الخرافات التوراتية داوود والتوراة وفلسطين ملف حركي

Page 1


‫فلسطٌن والمدس ممابل األساطٌر والخرافات االسرائٌلٌة‬ ‫ممدمة‪:‬‬ ‫فً ظل الهجمة المتكررة على الرواٌة العربٌة بشؤن فلسطٌن عامة‪ ،‬وبشؤن المدس تبرز لدٌنا الرواٌة الحمٌمٌة التً تعطً‬ ‫للحمٌمة بُعدها العلمً والتارٌخً والمانونً واآلثاري‪ ،‬فتؽدو الرواٌة العربٌة الفلسطٌنٌة فً الصراع مع العدو الصهٌونً‬ ‫مسلحة بالحمابك‪.‬‬ ‫ال نعتد بؤوهام وخرافات التوراة ومبالؽاتها وتحرٌفاتها‪ ،‬وما ٌتصل بها من أتباع افترضوا الرجوع للتوراة عصبا لرواٌتهم‪،‬‬ ‫التً حذرهم المرآن من الركون لها‪ ،‬فهم أي كتبة التوراة ضالون مضللون مزورون "ٌحرفون الكلم عن مواضعه"‬ ‫ومن هنا نعرض للكاتب الملتزم أحمد الدبش عددا من المماالت واألبحاث الهامة بالموضوع‪ ،‬ودون اؼفال اسفار فاضل‬ ‫الربٌعً الكثٌفة بالموضوع‪ ،‬وكتب فرج هللا صالح دٌب ود‪.‬زٌاد منى‪ ،‬ومجموعة أخرى ملتزمة‪.‬‬ ‫وهنا ٌكتب الدبش موضحا ضمن عناوٌنه الكثٌر من المضاٌا مثل‪:‬لم تكن المدس ٌوما ً عاصمة "إسرابٌل"‪ ،‬وكٌؾ كذَب علم‬ ‫اآلثار مملكة داوود المدٌمة؟‬ ‫وفً مماله المعنون ‪:‬بوابات سلٌمان‪ٌ ،‬مول أحمد الدبش‪:‬أصبح من الواضح ‪-‬الٌوم‪ -‬بفضل المكتشفات األثرٌة‪ ،‬أن المملكة‬ ‫"الداودٌة ــ السلٌمانٌة"‪ ،‬سراب خرفً‪.‬‬ ‫وأنه لم ٌتم ‪-‬أبدا ً‪ -‬العثور على أي دلٌل آثارى‪ ،‬سواء كان كتابة أو نمشاً‪ ،‬أو حتى نمش ٌمبل التفسٌر‪ ،‬أو فً نصوص تمبل‬ ‫ـحتى‪ -‬التؤوٌل‪ٌ ،‬مكن أن ٌشٌر إلى أثر للمملكة "الداودٌة ــ السلٌمانٌة"‪ ،‬وهٌكل سلٌمان‪ ،‬فً ببلدنا فلسطٌن (هً فً مكان‬ ‫آخر)‪.‬‬ ‫ثم ٌتعرض الدبش "إلسرابٌل" وأكذوبة الدولة الٌهودٌة‪ ،‬ولبحث هام حول التوراة جاءت من جزٌرة العرب‬ ‫وٌتم طرح عمك ولدم اسم فلسطٌن‪ ،‬ثم التعرض ألكذوبة الدولة الٌهودٌة من لبل عادل هاشم ٌاسٌن‪ ،‬ثم مع مجموعة من‬ ‫التنبٌهات واالشارات من الكاتب بكر أبوبكر حول الٌهود وفلسطٌن والمومٌة واالسرابٌلً‪ ،‬ثم نعرض لفكرة الٌمن والمدس‬ ‫ومصر من األدبٌات الحدٌثة‪ .‬ثم نعرض لملخص لكتاب‪ :‬أسطورة عبور األردن وسموط أرٌحا لفاضل الربٌعً‬ ‫ونحن فً عرضنا للرواٌة الجدٌدة فانها ال تسمط مطلما أي اعتراؾ باالنبٌاء لطعا‪ ،‬ومع تعارضات الباحثٌن الجؽرافٌة بٌن‬ ‫فلسطٌن والٌمن وعسٌر‪ ،‬فإننا نضع الرواٌات بٌن ٌدي العلماء‪ ،‬وفً كل الحاالت فان ذلن ال ٌإسس ألحد ؼٌر العرب‬ ‫الفلسطٌنٌ​ٌن فً ببلدهم بل ٌإكده وٌوثمه‪.‬‬

‫لجنة التعبئة الفكرٌة فً حركة فتح‪-‬مفوضٌة االعالم والثمافة والتعبئة الفكرٌة‬

‫‪2‬‬


‫لم تكن المدس ٌوما ً عاصمة "إسرائٌل‬ ‫أحمد الدبش‬ ‫كاتِب‬ ‫ِ‬ ‫وباحث فً التارٌخِ‬ ‫كتب الباحث الفلسطٌنً‪ ،‬دمحم األسعد‪ ،‬فً دراسته "المخ ٌِّلة االستعمارٌة تمتلع مدٌنة من ماضٌها وحاضرها‪:‬‬ ‫المدس العربٌة نموذجاً"‪ ،‬وحسب وصؾ أولً لما بدأ ٌحدث‪ ،‬وتكثؾ بخاصة بعد اتفالٌات أوسلو (‪،)1993‬‬ ‫ترسم الباحثة آنٌتا فٌتولو صورة لخطط "إسرابٌل" السرٌة منذ العام (‪ )1991‬وهً لم تعد سرٌة‪ ،‬مثل‬ ‫االستٌبلء على ؼربً سلوان وحـً الشٌخ جراح‪ ،‬وإلامة شبكة طرق سرٌعة حول المدس‪ ،‬مثل الطرق‬ ‫األخرى فً فلسطٌن الشرلٌة‪ ،‬هدفها واضح فً ربط المستعمرات الصهٌونٌة وتطوٌك وإؼبلق األحٌاء‬ ‫الفلسطٌنٌة وتحوٌلها إلى معازل أو ؼٌتوات حسب االصطبلح الؽربً‪ .‬وتتضمن عملٌة االستٌبلء على‬ ‫البٌوت والمبانً شبكة معمدة من اإلجراءات؛ تزوٌر األختام؛ ونزع ملكٌة من ٌسمون "الؽاببٌن" والـتبلعـب‬ ‫فً مسؤلة الـموارٌـث العربـٌة؛ والرشى والخدع الضرٌبٌة‪ ...‬واستخدام الموة المجردة‪.‬‬

‫والنتٌجة هً إلامة مشهد طوبوؼرافً مشوش وملفك ٌدعى "أورشلٌم"‪ٌ ،‬جمع بٌن بناء أحٌاء خاصة بالٌهود‪،‬‬ ‫والتنمٌب واستخراج آثار معمارٌة لدٌمة أو وضع آثار ملفمة ونسبها إلى من ٌسمون "اإلسرابٌلٌ​ٌن المدماء"‬ ‫اعتباطاً‪ ،‬وإلامة متاحؾ تروى بٌن جدرانها لصص توراتٌة ال عبللة لها بهذه الجدران وال بما احتوته من‬ ‫عادٌات أمام سٌاح ٌتعرضون لئلٌهام بؤن ما ٌشهدونه هو ماضً "أورشلٌم" البلهوتٌة‪ ،‬بٌنما الحمٌمة هً أن‬ ‫ما ٌشهدونه هو ماضً المدس المؽٌَّب بسطوة النص والتلفٌك واالحتبلل‪ ،‬وال شًء ؼٌر هذا‪.‬‬

‫التصرٌحات لكل من "نتناٌاهو"‪ ،‬و"ترمب"‪ ،‬ال تنسجم دوما مع الحمائك‬ ‫التارٌخٌة‪ ،‬فالمدس لم تكن فً ٌوم من األٌام‪" ،‬عاصمة للشعب الٌهودي"‪،‬‬ ‫ألنه ال وجود للٌهود كـ"أمة وشعب وجنس"‬

‫فً هذا السٌاق‪ٌ ،‬كرر ربٌس وزراء العدو الصهٌونً‪ ،‬بنٌامٌن نتناٌاهو‪ ،‬الشعار المتؤكل ــ "المدس كانت وال‬ ‫تزال عاصمة الشعب الٌهودي فمط"‪ .‬وٌجًء بعد ذلن دور الربٌس األمرٌكً دونالد ترمب‪ ،‬لٌعلن اعتراؾ‬ ‫الوالٌات المتحدة بالمدس عاصمة لـ"إسرابٌل"‪ .‬ومطالبته وزارة الخارجٌة األمرٌكٌة ببدء االستعدادات لنمل‬ ‫السفارة من تل أبٌب إلى المدس‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫البلفت للنظر أن التصرٌحات والموالؾ لكل من بنٌامٌن نتناٌاهو‪ ،‬ودونالد ترمب‪ ،‬ال تنسجم دوما مع الحمابك‬ ‫التارٌخٌة‪ ،‬فالمدس لم تكن فً ٌوم من األٌام‪" ،‬عاصمة للشعب الٌهودي"‪ ،‬ألنه ال وجود للٌهود كـ"أمة وشعب‬ ‫وجنس"‪ ،‬وال وجود للٌهود كـ"هوٌة لومٌة أو عرلٌة مشتركة كمجتمع إنسانً" [ٌُراجع فً ذلن‪ :‬جمال‬ ‫حمدان‪" ،‬انثربولوجٌا الٌهود" ــ أرثر كوستلر‪" ،‬المبٌلة الثالثة عشرة" ــ شلومو ساند‪"،‬اختراع الشعب‬ ‫الٌهودي"‪ ،‬وؼٌرهم[‬ ‫‪.‬‬

‫أسفار العهد المدٌم‪ ،‬عن أورشلٌم [المدس]‪ ،‬مطلع العصر‬ ‫عبلوة على ذلن‪ ،‬إن الصورة التملٌدٌَّة التً تُم ّدِمها‬ ‫ُ‬ ‫الحدٌدي األول‪ ،‬هً صورة مدٌنة داود‪ ،‬وسلٌمان؛ صورة مدٌنة كبٌرة جمٌلة‪ ،‬ذات تحصٌنات‪ ،‬ولصور‪،‬‬ ‫صنع‪ .‬وفً الممابل‪،‬؛ فإن مإلَّفات صدرت حدٌثا ً لـ طمسن‪ ،‬ودٌفٌد جمٌسون دراٌن‪،‬‬ ‫ومخازن‪ ،‬ومعبد رابع ال ُ‬ ‫تري أن أورشلٌم المرن العاشر لبل المٌبلد‪ ،‬لم ت ُكن أكثر من بلدة صؽٌرة‪ ،‬لعبت دور السوق المحلى للمنطمة‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫بعد مرور أكثر من لرن ونٌؾ على التنمٌب األثري الذي لم ٌترن شبرا ً أو حجرا ً من أرض فلسطٌن دون‬ ‫للبها‪ ،‬لم ٌعثر على أثر واحد ٌربط "العهد المدٌم" بها‬ ‫إن البماٌا األثرٌَّة التً اكت ُ ِشفَت حتى اآلن‪ ،‬لتدل على أن أورشلٌم كانت خبلل المرن العاشر‪ ،‬والمرن التاسع‬ ‫تزد عن ‪ 30‬أكراً‪ ،‬ولم‬ ‫لبل المٌبلد‪ ،‬بلدة متواضعة‪ ،‬تشؽلها بصورة ربٌسٌة األبنٌَِة اإلدارٌة‪ ،‬أما مساحتها‪ ،‬فلم ِ‬ ‫سكن فٌها أكثر من ‪ 2000‬نسمة‪ .‬أي أنه فً زمن ما من المرن العاشر‪ ،‬والتاسع لبل المٌبلد‪ ،‬جرى تشٌ​ٌد‬ ‫ٌ ُ‬ ‫َصؾ هذه البلدة‬ ‫بلدة جدٌدة‪ ،‬تحتوى على أب ِن ٌَة عامة‪ ،‬ولكن من‬ ‫دون منطمة سكنٌَّة واسعة‪ .‬ونحن هنا ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫بالجدٌدة؛ ألن بلدة عصر البرونز الوسٌط‪ ،‬لم تكن لابمة خبلل عصر البرونز األخٌر‪ ،‬وعصر الحدٌد األول‪.‬‬ ‫ومن ال ُمستبعَد أن هذه البلدة‪ ،‬كانت عاصمة لدولة كبرى‪ ،‬كتلن الموصوفة فً النَص التوراتً‪ ،‬مملكة‬ ‫"إسرابٌل المو َّحدة‪" .‬‬

‫إذن ال وجود لشواهد أركٌولوجٌَّة ُممنِ َعة‪ ،‬على وجو ِد مملكة "إسرائٌلٌة"‪،‬‬ ‫كانت عاصمتها فً "أورشلٌم" [المدس]‪ .‬فال ٌمكن للمرء أن ٌتكَّلم على‬ ‫دون بَلدة‪.‬‬ ‫سكّان‪ .‬وال ٌُم ِكنهُ أن ٌتكلَّم عن عاصمة‪ ،‬من‬ ‫مملكة بال ُ‬ ‫ِ‬ ‫وال ِمصص التوراتٌة لٌست كافٌَِة‪[ .‬لمزٌد من التفاصٌل ٌُراجع ممالنا‪ :‬كٌؾ ك َذب علم اآلثار‬ ‫مملكة داوود المدٌمة؟]‬

‫وبالرؼم من ذلن‪ ،‬تدل الشواهد األثرٌة أن سكنى أراضً المدس‪ ،‬لد تم فً العصر الحجري المدٌم األدنى‬ ‫الثانً‪ ،‬الذي ٌإرخ من حوالً ‪ 700,000‬ـ ‪ 250,000‬سنه خلت‪ ،‬فمد عثر اآلثاري رٌنٌه نوفل فً مؽارة‬ ‫"أم لطفة" شرلً المدس‪ ،‬وعلى مسٌرة عشرة كٌلو مترات للجنوب الشرلً من بٌت لحم‪ ،‬بالمرب من "وادي‬ ‫المربعات"‪ ،‬على أدوات دلٌمة‪ ،‬وأدلة استعمال النار‪ .‬فً العصر الحجري المدٌم األدنى‪ ،‬وهو ٌإرخ بٌن‬ ‫‪ 250,000‬إلى ‪ 100.000‬سنة خلت‪ ،‬كشفت عن آثار فً فلسطٌن‪ ،‬فً مؽارة "الزطٌة" شمال ؼربً‬ ‫بحٌرة طبرٌة‪ ،‬وأم لطفة فً المدس‪ ،‬ومؽارة "الطابون" و"حولون" و"معان باروخ‪".‬‬

‫وتستمر آثار تواجد اإلنسان فً المدس طٌلة العصور الحجرٌة المدٌمة‪ ،‬حتى‬ ‫نصل إلى العصور الحجرٌة المتوسطة‪ ،‬فمنذ حوالً عشرة آالؾ سنة تمرٌبا ظهرت أولى التجارب‬ ‫الزراعٌة‪ ،‬فـ "األدلة اآلثارٌة والنباتٌة الحدٌثة تشٌر إلى أن زراعة الممح والشعٌر بدأت فً فلسطٌن"‪ .‬وهذا‬ ‫س ّمٌت بذلن باسم "وادي النطوؾ" شمالً ؼربً المدس‪ ،‬ودامت نحو‬ ‫ما دعً بـ "الحضارة الناطوفٌة"‪ ،‬التً ُ‬ ‫ستة آالؾ سنة اعتبارا من حوالى عام ‪ 12000‬لبل المٌبلد ‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫فً حوالً األلؾ السابع لبل المٌبلد‪ ،‬ظهرت "الحضارة الطاحونٌة ‪" (Tahunian Culture).‬التً نُسبت‬ ‫إلى وادي "الطاحون" فً جبال المدس‪ ،‬وهً مرحلة متطورة عن الناطوفٌة‪ ،‬ومتكٌفة أكثر وفك األحوال‬ ‫المناخٌة الجدٌدة‪ .‬فمد كان المولع النموذج لها هو "أبو ؼوش"‪ ،‬بالمرب من المدس‪ٌُ[.‬راجع كتاب‪ :‬أحمد‬ ‫الدبش‪" ،‬فلسطٌن من هنا بدأت الحضارة" (‪[)2017‬‬

‫تدل هذه المعطٌات الملٌلة‪ ،‬على أن المدس كانت تتمتع بمكانة عظٌمة‪ ،‬فً تلن العصور‪ .‬فإنه ٌصح لنا أن‬ ‫نطرح هذه المعضلة على أهل االختصاص‪ ،‬لماذا فشلت جمٌع المساعً للبحث عن دلٌل أثري واحد‪ٌ ،‬ثبت‬ ‫وجود "عبري‪ /‬إسرابٌلً‪ٌ /‬هودي" فً فلسطٌن عامة‪ ،‬والمدس خاصة؟! وهذا أمر معروؾ تماما ً لدي أهل‬ ‫االختصاص من علماء اآلثار الذٌن طالما حاولوا العثور على على أى دلٌل آثارى‪ ،‬سواء كان كتابه أو نمشاً‪،‬‬ ‫أو حتى نمش ٌمبل التفسٌر‪ ،‬أو فً نصوص تمبل ـ حتى ـ التؤوٌل‪ ،‬فلم ٌفلحوا‪ ،‬ولن ٌفلحوا ألبسط األسباب‪،‬‬ ‫وهو أن الـ "عبري‪ /‬إسرابٌلً‪ٌ /‬هودي" لم ٌملن ٌوما ً على ببلدنا فلسطٌن‪ ،‬بل ولٌس هنان ألل دلٌل على أنه‬ ‫وطا أرضها فً زمانه‪.‬‬

‫ولن أمل من تكرار حمٌمة معروفة‪ ،‬وهً أنه بعد مرور أكثر من لرن ونٌؾ على التنمٌب األثري الذي لم‬ ‫ٌترن شبرا ً أو حجرا ً من أرض فلسطٌن دون للبها‪ ،‬لم ٌعثر على أثر واحد ٌربط "العهد المدٌم" بها‪ ،‬وأي‬ ‫ادعاء بؽٌر ذلن ؼٌر صحٌح على اإلطبلق وتزوٌر للحمابك‪.‬‬

‫ولستُ أجد كبلما ً أختم به ممالً أصدق مما لاله المفكر الفلسطٌنً‪ ،‬إدوارد سعٌد‪ ،‬عند حدٌثه عن المدس‪،‬‬ ‫التى عانت من البعد االستعماري‪ ،‬الذي تسلط على جؽرافٌتها وتارٌخها‪ ،‬حٌث ٌمول‪ٌ" :‬سمط على المدس‬ ‫فكرة ال تنالض تارٌخها فمط بل ووالعها المعاش ذاته‪ ،‬فٌحولها من مدٌنة متعددة الثمافات والدٌانات إلى‬ ‫مدٌنة "ٌهودٌة" منطلما ً وؼاٌة‪ ،‬موحدة إلى األبد تحت السٌادة "اإلسرابٌلٌة" حصراً"‪.‬‬

‫كٌف ك َذب علم اآلثار مملكة داوود المدٌمة؟‬ ‫ل ّما كان «داود‪ ،‬وسلٌمان التوراة»‪ٌُ ،‬ش ِ ّكبلن مرتكزاً‪ ،‬وأساساً‪ ،‬للمزا ِعم الصهٌونٌَّة؛ ول ّما كان ٌُن َ‬ ‫ظر إلٌهما‪،‬‬ ‫كما هو الحال‪ ،‬كجدود للصهٌونٌَّة المعاصرة؛ فؤصبح من الواجب علٌنا توضٌح‪ ،‬أن جهود الباحثٌن‬ ‫التوراتٌٌّن‪ ،‬فً البحث عن المملكة الداودٌَّة ـ السلٌمانٌَّة‪ ،‬لٌست ذات أهمٌة تارٌخٌَّة‪ ،‬وأثرٌَّة‪ ،‬فمط ‪ ،‬إذا ما‬ ‫أخذنا فً االعتبار أن دولة «إسرابٌل» الحدٌثة‪ ،‬ت َرجع ُمطالبتها التارٌخٌَّة‪ ،‬والطبٌعٌَّة‪ ،‬إلى دولة العصر‬ ‫الحدٌدي تلن‪ .‬فمد أشار إعبلن االستمبلل لدولة «إسرابٌل» الحدٌثة ‪ -‬الذي أصدرهُ مجلس األ ُ َّمة المإلَّت فً‬ ‫‪6‬‬


‫تل أبٌب‪ ،‬بتارٌخ ‪« - 1948/5/14‬إعادة بناء الدولة الٌهودٌَّة ‪» (re-establishment of the‬‬ ‫)‪Jewish state‬؛ وما هذا التعبٌر إال صٌاؼة لوعد بلفور‪ ،‬الذي أُع ِلن لبل واحد وثبلثٌن عاماً‪ ،‬من إنشاء‬ ‫الدولة‪ ،‬ذلن الوعد الذي تحدَّث عن «إنشاء وطن لومً للٌهود فً فلسطٌن‪».‬‬

‫إن الباحثٌن التوراتٌٌّن‪ ،‬وكذلن علماء اآلثار‪ ،‬لد بحثوا عن دولة كبرى‪ ،‬فً العصر الحدٌدي‪ ،‬لوٌَّة‪ ،‬وذات‬ ‫وتصوروا أن هذه المملكة‪ ،‬لد ُو ِجدَت بالفعل‪ .‬ولمد هٌمنت‬ ‫سسها داود‪ ،‬وابنه سلٌمان؛‬ ‫سٌادة مستملَّة‪ ،‬ومؤ ِ ّ‬ ‫َّ‬ ‫تلن «الحمٌمة» المزعومة‪ ،‬على خطاب الدراسات التوراتٌَّة‪ ،‬خالل معظم المرن الحالً؛ وأتاحت مجاال ً‬ ‫لتطوٌر كثٌر من فرضٌَّات التراث التوراتً؛ وأسهمت هذه «الحمٌمة» المزعومة‪ ،‬أكثر من أي شًء آخر‪،‬‬ ‫فً إهمال وتحمٌر الشعب الفلسطٌنً‪ ،‬وثمافتُه؛ مع إغفال التارٌخ‪ ،‬الذي ب ِمً آالفا ً من السنٌن مٌراثًا ً‬ ‫الح َرفً لكلمة التَعامً‪.‬‬ ‫لفلسطٌن؛ ذلن التارٌخ الذي تَعامى عنه علماء اآلثار‪ ،‬بالمعنى ِ‬

