الاستقلال واستراتيجية الدولة الواحدة. بكر أبوبكر

Page 1

‫دراسات ومحاضرات ودورات‬

‫االستقالل واستراتيجية‬ ‫الدولة الواحدة‬ ‫بكر أبوبكر‬

‫مفوضية االعالم والثقافة والتعبئة الفكرية‬

‫‪1‬‬


‫االستقالل واستراتٌجٌة الدولة الواحدة‪.‬‬ ‫بكر أبوبكر‬ ‫فً العام ‪ 1968‬تمدمت حركة فتح بمبادرة تمدمٌة حضارٌة طرحت من خاللها فكرة إلامة دولة‬ ‫فلسطٌن من البحر الى النهر ٌعٌش فٌها المسلمون والمسٌحٌون والٌهود سواسٌة‪ ،‬فٌما عرف الحما تحت اسم‬ ‫الدولة المدنٌة أو الدولة الدٌممراطٌة أو الدولة العلمانٌة وفك تفسٌر حركة فتح فً المؤتمر الثالث‪ [1]،‬وما‬ ‫صل له د‪.‬نبٌل شعث فً دراسة الحمة له حٌنها بأنها دولة دٌممراطٌة لكل مواطنٌها فال تمٌز بٌنهم على‬ ‫أ ّ‬ ‫أساس العمٌدة والدٌن أو الجنس أو الطائفة‪.‬‬ ‫فً بداٌات االنطاللة للثورة الفلسطٌنٌة الحدٌثة كانت فكرة تحرٌر أرض فلسطٌن من االحتالل الذي‬ ‫غرسته برٌطانٌا ولوى الغزو االستعماري فً بالدنا تعنً تصفٌته سٌاسٌا والتصادٌا وعسكرٌا‪ ،‬أو وفك نص‬ ‫النظام األساسً لحركة فتح بمواده‪" :‬المادة (‪ – )12‬تحرٌر فلسطٌن تحرٌرا ً كامالً وتصفٌة دولة االحتالل‬ ‫الصهٌونً التصادٌا ً وسٌاسٌا ً وعسكرٌا ً وثمافٌاً‪.‬المادة (‪ – )13‬الامة دولة فلسطٌنٌه دٌممراطٌة مستملة ذات‬ ‫سٌادة على كامل التراب الفلسطٌنً وتحفظ للمواطنٌن حمولهم الشرعٌة على أساس العدل والمساواة دون‬ ‫تمٌ​ٌز فً العنصرأوالدٌن والعمٌده وتكون المدس عاصمة لها‪[2]".‬‬ ‫ولم ٌكن من دلٌل فً األدبٌات على التخلص من السكان الجدد من الٌهود االوربٌ​ٌن (بغالبهم) الذٌن‬ ‫لدموا لفلسطٌن تحت ذرٌعة "بلفور" بانشاء (وطن لومً للٌهود فً فلسطٌن) أو تحت إطار لانون (حك‬ ‫العودة) الذي سنته حكومة الكٌان الجدٌد بعد اعالنها عام ‪ 1948‬أي أن فكرة تصفٌة الكٌان سٌاسٌا‬ ‫والتصادٌا وعسكرٌا وثمافٌا تفترض التخلص من (النظام) وهو النظام االسرائٌلً الذي برزت هٌئته الٌوم‬ ‫كنظام لٌمً إرهابً إحاللً‪ ،‬وكنظام فصل عنصري حمٌمً (ابارتهاٌد) تجب مماومته حتى بعد زوال‬ ‫االحتالل عن أرض العام ‪. 1967‬‬ ‫وكما ٌمول الكاتب االسرائٌلً (اٌالن بابِه) وزمٌله بذات المدرسة (ٌوري دٌفس) إذ ربط (بابِه) بٌن‬ ‫الحرٌة من االحتالل بالحرٌة من االستعمار االسرائٌلً سٌاسٌا والتصادٌا وهٌمنة متعددة أو وفك ما كانت‬ ‫حركة فتح لد أصلته بالمول بالمادة ‪ 8‬من نظامها األساسً‪ :‬الوجود االسرائٌلً فً فلسطٌن هو غزو‬ ‫صهٌونً عدوانً ولاعدة استعمارٌة توسعٌة وحلٌف طبٌعً لالستعمار واالمبرٌالٌة العالمٌة‪.‬‬ ‫القبول باآلخر الذي ال ٌقبل بنا‬ ‫لمد تبلور فً فكر الحركة الوطنٌة الفلسطٌنٌة عامة فكرة المبول باآلخر انسانٌا رغم احتالل نظامه‬ ‫تروج ومازالت‪ ،‬وإن كان ذلن تدرٌجٌا بدلٌل أن‬ ‫ألرضنا ال المائه بالبحر كما كانت الدعاٌة الصهٌونٌة ّ‬ ‫المٌثاق الوطنً الفلسطٌنً اعتبر الممٌمٌ​ٌن فً فلسطٌن لبل الغزو الصهٌونً (الفرضٌة أنه منذ العام‪)1917‬‬ ‫هم فلسطٌنٌ​ٌون وهذا ٌشمل أتباع الدٌانة الٌهودٌة‪ [3]،‬رغم أن المفاجأة الكبرى فً العام ‪ 2017‬تأتً فً‬ ‫وثٌمة حركة "حماس" التً ترى فٌمن سكن فلسطٌن لبل العام ‪ 1947‬أنه فلسطٌنً ما ٌرفع من نسبة الٌهود‬ ‫من ‪ %5‬الى ‪ %30‬وهذه األخٌرة نسبتهم لبل النكبة‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫ورغم أن ٌاسر عرفات فً خطابه الشهٌر فً األمم المتحدة عام ‪ 1974‬كان لد أوضح بجالء معنى‬ ‫الدولة الدٌممراطٌة فً فلسطٌن والمولف من السكان بالمول‪" :‬حٌث سٌعٌش كل الٌهود الذٌن ٌعٌشون اآلن فً‬ ‫فلسطٌن والٌهود المستعدٌن أن ٌعٌشوا معنا فً سالم وبدون تمٌ​ٌز"‪.