I think magazine 39

Page 1

‫‪39‬‬

‫العلامنية و الدميقراطية كنظم غبية ‪ ...‬أمين غوجل‬

‫‪1‬‬

‫موضوع أن القرآن يحدد رسعة الضوء و الرد عليه ‪Mustafa Abdin ...‬‬

‫‪5‬‬

‫مونوبويل مقدس ‪Anas Dbaeen ...‬‬

‫‪9‬‬

‫ ‬ ‫التفكري الحر و الربوباغاندا الرسمية ‪...‬‬ ‫برتراند راسل ترجمة‪ :‬عدي الزعبي‬

‫العلامنية و الدميقراطية كنظم غبية‬ ‫منظمة أدهوك ‪ :‬انطالق الحلم الجديد‬

‫التفكري الحر و الربوباغاندا الرسمية‬

‫هل تعلم‬

‫‪37‬‬

‫العرب ‪ ...‬من وجهة نظر يابانية‬

‫‪39‬‬

‫الطبيعة ش‬ ‫الماعية ‪ ...‬مايلك إي‪ .‬ب�ايس ت� ج� ة ت‬ ‫اب� ال حممود‬ ‫الب� ية و حتمية املج ازر ج‬

‫‪41‬‬

‫اذا كان للعلامء لوغوهات ‪Ameer Ali ...‬‬

‫‪49‬‬

‫لقطات من مواقع التواصل االجتامعي‬

‫‪51‬‬

‫دينا القتايب ‪ ...‬العاملة السورية املتميزة‬

‫‪55‬‬

‫ين‬ ‫ج�‬ ‫املجلة و اسمها و كل ما تحتويه‬ ‫خاضعة لقوانني حامية امللكية الفكرية‪.‬‬ ‫اليجوز استعاملها بدون اذن‪.‬‬

‫‪The magazine and its name and all its contents‬‬ ‫‪Protected by intellectual property protection laws.‬‬ ‫‪May not be used without permission.‬‬

‫‪11‬‬

‫االدل الوراثية عىل السلف ت‬ ‫ة‬ ‫املش�ك‬ ‫‪ Gulo‬الزائف أحد‬

‫منظمة أدهوك ‪ :‬انطالق الحلم الجديد‬

‫‪57‬‬ ‫‪61‬‬


‫العلامنية و الدميق راطية كنظم غبية‬ ‫يبدو هذا العن وان صاعق ًا و غ ريب ًا لكن ارجو ان أ�وصل فكريت الطوابوية و ممكن‬ ‫املتط رفة من خالل هذا املقال عن مساوئ هذين النظامني ‪.‬‬ ‫ل نبد أ� ابلعل امنية كوين اعتربها الاقل غباء كوهنا تسمح داخل منظومهتا بوجود لك‬ ‫الافاكر الغ بية و القاتةل و املدمرة ألي جممتع بل و حتمي تكل احلقوق بوجود و ن رش‬ ‫و اع تناق مثل تكل الافاكر و هنا احتدث عن التوهجات ادلينية ‪.‬‬ ‫تقوم العل امنية او ًال عىل مبد أ� خمادع و هو فصل ادلين عن ادلوةل و احلمك و لكن‬ ‫بنفس الوقت تقوم عىل حامية تكل التوهجات من أ�ي حماوالت لنقدها أ�و حماربهتا‬ ‫بدعوى حري ال ر أ�ي و اح رتام املعتقدات ‪.‬‬ ‫و يوجد مئات الامثةل عن تق ييد ح رية ايقاف ا ألدجلة ادلينية الغ بية يف اجملمتعات‬ ‫العل امنية حبجة حماربة معاداة السامية مث ًال ابلن �سبة لدلين الهيودي و حماربة ازدراء‬ ‫الاداين حبجة اح رتام املعتقدات ‪.‬‬ ‫و كوين اعتقد أ�ن الاداين ليس لها الا دور خمرب و ع نيف و قاتل يف اجملمتعات‬ ‫حفامية تكل التوهجات هو جرمية حبق الانس انية كون تكل التوهجات و ان اكنت ال‬ ‫حتمك �سيا�سي ًا مضن النظام العلامين الال اهنا حتمك عىل م �ستوى التجمعات ادلينية‬ ‫الصغرية مضن اجملمتع و مضن الارسة حيث جند أ�ن الاطفال يتعرضون اىل الاساءة‬ ‫املبارشة و غ �سيل الادمغة بتكل الافاكر القاتةل و حىت اىل الارسال اىل مدارس‬ ‫دينية الميكن اغالقها ب سبب وجود أ�نظمة حتمي املعتقدات حبجة اهنا حامية ألفاكر‬ ‫جزء من جممتع ما ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫و تنىس تكل الانظمة أ�ن اجيال من املؤدجلني ديني ًا ت نش �أ ابلفعل ك نتيجة لتكل‬ ‫امحلاية الق ان ونية هلم مضن اجملمتعات العل امنية ‪.‬‬ ‫و ظهور ح راكت دينية اسالمية بشلك خاص ت رفع شعارات معادية للعل امنية و‬ ‫ادلميق راطية يف دول عل امنية و دميق راطية ‪.‬‬ ‫و تطالب و حتشد لتط بيق اكرب لل رشيعة الاسالمية هو دليل واحض عىل فشل‬ ‫النظام العلامين يف حامية العل امنية نف سها ‪.‬‬ ‫و تكل احل راكت تكرب و تتوسع بشلك اصبح م زجع ًا و خط ري ًا يف تكل اجملمتعات مثل‬ ‫أ�ورواب و أ�م رياك ‪.‬‬ ‫و بفضل حامية العل امنية و شعارت حامية ح رية ال ر أ�ي و املعتقد نرى أ�ن العل امنية‬ ‫الاوربية انتجت أ�فضل قاطعي الرؤوس املسلمني و اس �ألو السوريني و الع راقيني‬ ‫عن هذا ا ألم ر‪.‬‬ ‫و انه ب سبب تكل امحلاية الغ بية الغري حمس وبة ن شئت ايض ًا ح راكت انزية جديدة‬ ‫ت رفع شعارات قومية معتوهة يف دول ع انت ل �سن وات كثرية من الت �أثري املدمر ملثل‬ ‫تكل الشعارات و التوهجات ‪.‬‬ ‫و هنا نصل اىل خطورة النظم ادلميق راطية ب شلكها احلايل حيث تعترب اخملرج و‬ ‫املنفذ الق انوين لتكل التوهجات املعتوهة ادلينية و النازية و غريها للوصول اىل احلمك‬ ‫‪.‬‬ ‫حيث ان النظم ادلميق راطية املوجودة حالي ًا تعمتد عىل مبدئني هو القوة الاعالمية‬ ‫اليت ابتت متلكها تكل امجلاعات كوهنا محمية ابلنظم العل امنية و تعمتد عىل العدد‬ ‫لتحديد من حيمك و هذا ايض ًا ما متتلكه تكل الفئات و بدئنا ابلفعل ن راها يف سدة‬ ‫احلمك يف بعض الاماكن و س رناها يف امل�س تقبل يف م واقع اقوى و اكرث ت �أث ري ًا و من‬ ‫املمكن أ�ن حيمك حزب اساليم يطالب حبمك ال رشيعة الاسالمية ق ريب ًا يف احدى‬ ‫ادلول الاوروبية و هذا مل يعد رض ًاب من اخليال ‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫و هبــــذا �س ــت ــدم ــر ال ــع ــل ـان ــي ــة و ادلميــقــراطــيــة ن ــظ ــم ــه ــا و م ــؤس ــس ــاهت ــا‬ ‫بـــشـــل ذايت ب ــس ــب ــب قــــوانــــن قــــد ت ـ ــب ـ ــدو عـــــــادةل و م ــن ــص ــف ــة‬ ‫شالك و اف رتاض ًا لكهنا �ستوصل تكل الشعوب اىل الهالك و التخلف يف الهناية و‬ ‫�ستجعل من ميتكل املال و العدد أ�ن حيمك بغض النظر عن غباء و عنف أ�فاكره ‪.‬‬ ‫أ�صدقايئ‬ ‫مع رفة املشلكة هو نصف احلل و عندما نرى الامور من تكل الوهجة فرمبا‬ ‫�سنحاول و نسعى اىل اصالح تكل الانظمة و لو بشلك حشد اعاليم أ�و توعية‬ ‫اجملمتع و اجياد حلول لتكل املناطق املظلمة يف نظم من املفروض اهنا وجدت أ�وال‬ ‫محلاية الانسان و ليس محلاية ا ألنظمة و املعتقدات ادلينية القاتةل اليت ال تنتج الال‬ ‫قتةل و اكرهيني للك ماهو متحرض و انساين و يح ‪.‬‬

‫و دامئا‬ ‫ع يش وا سعداء‬ ‫أ�مين غوجل‬ ‫مؤسس و رئيس حت رير جمةل �آي ثينك‬

‫‪3‬‬


‫القران الكريم يحدد رسعة الضوء‬ ‫حدد الق رآن الكريم سرعة الضوء قبل العلم بأربعة عشر قرن اً! ففي قوله تعالى‪:‬‬ ‫س نَ ٍة‬ ‫(يُ دَ ِب ُّر ْال َ ْم َر ِم نَ ال َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ض ث ُ َّم يَ ْع ُر ُج ِإلَ ْي ِه فِ ي يَ ْو ٍم َك انَ ِم ْق دَ ُ‬ ‫اء ِإلَ ى ْال َ ْر ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ارهُ أ َ ْل َ‬ ‫ِم َّم ا ت َعُ دُّونَ)‬ ‫[السجدة‪.]5 :‬‬ ‫سر سرعة الضوء‪ ،‬فقد قام الدكتور منصور حسب النبي‬ ‫في هذه اآلية يكمن ّ‬ ‫رئيس قسم الفيزياء للبنات بجامعة عين شمس رحمه هللا تعالى بحساب السنة‬ ‫القمرية الحقيقية وما يقطعه القمر خالل سنة كاملة‪ ،‬ثم قام بحساب ما يقطعه‬ ‫القمر في ألف سنة‪ .‬ثم قسم هذه المسافة على مدة يوم واحد‪ ،‬فكانت النتيجة‬ ‫هي سرعة الضوء!!‬ ‫بداية من الجدير بالذكر ثالثة أمور ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬اليوم يومان يوم العوام وهو‪ 24 :‬ساعة‬ ‫ويوم العلماء وهو‬ ‫‪ 23‬ساعة و‪ 56‬دقيقة و ‪ 4.0906‬ثانية ‪.‬‬ ‫• والثاني ‪ :‬ان سرعة الضوء ليست ‪ 300000‬كم‪/‬ثانية بالضبط بل هي‪:‬‬ ‫‪ 0.0011 )-+( 299792.4574‬كم‪/‬ثانية‬ ‫• كما حددها معهد الدائرة الوطنية للمقاييس األمريكية‬ ‫• اما مختبر الفيزياء الوطني البريطاني فقد حددها ب‬ ‫‪ 0.0008 )-+( 299792.4590‬كم‪/‬ثانية‬ ‫ثالثا ‪ :‬ان أكبر سرعة في الكون هي سرعة الضوء‪.‬‬ ‫وأالن تعالوا بنا لنرى كيف حدد الق ران الكريم سرعة الضوء بدقة متناهية حيث‬ ‫يقول هللا تعالى‬ ‫«‪ ...‬ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون»‬ ‫وكلمة مما تعدون تدل على أن المسافة التي يقطعها األمر(‪ 1000‬سنة) هي‬ ‫بالتاريخ الهجري وقد كان العرب قديما يحسبون المسافات فيقولون مسيرة‬ ‫يوم أو مسيرة شهر وإذا ردنا أن نحول األلف سنة إلى مسافة فينبغي أن نعرف‬ ‫المسافة التي يقطعها القمر حول األرض في شهر وهي‪ 2152612.34‬كم‬

‫‪5‬‬

‫فتكون المسافة التي يقطعها القمر في السنة هي‪:‬‬ ‫‪ 25831348.08 = 12*2152612.34‬كم‬ ‫وتكون المسافة التي يقطعها القمر في ‪ 1000‬عام هي ‪:‬‬ ‫‪ 25831348080 = 1000*25831348.08‬كم‬ ‫وبما أن السرعة = المسافة ‪/‬الزمن‬ ‫هنا عرفنا المسافة‬ ‫أما زمن اليوم بالثانية (إن يوما عند ربك) فهو‪:‬‬ ‫‪ 23‬ساعة و ‪ 56‬دقيقة و ‪ 4.0906‬ثانية‬ ‫فحين نحول اليوم إلى ثوان فيكون اليوم ‪ 86164.0906‬ثانية‬ ‫وأالن لحساب السرعة قسم المسافة على الزمن أي ‪:‬‬ ‫‪ 25831348080‬كم‪ 86164.0906/‬ثانية = ‪ 299792.4994‬كم‪ /‬ثانية‬ ‫وهذه هي سرعة الضوء التي يتعامل بها اينشتاين وغيره من العلماء‬ ‫وصدق هللا العظيم حين قال‬

‫«سنريهم آياتنا في األفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق»‬ ‫سبحان هللا وبحمده سبحان هللا العظيم‬ ‫أشهد أن ال اله وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا عبده و رسوله‬ ‫فأين علم السادة الناقلين للت راث بال تفكر من علوم المفكرين‪ ،‬وأين علم‬ ‫السلف الذي يعتبرونه سقف العلم من هذه العلوم؟‪ ،‬ال شك بأننا بحاجة لتفسير‬ ‫جديد لكتاب هللا‪ ،‬ونظرة جديدة فيما تم نقله إلينا أنه حديث لرسول هللا وذلك‬

‫‪6‬‬


‫لن يكون طالما تمسكنا بعلوم األقدمين وعاملناها معاملة التقديس‪ ،‬وأخضعنا‬ ‫الناس لفقه األزهريين القديم وأدواتهم المتواضعة‪.‬‬ ‫أستاذ‪/‬أحمد عبده ماهر‬ ‫محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسالمي‬

‫‪hrs 4‬‬ ‫في كل فترة تطفو أمامي هذه المقالة التي تتحدث عن تنبؤ الق رآن لسرعة‬ ‫الضوء عن طريق األية التي تقول‪:‬‬ ‫س نَ ٍة‬ ‫(يُ دَ ِب ُّر ْال َ ْم َر ِم نَ ال َّ‬ ‫س َم ِ‬ ‫ض ث ُ َّم يَ ْع ُر ُج ِإلَ ْي ِه ِف ي يَ ْو ٍم َك انَ ِم ْق دَ ُ‬ ‫اء ِإلَ ى ْال َ ْر ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ارهُ أ َ ْل َ‬ ‫ِم َّم ا ت َعُ دُّونَ)‬ ‫[السجدة‪.]5 :‬‬ ‫هذه المقالة مبنية على خدعة بسيطة جدا ً و هي التالعب بالمسافة التي‬ ‫يقطعها القمر حول الكرة األرضية‪ .‬ضمن مقالة اإلعجاز العلمي نجد معلومة‬ ‫تقول «المسافة التي يقطعها القمر حول األرض في شهر هي ‪2152612.34‬‬ ‫كم» و من ثم تكمل المقالة العمليات الحسابية بناء على هذه المعلومة‪ .‬لكن‬ ‫هذ الرقم غير صحيح و هدفه الوصول إلى نتيجة سرعة الضوء في نهاية‬ ‫العملية الحسابية‪ .‬أي أن تمت اضافته فقط للوصول إلى النتيجة المطلوبة‬ ‫دون أي مرجعية علمية‪.‬‬ ‫مسافة مدار القمر حول األرض هي ‪ 2,413,402.16‬كم و ليست ‪2,152,612.34‬‬ ‫كم‬ ‫يعتمد المقال عادة على خلط المعلومات و تقديم الكثير من البيانات الغير‬ ‫مهمة لحل العملية الحسابية و هذا بهدف تضيع القارئ و جعل العملية تبدو‬ ‫و كأنها معقدة و علمية‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫بسبب تأثير جاذبية الشمس على القمر فإن مدار القمر حول الكرة األرضية‬ ‫ليس دائري و إنما بيضوي أي أنه يقترب و يبتعد عن الكرة األرضية‪.‬‬ ‫تصل أقرب مسافة بين مركز القمر و مركز األرض إلى حوالي ‪٣٦٣,٣٩٦‬‬ ‫كيلومتر و أبعد مسافة بينهما إلى ‪ ٤٠٥,٥٠٤‬كيلومتر و بالتالي ال يصح‬ ‫افت راض أن المسافة بين األرض و القمر هي مسافة ثابتة و القيام بعمليات‬ ‫حسابية و كأن المسافة هي قطر دائري‪.‬‬ ‫أيض ا ً المسافة بين الكرة األرضية و القمر تزيد كل سنة بنسبة ‪ ٣,٨‬سم و هذا‬ ‫بسبب تأثير الجاذبية الشمسية على القمر هذا يعني أن األرقام مهما تكون‬ ‫هذه السنة ستختلف في السنة القادمة‪.‬‬ ‫المقالة في أول تعليق‪...‬‬ ‫‪http://nssdc.gsfc.nasa.gov/planetary/factsheet/moonfact.‬‬ ‫‪html‬‬ ‫‪http://eclipse.gsfc.nasa.gov/SEhelp/moonorbit.html‬‬ ‫‪…http://solarsystem.nasa.gov/planets/profile.cfm‬‬ ‫‪-http://news.discovery.com/…/moon-earth-wobble-tides‬‬ ‫‪http://news.discovery.com/…/moon-earth-wobble-tides‬‬‫‪…nemesis‬‬ ‫‪Mustafa Abdin‬‬