‫المإرخٌن‪ ،‬وت َبنٌِّهم ِوجهة نظر التوراة؛ وأحٌانا ً كثٌرة المؽاالة‬ ‫من المضاٌا المه َّمة‪ ،‬التً تشٌر إلى مؽالطات‬ ‫ِّ‬ ‫فٌها؛ كان موضوع «المملكة الداودٌَّة ـ السلٌمانٌَّة»؛ فمعظم الذٌن كتبوا فً هذا الموضوع‪ ،‬من الباحثٌن‬ ‫التوراتٌٌّن‪ ،‬والؽربٌٌّن‪ ،‬وساندهم فً ذلن أصحاب‪ ،‬و ُح ّراس ال ِفكر اآلسن‪ ،‬من األكادٌمٌٌّن العرب‪ ،‬أشاروا‬ ‫إلى أن هذه المملكة‪ ،‬التً عادة ً ما ت ُ ْربَ ُ‬ ‫ط ‪ ،‬بنهاٌة األلؾ الثانً لبل المٌبلد‪ ،‬كانت أعظم إمبراطورٌّات‬ ‫المشرق العربً؛ وأن حدودها امتدَّت لت ُ ّ‬ ‫ؽطً كل ببلد الشام‪ ،‬ولم تمتصر على فلسطٌن‪ ،‬فحسب‪ .‬وبالرؼم من‬ ‫أن التوراة ال ت َ ِكل عن مدٌح عصر داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬واعتبارهُ العصر الذهبً لـ«إسرابٌل»‪ ،‬واإلشادة بما ٌُمال‬ ‫عن إنجازات عصرهما؛ الثمافٌَّة‪ ،‬والعُمرانٌَّة‪ ،‬واإلدارٌَّة؛ فمن الطبٌعً أن نتولَّع‪ ،‬العثور على أثر واحد على‬ ‫عمرانٌا ً كان‪ ،‬أم وثابمٌاً‪ ،‬أو نَم ِشٌاً‪ ،‬أو ما إلى ذلن؛ لكن الحمٌمة‪ ،‬حتى هذه‬ ‫األلل‪ٌ ،‬عود إلى تلن المرحلة‪ُ ،‬‬

‫اللحظة‪ ،‬أن اآلثارٌون لم ٌتمكَّنوا من العثور‪ ،‬على أي دلٌل‪ٌُ ،‬شٌر صراحةً‪ ،‬أو‬ ‫ضمنًٌا‪ ،‬على وجو ِد المملكة الداودٌَّة ـ السلٌمانٌَّة‪ ،‬فً فلسطٌن‪.‬‬ ‫دورهِما السٌاسً‪ ،‬والعمرانً‪ ،‬هو التوراة؛ والتوراة‬ ‫إن مصدرنا الوحٌد‪ ،‬عن أعمال داود‪ ،‬وسلٌمان؛ وعن ِ‬ ‫وحدها؛ إذ لم ٌَعثُر ال ُمن ِمّ َ‬ ‫بون على أي أثر‪ ،‬من هذا الدور‪ .‬فال توجد مصادر تارٌخٌَّة‪،‬‬ ‫سهم المخلَّفات األثرٌَّة‪ ،‬فً إٌضاح ذلن‪ .‬ال شن‪ ،‬فً أن‬ ‫تدعُم ال ِ‬ ‫س ِ ّجل التوراتً؛ كما لم ت ُ ِ‬ ‫للباحث أن ٌطرح تساإالت‪ ،‬فً حالة انعدام الوثابك‪ ،‬والبٌانات‪ .‬فالمملكة الدوادٌَّة ـ السلٌمانٌَّة المزعومة‪،‬‬ ‫عم بعض الباحثٌن الؽربٌٌّن‪ ،‬ومن‬ ‫سست مع نهاٌة األلؾ الثانً لبل المٌبلد‪ ،‬فً فلسطٌن‪ ،‬كما ٌز ُ‬ ‫التً تؤ َّ‬ ‫ٌُوالٌ ِهم من أصحاب ال ِفكر اآلسن‪ ،‬فً جامعاتنا‪ ،‬ومرا ِكزنا البحثٌَّة‪ ،‬أنه البد وأن تكون لد سبمت هذه الفترة‪،‬‬ ‫صراع محت َ َدم‪ ،‬بٌن دوٌبلت المدن آنذان؛ فؤٌن هً مم ّدِمات‬ ‫مدَّة طوٌلة‪ ،‬وأن ٌكون تؤسٌسها لد تم َّخض عن ِ‬ ‫تؤسٌس المملكة الدوادٌَّة ـ السلٌمانٌَّة؟!‬ ‫‪7‬‬


‫إذا كان علماء اآلثار‪ٌ ،‬بحثونَ عن أرشٌؾ تارٌخً للمرحلة السابمة‪ ،‬لمما ِلن داود‪ ،‬وسلٌمان؛ فإنهم لم‪ ،‬ولن‬ ‫ٌعثروا علٌه فً فلسطٌن؛ علما ً بؤن الدول المجا ِورة‪ ،‬لد لدَّمت أرشٌفا ً تارٌخٌا ً للمرحلة نفسها‪ .‬فٌما أعلنَ‬ ‫أمنون بن ثور‪ ،‬عا ِلم اآلثار فً الجامعة العبرٌَّة‪ ،‬أن المسؤلة تُشبه نمطة زٌت تسمط فجؤة‪ ،‬لد تجدها فً‬ ‫كل مكان‪ ،‬إال هنا‪.‬‬

‫إن ال ِس َمة األكثر إدهاشاً‪ ،‬فً الخطاب [ال ِكتابً]‪ ،‬هً الصمت ال ُمطبك لل ِس ِجل اآلثاري‪ ،‬حول ما ٌتعلَّك‬ ‫باللحظة التعرٌفٌَّة [فترة سلٌمان‪ ،‬وداود]‪ ،‬فً تارٌخ المنطمة‬ ‫فً السنوات األخٌرة؛ بدأ اإلجماع على فكرة وجود المملكة الدوادٌَّة ـ السلٌمانٌَّة ٌتداعى تدرٌجٌاً؛ وإن كانت‬ ‫هٌمن على خطاب الدراسات التوراتٌَّة‪ ،‬ومن ٌوالٌهم من أصحاب ال ِفكر اآلسن‪ ،‬وحراسه‬ ‫هذه الفكرة ال تزال ت ُ ِ‬ ‫أصدر لٌتش‪ ،‬نمدا ً معتدالً فً ح َّدتِ ِه‪ ،‬لبلستخدام التارٌخً للمصص‬ ‫من بعض األكادٌمٌٌّن العرب‪ .‬فمد‬ ‫َ‬ ‫التوراتٌَّة‪ ،‬من منظور «أنثروبٌولوجً» بُنٌوي‪ .‬والموضوع السابد فً كتابِ ِه‪ ،‬كان أن ال ِكتاب العبري‪،‬‬ ‫بوص ِف ِه نصا ً ممدَّساً‪ ،‬ال ٌُو ِفّر مصدرا ً تارٌخٌاً‪ ،‬وال ٌعكس بالضرورة‪ ،‬حمٌمة عن الماضً ‪.‬‬

‫صاصٌن‪ ،‬أكثر مما ٌكشؾ عن أٌَّة حمٌمة‬ ‫إنه ٌُم ِث ّل عند لٌتش‪ ،‬تبرٌرا ً للماضً‪ٌَ ،‬ك ِشؾ عن عا َلم الم ّ‬ ‫تارٌخٌَّة‪ .‬وٌُطرح هنا أسبلة مهمة جداً‪ ،‬تُثٌر شكوكا ً حول التمدٌمات السابدة‪ ،‬ل ُحك َم ًْ داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬وتُساءل‬ ‫تارٌخٌَّة هذه المرحلة الهامة‪ ،‬كما لُ ّدِمت فً الموروثات الكتابٌَّة؛ وٌري المإرخ البرٌطانً‪ ،‬كٌث واٌتالم‪،‬‬

‫ان ذلن ؼٌر لابل للتصدٌك‪ .‬لٌس هنان أي دلٌل أثري‪ ،‬على وجود هذٌن البطلٌْن سابمً‬ ‫الذِكر‪ ،‬أو على ولوع أي من األحداث‪ ،‬التً ارتبطت بهما‪ .‬ولوال لداسة هذه‬ ‫ال ِمصص‪ ،‬لكان وجودهما التارٌخً مرفوضاً‪ ،‬بالتأكٌد‪.‬‬ ‫مما لالهُ العا ِلم رونً‬

‫رٌن‪ ،‬فً هذا الصدد‪« :‬آسؾ أن السٌد داود‪ ،‬والسٌد سلٌمان‪ ،‬لم ٌَظهرا فً هذه‬

‫صة‪».‬‬ ‫ال ِم َّ‬

‫إن ال ِس َمة األكثر إدهاشاً‪ ،‬فً الخطاب [ال ِكتابً]‪ ،‬هً الصمت ال ُمطبك لل ِس ِجل اآلثاري‪ ،‬حول ما ٌتعلَّك‬ ‫باللحظة التعرٌفٌَّة [فترة سلٌمان‪ ،‬وداود]‪ ،‬فً تارٌخ المنطمة‪ .‬إنه الصمت الذي ساهم بشكل أساسً الموى‬ ‫لرروا أن كتابة التارٌخ‪ ،‬تعتمد على‬ ‫ضمن مشروع‪ ،‬وتحدٌدا ً ألنه لد أ َّكد ت َحا ُمل‬ ‫المإرخٌن الكتاب ٌٌِّن‪ ،‬الذٌن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫‪8‬‬


‫صرح ؼارٌبًٌ‪ ،‬ولٌتش‪ ،‬وفبلناؼان‪ ،‬أن صمت ال ِس ِجل اآلثاري‪ ،‬هو الذي ٌطرح‬ ‫المصادِر المكتوبة‪ .‬كما‬ ‫َّ‬ ‫أكثر األسبلة ِجدٌَّة‪ ،‬حو َل تمدٌم امبراطورٌَّة «إسرابٌلٌَّة»‪ ،‬بوص ِفها تعبٌرا ً عن ثمافة حضارة نهضوٌَّة‪ ،‬كما‬ ‫ماض ُمخت َ​َرع‪.‬‬ ‫وٌوحً بؤننا نتعامل مع‬ ‫ٍ‬

‫ٌُشٌر ِملَّر‪ ،‬إلى أنه لٌس هنان دلٌل على‬ ‫المملكة الداودٌَّة ـ السلٌمانٌَّة‪ ،‬خارج التمالٌد‬

‫المؤرخٌ َن‪،‬‬ ‫والموروثات الكتابٌَّة؛ أما عن‬ ‫ِّ‬ ‫الذٌن ٌتحد َ‬ ‫َّثون عن هذا الكٌان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌفترضون ُمسبماً‪ِ ،‬ص َّحة‬ ‫إنما‬ ‫المعلومات التً ٌأخذونها‪ ،‬من‬ ‫ال ِكتاب العبري [التوراة‪[.‬‬ ‫عالم اآلثار اإلسرائٌلً "إسرائٌل فنكلشتاٌن"‬

‫ش َّكنَ عالم اآلثار «اإلسرابٌلً»‪ ،‬إسرابٌل‬ ‫فنكلشتاٌن‪ ،‬من جامعة تل أبٌب‪ ،‬بوجود أي‬ ‫صلَة للٌهود بالمدس؛ وجا َء ذلن خبلل تمرٌر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫نشرته مجلَّة «جٌروسالٌم رٌبورت»‪،‬‬ ‫ضح فٌه ِوجهة نظر فنكلشتاٌن‪ ،‬الذي أ َّكد أنه ال ٌوجد أساس‪ ،‬أو شاهِد إثبات تارٌخً‪،‬‬ ‫«اإلسرابٌلٌة»؛ تو ِ ّ‬ ‫المحارب؛ الذي ات َّ َخذَ المدس عاصمة له؛ والذي سٌؤتً (المٌا) من صلبِ ِه؛‬ ‫على وجود داود؛ هذا ال َم ِلن‬ ‫ِ‬ ‫لئلشراؾ على بناء الهٌكل الثالث؛ مإ ِ ّكدا ً أن شخصٌة داود‪ ،‬كزعٌم ٌحظى بتكرٌم كبٌر؛ ألنهُ‬

‫مجرد َوهم‪ ،‬وخٌال‪ ،‬لم ٌكن له وجود‬ ‫َو َّح َد مملكتً «ٌهودا»‪ ،‬و«إسرائٌل»‪ ،‬هو‬ ‫َّ‬ ‫حمٌمً‪ .‬كما ٌؤ ِ ّكد فنكلشتاٌن‪ ،‬أن وجود بانً الهٌكل‪ ،‬وهو سلٌمان بن داود‪،‬‬ ‫مشكون فٌه‪ ،‬أٌضا ً‪( .‬وٌراجع كتابه التوراة مكشوفة على حمٌمتها ‪The bible‬‬ ‫‪)Unearthed‬‬

‫‪9‬‬


‫ٌمول العبلَّمة توماس ُ‬ ‫طمسن‪ 1،‬فً كتابِ ِه «الماضً الخرافً (التوراة والتارٌخ) »‪« :‬جرى تمدٌم [المرن‬ ‫العاشر ق‪.‬م‪ ،].‬بوص ِف ِه العصر الذهبً لـ«إسرابٌل»‪ ،‬وعاصمتها فً أورشلٌم‪ .‬كانت تلن الحمبة مرتبطة‬ ‫البري الضخم‪،‬‬ ‫الجسر ّ‬ ‫بالمملكة المت َّ ِحدة‪ ،‬التً تضم السلطة السٌاسٌَّة لشاول‪ ،‬وداود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬وتسٌطر على ِ‬ ‫من النٌل‪ ،‬إلى الفرات‪ .‬إضافة إلى مفهومها‪ ،‬عن الهٌكل الذي بناه سلٌمان‪ ،‬بوص ِف ِه مركزا ً لعبادة ٌهوه‪ .‬تلن‬ ‫صة‪ ،‬وما نَعرفهُ حول هذه‬ ‫الصور ال مكان لها فً أوصاؾ الماضً التارٌخً الحمٌمً‪ .‬إننا نعرفها فمط ك ِم َّ‬ ‫ال ِمصص‪ ،‬ال ٌُش ِ ّجعنا على معاملتها‪ ،‬كما لو أنها تارٌخٌَّة‪ ،‬أو أنه كان ٌُمصد منها أن تكون كذلن‪ .‬وال ٌتوافر‬ ‫لوة سٌاسٌَّة ُمو َّحدة‬ ‫دلٌل على وجود مملكة ُمت َّ ِح َدة‪ ،‬وال دلٌل على وجود عاصمة فً أورشلٌم‪ ،‬أو وجود أي َّ‬ ‫ُمتماسكة‪ ،‬هٌمنت على فلسطٌن الؽربٌَّة‪ ،‬ناهٌن عن امبراطورٌَّة‪ ،‬بالحجم الذي تصفهُ الحكاٌات األسطورٌَّة‪.‬‬ ‫ُشٌر صراحةً‪ ،‬أو كناٌةً‪ ،‬إلى َمملك ِة داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬فً فلسطٌن‬ ‫لم ٌتم َّكن األثرٌّون‪ ،‬من‬ ‫العثور على دلٌ ٍل‪ُ ٌ ،‬‬ ‫ِ‬

‫وال ٌتوافر أي دلٌل على وجود ملون‪ٌُ ،‬دع َْو َن شاول‪ ،‬أو داود‪ ،‬أو سلٌمان؛ وال‬ ‫نملن دلٌالً على وجود هٌكل فً أورشلٌم‪ ،‬فً هذه الفترة المب ِ ّكرة‪ .‬ما نعرفهُ عن «إسرابٌل»‪،‬‬ ‫معرفتنا‪ ،‬ومعلوماتِنا حول‬ ‫و«ٌهوذا» المرن العاشر‪ ،‬ال ٌَسمح لنا بتفسٌر انعدام الدلٌل هذا‪ ،‬بوص ِف ِه فجوة فً ِ‬ ‫سع‪ ،‬وال سٌاق؛ ال شًء ُمص َ‬ ‫طنَع‪ ،‬أو‬ ‫الماضً‪ ،‬أو‬ ‫َّ‬ ‫مجرد نتٌجة للطبٌعة ال َع َرضٌَّة لآلثارٌّات‪ .‬ما من ُمت َّ َ‬ ‫أرشٌؾ ٌُشٌر إلى مثل هذه الحمابك التارٌخٌَّة‪ ،‬فً المرن العاشر‪ ،‬فً فلسطٌن‪ .‬ال ٌمكن للمرء أن ٌت َّكلم على‬ ‫دون بَلدة‪ .‬وال ِمصص لٌست كافٌَِة‪».‬‬ ‫دولة ببل ُ‬ ‫س ّكان‪ .‬وال ٌُم ِكنهُ أن ٌتكلَّم عن عاصمة‪ ،‬من ِ‬

‫‪1‬‬

‫‪ .‬صدر عن مركز دراسات الوحدة العربٌة كتاب‪ :‬المدس‪ :‬أورشلٌم العصور المدٌمة بٌن التوراة والتارٌخ‪ ،‬من تحرٌر د‪ .‬توماس ل‪.‬‬ ‫تومبسون بالتعاون مع د‪ .‬سلمى الخضراء الجٌوسً‪ ،‬وهو لمجموعة باحثٌن مختصٌن‪ ،‬ولد نمله إلى العربٌة د‪ .‬فراس السواح‪.‬‬ ‫إن هذا الكتاب ٌعالج موضوعا ً بالػ األهمٌة وهو ال ٌنحصر فً كتابة تارٌخ صحٌح ألورشلٌم‪ ،‬وإنما ٌتعدى ذلن إلى النظر فً تلن‬ ‫المروٌات التوراتٌة التً ال تمدم تارٌخا ً بمدر ما تمدم أدبا ً دٌنٌاً‪ .‬ذلن أن المصة التوراتٌة عن أورشلٌم حافلة باألمثال والعبر‪ ،‬ألنها تمتّ إلى‬ ‫ّ‬ ‫مجال البلهوت لبل مجال التارٌخ‪ .‬ولد جاء فً ممدمة الكتاب التً كتبها المحرر‪" :‬ورد االسم "إسرابٌل" ألول مرة فً نصب الفرعون‬ ‫مرنفتاح الشهٌر‪ ،‬نحو أواخر المرن الثالث عشر‪ .‬وعلى الرؼم من أن االسم فً الهٌروؼلٌفٌة لد أُلحمت به اإلشارة الدالة على شعب‪ ،‬إال‬ ‫أنه ال ٌدل على جماعة إثنٌة معٌنة بٌن الجماعات اإلثنٌة الفلسطٌنٌة األخرى‪ .‬إن المثٌر لبلهتمام فعبلً أن نص مرنفتاح لد أعطانا أول‬ ‫استخدام مبكر السم السلؾ "إسرابٌل" باعتباره مجازا ً أدبٌا ً ٌشٌر إلى السلؾ األول للشعب الفلسطٌنً‪".‬‬ ‫" ‪..‬إن كتاب العهد المدٌم ٌمدم لنا تارٌخا ً ال ٌمكن الوثوق به‪ ،‬وما صرنا اآلن نعرفه عن تارٌخ سورٌا الجنوبٌة‪ ،‬وما نستطٌع إعادة بنابه‬ ‫اعتمادا ً على الشواهد األثرٌة‪ٌ ،‬عطٌنا صورة مختلفة تماما ً عن الصورة التً تمدمها الرواٌات التوراتٌة لهذه المنطمة‪".‬‬ ‫ٌحتوي الكتاب على عدة أبحاث حول موضوع تارٌخ المدس وٌسلط الضوء على النماش التارٌخً – األثري بخصوص نمش تل دان‬ ‫والجدل الذي دار حول المكتشفات والنموش‪ ،‬حٌث ٌعرض لوجهات النظر العلمٌة المتعددة استنادا ً إلى خرابط وصور ملونة للنمش‬ ‫واالجزاء التً أثارت الجدل‪.‬‬ ‫إن هذا الكتاب لٌمة علمٌة فرٌدة فً مجال األبحاث المختصة فً موضوع المدس – أورشلٌم‪ ،‬وهو محاولة علمٌة الماطة اللثام عن‬ ‫األٌدٌولوجٌا ممابل الولابع‪.‬‬ ‫االبحاث وزعت على ثبلثة عشر فصبلً‬ ‫‪10‬‬


‫سع لمملكة مت َّ ِح َدة تارٌخٌَّة‪ ،‬أو لملون كؤولبن الذٌن جرى تمدٌم ُهم‪ ،‬فً ال ِمصص الكتابٌَّة‬ ‫إذن ال ٌوجد ُمت َّ َ‬ ‫لشاول‪ ،‬وداود‪ ،‬وسلٌمان‪.‬‬

