سور َمي خميرة الواقع ..نشوة الحقيقة سور َمي مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين العدد / 11آذار ،نيسان 2016 - ملف العدد( :األدب /نبضا للحياة...نبضا لأللم) المدير العام :نهاد إسكان هيئة التحرير :عباس علي موسى ،عبدهللا شيخو، سوز حج يونس ،بهار مراد. تحرير وتدقيق القسم العربي :عباس علي موسى تحرير وتدقيق القسم الكردي :عبدهللا شيخو تصميم الغالف ،واإلخراج الفني :شفان ديركي تلفون- )+963( 0938408206 : )+963( 0999656125
البريد اإللكتروني E-Mail: kovara.sormey@gmail.com Facebook: Sormey magazine twitter: Kovara Sormeyê Google plus: Kovara Sormey
حقوق النشر محفوظة لمجلة سور َمي. الكاتب مسؤول عن محتوى مادته. ترتيب المواد يخضع العتبارات فنية.
مجلة فكرية – ثقافية ،تصدر كل شهرين من منشورات مؤسسة جارجرا للثقافة العدد / 11 :آذار ،نيسان 2016 -
المحتوى مقدمة -األدب نبضا للحياة نبضا لأللم 2/ هل يُغيّرنا األدب؟ -خناف كانو 4/ التفويض االدبي للسّياسة -عفاف خليفي14/ ي الرَّا ِهن – جوان ب السور ِّ النزوحْ :ثي َمةُ األد ِ تتر17/ صندوق بريد العصافير – وائل الناصر20/ هل يشكل األدب السالح األكثر أهمية للدعاية؟ نِيك روميو24/تأثير الحرب والتاريخ على األدب /كولين كليني بوكس و دوستين ماكسام 28/ في الجهادية السلفيّة! -محمد باقي محمد34/ نافذة -دانوك وذاكرة المكان والطفولة 37/
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
2
األدب نبضا للحياة نبضا لأللم P لطالما كان الحديث عن األدب حديثا عن الجمال والرقي بالروح اإلنسانية ،لذا تركت البشرية إلى جانب صروح البناء نصوصا خالدة نقشوها على الحجارة أو كتبوها على الجلود، وأوراق البردي ،أو تركوها محفوظة في الصدور وتناقلوها شفاها ،وكان من تأثير األدب وقداسته المقدس في الكتب أن صار السبيل في نقل ّ السماوية إلى الناس. المقدس والجميل، كان األدب وال يزال حامل ّ حامل وعود الراحة األبدية إلى جانب العذاب والنكال أيضا.
إو�ن كانت النصوص األدبية /الدينية ،أو التي تحمل صفة القداسة وهالتها ،في السابق تحمل تلك القدسية عبر تنسيبها إلى اآللهة أو أشباه اآللهة، فإن األدب صار يكتب بأيد األدباء البشريين دون ّ أن يتحولوا بأنفسهم إلى آلهة ،إو�نما حملوا النار المقدسة وأشعلوا بها موقد المأدبة للناس البسطاء ّ األبرياء وقود الحروب ونيرانها ،فاألدب /المأدبة مدونا آن الحروب ،يتجاوزها تلك ،تغدو ألما ّ أحيانا ليصير نابضا بالحياة أيضا.
سورمي األدب في ملف هذا العدد تحت تتناول َ عنوان (األدب نبضا للحياة نبضا لأللم) ،فكان أن تم تناول الموضوع من زوايا متعددة ،فكان خريطة هذا العدد تحتوي الرسم البياني التالي تتحدث غيرنا األدب؟ لـ خناف كانو ،وفيه ّ (هل ُي ّ كانو عن األدب والحرب واألدب والقراءة والبيئة ٍ النص النص والجسد كرمز في ّ والمكان في ّ األدبي ،الموت كرمز في األدب ،متنقلة من الذاتي االنطباعي إلى الموضوعي ،فتقول في معرض حديثها عن األدب والحرب (الحرب أيضا تصبح في العديد من الحاالت بيئة للكاتب، الدمار وال ّشهداء، بالرصاص والجوع والدماء و ّ ّ أدب الحرب الذي أصبح واقعا خالل الحربين العالميتين وما شهده العالم في تلك الفترة من
كوارث بشرية ،أودت بحياة الماليين من البشر، انعكست على األدب) ،أما في «التفويض َ للسياسة» لـ عفاف خليفي فنجد العالقة االدبي ّ الشائكة بين السياسة واألدب ،هذه العالقة التي تصفها عبر سرد تاريخ األدب وكيفية بروز السياسة في طياته ،ف ـ (األدب ما يضمن ُحرمتنا الوجودية واألخالقية بينما السياسة اليوم تسعى إلى تجريدنا من ملكاتنا إو�عادتنا إلى حيوانيتنا أن النتيجة المؤلمة ستتلخص في السياسية) إال ّ ّ الشروخ التي ستتركها السياسة فتقول (من اليسير إدراك إخفاق السياسة في إرضاخ األدب وجعله الدائر أن الجدل ّ الخادم المطيع للدولة ،صحيح ّ بين األدب والسياسة لم ينته بتطويع األدب للحكم، ولم يحسم سمو هذا األخير عن الفعل السياسي، لكنه خلّف شروخا في الذات والحضارة) ،في ّ أدب النزوح يكتب جوان تتر ما عنوانه النزو ْح : الر ِ ِ متحدثا عن التجربة اهن، األدب السور ِّ ي َّ ثيمةُ ّ َ ي إن جاز التعبير ،حيث الجديدة لألدب السور ّ صار النزوح الحالة اإلنسانية األصعب المرافقة للدمار الذي صارت إليه البالد ،فآلة الحرب تدمر المنازل ،والتي تعني االستقرار والحياة يدمر األنفس أيما بينما النزوح الذي هو نتيجته ّ يمكن استخالصه من هكذا تدمير يقول تتر (ما ُ التمعن في الكلمات المبثوثة، ولمجرد كتابات ّ ّ أن النزوح ال يمكنه فقط أن يجعل من هو ّ َّ طبيعية» ،بل متشردا وضائعا «كحالة السوري ّ أيضا بإمكان هذا النزوح أن يمنح أفقا جديدة الكتاب ِة نزوحا للكتابة ،تتبلور من خالل ممارسة َ وانصها ار وتأقلما مع سوريا الجديدة ,ك ّل بقاع األرض باتت سوريا ،من خالل الكتابات التي َّ َّ اإللهية والتي يمكن يوميات النزوح َنق أر عن َّ الحقيقية ،ال بل تسميتها بـ التغريبة السورَّية َّ حقيقيةً في عصرنا الحديث). األكثر في صندوق بريد العصافير لـ وائل الناصر، يكون الوضع مختلفا فهي عبارة عن أحد هذه
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
3
المدونات في الحرب والتي تناولها اآلخرون في كتاباتهم ،فهو نص قابل ليكون جزء من مدونة األلم ،وعبر ذاتية تنتقل من الذاتي كألم جمعي على مستوى بالد برمتها فنراه يقول َّ (إن نظرتي أمي لي حين ولدتني في ٍ حقل لوطني ،هي نظرة ِّ للبطاطا ،هكذا ِّ بكل سهولة ويسرَّ ، وكأنها تقول َّ لي :هنا الجذر واتجاهاتك كلها أغصان وحين البد أن تعودَّ ، ُيقلِّمها األدبَّ ، البد أن تنظر خلفك طويال ،لتدرك حجم ما فقدت ،لتضغط َّ بالكيفية التي تريد ،ولتخرج البيئة المناسبة نفسك لألفكار التي َّ البد أن تعود إلى منبعك).
أما عن استخدام األدب كسالح في الحرب فيحدثنا نيك روميو عن تجربة وكالة االستخبارات األمريكية الـ CIAمع رواية «دكتور زيفاكو» تحت عنوان هل يشكل األدب السالح األكثر أهمية للدعاية؟ فيبدو أن وكالة االستخبارات األمريكية قد جربت األدب لتحرف بمساره ليكون أن الروائي باسترناك أداة سياسية بطريقة ما إال ّ مؤلف «دكتور زيفاكو» (لم ينظر إلى روايته بأنها كسالح في الحرب الثقافية ،فقد أشار إليها ّ «كانت سعادته وجنونه األخيرين» كلمات قاسية قالها شخص بات يرى الكتاب كقنبلة ثقافة ،لقد بأن عمله أكثر من كونه عجلة لتوصيل اعتقد ّ رسالة معينة ،وكان محبطاً من الطريقة التي وكأنه اتبعتها الوسائل اإلعالمية الدولية ليظهر ّ عامل كتابه كرواية ناقد للنظام ،فقد أراد أن ُي َ وليس كرسول لتوصيل الرسالة).
في الترجمات نجد دراستين مترجمتين عن اإلنكليزية ،واحدة بعنوان تأثير الحرب والتاريخ على األدب للكاتبين كولين كليني بوكس، ودوستين ماكسام ،واألخرى بعنوان هل يشكل األدب السالح األكثر أهمية للدعاية؟ لـ نِيك روميو ،تتناول األولى موضوع األدب والحرب أن األدب كان له األهلية األمريكية ،وكيف ّ التأثير الكبير في الحياة األمريكية ،لدرجة ّأنه بات متهما في إثارة حرب أهلية ،فضال عن توثيق هذه الحرب يقول بوكس (فأدب الحرب يصور كذلك الطريقة التي اختبر بها الناس ّ هذه الحرب ،كما و ّأنه يؤثر أيضا على األحداث السياسية ،حيث كتب راندال قصيدة Maryland )My Marylandالتي تحولت إلى نشيد وطني لوالية ماري الند) ،كما يتناول دوستين ماكسام «تأثير الحرب والتاريخ على األدب الياباني» بأنه األدب األكثر تأث ار بالحرب، واصفا إياه ّ (أن حيث األدب الذي ينكسف ،يقول ماكسام ّ األدب إنما هو شيء حسي ،ويمكن أن تؤثر فيه أمور عدة ومن أكثر األمور المؤثرة في األدب وبشكل كبير هي الحرب ،ففي أوقات الحروب كالحروب األهلية فإن األدب يتأثر ويتغير في أغلب األحيان ،حيث يتحول هذا األدب إلى مذكرات وسرد لألحداث التي جرت ،كما ّأنه يظهر كعامل مساعد لتأييد وجهة نظر الحكومة المتعلقة بالحرب ،وبعد الحرب يعود األدب إلى االزدهار ،ويصبح واعدا مجددا ليؤكد على األثر العميق الذي تركته الحرب فيه).
أما أخي ار فيتناول محمد باقي محمد فيتعقّب تاريخ السلفية وذلك تحت عنوان :في الجهادية الحساس راهنا ،والذي السلفية! هذا الموضوع ّ ّ لم يكن ليضير الخوض والحديث فيه بل والتمثل به في سابق التاريخ ،يبدأ الكاتب الحديث بالتساؤل ذاته حيث يقول( :نحن في أن هذا الحقل يفضى بنا حقل التأريخ إذا ،بيد ّ إلى انزياح في المصطلح ،ليشير إلى سلف أن ظ ّل القداسة -ذاك أصولي ومتزمت ،ذلك ّ ّ اإلسالمي يستمد مشروعيته من الدين الذي ّ ّ اإلسالمية، الدولة يخ ر تأ على ه ل ظ سحب ّ ّ على نحو بدت فيه جريمة كقتل المأمون لشقيقه األمين حدثا اعتياديا!) ،وينتهي الكاتب سرده التاريخي للسلفية ليخلص إلى تساؤل يحمل في طياته تحليال خارج السياق الذي يتناول السلفية الجهادية الجديدة ،حيث يقول (هل كان للغرب بريطانيا بداية ،والواليات المتحدة فيما بعد دور في تخلق تلك التيارات ،وذلك إلرباكالوطنية -التي كانت قيد التش ّكل -أو الدولة ّ فإن ما يحدث منعها!؟ حيثما توضعت اإلجابةّ ، في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والصومال - اليوم -جدير بالتوقف والدراسة والتمحيص).
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
4
هل يُغيّرنا األدب؟ P خُناف كانو
الكاتب جسد بال روح»قالَها «بيت بال كتاب، ٌ ٌ ُ عتبر نموذجا ي الذي «شيشرون» وماني الر ُ َ ّ مرجعيا للتعبير الالتيني الكالسيكي ،هذه المقولة ّ وتبين التي تمثّل قيمة الكتاب أفضل تمثيلّ ، القيمة الحقيقية والعليا للكتاب متمثّال بك ّل أنواع اإلبداع بما فيها الفلسفة واألدب ،للكتاب قيمة أن ّ أي بيتْ ، أي ركن من ّ جمالية وتعبيرّية في ّ ُّ وتطل مكتبةٌ متواضعةٌ من تدخل بيتا من طين َ غر ٍ وكأنه البيت هذا تجاه احة بالر تشعر عليك، فة ّ ُ ّ مرةً في بيتك ،روى ُ الكاتب التّركي»عزيز نيسن» ّ ٍ اجتماعية مكانة له شخص عن قصصه إحدى ّ يدعي ذلك و كان ّ ّ اقتصادية في مجتمعه ،وقد َ ال ّشخص -بحكم الديكور االجتماعي واإلتيكيت العالميين والمعروفين إن العديد من ال ُكتّاب ّ ّهم أصدقائهّ ،إل ّأنه في الحقيقة لم يكن كذلك، وقد كان وزوجه يكذبان على ضيفهما المثقف، القصة ربما هي المرآة األكثر وضوحا هذه ّ لواقع األدب في الشرق األوسط عامة والمنطقة إن الفوضى الكردية في سوريا خاصة ،حيث ّ ّ ياسية جلبت معها الس ّ الساحة ّ الموجودة على ّ فوضى كار ّثية متمثّلة بالكتابة ،فأصبح األدب
بنظر العديد ُم ْه َرة سهلة ورخيصة يركبها ك ّل من أن األحداث شاء دون أي ثوابت ّ أخالقية ،كما ّ ياسية واللغة أصبحت الوسيلة األكثر تملّقا الس ّ ّ كان اللقمة عر ش ال أدبيا، قين ل المتس بعض لدى ّ ّ َ المستساغة لدى العديد ،فنجد أشخاصا وهم في العقد الخامس أو السادس من أعمارهم، خلق في اآلونة أصبحوا فجأة شعراء ،مما َ األخيرة عند البعض مفهومين خاطئين ،األول: النصوص المكتوبة باللغة متمثّال في بعض ّ حيث أصبحت ظاهرة الكتابة بها عند الكردية َ ّ مكررة بمعاني ال ألفاظ وتنسيق تيب ر بت البعض ّ تخلق أي صورة شعرية أو حالة واقعية أو حتى القراء مما خلق نظرة مسبقة لمعظم ّ خياليةّ ، نص مكتوب باللغة الكردية، أي عن باالبتعاد ّ ٍّ كون الفكرة واضحة وال تستحق قراءتها ،وقد لبية مشكلتين كبيرتين، جلبت هذه ّ الس ّ النظرة ّ األولى :االبتعاد عن قراءة األدب المكتوب بالضرر انية :التي تعود باللغة ّ الكردية ،والثّ ّ ّ على اللغة نفسها ،فباللهجة الكرمانجية ُيكتّب وتركيا باإلضافة إلى الكردي في سوريا األدب ّ ّ مناطق أخرى من كردستان ،إذا فقراءة األدب
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
5
الكردي ال تقتصر على بعض الكتابات الكردية تتمدد إلى تاريخ وثقافة السورية المحلية ،إو�ّنما ّ متبحرتين في األدب الكردي.
في خلق وعي اجتماعي إو�نساني يجعل من ٍ إنسان الرئيسة لتحديد جهة أي األدب البوصلة ّ أن األدب الحقيقي يبحث عن ّ إنسانيته ،كما ّ المبني على أساس الفكرة الجديدة والقريبة من ك أث ار ودو ار الفني واللغوي يتر ُ المتلقي واألداء ّ في حياة أي قارئ ،يقول فرانس كافكا« :يجب المتجمد فينا». أن يكون الكتاب فأسا للبحر ّ
المفهوم الثّاني :متمثّال بالكتابة باللغة العر ّبية، والتي هي عند بعض الكتّاب مجرد انعكاسات النصوص ال تمتاز لقراءات سابقة ،معظم ّ الكالسيكية التي بات بخصوصيتها ،والطريقة ّ إن المواضيع حيث الحديث، يرفضها ال ّشعر ّ المحددة في ال ّشعر أصبحت بعيدة ك ّل البعد عن يؤسس لقاعدة اندماج مفاهيم ال ّشعر الحر ،الذي ّ النص «تميزت المشاعر اإلنسانية في ذات ّ ّ قصيدة الشعر الحر بخصائص أسلوبية متعددة، فقد اعتمدت على الوحدة العضوية ،فلم يعد البيت هو الوحدة إو�ّنما صارت القصيدة تشكل كالما متماسكا ،وتزاوج الشكل والمضمون، فالبحر والقافية والتفعيلة والصياغة ِ ت كلها وض َع ْ في خدمة الموضوع وصار الشاعر يعتمد على «التفعيلة « وعلى الموسيقا الداخلية المناسبة بين األلفاظ”.)1(« . ِ أدبيا أضف إلى ذلك قلّة عدد المتخصصين ّ ّ فأصبح األدب واألكاديميين في هذا المجال، َ تسلية وذلك بفضل الكوارث والحروب المستمرة ّ النقد أن كما منطقتنا، في ما السي األرض على ّ ّ ّ خاصا وعلما ثاقبة ة ر نظ اآلخر يحتاج هو الذي ً ُ ّ القاصي والداني بها يمسح قة خر بات به، ُ ّ ْ ِ أحذيتهم المهترئة .من المؤلم حقّا ما وصل إليه األدب ،هذا المفهوم الذي جاء عر ّبيا من كلمة العامة ،والتينيا من األدب اآلتية من األخالق ّ كلمة الحرف. لألدب مكانة عليا في أي مجتمع راق ،وهو - أي األدب – وبكافه أجناسه وأنواعه ضرورة ٍ مكان وزمان ،كون األدب من العلوم أي في ّ اإلنسانية ،التي تؤثّر في العالم نظريا ،واألدباء ّ االجتماعية ،إو�ن كانت هم حاملو ألوية العدالة ّ إن االلتزام تلك األلوية مكتوبة في الكتب ،كما ّ في األدب أو األدب الملتزم هو الطريق األمثل أن األدب الملتزم القراء ،حيث ّ واألكثر تأثي ار في ّ العامة ودور األديب اإلنسانية من ناحية الثقافة ّ
أذكر في سنوات مراهقتي وأنا في المرحلة الثانوية كيف كنت أزور المركز الثقافي باستمرار ،وقراءاتي كانت لكتّاب مثل نجيب محفوظ ودوستوفسكي وجبران الرواية المصرية التي يكتبها نجيب خليل جبران ،كانت ّ محفوظ بخصوصيتها وطابعها المحلّي تجذبني ،ربما كون الواقعية والحديث عن الطبقة الفقيرة ومقارنتها مع َ الطبقة البرجوازية كانا المقود لعربة الرواية التي يكتبها الناجح هو الذي يجعلك تق أر أكثر من «محفوظ» ،الكاتب ّ نتاج ،الذي يق أر نجيب محفوظ كان البد أن يبحث عن ٍ كتب أخرى أو حتى ينجذب نحو الرواية كجنس أدبي، األدبية تؤثّر في المتلقي بطريقتها، إن األجناس ّ كما ّ فالقصيدة تؤثّر من خالل رؤية المتلقي لمشاعره في يتقبلها الفكر البشري، ّ النص ووصفها بصورة شعرّية ّ ينقش نفسه الحقيقي ص الن و أطفاال، ا و ليس األدب اء فقر ّ ُ ّ ينقش الع ّشاق حروف أسمائهم في ذهن المتلقي ،كما ُ خصيات في إن العديد من ال ّش ّ على جذوع ال ّشجر ،كما ّ خاص ووقع تأثير لها يكون الرواية والقصة والمسرحية ّ ٌ ّ على ذهن المتلقي وعقله وقلبه ،فال ّشعر فيه تكثيف إو�يحاء الرموز والدالالت الباطنية شديدين ،وهو يقوم على قاعدةَ ّ الرمزي والحديث ،له رواده الجدد ،فبدر والعميقة ،ال ّشعر ّ السياب ونازك المالئكة طرحا ال ّشعر الحر في شاكر ّ النصوص بعد معظم أصبحت وبذلك بي، ر الع األدب ّ إن التأثّر باألدب كما جديدا، منحى خذ تت 1947 عام ّ ّ الغربي بكتّابه الحداثويين مثل بودلير وأراغون والمارتين إو�ليوار ،أصبح يترجم في تلك الفترة بقصائد شعراء عرب البياتي وأمل دنقل وخليل حاوي وسعيد مثل عبد الوهاب ّ عقل وغيرهم ،إذا فاألدب له مقومات تأثيرية وتعبيرية تغير في ثقافات أمم ،وربما في طريقة تفكيرها أيضا، ّ المكتَشفة أخي ار يقول بروست« :الحياة الحقيقية ،الحياة ُ المتميزة ،الحياة الوحيدة التي ِعي َشت بشكل حقيقي، و ّ هي األدب».