‬‬ ‫التصفٌة للنظام والكٌان لم تعنً فً الفكر السٌاسً الفلسطٌنً تصفٌة لألفراد والمجتمع أو للسكان‬ ‫الجدد بتاتا رغم ما ٌضمره الفلسطٌنً أو ٌتمناه الكثٌر‪ ،‬أو بالممابل االسرائٌلً الذي ٌعمل ٌومٌا جاهدا ‪-‬وال‬ ‫ٌتمنى فمط‪ -‬للتخلص من اآلخر‪ ،‬وهو ما بلور فكرة الدولتٌن األكثر عدالة فً ممابل حمٌمة دولة واحدة ذات‬ ‫نظام فصل عنصري ما هو لائم اآلن على أرض الوالع‪.‬‬ ‫جدل الدولة ونهاٌته بالدولتٌن‬ ‫ٌمول الباحث جمٌل هالل‪" :‬استمر النماش‪-‬داخل الثورة الفلسطٌنٌة‪ -‬حول موضوع إنشاء دولة‬ ‫فلسطٌنٌة دٌممراطٌة لبعض الولت‪ ،‬لكنه فمد أهمٌته تدرٌجٌا وانتمل االهتمام إلى ح ّل ٌموم على أساس‬ ‫الدولتٌن‪ ،‬وذلن بعٌد إلرار برنامج العشر نماط من لبل المجلس الوطنً الفلسطٌنً فً عام ‪[4]".1974‬‬ ‫وٌمول الباحث عمر الغول ‪":‬الشعب العربً الفلسطٌنً ولٌادته ونخبه السٌاسٌة منذ العام ‪1974‬‬ ‫عندما تبنوا فً دورة المجلس الوطنً النماط العشر‪ ،‬والتخلً عن هدف الدولة العلمانٌة الدٌممراطٌة‪ ،‬التً‬ ‫كانت الهدف الناظم للحركة الوطنٌة منذ إنطاللة الثورة الفلسطٌنٌة المعاصرة مطلع ٌناٌر ‪ ،1965‬وبعد‬ ‫هزٌمة حزٌران ‪ 1967‬إنما جاء إستجابة لشروط الوالع الفلسطٌنً والعربً والعالمً‪ ،‬وتكرٌسا للمسألة‬ ‫الفلسطٌنٌة فً الجٌوبولٌتن وعلى المستوى األممً فً أعماب حرب إكتوبر ‪ ،1973‬وبعد صدور لراري‬ ‫مجلس األمن الدولٌ​ٌن ‪ 242‬و‪[5]".338‬‬ ‫مضٌفا‪ " :‬وحممت الثورة الفلسطٌنٌة العدٌد من اإلنجازات الوطنٌة على هذا الصعٌد‪ ،‬وتجلى ذلن فً‬ ‫دورة المجلس الوطنً عام ‪ 1988‬عندما اعلن الرئٌس الراحل عرفات وثٌمة إعالن اإلستمالل"‪.‬‬ ‫ثالثة أسباب لتعملق فكر الٌمٌن االسرائٌلً‬ ‫إن حدة االستمطاب فً المجتمع االسرائٌلً واالتجاه نحو تبنً طروحات الٌمٌن الصهٌونً وامتدادا‬ ‫لحالة التطهٌر العرلً للعرب الفلسطٌنٌ​ٌن فً االربعٌنات والخمسٌنات من المرن العشرٌن مرتبطا بسلب‬ ‫األرض‪ ،‬محور الصراع األساس‪ ،‬لد جعلت من لغة الٌمٌن العنصري االلصائً هً اللغة االسرائٌلٌة السائدة‬ ‫الٌوم والتً بدأت ترفض حتى الخروج من الضفة الغربٌة الممرر حسب "اتفالٌات أوسلو" أن ٌتم التفاوض‬ ‫حولها وفك المواضٌع الخمسة التً تشكل الملفات النهائٌة وذلن عام ‪.1999‬‬ ‫إن تعملك فكر الٌمٌن الدٌنً والصهٌونً أصبح ٌموى فً عوامل ثالثة متراكبة األول‪ :‬نتٌجة زٌادة‬ ‫االعداد لهذا الٌمٌن داخل (اسرائٌل) سواء لسبب الوالدات للتٌارات المتدٌنة‪ ،‬أو للصراع السٌاسً الداخلً‬ ‫الذي أذكى وجودهم مستندا ألرهاب الفكر الصهٌونً المتعانك مع خرافات التوراة التارٌخٌة ‪ ،‬والذي ٌشٌع‬ ‫دوما انهم ٌتعرضون لمحرلة جدٌدة "هولوكوست"‪[6]،‬‬

