PDF KOVAR DICLE 21 BESE EREBI

Page 1

‫السنة الرابعة‬

‫املرأة تعين اهلوية املتأزمة‬ ‫ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی‬ ‫مصطلح الناموس‪ ،‬هي تعين قانون البيت‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪20‬‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬


‫شهيد‪ :‬حيدر نايف خدر(رسهلدان الزرو)‬


‫دجلة‬ ‫البحث و التوثيق و التحليل‬ ‫العدد‪21 :‬‬

‫نيسان‪2021 :‬‬

‫رئيس تحرير و صاحب االمتياز‪:‬‬ ‫فارس حربو خدر‬

‫نائيب رئيس تحرير‪:‬‬

‫سكران رديين مسهوج الشمري‬

‫سكرتري التحرير‪:‬‬

‫آزاد عبدال كريت‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ـ خليل مراد شلو‬ ‫ـ عمران سكران رديين‬ ‫ـ ابراهيم عمو كجي‬

‫االخراج فني و تصميم‪ :‬قاسم خلف عبداهلل‬ ‫العنوان‪ :‬شنكال(سنجار)‬ ‫تلفون‪:‬‬

‫‪07504197663‬‬ ‫‪07500496100‬‬ ‫‪E. mail: Diclepress13@gmail.com‬‬

‫رقم االيداع دار اكتب و الوثائق ببغداد‬ ‫(‪)1773‬‬

‫«يف هذا العدد»‬ ‫ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة‬ ‫ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی‬ ‫املرأة يف الشرق األوسط إعالميا‬ ‫اشد من الفاقة مرض البدن‬ ‫هل ستلحق املوصل بكوسوفو؟‬ ‫مصطلح الناموس‪ ،‬هي تعين قانون البيت‬ ‫األعياد واملناسبات‬ ‫السياسة اخلارجية األمريكية من العزلة إىل التفاعل‬

‫‪4‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬


‫حترير اجلنسوية االجتماعية‬

‫ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة‬

‫تتصدر املرأة ونظام العالقات والتناقضات‬ ‫املتشكل حوهلا‪ ،‬قائمة الظواهر الواجب‬ ‫معاجلتها بشكل منفرد‪ ،‬إىل جانب تكوين‬ ‫مضمون الدمقرطة‪ .‬بإمكاننا لدى تناول‬ ‫ظاهرة املرأة أن نرى بوضوح أكرب مدى تأخر‬ ‫ونقصان معاجلة العلوم االجتماعية هلا‪،‬‬ ‫مبا يضاهي ما هي عليه مسألة توازنات‬ ‫السلوكيات املشاعية والدميقراطية‪ .‬حيث‬ ‫مثة إمجاع عام يف كافة املواقف العلمية‬ ‫واألخالقية والسياسية‪ ،‬يفرتض مسبقاً بأن‬ ‫ما تعانيه املرأة هو من دواعي طبيعتها‪.‬‬ ‫واملؤسف أكثر أن املرأة أيضاً اعتادت‬ ‫على قبول هذه الرباديغما طبيعياً‪ .‬فطبيعة‬ ‫وقدسية القوالب الثابتة املفروضة على‬ ‫الشعوب منذ آالف السنني‪ ،‬باتت حمفورة‬ ‫يف كل خاليا ذهنية املرأة وتصرفاتها‬ ‫بأضعاف مضاعفة‪ .‬وبقدر ما مت تأنيث‬ ‫الشعوب‪ ،‬اتسمت املرأة أيضاً بالشعبوية‪.‬‬ ‫وعندما قال هتلر”الشعوب كالنساء”‪ ،‬إمنا‬ ‫قصد هذه احلقيقة‪ .‬لدى تناولنا ظاهرة‬ ‫املرأة بعمق أكرب‪ ،‬سندرك أنها عو ِملت‬ ‫كنَ َسب وطبقة وأُ َّمة‪ ،‬لتتجاوز كونها جنساً‬ ‫بيولوجياً‪ .‬إنها النَّ َسب والطبقة واألُ َّمة‬ ‫األكثر انسحاقاً‪ .‬من املهم اإلدراك أنه ما‬ ‫حلقت بعبودية‬ ‫من نَ َسب أو طبقة أو أُ َّمة أُ ِ‬ ‫منتظمة بقدر األنوثة‪.‬‬ ‫ُدون بعد تاريخ عبودية األنوثة‪ .‬أما‬ ‫مل ي َّ‬ ‫تاريخ احلرية‪ ،‬فال يزال ينتظر التدوين‪.‬‬

‫يرتبط إبقاء عبودية املرأة يف غياهب‬ ‫الظالم الغائرة‪ ،‬بالسلطة اهلرمية والدولتية‬ ‫املتصاعدة يف اجملتمع‪ .‬حيث أُ ِّس َست‬ ‫اهلرميات(اإلدارات املقدسة صاحبة‬ ‫االمتيازات)‪ُ ،‬‬ ‫وفتِ َحت درب العبودية‬ ‫أمام شرائح اجملتمع األخرى‪ ،‬مع تعويد‬ ‫املرأة على العبودية‪ .‬يأتي استعباد الرجل‬ ‫بعد استعباد املرأة‪ .‬ومثة جوانب لعبودية‬ ‫اجلنس‪ ،‬ختتلف عن عبودية الطبقة واألُ َّمة‪.‬‬ ‫فباإلضافة إىل وسائل القمع الدقيقة واملُرَ َّكزة‬ ‫إلضفاء املشروعية عليها‪ ،‬يتم ترسيخها عرب‬ ‫األكاذيب والتلفيقات املشحونة بالعواطف‪.‬‬ ‫وتُستث َمر الفوارق البيولوجية وكأنها ذرائع‬ ‫للعبودية‪ .‬كل ما تقوم به املرأة يؤخذ بعني‬ ‫االستخفاف‪ ،‬وكأنه”عمل أنثوي” ال‬ ‫قيمة له‪ .‬ويُطرَح تواجدها يف كل ميادين‬ ‫اجملتمع العامة على أنه حمظور دينياً‬ ‫و ُمعيب أخالقياً‪ .‬هكذا تُب َعد تدرجيياً‬ ‫عن كافة النشاطات االجتماعية املهمة‪.‬‬ ‫ومع انفراد الرجل بالنشاطات السياسية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية كقوة مهيمنة‪،‬‬ ‫يتمأسس ضعف املرأة وهزهلا‪ .‬ويتم تشاطر‬ ‫مفهوم”اجلنس الضعيف” كعقيدة راسخة‪.‬‬ ‫بعد أن تتكدس كافة إمكانيات وموارد‬ ‫القوة املادية واملعنوية بيد الرجل‪ ،‬تغدو‬ ‫املرأة كياناً ِمربَط رأسه بيد الرجل‪ ،‬ترجتيه‬ ‫أحياناً‪ ،‬وتدوس على عزتها وكرامتها‬ ‫لرتضى بقدرها أحايني أخر‪ ،‬وتغتاظ من‬

‫عبداهلل أوجآالن‬

‫احلياة دائماً وتعبَس هلا؛ لتتقمص رداء‬ ‫الصمت العميق‪ .‬ومبعنى من املعاني‪،‬‬ ‫ميكننا وصفها بامليت احلي‪ .‬بإمكاننا إبراز‬ ‫الظاهرة أكثر عرب عدة تشبيهات‪:‬‬ ‫التشبيه األول‪ :‬العصفور الذي داخل‬ ‫القفص‪ .‬فأحياناً يكون العصفور بديعاً‬ ‫وزاهياً كالكناري‪ .‬وأحياناً يكون ذا صوت‬ ‫مجيل كالبلبل‪ .‬كل واحد يُ َشبِّه املرأة‬ ‫بعصفور حسبما يرتأيه هو‪ .‬وغالباً ما يقال‬ ‫فيها‪ :‬عصفور الدوري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫التشبيه الثاني‪ :‬القطة اليت متوي دائما يف‬ ‫قعر بئر بال قاع‪ .‬حيث يستأهلها صاحبها‬ ‫ويدجنها جيداً بتغذيتها على بقايا الطعام‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫قد يكون تشبيهاً فظاً‪ ،‬لكن‪ ،‬مثة ضرورة‬ ‫ساطعة إلبداء مساعي علمية وأدبية متعددة‬ ‫االجتاهات‪ ،‬بغرض ُاستيعاب مدى عمق‬ ‫العبودية القائمة‪ .‬لقد أ ِّسس جمتمع جنسوي‬ ‫إىل أبعد احلدود‪ .‬والفظاظة احلقيقية تكمن‬ ‫يف املوقف التالي‪ :‬بينما يُعتَبرَ اغتصاب‬ ‫الرجل للمرأة عنوة بأنه بطولة‪ ،‬وبينما‬ ‫يتلذذ الرجل بذلك ويغتبط آلخر درجة؛‬ ‫تواجه املرأة كل أنواع اإلجحاف حبقها؛‬ ‫بدءاً من رمجها باحلجارة حتى املوت‪،‬‬ ‫وحتى حبسها يف بيوت الدعارة‪ ،‬واحلكم‬ ‫عليها بعدم الدخول ثانية إىل اجملتمع‪.‬‬ ‫والفظاظة األخرى هي‪ :‬بينما يعتز الرجل‬ ‫بعضوه اجلنسي ويتباهى‪ ،‬تكون األعضاء‬ ‫اجلنسية للمرأة مصدر حياء وعار‪ .‬مل يتوا َن‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أحد عن استثمار أبسط الفوارق اجلسدية‬ ‫على حساب املرأة‪ .‬بل وغدا كونها”امرأة”‬ ‫موضوع حياء وخجل‪ .‬حتى يف العشق ـ‬ ‫الذي يُزعَم بأنه عاطفة مقدسة حباله هذه‬ ‫ـ ما تعيشه املرأة ليس سوى فرض الرجل‬ ‫ذاته عليها بكل عمى وتهور‪ .‬أما البنات‬ ‫الصغريات‪ ،‬فتعانني االزدراء واالمشئزاز‬ ‫على الدوام‪.‬‬ ‫َ‬ ‫التساؤل الواجب طرحه هنا‪ :‬مِل كل‬ ‫هذه العبودية الغائرة؟ والرد عليه منوط‬ ‫ـ بكل تأكيد ـ بظاهرة السلطة‪ .‬فطبيعة‬ ‫السلطة تتطلب العبودية‪ .‬فإذا كان نظام‬ ‫السلطة بيد الرجل‪ ،‬فلن يكتفي بتشكيل‬ ‫قسم ـ فقط ـ من اجلنس البشري حسب‬ ‫تلك السلطة‪ ،‬بل سيشمل اجلنس برمته‪.‬‬ ‫فكيفما يرى أصحاب السلطة يف حدود‬ ‫ويقّون لذاتهم‬ ‫الدولة حدوداً لبيوتهم‪ ،‬حُِ‬ ‫القيام بكل املمارسات ضمنها؛ ففي العائلة‬ ‫ـ اليت هي منوذج مصغر هلم – أيضاً يرى‬ ‫الرجل أنه من حقه ممارسة أي عمل(مبا‬ ‫فيه القتل إن رأى داعياً لذلك)‪ ،‬باعتباره‬ ‫صاحب السلطة‪ .‬إن املرأة املنعكفة يف البيت‬ ‫ُملك قديم وغائر‪ ،‬لدرجة أن الرجل يقول‬ ‫فيها”إنها لي” بكل عواطفه االستمالكية‬ ‫الالحمدودة‪ .‬يف حني أن املرأة(املقيَّدة‬ ‫بذريعة الزواج) ال جترؤ على الزعم بأبسط‬ ‫حق هلا على الرجل‪ .‬أما الرجل‪ ،‬فحقوقه‬

‫فكرية‬

‫‪5‬‬

‫جيب اعتماد املفهوم القائل بأن‬ ‫كل نضال حترري عاجز عن‬ ‫ختطي ثنائية”الرجل احلاكم‬ ‫ـ املرأة العبدة” لن يتمكن‬ ‫من توطيد اهلوية احلرة‬ ‫أو اكتسابها؛ كمعيار أولي‬ ‫للحرية‪ .‬إذ لن تتحقق العالقة‬ ‫احلرة بني املرأة والرجل‪،‬‬ ‫بدون حتطيم عالقة املُلكية‬ ‫والسلطة املسلَّطة على املرأة‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫على املرأة واألطفال ال تعرف احلدود‪.‬‬ ‫جيب البحث عن املصدر األولي لل ُملكية‬ ‫ـ مرة أخرى ـ يف العائلة‪ ،‬ويف التصرف‬ ‫باملرأة بكل عبودية‪ .‬حيث تكمن املرأةُ‬ ‫املستعبَدة يف مصدر املُلكية‪ .‬تتفشى‬ ‫العبودية واملُلكية يف املرأة على موجات‬ ‫متتالية‪ ،‬لتعم كل املستوى االجتماعي‪.‬‬ ‫رسخ ُّ‬ ‫كل عاطفة أو فكرة لل ُملكية‬ ‫هكذا تُ َّ‬ ‫والعبودية‪ ،‬يف البنية الذهني ِة والسلوكي ِة‬ ‫للفرد واجملتمع‪ .‬ويُؤقلَم اجملتمع مع كافة‬ ‫أشكال البنى اهلرمية والدولتية‪ .‬هذا ما‬ ‫معناه بدوره سهولة سريورة كافة أنواع‬ ‫البنى املسماة بالطبقية‪ ،‬بعد اكتسابها‬ ‫مشروعيتها‪ .‬هكذا‪ ،‬ال تكون املرأةُ لوحدها‬ ‫خاسرة‪ ،‬بل واجملتمع برمته‪ ،‬عدا حفنة‬ ‫من القوة اهلرمية والدولتية‪.‬‬ ‫ال أهمية ملحوظة ملراحل األزمات اخلاصة‬ ‫بالنسبة للمرأة‪ .‬فهي باألصل تعيش أزمات‬ ‫مستمرة‪ .‬املرأة تعين اهلوية املتأزمة‪ .‬املسألة‬ ‫الوحيدة الباعثة على األمل يف خضم فوضى‬ ‫النظام الرأمسالي املعاشة اليوم‪ ،‬هي كون‬ ‫ظاهرة املرأة قد ُسلِّط عليها الضوء‪ ،‬ولو‬ ‫مبحدودية‪ .‬فالفامينية ساهمت بشكل بارز‬ ‫يف إظهار حقيقة األنوثة يف الربع األخري‬ ‫من القرن األخري؛ وإن مل يكن بشكل‬ ‫مكتمل‪ .‬ومبا أن فرصة التغيري لكل ظاهرة‬ ‫تتزايد مع تصاعد التنوير العالي هلا يف‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة األول‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫تنم اخلطوات اليت ستُخطى‬ ‫الفوضى؛ فقد ُّ‬ ‫لصاحل احلرية عن انطالقات وثابة نوعية‪،‬‬ ‫وقد تَنْفُ ُذ حرية املرأة من األزمة احلالية‬ ‫مبكاسب عظمى‪.‬‬ ‫من الضروري أن جتد حرية املرأة إطاراً‬ ‫وأفقاً مناسباً لتعريف الظاهرة‪ .‬فقد ال تعين‬ ‫احلرية واملساواة االجتماعية العامة حرية‬ ‫ومساواة مباشرة بالنسبة للمرأة أيضاً‪.‬‬ ‫األساس هنا هو املساعي والتنظيم اخلاص‪.‬‬ ‫وأيضاً‪ ،‬قد مَُ‬ ‫تد حركة الدمقرطة العامة‬ ‫املرأة ببضعة فرص وإمكانيات‪ .‬لكنها ال‬ ‫جتلب هلا الدميقراطية تلقائياً‪ .‬على املرأة‬ ‫أن تبذل مساعيها وتؤسس تنظيمها وحتدد‬ ‫أهدافها اخلاصة بها بالذات‪ .‬مثة حاجة‬ ‫أولية لتعريف احلرية مبا يقابل حالة‬ ‫العبودية املعششة يف املرأة‪ .‬لقد تطورت‬ ‫قدرة النظام الرأمسالي اخلارقة على تطوير‬ ‫األدوار واخلياالت والتصورات الزائفة‬ ‫عوضاً عن احلقيقة‪ ،‬حبيث ساوى بني‬ ‫احلرية وبني النشاطات األكثر حطاً من‬ ‫شأن املرأة(كاألدب والفن اإلباحي على‬ ‫سبيل املثال)‪.‬‬ ‫رغم وجود العديد من العناصر املهمة يف‬ ‫مساعي وجهود الفامينية‪ ،‬إال إنها ال تزال‬ ‫بعيدة عن ختطي آفاق الدميقراطيات ذات‬ ‫النواة الغربية‪ .‬وباألساس‪ ،‬يصعب على‬ ‫املرء القول بأنها استوعبت شكل احلياة‬ ‫اليت كونتها الرأمسالية بشكل كامل‪ ،‬فما‬ ‫بالك بتخطيها إياها! يستذكرنا هذا الوضع‬ ‫مبفهوم الثورة االشرتاكية لدى لينني‪ .‬فرغم‬ ‫هذا الكم اهلائل من اجلهود الدؤوبة‪ ،‬ورغم‬ ‫العديد من املواقع املكتسبة بعد صراع مرير؛‬ ‫إال أن اللينينية مل تتخلص يف احملصلة من‬ ‫تقديم أمثن املساهمات إىل الرأمسالية من‬ ‫اجلانب اليساري‪ .‬وقد تلقى الفامينية أيضاً‬ ‫عواقب مشابهة‪ .‬فافتقار مناضلية املرأة إىل‬ ‫الدعامة التنظيمية املتينة‪ ،‬وعجزها عن‬ ‫تطوير فلسفتها بشكل تام؛ إمنا يثبط من‬ ‫عزمها على مواجهة املصاعب‪ .‬ولرمبا‬ ‫ال يؤدي حتى إىل تأسيس”االشرتاكية‬ ‫املشيدة” جلبهة املرأة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فمن‬ ‫األصح النظر إليها كخطوة حقيقية‪ ،‬من‬ ‫ناحية لفت األنباه إىل املشكلة القائمة‪.‬‬ ‫ال جدال يف أن للمرأة طبيعتها‪ ،‬مثلما هي‬ ‫حال كل موجود جنسي‪ .‬ومع تزايد‬ ‫الرباهني يف حوزة علم البيولوجيا‪ ،‬تزداد‬

‫‪6‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫وما يؤكد صحة هذه الظاهرة‬ ‫هو عواطف احلسد والغرية‬ ‫املفرطة لدى الرجل‪ ،‬واليت‬ ‫ال معنى هلا وال أصل‪ .‬فبينما‬ ‫تقف طبيعة املرأة أكثر وثوقاً‬ ‫من نفسها إزاءه‪ ،‬ال يهدأ‬ ‫للرجل بال وال يعرفه السكون‪.‬‬ ‫وكأنه بالء مسلَّط على املرأة‪،‬‬ ‫جيول يف أطرافها‪ .‬كل هذه‬ ‫املالحظات تشري إىل أن جسد‬ ‫املرأة ليس مشحوناً بالضعف‪،‬‬ ‫بل هو املركز النواة‬

‫مؤازرته لكون املرأة ـ كجنس بيولوجي ـ‬ ‫عضواً مركزياً يتخطى إطار اجملتمعية‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬إىل جانب أن جسد املرأة يشمل‬ ‫الرجل‪ ،‬فالعكس غري صحيح‪ .‬أي أن‬ ‫جسد الرجل ال ميكن أن يشمل املرأة‪ .‬من‬ ‫هنا نفهم أن الرجل خملوق من املرأة؛ على‬ ‫خالف ما ادعته الكتب املقدسة خبلق‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫من‬ ‫املرأة‬ ‫فـ”كروموسومات”(صبغيات) املرأة أكثر‬ ‫مما للرجل منها‪ .‬حتى الدورة‬ ‫الشهرية(احليض)‪ ،‬اليت يُن َظر إليها كسوء‬ ‫طالع للمرأة؛ جيب اعتبارها مؤشراً قاطعاً‬ ‫ورقّة عالقة املرأة‬ ‫على مدى حساسية ِ‬ ‫بالطبيعة‪ .‬جيب النظر إىل نزف الرحم‬ ‫كتدفق للحياة الطبيعية املستمرة اليت مل‬

‫تنضب بعد‪ .‬أي أن جذور شرايني احلياة‬ ‫مل تنضب بعد‪ .‬واستمرارها دليل على‬ ‫إرادتها‪ .‬هكذا جيب استيعاب األمر‪ .‬أي‪،‬‬ ‫ما يقال عنه بأنه أمراض املرأة‪ ،‬ليس سوى‬ ‫ظواهر احلياة بعينها‪ .‬وهي تنبع من متثيل‬ ‫املرأة ملركز احلياة ونواتها‪ .‬إن مشاكل‬ ‫احلياة املعقدة واملتشابكة جتري يف رحم‬ ‫املرأة‪ ،‬يف بطنها‪ .‬والوليد املتولّد منها‪،‬‬ ‫واحلبل الس ّري‪ ،‬أشبه باحللقة األخرية‬ ‫لسلسلة احلياة‪.‬‬ ‫مقابل هذه احلقيقة‪ ،‬يبدو الرجل وكأنه‬ ‫ملحق باملرأة‪ ،‬وامتداد هلا‪ .‬وما يؤكد صحة‬ ‫هذه الظاهرة هو عواطف احلسد والغرية‬ ‫املفرطة لدى الرجل‪ ،‬واليت ال معنى هلا‬ ‫وال أصل‪ .‬فبينما تقف طبيعة املرأة أكثر‬ ‫وثوقاً من نفسها إزاءه‪ ،‬ال يهدأ للرجل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫بال وال يعرفه السكون‪ .‬وكأنه بالء مسلَّط‬ ‫على املرأة‪ ،‬جيول يف أطرافها‪ .‬كل هذه‬ ‫املالحظات تشري إىل أن جسد املرأة ليس‬ ‫مشحوناً بالضعف‪ ،‬بل هو املركز النواة‪.‬‬ ‫انطالقاً من ذلك‪ ،‬على املرأة أن ترفض‪،‬‬ ‫وعلى الفور‪ ،‬تعريف”الناقصة‪ ،‬املريضة”‬ ‫الذي فرضته عليها ثقافة الرجل احلاكم‪.‬‬ ‫وعليها أن تُش ِعر الرجل بأن العكس هو‬ ‫الصحيح‪ .‬وحنن نشيد بهذه احلقيقة عندما‬ ‫نقول بضرورة ثقتها بنفسها فيما خيص‬ ‫جسدها‪.‬‬ ‫النتيجة الطبيعية هلذا التكوين اجلسدي‬ ‫هي كون الذكاء العاطفي لدى املرأة أقوى‪.‬‬ ‫الذكاء العاطفي هو الذكاء الالمنقطع عن‬ ‫احلياة‪ .‬كما أنه الذكاء املتضمن لالعتناق‬ ‫والتعاطف الوطيدين‪ .‬حتى لو تطور الذكاء‬

‫فكرية‬

‫‪7‬‬

‫التحليلي لدى املرأة‪ ،‬فانطالقاً من قوة‬ ‫ورصانة ذكائها العاطفي؛ فهي تكون أكفأ‬ ‫يف اتباع سلوك أكثر اتزاناً وتوازناً وارتباطاً‬ ‫باحلياة‪ ،‬وأكثر بُعداً عن التخريب والدمار‪.‬‬ ‫ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة‪.‬‬ ‫واملرأة اليت تعين احلياة ذاتها(كلمة”‪”Jin‬‬ ‫املنتمية إىل جمموعة اللغة اآلرية‪ ،‬تعين يف‬ ‫اللغة الكردية”احلياة”‪ ،‬وتعين”املرأة” يف‬ ‫الوقت عينه)؛ إمنا هي عبارة عن املهارة‬ ‫والقدرة على رؤية مجيع جوانب احلياة‬ ‫حبالتها الشفافة البعيدة عن الرياء والنفاق‪.‬‬ ‫مهارتها هذه راسخة وقوية‪ .‬وحنن ندرك‬ ‫ذلك جيداً يف حياتنا الشخصية أيضاً‪.‬‬ ‫الرجل بذاته هو املسؤول الظامل عن املرأة‬ ‫املتصفة بأنها حمتالة ومرتدية وفاحشة‬ ‫وغريها من الصفات‪ .‬إذ ما من امرأة ترى‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫حاجة للجوء إىل احليل أو الفحوش‪ ،‬إن‬ ‫تُ ِر َكت وشأنها‪ .‬فال جسدها‪ ،‬وال كيانها‬ ‫البيولوجي مالئمان لذلك‪ .‬الرجل هو املبت ِكر‬ ‫احلقيقي للحيل والدسائس والفحوش‪ .‬كلنا‬ ‫نعرف أن أول بيت دعارة مشهور افتُتِح‬ ‫يف نيبور‪ ،‬عاصمة السومريني‪ ،‬يف أعوام‬ ‫‪2500‬ق‪.‬م‪ ،‬حتت اسم”مصاقدين”‪.‬‬ ‫وكانت سلطة الرجل هي اليت افتتحته‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬فالرجل ال خيجل من التذكري‬ ‫دوماً بالفحوش‪ ،‬وكأنه من ابتكار املرأة‪.‬‬ ‫بل وال يُنقِص من عصا الضرب وممارسة‬ ‫اجملازر على املرأة ولعنها وسبّها بكل ما‬ ‫خيطر على البال من وسائل؛ بعد أن يرمي‬ ‫بأثره هو‪ ،‬وبا ُ‬ ‫جلرم الذي ابتكره هو‪ ،‬على‬ ‫ويطور ـ بناء عليه ـ مفهوم‬ ‫عاتق املرأة‪ِّ ،‬‬ ‫الشرف املزيف‪.‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫النتيجة اليت ميكننا استخالصها من هذا‬ ‫امللحق‪ ،‬هي ضرورة الوقوف أوالً‬ ‫التعريف َ‬ ‫يف وجه اهلجوم األيديولوجي للرجل‪.‬‬ ‫على املرأة أن تتسلح بأيديولوجيتها‬ ‫التحررية املتجاوزة لنطاق الفامينية‬ ‫مبصدرها الرأمسالي؛ وأن تكافح جتاه‬ ‫األيديولوجية الذكورية املهيمنة‪ .‬عالوة‬ ‫على أنه يتوجب اإلدراك جيداً لكيفية‬ ‫تعزيز قدراتها الذهنية الطبيعية والتحررية‬ ‫يف امليدان األيديولوجي أوالً‪ ،‬إزاء الذهنية‬ ‫الرجولية السلطوية احلاكمة‪ .‬وال ننسى‬ ‫هنا أن االستسالم األنثوي التقليدي ليس‬ ‫جسدياً‪ ،‬بل هو اجتماعي‪ .‬وهو يأتي من‬ ‫العبودية املعششة فيها واملقبول بها‪ .‬ما‬ ‫دام األمر هكذا‪ ،‬فمن املهم التغلب على‬ ‫األفكار والعواطف االستسالمية يف امليدان‬ ‫األيديولوجي أوالً‪.‬‬ ‫على املرأة أن تعي أنه عندما تتوجه‬ ‫حريتها صوب امليدان السياسي‪ ،‬تكون‬ ‫حينئذ يف مواجهة أشد جوانب الصراع‬ ‫حدة ومشقة‪ .‬وبدون معرفة كيفية إحراز‬ ‫النصر يف امليدان السياسي‪ ،‬ال ميكن أن‬ ‫يكون أي انتصار آخر راسخاً أو دائمياً‪ .‬ال‬ ‫تدول‬ ‫يعين االنتصا ُر يف هذا امليدان حرك َة ُّ‬ ‫املرأة‪ .‬بل وخالفاً لذلك‪ ،‬يعين الصراع مع‬ ‫البنى الدولتية واهلرمية‪ ،‬وخلق كيانات‬ ‫سياسية ال تهدف إىل الدولة؛ بل تكون‬ ‫دميقراطية تهدف إىل حرية اجلنس وبناء‬

‫‪8‬‬

‫فكرية‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اجملتمع األيكولوجي‪ .‬فاهلرمية والدولتية‬ ‫هما أكثر الظواهر تضارباً وتنافراً مع طبيعة‬ ‫املرأة‪ .‬انطالقاً من ذلك‪ ،‬على حركة حرية‬ ‫املرأة أن تؤدي دورها الريادي يف سبيل‬ ‫تأسيس الكيانات السياسية اخلارجة‬ ‫عن نطاق الدولة‪ ،‬واملنا ِهضة للهرمية‪.‬‬ ‫وانهيار العبودية يف امليدان السياسي‪،‬‬ ‫يكون يف مضمونه مبعرفة كيفية االنتصار‬ ‫ُ‬ ‫النضال والصراع يف‬ ‫يف هذا امليدان‪ .‬يستلزم‬ ‫َ‬ ‫هذا امليدان التنظيمَ والنضال الدميقراطي‬ ‫الشامل للمرأة‪ .‬فكل أنواع منظمات‬ ‫اجملتمع املدني وحقوق اإلنسان واإلدارات‬ ‫احمللية‪ ،‬هي الساحات اليت سيتطور‬ ‫فيها نضاهلا وينتظم‪ .‬وطبقاً ملا هي عليه‬ ‫احلال يف االشرتاكية؛ فالدرب املؤدية إىل‬ ‫حرية املرأة ومساواتها‪ ،‬متر من النضال‬ ‫الدميقراطي املظفر واألمشل على اإلطالق‪.‬‬ ‫ال ميكن حلركة املرأة العاجزة عن كسب‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬أن تظفر حبريتها ومساواتها‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫يشكل واقع األسرة والزواج املشكلة األهم‬ ‫بالنسبة للحرية يف امليدان االجتماعي‪.‬‬ ‫إنهما أشبه ببئر بال قاع‪ .‬وهاتان املؤسستان‬ ‫الباديتان وكأنهما سبيل اخلالص للمرأة‪،‬‬ ‫ليستا سوى انتقاالً من قفص إىل آخر‪،‬‬ ‫بسبب الذهنية االجتماعية احلالية‪ .‬بل‬ ‫وحيصل ذلك باالضطرار لترَْك شباب‬ ‫املرأة احليوي والعنفواني لرمحة ذهنية‬ ‫قصاب ظامل‪ .‬من الضروري رؤية األسرة‬ ‫ّ‬

‫كانعكاس(صورة) للمجتمع الفوقي(جمتمع‬ ‫السلطة) داخل الشعب‪ ،‬وكمؤسسة عميلة‬ ‫له‪ .‬الرجل هو ممثل السلطة املوجودة‬ ‫داخل اجملتمع‪ ،‬ضمن العائلة؛ والتعبري‬ ‫املكثف هلا‪ .‬يف احلقيقة‪ ،‬عندما تتزوج‬ ‫املرأة فهي تُستعبَد‪ .‬إذ من العصيب تصور‬ ‫وجود مؤسسة استعبادية أخرى‪ ،‬بقدر‬ ‫ما هي عليه مؤسسة الزواج‪ .‬والعبوديات‬ ‫األمشل مبعناها احلقيقي‪ ،‬تتأسس مع هذه‬ ‫املؤسسة‪ ،‬وتستمر يف األسرة مع جتذرها‬ ‫فيها أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫حنن ال نتكلم هنا عن احلياة املشرتكة‪ .‬فهذه‬ ‫نقطة ميكن أن تكسب معناها وفقاً ملفهوم‬ ‫كل شخص يف احلرية واملساواة‪ .‬بل نتكلم‬ ‫عن الزواج واألسرة مبعانيهما التقليدية‬ ‫الكالسيكية املرتسخة‪ ،‬واليت ال تعين‬ ‫سوى التملُّك األكيد على حساب املرأة‪،‬‬ ‫وانسحابها من كافة امليادين السياسية‬ ‫والذهنية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وعدم‬ ‫قدرتها على مللملة أشالئها بالسهولة‬ ‫املتصورة‪ .‬قد تؤدي الزجيات والعالقات‬ ‫َّ‬ ‫القائمة‪ ،‬والنابعة من الضوائق الفردية‬ ‫والغرائزية ومن مفهوم األسرة التقليدية‪،‬‬ ‫دوراً مياثل أخطر أنواع االحنرافات على‬ ‫درب احلياة احلرة؛ ما مل تتوطد مقومات‬ ‫احلياة املشرتكة الدميقراطية واحلرة اهلادفة‬ ‫إىل حرية اجلنس‪ ،‬بعد مترير األشكال‬ ‫املوجودة منها من حماكمة راديكالية‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أساسية‪ .‬تتمثل احلاجة املاسة يف األمر‬ ‫يف حتليل الذهنية وامليدان الدميقراطي‬ ‫والسياسي‪ ،‬بغرض الرتسيخ الكامل حلرية‬ ‫اجلنس‪ ،‬وإبراز إرادات احلياة املشرتكة‬ ‫املالئمة لذلك‪ ،‬واملنسجمة وإياه‪.‬‬ ‫أما موضوع العشق الذي تتداوله األفواه‬ ‫كالعلكة يف عاملنا الراهن؛ فهو يشهد أكثر‬ ‫مراحله خزياً وافتقاراً للمضمون واملعنى‪.‬‬ ‫إذ مل تسقط مرتبة العشق حتت األقدام‬ ‫بهذهالدرجة يف أي مرحلة أخرى من‬ ‫التاريخ‪ .‬فحتى أخطر مناذج العالقات‬ ‫وأقبحها‪ ،‬تسمى بالعشق‪ ،‬بدءاً من العشق‬ ‫اللحظي وحتى أكثر السلوكيات إباحية‬ ‫تصور عالقة مطبِّقة‬ ‫للجنس‪ .‬ال ميكن ُّ‬ ‫ملفهوم حياة النظام الرأمسالي بأفضل‬ ‫حال‪ ،‬أكثر من تلك العالقات‪ .‬إن ظواهر‬ ‫العشق الراهنة هي اعرتاف صريح ال غبار‬ ‫عليه لألحوال اليت وقعت فيها الذهنية‬ ‫اليت فرضها النظام احلاكم على اجملتمع‬ ‫والفرد‪ ،‬حتى يف أقدس امليادين‪.‬‬ ‫إحياء العشق هو أحد أصعب املهام الثورية‪.‬‬ ‫إذ يتطلب الكدح العظيم والتنور الذهين‬ ‫واحلب اإلنساني‪ .‬ومن أهم شروط العشق‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬النظر إىل العصر ضمن آفاق احلكمة‪،‬‬ ‫واحلذو حذوها‪ .‬ثانياً‪ :‬فرض السلوكيات‬ ‫العظيمة إزاء طيش النظام وتهوراته‪ .‬ثالثاً‪:‬‬ ‫القبول باستحالة تواجه اجلنسني أو النظر‬ ‫إىل بعضهما البعض يف حالة غياب احلرية‬ ‫والتحرر؛ وهضم ذلك كسلوك أخالقي‬ ‫أساسي‪ .‬رابعاً‪ :‬أ ْسر الغريزة اجلنسية‬ ‫وضبطها مبوجب متطلبات النقاط الثالث‬ ‫السابقة‪ .‬مبعنى آخر؛ جيب اإلدراك‬ ‫يقيناً بأن أية خطوة خُتطى على درب‬ ‫العشق ستكون إنكاراً للعشق؛ ما مل ترتبط‬ ‫الغريزة اجلنسية فيها باحلكمة وبأخالق‬ ‫احلرية وحقيقة النضال والصراع السياسي‬ ‫والعسكري‪ .‬كل من يعجز عن تأمني فرص ٍة‬ ‫يؤسس فيها املرء عشه الزوجي احلر بقدر‬ ‫العصفور الطليق‪ ،‬ويتكلم باملقابل عن العشق‬ ‫والعالقة والزجية؛ إمنا يشري بكل جالء‬ ‫إىل استسالمه لعبودية النظام االجتماعي‬ ‫السائد‪ ،‬وإىل جهله بالقيم النبيلة السامية‬ ‫لنضال احلرية‪.‬‬ ‫إ ْن كان ال بد من احلديث عن حقيقة العشق‬ ‫يف راهننا‪ ،‬فهذا غري ممكن إال باكتساب‬ ‫الشخصيات اليت تتجاوز يف عشقها ما كان‬

‫فكرية‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫اجلنسية بالعصرية‪ .‬إذ مثة حاجة ماسة‬ ‫لاستيعاب أغوار احلرية وإكسابها إرادتها‪،‬‬