ألن ال ّشعر فنشأة الشعر المنثور والحر جاءت ّ يعب ار الموزون والمقفّى لم يعودا يستطيعان أن ّ عن الحياة الجديدة والعصرّية التي اجتاحت وتحرر ال ّشاعر من القافية جعل من العالم، ّ القصيدة أكثر تعبي ار ومعنى ،هذا الموضوع ينطبق على ال ّشعر الكردي أيضا ،فشعراء الكرد
6
القدماء كانوا يكتبون شع ار مقفّى وموزون ،مؤخ ار فإن ال ّشعر الكردي ابتعد عن القوافي وتأثّر أيضا ّ الحر والمنثور، عر ش ال وحركة العالمي باألدب ّ ّ مرجعية في لقاعدة يؤسس ّ ّ لكنه لم يستطع أن ّ إن كما الموزون، عر ش ال فعل كما الكردي األدب ّ ّ تتأسس وفق قواعد صادقة ونابعة القصيدة التي ّ من عواطف ال ّشاعر ورؤاه اليومية هي ثورة ،فهي حقيقية بطريقة تعبيرية حديثة وبأدوات حديثة، مثال؛ كتابة شاعر ما لقصيدة عن المعارك أو حتى عن الحياة البدوية وهو يعيش في مدينة، ألن تجلب معنى مستهلكا وال تجذب أي قارئّ ، أما إن منمقة مزخرفةّ ، ال ّشاعر يكذب بطريقة ّ يتحدث قرأنا قصيدة أخرى لذات ال ّشاعر وهو ّ يتأمل وهو الصباح، عن ركوبه الحافلة في ّ ّ المدينة كيف تركض عكس مسيره ،فهذا سيكون أقرب بالتأكيد ،وسيعكس حالة شعورّية عاشها المتلقي دون أن يعرف ذلك إال عند قراءته الصدق هو ما يجب أن يتواجد في أي لألدبّ ، نص ،حيث تصاغ تلك المشاعر بصورة شعرّية بلغة سهلة ومعنى عميق. هل ما يتركه األدب عند المتلقي هو ذاته عند الكاتب؟ الكتابة هي فعل يومي ومعقّد ،يحتاج لمقومات مثل الموهبة ،الثقافة ،الذكاء اللغوي ،البيئة.. الخ ،الكاتب بدوره يتأثّر بك ّل ما حوله ويبقى ٍ شيء ما في حياته كنقطة حبر سوداء على أثر ورقة بيضاء ال تمحى أبدا ،الطفولة هي الحاكم الرئيس لخلق أي كاتب ،فاألحداث التي يشهدها ّ أي مؤلّف في طفولته ،تنعكس على أدبه وعلى شخصيات نصوصه ،تتفاوت تلك األحداث من حيث أهميتها ووجودها في ذاكرة الكاتب ،فالموت الذي يراه الكاتب في طفولته أول مرة ومعاناته من الفقر أو فقدانه ألحد أفراد أسرته أو معايشته البد لهذه الوقائع أن تنسلخ أدبيا وهي لحرب ماّ ، الروسية مارينا تتلوى من نار األلم ،الشاعرة ّ ّ تسفيتاييفا؛ شاعرة القدر المأساوي والتي انتحرت
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
شنقا ،حيث «بدأت الكتابة وهي في السادسة من عمرها ،ونشرت ديوانها األول وهي في السادسة عشرة ،عرف عنها ثورتها على التقاليد الالمثالية، فعاشرت في الثامنة عشرة ،فتاة سحاقية شهيرة، ولتزيد في كيد أهلها ولتصدمهم ،وبخاصة أنها ابنة أرثوذكسي معاد لليهود»( )2عانت مارينا من فقر شديد خالل فترة الحربين العالميتين ،وقد انعكست هذه المعاناة على قصائدها ،فهي في ٍ بأن الكلمة حرب مستمرة تحاول إقناع القارئ ّ ٍ شيء بأي أسمى من المال ،و ّ أن الفقر ال ُيقارن ّ يدمر ك ّل شيء « أرتدي نها ار في الحياة ّ ألنه ّ ومساء ثوب البزان البني عينه الذي خاطته لي آسيا في ربيع العام 1917في ألكسندروف، والذي ضاق ،ذات يوم ،بشكل فظيع .أصبح مثقوبا من جميع الجهات بسبب الجمرات والسجائر التي تتساقط عليه .أما أكمامه -التي كانت ،في ما مضى ،مشدودة بالمطاط -فقد صارت مشمرة كبوق ومثبتة بدبوس أمان ،إيرينا! لو كنت ما زلت على قيد الحياة ،لكنت أطعمتك من الصباح حتى المساء .قليال ما نأكل أليا وأنا! إيرينا ثمة شيء تعرفينه :لم أرسلك إلى الميتم ألتخلص منك ،بل ألنهم وعدوني بأنك ستجدين هناك األ َُرز والشوكوال»()3 الموت كرمز في األدب: يغير في الفكر وفي الالوعي بقوته وجبروته ّ الموت ّ الذي يبنى عليه عماد كل إنسان ،فالعديد من الكتّاب كان الموت هو مالذهم المريح ،وربيعهم الذي يتخلّصون من خالله من عبثية العالم وفوضاه الالمتناهية ،األلم الذي تسببه المراسيم الجنائزية للموت ،كالكفن والتابوت والقبر ومالبس السوداء ،كلّها صور من الحياة تصبح ّ المشيعين ّ يغير الموت ة، األدبي النصوص في ر ا وصو مرايا ّ ّ من إيقاع ك ّل نص ،وهو العنصر األكثر تواجدا يغير الموت في السيكولوجية ونظرة في األدبّ ، الهولندية ريناتا دروستين الكاتب للحياة ،الكاتبة ّ غير هذا التأثّر تأثّرت بموت أختها كثيرا ،وقد ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
7
من مجرى حياتها األدبية« ،كنت في السابعة والعشرين من عمري عندما أتصل بي أبي في بأن أختي الساعة السادسة صباحا ،ليخبرني ّ قد قفزت من إحدى البنايات .ردة فعلي األولى كانت :عدت إلى الفراش ،تدثرت باألغطية حتى رأسي ،ونمت ،نمت فعال .موتها كان صفعة ،لم أتمكن من تقبلها ،وبفضل عدم إنقاذها والشعور القاتل بالذنب بقيت أكتب ،حوالي سنة كاملة، أجلس صباحا في وقت مبكر جدا قبل ذهابي إلى عملي خلف مكتبي لكتابة رواية حيث سألت فيها ،وبدون وعي ،عن ما هو جنون وما هو طبيعي ،ولم أترك فيها أختي لوحدها .بعد كل تلك الكتب الفاشلة نجحت أخي ار في كتابة كتاب جيد “الغرباء” ،صدر عام ،1983وكانت أصداؤه لدي مع موت رائعة ،نضجت موهبة التأليف ّ أختي ،لقد أهدتني ثيمات عظيمة ،لكن هناك المزيد .كانت أختي تريد أن تصبح كاتبة أيضا، بأن موهبتها في الكتابة قد انتقلت لي بعد أشعر ّ موتها ،ولهذا ،ولهذا فقط ،حققت نجاحي»(.)4
موت تتعدد أنواع الموت في األدب ،فهناك ّ ٌ وموت ثائر ،وموت الفداء والموت فلسفي، ٌ ّ أن عنصر الشخصي والموت الحضاري ،إال ّ الموت في ال ّشعر يختلف عن األجناس األدبية األخرى في القصة والرواية والمسرحية ،فالموت في القصيدة هو حياة جديدة ،فهو موت ي نابعٌ من إنسانية اإلنسان ،وليس حضار ٌّ من انتهاء حياته في الحياة الواقعية ،وأحيانا يصوغ الشاعر انتهاء حياته بتعابير إنسانية تثير ألما لدى المتلقي ،فالعناصر اآلنفة ال ّذكر والتي تمثل تعابير الموت الجنائزية ،وهي تمثّل اإلنسان الذي ينتظر الموت المحتّم عليه ،وذلك بصور متعددة ،فال ّشاعر اللبناني خليل حاوي ( )1919-1982استطاع أن يجعل من الموت إن العنصر األساسي في نصوصه، ُ حيث ّ النص األدبي، يغير من مجرى وسياق ّ الموت ّ فتتّشح الكلمات سوادا ،وينبع من األلفاظ موسيقا جنائزية ،يقول ال ّشاعر خليل حاوي في قصيدته التي تحمل عنوان» حفرة بال قاع»:
يختلف تأثير الموت وكينونته عند ك ّل كاتب، عمق الحفرةَ يا حفّار، ّ فيمكن أن يكون هو الذي يكشف حقيقة خيانة لقاع ال قرار عمقها ٍ ّ الحبيبة للشاعر ،هو معنى غريب على ك ّل خلف مدار ال ّشمس لكن ال ّشاعر «جان كوكتو» هكذا نظر يرتمي َ حالّ ، إليه ،الموت هو المنقذ وهو العالم الخفي الذي ليال من رماد ّ الضياء دوما: ُ يبعث ّ وبقايا نجمة مدفونة خلف المدار ِ أحالمك إذا ُّ مت أوال «سأدخ ُل ٍ آه ال تلق على جسمي كنت أنام حين ُ سأرى كيف ُ حيا طري ترابا أحم ار ّ ويدي فوق بطنك.. َّ حنطه ،و اطمره لف جسمي ،لفّهّ ، ِ تستبدلين العشيق كنت َ بكلس مالح ،صخر من الكبريت أستطيعُ أن أرى ال ّشمس قبالتي فحم حجري()6 وال تستطيع عينك ذلك وهناك موت الفداء أيضا، ي، َ هذا موت حضار ّ لن ننزل في المغطسة نفسها ينطبق على ال ّشهداء ،وعلى التضحية وهو ُ قويا ،وال يحمل وال في البحر نفسه أمة ،فهو يأتي ّ في ضمير كل ّ معاني جنائزية كالموت الشخصي أو الموت ستجدين رفيقا آخر الحضاري ،إو�ّنما يكون ثائ ار على الموت نفسه، مقر الموتى)5(.. وكأن ال ّشاعر يغلب الموت بشخوصه النضالية ّ في ّ
8
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
ألنه خلدها في شعره، والفدائية ،فيخلق تحوال جذريا في معنى الموت بعثت رغم اندثارهاّ ، من انتهاء الحياة إلى بداية التحرر من االستبداد ومنحها وجودا ال يبيد»()8 والظلم، ّ ويحول من جسده المهترئ وأوصاله شعراء العصر الجاهلي في األدب العربي – المقطّعة ،إلى شوارع مدينته ،التي سيمشي فيها يتغنون دائما بالصحراء واألطالل األطفال وهم ذاهبون إلى مدارسهم في الصباح مثال -كانوا ّ ّ أما ( -1940والمعارك ،كون البدو كانوا دائمي التنقلّ ، بحرّية ،فال ّشاعر المصري أمل دنقل ّ فإن الوجدانية والتشاؤمية كانتا )1983كتب عن الموت بعدة حاالت ،فتارة شعراء الغرب ّ ّ ً األكثر وجودا في نصوصهم ،متمثّلة بالبحر ثاء حزين وتارةً ر ٌ هو ر ٌ ثاء شخصي ،وفي والغروب والمدينة ،الوضع المعيشي واالقتصادي قصيدته»كلمات سبارتاكوس األخيرة» يتجلّى جليا في نصوص األدباء ،مثال في بعض يظهر ّ هذا الموت لدى الفدائي الذي ال يموت: السيما الكالسيكية منها القصص والنصوص ّ ماديا وغنية فكريا ،والعكس الصباح معلَّ ٌ نرى شخصيات فقيرة ّ ق أنا على مشانق ّ فإن األدب هو مع الطبقة الغنية اقتصاديا ،إذا ّ محنية وجبهتي -بالموت - ّ حيث ّإنه يخلق ثورتين ،األولى:عند الثّورة، ُ أحنها..حية!()7 ألنني لم ّ الكاتب والثّانية :عند المتلقي.. ّ البيئة والمكان في ال ّنص: البيئة التي يحيا فيها ك ّل كاتب هي التي تغير الريف أي ّ في مجرى ّ نص أدبي ،فهناك أدب ّ أسست وأدب المدينة ،كما ّ إن الطبيعة هي التي ّ يسخر ك ّل ما لفكرة األدب الوجداني ،فالكاتب ّ أهم من هي بأن البيئة حوله لينعكس أدبا ،أعتقد ّ ّ وتغير في بنية العناصر التي تتواجد في األدب ّ النص ،فالوصف الذي يتبع حالة ك ّل إنسان، ّ هي بيئته التي يحيا فيها ،المقصود بالبيئة هنا السيما طبعا المكان الذي يعيش فيه ك ّل كاتبّ ، الرأس الذي الغربة ،والمكان القديم يبقى مسقط ّ الجنة التي ال تنتهي ،فال ّشاعر العراقي بدر هو ّ السّياب كان يكتب عن قريته التي ولد فيها شاكر ّ دائما ،قرية «جيكور» وهو اسم كردي ويعني بالعربية «الجدول األعلى» « ،وأما السياب فإنه لم يستطع أن ينسجم مع بغداد ،ألنها عجزت أن تمحو صورة جيكور أو تطمسها في نفسه (ألسباب متعددة) فالصراع بين جيكور وبغداد، جعل الصدمة مزمنة ،حتى حين رجع السياب إلى جيكور ووجدها قد تغيرت لم يستطع أن يحب بغداد أو أن يأنس إلى بيئتها ،وظ ّل يحلم البد أن تبعث من خالل ذاته( ،وقد أن جيكور ّ
البيئة التي يعيش فيها الكاتب تنعكس على النص ،وتصبح تغير في ّ نصوصه ،وهي التي ّ مؤثّ ار رئيسا ،يلعب بمشاعر القارئ ،ويثيرها من خالل المواد الجامدة التي تحيط بالكاتب، يتحول وتنعكس إلى أدوات إبداعية في ّ الن ّ صّ ، كل ما يحيط بالكاتب إلى رفاق لحزنه وحاله، كما ذكرت آنفا عن شاعرة القدر المأساوي تتحدث مارينا تسفياتييفا التي عانت من الفقرّ ، عادية ،دون ال ّشاعرة عن بيئتها ببساطة ولغة ّ ٍ أن تستخدم أي مؤثّرات لغوية أو حزن ملموس، كرصاصة، ّ لكن المعنى يخترق جدار القارئ ّ (نهاري :أنهض -النافذة باألعلى بالكاد بيضاء برد -برك مياه -غبار نثارة -دالء -جرار مماسح -أثواب األطفال وقمصانهم في كلمكان ،أنشر الخشب ،أشعل النار ،أغسل بمياه مثلجة حبات البطاطا التي أضعها لتغلي في مياه السماور ،أضع تحت السماور الحطب المشتعل ،ألعود وأضع فوقها المقالة) ()9
الحرب أيضا تصبح في العديد من الحاالت الدمار بالرصاص والجوع والدماء و ّ بيئة للكاتبّ ، وال ّشهداء ،أدب الحرب الذي أصبح واقعا خالل الحربين العالميتين وما شهده العالم في تلك الفترة من كوارث بشرية ،أودت بحياة الماليين انعكست على األدب ،فالكاتب من البشر، َ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
9
الروسي ال ّشهير تولستوي ()1910-1828 ّ «استطاع بكتابه الذي يحمل عنوان «مملكة الرب داخلك» التأثير على مشاهير القرن ّ العشرين مثل المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ في جهادهما الذي اتسم بسياسة المقاومة السلمية التي تنبذ العنف»)10(.
