السنة الرابعة
املرأة تعين اهلوية املتأزمة ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی مصطلح الناموس ،هي تعين قانون البيت
2021/3/30
العدد 20
Diclepress13@gmail.com
شهيد :حيدر نايف خدر(رسهلدان الزرو)
دجلة البحث و التوثيق و التحليل العدد21 :
نيسان2021 :
رئيس تحرير و صاحب االمتياز: فارس حربو خدر
نائيب رئيس تحرير:
سكران رديين مسهوج الشمري
سكرتري التحرير:
آزاد عبدال كريت
هيئة التحرير ـ خليل مراد شلو ـ عمران سكران رديين ـ ابراهيم عمو كجي
االخراج فني و تصميم :قاسم خلف عبداهلل العنوان :شنكال(سنجار) تلفون:
07504197663 07500496100 E. mail: Diclepress13@gmail.com
رقم االيداع دار اكتب و الوثائق ببغداد ()1773
«يف هذا العدد» ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی املرأة يف الشرق األوسط إعالميا اشد من الفاقة مرض البدن هل ستلحق املوصل بكوسوفو؟ مصطلح الناموس ،هي تعين قانون البيت األعياد واملناسبات السياسة اخلارجية األمريكية من العزلة إىل التفاعل
4 10 12 18 21 23 32 34
حترير اجلنسوية االجتماعية
ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة
تتصدر املرأة ونظام العالقات والتناقضات املتشكل حوهلا ،قائمة الظواهر الواجب معاجلتها بشكل منفرد ،إىل جانب تكوين مضمون الدمقرطة .بإمكاننا لدى تناول ظاهرة املرأة أن نرى بوضوح أكرب مدى تأخر ونقصان معاجلة العلوم االجتماعية هلا، مبا يضاهي ما هي عليه مسألة توازنات السلوكيات املشاعية والدميقراطية .حيث مثة إمجاع عام يف كافة املواقف العلمية واألخالقية والسياسية ،يفرتض مسبقاً بأن ما تعانيه املرأة هو من دواعي طبيعتها. واملؤسف أكثر أن املرأة أيضاً اعتادت على قبول هذه الرباديغما طبيعياً .فطبيعة وقدسية القوالب الثابتة املفروضة على الشعوب منذ آالف السنني ،باتت حمفورة يف كل خاليا ذهنية املرأة وتصرفاتها بأضعاف مضاعفة .وبقدر ما مت تأنيث الشعوب ،اتسمت املرأة أيضاً بالشعبوية. وعندما قال هتلر”الشعوب كالنساء” ،إمنا قصد هذه احلقيقة .لدى تناولنا ظاهرة املرأة بعمق أكرب ،سندرك أنها عو ِملت كنَ َسب وطبقة وأُ َّمة ،لتتجاوز كونها جنساً بيولوجياً .إنها النَّ َسب والطبقة واألُ َّمة األكثر انسحاقاً .من املهم اإلدراك أنه ما حلقت بعبودية من نَ َسب أو طبقة أو أُ َّمة أُ ِ منتظمة بقدر األنوثة. ُدون بعد تاريخ عبودية األنوثة .أما مل ي َّ تاريخ احلرية ،فال يزال ينتظر التدوين.
يرتبط إبقاء عبودية املرأة يف غياهب الظالم الغائرة ،بالسلطة اهلرمية والدولتية املتصاعدة يف اجملتمع .حيث أُ ِّس َست اهلرميات(اإلدارات املقدسة صاحبة االمتيازات)ُ ، وفتِ َحت درب العبودية أمام شرائح اجملتمع األخرى ،مع تعويد املرأة على العبودية .يأتي استعباد الرجل بعد استعباد املرأة .ومثة جوانب لعبودية اجلنس ،ختتلف عن عبودية الطبقة واألُ َّمة. فباإلضافة إىل وسائل القمع الدقيقة واملُرَ َّكزة إلضفاء املشروعية عليها ،يتم ترسيخها عرب األكاذيب والتلفيقات املشحونة بالعواطف. وتُستث َمر الفوارق البيولوجية وكأنها ذرائع للعبودية .كل ما تقوم به املرأة يؤخذ بعني االستخفاف ،وكأنه”عمل أنثوي” ال قيمة له .ويُطرَح تواجدها يف كل ميادين اجملتمع العامة على أنه حمظور دينياً و ُمعيب أخالقياً .هكذا تُب َعد تدرجيياً عن كافة النشاطات االجتماعية املهمة. ومع انفراد الرجل بالنشاطات السياسية واالجتماعية واالقتصادية كقوة مهيمنة، يتمأسس ضعف املرأة وهزهلا .ويتم تشاطر مفهوم”اجلنس الضعيف” كعقيدة راسخة. بعد أن تتكدس كافة إمكانيات وموارد القوة املادية واملعنوية بيد الرجل ،تغدو املرأة كياناً ِمربَط رأسه بيد الرجل ،ترجتيه أحياناً ،وتدوس على عزتها وكرامتها لرتضى بقدرها أحايني أخر ،وتغتاظ من
عبداهلل أوجآالن
احلياة دائماً وتعبَس هلا؛ لتتقمص رداء الصمت العميق .ومبعنى من املعاني، ميكننا وصفها بامليت احلي .بإمكاننا إبراز الظاهرة أكثر عرب عدة تشبيهات: التشبيه األول :العصفور الذي داخل القفص .فأحياناً يكون العصفور بديعاً وزاهياً كالكناري .وأحياناً يكون ذا صوت مجيل كالبلبل .كل واحد يُ َشبِّه املرأة بعصفور حسبما يرتأيه هو .وغالباً ما يقال فيها :عصفور الدوري. ً التشبيه الثاني :القطة اليت متوي دائما يف قعر بئر بال قاع .حيث يستأهلها صاحبها ويدجنها جيداً بتغذيتها على بقايا الطعام. ِّ قد يكون تشبيهاً فظاً ،لكن ،مثة ضرورة ساطعة إلبداء مساعي علمية وأدبية متعددة االجتاهات ،بغرض ُاستيعاب مدى عمق العبودية القائمة .لقد أ ِّسس جمتمع جنسوي إىل أبعد احلدود .والفظاظة احلقيقية تكمن يف املوقف التالي :بينما يُعتَبرَ اغتصاب الرجل للمرأة عنوة بأنه بطولة ،وبينما يتلذذ الرجل بذلك ويغتبط آلخر درجة؛ تواجه املرأة كل أنواع اإلجحاف حبقها؛ بدءاً من رمجها باحلجارة حتى املوت، وحتى حبسها يف بيوت الدعارة ،واحلكم عليها بعدم الدخول ثانية إىل اجملتمع. والفظاظة األخرى هي :بينما يعتز الرجل بعضوه اجلنسي ويتباهى ،تكون األعضاء اجلنسية للمرأة مصدر حياء وعار .مل يتوا َن
Diclepress13@gmail.com
أحد عن استثمار أبسط الفوارق اجلسدية على حساب املرأة .بل وغدا كونها”امرأة” موضوع حياء وخجل .حتى يف العشق ـ الذي يُزعَم بأنه عاطفة مقدسة حباله هذه ـ ما تعيشه املرأة ليس سوى فرض الرجل ذاته عليها بكل عمى وتهور .أما البنات الصغريات ،فتعانني االزدراء واالمشئزاز على الدوام. َ التساؤل الواجب طرحه هنا :مِل كل هذه العبودية الغائرة؟ والرد عليه منوط ـ بكل تأكيد ـ بظاهرة السلطة .فطبيعة السلطة تتطلب العبودية .فإذا كان نظام السلطة بيد الرجل ،فلن يكتفي بتشكيل قسم ـ فقط ـ من اجلنس البشري حسب تلك السلطة ،بل سيشمل اجلنس برمته. فكيفما يرى أصحاب السلطة يف حدود ويقّون لذاتهم الدولة حدوداً لبيوتهم ،حُِ القيام بكل املمارسات ضمنها؛ ففي العائلة ـ اليت هي منوذج مصغر هلم – أيضاً يرى الرجل أنه من حقه ممارسة أي عمل(مبا فيه القتل إن رأى داعياً لذلك) ،باعتباره صاحب السلطة .إن املرأة املنعكفة يف البيت ُملك قديم وغائر ،لدرجة أن الرجل يقول فيها”إنها لي” بكل عواطفه االستمالكية الالحمدودة .يف حني أن املرأة(املقيَّدة بذريعة الزواج) ال جترؤ على الزعم بأبسط حق هلا على الرجل .أما الرجل ،فحقوقه
فكرية
5
جيب اعتماد املفهوم القائل بأن كل نضال حترري عاجز عن ختطي ثنائية”الرجل احلاكم ـ املرأة العبدة” لن يتمكن من توطيد اهلوية احلرة أو اكتسابها؛ كمعيار أولي للحرية .إذ لن تتحقق العالقة احلرة بني املرأة والرجل، بدون حتطيم عالقة املُلكية والسلطة املسلَّطة على املرأة
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
على املرأة واألطفال ال تعرف احلدود. جيب البحث عن املصدر األولي لل ُملكية ـ مرة أخرى ـ يف العائلة ،ويف التصرف باملرأة بكل عبودية .حيث تكمن املرأةُ املستعبَدة يف مصدر املُلكية .تتفشى العبودية واملُلكية يف املرأة على موجات متتالية ،لتعم كل املستوى االجتماعي. رسخ ُّ كل عاطفة أو فكرة لل ُملكية هكذا تُ َّ والعبودية ،يف البنية الذهني ِة والسلوكي ِة للفرد واجملتمع .ويُؤقلَم اجملتمع مع كافة أشكال البنى اهلرمية والدولتية .هذا ما معناه بدوره سهولة سريورة كافة أنواع البنى املسماة بالطبقية ،بعد اكتسابها مشروعيتها .هكذا ،ال تكون املرأةُ لوحدها خاسرة ،بل واجملتمع برمته ،عدا حفنة من القوة اهلرمية والدولتية. ال أهمية ملحوظة ملراحل األزمات اخلاصة بالنسبة للمرأة .فهي باألصل تعيش أزمات مستمرة .املرأة تعين اهلوية املتأزمة .املسألة الوحيدة الباعثة على األمل يف خضم فوضى النظام الرأمسالي املعاشة اليوم ،هي كون ظاهرة املرأة قد ُسلِّط عليها الضوء ،ولو مبحدودية .فالفامينية ساهمت بشكل بارز يف إظهار حقيقة األنوثة يف الربع األخري من القرن األخري؛ وإن مل يكن بشكل مكتمل .ومبا أن فرصة التغيري لكل ظاهرة تتزايد مع تصاعد التنوير العالي هلا يف
جملة دجلة
السنة األول
2021/3/30
العدد 21
تنم اخلطوات اليت ستُخطى الفوضى؛ فقد ُّ لصاحل احلرية عن انطالقات وثابة نوعية، وقد تَنْفُ ُذ حرية املرأة من األزمة احلالية مبكاسب عظمى. من الضروري أن جتد حرية املرأة إطاراً وأفقاً مناسباً لتعريف الظاهرة .فقد ال تعين احلرية واملساواة االجتماعية العامة حرية ومساواة مباشرة بالنسبة للمرأة أيضاً. األساس هنا هو املساعي والتنظيم اخلاص. وأيضاً ،قد مَُ تد حركة الدمقرطة العامة املرأة ببضعة فرص وإمكانيات .لكنها ال جتلب هلا الدميقراطية تلقائياً .على املرأة أن تبذل مساعيها وتؤسس تنظيمها وحتدد أهدافها اخلاصة بها بالذات .مثة حاجة أولية لتعريف احلرية مبا يقابل حالة العبودية املعششة يف املرأة .لقد تطورت قدرة النظام الرأمسالي اخلارقة على تطوير األدوار واخلياالت والتصورات الزائفة عوضاً عن احلقيقة ،حبيث ساوى بني احلرية وبني النشاطات األكثر حطاً من شأن املرأة(كاألدب والفن اإلباحي على سبيل املثال). رغم وجود العديد من العناصر املهمة يف مساعي وجهود الفامينية ،إال إنها ال تزال بعيدة عن ختطي آفاق الدميقراطيات ذات النواة الغربية .وباألساس ،يصعب على املرء القول بأنها استوعبت شكل احلياة اليت كونتها الرأمسالية بشكل كامل ،فما بالك بتخطيها إياها! يستذكرنا هذا الوضع مبفهوم الثورة االشرتاكية لدى لينني .فرغم هذا الكم اهلائل من اجلهود الدؤوبة ،ورغم العديد من املواقع املكتسبة بعد صراع مرير؛ إال أن اللينينية مل تتخلص يف احملصلة من تقديم أمثن املساهمات إىل الرأمسالية من اجلانب اليساري .وقد تلقى الفامينية أيضاً عواقب مشابهة .فافتقار مناضلية املرأة إىل الدعامة التنظيمية املتينة ،وعجزها عن تطوير فلسفتها بشكل تام؛ إمنا يثبط من عزمها على مواجهة املصاعب .ولرمبا ال يؤدي حتى إىل تأسيس”االشرتاكية املشيدة” جلبهة املرأة .مع ذلك ،فمن األصح النظر إليها كخطوة حقيقية ،من ناحية لفت األنباه إىل املشكلة القائمة. ال جدال يف أن للمرأة طبيعتها ،مثلما هي حال كل موجود جنسي .ومع تزايد الرباهني يف حوزة علم البيولوجيا ،تزداد
6
فكرية
Diclepress13@gmail.com
وما يؤكد صحة هذه الظاهرة هو عواطف احلسد والغرية املفرطة لدى الرجل ،واليت ال معنى هلا وال أصل .فبينما تقف طبيعة املرأة أكثر وثوقاً من نفسها إزاءه ،ال يهدأ للرجل بال وال يعرفه السكون. وكأنه بالء مسلَّط على املرأة، جيول يف أطرافها .كل هذه املالحظات تشري إىل أن جسد املرأة ليس مشحوناً بالضعف، بل هو املركز النواة
مؤازرته لكون املرأة ـ كجنس بيولوجي ـ عضواً مركزياً يتخطى إطار اجملتمعية. باختصار ،إىل جانب أن جسد املرأة يشمل الرجل ،فالعكس غري صحيح .أي أن جسد الرجل ال ميكن أن يشمل املرأة .من هنا نفهم أن الرجل خملوق من املرأة؛ على خالف ما ادعته الكتب املقدسة خبلق الرجل. من املرأة فـ”كروموسومات”(صبغيات) املرأة أكثر مما للرجل منها .حتى الدورة الشهرية(احليض) ،اليت يُن َظر إليها كسوء طالع للمرأة؛ جيب اعتبارها مؤشراً قاطعاً ورقّة عالقة املرأة على مدى حساسية ِ بالطبيعة .جيب النظر إىل نزف الرحم كتدفق للحياة الطبيعية املستمرة اليت مل
تنضب بعد .أي أن جذور شرايني احلياة مل تنضب بعد .واستمرارها دليل على إرادتها .هكذا جيب استيعاب األمر .أي، ما يقال عنه بأنه أمراض املرأة ،ليس سوى ظواهر احلياة بعينها .وهي تنبع من متثيل املرأة ملركز احلياة ونواتها .إن مشاكل احلياة املعقدة واملتشابكة جتري يف رحم املرأة ،يف بطنها .والوليد املتولّد منها، واحلبل الس ّري ،أشبه باحللقة األخرية لسلسلة احلياة. مقابل هذه احلقيقة ،يبدو الرجل وكأنه ملحق باملرأة ،وامتداد هلا .وما يؤكد صحة هذه الظاهرة هو عواطف احلسد والغرية املفرطة لدى الرجل ،واليت ال معنى هلا وال أصل .فبينما تقف طبيعة املرأة أكثر وثوقاً من نفسها إزاءه ،ال يهدأ للرجل
Diclepress13@gmail.com
بال وال يعرفه السكون .وكأنه بالء مسلَّط على املرأة ،جيول يف أطرافها .كل هذه املالحظات تشري إىل أن جسد املرأة ليس مشحوناً بالضعف ،بل هو املركز النواة. انطالقاً من ذلك ،على املرأة أن ترفض، وعلى الفور ،تعريف”الناقصة ،املريضة” الذي فرضته عليها ثقافة الرجل احلاكم. وعليها أن تُش ِعر الرجل بأن العكس هو الصحيح .وحنن نشيد بهذه احلقيقة عندما نقول بضرورة ثقتها بنفسها فيما خيص جسدها. النتيجة الطبيعية هلذا التكوين اجلسدي هي كون الذكاء العاطفي لدى املرأة أقوى. الذكاء العاطفي هو الذكاء الالمنقطع عن احلياة .كما أنه الذكاء املتضمن لالعتناق والتعاطف الوطيدين .حتى لو تطور الذكاء
فكرية
7
التحليلي لدى املرأة ،فانطالقاً من قوة ورصانة ذكائها العاطفي؛ فهي تكون أكفأ يف اتباع سلوك أكثر اتزاناً وتوازناً وارتباطاً باحلياة ،وأكثر بُعداً عن التخريب والدمار. ال يفهم الرجل معنى احلياة بقدر املرأة. واملرأة اليت تعين احلياة ذاتها(كلمة””Jin املنتمية إىل جمموعة اللغة اآلرية ،تعين يف اللغة الكردية”احلياة” ،وتعين”املرأة” يف الوقت عينه)؛ إمنا هي عبارة عن املهارة والقدرة على رؤية مجيع جوانب احلياة حبالتها الشفافة البعيدة عن الرياء والنفاق. مهارتها هذه راسخة وقوية .وحنن ندرك ذلك جيداً يف حياتنا الشخصية أيضاً. الرجل بذاته هو املسؤول الظامل عن املرأة املتصفة بأنها حمتالة ومرتدية وفاحشة وغريها من الصفات .إذ ما من امرأة ترى
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
حاجة للجوء إىل احليل أو الفحوش ،إن تُ ِر َكت وشأنها .فال جسدها ،وال كيانها البيولوجي مالئمان لذلك .الرجل هو املبت ِكر احلقيقي للحيل والدسائس والفحوش .كلنا نعرف أن أول بيت دعارة مشهور افتُتِح يف نيبور ،عاصمة السومريني ،يف أعوام 2500ق.م ،حتت اسم”مصاقدين”. وكانت سلطة الرجل هي اليت افتتحته. مع ذلك ،فالرجل ال خيجل من التذكري دوماً بالفحوش ،وكأنه من ابتكار املرأة. بل وال يُنقِص من عصا الضرب وممارسة اجملازر على املرأة ولعنها وسبّها بكل ما خيطر على البال من وسائل؛ بعد أن يرمي بأثره هو ،وبا ُ جلرم الذي ابتكره هو ،على ويطور ـ بناء عليه ـ مفهوم عاتق املرأةِّ ، الشرف املزيف.
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
النتيجة اليت ميكننا استخالصها من هذا امللحق ،هي ضرورة الوقوف أوالً التعريف َ يف وجه اهلجوم األيديولوجي للرجل. على املرأة أن تتسلح بأيديولوجيتها التحررية املتجاوزة لنطاق الفامينية مبصدرها الرأمسالي؛ وأن تكافح جتاه األيديولوجية الذكورية املهيمنة .عالوة على أنه يتوجب اإلدراك جيداً لكيفية تعزيز قدراتها الذهنية الطبيعية والتحررية يف امليدان األيديولوجي أوالً ،إزاء الذهنية الرجولية السلطوية احلاكمة .وال ننسى هنا أن االستسالم األنثوي التقليدي ليس جسدياً ،بل هو اجتماعي .وهو يأتي من العبودية املعششة فيها واملقبول بها .ما دام األمر هكذا ،فمن املهم التغلب على األفكار والعواطف االستسالمية يف امليدان األيديولوجي أوالً. على املرأة أن تعي أنه عندما تتوجه حريتها صوب امليدان السياسي ،تكون حينئذ يف مواجهة أشد جوانب الصراع حدة ومشقة .وبدون معرفة كيفية إحراز النصر يف امليدان السياسي ،ال ميكن أن يكون أي انتصار آخر راسخاً أو دائمياً .ال تدول يعين االنتصا ُر يف هذا امليدان حرك َة ُّ املرأة .بل وخالفاً لذلك ،يعين الصراع مع البنى الدولتية واهلرمية ،وخلق كيانات سياسية ال تهدف إىل الدولة؛ بل تكون دميقراطية تهدف إىل حرية اجلنس وبناء
8
فكرية
Diclepress13@gmail.com
اجملتمع األيكولوجي .فاهلرمية والدولتية هما أكثر الظواهر تضارباً وتنافراً مع طبيعة املرأة .انطالقاً من ذلك ،على حركة حرية املرأة أن تؤدي دورها الريادي يف سبيل تأسيس الكيانات السياسية اخلارجة عن نطاق الدولة ،واملنا ِهضة للهرمية. وانهيار العبودية يف امليدان السياسي، يكون يف مضمونه مبعرفة كيفية االنتصار ُ النضال والصراع يف يف هذا امليدان .يستلزم َ هذا امليدان التنظيمَ والنضال الدميقراطي الشامل للمرأة .فكل أنواع منظمات اجملتمع املدني وحقوق اإلنسان واإلدارات احمللية ،هي الساحات اليت سيتطور فيها نضاهلا وينتظم .وطبقاً ملا هي عليه احلال يف االشرتاكية؛ فالدرب املؤدية إىل حرية املرأة ومساواتها ،متر من النضال الدميقراطي املظفر واألمشل على اإلطالق. ال ميكن حلركة املرأة العاجزة عن كسب الدميقراطية ،أن تظفر حبريتها ومساواتها. ِّ يشكل واقع األسرة والزواج املشكلة األهم بالنسبة للحرية يف امليدان االجتماعي. إنهما أشبه ببئر بال قاع .وهاتان املؤسستان الباديتان وكأنهما سبيل اخلالص للمرأة، ليستا سوى انتقاالً من قفص إىل آخر، بسبب الذهنية االجتماعية احلالية .بل وحيصل ذلك باالضطرار لترَْك شباب املرأة احليوي والعنفواني لرمحة ذهنية قصاب ظامل .من الضروري رؤية األسرة ّ
كانعكاس(صورة) للمجتمع الفوقي(جمتمع السلطة) داخل الشعب ،وكمؤسسة عميلة له .الرجل هو ممثل السلطة املوجودة داخل اجملتمع ،ضمن العائلة؛ والتعبري املكثف هلا .يف احلقيقة ،عندما تتزوج املرأة فهي تُستعبَد .إذ من العصيب تصور وجود مؤسسة استعبادية أخرى ،بقدر ما هي عليه مؤسسة الزواج .والعبوديات األمشل مبعناها احلقيقي ،تتأسس مع هذه املؤسسة ،وتستمر يف األسرة مع جتذرها فيها أكثر فأكثر. حنن ال نتكلم هنا عن احلياة املشرتكة .فهذه نقطة ميكن أن تكسب معناها وفقاً ملفهوم كل شخص يف احلرية واملساواة .بل نتكلم عن الزواج واألسرة مبعانيهما التقليدية الكالسيكية املرتسخة ،واليت ال تعين سوى التملُّك األكيد على حساب املرأة، وانسحابها من كافة امليادين السياسية والذهنية واالجتماعية واالقتصادية ،وعدم قدرتها على مللملة أشالئها بالسهولة املتصورة .قد تؤدي الزجيات والعالقات َّ القائمة ،والنابعة من الضوائق الفردية والغرائزية ومن مفهوم األسرة التقليدية، دوراً مياثل أخطر أنواع االحنرافات على درب احلياة احلرة؛ ما مل تتوطد مقومات احلياة املشرتكة الدميقراطية واحلرة اهلادفة إىل حرية اجلنس ،بعد مترير األشكال املوجودة منها من حماكمة راديكالية
Diclepress13@gmail.com
أساسية .تتمثل احلاجة املاسة يف األمر يف حتليل الذهنية وامليدان الدميقراطي والسياسي ،بغرض الرتسيخ الكامل حلرية اجلنس ،وإبراز إرادات احلياة املشرتكة املالئمة لذلك ،واملنسجمة وإياه. أما موضوع العشق الذي تتداوله األفواه كالعلكة يف عاملنا الراهن؛ فهو يشهد أكثر مراحله خزياً وافتقاراً للمضمون واملعنى. إذ مل تسقط مرتبة العشق حتت األقدام بهذهالدرجة يف أي مرحلة أخرى من التاريخ .فحتى أخطر مناذج العالقات وأقبحها ،تسمى بالعشق ،بدءاً من العشق اللحظي وحتى أكثر السلوكيات إباحية تصور عالقة مطبِّقة للجنس .ال ميكن ُّ ملفهوم حياة النظام الرأمسالي بأفضل حال ،أكثر من تلك العالقات .إن ظواهر العشق الراهنة هي اعرتاف صريح ال غبار عليه لألحوال اليت وقعت فيها الذهنية اليت فرضها النظام احلاكم على اجملتمع والفرد ،حتى يف أقدس امليادين. إحياء العشق هو أحد أصعب املهام الثورية. إذ يتطلب الكدح العظيم والتنور الذهين واحلب اإلنساني .ومن أهم شروط العشق: أوالً :النظر إىل العصر ضمن آفاق احلكمة، واحلذو حذوها .ثانياً :فرض السلوكيات العظيمة إزاء طيش النظام وتهوراته .ثالثاً: القبول باستحالة تواجه اجلنسني أو النظر إىل بعضهما البعض يف حالة غياب احلرية والتحرر؛ وهضم ذلك كسلوك أخالقي أساسي .رابعاً :أ ْسر الغريزة اجلنسية وضبطها مبوجب متطلبات النقاط الثالث السابقة .مبعنى آخر؛ جيب اإلدراك يقيناً بأن أية خطوة خُتطى على درب العشق ستكون إنكاراً للعشق؛ ما مل ترتبط الغريزة اجلنسية فيها باحلكمة وبأخالق احلرية وحقيقة النضال والصراع السياسي والعسكري .كل من يعجز عن تأمني فرص ٍة يؤسس فيها املرء عشه الزوجي احلر بقدر العصفور الطليق ،ويتكلم باملقابل عن العشق والعالقة والزجية؛ إمنا يشري بكل جالء إىل استسالمه لعبودية النظام االجتماعي السائد ،وإىل جهله بالقيم النبيلة السامية لنضال احلرية. إ ْن كان ال بد من احلديث عن حقيقة العشق يف راهننا ،فهذا غري ممكن إال باكتساب الشخصيات اليت تتجاوز يف عشقها ما كان
فكرية
9
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
اجلنسية بالعصرية .إذ مثة حاجة ماسة لاستيعاب أغوار احلرية وإكسابها إرادتها،
موضوع العشق الذي تتداوله األفواه كالعلكة يف عاملنا الراهن؛ فهو يشهد أكثر مراحله خزياً وافتقاراً للمضمون واملعنى .إذ مل تسقط مرتبة العشق حتت األقدام بهذه الدرجة يف أي مرحلة أخرى من التاريخ عليه”ليلى وجمنون” بأشواط ملحوظة، وتتخطى كل أهل التصوف ،وتتحلى بدق ِة وحساسي ِة رجل العلم ،وتؤدي إىل اخلروج من األزمة احلالية والتوجه حنو احلرية االجتماعية ،وتربهن على عشقها ببساالتها وتضحياتها وانتصاراتها املظفرة. بإمكان مشاكل املساواة االجتماعية واملشاكل االقتصادية للمرأة أن تلقى الرد الالزم هلا بالنجاح املوفق يف عملية الدمقرطة؛ عرب حتليل وتفكيك السلطة السياسية أوالً. إذ ما من شائبة يف أن احلرية القانونية القحطة واجملدبة ،لن تفي بشيء ،ولن تكتسب معناها؛ ما مل حُي َرز التقدم على درب احلرية ،وما مل يُع َمل بالسياسة الدميقراطية. األصح هو تناول موضوع املرأة كثورة ثقافية .إذ من العصيب إجياد حل حترري ذي معاني راقية بالثقافة القائمة؛ مهما كانت النوايا حسنة ،ومهما بُ ِذلَت اجلهود الدؤوبة .وذلك بسبب املشكلة القائمة يف الظاهرة ذاتها ،وبنية العالقات فيها. واكتساب اهلوية التحررية األكثر راديكالية أمر ممكن فقط بالدنو من املرأة .أو باألحرى باستيعاب النظام القائم يف العالقات بني اجلنسني ككل متكامل ،وختطيه .جيب اإلدراك جيداً أنه ال ميكن قطع مسافة، ولو مبثقال ذ ّرة ،مبقارنة مسألة احلجاب بالتقاليد واألعراف ،ومقارنة اإلباحية
بقدر التعمق يف أغوار العبودية وتفهمها .على كل القاصرين عن قطع مسافة ملحوظة يف درب حرية املرأة ،وبالتالي يف درب حترير الذات؛ أن يعرفوا أنهم بذلك لن يكونوا قادرين على إبداء قدرة احلل والتحول يف أي ميدان اجتماعي ،وال يف جمال احلرية السياسية أيضاً .جيب اعتماد املفهوم القائل بأن كل نضال حترري عاجز عن ختطي ثنائية”الرجل احلاكم ـ املرأة العبدة” لن يتمكن من توطيد اهلوية احلرة أو اكتسابها؛ كمعيار أولي للحرية .إذ لن تتحقق العالقة احلرة بني املرأة والرجل ،بدون حتطيم عالقة املُلكية والسلطة املسلَّطة على املرأة. من الواقعي أيضاً اعتبار قرننا مرحلة اجتماعية ستتصاعد فيها إرادة املرأة احلرة. لذا ،يتوجب التفكري يف املؤسسات الراسخة الالزمة للمرأة وتأسيسها ،رمبا ألجل القرن بأكمله .وقد تتولد احلاجة ألحزاب حرية املرأة .حينها ستكون ذرائع تأسيس هذه األحزاب ومهامها الرئيسية متمثلة يف توطيد املبادئ األيديولوجية والسياسية األولية للحرية ،وإدراجها حيز التنفيذ ،واإلشراف على ذلك وتسيريه. بالنسبة للجماهري النسائية ،وباألخص تلك القاطنة يف املدن ،جيب تكوين مساحات احلرية هلا ،ال دُور االلتجاء واالعتصام .وقد تكون”منتديات الثقافة النسائية احلرة” هي الشكل األنسب ،واليت بإمكانها أن تؤدي دَور معابد املرأة العصرية كمساحات تشمل الوحدات التعليمية واإلنتاجية واخلدماتية للفتيات اللواتي تعجز عوائلهن عن تعليمهن. كما أنها تعد حاجة ضرورية وشكالً مالئماً من أجل الفتيات والنساء ،بسبب وجود البنى التعليمية املدرسية احلالية يف النظام القائم. يقال أنه ال حياة بدون املرأة .لكن ،ال ميكن العيش مع املرأة احلالية أيضاً .فحسب قناعيت ،إن العالقة الذكورية ـ األنثوية غرق الغارقة يف العبودية حتى حلقها ،تُ ِ أصحابها معها أكثر من غريها من العالقات. ما دام األمر كذلك ،فما هو منتَ َظر من أصحاب العشق احلقيقي للخروج من فوضى النظام الرأمسالي األخرية ،هو خلق القدرة العظيمة املتمحورة حول املرأة ،وحتقيق االنطالقة بها. أظن أن هذا من أقدس وأنبل األعمال اليت سيقوم بها أبطال العشق احلقيقيني ،الذين وهبواً أفئدتهم وعقوهلم للعشق بكل طواعية.