‫مونوبلي مقدس‬ ‫يف مدينة ما من هذا العامل الواسع‪ ،‬يوجد رشكتان اثنتان لها زبائن كرث من‬ ‫سكان املدينة‪.‬‬ ‫رشكة اسمها (الله)‪ ...‬والرشكة األخرى أسمها (شيطان)‪.‬‬ ‫رشكة (شيطان) متابعة لزبائنها دامئ اً وعىل مدار الساعة والدقائق عىل خطوط‬ ‫االتصال الساخنة‪ .‬كل يوم تتلقى الرشكة آالف االتصاالت‪ ..‬ونسبة كبرية تتجاوز‬ ‫ال‪ % 95‬من الزبائن تتلقى خدمات رسيعة ومفيدة وفورية وواقعية من هذه‬ ‫الرشكة‪.‬‬ ‫وتستطيع هذه الرشكة تكوين اتصال مبارش مع الزبون نفسه شخصي اً أينام‬ ‫كان‪ ،‬وتتابع حالته ومتطلباته‪ ،‬لتوفر أكرب قدر ممكن من ال راحة للزبون‬ ‫وتحقيق رغباته‪.‬‬ ‫هذه فع الً رشكة مجتهدة وهدفها العمل والخدمة‪ ،‬ومتتلك تكنولوجيا متطورة‬ ‫ال أخطاء تقنية فيها‪ ..‬وتشكل شبكة معقدة من االتصاالت مع الزبائن‪.‬‬ ‫الرشكة الثانية (الله)‪ ،‬ال تتابع زبائنها‪ ،‬رغم أنها متتلك من املوظفني أضعاف ما‬ ‫متتلكه الرشكة األوىل‪ ،‬ولكن دامئ اً خطوطها الساخنة مغلقة وال أحد يرد عىل‬ ‫آالف اإلتصاالت اليومية‪.‬‬ ‫وعىل عكس الرشكة األوىل‪ ،‬ال تقوم رشكة (الله) بالتواصل مبارشة مع الزبائن‬ ‫شخصي اً‪ .‬بل عىل الزبون أن يظهر والء واح رتام ويقبل أيادي موظفي الرشكة‬ ‫وأرجلهم ورؤوسهم هم ورئيسهم‪ ،‬حتى يحصل عىل نوع بسيط من الخدمات‪..‬‬ ‫ويف الغالب ال يحصل عليها‪.‬‬ ‫املوظفون مهملون والرئيس مه ِم ل‪ ..‬ال يقوم بواجباته لتحقيق حياة أفضل‬ ‫لزبائنه‪ .‬واألسوأ من هذا أن الزبائن ال يعرفون أين يقع مبنى الرشكة ليقدموا‬

‫‪9‬‬

‫الشكاوى‪ ..‬بل رقم هاتف فقط والرقم ال أحد يجيب عليه‪.‬‬ ‫ما تقوم به هذه الرشكة أيض اً لرتويج بضاعتها هو إرسال مندويب مبيعات‪.‬‬ ‫ترسل املندوب األول‪ ،‬فيفشل يف بيع البضاعة‪ ...‬فرتسل الثاين فيفشل‪ ..‬فرتسل‬ ‫الثالث فيفشل‪ ....‬وهكذا حتى مئات املندوبني‪ ..‬وجميعهم ال ينجحون إلال‬ ‫بإقناع من هو بال عقل وإرادة أص الً‪ِ .‬‬ ‫فينص بون عليه ببضائعهم عدمية القيمة‪.‬‬ ‫ويف النهاية ارتأت هذه الرشكة أن ترسل مندوبها األخ ري‪ ..‬وقالت له‪ :‬من ال‬ ‫يشرتي البضاعة منك‪ ..‬اقتله أو اجعله يدفع جزية وهو مذلول وصاغ ر‪.‬‬ ‫رشكة مجرمة وغري فعالة وكسولة وغبية كهذه‪ ..‬تكنولوجيتها تافهة وبدائية‬ ‫وطريقتها يف التواصل وخدمة الزبون فاشلة للغاية‪.‬‬ ‫‪Anas Dbaeen‬‬

‫‪10‬‬


‫التفكري احلر والربوباغندا الرمسية‬

‫برتراند راس ‬ ‫ل‬ ‫ترجمة‪ :‬عدي الزعبي ‪ -‬موقع الجمهورية ‪aljumhuriya.net‬‬

‫نص محارضة ألقيت عام ‪1922‬‬ ‫مونكيور كونوي ‪ ، 2‬والذي نجتمع اليوم عىل رشفه‪ ،‬ك ّرس حياته لغايتني‬ ‫ساميتني‪ :‬حرية التفكري وحرية الفرد‪ .‬فيام يتعلق بكال الغايتني‪ ،‬هناك بعض‬ ‫املكاسب التي تحققت‪ ،‬وهناك بعض الخسارات‪ .‬مخاطر جديدة‪ ،‬مختلفة يف‬ ‫الشكل عن تلك القدمية‪ ،‬تهدد نوعي الحرية كليهام‪ ،‬وإذا مل يتشكّل رأي عام‬ ‫قوي ويقظ للدفاع عنهام‪ ،‬سوف يكون لدينا حريات أقل بعد مئة عام مام‬ ‫لدينا اآلن‪ .‬هديف يف هذه املحارضة أن أشدد عىل املخاطر الجديدة وطرق‬ ‫مواجهتها‪.‬‬ ‫دعونا نبدأ مبحاولة توضيح ما نعنيه بـ «التفكري الحر»‪ .‬لهذا املصطلح معنيان‪.‬‬ ‫مبعناه الضيق يعني التفكري الذي ال يقبل بدوغام الدين التقليدي‪ .‬بهذا‬ ‫املعنى‪ ،‬اإلنسان مفكر حر إذا مل يكن مسيحياً أو محمدياً أو بوذياً أو شينتوياً‬ ‫‪ 3‬أو منتمياً إىل مجموعة برشية تقبل بعقيدة متوارثة‪ .‬يف البلدان املسيحية‬ ‫يعترب املرء «مفكرا ً حرا ً» إذا قرر أن ال يؤمن بالله‪ ،‬بالرغم من أن هذا ليس‬ ‫كافياً يك يجعله «مفكرا ً حرا ً» يف بلد بوذي‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫ال أريد أن أقلل من أهمية التفكري الحر بهذا املعنى‪ .‬أنا نفيس معارض لكل‬ ‫األديان املعروفة‪ ،‬وأمتنى أن تختفي كل أنواع اإلميان الديني‪ .‬ال أعتقد‪ ،‬يف‬ ‫امليزان األخري‪ ،‬أن اإلميان الديني كان مح ّركاً للخري‪ .‬بالرغم من أنني مستعد‬

‫لالعرتاف بأن له بعض اآلثار الجيدة يف أماكن وأزمان محددة‪ ،‬إال أنني أعترب‬ ‫أنه ينتمي إىل طفولة التفكري البرشي‪ ،‬وإىل مرحلة من التطور تم تجاوزها‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫ولكن هناك أيضاً معنى أوسع «للتفكري الحر»‪ ،‬والذي أراه أكرث أهمية حتى‬ ‫من املعنى السابق‪ .‬يف الحقيقة‪ ،‬يبدو أن األذى الذي تسببت به األديان‬ ‫ميكن إرجاعه بشكل رئييس إىل أنها منعت التفكري الحر بهذا املعنى الواسع‪.‬‬ ‫ليس من السهل تعريف املعنى الواسع كام هو الحال مع املعنى الضيق‪،‬‬ ‫وسيكون من الجيد متضية بعض الوقت يف محاولة رشحه‪.‬‬ ‫عندما ندعو أي يشء «حرا ً»‪ ،‬فاملعنى الذي نقصده غري محدد إىل أن نرشح‬ ‫ما هو حر منه‪ .‬يكون يشء ما أو أحد ما «حرا ً» عندما ال يكون خاضعاً ألي‬ ‫إكراه خارجي‪ ،‬ويك نكون دقيقني علينا أن نقول ما نوع اإلكراه املقصود‪.‬‬ ‫يكون التفكري «حرا ً» عندما يكون متحررا ً من أنواع معينة من التوجيه‬ ‫الخارجي الذي غالباً ما يوجد‪ .‬من الواضح أنّه يجب أال نجد بعض أنواع‬ ‫التوجيه هذه إن أردنا للتفكري أن يكون «حرا ً»‪ ،‬ولكن بعض األنواع أكرث‬ ‫مكرا ً ومراوغة من غريها‪.‬‬ ‫لنبدأ باألكرث وضوحاً‪ .‬ال يكون التفكري «حرا ً» عندما ت ُفرض عقوبات قانونية‬ ‫يعبون عن إميانهم‬ ‫عىل من يحملون أو ال يحملون آراء معينة‪ ،‬أو عىل من ّ‬ ‫الشخيص أو عدم إميانهم يف أمور معينة‪ .‬بعض البلدان يف هذا العامل فقط‬ ‫تتمتع بهذا النوع األويل من الحرية‪ .‬يف إنكلرتا‪ ،‬وتبعاً لقوانني التجديف‪،‬‬ ‫يعترب التعبري عن عدم اإلميان بالدين املسيحي مخالفاً للقانون‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أن القانون ال يُط ّبق عملياً عىل األثرياء‪ .‬أيضاً يعترب تدريس ما علمه املسيح‬

‫‪12‬‬


‫حول عدم املقاومة مخالفاً للقانون‪ .‬لذلك‪ ،‬كل من يود أن ال يصبح مجرماً‬ ‫عليه أن يعلن قبوله بتعاليم املسيح‪ ،‬ولكن عليه أن يتج ّنب الترصيح مباهية‬ ‫هذه التعاليم‪ .‬يف أمريكا‪ ،‬ال يستطيع أحد دخول البلد إال إذا أعلن عدم إميانه‬ ‫بالفوضوية وتعدد الزوجات؛ وما أن يصبح داخل البلد‪ ،‬يجب أن يضيف‬ ‫الشيوعية إىل ما سبق‪ .‬يف اليابان‪ ،‬يعترب التعبري عن عدم اإلميان مبيكادو‬ ‫‪ 4‬مخالفاً للقانون‪ .‬لذا ستكون أي رحلة حول العامل محفوفة باملخاطر‪ .‬ال‬ ‫يستطيع املحمدي‪ ،‬أو من يتبع تعاليم تولستوي ‪ ، 5‬أو البلشفي‪ ،‬أو املسيحي‬ ‫القيام بهذه الرحلة دون أن يصبح مجرماً يف أحد مراحلها‪ ،‬أو عليه أن ميسك‬ ‫لسانه عام يعتربه حقائق هامة‪ .‬بالطبع‪ ،‬ينطبق هذا فقط عىل ركاب الدرجة‬ ‫الدنيا من الرحلة؛ يُسمح لركاب الدرجة املمتازة أن يؤمنوا مبا يحلو لهم‪،‬‬ ‫طاملا تج ّنبوا الفضول املزعج‪.‬‬ ‫من الواضح أن الرشط األويل‪ ،‬يك يكون الفكر حرا ً‪ ،‬هو غياب العقوبات‬ ‫القانونية املتعلقة بالتعبري عن الرأي‪ .‬مل تبلغ أي دولة عظمى هذا املستوى‬ ‫بعد‪ ،‬بالرغم من أن معظم هذه البلدان تعتقد أنها بلغته‪ .‬تصدم اآلراء التي ما‬ ‫زالت مضط َهدة األكرثية التي تراها بربرية وال أخالقية مام ال يسمح بتطبيق‬ ‫مبدأ التسامح عليها‪ .‬ولكن هذه بالضبط وجهة النظر التي جعلت التعذيب‬ ‫ممكناً أثناء محاكم التفتيش‪ .‬كان هناك وقت بدت فيه الربوتستانتية رشيرة‬ ‫كام تبدو البلشفية اآلن‪ .‬أرجو أال تستنجوا من كالمي أنني بروتستانتي أو‬ ‫بلشفي‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫بكل األحوال‪ ،‬العقوبات القانونية يف العامل الحديث أقل العوائق أهمية التي‬ ‫تواجهها حرية التفكري‪ .‬أهم عائقني هام العقوبات االقتصادية وتحريف‬ ‫األدلة‪ .‬من الواضح أ ّن التفكري ال ميكن أن يكون حرا ً إذا مل يُسمح ملن يعتنق‬

‫آرا ًء معينة أن ميارس مهن ًة يعتاش منها‪ .‬من الواضح أيضاً أن التفكري ال‬ ‫ميكن أن يكون حرا ً إذا تم تقديم كافة الحجج بأكرث الطرق جاذبية بشكل‬ ‫دائم لصالح أحد طريف النقاش‪ ،‬فيام ال ميكن اكتشاف حجج الطرف الثاين‬ ‫إال بالبحث الجاد‪ .‬نجد هذين العائقني يف كل البالد الكبرية التي أعرفها‪،‬‬ ‫باستثناء الصني‪ ،‬امللجأ األخري للحرية ‪ . 6‬سنبحث يف هذين العائقني‪ :‬حجم‬ ‫حضورهام‪ ،‬وأرجحية تعاظم نفوذهام‪ ،‬واحتاملية تضاؤلهام‪.‬‬

‫نستطيع القول أن التفكري حر عندما تتنافس اآلراء املختلفة بحرية‪ ،‬أعني‬ ‫عندما تستطيع جميع اآلراء عرض قضيتها دون أن يتم فرض عقوبات مالية‬ ‫أو قانونية عىل أي من هذه اآلراء‪ .‬هذه حالة مثالية‪ ،‬ال ميكن تحقيقها‬ ‫بشكل كامل‪ ،‬ألسباب متعددة‪ .‬ولكن ميكننا االقرتاب منها بشكل أكرب من‬ ‫حالتنا الحارضة‪.‬‬ ‫ثالث حوادث يف حيايت الشخصية ستظهر لكم أنه يف إنكلرتا املعارصة‪ ،‬يتم‬ ‫التالعب بكفة امليزان لصالح املسيحية‪ .‬سأشري إىل هذه الحوادث ألن الكثري‬

‫‪14‬‬


‫من الناس ال يعرفون مقدار األذى الذي يتعرض له من يرصحون بالالأدرية‬ ‫علناً‪.‬‬ ‫تعود الحادثة األوىل إىل فرتة مبكرة جدا ً من حيايت‪ .‬كان والدي مفكرا ً حرا ً‪،‬‬ ‫ولكنه تويف عندما كنت يف الثالثة من عمري‪ .‬مؤمالً تنشئتي دون خرافات‪،‬‬ ‫فقد حدد مفك َرين أحرار كأوصياء عيل‪ .‬ولكن املحكمة تجاهلت طلبه‪،‬‬ ‫يل تعليامً متوافقاً مع اإلميان املسيحي‪ .‬أخىش أن تكون النتائج‬ ‫وفرضت ع َّ‬ ‫مخيبة لآلمال‪ ،‬ولكن هذا ليس خطأ القانون‪ .‬لو أوىص بتنشئتي ضمن طائفة‬ ‫«اإلخوة يف املسيح» ‪ ، 7‬أو «أتباع مغلتون» ‪ ، 8‬أو «السبتيني» ‪ 9‬ملا حلمت‬ ‫الكنيسة مبعارضته‪ .‬للوالد الحق يف أن يطلب زرع أي نوع ممكن تخيله من‬ ‫الخرافات يف ذهن أبنائه‪ ،‬ولكن ليس له الحق يف أن يطلب إبعادهم عن‬ ‫الخرافات إن أمكن ذلك‪.‬‬ ‫وقعت الحادثة الثانية سنة ‪ .1910‬كنت أرغب يف تلك الفرتة يف الرتشح‬ ‫للربملان عن الحزب الليربايل ‪ ، 10‬ونصحني مسؤولو الحزب بدائرة معينة‬ ‫للرتشح‪ .‬ألقيت كلمة لرابطة الليرباليني الذين عربوا عن إعجابهم بها‪ ،‬وبدا‬ ‫اختياري كمرشح عن الحزب مؤكدا ً‪ .‬ولكن عند سؤايل من قبل لجنة االنتخابات‬ ‫الأدري‪ .‬سألوا إن كان األمر سيخرج للعلن‪ ،‬وقلت‬ ‫الداخلية‪ ،‬اعرتفت بأنني‬ ‫ّ‬ ‫كنت مستعدا ً للذهاب إىل الكنيسة بني حني و‬ ‫أنني أر ّجح ذلك‪ .‬سألوا إن ُ‬ ‫وأجبت بالرفض‪ .‬بالنتيجة‪ ،‬اختاروا مرشحاً آخر‪ ،‬نجح يف االنتخابات‪،‬‬ ‫آخر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وهو عضو يف الربملان منذ ذلك الوقت‪ ،‬وعضو يف الحكومة الحالية‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫الحادثة الثالثة وقعت مبارش ًة بعد ذلك‪ .‬كنت مدعوا ً من قبل جامعة ترينيتي‬ ‫يف كامربدج كمحارض‪ ،‬وليس كزميل‪ .‬االختالف ليس مادياً؛ بل يكمن يف أن‬