تُ ْشَبعُ بدقائق ،بل هو يمثّل كينونة اإلنسان وكافة المخلوقات األخرى ،أدب العصر الجاهلي يمثّل األدب األكثر جرأةً في تاريخ األدب العربي، ال ّذكاء الثقافي الذي كان عند شعراء ذلك العصر إن الوصف الذين كانوا بعيدين عن العلم ،حيث ّ جليا ،يعود ذلك إلى الثورة ّ الدقيق للجسد كان ّ التي يريد الكاتب بدوره أن يخلقها في نفسه وفي إن فكرة الجنس القارئ والمجتمع أيضا، ُ حيث ّ جدا تعود إلى التناسل البشري وهي فكرة قديمة ّ والمتعة والضرورة اإلنسانية الملحة ،فالجسد في النص يجعل من القارئ يعرف قيمة جسده ،كما ّ طبيعي كالعناصر األخرى التي إن الجسد هو ٌّ ّ حداثيا ،فهو ر ا عنص وليس األدب، بها ى يتغن ّ ّ َ طبيعي كالشمس والمطر والزرع والموت ،وليس من الضرورة أن ترتبط فكرة الجسد بالجنس النحت واألدب معنى الرسم و ّ دائما ،فهو يمثّل في ّ اقعية ،فالجسد هو المثال والعفّة مغاي ار لداللته الو ّ والديمومة وليس المتعة وحدها ،وهو المعنى الحقيقي للطبيعة ،األدب الجاهلي في األدب العربي كان بارعا وشفّافا في وصف الجسد ،فقد علم كان بحسب بعض النقّاد أدبا فاحشاّ ، لكنه ٌ السماء وهو إنساني ،فاألدب يطلق راياته في ّ حر باستخدامه الرموز الطبيعية واإلنسانية، ّ يقول ال ّشاعر امرؤ القيس في معلقته الشهيرة: ت ومر ِ فَ ِم ْث ِ ض ٍع لك ُحبلَى قَ ْد َ ط َرْق ُ ُ ْ فألهيتُها عن ِذي تمائم م ِ حول َ ُ
يختلف أدب الحرب عن األدب الثّوري ،فمعنى ويعكس دوما الحرب منبوذ ومكروه في األدب، ُ أما األدب الثوري الضياع و ّ ّ الدمار والحيرة والقلقّ ، ٍ ألنه العدو، تجاه شيء بأي القيام على فيبعث ُ ّ القراء في ُيعتَبر دفاعا عن ّ النفس ،ويؤثّر في ّ الفترة التي ُكتِب فيها ،وأحيانا بعد ذلك بكثير، ويصبح واقعا لل ّشعوب، حتّى يخلّد هذا األدب َ فقصيدة « »Ey reqîbأي «أيها الرقيب» التي الراحل»دلدار يونس» كتبها ال ّشاعر الكردي ّ النشيد السجن عام ،1938 أصبحت ّ َ وهو في ّ الوطني الكردي ،واستطاعت هذه القصيدة أن مصطلح تخلق ثورة في األدب الكردي ،وهناك َ ٌ آخر في األدب يخالف أدب الحرب واألدب الثوري ويحاول تشويه األدب ،وهو تجنيد األدب الذي انتشر في القرن التّاسع عشر وبداية القرن تمرد ضد هذا العشرين في إنكلترا ،فقد»حدث ُ أنصار وجه االستغالل السيء لألدب ،وقد ُ «الفن من أجل الفن» انتقاداتهم ألتباع سان سيمون واالشتراكيين والجمهوريين الذين منحوا لألدب ُمهمة قيادة الشعب»()11 الجسد ٍ كرمز في ال ّنص األدبي: الرمز األكثر تأثي ار في األدب ،فهو الجسد يمثّل ّ أدبي منه، ، عنصر مهم ّ جدا وال يخلو ّ نص ّ لماذا الجسد هو الجغرافية التي ينثر عليه األدب النص يغير رمز الجسد في ّ وروده ،تُرى هل ّ شيئا ؟
األدب لهُ باعٌ طويل في ذكر تفاصيل الجسد ٍ بشكل تفصيلي ،وهذا الوصف والعنصر ال يأتي مادة فقط ،أو غريزة جسدية من كون الجسد ّ
ت له إذا ما بكى من خلفها انصرفَ ْ َ بِ َش ٍّ ـق وتَحـْتي ِشـقُّهَا لَ ْم ُيحـََّو ِل()12
رمز الجسد يخلق تغيي ار كبي ار في األدب ،فهو ي ينبع من ثقافة اإلنسانية وحضاراتها، اسطور ٌّ وقد استخدم بدالالت عديدةَّ ، لكن استخدامه تامة بات النص األدبي كرمز في ّ ّ بسطحية ّ اختالف هناك جماحها، ح كب ي أن ٌ مشكلة يجب ُ َ يسمي جوهري بين الواقع والخيال ،األدب الذي ّ األشياء بمسمياتها بدون أي دالالت ال ُيعتبر أدبا ،فعليه أن يدور حول المعنى ويأخ ُذ ّلبه النصوص وليس كلّه ،والشرح المرافق لبعض ّ َ
10
كأنه األدبية ووجود عنصر الجسد يأتي إباحيا ّ ّ وليس اسطورّيا ،مثال ،ذكر تفاصيل تجاري َ النص األدبي دون أي دالالت الجسد بدقّة في ّ شاعر جسد حبيبته بذكر نهديها كأن يذكر ّ ٌ وخصرها ...الخ بدون أي تشابيه أو معاني ك خفية هو تَ ِع ٍّد على حرمة الجسد العاري ،فهنا ٌ ّ فرق بين األدوات اإلبداعية واستخدامها ،مثال ٌ السّياب» طرح فكرة شاكر «بدر اقي ر الع اعر ال ّش ّ جديدة في رمز الجسد ،وهو اشتهاء العذ اروات َّ الغضة العارّية وهي أجسادهن وتخيل ّ الميتاتّ ، ّ في القبر ،ومحاكمته لنفسه كيف ّإنه لم يكن فارسا لتلك الفتيات ،وكان الموت بينهما ،يقول في ذلك: و ِ كأن ِك الكواكب البعيدة أنت يا ضجيعتي ّ
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
الجسد هو الخطيئة التي عاش بفضلها اإلنسان، يربط األدب بين صورتين مختلفتين هما واحدة في الطبيعة ،فالشاعر هو اإلنسان ،والجسد هو الخطيئة .استطاع بودلير أن يكتب هذه النظرية ويغير من الصورة النمطية للجسد في األدبّ ، السيما المرأة في األدب، األدب، التي يعالجها ّ فهي الزوجة التي تضطر لممارسة الجنس، وهي األم ،وهي الزوجة التي تنتقم من ال ّشاعر، يقول في قصيدته»مباركة»: عندما يظهر ال ّشاعر في هذا العالم الملول
بقرار من القوى العلوية
أمه المذعورة بقبضتيها المتشنجتين تلوح ّ ّ الراثي لحالها هائجة في وجه اللّه ّ وضعت وك ار من األفاعي وتقول :ليتني ُ
كأن بيننا من الكرى جدار ّ اليدان تعصر ِ ِ ان جثّةً بليدة تضمك ّ معانق دمي على ِحجار كأنني ٌ ّ
ارضع هذا الطفل التّائه بدال من أن َ الزائلة التي حملته فيها ملعونة هي ليلة المتعة ّ
فتستحي ُل سور و ِ أنت في القرار من بحارك العميقة
العامة قائلة: وزوجته تصرُخ في ّ الساحات ّ بما ّإنه يجدني جميلة حتى العبادة
نون بيننا دما ونار ام ْ الس ُ ت ّ تر َ أمدها جسور ّ
أمسها تص ّكني الصخور أغوص ال ّ ُ العروق في يدي تقطّع َ أستغيث ٍ آه يا وفيقة ُ إلي أنت يا رفيقة يا َ أقرب الورى ّ للدود والظالم..
النساء جميعا بما إنك يا رب اخترتني من بين ّ قرف لزوجي البائس. ألكون موضع َ
لذلك سأفعل ما فعلته األوثان القديمة
سأجعله يعيد طالئي بال ّذهب
ألعرف إن كنت أستطيع أن أزاحم الوالء اإللهي)13(..
الصوت الغيبي السوري» أدونيس» َ كان ّ ال ّشاعر ّ لهذا الجسد ،وقد كان لمجموعاته ال ّشعرّية في فلسفية بطريقة شعرّية ،فهو هذا المجال بحوث ّ الرجل وعلى وجود يتمرد على ّ الدين وعلى ّ ّ الحياة على األرض وعلى الجسد أحيانا ،حيث ٍ صور كمنبع للحياة ،ويتكلّم في يمجد الجسد ٍ إّّنه ّ عديدة بلسان المرأة ،يقول في ذلك:
الجسد كان قبل ظهور األديان يمثّل حقيقة البشرية والوجود ،فالتماثيل واآلثار الباقية من األزمنة المتالحقة قبل الميالد ترسل رسالة إلى البشرية بأن اإلنسان كان في ذلك الوقت حضارّيا ،ولم ّ فالدين األديان تكن تشوه صورة الجسد خارجهاّ ، ّ المحرمات خارج إطاره وفي من يجعل الجسد ّ سأفيء إليك ،تُراني أصبحت عذراء ذات الوقت يدفع اإلنسان إلى ممارسة الجنس ُ الدين ،وربما كان خلف الشرائع التي ينشرها ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
إليك، الحب فيك؟ من نعمة أفيء َ ّ ُ فيك إلى ال قرار. و أهبطُ َ
أحس بجسمي أحس بنفسي ،ال ُّ ال ُّ
بأني أحيا إذا لم أعانق ال ُّ أحس ّ جسدا آخر. أستَ ِشفّ َكُّ ، أنهد فيك ،متاهي ولقائي بنفسي أنت ،وحريتي()14 َ خاتمة: الحال التي وصل إليها األدب مؤخ ار حا ٌل جنائزية وحزينة للغاية ،فاإللكترونيات التي سوداويا اجتاحت دول العالم ،وأصبحت واقعا ّ يعوض الناس ،ليس هناك يضيق عقول ّ ّ ٌ شيء ّ عن القراءة ،القراءة فقط للقراءة ،وليس لمصالح اقتصادية وغيرها ،كيف لنا أن نكون شعوبا ّ نقدس حضارّيين ودارسين لألدب ونحن ال ّ القراءة؟ ما معنى القوقعة التي ِ أدخل إليها األدب مرميا على رفوف المكتبات وهو قس ار ُليصبح ّ يختنق من غبار التهميش؟
لم أصبح األدب يرتبط دائما بأوقات الفراغ سلية وبعض الكتب التجارّية التي ال تثير والتّ ّ العاطفية؟ الجنسية و القراء سوى غرائزهم ّ ّ شيئا في ّ لم ينظر المجتمع إلى األدباء كمنبوذين اجتماعيا ،أو عاطلين عن العمل أو مرضى نفسيين؟ ٍ بصفحات تقليدية عفا لم عدد المنظّرين أدبيا، القراء؟ عليها األدب ،أكثر من عدد ّ
يتحول األدب من القراءة والتأثير النظري عندما ّ في المتلقي ،إلى مجرد شعارات وتصفيق في المهرجانات واألمسيات المشوبة بالسياسة في يجيا، أغلب األحيان ،لصالح سلطة ما يموت تدر ّ ُ يجند في الجيوش ،األدب ليس اإلنسان وحده ّ األمي أيضا أصبح كذلكّ ، فتقبل الحضور ّ
11
ٍ لشويعر ما ،وهو يذكر اسم قائد أو مدينة، ياسية بطريقة الس اء القر أيديولوجيات إلى ليتقرب ّ ّ ّ ّ تافهة ومخزية تجعل من األدب سلعة رخيصة السوداء. تباعُ في األسواق ّ الفوضى العارمة في سوريا خلقت فوضى مرعبة في األدب ،هل نشهد مرحلة نعي فيه األدب الخلق الجوهري؟ ّ الدمار في النزوح والموت و ّ ونحن نعيش مرحلة ّ إن أم ة، الثقافي و ة األدبي السوري ّ ّ ّ ّ بنية المجتمع ّ ٍ مخاض منذ خمس سنوات األدب هناك في ميتا؟! ينتظر جنينا جديدا كالبالد ،ربما يلد ّ من الضروري أن يكون األدب محطما للصورة النمطية للحياة ،وعليه أيضا أن يكون طرحا ّ يعبر عن الواقع من وجهة نظر يئا، ر ج جديدا ّ الشخصية والتي تمثّل نظرة المجتمع ككل الكاتب ّ أو ٍ فئة معينة تتشارك المشاعر والواقع نفسه، تحدثنا عنها لها أهميتها، بعض العناصر التي ّ الرموز وهناك عناصر أخرى كالتّاريخ والفلكلور و ّ أمة، الدينية واألسطورية ،األدب يمثّل ّ ّ هوية كل ّ البد من ذكر ألمانيا عن الحديث يتم حين فمثال ّ ّ البد إسبانيا عن أو «غوته»، هير األديب ال ّش ّ من المرور بالشاعر فدريكو لوركا ،وعن ال ُكرد البد من ذكر المبدع» أحمدي خاني» ،وروسيا ّ تعدد كتّابها وخلقَت أدبا تُرجم إلى العديد التي ّ من اللغات البد وأن تذكر «تولستوي» ،ما من ٍّ يغير في تاريخ األمم ،ال يعني إن األدب ّ شك ّ هذا ّإنه يحمي أسقف المنازل من السقوط على إن األدب رؤوس مالكيها من هول المدافع ،كما ّ لكنه للقراء وأحيانا للكتّاب أنفسهمّ ، ال يمنح خب از ّ خفية وغيبية عن الواقع ،يلمسها يمنح عوالم ّ حبا لنفسه وللحياة، القارئ ،وربما تخلق لديه ّ اإلنسان يقول فرانسيس بيكون« :القراءةُ تجعل َ المحاورة تجعل اإلنسان نشيطا ،والكتابة كامال ،و َ تجعل اإلنسان دقيقا .لهذا السبب إذا ق أر اإلنسان قليال فإنه سيتوفر على ذاكرة جيدة ،إو�ذا تحدث قليال ،فإنه سيمتلك عقال نشيطا ،إو�ذا ق أر قليال، فإنه سيتوفر على كثير من الحيلة ،حتى يبدو وكأنه يعرف ما ال يعرفه».
12
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
ال ّشاعر اإليراني أحمد شاملو الذي يعتبر أحد أو ربما نراها هكذا لقلّة اإلنتاجات األدبية في أعالم الشعر الفارسي الحديث ،والذي أحدث الرواية خصوصا. تغيي ار في الشعر اإليراني الحديث، ّ مستوحيا تشويه األدب ليس إال تشويها لواقع األمم إبداعه من اللغة الفارسية القديمة وتجربة أدبيا كمن فإن من يتسلّق ّ اإلنسان المعاصر هو مثال لألدب المؤثر ولحضاراتها ،وبرأيي ّ ٌ ّ يقتلٌّ ، نص رديء يقتل قارئا جديدا ،وكل فكل ّ «يعتبر حيث مجتمعه تغيي ار في والذي خلق ّ ٍ كتاب هزيل يكسر قلما حديثا ،ربما ما قاله الناقدون أحمد شاملو محطما لألصنام في الكاتب» عزيز نيسن» في مجموعته القصصية إيران ،حيث لم يسلم حتى الشعراء الفرس العظام «خصيصا للحمير» يمثّل واقع األدب المخزي، من انتقاداته؛ إذ انتقد سعدي الشيرازي لمواقفه حيث قال« :ماذا بوسع العاطل عن العمل القيام المحقرة للمرأة والفردوسي لمغالطته التاريخية في مغنيا وال قدمان قصة «كاوا الحداد والضحاك» .وقد جلبت هذه به؟ ال صوت جميل كي يصبح ّ قويتان كي يكون العب كرة قدم ،إذن لم يبق االنتقادات وخاصة الموجهة للفردوسي الذي أمامه سوى إمكانية واحدة ،أن يصبح كاتبا. يعتبره القوميون الفرس محيي اللغة الفارسية فإن ك ّل من أمسك قلما بين بعد الفتح العربي االسالمي إليران ونبيا لهم ،وكما تعرفون ّ أما من ال جلبت لشاملو المزيد من الشتائم والهجمات إبهامه وسبابته ووسطاه يصبح كاتباّ . عاما على مناهل المياه المتعصبة من هؤالء القوميين ،وكان أحمد يستطيع فيصبح مشرفا ّ العامة في البلد».. شاملو طموحا في القضايا السياسية مؤمنا ّ بالديمقراطية وحقوق الشعوب اإليرانية غير سننتظر جميعا ما سينجبه الواقع من هذه الفارسية ،حيث خصص في أوائل الثمانينيات المرحلة االنتقالية في عمر األدب ،وسنتطلّع صنف هذا المزيد من صفحات مجلته األسبوعية « كتاب بعد موتنا إلى التّاريخ لنراه كيف ّ جمعة» لثقافة وأدب هذه الشعوب ،حيث كان مجمال لواقع ما ،بل هو ليس ِّ الوقت ،األدب َ يعتبر النظام الفيدرالي إطا ار مناسبا إليران ،ولم الواقع نفسه مع جميع تناقضاته وتغيراته ،وقد تسمح و ازرة اإلرشاد بطبع دواوينه وسائر آثاره كان لكتاب جان بول سارتر( ما األدب؟) شرٌح حيث يقول فيه »:يكون إال عقب مجيء خاتمي ،حيث تم الحظر على طويل في هذا المجالُ ، كتبه لمدة 16عاما»()15 اتية لمجتمع في ثورة األدب في جوهره هو ال ّذ ّ األدب هو الذي يغير في النفوس والعقول دون دائمة ،وفي هذا المجتمع يتجاوز األدب التناقض ّ نار ودم وشهداء ،برأيي فإن التجربة ال ّشخصية بين القول والعمل ،حقا لن يكون األدب -في ّ ّ ّ في األدب مهمةٌ جدا ،وهي التي تعيش واقع أية حال من األحوال -مساويا للعمل :فغير ّ ّ أن المؤلف يؤثّر في قرائه عمال ،إو�ّنما أدبا اقع و ال ذلك من الكاتب وتخلق وفناّ ،مما صحيح ّ ّ يعكس تلك التجربة على اإلنسانية ويحقّق يتوجه بدعوته إلى حرياتهم ،إو�ّنما يكون التأليف ّ األدب بذلك نجاحه ،فهو يختلف عن التّاريخ األدبي هو الشرط الجوهري العملي في جماعة والرسم والموسيقا ،ألن التّاريخ هو حفظ للوقائع متحولة متجددة بال انقطاع ،وحاكمة لنفسها ّ دون أي إبداع ،والرسم واأللحان كما يعتبرها بنفسها»(.)16 ّ األدب ألن األدب، ة ر حض سارتر أبكمان في يتحدث اآلباء واألجداد عن كتب الشعر ّ ّ من أكثر ر تعب التي و لصالحه يستخدم اللغة المخبئة لـ»جكرخوين» الشاعر الكردي المعروف ّ ّ الموسيقا والرسم ،ما يتطلّب اآلن في الواقع تحت مالبسهم ،والتي كانت ممنوعة قبل الثورة يستخف ِ الموجود في سوريا ُّ بخاصة هو قدرة األدب أن في سورياَّ ، به البعض اآلن فإن ما ّ االنتهاكات، هذه كل وسط يته يحافظ على عذر ون كانت السلطات تخاف منه ،وكان ّ الوطني َ األدبية تعيش مرحلة بائسة إن األجناس وي َع ّرضون حياتهم للخطر في ّ كما ّ يبحثون عنه ُ َ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
13 السابق. ( )6ذات المصدر ّ
سبيله ،هكذا كانت قيمة األدب ،من المحزن رؤية غرف الطالب بال ٍ المدرسية كتب غير ّ ِ المحزن أيضا ابتعاد البعض الجامعية ،ومن أو ّ ضمن دائرة األدباء عن قراءة األدب وقوقعته َ الضيقة ،هناك بعض الكتّاب الذين تألموا لهذا ّ الواقع وقرروا االنعزال عن هذه الفوضى ،لكن ما من َّ إن األدب أكبر من هذا الخلط، شك فيه ّ مجددا... بعد هذا الضباب ّ وستشرق شمسه َ ّ
الحرة ( )10ليو تولستوي ،ويكيبديا/الموسوعة ّ ( )11األدب من أجل ماذا ،دراسة عن األدب الفرنسي منشورة في مجلة نزوى.