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
10
مقالة
Diclepress13@gmail.com
ملحمه درویش عبدی وعدوله ملی
أ .اللش إمساعيالال
أقام زور متر باشا مهرجاناً مجع فيه الشباب ورؤساء العشائر ،وجاء بصحن الضيافة ووضع فنجاناً من القهوة وخصالت من جدائل عدولة عليها ،وطلب من أحد غلمانه أن يطوف بها على مجيع احلضور ،وقال“ :من يرضى وحيتسي القهوة ويأخذ خصالت جدائل عدولة فإنه يقود احلرب وسوف أزوجه ابنيت عدولة” ،وبينما كان الغالم يطوف بالصحن بني احلضور مل ميد أحد من احلضور يده الحتساء القهوة أو وأخذ خصالت جدائل عدولة. أما عدولة فكانت تراقب درويش من خيمة النساء وعندما أصبح الغالم أمام درويش، لوحت عدولة من بعيد له بأال حيتسي القهوة ألنها تعرف متاماً بأن هذه مكيدة من والدها إليقاع درويش بالفخ والتخلص منه ،ولكن درويشاً مل يبا ِل بإحياءات وحتذيرات عدولة، فاحتسى القهوة واحتفظ خبصالت جدائل عدولة جبيبه .وأخذ استعداداته للقتال،
فجمع اثين عشر فارساً وهو منهم ،فكانوا من عشرية مالن وشرقيان واألورفليني وبينهم جيلو األيزولي ،وعيسو مال علي وبوزان ويوسب(يوسف) وسعدون وفرحان وعبيد وباقر آغا وسليم مصطفى .يف اليوم التالي غادر الفرسان االثين عشر اخليم. كانت عدولة قلقة وتراقبهم ،فأرسلت وصيفتها يف طلب درويش لتحذره للمرة األخرية ،فجاء إليها درويش ولكنه أيضاً مل يستجب لرأيها بأال يذهب للقتال ،قائالً هلا“ :إذا مل جنابه الغزاة فإنهم سوف يستولون على أرضنا وشرفنا” .فودعها حبزن وشد على اهلدبان وهو على ظهرها ملتحقاً بزمالئه اآلخرين وهو يعلم بأنهم سوف يشاركون يف قتال غري متكافئ يف العدد .فالقوات املعادية مؤلفة من ألف وسبعمائة فارس يقودهم عفر اجليسي وسلوك أبو شعر وجيل أبرام. أخذ الفرسان يبحثون يف الربية عن الغزاة القادمني .قبل املعركة رأى درويش عدداً من النسوة اجته حنوهن وسأهلن ولكنهن مل ينطقن ببنت شفة ،فقط أشرن له حنو اخليم
اليت كانت ختص الشيخ هويدي أبو عفر كبري عشرية جيسيان .طلب الشيخ هويدي من درويش بأال يشارك يف القتال مع املليني، ولكن درويش مل يستجب لرأيه. يف الليلة اليت سبقت املعركة وبينما كان الفرسان جمتمعني أعلى“تل حلف” قال عيسو مال علي لدرويش :هل تعلم أن هذا التل يضم عظام آبائنا وأجدانا من الكرد امليتانيني ،يف أسفل التل كانوا يقومون برتبية اخليول وترويضها وتدريبها وكانت جتري مسابقات ومهرجانات للفروسية هنا. طلب سعدون من أخيه درويش العدول عن رأيه والرجوع إىل مضاربهم ،ولكن درويش مل يستجب لرأيه ،قائالً هلم :من يعتكف عن هذا القتال ليعتكف ،فهو حر ،سوف أخوض غمار هذا القتال مبفردي ،حينها اتفق اجلميع بأال يرتاجعوا عن هذا القتال وأقسموا مجيعاً على استمرار املقاومة حتى النصر أو الشهادة ،ومن تارخيها أصبح اسم ذلك التل“تل حلف” كونهم“حلفوا” لبعضهم بعدم التخلي عن بعضهم حتى النهاية.
Diclepress13@gmail.com
يف اليوم التالي اندلعت املعركة بني الطرفني غري املتكافئني عدداً .كلما كان درويش ورفاقه يهامجونهم من أعلى التل مثل الصقور اليت تنقض على أسراب العصافري ،كانوا ميزقونهم ويشتتونهم .كانت هجماتهم على هذا الشكل حيث كانوا يفرقونهم عن بعضهم ويقتلونهم بالعشرات ،رغم تفانيهم يف القتال استشهد العديد من رفاقه ،استشهد جيلو األيزولي بعد قتله لسلوك أبو شعر تاركاً أخواته البنات اخلمسة لقدرهن واستشهد كل من فرحان وعبيد اللذان كانا حيضران حلفل زواجهما وكانا قد اشرتيا مستلزمات عرسيهما من آمد، وكان من املقرر أن تكون حفلة عرسيهما يف األسبوع القادم ،واستشهد سعدون ،فربطوا جثته على حصانه وأرسلوه إىل والديه عفدي وعيشة ولي ،وجرح عيسو مال علي فربطوه وهو مثخن جبراحه على فرسه وأرسلوه ألهله. ضار مل يبق إال درويش وباقر آغا، بعد قتال ٍ اللذان كانا كالصقور اليت تهاجم فريستها، وعندما خيم الليل استشهد باقر آغا .مل يبق يف امليدان إال درويش ،رغم ذلك مل يتهاون ومل
مقالة
11
يستكن ومل جينب .بقي درويش العاشق ألرضه وحمبوبته عدولة وحيداً يف معمعات املعركة. كان اخلصوم يهامجونه بالعشرات ورغم ذلك مل ينالوا من عزميته شيئاً ،وبعد عجزهم عن النيل منه التجؤوا للمكر واخلديعة. عفر اجليسي وجيلو ابرام الرتكماني وضعوا خطة للقضاء عليه .قال جيلو سأهرب من أمامه ،وألنين أعلم بأنه سيطاردني أعرف جيدًا أنه ال يشفي غليله إال مين .سأغري فجأة اجتاهي ألجعله يتجه حنو أوكار الفئران. نفذ خصوم درويش خطتهم وأوقعوه يف أوكار الفئران ،مما أدى لكسر أرجل حصانه، عندها تهاوى درويش عن حصانه ووقع أرضاً ،فهامجوه بالعشرات إال أن عفر اجليسي أبعدهم عن درويش ومحلوه وهو مثخن جبراحه ووضعوه جبانب صخرة فوق تل حلف وتركوه هناك وقفلوا راجعني. عندما وصلت جثة كل من سعدون وعيسو مال علي إىل املرابع العائدة لقبيليت مالن وشرقيان تأهبوا واستنفروا وانتفضوا وأعلنوا النفري
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
العام .كل القبائل والعشائر أعدت قواتها، وتوجه زور متر باشاي ملي وعدولة وعفدي ملحم إىل تل حلف .ليشاهدوا درويش املثخن باجلراح واملخضب بغبار املعركة ،وبالكاد عرفوه .مل تتمالك عدولة نفسها وأمام والدها ألقت بنفسها على درويش ورأت بأن درويش مل يفارق احلياة بعد ،فوضعت رأسه على ركبتيها وبصوتها اجلهوري ندبت حظها وناحت باكية على عشقها املوؤد. مد درويش وقبل أن يلفظ أنفاسه األخرية يده جليبه وأخرج خصالت جدائلها وأعطاها لعدولة؛ وعندها سلم روحه للباري عز وجل وأصبح جثة هامدة. بهذا الشكل انتهت قصة رجل شجاع عرف كيف يربط عشقه حلبيبته عدولة بعشق الوطن واألرض لينتشر عبقه بني الناس ،وكان هلذا العشق ً صدى رائع يف رفع مستوى الروح الوطنية بني الناس واجملتمع. * ترمجها إىل العربية
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
12
املراة
Diclepress13@gmail.com
املرأة يف الشرق األوسط إعالميا
هيلني مراد
حافظ الشرق األوسط ،ومنذ نشوء اجملتمع البشري على استمرارية نظام احلضارة الدميقراطية ويستمر وسيستمر بها ،ألنه مهد اإلنسانية وذا ثقافة مشاعية دميقراطية قائمة على حرية املرأة منذ القِدَم .بدا واضح من خالل الدراسات واألحباث العلمية بان هذه األرض هي البكر يف خلق اجملتمعية ،ثورة اللغة ،الزراعة ،ثورة القرية وباإلضافة إىل ثورة املرأة ،وباألخص لعبت األراضي امليزوبوتامية اخلصبة الواقعة بني نهري الدجلة والفرات ،واليت متثل قلب الشرق األوسط دورا رياديا لثورات اجتماعية كربى. وقد انتشرت كافة التطورات اليت حدثت يف ميزوبوتاميا ،إىل مجيع أصقاع العامل من بعد
الشرق األوسط .خلقت القيم األخالقية واملعنوية من بعد تطور وعي العيش املشرتك على هذه األرض بريادة املرأة أيضا .لقد كان اكتشاف امليثولوجيا ،الدين ،الفلسفة ،العلم، الفن ،املعمار ،الكتابة ومشابه ذلك ألول مرة يف جغرافيا الشرق األوسط ،هي من نتاج ثقافة املرأة اآلهلة .كما جاء قداسة وعظمة املرأة من قوتها اجملتمعية الطبيعية يف محأية احلياة وقيادة اجملتمع واستمرارهُ .قدست اآلهلة األم ،رمز الربكة واخلصوبة واجلهد ألول مرة يف التاريخ على هذه األرض لذا ،فان للشرق األوسط قوة اجتماعية جذرية ،وتاريخ ثقايف عريق ،ومرياث حرية املرأة .عاشت اإلنسانية على مر آالف السنني على هذه األرض ،من دون أن تتعرف على االستعمار ،القمع، السلطة واالستثمار بسبب ثقافة املرأة اآلهلة. هلذا التاريخ الشرقي العريق وجه آخر ،وهو بقاء جمتمعية املرأة األم أمام مرارة الغزوات األوىل يف التاريخ أيضا ،وكانت املصدر يف إنشاء اجلنسوية ،أي سلطة الرجل اليت تعترب أم السلطات أيضا .مل يكن باإلمكان
بناء السلطة واالستعمار واالستمرار بالعنف، من دون ختطي ثقافة املرأة اليت كونت احلياة االجتماعية ،لذا يف البداية مت غزو املرأة، وجتزئة جمتمعية املرأة-األم وتشتيتها .من دون ريب ،مت شرعنة ثقافة هيمنة الرجل وضمانه يف الساحة األيديولوجية أوال، فاستخدم هذا املهيمن تعابري الل ...والسخط حبق املرأة واإلسقاط من قيمها يف امليثولوجيات أيضا .كما هو معلوم ،إن االعتقاد املتفشي بان خلق النساء من ضلع الرجل األعوج ،هو من خمرتعات واكتشافات امليثيولوجيا السومرية أوال ،ومن ثم أكدت الديانات التوحيدية هذه املقولة من بعد ذلك .لقد حتول املعتقد القائم على إن املرأة هي اجلنس الضعيف والناقص إىل احد العوامل األساسية يف شرعنة اجملتمع اجلنسوي ،أي مت االستخفاف بالذكاء العاطفي املتدفق واملتوافق مع الذكاء التحليلي عند املرأة وإنكاره ،وإحلاق ضربات مميتة مبهاراتها الفكرية اجلوهرية .لقد قامت ثقافة الساللة األبوية ،باستعمار املرأة لتتحول إىل أول طبقة عبيد عندها ،ومن ثم تسريبها
Diclepress13@gmail.com
إىل مجيع خأليا اجملتمع .متأسست هذه اجلنسوية اليت بدأت من ثقافة الساللة األبوية يف سلطة الدولة ،اليت تعرب عن سلطة الرجل، وباستمرارها من خالل الطبقة وحضارة املدينة اكتسبت أكثر بعدا .فتح اجملتمع اجلنسوي هذا يف الشرق األوسط ،األبواب أمام قضأيا اجتماعية متفاقمة وفوضى عارمة ،وصلت إىل حد اإلبادة اجلماعية إىل يومنا الراهن ،وهكذا استمر التاريخ سريه كرجل ،أما بالنسبة للمرأة ،فكان تاريخ االنهيار والتشتت والفشل واخلسارة ليس إال .بدأ عصر جديد مع انتقال احلضارة الدولتية إىل أوروبا هذه املرة ،وهو ما يسمى بعصر احلداثة الرأمسالية ،الذي برز بوادره يف القرن السادس عشر .وبدأت مرحلة أزمة بنية احلداثة الرأمسالية يف النصف الثاني من القرن العشرين. عندما مل جتد احلداثة الرأمسالية يف القرن الواحد والعشرون فرصة النجاة حبياتها يف مواجهة ثقافة مقاومة احلضارة الدميقراطية املمتدة إىل آالف السنني ،ظلت ترتعش هذيانا وضعفا واستنزافا واستهالكا سريعا .خاصة وكما نرى بان اكرب أزمات النظام الرأمسالي هو ما يعانيه يف الشرق األوسط ،حيث يكمن هناك مقاومة احلضارة الدميقراطية ضد سياسة اإلنكار واحلرب للحداثة الرأمسالية .فان هذا النظام ال حيرز على النتائج املرجوة يف الشرق األوسط ،مثلما حاز عليها يف بعض البلدان األخرى .يتبني من املؤشرات الراهنة بان النظام الرأمسالي الذي أوصل اجملتمع يف الشرق األوسط إىل حالة األزمة واالنتحار ،فقد قدراته على االستمرار .إن تدخل احلداثة الرأمسالية يف القرن التاسع عشر يف الشرق األوسط من خالل الوحش اهلائم الدولة القومية ،أوقعت بالشعوب يف صراعات دموية ،وتسببت يف إحلاق أضرار جسيمة بثقافة األخوة والنسيج االجتماعي هلذه املنطقة .إىل جانب ذلك ،زادت من حجم القضأيا النامجة من ثقافة السلطة والدولة املمتدة إىل آالف السنني من بعد هذا التدخل. تشكل الدولة القومية يف الشرق األوسط منبع ألكرب األخطار على شعوبها ،ومصيدة مميت هلا .وأما بالنسبة للمرأة ،فان هذه املرحلة تعترب قمة للثقافة اجلنسوية واالغتصاب. يعرب عصر احلداثة الرأمسالية اليوم عن اكرب مراحل انهيار ورعونة النظام احلضاري، املمتد إىل مخسة آالف عام.
املراة
13
فان تطوير أعالم نسوي بديل هي من الوظائف اإلسرتاتيجية واألساسية اهلامة حلركة حرية املرأة، بناء أعالم بديل يف مواجهة احلداثة الرأمسالية سيتطور على أساس بناء أعالم نسوي حر
ال ريب ،بان ما تبدى للعيان ال يعرب عن إفالس احلداثة الرأمسالية فحسب ،بل هو أزمة نظام حضارة اهليمنة الذكورية بعينه أيضا .مع استمرارية أزمة احلداثة الرأمسالية وصل اجملتمع إىل حالة سرطانية ،ألنها يف حالة حرب ضروس معها ،وال تهاجم النساء اللواتي ميثلن اجملتمع والشباب والقوميات املضطهدة وجمموعات القرى_الزراعة، األثنيات ،اجلماعات املهاجرة والعاطلني، بل تستهدف روحهم وحياتهم بكل معنى الكلمة .لكي جتد السلطة فرصة النجاة حبياتها عليها أن جتزأ اجملتمع ،وتفسد أخالقها ،وتنهب االقتصاد ،وتثري الفرداني واجلنس ،وتفرض االستهالك واحلرب، وحاليا ،مل يبقى هناك جانب ما مل تستعمره يف اجملتمع والطبيعة واملرأة .لكي حتافظ احلداثة الرأمسالية على صريورتها وتشرعن نظامها ،يف البدأية تستثمر الساحة املعلوماتية واألعالم والتقنية من مجيع النواحي وعلى
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
كافة املستويات .يسمى العصر الذي نعيشه بعصر االتصاالت واملعلوماتية .فحافظ النظام على صريورته بالرغم من أزمته البنيوية ،له عالقة وثيقة باستخدامه الساحة اإلعالمية لفرض حاكميته األيديولوجية بقوة وبأشكال خمتلفة .لقد تسربت الليربالية -اليت تعترب األيديولوجية الرمسية للرأمسالية -إىل ابسط حركات وخياالت وعواطف وفكر اإلنسان، وتستمر بأيديولوجية اهليمنة واالستبداد من خالل إبقاء اجملتمعات بدون أيديولوجية، واىل جانب الليربالية والوضعية فإنها تستخدم سالح القوموية والدينوية واجلنسوية والعلموية من خالل األعالم إلحيائهم .ال يقبل اجملتمع بهذه االستعمارية والسخط والدناءة يف الظروف الطبيعية ،ولكن يدل هذا على إن قوى النظام تستخدم سالح األعالم باحرتاف وتأثري. أوصل احتكار األعالم اجملتمع إىل درجة اهلذيان والتخدير واإلصابة مبرض االنفصام يف الشخصية ،وتبرته من جذوره التارخيية، ليضعه يف عامل األوهام والفرضيات .إىل جانب كل هذا يغرس الالمسؤولية والضعف والالحل واخلوف واجلنب وعدم الثقة بني صفوف اجملتمع ،ويشجع باملثل على الفردانية خللق شخصية معدومة الفكر والوعي وحمطمة اإلرادة إىل مستوى فقدان القدرة على اختاذ قرارها بنفسها ،واملناقشة حبكمة على قضأياها وذلك حتى ال يهتز عرش حكمه. يبدو جليا بان مسؤولية االستثمار اإلعالمي بهذه الطريقة هو إنقاذ النظام من أزمته الراهنة ،لذا ميكننا القول بان السلطات اإلعالمية وشركائها مذنبني يف مركزهم احلالي .يستخدم آلية التقنية احلديثة الذي وصل يف هذا العصر إىل درجة عظيمة لتقديم املعرفة والعلم ،على عكس أهداف ومصاحل الشعوب .يربز ذلك مدى دور األعالم يف االنكسار االجتماعي .إن املؤسسات اإلعالمية األكرب واألكثر تأثريا يف يومنا الراهن بأيدي حفنة من الفئات االحتكارية وشركاتها. االحتكار اإلعالمي على عالقة وثيقة ومباشرة مع االحتكارات األخرى وحتى يعترب جزء منها يف نفس الوقت .لذا مبكاننا القول بان االحتكار اإلعالمي يدير العامل من هذه الناحية ،ويعمق من جذور السلطة ويشرعنها ،يضعف من منابع مقاومة اجملتمع وينشر ثقافة الرأمسالية الفردية االستهالكية، حيرض ويدعي بان ال حياة خارج حياة
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
14
السلطة والدولة وحيطم مقاومة الشعوب ويقضي على آماله .إىل جانب مهامه هذه فانه خيلق جمتمع أحادي متشابه ،وأفراده بعيدين عن األصل والقيم واحلقيقة ومقلدين افرتاضيني ،يتبع سياسة صهر اللغة والثقافة، ويستصغر جمتمع القرية والزراعة ،ويشجع على االنفصال عنه لريفع من شأن حياة وقيم املدينة .ال يكتفي االحتكار اإلعالمي بهذا، بل يعقد القضأيا االجتماعية إىل درجة داء سرطاني .وبدل من حل اكرب القضأيا تفاقما عن طريق العلم والتكنيك واألعالم واالتصال يعمل على العكس ويعاديها .تأتي القضية الكردية ،والفلسطينية_ اإلسرائيلية من خري األمثلة الدالة على ذلك يف الشرق األوسط .أما بالنسبة إىل دوره يف مسالة اجلنس ،يسعى إىل فرض جمتمع جنسوي عرب إثارة هيمنة الرجل على املرأة بشكل رهيب .بعد تعداد وظائفه هذا يربز أهميته مرة أخرى على الساحة ،بأجياز ،ماتفعله القوى اإلعالمية حيال اجملتمع هو حرب وانكسار وإبادة مجاعية الغري. بال شك ،فان املرأة هي من أكثر الفئات االجتماعية اليت تعاني من انكسارات نتيجة القصف األيديولوجي اإلعالمي يف الشرق األوسط كسائر البلدان العاملية األخرى .إن األعالم املوجود إعالم جنساني وله دور مؤثر وفعال يف إنتاج اجلنسوية ،ويستند على عقلية الرجل املتآمر واملتحأيل .إن األعالم الذي ميثل هيمنة الرجل ضد املرأة فهو ضد اجملتمع بأكمله أيضا .إن سعي األعالم لتحريف األخالق ،ونهب االقتصاد ،واحلط من شان احلياة اجلماعية والتعاون ،يعين يف جوهره استهداف ثقافة األمومة اليت متثلها املرأة يف جوهرها ،لذا فكافة اهلجمات اإلعالمية ضد املرأة هي هجمات تستهدف اجملتمع بأكمله. لقد فتح األعالم الطريق أمام استعمار وعبودية املرأة واستثمارها بشكل اكرب ،واظهر حقيقة مريعة من خالل التالعب واالستثمار بعواطف وفكر وبدن ولسان املرأة ،ملستوى ال ميكن أن يزيد أية استعمارية أو استثمار على ذلك. تتحول املرأة اآلن إىل أطور شيء للرأمسال والسلطة .لقد استعبد النظام الرأمسالي املرأة بشكل اكرب ،حيث مت حماصرتها من كافة اجلوانب ،فإىل جانب عبوديتها يف البيت حتولت إىل صناع ٍة جنسية» السيكس» أيضا، حبيث ال ميكن الرتاجع عنها يف
املراة
Diclepress13@gmail.com
أوصل احتكار األعالم اجملتمع إىل درجة اهلذيان والتخدير واإلصابة مبرض االنفصام يف الشخصية ،وتبرته من جذوره التارخيية ،ليضعه يف عامل األوهام والفرضيات .إىل جانب كل هذا يغرس الالمسؤولية والضعف والالحل واخلوف واجلنب وعدم الثقة بني صفوف اجملتمع ،ويشجع باملثل على الفردانية خللق شخصية معدومة الفكر األفالم والدعأيات واملسلسالت والكليبات. لألعالم دور رئيسي يف حتطيم شخصية املرأة واستخدامها كمادة جنسية يف كافة فروعاته. إن احلط من مكانة املرأة عرب إثارة الغرائز اجلنسية ،يعين رعونة اجملتمع وتفشي سلطة الرجل من خالل اجلنس ،لذا لإلعالم دور هام يف تضليل وحتريف طبيعة املرأة وحقيقتها .ينبغي تشخيص تصاعد انضمام املرأة إىل املؤسسات اإلعالمية وحتليلها بشكل صائب .هنا يف األساس يتم اغتصاب املرأة من خالل خدمة النظام وابتعادها عن جوهرها، وتسخري قوتها الفكرية والبدنية .يتبني من كل هذه احلقائق بان النظام الرأمسالي ال يعادي املرأة فحسب بل يدل على إن النظام هو عدو املرأة .هناك تقربات مشابهة ضد مؤسسة الفن والرياضة أيضا .نستنتج من هذه األمثلة الذي بإمكاننا إضافة الكثري عليها، بان األعالم هو وسيلة للدعأية والتحريض ألجل بناء حياة خاطئة ومنحطة وسرطانية