‫إن الحمبة المب ِ ّكرة التً تُؤ ِ ّ‬ ‫زمن‬ ‫طر فٌها التراثٌَّات حكاٌاتها‪ ،‬هً عا َلم خٌالً‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬ ‫غا ِبر‪ ،‬لم ٌوجد على هذا النحو أبداً‪ .‬لم ٌكن من الممكن أن توجد مملكة‪ ،‬ألي‬ ‫شاول‪ ،‬أو ألي داود‪ ،‬لٌكون ملكا ً علٌها؛ ببساطة ألنه لم ٌكُن ث َّمة ما ٌكفً من‬ ‫الناس إللام ِة ُم ْلن‪ .‬فدولة «ٌهوذا» لم تكن فمط ‪ ،‬غٌر موجودة؛ بل إننا ال نملُن أي‬ ‫لوة سٌاسٌَّة‪ ،‬فً أي مكان فً فلسطٌن‪ ،‬كانت كبٌرة بما ٌكفً‪،‬‬ ‫دلٌل على وجود أي َّ‬ ‫متطورة‪ ،‬بما ٌكفً ألن تكون لادرة على توحٌد االلتصادات‪ ،‬واأللالٌم العدٌدة‬ ‫أو‬ ‫ِّ‬ ‫لهذه البالد‪.‬‬ ‫فً هذا الولت‪ ،‬كانت فلسطٌن ألل تو َّحدا ً بكثٌر‪ ،‬مما كانت علٌه‪ ،‬ألكثر من ألؾ عام‪ .‬وٌكاد الحدٌث أن ٌكون‬ ‫ؼٌر مم ِكن تارٌخٌاً‪ ،‬عن أورشلٌم المرن العاشر؛ فلو ُو ِج َدت باألساس ‪ -‬فلم ٌُعثر خبلل سنوات من التنمٌب‪،‬‬ ‫على أي أثر لبلدة من المرن العاشر ‪ -‬لكانت ما تزال تبعد لروناً‪ ،‬عن امتبلن ال َممدِرة‪ ،‬على تح ّدِي أي من‬ ‫بلدات فلسطٌن الموٌة ‪ -‬خبلل العشرٌنٌات أو أكثر ‪ -‬المتم ِت ّعة بال ُحكم الذاتً‪.2‬‬

‫أسفار العهد المدٌم‪ ،‬عن أورشلٌم‪ ،‬مطلع العصر الحدٌدي األول‪ ،‬هً‬ ‫إن الصورة التملٌدٌَّة التً تُم ّدِمها‬ ‫ُ‬ ‫صورة مدٌنة داود‪ ،‬وسلٌمان؛ صورة مدٌنة كبٌرة جمٌلة‪ ،‬ذات تحصٌنات‪ ،‬ولصور‪ ،‬ومخازن‪ ،‬ومعبد رابع‬ ‫صنع‪ .‬وفً الممابل‪،‬؛ فإن مإلَّفات صدرت حدٌثا ً لـ طمسن‪ ،‬ودٌفٌد جمٌسون دراٌن‪ ،‬تري أن أورشلٌم المرن‬ ‫ال ُ‬ ‫العاشر لبل المٌبلد‪ ،‬لم ت ُكن أكثر من بلدة صؽٌرة‪ ،‬لعبت دور السوق المحلى للمنطمة‪ .‬إن البماٌا األثرٌَّة التً‬ ‫اكت ُ ِشفَت حتى اآلن‪ ،‬لتدل على أن أورشلٌم كانت خبلل المرن العاشر‪ ،‬والمرن التاسع لبل المٌبلد‪ ،‬بلدة‬ ‫سكن فٌها أكثر‬ ‫تزد عن ‪ 30‬أكراً‪ ،‬ولم ٌ ُ‬ ‫متواضعة‪ ،‬تشؽلها بصورة ربٌسٌة األبنٌَِة اإلدارٌة‪ ،‬أما مساحتها‪ ،‬فلم ِ‬ ‫من ‪ 2000‬نسمة‪ .‬أي أنه فً زمن ما من المرن العاشر‪ ،‬والتاسع لبل المٌبلد‪ ،‬جرى تشٌ​ٌد بلدة جدٌدة‪،‬‬ ‫َصؾ هذه البلدة بالجدٌدة؛ ألن بلدة‬ ‫دون منطمة سكنٌَّة واسعة‪ .‬ونحن هنا ن ِ‬ ‫تحتوى على أبنٌَِة عامة‪ ،‬ولكن من ِ‬ ‫عصر البرونز الوسٌط ‪ ،‬لم تكن لابمة خبلل عصر البرونز األخٌر‪ ،‬وعصر الحدٌد األول‪ .‬ومن ال ُمستبعَد أن‬ ‫هذه البلدة‪ ،‬كانت عاصمة لدولة كبرى‪ ،‬كتلن الموصوفة فً النَص التوراتً‪ ،‬مملكة «إسرابٌل المو َّحدة‪».‬‬

‫‪ٌ 2‬ختلؾ الباحث السوري فراس السواح فً الجؽرافٌا ومع ذلن ٌمول‪ :‬أن "إسرابٌل" التوراتٌة هً ابتكار أدبً خٌالً‪.‬‬ ‫وخبلصة ما ٌمكن لوله بخصوص مملكة "إسرابٌل–السامرا" أنها نشؤت كمملكة فلسطٌنٌة كنعانٌة فً سٌاق عصر الحدٌد‬ ‫الثانً‪ ،‬وأن سكانها هم فلسطٌنٌون مح ِلٌّون‪ ،‬ال عبللة لهم باألسباط العشرة التوراتٌ​ٌن‪ ،‬وأنها كانت تتوسع أو تتملص تب ًعا لزٌادة‬ ‫أو تملُّص نفوذ مملكة آرام دمشك على كامل المنطمة الجنوبٌة لببلد الشام وحتى سٌناء‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫صة فً الدعاٌة لـ«إسرابٌل»‪ ،‬وخاصة فً مجال‬ ‫ع َجت مجلَّة»‪ ، «bar‬من هذا االتجاه؛ ألنها ُمتخ ِ ّ‬ ‫لمد انزَ َ‬ ‫ص َ‬ ‫الحفرٌّات؛ فجمعت العلماء من االتجاهٌْن المختلفٌْن؛ حٌث كان ٌم ِث ّل مدرسة كوبنهاجن شٌفلد‪ ،‬األستاذٌن؛‬ ‫طمسن‪ ،‬ولٌتش‪ ،‬وكبلهما من جامعة كوبنهاجن‪ .‬فٌما كان‬ ‫ٌم ِث ّل الطرؾ الثانً؛ األستاذ ولٌم دٌور‪ ،‬من جامعة‬ ‫أرٌزونا؛ وهو ٌُعت َ َبر ذا ُ‬ ‫شهرة عالمٌَّة‪ ،‬فً مجال دراسة‬ ‫اآلثار‪ ،‬فً فلسطٌن؛ واألستاذ كابل مٌن آرثر‪ ،‬من جامعة‬ ‫جون هوبكنز‪ .‬ولمد نُ ِش َرت المنالشات التً دارت بٌن‬ ‫الفرٌمٌْن‪ ،‬على صفحات مجلة »‪ «bar‬نفسها‪ ،‬فً ٌولٌو‪/‬‬ ‫أؼسطس ‪. 1997‬‬

‫لمد نفى ُ‬ ‫طمسن أن تكون «أوروشلٌم» عاصمة لل َمملكة‬ ‫المرن العاشر لبل المٌبلد‪ .‬كما ذكر الباحث‬ ‫المو َّحدة‪ ،‬فً‬ ‫ِ‬ ‫«اإلسرابٌلً» اسٌكشن‪ ،‬ووافكَ علٌه فٌنكلشتاٌن‪ ،‬أٌضاً‪،‬‬ ‫بؤنهُ ال ٌوجد فً الحفرٌّات البالٌة‪ ،‬من األوانً الفخارٌَّة‪،‬‬ ‫من المرن العاشر لبل المٌبلد؛ أي من عصر داود‪،‬‬ ‫وسلٌمان؛ ولذلن استنتج لٌتش‪ ،‬أن داود ال َم ِلن المذكور فً‬ ‫العهد المدٌم‪ ،‬ال ٌمكن إثباته تارٌخًٌا‪ .‬لال دٌور فً منالشتِ ِه‪:‬‬ ‫ِل َم ال تمول‪ ،‬إنهُ من المم ِكن أن ٌكون‪ ،‬ومن المم ِكن‪ ،‬كذلن‪ ،‬أن ال ٌكون؟ لال لٌتش‪ ،‬ردا ً علٌه‪ :‬ألن العهد‬ ‫أضاؾ سلٌمان‪ ،‬إلى هذه االمبراطورٌة‪،‬‬ ‫إمبراطورا‪ ،‬كان ٌَح ُكم‪ ،‬من الفراتِ‪ ،‬إلى النٌل؛ ولد‬ ‫ً‬ ‫ُصورهُ‬ ‫َ‬ ‫المدٌم ٌ ّ ِ‬ ‫مساحات أخرى؛ لذلن ال ٌم ِكن أن ٌكون داود شخصٌة تارٌخٌَّة‪ .‬ووافكَ دٌور نفسهُ‪ ،‬على هذا المول‪ ،‬واتَّفَكَ‬ ‫مع لٌتش‪ ،‬بؤنهُ ال ٌوجد داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬بهذا المفهوم‪.‬‬

‫شٌر صراحةً‪ ،‬أو كناٌةً‪ ،‬إلى َمملك ِة‬ ‫لم ٌتمكَّن األثرٌّون‪ ،‬من‬ ‫العثور على دلٌ ٍل‪ُ ٌُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫سفر‬ ‫سفر صموئٌل الثانً‪ ،‬و ِ‬ ‫داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬فً فلسطٌن‪ .‬وبٌنما تمو ُل رواٌة ِ‬ ‫ال ُملون األول‪َّ ،‬‬ ‫بأن ال َم ِلن داود‪ ،‬ألا َم إمبراطورٌة‪ ،‬تمت ُد بٌن النٌل‪ ،‬والفرات‪ ،‬أورثها‬ ‫ِكر واحد‪ ،‬ألي من‬ ‫لسلٌمان بعد وفاته‪ ،‬لم ٌتمكَّن رجال اآلثار‪ ،‬من‬ ‫العثور على ذ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َم ِل َك ًْ «بنً إسرائٌل»‪ ،‬رغم وجود ‪ 033‬مولِع‪ ،‬تمو ُم فٌها البعثات األثرٌَّة‪ ،‬بأعما ِل‬ ‫الحفر‪ ،‬فً بالدِنا فلسطٌن‪ .‬وإذا كانت ال َمملكة الداودٌَّة ـ السلٌمانٌَّة‪ ،‬لٌست أكثر من‬ ‫ِ‬ ‫اختراع توراتً‪ ،‬تنفٌ ِه كل الولائع األركٌولوجٌَّة‪ ،‬والتارٌخٌَّة‪ ،‬فً بالدِنا فلسطٌن‪،‬‬ ‫أَفَال ٌَن ُجم عن ذلن المول‪ ،‬أنها مملكة على الورق‪.‬‬ ‫‪12‬‬


‫سموط بوابات سلٌمان‬ ‫أصبح من الواضح ‪-‬الٌوم‪ -‬بفَضل المكتشفات األثرٌة‪ ،‬أن المملكة "الداودٌة ــ‬ ‫السلٌمانٌة"‪ ،‬سراب خرفً‪ ،‬وأنه لم ٌتم ‪-‬أبدا ً‪ -‬العثور على أي دلٌل آثارى‪ ،‬سواء‬ ‫كان كتابة أو نمشاً‪ ،‬أو حتى نمش ٌمبل التفسٌر‪ ،‬أو فً نصوص تمبل ـحتى‪-‬‬ ‫التأوٌل‪ٌ ،‬مكن أن ٌشٌر إلى أثر للمملكة "الداودٌة ــ السلٌمانٌة"‪ ،‬وهٌكل سلٌمان‪،‬‬ ‫فً بالدنا فلسطٌن‪.‬‬ ‫إال أن عالمة اآلثار د‪.‬كاثلٌن كٌنون‪ ،‬تذهب بعٌداً‪ ،‬فً دفاعها عن سلٌمان‪ ،‬ونشاطاته المعمارٌة‪ ،‬متؤثرة‬ ‫شفَات اآلثارٌَّة الحدٌثة"‪" :‬توجد مجموعة من المدن‪ ،‬تتصل‬ ‫بالتوراة؛ تمول فً كتابها "ال ِكتاب الممدَّس والمكت َ َ‬ ‫بعهد سلٌمان‪ ،‬وٌمكن تسمٌتها مدنه الملكٌة‪( :‬حاصور)‪ ،/ Hazor‬و(مجدو)‪ ، / Magiddo‬و(جازر ‪/‬‬ ‫سفر الملون األول (‪َ :)15 :9‬وه َذا ُه َو‬ ‫)‪Gazer‬؛ وهذه المدن مرتبطة بعمله فً أورشلٌم؛ فمد ذكر فً ِ‬ ‫سلَ ٌْ َم ُ‬ ‫ور َو َم ِجدُّو‬ ‫ور َ‬ ‫َاء بَ ٌْ ِ‬ ‫ان ِلبِن ِ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫الربّ ِ َوبَ ٌْتِ ِه َو ْالمَ ْل َع ِة َو ُ‬ ‫ٌر الَّذِي َج َعلَهُ ْال َم ِلنُ ُ‬ ‫ت َّ‬ ‫ٌم َو َحا ُ‬ ‫ور أ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ص َ‬ ‫س ِ‬ ‫ب التَّس ِْخ ِ‬ ‫ش ِل َ‬ ‫َو َجازَ َر‪".‬‬

‫عندما نمبت بعثة المعهد ال ّ‬ ‫شرلً لجامعة شٌكاؼو مولع "تل ال ُمتس ِلّم" فً العشرٌنٌات والثبلثٌنات (من المرن‬ ‫الماضً)‪ ،‬نُسبت بعض أكثر آثار ذلن المولع إلى العصر الحدٌدي‪ ،‬المرن العاشر ق‪.‬م‪ ،‬وبالتالً إلى فترة‬ ‫سلٌمان‪ .‬فمولع "تل ال ُمتس ِلّم"‪ ،‬حدده اآلثارٌّون على أنه "مجدو"‪ ،‬منذ بداٌات البحث اآلثاري فً فلسطٌن‪،‬‬ ‫وفمد اسمه األصلً بعد عام ‪ ،1948‬لٌُصبِح "مجدو‪".‬‬

‫تم تعدٌل المدن‪ ،‬و(الكرونولوجٌَات) (الستراتٌؽرافٌَّة) (التطبٌمٌَّة)‪ ،‬المرتبطة بها‪ ،‬للموالع الثبلثة الكبرى‪،‬‬ ‫بشكل سرٌع‪ ،‬ومشإوم‪ ،‬على لاعدة ما ُكنّا نَعتبِرهُ‪ ،‬آنذان‪ ،‬فصوالً من ال ِكتاب ( ُمثبَت َة تارٌخٌا ً‪).‬‬ ‫ربط العلماء آثار الطبمة الرابعة من مولِع "تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬بمشارٌع البناء الضخمة‪ ،‬المنسوبة إلى‬ ‫َّار‬ ‫"و ِللد ِ‬ ‫سلٌمان‪ ،‬فً الكتاب ال ُممدس؛ فمد جاء أسلوب البناء‪ ،‬الذي ِ‬ ‫لورن بسفر الملون األول (‪َ :)12 :7‬‬ ‫َّاخ ِلٌَّةُ َو ِر َوا ُق‬ ‫ار بَ ٌْ ِ‬ ‫الربّ ِ الد ِ‬ ‫ت َّ‬ ‫ص ٌّ‬ ‫ٌِرهَا ثَبلَثَةُ ُ‬ ‫ؾ ِم ْن َج َوابِ ِز األ َ ْر ِز‪َ .‬كذلِنَ َد ُ‬ ‫صفُوؾٍ َم ْن ُحوتَةٍ‪َ ،‬و َ‬ ‫ٌرةِ فًِ ُم ْستَد ِ‬ ‫ْال َكبِ َ‬ ‫بسفر الملون‬ ‫ْالبَ ٌْتِ"؛ وهنان مجموعة األبنٌَّة بؤعمدة‪ ،‬فً "تل ال ُمتس ِلّم» [مجدو]‪ ،‬أٌضاً‪ ،‬وهً ما ربطت‬ ‫ِ‬ ‫‪13‬‬


‫سلَ ٌْ َم ُ‬ ‫الربّ ِ َوبَ ٌْتِ ِه‬ ‫َاء بَ ٌْ ِ‬ ‫ان ِلبِن ِ‬ ‫سبَ ُ‬ ‫ٌر الَّذِي َج َعلَهُ ْال َم ِلنُ ُ‬ ‫ت َّ‬ ‫"وه َذا ُه َو َ‬ ‫ب التَّس ِْخ ِ‬ ‫األول (‪ ،)15 :9‬بما جاء فٌها‪َ :‬‬ ‫ور َو َم ِجدُّو َو َجازَ َر‪".‬‬ ‫ور َ‬ ‫َو ْالمَ ْل َع ِة َو ُ‬ ‫ٌم َو َحا ُ‬ ‫ور أ ُ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫س ِ‬ ‫ش ِل َ‬

‫َاز ِن الَّتًِ َكان ْ‬ ‫ان"؛‬ ‫وفً‬ ‫سلَ ٌْ َمانَ ‪َ ،‬و ُمدُنَ ْال َم ْر َكبَا ِ‬ ‫َت ِل ُ‬ ‫ت َو ُمدُنَ ْالفُ ْر َ‬ ‫"و َج ِمٌ َع ُمد ُِن ْال َمخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ِ‬ ‫السفر نفسه (‪َ :)19 :9‬‬ ‫وفٌما بعد‪ ،‬دعم هذا الرأي إٌجال ٌادٌن)‪ ، (Yigal Yadin‬الجنرال السابك فً الجٌش الصهٌونً‪ ،‬وأحد‬ ‫الشخصٌات الربٌسٌة فً اآلثار الصهٌونٌة‪ ،‬المبرمجة لتربط نفسها‪ ،‬وبشكل ُمص َ‬ ‫طنَع‪ ،‬بتارٌخِ شعوب‬ ‫انمرضت‪ ،‬عندما لارن بوابات "تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬و"تل المدح" [حاصور]‪ ،‬و"تل الجزري" [جازر]‪،‬‬ ‫فخبلل إشرافه على أول حملة تنمٌبٌة شاملة‪ ،‬فً الخمسٌنات من المرن الماضً‪ ،‬فً مولِع "تل المدح"‬ ‫سور المدٌنة المزدوج‪ ،‬ذات نمط خاص‪ .‬فهً عبارة عن ممر‬ ‫[حاصور]‪ ،‬اكتشؾ ٌادٌن بوابة ربٌسٌة‪ ،‬فً‬ ‫ِ‬ ‫عرٌض‪ ،‬تحؾ به ست ؼرؾ‪ ،‬ثبلث عن الٌمٌن‪ ،‬وثبلث عن الٌسار ‪.‬‬

‫ولد أرجع المنمب السور‪ ،‬إلى المرن العاشر لبل المٌبلد‪ ،‬وعزا بناءها للملن سلٌمان‪ .‬وبما أن بوابتٌن‬ ‫متشابهتٌن‪ ،‬كانتا لد اكتشفتا بشكل جزبً‪ ،‬فً كل من "تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬و"تل الجزري" [جازر]؛ فمد‬ ‫البوابة‪،‬‬ ‫انتمل ٌادٌن‪ ،‬مباشرة‪ ،‬إلى "تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬وأعاد التنمٌب فً مولعها‪ ،‬فكشؾ عن بمٌَّة أجزاء ّ‬ ‫بوابة "تل المدح" [حاصور]‪ .‬وبما أن الظروؾ لم تسمح له‬ ‫التً تبٌن له تطابمها‪ ،‬من حٌث التصمٌم مع ّ‬ ‫بإعادة التنمٌب فً "تل الجزري» [جازر]؛ فمد ذهب إلى المكتبة! وعمد إلى وضع رسم تخطٌطً‪ ،‬للجزء‬ ‫ؼٌر ال ُمكتَشَؾ من بوابتِها‪ ،‬وجاء التصمٌم هنا‪ ،‬أٌضاً‪ ،‬مشابها مع تصمٌم البوابتٌْن األخرتٌْن‪ .‬ولد أَرجع‬ ‫المرن العاشر‪ ،‬أٌضاً‪ ،‬واعتبرهما‬ ‫ٌادٌن‪ ،‬تارٌخ بوابتً "تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬و"تل الجزري" [جازر]‪ ،‬إلى‬ ‫ِ‬ ‫بناء سلٌمان ‪.‬‬ ‫من ِ‬

‫وٌبدو الجانب األٌدٌولوجً‪ ،‬الذي ٌنطوي علٌه ربط الكتاب ال ُممدس‪ ،‬باآلثار المكتشفة‪ ،‬للمدن الفلسطٌنٌة‪ ،‬كـ‬ ‫"تل ال ُمتس ِلّم" [مجدو]‪ ،‬و"تل المدح" [حاصور]‪ ،‬و"تل الجزري" [جازر]‪ ،‬فً العبارة التالٌة للجنرال‬ ‫الصهٌونً ٌادٌن‪" :‬إن الجهود اآلثارٌة‪ ،‬الرامٌة إلى الكشؾ عن بماٌا مبانً سلٌمان‪ ،‬وهو أعظم بناء من بٌن‬ ‫ملون إسرابٌل‪ ،‬هً جزء من النشاط المثٌر‪ ،‬للتنمٌبات فً األرض الممدسة‪ ،‬على مدى السبعٌن سنة‬ ‫الماضٌة‪».‬‬

‫ُشرؾ‪ ،‬منذ أواخر التسعٌنٌّات‪ ،‬على حملة تنمٌبٌة‬ ‫فً هذا الصدد ٌمول المنمب أمنون بن تور ‪-‬الذي ٌ ِ‬ ‫شاملة‪ ،‬فً مولع "تل المدح" [حاصور]؛ فً دراسة مطولة‪ ،‬نُ ِشرت على حلمتٌن‪ ،‬فً مجلة علم اآلثار‬ ‫موضع جدل‪،‬‬ ‫التوراتً‪ ،‬خبلل عام ‪ 1999‬ــ ما ٌلً‪" :‬لسنوات طوٌلة‪ ،‬كان تؤرٌخ ٌادٌن للبّوابات الثبلث‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ورد‪ .‬ولكن تؤرٌخ ٌادٌن ٌواجه الٌوم نمدا ً لوٌاً‪ ،‬لعدد متن ّ ِوع من األسباب؛ وخصوصا ً من لبل المنمبٌن‪،‬‬ ‫وأخذٍ‪َ ،‬‬ ‫‪14‬‬