‫صوت يف إدارة الجامعة‪ ،‬وال ميكن فصله خالل فرتة زمالته إال ألسباب‬ ‫للزميل ٌ‬ ‫أخالقية خطرية‪ .‬كان السبب الرئييس لعدم اختياري للزمالة رغبة الطرف‬ ‫الكهنويت يف عدم إضافة صوت للطرف غري الكهنويت‪ .‬النتيجة أنهم استطاعوا‬ ‫كنت معتمدا ً عىل عميل‬ ‫فصيل عندما مل تعجبهم آرايئ حول الحرب ‪ 11‬لو ُ‬ ‫لتضورت جوعاً‪.‬‬ ‫كمحارض‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫توضح هذه الحوادث الثالثة أنواعاً مختلفة من األذى الذي يصيب من يعرب‬ ‫ّ‬ ‫عن رأيه عالني ًة يف إنكلرتا املعارصة‪ .‬سيخربنا أي مفكر حر آخر يعلن أفكاره‬ ‫بحوادث مامثلة من تجاربه الشخصية‪ ،‬وقد تكون أكرث جدية عىل األغلب‪.‬‬ ‫النتيجة الحقيقية أن الذين ال يتمتعون بالرثوة لن يجرؤوا عىل التعبري عن‬ ‫معتقداتهم الدينية‪.‬‬ ‫ال يتعلق غياب الحرية‪ ،‬بالطبع‪ ،‬بشكل رئييس أو مخصوص باألمور الدينية‪.‬‬ ‫يشكل اإلميان بالشيوعية أو بالحب الحر ‪ 12‬عائقاً أكرث من الالأدرية‪ .‬ال‬ ‫يتعرض من يحمل هذه اآلراء لألذى فقط‪ ،‬بل من الصعوبة مبكان الحصول‬ ‫عىل فرصة لعرض حججه أيضاً‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬يف روسيا األذى واملنافع‬ ‫معكوسان‪ :‬يتم الوصول إىل الراحة والقوة عن طريق تبني اإللحاد والشيوعية‬ ‫والحب الحر‪ ،‬وال توجد أية فرصة لربوباغندا مضادة لهذه اآلراء‪ .‬النتيجة‬ ‫أنه يف روسيا تشعر مجموعة من املتعصبني بالثقة الكاملة مبجموعة قضايا‬ ‫قابلة للشك‪ ،‬فيام يف بقية العامل تشعر مجموعة أخرى من املتعصبني بثقة‬ ‫مامثلة مبجموعة قضايا قابلة للشك بنفس الدرجة‪ ،‬ومتناقضة متاماً مع‬ ‫املجموعة األوىل‪ .‬يف مثل هذا الوضع‪ ،‬تنمو الحرب واملرارة واالضطهاد حتامً‬ ‫يف الجانبني‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫أبش بـ «إرادة‬ ‫يبش بـ «إرادة االعتقاد»‪ .‬من جهتي‪ ،‬أود أن ّ‬ ‫اعتاد وليم جيمس أن ّ‬ ‫الشك»‪ .‬كل معتقداتنا ليست صحيحة متاماً‪ ،‬يف كل منها غاممة من الغموض‬ ‫والخطأ‪ .‬طرق زيادة درجة صحة معتقداتنا معروفة جيدا ً؛ وتكمن يف اإلنصات‬ ‫إىل كل األطراف‪ ،‬ومحاولة التحقق من كل الوقائع ذات الصلة‪ ،‬والسيطرة عىل‬ ‫انحيازاتنا عن طريق النقاش مع من يحملون انحيازات مختلفة‪ ،‬وتطوير استعداد‬ ‫للتخيل عن أي فرضية ثبت خطلها‪ُ .‬تارس هذه الطرق يف العلوم‪ ،‬وقد أسست‬ ‫مجموع املعرفة العلمية‪ .‬كل من ميلك النظرة العلمية حقيق ًة مستعد لالعرتاف‬ ‫بأن ما نعتربه معرفة علمية يف الوقت الحارض يتطلب بالتأكيد تصحيحاً مع تق ّدم‬ ‫االكتشافات؛ مع ذلك‪ ،‬هذه املعرفة قريبة مبا يكفي من الحقيقة يف معظم األمور‬ ‫العملية‪ ،‬وليس جميعها‪ .‬يف العلوم‪ ،‬حيث نجد ما يقارب املعرفة األصيلة فقط‪،‬‬ ‫موقف اإلنسان مرتدد وميلء بالشك‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫عىل العكس من ذلك‪ ،‬يف الدين والسياسة‪ ،‬وعىل الرغم من غياب ما يقارب‬ ‫املعرفة العلمية حتى اآلن‪ ،‬يرى كل إنسان أنه من الرضوري أن ميلك رأياً دوغامئياً‪،‬‬ ‫وأن يدعم موقفه بنرش املجاعات والسجون والحروب‪ ،‬وأن يحرس نفسه جيدا ً‬ ‫من أي منافسة مع الحجج املختلفة‪ .‬لو أمكن فقط إقناع الناس بتبني إطار‬ ‫فكري مؤقت الأدري يف هذه األمور‪ ،‬ألمكن عالج تسعة أعشار الرشور يف هذا‬ ‫العامل‪ .‬ستصبح الحرب مستحيلة‪ ،‬ألن كل طرف سيدرك أن كال الطرفني عىل خطأ‪.‬‬ ‫سيتقلص االضطهاد‪ .‬سيهدف التعليم إىل توسيع العقل‪ ،‬ال إىل تقليصه‪ .‬سيتم‬ ‫اختيار الناس للعمل بنا ًء عىل مالءمتهم له‪ ،‬وليس لقبولهم الدوغامت الالعقالنية‬ ‫ألولئك اللذين يف السلطة‪ .‬الشك العقالين وحده‪ ،‬إن ُوجد‪ ،‬سيكفي للوصول إىل‬ ‫األلفية‪13 .‬‬ ‫لدينا أمنوذج رائع عن املزاج العلمي يف السنوات األخرية‪ ،‬وهو نظرية النسبية‬ ‫واستقبالها عاملياً‪ُ .‬ع ّي أينشتاين‪ ،‬اليهودي السويرسي األملاين داعية السالم‪ ،‬أستاذا ً‬ ‫للبحوث من قبل الحكومة األملانية يف األيام األوىل للحرب‪ ،‬وقد تم التحقق من‬ ‫تنبؤاته عن طريق بعثة انكليزية راقبت كسوف الشمس سنة ‪ 1911‬بعد‬

‫الهدنة بوقت قصري‪ .‬قلبت نظريته كامل اإلطار النظري للفيزياء التقليدية‪ ،‬وقد‬ ‫ترضر منها علم الديناميك التقليدي بنفس الطريقة تقريباً التي أرض بها داروين‬ ‫سفر التكوين‪ .‬بالرغم من ذلك فقد أبدى الفيزيائيون استعدادا ً كامالً لقبول‬ ‫نظريته حاملا ظهرت األدلة التي تؤيدها‪ .‬ولكن مل ي ّدع أي منهم‪ ،‬وال حتى أينشتاين‬ ‫نفسه طبعاً‪ ،‬أنه قال الكلمة األخرية‪ .‬مل ينب لنفسه نصباً من التعاليم املعصومة‬ ‫التي ستعيش أبد الدهر‪ .‬هناك صعوبات ال يستطيع حلها؛ تعاليم سيتم تعديلها‬ ‫كام عدلت هذه التعاليم تعاليم نيوتن‪ .‬هذا التقبل املنفتح النقدي هو السلوك‬ ‫الحقيقي للعلم‪.‬‬ ‫ما الذي كان سيحدث لو قام أينشتاين بتقديم يشء مسا ٍو يف ِج ّدته يف حقل‬ ‫الدين أو السياسة؟ سيجد اإلنكليز عنارص من الربوسانية ‪ 14‬يف نظريته؛ وأعداء‬ ‫السامية سيعتربونها خطة صهيونية؛ القوميون يف جميع البلدان سيجدونها مل ّوثة‬ ‫بدعوة سلمية ُمفرطة‪ ،‬وسيعلنون أنها مجرد محاولة للتهرب من خدمة العلم‪ .‬كل‬ ‫بروفسور من الطراز القديم سيطلب من «اسكوتلند‪-‬يارد» أن متنع استرياد كتاباته‪.‬‬ ‫س ُيطرد األساتذة املقتنعون بنظرياته‪ .‬أما هو سيسيطرعىل أحد البلدان املتأخرة‬ ‫حيث سيصبح من غري القانوين تعليم أي يشء عدا نظرياته‪ ،‬التي ستنمو لتصبح‬ ‫مجموعة تعاليم مبهمة ال يفهمها أحد‪ .‬سيتم تقرير صحة أم خطل معتقداته‬ ‫عىل أرض املعركة‪ ،‬دون جمع أي دليل جديد معها أو ضدها‪ .‬هذه الطريقة هي‬ ‫النتيجة املنطقية لتعاليم وليم جيمس يف إرادة اإلميان‪.‬‬ ‫املطلوب ليس إرادة اإلميان‪ ،‬بل إرادة البحث‪ ،‬والتي تشكّل بالضبط النقيض لها‪.‬‬ ‫إذا وافقنا عىل أن الشك العقالين مرغوب‪ ،‬سيكون هاماً أن نبحث عن أسباب وجود‬ ‫كل هذا اليقني الالعقالين يف العامل‪ .‬سبب رئييس يكمن يف الالعقالنية والسذاجة‬ ‫املوروثة للطبيعة البرشية العادية‪ .‬ولكن هذه البذرة للخطيئة األصلية الفكرية‬ ‫تتغذى وتنمو بفعل عوامل أخرى‪ ،‬ثالثة منها تلعب دورا ً محورياً‪ ،‬وهي التعليم‪،‬‬ ‫والربوباغندا‪ ،‬والحاجة االقتصادية‪ .‬فلننظر إىل كل منهم بالرتتيب‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫أوالً‪ ،‬التعليم‪ .‬التعليم االبتدايئ‪ ،‬يف كافة الدول املتقدمة‪ ،‬يقع عىل كاهل الدولة‪.‬‬ ‫يعرف مسؤولو املناهج أن بعض ما يد ّرسونه خاطئ‪ ،‬ويعرف أي شخص حيادي‬ ‫أن أمورا ً أخرى خاطئة‪ ،‬أو مشكوك بها لدرجة كبرية‪ .‬لنأخذ‪ ،‬عىل سبيل املثال‪،‬‬ ‫تدريس التاريخ‪ .‬تطمح كل أمة إىل متجيد نفسها يف كتب التاريخ املدرسية‪ .‬عندما‬ ‫يكتب أحدهم سريته الذاتية‪ ،‬نتوقع أن يُظهر بعض التواضع؛ ولكن عندما تكتب‬ ‫كنت صغريا ً‪ ،‬تعلّمنا يف‬ ‫أم ٌة سريتها الذاتية‪ ،‬فال حدود لتبجحها وزهوها‪ .‬عندما ُ‬ ‫املدرسة أن الفرنسيني أرشار وأن األملان أخيار؛ اآلن يد ّرسون العكس‪ .‬ال يوجد يف‬ ‫كال الحالتني أي اعتبار للحقيقة‪ .‬فيام يتعلّق مبعركة واترلو‪ ،‬تقول الكتب املدرسية‬ ‫األملانية أن ويلينغتون كاد يُهزم لوال تدخل بلوخر‪ ،‬أما الكتب املدرسية اإلنكليزية‬ ‫فتقول أن تأثري وصول بلوخر كان ضئيالً‪ .‬يعرف مؤلفو الكتب األملانية واإلنكليزية‬ ‫أنهم ال يقولون الحقيقة‪ .‬كانت الكتب املدرسية األمريكية معادية لإلنكليز بعنف؛‬ ‫ومنذ الحرب أصبحوا مؤيدين لإلنكليز ‪ ، 15‬دون أي اعتبار‬

‫‪19‬‬

‫للحقيقة يف الحالتني‪ .‬الهدف الرئييس للتعليم يف الواليات املتحدة‪ ،‬قبل ومنذ‬ ‫الحرب‪ ،‬هو تحويل املجموعة املتنافرة من أبناء املهاجرين إىل «أمريكيني جيدين»‪.‬‬ ‫يبدو أن أحدا ً مل يفكر أن «األمرييك الجيد»‪ ،‬كـ «األملاين الجيد» أو «الياباين الجيد»‪،‬‬ ‫يجب أن يكون إنساناً سيئاً إىل هذا الحد‪« .‬األمرييك الجيد» هو الرجل أو املرأة‬ ‫التي ترشبت باإلميان أن أمريكا هي أفضل البلدان عىل األرض‪ ،‬ويجب دعمها‬ ‫بحامسة يف أي نزاع‪ .‬من املحتمل أن تكون كل هذه العبارات صحيحة؛ وإن كانت‬ ‫كذلك‪ ،‬فال يجد الرجل العقالين أي مشكلة معها‪ .‬ولكن إن كانت فعالً صحيحة‪،‬‬ ‫فيجب تدريسها يف كل مكان‪ ،‬وليس يف أمريكا فقط‪ .‬إنه ألمر مثري للريبة أن هذه‬ ‫العبارات ال يصدقها أحد خارج البلد الذي مت ّجده‪ .‬يف غضون ذلك تعمل آلية‬ ‫الدولة‪ ،‬يف جميع البلدان‪ ،‬عىل أن يؤمن األطفال الع ّزل بالعبارات الخرقاء التي‬ ‫تجعلهم راغبني يف املوت دفاعاً عن مصالح رشيرة حاملني االنطباع بأنهم يقاتلون‬ ‫من أجل الحقيقة والحق‪ .‬هذه طريقة واحدة من عدد ال محدود من الطرق التي‬ ‫تعتمدها الرتبية‪ ،‬ال لتقديم معرفة حقيقية‪ ،‬بل لجعل الناس مذعنني ألسيادهم‪.‬‬ ‫دون نظام مفصل من الخداع يف املدارس االبتدائية‪ ،‬سيكون من املستحيل الحفاظ‬ ‫عىل املظهر الخ ّداع للدميقراطية‪.‬‬ ‫قبل أن أترك موضوع الرتبية‪ ،‬سأعطي مثاالً آخر من أمريكا ‪ ، 16‬ليس ألن أمريكا أسوأ‬ ‫من غريها ‪ ،‬بل ألنها األحدث‪ ،‬و تظهر فيها األخطار املتعاظمة عوضاً عن األخطار‬ ‫املتناقصة‪ .‬يف والية نيويورك ال ميكن تأسيس مدرسة دون موافقة الوالية‪ ،‬حتى‬ ‫لو تم دعمها بتمويل خاص بشكل كامل‪ .‬أضاف قانون جديد أن ال رخصة تعطى‬ ‫تبي أنها تحوي عىل مناهج تقول أنه ميكن تغيري الحكومات املنظّمة‬ ‫ملدرسة «إذا ّ‬ ‫عن طريق القوة والعنف واألساليب غري الرشعية»‪ .‬كام أشارت جريدة الجمهورية‬ ‫الجديدة‪ ،‬ال حدود لهذه أو تلك الحكومة املنظّمة‪ .‬تبعاً للقانون‪ ،‬تدريس وجوب‬ ‫خلع حكومة القيرص غري قانوين خالل الحرب؛ ومنذ ذلك الحني‪ ،‬دعم كوالتشاك‬ ‫أو دينيكني ضد حكومة االتحاد السوفييتي غري قانوين أيضاً ‪ . 17‬هذه العواقب‬ ‫بالطبع مل تكن مقصودة‪ ،‬ونتجت فقط بسبب حامقة واضع القانون‪ .‬ما كان‬ ‫مقصودا ً سيظهر من خالل قانون آخر متت املوافقة عليه يف الوقت ذاته‪ ،‬ويختص‬

‫‪20‬‬


‫مبعلّمي مدارس الدولة‪ .‬هذا القانون يعطي الرخصة للتدريس يف هذه املدارس‬ ‫فقط ألولئك األشخاص اللذين «أظهروا بشكل ُم ْرض أنهم مخلصون ومطيعون‬ ‫لحكومة هذه الوالية والواليات املتحدة»‪ ،‬ويحجب الرخصة عن أولئك اللذين‬ ‫ش ّجعوا‪ ،‬بغض النظر عن متى وأين‪« ،‬شكل من الحكومة مختلف عن حكومة‬ ‫هذه الوالية أو الواليات املتحدة»‪ .‬اللجنة التي صاغت هذه القوانني‪ ،‬بحسب‬ ‫الجمهورية الجديدة‪ ،‬أوضحت أن األستاذ الذي «ال يق ّر النظام االجتامعي الحايل‬ ‫يتخل عن وظيفته»‪،‬‬ ‫… عليه أن ّ‬