بشكل فعال ومؤثر ،وهذا حبد ذاته يعين نقطة النهأية للمرأة واجملتمع. بكل تأكيد ،لكل قضية طريقة يف احلل، وميكن أجياد طرق احلل للقضأيا االجتماعية املتفاقمة ،وخاصة اجلنسوية االجتماعية ومشكلة املرأة والعائلة والسكان يف الشرق األوسط ،فاملسالة ليست كما يدعيها األعالم الرأمسالي بان ال بديل للسلطة يف العامل، وبتعبري أخر ،ال يوجد غري الرأمسالية .إىل جانب ذلك ألميكن القبول بسلطة الرجل كمصري حمتوم وأزلي ،ألنه خداع وخطا فادح ،وما هو إال أكاذيب األعالم اجلنساني. عندما يفرض األعالم اجلهالة والقدرية والعبودية على املرأة ،ماهو إال فرض السلطة واالستثمار إىل ابعد احلدود .مبا إن قضية املرأة كانت من نتاج السلطة الذكورية ،أي خلقت فيما بعد كقضية اجتماعية عقيمة، فهذا يعين باإلمكان ختطيها بالنضال والتحول االجتماعي يف نفس الوقت ،علما بان للشرق األوسط تاريخ وطاقة قادرة على إنشاء جمتمع حترري جنسوي دميقراطي. يأتي إنشاء احلركات الدميقراطية وخاصة حركات حترر املرأة وتطويرها من املهام والوظائف األولية اليت تنتظرنا ،وذلك لبناء احلداثة الدميقراطية يف مواجهة احلداثة الرأمسالية يف الشرق األوسط .من الواضح بأنه ال ميكن حتقيق ذلك من دون بناء أعالم حر ألنه صاحب دور رئيسي يف إنشاء احلداثة الدميقراطية .األعالم احلر يتخذ املرأة واجملتمع أساسا ،بدل هيمنة الرجل وسلطة الدولة .فاألعالم صاحب دور هام يف توعية اجملتمع ودمقرطة السياسة ،وتطوير ثقافة الدميقراطية وإنشاء الدميقراطية األيكولوجية اجلنسوية التحررية .ينبغي صد كافة هجمات احلداثة الرأمسالية اإلعالمية اليت تستخدمها الشركات اإلعالمية العمالقة ضد اجملتمع واملرأة ،واحلد من هجماتها هذه .فاألعالم مثل العلم والتكنيك أو العقل التحليلي متاما ال يشكل مشكلة حبد ذاتها ،وليس ذا خصائص تدمريية أي جمرد آداة فقط ،بل املهم هنا نوعية الذهنية واأليديولوجية اليت تستخدمها .هناك أمكانية استخدام الساحة اإلعالمية يف إنشاء اجملتمع الدميقراطي كوسيلة نضالية فعالة ،وهذا يعين تفعيل دور املرأة إعالميا وستساعد على تنظيمها واستخدمها الذكاء العاطفي بشكل غري منفصل
Diclepress13@gmail.com
عن الذكاء التحليلي ،وتنوير حرية اجملتمع وتامني مصادر مقاومته ومحأية قيمه املشاعية وتنظيمها ميدانيا .باإلضافة سيساهم األعالم احلر يف سرعة ختطي الذهنية اجلنسوية االجتماعية ،وضمان عملية التغري والتحول وفتح الطريق أمام انعكاس النضال التحرري النسوي بشكل قوي على كافة األصعدة .بدون شك سيأخذ األعالم احلر دورا هاما يف إحياء مرياث احلضارة الدميقراطية املمتدة إىل آالف السنني ،وباألخص ثقافة املرأة-األم ويتخذه أساسا له .باإلضافة إىل اخلصائص احلليّة لألعالم احلر ،فإمكانه تطوير الروح اجلماعية والتعاون والوجدان ،أي أن يلعب دورا ثوريا يف توعية وتربية اجملتمع ،إىل جانب ذلك فتح الطريق أمام نضال املقاومة والدميقراطية ضد كافة الساحات اليت تسربت إليها براثني السلطة عرب نضال أيديولوجي كثيف .فان مت استخدام املؤسسة اإلعالمية بهذا النهج سيكون منربا لتقوية فكر ونقاشات وقرارات اجملتمع ،ومع مرور الزمن سيتعاىل الشعور باملسؤولية يف الفرد واجملتمع ،ومبكانه آنذاك التصدي لكافة أنواع الفردانية والالخالقية
املراة
15
وسياسة الصهر بنضال عظيم. يف هذه النقطة ينتظرنا مهام تطوير أعالم حر يف الشرق األوسط ،لسد الطريق أمام اهلجمات اإلعالمية للنظام وما يرتكبه من إبادات مجاعية حبق اجملتمع واملرأة ،وتطوير أعالم نسوي وتنظيمه .فان تطوير أعالم نسوي بديل هي من الوظائف اإلسرتاتيجية واألساسية اهلامة حلركة حرية املرأة ،ومن األهمية تقيمه بشكل مفصل .حنن النساء وكحركات حترر املرأة مشاكلنا وقضأيانا مشرتكة يف أي بلد كنا ،لذا فسيكون احلل أيضا مشرتكا ومسالة مبدئية وحياتية إىل أخر حد .إن النضال الراديكالي وتوجيه ثورة املرأة ألجل حتقيق حرية املرأة يف الشرق األوسط هي من األولويات األساسية ،لذا فان وظيفة تطوير األعالم احلر على أسس ومبادئ حرية املرأة تأتي يف مقدمة مهامنا .أما حنن كحركة حرية املرأة فان سوية تأدية مهامنا موضوع النقاش .واضح بان لألعالم احلر دور تارخيي يف إنشاء احلداثة الدميقراطية، وللمرأة دور خاص يف هذا اجملال وهي مهمة أساسية عاجلة ،أي بقدر ما حيمل إنشاء
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
األعالم احلر أهمية أساسية يف بناء احلداثة الدميقراطية ،فان تطوير األعالم النسوي احلر واملنظم اخلاص بها من أهم مهامنا يف يومنا الراهن .واضح بان بناء أعالم بديل يف مواجهة احلداثة الرأمسالية سيتطور على أساس بناء أعالم نسوي حر ،أما يف مواجهة اجملتمع اجلنسوي ينبغي حتقيق ثورة املرأة يف كافة الساحات ،ومن الضرورة القصوى حتقيقها إعالميا. تقع مسؤولية بناء أعالم حر بشكل منظم على عاتق احلركات التحررية النسائية يف الشرق األوسط .يف هذا اخلصوص فان األعالم اجلنسوي يف الشرق األوسط ،ومسالة ختطيها مهم للغأية وحيتاج إىل إنشاء أعالم بديل يستند على أعالم نسوي حر ،وهذه مهمة إسرتاتيجية وتلبيتها يقع على عاتقنا حتما، ألنه هناك نواقص كبرية حتتاج إىل املعاجلة والتدقيق .كحركة النساء يف الشرق األوسط علينا انعكاس لغة وصوت املرأة إعالميا وتنظيمها بشكل قوي ،حتى نصبح الطليعة يف إنشاء احلداثة الدميقراطية .إن تطوير أعالم نسوي حر يف الشرق األوسط ظاهرة جديدة،
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
16
املراة
Diclepress13@gmail.com
يف هذه النقطة ينتظرنا مهام تطوير أعالم حر يف الشرق األوسط ،لسد الطريق أمام اهلجمات اإلعالمية للنظام وما يرتكبه من إبادات مجاعية حبق اجملتمع واملرأة ،وتطوير أعالم نسوي وتنظيمه .فان تطوير أعالم نسوي بديل هي من الوظائف اإلسرتاتيجية واألساسية اهلامة حلركة حرية املرأة ،ومن األهمية تقيمه بشكل مفصل
ألنه على عالقة وثيقة حبركة حترر املرأة، ولكن حلد اآلن ،ال يوجد كفاح فعال ومؤثر ضد األعالم اجلنسوي يف الكثري من بلدان الشرق األوسط .لو الحظنا سنرى بان انضمام املرأة إىل املؤسسات اإلعالمية يف تصاعد مستمر ،ولكنه يتم وفق إرادة ومصاحل الرجل الذي يستثمر هذا اجلهد والفكر وحتى البدن خلدمته من دون هوادة .مجيع أنواع األخبار والربامج املتعلقة باملرأة سطحية بسيطة وقائمة على الدعأية اإلعالمية ،وال تعكس مشاكل املرأة بشكل صحيح ،وهنا على سبيل املثال، هناك الكثري من الربامج التلفزة حول طريقة حتضري وجبات الطعام واملأكوالت ،أو كيفية
العنأية باألزهار وعمل املنزل واخلرز .أي يتم بث برامج حتث املرأة على إن تكون زوجة مثالية للرجل ،وربة املنزل ناجحة وفق العادات األعراف الذكورية وال يتجاوز دورها هذا احلدود أطالقا ،فحتى إن وجدت بعض اجملالت واجلرائد النسائية ،إال أنها تكون بسيطة وال تتجاوز مواضيعها العرض البدني أو تضليل حقيقة املرأة واالستخفاف بقيمها وفق الذهنية الذكورية املهيمنة .فمثال إذا أتينا بالعراق مثاال ،أغلبية العاملني والكتاب يف اجملالت واجلرائد الصادرة باسم املرأة هم من الرجال .الفعاليات املوجودة اليوم باسم املرأة مل تتخطى الذهنية الذكورية بعد ،وحتى وان
كان انضمام املرأة إىل املؤسسة اإلعالمية يف تصاعد ولكنه ال يغري من صلب املوضوع أي شيء .ال يهم هنا الكم بل االنضمام احلر وبإرادة وذهنية املرأة احلرة ،وهل بالفعل تنعكس مشاكل املرأة على الشاشة بشكل صحيح وجوهري ،وهل البث املوجود ينطوي على احلل ويدعو إليه؟ أسئلة البد من اإلجابة عليها على ارض الواقع بكل صراحة. املواظبة على بث أعالمي حر يفتح اجملال أمام تنظيم صفوف املرأة مبتانة .األعالم اجلنسوي احلاكم يف الشرق األوسط يدل على الوضع املزري للمرأة بشكل بارز .من جانب أخر ،إن حاولت املرأة العمل يف امليدان اإلعالمي بشكل حقيقي فإنها تواجه مصاعب مجة وخمتلفة يف الكثري من بلدان الشرق األوسط .زجت الكثريات من الصحفيات يف السجون ،أو تعرضن للضرب والقتل والنفي إىل خارج أوطانهم .الوضع يف مسالة عمل املرأة يف املؤسسة اإلعالمية يف الشرق األوسط
Diclepress13@gmail.com
أصعب بكثري وخاصة إذا انطلقت من مبدأ حريتها ،لذا فهنا من الضرورة إن تكون صاحبة إرادة وتنظيم وحركة حرة ،حتى تستطيع إن حتافظ على جهودها املبذولة وختطي احلدود املرسومة هلا من قبل الذهنية الذكورية .األعالم النسوي القوي والفعال هو انعكاس وصدى لنضال حرية املرأة وإرادتها وفكرها احلر ،وهذا بدوره يعين حتقيق حرية املرأة يف ساحة مهمة بصوتها ولغتها ،لكننا إن حترينا بلدان الشرق األوسط واحدا تلو اآلخر ،سنرى معاناة املرأة حتى يف أدق تفاصيل حياتها وهي خري عليمة مبعاناتها هذه .من جانب أخر نؤكد بان الساحات املشعة بفعاليات ونضاالت املرأة يكون األعالم مبوازاة وترية هذا النضال أيضا ،وهذا يدل على إن لألعالم النسوي عالقة وثيقة مع مستوى وترية نضاهلا .وخري مثال على ذلك هو نضال حركة حرية املرأة الكردستانية، اليت تعترب انطالقة تارخيية بالنسبة لنساء الشرق األوسط .لقد تركت هذه احلركة مرياثا ال يستهان بها عرب قيادتها األيديولوجية ومتانة تنظيمها وخربتها يف مجيع اجملاالت، لدرجة بإمكانها انضمام املأليني من النساء إىل السرهلدانات ،باإلضافة إىل دورها الطليعي يف حترير اجملتمع الكردستاني .مت قبول قضية املرأة كقضية اجتماعية يف اجملتمع الكردي مع مرور الزمن .بهذا املستوى النضالي استطاعت هذه احلركة أن تكون أرضية خصبة إلعالم نسوي حر ،وان الحظنا سنرى بان هذا األعالم يعتمد على نضال وكفاح املرأة .لقد ضحت الكثريات من الكادرات اإلعالميات حياتهن يف سبيل أظهار احلقيقة ،وكشف النقاب عن معاناة املرأة الكردستانية ،من قتل ورجم واحنطاط وانتحار بسبب الذهنية اجلنسوية االجتماعية ،وهذا املستوى ليس بقليل بالنسبة إىل جمتمع جمزأ وحتت نري اكرب األنظمة شراسة يف الشرق األوسط ،لذا فان وجود أرضية خصبة لتطوير أعالم نسوي بديل بقيادة حركة حرية املرأة الكردستانية باتت حقيقة ملموسة. وىل القائد «آبو» أهمية بالغة لإلعالم النسوي، وأكد بان خلق أعالم بديل لإلعالم املوجود بطابع الرجل ،متوقف على خلق أعالم نسوي بلغة ولون املرأة ،كما عرف الساحة اإلعالمية بساحة املرأة وقام على تنظيم هذه الساحة .وأكد بان تنظيم أعالم نسوي حر
املراة
17
بوعي وإدراك خطوة هامة وتدبري ضروري يف مواجهة الذهنية الذكورية ،وكما كان تنظيم املرأة يف مجيع الساحات النضالية بشكل ذاتي وحر وخاصة يف الساحة اإلعالمية من احد أهم مبادئه ،الن الذكورية املهيمنة، حتكمت يف امليدان الذهين وحافظت على تأثريها فيه بشكل مستمر .باختصار للقائد «آبو» جهود عظيمة يف تطوير األعالم النسوي منذ نشوء احلركة .إن حركة حرية املرأة الكردستانية من احلركات الثورية األساسية يف الشرق األوسط ،وما خلقته هذه احلركة من مرياث هو ألجل إنارة درب مجيع النساء وستظهر هذه احلقيقة عاجال أم أجال. لقد حققت حركة حرية املرأة الكردستانية خطوات سديدة يف مسالة حرية املرأة ،وما كان انعقاد الكونفرانس النسوي اإلعالمي األول يف شهر أب إال خطوة تارخيية جديدة على هذا الدرب .تعرب هذه اخلطوة عن تقدم هام كون هذا الكونفرانس اإلعالمي بقيادة املرأة الكردية هو األول من نوعه يف الشرق األوسط. وقد أكدت هذه احلركة بان فعاليات الدعاية والتحريض ستكون مؤثرة وناجحة إذا ما كانت بقيادة حركة حرية املرأة .ميكن ختطي ثقافة االغتصاب املمتدة إىل مخسة آالف عام بنضال أيديولوجي قوي ،أما بالنسبة لتنظيم املرأة يف امليدان اإلعالمي فهو يعين جتاوز اجملتمع اجلنسوي واختاذ حرية املرأة األساس وبناء القيم الدميقراطية وجعلها حاكمة يف اجملتمع .إذا ما مت بناء أرضية نضالية خصبة يف مواجهة النظام الذكوري ،سيؤدي إىل انكسار اجلنسوية املوجودة يف األعالم بكل تأكيد .وما كان هدف كونفرانسنا األول إال تكوين أعالم نسوي بديل يف كردستان والشرق األوسط .فحتى إن وصلت املرأة الكردستانية إىل مستوى هام ولكن مازالت مشكلة تنظيم الفعاليات اإلعالمية موجود على الساحة بشكل أقوى وأكثر تأثريا ،وبالتالي يعين وجود مشكلة بناء أعالم بديل أيضا .لذا هلذا الكونفرانس أهمية بالغة يف انعكاس صدى نضال وكفاح وصوت املرأة الكردستانية، باإلضافة إىل توسيع رقعة نضاالتها حتى تشمل مجيع األصعدة .حيث مت اختاذ قرار تنظيم هذه املؤسسة بشكل أقوى حتى تكون طريقا نريا جلميع نساء الشرق األوسط. انطالقا من النقاشات الساخنة يف الكونفرانس وإصرار وعزمية العضويات ،نؤمن بان املرحلة
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
الالحقة ستكون مرحلة تطوير أعالم نسوي حر يف كردستان ،وستعكس بصداها أرجاء املنطقة عموما .حنن النساء علينا أن نتصدى لكل ما عشناه من مرارة االغتصاب واالستعمار والعبودية وفقدان اإلرادة والقرار على مر التاريخ بكل جسارة وعزم ،وكنساء كردستان نؤمن وأكثر من أي وقت مضى بأننا صاحبات قرار يف مجيع ميادين نضالنا .يكتفي أن نقتنع بأنه على املرأة أن تكون فعالة يف الساحة اإلعالمية وتنضم بطواعية وإرادة مستقلة، ونؤمن بان هذه الساحة هي ساحة املرأة .من املؤكد إذا ما حكم نهج املرأة احلرة خبالقيتها والتوافق ما بني ذكائها العاطفي والتحليلي، ستنحل مجيع القضأيا االجتماعية ويف املقدمة قضية املرأة .أما تنظيم األعالم النسوي يف الشرق األوسط سيكون مبثابة كسب موقع من مواقع حرية املرأة.
بال شك ،فان املرأة هي من أكثر الفئات االجتماعية اليت تعاني من انكسارات نتيجة القصف األيديولوجي اإلعالمي يف الشرق األوسط كسائر البلدان العاملية األخرى .إن األعالم املوجود إعالم جنساني وله دور مؤثر وفعال يف إنتاج اجلنسوية ،ويستند على عقلية الرجل املتآمر واملتحأيل. إن األعالم الذي ميثل هيمنة الرجل ضد املرأة فهو ضد اجملتمع بأكمله أيضا
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
18
صحة
Diclepress13@gmail.com
اشد من الفاقة مرض البدن
خُيفّض مستويات س ّكر الدّم املُرتفعة :حيث آ :شريين مجال أظهرت الدّراسات قدرة اخليار على تقليل مستوى ال ّس ّكر يف الدّم ،ومقاومة تفاقم مرض فوائد اخليار والطماطم ال ّسكري .يُعاجل حاالت اإلمساك :إذ يُساعد فوائد اخليار حيتوي اخليار على العديد من العناصر اخليار على تنظيم حركة األمعاء ،كما أنّه كميات كبريةٍ من األلياف واملاء؛ الغذائيّة؛ وهلذا فهو يُقدّم الكثري من الفوائد حيتوي على ٍ وهلذا فهو قاد ٌر على عالج حاالت اإلمساك. للجسم ،وفيما يلي أبرزها: حيمي من اإلصابة باألمراض اخلطرة :إذ يُساعد اخليار على التّقليل من خطر اإلصابة فوائد ال ّطماطم الصحيّة، ببعض األمراض اخلطرية ،كأمراض القلب ،متتلك ال ّطماطم الكثري من الفوائد ّ وال ّرئيتني ،واملناعة ال ّذاتيّة؛ وذلك بفضل وفيما يلي ٌ بعض منها: كميات كبريةٍ من املواد املُضادّة حتافظ على البشرة :إذ مُيكن استعمال احتوائه على ٍ لألكسدة ،اليت حُتارب اجلزيئات احل ّرة ال ّطماطم وقشورها كمادةٍ لتنظيف البشرة، وإعطائها اإلشراق واللّمعان اجلميل ،وقد اليت تتسبّب بظهور تلك األمراض. يحُ افظ على رطوبة اجلسم :إذ يش ّكل تُسبّب ال ّطماطم امحراراً يف البشرة ،ولك ّن هذه املاء %96من حُمتوى اخليار؛ وهلذا فهو احلالة ختتفي سريعاً ،لذلك ال داعي للقلق يُعترب مادةً غذائيّ ًة ممتازةً لرتطيب اجلسم ،بشأنها. حيث يقوم املاء بالعديد من الوظائف اهلا ّمة تقي من اإلصابة بال ّسرطان :إذ أظهرت العديد للجسم ،كتنظيم درجة احلرارة ،والتّخلّص من الدّراسات قدرة ال ّطماطم على وقاية اجلسم من الفضالت املوجودة فيه ،واملُساهمة يف من اإلصابة ببعض أنواع ال ّسرطان ،كسرطان الربوستات ،واملعدة ،والقولون؛ وذلك بفضل عمليّة األيض. ّ حمتوى احتوائها على مادة الليكوبني (باإلجنليزية: ً يُساعد على إنقاص الوزن :فهو ذو قليل بال ّسعرات احلراريّة ،باإلضافة إىل أ ّن ،)lycopeneاليت تُصنّف كمادةٍ ُمضاد ٍة ٍ حمتواه من املاء عا ٍل جداً ،مما يعين أنّه لألكسدة ،وتعمل على إبطاء من ّو اخلاليا لن يتسبّب بأيّة زيادةٍ يف الوزن مهما كانت ال ّسرطانية يف اجلسم ،وجيدر اإلشارة هنا إىل أ ّن إنتاج هذه املادة يزيد عندما تكون ال ّطماطم كميّته.
مطبوخ ًة. حُت ّسن من صحة العظام وتُق ّويها :إذ متتلك ال ّطماطم القدرة على تقوية العظام؛ بفضل كميات جيدةٍ من الكالسيوم احتوائها على ٍ وفيتامني ك. ُ صحة القلب :إذ تساعد الطماطم على تُع ّزز ّ تقليل ارتفاع ضغط الدّم املُرتفع ،وكذلك تقليل مستويات الكولسرتول يف الدّم ،وهذا ما صحة القلب .حُت ّسن النّظر: يُساهم يف تعزيز ّ ّ أالضروري إذ حتتوي الطماطم على فيتامن لصحة العني. القيمة الغذائيّة للخيار حيتوي اخليار على الكثري من العناصر الغذائيّة امله ّمة ،وفيما يلي أه ّم هذه العناصر ّ غرام من مع كمياتها املوجودةُ ّيف كل ٍ 300 اخليار الطازج غري املقشر: العنصر الغذائ ّي كميّة العنصر الغذائي يف 300 غرام من اخليار الطازج غري املُق ّشر الدّهون ٍ 0غرام الكربوهيدرات 11غراماً الربوتني غرامان األلياف غرامان فيتامني ج %14 من احتياج اجلسم اليوم ّي فيتامني ك %62 من احتياج اجلسم اليوم ّي املغنيسيوم %10 من احتياج اجلسم اليوم ّي البوتاسيوم %13 من احتياج اجلسم اليوم ّي املنغنيز %12من احتياج اجلسم اليوم ّي ال ّسعرات احلراريّة 45
Diclepress13@gmail.com
صحة
19
)Anthocyanins (باإلجنليزية: سعرة حرارية املوجودة يف الكرز والتوت األزرق تستهدف مشكلة حساسية اإلنسولني ،وتساعد على القيمة الغذائيّة يف لل ّطماطم تُعترب ال ّطماطم من املواد الغذائيّة الغنيّة حتسني بعض احلاالت كمرض السكري. بالعناصر الغذائيّة امله ّمة جلسم اإلنسان، وفيما يلي أه ّم تلك العناصر املوجودة يف يساعد على حماربة االلتهاب الكوب الواحد من ال ّطماطم ال ّطازجة املُق ّطعة :يتميّز الكرز بنوعيه؛ احلامض واحللو، كوب بكونه مصدراً غنياً بفيتامني ج والبوليفينوالت العنصر الغذائ ّي كميّة العنصر الغذائ ّي يف ٍ واح ٍد من ال ّطماطم ال ّطازجة املُق ّطعة الكولسرتول أو متعددات الفينول (باإلجنليزية: 0غرام املاء 170.14غراماً الكربوهيدرات ،)Polyphenolsواليت تساعد على 5.8غراماً الربوتني 1.58غراماً األلياف منع أو تقليل االلتهاب واإلجهاد التأكسدي، 2.2غراماً الكالسيوم 18ملّليغراماً البوتاسيوم وبالتالي تعزيز الصحة ،كما يُع ّد الكرز 427ملّليغراماً الفسفور 43ملّليغراماً فيتامني احلامض إضافة جيدة للنظام الغذائي اخلاص ج 24.7ملّليغراماً فيتامني أ 1499وحدةً مبرضى السكري؛ فباإلضافة إىل حمتواه من مضادات األكسدة اليت تكافح العديد دولي ًة. من األمراض ،فهو يتميّز بأنه من األطعمة .......... ذات املؤشر اجلاليسيمي املنخفض ،فالكوب الواحد منه حيتوي على 19غراماً من فوائد الكرز للسكري الكربوهيدرات ،وجتدر اإلشارة إىل ضرورة ينظم سكر الدم أشارت العديد من الدراسات إىل دور الكرز التحقّق من امللصقات الغذائيّة للكرز عند يف تنظيم مستوى السكر الطبيعي يف الدم؛ شرائه وهو معلّب أو جمفف ،وذلك ألنّه قد سكر مضاف ،مما يؤدي إىل حيث أوضحت دراس ٌة أجريت عام 2012حيتوي على على ٍ أ ّن مستخلص الكرز يساعد يف السيطرة على ارتفاع نسبة السكر يف الدم. مستوى سكر الدم ،إضاف ًة إىل دوره يف التقليل من مضاعفات مرض السكري ،ويف مقال يعزز إفراز اإلنسولني نشر عام ُ 2017وجد أ ّن مادة األنثوسيانني حيتوي الكرز بنوعيه احللو واحلامض،
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
على مادة كيميائية من شأنها تعزيز إفراز مما يساعد على التح ّكم مبستويات اإلنسولني؛ ّ سكر الدم ،وهذه املادة الكيميائية تسمى ٍ طبيعي يف بشكل ّ األنثوسيانني ،واليت توجد ٍ فاكهة الكرز ،ومتنحه لونه األمحر ،وحسب دراس ٍة أجريت على هذه املادة وتأثريها يف خاليا البنكرياس املنتجة لألنسولني؛ كانت النتيجة زيادةً يف إنتاج اخلاليا لإلنسولني بنسبة %50عند تع ّرضها ملادة األنثوسيانني، وتتوفر هذه املادة يف أنواع أخرى من الفواكه؛ كالفراولة ،والعنب األمحر ،والتوت األزرق.