‫‪3‬‬


‫والعامل الثانً هو نجاح االسرائٌلً فً استغالل أو(المساهمة الفعالة فً) نزع المدرات العسكرٌة‬ ‫العربٌة كلٌا‪ ،‬وتفتت المحٌط العربً واالللٌمً بٌن الطوائف والمحاور وبٌن التجزيء والتمسٌم وااللتسام‪،‬‬ ‫واختراله‪.‬‬ ‫وكان العامل الثالث فً تعملك الفكر الصهٌونً الٌمٌنً "االبارتهاٌدي" هو الدعم الالمحدود‬ ‫لالدارات االمرٌكٌة المتعالبة‪ ،‬فما بالن مع االدارة الجدٌدة فالعة اللون‪.‬‬ ‫فً ظل تعملك الفكر الصهٌونً الٌمٌنً ٌصبح التطهٌر العرلً مربوطا بسلب األرض سمة للتعامل‬ ‫الحالً‪،‬وكما كان مع أراضٌنا فً العام ‪ ، 1948‬وٌصبح منطك العصابات واالستعمار هو السائد فً الضفة‬ ‫الغربٌة تمهٌدا للضم الزاحف سواء تحت مظلة دولة المستوطنٌن وعصاباتهم أو فً سٌاق اإلدعاء أن الضفة‬ ‫الغربٌة (ما ٌسمٌها نتنٌاهو وأضرابه ٌهودا والسامرة) جزء من "أرض" "اسرائٌل" وٌصبح اتفاق "أوسلو"‬ ‫ِمزلا ‪ ،‬وبناء علٌه فإن حل الحصول على استمالل دولة فلسطٌن تحت االحتالل ٌصبح حلما بعٌد المنال‬ ‫فٌبرز حل الدولة الواحدة ثانٌة‪ ،‬وهو الحلم أو الهدف الذي تراجع منذ العام ‪ 1974‬لٌحل محله هدف إلامة‬ ‫الدولة الفلسطٌنٌة على جزء من أرض فلسطٌن فٌما أسمً باالدبٌات الثورٌة الحل المرحلً‪.‬‬ ‫ال نرٌد أن نتعرض لمحطات النضال الوطنً التً أذكت الهدف األول والصراعات التً دارت‬ ‫حوله حتى تم تبنٌه فً العام ‪ 2017‬من كافة الفصائل بما فٌها "حماس" (باستثناء الجهاد االسالمً)‪ ،‬ولن‬ ‫نخوض بالتذبذب المحٌط بالفكرة مع الخالفات الداخلٌة العمٌمة حوله خالل المسٌرة‪ ،‬ومع طول مدى‬ ‫االحتالل ومراوغاته وأكاذٌبه ولمعه وسلبه لألرض وهٌمنته‪ ،‬وانحسار البساط من تحت أرجلنا‪ ،‬ولكننا‬ ‫سنتعرض لذات الفكرة األولى والثانٌة أي الدولة أم الدولتٌن من حٌث هً رغبة أم غاٌة‪ ،‬حلم أم هدف؟ وهنا‬ ‫ٌبرز الفرق بٌن الحلم وبٌن الهدف‪.‬‬ ‫الدولة الواحدة اآلن تكتٌك أم استراتٌجٌة!‬ ‫هل كنا نحلم عندما طرحنا فكرة الدولة الدٌممراطٌة منذ الستٌنات أم كنا نتعامل مع معطٌات الوالع‬ ‫فً ظل االمكانٌات والنظرة المستمبلٌة ‪ -‬وربما مع كثٌر من األمل والتفاؤل‪ -‬وفً رؤٌة استراتٌجٌة؟ وعندما‬ ‫تغٌرت الرؤٌة أكانت مبنٌة على أسس وممومات أم بنٌت على عجل؟‬ ‫فً الموضوع ٌمكننا لول الكثٌر‪ ،‬ولكن ال ٌمكن أن نغفل الزلزال الذي حصل بتغٌرالمولف‬ ‫المصري وخروج مصر عسكرٌا من الصراع العربً االسرائٌلً نهائٌا إثرتولٌع "اتفالٌات كامب‬ ‫دٌفد"]‪ [7‬الذي كرس لدى المٌادة الفلسطٌنٌة عملٌا فكرة إلامة الدولة الفلسطٌنٌة على أي شبر ٌتم تحرٌره‬ ‫أواسترداده ما أصبح الحما العمل على تحمٌك استمالل دولة فلسطٌن المائمة تحت االحتالل‪ ،‬وباألخص منذ‬ ‫العام ‪[8] 2012‬أو ما اصطلح علٌه باسم "حل الدولتٌن" رغم أن الدولة األولى أي "اسرائٌل" لائمة‪ ،‬وال‬ ‫تكتمل اال بالثانٌة حسب المرار ‪ 181‬لرار التمسٌم‪ ،‬كما ال ٌمكننا اال أن نسجل السعً االسرائٌلً الحثٌث‬ ‫لتدمٌر حل الامة الدولة الفلسطٌنٌة ال سٌما بعد العام ‪ 2000‬إثر االنتفاضة الثانٌة التً جاءت نتٌجة لتفلت‬ ‫الكٌان الصهٌونً من استحمالات المرحلة النهائٌة التفالٌات أوسلو‪.‬‬ ‫ما بٌن الحلم والهدف سعً طوٌل ومشوار بحجم األلم‪ ،‬واألمل‪ ،‬فمازال من المبكر كثٌرا أن ندرج‬ ‫هدف الدولة الواحدة على جدول أعمال فلسطٌن واألمة‪ ،‬بل ومن العجلة أن نفترض امتالكنا للخٌارات بهذا‬ ‫‪4‬‬


