ -‬كشف عن التناهي‬ ‫الفضاء اللغوي االبداعي‪.‬‬ ‫و كمقدمة لتبيّن البعد التجريدي في الكالم البد‬ ‫من االلتفات الى امرين؛ االول ان لكل لكمة بعدا‬ ‫معنويا و بعدا شعوريا‪ ،‬أي كما ان للكلمة ثقال‬ ‫معنويا مرجعيا تفاهميا و توصيليا يحمل االفكار‬ ‫و يوصلها الى المتلقي فان لكل كلمة ثقال شعوريا‬ ‫و احساسيا‪ .‬حينما تذكر الكلمة المعينة امام‬ ‫الشخص فانها تثير مشاعرا معينة تختلف عن‬ ‫‪9‬‬


‫المشاعر التي تثيرها كلمة اخرى فمثال البعد و‬ ‫الثقل الشعوري و االحساسي لكلمة " الشتاء"‬ ‫تختلف عنها في كلمة " الصيف" بغض النظر‬ ‫عما تعنيه الكلمتان و مفهوماهما‪ ،‬و هكذا كلمة "‬ ‫برد" فانها تحمل ثقال شعوريا و احساسيا يختلف‬ ‫عما تحمله كلمة "حر" بغض النظر عن معناهما‬ ‫و مفهومها و حدودهما التفهيمية و التواصلية‪.‬‬ ‫هذا االمر االول و اما االمر الثاني فان التعبيرية‬ ‫– وهي الفردية والتوهج المشاعري و االحساسي‬ ‫للكلمات في النص‪ -‬و التجريدية – وهي تعاظم‬ ‫التعبيرية و تجليها االكبر في النص‪ -‬اقول ان‬ ‫التعبيرية و التجريدية كالهما مظاهر نصية أي‬ ‫انهما من خصائص النص وكلماته و ليس من‬ ‫خصائص الكلمات خارجه‪ ،‬فهناك نص تعبيري‬ ‫و تجريدي بكلمات تجريدية و ليس هناك كلمة‬ ‫تعبيرية او تجريدية خارجه‪.‬‬

‫بعد أن أوضحنا ان التجريدية هي خاصية نصية‬ ‫للكلمات‪ ،‬فان التجريدية و كذا التعبيرية لها‬ ‫عناصر و مالمح نصية كالمية متميزة يمكن‬ ‫ادراكها و تمييزها بدقة عالية‪ ،‬و انما نحن‬ ‫‪10‬‬


‫نتحدث بهذه اللغة االستقرائية جدا و الدقيقة جدا‬ ‫الننا نؤمن ان نظرية االدب و منها ما يسمى النقد‬ ‫االدبي هي علم دقيق استقرائي كما ان وسيلته‬ ‫الكبرى في تحقيق االستقراء هو البحث‬ ‫االسلوبي‪ .‬و من هذا المنطلق االسلوبي‬ ‫االستقرائي العلمي فان التجريدية هي صفة‬ ‫اسلوبية نصية كالمية او كتابية والمقوم لتجريدية‬ ‫النص هو ما نسميه " العامل التجريدي" وهو‬ ‫عنصر مشترك بين جميع المظاهر االسلوبية‬ ‫المحققة للتجريدية في النص‪ .‬و لفهم العامل‬ ‫التجريدي فاننا يمكن القول و ببساطة ان العامل‬ ‫التجريدي هو تجل اكبر لثفل االحساسي‬ ‫الشعوري للكلمة في النص و تقليل الثقل‬ ‫التوصيلي المعنوي لها فيه‪ .‬فما يحصل في الكالم‬ ‫التعبيري هو االعتماد على البعد الشعوري‬ ‫االحساسي للكلمة في النص و عدم االعتماد على‬ ‫البعد المعنوي له‪ ،‬و العامل التجريدي هو تجل‬ ‫اكبر و غاية للعامل التعبيري حيث تبلغ التعبيرية‬ ‫في العمل التجريدي غايتها القصوى‪ ،‬و بمعنى‬ ‫اخر ان التجريدية هي الغاية القصوى للتعبيرية‬ ‫في النص‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫والتجريدية مع انضباط شرطها و صفتها و‬ ‫عاملها المشترك في النصوص اال ان صورها و‬ ‫مظاهرها و اسليبها واشتغاالتها النصية ال حدود‬ ‫لها‪ ،‬و لكل كاتب اسلوبه و طريقته في تحقيق‬ ‫ذلك العامل و الشرط التجريدي‪ .‬و بعبارة لغوية‬ ‫منطقية ان العامل التجريدي هو المشترك العام‪،‬‬ ‫و ان االسلوب التجريدي الشخصي للكاتب هو‬ ‫فردع و مصداقه‪ .‬فلكل كاتب مبدع ان يتفنن في‬ ‫تحقيق اسلوبه التعبيري التجريدي لكن المهم هو‬ ‫تحقيق العامل التجريدي وهو تجلي البعد‬ ‫الشعوري للكلمات في النص و تالشي البعد‬ ‫التفهيمي و الذي هو الغاية القصوى و الدرجة‬ ‫العليا من التعبيرية التي هي تعاظم البعد‬ ‫الشعوري للكلمات في النص و تضاؤل بعدها‬ ‫المعنوي التوصيلي‪ ،‬الى ان تصل الى تجلي و‬ ‫طغيان البعد الشعوري و تالشي و انعدام البعد‬ ‫التوصيلي‪ .‬وهذه الحالة قد تبعث على التصور ان‬ ‫الكالم التجريدي هو رمزي مغلق او هذياني او‬ ‫بال معنى وهذه كلها اباطيل بل التجريدية تُح َمل و‬ ‫تصل الى المتلقي بكالم واضح و سلس وعذب‬ ‫اال ان الرسالة الجوهرية و الحقيقية للكالم ال‬ ‫‪12‬‬


