حركة فتح والبحث عن الغيمات الماطرة

Page 1

‫‪---------------------------------------------‬‬‫مبناسبت االنطالقت‪51‬‬ ‫حركت فتح والبحث عن الغيماث املاطرة‬ ‫‪---------------------------------------------‬‬‫يف تارخيية القضية‪ ،‬وأقىال الرواد‬ ‫األوائل‪ ،‬وثراء حركة فتح‪ ،‬والعضى‬ ‫وشجاعة القيادة‪ ،‬والىحدة الىطنية‪،‬‬ ‫ودور األمة‪ ،‬والصراعات والفهم املشرتك‬ ‫‪2016‬‬

‫بكر أبوبكر‬ ‫حركة التحرير الوطين الفلسطيين‪-‬فتح‪ /‬وحدة الدراسات االسرتاتيجية‬


‫بمناسبة االنطالقة‪51‬‬ ‫حركة فتح والبحث عن الغٌمات الماطرة‬ ‫بكر أبوبكر‬ ‫ٌكن ٌاسر عرفات لٌتنبؤ بالقادم‪ ،‬فلم ٌكن عرّ افا أو منجما أو كاهنا ولم ٌكن ٌحتاج ألن ٌكون أي‬ ‫لم‬ ‫من هإالء عندما ّ‬ ‫شخص صعوبة الدرب ومشاق النضال وحجم العقبات والعوائق التً تعترض وستعترض‬ ‫العمل الفدائً‪.‬‬ ‫منذ الرصاصة األولى بل وما قبلها‪ ،‬ربما لمزاٌاه القٌادٌة وامتالكه للرإٌة وحسن النظر كان ٌدرك‬ ‫عِ َظم المسإولٌة الملقاة على عاتق الرواد األوائل ‪ ،‬فعِظم التضحٌات ٌجب أن تناظر عِ ظم القضٌة ‪ ،‬وعظمة‬ ‫الرجال ال تظهر إال بالمهام العظٌمة ‪ ،‬والمهام العظٌمة هً دوما صعبة وقد ٌراها أصحاب الهمم النافقة‬ ‫مستحٌلة‪ ،‬ومن هنا كان القرار صعبا أن تنطلق حركة التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً – فتح بعد النكبة عام‬ ‫‪. 1948‬‬ ‫تلك النكبة التً خلفت صدمتها للوهلة األولى حطاما بشرٌا ونفسٌا واجتماعٌا وثقافٌا عكس نفسه‬ ‫بالذهول والتشتت وافتقاد السند واالحباط الشدٌد‪ ،‬وعكس نفسه بالبحث عن الذات فً ظل الضٌاع الذي‬ ‫أصاب األمة والشعب الفلسطٌنً فطفق ٌبحث عن حقٌقة هوٌته فٌغرف من األفكار "الصلبة" التً افترضت‬ ‫بذاتها الكمال أو القداسة‪ ،‬وافترضت بذاتها المطلق والشمولٌة ‪ ،‬وافترضت بذاتها االنتصار بالشعارات‬ ‫واالمتداد‪.‬‬ ‫الفلسطٌنٌون‪-‬بعد تجاوز الصدمة نفسٌا‪-‬هم الذٌن رفضوا اإلبحار طوٌال فً مركب البإس والٌؤس‬ ‫واإلحباط فتوزعوا بٌن تٌارات األمة الكبرى آنذاك وهً التٌارات أو األحزاب التً تولدت إثر صراع عمٌق‬ ‫داخل األمة‪ٌ .‬قول صالح خلف (أبوإٌاد) الشهٌر بخطاباته الحماسٌة التحفٌزٌة المفعمة باألمل عن "الحفنة‬ ‫الطٌبة من الشباب التً انطلقت" أنهم "جمعوا ٌؤس األمة العربٌة وحولوه إلى آمال"‬ ‫(فً عام ‪ 1965‬عندما انطلقت حركة فتح لم ٌكن عددنا كبٌرا‪ ،‬كان العدد بسٌطا جدا‪ ،‬وإنما كانت‬ ‫الفكرة فً نظرنا كبٌرة جدا‪ ،‬ألننا كنا نعتقد أن الرصاصات التً سنطلقها فً األراضً المحتلة‪ ،‬ال ٌمكن أن‬ ‫تعٌد لنا فلسطٌن‪ ،‬إنما هذه الرصاصة لها مردود على نفسٌة اإلنسان الفلسطٌنً‪ ،‬ال بد أن ٌشعر اإلنسان‬ ‫أنه موجود أوال) وٌضٌف صالح خلف (أبوإٌاد) فً موضع آخر (أقول نحن كشعب فلسطٌنً كان ال بد أن‬

‫‪2‬‬


‫نعود إلى الخارطة السٌاسٌة‪ ،‬قٌمة كل نضال شعبنا فً عام‬ ‫‪1‬‬ ‫الخارطة السٌاسٌة)‬

‫‪ 1965‬أنه أعاد هذا الشعب الفلسطٌنً إلى‬

‫نهوض أمة وتشظً أخرى‬ ‫ّ‬ ‫تشظت األمة العربٌة واألمة االسالمٌة على مدار زمنً طوٌل ارتبط بالنهوض األوروبً الذي‬ ‫ترافق مع تغلغل عقلٌة الهٌمنة واالستعمار واالستبداد االوربً الذي وجد شكله الحقٌقً من خالل احتالل‬ ‫ُ‬ ‫والطهر والتقدم للرجل األبٌض ‪ ،‬وتحت مدامك الفكر العنصري الذي‬ ‫أراضً الغٌر تحت ادعاءات النقاء‬ ‫أباح النظر لألقوام األخرى من زاوٌة السٌد المطاع الذي ٌحمل الحضارة للوحوش وهو السٌد الذي ٌنبغً‬ ‫إلله ِه‪.‬‬ ‫من االتباع الطاعة له وتقدٌم القرابٌن والشكر ِ‬ ‫كان المطلوب فً ظالم (االستعمار) الغربً أن تقدم الشعوب ثقافتها وروحها ودٌنها وقومٌتها‬ ‫وإنسانٌتها وخٌراتها وأرضها فداء للرجل األبٌض الذي افترض امتالكه لكل الحقائق وافترض امتالكه‬ ‫للحقٌقة الدٌنٌة ‪ ،‬وافتراض أن هٌمنته تشكل قدرا على اآلخر أن ٌنصاع له ‪ ،‬فسوغت العقلٌة االستعمارٌة‬ ‫لنفسها النظرة االستعالئٌة واالحتقارٌة لشعوب األرض فاستعبدتها فً فترات الصرع االسبانً البرتغالً‬ ‫على المستعمرات ‪ ،‬وما تالها من فترة الصرع االستعماري الثقافً – االقتصادي االنجلٌزي الفرنسً ‪ ،‬هذا‬ ‫الصراع الذي حط رحاله فً منطقتنا العربٌة بقوة منذ القرن التاسع عشر ثم تؤلق إثر الحربٌن االوروبٌتٌن‬ ‫الكبرٌ​ٌن (المسمٌتٌن الحرب العالمٌة االولى والثانٌة) ‪ ،‬وما كان للنزاع السلطوي ونزاع النفوذ والمصالح‬ ‫االقتصادٌة إال متوافقا فً هذه العقلٌة مع نزعات التفوق والتً وجدت ضالتها بعد تحطم االمبراطورٌة‬ ‫العثمانٌة‪.‬‬