هوامش:
()12منشورات جامعة الفرات ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،األدب الجاهلي ،مكتبة الفرات.
( )1الشعر الحر /قراءة في أغاني مهيار الدمشقي ألدونيس – بحث لخير الفؤاد جامعة جاكرتا.
( )2مارينا تسفيتاييفا شاعرة القدر المأساوي ،اسكندر حبش ،موقع جهة ال ّشعر.
()3من دفاتر تسفيتاييفا ،جهة ال ّشعر.
( )4الكاتبة الهولندية ريناتا دورستين بين الماضي والحاضر والمستقبل ،ترجمة:ميادة خليل ،صحيفة العالم الجديد.
( )5منشورات جامعة الفرات ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ،ال ّشعر الحديث ،مكتبة الفرات. ّ
( )7ذات المصدر السابق. ( )8د.إحسان عباس ،اتجاهات ال ّشعر العربي المعاصر، عالم المعرفة .1978 ()9من دفاتر تسفيتاييفا ،جهة ال ّشعر.
حنا الطيار، ( )13بودلير ،أزهار ال ّشر ،ترجمةّ : جورجيت الطيار. الساقي ()14أدونيس ،تاريخ ّ يمتزق في جسد امرأة ،دار ّ .2007 ( )15احمد شاملو ،أعظم شعراء الرعيل األول في إيران ،يوسف عزيزي ،عن كتاب « إيران الحائرة بين الشمولية والديمقراطية» ليوسف عزيزي الصادر عن دار الكنوز األدبية في بيروت. ()16جان بول سارتر ،ما األدب؟ ،ترجمة وتقديم وتعليق :الدكتور محمد غنيمي هالل ،دار نهضة مصر النشر. للطباعة و ّ
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
14
التفويض األدبي للسّياسة P عفاف خليفي
مجرد التّاريخ ليس نظريات متماسكة ّ منهجية ،هو ّ آمال ،خليط من األفكار تصيغها «الروح» في المتشظّي أشكال رمزّية ،كمحاولة لتحويل العالم ُ موحدة .يمنحنا األدب وحدة الحدس إلى رؤية ّ ويكشف عالم من الصور؛ هي قدرة األدب لتبصر النفس على استبطان المعنى وتهذيب ّ ّ السديمية التي تحجبنا الوجود إو�زاحة السحب ّ عن الحقيقة.
نحن إزاء نظام رمزي متعلّق بالوجدان والفضيلة والمعنى ،غايته الوصول إلى «المقصودات اإلنسانية» .هو تأسيس للوجود بالكلمة ولعلّها ّ الحرية ،خارج ج خار د تفس التي القصوى السعادة ُ ّ بحرية الفكرّ :إننا ككائنات بشرّية اإليماني الفعل ّ ثمة ال ندين ألحد بقدرتنا على التفكير ،ومن ّ لقية ألفعالنا ولمصيرنا الخاص. إعطاء قيمة ُخ ّ األدب كك ّل أشكال التمثّل الجمالي للعالم ال قوة تحاول ُ يجب أن يخضع إلى أي جهة أو ّ
بسط هيبتها وسطوتها على عقولنا ،لكون األدب الفن بشكل عام تكثيفا لالنفعال اإلنساني في و ّ ثمة تحويل االنفعال من شكل فعل رمزي ،ومن ّ يائية للجسد) ز في (انفعاالت مجرد سلوك بيولوجي ّ ّ قوة دافعة وأعمال يصبح ي رمز تعبير إلى ّ مسرحية ،رواية)... ،؛ ّإنه موثّقة (قصيد، ّ السياسية و االجتماعية و ة الوجداني نِتاج التجربة ّ ّ يعبر عنه «هيجل» بروح الثقافة التي أيضا ،ما ّ الفنان وهو أسمى أشكال التعبير ينتمي إليها ّ فإن عن أسمى حاجات الفكر ومتطلّباته ،لهذا ّ جماليا فحسب ،أو ّ تتم مقاربتهُ سؤال األدب ال ّ متأصل في حكم القيمة. الحكم الجمالي لع ّل ُ ّ من هذا المنطلق ال مناص من الخوض في السياسة وأفعالها، السياسة ،ال فكاك من أوامر ّ ّ لكونها ال تنفصل عن وجودنا ،بل هي المبدأ األساسي الذي يخضع له الكلّي .أليست الدولة نموذج للعالم الكلّي؟ أوامرها ونواهيها ،سطوتها، هرميتها ،ومقاصدها.
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
15
األدبية لمجتمع ما متج ّذرة داخل إن البنية ّ ّ التركيبة السياسية لذات المجتمع ،والفكرة الثقافية واألدبية السياسية منوطة باالتّجاهات ّ لتلك المجموعة .ال يقتصر األمر على األزمة ياسية الس ّ نمر بها اليوم في حياتنا ّ العنيفة التي ّ الكونية الحرب طبعا نقصد واالجتماعية؛ ّ الدولة وما بعد والعنف الهووي المعلن ،زمن ّ تأملنا في تاريخية الخطاب األدبي، ّ الدولة .لو ّ األدبية األشكال بتداخل الفور على سنشعر نا فإن ّ ّ السياسي ،أليس التّاريخ اإلغريقي مع العقل ّ النموذجية التي قامت عليها بمثابة القاعدة ّ األزمنة الالّحقة ،متمثال في شعر العبقري هوميروس ،ملحمتي اإللياذة واألوديسة بذور ال ّشعر الملحمي األصيل ،تاريخ طروادة، ويرسخ هوميروس ُينشد الفضيلة اإلغريقية، ّ فكرة المثل األعلى :بطولة هيكتور في دفاعه الهمجية؛ عن طروادة مقابل بطولة أخيليوس ّ البطولة المرتبطة بالشرف والفضيلة والدفاع الطبقية في عن الوطن ،يطرح هوميروس فكرة ّ شعره ،الفوارق السافرة بين الطبقات الثالث ( عامة الشعب /النبالء /اآللهة) ومحاولة كسر هذه الفوارق.
تستمد منه السياسة ديمومتها وأخالقياتها الذي ّ يتغنى ثيوجنيس ألم أزماتها، و اتها ر تغي أحيانا و ّ بالتضحية والبطولة من أجل مدينته عندما قال تدق رأسي هذه « ليت السماء النحاسية الهائلة ّ الساعة ،ليتها تزرع الرعب في قلب ك ّل رجل من أبناء األرض ،إن أنا تخاذلت في مد يد العون ألحبائي ،أو لم أسبب األلم والحزن ألعدائي « حتّى ِعداء أفالطون ُ -منظّر الجمهورية العادلة – هو ِعداء زائف لل ّشعر واألدب ،فأغلب محاوراته كالمأدبة وجورجياس وغيرها من أعظم الفن. منجزات اليونان في ّ قد نصادف عكس هذا االرتباط القبلي بين يوجه األدب فكرة األدب والسياسة بدل أن ّ الحكم ويصوغ أخالقيات وأدبيات السياسة ،قد الرمزية وسائل تنقلب المواضع وتصبح الذخائر ّ أيديولوجية ،وذلك بتحويل األفكار وتبريرات ّ األيديولوجية إلى الوجود في شكل قصائد ّ جندت الفكرة النازية والفاشية ما مثل وروايات، ّ أساطير وأدبيات ،وحاكت منها األشعار كتبرير لممارساتها األيديولوجية واالستعمارية أحيانا، “الماساده» ملحمة إسرائيلية حيث يموت «اليهودي» موتا بطوليا على مذبح الدولة، هذه القلعة األخيرة حسب أدبيات األيديولوجيا الصهيونية ،التي أقامها الحاكم اليهودي هيرود، حصنا من كليوبات ار ومن خطر الرومان ،وبعد حصار الروم للقلعة ،انتحر يهود القلعة انتحا ار جماعيا بدل الوقوع في األسر ،وهذا ما يلهم األدب اإلسرائيلي بمعاني البطولة ،لترسيخ فكرة وحدة الشعب والتضحية (تجدر اإلشارة هنا إلى أن القصة أن العديد من الباحثين اليهود ،أكدوا ّ مجرد أسطورة حيكت لغايات أيديولوجية وأنه تاريخيا ال وجود لهذه القلعة).
األدب الهوميري بأساليبه التعبيرية العبقرية كان الرهان األيديولوجي في تأسيس فكرة المدينة، ّ وأخالق البطولة في تحقيق الواجب إزاء الدولة /المدينة وترسيخ الفضيلة في الضمائر كأنها مقاالت والسلوكيات .قصائد سولون أيضا ّ سياسية ،مفعمة بعقيدة الفرد كذات في خدمة المدينة ،تطويرها وتنظيمها وتنميتها بتحصيل العلوم والصناعة والمعرفة .القرنان السابع والسادس بالنسبة لإلغريق ،عندما بدأت الطبقة العامة التعبير عن عدم الرضى ورغبتها في ّ المشاركة في الحكم ،ارتبطت الفكرة بظهور تيارات أدبية مختلفة تطرح فكرة الصراع والنزاعات الواقعة بين طبقات المجتمع الواحد ومسألة الصراع بين اإلغريق واألجانب.
أن الحركة األيديولوجية نحن ندرك تاريخيا ّ الصهيونية ال تُمانع بتاتا في دفن اليهود ،ثم إعالن انتحارهم كما حصل في سفينة باتريا وغيرها ،وفكرة يهود الشتات (ك ّل الحركات األدب اإلغريقي بك ّل رموزه ( هوميروس ،الفاشية ال تتوانى في وضع األدب واجهة لتبرير المادة الخام التي أفعالها وشرعنة الممارسة السياسية لهذا الفكر) هيسودوس ،سولون )...مثّل ّ تورط األدب في الممارسة السياسية ال تجسد البطولة والمالحم ،والمخزون األيديولوجي واضح ّ ّ أن ّ
16
يعود إلى مدى هشاشة هذا األدب ،بل إلى غلبة الفعل السياسي ،ليس هذا دفاعا عن األدب بقدر ماهي مالحظة تترتب عن المعطى التاريخي، وسلسلة االنتهاكات التي مارستها السياسة على األدب ،عندما أحرق النازيون ك ّل كتب األدب الحديث العتباره أدبا مريضا ومتخاذال ،ال يحث على ِ القتال من أجل الفكرة النازية (محرقة العاشر من أيار /مايو 1933احراق اآلالف من الكتب التي اعتبرها النازيون ال تمت للروح الجرمانية بصلة). كما سيق الشعراء واألدباء إلى مسالخ الدولة صلب الحالّج بعشقه ،وأعدم لوركا وأعدمواُ . على خلفية صراعات سياسية متوارثة ،واغتيل الشاعر األمازيغي «لوناس المعطوب» حين صعد على ظهر إله التكفيريين في الجزائر ورفض أن ُيسكت الشاعر داخله ،النهاية التي تهرول إلى أرواح األدباء لم تنهي الفكرة األدبية، النرجس الراقص في فم ال ّشاعر، ولم توقف ّ مالحم هوميروس وكلمات لوركا وقصائد الحالّج ترسـّخ خلود األدب.
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
من اليسير إدراك إخفاق السياسة في إرضاخ أن األدب وجعله الخادم المطيع للدولة ،صحيح ّ الدائر بين األدب والسياسة لم ينته بتطويع الجدل ّ األدب للحكم ،ولم يحسم سمو هذا األخير عن لكنه خلّف شروخا في الذات الفعل السياسيّ ، الناس مؤمنين باألدب وما والحضارة .لم يعد ّ السرديات العريقة كمرجع عادوا يحتكمون إلى ّ التدبر. لفكرة الوجود والممارسة السياسية و ّ ما اآلن؟ ماذا عن غد؟ نقتبس صيغة سؤال داريدا عما سيكون عليه األدب في ظ ّل الكائن المتأزم ،هل يستطيع األدب اليوم إصالح ما أعطبته الصراعات اإليديولوجية؟ هل مازلنا بأن الشعراء ال يموتون إذ قُتلوا؟ هل انتهى نؤمن ّ األفق الوجودي لألدب وبتنا أمام تدوينات حر ّفية لفظائع ما نعيشه؟ األدب ما يضمن ُحرمتنا الوجودية واألخالقية بينما السياسة اليوم تسعى إلى تجريدنا من ملكاتنا إو�عادتنا إلى حيوانيتنا السياسية. ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
17
النزوح السوري الراهِن ِّ ثيمَة األدب P جوان تتر
المنفى من أكثر المصائر إثارة للحزن» ,يقولإدوار سعيد في إحدى كتبه ,دون أن يعلم بالتأكيد المرجح أنها تنطبق على العهد أن العبارة من ّ ّ ٍ َّ السوري الجديد في نظرة أولية للنزوح السوري تحول إلى منفى لذلك النازح التائهَّ , ثنائية الذي َّ األدبي الكبير في النزوح والمنفى ,اإلعجاز ّ نعت األدب ٍ بعقار أن َ بما من المعقول ّ العالم ,ور ّ مهدئ من شأنه أن يعطي انطباعا متوات ار ما ّ ك ويقين ,فرؤى الكتابة نائية على الدوام ش بين ّ َ ٍ وتبدو غير متّزنة على صنف بعينه ,بعيدة ٍ تدون على الورق ثم َّ ألّنها تُ َ رسم في عقول ومن ّ (النازح) هو اآلخر ,خليطٌ معجون ومتشابك ما ّ تأرجح في الزمن الماضي والنزوح الحاضر, بين ٍ َ ٍ شيء نازح ,المساحة الالمنتهية للبياض كل واليراع األسود كطالع السوريين في السنوات
الخمس األخيرة ,فـ( َّ أدبيات الثورة السورَّية), مح للعالم أن يستخدم هذا االصطالح, إن ُس َ ُّ الخيم واإلغاثة واالعتقال ,ناهيك تضج بعبارات َ ٍ ألي سلطة, عن االحتجاج على فعل سياسي ّ ّ بما الزمن كفي ٌل بإظهار التناقضات البعيدة ولر ّ في الكتابات السورَّية الدالَّة على النزوح ,أعني يتحول ك ّل سوري ,نازح عن مدينته وبيته حين َّ أو حتى مقيم فيهما ,إلى نازٍح بداخله من خالل الكتابة ,حتّى المقيم يبدو نازحا وهو يعبِّر ,أو يدون. ّ سيتّفق العالم قريبا على ٍ أن التسميات أمر مفادهُ ّ المتعارف عليها في سوريا تختلف والمفاهيم َ ثمت عما عليه الحال في كل بقاع األرضَّ , ّ ي, السور لدى التصنيف أو التعبير في خطب ٌ ّ
18
إن َّ قلق تمعنا في ك ّل أجناس الكتابة السورَّيةٌ , غضب وكآبة إزاء كل عناصر الحياة يجاوره ٌ ِّ ونحدده ب ما ال يمكن أن نصفه وبالتالي َع َ طٌ في خانة الخطأ ,فمن أكثر مصائب البشرَّية ٍ جار معه كجدول ينساب َّا شيء ما التحديد, ٌ تدون في الصحافة أو بين التي ات ر العبا آالف ّ طيات الكتب أو على األوراق البيضاء التي ّ النازحون في ترحالهم. فها ل يخ ّ َ األرقام والتواريخ لغ ًة :في ِّ جل الكتابات السورَّية (لنقل بعد الثورة) األهم أثناء الكتابة, الرف تتموضع األرقام في ّ َ ّ َّ أهميتها للوهلة دون أن يعي المتلقّي اآلخر َ األولى ,ولكن سرعان ما يتّضح األمر بالنسبة للسوري اآلخر الـ( غير كاتب) الذي يق أر ٍ بثقة ّ ٍ وشعور ي بسالسة وشجاعة ما كتبه نظيره السور ّ ِ بغبن كل القوى في أرجاء العالم ,تلك األرقام التي ٍ ِ وسجل في المقبل من اللحظات, َّ تتحول إلى سند ّ ُّ ُّ يوضع له نص وكل خ يؤر البلد من ج خرو كل ٍ َ ّ األهمية في توثي ٍ َّ تتضح رقم ,وال تكمن ق ماّ ,إنما ّ ٍ دال في في تخليد لما هو مكتوب كي يكون ّ ِ وضع الحرب ألوزارهاّ ,إنه ب األزمان التي تعق ُ َ التاريخ إذا؟ ,هذا ما يمكن استخالصه ,وبمعنى ي َّ حاليا من التاريخ أقرب ,يدنو األدب السور ّ َّ اليونانية كانت األرقام بخطى واثقة ,في المالحم ً مهمة ,عدد األحصنة ,عدد القتلى وعدد اآللهة ّ المتنازعة أيضا ما يضفي الرونق األزلي على المكتوب في الوقت عينه الذي يضفي غموضا إبهام ما ,وفي ملحمة النزوح السور ّ ي كذلك ّ ثمت ٌ ورونق في ٍ يسوران تلك الكتابات ,وعلى آن معا ِّ ٌ َّ أهمية تلك األرقام ّإل ّأنها لم تحظ الرغم من بأي ذي ٍ ي ِّ بال من ُ الب َّحاث في النزوح السور ّ ِ سوى في طلب يد العون من منظمات اإلغاثة استنادا إلى تلك األرقام والتواريخ المبهمة, والسؤال الذي َيثِب إلى الذهن ,هل تلك األرقام يمكن النظر إليها على ّأنها شيء ما من األدب أن تلك ي؟ ,سيجتمع النقّاد يوما ما على ّ السور ّ
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
النصوص َّ يخ وأعداد ،هي خالصة المذيلة بتوار َ َّ اإلنسانية التي ُكتبت خالل األزمة النصوص َّ اإلنسانية في سوريا« ,غرق ما يقارب الـ 320 شخص سوري في بحر إيجة»ّ ,إنها حداثةُ َّ الجلية( ,على األق ّل في الراهنة لغة النصوص ّ المتوفّ ِر من النصوص َّ حاليا) ,هنا تكمن اللغة النازحة والمهاجرة ,وكذلك «في صباح الجمعة ّ الشعبي « ,فقط هكذا اك ر الح بدء من 10 الـ ّ يدون النزو ُح نفسه بعيدا عن التصنيف والتنميق ّ الذي يحطّ من شأن األدب في ك ّل األحوال. مصائر الكتابة والوهم :اقيون فيما مضى نزوحهم في قالب دون العر ّ ّ ٍ يمنع كان ديكتاتور بسبب ح النزو اية, و الر َ ُ الرقص واألدب ,الشكل األكثر الغناء والكتابة و ّ َّ اح شعبية آنذاك كانت الحكاية ,ومنهم من ز َ تم كتابته عن النزوح عن الخطّ َ وترجم ما ّ ٍ بما .سعدي يوسف مثاال ،بترجماته ر كتعويض ّ لـ كافافيس وريتسوس وأونغاريتي والذين يمكن نما نعتهم بالغار َ قين في عمق النزوح ,نزوٌح إو� ّ ٍ أبهر الكتابةَ بطريقة مغايرةّ ,إل أن السور ّ ي َ تصوٍر مسبق, ذاتها بالنزوح!! ,بعيدا عن ك ّل ّ أن الكتابة أو ما يقال عنه يمكن فعال القول ّ جمعا بـ األدب في سوريا ،معادلة ال يمكن حلّها بات الحديث أو تفسيرها بقوالب جاهزة ,فالنزو ُح َ ِ أن الكتابات تلك األول في ك ّل كتابة سورَّيةّ ,إل ّ ّ وهم شديد غائر في األعماق ,على ذات الدرجة ٌ صفت .إذا كيف يمكن من ّ شدة النزوح التي َع َ نصنف تلك الرسائل التي كتبها ذات يومٍ أن ّ أليس ذلك اهلل؟ إلى ح ناز ي سور طفل مضى ّ َ بعد ويحتاج ا ف ش ك ست م ليس بما ,ولكن ُ َ ََ ُ أدبا؟ ,ر ّ ٍ يتم تعرية الشيء إلى دهور طويلة ,فعادةً ما ّ بعد أن يمضي الزمن نحو المستقبل البعيد ريثما َّ األولون: تتوضح تلك المعاناة ,التي َ باح بها ّ كنا نعتقد هذا الشيء «المعاناة نبع الكتابة»ّ , كم المبالغات التي نعيشها مغاالةً تُزاد على ّ َّ حقيقي وجوهري, األمر أن يوميا ،ولكن يبدو ّ ّ وهم ,الوهم الذي يمكن أن نتلقَّفه جوهر التدوين ٌ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
19
من خالل انسياب الكلمات ,وعلى الجانب أساس ك ّل كتابة؟, الوهم ذاته أليس َ اآلخر أيضا َ ُ أن وهما ما يتح ّكم بمصائر السوريين ّ البد و ّ خفي هو ما ل لع أو يقة, ر الط بهذه ا و ينزح حتى ّ ّ ِ الكتاب ِة التوجه نحو ي على ّ َ ُيغص ُ ب الكاتب السور ّ َّ عالميا (نازحا). بعد أن يغدو لقبهُ
في األدب السوري المكتوب منذ اندالع الثورة وخللها ,يا تُرى هل تلك الكتابات حقيقةً تندرج ضمن إطار البحث عن الذات؟ وأين هي تلك الذات أساسا؟ وهل تركت الديكتاتورَّيات المتعاقبة مجاال للذات ،لتتيقَّن بهدوء ّأنها فعال ذات؟ هكذا هي الكتابة عن النزوح أيضا ,فشبح الديكتاتور ِ َّ جسمانيةَ ي حقيقةً يالحق أينما ح ّل النازح السور ّ التواجد أم َّ كتابية ،ال فرق.