‫الشأن‪ ،‬والخٌارات تحتاج لموى تسندها ومعادالت معمدة‪ ،‬وكثٌر من التخطٌط والجهد والعرق والدم‪ ،‬لذا‬ ‫فنحن فً الحمٌمة ال نمتلن اال ما حصلنا علٌه عربٌا وفلسطٌنٌا وعالمٌا حتى اآلن أي االعتراف بحمولنا‬ ‫والتً منها إلامة الدولة الفلسطٌنٌة على جزء من األرض أرضنا أرض فلسطٌن أي على حدود العام‬ ‫‪.1967‬‬ ‫ٌمول الكاتب هانً المصري عن خطاب الرئٌس بهذا الشأن‪":‬إن التهدٌد اللفظً بحل السلطة من دون‬ ‫توفٌر الرغبة والمدرة على تنفٌذه شأنه شأن التهدٌد بدولة الحموق المتساوٌة‪ ،‬سٌؤدي إلى إضعاف الثمة‬ ‫بالمٌادة الفلسطٌنٌة‪ ،‬محلًٌا وعربًٌا ودولًٌا‪ ،‬وإذا تحول إلى خٌار معتمد‪ ،‬كردة فعل‪ ،‬من دون توفٌر متطلباته‬ ‫فسٌعطً "إسرائٌل" فرصة ذهبٌة الستكمال تطبٌك مخططاتها الرامٌة إلى تمرٌر الحل اإلسرائٌلً بإحدى‬ ‫صٌغه‪ ،‬التً تلتمً كلها على عدم االعتراف بأي حك من الحموق الفلسطٌنٌة‪[9]".‬‬ ‫نستطرد فنمول‪ :‬ألم ٌحدثنا الحلٌف السوفٌتً فترة الصراع بٌن الدولتٌن الكبرٌ​ٌن أننا معكم حتى‬ ‫حدود ‪ 1967‬لٌزٌلوا من أذهاننا حلم التصفٌة للكٌان الصهٌونً‪ ،‬وما ٌمثل هذا الحدٌث اال تحٌ​ٌد لموة كانت‬ ‫الكثٌر من التنظٌمات الٌسارٌة الفلسطٌنٌة تظنها مع النضال الفلسطٌنً وأهدافه بالتحرٌر الكامل لفلسطٌن‪.‬‬ ‫استراتٌجٌة خٌار أم حلم!‬ ‫هل نمتلن الخٌارات أم نمتلن االختٌار بٌن الحلم والوالع؟ وإن كنا نحلم بكل فلسطٌن دولة دٌممراطٌة‬ ‫وهذا الحلم لن ٌزول من أطفالنا الى أن ٌُدرج على جدول أعمالهم فً مرحلته التارٌخٌة التً تمتضٌه‪.‬‬ ‫أما حمٌمة الوالع المائم الذي ال ٌمكن تجاوزه الٌوم هو أن مكاسب الدولة الفلسطٌنٌة على حدود العام‬ ‫‪ 1967‬ال ٌمكن التفرٌط بها‪ ،‬والمٌام فجاة ودون سابك إنذار بنمل النضال نملة سرٌعة للمطالبة بدولة واحدة‬ ‫فً فلسطٌن التارٌخٌة من البحرالى النهر‪ ،‬وكأننا نحتفل مع الٌمٌن الصهٌونً حمٌمة األمر بما ٌسمٌه (تحرٌر‬ ‫ٌهودا والسامرة‪-‬أي الضفة)‪ ،‬أو كأننا نسلم البالد كلها لالسرائٌلٌ​ٌن لٌُم ّكنوا المستعمرٌن‪/‬المستوطنٌن من‬ ‫دولتهم‪ ،‬ونظل نحن ِمزلا ومعازل ومتاهة طرق وتجمعات محاصرة‪.