‫تعتمد على التفهيم و انما تعتمد على البعد‬ ‫الشعوري و االحساسي للكالم‪ ،‬فحينما نقول ان‬ ‫التجريدية اعتماد على الشعورية و االحساسية‬ ‫الكالمية و تقليل االعتماد على الداللية و‬ ‫التوصيلية ال يعني ذلك ان الكالم التعبيري‬ ‫التجريدي بال معنى و انما يعني ان الرسالة التي‬ ‫يراد ايصالها الى المتلقي ليست متجلية بتوصيلية‬ ‫الكالم و انما متجلية بثقله الشعوري و االحساسي‬ ‫الذي يصل الى المتلقي بغض النظر عن التفهيم و‬ ‫مفارقا له وان كان مصاحبا و مقترنا معه‪.‬‬ ‫فالتعبيري ة التجريدية هي ايصال الرسالة و الفكرة‬ ‫و االفكار باالحساس و الشعور و ليس بالتفهيم‬ ‫في كالم واضح المعنى‪ ،‬و ال ريب ان هذا‬ ‫االستعمال للغة متطور جدا و عالي المستوى‬ ‫حيث يتصف بامرين مهمين غير عاديين؛ االول‬ ‫ان الكالم يحمل رسالتين الرسالة الجوهرية‬ ‫االصلية التي تصل باالحساس و المشاعر و‬ ‫الرسالة الثانوية التفهيمية‪ ،‬و الثاني مفارقة‬ ‫الرسالة االصلية‪ -‬االحساسية‪ -‬للتفهيم‪ .‬وهذا‬ ‫استعمال جديد جدا في منظومة الوعي اللغوي‬ ‫البشري‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫المشهد الشيئي و المشهد الشعوري‬ ‫ما يحصل عادة في الكتابة الشعرية المعهودة هو‬ ‫انه يصار الى التعبير عن المشهد المعين‬ ‫بوحدات لغوية بيانية اعتمادا على الداللة اليصال‬ ‫الفكرة التي هي عبارة عن افكار شيئية مرتبة في‬ ‫حدث الزمان و المكان‪ ،‬لكن في الكتابة التجريدية‬ ‫يختلف االمر من بدايته أي من جهة تصور‬ ‫الفكرة لدى المؤلف فال يكون هناك شيئية يراد‬ ‫التعبير عنها بل المشهد يتحول من مشهد شيئي‬ ‫الى مشهد شعوري يعبر عنه‪ .‬و تكون الكتابة‬ ‫التعبيرية في الوسط بين هذين الحالتين‪.‬‬ ‫ان التحول االهم على االطالق هو بلوغ الشعر‬ ‫حالة الشعرية التجريدية حيث يختفي التصور‬ ‫الفكري الشيئي للمشهد‪ ،‬أي اننا نتعمق في عالمنا‬ ‫الشعوري و االحساسي الذي يتكون تجاه المشهد‬ ‫الى درجة اننا ننسى المشهد و اشياءه و ال ندرك‬ ‫سوى االنفعال الشعوري االحساسي تجاهه‪،‬‬ ‫فتنتفي الشيئية في التصور و تصبح شيئية‬ ‫المعاني و االفكار شبه معدومة وهذا هو الفرق‬ ‫‪14‬‬


‫الكبير في التجربة التجريدية من جهة التأليف و‬ ‫التصور و انتاج الفكرة‪.‬‬ ‫وبعبارة ثانية ان االدراك للفكرة و المشهد‬ ‫الشعري في الشعرية الداللية ( المعهودة) يكون‬ ‫بتصور االفكار و االشياء مرتبة في المشهد‪،‬‬ ‫بينما في الشعرية التعبيرية يكون هناك ادراك‬ ‫للنظام الشعوري و االحساسي الذي يثيره المشهد‬ ‫فينا مع تضاؤل لمركزية المشهد ذاته لكن يبقى‬ ‫نحو التفات لها‪ ،‬و اما في الشعرية التجريدية فان‬ ‫االدراك بالمشهد يلغى تماما و ال يبقى سوى‬ ‫ادراك للنظام الشعوري الذي يتحقق تجاهه في‬ ‫نفوسنا‪.‬‬ ‫اذن لدينا المشهد الشيئي و لدينا االحساس‬ ‫الشعوري الذي يتحقق في نفوسنا تجاهه‪ ،‬ما‬ ‫يحصل في الشعرية العادية ( الداللية) هو طغيان‬ ‫التركيز على شيئية المشهد و تضاؤل التركيز‬ ‫على االحساس المصاحب‪ ،‬اما في الشعرية‬ ‫التعبيرية يكون التركيز على االثنين متقاربا‪ ،‬لكن‬ ‫في الشعرية التجريدية فانه يحصل طغيان‬ ‫لالدراك باالحساس الشعوري مع تضاؤل‬ ‫‪15‬‬


‫لالدراك بشيئية المشهد حد تالشيه‪ .‬فلدينا مشهد‬ ‫شيئي في الشعرية الداللية العادية و مشهد‬ ‫شعوري في الشعرية التجريدية و مشهد وسط‬ ‫بينهما في الشعرية التعبيرية‪.‬‬

‫ان ما يحصل في التعبير الشعري الداللي‬ ‫المعهود هو ان يعبر عن الفكرة بمجاز شعري و‬ ‫برمزية معنوية بيانية معتمدا على الحكائية‬ ‫المعنوية و المرجعية التفاهمية فتكون االلفاظ‬ ‫مشيرة بشكل او باخرى الى اشياء خارجية‬ ‫مقصودة ‪ ،‬أي ان الشيئية محورية في الشعرية‬ ‫العادية‪.‬‬ ‫لكن في الشعرية التعبيرية يحصل تحرر من هذه‬ ‫الشيئية و يحصل تحرر من التوصيل و من‬ ‫منطقية توصيل الفكرة و الرسالة بالحكائية‬ ‫المعنوية ‪ ،‬فيصار الى توصيل الرسالة بالثقل‬ ‫االحساسي و الشعوري المصاحب للمعاني ‪ ،‬فال‬ ‫تكون المعاني مرئية بل البعد العاطفي الشعوري‬ ‫هو المرئي وهذا تحول مهم في الكتابة الشعرية‪.‬‬ ‫اذن في الشعرية العادية يتم التعبير عن المشهد‬ ‫الشيئي بالمجاز الشعري وهذه هو مفهوم الجمالية‬ ‫‪16‬‬


‫في الشعرية الداللية المعهودة حيث تستند الى‬ ‫مرجعية لغوية‪ ،‬اما في الشعرية التعبيرية فال‬ ‫يكون االعتماد على المجاز وانما يكون االعتماد‬ ‫على استحضار الثقل الشعوري للمعاني و اعتماد‬ ‫المرجعية االحساسية و الشعورية ولو من دون‬ ‫مجاز وهذا ما اسميناه باللغة التعبيرية‪ ،‬حتى‬ ‫تصل الى درجة تضاؤل االدراك بالمعنى و‬ ‫يصبح االدراك كله بالنظام االحساسي الحاضر‪،‬‬ ‫فينتقل النظام الشعوري االحساسي من حالة‬ ‫المصاحبة لمعنى الى حالة االستقالل بالوجود‪،‬‬ ‫فيدرك مجردا وهذا هو جوهر التعبير التجريدي‪.‬‬ ‫و حينما ناتي الى النص ما عاد لدينا حدث وال‬ ‫فاعل و ال شيئية مركزية و انما لدينا كيانات‬ ‫شعورية و احساسية‪ .‬فالنص التجريدي ال يتكون‬ ‫من معاني مرتبة بمنطقية لغوية كما في النص‬ ‫العادي و انما يتكون من مكونات شعورية مرتبة‬ ‫في نظام احساسي وهنا تكمن الثورة الكبرى في‬ ‫التعبير التجريدي و التي ال يدرك الكثيرون‬ ‫اهميتها االن ‪ ،‬حيث ان النص يتحول من نظام‬ ‫لغوية مكون من وحدات داللية مرتبة في نسق‬ ‫‪17‬‬