‫رأس معارضً أسالٌب ٌادٌن فً التؤرٌخ‪ .‬ومعظم‬ ‫العاملٌن فً مولع (مجدو) [تل ال ُمتس ِلّم]‪ ،‬الذٌن ٌمفون على ِ‬ ‫هإالء ٌرجعون تارٌخ البّوابات‪ ،‬إلى المرن التاسع لبل المٌبلد‪ .‬تت َّ ِخذ هذه المعارضة اآلن أهمٌة خاصة؛ ألنها‬ ‫ت األكادٌمٌَّة (فً إسرابٌل‪ ،‬وخارجها)‪ ،‬حول تارٌخٌَّة عصر المملكة‬ ‫ق الجدل‪ ،‬الدابر فً الحلما ِ‬ ‫تؤتً فً سٌا ِ‬ ‫بوصؾ إنجازات داود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬على أنها نوع من‬ ‫المو َّحدة‪ .‬ذلن أن فرٌما ً من الباحثٌن الٌوم‪ ،‬ال ٌكتفً‬ ‫ِ‬ ‫ب التوراة‪ ،‬بل ٌذهب إلى المو ِل‪ ،‬بؤن أولبن ال ُملون‪ ،‬كانوا شخصٌّات خٌالٌَّة‪..).‬‬ ‫ال ُمبالؽات النصٌَّة‪ ،‬فً ِكتا ِ‬

‫لضٌة تحدٌد تارٌخ هذه البوابات‪ ،‬ولضٌة ال ِعمارة (التذكارٌَّة)‪ ،‬المنسوبة إلى فلسطٌن المرن العا ِشر‪ ،‬أو بعد‬ ‫وضع ِسجال‪ ،‬من لِبَل اآلثارٌٌّن المٌدانٌٌّن‪.‬‬ ‫ذلن بشكل ُمر َّجح أكثر‪ ،‬إلى المرن التاسع‪ ،‬تستمر فً كونِها َم ِ‬ ‫البوابة‬ ‫وبعد أن ٌنتهً المنمب من تلخٌص نتابج حفرٌاته‪ ،‬فً مولع "تل المدح" [حاصور]‪ٌ ،‬مول بخصوص ّ‬ ‫البوابة‪ ،‬والسور المزدوج‪ ،‬إلى الملن سلٌمان؟ لسوء الحظ‪،‬‬ ‫الشهٌرة‪ ،‬ما ٌلً‪" :‬ولكن هل نستطٌع أن نعزو ّ‬ ‫فإن البٌّنة اآلثارٌَّة‪ ،‬ال تسمح لنا بتمرٌر تارٌخ‪ ،‬على هذه الدرجة من ال ِدلَّة"‪ٌ .‬مول توماس ُ‬ ‫ًّ‬ ‫طمسن‪ ،‬الذي‬ ‫شارنَ فً عملٌّات التنمٌب‪ ،‬بمولِع "تل الجزري" [جازر]‪ ،‬فً أواخر الستٌنٌّات‪ ،‬عندما كان فً َ‬ ‫ور‬ ‫ط ِ‬ ‫صؾ ِسفر الملون‬ ‫التدرٌب المٌدانً‪ ،‬فً كتابه "الماضً الخرافً (التوراة والتارٌخ)‪ ،‬ما ٌلً‪" :‬تم ربط َو ْ‬ ‫تحصن بلدات أورشلٌم‪ ،‬وحاصور‪ ،‬ومجدو‪ ،‬وجازر‪ ،‬ببوابة‪،‬‬ ‫لبناء سلٌمان أسوار‪،‬‬ ‫األول (‪ )15 :9‬الموجز‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بوابة شبٌه‬ ‫ِ‬ ‫وحصن‪ ،‬تم التنمٌب عنهما‪ ،‬فً مولِع حاصور المدٌم‪ ،‬فً الجلٌل الشرلً‪ .‬وتم التنمٌب عن ّ‬ ‫معاصرة‪ ،‬فً مجدو ‪.‬‬

‫البوابة لم ٌتم بناإها‪ِ ،‬وفك تصمٌم معماري ُمشابِه جداً‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل إن ُكتلتها الحجرٌَّة الهابلة‪ ،‬لد لَ َ‬ ‫طعَت‬ ‫هذه ّ‬ ‫بالتِمنٌَِّة نفسها تماماً‪ .‬فً حٌن لم ٌتم العثور‪ ،‬على أي شًء من هذه الفترة‪ ،‬فً أورشلٌم‪ ،‬فإن مولع جازر‪،‬‬ ‫ب فٌ ِه البرٌطانٌّون‪ ،‬فً ول ٍ‬ ‫ت ُمب ِ ّكر‪ ،‬من المرن العشرٌن‪ ،‬وتم العثور فٌه على نصؾ بوابة ُمشابهة جداً‪،‬‬ ‫نَمَّ َ‬ ‫ذات لٌاسات ُمماثلة ‪.‬‬

‫ومع ذلن‪ ،‬فإنها لم تلك أي اهتمام؛ ألنها ُربِ َ‬ ‫طت خطؤ‪ ،‬ببناء ٌعود إلى العهد الهٌلٌنً‪ .‬فً عام ‪1966‬م‪ ،‬لرر‬ ‫المن ِمّبون فً "جازر" (تل الجزري)‪ ،‬التنمٌب عن النصؾ الثانً المفمود‪ ،‬من بوابة "جازر" [تل الجزري]‪.‬‬ ‫عث َ َر على هذا البناء‪ ،‬فً جازر‪ ،‬فً حفرٌَّة‬ ‫كان مإ ِلّؾ هذا ال ِكتاب‪ ،‬عضوا ً صؽٌرا ً فً الفرٌك اآلثاري‪ ،‬الذي َ‬ ‫النبع (‪1967‬م ‪).‬‬

‫مع َّ‬ ‫البوابة‪ ،‬وتحدٌد هوٌّتها بتلن (اآلثار)‪ ،‬الموجودة فً‬ ‫أن ال ُجهد الكبٌر كان ُمتمر ِكزاً‪ ،‬فً‬ ‫العثور على هذه ّ‬ ‫ِ‬ ‫خرق األرض‪ ،‬أنها كانت‬ ‫"مجدو" [تل ال ُمتس ِلّم]‪ ،‬و"حاصور" [تل المدح]؛ فمد كان واضحا ً للت ِو‪ ،‬لبل أن ت ُ َ‬ ‫‪15‬‬


‫(البوابات السلٌمانٌَّة) األخرى‪ ،‬فً "مجدو» [تل ال ُمتس ِلّم]‪ ،‬و"حاصور"‬ ‫عاصرة لـ‬ ‫(بوابة سلٌمانٌَّة)‪ ،‬وأنها ُم ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫البوابة‪ ،‬ومماساتها‪ ،‬لد أ َّكدت ذلن ‪.‬‬ ‫[تل المدح]‪ .‬إن شكل ّ‬

‫تم تعدٌل المدن‪ ،‬و(الكرونولوجٌَات) (الستراتٌؽرافٌَّة) (التطبٌمٌَّة)‪ ،‬المرتبطة بها‪ ،‬للموالع الثبلثة الكبرى‪،‬‬ ‫بشكل سرٌع‪ ،‬ومشإوم‪ ،‬على لاعدة ما ُكنّا نَعت ِبرهُ‪ ،‬آنذان‪ ،‬فصوالً من ال ِكتاب ( ُمثبَت َة تارٌخٌاً)‪ .‬هذا اإلثبات‬ ‫فهمنا‪ ،‬وتؤرٌ ِخنا لتلن الموالع؛ بل إنها‪ ،‬أٌضاً‪،‬‬ ‫ال ُمفت َ​َرض لتارٌخٌَّ ِة فعالٌّات بناء سلٌمان‪ ،‬لم تإثِّر‪ ،‬فمط‪ ،‬على ِ‬ ‫المإرخٌن واآلثارٌٌّن‪ ،‬إلى تؤكٌد العَ َ‬ ‫ظ َمة الثمافٌَّة‪ ،‬والمادٌَّة‪ ،‬والسٌاسٌَّة‪ ،‬للـ (ال َملَ ِكٌَّة المت َّ ِح َدة‪).‬‬ ‫لادت كثٌرا ً من‬ ‫ّ‬

‫(الفبركة) بالتصدع‪ ،‬عندما كشفت فرق التنمٌب "اإلسرابٌلٌة"‪ ،‬عن بوابات مشابهة أخرى‪ ،‬فً‬ ‫بدأت هذه‬ ‫َ‬ ‫مو ِلع أشدود‪ ،‬البل "إسرابٌلً"‪ ،‬وفً مو ِلع "لخٌش"‪ ،‬فً المن َخفَض الساحلً الجنوبً‪ .‬لمد أَر َج َع المن ِمّبونَ‪،‬‬ ‫بوابات‬ ‫الحك‪،‬‬ ‫البوابات‪ ،‬إلى‬ ‫لرن ِ‬ ‫زمن ِ‬ ‫كامل‪ ،‬ونسبوها إلى فترة آثارٌَّة‪ ،‬مختلفة تماما ً عن ّ‬ ‫تارٌخ هذه ّ‬ ‫بممدار ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫"حاصور" [تل المدح]‪ ،‬و"مجدو" [تل ال ُمتس ِلّم]‪ ،‬و"جازر" [تل الجزري]‪ .‬وفً سنوات لِصار للٌلة‪ ،‬أصبحت‬ ‫المإرخونَ تخفٌض َمملكة‪،‬‬ ‫(البوابات السلٌمانٌَّة المزعومة)‪ .‬فمع ترا ُكم المزٌد‪ ،‬والمزٌد من المعلومات‪ ،‬بدأ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وإمبراطورٌة شاوول‪ ،‬وداود‪ ،‬وسلٌمان‪ ،‬إلى مرتبة ( َمشٌَخَة لِبَ ِلٌَّة ‪).‬‬

‫َّ‬ ‫سلٌمانٌَّة المشهورة فً مجدو‪،‬‬ ‫التحلٌل ال ُمجدَّد ألنماط‬ ‫الفن المعماري واألشكال الف َّخارٌَّة فً الطبمات ال ُّ‬ ‫عمُود من موت سلٌمان!‬ ‫ي بعد ُ‬ ‫وجازر وحاصور بؤنها تُإرخ ‪-‬فً الحمٌمة‪ -‬إلى بداٌات المرن التاسع ق‪.‬م؛ أ ْ‬ ‫فً حٌن أن لضٌة تحدٌد تارٌخ هذه البوابات‪ ،‬ولضٌة ال ِعمارة (التذكارٌَّة)‪ ،‬المنسوبة إلى فلسطٌن المرن‬ ‫وضع ِسجال‪ ،‬من لِبَل اآلثارٌٌّن‬ ‫العا ِشر‪ ،‬أو بعد ذلن بشكل ُمر َّجح أكثر‪ ،‬إلى المرن التاسع‪ ،‬تستمر فً كونِها َم ِ‬ ‫المٌدانٌٌّن‪ .‬فمد أصبح من الواضح‪ ،‬أننا نَفت ِمر إلى أي (كرونولوجٌا) صا ِلحة لبلستعمال فعبلً‪ ،‬ألجل هذه‬ ‫الفترة ‪.‬‬

‫أما عالم اآلثار إسرائٌل فٌنكٌلشتاٌن ـ ورؼم أننا ال نتفك مع كل المنطلمات النظرٌة لؤلثري‬ ‫"اإلسرابٌلً"‪ ،‬أو مع بعض استنتاجاته التً وصل إلٌها بخصوص بعض جوانب التارٌخ الفلسطٌنً المدٌم‪،‬‬ ‫إال أن ذلن ال ٌمنعنا من إدران أهمٌة بحثه ـ‪-‬استند التَّعرؾ على تحدٌد ُهوٌَّة اآلثار البالٌة من عهد داود‬ ‫وسلٌمان ‪-‬وفً الوالع من عهد ال ُملون الذٌن تلوا فً المرن التّالً‪ -‬على صنفٌَن من األدلَّة‪ .‬لمد تم ربط انتهاء‬ ‫الفخارٌات الفلسطٌنٌة المتمٌزة (المإرخة بسنة ‪ 1000‬ق‪.‬م) بفتوحات داود‪ ،‬بشكل وثٌك‪ .‬كما تم َربْط بناء‬ ‫البوابات والمُصور التّذكارٌة فً "مجدو" [تل ال ُمتس ِلّم]‪" ،‬حاصور" [تل المدح]‪" ،‬جازر" [تل الجزري] بعهد‬ ‫َّ‬ ‫سلٌمان‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫ْ‬ ‫سمُوط‪ .‬فالتحلٌل ال ُمجدَّد ألنماط الف َّن‬ ‫ولكن؛ فً السنوات الملٌلة األخٌرة‪ ،‬بدأ كبل الدّلٌلٌن بالتّهاوي وال ُّ‬ ‫سلٌمانٌَّة المشهورة فً مجدو‪ ،‬وجازر وحاصور بؤنها تُإرخ ‪-‬فً‬ ‫المعماري واألشكال الف َّخارٌَّة فً الطبمات ال ُّ‬ ‫عمُود من موت سلٌمان !‬ ‫ي بعد ُ‬ ‫الحمٌمة‪ -‬إلى بداٌات المرن التاسع ق‪.‬م؛ أ ْ‬

‫وأخٌراً؛ نتوصل إلى أنه‪ ،‬لم تكن هنان مملكة "داودٌة ‪ -‬سلٌمانٌة" كبٌرة‪ ،‬توصؾ أحٌانا ً باإلمبراطورٌة‪ ،‬ولم‬ ‫تكن هنان عاصمة تسمى بـ "أورشلٌم"‪ ،‬ولم تكن هنان بوابات سلٌمانٌة‪ ،‬ولم تكن هنان أبنٌة تذكارٌة‬ ‫ضخمة!‬

‫التوراة جاءت من جزٌرة العرب‬ ‫ب المإرخ اللبنانً‬ ‫عنوان هذا الممال مستعار من‬ ‫عنوان كتا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الراحل‪ ،‬د‪ .‬كمال الصلٌبً‪ ،‬الموسوم «التوراة جاءت من‬ ‫ب‪،‬‬ ‫جزٌرة العرب»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1985‬فً هذا الكتا ِ‬ ‫طرح الصلٌبً‪ ،‬نظرٌة «خطؤ تحدٌد جؽرافٌة الحدث التوراتً»‪،‬‬ ‫التً تتلخص بوجوب إعادة النظر فً «الجؽرافٌا التارٌخٌة‬ ‫للتوراة»‪ ،‬حٌث ٌثبت أن أحداث «العهد المدٌم» لم تكن ساحتها‬ ‫فلسطٌن بل أنها ولعت فً جنوب ؼربً الجزٌرة العربٌة‪ .‬حاول د‪.‬‬ ‫الصلٌبً‪ ،‬فً كتابه «خفاٌا التوراة وأسرار شعب إسرابٌل»‪ ،‬الذي‬ ‫صدر فً العام ‪ .1988‬التؤكٌد من صحة الجؽرافٌا التارٌخٌة‬ ‫للتوراة‪ ،‬وتصحٌح ما ورد من تفاصٌل فً كتابه السابك «التوراة‬ ‫جاءت من جزٌرة العرب»‪ ،‬وهو‪ ،‬هنا ‪ٌ ،‬عٌد النظر فً عدد من‬ ‫لصص التوراة المؤلوفة على ضوء جؽرافٌا الجزٌرة العربٌة ‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫إذ ٌلحظ الصلٌبً أن األكثرٌة الساحمة من أسماء األماكن التوراتٌة ال وجود لها فً فلسطٌن والملٌل‬ ‫الموجود هنان ال ٌتطابك من ناحٌة الحدث مع تلن المذكورة باألسماء ذاتها فً التوراة‪ .‬وٌمدم الصلٌبً‪ ،‬فً‬ ‫كتابه «حروب داوود‪ :‬األجزاء الملحمٌة من سفر صموبٌل‬ ‫الثانً مترجمة عن األصل العبري»‪ ،‬الذي صدر فً العام‬ ‫‪ .1990‬ترجمة جدٌدة ألخبار الحروب التً خاضها داوود حٌن‬ ‫كان ملكا على «جمٌع إسرابٌل» (‪ 962 _ 1002‬ق م تمرٌبا)‪،‬‬ ‫كما هً مروٌة فً األصل العبري لسفر صموبٌل الثانً من‬ ‫التوراة‪ .‬ولم ٌتخل الصلٌبً فً كتابه األخٌر«عودة إلى "التوراة‬ ‫جاءت من جزٌرة العرب" ‪ -‬أورشلٌم والهٌكل وإحصاء داود‪...‬‬ ‫فً عسٌر»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2008‬عن اطروحته‬ ‫مصححا ً لراءات واجتهادات سابمة عن هذه المواضٌع ‪.‬‬

‫أما الباحث السوري‪ ،‬د‪ .‬أحمد داوود‪ ،‬فمد ألؾ سلسلة كتب‬ ‫تحت عنوان «سورٌا وعودة الزمن العربً»‪ ،‬وحاول أن ٌثبت‬ ‫فً كتابه األول «تارٌخ سورٌا المدٌم تصحٌح وتحرٌر»‪ ،‬الذي‬ ‫صدر فً العام ‪ .1986‬ان المسرح الجؽرافً للتوراة فً جزٌرة العرب‪ .‬وتوصل نتٌجة بحثه فً كتابه‬ ‫الثانً «العرب والسامٌون والعبرانٌون وبنو إسرابٌل والٌهود»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1991‬إلى «إن‬ ‫كتاب التوراة هو فً مجمله ال ٌخرج عن إطار التراث العربً الذي كان ٌحفظ مدونا ً فً الذاكرة لعشابر‬ ‫عربٌة عاشت أحداثا ً معٌنة فً منطمة بدوٌة جد ضٌمة من شبه‬ ‫جزٌرة العرب»‪ .‬وأن مسرح أحداث التوراة لم ٌتجاوز الٌمن‪.‬‬

‫خالؾ فرج هللا صالح دٌب‪ ،‬طرح الصلٌبً‪ ،‬ولد توصل فً‬ ‫جملة ما توصل إلى أن مسرح الحوادث التً ورد ذكرها فً‬ ‫التوراة لم ٌكن فً فلسطٌن‪ ،‬وال فً الحجاز‪ ،‬وإنما فً الٌمن‪ ،‬وفً‬ ‫محٌط صنعاء بالتحدٌد‪ ،‬وأن التوراة فً األصل ذات منشؤ عربً‬ ‫وتناول الباحث اللبنانً‪ ،‬فرج هللا صالح دٌب‪ ،‬فً كتابه «حول‬ ‫أطروحات كمال الصلٌبً ــ التوراة فً اللؽة والتارٌخ والثمافة‬ ‫الشعبٌة»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1989‬توجهٌن‪ ،‬األول‪ :‬اكتشاؾ‬ ‫د‪ .‬الصلٌبً ومولؾ المإرخٌن العرب من ذلن‪ ،‬والمرابة اللؽوٌة‪،‬‬ ‫والوثٌنٌات المشتركة بٌن التوراة وبعض ما ساد الجزٌرة العربٌة‬ ‫لبل االسبلم‪ .‬الثانً‪ :‬التوراة والثمافة الشعبٌة‪ ،‬ما هً العادات‬ ‫‪18‬‬


‫والتمالٌد والطموس الممننة فً التوراة‪ ،‬والتً سادت لبل اإلسبلم وبعده وحتى اآلن‪ .‬وكذلن ممارنة بٌن اسماء‬ ‫األماكن واألفراد الواردة فً التوراة مع الماموس العربً‪ ،‬وٌعتبر هذا الكتاب‪ ،‬دعما ً لنظرٌة الصلٌبً‪.‬‬

‫وفً كتابه «التوراة العربٌة وأورشلٌم الٌمنٌة»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1994‬خالؾ فرج هللا صالح دٌب‪،‬‬ ‫طرح الصلٌبً‪ ،‬ولد توصل فً جملة ما توصل إلى أن مسرح الحوادث التً ورد ذكرها فً التوراة لم ٌكن‬ ‫فً فلسطٌن‪ ،‬وال فً الحجاز‪ ،‬وإنما فً الٌمن‪ ،‬وفً محٌط صنعاء بالتحدٌد‪ ،‬وأن التوراة فً األصل ذات‬ ‫منشؤ عربً‪ .‬وفً كتابه «كذبة السامٌة وحمٌمة الفٌنٌمٌة»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1998‬ومن خبلل أبحاثه‬ ‫ودراسته كشؾ الحمٌمة التالٌة‪ :‬إن مسرح لبابل وملون التوراة كانوا حول صنعاء‪ .‬و ٌستكمل دٌب أطروحته‬ ‫فً كتابه «الٌمن وأنبٌاء التوراة»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪.2012‬‬

‫واستند الباحث الفلسطٌنً‪ ،‬د‪ .‬زٌاد منى‪ ،‬إلى أطروحة‬ ‫د‪ .‬كمال الصلٌبً‪ ،‬وتوصل نتٌجة بحثه المطول فً‬ ‫نصوص العهد المدٌم‪ ،‬إلى االستنتاج التالً‪ ،‬الذي تضمنه‬ ‫كتابه «جؽرافٌة التوراة‪ :‬مصر وبنو إسرابٌل فً عسٌر»‪،‬‬ ‫الذي صدر فً العام ‪ ،1994‬والواضح من عنوان هذا‬ ‫الكتاب أن مإلفة أراد أن ٌثبت فٌه أن األحداث التوراتٌة لد‬ ‫ولع فً منطمة عسٌر بجزٌرة العرب‪ ،‬لاببلً‪« :‬أسجل هنا أن‬ ‫هذا العمل ال ٌنالش صحة أو خطؤ تارٌخٌة بعض الرواٌات‬ ‫الواردة فً العهد المدٌم‪ ،‬فكل ما ٌعالجه هو المكان الذي‬ ‫ٌنمل الكتاب الممدس للٌهودٌة أن أحداثه لد ولعت ضمنه‪،‬‬ ‫وأما منطلمً فهو فرضٌة صحة التارٌخ بعمومٌته‪ ،‬وخطؤ‬ ‫الجؽرافٌا»‪ .‬وتناول منى‪ ،‬فً كتابه «جؽرافٌة العهد المدٌم‬ ‫بنو إسرابٌل جؽرافٌة الجذور»‪ ،‬الذي صدر فً العام‬ ‫‪ .1995‬بعض المضاٌا والمعضبلت الجؽرافٌة المرتبطة‬ ‫بالعهد المدٌم‪ ،‬والنتٌجة التً توصل لها‪ ،‬هً التؤكٌد على صحة أطروحة د‪ .‬الصلٌبً‪.‬‬