‬‬ ‫بل إن نملة فجائٌة كهذه ال تستمٌم باألهداف‪ ،‬فالفرق واضح حٌث الهدف ٌجب أن ٌرتبط بعوامل‬ ‫السراطٌة (=االستراتٌجٌة) من المدرات والفرص واالرادات‪ ،‬وٌتمتع بمزاٌاه الخمسة (أنه محدد وممبول‬ ‫ومعمول ولابل للمٌاس ومحدد بزمن) التً حتى الٌوم ال تنطبك على فكرة الدولة الواحدة كهدف‪.‬‬ ‫إن إعالن هدف الدولة الواحدة وفك رؤٌتنا العادلة ومعنا جزء للٌل من المستنٌرٌن الٌهود ٌعنً انها‬ ‫تمر بأرض فلسطٌن لنا‪ ،‬وٌعنً أنها تعترف بالسكان من المهاجرٌن الٌهود لبالدنا ‪-‬من أوربا وروسٌا وبعض‬ ‫العرب‪ -‬وفك أي صٌغة مما ذكرناه‪ ،‬مع السكان األصلٌ​ٌن من آالف السنٌن أي نحن الفلسطٌنٌ​ٌن وبحموق‬ ‫سٌاسٌة ولومٌة‪.‬‬ ‫ان السعً االسرائٌلً المتعاضد مع االمرٌكً مهما كان مس ّماه هو ٌرٌد الوصول بنا الى دولة‬ ‫ونصف فمط‪ ،‬أي بماء دولة "اسرائٌل"‪ ،‬وتوسعها‪ ،‬وٌبمى نصف الدولة أو شبه الدولة أو البلدٌة الكبرى‬ ‫أوالمعازل أو سمها ما شئت‪ ،‬ولكن ضمن نطاق الهٌمنة االستعمارٌة االسرائٌلٌة التً تتطٌّر من السكان‬ ‫الفلسطٌنٌن وتعمل كل جهدها للتخلص منهم لتال او طردا او تهدٌدا‪ ،‬وسلب أراضٌهم ٌومٌا فً حٌزها وفً‬ ‫حٌز الضفة الغربٌة بل ولطاع غزة‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫االنتمال االستراتٌجً إن حصل الٌوم للدولة الواحدة‪ٌ ،‬عنً لالسرائٌ​ٌ​ٌن ‪-‬الذٌن لطعا سٌرفضونه‬ ‫بمفهومنا‪ٌ -‬عنً السٌطرة الكاملة على أرض فلسطٌن كلها‪ ،‬وٌعنً دفن مشروع الدولة الفلسطٌنٌة "على جزء‬ ‫من األرض"‪ ،‬وٌعنً إمكانٌة الامتها فً غزة فمط‪ ،‬وٌعنً أٌضا تحولنا الى ممٌمٌن من الدرجة العاشرة‬ ‫أومجموعة أناس بدون جنسٌة فً بالدنا‪ ،‬وٌعنً فمداننا لكل االنتصارات السٌاسٌة التً حممناها ضمن هدف‬ ‫االستمالل لدولة فلسطٌن‪ ،‬لماذا هذا؟‬ ‫بكل بساطة ألن الذي ٌحكم أي معادلة لٌس الرغبة أو الحلم أو األمل بل موازٌن الموى‪ ،‬وهنا تكون‬ ‫السٌاسة وحكمة المٌادة تتجلى فً اتخاذ المرار ضمن فهم عمٌك للمدرات وللموازٌن وبالبصٌرة‪ ،‬ورؤٌة‬ ‫للمتغٌرات وضمن سراطٌة (استراتٌجٌة) شاملة‪ ،‬ولدرة على التعامل معها والسٌر بٌن األشوان‪.‬‬