‫داللي الى نظام احساسي مكون من وحدات‬ ‫شعورية مرتبة في نسق احساسي‪.‬‬ ‫فما لدينا في التعبير التجريدي ادراك شعوري‬ ‫احساسي معبر عنه بكالم تجريدي بواسطة‬ ‫حكائية تعبيرية احساسية بينما ما لدينا في التعبير‬ ‫الداللي العادي فادراك فكري شيئي معبر عنه‬ ‫بكالم داللي بواسطة الحكائية التوصيلية لاللفاظ‪.‬‬ ‫نعم النص يبقى متكونا من كلمات اال ان وجود‬ ‫الكلمات في النص و تجليها مختلف‪ ،‬ففي النص‬ ‫الداللي التوصيلي التجلي للداللة اللغوية بينما في‬ ‫النص التجريدي فبالتجلي للكتلة الشعورية‪ .‬و‬ ‫بدال من الفهم الداللي للنص و الكلمات يصبح‬ ‫لدينا فهم جمالي احساسي للنص و كلماته‪ ،‬حيث‬ ‫تدرك الكلمات ليس بما هي وحدات داللية بل بما‬ ‫هي وحدات شعورية‪ ،‬و النص ال يدرك كنظام‬ ‫لغوي بل يدرك كنظام شعوري احساسي‪ ،‬وهذا‬ ‫فرق مهم للغاية كبير بين الجمالية العادي و‬ ‫الجمالية التجريدية‪.‬‬ ‫ال بد من التاكيد على هذا الفهم المهم وهو ان‬ ‫االدراك التجريدي هو استقالل االحساس في‬ ‫‪18‬‬


‫الوجود و تجرده عن االشياء المثيرة و الحاملة له‬ ‫فال يكون محتاج الى المعاني و الشيئية ليدرك بل‬ ‫هو يدرك بذاته كشيء وهذا ما نسميه ( تشيؤ‬ ‫االحساس) وهذا تحول كبير و مهم في االدرك‬ ‫لالشياء ‪ ،‬وهذا العمل هو ابتداع جمالية جديدة‬ ‫غير معهودة وهي جمالية ( االحساس المستقل‬ ‫بوجوده) أي الجمال المتشيء اذ ليس معهودا في‬ ‫نظرية المعرفة ان يدرك الشعور مستقال عما‬ ‫يثيره و ال ادراك الجمال مستقبل عن الجميل‪.‬‬ ‫فالمعهود ان الشعور واالحساس هو انفعال بشيء‬ ‫مثير‪ ،‬وهذا ايضا يجري في ادراك الجمال بان‬ ‫هناك شيئا جميال يدرك جماله لكن ما يحصل في‬ ‫االدراك التجريدي هو انه يتم ادراك االحساس‬ ‫من دون مثيره و ادراك الجمال بذاته من دون‬ ‫ادراك الجميل‪ ،‬فال يلتفت الى الجميل بل يلتفت‬ ‫الى الجمال فقط‪ .‬فالتجريدي هي ادراك االحساس‬ ‫من دون ادراك ما يثيره و ادراك الجمال من‬ ‫دون ادراك للجميل الذي كان عنه ذلك الجمال‪ .‬و‬ ‫حينما نقول انه ال يدرك الجميل ال يعني انه‬ ‫معدوم بل هو موجود اال انه غير ملتفت اليه و‬ ‫‪19‬‬


‫انما يعرف و يثبت وجوده بالمادية اللفظية بان‬ ‫هناك لفظ يدل عليه و بالداللة العقلية بان الجمال‬ ‫يكون عن جميل‪ .‬و من الواضح انه يمكن تحقيق‬ ‫ادراك قوي باالحساس و الشعور من دون ادراك‬ ‫ما يثره و ادراك بالجمال مع ابهام و اجمال‬ ‫بالجميل ‪ ،‬فنقول ان لدينا هنا جماال لشيء جميل‬ ‫و ان كنا ال نشخص الشيء الجميل من حيث‬ ‫التجنيس و التنويع و انما هو شيء مبهم و‬ ‫مجمل‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫البعد االحساسي و البعد التفهيمي للكلمات‬ ‫القصد الجمالي للكالم متقوم بالتجريد أي تجريد‬ ‫الكلمة من بعدها التفهيمي اللغوي وقصد بعدها‬ ‫الشعوري االحساسي‪ ،‬أي قصد الكلمة كوحدة‬ ‫شعورية احساسية و ليس كوحدة توصيلية‬ ‫عالماتية‪ ،‬و لهذا فللتجريد درجات ‪،‬كلما ازدادت‬ ‫تجريدية الكلمة قل االلتفات الى بعدها التوصيلي‬ ‫العالماتي حتى تصل الى التجريد التام وهو‬ ‫ادراك الكلمة كوحدة جمالية شعورية احساسية‬ ‫خالصة‪ .‬التجريد ليس اهمال المعنى او الكالم بال‬ ‫معنى كما يصوره اهل الحداثة و انما التجريد هو‬ ‫قصد الشعور من خالل المعنى فكما انا نقصد‬ ‫المعاني من خالل االلفاظ في كالمنا العادي ففي‬ ‫التجريد يقصد االحساس من خالل المعنى فيكون‬ ‫المعنى مرآة و وسيلة الحضار الشعور ليس اال‬ ‫و يتكون النص في واقعه من وحدات شعورية و‬ ‫ليس من وحدات داللية توصيلية‪ .‬فالتجريد ال‬ ‫يعني عدم قصد المعنى بل هو قصد للمعنى‬ ‫كوحدة جمالية شعورية و ليس كوحدة توصيلية‬ ‫‪21‬‬


‫داللية‪ ،‬أي التجريدية قصد شعوري للمعنى‪ .‬وهذا‬ ‫فهم متقدم جدا للغة‪ .‬التجريدية فتح كبير في فهم‬ ‫وظيفة اللغة‪ .‬و لحقيقة ان القصد الجمالي متقوم‬ ‫بالقصد التجريدي يمكننا تعريف االدب انه قصد‬ ‫تجريدي للكلمات و معانيها‪ .‬و لحقيقة ان التجريد‬ ‫له درجات ‪ ،‬فاننا يمكن تقسيم االدب الى قسمين ‪:‬‬ ‫القسم االول‪ :‬األدب التعبيري وهو تجريدية‬ ‫الكلمات و المعاني مع بقاء مركزية البعد الداللي‬ ‫التوصيلي لها وهذه هي التجريدية الناقصة‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬األدب التجريدي وهو تجريدية‬ ‫الكلمات و المعاني مع ازالة مركزية البعد‬ ‫الداللي التوصيلي لها وهذه هي التجريدية التامة‬ ‫و هي التي نقصدها في مصطلح الكتابة‬ ‫التجريدية او األدب التجريدي‪.‬‬ ‫ان اصل وجود و اعتبار الكالم و الكلمات في‬ ‫اللغة العادية هو داللتها بان تكون عالمات‬ ‫لتوصيل االفكار‪ ،‬فلغوية الكالم و كلماته هو‬ ‫قصدها كموصالت و كعالمات‪ ،‬لكن لو قصدت‬ ‫الكلمات بنفسها كمكونات جمالية فهذا ليس قصدا‬ ‫لغويا‪ ،‬و هذا هو جوهر القصد األدبي للكالم و‬ ‫‪22‬‬


