بحث للمعلمة نائفة دحباش والقائدة ليلى الحربي بعنوان تمثل المدرسة في النظام التعليمي الحديث

Page 1

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫متثل املدرسة يف النظام التعليمي احلديث‬ ‫يف اململكة العربية السعودية‬

‫اعداد املعلمة‬

‫انئفه دحباش‬

‫قائدة املدرسة‬

‫ليلى احلريب‬


‫مقدمة‬ ‫القدرة على حل املشكالت هي متطلب أساسي يف حياة الفرد ‪ ،‬فكثرياً من املواقف اليت تواجهنا‬

‫يف احلياة اليومية هي أساساً مواقف تتطلب حل املشكالت ‪ ،‬ويعترب حل املشكلة أكثر أشكال‬ ‫السلوك اإلنساين تعقيداً وأمهية ‪ .‬ويتعلم الطالب حل املشكالت ليصبحوا قادرين على اختاذ القرارات‬

‫السليمة يف حياهتم ‪ ،‬فلو كانت احلياة اليت سيواجهها األفراد ذات طبيعة اثبتة وكان لكل منهم دوراً‬ ‫أو أدواراً حمددة يؤدوهنا ؛ ملا كانت حل املشكالت قضية ملحة ‪ ،‬فكل ما على الفرد أن يتعلمه هو‬ ‫أتدية أدواره احملددة له ‪ .‬ولكن احلياة متغرية ومعقدة ‪ ،‬وكل ما نستطيع أن نتنبأ به هو أهنا لن تكون‬

‫على ما هي عليه اآلن ‪ ،‬ويف عامل كهذا تغدوا مقدرة الفرد على التكيف وحل املشكالت أمراً ابلغ‬ ‫األمهية‪.‬‬


‫متثل املدرسة يف النظام التعليمي احلديث‪ ،‬يف أي جمتمع‪ ،‬حمط األمل للنمو والتطور‪ .‬ولعل املدرسة‬ ‫بصفة خاصة والنظام التعليمي بصفة عامة أكثر املؤسسات اليت توجه هلا سهام النقد يف كل جمتمع‪،‬‬ ‫خاصة عندما يتعرض اجملتمع إىل هزات أو حتدايت‪ ،‬ويزداد النقد مع تقدم اجملتمع يف التحضر واملدنية‪،‬‬ ‫فنظم التعليم صارت مشكلة يف كل الدول املتقدمة (مشروع ميجي‪ .)2008 ،‬وما ذاك إال ألن‬ ‫املدرسة رافد أساس من روافد تقدم أي جمتمع وصالحه وتطوره‪.‬‬ ‫يوما يف عصران احلديث مبعزل عن النقد‪ ،‬إال أنه غلب على النقد أمران‪:‬‬ ‫ويف جمتمعنا مل تكن املدرسة ً‬

‫موضوعا واح ًدا منفصالً‪ ،‬وال يستهدف املدرسة بشكل‬ ‫األول اجلزئية‪ ،‬حبيث ال يعدو النقد أن يتناول‬ ‫ً‬

‫مشويل‪.‬‬

‫الثاين السطحية‪ ،‬إذ غالبًا ما يكون النقد بشكل سطحي‪ ،‬ال ينفذ إىل عمق املشكلة وحيللها‪ ،‬ويكون‬

‫ضا يف غالب األحوال من غري املختصني‪ ،‬ونتج عن انطباعات حتدث بعد مشكلة طارئة‪.‬‬ ‫أي ً‬

‫كثريا من املؤشرات تدل على أن مدارسنا يف أزمة‪ .‬إذ هي دون طموح القائمني عليها‪ ،‬وتقصر عن‬ ‫إن ً‬

‫توقعات املستفيدين منها‪ .‬ومل تستطع التكيف مع كثري من مستجدات العصر ومتطلباته وحتدايته‪ .‬وتعجز‬ ‫مكاان غري مرغوب‪.‬‬ ‫عن حل كثري من مشكالهتا‪ ،‬ويعتربها أكثر الطالب ً‬

‫إننا حباجة إىل فهم أعمق لنظامنا التعليمي وللمشكالت اليت تواجهه‪ ،‬وحباجة أكثر إىل طرح حلول‬

