1
دعـاة ال قضـاة لألستاذ المستشار حسـن الهضـيبي
بسم اهلل الرحمن الرحيم ·
·
·
·
والنفاق
· · · · ·
·
·
تقديم للشيخ محمد عبد اهلل الخطيب
مقدمة
الفصل الثاني:
محمدا رسول اهلل عن شهادة أن ال إله إال اهلل وأن ً الردَّة – في معاني الجحود – والكفر – والشرك – و ِّ
الفصل األول:
الفصل الثالث:
الح ِ اكميَّة َ
الفصل الرابع﴿ :إِ ِن ا ْلح ْكم إِالَّ ِ هلل﴾ عقيدتنا ُ ُ الفصل الخامس :الجهل والخطأ في العقيدة
الفصل السادس :الرد على من خالف األصول السابقة الفصل السابع :الطاعة واالتباع
الفصل الثامن :الحكومة اإلسالمية أو واإلمام الحق ومعنى السمع
والطاعة والحكم والتحكيم والمعلوم من الدين بالضرورة
· ·
الفصل التاسع :الكفر بالطاغوت
الفصل العاشر :التعامل المباشر مع القرآن الكريم
تساؤالت حول موضوع البحث "نحن دعاة ال قضاة" واجابات فضيلة
المرشد العام األستاذ حسن الهضيبي -رحمه اهلل -
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
2
تقديم الحمد هلل رب العالمين والعاقبة للمتقين والصالة والسالم على سيدنا محمـد وعلـى آلـه
وصحبه أجمعين ...أما بعد،
فهذه هي الطبعة الثانية من كتاب دعاة ال قضاة والـذ أصـدر هـذا الكتـاب هـو اإلمـام
حسن الهضيبي المرشد العام لإلخوان المسـلمين ـ رحمـه اهلل ورضـي عنـه ـ ،وهـو أحـد قـــادة الجهـــاد بحـــق ،وأحـــد رجـــال الـــدعوة اإلســـالمية الـــذين وهبـــوا أنفســـهم وأرواحهـــم وأموالهم هلل تعالى ،إنه الرجل الذ قاد الجماعة في أشد فترات حياتهـا وعـاا المحـن
ال لها. التي لم تعرف الدعوة اإلسالمية – خالل األربعة عشر قرًنا الماضية _ مثي ً قويا في الحق لـم تلـن لـه قنـاة ،ولـم وكان اإلمام رحمه اهلل كالجبل األشم ً صلبا ً صامدا ً يهن له عزم ولم تضعف له إرادة ،ولم تزحزحه األحداث قيد أنملة رغـم المـرو والسـن ِ يقول الحق سبحانه ﴿و َكأ َِّين ِّمن َّن ِب ٍّي قَاتَ َل مع ُه ِرِّبي َ ِ ـاب ُه ْم ِفـي صَ ير فَ َما َو َهنُوا ل َمـا أَ َ ََ َ ُّون َكث ٌ يل ِ س ِب ِ ان قَ ْـوَل ُه ْم إِالَّ أَن قَـالُوا استَ َكا ُنوا َواهللُ ُي ِح ُّب َّ ين * َو َما َك َ الصا ِب ِر َ اهلل َو َما َ ض ُعفُوا َو َما ْ َ ْـدام َنا وا ْنصـرَنا علَـى ا ْلقَـوِم ا ْل َكـ ِ ِ ين * س َا ـرفَ َنا ِفـي أ َْم ِرَنـا َوثَِّب ْ اف ِر َ ـت أَق َ َ َ ُ ْ َ َرَّب َنا ا ْغف ْر لَ َنا ُذنُ َ ْ وب َنا َوِا ْ اب ار ِ ـن ثَ َـو ِ اب ُّ ين﴾ (سـورة آل عمـران َخ َـرِة َواهللُ ُي ِح ُّ َفآتَ ُ ـب ا ْل ُم ْح ِس ِـن َ سَ اه ُم اهللُ ثَ َـو َ الـد ْن َيا َو ُح ْ .)641 :641 لقد صبر على المحن واحتسب هلل كل ماالقاه هو واخوانه ،وبقى حتـى آخـر نـبو فـي
مستشـعر أعئـم المسـ ولية وثقـل األمانـة الملقــاة ًا عروقـه وآخـر نفـس يتـردد فـي صـدره عليه ..وامامنـا ـ رحمـه اهلل ـ لـيس فـي حاجـة إلـى االعتـراف بجهـوده أو تسـجيل مـآثره فإنه عند اهلل في دار كرامة ،وقد وفد على رب كريم يجزيه على مـا قـدم أفضـل الجـزا ُضـيع عم َـل ع ِ ِ امـل ِّمـ ْن ُكم ِّمـن َذ َكـر أ َْو أُْنثَـى ُّه ْم أ َِّنـي الَ أ ُ َ َ َ استَ َج َ قال اهلل تعالى ﴿فَ ْ اب لَ ُه ْم َرب ُ ِ ُخ ِر ُجوا ِمـن ِد َي ِ سـ ِبيلِي َوقَـاتَلُوا َوقُِتلُـوا اج ُروا َوأ ْ ض ُكم ِّمن َب ْعو فَالَّ ِذ َ َب ْع ُ ين َه َ ـارِه ْم َوأُوُذوا فـي َ ألُ َكفِّر َّن عـ ْنهم س ِّـي َ ِات ِهم وأل ُْد ِخ َل َّـنهم ج َّنـات تَ ْج ِـر ِمـن تَ ْح ِتهـا األ ْنهـار ثَوابـا ِّمـن ِع ْن ِـد ِ اهلل َ ُ ًَ ُْ َ َ ْ َ َ َ ُْ َ ِ س ُن الثََّو ِ اب﴾( ،سورة آل عمران .)691 َواهللُ ع ْن َدهُ ُح ْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
3
ولما تم النصر للمسلمين في معركة نهاوند أرسل قا ـد الجـيا مـن يبشـر سـيدنا عمـر
بالنصــر ويخبــره باستشــهاد القا ــد النعمــان بــن مقــرن – ولمــا ســمع عمــر بــالخبر بكــى
واسترجع ،ثم قال :ومن ويحك؟؟ قال فالن وفالن ..ثم قال :وآخرون يا أمير المـؤمنين ال تعــرفهم قــال عمــر وهــو يبكــى :ال يضــرهم أن عمــر ال يعــرفهم ،ولكــن اهلل يعــرفهم "
تاريخ الطبر جـ 4لكننـا نتحـدث عـن أ متنـا األعـالم ال مـن بـاب التقـديس ،ولكـن مـن
باب التقدير واالعتراف بالفضل ألهلـه وشـكر مـن أسـدي إلينـا معروًفـا ،أو وقـف موق ًفـا
فيــه زود عــن هــذه الرســالة ،ففــي هــذا التشــجيع لألجيــال لتقليــد ه ـؤال والســير علــى
طريقهم والثبات واالحتساب ،والقرآن الكريم يبين لنا العالقة الطيبة بين الرواد وأبنا هم س َــبقُوَنا ـون َرَّب َنــا ا ْغ ِف ْــر َل َنــا َوِإل ْخ َو ِان َنــا الَّـ ِـذ َ ين َجــا ُوا ِمــن َب ْع ِــد ِه ْم َيقُولُـ َ فيقــولَ ﴿ ،والَّـ ِـذ َ ين َ ـك ر ُؤ ٌ ِ ِب ِ يم ِ ـيم﴾ ،سـورة الحشـر ان َو َال تَ ْج َع ْل ِفـي ُقلُوِب َنـا ِغـالِّ لِّلَّ ِـذ َ آم ُنـوا َرَّب َنـا إَِّن َ َ ين َ اإل َ وف َّرح ٌ ارية .61
يقول األستاذ المرشد عمر التلمساني ـ رحمه اهلل رضي اهلل عنه ـ وأرضـاه " :واذا كـان
حسن البنا قد مضى إلى ربه وترك النبتة يانعة يافعة فتيـة ،فقـد كـان حسـن الهضـيبي
كريمـا ًا حريصـا لـم يفـرط، عالمة زمانه ،ومشعل عصره ،يوم حمل الراية ً عزيـز لـم يلـنً ، قويا في حزم ،ثابـت الخطـأ فـي فهـم ،فأكـد معـالم لم يهن ،وأدي األمانة أمي ًنا في عزمً ،
الفهم السليم لإلسالم الصحيح فـي القـول وفـى العمـل لـم يثنـه حبـل مشـنقة ولـم يرهبـه
ـمودا فــوق الصــمود " مجلــة ســجن وال تعــذيب ،بــل زاده األمــر إصـر ًارا علــى إصـرار وصـ ً الدعوة العدد األول رجب 6991هـ يقول األستاذ الهضيبي ـ رحمه اهلل تعالى ـ في االحتفال بغزوة بدر " أيها اإلخوان: إن دعوة اإلخوان المسلمين لم تعد دعوة محلية تنحصر في حـدود وطـن صـغير ،وانمـا
غدت عالمية تشـمل العـالم اإلسـالمي بأسـره وتـوقئ فـي المسـلمين رو العـزة والكرامـة
والتقوي ،فهي اليوم عنوان ابنعاث ال نوم بعـده ،وتحـرر ال عبوديـة معـه وعلـم ال جهـل
ورا ه ،ولــم يعــد مــن الســهل علــى أيــة طاغيــة أن يحــول دون انتشــار هــذه الــرو أو
جميعا امتدادها وما ذاك إال ألنها تعبير صادق عن شعور عميق مأل نفوس المسلمين ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
4
ويســـتولي علـــى مشـــاعرهم وعقـــولهم ،وهـــو أنهـــم ال يســـتطيعون اليـــوم نهضـــة بـــدون
اإلسالم ،فاإلسالم في حقيقته ضرورة وطنية واجتماعية وانسانية " مجلة الدعوة العـدد السابع غرة المحرم .6991 ـودا لقضــية ويقــول ـددا دورهــم ومهمــتهم " إن اهلل جعلكــم جنـ ً موجهــا كالمــه لإلخـوان محـ ً ً الحق والفضيلة والعزة في طنكم وفى العالم اإلسالمي كله ،واذا كان من واجب الجند
مستعدا دا ًما للقيام بواجبه ،فكونوا مستعدين دا ًما لما يؤدي بكم إلى النصر أن يكون ً في الحياة ،فطهروا قلوبكم وحاربوا أهوا كم وشهواتكم قبل أن تحاربوا أعدا كم فإن من انهزم بينه وبين نفسه في ميدان اإلصال ،أعجز من أن ينتصر مـع غيـره فـي معركـة
السال " المرجع السابق. وهذا تعريف موجز بكتاب – دعاة ال قضاة – وموضوعه يـدور حـول القواعـد الشـرعية والمـوازين اإلسـالمية الدقيقــة التـي يجـب علينــا أن نسـتخدمها فـي نئرتنــا للنـاس ،كمــا يجــب علينــا أن نســير علــى مقتضــاها ونحــن نمضــى فــي هــذا نــؤدي مــا كلفنــا الحــق
سبحانه وتعالى بـه ،وهـو الـدعوة إلـى اإليمـان بـاهلل وااللتـزام بمنهجـه واتبـاع رسـوله ـ
صلى اهلل عليه وسلم ـ ومواجهة األفكار بالبيان والتصحيح وازالة الشبهات ،ورد األمـر
إلى كتاب اهلل وسـنة رسـوله صـلى عليـه وسـلم ،والجـدال بـالتى هـي أحسـن كمـا علمنـا ـك ِبا ْل ِح ْكم ِـة وا ْلمو ِعئَ ِـة ا ْلحسـ َن ِة وج ِ سـ ِب ِ ـاد ْل ُه ْم يل َرِّب َ َ َ ََ َ َ َْ القرآن هو الطريق السليمْ ﴿:ادعُ إِلَـى َ ين﴾ ،سـورة س ُن إِ َّن َرب َ َعلَ ُم ِبا ْل ُم ْهتَ ِـد َ س ِبيلِ ِه َو ُه َو أ ْ َّك ُه َو أ ْ ِبالَّ ِتي ِه َي أ ْ َعلَ ُم ِب َم ْن َ ض َّل َعن َ َح َ النحل ...621سمع عمر بن عبد العزيز ـ رضي اهلل عنه ـ أن الخـوار عـادوا لئهـور
كتابـا يقـول في بعو مناطق الدولة ،وأخذوا يثيرون القالقـل فأرسـل إلـيهم علـى الفـور ً فيه :من عمر بن عبد العزيز إلى فالن و فالن . .أما بعـد " :فلقـد بلغنـى أنكـم خـرجتم غضبا هلل ولنصرة دينه ،ولسـمت فـي هـذا بـأولى منـى فهلمـوا لنتحـاور فـإن كـان الحـق ً معنا لزمكم السمع والطاعة ،وان كان معكم نئرنا فيما نحـن عليـه " . .ووصـلت إلـيهم الرسالة فحضروا إليه وجلس معهم في المسجد ،وفتح لهم قلبه واستمع إليهم الرسالة
إلـيهم ثـم اسـتمعوا إليـه . .اسـتمعوا إلـى كلمــة اإلسـالم مـن رجـل أمـين صـادق فــاقتنعوا برأيه ورجعوا عما هم فيه وتابوا إلى اهلل. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
5
أمـا أســلوب مواجهــة الفكــرة بــالتربا بأصــحابها والكيــد لهــم :واالضــطهاد والفتنــة فهــو
وتجـاوز لكـل الحـدود ًا عنـادا أسلوب فاشل ال يليق باإلنسان وال يزيـد صـاحب الفكـرة إال ً وهذا ما حدث لألسف الشديد.
يقول مصطفى صادق الرافعى رحمه اهلل " :إذا كنت تشنق مـن يخالفـك فـي الـرأ ففـي
رأسك عقل اسمه الحبل ،واذا كنت تسجن من يخالفك في الرأ ففي رأسك عقل اسـمه
الجدار ،واذا كنت تقتـل مـن يخالفـك فـي الـرأ ففـي رأسـك عقـل اسـمه السـكين أمـا إن كنت تأخذ وتعطى وتقنع وتقتنع ففي رأسك العقل الذ اسمه العقل "
وحى القلم.
والقضــايا التــي عالجهــا هــذا الكتــاب قضــايا دقيقــة وخطيــرة تحتــا إلــى اطــالع ودراســة
وعلم غزير حتى يمكن اإلحاطة بها والوقوف على منهج السلف ،ولعل بعو األسباب
التــي تكمــن فــي حــدوث مــا حــدث هــو قلــة بضــاعة الــبعو مــن المعرفــة بفقــة اإلســالم وجوانبه ،و األخذ ببعو النصوا دون بعضها ،وعدم الدراسة واإللمـام بـآرا السـلف
الصالح وال بمعرفة مواقع النصوا دون بعضها .وعدم الدرايـة واإللمـام بـآرا السـلف الصالح وال بمعرفة مواقـع إجمـاع الصـحابة والتـابعين ـ رضـوان اهلل علـيهم ـ ،وقـد أفـرد
األستاذ ـ رحمه اهلل ـ فصـالً كـامالً لهـذه الضـوابط تحـت عنـوان – التعامـل المباشـر مـع
القرآن الكريم – وقد حذرنا األسالف من االندفاع والحكم بغير علم ومن التصد لبيان هــذا الــدين أو تفســير أحكامــه مــن غيــر أن نلــم بالشــروط والقواعــد ونحققهــا قبــل أن
نتعرو الستنباط األحكام. يقــول الحســن البصــر " العامــل علــى غيــر علــم ،كالســالك علــى غيــر طريــق ،والعامــل
طلبــا ال يضــر بالعبــادة، علــى غيــر علــم مــا يفســده أكثــر ممــا يصــلحه ،فــاطلبوا العلــم ً قوما طلبـو العبـادة وتركـوا العلـم ،حتـى خرجـوا واطلبوا العبادة ً طلبا ال يضر بالعلم ،فإن ً
بأسيافهم على أمة محمد صلى اهلل عليه وسلم ولو طلبوا العلم لم يدلهم على فعلوه ". الفيصل:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
6
يقول إمامنا الشهيد حسن البنا رحمه اهلل ورضي عنه في رسالة التعاليم القول الفصل
ـلما أقــر بالشــهادتين وعمــل بمقتضــاهما وأدي فــي هــذه القضــية . .وهــو " ال نكفــر مسـ ً معلومـا مـن الـدين بالضـرورة، الف ار و برأ أو معصية ،إال إن أقر بكلمة الكفر وأنكر ً
أو كذب صريح القرآن ،أو فسره على وجه ال تحتملـه أسـاليب اللغـة العربيـة بحـال ،أو
عمل عمالً ال يحتمل تأويالً غير الكفر " .. .رسالة التعاليم.
وهذا هو األصل الذ قامت عليه الجماعة من أول يوم في نئرتها للناس ،وهو الحق
الكامل والفقه السليم لدور الجماعة.
مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدي الفرا و" وقوله ـ رحمه اهلل ـ" :ال نكفر ً ـلما حتـى يعمــل بمقتضــاهما هـذا القــول قــد يـوهم أن مــن نطــق الشـهادتين ال يعتبــر مسـ ً
ويؤد الف ار و . .وليس هذا بصحيح ،وال هو مراد إمامنـا رحمـه اهلل بـدليل قولـه بعـد ذلك – برأ أو معصية – أ ال نكفر المسلم برأ أو معصية ،ومعلوم أن تـرك بعـو الف ار و من المعاصي والعبادة التي خالطها بعو الريا مما يخالف مقتضـى شـهادة
أيضا ،وأهل السـنة ال يكفـرون بكـل ذنـب أو بكـل معصـية فئهـر التوحيد من المعاصي ً مــن ذلــك أن م ـراد اإلمــام ـ رضــي اهلل عنــه ـ أن النطــق بالشــهادتين يســتلزم العمــل بمقتضاهما ،ومن مقتضاهما أدا الف ار و واجتناب النواهي.
معلومـا مـن الـدين بالضـرورة أو ثم قال ـ رحمه اهلل ـ إال إن أقـر بكلمـة الكفـر ،أو أنكـر ً كذب صريح القرآن ،أو فسره على وجه ال تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ،أو عمل عمالً ال يحتمل تأويالً غير الكفر. اضيا غير مكره فهذه خمسة أمور واضحة جلية – ومعنى أقر بكلمة الكفر – أقر بها ر ً منشرحا بها صدره. أو أكره فجعل فتنة الناس كعذاب اهلل .فأقر بكلمة الكفر ً معلوما من الدين بالضـرورة – يعنـى أنكـر المسـلمات الشـرعية اليقينيـة ومعنى – أنكر ً – كفريضة الصالة أو حرمة الخمر أو رد آية من القـرآن وأنكـر كونهـا منـه – والشـرط فــي هــذا كمــا ســنري فــي هــذا الكتــاب ،أن يكــون اإلنكــار بعــد العلــم وقيــام الحجــة علــى موقع مصر أوالً www.egypt1.info
7
ال بأن أمثال هذه األمـور ممـا المنكر بالبيان الواضح والبالغ المبين ،أما من أنكر جاه ً
علم من الدين بالضرورة فيعذر حتى يعلم واثمه على من وجب عليه البالغ ولم يفعل.
أما قوله – أو كذب صريح القرآن – فالمراد التكذيب بعلوم واضـحة صـر بهـا القـرآن، كرفضه ألخبـار األمـم السـابقة أو قصـا األنبيـا علـيهم الصـالة والسـالم التـي وردت
في القرآن. وقوله – أو فسره على وجه ال تحتمله أساليب اللغة العربية – فإن األصـل فـي تفسـير القـرآن هـو النقـل الصـحيح عـن لمعصـوم ـ صـلى اهلل عليـه وسـلم ـ ،فـإن لـم يكـن فعـن الصحابة ـ رضوان اهلل عليهم ـ فإن لـم يكـن فـأقوال األ مـة الثقـات مـن سـلفنا الصـالح،
فإن لم يكن فلالجتهاد نصـيب بشـرط اسـتيفا األهليـة لـذلك واسـتيفا شـروط المفسـر،
وقــد أفــرد لهــا كتابنــا هــذا فصـالً كــامالً هــو افصــل الحــاد عشــر تحــت عنـوان التعامــل المباشر مع القرآن الكريم.
أما من تجاوز كل هذه الشروط وفسر القـرآن بهـواه فليبتـوأ مقعـده مـن النـار كمـا جـا
في الحديث وهذا إذا فسره بهواه واحتملتـه أسـاليب اللغـة العربيـة أمـا مـن فسـره بمـا ال
ـريحا ـذيبا صـ ً تحتملــه أســاليب اللغــة العربيــة بوجــه مــن الوجــوه فيعتبــر تفســيره هــذا تكـ ً للقرآن.
وقوله رحمه اهلل :أو عمل عمالً ال يحتمل غير الكفر – ومثل هذا :الذ يفـر مـن بـالد المسلمين إلى بالد الكفار فيدلهم على عـورات أمتـه وأسـرارها ،ويناصـرهم علـى إخوانـه
عالمـا بمـا يفعـل المسلمين بالقوة أو بالعمل ،أو خر معهـم لحـرب المسـلمين ،ويكـون ً وبما يأتي من أعمال.
وهـذا الضـوابط واألصـول التـي وضـعها مؤسـس الجماعـة اإلمـام الشـهيد حسـن البنـا ـ رحمه اهلل ـ هي التي سار عليها خليفته األستاذ المرشد حسـن الهضـيبي ـ رحمـه اهلل ـ
وحافئ عليها ،وكـان ـ رحمـه اهلل ـ أمي ًنـا علـى كـل نئـم الجماعـة ،حمـل الرايـة فـي أشـد وفيـا ببيعتـه ،أمي ًنـا الئروف وأشقها ومضى بها حتـى سـلمها كمـا تحملهـا ممـن سـبقه ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
8
على دعوته ،ما النت له قناة وال انحنى إال هلل ،وضرب المثل على قوة التحمل وصدق اهلل صـ َـدقُوا َمــا َع َ ـن ا ْل ُمـ ْـؤ ِم ِن َ العزيمــة واإلخــالا وصــدق اهلل العئــيم ﴿ ِمـ َ ين ِر َجــا ٌل َ اهـ ُـدوا َ ضى َن ْح َب ُه َو ِم ْن ُهم َّمن َينتَ ِئ ُر َو َما َب َّدلُوا تَْب ِـديالً﴾ ،سـورة األحـزاب اريـة َعلَ ْي ِه فَ ِم ْن ُهم َّمن قَ َ .29
ال ،وقـد تضـمنت المقدمـة األصـول التــي هـذا الكتـاب كـون مـن مقدمـة وأحـد عشـر فصـ ً
يجب أن تتبع في حياتنا ل ال نحيد عن الطريق.
ـاز ْعتُ ْم ِفــي َ -6وجـوب االحتكـام إلــى اهلل ورسـوله قــال اهلل تعـالى﴿ :فَـِإن تََن َ ـي فَـ ُـردُّوهُ شْ اهلل وا ْليـوِم ار ِ ول إِن ُك ْنتُم تُ ْؤ ِمنُ َ ِ إَِلى ِ س ِ ـن تَـأ ِْويالً﴾ سـورة اهلل َو َّ َخ ِـر َذلِ َ سُ ـك َخ ْي ٌـر َوأ ْ ون ِب َ َ ْ َح َ الر ُ ْ النسا .19 :
-2
كل قول ال يقوم على صحته برهـان أو دليـل ال يلزمنـا ولـيس حجـة علينـا ،وعلـى
من قال به أن يأتي بالدليل المثبت لصحة قوله.
-9أشار إلى قضية العقـل وأنـه ال دخـل لـه فـي إيجـاب شـريعة بـأمر أو نهـى ،فالعقـل نعمة من اهلل ال جدال في ذلك .كرمه اهلل وأعطاه دوره في معالجة شـ ون الحيـاة وحـل
اضحا كما قـال أسـتاذنا ـ رحمـه معضالتها لكن دوره من النا يجب أن يكون ً محددا و ً اهلل ـ – وئيفة العقل في فهم النصوا ومعرفة مراد اهلل عز وجـل منهـا – فهـو يتلقـى ويحاول أن يفهم ويدرك ما يتلقاه ثم يذعن ويطبق وينفذ ما ال يفهمه اليوم مـن الـنا
غدا ،وبهذا تكون رؤيته للنا أسلم وأكرم. الثابت فسيدركه ً وأشار في المقدمة إلى أمر آخر أال وهـو :كـل امـر
غيـر المعصـوم ـ صـلى اهلل عليـه
وسلم ـ يؤخذ من قوله ويرد ويؤخذ من قوله ما قام الدليل والبرهان علـى أنـه حـق ويـرد
من قوله ما لم يقم دليل أو برهان على صحته. في الفصل األول.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
9
محمدا رسول اهلل ،ومـن نطـق بهـا فقـد أصـبح تحدث عن شهادة أن ال إله إال اهلل وأن ً مسلما في التو واللحئة ويطالب بباقي فرا و اإلسالم ثـم أثبـت بالـدليل بطـالن القـول ً
بعــدم إســالم مــن نطــق بالشــهادتين إذا جهــل مفهمومهــا وأثبــت بطــالن القــول باشــتراط
العمل وبطالن التكفير بالذنب والمعصية ،ثم تحـدث عـن مـذهب أهـل السـنة والجماعـة
في هذا األمر.
وفى الفصل الثاني. تحدث عن معاني الجحود والكفر والشرك والردة والنفاق. وفى الفصل الثالث. تحـــدث عـــن " إن الحكـــم إال هلل .هـــو عقيـــدتنا وعـــن حكـــم الجاهـــل بـــاألوامر والنـــواهي والواجــب عليــه والواجــب علــى المجتمــع نحــوه وعــن حكــم ســن الق ـوانين ووضــع الــنئم التشـريعات وعـن حـد الخطــأ والتأويـل واإلكـراه وحكـم المكــره وأنواعـه والفـرق بـين عمــل
القاضي والداعية ،وعن التطبيقات المختلفة. وفى الفصل الرابع: تحدث عن الجهـل والخطـأ فـي العقيـدة وأثبـت أنـه بعـد ثبـوت عقـد اإلسـالم لـه ال يـزول عنه إال بنا أو إجماع . .واستدل على ذلك بالبراهين المختلفة من الكتاب والسنة. وفى الفصل الخامس. تعرو لمن خالف األصول السابقة ..فرد على تلك الدعاوي وأبطلها بالبرهان. وفى الفصل السادس تحدث عن الطاعة واالتباع ومعناها ،والفرق بين االعتقاد والعمل. وفى الفصل السابع: موقع مصر أوالً www.egypt1.info
11
أشار إلى معنـى الحكومـة اإلسـالمية أو إمامـة الحـق ومعنـى الحكـم والتحكـيم والمعلـوم من الدين بالضرورة وشروط اإلمام المسلم ،ووجوب إقامة الحكومـة اإلسـالمية ،وحكـم
الحاكم على خالف األمر. وفى الفصل الثامن. معنى الطاغوت في اللغة والشرع ومعنى الكفر به. وفى الفصل التاسع: تحدث باستفاضة عن التعامل المباشر مع القرآن الكريم ،ورد على بعو الشبهات في الشبهات في هذا الموضوع ثم أشار إلى الشروط التي يجب أن يتحلى بها من يتعرو
لهــذا األمــر الخطيــر وهــى شــروط االجتهــاد مــن معرفــة للغــة العربيــة و معرفــة التفســير
ومعرفــة الســنة ،ومــا هــو الفــرق بــين الواجــب والمنــدوب والمبــا المحئــور والكراهــة يضــاف إلــى هــذه الثــروة معرفــة واقــع إجمــاع الصــحابة والتــابعين مــن الســلف واإللمــام
بآرا السلف الصالح. وفى الفصل العاشر رد على بعو التساؤالت ووضح الكثير من الشبهات التي كانت عند البعو والتـذكير بخط الجماعة من أول يوم في نشأتها والى اليوم. أخي: إن هذا الكتاب يجب أن يق أر من أوله إلى آخره مرة ومرات. يــدرس مــع األنــاة والدقــة والتجــرد فقضــية اإليمــان والكفــر مــن أخطــر قضــايا الوجــود،
والخـوو فيهـا بغيــر علـم وال برهــان وال هـدي أمـر عئــيم يجـب عليــك أن تحتـرس منــه
وأن تنتبه إليه وأن تشـغل نفسـك بغيـر هـذا ،تشـغل فكـرك وتتجـه باهتماماتـك كلهـا إلـى الدعوة إلى اهلل الدعوة الفردية وحسن الصلة .وتقديم القدوة الطيبة وترك األثر الصالح موقع مصر أوالً www.egypt1.info
11
في نفوس من يحيط بك أو يجاورك أو يتعامل معـك ،أمـا أن تتحـول إلـى قـاو تصـدر األحكــام وتقســم النــاس إلــى ف ــات فهــذا أمــر ســهل لكنــه قــد يكلفــك مــا ال تقــدر عليــه
ورسولنا ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ" ومن دعا رجال بالكفر أو قال :عدو اهلل وليس كـذلك
جـادا بتعلـيم الجاهـل إال جار عليه " اترك هذا المنحنى الخطيـر واشـغل نفسـك إن كنـت ً وتبصيره واألخذ بيده وتنبيه الغافل وتذكيره. جمعيا إلى الخير وجعلنا هداة مهتدين. هدانا اهلل ً
محمد عبد اهلل الخطيب 61جمادي األولى 6411هـ 61يناير 6911م
تقديم الناشر الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل ومن وااله ...وبعد، لقـد مـرت بـاإلخوان المسـلمين المحـن الطاحنــة بأطوارهـا وتوالـت علـيهم الفـتن لســنوات
طوال ففتن من فتن ووفق اهلل تعالى برحمته من شا فثبته علـى الحـق الـذ جـا بـه المصطفى ـ عليه الصالة والسالم ـ في كل موافقة وجميع حاالته.
ولقد كان ممـا ابتلـى بـه اإلخـوان فـي سـجونهم ومعـتقالتهم مـا أئهـره الـبعو مـن رأي
بتكفير المسلمين أو التشكيك في حقيقة إسالمهم وايمانهم.
ولقد سارع اإلخوان – رغم قسـوة سـجنهم ومعـتقالتهم إلـى تصـحيح هـذا الفهـم ال رهبـة
كفـوا أحـد من أحد وال زلفى ألحد سوي الواحد األحد الذ لم يلد ولم يولـد ولـم يكـن لـه ً ردا وقال مرشدهم – آنذاك – األستاذ /حسن إسـماعيل الهضـيبي ـ رضـوان اهلل عليـه ـ ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
12
على تلـك الـدعوي كلمتـه الجامعـة التـي حـددت طريـق اإلخـوان المسـلمين وعبـرت عـن
مــنهجهم وصــورت مهمــتهم " نحــن دعــاة ولســنا قضــاة " وأشــرف – رحمــه اهلل – علــى وضـع أبحــاث فـي عقيــدة أهــل السـنة فــي الموضـوعات التــي أثــار حولهـا أصــحاب تلــك
الدعوي شبهات. وكان من فضل اهلل ورحمتـه أن جعـل فيهـا الشـفا فهـدأت الخـواطر واطمأنـت النفـوس بعد أن ال الحق و انتقمت الشبهات. ولقد كان الواضح أن أمر تلك الفتنة قد انقضى غير أن خصوم الحق ما كاون ليرضوا بــذلك أو يقعــدوا عــن محــاوالتهم تشــوية الــدعوات اإلســالمية الخالصــة خاصــة بعــد أن لمسوا تشوق الناس لدعوة اإلسالم أيقنوا أن األمة قد استقر في وجدانها زيف كـل مـا
عـداها مـن دعـوات وأنهـا راغبـة رغبـة صـادقة ملحـة أن تعـود إلـى ربهـا وتلـوذ بشــريعة اقتصاديا يشمل كل جوانب اجتماعيا و وسياسيا و أخالقيا ونئاما دستور وقانوًنا ًا اإلسالم ً ً ً ً ً حياتهــا ويخرجهــا ممــا حــاق بهــا فــإذا بنــا نفاجــأ بمقــاالت تكــررت فــي الصــحف عــن "
جماعــات الهجــرة " تغــالي فــي أمرهــا وتهــول مــن مخاطرهــا . .ولعــل القصــد مــن ذلــك محاوالت حاقدة لتنفير الناس من الدعاة إلى شريعة اهلل. لذا رأينا من المفيد نشر تلكـم األبحـاث التـي أصـدرها المرشـد العـام لإلخـوان المسـلمين
خيـر وقـد ألحقنـا بهـا رسـا ل بعـث بهـا – األستاذ حسن الهضيبي ـ رحمـه اهلل ـ وجـزاه ًا رحمه اهلل – إلى بعو إخوانه وأبنا ـه إجابـة عـن تسـاؤالت مـنهم عسـى أن يكـون فـي
ذلـــك إيضـــا لمـــن طلـــب الحـــق وبيـــان لعقيـــدة اإلخـــوان المســـلمين وتحديـــد لمـــوقفهم ومنهجهم ﴿ َواهللُ َيقُو ُل ا ْل َح َّ يل﴾. ق َو ُه َو َي ْه ِد َّ الس ِب َ القاهرة :ربيع األول 6919 مارس .6911 الناشر
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
13
(دار التوزيع والنشر اإلسالمية) مقدمة الح مد هلل رب العالمين ونشهد أن ال إله إال اهلل الواحد القهار الحكم العدل الخالق لكـل شي العالم بكـل شـي نسـتغفره ونتـوب إليـه ونسـتهديه ونسـأله التوفيـق والرشـاد وبـه
تعالى نستعين وال حول وال قوة إال باهلل. ونصلى ونسلم على سيد ولد آدم أجمعين .محمد بن عبد اهلل رسول اهلل وخاتم النبيين ونــذيره وبشــيره إلــى اإلنــس والجــن فــي العــالمين ونشــهد أنــه عبــد اهلل ورســوله وخــاتم
أنبيا ــه ورســله بلــا الرســالة وأدي األمانــة ومــا نطــق فــي شــي مــن الــدين إال بــالحق بوحي من اهلل عز وجل ﴿ومـا ي ِ ِ َّ ِ نط ُ ِ ـوحى﴾ ،مـا تـرك ـي ُي َ ََ َ ـق َعـن ا ْل َه َـوي * إ ْن ُه َـو إال َو ْح ٌ خيـر قـط يقربنـا شريعة تلزمنا وفيها رضا اهلل عنا إال فصلها ووضحها وبينها وما تـرك ًا من اهلل عز وجل إال نصحنا به وما كان من شـر يسـتجلب غضـب اهلل علينـا إال حـذرنا
منــه ونهانــا عنــه وتركنــا بعــد ذلــك وفينــا كتــاب اهلل وســنته عليــه الصــالة والســالم علــى المحجة البيضا ليها كنهارها ال يزيا عنها إال هالك. اللهم صل وسلم عليـه أعئـم وأتـم سـالم وعلـى آلـه وصـحبه ومـن تـبعهم بإحسـان إلـى يوم الدين. أما بعد فهذه بعو أبحاث حول بعو اررا التـي ئهـرت بـين حـين وحـين ولمـا لـم يكـن وجـه
ئاهر رأينا أن نتعرو لها بالتمحيا والرد إلى كتاب اهلل العزيز والى سنة ًا الحق فيها جليـا ويتميـز عنـه غيـره فـال يقـع أحـد اضحا ً رسوله عليه الصالة والسالم ليبين الحق و ً
في شبهة أو إشكال ولينئر طالب الحق فيما وافق كتاب اهلل وسنة رسوله ـ صـلى اهلل
صحيحا ال شبهة فيه ويعمل به ويلتزمه وفيما حاد عن كتاب اهلل عليه وسلم ـ فيعتقده ً وســنة الرســول ولـم يكــن لــه فيهمــا مــا يؤيــده ويثبــت صــحته فينبــذه وال يلتفــت إليــه بــل يؤمن ببطالنه ويعمل على تغييره.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
14
أصول نتبعها: ال ال نحيد عنه ألن اهلل عز وجل قد أمرنا به قال تعالى وفى هذا الذ بحثناه نلتزم أص ً شي فَح ْكم ُه إَِلى ِ ِ ِ ِ اهلل﴾. ﴿ َو َما ْ اخ َت َل ْفتُ ْم فيه من َ ْ ُ ُ ِ ِ األم ِـر ِمـ ْن ُك ْم فَـِإن يعـوا َّ س َ ُّها الَّ ِـذ َ أَي َ الر ُ اهلل َوأَط ُ آم ُنـوا أَط ُ ـول َوأُوِلـي ْ يعـوا َ ين َ اهلل وا ْليوِم ار ِ ول إِن ُك ْنتُم تُ ْؤ ِمنُ َ ِ فَردُّوه إِلَى ِ س ِ ـك َخ ْيـٌر اهلل َو َّ َخ ِر َذلِ َ ُ ُ ون ِب َ َ ْ الر ُ ْ
وقال تعالىَ ﴿ :يا ش ْي تََن َاز ْعتُ ْم ِفي َ ال﴾ فأمرنا اهلل عز وجل بطاعتـه وطاعـة رسـوله عليـه الصـالة والسـالم ثـم س ُن تَأ ِْوي ً َوأ ْ َح َ طاعة أولى األمر فإن وقع االخـتالف سـوا بيننـا وبـين أولـى األمـر أو فيمـا بيننـا فقـط فال يكون الرد إال إلى اهلل ورسوله ليكون الحكم الحق الشريعة الالزمة وبدهي أن الرد
إلى اهلل تعالى مقصود به الرد إلى ما أوحاه اهلل تعالى إلى نبيه عليـه الصـالة والسـالم ن الذكر المتلو المتعبد بتالوته وهو القرآن الكريم المنقول إلينا نقل الكافة عـن الكافـة
وأن الرد إلى الرسول ـ عليه الصالة والسالم ـ مقصود به الرد غلى ما أوحاه اهلل إليه ـ
عليه الصالة والسالم ـ من ذكر غير متلو وهو األحاديث الثابتة عنه ـ صـلى اهلل عليـه وسلم ـ. وأصل ثان: هو أن كل قول ال يقوم على صحته برهان مثبت له ال يلزمنا وليس حجـة علينـا وعلـى من قال به أن يأتي بالدليل والبرهان المثبتين لصحة قوله ولسنا نحن المكلفين بإقامة
البرهان على عدم صحة ما قال به دون أن يقيم هو البرهان على صحة قوله واال كان
صـحيحا فـي ذاتـه وبمجـرد قولـه وهـذا مـا ال يسـتقيم فـي البديهـة إذ كل قول قالـه قا ـل ً مؤداه أن تكون األقـوال المتعارضـة المتضـاربة كـل منهـا صـحيح فـي ذاتـه وهـذا يـؤدي بعضـا وانمـا بعضـا ويهـدم بعضـها ً إلى الحكم بصحة المتناقضـات التـي يـنقو بعضـها ً يلزمنا إقامة البرهان على عدم صحة ما قال به القا ل إن هو أقام مـا يطـن أنـه برهـان على صحة قوله فأ ،لم نسلم بصحة برهانه وأن قوله الحق لزمنا أن نقـيم الـدليل علـى
ـك س لَ َ فساد برهانه الذ استدل به على صحة قوله ،قال اهلل تعـالىَ ﴿ :والَ تَ ْق ُ ـف َمـا لَ ْـي َ ِب ِه ِع ْل ٌم﴾ ،وم ا ليم يقم البرهان على صحته فـال علـم لنـا بـه وقـد نهانـا اهلل عـن أتباعـه موقع مصر أوالً www.egypt1.info
15
َِّ ِ ِ ـاموا آم ُنـوا ِبـ َـرِّب ِه ْم َو ِزْد َن ُ ـاه ْم ُه ًـدي * َوَرَب ْط َنــا َع َلـى ُقلُـوِب ِه ْم إ ْذ قَـ ُ وقـال تعـالى﴿ :إن ُهـ ْـم ف ْت َيـ ٌة َ شـطَطًا * َه ُـؤالَ ِ السماو ِ ات َواأل َْر ِ و لَن َّن ْد ُع َو ِمن ُدوِن ِه إِلَ ًها لَّقَ ْد ُق ْل َنـا إِ ًذا َ فَقَالُوا َرُّب َنا َر ُّب َّ َ َ س ْلطَان َب ِّين فَ َم ْن أَ ْئلَ ُم ِم َّم ِن افْتََري َعلَى قَ ْو ُم َنا اتَّ َخ ُذوا ِمن ُدوِن ِه آلِ َه ًة لَّ ْوالَ َيأْتُ َ ون َعلَ ْي ِهم ِب ُ ِ اهلل َكـ ِـذ ًبا﴾ والســلطان فــي اللغــة هــو الحجــة أ البرهــان – فــأثنى اهلل عــز وجــل علــى هؤال الفتية في إنكارهم قول قومهم إذ لم يقم قومهم على قـولهم حجـة بينـة وصـدقهم
تعلى في قولهم إن من ادعى قـو ًال بـال دليـل فإنـه يقـول علـى اهلل الكـذب وقولـه تعـالى: َه َوا َ ُه ْم ِب َغ ْي ِر ِع ْلم﴾ فأخبرنا اهلل تعالى بأن مـن اتبـع قـو ًال وافقـه ين َ ئ َل ُموا أ ْ ﴿َب ِل اتََّب َع الَّ ِذ َ
بال علم بصحته فهو ئالم وقال تعالىُ ﴿ :ق ْل َهاتُوا برَها َن ُكم إِن ُك ْنتُم ص ِ ين﴾ ،فأوجـب ـاد ِق َ ْ َ ُْ ْ تعلى أن من كان صاد ًقا فـي دعـواه فعليـه أن يـأتي بالبرهـان علـى صـحته وان لـم يـأت
بالبرهان فال صحة لقوله. وأصل ثالث:
هو أن ليس للعقل مدخل في إيجاب شريعة بأمر أو نهى أو بخطر أو إباحة إنما عمل العقــل فــي تفهــم النصــوا ومعرفــة مـراد اهلل عــز وجــل منهــا والقــا لون بجـواز القيــاس
والنافون له في تقرير هذا األصل سوا وانما احتج القا لون بالقياس بأنهم فهموا مـن
النصوا أنه يتعدي حكمهـا إلـى مـا اشـترك معهـا فـي ذات علـة الحكـم وبرهـان صـحة ـه إِلَـى ِ اخ َتلَ ْفـتُم ِف ِ اهلل﴾وقولـه تعـالى: يـه ِمـن َ ـي فَ ُح ْك ُم ُ هذا األصل قولـه تعـالىَ ﴿ :و َمـا ْ ْ شْ ـــذب َهـــ َذا حــــالَ ٌل و َهــــ َذا حــــرام لِّتَ ْفتَــــروا علَــــى ِ ِ صـ ُ ِ ﴿والَ تَقُولُـــوا لِمــــا تَ ِ اهلل ُ َ َ ـــف أَْلســــ َنتُ ُك ُم ا ْل َكـ َ َ َ َ َ ٌَ ا ْل َك ِذب﴾وقال تعالىُ ﴿ :ق ْل إَِّنما حَّرم رِّبي ا ْل َفو ِ ط َن َو ِ اإل ثْ َم َوا ْل َب ْغ َي ئ َه َر ِم ْن َها َو َما َب َ ا َما َ اح َ َ َ َ َ َ َ َ اهلل ما لَم ي َنِّز ْل ِب ِه س ْلطَا ًنا وأَن تَقُولُوا علَى ِ ِ ون﴾ ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّ ق َوأَن تُ ْ اهلل َما الَ تَ ْعلَ ُم َ َ ش ِرُكوا ِب َ ْ ُ َ ُ والقـول بـأن اهلل تعـالى أمـر بكـذا أو نهـى عـن كـذا أو حـرم كـذا أو أبـا كـذا دون ســند شرعي موحى به منه تعالى هو قول على اهلل تعالى بغير علم.
أيضـا فـأن كــل امـر فيمـا عــدا المعصـوم عليـه الصــالة والسـالم يؤخـذ مــن قولـه ويــرد و ً يؤخذ من قوله ما قام بها على أنه حق ويرد من قوله ما لم يقم عليه ذلك.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
16
ونحن حين نستشهد بأقوال السابقين من أ مة الفقة واللغة ال يدور بخلـدنا أن الواجـب علينــا أتبــاعهم فــي أ شــي قــالوه إنمــا نحــتج بفهمهــم اللغــة وهــم أ متهــا والعــالمون بمختلف أساليبها وأن فهمنا للنفس قد شاركنا فيـه أصـحاب العقـول الراجحـة والمتفقـة
في اللغة والدين. واهلل نســأل أن يهــدينا الرشــاد ويجنبنــا الزلــل ويبلغنــا الحــق وأن يجعــل أقوالنــا وأعمالنــا خالصة لوجهه تعالى مأجورة منه مقبولـة لديـه وأن يجـزي عنـا خيـر الجـزا كـل وجـدنا
علــى خطــأ فصــوبه لنــا بالحجــة والبرهــان مــن كتــاب اهلل وســنه رســوله عليــه الصــالة والسالم وأرشدنا إلى حقيقة ما أمر اهلل به.
محمدا رسول اهلل الفصل األول :شهادة أن ال إله إال اهلل ،وأن ً معناها (مضمونها) :دخول اإلنسان بها في دين اإلسالم ،وما يتصل بـذلك مـن معـاني كلمات :اإلله -الرب -العبادة – الدين. الشهادة: في اللغة معناها الحضور والمعاينة وما ينتج عن ذلك في النفس من علم وتيقن. والشهادة على الشي : شاهدا. قاطعا فيكون المخبر اإلخبار به خب ًرا ً ً والشهادة ما يتلفئ به المر لإلخبار بما علم. والعلم في اللغة: حصول حقيقة العلم فالعلم بالشي تيقنه على ما هو عليه في الحقيقة.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
17
وعلـى ذلــك تكــون لشــهادة أن ال إلــه إال اهلل لفئــة ينطقهـا المــر لإلخبــار بمــا وقــع فــي
نفسه من تيقن من وجود ذات اهلل تعلـى وأنـه تعـالى أحـد ال إلـه سـواه إقـرار منـه بـذلك
وهذا التلفئ بما يفيد هذا المعنى يسـمى شـهادة سـوا أكـان المخبـر صـادقًا فيمـا أخبـر
به عن نفسه أم غير صادق قال ـ عليه الصالة والسالم ـ" :أال وشهادة الزور" فسمي ـ
عليه الصالة والسالم ـ اإلخبار بما ال يطابق الحقيقة شهادة. ولفئ الجاللة "اهلل" علم على الرب تبارك وتعالى.
قال ابن كثير القرشي :اهلل علم على الرب تبارك وتعـالى يقـال إنـه االسـم األعئـم ألنـه ـه إِالَّ ُهـ َـو َعــالِم ا ْل َغ ْيـ ِ ـب يوصــف بجميــع الصــفات كمــا قــال تعــالىُ ﴿ :هـ َـو اهللُ الَّـ ِـذ الَ إِلَـ َ ُ ِ اد ِة ُهــو الـ َّـر ْحم ُن الـ َّـر ِحيم * ُهــو اهلل الَّـ ِـذ َال إَِلـ َ َّ َو َّ ال ُم ُّوس َّ الس ـ َ الشـ َ ـه إِال ُهـ َـو ا ْل َمل ـ ُك ا ْلقُــد ُ ـه َ َ َ ُ َ ُ ان ِ ق اهلل َع َّمـا ُي ْ ا ْل ُم ْؤ ِم ُن ا ْل ُم َه ْـي ِم ُن ا ْل َع ِز ُ ون * ُه َـو اهللُ ا ْل َخـالِ ُ ش ِـرُك َ س ْـب َح َ َّـار ا ْل ُمتَ َك ِّب ُـر ُ يـز ا ْل َجب ُ السـماو ِ ار ا ْلمص ِّور لَ ُه األَسما ا ْلحس َنى يس ِّـبح لَ ُ ِ ات َواأل َْر ِ يـز و َو ُه َـو ا ْل َع ِز ُ َْ ُ ُ ْ ُ َ ُ ـه َمـا فـي َّ َ َ ا ْل َب ِ ُ ُ َ ُ ِ ِ سـ َنى َسـ َـما ُ ا ْل ُح ْ ـيم﴾ فــأجري األســما الباقيــة صــفات لــه كمــا قــال تعــالىَ ﴿ :وهلل األ ْ ا ْل َحكـ ُ ِ اهلل أ َِو ْاد ُعـوا َّ فَ ْ الـر ْح َم َن أَيِّـا َّمـا تَ ْـد ُعوا َف َل ُ ـه األ ْ َس َـما َ اد ُعوهُ ِب َها﴾ وقال تعالى ﴿ ُقـل ْاد ُعـوا َ س ـ َنى﴾ وفــى الصــحيحين عــن أبــى هريــرة رضــي اهلل عنــه أن رســول اهلل صــلى اهلل ا ْل ُح ْ
احدا من أحصـاها دخـل الجنـة عليه وسلم قال " :إن هلل تسعة وتسعين اسماً ما ة إال و ً " واستطرد ابن كثير قا الً إن اسم الجاللة اسم لم ُيسم به غيره تبارك وتعالى ،ولهذا ال يعالف في كالم العرب له اشتشقاق من فعل يفعل فذهب من ذهب من النحاة إلـى أنـه اسـم جامـد ال اشـتقاق لــه وقـد نقلـه القرطبــي عـن جماعـة مــن العلمـا مـنهم الشــافعي
والخاطبي وامام الحرمين والغزالي وغيرهم. وقيل إنه مشتق واستدلوا على ذلك بقول رؤبة بن العجا : هلل در الغانيات المده
سبحن واسترجعن من تألهي
وتألهــا كمــا روي عــن ابــن وقـد صــر الشــاعر بلفــئ المصــدر وهــو التألــه ألــه يألــه إلــه ً عباس أنه قرأ ﴿ويذرك و الهتك﴾ ،بمعنى عبادتك أ أنه كان يعبد وال يعبد وكذلك قال موقع مصر أوالً www.egypt1.info
18
مجاهـــد وغيـــره وقـــد اســـتدل بعضـــهم علـــى أنـــه مشـــتق بقولـــه تعـــالىَ ﴿ :و ُهـ َــو اهللُ ِفـــي السماو ِ الس َما ِ إِلَ ٌه َوِفـي األ َْر ِ ات َوِفي األ َْر ِ ـه﴾ و﴾ وبقوله تعالىَ ﴿ :و ُه َو الَّ ِذ ِفي َّ و إِلَ ٌ َّ َ َ
ونقــل ســيبويه عــن الخليــل أن أصــل "إلــه" مثــل فعــال وقيــل أصــل الكلمــة "اله" فــدخلت األلف والالم للتعئيم وهذا اختيار سيبويه قال الشاعر: اله ابن عمك ال أفضلت في حسب
عنى وال أنت دياني فتحزوني
وقال الكسا ي والفـ ار :أصـله "اإللـه" حـذفوا الهمـزة وأضـغموا الـالم واألولـى فـي الثانيـة كما قال تعالىَ ﴿ :ل ِك َّن ُه َو اهللُ َرِّبي﴾ أ "لكن أنا" وقـد قرأهـا كـذلك الحسـن ثـم قيـل هـو مشتق مـن " ولـه " إذا تحيـر ،و " الولـه" ذهـاب العقـل يقـال رجـل "والـه" وامـرأة "ولهـى"
"مولوهة" إذا أرسل في الصحرا واهلل تعالى يحير هـؤال فـي الفكـر فـي حقـا ق صـفاته
قال الراز :وقيل إنه مشتق من "ألهت إلى فالن" أ ركنـت إليـه والعقـول ال تسـكن إال إلى ذكره واألروا ال تفر إال بمعرفته ألنه الكامل على اإلطالق دون غيره قال تعالى: ِ ِ ِ أيضا وقيل من "اله يلوه" إذا احتجب وقيل وب﴾ ،وقال الراز ً ﴿أَ َال ِبذ ْك ِر اهلل تَ ْط َم ُّن ا ْل ُقلُ ُ أيضــا :اشــتقاقه مــن "ألــه الفصــيل" أولــع بأمــه وال معنــى أن العبــاد "مؤهلــون" مولعــون ً بالتضرع إليه في كل األحوال وقال أيضا :وقيل من " أله " الرجل إذا فزع من أمر نـزل
به "فألهه" أ أجاره فالمجير لجميع الخال ق من كل المضار هو اهلل سبحانه وتعـالى: ـن ِ اهلل﴾ ﴿ َو ُه َو ُي ِج ِي ُر َوالَ ُي َج ُار َعلَ ْي ِه﴾ ،وهو المنعم لقوله تعالىَ ﴿ :و َما ِب ُكم ِّمن ِّن ْع َمة فَ ِم َ وهو المطعم لقوله تعالىَ ﴿:و ُه َـو ُي ْط ِعـ ُم َوالَ ُي ْط َع ُـم﴾ ،هـو الموجـد لقولـه تعـالىُ ﴿ :ق ْـل ُكـل ِّم ْن ِع ْن ِد ِ اهلل﴾ ،وقـد اختـار الـراز أنـه اسـم غيـر مشـتق البتـة وقـال :وهـو قـول الخليـل وسيبويه وأكثر األصوليين والفقها ثم أخذ يستدل علـى ذلـك بوجـوه منهـا أنـه لـو كـان
مشــتقًا ال شــترك فــي معنــاه كثيــرون وفيهــا أن بقيــة األســما تــذكر صــفات فنقــول "اهلل الرحمن الرحيم الملك القدوس" فدل ذلك على أنه ليس بالمشتق ثـم اسـتطرد ابـن كثيـر
قا الً :وحكى الراز عن بعضهم أن اسم اهلل تعالى عبرانى ثم ضعفه وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال :ألن الخلق يألهون إليه بفـتح الـالم وكسـرها لغتـان وقيـل إنـه مشـتق مــن االرتفــاع فكانــت العــرب تقــول لكــل شــي مرتفــع "الهــا" وكــانوا يقولــون إذا طلعــت
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
19
الشــمس "الهــت" وقيــل إنــه مشــتق مــن " ألــه " الرجــل إذا تعبــد و " تألــه " إذا تنســك انتهى. االختالف حول األصل اللغو لكلمة "اإلله" وآثاره: هذا االختالف الواضح في تحقيق اللغـويين أهـل الثقـة والمعرفـة لكلمـة "اإللـه" أو "اهلل"
جامدا غير مشتق أم أنه اسم اسما ً وعدم توصلهم إلى القطع بما إذا كان لفئ الجاللة ً مشــتق مـــن مصــدر فعـــل معــروف واذا كـــان مشــت ًقا فـــأ مصــدر أو فعـــل اشــتق منـــه والمعاني المتعددة للمصدر أو الفعل الذ ذهب إليه من قالوا باالشتقاق وعدم االتفاق
علـى معنـى معــين أو مجموعـة معــان محـددة يشــملها المصـدر أو الفعــل الـذ قيــل إن اللفئة مشتقة منه هذا االختالف ليس بـذي أهميـة ونحـن فـي غنـى عـن الخـوو فيـه ذلــك أن اهلل تعلــى أخبرنــا بــالقول اليقــين والصــدق الخــالا وفصــل الخطــاب أن القــدرة
علــى الخلــق والعلــو والتســامي والســلطان الكبيــر العئــيم واإلجــارة واج ـرا الــرزق وكــذا
الملك والتصرف كانـت مـن المعـاني المعروفـة بـين كثيـرين فـي الجاهليـة للفـئ الجاللـة السـ َـما ِ َواأل َْر ِ ـار َو َمــن َمــن َي ْملِـ ُك َّ ـن َّ و أ َّ قــال تعــالىُ ﴿:قـ ْـل َمــن َيـ ْـرُزقُ ُكم ِّمـ َ السـ ْـم َع َواأل َْب َ صـ َ ون اهللُ﴾ ،فـدل يْ ُّخ ِر ُ ا ْل َح َّي ِم َن ا ْل َم ِّي ِت َوُي ْخ ِر ُ ا ْل َم ِّي َت ِم َن ا ْل َح ِّي َو َمن ي َ س َـيقُولُ َ األم َر فَ َ ُّد ِّب ُر ْ قوله تعـالى أنهـم سـيجيبون بـأن الـرازق والمالـك للسـمع واألبصـار والمخـر للحـى مـن الميت و الميت من الحي والمدبر لألمر هـو اهلل شـأنه دل ذلـك علـى أنهـم يعلمـون أن
هــذه القــدرات هــي مــن صــفات اهلل عــز وجــل وكــذلك األمــر فــي قولــه تعــالىُ ﴿ :قــل لِّ َمـ ِـن ون ِ ِ ون * ُقـ ْـل َمــن َّر ُّب هلل ُقـ ْـل أَفَ ـ َ األ َْر ُ ال تَ ـ َذ َّك ُر َ سـ َـيقُولُ َ يهــا إِن ُك ْنــتُ ْم تَ ْع َل ُمـ َ و َو َمــن ف َ ـون * َ ون ِ ِ الس ْـب ِع ور ُّب ا ْلعـر ِ ِ ِ هلل ُق ْـل أَفَـالَ تَتَّقُـو َن * ُق ْـل َمـن ِب َي ِـد ِه َّ س َـيقُولُ َ ا ا ْل َعئـيم * َ َْ الس َـم َاوات َّ َ َ ون ِ هلل ُق ْـل فَـأ ََّنى وت ُك ِّل َ َملَ ُك ُ س َـيقُولُ َ ش ْي َو ُه َو ُي ِج ِي ُر َوالَ ُي َج ُار َعلَ ْي ِـه إِن ُك ْنـتُ ْم تَ ْعلَ ُم َ ـون * َ ون﴾. س َح ُر َ تُ ْ
وئـاهر هـذه اريـات أن اإلجابـة بمفهـوم لفـئ الجاللـة سـيكون مـن الجميـع دون تمييــز
ولو لم تكن غير هذه اريات لقلنا بذلك ولكنـا وجـدنا آيـات أخـري تقطـع بـأن هنـاك مـن ينكر ويجحد وجود اهلل كليـة ومثـل هـذا الجاحـد ال تصـدر عنـه اإلجابـة بـاالعتراف بـاهلل موقع مصر أوالً www.egypt1.info
21
عز وجل وسلطانه وقدراته قال تعـالىَ ﴿ :وقَـالُوا َمـا ِهـي إِالَّ َح َياتَُنـا ُّ ـوت َوَن ْح َيـا الـد ْن َيا َن ُم ُ َ ــن َغ ْيـ ِ ون * أ َْم َخلَقُـــوا ــر َ َو َمـــا ُي ْهلِ ُك َنـــا إِالَّ الـــد ْ َّه ُر﴾﴿ ،أ َْم ُخلِقُـــوا ِمـ ْ ــم ا ْل َخـــالِقُ َ ــي أ َْم ُهـ ُ شـ ْ السماو ِ ون﴾ ،فدل ذلك على أن اإلجابة التي أنبأنا اهلل عـز وجـل ات َواأل َْر َ و َبل الَّ ُيوِقنُ َ َّ َ َ أنها ستكون له باإلقرار له عز وجل بسلطانه وقدراته هي من البعو دون البعو. حكم الناطق بالشهادتين. مسلما تجري محمدا رسول اهلل أن نعتبره وحكم الناطق بشهادتي أن ال إله إال اهلل وأن ً ً عليه أحكام المسلمين وليس لنا أن نبحث في مـدي صـدق شـهادته إذ أن ذلـك متعلـق بما استشعره واستيقنه بقلبه وهو أمر ال سبيل لنا للشكف عنه والتثبت منه ولكن ذلـك
مسـلما من شأن الذ يعلم السر وأخفى فمـن اسـتيقن قلبـه مـا نطـق بـه كـان عنـد اهلل ً مؤم ًنا ونفعه ما تلفئه بلسانه.
وبرهان ما قدمنا :قول الرسـول عليـه الصـالة والسـالم فيمـا حـدث بـه أبـو هريـرة رضـي اهلل تعالى قال " :أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بي وبما ج ت به فإذا فعلوا ذلك عصموا ممنى دما هم وأموالهم إال بحقها وحسابهم على اهلل "
والمجمـع عليــه مـن أهــل اإلسـالم أن الــذ يعصـم مالــه ودمـه بالشــهادتين هـو المســلم
وأمــا عصــمة أم ـوال ودمــا أهــل الذمــة فتكــون بالعهــد وأدا الجزيــة مــع الصــغار وال يشترط فيهم النطق بالشهادتين. وقوله عليه الصالة والسـالم فيمـا حـدث بـه أنـس بـن مالـك رضـي اهلل عنـه "يخـر مـن النار من قال ال إله إال اهلل وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ثم يخر مـن النـار
من قال ال إله إال اهلل وكان في قلبه من الخير ما يزن بره ثم يخر من النـار مـن قـال اهلل الَ َي ْغ ِف ُـر أَن ال إله إال اهلل وكان فـي قلبـه مـن الخيـر مـا يـزن ذرة" وقـال تعـالى ﴿إِ َّن َ شا ُ﴾ فعلمنا يقي ًنا أن من قـال ال إلـه إال اهلل وكـان ُي ْ ون َذلِ َك لِ َمن َّي َ ش َر َك ِب ِه َوَي ْغ ِف ُر َما ُد َ
في قلبه مثقال ذرة من خير ليس مشرًكا والكافر والمشرك سوا .
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
21
بدر أنه قال :يا رسول اهلل إن لقيـت وحدث المقداد بن عمرو الكند وهو ممن شهدوا ًا كافر فاقتتلنا فضرب يد بالسيف فقطعها ثم الذ بشجرة وقال أسلمت هلل آقتله بعـد أن ًا قالها ؟ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم " :ال تقتله " قال يـا رسـول اهلل فإنـه طـر
إحدي يد ثم قال ذلـك بعـدما قطعهمهـا آقتلـه قـال " ال تقتلـه فـإن قتلتـه فإنـه بمنزلتـك
قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال"
وحدث أسامة بن زيد بن حارثة قال :بعثنا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلى الحرقة من جهينـة فصـبحنا القـوم فهزمنـاهم ولحقـت أنـا ورجـل مـن األنصـار رجـالً مـنهم قـال:
فلما غشيناه قال :ال إال إال اهلل ؟ قال فكف عنه األنصار فطعنته برمحي فقتلته قـال:
فلما قدمنا بلا ذلك النبي صلى اهلل عليه وسلم قال :فقـال لـي " :يـا أسـامة أقتلتـه بعـد
أن قال ال إله إال اهلل! "قلت يا رسول اهلل إنما كان متعوًذا قال" :أقتلتـه بعـد أن قـال ال
إله إال اهلل ؟ "فما زال يكررها على حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم"
وحدث أبو ذر الغفار رضي اهلل عنه عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسـلم فـي حـديث
طويل قال فيه قال رسول اهلل صلى اهلل عليـه وسـلم "ذلـك جبريـل أتـاني فقـال مـن مـات من أمتك ال يشرك باهلل شي ًا دخـل الجنـة قلـت :و إن زنـا وان سـرق قـال :وان زنـا وان سرق".
فهذه النصوا الثابتة عن رسول اهلل ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ قاطعة في داللتها على
مسـلما صحة الحكم الذ قلنا به وهو أن حكم اهلل أن نعتبر أن مـن نطـق بالشـهادتين ً
تجري عليه أحكام المسـلمين وأن نعاملـه بمقتضـى أحكـام الشـريعة اإلسـالمية باعبتـاره
مسلما وأن نكل سريرته إلى عالم السرا ر جل شأنه. ً كلمة الرب: أيضــا كملـة الـرب معناهـا – كمـا قــال ابـن كثيـر – المالـك المتصــرف ويطلـق فـي اللغـة ً
علـى السـيد وعلــى المتصـرف لإلصـال وبمثــل ذلـك قـال النســفي – وقـال آخـرون إنهــا
أيضــا بمعنــى المربــى الكفيــل بقضــا الحاجــات القــا م بــأمر التربيــة والتنش ـ ة والرقيــب ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
22
والر يس المطاع صاحب السلطة النافذ الحكم ،المعترف له بالعال والسـيادة وكـل ذلـك واضح وأنه داخل في معنى المالك المتصرف والسيد المتعهد لإلصال . كلمة العبادة: أيضــا إقامــة الشــعا ر الدينيــة بقصــد التعئــيم العبــادة هــي االتبــاع واالنقيــاد المطلقــان و ً واإلجالل واعالن الخضوع والتذلل. كلمة الدين: وكلمة الدين معناها: -6القهر والغلبة. -2التعبد والطاعة. -9الشريعة أ الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع. -4المحاسبة والجزا والعقاب. بعو آرا األستاذ المودود : قال األستاذ المودودي في كتابه المصطلحات األربعة. " لما نزل القرآن الكريم في العرب وعرو على الناطقين بالضـاد كـان كـل امـر مـنهم يعــرف معنــى اإللــة ومــا الم ـراد بــالرب ألن كلمتــي اإللــة والــرب كانتــا مســتعملتين فــي
علما بجميـع المعـاني التـي تطلـق الكلمتـان عليهـا كالمهم من ذ قبل وكانوا يحيطون ً ومن ثم إذا قيل ال إله إال اهلل وال رب سواه وال شريك له فـي ألوهيتـه وربوبيتـه ،أدركـوا تماما وبين لهم من غيـر مـا لـبس أو إبهـام أ شـي هـو الـذ قـد نفـاه ما دعوا إليه ً القا ــل ومنــع غيــر اهلل أن يوصــف بــه وأ شــي قــد خصــه وأخلصــه هلل تعــالى والــذين
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
23
كفروا إنما كفروا عـن بينـه ومعرفـة بكـل مـا يبطلـه وينعـى عليـه كفـره بألوهيـة غيـر اهلل وربوبيته. وكذلك من آمن فق آمن عن بينة وبصيرة بكـل مـا يوجـب قبـول تلـك العقيـدة األخـذ بـه واالنسالخ عنه وكذلك كانت كلمتا العبادة والدين شا عتين في لغتهم وكانوا يعلمون ما العبد وما الحال التي يعبر عنها بالعبودية وما هـو المنهـا العملـي الـذ يطلـق عليـه اسم العبادة وما مغزي الدين وما هي المعاني التي تشـمل عليهـا هـذه الكلمـة ومـن ثـم
لما قيل لهم اعبدوا اهلل واجتنبوا الطـاغوت وادخلـوا فـي ديـن اهلل منقطعـين عـن األديـان
كلها ما أخطأوا في فهم هذه الدعوة التي جا بها القرآن وما إن قرعن أسماعهم حتى تبينوا أ نوع من التغيير في نئام حياتهم جا ت تطالبهم به تلك الدعوة. ولكـــن القـــرون التـــي تلـــت تلـــك العصـــر الزاهـــر جعلـــت تتبـــدل فيهـــا المعـــاني األصـــلية الصحيحة لجميع تلك الكلمات تلك المعاني التي كانـت شـا عة بـين القـوم عصـر نـزول
القرآن حتى أخذت تضيق كل كلمة من تلكم الكلمات األ ربع لما كانت تتسع له و تحيط به من قبل وعادت منحصرة فـي معـان ضـيقة محـدودة ومخصوصـة لمـدلوالت غامضـة
ومشتبهة ذلك لسببين: أ – قلـــة الـــذوق العربـــي الســـلمي ونضـــوب معـــين العربيـــة الخالصـــة فـــي العصـــور المتأخرة. ب – إن الذين ولدوا في المجتمع اإلسالمي ونشأوا فيه لم يكن قد بقى لهم من معاني كلمــات اهلل والعبــادة والــرب والــدين مــا كــان شــا ًعا فــي المجتمــع الجــاهلي وقــت نــزول القرآن.
وألجل هذين السببين أصبح اللغويون والمفسرون في العصور المتأخرة يشرحون أكثر كلمـات القـرآن فـي معـاجم اللغـة وكتـب التفسـير بالمعـاني التـي فهمهـا المتـأخرون مـن
المسلمين بد ًال من معانيها األصلية وأمثلة ذلك: -6
أن كلمة اإلله جعلوها كأنها مترادفة مع الذ األوثان واألصنام. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
24
-2
أن كلمة الرب جعلوها مرادفة مع الذ يربى وينشـ وللـذات القا مـة بـأمر تربيـة
الخلق وتنش تهم. -9
العبــادة :حــددوها فــي معــاني التألــه والتنســك والخضــوع والص ـالة بــين يــد اهلل
تعالى. -4
الدين :جعلوها نئير كلمة النحلة.
-1
الطاغوت :فسروها بالصنم أو الشيطان.
والنتيجة :أن تعذر على الناس أن يدركوا حتى الغرو الحقيقي والمغزي الجـوهر مـن إلهـا ئنـوا أنهـم وفـوا مطالـب دعـوة القـرآن فـإذا دعـاهم القـرآن أال يتخـذوا مـن دون اهلل ً القرآن حقها لما تركوا األصنام واعتزلوا األوثان والحال أنهم ال يزالون متشبثين بكل ما يسعه ويحيط به مفهوم اإللة ما عـدا األوثـان واألصـنام وهـم ال يشـعرون أنهـم بعملهـم
إلها واذا ناداهم القرآن بأن اهلل تعالى هو الرب فـال تتخـذوا مـن هذا قد اتخذوا غير اهلل ً ومتعهدا ألمرنـا وبـذلك قـد مربيا لنا ً دونه رًبا قالوا :ها نحن أوال ال نعتقد من دون اهلل ً
كملت عقيدتنا في باب التوحيد والواقع أنه قد أذعن أكثرهم لربوبية غير اهلل تعالى مـن
حيث المعاني األخري التي تطلق عليها كلمة "الرب" غير هذا المعنى "المربى". واذا خــاطبهم الق ـرآن أن عبــدوا اهلل واجتنب ـوا الطــاغوت "قــالوا ال نعبــد األوثــان ونــبغو الشيطان ونلعنه وال نخشع إال هلل ،وقد امتثلنا هذا األمر القرآني امتثا ًال والحال أنهم ال
يزالــون متمســكين بأذيــال الطواغيــت األخــري غيــر األصــنام المنحوتــة مــن الحجــارة وقــد
خصوا سا ر ضروب العبادة – اللهم إال التأله – لغير اهلل وقل مثل ذلك في الدين فـإن ال يفهـم النــاس مــن معنــى إخــالا الــدين هلل تعــالى غيــر أن ينتحــل المــر مــا يســمونه
بالديانة اإلسالمية. وأال يبقى في ملة الهنادك أو اليهود أو النصاري ومن هنا يزعم كل من هو معدود من
أهل الديانة اإلسـالمية أنـه قـد أخلـا دينـه هلل تعـالى والحـق أن أغلبيـتهم لـم يخلصـوا
دينهم هلل تعالى من حيث المعاني الواسعة التي تشتمل على كلمة "الدين" انتهى. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
25
أحكام شرعية رتبها البعو على ما قدمناه من رأ األستاذ المودود : وقد رتب البعو على ذلك الذ قدمناه من كالم األستاذ المودود نتـا ج وبنـوا عليهـا أحكاما زعموا أنها مقتضى شريعة اهلل تعالى فقالوا: ً إنه لما كـان النـاس ارن ال يعرفـون حقيقـة معنـى كلمـات اإللـه والـرب والعبـادة والـدين
كالما ال يدركون فإنهم إذ يرددون شهادة "ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل" إنما يرددون ً حقيقة معناه وهم ال ينطقون بالشهادة التي كان ينطق بها العربي حين البعثة ألن هذا كان على بينة من معنى ما كان يشهد به ويقرره ،ولذا كان الرسول – صلى اهلل عليه
حكمـا وسلم – يقبل تلـك الشـهادة المعلـوم مضـمونها ومفهومهـا لمـن أداهـا ،ويعتمـدها ً
بإسالمه ،أمـا ارن ال نسـتطيع أن نعتمـد إسـالم مـن نطـق بالشـهادتين مـا دام ال يـدرك
كثيـر ممـن ينطقـون بالشـهادتين حقيقة مفهومها ،وواقع الحال شـاهد علـى ذلـك إذ أن ًا يــأتون فــي نفــس الوقــت أحكــام الــدين فيمــا يتعلــق بــأنئمتهم السياســية واالجتماعيــة واالقتصادية وسا ر ش ون حياتهم مع إصـرارهم علـى النطـق بالشـهادتين والـزعم بـأنهم
مسلما تجوز معاملتـه علـى هـذا األسـاس مسلمون ،وخلصوا من ذلك إلى أنه ال يعتبر ً والصالة ورا ه إال من تأكدنا من فهمه لحقيقة معاني الشهادتين ومفهومها.
وزاد الــبعو علــى ذلــك أنــه البــد باإلضــافة إلــى تأكيــدنا مــن علــم النــاطق بالشــهادتين
ـاهدا علــى صــدق مــا نطــق بــه ومؤيـ ًـدا لــه حتــى يعتبــر بمفهومهمــا أن يقــوم عملــه شـ ً مسلم ا ،فإن لم تكن أعماله مصدقة لشهادته فإننـا ال نسـتطيع أن نحكـم بإسـالمه ،فـال ً ـلما ،واحتجـوا بــالقول المنســوب إلــى الرســول عليــه الصــالة والســالم" :لــيس نعتبــره مسـ ً اإليمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل".