‫‪21‬‬

‫وأن «كل من ال يعادي نظريات التغيري االجتامعي ال ميكن أن يؤمتن عىل تعليم‬ ‫الصغار والكبار مسؤوليات املواطن»‪ .‬إذن‪ ،‬تبعاً لقوانني والية نيويورك‪ ،‬جورج‬ ‫واشنطن ويسوع فاسدان أخالقياً وال يصلحان لتعليم الناشئني‪ .‬لو ذهب يسوع إىل‬ ‫والية نيويورك و قال‪« :‬دعوا األوالد يأتون إيل وال متنعوهم»‪ ،‬ألجاب رئيس اللجنة‬ ‫التعليمية يف نيويورك‪« :‬سيدي‪ ،‬أنا ال أجد أي دليل أنك تعادي نظريات التغيري‬ ‫االجتامعي‪ .‬يف الحقيقة‪ ،‬لقد سمعت أنك تدعم ما يُس ّمى مبملكة السامء‪ ،‬فيام‬ ‫هذا البلد‪ ،‬حمدا ً لله‪ ،‬جمهوري‪ .‬من الواضح أن الحكومة يف مملكتك الساموية‬ ‫تختلف مادياً عن والية نيويورك‪ ،‬لذا لن يسمح لألطفال بالوصول إليك»‪ .‬إذا مل‬ ‫يكن هذا رده‪ ،‬فهو مل يؤ ّد مهامه كموظف مؤمتن عىل تطبيق القانون‪.‬‬

‫نتائج مثل هذه القوانني جدية جدا ً‪ .‬لنفرض جدالً أن الحكومة والنظام االجتامعي‬ ‫يف والية نيويورك هام أفضل ما وجد عىل وجه البسيطة؛ ولكن حتى يف هذه‬ ‫الحال فمن املمكن تحسينهام‪ .‬أي شخص يؤمن بذلك لن يتمكن من التدريس يف‬ ‫مدارس الوالية‪ .‬فالقانون يقيض بأن يكون األساتذة إما منافقني أو حمقى‪ .‬األخطار‬ ‫املتعاظمة التي رأيناها يف قوانني نيويورك تنتج عن احتكار السلطة يف أيدي‬ ‫منظمة واحدة‪ ،‬سواء كانت الدولة أو مجلس مؤمتن أو اتحاد مجالس‪ .‬يف التعليم‬ ‫السلطة يف يد الدولة التي تستطيع منع الناشئة من سامع أي مذهب ال يعجبها‪.‬‬ ‫أعتقد أن البعض مازال يرى أنه ال ميكن تقريباً التمييز بني الدولة الدميقراطية‬ ‫والشعب‪ .‬ولكن هذا وهم‪ .‬الدولة تجمع موظفني‪ ،‬يتاميزون بحسب األهداف‬ ‫املتاميزة يف الدولة‪ ،‬و يحصلون عىل دخل مريح طاملا األوضاع القامئة مستقرة‪.‬‬ ‫التغيري الوحيد الذي يحبذون حصوله عىل األوضاع القامئة هو زيادة البريوقراطية‬ ‫وسلطة البريوقراطية‪ .‬لذا من الطبيعي أن يستفيدوا من فرصة كالحامسة للحرب‬ ‫للحصول عىل سلطة تفتيش محكوميهم‪ ،‬والتي تسمح لهم بتجويع من يعارضهم‪.‬‬ ‫يف قضايا الفكر‪ ،‬كام يف موضوع التعليم‪ ،‬هذا الوضع كاريث وسيضع نهاية لكل‬ ‫إمكانية للتق ّدم أو الحرية أو املبادرة الخالقة‪ .‬مع ذلك هذه هي النتيجة الطبيعية‬ ‫للسامح ملنظمة واحدة بالسيطرة عىل التعليم االبتدايئ‪.‬‬ ‫التسامح الديني‪ ،‬إىل درجة ما‪ ،‬انترص ألن الناس مل تعد تعتقد أن الدين هام كام‬ ‫كان يُعتقد سابقاً‪ .‬ولكن يف السياسة واالقتصاد‪ ،‬اللذان يشغالن املوقع الذي كان‬ ‫الدين يشغله سابقاً‪ ،‬هناك ميل متزايد لالضطهاد‪ ،‬وال يقترص هذا امليل عىل فريق‬ ‫واحد‪ .‬اضطهاد اآلراء يف روسيا أعنف من أي بلد رأساميل‪ .‬لقد التقيت يف بيرتغراد‬ ‫بشاعر رويس عظيم‪ ،‬الكسندر بلوك‪ ،‬وقد تويف بعدها من الفاقة‪ .‬سمح له البالشفة‬ ‫بتدريس علم الجامل‪ ،‬ولكنه اشتىك من أنهم أرصوا عىل تدريسها «من وجهة نظر‬ ‫ماركسية»‪ .‬مل يجد طريق ًة الكتشاف صلة بني نظريات التناغم واملاركسية‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أنه‪ ،‬لتفادي الجوع‪ ،‬بذل كل ما يف وسعه‪ .‬بالطبع‪ ،‬أصبح من املستحيل يف‬ ‫روسيا منذ وصول البالشفة إىل الحكم نرش أي نقد للتعاليم املؤسسة لنظامهم‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫توضح األمثلة الروسية واألمريكية النتائج التي يبدو أننا سنصلها‪ ،‬وهي طاملا أن‬ ‫ّ‬ ‫املتعصب بأهمية السياسة يستحيل التفكري الحر يف‬ ‫البرش يحملون هذا اإلميان‬ ‫ّ‬ ‫الشؤون السياسية‪ ،‬وهناك خطر كبري من أن ميتد غياب الحرية إىل كل الشؤون‬ ‫األخرى‪ ،‬كام حصل يف روسيا‪ .‬فقط بعض الريبة السياسية ستحمينا من مثل هذه‬ ‫املصيبة‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫ال يجب االفرتاض بأن املسؤولني عن التعليم يرغبون بتعليم الشباب‪ .‬عىل العكس‪،‬‬ ‫مشكلتهم تكمن يف كيفية نقل املعلومات دون نقل الذكاء‪ .‬يجب أن يكون للتعليم‬ ‫غايتان‪ :‬األوىل توصيل معارف محددة‪ ،‬كالقراءة والكتابة‪ ،‬اللغات والرياضيات‪،‬‬ ‫إلخ؛ أما الثانية فخلق العادات الفكرية التي تساعد الناس عىل تحصيل املعرفة‬ ‫وإطالق األحكام بأنفسهم‪ .‬نستطيع أن ندعو األوىل باملعلومات والثانية بالذكاء‪.‬‬ ‫يُعرتف بفائدة املعلومات عىل الصعيد العميل كام عىل الصعيد النظري؛ الدولة‬ ‫الحديثة ال توجد بدون سكان قادرين عىل القراءة والكتابة‪ .‬ولكن يُعرتف بفائدة‬ ‫الذكاء عىل الصعيد النظري فقط‪ ،‬وليس العميل؛ ليس من املرغوب أن يفكر الناس‬ ‫العاديني بأنفسهم‪ ،‬ألنه يصعب التحكم بالناس اللذين يفكرون بأنفسهم‪ ،‬وهم‬ ‫يسببون الكثري من اإلشكاليات اإلدارية‪ .‬فقط الح ّراس‪ ،‬بلغة أفالطون‪ ،‬يفكّرون؛‬ ‫البقية يطيعون‪ ،‬أو يتبعون القادة كقطيع الغنم‪ .‬هذا املذهب‪ ،‬غالباً بشكل ال واعٍ‪،‬‬ ‫مل يتغري يف الدميقراطية السياسية‪ ،‬وقد خ ّرب كل أشكال التعليم الوطنية جذرياً‪.‬‬

‫أكرث البلدان نجاحاً يف نرش املعلومات دون ذكاء هي آخر البلدان التي انضمت إىل‬ ‫ركب الحضارة الحديثة‪ ،‬أي اليابان‪ .‬يُقال أن التعليم االبتدايئ يف اليابان ممتاز من‬ ‫حيث التوجيه‪ .‬ولكن‪ ،‬باإلضافة إىل التوجيه‪ ،‬هناك غاية أخرى‪ ،‬وهي تعليم عبادة‬ ‫امليكادو ‪ ، 18‬وهو مذهب أقوى مبراحل اآلن مام كان سابقاً قبل تحديث اليابان‪.‬‬ ‫ذلك أن املدارس استُخدمت لنقل املعرفة وتعزيز الخرافات يف نفس الوقت‪ .‬مبا‬ ‫أن عبادة امليكادو ال تغرينا‪ ،‬فنحن نرى بوضوح سخف التعليم الياباين‪ .‬تبدو لنا‬ ‫خرافاتنا الوطنية طبيعية ومعقولة‪ ،‬لذا فال نتخذ منها املوقف الصحيح كام نفعل‬ ‫فيام يتعلق بخرافات اليابان‪ .‬ولكن إن قال مسافر ياباين أن مدارسنا تعلّم خرافات‬ ‫تتناقض مع العقل‪ ،‬أشك بأن يستطيع إقناعنا مبوقفه‪.‬‬ ‫أنا ال أبحث عن حلول اآلن‪ ،‬ولكن فقط عن األسباب‪ .‬لقد واجهنا النتيجة اإلشكالية‬ ‫التي تقول بأن التعليم أصبح أحد العقبات الرئيسية أمام ذكاء وحرية التفكري‪.‬‬ ‫السبب الرئييس لذلك يكمن يف احتكار الدولة للتعليم‪ ،‬ولكن هذا ليس بالسبب‬ ‫الوحيد‪.‬‬ ‫ثانياً‪ ،‬الربوباغندا‪ .‬يجعل نظامنا التعليمي الشباب قادرين عىل القراءة‪ ،‬ولكن‬ ‫يف معظم األحيان غري قادرين عىل وزن الرباهني أو عىل تكوين آراء مستقلة‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬ولبقية عمرهم‪ ،‬يستمعون إىل أقاويل تجعلهم يؤمنون بكل أشكال‬ ‫األمور الخرقاء‪ ،‬من قبيل أن الح ّبة السحرية تشفي جميع األمراض‪ ،‬وأن جزيرة‬ ‫«سبيتزبرجن» الرنويجية دافئة وخصبة‪ ،‬وأن األملان يأكلون الجثث‪ .‬فن الربوباغندا‪،‬‬ ‫كام متارسه الحكومات والسياسيون يف العرص الحديث‪ ،‬مستمد من فن اإلعالنات‪.‬‬ ‫يدين علم النفس بالكثري لفن اإلعالنات‪ .‬يف األيام السابقة مل يكن معظم علامء‬ ‫النفس ليصدقوا بأن أحدهم يستطيع إقناع الكثري من الناس بأن بضاعته ممتازة‬ ‫فقط عن طريق التأكيد بأن بضاعته ممتازة‪ .‬ولكن التجارب أظهرت أنهم كانوا‬ ‫وقلت أنني الرجل األكرث تواضعاً‪ ،‬لضحك الناس‬ ‫مخطئني‪ .‬لو‬ ‫وقفت يف مكان عام ُ‬ ‫ُ‬ ‫يل؛ ولكن إن استطعت‬ ‫ع ّ‬

‫‪24‬‬


‫‪25‬‬

‫جمع املال الكايف لوضع نفس املقولة عىل كافة الباصات واللوحات اإلعالنية عىل‬ ‫كافة طرق القطارات الرئيسية‪ ،‬القتنع الناس فورا ً بأن خجيل من الشهرة استثنايئ‪.‬‬ ‫لو ذهبت إىل صاحب محل وقلت له‪« :‬انظر إىل منافسك يف الشارع‪ ،‬إنه يستويل‬ ‫عىل أعاملك؛ أال تعتقد أن الذهاب إليه وإطالق النار عليه قبل أن يطلق هو‬ ‫النار عليك خطة جيدة؟» – لو قلت هذا العتقد صاحب املحل أنني مجنون‪.‬‬ ‫ولكن عندما تقول الحكومة ذلك مع تأكيد وبوجود جوقة مصاحبة‪ ،‬يتح ّمس‬ ‫أصحاب املحالت‪ ،‬ويندهشون جدا ً عندما ترتاجع أعاملهم فيام بعد‪ .‬الربوباغندا‪،‬‬ ‫كام ُتارس بأساليب اإلعالن التي ثبت نجاحها‪ ،‬هي اآلن أحد طرق الحكم املعروفة‬ ‫للحكومات يف كافة الدول املتقدمة‪ ،‬ومتثّل خصوصاً الطريقة التي يتم بها تشكيل‬ ‫اآلراء الدميقراطية‪.‬‬ ‫رشان مختلفان متاماً يف الربوباغندا كام ُتارس اليوم‪ .‬من جهة‪ ،‬تخاطب‬ ‫هناك ّ‬ ‫الربوباغندا األسباب الالعقالنية لإلميان بدالً من الحجج الجدية؛ من جهة أخرى‪،‬‬ ‫تعطي أفضلية غري مستحقة ملن يستطيع الحصول عىل أكرب شعبية‪ ،‬سواء عن‬ ‫طريق املال أو عن طريق السلطة‪ .‬من جهتي‪ ،‬أرى أن الكثري من الضجة التي‬ ‫ت ُثار أحياناً يف حقيقة أن الربوباغندا تخاطب العواطف وليس العقل غري رضورية‪.‬‬ ‫الخيط الفاصل بني العواطف والعقل ليس حا ّدا ً كام يعتقد البعض‪ .‬أكرث من ذلك‪،‬‬ ‫يستطيع الرجل الذيك أن يصيغ حجة عقالنية لدعم أي موقف له فرصة أن يُقبل‪.‬‬ ‫هناك دامئاً حجج جيدة عىل جانبي أي نقاش حقيقي‪ .‬نستطيع منطقياً االعرتاض‬ ‫عىل املقوالت التي ال تتفق مع الحقائق‪ ،‬ولكن هذه املقوالت ليست رضورية عىل‬ ‫اإلطالق‪ .‬مجرد كلامت «كصابون بريز» ‪ ، 19‬و التي ال تقول شيئاً‪ ،‬كافية لجعل‬ ‫الناس يشرتون هذا املنتج‪ .‬إذا استبدلنا هذه الكلامت ب«حزب العامل»‪ ،‬ماليني‬ ‫الناس سيص ّوتون لحزب العامل‪ ،‬بالرغم من أن اإلعالن مل ي ّدع أية فضيلة مهام‬ ‫تكن‪ .‬ولكن إن فرضنا قانوناً يجعل مقوالت طريف أي نزاع مقترصة عىل جمل‬ ‫منطقية تتحقق من صحتها وصلتها باملوضوع لجنة من املناطقة املحرتمني‪ ،‬لبقي‬ ‫رش الربوباغندا كام متارس اليوم قامئاً‪ .‬لنفرتض‪ ،‬تحت مثل هذا القانون‪ ،‬أن حزبني‬ ‫يطرحان حججاً متساوية يف صحتها‪ ،‬ولكن أحدهام ميلك مليون جنيه اسرتليني‬

‫فيام الثاين ميلك مئة ألف‪ .‬من الواضح أن حجج الحزب األغنى ستصبح معروفة‬ ‫أكرث من حجج الحزب األفقر‪ ،‬ولذا سينترص الحزب األغنى‪ .‬هذا الوضع سيكون‬ ‫أصعب عندما يكون أحد الحزبني هو الحاكم‪ .‬يف روسيا تحتكر الحكومة الربوباغندا‬ ‫بشكل كامل‪ ،‬ولكن هذا ليس رضورياً‪ .‬األفضلية التي تتفوق فيها عىل منافسيها‬ ‫كافية بشكل عام لضامن النرص‪ ،‬إال إذا كانت قضيتها سيئة بشكل استثنايئ‪.‬‬

‫االعرتاض عىل الربوباغندا ال يكمن فقط يف مناشدتها للجانب الالعقالين فينا‪ ،‬بل‬ ‫أيضاً يف إعطائها األفضلية ملن ميلك املال والسلطة‪ .‬املساواة يف الفرص بني اآلراء‬ ‫جوهرية لوجود حرية التفكري؛ ونستطيع ضامن املساواة يف الفرص بني اآلراء عن‬ ‫طريق وضع قوانني تهدف إىل ذلك‪ ،‬ولكن ال يوجد أي سبب يجعلنا نتوقع س ّنها‪.‬‬ ‫العالج ال يكمن بشكل أسايس يف مثل هذه القوانني‪ ،‬بل يف تعليم أفضل ورأي‬ ‫عام أكرث ارتياباً‪ .‬اآلن‪ ،‬لست مهتامً مبناقشة الحلول‪ .‬ثالثاً‪ ،‬الضغط االقتصادي‪.‬‬ ‫لقد عالجت سابقاً بعض جوانب هذه العقبة أمام حرية التفكري‪ ،‬ولكن أود اآلن‬ ‫الكالم عنها بالخطوط العامة‪ ،‬كخطر سيتعاظم حتامً إن مل نتخذ بعض الخطوات‬ ‫ملواجهته‪ .‬أفضل مثال الستخدام الضغط االقتصادي ضد حرية الرأي هو روسيا‬ ‫السوفيتية‪ ،‬حيث تستطيع الحكومة‪ ،‬بل وقد قامت‪ ،‬بتجويع من يخالفونها يف‬