‫فلسطٌن فً ثالثة وجوه استعمارٌة‬ ‫نالت المنطقة العربٌة العنت واالضطهاد واالستعمار الال أخالقً سواء فً مناطق االحتالل والهٌمنة‬ ‫فً الخلٌج العربً من البرتغالٌ​ٌن (تمكن البرتغالٌون من الوصول إلى الهند بعد اكتشافهم لطرٌق رأس‬ ‫الرجاء الصالح وسرعان ما أسسوا لهم إمبراطورٌة فً الشرق‪ .‬فً عام ‪1507‬م تمكن اسطول برتغالً‬ ‫ٌقوده ألفونسو دي ألبوكٌرك من احتالل مسقط وصحار وخور فكان ثم هرمز التً وقع ملكها اتفاقٌة الوالء‬ ‫للتاج البرتغالً‪ ،‬فً عام ‪ 1521‬سقطت البحرٌن بٌد البرتغالٌ​ٌن‪ ،).‬ومن االنجلٌز الحقا‪ ،‬أو فً الجزائر منذ‬ ‫احتالل واستعمار الجزائر العام ( ‪1830‬م) ‪ ،‬ثم بلغت ذروتها بعد الحرب (االوروبٌة – العالمٌة االولى‬ ‫‪1918-1914‬م) واالتفاق على تقسٌم العالم العربً فً (ساٌكس بٌكو عام ‪ )1916‬ثم فً (سان رٌمو) عام‬ ‫‪ ، 1920‬وما كان ذلك بغرٌب على العقلٌة التً ال ترى فً اآلخر إال خادما وعبدا ‪ .‬ومن هنا وقعت فلسطٌن‬ ‫فً صلب المخطط االستعماري االوربً على ثالثة أوجه‪:‬‬ ‫‪1‬كتاب من إصدار مكتب الشإون الفكرٌة والدراسات فً حركة فتح تحت عنوان الفكر الوطنً الثوري فً الممارسة‪ :‬من‬ ‫خطب الشهٌد أبوإٌاد‪،‬الطبعة‪ 2‬عام ‪ 2008‬واالقتباسٌن من ص ‪ 67‬ومن ص ‪ ،137‬والجملة األولى الٌؤس واآلمال ص‪145‬‬ ‫‪3‬‬


‫كان الوجه األول منه هو‪ :‬ضمان الهٌمنة واالغتصاب والسٌطرة األبدٌة على مقدرات األمة‬ ‫والمنطقة االقتصادٌة والجغرافٌة والثقافٌة والروحٌة بفصل جزئٌها الشرقً والغربً الى األبد‪ ،‬وبتفتٌتها‬ ‫الى كٌانات متحاربة ‪.‬‬ ‫والوجه الثانً من المخطط االستعماري هو تغلغل عقدة العقل االستعماري المتفوق الغربً الذي‬ ‫ّ‬ ‫(تحولت‬ ‫مسخرا نتٌجة ارتباط هذه العقلٌة ب ُبعدها االقتصادي التوسعً‬ ‫ٌري اآلخر مؤمورا أو منبوذا أو‬ ‫"شركة الهند الشرقٌة المحترمة" البرٌطانٌة من مشروع تجاري تؤسس عام ‪1600‬م إلى مإسسة تحكم جمٌع‬ ‫الوالٌات الهندٌة وجمٌع مستعمرات التاج البرٌطانً فً المنطقة وذلك بدعم سٌاسً وعسكري من برٌطانٌا‪).‬‬ ‫وببُعدها العنصري الذي ٌستغل االختالف العقدي فً االقصاء عوضا عن التقبل‪ ،‬وهو ما ناله ٌهود أوروبا‬ ‫الذٌن تقرر أن ٌُستبعدوا من القارة وفً ذات الوقت ٌشرخوا منطقتنا فٌتحقق للغرب االستعماري و (للحركة‬ ‫الصهٌونٌة الحقا) أن ٌضربوا عدة عصافٌر بحجر واحد‪.‬‬ ‫أما الوجه الثالث فكان تحقٌق الدول الغربٌة لتواصل احتكار العلم والزراعة المتطورة والصناعة‬ ‫والتقدم والتقانة (التكنولوجٌا)‪ ،‬فوقعت فلسطٌن فً (بإرة) الحدث االستعماري ولؤلسباب الكثٌرة التً مٌزت‬ ‫جغرافٌتها وموقعها وأساطٌر التناخ (التوراة وملحقاتها) التً أعٌد تحرٌفها ل ُتفهم وكؤنها تتحدث عن‬ ‫بالدنا‪.‬‬ ‫ٌقول ٌاسر عرفات (ومن هنا ٌبدأ جذر المشكلة الفلسطٌنٌة‪ ،‬أن هذا ٌعنً أن أساس المشكلة لٌس‬ ‫خالفا ًا دٌنٌا ًا أو قومٌا ًا بٌن دٌنٌن أو قومٌتٌن ولٌس نزاعا ًا على حدود بٌن دول متجاورة‪ ،‬انها قضٌة شعب‬ ‫‪2‬‬ ‫اغتصب وطنه وشرد من أرضه لتعٌش أغلبٌته فً المنافً والخٌام‪).‬‬

‫برٌطانٌا واالحتالل الصهٌونً‬ ‫نالت المنطقة العربٌة من الضغط والقسوة واالستعمار ما جعل من الكٌانات الناشئة بقوة وإرادة‬ ‫أبطال التحرر واالستقالل العرب ٌسعون لبناء هذه البلدان والسعً لتقدمها‪ ،‬ولكن من موقف ضعٌف مرتبط‬ ‫بشكل أو بآخر بالدولة التً احتلتها أكانت برٌطانٌا أو فرنسا (أو إٌطالٌا أو إسبانٌا أو البرتغال) إال أن‬ ‫فلسطٌن كانت قضٌة مركبة فعل فٌها العقل الغربً االستعماري أبشع جرٌمة فً القرن العشرٌن (والواحد‬ ‫وعشرٌن) وهً جرٌمة وضع بمقتضاها عدد من أتباع دٌانة محددة من قومٌات متعددة وهم اتباع الدٌانة‬ ‫الٌهودٌة األوروبٌ​ٌن خاصة مكان سكان فلسطٌن العرب فً آلٌة تهجٌر وطرد وإحالل برزت بذورها منذ‬ ‫العام ‪ 1881‬م ثم فً مإتمر (بانر‪ -‬كامبل) ‪ 1907 – 1905‬فً لندن وصوال لتحالف العقل الغربً مع‬ ‫الحركة الصهٌونٌة (منذ مإتمر بازل ‪1897‬م) فتولى االنجلٌز منذ احتاللهم لفلسطٌن وعبر ما ٌسمى (صك‬ ‫االنتداب) عام ‪ 1922‬القٌام بهذه المهمة الالأخالقٌة‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫من خطاب أبوعمار فً االمم المتحدة عام ‪1974‬‬ ‫‪4‬‬