‫الكلمات‪ .‬فاالدب هو قصد جمالي للكالم‪ .‬و هذا‬ ‫القصد الاللغوي للكلمات هو تجريد‪ .‬فالقصد‬ ‫االدبي للكالم و كلماته ليس قصدا لغويا لها بل‬ ‫قصد جمالي‪ .‬في االدب ال تقصد الكلمات بما‬ ‫هي عالمات و موصالت افكار و انما تقصد‬ ‫الكلمات و معانيها بما هي مكونات شعورية و‬ ‫احساسية و بما هي وحدات جمالية‪.‬‬ ‫ان البعد االدبي و المتمثل بالبعد الاللغوية‬ ‫الجمالي للكالم متقوم بالقصد االحساسي و‬ ‫الشعوري للكلمات‪ ،‬أي قصدها باعتبارها‬ ‫مثيرات شعورية و احساسية‪ ،‬أي ان القص في‬ ‫االدب في الحقيقة يكون الى ذلك الثقل الشعوري‬ ‫و االحساسي و ليس الى البعد التوصيلي‬ ‫االفهامي للكلمات‪ .‬فال يلتفت الى عملية الفهم‪ ،‬بل‬ ‫تكون عملية الفهم طريقا للوصول الى الغاية‬ ‫وهي القصد الشعوري‪ .‬بمعنى اخر ان عمليتي‬ ‫الفهم و ادراك المعنى يتغير موقعهما في القصد‬ ‫االدبي فبينما في القصد اللغوي تدرك المعاني‬ ‫كطريق لعملية الفهم التي هي الغاية فتكون‬ ‫المعاني و سيلة و طريقا اليها ‪ ،‬في القصد االدبي‬ ‫‪23‬‬


‫الجمالي تكون الغاية هي البعد الشعوري‬ ‫االحساسي فتكون عملية الفهم وسيلة و طريق‬ ‫اليه و ليس غاية‪ ،‬و بعملية الفهم يتحدد المعنى‬ ‫المراد من الكالم و الذي يكون له بعد شعوري‬ ‫محدد‪.‬‬ ‫هناك في الكالم الرسالة و القضية و البوح و‬ ‫البيان و هذه كلها اما ان تكون بمنظومة االفهم و‬ ‫التفهيم و يكون الكالم طريقا الى التفهيم و تكون‬ ‫الكلمات مفردات لغوية وسائطية لتوصيل تلك‬ ‫االفكار وهذا هو التفهيم او ان تكون بمنظومة‬ ‫الشعور و االحساس وتكون الكالم طريقا الى‬ ‫احضار الشعور و احداث االثر الجمالي وهذا هو‬ ‫التجريد‪ .‬و ادبية الكالم تزداد كلما ازداد االدراك‬ ‫و الشعور بالكلمات و المفردات كمقصودات‬ ‫جمالية و ليس كموصالت و وسائل و وسائط‬ ‫تفهيمية‪ ،‬فتكون الرسالة بالثقل الذاتي االحساسي‬ ‫للكلمات و الكالم و ليس بما هي ادوات تفهيمية‪.‬‬ ‫عادة ما يكون قصد المتكلم في كلماته ان يبين‬ ‫افكاره و يبوح بما في نفسه بواسطة الكالم‪ ،‬اال‬ ‫ان الغاية القصوى للتجريد هو ان يكون االلتفات‬ ‫‪24‬‬


‫كله و البوح كله بواسطة القصد الخاص للكلمات‬ ‫و المعنى‪ ،‬بمعنى انه ال يكون هنا بوح و بيان‬ ‫بافكار و بناء تفهيمي و انما الفكرة و القضية و‬ ‫الرسالة تصل بواسطة الثقل الجمالي للكلمات و‬ ‫المعاني بما هي مقصودات و بما هي كتل‬ ‫شعورية و ليس بما هي وسائل لبلوغ قصد و‬ ‫التفهيم‪.‬‬ ‫فحينما تكون المركزية للبعد التوصيلي للكلمات‬ ‫في الكالم يكون لدينا النص التفهيمي‪ ،‬لكن حينما‬ ‫تكون المركزية في الكالم للبعد االحساسي‬ ‫للكلمات يكون لدينا النص التجريدي‪ .‬فالنص‬ ‫التجريدي يتكون من وحدات شعورية بخالف‬ ‫النص التفهيمي الذي يتكون من وحدات داللية‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫القصائد‬

‫‪26‬‬


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫أنور غني‬

‫الوردة الحمراء كشوارع مدينتي قاسية ال تبتسم‪.‬‬ ‫رداؤها األحمر ورثته من ساحرة تقطن مدنا‬ ‫مر‪.‬‬ ‫ثلجية ال شيء فيها سوى ريح شاحبة وصقيع ّ‬ ‫انّها تفيض جحيما باردا و قرمزيا‪ .‬أنت ال يمكن‬ ‫ان تشعر بلهيب شوقها القاتل‪.‬‬

‫‪27‬‬


28


‫"وردة حمراء"‬ ‫فريد غانم‬

‫ها هي المواقدُ تزغردُ؛ ألسنتُها من البرتقال‪،‬‬ ‫تهمس وتُهدهدُ‬ ‫األحطاب‬ ‫أرديتُها حنّا ُء‪ .‬وها هي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ساخنة‪ .‬فقد جاءنا‬ ‫وتنحني‬ ‫ع الفرح ال ّ‬ ‫وتذرف دمو َ‬ ‫ُ‬ ‫الرياح والعواصف‪،‬‬ ‫مولودٌ جديد‪ ،‬شعرهُ من ّ‬ ‫قزح‬ ‫جدوالن‪ ،‬حاجباهُ قوسا‬ ‫قبّعتُهُ غيمةٌ‪ ،‬عيناهُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ق اآللهة القديمة‪.‬‬ ‫ووج ُهه طاف ٌح بحبّات عر ِ‬