‫موضوع العشق الذي تتداوله‬ ‫األفواه كالعلكة يف عاملنا‬ ‫الراهن؛ فهو يشهد أكثر‬ ‫مراحله خزياً وافتقاراً‬ ‫للمضمون واملعنى‪ .‬إذ مل تسقط‬ ‫مرتبة العشق حتت األقدام‬ ‫بهذه الدرجة يف أي مرحلة‬ ‫أخرى من التاريخ‬ ‫عليه”ليلى وجمنون” بأشواط ملحوظة‪،‬‬ ‫وتتخطى كل أهل التصوف‪ ،‬وتتحلى بدق ِة‬ ‫وحساسي ِة رجل العلم‪ ،‬وتؤدي إىل اخلروج‬ ‫من األزمة احلالية والتوجه حنو احلرية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وتربهن على عشقها ببساالتها‬ ‫وتضحياتها وانتصاراتها املظفرة‪.‬‬ ‫بإمكان مشاكل املساواة االجتماعية واملشاكل‬ ‫االقتصادية للمرأة أن تلقى الرد الالزم هلا‬ ‫بالنجاح املوفق يف عملية الدمقرطة؛ عرب‬ ‫حتليل وتفكيك السلطة السياسية أوالً‪.‬‬ ‫إذ ما من شائبة يف أن احلرية القانونية‬ ‫القحطة واجملدبة‪ ،‬لن تفي بشيء‪ ،‬ولن‬ ‫تكتسب معناها؛ ما مل حُي َرز التقدم على‬ ‫درب احلرية‪ ،‬وما مل يُع َمل بالسياسة‬ ‫الدميقراطية‪.‬‬ ‫األصح هو تناول موضوع املرأة كثورة‬ ‫ثقافية‪ .‬إذ من العصيب إجياد حل حترري‬ ‫ذي معاني راقية بالثقافة القائمة؛ مهما‬ ‫كانت النوايا حسنة‪ ،‬ومهما بُ ِذلَت اجلهود‬ ‫الدؤوبة‪ .‬وذلك بسبب املشكلة القائمة يف‬ ‫الظاهرة ذاتها‪ ،‬وبنية العالقات فيها‪.‬‬ ‫واكتساب اهلوية التحررية األكثر راديكالية‬ ‫أمر ممكن فقط بالدنو من املرأة‪ .‬أو باألحرى‬ ‫باستيعاب النظام القائم يف العالقات بني‬ ‫اجلنسني ككل متكامل‪ ،‬وختطيه‪ .‬جيب‬ ‫اإلدراك جيداً أنه ال ميكن قطع مسافة‪،‬‬ ‫ولو مبثقال ذ ّرة‪ ،‬مبقارنة مسألة احلجاب‬ ‫بالتقاليد واألعراف‪ ،‬ومقارنة اإلباحية‬

‫بقدر التعمق يف أغوار العبودية وتفهمها‪ .‬على‬ ‫كل القاصرين عن قطع مسافة ملحوظة يف‬ ‫درب حرية املرأة‪ ،‬وبالتالي يف درب حترير‬ ‫الذات؛ أن يعرفوا أنهم بذلك لن يكونوا‬ ‫قادرين على إبداء قدرة احلل والتحول يف‬ ‫أي ميدان اجتماعي‪ ،‬وال يف جمال احلرية‬ ‫السياسية أيضاً‪ .‬جيب اعتماد املفهوم القائل‬ ‫بأن كل نضال حترري عاجز عن ختطي‬ ‫ثنائية”الرجل احلاكم ـ املرأة العبدة” لن‬ ‫يتمكن من توطيد اهلوية احلرة أو اكتسابها؛‬ ‫كمعيار أولي للحرية‪ .‬إذ لن تتحقق العالقة‬ ‫احلرة بني املرأة والرجل‪ ،‬بدون حتطيم عالقة‬ ‫املُلكية والسلطة املسلَّطة على املرأة‪.‬‬ ‫من الواقعي أيضاً اعتبار قرننا مرحلة‬ ‫اجتماعية ستتصاعد فيها إرادة املرأة احلرة‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬يتوجب التفكري يف املؤسسات الراسخة‬ ‫الالزمة للمرأة وتأسيسها‪ ،‬رمبا ألجل القرن‬ ‫بأكمله‪ .‬وقد تتولد احلاجة ألحزاب حرية‬ ‫املرأة‪ .‬حينها ستكون ذرائع تأسيس هذه‬ ‫األحزاب ومهامها الرئيسية متمثلة يف توطيد‬ ‫املبادئ األيديولوجية والسياسية األولية‬ ‫للحرية‪ ،‬وإدراجها حيز التنفيذ‪ ،‬واإلشراف‬ ‫على ذلك وتسيريه‪.‬‬ ‫بالنسبة للجماهري النسائية‪ ،‬وباألخص تلك‬ ‫القاطنة يف املدن‪ ،‬جيب تكوين مساحات‬ ‫احلرية هلا‪ ،‬ال دُور االلتجاء واالعتصام‪ .‬وقد‬ ‫تكون”منتديات الثقافة النسائية احلرة” هي‬ ‫الشكل األنسب‪ ،‬واليت بإمكانها أن تؤدي‬ ‫دَور معابد املرأة العصرية كمساحات تشمل‬ ‫الوحدات التعليمية واإلنتاجية واخلدماتية‬ ‫للفتيات اللواتي تعجز عوائلهن عن تعليمهن‪.‬‬ ‫كما أنها تعد حاجة ضرورية وشكالً مالئماً من‬ ‫أجل الفتيات والنساء‪ ،‬بسبب وجود البنى‬ ‫التعليمية املدرسية احلالية يف النظام القائم‪.‬‬ ‫يقال أنه ال حياة بدون املرأة‪ .‬لكن‪ ،‬ال ميكن‬ ‫العيش مع املرأة احلالية أيضاً‪ .‬فحسب‬ ‫قناعيت‪ ،‬إن العالقة الذكورية ـ األنثوية‬ ‫غرق‬ ‫الغارقة يف العبودية حتى حلقها‪ ،‬تُ ِ‬ ‫أصحابها معها أكثر من غريها من العالقات‪.‬‬ ‫ما دام األمر كذلك‪ ،‬فما هو منتَ َظر من أصحاب‬ ‫العشق احلقيقي للخروج من فوضى النظام‬ ‫الرأمسالي األخرية‪ ،‬هو خلق القدرة العظيمة‬ ‫املتمحورة حول املرأة‪ ،‬وحتقيق االنطالقة بها‪.‬‬ ‫أظن أن هذا من أقدس وأنبل األعمال اليت‬ ‫سيقوم بها أبطال العشق احلقيقيني‪ ،‬الذين‬ ‫وهبواً أفئدتهم وعقوهلم للعشق بكل طواعية‪.‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪10‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی‬

‫أ‪ .‬اللش إمساعيالال‬

‫أقام زور متر باشا مهرجاناً مجع فيه الشباب‬ ‫ورؤساء العشائر‪ ،‬وجاء بصحن الضيافة ووضع‬ ‫فنجاناً من القهوة وخصالت من جدائل عدولة‬ ‫عليها‪ ،‬وطلب من أحد غلمانه أن يطوف بها‬ ‫على مجيع احلضور‪ ،‬وقال‪“ :‬من يرضى‬ ‫وحيتسي القهوة ويأخذ خصالت جدائل‬ ‫عدولة فإنه يقود احلرب وسوف أزوجه ابنيت‬ ‫عدولة”‪ ،‬وبينما كان الغالم يطوف بالصحن‬ ‫بني احلضور مل ميد أحد من احلضور يده‬ ‫الحتساء القهوة أو وأخذ خصالت جدائل‬ ‫عدولة‪.‬‬ ‫أما عدولة فكانت تراقب درويش من خيمة‬ ‫النساء وعندما أصبح الغالم أمام درويش‪،‬‬ ‫لوحت عدولة من بعيد له بأال حيتسي القهوة‬ ‫ألنها تعرف متاماً بأن هذه مكيدة من والدها‬ ‫إليقاع درويش بالفخ والتخلص منه‪ ،‬ولكن‬ ‫درويشاً مل يبا ِل بإحياءات وحتذيرات عدولة‪،‬‬ ‫فاحتسى القهوة واحتفظ خبصالت جدائل‬ ‫عدولة جبيبه‪ .‬وأخذ استعداداته للقتال‪،‬‬

‫فجمع اثين عشر فارساً وهو منهم‪ ،‬فكانوا‬ ‫من عشرية مالن وشرقيان واألورفليني وبينهم‬ ‫جيلو األيزولي‪ ،‬وعيسو مال علي وبوزان‬ ‫ويوسب(يوسف) وسعدون وفرحان وعبيد‬ ‫وباقر آغا وسليم مصطفى‪ .‬يف اليوم التالي‬ ‫غادر الفرسان االثين عشر اخليم‪.‬‬ ‫كانت عدولة قلقة وتراقبهم‪ ،‬فأرسلت وصيفتها‬ ‫يف طلب درويش لتحذره للمرة األخرية‪ ،‬فجاء‬ ‫إليها درويش ولكنه أيضاً مل يستجب لرأيها‬ ‫بأال يذهب للقتال‪ ،‬قائالً هلا‪“ :‬إذا مل جنابه‬ ‫الغزاة فإنهم سوف يستولون على أرضنا‬ ‫وشرفنا”‪ .‬فودعها حبزن وشد على اهلدبان‬ ‫وهو على ظهرها ملتحقاً بزمالئه اآلخرين‬ ‫وهو يعلم بأنهم سوف يشاركون يف قتال غري‬ ‫متكافئ يف العدد‪ .‬فالقوات املعادية مؤلفة من‬ ‫ألف وسبعمائة فارس يقودهم عفر اجليسي‬ ‫وسلوك أبو شعر وجيل أبرام‪.‬‬ ‫أخذ الفرسان يبحثون يف الربية عن الغزاة‬ ‫القادمني‪ .‬قبل املعركة رأى درويش عدداً‬ ‫من النسوة اجته حنوهن وسأهلن ولكنهن مل‬ ‫ينطقن ببنت شفة‪ ،‬فقط أشرن له حنو اخليم‬

‫اليت كانت ختص الشيخ هويدي أبو عفر‬ ‫كبري عشرية جيسيان‪ .‬طلب الشيخ هويدي‬ ‫من درويش بأال يشارك يف القتال مع املليني‪،‬‬ ‫ولكن درويش مل يستجب لرأيه‪.‬‬ ‫يف الليلة اليت سبقت املعركة وبينما كان‬ ‫الفرسان جمتمعني أعلى“تل حلف” قال‬ ‫عيسو مال علي لدرويش‪ :‬هل تعلم أن هذا‬ ‫التل يضم عظام آبائنا وأجدانا من الكرد‬ ‫امليتانيني‪ ،‬يف أسفل التل كانوا يقومون برتبية‬ ‫اخليول وترويضها وتدريبها وكانت جتري‬ ‫مسابقات ومهرجانات للفروسية هنا‪.‬‬ ‫طلب سعدون من أخيه درويش العدول عن‬ ‫رأيه والرجوع إىل مضاربهم‪ ،‬ولكن درويش‬ ‫مل يستجب لرأيه‪ ،‬قائالً هلم‪ :‬من يعتكف‬ ‫عن هذا القتال ليعتكف‪ ،‬فهو حر‪ ،‬سوف‬ ‫أخوض غمار هذا القتال مبفردي‪ ،‬حينها اتفق‬ ‫اجلميع بأال يرتاجعوا عن هذا القتال وأقسموا‬ ‫مجيعاً على استمرار املقاومة حتى النصر‬ ‫أو الشهادة‪ ،‬ومن تارخيها أصبح اسم ذلك‬ ‫التل“تل حلف” كونهم“حلفوا” لبعضهم‬ ‫بعدم التخلي عن بعضهم حتى النهاية‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫يف اليوم التالي اندلعت املعركة بني الطرفني‬ ‫غري املتكافئني عدداً‪ .‬كلما كان درويش ورفاقه‬ ‫يهامجونهم من أعلى التل مثل الصقور اليت‬ ‫تنقض على أسراب العصافري‪ ،‬كانوا ميزقونهم‬ ‫ويشتتونهم‪ .‬كانت هجماتهم على هذا الشكل‬ ‫حيث كانوا يفرقونهم عن بعضهم ويقتلونهم‬ ‫بالعشرات‪ ،‬رغم تفانيهم يف القتال استشهد‬ ‫العديد من رفاقه‪ ،‬استشهد جيلو األيزولي بعد‬ ‫قتله لسلوك أبو شعر تاركاً أخواته البنات‬ ‫اخلمسة لقدرهن واستشهد كل من فرحان‬ ‫وعبيد اللذان كانا حيضران حلفل زواجهما‬ ‫وكانا قد اشرتيا مستلزمات عرسيهما من آمد‪،‬‬ ‫وكان من املقرر أن تكون حفلة عرسيهما يف‬ ‫األسبوع القادم‪ ،‬واستشهد سعدون‪ ،‬فربطوا‬ ‫جثته على حصانه وأرسلوه إىل والديه عفدي‬ ‫وعيشة ولي‪ ،‬وجرح عيسو مال علي فربطوه‬ ‫وهو مثخن جبراحه على فرسه وأرسلوه ألهله‪.‬‬ ‫ضار مل يبق إال درويش وباقر آغا‪،‬‬ ‫بعد قتال ٍ‬ ‫اللذان كانا كالصقور اليت تهاجم فريستها‪،‬‬ ‫وعندما خيم الليل استشهد باقر آغا‪ .‬مل يبق‬ ‫يف امليدان إال درويش‪ ،‬رغم ذلك مل يتهاون ومل‬

‫مقالة‬

‫‪11‬‬

‫يستكن ومل جينب‪ .‬بقي درويش العاشق ألرضه‬ ‫وحمبوبته عدولة وحيداً يف معمعات املعركة‪.‬‬ ‫كان اخلصوم يهامجونه بالعشرات ورغم ذلك‬ ‫مل ينالوا من عزميته شيئاً‪ ،‬وبعد عجزهم عن‬ ‫النيل منه التجؤوا للمكر واخلديعة‪.‬‬ ‫عفر اجليسي وجيلو ابرام الرتكماني وضعوا‬ ‫خطة للقضاء عليه‪ .‬قال جيلو سأهرب من‬ ‫أمامه‪ ،‬وألنين أعلم بأنه سيطاردني أعرف‬ ‫جيدًا أنه ال يشفي غليله إال مين‪ .‬سأغري‬ ‫فجأة اجتاهي ألجعله يتجه حنو أوكار‬ ‫الفئران‪.‬‬ ‫نفذ خصوم درويش خطتهم وأوقعوه يف أوكار‬ ‫الفئران‪ ،‬مما أدى لكسر أرجل حصانه‪،‬‬ ‫عندها تهاوى درويش عن حصانه ووقع‬ ‫أرضاً‪ ،‬فهامجوه بالعشرات إال أن عفر‬ ‫اجليسي أبعدهم عن درويش ومحلوه وهو‬ ‫مثخن جبراحه ووضعوه جبانب صخرة فوق‬ ‫تل حلف وتركوه هناك وقفلوا راجعني‪.‬‬ ‫عندما وصلت جثة كل من سعدون وعيسو مال‬ ‫علي إىل املرابع العائدة لقبيليت مالن وشرقيان‬ ‫تأهبوا واستنفروا وانتفضوا وأعلنوا النفري‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫العام‪ .‬كل القبائل والعشائر أعدت قواتها‪،‬‬ ‫وتوجه زور متر باشاي ملي وعدولة وعفدي‬ ‫ملحم إىل تل حلف‪ .‬ليشاهدوا درويش املثخن‬ ‫باجلراح واملخضب بغبار املعركة‪ ،‬وبالكاد‬ ‫عرفوه‪ .‬مل تتمالك عدولة نفسها وأمام والدها‬ ‫ألقت بنفسها على درويش ورأت بأن درويش‬ ‫مل يفارق احلياة بعد‪ ،‬فوضعت رأسه على‬ ‫ركبتيها وبصوتها اجلهوري ندبت حظها‬ ‫وناحت باكية على عشقها املوؤد‪.‬‬ ‫مد درويش وقبل أن يلفظ أنفاسه األخرية يده‬ ‫جليبه وأخرج خصالت جدائلها وأعطاها‬ ‫لعدولة؛ وعندها سلم روحه للباري عز وجل‬ ‫وأصبح جثة هامدة‪.‬‬ ‫بهذا الشكل انتهت قصة رجل شجاع عرف‬ ‫كيف يربط عشقه حلبيبته عدولة بعشق الوطن‬ ‫واألرض لينتشر عبقه بني الناس‪ ،‬وكان هلذا‬ ‫العشق ً‬ ‫صدى رائع يف رفع مستوى الروح‬ ‫الوطنية بني الناس واجملتمع‪.‬‬ ‫* ترمجها إىل العربية‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪12‬‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫املرأة يف الشرق األوسط إعالميا‬

‫هيلني مراد‬

‫حافظ الشرق األوسط‪ ،‬ومنذ نشوء اجملتمع‬ ‫البشري على استمرارية نظام احلضارة‬ ‫الدميقراطية ويستمر وسيستمر بها‪ ،‬ألنه مهد‬ ‫اإلنسانية وذا ثقافة مشاعية دميقراطية قائمة‬ ‫على حرية املرأة منذ القِدَم‪ .‬بدا واضح من‬ ‫خالل الدراسات واألحباث العلمية بان هذه‬ ‫األرض هي البكر يف خلق اجملتمعية‪ ،‬ثورة‬ ‫اللغة‪ ،‬الزراعة‪ ،‬ثورة القرية وباإلضافة إىل‬ ‫ثورة املرأة‪ ،‬وباألخص لعبت األراضي‬ ‫امليزوبوتامية اخلصبة الواقعة بني نهري‬ ‫الدجلة والفرات‪ ،‬واليت متثل قلب الشرق‬ ‫األوسط دورا رياديا لثورات اجتماعية كربى‪.‬‬ ‫وقد انتشرت كافة التطورات اليت حدثت يف‬ ‫ميزوبوتاميا‪ ،‬إىل مجيع أصقاع العامل من بعد‬

‫الشرق األوسط‪ .‬خلقت القيم األخالقية‬ ‫واملعنوية من بعد تطور وعي العيش املشرتك‬ ‫على هذه األرض بريادة املرأة أيضا‪ .‬لقد كان‬ ‫اكتشاف امليثولوجيا‪ ،‬الدين‪ ،‬الفلسفة‪ ،‬العلم‪،‬‬ ‫الفن‪ ،‬املعمار‪ ،‬الكتابة ومشابه ذلك ألول مرة‬ ‫يف جغرافيا الشرق األوسط‪ ،‬هي من نتاج ثقافة‬ ‫املرأة اآلهلة‪ .‬كما جاء قداسة وعظمة املرأة من‬ ‫قوتها اجملتمعية الطبيعية يف محأية احلياة‬ ‫وقيادة اجملتمع واستمراره‪ُ .‬قدست اآلهلة‬ ‫األم‪ ،‬رمز الربكة واخلصوبة واجلهد ألول مرة‬ ‫يف التاريخ على هذه األرض لذا‪ ،‬فان للشرق‬ ‫األوسط قوة اجتماعية جذرية‪ ،‬وتاريخ ثقايف‬ ‫عريق‪ ،‬ومرياث حرية املرأة‪ .‬عاشت اإلنسانية‬ ‫على مر آالف السنني على هذه األرض‪ ،‬من‬ ‫دون أن تتعرف على االستعمار‪ ،‬القمع‪،‬‬ ‫السلطة واالستثمار بسبب ثقافة املرأة اآلهلة‪.‬‬ ‫هلذا التاريخ الشرقي العريق وجه آخر‪ ،‬وهو‬ ‫بقاء جمتمعية املرأة األم أمام مرارة الغزوات‬ ‫األوىل يف التاريخ أيضا‪ ،‬وكانت املصدر يف‬ ‫إنشاء اجلنسوية‪ ،‬أي سلطة الرجل اليت‬ ‫تعترب أم السلطات أيضا‪ .‬مل يكن باإلمكان‬

‫بناء السلطة واالستعمار واالستمرار بالعنف‪،‬‬ ‫من دون ختطي ثقافة املرأة اليت كونت احلياة‬ ‫االجتماعية‪ ،‬لذا يف البداية مت غزو املرأة‪،‬‬ ‫وجتزئة جمتمعية املرأة‪-‬األم وتشتيتها‪ .‬من‬ ‫دون ريب‪ ،‬مت شرعنة ثقافة هيمنة الرجل‬ ‫وضمانه يف الساحة األيديولوجية أوال‪،‬‬ ‫فاستخدم هذا املهيمن تعابري الل‪ ...‬والسخط‬ ‫حبق املرأة واإلسقاط من قيمها يف امليثولوجيات‬ ‫أيضا‪ .‬كما هو معلوم‪ ،‬إن االعتقاد املتفشي بان‬ ‫خلق النساء من ضلع الرجل األعوج‪ ،‬هو من‬ ‫خمرتعات واكتشافات امليثيولوجيا السومرية‬ ‫أوال‪ ،‬ومن ثم أكدت الديانات التوحيدية‬ ‫هذه املقولة من بعد ذلك‪ .‬لقد حتول املعتقد‬ ‫القائم على إن املرأة هي اجلنس الضعيف‬ ‫والناقص إىل احد العوامل األساسية يف شرعنة‬ ‫اجملتمع اجلنسوي‪ ،‬أي مت االستخفاف‬ ‫بالذكاء العاطفي املتدفق واملتوافق مع الذكاء‬ ‫التحليلي عند املرأة وإنكاره‪ ،‬وإحلاق ضربات‬ ‫مميتة مبهاراتها الفكرية اجلوهرية‪ .‬لقد قامت‬ ‫ثقافة الساللة األبوية‪ ،‬باستعمار املرأة لتتحول‬ ‫إىل أول طبقة عبيد عندها‪ ،‬ومن ثم تسريبها‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫إىل مجيع خأليا اجملتمع‪ .‬متأسست هذه‬ ‫اجلنسوية اليت بدأت من ثقافة الساللة األبوية‬ ‫يف سلطة الدولة‪ ،‬اليت تعرب عن سلطة الرجل‪،‬‬ ‫وباستمرارها من خالل الطبقة وحضارة املدينة‬ ‫اكتسبت أكثر بعدا‪ .‬فتح اجملتمع اجلنسوي‬ ‫هذا يف الشرق األوسط‪ ،‬األبواب أمام قضأيا‬ ‫اجتماعية متفاقمة وفوضى عارمة‪ ،‬وصلت إىل‬ ‫حد اإلبادة اجلماعية إىل يومنا الراهن‪ ،‬وهكذا‬ ‫استمر التاريخ سريه كرجل‪ ،‬أما بالنسبة‬ ‫للمرأة‪ ،‬فكان تاريخ االنهيار والتشتت والفشل‬ ‫واخلسارة ليس إال‪ .‬بدأ عصر جديد مع انتقال‬ ‫احلضارة الدولتية إىل أوروبا هذه املرة‪ ،‬وهو ما‬ ‫يسمى بعصر احلداثة الرأمسالية‪ ،‬الذي برز‬ ‫بوادره يف القرن السادس عشر‪ .‬وبدأت مرحلة‬ ‫أزمة بنية احلداثة الرأمسالية يف النصف‬ ‫الثاني من القرن العشرين‪.‬‬ ‫عندما مل جتد احلداثة الرأمسالية يف القرن‬ ‫الواحد والعشرون فرصة النجاة حبياتها يف‬ ‫مواجهة ثقافة مقاومة احلضارة الدميقراطية‬ ‫املمتدة إىل آالف السنني‪ ،‬ظلت ترتعش هذيانا‬ ‫وضعفا واستنزافا واستهالكا سريعا‪ .‬خاصة‬ ‫وكما نرى بان اكرب أزمات النظام الرأمسالي‬ ‫هو ما يعانيه يف الشرق األوسط‪ ،‬حيث يكمن‬ ‫هناك مقاومة احلضارة الدميقراطية ضد سياسة‬ ‫اإلنكار واحلرب للحداثة الرأمسالية‪ .‬فان هذا‬ ‫النظام ال حيرز على النتائج املرجوة يف الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬مثلما حاز عليها يف بعض البلدان‬ ‫األخرى‪ .‬يتبني من املؤشرات الراهنة بان‬ ‫النظام الرأمسالي الذي أوصل اجملتمع يف‬ ‫الشرق األوسط إىل حالة األزمة واالنتحار‪ ،‬فقد‬ ‫قدراته على االستمرار‪ .‬إن تدخل احلداثة‬ ‫الرأمسالية يف القرن التاسع عشر يف الشرق‬ ‫األوسط من خالل الوحش اهلائم الدولة‬ ‫القومية‪ ،‬أوقعت بالشعوب يف صراعات‬ ‫دموية‪ ،‬وتسببت يف إحلاق أضرار جسيمة‬ ‫بثقافة األخوة والنسيج االجتماعي هلذه‬ ‫املنطقة‪ .‬إىل جانب ذلك‪ ،‬زادت من حجم‬ ‫القضأيا النامجة من ثقافة السلطة والدولة‬ ‫املمتدة إىل آالف السنني من بعد هذا التدخل‪.‬‬ ‫تشكل الدولة القومية يف الشرق األوسط منبع‬ ‫ألكرب األخطار على شعوبها‪ ،‬ومصيدة مميت‬ ‫هلا‪ .‬وأما بالنسبة للمرأة‪ ،‬فان هذه املرحلة‬ ‫تعترب قمة للثقافة اجلنسوية واالغتصاب‪.‬‬ ‫يعرب عصر احلداثة الرأمسالية اليوم عن اكرب‬ ‫مراحل انهيار ورعونة النظام احلضاري‪،‬‬ ‫املمتد إىل مخسة آالف عام‪.‬‬

‫املراة‬

‫‪13‬‬

‫فان تطوير أعالم نسوي‬ ‫بديل هي من الوظائف‬ ‫اإلسرتاتيجية واألساسية‬ ‫اهلامة حلركة حرية املرأة‪،‬‬ ‫بناء أعالم بديل يف مواجهة‬ ‫احلداثة الرأمسالية سيتطور‬ ‫على أساس بناء أعالم‬ ‫نسوي حر‬

‫ال ريب‪ ،‬بان ما تبدى للعيان ال يعرب عن‬ ‫إفالس احلداثة الرأمسالية فحسب‪ ،‬بل هو‬ ‫أزمة نظام حضارة اهليمنة الذكورية بعينه‬ ‫أيضا‪ .‬مع استمرارية أزمة احلداثة الرأمسالية‬ ‫وصل اجملتمع إىل حالة سرطانية‪ ،‬ألنها يف‬ ‫حالة حرب ضروس معها‪ ،‬وال تهاجم النساء‬ ‫اللواتي ميثلن اجملتمع والشباب والقوميات‬ ‫املضطهدة وجمموعات القرى_الزراعة‪،‬‬ ‫األثنيات‪ ،‬اجلماعات املهاجرة والعاطلني‪،‬‬ ‫بل تستهدف روحهم وحياتهم بكل معنى‬ ‫الكلمة‪ .‬لكي جتد السلطة فرصة النجاة‬ ‫حبياتها عليها أن جتزأ اجملتمع‪ ،‬وتفسد‬ ‫أخالقها‪ ،‬وتنهب االقتصاد‪ ،‬وتثري الفرداني‬ ‫واجلنس‪ ،‬وتفرض االستهالك واحلرب‪،‬‬ ‫وحاليا‪ ،‬مل يبقى هناك جانب ما مل تستعمره‬ ‫يف اجملتمع والطبيعة واملرأة‪ .‬لكي حتافظ‬ ‫احلداثة الرأمسالية على صريورتها وتشرعن‬ ‫نظامها‪ ،‬يف البدأية تستثمر الساحة املعلوماتية‬ ‫واألعالم والتقنية من مجيع النواحي وعلى‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫كافة املستويات‪ .‬يسمى العصر الذي نعيشه‬ ‫بعصر االتصاالت واملعلوماتية‪ .‬فحافظ النظام‬ ‫على صريورته بالرغم من أزمته البنيوية‪ ،‬له‬ ‫عالقة وثيقة باستخدامه الساحة اإلعالمية‬ ‫لفرض حاكميته األيديولوجية بقوة وبأشكال‬ ‫خمتلفة‪ .‬لقد تسربت الليربالية ‪-‬اليت تعترب‬ ‫األيديولوجية الرمسية للرأمسالية‪ -‬إىل ابسط‬ ‫حركات وخياالت وعواطف وفكر اإلنسان‪،‬‬ ‫وتستمر بأيديولوجية اهليمنة واالستبداد من‬ ‫خالل إبقاء اجملتمعات بدون أيديولوجية‪،‬‬ ‫واىل جانب الليربالية والوضعية فإنها تستخدم‬ ‫سالح القوموية والدينوية واجلنسوية والعلموية‬ ‫من خالل األعالم إلحيائهم‪ .‬ال يقبل اجملتمع‬ ‫بهذه االستعمارية والسخط والدناءة يف الظروف‬ ‫الطبيعية‪ ،‬ولكن يدل هذا على إن قوى النظام‬ ‫تستخدم سالح األعالم باحرتاف وتأثري‪.‬‬ ‫أوصل احتكار األعالم اجملتمع إىل درجة‬ ‫اهلذيان والتخدير واإلصابة مبرض االنفصام‬ ‫يف الشخصية‪ ،‬وتبرته من جذوره التارخيية‪،‬‬ ‫ليضعه يف عامل األوهام والفرضيات‪ .‬إىل جانب‬ ‫كل هذا يغرس الالمسؤولية والضعف والالحل‬ ‫واخلوف واجلنب وعدم الثقة بني صفوف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ويشجع باملثل على الفردانية‬ ‫خللق شخصية معدومة الفكر والوعي وحمطمة‬ ‫اإلرادة إىل مستوى فقدان القدرة على اختاذ‬ ‫قرارها بنفسها‪ ،‬واملناقشة حبكمة على‬ ‫قضأياها وذلك حتى ال يهتز عرش حكمه‪.‬‬ ‫يبدو جليا بان مسؤولية االستثمار اإلعالمي‬ ‫بهذه الطريقة هو إنقاذ النظام من أزمته‬ ‫الراهنة‪ ،‬لذا ميكننا القول بان السلطات‬ ‫اإلعالمية وشركائها مذنبني يف مركزهم‬ ‫احلالي‪ .‬يستخدم آلية التقنية احلديثة الذي‬ ‫وصل يف هذا العصر إىل درجة عظيمة لتقديم‬ ‫املعرفة والعلم‪ ،‬على عكس أهداف ومصاحل‬ ‫الشعوب‪ .‬يربز ذلك مدى دور األعالم يف‬ ‫االنكسار االجتماعي‪ .‬إن املؤسسات اإلعالمية‬ ‫األكرب واألكثر تأثريا يف يومنا الراهن بأيدي‬ ‫حفنة من الفئات االحتكارية وشركاتها‪.‬‬ ‫االحتكار اإلعالمي على عالقة وثيقة‬ ‫ومباشرة مع االحتكارات األخرى وحتى‬ ‫يعترب جزء منها يف نفس الوقت‪ .‬لذا مبكاننا‬ ‫القول بان االحتكار اإلعالمي يدير العامل‬ ‫من هذه الناحية‪ ،‬ويعمق من جذور السلطة‬ ‫ويشرعنها‪ ،‬يضعف من منابع مقاومة اجملتمع‬ ‫وينشر ثقافة الرأمسالية الفردية االستهالكية‪،‬‬ ‫حيرض ويدعي بان ال حياة خارج حياة‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪14‬‬

‫السلطة والدولة وحيطم مقاومة الشعوب‬ ‫ويقضي على آماله‪ .‬إىل جانب مهامه هذه‬ ‫فانه خيلق جمتمع أحادي متشابه‪ ،‬وأفراده‬ ‫بعيدين عن األصل والقيم واحلقيقة ومقلدين‬ ‫افرتاضيني‪ ،‬يتبع سياسة صهر اللغة والثقافة‪،‬‬ ‫ويستصغر جمتمع القرية والزراعة‪ ،‬ويشجع‬ ‫على االنفصال عنه لريفع من شأن حياة وقيم‬ ‫املدينة‪ .‬ال يكتفي االحتكار اإلعالمي بهذا‪،‬‬ ‫بل يعقد القضأيا االجتماعية إىل درجة داء‬ ‫سرطاني‪ .‬وبدل من حل اكرب القضأيا تفاقما‬ ‫عن طريق العلم والتكنيك واألعالم واالتصال‬ ‫يعمل على العكس ويعاديها‪ .‬تأتي القضية‬ ‫الكردية‪ ،‬والفلسطينية_ اإلسرائيلية من خري‬ ‫األمثلة الدالة على ذلك يف الشرق األوسط‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة إىل دوره يف مسالة اجلنس‪ ،‬يسعى‬ ‫إىل فرض جمتمع جنسوي عرب إثارة هيمنة‬ ‫الرجل على املرأة بشكل رهيب‪ .‬بعد تعداد‬ ‫وظائفه هذا يربز أهميته مرة أخرى على‬ ‫الساحة‪ ،‬بأجياز‪ ،‬ماتفعله القوى اإلعالمية‬ ‫حيال اجملتمع هو حرب وانكسار وإبادة‬ ‫مجاعية الغري‪.‬‬ ‫بال شك‪ ،‬فان املرأة هي من أكثر الفئات‬ ‫االجتماعية اليت تعاني من انكسارات نتيجة‬ ‫القصف األيديولوجي اإلعالمي يف الشرق‬ ‫األوسط كسائر البلدان العاملية األخرى‪ .‬إن‬ ‫األعالم املوجود إعالم جنساني وله دور مؤثر‬ ‫وفعال يف إنتاج اجلنسوية‪ ،‬ويستند على عقلية‬ ‫الرجل املتآمر واملتحأيل‪ .‬إن األعالم الذي ميثل‬ ‫هيمنة الرجل ضد املرأة فهو ضد اجملتمع‬ ‫بأكمله أيضا‪ .‬إن سعي األعالم لتحريف‬ ‫األخالق‪ ،‬ونهب االقتصاد‪ ،‬واحلط من شان‬ ‫احلياة اجلماعية والتعاون‪ ،‬يعين يف جوهره‬ ‫استهداف ثقافة األمومة اليت متثلها املرأة يف‬ ‫جوهرها‪ ،‬لذا فكافة اهلجمات اإلعالمية ضد‬ ‫املرأة هي هجمات تستهدف اجملتمع بأكمله‪.‬‬ ‫لقد فتح األعالم الطريق أمام استعمار وعبودية‬ ‫املرأة واستثمارها بشكل اكرب‪ ،‬واظهر حقيقة‬ ‫مريعة من خالل التالعب واالستثمار بعواطف‬ ‫وفكر وبدن ولسان املرأة‪ ،‬ملستوى ال ميكن أن‬ ‫يزيد أية استعمارية أو استثمار على ذلك‪.‬‬ ‫تتحول املرأة اآلن إىل أطور شيء للرأمسال‬ ‫والسلطة‪ .‬لقد استعبد النظام الرأمسالي املرأة‬ ‫بشكل اكرب‪ ،‬حيث مت حماصرتها من كافة‬ ‫اجلوانب‪ ،‬فإىل جانب عبوديتها يف البيت‬ ‫حتولت إىل صناع ٍة جنسية» السيكس» أيضا‪،‬‬ ‫حبيث ال ميكن الرتاجع عنها يف‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أوصل احتكار األعالم اجملتمع‬ ‫إىل درجة اهلذيان والتخدير‬ ‫واإلصابة مبرض االنفصام يف‬ ‫الشخصية‪ ،‬وتبرته من جذوره‬ ‫التارخيية‪ ،‬ليضعه يف عامل‬ ‫األوهام والفرضيات‪ .‬إىل جانب‬ ‫كل هذا يغرس الالمسؤولية‬ ‫والضعف والالحل واخلوف‬ ‫واجلنب وعدم الثقة بني صفوف‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ويشجع باملثل‬ ‫على الفردانية خللق شخصية‬ ‫معدومة الفكر‬ ‫األفالم والدعأيات واملسلسالت والكليبات‪.‬‬ ‫لألعالم دور رئيسي يف حتطيم شخصية املرأة‬ ‫واستخدامها كمادة جنسية يف كافة فروعاته‪.‬‬ ‫إن احلط من مكانة املرأة عرب إثارة الغرائز‬ ‫اجلنسية‪ ،‬يعين رعونة اجملتمع وتفشي‬ ‫سلطة الرجل من خالل اجلنس‪ ،‬لذا لإلعالم‬ ‫دور هام يف تضليل وحتريف طبيعة املرأة‬ ‫وحقيقتها‪ .‬ينبغي تشخيص تصاعد انضمام‬ ‫املرأة إىل املؤسسات اإلعالمية وحتليلها بشكل‬ ‫صائب‪ .‬هنا يف األساس يتم اغتصاب املرأة من‬ ‫خالل خدمة النظام وابتعادها عن جوهرها‪،‬‬ ‫وتسخري قوتها الفكرية والبدنية‪ .‬يتبني من‬ ‫كل هذه احلقائق بان النظام الرأمسالي ال‬ ‫يعادي املرأة فحسب بل يدل على إن النظام‬ ‫هو عدو املرأة‪ .‬هناك تقربات مشابهة ضد‬ ‫مؤسسة الفن والرياضة أيضا‪ .‬نستنتج من هذه‬ ‫األمثلة الذي بإمكاننا إضافة الكثري عليها‪،‬‬ ‫بان األعالم هو وسيلة للدعأية والتحريض‬ ‫ألجل بناء حياة خاطئة ومنحطة وسرطانية‬

