Maraya Journal, Fall 2016

Page 1

‫العدد الخامس – خريف ‪٢٠١٦‬‬

‫َملَ ّف العدد‬ ‫تراثنا الشعبي‬ ‫•‪ ‬تراثنا المادي‬ ‫•‪ ‬تراثنا الديني‬ ‫•‪ ‬لبنان على أقالم الرحالة (‪)٢‬‬


‫ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة‬ ‫َأكادي ّ‬ ‫نش ُرها‬ ‫َي ُ‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫الجامعة اللبنانية ا َألميركية‬ ‫رئيس التحرير‪ /‬مديـر الـمركـز‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـي َـئـة ِ‬ ‫العـ ْـل َّ‬ ‫العائلة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫بجديا ِب ْاسم ِ‬ ‫ا َألساتذ ُة َّ‬ ‫(ترتيبا أَ ً‬ ‫ً‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫رمزي بعلبكي | الجامعة ا َألميركية | ُ أستاذ‬ ‫ّ‬

‫السـرديات‬ ‫لطيف زيتوني | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ َّ‬

‫عماد سالمة | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ العالقات الدولية‬ ‫واإلعالم‬ ‫الشهال | الجامعة اللبنانية | مساعد رئيس الجامعة للعالقات العامة ِ‬ ‫محمد َب َدوي َّ‬

‫رنيه غطّ اس | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذة ِإدارة ا َألعمال‬

‫للش ُـؤون ا َألكاديمية‬ ‫وجيه فانوس | الجامعة ِاإلسالمية في لبنان | مستشار رئيس الجامعة ُّ‬ ‫منسق الهيئة العلمية‬ ‫الروح القدس ‪ -‬الكسليك | ّ‬ ‫َأنطوان ّ‬ ‫قسيس | جامعة ّ‬

‫لحود | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث‬ ‫َأنطوان ُّ‬

‫ـمسؤول تجاه الحكومة‬ ‫الـمدير ال ُ‬ ‫وسـي‬ ‫كريستيان ُأ ّ‬ ‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية ا َألميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬

‫تصميم و إخراج درغام ش‪.‬م‪.‬م‬


‫العدد الخامس ‪ -‬خريف ‪٢٠١٦‬‬

‫‪3‬‬

‫ُأولى الــ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫اللّ غةُ‪ً ...‬‬ ‫طنا‬ ‫وو ً‬ ‫تراثا َ‬

‫‪١٢‬‬

‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬أنيس شعيا‬ ‫لبناني أَ ثري وتاريخي في عكار‬ ‫َم ْعلَ ٌم‬ ‫ٌّ‬

‫َع ْرقَ ا الصفاء والنقاء أَ عانتها الجغرافيا على كتابة التاريخ‬

‫‪37‬‬

‫سوالنج الحلو‬ ‫المادية‬ ‫الدينية في الحضارة‬ ‫موقع األوقاف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫نموذجا‬ ‫سيدة مشموشة‬ ‫ً‬ ‫دير ّ‬

‫ف العدد‬ ‫َم َل ّ‬

‫‪2‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫‪52‬‬

‫الشعبي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫عبداللطيف فاخوري‬ ‫بيروت أيام زمان‪ :‬هكذا كان الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫‪90‬‬ ‫‪١٠4‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪141‬‬

‫الديني‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‬ ‫جامع َ‬ ‫األمير سيف الدين طينال الحاجب في طرابلس‬

‫لبنان على أقالم الرحالة (‪)٢‬‬

‫د‪ .‬بيار مكرزل‬ ‫لبنان في رحلة المستشرق البلجيكي أَ نسيلمي أَ دورنو (‪)1471–1470‬‬

‫‪Notre patrimoine religieux‬‬ ‫‪Dr Antoine Fischfisch‬‬ ‫‪Église Mar Zakhia – Ajaltoun entre revitalisation et restauration‬‬

‫‪Dr Paul Zgheib‬‬ ‫‪L’art Syriaque : les paradigmes de l’existence‬‬

‫‪Notre patrimoine historico-archéologique‬‬

‫‪153‬‬

‫‪Jeanine Abdul Massih‬‬ ‫‪La carrière archéologique de Baalbek dévoile son secret‬‬


‫ُأولى الـ ‪‬مرايا‪‬‬

‫اللُّغ ُة‪ً ...‬‬ ‫تراثا و َوط ًنا‬ ‫هنـري زغـيـب‬

‫وتاليا ّتتخذ اللغة هذا‬ ‫اإلنسان لغتُ ه‪،‬‬ ‫السائد‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫العام أَ ّن ‪‬وطــن ِ‬ ‫ً‬ ‫عرف ُوي َع َّرف‪.‬‬ ‫الحجم حين تكون عنوانً ا للوطن بها ُي َ‬ ‫دوما‬ ‫تجب‬ ‫وتاليا‬ ‫بنت العقل‬ ‫وفي‬ ‫ُ‬ ‫السائد أَ ً‬ ‫ِ‬ ‫يضا أَ َّن اللغ َة ُ‬ ‫ُ‬ ‫تغذيته بها ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متوهج ًة‬ ‫نضر ًة‬ ‫ـحف ًـزا‬ ‫محافظا عليها‪،‬‬ ‫ليبقى‬ ‫حافظا ِإياها‪ُ ،‬م ِّ‬ ‫استخدامها ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حي ًة من جي ٍل ِإلى‬ ‫في الذاكرة‪َ ،‬تخدم مستخدميها‬ ‫ُّ‬ ‫فتظل على أَ لْ سنتهم ّ‬ ‫بالكسل في‬ ‫حية بتحفيزها‪ ،‬وتنتهي َر ْخ َو ًة فمشلول ًة‬ ‫َ‬ ‫جيل‪َ ،‬أل ّن الذاكرة تبقى ّ‬ ‫والتكاسل في تمرينها‪.‬‬ ‫تنشيطها‬ ‫ُ‬ ‫تفكيك أَ لْ غاز‪ ،‬أَ و‬ ‫حسابية صعبة‪ ،‬أَ و‬ ‫مسائل‬ ‫حل‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫بين تمارين الذاكرة‪ُّ :‬‬ ‫يحفز الذاكرة ُويبقيها‬ ‫نجاز شبكة كاملة لكلمات متقاطعة‪ ،‬وسواها مما ِّ‬ ‫ِإ ُ‬ ‫جاهز ًة ناشط ًة فاعلة‪.‬‬ ‫ِوإذا التراخي والكسل عامالن أَ ســاسـ ّـيــان في فقدان الــذاكــرة‪ ،‬ففي‬ ‫كل آن‪.‬‬ ‫متوه ًجا‬ ‫تـنشيط الذاكرة خدم ُة العقل ليبقى ِّ‬ ‫حاضرا َّ‬ ‫ً‬ ‫ووضع‬ ‫طقا‪،‬‬ ‫بعضها ببعض‪ ،‬كتاب ًة أَ و نُ ً‬ ‫من هذا التـنشيط‪ :‬ربطُ الكلمات ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكلمة الصحيحة في مكانها َ‬ ‫صلي فال ُي َ‬ ‫ضطر المتكلم إلى أَ ن يستعين‬ ‫األ ّ‬ ‫آخر‬ ‫بكلمة أَ جنبية في عبارته العربية‪ ،‬أَ و أَ ن يستعير كلم ًة من ِإقليم لغوي َ‬ ‫ٍ‬ ‫يعبر عن فكرته‪.‬‬ ‫كي ّ‬ ‫وتتكرس مع‬ ‫لغة أُ خرى‬ ‫ت تدخل لغ ًة من ٍ‬ ‫أَ فهم التالقُ َح بين اللغات بعبارا ٍ‬ ‫َّ‬ ‫الوقت في قاموسها الطبيعي‪ ،‬لكنني ال أَ فهم الكسل في استخدام كلمات‬ ‫اليومي في اللغة ُ‬ ‫األم‪.‬‬ ‫العادي‬ ‫أَ جنبية عادية لها مرادفها‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬

‫والبحث عن الكلمات‬ ‫حافز َين ِّشطُ َخاليا الدماغ‪.‬‬ ‫حفظ الكلمات‬ ‫ِإ ّن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫لحفظ المعلومات واسترجاعها‪ .‬لذا‬ ‫ـمر ُن‬ ‫مفاصل الذاكرة فتبقى جاهز ًة ْ‬ ‫َ‬ ‫ُي ِّ‬ ‫احترام‬ ‫تمرين العقل‪ .‬ومن ِإشارات هذا التـنشيط‬ ‫قلت ِإن تـنشيطَ الذاكرة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مكانَ‬ ‫أُ‬ ‫ـانً‬ ‫ب لُ َغوي ُم ْـؤ ٍذ‪.‬‬ ‫اغترا‬ ‫في‬ ‫ها‬ ‫خرى‬ ‫لغة‬ ‫حالل‬ ‫إل‬ ‫ا‬ ‫ـج‬ ‫م‬ ‫تغييبها‬ ‫وعدم‬ ‫اللغة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ‬ ‫ُ‬


‫االغتراب اللغوي‬

‫‪4‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫ـاق المهرجانات‬ ‫ـت فــي هــذا الصيف المنصرم (‪ )2016‬ان ـطـ َ‬ ‫تــابـعـ ُ‬ ‫وحجز‬ ‫ـمهورها ِإلــى الحضور‬ ‫السياحية‬ ‫ِ‬ ‫وحمالتها ِاإلعالني َة الداعي َة ُج َ‬ ‫ْ‬ ‫واستوقفتني في ِاإلعالنات ُ‬ ‫واإلذاعية والتلـﭭزيونية عن‬ ‫التذاكر‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الط ُـرقية ِ‬ ‫ظ‬ ‫هذه المهرجانات ظاهر ُة ِإطالقها باللغة ِاإلنكليزية‪ِ ،‬وب ْلك ٍنة َر ْخـ َـو ٍة‪ْ ،‬‬ ‫ولف ٍ‬ ‫فهم ما يقول المذيع لكثرة ما ُيرخي لسانَ ه وهو‬ ‫عو َج أَ َ‬ ‫عر َج حتى لَ َيعصى ُ‬ ‫أَ َ‬ ‫ُيعلن عن المهرجان ونجومه ومواعيده‪.‬‬ ‫والسياح‪َ ،‬‬ ‫يتوجه ِإلى َ‬ ‫جانب‬ ‫فاأل‬ ‫األجانب‬ ‫باإلنكليزية‬ ‫ِإذا كان ِاإلعـ ُ‬ ‫ـان ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫فهموا منها ما ُي َغ ِّنـي‬ ‫اح لن يتسابقوا ملهوفين ِإلى‬ ‫حضور حفال ٍ‬ ‫والسي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ت لن َي َ‬ ‫َّ‬ ‫ُم َؤ ُّدوها‪.‬‬ ‫ـان‬ ‫ريهم ِاإلعـ ُ‬ ‫ِوإذا كــان ِاإلع ـ ُ‬ ‫ـان للمغتربين اللبنانيين فـهـ ُـؤالء لن ُي ْغ َ‬ ‫حضروا ِإن لم ُيكونوا راغبين في الحضور‪.‬‬ ‫باإلنكليزية كي َي َ‬ ‫ِ‬ ‫باإلنكليزية على‬ ‫عالن لـلُّ بنانيين المقيمين‪ِ ،‬فل َم ِاإل ُ‬ ‫ِوإذا كان ِاإل ُ‬ ‫عالن لهم ِ‬ ‫الطرق‪ ،‬مع أَ سماء الفنانين َ‬ ‫باألجنبية تحت صورهم‪ ،‬ومع المواعيد‬ ‫الفتات‬ ‫ُ‬ ‫هرا كذلك باللغة َ‬ ‫األجنبية؟‬ ‫ياما َ‬ ‫وش ً‬ ‫أَ ً‬ ‫المستهجنة أَ و‬ ‫المرفوضة أَ و‬ ‫المستغر َبة – كي ال أَ قــول‬ ‫ِمن الظواهر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الممنوعة – أَ ن َيــقرأَ‬ ‫الفرنسي ِإعالنً ا بالصينية فقط عن مهرجان فرنسي‬ ‫ُّ‬ ‫عالنً‬ ‫ـقرأَ‬ ‫نكليزي ِإ ا باليابانية فقط عن مهرجا ٍن‬ ‫ِاإل‬ ‫في ﭘـاريس‪ ،‬أَ و أَ ن َيـ‬ ‫ُّ‬ ‫بريطاني في لندن‪ ،‬أَ و أَ ن َيــقرأَ َ‬ ‫األميركي ِإعالنً ا بالعربية فقط عن مهرجا ٍن‬ ‫مواطن في العالم ِإعالنً ا في غير لغة‬ ‫أَ ميركي في واشنطن‪ ،‬أَ و أَ ن َيــقرأَ أَ ُّي‬ ‫ٍ‬ ‫بالده فقط عن مهرجا ٍن في بالده‪.‬‬ ‫فلماذا ِإذً ا هذه الـظاهر ُة االستعراضي ُة المتشاوف ُة عن مهرجان لبناني‬ ‫ت‬ ‫باإلنكليزية فقط‬ ‫نصوصا مقروء ًة على الفتا ِ‬ ‫في لبنان ِ‬ ‫واإلعــان عنه ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ت مسموع ًة في ِاإلذاعات والتلـﭭزيونات؟‬ ‫الط ُرق أَ و تسجيال ٍ‬ ‫التقرب من َ‬ ‫ونية تجاههم‪ْ :‬لف ًظا‬ ‫لماذا هذا‬ ‫األجانب ْ‬ ‫بعقدة النقص ُ‬ ‫ُّ‬ ‫الد َّ‬ ‫وتقليدا كحركات ال ِق َر َدة في السيرك‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫وحركا ٍ‬ ‫ت عـ َّـد ًة‪ ،‬فهو‬ ‫لبنان السياحة لن يــزداد‬ ‫شعبه يتكلَّ م لغا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫سياحي ًة َألن َ‬ ‫َّ‬ ‫يعتز بها لبنان‪،‬‬ ‫ثرية‬ ‫بمواقع تراثية‬ ‫سياحي‬ ‫بلد‬ ‫أَ ً‬ ‫ٍ‬ ‫وتاريخية وأَ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وطبيعية ُّ‬ ‫صال ٌ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫غة أَ‬ ‫وج ٌه ِإلى‬ ‫الترويج‬ ‫ويجب أن يكون‬ ‫جنبية َألنه أَ ً‬ ‫ٍ‬ ‫السياحي لها في لُ ٍ‬ ‫صال ُم َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫لجمهور لبنان ٍّـي‬ ‫باإلنكليزية‬ ‫األجانب كي ُيزوروا لبنان‪ .‬أَ ما‬ ‫الترويج اللبناني ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬


‫مغنون لبنانيون‪ ،‬ف ِم َن النافل المجان ّـي كتاب ُة‬ ‫عن مهرجان‬ ‫لبنان ٍّـي ُي ْـحـيـيه ُّ‬ ‫ِ‬ ‫حفالتهم َ‬ ‫أَ سمائهم َ‬ ‫لجمهور لبنان ٍّـي‬ ‫باألجنبية‬ ‫عالن عن تواريخ َ‬ ‫واإل ُ‬ ‫باألجنبية ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مقيم ٍ أَ و عرب ٍّـي ضيف‪.‬‬ ‫يكاد‬ ‫ـجتمع‬ ‫ـية م‬ ‫ِإنها موج ٌة مريض ٌة ُتسهم أَ كثر فأَ كثر في تدمير ُب ْـن ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ـاح مختلَ َطة ال هي من‬ ‫ُيصبح‬ ‫ً‬ ‫ـاده لكثْ ر ِة ما َ‬ ‫هجينا في بـ ِ‬ ‫دخـلَ ْ‬ ‫ت عليه ريـ ٌ‬ ‫ثقافة أَ بنائه الذين ال َيـزدادون ثقاف ًة‬ ‫تاريخه‪ ،‬وال من‬ ‫تراثه‪ ،‬وال هي من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫متعدد ِة اللغات في الجملة‬ ‫ت أَ جنبية‬ ‫ِإذا ‪‬أَ ظهروا‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫براعتهم‪ ‬ب َـخـلْ ط كلما ٍ‬ ‫بناء بالدهم‪.‬‬ ‫الواحدة ُيخاطبون بها أَ َ‬

‫‪5‬‬

‫ً‬ ‫تراثا و َوط ًنا‬

‫بعض تدمير المجتمع يبدأُ من تدمير لُ َـغـ ِتـه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ث من‬ ‫عفوا أَ و‬ ‫ت ثال ٍ‬ ‫عمدا‪ :‬ظاهر ُة استخدام كلما ٍ‬ ‫ً‬ ‫ومن هذا التدمير ً‬ ‫وعربولبنانية‬ ‫جملة واحدة َتبدأُ فرنكولبنانية وأَ نكلولبنانية‬ ‫ث في‬ ‫ٍ‬ ‫ت ثال ٍ‬ ‫لغا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫معا‪ ،‬وتنتهي ال لبنانية وال فرنسية وال ِإنكليزية وال عربية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫وينتقل ِإل ــى شاشات‬ ‫واألخ ـطــر‪ :‬أَ ن ينتشر هــذا الـنـهـ ُـج بين الـنــاس‬ ‫َ‬ ‫التلـﭭزيون‪ ،‬فال تكمل المذيع ُة َشرحها‪ ،‬وال يطرح المذيع ســؤالَ ــه‪ِ ،‬إ َّال‬ ‫يتلكأُ ون عن‬ ‫ت َّ‬ ‫ضر ًجا بكلمات أَ جنبية‪ .‬وحتى ضيوف‬ ‫البرامج واالستفتاءا ِ‬ ‫ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ت أَ جنبية‬ ‫الجواب بلغة واحــد ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫عم ًدا وباعتزاز ِإلى كلما ٍ‬ ‫سليمة فيلجأُ ون ْ‬ ‫طانة أَ جنبية‪.‬‬ ‫ُيـلْ قونها ِبـ َـر ٍ‬ ‫ض ٌّي ُبعقدة‬ ‫وهذا ليس‬ ‫دليل علْ م ٍ وال ثقافة وال حضارة‪ ،‬بل َ‬ ‫تش ُّب ٌث َم َر ِ‬ ‫َ‬ ‫دونية تجاه َ‬ ‫فيستعيض‬ ‫األجانب أَ ن ُي ْس ِقطَ أَ ُّي لبنان ٍّـي كلم ًة في لغته‬ ‫نقص‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫عنها َ‬ ‫متواصلة‬ ‫صلة‬ ‫باألجنبية‪ ،‬بينما ال أَ سهل من ِإيصال المعنى في‬ ‫ٍ‬ ‫مت ٍ‬ ‫جملة ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بسيطة واحدة‪.‬‬ ‫موصولة ِبــلُ ـ َـغ ٍـة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التشوهات اللغوية ظاهر ُة وسائط التواصل االجتماعي‬ ‫وتزيد من هذه‬ ‫ُّ‬ ‫ذية في‬ ‫بتعابير‬ ‫جميع اللغات‬ ‫فتختلطُ في كالم مستخدميها‬ ‫مؤ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هجينة ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫طوعوها ُليزاولوا دردشاتهم في لغة غَ ري َـب ٍـة أَ ين منها اللغ ُة‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬ ‫أَ حر ٍ‬ ‫التينية ّ‬ ‫الخليط ُة – المعروفة بالــ ‪‬سابير‪ – ‬كــان التجار في الـقــرون الوسطى‬ ‫ضطرون مرغَ مين إلى استخدامها كي يتواصلوا في تبادلهم التجاري مع‬ ‫ُي‬ ‫ُّ‬ ‫ت أُ خرى‪.‬‬ ‫ت ولُ غا ٍ‬ ‫تجار من جنسيا ٍ‬ ‫ّ‬

‫اللُّغ ُة‪...‬‬

‫ثالث لغات في جملة واحدة‬


‫‪6‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫لست ضد اللغات َ‬ ‫لغة واحدة‪ِ ،‬إنما‬ ‫أَ نا‬ ‫األجنبية منفرد ًة والتكلُّ م بها في ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ضد هذا الخلْ ط الـ ِم ْسخ في استعمال ثالث كلمات من ثالث لغات في‬ ‫ّ‬ ‫استخدامها إلى‬ ‫يعيدنا‬ ‫جملة واحدة كالقول السائر‪ُ Hi… Kifaq? Ça va?:‬‬ ‫ُ‬ ‫الر َّحل في القرون الوسطى‪ ،‬فنعود إلى عصور َظالمية من‬ ‫لغة التجار ُ‬ ‫اللغة والتعبير‪.‬‬ ‫وعاينوا يعرفون‪ ،‬أَ ّن ِاإلنكليزي ال‬ ‫وأَ عــرف‪ ،‬والكثيرون ممن سافروا‬ ‫َ‬ ‫والفرنسي ال ينسى تعابير‬ ‫ينسى تعابير ِإنكليزية فيستعين لها باليابانية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والسويدي ال ينسى تعابير سويدية‬ ‫باإلسـﭙـانية‪،‬‬ ‫فرنسية فيستعين لها ِ‬ ‫َّ‬ ‫فيستعين لها بالعربية‪.‬‬ ‫لغته يحملُ ها معه أَ ينما ارتـحــل‪ ،‬وكـ ُّـل لغة أَ جنبية‬ ‫ِإن وطـ َـن ِاإلنـســان ُ‬ ‫غنى ِإضاف ٌّـي يرفُ ُد ُه وال َي ِـح ّل مكان لغته ُ‬ ‫تعوض‬ ‫يكتسبها‪ً ،‬‬ ‫األم‪ ،‬كما ال ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يغترب في بالده‬ ‫الذي‬ ‫والمواطن‬ ‫م‪.‬‬ ‫األ‬ ‫رض‬ ‫األ‬ ‫عن‬ ‫رض‬ ‫األ‬ ‫في‬ ‫بقعة‬ ‫أَ َّيـ ُة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ـارج لُ غته وال يدخل وطن اللغة‬ ‫عن لغتها ليستعير لغ ًة أُ خــرى‪ ،‬يصبح خـ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫لقيطة يعتبرها‬ ‫ومن ينطق ِبلُ َغ ٍة‬ ‫األخــرى‪ ،‬فيمسي‬ ‫ٍ‬ ‫لقيطا في الالمكان‪َ .‬‬ ‫بش ٌع من الفرنكولبنانية َ‬ ‫واألنكلولبنانية‬ ‫لغ َة العصر السليمة – وهي مزيج ِ‬ ‫التشتت في مجاهل‬ ‫الذهني َسـ َـيـ ُـؤول به ِإلــى‬ ‫فتركيزه‬ ‫والعربولبنانية –‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الالمكان‪.‬‬ ‫لذا أَ رى َ‬ ‫ت‬ ‫ـمزج لغا ٍ‬ ‫خطـ ًـرا على اللغة والعقل في هذا الخليط الهجين ب ْ‬ ‫عـ ّـدة في جملة واحــدة عند التكلُّ م‪ ،‬أَ و المخاطبة‪ ،‬أَ و عند ِاإلجــابــات في‬ ‫َ‬ ‫‪‬الخطر‪‬‬ ‫ِاإلعــام المرئي والمسموع‪ ،‬أَ و في المجالس الخاصة‪ .‬وكلمة‬ ‫عم ًدا‪ ،‬ليقيني أَ ّن في خلْ ط الكلمات الـمحلية‬ ‫هنا لم أَ ستعملْ ها ّاتـفاقً ا بل ْ‬ ‫َ‬ ‫باألجنبية َ‬ ‫وتاليا‬ ‫بنت العقل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واللسان ُ‬ ‫خط ًـرا على العقل‪َ ،‬ألن اللغ َة ُ‬ ‫ابن اللغة‪ً ،‬‬ ‫ـمحلي بالكالم َ‬ ‫اللسان‪،‬‬ ‫األجنبي‬ ‫ـمحكي ال‬ ‫ط في ال‬ ‫كل خلْ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫كس ٍل في َ‬ ‫دليل َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتكاسل‬ ‫كلمة أَ جنبية‬ ‫كس ًال في العقل َألن في االستسهال باستخدام ٍ‬ ‫َ‬ ‫يعكس َ‬ ‫يحصل عند‬ ‫رادفها باللغة الـمحكية الـمحلية‪ ،‬وهو ما ال‬ ‫العقل في ِإيجاد ُم ِ‬ ‫َ‬ ‫منبريا بالعربية الفصحى التي ال َتسمح بهذا الخلْ ط‬ ‫الكتابة أَ و التكلُّ م‬ ‫ًّ‬ ‫العجيب الهجين‪.‬‬


‫كاس ُ‬ ‫كس ُ‬ ‫ل العقل‬ ‫َ‬ ‫ل اللغة تَ ُ‬

‫اللُّغ ُة‪...‬‬ ‫‪7‬‬

‫ً‬ ‫تراثا و َوط ًنا‬

‫ويتكاسل المنطق‪.‬‬ ‫يتكاسل التفكير‪،‬‬ ‫الكالم‪،‬‬ ‫الناظ ُم‬ ‫العقل‬ ‫يتكاسل‬ ‫حين‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـمعرفية ما َيؤ ِّدي‪:‬‬ ‫الد َرب ال‬ ‫وهذا‬ ‫ِ‬ ‫ـجر رخاو ًة في سائر ُ‬ ‫التكاس ُل ال ُـم ِ‬ ‫ـتناسل ي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫التفكك‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫واجتماعيا ِإلى‬ ‫ـماعيا ِإلى الميوعة‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫فرديا ِإلى الفوضى‪َ ،‬ج ًّ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫حترم‬ ‫جنبية‪.‬‬ ‫األ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫اللُّ‬ ‫ا‬ ‫رفض‬ ‫و‬ ‫اللبنانية‬ ‫للمحكية‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫تعص‬ ‫هذا‬ ‫قول‬ ‫ال‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُّ ً‬ ‫أَ‬ ‫فأُ‬ ‫غة أَ‬ ‫ـحلي ٍة‬ ‫م‬ ‫غة‬ ‫بلُ‬ ‫يخاطبني‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫بها‪،‬‬ ‫ه‬ ‫جيب‬ ‫كاملة‬ ‫جنبية‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َمن يخاطبني بلُ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫المرادفات َ‬ ‫األجنبية في‬ ‫ـحكية كاملة فأُ جيبه بها َألنه يستخدم عقله ِبإيجاد‬ ‫َم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫مصطلح في الـمحكية‬ ‫ـفوته‬ ‫لغتها‪ ،‬أَ و الـمحكية اللبنانية في لغتها‪ .‬أَ ما أَ ن َي َ‬ ‫ٌ‬ ‫اللبنانية فيستبدلَ ه‪ ،‬غواي ًة أَ و ترفً ا‪ ،‬بمصطلح أَ جنبي من لُ غة أُ خــرى أَ و‬ ‫عدة في لغات أُ خرى (كأَ ن يمزج محكـ ّـيــته اللبنانية بالفرنسية‬ ‫ِبـمصطلحات ّ‬ ‫ـط ٍـر‬ ‫كس ٍل‬ ‫معا في جملة واحدة)‬ ‫عقلي َخ ِ‬ ‫أَ و ِ‬ ‫ُ‬ ‫فدليل َ‬ ‫باإلنكليزية أَ و بكلتيهما ً‬ ‫ٍّ‬ ‫غوية واسعة‪.‬‬ ‫دليل‬ ‫ثقافة لُ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وليس أَ ً‬ ‫بدا َ‬ ‫يكبر الولد على لُ غة العامالت َ‬ ‫َ‬ ‫األجنبيات في‬ ‫من هذا‬ ‫الخطر ً‬ ‫مثال‪َ :‬‬ ‫لغتنا فينشأُ الولد ال ُيتقن‬ ‫هن‬ ‫البيت‬ ‫تقن َ‬ ‫ِ‬ ‫نهن ال ُي َّ‬ ‫المكسرة الهجينة َأل ّ‬ ‫بعبارات ّ‬ ‫َّ‬ ‫لغته‪.‬‬ ‫لغت ُه ّن وال ُيتقن َ‬ ‫َ‬ ‫يكبر الولد على ْ‬ ‫س في المدرسة من التكلُّ م باللّ غة الـمحكية‬ ‫حظ ٍـر قا ٍ‬ ‫أَ و َ‬ ‫الـمحلية‪.‬‬ ‫سيد ُة البيت اللبناني ُة‬ ‫ت لبنانيات َت َ‬ ‫يكبر الولد على لغة حاضنا ٍ‬ ‫ـمن ُع ُه ّن ّ‬ ‫أَ و َ‬ ‫وتفرض على الحاضنات مخاطب َة‬ ‫من ُمـخاطبة الولد بالـمحكية اللبنانية‬ ‫ُ‬ ‫الولد باللغة َ‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫دائما َ‬ ‫عيب أَ ن ينمو‬ ‫باألجنبية كأَ نما‬ ‫ٌ‬ ‫يكبر الولد على أَ هله يخاطبونه ً‬ ‫أَ و َ‬ ‫على لغته الـمحكية ُ‬ ‫األ ّم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـخلوطا‬ ‫السؤال َم‬ ‫مذيعا َيطرح‬ ‫يكبر الولد على لغة ِاإلعالم يتابع بها‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أَ و َ‬ ‫ً‬ ‫ـخلوطا بكلمات أَ جنبية‪ ،‬وينسحب‬ ‫ت أَ جنبية‪ ،‬أَ و مذيع ًة َت ُـم ُّد حديثً ا م‬ ‫بلُ غا ٍ‬ ‫َ‬ ‫تلقائيا على ِإجابات ضيوف البرنامج أَ و االستفتاء َمـخلوط ًة بكلمات‬ ‫األمر‬ ‫ًّ‬ ‫عدة‪ ،‬فتنتقل ظاهرة الخلْ ط اللغوي من المجتمع ِإلى ِاإلعالم‪،‬‬ ‫من لغات ّ‬ ‫ـمخلوطة الكلمات‪ِ ،‬وإلى ِإعالنات الحفالت‬ ‫الطرقات ال‬ ‫ومنه ِإلى ِإعالنات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـجتمع يبدأُ‬ ‫ك ُم‬ ‫نذر ُّ‬ ‫خطرة ُت ِ‬ ‫بتفك ِ‬ ‫‪‬مـخلوطة‪ ‬لُ غوية ِ‬ ‫المخلوطة اللغات‪ِ ،‬وإلى َ‬ ‫ٍ‬ ‫الكسول‪.‬‬ ‫بكسل لسانه الذي يستجيب لعقله َ‬ ‫ُ‬ ‫انهياره الحضاري َ‬ ‫تدمير المجتمع يبدأُ من تدمير لُ غته‪.‬‬ ‫كرر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بلى‪ ،‬وأُ ِّ‬


‫ت‬ ‫لغت ُه ال‬ ‫ـمحكية َ‬ ‫وطن كامل‪ ،‬متى انخلَ طت ُ‬ ‫كس ًال – بكلما ٍ‬ ‫اللغ ُة ٌ‬ ‫– تـرفً ا أَ و َ‬ ‫ّ‬ ‫الوطن َ‬ ‫فيكون ما كان‬ ‫األصلي بالسوى الغريب‪،‬‬ ‫غريبة‪ ،‬ينخلط‬ ‫من سواها‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫حين قَ ـ َـتــلَ ـ ْـتــها الفوضى َألنها غرقَ ت مشلول ًة بين‬ ‫ذات‬ ‫ٍ‬ ‫مرحلة من أَ ْمر روما َ‬ ‫َ‬ ‫جحافل الغرباء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حفظه من‬ ‫هويت َنا‪ ،‬واللغ ُة‬ ‫حفظٌ‬ ‫ـراث‬ ‫وطن يبدأُ ْ‬ ‫َ‬ ‫حفاظنا عليه ْ‬ ‫اللغ ُة تـ ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫الحفاظ على ذاكرته‪.‬‬ ‫حفظَ وط ِننا‪ ،‬والحفاظُ على وطننا‬ ‫من هنا أَ ّن في الحفاظ على لغتنا ْ‬ ‫تراث ووطن‪.‬‬ ‫يـبدأُ من ِإيماننا بأَ ن اللُ غة‪...‬‬ ‫ٌ‬ ‫مدير المركز‪ /‬رئيس التحرير‬

‫‪8‬‬ ‫هنري زغـيب‬


‫ُ‬ ‫شروط النشر في مجلة ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫هم مجلة ‪‬مرايا التراث‪ِ ،‬إدار ًة وهيئ ًة علْ مية‪ ،‬أَ ن تلفت الباحثين ِإلى‬ ‫َي ُّ‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫مرس ٍل للنشر‬ ‫غير‬ ‫‪ .1‬أَ ن يكون‬ ‫رسل أَ ً‬ ‫ُ‬ ‫صيال في بابه‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫منشور أَ و َ‬ ‫البحث ال ُـم َ‬ ‫في مجلة أُ خرى‪.‬‬

‫العلمية‬ ‫ـتعارف عليها فــي المجالت‬ ‫المنهجية‬ ‫‪ .2‬اعتماد‬ ‫العلمية ال ُـمـ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫حكمة‪ :‬التوثيق في كتابة الحواشي واألص ــول والمصادر والمراجع‬ ‫ال ُـم ّ‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫رات‬ ‫ختص‬ ‫وال ُـم َ‬ ‫ّ‬ ‫التهجم الشخصي ِوإلـماحات َ‬ ‫سندة‬ ‫‪ .3‬عدم‬ ‫واإلسقاطات غير ال ُـم َ‬ ‫األدلجة ِ‬ ‫ُّ‬ ‫في مقاربات البحث‪.‬‬

‫‪ .4‬جميع َ‬ ‫األبحاث ال ُـم َق َّـدمة ِإلى المجلة َتخضع لتحكيم اللجنة العلمية‪،‬‬ ‫وقد تستعين ِإدارة المجلة عند الحاجة بهيئة اختصاصيين تبقى أَ سماء‬ ‫الع ْرف َ‬ ‫األكاديمي‪.‬‬ ‫طي الكتمان وفق ُ‬ ‫أَ عضائها ّ‬