اعتراو على بعو ما قرره األستاذ المودود : ونــرد أوال علــى التقريــر بــأن معــاني األلوهيــة والربوبيــة والعبــادة والــدين كانــت شــا عة معروفة بين العـرب مـن قبـل البعثـة وأنهـا بعـد ذلـك قـد ضـاعت وتبـدلت وانحصـرت فـي
معان ضيقة محدودة غير ما كانت تتسع له من قبل. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
26
فنقول بعون اهلل إن هذا التقرير ال يتفـق مـع الواقـع ،ذلـك أنـه ًأيـا كانـت المعـاني التـي محـددا مـا يقصـده كانت شا عة في الجاهلية لتلكم الكلمات فإن القـرآن الكـريم قـد جـا ً المعني من كل لفئة من ألفائها ،مبي ًنا ذلك غاية البيان، من كل منها ،معرفًا المفهوم ّ مجليا المعنى المراد بما ال يدع مجاال للبس أو وغموو وهذا البيان القرآني قـد أغنـى ً عن الرجوع إلى أصل تلك الكلمات في اللغـة ومـا كـان لهـا مـن معـان قبـل نزولـه ،نـوال
يستريب مسـلم أن بيـان القـرآن الكـريم هـو األحكـم واألوضـح واألشـمل واألجـل ،بـل هـو
الذ يتعين األخذ به والتسليم بمقتضاه سوا وافق ذلك ما كان قبل نزوله أم ال. والقرآن الكريم يزخر باريات البينات لمعـاني األلوهيـة والربوبيـة والعبـادة والـدين ،وأول ـــم اللَّـ ِ مـــا يجـــده القـــار لكتـــاب اهلل تعـــالى اريـــة الكريمـــةِ ﴿:بس ِ الـــر ِح ِيم﴾، ــه الـ َّــر ْح َم ِن َّ ْ نوعـا مـن التعريـف بلفـئ الجاللـة ،ثـم يلـي ذلـك علـى (الفاتحة ،)6:وهي ال شك تشـمل ً ِِ الر ِح ِيم * َمالِ ِك َي ْوِم الـد ِ ِّين * الر ْحمـَ ِن َّ ين * َّ العا َل ِم َ الفور تعريفات أخري ﴿ا ْل َح ْم ُد للَّه َر ِّب َ الص ارطَ المستَ ِقيم * ِ ين * ْ ِ ـت َعلَ ْـي ِه ْم َغ ْي ِـر َّاك َن ْع ُب ُد َوِاي َ إِي َ ين أَْن َع ْم َ ص َارطَ الَّ ِـذ َ ستَ ِع ُ َّاك َن ْ اهد َنا ِّ َ ُ ْ َ ض ِ ين﴾ (فاتحة الكتاب). وب َعلَ ْي ِه ْم َوالَ َّ الضالِّ َ الم ْغ ُ َ فلــه ســبحانه وتعــا لى الحمــد والثنــا وهــو رب العــالمين أ المالــك المتصــرف لجميــع مخلوقاتــه وهــو ومالــك يــوم الحســاب يــوم القيامــة وهــو الــذ ُيعبــد وال يعبــد سـواه وهــو المسـتعان والمتوكـل عليـه ،وهـو المطلـوب منـه الهدايـة إلـى مـا فيـه الخيـر والفـال ثــم
تفيو اريات: ُّها َّ ـون * الَّ ِـذ َج َع َـل ين ِم ْـن قَ ْـبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْـم تَتَّقُ َ اع ُب ُدوا َرَّب ُك ُم الَّ ِذ َخلَقَ ُك ْم َوالَّ ِذ َ اس ْ ﴿ َيا أَي َ الن ُ َخر ِب ِه ِم َن الثَّمر ِ السما ِب َنا وأَْن َز َل ِم َن َّ ِ ات ِرْزًقا َل ُك ْم و ِف َار ً األر َ الس َما َما ً َفأ ْ َ َ شا َو َّ َ َ ً َ َل ُك ُم ْ ََ ون﴾ (البقرة.)22-26: فَال تَ ْج َعلُوا لِلَّ ِه أَْن َد ً ادا َوأَْنتُ ْم تَ ْع َل ُم َ َح َيا ُك ْم ثَُّم ُي ِميتُ ُك ْم ثَُّم ُي ْح ِيي ُك ْم ثَُّم إَِل ْي ِه تُْر َج ُعـو َن * ُه َـو ﴿ َك ْي َ ون ِباللَّ ِه َو ُك ْنتُ ْم أ َْم َواتًا فَأ ْ ف تَ ْكفُُر َ و ج ِميعـا ثُ َّـم اسـتَوي إِلَـى َّ ِ ِ س َـم َاوات س َّـو ُ الَّ ِـذ َخلَ َ س ْـب َع َ اه َّن َ الس َـما فَ َ ْ َ األر ِ َ ً ـق لَ ُك ْـم َمـا فـي ْ ِ يم﴾ (البقرة.)29: َو ُه َو ِب ُك ِّل َ ش ْي َعل ٌ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
27
﴿ما َن ْنس ْخ ِم ْن آية أَو ُن ْن ِسها َنأ ِ ش ْي ْت ِب َخ ْير ِم ْن َها أ َْو ِم ْثلِ َها أََل ْم تَ ْع َل ْم أ َّ َن اللَّ َه َع َلى ُك ِّل َ َ ْ َ َ َ َن اللَّ َه لَ ُه م ْل ُك َّ ِ ِ األر ِ و َو َما لَ ُك ْم ِم ْن ُد ِ ـي َوال ير * أَلَ ْم تَ ْعلَ ْم أ َّ ون اللَّ ِه ِم ْن َولِ ٍّ الس َم َاوات َو ْ قَد ٌ ُ َن ِ صير﴾( ،البقرة.)611: ﴿ب ِديع َّ ِ األر ِ ون﴾ (البقرة.)661: ضى أ َْم ًار فَِإ َّن َما َيقُو ُل لَ ُه ُك ْن فَ َي ُك ُ و َوِا َذا قَ َ َ ُ الس َم َاوات َو ْ ِ ِ ـه و ِ األر ِ يم * إِ َّن ِفــي َخ ْل ـ ِ و ق َّ احـ ٌـد ال إِلَـ َ السـ َـم َاوات َو ْ ﴿ َوِالَ ُه ُكـ ْـم إِلَـ ٌ َ ـه إال ُهـ َـو الـ َّـر ْح َم ُن الـ َّـرح ُ اخ ِت ِ ار َوا ْل ُف ْل ِك الَّ ِتي تَ ْج ِر ِفي ا ْل َب ْح ِر ِبما َي ْن َفعُ َّ الف اللَّْي ِل َو َّ الن َه ِ اس َو َما أَْن َز َل اللَّ ُه ِمـ َن َو ْ الن َ َ ـث ِفيهـا ِم ْـن ُك ِّـل َدابَّـة وتَص ِـر ِ السما ِ ِم ْن ما فَأ ْ ِ الرَيـا ِ يف ِّ األر َ َ ْ و َب ْع َد َم ْوِت َها َوَب َّ َ َح َيا ِبه ْ َ َّ َ اب ا ْلمس َّخ ِر ب ْي َن َّ ِ األر ِ ون﴾ (البقرة.)614: َو َّ و َريات لِقَ ْوم َي ْع ِقلُ َ الس َح ِ ُ َ َ الس َما َو ْ ِ ستَ ِقيم﴾ (البقرة :من ارية .)269 ﴿ َواللَّ ُه َي ْه ِد َم ْن َي َ شا ُ إَِلى ص َراط ُم ْ ون﴾ (البقرة :من ارية .)261 ﴿ َواللَّ ُه َي ْع َل ُم َوأَْنتُ ْم ال تَ ْع َل ُم َ ِ َّ يم﴾ (البقرة :من ارية .)261 ﴿ َوالل ُه َغفُ ٌ ور َرح ٌ ِ َّ يم﴾ (البقرة :من ارية .)221 ﴿ َوالل ُه َغفُ ٌ ور َحل ٌ ﴿إِ َّن اللَّ َه ع ِز ٌ ِ يم﴾ (البقرة :من ارية .)221 َ يز َحك ٌ ِ ﴿واللَّ ُه ِ يم﴾ (البقرة :من ارية .)224 َ َ سميعٌ َعل ٌ ﴿إِ َّن اللَّ َه ِبما تَعملُ َ ِ ير﴾ (البقرة :من ارية .)661 ون َبص ٌ َ َْ ِ يم﴾ (البقرة :من ارية .)296 اع َل ُموا أ َّ َن اللَّ َه ِب ُك ِّل َ ﴿ َو ْ ش ْي َعل ٌ ير﴾ (البقرة :من ارية .)294 ﴿ َواللَّ ُه ِب َما تَ ْع َملُ َ ون َخ ِب ٌ ﴿ َّ الل ُه ال إَِل َه إال ُه َو األر ِ و َم ْن َذا الَّ ِذ ْ
السـماو ِ ا ْلح ُّي ا ْل َقيُّـوم ال تَأْ ُخـ ُذه ِسـ َن ٌة وال َنـوم َل ُ ِ ات َو َمـا ِفـي ُ َ ـه َمـا فـي َّ َ َ َ ٌْ ُ ـون َي ْ شفَعُ ِع ْن َدهُ إال ِبِإذ ِْن ِه َي ْعلَ ُم َما َب ْي َن أ َْي ِـدي ِه ْم َو َمـا َخ ْلفَ ُه ْـم َوال ُي ِحيطُ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
28
ش ْي ِب َ ا ْل َعلِ ُّي
ُّه َّ ِ ودهُ ِح ْفئُ ُه َمـا َو ُه َـو ِم ْن ِع ْل ِم ِه إال ِب َما َ و َوال َي ُؤ ُ األر َ شا َ َو ِس َع ُك ْر ِسي ُ الس َم َاوات َو ْ ِ يم﴾ (البقرة.)211: ا ْل َعئ ُ
و وِا ْن تُْب ُدوا ما ِفي أَْنفُ ِس ُكم أَو تُ ْخفُوه يح ِ ِ ﴿لِلَّ ِه ما ِفي َّ ِ اس ْـب ُك ْم ِب ِـه ُ َُ األر ِ َ الس َم َاوات َو َما في ْ ْ َ َ ِ ير﴾ (البقرة.)214: شا ُ َواللَّ ُه َعلَى ُك ِّل َ ب َم ْن َي َ اللَّ ُه فَ َي ْغ ِف ُر لِ َم ْن َي َ شا ُ َوُي َع ِّذ ُ ش ْي قَد ٌ ﴿إِ َّن اللَّ َه ال ي ْخفَى علَ ْي ِه َ ِ األر ِ الس َما ِ ﴾ (آل عمران.)1: و َوال ِفي َّ َ َ ش ْي ٌ في ْ ـاب﴾ (آل ﴿رَّب َنــا ال تُـ ِـز ْ ـب لَ َنــا ِمـ ْـن لَـ ُـد ْن َك َر ْح َمـ ًة إَِّنـ َك أَْنـ َ وب َنــا َب ْعـ َـد إِ ْذ َهـ َـد ْيتََنا َو َهـ ْ ـت ا ْل َو َّهـ ُ غ ُقلُ َ َ عمران.)1: شـا ُ َوتُِع ُّـز َم ْـن تَ َ شا ُ َوتَْن ِزعُ ا ْل ُم ْل َك ِم َّم ْن تَ َ ﴿ ُق ِل اللَّ ُه َّم َمالِ َك ا ْل ُم ْل ِك تُ ْؤِتي ا ْل ُم ْل َك َم ْن تَ َ شـا ُ ِ ير * تُـولِ ُج اللَّْيـ َل ِفـي َّ الن َه ِ ـار َوتُـولِ ُج شا ُ ِب َي ِد َك ا ْل َخ ْي ُر إَِّن َك َع َلى ُك ِّـل َ َوتُِذ ُّل َم ْن تَ َ ـي َقـد ٌ شْ ـن ا ْلم ِّي ِ النهار ِفي اللَّْي ِـل وتُ ْخ ِـر ا ْلح َّ ِ ق َم ْـن تَ َ ـن ا ْل َح ِّ ـي َوتَ ْـرُز ُ ـت َوتُ ْخ ِـر ُ ا ْل َم ِّي َ ـت ِم َ ُ َ شـا ُ َ َّ َ َ ـي م َ َ ِ ساب﴾ (آل عمران.)21-21: ِب َغ ْي ِر ح َ ﴿قَالَ ْت ر ِّب أ ََّنـى ي ُك ُ ِ شـا ُ إِ َذا ـق َمـا َي َ س ِـني َب َ ـه َي ْخلُ ُ ش ٌـر قَـا َل َكـ َذلِ ِك اللَّ ُ َ سْ ـون لـي َولَ ٌـد َولَ ْـم َي ْم َ َ ون﴾ (آل عمران.)41: ضى أ َْم ًار فَِإ َّن َما َيقُو ُل لَ ُه ُك ْن فَ َي ُك ُ قَ َ ِ ِ ض َل ِبي ِد اللَّ ِه ي ْؤِت ِ َّ يم * َي ْختَ ُّ ا ِب َر ْح َم ِت ِه َم ْن َي َ يه َم ْن َي َ ُ ﴿ ُق ْل إِ َّن ا ْلفَ ْ َ شا ُ شا ُ َوالل ُه َواسعٌ َعل ٌ ض ِل ا ْل َع ِئ ِيم﴾ (آل عمران.)14-19: َواللَّ ُه ُذو ا ْل َف ْ الناس اتَّقُوا رَّب ُكم الَّ ِذ َخ َل َق ُكم ِم ْن َن ْفس و ِ ق ِم ْن َها َزْو َج َها َوَب َّث ِم ْن ُه َما اح َدة َو َخ َل َ ﴿ َيا أَي َ َ ُّها َّ ُ ْ َ ُ ـه الَّ ِـذ تَسـا لُ َ ِ يبـا﴾ ِر َجا ًال َك ِث ًا ـام إِ َّن اللَّ َ سا ً َواتَّقُوا اللَّ َ ـه َك َ ـان َع َل ْـي ُك ْم َرِق ً ون ِبـه َو ْ َ َ ير َوِن َ األر َح َ
(النسا .)6:
و وجع َل الئُّلُم ِ ق َّ ِ ات َو ُّ ين َكفَ ُروا ِب َرِّب ِه ْم ﴿ا ْل َح ْم ُد لِلَّ ِه الَّ ِذ َخلَ َ ور ثَُّم الَّ ِذ َ األر َ َ َ َ الس َم َاوات َو ْ الن َ َ ون س ّم ًى ِع ْن َدهُ ثَُّم أَْنـتُ ْم تَ ْمتَ ُـر َ َي ْع ِدلُ َ ون * ُه َو الَّ ِذ َخلَقَ ُك ْم ِم ْن ِطين ثَُّم قَ َ َجالً َوأ َ ضى أ َ َج ٌل ُم َ و يع َلـ ِ الســـماو ِ * و ُهـــو اللَّـ ُ ِ ات َوِفـــي ْ ِ ون﴾ ــم َمـــا تَ ْك ِسـ ُــب َ ــه فـــي َّ َ َ َ َ ــم سـ َّــرُك ْم َو َج ْهـ َــرُك ْم َوَي ْع َلـ ُ األر َ ْ ُ (األنعام.)9: موقع مصر أوالً www.egypt1.info
29
الل ِـه أَتَّ ِخـ ُذ وِليِّـا فَ ِ الس ِـميعُ ا ْل َعلِـيم * ُق ْـل أَ َغ ْيـر َّ س َك َن ِفي اللَّْي ِل َو َّ الن َه ِ ـاط ِر ار َو ُه َو َّ َ ﴿ َوَل ُه َما َ َ ُ َّ ِ األر ِ و َو ُه َو ُي ْط ِع ُم َوال ُي ْط َع ُم﴾ (األنعام.)64-69: الس َم َاوات َو ْ ضٍّر س َك اللَّ ُه ِب ُ سْ ﴿ َوِا ْن َي ْم َ قَ ِدير * و ُهو ا ْلقَ ِ ق اه ُر فَ ْو َ ٌ َ َ
فَال َك ِ ـي س َك ِب َخ ْير فَ ُه َو َع َلـى ُك ِّـل َ اش َ سْ ف َل ُه إال ُه َو َوِا ْن َي ْم َ شْ ِ ِ ِِ ير﴾ (األنعام.)61-61: يم ا ْل َخ ِب ُ ع َباده َو ُه َو ا ْل َحك ُ
ِ ِ سـقُطُ ِم ْـن َوَرقَـة ﴿ َو ِع ْن َدهُ َمفَات ُح ا ْل َغ ْي ِب ال َي ْعلَ ُم َها إال ُه َو َوَي ْعلَ ُم َما في ا ْل َبِّر َوا ْل َب ْح ِـر َو َمـا تَ ْ ِ ِ األر ِ و َوال َر ْطـب َوال َيـا ِبس إال ِفـي ِكتَـاب ُم ِبـين * َو ُه َـو إال َي ْع َل ُم َها َوال َحبَّـة فـي ئُلُ َمـات ْ ار ثَُّم ي ْبعثُ ُكم ِف ِ الَّ ِذ َيتََوفَّا ُك ْم ِباللَّْي ِل َوَي ْع َلم ما َج َر ْحتُ ْم ِب َّ س ّم ًى ثَُّم إَِل ْي ِه يه لِ ُي ْق َ ضى أ َ َج ٌل ُم َ الن َه ِ َ َ ْ ُ َ ق ِعب ِ ِ ـاد ِه َوُي ْر ِسـ ُل َعلَ ْـي ُك ْم َحفَئَـ ًة َم ْر ِج ُع ُك ْم ثَُّم ُي َن ِّبـ ُ ُك ْم ِب َمـا ُك ْنـتُ ْم تَ ْع َملُ َ ـون * َو ُه َـو ا ْلقَـاه ُر فَ ْـو َ َ اله ُم ـون * ثُ َّـم ُرُّدوا إَِلـى اللَّ ِـه َم ْـو ُ ت تََوفَّ ْت ُ َح َـد ُك ُم ا ْل َم ْـو ُ سـلُ َنا َو ُه ْـم ال ُي َفِّرطُ َ َحتَّى إِ َذا َجـا َ أ َ ـه ُر ُ ين * ُق ْـل مـ ْـن ي َن ِّجــي ُكم ِمـ ْـن ئُلُمـ ِ ـه ا ْلح ْكــم و ُهــو أَســرعُ ا ْلح ِ ـات ا ْل َبـ ِّـر َوا ْل َب ْحـ ِـر ا ْل َح ِّ اسـ ِب َ َ ُ َ ْ ـق أَال َلـ ُ ُ ُ َ َ ْ َ َ الش ِ ـن َّ ـه ُي َن ِّجــي ُك ْم ين * ُق ِـل اللَّ ُ تَ ْد ُعوَن ُ ـاك ِر َ ض ُّـر ًعا َو ُخ ْف َيـ ًة لَـ ِ ْن أَْن َجا َنــا ِم ْـن َه ِـذ ِه لَ َن ُكـوَن َّن ِمـ َ ـه تَ َ ون * ُق ْل ُهو ا ْل َق ِ ـث َع َل ْـي ُك ْم َعـ َذ ًابا ِم ْـن َن َي ْب َع َ ِم ْن َها َو ِم ْن ُك ِّل َك ْرب ثَُّم أَْنتُ ْم تُ ْ ـاد ُر َع َلـى أ ْ ش ِرُك َ َ ِ ِ ِ ـف ْس َب ْعــو ا ْنئُـ ْـر َك ْيـ َ س ـ ُك ْم ِشـ َـي ًعا َوُيـ ِـذ َ يق َب ْع َ ض ـ ُك ْم َب ـأ َ فَـ ْـوِق ُك ْم أ َْو مـ ْـن تَ ْحــت أ َْر ُجل ُكـ ْـم أ َْو َي ْل ِب َ ف ْار ِ ون﴾ (األنعام.)11-19: صِّر ُ يات لَ َعلَّ ُه ْم َي ْفقَ ُه َ نُ َ ِ ـه ا ْل َحـ ُّ ـه و ِبـا ْل َح ِّ ـق َّ ـق َولَـ ُ ـون قَ ْولُـ ُ األر َ ﴿ َو ُهـ َـو الَّـ ِـذ َخلَـ َ ق َوَيـ ْـوَم َيقُــو ُل ُكـ ْـن فَ َي ُكـ ُ السـ َـم َاوات َو ْ ِ الشه َ ِ الص ِ ِ ير﴾ (األنعام.)19: ا ْل ُم ْل ُك َي ْوَم ُي ْنفَ ُخ ِفي ُّ ور َعال ُم ا ْل َغ ْي ِب َو َّ َ يم ا ْل َخ ِب ُ ادة َو ُه َو ا ْل َحك ُ ق ا ْل َح ِّب َو َّ الن َوي﴾ (األنعام :من ارية .)91 ﴿إِ َّن اللَّ َه َفالِ ُ الشمس وا ْلقَمر حسـبا ًنا َذلِ َ ِ يـز ا ْلعلِ ِ ق ِْ ـيم﴾ ﴿فَالِ ُ س َك ًنا َو َّ ْ َ َ َ َ ُ ْ َ اإل ْ ير ا ْل َع ِز ِ َ ص َبا ِ َو َج َع َل اللَّْي َل َ ـك تَ ْقـد ُ (األنعام.)91: النجوم لِتَهتَ ُدوا ِبها ِفي ئُلُم ِ ِ ات ا ْل َبِّر َوا ْل َب ْح ِـر﴾ (األنعـام :مـن اريـة ﴿ َو ُه َو الَّذ َج َع َل لَ ُك ُم ُّ ُ َ ْ َ َ .)91 شأَ ُكم ِم ْن َن ْفس و ِ َّ ِ اح َدة﴾ (األنعام :من ارية .)91 َ ﴿ َو ُه َو الذ أَْن َ ْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
31
ـي ﴾ (األنعـام :مـن اريـة ـن َّ الس َـما ِ َمـا ً فَأ ْ ـات ُك ِّـل َ َخ َر ْج َنـا ِب ِـه َن َب َ ﴿ َو ُه َو الَّ ِذ أَْن َـز َل ِم َ شْ .)99 ـي َو ِكيـ ٌل﴾ ـي فَا ْع ُب ُـدوهُ َو ُه َـو َع َلـى ُك ِّـل َ ق ُك ِّـل َ ـه إال ُه َـو َخـالِ ُ ـه َرُّب ُك ْـم ال إَِل َ ﴿ َذلِ ُك ُم اللَّ ُ شْ شْ (األنعام.)612: ير﴾ (األنعام.)619: ص َار َو ُه َو اللَّ ِط ُ ص ُار َو ُه َو ُي ْد ِر ُك ْ ﴿ال تُ ْد ِرُك ُه ْ األب َ األب َ يف ا ْل َخ ِب ُ ين﴾ (األنعام.)649: ﴿ ُق ْل َفلِلَّ ِه ا ْل ُح َّج ُة ا ْل َبالِ َغ ُة َف َل ْو َ َج َم ِع َ شا َ َل َه َدا ُك ْم أ ْ يك َل ُه وِب َذلِ َك أ ِ ِ ت ين * ال َ ُم ْر ُ س ِكي َو َم ْح َيا َ َو َم َم ِاتي لَِّل ِه َر ِّب ا ْل َعا َل ِم َ ش ِر َ َ صالتي َوُن ُ ﴿ ُق ْل إِ َّن َ ين﴾ (األنعام.)619-612: سلِ ِم َ َوأََنا أ ََّو ُل ا ْل ُم ْ ِ ِ ِ األر ِ ســتَْوَد َع َها ُكــل ِفــي ســتَقََّرَها َو ُم ْ و إال َعلَــى اللَّــه ِرْزقُ َهــا َوَي ْعلَـ ُـم ُم ْ ﴿ َو َمــا مـ ْـن َد َّابــة فــي ْ ِكتَاب ُم ِبين﴾ (هود.)1: نـدهُ ِب ِم ْق َـدار * اد َو ُك ُّل َ ـي ِع َ ام َو َما تَْزَد ُ ﴿اللَّ ُه َي ْعلَ ُم َما تَ ْح ِم ُل ُك ُّل أُنثَى َو َما تَ ِغ ُ يو األ َْر َح ُ شْ اد ِة ال َك ِبير المتَ َع ِ َعالِ ُم ال َغ ْي ِب َو َّ َسَّر ال َق ْو َل َو َمـن َج َه َـر ِب ِـه َو َم ْـن الش َه َ س َوا ٌ ِّمن ُكم َّم ْن أ َ ال * َ ُ ُ ب ِب َّ الن َه ِ سِ ـه ـات ِّم ْـن َب ْـي ِن َي َد ْي ِـه َو ِم ْـن َخ ْل ِف ِـه َي ْحفَئُوَن ُ ـه ُم َعقِّ َب ٌ ـار * َل ُ ار ٌ ُه َو ُم ْ ستَ ْخف ِباللَّْي ِل َو َ سـو ً ا ِم ْن أ َْم ِر اللَّ ِه إِ َّن اللَّ َه الَ ُي َغ ِّي ُر َما ِبقَ ْوم َحتَّى ُي َغ ِّي ُروا َما ِبأَنفُ ِس ِه ْم َوِا َذا أ ََر َ اد اللَّ ُه ِبقَ ْـوم ُ ِ ِ ِ ِ ق َخ ْوًفـا َو َ َف َ الب ْـر َ ال َم َرَّد َل ُه َو َمـا َل ُهـم ِّمـن ُدوِنـه مـن َوال * ُه َـو الَّـذ ُي ِـري ُك ُم َ ط َم ًعـا َوُينشـ ُ اع َ ِ الصـو ِ ِ ِ ِ ِ ِِ ِِ ـيب َّ س ِّب ُح َّ اب الثِّ َق َ ق فَ ُيص ُ الس َح َ الر ْع ُد ِب َح ْمده َوا ْل َمال َك ُة م ْن خيفَتـه َوُي ْرسـ ُل َّ َ ال * َوُي َ يد ِ شــا و ُهــم يجـ ِ الم َحـ ِ ين الحـ ِّ ون ِفــي اللَّـ ِـه َو ُهـ َـو َ ـال * لَـ ُ شـ ِـد ُ ـق َوالَّـ ِـذ َ ـادلُ َ ـه َد ْعـ َـوةُ َ ِب َهــا َمــن َي َ ُ َ ْ ُ َ ِ ي ْدع َ ِ ون َل ُهم ِب َ ِ َّ ِ ِ َّ ِ ِ الما ِ لِ َيْبلُ َا فَاهُ َو َما ُه َو يب َ ستَ ِج ُ َ ُ ون من ُدوِنه َال َي ْ ش ْي إال َك َباسط َكف ْيه إ َلى َ السـمو ِ ِ ِ ِببالِ ِغ ِه وما ُدعا ال َك ِ ات َواأل َْر ِ و طَ ْو ًعـا اف ِر َ ين إِالَّ ِفي َ َ ضالل * َولِلَّه َي ْ س ُج ُد َمن في َّ َ َ ََ َ ُ ِ ارص ِ ال﴾ (األنعام.)61-1 : َو َك ْرًها َوئال لُ ُهم ِبا ْل ُغ ُد ِّو َو َ ﴿اللَّ ُه نُور َّ ِ األرو﴾ (النور :من ارية .)91 الس َم َاوات َو ْ ُ ُّك َن ِسيِّا﴾ (مريم :من ارية .)14 ان َرب َ ﴿ َو َما َك َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
31
ِ اهر وا ْلب ِ األو ُل و ْار ِخر و َّ ِ يم﴾ (الحديد.)9: اط ُن َو ُه َو ِب ُك ِّل َ الئ ُ َ َ ﴿ ُه َو َّ َ ُ َ ش ْي َعل ٌ الر ْحم ُن َّ ِ الشه َ ِ ِ ِ َّ يم * ُه َو اللَّ ُه الَّ ِذ ﴿ ُه َو اللَّ ُه الَّذ َال إَِل َه إِال ُه َو َعال ُم ال َغ ْي ِب َو َّ َ ادة ُه َو َّ َ الرح ُ ِ الَ إَِل َه إِالَّ ُهو ِ ِ ان ُّوس َّ الع ِز ُ س ْـب َح َ يـز َ المتَ َك ِّب ُـر ُ الم َه ْـيم ُن َ الملـ ُك القُـد ُ الجب ُ َّـار ُ الم ْـؤم ُن ُ ـالم ُ َ َ الس ُ الب ِ س ِّب ُح لَ ُه َما اللَّ ِه َع َّما ُي ْ ون * ُه َو اللَّ ُه َ الخالِ ُ ش ِرُك َ َس َما ُ ُ ق َ الح ْ ص ِّوُر لَ ُه األ ْ س َنى ُي َ الم َ ار ُ ُ يز ِ السمو ِ ِ ات َواأل َْر ِ يم﴾ (الحشر.)24-22 : الع ِز ُ َ و َو ُه َو َ في َّ َ َ الحك ُ ق ِ ان ِم ْن َع َلق * اق َأْ ُّك األَ ْك َرُم * الَّ ِـذ َعَّل َـم ْر َوَرب َ ق * َخ َل َ اسِم َرِّب َك الَّ ِذ َخ َل َ نس َ ﴿ا ْقرأْ ِب ْ اإل َ ِبا ْل َق َلِم * َعلَّ َم ِ ان َما َل ْم َي ْع َل ْم﴾ (العلق.)1-6 : نس َ اإل َ ــد﴾ ــه َّ َحـ ٌ ــم ُد * َل ْــم َيلِـ ْــد َوَل ْــم ُيوَل ْــد * َوَل ْــم َي ُكــن لَّ ُ ــد * اللَّ ُ َح ٌ ﴿ ُقــ ْل ُه َــو اللَّ ُ ــه ُكفُ ًــوا أ َ ــه أ َ الص َ (اإلخالا). ِ َعـوُذ ِب َـر ِّب ال َف َلـ ِ ش ِّـر ـب * َو ِمـن َ ـق * َو ِمـن َ ق * ِمـن َ ش ِّـر َمـا َخ َل َ ش ِّـر َغاسـق إِ َذا َوقَ َ ﴿ ُق ْـل أ ُ ِ َّ َّ ِ ِ س َد﴾ (الفلق). العقَ ِد * َو ِمن َ شِّر َحاسد إِ َذا َح َ النفاثَات في ُ ـاس * إِلَ ِـه َّ ـاس * ملِ ِـك َّ َّ الخ َّن ِ س َـو ِ الن ِ الن ِ ـاس * اس َ ـاس * ِمـن َ ﴿ ُق ْل أ ُ الو ْ ش ِّـر َ َعوُذ ِب َر ِّب الن ِ َ الَّ ِذ يوس ِو ِ اس * ِم َن ِ الج َّن ِة َو َّ ور َّ الن ِ الن ِ ص ُد ِ اس﴾ (الناس). س في ُ َُ ْ ُ ــحا معنـــى األلوهيـــة مبي ًنـــا هـــذا قليـــل مـــن الكثيـــر الـــذ جـــا بـــه القـــرآن الكـــريم موضـ ً خصا صها وأبعادها وقدراتها وسلطانها.. أيرقى إلى هذا الذ سقناه أو يدانيه ولو من بعيد أ مفهوم كان شا ًعا فـي الجاهليـة لمعنى األلوهية!!؟ أيحتا أ مفسر بعد هذا الذ تضمنه دفتا المصحف الشريف على الرجوع إلى أصل
كلمــة "اإل لــه" فــي اللغــة وممــا اشــتقت ومــا كــان مفهومهــا فــي الجاهليــة وقبــل نــزول القرآن..؟!.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
32
أيصح بعد ذلك القول بأن معاني األلوهية قد ضاعت وتبـدلت ولـم تعـد شـا عة معروفـة
وأن الذين ولدوا في اإلسالم وفي رحاب ذلك الفيو الزاخر مـن آيـات اهلل لـم يبـق لهـم
من معاني كلمات "اإلله والعبادة والرب والدين" ما كان شا ًعا معروفًا في الجاهلية قبل نزول القرآن! ؟ أيصح في الواقع أنه لما كان العرب قبا ل شـتى متفرقـة ومختلفـة ولكـل منها لهجتها ،ال تجمعها ر اسة أو ثقافة أو معتقدات موحدة وكانوا أمة أمية ندر فيهم
من ألم بالقرا ة وبالكتابة يكسوهم الجهل واالنحطاط ليس لهم كتاب أو إحاطة بعلم أو
فن ،لما كانوا كذلك كان مفهوم كلمات اإلله والرب والعبادة والدين شا ًعا بينهم معروفًا لدي كل امر منهم علـى حـد سـوا وعلـى صـفة معينـة محـددة – فلمـا نـزل كتـاب اهلل تعالى بالذكر المحفوئ الذ ال يأتيه الباطل من بـين يديـه وال مـن خلفـه مشـتمال علـى البيــان الجلــي واإليضــا الشـــامل ،يتعبــد النــاس بتالوتــه آنـــا الليــل وأطــراف النهـــار
ويجهــرون بــه فــي صــلوات تقــام جماعــة فــي المســاجد وغيرهــا ضــاعت تلــك المعــاني
واندثرت ولم تعد شا عة بين الناس بمثل ما كانت شا عة بينهم فـي الجاهليـة – أيصـح
ذلــك وكتــاب اهلل محفــوئ بــين المســلمين ولــو ق ـرأ أيهــم الفاتحــة وقــل هــو اهلل أحــد أو المعوذتين أو سمعها الطّلع وعرف وأبصر ما لم يكن يعرف الجاهلي عنه شي ًا..؟ أما كان الواجب قبل أن يلقى ذلك القول أن يقدم له بالدال ل التي تدل على صحته؟. أما واذا جا القول "إن الذين ولدوا في المجتمع اإلسالمي ونشأوا فيه لم يكن قـد بقـي لهم من معاني كلمات اإلله والرب والعبادة والدين ما كان شا ًعا في المجتمع الجاهلي قبل نزول القرآن بال برهان يقـوم حجـة علـى صـدقه وصـحته فإنـه يكـون مجـرد قـول ال حجـة لــه وال يجـوز أتباعــه وال يصـح أن تبنــى عليــه أحكـام ومــا سـبق أن اجتزأنــاه مــن
كتاب اهلل من آيات شامل على معاني األلوهية والربوبية ،والمفسرون ما اقتصـروا قـط فســروا علــى تفســير كلمــة الــرب بمعنــى دون ســا ر المعــاني التــي تشــملها ،وانمــا هــم ّ الكلمة في كل موضع على المعنى الذ يدل عليه السياق.
واريــات القرآنيــة قــد أبــرزت معنــى كلمــة الــرب سـوا فيمــا يتعلــق بالملــك والتصـرف أو التعهد باإلصال والتربية والتنش ة والكفالة أو الرقابة أو والسيادة والعـال والرياسـة.. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
33
ِ ﴿رَّب َنا ال تُ َؤ ِ ين َخ َ اخ ْذ َنا إِ ْن َن ِسي َنا أ َْو أ ْ ص ًار َك َما َح َم ْلتَ ُ ـه َع َلـى الَّ ِـذ َ طأْ َنا َرَّب َنا َوال تَ ْحم ْل َع َل ْي َنا إِ ْ َ ـت َم ْوال َنـا اع ُ ـف َع َّنـا َوا ْغ ِف ْـر لَ َنـا َو ْار َح ْم َنـا أَْن َ ِم ْن قَْبلِ َنا َرَّب َنا َوال تُ َح ِّم ْل َنا َما ال طَاقَ َة لَ َنـا ِب ِـه َو ْ فَا ْنصرَنا علَى ا ْلقَوِم ا ْل َك ِ ين﴾ (البقرة :من ارية .)211 اف ِر َ ُْ َ ْ ِ يمـا * َوِا َذا ضـلِ ِه إَِّن ُ ﴿ َرُّب ُك ُم الَّ ِذ ُي ْز ِجي لَ ُك ُم ا ْل ُف ْل َك ِفـي ا ْل َب ْح ِـر لِتَْبتَ ُغـوا ِم ْـن فَ ْ ـه َك َ ـان ِب ُك ْـم َرح ً ـان س ُك ُم ُّ َم َّ َع َر ْ ضـتُ ْم َو َك َ ون إال إِيَّـاهُ َف َل َّمـا َنجَّـا ُك ْم إَِلـى ا ْل َب ِّـر أ ْ ض َّـل َم ْـن تَ ْـد ُع َ الضُّر ِفي ا ْل َب ْح ِـر َ ـف ِب ُكــم ج ِانــب ا ْلبـ ِّـر أَو ير ِسـ َـل ع َلـ ْـي ُكم ح ِ ِ ـور * أَفَ ـأ ِ اصـ ًـبا ثُـ َّـم ال ـان َكفُـ ًا َم ْنتُ ْم أ ْ سـ ُ َ ْ َ َن َي ْخسـ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ اإل ْن َ تَ ِج ُدوا لَ ُك ْم َو ِكيالً﴾ (اإلسرا .)11-11: ِ األر ِ ـه ُقـ ْـل أَفَاتَّ َخ ـذْتُ ْم ِمـ ْـن ُدوِنـ ِـه ﴿ ُقـ ْـل َمـ ْـن َر ُّب َّ و ُقـ ِـل اللَّـ ُ السـ َـم َاوات َو ْ ِ ستَ ِو ستَ ِو ْ أل ْنفُ ِس ِه ْم َن ْف ًعا َوال َ ير أ َْم َه ْل تَ ْ ضِّار ُق ْل َه ْل َي ْ األع َمى َوا ْل َبص ُ (الرعد.)61 :
ـون أ َْولِ َيــا َ ال َي ْملِ ُكـ َ ات َو ُّ ور﴾ الئُّلُ َم ُ الن ُ
﴿ ُق ْل م ْن يرُزقُ ُكم ِم َن َّ ِ األر ِ ص َار َو َم ْن ُي ْخ ِر ُ ا ْل َح َّي ِم َن َم ْن َي ْملِ ُك َّ و أ َّ الس ْم َع َو ْ األب َ الس َما َو ْ َ َْ ْ ا ْلم ِّيـ ِ ـون * ـن ا ْل َحـ ِّ ون اللَّـ ُ ـت َوُي ْخـ ِـر ُ ا ْل َم ِّيـ َ ـه فَ ُقـ ْـل أَفَــال تَتَّقُـ َ سـ َـيقُولُ َ ـت ِمـ َ األمـ َـر فَ َ ـي َو َمـ ْـن ُيـ َـد ِّب ُر ْ َ فَ َذلِ ُك ُم اللَّ ُه َرُّب ُك ُم ا ْل َح ُّ ون﴾ (يونس.)92-96: ق فَ َما َذا َب ْع َد ا ْل َح ِّ ق إال َّ ص َرفُ َ الضال ُل فَأ ََّنى تُ ْ ِ األر ِ و َوال ِفـي ﴿ َرَّب َنا إَِّن َك تَ ْعلَ ُم َما نُ ْخ ِفي َو َما نُ ْعلِ ُن َو َما َي ْخفَى َعلَـى اللَّ ِـه ِم ْـن َ ـي فـي ْ شْ الس َما ِ ﴾ (إبراهيم.)91 : َّ الصـ ِ ِ ﴿ر ِّب ْ ِ ـالة َو ِمـ ْـن ُذِّري َِّتــي َرَّب َنــا َوتَ َقَّبـ ْـل ُد َعــا ِ * َرَّب َنــا ا ْغ ِفـ ْـر لِــي َولِ َو ِالـ َـد َّ ـيم َّ َ اج َع ْلنــي ُمقـ َ ِ اب﴾ (إبراهيم.)46-41: َولِ ْل ُم ْؤ ِم ِن َ س ُ وم ا ْلح َ ين َي ْوَم َيقُ ُ ِ َّ ِ ِ آم َن ُه ْم ِم ْن َخ ْوف﴾ (قريا.)4-9: ﴿ َف ْل َي ْع ُب ُدوا َر َّب َه َذا ا ْل َب ْيت * الذ أَ ْط َع َم ُه ْم م ْن ُجوع َو َ هذا يسير من كثير جا به القرآن الكريم فأبرز به معاني األلوهية والربوبية – والحـق أن النائر فيما قدمناه وفي سا ر ما جا بـه القـرآن الكـريم ليجـد أن القـرآن الكـريم قـد ـت استعمل في أكثر اريات كلمتي "اإلله والرب" كمترادفين ،ومـا قـول فرعـون ﴿ َمـا َعلِ ْم ُ
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
34
األع َلــى﴾ (النازعـــات :مــن َل ُكـ ْـم ِمـ ْـن إَِلــه َغ ْيـ ِـر ﴾ (القصــا :مــن اريــة ﴿ )91أََنــا َرُّب ُكـ ُـم ْ ارية .)24 وكذلك األمر بالنسبة لكلمتي "العبادة والدين" فقـد جـا بيانهـا فـي القـرآن الكـريم كـامال شافياَ ﴿ :مالِ ِك َي ْـوِم الـد ِ ِّين﴾ (الفاتحـة )4:وال نئـن أنـا بحاجـة إلـى إقامـة دليـل علـى أن ً الشا ع المعروف بين المسـلمين أن ذلـك معنـاه يـوم القيامـة الـذ يكـون فيـه الحسـاب والجزا والعقاب. ِّين ِع ْن َد اللَّ ِـه ِ ـالم﴾ (آل عمـران :مـن اريـة )69ويفهـم األمـي مـن ذلـك أن ﴿إِ َّن الد َ اإل ْ س ُ ال مـراد كافـة مـا جـا بـه الرسـول عليـه الصـالة والسـالم وكافـة شـ ار ع اإلسـالم وهـو مــا ِّين ا ْل َق ِّي ُم﴾ (يوسف :من ارية )41ومن قولـه تعـالى: يفهمه من قوله تعالىَ ﴿ :ذ ِل َك الد ُ ِ ـت ع َل ْـي ُكم ِنعم ِتـي ور ِ ِ الم ِدينـا﴾ (الما ـدة: ض ُ ﴿ا ْل َي ْوَم أَ ْك َم ْل ُ ـيت َل ُك ُـم ْاأل ْ ت َل ُك ْم دي َن ُك ْم َوأَ ْت َم ْم ُ َ ْ ْ َ َ َ سـ َ ـك ِم ْـن ِد ِ ُّهـا َّ ش ٍّ ون ـاس إِ ْن ُك ْنـتُ ْم ِفـي َ ين تَ ْع ُب ُـد َ َع ُب ُـد الَّ ِـذ َ ينـي فَـال أ ْ من ارية ُ ﴿ )9ق ْل َيا أَي َ الن ُ ِم ْن ُد ِ َع ُب ُد اللَّ َه الَّ ِذ ون اللَّ ِه َوَل ِك ْن أ ْ َو ْج َه َك لِلد ِ ِّين َح ِني ًفا َوال تَ ُكوَن َّن ِم َن
يتَوفَّـا ُكم وأ ِ َن أ َِق ْـم ين * َوأ ْ ت أْ ُم ْـر ُ ـن ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ ـون ِم َ َن أَ ُك َ ََ ْ َ ين﴾ (يونس.)611-614: ا ْل ُم ْ ش ِرِك َ
أيضا معاني العبادة من إقامة الشعا ر والنسك فضال ولقد تناولت اريات التي قدمناها ً عن الخضوع والذلة والطاعة واالتباع واالنقياد المطلقين. ولقد ورد بالقرآن الكريم النصوا الكثيرة الصـريحة فـي داللتهـا علـى أن اهلل تعـالى –
هو دون غيره – الحاكم ارمر الناهي ،وأن األتباع واالنقياد المطلقين واجبان لـه دون سواه بما أغنى عن االستدالل بمفهوم كلمة الرب للتدليل على ذلك ﴿إِ ِن ا ْل ُح ْك ُم إال لِلَّ ِـه َطيعـوا اللَّ َ ِ ِ ـول َوأُولِـي يعـوا َّ س َ الر ُ ـه َوأَط ُ َم َر أال تَ ْع ُب ُدوا إال إِيَّـاه﴾ (يوسـف :مـن اريـة﴿ )41أ ُ أَ سـ ِ ـون ِباللَّـ ِـه ـي فَـ ُـردُّوهُ إِلَــى اللَّـ ِـه َو َّ ـاز ْعتُ ْم ِفــي َ األمـ ِـر ِم ـ ْن ُك ْم فَ ـِإ ْن تََنـ َ ـول إِ ْن ُك ْنــتُ ْم تُ ْؤ ِمنُـ َ الر ُ ْ شـ ْ ين َي ْز ُعم َ َّ آم ُنوا ِب َما أُْن ِـز َل س ُن تَأ ِْوي ً ال * أََل ْم تََر إَِلى الَّ ِذ َ َوا ْل َي ْوِم ْار ِخ ِر َذلِ َك َخ ْيٌر َوأ ْ َح َ ون أَن ُه ْم َ ُ وت وقَ ْـد أ ِ َّ ِ َن َي ْكفُ ُـروا ِب ِـه إِلَ ْي َك َو َما أُْن ِز َل ِم ْـن قَْبلِ َ ُم ُـروا أ ْ ون أ ْ ـك ُي ِر ُ يـد َ َن َيتَ َحـا َك ُموا إِلَـى الطـا ُغ َ َن ي ِ َوُي ِريـ ُـد َّ ـون ضــالالً َب ِعيـ ًـدا﴾ (النســا ﴿ )11-19:فَــال َوَرِّبـ َ ـك ال ُي ْؤ ِمنُـ َ الشـ ْـيطَ ُ ضــلَّ ُه ْم َ ان أ ْ ُ حتَّـى يح ِّكمـ َ ِ ســلِّ ُموا يمــا َ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّـم ال َي ِج ُـدوا ِفــي أَْنفُ ِسـ ِه ْم َح َر ًجـا ِم َّمــا قَ َ شَ ضـ ْـي َت َوُي َ ـوك ف َ َ َُ ُ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
35
تَ ِ ـه﴾ (النســا :مــن اريــة)11 ـول فَ َقـ ْـد أَ َ يما﴾ (النســا َ ﴿ )11:مـ ْـن ُي ِطـ ِـع َّ سـ َ ـاع اللَّـ َ طـ َ ْ الر ُ ســل ً ِ ِ ِ ين سولَ ُه ُي ْد ِخ ْل ُه َج َّنات تَ ْج ِر ِم ْن تَ ْح ِت َها األ ْن َه ُار َخالِ ِـد َ ﴿ت ْل َك ُح ُدو ُد اللَّه َو َم ْن ُيط ِع اللَّ َه َوَر ُ ِ ـك ا ْلفَـ ْـوُز ا ْل َع ِئـيم * َو َمـ ْـن َي ْع ِ ـار َخالِـ ًـدا ـه َن ًا يهـا َوَذلِ َ ودهُ ُي ْد ِخ ْلـ ُ سـولَ ُه َوَيتَ َعـ َّـد ُح ُـد َ ـا اللَّـ َ ف َ ـه َوَر ُ ُ ـه اللَّـ ُ ِ ِ ـاب ـان لِ َب َ شــر أ ْ َن ُي ْؤِت َيـ ُ يهــا َوَلـ ُ ـين﴾ (النســا َ ﴿ )64-69:مــا َكـ َ اب ُم ِهـ ٌ ـه ا ْلكتَـ َ ـه َع ـ َذ ٌ ف َ ون اللَّ ِـه ولَ ِك ْـن ُكونُـوا رب ِ َوا ْل ُح ْكم َو ُّ ول لِ َّلن ِ ـادا لِـي ِم ْـن ُد ِ ين ِب َمـا الن ُب َّوةَ ثَُّم َيقُ َ اس ُكونُـوا ِع َب ً َّـان ِّي َ َ َ َ ُك ْنتُم تُعلِّم َ ِ ون﴾ (آل عمران.)19: س َ ون ا ْلكتَ َ اب َوِب َما ُك ْنتُ ْم تَ ْد ُر ُ ْ َ ُ حكما وال نبوة!!..؟. فكيف ببشر لم يؤته اهلل ً كتابا وال ً ِ َه َل ا ْل ِكتَ ِ ـه ﴿ ُق ْل َيا أ ْ س َـوا َب ْي َن َنـا َوَب ْيـ َن ُك ْم أال َن ْع ُب َـد إال اللَّ َ اب تَ َعالَ ْوا إِلَـى َكل َمـة َ ون اللَّـ ِ ــن ُد ِ ــه َفـــِإ ْن تََولَّـ ْــوا َفقُولُـــوا َ ضـــا أ َْرَب ًابـــا ِمـ ْ ضـــ َنا َب ْع ً شـ ْــي ًا َوال َيتَّ ِخـــ َذ َب ْع ُ ون﴾ (آل عمران.)14: سلِ ُم َ ُم ْ
ش ِـر َك ِبـ ِه َوال نُ ْ ــه ُدوا ِبأ ََّنـــا اْ شـ َ
﴿اتَِّب ُعوا َما أُْن ِز َل إَِل ْي ُك ْم ِم ْن َرِّب ُك ْم َوال تَتَِّب ُعوا ِم ْن ُدوِن ِه أ َْوِل َيا َ﴾ (ألعراف :من ارية.)9 ﴿إَِّنـــا أَْن َزْل َنـــا إَِل ْيـ َ ِ ق لِـــتَ ْح ُكم َبـ ْــي َن َّ النـ ِ ــه﴾ (النســـا :مـــن ــاب ِبـــا ْل َح ِّ ــاس ِب َمـــا أ ََر َ اك اللَّـ ُ ــك ا ْلكتَـ َ َ ارية.)611 ﴿وم ْن َلم ي ْح ُكم ِبما أَْن َز َل اللَّ ُه فَأُوَل ِ َك ُهم ا ْل َك ِ ون﴾ (الما دة :من ارية.)44 اف ُر َ ََ ْ َ ْ َ ُ ون﴾ (الما دة :من ارية.)41 ﴿ َو َم ْن َل ْم َي ْح ُك ْم ِب َما أَْن َز َل اللَّ ُه َفأُوَل ِ َك ُه ُم الئَّالِ ُم َ ﴿وم ْن لَم ي ْح ُكم ِبما أَْن َز َل اللَّ ُه فَأُوَل ِ َك ُهم ا ْلفَ ِ ون﴾ (الما دة :من ارية.)41 اسقُ َ ََ ْ َ ْ َ ُ ﴿وأَْن َزْل َنـا إِلَ ْيـ َ ِ صـ ِّـدقًا ـاب ِبــا ْل َح ِّ ـك ا ْلكتَـ َ ق ُم َ َ َه َوا َ ُه ْم َب ْي َن ُه ْم ِب َما أَْن َز َل اللَّ ُه َوال تَتَِّب ْع أ ْ
ـن ا ْل ِكتَـ ِ ـاح ُك ْم ـاب َو ُم َه ْي ِم ًنــا َعلَ ْيـ ِـه فَـ ْ لِ َمــا َب ْـي َن َي َد ْيـ ِـه ِمـ َ َع َّما َجا َ َك ِم َن ا ْل َحق﴾ (الما دة..)41 :
ـوك َع ْـن َب ْع ِ ﴿ َوأ ِ ـو َمـا َن َي ْف ِت ُن َ ـع أ ْ احـ َذ ْرُه ْم أ ْ اح ُك ْم َب ْي َن ُه ْم ِب َمـا أَْن َـز َل اللَّ ُ َه َـوا َ ُه ْم َو ْ َن ْ ـه َوال تَتَِّب ْ أَْن َز َل اللَّ ُه إَِل ْي َك﴾ (الما دة :من ارية.)49
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
36
ِ ِ اهلِ َّيـ ِ ﴿أَفَح ْكــــــم ا ْلج ِ ـــــون﴾1 ـــــون َو َمـ ْ ـــــوم ُيوِق ُنـ َ ـــــن ِمـ َ سـ ُ ـــــن أ ْ ـــــة َي ْب ُغـ َ ُ َ َ ـــــن اللَّــــــه ُح ْك ًمــــــا ل َقـ ْ َح َ (الما دة.)11:وعـاب اهلل عـز وجـل علـى اليهـود والنصـاري طـاعتهم ألحبـارهم ورهبـانهم من دون اهلل تعالى وحكم بكفرهم إذ بلغت تلك الطاعة االعتقاد بأن لهـم أن يحرمـوا مـا ـارُه ْم َوُرْه َبـا َن ُه ْم أ َْرَب ًابـا ِم ْـن ُد ِ ون أحل اهلل أو يحلوا ما حرم اهلل ،قـال تعـالى﴿ :اتَّ َخـ ُذوا أ ْ َح َب َ اللَّه﴾ (التوبة :من ارية.)96 ولما غفل َع ِد ُّ بن حاتم عن المعنى الحقيقـي المقصـود مـن هـذه اريـة الكريمـة وئـن أن العبادة هي مجرد إقامة الشعا ر والتنسك ،وقال للرسول عليه الصالة والسالم إنهم لم يعبدوهم ،وضَّح عليه الصالة والسالم له ما فاته. عن عد بن حـاتم قـال :أتيـت النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم :-وفـي عنقـي صـليب
من ذهب فقال" :يا ابن حاتم ،ألق هذا الوثن عن عنقك" فألقيته ،ثم افتتح سورة بـرا ة َح َب َارُه ْم َوُرْه َبا َن ُه ْم أ َْرَب ًابا ِم ْـن ُد ِ ون اللَّـه) فقلـت :يـا رسـول اهلل مـا كنـا حتى بلا( :اتَّ َخ ُذوا أ ْ نعبدهم فقال"" :كانوا يحلون لكم الحرام فتستحلونه ويحرمون عليكم الحالل فتحرمونه"؟
فقلت :بلى ،قال" :فتلك عبادتهم"[ .رواه ابن حزم فـي اإلحكـام فـي أصـول األحكـام جــ1 ا ،692،699والطحـــــان الكـــــوفي جــــــ 2ا ،614وابـــــن جريـــــر فـــــي تفســـــيره جــــــ6 ا ،11،16والترمذ ].
ومـن األحاديــث الثابتــة عــن رســول اهلل – صـلى اهلل عليــه وســلم – قولــه" :علــى المــر
المسلم السمع والطاعة فيمـا أحـب وكـره إال أن يـؤمر بمعصـية ،فـإن أمـر بمعصـية فـال
سمع وال طاعة"[ .رواه مسلم المحلى جـ 6ا.]92 وفيما رواه ابن مسعود عـن الرسـول – صـلى اهلل عليـه وسـلم ـ أنـه قـال" :مـا مـن نبـي بعثـــه اهلل فـــي أمـــة قبلـــي إال كـــان لـــه مـــن أمتـــه حواريـــون وأصـــحاب يأخـــذون بســـنته
ويقتــدون بــأمره ،ثــم يحــدث مــن بعــدهم خلــوف يقولــون مــا ال يفعلــون ،ويفعلــون مــا ال
يــؤمرون فمـــن جاهـــدهم بيـــده فهـــو مـــؤمن ومــن جاهـــدهم بلســـانه فهـــو ومـــؤمن ومـــن جاهــدهم بقلبــه فهــو مــؤمن ولــيس ورا ذلــك مــن اإليمــان حبــة خــردل" [المحلــى جـــ1
ا.]911 موقع مصر أوالً www.egypt1.info
37
وكل ذلك محفوئ معروف مشهور يكفي أن يسمعه من ال يعرف من العربيـة إال إحـدي
لهجاتها العامية فيفهمه ويلم بمقاصده العامة فتستنير بصيرته وان جهل الفواصل بين األحكام الشرعية المختلفة. وما عمل المفسرين في هذا الشأن إال إيضـا معنـى كلمـة قـد ال يعـرف معناهـا مـن ال
يجيد اللغة العربية أو إيراد أسباب النزول أو بعو األحاديث المناسبة لآلية والمتعلقة
بها ،أو المقابلة بين اريـة والحـديث أو اريـة واريـة ثـم اإلشـارة إلـى األحكـام الشـرعية التي تستنبط من مجموع اريات واألحاديث المتعلقة بموضوع ما.
أمــا مــن ال يتكلمــون العربيــة فــاألمر بالنســبة لهــم مــرده الترجمــة :فــإن وقعــت صــحيحة
فهي – وان لم تبلا بال ريب القرآن العربي المعجز – تكون كافية في تحصيل المعاني المقصــودة وابــالغ البيــان المطلــوب ،وان لــم تكــن كــذلك والبســها التحريــف فهــي كــذب
وافترا ،وقول على اهلل بغير الحق. ثــم نــرد علــى القــول بأنــه " :لمــا نــزل القـرآن الكــريم فــي العــرب وعــرو علــى النــاطقين بالضاد كان حين ذ يعرف كل امر منهم مـا معنـى اإللـه ومـا المـراد بـالرب ومـن ثـم إذا
قيل ال إله إال اهلل وال رب سواه وال شريك له في ألوهيته وربوبيته أدركوا مـا دعـوا إليـه تماما وبين لهم من غير لبس وال إبهام أ شي هو الذ قـد نفـاه القا ـل ومنـع غيـر ً اهلل أن يوصف به وأ شي قد خصه وأخلصه هلل تعالى".
فنقــول بعــون اهلل إنــه كــان المقصــود بهــذا القــول القطــع بــأن كــل فــرد ممــن كــان بنجـد
والحجاز وغيرهما وقت بعثة الرسول عليه الصالة والسالم على وجه التحديد والتعيين،
قــد أدرك بغيــر مــا لــبس وال إبهــام مــا دعــى إليــه وكــان علــى علــم كامــل شــامل بمعنــى
كلمتي "اإلله والرب" وحقيقة التوحيد ،بالجملة المفهوم الكامـل الشـامل لشـهادة "ال إلـه إال اهلل" إن كــان هــذا هــو المقصــود فإنــه يكــون ق ـوال فــي حاجــة إلقامــة البرهــان علــى صحته وال يكفي للتدليل على صحة هذه الدعوي االدعـا بشـيوع معـاني كلمتـي "اإللـه
والرب" بين العرب الناطقين بالضاد.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
38
أوال :ألن الشيوع مهما بلا واشتد ،معناه :معرفة الكثرة الغالبة باألمر وال يرقى إلى حد القطــع والتــيقن مــن حقيقــة علــم كــل فــرد علــى وجــه التحديــد والتعيــين ،فمــن ذا الــذ
فـردا ،ليجـزم باسـتحالة أن يكــون فـردا ً عـددا وتأكـد مـن حقيقـة أمـر كـل مـنهم ً أحصـاهم ً بينهم من أخطأ الفهم أو لم يصله العلم..؟.
ثانيــا :أن الـــذين كـــانوا بنجـــد والحجــاز وغيرهـــا ،لـــم يكونـــوا كلهــم مـــن العـــرب الخلـــا ً العــالمين باللغــة العربيــة كأهلهــا بــل كــان فــيهم بيقــين كثيــر مــن المســتعربين واألرقــا أيضـــا األحـــرار األجانـــب المســـتجلبين مـــن نـــوا شـــتى وأجنـــاس مختلفـــة وكـــان فـــيهم ً األعجميو اللسان فال يصدق في حقهم القول بالفهم كفهم الناطق بالضـاد ،ولقـد حفـئ
لنــا التــاريخ أســما كثيــرين مــن صــحابة رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – مــن ِ ـان سـ ُ فارســيين وروميــين وأحبــاا ،وأشــار القـرآن الكــريم إلــى وجــود هـؤال األجانــب ﴿ل َ ِ ون إَِل ْي ِه أ ْ ِ ين﴾ (النحل :من ارية.)619 ان َع َرِبي ُم ِب ٌ س ٌ الَّ ِذ ُي ْل ِح ُد َ َع َجمي َو َه َذا ل َ ولقد كانت دعوة الرسول – صلى اهلل عليه وسلم – موجهـة للجميـع علـى سـوا وقبـل عليـه الصــالة والسـالم إســالم مـن نطــق مـنهم بالشــهادتين دون تفرقـة أو تمييــز ،ولقــد كان يكفي لدحو تلك الـدعوي أن تكـون بغيـر دليـل ،ولقـد قـدمنا مـا يعارضـها ،ونؤكـد
هذه المعارضة بواقعة علم بها الرسول عليه الصالة والسالم تؤكد جهل الكثيرين ممـن
أســلموا واعتبــرهم النبــي – صــلى اهلل عليــه وســلم – مســلمين بــبعو معــاني التوحيــد ومفهوم الشهادة. أورد الشاطبي في كتابه االعتصام أنه ورد في الصحيح عن أبي واقد الليثـي – رضـي اهلل عنــه – قــال :خرجنــا مــع رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – ِقبـ َـل خيبــر ونحــن حديثو عهـد بكفـر وللمشـركين سـدرة يعكفـون حولهـا وينوطـون بهـا أسـلحتهم يقـال لهـا ذات أنواط فقلنا يا رسول اهلل اجعل لنـا ذات أنـواط كمـا لهـم ذات أنـواط ،فقـال – صـلى
إلها كما لهم آلهة ،لتـركبن اهلل عليه وسلم" :اهلل أكبر كما قالت بنو إسرا يل ،اجعل لنا ً شبر بشبر وذر ًعا حتى لو دخلوا في جحر ضب التبعتموهم" قلنا يا سنن من كان قبلكم ًا
رسول اهلل :اليهود والنصاري؟ قال" :فمن؟" [االعتصام للشاطبي جـ 6ا.]41 موقع مصر أوالً www.egypt1.info
39
ولقد أورد ابن كثير والقرطبي وابن حـزم روايـات مماثلـة [ابـن كثيـر ا ،649القرطبـي جـ 1ا ،219جامع السير البن حزم ا.]291 إلهــا مــن دون اهلل يصــدق فــي حقهــم أفهـؤال الــذين طلبـوا مــن رســولهم أن يجعــل لهــم ً تمامــا مــا دع ـوا إليــه القــول إنهــم إذا شــهدوا أن ال إلــه إال اهلل وال رب سـواه قــد أدركـوا ً وبين لهم من غير ما لبس وال إبهـام أ شـي هـو قـد نفـاه القا ـل ومنـع غيـر اهلل أن
يوصف به وأ شي من خصه وأخلصه هلل تعالى!!...؟. هذا وقد سبق أن أوردنا ما كـان مـن أمـر عـد بـن حـاتم – رضـي اهلل عنـه – وجهلـه
بحقيقــة معنــى كلمــة العبــادة حتــى بـ ّـين لــه رســوله – صــلى اهلل عليــه وســلم – المعنــى المقصود. بطالن القول بعدم إسالم من نطق بالشهادتين إذا جل مفهومهما: ثم نقول للذ ذهب على عدم الحكم بإسـالم مـن نطـق بالشـهادتين فـي وقتنـا الحاضـر
مفهومـا علـى بزعم أن معناهما الـذ كـان شـا ًعا وقـت البعثـة قـد تبـدل وتغيـر ولـم يعـد ً حقيقته – نقول له :إنا قد أسقطنا حجتك فيما أسلفناه وبما أثبتناه من أن معناهما لـم وضوحا مما كان قبل نزول القرآن الكريم. شيوعا وأكثر يزل شا ًعا بين الناس بل أكثر ً ً وفضال عن ذلك ،فإنه لم يرد شرع يفيد الربط بـين شـيوع معنـى األلوهيـة والربوبيـة فـي مجمــوع مــن النــاس وبــين قبــول شــهادة مــن شــهد مــنهم أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا
رسـول اهلل وحكمنــا بإسـالمه بقولهــا ،واشــتراط هـذا الشــرط شـريعة از ــدة ال تقبــل إال أن
يقيم القا ل بها البرهان عليها من كتاب اهلل وسنة الرسول عليه الصالة والسالم. وقـول الرســول – صـلى اهلل عليــه وسـلم – وفعلــه المعتبـر شــريعة الزمـة ،علــى خــالف تلـك الشـريعة ال از ـدة المسـتحدثة :فقـد قبـل الرسـول – صـلى اهلل عليـه وسـلم – إسـالم
اجـا مـن العـرب والمسـتعربين واألرقـا والمسـتجلبين الناس الذين دخلوا في دين اهلل أفو ً وأهل الحيرة وأهل الـيمن ممـن فتحـت بالدهـم علـى عهـده – صـلى اهلل عليـه وسـلم ،-
دون إجرا ما يفيد ضرورة التأكد أن كل فرد منهم قد فهم من الشـهادتين اللتـين شـهد موقع مصر أوالً www.egypt1.info
41
ـددا معي ًنــا ،أو أن معــاني محــددة معينــة شــا عة معروفــة بهمــا معل ًنــا إســالمه معنــى محـ ً بيــنهم ،بــل ثبــت لديــه عليــه الصــالة والســالم أن بعــو العــرب يجهلــون حقيقــة معنــى بعو األلفائ كما كـان مـن أمـر عـد بـن حـاتم كمـا قـدمنا ،وأن بعـو مـن قبـل عليـه الصالة والسالم إسالمهم يجهلون بعو معاني شهادة أن "ال إله إال اهلل" كما كان من
أمر الـذين قـالوا( :اجعـل لنـا ذات أنـواط كمـا لهـم ذات أنـواط) فـدل عملـه عليـه الصـالة
والسالم على افتراو ما يكفي من العلم في حق من نطق بالشهادتين للحكم بإسـالمه
وان جهله ما قد يكون جاهال به من معاني األلوهية والربوبية والعبادة والدين ومفهـوم
الشهادتين وغير ذلك من األحكام الشرعية ،ال يضر إسـالمهم شـي ًا ،ولـيس بمـانع مـن الحكم بإسـالمه ،وأن تجـر ع لـيهم األحكـام الشـرعية كمـا يجـر علـى سـا ر المسـلمين وهذا الدليل منقول إلينا نقل الكافة الذ هو أقوي أنواع التواتر وأشدها قـوة فـي إثبـات
صحة الخبر ويقين العلم .وما كان الرسول – صلى اهلل عليـه وسـلم – غـافال عـن أنـه مبعوث إلـى النـاس كافـة عـربيهم وأعجمهـم وهـو القا ـل" :أمـرت أن أقاتـل النـاس حتـى
يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بي وبما ج ت به ..إلخ" نعم ..النـاس كـل النـاس بـال تمييز بين أناس وأناس ودون تمييز بين العـرب وغيـرهم ،ودون التفرقـة بـين النـاطقين
بالضاد وغيرهم ،هذا هو حكم اهلل نطق به الرسـول األمـين – صـلى اهلل عليـه وسـلم –
وعم ـل بــه وطبقــه ،ولــو كــان النطــق بالشــهادتين يختلــف شــأنه وحكمــه بــين النــاطقين بالضاد وبين غيرهم ،أو يلزم إجرا آخر في حق الناطق به من العـرب أو غيـر العـرب
حتى يحكم بإسالمه ،ما سكت الرسول – صلى اهلل عليه وسلم – عـن بيـان ذلـك ،ومـا
ُّـك ـان َرب َ كان عليه الصالة والسالم ليغفل عن إعمال ذلك الشرط ال از د وتطبيقه ﴿ َو َما َك َ َن ِسيِّا﴾ (مريم :من ارية.)14
وم ْن أحدث تلك التفرقة وأتـى بـذلك الشـرط الزا ـد فقـد خـالف نـا حـديث رسـول اهلل – َ صلى اهلل عليـه وسـلم – واليقـين الثابـت مـن عملـه والمعتبـر شـريعة بـال خـالف ،وأتـى بشريعة غير شريعة اهلل مستحدثًا في الدين ما لم يرد فيه نا من كتاب أو سنة. ولقد فتح المسلمون على عهد الصحابة والتابعين ،بالد الشام وفـارس والعـراق ومصـر
وبالد البربر "شمال أفريقيا" والسودان واألندلس وتركيا وأجزا من البلقان والهند وغير موقع مصر أوالً www.egypt1.info
41
ذلك ،وكلها بالد لم تكن تعرف العربية وكان إجماع الصحابة والتابعين – المنقول إلينا
نقل الكافة عن الكافة – على قبول أهل تلك الـبالد فـي اإلسـالم بشـهادة "أن ال إلـه إال
محمدا رسول اهلل" وعصمت بها دماؤهم وأموالهم ،وأجريـت علـيهم شـ ار ع اإلسـالم، اهلل ً ثم علموا شي ًا فشي ًا مـا كـانوا يجهلونـه مـن أحكـام وشـرا ع ،ومـا ذهـب قا ـل إلـى عـدم قبول إسـالمهم حتـى يتحقـق شـرط أو أمـر مضـاف إلـى شـهادتهم التـي نطقـوا بهـا ،وال يصح في العقل االدعا بأن معاني األلوهية والربوبية كما كانت شا عة بين العرب في
شيوعا بيننا ارن. الجاهلية كانت شا عة في هؤال الجاهلين بالعربية بأكثر ً بطالن القول باشتراط العمل: ثم نقول للذ اشترط أن تكون أعمال الشخا مصدقة لشهادته حتى ُيحكم بإسـالمه: إن فيما قدمناه ما يثبت فساد ذلك القول ،فقـد أقمنـا األدلـة القاطعـة علـى أن حكـم اهلل مسـلما فـي ذات اللحئـة التـي ينطـق فيهـا بالشـهادتين ،وأنـه تعالى أن يعتبر الشخا ً لما ويحرم علينا دمه وماله. حال نطقه بالشهادتين يلزمنا اعتباره مس ً
فمن أين جا الشرط الذ تقول به من وجوب عمل مـا وتعليـق حكـم إسـالم مـن نطـق بالشهادتين حتى يأتي بعمل يعتبر مصدقًا لشهادته!..؟. ولقد كان أبو طالب يحتضر في فراا الموت والرسول عليه الصالة والسالم إلى جواره
ويلــح عليــه أن ينطــق "ال إلــه إال اهلل محمــد رســول اهلل" حتــى يشــهد بهــا لــه عنــد اهلل
[البخار جـ 2ا 669مسلم :المحلى جـ 66ا ،]261فمـا جـدوي هـذه الشـهادة ومـا قيمتها وما الداعي ألن يطلبها الرسول – صلى اهلل عليه وسـلم – مـن عمـه إن كانـت بذاتها ال تخر قا لها من الكفر وتدخل به في اإلسالم..؟.
أما االحتجا في هذا المقام بالحديث "ليس اإليمـان بـالتمني ولكـن مـا وقـر فـي القلـب
وصدقه العمل" [لم نجد هذا الحديث في كتـب الحـديث الممتـدة التـي بـين أيـدينا – كمـا أن عمد كتب الفقه التي تعرضت بالتفصيل لقضية الكفر واإليمان "مما أشرنا إليها في
هذا البحث" حيث وطن االستشهاد لم يشر إليه بل قال ابن تيمية والغزالي في األحيـا موقع مصر أوالً www.egypt1.info
42
والقرطبي إن هذا القـول لحسـن البصـر أو لعلـي بـن أبـي طالـب] فـال حجـة فـي ألنـه،
علــى فــرو صــحة نســبية هــذا الحــديث إلــى الرســول – صــلى اهلل عليــه وســلم – فإنــه سمي النطق بالشهادتين عمال: عليه الصالة والسالم قد ّ عن أبي هريرة رضي اهلل تعـالى عنـه أن رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – سـ ل: أ العمل أفضل؟ قال" :إيمان باهلل ورسوله" قيل ثم ماذا؟ قال" :الجهاد فـي سـبيل اهلل"
قيل ثم ماذا؟ قال" :حج مبرور" [البخار :جـ 6ا.]69 وحدث ابن العباس – رضي اهلل تعالى عنهما – أن وفد عبد القيس أتوا النبي – صلى ّ اهلل عليــه وســلم – فقــالوا مــا معنــاه إنهــم علــى بعــد منــه وال يســتطيعون الحضــور إليــه عليه الصالة والسالم إال في شهر حرام وقالوا :فمرنا بـأمر نخبـر بـه مـن ورا نـا نـدخل
به الجنـة ،فـأمرهم – صـلى اهلل عليـه وسـلم – بـأربع ونهـاهم عـن أربـع ،وكـان أول مـا أمرهم به اإليمان باهلل وحده ثم قال – صلى اهلل عليه وسلم " :-هل تدرون ما اإليمان
محمـدا رسـول باهلل وحده؟ قالوا :اهلل ورسوله أعلم ،قال" :شهادة أن ال إله إال اهلل وأن ً اهلل" [البخار :جـ 6ا.]699 ،92
عرفنا رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – اإليمـان بـاهلل وحـده بأنـه شـهادة أن وهكذا ّ ــدا رســـول اهلل ،وهكـــذا ســـمي عليـــه الصـــالة والســـالم النطـــق ال إلـــه إال اهلل وأن محمـ ً بالشهادتين عمال.
وبــذلك يكــون الثابــت يقي ًنــا مــن األحاديــث مجتمعــة أن مــن شــهد أن ال إلــه إال اهلل وأن
مخلصا من قلبه فإنه يكون قد أتى عمال مصد ًقا لمـا وقـر فـي قلبـه، محمدا رسول اهلل ً ً وأن حكم اهلل أنه بذلك قد آمن وأسلم. واإلخالا فعل النفس والقلب الذ ال يطّلع عليـه إال عـالم السـرا ر جـل شـأنه ،ولـيس
لنــا نحــن البشــر إال أن نعامــل النــاس بمــا ينطقــون بــه بألســنتهم :قــال خالــد بــن الوليــد
صــل يقــول بلســانه مــا لــيس فــي لرســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم " :-وكــم مــن ُم َ
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
43
قلبه" ،فقال – صلى اهلل عليه وسـلم " :-إنـي لـم أومـر أن أنقـب عـن قلـوب النـاس وال أشق بطونهم" [مسلم :المحلى جـ 66ا.]221 ولـيس فـي وجــوب الحكـم بإســالم مـن نطــق بالشـهادتين مــا يتعـارو مــع كـون المســلم
مكلفًا بعد النطق بالشهادتين بفرا و أخري هي مـن اإليمـان كالصـالة والزكـاة والصـوم
والحج والجهاد والدعوة إلى اهلل ..إلخ.
ِ يما ًنــا﴾ (المــدثر :مــن اريــة)96 واإليمــان يزيــد بازديــاد الطاعــةَ ﴿ :وَيـ ْـزَد َ اد الَّـ ِـذ َ آم ُنـوا إ َ ين َ اد ُهم إال إِيما ًنا وتَ ِ يما﴾ ين ْ ﴿ َوَي ِز ُ يد اللَّ ُه الَّ ِذ َ َ َ ْ اهتَ َد ْوا ُه ً دي﴾ (مريم :من اريةَ ﴿ )11و َما َز َ ْ سل ً (األحزاب :من ارية﴿ )22فَأ َّ َّ ِ ين آمنُـوا فَ َـز َ ِ ون﴾ (التوبـة: ستَْب ِش ُـر َ يما ًنـا َو ُه ْـم َي ْ اد ْت ُه ْم إ َ َما الـذ َ َ
من ارية )624وعـن أبـي هريـرة رضـي اهلل عنـه أن النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم –
قال" :اإليمان بضع وستون شعبة والحيا شعبة مـن اإليمـان" [البخـار :جــ 6ا]49 ثم نقول للذ يأبى التسليم بذلك: حــدد لنــا العمــل الــذ تريــد أن تجعلــه مصــدقًا لقــول النــاطق بالشــهادتين حتــى نحكــم بإسالمه وحدد لنا صفة ذلك العمل ومقداره.!!..
أبدا ،إال أن تأتي بشريعة مـن عنـد ذات نفسـك وال يـأذن بهـا اهلل وال سبيل لك إلى ذلك ً تعالى ،وحذار من ذلك ألنك إن فعلت هذا سقطت فيمـا قمـت تنهـى عنـه وحكمـت بغيـر ما أنزل اهلل من حيث ندبت نفسك للدعوة بأن ال حكم إال هلل. واذا قــال قا ــل إن واقــع حيــاة النــاس يــدل علــى أنهــم ينهجــون فــي حيــاتهم االجتماعيــة واالقتصادية والسياسية مناهج تخالف شريعة اله ،قلنا ،نعم صدقت. وهذا حال الكثيرين منهم وهم بذلك عاصون ألوامر اهلل. ولكن من تعدي ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس بمـا أخـرجهم عـن اإلسـالم قلنـا لـه إنـــك أنـــت الـــذ خرجـــت علـــى حكـــم اهلل بحكمـــك هـــذا الـــذ حكمـــت بـــه علـــى عمـــوم
ئـن ال يرقـى الناس،وان استداللك على فساد عقيـدة النـاس بمـا يخـرجهم عـن اإلسـالم ٌ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
44
شـ ْـي ا﴾ (يــونس :مــن ـن ا ْل َحـ ِّ إلــى الجــزم واليقــين ،قــال تعــالى﴿ :إِ َّن الئَّـ َّ ـق َ ـن ال ُي ْغ ِنــي ِمـ َ ارية )91وقـال عليـه الصـالة والسـالم" :إيـاكم والئـن فـإن الئـن أكـذب الحـديث" إال أن محددا في شريعة اهلل بأنه يثبت في حق شخا معين أنه قد ارتكب عمال أو قال قوال ً مخر من اإلسالم إلى الكفر.
وليس المعالنة بالمعاصي وشيوعها ،وليس الئواهر العامة التي ركنت إليها مما يجيز حكمــا علــى عمــوم النــاس بخــروجهم مــن اإلســالم إلــى لــك فــي شــريعة اهلل أن تصــدر ً الكفر ،أو وبعدم دخولهم اإلسالم أصال رغم النطق بالشهادتين.
ونحــن ال نقــول بــأن مــن نطــق بالشــهادتين فإنــه يلزمنــا الحكــم بإســالمه ّأيــا مــا قــال أو أبـدا أن المسـلم ال يرتـد إلـى الكفـر مهمـا قـال أو عمل بعد النطق بهما ،ونحن ال نقول ً
عمل.
فممــا ال شــك فيــه أن شــريعة اهلل قــد حــددت أقـواال وأعمــاال إذ قالهــا المســلم أو عملهــا خرجت به من اإلسالم وارتد بها إلى الكفر. والــذ نقــول بــه إن تلــك األقـوال واألعمــال قــد حــددها اهلل عــز وجــل ووضــحها الرســول عليه الصالة والسالم فليس لنا أن نزيد فيها أو ننقا منها. كمــا أن شــريعة اهلل لــيس فيهــا مــا يبــيح لنــا إذا مــا شــاعت تلــك األق ـوال واألفعــال فــي
مجموع من الناس أن نرميهم جملة بالخرو عن دين اإلسالم ما دامت شعا ر اإلسالم
من أذان وصالة وصيام وحج متعالنين بها بينهم ،ولـيس لنـا أن نئـن بكـل فـرد مـنهم، لم نتيقن من حاله على وجه التحقيق ،أنه خر عن اإلسالم بل هو علـى ئـاهره حتـى
يقوم الدليل الشرعي المقبول على أنه هو بذاته قد قال قوال أو أتى عمـال ارتـد بـه إلـى الكفر. فإذا نادي مناد من هؤال القوم "حي على الصالة" ولـم نكـن نعلـم أنـه هـو بذاتـه يصـر على قول أو عمل يخر به يقي ًنا من اإلسالم إلى الكفـر لـم يجـز لنـا القـول بـأن نـدا ه باطل وال يلزمنا إجابته. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
45
أمنا في الصالة من هو في ئاهره اإلسالم لم يجز لنا التخلف عن الجماعـة بئـن واذا ّ أن هذا اإلمام ربما كان من القا لين أو العاملين بما يخرجه عن اإلسالم. ولو جاز لنا التحلل من الش ار ع بالئن لما لزمتنا أغلب الف ار و ولما جازت لنا صـالة
خلف أ شخا بعد المعصوم عليه الصالة والسالم ومن شـهد لهـم بالجنـةً ،أيـا كـان ذلك الشخا ،إذ أننا ال نستطيع أن نحصي على كل شخا كافة أقواله وأفعالـه وهـو كثيـرا مـن إن أبدي لنا فيما يئهر لنا منه ما يوافق شريعة اإلسالم فإننا على يقـين أن ً أقواله وأعماله خافية علينا ونحن ال نستطيع أن نقطع بشي فيمـا خفـي علينـا بـل إن
ما يئهر لنا من أقوالـه وأعمالـه ال نسـتطيع أن نجـزم بحقيقـة األمـر فيـه وصـحته ،واذ
منــاط ذلــك ســالمة نيتــه واتجاهــه بقلبــه فيمــا يقــول ويفعــل إلــى اهلل تعــالى ،وذلــك مــا ال
سبيل لبشر التأكد منه. ولقد أسلفنا ذكر األحاديث الدالة على أننا أمرنا أن نعامل كل شخا حسبما يئهر لنا من أقواله وأعماله. الكبا ر والكفر: واذا قـال قا ــل إن الكبــا ر مـن المعاصــي أو إن المعاصــي علــى وجـه العمــوم يكفــر بهــا
المسلم قلنا له :قد كفيتنا مؤونة مجادلتك فأنت لست منا ،ألننا منذ بدأ أمرنـا نعلـم أن
قديما بمثل ذلك. ً مذهبا شا ًذا من مذاهب غير أهل السنة قال ً مسلما بمعصية. وقد أعلنا منذ بدأ أمرنا أننا ال نكفر ً ثـم ننصـح إلخواننــا فنقـول بعــون اهلل :إن جمـاع مــا احـتج بــه مـن جـ ّـوز تكفيـر المســلم بالمعصية: أ -أن إبليس أعاذنا اهلل منه لم يجحد اهلل عز وجل ،وانما هو عصى وأصر على المعصية ،فحكم اهلل بكفره.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
46
اؤه جه َّنم َخالِ ًدا ِفيها و َغ ِ ِ ض َب اللَّ ُه َع َل ْي ِه َ َ ب -قوله تعالىَ ﴿ :و َم ْن َي ْقتُ ْل ُم ْؤم ًنا ُمتَ َع ِّم ًدا فَ َج َز ُ ُ َ َ ُ ِ عمـدا لـم يجحـد اهلل ،وانمـا يما﴾ (النسـا ،)99:فقاتـل الـنفس ً َولَ َع َن ُه َوأ َ َع َّد لَ ُه َع َذ ًابا َعئ ً هو مرتكب لكبيرة فحكم اهلل بخلوده في النار.
-ما حدث به أبو وهريرة رضي اهلل عنه من أن رسول اهلل – صلى اهلل عليـه وسـلم
– قال " :ال يزني الزانـي وهـو حـين يزنـي مـؤمن ،وال يسـرق السـارق وهـو حـين يسـرق
مؤمن ،وال يشرب الخمر وهو حين يشـربها مـؤمن ،وال ينتهـب َن ْه َبـة يرفـع النـاس منهـا أبصــارهم وهــو وحــين ينتهبهــا مــؤمن" [المحلــى :جـــ 6ا 699وانئــر بــاقي الروايــات
ا 626 – 669وهو متفق عليه] وبما رو فـي معنـاه عـن أبـي هريـرة وعـن عا شـة
أم المؤمنين وابن عبـاس رضـي اهلل عـنهم عـن رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم –
وقالوا :قد ارتفع اإليمان بنا كالم الرسول عليه الصالة والسالم عن الزاني والسـارق وشارب الخمر والمنتهب والغال ،ومن ارتفع عنه اإليمان فهو كافر. بـين إذ أنـه جـادل أما القول :إن إبليس لعنه اهلل لم يجحد اهلل عز وجـل ،فخطـأ واضـح ّ معترضــا علــى أمــره لــه بالســجود ردم عليــه الســالم: فــي صـواب حكــم اهلل تعــالى فقـال ً ـال ال أََنا َخ ْيٌر ِم ْن ُه َخلَ ْقتَِني ِم ْن َنار َو َخلَ ْقتَ ُه ِم ْن ِطـين﴾ (ألعـراف :مـن اريـة﴿ ،)62قَ َ ﴿قَ َ ِ ِ س ُنون﴾ (الحجر )99:فعـاب اللعـين ألس ُج َد لِ َب َ صال م ْن َح َمأ َم ْ َل ْم أَ ُك ْن ْ ص ْل َ شر َخ َل ْقتَ ُه م ْن َ فخطَّــأ اهلل تعــالى فهــو بــذلك علـى اهلل عــز وجــل أن يــأمره بالســجود ردم عليـه الســالمَ ، جحد صواب حكم اهلل ،ومن توهم الخطأ فـي جانـب الـه عـز وجـل فقـد نفـى عنـه تعـالى
يصـوب نـدا هلل عـز وجـل علـوا ًا ِّ كبيـر – وجعـل مـن نفسـه ً الكمال – تعالى اهلل عـن ذلـك ً ويخطِّ من أحكامه تعالى ما يري ،وهذا هو الشرك بعينه.
أما آدم عليه السالم فلم يجادل في صواب حكم اهلل وسارع بـاإلقرار بخطي تـه إذ نسـى: ـن ا ْل َخ ِ ين﴾ (ألعـراف :مـن اس ِـر َ سـ َنا َوِا ْن لَ ْـم تَ ْغ ِف ْـر لَ َنـا َوتَْر َح ْم َنـا لَ َن ُكـوَن َّن ِم َ ﴿ َرَّب َنا ئَلَ ْم َنـا أَْنفُ َ ارية.)29 وهــذا هــو الفــرق بــين مــنن يــأتي المعصــية وهــو مقــر بحكــم اهلل ومــن يســتحل مخالفــة أوامر اهلل. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
47
وال خالف بين المسلمين أن من استحل المعاصي فقد جحد أمر اهلل وأنـه كـافر مشـرك بال جدال. وهذا هو مدار الفهم لقوله تعالى﴿ :وال تَأْ ُكلُوا ِم َّما َلم ي ْذ َك ِر اسم اللَّ ِـه ع َل ْي ِـه وِا َّن ُ ِ ـق س ٌ ْ ُ ـه َلف ْ َ َ َ ُْ ـــون إِلَــــى أَولِيــــا ِ ِهم لِيج ِ الشـــي ِ شـ ِ ون﴾ ـــم لَ ُم ْ ـــادلُو ُك ْم َوِا ْن أَطَ ْعتُ ُمـ ُ ـــرُك َ وحـ َ اط َ ْ َ ْ َُ ين لَ ُي ُ َوِا َّن َّ َ ـــوه ْم إَِّن ُكـ ْ
(األنعام.)626:
فمن يجادل في صواب حكم اهلل فهو كافر مشرك. عمدا في النار ،فهو احتجا مردود. أما االحتجا بخلود قاتل النفس المؤمنة ً أوالً :ألن الــنا خــاا بفعــل معــين وهــو قتــل الــنفس المؤمنــة عمـ ًـدا ،وقــد وضــع اهلل تعــالى الج ـزا المنصــوا عليــه فــي اريــة لتلــك المعصــية علــى وجــه التحديــد ،ولــيس
عاما فيما عداها من الكبـا ر حتـى يحـتج بـه إلطـالق القـول بـأن مرتكـب الكبيـرة النا ً كافر مشرك.
ثانيا :ألن المقابلة بين النصوا تدل على أن الخلود المعني فـي اريـة الكريمـة لـيس ً هو الخلود األبد في النار الذ هو جزا الكافر المشرك. حــدَّث عبــادة بــن الصــامت – رضــي اهلل تعــالى عنــه – قــال" :أخــذ علينــا رســول اهلل –
صلى اهلل عليه وسلم – كما أخذ على النسا أال نشرك باهلل شي ًا وال نسـرق وال نزنـي بعضــا ضُ ـه [أ يرميـه بالعضــيهة وهـي البهتـان والكـذب] بعضـنا ً وال نقتـل أوالدنـا وال َي ْع َ حدا فأقيم عليه فهو كفارة له ومن سـتره فمن وفى منكم فأجره على اهلل ومن أتى منكم ً اهلل عليه فأمره إلى اهلل إن شا عذبه وان شا غفر له" [المحلى :جـ 6ا.]19
وأخـر مسـلم عـن عبـادة بــن الصـامت رضـي اهلل عنـه أنــه قـال :كنـا مـع رســول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – في مجلـس فقـال" :بـايعوني علـى أن ال تشـركوا بـاهلل شـي ًا وال تزنوا وال تسرقوا وال تقتلوا النفس التي حرم اهلل إال بالحق ،فمن وفـى مـنكم فـأجره علـى
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
48
اهلل ،ومن أصاب شي ًا من ذلك فعوقب بـه فهـو كفـارة لـه ومـن أصـاب شـي ًا فسـتره اهلل عليه فأمره إلى اهلل إن شا عفا عنه وان شا عذبه" [المحلى :جـ 66ا.]616 وداللة الحديثين واضحة على أن المعاصي المذكورة فيهما ومنها القتل ،إن أقيم الحـد
على مرتكبيها فهو كفارة له ،وان سـتر اهلل عليـه فـأمره إليـه تعـالى إن شـا عذبـه وان
شا غفـر ،وال يـدخل فـي المشـي ة كـافر مشـرك إذ أخبرنـا عـز وجـل بسـبق مشـي ته أال يغفر لكافر مشرك ،ويغفر ما دون ذلك لمن يشا . أما االحتجا بارتفاع اإليمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والغال والمنتهب فإن
األحاديـــث الـــواردة عـــن الرســـول عليـــه الصـــالة والســـالم هـــي أحاديـــث صـــحيحة تامـــة
قطعا كما قال عليه الصالة والسالم انتفا اإليمان عن الزانـي حـين األسانيد وهي تفيد ً يزني والسارق حين يسرق وشارب الخمر حين يشربها والمنتهب والغال.