‫‪26‬‬


‫الرأي‪ ،‬كام حدث مع كروبوتكني ‪ . 20‬ولكن يف هذا األمر روسيا متقدمة فقط‬ ‫عن بلدان أخرى‪ .‬يف فرنسا‪ ،‬خالل قضية دريفوس ‪ ، 21‬أي أستاذ كان سيفصل من‬ ‫عمله إن دعم دريفوس يف بداية القضية أو إن عاداه مع نهايتها‪ .‬يف أمريكا يف أيامنا‬ ‫هذه‪ ،‬أشك أن يستطيع أي بروفيسور يف الجامعة‪ ،‬مهام كان بارزا ً‪ ،‬أن ينتقد رشكة‬ ‫«ستاندرد أويل»‪ ،‬ألن جميع الرؤساء قد تلقّوا أو يأملون بأن يتلقوا مساعدات من‬ ‫السيد روكفلر‪ .‬يف كل مكان يف أمريكا يتم التمييز ضد االشرتاكيني‪ ،‬ومن الصعوبة‬ ‫مبكان أن يجدوا عمالً إال إذا كانوا موهوبني بشكل استثنايئ‪ .‬يف كل مكان تتطور‬ ‫فيه الصناعة بشكل جيد‪ ،‬نجد امليل نحو االحتكار واالتحادات االحتكارية للتحكم‬ ‫بكامل الصناعة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل تقليص العدد املحتمل ألصحاب العمل‪ ،‬مام‬ ‫رسي يتم عن طريقه تجويع كل من‬ ‫يجعل من السهل االحتفاظ بكتاب أسود ّ‬ ‫يعارض الرشكات الكربى‪ .‬يق ّدم تنامي االحتكار يف أمريكا العديد من الرشور التي‬ ‫ارتبطت باشرتاكية الدولة كام نجدها يف روسيا‪ .‬من وجهة نظر الحرية‪ ،‬ال فارق‬ ‫للمرء إن كانت اإلمكانية الوحيدة للعمل يف الدولة أو يف رشكة كربى‪.‬‬ ‫يف أمريكا‪ ،‬الدولة األكرث تق ّدماً صناعياً‪ ،‬وبشكل أقل يف البلدان التي تقرتب من‬ ‫النموذج األمرييك‪ ،‬من الرضوري لإلنسان العادي إن أراد ضامن رزقه‪ ،‬أن يتج ّنب‬ ‫خصومة بعض الرجال الكبار‪ .‬ولهؤالء الرجال الكبار رؤيتهم الخاصة‪ ،‬الدينية‬ ‫واألخالقية والسياسية‪ ،‬والتي يتوقعون من موظفيهم أن يوافقوا عليها‪ ،‬عىل األقل‬ ‫ظاهرياً‪ .‬الرجل الذي يخرج عن املسيحية علناً‪ ،‬أو يؤمن بتلطيف قوانني الزواج‪،‬‬ ‫أو يعرتض عىل سلطة الرشكات الكربى‪ ،‬سيجد أمريكا بلدا ً مزعجاً جدا ً‪ ،‬إال إن كان‬ ‫كاتباً بارزا ً‪ .‬بالضبط نفس نوع القيود عىل حرية التفكري ستسود يف كل بلد تتطور‬ ‫منظامته االقتصادية إىل مستوى االحتكار العميل‪ .‬لذلك فالحفاظ عىل الحرية يف‬ ‫عامل ينمو باستمرار لهو أمر أصعب مام كان يف القرن التاسع عرش‪ ،‬عندما كانت‬ ‫املنافسة الحرة حقيقية‪ .‬عىل كل من يكرتث بحرية العقل أن يواجه هذا الوضع‬ ‫برصاحة ووضوح‪ ،‬متف ّهامً عدم إمكانية تطبيق األساليب التي كانت صالحة عندما‬ ‫كانت الحركة الصناعية يف بدايتها‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫سيحلن كل املشاكل االجتامعية تقريباً‪.‬‬ ‫هناك مبدأين اثنني بسيطني‪ ،‬إذا تبنيناهام‪ّ ،‬‬ ‫األول أن أحد أهداف التعليم يجب أن يشمل أال يص ّدق الناس إال املقوالت التي‬ ‫يوجد سبب ما لتصديقها‪ .‬الثاين أن العمل يجب أن يعطى بنا ًء عىل القدرة عىل‬ ‫القيام به فقط‪.‬‬ ‫لنبدأ بالنقطة الثانية أوالً‪ .‬عادة النظر إىل آراء املرء الدينية واألخالقية والسياسية‬ ‫قبل توظيفه هي الشكل الحديث من االضطهاد‪ ،‬وعىل األغلب ستصبح ف ّعالة‬ ‫كمحاكم التفتيش‪ .‬ميكن الحفاظ عىل الحريات القدمية قانونياً دون تطبيقها بشكل‬ ‫عميل عىل اإلطالق‪ .‬إذا ُج ّوع املرء بسبب آرائه عملياً‪ ،‬لن يواسيه أن القانون ال‬ ‫يعاقب هذه اآلراء‪ .‬يوجد شعور عام ضد تجويع الناس بسبب عدم انتامئهم‬ ‫إىل كنيسة إنكلرتا‪ ،‬أو لحملهم آراء غري تقليدية بشكل ما يف السياسة‪ .‬ولكن ال‬ ‫يكاد يوجد أي شعور ضد تجويع امللحدين وأتباع الطائفة املورمونية‪ ،‬ولشيوعيني‬ ‫املتشددين‪ ،‬ومؤيدي الحب الحر‪ .‬يُعترب هؤالء الناس أرشارا ً‪ ،‬ومن الطبيعي أن‬ ‫يُرفض توظيفهم‪ .‬مل يدرك معظم الناس بعد‪ ،‬أن رفض توظيفهم‪ ،‬يف دولة صناعية‬ ‫متقدمة‪ ،‬يشكل صيغة منظمة جدا ً من االضطهاد‪.‬‬ ‫يف حال فهم الناس خطورة هذا األمر‪ ،‬من املمكن تحريك الرأي العام‪ ،‬وضامن‬ ‫أال تكون آراء املرء عقبة أمام حصوله عىل عمل‪ .‬حامية األقليات مهمة بشكل‬ ‫متسكاً بالتقاليد قد يجد نفسه أقلي ًة يوماً ما‪ ،‬لذا فجميعنا مهتمون‬ ‫حيوي؛ وأكرثنا ّ‬ ‫بكبح طغيان األكرثية‪ .‬ال يشء إال قبول الرأي العام سيحل هذه املشكلة‪ .‬االشرتاكية‬ ‫تجعل املشكلة أكرث حدةً‪ ،‬مبا أنها تقيض عىل الفرص املتاحة اآلن من خالل أصحاب‬ ‫العمل االستثنائيني‪ .‬كل زيادة يف حجم املشاريع الصناعية يجعل األمور أسوأ‪،‬‬ ‫مبا أنها تقلّص عدد أصحاب العمل املستقلّني‪ .‬يجب خوض املعركة بالضبط كام‬ ‫خيضت معركة التحرر الديني‪ .‬ويف هذه الحالة‪ ،‬كام يف تلك‪ ،‬سيثبت أن اضمحالل‬ ‫قوة اإلميان هو العامل الرئييس يف املعركة‪ .‬طاملا آمن الناس بأن الحقيقة املطلقة‬ ‫تكمن يف الربوتستانتية أو الكاثوليكية‪ ،‬كانوا مستعدين الضطهاد غريهم باسم هذا‬ ‫اإلميان‪ .‬طاملا وجد الناس اليقني يف معتقداتهم الحديثة‪ ،‬سيضطهدون اآلخرين باسم‬ ‫هذه املعتقدات‪ .‬رضب من الشك جوهري‪ ،‬ليس للنظرية‪ ،‬بل ملامرسة التسامح‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫وهذا يجعلني أنتقل إىل النقطة الثانية‪ ،‬وهي الغاية من التعليم‪.‬‬ ‫إن كان للتسامح أن يوجد يف هذا العامل‪ ،‬فأحد األمور التي يجب تعليمها يف‬ ‫املدارس وزن األدلة‪ ،‬وعادة عدم قبول أي مقولة ال يوجد أي سبب لتصديقها‪ .‬عىل‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬يجب تعليم فن قراءة الصحف‪ .‬عىل األستاذ أن يختار حادثة أثارت‬ ‫االهتامم السيايس يف زمن سابق‪ .‬ثم عليه أن يقرأ للطالب ما كتبته الصحف الداعمة‬ ‫لجانب‪ ،‬ثم الصحف الداعمة للجانب اآلخر‪ ،‬ثم القصة الحيادية ملا حدث حقاً‪.‬‬ ‫يجب أن يُظهر لهم أن القارئ الخبري يستطيع من خالل قراءة الطرفني املنحازين‬ ‫أن يستنتج ما حدث فعالً‪ ،‬ويجب أن يفهموا أن كل ما يُكتب يف الصحف غري‬ ‫صحيح تقريباً‪ .‬الشكّية الساخرة الناتجة من هذا التعليم ستجعل األطفال يف‬ ‫محصنني من إغراء املثاليات التي تستميل الناس الطيبني إىل‬ ‫حياتهم الالحقة ّ‬ ‫خطط األوغاد‪.‬‬ ‫يجب تدريس التاريخ بنفس الطريقة‪ .‬ميكن البدء بدراسة حمالت نابليون يف‬ ‫عامي ‪ 1813‬و‪ ،1814‬عىل سبيل املثال‪ ،‬عن طريق مجلة املونيتور ‪ ، 22‬وصوالً‬ ‫إىل دهشة الباريسيني من رؤية الحلفاء عىل أسوار العاصمة فيام كانوا يقرؤون‬ ‫(بحسب التقارير الرسمية) أن نابليون انترص يف كل معاركه‪ .‬يف الصفوف األعىل‪،‬‬ ‫يجب تشجيع الطالب عىل تعداد املرات التي اغتال فيها تروتسيك لينني‪ ،‬يك يتعلموا‬ ‫احتقار املوت ‪ . 23‬أخريا ً‪ ،‬يجب إعطاؤهم كتاباً مدرسياً حكومياً‪ ،‬ثم يُطلب منهم‬ ‫أن يستنتجوا ما سيقوله كتاب التاريخ الفرنيس عن حروبنا مع فرنسا‪ .‬كل ذلك‬ ‫سيكون تدريباً أفضل عىل املواطنة من ِ‬ ‫الحكم األخالقية املبتذلة التي يص ّدق بعض‬ ‫الناس أن غرس الواجبات املدنية يتم عن طريقها‪ .‬يجب االعرتاف‪ ،‬برأيي‪ ،‬بأن‬ ‫الرشور يف هذا العامل تنتج من النقائص األخالقية كام من غياب الذكاء‪ .‬ولكن مل‬ ‫يكتشف الجنس البرشي بعد وسيلة الستئصال النقائص األخالقية؛ الوعظ والنصح‬ ‫ال يضيف إال النفاق إىل الئحة املخازي السابقة‪ .‬الذكاء‪ ،‬عىل العكس من ذلك‪ ،‬ميكن‬ ‫تطويره بأساليب معروفة لكل معلم كفؤ‪ .‬لذلك‪ ،‬وإىل حني اكتشاف طريقة لتعليم‬ ‫الفضائل‪ ،‬السبيل للتقدم سينحرص يف تطوير الذكاء وليس األخالق‪ .‬السذاجة‬

‫‪29‬‬

‫هي إحدى العقبات الرئيسية أمام الذكاء‪ ،‬ونستطيع تقليص السذاجة بشكل كبري‬ ‫بتوجيه االنتباه إىل األشكال املسيطرة من الكذب‪ .‬السذاجة رش أكرب اليوم مام‬ ‫كانت سابقاً‪ ،‬ألنه‪ ،‬وبسبب انتشار التعليم‪ ،‬من األسهل اآلن نرش معلومات خاطئة‪،‬‬ ‫وبسبب الدميقراطية‪ ،‬نرش معلومات خاطئة أكرث أهمية ملن هم يف السلطة‪ .‬لذا‬ ‫نشاهد تزايد توزيع الصحف‪.‬‬ ‫إذا ُسئلت كيف نستطيع إقناع العامل بتبني هذين املبدأين‪ ،‬أي (‪ )1‬أن الوظائف‬ ‫يجب أن تعطى بنا ًء عىل القدرة عىل القيام بها؛ و(‪ )2‬أن أحد أهداف التعليم‬ ‫يجب أن يكون شفاء الناس من عادة تصديق املقوالت التي ال دليل عىل صحتها‪،‬‬ ‫أرى أن ذلك ممكن فقط بتشكيل رأي عام متن ّور‪ .‬ومن املمكن تشكيل رأي عام‬ ‫متن ّور فقط مبساعي الناس الراغبني بوجوده‪ .‬ال أعتقد أن التغيريات االقتصادية التي‬ ‫يدعو إليها االشرتاكيون‪ ،‬بحد ذاتها‪ ،‬ستفعل أي يشء لعالج الرشور التي عرضناها‪.‬‬ ‫أعتقد أنه‪ ،‬بغض النظر عام سيحصل يف السياسة‪ ،‬ستزداد صعوبة الحفاظ عىل‬ ‫الحرية العقلية نتيجة التطور االقتصادي‪ ،‬إال إذا أرص الرأي العام عىل أال يتحكّم‬ ‫صاحب العمل بحياة العامل إال فيام يخص العمل‪ .‬من السهل ضامن الحرية يف‬ ‫التعليم‪ ،‬إن كان ذلك مرغوباً‪ ،‬بالحد من دور الدولة يف الرقابة والتمويل‪ ،‬واقتصار‬ ‫الرقابة عىل توجيهات محددة‪ .‬ولكن هذا‪ ،‬يف الوضع الحايل‪ ،‬سيرتك التعليم يف‬ ‫أيدي الكنائس‪ ،‬ألنها تتح ّرق لتدريس معتقداتها أكرث مام يريد املفكرون األحرار‬ ‫تدريس شكوكهم‪ .‬ولكن سيكون املجال ح ّرا ً والتعليم الحر ممكناً لو كان ذلك حقاً‬ ‫مرغوباً‪ .‬ال يجب أن نطلب من القانون أكرث من ذلك‪.‬‬ ‫خالل هذه املحارضة كان هديف نرش املزاج العلمي الذي يختلف متاماً عن املعرفة‬ ‫بالنتائج العلمية‪ .‬يستطيع املزاج العلمي أن يعيد إنتاج البرشية‪ ،‬وأن يقدم حلوالً‬ ‫ملعظم مصاعبنا‪ .‬نتائج العلم‪ ،‬عىل شكل امليكانيك والغازات السامة والصحافة‬ ‫الصفراء‪ ،‬قد تؤدي إىل نهاية حضارتنا‪ .‬إنه لتناقض طريف‪ ،‬سيتأمله أحد سكان‬ ‫املريخ مستمتعاً بتجرد‪ .‬ولكن بالنسبة لنا هذا أمر حياة أو موت‪ .‬يتوقف عليه‬ ‫إن كان أحفادنا سيعيشون يف عامل أكرث سعادة‪ ،‬أو سيبيدون بعضهم مستخدمني‬ ‫الطرق العلمية‪ ،‬تاركني لألفارقة ولسكان غينيا الجديدة مستقبل البرشية‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫هوامش‬ ‫‪ ↑ .1‬للمزيد عن راسل‪ ،‬راجع مقايل «مشكالت املعرفة والحرية‪ :‬تشومسيك قارئاً راسل»‬ ‫‪ ↑ .2‬كاتب إصالحي أمرييك (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .3‬ديانة يابانية (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .4‬ميكادو‪ ،‬اللقب القديم‪ ،‬واملقدس‪ ،‬المرباطور اليابان (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .5‬كان للكاتب الرويس ليون تولستوي أتباع منترشين يف روسيا وأماكن أخرى‪ ،‬يكرزون بتعاليمه يف‬ ‫الزهد والتسامح والالعنف وتخليص املسيحية من سلطة الكنائس (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .6‬كتب هذا النص عام ‪ ،1922‬يف ظل تغريات جذرية معقدة يف الصني‪ .‬كان راسل متفائالً مبستقبل‬ ‫الصني حينها (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .7‬طائفة مسيحية صغرية العدد تنترش يف إنكلرتا و أمريكا الشاملية بشكل رئييس‪ ،‬و تنكر الثالوث (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .8‬طائفة مسيحية بروتستانتية (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .9‬طائفةمسيحية بروتستانتية (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .10‬كان الحزبان الرئيسيان يف تلك الفرتة هام الحزب الليربايل و حزب املحافظني‪ ،‬ملراجعة رؤية راسل‬ ‫حول تلك الفرتة‪ ،‬يُنظر السرية الذاتية لراسل (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .11‬يجب أن أضيف أنهم أعادوا تعييني الحقاً‪ ،‬بعد أن بردت العواطف الحربية (برتراند راسل) ‪( .‬يُشري‬ ‫راسل هنا إىل فصله من عمله و دخوله السجن بسبب معارضته للحرب العاملية األوىل (م)‪.).‬‬ ‫‪ ↑ .12‬الحب الحر أي غري املقيد بالزواج (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .13‬يستخدم راسل هنا األلفية باملعنى الديني‪ ،‬أي الدخول يف عرص جديد ذهبي‪ .‬املفهوم يستند إىل‬ ‫فكرة مسيحية تقول أن عودة املسيح يف األلفية األوىل ستؤدي إىل إقامة مملكة الله عىل األرض! (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .14‬بروسانية نسبة إىل بروسيا (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .15‬الحرب العاملية األوىل (م) ‪.‬‬ ‫‪ ↑ .16‬راجع الجمهورية الجديدة‪ ،‬عدد األول من شباط ‪ ،1922‬ص ‪.259‬‬ ‫‪ ↑ .17‬كوالتشاك و دينيكني من قادة البيض يف الحرب األهلية الروسية يف مواجهة الشيوعيني‪.‬‬ ‫‪ ↑ .18‬راجع اخرتاع دين جديد‪ ،‬للربوفيسور تشامربلني‪ ،‬طوكيو‪ ،‬من منشورات رابطة العقالنيني‪.‬‬ ‫‪ ↑ .19‬صابون بريز صابون إنكليزي شهري (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .20‬كروبوتكني فوضوي رويس انتقد املاركسية والبالشفة (م)‪.‬‬ ‫تبي‬ ‫‪ ↑ .21‬قضية دريفوس‪ :‬دريفوس ضابط يهودي فرنيس حوكم بتهمة ترسيب وثائق رسية لألملان‪ّ .‬‬ ‫الحقاً أنه بريء وأن املحاكمة كانت مس ّيسة بسبب ديانته‪ .‬قسمت القضية الرأي العام الفرنيس بشدة يف‬ ‫نهاية القرن التاسع عرش وبداية القرن العرشين (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .22‬املجلة الناطقة باسم الحكومة يف فرنسا يف الفرتة املشار إليها (م)‪.‬‬ ‫‪ ↑ .23‬بالطبع‪ ،‬هنا يسخر راسل من تروتسيك ولينني‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪32‬‬