‫وأشار الباحث المصري‪ ،‬أحمد عٌد‪ ،‬فً كتابه «جؽرافٌة التوراة فً جزٌرة الفراعنة»‪ ،‬الذي صدر فً‬ ‫العام ‪ .1996‬أن جزٌرة العرب كانت جزء ال ٌتجزأ من مصر الفرعونٌة المدٌمة‪ ،‬وأن األماكن التً درات‬ ‫أحداث التوراة فٌها هً بالتحدٌد جنوب الجزٌرة العربٌة «الٌمن»‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫وٌؤتً الباحث الٌمانً‪ ،‬فضل عبد هللا الجثام‪ ،‬لٌسٌر على نفس المنهج‪ ،‬فً كتابه «الحضور الٌمانً فً‬ ‫تارٌخ الشرق األدنى‪ :‬سبر فً التارٌخ المدٌم»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .1999‬وٌتوصل فً بحثه أن أرض‬ ‫الٌمن هً الحاضنة للتوراة‪.‬‬ ‫وٌحدثنا الباحث اللبنانً‪ ،‬د‪ .‬لطٌف إلٌاس لطٌف‪ ،‬فً كتابه «لبنان التوراتً فً الٌمن»‪ ،‬الذي صدر‬ ‫فً العام ‪ . 2000‬أن لبنان التوراتً لٌس لبنان الحالً بل هو لبنان الٌمن‪ .‬ولد اعتمد منهجٌة تموم على تحلٌل‬ ‫النصوص التوراتٌة‪ ،‬ودراسة المعطٌات الجؽرافٌة التً ترد فً النصوص‪ ،‬واالستعانة بالمنهج الفٌلوجً‬ ‫أوالمنهج اللؽوي الممارن‪.‬‬

‫لدم (أحمد الدبش) فً كتابه «اختطاؾ أورشلٌم»‪ ،‬الذي صدر‬ ‫فً العام ‪ .2013‬الدلٌل على أن أورشلٌم ٌمنٌة‪ ،‬وٌعتبر هذا‬ ‫الكتاب استكماالً لكتابه «كنعان وملون بنً إسرابٌل فً جزٌرة‬ ‫العرب »‬ ‫وطرح كاتب الممال‪ ،‬الباحث الفلسطٌنً أحمد الدبش‪ ،‬فً كتاب ِه‬ ‫«موسى وفرعون فً جزٌرة العرب»‪ ،‬الذي صدر فً العام‬ ‫‪ ،2004‬وجهة نظره من أن ثمة إشارات ؼامضة فً الكثٌر من‬ ‫النموش تدعم‪ ،‬وإلى حد بعٌد فرضٌة حدوث هذا الحدث (خروج‬ ‫لوم التوراة)‪ ،‬وسوؾ ٌنصب بحثنا على إدراج حادثة الخروج‬ ‫عمان‬ ‫ضمن جؽرافٌة الحضارة الٌمنٌة المدٌمة‪ ،‬والتً كانت تشمل ُ‬ ‫والٌمن الحالٌة وبعض السواحل السعودٌة‪ .‬وحاول (الدبش) فً‬ ‫كتابه «كنعان وملون بنً إسرابٌل فً جزٌرة العرب»‪ ،‬الذي‬ ‫صدر فً العام ‪ ،2006‬تتبُّع ملون بنً إسرابٌل‪ ،‬والبحث عن‬ ‫أورشلٌم‪ ،‬والبحث عن دولتً إسرابٌل وٌهوذا‪ ،‬فً إطار الجؽرافٌة‬ ‫الٌمنٌة‪ .‬وٌنالش فً كتابه «عورة نوح ولعنة كنعان وتلفٌك األصول»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2007‬مسؤلة‬ ‫السامٌة ولعنة كنعان الواردة فً سفر التكوٌن ولصص الطوفان وأصول شعوب المنطمة العربٌة‪ ،‬ولد‬ ‫توصل الباحث إلى أن مجمل هذه المصص كانت فً الٌمن‪.‬‬

‫ولدم (الدبش) فً كتابه «اختطاؾ أورشلٌم»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2013‬الدلٌل على أن أورشلٌم ٌمنٌة‪،‬‬ ‫وٌعتبر هذا الكتاب استكماالً لكتابه «كنعان وملون بنً إسرابٌل فً جزٌرة العرب»‪ .‬وأكد (الدبش) فً كتابه‬ ‫«بحثا ً عن النبً إبراهٌم»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2017‬أن المسرح التارٌخً والجؽرافً للنبً إبراهٌم فً‬ ‫الٌمن‪.‬‬ ‫‪20‬‬


‫وتؤتً جمعٌة التجدٌد البحرٌنٌة‪ ،‬لتسٌر على نهج د‪ .‬أحمد داوود ود‪ .‬كمال الصلٌبً‪ ،‬وتصدر عده‬ ‫كتب حول هذه النظرٌة (خطؤ تحدٌد جؽرافٌة الحدث التوراتً) منها كتاب «نداء السراة ‪ ...‬اختطاؾ‬ ‫جؽرافٌا األنبٌاء»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2006‬والواضح من عنوان هذا الكتاب أن مإلفة أراد أن ٌثبت فٌه‬ ‫أن جؽرافٌا االنبٌاء تم اختطافها‪ ،‬ولد توصل مإلؾ الكتاب إلى أن الجؽرافٌة الحمٌمة لؤلنبٌاء هً جزٌرة‬ ‫العرب‪.‬‬

‫ٌحدثنا الباحث العرالً‪ ،‬فاضل الربٌعً‪ ،‬فً كتابه‬ ‫« لصة حب فً أورشلٌم‪ :‬ؼرام النبً سلٌمان باإللهة‬ ‫العربٌة سلمى (ترجمة جدٌدة لنشٌد األنشاد عن النص‬ ‫العبري) »‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2005‬أن «نشٌد‬ ‫األنشاد» هو فً األصل لصٌدة كتبها شاعر مجهول‪،‬‬ ‫ولكنه من ببلد الٌمن‪ ،‬وذلن ألن األماكن المذكورة فً‬ ‫النشٌد لها ما ٌمابلها أو ٌماثلها فً تلن الببلد‪ .‬وٌتناول‬ ‫الربٌعً فً كتابه «ٌوسؾ والببر؛ أسطورة الولوع فً‬ ‫ؼرام الضٌؾ»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ .2008‬دراسة‬ ‫مسرح لصة ٌوسؾ ورموزها وشخصٌاتها ومدلوالتها‪،‬‬ ‫وٌتوصل إلى أن االحداث ولعت فً الٌمن ‪.‬‬

‫المدس لٌست أورشلٌم‪،‬‬ ‫تناول الربٌعً‪ ،‬فً كتابه «‬ ‫ُ‬ ‫فلسطٌن»‪ ،‬الذي صدر فً‬ ‫ِ‬ ‫مساهمةُ فً تصحٌحِ تارٌخِ‬ ‫المدس‬ ‫العام ‪ .2010‬طرح النظرٌة التً تإكد إن «‬ ‫ُ‬ ‫الفلسطٌنٌةُ لٌست أورشلٌم التوراةِ»‬ ‫وٌذهب الباحث العرالً‪ ،‬فاضل الربٌعً‪ ،‬فً كتابه الموسوعً «فلسطٌن المتخٌلة‪ :‬أرض التوراة فً الٌمن‬ ‫المدٌم»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪2008‬؛ إلى أن الٌمن هً أرض التوراة‪ ،‬استنادا ً إلى لراءت ِه للتورا ِة باللؽ ِة‬ ‫المدٌم‪.‬‬ ‫بالشعر العربً‬ ‫والمصادر العربٌ ِة المدٌم ِة‪ ،‬واالستعان ِة‬ ‫ت الهمدانً‪،‬‬ ‫العبرٌ ِة‪ ،‬واالعتما ِد على مإلفا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولدم الربٌعً فً كتابه «حمٌمة السبً البابلً ـ الحمبلت اآلشورٌة على الجزٌرة العربٌة والٌمن»‪ ،‬الذي‬ ‫صدر فً العام ‪ . 2009‬رإٌة لحادثة السبً البابلً‪ ،‬والحمبلت األشورٌة‪ ،‬وتوصل إلى أنها كانت باتجاة‬ ‫الجزٌرة العربٌة والٌمن‪ ،‬ولم تكن باتجاه فلسطٌن‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫فلسطٌن»‪ ،‬الذي صدر فً‬ ‫ولد تناول الربٌعً‪ ،‬فً كتابه «‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫المدس لٌست أورشلٌم‪ ،‬مساهمةُ فً تصحٌحِ تارٌخِ‬ ‫المدس الفلسطٌنٌةُ لٌست أورشلٌم التورا ِة»‪ .‬وٌفند الربٌعً فً‬ ‫العام ‪ .2010‬طرح النظرٌة التً تإكد إن «‬ ‫ُ‬ ‫كتابه «أسطورة عبور األردن وسموط أرٌحا من اخترع هذا التارٌخ؟»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪.2014‬‬ ‫مسرح األحداث التً تخٌّلها واختلمها االستشرالٌون من التٌار التوراتً ولاموا بالتروٌج لها‪ ،‬وٌتوصل الى‬ ‫أن بنو إسرابٌل لم ٌعبر نهر األردن‪ ،‬وٌوشع بن نون لم ٌفتح أرٌحا الفلسطٌنٌة لط‪ .‬والتوراة ال تعرؾ مؤدبا‪.‬‬ ‫وفً كتابه الجدٌد‪«،‬بنو إسرابٌل لم ٌخرجوا من مصر ــ إسرابٌل المتخٌلة‪ :‬مساهمة فً تصحٌح التارٌخ‬ ‫الرسمً لمملكة إسرابٌل المدٌمة»‪ ،‬الذي صدر فً العام ‪ٌ .2017‬شٌر الربٌعً إلى أن موسى خرج بشعبه‬ ‫من أرض مملكة ٌمنٌة عظٌمة كانت تدعى (مصر ــ مصرن) حسب النموش‪ ،‬بحثا ً عن إلهة وتمدٌسا ً ألماكن‬ ‫عبادته ومواضعها‪.‬‬

‫لجدٌر باالنتباهِ‪ ،‬أن أطروحات الباحثٌنَ التً ت َعتبر (عسٌر)‪ ،‬أو (الٌمن)‪ ،‬أو (الجزٌرةِ العربٌ ِة) عموما ً‬ ‫من ا‬ ‫ِ‬ ‫لملون بنً إسرابٌ َل لٌست بجدٌدة؛ فمد سبمهم العدٌد من الباحثٌن‬ ‫هً المسرح الجؽرافً والتارٌخً‬ ‫ِ‬ ‫ق النمساوي‬ ‫المستشرلٌنَ الثماة؛ ففً عام ‪ ،1907‬بدأت أكادٌمٌةُ فٌنٌا‪،‬‬ ‫بإصدار مإلَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ المستشر ِ‬ ‫)‪ ، (Alois Musil‬بعنوان »‪ «Arabia Petraea‬فً أربعة أجزاء‪ ،‬والذي كتبهُ أثنا َء زٌارت ِه‬ ‫ٌفهم التوراة من خبل ِل الطبٌع ِة التً ُو ِل َدت فٌها‪ ،‬وأدرن ‪(Alois‬‬ ‫لموالعِ التارٌخ التوراتً‪ ،‬أمبلً فً أن‬ ‫َ‬ ‫)‪Musil‬فً حٌن ِه‪ ،‬ولبل ؼٌرهِ‪ ،‬أن »سٌناء التوراتٌة« لٌست هً »سٌناء الحالٌة«‪ ،‬وأن اآلراء الشابعة‬ ‫حول موسى‪ ،‬وحول الدٌانة الٌهودٌة لٌست صحٌحة‪.‬‬

‫ُ‬ ‫المستشرق دٌفٌد صوئٌل مرجولٌوث ‪ ، Margolioth‬فً كتابه «العبللات بٌن العرب‬ ‫ذهب‬ ‫بل لمد‬ ‫َ‬ ‫وبنً إسرابٌل لبل ظهور اإلسبلم ‪« (The Relations between Arabs and Israelites prior‬‬ ‫)‪ ،to the Rise of Islam‬الذي صدر فً العام ‪ .1924‬إلى أن «الوطنَ األصلً لبنً إسرابٌل لم ٌكن‬ ‫ألدم األزمن ِة التارٌخٌة«‪ .‬وٌستدل‬ ‫سٌناء؛ بل كان بببل ِد‬ ‫ِ‬ ‫فً شب ِه جزٌرةِ‬ ‫الٌمن التً خرجت منها أمم كثٌرة ً من ِ‬ ‫ِ‬ ‫على رأٌه هذا ببعض أدلة منها «أن عادات بنً إسرابٌل وأخبللهم االجتماعٌة فً عصورهم األولً كانت‬ ‫لرٌبة من أخبلق العرب فً الجاهلٌة‪ ،‬فهنان شبها ً عظٌما ً بٌن بعض العادات االجتماعٌة واألخبلق الدٌنٌة‬ ‫عند أهل سبؤ وبنً إسرابٌل‪ ،‬ومنها أٌضا ً ووجود ألفاظ مشتركة بٌن اللؽتٌن السببٌة والعبرٌة‪ ،‬وزٌادة على‬ ‫المادة اللؽوٌة العبرٌة التً تشبه العربٌة شبها ً كبٌرا ً نجد كثٌرا ً من أسماء األعبلم العبرٌة المدٌمة شابعة‬ ‫االستعمال عند العرب فً الجاهلٌة‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫ال ٌحك ألحد الباحثٌن االدعاء بؤنه صاحب هذه النظرٌة (خطؤ تحدٌد جؽرافٌة الحدث التوراتً)‪ ،‬أو محاولة‬ ‫احتكارها بنسج لصة خٌالٌة أنه اكتشؾ مبكرا ً فً أحد المكتبات‪ ،‬كتابا ً لجؽرافً عربً لدٌم‪ٌ ،‬شٌر إلى موالع‬ ‫ذكرت فً التوراة‪ ،‬وكؤنه لم ٌطلع على أعمال جٌل من الباحثٌن‬ ‫وكانت بطون كلب الٌهودٌة من أعظم البطون الٌهودٌة التً تسكن فً جنوب فلسطٌن‪ ،‬وكذلن نجد بٌن‬ ‫المبائل العربٌة من ٌلمب بهذا اللمب فمد كانت المبائل الكلبٌة العربٌة فً شمال الجزٌرة التً نسبت إلى‬ ‫العصبٌة الٌمنٌة‪ .‬وأنظر إلى أسماء األعبلم األخرى التً تدل على لوة الشبة بٌن اللؽتٌن‪ ،‬وعظم التمارب فً‬ ‫المٌول‪ ،‬والعملٌة بٌن الشعبٌن‪ ،‬فمن هذه األعبلم ما ٌؤتً‪ -:‬حفنً ــ على ــ عبد هللا ــ حموال ــ الفادى ــ‬ ‫السعد ــ عفراء‪ ،‬وٌوجد كثٌر من هذه األعبلم فً النموش السببٌة والثمودٌة‪«.‬‬

‫ُ‬ ‫المستشرق األلمانً هوغو ونكلر )‪ (Hugo Winckler‬رسالتهُ المثٌرةِ للجد ِل التً أسماها‬ ‫ؾ‬ ‫ولد ألَّ َ‬ ‫«مصري وملوخا ومعٌن»؛ بٌن فٌها رأٌه أن «مصري» هً أرض عربٌة شمالٌة‪ ،‬وأن مصر المذكورة‬ ‫فً التوراة هً فً ببلد العرب‪ ،‬ال فً أفرٌمٌة‪ .‬وأن عبــارة هاكـــرهم مصــرٌت‪(Hagar Ham-‬‬ ‫)‪ ،Misrith‬بمعنى هاجر المصرٌة‪ ،‬ال تعنى هاجر من مصر المعروفة‪ ،‬بل من مصر العربٌة‪ ،‬أي من هذه‬ ‫المماطعة التً نتحدث عنها (معن مصرن) وأن المصص الواردة فً التوراة عن مصر وعن فرعون‪ ،‬هو‬ ‫لصص ٌخص هذه المماطعة العربٌة‪ ،‬وملكها العربً‪ .‬و لد انتبه إلى هذه الحمابك المإرخ العرالً د‪.‬جواد‬ ‫علً‪ ،‬فً موسوعته «المفصل فً تارٌخ العرب لبل اإلسبلم»‪ ،‬التً صدرت فً العام ‪.1976‬‬

‫لصارى المول‪ ،‬ال ٌحك ألحد الباحثٌن االدعاء بؤنه صاحب هذه النظرٌة (خطؤ تحدٌد جؽرافٌة الحدث‬ ‫التوراتً)‪ ،‬أو محاولة احتكارها بنسج لصة خٌالٌة أنه اكتشؾ مبكرا ً فً أحد المكتبات‪ ،‬كتابا ً لجؽرافً‬ ‫عربً لدٌم‪ٌ ،‬شٌر إلى موالع ذكرت فً التوراة‪ ،‬وكؤنه لم ٌطلع على أعمال جٌل من الباحثٌن‪ ،‬استخدم نفس‬ ‫المصدر والمرجع ــ إن كان لم ٌطلع أفٌكون أهبل للبحث العلمً وتبنً النظرٌات؟! أن محاولة االدعاء‬ ‫الباطل بكونه‪ ،‬هو‪ ،‬من أكتشؾ نظرٌة «خطؤ تحدٌد جؽرافٌة الحدث التوراتً»‪ٌ ،‬سمط أمام المنهجٌَّة التً‬ ‫صً إن كان كتابه هو األول من‬ ‫َفرض‪ ،‬أوالً‪ ،‬ت َم ِ ّ‬ ‫مومات العلمٌَّة‪ ،‬ت ِ‬ ‫َح َّك لها‪ ،‬ادعاء امتبلن الحد األدنى من ال ُم ّ ِ‬ ‫نوعه أم ال‪ .‬وهذا ما سنالشه فً المماالت المادمة‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫عال َم ٌُطلَك اس ُم فلسطٌن؟‬ ‫"عبلم ٌُطلَك اس ُم فلسطٌن؟"‪ ،‬فً هذا الكتاب ٌنطلك أالن‬ ‫عنوان هذا الممال مستعار من كتاب أالن غرٌش‬ ‫َ‬ ‫ؼرٌش من تساإل ٌنتحل البراءة‪ ،‬تساإل ٌطلب تعرٌفا جامعا مانعا السم أفمدته اعتٌادٌةُ التداول الٌومً الجدة‬ ‫المإ ّهِلة لطرح التساإل‪ .‬لسان حاله فً انتحال البراءة ٌمول‪" :‬تعالوا نسرد األحداث التارٌخٌة منذ بداٌاتها‪،‬‬ ‫الطرؾ عنها‪".‬‬ ‫الؽرب‬ ‫ٌؽض‬ ‫فً ضوء الوثابك التً عادة ما‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬

‫كتب الباحث العرالً فاضل الربٌعً فً مولع الجزٌرة (‪ )2017/01/12‬مماال بعنوان "التوراة لم تذكر‬ ‫اسم الفلسطٌنٌ​ٌن وال تعرؾ فلسطٌن"‪ ،‬جاء فٌه‪" :‬أن اسم فلسطٌن والفلسطٌنٌ​ٌن لم ٌظهر فً السجبلت‬ ‫التارٌخٌة إال نحو عام ‪ 330‬مٌبلدٌة مع التمسٌم اإلداري الرومانً البٌزنطً لسورٌا‪ .‬لمد أطلك البٌزنطٌون ‪-‬‬ ‫مع اعتنالهم للمسٌحٌة فً سورٌا سنة ‪325‬م مع صعود لسطنطٌن العظٌم للعرش وترجمة األناجٌل من‬ ‫العبرٌة إلى الٌونانٌة‪ -‬اسم فلسطٌن على المطاع الجنوبً من سورٌا"‪ .‬وٌضٌؾ الربٌعً‪" :‬لبل هذا التارٌخ لم‬ ‫ٌكن هنان استخدام لبلسم كمطاع إداري فً الوثابك والسجبلت التارٌخٌة‪ .‬هذا ال ٌعنً أن اسم الشعب لم ٌكن‬ ‫لسر فً فشل الباحثٌن والدارسٌن ‪-‬فً العثور على اسم‬ ‫معروفا‪ .‬نحن نتحدث عن نشاط إداري وحسب‪ .‬إن ا ّ‬ ‫فلسطٌن (كمطاع) فً السجبلت المدٌمة والنموش‪ٌ -‬كمن هنا‪".‬‬

‫التبسنا هذه الفمرات وفً نٌتً أن ألدم فً هذه الممالة تموٌما تارٌخٌا لهذه النصوص‪ .‬وبملٌل من الجهد‬ ‫نستطٌع أن نمتبس ألواال وحججا من مصادر تارٌخٌة تفنّد ما طرحه الربٌعً فً مماله حول "فلسطٌن"‪،‬‬ ‫ولعل أسوأ ما جاء فً الممال أنه حرص على إلصاء "فلسطٌن" إللٌما وشعبا عندما لال‪" :‬إن اسم فلسطٌن‬ ‫والفلسطٌنٌ​ٌن لم ٌظهر فً السجبلت التارٌخٌة إال نحو عام ‪ 330‬مٌبلدٌة ‪".‬‬

‫ٌشٌر هٌرودوت فً نصوصه عند الحدٌث عن "فلسطٌن" اإلللٌم والسكان بالمول‪" :‬وٌسكن الببلد الممتدة من‬ ‫أرض الفٌنٌمٌ​ٌن حتى حدود مدٌنة كادٌتس [ؼزة] السورٌون الذٌن ٌسمون "الفلسطٌنٌون"‬