أيضا باألسانيد التامة المتواترة أنه عليه الصالة والسالم قـد أتـى ولكن لما كان الثابت ً له الزاني والزانية والسارق والتي جحدت العارية والغال والمنتهـب وشـارب الخمـر ،فلـم كفار ولم يقم عليهم حد الردة وهو عليه الصالة والسالم القا ل فيمـا رواه عنـه يعتبرهم ًا ســيدنا عثمــان رضــي اهلل تعــالى عنــه" :ال يحــل دم امــر مســلم إال بإحــدي ثــالث :رجــل
نفسا فقتل بها" [المحلى :جـ 66ا.]221 كفر بعد إيمانه أو زًنا بعد إحصان أو وقتل ً فبيقين ندر أنه عليه الصالة والسالم لم يعتن بـذهاب اإليمـان المـذكور فـي األحاديـث ذهاب التصديق ذلك أن أهل اإلسالم انقسموا في تعريف اإليمان على قـولين ،أحـدهما
أن اإليمان اسم واقع على ثالث معـان :أحـدها العقيـدة بالقلـب وارخـر النطـق باللسـان
والث الث عمل بجميع الطاعات فرضها ونفلهـا واجتنـاب المحرمـات – والقـول الثـاني أن اإليمــان اســم واقــع علــى معنيــين وهــو العقــد بالقلــب والنطــق باللســان فقــط وأن أعمــال
الطاعــات واجتنــاب المحرمــات إنمــا هــي ش ـرا ع اإليمــان وليســت إيما ًنــا ،وعمــل الزانــي والسارق وشارب الخمر والغال والمنتهب ليس قوال باللسان ولو وأن العمـل يقـوم مقـام مرتدا وأقام عليه حد الردة. القول العتبره الرسول عليه الصالة والسالم ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
49
وبضرورة الحس يدر من واقع شي ًا من الذنوب المذكورة من المسلمين من نفسه أن تصــديقه لــم يــزل وأنــه كمــا كــان ،وكــل قــول تكذبــه الضــرورة فهــو قــول متعــين الســقوط
فصح بطالن القول أن اإليمان الذ جا النا بذهابه هو التصـديق ،وثبـت يقي ًنـا أن
اإليمان المزايل لمرتكب هذه األفاعيل حال ارتكابه لها ليس هـو عقـد القلـب الـذ يرتـد
كافرا وانما هو الطاعة هلل فقط. به ً
وهـذا أمــر مشــاهد بــاليقين ألن الزنــا والقتــل والغلــول والنهــب وشــرب الخمــر لــيس فيهــا
طاعة هلل تعالى فليسـت إيما ًنـا ،فـإ ًذا لـيس شـي منهـا إيما ًنـا ففاعلهـا لـيس مؤم ًنـا أ
مطيعا ،إذ لم يفعـل الطاعـة لكنـه عـاا فاسـق [المحلـى :جــ 66ا]622-661 ليس ً يؤكد ذلك قول الرسـول عليـه الصـالة والسـالم فـي حـديثي عبـادة بـن الصـامت السـابق ذكرهما في الفقرة السابقة أن السارق والزانـي وقاتـل الـنفس العمـد إذا أقـيم عليـه الحـد
فهو كفارة له وان ستره اهلل عليه فـأمره إلـى اهلل إن شـا عذبـه وان شـا غفـر لـه ،وال
أيضا حديث أبي ذر أن رسول اهلل – صـلى اهلل عليـه يدخل في المشي ة كافر مشرك ،و ً وسلم – قال" :وما من عبد قال ال إله إال اهلل ثم مات على ذلك إال دخل الجنة ..قلـت: وان زنا وان سرق؟ قال" :وان زنا وان سـرق" قلـت :وان زنـا وان سـرق؟ قـال" :وان زنـا
وان ســرق" قلــت :وان زنــا وان ســرق"؟ قــال" :وان زنــا وان ســرق رغــم أنــف أبــي ذر" اجلِ ُـدوا ُك َّـل و ِ الز ِان َيـ ُة َو َّ [البخار :جـ 1ا ]699-692وقال تعالىَّ ﴿ : احـد ِم ْن ُه َمـا الز ِانـي َف ْ َ ِما َـ َة َج ْلـ َـدة﴾ (النــور :مــن اريــة )2وقــال تعــالىَّ ﴿ : شـ ِـرَك ًة الز ِانــي ال َيـ ْن ِك ُح إال َز ِان َيـ ًة أ َْو ُم ْ َو َّ ش ِرك﴾ (النور :من ارية )9ففرق اله تعـالى بـين الزانـي الز ِان َي ُة ال َي ْن ِك ُح َها إال َزان أ َْو ُم ْ السـ ِ ق والمشــرك والزانيــة والمشــركة وجعــل لكــل منهمـا وصـ ًفا خاصــا وقــال تعــالىَ ﴿ :و َّ ـار ُ ً ِ الس ِ س َبا َن َكاالً ِم َن اللَّ ِه﴾ (الما دة :من ارية )91فصح َو َّ ارقَ ُة فَا ْقطَ ُعوا أ َْيد َي ُه َما َج َاز ً ِب َما َك َ يقي ًنا أن الزاني والزانية والسارق والسارقة لكـل مـنهم عقوبـة غيـر عقوبـة المرتـد الـذ
عقوبته القتل وفراق لزوجة واستيفا المال "أ مصادرة أمواله". مذاهب أهل السنة: وهذا الذ قلنا به هو ما اتفقت عليه مذاهب أهل السنة. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
51
قـال صـاحب العقيــدة الطحاويـة اإلمــام الطحـاو المصــر الحنفـي المــذهب [أبـو جعفــر أحمد بن محمد بن سالمة بن سـليم بـن عبـد الملـك الطحـاو نسـبة إلـى قريـة بصـعيد
مصر المحدث الفقيه الحافئ]: "ونسـمي أهـل قبلتنـا مسـلمين مـؤمنين مـا دامـوا بمـا جـا بـه النبـي – صـلى اهلل عليـه وسلم – معترفين وله بكل ما قال وأخبر مصدقين. وال نخوو في اهلل وال نمار في دين. وال نجادل في القرآن ونشهد أنه كالم رب العالمين رب العالمين نزل بـه الـرو األمـين
محمدا – صلى اهلل عليه وسلم – وهو كالم اهلل تعالى ال يساويه فعلمه سيد المرسلين ً شــي مــن كــالم المخلــوقين وال نقــول بخلقــه ،وال نخــالف جماعــة المســلمين ،وال نكفــر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. ً وال نقول ال يضر مع اإليمان ذنب لمن عمله. ونرجو للمحسنين من المسلمين أن يعفو اهلل عـنهم ويـدخلهم الجنـة برحمتـه وال نشـهد لهم بالجنة. ونستغفر لمسي هم ونخاف عليهم ،وال نُقَ ِّنطُ ُه ْم. واألمن واليأس ينقالن عن ملـة اإلسـالم ،وسـبيل الحـق بينهمـا ألهـل القبلـة ،وال يخـر العبد من اإليمان إال بجحود ما أدخله فيه. واإليمان هـو اإلقـرار باللسـان والتصـديق بالجنـان ،وأن جميـع مـا صـح عـن الرسـول – صلى اهلل عليه وسلم – حق ،واإليمان واحـد ،وأهلـه فـي أصـله سـوا والتفاضـل بيـنهم
بالخشية والتقى ومخالفة الهوي ومالزمة األولى. وأهل الكبا ر من أمة محمد – صلى اهلل عليه وسلم – فـي النـار ،ال يخلـدون فيهـا إذا
موحــدون وان لــم يكونـوا تــا بين بعـد أن لقـوا اهلل عــارفين ،وهــم فــي مشــي ته مـاتوا وهــم ِّ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
51
ـك﴾ ون َذلِ َ وحكمه ،إن شا غفر لهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه ﴿ َوَي ْغ ِف ُـر َمـا ُد َ (النســا :مــن اريــة )41وان شــا عــذبهم فــي النــار بعدلــه ثــم يخــرجهم منهــا برحمتــه
وبشفاعة الشافعين من أهل طاعتـه ،ثـم يبعـثهم إلـى الجنـة ،ذلـك بـأن اهلل تعـالى تـولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته الذين خابوا بعد هدايته ولم ينـالوا مـن
واليته:
لي اإلسالم وأهله ثبتنا على اإلسالم حتى نلقاك به. اللهم يا َو َّ حـدا ونري الصالة خلف كل بار وفاجر من أهل القبلة ،وعلى من مات منهم وال ننـزل أ ً
ـارا ،وال نشــهد علــيهم بكفــر وال شــرك مــا لــم يئهــر مــنهم شــي مــن مــنهم جنــة وال نـ ً ذلك،ونذر س ار رهم هلل تعالى" [كتاب شر العقيدة الطحاوية الطبعة الثالثة تحقيـق عبـد الرحمن البابي وآخرين]. وقال اإلمام المحدث الفقيه األصـولي الحـافئ أبـو محمـد علـي بـن أحمـد بـن سـعيد بـن حزم إمام أهل الئاهر: "أول ما يلزم كل أحد وال يصح اإلسالم إال به أن يعلم المر بقلبه ،علم يقين واخـالا محمـدا ال يكون لشي من الشك فيه أثر ،وينطق بلسانه والبد ،بأن ال إله إال اهلل وأن ً
رســول اهلل :وبرهــان ذلــك قــول رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – "أمــرت أن أقاتــل الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بي وبما ج ت به فإذا فعلوا ذلك عصـموا مني دما هم وأموالهم إال بحقها وحسابهم على اهلل". ــا َغ ْيــر اإلس ِ ــن ــن ُي ْقَب َ ــالم ِدي ًنــا َفلَ ْ وقولــه تعــالىَ ﴿ :و َم ْ ــل ِم ْن ُ ــه َو ُه َــو ِفــي ْار ِخ َــرِة ِم َ ْ ــن َي ْبتَ ِ َ ين﴾ (آل عمران .)11:وأما وجوب عقد ذلك بالقلب فلقولـه تعـالى﴿ :ومـا أ ِ ا ْل َخ ِ ُم ُـروا اس ِر َ ََ إال لِيعب ُدوا اللَّ َه م ْخلِ ِ ين َل ُه الدِّين﴾ (البينة :من ارية )1واإلخالا فعل النفس. ص َ َُْ ُ أما وجوب النطـق باللسـان فـإن الشـهادة بـذلك المخرجـة للـدم والمـال مـن التحليـل إلـى
التحريم كما قال رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسـلم :-ال تكـون إال باللسـان ضـرورة،
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
52
وتفسير هذه الجملة – أ الشهادة – هو أن اهلل تعالى إله كل شي دونه وخالق كـل شي دونه. وأنه تعالى واحد لم يزل ،وأنه خالق كل شـي بغيـر علَّـة أوجبـت عليـه أن يخلـق ،وأن النفس مخلوقة وأن العرا مخلوق. وأنه تعالى ليس كمثله شي وال يتمثل في صورة شي . وأن النبوة حق. وأن محمـد بــن عبــد اهلل بــن عبـد المطلــب رســول اهلل إلــى جميـع اإلنــس والجــن كــافرهم ومؤمنهم. ومحمدا – صلى اهلل عليه وسلم ،-مخلوقون نـاس كسـا ر وأن جميع النبيين وعيسى ً الناس. وأن الجنة حق والنار حق ،كل منهما دار مخلوقة. أبدا. والجنة ال يدخلها كافر ً والنار ال يخلد فيها مؤمن. ويـــدخل النـــار مـــن شـــا اهلل مـــن المســـلمين الـــذين رجحـــت كبـــا رهم وســـي اتهم علـــى
حســناتهم ،ثــم يخرجــون منهــا بالشــفاعة ،قــال رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم :-
"يخـر مــن النــار مـن قــال ال إلــه إال اهلل وكــان فـي قلبــه مــن الخيــر مـا يــزن شــعيرة ثــم يخر من النـار مـن قـال ال إلـه إال اهلل وكـان فـي قلبـه مـن الخيـر مـا يـزن ذرة" [متفـق
عليه ،مسلم كتاب اإليمان جـ 6ا ،612البخار جـ 6ا ]61 ،61وقال تعالى﴿ :فَال
ـت َم َو ِ ـه * ش ْـي ًا﴾ (االنبيـا :مـن اريـة )41وقـال تعـالىَ ﴿ :فأ َّ ـس َ َمـا َم ْـن ثَ ُق َل ْ ازي ُن ُ تُ ْئ َل ُم َن ْف ٌ شة ر ِ ِ ِ ُم ُه َه ِ َما َم ْن َخفَّ ْت َم َو ِ اك َما ِه َي ْـه * ازي ُن ُه * فَأ ُّ اض َية * َوأ َّ اوَي ٌة * َو َما أ َْد َر َ فَ ُه َو في عي َ َ َنار ح ِ ام َي ٌة﴾ (القارعة.)66-1: ٌ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
53
وكــل مــن كفــر بمــا بلغــه وصــح عنــده عــن النبــي – صــلى اهلل عليــه وســلم – أو أجمــع عليه المؤمنون مما جا به النبي – صلى اهلل عليه وسلم – فهو كافر. وغربــا فمــا بــين ذلــك ،مــن أم وأن القـرآن الــذ فــي المصــاحف بأيــد المســلمين شــرقًا ً القري إلى المعوذتين كالم اهلل أنزله علـى قلـب نبيـه محمـد – صـلى اهلل عليـه وسـلم – من كفر بحرف فيه فهو كافر. وال سر في الدين عند أحد. وأن البعث حق. وأن الموازين حق. وأن شــفاعة رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – فــي أهــل الكبــا ر مــن أمتــه حــق، شفَعُ ِع ْن َـدهُ إال ِبِإذ ِْن ِـه﴾ فيخرجون من النار ويدخلون الجنة ،قال تعالىَ ﴿ :م ْن َذا الَّ ِذ َي ْ (البقــرة :مــن اريــة .)211وقــال – صــلى اهلل عليــه وســلم " :-لكــل نبــي دعــوة دعاهــا ألمتـه ،وانـي اختبــأت دعـوتي شـفاعة ألمتــي يـوم القيامـة" [متفــق عليـه ،البخـار جـــ9
ا ،611مسلم جـ 6ا .]691وقال عليه الصالة والسالم" :أمـا أهـل النـار الـذين هـم أهلها فـإنهم ال يموتـون فيهـا وال يحيـون ،ولكـن نـاس أصـابتهم النـار بـذنوبهم أو قـال:
فحمــا أذن بالشــفاعة فجــي بهــم ضــبا ر بخطايــاهم فأمــاتهم اهلل إماتــة حتــى إذا كــانوا ً ضـبا ر فبثـوا علـى أنهـار الجنــة ثـم قيـل" :يـا أهـل الجنــة أفيضـوا علـيهم فينبتـون نبــات ِ الح َّبـ ِـة تكــون فــي حميــل الســيل" [متفــق عليــه ،البخــار جـــ 6ا ،62مســلم جـــ 6ا
.]619 ،612
وأن الصـحف التـي تكتــب فيهـا أعمــال العبـاد والمال كـة حــق نـؤمن بهــا وال نـدر كيــف هي. وأن الناس يعطون كتبهم يوم القيامة.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
54
وأن عذاب القبر حق ،ومسا لة األروا بعد الموت حـق ،وال يحيـا أحـد بعـد موتـه إلـى يوم القيامة. وأن الحســنات يـــذهبن الســـي ات بالموازنـــة ،والتوبــة تســـقط الســـي ات ،والقصـــاا مـــن َّ ـار لِ َم ْـن تَـا َب﴾ (طــه :مـن اريـة )12وقـال تعـالى: الحسنات قال عـز وجـلَ ﴿ :وِا ِّنـي لَ َغف ٌ الس ِّي َ ِ ات يذ ِ ﴿إِ َّن ا ْلح ِ ات﴾ (هود :من اريـة )664وقـال – صـلى اهلل عليـه وسـلم ْه ْب َن َّ س َن ُ َ َ " :-أتــدرون مــا المفلــس؟" قــالوا :المفلــس فينــا مــن ال درهــم لــه وال متــاع ،فقــال" :إن
المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصالة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف
هــذا وأكــل مــال هــذا وســفك دم هــذا وضــرب هــذا ،فيعطــى هــذا مــن حســناته وهــذا مــن حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ،أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم
سـ َـب ْت﴾ طــر فــي النــار" [متفــق عليــه] وقــال عــز وجــل﴿ :ا ْل َيـ ْـوَم تُ ْجـ َـزي ُكـ ُّـل َن ْفــس ِب َمــا َك َ (غافر :من ارية .)61
وأن الوحي قد انقطع منذ مات النبي – صلى اهلل عليه وسلم ،-والدين قد تم وال يـزاد فيه وال ينقا وال يبدل. وأن حجة اهلل قد قامت واستبانت لكل من بلغته النذارة من مؤمن وكافر وبار وفاجر. وأن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضان على كـل أحـد علـى قـدر طاقتـه باليـد، فمن لم يقدر فبلسانه فمن لم يقدر فبقلبه وهـذا أضـعف اإليمـان ،ولـيس ورا ذلـك مـن
اإليمان شي . فمن عجـز لجهلـه أو عتمتـه عـن معرفـة كـل هـذا فالبـد لـه مـن أن يعتقـد بقلبـه ويقـول
بلسانه حسب طاقته بعد أن يفسر له :ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل ،كل مـا جـا بـه حق ،وكل دين سواه باطل. ومن ضيع األعمال كلها فهو مؤمن عاا ناقا اإليمان ال يكفر لقول الرسـول عليـه
الصـالة والســالم فــي حـديث طويــل" :حتــى إذا فــرغ اهلل مـن قضــا ه بــين العبــاد وأراد أن
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
55
يخر برحمته من أراد مـن أهـل النـار ،أمـر المال كـة أن يخرجـوا مـن النـار مـن كـان ال يشرك باهلل شي ًا ممن أراد عز وجل أن يرحمه ممن يقول ال إله إال اهلل" [متفق عليه]. واليقين ال يتفاضل ،لكن إذا دخل فيه شي من شك أو جحد بطل كله. والمعاصــي :كبــا ر ف ـواحا ،وســي ات صــغا ر ،ولمــم ،واللمــم مغفــور جملــة ،والكبــا ر
الفواحا هي ما توعد اهلل عليه بالنار في القرآن أو علـى لسـان رسـوله عليـه الصـالة ـون ين َي ْجتَِن ُب َ والسالم فمن اجتنبها غفرت له جميـع سـي اته الصـغا ر ،قـال تعـالى﴿ :الَّ ِـذ َ ـك و ِ َكبـا ِر اإل ثْـِـم وا ْل َفـو ِ اسـعُ ا ْل َم ْغ ِفـ َـرة﴾ (لــنجم :مـن اريــة )92وقــال اح َ ا إال اللَّ َمـ َـم إِ َّن َرَّبـ َ َ َ َ َ َ ِ ِ ِ ِ ِّ يمـا﴾ تعالى﴿ :إِ ْن تَ ْجتَن ُبوا َك َبا َر َما تُْن َه ْو َن َع ْن ُه نُ َكف ْر َع ْن ُك ْم َ س ِّي َات ُك ْم َونُ ْـدخ ْل ُك ْم ُم ْـد َخالً َك ِر ً (النسا )96:واللمم هو الهم بالشي وهو مغفـور جملـة ،قـال عليـه الصـالة والسـالم: حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به" [متفـق عليـه] "إن اهلل تجاوز ألمتي عما ّ ومـن لــم يجتنــب الكبــا ر ُحوسـب علــى كــل عمــل ووازن اهلل عـز وجــل بــين أعمالــه مــن حـدها ،فمـن رجحـت الحسنات وبين جميع معاصيه التـي لـم يتـب منهـا ولـم يقـم عليهـا ّ حسناته فهو وفي الجنة وكذلك من ساوت حسناته سي اته. أما التوبة فال خالف في أنها تسقط الذنوب. ومن رجحت سي اته فهم الخارجون من النار بالشفاعة على قدر أعمالهم. والناس في الجنة على قدر فضـلهم ،فأفضـل النـاس أعالهـم فـي الجنـة درجـة ،والتوبـة من الكفر والزنـا وفعـل قـوم لـوط وشـرب الخمـر وأكـل األشـيا المحرمـة كـالخنزير والـدم
أبـدا واسـتغفار اهلل، والميتة وغير ذلك تكون بالندم واإلقالع والعزيمة على أن ال عـودة ً وهذا إجماع ال خالف فيه.
والتوبة من ئلم الناس في أعراضهم وأبشارهم وأموالهم ال تكون إال بـرد أمـوالهم إلـيهم
ورد كل ما تولد منها ،أو مثـل ذلـك عـن فـات ،فـإن ُج ِهلـوا ففـي المسـاكين ووجـوه البـر
مع الندم واإلقالع واالستغفار وتحللهم من أعراضهم وأبشارهم فإن لم يمكن ذلك فاألمر
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
56
هلل تعالى ،والبد للمئلوم من االنتصـاف يـوم القيامـة ،يـوم يقـتا للشـاة الجمحـا مـن القرنا . والتوبة من القتل أعئم من ذلك كله وال تكون إال بالقصاا ،فإن لم يمكن فليكثر مـن فعل الخير ليرجح ميزان الحسنات. وان الدجال سيأتي وهو كافر أعور ممخرق ذو حيل. وان إبليس باق حي" .انتهى. وقال اإلمام النوو " :اعلم أن مذهب أهل الحق أال يكفر أحد مـن أهـل القبلـة وال يكفـر أهل األهوا والبدع وان من يجحد ما ُيعلم من دين اإلسالم ضرورةُ ،حكم بردته وكفره، عرف إال أن يكون قريب عهد باإلسالم أو نشأ ببادية بعيدة ونحوه ممن يخفى عليهُ ، في ّ
ذلك" انتهى.
وقال اإلمـام أبـو الحسـن علـي بـن خلـف بـن بطـال المـالكي المغربـي فـي شـر صـحيح
البخار " :مذهب جماعـة أهـل السـنة مـن سـلف األمـة وخلفهـا أن اإليمـان قـول وعمـل
يزيــد ويــنقا ،والحجــة علــى زيادتــه ونقصــه مــا أورده البخــار مــن اريــات أ قولــه ِ تعالى﴿ ) :لِ َي ْزَد ُ ِ اد ُه ْم يم ِان ِهم﴾ (الفتح :من ارية )4وقوله تعالىَ ﴿ :و َما َز َ يما ًنا َم َع إ َ ادوا إ َ إال إِيما ًنا وتَ ِ يما﴾ (األحزاب :من ارية )22فإيمان من لم يحصل له الزيـادة نـاقا، َ َ ْ سل ً فإن قيل اإليمان في اللغة التصديق فالجواب إن التصديق يكمل بالطاعـات كلهـا فكلمـا
ازداد المـــؤمن مـــن أعمـــال البـــر فإيمانـــه أكمـــل ،وبهـــذه الجملـــة يـــزداد اإليمـــان بزيـــادة الطاعات وينقا بنقصها ،فمتى نقصت أعمال البر نقـا كمـال اإليمـان ،ومتـى زادت
زاد اإليمان كماال ،وهذا توسط القول في اإليمان وأما التصديق بـاهلل تعـالى ورسـله فـال ينقا" انتهى. وقال األصـفهاني الشـافعي رحمـه اهلل تعـالى" :اإليمـان فـي لسـان الشـرع هـو التصـديق
بالقلب والعمل باألركان واذا فسـر بهـذا تتطـرق إليـه الزيـادة والـنقا وهـو مـذهب أهـل السنة" [شر النوو على مسلم جـ 6ا ]641انتهى.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
57
ونحن ال نقول بهذا الذ قلناه اسـتهانة بمعصـية كبيـرة كانـت أو صـغيرة حاشـا هلل مـن ذلك ،إنما هو حكم اهلل تعالى يتعين التسليم به واالنقياد إليه. وأما أمرنا ودعاؤنا فئاهر هو أن الطاعة في كل كبيرة وصغيرة مما أمـر اهلل تعـالى بـه واجبة مفروضة ،واألصل في المسلم التزام طاعة اهلل عز وجل.. ال يستهين بصغيرة وال يجتر على كبيرة. ونحن نسأل اله أن يعيننا على أن نكـون لكـل أوامـره ممتثلـين ،وعـن كـل مـا نهـى عنـه تعالى منتهين. أيضا قامت على ذلك منذ بداية أمرها وقلناها ألنفسنا وللناس وتلك هي دعوتنا للناس ً من باد األمر واضحة صريحة. "أقيموا دعوة اإلسالم في قلوبكم تقم في أرضكم". ونقول ما علمنا رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم " :-اللهم فاطر السماوات واألرو عــالم الغيــب والشــهادة ،أنــت تحكــم بــين عبــادك فيمــا كــانوا فيــه يختلفــون ،اهــدنا لمــا
اختلف فيه من الحق بإذنك ،إنك تهد من تشا إلى صراط مستقيم" وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الفصل الثاني الردَّة – والنفاق( في معاني )الجحود – والكفر – والشرك – و ِّ الجحود: في اللغة اإلنكار والتكذيب. الكفر:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
58
في اللغة التغطية والستر. وهو في الدين صفة من جحد شي ًا ممـا افتـرو اهلل شـي ًا تعـالى اإليمـان بـه بعـد قيـام الحجة وبلوغ الحق. والجحود إما أن يكون: بالقلب دون اللسان. أو باللسان دون القلب في غير إكراه. معا. أو بهما ً أيضا صفة من عمل عمالً جا النا بأنه مخر لفاعله عن اسم وهو – أ الكفر – ً اإليمان. برهان ذلك :قـال رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم " :-أمـرت أن أقاتـل النـاس حتـى يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بي وبما ج ت به" فمن جحد وكذب شي ًا مما جا به عليه الصالة والسالم فقد انتفى عنه اسم اإليمان بصريح حديث الرسول عليه الصالة
والسالم.
حتمــا معرفــة الجاحــد بمــا وجحــود شــي ممــا جــا بــه عليــه الصــالة والســالم يقتضــي ً افترو اهلل عز وجل عز وجل عليه اإليمان به أ :بلوغ الحق إليه وقيام الحجة عليه
بأن اهلل تعالى فرو عليه اإليمان بما جحد به وك ّذبـه ،وأمـا أن الجحـود يكـون بالقلـب ُمــروا إِالَّ لِيعبـ ُـدوا اهلل م ْخلِ ِ ِ ــه ـين لَ ُ صـ َ َُْ فيخــر عــن اإليمــان فبرهانــه قولــه تعــالىَ ﴿ :و َمــا أ ُ َ ُ ِّين﴾ (البينة :من ارية .)1 الد َ ـاس مـن يقُـو ُل آم َّنـا ِب ِ ـن َّ ـاهلل َوِبـا ْل َي ْوِم أيضا قوله تعـالىَ ﴿ :و ِم َ واإلخالا فعل القلب ،و ً الن ِ َ َ َ َّ ِ ين * ي َخ ِ ِ ِ ين آم ُنـوا ومـا َي ْخ َـد ُع َ َّ ـه ْم َو َمـا ـاد ُع َ ارَخ ِر َو َمـا ُهـم ِب ُم ْـؤ ِمن َ ُ سُ ون إِال أَْنفُ َ ون َ اهلل َوالـذ َ َ َ َ ضـا ولَهـم عـ َذ ِ ون﴾ َي ْ و فَ َـز َ ون * ِفي ُقلُوِب ِهم َّم َـر ٌ ـيم ِب َمـا َكـانُوا َي ْك ِـذ ُب َ ش ُع ُر َ اد ُه ُم اهللُ َم َر ً َ ُ ْ َ ٌ اب أَل ٌ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
59
(البقرة :اريات .)61-1فقطع اهلل تعالى أن من ادعى اإليمان باللسان دون أن يعتقد ذلك بقلبه فهو كـافر ،فمـن جحـد بقلبـه شـي ًا ممـا افتـرو اهلل تعـالى عليـه اإليمـان بـه فهو كاذب فيمـا زعمـه بلسـانه مـن إيمـان ،وقـد توعـده اهلل تعـالى بالعـذاب األلـيم ونفـى
عنه اإليمان. هذا هو حكم الجاحد بقلبه عند اهلل. بعضا حسبما أما نحن البشر فال سبيل لنا أن نعرف ما في قلوب غيرنا ويعامل بعضنا ً يئهره لسان كل منا ،أما الشخا نفسه فإنه يعرف حقيقة ما في قلبه ومـا تحدثـه بـه
نفسه فليعرف كل امر حقيقة أمره ،وليكن على يقين أن اهلل تعالى مطلع على ما فـي قلبه ،عالم بما توسـوس بـه نفسـه إليـهَ ﴿ :وَل َق ْـد َخ َل ْق َنـا ِ س ِب ِـه س َ ـان َوَن ْع َل ُـم َمـا تَُو ْ س ِـو ُ اإل ْن َ َن ْفس ُه وَن ْح ُن أَقْرب إَِل ْي ِه ِم ْن حْب ِل ا ْلو ِر ِ يد﴾ (ق :ارية .)61 َ َُ َ ُ َ أما قولنا إن الجحود باللسان دون القلب مخر عن اإليمـان فبرهـان ذلـك قولـه تعـالى: ِ ِ ِ إيم ِان ِه إِالَّ َم ْن أُ ْك ِرهَ َوَق ْل ُب ُه ُم ْط َم ِن ِب ِ يم ِ ـان﴾ (النحـل :مـن اريـة اإل َ ﴿ َمن َكفَ َر ِباهلل من َب ْعد َ .)611فدلت ارية على أن الناطق بها إال فـي حالـة اإلكـراه فـال يعتـد بقـول المكـره أو عمله ،وما دام قلبه مطم ًنا باإليمان فهو عند اهلل مسلم مؤمن ،واهلل هو المطلع علـى ما في القلب ،العالم بحقيقة ما يختلج في النفس.
أما األعمال – فيما عدا ما ورد النا بأن مقترفها قد انتفى عنـه اإليمـان رغـم النطـق
خاصا ،ووردت النصوا بأن العامل علـى خـالف حكما ً بالشهادتين ،فقد جعل اهلل لها ً األوامر والنواهي ،عاا وليس بجاحد وال مكـذب ،ولـذا قلنـا إن الكفـر صـفة مـن عمـل
عمالً جا النا بأنه مخر لفاعله عن اسم اإليمان.
وال يجـوز إطـالق اســم الكفـر إال علــى مـن هــذه صـفته فــي الـدين أ علــى الـذ جحــد
شي ًا مما افترو اهلل تعالى اإليمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه أو الذ ال جا النا بأنه مخر له عـن اسـم اإليمـان ،وذلـك أن اهلل تعـالى نقـل عـن عمل عم ً خاصــا هــو الــذ لفئــة الكفــر معناهــا اللغــو الــذ كــان لهــا أص ـالً ،وجعــل لــه معنــى ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
61
أسلفناه وأصبح هذا المعنى هو ومعناها األصلي الـذ إذا مـا أطلقـت أفادتـه ،ومـن ثـم
ـافرا ،واال فــإن كــل إنســان يــؤمن فإنــه ال يجــوز لنــا أن نســمي كـ ًا ـافر إال مــن ســماه اهلل كـ ً بأ شــيا ويكفــر بأشــيا ،فالمســلم كــافر بقــول اليهــود عزيــر ابــن اهلل ،وبقــول النصــاري كافر على اإلطالق ،وانما المسيح ابن اهلل ،واإلجماع أنه ال يجوز لذلك تسمية المسلم ًا كافر بكذا وكذا ،وكذلك فإن اليهود مؤمن بـأن موسـى رسـول اهلل عليـه السـالم، يقال ًا
واإلجماع أنه ال يجوز تسميته لذلك مؤم ًنـا علـى اإلطـالق ،ولكـن يقـال إنـه مـؤمن بكـذا
وكذا على وجه التحديد. الشرك:
هو في اللغة أن يجمع شي ًا إلى شي ،ويشرك بينهما فيما جمعا فيه. وهو في الدين بمعنى الكفر سـوا ً بسـوا ،إذ أوقعهمـا البـار تعـالى علـى ذات المعنـى ـددا ،هــو ومــا ســبق أن احــدا محـ ً عيا و ً وجمعهمــا متــرادفين يفيــد كــل منهمــا معنــى شــر ً أسلفناه في معنى الكفر والتسمية هلل وحده.
يـد َه ِـذ ِه أ ََب ًـدا ال َما أَئُ ُّ برهان ذلك :قوله تعالىَ ﴿ :وَد َخ َل َج َّنتَ ُه َو ُه َو ئَالِ ٌم لِّ َن ْف ِس ِه قَ َ ـن أَن تَِب َ ـاع َة قَا ِ مـ ًة َولَـ ِن ُّرِددت إِلَـى رِّبــي ِ ـه ألجـ َـد َّن َخ ْيـ ًا * َو َمــا أَئُـ ُّ ـن َّ ـر ِّم ْن َهــا ُم ْن َقلَ ًبــا * قَـ َ ـال لَـ ُ السـ َ َ َ ِ ِ ِ ص ِ اح ُب ُه َو ُه َو ُي َح ِ ـن ال * َل ِك َّ اك َر ُجـ ً س َّـو َ اوُرهُ أَ َك َف ْر َت ِبالَّذ َخ َل َق َك من تَُراب ثَُّم مـن ُّن ْط َفـة ثُ َّـم َ َ شـا اهلل الَ قُ َّـوةَ إِالَّ ُه َو اهللُ َرِّبي َوالَ أُ ْ ـت َج َّنتَ َ ـك ُق ْل َ َح ًـدا * َوَل ْـوالَ إِ ْذ َد َخ ْل َ ش ِر ُك ِب َرِّبي أ َ ـت َمـا َ َ ُ ِب ِ ـك َوُي ْر ِس َـل سـى َرِّبـي أَن ُي ْـؤِت َي ِن َخ ْي ًا ـر ِّمـن َج َّن ِت َ اهلل إِن تََر ِن أََنا أَ َق َّل ِم ْن َ ـك َمـاالً َوَولَ ًـدا * فَ َع َ اؤ َهـا َغـو ار َف َلـن تَ ِ ع َل ْيها حسبا ًنا ِّم َن َّ ِ يع صـ ِب َح َم ُ ص ِـع ً َ َ ُ َْ سـتَط َ ْ يدا َزَل ًقـا * أ َْو ُي ْ الس َما فَتُ ْ ص ِب َح َ ًْ ُحــيطَ ِبثَمـ ِـرِه فَأَصــبح ي َقلِّــب َكفَّ ْيـ ِـه علَــى مــا أَْنفَـ َ ِ ـه طَلَبــا * وأ ِ يهــا َو ِهــي َخ ِ اوَي ـ ٌة َعلَــى َ ْ ََ ُ ُ لَـ ُ ً ـق ف َ َ َ َ َ عر ِ َح ًدا﴾ (الكهف :اريات )42-91وواضح من وش َها َوَيقُو ُل َيا لَ ْيتَِني لَ ْم أُ ْ ش ِر ْك ِب َرِّبي أ َ ُُ اريات استعمال كلمتي الكفر والشرك كمصطلح شرعي يقع على معنى واحد تحقق في
الــذ دخــل جنتــه وهــو ئــالم لنفســه إذ ئــن دوامهــا وتشــكك فــي البعــث ولقــا ارخــرة، ـن ِ ِ ود ع َزْير ْاب ُن ِ ِ اهلل َوقَالَ ْت َّ ـك اهلل َذلِ َ ـيح ْاب ُ و ً ص َاري ا ْل َمس ُ الن َ أيضا قال تعالىَ ﴿ :وقَالَت ا ْل َي ُه ُ ُ ٌ ض ِ قَولُهم ِبأَفْو ِ ـون * اتَّ َخـ ُذوا ين َك َف ُروا ِمن قَْب ُل قَ َ ـات َل ُه ُم اهللُ أ ََّنـى ُي ْؤفَ ُك َ ون قَ ْو َل الَّ ِذ َ اه ُ َ اه ِه ْم ُي َ ْ ُ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
61
ـن مــريم ومــا أ ِ ِ َحبــارُهم ورْهبــا َنهم أَربابــا ِّمــن ُد ِ ِ ُمـ ُـروا إِالَّ لِ َي ْع ُبـ ُـدوا إَِل ًهــا ون اهلل َوا ْل َمسـ َ أ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُْ َْ ً ـيح ْابـ َ َ ْ َ َ َ َ َّ ِ َّ أيضا قـال اهلل س ْب َحا َن ُه َع َّما ُي ْ ش ِرُك َ ون﴾ (التوبة :اريات ،)96-91و ً َواح ًدا ال إِلَ َه إِال ُه َو ُ ِ ِ يحوا ِفي األ َْر ِ و اهدتُّم ِّم َن ا ْل ُم ْ ين َع َ ش ِرِك َ سولِ ِه إِلَى الَّ ِذ َ ين * فَس ُ تعالىَ ﴿ :ب َار َ ةٌ ِّم َن اهلل َوَر ُ ـن ِ َن اهلل م ْخ ِـز ا ْل َك ِ ِ ِ َّ اهلل أ َْرَب َعـ َة أَ ْ ان ِّمـ َ ين * َوأَ َذ ٌ ـاف ِر َ ـهر َو ْ شُ اع َل ُمـوا أَن ُكـ ْم َغ ْي ُـر ُم ْعجـ ِـز اهلل َوأ َّ َ ُ سـولِ ِه إِلَـى َّ الن ِ سـولُ ُه فَـِإن تُْبــتُ ْم ـج األ ْك َب ِـر أ َّ ـاس َي ْـوَم ا ْل َح ِّ ـن ا ْل ُم ْ ش ِـرِك َ اهلل َب ِـر ٌ ِّم َ ين َوَر ُ َوَر ُ َن َ اع َلموا أ ََّن ُكم َغ ْير مع ِج ِز ِ َّ َّ اهلل َوَب ِّ ين َك َف ُروا ِب َع َذاب أ َِليم﴾ ش ِر الَّ ِذ َ ْ ُ ُْ َف ُه َو َخ ْيٌر ل ُك ْم َوِان تََول ْيتُ ْم َف ْ ُ (التوبة :اريات .)9-6 كـافرا وقال البعو :إن المشرك من لم تبلغه النذارة ولم يعلم بدعوة اإلسـالم وال يسـمى ً إال إذا بلغته الدعوة فلم يذعن وعاند وقاوم الدعوة إلى اهلل. شِ ين ثُـ َّـم َل ْــم ـن ا ْل ُم ْ ين َع َ ــرِك َ اهــدتُّم ِّمـ َ ويــنقو هــذا القــول ،قــول اهلل عــز وجــل﴿ :إِالَّ الَّـ ِـذ َ ين أَن َي ْع ُم ُـروا ـان لِ ْل ُم ْ صو ُك ْم َ ش ِـرِك َ ش ْي ًا﴾ (التوبة :من ارية .)4وقولـه تعـالىَ ﴿ :مـا َك َ َينقُ ُ شـ ِ ـاج َد ِ سـ ِ ين َع َلــى أَْنفُ ِســ ِه ْم ِبــا ْل ُك ْف ِر﴾ (التوبــة :مــن اريــة )61وقولــه تعــالى: اهلل َ ـاه ِد َ َم َ ِ ِ ِ سـ ِ ـج ِد ـون لِ ْل ُم ْ ﴿ َك ْيـ َ ين َع َ ســولِ ِه إِالَّ الَّـ ِـذ َ شـ ِـرِك َ ـف َي ُكـ ُ اهــدتُّ ْم ع ْنـ َـد ا ْل َم ْ ين َع ْهـ ٌـد ع ْنـ َـد اهلل َو ِع ْنـ َـد َر ُ ا ْلحــرِام فَمــا اســتَقَاموا لَ ُكــم فَ ِ ـين ﴾ ..إلــى قولــه تعــالى: اهلل ُي ِحـ ُّ ـب ا ْل ُمتَّ ِقـ َ ْ ْ يموا لَ ُهـ ْـم إِ َّن َ اســتَق ُ ََ َ ْ ُ طع ُنوا ِفي ِد ِ ِ ِِ ـان ين ُك ْم فَ َق ِاتلُوا أَِ َّم َة ا ْل ُك ْف ِر إَِّن ُه ْـم َال أَ ْي َم َ ﴿ َوِان َّن َكثُوا أ َْي َما َن ُهم ِّمن َب ْعد َع ْهده ْم َو َ َ ون﴾ (التوبة :اريات .)62 ،1 َل ُه ْم َل َعلَّ ُه ْم َينتَ ُه َ فهذه اريات ،فضال عن أنها من سورة بـرا ة التـي نزلـت بعـد الفـتح وبعـد أن ذاع أمـر الرسول عليه الصالة والسالم وبعد أن علت كلمة اهلل في جزيرة العرب وخارجها ،وعلم بها القاصي والداني فإن فيها النا على العهد الذ كان بين رسول اهلل – صلى اهلل
عليــه وســلم – والمســلمين وبــين غيــرهم ممــن ســماهم اهلل تعــالى مشــركين ،ومــا كــان
الرســول عليــه الصــالة والســالم ليبــرم عهـ ًـد مــع قــوم مــن غيــر المســلمين إال بعــد أن يــدعوهم لإلســالم ويــبلغهم النــذارة ويعــذر إلــى اهلل فــيهم ،فتلــك هــي مهمتــه األساســية سـا َلتَ ُه ُّها َّ ـك ِمـن َّرِّب َ سو ُل َبلِّ ْا َمـا أُْن ِـز َل إَِل ْي َ ـك َوِان لَّ ْـم تَ ْف َع ْـل فَ َمـا َبلَّ ْغ َ واألولىَ ﴿ :يا أَي َ ـت ِر َ الر ُ واهلل يع ِ ـن َّ النـ ِ ُّهــا ا ْل ُمـ َّـدثُِّر * قُـ ْـم فَأَْنـ ِـذ ْر﴾ صـ ُـم َك ِمـ َ َ ُ َْ ـاس﴾ (الما ــدة :مــن اريــة َ ﴿ .)11يــا أَي َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
62
(المدثر :اريات ،)2-6وليس بمسلم من قامت عليه الحجة ثم ئن أن الرسول عليـه قومــا وقــد كــتم عــنهم الرســالة ولــم يــبلغهم أمــر اهلل بمــا لــو الصــالة والســالم قــد عاهــد ً واستجابوا إليه دخلوا اإلسالم ،فهـؤال الـذين سـماهم اهلل "مشـركين" كـانوا ممـن بلغـتهم الدعوة بال ريب وبدون أدنى شك ،فعاندوا ولم يذعنوا ،وقاوموا دعوة اإلسالم. ين َك َف ُـروا ِم ْـن وقد احتج البعو للتفرقة بين الكفر والشـرك بقولـه تعـالىَ ﴿ :ل ْـم َي ُك ِـن الَّ ِـذ َ َه ِل ا ْل ِكتَ ِ ين َحتَّى تَأ ِْت َي ُه ُم ا ْل َب ِّي َن ُة﴾ (البينـة :اريـة ،)6وبقولـه تعـالى: اب َوا ْل ُم ْ أْ ين ُمنفَ ِّك َ ش ِرِك َ ار جه َّنم َخالِ ِد َ ِ ش ِرِك َ ِ َه ِل ا ْل ِكتَ ِ ش ُّـر اب َوا ْل ُم ْ يها أُولَ ِ َك ُه ْم َ ين َكفَ ُروا ِم ْن أ ْ ﴿إِ َّن الَّ ِذ َ ين ف َ ين في َن ِ َ َ َ ِ فرقتا بين الكافر والمشرك وأهل الكتاب. ا ْل َب ِريَّة﴾ (البينة :ارية ،)1وقالوا إن اريتين ّ ولو لم يكن غير هاتين اريتين لقلنا بذلك ولكان ذلك ح ًقـا ،ولكـن اريـات األخـري التـي
سبق أن أوردناها قاطعة فـي إطـالق اسـم الكفـر والشـرك كمصـطلح شـرعي واحـد ،فـدل
ذلك على أن اريتين مـن سـورة البينـة إنمـا ورد فيهمـا ذكـر المشـرك وأهـل الكتـاب بعـد
عموما من قبيل ذكر الخاا بعد العام وهو أمر معروف معهود فـي لغـة ذكر الكافرين ً ِ ِِ ِ سـلِ ِه العرب ،ومستعمل في القرآن الكريم ،قـال تعـالىَ ﴿ :مـن َك َ ـان َع ُـد ِّوا هلل َو َمالَ َكتـه َوُر ُ ـال فَ ـِإ َّن اهلل عـ ُـدو لِ ْل َكـ ِ ين﴾ (البقــرة :اريــة ،)11وال خــالف أن جبريــل َو ِج ْب ِريـ َـل َو ِمي َكـ َ ـاف ِر َ َ َ وميكال عليهما السالم من المال كة الرسل ،يؤكد ذلك ما ثابت في السيرة المطهـرة أنـه لما خر الرسول عليـه الصـالة والسـالم والمؤمنـون لمالقـاة قـريا عنـد جبـل أحـد ،ثـم
انصرف عبد اهلل بن أبي بن سلول بثلـث النـاس الـذين كـانوا مـع الرسـول – صـلى اهلل عليه وسلم – م ِ غاض ًبا إذ ُخولف رأيه الذ كان قد أشار به ،وهو البقا داخل المدينـة ُ ومالقاة قريا بها دون الخرو إليهم ،لما حـدث ذلـك ذكـر قـوم مـن األنصـار للرسـول عليه الصالة والسالم أن يستعينوا بحلفا هم من يهود ،فأبى عليه الصالة والسالم ذلـك
وقال" :إنا ال نستعين بمشرك" [مالـك المحلـى :جــ 1ا ،])991فسـمي ـ عليـه الصـالة والســالم ـ اليهــود وهــم أهــل الكتــاب المشــركين ،وال ريــب أن هـؤال اليهــود قــد بلغــتهم الدعوة منذ مقدم الرسول عليـه الصـالة والسـالم إلـى المدينـة بـل مـن قبـل ذلـك فعانـدوا
وأبوا اإلسالم ،بل كانت غزوة الرسول عليه الصالة والسالم ليهـود بنـي قيقنـاع والبعـث لقتل كعب بن األشرف سابقتين على واقعة أحد. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
63
أيضا ،أمـا مـن لـم تبلغـه كافرا ومشرًكا ً وقال البعو :إن من بلغته الدعوة فعاند يسمى ً الدعوة فإنه يسمى مشرًكا فقط ،وال يقال له :كافر. وهذا القول يفتقر إلى الدليل من نا كتاب اهلل أو سنة الرسول عليه الصالة والسـالم ولقد قلنا إن األسما الشرعية هلل عز وجل وليست ألحد سواه ،ولقد قدمنا األدلة علـى أن لفئــي المشــرك والكــافر اســتعملهما الق ـرآن الكــريم والرســول عليــه الصــالة والســالم
كمصطلحين شرعيين يفيدان معنى واحد. ـافرا ،ألن اهلل عــز وجــل قــد أقــام ومــن الناحيــة اللغويــة فــإن المشــرك البــد وأن يكــون كـ ً تكذيبا على وجوده تعالى ووحدانيته ،فمن أشرك جحدا وال الحجة الدامغة التي ال تقبل ً ً
نـدا فقـد سـتر الحـق وكفـره ،فهـو كـافر ،وكـذلك الكـافر وجحد اهلل عز وجل ،أو جعل هلل ً فإنه والبد أن يكون مشرًكا ألنه إذا جحد الحجة التامة علـى وجـود اهلل ووحدانيتـه فقـد رماها بالنقصان فهو قد جعل حجته التـي ابتـدعها أو حجـة مـن اتبعـه فـي هـذا الشـأن
نـدا أكمل وأعدل من حجة اهلل عز وجل ،فهو قـد جعـل مـن نفسـه أو ممـن اتبـع حجتـه ً
هلل عز وجل فهو ومشرك والبد.
شخصا أو مجموعة من الناس لـه سـلطان ومن الشرك أن يعتقد الشخا أن شي ًا أو ً نــابع مــن ذات نفســه أ خــار عــن ســلطان اهلل وان لــم يعتقــد مســاواة ذلــك الســلطان لسلطان اهلل عز وجل ألنه متى أخر شي ًا عن سلطان اهلل عز وجل ،فهو قـد انـتقا سلطان اهلل ولم يعتقد فيه الكمال والشمول ،ومن نقا سلطانه فهو مخلـوق لـه أنـداد
أيضـا االعتقـاد أن وشركا –تعالى اهلل عن ذلك عل ًوا ًا كبير – ويندر تحت هذا المعنى ً شخصا له أن يشفع عند اهلل عز وجل شفاعة الزمة القبـول ،ألن لـزوم قبـول شي ًا أو ً الشفاعة مقتضاه أن الشفيع له سلطان خـار عـن سـلطان اهلل وملـزم هلل تعـالى ،فهـو كبيرا –. شريك هلل تعالى – تعالى اهلل عن ذلك ً علوا ً شخصا قد يكون أقرب قبوالً عنـد اهلل إذا مـا دعـي ،فلـيس شـرًكا ،قـال أما االعتقاد بأن ً ش ـفَعُ ِع ْنـ َـدهُ إِالَّ ِبِإذ ِْنـ ِـه﴾ (البقــرة :مــن اريــة ،)211وقــال عليــه تعــالىَ ﴿ :مــن َذا الَّـ ِـذ َي ْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
64
الصالة والسالم" :لكل نبي دعوة دعاها ألمته واني اختبأت دعوتي شـفاعة ألمتـي يـوم القيامة" [المحلى جـ 6ا.]21 أيضا التكذيب برسالة محمد – صـلى اهلل عليـه وسـلم – أو وبشـي ويدخل في الشرك ً مما جا – صلى اهلل عليه وسلم – به ،فقـد قـدمنا أن الشـرك والكفـر اسـمان شـرعيان يقعـان علـى كـل مـن جحـد أو كـذب بشــي ممـا افتـرو اهلل علـى النـاس واإليمـان بــه،
كذلك فإن اهلل تعالى قد أقام الحجة الدامغة على صحة رسالة محمد – صلى اهلل عليه
وسلم – وصدق ما جا به ،وأن كل ما نطق به عليه الصالة والسالم من أمور الـدين ـي مــن عنــد اهلل تعــالى ،فمــن جحــد تلــك الحجــة وكــذبها أو كـ َّـذب بعــو مــا جــا بــه َو ْحـ ٌ الرسول – صلى اهلل عليه وسلم – فقد جعل حجته التي يركن إليها في ذلـك أو وحجـة مــن اتبعــه فــي هــذا الشــأن أكمــل وأعــدل وأبلــا مــن حجــة اهلل تعــالى ورمــى حجــة اهلل
نـدا هلل عــز وجــل – تعـالى اهلل عــن ذلــك بالنقصـان ،فهــو قـد جعــل نفســه أو مـن اتبعــه ً كبير.. علوا ًا ً حكمــا آخــر أو اســتحل مــا كــذلك األمــر بالنســبة لمــن لــم يــرو بحكــم اهلل وفضــل عليــه ً حرم ما أحله اهلل تعالى بعد بلوغ الحق إليه وقيام الحجـة عليـه ،إذ حرمه اهلل تعالى أو َّ ّ
هو يجحد النا القرآني أو حديث الرسول عليه الصالة والسالم ويجعل حكمه أو حكم من اتبعه أفضل وأعدل من حكم اهلل عز وجل ،فهو قد جعـل مـن نفسـه أو ممـن اتبعـه ﴿أَفَ َأر َْي َت َم ِن اتَّ َخ َذ إِلَ َه ُه﴾ (سورة الجاثية :مـن اريـة ،)29 أَن الَّ تَ ْع ُب ُدوا َّ ان﴾ (يس :من ارية ،)11وقد أسلفنا الش ْي َ ط َ
ندا هلل عز وجل ،قال تعالى: ً آد َم َع َه ْد إَِل ْي ُك ْم َيا َب ِني َ ﴿أََل ْم أ ْ ذكر حديث عد بن حاتم عن رسول اهلل – صلى اهلل عليـه وسـلم – فـي إيضـا قـول أربابا مـن دون اهلل، اهلل عز وجل عن اليهود والنصاري وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ً لما أحلوا لهم الحرام فاستحلوه وحرموا عليهم الحالل فحرموه.
وينبغــي هنــا توضــيح ضــرورة التفرقــة بــين العمــل والعقيــدة ،فالعامــل قــد يكــون مخال ًفــا بعمله ألمر مع بقا اعتقاده أن حكم اهلل هو الحق وأنه بعمله عـاا ألمـر اهلل ،وهـذه
هي المعصية غير المخرجة إلـى الكفـر ،وقـد يكـون العمـل علـى خـالف أمـر اهلل تعـالى موقع مصر أوالً www.egypt1.info
65
مـع اقتـران ذلــك بعــدم الرضـى بحكــم اهلل تعلــى أو االعتقــاد بـبطالن حكــم اهلل عــزم وجــل
وتفضيل حكم آخر عليه ،وهذا هو الكفر والشـرك المخرجـان مـن اإلسـالم ،بـل إن عـدم
تامـا واالعتقـاد بـبطالن حكـم اهلل وتفضـيل حكـم الرضى وعدم التسليم بحكم اهلل تسـليما ً ً ـون آخر عليه كفر وشـرك ولـو لـم يتبـع ذلـك عمـل مـا ،قـال تعـالى﴿ :فَـ َ ال َوَرِّب َ ـك َال ُي ْؤ ِم ُن َ حتَّـى يح ِّكمـ َ ِ ســلِّ ُموا يمــا َ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّـم الَ َي ِج ُـدوا ِفــي أَْنفُ ِسـ ِه ْم َح َر ًجـا ِّم َّمـا قَ َ شَ ضـ ْـي َت َوُي َ ـوك ف َ َ َُ ُ
تَ ِ يما﴾ (النسـا :اريـة ،)11فمـن اغتـاب آخـر وهـو عـالم بحكـم اهلل تعـالى فـي ذلـك ْ سل ً وأن اهلل تعالى قد حرم الغيبة ونهى عنها ،إن أتى ذلك وهو مقـر بحكـم اهلل وأنـه الحـق الواجب اتباعه ،فهو عـاا لـم يخـر مـن اإلسـالم فـإن فعـل ذلـك غيـر راو بحكـم اهلل
حكمـا آخـر فهـو مشـرك كـافر ال بارتكـاب الغيبـة تعالى غير مقـر بعدالتـه مفضـال عليـه ً حكما آخر عليه. ولكن بعدم تسليمه بحكم اهلل تعالى وباعتقاده بطالنه وبتفضيله ً وعلى ذلك يكون مدار الحكم في مخالفة سا ر األوامر والنواهي إال ما ورد نا خاا بأن عامله قد انتفى عنه اسم اإليمان بمقتضى عمله دون نئر إلى عقيدته. واألصل في المسلم أنـه وقـد شـهد أن ال إلـه إال اهلل وآمـن بكـل مـا جـا بـه الرسـول –
صــلى اهلل عليــه وســلم – األصــل فيــه أنــه مقــر بحكــم اهلل تعــالى وأنــه الحــق الواجــب
نهيا من النـواهي فهـو وعـاا مفتـرو اتباعه ،فإذا خالف المسلم ًا أمر من األوامر أو ً سـَ ل عمــا إذا كــان قــد فيـه أصــل اإلقـرار بالتوحيــد وأن حكــم اهلل تعــالى هــو الحــق ،وال ُي ْ ـر لحكــم اهلل تعــالى وجاحـ ًـدا بــه أم علــى ســبيل العصــيان ويؤاخــذ عمــا خــالف األمــر منكـ ًا ارتكبه بإقامة الحد الشرعي عليه أو بتعزيره ،إال أن يجـاهر هـو بـأن خروجـه عـن أمـر ــودا بـــاألمر اهلل تعــالى كـــان اســتحالال للمخالفـــة وعــدم رضـــا بحكــم الـــه تعــالى أ جحـ ً المخالف وبوجوب الطاعة ،فإن أئهر ذلك ،حكم بكفره ،وشركه ،وأقيم عليه حد الردة.
اتر نقـل الكافـة عـن برهان ذلـك :عمـل الرسـول عليـه الصـالة والسـالم المنقـول إلينـا تـو ًا الكافة – فإنه عليه الصـالة والسـالم ،كمـا ورد فـي األخبـار الصـحا الثابتـة المتـواترة، أقام الحد الشرعي على السارق وعلى التي جحدت العارية وعلى الزاني والزانية ،وجلد
شــارب الخمــر ،وعنــف وزجــر علــى المعاصــي التــي وقعــت فــي حضــرته عليــه الصــالة موقع مصر أوالً www.egypt1.info
66
والســالم أو والتــي علــم بهــا ،مــن ذلــك مــا رواه معــاذ بــن جبــل ،قــال رضـوان اهلل تعــالى
عليه :خرجنا مع رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسـلم – عـام غـزوة تبـوك ،فقـال رسـول غدا إن شا اهلل عين تبـوك وانكـم لـن تأتوهـا حتـى يضـحى النهـار، اهلل" :إنكم ستأتون ً فمــن جا هــا مــنكم فــال يمــس مــن ما هــا شــي ًا حتــى آتــي" فج ناهــا وقــد ســبقنا إليهــا رجالن ،والعين مثل الشراك [الشراك هو سير النعـل أ كانـت العـين تسـيل قلـيالً قلـيالً]
قال :فسألهما رسول اهلل – صلى اهلل عليـه وسـلم –" :هـل مسسـتما مـن ما هـا شـي ًا؟"
قــاال :نعــم .فســبهما النبــي – صــلى اهلل عليــه وســلم – مــا شــا اهلل أن يقــول ،ثــم ذكــر باقي الحديث" [األحكام البن حزم :جـ 9ا.]61 كل ذلك ولم ير إلينا خبر بأن الرسـول عليـه الصـالة والسـالم قـد سـأل مـن أقـام علـيهم الحدود أو عزرهم عمـا إذا كـانوا قـد أتـوا مـا اقترفـوه مـن المعاصـي اسـتحالالً للمعصـية
فرضا لفعله الرسول عليه الصالة والسالم ولـوردت ً وجحودا باألمر أم ال ،ولو كان ذلك ً إلينا األخبـار الثابتـة بـه ،فـدل عمـل الرسـول عليـه الصـالة والسـالم مـع عـدم ورود أ
نا في القرآن الكريم أو فـي قـول النبـي – عليـه الصـالة والسـالم علـى وجـوب سـؤال
وجحـودا – دل ذلـك علـى من خالف األمر عـن وجـه المخالفـة ومـا إذا كانـت اسـتحال ًال ً األصــل فــيمن شــهد أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا رســول اهلل ثــم أتــى معصــية ،افتـراو
اسـ تمرار إق ـراره بأصــل التوحيــد وأن مقــر بحكــم اهلل تعــالى ،وأنــه الحــق الواجــب اتباعــه
وليس بجاحد وال مكذب – يستثنى من ذلك جميعه ما ورد فيه النا بأن عامله يعتبر محكوما بردته بمقتضى عمله فقط دون حاجة إلى قوله. مكذبا ً جاحدا ً ً وقد يقال للعاصي إنه اتبع هواه فيما خـالف فيـه أمـر اهلل تعـالى أو أنـه اتبـع الشـيطان في ذلك ولكن ال يجوز أن يقال إنه اتخذ إلهـه هـواه أو يقـال إنـه عبـد الشـيطان إال إذا أتى ما يخرجه من اإلسـالم ذلـك أن اتخـاذ إلـه دون اهلل تعـالى هـو الكفـر والشـرك ،فـال
يصح أن يوصف به إال من هذه صفته في الدين ،والعاصي ليس بكافر مشـرك مـا دام
مقـ ًـرا بأصــل التوحيــد ومــا دام العمــل الــذ أتــاه لــم يــرد نــا بأنــه مخــر فاعلــه عــن أيضــا لفــئ العبــادة إذا أطلــق أفــاد التأليــه واالنقيــاد واالتبــاع المطلقــين وذلــك اإلسـالم ،و ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
67
بالنسبة لمن دون اهلل تعالى كفر وشرك ،فال يوصـف بـه إال مـن كانـت تلـك صـفته فـي الدين. الردة: هـي فــي ا للغــة الرجــوع عـن األمــر الســابق فعلــه تقــول ارتـد عــن ســفره أ رجــع عنــه.. وارتد هبته ارتجعها ،وهي في الدين :الرجوع إلى الكفر بعد اإلسالم. وحكم المرتد القتل ،قال عليه الصالة والسالم" :من بدل دينـه فـاقتلوه" (المحلـى :جــ66
أيضا فيما أخرجه الترمذ عـن ابـن مسـعود" :ال يحـل دم امـر مسـلم ا ،)629وقال ً يشهد أن ال إله إال اهلل وأني رسـول اهلل إال فـي إحـدي ثـالث :رجـل كفـر بعـد إيمانـه أو وزنا بعد إحصانه أو نفـس بـنفس" [المحلـى :جــ 66ا ،)221وفيمـا رو عـن سـيدنا عثمان بن عفان رضي اهلل تعالى عنه أنـه قـال وهـو محصـور فـي الـدار :بـم تقتلـونني
وقـد سـمعت رسـول اهلل – صـلى اهلل عليــه وسـلم – يقـول" :ال يحــل دم امـر مســلم إال
نفســا فقتــل بهـــا" بإحــدي ثــالث :رجــل كفـــر بعــد إيمــان أو زنـــا بعــد إحصــان أو وقتـــل ً [المحلى :جـ 66ا ،]221وأخر البخار ومسـلم أنـه عليـه الصـالة والسـالم قـال" :ال يحـل دم امــر مسـلم يشــهد أن ال إلـه إال اهلل وأن محمـ ًـدا رسـول اهلل إال بإحــدي ثــالث: النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة" [االعتصام للشاطبي].
واإلجمــاع أن مــن جحــد شــي ًا ممــا افتــرو اهلل تعــالى اإليمــان بــه ،فقــد كفــر وارتــد عــن اإلسالم ،إال أن يكون الجاحد غير عالم بالنا فيبلا إليه ويعرف بما هو واجـب عليـه
أصر بعد ذلـك علـى الجحـود والتكـذيب ،حكـم بكفـره اإليمان به وتقام عليه الحجة ،فإن ّ وردته.
والجحــود يكــون بــالقول إال فيمــا ورد نــا صــريح فيــه بــأن عاملــه ينتفــي عنــه اســم
اإليمان ولو ولم يتكلم.
وكل ما يقع عليه في اللغة اسم القول يعتبـر قـوالً ّأيـا كانـت الصـورة التـي يتخـذها و ّأيـا كان االسم الذ يطلق عليه :فمثال الكتابة سوا ئهرت في صورة كتاب أو مقالـة فـي موقع مصر أوالً www.egypt1.info
68
ار أو وغيـر ذلـك، جريدة أو مجلة أو في صـورة رسـم أو سـميت قانوًنـا أو ال حـة أو قـر ًا هي في اللغة قول. اقعا على أن الجاحد يحكم بردته وكفره ،فإنه قـد يقـع االخـتالف فـي واذا كان اإلجماع و ً فه م القول وما إذا كان يتضمن الجحد والتكذيب أم ال ،واألصل فيمن نطق بالشـهادتين أنه مسلم مؤمن قد ثبت له عقد اإلسالم واإليمان فال يحكم بخروجه منـه وردتـه بئـن،
قاطعـا فـي الداللـة علـى الجحـد والتكـذيب – وممـا ولذا يتعين أن يكـون القـول الصـادر ً يتعــين البعــد عنــه فــي هــذا نســبة هـذا التفســير إليــه ووضــعه علــى لســانه والــزعم بأنــه قا له. أيضا اإلجمـاع علـى أن مـا ورد الـنا وبعد اإلجماع على الحكم بردة الجاحد المكذب و ً بأن عامله يحكم بردته وكفره ،حصل الخالف حول بعو األعمال وما إذا كان مرتكبها مرتدا أم ال. يعتبر ً وذلك الخالف يرجع إلى سببين: األول :االختالف في فهم النصوا. ثانيا :االختالف في صحة بعو األحاديث المنسوبة إلى رسول اهلل – صـلى اهلل عليـه ً وســلم – وقبــول الــبعو ألحاديــث واعتقــاده صــحتها ،وعــدم قبــول الــبعو ارخــر لهــا وطعنه في سندها إلى الرسول عليه الصالة والسالم ،فمثال :تارك الصـالة ،فقـد صـحح
بعــو الفقهــا حــديثًا أن الرســول عليــه الصــالة والســالم ،فمــثال :تــارك الصــالة ،فقــد صحح بعو الفقها حديثًا أن الرسول عليه الصالة والسـالم قـال" :بـين المسـلم وبـين الكــافر تــرك الصــالة" [مســلم بلفــئ "بــين الرجــل وبــين الشــرك الكفــر وتــرك الصــالة" جـــ6
ا ،]11ورد البعو ارخر الحديث وقرر عـدم ثبوتـه [مـن هـؤال ابـن حـزم وقـد طعـن في سند الحديث].
والذين قالوا بصحة الحديث عارضهم حديث آخر وهو" :خمس صلوات كتبهن اهلل على يضيع منهن شي ًا استخفافًا بحقهن كان له عند اهلل عهد أن العباد فمن جا بهن ولم ّ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
69
يدخلــه الجنــة ،ومــن لــم يــأت بهــن فلــيس لــه عنــد اهلل عهــد ،إن شــا عذبــه وان شــا حبان]. أدخله الجنة" [االعتصام :للشاطبي عن مالك وأبي داود والنسا ي وابن ّ فبمقتضــى هــذا الحــديث األخيــر أن تــارك الصــالة لــيس بكــافر بــالمعنى الــذ ســبقت المشي ة اإللهية أن ال يدخل الجنة من اتصف به ،فتأولوا الحديث األول على وجهين. جحودا ،فذلك كافر مشرك بال جدال. أولهما :أن يكون المقصود منه ترك الصالة ً كفـرا مـن ثانيهما :أن يكون المقصود بكلمة الكفر الـواردة بـه العصـيان الشـديد وسـمي ً باب التغليئ والترهيب. ولسنا بصدد استقصا األعمال التي وردت بشأنها نصـوا قـد تـدل علـى أن مرتكبهـا
ينتفي عنه اسم اإليمان ،وأوجه االختالف الواقع فيها بـين الفقهـا ،ونكتفـي بـأن نـورد
يضـاحا لوجهـة نئـر فقهـا أهـل السـنة فـي طرفًا مما قيل في هذا الشأن فيـه تبصـرة وا ً هذا المقام ،ونشير إلى أن بعو األحاديث الواردة مما هو مختلـف فـي صـحة نسـبتها إلــى الرســول عليــه الصــالة والســالم وان ذكرهــا الفقيــه الــذ ننقــل عنــه باعتبــار أنه ـا
صحيحة.
قــال شــار العقيــدة الطحاويــة :تعلي ًقــا علــى مــا قــرره صــاحب المــتن اإلمــام أبــو وجعفــر أحـدا أحمد بن محمد بن سالمة األزد الطحاو الحنفي المذهب في قولـه" :وال نكفـر ً
من أهل القبلة بذنب لم يستحله ،وال نقول ال يضر مع اإليمان ذنب لمن عمله".
وقال الشار " :ولكن بقي هنا إشكال يـرد علـى كـالم الشـيخ رحمـه اهلل وهـو أن الشـارع ـك ُهـ ُـم قــد ســمى بعــو الــذنوب كفـ ًـرا ،قــال تعــالىَ ﴿ :و َمــن لَّـ ْـم َي ْح ُكـ ْـم ِب َمــا أَْنـ َـز َل اهللُ فَأُوَل ِـ َ ا ْل َك ِ ون﴾ (الما دة :من ارية ،)44وقال – صلى اهلل عليه وسلم " :-سباب المـؤمن اف ُر َ فسوق وقتاله كفر" ،متفق عليه من حديث ابن مسعود ،وقال – صلى اهلل عليـه وسـلم كفار يضرب بعضكم رقاب بعو" وقال" :إذا قال الرجـل ألخيـه ًا " :ال ترجعوا من بعديا كافر فقـد بـا بهـا أحـدهما" متفـق عليهمـا مـن حـديث ابـن عمـر ،وقـال – صـلى اهلل
خالصـا ،ومـن كانـت فيـه خصـلة مـنهن عليه وسـلم " :-أربـع مـن كـن فيـه كـان منافقًـا ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
71
كانت فيـه خصـلة مـن النفـاق حتـى يـدعها :إذا حـدث كـذب واذا وعـد أخلـف واذا عاهـد
غدر واذا خاصم فجر" متفق عليه من حديث عبد اهلل بن عمر وقال – صلى اهلل عليه وسلم " :-ال يزني الزاني حين يزني وهـو مـؤمن وال يسـرق السـارق حـين يسـرق وهـو مؤمن وال يشرب الخمـر حـين يشـربها وهـو ومـؤمن والتوبـة معروضـة بعـد" وقـال عليـه
الســالم" :بــين المســلم وبــين الكفــر تــرك الصــالة" رواه مســلم عــن جــابر ،وقــال عليــه
الصالة والسالم" :من أتى كاه ًنا أو أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنـزل علـى محمـد" [متفق عليه] ،وقال عليه الصالة والسالم" :من حلف بغير اهلل فقـد كفـر" [رواه الحـاكم بهــذا اللفــئ وقــال :صــحيح علــى شــرط الشــيخين" ،المســتدرك جـــ 6ا ]61وقــال عليــه الســالم" :اثنــان فــي أمتــي همــا بهــم كفــر :الطعــن فــي األنســاب والنياحــة علــى الميــت"
ونئا ره كثيرة. كفـر ينقـل عـن والجواب :أن أهل السنة كلهم متفقون علـى أن مرتكـب الكبيـرة ال يكفـر ًا كفـر ينقـل عــن الملـة لكـان مرتـ ًـدا يقتـل علـى كــل الملّـة كمـا قالــت الخـوار ،إذ لـو كفــر ًا
حال ،وال يقبل عفو ولي القصاا ،وال تجر الحدود في الزنا والسرقة وشـرب الخمـر،
وهذا القول معلوم بطالنـه وفسـاده بالضـرورة مـن ديـن اإلسـالم ،ومتفقـون علـى أنـه ال يخر مـن اإليمـان واإلسـالم وال ُي ْـد ِخل فـي الكفـر وال يسـتحق الخلـود مـع الكـافرين كمـا أيضـا ،إذ قـد جعـل اهلل مرتكـب الكبيـرة مـن المـؤمنين، قالت المعتزلة ،فإن قـولهم باطـل ً ِ ِ ـاا ِفـي ا ْل َق ْت َلـى ا ْل ُح ُّـر ِبـا ْل ُحِّر َوا ْل َع ْب ُـد ُّها الَّ ِذ َ آم ُنوا ُكت َ قال تعالىَ ﴿ :يا أَي َ ص ُ ـب َع َل ْـي ُك ُم ا ْلق َ ين َ شــي فَاتِّبــاعٌ ِبــا ْلمعر ِ ِ ِ ِبا ْلع ْبـ ِـد واألُ ْنثَــى ِبــاألُ ْنثَى فَمـ ْـن ع ِفــي لَـ ُ ِ وف َوأ ََدا ٌ إِلَ ْيـ ِـه ـه مـ ْـن أَخيــه َ ْ ٌ َ َ َ َ ُْ َ ُ َ أخـا لـولي سان﴾ (البقرة :من ارية ،)611فلم يخر القاتل من الذين آمنوا وجعله ً ِبِإ ْح َ ُخــوة الـــدين بــال ريـــب ،وقــال ســـبحانه وتعــالىَ ﴿ :وِان طَا ِ فَتَـ ِ ــن القصــاا المـــراد أ َّ ــان ِمـ َ ين اقْتَ َتلُوا فَأ ِ َخ َوْي ُك ْم﴾ (الحجرات :من اريات ،9 َصلِ ُحوا َب ْي َن أ َ ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ َصل ُحوا َب ْي َن ُه َما ...فَأ ْ ْ
،)61ونصوا الكتاب والسنة واإلجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف ال يقتل بل يقام عليه الحد ،فدل ذلك على أنه ليس بمرتد ،وقـد ثبـت تفـي الصـحيح عـن النبـي – صلى اهلل عليه وسلم – أنه قال" :من كانت عنده ألخيه اليوم مئلمة من عرو أو شي فليتحلله منه اليوم قبل أن ال يكون درهم وال دينار ،إن كان له عمل صـالح أخـذ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
71
منه بقدر مئلمته وان لم يكـن لـه حسـنات أخـذ مـن سـي ات صـاحبه فطرحـت عليـه ثـم
ألقي في النار" أخرجاه في الصحيحين فثبت أن الئالم يكون له حسنات يستوفي منها المئلوم حقه ،وكذلك ثبـت فـي الصـحيحين عـن النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – أنـه
قال" :ما تعدون المفلس فيكم؟" قالوا :المفلس من ال له درهم وال دينار ،قال" :المفلس مـن يـأتي يـوم القيامـة ولـه حسـنات أمثـال الجبــال فيـأتي وقـد شـتم هـذا وأخـذ مـال هــذا وسفك دم هذا وقذف هذا وضرب هذا فيقتا هذا من حسناته ،فإذا فنيت حسناته قبل
أن يقضـي مـا عليــه أخـذ مــن خطايـاهم فطرحــت عليـه ثــم طـر فــي النـار" رواه مســلم، الس ِّـي َ ِ ات يذ ِ وقال تعالى﴿ :إِ َّن ا ْلح ِ ات﴾ (هـود :مـن اريـة .)664فـدل ذلـك علـى ْه ْب َن َّ س َن ُ َ َ أنه في حال إسا ته يعمل حسنات تمحو سي اته وهذا مبسوط في موضعه. والمعتزلــة :موافقــون للخ ـوار هنــا فــي حكــم ارخــرة ،فــإنهم وافقــوهم علــى أن مرتكــب كـافر وقالـت المعتزلـة نسـميه فاسـ ًقا، الكبيرة مخلد في النار لكن قالت الخـوار نسـميه ًا فالخالف بينهما لفئي فقط.
وأهل السنة :متفقون على أنه يستحق الوعيد المترتب على ذلـك الـذنب كمـا وردت بـه النصوا. ال كما يقول المرج ة :من أنه ال يضر مع اإليمان ذنب وال ينفع مع الكفر طاعة. واذا اجتمعت نصوا الوعيد التي استدلت بها المرج ة ونصوا الوعيد التي استدلت
بهــا الخ ـوار والمعتزلــة ثبــت لــك فســاد القــولين ،وال فا ــدة فــي كــالم ه ـؤال ســوي أنــك
تستفيد من كالم كل طا فة فساد األخري. لفئيا ال يترتب عليه فساد وهو ثم بعد هذا االتفاق تبين أن أهل السنة اختلفوا اختال ًفا ً كفر دون كفر ،كما اختلفوا ،هل اإليمان على مراتـب، أنه هل يكون الكفر على مراتبً ،ا
إيمان دون إيمان ،وهذا االختالف نشأ من اختالفهم في مسمى اإليمان :هـل هـو قـول
كـافرا، وعمل يزيد وينقا أم ال؟ بعد اتفاقهم على من سماه اهلل ورسوله ًا كـافر نسـميه ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
72
كـافرا إذ من الممتنع أن يسمي اهلل ـ سبحانه وتعالى ـ الحاكم بغير مـا أنـزل الـه تعـالى ً كافرا ،ال نطلق عليهما اسم الكفر. ويسمي رسوله عليه الصالة والسالم من تقدم ذكره ً ولكن نمن قال إن اإليمان قول وعمل يزيـد ويـنقا قـال وهـو كفـر عملـي ال اعتقـاد ، والكفر عنده على مراتب كفر دون كفر كاإليمان عنده. ومــن قــال إن اإليمــان هــو التصــديق وال يــدخل العمــل فــي مســمى اإليمــان ،والكفــر هــو
الجحود وال يزيدان وال ينقصان ،قال هو كفر مجاز غير حقيقي إذ الكفر الحقيقي هو
الذ ينقل عن الملـة ،وكـذلك يقولـون فـي تسـمية بعـو األعمـال كقولـه تعـالىَ ﴿ :و َمـا ـان اهلل لِي ِ ضـ َ ِ يمــا َن ُك ْم﴾ (البقــرة :مــن اريــة ،)649أ صــالتكم إلــى بيــت المقــدس، َكـ َ ُ ُ ـيع إ َ مجـاز لتوقـف صـحتها علـى اإليمـان ولـداللتها علـى اإليمـان إذ هـي ًا إنها سميت إيما ًنـا دالة على كون مؤديها مؤمنة ،ولذا يحكم بإسالم الكافر إذا صلى صالتنا.
ئاهر وباط ًنا بما جا ًا فليس بين فقها األمة نزاع في أصحاب الذنوب إذ كانوا مقرين به الرسول وما تواتر عنهم أنهم من أهل الوعيد ،ولكن األقوال المنحرفة قـول مـن قـال بتخليدهم في النار كالخوار والمعتزلة. ولكــن أردأ مــا فــي هــذا التعصــب علــى مــن يضــادهم والزامــه لمــن يخــالف قولــه بمــا ال يلزمــه ،والتشــنيع عليــه ،واذا كنــا مــأمورين بالعــدل فــي مجادلــة الكــافرين وأن يجــادلوا
بالتي هي أحسن فكيف ال يعدل بعضنا على بعو فـي مثـل هـذا الخـالف ،قـال تعـالى: ِ ين ِ ين آمنُوا ُكونُوا قَ َّو ِ ﴿يا أَي َّ ِ آن قَ ْـوم َعلَـى أَالَّ س ِط َوالَ َي ْج ِرَم َّن ُك ْم َ هلل ُ شـ َن ُ ام َ ش َه َدا َ ِبا ْلق ْ َ َ ُّها الذ َ َ تَع ِدلُوا ْ ِ ب لِلتَّ ْق َوي﴾ (الما دة :من ارية .)1 اعدلُوا ُه َو أَق َْر ُ ْ كفـر ينقـل عـن وهنا أمر يجب أن يتفطن له وهو أن الحكم بغير ما أنزل اهلل قـد يكـون ًا كفر أصغر علـى مجازيا واما ًا كفر إما الملة وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة ،ويكون ًا ً
القولين المذكورين ،وذلك بحسب حال الحاكم ،فإنـه إن اعتقـد أن الحكـم بمـا أنـزل اهلل
غير واجب وأنه مخير فيـه ،أو واسـتهان بـه مـع تيقنـه أنـه حكـم اهلل ،فهـذا كفـر أكبـر،
وان اعتقـد وجـوب الحكـم بمـا أنــزل اهلل تعـالى وعلمـه فـي هــذه الواقعـة وعـدل عنـه مــع موقع مصر أوالً www.egypt1.info
73
كفـر أصـغر، كـافر ًا كفـر اعترافه بأنه مستحق العقوبة ،فهـذا عـاا ويسـمى ًا ً مجازيـا أو ً وان جهل حكم اهلل فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطـأه ،فهـذا مخط له أجره على اجتهاده ،وخطأه مغفور. وأراد الشـيخ رحمـه اهلل تعـالى بقولــه" :وال نقـول ال يضـر مـع اإليمــان ذنـب لمـن عملــه"
مخالفة المرج ة وشبهتهم كانت قد وقعت لبعو األولين ،فاتفق الصـحابة علـى قـتلهم
إن لم يتوبوا من ذلك ،فإن قدامـة بـن عبـداهلل شـرب الخمـر بعـد تحريمهـا وهـو وطا فـة ِ ين آمنُوا وع ِملُوا َّ ِ ِ ِ يما طَ ِع ُمـوا﴾ س َعلَى الَّذ َ َ َ َ وتأولوا قول اهلل تعالى﴿ :لَ ْي َ الصال َحات ُج َنا ٌ ف َ (سورة الما دة :من ارية ،)99فلما ذكروا ذلك لعمر بن الخطاب رضي اهلل تعالى عنه اتفق هو ووعلي بن أبي طالب وسا ر الصحابة على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جلـدوا،
وان أصروا على استحاللها قتلوا ،وقال عمـر لقدامـة" :أخطـأت اسـتك الحفـرة ،أمـا إنـك لو اتقيت وآمنت وعملت الصالحات لم تشرب الخمر" وذلك أن هذه اريـة نزلـت بسـبب أن اهلل ـ سبحانه وتعـالى ـ لمـا حـرم الخمـر وكـان تحريمهـا بعـد واقعـة أحـد ،قـال بعـو
الصحابة :كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فأنزل اهلل هـذه اريـة ،بـين فيها أن من طعـم الشـي فـي الحـال التـي لـم يحـرم فيهـا فـال جنـا عليـه إذا كـان مـن
المؤمنين المتقين المصلحين ،كما كان من أمر استقبال بيت المقدس. ثم إن هؤال الذين فعلوا ذلك يذمون على أنهـم أخطـأوا وأيسـوا مـن التوبـة فكتـب عمـر ـيم * َغـ ِ ـن ِ اهلل ا ْلع ِزيـ ِـز ا ْلعلِـ ِ ـاف ِر الـ َّـذ ِ نزيـ ُل ا ْل ِكتَـ ِ إلــى قدامــة يقــول﴿ :حــم * تَ ِ نب َوقَا ِبـ ِـل ـاب ِمـ َ َ َ ش ِد ِ يد ا ْل ِع َق ِ اب﴾ (غافر :من اريات ،)9-6ما أدر أ ذنبيك أعئـم؟ اسـتحاللك التَّْو ِب َ ثانيا؟. المحرم أوال ،أم يأسك من رحمة اهلل ً
وهذا الذ اتفق عليه الصحابة متفق عليه من أ مة اإلسالم" [شر العقيدة الطحاويـة ا ]919-291انتهى. النفاق:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
74
تشـبيها لليربـوع ويـبطن ويقـال لـه منـافق هو في اللغة أن يئهر اإلنسان غير ما ُيسر ُ ً جحـر يقـال لـه النافقـا وآخـر يقـال لـه القاصـعا وذلـك بـأن يخـر األرو ًا إذ يجعل له
حتــى إذا كــاد يبلــا ئــاهر األرو أرق التـراب فــإذا أرابــه ريــب دفــع ذلــك التـراب برأســه
فخر فئاهر جحره تراب وباطنه َح ْفر [الجامع ألحكام القرآن ،القرطبي :جـ 6ا]691 ولما كان المنافق يئهر خالف ما يبطن فقد سمي منافقًا.
أيضا بذات المعنى أ أن يئهر المر بلسانه شي ًا من الدين خالف ما وهو في الدين ً وكفـر وقـد يكـون دون ذلـك، ًا مخرجـا مـن الملـة ُيسر ويبطن والنفاق في الدين قد يكون ً وما يخر من الملة :أن يجحد اإلنسان بقلبه شي ًا مما افترو اهلل تعالى اإليمان بـه، ـاس مـن يقُـو ُل آم َّنـا ِب ِ ـن َّ ـاهلل وان أئهر لسـانه اإلقـرار باإليمـان بـه ،قـال تعـالىَ ﴿ :و ِم َ الن ِ َ َ َ َّ ِ وِبا ْليوِم ار ِ ين آمنُوا وما َي ْخ َد ُع َ َّ س ُه ْم ين * ُي َخ ِاد ُع َ َخ ِر َو َما ُهم ِب ُم ْؤ ِم ِن َ َ َْ ون إِال أَْنفُ َ ون َ اهلل َوالذ َ َ َ َ ضـــا وَلهـــم عـــ َذ ِ ــيم ِب َمـــا َكـــا ُنوا َو َمـــا َي ْ و فَـ َــز َ ون * ِفـــي ُقلُـــوِب ِهم َّمـ َــر ٌ ــع ُر َ اد ُه ُم اهللُ َم َر ً َ ُ ْ َ ٌ شـ ُ اب أَلـ ٌ ون﴾ (البقرة :اريات ،)61-1فنفى اهلل اإليمان عـن المنـافق بقولـه تعـالىَ ﴿ :و َمـا َي ْك ِذ ُب َ ين ﴾ وحكـــم أن القـــول باللســـان دون العقـــد بالقلـــب بمـــا افتـــرو اهلل تعـــالى ُهــم ِب ُمـ ْ ــؤ ِم ِن َ ِ اف ِق َ ِ اإليمان به هو مكذب ،وقال تعالى﴿ :إِ َّن ا ْلم َن ِ األس َف ِل ِم َن َّ الن ِ ار﴾ (سورة ين في الد َّْرك ْ ُ النسا :من ارية ،)641وقال تعالى﴿ :إِ َذا جا َك ا ْلم َن ِ سـو ُل ون قَـالُوا َن ْ ـه ُد إَِّن َ ـافقُ َ شَ ـك لَ َر ُ َ َ ُ ين َل َك ِ شـه ُد إِ َّن ا ْلم َن ِ ِ ون﴾ (المنـافقون :اريـة ،)6 اهلل َواهللُ َي ْع َل ُم إَِّن َ ـاذ ُب َ ـاف ِق َ سـولُ ُه َواهللُ َي ْ َ ـك َل َر ُ ُ وهذا هو حكـم هـذا النـوع مـن النفـاق عنـد اهلل تعـالى ،أمـا فيمـا بيننـا نحـن البشـر وفـي
أحكام هذه الدنيا فإن المنافق ال يسمى منافقًا إال إذا أئهر ما يبطنه من الكفـر ،وانمـا
هو يئهر اإلسالم واإليمان فهو في ئاهره لنا مسلم مؤمن يجب علينا أن نعامله بهذه
الصفة وأن نجر عليه أحكام المسلمين ،ولقد أ َْوَردت آيات من القرآن الكريم وأحاديث صحيحة صفات النفاق والمنافقين ليعرف كل شـخا حقيقـة أمـره وحقيقـة صـفته عنـد اهلل تعالى ،وقد نالحئ نحن البشر تلك الصفات أو بعضها بـآخرين ولكـن ذلـك ال يعـدو
أن يكـون ئ ًنـا ال يترتـب عليـه أحكـام ،وال ينبنـي عليـه القطـع بكفـر مـن لوحئـت بعـو تلك الصـفات بـه وان وجـب الحـذر منـه ومجاهدتـه باللسـان بنصـحه بـاإلقالع عـن تلـك الصفات المذمومة ،قال الطبر [الجامع ألحكام القرآن للطبـر :جــ 6ا" :]211جعـل موقع مصر أوالً www.egypt1.info
75
اهلل األحكـام بــين عبــاده علــى الئــاهر وتــولى الحكـم فــي سـرا رهم دون أحــد مــن خلقــه،
فليس ألحد أن يحكم بخـالف مـا ئهـر ألنـه حكـم بـالئنون ،ولـو وكـان ذلـك ألحـد لكـان
أولـــى النـــاس بـــه رســـول اهلل – صـــلى اهلل عليـــه وســـلم – وقـــد حكـــم للمنـــافقين بحكـــم
المسلمين بمـا أئهـروا ،ووكـل سـ ار رهم إلـى اهلل تعـالى [يقـول اإلمـام الشـافعي فـي هـذا لمقام "ومن هذا المعنى من كتاب اهلل تعالى قوله عز وجـل﴿ :إِ َّن ا ْلم َن ِ ين ِفـي الـد َّْرِك ـاف ِق َ ُ األس َف ِل ِمـ َن َّ الن ِ ت مـن تـرك الداللـة الباطنـة صـ ْف ُ ْ ـار ﴾ ...وهـذا يوجـب علـى الحكـام مـا َو َ والحكم بالئاهر من القول أو البينة أو االعتراف أو والحجـة ودل أن علـيهم أن ينتهـوا إلـى مــا انتهـى إليــه ،فمــن بعـده مــن الحكــم أولـى أال يحــدث فــي شـي هلل فيــه حكــم أو
لرســـوله عليـــه الصـــالة والســـالم غيـــر مـــا حكـــم بـــه بعينـــه "الرســـالة للشـــافعي هـــاما ا 611-616نقال عن اإلمام جـ 1ا.]666 أما النفاق الذ هو دون الكفر :فهو أن يبطن المر غير ما يئهـر فـي بعـو األمـور
المنهـي عنهــا شـر ًعا والمعتبــرة معـاا ،مــن ذلــك قـول الرســول عليـه الصــالة والســالم: خالصا إذا حـدث كـذب واذا وعـد أخلـف واذا أؤتمـن خـان "ثالث من كن فيه كان مناف ًقا ً
وان صــام وصــلى وزعــم أنــه مســلم" [المحلــى :جـــ 66ا ]212وقولــه عليــه الصــالة
خالصـا ومـن كانـت فيـه ُخلّـة مـنهن كانـت فيـه والسالم" :أربع من كـن فيـه كـان منافقًـا ً خلــة مــن النفــاق حتــى يــدعها :إذا حــدث كــذب واذا وعــد أخلــف واذا عاهــد غــدر واذا
أيضــا :جـــ 66ا 212وفــي المعنــى نفســه خاصــم فجــر" [المحلــى عــن طريــق مســلم ً سـر خـالف مـا البخار :جـ 6صــ ]61فلمـا كـان فاعـل إحـدي هـذه الخصـال المذمومـة ُي ُّ وعصـيان ال يخـر عـن اإلسـالم، مـذموما يئهر ويقول ما ال يفعل كان فعله ذلـك نفا ًقـا ً ً وبرهــان ذلــك أن المرتــد عــن اإلســالم إلــى الكفــر حكمــه القتــل وه ـؤال المــذكورون مــن المخاصــم الفـــاجر والواعــد المخلـــف والمعاهــد الغـــادر والمــؤتمن الخـــا ن والكــذاب فـــي
حديثه ،المذكورون ال قتل عليهم ألنه ال نـا فـي قـتلهم وال قـال بـه أحـد مـن الفقهـا فضال عن أن يكون فيه إجماع.
والمنـافق الــذ يــبطن الكفـر ويئهــر اإليمــان واإلسـالم إنمــا يخــدع نفسـه فــي الحقيقــة،
ومــن كــالم حكمــا العــرب :مــن خــدع مــن ال ُيخــدع فإنمــا خــدع نفســه ،وهــو بنفاقــه لــم موقع مصر أوالً www.egypt1.info
76
يعــرف اهلل عــز وجــل ،إذ لــو عرفــه ســبحانه لعلــم أنــاهلل يعلــم مــا يســره ،وأنــه تعــالى ال
يخدعه أحد ،ومن قول الرسول عليه الصالة والسـالم" :ال تخـادع اهلل فإنـه مـن يخـادع
اهلل يخدعه اهلل ونفسـه يخـدع لـو يشـعر" قـالوا يـا رسـول اهلل ،وكيـف يخـادع اهلل؟ قـال:
"تعمل ما أمرك اهلل به وتطلب به غيره" [أخرجه الطبر في كتاب آداب النفس ،الجامع ألحكام القرآن :جـ 6ا.]69
الفصل الثالث الح ِ اكميَّة َ "أمـران تركتهمــا فــيكم لــن تضــلوا مــا تمسـكتم بهمــا :كتــاب اهلل وســنة نبيــه – صــلى اهلل عليه وسلم –" حديث شريف" [عن مالك بن أنس – اإلحكـام فـي أصـول األحكـام البـن
حزم :جـ 1ا.]91 جــرت علــى بعــو األلســن لفئــة "الحاكميــة" تعبيـ ًـرا عــن معــان وأحكــام تضــمنتها آيــات القرآن الكـريم واألحاديـث الشـريفة ثـم أسـندت اللفئـة إلـى اسـم المـولى عـز وجـل فقيـل "حاكمية اهلل". ثــم تفرعــت عــن اللفئــة مضــافة إلــى اســم المــولى عــز وجــل أحكــام ،فقيــل :إن مفهــوم
فرضــا "حاكميـة اهلل" كـذا وكــذا ومقتضـى ذلــك أن يعتقـد الشــخا كـذا وكــذا ،وأن يكـون ً
عليــه أن يقــوم بكــذا وكــذا مــن األعمــال ،فــإن لــم يعملهــا وعمــل غيرهــا فهــو خــار عــن
"حاكمية اهلل" تعالى فوصفه كذا. ونحن علـى يقـين أن لفئـة "الحاكميـة" لـم تـرد بأيـة آيـة مـن الـذكر الحكـيم ،ونحـن فـي
بحثنا في الصحيح من أحاديث الرسول عليـه الصـالة والسـالم لـم نجـد منهـا حـديثًا قـد تضمن تلك اللفئة فضال عن إضافتها إلى اسم المولى عز وجل.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
77
والتجارب وواقع حال الناس يقول لنا إن أصحاب الفكر والنئـر والبـاحثين قـد يلحئـون ارتباطًا بين معاني مجموعة من اريات بالقرآن الكريم واألحاديث الشـريفة وفكـرة بـارزة
مصطلحا لتلكم المعاني. فيها فيضعون ً
غيــر أنــه ال يمــر إال الــوجيز مــن الــزمن حتــى يستســهل النــاس المصــطلح الموضــوع
فيتداولونه بينهم ثم يتشـدق بـه أنـاس قليـل مـنهم مـن قـرأ الكثيـر الـذ كتبـه البـاحثون
ـرحا لآليــات واألحاديــث التــي كانــت هــي األصــل عنــدهم والمفكــرون أصــحاب النئــر شـ ً وتعبير عن المعاني التي الحئوها واألقل من هـؤال القليـل مـن يكـون قـد اسـتوعب مـا ًا كتبـــه البــــاحثون والمفكـــرون واســــتطاع أن يفهــــم مـــا أرادوه وأدرك حقيقــــة مقصــــدهم،
والغالبيـ ة العئمــى تنطــق بالمصــطلح وهــي ال تكــاد تعــرف مــن حقيقــة مـراد واضــعيه إال عفـوا هنــا وهنـاك ،أو ألقاهـا إليهــا مـن قــد ال يحسـن الفهــم أو عبـارات مبهمـة ســمعتها ً يجيد النقل والتعبير.
وقد ال يمضي كثيـر وقـت حتـى يسـتقل المصـطلح بنفسـه فـي أذهـان النـاس ،ويقـر فـي
آذانهم أنه األصل الذ يرجع إليه ،وأنه الحكم الكلي الجامع الذ تتفرع عنـه مختلـف األحكام التفصيلية ،وينسى الناس أن اريات واألحاديث التي لوحئ فيهـا المعنـى الـذ
وضع المصطلح عنوا ًنا له هو األصل الذ يتعين الرجوع إليه ،بـل قـد يغيـب عـنهم أن مراد واضعي المصطلح لم يكن غير التعبير عن معان عامة أرادوا إبرازها وجذب انتبـاه الناس إلى أهميتها ،دون أن يقصدوا وضع أحكام فقهية ،خاصة التفصيلية منها. مصطلحا لم يـرد لـه نـا مـن كتـاب اهلل أو أساسا لمعتقدهم وهكذا يجعل بعو الناس ً ً سنة الرسول. أساسا من كالم بشر ،غير معصوم ،وارد عليه الخطأ والوهم. ً أساسا من كالم بشـر ،غيـر معصـوم ،علمهـم بمـا قالـه فـي األغلـب األعـم علـم مبتسـر ً مغلوط.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
78
اما علينا أال نتعلق بالمصطلحات التـي يقـول بهـا البشـر غيـر المعصـومين لذلك كان لز ً وأن نتشــبث ونلــوذ بكــالم رب العــالمين وكــالم المعصــوم ســيد المرســلين عليــه الصــالة والسالم. هذا هو الكالم المحكم الذ ال يئن فيه خطأ أو نقصان أو وهم. وهو الكالم المحفوئ حفئًا كامال ،ال يلحقه تبديل أو تغيير حتى يـرث اهلل األرو ومـن
عليها.