‫جديدة وإبداعية لتلك املشكالت‪ .‬إن املدارس اليت جنحت يف أتدية دورها قبل عشرين سنة من غري‬ ‫املرجح أن تستمر يف جناحها بنفس األسلوب الذي كانت تسري عليه‪ ،‬فالعصر يتغري ومشاكله تتعقد‪،‬‬ ‫وابلتايل جيب أن تتغري املدرسة‪ ،‬أو تتغري رؤيتنا لدورها‪ ،‬ويتغري الفكر واملفاهيم اليت تسريها‪ .‬لقد استجد‬ ‫الكثري يف جماالت الرتبية والتعليم واإلدارة الرتبوية ويف نواح كثرية من اجملتمع‪ ،‬وهذا يوجب أن تتجاوب‬ ‫حتما للنتيجة ذاهتا‪.‬‬ ‫معه املدرسة‪ ،‬ومن املنطقي أن تتأثر به‪ .‬إن تكرار أداء العمل بنفس الطريقة سيؤدي ً‬ ‫ومن غري احلكمة االستمرار يف هذه احللقة إن أردان الوصول لنتائج خمتلفة‪ ،‬بل ال بد من تغيري العمل أو‬

‫تغيري أسلوب أدائه‪.‬‬ ‫كبريا منذ أن أنشئت اململكة العربية السعودية‪ .‬واستمر هذا االهتمام إىل‬ ‫وقد انل التعليم‬ ‫ً‬ ‫اهتماما ً‬

‫السنوات احلاضرة‪ .‬ومن مؤشرات هذا االهتمام ما خيصص للتعليم من خمصصات من ميزانية الدولة‪.‬‬ ‫تطورا يندر مثيله يف العامل‪ ،‬من انحية االنتشار واستيعاب الطالب‬ ‫وقد شهد التعليم يف السعودية يف بداايته ً‬ ‫والطالبات وجمانية التعليم والتشجيع على االلتحاق به‪ .‬إال أنه مع مرور الوقت بدأت تظهر مشكالت‬

‫يف النظام التعليمي‪ ،‬مثل تدين حتصيل الطالب حبصول نسب كبرية منهم على تقديرات منخفضة يف‬ ‫الرايضيات واللغة اإلجنليزية واللغة العربية‪ ،‬كما يشري (تقرير حالة التعليم السنوي األول للعام الدراسي‬


‫‪( )1427/1426‬اإلدارة العامة لإلشراف الرتبوي‪ ،)1427 ،‬وبدرت بوادر من قصور وخلل يف ذلك‬ ‫النظام عن مواكبة املستجدات وتلبية االحتياجات التنموية يف اململكة العربية السعودية ويف العامل‪.‬‬ ‫ومع ظهور مؤشرات على تدين أداء النظام الرتبوي تنادى كثري من املتخصصني بضرورة العمل على‬ ‫تطوير هذا النظام‪ ،‬وطرح مشروعات تربوية تطويرية متكن التعليم يف السعودية من منافسة األنظمة‬ ‫التعليمية يف بقية دول العامل‪ .‬وقد القت هذه الدعوات استجابة من القيادة السياسية فصار تطوير التعليم‬ ‫مشروعا وطنيًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهذه الورقة ستحاول أن تطرح رؤية حتليلية عامة للتعليم يف اململكة العربية السعودية من خالل‬ ‫تشخيص النظام التعليمي القائم وحتديد أهم مشكالته‪ ،‬وحتديد املقومات األساسية لتطويره والوصول به‬ ‫إىل مراكز منافسة عامليًا‪.‬‬

‫وسوف نعرض الموضوعات التالية‬

‫ رؤية عامة للتعليم يف اململكة العربية السعودية تشمل بعض اإلحصاءات احلديثة‪.‬‬‫ املشكالت الرئيسة يف امليدان الرتبوي‪.‬‬‫ املقومات اإلجيابية لتطوير التعليم‪.‬‬‫ التعليم يف اململكة العربية السعودية‪ :‬رؤية عامة‪.‬‬‫بشكل عام تتوىل وزارة الرتبية والتعليم يف اململكة العربية السعودية اإلشراف على التعليم العام‪ .‬ويوفر‬ ‫التعليم العام‪ ،‬كما تنص وثيقة سياسة التعليم‪ ،‬جماان لكل مواطن‪ .‬وتنقسم سنوات الدراسة يف التعليم العام‬ ‫إىل ثالث مراحل‪ :‬االبتدائية (ست سنوات) واملتوسطة (ثالث سنوات) والثانوية (ثالث سنوات)‪ .‬وتعد‬ ‫اآلن املرحلة االبتدائية تعليما أساسيًا إجبارًاي‪.‬‬

‫ومع توفر التعليم احلكومي فإنه يوجد تعليم خاص (أهلي) ملن يرغب‪ ،‬ويكون مبقابل مادي يدفعه‬