النزوح والبحث عن الذات:أن الغوص في عمق األدب بك ّل أجناسه ّ البد و ّ أن األدب مرآة وهو وحيدا, ر ا تصو سيعطي ّ ّ أن (الكتابة ماهي ّإل بحث عن الشعوب ،أو ّ جدا_ الذات)_ ,ذاك تصوٌر كالسيكي وقديم ّ ّ ٍ بنسب غير ّأنه معمو ٌل به حتّى اللحظة ،ولكن متواترة وفقا الختالف َّ خلفيات الكتابة أساسا ،إن ألم فَ ْق ٍد ..إلخ ,..ما كتبه الماغوط كان معاناة أو َ سابقا (كأنموذج) كان يمكن أن يقال عنه (أدب الممحوة البحث عن الذات) ,البحث عن الذات َّ بفعل تر ٍ اكمات خلّفها الطواغيت ,هذا إن نظرنا إلى مراتب األدب وأجناسه نظرة اختيارَّية بعيدة عن القوالب المصوغة مسبقا من حيث ال يعلم أحد!! ,وما تم تدوينه َخلل سنو ٍ ات خمس من َ ّ بحث عن هو ّإل ما القائم، ي السور اع ر الص ٌ ّ َ بأنها ليست الذات في وسط النزاعات التي تتّسم ّ نما عسكرية ،وما تجلبه مفردة نزاعات ّ سياسية إو� ّ َّ (عسكرة) من خراب على كافة الصُّعد وعلى َّ اإلنسانية ,الحالة هذه األخص من الناحية ّ َّ الكتابية تجبرنا على إعادة مراجعة الصياغات
النزوح ِس َم ًة: ُ النزوح بات سمة الكتابة السورَّية ,ذلك النزوح الذي كان فيما مضى سرَّيا من خالل هجرة ممن كانوا خارجين على القانون بعض الكتّابَّ ، البعثي من خالل الكتابة ,النزو ُح كتابة ,واآلن ّ (النازحة) متوفَّرة وبكثرة في األوساط الكتابة ّ يمكن استخالصه األدبية السورَّية ,ولكن ما ّ ُ التمعن في الكلمات د ولمجر كتابات هكذا من ّ ّ أن النزوح ال يمكنه فقط أن يجعل المبثوثة ،هو ّ َّ طبيعية»، متشردا وضائعا «كحالة من السوري ّ بل أيضا بإمكان هذا النزوح أن يمنح أفقا جديدة الكتاب ِة نزوحا للكتابة ،تتبلور من خالل ممارسة َ وانصها ار وتأقلما مع سوريا الجديدة ,ك ّل بقاع األرض باتت سوريا ،من خالل الكتابات التي َّ َّ اإللهية والتي يمكن يوميات النزوح َنق أر عن َّ الحقيقية ،ال بل تسميتها بـ التغريبة السورَّية َّ حقيقيةً في عصرنا الحديث. األكثر
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
20
صندوق بريد العصافير P وائل الناصر
أعددت قهوتي، استيقظت في السادسة صباحا، ُ ُ أنظر إلى الشجرة تماما، النافذة خلف وجلست ُ ُ الحليقة ،تحمل في داخلها صندوق بريد يمتد أمامي مثل صلعة وطن. للعصافير ،والنهر ّ
يحين موسم التكاثر ،تعود أُنثى البعوض إلى َّ ثم تقوم النهر موطنها األصلي الذي ُو َلدت فيهّ ، ّ بضغط نفسها بطريقة ما ،فيخرج منها سائل، يجف ،حين ُيالمس الهواء ،تصنع سرعان ما ّ ثم فيه بيوضها وتضع با ر قا البعوض منه أنثى ّ تلقيه فوق سطح الماء وتموت.
أكتب بط يقيس برودة الماء ،هذا حالي حين ُ أود عن الوطن ،غالبا ما تخونني يدي ،حين ّ عما أحب ،أشعر بورطة الكلمة ،نظرتي إلى الوطن ،تُشبه نظرة تلك البعوضة ّ أن أكتب ّ ويالئم الوطن ببرودتها ،دون أن أجد لها لحافا. إلى وطنهاّ ،إنها لكي تستمر ُ تخلق من نفسها بيئة مناسبة تحفظها فإنه يصنعها من خالل وجودها، ُ الكاتب حين يصنع أفكاره َّ عالقته بالخارج ،ومقدار ما يتركه هذا الخارج من الهالك ،وتصنع من وعورة الوطن ثوبا في داخله من نكت أسود يحفر القلب ،أستطيع صالحا لتُلقي فيه بأغلى ما تملك ،فالوطن ََ خالل مشهد عصفور يتغوط ،أن فرصتنا للنجاة مهما بدا لنا األمر عويصا. ككاتب ،من حي، أختزل وجودي في الوطن كلّه ،وأستطيع من في المهجر ،حين أجدني أمام مشهد ّ تجف خالل نافذة ،أن أصنع وطنا ،ال شجرة حليقة فيه .أضغط نفسي ألخرج فكرة ،سرعان ما ّ منذ مدة ،قرأت في أحد الكتب في علم الطبيعة ،حين تالمسني ،وأرتبك ،فأنا ال أستطيع أن ّ يمر أوال من هناك ،من الوطن، أن هناك نوع من أنواع البعوض الكبير ،عندما أضع ّ نصا ال ّ ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
21
علي في المهجر ،ولوال هذا المرور ومن ثم ّ يمر ّ لفقدت سهولة المشي.
قوقعته ويستعمرون عباءة القاضي ،وحين تصل األمور إلى هذا الحد ،يجب على الكاتب الم َّ أن يقول كلمته التي هجر خصوصاْ ، والكاتب ُ َّ ُيقاس بها حجم انتمائه لوطنه وشعبه ،إو�ل َّ فإن ُّ الشعوب ال ترحم خائنا.
هذه العالقة بين فكرتي هناك وفكرتي هنا ،هي النهر الدائم الجريان الذي أضع فيه قوارب تحمل ما ال أكون إال به ،حين يتعلَّق األمر الحي الذي إذن ،في الحرب ،يصبح المشهد بموضوعية وال بالوطن ،ال أستطيع أن أتكلَّم ِّ ّ ْ ويثير فضولي ويزرع في داخلي بذور بعيدا عن العاطفة ،مهما أجهدت نفسي ،هذه أراهُ ، َّ أن أضغط نفسي، على ني ر جب وي هشة، الد علي أن أعترف بها. ْ ُ حقيقة يجب ّ ومن هذا المنطلق ،فإن نظرتي تجاه الوطن البد ألُخرج من سائل الفطرة داخلي ،فكرةً ،سرعان ّ ّ أستطيع ما تقتلها يديَّ ، مهزوز ك ألنني كيان مرتب ٌ ٌ ٌ أن تحمل ُبعدين أساسيين ،دونهما ال و أنْ أضع األمور في نصابها ،وال أن أكون والفكرة تأتي مخنوقةً ،مولودا س ْقطا ،فيه شكل ْ أي تلك الفكرة ،حين صادقا مع نفسي أوال قبل اآلخرين ،وبدون هذين الحياة وال حياة ،إو�َّنها؛ ْ البعدين ال أستطيع أن أضع تأصيال أنطولوجيا تضع نفسها في القارب ،لتُبحر في نهر العالقة ّ ْ ٍ َّ بخجل أمام الدائم الجريان ،تجدها وحيدةً ،تُبحر وسيكولوجيا لحياة الكاتب في المهجر ونظرته ّ المحملة هول عدد القوارب المبحرة من الوطن و َّ تجاه وطنه كإنسان أوال وثانيا ككاتب. ِّ بكل أنواع الموت. أوال في حالة السِّلم :وفيه تكون العالقة بين حاولت هجر ووطنه ،هي عالقة حنين وشوق ،أنا كشخص خارج الوطن ،مهما ُ الم َّ ُ أن أكون دقيقا في نظرتي لوطني من حيث أصدقاء وتحمل المعاناة طرفا واحدا ْ و أهل و هجر ٌهو طرفها الرئيس بما تمثِّله تلك التوصيف ،فلن أكون دقيقا كما لو َّ أن األمر في الم َّ يكون ُ َّ خالفية ،دائما من هو خارج المشكلة َّأي ِة مسألة المعاناة من قل ٍ ق واغتراب وما إلى هنالك. أدق ،لكن يرى األمور بطريقة أوضح وأعمق و ّ مختلف تماما ،خاصَّة إذن ،في حالة السِّلم تكون نظرته إلى وطنه ،في حالة الوطن فاألمر ٌ نظرة من خرج من َّ الرحم ِّ فصل بقسوٍة عن في عصرنا هذا الذي ُيعتبر بال منازع (عصر األم ُلي َ الجذر الذي ُّ كانت دوافع يشده إلى األرض مهما كل شيءٌّ ، التقية) في ِّ َّ ْ كل يريد إظهار خالف هجرته ،فاألهل واألصدقاء والمجتمع وأماكن ما ُيبطن. األول كل ذلك يمثِّل اللَّعب والطُّفولة والبيت َّ الم َّ هجر ونظرته بين العالقة تختم السياسة ، إذن الوطن بكلِّيته ،فيهم ُيختصر الوطن ُّ ْ ُ كل الوطن. إلى وطنه ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى ثانيا :في حالة الحرب ،في هذه الحالة ،األمر فهي التي تختم العالقة بينه وبين بلد الهجرة الم َّ ٍ ٌ َّ وطن تحكمه مهج ار خرج من هجر هو الذي أيضا ،بصفته مختلف تماما ،وفيها ُيصبح ُ المعاناة، طرف هو الوطن و حم، الر حالة ُيمثِّل َّ سياسةٌ َّ تنوع تلك السِّياسات تبقى معينةٌ ،وأمام ُّ األهل ،األصدقاء ،المجتمع ،أماكن لعب َّ الم َّ شمولية وبذات الوقت تأخذ صفة هجر كل نظرة ُ األول واألخيرُّ ، الطفولة والطفولة ،البيت َّ الخصوصية لكونها نظرة َّ َّ ذاتية محكومة بزاوية أولئك ُيصبحون جزءا من الوطن ،من ترابه ،ضيِّقة ممثَّلة بمصادر المعلومات ودرجة قربها من أنهاره ،جباله ،بحاره وسهوله ووديانه ،وأمام هجر على المستوى الخاص َّ الم َّ جداَّ ،إنها هجر رحمة ،من ُ الم َّ َّ شمولية باعتبارها نظرة من هو في الخارج معاناة الوطن ،تُصبح معاناة ُ وبعضهم قد يعتبرها خيانة. اآلخر ،والذي رَّبما ُيمثِّل طرفا في معاناة وطنه، وسطية إلى َّ ِّ بغض الداخل الذي يعيش تلك المعاناة َّ في الحرب ال رحمة في األحكام ،وال فيها وال اعتدال ،في الحرب يخرج ُّ الكل من النظر عن انتمائه.
22
خاصةٌ ،حين تأخذ تلك المعاناة حالة َّ وهي نظرةٌ صراع بين شعب وطاغية ،بين من يصدق ومن الشر ،بين من يجد الحرب يكذب ،بين الخير و ِّ فرصته لفرض ما يريد ،وبين من يجد الحرب كارثةً َّ البد منها لنيل الحقوق. أنا كمتابع لألدب السوري في ِّ ظل (الثورة أجد من اإلجحاف التَّعامل مع األدب السُّورَّية)ُ ، السُّوري معاملة أدب المعاناة ،و َّ أن المعاناة هي خلقت أدبا جميال ،إو�عطاء الكاتب دور التي ْ َّ لشخصية الكاتب. امتالك األدوات فقط ،هو قتل
ذلك َّ ألن األدب هو نتاج شعب له حضارة، وقصيدة النثر التي أنتمي إليها ،هي ابنة أدب هذا َّ الشعب ،تحمل روحه ،ومن هنا َّ فإن الكاتب المؤرخ الثابت لمنجز عموما يحمل صفة ِّ حضاري له سمته ،نحن عرفنا تاريخ اليونان في حقبة من أحقابه من خالل المنجز األدبي لكتَّابه أمثال ،هوميروس ،وأرسطو فانز ،وكذلك األمر ِّ جرا. وهلم َّ بالنسبة لألدب الجاهلي َّ
َّ الجمالية الخاصة التي خلقتها فأنا لو قلت :هل قصيدة النثر نابعة من و َّ نمر به؟ اقعية ما ُّ
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
هذا الكالم وضوحا ،أنقل قول إبراهيم بن هانئ الذي نقله الجاحظ عنه في كتابه ( البيان والتبيين) يقولَّ ( : القص ،أن إن من تمام آلة ِّ القاص أعمى ،إو� َّن من تمام آلة الشعر، يكون ّ أن يكون الشاعر أعر َّ ابيا).
َّ اإلنسانية ومعنى هذا الكالم هو جعل الفطرة القاص وعمل الشاعر ،فلو حاولنا مقياسا لعمل ّ أن نقيس قول الشاعر بشار بن برد:
(إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتالنا)
َّ أقرها، على مقياس الفطرة اإلنسانية التي َّ أقرها أيضا عبد القاهر (الجاحظ في كتابه ،و َّ الجرجاني في أسرار البالغة ،وأبو علي جني في الخصائص ،و َّ الفارسي ،وابن ِّ السكاكي والخطَّابي والزمخشري) ،فيمكننا القول: إن شعر َّ بشار بن برد هذا ،جميلَّ ، َّ لكنه ليس َّ قويا بالنسبة للشعراء الذين عاصروه ،هم أقوى منه بكثير ،والذي أراه هو َّ أن شعر بشار بن ِ ٍ لشاعر أكمهُ ،ول َد أعمى، قوي بالنسبة برد ،هو ٌّ َّ ولكن شعره بالنسبة لغيره يعتبر جميال وليس َّ قويا ،لذا َّ فإن معاناة الشاعر بشار بن برد َّ جمالية خاصة بالنسبة ألولئك أكسبت شعره الذين ينظرون إلى شعره من منظور معاناته، َّ الجمالية بالنسبة ألولئك الذين ينظرون وفقد تلك إلى شعره بوصفه شاع ار يمتلك أدواتا.