.......... ما فوائد قشر البطيخ
البطيخ هو من أشهر أنواع الفاكهة الصيفيّة ،وهو نبات مومس ّي ينتمي اىل الفصيلة القرعيّة، يزرع يف أواخر فصل الشتاء وأ ّول فصل الربيع ،وينضج يف فصل الصيف ،وشكل مثار البطيخ تكون إما كروية أو بيضاوية، أما لون مثار البطيخ فتكون إما خضراء ،أو صفراء ،أو بيضاء ،أو متد ّرجة ،واسم البطيخ العمي هو ،Cucumis meloوهو ذو قشرةٍ ملساء ناعمة ويوجد أنواع قشرتها خشن ًة ،لون البطيخ من الداخل عند النضوج
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
20
أمحر وبه بذور البطيخ ،وه حلو املذاق ،تعترب الصني الدولة رقم 1يف إنتاج البطيخ يف العامل حيث تُنتج لوحدها %52من اإلنتاج العامل ّي للبطيخ ،وتاتي بعد ذلك تركيا ،والواليات املتحدة األمريكية ،وتنتج معظم أرجاء الوطن العربي مثرة البطيخ ،ويتجاوز عدد أصناف البطيخ 1200صنف ،وقد ظهر يف األونة األخرية بطيخ على شكل مكعب ،وبطيخ بال بذور ،وبطيخ من الداخل ذو لب أصفر، ويس ّمى البطيخ يف الوطن العربي بأمساء كثرية نذكر منها :البطيخ وهو االسم الشائع ،واجلح ويتداولة أهل جند يف السعودية ،واحلبحب، ويشتهر هذا االسم يف الكثري من دول اخلليج العربي ،والرقي وهو االسم الدارج عن أهل العراق. القيمة الغذائيّة للبطيخ حيتوي البطيخ األمحر على كثري من العناصر واملواد الغذائية املفيدة جلسم اإلنسان مثل: %85من وزن البطيخ ماء ،و %10مواد سكرية، وفيه أيضاً بروتني ،وقليل من الدهون ،ويوجد به الكثري من املعادن واألمالح املعدنية نذكر منها :الكالسيوم ،والصوديوم ،واملغنيسيوم، والفسفور ،والبوتاسيوم ،ويف البذرو يوجد دهون مفيدة غري مشبعة ،وويوجد يف البطيخ أيضاً جمموعة من الفتامينات مثل :فيتامني
صحة
Diclepress13@gmail.com
،Aومركب البيتا كاروتني ،وفيتامني ،C وفيتامني ،B6وحيتوي البطيخ على مادتي مادة الليكوبني ،وسيرتولني ،ويوجد يف البطيخ محض محض البانتوثينيك ويوجد ايضاً موا ّد مضادة لألكسدة مثل اللكوبني.
عن طريق وضع قشور البطيخ على الوجه وحتريكها حبركة دائريّة ملدّة عشر دقائق كل يوم. يُد ّر احلليب لدى النساء املرضعات.
فوائد قشر البطيخ حيتوي قشر البطيخ الداخلي على كثري من املواد نذكر منها ،citrulline :وهو حيافظ على صحة القدرة اجلنسيّة لدى الرجال. ً خيفض كثريا من ضغط الدم املزمن عن طريق أخذ قشور البطيخ وتنشيفها جيداً يف الشمس، ث ّم طحنها جيداً ويت ّم تناول ملعقة ك ّل يوم من مطحون قشور البطيخ كل صباح على الريق. ين ّشط من وظائف الكلى وخيفّف من التهاب الكلى عن طريق تقطيع قشور البطيخ وطبخها مع املاء جيداً مع التحريك حتى تصبح مثل العجني وتوضع بعد ذلك يف الثالجة يف وعاء زجاج ّي ،ويت ّم أخذ كل يوم مقدار ملعقة مع املاء الساخن. يد ّر البول. يذيب احلصى والرت ّسبات يف املرارة والكلى. يلينّ املعدة ومينع اإلمساك .مينع احتباس السوائل يف اجلسم واالستسقاء. مفيد جداً للبشرة ،ويشفي من مرض البهاق
إذ ُتساعد الطماطم على تقليل ارتفاع ضغط الدّم املُرتفع ،وكذلك تقليل مستويات الكولسرتول يف الدّم ،وهذا ما ُيساهم يف تعزيز صحة القلب ّ ..... مفيد جداً للبشرة ،ويشفي من مرض البهاق عن طريق وضع قشور البطيخ على الوجه وحتريكها حبركة دائريّة ملدّة عشر دقائق كل يوم
Diclepress13@gmail.com
مقالة
21
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
هل ستلحق املوصل بكوسوفو؟
سعد سعيد الديوه جي
ال نقصد يف هذا الطرح مبصطلح “املوصل” مدينه املوصل وحدها وامنا حمافظة(املوصل ـ نينوى) حبدودها احلالية ،او رمبا بنوع من التداخل مع كردستان العراقية ليكون املصطلح شامال لوالية املوصل العثمانية وهو ما تقتضيه مصاحل الدول املتصارعة على النفوذ يف املنطقة ومنهما النفط والغاز وطرق نقلهما ،ناهيك عن اقامة القواعد العسكرية الدائمة ومحاية اسرائيل. والعراق بوضعه احلالي وضع قلق ومثخن باملشاكل حتت وطأة الطائفية والفساد وينتظره مستقل غامض ،كما جري ليوغوسالفيا يف بدايات تسعينات القرن السابق عندما انقسمت اىل ستة دول ثم تبعها اقليم كوسوفو الصغري الذي متيز باحلكم الذاتي،
ثم ارادت صربيا وريثة يوغوسالفيا ضمه بالقوة ،ولكن حتت القصف املكثف حللف مشال األطلسي(98ـ )1999اضطرت صربيا لإلنسحاب ومت وضع اإلقليم حتت محاية االمم املتحدة وحلف مشال األطلسي ،وهي سابقة جديدة يف التاريخ األوروبي اي كان استقالالً حتت اشراف دولي بدعم أمريكي واوروبي ،وكانت تلك االحداث بعد ان مترد اإلقليم طالباً االستقالل عن صربيا. يف 17فرباير شباط(2008م) ،اعلن اإلقليم انفصاله الكامل عن صربيا ،واليت رفضته ولكن اكثر من مئة دولة اعلنت اعرتافها إلستقالل كوسوفو ومن ضمنها تركيا ،ومت إقامة قاعدة حللف مشال األطلسي يف هذا اإلقليم الذي تقارب مساحته من 10آالف كم ،2وتعد من اكرب القواعد يف اوروبا. علماً ان سكان اإلقليم ال يتعدى حوالي(2 مليون) غالبيتهم العظمى من االلبان وال ميتلك منفذاً للبحر ألنه حماط بصربيا وألبانيا واجلبل االسود ومقدونيا. والذي دفعنا للدوران حول بعض هذه االفكار هي زيارات سفراء الدول االوروبية ،فرنسا
واملانيا والدمنارك للموصل دفعه واحده يوم 2021/2/13وقبلها كانت زياره السفري الربيطاني ،وقد اعلن السفراء عن نياتهم الصرحية باملساعدة يف اعادة تعمري املوصل، ثم اعقبت تلك الزيارات استهداف وقصف بعض املواقع يف اربيل من قبل بعض امليليشيات ،وال ندري اكان صدفه ام مقرتناً بهذه الزيارات. جاء بعدها اعالن حلف مشال األطلسي مضاعفة عدد قواته عده مرات داخل العراق ومن ضمنها القوات الرتكية املوجودة اصالً مشال املوصل. وال ميكن اهمال زيارة البابا للمنطقة ان متت على انها تصب يف ارساء جذور املسحيني يف املوصل وسهل نينوى فقط ،بعدما ازدادت هجرتهم اىل خارج العراق ،ولكنها جزء من عملية مستقبلية تنتظر املنطقة على االكثر. وال ننسى ان هذه االحداث جاءت بعد تنصيب السيد بايدن رئيسا للواليات املتحدة واملشهور عنه انه كان من املشجعني على اقامة الفيدرالية يف العراق ايام كان نائباً الوباما بني(2001ـ.)2009
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
22
ان انفصال زيارة السفري الربيطاني عن زيارة باقي السفراء يعيد لألذهان ذلك الصراع اخلفي على املنطقة بني بريطانيا وفرنسا بعد ختلي بريطانيا عن بعض تعهداتها يف سايكس بيكو قبل اكثر من مئة عام ،واستئثارها مبعظم مناطق والية املوصل العثمانية واليت كانت ضمناً داخل النفوذ الفرنسي ،وكان النفط واملوقع االسرتاتيجي للمنطقة من اهم العوامل يف استئثار بريطانيا باملنطقة. فهل هنالك تنافر يف املصاحل بني بريطانيا ودول االحتاد االوروبي بزعامة فرنسا يف الوقت احلاضر ،ام هو نوع من التوافق الال متجانس برعاية أمريكية ستكشف عنه االيام القادمة؟ لقد كتب كثري من احملللني بعد احتالل املوصل من قبل الدواعش وما حوهلا بأن خريطة الشرق االوسط ستتبدل ،واذا كان األمر كذلك فان انتشار قوات عدة دول يف املناطق السورية احملاذية للموصل وارتفاع حدة الصراع االمريكي ـ االيراني داخل اراضي العراق هي مؤشرات هلذه احلقيقة. وقبل ذلك كانت بريطانيا قد استخدمت قوتها لفرض السيطرة على املوصل والعراق يف معاهدة لوزان 1923م ،وفرض شروطها على تركيا ،ثم غلب اسم العراق على الواليات الثالث كما يقول هنري .أ .فوسرت. ولكن تركيا مل تتخل ضمنياً عن حقها يف املوصل رغم إذعانها ملقررات لوزان رمسياً، فهل جاءت الفرصة للدخول مع قوات حلف
مقالة
Diclepress13@gmail.com
األطلسي ومبشاركة التحالف كما وضعت هلا قدماً يف سوريا؟ قبل مئة عام كان لربيطانيا اليد الطوىل وحصلت على النفط واالرض ،واآلن تغريت األمور اجليوسياسية ولكن األطماع ان صح التعبري مل تتغري ،وإمنا إزدادت تعقيداً بدخول تركيا كحليف رئيسي يف حلف األطلسي، ودخول ايران وروسيا على اطراف اللعبة، ورعاية كل االطراف جملموعات ميليشياوية تعمل خلدمة اهدافها. ان ما يدعو إلثارة هذه األمور قد يكون مرده اىل اقتناع احللفاء بصعوبة إدارة العراق كوحدة نفطية متكاملة ،ووجود كميات هائلة من النفط والغاز يف احلقول الشمالية الصحراء الغربية، حيث أثبتت آخر الدراسات ان العراق يقع يف املرتبة اخلامسة عاملياً يف إحتياطياته النفطية والثاني عربياً. فهل سيؤدي ذلك اىل تقسيمه اىل فيدراليات او كونفودراليات حتت ادارة شبه مركزية يف بغداد وليس بالضرورة اىل تقسيمه على طريقة كوسوفو ،وتكون عندها منطقه املوصل اكثر املناطق ترشحاً ألي نوع من التقسيم. ورجوعاً اىل مشكلة املوصل ،فال بد من الوقوف على ما ينظر اليه اآلخراىل هذه املنطقة اليت يصفها هاري تشارلز لوقا يف كتابه“املوصل واقلياتها” عام 1924م ،بأن هذه املدينة هلا أهمية جديدة يف عيون العامل وخصوصاً تنوعها األثنوجرايف وتارخيها الطويل ملا يقارب اىل 4000عام ،وان العامل املسيحي على استعد
للتخلي عن منطقة من مناطقه التارخيية. ورغم ان منطقه املوصل تشابه القوقاز الذي يوجد فيه فسيفساء من االجناس اكثر تعقيداً، ولكن املنطقة مل تعرف خالفات حادة اثنية او دينية اال قليالً ،وكانت السمة االبرز يف التعايش بني املسلمني واملسيحيني واليهود قبل خروجهم اىل اسرائيل قبل حوالي سبعني عاماً ،وكذلك بني القوميات الرئيسية وهم العرب والكرد والرتكمان ،ألن الرابطة الدينية كانت اقوى من الرابطة القومية اىل ما قبل ظهورها بعد احلرب العاملية االوىل. ان التواجد األممي واألوروبي ـ األمريكي واضح للعيان يف مفاصل كثري من مناطق املوصل بعد هزمية الدواعش خصوصاً الوجود الكثيف للمنظمات االنسانية ،فهل هنالك اشياء ستحدث. وان الدور الرتكي بدأ يأخذ أبعاده ولو على استحياء يف هذه التشكيلة ،ناهيك عن وجوده العسكري وفعالياته على اطراف املنطقة ومشاهلا. حنن نرى الظواهر ،فهل هنالك اشياء ال ندركها؟ اجلواب حتماً نعم ولكن نوع من التغيري واقع ال حمالة. ولكن ليس بسيناريو كوسوفو بالكامل ،عندها يكون التدخل الدولي برعاية حلف مشال األطلسي واردا بعد اعالن احلماية الدولية لسكان املنطقة واألقوى هو الذي سيختار السيناريو حسب التوافق مع مصاحله.
Diclepress13@gmail.com
املراة
23
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
توجيهات احلرية
مصطلح الناموس ،هي تعين قانون البيت
عيل فرات
متى دخ َل اجملتم ُع النيولييت يف الضائقة ،أو متى ُس ِع َي لِتَ َخ ّطيه؟ من املهم سر ُد الشروح يف هذا األسباب والدوافع املضمار باالعتماد على ِ الداخلية واخلارجية .فلرمبا كان جتا ُو ُز الرجل لنقا ِط ضعفه ،حَ َ وت ُّوله إىل صيا ٍد حاذق ،وبلو ُغه مكان ًة منيع ًة مع حاشيته امللتف ِة حوله؛ قد هَدَّد النظا َم األمومي .كما حُيتَ َمل أ ْن تَكو َن مهارتُه يف احليوان وتنمي ِة النبات قد تَ َسبَّبت يف ذلك تنشئ ِة ِ أغلب مشاهداتِنا تُرَ ِّج ُح لدينا أيضاً .يف حني أنذ َ َ مبؤثرات وحلِّه صهر اجملتمع النيولييت َ ٍ احتمال ِ ريب يف أ ّن هذه املؤثرات تَتَ َج َّس ُد يف خارجية .وال َ ُ وقصص أوىل املقد َسني. دول ِة الراهب وجمتم ِعه َّ ُ ِ اجملتمعات احلضارية يف ميزوبوتاميا السفلى ِ َ ِّ َ ُ وضفاف النيل تؤك ُد صحة هذا الرأي بنسب ٍة ِ َ َ بشكل ُم رَبهَن ،فثقاف ُة رنا ك ذ فمثلما كربى. ٍ وتقنيات ِّ الري يف اجملتمع النيولييت الصاعدة، ُ ظهور القيم ِة األراضي الرسوبي ِة السهلية َّأديَتا إىل ِ الزائدة اليت يتطلبها هذا اجملتم ُع اجلديد املتمد ُن بِالتَّ َمحور َ حول القيم ِة الزائدة املتعاظمة، ِّ ِ وحقَّ َق منزلةً َّ والذي نَظم أمورَه على هيئ ِة دولةَ ، طريق قوةِ الرجل باألغلب. خمتلف ًة للغاية عن ِ لب والتمد ُن املتزاي ُد يعين التبض َع ،الذي جَي ُ بدوره التجارة .والتجارةُ من جهتِها تَتَ َس َّرب يف ِ مستوطنات شكل على النيولييت اجملتمع شرايني ٍ ِ ِ كولونيالية ،لِتَ ُ نشرَ معها تصاعدياً التبض َع واملُلْكي َة للمواد يف وقيم َة التبادل(مثة قيم ٌة استعمالي ٌة ِّ اجملتمع النيولييت ،يف حني أنه تَ ُسو ُد العطايا ِ واهلدايا ِعوَضاً عن التبادل) ،وتُ َس ِّر َع بالتالي من ومستوطنات انفكاك واحنال ِل اجملتمع النيولييت. ُ ِ َ ُ أوروك وأور وآشور إمنا ت رَب ِهن هذه احلقيقة مبا ال يَ ُشوبُه أدنى شك. املهم مبكان عدم باإلضافة إىل ذلك ،من ِّ للمجتمع االستخفاف بالثقاف ِة األيديولوجية ِ ِ النيولييت الصامد طيل َة مسريةِ التاريخ .فحقوقُ ُ الو ُّد األمومة ،التضام ُن االجتماعي ،األ ُخ َّوةِ ،
اخلالي من املنفع ِة واملتطل ُع ـ فقط وفقط ـ ملصلح ِة اجملتمع ،االحرتا ُم ،فكرةُ الفضيلة(أي األخالق) ،التعاو ُن النزي ُه بال مقابل ،تقدي ُر ِّ كل وييي اجملتم َع عن وج ِه حق، َمن يُنتِ ُج القِيَ َم حُ ملصطلحي القدسية باجلوهر السليم االرتبا ُط َ ِ اجلوار ،التَّ َح ُّسر والشو ُق الذي ال واأللوهية ،تقدي ُر ِ يَ ُ نض ُب للمساواة واحلياةِ احلرة ،وغريُها من القِيَ ِم اجملتمع اخلالدة؛ إمنا هي ُ أسباب كينون ِة هذا ُ لهُ ِ الوقت عينِه قِيَ ٌم يستحيل زوا ا أساساً ،وهي يف ِ ُ ما دا َمت احلياةُ االجتماعية قائمة .يف حني أ ّن بالكثري من القِيَمَ احلضارية ،ولِ َكونِها مشحون ٌة ِ القِيَم الثقافي ِة املادية واملعنوي ِة اليت ال فائدةَ ِ يل القمع، هلا على اجملتمع وال نفع ،من قَبِ ِ النهب ،السلب، االستغال ِل ،االستعمار، ِ اإلجحاف االغتصاب ،اجملازر، االعتداءِ، ِ ِ والصهر؛ ، ء اإلفنا الضمري(الالأخالقية)، وانعدام ِ ِ ِ صفوف اجملتمع يَ ُكو ُن وقتياً .إنها فوُجودُها بني ِ اجملتمع املريض واإلشكالي. صفات باألغلب ُ ِ املقاومات املتماسكة تأتي تقالي ُد األنبياء يف صدارةِ ِ القادرةِ على إيصا ِل صوتِها من مرحل ِة اإلنشا ِء األوىل للمجتمع احلضاري إىل هذه األيام. وصها اليت تَبتَ ِد ُئ بِ َسر ِد قص ِة آدم وحواء، فنُ ُص ُ أي أو ِل إنسانَني على وج ِه البسيطة ،إمنا تَشتَ ِم ُل مات الثقاف ِة أحضان يف مجيع مزاياها على بَ َص ِ ِ ِ األيديولوجية .فإذا قَيَّمنا آدمَ وحواءَ على منوا ٍل استيعاب الذهني ِة احلضارية املتأهل ِة سليم وف َق ِ ٍ مَُ اجملتمع النيولييت ،سنجد أنها تدُّنا بِأوىل جتاه ِ الصراع بني السي ِد رؤوس اخلي ِط الذي يُ َؤدينا إىل ِ ِ آدم مع حمادثات ري تفس نا ع وس ب حيث والعبد. ُ ِ ِ ِ ِ للتمييز ر مؤش أنها على حواء مع الرب ،وعالقتِه ٌ ِ َ ُ بقدر ما ترمز إىل سقو ِط املرأةِ بني السي ِد والعبدِ ، األم إىل املنزل ِة الثانية .أما خرو ُج نوح ،فكأنه يُوحي لنا بإنقا ِذه اجملتم َع النيولييت من قبض ِة منت السفينة السي ِد اجلبار الطاغي ،فيَح ِملُه على ِ ِ ُ ُ إىل منطق ٍة جبلي ٍة يَستحيل وصول احلضارةِ إليها، ليُعي َد إنشاءَه من جديد .فالقص ُة باألصل تَش َر ُح َّ النيولييت اجملتم َع السومري ،وكذلك اجملتم َع املقاومَ جتاهَه ،والساع َي للحفا ِظ على وجو ِده ِ بدايات تقالي ِد ه َذين النبيَّني ملتئماً .إ ّن إرجا َع ِ ُظهر لنا إىل مرحل ِة إنشاءِ اجملتمع احلضاري ي ِ ِ املراحل األوىل لدرج ِة أنها وجو َد املقاوم ِة منذ ِ قدر احلضارةِ على األقل .وكيفما ِّ معمر ٌة ومستمر ٌة بِ ِ
الطبقات العليا، يمَُثِّ ُل تاري ُخ السالالت تاري َخ ِ ً لتاريخ فكذا يَ ُكو ُن تاري ُخ النبوةِ ممثال باألغلب ِ وتاريخ األبطال. املقاومة والعشائر الثقافات ِ ِ ِ ِ فجميعُها تتقاط ُع يف نقط ٍة مشرتكة ،أال وهي مناه َ َض ُة الوثنية .وحسب ،بل وألنهما تتشاركان َ َ َ الظاهرة االجتماعية عينها. ختوض صراعاً َ وكان على األلوهية ـ األم أ ْن مريراً مع آهلة الرهبان السومريني .وخنص الرجل املاكر بالذكر النزا َع بني«أنكي» ِإل ِه ِ األولي لإلهل ِة األنثى ،والذي الرمز ِّ و«إينانا» ِ َ أصب َح املوضو َع األساسي الذي شغل املالحمَ ُ اختالف الصراع السومرية .ويتسرت حتت هذا ِ نشوب املصاحل ،والذي أتا َح الفرص َة وأدى إىل ِ جمتمع النزاع والصدام على مجيع األصعدة بني ِ املتمركز حول القرى الكامنة يف القرية النيولييت ِ احلوض العلوي ملا بني النهرين بريادة املرأة ـ ِ جمتمع وبني االستغالل، جتاه واملنغلق األم، ِ ُ ً َ بالتكاثر حديثا ،واملنشأِ على ي ِد املدينة املبتدئ ِ ِ الراهب ،واملنفتح ألو ِل مرة لالستغالل .وهكذا ُولِدَت«املشاك ُل االجتماعية» اجلدي ُة ألو ِل مرة يف التاريخ .إذ ،ما ِمن ٍّ شك يف أ ّن الصرا َع بني املشاكل القوى املديرةِ لِ ِكال اجملتم َعني ينبع ِمن ِ االجتماعية .لكن ،وكما نرى يف التاريخ ،فَلُ َغةُ الصراع واصطالحاتُه تَتَ َح َّد ُد من ِقبَ ِل أشكا ِل هذا الذهنية ِالسائدة يف تلك املرحلة ،أل ّن أشكالَ الذهني ِة الراهن ِة مل تكن موجودةً آنذاك .حيث ال ري عن اجملتمع نفسه إال بهوي ٍة شب ِه ميكن التعب ُ إهلية ،أل ّن عق َل اإلنسان ال يزال بعيداً جداً عن مفهوم اهلوية اجملردة. لقد كان عق ُل اإلنسان يف تلك املرحلة يَعتَقِ ُد حبيوي ِة الطبيعة ،وبأنها مليئ ٌة باآلهلة واألرواح(وهو ليس رجعي نسب ًة لليوم الراهن ،بل ،وحسب بتفكري ٍّ ٍ َ اعتقادي ،إنه متقدم ،وأقرَ ُب إىل الصواب)ُّ . وأي متاس معها قد تتمخض عنه نتائ ٌج خطرية .ذلك ٍّ االقرتاب منها أ ّن جلميعها قدسياتُها ،وجيب ُ ِّ واحرتام وإجاللُّ . اس ٍر بسي ٍط بكل عناي ٍة وأي تجَ ُ ٍ َ لكوارث فظيعة .بالتالي، جتاهها قد يؤدي والنذور إليها القرابني والعطايا ُ يتطلب تقديمَ ِ ِ َ َ ُغضبوها أو يُثريوا ِحنقتها .وهكذا، كي ال ي ِ ُ َّسات واآلهل ِة أهمي ًة عظمى قد مل ا ء إرضا يَكتَ ِس ُب ُ ِ لدرج ِة أ ّن تقديمَ األطفال والصبيان والصبيات قراب َ ني هلم أصب َح تقليداً سا َد ردحاً طويالً من