‫الطالب‪ .‬وعادة ما يكون يف املدارس اخلاصة مواد أو برامج دراسية إضافية‪ ،‬كاللغة اإلجنليزية أو احلاسب‬ ‫اآليل‪ .‬وحبسب (وزارة الرتبية‪ )1429 ،‬تبلغ نسبة مدارس التعليم اخلاص (األهلي) ‪ 9%‬من املدارس‪.‬‬

‫المشكالت الرئيسة‬

‫يشري التقرير العاملي لرصد التعليم للجميع (اليونيسكو‪ ،2009 ،‬ص ‪ )108‬إىل أن عملية قياس‬ ‫نوعية التعليم أمر صعب‪ ،‬ففي حني تتوفر املؤشرات الكمية فإنه ما من مقياس جاهز للنوعية‪ .‬كشف‬ ‫عدد من الدراسات‪ ،‬ابإلضافة إىل تقارير اخلرباء واملتخصصني أن نظام التعليم العام يف اململكة العربية‬ ‫عددا من املشكالت‪ .‬وكثري من هذه املشكالت ليست خاصة ابلنظام التعليمي يف‬ ‫السعودية يعاين ً‬ ‫اململكة‪ ،‬إذ إهنا توجد يف أكثر األنظمة التعليمية يف العامل‪ ،‬مما يعين أن هلا طابعها العاملي‪ ،‬إال أن هذا ال‬ ‫يعين أال جن ّد يف عالجها مبا يتناسب مع ظروف نظامنا التعليمي‪ .‬ومع التسليم أبن العوامل املؤثرة يف أي‬


‫نظام تعلمي هلا طابع التداخل والتأثري املتبادل‪ ،‬إال أنه ميكن حتديد العوامل الرئيسة اليت أثرت سلبًا يف‬

‫النظام التعليمي‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص أهم مشكالت النظام التعليمي في النقاط التالية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬عدم وجود رؤية محددة للتعليم‪:‬‬

‫ومبنية على إطار نظري واضح ما عدا اخلطوط العريضة والسياسات العامة الواردة يف «سياسة‬

‫التعليم»‪ ،‬فليس هناك رؤية واضحة يتفق عليها املخططون للتعليم توجه املشروعات التطويرية الرتبوية‪.‬‬ ‫كثريا من املشروعات والتوجهات‬ ‫ولذلك فمن الصعب التعرف على مسار حمدد لتقدم التعليم‪ ،‬بل إن ً‬ ‫التطويرية تنتج إما ردة فعل أو نتيجة اجتهادات شخصية من قيادات الوزارة‪.‬‬

‫وبسبب افتقار هذه االجتهادات للرؤية الواضحة‪ ،‬فإن املشروعات تعاين من أمرين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬تقدميها دون وجود إطار نظري واضح تعتمد عليه ويربطها بغريها من املشروعات‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬ذوابن هذه املشروعات وتالشيها التدرجيي ورمبا احنرافها عن مسارها األساسي‪ ،‬دون تقومي‬ ‫لنتائج تطبيقها أو تطوير هلا‪.‬‬ ‫فقد طُرح التعليم الثانوي املطور‪ ،‬مث الشامل‪ ،‬ومل نر تقوميًا حقيقيًا لتلك التجربة‪ ،‬مث بعد سنوات‬ ‫خرجت املدارس الرائدة‪ ،‬مث بعد ذلك خرج نظام التعليم الثانوي املرن أو نظام املقررات والذي طبق عام‬ ‫‪( 1425‬وزارة الرتبية‪ ،‬وآخرون‪ .)1429 ،‬وعلى مستوى التعليم االبتدائي خرج نظام الصفوف األولية‬ ‫كثريا من املؤشرات تؤكد فاعليته‬ ‫(األول والثاين والثالث االبتدائي)‪ ،‬لكنه مل يطور ومل تقوم جتربته (رغم أن ً‬ ‫وأنه ساعد على الرتكيز على تلك املرحلة األساسية)‪ ،‬وجاء نظام التقومي املستمر يف تلك املرحلة‪ ،‬مث‬