‫لوحات ب�بلية قبل حوال ‪ 1000‬سنة قبل ميالد ‪ ،‬طيور ت‬ ‫م جح ارة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مشتعهل عىل جيش العدو‪....‬‬ ‫س يل ))‬ ‫م� م ب� جارة من ج‬ ‫(( ت� ي‬ ‫ي‬ ‫يـــومـــئـــذ ث� ـــانـــيـــة ))‬ ‫((و� ـــــمـــــل عـــــرش ربـــــك‬ ‫ٍ‬ ‫لوحات ب�بلية ‪ 2000 -‬عام قبل امليالد‬

‫‪33‬‬

‫‪34‬‬


‪#‎Protect_Humans_NOT_Borders‬


‫�عت‬ ‫ل‬ ‫هل م ‪...‬‬

‫‪37‬‬

‫ هل تعمل أن جسد النم لة ال يتألف من الزجاج؟‬‫ هل تعمل أن عدد كواكب املج موعة الشمسية هو ‪ ٨‬كواكب و ليس ‪١١‬؟‬‫أ‬ ‫ال ن‬ ‫ني� عند إالنسان تتشلك فيه العضالت و اللياف‬ ‫ هل تعمل أن التكون ج ي‬‫قبل العظام؟‬ ‫أ‬ ‫ هل تعمل أن معر الكون ‪ ١٣.٨‬مليار سنة و معر الرض ‪ ٤.٦‬مليار سنة؟‬‫ هل تعمل أنه ال يوجد سبع مسوات؟‬‫ هل تعمل أن ال ش‬‫مث� ت‬ ‫لاله�م موجود فوق رأس البعوضة؟‬ ‫�ء ي‬ ‫ي‬ ‫ هل تعمل أن إالنسان ليس الفصيل ش‬‫الب�ي الوحيد و اكن يوجد فصائل‬ ‫أخرى قبهل انقرضت؟‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ هل تعمل أن الكعبة ليست مركز الرض و الطيور تستطيع أن � لق فو� ا‬‫بلك ي‬ ‫أر� ية؟‬ ‫ال نسية ليست اختيارية و نإ� ا ة‬ ‫حال طبيعية عند‬ ‫ هل تعمل أن املثلية ج‬‫العديد من الاكئنات؟‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ هل تعمل أن الرض ليست مسطحة و أن الشمس �بتة نسبيا ي� ماك� ا‬‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وه �بعة للشمس بسبب‬ ‫ماكن‬ ‫أي‬ ‫إىل‬ ‫تسبح‬ ‫ال‬ ‫رض‬ ‫ال‬ ‫‪.‬‬ ‫رض‬ ‫لل‬ ‫ب�لنسبة‬ ‫ي‬ ‫كت لة الشمس العمالقة؟‬ ‫عامل قتل ج� يع‬ ‫ هل تعمل أنه ال يوجد أي دليل‬‫ج ي‬ ‫جيولو� عىل فيضان ي‬ ‫أ‬ ‫الحياء؟‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫تأ‬ ‫حرص� من الامسء و أن نواة الرض (اللب) تتألف‬ ‫ هل تعمل أن احلديد ال ي� ي�‬‫ي‬ ‫من احلديد؟‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الحياء ت‬ ‫ال� عاشت عىل الرض قد انقرضت؟‬ ‫ هل تعمل أن ‪ ٪٩٩‬من أنواع‬‫ي‬ ‫ف‬ ‫(خطأ ي� التصنيع؟)‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ هل تعمل أن ج� يع القصص و الحداث املذكورة ي� الكتب الدينية يه‬‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫كب�ة‬ ‫رضية‬ ‫ال‬ ‫الكرة‬ ‫أن‬ ‫مع‬ ‫حرص�‬ ‫وسط‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ال�‬ ‫منطقة‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أحداث وقعت ي‬ ‫ً‬ ‫ش‬ ‫عل� ا حضارات ب�ية أخرى؟‬ ‫جدا و عاش ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ هل تعمل أن ج� يع ال يد�ن إالب�اهيمية ال تتضمن نصوص � رم ب� ا العبودية؟‬‫ً‬ ‫أ‬ ‫ هل تعمل أن أحد ال يد�ن يعتقد أن إالنسان و الديناصورات عاشا سوية‬‫ن ن أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫ثن� هو ‪ ٦٠‬مليون سنة؟‬ ‫الزم� يب�‬ ‫مع أن الفرق‬ ‫ي‬ ‫كب� عىل خلفيتك الدينية‬ ‫ هل تعمل أن تقبلك هلذه السطور يعتمد بشلك ي‬‫و ليس العملية؟‬

‫‪38‬‬


‫العرب من وجهة نظر يابانية‬ ‫املعتاد أن نسمع عن الياابن من أفواه العرب‪ ،‬لكن هذه املرة ما حدث هو العكس‬ ‫متاما‪( .‬نوبواكي نوتوهارا) عايش العرب حوايل ‪ 40‬عاما‪ ،‬وتنقل بني مدهنا املختلفة‪،‬‬ ‫حضرها وريفها‪ .‬ويف عــام ‪ ،2003‬كتب كتااب كامال عن انطباعاته عن العرب‪.‬‬ ‫انطباعات تلخص كثريا من الواقع العريب‪ ،‬وما يلي أمهها‪:‬‬ ‫*العرب متدينون جدا‪ ،‬وفاسدون جدا‬ ‫*احلكومة ال تعامل الناس جبدية‪ ،‬بل تسخر منهم وتضحك عليهم‪.‬‬ ‫*الشعور ابالختناق والتوتر مســة عامة للمجتمعات العربية‪ .‬توتر شديد ونظرات‬ ‫عدوانية متأل الشوارع‪.‬‬ ‫*يف جمتمع كمجتمعنا ‪-‬اجملتمع الياابين‪ -‬نضيف حقائق جديدة‪ ،‬بينما يكتفي العريب‬ ‫ابستعادة احلقائق اليت اكتشفها يف املاضي البعيد‪.‬‬ ‫*الدين أهم ما يتم تعليمه‪ ،‬لكنه مل مينع الفساد وتدين قيمة االحرتام‪.‬‬ ‫*مشكلة الـعــرب أهنــم يعتقدون أن الــديــن أعطاهم كــل العلم! عرفت شخصا ملدة‬ ‫عشرين عاما‪ ،‬ومل يكن يقرأ اال القرآن‪ .‬بقي هو ذاته‪ ،‬ومل يتغري‪.‬‬ ‫*لكي نفهم سلوك االنـســان العريب الـعــادي‪ ،‬علينا أن ننتبه دومــا ملفهومي احلالل‬ ‫واحلرام‪.‬‬ ‫*عقولنا يف الياابن عاجزة عن فهم أن ميدح الكاتب السلطة أو أحد أفراد السلطة‪.‬‬ ‫هــذا غــر مــوجــود لدينا على اإلط ــاق‪ .‬حنــن نستغرب ظــاهــرة مــديــح احلــاكــم‪ ،‬كما‬ ‫نستغرب رفع صــوره يف أوضــاع خمتلفة كأنه جنم سينمائي‪ .‬ابختصار‪ ،‬حنن ال نفهم‬ ‫عالقة الكتاب العرب حبكوماهتم‪.‬‬ ‫*اجملتمع العريب مشغول بفكرة النمط الواحد‪ ،‬على غرار احلاكم الواحد‪ ،‬لذلك حياول‬ ‫الناس أن يوحدوا أفكارهم ومالبسهم‪.‬‬ ‫*على العرب أن يفهموا التجربة الياابنية‪ ،‬فسيطرة العسكر على الشعب هي سبب‬ ‫دخول البالد يف حروب جمنونة‪.‬‬ ‫* يف الياابن‪ ،‬قيادة الدولة املعاصرة أكرب من إمكانيات أي شخص مهما كان موهواب‬

‫‪39‬‬

‫أو قواي‪ ،‬وهذا املنصب ميارسه املسؤول مرة‬ ‫واحدة فقط‪ ،‬وهكذا نضمن عدم ظهور‬ ‫مركزية فردية مهيمنة‪ .‬احلال خمتلف عند العرب‪.‬‬ ‫*السجناء السياسيون يف البالد العربية ضحوا‬ ‫من أجل الشعب‪ ،‬ولكن الشعب نفسه‬ ‫يضحي أبولئك الشجعان‪ .‬انعدام حس‬ ‫املسؤولية طاغ يف جمتمعاهتم‪.‬‬ ‫*حني يدمر العرب املمتلكات العامة‪ ،‬فهم يعتقدون أهنم يدمرون ممتلكات احلكومة‪،‬‬ ‫ال ممتلكاهتم!‬ ‫*و الزال العرب يستخدمون القمع والتهديد والضرب خالل التعليم‪ ،‬ويسألون مىت‬ ‫بدأ القمع‬ ‫*الرجل العريب يف البيت يلح على تعظيم قيمته‪ ،‬ورفعها إىل السيطرة والزعامة‪ .‬ويف‬ ‫احلياة العامة‪ ،‬يتصرف وفق ميزاته وقدراته ونوع عمله‪ .‬هذان الشكالن املتناقضان‬ ‫ينتج عنهما غالبا أنواعا شىت من الرايء واخلداع والنفاق‪.‬‬ ‫*أستغرب ملاذا تستعمل كلمة (دميقراطية) كثريا يف العامل العريب!‬ ‫*مفهوم الشرف والعار يسيطر على مفهوم الثقة يف جماالت واسعة من احلياة العربية‪.‬‬ ‫*العرب مورست عليهم العنصرية‪ ،‬ومع هذا فقد شعرت عميقا أهنم ميارسوهنا ضد‬ ‫بعضهم البعض‪.‬‬ ‫*ضيافة العرب فريدة ممتازة‪.‬‬ ‫*كتب عن فلسطني‪( :‬حنن يف الياابن عرفنا القضية الفلسطينية عن طريق الغرب‪،‬‬ ‫بعدئذ فهمنا أن علينا أن نبحث عن احلقائق أبنفسنا‪ .‬من املعلوم أن ضوضاء كبرية‬ ‫أحاطت ابلقضية الفلسطينية‪ .‬ابلنسبة يل كان غسان كنفاين هو الصوت األقوى‬ ‫واألصفى الــذي صدقته وســط تلك الضوضاء‪ .‬شخصياً كنت يف حــرة – ومثلي‬ ‫الكثري من الياابنيني – وابملصادفة قرأت إنتاج غسان كنفاين القصصي‪ ،‬بعد تلك‬ ‫القراءة شعرت أنين أقف أمام القضية الفلسطينية)‬ ‫*ملاذا ال يستفيد العرب من جتارهبم‪ ..‬ملاذا يكرر العرب أخطاءهم‬

‫‪40‬‬


‫الطب�ي�ع ة� الب� ش� ي�رة� و ح ت�مي� ة� ال جم� زا�ر جال�ماعي��ة‬ ‫قد تساعدان املعرفة بشأن التطور السيكولوجي يف منع احلروب‬ ‫نشر بواسطة الدكتور مايكل إي‪ .‬ب رايس ‪ PhD‬يف ‪ 14‬متوز ‪2015‬‬ ‫ترمجها إىل العربية‪ :‬ابتهال حممود‬

‫‪41‬‬

‫يف شهر مت ــوز م ــن ع ــام ‪ ،1995‬قُــتِ ــل أكثر م ــن ‪ 8000‬م ــواط ـ ٍن بوسين يف جم ــزرة‬ ‫سرب رنيتسا اليت تعد واحد ًة من أبشع الفظائع املرتكبة يف أورواب منذ احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ .‬وإلحياء الذكرى العشرين للمجزرة‪ ،‬قامت الـ ‪ BBC‬مؤخ راً‬ ‫بعقد مناظرٍة على برانجمها األسبوعي «‪»Sunday Morning Live‬‬ ‫قمت‬ ‫أمر ال مفر منه؟» ولقد ُ‬ ‫حول موضوع‪« :‬هل اجملازر اجلماعية املستقبلية ٌ‬ ‫ابمل ــش ــارك ــة يف امل ــن ــاظ ــرة (ميكنكم االط ــاع عليها هنا) ك ــي أديل بوجهة نظ ٍر‬ ‫تطورية حول ما إذا كان يف الطبيعة البشرية ما يسلبنا القوة الالزمة‬ ‫نفسية ّ‬ ‫ملنع أعمال العنف املتطرفة بني اجلماعات اإلنسانية‪.‬‬ ‫ضم املشرتكون يف املناظرة أربعة أعضاء آخ ــري ــن‪ ،‬ابإلض ــاف ــة إىل أشخاص من‬ ‫اجلمهور أرس ــل ــوا ردود فعلهم عرب الربيد اإلل ــك ــروين‪ .‬أم ــا أان‪ ،‬فلقد أصابتين‬ ‫الدهشة حيال جانبني من ردود أفعال املشاركني اآلخرين جتاه السؤال عما‬ ‫إذا ك ــان ــت الطبيعة البشرية جتعل م ــن اجمل ــازر اجلماعية أم ـراً حمتم احل ــدوث‪.‬‬ ‫خية وإما شريرة‬ ‫أوالً‪ ،‬افرتض اجلميع أبن الطبيعة البشرية ال بد أن تكون إما ّ‬ ‫بشكل جذري‪ ،‬دون وجود أرضية وسطية‪ .‬اثني اً‪ ،‬احناز اجلميع تقريب اً إىل الرؤية‬ ‫«الشريرة بشكل جذري»‪ ،‬وهبذا فقد بدوا متشائمني جداً إزاء قدرتنا على‬ ‫جتنب اجمل ــازر اجلماعية مستقبَ الً‪ .‬أم ــا ردة فعلي الشخصية فكانت خمتلفة‬ ‫خية وشريرة مع اً‪ ،‬وأنه‬ ‫متام اً‪ :‬فلقد جادلت أبن الطبيعة البشرية يف جوهرها ّ‬ ‫ميكن للمعرفة بشأن طبيعتنا البشرية أن تزيد من قدرتنا على تعزيز اخلري‬ ‫وقمع الشر‪ .‬وهب ــذا كان عامل النفس التطوري (أي أان) هو الشخص األكثر‬

‫ت ــف ــاؤالً يف اجملموعة حيال حتمية اجمل ــازر اجلماعية‪ .‬قد يكون ذل ــك ساخ راً‬ ‫ابلنسبة للبعض‪ ،‬ألن ال ــص ــورة الكاذبة واألك ــث ــر ان ــت ــش ــاراً ح ــول علم النفس‬ ‫التطوري تقضي أبننا مجيع اً جم ــرد «عبيد جليناتنا»‪ ،‬مما جيعل السلوكيات‬ ‫السيئة كاخليانة واحل ــروب أم ــوراً ال م ــه ــرب منها‪ .‬لكنين ال أت ــف ــق م ــع هذه‬ ‫الصورة البغيضة أبداً‪ ،‬وخالل النقاش‪ ،‬بذلت كل ما يف وسعي لقلبها رأس اً‬ ‫على عقب‪.‬‬ ‫ملاذا أان متفائل؟‬