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
24
الزمن .إنه تقلي ٌد ٌ مدهش ومرعب ،ولكن ،كانوا يُؤ ِمنون ببقاءِ اجملتمع صامداً ومتماسكاً عربه. والتحوير مدةً وقد تَ َع َّر َ ض هذا التقلي ُد للتحريف ِ طويلة على ي ِد الرهبان والراهبات ،إال أنه ِم َن َّ املؤك ِد ارتبا ُط مضمونه بالقدسي ِة ومحاي ِة الذات. ضروب العالقات بني التجمعات البشرية فكاف ُة ِ والتناقضات فيما كان يُ َعبرَّ عنها عرب العالقات ِ ُ بني هذه القدسيات واآلهلة .هكذا كان قد أن ِشئ الذه ُن واللغة ،حيث ال وجو َد حينذاك لـ»لغ ِة عر ْف لغ َة(أو ال ِع ِلم الوضعي» الراهن .فالبشري ُة مل تَ ِ ني باألحرى دينَ) ال ِع ِلم ِّ الوضعي هذا إال يف القرنَ ِ َ َ َ األخريين .وعلينا أال نغفل عن هذه احلقيقة لدى لتفسري التاريخ. َسعيِنا ِ تركيز الشخص الناج ُح يف رئيس الرهبان هو ُ ُ ِ (بيت) الرب .فلكي يكو َن تنظي ُم طابق ِ فكرهِ يف ِ ِ ً املهم للغاية أ ْن اجملتمع اجلديد مؤثراِ ،م َن ِّ ِ يسريَ وف َ الكالم الدائر يف احملادث ِة بينه وبني ق ِ وض ُع ُ الرب .وألو ِل َمرةٍ تُ َ بعض التماثيل يف هذا ري َ فضول الطابق لتمثيل الرب .فهذا االبتكا ُر يث ُ ِ ِ ُ ثل هذه ة احلاج َت د ُج و ولذلك أكثر، اإلنسان لمِِ ِ ِ ِ واهلياكل الرمزية لإلل ِه االصطالحي. األصنام ِ َ ذلك أِّن ذاكرةَ الزمان أقرَ ُب اإلنسان يف ذاك ِ ِ ثل هذه املشاريع الذهنية املتجسدةِ عموماً لمِِ ِ ِ التفكري بذاك النم ِط من يف اهلياكل ،أكثرَ ِم َن ِ املصطلحات التجريدية .ومن العسري جداً ُ إدراك ِ غري املدعوم ِة الفكرةِ الشفهية أو اجملردة ،أيِ ، ُ فاجلماعات البشرية تَش َه ُد برمز أو هيكل. ُ ٍ ُ ً ً ضروب من اإلشارات(ضرب ة غ ل ل ا كاسح ا تأثري ٌ ِ ِ ِ ملجُ َ املفهوم لغ ِة ًالرموز وا َّسمات) .بالتاليِ ،من ملجُ َ ِ الصطالحات اإلل ِه ا َّس ِد متاما دواف ُع اللجوءِ ِ يف الرموز واألصنام .يف حني أ ّن التماثي َل اجلمةَ للمرأةِ البدينة ،واملتبقي َة من عه ِد اإلهلة ـ األم، أكث ُر تواضعاً ،وتَر ُم ُز للمرأةِ ـ األم املعطاءةِ واخليرِّ ةِ واملبدعة. واألصل الدور التعليمي األول جيب ُ ِ استيعاب ِ للنساء ـ األمهات يف كاف ِة املواضيع املعني ِة صنع باكتشاف النباتات، ِ ِ تدجني احليوانِ ، آالت النسج ،الطاحونة ،بناءِ ِجرَار الفخارِ ، وبيوت القداسة .فإصرا ُر اإلهل ِة األم إينانا املنزلِ ، معمعان نزاعها مع أنكي بأنها هي بعناد يف ِ االكتشافات العظمى(املاءات) املائ ِة صاحب ُة ِ َ ري واألربعة( ،)104وأنه َسرَقها منها؛ إمنا يش ُ ِّ سطوع إىل احلقيق ِة املسترتة حتت قوهلا بكل ٍ االكتشافات قد حصلَت على أغلب هذاْ . أي أ ّن َ ِ َ الرجال اإلداريني قد ي ِد النساء ـ األمهات ،وأ ّن سرقوها منهن .وسنرى الحقاً كيف أ ّن مرحل َة صرحها على هذا األساس احلضارةِ قد تمََّ تشيي ُد ِ
املراة
Diclepress13@gmail.com
الضروري لَ ُ ِّ األنظار فت من ِ جيداً خلاصي ٍة هام ٍة متمأسس ٍة اجملتمعات احلضارية، يف ِ وميكننا تسمي ُتها حبال ِة اجملتمع املعتا ِد على السلط ِة ِ َ واملتآلف معها .إنه أشبَ ُه ضروب إعاد ِة بضرب من ِ ٍ مبوجب تقالي ِد تكوين املرأ ِة ِ ِ ُ السلطة التأنيث ،إذ ،ال تتأك ُد من وجو ِدها قب َل أ ْن تَتَ َحقَّ َق غرار ِمن إعدا ِد اجملتمع على ِ تأنيث املرأة ِ لحِ َ ٍّد ما. ُ َّ بأوضاع املرأة ِمن ِّ املهم التساؤل :ما الذي َحلً َ َِّ َ نظام الزقورات؟ كثريا ما نت َعق ُب يف والعائل ِة يف ِ دين ة ض ر ومعا ة َض ه منا ر آثا السومرية فات َ ِ املُؤَلًّ ِ َ ِ ِ راهب الزقورات .وتَتَبَدَّى هذه اإلهل ِة ـ األم ِ لدين ِ َ فالراهبات يُشيِّد َن املعارَض ُة بأشكا ٍل خمتلفة. ُ أماكن نفو ِذ ِهن ،حبيث يكا ُد يكون املعاب َد يف ِ لِ ِّ كل مدين ٍة إهلتها األنثى اليت تَصونُها وحتميها. مغامرات إينانا ،إهل ِة ري مثا ٍل على ذلك ُ وخ ُ ُ العراق اليوم أوروك فمدينة أوروك(لرمبا أ ّن اسمَ ِ يأتي ِمن أوروك) ،اليت تُعتَبرَُ َ أول دول ٍة مديني ٍة سومري ٍة يف التاريخٌ ، ُّ يستحق البحث .كما مثال لك رجل ،أال أنها مشهور ٌة بِ َكونِها مدين ُة أو ِل َم ٍ احملتمل أ ْن تكو َن أوروك مثاالً وهو كلكامش .ومن ِ ألو ِل مدين ٍة ـ دولة (دولة مدينية) .ويَذ ُك ُر التاري ُخ السنوات ما بني 3800ق.م إىل 3000ق.م أ ّن ِ مؤسستُها، تُعتَبرَُ عه َد أوروك .وكو ُن اإلهل ِة إينانا ِّ
دور املرأة ـ األم فهذا ُ يعكس مدى ِق َد ِمها ومدى ِ األصلي فيها .ونزا ُع أوروك جتاه أريدو(مدين ِة ِّ اإلله أنكي ،ورمبا تكون َ أول دول ِة راهب) نزا ٌع ملحمي يَ ُرب ُز فيه ُ املثال ُ لصراع املرأةِ ٌّ امللموس بقوةٍ ِ والرجل متجسداً يف شخصيتيَ إينانا وأنكي. ُ َّ تتضاءل م َع الزمن ،وكأنها ولكن متاثي َل اإلهل ِة ُ تتعرض هلزمي ٍة نكراءَ يف العه ِد البابلي ،حيث ً ً ُ ً بقدر ما تصب ُح عاهرا رمسيا على تغدو املرأة عبدة ِ الصعيدَين العام واخلاص. املعلوم أ ّن النساءَ لَ ِع َ نب دورَه َّ عشق يف كموضوع ٍ ُن َ ِ ِمن ِ دور العشق أقسام الزقورات .بل إ ّن تأدية ِ قسم من ٌ ِ ٍ فتيات َصفوَةِ العوائل وأنبلِها. أم ٌر ِّ ألجل ِ مشرف ِ واملتميزات إىل يات حيث تُؤخ ُذ ُ الفتيات املنتقَ ُ ُ ً َ نظام املعبد ،ليكو َن من ُح املرأةِ ذاتها مذهال يف ِ ضروب جبميع الفتيات الرهبان .وتمَُ ُّر هؤالء ُ ِ ِ الزقورات إىل أ ْن نظام سرايا دروس ِ ِ ِ اجلماليات يف ِ َ تحَترَ الس َمر(الفني ِة حفالت بعض يف ها ف و سها تَتَ َم َّر ِ َّ ِ ِ واملوسيقية) .كما يُعرَض َن على َصفوَةِ الرجا ِل اآلت َ يل إعجابهم، ني من املناطق اجملاورةِ لِنَ ِ ِ َ التفاهم واالتفاق. حيث يُز ِاوجون بينهم يف حا ِل ِ وبهذه الشاكل ِة يُزي ُد املعبد ِم ْن وارداتِ ِه و ِمن تأثري ِه فاحلظي بامرأةٍ من املعب ِد ال أضعافاً مضاعفة. ُ نصيب رجا ِل العوائل النبيلة .فضالً يَ ُكو ُن إال ِمن ِ تأثري املعب ِد عن أ ّن هؤالء النساءَ يجُ ِّ َسد َن قوةَ ِ صفوف القبائل اجلديدة ،ويَربُط َن أنف َسهن بني ِ مبجتمع الدول ِة اجلديد ألنهن قد تَلَقَّ َ تدريب ني َ ِ َ ً األكثر إنتاجا وعطاءً املعبد .إنهن أشبَ ُه بالعمالءِ ِ أسلوب جملتمع الدولة اجلدي ِد الرهباني .وهو ٌ ال تربَ ُِح ُ بشكل مؤثر ،ويف مقدمتها الدول تَتَّبِ ُع ُه ٍ إسرائيل .وحتقي ُق مجاعي ِة املرأةِ على هذا النحو يُ َع ُّد منوذجاً َّ مصغراً ِّ «بيت الدعارة». لفن ِ ِ وكلما زاد احنطا ُط املرأة وتهاويها ،حتولَت ِمن العشق إهل ِة املعابد النبيل ِة الفاضلة ،ومن امرأةِ ِ واهليام إىل أسوأِ «عامل ٍة» ال َ حول هلا وال قوة، ِ عر ُ يف»بيت الدعارة». ض ذاتَها ِ تمَ ن ُح نفسها ،وتَ ِ الشرف ،أو ِّ الذل صاحب واجملتم ُع السومري ُ ِ والالشرف ،بكونِ ِه َ منوذج يف هذا املضمار. أول ٍ املوضوع دون القو ِل بأنّه كان لكين لن أَُم َّر على ِ باإلمكان أن يكو َن هذا النظا ُم مثالياً لو لمَ يُست َغ ْل ً مستوى الرقي به إىل على هذه الشاكلة ،ولو تمََّ ُّ مشر ٍف َّ ومعزز .فالرتبي ُة والتنشئ ُة السليمة للفتيات ِّ النظم اليت تَ ُرودُها املرأةُ ـ يف ء سوا عسري، أم ٌر ً ُِ املعلومات األم أو اليت يَ ُرودُها الرجل ـ األب .فال ُ ُ ص املادي ُة مسا ِعد ٌة لذلك .فالعناية باملرأة وال الفُرَ ُ َ واإلمكانات املادي َة ،وكان االحرتاف أم ٌر يتطلب ِ ري يف معاب ِد النساءِ كساح ٍة مثالي ٍة باملقدور التفك ُ ِ الذكوري السلطوي أَسقَطَ َّ لذلك .إال أ ّن اجملتم َع
Diclepress13@gmail.com
هذه َّ َ القمع واالضطهاد واالستغالل. املؤسسة عرب ِ ُ ُّ بالدروس الكافي ِة يف السومري مَيُدُّنا واملثال ِ مؤسس ٌة يَن ُظ ُر إليها هذا السياق .ذلك أنه مث َة َّ لتقديم بعني ال ِغبط ِة والسرور ،ويتساب ُق اجملتم ُع ِ ِ وحسب اعتقادي ،فهو حِبالِ ِه فتياته إليها. َ ُ ً ً هذه ،مَينحنا مثاال أوليا مل يتم الوصول إليه بعد. فرص شاسع ٍة للتطور ذلك أ ّن ِ الفتيات َحظني بِ ٍ يف هذه املعاب ِد(اليت ميك ُن تشبيهها مبعاه ِد األولي انتقاءَ الفتيات الراهنة) ،ومل يَ ُك ْن ُمرا ُد ُه ّن ُّ األزواج .بل كا َن َمرا ُم ُه ّن ريادةَ اجملتمع والدولة ِ َمات ال غنى عنها اجلديدَين ،و ُك َّن يُقَ ِّد ْم َن مساه ٍ لبلوغ حياةٍ اجتماعي ٍة أكث َر نبالً وهَياماً .ففي ِ الشابات اجملتمع املثالي ،يُ َع ُّد تعلي ُم الفتيات ِ ِ نظام املدارس ،أي ،يف بقع ٍة تستلز ُم القدسية يف ِ ً ً والعظمة ،أمرا إلزاميا .وخنص بالذكر أ ّن مستوى نطاق تعليم املرأة يف مؤسس ِة العائلة النواة ،أو يف ِ ِ رجعي للغاية ،وال يَتَ َعدى العوائل الواسعة، ٌّ يف أهدافِ ِه جتاو َز العبودي ِة العامة املتفشي ِة يف مبقدور»املعاه ِد اجملتمع(جمتمع الرجل) .لذا، ِ ِ النسائي ِة احلرة» أ ْن َ معاصرة. د كمعاب تؤدي دو َرها َ ِ شؤون املرأة يف واض ٌح أيضاً أ ّن َ ترتيب وتنظيمَ ِ الزقورات قد ُط ِّورَ لتسخريها يف خدم ِة اجملتمع ِ والدول ِة اجلديدَين .وهذا ما يبني لنا جبالءٍ أ ّن
املراة
25
الرهبا َن فَ َّكروا بعظم ٍة باهرة ،ونَ َّظموا شؤو َن أقرب إىل حنو َ اجملتمع والدول ِة اجلديدَين على ٍ الكما ِل حِبَق. ونظام ة العائل ة حقيق استيعاب علينا وباقتضاب، ُ ِ ِ ِ املرأة ـ األم كي نستطي َع فهمَ هذه الظاهرةِ(هذا الوعي) :فالزو ُج يف عه ِد املرأة ـ األم ،إما أنه ري معروف .فلدى هامشي للغاية ،أو أنه غ ُ ٌّ إجناب املرأةِ ـ األم األوال َد ال تَ ُ ُ وضع يف ن و ك ِ ِ الرجل الذي حتبه». مع للعشق ة س املمار ِ ِ ِ «املرأةِ ِ ُّ اجلنسوي مل يَربُزا بعد .فال فالعش ُق واجملتم ُع املرأةُ مرتبط ٌة ِّ رجل برواب ِط الزوجية ،وال بأي ٍ الرج ُل يف وضعي ٍة خُ َ ت ِّولُ ُه لِبَس ِط نفو ِذ ِه على املرأةِ َد ذاته ليس أو القو ِل«إنها زوجيت» .والصي ُد حِب ِّ بعمل قَيِّم عندما يَ ُط ُ ول زمنُ ُه فال يكون مثمراً. ٍ فضالً عنٍ أنه ال ُ تزال رغبتُ ُه ضامرةً بأ ْن يَ ُكو َن له ُ ٌ فاألطفال عائدون للمرأةِ ـ أطفال ضم َن اجملتمع. األم أيضاً ال ُ تبحث األم .وبطبيع ِة احلال ،فاملرأةُ ـ ُّ عن نج ُّر وراءَ ألجل اللذة ،وال تَ َ اجلماع اجلنسي ِ ِ بقدر حاجتها متار ُس َ اجلنس ِ َشهَواتِها .بل ِ ِّ َف التوال ِد كائن حي ،وعادةً ما تَ ُكو ُن بِ َهد ِ كأي ٍ األولي وراءَ انتماءِ األطفا ِل إىل والتناسل. ُ والسبب ُّ كدحها يف تنشئتِ ِهم وتربيتِ ِهم. املرأةِ ـ األم هو ُ َ ُ فإجنابُها إياهم ،وتغذيتها هلم مَين ُحها هذا َّ احلق
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
ُ فاحلديث عن ِّ حق األُب َُّوةِ يعد بالطبع .بالتالي، هذياناً وخرفاً يف العه ِد الذي ال تَتَّ ِس ُم فيه معرفةُ ُم هنا معان اجتماعية .ما يَه ُّ هويتِ ِه و َمن يَ ُكو ُن أي َة ٍ هو أَ ُخ املرأةِ ـ األم ،ألنه يرتعر ُع معهم .وتتأتى حقوق املرأةِ ـ األم تلك رصان ُة اخلا ِل واخلال ِة ِمن ِ ُ الغائرةِ يف القدم .إذن، واحلال هذه ،فعائل ُة املرأةِ ـ األم تَتَ َك َّو ُن ِمن اخلا ِل واخلال ِة(وأوال ِد ِهما إ ْن ُجدوا) وأوال ِد املرأة .والسر ُد القائ ُل بالعائل ِة وِ األمومي ِة يُ َعبرُِّ عن هذا األمر .هكذا مُي ِكنُنا شر ُح االجتماعي لعبادةِ اإلهل ِة األم والتعبري املرأةِ -األم ِّ ِ ُ ِّ َ ُ األساس للعه ِد املنبثق ِة منها ،واليت تشكل َح َجرَ ِ هامشي فيما عدا األخوال، النيولييت .فالرج ُل ٌّ اصطالحات األبوةِ والزوجية. ومل تنشأ بع ْد ُ ُ َ َ لب نظام قائم رأساً ستتطو ُر السالالتية حصيلة ق ِ ٍ ٍ على َعقِ ٍب ِمن حيث األيديولوجيا والتنفيذ. باألبوي ستتجذ ُر اإلدارةُ ِّ النظام املسمى ويف هذا ُ ِ ُ كل ِمن باتفاق البطرياركية األبوية وحتالف ٍّ ِ ِ ُ وحكمة«الرجل امل ِسنِّ» مع احلاشي ِة جترب ِة ِ الشامان جانب لـ»الرجل القوي» إىل العسكرية ِ ِ ِ ٌ أنواع قيادةِ القدسي ِة السابقة من ع نو الذي هو ِ لعه ِد الراهب. الرجل الساعي أما الرج ُل القوي ،فيُ َعبرُِّ عن قوةِ ِ حصار املرأةِ ـ األم ،واملكت َسب ِة عرب للنفا ِذ من ِ
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
26
وتقنيات الصي ِد الصي ِد املؤثر .فقوتُ ُه العضلي ُة ُ تُضا ِع ُف ِمن حظ ِه يف الصي ِد الناجح .واالحتا ُد الشباب اليافعني الساعني الذي أَ َّس َس ُه مع ِ ص لالستفادةِ من خاصيت ِه هذه ،قد زا َد من ُف َر ِ جناح ِهم أكثر .ورمبا أ ّن َ أول حاشي ٍة عسكري ٍة يف ِ التاريخ بر َزت للوس ِط على هذه الشاكلة .وهكذا اكتسب الرج ُل تفوقاً بارزاً إزاءَ املرأةِ ألو ِل مرةٍ يف َ ُ ُ ُ عجائز مع م قا امل والتحالف ق االتفا أما التاريخ. ُ ِ النظام جتاه النظام األبوي القبيلة ،فسيُ َع ِّز ُز من ِ ِ األمومي. إ ّن برو َز السالالتي ِة والبطرياركية واألبوةِ برها ٌن الدنُ ِّو من اجملتمع الطبقي. آن معاً على ُّ ومؤش ٌر يف ٍ َ ُ علماني نسب ًة سياسي بنظام ٍّ ٍّ وإدارة السالل ِة أشبَ ُه ٍ إهليات إلدارات الرهبان الالهوتية ،حيث تُن ِش ُئ ٍ ِ ُ َ ُ ُ اب جديدة ،وت ِنزل مرتبة الرهبان ليغدوا ن َّو َ
املراة
Diclepress13@gmail.com
القيادةِ السياسية .ورغم أنهم ال يفتئون يؤدون أدواراً هامة ،إال أنهم سيَخ َسرون قواهم طرداً، للنظام اجلديد وسيؤولون إىل دعائيني مقدِّسني ِ لتأمني شرعيته .ويتجذ ُر التماي ُز ووسائ َط ساذج ٍة ِ الطبقي مع مرور كل يوم ،ويتزايد تعدا ُد املدائن، ُّ مسيناه»احلضارةَ ويُثبِ ُت من ُط اجملتمع الذي أ َ ومتأس َسه عن جدارة .وهكذا السومرية» دميو َمتَ ُه ُ جمتمعات الشرق األوسط محلَت السالالتي ُة يف ِ تقاليدَها الغائرةَ يف القِدَم إىل يومنا الراهن .لذا، ََ النظم اجلمهورية والدميقراطية فعد ُم تط ُّو ِر أمنا ِط ٌِ يف الشرق األوسط مرتبط عن كثب بالتدو ِل النابع من نظا َمي الرهبان والسالالت. اجملتمع السومري احلضاري لقد َح َّد َد منوذ ُج مسار تَ َطور احلضارة يفِ العامل بقدر النموذجِ ِ ِ َ ُّ ِ ِّ ُ النيولييت بأقل تقدير .و»احلضارة» كمصطلح
وخمتلف عن»الثقافة». مغاير ٍ بتمايز ٍّ طبقي ٍ متعلق ٌة ٍ ٌ فاحلضارةُ معنية بثقاف ِة الطبقة ودولتِها .تُ َع ُّد ٌّ متأس ِس اإلهليات كل ِمن املدنية ،التجارةُِ ، والعلم ،تَ َط ُّو ِر البني ِة السياسية والعسكرية، وظهور اجلنسوي ِة احلقوق مكا َن األخالق، بروز ِ ِ ِ مؤشرات طافح ًة االجتماعية للرجل؛ تُ َع ُّد كلها ٍ وسائدةً يف اجملتمع احلضاري اجلديد .ويتطاب ُق االصطالحان يف هذه احلالة ،ويُستع َمالن بنفس التوسع املعنى .وهكذا تبدأُ مرحل ٌة ثاني ٌة من ِ اجملتمع النتشار ثقاف ِة واالنتشار مشابه ٌة ِ ِ النيولييت املنبثق ِة من اهلالل اخلصيب يف فارق يف هذه مجيع أرجاءِ العامل .ولكن ،مع ٍ ِ املرة ،حيث سيُضا ِع ُف من ذاته ويتكاث ُر بِ َعق ِد الفتيات قِران أوال ِدهِ اجلد ِد(ذكو ٌر ،ال إناثاً) مع ِ الناضجات الراشدات من كاف ِة أحناءِ املعمورة، ِ َ بع َد أ ْن يكو َن قد أجنبَهم وأنشأهم يف أراضي اهلالل اخلصيب« ،مه ِد احلضارات» .التشبي ُه ُ يف حملِّه ،حيث ميكننا االفرتاض بأ ّن انتشارَ الثقافة النيوليتية وتوس َعها قد متأ َس َس باألغلب ِ فتيات املرأةِ ـ األم يف قدرات وكفاءات ِ ِ مع نضوج ِ وصلنَها من العامل .يف حني أ ّن اجملتم َع كل بقع ٍة َ َّ احلضاري املعبرَِّ عن الثقاف ِة الرجولية السلطوي ِة أماكن انتشاره. يعين ُ متأس َس األوال ِد الذكور يف ِ َ الرجل احلضاري ،الذي وهكذا ،فإ ّن جيل ِ سيجعل من الفتاةِ الصبية زوج ًة تابع ًة وخانع ًة ُنج ُب الذكورَ أساساً ومجعاً(سينصهر له ،سي ِ اجملتم ُع ذو الغالبي ِة النسائية يف بوتق ِة اجملتمع ذي اهليمن ِة الرجولية) ،لتتكاثرَ وتتوط َد رجول ُة حضارتِنا لتص َل يو َمنا املعاص َر منيع ًة رصينة. ِّ األنظار جيداً خلاصي ٍة هام ٍة فت من الضروري لَ ُ ِ اجملتمعات احلضارية ،وميكننا متمأسس ٍة يف ِ اجملتمع املعتا ِد على السلط ِة تسميتُها حبال ِة َ ِ ضروب بضرب من واملتآلف معها .إنه أشبَ ُه ِ ٍ مبوجب تقالي ِد التأنيث، تكوين املرأةِ إعادةِ ِ ِ ُ َ َّ إذ ،ال تتأك ُد السلطة من وجو ِدها قبل أ ْن تَتَ َحق َق تأنيث املرأة .لقد غرار ِ ِمن إعدا ِد اجملتمع على ِ ُ تمََ مظاهر العبودية، كأقدم ِ أ َس َسَت ظاهرة التأنيث ِ اجملتمع اجلنسوي ،بع َد حصيلة بس ِط نفو ِذ ِ إحلاق الضرب ِة القاضية باملرأة ـ األم وعباداتِها ِ صراعات حمتدم ٍة ضاري ٍة وشامل ٍة مجعاء ِوف َق ٍ اجلبار الرجل القوي طويل ِة األمد على ي ِد ِ ِ رس َخ هذا النفو ُذ املهيم ُن جذورَه وحا ِشيَتِ ِه .ولرمبا َّ َ َ َ يف اجملتمع حتى قبل اكتما ِل تَط ُّو ِر احلضارة. ٌ ومتواصل لدرج ِة أ ّن ثقاف َة املرأةِ - إنه كفا ٌح عتي ٌد األم قد محُ ِ يَت كلياً من الذاكرة ،ومل تَعُد تَتَ َذ َّكر َت املرأةُ ما الذي َخ ِسرَتْ ُه وأين وكيف فَقَدَته ،و َغد ْ تَعتَ رِ ُب األنوث َة اخلانع َة املنصاع َة أمراً طبيعياً.