‫وقعت فلسطٌن فً قبضة عقلٌة الهٌمنة واالستعمارالثقافً واالقتصادي‪ ،‬واإلحالل فسهلت الهجرة‬ ‫‪ 1948‬التً دفعت بالشباب‬ ‫الٌهودٌة وٌسّرت سرقة األرض‪ ،‬ثم عمدت النشاء الكٌان فوقعت نكبة العام‬ ‫الفلسطٌنً ألن ٌؤخذ بزمام المبادرة ضمن فهم عمٌق لجذور المشكلة ‪،‬وفً تطور وعً استغرق زمنا طوٌال‬ ‫لٌحدد من خالله حجم القوى والتدافع الدولً ‪ ،‬ثم لٌرى حجم قوته وامتداداتها فٌرى بوضوح أٌن ٌقف من‬ ‫كل ذلك‪ ،‬ففلسطٌن قد سقطت بٌن أٌدي إحتاللٌن اجنبٌ​ٌن انجلٌزي وصهٌونً‪ ،‬ثم ترك األمر كله للقاعدة‬ ‫المتقدمة للغرب الذي ورث سطوته وهٌمنته الوالٌات المتحدة االمرٌكٌة‪.‬‬ ‫قال الخالد فٌنا الراحل ٌاسر عرفات من على منصة االمم المتحدة فً نٌوٌورك عام ‪( :1974‬ترجع‬ ‫جذور المشكلة الفلسطٌنٌة إلى أواخر القرن التاسع عشر أو بكلمات أُخرى إلى ذلك العهد الذي كان ٌسمى‬ ‫عصر االستعمار واالستٌطان وبداٌة انتقال إلى عصر اإلمبرٌالٌة حٌث بدأ التخطٌط الصهٌونً_‬ ‫االستعماري لغزو أرض فلسطٌن بمهاجرٌن من ٌهود ُأوروبا كما كان الحال بالنسبة للغزو االستٌطانً‬ ‫إلفرٌقٌا ‪ .‬فً تلك الحقبة التً توطدت فٌها سطوة عتاه االستعمار القادمٌن من الغرب إلى أفرٌقٌا وآسٌا‬ ‫وأمرٌكا الالتٌنٌة لالستٌطان وإقامة المستعمرات وممارسة أشد أشكال االستغالل واالضطهاد والنهب‬ ‫لشعوب القارات الثالث ‪ .‬إنها الحقبة التً ما زلنا نشهد آثارها العنصرٌة البشعة فً الجنوب اإلفرٌقً‬ ‫وكذلك فً فلسطٌن ‪.‬‬ ‫وكما استخدم االستعمار والمستوطنون أفكار (( التمدن والتحضر)) لتبرٌر الغزو والنهب والعدوان فً‬ ‫إفرٌقٌا وغٌرها ‪ .‬كذلك استخدمت هذه الذرائع لغزو فلسطٌن بموجات المهاجرٌن الصهاٌنة ‪ .‬وكما استخدم‬ ‫االستعمار والمستوطنون الدٌن واللون والعرق والغة لتمرٌر عملٌة استغالل الشعوب وإخضاعها بالتمٌ​ٌز‬ ‫والتفرقة واإلرهاب فً إفرٌقٌا ‪ ،‬كذلك استخدمت هذه األسالٌب الغتصاب الوطن الفلسطٌنً واضطهاد‬ ‫شعبه ومن ثم تشرٌده‪.‬‬ ‫وكما استخدم االستعمار ‪ ،‬وقتئذ ‪ ،‬المحرومٌن والفقراء والمستغلٌن كوقود لنار عدوانه ‪ ،‬ومرتكزات‬ ‫االستٌطان‪ ،‬كذلك استخدم االستعمار العالمً والقادة الصهاٌنة الٌهود المحرومٌن والمضطهدٌن فً أُوروبا‬ ‫كوقود للعدوان ومرتكزات لالستٌطان والتمٌ​ٌز العنصري ‪.‬‬ ‫إن اإلٌدٌولوجٌة الصهٌونٌة التً استخدمت ضد شعبنا الستٌطان فلسطٌن بالغزاة الوافدٌن من الغرب‬ ‫استخدمت فً الوقت ذاته القتالع الٌهود من جذورهم فً أوطانهم المختلفة ولتغرٌبهم عن األمم‪.‬‬ ‫إنها أٌدٌولوجٌا استعمارٌة استٌطانٌة عنصرٌة تمٌ​ٌزٌة رجعٌة تلتقً مع الال سامٌة فً منطلقاتها‪ ،‬بل هً‬ ‫الوجه اآلخر للعملة نفسها‪ .‬فعندما نقول أن تابعً دٌن معٌن هو الٌهود‪ ،‬أٌا ًا كان وطنهم‪ ،‬ال ٌنتسبون إلى‬ ‫ذلك الوطن وال ٌمكن أن ٌعٌشوا كمواطنٌن متساوٌن مع بقٌة المواطنٌن من الطوائف األخرى‪ ،‬فإن تلك‬ ‫اللقاء مباشر مع دعاة الالسامٌة‪ ،‬وعندما ٌقولون أن الحل الوحٌد لمشكلتهم هو أن ٌنفصلوا عن األمم‬

‫‪5‬‬


‫والمجتمعات التً هم جزء منها عبر تارٌخ طوٌل‪ ،‬ثم ٌهاجرون لٌستوطنوا أرض شعب آخر وٌحلوا محله‬ ‫‪3‬‬ ‫بالقوة واإلرهاب ٌؤخذون من غٌرهم الموقف نفسه الذي أخذه دعاة الالسامٌة منهم‪).‬‬ ‫سقوط جغرافٌا فلسطٌن وجدل الحل‬ ‫فً ظل جدل الصراع وأصوله وكٌفٌة مواجهة تحدٌات التشظً والتشرذم لألمة فً بلدانها ومقدرتها‬ ‫وحضارتها وثقافتها برزت االفكار الكبرى الثالثة تلتمس الحل النهائً وتصبو لإلجابة على كل األسئلة ومن‬ ‫هنا نمى التٌار القومً وبرز االسالمً وكان لالشتراكً ظهورا ومكانة‪.‬‬ ‫سقطت جغرافٌا فلسطٌن بٌن أٌدي الحركة الصهٌونٌة بتسهٌالت كان ال غنى عنها من (االنتداب‬ ‫البرٌطانً) ‪ ،‬ولم ٌكن الشعب العربً الفلسطٌنً إزاء ذلك مستكٌنا وال مستسلما وال خانعا‪ ،‬وإنما كان ثائرا‬ ‫شجاعا مقداما قدم اله ّبات والثورات منذ العام ‪ 1919‬ثم فً العشرٌنٌات‪ ،‬وهبّة البراق عام ‪( 1929‬تعود‬ ‫الٌوم القضٌة فً حائط البراق والمسجد األقصى المبارك ككل لتغلغل العقلٌة التوراتٌة الخرافٌة فً المجتمع‬ ‫االسرائٌلً فً فلسطٌن) فالنشاط التنظٌمً للشٌخ عزالدٌن القسام ثم ثورة ‪ 1939 – 1936‬وما رافقها من‬ ‫أسالٌب نضال عدة كان لألخ العربً فٌها دورا واضحا بغض النظر عن دٌنه أو مذهبه ‪ ،‬ومع سقوط‬ ‫الجغرافٌا برز العلم السٌاسً الجدٌد الذي ٌعلن والدة دولة (اسرائٌل) على أشالء فلسطٌن الممزقة جغرافٌا‬ ‫فكانت النكبة التً ما زالت حٌّة فٌنا كفلسطٌنٌ​ٌن وكمالٌ​ٌن من الالجئٌن المتوزعٌن على أصقاع المعمورة‬ ‫ّ‬ ‫المعطر‪.‬‬ ‫الذٌن سٌكحّ لون أعٌنهم مهما طال الزمن بكحل فلسطٌن وهوائها‬ ‫فً هذا الخضم من التارٌخ واألفكار‪ ،‬وفً هذه البٌئة الصعبة حٌث المرواحة بٌن الٌؤس واألمل‬ ‫وبٌن االحباط والعمل وبٌن السلبٌة وعقلٌة االبداع االٌجابٌة اختطت حركة التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً‪-‬‬ ‫فتح تارٌخا جدٌدا منذ العام ‪ 1957‬حٌث تعالت الهمسات لتنشئ كٌانا أعلن عن ذاته بقوة عام ‪.1965‬‬ ‫لقد طحنتها دهالٌز السٌاسة لتنشئ فوق جسدها‬ ‫فلسطٌن فقدت الجغرافٌا بإنشاء الكٌان االسرائٌلً‪،‬‬ ‫كٌانا جدٌدا ‪ ،‬كان البد من أن ترفضه هذه الجغرافٌا (األرض) وأهلها بؤشكال عدة لٌس أولها الكفاح المسلح‬ ‫أو حرب الشعب طوٌلة األمد (النفس) ولٌس آلخرها المقاومة الشعبٌة المنتصرة الٌوم والمحصنة بغضبة‬ ‫القدس أو هبة أو انتفاضة القدس ( ‪ )2015‬التً ال تحتاج لكثٌر جهد لتعلن أن هذا الشعب ال ٌنسى وال ٌ​ٌؤس‬ ‫وال تخور قواه مهما جهدت (اسرائٌل) فً محاوالت احتالل التارٌخ عبر وسائط المادة بغرس المستوطنات‬ ‫(المستعمرات أو المستدمرات) بٌن ثناٌا الجسد أو شق الجسد الذي توافق الفلسطٌنٌون أن ٌقٌموا فٌه دولتهم‬ ‫المستقلة دولة فلسطٌن على جزء صغٌر من أرض فلسطٌن‪.‬‬