وهو الكالم الذ ال يكون فيه تناقو أو يقع بين بعضه وبعو اختالف. بعضا. بعضا كما يحد بعضها ً وهو الكالم الذ يكون جملة واحدة يفسر بعضه ً تجد ارية مطلقة تكاد تعم كل شي ثم تجد ارية األخري قد خصصتها واستثنت منها، ثم تجد الحديث الصحيح يضع الشروط المكملة لما في اريتين. وقد نجد اللفئين في ارية له معنى لغو معروف ثم نجد الحديث الصحيح وقـد عـرف أن المراد من اللفئ معنى شرعي محدد. واألحكام الشرعية تؤخذ من كالم اهلل تعـالى وحـديث الرسـول عليـه الصـالة والسـالم ،ال من أقوال أو مصطلحات يضعها الناسّ ،أيا كان هؤال الناس. واريات واألحاديث هي التي تحدد الحكم الشرعي وشروط تحقيقه وحدود استعماله. ويؤخذ الحكم من مختلف اريات واألحاديث طبقًا ألصول وردت بها ار واألحاديث. فل ـتكن إذن آيــات الق ـرآن الكــريم ،دا ًمــا ،هــي األصــل الــذ نتلــوه ونرجــع إليــه ونتــدبره ِ آي ِات ِه َولِ َيتَ َذ َّك َر أُولُو األ ْل َب ِ اب﴾ (ا :ارية .)29 اب أَْن َزْل َناهُ إَِل ْي َك ُم َب َار ٌك لِّ َيدَّب َُّروا َ ﴿كتَ ٌ
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
79
وليكن الثابت الصحيح من أحاديث الرسول عليه أفضل الصالة والسالم هو البيان لكل ما احتا إلى بيان ﴿وأَْن َزْل َنا إِلَ ْي َك ِّ الذ ْك َر لِتَُب ِّي َن لِ َّلن ِ ون﴾ اس َمـا ُن ِّـز َل إِلَ ْـي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْـم َيتَفَ َّك ُـر َ َ (النحل :ارية .)44 أبدا أ مصطلحات يضعها بشر غير معصوم. ولن تغني عن ذلك ً وال حاجـة لنــا بعــد كتــاب اهلل وأحاديـث الرســول عليــه الصــالة والسـالم بــأن نتعلــق بأيــة مصطلحات يضعها بشر غير معصوم.
الفصل الرابع ﴿إِ ِن ا ْلح ْكم إِالَّ ِ هلل﴾ ُ ُ عقيدتنا يقيننا الذ ال شك فيه أن الحكم هلل تعالى وحـده ،وأنـه سـبحانه وتعـالى وحـده صـاحب
األمر والنهي دون سواه ،وهـو جـل وعـال دون غيـره الـذ يجعـل الحـالل حـالالً والحـرام حراما ﴿إِ ِن ا ْلح ْكم إِالَّ ِ األم ُر﴾ (األعـراف: هلل﴾ (يوسف :من ارية ﴿ ،)41أَ َال َل ُه ا ْل َخ ْل ُ ق َو ْ ً ُ ُ مـن اريــة ﴿ )14و َال تَقُولُـوا لِمــا تَ ِ ـام لِّتَ ْفتَـ ُـروا ـف أَْل ِسـ َنتُ ُك ُم ا ْل َكـ ِـذ َب َهـ َذا َحـ َ ص ُ ال ٌل َو َهـ َذا َح َ َ َ ريـ ٌ علَى ِ اهلل ا ْل َك ِذ َب﴾ (النحل :من ارية .)661 َ ق ونحن نؤمن إيما ًنا كامال أن شريعة اهلل هي الحق وأن ما دونها باطل وئلمَ ﴿ :وِبا ْل َح ِّ الض ـالَ ُل﴾ ق َنـ َـز َل﴾ (اإلس ـرا :مــن اريــة ﴿ ،)611فَ َمــا َذا َب ْعـ َـد ا ْل َحـ ِّ أَْن َزْل َنــاهُ َوِبــا ْل َح ِّ ـق إِالَّ َّ (يونس :من ارية .)92 ويقيننا الذ ال شك فيه أن شريعة اهلل تعالى هي التي تلزمنا دون غيرهـا وهـي تلزمنـا بمقتضى أمره تعالى ،سوا ارتضاها حاكم أم لم يرتضها.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
81
تامــا أن شــريعة اهلل هــي الواجبــة النفــاذ وأن واجــب كــل فــرد ونحــن نــؤمن إيما ًنــا كــام ً ال ً مسلم العمل بمقتضاها وانفاذها فعال ما استطاع إلى ذلك سـبيالً ،سـوا ً أنفـذها الحـاكم ـر أَن ســولُ ُه أ َْمـ ًا أم عمــل علــى تعطيلهــا ﴿ َو َمــا َكـ َ ـان لِ ُمـ ْـؤ ِمن َوالَ ُم ْؤ ِم َنــة إِ َذا قَ َ ضــى اهللُ َوَر ُ ون َل ُهم ا ْل ِخ َي َرةُ ِم ْن أ َْم ِرِه ْم َو َمن َي ْع ِ ال ًال ُّم ِبي ًنـا﴾ (األحـزاب: ضـ َ ض َّل َ سوَل ُه فَ َق ْد َ اهلل َوَر ُ ا َ َي ُك َ ُ ارية .)92 ويقيننا الذ ال شك فيه أن شريعة اهلل هي الشـريعة التـي ال يجـوز التحـاكم إال إليهـا،
فإليها يرد الحالل والحرام وما هو فرو وما هـو منـدوب إليـه ومـا هـو مكـروه ومـا هـو ون حتَّى يح ِّكم َ ِ ِ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُ َّـم َال َي ِج ُـدوا ِفـي أَْنفُ ِسـ ِه ْم مبا ﴿ :فَ َ يما َ شَ وك ف َ ال َوَرِّب َك َال ُي ْؤم ُن َ َ ُ َ ُ ض ْي َت ويسلِّموا تَ ِ يما﴾ (النسا :ارية .)11 َح َر ًجا ِّم َّما قَ َ َ ُ َ ُ ْ سل ً وما أحله اهلل ،حالل إلى يوم القيامة ،ال يملك كا ن من كان أن يحرمه. وما حرمه اهلل ،حرام إلى يوم القيامة ،ال يملك كا ن من كان أن يحله9. ـت ع َل ْـي ُكم ِنعم ِتـي ور ِ ِ ـيت َل ُك ُـم ِ ال َم ِدي ًنـا﴾ (الما ـدة: سـ َ ض ُ ﴿ا ْل َي ْوَم أَ ْك َم ْل ُ اإل ْ ت َل ُك ْم دي َن ُك ْم َوأَ ْت َم ْم ُ َ ْ ْ َ َ َ ِ ِّل لِ َكلِم ِات ِـه و ُهـو َّ ِ ـت َكلِمـ ُة رِّب َ ِ َّ ـيم﴾ ـك ص ْـدقًا َو َع ْـدالً ال ُم َبـد ِ َ َ َ من اريـة َ ﴿ ،)9وتَ َّم ْ َ َ السـميعُ ا ْل َعل ُ (األنعام :ارية .)661 أن َم ْن اعتقد – بعد أن بلغه الحـق وقامـت ونحن نقول بما أجمع عليه المسلمون ِم ْن َّ شخصا ما أو هي ة ما أو جماعة ما ،أو كا ًنا من كان له الحق أن عليه الحجة – أن ً يحل ما حرم اهلل وثبت حكم تحريمه األبد بانقطاع الوحي بوفاة الرسول عليه الصالة والسـالم ،أو ويحــرم مـا أحلــه اهلل وثبـت حكــم حلــه األبـد الــوحي ووفـاة الرســول عليــه
اجبا حين موته عليه الصالة والسالم ،أو يشـرع الصالة والسالم ،أو يحد ً حدا لم يكن و ً شريعة لم تكن في حياته عليه الصـالة والسـالم – مـن اعتقـد ذلـك بعـد أن بلغـه الحـق وقامــت عليــه الحجــة ،ولــم يكــن متــأوالً لــنا مــن كتــاب اهلل أو مــن ســنة رســوله عليــه ـن ش َـرَكا ُ َ الصالة والسالم :فهو كافر مشرك خار عن اإلسـالم ﴿أ َْم َل ُه ْـم ُ ش َـر ُعوا َل ُهـم ِّم َ الد ِ ِّين َما َل ْم َيأْ َذن ِب ِه﴾ (الشوري :من ارية .)66 موقع مصر أوالً www.egypt1.info
81
وزيادة في اإليضا نقول بعون اهلل :إن مقتضى اإليمان باهلل تعالى ومقتضـى توحيـده تعالى ،وبعبارة أخري ،مقتضى شهادة أن ال إله إال اله االعتقاد الجازم بأنه تعالى دون غيــره صــاحب األمــر المطلــق الــذ ال يحــده حــد ،يــأمر بمــا يشــا ،ويقضــي بمــا شــا ، ويحكم بما يشـا وقـت مـا يشـا ،ال لعلـة تلزمـه أن يقضـي أو يـأمر أو ويحكـم ،تعـالى
سـأَ ُل َع َّمـا َي ْف َعـ ُل كبيرا ،وال ُيسأل لم قضى أو لم أمر أو لم حكـم ﴿الَ ُي ْ اهلل عن ذلك ً علوا ً ون﴾ (األنبيـا :اريـة ،)29ومـن اعتقـد – بعـد أن بلغـه الحـق وقامـت عليـه سـأَلُ َ َو ُه ْم ُي ْ حد لسلطان اهلل تعالى أو ألمـره أو لحكمـة تعـالى فقـد أشـرك ،إذ لـو صـح أن الحجة – ً اما أن يكون هناك من هـو خـار عـن هـذا الحـد ،أ مـن ال سـلطان لذلك ً حدا ،لكان لز ً
هلل تعالى عليه ،أ من هو ند هلل تعالى ،وذلك هو الشرك بعينه ،أعاذنا اهلل منه.
وكذلك فإن مقتضى اإليمان باهلل تعـالى وتوحيـده ،االعتقـاد الجـازم بأنـه تعـالى المعبـود
بحق دون سواه أ المستحق االتباع واالنقيـاد المطلقـين ،أ اإلسـالم لـه تعـالى دون
غيره ،إذ لـو وجـب بعـو االنقيـاد واالتبـاع ،أ اإلسـالم لغيـره تعـالى بغيـر إذنـه ،لكـان
ندا وشري ًكا له تعالى ،تتعالى اهلل عـن ذلـك ذلك الغير خارجا عن سلطان اهلل تعالى أ ً ً كبير. علوا ًا ً
أيضا فإن مقتضى اإليمان باهلل تعالى توحيـده ومقتضـى االعتقـاد بأنـه تعـالى المعبـود و ً بحق الواجب االنقياد لـه علـى اإلطـالق ،مقتضـى ذلـك تنفيـذ أمـر اهلل والعمـل فعـال بمـا أمر اهلل تعالى به واالنتها فعال عما نهى عنه ،وهذا داخل في مضـمون العبـادة والزم
من االعتقاد بأنه تعالى هو المعبود بحق وثابت من النصوا القاطعة الصريحة ،قال ِ ِ ـول﴾ (النسـا :مـن اريـة ،)19 يعـوا َّ س َ ُّهـا الَّ ِـذ َ تعالىَ ﴿ :يـا أَي َ الر ُ اهلل َوأَط ُ آم ُنـوا أَط ُ يعـوا َ ين َ ِ اع ِبِإذ ِ ِ ِ اهلل سول إِالَّ لِ ُيطَ َ س ْل َنا من َّر ُ ﴿ َو َما أ َْر َ ْن اهلل﴾ (النسا :من ارية َ ﴿ ،)14و َمن ُيط ِع َ ِ ـه ج َّنــات تَ ْجـ ِـر ِمــن تَ ْح ِتهــا األ ْنهــار َخالِـ ِـد َ ِ ِ ـيم﴾ يهــا َوَذلِـ َ ســوَل ُه ُي ْدخ ْلـ ُ َ ين ف َ َ َوَر ُ َ ُ ـك ا ْل َفـ ْـوُز ا ْل َعئـ ُ (النسا :من ارية ،)69فبين اهلل تعالى بهذه اريات أنـه لـم يـرد منـا اإلقـرار بالطاعـة لـه تعــالى ولرســوله عليــه الصــالة والســالم بــال عمــل بــأوامره واجتنــاب لنواهيــه ،وحــذرنا تعالى من العصـيان ،فقـال جـل شـأنهَ ﴿ :و َمـن َي ْع ِ ـه ودهُ ُي ْد ِخ ْل ُ سـوَل ُه َوَيتَ َع َّـد ُح ُـد َ اهلل َوَر ُ ـا َ َن ا ِ ِ ون َع ْـن ين ُي َخـالِفُ َ ين﴾ (النسا :اريـة َ ﴿ ،)64ف ْل َي ْحـ َذ ِر الَّ ِـذ َ اب ُّم ِه ٌ يها َولَ ُه َع َذ ٌ ار َخال ًدا ف َ ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
82
صيبهم ع َذ ِ ِ ِ ِ ـال يم﴾ (النور :ارية ﴿ ،)69فَ َمـن َي ْع َم ْـل ِمثْ َق َ يب ُه ْم ف ْت َن ٌة أ َْو ُي َ ُ ْ َ ٌ أ َْم ِرِه أَن تُص َ اب أَل ٌ شِّار َي َرهُ﴾ (الزلزلة :اريات ،)1-1وروي ابن كثير َذَّرة َخ ْي ًار َي َرهُ * َو َمن َي ْع َم ْل ِمثْقَ َ ال َذَّرة َ
[تفسير ابن كثيـر :جــ 4ا ]412أن الترمـذ أخـر عـن أبـي هريـرة أن رسـول اهلل –
ذنبا كانت نكتـة سـودا فـي قلبـه فـإن صلى اهلل عليه وسلم – قال" :إن العبد إذا أذنب ً ان َعلَى ُقلُوِب ِهم َّمـا َكـانُوا تاب منه صقل قلبه وان زاد زادت فذلك قوله تعالىَ ﴿ :كالَّ َب ْل َر َ ون﴾ (المطففــين :اريـة ،)64فمــن وفقــه اهلل تعـالى للطاعــة والعمــل بمـا أمــر بــه َي ْك ِس ُـب َ واالنتها عما نهى عنـه فقـد عبـد اهلل فـي كـل طاعـة مـن طاعاتـه ،وزاد إيمانـه بزيـادة عابـدا هلل طاعته ومن أتى معصية فلم يعبـد اهلل لتلـك المعصـية وال فيهـا ،ولكنـه يكـون ً فــي ســا ر طاعاتــه واقــراره بالتوحيــد ،وقــد ســبق أن فصــلنا القــول بــأن اإليمــان يزيــد
بالطاعة وينقا بالمعصية ،ومن اعتقد – بعد أن بلغـه الحـق وقامـت عليـه الحجـة – أن شريعة اهلل تعالى التي أمر اهلل تعالى بنفاذها والعمل بها متوقف على إذن شـخا
حكامـا علـى اهلل تعـالى بحـد أو هي ة أو جماعة أو كا ن من كان فقـد جعـل مـن هـؤال ً علـو سلطانهم من سلطان اهلل ،فهو قـد جعلهـم شـركا هلل تعـالى ،تعـالى اهلل عـن ذلـك ً
كبير. ًا
ومن اعتقد أن كا ًنا من كان من كان فـي مكانتـه أو مـن حقـه ،بغيـر إذن مـن اهلل ،أن
يحل ما حرم اهلل أو يحرم ما أحل اهلل فقـد جعـل ذلـك الكـا ن شـري ًكا هلل ،تعـالى اهلل عـن كبير. علوا ًا ذلك ً حكم الجاهل باألوامر والنواهي ،والواجب عليه ،والواجب على المجتمع نحوه: ال بشــريعة مــا تقضــي بإقامــة شــعا ر أمــا إن اهلل تعلــى قــد شــا ت إرادتــه أن يرســل رسـ ً
معينة وتأمر بأعمال محددة وتنهـى عـن غيرهـا ،وتحـل كـذا وتحـرم كـذا ،وتـنئم العالقـة بين الناس وبعضهم البعو أو بين السواد من الناس وبعضهم البعو أو بين السواد من الناس ومن يتولون أمرهم ،فهذا ما ال يعرف إال بوصول البالغ من اهلل تعـالى إلـى
عباده ،فمن بلغه األمر وقامت عليه الحجـة لزمـه االعتقـاد بحكـم اهلل تعـالى فيمـا بلغـه من وجوب أو ونهي أو تحريم أو إباحة ،ولزمه العمل بالشريعة التي بلغته. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
83
أما من لم يبلغه األمر كلـه أو بعضـه فهـذا معـذور بجهلـه فلـيس بكـافر وال بفاسـق وال
بعاا يستثني من ذلك ما ورد بـه الـنا صـراحة وأجمـع عليـه المسـلمون مـن أنـه ال
ـلم وال يعامــل معاملــة المســلمين إال مــن شــهد أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا يســمى مسـ ً رسول اهلل ،ولذا قالوا إن هذا معلوم من الدين بالضرورة إذ من جهله ال يعتبر في هذه مسلما وال يعامل معاملة المسلمين. لدنيا ً
" ذلــك أن اهلل تعــالى لــم يأمرنــا قــط بشــي مــن الــدين إال بعــد بلــوغ األمــر إلــى المــأمور
وكذ لك النهي وال فرق ،وأما قبل انتها األمر والنهي إليـه فإنـه غيـر مـأمور وال منهـي لقوله﴿ :أل ِ ُنذ َرُك ْم ِب ِه َو َمن َب َل َا﴾ (األنعام :من ارية ،)69ولقوله تعـالىَ ﴿ :ال ُي َكلِّ ُ ـف اهللُ سـ َـع َها﴾ (البقــرة :مــن اريــة ،)211وإلخبــار رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه ســا إِالَّ ُو ْ َن ْف ً وســلم – أنـــه ال يســمع بـــه يهــود أو ونصـــراني فلـــم يــؤمن بـــه إال وجبــت لـــه النـــار، ولحديث قتـادة عـن عبـد األسـود بـن سـريع عـن النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – أنـه
قــال" :يعــرو علــى اهلل ســبحانه وتعــالى األصــم الــذ ال يســمع شــي ًا واألحمــق والهــرم ورجل مات في الفترة فيقول األصم :رب جا اإلسالم وما أسمع شي ًا ،ويقول األحمق:
رب جا اإلسالم وما أعقل شي ًا ،ويقـول الـذ مـات فـي الفتـرة :رب مـا أتـاني لـك مـن رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه ،فيرسل اهلل إليهم :ادخلوا النار ،فوالذ نفسي بيـده لـو
ـالما" وعــن أبــي هريــرة مثلــه وزاد فــي آخــره" :ومــن لــم دخلوهــا لكانــت علــيهم بـ ً ـردا وسـ ً يدخلها دخل النار" فصح أنه ال نذارة إال بعد بلـوغ الشـريعة إلـى المنـذر ،وأنـه ال يكلـف أحد بما ليس في وسعه ،وليس في وسع أحد علم الغيب في أن يعرف شريعة قبـل أن
تبلا إليه ،فصح يقي ًنا أن من لم تبلغـه الشـريعة لـم يكلفهـا" [األحكـام البـن حـزم :جــذ6
ا 11وما بعدها].
تعبـدا هلل تعـالى واذا صح هذا فإن الجاهل بأن شريعة من اهلل تقضي بإقامة شعيرة مـا ً أو تـأمر بفــرو مــن الفــروو أو تنهــى عــن عمــل مــن األعمــال أو تــنئم العالقــة بينــه وبين غيره أو بينه وبين مـن يتـولى أمـره علـى صـفة محـددة وعلـى تنئـيم محـدد ،فهـو
ليس بكافر وال بفاسق وال عاا ،معذور بجهله إال أن يكون قد بلغه النا بأن عليه أن يسعى ليعرف حكم اهلل فيما نزل به فقعد عن السـعي غيـر جاحـد األمـر فإنـه يكـون موقع مصر أوالً www.egypt1.info
84
جاحـدا أمـر اهلل، عاصيا فـي قعـوده عـن السـعي المـأمور بـه ،أمـا إن قعـد عـن السـعي ً ً فهو وكافر مشرك بال خالف. وهكــذا القــول فــي الشــريعة كلهــا كالقتــل ووط الفــر الحــرام وأكــل الحــرام واســتباحة
العرو الحرام وغير ذلك ،كل هذا من فعله مخط ًا غير عـالم بأنـه خـالف مـا جـا مـن عنــد اهلل تعــالى علــى لســان نبيــه – صــلى اهلل عليــه وســلم – فــال يكفــر وال يفســق وال
عامدا غير معتقـد إلباحـة مـا حـرم اهلل تعـالى مـن ذلـك فهـو فاسـق، يعصي ،ومن فعله ً عامــدا مســتحالً خــالف اهلل تعــالى فهــو وكــافر [األحكــام البــن حــزم :جــــ1 ومــن فعلــه ً
ا ]641وقد فرو اهلل تعالى على كل فرقة من المؤمنين الذين بلغتهم شـريعته علـى لسان خاتم رسله وأنبيا ه أن تنفر منهم طا فة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قـومهم ،أ
يبلغــوهم أوامــر اهلل تعــالى ونواهيــه ومــا شــرعه اهلل تعــالى للنــاس مــن مختلــف الش ـ ار ع طا ِ َف ٌة لِ َيتَ َفقَّ ُهوا ِفي الـد ِ ِّين الواجب العمل بها ،قال تعالىَ ﴿ :ف َل ْو َال َن َف َر ِمن ُك ِّل ِف ْرقَة ِّم ْن ُه ْم َ ون﴾ (التوبــة :مــن اري ـة ،)622وأمــر َولِ ُينـ ِـذ ُروا قَـ ْـو َم ُه ْم إِ َذا َر َج ُع ـوا إِلَـ ْـي ِه ْم لَ َعلَّ ُهـ ْـم َي ْح ـ َذ ُر َ
رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – أن يبلا الشاهد الغا ب ،فقـال فـي َحجَّـة الـوداع: "أال فليبلا الشاهد الغا ب" [األحكام البن حـزم :جــ 2ا ،]649كمـا أن اهلل تعـالى أمـر
كل مسلم أن يسعى ما استطاف ليعرف حكم اهلل في النازلة التي نزلت به ،قال تعـالى: َه َل ِّ ون﴾ (النحل :من ارية .)49 اسأَلُوا أ ْ الذ ْك ِر إِن ُك ْنتُم الَ تَ ْعلَ ُم َ ﴿فَ ْ
وفرو النذارة من فروو الكفاية :أ هو فـرو تسـأل عنـه األمـة اإلسـالمية جميعهـا متضامنة في مجموع أفرادها ،إن لم يقم به منها من يسـد حاجـة النـاس ويكفـيهم :أثـم
كل فرد من أفراد األمة بعينه بما لـم يبذلـه مـن جهـد كـان فـي وسـعه أن يبذلـه لتحقيـق فرو اهلل ،فإن قام بالفرو العدد الكافي لسد حاجة األمة ،سقط اإلثم عن الجميع. أما الجاهل فالفرو عليـه بعينـه أن يسـعى لمعرفـة حكـم اهلل فيمـا نـزل بـه ،فـإن قصـر وقعد عن السؤال بعد أن بلغه التكليف بالسعي ،فحكمه ما سبق بيانه. وفي هذا كفاية لبيان فساد القول" :بـأن مـن تصـور أن الربوبيـة والعبـادة إنمـا تقتضـي إقامة الشعا ر من صلوات وصيام وحج وزكاة فقط ،فإن عقيدته تكون فاسدة وال يعتبر موقع مصر أوالً www.egypt1.info
85
مسلما فليست المسألة مسألة تصور وانما المدار على بلوغ األمر إلى المـأمور ،فمـن ً بلغه أمر اله بالصالة والصوم وأدا الزكاة والحج وكان هذا هو كل ما بلغـه ولـم تبلغـه شــريعة اهلل فـــي أحكـــام البيــع والقـــرو والمزارعـــة وغيرهـــا ،فهــو معـــذور بجهلـــه بتلـــك
الشرا ع وليس بكافر وال فاسق وال عاا وعقيدته سليمة وان ئـن علـى خـالف الواقـع أن تلك هي كافة الش ار ع التي أمره اهلل تعالى بها.
وواجبنــا تجــاه هــذا وأمثالــه – وهــم الكثــرة الغالبــة ارن التــي لــم يصــلها علــم بمختلــف الش ار ع التي أوجبهـا اهلل علـيهم واقتصـر علمهـم علـى وجـوب الصـالة والزكـاة والصـوم
والحج – أن نبلغهم وننذرهم بأوامر اهلل ونواهيه ونحثهم علـى القيـام بهـا وأدا هـا ،وهـم من قبل ذلك مسلمون ال ينقا جهلهم بتلك الشرا ع من سالمة عقيدتهم شي ًا. وهــم وقــع فيــه الــبعو :فــي معــرو شــر مفهــوم حاكميــة اهلل تعــالى يقــول األســتاذ المودود في كتابه المصطلحات األربعة" :ومما يقتضيه توحد السلطة العليا أن يكون جميــع ضــروب الحكــم واألمــر مرجعــه إلــى مســير قــاهر واحــد وأال ينتقــل منــه جــز مــن
الحكم إلى غيره ،فإنه إذا لم يكـن الخلـق إال لـه ،ولـم يكـن لـه شـريك فيـه واذا كـان هـو الذ يرزق الناس ولم تكـن ألحـد مـن دونـه يـد فـي األمـر ،واذا كـان هـو القـا م بتـدبير
نئام هـذا الكـون وتسـيير شـ ونه ولـم يكـن لـه فـي ذلـك شـريك ،فممـا يتطلبـه العقـل أال
يكون الحكم واألمر والتشريع إال بيده كذلك" انتهى. وقــد تــوهم الــبعو أن قا ــل تلــك المقالــة يــري اســتحالة أن يــأذن اهلل تعــالى للنــاس أن جانبا من حياتهم. يضعوا ألنفسهم بعو التنئيمات أو التشريعات التي تنئم ً وهــذا فهــم خــاط لــم يقلــه قا ــل تلــك المقالــة ،كمــا أن عقولنــا ليســت حاكمــة علــى اهلل حدا لسلطان اهلل تعالى. بشي ،وال يجوز لمسلم أن يجعل من عقله ً وبالذ ينفي أن يكون هلل عز وجـل حـق اإلذن للنـاس فـي وضـع بعـو التشـريعات أو
حاكمــا علــى اهلل عــز وجــل التنئيمــات إنمــا يحــد بعقلــه مــن ســلطان اهلل ،ويجعــل عقلــه ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
86
وقيما علـى اهلل عـز وجـل ومشي ته وهو بذلك يقع في المحئور إذ يجعل من نفسه ً ندا ً كبير. علوا ًا تعالى اهلل عن ذلك ً ولــو شــا اهلل لتركنــا مــن غيــر شــريعة ،نــنئم كافــة أمــور حياتنــا كيفمــا نشــا وحســبما
تهدينا إليه عقولنـا ،ولـو فعـل اهلل تعـالى ذلـك لمـا نقـا ذلـك مـن سـلطانه شـي ًا ،ولمـا نقا ذلك من عزته شـي ًا ،ولمـا نقـا ذلـك مـن حكمتـه تعـالى شـي ًا ،ولكنـا علمنـا أن
ـب ِ ـان أَن ُي ْت َـر َك س ُ س ُ اإل ْن َ ذلك ما كان وال يكون ألنـه تعـالى أخبرنـا بـه ،قـال تعـالى﴿ :أ ََي ْح َ س ًدي﴾ (القيامة :اريـة ،)91والسـد هـو المهمـل الـذ ال يـؤمر وال ينهـى ،وألن الـه ُ تعــالى أرســل الرســل إلينــا والــى مــن قبلنــا بالــدين والهــدي" :بــاألوامر والنـواهي" مبلغــين رســاالت رب هـــم إلينـــا ،وأمرنــا بطاعتـــه تعـــالى وطــاعتهم ،وتواعـــدنا إن خالفنـــا بالعـــذاب الشديد ،ووعدنا إن أطعناه بالنعيم المقيم. س ُّن القوانين ووضع النئم والتشريعات: َ كثيـر مـن أمـور دنيانـا ننئمهـا حسـبما تهـدينا إليـه والحق أن اهلل عز وجل قد تـرك لنـا ًا عقولنا في إطـار مقاصـد عامـة وغايـات تحـددها لنـا سـبحانه وتعـالى وأمرنـا بتحقيقهـا، اما أو نحرم حال ًال. وبشرط أال نحل حر ً ذلك أن األفعال في الشريعة إما فرو أو وحرام أو مبا . والفرو :الذ فرضـه اهلل علينـا واجـب ال يملـك إنسـان أن يقـرر عـدم وجوبـه أو ُيقبـل
منه ،وفاعل ذلـك بعـد أن بلغـه الحـق وقامـت عليـه الحجـة ،جاحـد للـنا ،مكـذب لربـه
تعالى ،فهو كافر مشرك بال جدال. ومـا حرمــه اهلل تعـالى :حـرام إلـى يــوم القيامـة ال يملــك أحـد أن يحلــه ،وفاعـل ذلــك بعــد بلــوغ الحــق إليــه وقيــام الحجــة عليــه جاحــد للــنا مكــذب لربــه ،فهــو كــافر مشــرك بــال
جدال.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
87
أما المباحات :فإن للمسلمين أن يسنوا فيها مـن األنئمـة – التـي قـد تتخـذ شـكل قـرار
أو ال حــة أو قــانون – مــا تقتضــيه الحاجــة تنفيــ ًذا لنصــوا وردت بضــرورة تحقيــق
مقاصــد عامـــة ،ومـــن هـــذا القبيـــل قـــوانين تنئــيم الشـــوري التـــي أمـــر اهلل تعـــالى بهـــا: ِ شِ األم ِر﴾ (آل عمران :مـن وري َب ْي َن ُه ْم﴾ (الشوري :ارية َ ﴿ ،)91و َ ﴿ َوأ َْم ُرُه ْم ُ اوْرُه ْم في ْ ش َ أيضا قوانين تنئيم المرور في الشوارع العامة وقوانين الوقايـة الصـحية ارية ،)619و ً وقوانين مقاومة ارفـات الزراعيـة وتنئـيم اسـتعمال ميـاه الـر وقـوانين التعلـيم وقـوانين
تنئــيم المهــن المختلفــة كالطــب والهندســة والصــيدلة وتحديــد الشــروط التــي يجــب أن
تتوافر فيمن يزاوله ا ،وقوانين تنئـيم اإلدارات والمصـالح وتحديـد اختصاصـات وسـلطات كــل منهــا ،وتنئــيم الجــيا وتحديــد الشــروط التــي يجــب توافرهــا فــيمن يلتحــق بــه وفــي ضــباطه وصــف ضــباطه ،وق ـوانين شــروط بنــا المســاكن بمــا يحقــق ســالمتها وت ـوافر الشـــروط الصـــحية فيهـــا ،والقـــوانين المتعلقـــة بالشـــروط الـــالزم توافرهـــا فـــي المصـــانع المختلفة كل على حسب طبيعة العمل فيها ،وقوانين تنئيم المحال العامـة ..إلـخ علـى
ما ماثل ذلك. ولنضــرب مــثال بق ـوانين تنئــيم المــرور فــي الشـوارع العامــة ،فــإن الحــديث الثابــت عــن
رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – الذ يقول فيه" :إن دما كم وأمـوالكم وأعراضـكم
وأبشاركم عليكم حرام" [المحلـى :جــ 66ا ،]611والحـديث الثابـت عنـه عليـه الصـالة والســالم الــذ يقــول فيــه "المســلم أخــو المســلم ال يئلمــه وال يســلمه" [المحلــى :جـــ66
ا ]649قد فهمنا منهما وجوب المحافئة علـى دما نـا وأبشـارنا وأعراضـنا وأال يسـلم أحــدنا ارخــر لمــا فيــه هالكــه أو اإلض ـرار ب ـه ،ووجــدنا أننــا لــو تركنــا أمــر الســير فــي الطرقــات العامــة بالمركبــات والســيارات والــدراجات وغيرهــا مــن وســا ل النقــل مــن غيــر
تنئيم وقواعـد يلتـزم بهـا الكـل ،وتكفـل سـالمة األمـوال واألبـدان فإننـا نكـون قـد عرضـنا دمــا النــاس وأبشــارهم وأم ـوالهم لإلهــدار وأســلمناهم بــذلك لمــا فيــه هالكهــم واإلض ـرار
المحقق بهم ،لذلك كان ح ًقا على أمـة المسـلمين أن تضـع التشـريعات وتسـن القـوانين
والتنئيمات التي تكفل باتباعها سالمة األبدان واألمـوال وتصـونها مـن التهلكـة والتلـف
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
88
وأن تحــدد للمخــالف لهــذه التشــريعات والقواعــد عقوبــة فــي حــدود العقوبــات التعزيريــة المنصوا عليها شر ًعا. وال يجــوز ألحــد أن يــزعم أن تشــريعات تنئــيم المــرور فــي هــذه الحالــة مــن تشــريع اهلل
تعالى عز وجل ،إنما هي من تشريعنا واجتهادنا تنفي ًذ ََا لمقصد عام ،أمرنـا اهلل تعـالى
بـــه ،وهـــي تشـــريعات وقـــوانين تتبـــدل وتتغيـــر حســـبما تقتضـــيه الحاجـــة بغيـــر وســـا ل
المواصالت ،ونحن غير معصـومين مـن الخطـأ فـي سـنها وفـي اجتهادنـا فيهـا ،والخطـأ
والوهم واردان علينا فيهـا وقـد ال نحسـن وضـع النئـام بمـا يحقـق المقصـد المطلـوب –
وقد ينتج عن خط نا اإلضرار ببعو الناس بدال من حمايتهم من الضرر والهالك. وفي هذا كفاية إلبطال قول من زعـم أن "التشـريع صـفة مـن صـفات اهلل عـز وجـل وأن
ـريعا فقــد انتــزع لنفســه إحــدي صــفات اهلل عــز وجــل وجعــل نفســه نـ ًـدا هلل مـن وضــع تشـ ً خارجــا علــى ســلطانه" ومــا بنــاه علــى ذلــك مــن أحكــام إال أن يكــون المقصــود تعــالى ً بالتشريع التحليل والتحريم ،فهذا بال ريب مما اختا اهلل تعالى به نفسه ،وقـد أسـلفنا
البيــان أن التشــريعات والقـوانين واأل نئمــة تــدخل فــي مــدلول لفــئ "القــول" فــإذا احتــوي
ار أو ال حـة تحليــل مـا حـرم اهلل أو تحـريم مــا التشـريع ًأيـا كانـت صــورته ،قانوًنـا أو قـر ًا أحــل اهلل أو النهــي عمــا فرضــه اهلل أو األمــر بمــا نهــى اهلل عنــه فهــو باطــل ال يجــوز
العمـل بــه وال اتباعـه ،وواضــعه مســتحالً [وان الجحـود أن يســن الحـاكم للنــاس شــريعة ويجبرهم بسلطانه على تنفيذها ما دامت علـى خـالف مـا شـرع اهلل تعـالى] مخالفـة اهلل
ورســوله ،متــى كــان قــد بلغــه الحــق وقامــت عليــه الحجــة ،كــافر مشــرك بــال خــالف ،إذ مكذبا لربه تعالى. يكون ً جاحدا بقوله للنا الثابت ً ومما يتعين التنويـه عنـه أن صـفات اهلل تعـالى وأسـما ه قـد وردت النصـوا المحـددة
لها ،والتي ال يجوز أن نتعداها وأن نزعم من عند أنفسنا أسما وصـفات هلل عـز وجـل ين ي ْل ِح ُـد َ ِ ِ ِ َس َـما ِ ِه﴾ (األعـراف :مـن س َنى َف ْ اد ُعوهُ ِب َها َوَذ ُروا الَّذ َ ُ ون فـي أ ْ َس َما ُ ا ْل ُح ْ ﴿ َوهلل األ ْ ارية .)611
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
89
ثم نقول للـذين قـالوا" :إن الحاكميـة هـي مـن مفهـوم شـهادة أن ال إلـه إال اهلل أو ومـن كـــون الربوبيـــة هلل تعـــالى دون غيـــره" إن عنيـــتم بهـــذا أن اهلل تعـــالى مطلـــق الســـلطان ومطلق األمر يحكم ويشرع كمـا يشـا وقـت مـا يشـا ،فـإذا حكـم اهلل تعـالى أو أمـر أو
شرع لزمتنا طاعته وكان أمره الحق المطلق والعدل المطلق واإلنصاف الكامل الشامل،
أيضـا فإنا واياكم على صراط مستقيم ،وال خالف بين أحد المسلمين في ذلك وال خالف ً
أن من زعم لنفسه – بعـد بلـوغ الحـق إليـه وقيـام الحجـة عليـه حـق التشـريع المطلـق، وأنــه يســتمد ســلطانه بــذلك مــن ذات نفســه ،وأن تشــريعه واجــب الطاعــة كتشــريع اهلل،
ندا هلل تعالى وشري ًكا له. وأمره واجب الطاعة كأمر اهلل ،فإنه يكون قد جعل نفسه ً وان كنتم تعنون أن ليس ألحد أن يقول هذا عند اهلل حرام أو هذا عنـد اهلل حـالل بغيـر
سند مـن اهلل ،فـنحن نـوافقكم علـى ذلـك وتلـك هـي عقيـدتنا ألن القا ـل هـذا حـالل وهـذا
حرام ،وهذا فرو وهذا نهي بدون سـند مـن اهلل إنمـا يقـول علـى اهلل مـا ال يعلـم ،وهـذا هـو الكــذب علــى اهلل ،وقــد نهانــا اهلل عنــه قـال تعــالى﴿ :والَ تَقُولُـوا لِمــا تَ ِ ـف أَْل ِسـ َنتُ ُك ُم صـ ُ َ َ ا ْل َك ِذب َه َذا حالَ ٌل و َه َذا حرام لِّتَ ْفتَروا علَى ِ اهلل ا ْل َك ِذ َب﴾ (النحل :من ارية .)661 ُ َ َ َ َ ََ ٌ أحدا ال يملك من نفسه أن يحل ما حرم اهلل أو يحرم مـا وان كنتم تعنون بالحاكمية أن ً أيضا ما نعتقده ونقره ونؤمن به ،ونقول عن من بلغه الحق وقامت عليه أحل هلل فهذا ً
الحجة ثم اعتقد أو قال إنه يملك أن يحل ما حرم اهلل أو يحـرم مـا أحـل اهلل ،فقـد جعـل
ندا هلل ،وهو كافر مشرك بال خالف. نفسه ً وان كنـتم تعنــون أن النــاس يتعــين علـيهم االعتقــاد أن أحـ ًـدا – بغيــر إذن مــن اهلل – ال يملــك أن يحــرم علــيهم مــا أحلــه اهلل لهــم أو أن يحــل لهــم مــا حــرم اهلل علــيهم وأن مــن اعتقد جواز ذلك – ولو لم يعمل به فإنه يكون قد اتخذ ربا من دون اهلل وجعل مـع اهلل
إلهـا آخــر ،فتلــك هــي عقيــدتنا التــي ال نتشـكك فــي صــحتها أبـ ًـدا ،قــال تعــالى﴿ :أ َْم لَ ُهـ ْـم ً ـن الــد ِ ِّين َمــا َلـ ْـم َيـأْ َذن ِبـ ِـه اهللُ﴾ (الشــوري :مــن اريــة ،)26وعــن شـ َـرَكا ُ َ ُ شـ َـر ُعوا َل ُهــم ِّمـ َ عد بن حاتم رضي اهلل تعالى عنه قال :أتيت النبي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – وفـي
عنقي صليب من ذهب ،قال" :يا ابن حاتم ألق هذا الوثن من عنقك" ،فألقيته ثم افتتح موقع مصر أوالً www.egypt1.info
91
ون ِ ـارُه ْم َوُرْه َبــا َن ُه ْم أ َْرَب ًابــا ِّمــن ُد ِ اهلل﴾، سـورة بـرا ة حتــى بلــا قولــه تعــالى﴿ :اتَّ َخـ ُذوا أ ْ َح َبـ َ فقلت يا رسول اهلل ما كنا نعبدهم ،فقال – صـلى اهلل عليـه وسـلم – "كـانوا يحلـون لكـم الحرام فتستحلونه ويحرمون عليكم الحالل فتحرمونه" قلت :بلى ،قـال" :فتلـك عبـادتهم"
[سبق ذكره وسنده ورواته]. وان كنتم تعنون من قولكم إن الحاكمية هلل وجوب االعتقاد بلزوم الرد عنـد التنـازع فـي
الحكم على شي أوفى من األمور إلى شريعة اهلل دون غيرهـا ،وأن مـن اعتقـد – بعـد
قيام الحجة عليه – بوجوب الرد إلـى غيـر شـريعة اهلل التـي بلغتـه ،أو بعـدم لـزوم الـرد جاحـدا أمـر اهلل إليها ،ولو لم يفعل شي ًا ،ولو لم يتحكم فعال ،فإنـه يكـون مشـرًكا ًا كـافر ً مختـاران بأنــه يريـد التحـاكم إلـى غيـر شـريعة اهلل التــي الـذ بلغـه ،وأن مـن جهـر ًا حـر ً
بلغته ليعرف ما هو حالل وما هو حـرام ومـا هـو فـرو عليـه ومـا هـو منهـي عنـه ،أو ماله من حق وما عليه من واجبات فإنه يكـون قـد أعلـن عقيدتـه الفاسـدة وأنـه يفضـل
تلك الشريعة التي يريـد التحـاكم إليهـا علـى شـريعة اهلل تعـالى التـي بلغتـه ،وأنـه يكـون
بذلك قـد جحـد شـريعة اهلل تعـالى التـي بلغتـه فهـو كـافر ومشـرك ،وال شـأن لنـا بمـا فـي
قلبه ،ألن من جحد بلسانه شي ًا مما افترو اهلل تعالى اإليمان به ،في غير إكـراه فقـد أيضا هي عقيدتنا التي ال نحيد عنهـا بحـول اهلل كفر وأشرك وارتد عن اإلسالم – فتلك ً ون حتَّى يح ِّكم َ ِ ِ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّم َال َي ِج ُـدوا أبدا ،لقوله تعالىَ ﴿ :ف َ يمـا َ ً شَ ـوك ف َ ال َوَرِّب َك َال ُي ْؤم ُن َ َ ُ َ ُ ض ْـي َت ويسـلِّموا تَ ِ يما﴾ (النسـا :اريـة ،)11ولقولـه تعـالى: ِفي أَْنفُ ِس ِه ْم َح َر ًجا ِّم َّما قَ َ ْ سـل ً َُ َ ُ ـاهلل وا ْليـوِم ار ِ ِ شي فَردُّوه إِلَى ِ ِ س ِ َخ ِـر﴾ اهلل َو َّ ـول إِن ُك ْنـتُ ْم تُ ْؤ ِمنُ َ ﴿فَِإن تََن َاز ْعتُ ْم في َ ْ ُ ُ ـون ِب َ َ ْ الر ُ ين إِ َذا ُدعـوا إَِلـى ِ اهلل ـان َق ْـو َل ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ (النسا :مـن اريـة ،)19ولقولـه تعـالى﴿ :إَِّن َمـا َك َ ُ ور ِ ِ ـون﴾ (النــور :اريــة سـ ِـم ْع َنا َوأَطَ ْع َنــا َوأُوَل ِـ َ ـك ُهـ ُـم ا ْل ُم ْفلِ ُحـ َ ســولِه لـ َـي ْح ُك َم َب ْيـ َن ُه ْم أَن َيقُولُـوا َ ََ ُ .)16 ثم نعود فنكرر القول :إن االعتقاد بـأن اهلل تعـالى مطلـق السـلطان الـذ ال يحـده حـد، ومطلق األمر ،يحكم بما يشـا ويشـرع مـا يشـرع ويقضـي بمـا يشـا ،فـإذا حكـم تعـالى
حكمــا وشــرع لنــا شــر ًعا وقضــى علينــا أمـ ًـرا لزمتنــا طاعتــه تعــالى ،وكــان أمــره وشــرعه ً وقضــاؤه تعــالى الحــق المطلــق والعــدل المطلــق واإلنصــاف الشــامل ،هــذا كلــه توجــب موقع مصر أوالً www.egypt1.info
91
النصوا القاطعة والبراهين المبينة على ما توجبه بديهة العقل ،أنه من مفهوم أن ال إله إال اهلل وأنه سبحانه وتعالى المنزه عن كل نقا وعن كل عيب ،وأنـه وحـده تعـالى الذ له الكمال التام والرفعة الحقيقية ،وأنه تعالى خالق كل شي دونـه ،القـاهر فـوق
كل شي دونه ال ينازعه في الملك أحد ،وال يشاركه في سلطانه شي . حتما أن يكون ثمة وكما سبق أن قلنا فإن االعتقاد بحد ما لسلطان اهلل تعالى يقتضي ً ما هو خار عن هذا الحـد ،أ مـن ال سـلطان هلل تعـالى عليـه .وال يعـدو ذلـك الخـار عن سلطان اهلل أن يكون غير مخلوق ،أ هو إله مع اهلل ،أو وخلقه خالق آخر ،أ
هو من صنع إله آخر ،وذلك كله هو الشرك أعاذنا اهلل تعالى منه. تفرقة يتعين مالحئتها: إال أنه ينبغي التنبه الكامـل للفـرق بـين تلـك العقيـدة الفاسـدة التـي توجـب الشـرك بـاهلل
تعالى ،وبين جهل المر بمجموع مـن الشـ ار ع التـي فرضـها اهلل وعلمـه ببعضـها ارخـر
واعتقاده بنا ً على ذلك أن شريعة اهلل تعالى تحكم جوانـب محـددة مـن حياتـه وأعمالـه وعالقاته بالناس ،وأن اهلل تعالى قـد تـرك لـه وللجماعـة التـي يعـيا فيهـا حريـة تنئـيم باقي جوانب حياته وعالقاته بغيره من الناس. فهذا االعتقاد األخير ليس فيه شبه الكفر والشرك بل هو قد يصدر عن معتقـد بتوحيـد
اهلل عز وجل ووجوب طاعته ،وصاحبه كما سبق أن قدمنا الدليل من كتـاب اهلل وسـنة الرسول عليه الصالة والسالم معذور بجهله ال هو وكافر وال هو فاسق وال هو عاا. وعلــى ذلــك فــإن القــول" :بــأن المســلمين فــي هــذا الوقــت الــذ نعــيا فيــه قــد فســدت عقيـدتهم وخرجـوا عـن ديـن اإلسـالم ،ألنهـم إذا جهلـوا معئـم الشـ ار ع التـي فرضـها اهلل تعالى لتنئيم حياتهم السياسية واالجتماعية واالقتصادية وأصبح تصورهم – بعد أن لم يعد يعرف أغلبهم إال بعـو أحكـام الصـالة والصـوم والزكـاة والحـج والقليـل النـادر عمـا
هــو مبــا أكلــه ولبســه – أصــبح تصــورهم أن شــريعة اهلل تكــاد تكــون أحكامهــا قاصــرة على العبادات ،وذلك الجز القليل مما عرفوه من غيرها فقط" ،هذا القول ال يصح وهي موقع مصر أوالً www.egypt1.info
92
تهمة خاط ة كان ينبغي التحرز في الدعا بها ،ألنه كما سـبق أن قـدمنا البرهـان مـن
أحـدا قبـل أن كتاب اهلل تعالى وسنة رسوله عليـه السـالم ،فـإن أحكـام الشـريعة ال تلـزم ً تبلغه ويعلم بها وتقوم عليه الحجة بوجوبها ،أما قبل ذلك فالجاهل معذور بجهله. واألولى ،بل الفرو على من علم شريعة اهلل تعالى وتفقه فيها وأصبح أهالً للنذارة أن
يبلغها للناس ويشرحها لهم ويدلل على صحة قوله بآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي
عليه الصالة والسالم ،وأن يدعوهم إلى االعتقاد والعمل بالحق الذ جا هم من ربهم،
وهذه هي مهمة الداعية لإلسالم.
أحـدا ال يملـك أن يحـل مـا حـرم اهلل وكذلك القول فيما قدمناه مـن وجـوب االعتقـاد بـأن ً أحـدا – بغيـر تعالى أو يحرم ما أحل اهلل تعالى ،وأن النـاس يتعـين علـيهم االعتقـاد أن ً إذن من اهلل – ال يملك أن يحرم عليهم ما أحله اهلل تعالى لهم أو ويحل لهم مـا حرمـه أيضــا مــن مقتضــى االعقتــاد بوحدانيــة اهلل عــز وجــل وتمــام اهلل تعــالى علــيهم ،فهــذا ً سلطانه ،ألن الذ يملك مـن ذات نفسـه وبـدون إذن مـن اهلل تعـالى تغييـر شـريعة اهلل
وخارجا عن سلطان اهلل تعالى وهذا هو الشرك. ندا هلل تعالى وتبديلها ال يكون إال ً ً أيضا ينبغي التفرقة بين مثل هذه العقيدة الفاسدة الموجبة للشرك وبين من يعتقد وهنا ً متــأوالً بعــو النصــوا القرآنيــة أو بعــو نصــوا الســنة المطهــرة ،إن مــن الش ـرا ع
التي جا بها اإلسالم ما يتغير ويتبدل مع تغيـر األزمـان وتبـدل الئـروف والمناسـبات،
أيضا بين اعتقاد عامة الناس أن ألولي األمر حق إصدار التشـريعات وسـن القـوانين و ً ووضـــع التنئيمـــات التـــي تلـــزمهم طاعتهـــا بنـــا ً علـــى نصـــوا قرآنيـــة وأحاديـــث عـــن الرســول عليــه الصــالة والســالم منهــا الصــحيح ومنهــا مــا اعتقــدوا صــحته وهــو غيــر
صحيح. فالمعتقد أن بعو أحكام الشريعة مما يجوز أن يتغير أو يتبدل متـأو ًال فـي ذلـك بعـو
نـدا هلل تعـالى ،وانمـا هـو ويقـول النصوا ليس بكافر وال مشرك ،فهو ال يجعـل نفسـه ً ويفعــل مــا يعتقــد أن اهلل تعــالى قــد أباحــه لــه وأذن فيــه ،وهــو معــذور بخط ــه لقــول اهلل ِ ِ ِ ـوب ُك ْم﴾ (األحـزاب :مـن َخ َ يما أ ْ طأْتُ ْم ِبه َوَلكـن َّمـا تَ َع َّم َـد ْت ُقلُ ُ تعالىَ ﴿ :وَل ْي َ س َع َل ْي ُك ْم ُج َنا ٌ ف َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
93
ارية ،)1ولقول الرسول عليه الصالة والسالم" :عفي ألمتي عن الخطأ والنسيان ومـا اســتكرهوا عليــه" [المحلــى :جـــ 2ا ،]994ولقولــه عليــه الصــالة والســالم" :إذ اجتهــد الحاكم فأخطأ فله أجر واذا اجتهد وأصاب فله أجـران" [األحكـام :جــ 1ا ،]691وكـل قا ل في دين اهلل ممـن تتـوافر فيـه شـروط االجتهـاد حـاكم فـي المسـألة التـي قـال قولـه
فيها.
حد الخطأ والتأويل: وبـدهي أنــه ال يكــون متــأو ًال مــن ال علــم لـه بالشــريعة وال باللغــة التــي نــزل بهــا القـرآن
فذلك إن قال في دين اهلل بجهله وهو عالم بجهله وأن ال قدرة لـه علـى فهـم النصـوا
ضـا فـي ديـن اهلل بغيـر واستنباط األحكام من مختلف اريات واألحاديث ،فإنه يكون خا ً علم وقا ال على اهلل تعالى بما ال يعلم ،مستخ ًفا بدين اهلل تعالى. أيضــا أن التأويــل الـذ يعضــر مــن قـال بــه ،مــا يكـون لــه وجــه تسـمح بــه لغــة وبـدهي ً القـرآن – وفيمــا هــو خــار عمــا وقــع فيــه اإلجمــاع وبــات بعيـ ًـدا عــن موضــع االجتهــاد
واحتمال الخطأ والتأويل.
وهذا المتأول ينبغي إقامة الحجة عليه أوال وائهار خط ه واعالمه بـالحق ،فـإذا قامـت
عليه الحجة الال حة الئاهرة التي ال محل للجدل بعدها ،فإن تمادي على معتقـده فإنـه
جاحدا لما افترو اهلل تعالى عليه اإليمان به فهو كافر مشرك. يكون ً واعتقاد عامة الناس أن ألولي األمر حق إصدار القوانين ووضع التنئيمات التي تنئم
جوانب من حياتهم السياسية واالقتصادية واالجتماعية ،بنا ً على نصوا مـن القـرآن أيضا شبهة الكفر والشرك ،بل هو اعتقاد في الكريم والسنة الشريفة ،اعتقاد ليس فيه ً
أصــله حــق ،وســبق أن قــدمنا البرهــان علــى أن اهلل عــز وجــل قــد أمــر أمــة المســلمين
بتحقيق مقاصد عامة منها المحافئة على دما هم وأبشارهم وأموالهم وأعراضـهم وتـرك لها االجتهاد في تنئيم ذلك وتحقيقه ،وقد وردت النصوا بوجـوب طاعـة أولـي األمـر
في ذلك ،وانما جا الخلل ووقع االضطراب من جهل الناس بحدود ما ألولي األمر من موقع مصر أوالً www.egypt1.info
94
أيضا من جهلهم بحقيقة أولي األمر المعتبرين بهـذه الصـفة فـي حق في هذا الشأن ،و ً شريعة اهلل ،فأدي جهل الناس إلى طاعة من ئنوهم من أولي األمر وهم ليسوا مـنهم،
يـرا مـن والى طاعتهم فيما اعتقدوا أنه مـن حقهـم إصـدار أوامـرهم فيـه ،فـي حـين أن كث ً تلك األوامر التي تصدر في شكل قوانين وقرارات ولوا ح خار عن حدود مـا أباحـه اهلل ألولي األمر.
وفيمـا سـبق قـدمنا البرهـان علـى أن الجاهـل معـذور بجهلـه لـيس بكـافر وال بفاسـق وال
بعاا ،والواجب على مـن نـدب نفسـه للـدعوة إلـى اهلل أن يبـين للنـاس حقيقـة شـريعة
اهلل ويفصل لهم بالبرهـان مـن كتـاب اهلل وسـنة رسـوله عليـه الصـالة والسـالم مـا أحلـه وما حرمه وما أباحه وما ألزمنا تعالى بـه مـن شـ ار ع لـم يجعـل ألولـي األمـر أو لغيـرهم
حقًا في تبديلها أو تغييرها ،وحدود ما أبا اهلل ألولي األمر تنئيمه بالقوانين والقرارات
واللوا ح فضال عن أن يبين لهم الشـروط الواجـب توافرهـا فـيمن يعتبـر ولـي أمـر يتعـين
طاعته فيما أمرنا اهلل بطاعته فيه. والناس من قبل ذلك وحتى تقوم عليهم الحجة ،معذورون بجهلهم ،وهم مسلمون غير عاصين وال فاسقين إال من ثبت لنـا بالبينـة الشـرعية أنـه بعينـه عـالم بحقيقـة أمـر اهلل
ربــا مــن دون اهلل ،أخــر مســلم عــن أم مطيــع عــن رضــا رمــر بمعصـية اهلل متخـ ًذا لــه ً المـؤمنين أم سـلمة رضـي اهلل تعــالى عنهـا عـن النبـي – صــلى اهلل عليـه وسـلم – أنــه
قال " :إنه يستعمل عليكم أمرا فتعرفـون وتنكـرون ،فمـن كـره فقـد بـر ،ومـن أنكـر فقـد سلم ،ولكن من رضي وتابع" [أورده صاحب رياو الصالحين]. وا لحــق أن عقيــدة قداســة أولــي األمــر أو عصــمتهم أو والئــن أن أوامــرهم كــأوامر اهلل
تعــالى أو أن لهــم أن يحل ـوا مــا حرمــه اهلل أو يحرم ـوا مــا أحلــه اهلل ،ذلــك كلــه معــدوم الوجــود بــين غالــب عامــة المســلمين ،وينطــق الواقــع أنــه حيــث يكــون أمــر اهلل تعــالى
أحـدا مـن عامـة النـاس ال يتشـكك فـي معلوما غير خاف وال محل الخـتالف اررا فـإن ً ً أن أمـــر اهلل تعـــالى هـــو الحـــق الواجـــب االتبـــاع ،ال يبطلـــه قـــول قا ـــل وال تشـــريع ذ
سلطان ،وأن عامة المسـلمين هـم علـى العقيـدة األكيـدة أن الخمـر حـرام ،شـاربها آثـم، موقع مصر أوالً www.egypt1.info
95
رغم توالي السنوات الطوال وأصحاب السلطة في بالد اإلسالم ال يعاقبون شارب الخمر بعقوبة ما،وعامة المسـلمين ال يتشـككون فـي أن الزنـا حـرام رغـم شـيوعه والتعـالن بـه، وقعود الحكام عن إقامة الحدود على مقارفة ،وعامة المسلمين على عقيدتهم أن الربـا
– وان جهلوا تفصيالت أحكامه – آثم آخذه ومعطيه ،رغـم أن القـوانين السـا دة تبيحـه
وال تعاقب عليه ،ومثال ذلك كثير ،بل إنا لنقول إنه حتـى الكثيـرين مـن الـذين يقـارفون مثل تلك الكبا ر ويجهرون بها لشعورهم من أنهم في مأمن من العقاب فإنهم يقارفون
ما يقارفونه وليس عندهم شك في أن ما يأتونه محرم عنـد اهلل ،لـم يجعلـه حـال ًال قعـود ذو السلطان عن إنفاذ أمر اهلل فيهم.
وكذلك األمر فيما قلناه من وجوب التحاكم إلى شريعة اهلل تعالى والرد عند التنازع إلى جاحـدا أن اهلل تعالى والرسول عليه الصالة والسـالم ،فإنـه يجـب حتـى يعتبـر الشـخا ً يكــون قــد أعلــن إعراضــه عــن شــريعة اإلســالم جملــة ،أو أن يعلــم حكــم اهلل تعــالى فــي النازلة المتنازع عليها ثم يأباه ويسـتحل خالفـه ،أمـا مـن آمـن بشـريعة اهلل جملـة وهـو غيـــر عـــالم بمختلـــف مـــا تتضـــمنه مـــن أحكـــام ،واعتقـــد أن لـــيس هلل تعـــالى حكـــم فـــي الموضـوع المتنـازع عليـه أو اعتقـد أن القـانون المعمـول بـه علـى مقتضـى شـريعة اهلل
فـي المسـألة موضـوع التنـازع ،أو أنـه ممـا يجـب طاعـة أولـي األمـر فيـه ،فهـذا معـذور بجهله ليس بكافر وال بفاسق وال بعاا لما قـدمناه مـن البـراهين مـن كتـاب اهلل تعـالى
وسنة رسوله عليه الصالة والسالم من أن الشريعة ال تلزم إال مـن بلغتـه ،وأن الجاهـل معذور بجهله والمخط مرفوع عنه حكم خط ه. والواجـب علــى مــن نـدب نفســه للــدعوة لإلسـالم وســيادة شــريعة اهلل تعـالى والحكــم بمــا أنزل اهلل تعالى ،أن يبلا الناس حقيقة أمر اهلل ويوضـح لهـم شـريعته تعـالى وحكـم اهلل الواجب اعتقاده والعمل به وأن يقـيم البرهـان علـى ذلـك مـن الكتـاب والسـنة حتـى تقـوم
الحجة على الناس ،والناس من قبل ذلك معذورون بجهلهم وهم مسلمون ال فساد فـي
عقيدتهم ،فمن قامت عليه الحجة ثم ثبت بالبينة الشرعية أنه قد أعرو عن حكم اهلل كافرا فاسـ ًقا مشـرًكا ،أمـا مـن سـلم تعالى الذ علمه ،فإنه بذاته دون غيره الذ يكون ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
96
بحكم اهلل تعالى ولم يعترو عليه فإنـه يكـون قـد ح ّكـم شـريعة اهلل فـإذا عمـل بعـد ذلـك
عاصيا على نحو ما سبق أن أوضحناه وفصلناه. على خالفها فإنه يكون فاسقًا ً اإلكراه وحكم المكره:
تعرضــنا فيمــا قــدمنا إلــى أصــلين مــن األصــول العامــة فــي الشــريعة اإلســالمية وهمــا:
الجهل والخطأ ،وهما أصالن من األصـول العامـة التـي يكـون عليهـا المـدار فـي الحكـم
على كافة األقوال واألعمال وسقنا البراهين الواضحة من كتاب اهلل وسنة رسـوله عليـه الصالة والسالم على وجوب اعتبار هذين األصلين وما ينبني على كل منهما من حكـم شرعي يقضـي بـأن الجاهـل معـذور بجهلـه وأن المخطـ مـأجور علـى اجتهـاده ومعفـو
عن خط ه.
أيضا من األصول العامة التـي يكـون المـدار وأصل ثالث نري ضرورة التعرو له ألنه ً عليها ف ي الحكم على األقوال واألعمال ،وسبق أن أشرنا إلى ذلـك األصـل عنـد تعريفنـا كافر وال يحكم بردته إذا ما نطق بها معنى الكفر فقلنا إن الناطق بكلمة الكفر ال يعتبر ًا مكرًها ،وكذلك من عمل عمال أتـى الـنا بـأن فاعلـه ينتفـي عنـه اسـم اإليمـان فإنـه ال
يحكم بكفره وال بردته إذ عمل ذلك العمل مكرًها.
أيضا شرطنا الحرية واالختيار فـيمن جهـر بأنـه يريـد التحـاكم إلـى وتطبي ًقا لهذا األصل ً وتوضيحا لذلك األصل الهام الذ يعتبر مـن الركـا ز غير شريعة اهلل تعالى التي بلغته ً
التي تبنى عليها األحكام في الشريعة اإلسـالمية ،نعـود فنـورد اريـة الكريمـة التـي مـن ِ ِ ِ ـه ُم ْط َمـ ِن ِب ِ يم ِ ـان َوَل ِكـن إيم ِان ِه إِالَّ َم ْـن أُ ْك ِـرهَ َوَق ْل ُب ُ اإل َ سورة النحلَ ﴿ :من َك َف َر ِباهلل من َب ْعد َ ِ ضــب ِّمـ َ ِ ـيم﴾ (النحــل :اريــة َّمــن َ ـن اهلل َولَ ُهـ ْـم َع ـ َذ ٌ صـ ْـد ًار فَ َعلَـ ْـي ِه ْم َغ َ ٌ شـ َـر َ ِبــا ْل ُك ْف ِر َ اب َعئـ ٌ .)611
فالنا واضح في استثنا إلحاق حكم الكفر بمن صدر عنه وهو مكره ما كان يعتبر مرتدا ولو لم يكن مكرًها ،والنا عام مطلق يشمل كل ما ينفي عن المسلم به ًا كافر ً اسم اإليمان من قول وعمل. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
97
قــال أبــو عبــد اهلل محمــد بــن أحمــد األنصــار القرطبــي فــي تفســيره "الجــامع ألحكــام
القرآن"" :إن هذه ارية نزلت في عمار بن ياسر وقال إن ابن عباس رضي اهلل عنهمـا
عمـار – المشـركون وأخـذوا أبـاه وأمـه سـمية ًا قال في ذلك :أخذه – أ وصـهيبا وبـالالً ً وسالما ،وربطت سمية بين بعيرين ووج قبلهـا بحربـة ،وقيـل لهـا إنـك أسـلمت وخبابا ً ً
من أجل الرجـال فقتلـت وقتـل زوجهـا ياسـر وهمـا أول قتيلـين فـي اإلسـالم ،وأمـا عمـار
فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرًها فشكا ذلك إلـى رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – فقال له رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – "كيف تجد قلبك" فقال :مطمـ ن باإليمـان
أيضا أن فقال رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم " :-فإن عادوا فعد" ،وروي القرطبي ً عيوًنا لمسيلمة أخذوا رجلين من أصحاب رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – فذهبوا محمدا رسول اهلل؟ قال :نعم ،قال :أتشهد بهما إلى مسيلمة ،فقال ألحدهما :أتشهد أن ً محمدا رسول اهلل؟ قال: أني رسول اهلل ،قال :نعم ،فخلى عنه ،وقال لآلخر :أتشهد أن ً
نعم ،قال :أتشهد أني رسول اهلل ،قال :أنا أصم ال أسـمع ،فقدمـه وضـرب عنقـه ،فجـا
األول إلــى رســـول اهلل – صـــلى اهلل عليــه وســـلم – فقـــال :هلكــت فقـــال عليـــه الصـــالة
والسالم" :وما أهلكـك؟" فـذكر الحـديث ،قـال عليـه الصـالة والسـالم" :أمـا صـاحبك فأخـذ بالثقة" وفي رواية " :أما صاحبك فمضى على إيمانـه وأمـا أنـت فأخـذت بالرخصـة علـى ما أنـت عليـه السـاعة قـال الرجـل :أشـهد أنـك رسـول اهلل ،قـال عليـه الصـالة والسـالم:
"أنت على ما أنت عليه" واستطرد القرطبي قا ال :لما سمح اهلل عـز وجـل بـالكفر بـه – مـل العلمـا عليـه فـروع الشــريعة وهـو أصـل الشـريعة – عنـد اإلكـراه ولـم يؤاخــذ بـهَ ،ح َ كلها ،فإذا وقع اإلكراه عليها لم يؤاخذ به ولم يترتب عليه حكم ،وقال ذهبت طا فة من العلما إلى أن الرخصة في القول أو الفعل فال رخصة فيـه مثـل اإلكـراه علـى السـجود
لغير اهلل أو والصالة لغير القبلة أو قتل مسلم أو ضربه أو أكل ماله أو الزنا أو شـرب
الخمر وأكـل الربـا وذهبـت طا فـة أخـري مـن العلمـا مـنهم عمـر بـن الخطـاب ومكحـول ومالك وطا فة من أهل العراق إلى أن اإلكراه في الفعل والقول سوا إذا أسر اإليمان.
ثم قال القرطبي :أجمع العلما علـى أن مـن أكـره علـى الكفـر فاختـار القتـل أنـه أعئـم أجر عند اهلل ممن اختار الرخصة ،واختلفوا فيمن أكره على غيـر الكفـر مـن فعـل مـا ال ًا موقع مصر أوالً www.egypt1.info
98
يحل له ،فقال أصحاب مالك :األخذ بالشدة في ذلك واختيار القتل والضرب أفضـل عنـد اهلل من األخذ بالرخصة ،وذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنه إذا تهدد بقتل أو قطـع أو ضرب يخاف منه التلـف فلـه أن يفعـل مـا أكـره عليـه مـن شـرب خمـر أو أكـل خزيـر
آثما ألنه كالمضطر ،وقال القرطبـي :روي خبـاب فإن لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون ً بن األرت قال :شكونا إلى رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – وهـو متوسـط بـردة لـه
فــي ئــل الكعبــة فقلــت :أال تستنصــر لنــا أال تــدعو لنــا؟ قــال" :قــد كــان مــن قــبلكم يؤخــذ الرجـل فيحفـر لـه فـي األرو فيجعـل فيهـا فيجـا بالمنشـار فيوضـع علـى رأسـه فيجعــل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعئمه فمـا يصـده ذلـك عـن دينـه ،واهلل ليـتمن اهلل هــذا األمـر حتــى يسـير الراكــب مـن صــنعا إلـى حضــرموت ال يخــاف إال اهلل
والذ ب على غنمه ولكنكم تستعجلون" وعقـب القرطبـي علـى لـك بقولـه :فوصـفه صـلى اهلل عليه وسلم هذا عن األمم السابقة على وجه المد لهم والصبر على المكـروه فـي ذات اهلل وأنهم لم يكفروا في الئاهر ويبطنوا اإليمان ليدفعوا العذاب عن أنفسهم ،وهذه
حجة من آثر الضرب والقتل والهوان على الرخصة. أيضــا :أجمــع العلمــا علــى أن مــن أكــره علــى قتــل غيــره أنــه ال يجــوز وقــال القرطبــي ً اإلقدام على قتله وال انتهاك حرمته بجلد أو غيره ،ويصـبر علـى الـبال الـذ نـزل بـه، وال يحل له أن يفد نفسه بغيره ويسأل اهلل العافية في الدنيا وارخرة. أيضـا :اختلــف العلمــا فـي حــدود اإلكـراه فــرو عــن عمـر بــن الخطــاب وقـال القرطبــي ً رضي اهلل عنـه أنـه قـال :لـيس الرجـل آم ًنـا إذا خفتـه أو ووثقتـه أو ضـربته ،وقـال ابـن متكلما بـه ،وقـال الحسـن :التَّ ِقيـة جـا زة مسعود ما من كالم يدرأ عني سوطين إال كنت ً للمــؤمن إلــى يــوم القيامــة إال أن اهلل تبــارك وتعــالى لــيس يجعــل فــي القتــل تقيــة ،وقــال النخعي :القيد إكراه والسجن إكراه وهذا قول مالـك إال أنـه قـال :والوعيـد المخـوف إكـراه
وان لــم يقــع إذا تحقــق ئلــم ذلــك المعتــد وانفــاذه لمــا يتوعــد بــه ،ولــيس عنــد مالــك
وأصحابه في الضرب والسجن توقيت ،إنما هو ما كان يؤلم مـن الضـرب ومـا كـان مـن
سجن يدخل فيه الضيق على المكره ،وذهب مالك إلى أن من أكره على يمين بوعيد أو
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
99
وسجن أو ضرب أنه يحلف وال حنث عليه وهو قـول الشـافعي وأحمـد وأبـي ثـور وأكثـر العلما " انتهى. والحق أن النصوا من الكتـاب والسـنة جـا ت مطلقـة وعامـة وشـاملة ومقـررة ألصـل
ص َـل لَ ُكـم َّمـا عام في الشريعة كلها ،مقتضاه رفع اإلثم عن المكره ،قال تعـالىَ ﴿ :وقَ ْـد فَ َّ اض ـطُ ِرْرتُ ْم إَِل ْيـ ِـه﴾ (األنعــام :مــن اريــة .)669وقــال عليــه الصــالة َحـ َّـرَم َع َلـ ْـي ُك ْم إِالَّ َمــا ْ
والســالم" :عفــي ألمتــي عــن الخطــأ والنســيان ومــا اســتكرهوا عليــه" [المحلــى :جـــ 2ا .]994
ومـن األصــول المقـررة أن العــام يحمـل علــى عمومـه إال فيمــا ورد فيـه نــا أو إجمــاع
باستثنا ه ،فإذا أورد نا أو إجماع بـأن اإلكـراه ال يرفـع اإلثـم عـن عمـل معـين ،كقتـل الغير أو انتهاك حرمته ،أو عن قول معين ،صرنا إليه وقلنا به. وفي ذلـك يقـول اإلمـام أبـو محمـد علـي بـن أحمـد بـن حـزم[ :المحلـى :جــ 1ا:]929
اإلكراه ينقسم قسمين :إكراه على كالم واكراه على فعل ،فاإلكراه على الكالم ال يجب به
شي وان قاله المكره كالكفر والقذف واإلقرار والنكا واإلنكا والرجعة والطالق والبيع واالبتياع والنذر واإليمان والعتق والهبة ،واكراه الذمي الكتابي على اإليمان وغير ذلك، ألنـه فــي قولـه مــا أكــره عليـه إنمــا هـو حــاك للفــئ الـذ أمــر أن يقولـه وال شــي علــى
الحاكي بال خـالف ،ومـن فـرق بـين األمـرين فقـد تنـاقو قولـه ،وقـد قـال رسـول اهلل –
صلى اهلل عليه وسلم –" :إنما األعمال بالنيات ولكل امـر مـا نـوي" فصـح أن كـل مـن مختار له ،فإنه ال يلزمه. ًا أكره على قول ولم ينوه واإلكـراه علـى الفعـل ينقسـم قسـمين :أحـدهما :كـل مـا تبيحـه الضـرورة كاألكـل والشــرب
فهذا يبيحه اإل كراه ألن اإلكراه ضرورة ،فمن أكره على شـي مـن هـذا فـال شـي عليـه مباحا له إتيانه. ألنه أتى ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
111
والثاني :ما ال تبيحه الضـرورة كالقتـل والجـرا والضـرب وافسـاد المـال ،فهـذا ال يبيحـه محرمــا عليــه اإلك ـراه فمــن أكــره علــى شــي مــن ذلــك لزمــه القــود والضــمان ألنــه أتــى ً إتيانه. اها وعرف بالحس أنه إكراه ،كالوعيد بالقتل ممن واإلكراه هو كل ما سمي في اللغة إكر ً ال يؤمن منه إنفاذ ما توعد به ،والوعيد بالضرب كذلك أو الوعيد بالسجن كذلك أو الوعيد بإفساد المال كذلك ،أو والوعيد في مسلم وغيره بقتل أو ضرب أو سجن أو
إفساد مال لقوله عليه الصالة والسالم" :المسلم أخو المسلم ال يئلمه وال يسلمه" وقال اضطُ ِرْرتُ ْم إَِل ْي ِه﴾ (األنعام :من ارية )669 تعالىَ ﴿ :وقَ ْد فَ َّ ص َل َل ُكم َّما َحَّرَم َع َل ْي ُك ْم إِالَّ َما ْ وقال تعالى﴿ :فَم ِن ْ ِ صة َغ ْي َر ُمتَ َج ِانف ِإل ثْم﴾ (األنعام :من ارية .)9 اضطَُّر في َم ْخ َم َ َ فــإن قيــل :هــال أبحــتم قتــل الــنفس للمكــره والزنــا والج ـرا والضــرب وافســاد المــال بهــذا االستدالل؟ قلنـا :ألن الــنا ال يبــيح لــه قــط أن يــدفع عــن نفســه بئلــم غيــره ممــن لــم يتعــد عليــه، بـر َوالتَّ ْق َـوي َوالَ ـاونُوا َعلَـى ا ْل ِّ وانما الواجب عليه دفع الئالم أو قتله لقولـه تعـالىَ ﴿ :وتَ َع َ ـاوُنوا َع َلــى ِ اإل ثْـ ِـم َوا ْل ُعـ ْـد َو ِ ان﴾ (الما ــدة :مــن اريــة )2ولقــول رســول اهلل – صــلى اهلل تَ َعـ َ منكر فليغيـره بيـده إن اسـتطاع فـإن لـم يسـتطع فبلسـانه عليه وسلم " :-من رأي منكم ًا فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان ،ليس ورا ذلك مـن اإليمـان شـي " فصـح
أنه لم يبح له قط العون على الئلم ال لضرورة وال لغيرها ،وانما فسح له إن عجز فـي
أال يغيــر بيــده وال بلســانه وبقــي عليــه التغييــر بقلبــه والبــد ،والصــبر لقضــا اهلل تعــالى
فقط" انتهى. وممــا ورد الــنا فيــه بــأن اإلك ـراه إذن ال يبيحــه "عقــد القلــب" أ التصــديق واطم نــان ـه ُم ْط َمـ ِن ِب ِ يم ِ ـان﴾ (النحـل :مـن اريـة )611 النفس ،قـال تعـالى﴿ :إِالَّ َمـ ْن أُ ْك ِـرهَ َوَق ْل ُب ُ اإل َ فقطع النا بأن تحول القلب غير معفو عنه وان وقع اإلكراه ،فـاإلكراه ال يبـيح تحـول ِ ضــب ِّمـ َ ِ ـيم﴾ القلــبَ ﴿ :ولَ ِكــن َّمــن َ ـن اهلل َولَ ُهـ ْـم َع ـ َذ ٌ صـ ْـد ًار فَ َعلَـ ْـي ِه ْم َغ َ ٌ شـ َـر َ ِبــا ْل ُك ْف ِر َ اب َعئـ ٌ (النحل :من ارية .)611 موقع مصر أوالً www.egypt1.info
111
وتحــول القلــب وانشـرا الصــدر ،عمــل الــنفس الــذ ال يطلــع عليــه ويعــرف حقيقتــه إال المولى عز وجل الذ يعلم ما توسوس به النفس وما تخفي الصدور ثـم إن كـل امـر
يعرف حقيقة ما في قلبه ،أما نحن البشـر فلـيس لنـا إال الئـاهر ،وال سـبيل لنـا للتثبـت
من حقيقة ما ف ي قلب الغيـر ،فـإذا وجـدت حالـة اإلكـراه وجـب علينـا عـدم إيقـاع الحكـم الشرعي باإلثم على قول المكره وفعله إال ما ورد نـا أو إجمـاع باسـتثنا ه ،وسـريرته
موكولة إلى البار جل شأنه. وكذلك فإنه لم يرد إلينا نا يحدد اإلكراه أو قدره ،فالنا بذلك محمول على عموم ما يقع عليه اسم اإلكراه في اللغة. قال صاحب القاموس المحيط :االضطرار :االحتيا إلى الشي . واضطره إلى الشي :أحوجه إليه وألجأه إليه ،واضطره على األمر :أكرهه عليه. قهـرا ،وكـره وتكـاره وقال صاحب القاموس المنجـد :أكـره فال ًنـا علـى األمـر :حملـه عليـه ً كريها أو عده كذلك. األمر :لم يرضه ،واستكره الشي ،وجده ً ومن هذا التعريف اللغو الذ هو مطـابق لمـا أسـلفناه مـن أقـوال الصـحابة والتـابعين
وكبــار فقهــا اللغــة والــدين نقــول بحــق ،إن كــل مــا يقــع علــى الشــخا مــن ضــروب اإليذا أو التهديد باإليذا في النفس أو المال على شخصه أو على مسلم غيره ،ممـا
تضيق به النفس وتكرهه وال تجد قدرة على تحمله ،يندر في اللغـة تحـت اسـم اإلكـراه أو االضـطرار ،وذلــك يختلـف مــن شـخا إلــى آخـر ،كــل حسـب مــا وهبـه اهلل مــن قــدرة
وطاقة وقوة واحتمال ،واهلل عز وجل هو والمطلع على الس ار ر العالم بحقيقة ما اخـتلج
بقلــب كــل مخلــوق ،ولــيس لنــا نحــن البشــر إال ئــاهر الح ـال ،فمتــى وجــدت حالــة مــن األحوال التي قد تكون مدعاة للخوف من األذي واإلضرار بـالنفس أو المـال ،لـم يسـعنا
إال االمتثال إلى شريعة اهلل وعدم مؤاخذة الواقع فيها بمـا صـدر عنـه مـن قـول أو فعـل
إال ما استثنى بنا أو إجماع ،ونحن وهو عا دون – بال ريب – إلى خالقنا ومصورنا
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
112
جل ش أنه ،واقفون بين يديه في يوم ال ينفع فيـه كـذب وال ادعـا وال مـال وال بنـون إال من أتى اهلل بقلب سليم. الصبر أولى وأحب: وقــد نـــدبنا اهلل تعـــالى للصـــبر والثبــات والعمـــل علـــى إعـــال كلمــة الحـــق والجهـــر بهـــا
والتمكين لها ودفع المئالم ورد البغي والعدوان ،وجعـل للعـاملين فـي سـبيل ذلـك أعئـم
األجــر وأعلــى درجــات الرفعــة عنــده فــي جنــات النعــيم ،واذا كــان حــديث الرســول عليــه
الصــالة والســالم الــذ رواه القرطبــي يمتــد األمــم الســابقة لثباتهــا وصــبرها رغــم مــا أصــابها مــن عــذاب وتنكيــل فــإن القـرآن الكــريم قــد ضــرب لنــا األمثــال الحيــة علــى ذلــك
وعــرو علينــا أوفــى العــرو مــا يبعثــه اإليمــان فــي القلــب العــامر مــن شــجاعة وصــبر وتحمل وتضحية كما عرو علينا اهلل سبحانه وتعالى النتيجة الالزمة التي وعدها من
مخلصـا فـي ذلـك كـل صدق وصبر واستمسـاك بحبـل اهلل تعـالى با ًعـا "الفانيـة بالباقيـة" ً انكسـار ورضـا ً ب َق َـد ِرِه تعـالى ،وضـرب لنـا ًا وخشـوعا و نيته لوجهه تعالى طاعـة وامتثـا ًال ً
تعالى مثالً بالرجل الذ جا من أقصى المدينة يسعى لنصرة الحق واعال كلمـة اهلل، ون * َو َما لِ َي الَ َج ًار َو ُهم ُّم ْهتَ ُد َ سأَلُ ُك ْم أ ْ سلِ َ ين * اتَِّب ُعوا َمن الَّ َي ْ يقولَ ﴿ :يا قَ ْوِم اتَِّب ُعوا ا ْل ُم ْر َ ضٍّر الَّ تُ ْغ ِن َع ُب ُد الَّ ِذ فَ َ ون * أَأَتَّ ِخ ُذ ِمن ُدوِن ِه آلِ َه ًة إِن ُي ِرْد ِن َّ ط َرِني َوِا َل ْي ِه تُْر َج ُع َ أْ الر ْح َم ُن ِب ُ ضالَ ل ُّم ِبين﴾ (يس :اريات )24 :21 اعتُ ُه ْم َ َع ِّني َ ش ْي ًا َوالَ ُي ْن ِق ُذ َ ون * إِِّني إِ ًذا لَّ ِفي َ شفَ َ
ِ اس َم ُع ِ ـت قَ ْـو ِمي يل ْاد ُخ ِـل ا ْل َج َّنـ َة قَ َ ون﴾ (يس :ارية ِ ﴿ )21ق َ ـال َيـا لَ ْي َ آم ُ نت ِب َرِّب ُك ْم فَ ْ ﴿إ ِّني َ ين﴾ (يس :اريـات ،)21 :21وضـرب ون * ِب َما َغ َف َر لِي َرِّبي َو َج َع َل ِني ِم َن ا ْل ُم ْك َرِم َ َي ْع َل ُم َ اهلل لنا مثالً آخر بمؤمن آل فرعون الذ كان يكتم إيمانه ثم هـب لنصـرة موسـى عليـه
ـون َر ُجـالً دفاعا عن الحق واعال لكلمـة اهلل ،ابتغـا مرضـات اهلل قـا ال﴿ :أَتَ ْقتُلُ َ السالم ً ـول رِّبــي اهلل وقَـ ْـد جــا ُكم ِبا ْلب ِّي َنـ ِ ـه َوِان َي ـ ُك ـات ِمــن َّرِّب ُكـ ْـم َوِان َي ـ ُك َك ِاذ ًبــا فَ َع َل ْيـ ِـه َك ِذ ُبـ ُ أَن َيقُـ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ و الَّ ِذ ي ِع ُد ُكم إِ َّن اهلل الَ يه ِد م ْن ُهو مس ِـر ٌ َّ ص ِادقًا ي ِ اب * َيـا قَ ْـوِم لَ ُك ُـم ص ْب ُك ْم َب ْع ُ ف َكـذ ٌ ُ َ َْ َ َ ُ ْ َ َ ْ ْس ِ ا ْلم ْل ُك ا ْليوم ئَ ِ نص ُرَنا ِمن َبـأ ِ ين ِفي األ َْر ِ اهلل إِن َجا َ َنـا﴾ (غـافر :اريـات اه ِر َ و فَ َمن َي ُ ُ َْ َ َهـ ِـدي ُك ْم إِ َّال ـر متجبـ ًا ،)29 :21فلمــا نــادي فرعــون متكبـ ًا ـرَ ﴿ :مــا أ ُِري ُكـ ْـم إِ َّال َمــا أ ََري َو َمــا أ ْ ش ِاد﴾ (غافر :من ارية ،)29لـم يـزد ذلـك المـؤمن إال إيما ًنـا بدعوتـه واصـر ًا ار يل َّ س ِب َ الر َ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
113
اف َع َل ْي ُكم ِّم ْث َل على تبليغها واعالنها وتحذير قومه من خشية غير اهلل قا ال﴿ :إِِّني أ َ َخ ُ اب * ِم ْث َـل َدأ ِ َح َز ِ يـد ئُْل ًمـا ين ِمـن َب ْع ِـد ِه ْم َو َمـا اهللُ ُي ِر ُ ْب قَ ْـوِم ُنـو َو َعـاد َوثَ ُم َ ـود َوالَّ ِـذ َ َي ْوِم األ ْ ين ما لَ ُكم ِّم َن ِ اهلل ِم ْـن لِّ ْل ِع َب ِاد * َوَيا قَ ْوِم إِِّني أ َ َخ ُ اف َعلَ ْي ُك ْم َي ْوَم التََّن ِاد * َي ْوَم تَُولُّ َ ون ُم ْد ِب ِر َ َ ع ِ ـه ِم ْـن َهـاد﴾ (غـافر :اريـات ،)99 :91ثـم كانـت النتيجـة ُّضلِ ِل اهللُ فَ َما َل ُ اصم َو َمن ي ْ َ ـاق ِبـ ِ ِ ﴿فَوقَــاه اهلل سـ ِّـي َ ِ ســو ُ ا ْل َع ـ َذ ِ اب﴾ (غــافر :اريــة ،)41 ات َمــا َم َكـ ُـروا َو َحـ َ ـآل ف ْر َعـ ْـو َن ُ ُ ُ َ َّا ِب ُك ْـم أَن سـ َن َي ْي ِن َوَن ْح ُ َّص َ ـون ِب َنـا إِالَّ إِ ْح َـدي ا ْل ُح ْ ـن َنتَ َـرب ُ وصدق اهلل العئيمُ ﴿ :ق ْل َه ْل تََرب ُ ِ ِ ِِ ِ ـون﴾ (التوبـة :اريـة ص َ ُيص َ َّصـوا إَِّنـا َم َع ُكـم ُّمتََرِّب ُ يب ُك ُم اهللُ ِب َع َذاب ِّم ْن ع ْنده أ َْو ِبأ َْيـدي َنا فَتََرب ُ .)12 وامتد اهلل عز وجل الصابرين العاملين وأرشدنا اهلل تعالى إلى طريق االسـتقامة علـى الص ْـب ِر و َّ ِ ِ ـع َّ ين * َوالَ الصـا ِب ِر َ ُّها الَّ ِذ َ اهلل َم َ آمنُـوا ْ ذلك قالَ ﴿ :يا أَي َ اسـتَعينُوا ِب َّ َ الصـالَة إِ َّن َ ين َ يل ِ ِ ِ س ِب ِ ـي َح َيـا ٌ َوَل ِكـن الَّ تَ ْ ون * َوَل َنْبلُ َـوَّن ُك ْم ِب َ اهلل أ َْم َو ٌ ش ُـع ُر َ ات َب ْـل أ ْ تَقُولُوا ل َمن ُّي ْق َت ُل في َ شْ س والثَّمر ِ ِ ِ ات َوَب ِّ ين إِ َذا ش ِر َّ ين * الَّ ِـذ َ الصا ِب ِر َ ِّم َن ا ْل َخ ْوف َوا ْل ُجوِع َوَن ْقا ِّم َن األ َْم َوال َواألنفُ ِ َ َ َ
صــيب ٌة َقــالُوا إَِّنــا ِ ِ هلل َوِا َّنــا إَِل ْيـ ِـه ر ِ ات ِّمــن َّرِّب ِهـ ْـم ـون * أُوَل ِـ َ ص ـ َل َو ٌ اج ُعـ َ ـاب ْت ُهم ُّم َ َصـ َ ـك َع َلـ ْـي ِه ْم َ أ َ َ ين ون﴾ (البقـرة :اريـات ،)611 :619وقـال عـز وجـل﴿ :الَّ ِـذ َ َوَر ْح َم ٌة َوأُوَل ِ َك ُه ُم ا ْل ُم ْهتَ ُـد َ
ش ْو ُه ْم فَ َز َ ِ اس إِ َّن َّ ال لَ ُهم َّ س ُـب َنا اهللُ َوِن ْع َـم اس قَ ْد َج َم ُعوا لَ ُك ْم فَ ْ اخ َ يما ًنا َوقَالُوا َح ْ الن َ الن ُ اد ُه ْم إ َ قَ َ ُ ـه ِرِّبي َ ِ يـر َف َمـا َو َه ُنـوا ـي َق َ ا ْل َو ِكي ُل﴾ (آل عمران :ارية َ ﴿ ،)619و َكأ َِّين ِّمن َّن ِب ٍّ ات َـل َم َع ُ ُّـون َكث ٌ يل ِ ِ ِ سـ ِب ِ ـان اسـتَ َكا ُنوا َواهللُ ُي ِح ُّ ـب َّ ين * َو َمـا َك َ الصـا ِب ِر َ اهلل َو َمـا َ ض ُـعفُوا َو َمـا ْ َص َاب ُه ْم في َ ل َما أ َ ِ ص ْـرَنا َعلَـى س َا ـرفَ َنا ِفـي أ َْم ِرَنـا َوثَِّب ْ ـت أَق َ قَ ْولَ ُه ْم إِالَّ أَن قَالُوا َرَّب َنا ا ْغف ْر لَ َنا ُذنُ َ وب َنا َوِا ْ ام َنا َوا ْن ُ ْـد َ ِ ِ ِ ِ ِ يرةً ا ْل َق ْوِم ا ْل َكاف ِرين﴾ (آل عمران :اريات َ ﴿ ،)641 :641كم ِّمن ف َة َقلي َلة َغ َل َب ْت ف َ ًة َكث َ ْن ِ ِبِإذ ِ الصا ِب ِرين﴾ (البقرة :من ارية ،)249وحـذرنا عليـه الصـالة والسـالم اهلل َواهللُ َم َع َّ فقـــال " :لتـــأمرن بـــالمعروف ولتنهـــون عـــن المنكـــر أو ليعمـــنكم اهلل بعـــذاب مـــن عنـــده" ِ ِ ـيب َّن [الفصل البـن حـزم :ا 611مـن هـذا البحـث] ،وقـال تعـالىَ ﴿ :واتَّقُـوا ف ْت َنـ ًة َال تُص َ اصة﴾ (األنفال :من ارية .)21 ئ َل ُموا ِم ْن ُك ْم َخ َّ ين َ الَّ ِذ َ
والحــق أن ســنن الحيــاة تؤكــد لنــا أن الــدعوات واألمــم إنمــا تنتصــر ويعلـوا شــأنها بمــن
يسخرهم اهلل عز وجل بفضله ورحمته من الصادقين الصابرين الثـابتين الـذين يشـرون موقع مصر أوالً www.egypt1.info
114
الحياة الدنيا بارخرة والذين يبغون في كل قول وعمل وجه اهلل تعـالى :وال يخـافون فـي ـه ْم اهلل ا ْ شتََري ِم َن ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ سُ ين أَْنفُ َ الحق لومة ال م أو ذهاب دنيا أو وضياع جاه﴿ :إِ َّن َ ـون ِرســاالَ ِت ِ اهلل َوأ َْمـ َـوالَ ُه ْم ِبــأ َّ َن لَ ُهـ ُـم ا ْل َج َّنــة﴾ (التوبــة :مــن اريــة ﴿ ،)666الَّ ِــذ َ ين ُيَبلِّ ُغـ َ َ ِ ِ ش ْو َن أ َ َّ يبا﴾ (األحزاب :ارية .)99 ش ْوَن ُه َو َال َي ْخ َ َوَي ْخ َ اهلل َو َك َفى ِباهلل َحس ً َح ًدا إِال َ األصول الثالثة السابقة مجمع عليها: ثم نقول بعون اهلل :إن األصول الثالثة التي قدمنا شرحها وهي الجهل والخطأ واإلكراه
أو االضطرار هي أصول أجمع على صحتها علما المسلمين وفقهـاؤهم فلـم يشـذ أحـد
عن شرعيتها ووجوب اعتبارها ،وان حـدث بعـو االخـتالف فـي التعريـف بهـا أو مـدي ارثار المترتبة عليها وهي أحكام شرعية يتعين على من جلس مجلس القضا إلجـرا
ويعمـل آثارهـا مـن تلقـا نفسـه ،وحتـى ولـو لـم أحكام الشريعة علـى العبـاد أن يراعيهـا ُ يدفع بها الشخا عن نفسه ،ولو جهل أنها مقررة شر ًعا وجهـل مـا يترتـب عليهـا مـن
آثار.