‫بغير لغة بح ِثه‬ ‫‪ُ .5‬يرسل الباحث مع نصه َّ‬ ‫ملخ ًصا عنه في نحو ‪ 200‬كلمة ِ‬ ‫بحاثها في‬ ‫تفضيال أَ و بالفرنسية)‬ ‫(باإلنكليزية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تسهيال َلفهرسة المجلة وأَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيبليوغرافيا العالَ ـمية‪.‬‬ ‫‪ .6‬تحتفظ ِإدارة المجلة ِب َـح ّـق النشر أَ و برفض أَ ِّي بحث ال يستوفي شروطَ‬ ‫النشر أَ عاله‪.‬‬

‫اآلراء ال ــوارد َة في َ‬ ‫األبحاث‬ ‫العلمية‬ ‫‪ .7‬ال تتبنى ِإدار ُة المجلة واللجن ُة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ولية ُك ّـتابها‪.‬‬ ‫المنشورة‪ ،‬وتبقى هذه على ُ‬ ‫مسؤ ّ‬

‫نسخة‬ ‫صدوره‪ ،‬وعلى‬ ‫ٍ‬ ‫ث على ثالث نُ َسخ من العدد عند ُ‬ ‫كل باح ٍ‬ ‫‪َ .8‬يحصل ُّ‬ ‫ِإلكترونية من بحثه‪.‬‬

‫تعاون الباحثين في احترام شروط‬ ‫العلمية‬ ‫شكر ِإدار ُة المجلة واللجن ُة‬ ‫‪َ .9‬ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حفاظا على المستوى العلْ مي في نهج الجامعة‪ ،‬وخدم ًة لنصاعة‬ ‫النشر‪،‬‬ ‫التراثية في لبنان‪.‬‬ ‫الذاكرة‬ ‫ّ‬

‫نصوصهم باسم رئيس التحرير على هذا العنوان‪:‬‬ ‫‪ُ .10‬يرسل الباحثون‬ ‫َ‬ ‫مجلة ‪‬مرايا التراث‪ – ‬مركز التراث اللبناني‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية – قريطم – بيروت‬ ‫لكترونيا على عنوان ‪‬مركز التراث اللبناني‪clh@lau.edu.lb :‬‬ ‫أَ و ِإ‬ ‫ًّ‬


‫‪10‬‬

‫هنري زغـيب‬


‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬ ‫لبناني أَ ثري وتاريخي في عكار‬ ‫َم ْعلَ ٌم‬ ‫ٌّ‬

‫َع ْرقَ ا الصفاء والنقاء أَ عانتها الجغرافيا على كتابة التاريخ‬

‫سوالنج الحلو‬ ‫المادية‬ ‫الدينية في الحضارة‬ ‫موقع األوقاف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نموذجا‬ ‫سيدة مشموشة‬ ‫ً‬ ‫دير ّ‬


‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫لبناني أَثري وتاريخي في عكار‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ع ْر َقا الصفاء والنقاء أَعانتها الجغرافيا على كتابة التاريخ‬ ‫َ‬

‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫اللبنانية‬ ‫أستاذ في الجامعة‬ ‫ّ‬

‫‪ .1‬الموقع الجغرافي‬ ‫واألبحاث مدينة َع ْـرقَ ـا التاريخية بــ ‪‬موقع َت ّـل َع ْـرقَ ـا‬ ‫الدراسات‬ ‫حددت‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫األ َثري‪ ،‬في محافظة لبنان الشمالي‪ ،‬عند الطرف الجنوبي الشرقي لسهل‬ ‫الممتد في لبنان وسوريا بين سلسلة جبال لبنان الغربية في‬ ‫عكار الخصيب‬ ‫ّ‬ ‫الجنوب الشرقي وجبل العنصرية في الشمال الشرقي‪ .‬وهو أكبر سهول‬ ‫لبنان الساحلية‪ ،‬يمتد في لبنان بين خطوط العرض ‪ ˚٣٤�٢٥‬و‪˚٣٤�٣٥‬‬ ‫ث يتراوح طول كل من أضالعه بين ‪ 10‬و‪ 12‬كلم‪.1‬‬ ‫على شكل مثلّ ٍ‬ ‫اســم عكار من جــذر ‪‬عكر‪ ‬ويعني المنع والصد والحجز أو المانع‬ ‫والصاد والحاجز‪ ،‬وقد يعني العكر أي عكس الصفاء والنقاء‪ ،‬وربما تكون‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫ويرجح رأْ ٌي أن‬ ‫الفالح والحارث ‪.‬‬ ‫التسمية من سواد التربة‪ ،‬أو تحريف ّ‬ ‫ِّ‬

‫‪ .١‬سهل عكار – صورة من الجو (غوغل)‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1993, p. 27; Blanchet, G., 1976, p. 13, Sanlaville, P. 1977,‬‬ ‫‪ 11‬‬ ‫‪p. 243, Hleihel, A., 1982, p. 134.‬‬

‫‪ 22‬‬

‫فريحة‪ ،‬أ‪ ،1992 ،‬ص‪.117 .‬‬


‫تسمية عكار ترقى إلى الفتح العربي على اسم قبيلة ‪‬محرز بن عكار‪ ‬التي‬ ‫نزلت في المنطقة ‪.3‬‬ ‫تل َع ْـرقَ ـا‪ ،‬في محافظة عكار‪ ،‬يبعد نحو ‪ 22‬كلم شمال شرقي طرابلس‪،‬‬ ‫ونـحــو ‪ 3‬كـلــم جـنــوب غــربــي حلبا‪ ،‬و‪ 8‬كـلــم شــرقــي شــاطــئ البحر األبيض‬ ‫المتوسط‪.4‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪13‬‬

‫كليا‬ ‫يقوم تل َع ْـرقَ ـا على الطرف الشرقي لسهل عكار ويشرف عليه ًّ‬ ‫(المستندان‪ ١ :‬و‪ )٢‬حتى ُلت ْمكن منه رؤية الساحل كله من جزيرة أرواد‬ ‫مربعا في‬ ‫مترا‬ ‫شماال حتى طرابلس‬ ‫ً‬ ‫(سوريا)‬ ‫جنوبا‪ .‬مساحته ‪ً 15٠× 250‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪5‬‬ ‫أعاله و‪ ٣٠٠× ٤٠٠‬متر مربع عند قاعدته ‪ ،‬ويرتفع ‪٤٦‬م عن طريق عام‬ ‫يحاذيه ويصل بين طرابلس وحلبا (عاصمة محافظة عكار)‪ ،‬ويرتفع ‪١٤٧‬م‬ ‫عن البحر (المستندان‪ ٣ :‬و‪.)٤‬‬ ‫أهمية مدينة َع ْـرقَ ـا التاريخية موقعها الجغرافي عند منفذ فجوة‬ ‫حمص‪ :‬الممر الطبيعي من مدينة حمص إلى الداخل السوري على ساحل‬ ‫البحر األبيض المتوسط‪ .6‬والفجو ُة ثغر ٌة بين سلسلة جبال لبنان الغربية‬ ‫الساحل عن الداخل‪ .‬يمر نهر َع ْـرقَ ـا الموسمي‬ ‫وجبل العنصرية الفاص ِل‬ ‫َ‬ ‫‪ 33‬‬

‫‪Hleihel, A., 1982, p. 272.‬‬

‫‪Pauly-Wissowa, p. 1117–1118; Starcky, J., 1972, p. 103, 107; Thalmann,‬‬ ‫‪ 44‬‬ ‫‪J.-P., 1991, p. 22, Thalmann, J.-P., 1993, p. 27.‬‬

‫‪ 55‬‬ ‫‪ 66‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1997, p. 11–12.‬‬ ‫‪Blanchet, G., 1976, p. 13; Sanlaville, P., 1977, p. 6 ; Sapin, J., 1989b.‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫‪ .٢‬تل عرقا وسهل عكار‬


‫‪ .٣‬عرقا من الشمال الغربي‬

‫‪14‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫جنوبا وينبع من جبال لبنان على ارتفاع ‪ ٨٥٠‬م‪ .‬طوله نحو‬ ‫في أسفل التل‬ ‫ً‬ ‫‪8‬‬ ‫‪ 20‬كـلــم‪ ،7‬نسبة جريانه السنوية  ‪ ٣٫٧٦‬نحو مليون متر مكعب بغزارة‬ ‫‪ ٠٫500‬متر مكعب‪ /‬بالثانية ‪.9‬‬ ‫ساحال على خطوط العرض‪ ،‬ومحيطه تضاريس‬ ‫لـموقع سهل عكار‬ ‫ً‬ ‫الجبال‪ ،‬تأثير إيجابي على مناخ المنطقة ومعدالت حرارة تبلغ نحو ‪ 20‬درجة‬ ‫مئوية‪ .10‬والرياح فيه جنوبية غربية عاد ًة تتأثر بالبحر وبكتلة جبال لبنان‪،11‬‬ ‫وتهب مشبعة رطوبة بمعدل ‪ ،% ٨٠–٧٠‬وتشتد بين تشرين الثاني وآذار‪.12‬‬ ‫ومعدل المتساقطات يتراوح بين ‪ ٨٠‬و‪١٢٠‬ملم خالل الفترة ذاتها من السنة‪.‬‬ ‫تاريخيا على غنى الثروة الزراعية في‬ ‫أن اقتصاد َع ْـرقَ ـا ارتكز‬ ‫واألرجح ّ‬ ‫ًّ‬ ‫سهل عكار‪.‬‬ ‫‪ .2‬تاريخ األبحاث والدراسات في موقع تل َعـ ْر َقـا‬ ‫ورد ذكر تل َع ْـرقَ ـا في كتاب بعثة فينيقيا (‪)Mission de Phénicie‬‬ ‫للعالم الفرنسي إرنست رنــان (‪ )Ernest RENAN‬وهو زار المنطقة سنة‬ ‫‪ ١٨٦٠‬ووصف الموقع وسهل عكار بــ ‪‬منطقة قاحلة ومليئة بالخرائب‪.13‬‬ ‫‪ 77‬‬ ‫‪ 88‬‬ ‫‪ 99‬‬

‫‪ 110‬‬ ‫‪ 111‬‬ ‫‪ 112‬‬ ‫‪ 113‬‬

‫‪Vaumas, E. de, 1954, p. 257; Kareh, G., 1984, Fig. 6.‬‬ ‫‪Kareh, G., 1984, tableau n. 6.‬‬ ‫‪Vaumas, E. de, 1954, p. 257.‬‬ ‫‪Vaumas, E. de, 1954, p. 226; Hleihel, A., 1982, p. 89.‬‬ ‫‪ACL, 1970, III, carte n. 67.‬‬ ‫‪Hleihel, A., 1982, p. 83,91.‬‬ ‫‪Renan, E., 1864, p. 115.‬‬


‫‪1 14‬‬

‫‪ 115‬‬

‫‪Dussaud, R., 1927, p. 5, 64, 80, 83–85, 88–91,93–95,98, 100, 106, 117, 119.‬‬ ‫‪Starcky, J., 1972, p. 103 ; Schaeffer, C.F.A., 1968, p. 678, 686.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫‪ .٤‬عرقا – منظر من الجهة الغربية‬

‫‪15‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫مستندا إلى تكرار‬ ‫وشدد رينيه دوسو (‪ )René DUSSAUD‬على أهمية َع ْـرقَ ـا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪14‬‬ ‫ذكرها في المراجع والمستندات التاريخية  ‪.‬‬ ‫أول األبحاث الميدانية عن موقع تل َع ْـرقَ ـا في القرن العشرين كان‬ ‫ـال الباحث اآلثــاري كلود شايفير (‪ّ )Claude F.A. SCHAEFFER‬إبان‬ ‫إرسـ َ‬ ‫اإلن ـتــداب الفرنسي أحـ َـد مساعديه هنري دو كونتونسون (‪Henri De‬‬ ‫‪ )CONTENSON‬من حفريات أوغاريت إلى استكشاف الموقع‪ ،‬فوجد على‬ ‫سطح التل ومنحدراته كميات من كسر فخار ترقى إلى حقبات تاريخية‬ ‫سحيقة مــن العصر الـبــرونــزي القديم حتى ال ـقــرون الــوسـطــى‪َ .‬و َو َج ــد‬ ‫في أسفل التل أجــزاء أعمدة وبقايا معالم هندسية تشهد على وجود‬ ‫مدينة‬ ‫رومانية ‪.15‬‬ ‫ّ‬ ‫الحقا‪ ،‬سنة ‪ ،1970‬قام األب جان ستاركي (‪ )Jean STARCKY‬موفد‬ ‫ً‬ ‫المعهد الفرنسي لآلثار في الشرق األدنــى بزيارات للموقع أعـ ّـد بعدها‬ ‫دراســة مقتضبة عن تاريخ َع ْـرقَ ـا وفــق النصوص والمراجع التاريخية‪،‬‬ ‫َوت َق ّدم من المديرية اللبنانية العامة لآلثار بطلب ترخيص للقيام بحفريات‬ ‫أثرية في الموقع‪.‬‬ ‫رخصت الحكومة اللبنانية للمعهد الفرنسي لآلثار في‬ ‫سنة ‪ّ ١٩٧٢‬‬ ‫الشرق األدنى للقيام بحفريات أثرية على العقار ‪ ٩٥١‬من منطقة الحاكور‬ ‫العقارية (تل َع ْـرقَ ـا)‪.‬‬


‫ب في الموقع منذ ‪ ١٩٧٢‬بإشراف مدير المعهد‬ ‫َت َـج ْـد َولَ ت‬ ‫مواسم تنقي ٍ‬ ‫ُ‬ ‫‪16‬‬ ‫آنذاك إرنست ڤيل (‪ . )Ernest WILL‬وبوشرت أعمال الحفريات األثرية‬ ‫‪17‬‬ ‫وزع أعمال الحفريات على ثالثة محاور‬ ‫وفق برنامج محدد لدراسة الموقع ّ‬ ‫(مستند ‪:)٤‬‬

‫‪1.1‬دراسة واستكشاف المستويات األثرية القديمة في الجهة الغربية‬ ‫المؤدي الى التل‪.‬‬ ‫بمحاذاة الطريق‬ ‫ّ‬ ‫‪2.2‬دراسة تحصينات الموقع في جنوب التل‪.‬‬ ‫‪3.3‬كشف المستوى األثري العائد للقرون الوسطى‪ ،‬في قسم من جنوب‬ ‫التل ووسطه‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫سنة ‪ ١٩٧٤‬انطلق موسم الحفريات الثاني بإشراف الباحث اآلثــاري‬ ‫الفرنسي جان‪-‬بول تالمن (‪ )Jean-Paul THALMANN‬الستكمال دراسة‬ ‫مستويات أثرية بوشر بها سنة ‪١٩٧٢‬‬ ‫غربي التل‪.18‬‬ ‫َّ‬ ‫الباحث اآلثاري الفرنسي‬ ‫أشرف على أعمال الموسم الثالث‬ ‫سنة ‪١٩٧٥‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وجنوبيه وانكشفت تحصينات‬ ‫شرقي التل‬ ‫بيار لوريش (‪)Pierre LERICHE‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫‪19‬‬ ‫للموقع من الفترة الصليبية‪/‬المملوكية  ‪.‬‬ ‫بين سنة ‪ ١٩٧٥‬و‪،١٩٩٠‬‬ ‫بسبب األحداث األمنية‪ ،‬لم‬ ‫يـتــم س ــوى خمسة مــواســم‬ ‫تـ ـنـ ـقـ ـيـ ـب ــات (فـ ـ ــي خ ــري ــف‬ ‫‪،١٩٧٩ ،١٩٧٨ ،١٩٧٧‬‬ ‫‪ ١٩٨٠‬و‪ )١٩٨١‬بــإشــراف‬ ‫ج ــان‪-‬ب ــول تــال ـمــن تـ ّ‬ ‫ـركــزت‬ ‫على غربي التل‪.‬‬ ‫بعد ‪ ١٩٩٠‬تابع رئيس‬ ‫البعثة ج‪.‬ب‪ .‬تالمن أعمال‬ ‫تنقيب طيلة خمسة عشر‬ ‫مــوسـ ًـمــا غ ــرب ـ َّـي ال ـتــل عــدا‬ ‫‪ 116‬‬ ‫‪ 117‬‬ ‫‪ 118‬‬ ‫‪ 119‬‬

‫‪ .5‬ورشة عرقا‬

‫‪Will, E., Dentzer, J.-M. & Thalmann, J.-P., 1973.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1991, p. 23 –25.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1978b.‬‬ ‫‪Leriche, P., 1983.‬‬


‫غربي التل‬ ‫جنوبي‬ ‫مواسم ‪ ١٩٩٢‬و‪ ١٩٩٤‬حين بوشرت أعمال تنقيب إضافية‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫(الورشة ‪ )5‬بحثً ا عن بوابة المدينة (المستند ‪.)٥‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫خصص فريق التنقيب المواسم لدراسة المواد واللقى‬ ‫منذ ‪ّ ١٩٩٩‬‬ ‫وإبــان مواسم‬ ‫األثرية واإلع ــداد بغية نشر أعمال الحفريات ونتائجها‪ّ .‬‬ ‫التنقيب بين ‪ ١٩٩٣‬و‪ ١٩٩٦‬قامت البعثة بمسح أثري لمحيط التل من جهة‬ ‫سهل عكار والمرتفعات المشرفة عليه فانكشف امتداد المدينة والسكن‬ ‫وغربي التل خالل الفترة الفينيقية في األلف‬ ‫شمالي‬ ‫الى مرتفع منخفض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول قبل الميالد‪ ،‬وتوسعت المدينة صوب السهل في الحقبة الرومانية‬ ‫(مستند ‪.)٦‬‬

‫‪17‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫‪ .6‬تصميم تل عرقا – المسح األثري‬

‫وفي الجزء الغربي من التل كشفت الحفريات األثرية عن ‪ 20‬مستوى‬ ‫أثــري لبقايا ومعالم أثرية ترقى إلــى حقبات تاريخية من األلــف الثالث‬ ‫ـدوال‬ ‫قبل الميالد حتى الفترة الصليبية ‪ /‬المملوكية‪ .‬ووضعت البعثة جـ ً‬ ‫بالمستويات األثرية مع الحقبات التاريخية المطابقة‪ ،‬ورمز يمثل المطابقة‪.‬‬ ‫وهنا الجدول‪:‬‬


‫المستوى األثري‬ ‫‪ ١‬و‪٢‬‬

‫أثرية‬ ‫بدون أدلّ ة ّ‬ ‫‪ ٥‬و‪٦‬‬

‫أثرية ‬ ‫بدون أدلّ ة ّ‬

‫‪٢١‬‬

‫‪٩‬‬

‫‪١٠‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪١١‬‬

‫الحقبات التاريخية‬ ‫المماليك‬

‫‪ ٣‬و‪٤‬‬

‫‪ ٧‬و‪٨‬‬

‫الرمز التطابقي‬ ‫‪A‬‬

‫الفرنجة‬

‫‪B‬‬

‫عصر األمويين‪ /‬العباسيين‬

‫‪٢٠‬‬

‫عصر البيزنطيين‪ /‬األمويين‬ ‫األمبراطورية الرومانية ‬

‫‪٢٢‬‬

‫الهللينستية‬

‫العصر الحديدي الثالث‬ ‫العصر الحديدي الثاني‬

‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫العصر البرونزي الحديث‬ ‫الثاني – الثالث‬

‫‪١٢‬‬

‫العصر البرونزي الحديث األول‬

‫‪١٤‬‬

‫العصر البرونزي المتوسط األول‬

‫‪١٣‬‬ ‫‪ ١٥‬و‪١٦‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫‪١٨‬‬ ‫‪ 19‬و‪٢٠‬‬

‫العصر البرونزي المتوسط الثاني‬

‫العصر البرونزي القديم الرابع‬

‫العصر البرونزي القديم الثالث‬

‫العصر البرونزي القديم‬ ‫الثالث – الثاني‬

‫العصر البرونزي القديم الثاني‬

‫‪22 21 20‬‬

‫غربي التل‪.‬‬ ‫جنوبي‬ ‫‪ 220‬ظهرت معالم هذه الحقبة في الورشة رقم ‪٥‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 221‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1993, p. 37.‬‬

‫غربي التل‪.‬‬ ‫وبي‬ ‫ّ‬ ‫‪ 222‬ظهرت معالم هذه الحقبة في الورشة رقم ‪ ٥‬جن ّ‬

‫‪C‬‬ ‫‪D‬‬ ‫‪E‬‬ ‫‪F‬‬ ‫‪G‬‬ ‫‪H‬‬ ‫‪K‬‬ ‫‪L‬‬ ‫‪M‬‬ ‫‪N‬‬ ‫‪P‬‬ ‫‪R‬‬ ‫‪S‬‬ ‫‪T‬‬


‫‪ .3‬تاريخ تل َعـ ْر َقـا‬ ‫‪1.1‬في فترة ما قبل التاريخ‬

‫‪َ 2.2‬ع ْـر َقـا في العصر البرونزي‬

‫‪24‬‬

‫‪ 223‬‬ ‫‪ 224‬‬ ‫‪ 225‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1997, p. 13.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1991; Thalmann, J.-P., 1993; Thalmann, J.-P., 1997.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1997, p. 13.‬‬

‫‪19‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫أقدم الطبقات األثرية على التل ظهرت في قعر إسبار أثــري‪ ،‬وتعود‬ ‫الى المستوى األثري رقم ‪ :20‬العصر البرونزي القديم الثاني (نحو سنة‬ ‫‪ ٣٠٠٠– ٢٩٠٠‬قبل الميالد)‪.‬‬ ‫البقايا األثــريــة فــي المستويين األثريين ‪ ١٦‬و‪ ١٥‬تعود الــى العصر‬ ‫الـبــرونــزي القديم الــرابــع (نحو سنة ‪ ٢٠٠٠–٢٥٠٠‬قبل الميالد) وهي‬ ‫وجود‬ ‫ساعدت على وضع مخطط تفصيلي‪ ،‬لمساكن تلك الحقبة‪ ،‬أظهر‬ ‫َ‬ ‫يحده من الجهة الخارجية‬ ‫طري ٍق رئيس دائــري صاعد على طرف التل ّ‬ ‫مجموعة منازل وغُ َـرف متالصقة مبنية على أعلى جدار حماية منحدر‬ ‫مبني من الطين‪ ،‬ومن الجهة الداخلية تنطلق من ذاك الطريق الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫مكتظة بمساكن مبنية من الطين على‬ ‫مجموعة طــرق فرعية متشعبة‬ ‫مداميك أساساتها من الحجر الصخري معدل ارتفاعها نحو المتر‪ ،‬وتلك‬ ‫المنازل كانت من طابق أرضي للسكن مع طابق سفلي لتخزين الحبوب‬ ‫دمر الموقع نحو‬ ‫والمواد الغذائية‪ .‬وتشير األدلة األثرية الى حريق كبير َّ‬ ‫‪25‬‬ ‫سنة ‪ ٢٢٥٠/٢٣٠٠‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫األدلــة األثرية في هذه المستويات تدل على دينامية كبيرة في تطور‬ ‫المكتش َفة في‬ ‫اجتماعيا‪ .‬وأشـكــال اللقى الفخارية (الخزفية)‬ ‫السكان‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫جدا‪ ،‬ما‬ ‫الموقع تدل على أنها من إنتاج محلي‪ ،‬والقطع المستوردة نادرة ًّ‬ ‫يدل على وجود عالقات تجارية ضعيفة مع الخارج في تلك الحقبة‪.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫األدلّ ــة األثــريــة على أقــدم سكن‬ ‫بشري في الموقع لم يتم اكتشافها‬ ‫ّ‬ ‫على التل نفسه بل في السهل مباشرة من الجهة الشمالية الغربية‪ ،‬إذ ّتم‬ ‫اكتشاف كميات حجارة صوانية تعود بتاريخها‪ ،‬بمقارنات مع مواقع أخرى‪،‬‬ ‫إلى األلف السادس قبل الميالد‪ .23‬وحتى اليوم لم تظهر على التل آثار من‬ ‫العصر الحجري الحديث‪ /‬الفترة النيوليتية المرجح وجودها تحت الطبقات‬ ‫العائدة للعصر البرونزي‪.‬‬


‫‪20‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫في األلف الثاني قبل الميالد ورد ذكر َع ْـرقَ ـا ألول مرة بين القرنين‬ ‫التاسع عشر والثامن عشر قبل الميالد في نصوص فرعونية‪ 26‬دينية هي‬ ‫المكتشفة في المستوى‬ ‫والمعالم‬ ‫نذورات على تماثيل صغيرة وصحون‪.27‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫تجم ٍع سكني الــى مركز‬ ‫الــرابــع عشر تشهد على تـحـ ُّـول غربي التل مــن ُّ‬ ‫حرفي لتصنيع الخزف‪ .‬وفي حملة ‪ّ ١٩٩٦‬تم اكتشاف فرن كامل لطهي‬ ‫كشف العادات الحرفية المستعملة في هذه الصناعة التقليدية‬ ‫الخزف‬ ‫َ‬ ‫إبــان العصر البرونزي المتوسط في منطقة َع ْـرقَ ـا وسهل عكار‪ .‬وبين‬ ‫تبين وجود منازل مع بركة مياه ومدافن وأبراج ُتظهر‬ ‫‪ ١٧٥٠‬و‪ّ ١٥٠٠/١٥٥٠‬‬ ‫التحصينات في الطبقة ‪.١٣‬‬ ‫في نهاية القرن الثامن عشر قبل الميالد تظهر في المستوى األثري‬ ‫الثالث عشر تحصينات وأبراج على محيط التل‪ .‬لم يتم اكتشاف مساكن‬ ‫جنوبي التل فترت ِئ ٍذ مدافن‬ ‫من تلك الحقبة بل مدافن فردية‪ .‬وكانت تنتشر‬ ‫َّ‬ ‫أعيد تأهيل‬ ‫فردية وجماعية كثيرة‪ .‬ومع نهاية العصر البرونزي الحديث‬ ‫َ‬ ‫التحصينات وقامت أربعة منازل كبيرة قرب أسوار المدينة‪.‬‬ ‫ـود ف ــي م ـع ـبــد اإلل ـ ــه أم ــون‬ ‫ورد ذكـ ــر َع ـ ـ ـ ْـرقَ ـ ـ ــا ف ــي ك ـتــابــة ع ـلــى عـ ـم ـ ٍ‬ ‫‪28‬‬ ‫(الكرنك – مصر) وجاء في حملة الفرعون تحوتمس الثالث الحتاللها‬ ‫أن الشواهد على هذه الحملة العسكرية تظهر‬ ‫(نحو سنة ‪ ١٤٣٧‬ق‪.‬م‪ّ ).‬‬ ‫دمر كامل‬ ‫جلية في المستوى األثري الثاني عشر حيث طبقة دمار وحريق َّ‬ ‫استنادا الى اللقى‬ ‫الموقع مع تحصينات المدينة‪ ،‬وتم تأْ ريخ مستوى الدمار‬ ‫ً‬ ‫الفخارية المكتشفة فيه‪.‬‬ ‫بعد دمار المدينة أشارت المكتشفات األثرية الى فقدان أهمية َع ْـرقَ ـا‬ ‫وتضاؤل نسبة السكن فيها الى ما يوازي قرية صغيرة من مساكن قليلة‪.‬‬ ‫وتشهد المكتشفات في المستوى األثري الحادي عشر على غياب أي تغير‬ ‫أو تطور حضاري حتى نهاية القرن الثاني عشر‪.‬‬ ‫مرارا في‬ ‫ور َد ْذكر مدينة َع ْـرقَ ـا وملكها ‪‬أدونا‪ً ‬‬ ‫في القرن الرابع عشر َ‬ ‫‪29‬‬ ‫كشف عنها تل العمارنة‬ ‫المراسالت بين ملوك جبيل والفرعون أخناتون ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ 226‬‬ ‫‪ 227‬‬

‫‪Seth, K., 1926, p. 52, 56; Posener, G., 1940, p. 90; ANET, p. 329.‬‬ ‫‪Starcky, J., 1972, p. 105.‬‬

‫‪ANET, p. 241; 228‬‬ ‫الحملة السادسة عشر او السابعة عشر في السنة ‪ 42‬من حكم الفرعون تحوتمس نحو‬ ‫سنة ‪ 1448‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫بإيعاز من ‪‬عازيرو‪ ‬ملك قبائل ‪‬العابيرو‪:‬‬ ‫‪ 229‬اغتيل الملك ‪‬أدونا‪‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪EA,62;75,25;88;100;103;139;140;10‬‬


‫‪ 330‬‬

‫‪Starcky, J., 1972, p. 106.‬‬

‫‪ 331‬التوراة‪ ،‬سفر التكوين‪.١٨–١٥ ،١٠ ،‬‬

‫‪Stanley, C. 1929, p. 362, ANET, p. 279, Oded, B., 1974, p. 40– 41; Culican, 332‬‬ ‫‪W., 1991, p. 467.‬‬

‫‪ 333‬‬ ‫‪ 334‬‬

‫‪Sidney, S. 1929, p. 22.‬‬ ‫‪Hogarth, D.G. & Litt, D., 1929, p. 140 –141.‬‬

‫‪ANET, p. 283; Grayson, A. K., 1991, p. 75–76; Culican, W., 1991, p. 468; 335‬‬ ‫‪Klengel, H., 1992, p. 223.‬‬

‫‪ 336‬‬ ‫‪ 337‬‬

‫‪468.‬‬

‫‪Annales des lettres de Nimrud, fragment 83 –1–18, 215.‬‬ ‫‪Oded, B.,1974, p. 42– 43; Sapin, J., 1989a, p. 28–30; Culican, W., 1991, p.‬‬

‫‪21‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫‪َ 3.3‬ع ْـر َقـا في العصر الحديدي‬ ‫من األلف األول قبل الميالد يرد ذكر َع ْـرقَ ـا في سفر التكوين‪ 31‬كإحدى‬ ‫مدن بالد كنعان‪ .‬في القرن التاسع قبل الميالد يظهر اسمها في تحالف‬ ‫عصبة مد ٍن واجهت الملك األشوري شلمنصر الثالث (‪ ٨٥٨–٨٢٣‬ق‪.‬م) في‬ ‫‪32‬‬ ‫معركة قرقر (في منطقة حماه شمالي سوريا) نحو سنة ‪ ٨٥١–٨٥٤‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫‪33‬‬ ‫شــاركــت فيها َع ْـرقَ ـا بـ ــ ‪ ...‬عشر عــربــات وعـشــرة آالف مقاتل ‪. ...‬‬ ‫للقوتين المتناحرتين بين ‪٨٥٤‬‬ ‫وكان موقع قرقر شهد أربع معارك متتالية ّ‬ ‫وأدت المعركة األخيرة الى انتصار شلمنصر الثالث وفرض‬ ‫و‪ ٨٤١‬ق‪.‬م‪ّ 34.‬‬ ‫الجزية على المدن المهزومة‪.‬‬ ‫بعد قــرن الحــق شهدت الساحة السياسية في الشرق حملة أشورية‬ ‫أخرى بقيادة تغلت فالصر الثالث ضد ‪‬مدن الشاطئ الغربي‪ ،35‬وفْ ق‬ ‫وسبي سكانها‪ .36‬بعد تلك الحملة‬ ‫وصف إحراق مدينة َع ْـرقَ ـا وتدميرها ْ‬ ‫‪37‬‬ ‫الفينيقية ‪.‬‬ ‫جزءا من إيالة سميرة أو سمر‬ ‫ّ‬ ‫باتت َع ْـرقَ ـا ً‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫(عاصمة الفرعون أخناتون) بشكل لوحات مسمارية باللغة األكادية‪ ،‬اللغة‬ ‫تفاصيل‬ ‫الدبلوماسية المستعملة في تلك الحقبة‪ .‬وفي تلك المراسالت‬ ‫ُ‬ ‫غي َرت التركيب َة السياسية َوت ـ َـو ُّز َع القوى على الساحة‬ ‫قيم ٌة عن أحــداث َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الدولية في المنطقة‪ ،‬ويظهر دور َع ْـرقَ ـا الثانوي في تلك الحقبة وانتقالها‬ ‫من دائــرة النفوذ الفرعوني الــى دائــرة النفوذ الحثي‪ .‬وفــي بداية القرن‬ ‫الثالث عشر قبل الميالد ظهر نذر لبعلة مدينة َع ْـرقَ ـا على لوحة مسمارية‬ ‫من الملك الحثي ‪‬موتللي‪ ‬قبل قيامه بحملة عسكرية في سوريا (وجدت‬ ‫اللوحة في موقع بوغازكوي في تركيا‪.)30‬‬