‫استخدم هذا النظام من التقومي يف املرحلة العليا من املرحلة االبتدائية لكنه مل يستفد من تقومي جتربة‬ ‫تطبيقه يف الصفوف األولية‪.‬‬ ‫يعتمد املعلمون يف تقومي طالهبم على االختبارات بشكل رئيس‪ ،‬ومت منذ سنوات استخدام التقومي‬ ‫املستمر يف الصفوف االبتدائية األولية‪ ،‬وبدأ تطبيقه يف العام الدراسي ‪ 1428/1427‬يف الصفوف‬ ‫الثالثة العليا من هذه املرحلة‪ .‬وتشري كثري من مالحظات املشرفني واملتتبعني إىل نقص واضح يف مهارات‬ ‫املعلمني يف صياغة أسئلة االختبارات‪ .‬وهذا النوع من التقومي ال ينجح إال بتوفر ثالثة شروط أساسية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن تكون املناهج قد أعدت بشكل يتناسب مع هذا النوع من التقومي‪ ،‬وأن تقدم هذه املناهج‬ ‫من خالل طرق تدريس مناسبة‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬أن يتدرب املعلمون على مهارات التقومي املستمر‬ ‫الثالث‪ :‬أن تتناسب أعداد الطالب مع الوقت املتاح للمعلمني يف التدريس والتقومي‪.‬‬ ‫تقليداي بشكل مستمر!‬ ‫دون توفر هذه الشروط الثالثة على األقل من املرجح أن التقومي سيكون‬ ‫ً‬


‫كذلك طرح مشروع دمج ذوي االحتياجات اخلاصة يف التعليم العام عام ‪1411‬هـ (وزارة الرتبية‬ ‫والتعليم‪1429 ،‬هـ) إال أنه بدأ التوقف عن هذا التوجه يف السنوات األخرية‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬تدني تأهيل المعلمين‬

‫ابلرغم من إقرار درجة البكالوريوس الرتبوي ح ًدا أدىن للتأهل لوظيفة (معلم) إال أنه يف كثري من‬

‫األحيان يتم االستعانة ابحلاصلني على درجة البكالوريوس غري الرتبوي يف بعض التخصصات (مثل اللغة‬

‫اإلجنليزية والفيزايء والرايضيات) نتيجة لندرة املعلمني يف هذه اجملاالت‪ .‬كما أنه ال يوجد معيار لالختيار‬ ‫من احلاصلني على البكالوريوس سوى املفاضلة بينهم بناء على معايري حيكمها العرض والطلب‪ .‬ورغم‬ ‫نظاما الختبار كفاءة املعلمني اجلدد إال أن تدين مستوى املعلمني يف هذا االختبار كثريا‬ ‫أن الوزارة أنشأت ً‬ ‫ما جيرب الوزارة على التنازل عن معايريها والقبول مبعلمني حصلوا على نتائج متدنية يف ذلك االختبار‪.‬‬

‫هناك ضعف واضح لدى كثري من املعلمني يف اجلانب العلمي واجلانب الرتبوي‪ ،‬وقد كشف عن هذا‬ ‫الضعف اختبار الكفاايت الذي طبق يف العام الدراسي ‪ 1425/1424‬للمعلمني اجلدد حيث مل جيتز‬ ‫االختبار ابحلصول على ‪ %40‬من الدرجة إال ‪ %27‬من املتقدمني لالختبار‪.‬‬ ‫كما أن تدين املستوى ال يقتصر على املعلمني اجلدد بل يتعداه إىل املعلمني القدامى‪ ،‬كما تشري بعض‬ ‫الدراسات وكثري من تقارير املشرفني الرتبويني‪ .‬ينعكس هذا يف تركيز املعلمني على استخدام طرق‬ ‫التدريس التقليدية‪ ،‬وبعدهم عن األساليب اإلبداعية يف التدريس (بدر‪1427،‬هـ؛ املطريي‪1426 ،‬هـ)‪.‬‬ ‫ويشري تقرير حالة التعليم السنوي (اإلدارة العامة لإلشراف الرتبوي‪ )1427 ،‬إىل أن نسبة املعلمني‬ ‫الذين استفادوا من برامج التدريب القصرية (من ‪ 3‬إىل ‪ 10‬أايم) ‪ 5%‬فقط من املعلمني‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬المبنى المدرسي‬

‫نتيجة للزايدة املتسارعة يف النمو السكاين والتوسع اجلغرايف‪ ،‬ونقص التخطيط املسبق‪ ،‬اضطرت‬