الفرق بين عمل القاضي وعمل الداعية: ولذلك نقول بحق إن الفرق كبير وخطير بين عمل الداعية وعمل القاضي فهذا األخير
منشغل بإجرا األحكام الشرعية وتطبيقها على وقا ع فردية يحققها ويسـتجلي مشـكلها ويستوضـح غامضـها ويتثبـت ممـا دق مـن جوانبهـا وخفـي مـن أحـداثها ويسـمع شــهود الحال ،ويطلـع علـى الوثـا ق واألوراق ويفسـح ألطـراف الخصـومة المجـال أن يـدلي كـل
وتقوم البينات ،ثم هو بعد استنفاذ منهم بحجته ،كل ذلك طب ًقا لنئم مقررة تحدد األدلة ِّ ذلك كله واستفراغ جميع جهده يطبق حكم اهلل تعالى على ما ثبت لديه من وقا ع.
وقد أدبنا سيد قضاة األ رو عليه الصالة والسالم في ذلك بأسـمى وأجـل مـا يتعـين أن
يكون عليـه القاضـي مـن حـرا واسـتيثاق واسـتجال للواقعـة المعروضـة محـالً للحكـم
الشرعي – أخر مسلم عن سليمان بن يزيد عـن أبيـه قـال :جـا مـاعز بـن مالـك إلـى
رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسـلم – فقـال :طهرنـي ،قـال عليـه السـالم" :ويحـك ارجـع موقع مصر أوالً www.egypt1.info
115
استغفر اهلل وتب" قال :فرجع غير بعيد ثـم جـا فقـال :يـا رسـول اهلل طهرنـي ،فقـال لـه مثــل ذلــك حتــى إذا كانــت الرابعــة قــال لــه رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم" :فــيم
أطهرك؟" قال :من الزنا ،قال رسول اهلل – صلى اله عليه وسلم "أبه ِج َّنة؟" فـأخبر أنـه لــيس بمجنــون ،وفــي روايــة أنــه عليــه الســالم أرســل إلــى قومــه فقــال" :أتعلمــون بعقلــه
بأســا؟ أتنكــرون منــه شــي ًا" فقــالوا :مــا نعلمــه إال وفــي العقــل مــن صــالحينا ،قــال عليــه ً الصــالة والســالم" :أشــرب خمـ ًـرا؟" فقــام رجــل فاســتنكهه فلــم يجــد ريــح الخمــر ،فقــال لــه رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم" :أزنيت؟" قال :نعم وفـي روايـة ابـن عبـاس للواقعـة أنه عليه الصالة والسالم قال لماعز" :ويحك لعلك قبلت أو غمـزت أو نئـرت" قـال :ال، فـأمر عليــه الصــالة والسـالم بــه فــرجم ،وفـي واقعــة األســلمي سـأله عليــه الســالم" :هــل
اما مثـل مـا يـأتي الرجـل مـن أهلـه حـال ًال" [انئـر تدر ما الزنا؟ قال :نعم أتيت منها حر ً الواقعتين وأسانيدهما بالمحلى :جـ 66ا .]616-611 فهذا رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – يتثبـت قبـل إنفـاذ الحكـم الشـرعي مـن حجـة إقرار المقر – واإلقرار هو سيد األدلة وأقواها ،وكل دليل آخر دونه فـي القـوة – ويتأكـد مـن فهــم المقــر للمعنــى الشــرعي لكلمــة الزنــا وأنـه غيــر جاهــل بــه وال مخطـ فيــه كمــا يتثبــت مــن ســالمة عقلــه وأنــه حــال إقـراره عــالم عاقــل لمــا يقــر ويعتــرف بــه ،ال يشــوب
عقله آفة دا مة أو عارضة طار ة. تطبيقات مختلفة لألصول السابقة: ونحن بعد أن قدمنا البراهين من كتاب اهلل والثابت الصحيح من أحاديث الرسول عليـه
الصالة والسالم على ثبوت تلك األصول الثالثة وحكم كل منها ،نـورد بعـون اهلل تعـالى تطبيقات مختلفة لها وقا عها تخا أجلة صـحابة رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – والتابعين وكبار فقها األمة. فهـــذا أول الخلفـــا الراشـــدين رضـــوان اهلل علـــيهم ،جهـــل حكـــم وجـــوب إجـــال اليهـــود
والنصاري والمجوس عن جزيرة العرب طوال سـنوات خالفتـه ،ومـات رضـوان اهلل تعـالى عليه وهو مقر لهم بها ،وتابعه على ذلك أمير المؤمنين عمـر رضـي اهلل عنـه سـنوات موقع مصر أوالً www.egypt1.info
116
من خالفتـه حتـى بلغـه أمـر النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – فـي ذلـك فـأجالهم عنهـا واستقر إجماع المسلمين منذ ذلك التاريخ على أنه ال يجتمع بجزيرة العرب دينـان ولـم
أيضا فإن أبا بكر يختلف أحد في أن أبا بكر وعمر رضي اهلل عنهما لم يعصيا بذلك ،و ً الصديق رضي اهلل تعالى عنه لم يعرف فرو ميـراث الجـدة وعرفـه محمـد بـن مسـيلمة والمغيرة بن شعبة وقد سأل أبو بكر رضي اهلل عه عا شة أم المؤمنين :كم كفن رسول
اهلل – صلى اهلل عليه وسلم -؟. أيضا فإن أبا بكر رضي اهلل تعالى عنه سبى نسا المرتدين ،فلما كانـت واليـة عمـر ـ و ً رضي ااهلل عنه ـ رأي ومن معه من الصحابة عدم جـواز ذلـك واسـتقر الـرأ منـذ ذلـك الوقت على أن امرأة المرتد ال تسبى ،ولم يقـل أحـد أن أبـا بكـر رضـي اهلل عنـه قـد أثـم
لما فعل. وهذا عمر بن الخطاب استغلق عليه فهم آية الكاللـة وكـرر سـؤال رسـول اهلل – صـلى
اهلل عليه وسلم – عن معناها حتى عنفه الرسول عليه السالم لكثرة سؤاله وأخبـره أنـه أ عمر لن يفهمها. أيضا فإن عمر بن الخطاب رضي اهلل تعالى عنه لما بلغه القول بوفاة الرسـول عليـه و ً السالم هب قا الً" :واهلل ما مات رسول اهلل – صلى اهلل عليـه وسـلم – وال يمـوت حتـى
ـون﴾ (الزمـر: كالما هذا معناه حتى قر ت عليه﴿ :إَِّن َك َم ِّي ٌ ـت َوِا َّن ُهـم َّم ِّيتُ َ يكون آخرنا" أو ً ارية ،)91فسقط السيف من يده وخـر علـى األرو وقـال" :كـأني واهلل لـم أكـن قرأتهـا البتة" ثم هو يتوجه الغداة إلـى المسـجد وقـد اجتمـع النـاس لمبايعـة أبـي بكـر الصـديق رضي اهلل عنه فلما استوي أبو بكر على المنبر قام عمر فتشهد قبله ثم قال" :أما بعد
فإني قلت لكم باألمس مقالة وانها لم تكن كما قلت وانـي واهلل مـا وجـدت المقالـة التـي
قلت لكم في كتـاب اهلل وال فـي عهـد عهـده إلـي رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – ولكني كنت أرجو أن يعيا رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – حتى ُي ْـد ِبرنا ،فاختـار اهلل لرسوله الذ عنده على الذ عندكم ،وهذا الكتاب الذ هدي به رسوله فخذوا بـه
تهتــدوا بمــا هــدي لــه رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم ،-فهــذا عمــر رض ـوان اهلل موقع مصر أوالً www.egypt1.info
117
تعــالى عليــه فــي مســجد رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – وفــي حضــور جميــع حكمــا الصـحابة يقـول إنـه قـال قـوالً لـيس فـي كتـاب اهلل وال فـي سـنة رسـول اهلل وحكـم ً
ليس فيهما وأنه أخطأ فيما قال.
ولقــد صــح وثبــت عنــد جميــع أهــل العلــم أن المســلمين كــانوا بــأرو الحبشــة وبأقصــى
جزيرة العرب ،فنزل األمر من اهلل تعالى على رسوله – صلى اهلل عليه وسلم – بما لم امــا كــالخمر وامســاك يكــن فيــه قبــل ذلــك أمــر كالصــوم والزكــاة وتحــريم مــا لــم يكــن حر ً المشركات :فال شك أنه لم يأثم أحد منهم بتماديه على ما لم يعلم نزول الحكم فيه.
وكذلك كان ينزل األمر مما تقدم فيه حكم بخالف األمر النازل كتحويل القبلة عن بيت المقدس فال شك أنهم لم يأثموا ببقا هم على العمل المنسـوخ ،وحـدث هشـام بـن عـروة
عن أبيه عـن يحيـى بـن عبـد الـرحمن بـن حاطـب قـال" :تـوفى عبـد الـرحمن بـن حاطـب وأعتق من صلى من رقيقه وصام وكانت له نوبية قد صلت وصامت وهـي أعجميـة لـم
ثيبا ،فذهب إلى عمر بن الخطاب فحدثه فأرسل إليهـا تفقه فلم يرعه إال َحَبلُها ،وكانت ً عمر فسألها فقال :أحبلت؟ قالت :نعم ،من مرعوا بدرهمين ،واذا هي تسـتهله بـه وال
تكتمه فصادف عنده علـي بـن أبـي طالـب وعبـد الـرحمن بـن عـوف وعثمـان بـن عفـان
جالسـا فاضـطجع ،فقـال علـي وعبـد رضي اهلل عنهم فقال :أشيروا علـي ،وكـان عثمـان ً الرحمن :قـد وقـع عليهـا الحـد ،فقـال عمـر أشـر علـي يـا عثمـان ،قـال :قـد أشـار عليـك أخواك ،قال أشر علي أنت ،قال عثمان :أرها تستهل به كأنها ال تعلمه وليس الحـد إال
على من علمه ،فقال عمر لعثمـان :صـدقت ،والـذ نفسـي بيـده مـا الحـد إال علـى مـن
تأديبـا لهـا لقعودهـا عـن عاما ً علمه،ثم أمر عمر رضي اهلل عنه بجلدها ما ة وتغريبها ً السؤال عما يلزمها معرفته من أمر دينها" [األحكام :جـ 4ا ]619-616وهذه الواقعة
تتضمن:
-6اتفاق عمر وعثمان بحضرة علي وعبد الرحمن بن عـوف علـى أن الجاهـل معـذور
بجهله وال حد عليه فيما اقترفه غير عالم بتحريمه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
118
-2
خطأ علي وعبد الرحمن بن عوف فيما حكما به من استحقاق الجارية الحد دون
مالحئة جهلها. -9أن هذه األعجمية كانت من الجهل وعدم القدرة على الفهم حتى إنهـا لـم تـدرك أن الزنا محرم ،وهي محكوم بإسالمها ،أعتقت ألنها صلت وصامت ،ولم يتشـكك أحـد مـن الصحابة األربعة الكرام في إسالمها ولم يمتحنها أحد منهم ليعرف مدي فهمهـا لمعنـى
الشهادتين. -4
لم يقل أحد من الصحابة األربعة الكرام إنها ارتدت عن اإلسالم الرتكابها الزنا أو
مشهور من أحكام الشريعة. ًا عاما حكما ً لجهلها ً -1أن الجاهــل غيــر مؤاخــذ بالحــد لجهلــه ،قــد يــؤدب تعزيـ ًـرا لعــدم سـؤاله عمــا يلزمــه معرفته من أمر دينه. ونهى عمر رضـي اهلل تعـالى عنـه وهـو علـى المنبـر فـي مسـجد الرسـول عليـه الصـالة
والسالم عن التغالي في مهور النسا استدال ًال بمهور زوجات النبي – صلى اهلل عليه ـار﴾ (النسـا :مـن اه َّن ِق ْنطَ ًا وسلم – حتى ذكرته امرأة بقـول اهلل عـز وجـل ﴿ َوآتَْيـتُ ْم إِ ْح َـد ُ ارية )21فرجع عن نهيه. وأمــر رض ـوان اهلل عليــه بــرجم مجنونــة حتــى علــم بقــول رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وسلم – "رفع القلم عن ثالث" فأمر أال ترجم. وأمر عثمان عليه رضوان اهلل برجم التي ولدت لستة أشهر ،فذ ّكره علي بن أبي طالـب
شـ ْـه ًار﴾ (األحقــاف :مــن اريــة )61مــع قولــه صــالُ ُه ثَ َ ـون َ بقولــه تعــالىَ ﴿ :و َح ْملُـ ُ ال ثُـ َ ـه َوِف َ ضع َن أَوالَ َد ُه َّن حولَ ْي ِن َك ِ تعالى﴿ :وا ْلوالِ َد ُ ِ اع َة﴾ (البقرة: اد أَن ُي ِت َّم َّ املَ ْي ِن لِ َم ْن أ ََر َ الر َ ض َ َْ ات ُي ْر ْ ْ َ َ من ارية )299فرجع عن األمر برجمها.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
119
وخفـــي علـــى عمـــر بـــن الخطـــاب حـــديث لرســـول اهلل – صـــلى اهلل عليـــه وســـلم – فـــي
االســت ذان حتــى قــال :أخفــي علــي هــذا مــن أمــر الرســول – صــلى اهلل عليــه وســلم -؟ ألهاني الصفق في األسواق. وخفي على األنصار ِ وع ْلية المهـاجرين كعثمـان وعلـي وطلحـة والزبيـر وحفصـة وجـوب
أمـي المــؤمنين الغسـل مـن اإليـال إال أن يكــون أنـزل ،وخفـي علـى عا شــة وأم حبيبـة ّ وابن عمر وأبي هريرة وأبي موسى وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسا ر الجلة من
فقهـا المدينـة وغيـرهم نســخ الوضـو ممـا مسـت النــار[ .بالتفصـيل فـي األحكـام :جـــ6 ا ،11جـ 2ا 24في بيان سبب االختالف الواقع بين األ مة في صدر هذه األمة].
ال أهدي لرسـول اهلل – صـلى اهلل وروي القرطبي أن مسلم روي عن ابن عباس أن رج ً
عليه وسلم – راوية "قربة" خمر ،فقال له رسول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم " :-هـل فسـار الرجـل رجـالً آخـر ،فقـال لـه رسـول اهلل – صـلى علمت أن اهلل حرمها؟" قال :ال، ّ اهلل عليه وسلم " :-بم ساررته؟" قال :أمرته ببيعها ،قال رسول اهلل – صـلى اهلل عليـه
وسلم – "إن الذ حرم شربها حرم بيعها" ففتح الرجـل المـزادة "القربـة" حتـى أذهـب مـا فيها[ .الجامع ألحكام القرآن للقرطبي :جـ 1ا.]219 فهذا رجل ثبت لدي رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – حيازته للخمـر المحرمـة واذا
بدا له عليه الصالة والسالم أن الرجل لـم يعلـم بـاألمر النـازل بتحريمهـا ،لـم يقـم عليـه
تعزير وال عنفه سوا فيما يتعلق بحيازته الخمر أو بجهله باألمر. ًا حدا وال ً
أما التابعون ومن جا بعدهم من فقها األنصار كأبي حنيفة وسفيان وابـن أبـي ليلـى
الب ََني واألوزاعي والليث والشافعي وأحمد وابن جريج ومالك وابن الماجشون وعثمان ِّ
عـرف أو تُعـد بن حنبل وابن حزم وابن تيمية وغيرهم فاختالفـاتهم أشـهر وأكثـر مـن أن تُ َّ وكلهــم قــال :إذا صــح الحــديث فاضــربوا بقــولي عــرو الحــا ط ،والحــديث مــذهبي ،مقـ ًا ـر
بذلك بجهله ببعو الش ار ع واألوامر وكلهم بال شك قد أخطأ في بعو ما حكم بـه فـي
دين اهلل تعالى.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
111
نتا ج حتمية خطيرة: والحق أن القول "بأن من غابت عنه األوامر وجهـل الشـ ار ع فإنـه يكـون فاسـد العقيـدة كافر ليس بمسلم". ًا مقتضاه الحتمي بأنه ما كان مسلم على وجـه األرو فـي لحئـة مـا ،مـن حـين البعثـة
إلـى يومنـا هـذا سـوي المعصـوم الـذ علـم الشـ ار ع كلهـا بـال شـك ،أمـا مـن عـده عليـه الصالة والسالم فما من أحد إال غاب عنه شي من أحكام الشريعة وبعو من أوامـر
اهلل تعـــالى ،والمفـــرق بـــين بعـــو األوامـــر وبعضـــها ارخـــر وبعـــو األحكـــام الشـــرعية
حـدا مـن وبعضها ارخر من حيث وجوب العلم بها حتـى يكـون الشـخا مسـلما ،يحـد ً ً عنده ،ويحكم بغيـر مـا أنـزل اهلل ،ويتبـع فـي ذلـك هـواه ،إال مـا أجمـع عليـه المسـلمون
بنا ً على البرهان الثابت من حديث رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – مـن ضـرورة النطــق بشــهادة أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا رســول اهلل ،واإليمــان بمــا جــا بــه عليــه الصــالة والســالم جملــة وعل ـى الغيــب ،والشــهادة بــذلك تقتضــي العلــم بالمشــهود عليــه والبــد ،وأمــا مــا زاد علــى ذلــك فلــو جهلــه المــر كلــه فهــو معــذور بجهلــه غيــر كــافر وال
فاسق وال عاا. واإلجماع أن كل من كان في أقاصي األرو ولـم يبلغـه سـوي أن اهلل تعـالى قـد ابتعـث
رسو ًال اسمه محمد بـن عبـداهلل يـدعو النـاس أن يشـهدوا أن ال إلـه إال اهلل وأنـه رسـول اهلل وأن يؤمنوا بلسانه ثم مات لساعته وهو لـم يعلـم حكـم مـن لـم يصـدق الرسـول ولـم
ينطـق الشـهادتين ولـم يفكـر فـي ذلـك إطالقًــا ،وهـو ولـم يصـل إلـى علمـه أن اهلل تعــالى سوف يبعث الناس لـدار أخـري بعـد مـوتهم أو أن اهلل خلـق مال كـة أو سـبق أن أرسـل
كتابا ولم يعرف أن اهلل حرم أشيا وأحل أشـيا أو فـرو فـرا و أو حـد رسال أو أنزال ً ـدودا ،اإلجمــاع المؤكــد أن هــذا الشــخا مســلم مــؤمن مــات علــى اإلســالم واإليمــان، حـ ً مقطوع بأنه من أهل الجنة.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
111
أيضا فإنه ما من أحد بعد المعصوم عليه الصالة والسالم من الصحابة األجال وأ مة و ً ا لمسلمين وفقها هم المأمورين بالنذارة واالجتهاد ،ال وقد أخطأ في حكـم مـا مـن أحكـام الشريعة ،فليس بعد المعصوم عليه الصالة والسالم معصوم. وفقهـا وأقـل قـدرة علــى النئـر فـي األدلـة وأكثـر خطـأ فـي فهــم علمـا ً وعامـة النـاس أقـل ً وجلهم عاجز عـن النئـر فـي األدلـة جاهـل النصوا واستنباط األحكام الشرعية منهاُ ، بمعرفــة كيفيــة إقامــة الب ـراهين لمعرفــة الحكــم ،غيــر قــادر علــى الموازنــة بــين األق ـوال المتضاربة بشـأن كثيـر مـن األحكـام الشـرعية ،فلـو كـان الخطـأ فـي معرفـة حكـم اهلل أو
مخرجــا للمســلم عــن اإلســالم مهمــا صــحت نيتــه الخطــأ المــؤد للعمــل بغيــر حكــم اهلل ً وقصـد إلــى معرفـة اهلل واتباعــه ،لمــا وجـد دون المعصــوم عليــه الصـالة والســالم مســلم على اإلطالق. والقا ــل بالتفرقــة بــين خطــأ فــي حكــم دون حكــم ،قا ــل بــدعوي دون برهــان ومخصــا
لعموم حديث رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم " :-عفي ألمتي عن الخطـأ والنسـيان
وما استكرهوا عليه"" ،إذ اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجـر واذا اجتهـد وأصـاب فلـه أجـران" ِ ِ ِ ـوب ُك ْم﴾ يمـا أ ْ َخطَـأْتُ ْم ِبـه َولَكـن َّمـا تَ َع َّم َـد ْت ُقلُ ُ ولقول اهلل عـز وجـل﴿ :لَ ْـي َ س َعلَ ْـي ُك ْم ُج َنـا ٌ ف َ (األحـزاب :مــن اريــة ،)1إال مــا ورد الــنا صـراحة باســتثنا ه كقاتــل الــنفس المؤمنــة خطأ فتجب عليه الكفارة والدية ولكن ال ينتفي عنه اسم اإليمان ،ومن تعدي النصوا
فقد ئلم نفسه ،وقال في دين اهلل برأيه واتبع هواه.
الفصل الخامس الجهل والخطأ في العقيدة ِ ِ وف سو ٌل ِّم ْن أََنفُ ِس ُك ْم َع ِز ٌ ين َر ُؤ ٌ يا َع َل ْـي ُك ْم ِبـا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ يز َع َل ْيه َمـا َعنـتِّ ْم َح ِـر ٌ ﴿ َل َق ْد َجا َ ُك ْم َر ُ ِ يم﴾ (التوبة :ارية .)621 َّرح ٌ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
112
ذهبت طا فة إلى أن من خالفهم في شي من مسا ل االعتقاد أو العبادات أو األحكام أو والفتيـا فهـو وكـافر ،وذهبــت طا فـة أخـري إلـى أن مــن خـالفهم فـي مسـا ل االعتقــاد
كافر وال فاسـقًا ،ولكنـه فهو وكافر وأن من خالفهم في مسا ل األحكام والعبادات فليس ًا مجتهد معذور إن أخطأ مأجور بنيته. اقعـا فـي صـفات اهلل عـز وجـل فمـن وذهبت طا فة إلى أنه إذا كان الخالف أو الجهل و ً خالفهم في ذلك أو جهل ذلك فهو كافر وان كان فيما دون ذلك فهو فاسق. وذهبت طا فة إلى أنه ال يكفر وال يفسق مسلم بقوله في اعتقـاد أو عبـادات أو أحكـام
ان بما رأي أنـه الحـق أو بجهله شي ًا من ذلك وان كل من اجتهد في شي من ذلك فَ َد َ مأجور على كل حـال :إن أصـاب الحـق فـأجران ،وان أخطـأ فـأجر ،وهـذا قـول ابـن أبـي
ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثور وداود بن علي وابن حـزم رضـي الـه عـنهم
جميعا. ً أيضــا قــول كــل مــن عــرف لـه قــول فــي هــذه المســألة مــن الصــحابة رضـوان اهلل وهــو و ً أبـدا إال عليهم ال يعرف عنهم خـالف فـي ذلـك أصـال وال فـي مسـألة مـن هـذه المسـا ل ً متعمدا حتى يخر وقتها أو ترك أدا الزكاة أو ترك اختالفهم في تكفير من ترك صالة ً الحج أو ترك الصيام في رمضان أو شرب الخمر بعد أن ُح ّد ثال ثًا.
والحــق أن كــل مــن ثبــت لــه عقــد اإلســالم فإنــه ال يــزول عنــه إال بــنا أو إجمــاع أو وبالدعوي واالفترا فال. فوجب أال يكفر أحد بقول قاله إال بأن يخالف ما قـد صـح عنـده أن اهلل تعـالى قالـه أو
وأن رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – قالــه ،فيســتجيز خــالف الــه تعــالى وخــالف رسوله – صلى اهلل عليه وسلم – وسوا كـان ذلـك فـي عقـد ديـن أو فـي نحلـة أو فـي
فتيا ،وسوا كان مـا صـح عنـده مـن ذلـك عهـد رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم –
منقو ًال نقل إجماع تواتر أو نقل آحاد ،إال أن من خالف اإلجماع المتيقن المقطوع على
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
113
صحته فهو أئهر في قطع حجته ووجوب تكفيره باتفـاق الجميـع علـى معرفـة اإلجمـاع وتكفير مخالفه. ـون حتَّـى يح ِّكم َ ِ ِ يمـا وبرهان صحة قولنا هذا قول اهلل عز وجل﴿ :فَالَ َوَرِّب َ ـوك ف َ ـك الَ ُي ْؤم ُن َ َ ُ َ ُ ضـ ْـي َت ويســلِّموا تَ ِ يما﴾ (النســا : َ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّـم الَ َي ِجـ ُـدوا ِفــي أَْنفُ ِسـ ِه ْم َح َر ًجــا ِّم َّمــا قَ َ شـ َ َُ َ ُ ْ ســل ً
ارية .)11
ال ،وال جـا برهـان ال ،وال جـا نـا يخرجـه عـن ئـاهره أصـ ً وهذا النا ال يحتمـل تـأوي ً بتخصيصه في بعو وجوه اإليمان.
فمــن اســتجاز الحكــم علــى خــالف اهلل ورســوله فقــد انتفــى عنــه اإليمــان بــنا اريــة الكريمة. والحكم في الدين :تحريم أو إيجاب أو إباحة مطلقة أو بكراهة أو باختيار. وال عبرة بما إذا كانت استجازة خالف اهلل ورسوله في مسا ل االعتقـاد أو العبـادات أو األحكام أو الفتيا. وأما من لم تقم الحجة عليـه ولـم يقطـع باسـتجازته خـالف اهلل ورسـوله فيمـا بلغـه مـن
كـافر إال أن يـأتي نـا بتكفيـره ،فيتوقـف عنـد الحق وقامت عليه الحجة به ،فال يكون ًا النا ،كمن بلغه وهو في أقاصي البالد ذكر النبي – صلى اهلل عليه وسلم – فأمسـك عن البحث عن خبره ولم يصدق به ،فإنه كافر. فــإن شــهد أحــد أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا رســول اهلل ،وقــال :ال أدر أحــي هــو أم ميــت ،وال أدر لعلــه الرجــل الحاضــر أمـــامي أم غيــره ،وقــال :ال أدر أقرشــي هـــو أم ال ال علـم تميمي أم فارسي ،وال هل كان بالحجاز أو بخراسان ،وان كان قا ـل هـذا جـاه ً
عنده بشي من األخبار والسير ،لم يضره ذلك ،ووجب تعليمه فإذا ُع َل َِ َم وصح عنده الحق فإن عاند فهو كافر محكوم عليه بحكم المرتد.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
114
ونقول لمن كفر إنسا ًنا بنفس مقالته – دون أن تقوم عليه الحجة فيعاند رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – ويجد في نفسه الحر مما أتى به عليه السـالم – أو بجهلـه، نقول لمن فعل ذلك :أخبرنا ،هل تـرك رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – شـي ًا مـن
اإلســالم الــذ يكفــر مــن لــم يقــل بــه أو ال يصــح إســالم مــن جهلــه إال وقــد بينــه عليــه
السالم ودعا إليه الناس كافة؟ فالبد من :نعم. ومن أنكر ذلك فهو كافر بال خالف.
فإذا ذاك هو اليقين ،فهل جا قط عـن النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – أنـه لـم يقبـل إيمان أهل قرية أو أهل محلة أو إنسـان أتـاه مـن حـر أو عبـد أو امـرأة إال حتـى سـأله
عـن مفهــوم الشــهادتين ومعــاني كلمـات "اإللــه والــرب والعبــادة والــدين" ومعنــى التوحيــد ومواطن الوقـوع فـي الشـرك ومعنـى الربوبيـة ومـا إذا كـان مقتضـاها حاكميـة اهلل تعـالى
ومدي قدرته عز وجل وما ماثل ذلـك مـن القضـايا مثـل ،هـل االسـتطاعة قبـل الفعـل أو
ــمعا مـــع الفعـــل أو وأن القـــرآن مخلـــوق أو أن اهلل تعـــالى يـــري أو ال يـــري أو أن لـــه سـ ً
وبصـرا وحيــاة أو غيـر ذلــك مـن فضــول المتكلمــين التـي أوقعهــا الشـيطان بيــنهم ليوقــع ً بينهم العداوة والبغضا ؟. أحدا يسلم إال حتى يوقفـه فإن ادعى أحد أن النبي – صلى اهلل عليه وسلم – لم يدع ً على هذه المعاني كان قد كذب بإجماع المسلمين من أهل األرو ،وقال مـا يـدر أنـه
فيه كـاذب ،وادعـى أن جميـع الصـحابة رضـي اهلل عـنهم تواط ـوا علـى كتمـان ذلـك مـن فعلـه عليــه الصــالة والســالم ،وهــذا محــال ممتنـع فــي الطبيعــة ،إذ المحــال الممتنــع فــي الطبيعـة أن يتواطـأ الم ـات بـل ارالف مـن أكــرم أهـل األرو علـى الكـذب وكتمـان أمــر
هام ثم ال يعـرف ذلـك عـنهم وال يفتضـح كـذبهم ،ثـم إن االدعـا بهـذا القـول فيـه نسـبة الكفر إلى الصحابة رضوان اهلل عليهم ،إذ تواط وا على كتمان ما ال يتم إسالم أحـد إال
به. أحـدا إلـى شـي مـن هـذا ،ولكنـه فإن قال :إنه – صلى اهلل عليه وسـلم – لـم َي ْـدعُ قـط ً مـودع فـي القـرآن وفــي كالمـه – صـلى اهلل عليــه وسـلم – قيـل لــه :صـدقت ،وقـد صــح موقع مصر أوالً www.egypt1.info
115
كفر لمـا ضـيع رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه بهذا أنه لو كان جهل شي من هذا كله ًا وسلم – بيان ذلك الحر والعبد والحرة واألمة ،ومن جوز هذا فقد قال :إن رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – لم يبلا كما أُمر،ن وأنه عليه الصالة والسالم حكم بإسالم من ال يجوز الحكم بإسالمه. وهذا كفر مجرد ممن أجازه. السـير مـن المسـلمين واليهـود والنصـاري والمجـوس وال يشك أحد ممن يدر شي ًا مـن ِّ والمنانيَّة والدهرية في أن رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – مذ بعث لم يزل يـدعو الناس الجما الغفير إلى اإليمان باهلل تعالى وبما أتى به ،ويقاتل من أهل األرو من
متقربـا يقاتله ممن َع َنـد ويسـتحل سـفك دمـا هم وسـبي نسـا هم وأوالدهـم وأخـذ أمـوالهم ً إلى اهلل تعالى بـذلك ،وأخـذ الجزيـة واصـغاره ،ويقبـل ممـن آمـن بـه ،ويحـرم مالـه ودمـه
وأهله وولده ويحكم لـه بحكـم اإلسـالم وفـيهم المـرأة البدويـة ،والراعـي والرعيـة ،والغـالم الصـحراو والوحشـي والزنجـي والمسـبي والزنجيـة المجلوبـة والرومـي واألغثـر [الغثــرة:
سفلة الناس "القاموس المحيط"] الجاهل والضـعيف فـي فهمـه ،فمـا مـنهم أحـد وال مـن
غيرهم قال عليه السالم :أني ال أقبل إسالمك وال يصح لك دين إال حتـى تعـرف مفهـوم الشهادتي ،ومعنى الربوبية والحاكمية وصفات اهلل عز وجل وأسما ه وقدراته ..إلخ.
ومن المحال الممتنع عند أهل اإلسالم أن يكـون عليـه الصـالة والسـالم يغفـل أن يبـين للناس ما ال يصـح ألحـد اإلسـالم إال بـه أو تتفـق علـى إغفـال ذلـك أو تعمـد عـدم ذكـره
جميع أهل اإلسالم ،فإن زعم زاعم أن الناس على عهده عليه الصالة والسالم كان كـل فرد منهم على وجه القطـع والتحديـد يعلـم جميـع ذلـك مـن مجـرد نطقـه بالشـهادة أن ال إله إال اهلل فقد ادعى الكذب وقال ما ال برهان على صحته ،وقال بخـالف مـا وردت بـه
األخبــار الصــحا الثابتــة عــن رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – وبخــالف الواقــع المحسوس.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
116
فإن الثابت في الصحيح من األخبار أن من كانوا بنجد والحجاز وما حولهما في حياته خلصـا ،بـل كـان فـيهم المسـتعرب والحبشـي عربـا عليه الصالة والسالم لم يكونوا كلهـم ً ً والفارسي وغير ذلك من األجناس.
والثابت الصحيح في األخبار أن من العرب الخلا مـن كـان يجهـل الكثيـر مـن معـاني كلمات "اإلله والرب والعبادة والدين" ومعـاني التوحيـد ،وقـد َعلِـم الرسـول عليـه الصـالة والسالم بذلك ،ووقع الوهم والخطأ في ذلك من الناس بحضرته عليه الصالة والسالم. وما اجتمع قط قوم بلا عددهم عشرات األلوف وهـم علـى حـد واحـد مـن الفهـم والـذكا
والعلم وقوة التمييز وسعة اإلدراك ونفاذ البصيرة ،بل مـا اجتمـع قـط قـوم فـي عـدد دون ذلك بكثير إال وكان فيهم المفـرط فـي الـذكا والمفـرط فـي الغبـا ومـا بـين ذلـك ،وقـو
التمييز وضعيفه وما بين ذلك ،والعالم المتسع األفق النافذ البصيرة ذو التجربة والخبرة والجاهل قليل اإلدراك ،وما بين ذلك. ومــن كــابر فــي ذلــك وعانــد فإنمــا يحــاول عبثًــا أن يجحــد الواقــع الملمــوس فــي كافــة المجتمعات بين كافة األجناس في كافة األقطار والجهات واألزمان. وليس يصح في األذهان شي
إذا احتا النهار إلى دليل
فصح ضرورة أن الجهل بكل ما سبق أن ذكرنا ال يضر الناطق بالشـهادتين شـي ًان وال يمنع الحكم بإسالمه. ـن اهلل عليهـا بالتفقـه فـي والفرو علـى الطا فـة العالمـة الواجـب عليهـا النـذارة التـي َم َّ الدين أن تعلم الجاهل ما جهله مما هـو الزم لـه ومـا هـو فـي حاجـة إليـه حتـى ال يقـع فــي مهــاو الشــرك والضــالل وأمــا مــا زاد علــى حــد الحاجــة واللــزوم ،فإنمــا هــو ومــن
فضــول الك ـالم الــذ يثيــره الشــيطان ليوقــع العــداوة والبغضــا بــين المــؤمنين ويفــرق
صفهم ويشتت جمعهم ،وال يلزم الكالم فيه إال إذا خاو الناس فيه ،فيلزم حين ـذ بيـان ين ِ وجــه الحــق فيــه مــن الق ـرآن والســنة ،لقــول اهلل عــز وجــلُ ﴿ :كوُن ـوا قَـ َّـو ِ هلل ُ ام َ شـ َ ـه َدا َ ِ س ِط﴾ (الما دة :من ارية .)1 ِبا ْلق ْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
117
فمـن عانـد بعـد بيـان الحـق وقيـام الحجــة الال حـة فهـو كـافر إذ لـم يحكـم رســول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – وال سلّم بما قضى به عليه الصالة والسالم. وانه لجدير بنا أن نمعن النئر في ذلك البرهان الذ قدمناه وأن نقدره حـق قـدره ،فهـو
برهــان مــن عمــل رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – وقولــه فــي مقــام ال يختلــف مسلمان أو وغير مسلمين أنه بيـان للشـرع وشـريعة الزمـة ،وهـو وبرهـان منقـول إلينـا
نقل الكافة عن الكافة الذ هو أقوي أنواع التواتر وأئهر أوجه اإلجماع. ونحن لم نعـرف شـي ًا عـن مبعـث رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – وال شـي ًا ممـا جــا بــه أو عملــه إال عــن طريــق الصــحابة األجــال رضـوان اهلل علــيهم ،وأقــوي وأثبــت وأبعد عن كل شك من ذلك ما أجمعوا عليه ونقل عنهم إلينا جيال بعد جيـل نقـل الكافـة
عن الكافة. ونحــن لــم نتــيقن مــن صــحة حــرف ممــا ورد بــالقرآن الكــريم وأن الرســول عليــه الصــالة
والسالم نطق به ،إال عن طريق الصحابة رضـوان اهلل تعـالى علـيهم ومـا أجمعـوا عليـه من ذلك ،ونقل إلينا عنهم نقل الكافة عن الكافة جيالً بعد جيل. ومن استجاز التشكك في خبر عـن رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – هـو موضـع ال بعــد إجمــاع الصــحابة ورضـوان اهلل علــيهم المنقــول إلينــا نقــل الكافــة عــن الكافــة جــي ً
جيـل ،فقــد أسـقط برهانــه علــى صـحة مبعــث الرســول عليـه الســالم وجميــع مـا جــا بــه وصحة القرآن الكريم وأنه كله حق نطق بكل حرف فيه الرسـول عليـه الصـالة والسـالم
لم يلحقه منذ ذلك الحين تغيير وال تبديل. وبرهان آخر: خيـرا قـط فلمـا فقد صـح عـن رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – أن رجـالً لـم يعمـل ً حضره الموت قال ألهله ،إذا مت فأحرقوني ثم ذروا رماد في يوم را [أ يوم شـديد
عذابا علي اهلل تعالى ليعذبني ً ريحه] نصفه في البحر ونصفه في البر ،فواهلل ل ن قدر ّ أحدا من خلقه ،وأن اهلل عز وجل جمع رماده فأحيـاه وسـأله ،مـا حملـك علـى لم يعذبه ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
118
ذلك؟ قال :خوفك يا رب ،وان اهلل تعـالى غفـر لـه لهـذا القـول [الفصـل البـن حـزم :جــ4 ا .]21 فهـذا إنسـان جهـل إلـى أن مـات أن اهلل عـز وجــل يقـدر علـى جمـع رمـاده واحيا ـه وقــد غفر اهلل تعالى له إلقراره وخوفه وجهله ،فصح يقي ًنا أن هذا الذ اهلل َال َي ْغ ِف ُر معذور بجهله ،غير كافر وال مشرك ،قال تعالى﴿ :إِ َّن َ شا ُ﴾ (النسا :من ارية .)41 ون َذلِ َك لِ َمن َّي َ َما ُد َ
جهل قدرة اهلل تعالى ش َـر َك ِب ِـه َوَي ْغ ِف ُـر أَن ُي ْ
ولقد حاول البعو الخرو من هذا الدليل فقال :إن معنى "ل ن قدر اله علي" هـو ألن َما إِ َذا َما ْابتَالَهُ فَقَ َد َر َعلَ ْي ِه ِرْزقَ ُه﴾ (الفجر :من علي ،كما قال اهلل تعالىَ ﴿ :وأ َّ ضيق اهلل ّ ارية .)61 وهذا تأويل باطل إذ ال برهان عليه ،ولو صح ذلك التأويل لمـا كـان ألمـر ذلـك اإلنسـان
بأن يحرك وي ّذر رماده معنى ،والـذ ال شـك فيـه أنـه إنمـا أمـر بـذلك ليفلـت مـن عـذاب اهلل فقد توهم أن اهلل تعالى ال يقدر على جمعه واحيا ه إذا فعل ذلك.
برهان ثالث: ِ ــال ا ْل َح َو ِ ــل ــن َم ْــرَي َم َه ْ هــو أبــين وأوضــح وهــو قولــه تعــالى﴿ :إِ ْذ قَ َ يســى ْاب َ اري َ ُّــون َيــا ع َ الس َما ِ ﴾ (الما دة :مـن اريـة )662إلـى قولـه: ُّك أَن ُي َنِّز َل َعلَ ْي َنا َما ِ َدةً ِّم َن َّ ستَ ِطيعُ َرب َ َي ْ
ص َد ْقتََنا﴾ (النسـا :مـن اريـة )669فهـؤال الحواريـون الـذين أثنـى اهلل ﴿ َوَن ْع َل َم أَن َق ْد َ ُّـك أَن ُي َن ِّـز َل َع َل ْي َنـا َما ِ َـدةً سـتَ ِطيعُ َرب َ عليهم قد قالوا بالجهل لعيسى عليه السالمَ ﴿ :ه ْل َي ْ الس َما ِ ﴾ (الما دة :من ارية )662ولم يبطل بذلك إيمانهم. ِّم َن َّ وقد رام الـبعو الخـالا مـن هـذا الـدليل فقـالوا إن اريـة وارد فيهـا قـرا ة أخـري( :هـل تستطيع) بالتا (ربَّك) بفتح البا بمعنى هل يطيعك ربك إن سألته. ومع التسليم بصحة هذه القرا ة األخيرة فإن القاعدة األصولية الواجبة االتبـاع أنـه إذا
كانت لآلية أكثر من قرا ة فإن الواجب إعمال كل قرا ة صحيحة ثابتة ،واألخذ واعتبار موقع مصر أوالً www.egypt1.info
119
المعنــى الــذ تــدل عليــه كــل قـرا ة ،إذ مــا دامــت القـرا ات كلهــا ثابتــة عــن الرســول – صلى اهلل عليه وسلم – فكلها قرآن موحى به من اهلل عز وجل. وليس قرآن بأولى من قرآن. ومؤدي األخذ بمعنـى قـرا ة دون قـرا ة أخـري إبطـال إحـدي القـرا تين وفـي ذلـك إبطـال
لــبعو الق ـرآن ،واذ الق ـرا ة األولــى صــحيحة باالتفــاق وهــي المكتوبــة فــي المصــاحف المتداولة بين أيد الناس ،فواجب األخذ بموجبها واعتبار داللة معناها.
وقد ذهـب بعـو آخـر إلـى أن السـؤال إنمـا وقـع مـن أنـاس كـانوا مـع الحـواريين ال مـع الحواريين أنفسهم ،ويكفي إلبطال هذا القول أن اهلل تعـالى قـد نـا فـي اريـة الكريمـة
ـال ا ْل َح َو ِ ـون﴾ علــى أن الس ـؤال وقــع مــن الح ـواريين أنفســهم ،قــال اهلل تعــالى﴿ :إِ ْذ قَـ َ ارُّيـ َ (الما دة :من ارية .)662 وبرهان رابع:
أخر البخار رضي اهلل تعالى عنه عـن أنـس رضـي اهلل تعـالى عنـه أنـه قـال :كسـرت
الربيعة "وهي عمـة أنـس بـن مالـك" ثنيـة جاريـة مـن األنصـار فطلـب القـوم القصـاا،
فأتوا النبي – صلى اهلل عليـه وسـلم – فـأمر النبـي بالقصـاا ،فقـال أنـس بـن النضـر عم أنس بن مالك ،ال واهلل ال تكسر سنها يـا رسـول اهلل ،فقـال رسـول اهلل – صـلى اهلل
الديـة" فقـال عليه وسلم " :-يا أنس .كتاب اهلل القصاا" فرضي القوم وقبلـوا األرا " ِّ رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم " :-إن من عباد اهلل مـن لـو أقسـم علـى اهلل ألبـره"
[البخار :جـ 2ا.]11 برهان خامس: ِ َص َنام لَّ ُه ْم قَالُوا س َار ِ َ يل ا ْل َب ْح َر فَأَتَْوا َع َلى قَ ْوم َي ْع ُكفُ َ ون َع َلى أ ْ قال تعالىَ ﴿ :و َج َاوْزَنا ِب َبني إِ ْ اج َعل لَّ َنا إِلَ ًها َك َما لَ ُه ْم آلِ َه ٌة﴾ (األعراف :من ارية .)691 وسى ْ َيا ُم َ
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
121
فهؤال قوم موسى جهلوا قـدر اهلل عـز وجـل ومـا يجـب أن ينـزه عنـه تعـالى مـن المثيـل
والشـريك ،ولسـنا نحـن الــذين نقـول بجهلهـم هــذا ،وانمـا هـو قــول موسـى عليـه الســالم
ون﴾ (األعراف :من ارية .)691 لهم﴿ :قَ َ ال إَِّن ُك ْم قَ ْوٌم تَ ْج َهلُ َ وبرهان سادس:
أيضا ما رواه ابن حزم والقرطبي وابن كثيـر مـن ما سبق أن رويناه عن الشاطبي وهو ً أن جهال العرب قالوا لرسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم :-اجعل لنا ذات أنـواط كمـا لهم ذات أنواط فقال عليه الصالة والسالم" :قلتم والذ نفس محمد بيـده كمـا قـال قـوم
إلها كما لهم آلهة ،قال :إنكم قوم تجهلون ،إنها السنن ،لتركبن سـنن موسى اجعل لنا ً مــن كــان قــبلكم" [جوامــع الســيرة البــن حــزم :ا 291واللفــئ البــن حــزم وســبق ذكــر رواياته]. فردا على فردا ً وهذا برهان يدحو الزعم بأن جميع من قبل عليه الصالة والسالم كانوا ً علم كامل بجميع معاني األلوهية والربوبية والتوحيد. وهو برهان كسابقه دال على أن الجاهل معذور بجهله حتى تقوم عليه الحجة. وبرهان سابع: أخر أحمد والطبر رضي اهلل عنهما عن أبي موسـى األشـعر رضـي اهلل تعـالى عنـه
أنه قال :خطبنا رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – فقـال" :يـا أيهـا النـاس اتقـوا هـذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل" فقال له من شا اهلل تعالى أن يقول :وكيـف نتقيـه
وهو وأخفى من دبيب النمل ،قال" :قولوا اللهم إنـا نعـوذ بـك أن نشـرك بـك شـي ًا نعلمـه ونستغفرك لما ال نعلمه" فهذا رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – يعلمنـا أن الشـرك
نوعان :مـا هـو ومعلـوم لنـا ،ومـا خفـي علينـا وأمرنـا عليـه السـالم أن نسـتغفر اهلل عـز
وجل مما نقع فيه من شرك نجهله أ نجهل أنه شرك وبالضرورة ندر أن الرسـول –
عليـه الصــالة والســالم – ال يأمرنـا أن نطلــب مــن اهلل أن يغفـر لنــا إال مــا أجــاز اهلل أن ـي بقــول اهلل عــز يغفــره لنــا ،فصــح أن ذلــك الشــرك الــذ يجهلــه المــر لــيس هــو المعنـ ّ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
121
شــا ُ﴾ (النســا :مــن اهلل َال َي ْغ ِفـ ُـر أَن ُي ْ ـك لِ َمــن َّي َ ون َذلِـ َ شـ َـر َك ِبـ ِـه َوَي ْغ ِفـ ُـر َمــا ُد َ وجــل﴿ :إِ َّن َ ارية ،)41والذ يسمى المتصف بـه فـي الشـريعة مشـرًكا ،وصـح أن الجاهـل معـذور بجهله ،إذ ال اخـتالف بـين أحـد مـن األمـة أن أ نـوع مـن الشـرك إذا مـا ئهـر وعلمـه الشخا فهو ليس بخاف عليه بل هو معلوم له حين ذلـك فـإذا وقـع فيـه وقارفـه وهـو
عالم به فهو كافر مشرك محكوم بردته. وبرهان ثامن:
أخر الشافعي رضـي اهلل تعـالى عنـه فـي شـأن مـا سـنه رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه
وسلم – في كل من امتحنهم لإليمـان – وهـو مـا أخرجـه اإلمـام مالـك فـي الموطـأ رواه
أيضا – أن معاوية بن الحكم قال :أتيت رسـول اهلل بجاريـة، مسلم وأبو داود والنسا ي ً علي رقبة ،أفأعتقها؟ فقال لها رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم فقلت :يا رسول اهلل ّ " :-أيــن اهلل؟" فقالــت :فــي الســما ،فقــال" :ومــن أنــا؟" قالــت :أنــت رســول اهلل ،قــال:
"فأعتقها"[ .الرسالة للشافعي :ا.]11 وبرهان تاسع: وهـو برهـان ضـرور ال خـالف عليـه ،ذلـك أن األمــة مجمعـة كلهـا بـال خـالف مـن أحــد
عامـدا وهـو يـدر أنهـا فـي المصـاحف بخـالف بـدل آيـة مـن القـرآن منهم على أن من ّ ً عامدا فإنه كافر بإجماع األمة كلها. ذلك أو أسقط منها كلمة أو زاد فيها كلمة ً
ثــم إن المــر يخطـ فــي الــتالوة فيزيــد كلمــة ويــنقا أخــري ويبــدل كــالم اهلل عــز وجــل
ـدرا أنــه مصــيب واذا عارضــه آخــر كــابره ونــائره قبــل أن يبــين لــه الحــق ،وال جــاهالً مقـ ً آثما. يكون بذلك عند أحد من األمة ًا كافر أو وفاسقًا أو ً
فإذا وقـف علـى المصـاحف أو أخبـره بـذلك مـن القـرا مـن تقـوم الحجـة بخبـره فإنـه إن تمادي على مكابرته فهو عند اهلل كافر بذلك ال محالة. وهذا هو الحكم الجار في جميع الديانة: موقع مصر أوالً www.egypt1.info
122
وقد احتج البعو لقولهم بتكفير من خالفهم في شي من المعتقـدات بحـديث منسـوب
القدرية المرج ة مجوس هذه األمة ،وبحديث لرسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – أن ّ آخر فيه أنه تفترق األمة على بضع وسبعين فرقة كلهـا فـي النـار ،حاشـا واحـدة فهـي في الجنة. وهذان حديثان ال يصحان من طريق اإلسناد ،وما كان هكذا فليس حجة. أيضا القا لون بتكفير مـن خـالفهم فـي شـي مـن المعتقـدات أو جهلهـا ومما احتج به ً ض َّـل سـعيهم ِفـي ا ْلحيـ ِ ـاة قـول اهلل تعـالىُ ﴿ :ق ْـل َه ْـل ُن َن ِّبـ ُ ُكم ِب ْ َع َمـا ًال * الَّ ِـذ َ ين أ ْ س ِـر َ ََ األخ َ ين َ َ ْ ُ ُ ْ ُّ ص ْن ًعا﴾ (الكهف :اريات .)614 :619 ون أ ََّن ُه ْم ُي ْح ِس ُن َ س ُب َ ون ُ الد ْن َيا َو ُه ْم َي ْح َ وآخــر هــذه اريــة مبطــل الحتجــا مــن احــتج بهــا ألن اهلل تعــالى وصــل قولــه تعــالى: ين َكفَــروا ِبآيـ ِ ون ص ـ ْنعا﴾ بقولــه تعــالى﴿ :أُولَ ِـ َ َّ ِ ِ ـت ـات َرِّب ِهـ ْـم َولِقَا ِـ ِـه فَ َح ِبطَـ ْ َ ﴿ ُي ْحس ـنُ َ ُ ً ـك الــذ َ ُ اؤ ُهم جه َّـنم ِبمـا َك َفـروا واتَّ َخـ ُذوا آي ِ ِ َعمالُهم فَ َ ِ ـاتي ام ِة َوْزًنا * َذلِ َ َ ُ َ أ ْ َ ُْ ـك َج َـز ُ ْ َ َ ُ َ يم َل ُه ْم َي ْوَم ا ْلق َي َ ال ُنق ُ سلِي ُه ُزًوا﴾ (الكهف :اريـات )611 :611فـدل ذلـك علـى أن أول اريـة فـي الكفـار َوُر ُ المخالفين لديانة اإلسالم جملة.
فإن قال قا ـل :إن عـذرتم المجتهـدين إذا أخطـأوا والجـاهلين إذا جهلـوا فأعـذروا اليهـود والنصاري وسا ر الملل فإنهم مجتهدون قاصدون الخير. فنقـول بعــون اهلل :إننــا لــم نعـذر مــن عــذرنا بآرا نــا ،كمــا أننـا ال نحكــم بكفــر أحــد بئننــا وهوانــا ،ولكــن مــن عــذره اهلل تعــالى وقبــل عــذره وعفــا عــن جهلــه وخط ــه وأجــره علــى
اجتهــاده وان أخطــأ وحكــم تعــالى بإســالمه وايمانــه وان جهــل أو أخطــأ ،حكمنــا نحــن بإسالمه وايمانه وقلنا بحكم اهلل فيه.
ومن لم يعذره ربه وحكم تع الى بأنه قد قامت عليه الحجة البالغة الدامغة التـي ال تقبـل ال أو خطأ ،وقضى تعالى بأنه كافر مشرك ،حكمنا نحن بأنـه كـافر مشـرك، ًا عذر أو جه ً وقلنا بحكم اهلل تعالى فيه وليس أحد يدخل الجنة أو النـار ،ولكـن اهلل تعـالى هـو الـذ
يدخل فيهما من يشا .
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
123
وال يختلف اثنان من أهل األرو وال نقول من المسـلمين فقـط بـل نقـول مـن كـل ملـة،
فــي أن رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – قطــع بــالكفر علــى أهــل كــل ملــة غيــر اإلسالم الذ تبرأ أهله من كل ملة حاشا التـي أتـاهم بهـا عليـه الصـالة والسـالم فقـط،
فوقفنا عند ذلك وقلنا وحكمنا به. أيضا في أنه عليه الصالة والسالم قطع عند ذلك باسم اإليمـان علـى وال يختلف اثنان ً كل من اتبعه وصدق بكل ما جا به وتب أر من كل دين سوي ذلك ،فوقفنا عنـد ذلـك وال
نزيد.
فمن جا نا في إخراجه عن اإلسالم بعد حصول اسم اإلسالم له أخرجناه منه سوا
أجمع على خروجه عنه أو لم يجمع وكذلك من أجمـع أهـل اإلسـالم علـى خروجـه عـن
اإلسالم فواجب اتباع اإلجماع في ذلك. أما ما ال نا فـي خروجـه عـن اإلسـالم بعـد حصـول اسـم اإلسـالم لـه ،وال إجمـاع فـي خروجه عني فال يجوز إخراجه عما صح يقي ًنا حصوله فيه بئن أو بدعوي بال برهان. ُنوجز ما قدمنا فنقول بعون اهلل: س ـو ًال﴾ (اإلس ـرا :مــن اريــة ،)61وقــال ين َحتَّــى َن ْب َعـ َ قــال تعــالىَ ﴿ :و َمــا ُك َّنــا ُم َعـ ِّـذ ِب َ ـث َر ُ تعالى﴿ :أل ِ ـك الَ ُنذ َرُك ْم ِب ِه َو َمـن َبلَـاَ﴾ (األنعـام :مـن اريـة ،)69وقـال تعـالى﴿ :فَـالَ َوَرِّب َ ـون حتَّــى يح ِّكمـ َ ِ ِ ضـ ْـي َت يمــا َ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّـم َال َي ِجـ ُـدوا ِفــي أَْنفُ ِسـ ِه ْم َح َر ًجــا ِّم َّمــا َق َ شـ َ ـوك ف َ ُي ْؤم ُنـ َ َ ُ َ ُ ويسلِّموا تَ ِ يما﴾ (النسا :ارية )11فهذه اريات بها حكم جميع ما قدمنا ،فصح أن ْ سل ً َُ َ ُ من بلغه أمر النبي – صلى اهلل عليه وسلم – فلم يؤمن به فهو كافر. فإن آمن ثم اعتقد مـا شـا اهلل أن يعتقـده مـن نحلـة أو فتيـا أو عمـل مـا شـا اهلل أن
كـم بخـالف مـا يعمله دون أن يبلغـه فـي ذلـك عـن النبـي – صـلى اهلل عليـه وسـلم – ُح ٌ ال – حتى يبلغه حكم النبي – صلى اعتقد أو ما عمل أو ما قال – فال شي عليه أص ً اهلل عليه وسلم .-
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
124
مجتهـدا، فإن بلغه حكم النبي – صلى اهلل عليه وسـلم – وصـح عنـده ،فـإن مـا خالفـه ً
فما لم َي ِب ْن له وجه الحق في ذلك فهو مخط معذور مأجور مرة واحدة كما قال عليـه الصـالة والســالم" :إذا اجتهــد الحـاكم فأخطــأ فلــه أجــر ،واذا اجتهـد فأصــاب فلــه أجـران" وكل معتقد أو قا ل أو عامل فهو وحاكم في ذلك الشي . معتقدا بخالف ما عمل فهو مؤمن فاسق. معاند الحق فإن خالفه بعمله ً ً معاندا بقوله أو قلبه فهو كافر مشرك ألنه لـم ُي ِّ حكـم الرسـول عليـه الصـالة وان خالفه ً والسالم ولم يسلم بما قضى به. كــل ذلــك ســوا فـــي المعتقــدات أو األحكــام أو العبــادات أو الفتيـــا [أخــذنا هــذا البـــاب
بتصــرف عــن الفصــل البــن حــزم جـــ 6ا 61تحــت عنـوان الكــالم فــيمن يكفــر وال يكفــر ا 19تحت عنوان هل يكون مؤم ًنا من اعتقد اإلسالم دون استدالل]. ونختم هذا الفصل فنقول بعون اهلل تعالى: إن من علم بهذه اريات البينات من كتاب اهلل تعالى والثابت الصـحيح عـن رسـول اهلل
– صلى اهلل عليه وسلم – فوضح لـه الحـق ،ثـم علـم قـول الرسـول – صـلى اهلل عليـه
وسـلم " :-مـن قـال ألخيـه يـا كـافر فقـد بـا بهـا أحـدهما" وتـذكر قـول اهلل تعــالىَ ﴿ :و َال ـن س لَ َك ِب ِه ِع ْل ٌم﴾ (اإلسرا :ارية )91وقوله تعـالى﴿ :إِ َّن الئَّ َّ تَ ْق ُ ـن الَ ُي ْغ ِنـي ِم َ ف َما لَ ْي َ شـ ْـي ًا﴾ (الــنجم :مــن اريــة ،)21وقــول المعصــوم عليــه الصــالة والســالم" :إيــاكم ا ْل َحـ ِّ ـق َ والئـن فـإن الئـن أكـذب الحـديث" لحـر بـه أن يمسـك لسـانه قبـل أن يلقـي علـى غيـره بأعئم وأشنع وأسقط ما يتهم به إنسان ،وهو الكفر والشرك يخالقه دون أن تقوم على ذلـك البينـة الشــرعية القاطعـة واألدلـة التــي ال شـك وال ئـن فيهــا ،أو أن يتبـع ئنـه فــال
يحكم عليه بما أمره اهلل تعالى أن يحكم به عليه من اإلسالم. روي ابــن حــزم فــي جوامــع الســيرة أن العبــاس رضــي اهلل عنــه أتــى بــأبي ســفيان يــوم
الفتح ،فقال رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – ألبي سفيان" :ألم يأن لك؟ ألـم تعلـم
أنه ال إله إال اهلل؟" فقال أبو سفيان :بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمـك وأوصـلك ،واهلل موقع مصر أوالً www.egypt1.info
125
لقد ئننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى ،ثم قال له رسول اله – صلى اهلل عليـه
وسلم " :-ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك؟ ألم تعلم أني رسول اهلل؟" فقال أبو سـفيان: بأبي أنت وأمي :ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ،أمـا هـذه واهلل فـإن فـي نفسـي منهـا شـي ًا
حتى ارن ،فقال له العباس :ويحك أسلم قبـل أن تضـرب عنقـك فأسـلم ،فقـال العبـاس:
يا رسول اهلل ،إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل لـه شـي ًا ،فقـال رسـول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم " :-من دخـل دار أبـي سـفيان فهـو آمـن ،ومـن أغلـق بابـه فهـو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن" [جوامع السيرة البن حزم :ا.]229 وهذا هو الحكم باإلسالم على الئاهر الذ حكم به رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم .ثم نقول للذين قالوا إن البيعة ولزوم الجماعة من شروط اإليمان: إن كل مـن نطـق بالشـهادتين فهـو مسـلم مـؤمن ولـو جهـل لـزوم البيعـة ووجـوب التـزام الجماعة حتى يبلغه األمر بذلك ،وتقوم عليه الحجة الال حة بثبوته ،ثـم إنـه إن اعتقـد
خــالف مــا رآه غيــره فــي معنــى البيعــة والجماعــة واإلمامــة الحقــة مجتهـ ًـدا فــي ذلــك مــا مسترشدا بأقوال الفقها المشهود لهم بـالعلم والـورع ،وهـم قـد وسعه من اجتهاد – أو ً اختلفــوا فـــي ذلــك اختالفـــات كثيـــرة وذهبــوا مـــذاهب شـــتى – فإنــه وان أخطـــأ واعتقـــدنا
بخط ه ،فهو معذور بخط ه مأجور على نيته ،محكوم بإسالمه وايمانه. وقد أجمع المسلمون عقب وفاة الرسول – صلى اهلل عليه وسلم – على بيعة أبي بكر الصديق رضي اهلل تعالى عنه حاشا الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب ،وقد استبان
سريعا ،أما علـي فمكـث سـتة أشـهر حتـى ئهـر لـه الحق للزبير بن العوام فرجع وبايع ً حـر طليقًـا ال يرقـب عليـه وال يمنـع الحق فرجع وبايع ،وبقي خالل تلـك األشـهر السـتة ًا من لقا الناس وما زعم أحد أنه رضوان اهلل عليه قد كفر ،وما تشكك أحد في إسالمه
عليه رضوان اهلل. ال ويرزقنا اجتنابه. واهلل نسأل أن يرينا الحق ح ًقا ويرزقنا اتباعه ،ويرينا الباطل باط ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
126
الفصل السادس الرد على من خالف األصول السابقة وقد حاول البعو الخرو على األصول العامة التي سبق أن شرحناها ،فقال: أوال :إن الشخا قد يكون مشرًكا من أصحاب النار الخالدين فيها الذين أمرنا بقتالهم
وأحل اهلل لنا دما هم وأموالهم ،وهـو مـع ذلـك ال يعلـم أنـه مشـرك ،وأن ذلـك دليـل علـى
ـافر مشــرًكا إن وقــع فــي أ نــوع مــن أنـواع أن المســلم الــذ نطــق بالشــهادتين يرتــد كـ ًا عامدا أو كان جاهال أو متأوالً مخط ًا ،واحتجوا على الشرك وان جهل ذلك وان لم يكن ً اسـتَ َجار َك َفـأ ِ سـ َـم َع ـن ا ْل ُم ْ شـ ِـرِك َ َح ٌـد ِّم َ هـذه الـدعوي بقولــه عـز وجــلَ ﴿ :وِا ْن أ َ َج ْرهُ َحتَّـى َي ْ ين ْ َ ِ َك َ ِ ون﴾ (التوبة :ارية .)1 ْم َن ُه َذلِ َك ِبأ ََّن ُه ْم قَ ْوٌم الَّ َي ْع َل ُم َ ال َم اهلل ثَُّم أَْبل ْغ ُه َمأ َ
ــون﴾ معنــاه أنهـــم ال يعلمــون أنهـــم وقــالوا إن قولــه تعـــالىَ ﴿ :ذلِ َ ــك ِبـــأ ََّن ُه ْم قَ ْــوٌم َّال َي ْع َل ُمـ َ مشركون. والعجب أن الـذين قـالوا بـذلك هـم الـذين افتتحـوا دعـواهم المسـتحدثة بقـولهم" :إنـه لمـا نزل القرآن على الناطقين بالضـاد كـان كـل مـنهم يعـرف معنـى اإللـه ومـا المـراد بـالرب
ومــن ثــم إذا قيــل لهــم ال إلــه إال اهلل وال رب سـواه وال شــريك لــه فــي ألوهيتــه وربوبيتــه
تمامـا ،وبـين لهـم مـن غيـر مـا لـبس وال إبهـام أ شـي قـد نفـاه أدركوا مـا دعـوا إليـه ً القا ل ومنع غير اهلل أن يوصف به ،وأ شي قد خصه وأخلصه هلل تعالى وأن الذين كفروا إنما كفروا عن بينة". ثم إنهم نسوا قولهم هـذا ليزعمـوا أن العـرب قـد جهلـوا معنـى كلمـة الشـرك ذلـك المعنـى
المحــدد غيــر المختلــف عليه،ونسـوا أن الرســول عليــه الصــالة والســالم مــا كــان يقاتــل النــاس علــى الر اســة أو الملــك أو ولخــالف شخصــي بينــه وبيــنهم ،وأنــه لــم تكــن بينــه
عليه الصالة والسالم وبين أحـد مـن النـاس مقاتلـة إال علـى شـهادة أن ال إلـه إال اهلل، موقع مصر أوالً www.egypt1.info
127
أرادها منهم ،فلم يسلموا بها ،وقالوا﴿ :أَجع َل ارلِه َة إَِلها و ِ اب﴾ اح ًدا إِ َّن َه َذا َل َ ش ْي ٌ ُع َج ٌ َ ً َ ََ (ا :ارية .)1 ثــم يــأتي بعــد هــذا مــن يقــول إن الــذ كــان يســجد لهبــل والــالت والعــزي ومنــاة الثالثــة
األخــري ،ويقــول إن عزيـ ًـرا ابــن اهلل وان عيســى عليــه الســالم ابــن اهلل ،ويقاتــل محمـ ًـدا عليه الصالة والسالم ال لشي إال ألنه يأبى أن يسلم بأن تلـك ليسـت آلهـة ،فـإن هـذا لم يكن يعرف أنه يشرك في السلطان على الدنيا وما فيها أكثر من إله.!!.. ـون﴾ (الما ـدة :مـن اريـة ،)11معنـاه والزعم أن قوله تعالىَ ﴿ :ذلِ َ ـك ِبـأ ََّن ُه ْم قَ ْـوٌم الَّ َي ْع ِقلُ َ أنهم ال يعلمون أنهم مشركون إدخال على ارية ما ليس فيها. أما إنهم ال يعلمون فحق ،وصدق اهلل العئيم ،فهـم ال يعلمـون عئمـة اهلل وجاللـه ومـا يجب أن ينزه عنه من المثيل والشريك فهم قوم ال يعلمون. والــذ يطلــب مــن هـؤال المقــاتلين األمــان ليعــرف حقيقــة دعــوة اإلســالم ومــا جــا بــه
الرسول عليه الصالة والسالم ،جاهل ئاهره أنه غير معانـد وال متكبـر ،حـر بـأن يعلـم
ويعرف وتقام عليه الحجة ويوضح له األمر حتى يعلم بعد أن لم يكن يعلم.
يقول ابن كثير في تفسير هذه ارية" :يقـول اهلل تعـالى لنبيـه – صـلى اهلل عليـه وسـلم ين﴾ الــذين أمرتــك بقــاتلهم فأحللــت لــك اســتباحة نفوســهم ـن ا ْل ُم ْ شـ ِـرِك َ َحـ ٌـد ِّمـ َ َ ﴿ :وِا ْن أ َالم ِ اهلل﴾ أ اســـتَ َج َار َك﴾ أ اســـتأمنك فأجبـــه إلـــى طلبـــه ﴿ َحتَّـــى َي ْ وأمـــوالهم ﴿ ْ سـ َ ــم َع َكـــ َ َ ـه القرآن ،فاقرأه عليه ،وتذكر له شي ًا من أمر الدين تقيم بـه عليـه حجـة اهلل ﴿ثُ َّـم أَْبلِ ْغ ُ ـك ِبـأ ََّن ُه ْم ْم َن ُه﴾ أ هو آمن مسـتمر األمـان حتـى يرجـع إلـى بـالده وداره ومأمنـه ﴿ َذلِ َ َمأ َ ت أمـان مثـل هـؤال ليعلمـوا ديـن اهلل وتنتشـر دعـوة اهلل ون﴾ أ إنمـا َ ش َـر ْع ُ َق ْوٌم الَّ َي ْع َل ُم َ في عباده"[ .تفسير ابن كثير :جـ 2ا.]991
وبذلك سقط االستدالل بهذه ارية الكريمة على ما أرادوا االستدالل بها عليه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
128
أما نحن فنقول بفضل اهلل تعالى :إن األحكام إنما هي هلل وحـده ،فمـا سـماه اهلل تعـالى كفرا وشرًكا فهو كما قال اهلل تعالى. ً والــذ ال شــك فيــه ،أخـ ًذا بالنصــوا الثابتــة ،أنــه لــيس فــي النــاس إال مســلم أو كــافر
مشرك.
وليس في أحكام هذه الدنيا دون هاتين الصفتين صفة ثالثة. والمســلم هــو المــؤمن وقــد يكــون عاصـ ًـيا فاسـقًا ،وهــو مــا لــم تئهــر منــه ردة بــاق فــي أحكام هذه الدنيا من المسلمين المؤمنين. أيضا المبني على نصوا ثابتة كقـول رسـول اهلل – صـلى واإلجماع الذ ال شك فيه ً اهلل عليه وسلم " :-أمرت أن أقاتل الناس حتـى يشـهدوا أن ال إلـه إال اهلل ويؤمنـوا بـي
سلما ،وهو في هـذه الـدنيا وبما ج ت به ". .إلخ ..إن من لم ينطق بالشهادتين ليس م ً في عداد الكافرين المشركين.
أما المسلم – وكل من نطق بالشهادتين وقال إنه آمن بما جا به رسول اهلل – صلى
اهلل عليه وسلم – جملـة وعلـى الغيـب ،وبـر مـن كـل ديـن غيـر اإلسـالم فهـو ومسـلم، فهو إما مكلف أو غير مكلف. وغير المكلف ،المجنون أو غير البالا ،مرفوعة عنه األحكام. أما المكلـف ،فهـو العاقـل ،والبـد للعاقـل مـن قـدر مـن الفهـم والتمييـز والعلـم مهمـا قـل،
وعلى قدر فهمه وتميزه وعلمه يكـون إدراكـه لمعنـى الشـهادتين ومضـمونهما ،والـنقا
فــي فهمــه معنــى الشــهادتين ومضــمونهما ال يقــد فــي إســالمه ووجــوب حرمــة دمــه
وماله ،وعلى ال قـادرين تعليمـه ،فمـا أبلـا بـه مـن الحـق وقامـت عليـه بـه الحجـة وجـب عليه اعتقاده ،فـإن عانـد فهـو مرتـد كـافر ومشـرك ،وهـو قبـل ذلـك مسـلم معصـوم الـدم
والمــال مهمــا اعتــور فهمــه معنــى الشــهادتين ومضــمونهما مــن نقــا بســب جهلــه أو بسبب خط ه في تفهم النصوا ،وهو معذور بجهله وخط ه ،وقد سبق إيضا ذلك. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
129
أيضا :إن اهلل تعالى عاب على من لم يتبع الرسول عليه الصـالة والسـالم ثانيا :وقالوا ً ً خــوفهم مــن بطــا النــاس بهــم وتخطفهــم لهــم وحكــم بكفــرهم وذلــك رغــم تصــديقهم أنــه عليه السالم رسول وأن الذ جا به هو الهدي من اهلل عز وجـل ،فـدل ذلـك علـى أن
اتباع الرسول هـو العمـل بمـا جـا بـه وأنـه ال يعـذر أحـد بتخوفـه صـاحب السـلطان أن
يبطا به وأن ينكل بـه أن يتبـع ويعمـل وذلـك قولـه تعـالى عـز وجـلَ ﴿ :وقَـالُوا إِن َّنتَِّب ِـع ض َنا أَو َلم ُنم ِّكن لَّهم حرما ِ ف ِم ْن أَر ِ ـي ا ْل ُه َدي َم َع َك ُنتَ َخطَّ ْ ات ُك ِّل َ آم ًنا ُي ْج َبى إَِل ْي ِه ثَ َم َر ُ ْ ُْ ََ ً َ ْ َ شْ ون﴾ (القصا :ارية .)11 ِّرْزقًا ِّمن لَّ ُد َّنا َوَل ِك َّن أَ ْكثََرُه ْم َال َي ْع َل ُم َ
أيضا إن اهلل تعالى قد أعلمنا أن المستضعفين الـذين اتبعـوا كبـرا هم ولـم يتبعـوا وقالوا ً أمر اهلل ورسوله هم مـن الكفـار المشـركين الخالـدين فـي النـار ،وقـد نفـى تعـالى عـنهم
ـن َّ الن ِ ـاس اإليمان رغم أنهم كانوا مستضعفين خا فين ،وذلك مقتضى قولـه تعـالىَ ﴿ :و ِم َ ش ُّـد ح ِّبــا ِ ـب ِ ون ِ َمـن َيتَّ ِخـ ُذ ِمــن ُد ِ هلل َوَلـ ْـو َيـ َـري ادا ُي ِحبُّـوَن ُه ْم َك ُحـ ِّ اهلل أَْنـ َـد ً اهلل َوالَّـ ِـذ َ آم ُنـوا أَ َ ُ ين َ ِ ِ يد ا ْل َع َذ ِ ين يعا َوأ َّ اب أ َّ اهلل َ ش ِد ُ اب * إِ ْذ تََبَّأرَ الَّ ِـذ َ الَّ ِذ َ ين ئَلَ ُموا إِ ْذ َي َرْو َن ا ْل َع َذ َ َن ا ْلقَُّوةَ هلل َجم ً َن َ اب وتَ َق َّ َن ين اتََّب ُعـوا َل ْـو أ َّ اب * َوَق َ ـال الَّ ِـذ َ اتُِّب ُعوا ِم َن الَّ ِذ َ َس َب ُ ط َع ْت ِب ِه ُم األ ْ ين اتََّب ُعوا َوَأر َُوا ا ْل َع َذ َ َ س َـرات َع َل ْـي ِه ْم َو َمـا ُهـم َل َنا َك َّـرةً فَ َنتََب َّأ ـرَ ِمـ ْن ُه ْم َك َمـا تََب َّـرؤوا ِم َّنـا َكـ َذلِ َك ُي ِـري ِه ُم اهللُ أ ْ َع َمـا َل ُه ْم َح َ ِ ِ ين ِم َن َّ الن ِ ِب َخ ِ يعـا فَقَ َ ار ِج َ ُّـعفَا ُ ـال الض َ ار﴾ (البقـرة :اريـات َ ﴿ .)611 :614وَب َـرُزوا هلل َجم ً
اب ِ ون َع َّنا ِم ْن َع َذ ِ ش ْي َقالُوا َل ْـو اهلل ِمن َ استَ ْك َب ُروا إَِّنا ُك َّنا َل ُك ْم تََب ًعا َف َه ْل أَْنتُ ْم ُّم ْغ ُن َ لِلَّ ِذ َ ين ْ ص َـب ْرَنا َمـا َل َنـا ِمـن َّم ِحـيا﴾ (إبـراهيم :اريـة س َوا ٌ َع َل ْي َنا أ َ َج ِز ْع َنـا أ َْم َ َه َدا َنا اهللُ َل َه َد ْي َنا ُك ْم َ وه ُه ْم ِفي َّ الن ِ سوالَ * َوقَـالُوا هلل َوأَطَ ْع َنا َّ ب ُو ُج ُ ار َيقُولُ َ َ ﴿ .)21ي ْوَم تُ َقلَّ ُ الر ُ ون َيا لَ ْيتََنا أَطَ ْع َنا ا َ السـ ِبيال﴾ (األحـزاب :اريـات َ ﴿ .)11 :11وَل ْـو َضـلُّوَنا َّ َرَّب َنا إَِّنا أَ َ س َ ـادتََنا َو ُك َب َار َ َنـا َفأ َ ط ْع َنـا َ ين ـه ْم إَِلــى َب ْعــو ا ْل َقـ ْـو َل َيقُــو ُل َّالـ ِـذ َ ون َم ْوقُوفُـ َ تَـ َـري إِِذ الئَّــالِ ُم َ ـون ِع ْنـ َـد َرِّب ِهـ ْـم َي ْر ِجــعُ َب ْع ُ ضـ ُ ين ين * قَـ َ اســـتَ ْك َب ُروا لَـ ْــوالَ أَْنـــتُ ْم لَ ُك َّنـــا ُمـ ْ استُ ْ اســـتَ ْك َب ُروا لِلَّـ ِــذ َ ــال الَّـ ِــذ َ ــؤ ِم ِن َ ضـ ِــعفُوا لِلَّـ ِــذ َ ين ْ ين ْ ْ استُ ْ ِ ين ين * َوَق َ ـال الَّ ِـذ َ ص َد ْد َنا ُك ْم َع ِـن ا ْل ُه َـدي َب ْع َـد إِ ْذ َجـا َ ُك ْم َب ْـل ُك ْنـتُم ُّم ْج ِـرِم َ ْ ضعفُوا أََن ْح ُن َ ـار إِ ْذ تَأْمروَن َنـا أَن َّن ْكفُـر ِب ِ استَ ْك َبروا َب ْل م ْكر َّ اللْي ِـل َو َّ الن َه ِ ـه ـاهلل َوَن ْج َع َـل َل ُ استُ ْ ض ِعفُوا لَِّل ِذ َ ْ َ ُُ َ ُ ين ْ ُ َّ َع َنــا ِ ين َكفَـ ُـروا َهـ ْـل أَْنـ َـد ً ق الَّـ ِـذ َ اب َو َج َع ْل َنــا األ ْغ ـالَ َل ِفــي أ ْ ام ـ َة لَ َّمــا َأر َُوا ا ْل َع ـ َذ َ ادا َوأ َ َسـ ُّـروا الن َد َ ون﴾ (سبأ :من ارية َ ﴿ .)99 :91قالُوا إَِّن ُك ْم ُك ْنتُ ْم تَأْتُوَن َنا َع ِـن ُي ْج َز ْو َن إِ َّال َما َكا ُنوا َي ْع َملُ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
131
ا ْل َي ِم ِ ين﴾ (الصافات :اريـات .)21 :21وقـالوا إن اليمـين ين * قَالُوا َبل لَّ ْم تَ ُكوُنوا ُم ْؤ ِم ِن َ معناها القوة ،وآيات أخري في ذات المعنى. وأضافوا أن اهلل تعالى قد حكم بأن ما من إنسان إال ويبتليه اهلل فالبد من البال ،والبد
كاذبــا فــي ادعا ــه اإلســالم مــن تحمــل الــبال والصــبر عليــه واال كــان الشــخا منافقًــا ً واإليمان ،وذلك مقتضى قوله تعـالى﴿ :الـم * أ ِ ـب َّ آم َّنـا َحس َ َ الن ُ ـاس أَن ُي ْت َرُكـوا أَن َيقُولُـوا َ ــدقُوا َوَلـ َــي ْع َل َم َّن صـ َ ين ِمـــن قَـ ْــبلِ ِه ْم َف َلـ َــي ْع َل َم َّن اهللُ الَّـ ِــذ َ ــون * َوَل َقـ ْــد فَتََّنـــا الَّـ ِــذ َ َو ُهـ ْــم الَ ُي ْفتَُنـ َ ين َ ـاس مـن يقُـو ُل آم َّنـا ِب ِ ين﴾ (العنكبوت :اريات )9 :6إلى قوله ﴿ َو ِم َن َّ ـاهلل فَـِإ َذا ا ْل َك ِاذ ِب َ الن ِ َ َ َ ـاس َكعـ َذ ِ ِ ِ ُوذ ِفــي ِ اهلل َج َعـ َـل ِف ْت َنـ َة َّ ـك َل َيقُــولُ َّن إَِّنــا ُك َّنــا صـ ٌـر ِّمــن َّرِّبـ َ اب اهلل َوَلـ ْن َجــا َ َن ْ النـ ِ َ أ ِ َ ِ ص ُد ِ ين﴾ (العنكبوت :ارية .)61 ور ا ْل َعا َل ِم َ س اهللُ ِبأ ْ َع َل َم ِب َما في ُ َم َع ُك ْم أ ََو َل ْي َ
ونحن نقول بعون اهلل :إن كـالم اهلل تعـالى حـق والقـرآن الكـريم واألحاديـث الثابتـة عـن
رسول اهلل – صلى اهلل عليـه وسـلم – جميـع ذلـك وحـي مـن اهلل إلـى رسـوله وكـل ذلـك
بعضا ويبين كل منها المعنى المراد من باقيها جملة واحدة وعبارة واحدة يفسر بعضها ً وليس في أ جز من آية أو حديث صحيح ما ينافي أو يتعارو أو يختلف مع آيات ــر ِ ــن ِع ْنـ ِـد َغ ْي ِ يــر) اخ ِتالَفًــا َك ِث ًا ــدوا ِفيـ ِـه ْ ــان ِم ْ اهلل لَ َو َج ُ أو أحاديــث صــحا أخــرَ ﴿ ،ولَـ ْـو َك َ (النسا :من ارية .)12 وكل آيـات القـرآن الكـريم وأحاديـث الرسـول عليـه الصـالة والسـالم حـق واجـب اعتقـاده
والعمل به ،وليست هناك آية تقدم على آية أخري وال تطر آية من أجل آية أخري وال
حــديث مــن أجــل حــديث وال مــن أجــل آيــة ،إال مــا ثبــت بالــدليل الجــازم أنــه منســوخ: و ا ْل ِكتَ ِ ون ِب َب ْع ِ ـك ِمـ ْن ُك ْم إِالَّ ِخ ْـز ٌ ِفـي ون ِب َب ْعو َف َما َج َاز ُ َمن َي ْف َع ُل َذلِ َ اب َوتَ ْكفُُر َ ﴿أَ َفتُ ْؤ ِم ُن َ ِ ا ْلحي ِ ش ِّد ا ْل َع َذ ِ اة ُّ اب﴾ (البقرة :من ارية .)11 ُّون إَِلى أَ َ ام ِة ُي َرد َ ََ الد ْن َيا َوَي ْوَم ا ْلق َي َ
واإليمان في اللغة :لـيس مجـرد العلـم ،أ تـيقن الشـي علـى حقيقتـه أو بعبـارة أخـري ليس مجرد التصديق ،بل هو العقد بالقلب ،أ التصـديق بالقلـب والنطـق باللسـان بمـا
يفيد اإلقرار بما صدقه القلب ،فليس بمؤمن من قال بلسانه وهو وال يعتقد بقلبه وليس مقرا بلسانه. بمؤمن من استيقن بقلبه ولم ينطق ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
131
و ًأيا كان االختالف حول المعنـى اللغـو لكلمـة اإليمـان فـإن الـذ أسـلفناه هـو معناهـا الشرعي "مع اختالف حول ما إذا كانت األعمال تـدخل فـي مـدلول اإليمـان شـر ًعا علـى
ما سبق أن أشرنا إليه وما سنعرو له تفصيالً بعـد قليـل بـإذن اهلل"،ولـذا كـان البـد أن
محمـدا رسـول اهلل وأن مقـر ومعل ًنـا اعتقـاده أنـه ال إلـه إال اهلل وأن ينطق العبد بلسـانه ًا ً كل ما جا به رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم – حق من عند اهلل ولو كان اإليمان مجرد العلم وتيقن الـنفس لكـان فرعـون وملـؤه مـن المـؤمنين ،فقـد علمـوا واسـتيقنوا أن
موسى عليه السالم رسـول حـق مـن عنـد اهلل رغـم أنهـم أبـوا اإلقـرار بـذلك والنطـق بـه،
ـه ْم ئُْل ًمـا َو ُعلُـ ِّـوا﴾ (النحـل :مـن اريــة ،)64 قـال تعـالىَ ﴿ :و َج َح ُـدوا ِب َهــا َو ْ سُ اسـتَْيقَ َنتْ َها أَْنفُ ُ ولكانت اليهود والنصاري مؤمنين فقد عرفوا النبي عليه الصالة والسالم واسـتيقنوا مـن ذلك ومنهم من ذكر ذلك بلسانه ولكن ليس على سبيل التسليم واإلقرار بل علـى سـبيل ين آتَْي َن ُ ِ ـون أ َْب َنـا َ ُه ْم َوِا َّن فَ ِريقًـا ـاب َي ْع ِرفُوَن ُ ـه َك َمـا َي ْع ِرفُ َ الحكاية ،قـال تعـالى﴿ :الَّ ِـذ َ ـاه ُم ا ْلكتَ َ ون ا ْل َح َّ ون﴾ (البقـرة :اريـة ،)641وهـؤال إذ جحـدوا مـا علمـوه ق َو ُه ْم َي ْع َل ُم َ ِّم ْن ُه ْم َل َي ْكتُ ُم َ واستيقنوا منه وأبوا اإلقرار بلسانهم الحق والتسليم به كفروا ولم يكونوا مـن المـؤمنين،
وأصــل كلمــة الكفــر فــي اللغــة ،كمــا قــدمنا :التغطيــة والســتر ،فه ـؤال ضــاقت صــدورهم بالحق الذ عرفوه ،وأعرضت قلوبهم عن التسليم واإلقـرار بمـا اسـتيقنته ،فعملـوا علـى
تغطيته وستره عن أنفسهم وعـن غيـرهم وجحـدوا بـه وأبـوا اإلقـرار والنطـق بكلمـة الحـق
صدرا ،ونعوو باهلل من سو العاقبة. فهم ممن شر بالكفر ً
وهذا بيقين هو ذات الحال من قطع اهلل بكفـرهم مـن اريـات السـالف اإلشـارة إليهـا مـن
الضعفا الذين اتبعوا سادتهم وكبرا هم في الكفر والشرك ،إذ ال يعجـز أحـد مهمـا كـان
وشنيعا أن يعتقد ويؤمن بقلبه بالحق ويسـر إلـى ربـه ًا وكبير عئيما اإلكراه الواقع عليه ً ً مقر بالحق الذ وقر في قلبه ،إذ ال سلطان ألحد فـي تعالى ناطقًا بلسانه بالشهادتين ًا
أبدا أن يجد برهة وجيزة يتمتم فيها أبدا ،وال يعجز أحد ً الدنيا على ما في قلب اإلنسان ً مقر بالحق دون أن يسمعه أحد سوي مواله جل مسر إلى السميع البصير ًا بالشهادتين ًا شأنه ،وال يعجز عن ذلـك إال كـاذب دعـى قاصـد التـولي عـن الحـق واإلعـراو عنـه قـد
صدر لم يرد اهلل تعالى أن يهديه. شر بالكفر ًا
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
132
وذلك على وجه القطع واليقين هو شأن كل مستضـعف اتبـع سـادته وكبـرا ه ولـم يعقـد
اعما أن سلطا ًنا ما في األرو حال بينه وبين ذلك بقلبه وينطق شهادة الحق بلسانه ز ً ـاب﴾ (آل ﴿ َرَّب َنــا الَ تُـ ِـز ْ ـب لَ َنــا ِمــن لَّـ ُـد ْن َك َر ْح َمـ ًة إَِّنـ َ ـك أَنـ َ وب َنــا َب ْعـ َـد إِ ْذ َهـ َـد ْيتََنا َو َهـ ْ ـت ا ْل َو َّهـ ُ غ ُقلُ َ عم ـران :اريــة ،)1أمــا فيمــا عــدا عقــد القلــب والنطــق بشــهادة الحــق باللســان إق ـر ًا ار وتسليما فقد وردت النصوا الصريحة التي ال شـبهة فيهـا ،والتـي ال إشـكال فـي أنهـا ً اقعا تحت اإلكراه بأ كالم حتـى ولـو كـان ذلـك أباحت للمكره أن ينطق بلسانه ما دام و ً
كافر لو أنه قاله في غير إكراه ولم يستثن اهلل تعالى من ذلك الكالم مما كان يعتبر به ًا أيضا ما فيه بغي على الغير واضـرار بـه قـال تعـالى﴿ :إَِّن َمـا شي ًا إال عقد القلب فقط ،و ً ون * من َك َفر ِب ِ ِ ِ ون ِب ِ ِ اهلل ِمـن َب ْع ِـد َي ْفتَ ِر ا ْل َك ِذ َب الَّ ِذ َ ين َال ُي ْؤ ِم ُن َ َ َ آيات اهلل َوأُوَل َك ُه ُم ا ْل َكاذ ُب َ َ إيم ِان ِه إِالَّ َم ْن أُ ْك ِرهَ َوَق ْل ُب ُه ُم ْط َم ِن ِب ِ يم ِ ـب ان َوَل ِكن َّمن َ ص ْـد ًار فَ َع َل ْـي ِه ْم َغ َ ضٌ ش َـر َ ِبـا ْل ُك ْف ِر َ اإل َ َ الـد ْنيا علَـى ار ِ ِ ِ ِ َخ َـرِة َوأ َّ اهلل الَ اسـتَ َح ُّبوا ا ْل َح َيـاةَ ُّ َ َ ِّم َن اهلل َولَ ُه ْم َع َذ ٌ يم * َذل َك ِبأ ََّن ُه ُم ْ َن َ اب َعئ ٌ يه ِد ا ْل َقوم ا ْل َك ِ ين﴾ (النحل :اريات .)611 :611 اف ِر َ َْ َْ كذلك ال إشكال في أن النصوا أباحت للمكره أن يعمل كل ما اضطر وأكره على عمله
كافر لو أنه عمله في غير إكـراه ومـا دام اقعا تحت اإلكراه ،مما كان يعتبر به ًا ما دام و ً قلبه مطم ًنا باإليمان ،ولم يستثن اهلل تعالى من األعمال التي تبـا للمكـره إال مـا كـان فيه اعتدا على حقوق غيره من العباد طبقًا للنصوا التي سبق شرحها.