‫‪ٌ 3‬مثل خطاب الرئٌس الراحل والفدائً االول ٌاسر عرفات رحمه هللا فً االمم المتحدة ‪1974/11/13‬‬ ‫مفتاحا حقٌقٌا لفهم االستعمار واالحتالل وما ٌعد بالفعل وثٌقة تارٌخٌة تستحق أن تدرس فً مدارس فلسطٌن‬ ‫واألمة جمعاء‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫حركة ضد الشمولٌة واالقصائٌة‬ ‫إن مسٌرة حركة التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً‪ -‬فتح لم تكن لتإمن بهٌمنة األفكار الشمولٌة سواء‬ ‫تلك القومٌة الشوفٌنٌة أو االسالموٌة أو الشٌوعٌة فخلعت كل العباءات البراقة‪ ،‬وقررت أن الملعب األول‬ ‫وتخصص نضالها نحو قضٌة واحدة فقط هً قضٌة وطن قضٌة فلسطٌن ومن هنا‬ ‫وتكرس‬ ‫لها هو أن تر ّكز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فهم الفتحوٌون طبٌعة تمٌزهم الحقٌقً منذ الٌوم األول والبالغ األول (بالغ قوات العاصفة) ومنذ (هٌكل‬ ‫البناء الثوري) واستطرادا فً أدبٌات الحركة ‪ ،‬ومسارها النضالً الذي ارتقى درجات النضالٌة والثورٌة‬ ‫من درجة الثورٌة المثالٌة الى الثورٌة الواقعٌة‪.‬‬ ‫رفض رواد حركة فتح فكر جماعة (االخوان المسلمٌن) الحصري االقصائً الذي ٌقدس الفكرة‬ ‫وحاملٌها معا كما ٌق ّدس الجماعة على حساب األمة‪ ،‬رفض فكرهم السٌاسً النظري غٌر العملً‪ ،‬فكرهم‬ ‫الذي ٌجمد الصراع لدواعً ادعاء المظلومٌة والسجن وعدم توفر الظروف‪ ،‬فخرج عدد ممن انتموا للجماعة‬ ‫فً غزة خاصة‪ -‬على قاعدة أن فلسطٌن تجمعنا‪ ،‬لٌنهضوا من أجل فلسطٌن ال من أجل فكر االخوان‬‫المسلمٌن (خلٌل الوزٌر وأبوٌوسف النجار وصالح خلف‪ ،)...‬وتالقوا مع زمالئهم الذٌن لم ٌنتموا ألي حزب‬ ‫أبدا اال حزب فلسطٌن كما هو شؤن ٌاسر عرفات ود‪.‬عادل عبدالكرٌم ومحمود عباس وهانً الحسن ‪،‬‬ ‫ولٌلتقوا مع أولئك ممن خرجوا من حزب البعث العربً االشتراكً ( فاروق القدومً كمثال)‪ ،‬وأولئك الذٌن‬ ‫طلّقوا الشٌوعٌة والفكر الماركسً‪-‬اللٌنٌنً الحزبً ( ماجد ابوشرار ‪ )...‬والذٌن تركوا حزب التحرٌر‬ ‫(االسالمً) (مثل خالد الحسن) وغٌرهم‪ ،‬فكان هذا اللقاء الجامع الذي خلع األردٌة الحزبٌة الضٌقة لقاء بٌن‬ ‫األنوٌة المتعددة فً غزة والضفة والخلٌج العربً وألمانٌا والنمسا (بدأت التباشٌر بعد العام ‪ 1948‬وصوال‬ ‫للنشؤة عام ‪ 1957‬ثم االنطالقة عام ‪ 1965‬واالنطالقة الثانٌة عام ‪1968‬م)‪ّ ،‬‬ ‫ومثل هذا اللقاء أٌضا التقاء‬ ‫أفكار سٌاسٌة متعددة اتفقت على أولوٌة فلسطٌن‪ ،‬واتفقت على ضرورة اشعال جمرة النضال‪ ،‬واتفقت‬ ‫على تطلٌق االحزاب الشمولٌة التً تهمش فلسطٌن‪ ،‬وتتلهى بؤفكار إقصائٌة لآلخر‪ ،‬أفكار شمولٌة أفكار ال‬ ‫دٌمقراطٌة أفكار ال ترى بنفسها اال النهج االوحد التً قتلتنا سابقا وعادت لتدمرنا الٌوم‪ ،‬فكانت حركة فتح‬ ‫الحاضنة للكل الفلسطٌنً بفئاته وتنوعاته‪ ،‬ومازالت‪.‬‬ ‫ٌقول محمود عباس (أبومازن) ردا على سإال حول الوحدة والتنوع داخل حركة فتح بدٌال للحزبٌة‬ ‫منذ البداٌات (لتبقى األفكار كما هً‪ ،‬لكنه ممنوع االرتباط بؤي حزب‪ ،‬فقط فً الحركة‪ ،‬فكان التنظٌم ٌضم‬ ‫كل االتجاهات تقرٌبا‪ ،‬كان هناك إخوان وبعثٌون‪ ،‬قومٌون عرب‪ ،‬وكان الكثٌر من الشباب فً الحركة قد‬ ‫دخلوا حزب البعث‪ ،‬ولم ٌقتنعوا‪ ،‬وكذلك حركة القومٌ​ٌن العرب‪ ،‬واإلخوان المسلمٌن‪ ،‬وتركوا‪ ،‬ووجدوا فً‬ ‫‪4‬‬ ‫حركة فتح ضالتهم‪)...‬‬

‫‪ 4‬كتاب لمكتب الشإون الفكرٌة والدراسات لحركة فتح‪ ،‬تحت عنوان صفحات مشرقة من تارٌخ الثورة‬ ‫الفلسطٌنٌة‪،‬مع الرئٌس محمود عباس‪ ،‬الطبعة ‪ 2‬عام ‪ 2010‬ص ‪20‬‬ ‫‪7‬‬


‫لقد مٌزت حركة فتح بوضوح بٌن حقٌقة الفهم ‪،‬وصدق التحلٌل المشفوع بحقائق الجغرافٌا والتارٌخ‬ ‫والقانون والسٌاسة‪ ،‬ولكنه المرتبط بالرإٌة االستراتٌجٌة التً تفهم جٌدا صراع القوى والمعسكرات‬ ‫وطبٌعة تقاطع المصالح‪ ،‬فرأت أن المحرك فً القضاٌا العالمٌة لم ٌكن هو القٌم واألخالق والعدالة‪ ،‬وإنما‬ ‫هذا الكم الهائل من التوحش الؤلخالقً االستعماري سواء فً الفكر الغربً أو الفكر الصهٌونً االحاللً‬ ‫‪5‬‬ ‫الذي بدأ استعمارٌا (قومٌا) لٌنتهً الٌوم (عنصرٌا) (توراتٌا) دٌنٌا خرافٌا‪.‬‬