‫‪29‬‬


30


‫"وردة حمراء"‬ ‫كريم عبدهللا‬ ‫ُ‬ ‫تسكن الوحشة ليال‪ ,‬كلّما يلتم ُع على‬ ‫في أعماقها‬ ‫تعرف الزمن لك ّنها‬ ‫القمر‪ .‬هي ال‬ ‫أوراقها ضو ُء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الفجرعاشقةٌ‬ ‫تنتظر هطو َل‬ ‫تمضي بأحالمها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫للغبش الضحوك‪ .‬أنام ُل الندى رقيقة ال تجر ُح‬ ‫ِ‬ ‫بسر الجمال‪ ,‬وال بإخضرار‬ ‫ألوانها‪ ,‬ال تبو ُح‬ ‫ِّ‬ ‫أوغنج العطر إالّ إذا جا َء الصباح‪ .‬هي‬ ‫الروح‪,‬‬ ‫ِ‬ ‫تعرف َّ‬ ‫الشمس غدا ستغازلها وتفت ُح أبوابها‪,‬‬ ‫بأن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وأن أسرابا ِمنَ النح ِل سـتغزوها‪ ,‬تمنحها الرحيقَ‬ ‫دونَ مشقّةٍ‪ ,‬لكنّها ال تعي لماذا تقطفها اصابع‬ ‫مخشوشنة قب َل األوان ‪!.‬‬

‫‪31‬‬


32


‫الوردة الحمراء ‪!! ....‬‬ ‫عادل قاسم‬

‫لون وال رائحة‪،‬‬ ‫انا الطفلةٌ الوحيدة ُ التي كنتُ بال ٍ‬ ‫الماء الناصع البياض‪ .‬خي ُ‬ ‫ابنةُ‬ ‫ط ِظ ٍل يفشي ُي ْتمهُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لفصو ِل البهج ِة البراقة بمواشيرها‪ .‬كلما َح َّل‬ ‫الربيع بالنَدى والمطر‪ ،‬أت َرقّب ُ َك َج ْمر ٍة ذاوية ْ‬ ‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫لي‬ ‫يُبار َكني بضيائهٍ‪ .‬أنا الملكةُ التي‬ ‫أسبغت َ‬ ‫ع َ‬ ‫سهي ِل النابض‪.‬‬ ‫عشتار لوني‬ ‫األحمـــر‪ .‬أنا ْقل ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أنا ُ‬ ‫ضلي ِل كلما اعيتهُ الصحرا ُء‬ ‫الز ْهرة ُ التي ت ُ ِد ُل ال َ‬ ‫ست ْب ِدلُ‪ ،‬ثيا َبها كل ِحين‪.‬‬ ‫التي ت َ َ‬

‫‪33‬‬


34


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫رشا السيد احمد‬ ‫هي قلبك الذي يشاغب قلبي هذيا وحبا ُ ومدارس‬ ‫للون‪ .‬هي قلبك الذي يسكب حرارة الكون في‬ ‫لوحة قلبي ليرفرف عاليا في أتون المطلق و‬ ‫نشوة الفرشاة إذا رقصت على وجه الماء تعلن‬ ‫بأن الكون قلب يرسم الحياة لونا أحمر ومشهدية‬ ‫باذخة لحكاية من رذاذ النور تتراقص داخلها‬ ‫الرؤى ماسية الجنبات‪.‬‬ ‫هي هذي أحمر مخملي يرسم دوائر الجمال رقيقة‬ ‫التكوين كلما ماج الهواء تحرك شذاه في كينونتي‬ ‫حكايا فريدة‪.‬‬

‫‪35‬‬


36


‫"شتاء"‬

‫مرام عطية‬ ‫ٌ‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫ئ بكانون ِه ال يشبهُ رو َح‬ ‫حضن داف ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫كف أ ِ ّمي‬ ‫ألوان عطاءٍ ه‬ ‫أعاصيرهُ ثورة ُ حياة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ينبتُ تحتَ لمستها َّ‬ ‫ْ‬ ‫األبيض‬ ‫ترحل أيها‬ ‫هر‪ .‬ال‬ ‫ُ‬ ‫الز ُ‬ ‫ففي جيوبكَ خبَّأتُ أحالمي‪ ،‬وفستانَي األحمر‪.‬‬

‫‪37‬‬


38


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫حسن المهدي‬ ‫في الحنايا المورقات فوق ميسم منفلت مع الندى‬ ‫يورق الربيع ويكتمل القمر‪ ،‬فيأسرها وجدها‬ ‫القرمزي بأكمام صبابات التو ّهج؛ عروسة‬ ‫للفصول القانية‪ .‬وفوق أوراق خدود الخجل‬ ‫الشفقي يفتح غصن الضوء أزراره لمعصم الريح‬ ‫ويسافر بها في ألق الشمس صوب نصف الحياة‬ ‫المنبعث من لعبة الحظ‪.‬‬

‫‪39‬‬


40


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫حسين الغضبان‬

‫األرض بدت نشوتها تزهر على وجهها بعد ما‬ ‫نزل الماء‪ ،‬يتزخرف ثوبها بالوان الورود االّ‬ ‫اللون األحمر كان ثوبا لمنام الشمس‪ .‬جاء الحسد‬ ‫اللعين فَقَتل‪ .‬قامت وردة ترتدي دم البراءة ثوبا‬ ‫لتفقع عين الحسد بالحبّ األحمر فامتأل المكان‬ ‫مسرة للناظرين‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪41‬‬


42


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫عمر فهد حيدر‬ ‫أنا وردة حمراء قاتمة اللون‪ ،‬يتالشى العاشقون‬ ‫في سحري‪ .‬أتراقص بين أخواتي األخريات‪.‬‬ ‫يتدافع الع ّ‬ ‫شاق في عيدهم إلعالن الحبّ عبر‬ ‫مساماتي الخفية‪ ،‬يتبادلون القبل عبر شذى‬ ‫بتالتي‪ .‬أنا الوردة الحمراء لي قلب ما زال يبحث‬ ‫عن حبّ ‪.‬‬

‫‪43‬‬


44


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫محمد يزن‬

‫هي شريدة رتابة ال معنى لها وال فحوى‪ .‬هي في‬ ‫مسرح من اللون األحمر ال ترى إال طلال متفحما‬ ‫ينتظر طريقه نحو الزوال الى منفاه االخير لتفقد‬ ‫عذرية العذوبة في استنشاق العليل‪ .‬هي ال‬ ‫تشاكس الفراشات فهي جميله كفاية لتطير نحو‬ ‫شمس محرقة ألجنحتها لكنها تحاور الروح‬ ‫الطاهرة التي لبست ثوب العزاء يوم مقدمها من‬ ‫رحم األلم‪.‬‬

‫‪45‬‬


46


‫"الوردة الحمراء"‬

‫عالء الدليمي‬

‫السياف‪ .‬هو يرو ُم‬ ‫مثقلةٌ بالندى‪ ،‬مورقةٌ أمام‬ ‫ِ‬ ‫قطفها غير مكتر ٍ‬ ‫ث بشذاها وتجدد ثيابها كل‬ ‫ْ‬ ‫المكان‬ ‫لتغمر‬ ‫وقفت شامخة تجودُ بأنفاسها‬ ‫صباح‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعسوب‬ ‫للشمس خيوطآ مشرقة‪.‬‬ ‫أحمر نس َج‬ ‫بأريج‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫النح ُل يغازلها وكأنها مليكته المدللة‪.‬‬