Diclepress13@gmail.com
السبب بالذات ،مل تُ َشر َع ْن أي ُة عبودي ٍة أو وهلذا ِ بقدر ما هي عليه عبودي ُة املرأة. تتجذر ِ التكوين تأثريان حياتيان على اجملتمع. وهلذا ِ ُ اجملتمع للعبودية ،وثانيهما؛ أولهُُما؛ قابلية ِ ري كاف ِة أشكا ِل العبودي ِة األخرى تأسيساً تسي ُ جوهرهِ ميثل خاصي ٌة على ظاهرةِ التأنيث .يف ِ املواقف والسلوكيات اليت اجتماعية .فجمي ُع ِ َ بيل العبودية، برفض تُفي ُد ِ ِ أخالق احلرية ،من ق ِ اخلنوع ،حَ َ وهضم اإلهانة واالستحقار، ت ُّم ِل ِ ِ البكاءِ ،التعو ِد على الكذب والرياء ،السماج ِة ِ وعرضها؛ مجيعُها وانعدام الطموح ،ومنح الذات ِ ِ عتب ِمن مهن ِة األنوثة ،وتُ َش ِّك ُل جبانبها هذا تُ رَُ األرضي َة االجتماعي َة املنحطة ،والوس َط األصي َل للعبودية .كما أنها تُ َع ُّد األرضي َة املؤسساتي َة ضروب العبودية اليت تتفعل عليها كاف ُة ِ والالأخالقية وأقد ُمها .واجملتم ُع احلضاري ٌّ بانعكاس هذه األرضية على كاف ِة معين ومرتب ٌط ِ ُ اجملتمع برمته فتأنيث الشرائح االجتماعية. لسري النظام القائمِ .والسلطةُ ضرور ٌة حتمي ٌة ِ ُ ُ واحلال هذه ،ال مال َذ تعادل الرجولة ،إذن، ُ تأنيث اجملتمع .فالسلط ُة ال من ِ تعرتف مببدأِ احلري ِة واملساواة ،وال ميكنها أ ْن تتواج َد يف حا ِل واجملتمع العكس .بالتالي ،فالتشاب ُه بني السلط ِة ِ ُّ جوهري الطابع. اجلنسوي ً لرجل » كـ»غالم ا رمسي اليافعني الشباب ف َمنْ ُح ٍ ِ ٍ ٌ جمر ٍب عاد ٌة معروفة لدى اليونانيني، حكيم ِّ ٍ مراحل احلضارة. وأعظم أهم د أح ُّون د ع ي الذين َ ُ َ ِّ ِ ِ ً أسباب ذلك مدة طويلة. حتليل زت عن َج ُ لقد ع ِ ِ ِ والغاي ُة البارزةُ هنا ليست االنتفا َع الدائ َم الشباب َك ِغلمان ،بل إعدا ُدهُم للتحلي ِمن ِ ُ باخلصائص األنثوية .ولكي ن ِّ وض َح األمرَ أكثر، ِ فاحلضارةُ اليوناني ُ َ جمتمع مستأنث. يف ترغب ة ُ ٍ اجملتمع عربَ الشباب إذ ِمن احملا ِل تكوي ُن هذا ِ التصرفات يتطلب ترسي ُخ النبالء والشرفاء ،بل ُ ِ َ والسلوكيات األنثوي ِة فيهم كي يُنشأ اجملتمع. هذا ومث َة ٌ ميول مشابه ٌة لذلك يف كاف ِة اجملتمعات ضان اجتماعيان يف احلضارية .والسلط َة َم َر ِ اجملتمع احلضاري ،بل وهما كالسرطان .فمثلما ِ ال يتواج ُد أحدُهما دو َن اآلخر ،فهما يُكثِران َ بعضهما البعض أيضاً ،متاماً مثلما تتكاث ُر اخلاليا السرطانية. َ َ أود الوصول إىل حمصل ٍة مفادُها أ ّن أرضية السلط ِة ُّ آلالف السنني قد تمََّ إعدادُها بعناي ٍة فائق ٍة ممتدةٍ ِ غرار مثا ِل التأنيث يف اجملتمعات وعلى ِ احلضارية .فالتقالي ُد احلضاري ُة تَن ُظ ُر إىل املرأة على أنها«حق ُل الرجل» .ومث َة تقلي ٌد مشاب ٌه الرجل أ ْن جيري يف اجملتمع أيضاً .إذ ،على ِ
املراة
27
كانت املرأةُ َ أول ضحي ٍة طالَتها ُ فمتانة الرجل القوي. ي ُد ِ أواصرها مع احلياة َج َع َل ِ الذكاءَ العاطفي لدى املرأة ُ ُ األولية املسؤولة أرقى .إنها تكوين احليا ِة االجتماعية عن ِ باآلالم كدحها اجملبو ِل عَ رب ِ ِ واملخاضات كونها أُُّم األطفال. در ُك معنى احلياة، وبقدر ما ُت ِ ِ فهي تَعلَُم جيداً كيف حُ َ تقِّ ُق ُ جامعة سريورتَها .كما أنها الشمل مين َح نف َسه للسلط ِة ِمث َل املرأة .أما املتمر ُد على ُ والرافض منح ذاته ،فيت ُم ذلك، السعي إلعدا ِدهِ ُ طريق احلروب. وتهيئتِ ِه عن ِ حنو وعلى ـ مبقدورنا الشروح، ومبوجب هذه ِ ٍ أفضل ـ ُ إدراك معان َي ميتافيزيقي ِة احلياةِ اجلماعية املتمحورةِ َ حول املرأةِ األم ،وما يَنُ ُّم عنها من قدسي ٍة وألوهية .فمزايا املرأةِ املماثل ُة للطبيعة يف اإلجناب والتنشئ ِة والشفقة والرمحة ،ومكانتُها ِ الرفيع ُة اجمليدة يف احلياة ،جَتعلُها العنصرَ األولي للثقافتَني املادي ِة واملعنوية على السواء. َّ أما الرجلَ ، فدعك من أ ْن يَ ُكو َن زوجاً هلا ،بل َّ ال«ظل» لحِ ُ ك ِمه بع ْد على مجاعي ِة اجملتمع ،ومن ُ احملال أ ْن يكون .فنمط حياةِ اجملتمع ال يَس َم ُح ُ فأوصاف الرجل من قَبِيل بذلك إطالقاً .بالتالي، وصاحب صاحب املُلْك، اجلنس احلاكم ،الزوج، ِ ِ ِ َ َ ُ اجتماعي حبت ،وكانت بطابع ز ي م ت ت الدولة َّ َ ٍّ ٍ ستَتَ َط َّو ُر وتَ ُرب ُز فيما بعد .فاجملتم ُع آنذاك كان
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
يعين املرأةَ األم ،أطفالهَ ا ،وأشقاءَها وشقيقاتِها. ومن احملتمل أ ّن الرج َل املُرَ َّش َح ليكو َن زوجاً كان مبهارات أخرى عدا الزوجية ،مث َل يُبدي نف َعه ٍ حنو الصي ِد وتربي ِة احليوان والعناي ِة بالنبات على ٍ َح َسن؛ ليكو َن جديراً للقبو ِل به عضواً .يف حني أب أ ّن حقوقَه أو مشاعرَه باإلحساس بأنه زو ٌج أو ٌ ِ مل تَ ُك قد نمََت كظاهرةٍ اجتماعي ٍة بعد .وعلينا أال نغف َل أبداً عن أ ّن األبوةَ واألموم َة مصطلحان وظاهرتان وإدراكان اجتماعيَّان باألساس ،ولو أنهما ليسا خاليَني من األبعا ِد النفسية أيضاً. كثب أكثر، وإذا ما تمََ َّعنَّا يف عبودي ِة املرأةِ عن ٍ والغالب فسيَلفِ ُت انتباهَنا جانبُها الساح ُق ُ فحبسها للغاية ،والذي خُي ِر ُجها من إنسانيتِهاُ . أسر مكان ّي ،بل وليس يف البيت ليس جمر َد ٍ االغتصاب بوضع بسجن ٍ ِ فحسب .بل إنه يُفي ُد ِ َ ْ َ ترَّ من اجلذور .فليَت َس وا على هذه احلقيق ِة الغائرةِ طريق تقالي ِد اخلطب ِة يف ِ األعماق قد َر ما شاءوا عن ِ ٌ ٌ ليوم وإلبا ِسها َ ثياب العُرس ،فممارسة عملية ٍ أجل واح ٍد فقط تَعين انتهاءَ كرام ِة ِ اإلنسان من ِ ِّ عر ُف نف َسه .فسوءُ معامل ِة املرأةِ على أي ٍ امرئ يَ ِ رب ع ة املنهجي من ة الدرج بهذه السنني آالف ِ َ ِ َم ِّر ِ العنف والشدة اجلمة ،بل وحتى خمتلف وسائل ِ ِ ِ ِّ َ وسائل احلط والتدني األيديولوجي(مبا عربَ ِ ُ َ َ فيها ألفاظ العشق) ،لِتت َج َّر َد من القِيَ ِم اإلنتاجي ِة َب أبع َد والرتبوي ِة واإلداري ِة والتحررية؛ إمنا يَذه ُ بكثري يف نهاي ِة املآل .أما إضاعتُها من االستسالم ٍ ِ هويتَها بالكامل ،فتَتَ َج َّس ُد يف حَ َ ت ُّولهِ ا إىل حقيق ٍة مغايرةٍ كلياً ،أي إىل«زوجة» .فحتى أكثر الرجا ِل مساج ًة وسذاجة ،مبا فيهم الراعي على ِ سفوح اجلبال ،يَن ُظرون إىل املرأةِ بأنها جمر ُد زوجة، ال غري .أما أ ْن تَكو َن زوجة ،فيَعين نشوءَ ِّ حق التصرف بها بال حدود(مبا يف ذلك قَتلُها متى ِ أراد) .فهي ليست جمر َد ُملْك ،بل هي ُملْ ٌك خاص إىل أبع ِد َحد ،خُ َ ي ِّول صاحبَه لِيَ ُكو َن ٌّ َ ً ً عرف كيف إمرباطورا صغريا .ويَكفِيه فقط أ ْن يَ ِ يَستَع ِمله. ُ وقت علي اإلقرا ُر بأني ـ أنا أيضاً ـ أ ِص ُ بت يف ٍ َّ وأردت الفرارَ من ض احلداثة، ر األوقات من ُ َ َ بمِ ِ ِّ كل شيءٍ يف هذه األراضي ،حتى من األم واألب. ولطاملا أَعترَ ِ ُف يف قرارةِ نفسي َّ بأن هذه كانت أفظ َع سفال ٍة لي يف احلياة .ولكين ُ أدرك أيضاً أني مل أنقطع كلياً عن مالحظ ِة برادواي .فباعتباري كنت أنظ ُر إىل اب ُن تلك اجلبال وحوافِّها ،فقد ُ ذراها الشاهق ِة على أنها ُ عرش اآلهلة واإلهلات حبجار اجلنة الوفرية، اليت َر َصفَت َحوافَّها ِ رت فأتشو ُق للتجوال فيها على الدوام .وقد اشتُ ِه ُ بلقب«جمنون اجلبال» ،ألعلَمَ منذ نعوم ِة أظافري ِ
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
28
الحقاً َّ أن هذه احلياةَ عائد ٌة باألرجح إىل اإلل ِه ديونيسوس ،Dionysosالذي يُقال أنه كان يتجول فيها برفق ِة جمموع ِة الفنانات احلرات املُ َس َّميات بـ باكها ،Bakhaواللواتي ُك َّن يلتَفِف َن حوله أماماً وخلْفاً ،ليَط َربوا ويلهوا، أحببت هذه وكنت قد ُ ويأكلوا ويشربوا َس ِويَّ ًةُ . كنت كنت يف القريةُ ، احلياةَ اإلهلية .عندما ُ مهووساً بالل ِع ِب املشرتَ ِك مع الفتيات ،عوضاً عن لُعب ِة العروس والغ ّميضة؛ وإ ْن كان ذلك ال وكنت مقتنعاً يتناغم والواجبات الديني َة كثرياًُ . ِ بأ ْن يَ ُكون األم ُر هكذا بطبيع ِة احلال .هذا ولمَْ أست ِس ْغ أو أُبْ ِد َّ تسامح البتة جتاه الثقاف ِة أي ٍ وح ْجبِها يف البيت ،ومل املهيمن ِة بِ َس ِرت املرأة َ َ الر ِّد آبَه بالقانون الذي مَ َّ سو ُه الشرف .وال أبرَ ُح بِ َّ النقاش احلر الالحمدو ِد مع املرأة، بـ نعم إزاءَ ِ َّ املقدسات األخرى واللعب معها ،ومشاطرتِها كل ِ ِ فإن جوابي هو ال ُ يف احلياة .وباملقابلَّ ، وألف والتبعيات العبودي ِة املتبادَل ِة ال إزاءَ العالقات ِ الفائح ِة برائح ِة املُل ِكيَّة ،واملرتكزةِ إىل القوة ،أياً مسها ،وأياً كانت ذريعتُها. كان ا ُ ً جمموعات إىل حتياتي ل إلرسا ا دوم دت لقد َج ِه ُ ِ ِ بإهلام اإلهلة النساءِ احلرة على ذرى تلك اجلبال ِ األنثى ،إلضفاءِ«املعاني النفيس ِة» عليها .ولطاملا خَي ُط ُر ببالي غيظي وحنقيت ،اليت لمَْ أُب ِدها جتاهَ ِّ الرجل والعائل ِة بقدر ما أبديتُها إزاءَ أي َحد ٍ ِ َث ِ أصحاب واهلرمية والدول ِة ـ الذين يزعمون أنهم ُ ٌ املرأة ومالكوها ـ كلما تَرامى لِ َسمعي نبأ يقول َّ مكتظ ٍة بأنَّ«حادثاً وَقَ َع لشاحن ٍة(أو َج َّر ٍار) جنوب مبجموع ٍة نسائي ٍة يف املنطق ِة الفالنية من ِ البالد(مناطق مشالي كردستان) ،فَلَقَ َ ني شرقي ِ ُ ُن َّ َحتفَه َّ العمل باألجرة يف ذاهبات إىل وهن ٌ ِ احلقول» .فكيف حص َل مَ ول َّ نسل اإلهلة يتبق من ِ املروع؟ مَل يقب ْل قليب األنثى إال هذا االحنطا ُط ِّ وروحي بهذا االحنطا ِط إطالقاً ،متاماً مثلما مل يَستَ ِسغه عقلي .فبالنسبة لي؛ إما أ ْن تَ ُكو َن املرأةُ داخ َل ُقد ِسيَّ ِة اإلهلة ،أو أال تَ ُكو َن أبداً .ولطاملا أُفَ ِّك ُر بِ ِص َّح ِة املقولة القائل ِة َّ بأن «مستوى حياةِ أولي يف معرف ِة ذاك النساء يف جمتمع ما معيا ٌر ٌّ ٍ َ استخدمت عبارة« ِمن بقايا كنت قد ُ اجملتمع»ُ . صف أمي، ثقاف ِة اإلهل ِة األم» النيوليتي ِة يف وَ ِ حيث كانت بَدين ًة مثلهن .إال َّ أن إنشاءَ احلداث ِة لنم ِط األم االصطناعي ِة املزيَّف ِة أَعا َق رؤييت للقُد ِسيَّ ِة املوجودةِ يف أمي .ورغمَ معاناتي آالماً وخماضات ٍ أبك جدياً على ِّ أي كربى يف حياتي ،لكين مَل ِ قوالب احلداثة حادث .إال أنه ،وبعدما َح َّط ُ مت َ و َك َسرتُها ،لطاملا أستذك ُر أمي ،وبالتالي مجي َع األوسط)، املنطقة(الشرق أمهات ِ ِ
املراة
Diclepress13@gmail.com
النظام وانطالقاً من طبيع ِة ِ ٌ مناقض القائم ،مثة وض ٌع تنامى حلدو ٍد ال ُتطاق. ِ ُ احلظي بأوال ٍد ُك ُثر فالرغبة يف ـ وباألخص الذكو ُر منهم ـ باعتبارها ضمنياً من تقالي ِد ِ اجملتمع األبوي ،قد أَسقَ َطت ِ الطبقات السفلى إىل النساءَ من ِ إلجناب األطفال، مستوى آل ٍة ِ ً التقنيات ظهور ِ وخاصة مع ِ الصحي ِة األخرية
ستغر ٌق بِقَ ٍ لب ُمتَلٍَّو وبِ َغ َّص ٍة ،فتُد ِمع عيناي وأنا ُم ِ ُ يف التأمل .ولطاملا أتأمل معنى وطعمَ املاء الذي الثقيل بعدما الدلِْو النُّحا ِس ِّي ُ كنت أَتجَ َ َّرعُه من َّ ِ ُ َ منتصف الدرب تَئِ ُّن يف وهي أمي ق طري ض ِ أعترَ ِ ُ حتت وطأةِ ثِقَلِ ِه ،خَ ويط ُر ببالي كذكرى مُميَّ َزةٍ ُ النظر يف تَعتَ ِصر قليب أملاً .أوصي اجلمي َع بإعادةِ ِ من ِط عالقاتهم مع الوالدين ،بع َد أ ْن يدكوا دعائمَ القوالب الذهنية للحداثة ،وأمتنى أن كاف ِة ِ َ شتى«عالقات يعكسوا وجهة النظر هذه على ِ القرية» املتبقي ِة ِمن العهد النيولييت .إذ ـ ودون ِّ أي شك ـ يَكمن الظف ُر األعظ ُم للحداثة يف جناحها بهدم وجه ِة نظرنا الثقافي ِة املُنشأةِ طيل َة مخس َة ِ عام ،وإسقا ِطها إىل مستوى العدم .ومن ألف عشر ِ ٍ ُ ً انبعاث املستوعَب متاما استحالة التشبث بنظرةٍ ِ ِ أصيل ٍة حرة ،وا َ هل َو ِس مبقاوم ٍة باسلة ،وال َولَ ِع وجمتمعات مشرف ٍة من أحشاءِ أفرا ٍد حبياةٍ ِّ ٍ متبعثرةٍ ومهدوم ٍة ومعدومة هلذه الدرجة.
كانت املرأةُ َ الرجل القوي. أول ضحي ٍة طالَتها ي ُد ِ أواصرها مع احلياة َج َع َل الذكاءَ العاطفي فمتان ُة ِ تكوين لدى املرأة أرقى .إنها املسؤول ُة األولي ُة عن ِ باآلالم كدحها اجملبو ِل احلياةِ االجتماعية عربَ ِ ِ ُ در ُك ت ما وبقدر األطفال. واملخاضات كونها أُُّم ِ ِ معنى احلياة ،فهي تَعلَُم جيداً كيف تحُ َ قِّ ُق سريورتَها .كما أنها جامع ُة الشمل .وخاصيتُها هذه حمصل ُة ذكائها العاطفي من جهة ،وضرور ٌة تَ َعلَّ َمتها من الطبيع ِة من جهة أخرى .ويتبني من املعطيات األنثروبولوجية أ ّن الزخمَ االجتماعي قد ِ َ َ َ تحَ َ قَّ َق وتَرَاكمَ حول املرأةِ ـ األم طيلة حقب ٍة طويل ٍة من التاريخ ،وأ ّن املرأةَ ـ األم لعبَت دوراً أقرب ما يَ ُكون إىل نواةِ الغنى والقِيَم النبيلة .وميكن اجلز ُم بكونها ُّأم القِيَ ِم الزائدة أيضاً .من هنا ،فَ َج َش ُع األساسي الذكر القوي ـ الذي ُح ِّد َد دو ُره ُّ ِ الرجل ِ بالصيد ـ بهذا الزخم ،وطمعُه فيه أم ٌر مفهوم. الفرص الساحن ُة يف ولدى بس ِط حاكميته ،تَغدو ُ ُ االنتقال إىل مرحل ٍة تصب ُح فيها املرأةُ قبضته .ويتم ُ ً أب األطفال ،بل موضوعاً جنسيا ،ويغدو الرجل َ والسي َد احلاكم ،وميتلك َّ باملدخرات التصرف حق ِ ِ الثقافي ِة املادية واملعنوية واستمالكها .إنه أم ٌر مث ٌري للمطامع حقاً .فقوةُ التنظيم اليت اكتسبها يف ِحرف ِة الصيد قد ساعدَته على بس ِط نفوذه، مثل وتأسيس أو ِل هرمي ٍة اجتماعية .ومن خال ِل ِ ِ هذه الظواهر واملستجدات الوقائعية ،ميكننا ُ استخدام الذكاء التحليلي استشفاف كيفي ِة ِ ممنهج داخ َل وبشكل ألغراض رذيل ٍة ألو ِل مرة ٍ ٍ ٍ البني ِة االجتماعية. ُ فاالنتقال من عبادةِ املرأة املقدسة إىل عبادةِ األب، رع القداسة .ميكن يُؤَ ِّم ُن تسلي َح الذكاءِ التصوري بِ ِد ِ ُّ تجَ َ النظام األبوي البطرياركي على مزاعم ذ ِر ِ طر ُح ِ هذه الشاكل ِة كفرضي ٍة قوي ِة االحتمال .بل وميكننا على الصعيد التارخيي ،وعربَ الرباهني القوية، انبثاق الذهني ِة الذكورية األبوية ِّ بكل إثبات ُ ِ ُ َ حوض دجلة والفرات. أبَّ َهتِها و َعظ َمتِها يف ِ تَ ُرب ُز القضايا االجتماعي ُة بأبعا ٍد جدي ٍة يف اجلماعات األبوية املعبودة باطرا ٍد تصاعدي ِ الرجل الذكر القوي .لك ّن هذه حول بالتمحور ِ ِ َ البداي َة يف عبودي ِة املرأة تُ َهيِّ ُئ األرضية لعبودي ِة األطفال بداي ًة ،ومن ثَ ّم لعبودي ِة الرجل .هكذا، جتارب وبقدر ما يَكتَ ِس ُب الرج ُل واملرأةُ العبدَان َ ِ ادخار القِيَم ،وعلى رأسها فائض اإلنتاج ،فهما ِ بنفس القدر حتت نِري التحكم والتسلط. ندرجان يَ ِ ُّ ويَط من مكان ِة قدسي ِة املرأةِ وألوهيتها ،ويُع َمل حُ بأفظع األشكال ،يُنقَ ُش يف األذهان ها حمو على ِ ِ باملقابل أ ّن الرج َل احلاكمَ هو ُ صاحب القوةِ املطلقة .ويتحول ُّ عالقات احلاكم كل شيءٍ إىل ِ
Diclepress13@gmail.com
طريق ـ احملكوم ،اخلالق ـ املخلوق ،وذلك عن ِ املالحم امليثولوجية املبهرة. شبك ِة ً ِ النظام القائم ،مثة وض ٌع وانطالقا من طبيع ِة ِ ُ ٌ ُ مناقض تنامى حلدو ٍد ال تطاق .فالرغبة يف ِ احلظي بأوال ٍد ُكثُر ـ وباألخص الذكو ُر منهم ـ اجملتمع األبوي ،قد باعتبارها ضمنياً من تقالي ِد ِ ِ الطبقات السفلى إىل مستوى أَسقَ َطت النساءَ من ِ التقنيات ظهور آل ٍة ِ ِ إلجناب األطفال ،وخاص ًة مع ِ الصحي ِة األخرية .وهكذا ،ي َ ُوض ُع موضو ُع تربي ِة األطفا ِل ِّ بكل ِعبئِه كاهل الفقراءِ الثقيل على ِ ِ توفري األيدي العامل ِة الشاب ِة لتلبي ِة احلاج ِة يف ِ من جهة ،و َ لق عائل ٍة مائع ٍة ال ميكن النفاذُ خل ِ سكاني ال منها من اجله ِة األخرى .وتضخ ٌم ٌّ يُطاق وال جدوى منه ،بطال ٌة ال نظريَ هلا يف أي ِة مراحل التاريخ ،وأزم ٌة بيئوي ٌة فريد ٌة مرحل ٍة من ِ من نوعها؛ لِيَ ِصريَ اإلنسا ُن يف وضع ال يُطيقُ ٍ حَ َ ت ُّم َل عبئِه إطالقاً. اجلماعات دائماً ضمن أذهانِها بثَت ُ لقد حَ َ باملقدور عن املوا ِد اليت تليب حاجتَها املادية، ِ بدايات واالضطراب منذ التوتر بروز ِ ِ ِ مالحظ ُة ِ واحرتاف مجع املرأةِ للثمار، ِ اجملتمعي ِة فيما بني ِ الرجل ـ باألغلب ـ ملمارس ِة الصيد ،وتنامي ِ التدرجيي الثقايفِّ يف اجتاهَني خمتلفَني التطور ِّ ِ ُّ اجلانب يف األحادي ر التطو هذا أما بينهما. ُ ِ «الرجل األسد» بروز ثقاف ِة ِ ِكلَيهما ،قد أدى إىل ِ يف أح ِد ِهما ،و»املرأةِ البقرةِ» يف الثاني ،وتَ َزايُ ِدها رويداً رويداً .وهكذا تُ َ املفاهيم نات أُوىل وض ُع لَبَ ُ ِ االقتصادي ِة املتباينة .تَبلُ ُغ ثقاف ُة املرأةِ ذروتَها وباألخص أنها َم َّهدَت العصر النيولييت، يف ِّ ِ َ لتصور حياةٍ أشبَ ُه ما تَ ُكو ُن باجلنةِ ،من السبي َل ِ واحليوان النبات أنواع خال ِل الغنى ِ ِ ِ الوفري من ِ ِّ على(حواف) سلسل ِة جبا ِل زاغروس ـ طوروس. مكن إرجا ُع االقتصا ِد من حيث املضمون ،ال احلاصل االدخار االصطالح ،إىل هذا النم ِط من ِ ِ ـ رمبا ـ ألو ِل مرة .فمثلما هو معلو ٌم ،فإ ّن مفردةَ أكو ـ نوموس ekoـ nomosتَعين يف اليونانية قانو َن العائلة ،أو قانو َن املنزل .فقد العوائل الزراعي ِة األوىل ظهرَ االقتصا ُد مع نشوءِ ِ املستقرةِ بالتمحور َ حول املرأة ،واالحتفا ِظ ـ ولو ِ بنطاق ِج ِّد حمدو ٍد ـ بال ِغالل ،ويف مقدمتِها تلك ٍ املنيع ُ املقاوم ُة للتَّلَف ،باإلضاف ِة إىل إمكاني ِة ة ِ التخزين يف املستودعات .لك ّن هذا االدخارَ ليس ِ ُّ ألجل العائلة .يبدو بل السوق، أو ار ج ت ال ألجل َّ ِ ِ ِ ُ واحلقيقي الطابع اإلنساني د االقتصا هو هذا أ ّن ُّ ُّ ِ اجلوهر .فقد تمََّ تاليف أ ْن يَ ِصريَ االدخا ُر عا ِم َل بالطمع واجلشع ،وذلك عرب ثقاف ِة خطر يهد ُد ٍ ِ مجيع األرجاء .ويبدو يف ة املنتشر واهلدايا العطايا ِ ِ
املراة
29
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
بالنهب والسلب ،بل أ ّن مبدأَ«املال يُ َعلُِّم الطمع» يتأتى من تلك احلقبةِ .خلس ًة كاللص .مَل يَكتَ ِف ِ إ ّن ثقاف َة العطايا ٌ ٌّ هام ،ويتواء ُم واألنكى من ذلك أنه َح َّو َل َخلِيَّ َة العائل ِة املقدس ِة شكل اقتصادي ٌّ إىل اإلنسان ألقصى احلدود. مع نَ َس ِق تَ َط ُّو ِر موقع األربعني حرامي ،بإبقائه على املرأةِ ِ ِ دَ َخ َل«الرج ُل ُّ الدائم هلا .ومل يَتَ َخ َّل القوي املاك ُر» َ بيت املرأةِ واقتصادَها تَئِ ُّن حتت نِ ِ ري اغتصابِه ِ
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
30
املراة
Diclepress13@gmail.com
دَ َخ َل «الرج ُل ُّ القوي املاك ُر» بيت املرأ ِة واقتصادَها ِخ ً َ لسة بالنهب كاللص .مَل يَكتَ ِف ِ والسلب ،بل واألنكى من ذلك أنه َح َّو َل َخلِيَّ َة العائل ِة املقدس ِة موقع األربعني حرامي، إىل ِ بإبقائه على املرأ ِة تَ ِئ ُّن حتت الدائم هلا .ومل ري ِ ِن ِ اغتصابه ِ يَتَ َخ َّل قَط عن حال ِته النفسي ِة خائن يَ ِعي ماذا املطابق ِة حلال ِة ٍ يفعل
خائن يَ ِعي قَط عن حالتِه النفسي ِة املطابق ِة حلال ِة ٍ ُ رأس بذور تَرا ُك ِم ِ ماذا يفعل .وهكذا ُغ ِر َست أوىل ِ املا ِل يف ه َذين املكانَني :هُ أولما؛ احتاللُه بالذات َ وار اقتصا ِد املنزل .ثانيهما؛ التموق ُع داخل أو جِ ِ ل ِ شكل على حرامي األربعني متركز مواقع جوار ِ يف ِ ِ ِ االحتكار الرمسي الشرعي خاص جتاهَ احتكار ٍّ ِ ٍ للدولة. والدالئل بالرباهني املعطيات التارخيي َة تمَُدُّنا أ ّن ِ ِ ِ َ املشريةِ إىل أ ّن اجملتم َع السومري ش ِه َد يف بداياتِه مرحل ًة ميكننا تسميتُها بالدميقراطي ِة البدائية. العجائز مَل يتحول بعد إىل نظام الشيوخ فمجلس ُ ِ ِ واجلداالت املتصاعدةُ حديثٍاً أبوي بطرياركي. ُ ضروب ضرب من واحليوي ُة للغاية تش ُ ِ ري إىل ٍ الدميقراطية .مَ املصطلحات ول تتشك ْل بعد أنوا ُع ِ
أوامر اإلله وتعالي ِمه(هي يف احلقيقة من قَبِ ِ يل ِ مبدأُ النظام العسكري االستبدادي األحادي ِ والنابع من النم ِط املُقَنَّ ِع الذي اختذه اجلانب، ِ َ الرج ُل القوي املاك ُر و َع ِمل به) .وباألصل ،فطرا ُز ٌّ حيوي للغاية، احملادثات يف حملم ِة إينانا ِ ظلم من ُه د سو ي وما اجملتمع، يف جيري ويسر ُد ما َ ٍ وتَ َع ُّسف ،وما حَي ُّ وأطفالا ُل باملرأةِ ومدخراتِها هِ ً من فواج َع ونكبات .ولو كانت الوثائ ُق كثرية، ري لَكان قوي يش ُ بامليسور رؤي ُة ومالحظ ُة احتما ٍل ٍّ ِ إىل وجو ِد مرحل ٍة انتقالي ٍة دميقراطي ٍة تتخطى مبسافات شاسع ٍة دميقراطي َة أثينا(دميقراطية ٍ الطبقة العبودية). ً َ اجملتمع ون االنتقا ِل إىل باملقدور اجلز ُم نظريا بِك ِ ِ ِ والتشابك مع بالتداخل احلضاري قد جرى ِ ِ فاجلداالت اجملتمع الدميقراطي. االنتقا ِل إىل ُ ِ