‫مراحل وغٌمات عرفات‬ ‫ٌاسر عرفات الذي أجهد نفسه طوال حٌاته وهو ٌبحث عن الغٌمات الماطرة ‪ ،‬ووجد بعضا منها‬ ‫إن‬ ‫فحقق انتصارات هنا وهناك وأرادها تراكمٌة ‪ ،‬وص ّدر عبقرٌة الحث هذه لمضمون فعل حركة فتح التً‬ ‫آمنت بالمبادرة والمبادأة واإلنجاز فلم تقف خلف المصداح "المٌكرفون" تنشر وتصرخ فقط ‪ ،‬وإنما جعلت‬ ‫من (الحركة) فعال اٌجابٌا ‪ ،‬فحٌث تكون المقدرة على تحقٌق انجاز (أكان وطنٌا شعبٌا ‪ ،‬أو عسكرٌا ‪ ،‬أو‬ ‫قانونٌا ‪ ،‬أو سٌاسٌا ‪ ) ...‬كانت ال تتوانى عن خوض غمار الحرب لتحقٌقه وهذا ما كان فكانت االنطالقة عام‬ ‫‪ ، 1965‬وكانت الحرب الشعبٌة طوٌلة األمد والكفاح المسلح بإشكاله المتعددة ( ‪ )1974 – 1965‬وكان‬ ‫العمل السٌاسً ٌحصد زرع العمل العسكري ( ‪ 6)1987 – 1974‬ثم كانت اإلرادة الشعبٌة الجماهٌرٌة تعبر‬ ‫‪ٌ5‬قول د‪.‬عمار علً حسن‪" :‬اإلستراتٌجٌة تتسم بؤنها « استباقٌة توقعٌة»‪ ،‬إن لم تكن « تنبإٌة»‪ ،‬وهذا‬ ‫االستباق ٌرمً إلى رعاٌة المصالح الوطنٌة وحماٌتها مما ٌخبئه المستقبل‪ ،‬ولذا ال ٌجب أن ٌقوم على‬ ‫التقدٌرات الجزافٌة أو الخٌاالت األسطورٌة‪ ،‬إنما دراسة االحتماالت والسٌنارٌوهات‪ ،‬ووضع االفتراضات‬ ‫والمنطلقات‪ ،‬والتً تكون بدورها مشروطة بما ٌجري على األرض‪ ،‬وباإلمكانات المتاحة"‪.‬‬ ‫‪ 6‬قال ٌاسر عرفات أمام االمم المتحدة فً خطابه التارٌخً ‪" :1974/11/13‬وإننا حٌن نتكلم من على هذا‬ ‫المنبر الدولً فإن ذلك تعبٌر فً حد ذاته عن إٌماننا بالنضال السٌاسً والدبلوماسً مكمالًال معززاًال لنضالنا‬ ‫المسلح وتعبٌر عن تقدٌرنا للدور الذي ٌمكن لألُمم المتحدة أن تقوم به فً حل المشكالت العالمٌة"‪ ،‬ومثلت‬ ‫عبارة "العمل العسكري ٌزرع والعمل السٌاسً ٌحصد‪ ،‬ومجنون من ٌزرع وال ٌحصد" واحدة من أشهر‬ ‫مقوالت هانً الحسن‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫خلٌل الوزٌر‬ ‫بقوة عن حضورها ودورها المباشر فً أرض الوطن عبر انتفاضة الحجارة التً كان فٌها‬ ‫(ابو جهاد) أول الرصاص أول الحجارة مع شبٌبة الفتح وفلسطٌن فً الوطن (‪ ،)1993 – 1987‬وباالنتقال‬ ‫لعناق البناء والتكرٌس للوطن من نافذة اتفاقٌات المرحلة االنتقالٌة ( ‪1999 – 1994‬م) اقتنصت حركة فتح‬ ‫غٌمة ماطرة فؤعادت مئات اآلالف من المناضلٌن للوطن وكرست آلٌات التشبث باألرض‪ ،‬ورسخت مفهوم‬ ‫معول البناء ومنجل الحصاد وإرادة الثائر فً بناء مدامٌك الدولة الفلسطٌنٌة القادمة‪ ،‬فماذا حققنا؟‪.‬‬ ‫حركة‬ ‫بال شك أن النجاحات السٌاسٌة كانت ذات طبٌعة تراكمٌة فً النضال الفلسطٌنً وفً جهود‬ ‫فتح المضنٌة منذ اعالن الدولة عام ‪ 1988‬فً العاصمة الجزائر على وقع انتفاضة الحجارة‪ ،‬ثم انتفاضة‬ ‫األقصى ( ‪2004-2000‬م) وصوال الى إعالن العالم اعترافا أممٌا بفلسطٌن دولة (غٌر عضو) فً األمم‬ ‫المتحدة (قرار الجمعٌة العامة لألمم المتحدة ‪ 19/67‬هو قرار صوتت علٌه الجمعٌة العامة لألمم المتحدة‬ ‫فً ‪ 29‬نوفمبر ‪ ،2012‬وهو تارٌخ الٌوم العالمً للتضامن مع الشعب الفلسطٌنً‪ .‬قدم االقتراح ممثل فلسطٌن‬ ‫فً األمم المتحدة‪ .‬التصوٌت كان لمنح فلسطٌن صفة دولة غٌر عضو فً األمم المتحدة‪ .‬فً األساس‪ٌ ،‬رقً‬ ‫القرار مرتبة فلسطٌن من كٌان غٌر عضو إلى دولة غٌر عضو‪ .‬مع رفض الحكومة اإلسرائٌلٌة القرار‪ ،‬إال‬ ‫أن رئٌس الوزراء السابق إٌهود أولمرت عبر عن تؤٌ​ٌده له‪ .‬أٌد القرار ‪ 138‬دولة‪ ،‬وعارضته ‪ 9‬دول‪،‬‬ ‫وامتنع عن التصوٌت ‪ ،41‬وتغٌبت خمس‪ ).‬ثم النجاحات التً جعلت من مطاردة الكٌان االسرائٌلً فً‬ ‫المإسسات الدولٌة هدفا لنا وهاجسا لإلسرائٌلٌ​ٌن وتكاتفت هذه النجاحات (أو االنتصارات) الهامة مع تواصل‬ ‫الفعل المٌدانً الٌومً من خالل المقاومة الشعبٌة السلمٌة المتواصلة منذ العام ‪2005‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومطارة‬ ‫بندقٌة ومفتاح‬ ‫على الدرب الطوٌل سار رجاالت حركة فتح ‪ ،‬كانوا ٌحملون فً جعبتهم بندقٌة ومفتاح و مطرة‬ ‫(زمزمٌة)‪ ،‬فً األداة األولى أي البندقٌة فتحوا الطرٌق نحو بعث القضٌة من النسٌان ‪ ،‬فبدون الكفاح‬ ‫المسلح والحرب الشعبٌة طوٌلة األمد ما كان للفتح أن ٌكون السٌما والنسٌان والتجاهل واالنكسار كان‬ ‫ٌرخً بذٌوله على سماء األمة العربٌة واالسالمٌة خاصة فترة الخمسٌنٌات والستٌنٌات من القرن‬ ‫العشرٌن‪.‬‬ ‫وحمل الفدائً مفتاح العودة فً جٌبه وما زال ٌحمله ولن ٌتخلى عنه ألن العودة ومهما طالت‬ ‫األٌام والسنون متحققة باألجٌال‪ ،‬فكما أن األرض تعلن ٌومٌا أنها ألصحابها العرب الفلسطٌنٌ​ٌن فإن‬ ‫أصحابها فً الشتات ٌتشبثون بحزب العودة‪ ،‬فهً العودة التً ال محٌد عنها مهما كثرت العقبات وتكاثفت‬ ‫األكاذٌب وأحدقت بنا المإامرات‪ .‬وحمل الفدائً فً جعبته ّ‬ ‫مطارة لٌمؤلها بالماء كلما اشتد به عطش لذلك‬ ‫قضى الفلسطٌنً حٌاته ٌبحث عن الغٌمات الماطرة‪.‬‬ ‫وعن مفتاح العودة الذهبً ٌقول عضو اللجنة المركزٌة للحركة (آنذاك) خالد الحسن فً المجلس‬ ‫الوطنً الفلسطٌنً بدورته العشرٌن عام ‪( 1991‬أنا خالد الحسن‪ ،‬ابن حٌفا‪ ،‬إذا فقدت حق العودة وبالتالً‬

‫‪9‬‬


‫أملً بالعودة إلى حٌفا‪ ،‬شو بدي فٌكم "ما حاجتً بكم "‪ ،‬أنا وهللا عندي حٌفا والقدس زي "مثل" بعض‪،‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ألن كل فلسطٌن مقدسة)‪.‬‬ ‫ومع مفتاح العودة كانت مفاتٌح التحرٌر والنضال بكافة أشكاله مترافقة مع مفتاح الدٌمقراطٌة‬ ‫والتعددٌة الداخلٌة (فنحن عودنا أنفسنا منذ البداٌة على الدٌمقراطٌة‪ ،‬وعلى الحوار الهادف‪ ،‬فلم نرفع ٌوما‬ ‫‪8‬‬ ‫سالحا فلسطٌنٌا فً وجه فلسطٌنٌ​ٌن‪ ،‬ولم نقبل أن ٌسود منطق الغابة هذه الساحة الفلسطٌنٌة‪)...‬‬ ‫فً فلسطٌن ال نزرع األشجار فقط وال النباتات بل نزرع الفداء فً قلوب الرجال وعقول األطفال‬ ‫ألن الوطن والقدر متماهٌان‪ ،‬فكما ُكتب علٌنا أن نكون من هنا فإن الوطن ال ٌحٌا إال فٌنا ‪ ،‬ومهما كانت‬ ‫التضحٌات فٌه أو من أجله فهً استجابة القدر فٌنا لنداء األرض‪.‬‬ ‫فً فلسطٌن ال نزرع األرض فقط بل ونزرع النفوس والعقول واألرواح بالنداء والعمل واألمل‬ ‫الكبٌر لذلك فالثورة أوثورة بساط الربح كما كان ٌسمٌها ٌاسر عرفات عرفت الجدب والخصب وعرفت‬ ‫االنتكاسات واالنتصارات‪ ،‬وتنقلت وتجاوزت وحرثت وفً جمٌع أطوارها ومراحلها كانت تبحث عن‬ ‫الغٌمات الماطرة ‪ ،‬واألجوبة الشافٌة والسٌاسٌات الواقعٌة أحٌانا والمجنونة حٌنا كل ذلك فداء لفلسطٌن‪.‬‬