‫أمر حتمي احلدوث؟» بشكل ظاهري‪،‬‬ ‫لو تناولنا السؤال «هل اجملازر اجلماعية ٌ‬ ‫أي لو أننا قمنا بتفسريه على النحو التايل‪« :‬هل من احملتمل تك رار حدوث‬

‫‪42‬‬


‫عنف متطرف بني اجلماعات اإلنسانية يف وق ـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ـت ما يف املستقبل؟» عندها‬ ‫سيكون اجلواب بكل وضوح «نعم»‪ .‬إال أن تلك طريقة بليدة لتأويل السؤال‪،‬‬ ‫وقد فهمته أان كالتايل‪« :‬هل حنن عاجزون عن تقليل احتمال حدوث جمازر‬ ‫مجاعية يف املستقبل؟» واإلجابة على هذا السؤال هي حتم اً «ال»‪ .‬ففي املعرفة‬ ‫تكمن القوة‪ ،‬ومعرفتنا ابلطبيعة البشرية متنحنا القوة للسيطرة عليها‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫فمثلما يتكون جسد اإلن ــس ــان م ــن ع ــدة تكيّ فات (أج ــه ــزة) متخصصة يف‬ ‫ح ــل مسائل حم ــددة تتعلق ابلبقاء وال ــت ــك ــاث ــر‪ ،‬ك ــذل ــك العقل ال ــب ــش ــري‪ .‬هذه‬ ‫التكيفات النفسية تقوم بتفعيل سلوكيات «التكتل يف جمموعات» وهي‬ ‫سلوكيات يتفوق فيها البشر‪ ،‬شئنا أم أبينا‪ :‬فنحن كبشر نصنّ ف بسهولة‬ ‫تفض ل أعضاء مجاعتنا على أعضاء‬ ‫إىل جمموعات وم ــن مث نتصرف بطريقة ّ‬ ‫اجملموعات األخرى‪ .‬ويف العادة‪ ،‬فإن هذه التنافسية بني اجملموعات ال تتعدى‬ ‫إىل ح ــدود ال ــع ــن ــف‪ ،‬وك ــث ـراً م ــا ق ــد ت ــك ــون صحية وتفضي إىل حتقيق الصاحل‬

‫العام‪ ،‬كالتنافس بني الشركات الذي يقود إىل منتجات أفضل وأسعار أقل‬ ‫للمستهلكني‪ .‬وهل ــذا ف ــإن التنافسية بني اجملموعات اإلنسانية ال تقود إىل‬ ‫العنف بل قد يكون هلا آاثر إجيابية على اجملتمع‪ .‬ابإلضافة لذلك‪ ،‬ورغم امتالك‬ ‫البشر تكيفات قد تقودهم إىل ارتكاب العنف ضد اجلماعات املغايرة حتت‬ ‫ظروف معينة‪ ،‬إال أن لديهم كذلك تكيفات تقود إىل التسامح‪ ،‬والتعاون‪،‬‬ ‫واحلل السلمي للص راعات حتت ظروف أخرى‪ .‬وعلى مدى القرون املاضية‪،‬‬ ‫أصبحت احلضارات أكثر مهارة بكثري فيما يتعلق خبلق بيئات حتفز السالم‪،‬‬ ‫وحمو الظروف اليت تقود إىل حتفيز العنف‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبح البشر أقل‬ ‫عنف اً اليوم بشكل كبري مما كانوا عليه يف عصور ما قبل التاريخ‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬يلزمنا ما هو أبعد من قمع العنف بني الفصائل السياسية املختلفة‪،‬‬ ‫إذا ما أردان فع الً احلد من العنف بني اجلماعات اإلنسانية مستقب الً‪ .‬فمن‬ ‫شأن حكومة مركزية قوية (كحكومة يوغوسالفيا قبل الثمانينات) أن تكون‬ ‫قادرة على منع العنف بني الفصائل املتناحرة (كالصرب والبوسنيني) لفرتة‬ ‫حم ــدودة‪ ،‬إال أن العداوات ستنفجر حاملا تضعف احلكومة من قبضتها‪ .‬يف‬ ‫حالة يوغوسالفيا‪ ،‬كما يف حاالت أخرى عديدة‪ ،‬اقتتلت اجلماعات بسبب‬ ‫اهل ــوايت العرقية والدينية والثقافية القدمية‪ ،‬ال ــي مل تقدم ألي منها أسباابً‬ ‫كافية للتطلع إىل مستقبل مشرتك‪ ،‬أو لرؤية اآلخر كحليف يشرتك معه يف‬ ‫القيم واألهداف‪ .‬ابختصار‪ ،‬مل يكن هناك أسباب كافية للتعاون‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫التطورية على أنه‬ ‫بينما تنص إح ــدى األف ــك ــار ال رئيسية يف السيكولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫يستلزم وج ــود أه ـ ٍ‬ ‫ـداف سامية مشرتكة توفر أسباابً حقيقية للتعاون‪ ،‬إذا ما‬ ‫ِ‬ ‫املدم ر فيما بينها‪ .‬ميتلك البشر‬ ‫أرادت الفصائل املختلفة أن تتجنب التنافس ّ‬ ‫تكيّ ف اً جيداً للتعاون‪ ،‬مما يعين أهنم يتقنون فعل التعاون حني يريدون القيام‬ ‫ب ــه‪ ،‬ولكنهم ل ــن يقوموا ب ــه ب ــا سبب‪ .‬وب ــدالً م ــن ذل ــك‪ ،‬سيتعاونون عندما‬ ‫التطورية‪ ،‬أال وهي متكني األف راد من إجناز بعض‬ ‫حيقق ذلك التعاون وظيفته‬ ‫ّ‬ ‫األهداف اليت طال انتظارها‪ ،‬واليت ال ميكنهم حتقيقها ف رادى‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫ومن هذا املنظور‪ ،‬نرى أن اجلانب األكثر أمهية يف جتنب العنف بني اجملموعات‬ ‫اإلنسانية يف املستقبل ال يقتصر فقط على اإلص رار على التسامح بني الفصائل‬ ‫املتناحرة‪ ،‬وإمن ــا يتعدى ذل ــك إىل تزويد تلك الفصائل أبسباب حقيقية –‬ ‫كاألهداف والقيم املشرتكة – للتعاون الفعلي‪.‬‬ ‫إال أن القول بتعاون الفصائل السياسية املتناحرة أسهل من حتقيقه يف الواقع‪،‬‬ ‫فهناك حتداين رئيسيان يواجهانه‪:‬‬

‫التحدي ال رئيسي األول يكمن يف التغلب على ميل الناس للتعريف أبنفسهم‬ ‫من جانب املاضي – كاألصل العرقي‪ ،‬والتقاليد الدينية‪ ،‬وما إىل ذلك – بدالً‬ ‫من التعريف أبنفسهم من انحية املستقبل‪ .‬ليس من اخلطأ أن يكون اإلنسان‬ ‫فخوراً ب رتاثه القدمي‪ ،‬مهما كان هذا ال رتاث‪ ،‬طاملا أنه ال يشكل عائق اً أمام‬ ‫ٍ‬ ‫مستقبل له وجملتمعه‪ .‬وإذا مل يتمكن أعضاء‬ ‫رؤية اإلنسان وحتقيقه ألفضل‬ ‫اجملموعات املختلفة من التعاون الكامل بسبب إص ـراره ــم على العيش يف‬ ‫تعي عليهم إعطاء قيمة أعلى للتطلع إىل األم ــام‪ ،‬ب ــدالً من‬ ‫املاضي‪ ،‬فل رمبا ّ‬ ‫النظر إىل الوراء‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫فيكم ن يف حتديد األهداف والقيم املشرتكة اليت‬ ‫أما التحدي ال رئيسي الثاين‬ ‫ُ‬ ‫احتماالت كثرية‪ ،‬إال أن أكثرها‬ ‫ميكنها اجلمع بني الفصائل املختلفة‪ .‬هناك‬ ‫ٌ‬ ‫تبش رياً هي تلك اليت ال متيّ ز بني الفصائل املختلفة واليت تنطبق عليها مجيع اً‪،‬‬ ‫أفض ل القيم املرتبطة ابلبحث العلمي‪،‬‬ ‫على األقل من حيث املبدأ‪ .‬شخصي اً‪ّ ،‬‬ ‫تعم ابلفائدة على اجلميع‪ .‬إن العلم‬ ‫ألنين أعتقد أهنا – من حيث املبدأ – ّ‬ ‫تعم‬ ‫هبذا املعىن هو الطريق التنويري الوحيد املوضوعي وغري املتحيّ ز‪ ،‬فنتائجه ّ‬ ‫على اجلميع ابلتساوي‪ ،‬بغض النظر عن ثقافتهم أو ت راثهم‪( .‬وبطبيعة احلال‪،‬‬ ‫فإنين أدرك متام اً أن بعض التقاليد الثقافية هي يف حد ذاهتا معادية للعلم‪ ،‬إال‬ ‫أن هذا الرفض ال يؤثر على صحة احلقائق العلمية‪ .‬فبغض النظر عما متليه‬ ‫تقاليد ما‪ ،‬تبقى احلقيقة أن األرض تدور حول الشمس)‪ .‬إن احتواءً أكمل‬ ‫للقيم العلمية من قبل الفصائل السياسية املتباينة من شأنه أن يزيد من قدرة‬ ‫البشرية على حتقيق أهداف ذات فائدة تعود على الكثريين أو على اجلميع‪:‬‬ ‫كالتغلب على األم راض‪ ،‬واحلفاظ على البيئة‪ ،‬ومحاية األطفال من االستغالل‪،‬‬ ‫أو حىت هزمية املوت‪.‬‬ ‫قد تكون األهداف والقيم العلمية هي األكثر توحيداً للبشرية‪ ،‬وقد ال تكون‪.‬‬ ‫ولكن بغض النظر ع ــن ذل ــك‪ ،‬فيمكن للمعرفة ح ــول الطبيعة البشرية أن‬ ‫تساعدان يف التقليص من فرص حدوث ص راعات سياسية مستقبلية‪ ،‬وذلك‬ ‫عرب تشجيع الفصائل املختلفة على التطلع قدم اً حنو مستقبل أكثر إش راق اً‬ ‫وتعاوانً‪ ،‬بدالً من النظر إىل الوراء حنو اهلوايت القبلية االنقسامية ألجدادهم‪.‬‬ ‫ومن خالل تثبيط اجلوانب اليت تتشبث هبوايتنا التارخيية‪ ،‬وتعزيز تلك اليت‬ ‫تتبىن الفرص اجلديدة والسامية للتعاون على نطاق واسع‪ ،‬عندها سنكون يف‬ ‫ٍ‬ ‫يعم ه السالم‪.‬‬ ‫أفضل وضع لضمان‬ ‫مستقبل ّ‬

‫‪47‬‬

‫‪48‬‬


‫م� ور بنظريته اهلندسية ب� ساب أبعاد املثلث ئ‬ ‫فيثاغورس ‪ Pythagoras‬ش‬ ‫قا� الزاوية لذلك حرف‬ ‫‪ A‬سووه بشلك مثلث‬ ‫أ‬ ‫خ‬ ‫أر� يدس ‪ Archimedes‬ش‬ ‫م� ور بقانون حساب كت لة الجسام الطافية من خالل كت لة املائع املزاح‬ ‫ف‬ ‫طا� عىل حرف ‪A‬‬ ‫لذلك إمسه ي‬ ‫ن‬ ‫كو�نيكوس ‪ Copernicus‬ش‬ ‫م� ور ب� كتشافه انو الكواكب تدور حول ج� وم و هو‬ ‫نيكولوس ب‬ ‫مكتشف املج موعة الشمسية لذلك حرف ‪ C‬ي� ثل مدار كوكب حول النجم ‪o‬‬ ‫ي زآ�اك ت ن‬ ‫الل سقطت عىل‬ ‫ال اذبية من خالل التفاحة‬ ‫نيو� ‪ Newton‬معروف ب� كتشاف قانون ج‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫غ‬ ‫الرض ن‬ ‫يع�‬ ‫(عىل‬ ‫ساقطة‬ ‫تفاحة‬ ‫بشلك‬ ‫‪o‬‬ ‫حرف‬ ‫ثل‬ ‫�‬ ‫لذلك‬ ‫خرافة)‬ ‫القصة‬ ‫هذي‬ ‫انو‬ ‫(ر�‬ ‫راسه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫مو ساقطة أخالقيا)‬ ‫تشارلز دارون ‪ Darwin‬واضع أسس نظرية النشوء و إالرتقاء (التطور) لذلك أحرف إمسه تتطور‬ ‫شويه شويه‬ ‫ين‬ ‫آينشتا� ‪ Einstein‬صاحب النظرية النسبية و واضع قانون الكت لة و الطاقة ‪2^E = mc‬‬ ‫أل�ت‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫يعت� أبو العلوم‬ ‫لذلك استبدلوا ‪ E‬ب إ�مسه ب ‪ mc2‬يد� قراطس ‪ Democritus‬فيلسوف‬ ‫إغري� ب‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الل وصفوا الذرة‬ ‫احلديثة و تصور املادة بشلك يشبه ي‬ ‫نظر�ت القرن التاسع ع� و هو من أوائل ي‬ ‫و توقع وجودها لذلك‬

‫أحرف ‪ o‬ب إ�مسه بشلك ذرات‬ ‫الل درسوا اهلندسة‬ ‫إقليدس ‪ Euclid‬ب‬ ‫يعت� واضع أساسات اهلندسة احلديثة و من أوائل ي‬ ‫الكروية‬ ‫و القطوع خ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫متوازي�‬ ‫مستقيم�‬ ‫زوا� متناظرة عىل‬ ‫امل روطية لذلك حرف ‪ E‬ب إ�مسه بشلك ي‬ ‫مستق�‬ ‫يقطهعم‬ ‫ي‬ ‫تز‬ ‫غوتفريد فيلهيمل فون‬ ‫اليبني� ‪ Leibniz‬طور حساب التفاضل و التاكمل بشلك مستقل‬ ‫عن ت ن‬ ‫نيو� و طور حاسبة ب�ساكل و واضع قانون إالستمرارية لذلك حرف ‪ L‬ب إ�مسه عىل شلك‬ ‫رمز تاكمل‬ ‫يخ‬ ‫ط�ان و ي ز‬ ‫بتطو� نظم مضادة ئ‬ ‫صوار�‬ ‫للطا�ات و‬ ‫ف� ي� ئ ي� و إهل عالقة‬ ‫هيندريك بوده هممدس ي‬ ‫ي‬ ‫ب�لستية‬ ‫مايلك فاراداي ‪ Faraday‬ش‬ ‫املغناطيس و مسامه‬ ‫م� ور ب� كتشاف التيارات احملتثة من املج ال‬ ‫ي‬ ‫ز ً‬ ‫ف� ي�ئيا لذلك حرف ‪ y‬عىل شلك مغاطيس‬ ‫بتطو� جم ال الهكرومغناطيسية ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫هيدروج� لذلك‬ ‫و� بذرة‬ ‫نيلز بور ‪ Bohr‬عامل ذرة و وضع أول تصور لشلك املدار إاللك� ي‬ ‫حرف ‪ O‬عىل شلك املدار الل ت‬ ‫اف�ضه‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ون�ن‬ ‫ول) ينص انو لك الك� ي‬ ‫فولفغانغ ب� ي‬ ‫ول ‪ Pauli‬صاحب تمبدأ يف� ي� ي� تسىم ب إ�مسه (مبدأ ب� ي‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫يدورون ب� دار واحد ي� شون ب� ج� ي ن‬ ‫هسم�‬ ‫صا�ي ن� بشلك‬ ‫اه�‬ ‫متعاكس� لذلك أحرف ‪ l‬و ‪ i‬ي‬ ‫ين‬ ‫متعاكس�‬ ‫ها� بن�غ ‪ Heisenberg‬عامل ذرة صاحب مبدأ الالدقة الل ينص انو ملكا قسنا خز� ت‬ ‫يف� ن� ي ز‬ ‫إلك�ون‬ ‫ي‬ ‫بدقة بلحظة معينة زادت الالدقة بقياسنا ملوقعه (انو ما نعرف خز� ه و موقعه بنفس‬ ‫الوقت) لذلك أحرف ‪ b‬و ‪ g‬عالمات ف‬ ‫است� ام‬ ‫في�ن ‪ Feynman‬عامل ذرة اختص بدراسة مياكنياك المك و ي ز‬ ‫ريتشارد ن‬ ‫س�ت لذلك‬ ‫ف� ي�ء ج‬ ‫ال ي‬ ‫حرف ‪ Y‬عىل شلك تفاعل انبعاث أشعة غاما‬ ‫ت‬ ‫النبا�ت و ساعد املكسيك و اهلند‬ ‫نورمان بورالوغ عامل اختص بدراسة أمراض و وراثة‬ ‫ين‬ ‫مالي� من املج اعة و حاصل عىل ئز‬ ‫تطو� زراعة القمح و أنقذ‬ ‫جا�ة نوبل‬ ‫و ب� كستان عىل ي‬ ‫لة ق‬ ‫للسالم لذلك حرف ‪ l‬بشلك سنب � ح‬ ‫جيمس واتسون و فرانسيس كريك ‪ Watson + Crick‬عملاء وراثة ت‬ ‫اش� روا بوضهعم لقاعدة‬ ‫أ‬ ‫لتفس� بناء المحاض النووية للاكئنات احلية لذلك شلك حرف ‪ S‬و ‪I‬‬ ‫القواعد املزدوجة‬ ‫ي‬ ‫عىل شلك جزيء ‪ DNA‬يلتف حول حمور التضاعف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫نز‬ ‫سايكولوجي� ا‬ ‫الشمبا�ي و‬ ‫ج� غودال ‪ Goodall‬عاملك اختصت بدراسة سلوكيات قطعان‬ ‫أ‬ ‫للنوا� احلسنة ب�لمم املتحدة‬ ‫سف�ة‬ ‫ي‬ ‫و دافعت عن حقوق احليوان و صارت ي‬