َّ أجبت بنعم ،فهذا يعني َّ الجمالية الخاصة أن لو ُ َّ عرضية وحادثة وليست في قصيدة النثر هي لتطور قصيدة النثرَّ ، ألن جوهرَّية ،وهذا مخالف ِّ ض من أعراض الحضارة وليست عر ٌ الحرب َ العرض ،هذا من ناحية ،ومن الحضارة هي َ ٍ ناحية أخرى َّ ألن قصيدة النثر َّ تطو ْ رت وفق من هذا المنظورَّ ، فإن الشاعر بشار بن برد، َّ مسار تاريخي حضاري طويل، القاص وحاول أن ُيبين عن نفسه، وجماليتها امتلك فطرة ّ الخاصَّة يخلقها الكاتب َّ اء و س به، ة خاص ألنها َّ ٌ ٌ بفطرة الشاعر ،وهذا ضعف في اإلبانة. يمر به حربا أو غير ذلك. أكان ما ُّ فإن َّ اللُّغة لها استدعاءات ،لذلك َّ بياني عمل كل ّ نعم ،المعاناة لها تأثيرهاَّ ، َّ تخلق لكنها ال ْ جمالية تسبقه حواضن لها دالالتها البليغة فيه ،ولها خاصَّة في قصيدة النثر أو األدب عموما ،إو�ال استدعاءاتها المجسَّدة ألحوالها جميعاَّ ، ألن فمعنى هذا ،إذا انتهت المعاناة َّ فإن قصيدة قوة قوة انتمائه لما يكتب ،وفي َّ قوة الكاتب في َّ َّ َّ العامة ة ر المكر جماليتها المعتادة النثر تعود إلى َّ استدعاءاته تلك ،وال أُنكر َّ أن جيل الثمانينات إجحاف ِّ قبل المعاناة ،وهذا ٌ بحق األدب عموما وما بعد ،هو جي ٌل َّ شك في انتمائهَّ ، ألنه كان والكاتب كذلك. وارثا ِّ لكل النكبات السابقة لوجوده ،وأيضا َّ ألنه َّ إن البيان في األدب ،كلَّما اقترب من الفطرة ،عايش الظُّلم في جميع أدواره ،فجاء انتماؤه َّ َّ اقترب من الكمال ،وكلما ابتعد عنها ،أصبح هشا ،وهذا ما نراه َّ جليا واضحا في المنجز َّ هشا وغير مفصح في اإلبانة عن نفسه ،وألزيد األدبي لذاك الجيل والذي صبغ منجز األجيال
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
23
ُّ لدي التشبث بالتفاصيل هذه الهشاشة في االنتماء للوطن، الالحقة عليه من خالل خلقت َّ ْ َّ َّ كنت ى، ت ش انتماءات االنتماء، من ع و الن هذا اآلني ِّي الحس و اليومي الصغيرة الممثَّلة في ٌ ُ أخلطها لتوائم حالتي َّ المفككة ،وحياتي المرتبكة. المغرق في عفويته ،السَّاكن في لحظته.
ُّ التشبث زلزل لدى الكاتب مخاض الكتابة هذه االنتماءات ،األوطان الصغيرة ،من فرط هذا الشديد ،ليلد أوطانا صغيرةً في ِّ َّ ُّ لت إلى عادات ،وكان يؤلمني كل تفصيل تكون تشبثي بهاَّ ، تحو ْ َّ أن تُ ْك َسر ولو ٍ بأمر خارج إرادتي. سببا في استم ارره ودافعا ألن يكتب. أشد األلم ْ
اآلن في زمن التغييرات العظيمة والثوراتَ ،كُب َر انتماء الكاتب لوطنه ،وقوي هذا االنتماء وحاول َّ اليومية الصغيرة ،تلك التي من خالل التفاصيل كانت تمثِّل له أوطانا ينتمي لها ،حاول جمعها وتوجيهها صوب نبع االنتماء الكبير ،الذي فأصبحت جرى جريانا عظيما في قلب الكاتب، ْ هذه االنتماءات الصغيرة ،هي جذور الكاتب الممزوجة بانتمائه الكبير. في مرحلة من مراحل حياتي ،كانت تُمثِّل لي بقرات َّ لكن أن تضحكواْ ، جدتي حالة انتماء ،لكم ْ
أخي ار يمكنني القولَّ : إن نظرتي لوطني ،هي ٍ أمي لي حين ولدتني في حقل للبطاطا، نظرة ِّ هكذا ِّ بكل سهولة ويسرَّ ، وكأنها تقول لي :هنا الجذر واتجاهاتك كلَّها أغصان وحين ُيقلِّمها البد أن تعودَّ ، األدبَّ ، البد أن تنظر خلفك طويال ،لتدرك حجم ما فقدت ،لتضغط نفسك َّ بالكيفية التي تريد ،ولتخرج البيئة المناسبة لألفكار التي َّ البد أن تعود إلى منبعك.
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
24
هل يشكل األدب السالح األكثر أهمية للدعاية؟ P الكاتب :نِيك روميو عن اإلنكليزية :ليالف اليوسف
مشهد من فيلم عن الدكتور زيفاكو ،في العام 1965 هل يشكل األدب السالح األكثر أهمية للدعاية؟! هذا ما اعتقد به ستالين ,وكذلك الـ سي آي إي/ CIAعلى ما يبدو ,وفقا لتقرير جديد يبين كيفية قيام الواليات المتحدة س ار بتوزيع رواية «دكتور زيفاكو »Doctor Zhivago /في االتحاد السوفياتي.
وصف الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين الكتّاب ذات مرة «بمهندسي الروح البشرية» حيث ادعى « أن انتاج األرواح أكثر أهمية من انتاج الدبابات».
بأن األدب كان وسيلة آمن ستالين بوضوح ّ سياسية فعالة ,لذا كان راغبا بإعدام الكتّاب المناهضين بأعمالهم لالتحاد السوفياتي .شعور ستالين تجاه األدب كان يبدو كتضليل مرتبك من قبل ديكتاتور ،ولكن كان هناك تعليق مشابه إبان الحرب الباردة ،من قبل رئيس العمليات
بأن السرية في الـسي آي إي والذي يقول ّ (الكتب تختلف عن باقي الوسائل اإلعالمية ألن كتابا واحدا يمكن أن يغير بشكل الرئيسيةّ ، كبير مواقف وأفعال القارئ ،لدرجة ال يمكن الوصول إليها بتأثير وسائل األعالم األخرى). وقدم استخدم ستالين الثقافة كمجاز حربي وسمى الكتاب (السالح األكثر أهمية في الدعاية االستراتيجية) ،وبالرغم من البيان المشترك (الرؤية المشتركة) ,فإن الـ سي آي إي لم تستخدم تكنيكات السوفييت إلضعاف الكتّاب هددين. والذين اعتبروا ُم ّ اهتمت الحكومة األمريكية وعلى األخص الـسي آي إي بشغف باستغالل األدب لتعزيز األيديولوجيات األمريكية والحد من الشيوعية في الخارج .ربما أفضل دراسة توضح غزو الـ سي آي إي للثقافة األدبية هي قصة رواية «دكتور زيفاكو».
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
25
بعض وثائق الـ سي آي إي ذات الصلة بالموضوع أُزيلت عنها السرية مؤخرا ،والقت قد ار ولكن من االنتباه اإلعالمي الشهر الماضي، ّ الموضوع طرح بشكل أكثر شمولية في الكتاب الرائع لـ بيتر فين peter Finn/وبيت ار كوفي/ ،Petra Couveeبعنوان( :قضية زيفاكو: الكرملين والـ سي آي إي والحرب على الكتاب المحظور) ،حيث يخبرنا الكتاب بالكامل كيف أن رواية «دكتور زيفاكو» ساعدت في تفكيك ّ االتحاد السوفياتي واحتوت على توريطات تآمرية على حاضر ومستقبل الصراع الثقافي.
وقد قام مؤلفان سوفيتيان بتزوير توقيعه ،وأرسال رسائل إلى الناشر االيطالي تطالبه بإعادة المخطوطة ,لكن باسترناك كان قد أرسل إنذا ار خاصا بالفرنسية إلى الزائر االيطالي يخبره بتجاهل االتصاالت بأية لغة أخرى ،لقد أراد أن يتم نشر الكتاب مهما كانت االنعكاسات.
في كتاب «دكتور زيفاكو» يسرد كل من فين وكوفي رحلة نشر الكتاب الشاقة ،وقد صان أن دار النشر اإليطالي حقوق الرواية ,كما ّ باسترناك أعطى نسخ إلى أصدقاء زاروه من فرنسا وبريطانيا.
مزدوج للواليات المتحدة والسوفيت ،وقد تمكنت بيدفورد من أن توصل ما يقارب من مليون كتاب إلى قراء سوفيتيين على مدى 15عام، من خالل تهريب الكتب إلى االتحاد السوفيتي في علب الطعام إلى صناديق تامباكس ،واستمر
لم يمر وقت طويل حتى انتشرت الرواية ألول مرة 1957حيث كانت الـ سي آي إي متورطة بقصة النشر ،عندما تم انشاء الوكالة عام 1947فإن الكونغرس منحها السلطة للقيام بكافة األعمال والواجبات التي تؤثر على األمن بدأ بوريس باستيرناك Boris Pasternak /القومي ،وكان هذا إلى حد ما انتدابا غامضا بكتابة قصة «دكتور زيفاكو» حوالي العام سمح للوكالة بأن تتطرق وتتوسع في تدخلها 1945على ورق أسود كان قد ورثه من صديقه بالمجاالت الثقافية. المتوفي الشاعر الجورجي الذي تم تعذيبه فين وكوفي يرسمان صورة مثيرة لالهتمام واعدامه من قبل النظام السوفيتي ،أرسلت أرملة لألعمال األدبية في سي آي إي في فترة الشاعر الورق إلى باسترناك والذي احترم التحدي الخمسينات األدبي لدى صديقه بكتابة رواية يتجاهل فيها المطالب الرسمية المتعلقة باألدب ،والقاضية فعلى سبيل المثال ,غادر عضو من الوكالة ليصبح محر ار روائيا في بالي بو/يplay�/ بتمجيد الرجل السوفيتي والثورة الشيوعية. بأن رئيسه السابق في الوكالة ليسمع ، boy ّ كان العمل النهائي إلى حد ما احتفاال للرأسمالية يمكن أن ينشر قصة تحت اسم مستعار ،وقد أو «أسلوب الحياة الغربية» ولكنه في بعض تمكنت الوكالة بنجاح عن طريق مجموعة من المقاطع شكك صراحة ،بما يتعلق بتسويغ إراقة المنظمات المتقدمة مثل شركة نشر بيدفورد/ دماء الثورة ،و ّ أن االمتدادات الكبيرة للثورة لم Bedfordفي نيويورك من أن تشتري وتطبع السياسة». إلى تماما تكن منحازة وتوزع ،وأن تستخدم بعض الكتب بهدف تعزيز أن تفشل في تمجيد النظام ،كان كخطورة أن الفهم الروحي للقيم الغربية ،وقد تضمن هذا تكون على استعداد لمساءلته ,ومسؤولو الحزب األمر روايات لمؤلفين متنوعين مثل جورج الشيوعي المكلفون باإلشراف على األمور أورويل ,George Orwell /ألبير كاموAl� / األدبية والثقافية كانوا قلقين من أن تمنع رواية ,bert Camussفالديمير نابوكوفVlad� / «دكتور زيفاكو» من النشر ،وقد تم هذا بسهولة imir Nabokovجيمس جويسJames/ من قبل االتحاد السوفيتي ،لكن باسترناك تمكن .Joyce من تمرير نسخة من المخطوطة إلى زائر بأن أحد الكتب التي أوكلت ويكشف فين وكوفي ّ ايطالي ذات صلة بالنشر. إلى دار نشر بيدفورد كان مذكرة مزيفة لعميل
26
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
برنامج سي آي إي لنشر األدب حتى انهيار من جيوب بناطيلكم) فقد كان باسترناك ُي ِ هاجم الجمهوريات االشتراكية السوفيتية. غطرسة العقيدة الرسمية ,واإليمان المطلق المعدة كانت الحكومة األمريكية تحاول مساعدة مدنيي بالعموميات التي كانت تشكل النهايات ّ ّ حكومتهم لها. االتحاد السوفييتي ليتعرفوا على أخطار أن طباعة الـ سي آي إي لنسخ صغيرة والتي تتالعب بثقافتهم وال غرابة بأن الـ سي آي وكما ّ بأنها متورطة بقصة بحجم الجيب لرواية «دكتور زيفاكو» ،كان إي لم ترد ألحد أن يعرف ّ النشر تلك. تماما ما أرادته الوكالة« :شيء يمكن أن ينتقل مع ذلك فإن الـ سي آي إي رأت في رواية من جيب بنطال أحدهم ليشكل بدوره اآلراء «دكتور زيفاكو» قيمة دعائية كبيرة وباالشتراك العامة». مع شركاء هولنديين أذكياء خططوا لطباعة لم ينظر باسترناك إلى روايته كسالح في نسخة غير قانونية لتلك الرواية ،مكتوبة باللغة بأنها «كانت الحرب الثقافية ،فقد أشار إليها ّ الروسية والتي وزعت في معرض بروكسل سعادته وجنونه األخيرين» كلمات قاسية قالها العالمي ،1958كما أن الـ سي آي إي شخص بات يرى الكتاب كقنبلة ثقافة ،لقد اعتقد استخدمت إعالمها الخاص ليتم طباعة نسخ بأن عمله أكثر من كونه عجلة لتوصيل رسالة ّ صغيرة الحجم للرواية ،مما يسهل عملية تهريبها، معينة ،وكان محبطاً من الطريقة التي اتبعتها وقد حققت هذه العملية التأثير المطلوب تماما، وكأنه ناقد إيجابا وسلبا ،فقد كان السعر المقرر للطبعة الوسائل اإلعالمية الدولية ليظهر ّ ّ عامل كتابه كرواية وليس الروسية في السوق السوداء في موسكو قريبا للنظام ،فقد أراد أن ُي َ كرسول لتوصيل الرسالة. من راتب أسبوعي. روجت ومن ناحية أخرى ّ فإن الـ سي آي إي ّ ِ للكتاب في وسائل اإلعالم كمناهض للشيوعية، إيبأن رمزية هذا وقد اعترفت الـ سي آي ّ الموقف ،جعل من االتحاد السوفييتي يبدو على األقل بذات السوء الذي أظهرته الرواية.
عندما فاز مؤلف الرواية باسترناك بجائزة فإن المسؤولين نوبل عام 1958لعمله هذاّ ، السوفييت هاجموه بشراسة ،واعتبروه خائن يتودد إلى محبيه الغربيين ،على أية حال فإن الكتّاب حول العالم احتشدوا للدفاع عنه ،ولم تحقق السمعة السيئة للكتاب سوى مزيد من المبيعات .بعد قبول باسترناك لجائزة نوبل ,عاد ليرفضها إن الجهود األمريكية في الهندسة الثقافية كانت بعدما وضع مسؤولو الحزب ضغوط ال تطاق ّ بشكل عام أكثر ذكاء من جهود السوفييت ،فقد عليه وعلى أحبائه. تعزز أكثر من أن تمنع أرادت الـ سي آي إي أن ّ إن صورة جائزة نوبل حيث يبدو فيها الكاتب الوكالة بتهديد الكتاب أو ّ نشر الكتب كما لم تقم ّ مضطهدا وناقدا سياسيا للنظام ،خلقت موضوعا إجبارهم لدعم فكرة معينة. دسما وعظيما للصحافة ،وكان بمثابة إعالن أن بعض الفتن تستمر نتيجة مروع ضد االتحاد السوفييتي. فيمكن القول ّ ّ للتدخالت الثقافية لقوتي الحربين الباردتين وكما ذكر في كتاب قضية زيفاكوZhivayo / العظيمتين ،يصف فين وكوفي االجتماع مع فإن الحادثة الكاملة تُعطي درسا عن ،Affair ّ الحزب البيروقراطي ،والذي فقد فيه باسترناك لشن حرب ثقافية، ات ر االستخبا وكالة الت و محا ّ أعصابه واستشاط غضبا بقوله( :لديكم الجانب أي من األعمال التي أوكلت إلى ر أ تق ال فاليوم ّ اإلنساني ,يمكنني رؤية ذلك ،لكن لماذا تطلقون أن الكتّاب هذه العبارات الالذعة «الشعب...الشعب!» الـ سي آي إي بشكل واسع ،كما ّ هل تعتقدون أنه شيء يمكن لكم أن تنتجوه السوفييت والذي يحتفلون باأليديولوجية الرسمية ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
27
فإن رواية االعتماد على الفن واألفكار أكثر من القوة، قد تم نسيانهم ،لكن على أية حال ّ «دكتور زيفاكو» تبقى أسما حاض ار في الذاكرة .للدفع باألهداف األمنية الى األمام.
هل قاموا برشوة كاتب روسي لتأليف كتاب مناهض للسوفييت ,هذا األمر لن يكون أدبا عالميا أو صيحة إعالمية على اإلطالق ,فإنتاج األدب األصيل أكثر قوة من الجهود الحكومية في الهندسة الثقافية.