‫بشكل فعال ومؤثر‪ ،‬وهذا حبد ذاته يعين‬ ‫نقطة النهأية للمرأة واجملتمع‪.‬‬ ‫بكل تأكيد‪ ،‬لكل قضية طريقة يف احلل‪،‬‬ ‫وميكن أجياد طرق احلل للقضأيا االجتماعية‬ ‫املتفاقمة‪ ،‬وخاصة اجلنسوية االجتماعية‬ ‫ومشكلة املرأة والعائلة والسكان يف الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬فاملسالة ليست كما يدعيها األعالم‬ ‫الرأمسالي بان ال بديل للسلطة يف العامل‪،‬‬ ‫وبتعبري أخر‪ ،‬ال يوجد غري الرأمسالية‪ .‬إىل‬ ‫جانب ذلك ألميكن القبول بسلطة الرجل‬ ‫كمصري حمتوم وأزلي‪ ،‬ألنه خداع وخطا‬ ‫فادح‪ ،‬وما هو إال أكاذيب األعالم اجلنساني‪.‬‬ ‫عندما يفرض األعالم اجلهالة والقدرية‬ ‫والعبودية على املرأة‪ ،‬ماهو إال فرض السلطة‬ ‫واالستثمار إىل ابعد احلدود‪ .‬مبا إن قضية‬ ‫املرأة كانت من نتاج السلطة الذكورية‪ ،‬أي‬ ‫خلقت فيما بعد كقضية اجتماعية عقيمة‪،‬‬ ‫فهذا يعين باإلمكان ختطيها بالنضال‬ ‫والتحول االجتماعي يف نفس الوقت‪ ،‬علما‬ ‫بان للشرق األوسط تاريخ وطاقة قادرة على‬ ‫إنشاء جمتمع حترري جنسوي دميقراطي‪.‬‬ ‫يأتي إنشاء احلركات الدميقراطية وخاصة‬ ‫حركات حترر املرأة وتطويرها من املهام‬ ‫والوظائف األولية اليت تنتظرنا‪ ،‬وذلك لبناء‬ ‫احلداثة الدميقراطية يف مواجهة احلداثة‬ ‫الرأمسالية يف الشرق األوسط‪ .‬من الواضح بأنه‬ ‫ال ميكن حتقيق ذلك من دون بناء أعالم حر‬ ‫ألنه صاحب دور رئيسي يف إنشاء احلداثة‬ ‫الدميقراطية‪ .‬األعالم احلر يتخذ املرأة‬ ‫واجملتمع أساسا‪ ،‬بدل هيمنة الرجل وسلطة‬ ‫الدولة‪ .‬فاألعالم صاحب دور هام يف توعية‬ ‫اجملتمع ودمقرطة السياسة‪ ،‬وتطوير ثقافة‬ ‫الدميقراطية وإنشاء الدميقراطية األيكولوجية‬ ‫اجلنسوية التحررية‪ .‬ينبغي صد كافة هجمات‬ ‫احلداثة الرأمسالية اإلعالمية اليت تستخدمها‬ ‫الشركات اإلعالمية العمالقة ضد اجملتمع‬ ‫واملرأة‪ ،‬واحلد من هجماتها هذه‪ .‬فاألعالم‬ ‫مثل العلم والتكنيك أو العقل التحليلي متاما‬ ‫ال يشكل مشكلة حبد ذاتها‪ ،‬وليس ذا‬ ‫خصائص تدمريية أي جمرد آداة فقط‪ ،‬بل‬ ‫املهم هنا نوعية الذهنية واأليديولوجية اليت‬ ‫تستخدمها‪ .‬هناك أمكانية استخدام الساحة‬ ‫اإلعالمية يف إنشاء اجملتمع الدميقراطي‬ ‫كوسيلة نضالية فعالة‪ ،‬وهذا يعين تفعيل‬ ‫دور املرأة إعالميا وستساعد على تنظيمها‬ ‫واستخدمها الذكاء العاطفي بشكل غري منفصل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫عن الذكاء التحليلي‪ ،‬وتنوير حرية اجملتمع‬ ‫وتامني مصادر مقاومته ومحأية قيمه املشاعية‬ ‫وتنظيمها ميدانيا‪ .‬باإلضافة سيساهم األعالم‬ ‫احلر يف سرعة ختطي الذهنية اجلنسوية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وضمان عملية التغري والتحول‬ ‫وفتح الطريق أمام انعكاس النضال التحرري‬ ‫النسوي بشكل قوي على كافة األصعدة‪ .‬بدون‬ ‫شك سيأخذ األعالم احلر دورا هاما يف إحياء‬ ‫مرياث احلضارة الدميقراطية املمتدة إىل آالف‬ ‫السنني‪ ،‬وباألخص ثقافة املرأة‪-‬األم ويتخذه‬ ‫أساسا له‪ .‬باإلضافة إىل اخلصائص احلليّة‬ ‫لألعالم احلر‪ ،‬فإمكانه تطوير الروح اجلماعية‬ ‫والتعاون والوجدان‪ ،‬أي أن يلعب دورا ثوريا‬ ‫يف توعية وتربية اجملتمع‪ ،‬إىل جانب ذلك‬ ‫فتح الطريق أمام نضال املقاومة والدميقراطية‬ ‫ضد كافة الساحات اليت تسربت إليها براثني‬ ‫السلطة عرب نضال أيديولوجي كثيف‪ .‬فان‬ ‫مت استخدام املؤسسة اإلعالمية بهذا النهج‬ ‫سيكون منربا لتقوية فكر ونقاشات وقرارات‬ ‫اجملتمع‪ ،‬ومع مرور الزمن سيتعاىل الشعور‬ ‫باملسؤولية يف الفرد واجملتمع‪ ،‬ومبكانه آنذاك‬ ‫التصدي لكافة أنواع الفردانية والالخالقية‬

‫املراة‬

‫‪15‬‬

‫وسياسة الصهر بنضال عظيم‪.‬‬ ‫يف هذه النقطة ينتظرنا مهام تطوير أعالم حر‬ ‫يف الشرق األوسط‪ ،‬لسد الطريق أمام اهلجمات‬ ‫اإلعالمية للنظام وما يرتكبه من إبادات‬ ‫مجاعية حبق اجملتمع واملرأة‪ ،‬وتطوير‬ ‫أعالم نسوي وتنظيمه‪ .‬فان تطوير أعالم‬ ‫نسوي بديل هي من الوظائف اإلسرتاتيجية‬ ‫واألساسية اهلامة حلركة حرية املرأة‪ ،‬ومن‬ ‫األهمية تقيمه بشكل مفصل‪ .‬حنن النساء‬ ‫وكحركات حترر املرأة مشاكلنا وقضأيانا‬ ‫مشرتكة يف أي بلد كنا‪ ،‬لذا فسيكون احلل‬ ‫أيضا مشرتكا ومسالة مبدئية وحياتية إىل أخر‬ ‫حد‪ .‬إن النضال الراديكالي وتوجيه ثورة‬ ‫املرأة ألجل حتقيق حرية املرأة يف الشرق‬ ‫األوسط هي من األولويات األساسية‪ ،‬لذا فان‬ ‫وظيفة تطوير األعالم احلر على أسس ومبادئ‬ ‫حرية املرأة تأتي يف مقدمة مهامنا‪ .‬أما حنن‬ ‫كحركة حرية املرأة فان سوية تأدية مهامنا‬ ‫موضوع النقاش‪ .‬واضح بان لألعالم احلر‬ ‫دور تارخيي يف إنشاء احلداثة الدميقراطية‪،‬‬ ‫وللمرأة دور خاص يف هذا اجملال وهي مهمة‬ ‫أساسية عاجلة‪ ،‬أي بقدر ما حيمل إنشاء‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫األعالم احلر أهمية أساسية يف بناء احلداثة‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬فان تطوير األعالم النسوي احلر‬ ‫واملنظم اخلاص بها من أهم مهامنا يف يومنا‬ ‫الراهن‪ .‬واضح بان بناء أعالم بديل يف مواجهة‬ ‫احلداثة الرأمسالية سيتطور على أساس بناء‬ ‫أعالم نسوي حر‪ ،‬أما يف مواجهة اجملتمع‬ ‫اجلنسوي ينبغي حتقيق ثورة املرأة يف كافة‬ ‫الساحات‪ ،‬ومن الضرورة القصوى حتقيقها‬ ‫إعالميا‪.‬‬ ‫تقع مسؤولية بناء أعالم حر بشكل منظم‬ ‫على عاتق احلركات التحررية النسائية يف‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬يف هذا اخلصوص فان األعالم‬ ‫اجلنسوي يف الشرق األوسط‪ ،‬ومسالة ختطيها‬ ‫مهم للغأية وحيتاج إىل إنشاء أعالم بديل‬ ‫يستند على أعالم نسوي حر‪ ،‬وهذه مهمة‬ ‫إسرتاتيجية وتلبيتها يقع على عاتقنا حتما‪،‬‬ ‫ألنه هناك نواقص كبرية حتتاج إىل املعاجلة‬ ‫والتدقيق‪ .‬كحركة النساء يف الشرق األوسط‬ ‫علينا انعكاس لغة وصوت املرأة إعالميا‬ ‫وتنظيمها بشكل قوي‪ ،‬حتى نصبح الطليعة‬ ‫يف إنشاء احلداثة الدميقراطية‪ .‬إن تطوير أعالم‬ ‫نسوي حر يف الشرق األوسط ظاهرة جديدة‪،‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪16‬‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫يف هذه النقطة ينتظرنا مهام‬ ‫تطوير أعالم حر يف الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬لسد الطريق أمام‬ ‫اهلجمات اإلعالمية للنظام وما‬ ‫يرتكبه من إبادات مجاعية‬ ‫حبق اجملتمع واملرأة‪ ،‬وتطوير‬ ‫أعالم نسوي وتنظيمه‪ .‬فان‬ ‫تطوير أعالم نسوي بديل هي‬ ‫من الوظائف اإلسرتاتيجية‬ ‫واألساسية اهلامة حلركة‬ ‫حرية املرأة‪ ،‬ومن األهمية‬ ‫تقيمه بشكل مفصل‬

‫ألنه على عالقة وثيقة حبركة حترر املرأة‪،‬‬ ‫ولكن حلد اآلن‪ ،‬ال يوجد كفاح فعال ومؤثر‬ ‫ضد األعالم اجلنسوي يف الكثري من بلدان‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬لو الحظنا سنرى بان انضمام‬ ‫املرأة إىل املؤسسات اإلعالمية يف تصاعد‬ ‫مستمر‪ ،‬ولكنه يتم وفق إرادة ومصاحل الرجل‬ ‫الذي يستثمر هذا اجلهد والفكر وحتى البدن‬ ‫خلدمته من دون هوادة‪ .‬مجيع أنواع األخبار‬ ‫والربامج املتعلقة باملرأة سطحية بسيطة وقائمة‬ ‫على الدعأية اإلعالمية‪ ،‬وال تعكس مشاكل‬ ‫املرأة بشكل صحيح‪ ،‬وهنا على سبيل املثال‪،‬‬ ‫هناك الكثري من الربامج التلفزة حول طريقة‬ ‫حتضري وجبات الطعام واملأكوالت‪ ،‬أو كيفية‬

‫العنأية باألزهار وعمل املنزل واخلرز‪ .‬أي يتم‬ ‫بث برامج حتث املرأة على إن تكون زوجة‬ ‫مثالية للرجل‪ ،‬وربة املنزل ناجحة وفق‬ ‫العادات األعراف الذكورية وال يتجاوز دورها‬ ‫هذا احلدود أطالقا‪ ،‬فحتى إن وجدت بعض‬ ‫اجملالت واجلرائد النسائية‪ ،‬إال أنها تكون‬ ‫بسيطة وال تتجاوز مواضيعها العرض البدني‬ ‫أو تضليل حقيقة املرأة واالستخفاف بقيمها‬ ‫وفق الذهنية الذكورية املهيمنة‪ .‬فمثال إذا أتينا‬ ‫بالعراق مثاال‪ ،‬أغلبية العاملني والكتاب يف‬ ‫اجملالت واجلرائد الصادرة باسم املرأة هم من‬ ‫الرجال‪ .‬الفعاليات املوجودة اليوم باسم املرأة‬ ‫مل تتخطى الذهنية الذكورية بعد‪ ،‬وحتى وان‬

‫كان انضمام املرأة إىل املؤسسة اإلعالمية يف‬ ‫تصاعد ولكنه ال يغري من صلب املوضوع أي‬ ‫شيء‪ .‬ال يهم هنا الكم بل االنضمام احلر‬ ‫وبإرادة وذهنية املرأة احلرة‪ ،‬وهل بالفعل‬ ‫تنعكس مشاكل املرأة على الشاشة بشكل‬ ‫صحيح وجوهري‪ ،‬وهل البث املوجود ينطوي‬ ‫على احلل ويدعو إليه؟ أسئلة البد من‬ ‫اإلجابة عليها على ارض الواقع بكل صراحة‪.‬‬ ‫املواظبة على بث أعالمي حر يفتح اجملال‬ ‫أمام تنظيم صفوف املرأة مبتانة‪ .‬األعالم‬ ‫اجلنسوي احلاكم يف الشرق األوسط يدل على‬ ‫الوضع املزري للمرأة بشكل بارز‪ .‬من جانب‬ ‫أخر‪ ،‬إن حاولت املرأة العمل يف امليدان‬ ‫اإلعالمي بشكل حقيقي فإنها تواجه مصاعب‬ ‫مجة وخمتلفة يف الكثري من بلدان الشرق‬ ‫األوسط‪ .‬زجت الكثريات من الصحفيات يف‬ ‫السجون‪ ،‬أو تعرضن للضرب والقتل والنفي‬ ‫إىل خارج أوطانهم‪ .‬الوضع يف مسالة عمل‬ ‫املرأة يف املؤسسة اإلعالمية يف الشرق األوسط‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫أصعب بكثري وخاصة إذا انطلقت من مبدأ‬ ‫حريتها‪ ،‬لذا فهنا من الضرورة إن تكون‬ ‫صاحبة إرادة وتنظيم وحركة حرة‪ ،‬حتى‬ ‫تستطيع إن حتافظ على جهودها املبذولة‬ ‫وختطي احلدود املرسومة هلا من قبل الذهنية‬ ‫الذكورية‪ .‬األعالم النسوي القوي والفعال هو‬ ‫انعكاس وصدى لنضال حرية املرأة وإرادتها‬ ‫وفكرها احلر‪ ،‬وهذا بدوره يعين حتقيق حرية‬ ‫املرأة يف ساحة مهمة بصوتها ولغتها‪ ،‬لكننا‬ ‫إن حترينا بلدان الشرق األوسط واحدا تلو‬ ‫اآلخر‪ ،‬سنرى معاناة املرأة حتى يف أدق‬ ‫تفاصيل حياتها وهي خري عليمة مبعاناتها‬ ‫هذه‪ .‬من جانب أخر نؤكد بان الساحات‬ ‫املشعة بفعاليات ونضاالت املرأة يكون األعالم‬ ‫مبوازاة وترية هذا النضال أيضا‪ ،‬وهذا يدل‬ ‫على إن لألعالم النسوي عالقة وثيقة مع‬ ‫مستوى وترية نضاهلا‪ .‬وخري مثال على ذلك‬ ‫هو نضال حركة حرية املرأة الكردستانية‪،‬‬ ‫اليت تعترب انطالقة تارخيية بالنسبة لنساء‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬لقد تركت هذه احلركة مرياثا‬ ‫ال يستهان بها عرب قيادتها األيديولوجية‬ ‫ومتانة تنظيمها وخربتها يف مجيع اجملاالت‪،‬‬ ‫لدرجة بإمكانها انضمام املأليني من النساء إىل‬ ‫السرهلدانات‪ ،‬باإلضافة إىل دورها الطليعي يف‬ ‫حترير اجملتمع الكردستاني‪ .‬مت قبول قضية‬ ‫املرأة كقضية اجتماعية يف اجملتمع الكردي مع‬ ‫مرور الزمن‪ .‬بهذا املستوى النضالي استطاعت‬ ‫هذه احلركة أن تكون أرضية خصبة إلعالم‬ ‫نسوي حر‪ ،‬وان الحظنا سنرى بان هذا‬ ‫األعالم يعتمد على نضال وكفاح املرأة‪ .‬لقد‬ ‫ضحت الكثريات من الكادرات اإلعالميات‬ ‫حياتهن يف سبيل أظهار احلقيقة‪ ،‬وكشف‬ ‫النقاب عن معاناة املرأة الكردستانية‪ ،‬من‬ ‫قتل ورجم واحنطاط وانتحار بسبب الذهنية‬ ‫اجلنسوية االجتماعية‪ ،‬وهذا املستوى ليس‬ ‫بقليل بالنسبة إىل جمتمع جمزأ وحتت نري‬ ‫اكرب األنظمة شراسة يف الشرق األوسط‪ ،‬لذا‬ ‫فان وجود أرضية خصبة لتطوير أعالم نسوي‬ ‫بديل بقيادة حركة حرية املرأة الكردستانية‬ ‫باتت حقيقة ملموسة‪.‬‬ ‫وىل القائد «آبو» أهمية بالغة لإلعالم النسوي‪،‬‬ ‫وأكد بان خلق أعالم بديل لإلعالم املوجود‬ ‫بطابع الرجل‪ ،‬متوقف على خلق أعالم‬ ‫نسوي بلغة ولون املرأة‪ ،‬كما عرف الساحة‬ ‫اإلعالمية بساحة املرأة وقام على تنظيم هذه‬ ‫الساحة‪ .‬وأكد بان تنظيم أعالم نسوي حر‬

‫املراة‬

‫‪17‬‬

‫بوعي وإدراك خطوة هامة وتدبري ضروري يف‬ ‫مواجهة الذهنية الذكورية‪ ،‬وكما كان تنظيم‬ ‫املرأة يف مجيع الساحات النضالية بشكل‬ ‫ذاتي وحر وخاصة يف الساحة اإلعالمية من‬ ‫احد أهم مبادئه‪ ،‬الن الذكورية املهيمنة‪،‬‬ ‫حتكمت يف امليدان الذهين وحافظت على‬ ‫تأثريها فيه بشكل مستمر‪ .‬باختصار للقائد‬ ‫«آبو» جهود عظيمة يف تطوير األعالم النسوي‬ ‫منذ نشوء احلركة‪ .‬إن حركة حرية املرأة‬ ‫الكردستانية من احلركات الثورية األساسية‬ ‫يف الشرق األوسط‪ ،‬وما خلقته هذه احلركة من‬ ‫مرياث هو ألجل إنارة درب مجيع النساء‬ ‫وستظهر هذه احلقيقة عاجال أم أجال‪.‬‬ ‫لقد حققت حركة حرية املرأة الكردستانية‬ ‫خطوات سديدة يف مسالة حرية املرأة‪ ،‬وما‬ ‫كان انعقاد الكونفرانس النسوي اإلعالمي‬ ‫األول يف شهر أب إال خطوة تارخيية جديدة‬ ‫على هذا الدرب‪ .‬تعرب هذه اخلطوة عن تقدم‬ ‫هام كون هذا الكونفرانس اإلعالمي بقيادة املرأة‬ ‫الكردية هو األول من نوعه يف الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وقد أكدت هذه احلركة بان فعاليات الدعاية‬ ‫والتحريض ستكون مؤثرة وناجحة إذا ما كانت‬ ‫بقيادة حركة حرية املرأة‪ .‬ميكن ختطي ثقافة‬ ‫االغتصاب املمتدة إىل مخسة آالف عام بنضال‬ ‫أيديولوجي قوي‪ ،‬أما بالنسبة لتنظيم املرأة يف‬ ‫امليدان اإلعالمي فهو يعين جتاوز اجملتمع‬ ‫اجلنسوي واختاذ حرية املرأة األساس‬ ‫وبناء القيم الدميقراطية وجعلها حاكمة‬ ‫يف اجملتمع‪ .‬إذا ما مت بناء أرضية نضالية‬ ‫خصبة يف مواجهة النظام الذكوري‪ ،‬سيؤدي‬ ‫إىل انكسار اجلنسوية املوجودة يف األعالم بكل‬ ‫تأكيد‪ .‬وما كان هدف كونفرانسنا األول إال‬ ‫تكوين أعالم نسوي بديل يف كردستان والشرق‬ ‫األوسط‪ .‬فحتى إن وصلت املرأة الكردستانية‬ ‫إىل مستوى هام ولكن مازالت مشكلة تنظيم‬ ‫الفعاليات اإلعالمية موجود على الساحة‬ ‫بشكل أقوى وأكثر تأثريا‪ ،‬وبالتالي يعين‬ ‫وجود مشكلة بناء أعالم بديل أيضا‪ .‬لذا هلذا‬ ‫الكونفرانس أهمية بالغة يف انعكاس صدى‬ ‫نضال وكفاح وصوت املرأة الكردستانية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل توسيع رقعة نضاالتها حتى‬ ‫تشمل مجيع األصعدة‪ .‬حيث مت اختاذ‬ ‫قرار تنظيم هذه املؤسسة بشكل أقوى حتى‬ ‫تكون طريقا نريا جلميع نساء الشرق األوسط‪.‬‬ ‫انطالقا من النقاشات الساخنة يف الكونفرانس‬ ‫وإصرار وعزمية العضويات‪ ،‬نؤمن بان املرحلة‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫الالحقة ستكون مرحلة تطوير أعالم نسوي‬ ‫حر يف كردستان‪ ،‬وستعكس بصداها أرجاء‬ ‫املنطقة عموما‪ .‬حنن النساء علينا أن نتصدى‬ ‫لكل ما عشناه من مرارة االغتصاب واالستعمار‬ ‫والعبودية وفقدان اإلرادة والقرار على مر‬ ‫التاريخ بكل جسارة وعزم‪ ،‬وكنساء كردستان‬ ‫نؤمن وأكثر من أي وقت مضى بأننا صاحبات‬ ‫قرار يف مجيع ميادين نضالنا‪ .‬يكتفي أن نقتنع‬ ‫بأنه على املرأة أن تكون فعالة يف الساحة‬ ‫اإلعالمية وتنضم بطواعية وإرادة مستقلة‪،‬‬ ‫ونؤمن بان هذه الساحة هي ساحة املرأة‪ .‬من‬ ‫املؤكد إذا ما حكم نهج املرأة احلرة خبالقيتها‬ ‫والتوافق ما بني ذكائها العاطفي والتحليلي‪،‬‬ ‫ستنحل مجيع القضأيا االجتماعية ويف املقدمة‬ ‫قضية املرأة‪ .‬أما تنظيم األعالم النسوي يف‬ ‫الشرق األوسط سيكون مبثابة كسب موقع من‬ ‫مواقع حرية املرأة‪.‬‬

‫بال شك‪ ،‬فان املرأة هي من‬ ‫أكثر الفئات االجتماعية اليت‬ ‫تعاني من انكسارات نتيجة‬ ‫القصف األيديولوجي اإلعالمي‬ ‫يف الشرق األوسط كسائر‬ ‫البلدان العاملية األخرى‪ .‬إن‬ ‫األعالم املوجود إعالم جنساني‬ ‫وله دور مؤثر وفعال يف إنتاج‬ ‫اجلنسوية‪ ،‬ويستند على‬ ‫عقلية الرجل املتآمر واملتحأيل‪.‬‬ ‫إن األعالم الذي ميثل هيمنة‬ ‫الرجل ضد املرأة فهو ضد‬ ‫اجملتمع بأكمله أيضا‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪18‬‬

‫صحة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫اشد من الفاقة مرض البدن‬

‫خُيفّض مستويات س ّكر الدّم املُرتفعة‪ :‬حيث‬ ‫آ‪ :‬شريين مجال‬ ‫أظهرت الدّراسات قدرة اخليار على تقليل‬ ‫مستوى ال ّس ّكر يف الدّم‪ ،‬ومقاومة تفاقم مرض‬ ‫فوائد اخليار والطماطم‬ ‫ال ّسكري‪ .‬يُعاجل حاالت اإلمساك‪ :‬إذ يُساعد‬ ‫فوائد اخليار‬ ‫حيتوي اخليار على العديد من العناصر اخليار على تنظيم حركة األمعاء‪ ،‬كما أنّه‬ ‫كميات كبريةٍ من األلياف واملاء؛‬ ‫الغذائيّة؛ وهلذا فهو يُقدّم الكثري من الفوائد حيتوي على‬ ‫ٍ‬ ‫وهلذا فهو قاد ٌر على عالج حاالت اإلمساك‪.‬‬ ‫للجسم‪ ،‬وفيما يلي أبرزها‪:‬‬ ‫حيمي من اإلصابة باألمراض اخلطرة‪ :‬إذ‬ ‫يُساعد اخليار على التّقليل من خطر اإلصابة فوائد ال ّطماطم‬ ‫الصحيّة‪،‬‬ ‫ببعض األمراض اخلطرية‪ ،‬كأمراض القلب‪ ،‬متتلك ال ّطماطم الكثري من الفوائد ّ‬ ‫وال ّرئيتني‪ ،‬واملناعة ال ّذاتيّة؛ وذلك بفضل وفيما يلي ٌ‬ ‫بعض منها‪:‬‬ ‫كميات كبريةٍ من املواد املُضادّة حتافظ على البشرة‪ :‬إذ مُيكن استعمال‬ ‫احتوائه على‬ ‫ٍ‬ ‫لألكسدة‪ ،‬اليت حُتارب اجلزيئات احل ّرة ال ّطماطم وقشورها كمادةٍ لتنظيف البشرة‪،‬‬ ‫وإعطائها اإلشراق واللّمعان اجلميل‪ ،‬وقد‬ ‫اليت تتسبّب بظهور تلك األمراض‪.‬‬ ‫يحُ افظ على رطوبة اجلسم‪ :‬إذ يش ّكل تُسبّب ال ّطماطم امحراراً يف البشرة‪ ،‬ولك ّن هذه‬ ‫املاء ‪ %96‬من حُمتوى اخليار؛ وهلذا فهو احلالة ختتفي سريعاً‪ ،‬لذلك ال داعي للقلق‬ ‫يُعترب مادةً غذائيّ ًة ممتازةً لرتطيب اجلسم‪ ،‬بشأنها‪.‬‬ ‫حيث يقوم املاء بالعديد من الوظائف اهلا ّمة تقي من اإلصابة بال ّسرطان‪ :‬إذ أظهرت العديد‬ ‫للجسم‪ ،‬كتنظيم درجة احلرارة‪ ،‬والتّخلّص من الدّراسات قدرة ال ّطماطم على وقاية اجلسم‬ ‫من الفضالت املوجودة فيه‪ ،‬واملُساهمة يف من اإلصابة ببعض أنواع ال ّسرطان‪ ،‬كسرطان‬ ‫الربوستات‪ ،‬واملعدة‪ ،‬والقولون؛ وذلك بفضل‬ ‫عمليّة األيض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حمتوى احتوائها على مادة الليكوبني (باإلجنليزية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يُساعد على إنقاص الوزن‪ :‬فهو ذو‬ ‫قليل بال ّسعرات احلراريّة‪ ،‬باإلضافة إىل أ ّن ‪ ،)lycopene‬اليت تُصنّف كمادةٍ ُمضاد ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫حمتواه من املاء عا ٍل جداً‪ ،‬مما يعين أنّه لألكسدة‪ ،‬وتعمل على إبطاء من ّو اخلاليا‬ ‫لن يتسبّب بأيّة زيادةٍ يف الوزن مهما كانت ال ّسرطانية يف اجلسم‪ ،‬وجيدر اإلشارة هنا إىل‬ ‫أ ّن إنتاج هذه املادة يزيد عندما تكون ال ّطماطم‬ ‫كميّته‪.‬‬

‫مطبوخ ًة‪.‬‬ ‫حُت ّسن من صحة العظام وتُق ّويها‪ :‬إذ متتلك‬ ‫ال ّطماطم القدرة على تقوية العظام؛ بفضل‬ ‫كميات جيدةٍ من الكالسيوم‬ ‫احتوائها على‬ ‫ٍ‬ ‫وفيتامني ك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫صحة القلب‪ :‬إذ تساعد الطماطم على‬ ‫تُع ّزز ّ‬ ‫تقليل ارتفاع ضغط الدّم املُرتفع‪ ،‬وكذلك تقليل‬ ‫مستويات الكولسرتول يف الدّم‪ ،‬وهذا ما‬ ‫صحة القلب‪ .‬حُت ّسن النّظر‪:‬‬ ‫يُساهم يف تعزيز ّ‬ ‫ّ‬ ‫أالضروري‬ ‫إذ حتتوي الطماطم على فيتامن‬ ‫لصحة العني‪.‬‬ ‫القيمة الغذائيّة للخيار‬ ‫حيتوي اخليار على الكثري من العناصر‬ ‫الغذائيّة امله ّمة‪ ،‬وفيما يلي أه ّم هذه العناصر‬ ‫ّ‬ ‫غرام من‬ ‫مع كمياتها املوجودةُ ّيف كل ‪ٍ 300‬‬ ‫اخليار الطازج غري املقشر‪:‬‬ ‫العنصر الغذائ ّي كميّة العنصر الغذائي يف ‪300‬‬ ‫غرام من اخليار الطازج غري املُق ّشر الدّهون‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 0‬غرام الكربوهيدرات ‪ 11‬غراماً الربوتني‬ ‫غرامان األلياف غرامان فيتامني ج ‪%14‬‬ ‫من احتياج اجلسم اليوم ّي فيتامني ك ‪%62‬‬ ‫من احتياج اجلسم اليوم ّي املغنيسيوم ‪%10‬‬ ‫من احتياج اجلسم اليوم ّي البوتاسيوم ‪%13‬‬ ‫من احتياج اجلسم اليوم ّي املنغنيز ‪ %12‬من‬ ‫احتياج اجلسم اليوم ّي ال ّسعرات احلراريّة ‪45‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫صحة‬

‫‪19‬‬

‫‪)Anthocyanins‬‬ ‫(باإلجنليزية‪:‬‬ ‫سعرة حرارية‬ ‫املوجودة يف الكرز والتوت األزرق تستهدف‬ ‫مشكلة حساسية اإلنسولني‪ ،‬وتساعد على‬ ‫القيمة الغذائيّة يف لل ّطماطم‬ ‫تُعترب ال ّطماطم من املواد الغذائيّة الغنيّة حتسني بعض احلاالت كمرض السكري‪.‬‬ ‫بالعناصر الغذائيّة امله ّمة جلسم اإلنسان‪،‬‬ ‫وفيما يلي أه ّم تلك العناصر املوجودة يف يساعد على حماربة االلتهاب‬ ‫الكوب الواحد من ال ّطماطم ال ّطازجة املُق ّطعة‪ :‬يتميّز الكرز بنوعيه؛ احلامض واحللو‪،‬‬ ‫كوب بكونه مصدراً غنياً بفيتامني ج والبوليفينوالت‬ ‫العنصر الغذائ ّي كميّة العنصر الغذائ ّي يف ٍ‬ ‫واح ٍد من ال ّطماطم ال ّطازجة املُق ّطعة الكولسرتول أو متعددات الفينول (باإلجنليزية‪:‬‬ ‫‪ 0‬غرام املاء ‪ 170.14‬غراماً الكربوهيدرات ‪ ،)Polyphenols‬واليت تساعد على‬ ‫‪ 5.8‬غراماً الربوتني ‪ 1.58‬غراماً األلياف منع أو تقليل االلتهاب واإلجهاد التأكسدي‪،‬‬ ‫‪ 2.2‬غراماً الكالسيوم ‪ 18‬ملّليغراماً البوتاسيوم وبالتالي تعزيز الصحة‪ ،‬كما يُع ّد الكرز‬ ‫‪ 427‬ملّليغراماً الفسفور ‪ 43‬ملّليغراماً فيتامني احلامض إضافة جيدة للنظام الغذائي اخلاص‬ ‫ج ‪ 24.7‬ملّليغراماً فيتامني أ ‪ 1499‬وحدةً مبرضى السكري؛ فباإلضافة إىل حمتواه‬ ‫من مضادات األكسدة اليت تكافح العديد‬ ‫دولي ًة‪.‬‬ ‫من األمراض‪ ،‬فهو يتميّز بأنه من األطعمة‬ ‫‪..........‬‬ ‫ذات املؤشر اجلاليسيمي املنخفض‪ ،‬فالكوب‬ ‫الواحد منه حيتوي على ‪ 19‬غراماً من‬ ‫فوائد الكرز للسكري‬ ‫الكربوهيدرات‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل ضرورة‬ ‫ينظم سكر الدم‬ ‫أشارت العديد من الدراسات إىل دور الكرز التحقّق من امللصقات الغذائيّة للكرز عند‬ ‫يف تنظيم مستوى السكر الطبيعي يف الدم؛ شرائه وهو معلّب أو جمفف‪ ،‬وذلك ألنّه قد‬ ‫سكر مضاف‪ ،‬مما يؤدي إىل‬ ‫حيث أوضحت دراس ٌة أجريت عام ‪ 2012‬حيتوي على على ٍ‬ ‫أ ّن مستخلص الكرز يساعد يف السيطرة على ارتفاع نسبة السكر يف الدم‪.‬‬ ‫مستوى سكر الدم‪ ،‬إضاف ًة إىل دوره يف التقليل‬ ‫من مضاعفات مرض السكري‪ ،‬ويف مقال يعزز إفراز اإلنسولني‬ ‫نشر عام ‪ُ 2017‬وجد أ ّن مادة األنثوسيانني حيتوي الكرز بنوعيه احللو واحلامض‪،‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫على مادة كيميائية من شأنها تعزيز إفراز‬ ‫مما يساعد على التح ّكم مبستويات‬ ‫اإلنسولني؛ ّ‬ ‫سكر الدم‪ ،‬وهذه املادة الكيميائية تسمى‬ ‫ٍ‬ ‫طبيعي يف‬ ‫بشكل‬ ‫ّ‬ ‫األنثوسيانني‪ ،‬واليت توجد ٍ‬ ‫فاكهة الكرز‪ ،‬ومتنحه لونه األمحر‪ ،‬وحسب‬ ‫دراس ٍة أجريت على هذه املادة وتأثريها يف‬ ‫خاليا البنكرياس املنتجة لألنسولني؛ كانت‬ ‫النتيجة زيادةً يف إنتاج اخلاليا لإلنسولني‬ ‫بنسبة ‪ %50‬عند تع ّرضها ملادة األنثوسيانني‪،‬‬ ‫وتتوفر هذه املادة يف أنواع أخرى من الفواكه؛‬ ‫كالفراولة‪ ،‬والعنب األمحر‪ ،‬والتوت األزرق‪.‬‬

‫‪..........‬‬ ‫ما فوائد قشر البطيخ‬

‫البطيخ‬ ‫هو من أشهر أنواع الفاكهة الصيفيّة‪ ،‬وهو‬ ‫نبات مومس ّي ينتمي اىل الفصيلة القرعيّة‪،‬‬ ‫يزرع يف أواخر فصل الشتاء وأ ّول فصل‬ ‫الربيع‪ ،‬وينضج يف فصل الصيف‪ ،‬وشكل‬ ‫مثار البطيخ تكون إما كروية أو بيضاوية‪،‬‬ ‫أما لون مثار البطيخ فتكون إما خضراء‪ ،‬أو‬ ‫صفراء‪ ،‬أو بيضاء‪ ،‬أو متد ّرجة‪ ،‬واسم البطيخ‬ ‫العمي هو ‪ ،Cucumis melo‬وهو ذو‬ ‫قشرةٍ ملساء ناعمة ويوجد أنواع قشرتها‬ ‫خشن ًة‪ ،‬لون البطيخ من الداخل عند النضوج‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪20‬‬