‫الوزارة يف العقود املتأخرة إىل استئجار مبان سكنية واختاذها مدارس‪ ،‬مع ما فيها من النقص الواضح يف‬ ‫املرافق الرتبوية من مالعب وصاالت وحنوها‪ ،‬كذلك عدم مناسبة فصوهلا وجتهيزاهتا لألداء الرتبوي‬ ‫(الطياش‪ .)1430 ،‬وهذا ما أسهم يف إفشال كثري من األنشطة الرتبوية سواء على مستوى الطالب أو‬ ‫مستوى املدرسة أو أنشطة النمو املهين للمعلمني‪ .‬كما أن تلك املباين أدت إىل ازدحام الطالب ابلفصول‬ ‫انطباعا مضلالً)‪ .‬وتشري بعض الدراسات‬ ‫(وإن كانت أدت إىل قلة عدد الطالب داخل الفصول مما يعطي‬ ‫ً‬ ‫إىل أن نسبة املدارس املستأجرة قد تصل إىل النصف (املقرن واجلديد‪.)1430 ،‬‬

‫كما أن (خمططات) املدارس احلكومية رغم أهنا أفضل بكثري من املدارس املستأجرة‪ ،‬إال أهنا تفشل‬ ‫يف كثري من األحيان يف اإلسهام يف إجياد بيئة تربوية جاذبة داخل املدرسة‪ .‬فلقد ظل نقص الصاالت‬


‫الكبرية متعددة األغراض‪ ،‬ونقص الساحات واملالعب املهيأة وكذلك نقص التكييف املناسب‪ ،‬جانب‬ ‫ضعف يالزم املباين احلكومية للمدارس ويقلل من فعاليتها الرتبوية (املقرن واجلديد‪.)1430 ،‬‬

‫رابعًا‪ :‬زيادة عدد الطالب في الفصول‬

‫ابلرغم من أن النسب اإلمجالية لعدد الطالب يف الفصول ونسبة عدد الطالب للمعلني متدنية‪ ،‬حيث‬

‫يبلغ متوسط عدد الطالب يف الفصول ‪ 25‬طالبًا‪ ،‬ونسبة الطالب للمعلمني معلم لكل عشرة طالب‬

‫كثريا من املدارس خاصة يف املرحلة الثانوية داخل املدن تعاين من ارتفاع‬ ‫(وزارة الرتبية‪ ،)1429 ،‬إال أن ً‬ ‫أعداد الطالب داخل الفصول‪ ،‬وكذلك من صغر حجم الفصول‪ .‬وهذا ما جيعل من العسري على املعلمني‬

‫استخدام طرق التدريس احلديثة (العبد الكرمي‪.)1430 ،‬‬

‫سا‪ :‬النظام اإلداري للمدرسة‬ ‫خام ً‬

‫يغلب على إدارة املدرسة الطابع اإلداري البريوقراطي الرتيب‪ ،‬الذي يقتصر يف كثري من األحيان على‬

‫تنفيذ التعليمات أبقل قدر من الكفاءة‪ .‬فالصالحيات تكاد تكون معدومة لدى مدير املدرسة‪ ،‬ويقتصر‬ ‫دوره يف كثري من األحيان على تسيري األمور اليومية الروتينية يف املدرسة‪ .‬وهذا الوضع جعل مدير املدرسة‬ ‫معلما كما كان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫دائما ابحملاسبة ملخالفة النظام‪ ،‬وابلتايل إعادته ً‬ ‫مهددا ً‬

‫كذلك يعاين مديرو املدارس من عدم وجود كادر وظيفي خاص هبم يقدم هلم حوافز مالية مقابل‬

‫األعباء اليت يقومون هبا‪ .‬ولذلك يكون إقبال املعلمني على اإلدارة يف املدارس ذات التجهيزات واملرافق‬ ‫املكتملة‪ .‬ولذا يندر وجود املدير الذي يقوم بدور القائد الرتبوي داخل مدرسته‪.‬‬ ‫كما تشري كثري من الدراسات إىل عدم فعالية النظام اإلشرايف‪ ،‬إذ يدل كثري من البحوث وخربة كثري‬ ‫من الرتبويني على أن اإلشراف الرتبوي بوضعه التقليدي الذي يركز على الزايرات املتباعدة غري فاعل يف‬ ‫تطوير أداء املعلمني وال أداء املدارس (احلميد‪1427 ،‬؛ العويف‪ ،)1417 ،‬وأنه أقصى ما ميكن أن‬ ‫يقدمه وعلى أفضل األحوال اكتشاف بعض األخطاء أو جوانب القصور لدى املعلمني‪ .‬ويف الغالب‬ ‫معلما‪ .‬فمن‬ ‫حىت يف حال اكتشافها ال يكون هناك وقت للعالج‪ .‬يتوزع عمل املشرف بني ما معدله ‪ً 90‬‬ ‫النادر أن يقل نصاب املشرف عن الستني معلما‪ ،‬ومن املعتاد جدا أن يتجاوز املائة‪ .‬ويبلغ عدد املدارس‬