‫أدوات النضال وحاجاتنا الملحة‬ ‫ظهرت األجوبة والغٌمات الماطرة فً فهم للمراحل‪ ،‬من النضال العسكري‪ ،‬فالعناق بٌنه وبٌن‬ ‫السٌاسً‪ ،‬إلى النضال متعدد األوجه (االقتصادي واإلعالمً واالجتماعً مع ما سبق ‪ ،) ...‬إلى النضال‬ ‫الجماهٌري عبر االنتفاضات والهبات (انتفاضة الحجارة عام ‪ 1993-1987‬ثم هبة النفق عام ‪ 1996‬ثم‬ ‫انتفاضة األقصى عام ‪ 2000‬ثم ‪#‬غضبة_القدس أو هبتها الحالٌة)‪ ،‬والمقاومة الشعبٌة السلمٌة المتواصلة‬ ‫الٌوم بؤشكالها المتعددة التً دفع فً سبٌلها العدٌد من الشهداء أرواحهم وكان فٌهم البطل الشهٌد زٌاد أبوعٌن‬ ‫عضو المجلس الثوري لحركة فتح علما بارزا‪.‬‬ ‫سارت حركة (فتح) وأصابت وأخطؤت ‪ ،‬وأفلحت وعانت كثٌرا الى أن أصبحنا على أبواب العام‬ ‫‪ 2016‬واالنطالقة تتجاوز األعوام الخمسٌن التً نحتاج فٌها للحكمة ولنقد وتؤمل وتفكر وتطوٌر وابداع‪،‬‬ ‫والجعبة ما زالت كما هً‪ ،‬ونحن بانتظار الغٌث فاألرض ال ٌحرثها إال أبطالها والبحث عن األبواب‬ ‫المفتوحة تحتاج ألكثر بكثٌر من الدعاء فقط‪.‬‬

‫‪ 7‬من كلمة األخ خالد الحسن فً المجلس الوطنً الفلسطٌنً الدورة ‪ 20‬دورة القدس والشهداء‪-23 ،‬‬ ‫‪1991/9/28‬‬ ‫‪ 8‬المصدر السابق‪ ،‬من خطب صالح خلف‪ ،‬كلمة له عام ‪ 1982‬فً الكتاب المشار له سابقا ص ‪142‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪-1‬بٌن التخلً والتمسك‪ ،‬والشجاعة‬ ‫إننا مطلّون على مرحلة تحتاج لكثٌر تفعٌل ألدوات النضال السٌما والخراب فً الساحة العربٌة‬ ‫أصبح شدٌدا ‪ ،‬ما بٌن طعن الحِراب وتشتٌت الفكر وصراع النفوذ‪ ،‬والسٌما واألمم تسعى لمصالحها ونحن‬ ‫فً أشد حاالت الضٌق‪ ،‬والنفق ما زال مظلما ‪ ،‬وفً هذه المرحلة فإن أدوات النضال واعتصار الغٌمات‬ ‫وامتالك مفاتٌحها ٌحتاج منا كفلسطٌنٌ​ٌن أكثر من أي شًء آخر لتبادلٌة (التخلً) و (التمسك)‪.‬‬ ‫التمسك‪ ،‬إذ علٌنا التخلً عن‬ ‫أن نتحلى بشجاعة‬ ‫إن لم نتخلى‪-‬وفً التخلً شجاعة‪ -‬ال نستطٌع‬ ‫ّ‬ ‫أنانٌتنا السلطوٌة أو الحزبٌة كتنظٌمات وكؤفكار (مكتفٌة بذاتها) وكآراء ومواقف متباعدة‪ ،‬وأن نتخلى عن‬ ‫أي ارتباطات خارجٌة هً وهمٌة لنا ألنها – وبالتجربة – ال تسعى إال لمصالحها ‪ ،‬فلم ٌكن ٌوما للعدل‬ ‫والحق والضمٌر أن تغلب على المصالح إال فً مراحل أو حاالت تارٌخٌة محدودة‪ ،‬لذا فإن علٌنا فً حركة‬ ‫التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً‪ -‬فتح أوال وفً الفصائل األخرى أن (نتخلى) عن كل ذلك إن وجد فٌنا‬ ‫(لنتمسك) وٌتمسك غٌرنا بفكر وسجاٌا "الصدق والشجاعة والتناغم" مع الجماهٌر‪ ،‬فكر فلسطٌن فكر‬ ‫الوطن‪ ،‬فكر األولوٌة لفلسطٌن‪ ،‬ال ألي فكرة وأخرى مهما بدت مقدسة أو كبٌرة أو عظٌمة‪ ،‬ألن مهمتنا‬ ‫ِسرا وأجزاء‪.‬‬ ‫التً ألقاها هللا سبحانه وتعالى علٌنا أن نكون مرابطٌن فً هذا البلد جمٌعا ولٌس ك َ‬ ‫ٌقول المفكر العربً الفتحوي خالد الحسن إن الشعب (قد اشتاق لقٌادة الصدق والشجاعة‬ ‫والوضوح والمصارحة والتنظٌم والتعبئة والتناغم مع نبض الجماهٌر العربٌة فً فلسطٌن‪ ،‬تلك الجماهٌر‬ ‫التً تسامت على كل قٌاداتها منذ العام ‪ 1920‬حتى اآلن بوحدتها الوطنٌة وبرفضها الوقوع فً مصٌدة‬ ‫‪9‬‬ ‫االنشقاقات الحزبٌة أو التنظٌمٌة أو القٌادٌة‪)...‬‬ ‫لعقلٌة التمسك بالجوامع الوطنٌة بدٌال عن القواسم‪ ،‬واالتكال على هللا‪ ،‬ووحدتنا هً‬ ‫إن الذهاب‬ ‫قصبة النجاة‪ ،‬وهً الغٌمة الماطرة ‪ ،‬وقد ٌقول قائل أن هذا الفصٌل أو ذاك ٌرى ذاته أو فصٌله (تنظٌمه) أو‬ ‫فكره ّ‬ ‫منزها ربانٌا مطلقا ال ٌاتٌه الباطل من بٌن ٌدٌه أومن خلفه‪ ،‬وقد ٌرى ذلك نعم‪ ،‬ولكن من واجبنا ‪-‬رغم‬ ‫علمنا هذا‪ -‬أن نفتح األبواب بل ونشرعها‪ ،‬ونتنازل إلخوتنا ونتقدم أكثر من خطوة باتجاههم عبر الحوار‬ ‫المفتوح والتقبل والتفاهم والتجاور فً نفس المساحة‪ ،‬ففلسطٌن والقضٌة أكبر منا جمٌعا‪.‬‬

‫‪-2‬بناء القلعة الكبرى‬ ‫نحن فً مرحلة أحوج ما نكون فٌها للخطاب الواحد والصوت الواحد والهدف الواحد والذي‬ ‫منظمة التحرٌر‬ ‫ٌستدعً حٌن استقرار القناعة بناء قلعة‪ ،‬نعم بناء قلعة وطنٌة كبرى‪ ،‬ففً ظل تهدم قلعة‬ ‫الفلسطٌنٌة وتشقق جدرانها وجدران السلطتٌن سواء فً رام هللا أو غزة‪ ،‬ال بد أن نبنً قلعة جدٌدة تستلهم‬ ‫‪ 9‬من مقال لخالد الحسن تحت عنوان "علٌنا التمسك بمطالبنا الوطنٌة الفلسطٌنٌة‪ ،‬ولو بحدها األدنى"‪،‬‬ ‫الرباط فً ‪1993/8/9‬‬ ‫‪11‬‬


‫تجارب تلك المتداعٌة وتإسس لفكر وثقافة الدٌمقراطٌة (الشراكة) الحقٌقٌة دون إبطاء سٌتجاوزنا به‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫من هنا ٌقع واجب بناء البرنامج والخطة والسراطٌة (اإلستراتٌجٌة) الوطنٌة الشاملة على الكل‬ ‫الفلسطٌنً‪ ،‬وفً إطار منظمة التحرٌر الفلسطٌنٌة ذات األسس الدٌمقراطٌة المدنٌة الجدٌدة ‪ ،‬بال إسفافات‬ ‫األفواه الكبٌرة عبر الفضائٌات ومواقع التواصل االجتماعً الممتلئة بالقبح والقذارة من تخوٌن وتشوٌه‬ ‫وتكفٌر‪.‬‬ ‫إن البٌت الوطنً مخترق ومثقل بالثقوب فال ٌتحصل على قدرة تجمٌع الماء‪ ،‬وما استمرت الثقوب‬ ‫بال إصالح ال نستطٌع ان نحصر الماء فنرتوي أونتقدم‪.‬‬