‫‪Ameer Ali‬‬


‫لقطات من مواقع التواصل االجتماعي‬

‫‪51‬‬

‫‪52‬‬


54

53


‫ق‬ ‫ت‬ ‫د ي� ن�ا ال��اب ي��‬ ‫بروفيسورة يف معهد ‪ MIT‬و خرجية هندسة ميكانيكية وكهرابئية من‬ ‫جامعة دمشق استحقت الثناء و التكرمي من رئيس الوالايت املتحدة ابراك‬ ‫أوابما يف البيت األبيض األسبوع املاضي الخرتاعها نظام «‪»Emerald‬‬ ‫ملراقبة العالمات احليوية وحركة كبار السن حيث استطاعت بواسطته‬ ‫الوصول للمراحل النهائية يف مسابقة ‪ MIT‬لرايدة األعمال ‪.‬‬ ‫دينا القتايب سورية من مواليد ‪ 1971‬هي أستاذة اهلندسة الكهرابئية‬ ‫وعلوم احلاسوب يف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ‪ MIT‬ومديرة‬ ‫مركز الالسلكية‪.‬‬ ‫حصلت على شهادة البكالوريوس من جامعة دمشق عام ‪ 1995‬وعلى‬ ‫والدكتوراه يف علوم الكمبيوتر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يف‬ ‫عام ‪ 1998‬و ‪ 2003‬على التوايل‪ .‬يف عام ‪ ،2003‬انضمت دينا اىل ‪MIT‬‬ ‫حيث انلت لقب بروفسور يف قسم اهلندسة الكهرابئية وعلوم احلاسوب‪.‬‬ ‫وه ــي امل ــدي ــرة امل ــش ــارك ــة ملركز ‪ MIT‬للشبكات الالسلكية واحلوسبة‬ ‫املتنقلة والباحثة الرئيسية يف خمترب علوم احلاسوب و الذكاء االصطناعي‪.‬‬ ‫يف ع ــام ‪ ،2013‬ف ــازت جبائزة غريس م ــوراي هوبر و هي جائزة الشباب‬ ‫املتميز واملهنية يف علوم الكمبيوتر‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 2012‬مت اختيار عملها على متناثر حتويل فورييه وكانت واحدة‬ ‫من أكرب ‪ 10‬اخرتاقات ابلنسبة للعام يف استعراض التكنولوجيا‪.‬‬ ‫يف أيلول ‪ ،2013‬فازت مبنحة ماك آرثر «منحة العبقرية» لعملها‪ .‬يف عام‬ ‫يف نفس العام وأصبحت أيضا زميلة يف مجعية آالت احلوسبة‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫‪56‬‬


‫جني ‪ Gulo‬الزائف‬

‫أحد االدلة الوراثية على السلف املشرتك‬

‫البحارة خصوصاً ‪ ،‬لكن العديد‬ ‫العديد منّا رمبا مسع مبرض االسقربوط الذي عاىن منه ّ‬ ‫منّا مل يسمع بقية احلكاية و ما وراء هذا املرض من أسرار‪.‬‬ ‫مرض االسقربوط انتج عن نقص فيتامني ‪ C‬و لذلك نرى على العديد من املنتجات‬ ‫الغذائية و ابخلط العريض “غين بفيتامني ‪ ، ”C‬لكن هل تعلم أن ابقي احليواانت‬ ‫حت ال حتتاج لفيتامني ‪ C‬يف غذائها حيث تنتج أجسامها حاجتها من‬ ‫و النبااتت ّ‬ ‫فيتامني ‪ ، C‬فقط الرئيسيات بسيطة األنف ‪ Haplorhini‬و منها اإلنسان و‬ ‫الشيمبانزي حتتاج إىل فيتامني ‪ C‬يف غذائها إضافة إىل بعض األنواع كخنازير غينيا‬ ‫و بعض اخلفافيش يف طفرات منفصلة‪.‬‬ ‫السبب يف ذلك هو طفرة عطلت جني ‪Gulo ( L-gulono-γ-lactone‬‬ ‫‪ )oxidase‬لدى السلف املشرتك للرئيسيات بسيطة األنف ‪،‬‬ ‫مسؤول عن املرحلة الرابعة و األخرية يف املسار اجلزيئي لتشكيل محض‬ ‫جني ‪Gulo‬‬ ‫ُ‬ ‫االسكوربيك داخل اجلسم و الذي يتحول لفيتامني ‪( C‬املراحل الثالثة السابقة ما‬ ‫زالت عاملة لكن تعطل املرحلة الرابعة أدى إىل انعدام قدرتنا حنن و القرود العليا على‬ ‫إنتاج فيتامني ‪.)C‬‬ ‫سلسلة اجلني حتوي عدة كودوانت توقف “روامز توقف”و طفرات حذف “إلغاء”‬ ‫مشرتكة عند كل من البشر و الشيمبانزي و الغوريالت و األورانج أواتن و املاكاك‬ ‫و قرد الرتسري حولت جني ‪ Gulo‬إىل جني زائف ال وظيفة له عند هذه الكائنات‬ ‫‪ ،‬يف الصورة لكودون توقف مشرتك بني جينوم البشر و القردة العليا و قردة العامل‬ ‫القدمي‪.‬‬ ‫األدلة تشري إىل أن الطفرة حدثت قبل حوايل ‪ 61‬مليون عام لدى السلف املشرتك‬ ‫بعد انفصال الرئيسيات بسيطة األنف عن اهلبارايت ‪ Strepsirrhini‬فاهلبارايت‬ ‫لديها جني ‪ Gulo‬وظيفي و يقوم إبنتاج فيتامني ‪.C‬‬

‫‪57‬‬

‫حياول معارضو التطور تشويه هذا الدليل ابلقول أن خنازير غينيا لديها نفس الطفرة‬ ‫فال ميكن اعتبار هذه الطفرة دليالً على السلف املشرتك ‪ ،‬يف احلقيقة الرئيسيات من‬ ‫ضمنها حنن فقدت ‪ 7‬إكسوانت من أصل ‪ 12‬إكسون يف سلسلة هذا اجلني يف‬ ‫حني أن خنزير غينيا فقد اإلكسون األول و اخلامس و جزء من السادس يف حني أن‬ ‫طفرة خنزير غينيا تعود لـ‪ 14‬مليون عام‪.‬‬ ‫كيف تغلبنا على هذه الطفرة السلبية؟‬ ‫نقص فيتامني ‪ C‬من اجلسم لفرتة طويلة يؤدي إىل املوت فكيف انتصران على هذا‬ ‫التحدي ملدة ‪ 61‬مليون عام؟ ‪،‬من املعروف أن أسالفنا تطورت يف مناطق غاابت‬ ‫و غذائها يعتمد على الثمار (حىت يومنا هذا تعتمد أغلب الرئيسيات على الثمار)‬ ‫‪،‬وجود الثمار الغنية بفيتامني ‪“ C‬محضيات” يف نظامنا الغذائي مكننا من جتاوز‬ ‫هذا الطفرة و االستمرار‪..‬‬ ‫و يطرح هــذا اجلــن الزائف حتــدايً ألنصار التصميم الذكي ‪ ،‬فما الفائدة من إجياد‬ ‫املراحل الثالث كاملةً يف كائن و تعطيل املرحلة الرابعة جاعلةً اجلني كله غري وظيفي‬ ‫إن مل يكن التفسري هو التطور عرب آلياته الطبيعية (الطفرات) و أتقلمنا مع التغيري‬ ‫احلاصل (اعتماد احلمضيات الغنية بفيتامني ‪ C‬لتجاوز الطفرة اليت منعتنا من إنتاج‬ ‫هذا الفيتامني يف أجسادان)؟‬ ‫منقول من صفحة ‪ :‬نظرية التطور‬ ‫‪facebook.com/TheTheoryOfEvolution‬‬ ‫املصادر ‪ :‬كتاب ‪Human Evolution‬‬ ‫‪ ، Genes, Genealogies and Phylogenies‬من إصدارات جامعة‬ ‫كامربدج ‪ ،‬الفصل الثالث ‪Pseudogenealogy‬‬ ‫_‪http://en.wikipedia.org/wiki/L-gulonolactone‬‬ ‫‪oxidase‬‬ ‫‪http://www.indiana.edu/~ensiweb/pp.pseudo5.pdf‬‬ ‫‪http://biologos.org/…/evolution-basics-the‬‬‫‪…placental-revolu‬‬

‫‪58‬‬



‫منظمة أدهوك ‪ :‬علامنية ‪ ،‬حداثة ‪ ،‬تعددية‬

‫شهدت بعض دول الرشق األوسط وشامل افريقيا انتفاضات احتجاجية عىل‬ ‫الواقع املأساوي املهيمن عىل الفرد حيث فتحت هذه االنتفاضات الباب‬ ‫عىل م رصاعيه لجميع األط راف املتناقضة للتواجد عىل ‪،‬الساحة‪ .‬فكان للفكر‬ ‫ال راديكايل حصة كبرية للرتويج عن أفكاره وثقافته اإللغائية للفرد والتنوع‬ ‫املجتمع ي‫‪ ‬.‬مام أدى إىل صدام بني نسيج املجتمع الواحد‪ .‬أي بني من يريد‬ ‫العودة بنا إىل قرون سابقة تحت شعار الدين وبني من يريد مواكبة التغي ريات‬ ‫الناتجة عن تطور الوعي إلدراك ما هو غري معتاد لثقافة معينة‪ .‬كام نجد‬ ‫الطبقة األوسع من النسيج املجتمعي‪ ،‬بني هذين املعسكرين‪ ،‬والتي تخىش‬ ‫التغيري لكنها تخىش أيض اً العودة للاميض وخسارة بعض املكتسبات الضئيلة‬ ‫التي تخص الحياة الفردية‬

‫‪61‬‬

‫الشك أن مجتمعاتنا عانت من محن عديدة‪ ،‬لكنها مل تكتسب بعد الخربة‬ ‫الكافية لتجاوزها وتجاوز املحنات الحالية‪ ،‬وذلك يعود ألسباب عديدة منها‬ ‫والدة بعض األديان يف منطقة الرشق األوسط والذي نتج عنها اعتامدا كليا‬ ‫عىل األديان من قبل الفرد واملجتمع‪ .‬ففي كل محنة تلجأ هذه الشعوب إىل‬ ‫الله لتستعني به بدال من االعتامد عىل فكرها اليجاد الحلول‪.‬‬ ‫ساهمت القاعدة الدينية لهذه املجتمعات ايجاد آلية إلخضاع الفرد لها من‬ ‫خالل كبح رغبات وحاجات الفرد‪ ،‬ليصبح الفرد ملتصقا بهويته الدينية بدال‬

‫من أية هوية أخرى‪.‬‬ ‫تغلغل اإلسالم املتشدد منذ فرتة يف هذه املجتمعات واستطاع التوغل يف‬ ‫نسيجها من خالل استغالل مشاعر االنكسار لدى هذه املجتمعات ال رازحة‬ ‫تحت ثقل الشعور الدفني بالهزمية‪ ،‬ولتدغدغ حاجتها النفسية الباحثة عن‬ ‫وجود فعيل‪ ،‬من خالل تقدميهم هوية دينية يستطيع الفرد من خاللها‬ ‫الشعور باألمان والتعويض عن جميع رغباته واملحروم من مامرستها‪.‬‬ ‫نعلم أن الطبيعة تخىش الف راغ‪ ،‬فمع انتشار الفكر اإلسالم املتشدد يف هذه‬ ‫املرحلة الحرجة‪ ،‬ويك ال نرتك لهم الساحة خاوية‪.‬‬ ‫لذلك ‪ ،‬تأسست منظمة « أدهوك‪ :‬علامنية‪ ،‬حداثة‪ ،‬تعددية «‪ ،‬من أجل‬ ‫املشاركة يف نرش الفكر الحدايث الحر وتأسيس ثقافة الحوار واالختالف‪ .‬من‬ ‫أجل املساهمة يف بناء املجتمع بقواعد إنسانية جديدة وليس عىل ركائز‬ ‫التعصب والتطرف والقبلية‪ ،‬من أجل مد جسور التواصل والتنسيق والعمل‬ ‫املشرتك بني كل الفاعلني السياسيني ونشطاء املجتمع املدين الذين يقتسمون‬ ‫التوجه العلامين الحدايث التعددي ‪...‬‬

‫‪62‬‬


‫تأسست منظمة «أدهوك‪ :‬علامنية‪ ،‬حداثة‪ ،‬تعددية» لتكون أرضية صلبة من‬ ‫أجل انطالقة فكرية وحركية دينامية يف مجتمعاتنا التي ترزأ تحت أوبئة‬ ‫اجتامعية وسياسية وفكرية خطرية‪ .‬وهذا ال ميكن أن يتأىت إال باإلدراك التام‬ ‫والوعي بحساسية املرحلة التي منر بها‪ ،‬كام أنه ال ميكننا ذلك دون تضحيات‬ ‫جسام وتالحم فيام بيننا ملواجهة قوى الظالم والرجعية والتخلف ‪..‬‬

‫تستمد املنظمة مرجعياتها من ‪:‬‬ ‫القيم اإلنسانية السامية املبنية عىل املساواة والحرية والعدالة يف إطار‬ ‫العلامنية والحداثة ‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫العقل والفكر العقالين يف إطار التفكري الحر وروح اإلبداع ‪.‬‬

‫اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملواطن ‪ ،‬وكذا املواثيق واملعاهدات والدولية‬ ‫أهداف املنظمة ميكن اختصارها يف عدة نقاط و أهمها ‪:‬‬ ‫نرش قيم اإلنسانية والتسامح والفكر الحر ‪.‬‬ ‫العمل عىل بناء ثقافة علامنية يف الرشق األوسط وشامل إفريقيا ‪ ،‬وترسيخها‬ ‫يف أفق االنتقال من الدول الدينية والتوتاليتارية إىل دول مدنية حداثية‬ ‫وتقدمية تفصل الدين عن السياسة ‪ ،‬وتلغي كل االنتهاكات والتمييزات باسم‬ ‫الخصوصيات الحضارية والثقافية ‪ ،‬كالتمييز بني الرجل واملرأة ‪ ،‬والتمييز‬ ‫بني الحاكمني واملحكومني ‪.‬‬ ‫خلق ودعم جسور التعاون مع جميع املنظامت الوطنية والدولية التي‬ ‫تحارب جميع أشكال التطرف والتعصب والعنف‪ ،‬والتي لها نفس أهداف‬ ‫املنظمة ‪ ،‬وتفعيل روابط التضامن معها ‪.‬‬ ‫توسيع املشاركة يف الحياة العامة واملجتمع املدين ‪ ،‬دون متييز بسبب الجنس‬ ‫أو اللون أو الدين أو اللغة وتطوير التواصل الحضاري ‪.‬‬ ‫إنجاز مشاريع ب رشاكة مع الفاعلني االقتصاديني واالجتامعيني والهيئات‬ ‫الوطنية والدولية تصب يف أهداف املنظمة ‪.‬‬ ‫تنظيم أيام دراسية ‪ ،‬ندوات ‪ ،‬و ورشات ومعارض ولقاءات ومؤمت رات يف املجاالت‬ ‫املتعلقة بالثقافة‪ ،‬الرتبية‪ ،‬التعليم‪ ،‬الفنون‪ ،‬الشأن العام ‪ ،‬واملجتمع املدين ‪.‬‬

‫‪64‬‬



‫صفحاتنا عىل الفي �سبوك‬ facebook.com/groups/iThinkmagazine facebook.com/Protect.Humans.NOT.Borders facebook.com/Off.graphic facebook.com/i.Think.Science facebook.com/groups/syrianatheists ‫قناتنا عىل اليوتيوب‬ www.youtube.com/channel/ UCgGCaUcebnUxXusioMZINkA ‫اع داد اجمل ةل جتدوهن ا عىل‬ www.mediafire.com www.box.com issuu.com/i-think-magazine facebook.com/groups/iThinkmagazine ‫مدونة اجملةل‬ i-think-magazine.blogspot.com ‫م نتدى أ�ان أ�فكر‬ facebook.com/groups/Montada.I.Think

... ‫عيشوا سعداء‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.