‫لسنا هنا فً مجال الحدٌث عن أصول اسم "فلسطٌن" وجؽرافٌتها‪ ،‬ونحٌل المارئ إلى مإلفاتنا‪" :‬كنعان‬ ‫وملون بنً إسرابٌل فً جزٌرة العرب" (‪ ،)2005‬و"عورة نوح ولعنة كنعان وتلفٌك األصول" (‪،)2007‬‬ ‫و"سلسلة التارٌخ الٌمنً المجهول‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الٌمن الحضارة واإلنسان‪ :‬بحثا عن الجذور" (‪).2011‬‬

‫‪24‬‬


‫ولكن دعونا نعود بذاكرتنا إلى ذلن المإرخ اإلؼرٌمً الذي عاش فً المرن الخامس لبل المٌبلد وٌُعرؾ‬ ‫باسم‪ :‬أبو التارٌخ‪ ،‬وألَّؾ كتاب "التارٌخ" حوالً سنة ‪ 440‬ق‪.‬م‪[ .‬ترجمه إلى العربٌة حبٌب أفندي بسترس‬ ‫عن طبعة الرشً الفرنسً‪ ،‬تحت عنوان "تارٌخ هٌرودوتس الشهٌر"‪1886( ،‬ــ ‪ .)1887‬وأٌضا عبد اإلله‬ ‫المبلح‪ ،‬تحت عنوان "تارٌخ هٌرودوت"‪)].2001( ،‬‬

‫ما ٌهمنا من مإلَّفه هو ما كتبه عن "فلسطٌن"‪ ،‬فمد ذكر هٌرودوت ّ‬ ‫أن السكٌثٌ​ٌن اجتاحوا آسٌا‪" ،‬ولما تم لهم‬ ‫هذا زحفوا إلى مصر لبلستٌبلء علٌها‪ ،‬فلما بلؽوا فلسطٌن وجدوا أمامهم ملن مصر بسمٌتان ومعه الهداٌا‬ ‫وهو ٌلهج بالدعاء لهم‪ ،‬راجٌا التولؾ عن زحفهم‪ .‬فعادوا أدراجهم حتى تولفوا فً عسمبلن‪ ،‬دون ْ‬ ‫أن ٌلحموا‬ ‫ضررا بالببلد فً أثناء مسٌرتهم‪ ،‬لوال ّ‬ ‫أن للّة منهم تؤخرت عن الركب‪ ،‬وأخذت تعمل نهبا فً معبد‬ ‫المكرس لها فً‬ ‫أفرودٌت‪ .‬ولد تمصٌتُ األمر وتبٌّن لً أنه ألدم المعابد الخاصة بهذه اآللهة‪ ،‬وما المعبد‬ ‫ّ‬ ‫لبرص ‪-‬كما ٌُسلّم أهلها بذلن‪ -‬إالّ تملٌد لهذا المعبد فً عسمبلن‪ ،‬والمعبد الذي فً شتٌرا ألامه الفٌنٌمٌون‪ ،‬وهم‬ ‫أهل هذه المنطمة من سورٌة‪".‬‬

‫إن هٌرودوت أطلك على المنطمة الممتدة من جنوبً مدٌنة دمشك إلى حدود‬ ‫صحراء سٌناء اسم "فلسطٌن"‪ ،‬وهذه مسؤلة تجاهلها الربٌعً!‬ ‫كتب هٌرودوت عن هوٌة سكان "فلسطٌن" عند حدٌثه عن عادة الختان ما ٌلً‪" :‬الختان معروؾ عند‬ ‫المصرٌ​ٌن واألثٌوبٌ​ٌن منذ ألدم العصور‪ .‬وهذا أمر ٌمر به الفٌنٌمٌون والسورٌون سكان فلسطٌن فٌمولون‬ ‫بؤنهم إنما أخذوا هذا التملٌد عن المصرٌ​ٌن"‪ .‬كما ٌشٌر هٌرودوت إلى "فلسطٌن" اإلللٌم بالمول‪" :‬إن النصب‬ ‫التً ألامها سٌسوستورٌس فً الببلد التً لهرها لد زال معظمها‪ ،‬ولكنً رأٌت بؤم العٌن تلن النصب ما‬ ‫تزال لابمة فً ذلن الجزء من سورٌة المسمى فلسطٌن‪".‬‬

‫وفً مجال إشارة هٌرودوت إلى الضرابب التً ٌدفعها كل إللٌم‪ ،‬حسب تمسٌم الفرس اإلداري‪ٌ ،‬ضع‬ ‫هٌرودوت "فلسطٌن" جزءا من اإلللٌم الخامس لاببل‪" :‬ثبلثمبة وخمسون تالنت (وزنة) ٌدفعها سكان المنطمة‬ ‫الوالعة ما بٌن مدٌنة بوسٌدٌوم التً أسسها األمفٌلوكٌون والتً تمع على الحدود بٌن للٌمٌا وسورٌة حتى‬ ‫مصر‪ ،‬باستثناء المنطمة العربٌة التً لم تكن تدفع أي ضرٌبة على اإلطبلق‪ ،‬وهذا اإلللٌم كان ٌضم‬ ‫األراضً الفٌنٌمٌة والمسم من سورٌة الذي ٌطلك علٌه فلسطٌن ولبرص‪".‬‬

‫‪25‬‬


‫وٌمول أٌضا‪" :‬أما اللسان الماري اآلخر (الهضبة) فٌبدأ فً فارس وٌشمل ببلد اآلشورٌ​ٌن والعرب‪ ،‬وٌنتهً ‪-‬‬ ‫كما هو متفك علٌه‪ -‬عند خلٌج العرب (البحر األحمر) الذي لام دارٌوس بوصله بنهر النٌل عبر لناة‪ .‬وما‬ ‫بٌن فارس وفٌنٌمٌا أرض شاسعة واسعة‪ ،‬وٌمتد هذا الفرع الذي ألوم بوصفه ههنا بمحاذاة ساحل البحر‬ ‫المتوسط من فلسطٌن ‪ -‬سورٌة حتى مصر‪ ،‬حٌث ٌنتهً وٌضم ثبلثة ألوام‪".‬‬

‫ٌعود هٌرودوت فً نصوصه إلى الحدٌث مرة أخرى عن "فلسطٌن" اإلللٌم والسكان بالمول‪" :‬وٌسكن الببلد‬ ‫الممتدة من أرض الفٌنٌمٌ​ٌن حتى حدود مدٌنة كادٌتس [ؼزة] السورٌون الذٌن ٌسمون "الفلسطٌنٌون"‪ .‬ومن‬ ‫هذه المدٌنة ‪-‬التً تضارع مدٌنة ساردٌس فً حجمها‪ -‬فإن جمٌع الموانا حتى جٌنٌسٌوس تتبع ملن العرب‪.‬‬ ‫والمنطمة التً تمتد من هنان حتى بحٌرة سربونٌس (سبخة البردوٌل) والتً بالمرب منها ٌنحدر جبل‬ ‫كاسٌوس لٌصل إلى البحر‪ ،‬فإنها تعود لسورٌة أٌضا‪ .‬أما مصر فتبدأ من منطمة بحٌرة سربونٌس (حٌث‬ ‫تذهب الرواٌة إلى أن تٌفون (اإلله سٌث) ٌختفً هنان ‪)".‬‬

‫وصف هٌرودوت هوٌة سكان المنطمة الجغرافٌة التً ٌطلك علٌها "فلسطٌن"‬ ‫بالمول‪ :‬السورٌون الذٌن ٌسمون الفلسطٌنٌون‬ ‫ٌشٌر هٌرودوت إلى مشاركة سكان "فلسطٌن" فً حروب الفرس بالمول‪" :‬وكان األسطول ٌتؤلؾ من ألؾ‬ ‫ومابتٌن وسبع من السفن الضخمة الطوٌلة‪ ،‬عدا السفن العادٌة ولوارب النمل‪ :‬لدم الفٌنٌمٌون والسورٌون‬ ‫سكان فلسطٌن ‪ 300‬سفٌنة‪ .‬وبحارتها ٌرتدون خوذات شبٌهة بخوذات أمثالهم من األؼرٌك فضبل عن‬ ‫الدروع من نسٌج الكتان والتروس والرماح‪ .‬وٌروي هإالء أنهم كانوا ٌسكنون الخلٌج العربً فً لدٌم‬ ‫الزمان ثم هاجروا إلى الساحل السوري‪ ،‬وما زالوا ٌسكنون هذا الساحل إلى الٌوم‪ .‬وتعرؾ هذه المنطمة من‬ ‫سورٌة وما ٌلٌها جنوبا حتى مصر بفلسطٌن‪".‬‬

‫ثمة عدة حمابك تكمن فً نصوص هٌرودوت تستعصً على التلفٌك‪ ،‬وتفنّد ما ذهب إلٌه الربٌعً‪ ،‬وهً ما‬ ‫ٌلً‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬أن هٌرودوت أطلك على المنطمة الممتدة من جنوبً مدٌنة دمشك إلى حدود صحراء سٌناء اسم‬ ‫"فلسطٌن"‪ ،‬وهذه مسؤلة تجاهلها الربٌعً!‬

‫‪26‬‬


‫ثانٌا‪ :‬نص هٌرودوت على أن "فلسطٌن" هو اسم اإلللٌم كما ذُكر فً تمسٌم الفرس اإلداري للمناطك التً‬ ‫احتلوها فً الشرق العربً‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن هٌرودوت كتب مإلَّفه اعتمادا على ما رآه هو وما سمعه من أهل الببلد‪ ،‬أي أنه لم ٌختلك اسم‬ ‫"فلسطٌن"‪ ،‬وإنما نمل اسما كان مستخدما فً اإلللٌم نفسه خبلل زٌارته‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬وصؾ هٌرودوت هوٌة سكان المنطمة الجؽرافٌة التً ٌطلك علٌها "فلسطٌن" بالمول‪ :‬السورٌون الذٌن‬ ‫ٌسمون الفلسطٌنٌون ‪.‬‬

‫من المناسب أن نختم هذا الممال بما ٌمول المفكر الفرنسً بٌر روسً فً كتابه "مدٌنة إٌزٌس‪ ،‬التارٌخ‬ ‫الحمٌمً للعرب"‪" :‬إن إعادة اسم فلسطٌن الوحٌد إلى هذه األرض ٌصبح إذًا لٌس فمط مطابما للماعدة‬ ‫التارٌخٌة األدق واألصح‪ ،‬ولكن لرفض تدخل أو وساطة أحكام علمٌة تعسفٌة ومسبمة‪ .‬إنه لٌس هذا العرق أو‬ ‫ذان‪ ،‬هذا الدٌن أو ذان الذي استفاد من انتخاب الطبٌعة‪ ،‬ولكنها‪ ،‬فلسطٌن‪ ،‬المطر ذاته‪ ،‬الذي أخلى الشكل‬ ‫الخارجً فً البحر المتوسط لمركز ثمافً مختار‪ ،‬فإلى ؼالبٌة سكانه إنما ٌعود دور ناشري الفنون والعلوم‪".‬‬

‫"إسرائٌل" وأكذوبة الدولة الٌهودٌة‬ ‫عادل هاشم ٌاسٌن‬ ‫ال شن بؤن الوالع الجٌوسٌاسً الذي تعٌشه المنطمة ٌصب فً مصلحة إسرابٌل‪ ،‬بل كؤنها شاركت فً‬ ‫صٌاؼته حسب رإٌتها ورؼباتها‪ ،‬كٌؾ ال والعالم العربً منهمن فً خبلفاته‪ ،‬والعالم اإلسبلمً ٌستنزؾ‬ ‫طالاته فً صراع بٌن سنة وشٌعة‪ ،‬أما بمٌة دول العالم فلكل اهتماماتها وأولوٌاتها‪ ،‬أضؾ إلى ذلن فهً‬ ‫تعٌش حالة من النشوة فً ظل إدارة أمٌركٌة ذات أؼلبٌة ورإٌة ٌهودٌة واضحة‪ ،‬لذلن فهً تسعى بكل لوة‬ ‫الستؽبلل الفرص لتعزٌز مكانتها‪ ،‬وترسٌخ وجودها من خبلل سن لوانٌن جدٌدة كمانون المومٌة الذي ٌنص‬ ‫على أن دولة إسرابٌل هً الوطن المومً للشعب الٌهودي‪ ،‬ال سٌما وأنها باتت تدرن الخطر الدٌموؼرافً‬ ‫الذي ٌهدد كٌانها من الداخل وٌفمدها األؼلبٌة‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫إذ إن عدد الفلسطٌنٌ​ٌن الذٌن ٌعٌشون داخل حدود فلسطٌن التارٌخٌة ٌمارب ‪ 7‬ملٌون ممابل ‪ 6‬ملٌون‬ ‫إسرابٌلً تمرٌبا‪ ،‬إال أن إلدامها على هذه الخطوة ال ٌمكن أن ٌؽطً الحمٌمة التً ٌحاول ساسة إسرابٌل‬ ‫إخفاءها‪ ،‬والتً تتمثل بفشلهم فً إلناع أكثر من نصؾ ٌهود العالم بالهجرة للوطن المزعوم‪ ،‬رؼم مرور ‪69‬‬ ‫عاما على إلامته‪ ،‬إذ إن نسبتهم ال تتجاوز ‪ % 43‬من عدد الٌهود فً العالم بل إنهم فشلوا فً إلناع نسبة‬ ‫كبٌرة ممن هاجروا إلٌها بالبماء‪.‬‬

‫حٌث أشارت بعض المعطٌات إلى أن ما ٌمارب من ‪ 200‬ألؾ من مهاجري روسٌا وثلث مهاجري فرنسا‬ ‫ونسبة ال ٌستهان بها من ٌهود أثٌوبٌا عادوا من حٌث أتوا‪ ،‬كما أن استطبلعات الرأي أشارت إلى أن ما‬ ‫ٌمارب من ‪ % 35‬من اإلسرابٌلٌ​ٌن ٌرؼبون بمؽادرتها ألسباب أمنٌة أوالتصادٌة‪ ،‬خصوصا بعد العدوان‬ ‫األخٌر على ؼزة عام ‪.2014‬‬

‫ألم ٌكن من األجدر بالنسبة لساسة إسرابٌل أن ٌتفموا فٌما بٌنهم حول تعرٌؾ موحد للٌهودي والٌهودٌة أو أن‬ ‫ٌمرأوا بعض أحداث التارٌخ لٌعلموا أن كثرة الموانٌن وطول السنٌن ال تمنح شرعٌة وال تثبت وجود‪.‬‬ ‫وفً هذا السٌاق أٌضا‪ ،‬نشٌر إلى أن ما ٌمارب من ‪ 800‬ألؾ إسرابٌلً ٌُصنفون على أنهم ضمن تعداد‬ ‫السكان‪ ،‬لكنهم ؼادروها منذ سنوات‪ ،‬أما المضٌة األهم وهً أن هنان نسبة كبٌرة من اإلسرابٌلٌ​ٌن ٌرفضون‬ ‫إضفاء طابع دٌنً علٌها‪ ،‬عدا عن وجود جماعات ٌهودٌة متدٌنة ترفض االعتراؾ بها أصبل‪ ،‬بل تحرص‬ ‫على حرق أعبلمها خبلل احتفاالت عٌد استمبللها‪.‬‬

‫وفً ظل الحدٌث عن الدولة نتساءل لماذا تتردد حكومة إسرابٌل فً اتخاذ لرار سٌادي ٌرسم حدودها‪ ،‬أم‬ ‫أنها ال تجرإ على ذلن‪ ،‬لما له من تداعٌات داخلٌة ودولٌة‪ ،‬ثم ماذا عن الدستور ولماذا لم تتمكن من صٌاؼته‬ ‫وتستعٌض عنه بموانٌن أساسٌة تتؽٌر بٌن الحٌن واآلخر حسب مزاج ومصلحة صناع المرار فٌها‪.‬‬

‫وعلى ضوء ما ذكرناه سابما‪ٌَ ،‬حك لنا أن نتساءل؛ ألم ٌكن من األجدر بالنسبة لساسة إسرابٌل أن ٌتفموا فٌما‬ ‫بٌنهم حول تعرٌؾ موحد للٌهودي والٌهودٌة أو أن ٌمرأوا بعض أحداث التارٌخ لٌعلموا أن كثرة الموانٌن‬ ‫وطول السنٌن ال تمنح شرعٌة وال تثبت وجود أو توفر األمن‪ ،‬فكم طوت صفحات التارٌخ من إمبراطورٌات‬ ‫س َّرهُ زَ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫من سا َءتهُ‬ ‫أزمان‪.‬‬ ‫ودول‪ ،‬فاألٌام دُول و َمن َ‬

‫‪28‬‬


‫حمائك بٌن "الٌهودٌة" كدٌن أو "لومٌة"؟!‬ ‫بكر أبوبكر‬ ‫‪-1‬لم ٌكن الوجود الٌهودي المنظم فً فلسطٌن اال استنساخ لعصر المومٌات فً اوربا بحٌث عملوا على‬ ‫تكرٌس الٌهودٌة ن"لومٌة" (ما هو اختبلق واختراع ضد الحمٌمة)‬ ‫‪ -2‬بن ؼورٌون كان والمٌادة علمانٌ​ٌن بل وكانوا ٌسخرون من الدٌن‪ ،‬ومنهم من لال ذلن جهرا مستخفا بجبل‬ ‫الهٌكل (ما ٌسمونه كذلن وهو أسطورة)‬ ‫‪-3‬دٌنٌا (بالٌهودٌة) ال ٌجوز الصعود ل"جبل الهٌكل" لما لذلن من عبللة برجوع المسٌح عندهم ‪ ،‬عام‬ ‫‪ 2006‬فمط افتى احد الحاخامات بتجوٌز الصعود‪ ،‬ومازال الخبلؾ كبٌرا لكن االستؽبلل السٌاسً ٌسعّره‬ ‫‪-4‬جزء من المجتمع الٌهودي وهو ذان "االصولً السلفً" ٌسٌر كما الحال عندنا وراء الفتاوى‪ ،‬فما رأٌن‬ ‫والتحالؾ االصولً السلفً الٌهودي والطبمة الحاكمة الحالٌة؟!‬ ‫‪-5‬هل ٌتجه المجتمع االسرابٌلً نحو الماضوٌة السلفٌة المؽرلة رؼم وجود فبات متحررة من هذه االفكار‪،‬‬ ‫وهل سٌستطٌع تجاوزها؟! سإال ٌنتظر االجابة‪ ،‬فالمعركة‪-‬رؼم ما ٌفعله نتنٌاهو‪-‬هل تتحول لدٌهم الى ٌهودٌة‬ ‫دٌنٌة ممابل االخر ام ستظل "ٌهودٌة لومٌة" ممابل االخر؟‬

‫تموض‬ ‫"نداء المدس"‪ ،‬حمائك تارٌخٌة فً فلسطٌن والمدس ّ‬ ‫االدعاءات الٌهودٌة‬ ‫‪-1‬فلسطٌن هً أرض العرب الفلسطٌنٌ​ٌن ‪،‬وهم من سكنها من لبابل العرب (الكنعانٌ​ٌن والٌبوسٌ​ٌن‬ ‫والفلسطٌنٌ​ٌن واللخمٌ​ٌن‪ )...‬ما لبل المٌبلد‪،‬اثر هجرات جنوب الجزٌرة‬ ‫‪-2‬لم ٌكن فً المدس وفلسطٌن سكنا أو والدة أو معٌشة أو وفاة أي من أنبٌاء هللا من ( موسى إلى‬ ‫سلٌمان وداوود وٌوشع وٌوسف وٌعموب‪...‬الخ) الذٌن نشؤوا وماتوا فً مكان آخر وكثٌر من األبحاث دلت‬ ‫على أنه فً الٌمن المدٌم (انظر فاضل الربٌعً واحمد الدبش ود‪.‬زٌاد منى وفرج هللا صالح دٌب وكافة‬ ‫األبحاث الجادة الحدٌثة)‬