‫وأظن فً ذلن تفاؤل كبٌر وٌحتاج لنضال طوٌل جدا‪ ،‬لكنه لد ٌمود لتموٌض مكاسب‬ ‫حممناها دون تحمٌك أي هدف‪.‬‬ ‫إن الدولة المدنٌة الدٌممراطٌة الواحدة فكرة عادلة بحك‪ ،‬وال ٌمكن اال أن تكون كذلن‪،‬‬ ‫فاألرض لنا ومن جاءنا مستعمرا واستمر ال ٌمكن أن ٌبٌدنا كما حصل فً أمرٌكا واسترالٌا أبدا‪،‬‬ ‫ولكن من الممكن التفكٌر بالنموذج الجنوب االفرٌمً حٌت تح ّمل السكان األصلٌ​ٌن المهاجرٌن البٌض‪،‬‬ ‫وال نمر بترهات الصهٌونٌة والٌمٌن ذات البعد التارٌخً التوراتً الزائف‪ ،‬فما لهم اال االعتراف‬ ‫العالمً المشروط بدولة بالعام ‪ 1947‬ومن هنا فمط نبدأ تارٌخٌا وسٌاسٌا بالتفكٌر‪.‬‬ ‫لن نمل المول أن فلسطٌن كلها لنا‪ ،‬وهذا كالم لٌس عاطفٌا بل حمٌمة تارٌخٌة حضارٌة سٌاسٌة‬ ‫لانونٌة‪ ،‬ولكن االنتمال من الهدف الممكن الى الحلم غٌر الممكن حالٌا ٌعتمد على شرائط من المتوجب علٌنا‬ ‫توفٌرها لبل التهدٌد أوالتلوٌح بها‪ ،‬لذا فأن نمٌم الدولة الفلسطٌنٌة على جزء من األرض ٌمثل الممدمة‬ ‫الصحٌحة لتغٌ​ٌر موازٌن الموى وامكانٌة تحوٌل الحلم فً نضال الحك لهدف لابل للتحمٌك‪.‬‬

‫*بكر أبوبكر‪-‬كاتب وأدٌب وباحث عربً فلسطٌنً‪ ،‬له العدٌد من الكتب‪،‬‬ ‫والدراسات‪،‬عضو المجلس االستشاري للحركة‪ ،‬رئٌس مجلس إدارة اكادٌمٌة فتح الفكرٌة‪،‬‬ ‫أكادٌمٌة الشهٌد عثمان أبوغربٌة‪www.bakerabubaker.info .‬‬