يستحق هذا االسم أن السبيل لجعل الفن ّ وكما ّ ّأيا كان نوعه ،يجب أن يكون أكثر من كونه «إنه صرح باسترناك ّ محركا للسياسية ،حيث ّ ّ بأن الناس يعطون قيمة القول حقيقيا ليس ّ للرواية بسبب السياسة فقط ،إنها كذبة ,فهم ألنهم يحبونها». يقرؤونها ّ العنوان األصلي للمقالة:
في الوقت الذي يبدو فيه أن وكاالت االستخبارات مهووسة بجمع البيانات ,ووسائل المراقبة وطيارات بدون طيارّ ، فإن توزيع رواية Is Literature ‘the Most Important لكنها بدت نقلة غريبة لوكالة االستخباراتّ ، ›?Weapon of Propaganda عكست استراتيجية مختلفة تماما ،أال وهي Nick Romeo - JUN 17, 2014 \ The Atlantic
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
28
تأثير الحرب والتاريخ على األدب P عن اإلنكليزية :سوز حج يونس حرب الكلمات كولين كليني بوكس
إن الهجوم على قلعة سمتر لم تكن هي السبب التاريخية ،والتي ترسخت وبشكل كبير في ّ المباشر في الحرب األهلية في العام ،1861أذهان القراء األمريكيين في الواليات الشمالية. إو�نما هذه الحرب بدأت قبل نحو عشر سنواتّ ,إنه لمن المثير للضحك أن تظهر لنا اليوم مثل مع نشر رواية هارييت بيتشر ستيو عن العبيد هكذا مالحظات ,وهذا األمر مرتبط بالطريقة في (كوخ العم توم) ،وكان هذا ما ّ صرح به التي اختبر فيها لنكولن ومعاصروه العالقة بين عند لنكولن على األقل الرئيس األمريكي ابراهام األدب والتاريخ ,فالرئيس ابراهام لنكولن كثي ار ما استقباله للكاتبة ستيو في العام 1862ورحب كان يقتبس من األشعار خالل اللقاءات التي بها بالقول «ها هي المرأة الصغيرة التي كتبت مقره ,وكما أنه كتب الكثير الكتاب الذي تسبب بهذه الحرب الكبيرة» وبعد كانت تجرى في ّ من الرسائل واألحاديث التي كانت داللة على نحو عقدين من الزمن ،اتهم مارك توين كاتبا البالغة األمريكية ،والتي أثرت وبشكل كبير آخر بالتسبب بهذه الحرب ,حيث نسب سبب على مسرح األحداث خالل الحرب. هذه الحرب إلى روايات السير والتر سكوت
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
29
فعلينا اليوم أن نميز بين األدب والتاريخ ,حيث يظهر لنا أنهما متناقضان ,عندما نصر على التفريق بين الحقيقة والخيال ,وعندما نريد أن نفهم أوال كيف اختبر األمريكيون الحرب األهلية ,فنحن بحاجة إلى أن نفهم أوال كيف قام األدب بصياغة تاريخ الحروب األهلية.
األمريكيين ذوي األصول األفريقية ،لم تكن لديهم حرية الوصول نفسها إلى اإلعالم والصحافة والمجالت ,كتلك التي تمتع بها أقرانهم من أن بعض الكتاب األمريكيين البيض ,إال ّ الصحف كصحيفة New York Angelo Africanقدمت تسجيالت هامة لألحداث على الساحة السياسية من خالل أعمال شعرية وقصصية روائية.
نقدر ومن الصعب علينا كقراء معاصرين أن ّ ألنه ال يتطابق مع مدى قوة هذا األدبّ ، بأننا لم القول نستطيع توقعاتنا ،أو بعبارة أخرى ّ نعلم كيفية قراءة هذا األدب؛ أي أدب الحرب نوه الباحث ريتشارد سلوتكين، األهلية ،وكما ّ فإن مجريات األحداث رتبت وفق تسلسل زمني، ّ الحد الفاصل بين ولعبت الحرب األهلية دور ّ الجزء األول واألخير ,ولكننا نجد ّأنه تم تغيير المناهج الدراسية خالل الثمانينات ،لتضمن مزيدا من أدب الكاتبات النساء ،وكتّاب من األقليات ,ووجود فجوة لما يسمى بأدب الحرب االهلية ,هي فجوة ليس من الصعب ملؤها ،وهذا األمر ُيبقي الباب مفتوحا على السؤال التالي, هل ينبغي للمؤلف أن يخوض تجربة الحرب في أعماله ،حتى تعتبر هذه األعمال من أدب الحرب االهلية؟ لم ينخرط أي من المؤلفين األمريكيين في أية أعمال عسكرية خالل تلك الحرب ,وهذا ما دفع بالناقد دانييل آرون إلى اإلشارة إلى هذه الحرب أن هذه الحرب بـ ( الحرب غير المكتوبة) ،غير ّ لم تنته مطلقا في مخيلة المؤلفين واألدباء األمريكيين ،حيث سجل وولت ويتمان مقابالته مع الجنود الجرحى في «األيام المختارة» قدم في المجالت والصحف تسجيالت حيث ّ عن أحداث ومجريات تلك الحرب ،وأصبحت الصورة أكثر تعقيدا عندما قامت كاتبات نساء بالكتابة أيضا عن هذا الموضوع ,فقامت الكاتبة ماري جينسوت بتحويل كتابة مذكراتها إلى شكل عمل فني عندما قامت بتسجيل تلك المذكرات ونشرها أخيرا.
أن سنوات الحرب إن هذه األمثلة تشير إلى ّ ّ تثمر عن تدفق كبير لألدب واألعمال األدبية, حيث يتحول الناس العاديون والمؤلفون على حد سواء إلى الكتابة كطريقة للتعايش مع هذه الحرب والتغلب عليها ,وهذا النتاج األدبي خالل فترة الحرب األهلية والذي وصل إلينا على صورة دراسات بحثية ومقتطفات أدبية, أن قراءة أدب الحرب يتطلب منا أن نضع وكما ّ جانبا كل معاييرنا وتوقعاتنا عنها ,حيث أننا نتوقع من هذا األدب أن يخبرنا وبمصطلحات واقعية عن التدمير الذي يحصل خالل الحرب, بأن األدب لكن علينا أن نأخذ بعين االعتبار ّ الذي يكتبه ويقرأه الناس في النزاع ,ال ترسم فقط صورة كاملة لهذه الحرب إو�نما تغير فهمنا للحرب األهلية «الحقيقية» التي يختبرها أولئك الناس ،فالطبيعة غير الواقعية ألدب الحرب تعتبر فشال بمعاييرنا ،ولكن األمر مختلف بالنسبة إلى قراء القرن التاسع عشر ,حيث اعتبر هذا األمر دليل نجاح كما أشار المؤرخ درو فوست في كتابه «هذه جمهورية المعاناة» يقدم السلوى أن هذا األدب ّ حيث أشار إلى ّ أن الخيال القصصي والمواساة في الحرب ،و ّ يعطي معاني بطرق أخرى للحقائق المبهمة كأسلوب الموت ،والجنود الذين يموتون بعيدا عن منازلهم ويعشقون مرات عدة ,هذه القصص وتحولها بطريقة دافئة التي ّ تقيد مخاوف الحرب ّ إلى مبعث راحة للناس ،وهذا يساعدهم على التغلب على خسائرهم في هذه الحرب.
كما أن لوسيا ماري ألكوت أفرغت تجاربها فأدب الحرب ال يوفّر فقط العزاء والسلوى ،إو�نما يصور كذلك الطريقة التي اختبر بها الناس ّ كممرضة في المشفى إلى قالب قصصي في «سكيتشات المشفى» ،وكما أن الكتاب هذه الحرب ،كما و ّأنه يؤثر أيضا على األحداث ّ
30
السياسية ،كما حدث مثال في قصيدة جيمس راندال الذي كان أستاذا جامعيا ولديه تجارب كتابية سابقة ومحدودة ،حيث كتب القصيدة التي تحولت إلى نشيد وطني لوالية ماري الند وكانت بعنوان ( )Maryland My Marylandوقد كتب راندال هذه القصيدة كردة فعل على الهجوم الذي قام به الفوج العسكري السادس على الناس في شوارع بالتيمور أثناء تظاهرة قاموا بها ،وهذه القصيدة التي كتبت أعطت صوتا وزخما لمؤيدي االنفصال ،عندما دعاهم راندال في قصيدته ( لالنتقام لتلك الدماء الوطنية التي أريقت في شوارع بالتيمور) وأجبرت حكومة توماس هيكس على دعوة البرلمان لالنعقاد للتصويت على االنفصال ،وقد نشرت هذه القصيدة في صحيفة نيو أورليانز دلتا وفي السادس والعشرين من نيسان عام ،1862وقد طبعت هذه القصيدة مرات عدة في البالد ،وأصبحت هذه القصيدة نشيدا وطنيا قوميا للجنوبيين ،وكتبت ماري شيسنوت هذه القصيدة في مذكراتها في كانون الثاني من العام ،1862وبعدها قام أحد طالب الحربية من معهد فيرجينيا الحربي بكتابة هذه القصيدة في دفتره الخاص بمرحلة الحرب. إننا عادة ما نميل إلى التفكير باألدب على أنه مجرد نص مكتوب ،ونقوم بتصنيفه إلى أنواع, ّ ولكن وخالل الحرب سرعان ما تتحول النصوص وبحرية من شكل إلى آخر ،كأن تتحول من تقارير صحفية إلى نظم شعرية ,أو تتحول إلى قصائد شعرية مغناة ,أو يتم تحويلها إلى نص فكاهي ،ويتم عرضه على خشبة المسرح، ّ فعلى سبيل المثال قصيدة (Maryland My
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
)Marylandأضيفت لها الموسيقى ،وتحولت إلى نشيد وطني لكونفدرالية الجنوب ،قد وصف بأنها رمز للجنوب أوليفر هولمز هذه القصيدة ّ األمريكي ,و ّأنها أصبحت ترنيمة خالل المعركة يغنيها الجنود ,حيث أنها كانت تغني على ّ موسيقى أغاني الميالد ,والجذب العاطفي الذي مارسته هذه القصيدة ،لم تكمن فقط في كلماتها، إو�نما كذلك في موسيقاها التي كانت تدغدغ مشاعر الناس ,فعندما توجهت قوات «لي» باتجاه فريدريك في السادس من أيلول العام فإن الجنود كانوا يغنون (Maryland ّ 1862 )My Marylandكأغنية للنصر. وكما ظهر خالل فترة الحرب األهلية نوع من أن الحرب ترتبط األدب الساخر ,وهذا ال يعني ّ بالفكاهة أو السخرية ,ولكن هكذا هو األدب، فهو ال يصور للناس فقط مجريات األحداث كما وقعت ،إو�نما يتالعب بها ويمزج بين الجد والسخرية.
كمغير لمجرى إننا غالبا ما ال ننظر لألدب ّ ألننا إذا نظرنا إليه بهذا الشكل فالبد التاريخّ , أن نخوض في السبب والتأثير ,ولكننا يمكن أن نعتبر األدب خالل الحرب كجدال ونقاش يحفّز على الفعل في لحظتها ،فنحن لن نستطيع فهم الحرب إذا ما نظرنا إليها فقط من خالل وصف األحداث الحقيقية التي جرت فيها ,أو من خالل البد من قراءة األثنين عدسة األدب فقط ,لذا ّ معا ,فقصيدة ()Maryland My Maryland ربما لم تُسلٍّط الضوء على األحداث التي جرت, ولكنها قدمت لنا مشهدا فريدا حول كيفية اختبار ّ األمريكيين لتلك الحرب األهلية.
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
31
تأثير الحرب والتاريخ على األدب الياباني P دوستين ماكسام
تغير شكل إن الحرب تؤثّر على العالم ،فالحرب ّ ّ العالم ،وتعيد صياغة الناس واألمكنة لتتكيف بأن شيئا معها ،ولكن هل توقف أحد منا للتفكير ّ بسيطا كرواية لكاتب ما ،أو قصيدة شعرية ما يمكن أن تتأثر أيضا بالحرب.
أشداء سموا أدت الحرب إلى ظهور مقاتلين ّ بـالساموراي؛ الذين تميزوا بالقوة واالنضباط العسكري ،وبالدخول في مرحلة الـ كاماكو ار بدأ تغير في االدب الياباني ،حيث تم استبعاد أول ّ المرأة عن مجال الكتابة «فكان بالكاد أن نجد امرأة كاتبة بين القرنين الثالث عشر والتاسع أن الحكومة كانت تنظر نظرة عشر» حيث ّ دونية إلى المرأة ،وبالمقابل فقد برز الرجال بشكل أكبر في مجال الكتابة ،حيث أصبحوا كتابا مشهورين في تلك الفترة.
يعتبر األدب الياباني األكثر تأث ار بالحرب ،وكما تغيرات ملحوظة خالل فترة الحرب ّأنه شهد ّ هذه ،ولك ّل أدب بداياته الخاصة ،حيث كانت الـ كوجيكيّ Kojiki /أول قصة كتبت باليابانية يتحدث مثل هذا النوع في العام 712م ،حيث ّ من القصة عن الميثولوجيا واألساطير اليابانية ،هذه الفترة لم تحدث تغيي ار فقط في مجال ظهور ولم ترد فيها أية أحداث متعلقة بالحرب أو سفك الكتاب وبروزهم ،بل ساهمت أيضا في ظهور أحد أكثر أنواع الكتابة شهرة والذي سمي ب ـ الدماء. وفي القرن الثاني عشر برز الرأس البشع غونكي مونوغتاري Gunki monogatari /و للحرب في األدب الياباني ،فبدأت الكتابات قصص الحرب التي بدأت تكتب خالل هذه التي كانت حاضرة في بداية الثقافة اليابانية الفترة ،وهذا النوع من قصص الحرب كانت بالتغير ،فسميت أول فترة أثرت فيها الحرب عبارة عن سرد حقيقي ألحداث وقعت فعال، على األدب ّوالمجتمع بشكل متطرف بمرجلة وبذلك يمكننا القول بأن الـ غونكي مونوغتاري كاماكورا Kamakura /وكان ذلك بين عامي كانت عبارة عن كتب تاريخية بسيطة تتضمن تاريخ البالد وماضيه ،وكانت هذه القصص (.)1333-1192
32
تكتب عادة في البالط الملكي ،لذا كانت تعتبر أن أشهر قصة تم بمثابة وثيقة رسمية ،وكما ّ كتابتها خالل هذه الفترة كانت قصة الـ هايك/ ،Heikeوقد كتبت القصة حوالي 1220م من قبل أحد النبالء ،والذي حصل على المعلومات المتعلقة بأحداث هذه القصة من خالل الروايات التي سردها بعض الكهنة في المنطقة ،حيث تتحدث هذه القصة عن الصراع الذي وقع بين عائلتي هايك Heike/وجينجي Genji /خالل فترة ظهور وسقوط العائلة األولى.
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
يكن هذا األسلوب مقنعا في العديد من األعمال التي كتبت خالل هذه الفترة الزمنية ،إال ّأنها تعطينا فكرة عن كيفية استخدام األدب من قبل الكهنة ورجال الدين في سعيهم لنشر رسالتهم.
أن الحرب ألجل الدين لم تكن يمكننا القول ّ حربا دموية ،إو�نما كانت حربا مع األخذ بعين االعتبار مدى التأثير الذي أحدثه دخول الكهنة ورجال الدين عالم الكتابة والكلمات.
دعنا نقفز إلى األمام إلى فترة أكثر حداثة وهي الفترة التي تسبق الحرب العالمية الثانية ،حيث ازدهرت دور النشر اليابانية ،وكانت هناك معدالت عالية للثقافة واألدب في اليابان خالل هذه الفترة ،حيث ارتفعت معدالت القراءة ،وبدأ المؤلفون والكتاب بإصدار منشوراتهم ووضعها أن هذا االزدهار أصيب يدي القراء ،إال ّ بين ّ بنكسة مع بداية الحرب العالمية الثانية التي أصبحت اليابان جزءا أساسيا منها ،وكان لها حضور هام في هذه الحرب (بدأت الحكومة بتضييق الخناق وسعت إلى تجييش الحشود للفوز بهذه الحرب) ()154Kawana
كما ظهر نوع آخر من الحرب خالل نفس الفترة الزمنية ،وهي الحرب الدينية ،وكلمة حرب هنا ال تعني الحرب بين معتقدين مختلفين من شأنه أن يخلق الضغينة بين الناس ويؤدي إلى إراقة الدماء ،إنما الحرب هنا كانت عبارة عن صراع ألن بين العديد من المعتقدات المختلفة ،وذلك ّ الدين في اليابان كان متنوعا بدرجة كبيرة ،وكل تقدم العبادة إللهها منطقة في اليابان كانت ّ الخاص بها ،وقد طغى هذا النوع من الصراع على الروايات واألعمال الكتابية خالل تلك فإن هذا النزاع بين الطوائف الفترة ،وكما نوهنا ّ لم يكن نزاعا دمويا ،إو�نما كانت أشبه بباقة من أي أن الحكومة أدركت أنه من المهم الحصول على الدعم الشعبي في هذه الحرب ،وسعت األزهار المتنوعة والمجتمعة مع بعضها. إلى التحكم في زمام األمور ،فكان األدب لقد عملت طوائف معينة من مختلف األديان ،النقطة األهم التي ركزت عليها الحكومة ،فبدأ على استدراج الناس ودفعهم إلى اتباع دياناتها ،ما يسمى بـ ـ الرقابة على المطبوعات ،حيث فهناك من عمل منهم كمب ّشرين جوالين يسيرون مارست الحكومة رقابة كبيرة على األعمال على خطا القرى القديمة ،ويقدمون عروضا الكتابية في تلك الفترة ،وأبقت عينها مفتوحة للناس ،وكانت هذه العروض عبارة عن سرد على أية كتابات من شأنها أن تنشر آراء كتلك شفهي للقصص كما يفعلها الراوي /الحكواتي ،التي تتعلق بالحرب كالقول (أن الحرب خطأ ِّ المبشر بالتمجيد والتسبيح في محاولة حيث يقوم أن الرقابة مورست منهم لدفع الناس على تقديم الصدقات إلى ينبغي تصحيحه) ،وكما ّ على المؤلفين والكتاب وبشكل كبير جدا ،حيث المعبد ،لصالح طائفتهم ،كما ّ أن هؤالء كانوا كان يتم حظر بعض المنشورات والسماح بنشر يستخدمون في بعض األحيان تكتيكات أخرى بعضها اآلخر بعد إجراء تعديالت عليها من كرواية قصص مخيفة عن الجحيم بقصد إخافة الحكومة ،فأدرك المؤلفون والكتّاب مع الوقت، الناس ،إو�لى جانب هذه المعارك الشفاهية أن معايير الرقابة التي كانت تمارس من قبل لعبت الكتب دو ار في هذا المجال ،فمثال كتاب ّ الحكومة باتت غير مقبولة. كوجيكي الذي كتب في العام 1212م من قبل بأن الحرب قد القول يمكننا ى أخر ناحية من كامو جومي ،Kamo Chomi /ويتحدث فيها ّ عن رحلته الدينية التي قام بها للتبشير ،وربما لم أثرت بشكل إيجابي على األدب ،فانتشرت
33
مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين- سور َمي
: وفي ثبت المصادر والمراجع،تمجد الحرب والحكومة ّ الكتابات التي ع النو هذا مثل تشجع كانت الحكومة فإن ّ الحقيقة Sources: Joan Hedrick, “Harriet Beecher Stowe: A Life”; Mark Twain, “Life on ألنها ستساعدها،من الكتابات واألعمال األدبية the Mississippi”; Drew Gilpin Faust, “This بأن ما تقوم به في هذه ّ ،في إثبات وجهة نظرها Republic of Suffering”; Richard Slotkin, أن هذا ّ وقد رأى النقاد،الحرب إنما هو الصحيح “What Shall Men Remember? Recent النوع من األعمال الكتابية خالل الحرب العالمية Work on the Civil War”; Daniel Aaron, الثانية يعتبر نوعا من البروبوغاندا (ووجد هؤالء “The Unwritten War”; James McPherson, النقاد أن هذه األعمال األدبية خالل فترة الحرب “The Negro’s Civil War: How American .)155 Kawana( )تفتقر إلى الغنى والتنوع Blacks Felt and Acted During the War for the Union”; James McPherson, “Battle Cry of Freedom: The Civil War Era”; Alice Fahs, “The Imagined Civil War: Popular Literature of the North & South”; Shira Wolosky, “Emily Dickinson: A Voice of War”; Christanne Miller and Faith Barrett, “Words for the Hour”; Edmund Wilson, “Patriotic Gore”; Matthew Page Andrews, “Introduction,” “The Poems of James Ryder Randall”; “Harper’s Weekly “Japanese Literature.” Wikipedia. Wikimedia Foundation, 04 Feb. 2012. Web. 02 Apr. 2012. Kawana, Sari. “Reading beyond the Lines: Young Readers and Wartime Japanese Literature.” Book History 13.1 (2010): 154-184. Web. 12 Mar. 2012. Kimbrough, Keller and Glassman, Hank. “Vernacular Buddhism and Medieval Japanese Literature” Japanese Journal of Religious Studies 36.2 (2009): 201-208. Web. 12 Mar. 2012. “Medieval Literature: Kamakura, Muromachi, and Azuchi-Momoyama Periods (1192-1600).” Encyclopedia Britannica Online. Encyclopedia Britannica.Web. 02 Apr 2012.