وقد أسلفنا الحديث الوارد في شأن عمار بن ياسـر ـ رضـي اهلل عنـه ـ ،وأنـه لمـا عذبـه
المشركون نطق بلسانه بما ال شك أنه كلمة الكفـر ،لـو لـم يكـن مكرًهـا حـال نطقـه بهـا مرتدا مشرًكا رضوان اهلل تعالى عليه ،وأن الرسـول عليـه الصـالة والسـالم مـا لكان بها ً
عمـار هـو الـذ أبلـا النبـي عليـه الصـالة والسـالم بمـا ًا علم بما نطق به عمار ،بل إن حدث ،فما زاد عليه الصالة والسالم على أن سأله عن حال قلبه فلمـا أجـاب بـأن قلبـه مطم ن باإليمان ،قال عليه الصالة والسالم" :فإن عادوا فعد" فكان التصريح منه عليه
تأكيدا بأن اإلكراه يبيح حتى كلمة الكفر. الصالة والسالم ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
133
أيضــا قــد أســلفنا مــا أورده القرطبــي بشــأن الــرجلين اللــذين أســرهما عيــون مســيلمة و ً الكذاب وأنهمـا أحضـرا إليـه فسـأل أولهمـا إن كـان يشـهد أنـه "أ مسـيلمة" رسـول مـن
عند ا هلل تعالى فأجاب بالموافقة وال شك أن هذه كلمة كفر صريحة من قالهـا فـي غيـر إكـــراه ارتـــد وكفـــر بإجمـــاع أمـــة المســـلمين وان الرســـول عليـــه الصـــالة والســـالم علـــم
بالموافقــة والــذ أعلمــه هــو ذاتــه الــذ نطــق بكلمــة الكفــر ،فلــم يعتبــره عليــه الصــالة
كافرا وانما أعلمه بأن العبرة باطم نان قلبه باإليمان. والسالم ً مرتدا ً والمقابلة بين اريات واألحاديث والجمع بينها واعمال كـل منهـا كمـا هـو الواجـب وعـدم إغفــال بعضــها واعمــال الــبعو دون الــبعو وهــو مــا ال يجــوز شــر ًعا ينتهــي بنــا إلــى إحدي نتيجتين ال ثالث لهما:
األولى :وهو ما نقول بـه ،أن اريـات الـواردة فـي شـأن عـذاب المستضـعفين والمبتلـين الــذين حكــم اهلل بكفــرهم خاصــة أول ــك الــذين انشــرحت صــدورهم بــالكفر وجحــدوا الحــق
الذ عرفوه واستيقنوا منه ،فستروه عن أنفسهم وحجبوه عن قلـوبهم فلـم يعقـدوا عليـه
قلــوبهم ،ويقــروا نــاطقين بــه بألســنتهم أو الــذين بعــد مــا عقــدوا قلــوبهم علــى اإليمــان
ونطقوا مقرين به مالت عنه نفوسهم وانفرط عقد قلوبهم فانقلبوا على وجوههم خسروا ِ ين﴾ (الحج :من ارية .)66 ان ا ْل ُم ِب ُ س َر ُ الدنيا وارخرة ﴿ َذل َك ُه َو ا ْل ُخ ْ الثانيــة :أن يقــال إن اريــات ال ـواردة فــي شــأن المستضــعفين المبتلــين الــذين حكــم اهلل بكفرهم قد نسخت اريات واألحاديث الخاصـة بـاإلكراه وحكـم المكـره وهـذه تكـون دعـوي
بال برهان وقوالً ال دليل عليه إذ نسخ األحكام ال يكون إال بالنا الصريح أو وحيث ال
يمكن إعمال النصوا كلها مع بعضها علـى أيـة حـال مـن األصـول أو بـأ وجـه مـن
الوجوه ،ألننا مأمورون بطاعـة اهلل وذلـك بإعمـال كافـة نواهيـه وأوامـره وأحكامـه ،ومـن العصيان أن يعطل النا وال ينفذ مع إمكان العمل به. واألمة جميعها مجمعة على أن آيات وأحاديث وحكم المكره لم يلحقها أ نسخ.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
134
وأنه لمما يتعين تقريره أن اريات التي صدرنا بها كالمنا هذا ليست كلها حاكمـة بكفـر
مــن توعــدهم اهلل بالعــذاب مــن المستضــعفين والمبتلــين ،ومــن المعلــوم أن المســلم قــد يعـــذب فـــي نـــار جهـــنم فيقـــتا اهلل منـــه بعدلـــه بعـــد الموازنـــة إذا مـــا رجحـــت ســـي اته
بحسناته ،ثم يخرجه بعد ذلك من النار بفضله ورحمته وبشفاعة الشافعين. وليس كل ضعيف متبع لسادته وكب ار ـه بمكـره وهـذا واقـع محسـوس ملمـوس فـي وقتنـا
هــذا ،فــإن الكثيــرين مــن الضــعف ا يحــاكون أصــحاب الجــاه والســلطان والنفــوذ لضــعف نفوسهم يتبعونهم ويقلدونهم في ملبسهم وعاداتهم واحتفـاالتهم واجتمعـاتهم وغيـر ذلـك رغم ما فيها من عصيان هلل عز وجل وخرو عن أحكام الشريعة الغـرا كـل ذلـك وهـو
غير مكرهين وال مضطرين إنما هو وحب الدنيا وتسلط الشهوات. واذا ك ان المكره مبتلى باإلكراه الواقع عليه ،فليس اإلكراه هو الصورة الوحيدة لالبـتال
وليس كل ابتال إكراه وقد يكون االبتال بمـا يـؤذ ويحـزن ويـؤلم كفقـد المـال وذهـاب الجــاه والســلطان وضــيق العــيا وتفــرق األحبــاب واألنصــار والمــرو ومــوت الزوجــة
والولد إلـى غيـر ذلـك ،وقـد يكـون االبـتال بعكـس ذلـك مـن إقبـال الـدنيا وكمـال الصـحة والعافية وسعة العيا وقوة السلطان وكثرة األحباب واألنصار ،وجميع ذلـك ال يقـع فـي
اللغــة تحــت اســم اإلك ـراه أو االضــطرار وهــو كلــه ابــتال مــن اهلل عــز وجــلَ ﴿ :وَنْبلُــو ُكم ِب َّ ـك سـى َرُّب ُك ْـم أَن ُي ْهلِ َ الشِّر َوا ْل َخ ْي ِر ِف ْت َن ًة َوِالَ ْي َنـا تُْر َج ُع َ ـون) (األنبيـا :مـن اريـة َ ﴿ ،)91ع َ ستَ ْخلِفَ ُك ْم ِفي األ َْر ِ ون) (األعراف :من ارية .)629 و فَ َينئَُر َك ْي َ ف تَ ْع َملُ َ َع ُد َّو ُك ْم َوَي ْ ونستدرك ما فاتنا فنقول بعون اهلل :إن اهلل عز وجل قـد قطـع بـنا واضـح مفسـر فـي
ـق المطمـ ن قلبــه باإليمـان معــذور شـأن المستضــعفين وحكـم تعــالى أن المستضـعف حـ ً ئـالِ ِمي ال ِ َكـ ُة َ ـاه ُم ا ْل َم َ ين تََوفَّ ُ وليس بكافر وال عاا ،بل مغفور له ،قال تعالى﴿ :إِ َّن الَّ ِذ َ اهلل و ِ و ِ ِ ِ ين ِفي األ َْر ِ اس َـع ًة و قَالُوا أَلَ ْم تَ ُك ْـن أ َْر ُ ستَ ْ ض َع ِف َ يم ُك ْنتُ ْم قَالُوا ُك َّنا ُم ْ َ أَْنفُس ِه ْم قَالُوا ف َ اهم جه َّنم وسـا ْت م ِ ِ َفتُه ِ ِ ـير) (النسـا :اريـة .)91ثـم اسـتثنى ص ًا اج ُروا ف َ َ يها َفأُوَل َك َمأ َْو ُ ْ َ َ ُ َ َ َ َ عز وجل من جملة هؤال المستضعفين ح ًقا ،المكرهين فعالً المطم نة قلـوبهم باإليمـان ان الَ ي ِ الن ِ الر َج ِ ون ين ِم َن ِّ ستَ ْ ون ِحيلَـ ًة َوالَ َي ْهتَ ُـد َ يع َ ض َع ِف َ سا َوا ْل ِوْل َد ِ َ ْ فقال﴿ :إِالَّ ا ْل ُم ْ سـتَط ُ ال َو ِّ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
135
ـور﴾ (النســا :اريــات ـان اهللُ َعفُـ ِّـوا َغفُـ ًا سـ ِبي ً ال * فَأُوَل ِـ َ ســى اهللُ أَن َي ْعفُـ َـو َعـ ْن ُه ْم َو َكـ َ ـك َع َ َ .)99-91 مفسر لغيره من آيات المستضعفين فصح بتوفيق اهلل ما سبق أن قلناه. وهذا النا ِّ
الفصل السابع الطاعة واالتباع قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه" :سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات من القرآن فخذوهم بالسنن ،فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب اهلل عز وجل" [األحكام في
أصول اإلحكام البن حزم :جـ 2ا.]641 قال البعو:
كافرا مشرًكا متى أطاع من لم يحكم بما أنزل اهلل تعالى واتبعه. إن المسلم يرتد ً والطاعة واالتباع يكونان – حسبما قالوا – بالعمل دون النئر إلى النية واالعتقاد. وقالوا إن الشخا متى عمل عمالً مما دعا إليـه ارمـر بغيـر مـا أنـزل اهلل فإنـه يكـون ربا من دون اهلل عز وجل سوا : مطيعا ومتبعا له متخ ًذا له ً ً ً
-6
عمل العمل وهو معتقد خطأ أن ارمر إنما بحكم حكم اهلل به ،أو أبا اهلل تعـالى
له أن يأمر به. -2أو عمــل بــأمر ارمــر وهــو عــالم أن ارمــر إنمــا يــأمر بخــالف حكــم اهلل ومعتقــد أن ارمر ال يملك أن يغير حكم اهلل تعالى ،وأن عمله تنفيـ ًذا ألمـر ذلـك ارمـر عصـيان اهلل
تعالى.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
136
-9أو عمل بأمر ارمـر وهـو عـالم بـأن ارمـر يـأمر بخـالف حكـم اهلل ولكنـه يعتقـد أن ذلك ارمر لقداسته وفضله لـه أن يحـل مـا حـرم اهلل ،أو يحـرم مـا أحلـه اهلل ،وأن يـأمر
بخالف حكم اهلل ،وأن طاعته واتباعه أمر واجب دون نئر إلى أمر اهلل. مسـلما يـؤمن بـأن اهلل تعـالى هـو الخـالق لكـل شـي وضربوا لـذلك مـثالً فقـالوا :لـو أن ً حريصـا علــى اتبــاع دونـه ،وأنــه تعـالى هــو الحـاكم وال حــاكم سـواه ،وكــان ذلـك المســلم ً
أوامر اهلل واجتناب نواهيه قا ًما بالفرا و من صالة وزكـاة وصـيام وحـج ثـم إنـه نزلـت به نازلة ال يعرف حكم اهلل فيها وهو غير قادر على النئر في األدلة واستنباط األحكام
مشـهودا لـه بالفقـه والـورع عـن حكـم اهلل فيمـا نـزل بـه فأفتـاه ذلـك عالمـا منها ،فسـأل ً ً العالم فأخطأ ولم يصب حكم اهلل في الحقيقة ،ثـم إن ذلـك المسـلم المسـتفتي اعتقـد أن ذلك الحكم الذ أفتاه به من وثق به هو حكم اهلل فعمل به على عقيـدة أنـه إنمـا ينفـذ
ربـا لـه حكم اهلل – قالوا إنه يكون بعمله هذا قـد أشـرك بـاهلل تعـالى واتخـذ ذلـك المفتـي ً من دون اهلل.
ـارُه ْم َوُرْه َبـا َن ُه ْم أ َْرَب ًابـا ِّمـن ُد ِ ون واحتجوا لذلك الذ قالوه بقـول اهلل تعـالى﴿ :اتَّ َخـ ُذوا أ ْ َح َب َ ِ ِ يح ْاب َن َم ْرَي َم﴾ (التوبة :من ارية ،)96وبحديث عد بن حاتم وأنه لما قـال اهلل َوا ْل َمس َ للرسول عليه الصالة والسالم :إنهم لم يعبدوهم فإنه عليه الصالة والسالم قال حسـبما
قـال ابـن كثيـر فــي تفسـيره للقـرآن" :بلــى إنهـم حرمـوا علـيهم الحــالل وأحلـو لهـم الحـرام
فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم" وقـالوا االتبـاع كـان العمـل بمـا قـال بـه الرهبـان واألحبـار دون نئر إلى ما اعتقده العامل وأن تلك هي الطاعة ،وأن نا ارية الكريمة قد سوي
بين ربوبية طاعة األحبار والرهبان بالعمل بما أمروا به وبربوبية االعتقاد وأن المسـيح ابن اهلل ،وأن ذلك دليل على أن العمل واالعتقاد في حكم الشريعة متساويان يؤد كـل
منهم إلى الوقـوع فـ ي الشـرك ،وأنـه ممـا يؤكـد ذلـك أن اريـة الكريمـة فيهـا الحكـم علـى
أربابــا مــن دون اهلل دون اســتثنا جميــع اليهــود والنصــاري باتخــاذهم األحبــار والرهبــان ً أحد منهم ودون تفرقة بين المخط وغير المخط والمعتقد وغير المعتقد.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
137
أيضـا بقـول اهلل تعـالى﴿ :إَِّنمـا َّ ـادةٌ ِفـي ا ْل ُك ْف ِـر﴾ (التوبـة :مـن اريــة الن ِسـي ُ ِزَي َ واحتجـوا ً َ أيضا وقد حكم اهلل بكفر مرتكبه. ،)91وقالوا إن النسي عمل ً اهلل فَـاتَِّب ُعوِني ُي ْح ِب ْـب ُك ُم اهللُ َوَي ْغ ِف ْـر َل ُك ْـم أيضا بقوله تعالىُ ﴿ :ق ْل إِن ُك ْنتُ ْم تُ ِحب َ واحتجوا ً ُّـون َ ِ ِ َّ ــب اهلل الَ ُي ِحـ ُّ اهلل َو َّ سـ َ ُذنُـ َ الر ُ ــيم * ُقـــ ْل أَط ُ ــول فـــِإ ْن تََولـ ْــوا فَـــِإ َّن َ يعـــوا َ ــوب ُك ْم َواهللُ َغفُـ ٌ ــور َّرحـ ٌ ا ْل َكـ ِ ين﴾ (آل عم ـران :اريــات ،)92-96وقــال إن االتبــاع هــو والعمــل بمــا جــا بــه ـاف ِر َ الرسول – صلى اهلل عليه وسلم ،-ومن لم يعمـل بمـا جـا بـه عليـه الصـالة والسـالم
فهو لم يتبعه فهو قد تولى فهو من الكافرين.
اهلل علَ ْيـ ِـه وِا َّنـ ُ ِ كــذلك احتجـوا بقولــه تعــالى﴿ :والَ تَـأْ ُكلُوا ِم َّمــا لَــم يـ ْذ َك ِر اســم ِ ـق َوِا َّن سـ ٌ َ ْ ُ ـه لَف ْ َ َ ُْ ـون إَِلــى أَولِيـا ِ ِهم لِيجـ ِ الشـي ِ ون﴾ (األنعــام: ـادلُو ُك ْم َوِا ْن أَ َ ـوه ْم إَِّن ُك ْـم َل ُم ْ ط ْعتُ ُمـ ُ شـ ِـرُك َ وحـ َ اط َ ْ َ ْ َُ ين َل ُي ُ َّ َ
اريــة .)626وقــالوا إن الطاعــة المقصــودة باريــة هــي األكــل ممــا حرمــه اهلل بصــرف النئر عن عقيدة اركل واذا كان المسلم يرتد مشرًكا إذا أطاع في أكل قطعة من اللحـم
ال تسمن وال تغني من جوع فكيف إذا أطاع فيما هو وأعئم من ذلك شأ ًنا؟. وكل ذلك الذ احتجوا به ال حجة لهم فيه.
ـن ِ ِ ـن ِ وارية الكريمـة﴿ :وقَالَ ِ ـت َّ ـك اهلل َذلِ َ اهلل َوقَالَ ْ ـت ا ْل َي ُه ُ ـيح ْاب ُ ـود ُع َزْي ٌـر ْاب ُ ـاري ا ْل َمس ُ الن َ َ صَ ض ِ َقولُهم ِبأَفْو ِ ـون * اتَّ َخـ ُذوا ين َك َف ُروا ِمن َقْب ُل َق َ ـات َل ُه ُم اهللُ أ ََّنـى ُي ْؤفَ ُك َ ون َق ْو َل الَّ ِذ َ اه ُ َ اه ِه ْم ُي َ ْ ُ َ ـن مــريم ومــا أ ِ ِ َحبــارُهم ورْهبــا َنهم أَربابــا ِّمــن ُد ِ ِ ُمـ ُـروا إِالَّ لِ َي ْع ُبـ ُـدوا إَِل ًهــا ون اهلل َوا ْل َمسـ َ أ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُْ َْ ً ـيح ْابـ َ َ ْ َ َ َ َ وِ احـ ًـدا الَّ إِلَـ َ َّ ون﴾ (التوبــة :اريــات .)96-91هــذه اريــة سـ ْـب َحا َن ُه َع َّمــا ُي ْ شـ ِـرُك َ ـه إِال ُهـ َـو ُ َ ين آتَْي َن ُ ِ ـون * َوِا َذا ُي ْت َلـى اب ِمـن َقْبلِ ِـه ُهـم ِب ِـه ُي ْؤ ِم ُن َ بمقابلتها بقوله تعـالى﴿ :الَّ ِـذ َ ـاه ُم ا ْلكتَـ َ ِِ ِ علَ ْي ِهم قَالُوا آم َّنا ِب ِه إَِّن ُه ا ْلح ُّ ِ ين﴾ (القصـا :اريـات سـلِ ِم َ َ ق من َّرِّب َنا إَِّنـا ُك َّنـا مـن قَْبلـه ُم ْ َ ْ َ عامـا فـي جميـع اليهـود والنصـاري ألن .)19-12يبين أن حكم كـل مـن اريتـين لـيس ً هؤال الذين لعـنهم الـه ،وقـال جـل شـأنه إنهـم اتخـذوا أحبـارهم ورهبـانهم والمسـيح ابـن
قطعا وبدون أدنى شك غيـر هـؤال الـذين أخبرنـا تعـالى مريم ً أربابا من دونه تعالى هم ً أنهم كانوا قبل بعثة المصطفى عليه السالم ومن قبل نزول القـرآن مسـلمين يؤكـد ذلـك ون ِ ِ اب أ َّ ِ َه ِل ا ْل ِكتَ ِ ون * قوله تعالىِّ ﴿ :م ْن أ ْ ـج ُد َ سُ ُم ٌة قَا َم ٌة َي ْتلُ َ َ آيـات اهلل آ َنـا َ اللَّْي ِـل َو ُه ْـم َي ْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
138
ِ ِ ِ سـ ِ ون ِفــي ـار ُع َ ْم ُر َ ُي ْؤ ِم ُنـ َ ون ِبــا ْل َم ْع ُروف َوَي ْن َهـ ْـو َن َعـ ِـن ا ْل ُم ْن َكـ ِـر َوُي َ ـون ِبــاهلل َوا ْل َيـ ْـوِم ارَخـ ِـر َوَيـأ ُ ِ ِ ا ْل َخ ْير ِ ين﴾ ات َوأُولَ ِ َك ِم َن َّ يم ِبـا ْل ُمتَّ ِق َ الصالِ ِح َ َ ين * َو َما َي ْف َعلُوا م ْن َخ ْير َفلَ ْن ُي ْكفَ ُروهُ َواهللُ َعل ٌ
(آل عمران :من اريات .)661 :669فالذين أعلمنا اهلل تعالى أنهم من الصالحين هم يقي ًنا وبغير أدنى شك طا فـة غيـر التـي لعنهـا اهلل تعـالى وقضـى أنهـا أشـركت واتخـذت أربابا من دون اهلل. ًا أحبارها ورهبانها وعزير والمسيح ً
فصح يقي ًنا أن آيـة سـورة البـرا ة ليسـت حاكمـة علـى اليهـود والنصـاري كافـة بـل علـى الطا فة منهم التي أشركت فقط. واالتباع في اللغة :هو واالمتثال والطاعة. والطاعة في اللغة :هي العمل باألمر. والطاعة في الشرع :العمل تنفي ًذا لألمر مـع النيـة واالعتقـاد وهـذا صـريح مـا قضـى بـه الرسول عليه الصالة والسالم ،في حديث عمر بن الخطاب رضي اهلل تعالى عنـه قـال:
سمعت رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسـلم – يقـول" :إنمـا األعمـال بالنيـات وانمـا لكـل
امــر مــا نــوي ،فمــن كانــت هجرتــه إلــى اهلل ورســوله فهجرتــه إلــى اهلل ورســوله ،ومــن
كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ،فهجرته إلـى مـا هـاجر إليـه" [متفـق عليـه أورده صاحب رياو الصالحين وسبق ذكـره بألفـائ أخـري] .وهـذا الحـديث متفـق علـى
صحته وهو متواتر من حيث المعنى ألنه قد رو عن طرق مختلفة متفرقة بألفـائ قـد جميعا متفقة من حيث المعنى. وقع اختالف في بعو أحرفها إال أنها ً وطبقًا لنا الحديث فإن األعمـال المـأمور بهـا والمنهـي عنـه فـي الشـرع إذا مـا أتاهـا العبد فإن المدار في حكمها يتوقف على نيته "وانما لكل امر ما نوي".
مطيعـا لمـن نقـل متبعـا أو فمن قصد طاعة اهلل تعالى وتنفيذ حكمـه فإنـه ال يكـون ً ً أبـدا ً أبـدا أن يكـون الناقـل إليه ذلك الحكم أو وأمره به أو وأفتاه به ،وال يغير من ذلـك شـي ًا ً أو ارمر أو المفتي قد أصاب حكم اهلل في الحقيقة أو أخطأه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
139
والذ قصد طاعة شخا ما وتنفيذ أمره فيما يـدين بـه ولـو خـالف أمـره أمـر اهلل فهـو
ومتبع له في المعنى الشرعي ،وال يغير من ذلك شي ًا أن يكون ذلـك الشـخا قـد أمـره بما وافق حكم اهلل أو خالفه. والذ يعتقد أن ارمر لـه ال يملـك تبـديل شـريعة اهلل وأن أمـره علـى خـالف شـريعة اهلل
باطل ال يحرم ما أحل اهلل وال يحل ما حرم اهلل ،وأنه إن عمل بمقتضى أمـر ذلـك ارمـر
فإنــه يكــون عاصـ ًـيا هلل تعــالى فعملــه بمقتضــى أمــر ذلــك ارمــر أو المفتــي ال يكــون لــه ربا من دون اهلل تعالى يسـتثني مـن ذلـك األعمـال متبعا بالمعنى الشرعي وال متخ ًذا له ً ً التي ورد بشأنها نا بأن فاعلها ينتفي عنه اسم اإليمان دون نئر إلى نيته وعقيدته
رغم نطقه بالشـهادتين ،فقـد نـا رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – علـى أن مـن
هـاجر حــين أمـر – صــلى اهلل عليـه وســلم – بــالهجرة وهـو إنمــا قصـد دنيــا يصــيبها أو امرأة ينكحها فإن هجرته كانت لما هاجر إليه ،أ أنهـا لـم تكـن طاعـة هلل ورسـوله وال
اتباعا هلل ورسوله ،وال يختلف مسلمان أن من جا من أقصـى األرو مـتحمالً مشـاق ً مرتديا مالبس اإلحرام وطاف وسعى ووقف ،بعرفات في التاسع مـن ذ الحجـة السفر ً ثم أفاو إلى المزدلفة ثم إلى منى فرمى الجمـرات وأقـام بهـا يـومين ثـم طـاف بالبيـت،
متبعـا أمـر اهلل ورسـوله وال إنه إن فعل ذلك ً معتقدا بطالن شريعة الحـج فإنـه ال يكـون ً َح َب َارُه ْم َوُرْه َبا َن ُه ْم مطيعا لها بالمعنى الشرعي ،وارية الكريمة من سورة برا ة ﴿اتَّ َخ ُذوا أ ْ ً ون ِ أ َْرَب ًابا ِّمن ُد ِ اهلل﴾ (التوبة :من ارية ،)96ليس فيها ذكر للعمل وال إشارة إليه إنما
فيهــا الــنا علــى "االتخــاذ" ،واالتخــاذ يــتم بمجــرد النيــة واالعتقــاد دون عمــل ،فمجــرد اعتقاد شخا وجوب أن يدين ألمر شخا آخر ولو خالف أمره أمر اهلل كاف ليكـون
ربا من دون اهلل. قد اتخذه ً وحــديث عــد بــن حــاتم بــاللفئ ال ـوارد فــي تفســير ابــن كثيــر "بلــى إنهــم حرم ـوا علــيهم
أيضا ذكر للعمـل وانمـا فيـه ذكـر االتبـاع، الحالل وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم" ليس فيه ً واالتباع المعتبر شر ًعا البد فيه من النية واالعتقاد. واالعتقاد :فعل النفس منفردة ال شركة للجسد معها فيه. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
141
والعمل :فعل النفس بتحريك الجسد فهو شـي آخـر غيـر االعتقـاد ،وقـد فـرق الرسـول عليه الصالة والسالم بينهما بقوله" :إنما األعمـال بالنيـات" فجعـل النيـة وهـي االعتقـاد
غير العمل. والحديث الذ ذكره ابن كثير لم يورد سنده المتصل إلى رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه
مسندا عن وسلم ،-وقد رواه ابن حزم والترمذ والطحان والكوفي وابن جرير الطبر ً الثقـات العـدول إلـى الرسـول عليـه الصـالة والسـالم بـاللفئ الـذ سـبق أن ذكرنـاه وهـو
و"كـانوا يحلــون لكـم الحـرام فتســتحلونه ويحرمـون علــيكم الحــالل فتحرمونـه" قلــت بلــى. قال" :فتلك عبادتهم".
واالستحالل والتحريم يتمان بمجرد العقيدة فقط دون عمل فمن اعتقـد أن الخمـر حـالل
حرمـه ولـو لـم يكـن امـا فقـد ّ فقد استحلها ولو لم يذق منها قطرة ومن اعتقد الطالق حر ً متزوجا ولم تكن له امرأة يطلقها ،وطبقًا لكـل مـن الـروايتين فـإن التحـريم ال يكـون فيـه ً
أبـدا ألنـه امتنـاع عـن عمـل ،فكيـف يصـح القـول أن العبـرة بالعمـل دون العقيـدة، عمل ً وكيف يكون اتباع الرهبان واألحبار فيما حرموه بغير عقيدة وغير عمل. والحـق أن اريـة الكريمـة قـد سـوت ال بـين عمـل وعقيـدة وانمـا بـين عقيـدتين جوهرهمـا
ـر ابـن اهلل والمســيح ابـن اهلل واالعتقــاد والقــول إن واحـد :بــين االعتقـاد والقــول إن عزيـ ًا للرهبــان واألحبــار قداســة وعصــمة توجبــان االتبــاع واالنقيــاد لهمــا ،ولــو خــالف أمرهمــا شريعة اهلل.
ال والمشاهد فهم يسمون "بابهم" "قداسة البابا" والقداسـة فـي وهذا هو واألمر الواقع فع ً اللغة هي الطهارة أ أنه هو الطهارة بعينها وهم يعتقدون عصمته فهو وفـي نفوسـهم
ار بتحـريم وسـا ل منـع الحمـل والمعـروف لـدي ال يخط ومنذ مدة غير بعيدة أصدر قـر ًا امــا، كافــة أتباعــه أنــه لحــين صــدور ق ـراره بتحريمهــا فقــد أصــبحت طب ًقــا لعقيــدتهم حر ً
مباحـا وأنـه لـيس فـي أيضا والثابت ً والمعروف ً تاريخا أن الطالق كان لدي المسيحيين ً أناجيلهم ما يحرمه ثم اجتمع مجلس كنسي فحرم "قرر تحريمه" الطالق فأصبحت تلـك عقيدتهم. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
141
ونحــن نســأل الــذين قــالوا :إن العبــرة بالطاعــة بمعنــى العمــل دون العقيــدة ،مــاذا يكــون لزوما موقف مسلم أفتاه مفت أن الطالق حرام أو وأمره حاكم أال يطلق زوجته ،أيكون ً
ربــا مــن دون اهلل؟ أم أنــه إذا ـع لــه دون اهلل ومتخـ ًذا لــه ً عليــه أن يطلقهــا واال كـان متبـ ً ربا ولو لم يطلق زوجته؟. اعتقد فساد الفتوي وبطالن األمر فإنه ال يكون متخ ًذا له ً أيضــا :مــا الحكــم إذا مــا أفتــى مفــت أو قــرر حــاكم أن الخمــر حــالل فاعتقــد ونســألهم ً شخا ذلك ،وأنها قد باتت حالالً له أن يشربها رغم علمه أن اهلل قد حرمها..؟ أيكون ربــا مـن دون اهلل أم ال .سـوا شـربها أم لــم ذلـك الشـخا قــد اتخـذ المفتــي أو الحـاكم ً أحدا سوف يزعم أنه ما دام لـم يعمـل ولـم يشـرب الخمـر فإنـه ال يشربها..؟ ال نئن أن ً متبعا فال مرا أنه باستحالله الخمر ،طاعة لذلك المفتي أو الحاكم من دون اهلل يكون ً ربا من دون اهلل سوا أنفذ الفتوي أو األمر فشرب أم لم يشرب. فإنه يكون قد اتخذه ً فالمدار إذن على النية واالعتقاد ال على العمل المجرد عن النية واالعتقاد. أيضـا :مـا الفـرق بـين حكـم مسـلم فـي بلـد تسـوده وتنفـذ فيـه أحكـام الشــريعة ونسـألهم ً اإلسالمية فشرب الخمر وهـو معتقـد حرمتهـا ،وبـين حكمـه إذا شـربها فـي بلـد ملحـد ال أيضـا معتقــد حرمتهــا وأن شــريعة تلـك البلــد التــي صــادف يـدين لحــالل أو حـرام ،وهــو و ً وجــوده بهــا شــريعة باطلــة..؟ وأ نــا مــن كتــاب اهلل وســنة رســوله تســتندون إليــه للتفرقــة بــين الحــالتين حتــى تســتجيزون قــولكم إنــه بعملــه فــي البل ـد الملحــد قــد اتبــع
أربابا من دون اهلل؟. شريعتها واتخذ حكامها ً
فإن قلتم إنه حين يشرب الخمر في البلد الذ تسـوده أحكـام الشـريعة اإلسـالمية فإنـه
خاضعا لها وتوقّع عليه العقوبة الشـرعية ،قلنـا إن الحكـم إنمـا يكـون علـى حالـه يكون ً وقت شربه الخمر ،أما توقيع العقوبة فأمر الحق لفعله وال دخل إلرادته فيه وغيـره هـو المس ول عنه ،واألحكام إنما تصف الشخا وتلحقه وقت مقارفتـه مـا عمـل وال تتغيـر
بما يلي عمل العامل من أعمال يقوم بها غيره وال دخل إلرادته فيها.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
142
أيضا إن المسلم قد يشرب الخمر في بلد تسوده أحكام الشريعة اإلسالمية ثم ال ونقول ً يئهر أمره فـال توقـع عليـه عقوبـة ،وقـد عـرو رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – لهذه الحالة فقال في حديث عبادة بن الصامت الذ سبق أن أوردنا نصه" :ومن أتـى
حدا فأقيم عليه فهو كفارة لـه ،ومـن سـتر اهلل عليـه فـأمره إلـى اهلل إن شـا عذبـه وان ً شا غفر له".
واليقين الذ ال شك فيه هو مـا أخبرنـا بـه رسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم – مـن أن أعمــال الشــخا متوقــف الحكــم عليهــا علــى نيتــه هــو وال علــى نوايــا غيــره وعلــى
مقصده هو فيها ال على مقاصد غيره وعلى عقيدته هو ال على ما اعتقده سواه. فإن قال قا ل :فكيف يكون حكمنا في هذه الدنيا علـى أعمـال النـاس وأنـتم تقولـون إن النية هي عمل النفس المجرد الذ ال يطلع عليه إال عالم األسرار جل شأنه؟. قلنا إن الرسول عليه الصالة والسالم أمرنا أن نحكم في هذه الدنيا بئاهر حال النـاس
وبما يقوله المر بلسانه ،قال خالد بن الوليد لرسـول اهلل – صـلى اهلل عليـه وسـلم :-
"وكم من مصل يقول بلسانه مـا لـيس فـي قلبـه ،فقـال عليـه الصـالة والسـالم" :إنـي لـم أومـــر أن أنقـــب عـــن قلـــوب النـــاس وال أشـــق بطـــونهم" [المحلـــى البـــن حـــزم :جــــ66
ا ،]221وســبق أن قــدمنا البرهــان مــن عمــل رســول اهلل – صــلى اهلل عليــه وســلم – علــى أن مــن شــهد أن ال إلــه إال اهلل وأن محمـ ًـدا رســول اهلل ،فإنــه إن خــالف بعــد ذلــك عاصيا والفرو أنه لم يستحل مخالفة الـنا ولـم يجحـد بـه إال نصا فإنه يكون ً بعمله ً أنه يقول هو بلسانه ما يدل على جحده واستحالل العمل على خالف النا.
واذا صــح مــا قــدمنا بالبرهــان مــن كتــاب اهلل وســنة رســوله عليــه الصــالة والســالم فإنــه
يكــون اليقــين المقطــوع بــه أن الطا فــة التــي لعنهــا اهلل تعــالى مــن اليهــود والنصــاري
أربابا من دونه تعالى هي الطا فـة التـي اعتقـدت أن ًا التخاذها عزير والمسيح والرهبان ً ـر ابــن اهلل وأن المســيح ابــن اهلل أو أن األحبــار والرهبــان واجــب طــاعتهم واالنقيــاد عزيـ ًا المطلق ألمرهم ولو جا أمرهم على خالف أمر اهلل.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
143
قـــال اإلمـــام ابـــن تيميـــة فـــي كتابـــه اإليمـــان [كتـــاب اإليمـــان طبعـــة دار أنصـــار الســـنة
المحمديــة :ا" :]49-46قــال الربيــع بــن أنــس قلــت ألبــي العاليــة كيــف كانــت تلــك الربوبية في بنـي إسـرا يل قـال :كانـت الربوبيـة أنهـم وجـدوا فـي كتـاب اهلل مـا أمـروا بـه
ونهـوا عنــه ،فقــالوا لــن نســبق أحبارنــا بشــي فمــا أمرونــا بــه ا تمرنــا ومــا نهونــا عنــه انتهينا لقولهم ،فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب اهلل ورا ئهورهم".
أربابا حيث أطاعوهم في تحليـل مـا وقال ً أيضا" :وهؤال الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ً حرم اهلل وتحريم ما أحل اهلل يكونون على وجهـين :أحـدهما أن يعلمـوا أنهـم بـدلوا ديـن اتباعــا اهلل فيتبعــونهم علــى التبــديل فيعتقــدون تحليــل مــا حــرم اهلل وتحــريم مــا أحــل اهلل ً
لرؤسا هم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسول ،فهذاا كفر وقد جعله اهلل ورسوله شرًكا
وان لم يكونوا يصـلون لهـم ويسـجدون لهـم فكـان مـن اتبـع غيـره فـي خـالف الـدين مـع
علمه بأنه خـال ف الـدين ،واعتقـد مـا قالـه ذلـك دون مـا قالـه اهلل تعـالى ورسـوله عليـه السالم ،مشرًكا مثل هؤال ،الثاني :أن يكون اعتقادهم وايمانهم بتحليل الحالل والحرام ثابتًا لكنهم أطـاعوهم فـي معصـية اهلل كمـا يفعـل المسـلم مـا يفعلـه مـن المعاصـي التـي
يعتقد أنها معاا ،فهؤال لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب" انتهى.
وأما قوله تعالى﴿ :إَِّنمـا َّ امـا ين َك َف ُـروا ُي ِحلُّوَن ُ الن ِسـي ُ ِزَي َ ض ُّـل ِب ِـه الَّ ِـذ َ ـادةٌ ِفـي ا ْل ُك ْف ِـر ُي َ ـه َع ً َ ويحِّرموَن ُه عاما لِّيو ِ َع َمـالِ ِه ْم سـو ُ أ ْ اط ُوا ِع َّدةَ َمـا َح َّـرَم اهللُ فَ ُي ِحلُّـوا َمـا َح َّـرَم اهللُ ُزِّي َ ـن لَ ُه ْـم ُ َ ً َُ ََُ ُ واهلل الَ يه ِـد ا ْلقَـوم ا ْل َك ِ ين﴾ (التوبـة :اريـة )91فقــد قـال ابـن كثيـر فـي ذلـك" :هــذا ـاف ِر َ َ ُ َْ َْ مما ذم اهلل بـه المشـركين مـن تصـرفهم فـي شـرع اهلل بـآ ار هم الفاسـدة وتغييـرهم أحكـام
اهلل بأهوا هم الباردة وتحليلهم ما حرم اهلل وتحريمهم ما أحل اهلل فإنهم كان فيهم القوة والعصبية والشهامة والحمية. ما استطالوا به مدة األشهر الثالثة في التحريم المانع لهـم مـن قضـا أوطـارهم فكـانوا
قد أحدثوا قبل اإلسالم بمـدة تحليـل المحـرم فـأخروه إلـى صـفر ،فيحلـون الشـهر الحـرام
ويحرمون الشهر الحالل ليواط وا عدة مـا حـرم اهلل األشـهر األربعـة ،كمـا قـال شـاعرهم وهو عمير بن قيس المعروف بجزل الطعان. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
144
لقد علمت معد بأن قومي
اما كرام الناس أن لهم كر ً
ألسنا الناس ين على معد
اما شهور الحل نجعلها حر ً
وقال علي بن أبـي طلحـة عـن ابـن عبـاس فـي قولـه تعـالى﴿ :إَِّنمـا َّ ـادةٌ ِفـي الن ِسـي ُ ِزَي َ َ ا ْل ُك ْف ِر﴾ (التوبة :من ارية ،)91قال النسي إن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي في الموسم كل عام وكان يكنى أبا ثمامة فيناد :أال إن أبا ثمامـة ال يجـاب وال
عامـا ويحـرم ًا يعاب ،أال وان صفر العام األول العام حال ٌل ،فيحلـه للنـاس ،فيحـرم صـفر ً عاما" [تفسير ابن كثير :جـ 2ا.]911 المحرم ً ال بـل هـو قـول باللسـان واتفـاق علـى تبـديل شـريعة اهلل وهذا كما هـو واضـح لـيس عمـ ً وقصد بالعمد إلى تحليل ما حرم اهلل وتحريم ما أحل اهلل. المعلومة المعروفة، ٌ
وليس كل محارب في األشهر الحرم بناس ،وال كل قاعد عن القتال في غيرهـا بناسـ
إنما الناس من أعلن أو اتفق أو اعتقد تحليل القتال في أ ٍّ من األشهر الحرام ،على أن يعوو ذلك بتحريم القتال في شهر آخر من غيرها.
ألست تري الشاعر يفتخر والعياذ باهلل بأن قومـه هـم الـذين كـانوا يقومـون علـى إجـرا تلك الشريعة المخالفة لشريعة اهلل فيقول. ألسنا الناس ين على معد
اما شهور الحل نجعلها حر ً
ال خالف شريعة وقولنا الذ ندين به هلل تعالى أن من قال بلسانه في غير إكراه مستح ً متعمدا تحليل ما علـم أن اهلل تعـالى قاصدا اهلل التي بلغته أو بتبديل حكم من أحكامها ً ً حرمه أو تحريم ما علم أن اهلل تعالى أحله فهو كافر مشرك.
أما ارية الكريمة من سورة آل عمـران ﴿ ُق ْـل إِن ُك ْنـتُ ْم تُ ِحب َ اهلل فَـاتَِّب ُعوِني ُي ْح ِب ْـب ُك ُم اهللُ ُّـون َ ِ ِ ِ َّ اهلل الَ اهلل َو َّ سـ َ َوَي ْغفـ ْـر لَ ُكـ ْـم ُذنُـ َ الر ُ ـيم * ُقـ ْـل أَط ُ ـول فـِإ ْن تََولـ ْـوا فَـِإ َّن َ يعـوا َ ـوب ُك ْم َواهللُ َغفُـ ٌ ـور َّرحـ ٌ ي ِح ُّب ا ْل َك ِ فإن العامل بمقتضـى أمـر اهلل ورسـوله ين﴾ (آل عمران :اريات َّ ،)92-96 اف ِر َ ُ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
145
ال هو متبع وال هو مطيع إال أن يكون عمله بنية االمتثال ألمر اهلل ورسـوله ،كمـا قـال عليه الصالة والسالم" :إنما األعمال بالنيات ولكل امر ما نوي". وال مرا في أن المسلم مأمور باالتباع والطاعة في كل ما أمر اهلل تعالى بـه وفـي كـل مــا نهــى عنــه ال يستســهل صــغيرة وال يجتــر علــى كبيــرة ومــن لــم يعتقــد بوجــوب ذلــك وبوجوب االتباع والطاعـة فـي كافـة أوامـر اهلل ونواهيـه فهـو جاحـد كـافر مشـرك منتـف
عنه اإليمـان بـنا قـول رسـول اهلل ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ" :أمـرت أن أقاتـل النـاس
حتى يشهدوا أن ال إله إال اهلل ويؤمنوا بـي وبمـا ج ـت بـه" واهلل تعـالى الـذ حكـم بهـذا
ففـرق بـين النيـة والعمــل، هـو سـبحانه الـذ تفضـل علـى خلقـه وعبــاده بواسـع رحمتـه َّ
وجعل العامل على خالف األمـر ممـن آمـن بـه تعـالى وبرسـوليه عليـه الصـالة والسـالم
وحيــا عــن ربــه ،غيــر كــافر وال مشــرك إال مــن عمــل عمـالً ورد وبجميــع مـا أبلغــه إلينــا ً النا بانتفا اسم اإليمان عن فاعله برغم النطق بالشهادتين ،وقـد أسـلفنا القـول فـي الفــرق بــين الكفــر والعصــيان ،وقــدمنا الب ـراهين مــن كتــاب اهلل وســنة رســوله ـ عليــه
الصالة والسالم ـ بمـا ال حاجـة لنـا بعـده إلـى مزيـد ،فصـح يقي ًنـا أن الكـافرين فـي قولـه تعالى﴿ :فِإ ْن تَولَّوا فَِإ َّن اهلل َال ي ِح ُّب ا ْل َك ِ ين﴾ (آل عمـران :مـن اريـة ،)92هـم الـذين اف ِر َ َ ُ َ ْ تولـوا مــن الــذين أبـوا اإلســالم هلل والنطــق بالشــهادتين مــع العقــد بالقلــب ،أو مــن نكــث
عهده وارتد بعد إسالم. ِ ِ ِ ِ ق سٌ اس ُم اهلل َعلَ ْيه َوِا َّن ُه لَف ْ أما ارية الكريمة من سورة األنعامَ ﴿ :والَ تَأْ ُكلُوا م َّما لَ ْم ُي ْذ َك ِر ْ ـــون إَِلــــى أَولِيــــا ِ ِهم لِيج ِ الشـــي ِ شـ ِ ون﴾ ـــادلُو ُك ْم َوِا ْن أَ َ ـــم َل ُم ْ ط ْعتُ ُمـ ُ ـــرُك َ وحـ َ اط َ ْ َ ْ َُ ين َل ُي ُ َوِا َّن َّ َ ـــوه ْم إَِّن ُكـ ْ
(األنعــام :اريــة ،)626فقــد ئهــر وجــه الخطــأ فــي االســتدالل بهــا بعــد أن بينــا معنــى الطاعة في الشرع وأن لكل امر ما نوي كما هو الحديث. وواضــح أن أوليــا الشــيطان إنمــا يجــادلون فــي وجاهــة التحــريم وبــذلك وردت ارثــار،
يقول ابن كثيـر والقرطبـي" :إن المشـركين كـانوا يجـادلون المسـلمين فيقولـون :مـا قتـل اهلل لم تأكلوه وما قتتلتموه أكلتموه" انتهى.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
146
والمجادلة :دفع القول عن طريق الحجة بـالقوة [الجـامع ألحكـام القـرآن للقرطبـي :جــ1 ا.]11 ـوه ْم إَِّن ُك ْـم وواضح من التركيب اللفئي لآلية ومن السياق أن قولـه تعـالىَ ﴿ :وِا ْن أَطَ ْعتُ ُم ُ ون) (األنعام :من ارية ،)626مقصود منه االقتناع بما جـادلوا بـه ،ولـذا يقـول لَ ُم ْ ش ِرُك َ وه ْم﴾ (األنعام :من ارية ،)626في تحليل الميتة. القرطبيَ ﴿ :وِا ْن أَ َ ط ْعتُ ُم ُ
وهذا ما نقول به ألن مـن أطـاع غيـر اهلل فيمـا حـا بـه مـن تحليـل مـا حـرم اهلل تعـالى فقد أكذب ربه وجحد النا المعلوم له ،فهو كافر مشرك بال خالف. قال ابن العربـي" :إنمـا يكـون المـؤمن بطاعـة المشـرك مشـرًكا إذ أطاعـه فـي االعتقـاد، فـــإن أطاعـــه فـــي الفعـــل وعقلـــه ســـليم مســـتمر علـــى التوحيـــد والتصـــديق فهـــو عـــاا فافهموه" انتهى [الجامع ألحكام القرآن للقرطبي :جـ 1ا.]11 ،11 أيضا قال ابن تيمية وقد سبق ذكر قوله [انئر هذا البحث ا.]611 وبذلك ً
الفصل الثامن الحكومة اإلسالمية أو واإلمام الحق ومعنى السمع والطاعة والحكم والتحكيم والمعلوم من الدين بالضرورة الزَكاةَ وأَمـروا ِبـا ْلمعر ِ اه ْم ِفي األ َْر ِ وف َوَن َه ْـوا َع ِـن اموا َّ ين إِن َّم َّك َّن ُ ﴿الَّ ِذ َ َ ُْ الصالَةَ َوآتَُوا َّ َ َ ُ و أَقَ ُ ِ ِ ُم ِ ور﴾ (الحج :ارية .)46 ا ْل ُم ْن َك ِر َوهلل َعاق َب ُة األ ُ الحكومة اإلسالمية:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
147
تعريفها :قلنا فيما سبق إن الدين قد تم فليس ألحد أن يزيد فيه أو وينـتقا منـه وأن شريعة اهلل قد كملت وليس الناس في حاجة بعد تمام نعمة اهلل عليهم وكمـال شـريعته ت علَ ْي ُكم ِنعم ِتي ور ِ ِ يت لَ ُك ُم ِ سـالَ َم ض ُ لمزيد من الش ار ع ﴿ا ْل َي ْوَم أَ ْك َم ْل ُ اإل ْ ت لَ ُك ْم دي َن ُك ْم َوأَتْ َم ْم ُ َ ْ ْ َ َ َ ـت َكلِ َمـ ُة ِدي ًنا﴾ (الما دة :من ارية ،)9وليس ألحد أن يبدل شي ًا مـن شـرا ع اهلل ﴿ َوتَ َّم ْ رِّب َك ِ أيضـا إن مـا أحلـه اهلل وثبـت حكـم ص ْدقًا َو َع ْدالً﴾ (األنعام :من ارية ،)661وقلنـا ً َ ِحلِّه األبد بانقطاع الوحي ووفاة الرسول عليه الصالة والسالم حالل إلى يوم القيامة ال يملك كـا ن مـن كـان أن يحرمـه ،وأن مـا ثبـت حكـم تحريمـه األبـد بانقطـاع الـوحي
ووفاة الرسول ـ عليه الصالة والسالم ـ حرام إلى يوم القيـام ال يملـك كـا ن مـن كـان أن
يحله ،وكذلك ما فرضه اهلل من فـ ار و ومـا نهـى عنـه مـن نـواه فـإن كا ًنـا مـن كـان ال يملـك تغييـره وال تبديلـه ،ومـا قـدمناه مـن أن اهلل ـ عـز وجـل ـ قـد تـرك ألمـة المسـلمين جوانب غير قليلة من حياتها السياسـية واالقتصـادية واالجتماعيـة تجتهـد فـي تنئيمهـا
ار أو غير ذلـك ،قـد أوضـحنا أنـه بمقتضى تشريعات قد نسميها قانوًنا أو ال حة أو وقر ًا اما أو ونحرم حالالً أو نقبل من فرو أو نهي كما أوضحنا أن مشروط فيه أال نحل حر ً ذلك إنما يكون تنفي ًذا لمقاصد حددها اهلل عز وجـل وأمرنـا بتحقيقهـا فهـي فـي الحقيقـة وسا ل لبلوغ الغاية التي أمر اهلل تعالى بها وهي في جوهرها تنفيذ ألمر اهلل تعالى.
أيضــا إن اهلل عــز وجــل لــم يــرد منــا مجــرد اإلقـرار بالطاعــة لــه ولرســوله ـ عليــه وقلنــا ً ال عــن الصــالة والســالم ـ بــال عمــل بــأوامره واجتنــاب لنواهيــه ،ولكننــا مــأمورون فض ـ ً
االعتقــاد بوجــوب الطاعــة بالطاعــة الفعليــة وذلــك بإنفــاذ شــ ار ع اهلل فيمــا أمــر ونهــى
وفرو وأبا وتحويل ذلك إلى واقع حي قا م متمكن في األرو.
واذ ذلك كذلك فإنه يخلا لك أن الحكومـات اإلسـالمية غيـر مكلفـة بابتـداع شـرا ع وال
استحداث أهداف وغايات تري فيها من ذات نفسها مصلحة للعباد – وهي ليست غيـر
مكلفــة بــذلك فقــط بــل هــي منهيــة عنــه ،لمــا فــي ذلــك مــن خــرو علــى أحكــام الشــريعة وتبديل وتغيير لها.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
148
ومــن ثــم فــإن الحكومــة اإلســالمية "أو اإلمــام الحــق" إنمــا هــي الحكومــة التــي تعتنــق اإلسالم دي ًنا وتقوم على تنفيذ أحكام الشريعة وحراسة الدين. ويقـــول أبـــو الحســـن المـــارود فـــي كتابـــه األحكـــام الســـلطانية [نقـــالً عـــن النئريـــات
السياسية اإلسالمية للدكتور محمد ضيا الدين الريس أسـتاذ قسـم التـاريخ اإلسـالمي
بكليـــة دار العلـــوم جامعـــة القـــاهرة 6911م إصـــدار دار المعـــارف ا" :]661اإلمامـــة موضوعه لخالفة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا". ويقول التفتازاني [نقال عن المصدر السابق ذكـره] تعري ًفـا لإلمامـة إنهـا" :ر اسـة عامـة
في أمر الدين والدنيا خالفة عن النبي – صلى اهلل عليه وسلم .-
ويعلــق الــدكتور محمــد ضــيا الــدين الــريس علــى تعريــف المــاورد فيقــول" :إن هــذا
التعريف يشمل ثالثة عناصر-6 :أن اإلمامة للخالفة عـن النبـوة-9 ،2 .وأن موضـوع
ثانيا ،ويالحئ أن الـنا علـى العنصـر هذه الخالفة حراسة الدين أو ًال ثم سياسة الدنيا ً ا ألخيــر كــاف للداللــة علــى أن المــاورد ،قاضــي قضــاة بغــداد ومــن كبــار علمــا فقــه الشـافعية كــان يــري أن ممــا يــدخل فــي صـميم اختصاصــات النبــوة سياســة الــدنيا ،ولــذا
وجــب أن يخلــف الرســول فــي هــذا األمــر ،وقولــه حراســة الــدين يفيــد أن وئيفــة اإلمــام
حراســته وحمايتــه والــذب عنــه ،أ ال شــرحه أو التبــديل فيــه ،وممــا ينطــو تحــت هــذه الحراسة أن يدل اإلمام بتصرفاته وأعماله على أنه حافئ للدين مراع ألوامره". ويعــرف ابــن خلــدون نئــم الحكــم علــى أنهــا علــى ثالثــة أن ـواع :األول الحكــم أو الملــك الطبيعــي وهــو حمــل الكافــة علــى مقتضــى الغــرو والشــهوة ،والثــاني الحكــم أو الملــك
السياســي وهــو حمــل الكافــة علــى مقتضــى النئــر العقلــي فــي جلــب المصــالح الدنيويــة ودفع المضار ،والثالث وهو الخالفة اإلسالمية أو اإلمامة الحقة وهو حمل الكافة على مقتضــى النئــر الشــرعي فــي مصــالحهم الدنيويــة واألخرويــة الراجعــة إليهــا ،إذ أح ـوال
الدنيا ترجع كلها عند الشـارع إلـى اعتبارهـا لمصـالح ارخـرة ،فهـي فـي الحقيقـة خالفـة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسـة الـدنيا ،ثـم يعقـب ابـن خلـدون علـى ذلـك
فيقول إن ما كان من هـذه الـنئم بمقتضـى القهـر والتغلـب واعمـال القـوة الغضـبية فـي موقع مصر أوالً www.egypt1.info
149
أيضـا ألنـه مراعها :فجور وعدوان ،وما كان فيها بمقتضى السياسة وأحكامها فمـذموم ً ـه ِمـن ُنـور﴾ (النـور :مـن اريـة ـه ُن ًا ـور فَ َمـا لَ ُ نئر بغير نور اهللَ ﴿ :و َمن لَّ ْم َي ْج َع ِـل اهللُ لَ ُ ،)41ألن الشــارع أعلــم بمصــالح الكافــة فيمــا هــو مغيــب عــنهم مــن أمــور آخــرتهم، وأعمــال البشــر كلهــا عا ــدة علــيهم فــي معاهــدهم مــن ملــك أو غيــره ،قــال – صــلى اهلل
عليه وسلم – "إنما هي أعمالكم ترد عليكم" [المقدمة البن خلدون نقـالً عـن النئريـات السياسية اإلسالمية].
وينهـــي الـــدكتور محمـــد ضـــيا الـــدين الـــريس مؤلفـــة عـــن النئريـــات السياســـية بعـــد استعراضــه مختلــف أق ـوال الفقهــا إلــى أن التعريــف الحقيقــي لإلمامــة أنهــا "الحكومــة
اإلســالمية الشــرعية أو كمــا نقــول اليــوم :الدســتورية أو بعبــارة تعــين المعنــى وتحــدده
"الحكومة التي تكون الشريعة اإلسالمية قانونها" قانونها األكبر أو األم وهو ما نسميه اليوم بالدستور ،وقانونها الفرع وهو مجموعة األحكام التشـريعية التـي تـنئم بهـا حيـاة
األمـة :سـوا أكانـت تلــك األحكـام تتعلـق بالمعــامالت الماليـة أو األحـوال الشخصــية أو المس وليات الجنا ية أو غير ذلك ،وهدف هذا القانون هـو تحقيـق مصـالح النـاس فـي
حيـــاتهم الدنيويـــة واألخرويـــة" "فليســـت إذن هـــي الحكومـــة التـــي تعمـــل وف ًقـــا للقـــانون
الطبيعي :قانون "طبيعة الفرد" وهي المؤلفة من الغ ار ـز والنـوازع الذاتيـة :قـانون األثـرة
واال ستبداد وقهـر النـاس لبلـوغ غايـات المجـد والثـرا أو الـتحكم أو بعبـارة أخـري الحكـم أيضـــا بـــالتي تعمـــل وف ًقـــا "للقـــانون الـــذ تحـــدد وجهاتـــه األهـــوا والشـــهوات ،وليســـت ً السياســي" وي ـراد بــه مجموعــة األحكــام التــي يضــعها ويتفــق عليهــا علمــا األمــة مــن ساسـة وحكـام بحسـب مـا تمليـه المصـالح الدنيويـة فقـط ،أو كمـا يمكـن أن يعبـر عنهـا
بكلمة أخري "المادية" غير نائرين إال إلى حدود هذه الحياة ومـا يحـدث فيهـا ومقيـاس التشريع عندهم المنفعـة ..وانمـا هـي الحكومـة التـي يكـون قانونهـا شـرع اإلسـالم وهـو
الذ يستمد مباد ه من القرآن والسنة". وفيما نري فإن هـذه التعريفـات للحكومـة اإلسـالمية يشـملها مـا قلنـاه مـن أن الحكومـة
اإلسـالمية "أو اإلمــام الحــق" إنمـا هــي الحكومــة التـي تعتنــق اإلســالم دي ًنـا وتقــوم علــى تنفيــذ أحكــام الشــريعة ..فأحكــام الشــريعة هــي التــي تأمرنــا بحراســة الــدين والــذب عنــه موقع مصر أوالً www.egypt1.info
151
وص ُّد العدوان الـذ قـد يقـع علـيهم ،والعمـل علـى نشـر والتمكين للمسلمين في األرو َ دعــوة اهلل والقتــال لتكــون كلمــة اهلل هــي العليــا ﴿وقَـ ِ ـون ـاتلُ ُ ـون ِف ْت َن ـ ٌة َوَي ُكـ َ وه ْم َحتَّــى الَ تَ ُكـ َ َ ِّين ِ هلل﴾ (األنفال :من اريـة ،)99وأحكـام الشـريعة هـي التـي تأمرنـا بمـا حددتـه لنـا الد ُ مــن أحكــام متعلقــة بتنئــيم العالقــة بــين الحــاكم والمحكــوم وتعيــين شــكل ونئــام الدولــة والحريات التي تكفل لألفراد والجماعات ،وهي التي تأمرنا باتباع وتنفيذ مـا حددتـه مـن ش ار ع تحكم الحياة االجتماعية واالقتصادية وعالقة األمة اإلسالمية بغيرهـا مـن األمـم، إلى غير ذلك مما يشمل حياة األمة واألفـراد فـي مختلـف نواحيهـا وهـي تـربط بـين ذلـك
جمي ًعا وبين حياة األمة وأفرادها وبين المصير في ارخرة ،وهي التي تؤكد أن ذلك كلـه مما أمرت بـه ،إنمـا يجـب اعتقـاده والعمـل بـه وتحقيقـه طاعـة هلل تعـالى وامتثـا ًال ألمـره
انكسار لـه ،وابتغـا وجهـه تعـالى ،فـال يقبـل أ عمـل مهمـا عـاد بـالنفع فـي ًا وخشوعا و ً الــدنيا علــى صــاحبه وعلــى النــاس إال إذا صــدر ممــن يــدين هلل عــز وجــل بــدين الحــق
وابتغا وجه ربه األعلى. ـاه ْم ِفــي األ َْر ِ ـاموا ين إِن َّم َّك َّنـ ُ ذلــك جميعــه تتضــمنه اريــة الكريمــة الجامعــةَّ ﴿ :الـ ِـذ َ و أَ َقـ ُ ِ ِ ِ الةَ َوآتَ ُـوا َّ ُم ِ ـور﴾ (الحـج: َّ الص َ َم ُـروا ِبـا ْل َم ْع ُروف َوَن َه ْـوا َع ِـن ا ْل ُم ْن َك ِـر َوهلل َعاق َبـ ُة األ ُ الزَكـاةَ َوأ َ
ارية .)46
وذلك الذ قدمناه هو جـوهر الحكومـة اإلسـالمية واإلمـام الحـق وهـو محـل اتفـاق بـين جميع الفقها ،وتقوم عليه نصوا قاطعة. فوجوب أن يكون اإلمام مسـلما مشـترط بقـول اهلل عـز وجـل ﴿ولَـن ي ْجع َـل اهلل لِ ْل َك ِ ين ـاف ِر َ َ َ َ ُ ً إمامـا س ِبي ً َع َلى ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ ين َ ال﴾ (النسا :من ارية ،)646وأعئم سبيل أن يكون الكـافر ً
للمسلمين قا ًما على تصريف ش ونهم – كما أن اإلمـام هـو القـا م علـى حراسـة الـدين مسلما. وتنفيذ أحكام الشريعة فوجب ضرورة أن يكون ً كــذلك يجــب أن يكــون اإلمــام قــد بلــا ســن التكليــف ألن الصــبي الــذ لــم يبلــا الحلــم، واإلمام مخاطب بتكاليف الشريعة فوجب أن يكون من المكلفين بها.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
151
ال :لقول رسول اهلل ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ" :لـن يفلـح كما يتعين أن يكون اإلمام رج ً قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة" [المحلى البن حزم :جـ 9ا.]911
وهنــاك بعــو شــروط أخــري محــل اخــتالف بــين الفقهــا مثــل اشـتراط أن يكــون اإلمــام
قرشيا واشتراط القدرة الجسمية ،وكذلك العلم بالشرا ع وبلوغ رتبـة االجتهـاد ،وأال يكـون ً مجاهر بالفسوق والعصيان ومثل طريقة اختيار اإلمام وشروط البيعة. ًا وجوبها :إقامة الحكومة اإلسالمية واإلمام المسلم ،القا م علـى إنفـاذ أحكـام اهلل والـذ
يسوس األ مة بمقتضى أحكام الشريعة التي أتى بها رسول اهلل ـ صلى اهلل عليه وسـلم ـ فرو ثابت وجوبه على أمة المسلمين باإلجماع المبني على نصوا شرعية ثابتة. فقد أجمع الصحابة رضوان اله عليهم عقب وفاة الرسـول عليـه الصـالة والسـالم علـى
وجوب أن يخلفه إمام للمسلمين يقوم على حراسـة الـدين وتنفيـذ أحكـام الشـريعة ،وهـم
أحـدا مـنهم لـم يـذهب إلـى القـول إن اختلفوا في باد األمر على شخا اإلمام إال أن ً بـأن ال حاجـة غليـه ثـم انعقــد اإلجمـاع علـى اختيـار أبــي بكـر الصـديق رضـي اهلل عنــه
ماما للمسلمين ،واذا كان اختيار أبي بكـر خليفة لرسول اهلل ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ وا ً قــد تــم فــي حضــور بعــو المهــاجرين واألنصــار بســقيفة بنــي ســاعدة علــى مــا هــو ومشهور ،إال أن هؤال الذين حضـروا ذلـك االجتمـاع وتولـوا أمـر االختيـار كـانوا أكـابر الصحابة من المهاجرين واألنصار من أصحاب الشوكة والكلمة النافذة والنيابـة الحقـة
عن أقوامهم وقبا لهم ،ثـم إن األمـر لـم يقتصـر علـى ذلـك وانمـا طـر الصـديق رضـوان
اهلل عليــه أمــر الخالفــة فــي جمــع حاشــد حضــره الصــحابة رض ـوان اهلل علــيهم بمســجد
محمدا قد قضى بسبيله والبد رسول اهلل ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ ،وقال ما معناه" :وان ً لهذا األمر من قا م يقوم به فانئروا وهاتوا آرا كم" فناداه الناس من كل جانب صـدقت يا أبا بكر ،ولم يوجب من يقول إن األم يصلح من غير قا م بـه أو أن الـدين ال حاجـة
به لمن يقوم على حراسته [النئريات السياسية] ومن ثم كان إجماع أفضـل المسـلمين على وجوب قيام اإلمامة أ الحكومة اإلسالمية.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
152
ثـم تكـرر هـذا اإلجمـاع عنـد مبايعـة عمـر بـن الخطـاب وعثمـان بـن عفـان ـ رضـي اهلل عنهما ـ بل إنه بعد مقتل عثمان رضي اهلل عنه فإن النزاع الذ قام بين علي بن أبـي طالب كرم اهلل وجهه ومعاوية بن أبي سفيان رضي اهلل عنه لم يكن حـول وجـوب قيـام
ال من الفريقين لم يكن ينازع في وجوبه وفي ضرورة قيـام اإلمـام المسـلم اإلمام ،فإن ك ً القا م على حراسة الدين وتنفيذ أحكامـه وانمـا اقتصـر النـزاع علـى التصـرف نحـو قتلـة
عثمان رضي اهلل عنه وصحة البيعة لعلي كرم اهلل وجهه. ثم أجمع المسلمون من بعد خالفة علي كرم اهلل وجهـه وبعـد ئهـور الفـرق اإلسـالمية
على وجوب قيام اإلمام المسلم :فاتفق جميع أهل السنة على وجوب ذلك وكذا الشيعة والمعتزلــة والمرج ــة والخ ـوار حاشــا النجــدات مــن الخ ـوار فقــد رأوا أن النــاس يتعــين
فرضـا عليهم أن يتعاطوا الحق فيما بينهم ،وأجازوا قيام اإلمام ولكـنهم لـم يعتبـروا ذلـك ً وقد اندثرت هذه الطا فة بفضل اهلل.
ين ُّهــا الَّـ ِـذ َ وذلــك اإلجمــاع يقــوم علــى نصــوا شــرعية منهــا قــول اهلل عــز وجــلَ ﴿ :يــا أَي َ ِ ِ األم ِر ِم ْن ُك ْم﴾ (النسا :من اريـة ،)19فنصـت يعوا َّ س َ الر ُ اهلل َوأَط ُ آم ُنوا أَط ُ ول َوأُولِي ْ يعوا َ َ ارية على وجوب طاعة أولي األمر فدل ذلك علـى أن يكـون بـين المسـلمين أولـو أمـر
تجب طاعتهم.
نبـي بعـد ،وسـتكون خلفـا ومنهـا قـول رسـول اهلل ـ صـلى اهلل عليـه وسـلم ـ" :إنـه ال ّ فتكثر" قالوا فما تأمرنا يا رسول اهلل؟ قال" :أوفوا ببيعـة األول فـاألول وأعطـوهم حقهـم، فإن اهلل سا لهم عما استرعاهم" [المحخلـى :جــ 9ا 91عـن أبـي هريـرة رواه مسـلم]،
وفي نا الحديث ذكر الخلفـا وأن لهـم حقوًقـا واألمـر بالوفـا بالبيعـة لهـم ،كـذلك دل عمر الرسول عليه الصالة والسالم على وجوب وجود اإلمام المسلم القـا م علـى تنفيـذ
أحكـام الشـريعة ،فإنـه ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ كـان علـى رأس المسـلمين قا ًمـا علـى تنفيذ أحكـام الشـريعة فـيهم ،وتـولى عليـه الصـالة والسـالم القضـا بـين النـاس واقامـة الصالة واقامة الحج وجمع الزكاة واعطا هـا ألصـحاب الحقـوق فيهـا وتجهيـز الجيـوا
واعدادها للدفاع وللغـزو – كمـا أنـه ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ ولـى األمـرا علـى الـبالد موقع مصر أوالً www.egypt1.info
153
التي خضعت لإلسالم في عهده من ذلك [جوامع السيرة البن حـزم :ا 21-29وغيـره
أمر "باذان الفارسي" على اليمن كلها فلما مات ولى عليه الصالة من كتب السيرة] أنه َّ
الصـدف ،وولـى والسالم ابنه "شهر" :صنعا وأعمالها ،وولى المهـاجرين أميـة :ك ْنـدة و ّ زياد بن لبيد :حضرموت ،وولى أبا موسى األشعر :زبيد وعدن ورمح والساحل ،وولى معاذ بن جبل :الجنـد ،وولـى عتـاب بـن أسـيد :مكـة واقامـة الموسـم والحـج بالمسـلمين ســنة ثمــان ،وولــى أبــا ســفيان بــن حــرب :نجـران ،وولــى علــي بــن أبــي طالــب كــرم اهلل وجهه على األخماس بالسمن والقضا بها ،وكان له ـ عليه الصالة والسالم ـ على كل
قبيلة وال يقبو صدقاتها. ف وكذلك فإن قيام الحكومة اإلسالمية ضرورة تقتضيها النصوا ،قال تعالى﴿ :الَ ُي َكلِّ ُ س َع َها﴾ (البقـرة :مـن اريـة ،)211فوجـب اليقـين أن اهلل تعـالى ال يكلـف سا إِالَّ ُو ْ اهللُ َن ْف ً النــاس مــا لــيس فــي بنيــتهم واحتمــالهم ،وقــد علمنــا بضــرورة العقــل وبديهتــه أن قيــام الناس بما أوجبه اهلل تعالى من األحكام عليهم في األمـوال والجنايـات والـدما والنكـا
والطـالق وســا ل األحكــام كلهــا ومنــع الئــالم وانصــاف المئلــوم وأخــذ القصــاا ،علــى
تباعد أقطارهم وشواغلهم واختالف آ ار هم كل ذلك ممتنع غير ممكن ،إذ قـد يريـد واحـد أو أكثـر أو جماعــة أن يكــون علــيهم إنســان ويريـد آخــر أو جماعــة أخــري أن ال يحكــم
ـردا ،وهــذا علــيهم ،إمــا ألنهــا تــري فــي اجتهادهــا خــالف مــا رأي هـؤال ،وامــا خال ًفــا مجـ ً الذ البد منه ضرورة ،وهذا مشاهد فـي الـبالد التـي ال ر ـيس لهـا ،فإنـه ال يقـام هنـاك
حكــم حــق وال َحـ ٌـد وقــد ذهــب الــدين فــي أكثرهــا ،فــال تصــح إقامــة الــدين إال باإلســناد" [الفصل في الملل :جـ 4ا.]611
"والخلق مع اختالف األهوا وتشتت اررا وما بينهم من الشـحنا قلمـا ينقـاد بعضـهم جميعـا وتشـهد لـه لبعو فيقضي ذلك إلى التنازع والتواثب ،بل ربمـا أدي إلـى هالكهـم ً التجربــة والفــتن القا مــة عنــد مــوت ال ـوالة إلــى نصــب آخــر ،بحيــث لــو تمــادي لعطلــت المعايا وصار كل أحد مشغوالً بحفئ ماله ونفسـه تحـت قـا م سـيفه وذلـك يـؤد إلـى
رفع الدين وهالك جميع المسلمين" [اإليجي في المواقف :النئريات اإلسالمية].
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
154
"وال ينـتئم الـدين إال بتحقيــق األمـن علـى هــذه المهمـات الضـرورية واال فمــن كـان فــي جميع أوقاته مستغرقًا بحراسة نفسه من سيوف الئلمة ،وطلب قوته من وجوه الغلبـة،
فمتى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسـيلتاه إلـى سـعادة ارخـر؟"" ،عـن الـدين واألمـن علـى األنفــس واألمـوال ال ينــتئم إال بســلطان مطــاع ،وهــذا تشــهد لــه مشــاهدة أوقــات الفــتن
بموت السالطين واأل مة ،وان ذلك لـو دام ولـم يتـدارك بنصـب سـلطان آخـر مطـاع دام الهر وعم السيف ،وشمل القحط ،وهلكت المواشي وبطلت الصناعات وكـان كـل غلـب
حيــا ،واألكثــرون يهلكــون تحــت ئــالل س ـ َلب ولــم يتفــرغ أحــد للعبــادة والعلــم إن بقــي ً َ السيوف ولهذا قيل" :الدين والسلطان توأمان" [الغزالي في االقتصاد واالعتقاد نقالً عن المصدر السابق].
وقد فرو [ الدكتور ضيا الدين الريس فـي كتـاب النئريـات اإلسـالمية :ا ]691اهلل
تعا لى على األمة المسلمة واجبات هـي مسـ ولية أن تؤديهـا كوحـدة متضـامنة وهـو مـا ِ سـ َـبة واألمــر بــالمعروف اصــطلح علــى تســميته بفــروو الكفايــة ،مــن ذلــك الجهــاد والح ْ والنهي عن المنكر وسد حاجات الفقـرا والمسـاكين والشـوري ..إلـخ وهـذه الفـروو ال ادا ًأيـا مـا كـانوا ،وانمـا هـي تحتـا إلـى تـدبير يمكن أن يقوم بها فرد على حـدة أو وافـر ً وتنئيم وال يمكن أن ينهو بها إال سلطة عامة تكون لها إرادة فوق اإلرادات الفردية، وتتـــوفر لـــه الطاعـــة وتســـتطيع األمـــر والنهـــي والتوجيـــه ،وهـــذه هـــي ســـلطة اإلمامـــة،
فاإلمامة واجبة لتأدية كل هذه الفروو ولهذا يقول الشهرستاني :إذ البـد لكـافتهم مـن إمام ينفذ أحكامهم ويقيم حـدودهم ويحفـئ بيضـتهم ،ويحـرس حـوزتهم يعبـ جيوشـهم،
ويقســم غنــا مهم وصــدقاتهم ،ويتحــاكمون إليــه فــي خصــوماتهم ،ويراعــي أمــور الجمــع واألعياد ،وينصف المئلوم وينتصف من الئالم وينصب القضا والوالة في كل ناحية،
ويبعث القرا والدعاة إلى كل طرف" [نقالً عن المصدر السابق "للشهرستاني في نهاية األقدام في علم الكالم].
والواضح مما تقدم أن غيار الحكومة اإلسالمية أو اإلمام المسلم مؤداه الحتمي تعطيل
أيضـا تنفيذ الكثير مـن األحكـام الشـرعية وتضـييع مـا شـرعه اهلل لعبـاده مـن الحقـوق ،و ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
155
تشــتت شــمل المســلمين وضــعفهم وتعرضــهم للفــتن والهـوان وشــيوع المئــالم والفســاد، وحال بالد المسلمين في هذا الوقت شاهد على صدق ذلك.. واقامة الحكومة اإلسالمية أ "اإلمام الحق" من فروو الكفاية أ هـو وفـرو تسـأل عن األمة متضامنة في جميـع أفرادهـا إلـى أن يتحقـق ،وكـل فـرد بعينـه آثـم مـا دام أن
ذلك الفرو لم يتحقق ،وال شك أن كل فرد من أفراد األمة اإلسالمية مس ول مسـ ولية شخصــية أمــام ربــه عمــا يقصــر فيــه مــن جهــد يســتطيع بذلــه فــي ســبيل تحقيــق ذلــك
الغرو الذ ألزمه اهلل تعالى به.
وال شك أن اهلل تعالى قـد أمرنـا بالتعـاون علـى البـر والتقـوي ونهانـا عـن التعـاون علـى
أبر من إعطا كل ذ حق حقه. اإلثم والعدوان وليس ُّ
ولـيس حقًـا إال مــن شـرعه اهلل تعـالى وقضــى بأنـه حـق ،وحكــم رسـوله ـ عليـه الصــالة
والسالم ـ بأنه حق.
وليس إعطا الحق سوي إنفاذه وتمكين صاحبه منه. والئلم الواضح البين منع الناس مما جعله اهلل حقًا لهم ،وأن يفِّذ فـيهم ويقضـي بيـنهم
بما حكم اهلل تعالى بأنه إثم وعدوان وهذا ما نهانا اهلل تعالى عنه.