للشيوخ جملس احملتدم ُة الصارم ُة الدائرةُ يف أو ِل ٍ ِ أقدام العجائز ،ليست سوى أصدا ٌء ِ ألصوات ِ اجملتمعات مجيع ِ اجملتمع الدميقراطي .ويف َ ِ ِ املارةِ بهذه املرحلة ،نشاه ُد مثل هذه الثنائية: َّ واجملتمع احلضاري. اجملتمع الدميقراطي ثنائي ِة ِ ِ ومفهوم أكثر :هي ثنائي ُة الدول ِة ملموس وبشكل ٍ ٍ والدميقراطية .أي ،مث َةٍ قضي ُة الدميقراطي ِة يف ِّ كل مكان تتواج ُد فيه الدولة ،ومث َة خماط ُر التدو ِل ٍ يف ِّ كل ساح ٍة تتواج ُد فيها الدميقراطية .وكيفما أ ّن الدميقراطي َة ليست شكالً للدولة ،فمن اخلطأِ ِ ُ القول مبصطلح الدول ِة الدميقراطية .ينبغي االنتباهَ بدق ٍة بالغ ٍة ملاهي ِة العالق ِة الكائن ِة بينهما. إنهن ال يعرفن مصطلح«الناموس» ،وغري قادرات على تعريفه ،الناموس تأتي من«Ekoـ »nomosوهي تعين«قانون البيت» أو «العمل
Diclepress13@gmail.com
الذي تقوم به املرأة»،أعمال البيت ،مبعنى األعمال اليت ختص املرأةEkonkmos« ، ـ »Ekonomiمن عمل املرأة وتعتمد على اإلنتاج ،و الـ» »Ekonomistهو الذي يقوم بهذه األعمال ،النساء الـ«.»Ekonomist هناك مصطلح«الناموس» جيري تفسريه بشكل خاطئ ،ففي السابق كنت قد قلت بالتحول إىل آهلة ،وهذه تعين معرفتها لذاتها ،فمعرفة الذات متر عرب استيعاب احلكمة واملهارة، فعلى النساء أن يعرفن التاريخ أوالً ،وليتعلمن تارخيهن ،وليعرفن تاريخ النيوليتية ،وليعرفن علم االجتماع واالقتصاد والفلسفة ،وبذلك يعرفن ذاتهن ،فبمدى ما تعرفن ذاتكن تتحولن إىل آهلة ،إن التحول إىل«إينانا» و «عشتار» مير عرب الفهم واالستيعاب .وبذلك ميكنهن جتاوز القمع االجتماعي والنظام القمعي ،إنهن يتعرض يومياً لثقافة االعتداء ،فقبل كل شيء عليكن جتاوز ثقافة االعتداء اليومي ،فحتى إن كننت قادرات على ختطي ثقافة االعتداء اليومي سأصفق لكن. هذه القضايا ميكن البحث فيها واستيعابها بعمق باألنشطة األكادميية .وهلذا طالبت بـ«أكادميية املرأة احلرة» ،فهن سيقمن هنا بأنشطتهن األكادميية ،ويف نفس الوقت يقمن بفتح أماكن املأكوالت وباألعمال االقتصادية ويساهمن يف اإلنتاج .ويقمن باألعمال اخلاصة باملرأة .كانت تأتي إىل جانيب أعتى فتياتنا ،ويقلن :حنن سنتحرر .ولكن عيون أغلبهن كانت تتالعب، وكان يأتي الشباب وعيونهم تتالعب أيضاً، وما سأقوله هو :أن يقمن بإغماض عيونهم اليت تنظر هكذا وليُع َموهم ،وبدالً من ذلك يفتحوا عيون أذهانهم وعقوهلم ،ولينظروا بتلك العني، وعندها فقط ميكنهم التقدم على طريق احلرية، وأنا سأطرد املرأة اليت تظهر أمامي دون القيام بذلك .فهاهي«لطيفة خامن» ختلت عن مصطفى كمال ،ملاذا فعلت ذلك؟ ،ففي احلقيقة كان مصطفى كمال إنساناً مؤدباً بشأن املرأة ،فمن كانت«لطيفة خامن» ،ومن كانت«إزمري»؟ جيب رؤية هذه األمور جيداً ،وأنا أيضاً مررت بتجربة زواج ،وأعلم هذا األمر ،واملغدور يف هذا األمر هو مصطفى كمال .كنت قد عربت يف مرافعاتي جبملة جوهرية عن عالقة املرأة والرجل، فقلت«الرجل املاكر الفظ» ،وقد تأسس النظام على هذا األمر ،أنتم ال تقرأون وال تفهمون مبا فيه الكفاية ،فها هو مثال أمرييكا يعرب عن هذا األمر ،حتدث«هيغل» عن عالقة السيد ـ العبد، وأسس نظامه انطالقاً من هذين املصطلحني، بينما أنا أسست نظامي عل حتليل مجلة«الرجل
املراة
31
املاكر الفظ ـ القوي» ،وهنا يكمن التوازي بيين وبني«هيغل» بدالً من التشابه ،وهما ليسا نفس الشيء .فـ«هيغل» ينطلق من مصطلح الرجل العقل والسلطة بينما أنا أنطلق من حتليل عالقة املرأة والرجل ،من».Dimos فأنا أتناول املرأة كـ»عبد» يف احلضارة ،وأقيّم على النحو التالي«:الرجل القوي املاكر» منا وتضخم منذ العصور النيوليتية حتى وصل إىل يومنا هذا، وحتول إىل وحش هائل بالدولة القومية ،وهنا أستخدم مصطلح»اللوياثان» ،وهو وحش .نعم لقد حتولت الدولة القومية إىل وحش حبري ضخم، وحترر املرأة يعين حترر اجملتمع ،فهي إن حتررت تحُ رر اجملتمع أيضاً ،فالقائم يف مفهومي هو إخراج املرأة من كونها مفعوالً به إىل وضع فاعل حر .فهي إن حتررت ووصلت إىل وضع ٍ الفاعل احلر ،فهي ستحرر اجملتمع واملدينة والدميوس(الشعب) واجلماهري والكومون .فإن جنحت املرأة يف حترير ذاتها ،عندها ستتمكن من تأسيس اجملتمع احلر والكومون احلر أيضاً، فهناك مفهوم«الناموس» لدى األكراد ،قائم وسيبقى ،ولكن اجملرم احلقيقي يف هذا األمر هم الساقطون الذين اعتدوا عليها وختلوا عنها ،فقد تكون للناس عالقاتهم وأنا لست ضد ذلك ،ولكن إما أن تحُ ِ ب بشكل صادق ومستقيم ،وتدافع عنه .وأنا أقول بشأن املرأة أن تقوم بتأسيس أكادميياتها ،وتنشئة ذاتها ،.ليقمن هنا بتطوير قوة محايتهن الذاتية وبهذه القوة للحماية الذاتية حيمني ذاتهن ويطورن تكاملهن اجلسدي والذهين والروحي. احلملة ،هذه أمور عملية وتبقى خفيفة جداً مقارنة باحلبائل اليت جيري حبكها على املرأة ،وحتى تتمكن املرأة من جتاوز هذه احلبائل جيب تقوية مستواهن النظري واإليديولوجي ،وهلذا جيب أن يلتم مشلهن ويؤسسن اجملموعات والوحدات، يف السابق كانوا يسمون هذه بالطرائق وأنا أمسيها بالوحدة ،وميكنهن تأسيس مجعيات ال حتصى بعدد أمساء النباتات يف دياربكر أو األماكن األخرى ،كما ميكن تأسيس مجعيات تهتم بالطبيعة والبيئة ليقمن بتطوير وتعميق تنظيمهن من خالهلا .جيب أن يكون لكل إنسان جمموعته أو تنظيمه ،فحسب قناعيت اإلنسان بدون تنظيم ال شيء ،شعاري هلذه السنة :جتاسروا على التفكري ،أو باألحرى :جتاسروا على التفكري احلر والدميوقراطي ،أقول هذا من أجل الشبيبة أيضاً ،فعلى الشباب تطوير تنظيمهم وتأسيس وحداتهم.
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
هناك مصطلح «الناموس» جيري تفسريه بشكل خاطئ، ففي السابق كنت قد قلت بالتحول إىل آهلة ،وهذه تعين معرفتها لذاتها ،فمعرفة الذات متر عرب استيعاب احلكمة واملهارة ،فعلى النساء أن يعرفن التاريخ أوالً، وليتعلمن تارخيهن ،وليعرفن تاريخ النيوليتية ،وليعرفن علم االجتماع واالقتصاد والفلسفة ،وبذلك يعرفن ذاتهن ،فبمدى ما تعرفن ذاتكن تتحولن إىل آهلة ،إن التحول إىل»إينانا» و «عشتار» مير عرب الفهم واالستيعاب
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
32
ثقافة
Diclepress13@gmail.com
األعياد واملناسبات
حاجي علو
عيد و ئؤغلةميَت ئيزديا ،األعياد واملناسبات املومسية: 1ـ السرصال يُصادف األربعاء األول من النيسان الشرقي. ً ً يجني يف 1كوالن شرقي وهو يوم فتح 2ـ يوم ك ٍ األرض(حفر األرض) لصناعة اجلص وجتهيز الرتاب النقي األمحر النظيف لتطيني الغرف وجتديد جوها الشتوي للصيف. 3ـ 13حزيران الشرقي يوم اإلنقالب الصيفي حبسب النصوص الدينية الئيزدية وهو اليوم الثالث من ٍجلة الصيف. 4ـ عيد اجللة الصيفي مدتها ثالثة أيام وهي
اجللة ويُصادف اليوم(31 األخرية من صوم ٍ تريماه شرقي 1 +و 2تةباخ شرقي). 5ـ جةما شرفدين ويُصادف أول ليلة قمر بدر اجللة الصيفي. بعد عيد ٍ ُ 6ـ (مجايا قبا) وهي تكون مرة كل سنتني، مدتها عشرون يوماً ممن شهري تةباخ وئيلؤن الشرقيني. 7ـ مجايا شيخادي ومدتها 7أيام من 23إىل 29ئيلؤن شرقي. 8ـ عيدا بٍل َي ويصادف 16تشرين الثاني الشرقي وهو أول يوم من فصل الشتاء الكوردي 29تشرين غربي. 9ـ عيد الصوم يف اجلمعة األوىل من كانون أول شرقي. اجللة الشتوي يف 12كانون أول 10ـ حيل ٍ شرقي. 11ـ عيد كةشكا بٍريافات يف أول يوم مجعة من اجللة وهو يُصادف آخر مجعة من كانون
أول غربي. 12ـ عيد بيَلندة الكبري ويُصادف ثاني مجعة من اجللة وهو أول مجعة يف كانون الثاني الغربي. ٍ 13ـ باتزميا ٍجيّلكا يبدأ يف آخر يوم أحد من كانون أول غربي وينتهي يف أول يوم أحد يف كانون الثاني غربي ،بصراحة إخواننا اجليلكيون مل يُقدمو لنا توضيحاً دقيقاً عن ٍ قانون توقيت هذه املناسبة إىل اآلن ،فأوال هم يقولون سبعة أيام وأسبوع واحد لكنه يضم يومي أحد فهو مثانية إذن ،وكلما سألتهم عن التوقيت ،يقدمون توقيت تلك السنة بالذات، وال يُوضحون قانون التوقيت أبداً وقد إستنتجنا التوقيت املذكور أعاله خالل متابعتنا للحدث عدة سنوات ،قد أكون مصيباً وقد أكون خمطئاً أيضاً. 14ـ يف 31من كانون أول شرقي يكون منتصف كجك) ،ويف 1كانون اجللة، ينتهي(جل َي ٍ ٍ الثاني الشرقي يبدأ(جل َي مةزن).
Diclepress13@gmail.com
15ـ يف يوم 39و 40من اجللة الشتوي يكون ال(عنرت ـ رؤ ًزةك Rojو دانةك) يوم و وجبة 36ساعة. 16ـ يف يوم ال 40من اجللة يكون العيد وهو اليوم العشرون من شهر كانون الثاني الشرقي، الثاني من شباط غربي. 17ـ عيد خدر الياس ويُصادف اخلميس األول من الشباط الشرقي. 18ـ الـ(زيبٍك و قريبٍك)وهو آخر أيام الشتاء الكوردي ،يُصادف اليوم الرابع عشر أواخلامس عشر من الشباط الشرقي حسب السنة الكبيسة واملناسبة تستمر يف التنظيف والتقليم والتطهريعدة أيام ( اليوم األخري من الشتاء واألول من الربيع. 19ـ يبدأ بعدها النصف الثاني من شهر شباك ضمن فصل الربيع ويسمى الـ(رةشةماه) تنتقدها شهر آذار بشدة يف قول ّي مةها ،فهي حمسوبة على الربيع لكنها أثقل على املخلوقات من
ثقافة
33
الشتاء من حيث الربد واجلوع. 20ـ عيدا نيشانا /الرموز الدينية يف 21شباط شرقي. ً 21ـ الكيسك : Geessikتفشل شباط يف النيل من احليوانات ممثّلة يف(ال ًكيسك) وهو ث ّ ين اجلدي فتلجأ إىل آذار لتستدين منها بعض الوقت لإلنتقام منه ،فتمنحها اآلذا ُر الشرقي اليومَ األول والثاني والثالث ،املصادف ،14 16 ،15غربي ،لتضرب شباط ضربتها األخرية القاضية قبل إنتهاء اليوم الثالث . 22ـ مةلكةزةن :وحيل يف 18آذار شرقي /1 نيسان غربي. ً 23ـ سفرا ماسطا /نقل :وهي يومية إعتبارا من مةلكةزةن وحتى حلول عيد السرصال. 24ـ عيد السرصال وحيل يف األربعاء األول من النيسان الشرقي ،وفيها تبدأ ال(دووبيرَ ) أي احللب مرتني يف اليوم خارج البيت(املراعي) وتنتهي الدووبري يف طواف شيخ مند(بالنسبة
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
لعني سفين) حني تبدأ عملية جز صوف الغنم وقص شعر املاعز ،و يُتخذ من عصا الراعي السابق تربكة يُق ّطع قطع صغرية لتعلق على أواني األلبان أو أعز فطيمة أو نعجة يف غنم البيت ،ويكون جتديد الراعي أو متديد عمله فرتةً أخرى(شةرت َي شفاني) إىل عيد مجا شيخادي فيكون التجديد إىل طواف شيخ مند ثاني ًة(طواف شيخ مند واجلما) هاتان النقطتان كانتا موعد تأجري الرعاة واخلدم(الرينجبةر). 25ـ عيد الشفرباة ،وهو يتبع التقويم القمري ويكون يف منتصف الشعبان. 26ـ عيد شيخ آلة رةش الشمساني ويسبق عيد فطر املسلمني بيوم واحد دائماً. 27ـ عيدا حةجيا وهو عيد األضحى عند املسلمني.
..........
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
34
مقالة
Diclepress13@gmail.com
السياسة اخلارجية األمريكية من العزلة إىل التفاعل
آزاد شيخ عبدال
إن كال النزعتني تسيطران على التاريخ السياسي للواليات املتحدة األمريكية، االنعزالية والدولية ،وتشكل الفكرتان أرضية االنطالق حنو االختالفات السياسية ،اليت قسمت الساسة تقليديا إىل فريقني متصارعني ويعد الدميقراطيون هم أكثر متثال لدعاة االنعزال ،أما اجلمهوريون فإنهم أكثر دعوة ملمارسة الدولية ،لكن ذلك ال يشكل قاعدة عامة تنطبق يف كل الظروف وعلى مجيع الساسة. قامت السياسة اخلارجية األمريكية منذ استقالهلا حتى احلرب العاملية الثانية على»مبدأ مونرو»أو «سياسة العزلة» عن العامل القديم»أوربا الغربية» وبناء قوتها الداخلية، وقد حتولت هذه السياسة بعد احلرب العاملية الثانية واحلرب الباردة إىل سياسة التدخل واالنغماس يف الشؤون الدولية ،ويف بداية التسعينات من القرن املاضي بدأت مرحلة جديدة يف السياسة اخلارجية األمريكية يطلق عليها مرحلة اهليمنة يف الشؤون الدولية، ومن املفيد لغرض الدراسة أن نقسم هذا املبحث على ثالثة مطالب وهي: املطلب األول :مرحلة قبل احلرب الباردة. املطلب الثاني :مرحلة احلرب الباردة. املطلب الثالث :مرحلة ما بعد احلرب الباردة. املطلب األول ـ مرحلة قبل احلرب الباردة: إن النظرية السياسة اخلارجية تشرح وتتنبأ كيف يكون سلوك الدول ،ويف ظل أي ظروف تتوسع ،مع ذلك فان غالبية النظريات الواقعية للسياسة اخلارجية تدعو إىل التحرك بطرق معينة ،ومن ثم تركز على التهديدات كعامل حيرك سلوك الدول خارجيا ،ويف مرحلة تكوينها األوىل انتهجت السياسة
األمريكية مبدأ»مونرو» منهجاً انعزالياً ومسى تاريخ الواليات املتحدة باجتاه فكري ظل مؤثراً فرتة طويلة بها ،وقد أوضح الرئيس األمريكي»جيمس مونرو» يف رسالة للكونغرس عام 1823م إن النظام السياسي للقوة احلليفة خيتلف بصورة أساسية عن النظام يف الواليات املتحدة وعليه فانه صاغ السياسة اخلارجية على أساس مبدأين دائمني ،وهما: 1ـ عدم التدخل يف املشاكل األوربية. 2ـ عدم السماح هلذه الدولة بالتدخل يف السياسة األمريكية أو يف بناء احلضارة األمريكية اجلديدة. وعزز هذين املبدأين قوله إن هدفنا جيب أن يكون تهيئة نصف كرتنا األرضية مكانا للحرية 0وبالطبع فان مبدأ مونرو ليس جمرد موقف سياسي صارم وإمنا يعد ليكون مظلة حتمي املصاحل األمريكية اآلخذة يف التبلور خاصة االقتصادية منها ،فمن النقاط املهمة واحليوية اليت وردت يف»مبدأ مونرو» مايلي: 1ـ حرية التجارة البحرية يف األطلسي. 2ـ حرية وصول املنتجات األمريكية إىل األسواق األوربية. 3ـ حرية املتاجرة والتوطن يف كل القارة األمريكية. بذلك تتبنى الواليات املتحدة العزلة يف سياستها اخلارجية ونعين بذلك انكفاء الواليات املتحدة على مشكالتها الداخلية وعدم التورط يف الصراعات الدولية ،وعلى اخلصوص النأي عن الصراعات األوربية الدائمة واالكتفاء بإقامة عالقات متوازنة مع البلدان األوربية ذات طابع جتاري وذلك يف نظر دعاة االنعزالية أكثر جدوى للواليات املتحدة وأقرب ملصاحلها ،فاالحتفاظ بالروابط التجارية املتوازنة مع الشعوب األوربية، سينعكس بالضرورة على االقتصاد األمريكي وسيساعد على ازدهاره ،فاالنعزالية األمريكية ذات وجهني يؤديان إىل غرض واحد ،الوجه األول ،هو االبتعاد عن الصراعات األوربية، أما الوجه الثاني فهو إبعاد األوروبيني عن أوالًـ السياسة اخلارجية األمريكية بني األعوام 1865ـ :1889 جتارة أمريكا وتصفية وجودهم فيها ،حيث ينص مبدأ مونرو على أن(:لألوربيني القارة عكفت الواليات املتحدة منذ استقالهلا على القدمية ولألمريكيني القارة اجلديدة) ،وهذا بناء قوتها الذاتية ،وانطلق هذا البلد ـ بتعبري يعين تطلع االمربيالية إىل ممارسة نوع من بول كيندي ـ يف التقدم بسرعة صاعقة ،مستغال
السيطرة واهليمنة االمربيالية على دول وشعوب أخرى يف األمريكيتني وفرض نفوذها وسطوتها االمربيالية على العامل اجلديد ،وبالتالي اعتبار نصف الكرة الغربي جماال حيوياً لنفوذها السياسي ومصاحلها االقتصادية وأمنها القومي ،لذلك يرى البعض إن بداية التوجه االمربيالي يف التأريخ األمريكي إمنا يرجع إىل املبدأ املذكور(مبدأ مونرو ) ،وقد انطلقت السياسة اخلارجية األمريكية بالتوسع من الداخل إىل اخلارج متبعة اخلط اإلمرباطوري على قاعدة :الثروة ،الدين والقوة ،والتوسع هنا ال يأتي ضمن التعريف الذي استخدمه مؤرخو السياسة اخلارجية األمريكية الذي يقصرون معنى اصطالح التوسع على استيالء على األرض بل حيمل معنى مركبا حيث يعرف»فريد زكريا» التوسع بالقول(:فالتوسع قد يتضمن االمربيالية بالتأكيد ،إال انه يشري بصورة اعم إىل سياسة خارجية نشيطة متتد من االهتمام باألحداث الدولية إىل الزيادة يف إرسال املفوضات الدبلوماسية إىل املشاركة يف دبلوماسية الدول الكربى) ،انطالقا من هذا التعريف نسأل :هل توسعت الواليات املتحدة لتدرا التهديدات ،كما تتنبأ الواقعية الدفاعية ،أم لتنمية نفوذها ،ولتضييق اهلوة بني قوة الدولة ومصاحل السياسية اخلارجية كما تتنبأ الواقعية املتمركزة يف الدولة؟ هل توسعت الواليات املتحدة باجتاه األمم القوية، اليت متثل تهديدات ملحوظة ألمنها ،أم أنها توسعت يف االجتاه الذي يشكل اقل قدرا من املقاومة؟ ويف الدرجة نفسها من األهمية عندما مل تكن الواليات املتحدة تتوسع هل كان ذلك بسبب وجود بيئة دولية محيدة ،أم انه يرجع إىل مفهوم إن األمن كان»وافراً» ،أم ألن هيكل الدولة الضعيف حال دول استخدام رجال الدولة يف أمريكا إلمكانياتها القومية؟ لإلجابة عن تلك األسئلة ،من املالئم أن نقسم هذا املطلب على ثالثة حماور وهي:
Diclepress13@gmail.com
قلة القيود االجتماعية واجلغرافية وانعدام األخطار اخلارجية اجلسيمة فضالً عن تدفق رأس املال االستثماري وخاصة الداخلي، وقد أدى االزدهار االقتصادي إىل ازدهار التجارة اخلارجية ،وهو األمر الذي دفع إىل االهتمام بالعالقات الدولية وبرزت احلاجة إىل تشكيل سياسة خارجية أمريكية فلقد ضغطت اجلماعات ذات املصاحل لفتح أسواق خارجية فيما وراء البحار وهكذا فان تنامي القوة الصناعية األمريكية والتجارة اخلارجية قد خلق االهتمام بالسياسة اخلارجية ،وبدء حتديد الدور األمريكي يف إطار العالقات الدولية لقد اعتمدت أمريكا يف بناء قوتها الذاتية على التوسع من الداخل إىل اخلارج فبعد انفصال أمريكا عن بريطانيا عام 1783 شرعت يف التنكيل بأبناء األرض األصليني من اهلنود احلمر فعمل املستوطنون األمريكيون خالل الفرتة 1801ـ 1845على السيطرة على جنوب احمليط األطلسي(فلوريدا) والشمال الوسط ،ثم أحكمت السيطرة على معظم املناطق يف الفرتة 1846ـ 1890من الوسط واجلنوب والشمال وصوال إىل أقصى الغرب األمريكي حتى ساحل احمليط اهلادي ،وهكذا اكتملت السيادة التامة على كل أراضي العامل اجلديد يف العام ،1853كما إن السيطرة امليدانية مشلت ثروات وخريات األرض . ثانياًـ السياسة اخلارجية األمريكية بني األعوام(1889ـ:)1907 (بالطبع تارخينا القومي كله هو تاريخ توسع
مقالة
35
إن هذا التوسع ليس أمرا يدعو لألسف ،بل للفخر ،الرئيس األمريكي»تيودور روزفلت» ك ،)1899 1بعد أن استكملت الدولة اجلديدة السيطرة على كامل»أراضيها» بدأت يف التوسع حنو جماهلا االسرتاتيجي باجتاه احمليطني :اهلادي واألطلسي ،ففي اجتاه احمليط اهلادي ،سيطرت على هاواي وبريل هاربر يف عامي(1844ـ )1887ثم جزر امليداوي عام 1867م ،ثم جزر ساموا عام 1878م بعد معركة الفلبني يف أثناء احلرب األمريكية ـ االسبانية ،واليت انتهت بسيطرة أمريكا على تلك اجلزر الشاسعة عام 1898م، أما يف االجتاه األطلسي فقد سيطرت على جزر بورتريكو عام 1898م ،ثم حتكمت يف قناة بنما يف عام 1903م ،ثم غزت كالً من فنزويال ونيكاراكوا وهاييت وكوبا واملكسيك ،ومن بني التغريات اليت كانت حتدث يف القوى العاملية وتوازناتها يف أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ،كان التغري احلاسم هو منو الواليات املتحدة بانتهاء احلرب األهلية متكنت الواليات املتحدة من استغالل املزايا الكثرية من األراضي الزراعية اخلصبة واملواد اخلام اهلائلة والثورة التقنية العظيمة لتنمية هذه املوارد وكان غياب القيود االجتماعية واجلغرافية واألخطار اخلارجية وتدفق رأس املال األجنيب واحمللي من عوامل التحول املذهل .وقد أصبحت الواليات املتحدة مع مطلع القرن العشرين اكرب منتج للنفط يف العامل ،واكرب مستهلك للنحاس وكان حجم استهالكها من احلديد اخلام يساوي أو يزيد
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
عن إنتاج بريطانيا وفرنسا وأملانيا وروسيا، وكان حجم استهالكها من الطاقة يوزاي استهالك بريطانيا وأملانيا وفرنسا واجملر مجيعا ،وقد سيطرت أيضا الواليات املتحدة على ثلث احتياطي الذهب يف العامل ،وتعاظم إنتاج القمح وتزايد إنتاج الشعري والسكر والفحم والقضبان الفوالذية ومع هذا التطور تضاعفت أيضا الصادرات األمريكية بني عامي 1860ـ 1910سبع مرات ،وهو ما خلق متلمالً واضحاً لدى األوربيني ،بعد أن تدفقت على القارة املنتجات الزراعية الرخيصة وأغرقت األسواق األوربية باآلالت األمريكية، حتى انه يف وقت من القرن العشرين ظهرت الدعاوي إىل الرتابط ضد(العمالق التجاري الظامل) وقد أدى االزدهار االقتصادي إىل ازدهار التجارة اخلارجية وهو أمر أدى إىل التأثري يف العالقات الدولية ،حيث ضغطت اجلماعات ذات املصاحل لفتح األسواق اخلارجية وحتديد الدور األمريكي يف إطار العالقات الدولية إن هذا التحول االقتصادي والتجاري تزامنت معه تطورات يف اجملال العسكري وبناء جيش قوي حلماية التجارة اخلارجية ،وهكذا ازدادت نفقات التسلح دون معارضة كبرية من الرأي العام بعد احلرب األمريكية االسبانية ،فمنذ عام 1900م تضاعف تعداد اجليش ثالث مرات وزاد اإلنفاق الدفاعي من( )%6إىل( )%19أما التطور األعمق فهو تطور األسطول الذي أصبح مع عام 1914م ثالث اكرب أسطول يف العامل من حيث عدد سفنه وقدراته القتالية ،إن
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
36