‫اليت يزورها املشرف عادة األربعني مدرسة‪ .‬ويف ظل هذا الوضع يصبح من احملال على املشرف أن يكون‬ ‫كزا أو أن يكون ذا صبغة تطويرية‪ .‬ولذا صار املتوقع من املشرف يف أفضل األحوال هو زايرة‬ ‫عمله مر ً‬ ‫املعلمني املسندين إليه وتوجيههم توجيهات ارجتالية وتقوميهم يف كثري من األحيان‪ .‬أما أن يكون اإلشراف‬

‫عملية تطوير وتوجيه عميقة وبعيدة املدى فمن غري املعتاد‪.‬‬ ‫وهذا ما قاد إىل وجود حالة من اإلحباط لدى املعلمني واملديرين رصدهتا بعض الدراسات والتقارير‪.‬‬


‫ويف ظل هذا النمط من اإلدارة واإلشراف يسود منط تطوير يعتمد على املشروعات والربامج اليت‬ ‫صادرا عن‬ ‫أتيت من األعلى (الوزارة)‪ .‬فاملدرسة عادة ال ترى أهنا ملزمة أبي عمل تطويري ما مل يكن‬ ‫ً‬

‫الوزارة‪ .‬ولذلك يغلب على الربامج واملشروعات الرتبوية طابع العمومية أو (املقاس الواحد الذي يناسب‬

‫اجلميع)‪ ،‬حبيث ال تكون الربامج ملبية الحتياجات املدرسة‪ ،‬وليست ذات معىن لكثري من املعلمني‬ ‫والطالب‪ .‬مما جعلها ابلتايل أتخذ الطابع الشكلي وتكتفي فيها املدرسة أبداء احلد األدىن‪.‬‬

‫سا‪ :‬عدم وجود آلية لقياس ناتج التعليم‬ ‫ساد ً‬

‫فليس هناك آلية واضحة ملعرفة مدى حتقيق النظام التعليمي ألهدافه‪ ،‬سواء على املستوى املدرسي‬

‫أو على مستوى اجملتمع‪ .‬فال يوجد اختبارات مقننة معتمدة ميكن من خالهلا احلكم على أداء املدارس‪،‬‬ ‫وال توجد عمليات مقايسة خارجية ‪ benchmarking‬مع دول أخرى للتعرف على املستوى‬ ‫الفعلي لطالب املدارس السعودية‪ .‬بل هناك ما يشري إىل تدين مستوى الطالب املتفوقني مبقارنتهم بطالب‬ ‫أمرا مرتوًكا بدرجة كبرية إىل االنطباعات أو‬ ‫الدول األخرى‪ .‬وابلتايل صار احلكم على مستوى املدارس ً‬ ‫إىل درجة االختبارات اليت غالبا ال تعكس املستوى احلقيقي لتحصيل الطالب‪.‬‬

‫المقومات اإليجابية‬

‫ابلرغم من كل ما سبق إال أنه ميكن رصد عدد من اجلوانب اإلجيابية لعملية تطوير التعليم‪ .‬فتتوفر‬ ‫للمشروع التطويري يف اململكة العربية السعودية أربعة عوامل رئيسة رمبا ال تتوفر لنظام تعليمي آخر‪.‬‬ ‫وهذه العوامل هي‪:‬‬ ‫ الدعم السياسي على أعلى مستوى‬‫فالقيادة السياسية ممثلة يف رأس هرمها خادم احلرمني الشريفني تعد من أكرب الداعمني لتطوير النظام‬ ‫التعليمي‪ .‬كما أن هناك جلنة التعليم وهي املسئولة عن وضع التوجهات العامة للتعليم يرأسها ويل العهد‪.‬‬ ‫كبريا للسياسات التطويرية يف الوزارة‪ .‬ويدل بشكل قاطع على أن تطوير التعليم‬ ‫دعما ً‬ ‫وهذا يوجد ً‬ ‫معنواي ً‬ ‫هدف من أهداف الدولة العليا‪.‬‬

‫ اإلمكاانت املادية‬‫وهذا متفرع من العامل السابق‪ ،‬فالدعم السياسي انعكس على شكل دعم مادي كبري‪ .‬حيث‬ ‫ُخصصت ميزانية كبرية مستقلة ملشروع امللك عبد هللا لتطوير التعليم‪ ،‬بلغت تسعة مليارات رايل سعودي‪.‬‬