‫‪22‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫نحو سنة ‪ ٧٠١‬ق‪.‬م‪ .‬يظهر ِذ ْكر مدينة َع ْـرقَ ـا محارب ًة مع الملك األشوري‬ ‫سنحاريب (‪ 681–705‬ق‪.‬م‪ ).‬في حملته ضد ثــورة مدينة صــور وملكها‬ ‫أي دليل أثري على التل يعود الى العصر‬ ‫إيلوالي (أو لولي)‪ .‬ولم َيظهر ُّ‬ ‫الحديدي األول بين القرن الثاني عشر وأواسط القرن التاسع قبل الميالد‪.‬‬ ‫بينما ظهرت‪ ،‬فوق مستوى العصر البرونزي الحديث وفي المستوى األثري‬ ‫العاشر‪ ،‬ثــاث طبقات أثــريــة مــن العصر الحديدي الثاني يمكن‪ ،‬وفق‬ ‫غربي التل‪ ،‬تحديدها كما يلي‪:‬‬ ‫المكتشفات األثرية‬ ‫َّ‬ ‫*‪ ‬الطبقة األولى‪ :‬بين منتصف القرن العاشر ونهاية القرن التاسع قبل‬ ‫الميالد‪ ،‬بوجود عدد كبير من المساكن في هذا الجزء من التل‪.38‬‬ ‫*‪ ‬الطبقة الثانية‪ :‬بين نهاية القرن التاسع والنصف األول للقرن الثامن‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬بوجود معبد وتحصينات على أطراف الموقع‪.39‬‬ ‫*‪ ‬الطبقة الثالثة‪ :‬من النصف األول حتى الثلث الثاني من القرن‬ ‫الثامن قبل الميالد‪ ،‬نحو سنة ‪ ٧٣٨‬ق‪.‬م‪ .‬تاريخ اجتياح األشوريين المنطقة‬ ‫بقيادة تغلت فالصر الثالث (‪ 727–745‬ق‪.‬م‪ ).‬وتدمير المدينة وسبي أهلها‬ ‫وتوطين جماعات سكانية جديدة في المنطقة‪ .40‬وفي هذه الطبقة مدافن‬ ‫ومحارق مدفنية‪ .41‬ومع المعبد والتحصينات تظهر في نهاية هذه الحقبة‬ ‫معالم دمــار وحريق شامل على كامل الطبقة‪ .‬ومــن اللقى األثرية أمكن‬ ‫تحديد تاريخ طبقة الدمار بين سنة ‪ ٧٤٠‬و‪ ٧٣٠‬ق‪.‬م‪ ،.‬وهــذه المعلومات‬ ‫الميدانية تتطابق مع ما ورد في النصوص التاريخية عن حملة تغلت فالصر‬ ‫الثالث سنة ‪ ٧٣٨‬ق‪.‬م‪ .‬وتساعد دراسة المكتشفات واللقى األثرية في هذه‬ ‫الطبقات على فهم الحياة االجتماعية والثقافية واالقتصادية للمدينة في‬ ‫غربي التل وصغر حجم كسر اللقى‬ ‫تلك الحقبة‪ .‬ومن تراجع نسبة السكن‬ ‫ّ‬ ‫مهمال أو قليل‬ ‫الفخارية في هذه الطبقة يظهر أن هذا الجزء من التل كان‬ ‫ً‬ ‫االستعمال في النصف األول من القرن الثامن قبل الميالد‪ ،‬ما يدل على‬ ‫مخصصة لدفن الموتى‪.‬‬ ‫تحويلها من منطقة سكنية الى منطقة‬ ‫ّ‬ ‫فــي تلك الحقبة كــان الفصل بين المناطق السكنية ومـنــاطــق دفن‬ ‫ال ـمــوتــى ظ ــاه ــرة رائــج ــة ف ــي ب ـعــض ال ـ ـمـ ــدن‪ .42‬ون ـجــد ه ــذا ال ـن ـمــط في‬ ‫‪ 338‬‬ ‫‪ 339‬‬ ‫‪ 440‬‬ ‫‪ 441‬‬ ‫‪ 442‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1978a, p. 69 –70, fig. 5; Thalmann, J.-P., 1983, p. 218.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1978b, p. 69 ; Thalmann, J.-P., 1997, p. 15.‬‬ ‫‪ANET, p. 241, Oded, B. 1974, p. 43.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1978a, p. 71–77 ; Thalmann, J.-P., 1983, p. 218.‬‬ ‫‪Gras, M., Rouillard, P. & Teixidor, J., 1989, p. 62, 148, 150.‬‬


‫خلدة‪ 43‬بين القرن العاشر ونهاية القرن التاسع قبل الميالد؛ وفي أخزيب‬ ‫‪45‬‬ ‫أو أكزيب (فلسطين) بين القرنين التاسع والثامن قبل الميالد؛ وفي عتليت‬ ‫(فلسطين) في القرن السابع قبل الميالد؛ وفي رأس البسيط‪( 46‬سوريا)‬ ‫بين سنة ‪ ٧٥٠‬و‪ ٦٠٠‬ق‪.‬م‪.‬؛ وفي الرشيدية في صور‪ 47‬في القرن السادس‬ ‫قبل الميالد؛ وفي حماة ‪( 48‬سوريا) بين القرنين الثاني عشر ونهاية الثامن‬ ‫قبل الميالد‪.‬‬ ‫أمــا إحــراق الموتى قــرب مكان المدفن ال بداخله فمن عــادات مدن‬ ‫قريبة خالل تلك الفترة كرأس البسيط‪ 49‬وحماة‪ 50‬في سوريا‪ .‬وعادة إحراق‬ ‫الموتى من أقدم طقوس دفن الموتى لدى الفينيقيين في الحوض الغربي‬ ‫للبحر األبيض المتوسط‪ ،‬كانت رائجة‪ 51‬في القرنين الثامن والسابع قبل‬ ‫الميالد في مواقع فينيقية كالبرتغال وإسبانيا ومالطة وقرطاج‪.‬‬ ‫من اللقى المتميزة في المعبد والمدافن‪ :‬جرار فخارية تحمل زخرفة‬ ‫مخصصة لحفظ أو نقل المواد وتحمل كتابات‬ ‫بأشكال هندسية‪ ،‬وأخرى‬ ‫ّ‬ ‫باألبجدية الفينيقية‪ ،‬دمى فخارية تمثل امرأة حبلى يمكن االستنتاج منها‬ ‫نوع طقوس دينية متبعة لإللهة المخصص لها المعبد‪ :‬عشتار َع ْـر َقـا‪.‬‬ ‫خالل العصر الحديدي الثالث‪ ،‬في المستوى األثــري التاسع‪ ،‬يزول‬ ‫والتحول في استعمال‬ ‫المعبد والمدافن ويظهر بناء مساكن متواضعة مكانها‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫منطقة المعبد والمدافن الى منطقة سكنية يدل على ظهور جماعة سكانية‬ ‫أيضا لقى فخارية مختلفة عن منتجات الحقبة‬ ‫جديدة في المدينة‪ .‬وثمة ً‬ ‫السابقة‪ ،‬وقطع قليلة فخارية مستوردة‪ ،‬تدل نوعيتها على التغير الحضاري‬ ‫و‪ /‬أو السكاني في َع ْـرقَ ـا من الثلث الثالث للقرن الثامن قبل الميالد حتى‬ ‫نهاية الحقبة الفارسية‪.52‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪ 445‬‬ ‫‪ 446‬‬ ‫‪ 447‬‬ ‫‪ 448‬‬ ‫‪ 449‬‬ ‫‪ 550‬‬ ‫‪ 551‬‬ ‫‪ 552‬‬

‫‪Johns, C.N., 1938, p.121.‬‬ ‫‪Courbin, P., 1993, p. 81,115.‬‬ ‫‪RB, 69, 1904, p. 564‬‬ ‫‪Riis, P.-J., 1948b.‬‬ ‫‪Courbin, P., 1993, p. 89.‬‬ ‫‪Riis, P.J., 1948, p. 8, 29 –30.‬‬ ‫‪Gras, M., Rouillard, P. & Teixidor, J., 1989, p. 156,158, 227.‬‬ ‫‪Thalmann, J.-P., 1990, p. 54 – 56.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫‪ 444‬‬

‫‪RB, 69, 1962, p. 404 – 405.‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫‪ 443‬‬

‫‪Saidah, R., 1966, p. 64.‬‬

‫‪23‬‬


‫‪َ 4.4‬ع ْـر َقـا في الفترة الهللينستية‬

‫‪24‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫بعد معركة إيسوس سنة ‪ ٣٣٣‬ق‪.‬م‪ .‬دخل اإلسكندر المقدوني الشاطئ‬ ‫الفينيقي وبات كامل المشرق تحت سلطة اإلغريق‪ .‬ومع وفاة االسكندر سنة‬ ‫‪ ٣2٣‬ق‪.‬م‪ .‬تقاسم قواد جيوشه السلطة والنفوذ على األراضي الشاسعة التي‬ ‫ووسم حكمهم الفترة الهللينستية بظهور تأثيرات الحضارة‬ ‫سيطروا عليها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫االغريقية على كامل الشرق‪.‬‬ ‫أهم المدن المعروفة في هذه المنطقة خالل الفترة الهللينستية‪ :‬أرواد‬ ‫وطرابلس‪ .‬وال أهمية ظاهر ًة لمدينة َع ْـرقَ ـا في أي مصدر تاريخي أو أدبي‬ ‫زمن األشوريين بقيادة تغلت فالصر‬ ‫مباشر منذ احتالل َع ْـرقَ ـا ودمارها َ‬ ‫‪54‬‬ ‫الثالث‪ 53‬حتى أواسط القرن األول ميالدي إذ ذكرها بلينيوس (‪)Pline‬‬ ‫بين المناطق الواقعة ضمن والية سوريا الرومانية‪ ،‬وأظهرت مكتشفات أثرية‬ ‫من الفترة الهللينستية ُّ‬ ‫تأثر َع ْـرقَ ـا بالحضارة اإلغريقية في أكثر من مجال‪.‬‬ ‫تاريخ مناطق سوريا ولبنان وفلسطين بين مجيء اإلسكندر ودخــول‬ ‫الرومان الشرق سنة ‪ ٦٩‬ق‪.‬م‪ ،.‬يمكن تقسيمه الى ثالث فترات‪:‬‬ ‫*‪ ‬الفترة األولى‪ :‬من احتالل اإلسكندر المقدوني الشرق سنة ‪ ٣٣٣‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫حتى سنة ‪ 200‬ق‪.‬م‪ .‬وخالل هذه الفترة كانت المنطقة الجنوبية من فينيقيا‬ ‫وسوريا بكاملها تحت حكم البطالسة (‪ .)Ptolémés‬وكان النهر الشمالي الكبير‬ ‫هو الحد الفاصل في معظم تلك الفترة بين دولتي البطالسة والسلوقيين‪.‬‬ ‫*‪ ‬الفترة الثانية‪ :‬بين سنة ‪ 200‬و‪ ١٢٥‬ق‪.‬م‪ .‬كــان خاللها المنطقة‬ ‫المذكورة بكاملها تحت سيطرة السلوقيين (‪)Séleucides‬؛ وجرت تعديالت‬ ‫متتالية على الحدود الفاصلة بين الدولتين‪.‬‬ ‫*‪ ‬الفترة الثالثة‪ :‬من سنة ‪ ١٢٥‬حتى ‪ ٦٩‬ق‪.‬م‪ .‬بداية دخول الرومان الى‬ ‫المنطقة‪ ،‬وشهدت الفترة تفكك المملكة السلوقية وظهور إمارات وكيانات‬ ‫محلية مستقلة‪.‬‬ ‫‪َ 5.5‬ع ْـر َقـا في عهد الرومان‪:‬‬

‫مع ضعف الدولة السلوقية عند نهاية القرن الثاني قبل الميالد نعمت‬ ‫فترتئذ من‬ ‫مدن وقبائل محلية بنوع من االستقالل والحرية‪ .‬وكانت َع ْـرقَ ـا‬ ‫ٍ‬ ‫أعمال دولــة االيطوريين (‪ ،)Ituréens‬وهم قبائل من ساللة ياطور إبن‬ ‫سابقا‪.‬‬ ‫‪ 553‬كما ورد‬ ‫ً‬

‫‪ 554‬‬

‫‪PLINE, NHV, 18.‬‬


‫‪ 556‬قد تكون تسمية قديمة لعنجر‪.‬‬ ‫‪ 557‬‬

‫‪Starcky, J., 1972, p. 108.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫‪ 555‬التوراة‪ ،‬سفر التكوين‪.25،15 ،‬‬

‫‪25‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫إسماعيل‪ 55‬أقاموا دولتهم في سهل البقاع جاعلين كلشيس أو كلسيس‬ ‫(‪ 56)Calcis‬عاصمة حكمهم‪ .‬ونحو سنة ‪ ٨٥‬ق‪.‬م‪ ،.‬هدد ملكهم بطليموس‬ ‫غربا حتى شكا ورأس‬ ‫بن منايوس باحتالل دمشق بعد أن بسط نفوذه ً‬ ‫الشقعة والبترون‪.57‬‬ ‫مع سنة ‪ ٦٣‬ق‪.‬م‪ ،.‬دخل الساحل الفينيقي تحت حكم الرومان لكن القائد‬ ‫الروماني ‪‬بومبي ‪ Pompée‬أبقى ‪‬بطليموس بن منايوس‪ ‬االيطوري في‬ ‫سنويا‪.‬‬ ‫واليا لقاء دفع جزية ألف وزنة‬ ‫ً‬ ‫الحكم ً‬ ‫بعد وفاة بومبي (‪ )Pompée‬سنة ‪ ٤٨‬ق‪.‬م‪ .‬تعرض الرومان لمصاعب‬ ‫حكم مصر‪ ،‬وقام أمراء من المناطق القريبة‪ ،‬بينهم ‪‬بطليموس‬ ‫جمة في ْ‬ ‫سوهايموس‪ ‬من َع ْـرقَ ـا‪ ،‬بمساعدة القيصر في حملته العسكرية‪ .‬بعد وفاة‬ ‫لحقت َع ْـرقَ ـا مباشرة بمقاطعة سوريا الرومانية‪ .‬وسنة ‪٥٣‬م‪،‬‬ ‫‪‬بطليموس‪ ‬أُ َ‬ ‫عه َد بها األمبراطور كلوديوس (‪١٠( )Claudius‬ق‪.‬م‪ ٥٤–.‬م‪ ).‬مع سلسلة‬ ‫َ‬ ‫جبال لبنان الشرقية وجنوبي مقاطعة سوريا الرومانية إلى الملك أغريبا‬ ‫الثاني (‪ ،)Hérode Agrippa II‬ولدى وفاته سنة ‪٩٥‬م ضم الرومان كامل‬ ‫مملكته إلى مقاطعة سوريا الرومانية‪ .‬ويظهر في كتابة منقوشة من القرن‬ ‫الثاني ميالدي أن إمارة َع ْـرقَ ـا كانت تضم جبال لبنان من أقصى الشمال‬ ‫حتى حدود رأس الشقعة‪.‬‬ ‫في العهد الروماني أطلق على مدينة َع ْـرقَ ـا اســم جديد‪ :‬قيصرية‬ ‫عهدئذ حقوقً ا وامتيازات‬ ‫لبنان (‪ ،)Césarée du Liban‬ونالت َع ْـرقَ ـا‬ ‫ٍ‬ ‫قيمة‪ .‬ففي عهد األمـبــراطــور أنطونيوس التقي (‪)Antonin le Pieux‬‬ ‫واكتشفت قطع نقدية‬ ‫(‪١٦١ –١٣٨‬م) نالت صالحية صك النقود البرونزية‪ُ ،‬‬ ‫ظاهرا عليها‪ :‬قيصرية لبنان‪ .‬وسنة ‪ 195‬قام األمبراطور‬ ‫مع اسم المدينة‬ ‫ً‬ ‫سبتيموس ساويروس (‪211–١٤٥( )Septime Sévère‬م) بتقسيم سوريا‬ ‫الرومانية اثنتين‪ :‬سوريا الشمالية وسوريا الفينيقية في الجنوب متخذً ا من‬ ‫حمص عاصمة لها‪.‬‬ ‫وخلع األمبراطور كركال (‪217–211( )Caracalla‬م) خلع على َع ْـرقَ ـا‬ ‫معطيا سكانها حق المواطنية الرومانية‪.‬‬ ‫صفة مدينة رومانية‬ ‫ً‬ ‫صكت مدينة َع ْـرقَ ـا الرومانية النقود في عهد األمبراطورين إيالغابال‬ ‫(‪222–218( )Élagabal‬م) وإسكندر ساويروس (‪)Alexandre Sévère‬‬


‫‪26‬‬

‫(‪ .)235–222‬ولعائلة ساويروس جذور عائلية من حمص‪ .‬وعن األسطورة‬ ‫أن األمبراطور إسكندر ساويروس ولد يوم عيد اإلسكندر الكبير في المعبد‬ ‫المكرس على اسم هذا األخير في مدينة َع ْـرقَ ـا‪.58‬‬ ‫يصعب تحديد تــاريــخ انتقال َع ْـرقَ ـا مــن عـبــادة األوث ــان إلــى الديانة‬ ‫أسقفيا‬ ‫مركزا‬ ‫المسيحية‪ .‬ويظهر اسم َع ْـرقَ ـا سنة ‪ ٣٦٣‬م في مجمع أنطاكية‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫بمشاركة أسقفها ‪‬لوسيان‪ ،‬إبان كانت َع ْـرقَ ـا تتبع والية فينيقيا الرومانية‬ ‫والحقا كانت أسقفية فبطريركية أنطاكية هي‬ ‫وعاصمتها آنــذاك صور‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مرجع أساقفة مدن َع ْـرقَ ـا وصور‪ ،‬وكانت التقسيمات التراتبية في الكنيسة‬ ‫معموال به في عهد األمبراطور‬ ‫ً‬ ‫منسوخة عن التقسيم اإلداري كما كان‬ ‫ديوكلتيانوس (‪.)٣٠٥–284( )Dioclétien‬‬ ‫وفــي عــدد مــن المجامع الكنسية أسـمــاء أساقفة َعـ ـ ْـرقَ ـ ــا كاألسقف‬ ‫‪‬إسـكـنــدر‪ ‬فــي مجمع القسطنطينية األول سنة ‪ ،٣٨١‬و‪‬مــارس ـيــان‪‬‬ ‫في مجمع أفسس سنة ‪ ،٤٣١‬و‪‬أبيفان‪ ‬في مجمع إنطاكية سنة ‪،٤٤٥‬‬ ‫و‪‬هيراقليت‪ ‬في مجمع خلقيدونيا سنة ‪.٤٥٨‬‬

‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫‪َ 6.6‬ع ْـر َقـا من الفتح العربي حتى عهد المماليك‬

‫‪59‬‬

‫قد يكون العرب دخلوا َع ْـرقَ ـا مع فتح الصحابي ‪‬سفيان بن مجيد‬ ‫األزدي‪ 60‬مدينة طــرابـلــس سنة ‪٦٣٥‬م‪ .‬فدخلت َعـ ـ ْـرقَ ـ ــا فلك الــدولــة‬ ‫العربية الناشئة فالخالفة األمــويــة فالخالفة العباسية‪ .‬تــم اكتشاف‬ ‫بقايا منازل سكنية مع قنوات مياه في وسط التل لجهة الغرب تعود إلى‬ ‫العصر األموي‪.‬‬ ‫س ـنــة ‪٩٦٨‬م ج ــرد األمــب ــراط ــور الـبـيــزنـطــي ن ـق ـفــور ال ـثــانــي فــوكــاس‬ ‫(‪٩٦٩–٩٦٣( )Nicéphore II Phocas‬م) حملة على وادي نهر العاصي‬ ‫ـف نحو الساحل صــوب طرابلس فاحتل فــي طريقه مدينة َع ْـرقَ ـا‬ ‫والـتـ ّ‬ ‫بعد محاصرتها تسعة أيام ‪ 61‬لكنه لم يتمكن من دخول طرابلس‪ .‬سنة‬ ‫‪975‬م قــام البيزنطيون بحملة جــديــدة عــن طــريــق الــداخــل مستهدفين‬ ‫‪ 558‬المصدر ذاته‪.‬‬

‫‪ 559‬‬

‫‪Chaaya, A., 2010a, p. 109 – 97.‬‬

‫‪ 660‬البالذري‪ ،١٩٠١ ،‬ص‪١٣٣ .‬؛ إبن االثير‪ ،1967–1965 ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص‪٤٣١ .‬؛‬ ‫‪Ibn Al-Athir, I, p.752–753; Salamé-Sarkis, H., 1972, p. 100 –102 ; Al-Baladouri,‬‬ ‫‪1956, p.150–151.‬‬

‫‪ 661‬إبن االثير‪ ،١٩٦٧–١٩٦٥ ،‬الجزء الثامن‪ ،‬ص‪٥٩٦ .‬؛‬ ‫‪Cheikho, L., (ed) 1954, p. 131.‬‬


‫‪ 663‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1998, p. 37; Starcky, J., 1972, p. 112 –113.‬‬

‫‪Chaaya, A., 2010a, p. 95; Salamé-Sarkis, H., 1980, p. 27–29; Eydoux, 664‬‬ ‫‪H.-P., 1982, p. 195.‬‬

‫‪ 665‬إبن االثير‪ ،١٩٦٧–١٩٦٥ ،‬الجزء الحادي عشر‪ ،‬ص‪218 .‬؛‬ ‫‪Starcky, J., 1972, p. 108.‬‬

‫‪Deschamps, P., 1973, p. 160; Grousset, R., 1934, T. II, p. 563 – 564; 666‬‬ ‫‪Delaville Le Roulx (ed.), 1894, I, p. 284 – 286, n° 411 ; Röhricht, R., 1893 –1904,‬‬ ‫‪p. 125, n° 477; Grousset, R., 1934, II, p. 563 – 564.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬

‫‪ 662‬‬

‫‪Chaaya, A., 2010a, p. 57, 65, 87, 420; Balard, M., 2001, p. 49, 51.‬‬

‫‪27‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫مدينة أورشليم لكنهم توقفوا عند أبواب دمشق دون التمكن من دخولها‪.‬‬ ‫وبسلوكهم الطريق الساحلي عائدين حاولوا احتالل طرابلس وفشلوا‬ ‫الحقا كذلك في محاولتين أخريين الحتالل طرابلس‬ ‫مجد ًدا‪ ،‬كما فشلوا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫سنتي ‪ 995‬و‪.٩٩٩‬‬ ‫نحو سنة ‪١٠٧٠‬م نجح بنو عمار حكام طرابلس في االستقالل عن‬ ‫جنوبا حتى طرطوس‬ ‫سلطة الفاطميين في مصر وبسطوا نفوذهم من جبيل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جزءا من التحصينات‬ ‫شماال بما في ذلك كامل منطقة عكار‪ ،‬فكانت َع ْـرقَ ـا ً‬ ‫الشمالية لمدينة طرابلس‪.‬‬ ‫مع سنة ‪ 1099‬شهد الساحل اللبناني وصول الجيوش الصليبية‪ .‬وتوقف‬ ‫كونت تولوز ريمون دو سان جيل (‪ )Raymond de Saint-Gilles‬على رأس‬ ‫جيش من الفرنجة أمام أسوار مدينة َع ْـرقَ ـا بعد احتالله حصن األكراد‪.‬‬ ‫بعد ثالثة أشهر رفع ‪‬سان جيل‪ ‬الحصار ليلتحق ببقية الجيوش الصليبية‬ ‫غودفروى دو‬ ‫المتجهة نحو أورشليم‪ .‬بعد احتالل القدس وتسلُ م الملك‬ ‫َ‬ ‫بويون (‪ )Godefroy de Bouillon‬مملكة بيت المقدس بلقب ‪‬حامي‬ ‫محاوال اتخاذ مدينة‬ ‫ً‬ ‫شماال إلنشاء دويلة‬ ‫ً‬ ‫القبر المقدس‪ ‬عاد ‪‬سان جيل‪‬‬ ‫طرابلس عاصمة له‪.62‬‬ ‫لم يتمكن الصليبيون من احتالل َع ْـرقَ ـا إال سنة ‪ ١١٠٨‬وكانت حينها‬ ‫‪63‬‬ ‫ضيق الصليبيون على طرابلس‬ ‫تحت حكم أتابكة دمشق ‪ .‬ومع احتاللها ّ‬ ‫واحتلوها خالل العام التالي‪ 64‬سنة ‪.1109‬‬ ‫عرف الساحل اللبناني نحو سنة ‪ ١١٧٠‬زالزل أدت إلى خراب مدن منها‪:‬‬ ‫وع ْـر َقـا‬ ‫‪‬حماة وشيزار وكفرطاب والمعرة وأفاميا وحمص وحصن األكراد َ‬ ‫وعامئذ تم تكليف فرسان اإلسبتارية‬ ‫والالذقية وطرابلس وأنطاكية‪.65‬‬ ‫ٍ‬ ‫اإلعتناء بقلعة َع ْـرقَ ـا‪ .66‬كما ضربت زالزل أخــرى كامل منطقة الشرق‬


‫وخرابا في بعض القالع والحصون خالل السنوات‬ ‫دمارا‬ ‫األوسط مخلف ًة ً‬ ‫ً‬ ‫‪67‬‬ ‫‪ 1201 ،1200‬و‪. 1203‬‬ ‫بقيت َع ْـرقَ ـا من أعمال كونتية طرابلس الصليبية من سنة ‪١١٠٨‬م حتى‬ ‫سنة ‪1266‬م حين احتلّ ها المماليك بقيادة السلطان بيبرس‪ .68‬وحين سقطت‬ ‫المماليك سنة ‪ 1289‬أمر السلطان قالوون بتدمير طرابلس القديمة (في‬ ‫محلة المينا) واستعمال حجارتها في بناء مدينة جديدة بعيدة عن ساحل‬ ‫البحر قرب قلعة طرابلس‪ .69‬وعرفت َع ْـرقَ ـا هذا المصير فانهدمت ون ِقلت‬ ‫حجارتها لبناء مدينة طرابلس المملوكية الجديدة‪ .‬واألدلــة األثرية في‬ ‫منظما وفقدان‬ ‫تدميرا‬ ‫َع ْـرقَ ـا من نهاية الحقبة الصليبية‪ /‬المملوكية أظهرت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كامل حجارة األبنية والجدران‪ ،‬ما يشير إلى تدمير المماليك إياها وتحويل‬ ‫َع ْـرقَ ـا مقلع حجارة ومــواد أولـيــة‪ .70‬وأظهرت الحفريات في شرقي التل‬ ‫اختفاء كامل جــدران األســوار مع أساساتها‪ّ ،‬إال ما ال فائدة منه كأجزاء‬ ‫جدار منحدر ال نفع من إعادة استعمال حجارته‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬ ‫‪ .7‬تل عرقا – المنحدر الجنوبي‬

‫‪ 667‬إبن األثير‪ ،12 ،1967–1965 ،‬ص‪١٤٥ .‬؛ أبو شامة‪ ،١ ،‬ص‪٢٢٨ ،١٨٥–١٨٤ .‬؛‬ ‫إبن العديم‪.١٨٥ ،٢ ،١٩٩٧ ،‬‬

‫‪Rey, E.G., 1871, p. 72; Taher, M.A., 1996, p. 91– 93; Ibn al-Qalanisi, 1908, p.‬‬ ‫‪357; Deschamps, P., 1973, p. 160, 249.‬‬

‫‪ 668‬أبو الفدا‪،‬‬

‫‪١٢٨٦‬هـ؛;‪.Will, E., 1975, p. 44 Abul-Feda, 1872‬‬

‫‪ 669‬شعيا‪ ،‬أ‪ 2010 ،.‬ب‪.‬‬ ‫‪ 770‬‬

‫‪Leriche, P., 1983, p. 113 –132.‬‬


‫المنحدر الجنوبي للتل‪ ،‬المطل على نهر َع ْـرقَ ـا‪ ،‬هو األقل عرضة للهجوم‬ ‫واكتشف الطريق المؤدي الى مدينة َع ْـرقَ ـا على هذا المنحدر‬ ‫(مستند ‪ُ .71)٧‬‬ ‫(مستند ‪ ،)٨‬وهو يخترق أسوار المدينة في جزئها الجنوبي الغربي عند‬ ‫أعلى التل‪.‬‬

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ‫َم ْعل َ ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪29‬‬

‫بعد البوابة ينحصر الطريق داخل المدينة بين السور الخارجي وسور‬ ‫شماال ويمر بين السور الخارجي‬ ‫ً‬ ‫داخلي‪ ،‬ثم يتجه صوب شرقي التل ليلتف‬ ‫وسور داخلي محصن ببرجين يسبقهما جدار ُد ِّع َم أسفله الشرقي بمنزلقات‬ ‫لحماية أساساته (مستند ‪ .)٩‬وكانت البوابة المؤدية الى المدينة بعد تلك‬ ‫األب ــراج شمال شرقي التل‪ ،‬وعلى الحجارة المرصوفة بها الطريق في‬ ‫جزءها الشرقي تظهر معالم مرور عربات خيل‪.72‬‬ ‫وجنوبي مجرى النهر قبالة الطريق الصاعد الــى التل وإلــى مدخل‬ ‫ّ‬ ‫المدينة في الجهة الجنوبية من مجرى النهر مواجهة للطريق الصاعد‬ ‫الى التل ومدخل المدينة يظهر مرتفع مسطح مثلث الشكل يغطيه غطاء‬ ‫كثيف من النباتات وتكثر عليه وفي محيطه لقى فخارية ترقى إلى الفترة‬ ‫الوسيطة‪ .‬ويشير موقع المرتفع وشكله إلى استعماله لتموضع برج حماية‬ ‫متقدم أو مركز مراقبة لحصار مدينة َع ْـرقَ ـا‪.73‬‬ ‫‪ 771‬‬ ‫‪ 772‬‬ ‫‪ 773‬‬

‫‪Will, E, 1975, p. 47.‬‬ ‫‪Chaaya, A., 2010a, p. 105 –107.‬‬ ‫‪Chaaya, A., 2010a, p. 108.‬‬

‫وتاريخي في عكار‬

‫‪ .8‬الدرب إلى مدينة عرقا‬


‫‪30‬‬ ‫د‪ .‬أنيس شعيا‬

‫وفــي الـجــزء الغربي مــن تل‬ ‫اكتشفت أســاســات برج‬ ‫َع ْـرقَ ـا ُ‬ ‫(‪ ١٠x ١٠‬أم ـ ـتـ ــار) وج ـ ــزء من‬ ‫أس ــوار المدينة بسماكة تسعة‬ ‫أمتار مع قناة لتصريف المياه‬ ‫واكتشفت‬ ‫إلى خارج المدينة‪ُ ،74‬‬ ‫أربـ ـع ــة خـ ــزانـ ــات مـ ـي ــاه داخ ــل‬ ‫الـمــديـنــة‪ :‬اث ـنــان فــي الجنوب‪،‬‬ ‫واحد في الوسط والرابع قرب‬ ‫السور الغربي‪.75‬‬ ‫دمر المماليك الموقع‬ ‫بعدما ّ‬ ‫دخلت مدينة َع ْـرقَ ـا في اإلهمال‬ ‫والنسيان‪ ،‬وأمست ُكـ َـتـ َـل ركــام‪،‬‬ ‫ّإال مزرعة صغيرة غربي التل‬ ‫‪ .9‬التحصينات من جهة الشرق‬ ‫إبان الفترة العثمانية‪.‬‬ ‫يلف َع ْـرقَ ـا حتى جاءها علماء آثار في القرن العشرين‬ ‫وظل النسيان ّ‬ ‫نفضوا عنها الغبار الكثيف ليظهر تاريخ هذه المدينة المجيدة من لبنان‪.‬‬ ‫إيجازات المراجع‬ ‫‪• ACFP 1 Atti del I Congresso Internazionale di Studi Fenici e‬‬ ‫‪Punici, Roma, 1983‬‬ ‫‪Atlas Climatique du Liban. Service Météorologique du‬‬

‫ ‪• ACL‬‬

‫‪Liban, République Libanaise, 3 Tomes, Beyrouth, 1970‬‬ ‫‪PRITCHARD, J.B. (ed), Ancient Near Eastern Texts‬‬

‫ ‪• ANET‬‬

‫‪Relating to the Old Testament, 2nd edition, Princeton, 1955‬‬ ‫‪Bulletin du Musée de Beyrouth‬‬

‫ ‪• BMB‬‬

‫‪BURG, J.B., COOK, S. A. & ADCOCK, F. E. (ed), Cambridge‬‬

‫ ‪• CAH III‬‬

‫‪Ancient History, 1929‬‬

‫‪ 774‬‬

‫‪Thalmann, J.-P., 1998, p. 37, 39; Chaaya, A., 2010a, p. 101–102.‬‬

‫‪Will, E, 1975, p. 47; Hakimian, S. & Salamé-Sarkis, H., 1988; Chaaya, A., 775‬‬ ‫‪2010a, p. 102.‬‬


• CAH III 2 BORDMAN,

J.,

EDWARDS,

I.,

HAMMOND,

N.,

SOLLBERGER, E. & WALKER, C., (ed), Cambridge Ancient History, 2nd edition, 1991 • EA

MORAN. W.L., El Amarna. Les lettres d’El Amarna.

Correspondance diplomatique du Pharaon, Traduction française

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ٌ َ ‫َم ْعل‬ ٌّ

de D. Collon et H. Cazelles, Édition Cerf, Paris, 1987 • PW

Pauly-Wissowa

Real-Encyclopâdie

der

• QDAP

Quarterly of the Department of Antiquities in Palestine

• RB

Revue Biblique

• Syria

Revue d’art oriental et d’archéologie, Paris

• ZDPV

Zeitschrift des Deutschen Palfistina-Vereins

31

‫وتاريخي في عكار‬

Paulys

Classischen Altertumswissenschaft, II – 1, Stuttgart, 1895

‫المراجع‬ .1967–1965 ‫ بيروت – طبعة‬،‫جزءا‬ ً 12 ،‫ الكامل في التاريخ‬،‫ •إبن االثير‬

‫ دار الكتاب‬،2 ‫ المجلد‬،‫ زبــدة الحلب من تاريخ حلب‬،1997 ،‫ •إبن العديم‬ .1997 ‫ بيروت – طبعة‬،‫العربي‬

‫ مطبعة‬،‫ كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصالحية‬،‫ •أبو شامة‬ .١٨٧١ ‫ مصر – طبعة‬،‫وادي النيل‬ .1901 ‫ مصر – طبعة‬،‫ مطبعة القاهرة‬،‫ كتاب فتوح البلدان‬،‫ •البالذري‬ • ABOU AL-FIDA, 1872 « Résumé de l’Histoire », Recueil des croisades  : Historiens Orientaux, T. I, Paris, p. 1–165. • BALARD, Michel, 2001 Croisades et Orient latin, XI e – XIV e siècle, Armand Colin, Paris. • BLANCHET, G., 1976 Le temps au Liban. Approche d’une climatologie synoptique, Thèse de Doctorat de 3ème cycle de l’Université de Lyon III, UER des Sciences de l’Homme et de son Environnement, Lyon.