‫أمحر وبه بذور البطيخ‪ ،‬وه حلو املذاق‪ ،‬تعترب‬ ‫الصني الدولة رقم ‪ 1‬يف إنتاج البطيخ يف العامل‬ ‫حيث تُنتج لوحدها ‪ %52‬من اإلنتاج العامل ّي‬ ‫للبطيخ‪ ،‬وتاتي بعد ذلك تركيا‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬وتنتج معظم أرجاء الوطن‬ ‫العربي مثرة البطيخ‪ ،‬ويتجاوز عدد أصناف‬ ‫البطيخ ‪ 1200‬صنف‪ ،‬وقد ظهر يف األونة‬ ‫األخرية بطيخ على شكل مكعب‪ ،‬وبطيخ‬ ‫بال بذور‪ ،‬وبطيخ من الداخل ذو لب أصفر‪،‬‬ ‫ويس ّمى البطيخ يف الوطن العربي بأمساء كثرية‬ ‫نذكر منها‪ :‬البطيخ وهو االسم الشائع‪ ،‬واجلح‬ ‫ويتداولة أهل جند يف السعودية‪ ،‬واحلبحب‪،‬‬ ‫ويشتهر هذا االسم يف الكثري من دول اخلليج‬ ‫العربي‪ ،‬والرقي وهو االسم الدارج عن أهل‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫القيمة الغذائيّة للبطيخ‬ ‫حيتوي البطيخ األمحر على كثري من العناصر‬ ‫واملواد الغذائية املفيدة جلسم اإلنسان مثل‪:‬‬ ‫‪ %85‬من وزن البطيخ ماء‪ ،‬و‪ %10‬مواد سكرية‪،‬‬ ‫وفيه أيضاً بروتني‪ ،‬وقليل من الدهون‪ ،‬ويوجد‬ ‫به الكثري من املعادن واألمالح املعدنية نذكر‬ ‫منها‪ :‬الكالسيوم‪ ،‬والصوديوم‪ ،‬واملغنيسيوم‪،‬‬ ‫والفسفور‪ ،‬والبوتاسيوم‪ ،‬ويف البذرو يوجد‬ ‫دهون مفيدة غري مشبعة‪ ،‬وويوجد يف البطيخ‬ ‫أيضاً جمموعة من الفتامينات مثل‪ :‬فيتامني‬

‫صحة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪ ،A‬ومركب البيتا كاروتني‪ ،‬وفيتامني ‪،C‬‬ ‫وفيتامني ‪ ،B6‬وحيتوي البطيخ على مادتي‬ ‫مادة الليكوبني‪ ،‬وسيرتولني‪ ،‬ويوجد يف‬ ‫البطيخ محض محض البانتوثينيك ويوجد‬ ‫ايضاً موا ّد مضادة لألكسدة مثل اللكوبني‪.‬‬

‫عن طريق وضع قشور البطيخ على الوجه‬ ‫وحتريكها حبركة دائريّة ملدّة عشر دقائق كل‬ ‫يوم‪.‬‬ ‫يُد ّر احلليب لدى النساء املرضعات‪.‬‬

‫فوائد قشر البطيخ‬ ‫حيتوي قشر البطيخ الداخلي على كثري من‬ ‫املواد نذكر منها‪ ،citrulline :‬وهو‬ ‫حيافظ على صحة القدرة اجلنسيّة لدى‬ ‫الرجال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خيفض كثريا من ضغط الدم املزمن عن طريق‬ ‫أخذ قشور البطيخ وتنشيفها جيداً يف الشمس‪،‬‬ ‫ث ّم طحنها جيداً ويت ّم تناول ملعقة ك ّل يوم من‬ ‫مطحون قشور البطيخ كل صباح على الريق‪.‬‬ ‫ين ّشط من وظائف الكلى وخيفّف من التهاب‬ ‫الكلى عن طريق تقطيع قشور البطيخ وطبخها‬ ‫مع املاء جيداً مع التحريك حتى تصبح مثل‬ ‫العجني وتوضع بعد ذلك يف الثالجة يف وعاء‬ ‫زجاج ّي‪ ،‬ويت ّم أخذ كل يوم مقدار ملعقة مع‬ ‫املاء الساخن‪.‬‬ ‫يد ّر البول‪.‬‬ ‫يذيب احلصى والرت ّسبات يف املرارة والكلى‪.‬‬ ‫يلينّ املعدة ومينع اإلمساك‪ .‬مينع احتباس‬ ‫السوائل يف اجلسم واالستسقاء‪.‬‬ ‫مفيد جداً للبشرة‪ ،‬ويشفي من مرض البهاق‬

‫إذ ُتساعد الطماطم على‬ ‫تقليل ارتفاع ضغط الدّم‬ ‫املُرتفع‪ ،‬وكذلك تقليل‬ ‫مستويات الكولسرتول يف‬ ‫الدّم‪ ،‬وهذا ما ُيساهم يف تعزيز‬ ‫صحة القلب‬ ‫ّ‬ ‫‪.....‬‬ ‫مفيد جداً للبشرة‪ ،‬ويشفي‬ ‫من مرض البهاق عن طريق‬ ‫وضع قشور البطيخ على الوجه‬ ‫وحتريكها حبركة دائريّة ملدّة‬ ‫عشر دقائق كل يوم‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫مقالة‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫هل ستلحق املوصل بكوسوفو؟‬

‫سعد سعيد الديوه جي‬

‫ال نقصد يف هذا الطرح مبصطلح “املوصل”‬ ‫مدينه املوصل وحدها وامنا حمافظة(املوصل ـ‬ ‫نينوى) حبدودها احلالية‪ ،‬او رمبا بنوع من‬ ‫التداخل مع كردستان العراقية ليكون املصطلح‬ ‫شامال لوالية املوصل العثمانية وهو ما تقتضيه‬ ‫مصاحل الدول املتصارعة على النفوذ يف املنطقة‬ ‫ومنهما النفط والغاز وطرق نقلهما‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫اقامة القواعد العسكرية الدائمة ومحاية‬ ‫اسرائيل‪.‬‬ ‫والعراق بوضعه احلالي وضع قلق ومثخن‬ ‫باملشاكل حتت وطأة الطائفية والفساد وينتظره‬ ‫مستقل غامض‪ ،‬كما جري ليوغوسالفيا‬ ‫يف بدايات تسعينات القرن السابق عندما‬ ‫انقسمت اىل ستة دول ثم تبعها اقليم‬ ‫كوسوفو الصغري الذي متيز باحلكم الذاتي‪،‬‬

‫ثم ارادت صربيا وريثة يوغوسالفيا ضمه‬ ‫بالقوة‪ ،‬ولكن حتت القصف املكثف حللف‬ ‫مشال األطلسي(‪98‬ـ‪ )1999‬اضطرت صربيا‬ ‫لإلنسحاب ومت وضع اإلقليم حتت محاية‬ ‫االمم املتحدة وحلف مشال األطلسي‪ ،‬وهي‬ ‫سابقة جديدة يف التاريخ األوروبي اي كان‬ ‫استقالالً حتت اشراف دولي بدعم أمريكي‬ ‫واوروبي‪ ،‬وكانت تلك االحداث بعد ان مترد‬ ‫اإلقليم طالباً االستقالل عن صربيا‪.‬‬ ‫يف ‪ 17‬فرباير شباط(‪2008‬م)‪ ،‬اعلن اإلقليم‬ ‫انفصاله الكامل عن صربيا‪ ،‬واليت رفضته‬ ‫ولكن اكثر من مئة دولة اعلنت اعرتافها‬ ‫إلستقالل كوسوفو ومن ضمنها تركيا‪ ،‬ومت‬ ‫إقامة قاعدة حللف مشال األطلسي يف هذا‬ ‫اإلقليم الذي تقارب مساحته من ‪ 10‬آالف‬ ‫كم‪ ،2‬وتعد من اكرب القواعد يف اوروبا‪.‬‬ ‫علماً ان سكان اإلقليم ال يتعدى حوالي(‪2‬‬ ‫مليون) غالبيتهم العظمى من االلبان وال‬ ‫ميتلك منفذاً للبحر ألنه حماط بصربيا وألبانيا‬ ‫واجلبل االسود ومقدونيا‪.‬‬ ‫والذي دفعنا للدوران حول بعض هذه االفكار‬ ‫هي زيارات سفراء الدول االوروبية‪ ،‬فرنسا‬

‫واملانيا والدمنارك للموصل دفعه واحده يوم‬ ‫‪ 2021/2/13‬وقبلها كانت زياره السفري‬ ‫الربيطاني‪ ،‬وقد اعلن السفراء عن نياتهم‬ ‫الصرحية باملساعدة يف اعادة تعمري املوصل‪،‬‬ ‫ثم اعقبت تلك الزيارات استهداف وقصف‬ ‫بعض املواقع يف اربيل من قبل بعض‬ ‫امليليشيات‪ ،‬وال ندري اكان صدفه ام مقرتناً‬ ‫بهذه الزيارات‪.‬‬ ‫جاء بعدها اعالن حلف مشال األطلسي‬ ‫مضاعفة عدد قواته عده مرات داخل العراق‬ ‫ومن ضمنها القوات الرتكية املوجودة اصالً‬ ‫مشال املوصل‪.‬‬ ‫وال ميكن اهمال زيارة البابا للمنطقة ان متت‬ ‫على انها تصب يف ارساء جذور املسحيني يف‬ ‫املوصل وسهل نينوى فقط‪ ،‬بعدما ازدادت‬ ‫هجرتهم اىل خارج العراق‪ ،‬ولكنها جزء من‬ ‫عملية مستقبلية تنتظر املنطقة على االكثر‪.‬‬ ‫وال ننسى ان هذه االحداث جاءت بعد‬ ‫تنصيب السيد بايدن رئيسا للواليات املتحدة‬ ‫واملشهور عنه انه كان من املشجعني على‬ ‫اقامة الفيدرالية يف العراق ايام كان نائباً‬ ‫الوباما بني(‪2001‬ـ‪.)2009‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪22‬‬

‫ان انفصال زيارة السفري الربيطاني عن زيارة‬ ‫باقي السفراء يعيد لألذهان ذلك الصراع اخلفي‬ ‫على املنطقة بني بريطانيا وفرنسا بعد ختلي‬ ‫بريطانيا عن بعض تعهداتها يف سايكس بيكو‬ ‫قبل اكثر من مئة عام‪ ،‬واستئثارها مبعظم‬ ‫مناطق والية املوصل العثمانية واليت كانت‬ ‫ضمناً داخل النفوذ الفرنسي‪ ،‬وكان النفط‬ ‫واملوقع االسرتاتيجي للمنطقة من اهم العوامل‬ ‫يف استئثار بريطانيا باملنطقة‪.‬‬ ‫فهل هنالك تنافر يف املصاحل بني بريطانيا‬ ‫ودول االحتاد االوروبي بزعامة فرنسا يف‬ ‫الوقت احلاضر‪ ،‬ام هو نوع من التوافق الال‬ ‫متجانس برعاية أمريكية ستكشف عنه االيام‬ ‫القادمة؟‬ ‫لقد كتب كثري من احملللني بعد احتالل‬ ‫املوصل من قبل الدواعش وما حوهلا بأن‬ ‫خريطة الشرق االوسط ستتبدل‪ ،‬واذا كان‬ ‫األمر كذلك فان انتشار قوات عدة دول يف‬ ‫املناطق السورية احملاذية للموصل وارتفاع‬ ‫حدة الصراع االمريكي ـ االيراني داخل‬ ‫اراضي العراق هي مؤشرات هلذه احلقيقة‪.‬‬ ‫وقبل ذلك كانت بريطانيا قد استخدمت‬ ‫قوتها لفرض السيطرة على املوصل والعراق يف‬ ‫معاهدة لوزان ‪1923‬م‪ ،‬وفرض شروطها على‬ ‫تركيا‪ ،‬ثم غلب اسم العراق على الواليات‬ ‫الثالث كما يقول هنري‪ .‬أ‪ .‬فوسرت‪.‬‬ ‫ولكن تركيا مل تتخل ضمنياً عن حقها يف‬ ‫املوصل رغم إذعانها ملقررات لوزان رمسياً‪،‬‬ ‫فهل جاءت الفرصة للدخول مع قوات حلف‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫األطلسي ومبشاركة التحالف كما وضعت هلا‬ ‫قدماً يف سوريا؟‬ ‫قبل مئة عام كان لربيطانيا اليد الطوىل‬ ‫وحصلت على النفط واالرض‪ ،‬واآلن تغريت‬ ‫األمور اجليوسياسية ولكن األطماع ان صح‬ ‫التعبري مل تتغري‪ ،‬وإمنا إزدادت تعقيداً بدخول‬ ‫تركيا كحليف رئيسي يف حلف األطلسي‪،‬‬ ‫ودخول ايران وروسيا على اطراف اللعبة‪،‬‬ ‫ورعاية كل االطراف جملموعات ميليشياوية‬ ‫تعمل خلدمة اهدافها‪.‬‬ ‫ان ما يدعو إلثارة هذه األمور قد يكون مرده‬ ‫اىل اقتناع احللفاء بصعوبة إدارة العراق كوحدة‬ ‫نفطية متكاملة‪ ،‬ووجود كميات هائلة من النفط‬ ‫والغاز يف احلقول الشمالية الصحراء الغربية‪،‬‬ ‫حيث أثبتت آخر الدراسات ان العراق يقع يف‬ ‫املرتبة اخلامسة عاملياً يف إحتياطياته النفطية‬ ‫والثاني عربياً‪.‬‬ ‫فهل سيؤدي ذلك اىل تقسيمه اىل فيدراليات‬ ‫او كونفودراليات حتت ادارة شبه مركزية يف‬ ‫بغداد وليس بالضرورة اىل تقسيمه على طريقة‬ ‫كوسوفو‪ ،‬وتكون عندها منطقه املوصل اكثر‬ ‫املناطق ترشحاً ألي نوع من التقسيم‪.‬‬ ‫ورجوعاً اىل مشكلة املوصل‪ ،‬فال بد من الوقوف‬ ‫على ما ينظر اليه اآلخراىل هذه املنطقة اليت‬ ‫يصفها هاري تشارلز لوقا يف كتابه“املوصل‬ ‫واقلياتها” عام ‪1924‬م‪ ،‬بأن هذه املدينة هلا‬ ‫أهمية جديدة يف عيون العامل وخصوصاً تنوعها‬ ‫األثنوجرايف وتارخيها الطويل ملا يقارب اىل‬ ‫‪4000‬عام‪ ،‬وان العامل املسيحي على استعد‬

‫للتخلي عن منطقة من مناطقه التارخيية‪.‬‬ ‫ورغم ان منطقه املوصل تشابه القوقاز الذي‬ ‫يوجد فيه فسيفساء من االجناس اكثر تعقيداً‪،‬‬ ‫ولكن املنطقة مل تعرف خالفات حادة اثنية‬ ‫او دينية اال قليالً‪ ،‬وكانت السمة االبرز يف‬ ‫التعايش بني املسلمني واملسيحيني واليهود‬ ‫قبل خروجهم اىل اسرائيل قبل حوالي سبعني‬ ‫عاماً‪ ،‬وكذلك بني القوميات الرئيسية وهم‬ ‫العرب والكرد والرتكمان‪ ،‬ألن الرابطة الدينية‬ ‫كانت اقوى من الرابطة القومية اىل ما قبل‬ ‫ظهورها بعد احلرب العاملية االوىل‪.‬‬ ‫ان التواجد األممي واألوروبي ـ األمريكي‬ ‫واضح للعيان يف مفاصل كثري من مناطق‬ ‫املوصل بعد هزمية الدواعش خصوصاً الوجود‬ ‫الكثيف للمنظمات االنسانية‪ ،‬فهل هنالك‬ ‫اشياء ستحدث‪.‬‬ ‫وان الدور الرتكي بدأ يأخذ أبعاده ولو على‬ ‫استحياء يف هذه التشكيلة‪ ،‬ناهيك عن وجوده‬ ‫العسكري وفعالياته على اطراف املنطقة‬ ‫ومشاهلا‪.‬‬ ‫حنن نرى الظواهر‪ ،‬فهل هنالك اشياء ال‬ ‫ندركها؟ اجلواب حتماً نعم ولكن نوع من‬ ‫التغيري واقع ال حمالة‪.‬‬ ‫ولكن ليس بسيناريو كوسوفو بالكامل‪ ،‬عندها‬ ‫يكون التدخل الدولي برعاية حلف مشال‬ ‫األطلسي واردا بعد اعالن احلماية الدولية‬ ‫لسكان املنطقة واألقوى هو الذي سيختار‬ ‫السيناريو حسب التوافق مع مصاحله‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫املراة‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫توجيهات احلرية‬

‫مصطلح الناموس‪ ،‬هي تعين قانون البيت‬

‫عيل فرات‬

‫متى دخ َل اجملتم ُع النيولييت يف الضائقة‪ ،‬أو‬ ‫متى ُس ِع َي لِتَ َخ ّطيه؟ من املهم سر ُد الشروح يف هذا‬ ‫األسباب والدوافع‬ ‫املضمار باالعتماد على‬ ‫ِ‬ ‫الداخلية واخلارجية‪ .‬فلرمبا كان جتا ُو ُز الرجل‬ ‫لنقا ِط ضعفه‪ ،‬حَ َ‬ ‫وت ُّوله إىل صيا ٍد حاذق‪ ،‬وبلو ُغه‬ ‫مكان ًة منيع ًة مع حاشيته امللتف ِة حوله؛ قد هَدَّد‬ ‫النظا َم األمومي‪ .‬كما حُيتَ َمل أ ْن تَكو َن مهارتُه يف‬ ‫احليوان وتنمي ِة النبات قد تَ َسبَّبت يف ذلك‬ ‫تنشئ ِة‬ ‫ِ‬ ‫أغلب مشاهداتِنا تُرَ ِّج ُح لدينا‬ ‫أيضاً‪ .‬يف حني أنذ َ‬ ‫َ‬ ‫مبؤثرات‬ ‫وحلِّه‬ ‫صهر اجملتمع النيولييت َ‬ ‫ٍ‬ ‫احتمال ِ‬ ‫ريب يف أ ّن هذه املؤثرات تَتَ َج َّس ُد يف‬ ‫خارجية‪ .‬وال َ‬ ‫ُ‬ ‫وقصص أوىل‬ ‫املقد َسني‪.‬‬ ‫دول ِة‬ ‫الراهب وجمتم ِعه َّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمعات احلضارية يف ميزوبوتاميا السفلى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وضفاف النيل تؤك ُد صحة هذا الرأي بنسب ٍة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بشكل ُم رَبهَن‪ ،‬فثقاف ُة‬ ‫رنا‬ ‫ك‬ ‫ذ‬ ‫فمثلما‬ ‫كربى‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وتقنيات ِّ‬ ‫الري يف‬ ‫اجملتمع النيولييت الصاعدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ظهور القيم ِة‬ ‫األراضي الرسوبي ِة السهلية َّأديَتا إىل ِ‬ ‫الزائدة اليت يتطلبها هذا اجملتم ُع اجلديد‬ ‫املتمد ُن بِالتَّ َمحور َ‬ ‫حول القيم ِة الزائدة املتعاظمة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وحقَّ َق منزلةً‬ ‫َّ‬ ‫والذي نَظم أمورَه على هيئ ِة دولة‪َ ،‬‬ ‫طريق قوةِ الرجل باألغلب‪.‬‬ ‫خمتلف ًة للغاية عن ِ‬ ‫لب‬ ‫والتمد ُن املتزاي ُد يعين التبض َع‪ ،‬الذي جَي ُ‬ ‫بدوره التجارة‪ .‬والتجارةُ من جهتِها تَتَ َس َّرب يف‬ ‫ِ‬ ‫مستوطنات‬ ‫شكل‬ ‫على‬ ‫النيولييت‬ ‫اجملتمع‬ ‫شرايني‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كولونيالية‪ ،‬لِتَ ُ‬ ‫نشرَ معها تصاعدياً التبض َع واملُلْكي َة‬ ‫للمواد يف‬ ‫وقيم َة التبادل(مثة قيم ٌة استعمالي ٌة‬ ‫ِّ‬ ‫اجملتمع النيولييت‪ ،‬يف حني أنه تَ ُسو ُد العطايا‬ ‫ِ‬ ‫واهلدايا ِعوَضاً عن التبادل)‪ ،‬وتُ َس ِّر َع بالتالي من‬ ‫ومستوطنات‬ ‫انفكاك واحنال ِل اجملتمع النيولييت‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أوروك وأور وآشور إمنا ت رَب ِهن هذه احلقيقة مبا ال‬ ‫يَ ُشوبُه أدنى شك‪.‬‬ ‫املهم مبكان عدم‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬من ِّ‬ ‫للمجتمع‬ ‫االستخفاف بالثقاف ِة األيديولوجية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النيولييت الصامد طيل َة مسريةِ التاريخ‪ .‬فحقوقُ‬ ‫ُ‬ ‫الو ُّد‬ ‫األمومة‪ ،‬التضام ُن االجتماعي‪ ،‬األ ُخ َّوة‪ِ ،‬‬

‫اخلالي من املنفع ِة واملتطل ُع ـ فقط وفقط ـ‬ ‫ملصلح ِة اجملتمع‪ ،‬االحرتا ُم‪ ،‬فكرةُ الفضيلة(أي‬ ‫األخالق)‪ ،‬التعاو ُن النزي ُه بال مقابل‪ ،‬تقدي ُر ِّ‬ ‫كل‬ ‫وييي اجملتم َع عن وج ِه حق‪،‬‬ ‫َمن يُنتِ ُج القِيَ َم حُ‬ ‫ملصطلحي القدسية‬ ‫باجلوهر السليم‬ ‫االرتبا ُط‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اجلوار‪ ،‬التَّ َح ُّسر والشو ُق الذي ال‬ ‫واأللوهية‪ ،‬تقدي ُر ِ‬ ‫يَ ُ‬ ‫نض ُب للمساواة واحلياةِ احلرة‪ ،‬وغريُها من القِيَ ِم‬ ‫اجملتمع‬ ‫اخلالدة؛ إمنا هي‬ ‫ُ‬ ‫أسباب كينون ِة هذا ُ لهُ ِ‬ ‫الوقت عينِه قِيَ ٌم يستحيل زوا ا‬ ‫أساساً‪ ،‬وهي يف ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما دا َمت احلياةُ االجتماعية قائمة‪ .‬يف حني أ ّن‬ ‫بالكثري من‬ ‫القِيَمَ احلضارية‪ ،‬ولِ َكونِها مشحون ٌة‬ ‫ِ‬ ‫القِيَم الثقافي ِة املادية واملعنوي ِة اليت ال فائدةَ‬ ‫ِ‬ ‫يل القمع‪،‬‬ ‫هلا على اجملتمع وال نفع‪ ،‬من قَبِ ِ‬ ‫النهب‪ ،‬السلب‪،‬‬ ‫االستغال ِل‪ ،‬االستعمار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلجحاف‬ ‫االغتصاب‪ ،‬اجملازر‪،‬‬ ‫االعتداءِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والصهر؛‬ ‫‪،‬‬ ‫ء‬ ‫اإلفنا‬ ‫الضمري(الالأخالقية)‪،‬‬ ‫وانعدام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صفوف اجملتمع يَ ُكو ُن وقتياً‪ .‬إنها‬ ‫فوُجودُها بني‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع املريض واإلشكالي‪.‬‬ ‫صفات‬ ‫باألغلب ُ‬ ‫ِ‬ ‫املقاومات املتماسكة‬ ‫تأتي تقالي ُد األنبياء يف صدارةِ‬ ‫ِ‬ ‫القادرةِ على إيصا ِل صوتِها من مرحل ِة اإلنشا ِء‬ ‫األوىل للمجتمع احلضاري إىل هذه األيام‪.‬‬ ‫وصها اليت تَبتَ ِد ُئ بِ َسر ِد قص ِة آدم وحواء‪،‬‬ ‫فنُ ُص ُ‬ ‫أي أو ِل إنسانَني على وج ِه البسيطة‪ ،‬إمنا تَشتَ ِم ُل‬ ‫مات الثقاف ِة‬ ‫أحضان‬ ‫يف‬ ‫مجيع مزاياها على بَ َص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األيديولوجية‪ .‬فإذا قَيَّمنا آدمَ وحواءَ على منوا ٍل‬ ‫استيعاب الذهني ِة احلضارية املتأهل ِة‬ ‫سليم وف َق‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مَُ‬ ‫اجملتمع النيولييت‪ ،‬سنجد أنها تدُّنا بِأوىل‬ ‫جتاه‬ ‫ِ‬ ‫الصراع بني السي ِد‬ ‫رؤوس اخلي ِط الذي يُ َؤدينا إىل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آدم مع‬ ‫حمادثات‬ ‫ري‬ ‫تفس‬ ‫نا‬ ‫ع‬ ‫وس‬ ‫ب‬ ‫حيث‬ ‫والعبد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫للتمييز‬ ‫ر‬ ‫مؤش‬ ‫أنها‬ ‫على‬ ‫حواء‬ ‫مع‬ ‫الرب‪ ،‬وعالقتِه‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫بقدر ما ترمز إىل سقو ِط املرأةِ‬ ‫بني السي ِد والعبد‪ِ ،‬‬ ‫األم إىل املنزل ِة الثانية‪ .‬أما خرو ُج نوح‪ ،‬فكأنه‬ ‫يُوحي لنا بإنقا ِذه اجملتم َع النيولييت من قبض ِة‬ ‫منت السفينة‬ ‫السي ِد‬ ‫اجلبار الطاغي‪ ،‬فيَح ِملُه على ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إىل منطق ٍة جبلي ٍة يَستحيل وصول احلضارةِ إليها‪،‬‬ ‫ليُعي َد إنشاءَه من جديد‪ .‬فالقص ُة باألصل تَش َر ُح‬ ‫َّ‬ ‫النيولييت‬ ‫اجملتم َع السومري‪ ،‬وكذلك اجملتم َع‬ ‫املقاومَ جتاهَه‪ ،‬والساع َي للحفا ِظ على وجو ِده‬ ‫ِ‬ ‫بدايات تقالي ِد ه َذين النبيَّني‬ ‫ملتئماً‪ .‬إ ّن إرجا َع‬ ‫ِ‬ ‫ُظهر لنا‬ ‫إىل مرحل ِة إنشاءِ‬ ‫اجملتمع احلضاري ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫املراحل األوىل لدرج ِة أنها‬ ‫وجو َد املقاوم ِة منذ‬ ‫ِ‬ ‫قدر احلضارةِ على األقل‪ .‬وكيفما‬ ‫ِّ‬ ‫معمر ٌة ومستمر ٌة بِ ِ‬

‫الطبقات العليا‪،‬‬ ‫يمَُثِّ ُل تاري ُخ السالالت تاري َخ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫لتاريخ‬ ‫فكذا يَ ُكو ُن تاري ُخ النبوةِ ممثال باألغلب‬ ‫ِ‬ ‫وتاريخ األبطال‪.‬‬ ‫املقاومة‬ ‫والعشائر‬ ‫الثقافات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فجميعُها تتقاط ُع يف نقط ٍة مشرتكة‪ ،‬أال وهي‬ ‫مناه َ‬ ‫َض ُة الوثنية‪ .‬وحسب‪ ،‬بل وألنهما تتشاركان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الظاهرة االجتماعية عينها‪.‬‬ ‫ختوض صراعاً‬ ‫َ‬ ‫وكان على األلوهية ـ األم أ ْن‬ ‫مريراً مع آهلة الرهبان السومريني‪ .‬وخنص‬ ‫الرجل املاكر‬ ‫بالذكر النزا َع بني«أنكي» ِإل ِه‬ ‫ِ‬ ‫األولي لإلهل ِة األنثى‪ ،‬والذي‬ ‫الرمز‬ ‫ِّ‬ ‫و«إينانا» ِ‬ ‫َ‬ ‫أصب َح املوضو َع األساسي الذي شغل املالحمَ‬ ‫ُ‬ ‫اختالف‬ ‫الصراع‬ ‫السومرية‪ .‬ويتسرت حتت هذا‬ ‫ِ‬ ‫نشوب‬ ‫املصاحل‪ ،‬والذي أتا َح الفرص َة وأدى إىل‬ ‫ِ‬ ‫جمتمع‬ ‫النزاع والصدام على مجيع األصعدة بني‬ ‫ِ‬ ‫املتمركز حول القرى الكامنة يف‬ ‫القرية النيولييت‬ ‫ِ‬ ‫احلوض العلوي ملا بني النهرين بريادة املرأة ـ‬ ‫ِ‬ ‫جمتمع‬ ‫وبني‬ ‫االستغالل‪،‬‬ ‫جتاه‬ ‫واملنغلق‬ ‫األم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫بالتكاثر حديثا‪ ،‬واملنشأِ على ي ِد‬ ‫املدينة املبتدئ ِ ِ‬ ‫الراهب‪ ،‬واملنفتح ألو ِل مرة لالستغالل‪ .‬وهكذا‬ ‫ُولِدَت«املشاك ُل االجتماعية» اجلدي ُة ألو ِل مرة‬ ‫يف التاريخ‪ .‬إذ‪ ،‬ما ِمن ٍّ‬ ‫شك يف أ ّن الصرا َع بني‬ ‫املشاكل‬ ‫القوى املديرةِ لِ ِكال اجملتم َعني ينبع ِمن‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعية‪ .‬لكن‪ ،‬وكما نرى يف التاريخ‪ ،‬فَلُ َغةُ‬ ‫الصراع واصطالحاتُه تَتَ َح َّد ُد من ِقبَ ِل أشكا ِل‬ ‫هذا‬ ‫الذهنية ِالسائدة يف تلك املرحلة‪ ،‬أل ّن أشكالَ‬ ‫الذهني ِة الراهن ِة مل تكن موجودةً آنذاك‪ .‬حيث ال‬ ‫ري عن اجملتمع نفسه إال بهوي ٍة شب ِه‬ ‫ميكن التعب ُ‬ ‫إهلية‪ ،‬أل ّن عق َل اإلنسان ال يزال بعيداً جداً عن‬ ‫مفهوم اهلوية اجملردة‪.‬‬ ‫لقد كان عق ُل اإلنسان يف تلك املرحلة يَعتَقِ ُد حبيوي ِة‬ ‫الطبيعة‪ ،‬وبأنها مليئ ٌة باآلهلة واألرواح(وهو ليس‬ ‫رجعي نسب ًة لليوم الراهن‪ ،‬بل‪ ،‬وحسب‬ ‫بتفكري‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫اعتقادي‪ ،‬إنه متقدم‪ ،‬وأقرَ ُب إىل الصواب)‪ُّ .‬‬ ‫وأي‬ ‫متاس معها قد تتمخض عنه نتائ ٌج خطرية‪ .‬ذلك‬ ‫ٍّ‬ ‫االقرتاب منها‬ ‫أ ّن جلميعها قدسياتُها‪ ،‬وجيب‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫واحرتام وإجالل‪ُّ .‬‬ ‫اس ٍر بسي ٍط‬ ‫بكل عناي ٍة‬ ‫وأي تجَ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫لكوارث فظيعة‪ .‬بالتالي‪،‬‬ ‫جتاهها قد يؤدي‬ ‫والنذور إليها‬ ‫القرابني والعطايا‬ ‫ُ‬ ‫يتطلب تقديمَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُغضبوها أو يُثريوا ِحنقتها‪ .‬وهكذا‪،‬‬ ‫كي ال ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّسات واآلهل ِة أهمي ًة عظمى‬ ‫قد‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ء‬ ‫إرضا‬ ‫يَكتَ ِس ُب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫لدرج ِة أ ّن تقديمَ األطفال والصبيان والصبيات‬ ‫قراب َ‬ ‫ني هلم أصب َح تقليداً سا َد ردحاً طويالً من‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪24‬‬