‫‪-3‬بعٌدا عن القمة و"العضو المحترم"‬ ‫أما ثالثا فكما نحتاج للتخلً كمقدمة للتمسك‪ ،‬وكما نحتاج لبناء قلعة وطنٌة حصٌنة‪ ،‬فإننا على‬ ‫الصعٌد الحركً الفتحوي الداخلً بال شك أخذتنا األحداث الٌومٌة بعٌدا عن ( ُ‬ ‫طهر) الفكرة‪ ،‬وبعٌدا عن‬ ‫(ثقافة) االنتماء وااللتزام واالنضباط‪ ،‬فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خٌر‪ ،‬لتصبح محطة انتماء البعض‬ ‫فٌنا ذات طابع انتقائً أو ذرائعً أو مصلحً أو شخصانً‪ ،‬وهو ما ٌتعارض مع تعرٌف االنتماء الفتحوي‬ ‫أنه لفلسطٌن وترابها وسمائها وحجارتها وزٌتونها وقضٌتها‪....‬‬ ‫لٌس االنتماء قطعا لهذا أو ذاك‪ ،‬وكٌف لالنتماء والثقافة الوطنٌة أن تنمو والجسد (التنظٌمً) منهك‬ ‫والجسد التنظٌمً ٌعانً من األمراض‪ ،‬والنفوس ملٌئة بالثقوب والسواد والٌؤس واإلحباط‪ ،‬والهٌاكل تتآكل‬ ‫فال أبواب مفتوحة وال آذان تسمع وال قلوب لذكر هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬ولهدف فلسطٌن تخشع! وكٌف لتعاضد‬ ‫وتكاتف وتساند ٌُبنً ومسار الحراك داخل التنظٌم السٌاسً ٌتكالب نحو القمة ولٌس نحو (العضو) من حٌث‬ ‫هو الطاقة الجبارة والقٌمة واالحترام بفكره وأدائه وفعله بغض النظر عن مكان وجوده فً السلم التنظٌمً‪.‬‬ ‫ٌقول خلٌل الوزٌر (أبوجهاد) أول الرصاص أول الحجارة عما أسماها القواعد الذهبٌة األربع‬ ‫لحركة فتح وهً قواعد العمل الخاصة بنا "كؤعضاء فً الحركة"‪ ،‬أنها تتمثل‪ :‬بتبنً (الوحدة الوطنٌة مع‬ ‫اتساع الصدر ورحابة األفق‪ ،‬والثانٌة هً توظٌف كل الطاقات لتحقٌق حرب الشعب طوٌلة األمد ما نحتاج‬ ‫معها إلى الصبر والنفس الطوٌل‪ ،‬والقاعدة الثالثة‪ :‬هً بالعمل على تفتٌت جبهة األعداء‪ ،‬والقاعدة‬ ‫الرابعة‪ :‬هً استقاللٌة قرارنا التً ال تنبع من إقلٌمٌة ضٌقة مغلقة‪ ،‬بل تنبع من منطلقاتنا ذات األبعاد‬ ‫القومٌة استنادا إلى أن صاحب الجرح هو األكثر إحساسا باأللم واألكثر إحساسا بحجم المعاناة‪ ،‬ولذا ال بد‬ ‫‪10‬‬ ‫أن ٌكون هو األكثر تفاعال واندفاعا لمعالجة جرحه)‬ ‫‪ 10‬د‪.‬محمد حمزة‪ ،‬أبوجهاد‪:‬أسرار بداٌاته وأسباب اغتٌاله‪ ،‬االتحاد العام للكتاب واألدباء الفلسطٌنٌ​ٌن‪ ،‬رام‬ ‫هللا‪-‬فلسطٌن‪،‬الطبعة‪ ،8‬عام ‪ 2010‬ص‪180‬‬ ‫‪12‬‬


‫إن إعالء قٌمة (العضو) أي الشخص المنضوي تحت لواء التنظٌم السٌاسً بقناعة وإٌمان‪ٌ ،‬جب‬ ‫أن تكون أساس الثقافة التنظٌمٌة الناهضة‪ ،‬فكما ٌُطالب هو باالنضباط للقوانٌن واألوامر والتوجٌهات فمن‬ ‫حقه أال ٌُدار له الظهر‪ ،‬وأن ٌُعطى الدور فً مساحته وإطاره وأن ٌتم التواصل الدوري معه‪.‬‬ ‫ما ٌعنى أن ال حٌاة تنظٌمٌة داخلٌة متواصلة بدون ُخماسٌة (‪-1‬االجتماع الدوري لكل إطار ببنوده‬ ‫الكاملة ‪-2 ،‬تقدٌم التقارٌر عن األعمال والتكلٌفات ‪ -3 ،‬امتالك "التكلٌف والمهمة أو الدور" الذي‬ ‫‪-4‬عقد اللقاءات الدورٌة وعقد‬ ‫ٌمارسه العضو ٌومٌا‪ ،‬وممارسته التثقٌف والبناء الذي ال غنى عنه‪،‬‬ ‫المإتمرات بمواعٌدها ‪-5 ،‬تحقٌق التواصل االجتماعً الداخلً‪ ،‬والجماهٌري المبنً على الحب والتفهم‬ ‫‪11‬‬ ‫والتقبل والتجاور)‪.‬‬

‫‪-4‬استمطار األمة العربٌة‬ ‫كحركة فتح وفٌنا كمنظمة تحرٌر ‪ ،‬وفٌنا كفكرة وثقافة مشاركة ودور‬ ‫نعم نحن نلتفت للداخل فٌنا‬ ‫جامعة متجددة ‪ ،‬ما نراه أولوٌة عظمى فً ظل الخراب الذي ٌضرب فً ظهرنا فً عمق أمتنا العربٌة ‪ ،‬أو‬ ‫انكفائها وابتعادها (الذي نسعى ألن ٌكون مإقتا) عن قضٌة األمة األولى قضٌة فلسطٌن ‪.‬‬ ‫وفً (سعٌنا) الستمطار غٌمات األمة العربٌة الشك أن قنواتنا ٌجب أن تظل مفتوحة على ذات‬ ‫القاعدة التً ألِفناها فنحن واألمة جسد واحد مهما أثقلته الجراح هذه األٌام‪( .‬هل نتذكر شعارنا الخالد الذي‬ ‫طالما أكد علٌه القائد صالح خلف وخالد الحسن أننا قاطرة ال تسٌر إال ضمن قطار األمة العربٌة‪ ،‬وأننا‬ ‫رأس الرمح فٌها‪)...‬‬ ‫ومن هنا فً النقطة الرابعة المطلوبة حالٌا تقول أن‪ :‬لنا دور مشترك ٌجب أن نمارسه فً تعظٌم قٌم‬ ‫التوافق والتعاضد والتقارب بٌن األمة ومع األمة العربٌة حٌث ٌجمعنا التارٌخ والحضارة والمكان واللغة‬ ‫العظٌمة والثقافة والقضاٌا المشتركة‪ ،‬كما تجمعنا الحضارة واإلسالم العظٌم مع عدد من دول اإلقلٌم‬ ‫المجاورة (مع اٌران وتركٌا)‪ ،‬ولنا دور ٌجب أن نمارسه فً تعظٌم قٌم التوافق أٌضا مع الدول االسالمٌة‪،‬‬ ‫بل ومع أحرار العالم حٌث قٌم العالمٌة الحضارٌة‪.‬‬ ‫فً حدٌثنا فً اإلطار الواسع المساحة أي االقلٌم أو األمة العربٌة وجب علٌنا أمران األول‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الخزان ٌضم الكنوز البشرٌة فً‬ ‫االستمرار بطرق الخزان العربً سواء الرسمً أو الشعبً‪ ،‬فما زال هذا‬ ‫االعالم والصحافة والفكر واالقتصاد والثقافة الجامعة والتقانة وغٌرها من المجاالت التً ال غنى عنها لنا‬ ‫كؤمة‪ ،‬وفً فلسطٌن القضٌة والدولة والمستقبل‪.‬‬ ‫وفً االمر الثانً ٌجب تحقٌق مساهمتنا فً دعم قٌام (كٌان) األمة الناهضة ‪ ،‬ونحو مزٌد من‬ ‫التقارب والتآلف وصوال للوحدة بؤي شكل مقبول من شعوب األمة‪ ،‬وهل أوربا متعددة القومٌات أفضل منا‬ ‫‪ www.bakerabubaker.info11‬مراجعة دراسة بكر أبوبكر حول البناء والتثقٌف فً األقالٌم على موقعه‬ ‫‪13‬‬