• BORDREUIL, P., 1975 « De ʿArqa à Akshaph. Notes de toponymie phénicienne », La toponymie antique, Actes du colloque de Strasbourg: 12–14 juin 1975, p. 177–184. • BORDREUIL, P., 1977 « Épigraphie d’amphore phénicienne du 9éme siècle », Berytus, XXV, p. 159 –161. • BORDREUIL, P., 1983 « Les ostracas de ʿArqa », ACFP 1; Roma, p. 751–755. • CHAAYA, A. 2010a Le dispositif défensif du Comté de Tripoli – Liban. Thèse de doctorat en archéologie à l’Université Lumière – Lyon 2, France.

• CHARAF, H., 1999 La céramique du niveau 12 à Tell Arqa au Liban-Nord, Mémoire de D.E.A. de l’Université de Lyon Il. • CHEIKHO, L., (ed) 1954 Yahya B. Said al Antaky; Beyrouth, (Réimpression). • COURBIN, P., 1993 Fouilles de Bassit. Tombes du Fer; Éditions Recherches sur les civilisations, Paris. • CULICAN, W., 1991 « Phoenicia and Phoenician Colonization », CAH III 2, p. 461– 546. • DELAVILLE LE ROULX (ed.), 1894 – 1906 Cartulaire général de l’Ordre des Hospitaliers de Saint-Jean de Jérusalem, 1100 –1310, éd. par Delaville Le Roulx, Paris, 1894 – 1906, 4 volumes. • DESCHAMPS, P., 1973 Les châteaux des croisés en Terre Sainte; III. La défense du Comté de Tripoli et de la Principauté d’Antioche, 2 Tomes, BAH, 90, Paris.

32 ‫ أنيس شعيا‬.‫د‬

‫ ب‬2010 ،.‫ أ‬،‫ •شعيا‬

‫تطور التحصينات العسكرية بين الفترتين الصليبية والمملوكية على الساحل‬ ‫ نحو‬،‫ التطور المدني في طرابلس عبر دراسة تحصينات المدينة‬.‫اللبناني‬ ‫ المعهد‬،١١٨ ‫ نصوص ودراسات ميدانية‬،‫تاريخ ثقافي للمرحلة المملوكية‬ ،123–١١٥ .‫ ص‬،‫ جامعة البلمند‬/ ‫االلماني لألبحاث الشرقية في بيروت‬ .١٦٦–١٦١


• DUSSAUD, R., 1927 Topographie historique de la Syrie Antique et Médiévale, Librairie Orientaliste Paul Geuthner, Paris. • EYDOUX, H.-P., 1982 Les châteaux du soleil: forteresses et guerres des Croisés, Perrin

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ٌ َ ‫َم ْعل‬ ٌّ

(et. al), Paris.

‫وتاريخي في عكار‬

33

،‫ معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية وتفسير معانيها‬،‫ أنيس‬،‫ •فريحة‬ .‫ بيروت‬،1992 ،‫ طبعة ثالثة‬،‫مكتبة لبنان‬ • GRAS, M., ROUILLARD, P. & TEIXIDOR, J., 1989 L’univers Phénicien, Paris. • GRAYSON, A. K, 1991 « Assyria: Tiglath-Pileser II to Sargon II (744–705 B.C) », CAH III 2, p. 71–102. • GROUSSET, R., 1934 –1935 Histoire des Croisades et du Royaume franc de Jérusalem, 3 vol., Paris. • HAKIMIAN, S. & SALAME-SARKIS, H., 1988 « Céramiques médiévales trouvées dans une citerne à Tell ʿArqa », Syria, LXV, p. 1– 61. • HLEIHEL, A., 1982 Étude de géographie physique appliquée à l’aménagement dans une région titi Akkar (Liban-Nord), Thèse de Doctorat de 3ème Cycle «  Géographie de l’Aménagement  » de l’Université Jean Moulin Lyon III. • HOGARTH, D. G. & LITT, D., 1929 « The Hittite of Syria », CAH III, LXV, p. 132–146. • IBN AL-ATHIR L’histoire générale, dans Historiens Orientaux, I, p. 189–744, II; p. 3 –180. • IBN AL-QALANISI, 1908 Abû Ya‘lâ Hamza Ibn al-Qalânisî. Dhayl ta’rkh Dimashq (Histoire de Damas), H. F. Amedroz ed., Leiden. • JOHNS, C. N., 1938 Excavationsat Pilgrims’ Castle ‘Atlit, QDAP, 6, p. 121–152.


• KAREH, G., 1984 Contribution à l’étude des sédiments côtiers, Thèse de Doctorat Institut National Polytechnique de Lorraine, École Nationale Supérieure de Géologie Appliquée et de Prospection Minière. • KLENGEL, H., 1992 Syria 3000 to 300 B.C. A handbook of political history, Akademie Verlag, Berlin. • LERICHE, P., 1983 « Les défenses orientales de Tell ʿArqa au Moyen-Âge », Syria, LX, p. 111–132. • LEHMANN, O., 1994 Classification préliminaire de la céramique hellénistique de Tell ʿArqa (Liban-Nord), Mémoire de D.E.A. de l’Université de Paris 1. Panthéon-Sorbonne.

« The Phoenician cities and the Assyrian Empire in the Time of Tiglath-Pileser III », ZDPV, 90, p. 38 – 49. • POSENER, G., 1940 Princes et pays d’Asie et de Noubie, textes hiératiques sur des figurines d’envoûtement du Moyen Empire, Bruxelles. • RENAN, E., 1864 Mission de Phénicie, Imprimerie Impériale, Paris. • REY, E.-G., 1871 Étude sur les monuments de l’architecture militaire des croisés en Syrie et dans l’île de Chypre, Imprimerie Nationale, Paris. • RIIS, P. J., 1948 Hama. Fouilles et recherches 1931–1938, 113. Les cimetières à crémations, Copenhague. • RÖHRICHT, R., 1893 –1904 Regesta Regni Hiersolymitani (1097–1291), 2 vol., Innsbrück, 1893 – Additamentum, Innsbrück, 1904. • SAIDAH, R., 1966 Fouilles de Khaldé  –  Rapport préliminaire sur la première et «  deuxième campagnes (1961–1962) », BMB, XLX, p. 51–90.

34 ‫ أنيس شعيا‬.‫د‬

• ODED, B., 1974


• SALAMÉ-SARKIS, H., 1972 « Histoire de Tripoli. 1. Des origines à l’occupation franque », Les Cahiers de l’Oronte, 10, Beyrouth, p. 81–102. • SALAMÉ-SARKIS, H., 1980 Contribution à l’histoire de Tripoli et de sa région à l’époque des Croisades. Bibliothèque Historique et Archéologique CVI, Ed. P.

‫لبناني أَثري‬ ‫م‬ ٌ َ ‫َم ْعل‬ ٌّ

Geuthner, Paris.

‫وتاريخي في عكار‬

35

• SANLAVILLE, P., 1977 Étude géomorphologique de la région littorale du Liban, Université Libanaise, Beyrouth. • SAPIN, J., 1989a « Un domaine de la couronne dans la Trouée de Homs (Syrie): Origines et transformations de Tighlat-Phalazar III à Auguste », Transeuphratène, I, p. 21– 47. • SAPIN, J., 1989b « LaTrouée de Homs. Prospection géographique et archéologique », Contribution française à l’archéologie syrienne, 1969 –1989, IFAPO, Damas, p. 107–112. • SCHAEFFER, C.F.A., 1968 « Commentaires sur les lettres et documents trouvés dans les bibliothèques privées d’Ugarit », Ugaritica, V, Librairie Orientaliste Paul Geuthner, Paris. • SETH, K, 1926 Die

eEchtung

feindlicher

Fïrrsten, Volker

and

Dinge

auf

Altagyptischen Tongefasscherben des inittleren Reiches, Abh, der Pr. Ak. Der Wiss. Phil. Hist Kl., Berlin. • SEYRIGR, H., 1959 « Antiquités Syriennes. Une monnaie de Césarée du Liban », Syria, XXXVI, p. 39 – 43. • SIDNEY, S., 1929 « The Foundation of the Assyrian Empire », CAH III, 1, p. 1– 30 • STANLEY, C., 1929 « Israel and the Neighbouring States », CAH III, 1, p. 354 – 387. • STARCKY, J., 1972 « Arca du Liban », Cahiers de l ‘Oronte, 10, p. 103 –117.


• TAHER, M. A., 1996 « Les grandes zones sismiques du monde musulman à travers l’histoire », Annales Islamologiques, 30, p. 79–104. • THALMANN, J.-P., 1978a « Tell ʿArqa, campagnes 1–  III (1972–1974), chantier 1, rapport préliminaire », Syria, LV, p. 1–151. • THALMANN, J.-P., 1978b « Tell ʿArqa 1978–1979; Rapport provisoire », BMB, XXX, p. 61–75. • THALMANN, J.-P., 1983 « Les niveaux de l’âge du bronze et de l’âge du fer à Tell ʿArqa », ACFP, 1, p. 220–225. • THALMANN, J.-P., 1990 « Tell ʿArqa, de la conquête assyrienne à l’époque perse  », Transeuphratène, 2, p. 51– 57. « Tell ʿArqa, 1981–1982, bilan et perspectives », Berytus, XXXIX, p. 21– 38. • THALMANN, J.-P., 1993 L’âge du bronze à Tell ʿArqa (Liban-Nord), 1–11, Thèse de Doctorat, Université de Paris I. Panthéon­-Sorbonne, Paris. • THALMANN, J.-P., 1997 « Avant Tripoli : Tell ʿArqa et la plaine du Akkar aux âges du Bronze et du Fer », Archéologie et Patrimoine, 7, p. 11–19. • THALMANN, J.-P., 1998 « Les défenses byzantines et médiévales de Tell ʿArqa », National Museum News, 8, p.30 –39. • VAUMAS, E. de, 1954 Le Liban, étude de géographie physique, Firmin-Didot, Paris. • WILL, E., DENTZER, J.M. & THALMANN, J. P., 1973 « La première campagne de fouilles à Tell ʿArqa (Liban Nord) », BMB, XXVI, p. 61–75. • WILL, E., 1975 « Tell ʿArqa de l’âge du bronze au Moyen-Âge  », Dossiers d’archéologie, 12, p. 44 – 49.

36 ‫ أنيس شعيا‬.‫د‬

• THALMANN, J.-P., 1991


‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫موقع األوقاف الدينيّة في الحضارة الماديّة‬ ‫نموذجا‬ ‫دير سيّدة مشموشة‬ ‫ً‬

‫صوالنج موريس الحلو‬ ‫المادية‬ ‫باحثة في الحضارة‬ ‫ّ‬

‫‪ .1‬مدخل‬ ‫التاريخي‬ ‫المادية في أوروﭙ ــا لتجديد البحث‬ ‫بدأ االهتمام بالحضارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بحثية جديدة سعت إلى االهتمام بحياة المجتمعات في‬ ‫وخلْ ق مجاالت‬ ‫ّ‬ ‫مادية‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫ثقاف‬ ‫يعالجون‬ ‫راحوا‬ ‫علماء‬ ‫مجموعة‬ ‫برزت‬ ‫هكذا‬ ‫كافة‪.‬‬ ‫مجاالتها‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫الحوليات‬ ‫اليومية‪ ،‬فكانت مدرسة‬ ‫أدق تفاصيلها‬ ‫ترتبط بحياة اإلنسان في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المرك َزة على‬ ‫ِّ‬ ‫التوجهات الجديدة‬ ‫تعبير عن هذه‬ ‫(‪ )Les Annales‬أصدق‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫المادية‪ ،‬في دراســات بدأت مع المؤرخ مارك بلوخ (‪Marc‬‬ ‫تاريخ الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫الوسطى‪ ،‬ومع لوسيان‬ ‫‪ )Bloch‬وتركيزه على الحياة‬ ‫الريفية في القرون ُ‬ ‫ّ‬ ‫فيـﭬـر (‪ )Lucien Febvre‬واهتمامه ب ـ ــ ‪‬األرض والـتـطـ ّـور االنـســانـ ّـي‪،‬‬ ‫واستكملها الفرنسي فرنان بروديل (‪.2)Fernand Braudel‬‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬ ‫هــذا المسار البحثي تطور فانسحب على ُمجمل العلوم‬ ‫ّ‬ ‫التاريخية‪،‬‬ ‫العلمية‪ ،‬وتنوعت موضوعاته والحقبات‬ ‫وباتت له منهجيته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مستقال في اإلتنو‬ ‫اختصاصا‬ ‫وانتقل من الغرب إلى بلدان العالم ُليصبح‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫حيز‬ ‫– تاريخ واإلتنو – آثار‪ .‬لذا ال ُيمكن حصر دراسة الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫المادية في ّ‬ ‫وتعم ًقا في معرفة حركة‬ ‫ضي ٍق مكانً ا وزمانً ا بل تتطلب دراستها ِس َع َة أُ ف ٍق‬ ‫ّ‬ ‫والدينية‪.‬‬ ‫ة‬ ‫والروحي‬ ‫المادية‬ ‫وتطور ثقافاتها‬ ‫االنسانية‬ ‫المجتمعات‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتعبير‬ ‫المادية‬ ‫الدينية أحد مجاالت الحضارة‬ ‫أن األوقــاف‬ ‫من هنا ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يشكل هذا البحث عن دير سيدة مشموشة (منطقة جزين)‬ ‫عنها‪ .‬ولــذا ّ‬ ‫المادية في هذه المنطقة من لبنان‪.‬‬ ‫صورة الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 11‬‬

‫البحثية مجلة تحمل اسمها منذ ‪.1929‬‬ ‫صدرت عن هذه المدرسة‬ ‫ّ‬

‫‪Fernand Braudel, Civilisation matérielle, économie et capitalisme,‬‬ ‫‪ 22‬‬ ‫‪XV e – XVIII e siècle, le temps du monde, 3 volumes, Paris, Livre de poche 1979,‬‬ ‫‪réédition décembre 1997.‬‬

‫وكذلك عصام كمال خليفة‪ ،‬شمال لبنان في القرن السادس عشر‪ ،‬جوانب من الحضارة‬ ‫المادية‪ ،‬بيروت‪ ،1999 ،‬ص‪11–9 .‬؛ رجاء يوسف لبكي‪ ،‬مدخل إلى دراسة الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫المادية في لبنان‪ ،‬مجلة ‪‬مرايا التراث‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬ربيع ‪ ،2016‬ص‪.47–30 .‬‬ ‫ّ‬


‫‪ .2‬دير سيدة مشموشة‬

‫‪38‬‬

‫جوان ِبها‪ ،‬منذ‬ ‫بجميع‬ ‫المادية‬ ‫سيدة مشموشة في صميم الحضارة‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫دير ّ‬ ‫ندرة وصناعة عباءات ونَ ْسخ‬ ‫وك‬ ‫َ‬ ‫وخياطة‬ ‫(حياكة‬ ‫هبانه‬ ‫ر‬ ‫به‬ ‫قام‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫عمل ِح َر ّ َ ُ‬ ‫بنائية‬ ‫مرورا‬ ‫رمها أَ ي تجميع األوراق وتنسيقها وتجليدها)‬ ‫ٍ‬ ‫وع ِ‬ ‫ً‬ ‫ُك ُتب َ‬ ‫بثقافة ّ‬ ‫الشركاء‬ ‫الدير وبيوت ُّ‬ ‫باستخراج الحجارة من المقالع المـُحيطة وإنجاز بناء ّ‬ ‫في المزارع وقُ ــرى تابعة له وبناء ّ‬ ‫وانتهاء بالزراعة‬ ‫الطواحين واألتاتين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الشفة‪،‬‬ ‫ـري بلُ وغً ا إلــى مصادر مياه‬ ‫ّ‬ ‫والفالحة وأدوات ـهــا‪َ ،‬‬ ‫وحـ ْـفــر أقنية الـ ّ‬ ‫والب َ‬ ‫يط َرة)‪ ،‬ما‬ ‫والحضارة‬ ‫الحيوانية وصناعات مـُتعلِّ قة بها (أدوات الحراثة َ‬ ‫ّ‬ ‫األو ّلية والحاجات‬ ‫الدير ُ‬ ‫أَ ّمن ُلرهبان ّ‬ ‫وشركائهم في المزارع متطلبات الحياة ّ‬ ‫األساسية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بمنشآتها‬ ‫ا‬ ‫رئيس‬ ‫ا‬ ‫دور‬ ‫ة‬ ‫المادي‬ ‫للحضارة‬ ‫ة‬ ‫يني‬ ‫الد‬ ‫ـاف‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫األو‬ ‫ت‬ ‫أد‬ ‫هكذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والصناعية انعكس على الواقع‬ ‫ة‬ ‫والزراعي‬ ‫والمعمارية‬ ‫راثية‬ ‫األثرية ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والت ّ‬ ‫سيدة مشموشة‬ ‫دير‬ ‫بات‬ ‫وهكذا‬ ‫ة‪،‬‬ ‫إتنو‪ -‬أركيولوجي‬ ‫ت‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫درا‬ ‫االجتماعي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫خصوصا وجنوب لبنان‬ ‫جزين‬ ‫نموذج هذه الحضارة في منطقة ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬

‫الدير القديم والجديد‬


‫‪ .3‬تأسيس دير س ّيدة مشموشة‬

‫‪ 44‬مسعد منصور مسعد‪ ،‬نبذة‬ ‫تاريخية عن بني المشروقي‪ ،‬بيروت‪ ،‬أيلول‪،1950 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.122 .‬‬

‫وتأثره‬ ‫سيدة مشموشة ‪ ،1914–1736‬أثره‬ ‫ّ‬ ‫‪ 55‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬دير ّ‬ ‫بمحيطه‪ ،‬رسالة دبلوم دراسات عليا (ص‪ )11 .‬بإشراف الدكتور طانوس الرياشي‪،‬‬ ‫اللبنانية‪ ،‬الفرع‬ ‫اإلنسانية في الجامعة‬ ‫كلية اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حزيران ‪ ،1992‬غير منشورة‪ّ ،‬‬ ‫الرابع‪.‬‬

‫وخ ّدام الكنيسة‪ .‬أنيس فريحة‪ ،‬معجم أسماء‬ ‫‪ 66‬كلمة مشموشة تعني شمامسة ُ‬ ‫منقحة‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،1972 ،‬ص‪.173 .‬‬ ‫المدن والقرى‬ ‫اللبنانية‪ ،‬طبعة ثانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 77‬‬

‫الوثيقة رقم ‪.1‬‬

‫‪ 99‬‬

‫الوثيقة رقم ‪.3‬‬

‫‪ 88‬‬

‫الوثيقة رقم ‪.2‬‬

‫حاليا في قيتولي والحرف (قضاء‬ ‫‪ 110‬ناصيف حكيم هو َج ّد عائلة الحاج المعروفة‬ ‫ًّ‬ ‫س‬ ‫السابق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جزين)‪َ .‬‬ ‫الطب فلُ ِّق َ‬ ‫ّ‬ ‫كيم‪ .‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫ب بال َ‬ ‫ـ ‪‬ح ْ‬ ‫مار َ‬ ‫ص‪ ،12 .‬حاشية رقم ‪.4‬‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪ ،12 .‬ووثيقة ص‪.116 .‬‬ ‫‪ 111‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬

‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫‪ 33‬‬

‫الحقا (‪.)1756–1743‬‬ ‫البطريرك‬ ‫ً‬

‫‪39‬‬

‫في الحضارة الماديّة‬

‫كبير فــي منطقة جـ ّـزيــن‪ ،‬ذو أثــر بــالـ ٍـغ فــي ُمحيطه‬ ‫هــو ص ـ ٌ‬ ‫ـري ٌ‬ ‫ـرح أث ـ ّ‬ ‫والثقافية‬ ‫ة‬ ‫واالجتماعي‬ ‫ة‬ ‫الروحي‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫الص‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫عموم‬ ‫لبنان‬ ‫وجنوب‬ ‫خصوصا‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫سمعان‬ ‫المطران‬ ‫إلى‬ ‫ه‬ ‫تاريخ‬ ‫يرقى‬ ‫ة‪.‬‬ ‫واالقتصادي‬ ‫عواد ‪ :‬بعدما َر َس َم ُه َع ّمه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سقفا على دمشق سنة ‪ ،41716‬أرسلَ ُه‬ ‫الرابع الحصروني أُ ً‬ ‫البطريرك يعقوب ّ‬ ‫‪5‬‬ ‫عكا‬ ‫أبرشيته من صيدا إلى تخوم ّ‬ ‫نائبا عنه على‬ ‫وضمنها منطقة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ً 1730‬‬ ‫النبي ميشا ناحية‬ ‫جبل‬ ‫سفح‬ ‫عند‬ ‫فاختار‬ ‫كناه‬ ‫لس‬ ‫م‬ ‫دائ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫بناء‬ ‫جزين‪ .‬وأراد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ٍّ‬ ‫ٍ ُ‬ ‫‪6‬‬ ‫مشموشة‬ ‫بلدة‬ ‫قرب‬ ‫الجوزة‪‬‬ ‫ين‬ ‫‪‬ع‬ ‫رزي قبالن‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫الشيخ‬ ‫من‬ ‫اشتراها‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫تاريخ‬ ‫دون‬ ‫من‬ ‫(بوثيقة‬ ‫هرموش‬ ‫مندوبا‬ ‫ل‬ ‫وأرس‬ ‫الدير‬ ‫بناء‬ ‫بفكرة‬ ‫ب‬ ‫رح‬ ‫وهو‬ ‫)‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ض َث َمنها (سنة ‪1146‬ه ــ‪1733/.‬م‪ .)8.‬وقبلذاك‬ ‫عنه لــ ‪‬تثمين‪ ‬األرض وقَ َب َ‬ ‫كان المطران سمعان (المـُقيم في دير ‪‬عين الجوزة‪ )‬فاوض سنة ‪1732‬‬ ‫أوالد أبو عتمه‪ :‬فياض وخالد ونمر وصخر وشمعون واشترى حصصهم في‬ ‫الدير‬ ‫أرض مجاور ٍة ‪‬عين الجوزة‪ ‬بمبلغ ثمانية عشر ً‬ ‫أن ّ‬ ‫قرشا‪ ،9‬ما يعني َّ‬ ‫أضاف المطران سمعان إلى أراضي‬ ‫ُب ِن َي بين ‪ 1731‬و‪ ،1732‬وسنة ‪1733‬‬ ‫َ‬ ‫عند َسفح َج َبل ميشا ُتدعى ‪‬الشعرا‪ ‬اشتراها من‬ ‫ض كبير ًة َ‬ ‫ّ‬ ‫الدير قطع َة أر ٍ‬ ‫‪10‬‬ ‫حكيم‬ ‫ناصيف‬ ‫الحاج‬ ‫‪‬أسدية‪ ‬وكان هذا اشتراها‬ ‫ا‬ ‫قرش‬ ‫وعشرين‬ ‫بخمسة‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫قرشا‪.11‬‬ ‫سيد أحمد بعشرين ً‬ ‫من قرينة األمير ملحم شهاب ووالدة األمير ّ‬


‫وثيقة رقم ‪ :1‬وثيقة شراء‬ ‫‪‬عين الجوزة‪‬‬ ‫أرض َ‬

‫وثيقة رقم ‪ :2‬وثيقة قبض ثمن‬ ‫الدير‬ ‫األرض الّ تي ُبني عليها ّ‬

‫‪40‬‬ ‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬ ‫وثيقة رقم ‪ :3‬وثيقة شراء قطعة‬ ‫ـ ‪‬عين الجوزة‪‬‬ ‫أرض ُمجاورة ل َ‬


‫‪ .4‬الدير من نصيب الرهبان ّية اللبنان ّية المارون ّية البلديّة‬ ‫ّ‬ ‫العام‬ ‫ص رئيسها‬ ‫الرهبانية‬ ‫في ‪ 10‬آب ‪ 1736‬عمدت‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية (بشخ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األب توما اللبودي) إلى شراء دير ‪‬عين الجوزة‪ ‬وأمالكه من المطران‬ ‫عواد بألف وخمسماية قرش‪.12‬‬ ‫سمعان ّ‬

‫سيدة مشموشة ‪ ،1974‬تصوير وطبع مطبعة نصر‬ ‫‪ 112‬كتاب اليوبيل الذهبي لمدرسة ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.14 .‬‬ ‫اهلل بيروت‪ ،‬ص‪ .7–6 .‬وكذلك‪ :‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫المارونية‪ ،‬الكسليك‪ ،1984 ،‬ص‪.‬‬ ‫‪ 113‬األب يوسف محفوظ‪ ،‬مختصر تاريخ الكنيسة‬ ‫ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.321–122 .‬‬ ‫‪55–47‬؛ وكذلك‪ :‬مسعد منصور مسعد‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫سمى ‪‬الميدان‪َ ‬س َك َن فيها‬ ‫عواد مزرعة‬ ‫‪ 114‬بنى المطران ّ‬ ‫شمالي دير ‪‬عين الجوزة‪ُ ‬ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫عواد جاء بهم من حصرون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الحقا مع أقرباء له وأنسباء من آل ّ‬

‫المارونية‪ ،‬المجلّ د الثاني‪،1924 ،‬‬ ‫اللبنانية‬ ‫هبانية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫‪ 115‬األب لويس بليبل‪ ،‬تاريخ ّ‬ ‫مطبعة يوسف كوى بمصر‪ ،‬ص‪.35–34 .‬‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.72–71 .‬‬ ‫‪ 116‬األب لويس بليبل‪ ،‬المرجع ّ‬

‫السابق‪ ،‬ص‪.21–14 .‬‬ ‫‪ 117‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.26–24 .‬‬ ‫‪ 118‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬

‫‪41‬‬

‫في الحضارة الماديّة‬

‫واللبنانية‪ ،‬فكلّ ف‬ ‫الحلبية‬ ‫اللبنانيتين‬ ‫الرهبانيتين‬ ‫وقعت خالفات داخل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التسوية بين‬ ‫الماروني‬ ‫البطريرك‬ ‫البابا‬ ‫طوبيا الخازن (‪ )1766–1756‬أمر ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدير انتصر الشيخ علي جنبالط‬ ‫الرهبانية‬ ‫الرهبان‪ .‬وإذ كانت‬ ‫دير ّ‬ ‫الحلبية ُت ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بار َك ِت ِه وهم‬ ‫مع البطريرك للرهبان‬ ‫بم َ‬ ‫ّ‬ ‫البلديين بأنهم ‪‬جاؤوا إلى المنطقة ُ‬ ‫رسولية‬ ‫الع َمل في األرض‪ ،‬فأصدرت روما براءة‬ ‫أقدر من‬ ‫َ‬ ‫الحلبيين على َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفريقين وجعلت دير مشموشة من‬ ‫تموز‪ّ 1770‬ثبتت القسمة بين‬ ‫َ‬ ‫في ‪ّ 19‬‬ ‫‪17‬‬ ‫بار َكة‬ ‫نصيب الرهبان‬ ‫جنبالطية  ‪.‬‬ ‫بم َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البلديين ُ‬ ‫الرهبان‬ ‫الربع الثاني للقرن التاسع عشر بات ّ‬ ‫الدير مدرس ًة إلعداد ّ‬ ‫ومنذ ّ‬ ‫التجربة (على مرحلَ َتين‪ :‬دور ّ‬ ‫البية ودور‬ ‫في ثــاث مــراحــل‪ :‬دخــول ّ‬ ‫الط ّ‬ ‫‪18‬‬ ‫النذور أو اإلسكيم‬ ‫المالئكي‪ ،‬واالرتقاء إلى درجة الكهنوت ‪.‬‬ ‫اإلبتداء)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫اللبناني‬ ‫الشمال‬ ‫بطريركا‬ ‫ً‬ ‫انت ِخب المطران سمعان‬ ‫فانتق َل من ّ‬ ‫َ‬ ‫سنة ‪ُ 1743‬‬ ‫ّ‬ ‫‪14‬‬ ‫‪13‬‬ ‫مقره بين دير ‪‬عين الجوزة‪ ‬وقريته الميدان وفيه انعقد المجمع‬ ‫وجعل َّ‬ ‫‪15‬‬ ‫الشوف‪ ، ‬وفي‬ ‫سيدة ّ‬ ‫فس ّم َي ‪‬دير ّ‬ ‫الرهباني (‪ 19‬تشرين الثاني ‪ُ )1744‬‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬ ‫دير‬ ‫اسمه‬ ‫بات‬ ‫(‪)1745‬‬ ‫التالية‬ ‫السنة‬ ‫سيدة مشموشة  ‪.‬‬ ‫ّ‬


‫بالدير‬ ‫‪ .5‬نكبات َح َّلت ّ‬

‫‪42‬‬ ‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬

‫جمهور رهبانه يتجاوزها ويعود‬ ‫ف صعبة كان بفض ِل‬ ‫مر الدير بظرو ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫نيانً‬ ‫إيمانً‬ ‫الصعبة‪:‬‬ ‫روف‬ ‫الظ‬ ‫تلك‬ ‫من‬ ‫ا‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫وأصلَ‬ ‫ا‬ ‫أقوى‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النصف الثاني‬ ‫هزة‬ ‫أرضية َض َر َبت المنطقة في ّ‬ ‫بعد ّ‬ ‫ـراب َ‬ ‫*‪ ‬دمـ ٌـار وخـ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫الدير ‪ :‬بيان العمار ّالذي صار‬ ‫ور َد في روزنامة ّ‬ ‫من القرن الثامن عشر‪َ .‬‬ ‫سيدة مشموشة في زمان رياسة األب نعمة اهلل بعد الهزة‪ ،‬عمار‬ ‫في دير ّ‬ ‫الكنيسة وتكليسها بعد الهزة‬ ‫وثيقة رقم ‪ :4‬وثيقة القسط الثالث‬ ‫وعمار الحارة‪....‬‬ ‫صباح‬ ‫من مسلوبات قرية خرايب ّ‬ ‫كبير بعد أحــداث‬ ‫*‪ ‬حــريــق‬ ‫ٌ‬ ‫‪ّ 1842‬‬ ‫ور َد في روزنامة‬ ‫ائفية‪َ .‬‬ ‫الط ّ‬ ‫ال ـ ّـدي ــر‪ :‬ع ـلــم الــذيــن تـشــرفــوا‬ ‫باالسكيم المليكي في دير سيدة‬ ‫مشموشة بعد الحريق ‪.201842‬‬ ‫*‪ ‬حــريـ ٌـق آخ ــر بـعــد أح ــداث‬ ‫‪ّ 1860‬‬ ‫ونهب ُمحتوياته‪.‬‬ ‫ائفية ْ‬ ‫الط ّ‬ ‫وما زالت آثار لهذا الحريق ظاهرة‬ ‫ح ـتــى الــي ــوم ف ــي ب ـعــض أقـبـيـ ِتــه‬ ‫فلية‪ْ .‬‬ ‫ض‬ ‫وإثــر األحــداث قَ َب َ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫بلغ‬ ‫مسلوباته‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫تعويض‬ ‫الدير‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫قرشا‪.21‬‬ ‫‪ً 109779٫5‬‬ ‫ـريــا فَ ـ َـق ـ َـد دي ــر سـ ّـيــدة‬ ‫*‪ ‬ب ـشـ ًّ‬ ‫وهم هاربون‬ ‫ا‬ ‫راهب‬ ‫‪29‬‬ ‫مشموشة‬ ‫ً ُ‬ ‫‪22‬‬ ‫نحو بساتين صيدا ‪.‬‬ ‫لمجريات الدير اليومية من مأكل ومشرب وأحداث ومدخول‬ ‫الدير‬ ‫‪ 119‬روزنامة ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫سجل ُ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪ ،22 .‬حاشية رقم ‪.1‬‬ ‫المرجع‬ ‫الحلو‪،‬‬ ‫س‬ ‫لب‬ ‫الياس‬ ‫موريس‬ ‫ومصروف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫السابق‪ ،‬ص‪ ،22 .‬حاشية رقم ‪ .2‬واإلسكيم‬ ‫‪ 220‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫وزنّ‬ ‫جلدي على وسطه ُيبقيه حتى أثناء‬ ‫ار‬ ‫الراهب‬ ‫المالئكي‬ ‫قلنسوة سوداء على رأس ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪ ،26 .‬حاشية رقم ‪.1‬‬ ‫المرجع‬ ‫الحلو‪،‬‬ ‫س‬ ‫لب‬ ‫الياس‬ ‫موريس‬ ‫النوم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الدير‬ ‫الدير‪ .‬وكانت أموال مسلوبات ُ‬ ‫القرى ال ُـمجاورة تأتي إلى رئيس ّ‬ ‫‪ 2 21‬عن روزنامة ّ‬ ‫صباح (الوثيقة رقم ‪.)4‬‬ ‫خرايب‬ ‫قرية‬ ‫مسلوبات‬ ‫من‬ ‫الثالث‬ ‫القسط‬ ‫في‬ ‫وز ُعها‪ ،‬كما ورد‬ ‫كي ُي ِّ‬ ‫ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.23 .‬‬ ‫‪ 222‬لمعلومات إضافية‪ :‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬


‫الدير‬ ‫‪ .6‬توسع أمالك ّ‬ ‫ُّ‬

‫‪ .7‬امتالك مطحنة وضمان أخرى ‬

‫ستخدم‬ ‫كانت مطحنة القرية فــي قعر ال ــوادي على مجرى النهر ُوت‬ ‫َ‬ ‫سمى الـ ‪‬مطروف‪.‬‬ ‫لطحن الحبوب وتقشير الزيتون قبل‬ ‫ِ‬ ‫عصر ِه‪ ،‬وهو ُي ّ‬ ‫سيدة مشموشة مع األمراء‬ ‫دير‬ ‫فتعامل‬ ‫حكرا على رجال اإلقطاع‪،‬‬ ‫وكانت ً‬ ‫ّ‬ ‫يطحنون لديهم حبوبهم‬ ‫الشركاء‬ ‫جزين‪ ،‬وكانوا‬ ‫كبقية ّ‬ ‫َ‬ ‫وإقطاعيي منطقة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫زيتهم‪.‬‬ ‫ويستخرجون َ‬ ‫بعد نحو خمسين سنة من تملّ ك الدير‪ ،‬امتلك سنة ‪ 1785‬على عهد‬ ‫َ‬ ‫جزين (في خراج‬ ‫ة‬ ‫الضف‬ ‫على‬ ‫مطحنة‬ ‫ك‪،‬‬ ‫بار‬ ‫م‬ ‫األب‬ ‫الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية لنهر ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.59–33 .‬‬ ‫‪ 223‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.30–28 .‬‬ ‫‪ 224‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.83–76 .‬‬ ‫‪ 225‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.85–83 .‬‬ ‫‪ 226‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬

‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫‪26‬‬

‫‪43‬‬

‫في الحضارة الماديّة‬

‫أمالكه بشراء األراضــي‬ ‫َ‬ ‫وسعت‬ ‫الرهبانية‬ ‫الد َير‬ ‫منذ تولّ ت ّ‬ ‫اللبنانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واألوقــاف‪ ،‬فأخذ رهبانها البلديون يشترون األراضي في مزرعة الحرف‬ ‫وجزين ومزرعة‬ ‫صباح وبكاسين ّ‬ ‫وصليما والمنقلة وبسري والميدان وخرايب ّ‬ ‫وبحنين والبقاع‬ ‫والشامخة وكفرحونة وؤيمات وجبل طورا‬ ‫وعارين ّ‬ ‫ّ‬ ‫المطحنة َ‬ ‫‪23‬‬ ‫والدامور‬ ‫جزين ‪ .‬وأنشأت‬ ‫وكوكبا ّ‬ ‫وبتدين اللقش ووادي ّ‬ ‫وحاصبيا ّ‬ ‫بطية ّ‬ ‫ّ‬ ‫والن ّ‬ ‫القديسة‬ ‫دير‬ ‫جديدة‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫أد‬ ‫مشموشة‬ ‫دة‬ ‫سي‬ ‫دير‬ ‫أمالك‬ ‫على‬ ‫الرهبانية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بحنين)‪ ،‬دير مار بوال في‬ ‫تقال في ريمات (أصبح‬ ‫الحقا دير المخلّ ص في ّ‬ ‫ً‬ ‫بدير آخر قربه على اسم‬ ‫عنه‬ ‫بعد خرابه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫بطية (بيعت أرضه َ‬ ‫عيض ُ‬ ‫ٍ‬ ‫واست َ‬ ‫الن ّ‬ ‫القديس أنطونيوس الكبير)‪ ،‬وأنطش مار أنطونيوس الكبير في جديدة‬ ‫ّ‬ ‫الوادي‬ ‫(حاليا جديدة بكاسين)‪.24‬‬ ‫ًّ‬ ‫وإنتاجها‪،‬‬ ‫الزراعية في مساحة األرض‬ ‫الدير بخبرتهم‬ ‫اشتهر رهبان ّ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ومشاركين‬ ‫وتوزعوا العمل في ما بينهم موفرين الوقت ومضاعفين المردود ُ‬ ‫وعنصرا‬ ‫َوردا ّأول للرهبان‬ ‫علمانيين من ُ‬ ‫القرى والمزارع‪ ،‬فكانت األرض مـ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أكيدا في بقاء األديار‪ .‬ومن زراعاتهم‪ :‬التوت لتربية دود الحرير‪ ،‬والزيتون‬ ‫ً‬ ‫والتبغ‬ ‫الصابون ولالستهالك‬ ‫الديري‪ ،‬وكروم العنب ّ‬ ‫إلنتاج الزيت وصناعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫أحراجا‬ ‫للزراعة‬ ‫كالقمح ُ‬ ‫والحبوب َ‬ ‫والخ َضر‪ .‬وبقيت األراضي غير الصالحة ّ‬ ‫ً‬ ‫نيها‬ ‫يقت‬ ‫كان‬ ‫لقطعان‬ ‫ومراعي‬ ‫الدير أو ُشركاؤه‪.25‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬


‫عقد متصالب في داخل كنيسة الدير‬

‫‪44‬‬ ‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬

‫نص وثيقة الشراء‪ :27‬سبب تحريره‪ :‬وهو اننا اعطينا‬ ‫بلدة ّ‬ ‫بحنين)‪ .‬جاء في ّ‬ ‫قول الى حضرة عزيزنا ومحبنا الريس مبارك ريس دير مشموشي ان‬ ‫يعمر له طاحون في ارض نيحا قبال كفرتعال ولم احد له معهم معارضة‬ ‫ط ــاح ــون ـه ــم ي ـت ـصــرفــوهــا‬ ‫مــثــلــم ــا بـ ـ ـي ـ ــري ـ ــدوا ولـ ــم‬ ‫ن ـعــارض ـهــم ف ــي ش ــي من‬ ‫ي ــم الــط ــاح ــون ال ـمــذكــور‬ ‫واعطيناه قــول اهلل وراي‬ ‫اهلل ب ـهــا ان رهـ ـب ــان ديــر‬ ‫مـ ـشـ ـم ــوش ــي ه ـ ـ ــودي ل ـنــا‬ ‫مخصصين وكـتـبـنــا لهم‬ ‫هــذا السند الجــل البيان‬ ‫والـ ـغـ ـل ــط مـ ــن ال ـن ـس ـيــان‬ ‫تحريرا في شهر ذو الحجة‬ ‫‪ 1200‬الف ومايتين صح‪.‬‬ ‫االمضاء قاسم‪.28‬‬ ‫الخاصة‬ ‫وثيقة رقم ‪ :5‬وثيقة امتالك دير مشموشة مطحنته‬ ‫ّ‬

‫‪ 227‬الوثيقة رقم ‪.5‬‬

‫‪1200 228‬هـ‪1785/‬م وقاسم هو ابن الشيخ علي جنبالط‪ ،‬خلف والده وتسلّ م الحكم‬ ‫(‪.)1791–1788‬‬


‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫(النصف اآلخر من القرن الثامن عشر) خربت المطحنة‬ ‫بعد الزلزال ّ‬ ‫الدير‪ :‬عمار وفكاك الطاحون‬ ‫بناؤها‪ .‬ورد في روزنامة ّ‬ ‫فهدمت وأُ عيد ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪29‬‬ ‫قرشا‪. ‬‬ ‫وبركة الميدان ‪ً 1360‬‬ ‫سيدة مشموشة ُي َض ِّمن مطحنته‪.‬‬ ‫منذ نهاية القرن ّ‬ ‫التاسع عشر أخذ دير ّ‬ ‫سجالته أنّ ه قبض سنة ‪ 1886‬عن القسط الثاني للضمان ‪ 3500‬قرش‪،‬‬ ‫وعن‬ ‫ّ‬ ‫فضة‪ .‬والزيادة‬ ‫األول ‪6786‬‬ ‫ً‬ ‫قرشا و‪ّ 10‬‬ ‫وقبض سنة ‪ 1913‬عن القسط ّ‬ ‫فترتئذ‪.‬‬ ‫اقتصادية‬ ‫كمؤسسات‬ ‫أهمية المطاحن‬ ‫دليل‬ ‫الضمان‬ ‫ٍ‬ ‫في قيمة ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للدولة‪ :‬سنة ‪138 1878‬‬ ‫الدير يدفع من مداخيله ضرائب ّ‬ ‫وبالمقابل كان ّ‬ ‫أميريا عن بلدة بسري والمطحنة‪ ،‬وسنة ‪ 1880‬بلغت الضريبة‬ ‫ماال‬ ‫قرشا ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫‪30‬‬ ‫قرشا و‪ 10‬بارات ‪.‬‬ ‫‪ً 131‬‬ ‫الدير من األمير‬ ‫الدير وزيادة اإلنتاج‬ ‫الزراعي َض ِم َن ّ‬ ‫توسع أمالك ّ‬ ‫ومع ُّ‬ ‫ّ‬ ‫شمالي مطحنته‪ ،‬على‬ ‫جزين‬ ‫خليل شهاب مطحنة ‪‬أبو زهرا‪ ‬على نهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الضمان لكن وثيقة تثبت‬ ‫النهر‪ .‬ال ذكر لتاريخ بداية‬ ‫الضفة‬ ‫الغربية من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪31‬‬ ‫الضمان لصاحبها‪ ،‬جاء فيها ‪ :‬باعث تحريره‪ :‬انه يوم تاريخه‬ ‫دفع ّ‬

‫‪45‬‬

‫في الحضارة الماديّة‬

‫وثيقة رقم ‪ :6‬وثيقة ضمان طاحون أبو زهرة‬

‫السابق‪ ،‬ص‪ ،84 .‬حاشية رقم ‪.1‬‬ ‫‪ 229‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.85–84 .‬‬ ‫‪ 330‬موريس الياس ّلبس الحلو‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫‪ 331‬الوثيقة رقم ‪.6‬‬


‫وصل لنا من عزيزنا ريس دير مشموشه ضمان طاحون ابو زهره الكائنة‬ ‫بنهر بحنين بتمامه مــن دون ان يبقى لنا بذمة عزيزنا ريــس الدير‬ ‫المذكور بــارة واحــدة من االلـتــزام المذكور اي عن قيمة غــال ضمان‬ ‫الطاحون المذكوره والجل البيان سلمناه هذا الوصول تحريرا في سنة‬ ‫وعشرين يوم من شهر ربيع ثاني سنة الف ومايتين وسته وخمسين‪.‬‬ ‫الختم والتوقيع خليل شهاب‪.32‬‬ ‫ب مجهولة‪ .‬جاء في‬ ‫لكن الضمان عاد ُ‬ ‫فف ِسخ في السنة ذاتها ألسبا ٍ‬ ‫الوثيقة‪ :33‬الباعث لتحريره‪ :‬انه بتاريخه لقد فسخنا ضمان طاحون ابو‬ ‫زهره الكاينة في نهر بحنين عن عزيزنا ريس دير مشموشه ورفعنا يده‬ ‫عنها من دون ان يبقى له بها مقارشه وذلك غب ان استوردنا منه التزامها‬ ‫فصارت الطاحون بتصريفنا حيث رفعت يده والجل البيان سلمناه هذه‬ ‫االحرف تحريرا في ‪ 26‬ر ‪ .1256‬الختم‪ .‬االمضاء خليل شهاب‪.‬‬ ‫‪46‬‬ ‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬ ‫وثيقة رقم ‪ :7‬وثيقة فسخ ضمان طاحون أبو زهرة‬

‫زرت‬ ‫جزين‪،‬‬ ‫وإبان بحثي عن المعاصر والمطاحن القديمة في قضاء ّ‬ ‫ُ‬ ‫تينك‬ ‫فتبين لي‪:34‬‬ ‫َ‬ ‫المطح َنتين َّ‬ ‫‪1256 332‬هـ‪1840/‬م‪ .‬خليل شهاب أحد أبناء األمير بشير الثاني الكبير‪.‬‬ ‫‪ 333‬الوثيقة رقم ‪.7‬‬

‫‪Solange El Hélou, Les pressoirs traditionnels à huile dans la région de 334‬‬ ‫‪Jezzine (Liban), recherches archéologiques et historiques, projet de mémoire‬‬ ‫‪pour l’obtention du DES en Art et Archéologie, non publié, sous la direction‬‬ ‫‪du professeur Antoine Kassis, Université Libanaise, Faculté des lettres et des‬‬ ‫‪sciences humaines, Dekwaneh, 2008 – 2009, p. 16 et 18.‬‬


‫عيت على اسم بانيها‪ .‬كانت له‬ ‫ ) بمطحنة أبو زهرة‪ :‬باتت‬ ‫ً‬ ‫خرابا‪ُ .‬د َ‬ ‫ابنة وحيدة ُتدعى زهــرة فكان ُيدعى ‪‬أبــو زهــرة‪ .‬مطحنة بحجرين‬ ‫بالرافعة وحـجــارة األثـقــال‪.‬‬ ‫للحبوب والـمـطــروف‪ ،‬وكــان العصر يتم ّ‬

‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫الرهبان‪ :‬ما زالت موجودة وهي ملْ ك عزيز الخوري من‬ ‫ ) أمطحنة ّ‬ ‫بحنين‪ .‬توقّ ف العمل فيها ُب َعيد‬ ‫جزين‪ ،‬وهو اشترى أراضي واسع ًة في ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتم‬ ‫العصر‬ ‫وكان‬ ‫والمطروف‪،‬‬ ‫للحبوب‬ ‫بحجرين‬ ‫مطحنة‬ ‫وهي‬ ‫ـزال‪.‬‬ ‫زلـ‬ ‫ّ‬ ‫الخارجي‬ ‫يتبق منها اليوم سوى الهيكل‬ ‫بالرافعة وحجارة األثقال‪ .‬لم َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫باإلضافة إلى‪:‬‬ ‫يضم فتحة‬ ‫حجر طحن واحــد (قطره‪1.5 :‬م‪ ،.‬وسماكته‪16 :‬ســم‪).‬‬ ‫ّ‬ ‫دائرية قطرها‪20 :‬سم‪.‬‬ ‫داخلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫*‪ ‬حوض للزيت خارج المطحنة (طول‪1.30 :‬م‪ .‬عرض‪ 75 :‬سم‪).‬‬ ‫*‪ ‬جرن مستدير داخل المطحنة (قطر‪60 :‬سم‪ ،.‬إرتفاع‪ 45 :‬سم‪).‬‬ ‫* َ‪ ‬زغَ ـل (حجر ّثقال) (ارتفاع‪ 80 :‬سم‪ ،.‬سماكته من أعلى ‪20‬سم‪ .‬ومن‬ ‫أسفل ‪ 50‬سم‪).‬‬

‫‪47‬‬

‫في الحضارة الماديّة‬

‫بعض خوابي الزيت محفوظة في الدير‬


‫يتبق منها اليوم سوى حجر ّ‬ ‫الطحن (قطر‪1.15 :‬م‪ .‬سماكة‪15 :‬سم‪).‬‬ ‫لم َّ‬ ‫ربعة (ضلعها‪20 :‬سم‪ ،).‬وبقايا حوض للزيت خارج‬ ‫يضم فتحة‬ ‫داخلية ُم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المطحنة (طول‪1.30 :‬م‪ ،.‬عرض‪ 76 :‬سم‪).‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪48‬‬ ‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬

‫تؤمن لهم‬ ‫إلنشاء األديار دافعان‪ :‬حاجة رجال اإلقطاع إلى يد عاملة ّ‬ ‫ض لبناء‬ ‫مالية‬ ‫الرهبان إلى أرا ٍ‬ ‫ضرائبية تجاه األمير الحاكم‪ ،‬وحاجة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تغطية ّ‬ ‫لكية‬ ‫أديارهم واستصالح أرضها شرطَ تأمين حمايتها‬ ‫ّ‬ ‫وحصتهم في ال ُـم ّ‬ ‫الشلش)‪.‬‬ ‫(مشاركة ّ‬ ‫ُ‬ ‫بمباركة‬ ‫سيدة مشموشة األثـ ّ‬ ‫ـري العريق ُ‬ ‫هكذا أنشئ سنة ‪ 1733‬دير ّ‬ ‫الدروز من آل أبي َهرموش وجنبالط‪.‬‬ ‫وحماية‬ ‫اإلقطاعيين أصحاب األرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫هبانية‬ ‫بلدية‬ ‫الرهبانية‬ ‫وبعد انشطار‬ ‫وحلبية‪ ،‬انتقلت ملكيته إلى ّ‬ ‫اللبنانية ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كبيرا أتاح لها شراء‬ ‫وتغنم منها ً‬ ‫البلدية فأخذت تستصلح أراضيه َ‬ ‫دخال ً‬ ‫ّ‬ ‫كبيرا‬ ‫ض كثيرة في مناطق أخــرى‪ ،‬فبات دير سيدة مشموشة‬ ‫صرحا ً‬ ‫ً‬ ‫أرا ٍ‬ ‫وثقافيا لعموم أهالي منطقة‬ ‫واجتماعيا‬ ‫اقتصاديا‬ ‫ومركزا‬ ‫دينيا‬ ‫ً‬ ‫وم َ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫رج ًعا ًّ‬ ‫جزين وجنوب لبنان‪.‬‬ ‫المراجع‬ ‫المجلد الثاني‪،‬‬ ‫المارونية‪،‬‬ ‫اللبنانية‬ ‫هبانية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الر ّ‬ ‫ •بليبل لويس (األب)‪ ،‬تاريخ ّ‬ ‫‪ ،1924‬مطبعة يوسف كوى بمصر‪.‬‬ ‫وتأثره‬ ‫سيدة مشموشة ‪ ،1914–1736‬أثره ّ‬ ‫ •الحلو موريس الياس ّلبس‪ ،‬دير ّ‬ ‫بمحيطه‪ ،‬رسالة دبلوم دراسات عليا بإشراف الدكتور طانوس الرياشي‪ ،‬غير‬ ‫اللبنانية‪ ،‬الفرع الرابع‪،‬‬ ‫اإلنسانية في الجامنعة‬ ‫كلية اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منشورة‪ّ ،‬‬ ‫حزيران ‪.1992‬‬ ‫ •خليفة عصام كمال‪ ،‬شمال لبنان في القرن الـســادس عشر‪ ،‬جوانب من‬ ‫المادية‪ ،‬بيروت‪.1999 ،‬‬ ‫الحضارة‬ ‫ّ‬ ‫منقحة‪،‬‬ ‫ •فريحة أنيس‪ ،‬معجم أسماء المدن والقرى‬ ‫اللبنانية‪ ،‬طبعة ثانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪.1972 ،‬‬


‫ تصوير وطبع مطبعة‬،1974 ‫سيدة مشموشة‬ ّ ‫ •كتاب اليوبيل الذهبي لمدرسة‬ .7–6 .‫ ص‬،‫نصر اهلل بيروت‬

‫موقع األوقاف الدينيّة‬

‫ مجلة‬،‫المادية في لبنان‬ ‫ مدخل إلى دراســة الحضارة‬،‫ •لبكي رجاء يوسف‬ ّ .٣٠ .‫ ص‬،2016 ‫ ربيع‬،‫ العدد الرابع‬،‫مرايا التراث‬

‫في الحضارة الماديّة‬

49

.1984 ،‫ الكسليك‬،‫المارونية‬ ‫ مختصر تاريخ الكنيسة‬،)‫ •محفوظ يوسف (األب‬ ّ ،‫ مطابع سميا‬،‫تاريخية عن بني المشروقي‬ ‫ نبذة‬،‫ •مسعد منصور مسعد‬ ّ .1950 ،‫ أيلول‬،‫بيروت‬ • El Hélou Solange, Les pressoirs traditionnels à huile dans la région de Jezzine (Liban), recherches archéologiques et historiques, projet de mémoire pour l’obtention du DES en Art et Archéologie, non publié, sous la direction du professeur Antoine Kassis, Université Libanaise, Faculté des lettres et des sciences humaines, Dekwaneh, 2008 –2009.


‫‪50‬‬

‫د‪ .‬سوالنج الحلو‬


‫بيروت أيام زمان‬

‫بيروت أيام زمان‪:‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫عبداللطيف فاخوري‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫الشعبي‬ ‫ترا ُثنا‬ ‫ّ‬

‫‪51‬‬


‫الشعبي‬ ‫ترا ُثنا‬ ‫ّ‬

‫بيروت أيام زمان‪:‬‬ ‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬ ‫وم َؤ ِّرخ‬ ‫ُمحام ٍ ُ‬

‫‪ .1‬الطب و‪‬التطبيب بشرط الفائدة‪‬‬

‫رئيسا يأتمرون بأمره‪،‬‬ ‫في أساطير األولين أن األطباء أقاموا عليهم‬ ‫ً‬ ‫ويخضعون لمشيئته‪ ،‬ويرجعون إليه في كل خالف يقع بينهم‪ .‬كان َيعقد‬ ‫جد من اكتشافات‪ ،‬وما ُط ّبق من‬ ‫معهم اجتماعات ُي ْطلعهم فيها على ما ّ‬ ‫أضر بهم‪ ،‬ويعطيهم نصائحه في‬ ‫عالجات‪ ،‬وما أفاد منها المرضى وما‬ ‫ّ‬ ‫كيفية معالجة المرضى وأصول الكشف عليهم‪ ،‬وضرورة التباسط معهم‬ ‫لمساعدتهم على مقاومة المرض واإلســراع بالشفاء‪ .‬ولما ُكبر الرئيس‬ ‫واعوجت قناته ودنف إليه داعي المنون وحشرجت روحه في صدره‪ ،‬وأيقن‬ ‫َّ‬ ‫األطباء أنه هالك‪ ،‬اجتمع لفيف منهم حول سريره واقترحوا عليه أن يقيم‬ ‫خلَ ًفا له في الزعامة عليهم‪ ،‬فأخبرهم بأنه كتب ذلك في وصيته‪.‬‬ ‫بعد ساعات أسلم الروح‪ ،‬ففتحوا وصيته وقرأوا فيها‪ :‬يتولى الزعامة‬ ‫بعدي خمسة أطباء‪:‬‬ ‫ •الدكتور نظافة‪ ،‬فالنظافة من اإليمان‬ ‫فد ْر َهم وقاية خير من قنطار عالج‬ ‫ •الدكتور وقاية‪ِ ،‬‬ ‫والحمية أساس كل دواء‬ ‫بيت الداء‬ ‫حمية‪ ،‬فالمعدة ُ‬ ‫ْ‬ ‫ •الدكتور ْ‬ ‫ •الدكتور رياضة‪ ،‬فالعقل السليم في الجسم السليم‬ ‫ •الدكتور اعتدال‪ ،‬فخير األمور الوسط‪.‬‬

‫أن الطبيعة والمرض خصمان يتقاتالن‪ ،‬والغلبة‬ ‫أيضا ّ‬ ‫وفــي وصيته ً‬ ‫الربان‪ ،‬والمريض هو‬ ‫للقوي منهما‪ّ ،‬‬ ‫وأن الطبيب في حالة األمــراض هو ّ‬ ‫وأن المرض نَ ـ ُّـو البحر‪ :‬فالربان ال قدرة له على تسكين هيجان‬ ‫المركب‪ّ ،‬‬ ‫وإيابا‪ ،‬وتالفي‬ ‫ذهابا ً‬ ‫البحر إنما بإمكانه المحافظة على المركب بالمناورة ً‬ ‫األمواج الهائلة والرياح الشديدة حتى يهدأ الن ّـو وينتهي الهيجان‪ ،‬وإال قذف‬ ‫وعرضه للهالك‪.‬‬ ‫المركب بين األمواج ّ‬


‫يجس الحكيم النبض‬ ‫قديما يقتصر على أمــور بسيطة‪:‬‬ ‫كــان الطب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فيصف‬ ‫ويكشف على اللسان َويسمع بعض التفاصيل َوينظر إلى السحنة َ‬ ‫الجميل سنة ‪ 1929‬في مجلة المشرق‪.‬‬ ‫العالج‪ ،‬كما ذكر الدكتـ ـ ـ ــور أمين‬ ‫ّ‬ ‫شخص تلك المعالجة في مسرحيته‬ ‫والكاتب المسرحي الفرنسي موليير ّ‬ ‫‪‬مريض الوهم‪ .)Le malade imaginaire( ‬فقال‪:‬‬ ‫‪Cly sterium donare‬‬ ‫‪Postea Seignare‬‬ ‫‪Ensuita Purgare‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫*  *  *‬ ‫في النصف اآلخر من القرن التاسع عشر بدأ البيارتة يسمعون بالطبيب‬ ‫نادرا ما كانوا يقصدونه‪ .‬حاول‬ ‫المجاز (الدبلومي‪ = ‬حامل الدبلوم) لكنهم ً‬ ‫فؤاد باشا (ناظر الخارجية العثمانية في والية المتصرف األول داود باشا)‬ ‫حكوميا جاء فيه‪:‬‬ ‫أن يضبط ممارسة الطب‪ ،‬فأصدر سنة ‪ 1861‬إعالنً ا‬ ‫ًّ‬ ‫‪‬ان األطباء الذين ال يوجد بيدهم شهادات من المدرسة التي تعلّ موا‬ ‫حاال ان يحضروا لمجلس‬ ‫بها‪ ،‬وال رخصة من طرف الحكومة‪ ،‬يقتضي ً‬ ‫غب الفحص تعطى الرخصة لمن يوجد به لياقة وكفاية‬ ‫التحقيق لكي ّ‬ ‫لهذه الصنعة‪ُ ،‬ويمنع القاصر عن هذه الدرجة‪ .‬وقد أعطي مهلة خمسة‬ ‫غب ان تمضي المدة‬ ‫عشر ً‬ ‫يوما‪ ،‬فالذي يتوقف (يمتنع) عن الحضور ّ‬

‫‪53‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫فمسهـل‪ .‬وعند العرب أن ‪‬آخر الدواء الكي‪.‬‬ ‫ففصد‪،‬‬ ‫أي‪ :‬حقنة‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحمى‪ ،‬وكان يباع‬ ‫كان أطباء يصفون العلَ ق بكميات كثيرة في حاالت‬ ‫ّ‬ ‫فتتشبث به وتبدأ‬ ‫عند الحالقين‪ .‬والعلق دودة توضع على صدغ المريض‬ ‫ّ‬ ‫الحمى‬ ‫لكن سحب الدم في حالة‬ ‫بمص الدم حتى تمتلئ‬ ‫َّ‬ ‫وتتضخم فتقع‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ويعرضه‬ ‫يشكل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ضررا على المريض إذ يضعف من قوته على مقاومة المرض ّ‬ ‫المسهل ففي وصفه خطر قبل التأكد من‬ ‫لضعف القلب وفقر الدم‪ .‬أما‬ ‫ّ‬ ‫حالة الجهاز الهضمي لدى المريض وإال تعرض للموت‪.‬‬ ‫روى عبد الرحمن بكداش العدو أن جداتنا كن يشترين أكواز الخشخاش‬ ‫ويطحنها ويغلينها فوق نار حامية كي تتحلل ثم يسقينها‬ ‫لدى العطارين‬ ‫ّ‬ ‫ليسرعن تنويمهم فيخرجن إلى السهرات عند‬ ‫الر ّضع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألطفالهن‪ ،‬السيما ُ‬ ‫األهل واألقارب‪.‬‬ ‫ويروي أنه سمع جارة تنادي أخرى‪ :‬يا أم فالن تعي اسهري‪ ،‬فتجيبها‬ ‫‪‬ولَ ْو! خشخشيه‬ ‫الجارة‪ :‬ما بقدر إجي قبلما ينام الصبي‪ .‬فترد األولى‪َ :‬‬ ‫وتعي اسهري‪( ‬أي اسقيه مملوك الخشخاش أي األفيون)‪.‬‬


‫‪54‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫جزئيا‪،‬‬ ‫عالجا ألحد‪ ،‬ولو مهما كان‬ ‫المذكورة‪َ ،‬ويبلُ ُغ الحكومةَ انه أعطى‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫حاال يصير جلبه وإجراء قصاصه بموجب القانون نامة الهمايوني من‬ ‫ً‬ ‫دون توقف دقيقة واحدة‪.1‬‬ ‫بين األطباء الوطنيين المسلمين‬ ‫في تلك الحقبة‪ :‬الطبيب علوان ابن‬ ‫المفتي الشيخ احمد األغ ــر‪ .2‬وكــان‬ ‫معتم ًدا‬ ‫أحمد أفندي االسكندراني‬ ‫َ‬ ‫لدى المحكمة الشرعية في القضايا‬ ‫تقريرا‬ ‫التي تتطلب‬ ‫طبيا‪ ،3‬والحاج‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫م ـح ـمــد ب ــن ع ـمــر ب ــن ي ــوس ــف شعر‬ ‫ال ـجــراح‪ ،4‬وك ــان لمحمد شعر هــذا‪،‬‬ ‫أياد بيضاء‬ ‫ولجراح آخر من آل كشلي‪ٍ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫على المتطببين‪ ،‬لكن غاية اعمالهما‬ ‫الدمل وقلع‬ ‫كانت الفصد والعلَ ق وشق ّ‬ ‫والك ّي والحجامة ونحوها‬ ‫األضــراس َ‬ ‫الدكتور نقوال ربيز‬ ‫من الجراحات الصغرى‪.5‬‬ ‫وكان أطباء أجانب ينشرون إعالنً ا ينبئ عن نجاحهم في عالج معين‪،‬‬ ‫شر خبر أن‬ ‫أو مباشرة عملهم أو وصولهم من الخارج‪ .‬ففي نيسان ‪ 1858‬نُ َ‬ ‫ابراهيم أفندي سر هزار – الطبيب األول في دار شفاء العساكر الشاهانية‬ ‫وزنها أربعون‬ ‫في بيروت – استخرج‬ ‫حجرا من مثانة الولد فارس عقل‪ْ ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪6‬‬ ‫درهما على شكل ُك َّمثرى ِ(إجاصة) وكانت مدة العملية دقيقتين ‪ .‬والطبيب‬ ‫ً‬ ‫سميث األميركاني سكن سنة ‪ 1858‬في حي الدحداح لدى دار يعقوب ثابت‬ ‫وأَ َع َّـد كل نهار سبت بعد الظهر لمعالجة الفقراء مجانً ا‪ .7‬وأعلن ‪‬الدوكتير‪‬‬ ‫– نظرا لما احتوى عليه من رقة الذات ومكارم‬ ‫بنايوت ترياندافيلي الجراح‬ ‫ً‬ ‫االخالق – معاينة الفقراء مجانً ا بين الساعة الثالثة والرابعة في صيدلية‬ ‫‪ 11‬‬

‫حديقة االخبار‪ 187 ،‬ت‪.1861 2‬‬

‫‪ 22‬‬

‫عبد القادر قباني‪ ،‬الكشاف‪.1927 ،‬‬

‫‪ 44‬‬

‫سجل‪305/1304 ،‬هـ رقم ‪.22‬‬

‫‪ 66‬‬

‫حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ 15‬نيسان ‪.1858‬‬

‫‪ 33‬‬

‫‪ 55‬‬ ‫‪ 77‬‬

‫سجل‪ 1281 ،‬رقم ‪.168‬‬

‫لسان الحال‪ 3479 ،‬تموز‪.1900‬‬

‫حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪.1858 ،21‬‬


‫‪ 99‬‬

‫حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،48‬كانون االول ‪.1858‬‬

‫‪ 110‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،109‬شباط ‪.1860‬‬ ‫‪ 111‬سجل‪ ،‬رقم ‪1291/1290 ،251‬هـ‪.‬‬

‫‪ 112‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،166‬حزيران ‪.1861‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 88‬‬

‫حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،66‬نيسان ‪.1859‬‬

‫‪55‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫الخواجا بيكولو في ساحة القمح‪ .8‬وهــو نفسه أعلن والدكتور جرجس‬ ‫كالبوكيدي انهما اعتمدا على االقامة في بيروت لمساعدة المرضى‪ ،‬وانهما‬ ‫يكونان كل اثنين وأربعاء وجمعة من الساعة الثانية الى الرابعة بعد الظهر‬ ‫في بيت أحدهما تراياندافيلي قرب بيت بسترس‪ ،‬وكل نهار ثالثاء وخميس‬ ‫وسبت في بيت كالبوكيدي مقابل قنصلية دولة انكلترا في بيت الخواجا‬ ‫ومن كان ِمن هؤالء غير قادر‬ ‫سيور‪ ،‬فيعالجان المرضى الفقراء مجانً ا‪َ .‬‬ ‫حاال بدون أجرة‬ ‫على الحضور لعندهما‪ ،‬يقدر أن يستدعيهما فيذهبا اليه ً‬ ‫وبدون التفات الى اختالف المذهب‪ .‬فإذا كانا غائ َـبـيـن يمكن انتظارهما أو‬ ‫وضع لهما اسم المريض بالعربية أو اليونانية أو الفرنسية ‪.9‬‬ ‫ومن ُ‬ ‫الط َرف أن رفعتلو ابراهيم بك الطبيب في بيروت أعلن سنة ‪1858‬‬ ‫أن صناعة الطب يتاجر بها كثير من المدعين ما اكتفوا بأنهم أهانوا‬ ‫شرفها وخفضوا شأنها بل غَ َد ْوا يتاجرون بها بأبخس ثمن‪ ،‬وصار يصعب‬ ‫على المريض دفع ما يستحقه الطبيب‪ ،‬وصاروا يتوهمون أن ما يدفعونه‬ ‫هو نظير إحسان أو جريمة‪ ،‬فيأخذون يحاولونه بدفع األجرة‪ ،‬وإذا دفعوا‬ ‫منة عظيمة يحسبونها عليه‪ .‬ويضيف بأنه لطالما‬ ‫أخيرا يكون الطبيب تحت ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حفظا لشرف هذه الصناعة‬ ‫تمنع عن الذهاب الى المرضى ألسباب كثيرة‬ ‫ّ‬ ‫وصاعدا إذا دعي الى مريض ال يذهب‬ ‫الشريفة‪ .‬وهو يعلن أنه من اآلن‬ ‫ً‬ ‫قبل دفع ما يتوجب عليه‪ .10‬كما ادعى الخواجا مير الطبيب البروسياني‬ ‫سنة ‪1290‬ه ــ‪1873/‬م أنه ذهب الى بيت عبد اهلل الريشاني اثنتي عشرة‬ ‫قرشا وعالج الولد بعالج قيمته ستون‬ ‫مرة لمعالجة ولده وأن أجرته ستون ً‬ ‫أيضا‪.11‬‬ ‫ً‬ ‫قرشا ً‬ ‫سنة ‪ 1861‬حضر الــى بـيــروت مــن مــدرســة بــاريــس الطبيب بطرس‬ ‫‪‬إتقان معارفه ومهارته‪ ،‬مع ما اشتمل عليه من الصفات‬ ‫أفيارينوس الذي‬ ‫ُ‬ ‫مقصدا من‬ ‫الحسنة وشطارته بممارسة وظيفته وحسن أخالقه‪ ،‬يجعله‬ ‫ً‬ ‫العموم‪ ‬وأبــدى استعداده لمعالجة الفقراء بالمجان ساع ًة قبل الظهر‬ ‫وساعة بعده في محله قرب محل الخواجه سيور‪ .12‬والطبيب اليوناني‬ ‫باسيلي نقل عمله سنة ‪ 1862‬من بيت السيد رمضان في السوق الطويلة‬