‫وقد بلغت ميزانية وزارة الرتبية والتعليم بشكل عام ‪ 380‬مليار رايل سعودي‪ ،‬وهو ما نسبته ‪%19‬‬

‫من ميزانية الدولة للعام ‪1428 /1427‬هـ (وزارة الرتبية والتعليم‪.)1429 ،‬‬


‫ التقبل الشعيب‬‫يوجد اتفاق على كل املستوايت تقريبًا على ضرورة التطوير التعليمي‪ ،‬وهناك أحساس عام أبن‬ ‫املدارس يف كثري من املستوايت قد عجزت عن االستجابة ملتطلبات اجملتمع وتطلعاته‪ ،‬بل رمبا لتطلعات‬ ‫الطالب أنفسهم‪.‬‬ ‫ وجود كوادر مؤهلة ومبدعة يف وزارة الرتبية وإدارات التعليم‬‫فعلى مدى عقود كان هناك عملية من بناء القدرات ‪ building capacity‬تتم داخل وزارة‬ ‫الرتبية وإدارات التعليم التابعة هلا‪ ،‬من خالل االبتعاث الدراسي الداخلي واخلارجي ومن خالل الزايرات‬ ‫واالطالع على اخلربات اخلارجية‪ ،‬أمثرت عن وجود عدد كبري من الكفاءات املؤهلة اليت ميكن‪ ،‬حال‬ ‫توفر الثقة والدعم هلا‪ ،‬أن تقود عملية التطوير الرتبوي والقادرة على بناء منوذج تطوير تربوي يليب‬ ‫االحتياجات املستجدة للمجتمع السعودي‪.‬‬ ‫هذه العوامل األربعة تؤسس ملشروع تطويري متكامل ميكن أن ينقل التعليم يف اململكة العربية‬ ‫السعودية إىل مصاف األنظمة التعليمة املتقدمة‪.‬‬

‫اخلالصة‬ ‫رغم ما حققه التعليم يف اململكة العربية السعودية من قفزات ابلذات على اجلانب الكمي‪ ،‬إال أنه‬ ‫يعاين يف السنوات األخرية من عدد من املشكالت اليت أعاقت تقدمه خاصة على اجلانب النوعي‪ .‬ومع‬ ‫أمرا ممكنًا‪.‬‬ ‫هذا فهناك عوامل جتعل تطوير هذا النظام التعليمي والوصول به إىل مصاف الدول التقدمة ً‬ ‫واقع التعليم يف اململكة العربية السعودية‬


‫املراجع واملصادر‬

‫ اإلدارة العامة لإلشراف الرتبوي‪1427( .‬هـ)‪ .‬تقرير حالة التعليم السنوي التقرير األول‪ .‬وزارة‬‫الرتبية‪ .‬اململكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫ بدر‪ ،‬بثينة‪ .)1427( .‬طرائق تدريس الرايضيات يف مدارس البنات يف مكة املكرمة ومدى مواكبتها‬‫للعصر احلديث‪ .‬رسالة الرتبية وعلم النفس‪ .‬جامعة امللك سعود‪ .‬الرايض‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫خالد‪،‬‬

‫الطياش‪.‬‬

‫(‪.)1430‬‬

‫مباين‬

‫املدراس‬

‫معادلة‬

‫احلكومية‪،‬‬

‫الكم‬

‫والكيف‪html.418514article/com.alriyadh.www//:http .‬‬ ‫ العبدالكرمي‪ ،‬راشد‪ .)1430( .‬معوقات استخدام طرق التدريس احلديثة يف املرحلة املتوسطة‪ .‬قيد‬‫النشر‪.‬‬ ‫ فيصل املطريي‪ .)1426( .‬معوقات استخدام التعلم التعاوين يف تدريس العلوم الشرعية يف املرحلة‬‫املتوسطة‪ .‬الرايض‪ :‬رسلة ماجستري غري منشورة‪ ،‬جامعة امللك سعود‪.‬‬ ‫ العويف‪ ،‬إبراهيم‪ .)1417( .‬فاعلية املشرف الرتبوي يف مساعدة معلمي اللغة العربية للتغلب على‬‫معوقات استخدام الوسائل التعليمية ابملرحلة املتوسطة مبدينة الطائف‪ .‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة أم‬ ‫القرى‪ .‬كلية الرتبية‪.‬‬ ‫ احلميد‪ ،‬ماجد‪ .)1427( .‬فاعلية اإلشراف الرتبوي يف الرتبية الفنية من وجهة نظر املعلمني‬‫واملعلمات‪ .‬رسالة ماجستري‪ .‬جامعة امللك سعود‪ .‬كلية الرتبية‪.‬‬ ‫ مشروع ميجي‪ ) 2008( .‬ميجي‪ :‬قوى بشرية قادت للتغيري‪( .‬ترمجة عصام محزة)‪ .‬هيئة اإلذاعة‬‫والتلفزيون الياابنية‪ .‬دار الشروق‪ .‬القاهرة‪.‬‬ ‫ املقرن‪ ،‬عبدالعزيز‪ ،‬واملقرن‪ ،‬منصور‪ .)1430( .‬دراسة أتثري التصميم املعماري يف الوصول إىل‬‫منوذج‬