‫‪29‬‬


‫‪-3‬فلسطٌن على مر األزمان لم تسكنها (لبٌلة بنً إسرائٌل العربٌة الٌمنٌة المنمرضة) إال حٌن هاجرت مع‬ ‫لبابل العرب األخرى الى هنا‪ ،‬اثر تدمٌر إماراتهم‪/‬مخالٌفهم بعد سبٌهم 'مع ؼٌرهم من المبابل' من الٌمن‬ ‫لبابل‪ ،‬وؼٌرها من األسباب فً الٌمن‬ ‫‪ -4‬عندما ولد المسٌح علٌه السبلم ونشر دعوته فً منطمة محدودة من فلسطٌن متوجها لبماٌا لبٌلة بنً‬ ‫إسرائٌل (فً ظل وجود لبائل كثٌرة أخرى)‪ ،‬لمً النُكران المعتاد‪.‬‬ ‫‪ -5‬المسجد األلصى مسرى الرسول علٌه الصالة والسالم‪ ،‬وبناؤه ثابت على زمن عبدالملن بن مروان ثم‬ ‫الولٌد‪ ،‬فهو إسالمً فمط بامتٌاز‬ ‫‪-6‬معبد لبٌلة بنً إسرابٌل المنمرضة "الهٌكل" بنً لبل انمراضهم فً أورشلٌم الٌمنٌة‪ ،‬وال ٌوجد ما ٌثبت‬ ‫مطلما أي وجود جغرافً تارٌخً لهم هنا (واورشلٌم الٌمنٌة ؼٌر المدس الٌمنٌة وهً ‪ 3‬بلدات اسمها لدس‬ ‫مختلفة)‬ ‫‪ -7‬الٌهود الحالٌ​ٌن بالعالم ال عاللة لهم بمبٌلة بنً إسرائٌل العربٌة المنمرضة المذكورة بالمرآن‪ ،‬هم من‬ ‫الخزر والروس واألوربٌ​ٌن الذٌن اعتنموا الٌهودٌة المرن‪12‬م (انظر المإرخٌن الٌهود‪ :‬كوستلر وساند‪)..‬‬ ‫‪-8‬األرض الممدسة المطلوب من بنً إسرابٌل "المدماء المنمرضٌن" دخولها ألعمارها المذكورة بالمرآن‬ ‫لٌست فً فلسطٌن‪ ،‬بل (بالٌمن المدٌم)‪ ،‬وأي كان مكانها فهً مرتبطة بموم عرب انمرضوا ولم ٌورثوها‬ ‫كورااثة االبن عن أبٌه مطلما‪ ،‬وانما فُرض علٌهم دخولها للدعوة للتوحٌد‪ ،‬وفشلوا‪.‬‬ ‫ٌعط هللا سبحانه أٌة أرض حتى بالٌمن ألحد ‪ ،‬فهو لٌس وكٌل أراضً وعمارات جل شؤنه‪ ،‬الن هذا‬ ‫‪ -9‬لم ِ‬ ‫الفهم العنصري الماصر ٌتنالض مع الفهم المرآنً أن األرض ٌرثها (ٌعمرها) العباد الصالحون ثم هللا‬ ‫سبحانه‪.‬‬ ‫‪-10‬ال ُكنانٌ​ٌن (الكنعانٌ​ٌن) عرب الحاح من لبٌلة طًء وكذلن (الفلستٌ​ٌن) وهم الموم الوثنٌ​ٌن عبٌد االله‬ ‫فلس لبل اٌمانهم‪ ،‬وكذلن لبٌلة بنً ٌعموب (إسرابٌل) العربٌة المنمرضة‬ ‫‪ٌ -11‬سرق اإلسرائٌلٌون الٌوم الثوب الفلسطٌنً والفالفل والكنافة ‪...‬الخ‪ ،‬كما سرلوا لبل ذلن أسماء‬ ‫المدن والمستوطنات العربٌة‪ ،‬وكما سرلوا ببلدنا كلها‪ ،‬وكما سرلوا نجمة بابل السداسٌة‪ ،‬ثم الحما اإلسبلمٌة‬ ‫(نجمة صبلح الدٌن) فنسبوها زورا لهم‬ ‫‪-12‬كان مبرر لٌام بلد للٌهود (الٌهودٌة دٌن فمط) هو مسعى االستعمارٌ​ٌن االوربٌ​ٌن منذ العام ‪ 1881‬م‬ ‫بعد مذابحهم لهم فً روسٌا واضطهادهم فً أوربا لمرون لؽرض التخلص منهم ‪ ،‬وتفتٌت أمة المسلمٌن‬ ‫بزرع كٌان ؼرٌب فً جسد األمة ‪ ،‬ما تبنته الصهٌونٌة الحما‪.‬‬ ‫‪ -13‬لم ٌشكل الٌهود (أتباع الدٌانة)‪ ،‬أو "لبٌلة" بنً إسرائٌل المنمرضٌن "شعبا" لط كما لم ٌكن لهم‬ ‫"أرض" أو "وطن" محدد جغرافٌا لط (انظر شلومو ساند وغٌره)‬ ‫‪-14‬حتى المرن ال‪ 81‬كانت الكنٌسة تعتبر األرض الموعودة لٌست على األرض بل فً السماء‬ ‫‪30‬‬


‫‪-15‬ال ٌوجد حجر واحد فً المدس أو فلسطٌن ٌشٌر ألي صلة للٌهود (الدٌانة) او لبٌلة بنً إسرابٌل‬ ‫المنمرضة‪ ،‬فما بالن بهإالء ال ُجدد سكان ببلدنا (انظر علماء اآلثار اإلسرابٌلٌ​ٌن)‬ ‫‪-16‬المسمٌات المنسوبة ألنبٌاء فً مدٌنة المدس هً تبركا أو فً حمٌمتها أسماء سالطٌن أو حكام أو من‬ ‫أولٌاء هللا‪ ،‬ولٌست بالمطلك ذات عبللة بسلٌمان أو داوود ‪...‬الخ‪ ،‬األنبٌاء علٌهم السبلم‬ ‫‪-17‬االنتماء لدٌانة محددة ال ٌؤسس حما فً جغرافٌا أو مكان منشأ الدٌانة فكما ال ٌُسوغ لبلندونٌسً‬ ‫اوالمالٌزي المطالبة بمكة المكرمة النه مسلم‪ ،‬ال ٌحك لمعتنك الدٌانة الٌهودٌة االدعاء بحك جؽرافً فً‬ ‫فلسطٌن أو الٌمن أوؼٌرها‪.‬‬ ‫‪-18‬لم ٌثبت علمٌا أي صلة وراثٌة‪-‬جٌنٌة أو لومٌة بٌن كافة معتنمً الدٌانة الٌهودٌة وبعضهم البعض‪،‬‬ ‫فاالثٌوبً واالٌرانً والٌمنً واالكرانً والروسً المعتنك للٌهودٌة له لومٌته الخاصة وال صلة وراثٌة أبدا‬ ‫بٌنهم‪( ،‬حاول العلماء االسرابٌلٌون الٌوم اثبات ذلن وفشلوا)‬ ‫حرف "الكلم عن مواضعه" وهم من‬ ‫‪-19‬كهنة التوراة مؤكد تزوٌرهم للتارٌخ وبالتالً للتوراة‪ ،‬فهم من ّ‬ ‫كتب "التناخ" الملًء باألساطٌر واألحبلم واالكاذٌب‪-‬كما أكد اسرابٌل فنكلستاٌن وزبٌؾ هرتزوغ وسبٌلبرغ‬ ‫وؼٌرهم‪ -‬والتً تسربت لموروثنا التارٌخً العربً واالسبلمً‪.‬‬ ‫أعمل عملن أوال‪ ،‬وال تلتفت لموروث التارٌخ غٌر المثبت مطلما الملئ بخرافات التوراة تارٌخٌا‬ ‫‪ِ -20‬‬ ‫وجؽرافٌا ما ُحشً فً كتبتا لؤلسؾ‪ ،‬وثك ان هللا معنا‪ ،‬وهذه ببلدنا لم تدنسها اي رجل اجنبٌة ال بمملكة وال‬ ‫إمارة‪/‬مخبلؾ‪ ،‬وال بلدٌة‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫فكرة مؤتمر لنمض مفهوم "الدولة الٌهودٌة" وتصحٌح‬ ‫الرواٌة‬ ‫نحن ال ننكر مآسً الٌهود مثبل فً أوروبا وؼٌرها‪ ،‬كما ال ننكر مآسً الشعوب المختلفة ‪ ،‬ومؤساة شعبنا‬ ‫الكبرى لبل كل ذلن‪ ،‬عدا عن أن المٌادة الفلسطٌنٌة تعترؾ بالكٌان االسرابٌلً على أرضنا فلسطٌن‪ ،‬على‬ ‫لاعدة اعبلن االستمبلل عام ‪ 1988‬ولاعدة الرسابل المتبادلة بٌن (اسرابٌل) مع (م‪.‬ت‪.‬ؾ) عام ‪.1994‬‬ ‫إن ما نطرحه لعمل مإتمر أو ندوات هو تصحٌح الرواٌة والتارٌخ والثمافة البالٌة و الوعً المدٌم‬ ‫لفلسطٌن و المنطمة ‪ ،‬وما نطرحه ٌطرق صلب المفاهٌم التالٌة التً باعتمادي ال خبلؾ علٌها حتى مع الٌهود‬ ‫االسرابٌلٌ​ٌن المتنورٌن‪ ،‬كالتالً‪:‬‬ ‫‪ -1‬لماذا فكرة رفض مطلب ( إسرابٌل ) أن تكون "دولة ٌهودٌة" ولٌست ( دولة لكل مواطنٌها )؟‬

‫‪32‬‬


‫‪-2‬وما ٌعنً ذلن أن الفلسطٌنٌ​ٌن ٌصبحون فٌها (داخل ال‪ )48‬عبٌدا أو سكانا ولٌسوا مواطنٌن‪ ،‬وان اعتبروا‬ ‫مواطنٌن فهم درجة عاشرة وبالحد االدنى درجة ثانٌة ‪ ،‬معرضٌن للطرد وسلب أراضٌهم ما ٌحصل ٌومٌا‬ ‫فً ظل عشرات الموانٌن العنصرٌة االبارتهاٌدٌة‪.‬‬ ‫‪ -3‬وما ٌعنٌه ذلن من تكرٌس لرواٌتهم المزورة بالتارٌخ المدٌم المكذوب (كما ٌإكد علماء اآلثار عندهم‬ ‫الممٌمٌن الٌوم فً تل أبٌب)‬ ‫‪ -4‬وما ٌعنً تحول (إسرابٌل ) لدولة عنصرٌة الموانٌن و لومٌة شوفٌنٌة تمارس التطهٌر العرلً بموافمتنا‬ ‫لمن هم ؼٌر ٌهود الدٌانة‪ٌ ،‬رفضها أمثال (شلومو زاند‪ ،‬واٌبلن بابٌه) وؼٌرهما أٌضا‪.‬‬ ‫‪-5‬وما ٌعنً تشرٌع لانونً للمستوطنات فً ("أرض" "إسرابٌل" كلها بما فٌها ما ٌسمونه تزوٌرا ٌهودا‬ ‫والسامرة أي الضفة)‬ ‫‪-6‬وما ٌعنً أن الٌهود من مختلؾ المومٌات فً العالم هم (لومٌة) اسمها للعجب (لومٌة ٌهودٌة) ما هو‬ ‫منالض لعلم األجناس واالنثربولوجٌا وال"دي أن إي" حٌث لم ٌستطع االسرابٌلٌون وال العالم الٌوم اثباته‬ ‫مطلما‪.‬‬ ‫‪ -7‬وما ٌعنٌ ه أٌضا من أن ٌصبح البلجبٌن الفلسطٌنٌ​ٌن لطعا خارج نطاق مساحة ما سٌطلمون علٌه (الدولة‬ ‫الٌهودٌة)‪ ،‬وٌعنً هذا شطب حك البلجبٌن الفلسطٌنٌ​ٌن كلٌا بمجرد التفكٌر بالعودة‪.‬‬

‫الٌمن مهد التوراة والمدس ومصر‬

‫‪3‬‬

‫أهبلً بكم فً "دار سلم" الٌمنٌة‪ ،‬عند المدخل الجنوبً للعاصمة صنعاء‪ .‬منطمة ٌعتمد علماء التارٌخ أنّها‬ ‫ّ‬ ‫تكتظ بالعشوابٌات وأسواق "المات" والمنتجات‬ ‫"أورشلٌم" الحمٌمٌة التً ورد ذكرها فً التوراة‪ .‬باتت الٌوم‬ ‫الزراعٌة‪ ،‬إال أنها أفضل مثال للممارنة بـ"أورشلٌم" كما كانت لبل ‪ 3000‬عام لبل المٌبلد‪.‬‬ ‫ق متخم بمصور فخمة‪ .‬وٌُعتمد‬ ‫على ممربة من "دار سلم"‪ ،‬هنالن لرٌة "بٌت بوس" التً ّ‬ ‫ً را ٍ‬ ‫تحولت إلى ح ّ‬ ‫أنّها الممصودة بـ"ٌبوس" الواردة فً التوراة بحسب المإرخ العرالً الشهٌر فاضل الربٌعً‪.‬‬ ‫هذه بعض من الشواهد المذكورة فً الكتب التً تتناول الدالبل الجؽرافٌة واللؽوٌة على ّ‬ ‫أن الٌمن لد ٌكون‬ ‫هو "أرض التوراة" ولٌس فلسطٌن‪ .‬لم ٌمتصر الجدل بٌن المإرخٌن العرب بل خاضه العدٌد من الكتّاب‬ ‫األجانب الذٌن نشروا ما ٌشكن فً األسطورة الصهٌونٌة حول أرض "المٌعاد" الكنعانٌة الموجودة فً‬ ‫‪ 3‬نمبل عن المولع االلكترونً ‪https://libral.org/vb/archive/index.php/t-212883.html‬‬

‫‪33‬‬


‫فلسطٌن بحسب "أسفار التوراة"‪ .‬إال ّ‬ ‫أن الكتّاب األجانب كانوا أل ّل جزما ً من نظرابهم العرب فً المول بؤن‬ ‫الٌمن هو "مسرح أنبٌاء التوراة‪".‬‬ ‫صها العبري المعتمد‪ ،‬أي عبارة تإكد أن المدس هً أورشلٌم ال بل على العكس‪.‬‬ ‫لم تورد "التوراة"‪ ،‬فً ن ّ‬ ‫حٌن تصؾ التوراة مكانا ً معٌّنا ً تسمٌه "لدس"‪ -‬دون األلؾ والبلم للتعرٌؾ‪ -‬وتعنً به جبل‪ .‬وطبما ً لهذا‬ ‫الوصؾ التوراتً‪ٌ ،‬كون الممصود من كلمة "لدس"‪ ،‬جبل "لدس"‪ ،‬بلدة رٌفٌة تعرؾ الٌوم كمعمل للحركة‬ ‫الناصرٌة فً محافظة تعز جنوبً الٌمن‪.‬‬ ‫أن اللؽة الرسمٌة إلسرابٌل تش ّكلت‪ ،‬فً األصل‪ ،‬من لهجات ٌمنٌة‪ ،‬لاببلً ّ‬ ‫ٌرى المإرخ فاضل الربٌعً ّ‬ ‫إن‬ ‫"اللؽة الرسمٌة الٌوم فً إسرابٌل تُس ّمى العبرٌة الصنعانٌة نسبة إلى صنعاء أو العبرٌة السببٌة‪".‬‬ ‫ٌشدد المف ّكر والباحث اللبنانً‪ ،‬فرج هللا دٌب‪ ،‬على فكرة "أرض التوراة" الٌمنٌة فً كتابه "الٌمن وأنبٌاء‬ ‫التوراة‪ ،‬هل جاء المسٌح إلى صنعاء؟" وأطروحته "التوراة العربٌة‪ ،‬وأورشلٌم الٌمنٌة" ممتفٌا ً فً ذلن‪،‬‬ ‫الحمابك التً أثارها مواطنه اللبنانً الراحل المفكر الشهٌر كمال صلٌبً فً كتابه "التوراة جاءت من جزٌرة‬ ‫العرب‪".‬‬ ‫ٌذكر فرج هللا دٌب المزٌد من أسماء األماكن الٌمنٌة الواردة فً التوراة‪ ،‬فً ممدّمتها تلن التً ترتبط بشكل‬ ‫وثٌك بالتراث الٌهودي كمدٌنة "حبرون" التً دُفن فٌها النبً إبراهٌم‪ ،‬شمال شرق عدن فً منطمة الواحدي‪.‬‬ ‫ال تع ّد وال تُحصى األماكن واألسماء والشواهد اللؽوٌة التً ذكرها فرج هللا دٌب على ّ‬ ‫أن الٌمن هو "أرض‬ ‫التوراة"‪ .‬فـ"آزال" و"حضرموت" هما اسمان الثنٌن من أبناء النبً نوح‪ ،‬و"آزال" هو اسم عاصمة الٌمن‬ ‫حتى المرن السادس المٌبلدي‪ .‬كما أن ابراهٌم رحل من "أور لاصدٌم"‪ ،‬أي من ببلد بنً لاصد‪ ،‬وهً الٌوم‬ ‫منطمة "ٌافع السفلى" فً محافظة لحج الجنوبٌة‪ ،‬إلى "مصر"‪ ،‬وهً منطمة بٌن مدٌنتً "ٌرٌم" و"إب" وسط‬ ‫الٌمن‪ .‬وهذا ٌعنً أٌضا ً ّ‬ ‫أن "مصر" المذكورة فً التوراة لٌست هً الدولة العربٌة الحالٌة إذ تناسى الفكر‬ ‫الؽربً‪ ،‬بحسب دٌب‪ ،‬أن مصر الدولة الحاضرة كان اسمها التارٌخً ببلد المبط ولٌس "مصراٌ​ٌم‪".‬‬ ‫وعن كلمة "صهٌون"‪ٌ ،‬مول دٌب إنّها وردت فً التوراة برسم "صٌّون" ولٌس صهٌون‪ّ ،‬‬ ‫ألن الهاء فعل‬ ‫لهجة عربٌة‪ .‬بُدّلت الٌاء إلى هاء وٌُمصد بها مدٌنة سٌبون الٌمنٌة فً محافظة حضرموت الشرلٌة‪ ،‬كبرى‬ ‫محافظات الببلد‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫ال تبعث هذه الحمابك على األرجح السعادة لدى عا ّمة الٌمنٌ​ٌن الذٌن ٌنظرون بعٌن الرٌبة لما تبمى من‬ ‫معتنمً الدٌانة الٌهودٌة التً تعود جذورها فً الٌمن إلى ما ٌزٌد عن ألفً عام‪.‬‬ ‫لذلن‪ ،‬لم تح َ‬ ‫ظ الدراسات المتتابعة حول "أرض التوراة" الٌمنٌة باهتمام األفراد والمإسسات المحلٌة بسبب‬ ‫مزٌج من المخاوؾ والرفض لمثل هذه األطروحات‪ .‬لكن‪ٌ ،‬بدو أن الولت لد حان الٌوم لمشاركة جرٌبة فً‬ ‫نماش من هذا النوع‪.‬‬ ‫ٌمول وكٌل وزارة الثمافة لمطاع "التراث البلمادي" عبدالهادي العزعزي لـرصٌؾ ‪" :22‬هنان العدٌد من‬ ‫الشواهد التً ت ُ ّ‬ ‫عزز هذه الحمٌمة‪ ،‬سواء بالتطابك الملحوظ فً األسماء الموجودة فً المناطك األثرٌة الٌمنٌة‪،‬‬ ‫واألسماء المذكورة فً التوراة‪ ،‬أومن خبلل الكتب واألبحاث التً لام بها العدٌد من المف ّكرون العرب‪،‬‬ ‫وأهمها كتاب "صفة جزٌرة العرب" للحسن الهمدانً‪ ،‬وكتاب "جؽرافٌات التوراة فً جزٌرة الفراعنة"‬ ‫ألحمد عٌد‪ ،‬وكتاب "فلسطٌن المتخٌلة أرض التوراة فً الٌمن المدٌم لفاضل الربٌعً‬ ‫ونظرا ً لكون الدولة الٌمنٌة الحمٌرٌة (‪ 115‬لبل المٌبلد) تابعة للدٌانة الٌهودٌة‪ ،‬ولوجود "ٌوسؾ آزار" أو‬ ‫"ذي نواس الحمٌري"‪ ،‬أحد أشهر الٌهود الٌمنٌ​ٌن والمتّهم بمحرلة "األخدود" التً لضى فٌها آالؾ من‬ ‫المسٌحٌ​ٌن‪ ،‬ت ُ ّ‬ ‫عزز هذه الشواهد من فرضٌة أن الٌمن هو "مهد الٌهودٌة"‪ ،‬بحسب العزعزي‪ .‬وٌضٌؾ أن من‬ ‫الشواهد أٌضا ً "نشٌد األنشاد" الذي كان ٌردده الٌهود وٌعتمد أنه المعلّمة المفمودة من الشعر العربً‪ ".‬وإذا‬ ‫أعدنا لراءة تارٌخ الشعر‪ٌ ،‬عود أصل الشعر الجاهلً إلى الجنوب أكثر منه إلى وسط الجزٌرة العربٌة‪".‬‬ ‫صبة لفلسطٌن كؤرض مٌعاد للٌهود ورافضةً لول الربٌعً إن‬ ‫واجهت هذه الدراسات أطروحات أجنبٌة متع ّ‬ ‫السبً البابلً للٌهود كان من الٌمن ولٌس من فلسطٌن‪ ،‬وإن "إسرابٌل" هً لبٌلة بابدة شؤنها شؤن "عاد"‬ ‫وهجرة الٌهود لم تكن إلى الشمال وإنما إلى جنوب البحر‪ ،‬بمعنى ّ‬ ‫أن محطتهم التالٌة الجزٌرة العربٌة‪.‬‬ ‫وأ ّكد كمال صلٌبً فرضٌة هجرة الٌهود إلى الجنوب فً ممابلة مع مجلة «دٌر شبٌؽل» األلمانٌة لبل ثبلثٌن‬ ‫عاماً‪ ،‬لال‪" :‬الٌهود لم ٌمطنوا أرض "فلسطٌن" وإنما مكثوا فً مناطك من ببلد عسٌر مثل تهامة والسراة‪،‬‬ ‫ولم ٌؤتوا إلٌها من مصر‪ ،‬ألن «مصراٌم» المذكورة فً التوراة هً لرٌة "مصرمة" الموجودة فً جنوب‬ ‫ؼرب الجزٌرة العربٌة‪".‬‬ ‫أما فلسطٌن المذكورة فً التوراة‪ ،‬بحسب وكٌل وزارة الثمافة الٌمنٌة عبدالهادي العزعزي‪ ،‬فمد "أتت من‬ ‫كلمة ا إلله "سٌن" وهو إله الممر الذي كانت تعبده المملكة الجنوبٌة فً الٌمن‪ ،‬والممصود بها الٌوم محافظة‬