‫‪47‬‬


48


‫أشعة ملونة‬ ‫أحالم البياتي‬ ‫ومن بؤرة روح الوجود؛ تخرج سهام الطيف‬ ‫مبشرة بسطوع األمل القادم على جناحي الريح‬ ‫البنفسجية؛ تضمد جراح البين الماطر بأزقة‬ ‫األزمنة السحيقة المتشظية‪ ،‬وعلى الجدار األسود‬ ‫أشعة تكتب قصص مستقيمة حد المدى الالمرئي‪.‬‬

‫‪49‬‬


50


‫شعاع ملون‬ ‫نصيف الشمري‬

‫ق‬ ‫ينفذُ شعاعُ ضوء الفكرة في قلبي ألوان شف ٍ‬ ‫قطبي يتماو ُج مع نداو ِة حبي سحابةَ عشق في‬ ‫فضاء الروح‪ .‬قطرات المحبة تهط ُل كلمات تغس ُل‬ ‫الوجع في لحظ ِة التجر ِد عن بعد اللحظة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫عر َّ‬ ‫ِ‬ ‫بألوان موؤدة إال من صحو ِة سماء عشقي؛‬ ‫خيال‬ ‫ٍ‬ ‫طيف ضوء يتشتتُ ألوان مودة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪51‬‬


52


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫كامل مرزوق‬

‫عانق ال ّ‬ ‫باسمةٌ ِشفاهُ الربيع تحكي األلق‪ ،‬ت ُ ُ‬ ‫شفق‪،‬‬ ‫سماء بنتُ‬ ‫الشمس مع المساء‪.‬‬ ‫تكتسي‬ ‫كواكب ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الشهيد تُقبّ ُل الوردة َ الحمراء؛ الشاهدة على الحياة‪.‬‬

‫‪53‬‬


54


‫ع ملونٌ‬ ‫شعا ٌ‬

‫عزيز السوداني‬ ‫الشمس إمتز َج‬ ‫مر بها ضو ُء‬ ‫سوسنةٌ بيضاء ّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ق تحم ُل‬ ‫فأرسلت حزمة من‬ ‫بخدها‬ ‫ألوان الشو ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالعطر‪ ،‬إحتضنتُها فضحكت لي‬ ‫قبلة موشحة‬ ‫ِ‬ ‫كطائر‬ ‫الضباب‬ ‫الشفاه قائلة‪ :‬فلنذهب قبل أن يلفّنا‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ضاع ع ّ‬ ‫ق‪،‬‬ ‫شه في إغترا ِ‬ ‫ب العيون وجمرةِ العش ِ‬ ‫الضفاف وال أستطيع أن أسأ َل‬ ‫وينهمر اللي ُل على‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫سر هذا الشعاعِ‪.‬‬ ‫الشمس عن ّ‬ ‫َ‬

‫‪55‬‬


56


‫أشعة ملونة‬ ‫مليكة الحامدي‬

‫العالم ليس سيئا ‪ ..‬فالوجود ما زال يتشعّب و‬ ‫يفرز قواه في بصيرتي‪ ..‬أقترفتُ العوم بال‬ ‫إئتالف فاتّكأ ظهري على جذع نحيل لسنديانة‬ ‫جرداء ‪ ..‬وحيدة ‪ ..‬ال ظ ّل يقيني شمس الحقيقة‬ ‫ي فغدت عنادلي فوقهما كومة‬ ‫التي أذابت كتف ّ‬ ‫رماد ‪ ..‬أعلم أنّكَ الحبّ اآلتي ‪ ..‬و أنك سالف‬ ‫الرغد ‪ ..‬و أنا أنثاك فوق البنفسجية‬ ‫الغد و‬ ‫ّ‬ ‫زمرد َ‬ ‫أجاور األلوان في توتّر يهادن القصيد و الوطن ‪.‬‬

‫‪57‬‬


58


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫زكية محمد‬ ‫هل رأيت خجل صمتها القرمزي وهو يرتل‬ ‫ترانيم الحظ الخفية‪ .‬هاهي ذي حربها الشوكية‬ ‫تضع أوزارها خاضعة لنبض عاشق تعب‪ .‬حلمه‬ ‫شمس متلهفة وصوته قمر شارد‪ ،‬نظرته الناعمة‬ ‫الغارقة في بحرالحرمان ‪.‬صباح ندي ‪ ،‬يفوح‬ ‫سره توقا‪ ،‬صدقت رسالته واهدت عذوبتها‬ ‫الحمراء فداء عشق أبي و عطرها الساحر شهيد‬ ‫قلب نقي لم ينصفه المطر‪.‬‬

‫‪59‬‬


60


‫ع ملو ٌن‪..‬‬ ‫شعا ٌ‬ ‫فاطمة سعدهللا‬ ‫ّ‬ ‫ْف ع ْند‬ ‫بلون‬ ‫الطي ِ‬ ‫بسْمةٌ على سطح الماء ْ‬ ‫فرشاة َ الفجْ ر لتواصل تزويق‬ ‫المغيب‪ ،‬تخبّئ ْ‬ ‫ْ‬ ‫الحلم القادم من وراء الشمس‪..‬‬ ‫أيها اإلطار المفتو ُح على ْ‬ ‫األلوان تو ُّهجا‬ ‫حزمة‬ ‫ِ‬ ‫وبرودة ‪..‬متى يولدُ الشعاعُ دافئ األلوان فيرسم‬ ‫شم ٍس ال تعرف‬ ‫األبيض‬ ‫مسار ال ُح ْلم‬ ‫ب ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫صو َ‬ ‫الغياب؟‬

‫‪61‬‬


62


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫نعيمة عبد الحميد‬ ‫يقطنها عبق هناك حيث تشرق شمس قلوب‬ ‫مظلمة‪ ،‬ترمم احالما مهترئة تغزو وسائد الليل‪،‬‬ ‫تتجلى في وريقاتها مملكة المطر‪ ،‬تميل ألنامل‬ ‫تذوقت العشق من قلب عصفور ثمل‪ .‬تأتي بعالم‬ ‫غير منظور هي ضخمة ال تروى و ضئيلة بين‬ ‫طيات الورق‪.‬‬

‫‪63‬‬


64


‫"الوردة الحمراء"‬ ‫جميلة بلطي عطوي‬ ‫رمى رداءه األبيض يغلّفها‪. ،‬ارتعشت والمشهد‬ ‫ست‬ ‫يذ ّكرها بالموت والكفن‪ .‬رغم االرتعاشة أح ّ‬ ‫بالدفء يسري في مفاصلها‪ ،‬دورة دمويّة جديدة‬ ‫في ال ّ‬ ‫شرايين‪ ،‬تزرع في رحمها بذرة‪..‬تخفق‬ ‫ّ‬ ‫تتمطى ‪ ،‬تنثر‬ ‫نبضة تعدّ العدّة لالنبعاث‪...‬عنقاء‬ ‫الربيع ثوبا سندسيّا يسقط بياض الثّلج‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪65‬‬