‫الزمن‪ .‬إنه تقلي ٌد ٌ‬ ‫مدهش ومرعب‪ ،‬ولكن‪ ،‬كانوا‬ ‫يُؤ ِمنون ببقاءِ اجملتمع صامداً ومتماسكاً عربه‪.‬‬ ‫والتحوير مدةً‬ ‫وقد تَ َع َّر َ‬ ‫ض هذا التقلي ُد للتحريف‬ ‫ِ‬ ‫طويلة على ي ِد الرهبان والراهبات‪ ،‬إال أنه ِم َن‬ ‫َّ‬ ‫املؤك ِد ارتبا ُط مضمونه بالقدسي ِة ومحاي ِة الذات‪.‬‬ ‫ضروب العالقات بني التجمعات البشرية‬ ‫فكاف ُة‬ ‫ِ‬ ‫والتناقضات فيما‬ ‫كان يُ َعبرَّ عنها عرب العالقات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بني هذه القدسيات واآلهلة‪ .‬هكذا كان قد أن ِشئ‬ ‫الذه ُن واللغة‪ ،‬حيث ال وجو َد حينذاك لـ»لغ ِة‬ ‫عر ْف لغ َة(أو‬ ‫ال ِع ِلم الوضعي» الراهن‪ .‬فالبشري ُة مل تَ ِ‬ ‫ني‬ ‫باألحرى دينَ) ال ِع ِلم‬ ‫ِّ‬ ‫الوضعي هذا إال يف القرنَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األخريين‪ .‬وعلينا أال نغفل عن هذه احلقيقة لدى‬ ‫لتفسري التاريخ‪.‬‬ ‫َسعيِنا‬ ‫ِ‬ ‫تركيز‬ ‫الشخص الناج ُح يف‬ ‫رئيس الرهبان هو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫(بيت) الرب‪ .‬فلكي يكو َن تنظي ُم‬ ‫طابق ِ‬ ‫فكرهِ يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫املهم للغاية أ ْن‬ ‫اجملتمع اجلديد مؤثرا‪ِ ،‬م َن ِّ‬ ‫ِ‬ ‫يسريَ وف َ‬ ‫الكالم الدائر يف احملادث ِة بينه وبني‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫وض ُع ُ‬ ‫الرب‪ .‬وألو ِل َمرةٍ تُ َ‬ ‫بعض التماثيل يف هذا‬ ‫ري َ‬ ‫فضول‬ ‫الطابق‬ ‫لتمثيل الرب‪ .‬فهذا االبتكا ُر يث ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ثل هذه‬ ‫ة‬ ‫احلاج‬ ‫َت‬ ‫د‬ ‫ُج‬ ‫و‬ ‫ولذلك‬ ‫أكثر‪،‬‬ ‫اإلنسان‬ ‫لمِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واهلياكل الرمزية لإلل ِه االصطالحي‪.‬‬ ‫األصنام‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ذلك أِّن ذاكرةَ‬ ‫الزمان أقرَ ُب‬ ‫اإلنسان يف ذاك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثل هذه‬ ‫املشاريع الذهنية املتجسدةِ‬ ‫عموماً لمِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التفكري بذاك النم ِط من‬ ‫يف اهلياكل‪ ،‬أكثرَ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫املصطلحات التجريدية‪ .‬ومن العسري جداً ُ‬ ‫إدراك‬ ‫ِ‬ ‫غري املدعوم ِة‬ ‫الفكرةِ الشفهية أو اجملردة‪ ،‬أي‪ِ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فاجلماعات البشرية تَش َه ُد‬ ‫برمز أو هيكل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضروب‬ ‫من‬ ‫اإلشارات(ضرب‬ ‫ة‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫كاسح‬ ‫ا‬ ‫تأثري‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ملجُ َ‬ ‫املفهوم‬ ‫لغ ِة ًالرموز وا َّسمات)‪ .‬بالتالي‪ِ ،‬من ملجُ َ ِ‬ ‫الصطالحات اإلل ِه ا َّس ِد‬ ‫متاما دواف ُع اللجوءِ‬ ‫ِ‬ ‫يف الرموز واألصنام‪ .‬يف حني أ ّن التماثي َل اجلمةَ‬ ‫للمرأةِ البدينة‪ ،‬واملتبقي َة من عه ِد اإلهلة ـ األم‪،‬‬ ‫أكث ُر تواضعاً‪ ،‬وتَر ُم ُز للمرأةِ ـ األم املعطاءةِ واخليرِّ ةِ‬ ‫واملبدعة‪.‬‬ ‫واألصل‬ ‫الدور التعليمي األول‬ ‫جيب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫استيعاب ِ‬ ‫للنساء ـ األمهات يف كاف ِة املواضيع املعني ِة‬ ‫صنع‬ ‫باكتشاف النباتات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تدجني احليوان‪ِ ،‬‬ ‫آالت النسج‪ ،‬الطاحونة‪ ،‬بناءِ‬ ‫ِجرَار الفخار‪ِ ،‬‬ ‫وبيوت القداسة‪ .‬فإصرا ُر اإلهل ِة األم إينانا‬ ‫املنزل‪ِ ،‬‬ ‫معمعان نزاعها مع أنكي بأنها هي‬ ‫بعناد يف‬ ‫ِ‬ ‫االكتشافات العظمى(املاءات) املائ ِة‬ ‫صاحب ُة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ري‬ ‫واألربعة(‪ ،)104‬وأنه َسرَقها منها؛ إمنا يش ُ‬ ‫ِّ‬ ‫سطوع إىل احلقيق ِة املسترتة حتت قوهلا‬ ‫بكل‬ ‫ٍ‬ ‫االكتشافات قد حصلَت على‬ ‫أغلب‬ ‫هذا‪ْ .‬‬ ‫أي أ ّن َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الرجال اإلداريني قد‬ ‫ي ِد النساء ـ األمهات‪ ،‬وأ ّن‬ ‫سرقوها منهن‪ .‬وسنرى الحقاً كيف أ ّن مرحل َة‬ ‫صرحها على هذا األساس‬ ‫احلضارةِ قد تمَ​َّ تشيي ُد ِ‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الضروري لَ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫األنظار‬ ‫فت‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫جيداً خلاصي ٍة هام ٍة متمأسس ٍة‬ ‫اجملتمعات احلضارية‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫وميكننا تسمي ُتها حبال ِة‬ ‫اجملتمع املعتا ِد على السلط ِة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واملتآلف معها‪ .‬إنه أشبَ ُه‬ ‫ضروب إعاد ِة‬ ‫بضرب من‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مبوجب تقالي ِد‬ ‫تكوين املرأ ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫السلطة‬ ‫التأنيث‪ ،‬إذ‪ ،‬ال تتأك ُد‬ ‫من وجو ِدها قب َل أ ْن تَتَ َحقَّ َق‬ ‫غرار‬ ‫ِمن إعدا ِد اجملتمع على ِ‬ ‫تأنيث املرأة‬ ‫ِ‬ ‫لحِ َ ٍّد ما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫بأوضاع املرأة‬ ‫ِمن ِّ‬ ‫املهم التساؤل‪ :‬ما الذي َحلً َ َِّ‬ ‫َ‬ ‫نظام الزقورات؟ كثريا ما نت َعق ُب يف‬ ‫والعائل ِة يف ِ‬ ‫دين‬ ‫ة‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ومعا‬ ‫ة‬ ‫َض‬ ‫ه‬ ‫منا‬ ‫ر‬ ‫آثا‬ ‫السومرية‬ ‫فات‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫املُؤَلًّ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫راهب الزقورات‪ .‬وتَتَبَدَّى هذه‬ ‫اإلهل ِة ـ األم ِ‬ ‫لدين ِ‬ ‫َ‬ ‫فالراهبات يُشيِّد َن‬ ‫املعارَض ُة بأشكا ٍل خمتلفة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أماكن نفو ِذ ِهن‪ ،‬حبيث يكا ُد يكون‬ ‫املعاب َد يف‬ ‫ِ‬ ‫لِ ِّ‬ ‫كل مدين ٍة إهلتها األنثى اليت تَصونُها وحتميها‪.‬‬ ‫مغامرات إينانا‪ ،‬إهل ِة‬ ‫ري مثا ٍل على ذلك‬ ‫ُ‬ ‫وخ ُ‬ ‫ُ‬ ‫العراق اليوم‬ ‫أوروك فمدينة أوروك(لرمبا أ ّن اسمَ‬ ‫ِ‬ ‫يأتي ِمن أوروك)‪ ،‬اليت تُعتَبرَُ َ‬ ‫أول دول ٍة مديني ٍة‬ ‫سومري ٍة يف التاريخ‪ٌ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يستحق البحث‪ .‬كما‬ ‫مثال‬ ‫لك رجل‪ ،‬أال‬ ‫أنها مشهور ٌة بِ َكونِها مدين ُة أو ِل َم ٍ‬ ‫احملتمل أ ْن تكو َن أوروك مثاالً‬ ‫وهو كلكامش‪ .‬ومن‬ ‫ِ‬ ‫ألو ِل مدين ٍة ـ دولة (دولة مدينية)‪ .‬ويَذ ُك ُر التاري ُخ‬ ‫السنوات ما بني ‪ 3800‬ق‪.‬م إىل ‪ 3000‬ق‪.‬م‬ ‫أ ّن‬ ‫ِ‬ ‫مؤسستُها‪،‬‬ ‫تُعتَبرَُ عه َد أوروك‪ .‬وكو ُن اإلهل ِة إينانا ِّ‬

‫دور املرأة ـ األم‬ ‫فهذا ُ‬ ‫يعكس مدى ِق َد ِمها ومدى ِ‬ ‫األصلي فيها‪ .‬ونزا ُع أوروك جتاه أريدو(مدين ِة‬ ‫ِّ‬ ‫اإلله أنكي‪ ،‬ورمبا تكون َ‬ ‫أول دول ِة راهب) نزا ٌع‬ ‫ملحمي يَ ُرب ُز فيه ُ‬ ‫املثال‬ ‫ُ‬ ‫لصراع املرأةِ‬ ‫ٌّ‬ ‫امللموس بقوةٍ ِ‬ ‫والرجل متجسداً يف شخصيتيَ إينانا وأنكي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تتضاءل م َع الزمن‪ ،‬وكأنها‬ ‫ولكن متاثي َل اإلهل ِة‬ ‫ُ‬ ‫تتعرض هلزمي ٍة نكراءَ يف العه ِد البابلي‪ ،‬حيث‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫بقدر ما تصب ُح عاهرا رمسيا على‬ ‫تغدو املرأة عبدة ِ‬ ‫الصعيدَين العام واخلاص‪.‬‬ ‫املعلوم أ ّن النساءَ لَ ِع َ‬ ‫نب دورَه َّ‬ ‫عشق يف‬ ‫كموضوع ٍ‬ ‫ُن َ ِ‬ ‫ِمن ِ‬ ‫دور العشق‬ ‫أقسام الزقورات‪ .‬بل إ ّن تأدية ِ‬ ‫قسم من ٌ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫فتيات َصفوَةِ العوائل وأنبلِها‪.‬‬ ‫أم ٌر ِّ‬ ‫ألجل ِ‬ ‫مشرف ِ‬ ‫واملتميزات إىل‬ ‫يات‬ ‫حيث تُؤخ ُذ‬ ‫ُ‬ ‫الفتيات املنتقَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫نظام‬ ‫املعبد‪ ،‬ليكو َن من ُح املرأةِ ذاتها مذهال يف ِ‬ ‫ضروب‬ ‫جبميع‬ ‫الفتيات‬ ‫الرهبان‪ .‬وتمَُ ُّر هؤالء‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الزقورات إىل أ ْن‬ ‫نظام سرايا‬ ‫دروس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلماليات يف ِ‬ ‫َ‬ ‫تحَترَ‬ ‫الس َمر(الفني ِة‬ ‫حفالت‬ ‫بعض‬ ‫يف‬ ‫ها‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫سها‬ ‫تَتَ َم َّر‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملوسيقية)‪ .‬كما يُعرَض َن على َصفوَةِ الرجا ِل‬ ‫اآلت َ‬ ‫يل إعجابهم‪،‬‬ ‫ني من‬ ‫املناطق اجملاورةِ لِنَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫التفاهم واالتفاق‪.‬‬ ‫حيث يُز ِاوجون بينهم يف حا ِل‬ ‫ِ‬ ‫وبهذه الشاكل ِة يُزي ُد املعبد ِم ْن وارداتِ ِه و ِمن تأثري ِه‬ ‫فاحلظي بامرأةٍ من املعب ِد ال‬ ‫أضعافاً مضاعفة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نصيب رجا ِل العوائل النبيلة‪ .‬فضالً‬ ‫يَ ُكو ُن إال ِمن ِ‬ ‫تأثري املعب ِد‬ ‫عن أ ّن هؤالء النساءَ يجُ ِّ‬ ‫َسد َن قوةَ ِ‬ ‫صفوف القبائل اجلديدة‪ ،‬ويَربُط َن أنف َسهن‬ ‫بني‬ ‫ِ‬ ‫مبجتمع الدول ِة اجلديد ألنهن قد تَلَقَّ َ‬ ‫تدريب‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ً‬ ‫األكثر إنتاجا وعطاءً‬ ‫املعبد‪ .‬إنهن أشبَ ُه بالعمالءِ ِ‬ ‫أسلوب‬ ‫جملتمع الدولة اجلدي ِد الرهباني‪ .‬وهو‬ ‫ٌ‬ ‫ال تربَ ُِح ُ‬ ‫بشكل مؤثر‪ ،‬ويف مقدمتها‬ ‫الدول تَتَّبِ ُع ُه ٍ‬ ‫إسرائيل‪ .‬وحتقي ُق مجاعي ِة املرأةِ على هذا‬ ‫النحو يُ َع ُّد منوذجاً َّ‬ ‫مصغراً ِّ‬ ‫«بيت الدعارة»‪.‬‬ ‫لفن ِ‬ ‫ِ‬ ‫وكلما زاد احنطا ُط املرأة وتهاويها‪ ،‬حتولَت ِمن‬ ‫العشق‬ ‫إهل ِة املعابد النبيل ِة الفاضلة‪ ،‬ومن امرأةِ‬ ‫ِ‬ ‫واهليام إىل أسوأِ «عامل ٍة» ال َ‬ ‫حول هلا وال قوة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫عر ُ‬ ‫يف»بيت الدعارة»‪.‬‬ ‫ض ذاتَها‬ ‫ِ‬ ‫تمَ ن ُح نفسها‪ ،‬وتَ ِ‬ ‫الشرف‪ ،‬أو ِّ‬ ‫الذل‬ ‫صاحب‬ ‫واجملتم ُع السومري‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫والالشرف‪ ،‬بكونِ ِه َ‬ ‫منوذج يف هذا املضمار‪.‬‬ ‫أول‬ ‫ٍ‬ ‫املوضوع دون القو ِل بأنّه كان‬ ‫لكين لن أَُم َّر على‬ ‫ِ‬ ‫باإلمكان أن يكو َن هذا النظا ُم مثالياً لو لمَ يُست َغ ْل‬ ‫ً‬ ‫مستوى‬ ‫الرقي به إىل‬ ‫على هذه الشاكلة‪ ،‬ولو تمَ​َّ ُّ‬ ‫مشر ٍف َّ‬ ‫ومعزز‪ .‬فالرتبي ُة والتنشئ ُة السليمة للفتيات‬ ‫ِّ‬ ‫النظم اليت تَ ُرودُها املرأةُ ـ‬ ‫يف‬ ‫ء‬ ‫سوا‬ ‫عسري‪،‬‬ ‫أم ٌر‬ ‫ً‬ ‫ُِ‬ ‫املعلومات‬ ‫األم أو اليت يَ ُرودُها الرجل ـ األب‪ .‬فال‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص املادي ُة مسا ِعد ٌة لذلك‪ .‬فالعناية باملرأة‬ ‫وال الفُرَ ُ‬ ‫َ‬ ‫واإلمكانات املادي َة‪ ،‬وكان‬ ‫االحرتاف‬ ‫أم ٌر يتطلب‬ ‫ِ‬ ‫ري يف معاب ِد النساءِ كساح ٍة مثالي ٍة‬ ‫باملقدور التفك ُ‬ ‫ِ‬ ‫الذكوري السلطوي أَسقَطَ‬ ‫َّ‬ ‫لذلك‪ .‬إال أ ّن اجملتم َع‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫هذه َّ َ‬ ‫القمع واالضطهاد واالستغالل‪.‬‬ ‫املؤسسة عرب ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫بالدروس الكافي ِة يف‬ ‫السومري مَيُدُّنا‬ ‫واملثال‬ ‫ِ‬ ‫مؤسس ٌة يَن ُظ ُر إليها‬ ‫هذا السياق‪ .‬ذلك أنه مث َة َّ‬ ‫لتقديم‬ ‫بعني ال ِغبط ِة والسرور‪ ،‬ويتساب ُق‬ ‫اجملتم ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحسب اعتقادي‪ ،‬فهو حِبالِ ِه‬ ‫فتياته إليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هذه‪ ،‬مَينحنا مثاال أوليا مل يتم الوصول إليه بعد‪.‬‬ ‫فرص شاسع ٍة للتطور‬ ‫ذلك أ ّن‬ ‫ِ‬ ‫الفتيات َحظني بِ ٍ‬ ‫يف هذه املعاب ِد(اليت ميك ُن تشبيهها مبعاه ِد‬ ‫األولي انتقاءَ‬ ‫الفتيات الراهنة)‪ ،‬ومل يَ ُك ْن ُمرا ُد ُه ّن ُّ‬ ‫األزواج‪ .‬بل كا َن َمرا ُم ُه ّن ريادةَ‬ ‫اجملتمع والدولة‬ ‫ِ‬ ‫َمات ال غنى عنها‬ ‫اجلديدَين‪ ،‬و ُك َّن يُقَ ِّد ْم َن مساه ٍ‬ ‫لبلوغ حياةٍ اجتماعي ٍة أكث َر نبالً وهَياماً‪ .‬ففي‬ ‫ِ‬ ‫الشابات‬ ‫اجملتمع املثالي‪ ،‬يُ َع ُّد تعلي ُم الفتيات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نظام املدارس‪ ،‬أي‪ ،‬يف بقع ٍة تستلز ُم القدسية‬ ‫يف ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والعظمة‪ ،‬أمرا إلزاميا‪ .‬وخنص بالذكر أ ّن مستوى‬ ‫نطاق‬ ‫تعليم املرأة يف مؤسس ِة العائلة النواة‪ ،‬أو يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫رجعي للغاية‪ ،‬وال يَتَ َعدى‬ ‫العوائل الواسعة‪،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫يف أهدافِ ِه جتاو َز العبودي ِة العامة املتفشي ِة يف‬ ‫مبقدور»املعاه ِد‬ ‫اجملتمع(جمتمع الرجل)‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النسائي ِة احلرة» أ ْن َ‬ ‫معاصرة‪.‬‬ ‫د‬ ‫كمعاب‬ ‫تؤدي دو َرها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شؤون املرأة يف‬ ‫واض ٌح أيضاً أ ّن‬ ‫َ‬ ‫ترتيب وتنظيمَ ِ‬ ‫الزقورات قد ُط ِّورَ لتسخريها يف خدم ِة اجملتمع‬ ‫ِ‬ ‫والدول ِة اجلديدَين‪ .‬وهذا ما يبني لنا جبالءٍ أ ّن‬

‫املراة‬

‫‪25‬‬

‫الرهبا َن فَ َّكروا بعظم ٍة باهرة‪ ،‬ونَ َّظموا شؤو َن‬ ‫أقرب إىل‬ ‫حنو َ‬ ‫اجملتمع والدول ِة اجلديدَين على ٍ‬ ‫الكما ِل حِبَق‪.‬‬ ‫ونظام‬ ‫ة‬ ‫العائل‬ ‫ة‬ ‫حقيق‬ ‫استيعاب‬ ‫علينا‬ ‫وباقتضاب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫املرأة ـ األم كي نستطي َع فهمَ هذه الظاهرةِ(هذا‬ ‫الوعي)‪ :‬فالزو ُج يف عه ِد املرأة ـ األم‪ ،‬إما أنه‬ ‫ري معروف‪ .‬فلدى‬ ‫هامشي للغاية‪ ،‬أو أنه غ ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫إجناب املرأةِ ـ األم األوال َد ال تَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وضع‬ ‫يف‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل الذي حتبه»‪.‬‬ ‫مع‬ ‫للعشق‬ ‫ة‬ ‫س‬ ‫املمار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«املرأةِ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫اجلنسوي مل يَربُزا بعد‪ .‬فال‬ ‫فالعش ُق واجملتم ُع‬ ‫املرأةُ مرتبط ٌة ِّ‬ ‫رجل برواب ِط الزوجية‪ ،‬وال‬ ‫بأي ٍ‬ ‫الرج ُل يف وضعي ٍة خُ َ‬ ‫ت ِّولُ ُه لِبَس ِط نفو ِذ ِه على املرأةِ‬ ‫َد ذاته ليس‬ ‫أو القو ِل«إنها زوجيت»‪ .‬والصي ُد حِب ِّ‬ ‫بعمل قَيِّم عندما يَ ُط ُ‬ ‫ول زمنُ ُه فال يكون مثمرا‪ً.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فضالً عنٍ أنه ال ُ‬ ‫تزال رغبتُ ُه ضامرةً بأ ْن يَ ُكو َن له‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فاألطفال عائدون للمرأةِ ـ‬ ‫أطفال ضم َن اجملتمع‪.‬‬ ‫األم أيضاً ال ُ‬ ‫تبحث‬ ‫األم‪ .‬وبطبيع ِة احلال‪ ،‬فاملرأةُ ـ ُّ‬ ‫عن‬ ‫نج ُّر وراءَ‬ ‫ألجل اللذة‪ ،‬وال تَ َ‬ ‫اجلماع اجلنسي ِ‬ ‫ِ‬ ‫بقدر حاجتها‬ ‫متار ُس‬ ‫َ‬ ‫اجلنس ِ‬ ‫َشهَواتِها‪ .‬بل ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َف التوال ِد‬ ‫كائن حي‪ ،‬وعادةً ما تَ ُكو ُن بِ َهد ِ‬ ‫كأي ٍ‬ ‫األولي وراءَ انتماءِ األطفا ِل إىل‬ ‫والتناسل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والسبب ُّ‬ ‫كدحها يف تنشئتِ ِهم وتربيتِ ِهم‪.‬‬ ‫املرأةِ ـ األم هو ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فإجنابُها إياهم‪ ،‬وتغذيتها هلم مَين ُحها هذا َّ‬ ‫احلق‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫ُ‬ ‫فاحلديث عن ِّ‬ ‫حق األُب َُّوةِ يعد‬ ‫بالطبع‪ .‬بالتالي‪،‬‬ ‫هذياناً وخرفاً يف العه ِد الذي ال تَتَّ ِس ُم فيه معرفةُ‬ ‫ُم هنا‬ ‫معان اجتماعية‪ .‬ما يَه ُّ‬ ‫هويتِ ِه و َمن يَ ُكو ُن أي َة ٍ‬ ‫هو أَ ُخ املرأةِ ـ األم‪ ،‬ألنه يرتعر ُع معهم‪ .‬وتتأتى‬ ‫حقوق املرأةِ ـ األم تلك‬ ‫رصان ُة اخلا ِل واخلال ِة ِمن ِ‬ ‫ُ‬ ‫الغائرةِ يف القدم‪ .‬إذن‪،‬‬ ‫واحلال هذه‪ ،‬فعائل ُة املرأةِ‬ ‫ـ األم تَتَ َك َّو ُن ِمن اخلا ِل واخلال ِة(وأوال ِد ِهما إ ْن‬ ‫ُجدوا) وأوال ِد املرأة‪ .‬والسر ُد القائ ُل بالعائل ِة‬ ‫وِ‬ ‫األمومي ِة يُ َعبرُِّ عن هذا األمر‪ .‬هكذا مُي ِكنُنا شر ُح‬ ‫االجتماعي لعبادةِ اإلهل ِة األم‬ ‫والتعبري‬ ‫املرأةِ ‪ -‬األم‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫األساس للعه ِد‬ ‫املنبثق ِة منها‪ ،‬واليت تشكل َح َجرَ‬ ‫ِ‬ ‫هامشي فيما عدا األخوال‪،‬‬ ‫النيولييت‪ .‬فالرج ُل‬ ‫ٌّ‬ ‫اصطالحات األبوةِ والزوجية‪.‬‬ ‫ومل تنشأ بع ْد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لب نظام قائم رأساً‬ ‫ستتطو ُر السالالتية حصيلة ق ِ ٍ ٍ‬ ‫على َعقِ ٍب ِمن حيث األيديولوجيا والتنفيذ‪.‬‬ ‫باألبوي ستتجذ ُر اإلدارةُ‬ ‫ِّ‬ ‫النظام املسمى‬ ‫ويف هذا ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫كل ِمن‬ ‫باتفاق‬ ‫البطرياركية األبوية‬ ‫وحتالف ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وحكمة«الرجل امل ِسنِّ» مع احلاشي ِة‬ ‫جترب ِة‬ ‫ِ‬ ‫الشامان‬ ‫جانب‬ ‫لـ»الرجل القوي» إىل‬ ‫العسكرية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫أنواع قيادةِ القدسي ِة السابقة‬ ‫من‬ ‫ع‬ ‫نو‬ ‫الذي هو‬ ‫ِ‬ ‫لعه ِد الراهب‪.‬‬ ‫الرجل الساعي‬ ‫أما الرج ُل القوي‪ ،‬فيُ َعبرُِّ عن قوةِ‬ ‫ِ‬ ‫حصار املرأةِ ـ األم‪ ،‬واملكت َسب ِة عرب‬ ‫للنفا ِذ من‬ ‫ِ‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪26‬‬

‫وتقنيات الصي ِد‬ ‫الصي ِد املؤثر‪ .‬فقوتُ ُه العضلي ُة‬ ‫ُ‬ ‫تُضا ِع ُف ِمن حظ ِه يف الصي ِد الناجح‪ .‬واالحتا ُد‬ ‫الشباب اليافعني الساعني‬ ‫الذي أَ َّس َس ُه مع‬ ‫ِ‬ ‫ص‬ ‫لالستفادةِ من خاصيت ِه هذه‪ ،‬قد زا َد من ُف َر ِ‬ ‫جناح ِهم أكثر‪ .‬ورمبا أ ّن َ‬ ‫أول حاشي ٍة عسكري ٍة يف‬ ‫ِ‬ ‫التاريخ بر َزت للوس ِط على هذه الشاكلة‪ .‬وهكذا‬ ‫اكتسب الرج ُل تفوقاً بارزاً إزاءَ املرأةِ ألو ِل مرةٍ يف‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عجائز‬ ‫مع‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫امل‬ ‫والتحالف‬ ‫ق‬ ‫االتفا‬ ‫أما‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫النظام‬ ‫جتاه‬ ‫النظام األبوي‬ ‫القبيلة‪ ،‬فسيُ َع ِّز ُز من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫األمومي‪.‬‬ ‫إ ّن برو َز السالالتي ِة والبطرياركية واألبوةِ برها ٌن‬ ‫الدنُ ِّو من اجملتمع الطبقي‪.‬‬ ‫آن معاً على ُّ‬ ‫ومؤش ٌر يف ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫علماني نسب ًة‬ ‫سياسي‬ ‫بنظام‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫وإدارة السالل ِة أشبَ ُه ٍ‬ ‫إهليات‬ ‫إلدارات الرهبان الالهوتية‪ ،‬حيث تُن ِش ُئ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اب‬ ‫جديدة‪ ،‬وت ِنزل مرتبة الرهبان ليغدوا ن َّو َ‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫القيادةِ السياسية‪ .‬ورغم أنهم ال يفتئون يؤدون‬ ‫أدواراً هامة‪ ،‬إال أنهم سيَخ َسرون قواهم طرداً‪،‬‬ ‫للنظام اجلديد‬ ‫وسيؤولون إىل دعائيني مقدِّسني‬ ‫ِ‬ ‫لتأمني شرعيته‪ .‬ويتجذ ُر التماي ُز‬ ‫ووسائ َط ساذج ٍة‬ ‫ِ‬ ‫الطبقي مع مرور كل يوم‪ ،‬ويتزايد تعدا ُد املدائن‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫مسيناه»احلضارةَ‬ ‫ويُثبِ ُت من ُط اجملتمع الذي أ َ‬ ‫ومتأس َسه عن جدارة‪ .‬وهكذا‬ ‫السومرية» دميو َمتَ ُه ُ‬ ‫جمتمعات الشرق األوسط‬ ‫محلَت السالالتي ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫تقاليدَها الغائرةَ يف القِدَم إىل يومنا الراهن‪ .‬لذا‪،‬‬ ‫َ​َ‬ ‫النظم اجلمهورية والدميقراطية‬ ‫فعد ُم تط ُّو ِر أمنا ِط ٌِ‬ ‫يف الشرق األوسط مرتبط عن كثب بالتدو ِل النابع‬ ‫من نظا َمي الرهبان والسالالت‪.‬‬ ‫اجملتمع السومري احلضاري‬ ‫لقد َح َّد َد منوذ ُج‬ ‫مسار تَ َطور احلضارة يفِ العامل بقدر النموذجِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُّ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫النيولييت بأقل تقدير‪ .‬و»احلضارة» كمصطلح‬

‫وخمتلف عن»الثقافة»‪.‬‬ ‫مغاير‬ ‫ٍ‬ ‫بتمايز ٍّ‬ ‫طبقي ٍ‬ ‫متعلق ٌة ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫فاحلضارةُ معنية بثقاف ِة الطبقة ودولتِها‪ .‬تُ َع ُّد‬ ‫ٌّ‬ ‫متأس ِس اإلهليات‬ ‫كل ِمن املدنية‪ ،‬التجارةِ‪ُ ،‬‬ ‫والعلم‪ ،‬تَ َط ُّو ِر البني ِة السياسية والعسكرية‪،‬‬ ‫وظهور اجلنسوي ِة‬ ‫احلقوق مكا َن األخالق‪،‬‬ ‫بروز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مؤشرات طافح ًة‬ ‫االجتماعية للرجل؛ تُ َع ُّد كلها‬ ‫ٍ‬ ‫وسائدةً يف اجملتمع احلضاري اجلديد‪ .‬ويتطاب ُق‬ ‫االصطالحان يف هذه احلالة‪ ،‬ويُستع َمالن بنفس‬ ‫التوسع‬ ‫املعنى‪ .‬وهكذا تبدأُ مرحل ٌة ثاني ٌة من‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع‬ ‫النتشار ثقاف ِة‬ ‫واالنتشار مشابه ٌة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النيولييت املنبثق ِة من اهلالل اخلصيب يف‬ ‫فارق يف هذه‬ ‫مجيع أرجاءِ العامل‪ .‬ولكن‪ ،‬مع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫املرة‪ ،‬حيث سيُضا ِع ُف من ذاته ويتكاث ُر بِ َعق ِد‬ ‫الفتيات‬ ‫قِران أوال ِدهِ اجلد ِد(ذكو ٌر‪ ،‬ال إناثاً) مع‬ ‫ِ‬ ‫الناضجات الراشدات من كاف ِة أحناءِ املعمورة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بع َد أ ْن يكو َن قد أجنبَهم وأنشأهم يف أراضي‬ ‫اهلالل اخلصيب‪« ،‬مه ِد احلضارات»‪ .‬التشبي ُه‬ ‫ُ‬ ‫يف حملِّه‪ ،‬حيث ميكننا‬ ‫االفرتاض بأ ّن انتشارَ‬ ‫الثقافة النيوليتية وتوس َعها قد متأ َس َس باألغلب‬ ‫ِ‬ ‫فتيات املرأةِ ـ األم يف‬ ‫قدرات‬ ‫وكفاءات ِ‬ ‫ِ‬ ‫مع نضوج ِ‬ ‫وصلنَها من العامل‪ .‬يف حني أ ّن اجملتم َع‬ ‫كل بقع ٍة َ‬ ‫َّ‬ ‫احلضاري املعبرَِّ عن الثقاف ِة الرجولية السلطوي ِة‬ ‫أماكن انتشاره‪.‬‬ ‫يعين ُ‬ ‫متأس َس األوال ِد الذكور يف ِ‬ ‫َ‬ ‫الرجل احلضاري‪ ،‬الذي‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإ ّن جيل‬ ‫ِ‬ ‫سيجعل من الفتاةِ الصبية زوج ًة تابع ًة وخانع ًة‬ ‫ُنج ُب الذكورَ أساساً ومجعاً(سينصهر‬ ‫له‪ ،‬سي ِ‬ ‫اجملتم ُع ذو الغالبي ِة النسائية يف بوتق ِة اجملتمع‬ ‫ذي اهليمن ِة الرجولية)‪ ،‬لتتكاثرَ وتتوط َد رجول ُة‬ ‫حضارتِنا لتص َل يو َمنا املعاص َر منيع ًة رصينة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫األنظار جيداً خلاصي ٍة هام ٍة‬ ‫فت‬ ‫من‬ ‫الضروري لَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمعات احلضارية‪ ،‬وميكننا‬ ‫متمأسس ٍة يف‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع املعتا ِد على السلط ِة‬ ‫تسميتُها حبال ِة‬ ‫َ ِ‬ ‫ضروب‬ ‫بضرب من‬ ‫واملتآلف معها‪ .‬إنه أشبَ ُه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مبوجب تقالي ِد التأنيث‪،‬‬ ‫تكوين املرأةِ‬ ‫إعادةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫إذ‪ ،‬ال تتأك ُد السلطة من وجو ِدها قبل أ ْن تَتَ َحق َق‬ ‫تأنيث املرأة‪ .‬لقد‬ ‫غرار ِ‬ ‫ِمن إعدا ِد اجملتمع على ِ‬ ‫ُ‬ ‫تمَ​َ‬ ‫مظاهر العبودية‪،‬‬ ‫كأقدم‬ ‫ِ‬ ‫أ َس َسَت ظاهرة التأنيث ِ‬ ‫اجملتمع اجلنسوي‪ ،‬بع َد‬ ‫حصيلة بس ِط نفو ِذ‬ ‫ِ‬ ‫إحلاق الضرب ِة القاضية باملرأة ـ األم وعباداتِها‬ ‫ِ‬ ‫صراعات حمتدم ٍة ضاري ٍة وشامل ٍة‬ ‫مجعاء ِوف َق‬ ‫ٍ‬ ‫اجلبار‬ ‫الرجل القوي‬ ‫طويل ِة األمد على ي ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس َخ هذا النفو ُذ املهيم ُن جذورَه‬ ‫وحا ِشيَتِ ِه‪ .‬ولرمبا َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يف اجملتمع حتى قبل اكتما ِل تَط ُّو ِر احلضارة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ومتواصل لدرج ِة أ ّن ثقاف َة املرأةِ ‪-‬‬ ‫إنه كفا ٌح عتي ٌد‬ ‫األم قد محُ ِ يَت كلياً من الذاكرة‪ ،‬ومل تَعُد تَتَ َذ َّكر‬ ‫َت‬ ‫املرأةُ ما الذي َخ ِسرَتْ ُه وأين وكيف فَقَدَته‪ ،‬و َغد ْ‬ ‫تَعتَ رِ ُب األنوث َة اخلانع َة املنصاع َة أمراً طبيعياً‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫السبب بالذات‪ ،‬مل تُ َشر َع ْن أي ُة عبودي ٍة أو‬ ‫وهلذا‬ ‫ِ‬ ‫بقدر ما هي عليه عبودي ُة املرأة‪.‬‬ ‫تتجذر ِ‬ ‫التكوين تأثريان حياتيان على اجملتمع‪.‬‬ ‫وهلذا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع للعبودية‪ ،‬وثانيهما؛‬ ‫أولهُ​ُما؛ قابلية‬ ‫ِ‬ ‫ري كاف ِة أشكا ِل العبودي ِة األخرى تأسيساً‬ ‫تسي ُ‬ ‫جوهرهِ ميثل خاصي ٌة‬ ‫على ظاهرةِ التأنيث‪ .‬يف‬ ‫ِ‬ ‫املواقف والسلوكيات اليت‬ ‫اجتماعية‪ .‬فجمي ُع‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫بيل العبودية‪،‬‬ ‫برفض‬ ‫تُفي ُد ِ‬ ‫ِ‬ ‫أخالق احلرية‪ ،‬من ق ِ‬ ‫اخلنوع‪ ،‬حَ َ‬ ‫وهضم اإلهانة واالستحقار‪،‬‬ ‫ت ُّم ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البكاءِ‪ ،‬التعو ِد على الكذب والرياء‪ ،‬السماج ِة‬ ‫ِ‬ ‫وعرضها؛ مجيعُها‬ ‫وانعدام الطموح‪ ،‬ومنح الذات ِ‬ ‫ِ‬ ‫عتب ِمن مهن ِة األنوثة‪ ،‬وتُ َش ِّك ُل جبانبها هذا‬ ‫تُ رَُ‬ ‫األرضي َة االجتماعي َة املنحطة‪ ،‬والوس َط األصي َل‬ ‫للعبودية‪ .‬كما أنها تُ َع ُّد األرضي َة املؤسساتي َة‬ ‫ضروب العبودية‬ ‫اليت تتفعل عليها كاف ُة‬ ‫ِ‬ ‫والالأخالقية وأقد ُمها‪ .‬واجملتم ُع احلضاري‬ ‫ٌّ‬ ‫بانعكاس هذه األرضية على كاف ِة‬ ‫معين ومرتب ٌط‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع برمته‬ ‫فتأنيث‬ ‫الشرائح االجتماعية‪.‬‬ ‫لسري النظام القائم‪ِ .‬والسلطةُ‬ ‫ضرور ٌة حتمي ٌة ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫واحلال هذه‪ ،‬ال مال َذ‬ ‫تعادل الرجولة‪ ،‬إذن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تأنيث اجملتمع‪ .‬فالسلط ُة ال‬ ‫من ِ‬ ‫تعرتف مببدأِ‬ ‫احلري ِة واملساواة‪ ،‬وال ميكنها أ ْن تتواج َد يف حا ِل‬ ‫واجملتمع‬ ‫العكس‪ .‬بالتالي‪ ،‬فالتشاب ُه بني السلط ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫جوهري الطابع‪.‬‬ ‫اجلنسوي‬ ‫ً‬ ‫لرجل‬ ‫»‬ ‫كـ»غالم‬ ‫ا‬ ‫رمسي‬ ‫اليافعني‬ ‫الشباب‬ ‫ف َمنْ ُح‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫جمر ٍب عاد ٌة معروفة لدى اليونانيني‪،‬‬ ‫حكيم ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫مراحل احلضارة‪.‬‬ ‫وأعظم‬ ‫أهم‬ ‫د‬ ‫أح‬ ‫ُّون‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫الذين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫أسباب ذلك مدة طويلة‪.‬‬ ‫حتليل‬ ‫زت عن‬ ‫َج ُ‬ ‫لقد ع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والغاي ُة البارزةُ هنا ليست االنتفا َع الدائ َم‬ ‫الشباب َك ِغلمان‪ ،‬بل إعدا ُدهُم للتحلي‬ ‫ِمن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫باخلصائص األنثوية‪ .‬ولكي ن ِّ‬ ‫وض َح األمرَ أكثر‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فاحلضارةُ اليوناني ُ‬ ‫َ‬ ‫جمتمع مستأنث‪.‬‬ ‫يف‬ ‫ترغب‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتمع عربَ الشباب‬ ‫إذ ِمن احملا ِل تكوي ُن هذا‬ ‫ِ‬ ‫التصرفات‬ ‫يتطلب ترسي ُخ‬ ‫النبالء والشرفاء‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والسلوكيات األنثوي ِة فيهم كي يُنشأ اجملتمع‪.‬‬ ‫هذا ومث َة ٌ‬ ‫ميول مشابه ٌة لذلك يف كاف ِة اجملتمعات‬ ‫ضان اجتماعيان يف‬ ‫احلضارية‪ .‬والسلط َة َم َر ِ‬ ‫اجملتمع احلضاري‪ ،‬بل وهما كالسرطان‪ .‬فمثلما‬ ‫ِ‬ ‫ال يتواج ُد أحدُهما دو َن اآلخر‪ ،‬فهما يُكثِران‬ ‫َ‬ ‫بعضهما البعض أيضاً‪ ،‬متاماً مثلما تتكاث ُر اخلاليا‬ ‫السرطانية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أود الوصول إىل حمصل ٍة مفادُها أ ّن أرضية السلط ِة‬ ‫ُّ‬ ‫آلالف السنني‬ ‫قد تمَ​َّ إعدادُها بعناي ٍة فائق ٍة ممتدةٍ ِ‬ ‫غرار مثا ِل التأنيث يف اجملتمعات‬ ‫وعلى‬ ‫ِ‬ ‫احلضارية‪ .‬فالتقالي ُد احلضاري ُة تَن ُظ ُر إىل املرأة‬ ‫على أنها«حق ُل الرجل»‪ .‬ومث َة تقلي ٌد مشاب ٌه‬ ‫الرجل أ ْن‬ ‫جيري يف اجملتمع أيضاً‪ .‬إذ‪ ،‬على‬ ‫ِ‬