حيث استخدم هذا األدب كوسيلة لتبرير هذه فعلى، وال يوجد تنوع في هذا األدب،الحرب ،الرغم من العدد الكبير من المؤلفين والكتاب يعبرون عن ذات الفكرة ويقولون ّ فقد كانوا .الشيء ذاته
بأن األدب إنما هو ّ في الخاتمة يمكننا القول ويمكن أن تؤثر فيه أمور عدة،شيء حسي ومن أكثر األمور المؤثرة في األدب وبشكل ففي أوقات الحروب،كبير هي الحرب كالحروب األهلية فإن األدب يتأثر ويتغير في حيث يتحول هذا األدب إلى،أغلب األحيان كما ّأنه،مذكرات وسرد لألحداث التي جرت يظهر كعامل مساعد لتأييد وجهة نظر الحكومة وبعد الحرب يعود األدب إلى،المتعلقة بالحرب ويصبح واعدا مجددا ليؤكد على،االزدهار .األثر العميق الذي تركته الحرب فيه
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
34
في الجهادية السلفيّة! P محمد باقي محمد
سنذهب بالجهادية جهات المسلمين األوائل، الذين خرجوا من شبه جزيرة العرب لنشر الدين فيفترض بها أن تحيلنا أما ّ السلفية ُ اإلسالميّ ، ّ إلى «السلف الصالح»؛ أي أولئك المسلمين األوائل الذين جئنا عليهم!
أن هذا الحقل نحن في حقل التأريخ إذا ،بيد ّ يفضى بنا إلى انزياح في المصطلح ،ليشير إلى أن ظ ّل القداسة - سلف أصولي ومتزمت ،ذلك ّ ّ اإلسالمي يستمد مشروعيته من الدين ذاك الذي ّ ّ اإلسالمية، سحب ظلّه على تأريخ الدولةّ على نحو بدت فيه جريمة كقتل المأمون لشقيقه األمين حدثا اعتياديا! على هذا قد نستعرض قراءتين في اإلسالم، األولى تبدأ بالرسول محمدُ ،مستشهدين بوثيقة تنظمت العالقة بموجبها بين المدينة ،تلك التي ّ المهاجرين واألنصار ويهود يثرب ،ما يشي بتسامح ليس له حدود ،تسامح سيصل إلى العفو تد بعد أن أسلم ،فأشار عن مرتد ،كان قد ار ّ أصحاب الرسول محمد بقتله ،إالّ ّأنه عفا عنه،
يتعرض له بسوء ،على نحو يؤ ّكد ما جاء ولم ّ في اآلية الكريمة أن «ال إكراه في الدين قد الغي .....البقرة ،آ 256 تبين الرشد من ّ ّ لتمر إذا محمد بالرسول تبدأ اءة ر ق «، ّ قرر قتال بأبي بكر أول خلفاء المسلمين ،إذ ّ المشركين ،فأوصى بأالّ تقتلع شجرة وأالّ ُيقتل طفل أو شيخ أو امرأة حامل ،فعمر بن الخطاب مرة ؛ إذ الذي أوقف أكثر من ّ حد ألكثر من ّ حد السرقة في عام الرمادي على سبيل أوقف ّ التمثيل ،فلم يقطع يد من سرق ،وألغى سهم «المؤلفة قلوبهم» في الزكاة ،وذلك في حادثة شهيرة تتلخص في إلغاء إقطاعة -كان أبو لعيينة بن الحصن واألقرع بن بكر قد أقطعها ُ حابس درءا ألذيتهم على اإلسالم والمسلمين نهائي ،معلال منح الرسول للسهم بشكلّ أن بضعف اإلسالم في بداياته ،ذاهبا إلى ّ ِ ترسخ الدين ،وما األسباب الموجبة انتفت ،إذ ّ فعلي ابن القوم! الء ؤ ه من عليه خوف ثمة عاد ّ ّ حمال أوجه، بأن أبي طالب الذي رأى ّ ّ النص ّ تعددة في تأويله ،على ما يتيح لنا قراءات ُم ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
35
نحو يسمح بالوقوف بمعضالت ما كانت قد انطرحت على المسلمين األوائل ،وذلك بهدف النص! إيجاد حلول لها داخل ّ السلطوي تطورات الخطاب ّ ّ ثم تعالوا نالحظ ّ في اإلسالم عبر محطات ثالث ،تبدأ بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،إذ قال :أيها في .... المسلمون ..من رأى منكم اعوجاجا ّ بدوي من عرض الصحراء قائال: ،ولينبري له ّ يا أمير المؤمنين واهلل لو رأينا فيك اعوجاجا بحد سيوفنا! وليتنهّد عمر قائال :الحمد لقومناه ّ يقوم اعوجاجه! هلل الذي جعل في أمة عمر من ّ ألن الشيء بالشيء يذكر ها هو رجل من علية و ّ القوم يقول لمعاوية :واهلل يا بن أبي سفيان لو لقومناه .فيتساءل معاوية: رأينا فيك اعوجاجا ّ بماذا !؟ لقد وصلت الرسالة ،واستوعبها الطرف لكن تساؤل صاحب اآلخر في المعادلةّ ، فرد :بالخشب -على نحو السلطان أربكهّ ، يشي بتراجعه مخافة غضب السلطان غالبا ،ما حول المسألة إلى مزاح -ليقول معاوية :أما ّ ثم ها هو عبد الملك بن فنقوم! ّ إذا كان بالخشب ّ مروان -المعروف بتقواه وورعه -يغلق القرآن سدة الخالفة مطلقا قولته حين يتبلغ قرار تبوئه ّ ثم ليذهب بعيدا بك! عهدنا الشهيرة :هذا آخر ّ في عالقة الحاكم بالمحكوم إذ قال :من أراد أن يحاور فليحاور سيفي هذا ،واضعا الشورى كثيمة خلف ظهره!
مع ابن رشد ، 1198 - 1126لينتهي عند المال صدر الدين الشيرازي -صاحب نظرية األعراض في الجوهر -في الدولة الصفوية، العقالني في وليتمثل في ابن رشد ذروة التيار ّ لكن هذا التيار سيضمحل الفلسفة ّ اإلسالميةّ ، اجيدي ،ليتبلور -بالمقابل -تيار ر الت بمقتله ّ الي آخر ،تيار ُم ّ تشدد سيتز ّ عمه أبو حامد الغز ّ في « -إحياء علوم الدين « و» المنقذ من بأنه ننوه ّ الضالل « -فهل ّ ثمة حاجة إلى أن ّ صاحب الكتاب الشهير « تهافت الفالسفة « الذي عارضه ابن رشد -إذاك -بـ « تهافت أن هذا ثمة حاجة لإلشارة إلى ّ التهافت « ،وهل ّ تتوج باإلمام ابن تيمية! التيار ّ أن قطعا سيطال تاريخ األمة -بدءا ثم ّ ّ العباسية -فتنقسم ،وتستق ّل للدولة الثاني بالدور ّ األطراف عنها ،وتشهد األصقاع النائيات تش ّكل دويالت على حساب الدولة المركزية -إذا جاز التعبير -وسيطال هذا القطع السياسة واالقتصاد والمجتمع ،ولن تنجو منه السلسلة ؤسسة على الشعر أساسا، الثقافية ّ الم ّ التقليديةُ ، الفني ،ذاك الذي أوثر عن فيغيب عنها النثر ّ الجاحظ في بيانه وتبيينه -مثال -أو أبي حيان التوحيدي في المقابسات أو اإلمتاع والمؤانسة أو الذخائر والبصائر ،ناهيك عن « ألف ليلة وليلة « درة النثر العربي القديم ،وتغيب المقامة في نماذجها الرفيعة ،تلك التي عرفناها عند بديع الزمان الهمذاني أو الحريري ،كما ستغيب تأسست على يد ابن الجغرافية الوصفية التي ّ بطوطة وابن جبير ،ويندثر فن الخطابة أو فن التراسل ،الذي شهدنا نماذجه الرفيعة عند الوزير الفلسفي ،فال عبد الحميد الكاتب ،ويتراجع الفكر ّ يتبقى من تلك السلسلة إالّ الشعر ،رّبما لقابليته للتواتر شفاها ،أو لتشبهه جزئيا بآيات من القرآن الكريم!
لن نأتي طويال على الشورى التي ُوضعت جانبا ،حتى ّأنها لن تذكر إالّ لماما ،وسنعتسف العباسية ،فنقول الزمن قليال لنتوقف بالدولة ّ تطو ار غير ّ بأنها؛ أي الدولة العباسية ،شهدت ّ مسبوق في مناحي الحياة كافة ،ولذلك راحت تتمور بتيارات فكرّية ال تحصى، أبنيتها الفوقية ّ علم الكالم -الذي راده الحسن البصري - مثالّ ،واخوان الصفا في رسائلهم الشهيرة، المعتزلة الذين تزعمهم واصل بن عطاء ،القدرية والجبرية -صفوان بن الجهم -وما بينهما لتتوج فيما تعارف عليه بالمنزلة بين المنزلتين! ّ الفلسفي ،الذي يبدأ بأبي يعقوب بوالدة الفكر ّ الكندي 879 - 800للهجرة -ويصل ذروته
بأن المسلمين إذ هل نختصر المسألة لنقول ّ أُخرجوا من األندلس في العام 1492على يد ملوك قشتالة في اتحادهم -إيزابيل وفرديناند - أن ديار ّإنما كانوا يخرجون من التاريخ !؟ ذلك ّ ثم اإلسالم راحت تنقسم بشكل غير مسبوقّ ،
36
العثماني بين عامي 1516 خضعت لالحتالل ّ احتالل السلطان سليم األول لبالد الشام بعدمعركة موج دابق -و ،1916وثم تحت حكم االنتدابين الفرنسي واإلنكليزي.
كان مركز الحضارة العالمية قد انتقل إلى أوروبا الناهضة مع نهايات القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر بالتوازي مع خروج المسلمين من األندلس ،الذي تصادف مع اكتشاف كريستوف كولومبوس للعالم الجديد، فتوافق الدارسون على اعتبار الحدثين بداية للعصور التاريخية الحديثة!
العدد / 11آذار ،نيسان 2016 -
الحرية والوحدة واالشتراكية ،ال سيما إثر هزيمة بي، ،1967التي عرت النظام الرسمي العر ّ ّ الديني ليعيش هذا المواطن نكوصا جهات ّ القبلي؛ أي جهات ما قبل المذهبي و و الطائفي و ّ ّ ّ أسها -العميق الوطنيّ ، لكن تلك التيارات -في ّ ّ السياسية ،وتنافح السلطة تروم ات كانت تيار ّ التحصل عليها ،وها هم اإلخوان في سبيل ّ المسلمون -في هذا السياق -يحاولون اغتيال شر عبد الناصرُ ،لين ّكل األخير بهمّ ، ويمزقهم ّ ممزق ،حتى ّأنه لم يتورع عن إعدام سيد قطب، أما بقية التيارات فهي تنويعات على هذا التيار، ّ المل عمر التي طالبان، حال هو هذا سيؤسسها ّ ّ أسسها التي القاعدة، في أفغانستان الحقا ،أو ّ أسامة بن الدن ،أو بوكو حرام في نيجيريا ،أو أن هذا جماعة أبي ّ سياف في الفيليبين ،بل ّ يذهب بنا إلى تش ّكل دولة باكستان ذاتها ،ذلك تقد َم من عما ّ ّ أن انقسامها عن الهند ال يخرج ّ أطر كثيرا ،وها نحن نقف اليوم بأحد أكثر تلك تشددا ،حتى راحت التيارات األخرى التيارات ّ أن الدولة اإلسالمية تستلهمه في ّ تشددها ،ذلك ّ في العراق وبالد الشام « داعش « أوغلت في دماء العباد -مسلمين وغير مسلمين -على نحو غير مسبوق!
أن مشروع النهضة الثانية -ذاك التي ثم ّ ّ ش ّكل طه حسين ولطفي السيد وعلي عبد الرازق أهم أقطابه -كان قد أخفق أيضا لغير سبب ّ تماما كما أخفق مشروع النهضة األول ،ذاكالذي راده األفغاني ومحمد عبده -ولع ّل أبرز المؤسساتية تلك األسباب تتلخص في غياب ّ عنه ،ناهيك عن هيمنة االتجاه الليبرالي على المحلي فكر أقطابه ،وتشتت دعواتهم بين ّ والخارجي ،إضافة إلى غياب النسق الفكري تشدد ،خطاب لم الواضح! فتسي َد خطاب ُم ّ ّ ير ضي ار في تكفير اآلخر ،ومث ّل سيد قطب هذا الخطاب خير تمثيل ،وذلك بالتوازي مع هل كان للغرب -بريطانيا بداية ،والواليات مستبدة ،تسنمت اطية ّ ترسخ حكومات أوتوقر ّ ّ عسكرية ،وذلك المتحدة فيما بعد -دور في تخلق تلك التيارات، سدة السلطة عبر انقالبات ّ الوطنية -التي كانت قيد في أعقاب هزيمة البلدان العربية أمام إسرائيل وذلك إلرباك الدولة ّ التش ّكل -أو منعها!؟ حيثما توضعت اإلجابة، !1948 فإن ما يحدث في اليمن والعراق وسوريا وليبيا ّ بتأثير ذلك الخطاب -إذا -برزت تيارات والصومال -اليوم -جدير بالتوقف والدراسة تشددة ،كان اإلخوان المسلمون - أصولية ُم ّ هدد كيانات ّ أن ما يحدث ُي ّ والتمحيص ،ذلك ّ ها، أبرز مصر في البنا حسن أسسه الذي تام ،ما قد بانهيار يشي نحو وعلى بأكملها، ّ ّ مستغلة المناخ العام المتدين لجموع البشر ،يقتضي ليس التنويه فحسب ،بل إو�طالق صفارة ّ بي في ثمة وقت بعد! ناهيك عن انكسار أحالم المواطن العر ّ اإلنذار أيضا ،هذا إذا كان ّ
سور َمي -مجلة فكرية – ثقافية تصدر كل شهرين
37
دانوك وذاكرة المكان والطفولة P
الدانوك طقس مزوبوتامي قديم ،حيث يتم سلق القمح في وعاء كبير «نقري» على النار في نهاية الصيف وبداية الخريف تحضي ار للشتاء، من ثم يحفظ القمح للطحن بعد الغلي ليصبح برغال وما إلى ذلك من مشتقات.
الدانوك هو الذاكرة الجمعية لألطفال في مزوبوتامية ،هو المتعة التي كانت تجمع الك ّل حول نار الخريف الدافئة ،القصص واألغاني، رائحة وطعم الدانوك وفرحة وصور من ذاكرة الطفولة ،من هناك كان جاء اسم دانوك ليكون اسما للفرقة.
عزف مع دانوك العديد من األصدقاء بآالت موسيقية مختلفة من دول وثقافات متعددة ،هذا الدمج والتوزيع الجديد بخلط آالت موسيقية مع اآلالت الفلكلورية الكردية خلق لون فرقة دانوك .شاركت دانوك العديد من األنشطة والمهرجانات الموسيقية بأماكن مختلفة في اسطنبول وشوارعها.
اختارت دانوك الموسيقا الفلكلورية الكردية كمشروع ألبوم أول لها ،لما للموسيقا الفلكلورية الكردية من طاقة وقوة أداء ،تتميز بتعدد طقوسها واختالف أنماطها وهي غنية جدا بمقاماتها إو�يقاعاتها ،وتناقلت اللغة والتاريخ هذا الغناء كيف تشكلت دانوك؟ بين األجيال عن الحروب واألساطير ورسائل أسسها فرهاد وهوزان صديقا الطفولة من مدينة األمراء وقصص الحب وأغاني األطفال. حسكة ،كب ار معا في حي واحد ،التقيا مجددا في كلية الموسيقا في حمص ،فرهاد يعزف» كيتار» مشروع دانوك؛ هو محاولة طرح األغاني وهوزان يعزف «بزق» .هناك بدءا دراسة الموسيقا الفلكلورية الكردية بلون فرقة دانوك ،بتوزيعات أكاديميا ،بعد بدء الثورة و�فضائها إلى الحرب ،خرجا وآالت موسيقية مختلفة وتعريف الناس باألغاني من سوريا إلى تركيا إوبدءا بالعزف في ساحات الفلكلورية الكردية ،ومشاركة العالم الحب وشوارع إسطنبول ،وبدء فرهاد بالغناء هناك .عمال والسالم الموجودين في هذا الفلكلور. مع الكثير من الفرق في موسيقا الشارع ،التقيا مشروع دانوك يقوم بالتحضير أللبومه األول، بكل من «فيصل مجيد» عازف عربانة /دف من ليطرحه في السوق ،حامال معه رؤيتهم للعالم باتمان ،و»كول تميز» عازفة «مي» من مالتاليا ،عبر الموسيقا كحامل للرسائل الخالدة بين جمعهم حب األغاني الفلكلورية الكردية ،وذاكرة البشر. األغاني المشتركة بينهم.