‫‪56‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫الــى محل قنصالرية االنكليز في‬ ‫بيت الخواجا سـيــور‪ .13‬وفــي السنة‬ ‫نفسها نشر يوسف الجلخ اإلعالن‬ ‫التالي‪ :‬أنا الواضع اسمي يوسف‬ ‫بشارة الجلخ‪ ،‬تلميذ مدرسة القصر‬ ‫الـعـيـنــي بـمـصــر‪ ،‬أعـ ــرض مــا يلي‪:‬‬ ‫بـمــا أن األك ـثــريــن يـجـهـلــون منزلي‬ ‫ال ـكــائــن فــي بـيــت ال ـخــواجــا عباس‬ ‫جعلت‬ ‫فيتعسر وصولهم الـ ّـي‪،‬‬ ‫رعد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫خصوصيا إلقــامـتــي به‬ ‫لــي مــركـ ًـزا‬ ‫ً‬ ‫نهارا بأحد محالت الخواجا بشارة‬ ‫ً‬ ‫قيقانو بحي القيراط تجاه مدرسة‬ ‫الدكتور يوسف الجلخ‬ ‫طبيب بلدية بيروت في العهد العثماني‬ ‫تيسيرا‬ ‫طائفة الــروم قرب منزلي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خريج كلية الطب في القصر العيني – القاهرة‬ ‫القتبال المرضى ولمن يستدعيني‬ ‫لزيارتهم‪ .‬وان وجودي به يكون بعد شروق الشمس إلى قبل الظهر بثالث‬ ‫ساعات‪ ،‬وبعده أتمم الزيارات المطلوبة مني في بيوت المرضى‪ ،‬وأرجع‬ ‫الظهر لمنزلي‪ ،‬ومــن بعده أعــود لمركزي آلخــر النهار‪ .‬فمن يستدعيني‬ ‫وال أكون حينئذ في المحل‪ ،‬فليضع تذكرة باسم الطالب والبيت والحي‬ ‫فأسير إليه وأعالج بعون اهلل جميع األمراض الباطنية والجراحية‪ .‬وحيث‬ ‫ـضــا علْ م‬ ‫إن إقامتي بالمدرسة لم تكن الكتساب علم الطب فقط بل أَ يـ ً‬ ‫الصيدلية أَ و علم تركيب األدوية‪ ،‬كما يشهد لي صك الشهادة التي بيدي‬ ‫من مجلس شورى األطباء بمصر ورئيسه كلوت بك الشهير‪ ،‬فإني اخترت‬ ‫ليركب منها األجزائي‬ ‫من أجود األدوية البسيطة ووضعتها بالمحل المذكور ّ‬ ‫الموجود به المختبر بحسن الصنعة كلما يؤمر به من العالجات الالزمة‪،‬‬ ‫راحة لفكري وفكر المرضى‪ ،‬ألنها مختارة من أجود العقاقير ومصنوعة‬ ‫بموجب قانون األقراباذيني‪ .‬وقد خصصت نهار كل سبت لمعالجة الفقراء‬ ‫المرضى مجانً ا بــدون أجــرة لوجه اهلل الكريم من بعد شــروق الشمس‬ ‫لقرب الظهر‪.14‬‬ ‫وعين يومين في‬ ‫وسنة ‪ 1866‬سكن في بيروت الدكتور موسى الخوري ّ‬ ‫األسبوع لمعالجة الفقراء من كل الطوائف مجانً ا في األجزائية الشرقية‬ ‫خاصة أنطون شكر اهلل في ساحة برج الكشاف‪ ،‬وعدا إعطاء الوصفات‬ ‫‪ 113‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،195‬كانون الثاني ‪.1862‬‬

‫‪ 114‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،137‬تشرين االول ‪.1862‬‬


‫ ) أأبو برنيطة وأبو طربوش‬

‫‪ 115‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،395‬شباط ‪.1866‬‬

‫‪ 116‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،443‬كانون الثاني ‪.1867‬‬

‫‪ 117‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ ،483‬تشرين الثاني ‪.1867‬‬

‫‪ 118‬لسان الحال‪ ،‬تشرين الثاني ‪.1897‬‬ ‫‪ 119‬لسان الحال‪ ،‬أيار ‪.1878‬‬

‫‪57‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫أشهر األطباء األجانب كان الدكتور كرنيليوس فان دايك الذي قضى في‬ ‫عاما‪ .‬وكان الناس يطلقون على الطبيب األجنبي‬ ‫بيروت أكثر من خمسين ً‬ ‫ويؤثرونه على الطبيب الوطن ‪‬أبو طربوش‪ .‬وشاع‬ ‫لقب ‪‬أبو برنيطة‪ْ ‬‬ ‫اعتقاد العامة أن َمن َيقنع بربع أو نصف مجيدي‪ ،‬رسم معاينة وزيــارة‪،‬‬ ‫شيئا في ُعرفهم بل كانوا يرغبون في من يأخذ ريـ ًـاال أو ريالين‬ ‫لم يكن ً‬ ‫العتقادهم بأن ‪‬الشاطر غالي‪ .‬ومن ُ‬ ‫الط َرف أن إحدى العجائز‪ ،‬لدى‬ ‫مريضا‪ ،‬أشارت على والدته بعدم االعتماد على تطبيب فالن بل‬ ‫زيارتها‬ ‫ً‬ ‫استدعاء طبيب آخــر قائلة لها‪ :‬لــو كــان فــان شــاطـ ًـرا لما رضــي بربع‬ ‫مجيدي‪ ،‬شوفي ما شاء اهلل الدكتور فالن ما بيحضر إال بــريـال‪.18‬‬ ‫مركزا‬ ‫في أيار ‪ 1878‬أعلن الطبيب الهندي حسين أفندي عن اتخاذه‬ ‫ً‬ ‫له في دار يوسف تيان قرب خان األصفر في ساحة الدباس‪ ،‬وأنه مشهور‬ ‫للحمل‪ ،‬وأنه خصص‬ ‫في معالجة أمراض العيون وأمراض النساء المانعة‬ ‫ْ‬ ‫العليل‬ ‫مجيديا إذا زار‬ ‫رياال‬ ‫يوم الجمعة للفقراء‪ .‬أما أجرة المعاينة فكانت ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وإال فــاألجــرة حسب‬ ‫العليل في عيادته ّ‬ ‫في بيته‪ ،‬ونصف ريــال إذا زاره‬ ‫ُ‬ ‫خصوصا أمــراض‬ ‫االتـفــاق‪ .‬وذكــر في اإلعــان أنــه يعالج جميع األمــراض‬ ‫ً‬ ‫العيون‬ ‫والعقم‪ ،‬وذلك ‪‬بشرط الفائدة‪ .19‬وبالفعل استفاد كثيرون من هذا‬ ‫ْ‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫أيضا على حساب أحد راغبي عمل الخير‪،‬‬ ‫مجانً ا‪ ،‬كان يعطي الدواء مجانً ا ً‬ ‫‪15‬‬ ‫وذلك إلى الذين هم غير قادرين على دفع ثمن الدواء ‪ .‬وفي السياق نفسه‬ ‫أبدى الدكتور يني الرومي سنة ‪ 1867‬استعداده لمعالجة الفقراء مجانً ا‬ ‫في صيدليته قبل سفره الى باريس للتمرين‪ .16‬وفي السنة نفسها حضر‬ ‫مركزا في‬ ‫الى بيروت بطرس أفارينو بقصد مباشرة صنعة الطب‪ ،‬واتخذ‬ ‫ً‬ ‫جدا كل من قصده‬ ‫جهة السنطية قرب لوكندة أندريا وأعلن أنه ‪‬يهاود ً‬ ‫بالمعالجة‪ ‬وأنه ‪‬يقبل طلب الزيارات الى البيوت لقرب الظهر‪ ،‬ويعالج في‬ ‫بيته من يرغب مشورته بذلك‪.17‬‬


‫‪58‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫الطبيب‪ ،‬بينهم رئيس شرطة بيروت‬ ‫اليوزباشي سعيد آغــا حاسبيني‪.20‬‬ ‫ـذكــرنــا ذل ــك بـمــا رواه اب ــن إيــاس‬ ‫ويـ ّ‬ ‫في كتابه ‪‬بدائع الزهور في وقائع‬ ‫الدهور‪ ‬إبــان حــوادث سنة ‪ 841‬هــ‪:‬‬ ‫‪‬ف ـقــد م ــرض ال ـس ـل ـطــان المملوكي‬ ‫فترجح‬ ‫برسباي واجتمع عنده األطباء‬ ‫ّ‬ ‫غصبا‬ ‫قليال وخرج الى الموكب‬ ‫أمره ً‬ ‫ً‬ ‫وأخلع على األطباء والموت حائط به‪.‬‬ ‫فتوهم‬ ‫ثم انتكس وعجز عن القيام‬ ‫ّ‬ ‫طبه‪ .‬وكان‬ ‫أن االطباء ّ‬ ‫يقصرون في ّ‬ ‫وقع بين األطباء خالف في استعمال‬ ‫شيء من الــدواء‪ .‬ثبت عند السلطان‬ ‫ان ــه انـتـكــس بسبب خــافـهــم فطلب‬ ‫عمر بن سيف والــي القاهرة وأمــره‬ ‫السفلس ومسالك البول‬ ‫يوسط الريس شمس الدين ابن‬ ‫أن ّ‬ ‫العفيف األسلمي والريس زين الدين‬ ‫خضر االسرائيلي‪ .‬فأرسل الريس خضر يسأل السلطان أن يبقيه ويخدم‬ ‫وصمم على توسيطهم‪ .‬فلما أمر السلطان‬ ‫السلطان بعشرة آالف دينار فأبى‬ ‫ّ‬ ‫فصمم‬ ‫ـرارا‬ ‫وقبلوا األرض مـ ً‬ ‫ّ‬ ‫بذلك شفع فيهما كاتب السر واألمير جوهر ّ‬ ‫فوسطا وحـ ّـا الى‬ ‫السلطان على توسيطهما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واستحث الوالي في ذلــك‪ّ ،‬‬ ‫دورهما ليدفنا‪ .‬وروى في حوادث سنة ‪ 872‬هـ أن السلطان ظن أن الحكماء‬ ‫طبه فتنازق عليهم ووعدهم بالتوسيط كما فعل األشرف برسباي‬ ‫ّ‬ ‫قصروا في ّ‬ ‫خضر وابن العفيف‪ .‬ففي تلك الليلة هرب أحد رؤساء الطب وهو‬ ‫بالريس‬ ‫ْ‬ ‫وسجن بالبرج الذي‬ ‫عليه‬ ‫بض‬ ‫قُ‬ ‫ثم‬ ‫ا‬ ‫أيام‬ ‫فاختفى‬ ‫الدين‬ ‫محب‬ ‫له‬ ‫يقال‬ ‫شخص‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫أياما حتى شفع فيه ابن العيني فأطلق ولزم داره ّ‬ ‫بط ًاال‪.‬‬ ‫بالقلعة فأقام به ً‬ ‫وفي السنة نفسها أَ َتم الدكتور يورغاكي توما ترزي علومه الطبية في‬ ‫فقدم بيروت‬ ‫أثينا وجهات أوروبا‪ ،‬ومهر بالفن والجراحة وأمراض النساء‪ِ .‬‬ ‫وعين ساعتين من صباح‬ ‫لتعاطي مهنته الطبية في محله بدار شكور طراد‪َّ ،‬‬ ‫كل ثلثاء وجمعة ليعالج مجانً ا الفقراء والذين ُيحضرون شهادة من الكهنة‬ ‫ورؤس ــاء الجمعيات الخيرية‪ .21‬وأعلن الطبيب لــورانــج أنــه ورد إليه من‬ ‫‪ 220‬ثمرات الفنون‪ ،‬آذار ‪.1879‬‬

‫‪ 221‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،80‬آب ‪.1878‬‬


‫‪ 223‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪ ،252‬تشرين األول ‪.1879‬‬ ‫‪ 224‬التقدم‪ ،‬عدد ‪ ،14‬شباط ‪.1883‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 222‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،106‬تشرين الثاني ‪.1879‬‬

‫‪59‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫ألمانيا طعم (لقاح) جديد يقوم‬ ‫به في الصيدلية البروسيانية‪.22‬‬ ‫وال ــاف ــت ه ـنــا‪ :‬مــب ــادرة جمعية‬ ‫الـمـقــاصــد الـخـيــريــة اإلســامـيــة‬ ‫فــي ب ـيــروت إث ــر تأسيسها سنة‬ ‫‪ 1879‬واهتمامها بمعالجة فقراء‬ ‫ليس لهم اقتدار على دفع أجرة‬ ‫ـذاكـ َـرت‬ ‫الطبيب وثمن الـعــاج‪ ،‬فـ َ‬ ‫أمرا‬ ‫مجلس بلدية بيروت فأصدر ً‬ ‫اختصاصية بجراحة النساء‬ ‫الى طبيب البلدية الدكتور نخلة‬ ‫ـدور باعتماد شـهــادة الجمعية‬ ‫مـ ّ‬ ‫الى الفقراء لصرف ثمن العالج من صندوق البلدية‪ .‬كما ذاكرت الدكتور‬ ‫سنس الفرنساوي فوافق على طلبها‪ ،‬ومثله وافق الصيدلي جرجي طنوس‬ ‫عون على التبرع بإعطاء العالجات الالزمة مجانً ا للفقراء الحاملين شهادة‬ ‫من الجمعية‪ .‬وتبرع الصيدلي مسعود الحيمري بمقدار معلوم من العالجات‬ ‫جراح الضابطة أبدى استعداده لخدمة الفقراء‬ ‫مجانً ا‪ .‬وأحمد االسكندراني ّ‬ ‫مجانً ا‪ .‬ومن أجل َتف ُّقد أحوال المرضى وإعطاء الشهادات الالزمة للطبيب‬ ‫شكلت الجمعية بين أعضائها لجنة من أحمد دريــان والشيخ‬ ‫وللصيدلي ّ‬ ‫أحمد عباس وبشير البربير وعبد البديع اليافي وعبد اهلل غزاوي ومحمود‬ ‫رمضان ومحمد اللبابيدي‪.23‬‬ ‫وطنيا لمعاينة المرضى‬ ‫طبيب األس ـنــان إيليا يواكيم اتـخــذ مــركـ ًـزا‬ ‫ً‬ ‫ـدد من‬ ‫المذكورين في ساحة البرج تجاه صيدلية داود نحول‪ ،‬ووعــد ع ٌ‬ ‫األطباء بمشاهدة المرضى وهم‪ :‬الدكتور طبجي في الجراحة‪ ،‬والدكتور‬ ‫فان دايك في أمراض العيون‪ ،‬والدكتور إيليا يواكيم في أمراض األسنان‪،‬‬ ‫والــدك ـتــور ق ــدورة فــي األمـ ــراض الـبــاطـنــة‪ ،‬والــدك ـتــور جلخ فــي األم ــراض‬ ‫الباطنة ‪.24‬‬ ‫وكان األطباء حنا حنين وحبيب حنين وهلون صبرا أعلنوا سنة ‪1888‬‬ ‫‪‬أنهم درسوا الطب والجراحة وأمراض النساء ومارسوها سبع سنوات في‬ ‫مركزا في بيت نصر اهلل غدراسي على‬ ‫لندن‪ ،‬وعادوا الى وطنهم متخذين‬ ‫ً‬


‫طريق الشام في حي الدحداح‪ ،‬وأوجــدوا معهم سيدة متعلمة في لندن‪،‬‬ ‫اسمها هلون‪ ،‬لكي تعين على فحص السيدات اللواتي ال يسمحن للطبيب‬ ‫أن يفحصهن‪.25‬‬

‫‪60‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬ ‫األطباء‬

‫‪ 225‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1060‬أيار ‪.1888‬‬


‫‪ 226‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1202‬كانون الثاني ‪.1890‬‬ ‫‪ 227‬ثمرات الفنون‪ ،‬تشرين الثاني ‪.1905‬‬

‫‪ 228‬االتحاد العثماني‪ ،‬عدد ‪ ،8‬أيلول ‪.1908‬‬

‫‪ 229‬ثمرات الفنون‪ ،‬كانون عدد ‪ ،1546‬الثاني ‪.1906‬‬

‫‪ 330‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪ ،1656‬كانون الثاني ‪.1908‬‬

‫‪ 331‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،2531‬حزيران ‪.1897‬‬

‫‪61‬‬

‫الدكتور بشير بك القصار‬ ‫رئيس الكلية اإلسالمية – بيروت‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫وبـيــن مــن ُوفِّ ـ ـ َـق مــن الشباب‬ ‫ب ـ ــدرس الـ ـط ــب ونـ ـي ــل ال ـش ـهــادة‬ ‫فيه‪ :‬أديــب ق ــدورة مــن الجامعة‬ ‫األمــي ــركــي ــة ف ــي ب ـ ـيـ ــروت‪ ،‬عبد‬ ‫الرحمن األنـســي‪ ،‬حسن األسير‬ ‫من مصر‪ ،26‬سامح فاخوري من‬ ‫اآلسـ ـت ــان ــة‪ ،27‬بـشـيــر ال ـق ـصــار‪،28‬‬ ‫عبد الـ ــرؤوف حــم ــادة ‪ ،29‬نجيب‬ ‫العرداتي‪.30‬‬ ‫وك ــان الــدك ـتــور زي ـتــون خريج‬ ‫كلية أدنـبــرة للطب زاول المهنة‬ ‫في أوروبــا سبع سنوات‪ ،‬وباشر‬ ‫المعاينة سنة ‪ 1897‬في دار سعد‬ ‫الدين زيتون قــرب دار الخواجا‬ ‫موت في زقاق البالط‪.31‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫الدكتور حسن األسير ‪١٩٠5‬‬

‫الدكتور نجيب عرداتي من فينا ‪١٩٠٨‬‬


‫وبين أطباء أجانب امتهنوا الطب في البلدة‪ :‬الدكتور برترام فان دايك‬ ‫بوست (ابن الدكتور بوست الشهير)‪ .‬جاء إلى بيروت سنة ‪ 1900‬واتخذ‬ ‫مركزه في ملك بولس مسك قرب دار مدرسة األحد والمطبعة األميركانية‬ ‫في زقاق البالط‪ .32‬وكان النطاسي الجراح منير بك يقبل المرضى الفقراء‬ ‫مجانً ا في صيدلية الهالل لصاحبها سليم فاخوري ساعتين نهار االربعاء‬ ‫من كل اسبوع‪.33‬‬

‫‪62‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫ ) بطبيب العيون هو طبيب األذن والحنجرة‬ ‫مستقل عن طب ُ‬ ‫ظل طب العيون‪ ،‬حتى أوائل القرن العشرين‪ ،‬غير‬ ‫األذن‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫والحنجرة‪ .‬فالدكتور نيقوالكي أعلن سنة ‪ 1903‬أنه الطبيب في المستشفى‬ ‫العسكري‪ ،‬وأحــد أعـضــاء جمعية أم ــراض العيون فــي بــاريــس‪ :‬طبيب‬ ‫محال للمشاهدة على‬ ‫خصوصي ألمراض العين واألذن والحنجرة قد اتخذ ً‬ ‫طريق الشام بالقرب من صيدلية اسكندر‬ ‫الحلو‪ ،‬وهــو يعالج المرضى فــي كــل يوم‬ ‫عدا أيام اآلحاد من الساعة ‪ 3‬الى الساعة‬ ‫‪ 5‬بعد الظهر‪ .‬ويشرح في اإلعــان ذاته‬ ‫سبب تحديده هذا الوقت بالذات للفحص‪:‬‬ ‫‪‬مراعاة ألحــوال المرضى ألن معالجتهم‬ ‫بعد الظهر أنسب وأولى ألن الشمس تكون‬ ‫مالت الى الزوال وانكسرت حدتها‪.34‬‬ ‫الدكتور نيقوالكي في عيادته‬

‫‪ 332‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،3622‬كانون الثاني ‪.1901‬‬

‫‪ 333‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،3693‬آذار ‪.1903‬‬

‫‪ 334‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،4265‬آذار ‪.1903‬‬


‫الدكتور محمود طبارة‬

‫بيروت أيام زمان‬ ‫‪63‬‬

‫طبيب عيون‬

‫سنة ‪ 1905‬اتخذ الدكتور تيوفيل دبانة عيادتين‪ُ :‬‬ ‫األولــى تجاه حمام‬ ‫ـاحــا‪ُ ،‬‬ ‫واألخـ ــرى قــرب ديــر السانطة‬ ‫النزهة (ال ـبــاشــورة) يعاين فيها صـبـ ً‬ ‫‪35‬‬ ‫(الجميزة) بعد الظهر وخصص يوم السبت للفقراء ‪ .‬وكان الدكتور فريد‬ ‫روحانا يعالج األمراض الداخلية وأمراض المجاري البولية في بيته قرب‬ ‫حــاووز الدحديلة‪ .‬وتخصص الدكتور سامح فاخوري بأمراض المسالك‬ ‫‪ 335‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،4748‬كانون االول ‪.1905‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫تطبيب الفقراء مجانً ا‬


‫‪64‬‬

‫‪ ١٠‬سنوات – ‪ ٥٠٠٠‬مريض‬

‫عبداللطيف فاخوري‬

‫البولية ‪ .36‬واتخذ الدكتور حلمي عياد ًة في زقاق البالط إلزالة الوشم عن‬ ‫األيدي واألرجل والوجوه واألعناق‪ .37‬وأنشأ الدكتور اسكندر رزق اهلل مكتبة‬ ‫عامرة بنفائس الكتب الطبية واستحضر آالت جراحية للعمليات‪ ،‬لكن‬ ‫مكتبته عرضت للبيع بعد وفاته سنة ‪.38 1906‬‬ ‫وكان جبر العظام يقتصر على وضع جبائر خشب أو جبس حول العضو‬ ‫المكسور فينمو العظم من طرفي الكسر ويتصل ويستوي‪ .‬وإذا انقطعت‬ ‫بديال‪ .‬ويروى أن‬ ‫رجل كان أحد النجارين سنة ‪ 1898‬يصنع‬ ‫عضوا ً‬ ‫يد أو ْ‬ ‫ً‬ ‫صبي ًة في السادسة عشرة التمست من الوالي اصطناع رجل خشبية بدل‬ ‫َّ‬ ‫رجلها اليمنى التي ُب ِت َرت إثر داء عضال‪ ،‬فأمر رئاسة البلدية بذلك فكلف‬ ‫‪‬المعلم أحمد علوان من مهرة نجاري الثغر فجاءت طبق المرغوب موافقة‬ ‫للفن والذوق مشابهة كل المشابهة لرجل الفتاة فسلمت إليها وما لبثت أن‬ ‫علقتها ومشت عليها‪.39‬‬ ‫‪ 336‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،6181‬كانون االول ‪.1909‬‬

‫‪ 337‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،6146‬آب ‪.1910‬‬

‫‪ 338‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،5082‬نيسان ‪.1906‬‬

‫‪ 339‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪ ،1197‬حزيران ‪.1898‬‬


‫ ) جالتوليد‬

‫‪ 440‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪ ،1228‬نيسان ‪.1899‬‬ ‫‪ 441‬سجل‪ ،‬رقم ‪1310/1308 ،51‬هـ‪.‬‬

‫‪ 442‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1263‬آب ‪.1890‬‬

‫‪ 443‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،2408‬كانون الثاني ‪.1897‬‬

‫‪ 444‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1754‬تشرين الثاني ‪.1894‬‬

‫‪ 445‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،3369‬آذار ‪.1900‬‬

‫‪65‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫بينهن زنّ وب‬ ‫قابالت اكتسبن علْ مهن بالمران والخبرة‪،‬‬ ‫التوليد‬ ‫تولّ ت‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫‪41‬‬ ‫الداية بنت عمر ابراهيم دنــدن ‪ ،‬ومدام برداخ سنة ‪ 1890‬الحائزة على‬ ‫الديبلوما ومسكنها في سوق إدريــس‪ ،42‬والحاجة جميلة القابلة القانونية‬ ‫خريجة القصر العيني التي باشرت العمل في بيروت سنة ‪ 1893‬في محلة‬ ‫الدركاه وانتقلت سنة ‪ 1897‬الى ملْ ك أبي عارف النعماني على طريق رأس‬ ‫بيروت جانب قنصل بلجيكا‪ .43‬واعلنت القابلة سوسان سنة ‪ 1894‬نيلها‬ ‫محال في الخندق الغميق‪ .44‬وجاءت‬ ‫شهادة من المكتب الشاهاني واتخذت ً‬ ‫‪45‬‬ ‫سنة ‪ 1900‬القابلة فاطمة داود مأذونة من المكتب الطبي الشاهاني ‪.‬‬ ‫الطبيب‬ ‫عل َقت في عين مريض فجعل‬ ‫أن قشة ِ‬ ‫من طرائف أطباء العيون ّ‬ ‫ُ‬ ‫يوما عن العيادة فحل ابنه محله‪ .‬جاء‬ ‫تغيب ً‬ ‫يقطر له فيها ً‬ ‫يوما بعد يوم‪ ،‬حتى ّ‬ ‫ً‬ ‫ملقطا وسحب القشة وشفي المريض‪.‬‬ ‫المريض ليقطر كالعادة فأخذ االبن‬ ‫ووبخه‪ :‬خربت لي بيتي‪.‬‬ ‫ولما عاد أبوه وشرح له ابنه ما قام به غضب ّ‬ ‫عاشقا أعــور كــان يــردد‪ :‬يــا مين يجيبلي حبيبي‬ ‫ومــن الطرائف أن‬ ‫ً‬ ‫وأعطيه من عيوني عين‪ .‬فاستنكر َمن سمعه ألن من يعشق الحبيب عليه‬ ‫أن يسعى إليه ال أن يكلّ ف من يحضره له‪ .‬سأله أحدهم‪ :‬كيف تريد أن‬ ‫عينا وأنت أعور‪‬؟ فأجابه‪ :‬ومن قال أي عين سوف أعطيه إياها‪‬؟‬ ‫تعطيه ً‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫صانع األطــراف االصطناعية كان عبد الرحيم دنــدن‪ ،‬ويعلن‪:‬‬ ‫أشهر‬ ‫ٍ‬ ‫‪‬مستعد لعمل األيدي واألرجل الصناعية المكملة من جميع حركاتها الطبية‬ ‫ً‬ ‫حفظا‬ ‫الموافقة لإلنسان وكذلك عمل زنانير من الجلد المرن (الكاوتشوك)‬ ‫وحفاضات (بانداج) وغير ذلك من أوائل الجبر والكسر‬ ‫للبطن من االنتفاخ ّ‬ ‫والروماتزم‪ ،‬ولديه شهادات من مهرة األطباء كعزتلو خيري بك رئيس أطباء‬ ‫المستشفى العسكري‪ ،‬والدكتور بوست‪ ،‬والدكتور هاش‪ ،‬تفيد مهارتنا في‬ ‫يشرف محلنا الكائن في ساحة السور قرب األجزائية‬ ‫هذا الشأن‪ ،‬ومن ِّ‬ ‫الفرنساوية َير ما يسره من إتقان العمل ومهاودة الثمن‪.40‬‬


‫‪66‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫رفة أُ خــرى بعد الحرب العالمية األولــى في بيروت‪ :‬إجهاض‬ ‫وفي ُط ٍ‬ ‫امرأة ووفاتها بسبب طبيب شهير ذائع الصيت‪ ،‬وتاجر رأسمالي محترم‪،‬‬ ‫وقابلة قانونية متخرجة من جامعة كبرى تحمل شهادة رسمية‪ .‬خضعوا‬ ‫للمحاكمة فصدر الحكم بإدانة الطبيب‪ ،‬تاله رئيس المحكمة‪ :‬إن ما جاء‬ ‫به األطباء األربعة من نظريات طبية لم تأخذ به المحكمة‪ ،‬ألنه تبين لديها‬ ‫والطب‬ ‫ميل وعطف األطباء على زميل لهم‪ ،‬واستشهدوا بالفن والطب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مطاط واسع ال يستند عليه‪.‬‬ ‫وثمة طرف ٌة حول االمتحان النهائي في كلية الطب‪ ،‬عن حسن حلمي‬ ‫شاكر حفيد إسماعيل باشا المفتش ونسيب الخديوي‪ .‬وهو تابع دراسته في‬ ‫فرنسا وسويسرا وأتقن الفرنسية كتابة وحديثً ا وجاء إلى بيروت وانتسب‬ ‫متخرجا منه سنة ‪ .1913‬اتخذ عيادة مع الدكتور‬ ‫إلى معهد الطب الفرنسي‬ ‫ً‬ ‫سامح فاخوري في محلة الثكنات (أو التكنات) بين شارعي الكبوشية‬ ‫والمصارف (الثكنات نسبة إلى ثكنات أنشاها هناك ابراهيم باشا لجيشه‬ ‫لــدى دخوله بـيــروت)‪ .‬تــزوج حسن من خالة والــده فاطمة موسى‪ .‬وكان‬ ‫الصيدلي بديع شملي أخبر والده أن الدكتور حسن حلمي نجح في امتحان‬ ‫الطب النهائي بدون أن يجيب وال بكلمة واحدة عن أسئلة اللجنة الفاحصة‪.‬‬ ‫عما قاله بديع‬ ‫عندما سافر والده الى القاهرة زار الدكتور حلمي واستفسر ّ‬ ‫شملي فروى له ما حدث‪ .‬قال‪ :‬من المعروف أن معهد الطب الفرنسي في‬ ‫سنويا‬ ‫بيروت تابع لجامعة ليون في فرنسا‪ ،‬والعادة أن تأتي لجنة فاحصة‬ ‫ً‬ ‫إلجــراء االمتحان النهائي لطالب السنة األخيرة‪ .‬وكانت أسماء أعضاء‬ ‫اللجنة الفاحصة تعلق قبل أيام من موعد االمتحان في لوحة المعهد‪.‬‬ ‫ـرأت أسماء أعضاء اللجنة فدخلت إلى مكتبة‬ ‫يروي الدكتور حلمي‪ :‬قـ ُ‬ ‫المعهد وراجعت أسماء المؤلفين فوجدت أن ألحد األساتذة اآلتين للفحص‬ ‫وكونت في رأْ سي أسئلة‬ ‫ً‬ ‫كتابا حول ‪‬صبغة اليود‪ .‬قرأت بعض صفحاته ّ‬ ‫واضعا أمامه‬ ‫حول بعض ما جاء فيه‪ .‬جلس األستاذ الفاحص إلى طاولة‬ ‫ً‬ ‫سؤاال‬ ‫ً‬ ‫ساعته‪ .‬بدأ االمتحان الشفهي‪ .‬نادى األستاذ الطالب األول وسأله‬ ‫صفرا‪.‬‬ ‫منحه عليه خمس دقائق‪ .‬لكن الطالب لم يعرف اإلجابة فوضع له‬ ‫ً‬ ‫نادى الطالب الثاني وسأله السؤال نفسه ولم يعرف اإلجابة‪ ،‬فصرفه ووضع‬ ‫مر ثمانية طالب لم يعرفوا جواب السؤال نفسه ونال كل‬ ‫له‬ ‫صفرا‪ .‬وهكذا ّ‬ ‫ً‬ ‫صفرا‪ .‬جاء دور حسن حلمي وسئل السؤال نفسه فقال‪ :‬قبل‬ ‫منهم‬ ‫واحد‬ ‫ً‬ ‫الجواب عن سؤالكم‪ ،‬وبما أنه لن يحصل لي الشرف لالجتماع بكم مرة‬ ‫ثانية‪ ،‬لفت نظري عند مراجعة كتابكم عن صبغة اليود قولكم في الصفحة‬ ‫ك ــذا‪ ...‬وكـ ــذا‪ ....‬هنا وضــع األسـتــاذ نظارته على الطاولة وأخــذ يشرح‬ ‫نظريته حول منافع صبغة اليود ويطيل الشرح وامتد به الوقت‪ .‬فجأة توقَّ ف‬


‫وتطلَّ ع في ساعته‪ ،‬وإذا الوقت المحدد لكل طالب انتهى‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫‪Dr Hilmi‬‬

‫‪‬البروباغندة‪ ‬لفظة التينية معناها الحرفي‪ :‬التكاثر والنمو‪ ،‬ومعناها‬ ‫اسما لها لغاية‬ ‫اإلصطالحي‪ّ :‬‬ ‫بث الدعوة ونشرها‪ .‬اتخذتها جمعية دينية ً‬ ‫تبشيرية‪ ،‬ثم صارت تطلق على وسائل استعملتها جمعيات وأحزاب لنشر‬ ‫دعوتها‪ ،‬ثم أخذت ُتطلق على كل ما من شأنه نشر عقيدة جديدة أو الترويج‬ ‫لمشروع أدبي أو تجاري‪ .‬وأخذت الشركات ترصد نصف موازناتها لنفقات‬ ‫الدعاية معتبر ًة أن اإلعالن من أهم الوسائل لتسويق البضائع وترويجها‪.‬‬ ‫‪ 446‬االتحاد العثماني‪ ،‬عدد ‪.1911 ،696‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫ ) داألطباء والترويج لألدوية‬