66


‫عرس األلوان‬

‫العامرية سعدهللا‬ ‫"اِحملني أيها النور حتى نسيان الحلم‬ ‫ُولدت" ‪-‬أندريه فيلتير‪-‬‬

‫إنني‬

‫ب محارةٍ منسي ٍة‬ ‫ق‬ ‫في لحظا ِ‬ ‫الفيروز من قل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت انبثا ِ‬ ‫حيط َي ُ‬ ‫كوميض‬ ‫ي‬ ‫ق ال ُم ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ِ‬ ‫عم ِ‬ ‫نبثق شعاعٌ قزح ٌّ‬ ‫األرجوان‬ ‫عين ْي ِه‪ ..‬فتستحم فينوس بحمر ِة‬ ‫ِ‬ ‫ويصطب ُغ ال َّ‬ ‫ش ُ‬ ‫ي‬ ‫فق ُبصفرةٍ ترتدي شعاعا كوارتز ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عرس‬ ‫تعلن‬ ‫البعث؛ قيامية جديدة‬ ‫سحر إنّهُ‬ ‫ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫األلوان‪..‬‬ ‫ِ‬

‫‪67‬‬


68


‫شتاء ‪..‬‬ ‫أحمد أسد صادق‬ ‫يعلو ظاهر األرض ببياض كالشيب معلنا نهاية‬ ‫الفصول‪ ،‬بارد وموحش ككوخ مهجور وحيد‬ ‫كالشيخوخة‪ .‬يتعالى انين روحه المنهكة تنفخه‬ ‫الريح على هيئة صفير‪ ،‬قاس وشرس كذئب‬ ‫يحاصره الموت‪.‬‬

‫‪69‬‬


70


‫شتاء‬ ‫خلود فوزات فرحات‬ ‫بسذاج ِة طفل ٍة أجمع ندف ال ُحلُم ‪ ،‬أتنفس ملء‬ ‫شرودي بعثرة األماني المنسدلة من بقايا تراتيلي‬ ‫أندس تحت شراشف المطر ‪ ..‬عارية‬ ‫الالمرئية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إال من لهفة و بعض ذكرى‪.‬‬ ‫المظلة المخرومة تدعو أشباح الحكاية لحفل‬ ‫سنوي ؛ تكثر فيه قرقعة الحواس‪.‬‬ ‫ي‪،‬و‬ ‫ما كان ينقصني سوى قفازات بلون ورد ّ‬ ‫مطر ٌز بالفرح ‪ ..‬فاألبيض لم يعد لون‬ ‫قناع أسود‬ ‫ّ‬ ‫الحياة‪ ،‬و الطريق إلى "سانتا كلوز" معبّد‬ ‫بالرماد‪.‬‬

‫‪71‬‬


72


‫فاكهة البرد‬ ‫هدى الصيني‬

‫ثمار الجليد تتدلى على أغصان البرد‪ ،‬عصافير‬ ‫الريح جائعة تنقر بذور األنين‪ ،‬غيمات ترتجف‬ ‫والقمر مشرد على أرصفة العراء يتسول همسات‬ ‫عاشقين يدفّئ أصابعه؛ سأطلق طيور الفجر‬ ‫لتغزوا مخدع الشمس‪.‬‬

‫‪73‬‬


74


‫الشتاء‬ ‫عباس كريزة‬

‫كتلك الهائمة انت‪ ....‬دوما على ارتحال في موج‬ ‫االفكار ال تحدك صومعة ما ‪ ...‬او إنكار‪...‬دع‬ ‫خيوط الشمس تداعب اجنحة عصافير االمنيات‬ ‫‪...‬ما عاد ظالم االمس ‪..‬يخنق اإلبداع ‪..‬هناك‬ ‫هناك ذاك الفنار منتظرا سفنك اميرتي‪.‬‬

‫‪75‬‬


76


‫مطر‬ ‫احمد بياض‬ ‫يذرف على األلسن شهد الريح‪ .‬األمواج تداعب‬ ‫رقصة الشط؛ تسكر هزيمة الزوارق صوت‬ ‫البحر‪.....‬حطب من األعشاب الساقطة ينير‬ ‫الطقوس الراحلة‪...‬جفن ماء على بتول األرض؛‬ ‫تيمم الحصى على شرفة بئر‪.....‬‬

‫‪77‬‬


78


‫الوردة الحمراء‬

‫علي خضر علي‬ ‫ال يرقّصها اال انفاس عاشق مجنون تورد‬ ‫كالصباح في ايادي الحقيقة‪ .‬ال تطلب من هذه‬ ‫الحياة اال ترنيمة ماء وضوء خافت من عين‬ ‫الشمس حتى تورق شعرها على ارصفة المعنى‪.‬‬

‫‪79‬‬


80


‫شعاع‬ ‫محمد العكيلي‬

‫شعاع بل اشعة كاالفق‬ ‫تضيق وتتسع‬ ‫كشعر غجرية صماء‬ ‫ترقص على انغام عازف اعمى‬ ‫بين مارة اليسمعون‬

‫‪81‬‬


82


‫شتاء‬

‫فراس جمعه العمشاني‬ ‫في قاعة ال ّ‬ ‫شتاء الكبير‪ ،‬كنّا ضيوفا مج ّمدين‪،‬‬ ‫نر ُ‬ ‫كن وجوهنا جانب الغيمات المصفّحة للجدار‬ ‫النّحاسي االكثر برودة‪ .‬نسكب اللّيال القانية‬ ‫بزجاجات البرد‪ ،‬ننتظر نفحة معطف إله بدفءٍ‬ ‫ّ‬ ‫الطليق‪،‬‬ ‫يتسرب الماء من ثقوب البلل‬ ‫داكن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ليلصقها على تضاريس الوجه المستباح كما ظل‬ ‫سل بالمناشير لقطع‬ ‫ضائع في مقبرة برق يتو ّ‬ ‫صواعق التي احرقت الزمن ال ّ‬ ‫شديد‬ ‫أصابع ال ّ‬ ‫سكون‬ ‫األكتئاب الهادىء كما صبح أليف يرعف ال ّ‬ ‫الراعشتين في جيب‬ ‫من حقول األرق يمد يديه ّ‬ ‫الحرية من النّزهة‬ ‫ارض سجين ٍة ليلتقط رجفة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّجامدة عبر سرير الوقت الثلجي‪.‬‬