‫لتشكل (االتحاد االوروبً)؟ ونحن نتفرج على أعتاب فكرة خٌالٌة سلطوٌة استبدادٌة‪ ،‬لٌست نهضوٌة‬ ‫أصبحت بائدة اسمها (أمة عربٌة واحدة ‪ ،) ...‬أو اسمها المخادع (الخالفة االسالمٌة)‪ ،‬وهً مهما كان‬ ‫مس ّماها ما ٌجب أن ننهض بها ثقافٌا وفكرٌا كحركة فتح لدعمها فً نظرٌة أقرب ما تكون لمفهوم "أمة‬ ‫دٌمقراطٌة حضارٌة واحدة منفتحة"‪ ،‬وأن تعددت األنظمة السٌاسٌة‪ٌ ،‬جمعها المصلحة الواحدة‪ ،‬لتتبوأ مكانا‬ ‫مرموقا بٌن األمم بالتحرر و بالفكر والثقافة والصناعة والتقانة والوحدة االقتصادٌة واحترام حقوق اإلنسان‬ ‫والتعددٌة والمدنٌة‪...‬الخ‪ ،‬بعٌدا عن معازل (غٌتوات) الجهالة والتطرف واالنعزال العنصري واإلرهاب‬ ‫الذي عصف بؤمتنا‪.‬‬ ‫لنا أن تحلّق األمة معنا‪ ،‬فال تضٌع فلسطٌن فً ظل ال ُبهتان الصهٌونً الذي ٌحاول أن ٌجعل من‬ ‫الخطر االقلٌمً (اٌران تحدٌدا) هو الخطر األوحد ‪ ،‬فً محاولة فاشلة الستقطاب األمة ‪،‬ولنا أن نزرع مع‬ ‫األمة بذور الوحدة الناهضة أٌضا‪ ،‬وننتظر اإلثمار‪ ،‬فالغٌمات فٌنا رابٌة‪.‬‬

‫‪]-5‬الفهم[ والصراعات‬ ‫فً النقطة الخامسة بعد أن تعرضنا للوحدة الداخلٌة بشقٌها الفتحوي والوطنً العام‪ ،‬وبناء السراطٌة‬ ‫(االستراتٌجٌة) والبرنامج الموحد ‪ ،‬ووحدة األمة فً اإلطار الحضاري‪ ،‬فإن فهم الصراع بؤبعاده الذي قد ال‬ ‫ٌنتبه له الكثٌرون ٌحتاج جهدا مضاعفا‪ ،‬وهذه األٌام خاصة فً ظل صراعات جدٌدة تحٌط بنا منها صراع‬ ‫االسالموٌ​ٌن وصراعات التطرف وصراع اإلرهاب‪ ،‬وصراع (االسالموفوبٌا) بالغرب‪ ،‬وصراع األصالة‬ ‫وصراع األدٌان والطوائف‪ ،‬وصراع التقسٌم الجدٌد للمنطقة العربٌة‪ ،‬وصراع العلمانٌة وأبوابها المتعددة‪،‬‬ ‫وصراعات الحداثة والعولمة والبٌئة‪ ،‬ناهٌك عن صراع الرواٌة التوراتٌة الرائجة هذه األٌام فً ظل خرافٌة‬ ‫وأسطورٌة فكر الٌمٌن اإلسرائٌلً الصاعد‪ ،‬وكثٌر من مروٌات التراث العربً واإلسالمً التً استجابت‬ ‫لهذه األساطٌر التوراتٌة‪ ،‬ولم تعد تطٌق تقبل الدالئل والبراهٌن التً تسقطها وتصرعها‪.‬‬ ‫إن صراعنا الثقافً الفكري التارٌخً النضالً سواء فً المنطقة‪ ،‬أو فٌما ٌتعلق بفلسطٌن هو مما‬ ‫ٌجب أن نقرنه مع ما استجد من صراعات نخوضها مثل صراع مقاطعة الكٌان االسرائٌلً العنصري فً‬ ‫كل المحافل وفً الوطن‪ ،‬والصراع القانونً الذي ذهبنا إلٌه حدٌثا مترافقا مع النجاحات السٌاسٌة‪ ،‬ودعما‬ ‫الستراتٌجٌة تحطٌم أسطورة (اسرائٌل) كدولة (دٌمقراطٌة) ما هً فً الحقٌقة إال عنصرٌة تبتغً‬ ‫(الٌهودٌة) اإلقصائٌة ‪ ،‬األكثر بغضا مما كان فً جنوب افرٌقٌا‪.‬‬ ‫إننا بحاجة كفلسطٌنٌ​ٌن وكحركة فتح وكتنظٌمات عامة للفهم المشترك أوال‪ ،‬وفً إطار تحقٌق هذا‬ ‫الفهم المناص من استبعاد أولئك المعوقٌن للوصول لهذا (الفهم المشترك) وهذا الفهم إن لم ٌعود لجذره وهو‬ ‫(فلسطٌن) ولجذره الحضاري فً صمٌم حضارة أمتنا العربٌة االسالمٌة والمسٌحٌة الشرقٌة نكون فً حالة‬ ‫(تٌه) كتلك التً حصلت لقبٌلة بنً إسرائٌل العربٌة الٌمنٌة المنقرضة هناك فً الجغرافٌا البعٌدة‪.‬‬ ‫إن المؤساة فً فلسطٌن الٌوم ذات طابع مركب ما بٌن اختالالت الجغرافٌا وصراخ األرض‬ ‫المغروس فٌها خنجر االستٌطان واالحتالل‪ ،‬وتكرار مآسً اللجوء‪ ،‬وما بٌن تزوٌرات السٌاسٌ​ٌن‬ ‫‪14‬‬


‫االسرائٌلٌ​ٌن وشحذ سكاكٌنهم الملونة لقطع رقبة نضالنا‪ ،‬بل وتمزٌق تارٌخنا وحضارتنا‪ ،‬وما ٌساعدهم فً‬ ‫عملٌة الذبح اإلرهابٌة هذه هو عدم القدرة على ]الفهم[ وعدم القدرة على التوافق على التحلٌل لدٌنا نحن‬ ‫كتنظٌمات فلسطٌنٌة سٌاسٌة أساسا‪ ،‬وعدم القدرة لدى فئة كبٌرة على تقبل اآلخر والتعددٌة والدٌمقراطٌة‬ ‫والشراكة‪ ،‬وما ٌساعد العدو فً مذبحته ضدنا هو تفككنا‪ ،‬و ْ‬ ‫لهو األمة وانصرافها إلى مواضٌع تؤخذ أنظمتها‬ ‫ومنظماتها بعٌدا وتجعل من انخراطهم فً محاور متقابلة‪-‬متقاتلة أساس الصراع والفرز الذي ٌدمر األمة من‬ ‫حٌث تدمٌر فكرة الدول الوطنٌة‪ ،‬ومن حٌث هز االستقرار‪ ،‬ومن حٌث تلطٌخ الثقافة الحضارٌة المتعددة ‪.‬‬ ‫إن حاجتنا للفهم المشترك فً التوافق على وحدة فكرتنا الجامعة ٌعنً أول ما ٌعنٌه قطع الخٌوط‬ ‫مع ما ٌظنه البعض "أكبر" من "فلسطٌن الفكرة الجامعة"‪ ،‬وهو ذاته الخٌط "األكبر" الذي التف نحو‬ ‫رقابنا فجمد نضالنا كفلسطٌنٌ​ٌن فً فترة تكاثف غٌمات االنطالقة ما قبل عام ‪ ،1965‬وها هو ٌعود الٌوم‬ ‫لٌلتف حول رقبة القضٌة بوجه جدٌد ٌجعل من فلسطٌن قضٌة ثانوٌة‪ ،‬أو إلحاقٌة أو قابلة لالنتظار ال ٌرفع‬ ‫حركة التحرٌر الوطنً الفلسطٌنً‪-‬فتح داخلً‬ ‫من أجلها إال الشعارات الفضائٌة‪ ،‬ومن هنا فواجب‬ ‫وخارجً‪ ،‬وثقافً كما هو مٌدانً صادق وشجاع وصبور بال كلل‪.‬‬

‫وإنا لمنتصرون بإذن هللا‪ ،‬وإنها لثورة حتى النصر‪.‬‬

‫‪15‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.