حتالف الساسة ورجال املال ورجال الدين يف أمريكا أدى إىل رسم اخللفية الفكرية للمصلحة القومية العليا للواليات املتحدة ،اليت أثرت بشكل مباشر يف السياسة اخلارجية ودورها يف العالقات الدولية ،وقد شجعت هذه الفئات الثالث السياسة اخلارجية األمريكية حنو االرتقاء والتوسع باجتاه إقامة إمرباطورية أمريكية ،إىل جانب اإلرادة بضمان السيادة التجارية واالقتصادية أضيف كالعادة البعد األخالقي والديين 0وقد كان انتصار أمريكا املدوي يف احلرب االسبانية ـ األمريكية يف عام 1898أدى إىل بلورة مفهوم تعاظم القوة األمريكية يف الداخل واخلارج على السواء، جاء الرئيس األمريكي األسبق «تيودور روزفلت» عام ،1901وقد احدث حتوال أساسيا يف التأريخ األمريكي باالنعطاف به يف اجتاه العاملية ،وهو اجتاه كانت تشجع عليه بريطانيا وتريده ،خدمة لصراعها من األملان والفرنسيني ،لقد أعلن مبدأ(الباب املفتوح) مع الصني واليت طلب مبقتضاها من الدول الكربى التعهد بعدم فرض تعريفات مجركية أو رسوم موانئ أو أجور للسكك احلديد وبالتالي قامت بتفعيل الدبلوماسية األمريكية عندما قامت الواليات املتحدة بدور الوسيط يف املنازعات الدولية واملشاركة بثقل يف املؤمترات الدولية ،وقد أكد «تيودر روزفلت» إن مبدأ مونرو قد يضطر الواليات
مقالة
Diclepress13@gmail.com
املتحدة إىل فرض نوع البوليس الدولي يف العامل اجلديد إزاء(الواليات املفككة) اليت قد يتهددها تدخل القوى األوربية ،وعلى اثر ذلك قام «روزفلت» بإتباع سياسة العصا الغليظة ،وهي السياسة اليت بررت حق الواليات املتحدة يف ممارسة دور الشرطي يف أمريكا الالتينية وما يرتتب على ذلك من مراقبة سلوكيات شعوبها ،والتدخل بقواتها مباشرة يف أي منطقة لقمع أي مترد أو إخالل بالنظام ،مما ترتب على ذلك تدخل الواليات املتحدة بقواتها املسلحة يف بعض أقطار أمريكا الوسطى واحتالهلا وفرض الرقابة املالية واإلدارية على حكوماتها مثل كوبا ونيكاركوا والدومينيكان وبنما وهاييت ،وهذا يعين تطوير»مبدأ مونرو» من سياسة دفاعية حلماية األمر الواقع إىل سياسة هجومية ملنع التغيري وتكريس األمر الواقع ،وجاءت فرتة التوسع األكرب ،من 1889إىل ،1908 لتعزيز تنبؤات الواقعية املتمركزة يف الدولة، واجهت الواليات تهديدات قليلة يف أثناء هذه احلقبة ،ولكنها أصبحت اآلن تتوسع بقوة ،وارتبط هذا التوسع بالتحديد من حيث التوقيت واملكان ،بقوتها النامية ومل تتوسع الواليات املتحدة يف مواجهة دول قوية متثل تهديدا كبريا ألمنها ،وإمنا توسعت إىل حد بعيد يف مواجهة مناطق ضعيفة حيث ال يرتتب على التوسع سوى تكلفة ضئيلة(وفقاً
لنظرية االختيار العقالني) ،بأن التوسع األمريكي يف القرن التاسع عشر ،ليس رد فعل لتهديدات قادمة من قوى أوربية ،يف حني أن هذه التحركات كانت تعكس بالفعل رغبة قوة متنامية يف مزيد من النفوذ ،وكما حدث فيما بعد كانت السياسة اخلارجية األمريكية حيركها إدراك بالقوة األمريكية والبحث عن نفوذ اكرب على البيئة الدولية . ثالثاًـ السياسة اخلارجية األمريكية من احلرب العاملية األوىل إىل احلرب الباردة: (امتنا ذات املصاحل املتحدة املباركة ،غري راضية اآلن عن السكون سوف حتكم الباقني ،وإمرباطوريتنا يف اخلارج لن تعرف حدوداً وإمنا هي مثل البحر سوف نتدفق يف دوائر النهائية) («وليام هنري سيوارد» ـ وزير خارجية أمريكية يف إدارة لينكولن ،)1865 بعد أن تتحول الدولة من القوة الثورية إىل دولة الوضع القائم حتاول توسيع نفوذها ،وال توقف الدولة سياستها التوسعية إال إذا وصلت إىل ما يسميه»روبرت جيلنب» نقطة تناقص املنفعة احلدية» ،وان الواليات املتحدة يف عام 1908مل تصل إىل هذه النقطة ،وجاء الرئيس األمريكي»ودرو ويلسون 1913ـ »1921للقيام بإكمال هذه املهمة ،ومن هنا جيمع املؤرخون الذين تناولوا مسرية السياسة اخلارجية األمريكية على إن ميالدها جاء يف عهد(الرئيس
Diclepress13@gmail.com
«وليام ماكنيلي «نهاية القرن التاسع عشر) وقام»تيودور روزفلت» بتطويرها ،وتبلورت يف عهد الرئيس األمريكي «ودرو ويلسون» بصفة خاصة ،وقد أعلن «ويلسن» خبطابه يف الثاني من ك 1913 1بقوله(:إن الواليات املتحدة بلغت مرحلة النضوج املتكامل ،وقد ولت أيام عزلتها من غري رجعة بانفتاح عهد جديد وعلى ما يبدو فأن علينا وحدنا من اآلن قيادة العامل) ،وتعد فرتة مابني عامي(1914ـ )1917مرحلة االنتقال من دور الدولة اهلامشية إىل الدولة املؤثرة يف السياسة العاملية ،وعندما اندلعت احلرب العاملية األوىل صيف 1914أعلن الرئيس األمريكي»ودرو ويلسون» حياد بالده ،ليس فقط على الصعيد العملي بل على الصعيد الفكري أيضاً ،حيث رأى ذلك اقرب إىل حتقيق مصاحل الواليات املتحدة فقد هيأت هلا احلرب فرصة النمو واالزدهار ،إذ حتولت البالد إىل ممول رئيس للدولة املتحاربة ،لكن نتيجة هجوم غواصات أملانيا على السفن األمريكية مدعمة للمكسيك للتآمر ضد الواليات املتحدة ،يف ابريل 1917 ومبوافقة من الكونغرس أعلنت الواليات املتحدة احلرب ضد أملانيا ،وعليه فان سبب دخوله يف احلرب يرجعه ويلسون إىل أن الواليات املتحدة وألول مرة يف تارخيها رأت بأنها صاحبة احلق يف االشرتاك يف ترتيبات العامل القديم كسبيل خمتار لوضع خطط مستقبلية وفق مبادئ العامل اجلديد ،فمنذ بداية 1917بدأ امليل حنو دخول احلرب، وجاء اهلجوم البحري األملاني ضد السفن األمريكية ،يعطي املربر لدخول الواليات املتحدة للحرب ،كما أن الرأي العام أصبح مهيئا نتيجة للهجوم األملاني ،كل ذلك جعل احلياد والعزلة األمريكية أمرا مستحيال. إن دخول الواليات املتحدة يف احلرب فتح صفحة جديدة متميزة يف السياسة اخلارجية األمريكية ،وقد خرجت الواليات املتحدة من احلرب بأقل كلفة وخسارة واكرب مكاسب مما ترتب على ذلك ازدياد قوتها االقتصادية والعسكرية والسياسة وازدهار جتارتها ،من هنا فقد تبلورت سياستها اخلارجية ودورها على الساحة العاملية حيث أكد ويلسون انه ليس من حق أمريكا أن تدخل فيها لنفسها فقط بل ذهب إىل ما هو أكثر من ذلك عندما تقدم عام 1915مببدأ مل يسبق له املثيل، وهو(:إن األمن األمريكي ال يتجرد من امن
مقالة
37
عكفت الواليات املتحدة منذ استقالهلا على بناء قوتها الذاتية ،وانطلق هذا البلد ـ بتعبري بول كيندي ـ يف التقدم بسرعة صاعقة ،مستغال قلة القيود االجتماعية واجلغرافية وانعدام األخطار اخلارجية اجلسيمة فضالً عن تدفق رأس املال االستثماري وخاصة الداخلي ،وقد أدى االزدهار االقتصادي إىل ازدهار التجارة اخلارجية ،وهو األمر الذي دفع إىل االهتمام بالعالقات الدولية مجيع البشرية فهذا واجب أمريكا حسبما تقتضيه األمور ،جمابهة االعتداء حيثما وجدوا) إنها املسؤولية عن اآلخرين واليت اختذت طابعا أخالقيا دينيا وإجنيليا، فأمريكا لديها امة صاحبة رسالة وان كان هذا ال مينع بالطبع من ممارسة القوة واالشرتاك يف احلروب ولكن دوما اهلدف هو أعمال النموذج األمريكي الذي يعده يف تصوره التزاماً أخالقياً وإميانيا ،إن هذه األفكار حبسب»كيسنجر» شكلت األساس للسياسة اخلارجية األمريكية ملا تبقى من القرن العشرين ،حتول دخول أمريكا احلرب العاملية األوىل إىل حلظة تعريف لسياستها اخلارجية وحبسب الدور األمريكي املتنامي للعامل امجع وبعد قرن من
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
توقيع اتفاقية التسوية الويستفالية القائمة على توازن القوى األوربية ،رأت الواليات املتحدة فرصة إلعادة صياغتها ،طرح»ويلسن» جمموعة من املبادئ اليت مت على أساسها تسوية احلرب العاملية األوىل ففي خطابه أمام جملس الشيوخ األمريكي يف 22يناير ،1917 أوضح األفكار الرئيسية اليت تضمنتها املبادئ األربعة عشر وهي أفكار تشكل األساس الذي تقوم عليه عملية صنع وتنفيذ السياسة اخلارجية للواليات املتحدة ومنها حقوق احلياد وجتنب األحالف ،احلد من القوات النظامية يف اجليش والبحرية يف وقت السلم كما اقرتح اشرتاك شعب وحكومة الواليات املتحدة مع غريهم من األمم املتحضرة يف العامل يف ضمان استمرار السالم ،من هنا طرحت الواليات املتحدة إنشاء عصبة األمم حيث كانت مشروعاً أمريكياً إلعادة تنظيم السياسة العاملية ،إال أن عدم رغبة الدول بالتخلي عن بعض سيادتها لقاء األمن اجلماعي كانت واحدة من ابرز نقاط الضعف يف عصبة األمم وعلى هذا األساس مل تشارك الواليات املتحدة يف تأسيسها فلقد رفض جملس الشيوخ املصادقة على امليثاق ونتج عن هذا أن أصبح نظام األمن اجلماعي يعمل يف غياب اكرب ممثلني على املسرح الدولي ،رغم هذا التطور الذي حدث يف دور السياسة اخلارجية األمريكية على الصعيد الدولي إال أن أهمية التمسك مببدأ مونرو ظلت ترتدد يف أوساط السياسة األمريكية لذا جند سياسة الواليات املتحدة يف فرتة مابني احلربني العامليني مزجيا من التعاون الدولي والعزلة فهي مثال ترفض التصديق على معاهدات الصلح ولكنها تساهم يف مساعدة أملانيا وتسوية مسالة التعويضات ويف سنة 1928تعقد ميثاق»بريان كيلوج» ثم تغلق يف ذات الفرتة باب اهلجرة إليها وتصمم على أن يدفع مدينوها من احللفاء ما عليهم من ديون ،وجاء الركود الكبري يف الثالثينيات ليزيد االنشغال بالوضع الداخلي ويعمق فلسفة العزلة إال انه وبعد انتخاب الرئيس األمريكي»فرانكلني روزفلت» يف 1936حدث حتول جذري يف السياسة اخلارجية األمريكية بالقضاء على مبدأ العزلة وانتهاج سياسة التدخل واالنغماس يف الشؤون الدولية حيث آمن روزفلت بالقوة ومارسها يف السياسة اخلارجية وجلأ إليها كوسيلة أوىل لتحقيق أهدافها اإلسرتاتيجية واملتمثلة يف
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
38
السيادة األمريكية العاملية ،أدرك «روزفلت» أن «هتلر» قوي جداً وإذا استمر يف انتصاراته وتوسعاته فقد يسيطر على أوربا ومن ثم يهدد الواليات املتحدة لذلك يف شتاء 1941اصدر الكونغرس القانون املشهور بــ(قانون اإلعارة والتأجري) ومبوجبه قايضت الواليات املتحدة بريطانيا بتجهيزات حربية ملنع هزمية بريطانيا على يد هتلر مقابل حقوق إقامة قواعد باملستعمرات يف نصف الكرة الغربية بذلك تطورت األمور ودخلت الواليات املتحدة إىل جانب احللفاء ،وبهذا انقضت نهائيا العزلة وبزغ منهج جديد يف حميط السياسة الدولية، وقامت أمريكا يف عهد»روزفلت» بفرض حظر برتولي على اليابان ومنع احلديد إليها تعاطفاً مع حلفائها التقليديني الربيطانيني والروس، فما كان من اليابان إال أن هامجت القطع البحرية األمريكية يف ميناء»بريل هاربر» باحمليط اهلادي يف ك 1941 1مغرقة أكثرها، مما دفع ذلك بالواليات املتحدة إىل إعالن احلرب ضد اليابان وانضمامها إىل جانب دول احللفاء ،إن دخول الواليات املتحدة للحرب أدى إىل نتيجتني مهمتني بالنسبة للسياسة األمريكية وهي: 1ـ الطي النهائي لسياسة االنعزال. 2ـ التكريس النهائي لسلطة الواليات املتحدة
مقالة
Diclepress13@gmail.com
انطالقاً مما سبق ميكن القول إن الواليات املتحدة كما يقول»ايف ماري لوالن» صارت يف القرن العشرين السلطة العاملية على مرحلتني كانت احلرب العاملية األوىل مرحلتها األوىل وأما مرحلتها الثانية فقد كانت اخلوض املبكر نسبيا يف احلرب العاملية الثانية ،وهكذا حتولت السياسة اخلارجية األمريكية
بوصفها سلطة عاملية. إن احلرب العاملية الثانية قد طوت هذه الفكرة، فبعد انتصارها يف احلرب العاملية الثانية مل يعد من املمكن للواليات املتحدة ،العودة لسياسة االنعزال لسببني رئيسني ،األول هو التقدم التقين الذي جعل احلصن املنيع جمرد خرافة ،أما الثاني فهو تبوء املركز األول الذي يدعو احلفاظ عليه إىل ضرورة خوض الصراع العاملي .انتهت احلرب العاملية األوىل باستسالم غري شروط واحتل احللفاء أملانيا واليابان هذه املرة وعملوا على تغيري اجملتمع يف أثناء االحتالل وجرى على املشكلة األملانية على مدى نصف قرن بتقسيم أملانيا ،فضالً عند ذلك خلقت احلرب العاملية الثانية عاملاً ثنائي القطبية فقد خرجت الواليات املتحدة األمريكية واالحتاد السوفييت منها وهي أقوى بكثري من اآلخرين حيث قامت كلتاهما بتقسيم خارطة العامل بعد احلرب من جديد إىل مناطق النفوذ فيما بينهما ،أدت احلرب إىل نهاية العصر الذي كانت أوربا تؤدي فيه دور حمكم لتوازن القوى ،وما حصل هو إن األرض األوربية أصبحت حلبة للمنافسني، وبدأ فيها أيضا العصر النووي الذي غري كثرياً من املفاهيم اإلسرتاتيجية وحتويل السياسات اخلارجية للدولة والسيما االحتاد
Diclepress13@gmail.com
السوفييت(السابق) والواليات املتحدة ،وقد قامت دول احللفاء بإعادة ترتيب الوضع الدولي من جديد وإنشاء آلية منظمة دولية جديدة قادرة على حفظ السلم واألمن الدوليني والعمل على توطيد العالقات والتعاون الدولي وجاء يف هذا اجملال ونتيجة سلسلة من املؤمترات واملعاهدات الدولية إنشاء منظمة األمم املتحدة. انطالقاً مما سبق ميكن القول إن الواليات املتحدة كما يقول»ايف ماري لوالن» صارت يف القرن العشرين السلطة العاملية على مرحلتني كانت احلرب العاملية األوىل مرحلتها األوىل وأما مرحلتها الثانية فقد كانت اخلوض املبكر نسبيا يف احلرب العاملية الثانية ،وهكذا حتولت السياسة اخلارجية األمريكية جذريا وبعد تعاظم أهدافها وتنشيط دورها وارتفاع مقامها لفرض نفوذها. تستأثر قضايا التسليح باهتمام بالغ على كافة األصعدة واملستويات ليس فقط لتعلق هذا املوضوع بصميم األمن الوطين والقومي ملختلف دول العامل فحسب بل ما ترتكه مسالة التسليح من أثار سياسية واقتصادية هلا انعكاساتها اآلنية واملستقبلية على حالة االستقرار اإلقليمي أو العاملي باإلضافة إىل ما ترتكه من أثار على االقتصاد يف دول العامل املختلفة نظـرا ملا تتطلبه من أعتمادات مالية ضخمة تكون على حساب تطور الشعوب، وإذا كانت الدول العظمى تعترب مسألة التسليح حالة ذات أهمية قصوى ترتبط بنفوذها وهيبتها والسعي املستمر إىل تطويرها وهذا ما فرض حالة سباق التسلح الذي يشهده العامل واالهتمام باألحباث العسكرية وختصيص ميزانيات ضخمة لتطوير األسلحة وجتاربها لغرض االنفراد يف السيطرة على العامل من خالل امتالك القوة .تهتم بلدان العامل الثالث كافة وعلى اختالف حجمها أو درجة تقدمها وبشكل أساسي بعملية التسليح ،إذ أن احلاجة للتسليح تأخذ بعدا خاصاً بالنسبة لبلدان العامل الثالث نظرا جلسامة املشاكل اليت تعانيها وضخامة التهديدات اليت توجهها سواء على الصعيد اخلارجي او الصعيد الداخلي وهي تهديدات خطرية ال تنتهي بتهديد األمن القومي او انتهاك بعض أراضي الدولة وإمنا تصل إىل تفتيت وجتزئة كيان الدولة فيما بني القوى املعادية او على اقل تقدير نهب خريات الدولة واالستحواذ
مقالة
39
ميكن القول انه ال غنى ألي دولة من دول العامل الثالث عن التسليح إىل احلد الذي تستطيع من خالله احملافظة على سيادتها وأمنها القومي أي مبعنى إن التسليح يف حالته االعتيادية غري العدوانية يعمـل على ضمان امن الدولة واستقالهلا ،ونعين بذلك حفظ توازن القوى القائم لئال خيتل لصاحل دولة معينة على حساب غريها
على مقدراتها. ميكن القول انه ال غنى ألي دولة من دول العامل الثالث عن التسليح إىل احلد الذي تستطيع من خالله احملافظة على سيادتها وأمنها القومي أي مبعنى إن التسليح يف حالته االعتيادية غري العدوانية يعمـل على ضمان امن الدولة واستقالهلا ،ونعين بذلك حفظ توازن القوى القائم لئال خيتل لصاحل دولة معينة على حساب غريها وتعتمد قوة اي دولة على الصعيد العسكري على ما لديها من قوات عسكرية وأسلحة وتوزيعها على الفروع املختلفة للقوات املسلحة ،لذا فأن الدولة تبقى من الناحية العسكرية والسياسية ضعيفة إذا مل يكن لديها القوات املسلحة املناسبة والكفؤة
العدد 21
2021/3/30
السنة الرابعة
جملة دجلة
ألداء املهام اليت توكل إليه .إن عملية صناعة السالح حملياً هي الطريق األفضل للحصول على السالح بعيداُ عن الضغوط الدولية أو احتكارات السوق ولكن هذه العملية حتتاج إىل مقومات أساسية لنجاحها وجيب بذل الكثري وأتباع اقصر الطرق للحصول على هذه الصناعات ،واليت جيب على دول العامل الثالث من دراستها واإلحاطة بكل جوانبها إذا ما أرادو التكافؤ مع التحديات اجلسام املطروحة .إن دراسة أمكانية التصنيع يف كل بلد تتطلب فهماً علمياُ لتحليل ألبنية االقتصادية واالجتماعية للبلد ومكان الصناعة يف هذه البنية والدور الذي تقوم به يف عملية اإلنتاج القومي ،حيث وقفت الدول الكربى عائقاُ يف طريق حماوالت دول العامل الثالث المتالك تقنيات تصنيع السالح احلديثة لكي حتافظ على مستوى تقدمها يف هذا اجملال وتبقى هذه الدول أي دول العامل الثالث يف وضع تكون فيه بأمس احلاجة ملساعدتها واحليلولة دون بناء صناعة وطنية قد تكون منافسة هلا يف املستقبل. دوافع التسليح يف دول العامل الثالث: هناك عوامل أساسية يف البنيان القائم للعامل الثالث ،هي ان ظاهرة االستقرار ما زالت بعيدة إلـى حد ما عن منال الكثري من الدول، وبغيابها فان ذلك يعين غياب ارتباطاتها جبوانبها األخرى اقتصاديا وامنياً وعسكرياً، إن مصطلح الظاهرة يشري إىل مرحلة معينة، فأن ذلك مرده إىل إن االستقرار السياسي هو ناتج جمموعـة عوامل متغرية بدورها ،وعلى ذلك يبدو لنا إن ما يدفــع سياسات التوجه حنو التسليح يف دول العامل الثالث إىل إن تكون فاعلة ومثرية تأخذ حيزها من األهمية إمنا يرتبط ابتداء بوجود هذه اجملموعة من العوامل اليت قد خيتلف تأثري احدها أو موقعة من بلد إىل أخر ويف حماولة لتحديد دوافع رئيسية للتوجه حنو التسليح ميكن أمجاهلا مبا يلي. أ .الدافع السياسي .ميثل ما يلي. .1إظهار القدرة جتاه اآلخرين وخاصة تلك اجملاورة منها . .2تعزيز وجود النظام السياسي واستمراريته. .3اخلوف من التهديد سواء كان قائماً فعلياً أو حمتمالً. .4توجيه األنظار بعيداً عن األحداث الداخلية
جملة دجلة
السنة الرابعة
2021/3/30
العدد 21
40
مقالة
Diclepress13@gmail.com
غري املستقرة أو املشكالت االقتصادية القائمة تقــع يف بؤرة توتر دولي. .5حتصني املواقع الداخلية يف املناطق اليت أو احملتملة. .5االعتقاد بأن التسليح يولد هالة من تكون حدودها مفتوحة ال تتمتع مبوانع طبيعية. االحرتام على النظام. ب .الدافع االقتصادي .ميثل ما يلي. .1محاية االقتصاد الوطين بشكل عام وما تتمتع به الدولة من ثروات طبيعية. .2محاية البنى االرتكازية الصناعية خاصة يف حالة كونها متثل حلقات تقنية متقدمة. .3مواجهة الضغوط االقتصادية اليت تتعرض هلا والتلويح بالقوة املسلحة ملواجهة ذلك. .4الرغبة يف التفوق والتأثري االقتصادي واملدعوم بتصاعد نسب التسليح كضرورة دفاعية. ج .الدافع األمين .ميثل ما يلي. .1محاية الكيان السياسي القائم وتعزيزُ أمنه. .2تعزيز الدفاعات الوطنية يف مقابل تصعيد إقليمي قائم أو حمتمل. .3مواجهة مشكالت داخلية ،قومية، طائفية ،عرقية ،مرتبط جبذور ومؤثرات خارجية. .4محــاية الذات الوطنية يف املناطق اليت
د .الدافع القومي .ميثل ما يلي. .1التعويض عن حالة التجزئة القومية ملسببات داخلية وخارجية. .2محاية الوجود القومي الكلي باجتاه التهديد بالتجزئة بفعل خارجي. .3الرغبة يف التفوق إزاء حالة صراع قومي قائم أو حمتمل. .4وجود املشكالت ذات الطابع القومي واليت ترتبط بأمن الدولة وكيانها الوطن. املصادر: ( )1أنور عبد امللك :تغيري العامل ،سلسلة عامل املعرفة (( :)95الكويت ،اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب.)1985، ( )2فكرت نامق عبد الفتاح العاني :الواليات املتحدة األمريكية وأمن اخلليج العربي دراسة يف تطور السياسة األمريكية يف اخلليج منذ الثمانينات وآفاق املستقبل( :بغداد :مطبعة العزة. )2001، ( )3إبراهيم أبو خزام :العرب وتوازن القوى
يف القرن احلادي والعشرين( :طرابلس: مكتبة طرابلس العاملية.)1997، ( )4فريد زكريا :من القوة إىل الثروة: اجلذور الفريدة لدور أمريكا العاملي ،ت: رضا خليفة( ،القاهرة :مركز األهرام للرتمجة والنشر.)1990 ، ( )5علي وجيه حمجوب :اجتاهات السياسة اخلارجية األمريكية يف القرن احلادي والعشرين والنظام الدولي اجلديدة ،أطروحة دكتوراه (غري منشورة) كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين بغداد.2006 ، ( )6مسري مرقس :اإلمرباطورية األمريكية: ثالثية الثروة ـ الدين ـ القوة من احلرب األهلية إىل ما بعد 11سبتمرب (مكتبة الشروق الدولية ،القاهرة .)2003 ( )7عماد حممد الليثي :الرأمسالية األمريكية من النشأة إىل احتالل العراق(القاهرة :دار النهضة العربية للنشر والتوزيع .)2004 ـ جمموعة باحثني ،التسليح يف العامل الثالث ،مركز دراسات العامل الثالث ،جامعة بغداد1988،م. ـ اللواء الركن عبد الرحيم طه األمحد، التصنيع العسكري ودوره يف بلورة القرار السياسي املستقل ،بغداد 1987م.