‫‪6‬‬


‫الحواشً‬ ‫]‪ [1‬عرف مؤتمر حركة فتح الدولة الفلسطٌنٌة المستمبلٌة كدولة دٌممراطٌة تمدمٌة غٌر طائفٌة ٌتعاٌش فٌها‬ ‫الٌهود‪ ،‬والمسٌحٌون والمسلمون معا فً سالم وٌتمتعون بالحموق ذاتها‪.‬‬ ‫]‪ [2‬عندما سؤل ٌاسر عرفات من صحٌفة "باري ماتش" الفرنسٌة فً ‪ 1969/1/11‬أتدعون لدولة علمانٌة‬ ‫لال‪ :‬أنا ال ألول ذلن وانما ندعوا لدولة دٌممراطٌة‪( .‬ولمراجعة كتابنا المعنون حركة فتح واالسالم‬ ‫والعلمانٌة)‬ ‫]‪[3‬فً الحمٌمة أن البند فً المٌثاق الوطنً الفلسطٌنً بند غامض حٌث ترسً المادة السادسة منه المبدأ‬ ‫الذي ٌعتبر الٌهود هم الذٌن سكنوا فلسطٌن بشكل دائم لغاٌة بداٌة الغزو الصهٌونً فلسطٌنٌ​ٌن‪.‬‬ ‫]‪ [4‬جمٌل هالل فً بحثه المٌم‪ :‬العلمانٌة فً الثمافة السٌاسٌة الفلسطٌنٌة‬ ‫]‪ [5‬عمر الغول فً مماله ٌوم ‪ 2017/9/25‬تحت عنوان الدولتان والدولة الواحدة فً صحٌفة الحٌاة‬ ‫الجدٌدة‬ ‫]‪ [6‬استخدمت العصابات الصهٌونٌة هذه الكذبة بعد ‪ 3‬سنوات فمط من حدوث "الهولوكوست" ضد ٌهود‬ ‫اوربا‪ ،‬واستخدمتها فً عملٌات التطهٌر العرلً للفلسطٌنٌ​ٌن فً بالدنا العام ‪ 1947‬وما تاله‪ ،‬رغم عدم‬ ‫وجود أي صلة بٌننا وبٌن حروب االوربٌ​ٌن وكرههم للٌهود الدٌانة‪ ،‬فحصل التهجٌر والنكبة‪.‬‬ ‫]‪ٌ [7‬مول الكاتب المصري عبد الحلٌم لندٌل فً ممال له تحت عنوان ال سالم مع "اسرائٌل" فً سبتمبر‬ ‫‪ ":2017‬جرت إعادة سٌناء صورٌا لمصر‪ ،‬وممابل ثمن محدد‪ ،‬هو إخراج مصر بثملها الحاسم من دائرة‬ ‫الصراع مع (إسرائٌل)‪ ،‬ولم تكن النتائج «رائعة» وال ٌحزنون‪ ،‬فمد فرضت المعاهدة نزع سالح شبه كامل‬ ‫فً سٌناء‪ ،‬وبعمك ٌصل إلى مئة وخمسٌن كٌلومترا من خط الحدود المصرٌة ـ الفلسطٌنٌة التارٌخٌة‪ ،‬وحظر‬ ‫إلا مة مطارات وموانئ حربٌة بحرٌة مصرٌة فً سٌناء كلها‪ ،‬وهو ما جعل من عودة سٌناء عمال صورٌا‪،‬‬ ‫ظلت آثاره الوبٌلة تتفالم‪ ،‬إلى أن جرت تطورات السنوات األخٌرة‪ ،‬وعاد الجٌش المصري بكامل هٌئته إلى‬ ‫سٌناء كلها‪ ،‬وبما أنهى عار نزع السالح المترتب على المعاهدة المشؤومة"‬ ‫]‪ [8‬فً هذا العام ‪ 2012‬تم لبول فلسطٌن دولة مرالب فً األمم المتحدة ضمن جهود الرئٌس أبومازن‬ ‫والمٌادة الفلسطٌنٌة‪.‬‬ ‫]‪ [9‬هانً المصري ٌوم ‪ 2017/9/26‬ومماله‪ :‬حل السلطة والدولة الواحدة‪ :‬خٌار جدٌد أم مجرد تهدٌد؟‬

‫انتهى‬

‫‪7‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.