‫املراة‬

‫‪27‬‬

‫كانت املرأةُ َ‬ ‫أول ضحي ٍة طالَتها‬ ‫ُ‬ ‫فمتانة‬ ‫الرجل القوي‪.‬‬ ‫ي ُد‬ ‫ِ‬ ‫أواصرها مع احلياة َج َع َل‬ ‫ِ‬ ‫الذكاءَ العاطفي لدى املرأة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األولية‬ ‫املسؤولة‬ ‫أرقى‪ .‬إنها‬ ‫تكوين احليا ِة االجتماعية‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫باآلالم‬ ‫كدحها اجملبو ِل‬ ‫عَ‬ ‫رب ِ‬ ‫ِ‬ ‫واملخاضات كونها أُ​ُّم األطفال‪.‬‬ ‫در ُك معنى احلياة‪،‬‬ ‫وبقدر ما ُت ِ‬ ‫ِ‬ ‫فهي تَعلَُم جيداً كيف حُ َ‬ ‫تقِّ ُق‬ ‫ُ‬ ‫جامعة‬ ‫سريورتَها‪ .‬كما أنها‬ ‫الشمل‬ ‫مين َح نف َسه للسلط ِة ِمث َل املرأة‪ .‬أما املتمر ُد على‬ ‫ُ‬ ‫والرافض منح ذاته‪ ،‬فيت ُم‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫السعي إلعدا ِدهِ‬ ‫ُ‬ ‫طريق احلروب‪.‬‬ ‫وتهيئتِ ِه عن ِ‬ ‫حنو‬ ‫وعلى‬ ‫ـ‬ ‫مبقدورنا‬ ‫الشروح‪،‬‬ ‫ومبوجب هذه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أفضل ـ ُ‬ ‫إدراك معان َي ميتافيزيقي ِة احلياةِ اجلماعية‬ ‫املتمحورةِ َ‬ ‫حول املرأةِ األم‪ ،‬وما يَنُ ُّم عنها من‬ ‫قدسي ٍة وألوهية‪ .‬فمزايا املرأةِ املماثل ُة للطبيعة يف‬ ‫اإلجناب والتنشئ ِة والشفقة والرمحة‪ ،‬ومكانتُها‬ ‫ِ‬ ‫الرفيع ُة اجمليدة يف احلياة‪ ،‬جَتعلُها العنصرَ‬ ‫األولي للثقافتَني املادي ِة واملعنوية على السواء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أما الرجل‪َ ،‬‬ ‫فدعك من أ ْن يَ ُكو َن زوجاً هلا‪ ،‬بل‬ ‫َّ‬ ‫ال«ظل» لحِ ُ ك ِمه بع ْد على مجاعي ِة اجملتمع‪ ،‬ومن‬ ‫ُ‬ ‫احملال أ ْن يكون‪ .‬فنمط حياةِ اجملتمع ال يَس َم ُح‬ ‫ُ‬ ‫فأوصاف الرجل من قَبِيل‬ ‫بذلك إطالقاً‪ .‬بالتالي‪،‬‬ ‫وصاحب‬ ‫صاحب املُلْك‪،‬‬ ‫اجلنس احلاكم‪ ،‬الزوج‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اجتماعي حبت‪ ،‬وكانت‬ ‫بطابع‬ ‫ز‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الدولة‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫ستَتَ َط َّو ُر وتَ ُرب ُز فيما بعد‪ .‬فاجملتم ُع آنذاك كان‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫يعين املرأةَ األم‪ ،‬أطفالهَ ا‪ ،‬وأشقاءَها وشقيقاتِها‪.‬‬ ‫ومن احملتمل أ ّن الرج َل املُرَ َّش َح ليكو َن زوجاً كان‬ ‫مبهارات أخرى عدا الزوجية‪ ،‬مث َل‬ ‫يُبدي نف َعه‬ ‫ٍ‬ ‫حنو‬ ‫الصي ِد وتربي ِة احليوان والعناي ِة بالنبات على ٍ‬ ‫َح َسن؛ ليكو َن جديراً للقبو ِل به عضواً‪ .‬يف حني‬ ‫أب‬ ‫أ ّن حقوقَه أو مشاعرَه‬ ‫باإلحساس بأنه زو ٌج أو ٌ‬ ‫ِ‬ ‫مل تَ ُك قد نمَ​َت كظاهرةٍ اجتماعي ٍة بعد‪ .‬وعلينا‬ ‫أال نغف َل أبداً عن أ ّن األبوةَ واألموم َة مصطلحان‬ ‫وظاهرتان وإدراكان اجتماعيَّان باألساس‪ ،‬ولو‬ ‫أنهما ليسا خاليَني من األبعا ِد النفسية أيضاً‪.‬‬ ‫كثب أكثر‪،‬‬ ‫وإذا ما تمَ​َ َّعنَّا يف عبودي ِة املرأةِ عن ٍ‬ ‫والغالب‬ ‫فسيَلفِ ُت انتباهَنا جانبُها الساح ُق‬ ‫ُ‬ ‫فحبسها‬ ‫للغاية‪ ،‬والذي خُي ِر ُجها من إنسانيتِها‪ُ .‬‬ ‫أسر مكان ّي‪ ،‬بل وليس‬ ‫يف البيت ليس جمر َد ٍ‬ ‫االغتصاب‬ ‫بوضع‬ ‫بسجن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فحسب‪ .‬بل إنه يُفي ُد ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ترَّ‬ ‫من اجلذور‪ .‬فليَت َس وا على هذه احلقيق ِة الغائرةِ‬ ‫طريق تقالي ِد اخلطب ِة‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫األعماق قد َر ما شاءوا عن ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ليوم‬ ‫وإلبا ِسها َ‬ ‫ثياب العُرس‪ ،‬فممارسة عملية ٍ‬ ‫أجل‬ ‫واح ٍد فقط تَعين انتهاءَ كرام ِة‬ ‫ِ‬ ‫اإلنسان من ِ‬ ‫ِّ‬ ‫عر ُف نف َسه‪ .‬فسوءُ معامل ِة املرأةِ على‬ ‫أي ٍ‬ ‫امرئ يَ ِ‬ ‫رب‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫املنهجي‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫الدرج‬ ‫بهذه‬ ‫السنني‬ ‫آالف‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َم ِّر ِ‬ ‫العنف والشدة اجلمة‪ ،‬بل وحتى‬ ‫خمتلف‬ ‫وسائل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وسائل احلط والتدني األيديولوجي(مبا‬ ‫عربَ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فيها ألفاظ العشق)‪ ،‬لِتت َج َّر َد من القِيَ ِم اإلنتاجي ِة‬ ‫َب أبع َد‬ ‫والرتبوي ِة واإلداري ِة والتحررية؛ إمنا يَذه ُ‬ ‫بكثري يف نهاي ِة املآل‪ .‬أما إضاعتُها‬ ‫من‬ ‫االستسالم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هويتَها بالكامل‪ ،‬فتَتَ َج َّس ُد يف حَ َ‬ ‫ت ُّولهِ ا إىل حقيق ٍة‬ ‫مغايرةٍ كلياً‪ ،‬أي إىل«زوجة»‪ .‬فحتى أكثر الرجا ِل‬ ‫مساج ًة وسذاجة‪ ،‬مبا فيهم الراعي على ِ‬ ‫سفوح‬ ‫اجلبال‪ ،‬يَن ُظرون إىل املرأةِ بأنها جمر ُد زوجة‪،‬‬ ‫ال غري‪ .‬أما أ ْن تَكو َن زوجة‪ ،‬فيَعين نشوءَ ِّ‬ ‫حق‬ ‫التصرف بها بال حدود(مبا يف ذلك قَتلُها متى‬ ‫ِ‬ ‫أراد)‪ .‬فهي ليست جمر َد ُملْك‪ ،‬بل هي ُملْ ٌك‬ ‫خاص إىل أبع ِد َحد‪ ،‬خُ َ‬ ‫ي ِّول صاحبَه لِيَ ُكو َن‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عرف كيف‬ ‫إمرباطورا صغريا‪ .‬ويَكفِيه فقط أ ْن يَ ِ‬ ‫يَستَع ِمله‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقت‬ ‫علي اإلقرا ُر بأني ـ أنا أيضاً ـ أ ِص ُ‬ ‫بت يف ٍ‬ ‫َّ‬ ‫وأردت الفرارَ من‬ ‫ض احلداثة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫األوقات‬ ‫من‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بمِ ِ‬ ‫ِّ‬ ‫كل شيءٍ يف هذه األراضي‪ ،‬حتى من األم واألب‪.‬‬ ‫ولطاملا أَعترَ ِ ُف يف قرارةِ نفسي َّ‬ ‫بأن هذه كانت‬ ‫أفظ َع سفال ٍة لي يف احلياة‪ .‬ولكين ُ‬ ‫أدرك أيضاً أني‬ ‫مل أنقطع كلياً عن مالحظ ِة برادواي‪ .‬فباعتباري‬ ‫كنت أنظ ُر إىل‬ ‫اب ُن تلك اجلبال وحوافِّها‪ ،‬فقد ُ‬ ‫ذراها الشاهق ِة على أنها ُ‬ ‫عرش اآلهلة واإلهلات‬ ‫حبجار اجلنة الوفرية‪،‬‬ ‫اليت َر َصفَت َحوافَّها‬ ‫ِ‬ ‫رت‬ ‫فأتشو ُق للتجوال فيها على الدوام‪ .‬وقد اشتُ ِه ُ‬ ‫بلقب«جمنون اجلبال»‪ ،‬ألعلَمَ‬ ‫منذ نعوم ِة أظافري ِ‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪28‬‬

‫الحقاً َّ‬ ‫أن هذه احلياةَ عائد ٌة باألرجح إىل اإلل ِه‬ ‫ديونيسوس ‪ ،Dionysos‬الذي يُقال أنه كان‬ ‫يتجول فيها برفق ِة جمموع ِة الفنانات احلرات‬ ‫املُ َس َّميات بـ باكها ‪ ،Bakha‬واللواتي ُك َّن‬ ‫يلتَفِف َن حوله أماماً وخلْفاً‪ ،‬ليَط َربوا ويلهوا‪،‬‬ ‫أحببت هذه‬ ‫وكنت قد‬ ‫ُ‬ ‫ويأكلوا ويشربوا َس ِويَّ ًة‪ُ .‬‬ ‫كنت‬ ‫كنت يف القرية‪ُ ،‬‬ ‫احلياةَ اإلهلية‪ .‬عندما ُ‬ ‫مهووساً بالل ِع ِب املشرتَ ِك مع الفتيات‪ ،‬عوضاً‬ ‫عن لُعب ِة العروس والغ ّميضة؛ وإ ْن كان ذلك ال‬ ‫وكنت مقتنعاً‬ ‫يتناغم‬ ‫والواجبات الديني َة كثرياً‪ُ .‬‬ ‫ِ‬ ‫بأ ْن يَ ُكون األم ُر هكذا بطبيع ِة احلال‪ .‬هذا ولمَْ‬ ‫أست ِس ْغ أو أُبْ ِد َّ‬ ‫تسامح البتة جتاه الثقاف ِة‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫وح ْجبِها يف البيت‪ ،‬ومل‬ ‫املهيمن ِة بِ َس ِرت املرأة َ‬ ‫َ‬ ‫الر ِّد‬ ‫آبَه بالقانون الذي مَ َّ‬ ‫سو ُه الشرف‪ .‬وال أبرَ ُح بِ َّ‬ ‫النقاش احلر الالحمدو ِد مع املرأة‪،‬‬ ‫بـ نعم إزاءَ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫املقدسات األخرى‬ ‫واللعب معها‪ ،‬ومشاطرتِها كل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فإن جوابي هو ال ُ‬ ‫يف احلياة‪ .‬وباملقابل‪َّ ،‬‬ ‫وألف‬ ‫والتبعيات العبودي ِة املتبادَل ِة‬ ‫ال إزاءَ العالقات‬ ‫ِ‬ ‫الفائح ِة برائح ِة املُل ِكيَّة‪ ،‬واملرتكزةِ إىل القوة‪ ،‬أياً‬ ‫مسها‪ ،‬وأياً كانت ذريعتُها‪.‬‬ ‫كان ا ُ‬ ‫ً‬ ‫جمموعات‬ ‫إىل‬ ‫حتياتي‬ ‫ل‬ ‫إلرسا‬ ‫ا‬ ‫دوم‬ ‫دت‬ ‫لقد َج ِه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بإهلام اإلهلة‬ ‫النساءِ احلرة على ذرى تلك اجلبال ِ‬ ‫األنثى‪ ،‬إلضفاءِ«املعاني النفيس ِة» عليها‪ .‬ولطاملا‬ ‫خَي ُط ُر ببالي غيظي وحنقيت‪ ،‬اليت لمَْ أُب ِدها جتاهَ‬ ‫ِّ‬ ‫الرجل والعائل ِة‬ ‫بقدر ما أبديتُها إزاءَ‬ ‫أي َحد ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َث ِ‬ ‫أصحاب‬ ‫واهلرمية والدول ِة ـ الذين يزعمون أنهم‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫املرأة ومالكوها ـ كلما تَرامى لِ َسمعي نبأ يقول‬ ‫َّ‬ ‫مكتظ ٍة‬ ‫بأنَّ«حادثاً وَقَ َع لشاحن ٍة(أو َج َّر ٍار)‬ ‫جنوب‬ ‫مبجموع ٍة نسائي ٍة يف املنطق ِة الفالنية من‬ ‫ِ‬ ‫البالد(مناطق مشالي كردستان)‪ ،‬فَلَقَ َ‬ ‫ني‬ ‫شرقي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُن َّ‬ ‫َحتفَه َّ‬ ‫العمل باألجرة يف‬ ‫ذاهبات إىل‬ ‫وهن‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫احلقول»‪ .‬فكيف حص َل مَ‬ ‫ول َّ‬ ‫نسل اإلهلة‬ ‫يتبق من ِ‬ ‫املروع؟ مَل يقب ْل قليب‬ ‫األنثى إال هذا االحنطا ُط ِّ‬ ‫وروحي بهذا االحنطا ِط إطالقاً‪ ،‬متاماً مثلما مل‬ ‫يَستَ ِسغه عقلي‪ .‬فبالنسبة لي؛ إما أ ْن تَ ُكو َن املرأةُ‬ ‫داخ َل ُقد ِسيَّ ِة اإلهلة‪ ،‬أو أال تَ ُكو َن أبداً‪ .‬ولطاملا‬ ‫أُفَ ِّك ُر بِ ِص َّح ِة املقولة القائل ِة َّ‬ ‫بأن «مستوى حياةِ‬ ‫أولي يف معرف ِة ذاك‬ ‫النساء يف‬ ‫جمتمع ما معيا ٌر ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫استخدمت عبارة« ِمن بقايا‬ ‫كنت قد‬ ‫ُ‬ ‫اجملتمع»‪ُ .‬‬ ‫صف أمي‪،‬‬ ‫ثقاف ِة اإلهل ِة األم» النيوليتي ِة يف وَ ِ‬ ‫حيث كانت بَدين ًة مثلهن‪ .‬إال َّ‬ ‫أن إنشاءَ احلداث ِة‬ ‫لنم ِط األم االصطناعي ِة املزيَّف ِة أَعا َق رؤييت للقُد ِسيَّ ِة‬ ‫املوجودةِ يف أمي‪ .‬ورغمَ معاناتي آالماً‬ ‫وخماضات‬ ‫ٍ‬ ‫أبك جدياً على ِّ‬ ‫أي‬ ‫كربى يف حياتي‪ ،‬لكين مَل ِ‬ ‫قوالب احلداثة‬ ‫حادث‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبعدما َح َّط ُ‬ ‫مت َ‬ ‫و َك َسرتُها‪ ،‬لطاملا أستذك ُر أمي‪ ،‬وبالتالي مجي َع‬ ‫األوسط)‪،‬‬ ‫املنطقة(الشرق‬ ‫أمهات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫النظام‬ ‫وانطالقاً من طبيع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫مناقض‬ ‫القائم‪ ،‬مثة وض ٌع‬ ‫تنامى حلدو ٍد ال ُتطاق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫احلظي بأوال ٍد ُك ُثر‬ ‫فالرغبة يف‬ ‫ـ وباألخص الذكو ُر منهم ـ‬ ‫باعتبارها ضمنياً من تقالي ِد‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع األبوي‪ ،‬قد أَسقَ َطت‬ ‫ِ‬ ‫الطبقات السفلى إىل‬ ‫النساءَ من‬ ‫ِ‬ ‫إلجناب األطفال‪،‬‬ ‫مستوى آل ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫التقنيات‬ ‫ظهور‬ ‫ِ‬ ‫وخاصة مع ِ‬ ‫الصحي ِة األخرية‬

‫ستغر ٌق‬ ‫بِقَ ٍ‬ ‫لب ُمتَلٍَّو وبِ َغ َّص ٍة‪ ،‬فتُد ِمع عيناي وأنا ُم ِ‬ ‫ُ‬ ‫يف التأمل‪ .‬ولطاملا أتأمل معنى وطعمَ املاء الذي‬ ‫الثقيل بعدما‬ ‫الدلِْو النُّحا ِس ِّي‬ ‫ُ‬ ‫كنت أَتجَ َ َّرعُه من َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫منتصف الدرب تَئِ ُّن‬ ‫يف‬ ‫وهي‬ ‫أمي‬ ‫ق‬ ‫طري‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫أعترَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫حتت وطأةِ ثِقَلِ ِه‪ ،‬خَ‬ ‫ويط ُر ببالي كذكرى مُميَّ َزةٍ‬ ‫ُ‬ ‫النظر يف‬ ‫تَعتَ ِصر قليب أملاً‪ .‬أوصي اجلمي َع بإعادةِ ِ‬ ‫من ِط عالقاتهم مع الوالدين‪ ،‬بع َد أ ْن يدكوا دعائمَ‬ ‫القوالب الذهنية للحداثة‪ ،‬وأمتنى أن‬ ‫كاف ِة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫شتى«عالقات‬ ‫يعكسوا وجهة النظر هذه على‬ ‫ِ‬ ‫القرية» املتبقي ِة ِمن العهد النيولييت‪ .‬إذ ـ ودون‬ ‫ِّ‬ ‫أي شك ـ يَكمن الظف ُر األعظ ُم للحداثة يف جناحها‬ ‫بهدم وجه ِة نظرنا الثقافي ِة املُنشأةِ طيل َة مخس َة‬ ‫ِ‬ ‫عام‪ ،‬وإسقا ِطها إىل مستوى العدم‪ .‬ومن‬ ‫ألف‬ ‫عشر‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫انبعاث‬ ‫املستوعَب متاما استحالة‬ ‫التشبث بنظرةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أصيل ٍة حرة‪ ،‬وا َ‬ ‫هل َو ِس مبقاوم ٍة باسلة‪ ،‬وال َولَ ِع‬ ‫وجمتمعات‬ ‫مشرف ٍة من أحشاءِ أفرا ٍد‬ ‫حبياةٍ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫متبعثرةٍ ومهدوم ٍة ومعدومة هلذه الدرجة‪.‬‬

‫كانت املرأةُ َ‬ ‫الرجل القوي‪.‬‬ ‫أول ضحي ٍة طالَتها ي ُد‬ ‫ِ‬ ‫أواصرها مع احلياة َج َع َل الذكاءَ العاطفي‬ ‫فمتان ُة ِ‬ ‫تكوين‬ ‫لدى املرأة أرقى‪ .‬إنها املسؤول ُة األولي ُة عن ِ‬ ‫باآلالم‬ ‫كدحها اجملبو ِل‬ ‫احلياةِ االجتماعية عربَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫در ُك‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫وبقدر‬ ‫األطفال‪.‬‬ ‫واملخاضات كونها أُ​ُّم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫معنى احلياة‪ ،‬فهي تَعلَُم جيداً كيف تحُ َ قِّ ُق‬ ‫سريورتَها‪ .‬كما أنها جامع ُة الشمل‪ .‬وخاصيتُها‬ ‫هذه حمصل ُة ذكائها العاطفي من جهة‪ ،‬وضرور ٌة‬ ‫تَ َعلَّ َمتها من الطبيع ِة من جهة أخرى‪ .‬ويتبني من‬ ‫املعطيات األنثروبولوجية أ ّن الزخمَ االجتماعي قد‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تحَ َ قَّ َق وتَرَاكمَ حول املرأةِ ـ األم طيلة حقب ٍة طويل ٍة‬ ‫من التاريخ‪ ،‬وأ ّن املرأةَ ـ األم لعبَت دوراً أقرب ما‬ ‫يَ ُكون إىل نواةِ الغنى والقِيَم النبيلة‪ .‬وميكن اجلز ُم‬ ‫بكونها ُّأم القِيَ ِم الزائدة أيضاً‪ .‬من هنا‪ ،‬فَ َج َش ُع‬ ‫األساسي‬ ‫الذكر القوي ـ الذي ُح ِّد َد دو ُره‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫الرجل ِ‬ ‫بالصيد ـ بهذا الزخم‪ ،‬وطمعُه فيه أم ٌر مفهوم‪.‬‬ ‫الفرص الساحن ُة يف‬ ‫ولدى بس ِط حاكميته‪ ،‬تَغدو ُ‬ ‫ُ‬ ‫االنتقال إىل مرحل ٍة تصب ُح فيها املرأةُ‬ ‫قبضته‪ .‬ويتم‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أب األطفال‪ ،‬بل‬ ‫موضوعاً جنسيا‪ ،‬ويغدو الرجل َ‬ ‫والسي َد احلاكم‪ ،‬وميتلك َّ‬ ‫باملدخرات‬ ‫التصرف‬ ‫حق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الثقافي ِة املادية واملعنوية واستمالكها‪ .‬إنه أم ٌر‬ ‫مث ٌري للمطامع حقاً‪ .‬فقوةُ التنظيم اليت اكتسبها‬ ‫يف ِحرف ِة الصيد قد ساعدَته على بس ِط نفوذه‪،‬‬ ‫مثل‬ ‫وتأسيس أو ِل هرمي ٍة اجتماعية‪ .‬ومن خال ِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫هذه الظواهر واملستجدات الوقائعية‪ ،‬ميكننا‬ ‫ُ‬ ‫استخدام الذكاء التحليلي‬ ‫استشفاف كيفي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ممنهج داخ َل‬ ‫وبشكل‬ ‫ألغراض رذيل ٍة ألو ِل مرة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫البني ِة االجتماعية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فاالنتقال من عبادةِ املرأة املقدسة إىل عبادةِ األب‪،‬‬ ‫رع القداسة‪ .‬ميكن‬ ‫يُؤَ ِّم ُن تسلي َح‬ ‫الذكاءِ التصوري بِ ِد ِ‬ ‫ُّ‬ ‫تجَ َ‬ ‫النظام األبوي البطرياركي على‬ ‫مزاعم ذ ِر ِ‬ ‫طر ُح ِ‬ ‫هذه الشاكل ِة كفرضي ٍة قوي ِة االحتمال‪ .‬بل وميكننا‬ ‫على الصعيد التارخيي‪ ،‬وعربَ الرباهني القوية‪،‬‬ ‫انبثاق الذهني ِة الذكورية األبوية ِّ‬ ‫بكل‬ ‫إثبات‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حوض دجلة والفرات‪.‬‬ ‫أبَّ َهتِها و َعظ َمتِها يف ِ‬ ‫تَ ُرب ُز القضايا االجتماعي ُة بأبعا ٍد جدي ٍة يف‬ ‫اجلماعات األبوية املعبودة باطرا ٍد تصاعدي‬ ‫ِ‬ ‫الرجل الذكر القوي‪ .‬لك ّن هذه‬ ‫حول‬ ‫بالتمحور‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫البداي َة يف عبودي ِة املرأة تُ َهيِّ ُئ األرضية لعبودي ِة‬ ‫األطفال بداي ًة‪ ،‬ومن ثَ ّم لعبودي ِة الرجل‪ .‬هكذا‪،‬‬ ‫جتارب‬ ‫وبقدر ما يَكتَ ِس ُب الرج ُل واملرأةُ العبدَان‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ادخار القِيَم‪ ،‬وعلى رأسها فائض اإلنتاج‪ ،‬فهما‬ ‫ِ‬ ‫بنفس القدر حتت نِري التحكم والتسلط‪.‬‬ ‫ندرجان‬ ‫يَ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ويَط من مكان ِة قدسي ِة املرأةِ وألوهيتها‪ ،‬ويُع َمل‬ ‫حُ‬ ‫بأفظع األشكال‪ ،‬يُنقَ ُش يف األذهان‬ ‫ها‬ ‫حمو‬ ‫على‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫باملقابل أ ّن الرج َل احلاكمَ هو‬ ‫ُ‬ ‫صاحب القوةِ‬ ‫املطلقة‪ .‬ويتحول ُّ‬ ‫عالقات احلاكم‬ ‫كل شيءٍ إىل‬ ‫ِ‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫طريق‬ ‫ـ احملكوم‪ ،‬اخلالق ـ املخلوق‪ ،‬وذلك عن ِ‬ ‫املالحم امليثولوجية املبهرة‪.‬‬ ‫شبك ِة ً ِ‬ ‫النظام القائم‪ ،‬مثة وض ٌع‬ ‫وانطالقا من طبيع ِة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مناقض تنامى حلدو ٍد ال تطاق‪ .‬فالرغبة يف‬ ‫ِ‬ ‫احلظي بأوال ٍد ُكثُر ـ وباألخص الذكو ُر منهم ـ‬ ‫اجملتمع األبوي‪ ،‬قد‬ ‫باعتبارها ضمنياً من تقالي ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطبقات السفلى إىل مستوى‬ ‫أَسقَ َطت النساءَ من‬ ‫ِ‬ ‫التقنيات‬ ‫ظهور‬ ‫آل ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلجناب األطفال‪ ،‬وخاص ًة مع ِ‬ ‫الصحي ِة األخرية‪ .‬وهكذا‪ ،‬ي َ‬ ‫ُوض ُع موضو ُع تربي ِة‬ ‫األطفا ِل ِّ‬ ‫بكل ِعبئِه‬ ‫كاهل الفقراءِ‬ ‫الثقيل على ِ‬ ‫ِ‬ ‫توفري األيدي العامل ِة الشاب ِة‬ ‫لتلبي ِة احلاج ِة يف ِ‬ ‫من جهة‪ ،‬و َ‬ ‫لق عائل ٍة مائع ٍة ال ميكن النفاذُ‬ ‫خل ِ‬ ‫سكاني ال‬ ‫منها من اجله ِة األخرى‪ .‬وتضخ ٌم‬ ‫ٌّ‬ ‫يُطاق وال جدوى منه‪ ،‬بطال ٌة ال نظريَ هلا يف أي ِة‬ ‫مراحل التاريخ‪ ،‬وأزم ٌة بيئوي ٌة فريد ٌة‬ ‫مرحل ٍة من‬ ‫ِ‬ ‫من نوعها؛ لِيَ ِصريَ اإلنسا ُن يف وضع ال يُطيقُ‬ ‫ٍ‬ ‫حَ َ‬ ‫ت ُّم َل عبئِه إطالقاً‪.‬‬ ‫اجلماعات دائماً ضمن أذهانِها‬ ‫بثَت‬ ‫ُ‬ ‫لقد حَ َ‬ ‫باملقدور‬ ‫عن املوا ِد اليت تليب حاجتَها املادية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بدايات‬ ‫واالضطراب منذ‬ ‫التوتر‬ ‫بروز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مالحظ ُة ِ‬ ‫واحرتاف‬ ‫مجع املرأةِ للثمار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمعي ِة فيما بني ِ‬ ‫الرجل ـ باألغلب ـ ملمارس ِة الصيد‪ ،‬وتنامي‬ ‫ِ‬ ‫التدرجيي الثقايفِّ يف اجتاهَني خمتلفَني‬ ‫التطور‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫اجلانب يف‬ ‫األحادي‬ ‫ر‬ ‫التطو‬ ‫هذا‬ ‫أما‬ ‫بينهما‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫«الرجل األسد»‬ ‫بروز ثقاف ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِكلَيهما‪ ،‬قد أدى إىل ِ‬ ‫يف أح ِد ِهما‪ ،‬و»املرأةِ البقرةِ» يف الثاني‪ ،‬وتَ َزايُ ِدها‬ ‫رويداً رويداً‪ .‬وهكذا تُ َ‬ ‫املفاهيم‬ ‫نات أُوىل‬ ‫وض ُع لَبَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫االقتصادي ِة املتباينة‪ .‬تَبلُ ُغ ثقاف ُة املرأةِ ذروتَها‬ ‫وباألخص أنها َم َّهدَت‬ ‫العصر النيولييت‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لتصور حياةٍ أشبَ ُه ما تَ ُكو ُن باجلنة‪ِ ،‬من‬ ‫السبي َل‬ ‫ِ‬ ‫واحليوان‬ ‫النبات‬ ‫أنواع‬ ‫خال ِل الغنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الوفري من ِ‬ ‫ِّ‬ ‫على(حواف) سلسل ِة جبا ِل زاغروس ـ طوروس‪.‬‬ ‫مكن إرجا ُع االقتصا ِد من حيث املضمون‪ ،‬ال‬ ‫احلاصل‬ ‫االدخار‬ ‫االصطالح‪ ،‬إىل هذا النم ِط من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـ رمبا ـ ألو ِل مرة‪ .‬فمثلما هو معلو ٌم‪ ،‬فإ ّن مفردةَ‬ ‫أكو ـ نوموس ‪eko‬ـ‪ nomos‬تَعين يف‬ ‫اليونانية قانو َن العائلة‪ ،‬أو قانو َن املنزل‪ .‬فقد‬ ‫العوائل الزراعي ِة األوىل‬ ‫ظهرَ االقتصا ُد مع نشوءِ‬ ‫ِ‬ ‫املستقرةِ بالتمحور َ‬ ‫حول املرأة‪ ،‬واالحتفا ِظ ـ ولو‬ ‫ِ‬ ‫بنطاق ِج ِّد حمدو ٍد ـ بال ِغالل‪ ،‬ويف مقدمتِها تلك‬ ‫ٍ‬ ‫املنيع ُ‬ ‫املقاوم ُة للتَّلَف‪ ،‬باإلضاف ِة إىل إمكاني ِة‬ ‫ة‬ ‫ِ‬ ‫التخزين يف املستودعات‪ .‬لك ّن هذا االدخارَ ليس‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ألجل العائلة‪ .‬يبدو‬ ‫بل‬ ‫السوق‪،‬‬ ‫أو‬ ‫ار‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫ألجل‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واحلقيقي‬ ‫الطابع‬ ‫اإلنساني‬ ‫د‬ ‫االقتصا‬ ‫هو‬ ‫هذا‬ ‫أ ّن‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫اجلوهر‪ .‬فقد تمَ​َّ تاليف أ ْن يَ ِصريَ االدخا ُر عا ِم َل‬ ‫بالطمع واجلشع‪ ،‬وذلك عرب ثقاف ِة‬ ‫خطر يهد ُد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مجيع األرجاء‪ .‬ويبدو‬ ‫يف‬ ‫ة‬ ‫املنتشر‬ ‫واهلدايا‬ ‫العطايا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫املراة‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫بالنهب والسلب‪ ،‬بل‬ ‫أ ّن مبدأَ«املال يُ َعلُِّم الطمع» يتأتى من تلك احلقبة‪ِ .‬خلس ًة كاللص‪ .‬مَل يَكتَ ِف‬ ‫ِ‬ ‫إ ّن ثقاف َة العطايا ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫هام‪ ،‬ويتواء ُم واألنكى من ذلك أنه َح َّو َل َخلِيَّ َة العائل ِة املقدس ِة‬ ‫شكل‬ ‫اقتصادي ٌّ‬ ‫إىل‬ ‫اإلنسان ألقصى احلدود‪.‬‬ ‫مع نَ َس ِق تَ َط ُّو ِر‬ ‫موقع األربعني حرامي‪ ،‬بإبقائه على املرأةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دَ‬ ‫َخ َل«الرج ُل ُّ‬ ‫الدائم هلا‪ .‬ومل يَتَ َخ َّل‬ ‫القوي املاك ُر» َ‬ ‫بيت املرأةِ واقتصادَها تَئِ ُّن حتت نِ ِ‬ ‫ري اغتصابِه ِ‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪30‬‬

‫املراة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫دَ‬ ‫َخ َل «الرج ُل ُّ‬ ‫القوي املاك ُر»‬ ‫بيت املرأ ِة واقتصادَها ِخ ً‬ ‫َ‬ ‫لسة‬ ‫بالنهب‬ ‫كاللص‪ .‬مَل يَكتَ ِف‬ ‫ِ‬ ‫والسلب‪ ،‬بل واألنكى من ذلك‬ ‫أنه َح َّو َل َخلِيَّ َة العائل ِة املقدس ِة‬ ‫موقع األربعني حرامي‪،‬‬ ‫إىل ِ‬ ‫بإبقائه على املرأ ِة تَ ِئ ُّن حتت‬ ‫الدائم هلا‪ .‬ومل‬ ‫ري‬ ‫ِ‬ ‫ِن ِ‬ ‫اغتصابه ِ‬ ‫يَتَ َخ َّل قَط عن حال ِته النفسي ِة‬ ‫خائن يَ ِعي ماذا‬ ‫املطابق ِة حلال ِة ٍ‬ ‫يفعل‬

‫خائن يَ ِعي‬ ‫قَط عن حالتِه النفسي ِة املطابق ِة حلال ِة ٍ‬ ‫ُ‬ ‫رأس‬ ‫بذور تَرا ُك ِم ِ‬ ‫ماذا يفعل‪ .‬وهكذا ُغ ِر َست أوىل ِ‬ ‫املا ِل يف ه َذين املكانَني‪ :‬هُ‬ ‫أولما؛ احتاللُه بالذات‬ ‫َ‬ ‫وار اقتصا ِد املنزل‪ .‬ثانيهما؛ التموق ُع داخل أو‬ ‫جِ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫شكل‬ ‫على‬ ‫حرامي‬ ‫األربعني‬ ‫متركز‬ ‫مواقع‬ ‫جوار‬ ‫ِ‬ ‫يف ِ ِ ِ‬ ‫االحتكار الرمسي الشرعي‬ ‫خاص جتاهَ‬ ‫احتكار ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫والدالئل‬ ‫بالرباهني‬ ‫املعطيات التارخيي َة تمَُدُّنا‬ ‫أ ّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املشريةِ إىل أ ّن اجملتم َع السومري ش ِه َد يف بداياتِه‬ ‫مرحل ًة ميكننا تسميتُها بالدميقراطي ِة البدائية‪.‬‬ ‫العجائز مَل يتحول بعد إىل نظام‬ ‫الشيوخ‬ ‫فمجلس‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجلداالت املتصاعدةُ حديثٍاً‬ ‫أبوي بطرياركي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ضروب‬ ‫ضرب من‬ ‫واحليوي ُة للغاية تش ُ‬ ‫ِ‬ ‫ري إىل ٍ‬ ‫الدميقراطية‪ .‬مَ‬ ‫املصطلحات‬ ‫ول تتشك ْل بعد أنوا ُع‬ ‫ِ‬