‫‪67‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫‪( je vous remercie vingt sur vingt avec felicitation du jury‬دكتور‬ ‫حلمي‪ ،‬أشكرك‪ .‬عشرون على عشرين مع تهاني اللجنة الفاحصة)‪ .‬وهكذا‬ ‫نجح الدكتور حلمي بامتياز‪ ،‬فيما كان رفاقه يتأملون مندهشين كل ما حصل‪.‬‬ ‫ومن أغرب ما عرفته بيروت ما شاع سنة ‪ 1911‬من أن النساء الصينيات‬ ‫تقريرا الى الوالي‬ ‫ُيخرجن الدود من العيون‪ .‬رفع الجراح الشهير حلمي بك‬ ‫ً‬ ‫بشأن تلك النساء الالتي يتجولن في الشوارع واألسواق وجاء في تقريره‪:‬‬ ‫ـت منذ بضعة أيــام ما تأتيه بعض النساء الصينيات المتجوالت في‬ ‫‪‬رأيـ ُ‬ ‫ومحالت االزدحام تحت اسم الصنعة‪ .‬بدا لي أن أعرض حقيقة‬ ‫األسواق‬ ‫ّ‬ ‫خرجن الدود من‬ ‫الحال‪ .‬ليكن‬ ‫معلوما لديكم أن هؤالء النسوة ّ‬ ‫يدعين أنهن ُي ِ‬ ‫ً‬ ‫نحاسيا ألجل إخراج الدود‪ .‬شاهدت‬ ‫خشبيا وآخر‬ ‫ميال‬ ‫العيون ويستعملن ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫احتياال ويزعمن أنها دود‬ ‫ً‬ ‫بعيني أن القطع البيضاء الصغيرة التي يخرجنها‬ ‫هي في الحقيقة مادة دهنية توجد بكثرة في كافة أطــراف الجسم وفي‬ ‫ينش ْرن بهذه الدسيسة‬ ‫أجفان العيون‪.‬‬ ‫وفضال عما يتقاضين من األهالي‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ويعممن العلل السارية بصورة مدهشة‪ ،‬إذ ُيجرين تلك العمليات في عيون‬ ‫مائة شخص على األقل كل يوم بوضع الميل الخشبي تحت أهداب الجفن‬ ‫ويحر ْكنه بصورة دورية دائمة ويحفرن دهن الجفن العلوي بيدهن‬ ‫العلوي‬ ‫ِّ‬ ‫أضالعا مخصوصة ليقوم مقام‬ ‫األخــرى بميل مربع األطــراف جعلْ َن فيه‬ ‫ً‬ ‫المبرد ُويفرغن المادة الدهنية ويتظاهرن بأنهن أخرجنه من تحت جفن‬ ‫العين‪ .‬اقتنع الجمع الغفير من األهالي وكانوا يتسابقون الى الجلوس أمام‬ ‫النسوة‪ .‬وعلى هذه الصورة كان ينتشر مرض التهاب األجفان المزمن‪ .‬وقد‬ ‫بالغت النسوة إلى حد إدخــال ذاك الميل في أسنان االهالي حتى تبيين‬ ‫اللثات وتسكين الدماء فينقلن مرض السل والزهري من واحد إلى آخر‪.‬‬ ‫وبالفعل قبض على النسوة وأُ ِحلن الى المحاكمة ‪.46‬‬


‫‪68‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫عرفته جمعية التسويق األميركية بأنه‬ ‫ّ‬ ‫‪‬الطريقة الموضوعية لعرض األفكار‬ ‫وترويج السلع والخدمات لقاء أجر‪.‬‬ ‫التأثير على المستهلك‬ ‫غاية اإلعــان‬ ‫ُ‬ ‫وإغراؤه بميزاتها‬ ‫السلعة‬ ‫بشراء‬ ‫وإقناعه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتعريفه بأماكن بيعها ووكالئها‪ .‬ولكي‬ ‫ُ‬ ‫يحقق اإلعالن غايته يجب أن يصل الى‬ ‫الجمهور‪ .‬وتتولى ذلك وسائط اإلعالن‬ ‫مــن الصحيفة الـيــومـيــة ال ــى المجلة‬ ‫األس ـبــوع ـيــة والـ ــدوريـ ــة إل ــى اإلذاعـ ــة‬ ‫والسينما فالتلفزيون فاالنترنت‪ .‬أصبح‬ ‫اإلعالن يدخل كل بيت ويشاهد في كل‬ ‫مـكــان ويسمع بكل لـســان حتى يصح‬ ‫القول‪ :‬يدرككم اإلعالن ولو كنتم في‬ ‫لزقة أميركانية‬ ‫تلبي السلعة حاج ًة‬ ‫ُب ــروج‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وبقدرما ّ‬ ‫اجتماعية‪ ،‬تروج لدى الجمهور ويتم اختيار شكل اإلعالن ليسهل وصوله‬ ‫الى عقل المستهلك وعاطفته وحاجته وجيبه‪ .‬وال تخلو بعض اإلعالنات من‬ ‫الطرائف والغرائب وال سيما في األمور الطبية والصحية‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1938‬نشر الدكتور يوسف أبو مراد إعالنً ا جاء فيه‪ :‬هل أنت‬ ‫حاال لعيادة الدكتور‬ ‫مريض بعينيك أم متضايق من طنين أذنيك؟ إذهب ً‬ ‫يوسف أبو مراد‪ ،‬الكائنة تجاه سينما ماجستيك‪ ،‬أول طريق الشام‪ .‬وكان‬ ‫خضر النحاس في بيروت متعهد توزيع الصحف والمجالت وال سيما‬ ‫الصادرة عن دار الهالل (اميل وشكري زيدان) في مصر‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1931‬نشرت مجلة كل شي والعالم إعالنً ا بعنوان‪ :‬عالج داء‬ ‫كثيرا من األطباء المهمين وأساتذة‬ ‫السكري بالبترولكــس‪ .‬جاء فيه أن ً‬ ‫جامعات الطب أجمعوا على أن الشفاء بالكاز (البترول) لــداء السكري‬ ‫وحتى للربو أتى بنتائج باهرة‪ .‬وهــذه المعالجات ذكرها الدكتور أرنولد‬ ‫فيفي في تقريره لجمعيته الباريسية في جلسة ‪ 13‬آذار ‪ .1929‬ويوضح‬ ‫اإلعــان كيفية استعماله بــأن ‪‬ال يشرب الكاز الـعــادي لطعمه ورائحته‬ ‫نقيا‬ ‫الكريهة وعلى األخص ألخطار تصيب المعدة فيجب أن يكون الكاز ً‬ ‫ويوضع في محافظ خصوصية التي تذوب في األمعاء فيظهر التحسن من‬ ‫كثيرا وانقطعت أخباره ولعله عدل عن‬ ‫أول أسبوع‪ .‬ولم يتكرر هذا اإلعالن ً‬ ‫معالجة الداء بالبترول الى عالج آخر‪.‬‬


‫‪ ...‬وبالبترولكس‬

‫‪69‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫وكان سعد الدين الحوري في بيروت وكيل دواء المارسولين الذي وصف‬ ‫سنة ‪ 1936‬في اإلعالن عنه من الطبيب عبد الحفيظ طبارة بأنه أنجح‬ ‫وأحدث دواء للسكري‪.‬‬ ‫واستعان الدكتور موسى الخوري لترويج مرهم وشاي اخترعهما الدكتور‬ ‫عموما أن يتخذوا‬ ‫كرنيلوس فان دايك فأعلن‪ :‬هلل تعالى ننصح اإلنسانية‬ ‫ً‬ ‫(مرهم الخـوري) و(شــاي الـخــوري) النبات الــذي اكتشفه موسى افندي‬ ‫مجددا (اندثر وكان اسمه عند القدماء من ألفي سنة افريقيون)‬ ‫الخوري‬ ‫ً‬ ‫وحيث اشتهرت فوائدهم الى عدة أمراض في شهاداتنا وشهادة جملة دكاترة‬ ‫سريعا وال سيما في األمراض‬ ‫وتشكرات خصوصية ممن شفوا بواسطتهم‬ ‫ً‬ ‫الصدرية والنزلة الوافدة واإلسهاالت وكل الهيضات والدوزنطاريا وكل‬ ‫الجروح والحروق والقروح والقراع والبواسير وكل األمراض الجلدية على‬ ‫حسب االختبار الذي بموجب شهادات من جملة أطباء برسالة مخصوصة‪.‬‬ ‫واهلل خير الشهود حرر في بيروت في ‪ 26‬ت‪ 1‬سنة ‪.95‬‬ ‫كما استعان بالدكتور نجيب بربور الذي قال‪ :‬أنا الفقير اليه تعالى‬ ‫أنصح الجمهور بفوائد (مرهم الخوري) و(شاي الخوري) بكل األمراض‬ ‫المقررة بالرسالة كما أشار استاذنا الفيلسوف كرنيلوس فان دايك الدكتور‬ ‫مروق الدم‪،‬‬ ‫يوميا حيث إنه ّ‬ ‫الشهير وال سيما لو استعملت العامة هذا الشاي ً‬ ‫مقوي األعصاب يدفع أعراض األمراض المقررة به‪ .‬وأما قطرة العيون التي‬ ‫اخترعها موسى أفندي الخوري فهي تشفي أغلب أمراض العيون كالرمد‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫عالج السكري بالمارسولين‪...‬‬


‫‪70‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وااللـتـهــاب الصفقي والـجــرب‪.‬‬ ‫وعليه حررنا هذه النصيحة كما‬ ‫مقرر في الرسالة المخصوصة‬ ‫فــي ش ـهــادات ـنــا وشــه ــادة أشهر‬ ‫األطباء واهلل خير الشاهدين‪.‬‬ ‫بيروت في ‪ 28‬ت‪ 1‬سنة ‪.95‬‬ ‫وفي السنة نفسها (‪)1929‬‬ ‫وت ـحــت عــن ــوان ‪‬فــك ــرة إقــامــة‬ ‫تـمـثــال فــي محلها‪ ‬ج ــاء في‬ ‫اإلعالن‪ :‬قررت أمهات األوالد‬ ‫إق ــام ــة ت ـم ـثــال لـمـلــك األل ـعــاب‬ ‫نظرا‬ ‫في الشرق قيصر عامر ً‬ ‫ل ـ ـسـ ــرور أوالدهـ ـ ـ ــم ب ــاأللــع ــاب‬ ‫الـ ـج ــدي ــدة ال ـمــده ـشــة الــذيــن‬ ‫مؤخرا‪.‬‬ ‫استجلبوها من محالته‬ ‫ً‬ ‫والتمثال الـمــذكــور يــرمــز على‬ ‫وجود مائة ولد كانوا مصابين‬ ‫بـ ـ ــأمـ ـ ــراض مــخــتــلــف ــة ول ـ ــدى‬ ‫تماما‪.‬‬ ‫مشاهدتهم ألعابه شفوا ً‬ ‫اختصاصي بتوليد الذكور‬ ‫فهل ينتبهون لصحة أوالده ــم‬ ‫الذين لم يأخذوا األلعاب من محالته الموجودة على طريق الشام أمام‬ ‫الروكسي التي فيها أكبر معرض لأللعاب والزعبرة السخرية المضحكة‪.‬‬ ‫ولمن يهمه األمر نشر سنة ‪ 1935‬أن المولوسكس ‪ Molosex‬هو ‪‬العالج‬ ‫ذكرا‪.‬‬ ‫الوحيد الضامن لك ً‬ ‫نسال ً‬ ‫ )ـهالطب وتجديد الشباب دعاء ال يستجاب‬ ‫سر إلعــادة الشباب‪.‬‬ ‫ظل اإلنسان منذ فجر التاريخ يبحث عبثً ا عن ّ‬ ‫يوما ‪‬أكسير الحياة‪ ،‬وتغنى به الشعراء والفنانون والمغنون‬ ‫أطلق عليه ً‬ ‫الجوالون في أناشيدهم‪ .‬وتراث اإلنسانية مليء بحكايات تروي أساطير‬ ‫األولين عن ‪‬عين الحياة‪ ‬و‪‬ينبوع السعادة‪ ،‬من شرب منهما عاد إليه‬ ‫الشباب‪ ،‬وكذك ‪‬النافورة السحرية‪ ‬التي يتمتع ماؤها بخاصية عجيبة في‬ ‫هبة الحياة الخالدة‪.‬‬ ‫تقدم اإلنسان في العمر والحضارة‪ ،‬قويت رغبته في البحث عن‬ ‫ومع ُّ‬ ‫وسائل لتجديد الجسم وإطالة الحياة والتغلُّ ب على الشيخوخة‪ ،‬باللجوء إلى‬


‫عقاقير تؤخذ بمقادير ال يعرفها إال أصحابها وال يبوحون بها ألحد‪ ،‬فإذا‬ ‫قصرت عن أداء الغاية المطلوبة حلّ ت التعاويذ والتمائم وممارسات السحر‬ ‫َّ‬ ‫والشعوذة إلضفاء األمل الكاذب‪ .‬وكم تمنى الشعراء عودة الشباب ولسان‬ ‫حالهم يردد‪:‬‬

‫أال ليت الشباب يعود يومًا فــأخــره مبــا فعل املشيب‬

‫‪ 448‬حديقة االخبار‪ ،‬أيار ‪ 1860‬عدد ‪ 124‬ولسان الحال‪ ،‬كانون الثاني ‪ 1888‬عدد‬ ‫‪.1026‬‬

‫‪ 449‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ 3538‬سنة ‪ 1900‬وعدد ‪ 1157‬سنة ‪ 1912‬واالتحاد العثماني‪،‬‬ ‫عدد ‪ 342‬تشرين الثاني ‪.1909‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 447‬لسان الحال‪ ،‬نيسان ‪1891‬م عدد ‪.1328‬‬

‫‪71‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫فسيحا إلجراء التجارب وتحقيق اكتشافات‬ ‫وكان علْ م الكيمياء ميدانً ا‬ ‫ً‬ ‫هامة‪ .‬استعمل المصريون الكيمياء للتحنيط بمثابة إطالة حياة جسم‬ ‫اإلنسان‪ ،‬واتجهت جهود آخرين للحصول على ‪‬حجر الفالسفة‪ ‬الذي‬ ‫يحول المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة ويعتبر أن الذهب يطيل الحياة‪.‬‬ ‫مــع مـطــالــع ال ـقــرن الـعـشــريــن شــاعــت فــي ب ـيــروت مستحضرات مثل‬ ‫‪‬مستحلب سكوت‪ 47‬و‪‬زيت هوغ‪ 48‬لمعالجة الضعف واألورام‪ ،‬أشهرها‬ ‫‪‬حبوب الحياة للدكتور روس‪ ‬وهو نشر إعالنً ا عنها سنة ‪ 1913‬جاء فيه‪:‬‬ ‫أربع من جمهوريات أميركا الجنوبية ألنها‬ ‫‪‬هذه الحبوب تستعملها‬ ‫جيوش ٍ‬ ‫ُ‬ ‫تشد همة الرجال وتزيد مقدرتهم على القتال‪ ،‬وتعطي القوة ألنها تجعل‬ ‫ّ‬ ‫طعامك يغذي جسمك‪ .‬وينصح الدكتور روس الجمهور ‪‬بلف خيط على‬ ‫‪49‬‬ ‫إصبعك لتتذكر أن تشتري زجاجة من حبوب الحياة للدكتور روس اليوم‪.‬‬ ‫فترتئذ أبحاث العلماء كارل دوبل وجافورسكي (من مدرسة‬ ‫وشاعت‬ ‫ٍ‬ ‫باريس) وشتيناخ وفورنوف‪ :‬طريقة دوبل تجدد األوعية الدموية بمحلول‬ ‫من حامض الكربونيك‪،‬‬ ‫ط ــريـ ـق ــة ج ــاف ــورسـ ـك ــي‬ ‫قسما‬ ‫ت ــزرع ع ـضـ ًـوا أو‬ ‫ً‬ ‫مــن عضو حـيــوان وسط‬ ‫س ــائ ــل ُثـ ـ ـل ـثــاه م ــن ال ــدم‬ ‫وال ـثــلْ ــث خــاصــة جنين‬ ‫مــن نــوع هــذا الـحـيــوان‪،‬‬ ‫وكـ ــان ي ـح ـقــن ح ـيــوانــات‬ ‫م ـسـ ّـنــة بــدمــاء صـغــارهــا‬ ‫الدكتور فورنوف يجري إحدى عملياته‬


‫‪72‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫وتحققت النتيجة لدى أشخاص بين األربعين والستين سنة زالت عنهم‬ ‫أعراض الشيخوخة‪.‬‬ ‫الدكتور شتيناخ (أستاذ الفيزيولوجيا في جامعة براغ منذ ‪ )1922‬ألف‬ ‫رسالة في إعادة القوة للغدة التناسلية‪ .‬والقى محاضرة في فيينا بكيفية‬ ‫تحويل األنثى إلى ذكر وبالعكس‪ .‬أما عملية رد الشباب بغرس خصية قرد‬ ‫في اإلنسان‪ ،‬فاشتهر بها الدكتور سرج فورونوف الــذي زاول الطب في‬ ‫مستشارا للخديوي‪ .‬وسنة ‪ 1908‬عاد‬ ‫فرنسا ثم انتقل إلى مصر سنة ‪1894‬‬ ‫ً‬ ‫إلى فرنسا يواصل تجاربه وفق معاينته خصيان مصر‪ ،‬باحثً ا عن العالقة‬ ‫بين الخصية والشيخوخة‪ .‬ولعل هذا الرابط دعا العامة قليل النشاط بأنه‬ ‫‪‬قليل الخصية‪.‬‬ ‫نجاحا‪.‬‬ ‫أجــرى فورونوف تجارب زرع الخصية على الخراف فالقت‬ ‫ً‬ ‫وسنة ‪ 1917‬نقل غدة درقية من قرد إلى غالم أبله بشع المالمح فنما‬ ‫وجرب العملية على رجل سنة ‪ 1924‬فكانت ناجحة‪.‬‬ ‫جسمه وظهر ذكاؤه‪ّ .‬‬ ‫حقال لتربية القرود ومستشفى لعالجها‪،‬‬ ‫وأنشأ في الريفييرا الفرنسية‬ ‫ً‬ ‫فهب برنارد شو يدافع عن الحيوان وكتب على لسان القرد‪ :‬هل سمعتم أن‬ ‫حي لتلقيح إخوانه القردة بها لكي تقاوم بذلك آجال‬ ‫ً‬ ‫قردا انتزع غدة إنسان ّ‬ ‫هذه القردة؟ نحن القردة ال نتولى مناظرة الدكتور فورونوف بل نترك أمر‬ ‫الرد عليه وتفنيد آرائه للدكتور بوخ الذي أثبت أن هذه الطريقة ستنتهي في‬ ‫أن ُي ْش ِب َه اإلنسان القردة‪...‬‬ ‫سنة ‪ 1928‬حضر فورونوف إلى المكتب الطبي الفرنسي في بيروت‬ ‫فالقاه علماء وساسة ووزراء وأطباء وطالب وباشر بتلقيح رؤوس الغنم‬ ‫حمى الرجال تعلو الى ‪ ٣٩‬درجة ثالثة أيام‪ .‬وتردد في‬ ‫ً‬ ‫موضحا أن درجة ّ‬ ‫معتذرا بعدم‬ ‫حينه أن بعض الشيوخ طلبوا منه إرجاعهم إلى الشباب فردهم‬ ‫ً‬ ‫وجود قردة معه‪.50‬‬ ‫سنة ‪ 1929‬نشر الدكتور عطية إعالنً ا جاء فيه‪ :‬يعلن د‪ .‬عطية الجراح‬ ‫واالختصاصي في جراحة المسالك البولية والتناسلية‪ ،‬بعدما مارس واتقن‬ ‫في باريس عملية فورونوف‪ ،‬أنه استحضر غدة قردة إلجراء العملية في‬ ‫مستشفاه في شارع جورج بيكو قرب حاووز الساعاتية‪....‬‬ ‫اشتهرت عملية فورونوف‪ .‬وفي حفلة جمعية الرفق بالحيوان (بيروت‬ ‫سمينا) قصيدة ذكر فيها دوبل‬ ‫‪ )1929‬ألقى عبد الرحيم قليالت (وكان‬ ‫ً‬ ‫‪ 550‬مجلة المعرض‪ 1928 ،‬عدد ‪ 21‬ص‪.11 .‬‬


‫وفوورونوف‪ ،‬وكان جبران تويني أشار على قليالت وداعبه بإجراء عملية‬ ‫فورونوف للتخلص من السمنة فقال قليالت‪:‬‬

‫ُسين جبال ما شكت ورمًا والشحم رمــز الــع ـزّ يف البرش‬

‫ونظم الشاعر وديع عقل صاحب جريدة الراصد قصيدة إلى فورونوف‬ ‫قال فيها‪:‬‬

‫‪ .2‬طب األسنان‬ ‫جلدية لمعالجة الثعلبة‪ ،‬وهو‬ ‫ض‬ ‫طبيب أسنا ٍن‬ ‫الحال ُق‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫وطبيب أمــرا ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نقبع اضراس‪.‬‬ ‫منصير‬ ‫ق‬ ‫لُ‬ ‫عمنح‬ ‫‪‬منكون‬ ‫القول‪:‬‬ ‫هنا‬ ‫من‬ ‫ـان‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫كذلك‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫وسرى لدى العام أن ‪‬الضرس المقلقل ال بد من قلعه وإال كثرت أوجاعه‪،‬‬ ‫تداركا من كثرة أوالده‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما أن ‪‬طالق النذل ال بد منه‬ ‫ـاء فيه دود العلق‪ُ ،‬يلصق العلقة على‬ ‫كان‬ ‫ّ‬ ‫الحالق يضع في دكانه وعـ ً‬ ‫صدغ الزبون فتبدأ بمص الدم‪ ،‬وعندما تمتلئ تسقط‪ .‬فإذا شعر الزبون‬ ‫بكالبته بعد أن يتمضمض‬ ‫الحالق بألم في ضرسه عالج هذا الضرس ّ‬ ‫عند ّ‬ ‫فخورا بأضراس يقلعها‬ ‫المخد ِر األلم‪ .‬وكان الحالق‬ ‫الزبون بماء الخشخاش‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫قائال لزبائنه‪ :‬هــذا ضرس األمير الفالني‪ ،‬وهذا‬ ‫ويصفها على الــرف ً‬ ‫ّ‬ ‫ضرس اآلغا‪ ،‬وهذا ضرس الشيخ أو المطران فالن‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫‪ 551‬عبد الرحيم قليالت ديوان الهيام ص‪.212 .‬‬

‫‪ 552‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ 1614‬وما يليه سنة ‪.1894‬‬

‫‪73‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫وال يزال اإلنسان يبحث عن وسيلة إلعادة الشباب‪.‬‬ ‫(الحقا‬ ‫فــي أيــار ‪ 1894‬تــم تدشين العمل فــي توسيع ســوق الفشخة‬ ‫ً‬ ‫‪‬الـشــارع الجديد‪ ‬ثم ‪‬شــارع ويـغــان‪ )‬ويومها خطب المطران أنطوان‬ ‫احتفاال للعمل السعيد والمشروع الحميد‬ ‫ً‬ ‫قندلفت مطران السريان‪ :‬نجتمع‬ ‫المخالف للمثل المشهور‪ :‬رجوع الشيوخ إلى الشباب دعاء ال يستجاب‪.‬‬ ‫فنحن اجتمعنا لنسخ آثار المشيب وإرجــاع الشباب القشيب إلى بيروتنا‬ ‫القديمة بتقويض المباني العتيقة والمعارج الضيقة من شوارعها وأسواقها‬ ‫وتنسيقها وتشييدها فسيحة المجاالت مستقيمة الحاالت‪.52...‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫سواي‬ ‫اي من يشب الشيب عاجل ْ‬ ‫أان الـــذي مل أســتــرح ساعة‬ ‫ما عشت إال بعد أن أجفلت‬ ‫ّول الصبا ال عــادين عهده‬

‫صباي‬ ‫هلل ما يل مطمع يف‬ ‫ْ‬ ‫ـواي‬ ‫قبل مشييب وتــايش قـ ْ‬ ‫محاي‬ ‫من جانيب ليىل وعافت‬ ‫ْ‬ ‫‪51‬‬ ‫وراي‬ ‫فلك أهواـلــــي أراهــا‬ ‫ْ‬


‫قديما لم يروا ضرسهم إال عند اقتالعه‪ .‬من هنا أنشد مجد‬ ‫وكثيرون‬ ‫ً‬ ‫العامري في سن قلعها‪:‬‬

‫أمل الدهر صحبته يشقى لنفيع ويسىع سيع جمهتد‬ ‫وصاحب ال ّ‬ ‫مل ألقه مذ تصاحبنا فحني بدا‬ ‫لناظري‪ ...‬افرتقنا فرـقــة األبد‬ ‫َّ‬

‫وقال آخر في مليح قلع ضرسه‪:‬‬

‫حلا اهلل الطبيب لقد تـع ّدى وجاء لقلع رضسك ابملحال‬ ‫أعــاق الظيب يف لكتا يديه وس ـ ّلــط لكبتني ـعــى غــزال‬

‫‪74‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫منذ أواســط القرن التاسع عشر بــدأت بيروت تشهد أطباء مجازين‬ ‫(حاملي دبلوم)‪ .‬سنة ‪ 1859‬جاء إلى بيروت الطبيب اإليطالي بيني وأعلن عن‬ ‫مساء‪،‬‬ ‫قبوله المرضى في فندق ‪‬المنظر الجميل‪ ‬من الظهر حتى الخامسة‬ ‫ً‬ ‫واستعداده للتوجه الى بيوت من يستدعونه‪ .‬وكان االستعالم عنه في صيدلية‬ ‫محال لعمله فوق قهوة بوابة أبو النصر وزعم أنه‬ ‫كروال في المرفأ‪ .‬ثم اتخذ ً‬ ‫‪53‬‬ ‫عاما أحضر الدكتور إسبر لقيس‬ ‫ّ‬ ‫‪‬يمكن األسنان المتقلقلة‪ . ‬بعده بعشرين ً‬ ‫من أوروبا اختراعات جديدة لصناعة األسنان لمحله في سوق الطويلة وقال‬ ‫حسن الشغل ومهاودة األجــرة‪ .54‬وسنة‬ ‫‪‬بتشريفكم تجدون ما ُّ‬ ‫يسركم من ْ‬ ‫‪55‬‬ ‫‪ 1867‬أعلن جورج سالمة أن ‪‬ماء أناترين للغرغرة يدفع زعزعة األسنان‪. ‬‬ ‫سنة ‪ 1887‬حضر إلى بيروت الطبيب اإليطالي قيصر بيكي واستقبل‬ ‫زبائنه في لوكندة باريس‪ .56‬وفي السنة التالية أعلن إسبر لقيس عن إقامته‬ ‫المؤقتة في لوكندة باريس وح ـ ّـدد‪ :‬سينظر أهالي هــذا الثغر مني ما‬ ‫سائال ‪‬يقي‬ ‫يسرهم‪ .‬وسنة ‪ 1888‬زعم الياس ونقوال واكيم أنهما اكتشفا‬ ‫ً‬ ‫األسنان من األمراض العصبية والتسوس‪ ...‬يباع في محلهما عند برج‬ ‫الكشاف (ساحة البرج)‪.57‬‬ ‫سنة ‪ 1893‬حضر المسيو دولوتشي (كان طبيب األسنان الخاص لوالدة‬ ‫يوما وأبــدى استعداده‬ ‫خديوي مصر) وأقــام في لوكندة انكلترا عشرين ً‬ ‫لمعالجة من يريد‪ .‬بعده بسنة حضر الدكتور آرثر لوتي من شيكاغو واتخذ‬ ‫‪ 553‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪ 56‬و‪.1859 ،91‬‬

‫‪ 554‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،96‬تشرين االول ‪.1878‬‬ ‫‪ 555‬حديقة االخبار‪ ،‬عدد ‪.1867 ،467‬‬

‫‪ 556‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1003‬تشرين االول ‪.1887‬‬

‫‪ 557‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1087‬آب ‪.1888‬‬


‫‪ 559‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1897 ،2524‬‬

‫‪ 660‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1913 ،7211‬‬

‫‪ 661‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1907 ،1645‬‬

‫‪ 662‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1900 ،3409‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 558‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪1893 ،1557‬؛ ‪.1628،1894‬‬

‫‪75‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫مركزا له في لوكندة ‪‬كرم على البحر‪ ‬تجاه لوكندة بسول‪ .58‬وسنة ‪1897‬‬ ‫ً‬ ‫أعلن الدكتور جرجي الـيــان شــاغــوري أنــه استحضر اآلالت مــن أميركا‬ ‫وخصص يوم األربعاء من كل أسبوع لمعالجة الفقراء مجانً ا‪.‬‬ ‫وفي الفترة ذاتها اتخذ أسعد جاسوس عيادته شرقي دير العازارية في‬ ‫مطلقا ويرفع‬ ‫شافيا يمنع قلعها‬ ‫ذاكرا أنه ‪‬وجد دواء‬ ‫ً‬ ‫ملْ ك عبد اهلل عيروت‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫‪59‬‬ ‫الوجع ويخرج السوسة وتشاهد في النظر وال تعود ترجع إليها‪ . ...‬وقرر‬ ‫الدكتور وديع كساب (حائز على الشهادة من كلية فيالدلفيا) قضاء شهرين‬ ‫في محلة زقاق البالط لمن يريد إصالح أسنانه‪.‬‬ ‫الدكتور بالوس اليوناني (خريج كلية أثينا) اختار بيروت لعمله وعالج‬ ‫يوميا مجانً ا‪ .‬وكــان الدكتور إدغــار ويليمس (حامل شهادته من‬ ‫الفقراء‬ ‫ً‬ ‫نيويورك وباريس) يعاين في عيادة الدكتور دراي في محلة باب يعقوب‪.‬‬ ‫وسنة ‪ 1913‬تخرج الدكتور جورج عربيلي من مدرسة فيالدلفيا وتعاطى‬ ‫أبدا‪ .60...‬وسنة‬ ‫طبابة األسنان في بيروت ‪‬وهو ال يقلع األسنان المسوسة ً‬ ‫مجازا من اآلستانة متخذً ا عيادته في‬ ‫‪ 1907‬عاد الدكتور بشير األسير‬ ‫ً‬ ‫محلة البسطة التحتا تجاه الجامع وجعل ‪‬قاعدة أعماله اإلتقان والنصح‪.‬‬ ‫اغ تتركب على الجذور‪.61‬‬ ‫وعمل على صنع أسنان ِب َـب َـر ٍ‬ ‫كــانــت ال ـمــواد الــازمــة لصنع األس ـنــان االصطناعية تــرد مــن معمل‬ ‫‪‬كالينرت روبرت وشركاه‪ ‬في نيويورك (‪ )Kleinert Rubert‬الى الوكيل‬ ‫الوحيد ابراهيم واكد وشركاه في السوق الطويلة‪.62‬‬ ‫يوما يقص شعر زبون عجوز أحب أن يمازحه‬ ‫روى لي صديق أنه كان ً‬ ‫فسأل‪ :‬أصحيح أنكم أنتم الحالقين تقومون بقلع األسـنــان المتقلقلة‬ ‫سنين في فكه األعلى متقلقلتين‬ ‫والمسوسة؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬وأراه الزبون َّ‬ ‫بالسنين‬ ‫زاعما أنهما تضايقانه وطلب من الحالق قلعهما فأمسك هذا ّ‬ ‫ً‬ ‫صف من‬ ‫يده‬ ‫في‬ ‫فانخلع‬ ‫لنزعهما‬ ‫طاقته‬ ‫بكامل‬ ‫وشد‬ ‫ابة‬ ‫والسب‬ ‫إبهامه‬ ‫بين‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صنعت‪‬؟ وأخذ‬ ‫وفكر‪ :‬يا دلّ ي ماذا‬ ‫األسنان‪ ...‬ارتعب واصطكت ركبتاه ّ‬ ‫ْ‬ ‫اصطناعية‪.‬‬ ‫الزبون يضحك ألن األسنان المنتزعة كانت وجبة‬ ‫ّ‬


‫سنة ‪ 1938‬صــدر إعــان الفــت‪ :‬خبر خطي‪ :‬لماذا ارتفعت أسعار‬ ‫فتبين أن طبيب األسنان جوزف بغدادي توصل الى دواء جديد‬ ‫الطحين؟‪َّ ‬‬ ‫أمراضا داخلية‪،‬‬ ‫ويسبب‬ ‫واألسنان‬ ‫اللثة‬ ‫يفسد‬ ‫الذي‬ ‫االستسقاء‬ ‫يكفل شفاء‬ ‫ً‬ ‫لذا ازدادت مقطوعية الطحين ألن صحة األسنان ُتضاعف القابلية والقوى‪...‬‬ ‫وختم اإلعالن بأن الطبيب ‪‬مستعد أن يكفل لكم الشفاء التام مع المعاملة‬ ‫الحسنة التي ترغبونها‪( ‬عيادته أول طريق النهر تجاه سينما أمبير)‪.‬‬ ‫‪ .3‬الصي َدلَة‬