‫‪35‬‬


‫إب وما جاورها‪ .‬وتالٌاً‪ ،‬نجد الكثٌر من الكلمات التً ما زال الناس ٌتداولونها كامتداد لهذا التؤرٌخ مثل‬ ‫"ٌاسٌن علٌهم" أي "إله السٌن ٌسلم علٌهم‪".‬‬ ‫باالضافة إلى ذلن‪ٌ ،‬مول العزعزي ّ‬ ‫إن ألدم نسخة من التوراة هً النسخة التً حصلت علٌها إسرابٌل من‬ ‫الٌمن‪ ،‬على اعتبار ّ‬ ‫أن الٌهود الشرلٌ​ٌن هم جماعة دٌنٌة‪ .‬إال أن هذه األفكار واألطروحات ما زالت‪ ،‬بحسب‬ ‫المرالبٌن‪ ،‬تحتاج إلى دراسات محلٌة مع ّممة‪ ،‬انطبللا ً من الجهود البحثٌة العمٌمة التً بذلها المإرخون العرب‬ ‫واألجانب‪ ،‬مرورا ً بموسوعٌة الرابد فً وصؾ جزٌرة العرب‪ ،‬الحسن الهمدانً‪ .‬ومع ذلن‪ ،‬فلربما ٌتمنّى‬ ‫ي من هذه الفرضٌات صحٌحة‪.‬‬ ‫الٌمنٌّون أال تكون أ ّ‬ ‫رد على ما سبك‬ ‫تم تؽٌ​ٌر او تحرٌؾ بعض الكلمات الواردة فً التوراة السرٌانٌة االصلٌة وذلن عندما طلب بطلٌموس‬ ‫مساعدة ‪72‬كاهنا لترجمة التوراة للرومانٌة والتً هً المرجع الٌوم لجمٌع النسخ المترجمة من التوراة‬ ‫وكان ذلن فً المرن الثالث تمرٌبا لبل المٌبلد خبلل احتبلل االسكندر لما ٌعرؾ الٌوم بجمهورٌة مصر‬ ‫العربٌة‪..‬‬ ‫اما الدافع الذي بسببه تجرأ بطلٌموس وطلب التزوٌر من الكهنة السبعٌنٌون ‪ -‬نسبة لعددهم ‪ -‬فكان دافعا‬ ‫التصادٌا صرفا ٌهدؾ فً النهاٌة لتحوٌل االراضً المصرٌة الى مركز للتجارة العالمٌة حٌنها وذلن‬ ‫بابرازها كمهد لبلنبٌاء واالدٌان والمعجزات وجعلها مركزا الهتمام الشعوب وذلن ما ٌبدو فً االشارة‬ ‫الدابمة فً المرآن الكرٌم الى تحرٌؾ اهل الكتاب الكلم عن مواضعه‪.‬‬ ‫نجحت الخطة بامتٌاز وتحولت احداث التارٌخ المدٌم بفضل هذا التحرٌؾ او التزوٌر الى جزء من التارٌخ‬ ‫المصري وتم ترسٌخ الجؽرافٌة التواراتٌة البطلٌموسٌة الجدٌدة كحمابك ال تمبل الجدل فً الوعً التارٌخً‬ ‫لكل الشعوب بما فٌها شعوب الدٌانات الثبلث فماهً هذه الكلمات التً تم تحرٌفها فً التوراة وماهً االثار‬ ‫الناجمة عن هذا التحرٌؾ؟‬ ‫الكلمات المحرفة الربٌسٌة هً‪"-1‬مصر" حرفت لتصبح "اٌجبت" ‪"-2‬النهر" لتصبح "نهر النٌل"‪"-3‬وادي‬ ‫شباعة" لتصبح "وادي سبع" ‪"-4‬تهامة" لتتحول الى "تهوم" والتً وردت فً التوراة الكثر من ثبلثٌن مرة‪.‬‬ ‫هذه هً الكلمات االربع التً تم تحرٌفها او تزوٌرها بشكل اساسً ولكن نتابج هذا التحرٌؾ انسحب على‬ ‫جؽرافٌة االحداث التواراتٌة برمتها‪.‬‬ ‫النتٌجة‪:‬‬ ‫‪-1‬جمهورٌة مصر العربٌة الحالٌة لٌست هً مصر الواردة فً المرآن ابان احداث موسى ولكنها لرٌة‬ ‫المصرمة فً جنوب الجزٌرة العربٌة‪.‬‬ ‫‪36‬‬


‫‪-2‬فلسطٌن الحالٌة لٌست هً فلسطٌن الواردة فً التوراة ولم تشهد اي حدث من االحداث التوارتٌة وهذا ما‬ ‫ٌإكده الفشل الذرٌع لآلن فً اكتشاؾ اي أثر مهما كان بسٌطا ٌدل على ولوع تلن االحداث فً فلسطٌن‬ ‫الحالٌة‪.‬‬ ‫‪-3‬بنو اسرابٌل المذكورٌن فً المرآن ما هم اال فرع من المبابل العربٌة البابدة االصلٌة واللؽة العبرٌة ماهً‬ ‫اال احدى اللهجات العربٌة "السامٌة" "لؽة النبً ابراهٌم‪".‬‬ ‫‪--4‬الٌم الذي ألمته فٌه ام موسى وضربه النبً موسى فانشك لٌس هو نهر النٌل بل هو وادي بٌشة‪.‬‬ ‫‪-5‬النبً ابراهٌم لم ٌكن له اي صلة بالعراق او فلسطٌن بل تمت لصته كاملة فً االراضً الحجازٌة‪.‬‬ ‫‪-6‬الملن داوود والملن سلٌمان ومعجزاتهم الخالدة وكذلن حروب داوود وطالوت وجالوت المذكورة فً‬ ‫المرآن الكرٌم لم ٌكن مٌدانها فلسطٌن بل كانت فً جنوب ؼرب الجزٌرة العربٌة‪.‬‬

‫أسطورة عبور األردن وسموط أرٌحا ٌكتب‬ ‫فاضل الربٌعً‬

‫‪37‬‬


‫ما ٌموله هذا الكتاب‪ ،‬وبخبلؾ النظرٌات الدارجة‪ ،‬هو النالً‪:‬‬ ‫‪: -1‬إن العبرانٌ​ٌن لم ٌعبروا نهر األردن‪ -‬البلد العربً‪ -‬وهم لم ٌعرفوا هذا المكان الذي إختلمه االستشرالٌون‬ ‫من التٌار التوراتً‪ ،‬ولاموا بتروٌجه وتسوٌمه كوالعة تارٌخٌة‪ .‬وفً الوالع‪ ،‬ال توجد‪ -‬بوجه اإلطبلق‪ -‬فً‬ ‫التارٌخ المدٌم حادثة من هذا النوع‪ ،‬نجم عنها ظهور جماعة سوؾ ُتعرؾ بهذا االسم‪ ،‬وكل ما لٌل وكتب من‬ ‫مإلفات معروفة فً الثمافة التارٌخٌة الؽربٌة ‪ ،‬ال ٌتعدى فً هذا النطاق من الفكرة‪ ،‬حدود التلفٌك واإلختبلق‬ ‫المإسس على الوهم والهوس الممزوج باإلعجاب بإسرابٌل‪ .‬وبرأٌنا‪ ،‬أن الممصود من (العبرانٌ​ٌن) و( بنً‬ ‫إسرابٌل) اإلشارة إلى جماعتٌن بشرٌتٌن منفصلتٌن ال جماعة واحدة‪ .‬وهذا التمٌ​ٌز ها ٌم للؽاٌة لفّن اإلرتباط‬ ‫التعسفً الذي جمعهما‪ ،‬وأوحى ألجٌال وأجٌال من البشر فً مختلؾ أرجاء العالم‪ ،‬بؤن اإلسرابٌلٌ​ٌن أحفاد‬ ‫العبرانٌ​ٌن‪ ،‬وأن هإالء أخذوا من أجدادهم‪ ،‬لؽتهم العبرٌة ( لسانهم المدٌم) الذي ٌعرفون به‪.‬‬ ‫‪ : -2‬وفً سٌاق هذا الزعم شاع فً مختلؾ األوساط‪ ،‬حتى األكادٌمٌة والعلمٌة منها‪ ،‬المول أن ٌهود الٌوم فً‬ ‫العالم كله ٌتحدّرون من سبللة بنً إسرابٌل‪ .‬ولذلن‪ ،‬حدث دمج جدٌد ومزٌؾ ٌماثل بٌن المبٌلة ( بنو‬ ‫إسرابٌل) وبٌن معتنمً الدٌانة الٌهودٌة؟ وبحٌث صار كل منهما داالً على اآلخر‪ ،‬فعندما تمول( ٌهودي) ٌفهم‬ ‫من لولن‪ ،‬أنن تعنً بنً إسرابٌل الذٌن ورد ذكرهم فً التوراة والمرآن‪ ،‬وأن لولن ( بنو إسرابٌل) ٌعنً أنن‬ ‫تمصد الٌهود بعا ّمة‪.‬‬ ‫‪: -3‬كما شاع المول– وهو خاطا جملة وتفصٌبلً وال أساس له فً السجبلت التارٌخٌة‪ -‬أن العرب والٌهود‬ ‫أبناء عمومة ترتفع إلى الجد المشترن إبراهٌم‪ .‬وهذا ؼٌر منطمً‪ ،‬ألن لرابة الدم الٌمكن أن تموم بٌن لبابل‬ ‫عربٌة وجماعات من شعوب أخرى أوروبٌة مثبلً‪ ،‬اعتنك أجدادها الٌهودٌة؟ وكٌؾ ٌمكن تخٌّل أن المصري‬ ‫المعاصر‪ ،‬مثبلً‪ ،‬هو ابن عم لٌهودي إٌرلندي؟ ومن المنظور األنثروبولوجً سوؾ ٌبدو أن من ؼٌر المنطمً‬ ‫كذلن‪ ،‬تخٌّل وجود لرابة دم على أساس الدٌن‪ ،‬بٌن أبناء لبٌلة عربٌة ( طا أو تمٌم مثبلً) وبٌن عربً آخر‬ ‫من أتباع الٌهودٌة لكنه ٌنتمً لمبٌلة حمٌر الٌمنٌة‪ ،‬ذلن أن المرابات تموم على أساس العرق ال على المعتمد ‪.‬‬ ‫تكرٌس منهجً للدمج التعسفً بٌن العبرانٌ​ٌن وبنً إسرابٌل‪ ،‬وراجت‬ ‫‪: -4‬وفً إطار هذه اإللتباسات‪ ،‬حدث ّ‬ ‫أسطورة أن العبرانٌ​ٌن هم أبناء عابر‪ ،‬وإلٌهم تنسب اللؽة العبرٌة‪.‬‬ ‫‪: -5‬وأن هإالء أخذوا اسمهم واسم لؽتهم– العبرٌة‪ -‬من ( عبور األردن ) النهر العربً‪ .‬وهكذا‪ ،‬جرت‬ ‫سلسلة ال تكاد تنمطع من التماثبلت بٌن أعراق وجماعات ولهجات ولؽات‪ ،‬عاشت فً عصور وفترات‬ ‫مختلفة‪ ،‬ولم تجمعها روابط أو لرابات حمٌمة‪.‬‬ ‫‪: -6‬وفً سٌاق هذه التماثبلت الزابفة أٌضاً‪ ،‬تناسى الكثٌرون الحمٌمة البسٌطة التالٌة‪ :‬إن الٌهودٌة دٌن عربً‬ ‫لدٌم من دٌانات العرب‪ ،‬بزغ فجرها فً أوساط العرب الجنوبٌ​ٌن ( الٌمنٌ​ٌن) ولم تكن دٌنا ً ؼرٌباً‪ ،‬أو وافدا ً‬ ‫علٌهم من خارج الجزٌرة العربٌة‪ ،‬وهً انتشرت فً الٌمن فً فترات ومراحل ال ٌعرؾ التارٌخ‬

‫‪38‬‬


‫المكتوب عنها الكثٌر‪ .‬والتوراة كما عرفها العرب المدماء‪ ،‬كتاب إخباري‪ -‬دٌنً ممدس من كتبهم‪ٌ ،‬تضمن‬ ‫التشرٌعات الدٌنٌة والمصص واألخبار واألشعار التً سجلها بنو إسرابٌل‪ .‬كما أن التوراة شؤنها شؤن الكتب‬ ‫الممدسة األخرى‪ ،‬تتضمن لصص وأشعار وأخبار األولٌن من المبابل والجماعات التً ٌعرفها العرب‪،‬‬ ‫وبعض لبابلهم تنتسب إلى هذه الجماعات مثل السلؾ ( الشلؾ) وجشم‪ ،‬وعبد وسلمه وجبر إلخ ‪...‬‬ ‫ٌخص‬ ‫‪: -7‬واألمر المإكد بالنسبة لً‪ ،‬كما برهنت فً مناسبات سابمة‪ ،‬أن التوراة ال تتضمن أي شًء‬ ‫ً‬ ‫فلسطٌن أو ٌلمح إلى ذكرها بؤي صورة من الصور؛ بل ال صلة لها بفلسطٌن أو تارٌخها‪ .‬وكل ما ٌُزعم عن‬ ‫وجود وصؾ لفلسطٌن كؤرض ٍ للمٌعاد الٌهودي‪ ،‬لٌس أكثر من تروٌج ألكاذٌب وخدع استشرالٌة‪ ،‬تنتمً الى‬ ‫العصر االستعماري وهً من نتاجه‪ ،‬إذ ال وجود السم الفلسطٌنٌ​ٌن أو فلسطٌن فً التوراة‪.‬‬ ‫مٌز المرآن الكرٌم‪ -‬كما فعل العرب فً الجاهلٌة تماما ً‪-‬بٌن الٌهودٌة وبنً إسرابٌل‪ ،‬تمٌ​ٌزا ً دلٌما ً‬ ‫‪: -8‬لمد ّ‬ ‫ونهابٌا ً ال ٌمبل أي جدل‪ ،‬فالٌهودٌة دٌن‪ ،‬وبنو إسرابٌل لبٌلة‪ .‬وذلن واضح كل الوضوح من اآلٌات والسور‬ ‫المرآنٌة التً نددّت بالٌهود‪ ،‬ولكنها م ّجدت بنً إسرابٌل ‪ .‬ولذلن‪ ،‬ال صلة للجؽرافٌا التً وصفتها التوراة فً‬ ‫لصصها‪ ،‬بؤي جؽرافٌا أخرى سوى جؽرافٌة الٌمن المدٌم التً ولدت فٌها الٌهودٌة‪ .‬لمد ولدت الٌهودٌة كدٌن‬ ‫عربً فً أرض العرب( الٌمن) ولم تولد فً استرالٌا أو المكسٌن‪ .‬وبكل ٌمٌن‪ ،‬فلٌس النبً موسى نبٌا ً ألمانً‬ ‫النشؤة والمولد‪ .‬وطبما ً لهذه البدٌهٌة التً طالما جرى التؽاضً عنها أو إهمالها أثناء النماش حول التارٌخ‬ ‫مر األزمان)‬ ‫المدٌم‪ ،‬فإن التوراة تتضمن اشعارا ً ولصصا ً وأساطٌر عربٌة لدٌمة‪ ،‬راح الكهنة ٌمصونها على ّ‬ ‫ألنها من أحسن المصص) بمعناها الوعظً واإلرشادي‪ ،‬وهً ال تروي بؤي صورة من الصور أي شا من‬ ‫تارٌخ فلسطٌن المدٌم؟‬ ‫ّ‬ ‫نمٌز‬ ‫‪: -9‬وإذا ما تمبلنا هاتٌن الفرضٌتٌ​ٌن ( البدٌهٌتٌن) مبدبٌاً؛ فإن علٌنا التمٌ​ٌز بدلة بٌن المبٌلة والدٌن‪ ،‬كما‬ ‫مثبلً‪ ،‬بٌن لرٌش واإلسبلم‪ ،‬إذ ال تدّل لرٌش بإطبلق على اإلسبلم‪ ،‬وال ٌمكن االفتراض أن كل لرشً هو‬ ‫مسلم‪ ،‬أو أن كل مسلم هو من لرٌش‪ .‬ولذلن‪ٌ ،‬جب أن نمٌّز بٌن بنً إسرابٌل والٌهودٌة‪ ،‬وأن نننشا إطارا ً‬ ‫مفهومٌا ً ٌعٌد وضع هما فً إطارهما الصحٌح كمبٌلة ودٌن‪ ،‬إذ لٌس كل من انتسب لبنً إسرابٌل هو ٌهودي‪،‬‬ ‫ولٌس كل ٌهودي هو من بنً إسرابٌل‪ .‬وبكل ٌمٌن‪ ،‬فمد تحدثت التوراة بالتفصٌل عن إنشماق دٌنً أدى إلى‬ ‫إنمسام مملكة بنً إسرابٌل إلى مملكتٌن متصارعتٌن‪ ،‬احداهما فً الجنوب‪ٌ -‬هوذا‪ -‬التً أدٌنت باالرتداد عن‬ ‫الشرعة الٌهودٌة‪ ،‬وانؽماس سكانها فً العبادة الوثنٌة‪ ،‬وهذا أمر أشار إلٌه المرآن الكرٌم فً السور التً‬ ‫تناولت بنً إسرابٌل وموسى‪ ،‬وكٌؾ أنه وجد اتباعه ٌعودون لعبادة العجل الذهبً‪ ،‬بٌنما ظلت األخرى فً‬ ‫الشمال تحمل اسم إسرابٌل‪ .‬ووصؾ التوراة هذا – ٌهوذا فً الجنوب وبنً إسرابٌل فً الشمال‪ٌ -‬تعارض‬ ‫كلٌا ً مع وصؾ إسرابٌل الحالٌة‪ ،‬فٌهوذا والسامرة‪-‬أي الضفة الؽربٌة وؼزة‪ -‬تمع فً الجنوب‪ ،‬بٌنما تمع‬ ‫أراضً ‪- 48‬أي ما ٌسمى إسرابٌل – فً الشمال؟ أي بما ٌتعارض وٌتنالض مع وصؾ فلسطٌن التارٌخٌة‪.‬‬ ‫فكٌؾ ٌمكن لبول هذه األكذوبة عن تطابك الوصؾ؟‬ ‫‪: -10‬إن مصطلح العبرانٌ​ٌن‪ ،‬وبمعاٌ​ٌر البحث التارٌخً والعلمً‪ٌ ،‬دّل على جماعات بشرٌة كبٌرة ال‬ ‫جماعة واحدة‪ ،‬بٌنما ٌدّل اسم( بنً إسرابٌل) على جماعة لبلٌة صؽٌرة بعٌنها‪ .‬وكل خلط بٌن المفهومٌن‬ ‫سٌإدي ال محالة إلى نتابج خاطبة‪ ،‬مماثلة لما وصلت إلٌه دراسات وبحوث االستشراق‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫‪ -11‬ومثل هذا التمٌ​ٌز الذي نمترحه‪ ،‬ضروري للؽاٌة لفهم صحٌح ألحداث التارٌخ المدٌم‪ ،‬ذلن أن أسطورة‬ ‫عبور األردن ترتبط فً األصل بالعبرانٌ​ٌن ولٌس ببنً إسرابٌل؟ وهإالء أخذوا اسمهم‪ ،‬كما ٌمال عادة من‬ ‫هذه الوالعة المثٌولوجٌة ( األسطورٌة)‪ .‬وبالرؼم من عدم وجود أي دلٌل تارٌخً ٌإٌد حدوثها‪ ،‬وأن كل ما‬ ‫ورد عنها فً التوراة ال ٌشٌر بؤي صورة من الصور إلى عبللة مباشرة ببنً إسرابٌل‪ ،‬فمد طؽى فً السرد‬ ‫التارٌخً‪ ،‬الزعم بؤنهم عبروا األردن نحو أرض المٌعاد الفلسطٌنً؟ وبالطبع‪ ،‬فمد كان من نتابج هذا الخلط‬ ‫التعسفً الذي لام به علماء آثار وباحثون ودارسون من الؽرب والشرق وعلى امتداد عمود طوٌلة‪ ،‬أن جرى‬ ‫ً تنسٌب أسطورة العبور تلمابٌا ً إلى بنً إسرابٌل‪.‬‬ ‫بشكل تعسف ّ‬ ‫‪ -12‬وحده‪ ،‬فن اإلرتباط بٌن هذه التسمٌات والمفاهٌم والتصورات والمصطلحات‪ ،‬هو الذي ٌم ّكن دارس‬ ‫التارٌخ من رإٌة الحمابك التارٌخٌة والعلمٌة‪.‬‬ ‫فً مإلفً السابك( فلسطٌن المتخٌّلة ) كتبت ما ٌلً‪:‬‬ ‫( لمد آن األوان ألن تتمدم أوروبا‪-‬والؽرب بؤسره‪ -‬باعتذار صرٌح للفاسطٌنٌ​ٌن والعرب والمسلمٌن عن‬ ‫النتابج المؤسوٌة التً تسبّب بها الخٌال االستعماري ال ُمفرط‪-‬ونزعات المستشرلٌن التوراتٌ​ٌن وعنجهٌتهم‬ ‫وعنصرٌتهم السمٌمة‪ -‬فً تدمٌر شعب وتشرٌده عن وطته‪ .‬لمد أدًت هذه النتابج إلى ( تهوٌد) التارٌخ‬ ‫الفلسطٌنً‪ ،‬وإلى ولوع مؤساة شعب وأمة جرى اإلستٌبلء على أرضها وتارٌخها وثمافتها االمدٌمة بالموة‬ ‫الؽاشمة‪ .‬بٌد أن ذلن لن ٌكون ممكنا ً وال كافٌا ً من دون خطوة جرٌبة من علماء التوراة فً العالم‪ ،‬بإعبلن‬ ‫صرٌح ممابل ال لبس فٌه ٍعن بُطبلن المراء االستعمارٌة للتوراة‪ ،‬واإللرار بالخطؤ الفادح فً هذه المراءة‬ ‫واالعتراؾ بحمٌمة أن االنتساب الى دٌن بعٌنه‪،‬ال ٌبرر الحك فً أي ُمطالبة ؼٌر مشروعة‬ ‫ب أخرى‪ ،‬واإللرار بوجود حاجة إلى ترجمة جدٌدة للنص التوراتً الممدس‪ ،‬تزٌل كل صلة‬ ‫بؤراضً شعو ٍ‬ ‫وهمٌة بٌنه وبٌن فلسطٌن‪ .‬إن لمن اإلجحاؾ والتعسؾ ؼٌر المبرر‪ ،‬تخًٌل وجود حك دٌنً فً أرض العرب‪-‬‬ ‫بالنسبة لمسلم فلبٌنً مثبل ً‪ -‬لد ٌخرج على العالم‪ٌ ،‬و ًما ما‪ ،‬لٌزعم أنه ٌنتسب لمرٌش وهو من سبللتها‪ ،‬وله‬ ‫الحك بالمطالبة بإرث أجداده فً مكة‪ ،‬لمجرد كونه دان بدٌن العرب فؤصبح مسلما ً ؟ إن كونه مسلما ً ال‬ ‫ٌعطٌه الحك فً ادعاء االنتساب إلى لرٌش‪ .‬واألمر ذاته ٌنطبك على حالة الٌهود فً العالم كله؛ فهإالء دانوا‬ ‫بالٌهودٌة وهً دٌن عربً– مثله مثل المسٌحٌة واإلسبلم‪ -‬ولكنهم لٌسوا‪ ،‬بكل تؤكٌد‪ ،‬من سبللة لبٌلة بنً‬ ‫إسرابٌل الٌمنٌة المنمرضة والبابدة ‪.‬‬

‫انتهى الملف‬

‫‪40‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.