ومن أجيال مضت قالوا" :الدين أصل والسلطان حـارس :ومـا ال أصـل لـه فهـو مهـدوم، وما ال حارس لـه فضـا ع" ونكـرر القـول إننـا نعتقـد أن اإلمامـة والخالفـة اإلسـالمية أو الحكومــة اإلســالمية رمــز الوحــدة اإلســالمية ومئهــر اال رتبــاط بــين أمــم اإلســالم وأنهــا شــعيرة إســالمية يجــب علــى المســلمين التفكيــر فيهــا واالهتمــام بهــا ،واألحاديــث التــي
وردت فـــي وجـــوب نصـــب اإلمـــام وبيـــان أحكـــام اإلمامـــة ..أ الخالفـــة أو الحكومـــة
اإلسالمية – وتفصيل مـا تعلـق بهـا ،ال تـدع مجـاالً للشـك فـي أن واجـب المسـلمين أن
يهتموا بأمر خالفتهم – منذ حورت ثم ألغيـت بتاتًـا – ولـذلك فـإن فكـرة الخالفـة والعمـل علـــى إعادتهـــا أصـــل نلتزمـــه ونحـــن مـــع ذلـــك نعتقـــد أن ذلـــك يحتـــا إلـــى الكثيـــر مـــن
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
156
التمهيــدات التــي البــد منهــا وأن الخط ـوات المباشــرة إلعــادة الخالفــة البــد أن تســبقها خطوات. السمع والطاعة: ال مرا أن األمة مأمورة أن تنقاد لإلمام المسـلم الـذ يقـيم فيهـا أحكـام اهلل ويسوسـها بأحكام الشـريعة ووحـدة الصـف وتماسـك أفـراد األمـة بعضـهم بـبعو والحـرا الشـديد
على اجتماع الكلمة ومنع الفتنة من صفات المؤمنين البـارزة حتـى إن الرسـول ـ عليـه
الصــالة والســالم ـ ليقــول" :مــن أتــاكم وأمــركم جميــع علــى رجــل واحــد يريــد أن يشــق
عصــاكم أو يفــرق جمــاعتكم فــاقتلوه" [مســلم المحلــى البــن حــزم :جـــ 9ا ،]911كمــا
إمامــا فأعطــاه صــفقة يــده وثمــرة قلبــه يقــول ً أيضــا عليــه الصــالة والســالم" :مــن بــايع ً فليطعه إن استطاع فإن جا آخر ينازعه فاضربوا عنق ارخر" [أخرجه مسلم المحلى: اخ َتلَفُـوا ِمــن َب ْعـ ِـد َمــا َجــا َ ُه ُم ين تَفََّرقُـوا َو ْ جـــ 9ا ،]911وقــال تعــالىَ ﴿ :والَ تَ ُكونُـوا َكالَّـ ِـذ َ ِ ـيم﴾ (آل عم ـران :اريــة ،)611وقــال عــز وجــلَ ﴿ :و َال ـات َوأُوَل ِـ َ ا ْل َب ِّي َنـ ُ ـك َل ُهـ ْـم َع ـ َذ ٌ اب َعئـ ٌ يح ُك ْم﴾ (األنفال :من ارية .)41 تََن َاز ُعوا فَتَ ْف َ شلُوا َوتَذ َ ْه َب ِر ُ
وال اجتماع للكلمة وال وحدة للصف إال مع السمع والطاعة. ووجــوب الســمع والطاعــة وردت بـــه نصــوا ال شــك فـــي ثبوتهــا وصــحتها وصـــراحة مدلولها ومعناها. إال أن للسمع والطاعة في هذا المقام معنى يجب التفطن إليه. فما دام أن اإلمام ليست له من مهمة إال تنفيذ أحكام الشريعة الغرا وتحقيق المقاصد التي أمر اهلل تعالى األمة المسلمة أن تجتهد لبلوغها ،ومـا دام أن األمـر شـوري ،فـإن
الســمع والطاعــة إنمــا يكونــان فــي الحقيقــة ألمــر اهلل ومــا يجــب لــه تعــالى مــن صــدع وخشوع وتسليم.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
157
واذ كــان المســلمون يتلــون مــن الق ـرآن الكــريم قــول اهلل عــز وجـ ّـل لرســوله ونبيــه أكــرم ِ ش ْي ٌ﴾ (آل عمران :مـن اريـة ،)621وقولـه تعـالىُ ﴿ :ق ْـل األم ِر َ خلقه﴿ :لَ ْي َ س لَ َك م َن ْ
شٌر ِّم ْثلُ ُك ْم﴾ (الكهف :مـن اريـة ،)661فإنـه ال يكـون ثمـة مجـال ألن يخـتلط إَِّن َما أََنا َب َ األمر على إنسان ما فيئن في إمام المسلمين أن يكون سوي بشر كسا ر البشر مثله
مثلهم ،مخلوق عاد كسا ر خلق اهلل ،مأمور بما أمر اهلل به كافة عباده ،متوعَّد بما
توعد اهلل به كافة عباده إن عصوا ،وموعود بما وعد اله به كافة عباده إن أطاعوا ،ال يتميز عن أحد غيره من سـا ر البشـر علـى اخـتالف أجناسـهم إال بمـا يجـوز أن يتميـز
به غيره من سا ر البشر من كرامة عند اهلل ال على الناس ،لمن وفق للطاعـة والشـكر ﴿إِ َّن أَ ْكرم ُكم ِع ْن َد ِ اهلل أَ ْت َقا ُك ْم﴾ (الحجرات :من ارية .)69 ََ ْ واذ هذه صفة إمام المسلمين وأنه بشر محو بشر. واذ ليس بعد المعصوم عليه الصالة والسالم معصوم. فإن احتماالت انحراف إمام المسلمين قا مة كاحتماالت استقامته وال فرق. واذ ليس الغرو من إقامـة اإلمـام إال الـذود عـن الـدين وتنفيـذ أحكـام الشـريعة ،فلـيس
تقريبا ارمرة بالسمع والطاعة قد تضـمنت من المستغرب إذن أن تجد جميع النصوا ً النا الصريح والبيان الواضح الذ ال شبهة وال إشكال فيه على أن السـمع والطاعـة إنما هما في المعروف وأنه ال سمع وال طاعة في معصية ،وأوجب على اإلمام والرعية
أن يردا األمر دا ًمـا وعنـد وقـوع التنـازع بينهمـا أن يتحاكمـا شـأنهما شـأن غيرهمـا إلـى تسـليما ،وطاعـة اهلل الرسول عليه الصالة والسالم ويسلما بما قضـى بـه عليـه السـالم ً
ورسوله وتنفيذ ما أمر به مفروضة على الراعي والرعية على سوا وبـال أدنـى تمييـز، ِ ِ األم ِـر ِمـ ْن ُك ْم﴾ يعـوا َّ س َ ُّهـا الَّ ِـذ َ قال عز وجـلَ ﴿ :يـا أَي َ الر ُ اهلل َوأَط ُ آمنُـوا أَط ُ ـول َوأُولِـي ْ يعـوا َ ين َ ش ْي فَ ُـردُّوهُ إَِلـى (النسا :من ارية ،)19ثم وصل قوله هذا بقوله﴿ :فَِإن تََن َاز ْعتُ ْم ِفي َ اهلل وا ْليوِم ار ِ ول إِن ُك ْنتُم تُ ْؤ ِم ُن َ ِ ِ س ِ َخ ِر﴾ (النسا :مـن اريـة ،)19وبقـدر مـا اهلل َو َّ ون ِب َ َ ْ الر ُ ْ حـذرنا ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ مـن الخـرو عـن الطاعـة فقـد حـذرنا مـن الطاعـة فـي
المعصية قال عليـه الصـالة والسـالم" :ال طاعـة لبشـر فـي معصـية اهلل" [أخرجـه مسـلم موقع مصر أوالً www.egypt1.info
158
المحلى :جـ 9ا ،]916كما قال عليه الصالة والسالم" :من خر عن الطاعـة وفـارق أيضا" :السمع الجماعة مات ميتة جاهلية" [أخرجه مسلم] ،وقال عليه الصالة والسالم ً والطاعة على المر المسلم فيما أحب أو كره مـا لـم يـؤمر بمعصـية فـإذا أمـر بمعصـية
أيضـــا قـــال" :الســـمع فـــال ســـمع وال طاعـــة" [رواه أبـــو داود المحلـــى :جــــ 9ا ،]916و ً والطاعــة حــق مــا لــم يــؤمر بمعصــية ،فــإذا أمــر بمعصــية فــال ســمع وال طاعــة" [رواه البخار المحلى :جـ 1ا.]292 بــل إن األمــر يتعــدي الموقــف الســلبي بعــدم الســمع والطاعــة فــي المعصــية إلــى أمــر
إيجـابي بضــرورة رد البغـي ومنــع العصـيان وتغييــر لمنكـر وازالتــه قـال عــز وجــلَ ﴿ :وِان ُخـري فَقَ ِ طَا ِ فَتَ ِ ـاتلُوا َصلِ ُحوا َب ْي َن ُه َمـا فَـِإن َب َغ ْ ـت إِ ْح َـد ُ ان ِم َن ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ ين اقْتَ َتلُوا فَأ ْ اه َما َعلَـى األ ْ َ الَّ ِتي تَْب ِغي حتَّى تَ ِفي إِلَى أَم ِر ِ اهلل﴾ (الحجرات :من ارية ،)9فأمر تعالى بقتال الف ـة َ َ ْ الباغية حتى ترضخ وتستسلم ألمر اهلل تعالى وحكمه ،والف ة الباغية قد تكون مجتهدة مــأجورة علــى اجتهادهــا ولكنهــا أخطــأت ولــم تصــب حكــم اهلل تعــالى ومــع ذلــك فواجــب
قتالها إذا جارت على حقوق الغير.
وقال عليه الصالة والسالم " :ما من نبي بعثـه اهلل فـي أمـة قبلـي إال كـان لـه مـن أمتـه حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم يحدث مـن بعـدهم خلـوف يقولـون مـا ال يفعلــون ويفعلــون مـا ال يــؤمرون فمــن جاهـدهم بيــده فهــو مـؤمن ،ومــن جاهــدهم
بلسانه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بقلبه فهو مـؤمن ولـيس ورا ذلـك مـن اإليمـان حبـة
خردل" [المحلى :جـ 9ا ،]916فنفى عليه الصالة والسالم اإليمـان عمـن رضـي قلبـه أيضـا عـن كـل مـن بالئلم والعدوان واإلثم والعصيان ،وقد نفاه ـ عليه الصالة والسالم ـ ً منكر فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسـانه فـإن لـم رضي بالمنكر ،فقال" :من رأي منكم ًا يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإليمان" [أخرجه مسلم المحلى :جـ 9ا ]916؟
وقد اتفقت األمة على وجوب األمر بالمعروف والنهي عـن المنكـر بـال خـالف مـن أحـد
ُم ٌة َي ْـد ُع َ ِ ون منهم لألحاديث السابقة ولقوله تعالىَ ﴿ :وْلتَ ُكن ِّم ْن ُك ْم أ َّ ْم ُر َ ون إ َلـى ا ْل َخ ْي ِـر َوَيـأ ُ ِبا ْلمعر ِ وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن ا ْل ُم ْن َك ِر﴾ (آل عمران :من ارية ،)614ثم اختلفـوا فـي كيفيتـه، َ ُْ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
159
فذهب بعو أهل السنة مـن القـدما مـن الصـحابة رضـي اهلل عـنهم – فمـن بعـدهم – أيضا قول أحمد بن حنبل وسعد بن أبي وقاا وأسامة بن زيد وابن عمر ومحمد وهو ً سلَمة وغيرهم – رضي اهلل عنهم – إلى أن الغرو من ذلك إنما هو بالقلـب فقـط بن َم ْ ال إال أن والبــد ،أو باللســان إن قــدر علــى ذلــك وال يكــون باليــد وال بســل الســيوف أص ـ ً
يخــر النــاطق فــإذا خــر وجــب ســل الســيوف حين ــذ معــه إال أن جميــع القــا لين بهــذه
المقالة من أهل السنة إنما رأوا ذلك إذ لم يكن اإلمـام عـد ًال فـإن كـان عـد ًال وقـام عليـه
فاسق وجب عندهم بال خالف سل السيوف مع اإلمام العدل [هذا الجز منقول بـبعو
التصرف عن الفصل في الملل والنحل جـ 1ا 61-66طبعة محمـد علـي صـبيح عـام .]6914 وذهبت طوا ف من أهل السـنة وجميـع المعتزلـة وجميـع الخـوار والزيديـة إلـى أن سـل الســيوف فــي األمــر بــالمعروف والنهــي عــن المنكــر واجــب إذا لــم يكــن دفــع المنكــر إال
بــذلك ،وقــالوا :إذا كــان أهــل الحــق فــي عصــابة يمكــنهم الــدفع وال ييأســون مــن الئفــر ففرو عليهم ذلك ،وان كانوا في عدد ال يرجون لقلتهم وضعفهم بئفر كانوا فـي سـعة
من ترك التغيير باليد ،وهذا قول علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه وكـل مـن معـه مـن الصحابة وقول أم المـؤمنين عا شـة ـ رضـي اهلل عنهـا ـ وطلحـة والزبيـر وكـل مـن كـان
معهم من الصحابة وقـول معاويـة وعمـرو والنعمـان بـن بشـير وغيـرهم ومـن معهـم مـن الصحابة ـ رضي اهلل عنهم ـ أجمعين ،وهو قول عبد اهلل بن الزبير ومحمد والحسن بن
علــي وبقيــة الصــحابة مــن المهــاجرين واألنصــار القــا مين يــوم الحــرة رضــي اهلل عــنهم
أجمعين ،وقول كل من قام على الفاسـق الحجـا ،ومـن وااله مـن الصـحابة رضـي اهلل
عن جميعهم كأنس بن مالك وكل من كـان مـن أفاضـل التـابعين كعبـد الـرحمن بـن أبـي ليلى وسعيد بن جبير وابـن البحتـر الطـا ي وعطـا السـلمي األزد والحسـن البصـر
أيضـا الـذ تـدل ومالك بن دينار ومسلم بن بشار وعطا بن السا ب ..وغيرهم ،وهـو و ً ـي وشــريك ومالــك والشــافعي وداود علي ـه أق ـوال الفقهــا كــأبي حنيفــة والحســن بــن حيـ ّ وأصـحابهم فـإن كـل مـن ذكرنــا مـن قـديم وحـديث إمـا نــاطق بـذلك فـي فتـواه وامـا فاعــل منكر. لذلك بسل سيفه في إنكار ما رأواه ًا
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
161
وقد احتجت الطا فة األولى بأحاديث فيهـا :أنقـاتلهم يـا رسـول اهلل؟ قـال" :ال مـا صـلوا"
احــا عنــدكم فيــه مــن اهلل برهــان" وفــي بعضــها وجــوب وفــي بعضــها "إال أن تــروا كفـ ًا ـر بو ً الصـبر وان ضـرب ئهرنـا أحـد أخـذ مالـه ،وفـي بعضـها :فـإن خشـيت أن يبهـرك شـعاع ـون ِمـ ْـن الســيف فــاطر ثوبــك علــى وجهــك وقــل ﴿إِِّنــي أ ُِريـ ُـد أَن تَُبــو َ ِبـِإثْ ِمي َوِاثْ ِمـ َ ـك فَتَ ُكـ َ اب َّ َص َح ِ الن ِ ار﴾ (الما ـدة :مـن اريـة ،)29وفـي بعضـها" :كـن عبـد اهلل القتيـل وال تكـن أ ْ
ق﴾ (الما ـدة :مـن اريـة آد َم ِبا ْل َح ِّ عبد اهلل القاتل" وبقوله تعالىَ ﴿ :وا ْت ُل َع َل ْي ِه ْم َن َبأَ ْاب َن ْي َ )21وكل هذا ال حجة لهم فيه. أما أمره ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ بالصبر على أخذ المال وضرب الئهر فإنمـا ذلـك بـال
شك إذا تولى اإلمام ذلك بحق ،وهذا ما ال شك فيه أنه فرو علينا الصبر له وان مـن امتنع عن ذلك بل من ضرب رقبته إن وجب عليه ،فهـو فاسـق عـاا هلل تعـالى ،وأمـا
إن كان ذلك بباطـل فمعـاذ اهلل أن يأمرنـا رسـول اهلل ـ صـلى اهلل عليـه وسـلم ـ بالصـبر
بر َوالتَّ ْق َوي َوالَ تَ َع َاوُنوا َعلَـى على ذلك ،برهان ذلك قول اهلل عز وجلَ ﴿ :وتَ َع َاوُنوا َعلَى ا ْل ِّ ِ اإل ثْـِـم َوا ْل ُعـ ْـد َو ِ ان﴾ (الما ــدة :مــن اريــة ،)2وقــد علمنــا أن كــالم رســول اهلل ـ صــلى اهلل عليه وسلم ـ ال يخالف كالم ربه ،قال اهلل عز وجل﴿ :وما ي ِ ق َع ِن ا ْل َهـ َوي * إِ ْن ُه َـو نط ُ ََ َ ـان ِمـ ْـن ِع ْنـ ِـد َغ ْيـ ِـر ِ ِ َّ اهلل ـوحى﴾ (الــنجم :اريــات ،)4-9وقــال تعــالىَ ﴿ :ولَـ ْـو َكـ َ ـي ُيـ َ إال َو ْحـ ٌ َلوج ُـدوا ِف ِ يـر﴾ النسـا :مـن اريـة ،)12فصـح أن كـل مـا قالـه رســول اهلل ال ًفـا َك ِث ًا اخ ِت َ يـه ْ ََ صلى اهلل عليه وسلم فهو وحي من عنـد اهلل عـز وجـل ال اخـتالف فيـه وال تعـارو وال تناقو ،فإذا كان هذا كذلك وبيقين ال شك فيه يـدر كـل مسـلم إن أخـذ مـال مسـلم أو
ذمي بغير حق وضرب ئهره بغير حـق إثـم وعـدوان وحـرام ،قـال رسـول اهلل ـ صـلى اهلل
عليـه وســلم ـ" :إن دمــا كم وأمـوالكم وأعراضـكم حـرام علــيكم" فـإ ًذا ال شــك فــي هــذا وال ِّ ئلمـا ئلمـا وئهـره للضـرب ً اختالف من أحد مـن المسـلمين فيـه ،فالمسـلم مالـه لألخـذ ً معاون لئالمه على اإلثم والعـدوان، وهو يقدر على االمتناع من ذلك بأ وجه أمكنه، ٌ
وهذا حرام بنا القرآن.
أما قصة ابني آدم فتلك شريعة أخري غير شريعتنا ،قال عـز وجـل﴿ :لِ ُك ٍّـل َج َع ْل َنـا ِمـ ْن ُك ْم ِ أيضا عن رسول اهلل اجا﴾ (الما دة :من ارية ،)41أما األحاديث فقد صح ً ش ْر َع ًة َو ِم ْن َه ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
161
منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فـإن ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ" :من رأي منكم ً أيضـا عليـه الصـالة والسـالم أنـه لم يستطع فبقلبـه وذلـك أضـعف اإليمـان" وصـح عنـه ً
قال" :ال طاعة في معصية إنما الطاعة في الطاعة ،وعلـى أحـدكم السـمع والطاعـة مـا لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فال سمع وال طاعة" وأنـه ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ
قال" :من قتل دون ماله فهو وشهيد والمقتول دون دينه شهيد ،والمقتول دون مئلمة شـهيد" وقـال ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ" :لتـأمرون بـالمعروف ولتنهـون عـن المنكـر أو ليعمنكم اهلل بعذاب من عنده". معارضــا لآلخــر ،فصــح أن إحــدي هــاتين الجملتــين ناســخة فكــان ئــاهر هــذه األخبــار ً لألخري ،ال يمكن غير ذلك ،فوجب النئر في أيهما هو الناسخ. فوجدنا تلك األحاديث التـي فيهـا النهـي عـن القاتـل موافقـة لمعهـود األصـل ولمـا كانـت
علي ه الحال في أول اإلسالم بال شك ،ذلك أن رد العدوان شريعة ال تجـب وال تجـوز إال بالنا ،وكانت هذه األحاديث األخر واردة باإليجاب وشريعة از دة على معهـود األصـل
وهي القتال ،هذا ما ال شك فيه. فصح نسخ معنى األحاديث المنهي فيها عن القتال ورفع حكمها من حين نطقـه عليـه الصالة والسالم بهذه األحاديث األخر ارمرة بالقتال بال شك. ومن المحال المحرم أن يؤخذ المنسوخ ويترك الناسخ. ومن ادعى أن األحاديث ارمرة بالقتال بعد أن كانت هي الناسخة عادت منسوخة ،فقد
أخذ بالشك وادعى الباطل وقفًا ما ال علم له به ،وال يجوز القول بنسـخ شـريعة وجبـت
بغير دليل جازم ،ولو كانت األحاديث ارمرة بالقتال هي المتقدمة المنسوخة باألحاديث
الناهية عـن القتـال ،لحفـئ اهلل لنـا برهـان نسـخها ولمـا أخلـى اهلل عـز وجـل هـذا الحكـم ناسـخا لقولـه تعـالى فـي القـرآنِ ﴿ :ت ْب َيا ًنـا عن دليل وبرهان يبين لنا بـه رجـوع المنسـوخ ً ـي ﴾ (النحــل :مــن اريــة ،)19وبرهــان آخــر هــو أن اهلل عــز وجــل قــالَ ﴿ :وِان لِّ ُكـ ِّـل َ شـ ْ ُخـري فَ َق ِ طَا ِ فَتَ ِ ـاتلُوا َصلِ ُحوا َب ْي َن ُه َمـا فَـِإن َب َغ ْ ـت إِ ْح َـد ُ ان ِم َن ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ ين اقْتَ َتلُوا فَأ ْ اه َما َع َلـى األ ْ َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
162
الَّ ِتي تَْب ِغي حتَّى تَ ِفي إَِلى أَم ِر ِ اهلل﴾ (الحجرات :من ارية ،)9لم يختلف مسـلمان فـي َ َ ْ أن هذه ارية التي فيهـا فـرو قتـال الف ـة الباغيـة محمكـة غيـر منسـوخة ،فصـح أنهـا الحاكمـة فـي تلـك األحاديـث فمـا كـان موافقًــا لهـذه اريـة فهـو الناسـخ الثابـت ومـا كــان
مخال ًفا لها المنسوخ المرفوع.
وقد ادعى قوم أن هذه األحاديث وهذه ارية في اللصوا دون السلطان. وهذا باطل متيقن ألنه قول بال برهان ما يعجز مـدع أن يـدعى فـي تلـك األحاديـث أنهـا
فــي قــوم دون قــوم وفــي زمــان دون زمــان ،والــدعوي بــال برهــان ال تصــح ،وتخصــيا النصوا بالدعوي ال يجوز ألنه قـول علـى اهلل تعـالى بـال علـم ،وقـد جـا عـن رسـول
ال ســأل عــن طلــب مالــه بغيــر حــق فقــال عليــه اهلل ـ صــلى اهلل عليــه وســلم ـ أن ســا ً
الصالة والسالم" :ال تعطه" قال :فإن قـاتلني ،قـال" :قاتلـه" قـال :فـإن قتلتـه؟ قـال" :إلـى
كالما هـذا معنـاه ،وصـح عنـه ـ عليـه النار" قال :فإن قتلني؟ قال" :فأنت في الجنة" أو ً أيضـا الصالة والسالم ـ أنه قال" :المسلم أخو المسلم ال يسلمه وال يئلمه" وصـح عنـه ً فليعطها ،ومن سألها عليه الصالة والسالم أنه قال في الزكاة" :من سألها على وجهها ُ
على غير وجهها فال ُيعطها" وهذا خبر ثابـت رواه الثقـاة عـن أنـس بـن مالـك عـن أبـي بكـر الصـديق عـن رسـول اهلل ـ صـلى اهلل عليـه وسـلم ـ ،وهـذا يبطـل تأويـل مـن تـأول
أحاديث القتال عن المال ألن اللصوا ال يطلبون الزكـاة وانمـا السـلطان فـأمر ـ عليـه الصالة والسالم ـ بمنعها إذا سألها السلطان على غير ما أمر به عليه السالم. ولو اجتمع أهل الحق ما قواهم [قاويته فقويته "غلبته" القاموس المحيط] أهل الباطل.
وقـال بعضــهم إن فــي القيــام إباحـة الحــريم وســفك الــدما وأخـذ األمـوال وهتــك األســتار
وانتشار األمر ،فقـال لهـم ارخـرون :كـال ألنـه ال يحـل لمـن أمـر بـالمعروف ونهـى عـن
حريما ،وال أن يأخذ ما ًال بغير حـق وال أن يتعـرو لمـن ال يقاتلـه فـإن المنكر أن يهتك ً فعــل شــي ًا مــن هــذا فهــو الــذ ينبغــي أن ُي َغ َّيــر عليــه،ن إمــا قتلــه أهــل المنكــر َقلُّـوا أو مانعا من تغييـر المنكـر ،ومـن األمـر كثروا ،فهو فرو عليه ،ولو كان خوف ما ذكروا ً مانعا من جهاد أهل الحرب ،وهذا ما ال يقوله مسلم. بالمعروف لكان هذا بعينه ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
163
والواجب أن دفع شي من الجور ،وان قل ،أن ُي َكَّلـم اإلمـام فـي ذلـك ويمنـع منـه ،فـإن امتنع وراجع الحق وأضعن للقَ َوْد من البشرة أو من األعضا وإلقامة حد الزنا والقـذف
والخمر عليه فقد نفذ أمر اهلل ،وامتثـل لحكمـه تعـالى ،فـإن امتنـع مـن إنفـاذ شـي مـن
هـــذه الواجبـــات عليـــه ،وجـــب خلعـــه واقامـــة غيـــره ممـــن يقـــوم بـــالحق ،لقولـــه تعـــالى: بر َوالتَّ ْق َوي َوالَ تَ َع َاونُوا َعلَى ِ اإل ثِْم َوا ْل ُع ْد َو ِ ان﴾ (الما ـدة :مـن اريـة ،)2 ﴿ َوتَ َع َاونُوا َعلَى ا ْل ِّ وال يجوز تضييع شي من واجبات الشرع وباهلل تعالى التوفيق" انتهى. التحكيم:
َّ ِ ِ ِّ ِ ِ ـن إِ َّن َّ نـزغُ َب ْيـ َن ُه ْم﴾ (اإلسـرا :مـن اريـة ان َي َ الش ْـيطَ َ سُ ـي أ ْ َح َ ﴿ َوُقل لع َباد َيقُولُـوا التـي ه َ ، )19قال البعو إن األمـة ينتفـي عـن أفرادهـا اسـم اإليمـان إال أن تقـوم فيهـا حكومـة إسالمية أ ولي أمر مسلم يقوم على تطبيق وتنفيذ أحكام شريعة اهلل. ـون حتَّـى يح ِّكم َ ِ ِ يمـا واحتجوا لقولهم هذا بقول اهلل ـ عز وجل ـ﴿ :فَـ َ ال َوَرِّب َ ـوك ف َ ـك َال ُي ْؤم ُن َ َ ُ َ ُ ضـ ْـي َت ويســلِّموا تَ ِ يما﴾ (النســا : َ ـج َر َب ْيـ َن ُه ْم ثُـ َّـم الَ َي ِجـ ُـدوا ِفــي أَْنفُ ِسـ ِه ْم َح َر ًجــا ِّم َّمــا قَ َ شـ َ َُ َ ُ ْ ســل ً ارية .)11 ِ َه َل ا ْل ِكتَ ِ يموا التَّْوَارةَ َو ِ يل َو َمـا أُْن ِـز َل إِلَ ْـي ُكم ِّمـن اإل ْن ِج َ ستُ ْم َعلَى َ ﴿ ُق ْل َيا أ ْ اب لَ ْ ش ْي َحتَّى تُق ُ َّرِّب ُك ْم﴾ (الما دة :من ارية .)11 اهلل ور ِ ِ ين إِ َذا ُدع ـوا إَِلــى ِ سـ ِـم ْع َنا ـان َقـ ْـو َل ا ْل ُمـ ْـؤ ِم ِن َ ﴿إَِّن َمــا َكـ َ ُ ســولِه لـ َـي ْح ُك َم َب ْي ـ َن ُه ْم أَن َيقُولُـوا َ ََ ُ ون﴾ (النور :ارية .)16 َوأَ َ ط ْع َنا َوأُوَل ِ َك ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُح َ وقالوا إن ارية األولى أوجبت التحكيم إلى رسول اهلل ـ عليـه الصـالة والسـالم ـ والرضـا
تسـليما ،وان ذلـك ال يكـون إال بقيـام الحكومـة اإلسـالمية وسـيادة بقضا ه والتسـليم بـه ً شريعة اإلسالم في األمة وانفاذها فعالً ،ألنـه إذا لـم تكـن شـريعة اإلسـالم هـي السـا دة
فالبد أن تسود شريعة أخري يضطر الناس إلى التحاكم إليها ولو على كـره مـنهم ،وأن يخضعوا لها في كافة ش ون حياتهم فال يتحقق بذلك ما أمر الـه تعـالى بـه مـن تحكـيم
رســول اهلل عليــه الصــالة والســالم والرضــا والتســليم بقضــا ه ،وقــالوا :إن مــا ال يــتم موقع مصر أوالً www.egypt1.info
164
الواجب إال به فهو واجب وأنه إذا كان تحقيق حكـم اهلل فـي األرو حسـبما تقضـي بـه
ارية الكريمـة مـن سـورة النسـا ال يـتم وال يتحقـق إال بقيـام الحكومـة اإلسـالمية ،فـإن
قيامها يكون مما نصت عليه ارية وأوجبته فينتفي اسم اإليمان عن أفراد الناس بنا ارية ما دام أن الحكومة اإلسالمية غير قا مة. ونحن نقول بعون اهلل: أمــا إن اريــة الكريمــة توجــب تحكــيم الرســول عليــه الصــالة والســالم والتســليم بقضــا ه
ـليما ،وبعبــارة أخــري تحكــيم شــريعة اهلل والرضــا والتســليم بحكــم اهلل فيمــا أحــل وحــرم تسـ ً فرو ونهى وأبا ،فهذا حق خالا ال شبهة فيه. أما إن التحكيم ال يكون إال بقيام الحكومة اإلسالمية فهذا غير صحيح. ويتعين التفرقـة بـين تحكـيم شـريعة اهلل ،وبـين إنفـاذ حكـم اهلل واجـرا األحكـام الشـرعية
على العباد فتحكيم شريعة اهلل إنما يكون بالرجوع على النصـوا الشـرعية التـي نطـق
وح ًيا عن ربه ،لنعرف منها إذا كان الشي حـال ًال بها الرسول ـ عليه الصالة والسالم ـ ْ اما ،وهل األمـر فـرو أو منهـي عنـه وهـل لنـا حـق مـا أو علينـا واجـب مـا؟ وكـل أم حر ً ذلك يعرف من مجرد الرجوع إلى النصوا.
وهــذا هــو معنــى تحكــيم الرســول عليــه الصــالة والســالم وتحكــيم الشــريعة اإلســالمية، أيضا معنى التحاكم إليها ،ومعنى الرد إليها. و ً وعــرف حكــم اهلل ،وجــب اطم نــان فــإذا تــم تحكــيم الرســول -عليــه الصــالة والســالم ُ - تسليما. القلب أنه الحق الواجب اعتقاده والعمل به ،وذلك هو معنى التسليم به ً وذلك كله كما تري ال عالقة له بوجود الحكومة اإلسالمية أو عدمها. فأنت حيثما كنت تستطيع أن ترد إلى شريعة اله لتعـرف حكـم اهلل فيمـا تأكلـه وتلبسـه،
والمرأة التي يحل لك تزوجها ،والمال الذ بين يديك وبين ارخرين وعالقتك مع زوجك
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
165
وأوالدك ،وجيرانـك والقــا مين علـى أمــر البلـد الــذ تعـيا فيــه ونئرتـك إلــى النـاس فــي غيرها ،إلى غير ذلك مما يشمل جميع ش ون حياتك. أيضا فإنه إن قامت بينك وبين غيرك منازعة حول أمر من األمور ،فالفرو عليكمـا و ً أن تتحاكما إلى الرسول -عليه الصالة والسالم ،-وذلـك بـالرجوع إلـى مـا قـال بـه -
عليه الصالة والسالم -من أحكام الشريعة فتعرفا حكم اهلل في الواقعة موضع التنازع، فيعـرف كـل ذ حـق حقــه فـإذا وقـع االخـتالف علــى مقصـود اهلل مـن اريـة الكريمــة أو الحــديث الشــريف وبعبــارة أخــري إذا وقــع الخــالف حــول حقيقــة حكــم اهلل فــي الواقعــة
موضوع ال تنازع ،فال سبيل إلى قطع الخـالف إال أن يقـيم أحـد الطـرفين الحجـة الال حـة على ارخر فإذا أقام أحد الطرفين الحجة الال حة الئاهرة الدالة على حقيقة حكـم اهلل،
وجب على الطرف ارخر أن يصدع للبرهان ويعتقد بحكم اهلل الذ دل عليه وأنه الحق
تسليما ،ثـم هـو مـأمور بعـد ذلـك ،أ بعـد أن تمـت عمليـة التحكـيم والتسـليم فيسلم به ً بالطاعة أ بتنفيذ حكم اهلل. وقد أسلفنا القول إن عمل الحكومة اإلسالمية أو اإلمام المسلم أو ولي األمر المسلم،
تشريعا وال أن يقضي بما يراه بعقله حس ًنا أو حقًا ولكن أن ينفـذ حكـم اهلل ال أن يبتدع ً وما قضى به تعـالى أنـ ه الحـق ،فـإذا كـان الحكـم الشـرعي ممـا وقـع فيـه اإلجمـاع ،فقـد خــر عــن مجــال االجتهــاد وانتفــت احتمــاالت الخطــأ والتأويــل ،أمــا إذا كــان الحكــم ممــا
تعددت فيه اررا واختلفت فيه وجهات النئر ،فإن ولي األمر يجتهد ما وسعه ثم ينفذ ما أداه إليه اجتهاده ،فما عمل ولي األمر المسلم – والقاضي المسلم إنما ينـوب عنـه
ويستمد واليته منه – إال أن يـأمر بإنفـاذ مـا يـراه هـو أنـه حكـم اهلل حسـبما يـؤد إليـه وحسـما للنـزاع ،وهـو وبعـد غيـر معصـوم فقـد يخطـ فـي فهـم ار والحـديث، اجتهـاده ً امــا وال يحــرم وقــد ال يصــيب حكمــه حكــم اهلل فــي الحقيقــة ،ولــذا فــإن حكمــه ال يحــل حر ً
حالالً ،والعبرة في الحالل والحرام بحكم اهلل في الحقيقة.
فحكــم ولــي األمــر إنمــا هــو إنفــاذ لمــا يعتقــد أنــه حكــم اهلل وحســبما يبــين لــه الحــق مــن الواقع واألدلة التي قد تتوافر لدي غير ذ الحق ويعجز عنها ذو الحق. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
166
إلي وانمـا أنـا بشـر مـثلكم، يقول الرسول -عليه الصالة والسالم " :-إنكم تختصمون َّ ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من ارخـر ،فأقضـي لـه علـى نحـو مـا أسـمع ،فمـن قضيت له بشي من حق أخيه فال يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" [اإلحكـام فـي
أصول األحكام :جـ 6ا.]9 وئــاهر مــن قــول الرســول عليــه الصــالة والســالم أنــه يقضــي فــي النـزاع والقضــا هنـا
بمعنـى إنفـاذ األمــر ،حسـب الئــاهر ،وطب ًقـا لــم تثبتـه البينــات وتقـوم عليــه األدلـة التــي
يقدمها كل من طرفي النزاع ويقول الرسول عليه الصـالة والسـالم إن أحـد الطـرفين قـد
يكون أقوي حجة من ارخر وأقدر على تقديم البرهان ،ورغـم ذلـك قـد ال يكـون صـاحب
حــق ،فــإذا مــا قضــى لــه -عليــه الصــالة والســالم ،-أ أنفــذ األمــر لصــالحه ،فلــيس معنى ذلك أن ما لم يكن له حق قد صار له حق بل هـو رغـم القضـا وانفـاذ األمـر لـم
محرما عليه ولـذا ينهـاه الرسـول عليـه الصـالة والسـالم عـن أخـذه ويعلمـه أنـه إن يزل ً أخذه فإنما يأخذ قطعة من النار. واذا كــان هــذا هــو شــأن قضــا رســو اهلل -صــلى اهلل عليــه وســلم ،-والقضــا هنــا بمعنى إنفاذ األمر ،وهو المعصوم عليه الصـالة والسـالم مـن الخطـأ فـي معرفـة حقيقـة
حكم اهلل والوهم في فهم ارية وحقيقة مقصود اهلل تعالى منها فغيره ممن يرد عليه في
معرفـة حقيقـة حكـم اهلل ومـن الــوهم فـي فهـم الحركـة أو الحــديث كمـا يـرد عليـه الجهــل
امـا وال يحـرم حـالالً ويبقـى كـل مـن طرفـي ببعو الشرا ع ،هـذا الغيـر حكمـه ال يحـل حر ً ـأمور بالتحــاكم إلــى الرســول -عليــه الصــالة والســالم -أ بــالرد علــى الخصــومة مـ ًا ومـأمور باتبـاع الحـق الـذ يقـر فـي قلبـه نتيجـة ذلـك التحكـيم ولـو ًا نصوا الشريعة، خفي ذلك الحق على ولي األمر أو القاضي وحكم بخالفه [يقول اإلمام الشـافعي عليـه
رضوان اهلل تعلي ًقا علـى مـا حكـى عـن رسـول اهلل -صـلى اهلل عليـه وسـلم -إذ العـن بين أخو بني العجـالن "ففـي حكـم اللعـان فـي كتـاب اهلل ثـم سـنة رسـول اهلل -صـلى اهلل عليه وسلم -دال ل واضحة ينبغي ألهل العلم أن ينتدبوا لمعرفته ثم يتحروا أحكام
رسـول اهلل -صـلى اهلل عليــه وسـلم -فــي غيـره علــى مثلـه ،فيــؤدون الغـرو وينتفــي عــنهم الشــبهة التــي عــارو بهــا مــن جهــل لســان العــرب وبعــو الســنن ،وغــابى عــن موقع مصر أوالً www.egypt1.info
167
موضــوع الحجــة ..منهــا أن اهلل تعــالى أمــره أن يحكــم علــى الئــاهر وال يقــيم حـ ًـدا بــين اثنـين إال بــه ،ألن ا لئــاهر شــبه االعتـراف مــن المقــام عليــه الحــد أو بينــه وال يســتعمل
أحـدا بداللـة علـى على أحد ،في حد وال حق واجب عليه ،داللة علـى كذبـه ،وال يعطـي ً صدقه ،حتى تكون الداللة من الئاهر في لعام ال من الخاا.
فإذا كان هكذا في أحكام رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -كان من بعـده أولـى أال
أبدا :فإن قـال القا ـل :مـا دل علـى هـذا؟ قلنـا :قـال يستعمل داللة وال يقضي إال بئاهر ً رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -فـي المتالعنـين" :إن أحـدكما كـاذب" فحكـم علـى حكمــا واحـ ًـدا :أن أخرجهمــا مــن الحــد ،وقــال رســول اهلل -صــلى اهلل الصــادق والكــاذب ً عليه وسلم " :-إن جا ت به أُحيمر فال أراه إال كذب عليهـا وان جـا ت بـه أديعـج فـال أراه إال قد صدق" فجا ت به على النعت المكـروه ،وقـال رسـول اهلل -صـلى اهلل عليـه
وسلم " :-إن أمره لبين لوال ما حكم اهلل" فأخبر أن صدق الزو على المتالعنة بداللة على صدقه أو كذبه بصفتين ،فجا ت داللـة علـى صـدقه ،فلـم يسـتعمل عليهـا الداللـة
وأنفذ عليها ئاهر حكم اهلل تعالى من إدرا الحد واعطا ها الصـداق مـع قولـه -عليـه الصالة والسالم -إن أمره لبين لوال ما حكم اهلل ،في مثـل معنـى هـذا مـن سـنة رسـول
اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -قوله" :إنما أنا بشر وأنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعو فأقضي له على نحو ما أسمع منه ،فمـن قضـيت لـه
بشي من حق أخيه فال يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" فأخبر أنه يقضـي علـى
الئـاهر مـن كـالم المتخاصـمين وانمـا يحـل لهمـا ويحـرم عليهمـا فيمـا بينهمـا وبـين اهلل
تعالى على ما يعلمـان" "األم :لإلمـام الشـافعي جــ 1ا 626نقـال عـن هـاما الرسـالة ا."611-616 اما قبـل وفي هذا المعنى ً أيضا يقول اإلمام ابن حزم" :وحكم القاضي ال يحل ما كان حر ً قضا ه وال يجـرم مـا كـان حـالالً قبـل قضـا ه وانمـا القاضـي منفـذ علـى الممتنـع فقـط ال
مزية له سوي هذا ،وبعد أن أورد الحديث قال :فإذا كـان حكمـه عليـه الصـالة والسـالم
امـا فكيـف القـول فـي قضـا أحـد بعـده؟" انتهـى. وقضاؤه ال يحل ألحد ما كان عليـه حر ً "المحلى البن حزم :جـ 9ا.]"422 موقع مصر أوالً www.egypt1.info
168
وباالحتكــام إلــى رســول اهلل -صــلى اهلل عليــه وســلم -يعــرف مــا قضــى بــه فيتعــين
تسليما أ االعتقاد والجازم أنـه الحـق مـن اهلل -عـز وجـل - الرضا به والتسليم به ً الواجب طاعته وهذا كله يتم ويكون سوا وجدت حكومة إسـالمية أم لـم توجـد ،بـل إن وجــود الحكومــة اإلســالمية ال يكفــي لتحقيقــه ،فقــد توجــد الحكومــة اإلســالمية ويعتقــد
شخا بخالف حكم اهلل فـال ُي َح ِّك َـم بـذلك الرسـول -عليـه السـالم ،-أو ال يسـلم قلـب إنسان بما قضى به -عليه الصالة والسالم -في مسألة من المسا ل. وليس أبين في أن التحاكم إلى شريعة اهلل ال يتوقف على وجود ولي األمر المسلم من ِ ِ ـول َوأُولِــي يعـوا َّ سـ َ ُّهــا الَّـ ِـذ َ ذات النصــوا قــال تعــالىَ ﴿ :يــا أَي َ الر ُ اهلل َوأَط ُ آم ُنـوا أَط ُ يع ـوا َ ين َ شي فَردُّوه إِلَـى ِ ِ ِ س ِ ـول﴾ (النسـا :مـن اريـة ،)19 اهلل َو َّ األم ِر م ْن ُك ْم فَِإن تََن َاز ْعتُ ْم في َ ْ ُ ُ الر ُ ْ والرد المنصـوا عليـه فـي هـذه اريـة هـو وبـال شـك التحـاكم ،فـإذا كـان التحـاكم علـى شريعة اهلل على قولهم ال يكون إال عن طريق ولي األمـر المسـلم فكيـف يمكـن أن نـرد
ونتحاكم إلى اهلل ورسول ه إذا وقع النزاع بيننا وبين ولـي األمـر؟ ولقـد أسـلفنا األحاديـث أيضا أنه ال سمع وال طاعـة فـي معصـية ،ونحـن ارمرة بطاعة أولي األمر والتي تنا ً ال نسـتطيع أن نعـرف إذا كـان أمـر ولـي األمـر معصـية هلل أم ال إال إذا رددنـا وتحاكمنـا إلى اهلل ورسوله ،أ عرضنا األمر الصادر من ولي األمر على الكتاب والسنة ،فنتبين
خروجــا ومعصــية ومخالفــة لهمــا فنعــرف أنــه معصــية ،فــإذا كــان التحــاكم إلــى أن فيــه ً الرسول ال يتم وال يكون كما يقولون إال عن طريق ولي األمر لعجزنا عن رد أمـر ولـي األمر إلى الرسول وتبين ما إذا كان معصية هلل أم طاعة له تعالى. والحق أن إنفاذ حكم اهلل واجرا األحكام الشرعية – وليس التحاكم – هو الذ يقتضي ويوجب قيام الحكومة اإلسالمية ،وما ولي األمر المسـلم أو الحكومـة اإلسـالمية ،علـى مــا ســبق أن بينــا إال تلــك التــي تنفــذ أحكــام اهلل تعــالى وتجــر األحكــام الشــرعية علــى
العباد. فــنحن إذ نحــتكم إلــى الرســول -عليــه الصــالة والســالم -نعــرف أن الســرقة حـرام وأن السارق والسارقة حكم اهلل فيهما أن يعاقبا بحد معين هو قطع اليد ،وهذا االحتكام يـتم موقع مصر أوالً www.egypt1.info
169
س ـوا وجــدت الحكومــة اإلســالمية أم ال ،ولكــن البــد حتــى ينفــذ حكــم اهلل فــي الســارق
والسارقة من وجود السلطة العامـة بـين أمـة المسـلمين التـي تقـوم بإنفـاذ تلـك العقوبـة المحددة في الشريعة. فاالحتكام إلى شريعة اهلل والرضا بما يحكم به اله تعالى ورسوله :قضية. وانفاذ حكم اهلل تعالى الذ يعرف نتيجة االحتكام :قضية أخري. وكل خطاب مـن اهلل تعـالى ورسـوله إنمـا يعطينـا حكـم مـا فيـه ،وال يعطينـا حكـم مـا فـي ين غيره ،فمثالً خطاب اهلل تعالى إلينا باريـة الكريمـة﴿ :إِ َّن َّ الصـالَةَ َكا َن ْ ـت َعلَـى ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ ِكتَ ًابـــا َّم ْوقُوتًـــا﴾ (النســـا :مـــن اريــــة ،)619يعطينـــا حكـــم أن الصـــالة فـــرو علــــى المؤمنين ،وأنه فرو موصوف بوصف معين هو الوقت وهذا هو كل ما يعطينـا حكمـه
ذلك الخطاب ،أما ما خر عن مدلول معنى خطـاب اريـة فـال حكـم لهـا فيـه ،فاريـة ال
حكمـا فـي السـارق والزانـي وشـارب الخمـر إلـى تعطينا حكم تارك الصالة كما ال تعطينا ً غير ذلك ..وانما حكم ذلك كله نجده ونطلبه من خطاب يتضمنه.
ـون َحتَّــى واريــة الكريمــة مــن ســورة النســا والتــي نحــن بصــددها ﴿فَ ـالَ َوَرِّبـ َ ـك الَ ُي ْؤ ِم ُنـ َ وك﴾ (النسا :من ارية ،)11إنما تعطينا الحكم بوجوب تحكيم الرسـول -عليـه ُي َح ِّك ُم َ أيضـا حكـم مـن لـم ِّ يحكـم الصالة والسالم -والرضا والتسليم بمـا قضـى بـه ،وتعطينـا ً الرسول أو لم يرو ويسلم بقضا ه -عليه الصالة والسالم .-
وليس في ارية حكم من لم ينفذ حكم اهلل تعالى والرسول -عليه الصالة والسالم .- فهــذه القضــية األخيــرة خارجــة عــن مــدلول خطــاب اريــة الكريمــة التــي نحــن بصــددها فالحكم فيها متوقف على الدليل الذ يرد فيها. كذلك فإن الخطاب الموجه إلينا بارية الكريمة التي نحن بصددها ليس فيها تكليف لنا
بـرد ودفـع مـا قـد يقـع مـن عـدوان يمنــع مـن التحـاكم إلـى الرســول ،وانمـا خطابهـا إلينــا
قاصر على وجوب تحكيم الرسول -عليه الصالة والسالم -والرضـا بقضـا ه – وقـد موقع مصر أوالً www.egypt1.info
171
علمنا من آيات وأحاديث رفع اإلثم عن المكره أن حكم اريـة التـي نحـن بصـددها غيـر
وارد علـى مـن أكـره علــى التحـاكم إلـى غيــر مـا قضـى بـه الرســول مـا دام قلبـه مطم ًنــا
باإليمان.
حتما تكليفًا برد العدوان المانع من تنفيذ األمر. وليس كل تكليف بأمر يتضمن ً فاألمر بإقامة الصالة – كما قدمنا – ال يتضمن تكليفًا برد عدوان مانع من إقامتها. أمر بمقاتلة ومدافعة من منع من أدا ها. واألمر بأدا فريضة الحج ال يتضمن ًا فاألمر والخطاب الوارد بتكليف ما :قضية. ورد العدوان المانع من تحقيق األمر والتكليف قضية أخري وشريعة أخري يقـوم الـدليل ون ِبـأ ََّن ُه ْم ئُلِ ُمـوا َوِا َّن ين ُيقَ َ ـاتلُ َ على وجوبها من نصوا أخـري كقولـه تعـالى﴿ :أ ُِذ َن لِلَّ ِـذ َ اهلل علَى َنص ِـرِهم لَقَ ِـدير﴾ (الحـج :اريـة )99وكقولـه تعـالى﴿ :وقَ ِ ـون ـاتلُ ُ وه ْم َحتَّـى الَ تَ ُك َ َ َ َ ٌ ْ ْ ِّين ِ هلل﴾ (البقــرة :مــن اريــة )699إلــى غيــر ذلــك مــن النصــوا التــي ـون الــد ُ ِف ْت َنـ ٌة َوَي ُكـ َ أوجبت رد العدوان ومدافعة المعتدين والقتال لتكون كلمة اهلل هي العليا وتغييـر المنكـر
على ما سبق شرحه. أما القول بأن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب فهذا مصطلح من وضع البشـر غيـر المعصــومين لــم يــرد بــه نــا مــن قـرآن أو ســنة ،والــذين وضــعوا هــذا المصــطلح إنمــا
عبــروا بــه عــن معنــى الحئــوه فــي نصــوا تــأتي بتكــاليف قــالوا إنهــا لــيس مقصــودة لذاتها ،ولكن خدمة لمقصـود آخـر يـراد تحقيقـه ،فـاألمر بالوضـو مقصـود بـه ،حسـبما قالوا ،التطهر للصـالة ،واألمـر بطلـب المـا مقصـود بـه تحقيـق الوضـو واألمـر بغـو النئر ومنع المالمسة مقصود به ما قد يترتب على ذلك مـن الوقـوع فـي الـوط الحـرام المنهي عنه ،فعبروا عن هذه المعاني التي الحئوها بذلك المصطلح ،أمـا حيـث يكـون
الخطــاب بــاألمر يتضــمن اإلتيــان بأعمــال البــد منهــا لتنفيــذ األمــر ،فقــد اعتبــر بعــو الفقها تلك األعمال من قبيل ما ال يتم الواجب إال بـه فهـو واجـب ،والحـق مـا قـال بـه
حتمـا تنفيـذ آخرون من أن تلـك األعمـال هـي مـن مـدلول ذلـك الخطـاب وممـا يقتضـيه ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
171
األمر ،إذ ال يـأتي تنفيـذه بحـال مـن األحـوال بـدونها فهـي جـز مـن ذات األمـر [كـاألمر
بالحج :فالحج لغة هو القصد في األمر بالقصد إلى البيت الحرام معناه اللغـو :إتيـان الحركـات الالزمـة لالنتقـال مــن حيـث يوجـد المــر إلـى حيـث يوجــد البيـت الحـرام فلــيس االنتقال إذن إلى البيت الحرام بالسفر من قبيل ما ال يـتم الواجـب إال بـه إنمـا هـو ذات
التكليف المأمور به].
ذهب البعو إلى محاولة اتخاذ مصطلح "ما ال يتم الواجب إال به فهـو واجـب" كقاعـدة شرعية ،غير أنهم اختلفوا في تطبيقها.
وحتــى الــذين حــاولوا جعــل ذلــك المصــطلح قاعــدة فــإنهم لــم يزعم ـوا أن حكــم مــا ال يــتم
اجبا هو ذات حكم الواجب األصلي ،فعـدم غـو الواجب األصلي إال به ،ولذا اعتبروه و ً النئر أو المالمسة غير المشروعة ليس حكمها الزنا. وحيــازة الخمــر وبيعهــا إثــم ال شــك فيــه ولكــن حكــم الحــا ز والبــا ع لــيس حكــم الشــارب والعبرة في تحديد األحكام بالنا الوارد في شأن كل منها. ون. . وعلى ذلك فإنه لو صح – وهو وال يصح – أن ارية الكريمة ﴿فَالَ َوَرِّب َك َال ُي ْؤ ِم ُن َ ﴾ (النســا :مــن اريــة ،)11تتضــمن تكليفًــا بــرد العــدوان الــذ قــد يقــع ويمنــع مــن التحـاكم إلــى الرســول عليـه الصــالة والســالم ،فإنهــا ال تتضـمن حكــم القاعــدة عــن أدا
ذلك التكليف ورد العدوان. ومن ذلك يتضح وجه الخطـأ فـي التفسـير الـذ قـالوا بـه لهـذه اريـة ووجـه الخطـأ فـي االستناد إليها للزعم بانتفا اإليمان عن الناس ما لم تقم الحكومة اإلسالمية. على أنه يتعين علينا أن نفرق بين القول بانتفا اإليمان عن كافـة أفـراد األمـة إذا لـم
تكن الحكومة اإلسالمية قا مة ،وبين حكم الفرد الذ يستجيز عدم قيامهـا ،فالمسـتحل عدم قيام الحكومة المسلمة بعد علمه بالنصوا القاطعة الداللة على وجوبها ،جاحـد للنا مستجيز خـالف اهلل تعـالى ورسـوله ،وهـذا كـافر مشـرك بـال خـالف ،أمـا المعتقـد
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
172
بوجوبهــا ،وأن أمــر اهلل أن تقــوم الحكومــة اإلســالمية ،فإنــه إن قعــد عــن العمــل علــى معذور بعذر شرعي مقبول. ًا قيامها فهو فاسق آثم كما قدمنا ما لم يكن والحــق أن القــول بانتفــا اســم اإليمــان عــن جميــع أف ـراد األمــة إذا لــم توجــد الحكومــة اإلسالمية يؤد إلى نتا ج خطيرة تعارو النصوا القاطعة واإلجماع ،إذ مما ال شـك
ـك﴾ (النســا :مــن اريــة ،)11خطابهــا عــام موجـه إلــى جميــع فيــه أن اريــة ﴿فَـ َ ال َوَرِّبـ َ اإلنـس والجــن ،ومقتضـى القــول الـذ قــالوا بـه أنــه ال يـؤمن أحــد حتـى تقــوم الحكومــة اإلســالمية التــي تحكــم العــالم كلــه وتمنــع الحــاكم فــي أ جهــة مــا وفــي أ بقعــة مــن
األرو غير شريعة اهلل تعالى ،كما أنه – طب ًقا لذلك القول – ينتفي اسم اإليمـان عـن
جميع المسـلمين وعـن جميـع النـاس إذا وجـد مسـلم فـي بقعـة مـن األرو مكرًهـا علـى التحاكم إلى شريعة غير شريعة اإلسالم ،كما أنه إذا عدل الحاكم المسلم في قضية ما
عامـ ًـدا عــن أمــر اهلل فإنــه ينتفــي اســم اإليمــان عــن جميــع أفـراد األمــة ألنــه متــى عــدل عامدا عن أمر اهلل تعالى في قضية ما فقد انتفت عنه فيها صفة اإلمام الحق، الحاكم ً فينتفي في لحئتها وجـود ولـي األمـر المسـلم ،وتكـون قـد سـادت بحكمـه غيـر الموافـق للشريعة ،شريعة غير شريعة اهلل تعالى ،ومعنى هذا أنه لم يكن هناك مسلم على وجه
األرو في أ وقت ما غير الرسول -عليه الصالة والسالم .- ونحن نقول بعون اهلل تعالى :إن الحكم الوارد في تلك ارية هـو تكليـف موجـه إلـى كـل
فرد بعينه أن يحكم الرسول -عليه الصالة والسالم -فيما يعرو له من كافة ش ون حياته سوا فـي ذلـك المعتقـدات أو العبـادات أو المعـامالت وغيرهـا فيـرد فـي ذلـك كلـه
جازمـا أن وحيـا عـن ربـه ثـم يعتقـد إلى شريعة اهلل تعالى ،فيعرف ما قضى به الرسـول ً ً ـليما ،وان مـن لـم يــرتو تحكـيم الرســول ذلـك هـو الحــق الواجـب االتبـاع فيســلم بـه تسـ ً
تسليما بقضا ه فقد انتفى عنه اسم اإليمان. بقلبه أو بقوله أو لم يسلم ً
وسبق بيان عذر الجاهل بجهله والمخط في اجتهاده بخط ـه ،والمكـره والمضـطر بمـا
هو واقع عليه من إكراه واضطرار.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
173
ِ َه َل ا ْل ِكتَ ِ يمـوا التَّ ْـوَارةَ َو ِ يـل اإل ْن ِج َ ستُ ْم َع َلـى َ أما ارية الكريمةُ ﴿ :ق ْل َيا أ ْ اب َل ْ ـي َحتَّـى تُق ُ شْ َو َما أُْن ِز َل إِلَ ْي ُكم ِّمن َّرِّب ُك ْم﴾ (الما دة :من ارية )11فيكفي لبيان وجه الخطـأ لالحتجـا
بها في هذا المقام أنها بعو سور الما دة التـي نزلـت بالمدينـة بعـد هجـرة الرسـول -
عليه الصالة والسالم -إليهـا ،وبعـد أن كانـت دعـوة اإلسـالم موجهـة للعـالمين وللنـاس محمـدا عبــد اهلل كافـة بمـا فـيهم أهـل الكتـاب ،وكـان الفـرو علـى هـؤال أن يؤمنـوا أن ً ورسـوله وأن يؤمنـوا بجميــع مــا جـا بــه ـ عليــه الصــالة والســالم ـ فينصــاعوا لحكمــه ولجميع الش ار ع التي أتى بها وال شك أن شريعته ناسخة لكافة ما سبقها فال يتأتى أن يكــون أهــل الكتــاب كــانوا مكلفــين فــي ذات الوقــت بإقامــة دولــة أو حكومــة إلنفــاذ حكــم التوراة واإلنجيل والش ار ع التي وردت بهما بعد نسخها ،اللهـم إال إذا قيـل إن المقصـود
إقامة ما في التوراة واإلنجيل من ش ار ع لـم تنسـخ تقضـي بـأن اهلل واحـد ال شـريك لـه،
جميعـا ومـنهم ومن نصوا منذرة بمبعثه عليه ودالـة علـى صـدق رسـالته وأن النـاس ً أهل الكتاب عليهم أن يؤمنوا به عليه الصالة والسـالم وبكـل مـا جـا بـه وأن يخضـعوا لحكمه وينضووا تحت لوا ه. ِ سوِل ِه لِ َي ْح ُك َم َب ْي َن ُه ْم أَن ان قَ ْو َل ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ أما ارية الكريمة﴿ :إِ َّن َما َك َ ين إِ َذا ُد ُعوا إَِلى اهلل َوَر ُ ـون﴾ (النــور :اريــة )16فحــق ،وهــي تكليــف سـ ِـم ْع َنا َوأَطَ ْع َنــا َوأُولَ ِـ َ ـك ُهـ ُـم ا ْل ُم ْفلِ ُحـ َ َيقُولُـوا َ شخصــي لكــل فــرد ،ولــيس فيهــا حكــم عــام ينســحب علــى مجمــوع مــن النــاس ،بص ـرف النئر عن موقف كل منهم وعقيدته وقولـه وعملـه ،ومـا سـبق أن قلنـاه هـو مـا حكمـت به هذه ارية وغيرها من اريات التي سبق لنا االستدالل بها ونحن نقول بما قالـه اهلل
عز وجل من أنه ليس بمؤمن من إذا دعي إلـى اهلل تعـالى ورسـوله لمعرفـة الحكـم فـي
سـتكبرا مسـتحالً خـالف اهلل تعـالى ورسـوله ولـم يقـل أمر متنـازع عليـه ،أبـى وأعـرو م ً سمعنا وأطعنا.
مختار عـن حكـم اهلل ،وأبـى االحتكـام إلـى شـريعة ًا وقد سبق أن قلنا إن من أعرو ًا حر اهلل تعـالى التــي بلغتــه وعانــد بلســانه أو بقلبــه فهــو كــافر مشــرك بــال خــالف ،وأمــا مــن
معتقـدا بطـالن عملـه ال على خـالف األمـر عاند بعمله بعد أن سّلم بقلبه ،أ عمل عم ً ً
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
174
وأنه بعمله عاا ألمر اهلل ورسوله الواجب لهما االتباع والطاعة ،فذلك فاسق عـاا وان لم يخر عن اإلسالم ولم ينتف عنه اسم اإليمان. الحكم والمعلوم من الدين بالضرورة: قال البعو :إن الحـاكم بمعنـى ولـي األمـر ،الـذ ال يحكـم بمـا أنـزل اهلل كـافر بصـريح ـك ُهـم ا ْل َك ِ ِ َّ ِ ون﴾ (الما ـدة :مـن اريـة ـاف ُر َ قوله تعالىَ ﴿ :و َمن ل ْم َي ْح ُك ْـم ب َمـا أَْن َـز َل اهللُ فَأُولَ َ ُ ،)44وقــالوا إن حكــم هــذه اريــة مــن المعلــوم مــن الــدين بالضــرورة ،وان حــال الحــاكم أيضا فلـزم مـن ذلـك ضـرورة الذ ال يحكم بما أنزل اهلل معروف لدي الناس بالضرورة ً أن يقطع كل مكلـف بكفـر ذلـك الحـاكم وأن يعتقـد ذلـك فيـه بقلبـه ويعلنـه بلسـانه ،فمـن
معلوما من الدين بالضـرورة فهـو توقف عن الحكم على ذلك الحاكم بذلك فهو قد أنكر ً كافر ،ومن باب أولى من لم يتوقف ،بل لم يوافق على الحكم بتكفير ذلـك الحـاكم ،وأن من لم يحكم بتكفير ذلك الحاكم فهو بدوره لم يحكم بما أنزل اهلل فهو وكافر ،وهكذا. ونـري أنــه يلزمنــا أن نبــدأ بتعريــف المقصـود بالمصــطلح الموضــوع "المعلــوم مــن الــدين بالضرورة". األصل في اإلنسان :الجهل وعدم العلـم ،وهـذا ثابـت بصـريح نـا القـرآن :قـال تعـالى: ُمهـ ِ َخ َــر َج ُكم ِّمـــن ُبطُـــ ِ ش ْــي ًا﴾ (النحـــل :مـــن اريـــة ،)11ثـــم ﴿ َواهللُ أ ْ ــون َ ــات ُك ْم َال تَ ْع َل ُمـ َ ون أ َّ َ بالبديهة التي ركبها اهلل في اإلنسان وعن طريق الحواس مثل السمع والبصر والمـذاق قصـدا فيتعمـد أن واللمس يكتسب اإلنسان ما يعلم ،وما يعلمه اإلنسان قـد يقصـد إليـه ً يتعلمـه فيعلمــه ،وقــد ال يقصــد اإلنســان تعلــم شــي ولكنــه يعلمــه علــى غيــر إرادتــه بــل يعلمه ولو على كره منه ،فـإذا وقـع البصـر علـى شـي فقـد علـم مـن وقـع بصـره عليـه وأدرك منه ما شاهده سوا قصد النئر إلى ذلك الشي أم لم يقصـد ،ومـن وصـل إلـى أذنه كالم فإنـه قـد علـم بمضـمون ذلـك الكـالم ومعنـاه ولـو كـان الصـوت قـد وصـل إلـى
أذنه على غير رغبة منه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
175
وبطبيعة معيشة اإلنسان ضمن جماعة من الناس فإنه البد وأن يقع بصـره علـى كثيـر من أحوالهم الئاهرة وأن يصل إلى سمعة الكثير من أقـوالهم وأصـواتهم التـي يجهـرون
بها. فيعلم بالضرورة ما يصل إلى سمعه وما يقع عليه بصره وما تدركه سا ر حواسه. وما يصل إ لى علم اإلنسان من أخبار تختلف طرقها ،فقد يراه ببصره من حال شخصه واحد أو مجموعة من الناس ،وقد يسمعه من شخا أو مجموعـة مـن النـاس ،وأقـوي
ال بعد جيال بغير اخـتالف وال تبـديل، وأصدق طرق نقل األخبار ما نقله كافة الناس جي ً
ومع التسليم من الجميع بصـحة الخبـر وصـدقه ،إذ مـن الممتنـع فـي طبيعـة البشـر أن تتفـــق الجمـــوع المختلفـــة المشـــارب واألهـــوا والطبـــا ع والمصـــالح علـــى ابتـــداع قصـــة
ال بعـد جيـل دون أن يئهـر الكـذب مكذوبة أو خبر غير صحيح وتتناقله فيما بينهـا جـي ً أو تختلف في شأنه الروايات أو ينقسم الناس حياله مـا بـين مصـدق ومكـذب ،ومسـلِّم
ومســتريب ،ومــن ثــم فــإن الخبــر المنقــول نقــل الكافــة دون اخــتالف مــع اإلجمــاع علــى حقيقته ،يوجب ضرورة العلم ،ويقين صدق الخبر. ومـن المعلومـات مــا البـد أن يعلمـه الشــخا لينصـف بصـفة معينــة فـإذا جهلـه انتفــت عنه تلك الصفة. فإذا ما تقرر هذا قلنا إن المعلوم من الدين بالضرورة ينقسم إلى قسمين: محمدا رسول اهلل ،فهذه البد أن يعلمهـا اإلنسـان أولهما :شهادة أن ال إله إال اهلل وأن ً حتــى تلحقــه صــفة اإلســالم ،ويقــع عليــه اســم المســلم أو المــؤمن ،فمــن لــم يعلــم هــذه مقر بها فهو ليس في أحكام هـذه الـدنيا فـي عـداد المسـلمين ،وسـبق الشهادة وينطق ًا أن قدمنا البرهان على ذلك.
ثانيهما :أحكام بش ار ع كرر الرسول -عليه الصالة والسالم -األمر والعمل بها علـى مأل من الناس واستفاو العلم بها بين المسلمين ،ونقل إلينا خبر وجوبها وفرضها أو النهي عنها نقـل الكـواف عـن الكـواف مـع اإلجمـاع علـى أنهـا فـرو أو نهـي دون أ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
176
خالف بين المسلمين في ذلك ،أ أنها نقلت إلينا عن طريق موجب ضرورة التصديق
مستفيضـا خارجا عن مجال االجتهاد واحتمال الخطأ وهـي لـم يـزل خبرهـا وبات حكمها ً ً جهـار بـين النـاس ،فـال يعـيا إنسـان فتـرة ًا مسـلما بصـحته ومعمـوالً بـه بين المسلمين ً
بين جماعة من المسلمين إال ويشاهد من أحوالهم ويسمع من أقوالهم التي يجاهر بها ما يوجب ضرورة علمه بتلك الف ار و والنواهي ،فال يقبل منه بعـد االدعـا بجهلهـا أو
المجادلة في صحته ،مثال ذلك :وجوب الصلوات المفروضـة وأنهـا خمـس صـلوات فـي اليوم والليلة وعـدد ركعـات كـل منهـا بالنسـبة للمقـيم وهيأتهـا العامـة مـن حيـث ضـرورة
استقبال الكعبة ثم قيام وركوع وسجود ،ووجوب صيام شـهر رمضـان ولـزوم الحـج إلـى البيــت الحــرام وأن ثمـــة زكــاة مفروضــة فـــي أمــوال األغنيــا وحرمـــة دمــا المســـلمين
وأموالهم وأعراضهم وكما قدمنا فإن أساس افتراو العلم بهذه الش ار ع كثرة العمـل بهـا
جهار بحيث ال يخفى أمرها على أحد وبحيث البد وأن يقع بصر المقيم بـين المسـلمين ًا ســلِّم بوجوبهــا وأنهــا ويصــل إلــى ســمعه مــا يوجــب علمــه ضــرورة بهــا ،وأن الجميــع ُم َ فريضـــة مـــن فـــ ار و اإلســـالم شـــرعها اهلل تعـــالى ،ال يختلـــف أحـــد فـــي ذلـــك ،وقاعـــدة
"المعلوم من الدين بالضرورة" لم يرد بها نا من كتاب اهلل تعالى أو سـنة الرسـول - عليــه الصـــالة والســالم ،-وانمـــا هـــي نتيجــة اســـتقرا حـــال النــاس ومالحئـــة الواقـــع
أحدا ال يستطيع أن يقطع على المشاهد ،واذ ال يعلم الغيب إال اهلل -عز وجل ،-فإن ً الغيب باستحالة أن يكون قد شذ عن تلـك القاعـدة شـاذ ،فلـم يصـله العلـم رغـم تواجـده فــي الئـــروف المفتـــرو فيهـــا أن يكـــون قـــد وصـــله العلـــم ،ولـــذا فـــإن جمهـــور فقهـــا
المسلمين على أنه إذا ما قام ما يستراب معه أن يكون الشخا قد وصـله العلـم فعـالً
فلــم نســتطع أن نتــيقن مــن ذلــك ونقطــع بــه ،فإنــه يتعــين عــدم مؤاخــذة ذلــك الشــخا
ـذورا بجهلــه فــال ينتفــي عنــه اســم اإليمــان بجهلــه تلــك الش ـرا ع أو واعتبــاره جــاه ً ال معـ ً بعضها أو إلنكـاره إياهـا ،وانمـا يبلـا الحـق ويعلّـم مـا جهـل ومتـى قامـت عليـه الحجـة، ومن ئهر له نقل الكافة واإلجماع ،لم يقبل منه جدل وال إنكـار ،وسـبق أن قـدمنا مـثالً
ال ،تلــك الخاصــة باألعجميـة التــي كانــت جاريــة لعبــد الــرحمن بــن عـن واقعــة حــدثت فعـ ً
حاطب والتي لما استراب عثمان بن عفان -رضي اهلل عنـه -فـي أنهـا تجهـل حرمـة الزنا ،إذ رآها تستهل بما قارفته وال تنكره كأنها ال تعلم حرمته ،فإنه لم ير وجوب الحـد موقع مصر أوالً www.egypt1.info
177
عليها ورأي أن تعذر بجهلها ووافقه عمر بن الخطاب -رضي اهلل تعالى عنه -على ذلك. ـك ُهـ ُـم وقــد تــوهم الــبعو أن قــول اهلل عــز وجــلَ ﴿ :و َمــن لَّـ ْـم َي ْح ُكـ ْـم ِب َمــا أَ ْنـ َـز َل اهللُ فَأُوَل ِـ َ ا ْل َك ِ ون﴾ (الما دة :من ارية )44مقصود بـه الحـاكم بمعنـى ولـي األمـر أو القاضـي اف ُر َ
وهذا غير صحيح ،وانمـا اريـة عامـة فـي كـل مـن حكـم فـي ديـن اهلل تعـالى سـوا كـان
مفتيـا أم غيــر ذلـك مـن عامــة النـاس إذ تخصــيا الـنا بغيــر ولـي أمـر أم قاضـ ًـيا أم ً برهان مما ال يجوز شر ًعا. ذلــك أن معنــى الحكــم :إنفــاذ األمــر فــي قضــية مــا وهــو فــي الــدين تحــريم أو إيجــاب أو
واباحــة مطلقــة أو بكراهــة أو باختيــار [اإلحكــام فــي أصــول األحكــام البــن حــزم :جـــ6 ا.]49 فالحكم إذن هو وبإنفاذ األمر أو وضع صفة شرعية للشي أو الفعل.
وحكـ َـم العــرس .وأحكمــه :وضــع قــال صــاحب أســاس البالغــة :أحكــم الشــي اســتحكمَ ، حكما ،وحكمـه فـي مالـه فـاحتكم وتحكـم ،وفـي الحـديث: عليه الحكمة ،وحكموه :جعلوه ً
َّ للمحكمــين" وهــم الــذين حكمــوا فــي القتــل واإلســالم فاختــاروا الثبــات علــى "إن الجنــة اإلســـالم ،وحاكمتــــه إلـــى القاضــــي أ رافعتـــه :وهــــو يتـــولى الحكومــــات :يفصـــل فــــي
الخصومات. حكمــا، وقـال صـاحب مختـار الصـحا :الحكـم :القضــا ،وقـد حكـم بيـنهم بحكـم بالضـم ً
حكيما ،وحكمـه أيضا :المتقن لألمور ،وقد َح ُك َم أ صار وحكم له وحكم عليه ،والحكم ً ً تحكيما ،إذ جعل إليه الحكم فيه فاحتكم عليه في ذلك. في ماله ً حكمـا وحكومـة :بـاألمر وللرجـل أو عليـه وبيـنهم، وقال صاحب القاموس المنجد :حكـم ً قضــى وفصــل وحكمــه فــي األمــر :فــوو إليــه الحكــم فيــه ،تحكــم فــي األمــر :حكــم فيــه
وجها للحكم فيه ،احتكم فـي الشـي :تصـرف فيـه وفصل برأ نفسه من غير أن يبرز ً وفق مشي ته ،الحكم :القضا ،الحكم :منفذ الحكم ،الحاكم :الفاصل. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
178
حاكما فيما اعتقـد واذ ذلك هو معنى الحكم فإن كل معتقد في دين اهلل يكون ،باعتقاده ً حاكمـا بعملـه حاكما بقوله فيما قال به ،ويكـون كـل عامـل ويكون كل قا ل في دين اهلل ً ً الذ فعله ويستو في ذلك ولي األمر والقاضي والمفتي وأ شخا آخر.
ولقد سـبق أن قـدمنا البرهـان مـن كتـاب اهلل وسـنة رسـوله -عليـه الصـالة والسـالم -
كـافر إال مـا اسـتثنى على أن العامل من المسلمين على خالف أمر اهلل تعالى ال يكون ًا بنا خاا يقضي بأن فاعله ينتفي عنـه اسـم اإليمـان رغـم نطقـه بالشـهادتين ،ومـن
جاهدا. ثم خر الحاكم بعمله من عموم نا ارية الكريمة غال أن يكون ً
ولقد اخت لف موقف الفقها بالنسبة لولي األمر أو القاضي حين يحكم أ يأمر بتنفيذ أمر على خالف حكم اهلل تعالى ،وهـذا االخـتالف سـبق أن أشـرنا إليـه فيمـا نقلنـاه عـن
شار العقيدة الطحاوية [انئر ا 49من هذا البحث] وسبق ذكر خالف لفئي قاصـر علــى التســمية إذ إجمــاع أهــل الســنة علــى أن الح ـاكم بمعنــى المنفــذ لألمــر أو وارمــر
جاحـدا ،ونزيـد بتنفيذ أمر على خالف حكم اهلل ال ينتفي عنه اسم اإليمان إال أن يكون ً هذه المسالة بعو اإليضا فنقول بعونه تعالى" :إن المتكلمين من الفقها في معنى اإليمان انقسم قولهم على أربعة أوجه: األول :القول بأن اإليمان هو مجرد التصـديق بالقلـب أ المعرفـة والعلـم بالقلـب فقـط، ولو نطق اللسان على خالف ذلـك ،وهـذا القـول خـر مـن قـال بـه مـن اإلسـالم لجحـده النا الصريح على وجوب النطق باللسان ،ولكـان مقتضـاه الحكـم بإسـالم فرعـون ،إذ
هــو قــد اســتيقن أن موســى عليــه الســالم رســول مــن عنــد اهلل تعــالىَ ﴿ :و َج َحـ ُـدوا ِب َهــا ــؤ َال ِ إِالَّ َر ُّب ـت َمــا أَْنـ َـز َل َه ُ ـه ْم﴾ (النمــل :مــن اريــة َ ﴿ ،)64ل َقـ ْـد َعلِ ْمـ َ َو ْ سـ ُ اســتَْي َق َن ْت َها أَْنفُ ُ السماو ِ ات َواأل َْر ِ أيضـا أن اليهـود والنصـاري و﴾ (اإلسرا :من اريـة ،)612ومقتضـاه ً َّ َ َ محمـدا عليـه الصـالة والسـالم رسـول هم من أهل الجنة ألنهم عرفـوا اهلل واسـتيقنوا أن ً ين آتَْي َن ُ ِ ون أ َْب َنـا َ ُه ْم َوِا َّن َف ِري ًقـا ِّمـ ْن ُه ْم اب َي ْع ِرفُوَن ُه َك َما َي ْع ِرفُ َ حق من عند اهلل ﴿الَّ ِذ َ اه ُم ا ْلكتَ َ ون ا ْل َح َّ ون﴾ (البقرة :ارية .)641 ق َو ُه ْم َي ْع َل ُم َ َل َي ْكتُ ُم َ
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
179
ثانيا :القول بأن اإليمان هو القول باللسان فقط دون عقد القلب أ التصديق بالقلب، ً أيضــا خــر القــا لون بــه عــن اإلســالم لجحــدهم الــنا الصــريح بضــرورة وهــذا القــول ً ُمـروا إِالَّ لِيعب ُـدوا اهلل م ْخلِ ِ ِ ِّين﴾ (البينـة :مـن اريـة ـين لَ ُ ـه الـد َ ص َ َُْ التصديق بالقلبَ ﴿ :و َما أ ُ َ ُ )1ولجحــدهم الــنا الصــريح أن المنــافقين ،وهــم الــذين قــالوا بألســنتهم باإليمــان ولــم يعقدوا ذلك بقلوبهم ،كاذبون ،وفي الدرك األسفل من النار.
ثالثًا :القول بأن اإليمـان تصـديق أ عقـد بالقلـب وقـول باللسـان وال يزيـد وال يـنقا،
وأمــا األوامــر والن ـواهي فهــي مــن ش ـ ار ع اإليمــان وليســت مــن اإليمــان ،ومــا ورد مــن ـان اهلل لِي ِ ض َِ يمـا َن ُك ْم﴾ النصوا بتسميتها إيما ًنا كقول اهلل -عـز وجـل َ ﴿ :-و َمـا َك َ ُ ُ ـيع إ َ (البقــرة :مــن اريــة )649أ صــالتكم إلــى بيــت المقــدس ،فهــو علــى ســبيل المجــاز، وبهذا القول يقول اإلمام أبو حنيفة -رضي اهلل عنه .- ابعـا :مــا قـال بــه جمهـور فقهــا المسـلمين [كتــاب اإليمـان البــن تيميـة ا 694وهــو رً قول سا ر فقها أهل الرأ في جميـع األقطـار مـنهم مالـك ابـن أنـس والليـث بـن سـعد وسفيان الثور واألوزاعي وابن حنبل والطبر وابن حـزم ومـن سـلك سـبيلهم] ،مـن أن اإليمان مصطلح شـرعي معنـاه التصـديق بالقلـب والقـول باللسـان والعمـل بـالجوار أ
االمتثال لأل وامـر والنـواهي ،والتصـديق بالقلـب ال يزيـد وال يـنقا وهـو بعـو اإليمـان، ويزيد اإليمان بالطاعة وينقا بالمعصية. وتبعا لهذا االختالف في مسمى اإليمان بين أهـل اإلسـالم أ أصـحاب القـولين الثالـث ً والرابع ،اختلفوا في تسمية من حكم بغير ما أنزل اهلل بمعنى أنفذ األمـر أو أمـر بإنفـاذ األمر على خالف ما أمر اهلل تعالى به ،فالـذين قـالوا بـأن األعمـال ليسـت مـن اإليمـان
كـافرا وانما هي مـن شـرا ع اإليمـان وانمـا تسـمى علـى سـبيل المجـاز ،قـالوا إنـه يسـمى ً ـر دون كفــر أ لــيس بــالكفر المخــر عــن اإليمــان ،وبعضــهم عمليــا أو كفـ ًا أيضــا كفـ ًا ـر ً ً
ارخر قال :إنه متى قام الدليل باإلجماع على أنه ليس بخار بعمله هذا عن اإلسالم،
ـافرا ،وانمــا هــو فـإن ذلــك مفــاده تخصـيا اريــة ،وأنهــا ال تشـمله فــال يجــوز تسـميته كـ ً فاسق عاا شأنه شأن كل عامل على خالف األمر. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
181
أمــا الحــاكم علــى خــالف األمــر بمعنــى المعطــي صــفة شــرعية للشــي أو الفعــل علــى
خالف أمر اهلل فهـو باإلجمـاع مسـتجيز خـالف اهلل ورسـوله جاحـد للـنا المعلـوم لـه، كافر مشرك. واذا تبين هذا ،وعلمت مـا سـبق أن شـرحناه فـي تعريـف المعلـوم مـن الـدين بالضـرورة
وعلمــت أن الفــرق واضــح بــين مــا تقتضــيه البديهــة مــن ضــرورة علــم المســلم بوجــوب
طاعة اهلل ،وبين ماال يتأتى له من علم بحكم المخالف ألمر اهلل تعالى إال بوصول أمر
أحدا مـن الفقهـا اله إليه في هذا الشأن وبلوغ الحكم إليه في ذلك ،واذا ما علمت أن ً َّ لم يقل بأن الحكم الشرعي المستنبط مـن اريـة الكريمـة ﴿ َو َمـن ل ْـم َي ْح ُك ْـم ِب َمـا أَْن َـز َل اهللُ فَأُولَ ِ َك ُهم ا ْل َك ِ ون﴾ (الما دة :من ارية ،)44باإلضافة إلى غيرهـا مـن اريـات علـى اف ُر َ ُ ما سبق شـرحه هـو مـن المعلـوم مـن الـدين بالضـرورة ،واذا مـا كـان واقـع حـال النـاس يشهد أن الغالبية ال تعرف شي ًا عن مضمون ارية واألحكام الشرعية التي تـدل عليهـا أيضا أن األخبار الصحا قـد وردت بـأن باالنضمام إلى غيرها من اريات ،واذا علمت ً
الصحا بي الجليل ابن عباس رضي اهلل عنهمـا الـذ ضـمه رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه
ال" :اللهــم علمــه الكتــاب" [البخــار :جـــ 6ا ]29والتــابعي الجليــل وســلم ودعــا لــه قــا ً طاووس اليماني قا ال :إن ارية ليست على ئاهرها واطالقها وان الكافر هـو مـن حكـم
جاحدا ،وأن من أقر بحكم اهلل وحكم أ أقام األمر على خالفه ،فهـو بغير ما أنزل اهلل ً ئالم فاسق :وبذلك قال السد وعطا وجميع فقها أهل السنة [هو قـول أبـي حنيفـة ومالك والشافعي وابن حنبل وابن حزم وابن القيم وابن تيميـة وجميـع الفـرق اإلسـالمية
إال الخوار والمعتزلة الذين قالوا بتكفير مرتكب الكبيرة] وأن هذا هـو المـدون فـي كتـب
الفقــه وتفاســير القــرآن المتداولــة بــين أيــد النــاس ،واذا أضــفت إلــى ذلــك أن تبـــين
لم ْئهــر شــعا ر اإلســالم، الجحـود ممــا يــدق وتختلــف فيــه أوجــه النئـر خاصــة بالنســبة ُ
وضح لك عدم صواب القول بأن اريات الكريمة والحكم الذ قـالوا إنـه مضـمونها مـن
المعلوم من الدين بالضرورة وما بنوه على ذلك من أحكام بتكفير عامة الناس. والحــق أن مــن لــم يئهــر لــه وجــه الحــق فــي مســألة أو عجــز عــن فهــم حكــم اهلل فــي موضوع أو وكان علمـه دون أن يسـتطيع اسـتنباط األحكـام الشـرعية مـن مجمـوع ار موقع مصر أوالً www.egypt1.info
181
واألحاديث فإن واجبه أن يمسك عن القول في ذلك بحكم ال يعلم صوابه من خط ه فقد ـك ِب ِـه ِع ْل ٌـم﴾ (اإلسـرا :مـن اريـة س لَ َ نهاه اهلل عن ذلك ،قـال تعـالىَ ﴿ :والَ تَ ْق ُ ـف َمـا لَ ْـي َ ،)91وقــال عــز وجــلُ ﴿ :قـ ْـل إَِّنمــا حـ َّـرم رِّبــي ا ْلفَــو ِ ـن َو ِ اإل ثْـ َـم اح َ ا َمــا ئَ َهـ َـر ِم ْن َهــا َو َمــا َبطَـ َ َ َ َ َ َ َ طا ًنا وأَن تَقُولُـوا ع َلـى ِ ِ ِ اهلل َمـا َال َوا ْل َب ْغ َي ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّ ق َوأَن تُ ْ َ سـ ْل َ َ ش ِرُكوا ِباهلل َمـا َل ْـم ُي َن ِّـز ْل ِبـه ُ ون﴾ (األعراف :ارية ،)99وسـبق أن ذكرنـا خبـر عجـز عمـر بـن الخطـاب رضـي تَ ْعلَ ُم َ اهلل تعالى عنه عن فهـم آيـة الكاللـة رغـم تكـرار سـؤاله للرسـول عليـه الصـالة والسـالم
وما قد ذلك في إيمانه شي ًا.
الفصل التاسع الكفر بالطَّاغوت وت ويـ ْـؤ ِمن ِب ِ ِ ﴿الَ إِ ْك َـراهَ ِفـي الــد ِ ـاهلل فَقَـ ِـد َّن ُّ الر ْ ـن ا ْل َغ ِّ ش ُـد ِمـ َ ِّين قَـد تََّبــي َ ـي فَ َم ْـن َي ْكفُـ ْـر ِبالطَّـا ُغ َ ُ ِ انفصام َلها واهلل ِ استَمس َك ِبا ْلعروِة ا ْلوثْ َقى َال ِ ـيم﴾ (البقـرة :اريـة ،)211وقـال َ َ َ َ ُ َ ُْ َ ُ ْ ْ َ سميعٌ َعل ٌ ين َي ْز ُعمـ َ َّ ـك ـك َو َمــا أُْنـ ِـز َل ِمــن قَْبلِـ َ آم ُن ـوا ِب َمــا أُْنـ ِـز َل إَِل ْيـ َ تعــالى﴿ :أََلـ ْـم تَـ َـر إَِلــى الَّـ ِـذ َ ـون أَن ُهـ ْـم َ ُ وت وقَ ْد أ ِ َّ ِ ُم ُروا أَن َي ْكفُُروا ِب ِـه﴾ (النسـا :مـن اريـة )11 ُي ِر ُ يد َ ون أَن َيتَ َحا َك ُموا إِلَى الطا ُغ َ وها وأََنـابوا إَِلـى ِ شـ َـري﴾ اهلل َل ُه ُـم ا ْل ُب ْ اجتََن ُبـوا الطَّـا ُغ َ ين ْ وقـال عـز وجـلَ ﴿ :والَّ ِـذ َ وت أَن َي ْع ُب ُـد َ َ ُ
(الزمر :من ارية .)61وما ماثل ذلك من اريات وقالوا إن اهلل أمر باإليمان به تعـالى والكفر بالطاغوت فال سبيل إلى قسم ثالث فإما إيمان بـاهلل وكفـر بالطـاغوت وذلـك هـو
اإلسالم واما اتباع للطاغوت وذلك كفر باهلل. أيضا إن الكفر بالطاغوت مقتضاه الحكم عليه بأنه كافر ومن لم يعتقد ذلك فيـه وقالوا ً بقلبه وينطق معل ًنا ذلك بلسانه فهو لـم يحكـم بمـا أنـزل اهلل فهـو كـافر ،ومـن لـم يحكـم بكفر هذا األخير فهو بدوره لم يحكم بما أنزل اهلل فهو كافر وهكذا..
ونحن نقول بعون اهلل تعالى:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
182
إن الطـاغوت فــي اللغـة :مــن الطغيــان ،وهـو كــل مـا زاد علــى الحــد المقـرر لــه ،وكانــت
أيضــا علــى كــل مــن ُع ِبـ َـد مــن دون اهلل ،يقــول القرطبــي العــرب تطلــق اســم الطــا ُغوت ً [الجامع ألحكام القرآن للقرطبي :جـ 9ا" :]216والطاغوت مؤنثة من طغـا يطغـو ،أو طغـا يطغــى ،إذا جــاوز الحــد بزيــادة عليــه ،وقيـل :أصــل طــاغوت فــي اللغــة مــأخوذ مــن الطغيان يؤد معناه من غير اشتقاق ،قـال الجـوهر :والطـاغوت :الكـاهن ،والشـيطان
وكل رأس في الضالل والجمع طواغيت" انتهى. وعلــى ذلــك فــإن الطــاغوت قــد يكــون الــوثن أو الصــنم أو الشــخا ،وقــد يكــون ذات الشريعة ال از دة عن حد اهلل تعالى. والنصوا السالف ذكرها صريحة في أمرها أن نكفر بالطاغوت وأن تجتنبه. ومعنى الكفر بالشي أن نجحده ونسـتره أن ننكـره ونكـذب بـدعواه ونعتقـد بطالنـه وأنـه
غير حق.