‫أوامر اإلله وتعالي ِمه(هي يف احلقيقة‬ ‫من قَبِ ِ‬ ‫يل ِ‬ ‫مبدأُ‬ ‫النظام العسكري االستبدادي األحادي‬ ‫ِ‬ ‫والنابع من النم ِط املُقَنَّ ِع الذي اختذه‬ ‫اجلانب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الرج ُل القوي املاك ُر و َع ِمل به)‪ .‬وباألصل‪ ،‬فطرا ُز‬ ‫ٌّ‬ ‫حيوي للغاية‪،‬‬ ‫احملادثات يف حملم ِة إينانا‬ ‫ِ‬ ‫ظلم‬ ‫من‬ ‫ُه‬ ‫د‬ ‫سو‬ ‫ي‬ ‫وما‬ ‫اجملتمع‪،‬‬ ‫يف‬ ‫جيري‬ ‫ويسر ُد ما‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وتَ َع ُّسف‪ ،‬وما حَي ُّ‬ ‫وأطفالا‬ ‫ُل باملرأةِ ومدخراتِها‬ ‫هِ‬ ‫ً‬ ‫من فواج َع ونكبات‪ .‬ولو كانت الوثائ ُق كثرية‪،‬‬ ‫ري‬ ‫لَكان‬ ‫قوي يش ُ‬ ‫بامليسور رؤي ُة ومالحظ ُة احتما ٍل ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫إىل وجو ِد مرحل ٍة انتقالي ٍة دميقراطي ٍة تتخطى‬ ‫مبسافات شاسع ٍة دميقراطي َة أثينا(دميقراطية‬ ‫ٍ‬ ‫الطبقة العبودية)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫اجملتمع‬ ‫ون االنتقا ِل إىل‬ ‫باملقدور اجلز ُم نظريا بِك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والتشابك مع‬ ‫بالتداخل‬ ‫احلضاري قد جرى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فاجلداالت‬ ‫اجملتمع الدميقراطي‪.‬‬ ‫االنتقا ِل إىل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬

‫للشيوخ‬ ‫جملس‬ ‫احملتدم ُة الصارم ُة الدائرةُ يف أو ِل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أقدام‬ ‫العجائز‪ ،‬ليست سوى أصدا ٌء‬ ‫ِ‬ ‫ألصوات ِ‬ ‫اجملتمعات‬ ‫مجيع‬ ‫ِ‬ ‫اجملتمع الدميقراطي‪ .‬ويف َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫املارةِ بهذه املرحلة‪ ،‬نشاه ُد مثل هذه الثنائية‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫واجملتمع احلضاري‪.‬‬ ‫اجملتمع الدميقراطي‬ ‫ثنائي ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومفهوم أكثر‪ :‬هي ثنائي ُة الدول ِة‬ ‫ملموس‬ ‫وبشكل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫والدميقراطية‪ .‬أي‪ ،‬مث َةٍ قضي ُة الدميقراطي ِة يف ِّ‬ ‫كل‬ ‫مكان تتواج ُد فيه الدولة‪ ،‬ومث َة خماط ُر التدو ِل‬ ‫ٍ‬ ‫يف ِّ‬ ‫كل ساح ٍة تتواج ُد فيها الدميقراطية‪ .‬وكيفما‬ ‫أ ّن الدميقراطي َة ليست شكالً للدولة‪ ،‬فمن اخلطأِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫القول‬ ‫مبصطلح الدول ِة الدميقراطية‪ .‬ينبغي االنتباهَ‬ ‫بدق ٍة بالغ ٍة ملاهي ِة العالق ِة الكائن ِة بينهما‪.‬‬ ‫إنهن ال يعرفن مصطلح«الناموس»‪ ،‬وغري‬ ‫قادرات على تعريفه‪ ،‬الناموس تأتي من«‪Eko‬ـ‬ ‫‪ »nomos‬وهي تعين«قانون البيت» أو «العمل‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫الذي تقوم به املرأة»‪،‬أعمال البيت‪ ،‬مبعنى‬ ‫األعمال اليت ختص املرأة‪Ekonkmos« ،‬‬ ‫ـ‪ »Ekonomi‬من عمل املرأة وتعتمد على‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬و الـ»‪ »Ekonomist‬هو الذي يقوم‬ ‫بهذه األعمال‪ ،‬النساء الـ«‪.»Ekonomist‬‬ ‫هناك مصطلح«الناموس» جيري تفسريه بشكل‬ ‫خاطئ‪ ،‬ففي السابق كنت قد قلت بالتحول‬ ‫إىل آهلة‪ ،‬وهذه تعين معرفتها لذاتها‪ ،‬فمعرفة‬ ‫الذات متر عرب استيعاب احلكمة واملهارة‪،‬‬ ‫فعلى النساء أن يعرفن التاريخ أوالً‪ ،‬وليتعلمن‬ ‫تارخيهن‪ ،‬وليعرفن تاريخ النيوليتية‪ ،‬وليعرفن‬ ‫علم االجتماع واالقتصاد والفلسفة‪ ،‬وبذلك يعرفن‬ ‫ذاتهن‪ ،‬فبمدى ما تعرفن ذاتكن تتحولن إىل‬ ‫آهلة‪ ،‬إن التحول إىل«إينانا» و «عشتار» مير عرب‬ ‫الفهم واالستيعاب‪ .‬وبذلك ميكنهن جتاوز القمع‬ ‫االجتماعي والنظام القمعي‪ ،‬إنهن يتعرض يومياً‬ ‫لثقافة االعتداء‪ ،‬فقبل كل شيء عليكن جتاوز‬ ‫ثقافة االعتداء اليومي‪ ،‬فحتى إن كننت قادرات‬ ‫على ختطي ثقافة االعتداء اليومي سأصفق لكن‪.‬‬ ‫هذه القضايا ميكن البحث فيها واستيعابها بعمق‬ ‫باألنشطة األكادميية‪ .‬وهلذا طالبت بـ«أكادميية‬ ‫املرأة احلرة»‪ ،‬فهن سيقمن هنا بأنشطتهن‬ ‫األكادميية‪ ،‬ويف نفس الوقت يقمن بفتح أماكن‬ ‫املأكوالت وباألعمال االقتصادية ويساهمن يف‬ ‫اإلنتاج‪ .‬ويقمن باألعمال اخلاصة باملرأة‪ .‬كانت‬ ‫تأتي إىل جانيب أعتى فتياتنا‪ ،‬ويقلن‪ :‬حنن‬ ‫سنتحرر‪ .‬ولكن عيون أغلبهن كانت تتالعب‪،‬‬ ‫وكان يأتي الشباب وعيونهم تتالعب أيضاً‪،‬‬ ‫وما سأقوله هو‪ :‬أن يقمن بإغماض عيونهم اليت‬ ‫تنظر هكذا وليُع َموهم‪ ،‬وبدالً من ذلك يفتحوا‬ ‫عيون أذهانهم وعقوهلم‪ ،‬ولينظروا بتلك العني‪،‬‬ ‫وعندها فقط ميكنهم التقدم على طريق احلرية‪،‬‬ ‫وأنا سأطرد املرأة اليت تظهر أمامي دون القيام‬ ‫بذلك‪ .‬فهاهي«لطيفة خامن» ختلت عن مصطفى‬ ‫كمال‪ ،‬ملاذا فعلت ذلك؟‪ ،‬ففي احلقيقة كان‬ ‫مصطفى كمال إنساناً مؤدباً بشأن املرأة‪ ،‬فمن‬ ‫كانت«لطيفة خامن»‪ ،‬ومن كانت«إزمري»؟ جيب‬ ‫رؤية هذه األمور جيداً‪ ،‬وأنا أيضاً مررت بتجربة‬ ‫زواج‪ ،‬وأعلم هذا األمر‪ ،‬واملغدور يف هذا األمر‬ ‫هو مصطفى كمال‪ .‬كنت قد عربت يف مرافعاتي‬ ‫جبملة جوهرية عن عالقة املرأة والرجل‪،‬‬ ‫فقلت«الرجل املاكر الفظ»‪ ،‬وقد تأسس النظام‬ ‫على هذا األمر‪ ،‬أنتم ال تقرأون وال تفهمون مبا‬ ‫فيه الكفاية‪ ،‬فها هو مثال أمرييكا يعرب عن هذا‬ ‫األمر‪ ،‬حتدث«هيغل» عن عالقة السيد ـ العبد‪،‬‬ ‫وأسس نظامه انطالقاً من هذين املصطلحني‪،‬‬ ‫بينما أنا أسست نظامي عل حتليل مجلة«الرجل‬

‫املراة‬

‫‪31‬‬

‫املاكر الفظ ـ القوي»‪ ،‬وهنا يكمن التوازي بيين‬ ‫وبني«هيغل» بدالً من التشابه‪ ،‬وهما ليسا نفس‬ ‫الشيء‪ .‬فـ«هيغل» ينطلق من مصطلح الرجل‬ ‫العقل والسلطة بينما أنا أنطلق من حتليل عالقة‬ ‫املرأة والرجل‪ ،‬من»‪.Dimos‬‬ ‫فأنا أتناول املرأة كـ»عبد» يف احلضارة‪ ،‬وأقيّم على‬ ‫النحو التالي‪«:‬الرجل القوي املاكر» منا وتضخم‬ ‫منذ العصور النيوليتية حتى وصل إىل يومنا هذا‪،‬‬ ‫وحتول إىل وحش هائل بالدولة القومية‪ ،‬وهنا‬ ‫أستخدم مصطلح»اللوياثان»‪ ،‬وهو وحش‪ .‬نعم لقد‬ ‫حتولت الدولة القومية إىل وحش حبري ضخم‪،‬‬ ‫وحترر املرأة يعين حترر اجملتمع‪ ،‬فهي إن‬ ‫حتررت تحُ رر اجملتمع أيضاً‪ ،‬فالقائم يف مفهومي‬ ‫هو إخراج املرأة من كونها مفعوالً به إىل وضع‬ ‫فاعل حر‪ .‬فهي إن حتررت ووصلت إىل وضع‬ ‫ٍ‬ ‫الفاعل احلر‪ ،‬فهي ستحرر اجملتمع واملدينة‬ ‫والدميوس(الشعب) واجلماهري والكومون‪ .‬فإن‬ ‫جنحت املرأة يف حترير ذاتها‪ ،‬عندها ستتمكن‬ ‫من تأسيس اجملتمع احلر والكومون احلر أيضاً‪،‬‬ ‫فهناك مفهوم«الناموس» لدى األكراد‪ ،‬قائم‬ ‫وسيبقى‪ ،‬ولكن اجملرم احلقيقي يف هذا األمر هم‬ ‫الساقطون الذين اعتدوا عليها وختلوا عنها‪ ،‬فقد‬ ‫تكون للناس عالقاتهم وأنا لست ضد ذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫إما أن تحُ ِ ب بشكل صادق ومستقيم‪ ،‬وتدافع‬ ‫عنه‪ .‬وأنا أقول بشأن املرأة أن تقوم بتأسيس‬ ‫أكادميياتها‪ ،‬وتنشئة ذاتها‪ ،.‬ليقمن هنا بتطوير‬ ‫قوة محايتهن الذاتية وبهذه القوة للحماية‬ ‫الذاتية حيمني ذاتهن ويطورن تكاملهن اجلسدي‬ ‫والذهين والروحي‪.‬‬ ‫احلملة‪ ،‬هذه أمور عملية وتبقى خفيفة جداً مقارنة‬ ‫باحلبائل اليت جيري حبكها على املرأة‪ ،‬وحتى‬ ‫تتمكن املرأة من جتاوز هذه احلبائل جيب تقوية‬ ‫مستواهن النظري واإليديولوجي‪ ،‬وهلذا جيب أن‬ ‫يلتم مشلهن ويؤسسن اجملموعات والوحدات‪،‬‬ ‫يف السابق كانوا يسمون هذه بالطرائق وأنا أمسيها‬ ‫بالوحدة‪ ،‬وميكنهن تأسيس مجعيات ال حتصى‬ ‫بعدد أمساء النباتات يف دياربكر أو األماكن‬ ‫األخرى‪ ،‬كما ميكن تأسيس مجعيات تهتم‬ ‫بالطبيعة والبيئة ليقمن بتطوير وتعميق تنظيمهن‬ ‫من خالهلا‪ .‬جيب أن يكون لكل إنسان جمموعته‬ ‫أو تنظيمه‪ ،‬فحسب قناعيت اإلنسان بدون تنظيم‬ ‫ال شيء‪ ،‬شعاري هلذه السنة‪ :‬جتاسروا على‬ ‫التفكري‪ ،‬أو باألحرى‪ :‬جتاسروا على التفكري‬ ‫احلر والدميوقراطي‪ ،‬أقول هذا من أجل الشبيبة‬ ‫أيضاً‪ ،‬فعلى الشباب تطوير تنظيمهم وتأسيس‬ ‫وحداتهم‪.‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫هناك مصطلح «الناموس»‬ ‫جيري تفسريه بشكل خاطئ‪،‬‬ ‫ففي السابق كنت قد قلت‬ ‫بالتحول إىل آهلة‪ ،‬وهذه تعين‬ ‫معرفتها لذاتها‪ ،‬فمعرفة‬ ‫الذات متر عرب استيعاب‬ ‫احلكمة واملهارة‪ ،‬فعلى‬ ‫النساء أن يعرفن التاريخ أوالً‪،‬‬ ‫وليتعلمن تارخيهن‪ ،‬وليعرفن‬ ‫تاريخ النيوليتية‪ ،‬وليعرفن‬ ‫علم االجتماع واالقتصاد‬ ‫والفلسفة‪ ،‬وبذلك يعرفن‬ ‫ذاتهن‪ ،‬فبمدى ما تعرفن‬ ‫ذاتكن تتحولن إىل آهلة‪ ،‬إن‬ ‫التحول إىل»إينانا» و «عشتار»‬ ‫مير عرب الفهم واالستيعاب‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪32‬‬

‫ثقافة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫األعياد واملناسبات‬

‫حاجي علو‬

‫عيد و ئؤغلةميَت ئيزديا‪ ،‬األعياد‬ ‫واملناسبات املومسية‪:‬‬ ‫‪1‬ـ السرصال يُصادف األربعاء األول من النيسان‬ ‫الشرقي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يجني يف ‪ 1‬كوالن شرقي وهو يوم فتح‬ ‫‪2‬ـ يوم ك ٍ‬ ‫األرض(حفر األرض) لصناعة اجلص وجتهيز‬ ‫الرتاب النقي األمحر النظيف لتطيني الغرف‬ ‫وجتديد جوها الشتوي للصيف‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ ‪ 13‬حزيران الشرقي يوم اإلنقالب الصيفي‬ ‫حبسب النصوص الدينية الئيزدية وهو اليوم‬ ‫الثالث من ٍجلة الصيف‪.‬‬ ‫‪4‬ـ عيد اجللة الصيفي مدتها ثالثة أيام وهي‬

‫اجللة ويُصادف اليوم(‪31‬‬ ‫األخرية من صوم ٍ‬ ‫تريماه شرقي ‪ 1 +‬و ‪ 2‬تةباخ شرقي)‪.‬‬ ‫‪5‬ـ جةما شرفدين ويُصادف أول ليلة قمر بدر‬ ‫اجللة الصيفي‪.‬‬ ‫بعد عيد ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪6‬ـ (مجايا قبا) وهي تكون مرة كل سنتني‪،‬‬ ‫مدتها عشرون يوماً ممن شهري تةباخ وئيلؤن‬ ‫الشرقيني‪.‬‬ ‫‪7‬ـ مجايا شيخادي ومدتها ‪ 7‬أيام من ‪ 23‬إىل‬ ‫‪ 29‬ئيلؤن شرقي‪.‬‬ ‫‪8‬ـ عيدا بٍل َي ويصادف ‪ 16‬تشرين الثاني‬ ‫الشرقي وهو أول يوم من فصل الشتاء‬ ‫الكوردي‪ 29‬تشرين غربي‪.‬‬ ‫‪9‬ـ عيد الصوم يف اجلمعة األوىل من كانون أول‬ ‫شرقي‪.‬‬ ‫اجللة الشتوي يف ‪ 12‬كانون أول‬ ‫‪10‬ـ حيل ٍ‬ ‫شرقي‪.‬‬ ‫‪11‬ـ عيد كةشكا بٍريافات يف أول يوم مجعة‬ ‫من اجللة وهو يُصادف آخر مجعة من كانون‬

‫أول غربي‪.‬‬ ‫‪12‬ـ عيد بيَلندة الكبري ويُصادف ثاني مجعة من‬ ‫اجللة وهو أول مجعة يف كانون الثاني الغربي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪13‬ـ باتزميا ٍجيّلكا يبدأ يف آخر يوم أحد من‬ ‫كانون أول غربي وينتهي يف أول يوم أحد‬ ‫يف كانون الثاني غربي‪ ،‬بصراحة إخواننا‬ ‫اجليلكيون مل يُقدمو لنا توضيحاً دقيقاً عن‬ ‫ٍ‬ ‫قانون توقيت هذه املناسبة إىل اآلن‪ ،‬فأوال‬ ‫هم يقولون سبعة أيام وأسبوع واحد لكنه يضم‬ ‫يومي أحد فهو مثانية إذن‪ ،‬وكلما سألتهم عن‬ ‫التوقيت‪ ،‬يقدمون توقيت تلك السنة بالذات‪،‬‬ ‫وال يُوضحون قانون التوقيت أبداً وقد إستنتجنا‬ ‫التوقيت املذكور أعاله خالل متابعتنا للحدث‬ ‫عدة سنوات‪ ،‬قد أكون مصيباً وقد أكون خمطئاً‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫‪14‬ـ يف ‪ 31‬من كانون أول شرقي يكون منتصف‬ ‫كجك)‪ ،‬ويف ‪ 1‬كانون‬ ‫اجللة‪،‬‬ ‫ينتهي(جل َي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الثاني الشرقي يبدأ(جل َي مةزن)‪.‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫‪15‬ـ يف يوم ‪ 39‬و ‪ 40‬من اجللة الشتوي يكون‬ ‫ال(عنرت ـ رؤ ًزةك ‪ Roj‬و دانةك) يوم و وجبة‬ ‫‪ 36‬ساعة‪.‬‬ ‫‪16‬ـ يف يوم ال ‪ 40‬من اجللة يكون العيد وهو‬ ‫اليوم العشرون من شهر كانون الثاني الشرقي‪،‬‬ ‫الثاني من شباط غربي‪.‬‬ ‫‪17‬ـ عيد خدر الياس ويُصادف اخلميس األول‬ ‫من الشباط الشرقي‪.‬‬ ‫‪18‬ـ الـ(زيبٍك و قريبٍك)وهو آخر أيام الشتاء‬ ‫الكوردي‪ ،‬يُصادف اليوم الرابع عشر‬ ‫أواخلامس عشر من الشباط الشرقي حسب‬ ‫السنة الكبيسة واملناسبة تستمر يف التنظيف‬ ‫والتقليم والتطهريعدة أيام ( اليوم األخري من‬ ‫الشتاء واألول من الربيع‪.‬‬ ‫‪19‬ـ يبدأ بعدها النصف الثاني من شهر شباك‬ ‫ضمن فصل الربيع ويسمى الـ(رةشةماه) تنتقدها‬ ‫شهر آذار بشدة يف قول ّي مةها‪ ،‬فهي حمسوبة‬ ‫على الربيع لكنها أثقل على املخلوقات من‬

‫ثقافة‬

‫‪33‬‬

‫الشتاء من حيث الربد واجلوع‪.‬‬ ‫‪20‬ـ عيدا نيشانا‪ /‬الرموز الدينية يف ‪ 21‬شباط‬ ‫شرقي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪21‬ـ الكيسك ‪: Geessik‬تفشل شباط يف‬ ‫النيل من احليوانات ممثّلة يف(ال ًكيسك) وهو‬ ‫ث ّ‬ ‫ين اجلدي فتلجأ إىل آذار لتستدين منها بعض‬ ‫الوقت لإلنتقام منه‪ ،‬فتمنحها اآلذا ُر الشرقي‬ ‫اليومَ األول والثاني والثالث‪ ،‬املصادف ‪،14‬‬ ‫‪16 ،15‬غربي‪ ،‬لتضرب شباط ضربتها األخرية‬ ‫القاضية قبل إنتهاء اليوم الثالث ‪.‬‬ ‫‪ 22‬ـ مةلكةزةن‪ :‬وحيل يف ‪ 18‬آذار شرقي ‪/1‬‬ ‫نيسان غربي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪23‬ـ سفرا ماسطا‪ /‬نقل‪ :‬وهي يومية إعتبارا من‬ ‫مةلكةزةن وحتى حلول عيد السرصال‪.‬‬ ‫‪24‬ـ عيد السرصال وحيل يف األربعاء األول من‬ ‫النيسان الشرقي‪ ،‬وفيها تبدأ ال(دووبيرَ ) أي‬ ‫احللب مرتني يف اليوم خارج البيت(املراعي)‬ ‫وتنتهي الدووبري يف طواف شيخ مند(بالنسبة‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫لعني سفين) حني تبدأ عملية جز صوف الغنم‬ ‫وقص شعر املاعز‪ ،‬و يُتخذ من عصا الراعي‬ ‫السابق تربكة يُق ّطع قطع صغرية لتعلق على‬ ‫أواني األلبان أو أعز فطيمة أو نعجة يف غنم‬ ‫البيت‪ ،‬ويكون جتديد الراعي أو متديد عمله‬ ‫فرتةً أخرى(شةرت َي شفاني) إىل عيد مجا‬ ‫شيخادي فيكون التجديد إىل طواف شيخ مند‬ ‫ثاني ًة(طواف شيخ مند واجلما) هاتان النقطتان‬ ‫كانتا موعد تأجري الرعاة واخلدم(الرينجبةر)‪.‬‬ ‫‪25‬ـ عيد الشفرباة‪ ،‬وهو يتبع التقويم القمري‬ ‫ويكون يف منتصف الشعبان‪.‬‬ ‫‪26‬ـ عيد شيخ آلة رةش الشمساني ويسبق عيد‬ ‫فطر املسلمني بيوم واحد دائماً‪.‬‬ ‫‪27‬ـ عيدا حةجيا وهو عيد األضحى عند‬ ‫املسلمني‪.‬‬

‫‪..........‬‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪34‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫السياسة اخلارجية األمريكية من العزلة إىل التفاعل‬

‫آزاد شيخ عبدال‬

‫إن كال النزعتني تسيطران على التاريخ‬ ‫السياسي للواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬ ‫االنعزالية والدولية‪ ،‬وتشكل الفكرتان أرضية‬ ‫االنطالق حنو االختالفات السياسية‪ ،‬اليت‬ ‫قسمت الساسة تقليديا إىل فريقني متصارعني‬ ‫ويعد الدميقراطيون هم أكثر متثال لدعاة‬ ‫االنعزال‪ ،‬أما اجلمهوريون فإنهم أكثر دعوة‬ ‫ملمارسة الدولية‪ ،‬لكن ذلك ال يشكل قاعدة‬ ‫عامة تنطبق يف كل الظروف وعلى مجيع‬ ‫الساسة‪.‬‬ ‫قامت السياسة اخلارجية األمريكية منذ‬ ‫استقالهلا حتى احلرب العاملية الثانية‬ ‫على»مبدأ مونرو»أو «سياسة العزلة» عن العامل‬ ‫القديم»أوربا الغربية» وبناء قوتها الداخلية‪،‬‬ ‫وقد حتولت هذه السياسة بعد احلرب العاملية‬ ‫الثانية واحلرب الباردة إىل سياسة التدخل‬ ‫واالنغماس يف الشؤون الدولية‪ ،‬ويف بداية‬ ‫التسعينات من القرن املاضي بدأت مرحلة‬ ‫جديدة يف السياسة اخلارجية األمريكية يطلق‬ ‫عليها مرحلة اهليمنة يف الشؤون الدولية‪،‬‬ ‫ومن املفيد لغرض الدراسة أن نقسم هذا‬ ‫املبحث على ثالثة مطالب وهي‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مرحلة قبل احلرب الباردة‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬مرحلة احلرب الباردة‪.‬‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬مرحلة ما بعد احلرب‬ ‫الباردة‪.‬‬ ‫املطلب األول ـ مرحلة قبل احلرب‬ ‫الباردة‪:‬‬ ‫إن النظرية السياسة اخلارجية تشرح وتتنبأ‬ ‫كيف يكون سلوك الدول‪ ،‬ويف ظل أي ظروف‬ ‫تتوسع‪ ،‬مع ذلك فان غالبية النظريات‬ ‫الواقعية للسياسة اخلارجية تدعو إىل التحرك‬ ‫بطرق معينة‪ ،‬ومن ثم تركز على التهديدات‬ ‫كعامل حيرك سلوك الدول خارجيا‪ ،‬ويف‬ ‫مرحلة تكوينها األوىل انتهجت السياسة‬

‫األمريكية مبدأ»مونرو» منهجاً انعزالياً ومسى‬ ‫تاريخ الواليات املتحدة باجتاه فكري ظل‬ ‫مؤثراً فرتة طويلة بها‪ ،‬وقد أوضح الرئيس‬ ‫األمريكي»جيمس مونرو» يف رسالة للكونغرس‬ ‫عام ‪1823‬م إن النظام السياسي للقوة احلليفة‬ ‫خيتلف بصورة أساسية عن النظام يف الواليات‬ ‫املتحدة وعليه فانه صاغ السياسة اخلارجية‬ ‫على أساس مبدأين دائمني‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫‪1‬ـ عدم التدخل يف املشاكل األوربية‪.‬‬ ‫‪2‬ـ عدم السماح هلذه الدولة بالتدخل يف‬ ‫السياسة األمريكية أو يف بناء احلضارة‬ ‫األمريكية اجلديدة‪.‬‬ ‫وعزز هذين املبدأين قوله إن هدفنا جيب‬ ‫أن يكون تهيئة نصف كرتنا األرضية مكانا‬ ‫للحرية ‪ 0‬وبالطبع فان مبدأ مونرو ليس جمرد‬ ‫موقف سياسي صارم وإمنا يعد ليكون مظلة‬ ‫حتمي املصاحل األمريكية اآلخذة يف التبلور‬ ‫خاصة االقتصادية منها‪ ،‬فمن النقاط املهمة‬ ‫واحليوية اليت وردت يف»مبدأ مونرو» مايلي‪:‬‬ ‫‪1‬ـ حرية التجارة البحرية يف األطلسي‪.‬‬ ‫‪2‬ـ حرية وصول املنتجات األمريكية إىل‬ ‫األسواق األوربية‪.‬‬ ‫‪3‬ـ حرية املتاجرة والتوطن يف كل القارة‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫بذلك تتبنى الواليات املتحدة العزلة يف‬ ‫سياستها اخلارجية ونعين بذلك انكفاء‬ ‫الواليات املتحدة على مشكالتها الداخلية‬ ‫وعدم التورط يف الصراعات الدولية‪ ،‬وعلى‬ ‫اخلصوص النأي عن الصراعات األوربية‬ ‫الدائمة واالكتفاء بإقامة عالقات متوازنة مع‬ ‫البلدان األوربية ذات طابع جتاري وذلك يف‬ ‫نظر دعاة االنعزالية أكثر جدوى للواليات‬ ‫املتحدة وأقرب ملصاحلها‪ ،‬فاالحتفاظ بالروابط‬ ‫التجارية املتوازنة مع الشعوب األوربية‪،‬‬ ‫سينعكس بالضرورة على االقتصاد األمريكي‬ ‫وسيساعد على ازدهاره‪ ،‬فاالنعزالية األمريكية‬ ‫ذات وجهني يؤديان إىل غرض واحد‪ ،‬الوجه‬ ‫األول‪ ،‬هو االبتعاد عن الصراعات األوربية‪،‬‬ ‫أما الوجه الثاني فهو إبعاد األوروبيني عن أوالًـ السياسة اخلارجية األمريكية بني‬ ‫األعوام ‪ 1865‬ـ ‪:1889‬‬ ‫جتارة أمريكا وتصفية وجودهم فيها‪ ،‬حيث‬ ‫ينص مبدأ مونرو على أن‪(:‬لألوربيني القارة عكفت الواليات املتحدة منذ استقالهلا على‬ ‫القدمية ولألمريكيني القارة اجلديدة)‪ ،‬وهذا بناء قوتها الذاتية‪ ،‬وانطلق هذا البلد ـ بتعبري‬ ‫يعين تطلع االمربيالية إىل ممارسة نوع من بول كيندي ـ يف التقدم بسرعة صاعقة‪ ،‬مستغال‬

‫السيطرة واهليمنة االمربيالية على دول وشعوب‬ ‫أخرى يف األمريكيتني وفرض نفوذها وسطوتها‬ ‫االمربيالية على العامل اجلديد‪ ،‬وبالتالي اعتبار‬ ‫نصف الكرة الغربي جماال حيوياً لنفوذها‬ ‫السياسي ومصاحلها االقتصادية وأمنها‬ ‫القومي‪ ،‬لذلك يرى البعض إن بداية التوجه‬ ‫االمربيالي يف التأريخ األمريكي إمنا يرجع‬ ‫إىل املبدأ املذكور(مبدأ مونرو )‪ ،‬وقد انطلقت‬ ‫السياسة اخلارجية األمريكية بالتوسع من‬ ‫الداخل إىل اخلارج متبعة اخلط اإلمرباطوري‬ ‫على قاعدة‪ :‬الثروة‪ ،‬الدين والقوة‪ ،‬والتوسع‬ ‫هنا ال يأتي ضمن التعريف الذي استخدمه‬ ‫مؤرخو السياسة اخلارجية األمريكية الذي‬ ‫يقصرون معنى اصطالح التوسع على استيالء‬ ‫على األرض بل حيمل معنى مركبا حيث‬ ‫يعرف»فريد زكريا» التوسع بالقول‪(:‬فالتوسع‬ ‫قد يتضمن االمربيالية بالتأكيد‪ ،‬إال انه يشري‬ ‫بصورة اعم إىل سياسة خارجية نشيطة متتد‬ ‫من االهتمام باألحداث الدولية إىل الزيادة يف‬ ‫إرسال املفوضات الدبلوماسية إىل املشاركة‬ ‫يف دبلوماسية الدول الكربى)‪ ،‬انطالقا من‬ ‫هذا التعريف نسأل‪ :‬هل توسعت الواليات‬ ‫املتحدة لتدرا التهديدات‪ ،‬كما تتنبأ الواقعية‬ ‫الدفاعية‪ ،‬أم لتنمية نفوذها‪ ،‬ولتضييق اهلوة‬ ‫بني قوة الدولة ومصاحل السياسية اخلارجية‬ ‫كما تتنبأ الواقعية املتمركزة يف الدولة؟ هل‬ ‫توسعت الواليات املتحدة باجتاه األمم القوية‪،‬‬ ‫اليت متثل تهديدات ملحوظة ألمنها‪ ،‬أم أنها‬ ‫توسعت يف االجتاه الذي يشكل اقل قدرا‬ ‫من املقاومة؟ ويف الدرجة نفسها من األهمية‬ ‫عندما مل تكن الواليات املتحدة تتوسع هل‬ ‫كان ذلك بسبب وجود بيئة دولية محيدة‪ ،‬أم‬ ‫انه يرجع إىل مفهوم إن األمن كان»وافراً»‪ ،‬أم‬ ‫ألن هيكل الدولة الضعيف حال دول استخدام‬ ‫رجال الدولة يف أمريكا إلمكانياتها القومية؟‬ ‫لإلجابة عن تلك األسئلة‪ ،‬من املالئم أن نقسم‬ ‫هذا املطلب على ثالثة حماور وهي‪:‬‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫قلة القيود االجتماعية واجلغرافية وانعدام‬ ‫األخطار اخلارجية اجلسيمة فضالً عن تدفق‬ ‫رأس املال االستثماري وخاصة الداخلي‪،‬‬ ‫وقد أدى االزدهار االقتصادي إىل ازدهار‬ ‫التجارة اخلارجية‪ ،‬وهو األمر الذي دفع إىل‬ ‫االهتمام بالعالقات الدولية وبرزت احلاجة‬ ‫إىل تشكيل سياسة خارجية أمريكية فلقد‬ ‫ضغطت اجلماعات ذات املصاحل لفتح أسواق‬ ‫خارجية فيما وراء البحار وهكذا فان تنامي‬ ‫القوة الصناعية األمريكية والتجارة اخلارجية‬ ‫قد خلق االهتمام بالسياسة اخلارجية‪ ،‬وبدء‬ ‫حتديد الدور األمريكي يف إطار العالقات‬ ‫الدولية لقد اعتمدت أمريكا يف بناء قوتها‬ ‫الذاتية على التوسع من الداخل إىل اخلارج‬ ‫فبعد انفصال أمريكا عن بريطانيا عام ‪1783‬‬ ‫شرعت يف التنكيل بأبناء األرض األصليني من‬ ‫اهلنود احلمر فعمل املستوطنون األمريكيون‬ ‫خالل الفرتة ‪1801‬ـ‪ 1845‬على السيطرة على‬ ‫جنوب احمليط األطلسي(فلوريدا) والشمال‬ ‫الوسط‪ ،‬ثم أحكمت السيطرة على معظم املناطق‬ ‫يف الفرتة ‪1846‬ـ‪ 1890‬من الوسط واجلنوب‬ ‫والشمال وصوال إىل أقصى الغرب األمريكي‬ ‫حتى ساحل احمليط اهلادي‪ ،‬وهكذا اكتملت‬ ‫السيادة التامة على كل أراضي العامل اجلديد‬ ‫يف العام ‪ ،1853‬كما إن السيطرة امليدانية‬ ‫مشلت ثروات وخريات األرض ‪.‬‬ ‫ثانياًـ السياسة اخلارجية األمريكية بني‬ ‫األعوام(‪1889‬ـ‪:)1907‬‬ ‫(بالطبع تارخينا القومي كله هو تاريخ توسع‬

‫مقالة‬

‫‪35‬‬

‫إن هذا التوسع ليس أمرا يدعو لألسف‪ ،‬بل‬ ‫للفخر‪ ،‬الرئيس األمريكي»تيودور روزفلت»‬ ‫ك‪ ،)1899 1‬بعد أن استكملت الدولة‬ ‫اجلديدة السيطرة على كامل»أراضيها»‬ ‫بدأت يف التوسع حنو جماهلا االسرتاتيجي‬ ‫باجتاه احمليطني‪ :‬اهلادي واألطلسي‪ ،‬ففي‬ ‫اجتاه احمليط اهلادي‪ ،‬سيطرت على هاواي‬ ‫وبريل هاربر يف عامي(‪1844‬ـ‪ )1887‬ثم جزر‬ ‫امليداوي عام ‪1867‬م‪ ،‬ثم جزر ساموا عام‬ ‫‪1878‬م بعد معركة الفلبني يف أثناء احلرب‬ ‫األمريكية ـ االسبانية‪ ،‬واليت انتهت بسيطرة‬ ‫أمريكا على تلك اجلزر الشاسعة عام ‪1898‬م‪،‬‬ ‫أما يف االجتاه األطلسي فقد سيطرت على جزر‬ ‫بورتريكو عام ‪ 1898‬م‪ ،‬ثم حتكمت يف قناة‬ ‫بنما يف عام ‪1903‬م‪ ،‬ثم غزت كالً من فنزويال‬ ‫ونيكاراكوا وهاييت وكوبا واملكسيك‪ ،‬ومن‬ ‫بني التغريات اليت كانت حتدث يف القوى‬ ‫العاملية وتوازناتها يف أواخر القرن التاسع‬ ‫عشر وبدايات القرن العشرين‪ ،‬كان التغري‬ ‫احلاسم هو منو الواليات املتحدة بانتهاء‬ ‫احلرب األهلية متكنت الواليات املتحدة من‬ ‫استغالل املزايا الكثرية من األراضي الزراعية‬ ‫اخلصبة واملواد اخلام اهلائلة والثورة التقنية‬ ‫العظيمة لتنمية هذه املوارد وكان غياب القيود‬ ‫االجتماعية واجلغرافية واألخطار اخلارجية‬ ‫وتدفق رأس املال األجنيب واحمللي من عوامل‬ ‫التحول املذهل‪ .‬وقد أصبحت الواليات املتحدة‬ ‫مع مطلع القرن العشرين اكرب منتج للنفط يف‬ ‫العامل‪ ،‬واكرب مستهلك للنحاس وكان حجم‬ ‫استهالكها من احلديد اخلام يساوي أو يزيد‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫عن إنتاج بريطانيا وفرنسا وأملانيا وروسيا‪،‬‬ ‫وكان حجم استهالكها من الطاقة يوزاي‬ ‫استهالك بريطانيا وأملانيا وفرنسا واجملر‬ ‫مجيعا‪ ،‬وقد سيطرت أيضا الواليات املتحدة‬ ‫على ثلث احتياطي الذهب يف العامل‪ ،‬وتعاظم‬ ‫إنتاج القمح وتزايد إنتاج الشعري والسكر‬ ‫والفحم والقضبان الفوالذية ومع هذا التطور‬ ‫تضاعفت أيضا الصادرات األمريكية بني‬ ‫عامي ‪1860‬ـ‪ 1910‬سبع مرات‪ ،‬وهو ما خلق‬ ‫متلمالً واضحاً لدى األوربيني‪ ،‬بعد أن تدفقت‬ ‫على القارة املنتجات الزراعية الرخيصة‬ ‫وأغرقت األسواق األوربية باآلالت األمريكية‪،‬‬ ‫حتى انه يف وقت من القرن العشرين ظهرت‬ ‫الدعاوي إىل الرتابط ضد(العمالق التجاري‬ ‫الظامل) وقد أدى االزدهار االقتصادي إىل‬ ‫ازدهار التجارة اخلارجية وهو أمر أدى إىل‬ ‫التأثري يف العالقات الدولية‪ ،‬حيث ضغطت‬ ‫اجلماعات ذات املصاحل لفتح األسواق‬ ‫اخلارجية وحتديد الدور األمريكي يف إطار‬ ‫العالقات الدولية إن هذا التحول االقتصادي‬ ‫والتجاري تزامنت معه تطورات يف اجملال‬ ‫العسكري وبناء جيش قوي حلماية التجارة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وهكذا ازدادت نفقات التسلح‬ ‫دون معارضة كبرية من الرأي العام بعد‬ ‫احلرب األمريكية االسبانية‪ ،‬فمنذ عام‬ ‫‪1900‬م تضاعف تعداد اجليش ثالث مرات‬ ‫وزاد اإلنفاق الدفاعي من(‪ )%6‬إىل(‪ )%19‬أما‬ ‫التطور األعمق فهو تطور األسطول الذي أصبح‬ ‫مع عام ‪1914‬م ثالث اكرب أسطول يف العامل‬ ‫من حيث عدد سفنه وقدراته القتالية‪ ،‬إن‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪36‬‬