‫مدرسي‬

‫مرن‬

‫يتكامل‬

‫مع‬

‫املواقع‬

‫اجلبلية‬

‫الوعرة‬

‫ابململكة‬

‫العربية‬

‫السعودية‪.sa.edu.ksu.docs//:http .‬‬ ‫ وزارة الرتبية والتعليم‪ .)1429( .‬خالصة إحصائية عن التعليم العام يف اململكة‪.‬‬‫ وزارة الرتبية والتعليم‪ ،‬وزارة التعليم العايل‪ ،‬املؤسسة العامة للتدريب التقين واملهين‪1429( .‬هـ)‪.‬‬‫التقرير الوطين حول تطور التعليم يف اململكة العربية السعودية‪ .‬وزارة الرتبية والتعليم‪.‬‬ ‫ اليونيسكو‪ .)2009( .‬التقرير العاملي لرصد التعليم للجميع (أمهية احلوكمة يف حتقيق املساواة يف‬‫التعليم‪.‬‬


‫اخلامتة‬ ‫خامتة وختاما على الرغم من أنه ميكن اكتساب الكثري من املهارات عن طريق التعلم إال أنه ليس‬ ‫من السهل تعلم القدرة على اختاذ القرارات الصائبة‪ ،‬وأن اإلنسان ملزم ابالجتهاد من الناحية‬ ‫الشرعية والتحرك واختاذ القرار ولو ترتب على ذلك بعض األخطاء‪ ،‬فعدم اختاذ القرار هو أسوأ‬ ‫األخطاء كلها‪ .‬ان املرء مكلف ابالجتهاد بكل ما ميتلك للتوصل إىل القرار السليم‪ ،‬وإذا مل يكن بني‬ ‫البدائل املطروحة حل مناسب قاطع فالواجب اختيار أقلها ضرراً وإذا ما تبني بعد ذلك خطا يف‬

‫القرار كان األجر مرة واحدة ويف حال الصواب كان للمجتهد أجران‪ .‬ان اختاذ القرار هو عملية‬ ‫متحركة وعلى املرء أن يراقب ويتابع نتائج قراراته ليعدهلا عند احلاجة وابلكيفية املطلوبة‪ .‬كما أن‬

‫عملية اختاذ القرار تنبثق من مجع املعلومات وحتليلها ومعاجلتها بطريقة علمية األمر الذي يؤدي إىل‬ ‫حتديد البدائل املمكنة للحل ‪،‬كما ان اختاذ أحد البدائل يتطلب غالبا أخذ احلس البشري يف‬ ‫احلساابت عند تفحص أفضلية ما يرتتب على بديل ما من نتائج ‪،‬فاختاذ القرار الناجح يعتمد على‬ ‫التقدير السليم كما يعتمد على املعلومات املوثوقة‪.‬‬


‫الفهرس‬ ‫‪ -1‬املقدمة ‪2 ..............................................................‬‬ ‫‪ -2‬مقدمة عن التعليم يف اململكة ‪4-3 .........................................‬‬ ‫‪ -4‬املشكالت الرئيسية ‪.................................................‬‬

‫‪4‬‬

‫‪ -5‬عدم وجود رؤية حمددة للتعليم ‪........................................‬‬

‫‪5‬‬

‫‪ -6‬تدين أتهيل املعلمني – املبىن املدرسي ‪.................................‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ -7‬زايدة عدد الطالب يف الفصول – النظام اإلداري للمدرسة‪..............‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ -8‬عدم وجود آلية لقياس نتائج الطالب ‪.................................‬‬

‫‪8‬‬

‫‪ -9‬املقومات اإلجيابية ‪...................................................‬‬

‫‪9-8‬‬

‫‪ -10‬اخلالصة ‪..........................................................‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ -11‬املراجع واملصادر ‪.................................................‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ -12‬اخلامتة ‪...........................................................‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ -13‬الفهرس ‪.........................................................‬‬

‫‪12‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.