ال. واجتناب الطاغوت معناه أال نتبعه وأال نعتقد أن له طاعة واجبة وأال نطيعه فع ً وفــرق كبيــر بــين أن نكفــر بالطــاغوت فننكــره ونجحــده ونكــذب بــدعواه ،وال نتبعــه وال حكما بأنه كافر. نطيعه ،وبين أن نصدر عليه ً فهـــذه قضـــية وتلـــك قضـــية أخـــري متمـــايزة عنهـــا مختلفـــة والواجـــب عـــدم الخلـــط بـــين القضيتين واريات التـي أوردناهـا ومـا جـا فـي معناهـا مـن نصـوا أخـري ،إنمـا فيهـا
اما با لكفر بالطاغوت فيكفينا أن نعرف أنه أمر خار عن حد اهلل تعالى فننكـر عليـه إلز ً ذلك الخرو ونجحده ونكذب بدعواه الخارجة عن حد اهلل تعـالى ،وأال نعتقـد أنـه واجـب الطاعة ،وال نطيعه فعالً. ـنما فإننــا ننكــر أن يكــون ذلــك الــوثن أو الصــنم حقيــق فــإذا كــان الطــاغوت وث ًنــا أو صـ ً بالتعائم أو اإلجالل ويتعـين أن نكـون علـى يقـين مـن أنـه ال يضـر وال ينفـع وال يتعـين علينــا اجتنابــه أ اجتنــاب تعئيمــه واجاللــه واقامــة الشــعا ر لــه أو طلــب البركــة منــه، موقع مصر أوالً www.egypt1.info
183
فمن وفقه اهلل تعالى لـذلك فقـد اسـتوفى األمـر الـوارد بالنصـوا ،أمـا الحكـم واالعتقـاد
بأن الصنم أو الوثن كافر فهـذا مـا ال ذكـر لـه فـي تلـك النصـوا بـل إن اهلل عـز وجـل أعلمنـا أن ذلـك الصـنم أو الـوثن جمـاد غيــر عاقـل وال مميـز وال مكلـف وال يحكـم عليــه
بكفر أو إسالم. وقد يكون الطاغوت شريعة ،من قال بها ليس بكافر وال بعاا بل محسن مأجور عن
مجتهدا ور ًعا لم يصب وجه الحق في إحدي فتاويه وئهر لنا عالما ً اهلل تعالى ،فلو أن ً اضحا ال لبس فيه ،فـإن فتـواه تكـون شـريعة طاغيـة مـن اتبعهـا بمعنـى االتبـاع خطأه و ً في الشرع الذ سـبق أن أوضـحناه فهـو قـد اتبـع الطـاغوت مـا دام ئهـر لـه بطالنهـا،
وذلــك ال يغيــر شــي ًا مــن أن الــذ أفتــى بتلــك الفتــوي مجتهــد محســن مــأجور عنــد اهلل تعالى على اجتهاده وقصده وجه الحق وان أخطأه. والقول إن اهلل تعالى قد أمرنا باإليمان به ،والكفر بالطاغوت حتى خالا.
والقول إن اهلل تعالى قد أمرنا بطاعته واتباع رسوله عليه الصالة والسالم حق خـالا واجب اعتقاده والعمل به وتنفيذه. والقول بأن اهلل أمرنا بعـدم اتبـاع الطـاغوت :حـق خـالا سـوا أكـان االتبـاع بـالمعنى الشرعي أ االنقياد المطلق أم بالمعنى اللغو أ مجرد العمل باألمر ولو مع اعتقـاد
بطالنه ،ذلك بأن اهلل تعالى لم يأمرنا قط بالعصيان. أما القول :أن من اتبـع الطـاغوت فهـو كـافر :فتلـك جملـة تحتـا إلـى تفسـير وايضـا
سبق ذكرهما ،وقلنا إنـ ه إذا كـان االتبـاع بمعنـى االنقيـاد المطلـق ووجـوب الطاعـة مـن
ـافر بـال جــدال وأمــا إذا كـان االتبــاع بالعمــل دون اهلل فـإن المتبــع بهــذا المعنـى يكــون كـ ًا دون االعتقـاد بضـرورة االنقيـاد المطلـق أ مـع اإلقـرار بـأن العمـل عصـيان ألمـر اهلل، وأمر ارمر على خالف ذلك ال يغيره ،فإن المتبع أو المطيـع بهـذا المعنـى عـاا لـيس بكافر إال ما ورد فيه النا بأن عامله ينتفي عنه اسم اإليمان بمجرد العمل.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
184
أيضا الفرق بين المعصـية والكفـر ،وقـد علـم اهلل تعـالى أن عبـاده يعصـون وقد أسلفنا ً بعــو أوامــره ونواهيــه ويتبعــون فــي ذلــك – بالعمــل دون العقيــدة – الشــيطان والهــوي،
وكفر وبين العصيان وفرق سبحانه وتعالى ،رحمة بنا ،بين العصيان الذ سماه شرًكا ًا ذنبــا يغفـر أو قـد أو قــد ال يغفـر ويجــاز مرتكبـه بالعــذاب الـذ سـماه ســبحانه وتعـالى ً
ولكن ال يخلد في النار وتلك هي المعصية "المعاصي" التي حكم اهلل تعالى أن مرتكبها ِ وها س َّم ْيتُ ُم َ ال ينتفي عنه اسم اإليمان ،وقلنا إن األسما هلل تعالى﴿ :إِ ْن ه َي إِ َّال أ ْ َس َما ٌ َ ِ طان﴾ (النجم :من ارية .)29 س ْل َ آب ُ أَْنتُ ْم َو َ اؤ ُكم َّما أَْن َز َل اهللُ ِب َها من ُ وقلنا إنه ال يجوز أن نطلق اسم الكفر أو الشرك على من ليست هـذه صـفته فـي ديـن
اهلل كمـا ال يجــوز أن نطلــق اســم اإليمــان أو اإلســالم علــى مــن ليســت هــذه صــفته فــي شريعة اهلل تعالى. وأوضحنا أن هذه معان شرعية يلزمنا الوقوف عندها واعتقادها والعمل بها ،واال حرفنـا الكالم عن مواضعه ،وابتدعنا أسما وصفات ما أنزل اهلل بها من سلطان. ـافرا مشــرًكا، وقــال الــبعو :إن الطــاغوت مصــطلح شــرعي ال يســمى بــه إال مــن كــان كـ ً نصوصـا تؤيـد ذلـك وتحـدد ومن ثم فإنه يتعين الحكـم بكفـر الطـاغوت،ن ونحـن ال نعلـم ً أن الطــاغوت ال يســمى بــه إال اإلنســان المشــرك الــداعي إلــى الضــالل ،واذا ورد نــا
بذلك قلنا به وصرنا إليه. ولو صح ذلـك القـول فإنـه والبـد – حتـى يكـون الواجـب علـى كافـة النـاس الحكـم بكفـر
الطـاغوت وشـركه – أن يكــون معل ًنـا بـالكفر وأن يكــون متبرًـا مـن ديــن اإلسـالم جملــة وعالنية بحيث ال يجوز االختالف في حقيقة صفته ،أما من يئهر اإلسالم ويأتي عل ًنا
شعا ره ولكن يكون كفره من جهة تحتا إلى علم ببعو أعماله وأقواله على حقيقتهـا
وعلى حقيقة أمر اهلل تعالى فيها ،فهذا في األغلب مما تختلف فيه اررا ،ويخفي أمره على كثير من الناس خاصة عامتهم ،فال يتأتى القـول بـأن عامـة النـاس أو المتـأولين
في شأنه قد خرجوا عن الحكم الواجب وصفه به ،وأنهم بذلك آثمون أو كافرون.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
185
وسبق أن أوضحنا عذر الجاهل بجهله والمخط بخط ه ،وقلنـا بالبرهـان إن مـن خفـى عليه أمر فواجب عليه أن ال يقول فيه بحكم ال يتحقق من صوابه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
186
الفصل العاشر التعامل المباشر مع القرآن الكريم "أيحسب أحدكم متك ًا على أريكته قد يئن أن اهلل تعالى لم يحـرم شـي ًا إال مـا فـي هـذا القـرآن أال وأنـي واهلل قـد أمـرت ووعئـت ونهيـت عـن أشـيا إنهـا لمثـل القـرآن" .حـديث شريف [عن العرباو بن سارية :اإلحكام في أصول األحكـام البـن حـزم :جــ 2ا،26 .]22 قال البعو إن العربي إنما كان يسمع ارية من آيات القرآن ليعمل بمقتضاها ببساطة ويقوم بتنفيذها على الفور وان علينا أن نفعل مثله. وقال البعو إن األحكام الشرعية التـي قـال بهـا الفقهـا إمـا قـالوا بهـا لتكـون مناسـبة
فـــي الئـــروف التـــي أحاطـــت بهـــا وا َّن مـــنهم مـــن خضـــع لتوجيهـــات الساســـة أصـــحاب
السلطان ممن كانوا في عصرهم وأن الئروف التي تمـر بهـا دعـوة اإلسـالم فـي الوقـت
جانبا الحاضر لم يسبق أن مرت بها ،وأنه لذلك يجب علينا أن نطر ذلك الفقه القديم ً
أحكامـا تال ـم الئـروف التـي نعـيا وأن نتعامل مباشرة مع القرآن الكـريم ونسـتمد منـه ً فيها والمالبسات التي تمر بها دعوة اإلسالم في عصرنا هذا. أما عن القول بما كان يفعله العربي ،فإننا ال ندر المقصود مـن "البسـاطة" المنسـوبة
إليه فإن كان المقصود أنه يتعين تنفيذ أوامر اهلل تعـالى ورسـوله دون تـردد أو تهـاون
ال ،فما نئن أن ذلك موضع اختالف ،وال يئن في شـي ممـا ما استطعنا إلى ذلك سبي ً سبق أن قلنا به أنه معارو لذلك.
أمــا إذا كــان المقصــود "بالبســاطة" العمــل باريــة أو الحــديث إثــر ســماعها دون مقابلــة
وجمــع بــين مختلــف اريــات واألحاديــث المتعلقــة بالموضــوع :فــذلك قــول ال يصــح ،بــل الفرو علينـا الرجـوع إلـى آيـات القـرآن الكـريم والصـحيح الثابـت مـن أحاديـث الرسـول موقع مصر أوالً www.egypt1.info
187
عليه الصـالة والسـالم وضـم اريـات واألحاديـث بعضـها لـبعو والمقابلـة بينهـا لمعرفـة جميعا وحكم اهلل المقصود. مراد اهلل منها ً منئومـا علـى نمـط خـاا معجـز متلـوا فهكذا شا اهلل عز وجل أن يجعل بعو الـذكر ً ً متعبـ ًـدا بتالوتــه وذلــك هــو القـرآن الكــريم ،وبعضــه ارخــر أحاديــث غيــر منئومــة علــى النمط األول وجعل في كل منهما مراده تعالى وأحكامـه المقصـودة ،وجعـل بعضـه مبي ًنـا لبعو ومفصالً لبعو﴿ :لِتَُب ِّي َن لِ َّلن ِ اس َما ُنِّز َل إَِل ْي ِه ْم﴾ (النحل :من ارية .)44 ولو شا اهلل تعالى لجعل كل األحكـام فـي القـرآن الكـريم فقـط أوفـى األحاديـث الشـريفة
نصـا عليهـا بعينهـا تجـده فـي آيـة واحـدة أو فقط ولو وشا اهلل لجعل حكـم كـل مسـألة ً في حديث واحد ال يختلف شخصان في فهم المراد منهما. سـأَ ُل فليس يعجز اهلل تعالى عن شي ،ولكن مشي ته تعالى جرت على غير ذلـك ﴿الَ ُي ْ ون﴾ (األنبيا :ارية .)29 سأَلُ َ َع َّما َي ْف َع ُل َو ُه ْم ُي ْ
أحكامـــا متعلقـــة ال ثانيـــة ســـور القـــرآن الكـــريم وهـــي ســـورة البقـــرة تتضـــمن فوجــدنا مـــث ً ً بالطالق ،ثم وجدنا في سورة األحزاب وهي فـي الثلـث األخيـر مـن القـرآن الكـريم سـورة صـحاحا ثابـت الطالق وبها الكثير من أحكام الطالق ،ووجدنا فضالً عـن ذلـك أحاديـث ً اما علي ًنا إسنادها عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم متعلقة بذات الموضوع ،فكان لز ً
أن نجمع جميع ذلك لنعرف مراد اهلل تعالى منا وحكمه المطلوب اعتقاده وتنفيـذه ،ولـو
أننا عملنا ببعو اريات دون بعضها أو ببعو األحاديث دون بعضها أو بـار دون الحديث أو بالحديث دون ار لكنا آثمين عاصين لعـدم طاعتـه تعـالى وطاعـة رسـوله
عليه الصالة والسـالم فيمـا تركنـاه ولـم نعمـل بـه ولكنـا متعمـدين تغييـر حكـم اهلل تعـالى
وتحريــف الكلــم عــن مواضــعه والقــول علــى اهلل تعــالى بالكــذب ،إذ الناقــل بعــو الكــالم دون بعو محرف للكلم عن مواضعه.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
188
وقــد علمنــا رســول اهلل عليــه الصــالة والســالم الجمــع بــين اريــات واألحاديــث والمقابلــة بينهمــا ومعرفــة الخــاا منهــا والعــام واســتنباط الحكــم الشــرعي الواجــب العمــل بــه بعــد
ذلك. شخصـا وهـو فمثالً :فإن في الخبـر الصـحيح الثابـت ،أنـه عليـه الصـالة والسـالم نـادي ً ال بــاألمر العــام "إن فــي الصــالة لشــغال" وان الصــالة ال يصــلي فلــم يجبــه المصــلي عم ـ ً
يصح فيها الكالم واألعمـال التـي تجـوز فـي غيرهـا ،فلمـا قضـى المصـلي صـالته سـأله
عليه الصالة والسالم عما منعه من أن يجيبـه إذ نـاداه ،فلمـا أجابـه بأنـه كـان مشـغوالً ين ُّهـا َّالـ ِـذ َ بالصـالة عارضــه الرسـول عليــه الصـالة والســالم بقـول اهلل عــز وجـلَ ﴿ :يــا أَي َ ِ سـ ِ ـول إِ َذا َد َعــا ُكم لِ َمــا ُي ْح ِيـي ُك ْم﴾ (األنفــال :مــن اريــة [ )24انئــر اســتَ ِج ُ آم ُنـوا ْ يبوا هلل َولِ َّلر ُ َ رواية الواقعة في اإلحكام فـي أصـول األحكـام :جــ 9ا ،]96واألمثلـة علـى ذلـك كثيـرة من عمل الرسول عليه الصالة والسـالم وعمـل الصـحابة رضـوان اهلل عليهم،وسـبق أن
ذكرنا أن عثمان رضي اهلل تعالى عنه أمر بـرجم التـي ولـدت لسـتة أشـهر ،فـذكره علـي
ش ْـه ًار﴾ (األحقـاف :مــن صـالُ ُه ثَ َ ـون َ كـرم اهلل وجهـه بقـول اهلل عـز وجـلَ ﴿ :و َح ْملُـ ُ ال ثُ َ ـه َوِف َ ـن حـوَل ْي ِن َك ِ ارية ،)61مع قولـه تعـالى﴿ :وا ْلوالِ َـد ُ ِ اد أَن ـام َل ْي ِن لِ َم ْـن أ ََر َ ات ُي ْرض ْـع َن أ َْو َال َد ُه َّ َ ْ َ َ اع َة﴾ (البقرة :مـن اريـة ،)299وبـالحكم الشـرعي المسـتنبط مـن الجمـع بـين ُي ِت َّم َّ الر َ ض َ اريتـين وهــو وأن مـدة الحمــل قـد تكــون سـتة أشــهر ،فعـدل عثمــان عـن األمــر بــالرجم،
وليس أمر المقابلة بين ار واألحاديث بالبدعة المستحدثة. أما القول بضرورة التعامل مع القرآن الكريم مباشرة ،فإننـا نقـول بعـون اهلل تعـالى :إن
أحدا أن يتبع ما سوي أمره تعالى ورسوله عليه الصالة والسالم ،ولذا فإن اهلل لم يأمر ً الفــرو علــى المســلم أن يرجــع مــا أمكنــه إلــى كتــاب اهلل تعــالى والثابــت الصــحيح مــن أحاديث الرسول عليه الصالة والسالم ،وأن يتبع الدليل منها المؤد إلى معرفة الحكم
الشــرعي ،فــإن عجــز عــن ذلــك وتلقــى عــن غيــره ،فمــن المتعــين عليــه أن يكــون علــى اعتقاد جازم بأنه إنما ينفذ حكم اهلل تعـالى ورسـوله عليـه الصـالة والسـالم ال أنـه ينفـذ
أمر أحد سواهما.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
189
وليس ثمة من له الحق أن يحجر على أحد أن يتعامـل مباشـرة مـع القـرآن الكـريم وأن
يجتهــد ويســتنبط مــن آياتــه األحكــام التــي يقــوم البرهــان علــى أنهــا حكــم اهلل الواجــب اتباعه ،وهو إذ يفعل ذلك فإنه البد أن يجد في آيات القرآن الكـريم النصـوا القاطعـة
علـــى وجـــوب اتبـــاع الرســـول وأن كالمـــه عليـــه الصـــالة والســـالم ،بـــالقرآن الكـــريم أو باألحاديــث الشــريفة كلــه حــق يتعــين العمــل بــه جميعــه ،ومــن اســتقل بــالقرآن الكــريم وأعرو عن األحاديث الشريفة فقد خـالف نصـوا القـرآن الكـريم القاطعـة الصـريحة،
وضل بال شك عن معرفة حقيقة حكـم اهلل ،علـى أنـه يتعـين علـى مـن يتصـدي للتعامـل
مع القرآن الكريم واألحاديث الشريفة الستنباط األحكام أن يكون أهالً لذلك :وذلـك بـأن يســتوفي مــا شــرطه اهلل تعــالى علــى مــن يتصــدي لمثــل هــذا األمــر "ففــرو عليــه أن يتقصى ،حسب طاقته ،أحكام القرآن الكريم وأحاديث النبي عليه الصالة والسالم ورتب
النقل ،وص فات النقلة ومعرفة السند الصـحيح ممـا عـداه مـن مرسـل وضـعيف ،وفـرو
أيضــا أن يــتعلم كيفيــة إقامــة البـراهين التــي يميــز بهــا الحــق مــن الباطــل ،وكيــف عليــه ً يعمل فيما ئاهره التعارو" "قال تعالىَ ﴿ :ف َل ْوالَ َنفَ َر ِمن ُك ِّل ِف ْرقَـة ِّمـ ْن ُه ْم طَا ِ فَـ ٌة لِ َيتَفَقَّ ُهـوا ِفــي الــدِّي ِن﴾ (التوبــة :مــن اريــة [ )622والتفقــه هــو تعلــم أحكــام القـرآن وأحكــام أوامــر النبـي صــلى اهلل عليــه وســلم ألن هـذين أصــل الــدين] والتفقــه هـو وتعلــم أحكــام القـرآن
وأحكام أوامر النبي صلى اهلل عليه وسلم هذين أصل الدين. وقـال تعـالى﴿ :إِن جـا ُكم فَ ِ ـق ِب َن َبـأ فَتََب َّي ُنـوا﴾ (الحجـرات :مــن اريـة ،)1فوجـب بــذلك اسـ ُ َ َ ْ معرفة عدول النقلة من فساقهم. وقــال تعــالىُ ﴿ :قـ ْـل َهــاتُوا برَهــا َن ُكم إِن ُك ْنــتُم صـ ِ ين﴾ (النمــل :مــن اريــة ،)14فوجــب ـاد ِق َ ْ َ ُْ ْ بذلك معرفة كيفية إقامة البرهـان وبنـا الحـديث بعضـه علـى بعـو ومـع القـرآن وبنـا ار بعضها مع بعو.
ـخ ِمـ ْـن آيــة أَو ُن ْن ِســها َنـأ ِ ْت ِب َخ ْيــر ِّم ْن َهــا أ َْو ِم ْثلِ َهــا﴾ (البقــرة :مــن سـ ْ َ ْ َ وقــال تعـالىَ ﴿ :مــا َن ْن َ ارية ،)611فوجب معرفة الناسخ من المنسوخ.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
191
وفــرو علــى مــن قصــد التفقــه فــي الــدين ونصــب نفســه للنــذارة أن يســتعين علــى ذلــك
بسا ر العلـوم بمـا تقتضـيه حاجتـه فـي فهـم كـالم اهلل تعـالى ،وكـالم نبيـه عليـه الصـالة والسالم. َّ ِ ِ سِ ان قَ ْو ِم ِه لِ ُي َب ِّي َن لَ ُه ْم﴾ (إبراهيم :من ارية )4 سول إِال ِبل َ س ْل َنا من َّر ُ قال تعالىَ ﴿ :و َما أ َْر َ ِ ـي ُّم ِبـين﴾ (الشـعرا :اريــات ،694 سـان َع َرِبـ ٍّ ـن ا ْل ُم ْن ِـذ ِر َ ـون ِمـ َ وقـال تعـالى﴿ :لِتَ ُك َ ين * ِبل َ عالمــا بــالنحو الــذ هــو ترتيــب العــرب لكالمهــم ،)691ففــرو علــى الفقيــه أن يكــون ً الذ نزل به القرآن وبه يفهم معاني الكـالم التـي يعبـر عنهـا بـاختالف الكلمـات وبنـا األلفائ ،فمن جهل اللغة ،وهي األلفائ الواقعة على المسميات ،ومن جهل النحو الذ
هو علم اختالف الحركات الواقعة الختالف المعاني ،فلم يعرف اللسان الذ خاطبنا به
اهلل تعالى ونبيه عليه الصالة والسالم ،ومن لم يعرف ذلك ،لم يحل له الفتيـا فيـه ألنـه ـك ِبـ ِـه س َلـ َ يفتــي بمــا ال يــدر ،وقــد نهــاه اهلل تعــالى عــن ذلــك بقولــهَ ﴿ :و َال تَ ْقـ ُ ـف َمــا َلـ ْـي َ ـاد ُل ِفـي ِ ـاس مـن يج ِ ِع ْلم﴾ (اإلسرا :مـن اريـة ،)91وقـال تعـالىَ ﴿ :و ِمـ َن َّ اهلل ِب َغ ْي ِـر الن ِ َ ُ َ ٌ ِع ْلم﴾ (الحج :من ارية .)9 عالمـا بسـيرة النبـي عليـه الصـالة والسـالم لـيعلم كما أنـه فـرو علـى الفقيـه أن يكـون ً آخر أوامره وأولها ،وحربـه عليـه السـالم لمـن حـارب وسـلمه لمـن سـالم ،وليعـرف علـى ماذا حارب ولماذا وضع الحربن وحرم الدم بعد تحليله ،وأحكامه عليه الصـالة والسـالم
التي حكم بها". أبدا إال أحد ثالثة أناس :إما عالم فيفتـي بمـا بلغـه مـن النصـوا بعـد "فال يوجد مفت ً البحث والتقصي كما يلزمه ،فهذا مأجور أخطأ أو أصـاب ،وواجـب عليـه أن يفتـي بمـا علـم ،وامـا فاسـق يفتـي بمـا لـه وهـو يـدر أنـه يفتـي بغيـر واجـب ،وامـا جاهـل ضـعيف
العقـل يفتــي بغيــر يقــين علــم وهــو يئــن أنــه مصــيب ،ولــم يبحــث حــق البحــث،ولو كــان
ال لعرف أنه جاهل فلم يتعرو لما ال يحسن؟" [اإلحكام :جـ 1ا ]624انتهى. عاق ً ويقول اإلمام الشهرستاني" :إن شـ ار ط االجتهـاد خمسـة :قـدر صـالح مـن اللغـة بحيـث
يمكنه فهم لغات ا لعـرب والتمييـز بـين األلفـائ الوضـعية والمسـتعارة ،والـنا والئـاهر، موقع مصر أوالً www.egypt1.info
191
والعام ،والخاا والمطلق والمقيد والمجمل والمفصل ،وفحوي الخطاب ومفهوم الكـالم، ومــا يــدل علــى مفهومــه بالمطابقــة ومــا يــدل بالتضــمن ،ومــا يــدل باالســتتباع فــإن هــذه
المعرفة كارلة التي يحصل بها الشي . ومن لم يحكم ارلة واألداة لم يصل تمام الصنعة. خصوصـا مـا يتعلـق باألحكـام ومـا ورد مـن األخبـار فـي معـاني ثم معرفـة تسـير القـرآن ً اريات ،وما ر ي من الصـحابة المعتبـرين كيـف سـلكوا مناهجهـا وأ معنـى فهمـوا مـن مدارجها. ثـم معرفـة األخبــار بمتونهـا وأسـانيدها واإلحاطــة بـأقوال النقلـة والــرواة عـدولها وثقاتهــا ومطعونهــا ومردودهــا ،واإلحاطــة بالوقــا ع الخاصــة بهــا ،ومــا هــو عــام ورد فــي حادثــة
عم في الكل حكمه. خاصة ،وما هو خاا ّ ثم الفرق بين الواجب والمندوب واإلباحة والحئر ،والكراهة حتى ال يشذ عـن وجـه مـن هذه الوجوه وال يختلط عليه باب بباب. ثـــم معرفـــة مواقـــع إجمـــاع الصـــحابة والتـــابعين مـــن الســـلف الصـــالحين حتـــى ال يقعـــع اجتهــاده فــي مخالفــة اإلجمــاع" [الملــل والنحــل للشهرســتاني علــى هــاما الفصــل فــي
الملل والنحل :جـ 2ا ]612-611انتهى.
ولـيس المقصـود ممـا قلنـاه اإلحاطـة بجميــع الشـ ار ع واألحكـام ،فمـا مـن فقيـه إال وعلــم
شي ًا وجهل أشيا ،وكل من علم مسألة واحدة من دينه عليا لرتبة التي ذكرنا من قبل جاز له أن يفتي بها ،وليس جهله بما جهل مـن غيرهـا بمـانع مـن أن يفتـي بمـا علـم، مبيحا له أن يفتي بما جهل. كما أن علمه بما علم ليس ً ومــن تـوافرت لــه تلــك الخصــا ا التــي تجعلــه أهـالً للنئــر واالجتهــاد واســتنباط األدلــة
واإلفتــا أ التوقيــع عــن رب العــالمين ،ثــم حــرم نفســه مــن محصــول وفيــر مــن آرا
الســلف الصــالح ذو القـ ار ح النيــرة والــذكا الوقــاد ،أهــل التقــى والــورع المشــهود لهــم موقع مصر أوالً www.egypt1.info
192
بالصبر والثبات على دين اهلل ،ذو الهمم العالية والعزا م القوية الذين مكنوا لدين اهلل
وباعوا أنفسهم في سبيل نصر دعوة الحق فقـد حـرم نفسـه مـن خيـر كثيـر وبـدأ خطتـه بخطأ خطير. أما نحن :فإننا ننئر بعون اهلل فيما قاله أهـل اللغـة مـن النحـويين واللغـويين ومـا قالـه خبرا المحدثين المشهود لهم بالعدالة والعلم والتثبت ،وما قاله أ مة فقهـا المسـلمين
في تفسير اريات واألحاديث ،وما قالوا به مـن أحكـام ،اسـتنبطوها مـن مختلـف اريـات واألحاديث ال نحجب أنفسنا عن شي مـن ذلـك بـل ننئـر فيـه كلـه ونتدارسـه ونـرد كـل
قــول علــى كتــاب اهلل والثابــت الصــحيح مــن أحاديــث رســول اهلل ،فمــا قــام البرهــان مــن كتاب اهلل وسنة رسـول اهلل عليـه السـالم علـى صـحته كـان هـو الحقـن أمـا غيـره فلمـن
اجتهد وقال به أجر عنداهلل على اجتهاده ،ولكنه بشر يخط ويصيب ،ونحن لـم نـؤمر باتباع غير المعصوم عليه الصالة والسالم الناطق بالوحي من رب العالمين. وذلــك هــو الطريــق الــذ ســلكناه فــي كــل مــا قــدمناه :علمنــا بعجزنــا وأنــا دون التصــدر لمطلق الفتيا واالجتهاد ،فألقينا ثقلنا على الثقاة ،فقلنـا مـا قـرروه ولـم نضـف إليـه مـن
عندنا إال اليسير مما يسر اهلل تعـالى لنـا فهمـه مـن كتابـه وسـنة رسـوله عليـه الصـالة
والسالم.
واهلل نسأل :أن يفعو عما أخطانا ،وأن يبارك فيمـا أصـبنا وأن ييسـر الحـق لمـن قصـده جميعـا فـي مشـارق األرو ومغاربهـا إلـى الحفـائ علـى عقـد قلبـي وأن يهدينا واخوتنـا ً طاهر سليم والـى فهـم وبصـيرة بمـراده تعـالى منـا ،والـى عمـل صـالح متقـبلن وأن يؤكـد رباطنــا بحبلــه المتــين ،وأن يــؤمن تمســكنا بعروتــه الــوثقى وأن يحيينــا بمعرفتــه علــى ص ـراطه المســتقيم ،وأن يميتنــا علــى دينــه الحــق القــويم ،وأن يتقبلنــا مــن أهــل جنتــه،
وينجينا برحمته وفضله من عذاب جهنم ،ومن غضبه وسخطه في الدنيا وارخرة. اللهم أعل كلمة الحق ،وانصر المتمسـكين بهـا ،العـاملين مـن أجلهـا ،ابتغـا مرضـاتك إنك نعم المولى ونعم النصير.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
193
وصل اللهم على سـيدنا محمـد وسـلم ،وعلـى آلـه وصـحبه وعلـى سـا ر رسـلك وأنبيا ـك ّ أجمعين.
تم بحمد اهلل تعالى يوم األحد الموافق 1من ذ الحجة 6911هـ 29من فبراير سنة 6919م تساؤالت حول موضوع البحث "نحن دعاة ال قضاة" واجابات فضيلة المرشد العام األستاذ حسن الهضيبي -رحمه اهلل - بسم اهلل الرحمن الرحيم السؤال األول: إن الرجل كان حين ينطق بالشهادتين يجد الكيان الذ يعلن دخوله فيه ،وبهـذا يكـون
عمليا من كيان يشرك باهلل إلى كيان يسلم هلل يعطيه كل وال ه ..وبهـذا يكـون قد انتقل ً اضحا لديه تكاليف النطق بالشهادتين فهمهما أم لم يفهمهما – أما ارن فليس هناك و ً كيــان إســالمي يــدخل فيــه المــر الــذ ينطــق بالشــهادتين ويعطيــه وحــده وال ه ،ورتــب
الـ بعو علــى ذلــك أن وال ه دخــول الفــرد فــي الكيــان شــرط للحكــم بإســالمه ،وال يكفــي مجرد النطق بالشـهادتين وعنـد السـؤال عـن الـدليل علـى جعـل الكيـان شـرط فـي الحكـم
ال بـايع رسـول اهلل صـلى بإسالم الفرد ،قيـل إن الواقـع نفسـه يكفينـا كـدليل فلـم نجـد رجـ ً
اهلل عليــه وســلم وانصــرف إلــى مجتمعــه ليعــيا فيــه كمــا يعيشــون ،بــل يــدخل مجتمــع بعيـدا عـن المسلمين ويعلن له وال ه العام حتى لو اضطرته ئـروف الحركـة أن يعـيا ً موقع مصر أوالً www.egypt1.info
194
المجتمع بأمر رسول اهلل صلى اهلل عليه الصالة والسالم واستشهد آخر بحديث حذيفة
بن اليمان رضـي اهلل عنـه حـين يقـول لـه رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم مـا معنـاه:
"عليك أن تلزم جماعة المسلمين وامامهم ،قال :فإن لم يكـن لهـم جمعـة وال إمـام؟ قـال فـاعتزل تلــك الفــرق كلهـا ولــو أن تعضــد بأصـل شــجرة حتــى يـدركك المــوت وأنــت علــى
ذلك.
اإلجابة: نقــول بعــون اهلل :إن عبــارة "الكيــان اإلســالمي" عبــارة تحتــا إلــى تحديــد وضــبط علــى أسس شرعية حتى ال يقع االختالف الجـوهر فـي مـدلولها ،علـى أنـه علـى أيـة صـورة يمكن تأويل تلك العبارة إليهـا ،فـإن الـذ ال شـك فيـه أنـه لـم يـدخل "الكيـان اإلسـالمي"
أحد على عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أو فيما تال ذلك من العهود إلى عهـدنا
هذا إال مسلم حكم الرسول صلى اهلل عليه وسلم بإسالمه – فإسـالم المـر شـرط يجـب
أن يتحقق فيه أو ًال وصفة يجب أن تثبت له قبل دخوله "الكيان اإلسـالمي" أ أن ذلـك األمــر وتلــك الصــفة مــن المتعــين الــالزم ثبوتهمــا فــي حــق المــر ســابقين علــى دخولــه
"الكيــان اإلســالمي" وانتما ــه ألمــة المســلمين – وعمــل الرســول عليــه الصــالة والســالم
وقوله ا لمنقوالن إلينا نقل الكافة عن الكافة الذ هـو أشـد وأقـوي أنـواع التـواتر وأقـوي درجــات اإلجمــاع والــذ اتفــق عليــه المســلمون فقهــاؤهم وعــامتهم منــذ ألــف وأربعما ــة
مقر بهمـا وبمـا جـا سنة بدون أدنى شذوذ أن المر يحكم بإسالمه بنطقه الشهادتين ًا بــه الرســول صــلى اهلل عليــه وســلم جملـة وعلــى الغيــب ،والمــر محكــوم بإســالمه حــين نطقه بالشهادتين وفور نطقه بهما دون أدنى تـأخثر ولـو طرفـة عـين ،ودون أ شـرط
آخر يعلق عليه الحكم بإسالمه – فإذا نطق المر بالشهادتين وحكم باإلسالم كان من
ـردا مــن المســلمين وانتما ــه إلــى أمــة نتيجــة ذلــك دخولــه "الكيــان اإلســالمي" وقبولــه فـ ً المســـلمين – فدخولـــه الكيـــان اإلســـالمي واالنتمـــا إليـــه هـــو إذن نتيجـــة لثبـــوت عقـــد اإلسالم للمر وهو واحدي النتا ج الكثيرة التي تترتب على ثبوت عقد اإلسالم للمر .
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
195
ال بايع رسـول اهلل صـلى اهلل عليـه وسـلم وانصـرف إلـى مجتمـع والقول بأننا لم نجد رج ً
ليعيا فيه ،بل يدخل مجتمع المسلمين ويعلن له وال ه التام ،هذه القضـية إن صـحت ال تؤد إلى النتيجة التي يراد االستدالل بها عليهـا ،فلـيس فيهـا شـبهة دليـل علـى أن
دخول "الكيان اإلسالمي" شرط يعلق عليه الحكم بإسـالم النـاطق بالشـهادتين – وغايـة ما يمكن أن تـدل عليـه إن صـحت – أن المسـلم المحكـوم بإسـالمه لنطقـه بالشـهادتين والــذ ثبــت لــه عقــد اإلســالم بنطقــه بالشــهادتين مــأمور أن يهــاجر مــن بــين أئهــر المشركين وأن يقيم بين المسلمين ،والشأن في ذلك هو ذات الشـأن فـي التـزام النـاطق
بالشهادتين المحكوم بإسالمه بنطقه بهما بالعمل وتنفيذ كافة ش ار ع اإلسالم من صالة
وصيام وزكاة وحج وصدق في القول وانتها عن الغيبة وعن شـرب الخمـر وعـن الزنـا وعن السرقة والتزام الجهاد في سبل اهلل ..إلى كافة ش ار ع اإلسالم التي تلزمـه ويتعـين عليه العمل بها سوا علمها حـال النطـق بالشـهادتين أو وجهلهـا فلـم يعلمهـا كلهـا أو
بعضها إال بعد النطق بالشهادتين ألن مقتضى نطقـه بالشـهادتين إعالنـه قبـول شـ ار ع اإلسالم جملة وعلى الغيب ،والتزامه أن يعمل بها ويخضع لها وهذا هـو معنـى اإليمـان
بجميع ما جا به الرسول صلى اهلل عليه وسلم جملة وعلى الغيب – فالهجرة إلى دار اإلسالم أو التزام جماعة المسلمين شريعة من ش ار ع اإلسالم ال تلزم إال المسـلم الـذ
ثبت له فعالً عقـد اإلسـالم وال تقبـل إال مـن مسـلم محكـوم لـه باإلسـالم شـأنها فـي ذلـك
شأن الصالة والزكاة والصوم والحج إلى آخر ش ار ع اإلسالم التي ما ترك الرسول عليه
أحدا ممن بايعه وقبل إسالمه إال وأمره باعتقادها والعمل بها وتنفيـذها الصالة والسالم ً وال خــالف أنــه ال تقبــل صــالة إال مــن مســلم محكــوم بإســالمه فع ـالً قــد ثبــت لــه عقــد اإلسالم يقي ًنا قبل قيامه للصالة أو إمساكه عن الطعام أو توجهه إلى البيت الحرام.
فالمر يحكم له باإلسالم بنطقـه بالشـهادتين ويثبـت لـه بـذلك عقـد اإلسـالم يقي ًنـا وفـور
نطقه بالشـهادتين وفـي ذات لحئـة تلفئـه بهمـا دون أدنـى تـأخير أو تأويـل و ًأيـا كانـت الئروف التي ينطق فيها بهما ،وحتى لو نطق بهما وقد بهره شعاع السيف الـذ كـاد أن يقتل رأسه من فوق عنقه ثم هـو بعـد ثبـوت عقـد اإلسـالم لـه مـأمور بتنفيـذ شـ ار ع
اإلسالم التي أعلن قبوله لها والتزامـه بتنفيـذها بنطقـه بالشـهادتين ،فـإذا أخـل بشـريعة موقع مصر أوالً www.egypt1.info
196
من الش ار ع ولم يعمل بها ،نئرنا إلى ما أمرنا اهلل ورسوله به في شأن المخالف لألمر
مرتـدا عـن اإلسـالم بعـد الذ وقعت فيه المخالفة فما حكم اهلل تعالى بأن فاعلـه يعتبـر ً ثبوت عقد اإلسالم له حكمنا على فاعله بذلك ،وما حكـم اهلل بـأن فاعلـه – وان عصـى
مرتدا عن اإلسالم بل وفسق واستحق القتل أو قطع اليد أو الرجم أو الجلد – ال يعتبر ً باق له عقد اإلسالم أجرينا عليه حكم اهلل فيه فالناطق بالشهادتين إذا بلغه األمر بأن عليه أن يهجر اإلقامة بين المشركين وأن ينضم إلى أمة المسلمين أو أن يلزم جماعة
المسلمين وامامهم وجـب عليـه تنفيـذ ذلـك األمـر والعمـل بـه والشـأن فـي ذلـك هـو ذات الشأن فيما إذا بلغه األمر بوجوب الصالة والزكاة والحج واالنتها عن السـرقة وشـرب
الخمر والزنا والغيبة ،وبفرو األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..إلخ. فإذا لم يبلغه األمر بذلك كله أو بعضـه فهـو معـذور بجهلـه ثـم نقـول لمـن قـال أننـا لـم
ال بــايع رسـول اهلل صـلى اهلل عليــه وسـلم ثــم انصـرف إلـى مجتمعــه الـذ كــان نجـد رجـ ً
يعيا فيه من قبل – نقول له إن اشتراط الحضور إلى الرسول عليـه الصـالة والسـالم طا وجهـا لوجـه لـم يكـن لحئـة مـا فـي تـاريخ اإلسـالم شـر ً ومبايعته مشافهة ومصـافحة ً لصحة إسالم المر – وكم من ضارب في أعماق الصحار علـم بـدعوة الرسـول عليـه الصالة والسالم فنطق بالشهادتين وآمن به عليـه الصـالة والسـالم رسـوالً مـن عنـد اهلل
ال ينطق بالشـهادتين وآمـن بـه عليـه الصـالة والسـالم رسـو ًال مـن عنـد اهلل ال ينطـق إال
بـالحق ،ومــات علــى اإلســالم دون أن يلتقــي بالرســول عليــه الصــالة والســالم ثــم لــيعلم قا ل هذه المقالة أن النجاشي رضي اهلل عنه ما بر أرو الحبشة ،وما التقى برسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وتوفاه اهلل وهو مقيم بين قومه صاحب السلطان فـيهم ،وهـو مع ذلك يخفـي إسـالمه عـنهم وعـن غيـرهم وكـان مـن المعجـزات التـي أجراهـا اهلل علـى
لسان رسولنا عليه الصالة والسالم وأنه – أ النجاشي – مـات علـى اإلسـالم ،وجمـع عليــه الصــالة والســالم مــن شــا اهلل أن يجمعهــم مــن الصــحابة فصــلوا علــى النجاشــي
صالة الغا ب ،فكيف يجوز بعد ذلك لقا ل أن يقول أن دخول "الكيان اإلسالمي" بمعنى االنتقـــال والهجـــرة لإلقامـــة بـــين المســـلمين شـــرط للـــدخول فـــي اإلســـالم ،وأن النـــاطق
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
197
بالشهادتين يبقى حكمه معل ًقـا ال هـو مسـلم وال هـو غيـر مسـلم حتـى تـتم الهجـرة ،وقـد
يطر هنا سؤال وهو:
ما حكم المسلم الذ لم يهاجر من بين ئهراني المشركين إلى جماعة المسلمين؟ نقول بعون اهلل :إن ذلك المسلم إن كان يجهل لزوم تلك الشريعة له فـال شـي عليـه، وهو معذور بجهله محكوم بإسالمه بنطقه بالشـهادتين ،فـإذا بلغـه األمـر وقامـت عليـه
محكومـا عليـه بحكـم المرتـد عـن مرتـدا الحجة فهو إن جحد األمر واستحل خالفـه كـان ً ً ال وبـين اإلسالم بعد ثبوت عقد اإلسالم له – وفرق كبير بين من لم يصح إسالمه أصـ ً
من ثبت له عقد اإلسالم ثم ثبتـت عليـه الـردة ،فمـثالً إذا كـان النـاطق بالشـهادتين فـي
األصل من اليهود والنصاري وقيل إنه بنطقه بالشهادتين لم يثبت له عقد اإلسالم فإنه
مرتــدا ويكـــون معصــوم الــدم والمـــال بــأدا الجزيــة إذا خضـــع بلــده لســـلطان ال يعتبــر ً المسلمين ،أما إذ قلنا بالحكم بإسالمه بنطقه بالشهادتين فإن جحـوده الـنا بعـد ذلـك واستحالله مخالفته مؤداه أنه يحكم بقتله ،وال تقبل عودته إلى اليهوديـة أو النصـرانية أو أ دين آخر حاشا اإلسالم ،وال يكون له مع المسلمين عهد وال ذمة. أما المقيم بين أئهر المشركين بعـد نطقـه بالشـهادتين وبعـد بلـوغ األمـر إليـه بضـرورة
جاحدا األمر فهو إما معذور بعذر منعه من الهجرة إلى الجماعة المسلمة ،إذا لم يكن ً الهجرة أو وغير معذور ،أما غير المعـذور فقـد وقـع االخـتالف فـي شـأنه فقـال الـبعو
مرتدا عـن اإلسـالم بإقامتـه بـين أئهـر المشـركين وذلـك لقـول الرسـول عليـه إنه يعتبر ً الصالة والسالم" :أنا بر من كل مسلم أقام بين أئهر المشـركين" وقـالوا إن الرسـول عليــه الصــالة والســالم ال يب ـرأ إال ممــن خــر عــن اإلســالم ،ومــن القــا لين بهــذا ال ـرأ
اإلمام ابن حزم "انئر المحلى جـ 66ا."691 ورد البعو على هذا الرأ بأن الرسول صلى اهلل عليه وسلم وقد أثبت لمـن تبـرأ منـه
اســم المســلم وصــلة المســلم ،فالحــديث فيــه ثبــوت اســم المســلم وصــفته لمــن حصــلت البرا ة منه ،فدل ذلك على أن البرا ة ليست برا ة خرو من الدين ،بل فقط في التـزام
بود "أ إعطا الدية" من يقتل منهم أو يصاب أثنا اإلغـارة علـى المشـركين الـذين موقع مصر أوالً www.egypt1.info
198
يقيم بينهم على الئـن أنـه مـنهم يؤكـد صـحة هـذا القـول قـول اهلل عـز وجـل فـي سـورة شـي َحتَّـى ُي َه ِ ِ ِِ ـاج ُروا َوِا ِن األنفالَ ﴿ :والَّ ِذ َ ين َ آم ُنوا َولَ ْم ُي َهاج ُروا َمـا لَ ُكـم ِّمـن َوالَ َيـتهم ِّمـن َ ْ ِّين فَ َعلَ ْي ُكم َّ نص ُرو ُك ْم ِفي الد ِ ـاق﴾ (األنفـال :مـن ص ُر إِالَّ َعلَى قَ ْوم َب ْي َن ُك ْم َوَب ْيـ َن ُهم ِّميثَ ٌ الن ْ ْ استَ َ ُ ارية ،)12فأثبتت ارية اسم وصفة المؤمن لمن لم يهاجر رغم إثباتهـا انتفـا الواليـة
بينها وبين المهاجرين ،أ الدولـة اإلسـالمية أو الجماعـة المسـلمة ،كمـا أثبتـت اريـة ِّين َف َع َل ْـي ُكم َّ نص ُـرو ُك ْم ِفـي الـد ِ ص ُـر﴾ (األنفـال :مـن الن ْ وحدة الدين بقوله تعالىَ ﴿ :وِا ِن ْ استَ َ ُ ارية ،)12واذا كان ثمة خالف في شأن من ليس له عذر فليس ثمة خالف في شأن مــن يقــيم بــين ئهرانــي المشــركين عــن عــذر ،فاالتفــاق بأنــه محكــوم بإســالمه بنطقــه بالشــهادتين ثابــت لــه عقــد اإلســالم بمقتضــاهما معــذور بعــذره ال يكفــر وال يفســق وال
يعصي. وسوا أخـذنا بهـذا الـرأ أو ذاك فيمـا يتعلـق بحكـم المقـيم بـين أئهـر المشـركين بغيـر عذر ،فيجب التنبيه إلى أن هذا الحكم خاا بالمسلم الذ يقيم بـين أئهـر المشـركين
ال الذ يقيم بين مسلمين عصاة.
أمــا ال ـوال لإلســالم والمســلمين ألمــر آخــر غيــر الهجــرة وهــو أمــر متعلــق باإلحســاس
والشعور مفروو فيمن نطق بالشـهادتين بـافتراو صـدقه واخالصـه فـي النطـق بهمـا
والمنهي عنه شر ًعا تـولي غيـر المسـلمين مـن دون المسـلمين أ مناصـرته لهـم علـى المســلمين ،وفاعــل ذلــك لــيس مــن اهلل فــي شــي فهــو مرتــد ،ونكــرر القــول هنــا بأنــه محكوم له باإلسالم بأصل نطقه بالشهادتين حين نطقه بهما ،ثم هو محكوم بردته عن
اإلسالم وبخروجه عن اإلسالم بعد سابقة إسالمه بتوليه الكافرين دون المؤمنين حـين
يأتي ذلك. ثم نقول بعون اهلل :إن أحاديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صريحة قاطعة الداللة على أن من نطق بالشهادتين محكوم بإسالمه حال نطقه بهمـا ثابـت لـه عقـد اإلسـالم
في التو واللحئة معصوم الدم والمال بنطقه بهما منهي عـن أ محاولـة لتأويـل نطقـه بهمــا ًأيــا كانــت الئــروف التــي نطــق بالشــهادتين فيهــا ،وقــد فصــلنا هــذا وأقمنــا األدلــة موقع مصر أوالً www.egypt1.info
199
القاطعــة علــى ثبوتــه وصــحته فــي بحثنــا – والــذ ال شــك فيــه أن حكــم إســالم النــاطق
بالشــهادتين الــذ قــرره الرســول صــلى اهلل عليــه وســلم إنمــا أخبــر بــه عليــه الصــالة والســالم وحيــا عــن اهلل ﴿ومــا ي ِ ِ َّ ِ نطـ ُ ِ ـوحى﴾ (الــنجم: ـي ُيـ َ ََ َ ً ـق َعــن ا ْل َهـ َـوي * إ ْن ُهـ َـو إال َو ْحـ ٌ وحيا من اهلل عز وجل الذ علم ويعلم ما كان وما هو كا ن ومـا سـوف اريات ً )4 ،9 يكون ،فكيف وقد نبأ عليه الصالة والسالم بما سيكون عليه أمر المسلمين وأنـه يـأتي عليهم زمان ال يكون لهـم فيـه جماعـة وال إمـام وال كيـان ،وفـي ذات حـديث حذيفـة بـن اليمــان الــذ أشــار إليــه الســا ل التنبــؤ بــتلكم الحــال والــذكر الصــريح لهــا ،وقــد ســمى
الرسـول عليــه الصــالة والسـالم الطريقــة التــي يلزمهـا بمــا يقطــع أنـه تبقــى للفــرد صــفة المسلم ويثبت له عقد اإلسالم واإليمان رغم انعدام الجماعة واإلمام.. ولو كان النطق بالشهادتين يختلف أمره من الزمان الذ يكون فيه للمسلمين جماعـة
وامام عن الزمان الذ ال يكون لهم فيه ذلك ألوضح لنا الرسول عليه الصالة والسالم ُّـك َن ِسـيِّا﴾ (مـريم :مـن ـان َرب َ ذلك األمر الهام الذ هو الحد بين الكفر واإلسالم ﴿ َو َما َك َ ارية .)14 ثم نقول للذ يفترو ضـرورة دخـول "الكيـان اإلسـالمي" كشـرط لصـحة إيمـان النـاطق بالشهادتين ثم هو يقول في نفس الوقت إن ذلـك الكيـان معـدوم فـي هـذا الزمـان الـذ
يعــيا فيــه ،نقــول لــه :أمــا تنبهــت كيــف حكمــت علــى نفســك وانــك بــذلك تقضــي علــى
نفسك بعدم صـحة إسـالمك؟ فـإن قلـت إنـك داع وعامـل علـى إيجـاد "الكيـان اإلسـالمي"
طا بشرط فأنت أو ًال ادعيت أن الشرط هو دخـول "الكيـان كان الواضح أنك استبدلت شر ً اإلسـالمي" فعـالً وقــررت أن ذلــك الكيــان معــدوم الوجـود ثــم إنــك عــدت تصــحح إســالمك
بشرط آخر وهـو وأنـك عامـل ومجاهـد لتحقيـق "الكيـان اإلسـالمي" والعمـل علـى تحقيـق الكيان اإلسالمي أمر مختلف وشرط مخالف لشرطك األول ،فما دليلك عليه مـن كتـاب
اهلل وسنة رسوله؟ وقد أسلفنا األدلة القاطعة على أن حكم اهلل أن يحكم بإسالم الناطق
بالشـــهادتين حـــال نطقـــه بهمـــا ،وأن كـــل تكليـــف وكـــل شـــريعة غيـــر شـــريعة النطـــق بالشهادتين ال تقبل من أحد إال بعد أن يثبت له عقد اإلسالم بنطقه بالشهادتين بل وال
تتطلب من أحد وال تلزمه إال بعد أن يثبت له عقد اإلسالم بنطقه بالشهادتين. موقع مصر أوالً www.egypt1.info
211
واذا كــان هــذا هــو الحكــم الشــرعي فــإن الجماعــة التــي تنتســب إليهــا قــد اعتنقتــه مبــدأ
أساسيا من مباد ها منذ نشأت ومنذ بدأت تزاول نشاطها لم تحد عن ذلك لحئة وواقع ً حالها وحال منش ها رضوان اهلل عليه والقا مين عليها ال يجعل مجاالً لمناقشة في هذا األمر ،والذ يحاول الجدل في هذا األمر إنما يحاول عبثًا إنكار الوقا المادية الثابتة
ثبوتًا ال شك فيه ،ثبوتًا ال يقبل تأويال على أ وجه من الوجوه ،ومـن حـاول مثـل ذلـك كان من مبطلي الحقا ق فال يقبل منه قو ٌل وال فا دة من مناقشة أو نصحه وهو يعتبـر غير ملتزم بالجماعة وال بمنهجها – وقد أورد اإلمـام الشـهيد فـي رسـالة التعـاليم البنـد
مسـلما أقـر بالشـهادتين وعمـل بمقتضـاهما وأدي الفـ ار و – العشرين فقال" :وال نكفر ً معلومــا مــن الــدين بالضــرورة أو كــذب صــريح القـرآن أو بـرأ أو معصــية مــا لــم ينكــر ً
ال ال ال يحتمـل تـأوي ً فسره على وجه ال تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ،أو عمل عمـ ً إال الكفر".
تماما لما قمنا في بحثنا من شر للعبارة المأثورة والمتأمل لهذه العبارة يجدها مطابقة ً مسلما بمعصية وال نقول ال يضر مع اإليمان ذنب" وقد أجهـد بعضـهم نفسـه "وال نكفر ً مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما" محاو ًال التعلق بقول اإلمام الشهيد "وال نكفر ً فادعى ضرورة العمل باإلسالم بمعنى ضرورة العمل بكافة الش ار ع واألحكام وهذا تمويه
فاسد ألن معنى هذا القول أن يكون ما جا بعده من تقرير عدم اتهام المسـلم بـالكفر لغوا. برأ أو معصية ً ألن الـذ ال شـك فيـه أن المعصـية خــرو عـن مقتضـى العمـل بالشـهادتين إذا فســرت
هذه العبارة على إطالقها دون مراعاة االصطالحات الفقهية المتعارف عليها والتي كان
اإلمــام الشــهيد رضــي اهلل عنــه مــن أكثــر النــاس معرفــة بهــا ودرايــة بأصــولها وأوجــه
تحديدا دقي ًقا األحوال التي يجوز فيهـا اتهـام المسـلم بـالكفر وهـي استعمالها ،ولذا حدد ً معلوما من الدين بالضرورة أو يكذب صـريح القـول أو أن يفسـر القـرآن علـى أن ينكر ً وجــه ال تتحملــه أســاليب اللغــة العربيــة بحــال مــن األحـوال أو أن يــأتي عمـالً ال يحتمــل
ال إال الكفر ،ولقد كان سير اإلمام الشهيد بالجماعة والخط الذ رسـمه لهـا سـوا تأوي ً
فـي معاملتـه أعضـا الجماعـة أو مـن كــانوا أعضـا بالجماعـة ثـم وقـع مـنهم الشــقاق موقع مصر أوالً www.egypt1.info
211
ال من أعضا الجماعة ،أقول كانت سيرته رضـي اهلل واالنفصال أو ومن لم يكونوا أص ً
عمليا صادقًا أمي ًنا لما جا برسالة التعاليم ونكرر القول إن شأن الجماعة عنه تطبيقًا ً وما استقرت عليه منذ نشأتها في هـذا األمـر واضـح لكـل ذ بصـر بحـال الجماعـة أو معلومـا بالضـرورة لكـل مـن اتصـل بالجماعـة علم بسيرتها وهو ما رسخ واسـتقر وبـات ً وعرف شي ًا عنها. انتهى. السؤال الثاني: أحدا نطق بالشهادتين ولكن ليس معنى هذا أن يحكم هناك من يقول إنه ال يكفر ً تماما أن فيهم كثرة تأتي أعماالً وأقواالً هي للناس مجتمعين باإلسالم وهو متأكد ً بنفسها تخر عن الملة – وكما أنه ال يستطيع أن يرميهم جملة بالكفر فهو كذلك
يتحر من وصفهم جملة باإلسالم.
وهو يسال ما الفرق بـين أن يقـال أن النـاس فـي جملـتهم مسـلمون وأن يقـول مجتمـع
حاليــا باإلســالم وال مســلم – وهــل األصــل أن يحكــم للفــرد فــي هــذه المجتمعــات القا مــة ً يخر عن الملة حتى نتبين أنه هو وبنفسـه أتـى فعـالً أو قـوالً يخـر بـه عـن الملـة أو
أننا ال نحكم له باإلسالم إال أن نتأكد من نطقه هو بالشهادتين أو ما يدل عليهمـا مـن
اعتبار يحكم له باإلسالم بمقتضاه؟. أعمال وليس ألصل وجوده في هذه المجتمعات ٌ اإلجابة: ورد بالبند الخامس من رسالة التعاليم ما نصه: "وكل مسألة ال ينبني عليهـا عمـل فـالخوو فيهـا مـن التكلـف الـذ نهينـا عنـه شـر ًعا" أحكامــا وفــي حــدود هــذا األصــل نجيــب علــى هــذا الس ـؤال فنقــول بعــون اهلل :إن هنــاك ً
تنبني على النئر في حال الغالب من الناس أ حال الئاهر للمجتمع مثل إلقا تحية اإلسالم ومثل ديانة اللقيط الذ ال يعرف له أبوان فأنت تلقـي تحيـة اإلسـالم علـى مـن موقع مصر أوالً www.egypt1.info
212
ال تعرف من الناس آخ ًذا بالئاهر العام من أن الناس أغلبهم مسلمون مع احتمال أن يكون من ألقيت عليه السالم أو بعو من ألقيت عليهم ليسوا مسلمين.
أما فيما عدا ذلك من األحكام فإنك أيها األخ لو أنك عشت في عصر الخالفة الرشيدة
لكان الفرو عليـك آنـذاك كمـا هـو الفـرو عليـك ارن أن تتبصـر حـال مـن تعاملـه أو
ترتبط به – فأنت دا ًما في العالقات الفرديـة تسـتطيع أن تـدرك مـن أحـوال مـن يعاملـك مــا يئهــرك علــى حالــه – ومــا دمــت تســلم باألصــل المتفــق عليــه مــن أن مــن نطــق بالشهادتين قد ثبت له عقـد اإلسـالم ،وأن مـن أتـى عمـالً دل علـى إسـالمه فهـو مسـلم
على ئاهر حاله حتى يقـوم الـدليل علـى عكـس ذلـك فلـن تقـع بـإذن اهلل فـي حـر ولـن تخــر بعــون اهلل عــن الســبيل القــويم أمــا الفــرق فــي قولنــا فــي أن النــاس فــي جملــتهم
جميعا مسلمون وبين أن تقول مجتمع مسلم فهو كـالفرق بـين قولـك عـن شـخا إنـه ً مســلم رغــم مــا يقترفــه مــن ذنــوب ومعــاا بينمــا يعــز عليــك أن تقــول أن خلقــه خلــق
إسالمي مع تسليمك بأنه لم يخر عن اإلسالم ولم يرتد إلى الكفر وأن بعو ما يأتيـه
هو وعمل بشرا ع اإلسالم وان كان ذلك قليالً إلى جانب ما يقترفه من معاا.
حاليـا وعمـا أما التساؤل عن األصل في الحكم على الفرد في هذه المجتمعـات القا مـة ً إذا كنــا نحكــم لــه باإلســالم حتــى يئهــر منــه مــا يخرجـه إلــى الكفــر أو أننــا ال نحكــم لــه باإلســالم أ نحكــم عليــه بــالكفر حتــى نتأكــد مــن نطقــه بذاتــه بالشــهادتين أو مــا يــدل عليهما من أعمال وعمـا إذا كـان ألصـل وجـوده فـي هـذه المجتمعـات اعتبـار يحكـم لـه
باإلسالم بمقتضاه. فــالجواب علــى ذلــك هــو :أننــا نحكــم علــى الفــرد فــي المجتمــع الــذ عــم في ـه اإلســالم باإلســـالم حتـــى نتبـــين خـــالف ذلـــك ،هـــذا رغـــم عـــدم ســـماع غالبيـــة المســـلمين للفـــئ
الشهادتين من كل من فـي هـذا المجتمـع ،وانمـا يكفـي للعلـم بـأن الشـخا مسـلم وأنـه
نطق بالشهادتين أنه تصدر عنه أعمال مما وردت في شـ ار ع اإلسـالم كـأن تـراه يـؤذن
أو يردد األذان أو يصلي على الرسـول عليـه الصـالة والسـالم أو يقـرأ القـرآن أو يـدعو
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
213
النـــاس إلـــى اإلســـالم أو إلـــى إقامـــة شـــريعة اهلل أو يـــأمرهم بـــالمعروف وينهـــاهم عـــن المنكر ..إلخ. كما أن حكم من يولد ألبوين مسلمين أو ألب مسـلم وأم كتابيـة حكمـه اإلسـالم ،ولـيس
له أن يختار عند البلوغ دي ًنا غير اإلسالم ،فإن فعل فإنه مرتد ،وعلـى ذلـك فإننـا نحكـم لكل من يولد هكذا باإلسالم ويدل على والدته كـذلك االسـم الـذ أطلقـه والـده عليـه إن
كــان ممــا ال يســمى بمثلــه غيــر المســلمين ،فهــذا كســابقيه يحكــم لــه باإلســالم ويطالــب
بش ار عه ويلزم أحكامه إال أن يخر عنه بما يخر عن اإلسـالم أو دخـل فـي ديـن آخـر
ـبيا خــر مــن اإلســالم – فهــذا مرتــد بعــد إســالمه ولــيس كـ ًا ـافر مــن األصــل ولــو كــان صـ ً لحئة بلوغه.
أثر في الحكـم عليـه باإلسـالم من هذا يتعين أن ألصل وجود الفرد في هذه المجتمعات ًا بالرغم من أننا متأكـدون مـن أن فـيهم الكثيـر ممـن خـر عـن اإلسـالم وارتـد عنـه فمـن علمنا عنه ذلك بذاته حكمنا بردته ،وكفره بعد إسالمه. انتهى السؤال الثالث: الجاهليــة مــن األلفــائ التــي وردت فــي الق ـرآن الكــريم واألحاديــث النبويــة الشــريفة وقــد
شــاع اســتعمالها فــي الفتــرة األخيــرة دون أن يتحــدد معناهــا أو مفهومهــا ،ولــم يطــرق
البحـث مــن قريــب أو بعيــد ،ولــم ُيـ ِ ـحا ،ومــاذا عمــا يســمى بــالمجتمع ـورْد فيهـا قـو ًال واضـ ً الجــاهلي؟ ومــاذا تعنــي هــذه التســمية علــى وجــه التحديــد؟ وهــل يصــح إطالقهــا علــى المجتمعات القا مة ارن؟. اإلجابة: نعود فنلفت النئر إلى أن البحث السابق إرسـاله إنمـا قصـد منـه فقـط الـرد علـى أقـوال
أخير رأينا خطورتها وخروجها على أصول دعوتنا ،فعنينـا بـالرد علـى مـا معنية ئهرت ًا موقع مصر أوالً www.egypt1.info
214
جميعا ونكرر القول بأننا وجدنا أنه يلزم الرد عليه من هذه األفكار دون استقصا لها ً لم نكتـب بحثًـا فـي الـدعوة بمفهومهـا الكامـل أو برنامجهـا الشـامل ومـا كـان لنـا حاجـة
بذلك وللدعوة رسا لها وكتبها وليس الوقـت وال الئـروف التـي نعـيا فيهـا بالمناسـبين
للكالم في ش ون الدعوة على وجه التفصيل – ولذا فإننا إنما بحثنا ما اضـطررنا علـى
بحثه والرد عليه درً ا لخطر أكبر من األخطار التي تهددنا بالكتابـة فـي الئـروف التـي تحيط بنا.
والجاهلية كالضالل والعصيان والفسوق والئلم من األلفـائ التـي اسـتعملت فـي القـرآن
الكريم وفي األحاديث النبوية ،وتعني الخـرو علـى أحكـام الـدين ذلـك الخـرو الـذ ال
يبلــا أحيا ًنــا حــد الخــرو عــن الملــة وأحيا ًنــا يبلــا حــد الخــرو عــن الملــة والــردة عــن اإلسالم ،قال عليه الصـالة والسـالم ألبـي ذر الغفـار رضـي اهلل عنـه" :إنـك امـرؤ فيـك
جاهلية" ويعلق البخار الـذ أورد هـذا الحـديث فيقـول" :المعاصـي مـن أمـر الجاهليـة وال يكفر صاحبها بارتكابها إال بالشرك" "البخار جـ 6ا."64 ومن ذلـك يتضـح لـك أن كلمـة الجاهليـة يقصـد بهـا كـل خـرو علـى أحكـام الـدين ،أمـا
تحديد ما إذا كان ذلك الخرو قد بلا حد الردة عن اإلسالم أم ال ،فيرجـع فيـه لألحكـام
مرتـدا وبـين تلـك التـي الشرعية التي تحدد الفرق بين المعصية التي ال يعتبـر مرتكبهـا ً مرتدا – والقول أن المجتمع جـاهلي يـواز القـول أن المجتمـع ضـال أو يعتبر مرتكبها ً المجتمع فاسق ،فجميع هـذه األلفـائ إنمـا تـدل علـى أن فيـه خـرو ئـاهر علـى أحكـام
الدين – وأن تلك الصفة الغالبة على حال أفراده وأنئمته ولكن لتحديد ما إذا كان ذلك الخرو قد بلا بفرد معين أو وبالمجموع كله حد الردة والكفر أم ال ،يتعين الرجوع إلـى
أحكام الشريعة المأخوذة من اريات واألحاديث في هذا الشأن. انتهى السؤال الرابع:
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
215
مــا هــو دور الجماعــة ومــا هــو وشــرعية وجودهــا وأهميتــه إذا حكــم النــاس باإلســالم – والحاكم لم يرد فيه نا قاطع في البحث؟ اإلجابة: بالنسبة للحاكم ،لقد عنينا في بحثنا بذكر القاعدة الشـرعية أمـا تطبيقهـا علـى شـخا
ار إن الجماعة منذ نشأتها التزمت أو أشخاا معينين فليس من مهمتنا ،ولقد لقنا مر ًا ال ال محل للخرو عليه وهو أال تتعرو لألشخاا بحكـم مـا وانمـا الجماعـة تعلـن أص ً
األحكام الشرعية تالية على الناس آيات القرآن الكريم وأحاديـث الرسـول عليـه الصـالة
والسالم مستشهدة إذا لزم األمر بأقوال أ مة الفقـه واللغـة والحـديث تاركـة لكـل مسـتمع
أن يضع نفسه في الموضع الذ هو أعلم بنفسه أن ينطبـق عليهـا – وقلنـا مـر ًارا أننـا دعاة ولسنا قضاة – فالقول بأن الحاكم لم يرد فيه نا قاطع :إذا كـان السـا ل يطلـب
حكما على شخا أو أشخاا فقوله مردود – أما إذا كان يسـأل عـن رأ فقهـي فـإن ً في رسا ل الجماعة التي وضعها اإلمام الشهيد الـرد علـى السـؤال كمـا أننـا أوردنـا فـي بحثنــا أق ـوال الفقهــا فــي هــذا الشــأن بمــا يتفــق مــع االختيــار الفقهــي للجماعــة منــذ
نشأتها. ون إَِلـى أما دور الجماعة فنقول باختصـار قـال اهلل عـز وجـلَ ﴿ :وْلـتَ ُكن ِّمـ ْن ُك ْم أ َّ ُمـ ٌة َي ْـد ُع َ ون ِبــا ْلمعر ِ ـون﴾ (آل عمـران: وف َوَي ْن َهـ ْـو َن َعـ ِـن ا ْل ُم ْن َكـ ِـر َوأُوَل ِـ َ ـك ُهـ ُـم ا ْل ُم ْفلِ ُحـ َ ْم ُر َ َ ْ ُ ا ْل َخ ْيـ ِـر َوَيـأ ُ ون ِبـا ْلمعر ِ ُخ ِر َج ْت لِ َّلن ِ وف َوتَْن َه ْـو َن ارية ،)614وقال تعالىُ ﴿ :ك ْنتُ ْم َخ ْي َر أ َّ ُمة أ ْ ـأم ُر َ َ ْ ُ ـاس تَ ُ ِ ـاونُوا َعلَــى َعـ ِـن ا ْل ُم ْن َكـ ِـر َوتُ ْؤ ِمنُـ َ ـون ِبــاهلل﴾ (آل عمـران :اريــة ،)661وقــال تعــالىَ ﴿ :وتَ َعـ َ ــاوُنوا َع َلـــى ِ طا ِ َفتَـ ِ اإل ثْـ ِــم َوا ْل ُعـ ْــد َو ِ ــن ان﴾ وقـــال تعـــالىَ ﴿ :وِان َ ــان ِمـ َ ا ْلبـ ِّــر َوالتَّ ْقـ َــوي َو َال تَ َعـ َ ُخـري فَ َقـ ِ ـاتلُوا الَّ ِتـي تَْب ِغــي َصـلِ ُحوا َب ْي َن ُه َمــا فَـِإن َب َغـ ْ ـت إِ ْح َـد ُ ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ ين اقْتَ َتلُـوا فَأ ْ اه َما َع َلــى األ ْ َ حتَّى تَ ِفي إِلَى أَم ِر ِ اهلل﴾ (الحجرات :من اريـة ،)9وقـال عليـه الصـالة والسـالم" :مـن َ َ ْ ـر فليغيــره بيــده فــإن لــم يســتطع فبلســانه فــإن لــم يســتطع فبقلبــه وذلــك رأي مــنكم منكـ ًا أضعف اإليمان" وقال عليه الصالة والسالم" :لتـأمرن بـالمعروف ولتنهـون عـن المنكـر أو ليعمنكم اهلل بعذاب من عنده" وقال عليه الصالة والسالم" :ما من نبي بعثه اهلل في موقع مصر أوالً www.egypt1.info
216
أمة إال كان له من أمته حواريون يقولون ما ال يفعلـون ويفعلـون مـا ال يـؤمرون فمـن جاهدهم بيـده فهـو مـؤمن ومـن جاهـدهم بلسـانه فهـو مـؤمن ومـن جاهـدهم بقلبـه فهـو
مؤمن وليس ورا ذلك من اإليمان حبة خردل". وهل من بغي أوضح من تعطيل شرا ع اهلل والحكم بين الناس وانفاذ األمـر بيـنهم علـى خالف أمر اهلل ورسوله؟!!. وهــل مــن بــر يجــب التعــاون عليــه كــأمر اهلل – أعئــم مــن إنفــاذ أوامــر اهلل وشــ ار عه والتمكــين لدينــه والجهــاد لتكــون كلمــة اهلل هــي العليــا؟ وهــذا هــو الهــدف الــذ قامــت
ادا الجماعة أصالً لتحقيقه وهو أمر واجب على كل المسلمين وال يمكـن أن يحققـوه أفـر ً
فلزم الع مل في جماعة تهدف لتحقيـق هـذا الهـدف الكبيـر ،ومـن تخلـف عـن االنضـمام لمثل هذه الجماعة والعمل معها يأثم كإثمـه عـن تـرك أ فـرو أو تكليـف شـرعي ،وال
كـافرا نخرجـه مـن الملـة بسـبب ذلـك إال أن يجحـد الهـدف وهـو تحكـيم شـرع اهلل فيكـون ً مرتدا". ً انتهى السؤال الخامس:
النقطة التي عالج ت مسألة اإلكراه في حاجة إلى مزيد من اإليضا ،ويري البعو أن األخذ بالرخصة ال يصلح ليجتمع عليه صف يريد أن يتحمل عب الدعوة.. اإلجابة: لقــد اســتوعبنا فــي بحثنــا كافــة النصــوا المتعلقــة بموضــوع اإلكـراه والكثيــر مــن أقـوال
ـر لهـا ،ولقــد أثبتنـا حكــم الــرخا لمـا شــاهدناه مــن ـتيعابا يكـاد يكــون حاصـ ًا الفقهـا اسـ ً استسهال البعو إلقا تهمة الكفـر علـى غيـرهم لمجـرد التـرخا دون إلمـام باألحكـام ـون َمــا ين َي ْكتُ ُمـ َ الشــرعية ،وأوضــحنا مــا أوضــحناه عم ـالً بقــول اهلل عــز وجــل﴿ :إِ َّن الَّـ ِـذ َ اس ِفي ا ْل ِكتَ ِ ِ أَْن َزْل َنا ِم َن ا ْلب ِّي َن ِ ات َوا ْل ُه َدي ِمن َب ْع ِد َما َبي ََّّناهُ لِ َّلن ِ لع ُن ُه ُم اهللُ َوَي ْل َع ُن ُه ُم َ اب أُوَل َك َي َ موقع مصر أوالً www.egypt1.info
217
ون﴾ (البقرة :ارية ،)619وألننا نؤمن بأنه ليس في الدين سـر يكـتم عـن أحـد، الالَّ ِع ُن َ جميعا وأن يتصرف كـل امـر وهـو علـى وانما األحكام الشرعية يجب أن يعرفها الناس ً
علم بها وفهم لها..
ونحــن نــؤمن بــأن األخــذ بالرخصــة ال يصــلح ألن يجتمــع عليــه صــف يريــد أن يتحمــل عب الدعوة ،وقد أوفى اإلمام الشهيد رضي اهلل عنـه هـذا الموضـوع حقـه مـن الشـر
في رسا له إلى اإلخوان "راجع رسالة بين األم واليوم". ولقد قلنا في بحثنا " :إن اهلل تعـالى قـد نـدبنا للصـبر والثبـات والعمـل علـى إعـال كلمـة الحق والجهر بها والتمكين لها ودفع المئـالم ورد البغـي والعـدوان وجعـل للعـاملين فـي
سـبيل ذلــك أعئــم األجــر وأعلــى درجــات الرفعــة عنــده فــي جنــات النعــيم" " ..والحــق أن سنن الحياة تؤكد أن الدعوات واألمم إنمـا تنتصـر ويعلـو شـأنها بمـن يسـخرهم اهلل عـز
وجـل بفضــله ورحمتــه مـن الصــادقين الصــابرين الثــابتين الـذين يشــرون الــدنيا بــارخرة
ويبتغون في كل قول وعمل وجه اهلل تعالى وال يخافون في الحـق لومـة ال ـم أو ذهـاب َن َل ُه ُـم ا ْل َج َّنـ َة﴾ ـه ْم َوأ َْم َـوا َل ُه ْم ِبـأ َّ اهلل ا ْ ـن ا ْل ُم ْـؤ ِم ِن َ شـتََري ِم َ سُ ين أَْنفُ َ دنيا أو ضياع جـاه ﴿إِ َّن َ ون ِرسـاالَ ِت ِ َح ًـدا إِالَّ ش ْـوَن ُه َوالَ َي ْخ َ اهلل َوَي ْخ َ (التوبة :من ارية ﴿ ،)666الَّ ِذ َ ش ْـو َن أ َ ين ُيَبلِّ ُغ َ َ ِ ِ يبا﴾ (األحـزاب :اريـة ،)99وانمـا اجتمـع صـفنا علـى العزيمـة وبهـا اهلل َو َك َفى ِباهلل َحس ً َ بعون اهلل نأخذ ونأمر إخوتنا أن يستعينوا باهلل وبلزومها". مالحئة هامة: عاما ولكنه رد محدد على أفكار محددة فـال مجـال لمـن يسـتنتج البحث لم يكن ً توجيها ً أنه يدعو إلى الترخا. السؤال السادس: النقطــة التــي عالجــت موضــوع الجماعــة والبيعــة جــا ت مقتضــبة وأثــارت أس ـ لة منهــا
حـــديث ابـــن مســـعود " :ال يحـــل دم امـــر مســـلم إال بإحـــدي ثـــالث منهـــا التـــارك لدينـــه المخــالف للجماعــة" وحــديث" :مــن مــات ولــيس فــي عنقــه بيعــة مــات ميتــة جاهليــة" موقع مصر أوالً www.egypt1.info
218
وحديث " :من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلـع ربقـة اإلسـالم مـن عنقـه إال أن يراجـع"
وتســا ل الــبعو هــل يصــح أن يوجــد المســلم بغيــر جماعــة؟ وهــل يعنــي خروجــه عــن الجماعــة خروجــه عــن الملــة؟ وتســا ل آخــرون هــل إذا عمــل الشــخا فــي منئمــة
معروف أنها تتعارو مع ما يقرره اإلسالم أو أنها تعمل لمحاربة جماعة اإلسالم فهل
يحكم له باإلسالم؟ اإلجابة:
الذ عنينا بالرد عليه في بحثنا بيـان حكـم الجاهـل بضـرورة لـزوم الجماعـة وبضـرورة
أيضا حكم المخالف لنا في فهم معنى البيعـة ومعنـى لـزوم الجماعـة أو معنـى البيعة ،و ً الجماعـة ذاتهــا وأنـه ال يجــوز لنـا أن نــتهم غيرنـا بــالكفر فـي غيــر األحـوال التــي يثبــت
فيها حكم الكفر شر ًعا ويقي ًنا على الشخا ،وقد أسلفنا القاعدة التي وضـعها مؤسـس الجماعة رضي اهلل عنه في البند العشـرين مـن رسـالة التعـاليم كمـا أوضـحنا السياسـة التي التزمتها الجماعة من أنها تقرر األحكام الشرعية ،ولكنها ال تنصب نفسها قاضية
لتحكم على األفراد. وزيادة في اإليضا نقول بعون اهلل إن الجماعة التي ورد ذكرها في األحاديث المشار إليهــا فــي الســؤال قـــد وردت معرفــة بــأل العهديــة والعلميـــة ،فخــر بــذلك مــن مفهـــوم
النصــوا أن يكــون المقصــود أيــة جماعــة مــن المســلمين ،وانمــا المقصــود جماعــة
خاصة معينة لها شروطها وأحكامها.
وهناك اختالف كبير بين الفقها في بيان الجماعة وشروطها وأحكامها ومعنـى البيعـة
وحكم من لم يبايع.
ومـن المســلم بــه أن جماعــة اإلخـوان المســلمين ،مـع إيمانهــا الكامــل أنهــا قامــت علــى
الحق ويقينها الذ ال شك فيه أن دعوتها دعوة حق خالصة أمـر اهلل بهـا أمـر وجـوب
والزام فإن المؤكد أن االختيار الفقهي لمؤسسها لم يكن النئر إليهـا باعتبارهـا جماعـة المســـلمين المقصـــودة فـــي األحاديـــث ،وانمـــا هـــي داعيـــة بعـــون اهلل لتحقيـــق جماعـــة موقع مصر أوالً www.egypt1.info
219
المسلمين ،يؤكد ذلك أن مؤسس الجماعة رضي اهلل عنه قد اعترف طـوال فتـرة قيادتـه للجماعة وجميع صحبه الذين آزروه واجتمعوا معه على دعوته قـد اعترفـوا لغيرهـا مـن
الجماعــات بأنهــا جماعــات إســالمية كمــا اعترفـوا بصــفة المســلم لمــن لــم يكــن منضـ ًـما لجماعة اإلخوان المسلمين أو فصل منها.
وقد قرر اإلمـام الشـهيد فصـل وكيلـي الجماعـة السـابقين وعشـرات غيرهـا كـان بعضـهم
أعضا بمكتب اإلرشاد والهي ة التأسيسية ولم يكن قد نسب ألحدهم أنه أتـى عمـالً أو
قال قوالً ارتد به عن اإلسالم ،وال زعم أحد أنهم بفصـلهم مـن الجماعـة قـد أخرجـوا مـن
اإلسالم – وبعد اإلمام الشهيد صدق مكتب اإلرشاد والهي ة التأسيسية على فصل عدد
عضـوا بمكتـب اإلرشـاد أكثـر مـن غير قليل من أعضا كانوا بالجماعة مـنهم مـن كـان ً مرة ومـنهم مـن تـولى مراكـز قياديـة فـي الجماعـة وأنئمتهـا ،وكـان القـول الصـريح مـن قيادة الجماعة في هذه المناسبات أن المفصولين مسلمون معصومو الدم والمال ترجو الجماعــة لهــم أن يخــدموا اإلســالم بمجهــوداتهم الفرديــة وبأســاليبهم الخاصــة بعــد أن استعصــى علــيهم تــوطين أنفســهم علــى نئــام الجماعــة وااللتـزام بمفهوماتهــا وبرامجهــا
ومناهجها. وفي رسالة المؤتمر الخامس لجماعة اإلخـوان المسـلمين يقـول اإلمـام الشـهيد" :ولعـل
من تمام هذا البحث أن أعرو لموقف اإلخوان المسلمين من الخالفة وما يتصل بها،
وبيــان ذلــك أن اإلخـوان يعتقــدون أن الخالفــة رمــز الوحــدة اإلســالمية ومئهــر االرتبــاط بـين أمــم اإلســالم وأنهــا شــعيرة إســالمية يجــب علــى المســلمين التفكيــر فيهــا واالهتمــام
بهـا ،ويــري اإلخـوان أن األحاديــث التــي وردت فـي وجــوب تنصــيب اإلمـام وبيــان أحكــام
اإلمامة ال تدع مجاالً للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتمـوا بـأمر خالفـتهم منـذ
تمام إلى ارن ،واإلخوان المسلمون لهذا يجعلـون فكـرة حورت عن مناهجها ،ثم ألغيت ً الخالفة والعمل إلعادتها في رأس مناهجهم وهم مع هـذا يعتقـدون أن ذلـك يحتـا إلـى كثيــر مــن التمهيــدات التــي البــد منهــا وأن الخطــوة المباشــرة إلعــادة الخالفــة البــد أن
تسبقها خطوات.
موقع مصر أوالً www.egypt1.info
211
أما التساؤالت عما إذا كان يصح للمسلم أن يوجد بغير جماعة فاإلجابة أننـا سـبق أن
قلنا إن المراد بالجماعة الواردة في األحاديـث السـالف اإلشـارة إليهـا لـيس أيـة جماعـة
وانمــا جماعــة خاصــة لهــا أحكامهــا وشــروطها فمــن وجــد فــي إحــدي الجماع ـات تلــك األحكام والشروط واعتقـد أنهـا الجماعـة المقصـودة باألحاديـث لزمـه أن يـدخلها ويعمـل
فيها وان كان اعتقاده هذا ليس حجة على غيره ممن ال يرون في الجماعة التي دخـل
فيهــا هــذا الـرأ – وعلــى أ حــال فــأمر اهلل لنــا بالتعــاون علــى البــر والتقــوي يتضــمن التآلف في جماعة لتنفيـذ أمـر اهلل ،إذ االنتئـام فـي جماعـة ضـرورة يقتضـيها التعـاون
المأمور به لتحقيق المقصود المطلوب شر ًعا وقد أسلفنا بيان أنه قد ورد في األحاديث النبويـة الشــريفة التنبــؤ أنـه يــأتي علــى المسـلمين زمــان ال يكــون لهـم جماعــة فيــه وال
إمام وأن ذلك ال ينفي عنهم صفة اإلسـالم وان كـان ذلـك بطبيعـة الحـال ال يعفـيهم مـن فرو المجاهدة لتحقيق الجماعة وتنصيب اإلمام.
أما الذ يعمل في منئمة تحارب اإلسالم والمسلمين فهو متول للكافرين – وليس من
اهلل فــي شــي – وتلــك قاعــدة عامــة أمــا تطبيقهــا علــى األفــراد فيحتــا إلــى تحقيــق واستيضاحات قلما تتوافر لغير ذ سلطة ما لم تكن المنئمة متبر ة من اإلسالم جملة بحيث ال يشـتبه علـى أحـد أنهـا خارجـة علـى اإلسـالم محاربـة لـه – ونكـرر القـول أننـا
دعاة ولسنا قضاة. انتهى السؤال السابع: تماما مع البعد عن شـريعة اهلل ،ألـيس ذلـك معنـاه إذا كان واقع الناس وئاهرهم متفقًا ً اعتقاديا ،فدليل اإليمان والعمـل بـه ،والقا ـل بهـذا الـرأ يستشـهد باريـة أن هناك خلالً ً ـون ِبـ ِ ـاهلل و َّ وه ْم أ َْولِ َيــا َ ﴾ فجعــل تعــالى ـي َو َمــا أُْنـ ِـز َل إَِل ْيـ ِـه َمــا اتّ َخ ـ ُذ ُ الن ِبـ ِّ ﴿ َوَلـ ْـو َكــا ُنوا ُي ْؤ ِم ُنـ َ مترتبا على عدم إيمانهم دليالً عليه. اتخاذهم أوليا ً اإلجابة: موقع مصر أوالً www.egypt1.info
211
ونقــول بعــون اهلل أن لــو فــرو جــد ًال صــحة القــول بــأن الخــرو أو البعــد عــن أحكــام الشريعة دليل على وجود خلل اعتقاد لدي الخار ،فإن َّ مرد الحكم على الخار ليس
إلى آرا نا ،ولكن ما حكم اهلل أن الخرو عن أحكام الشـريعة فيـه دليـل علـى أن الخلـل
كـافرا مشـرًكا ،قلنـا نحـن بحكـم حدا يجعل الخـار ً االعتقاد قد بلا ً مرتـدا عـن اإلسـالم ً مرتـدا وأنـه بـاق لـه اهلل فيه ،أما من حكم اهلل بأن بعده أو وخروجـه عصـيان ال يجعلـه ً
حكم اإلسالم ،فواجب علينـا أن نحكـم بحكـم اهلل فيـه ،وال يجـوز لنـا أن نبتـدع مـن عنـد
حكما آخر إال كنا نحن الحاكمين بغير ما أنزل اهلل وهذا بذاتـه موضـوع التفرقـة أنفسنا ً بين المعاصي التي ال تكفـر صـاحبها وال تخرجـه عـن الملـة،وتلك التـي تخـر صـاحبها
مرتدا ،وقـد سـبق اسـتيفا ذلـك بالبحـث مـع وضـو أن هـذه األحكـام عن الملة ويعتبر ً تكون بالنسبة لكل فرد بذاته وليس على عامة الناس بجملتهم.. تم بحمد اهلل
موقع مصر أوالً www.egypt1.info