‫حتالف الساسة ورجال املال ورجال الدين يف‬ ‫أمريكا أدى إىل رسم اخللفية الفكرية للمصلحة‬ ‫القومية العليا للواليات املتحدة‪ ،‬اليت أثرت‬ ‫بشكل مباشر يف السياسة اخلارجية ودورها يف‬ ‫العالقات الدولية‪ ،‬وقد شجعت هذه الفئات‬ ‫الثالث السياسة اخلارجية األمريكية حنو‬ ‫االرتقاء والتوسع باجتاه إقامة إمرباطورية‬ ‫أمريكية‪ ،‬إىل جانب اإلرادة بضمان السيادة‬ ‫التجارية واالقتصادية أضيف كالعادة البعد‬ ‫األخالقي والديين ‪ 0‬وقد كان انتصار أمريكا‬ ‫املدوي يف احلرب االسبانية ـ األمريكية يف‬ ‫عام ‪ 1898‬أدى إىل بلورة مفهوم تعاظم القوة‬ ‫األمريكية يف الداخل واخلارج على السواء‪،‬‬ ‫جاء الرئيس األمريكي األسبق «تيودور‬ ‫روزفلت» عام ‪ ،1901‬وقد احدث حتوال‬ ‫أساسيا يف التأريخ األمريكي باالنعطاف به‬ ‫يف اجتاه العاملية‪ ،‬وهو اجتاه كانت تشجع‬ ‫عليه بريطانيا وتريده‪ ،‬خدمة لصراعها من‬ ‫األملان والفرنسيني‪ ،‬لقد أعلن مبدأ(الباب‬ ‫املفتوح) مع الصني واليت طلب مبقتضاها من‬ ‫الدول الكربى التعهد بعدم فرض تعريفات‬ ‫مجركية أو رسوم موانئ أو أجور للسكك‬ ‫احلديد وبالتالي قامت بتفعيل الدبلوماسية‬ ‫األمريكية عندما قامت الواليات املتحدة‬ ‫بدور الوسيط يف املنازعات الدولية واملشاركة‬ ‫بثقل يف املؤمترات الدولية‪ ،‬وقد أكد «تيودر‬ ‫روزفلت» إن مبدأ مونرو قد يضطر الواليات‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫املتحدة إىل فرض نوع البوليس الدولي يف‬ ‫العامل اجلديد إزاء(الواليات املفككة) اليت‬ ‫قد يتهددها تدخل القوى األوربية‪ ،‬وعلى‬ ‫اثر ذلك قام «روزفلت» بإتباع سياسة العصا‬ ‫الغليظة‪ ،‬وهي السياسة اليت بررت حق‬ ‫الواليات املتحدة يف ممارسة دور الشرطي‬ ‫يف أمريكا الالتينية وما يرتتب على ذلك من‬ ‫مراقبة سلوكيات شعوبها‪ ،‬والتدخل بقواتها‬ ‫مباشرة يف أي منطقة لقمع أي مترد أو إخالل‬ ‫بالنظام‪ ،‬مما ترتب على ذلك تدخل الواليات‬ ‫املتحدة بقواتها املسلحة يف بعض أقطار‬ ‫أمريكا الوسطى واحتالهلا وفرض الرقابة‬ ‫املالية واإلدارية على حكوماتها مثل كوبا‬ ‫ونيكاركوا والدومينيكان وبنما وهاييت‪ ،‬وهذا‬ ‫يعين تطوير»مبدأ مونرو» من سياسة دفاعية‬ ‫حلماية األمر الواقع إىل سياسة هجومية‬ ‫ملنع التغيري وتكريس األمر الواقع‪ ،‬وجاءت‬ ‫فرتة التوسع األكرب‪ ،‬من ‪ 1889‬إىل ‪،1908‬‬ ‫لتعزيز تنبؤات الواقعية املتمركزة يف الدولة‪،‬‬ ‫واجهت الواليات تهديدات قليلة يف أثناء‬ ‫هذه احلقبة‪ ،‬ولكنها أصبحت اآلن تتوسع‬ ‫بقوة‪ ،‬وارتبط هذا التوسع بالتحديد من حيث‬ ‫التوقيت واملكان‪ ،‬بقوتها النامية ومل تتوسع‬ ‫الواليات املتحدة يف مواجهة دول قوية متثل‬ ‫تهديدا كبريا ألمنها‪ ،‬وإمنا توسعت إىل حد‬ ‫بعيد يف مواجهة مناطق ضعيفة حيث ال‬ ‫يرتتب على التوسع سوى تكلفة ضئيلة(وفقاً‬

‫لنظرية االختيار العقالني)‪ ،‬بأن التوسع‬ ‫األمريكي يف القرن التاسع عشر‪ ،‬ليس رد فعل‬ ‫لتهديدات قادمة من قوى أوربية‪ ،‬يف حني‬ ‫أن هذه التحركات كانت تعكس بالفعل رغبة‬ ‫قوة متنامية يف مزيد من النفوذ‪ ،‬وكما حدث‬ ‫فيما بعد كانت السياسة اخلارجية األمريكية‬ ‫حيركها إدراك بالقوة األمريكية والبحث عن‬ ‫نفوذ اكرب على البيئة الدولية ‪.‬‬ ‫ثالثاًـ السياسة اخلارجية األمريكية من‬ ‫احلرب العاملية األوىل إىل احلرب الباردة‪:‬‬ ‫(امتنا ذات املصاحل املتحدة املباركة‪ ،‬غري‬ ‫راضية اآلن عن السكون سوف حتكم‬ ‫الباقني‪ ،‬وإمرباطوريتنا يف اخلارج لن تعرف‬ ‫حدوداً وإمنا هي مثل البحر سوف نتدفق يف‬ ‫دوائر النهائية) («وليام هنري سيوارد» ـ وزير‬ ‫خارجية أمريكية يف إدارة لينكولن ‪،)1865‬‬ ‫بعد أن تتحول الدولة من القوة الثورية إىل‬ ‫دولة الوضع القائم حتاول توسيع نفوذها‪ ،‬وال‬ ‫توقف الدولة سياستها التوسعية إال إذا وصلت‬ ‫إىل ما يسميه»روبرت جيلنب» نقطة تناقص‬ ‫املنفعة احلدية»‪ ،‬وان الواليات املتحدة يف عام‬ ‫‪ 1908‬مل تصل إىل هذه النقطة‪ ،‬وجاء الرئيس‬ ‫األمريكي»ودرو ويلسون ‪1913‬ـ‪ »1921‬للقيام‬ ‫بإكمال هذه املهمة‪ ،‬ومن هنا جيمع املؤرخون‬ ‫الذين تناولوا مسرية السياسة اخلارجية‬ ‫األمريكية على إن ميالدها جاء يف عهد(الرئيس‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫«وليام ماكنيلي «نهاية القرن التاسع عشر)‬ ‫وقام»تيودور روزفلت» بتطويرها‪ ،‬وتبلورت‬ ‫يف عهد الرئيس األمريكي «ودرو ويلسون»‬ ‫بصفة خاصة‪ ،‬وقد أعلن «ويلسن» خبطابه يف‬ ‫الثاني من ك‪ 1913 1‬بقوله‪(:‬إن الواليات‬ ‫املتحدة بلغت مرحلة النضوج املتكامل‪ ،‬وقد‬ ‫ولت أيام عزلتها من غري رجعة بانفتاح‬ ‫عهد جديد وعلى ما يبدو فأن علينا وحدنا‬ ‫من اآلن قيادة العامل)‪ ،‬وتعد فرتة مابني‬ ‫عامي(‪1914‬ـ‪ )1917‬مرحلة االنتقال من دور‬ ‫الدولة اهلامشية إىل الدولة املؤثرة يف السياسة‬ ‫العاملية‪ ،‬وعندما اندلعت احلرب العاملية األوىل‬ ‫صيف ‪ 1914‬أعلن الرئيس األمريكي»ودرو‬ ‫ويلسون» حياد بالده‪ ،‬ليس فقط على الصعيد‬ ‫العملي بل على الصعيد الفكري أيضاً‪ ،‬حيث‬ ‫رأى ذلك اقرب إىل حتقيق مصاحل الواليات‬ ‫املتحدة فقد هيأت هلا احلرب فرصة النمو‬ ‫واالزدهار‪ ،‬إذ حتولت البالد إىل ممول رئيس‬ ‫للدولة املتحاربة‪ ،‬لكن نتيجة هجوم غواصات‬ ‫أملانيا على السفن األمريكية مدعمة للمكسيك‬ ‫للتآمر ضد الواليات املتحدة‪ ،‬يف ابريل ‪1917‬‬ ‫ومبوافقة من الكونغرس أعلنت الواليات‬ ‫املتحدة احلرب ضد أملانيا‪ ،‬وعليه فان سبب‬ ‫دخوله يف احلرب يرجعه ويلسون إىل أن‬ ‫الواليات املتحدة وألول مرة يف تارخيها رأت‬ ‫بأنها صاحبة احلق يف االشرتاك يف ترتيبات‬ ‫العامل القديم كسبيل خمتار لوضع خطط‬ ‫مستقبلية وفق مبادئ العامل اجلديد‪ ،‬فمنذ‬ ‫بداية ‪ 1917‬بدأ امليل حنو دخول احلرب‪،‬‬ ‫وجاء اهلجوم البحري األملاني ضد السفن‬ ‫األمريكية‪ ،‬يعطي املربر لدخول الواليات‬ ‫املتحدة للحرب‪ ،‬كما أن الرأي العام أصبح‬ ‫مهيئا نتيجة للهجوم األملاني‪ ،‬كل ذلك جعل‬ ‫احلياد والعزلة األمريكية أمرا مستحيال‪.‬‬ ‫إن دخول الواليات املتحدة يف احلرب فتح‬ ‫صفحة جديدة متميزة يف السياسة اخلارجية‬ ‫األمريكية‪ ،‬وقد خرجت الواليات املتحدة من‬ ‫احلرب بأقل كلفة وخسارة واكرب مكاسب‬ ‫مما ترتب على ذلك ازدياد قوتها االقتصادية‬ ‫والعسكرية والسياسة وازدهار جتارتها‪ ،‬من‬ ‫هنا فقد تبلورت سياستها اخلارجية ودورها‬ ‫على الساحة العاملية حيث أكد ويلسون انه‬ ‫ليس من حق أمريكا أن تدخل فيها لنفسها‬ ‫فقط بل ذهب إىل ما هو أكثر من ذلك عندما‬ ‫تقدم عام ‪ 1915‬مببدأ مل يسبق له املثيل‪،‬‬ ‫وهو‪(:‬إن األمن األمريكي ال يتجرد من امن‬

‫مقالة‬

‫‪37‬‬

‫عكفت الواليات املتحدة منذ‬ ‫استقالهلا على بناء قوتها‬ ‫الذاتية‪ ،‬وانطلق هذا البلد ـ‬ ‫بتعبري بول كيندي ـ يف التقدم‬ ‫بسرعة صاعقة‪ ،‬مستغال قلة‬ ‫القيود االجتماعية واجلغرافية‬ ‫وانعدام األخطار اخلارجية‬ ‫اجلسيمة فضالً عن تدفق رأس‬ ‫املال االستثماري وخاصة‬ ‫الداخلي‪ ،‬وقد أدى االزدهار‬ ‫االقتصادي إىل ازدهار التجارة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وهو األمر الذي‬ ‫دفع إىل االهتمام بالعالقات‬ ‫الدولية‬ ‫مجيع البشرية فهذا واجب أمريكا حسبما‬ ‫تقتضيه األمور‪ ،‬جمابهة االعتداء حيثما‬ ‫وجدوا) إنها املسؤولية عن اآلخرين واليت‬ ‫اختذت طابعا أخالقيا دينيا وإجنيليا‪،‬‬ ‫فأمريكا لديها امة صاحبة رسالة وان كان هذا‬ ‫ال مينع بالطبع من ممارسة القوة واالشرتاك يف‬ ‫احلروب ولكن دوما اهلدف هو أعمال النموذج‬ ‫األمريكي الذي يعده يف تصوره التزاماً أخالقياً‬ ‫وإميانيا‪ ،‬إن هذه األفكار حبسب»كيسنجر»‬ ‫شكلت األساس للسياسة اخلارجية األمريكية‬ ‫ملا تبقى من القرن العشرين‪ ،‬حتول دخول‬ ‫أمريكا احلرب العاملية األوىل إىل حلظة‬ ‫تعريف لسياستها اخلارجية وحبسب الدور‬ ‫األمريكي املتنامي للعامل امجع وبعد قرن من‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫توقيع اتفاقية التسوية الويستفالية القائمة‬ ‫على توازن القوى األوربية‪ ،‬رأت الواليات‬ ‫املتحدة فرصة إلعادة صياغتها‪ ،‬طرح»ويلسن»‬ ‫جمموعة من املبادئ اليت مت على أساسها‬ ‫تسوية احلرب العاملية األوىل ففي خطابه أمام‬ ‫جملس الشيوخ األمريكي يف ‪22‬يناير ‪،1917‬‬ ‫أوضح األفكار الرئيسية اليت تضمنتها املبادئ‬ ‫األربعة عشر وهي أفكار تشكل األساس‬ ‫الذي تقوم عليه عملية صنع وتنفيذ السياسة‬ ‫اخلارجية للواليات املتحدة ومنها حقوق‬ ‫احلياد وجتنب األحالف‪ ،‬احلد من القوات‬ ‫النظامية يف اجليش والبحرية يف وقت السلم‬ ‫كما اقرتح اشرتاك شعب وحكومة الواليات‬ ‫املتحدة مع غريهم من األمم املتحضرة يف العامل‬ ‫يف ضمان استمرار السالم‪ ،‬من هنا طرحت‬ ‫الواليات املتحدة إنشاء عصبة األمم حيث‬ ‫كانت مشروعاً أمريكياً إلعادة تنظيم السياسة‬ ‫العاملية‪ ،‬إال أن عدم رغبة الدول بالتخلي‬ ‫عن بعض سيادتها لقاء األمن اجلماعي‬ ‫كانت واحدة من ابرز نقاط الضعف يف عصبة‬ ‫األمم وعلى هذا األساس مل تشارك الواليات‬ ‫املتحدة يف تأسيسها فلقد رفض جملس‬ ‫الشيوخ املصادقة على امليثاق ونتج عن هذا‬ ‫أن أصبح نظام األمن اجلماعي يعمل يف غياب‬ ‫اكرب ممثلني على املسرح الدولي‪ ،‬رغم هذا‬ ‫التطور الذي حدث يف دور السياسة اخلارجية‬ ‫األمريكية على الصعيد الدولي إال أن أهمية‬ ‫التمسك مببدأ مونرو ظلت ترتدد يف أوساط‬ ‫السياسة األمريكية لذا جند سياسة الواليات‬ ‫املتحدة يف فرتة مابني احلربني العامليني‬ ‫مزجيا من التعاون الدولي والعزلة فهي‬ ‫مثال ترفض التصديق على معاهدات الصلح‬ ‫ولكنها تساهم يف مساعدة أملانيا وتسوية مسالة‬ ‫التعويضات ويف سنة ‪ 1928‬تعقد ميثاق»بريان‬ ‫كيلوج» ثم تغلق يف ذات الفرتة باب اهلجرة‬ ‫إليها وتصمم على أن يدفع مدينوها من‬ ‫احللفاء ما عليهم من ديون‪ ،‬وجاء الركود‬ ‫الكبري يف الثالثينيات ليزيد االنشغال بالوضع‬ ‫الداخلي ويعمق فلسفة العزلة إال انه وبعد‬ ‫انتخاب الرئيس األمريكي»فرانكلني روزفلت»‬ ‫يف ‪ 1936‬حدث حتول جذري يف السياسة‬ ‫اخلارجية األمريكية بالقضاء على مبدأ العزلة‬ ‫وانتهاج سياسة التدخل واالنغماس يف الشؤون‬ ‫الدولية حيث آمن روزفلت بالقوة ومارسها يف‬ ‫السياسة اخلارجية وجلأ إليها كوسيلة أوىل‬ ‫لتحقيق أهدافها اإلسرتاتيجية واملتمثلة يف‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪38‬‬

‫السيادة األمريكية العاملية‪ ،‬أدرك «روزفلت»‬ ‫أن «هتلر» قوي جداً وإذا استمر يف انتصاراته‬ ‫وتوسعاته فقد يسيطر على أوربا ومن ثم يهدد‬ ‫الواليات املتحدة لذلك يف شتاء ‪ 1941‬اصدر‬ ‫الكونغرس القانون املشهور بــ(قانون اإلعارة‬ ‫والتأجري) ومبوجبه قايضت الواليات املتحدة‬ ‫بريطانيا بتجهيزات حربية ملنع هزمية‬ ‫بريطانيا على يد هتلر مقابل حقوق إقامة قواعد‬ ‫باملستعمرات يف نصف الكرة الغربية بذلك‬ ‫تطورت األمور ودخلت الواليات املتحدة إىل‬ ‫جانب احللفاء‪ ،‬وبهذا انقضت نهائيا العزلة‬ ‫وبزغ منهج جديد يف حميط السياسة الدولية‪،‬‬ ‫وقامت أمريكا يف عهد»روزفلت» بفرض حظر‬ ‫برتولي على اليابان ومنع احلديد إليها تعاطفاً‬ ‫مع حلفائها التقليديني الربيطانيني والروس‪،‬‬ ‫فما كان من اليابان إال أن هامجت القطع‬ ‫البحرية األمريكية يف ميناء»بريل هاربر»‬ ‫باحمليط اهلادي يف ك‪ 1941 1‬مغرقة أكثرها‪،‬‬ ‫مما دفع ذلك بالواليات املتحدة إىل إعالن‬ ‫احلرب ضد اليابان وانضمامها إىل جانب دول‬ ‫احللفاء‪ ،‬إن دخول الواليات املتحدة للحرب‬ ‫أدى إىل نتيجتني مهمتني بالنسبة للسياسة‬ ‫األمريكية وهي‪:‬‬ ‫‪1‬ـ الطي النهائي لسياسة االنعزال‪.‬‬ ‫‪2‬ـ التكريس النهائي لسلطة الواليات املتحدة‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫انطالقاً مما سبق ميكن‬ ‫القول إن الواليات املتحدة‬ ‫كما يقول»ايف ماري لوالن»‬ ‫صارت يف القرن العشرين‬ ‫السلطة العاملية على مرحلتني‬ ‫كانت احلرب العاملية األوىل‬ ‫مرحلتها األوىل وأما مرحلتها‬ ‫الثانية فقد كانت اخلوض‬ ‫املبكر نسبيا يف احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪ ،‬وهكذا حتولت‬ ‫السياسة اخلارجية األمريكية‬

‫بوصفها سلطة عاملية‪.‬‬ ‫إن احلرب العاملية الثانية قد طوت هذه الفكرة‪،‬‬ ‫فبعد انتصارها يف احلرب العاملية الثانية مل‬ ‫يعد من املمكن للواليات املتحدة‪ ،‬العودة‬ ‫لسياسة االنعزال لسببني رئيسني‪ ،‬األول هو‬ ‫التقدم التقين الذي جعل احلصن املنيع جمرد‬ ‫خرافة‪ ،‬أما الثاني فهو تبوء املركز األول‬ ‫الذي يدعو احلفاظ عليه إىل ضرورة خوض‬ ‫الصراع العاملي‪ .‬انتهت احلرب العاملية األوىل‬ ‫باستسالم غري شروط واحتل احللفاء أملانيا‬ ‫واليابان هذه املرة وعملوا على تغيري اجملتمع‬ ‫يف أثناء االحتالل وجرى على املشكلة األملانية‬ ‫على مدى نصف قرن بتقسيم أملانيا‪ ،‬فضالً‬ ‫عند ذلك خلقت احلرب العاملية الثانية عاملاً‬ ‫ثنائي القطبية فقد خرجت الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية واالحتاد السوفييت منها وهي أقوى‬ ‫بكثري من اآلخرين حيث قامت كلتاهما‬ ‫بتقسيم خارطة العامل بعد احلرب من جديد‬ ‫إىل مناطق النفوذ فيما بينهما‪ ،‬أدت احلرب‬ ‫إىل نهاية العصر الذي كانت أوربا تؤدي فيه‬ ‫دور حمكم لتوازن القوى‪ ،‬وما حصل هو إن‬ ‫األرض األوربية أصبحت حلبة للمنافسني‪،‬‬ ‫وبدأ فيها أيضا العصر النووي الذي غري‬ ‫كثرياً من املفاهيم اإلسرتاتيجية وحتويل‬ ‫السياسات اخلارجية للدولة والسيما االحتاد‬


‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫السوفييت(السابق) والواليات املتحدة‪ ،‬وقد‬ ‫قامت دول احللفاء بإعادة ترتيب الوضع‬ ‫الدولي من جديد وإنشاء آلية منظمة دولية‬ ‫جديدة قادرة على حفظ السلم واألمن الدوليني‬ ‫والعمل على توطيد العالقات والتعاون الدولي‬ ‫وجاء يف هذا اجملال ونتيجة سلسلة من‬ ‫املؤمترات واملعاهدات الدولية إنشاء منظمة‬ ‫األمم املتحدة‪.‬‬ ‫انطالقاً مما سبق ميكن القول إن الواليات‬ ‫املتحدة كما يقول»ايف ماري لوالن» صارت يف‬ ‫القرن العشرين السلطة العاملية على مرحلتني‬ ‫كانت احلرب العاملية األوىل مرحلتها األوىل‬ ‫وأما مرحلتها الثانية فقد كانت اخلوض‬ ‫املبكر نسبيا يف احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وهكذا‬ ‫حتولت السياسة اخلارجية األمريكية جذريا‬ ‫وبعد تعاظم أهدافها وتنشيط دورها وارتفاع‬ ‫مقامها لفرض نفوذها‪.‬‬ ‫تستأثر قضايا التسليح باهتمام بالغ على كافة‬ ‫األصعدة واملستويات ليس فقط لتعلق هذا‬ ‫املوضوع بصميم األمن الوطين والقومي ملختلف‬ ‫دول العامل فحسب بل ما ترتكه مسالة‬ ‫التسليح من أثار سياسية واقتصادية هلا‬ ‫انعكاساتها اآلنية واملستقبلية على حالة‬ ‫االستقرار اإلقليمي أو العاملي باإلضافة إىل ما‬ ‫ترتكه من أثار على االقتصاد يف دول العامل‬ ‫املختلفة نظـرا ملا تتطلبه من أعتمادات مالية‬ ‫ضخمة تكون على حساب تطور الشعوب‪،‬‬ ‫وإذا كانت الدول العظمى تعترب مسألة التسليح‬ ‫حالة ذات أهمية قصوى ترتبط بنفوذها‬ ‫وهيبتها والسعي املستمر إىل تطويرها وهذا ما‬ ‫فرض حالة سباق التسلح الذي يشهده العامل‬ ‫واالهتمام باألحباث العسكرية وختصيص‬ ‫ميزانيات ضخمة لتطوير األسلحة وجتاربها‬ ‫لغرض االنفراد يف السيطرة على العامل من‬ ‫خالل امتالك القوة‪ .‬تهتم بلدان العامل الثالث‬ ‫كافة وعلى اختالف حجمها أو درجة تقدمها‬ ‫وبشكل أساسي بعملية التسليح‪ ،‬إذ أن‬ ‫احلاجة للتسليح تأخذ بعدا خاصاً بالنسبة‬ ‫لبلدان العامل الثالث نظرا جلسامة املشاكل‬ ‫اليت تعانيها وضخامة التهديدات اليت‬ ‫توجهها سواء على الصعيد اخلارجي او‬ ‫الصعيد الداخلي وهي تهديدات خطرية ال‬ ‫تنتهي بتهديد األمن القومي او انتهاك بعض‬ ‫أراضي الدولة وإمنا تصل إىل تفتيت وجتزئة‬ ‫كيان الدولة فيما بني القوى املعادية او على‬ ‫اقل تقدير نهب خريات الدولة واالستحواذ‬

‫مقالة‬

‫‪39‬‬

‫ميكن القول انه ال غنى ألي‬ ‫دولة من دول العامل الثالث‬ ‫عن التسليح إىل احلد الذي‬ ‫تستطيع من خالله احملافظة‬ ‫على سيادتها وأمنها القومي‬ ‫أي مبعنى إن التسليح يف‬ ‫حالته االعتيادية غري‬ ‫العدوانية يعمـل على ضمان‬ ‫امن الدولة واستقالهلا‪ ،‬ونعين‬ ‫بذلك حفظ توازن القوى القائم‬ ‫لئال خيتل لصاحل دولة معينة‬ ‫على حساب غريها‬

‫على مقدراتها‪.‬‬ ‫ميكن القول انه ال غنى ألي دولة من دول‬ ‫العامل الثالث عن التسليح إىل احلد الذي‬ ‫تستطيع من خالله احملافظة على سيادتها‬ ‫وأمنها القومي أي مبعنى إن التسليح يف حالته‬ ‫االعتيادية غري العدوانية يعمـل على ضمان‬ ‫امن الدولة واستقالهلا‪ ،‬ونعين بذلك حفظ‬ ‫توازن القوى القائم لئال خيتل لصاحل دولة‬ ‫معينة على حساب غريها وتعتمد قوة اي‬ ‫دولة على الصعيد العسكري على ما لديها من‬ ‫قوات عسكرية وأسلحة وتوزيعها على الفروع‬ ‫املختلفة للقوات املسلحة‪ ،‬لذا فأن الدولة تبقى‬ ‫من الناحية العسكرية والسياسية ضعيفة إذا‬ ‫مل يكن لديها القوات املسلحة املناسبة والكفؤة‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫السنة الرابعة‬

‫جملة دجلة‬

‫ألداء املهام اليت توكل إليه ‪.‬إن عملية صناعة‬ ‫السالح حملياً هي الطريق األفضل للحصول‬ ‫على السالح بعيداُ عن الضغوط الدولية أو‬ ‫احتكارات السوق ولكن هذه العملية حتتاج‬ ‫إىل مقومات أساسية لنجاحها وجيب بذل‬ ‫الكثري وأتباع اقصر الطرق للحصول على هذه‬ ‫الصناعات‪ ،‬واليت جيب على دول العامل‬ ‫الثالث من دراستها واإلحاطة بكل جوانبها‬ ‫إذا ما أرادو التكافؤ مع التحديات اجلسام‬ ‫املطروحة‪ .‬إن دراسة أمكانية التصنيع يف‬ ‫كل بلد تتطلب فهماً علمياُ لتحليل ألبنية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية للبلد ومكان الصناعة‬ ‫يف هذه البنية والدور الذي تقوم به يف عملية‬ ‫اإلنتاج القومي‪ ،‬حيث وقفت الدول الكربى‬ ‫عائقاُ يف طريق حماوالت دول العامل الثالث‬ ‫المتالك تقنيات تصنيع السالح احلديثة لكي‬ ‫حتافظ على مستوى تقدمها يف هذا اجملال‬ ‫وتبقى هذه الدول أي دول العامل الثالث يف‬ ‫وضع تكون فيه بأمس احلاجة ملساعدتها‬ ‫واحليلولة دون بناء صناعة وطنية قد تكون‬ ‫منافسة هلا يف املستقبل‪.‬‬ ‫دوافع التسليح يف دول العامل الثالث‪:‬‬ ‫هناك عوامل أساسية يف البنيان القائم للعامل‬ ‫الثالث‪ ،‬هي ان ظاهرة االستقرار ما زالت‬ ‫بعيدة إلـى حد ما عن منال الكثري من الدول‪،‬‬ ‫وبغيابها فان ذلك يعين غياب ارتباطاتها‬ ‫جبوانبها األخرى اقتصاديا وامنياً وعسكرياً‪،‬‬ ‫إن مصطلح الظاهرة يشري إىل مرحلة معينة‪،‬‬ ‫فأن ذلك مرده إىل إن االستقرار السياسي هو‬ ‫ناتج جمموعـة عوامل متغرية بدورها‪ ،‬وعلى‬ ‫ذلك يبدو لنا إن ما يدفــع سياسات التوجه‬ ‫حنو التسليح يف دول العامل الثالث إىل إن‬ ‫تكون فاعلة ومثرية تأخذ حيزها من األهمية‬ ‫إمنا يرتبط ابتداء بوجود هذه اجملموعة من‬ ‫العوامل اليت قد خيتلف تأثري احدها أو‬ ‫موقعة من بلد إىل أخر ويف حماولة لتحديد‬ ‫دوافع رئيسية للتوجه حنو التسليح ميكن‬ ‫أمجاهلا مبا يلي‪.‬‬ ‫أ‪ .‬الدافع السياسي‪ .‬ميثل ما يلي‪.‬‬ ‫‪ .1‬إظهار القدرة جتاه اآلخرين وخاصة تلك‬ ‫اجملاورة منها ‪.‬‬ ‫‪ .2‬تعزيز وجود النظام السياسي واستمراريته‪.‬‬ ‫‪ .3‬اخلوف من التهديد سواء كان قائماً فعلياً‬ ‫أو حمتمالً‪.‬‬ ‫‪ .4‬توجيه األنظار بعيداً عن األحداث الداخلية‬


‫جملة دجلة‬

‫السنة الرابعة‬

‫‪2021/3/30‬‬

‫العدد ‪21‬‬

‫‪40‬‬

‫مقالة‬

‫‪Diclepress13@gmail.com‬‬

‫غري املستقرة أو املشكالت االقتصادية القائمة تقــع يف بؤرة توتر دولي‪.‬‬ ‫‪ .5‬حتصني املواقع الداخلية يف املناطق اليت‬ ‫أو احملتملة‪.‬‬ ‫‪ .5‬االعتقاد بأن التسليح يولد هالة من تكون حدودها مفتوحة ال تتمتع مبوانع‬ ‫طبيعية‪.‬‬ ‫االحرتام على النظام‪.‬‬ ‫ب‪ .‬الدافع االقتصادي‪ .‬ميثل ما يلي‪.‬‬ ‫‪ .1‬محاية االقتصاد الوطين بشكل عام وما‬ ‫تتمتع به الدولة من ثروات طبيعية‪.‬‬ ‫‪ .2‬محاية البنى االرتكازية الصناعية خاصة‬ ‫يف حالة كونها متثل حلقات تقنية متقدمة‪.‬‬ ‫‪ .3‬مواجهة الضغوط االقتصادية اليت تتعرض‬ ‫هلا والتلويح بالقوة املسلحة ملواجهة ذلك‪.‬‬ ‫‪ .4‬الرغبة يف التفوق والتأثري االقتصادي‬ ‫واملدعوم بتصاعد نسب التسليح كضرورة‬ ‫دفاعية‪.‬‬ ‫ج‪ .‬الدافع األمين‪ .‬ميثل ما يلي‪.‬‬ ‫‪ .1‬محاية الكيان السياسي القائم وتعزيزُ‬ ‫أمنه‪.‬‬ ‫‪ .2‬تعزيز الدفاعات الوطنية يف مقابل تصعيد‬ ‫إقليمي قائم أو حمتمل‪.‬‬ ‫‪ .3‬مواجهة مشكالت داخلية‪ ،‬قومية‪،‬‬ ‫طائفية‪ ،‬عرقية‪ ،‬مرتبط جبذور ومؤثرات‬ ‫خارجية‪.‬‬ ‫‪ .4‬محــاية الذات الوطنية يف املناطق اليت‬

‫د‪ .‬الدافع القومي‪ .‬ميثل ما يلي‪.‬‬ ‫‪ .1‬التعويض عن حالة التجزئة القومية‬ ‫ملسببات داخلية وخارجية‪.‬‬ ‫‪ .2‬محاية الوجود القومي الكلي باجتاه‬ ‫التهديد بالتجزئة بفعل خارجي‪.‬‬ ‫‪ .3‬الرغبة يف التفوق إزاء حالة صراع قومي‬ ‫قائم أو حمتمل‪.‬‬ ‫‪ .4‬وجود املشكالت ذات الطابع القومي‬ ‫واليت ترتبط بأمن الدولة وكيانها الوطن‪.‬‬ ‫املصادر‪:‬‬ ‫(‪ )1‬أنور عبد امللك‪ :‬تغيري العامل‪ ،‬سلسلة‬ ‫عامل املعرفة (‪( :)95‬الكويت‪ ،‬اجمللس‬ ‫الوطين للثقافة والفنون واآلداب‪.)1985،‬‬ ‫(‪ )2‬فكرت نامق عبد الفتاح العاني‪ :‬الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية وأمن اخلليج العربي دراسة‬ ‫يف تطور السياسة األمريكية يف اخلليج منذ‬ ‫الثمانينات وآفاق املستقبل‪( :‬بغداد‪ :‬مطبعة‬ ‫العزة‪. )2001،‬‬ ‫(‪ )3‬إبراهيم أبو خزام‪ :‬العرب وتوازن القوى‬

‫يف القرن احلادي والعشرين‪( :‬طرابلس‪:‬‬ ‫مكتبة طرابلس العاملية‪.)1997،‬‬ ‫(‪ )4‬فريد زكريا‪ :‬من القوة إىل الثروة‪:‬‬ ‫اجلذور الفريدة لدور أمريكا العاملي‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫رضا خليفة‪( ،‬القاهرة‪ :‬مركز األهرام للرتمجة‬ ‫والنشر‪.)1990 ،‬‬ ‫(‪ )5‬علي وجيه حمجوب‪ :‬اجتاهات السياسة‬ ‫اخلارجية األمريكية يف القرن احلادي‬ ‫والعشرين والنظام الدولي اجلديدة‪ ،‬أطروحة‬ ‫دكتوراه (غري منشورة) كلية العلوم السياسية‪،‬‬ ‫جامعة النهرين بغداد‪.2006 ،‬‬ ‫(‪ )6‬مسري مرقس‪ :‬اإلمرباطورية األمريكية‪:‬‬ ‫ثالثية الثروة ـ الدين ـ القوة من احلرب‬ ‫األهلية إىل ما بعد ‪11‬سبتمرب (مكتبة الشروق‬ ‫الدولية‪ ،‬القاهرة ‪.)2003‬‬ ‫(‪ )7‬عماد حممد الليثي‪ :‬الرأمسالية األمريكية‬ ‫من النشأة إىل احتالل العراق(القاهرة‪ :‬دار‬ ‫النهضة العربية للنشر والتوزيع ‪.)2004‬‬ ‫ـ جمموعة باحثني‪ ،‬التسليح يف العامل‬ ‫الثالث‪ ،‬مركز دراسات العامل الثالث‪ ،‬جامعة‬ ‫بغداد‪1988،‬م‪.‬‬ ‫ـ اللواء الركن عبد الرحيم طه األمحد‪،‬‬ ‫التصنيع العسكري ودوره يف بلورة القرار‬ ‫السياسي املستقل‪ ،‬بغداد ‪1987‬م‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.