‫‪83‬‬


84


‫ع ملون‬ ‫شعا ٌ‬ ‫رحمة عناب‬ ‫أال أيها الفجر المعمد برحيق الصباحات الوردية‬ ‫أ َ ْقبِل شعاعا ملونا يحضن ظالل لغة اثقلتها غربة‬ ‫تلتهم لسان المجرة وامنح شفاه الشمس غناء‬ ‫بكرم تأسر‬ ‫يرعش الحروف يز ّمل القصيد‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الكروم إبهارا يتدلى عناقيد مشاعر تصافح‬ ‫غنائمها الفريدة خياالت شاسعة تتعاظم في انهار‬ ‫غنية بالتجديد‪ .‬كم هو عذب ان تطفح الوانه‬ ‫مواسم تتجرد فيها‬ ‫مذهولة بعدل تحملنا الى‬ ‫ٍ‬ ‫فصول الملل تزخرف جدائل اإلبداع الهصور‪،‬‬ ‫برشاقة لونت بحة الكلمات في رحابة االفق‪!!...‬‬

‫‪85‬‬


86


‫المرايا‬ ‫اسماعيل عزيز‬ ‫كيف لي ان اعرف وجهي؟‬ ‫وجهي انكسارات هذا الزمان العنيد‪...‬‬ ‫عمودية انت ‪..‬ال شكل لليل غير السواد يكفن‬ ‫سعفاتك‬ ‫خلف انبثاق الحقائق رغم غفوة الفجر‬ ‫انبثقي من خلف سحب الماضي كعاصفة تحمل‬ ‫نجما‬

‫‪87‬‬


88


‫اشعة ملونة‬ ‫خديجة حراق‬ ‫ثالث دقات ورفع الستار‪ ..‬من جذع الهرم بزغت‬ ‫اشعة شروق اعلنت ميالدا من احشاء الضياء‪..‬‬ ‫صفق الحبر وسال على جوانب االفق ‪ ..‬خطوات‬ ‫رشيقة و سمفونية طقوس مزينة بالوان ال شرقية‬ ‫وال غربية تضيء ولم تمسسها نار‪ ...‬انبعاث‬ ‫نبوءة تجديد ‪ ...‬نصب تجريد بالوان الطيف‬ ‫‪..‬تلونت حبات الماء وانقشع الضباب‪...‬‬

‫‪89‬‬


90


‫براعم تأبى الموت‬ ‫رسول مهدي الحلو‬

‫بريق الشعاع يزهر في عالم يستنشق الدجى‪،‬‬ ‫يموج كما تموج الصحاري حينما تمتطي صهوة‬ ‫الخواء تصطف الطيور باكية أطياف القزح‬ ‫الرمادية من وراء القضبان الشفافة ينبض قلب‬ ‫الربيع وتورق األقواس براعم تأبى الموت‪.‬‬

‫‪91‬‬


92


‫شعاع ملون‬ ‫عماد ذيب‬ ‫تبعثر اللون فتلقفته وريقة الحكمة؛ قالت كن‬ ‫شعرا و انثر ضفافك ماء نميرا يتغلغل في ثنايا‬ ‫العقول نحال يحضّر العسل المذاب على أروقة‬ ‫حليمات الذوق في كال النجدين‪ ،‬يشب الطفل‬ ‫فيرسم فراشات تعبر األفق و بعد ألي ٍ ُ‬ ‫تعلن قوس‬ ‫فرح‪...‬‬

‫‪93‬‬


94


‫شعاع ملون‬ ‫حنان وليد‬ ‫سح ِبك الال أرضية‪ ،‬سه ٌم‬ ‫كام ُ‬ ‫في لحظ ِة تقار ِ‬ ‫ب ُر ِ‬ ‫كم حنجرتِك الالعاطفي ٍة ‪،‬‬ ‫ي َّ‬ ‫فر من مطرق ِة ُح ِ‬ ‫ذهب ٌّ‬ ‫لفجر خلسة ‪،‬أنزلقَ بلزوج ِة‬ ‫تسلّ َل من ُهدُ ِ‬ ‫ب ا ِ‬ ‫الهادر‬ ‫البحر‬ ‫صدفة ذات ِه المرتبك ِة‪ ،‬تالقفتةُ أذرعُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫امتزاج‬ ‫بقبل ِة‬ ‫الروح برغو ِة السنا ِء الجارفة ِلعنا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موطن اللؤل ِؤ‬ ‫تنهض إفرديتُ من‬ ‫قاني ِ الشك ِل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫كعنف‬ ‫ق‪ ،‬أحبوا‬ ‫ِ‬ ‫المائي‪ ،‬مرتدية َ‬ ‫قلب لسانِها العاش ِ‬ ‫المسكون بالندي‬ ‫لزهر‬ ‫الرع ِد عند‬ ‫القدوم‪ ،‬ملم ُ‬ ‫ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِ‬ ‫حين الهطو ِل‪ ،‬الحبُّ حياة ٌ مصغّرة ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫يٍ‬ ‫كسندس أزل ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫المسير خطاهُ دون هوادةٍ ‪،‬‬ ‫حظ ليس نهائيّا يكم ُل‬ ‫َ‬ ‫المتألم ‪،‬‬ ‫النبض‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بمشاعر ّ‬ ‫ِ‬ ‫التواقين لشهق ِة عر ِ‬ ‫العالم الالمنطفئ‪.‬‬ ‫مصابيح‬ ‫معلقين على جداو ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪95‬‬


96


‫أتوب من خطأ القصيدة‬

‫كريمة دحماني‬ ‫ْ‬ ‫الورق‬ ‫أتوب من خطأ القصيدة والجنون على‬ ‫والذنب ذنب دفاتري أبدا تفيض من األرق‬ ‫وتفوح في الدنيا ْ‬ ‫عبق‪....‬‬

‫‪97‬‬


98


‫األمل‬ ‫خالد العراقي‬ ‫عندما اجهشت الغيمة بالبكاء استيقظ الصمت‬ ‫الذي نام كطفل بين احضان السواقي والدروب‬ ‫المدلهمة‪ .‬انتشت بالضوء عندما كان جسد الليل‬ ‫يتمزق بالطعنات‪.‬‬

‫‪99‬‬


100


‫من وراء الستارة‬ ‫تيسير بكسراوي‬ ‫كوردة‬ ‫تنام اول الشتاء‬ ‫بدون وسادة‬ ‫ترفع ساقها‬ ‫وتنزل اوراقها‬ ‫الى هاوية‬ ‫الهدوء‬ ‫‪....‬النهر يغرق المسافر‬ ‫بالقبالت‬ ‫والشاطئ يغادر بهدوء‬ ‫قوامه‪.‬‬ ‫‪101‬‬


102


‫عودة الروح‬

‫عبدهللا سعدون المعموري‬ ‫بك تختزل االمكنة‬ ‫وبنبض فؤادك تنتظم الدقائق والثواني‬ ‫فينبلج االفق بإحمراره ‪ ...‬و صوت النوارس‬ ‫ُّ‬ ‫يشق هدير مياهها ‪ ...‬وبك تغادر النفس‬ ‫صحراءها ‪ ...‬فتزداد السماء زرقة واالرض‬ ‫خضرة ‪ ...‬والبحر هدوء ‪ ...‬لعل المسافات تكون‬ ‫صفرا‪..‬‬

‫‪103‬‬


104


105


106


107


108


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.