‫‪76‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫سنة ‪ 1929‬كتب الحكيم أمين الجميل عن ذكرياته في الطب في لبنان‬ ‫قبل مئة سنة‪ ،‬وذكــر بين من اشتهر بممارسة الطب‪ :‬أبا يعقوب تابت‪.‬‬ ‫وأردف‪ :‬قرأ هذا األخير في بعض الكتب أو المخطوطات أو سمع عن‬ ‫وصف ًة راقته‪ ،‬ورد فيها ‪‬كلورور السوديوم‪ ‬ولم يكن في جواريره‬ ‫طبي ٍ‬ ‫ب ْ‬ ‫أو خزانته كلورور السوديوم فأرسل يطلب ثمانية دراهم منه من السنيور‬ ‫كروال اإليطالي منشئ صيدلية قرب ميناء بيروت سنة ‪ .1826‬قبض كروال‬ ‫ّ‬ ‫ناجحا فكرره أبو يعقوب ثم أعاده‪ .‬وكل‬ ‫رياال وجاء العالج‬ ‫الثمانية دراهم ً‬ ‫ً‬ ‫رياال‪ .‬وإذ كان مر ًة يقرأ اكتشف أن كلورور السوديوم ليس‬ ‫مرة كان يتكلف ً‬ ‫ويوبخه على بيعه الملح‬ ‫سوى ملح الطعام العادي‪ .‬فهرول الى ّ‬ ‫كروال يعاتبه ّ‬ ‫كروال‪ :‬أَ نا حرامي وأنت حمار‬ ‫بهذا الثمن ثم شتمه بأنه حرامي‪ .‬أجاب ّ‬ ‫ألنك ال تعرف ان كلورور السوديوم ملح وما دفعته لي كان حق علم‪.‬‬ ‫لم يضع العرب كلمة مستقلة لفن تركيب الدواء واكتفوا بكلمة أجزاء‬ ‫أو مفردات أخذها األتــراك واكتفوا باستعمال كلمة ‪‬أجزاخانه‪ .‬وكلمة‬ ‫صيدلة دخيلة من الفارسية‪.‬‬ ‫‪63‬‬ ‫كانت صيدلية الخواجا بيكولو في ساحة القمح عند محلة المرفأ‬ ‫وكان السيدان عرب وملحة فتحا صيدلية قرب باب السراي بإسم ‪‬أجزائية‬ ‫لبنان‪ ‬أعلنت سنة ‪ 1859‬عن عالج لمرض النقرس بزيت المارون الهندي‬ ‫الخاص‪I’anti-gouteux genevois, huile pure de marrons d’inde:‬‬ ‫ُسمح به داخل السلطنة الروسية وهو ‪‬إذا استعمل َدلْ ًكا يزيل كل ألم وال‬ ‫ُيلحق بالصحة أدنى أذية ويستعمل بواسطة قلم ريش‪ .‬ال يعتريه فساد قط‪،‬‬ ‫وشهد بفاعليته كبار المرضى ومشاهير األطباء في فرنسا وبلجيكا‪.64‬‬ ‫أميركيا‬ ‫وكان جبران نحلوس الساعاتي قرب باب السراي يبيع دواء‬ ‫ًّ‬ ‫‪‬قتال الوجع‪ ‬ينفع لعدة أمراض منها ‪‬الزكام والسعال والبرد والحمى‬ ‫اسمه ّ‬ ‫‪ 663‬حديقة األخبار‪ ،‬عدد ‪.1859 ،66‬‬

‫‪ 664‬حديقة األخبار‪ ،‬عدد ‪1859 ،93‬؛ عدد ‪ ،112‬شباط ‪.1860‬‬


‫‪ 666‬حديقة األخبار‪ ،‬عدد ‪.1862 ،239‬‬ ‫‪ 667‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1878 ،96‬‬

‫‪ 668‬فؤاد دباس‪ ،‬بيروت ذاكرتنا‪ ،‬ص‪.13 .‬‬

‫‪ 669‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1894 ،1580‬‬

‫‪ 770‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1903 ،4477‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 665‬حديقة األخبار‪ ،‬عدد ‪.1859 ،94‬‬

‫‪77‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫ـرضــات‬ ‫والــربــو ووجــع الــرأس والكلى والبواسير واألوج ــاع المفصلية والـ ّ‬ ‫والحبوب والـحــرق الشديد والحمى والصفراء والـحــزاز وضعف المعدة‬ ‫والضعف العمومي وأمــراض الثدي والمغص والسحيج المعروف بالثقل‬ ‫والهواء األصفر وأمراض الكبد وضعف الهضم ووجع األضراس‪.65...‬‬ ‫مطهرا الدم على‬ ‫شرابا‬ ‫سنة ‪ 1862‬قام عرب وملحة ببيع حبيب الجلخ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أنه العالج الوحيد لجملة أمراض منها ‪‬داء المفاصل وأورامها واألمراض‬ ‫الجلدية وداء األفرنجي المعروف بداء المبارك وبالبجلة عند العامة‪...‬‬ ‫مذابا بقليل من‬ ‫واستعماله بأخذ ملو (ملء) فنجان صغير منه عند النوم‬ ‫ً‬ ‫‪66‬‬ ‫يوما‪ . ...‬وكانت‬ ‫الماء أو بمغلي العشبة‪ ،‬وفي الصباح ً‬ ‫أيضا لمدة ثالثين ً‬ ‫الصيدلية البروسيانية من أوائل الصيدليات‪ ،‬بلغ مديرها مان الصيدلي‬ ‫سنة ‪ 1878‬أن أحــد األطـبــاء يمنع الــذيــن يعالجهم مــن أخــذ أدوي ــة من‬ ‫صيدليته فاستنكر ذلك معتمدا على ثقة الناس‪.67‬‬ ‫في الربع األخير من القرن التاسع عشر نشأت صيدليات لصيادلة‬ ‫وطنيين منهم داود نحول الذي أسس صيدلية سنة ‪ 1875‬بجوار حديقة ساحة‬ ‫البرج وهو حائز على شهادة من المكتب الطبي الشاهاني مع ثالث شهادات‬ ‫طويال عمله وحاز على ثقة الجمهور خاصة‬ ‫امتياز بفن الصيدلة‪ .68‬مارس‬ ‫ً‬ ‫بلقاح ضد الجدري كان سنة ‪ 1894‬يستورده من معمل برونسيكالر‪ ،‬شيخ‬ ‫أسبوعيا ضمن أنابيب أسطوانية مصهورة‬ ‫فيزيولوجيي العصر‪ .‬وصار يرد‬ ‫ًّ‬ ‫‪69‬‬ ‫من طرفيها صهرا‬ ‫هرمسيا يحفظها من المكروبات ومن المقلدين ‪ .‬ومنذ‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪ 1903‬صار بريد مقادير اللقاح يرد إلى صيدليته أُ‬ ‫سبوعيا ‪‬فَ ِل َو ْجه‬ ‫ً‬ ‫والم ْج ِل َب ِة‬ ‫حبا بالقريب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقطعا لدابر المطاعيم الرخيصة بالظاهر ُ‬ ‫اهلل ً‬ ‫الندم بالواقع إذ تكاثر وجودها في الثغر بهذه األوقــات الحرجة‪ُ ،‬ت َسلَّ م‬ ‫لحضرة الرؤساء الروحيين ولكثيرين من األطباء أوراق مخصوصة ليصير‬ ‫توزيعها على المعوزين‪ ،‬فكل من أتى الصيدلية من أي مذهب وجنس كان‬ ‫مصحوبا بورقة من هذه األوراق يعطى مطعوم مجانً ا؟‪ .70‬وفتح مسعود‬ ‫ً‬


‫ال ـح ـي ـمــري ص ـيــدل ـيــة ف ــي س ــاح ــة ال ـبــرج‬ ‫وسماها ‪‬الصيدلية‪ .71‬وفتحت صيدلية‬ ‫مراد بــارودي في باب إدريــس‪ ،‬وصيدلية‬ ‫الخواجا اسكندر الحلو‪ ،72‬وصيدلية الياس‬ ‫نعمه مدور في الجميزة‪ ،‬وفيليب بدور على‬ ‫السور‪ .73‬وكانت صيدلية جرجس طنوس‬ ‫ع ــون ‪‬ف ــوق ب ــاب يـعـقــوب ق ــرب الساعة‬ ‫الكبيرة لكنيسة البروتستانت (ال يزال برج‬ ‫موجودا حتى اليوم) تبيع المعجون‬ ‫ساعتها‬ ‫ً‬ ‫الهندي لتقوية الجهاز العصبي من تركيب‬ ‫الصيدلي المذكور الحائز على النيشان‬ ‫المجيدي العالي الشان‪.74...‬‬

‫درهم وقاية خير من قنطار عالج‬

‫كان سليم عبد الرحيم فاخوري‬ ‫أول صيدلي ُم ْس ِلم نال اإلجازة من‬ ‫اآلستانة سنة ‪ .1890‬بدأ عمله في‬ ‫صيدلية وال ــده ال ــذي كــان أسسها‬ ‫سـنــة ‪1277‬هـ ـ ـ فــي س ــوق الفشخة‬ ‫الحقا)‪.75‬‬ ‫(الشارع الجديد‪ /‬ويغان‬ ‫ً‬ ‫ـازا من‬ ‫تبعه مصطفى ق ــدورة م ـجـ ً‬ ‫ال ـجــام ـعــة األم ـيــرك ـيــة ف ــي ب ـيــروت‬ ‫ومارس عمله في صيدلية المشرق‬ ‫في ساحة السور‪ .‬سنة ‪ 1904‬فتح‬ ‫الصيدلي أمين عبد الغني فاخوري‬ ‫صيدلية في محلة البسطة التحتا‬

‫‪78‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫فاتورة صيدلية‬

‫‪ 771‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪1876 ،85‬؛ لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ ،1015‬تشرين الثاني ‪.1887‬‬

‫‪ 772‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1889 ،1182‬‬

‫‪ 773‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1895 ،1053‬‬

‫‪ 774‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1888 ،1072‬‬

‫‪ 775‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1890 ،1198‬‬


‫بعد ظهر كل يوم اثنين كانت تجتمع جمعية‬ ‫طبية من الدكتور عبد الرحمن األنسي والطبيبين‬ ‫المشار إليهما للتداول في بعض مرضى ُ‬ ‫األسبوع‬ ‫ُع ّواد الصيدلية المذكورة ‪.78‬‬ ‫وألن المستحضرات واألدوية كانت تعرض في‬ ‫الصيدليات كان الصيادلة يلجأون الى األطباء‬ ‫المشهورين في البلدة للتعريف بالمستحضرات‬ ‫وبيان فوائدها أو يعلنون في الصحف عن األدوية‬ ‫الدكتور حسن األسير‬ ‫الجديدة ومنافعهـ ــا‪ ،‬ك ــ ‪‬مستحلب سكوت‪ ‬زيت‬ ‫سمك من نيويورك لشفاء أمراض السل الرئوي والسعال المزمن واألنيميــا‬ ‫(فقر الــدم) والضعف العام وداء الخنازير ورخــاء العظم وسعره ثالث‬ ‫فرنكات ومستودعه عند جيراردي وعودة‪.79‬‬ ‫‪ 776‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1904 ،1492‬‬ ‫‪ 777‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1892 ،898‬‬

‫‪ 778‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1898 ،2980‬‬

‫‪ 779‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1891 ،1328‬‬

‫‪79‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫الوقت األول ‪ -‬صباحًا‪ :‬الدكتور سامح فاخوري‬ ‫الوقت الثاين ‪ -‬بعد الظهر‪ :‬الدكتور حسن األسير‪.‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫شرق الجامع‪ .76‬وسنة ‪ 1892‬أعلن عبد الرحيم فاخوري وأوالده عن تأليف‬ ‫لجنة طبية في صيدليتهم من ثالثة أطباء مهرة لتطبيب الفقراء من جميع‬ ‫يوميا‪ ،‬واألطباء هم‪:‬‬ ‫الطوائف مجانً ا ًّ‬ ‫*  نظام الدين بك مفتش األمور الصحية في الوالية (الخميس بعد‬ ‫الظهر واألحد قبل الظهر)‪.‬‬ ‫*  محمود بك البكباشي الطبيب في المستشفى العسكري (اإلثنين بعد‬ ‫الظهر واألربعاء قبله)‪.‬‬ ‫‪77‬‬ ‫صباحا والجمعة بعد الظهر) ‪.‬‬ ‫*  عبد الرحمن األنسي (الثالثاء والسبت‬ ‫ً‬ ‫سنة ‪ 1898‬اتخذت هذه الصيدلية اسم ‪‬الهالل‪ ‬وكانت تجلب العالجات‬ ‫وتحضر الوصفات العالجية والصناعية بكل دقة واعتناء وتبيع‬ ‫من أوروبا‬ ‫ّ‬ ‫محال‬ ‫حبا بخدمة اإلنسانية‬ ‫ً‬ ‫بالجملة والمفرق لكافة الجهات‪ ،‬وخصصت ً‬ ‫لمعالجة الفقراء مجانً ا بواسطة أطباء مشهورين تبرعوا بهذه العالجات‬ ‫بأسعار معتدلة‪:‬‬


‫‪80‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫و‪‬زيت هوغ‪ ‬من باريس‬ ‫يأتي بالنتائج الفعالة في‬ ‫األمــراض الصدرية وضيق‬ ‫النفس واألمــراض الجلدية‬ ‫واألورام والنزالت والسعال‬ ‫والدمامل والسائل األبيض‬ ‫الـ ـنـ ـس ــائ ــي‪ ،‬عــل ــى ال ــورق ــة‬ ‫ال ـم ـش ـيــرة الـ ــى اسـتـعـمــالــه‬ ‫إمضاء مسيو هوغ‪ .‬كان يباع‬ ‫فوائد زيت سمك‬ ‫في الصيدلية البروسيانية‬ ‫‪80‬‬ ‫في زجاجات مختومة وباألقة ‪ ،‬وكان لدى الخواجا أوفريز في محله (مينا‬ ‫القمح) عالج خاص لمداواة مسامير األرجل‪.81‬‬ ‫ـرابــا يشفي أنــواع‬ ‫سـنــة ‪ 1889‬اخ ـتــرع الـصـيــدلــي ميخائيل يمين شـ ً‬ ‫‪82‬‬ ‫الروماتزم والنقرس‪ ،‬يباع في صيدلية يمين وصوراتي قرب باب إدريس‬ ‫مسهل بإسم‪ :‬فرنسوا‬ ‫يروج لماء معدني‬ ‫ِّ‬ ‫فيما كان محل لوتيكي وشركاه ّ‬ ‫جــوزف (‪ .)François Joseph‬وهــو نشر رســالــة أرسـلــت لصاحبه من‬ ‫مافرو جيني باشا حكيم باشي (رئيس األطباء) السلطان عبد الحميد‬ ‫مسهل من‬ ‫جاء فيها أن ‪‬سعادة فايق باشا سلَّ َمني مساطر ماء معدني‬ ‫ِّ‬ ‫النبع خاصتكم فرانسوا جوزف في بودابست ألجل أعطاء رأيي بخصوص‬ ‫خــواص العناصر المعدنية الموجودة بالنسبة لخالف مياه من جنسه‪،‬‬ ‫مجددا ومع وجود خالفه أقدم‬ ‫المسهل ظهر‬ ‫فأجيب وهو أن هذا الماء‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬مع ذلك أخذ شهرة قوية وعرف في كل أوروبا وال حاجة لمدحي له‬ ‫المسهل من‬ ‫مع ذلك أثبت رأي العموم المعلوم عند الجميع أن هذا الماء‬ ‫ّ‬ ‫نبع فرانسوا جوزف الذي هو ملك جنابكم وماء عال‪ ،‬ويتفضل على خالفه‬ ‫بما أنه من ماء خاص نقي مقبول للشرب ومفعوله قوي بدون أن يزعج‬ ‫المعدة واألمعاء‪.83...‬‬ ‫عند انتشار الهواء األصفر كثرت عقاقير تروج لمقاومته‪ ،‬بينها أكسير‬ ‫أعلنت عنه سنة ‪ 1890‬صيدلية جبل لبنان في بيروت لصاحبيها عرب‬ ‫‪ 880‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1888 ،1030‬‬

‫‪ 881‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1888 ،1080‬‬

‫‪ 882‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1889 ،1142‬‬

‫‪ 883‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1890 ،1271‬‬


‫‪ 885‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1894 ،1584‬‬

‫‪ 886‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1895 ،1053‬‬ ‫‪ 887‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1903 ،1417‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫‪ 884‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1890 ،1293‬‬

‫‪81‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫وملحة (أسساها سنة ‪ )1856‬وذكــرت‬ ‫أن ‪‬األطباء الشهيرين نظير كوخ وغيره‬ ‫الذين بعد الفحص المدقق واإلمتحانات‬ ‫الكثيرة عدة أعوام في ميكروب الكوليرا‬ ‫(ال ـهــواء األصـفــر) ق ــرروا بــأن السالول‬ ‫هــو ال ـعــاج األك ـثــر ق ــوة وفــاعـلـيــة لقتل‬ ‫هذا الميكروب‪ ،‬فبناء عليه استحضرنا‬ ‫أكسيرا قاعدته العالج المذكور ثم أضفنا‬ ‫ً‬ ‫إليه غير عالجات عطرية موافقة لهذه‬ ‫الغاية ومقوية للمعدة مهضة للطعام‬ ‫وموقية مــن هــذا الــوبــاء‪ ،‬ويصلح جـ ًـدا‬ ‫استعماله عند حــدوث المرض لبينما‬ ‫يحضر الطبيب‪ 84...‬فيما باع سمعان‬ ‫تيان صاحب الصيدلية العمومية َح ًّـبا‬ ‫مرك ًـبا من نباتات بلسمية للسل الرئوي‬ ‫َّ‬ ‫والرشح المزمن وضيق النفس والسعال‬ ‫والعرق والحمى‪.85‬‬ ‫حبوب سنكونيال كريفل لتقوية الدم‬ ‫كانت تحتوي على الحديد والمغنيزيا‬ ‫وأمــاح معدنية تدخل في تركيب الدم‬ ‫خالصة الحديد‬ ‫و‪‬كـ ــل ح ـبــة مـنـهــا ت ـح ـتــوي م ــا ي ـســاوي‬ ‫في الصيدلية البروسيانية‬ ‫الطري وتباع‬ ‫خمسة غرامات من الدم‬ ‫ّ‬ ‫‪86‬‬ ‫في الصيدلية البروسيانية‪ . ‬وكان األودول أحسن دواء وأشهره لحفظ‬ ‫األسنان من السوس وجميع األمراض وتنظيفها ومحل بيعه في الصيدلية‬ ‫البروسيانية‪.87‬‬ ‫كان شمعون وصوراتي وشركاهم وكالء كونياك معمل كوترونيس في‬ ‫اآلستانة صاحب االمتياز بتقديمه لمستشفى العساكر الشاهانية في‬ ‫اآلستانة‪ ،‬و‪‬لما كانت المشروبات الروحية من جملة المواد المهمة في‬


‫‪82‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫نفعا متى استعمل مع الحكمة إذا َخال من‬ ‫الطب فكان الكونياك أكثرها ً‬ ‫ركنا من أركان العالج في مداواة أكثر األمراض‬ ‫الزيوت األثيرية‪ ،‬أصبح ً‬ ‫على ما أجمع عليه نفس األطباء‪ ...‬وهذا الكونياك جرى تحليله بمعرفة‬ ‫دولتلو سر طبيب الحضرة السلطانية المقدسة وزامباكو باشا وخالفهما‬ ‫من مشاهير األطباء والكيميين‪.88...‬‬ ‫وعلى عكس من كانوا يــروجــون لزيت السمك‪ ،‬كــان اسكندر الحلو‬ ‫يقترح خمر نوري اليودي (‪ )vin nourry yodo‬كأفضل دواء وأنفع عالج‬ ‫‪89‬‬ ‫للتدرن وفقر الــدم‪ ‬و‪‬هــو بال جــدال أفضل وأنفع من زيت السمك‪‬‬ ‫ُّ‬ ‫كما كانت الخالصة الكيناوية المانعة لمخترعها اليوزباشي محمد علي‬ ‫الحمى‬ ‫نصوحي بك الصيدلي ذات تأثير في داء فقر الدم الناشئ عن‬ ‫ّ‬ ‫المزمنة وســوء الهضم واألم ــراض المتولدة من ضعف األعـصــاب وقد‬ ‫حصل مخترعها على امتياز بها وختم الزجاجات بختمه وكان مستودعها‬ ‫العام في محل الحاج محمد الهبري قرب األسكلة وتباع في صيدلية‬ ‫الهالل خاصة عبد الرحيم فاخوري وأوالده‪.90‬‬ ‫كـ ــانـ ــت الــصــي ــدلــي ــات‬ ‫ت ـب ـيــع م ـ ــواد ت ـج ـم ـيــل مثل‬ ‫ـاء‬ ‫‪‬ال ـ ـك ـ ـب ـ ـتـ ــول‪ ،‬وه ـ ــو مـ ـ ٌ‬ ‫لتقوية الشعر وتطويله ومنع‬ ‫س ـقــوطــه‪ .‬ف ـمــن استعمله‬ ‫فــي رأســه يزيد شعره وال‬ ‫ينقص منه شعرة‪ ،‬وكذلك‬ ‫إذا اسـتـعـمـلــه ف ــي شــاربــه‬ ‫أو ع ــارضــي ــه‪ ،‬ويـ ـب ــاع في‬ ‫شعر ُه وال ينقص َشعرة‬ ‫يزيد‬ ‫ُ‬ ‫ال ـص ـيــدل ـيــة الـبــروسـيــانـيــة‬ ‫لصاحبها هنتس هيني‪.91‬‬ ‫‪‬والبيلوكربيا دواء‪ ‬ال مثيل له لوقاية الشعر من السقوط وأنجع وأفضل‬ ‫سريعا وتنظيف الرأس من الهبرية (أي القشرة) هو‬ ‫عالج لتطويل الشعر‬ ‫ً‬ ‫المجرب والمشهود به من الجمعية الطبية‬ ‫الشهير‬ ‫روبرت‬ ‫عالج الدكتور‬ ‫ّ‬ ‫‪ 888‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1894 ،1608‬‬

‫‪ 889‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1900 ،3334‬‬

‫‪ 990‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1900 ،1306‬‬

‫‪ 991‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1901 ،3714‬‬


‫‪ 992‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1907 ،5440‬‬

‫‪ 993‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1906 ،5276‬‬

‫‪83‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫الفرنسوية ومن أشهر األطبـ ــاء‪ .‬ومستودعه في مخزن الكف األحمر وهناك‬ ‫مستودع آخر في صيدلية غرزوي إخوان في ساحة البرج‪.92‬‬ ‫ٌ‬ ‫اشـتــرك الــدكـتــور حنا حنين ونجيب صبرا الصيدلي الكيماوي في‬ ‫تحضير صبغة شعر أسمياها ‪‬تحفة الشرق‪ ‬عرضاها للبيع في عدة‬ ‫أماكن وصيدليات منها‪ :‬المخزن الكبير أميل برانجه وشركاه في سوق‬ ‫الطويلة‪ ،‬والصيدلي مصطفى قـ ُّـدورة في صيدلية المشرق‪ ،‬والصيدلي‬ ‫سليم فاخوري في صيدلية الهالل وغيرها‪.93‬‬ ‫وكــان الطبيبان كرينليوس فــان دايــك ونجيب بــربــور شـهــدا بمنافع‬ ‫مرهم اخترعه موسى الخوري سنة ‪ 1895‬يشفي القراع وحبوب الرأس‬ ‫والرضات وكل القروح الزهرية والبواسير وكل‬ ‫والجروح والختان والحرق‬ ‫ّ‬ ‫األمــراض الجلدية وأخصه األكزيما والبلغم المالح والجرب‪ .‬أما شاي‬ ‫الخوري فــ”لشفاء عدة أمراض كالهاستيريا واألمراض الصدرية والسل‬ ‫والحمى المقطعة ورمل البور‬ ‫الرياوي (الرئوي) واليرقان والدود والجنون‬ ‫ّ‬ ‫آنفا في هذا البحث (الفقرة ‪ :4–1‬األطباء‬ ‫مر ً‬ ‫وترويق الــدم‪ ...‬وكما ّ‬ ‫والترويج لــأدويــة‪ )‬كانت شهادة الدكتور فان دايــك تقول‪ :‬هلل تعالى‬ ‫عموما أن يتخذوا (مرهم الخـوري) و(شــاي الخوري)‬ ‫ننصح اإلنسانية‬ ‫ً‬ ‫مجددا (اندثر وكان اسمه عند‬ ‫الخوري‬ ‫افندي‬ ‫موسى‬ ‫اكتشفه‬ ‫النبات الذي‬ ‫ً‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫بيلوكربيا لوقاية الشعر من السقوط‬

‫تحفة الشرق‪ :‬إعالن لحضرات العموم‬


‫‪84‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫القدماء من ألفي سنة افريقيون)‬ ‫وحيث اشتهرت فوائدهم الى عدة‬ ‫أمـ ــراض فــي ش ـهــادات ـنــا وش ـهــادة‬ ‫جملة دكاترة وتشكرات خصوصية‬ ‫سريعا وال‬ ‫ممن شفوا بواسطتهم‬ ‫ً‬ ‫سـيـمــا ف ــي األم ـ ــراض ال ـصــدريــة‬ ‫والــن ــزل ــة الـ ــوافـ ــدة واإلسـ ـه ــاالت‬ ‫وكـ ــل ال ـه ـي ـضــات وال ــدوزنــط ــاري ــا‬ ‫وكــل ال ـجــروح وال ـحــروق والـقــروح‬ ‫والقراع والبواسير وكل األمراض‬ ‫ال ـج ـلــديــة ع ـلــى ح ـســب االخ ـت ـبــار‬ ‫الذي بموجب شهادات من جملة‬ ‫أطباء برسالة مخصوصة‪ .‬واهلل‬ ‫خير الشهود حرر في بيروت في‬ ‫‪ 26‬ت‪ 1‬سنة ‪.9495‬‬ ‫ـان أن‬ ‫سنة ‪ 1896‬صــدر إع ـ ُ‬ ‫باروز وولكوم وشركاهم اإلنكليزي‬ ‫اهتدوا الى استحضار شاي على‬ ‫هيئة أقــراص مضغوطة لها عدة‬ ‫فوائد ألنها مصنوعة من رؤوس‬ ‫األوراق ول ـكــل فـنـجــان ق ــرص أو‬ ‫ق ــرص ــان ف ــا ي ـت ـلــف م ـنــه ش ــيء‪.‬‬ ‫وثمن العلبة الكبيرة بمئتي قرص‬ ‫عشرة غروش ونصف‪ ،‬والصغيرة‬ ‫مئة قرص بخمسة غروش ونصف‬ ‫وتباع في صيدلية مــراد بــارودي‪،‬‬ ‫وقــد استعمله عــدد مــن مشاهير‬ ‫األطباء‪ ،‬فكتب كرنيليوس فانديك‪:‬‬ ‫‪‬جناب األجل األكرم مراد أفندي‬ ‫بـ ـ ـ ــارودي بــع ــد الــتــحــي ــات أبـ ــدي‬ ‫لجنابكم بخصوص أقراص الشاي‬ ‫الـتــي أرسـتـلـمــوهــا أن ــي امتحنتها‬ ‫‪ 994‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1895 ،1053‬‬

‫شهادتان هلل تعالى‬


‫‪ 995‬ثمرات الفنون‪ ،‬عدد ‪.1896 ،1061‬‬

‫‪ 996‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1905 ،4769‬‬

‫‪ 997‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪1900 ،3538‬؛ اإلتحاد العثماني‪ ،‬عدد ‪1909 ،342‬؛ المفيد‪،‬‬ ‫عدد ‪.1912 ،1157‬‬

‫بيروت أيام زمان‬

‫حبوب الحياة للدكتور روس‬

‫‪85‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫مرارا فوجدتها جيدة الطعم عطرية‬ ‫ً‬ ‫الرائحة سهلة االستعمال والتحضير‬ ‫موافقة للمقيمين والمسافرين‪ ‬وأيد‬ ‫يوحنا وورتبات هذه الشهادة‪.95‬‬ ‫س ـنــة ‪ 1905‬أعــل ــن ال ـص ـيــدلــي‬ ‫أنطون عرب (من المدرسة العليا في‬ ‫باريس) أن ‪‬صيدلية عرب وملحة‬ ‫جـلـبــت مــن أوروب ـ ــا كــافــة الـمـعــدات‬ ‫واآلالت الحديثة الستحضار غاز‬ ‫األوكـسـيـجــن الـنـقــي‪ ،‬وال يخفى أن‬ ‫اسـتـنـشــاق ه ــذا ال ـغــاز يـطـ ّـهــر الــدم‬ ‫األجل األكرم‬ ‫إلى جناب‬ ‫ّ‬ ‫من السموم التي تكون في البنية‪،‬‬ ‫واليه ينسب تجديد القوى الحيوية وتقوية الرئتين والقلب والشفاء من‬ ‫الربو والبرونشيت المزمن وفقر الدم‪ ....‬وأحضروا بالونات مملوءة من‬ ‫األوكسيجين يسع كل منها ثالثين ليترا مع آلة اإلستنشاق الخاصة به‪.96‬‬ ‫ومنذ سنة ‪ 1900‬أخذت بيروت تعرف حبوب الدكتور روس أللم الرأس‬ ‫والدوخة واإلمساك وقيل إنها ‪‬تستأصل األمــراض من عروقها‪ ،‬و(كما‬ ‫ً‬ ‫خيطا على إصبعك‬ ‫سبق وذكرنا) قيل في الدعاية لها سنة ‪ 1912‬لف‬ ‫لتتذكر أن تشتري زجاجة‬ ‫مــن حبوب الحياة للدكتور‬ ‫روس اليوم‪ .‬تستعمل حبوب‬ ‫ال ـح ـيــاة ل ـلــدك ـتــور روس ـفــي‬ ‫أربع من جمهوريات‬ ‫جيوش‬ ‫ٍ‬ ‫أمـ ـي ــرك ــا ال ـج ـنــوب ـيــة ألن ـهــا‬ ‫تـشــد هـمــة ال ــرج ــال وتــزيــد‬ ‫م ـق ــدرت ـه ــم ع ـل ــى ال ـق ـت ــال‪:‬‬ ‫الداعي لك بحسن العافية‬ ‫الدكتور روس‪.97‬‬


‫‪86‬‬ ‫عبداللطيف فاخوري‬

‫الصيدلة سنة ‪ ١٩٠٠‬على ساحة البرج‬

‫ـروج لــزيــت خراساني‬ ‫منذ ‪ 1910‬أخ ــذت صحيفة ‪‬لـســان ال ـحــال‪ ‬ت ـ ّ‬ ‫مغربي من مستحضرات الحاج محمد بن أبو بكر المدائني المغربي ‪‬ينفع‬ ‫ألمراض القلب والطحال والكبد وذات الجنب والفالج المزمن ووجع الظهر‬ ‫والمفاصل والجروح والقروح والدمامل والسيالن‪ ...‬صاحب الفالج يأخذ‬ ‫من الزيت ملعقتين يخلطهما مع عسل النحل ورأس من الثوم بعد دقه‬ ‫يوميا ويدهن محل الوجع ساعة النوم‬ ‫ناعما‪ ،‬ويأكل ذلــك ثــاث مــرات‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫فيحصل له الشفاء بإذن اهلل تعالى‪ .98‬أما من خانه زخم الشبيبة فعليه‬ ‫استعمال حبوب الراجل (‪ )Pilules elraghel‬من اختراع الدكتور برون‬ ‫ّ‬ ‫والمركبة من النباتات‪.99‬‬ ‫ومنذ ‪ 1909‬أخذت بيروت تشهد الحليب المعقم لألطفال‪ ،‬إذ أعلن‬ ‫الصيدلي أمين فاخوري (صاحب األجزائية الوطنية)‪ :‬استحضرنا كافة‬ ‫أوائله لتحضيره‪ ،‬وسنباشر ذلك بأقرب وقت خدمة لمن يرغب في حفظ‬ ‫صحته وصحة مرضاه وأطفاله‪ ...‬وهذا الحليب يغني عن المرضعة الوالد َة‬ ‫‪ 998‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪ 1910 ،6524 ،6519 ،6502 ،6490‬وكانون الثاني ‪.1911‬‬

‫‪ 999‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1910 ،6448‬‬


‫بيروت أيام زمان‬

‫التي ال تحب الرضاع ألن تركيبه‬ ‫ي ـشــابــه ت ـمــام ال ـم ـشــاب ـهــة حليب‬ ‫األم‪ 100...‬وسنة ‪ 1913‬بدأ رواج‬ ‫حليب ‪‬فارين الكتيه نستله‪.101‬‬ ‫والطريف أن صيدلية مــراد‬ ‫بـ ـ ـ ــارودي أعــلــن ــت ســن ــة ‪1905‬‬ ‫أن ـهــا ‪‬تـشـتــري الـنـقــود القديمة‬ ‫وخالفها مما يسمى األنتيكات‪،‬‬ ‫ك ـمــا أع ـل ـنــت س ـنــة ‪ 1907‬أن ـهــا‬ ‫‪‬تشتري الكتب الخطية القديمة‬ ‫وال سيما التي لم يسبق طبعها‬ ‫على اختالف مواضيعها الطبية‬ ‫والصيدلية والتاريخية واألدبية‬ ‫وهلم َج ًّرا بأسعار موافقة‪.102‬‬

‫‪87‬‬

‫‪ 1100‬اإلتحاد العثماني‪ ،‬عدد ‪.1913 ،287‬‬ ‫‪ 1101‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪.1913 ،7289‬‬

‫‪ 1102‬لسان الحال‪ ،‬عدد ‪1905 ،4786‬؛ ‪.1907 ،5546‬‬

‫هكذا كان فيها الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫نصيحة ‪‬نابغة األدب وحجة العرب‪‬‬


‫‪88‬‬

‫عبداللطيف فاخوري‬


‫تراثنا المادي‬

‫الديني‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫تدمري‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم ُ‬ ‫جامع َ‬ ‫األمير سيف الدين طينال الحاجب في طرابلس‬


‫الديني‬ ‫تراثنا‬ ‫ً‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬ ‫الحاجب في طرابلس‬ ‫تدمري‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم ُ‬

‫أستاذ التاريخ اإلسالمي والحضارة اإلسالمية‬ ‫في الجامعة اللبنانية‬

‫أجمل جوامع عصر دولة المماليك‬ ‫جامع األمير طينال في طربلس هو‬ ‫ُ‬ ‫عدة يتفرد بها عن غيره‪ ،‬ال في‬ ‫على ِاإلطالق في لبنان‪ .‬يتمتع بمميزات ّ‬ ‫طرابلس ولبنان فحسب‪ ،‬بل في ديار مصر وبالد الشام‪.‬‬ ‫ومئذنة ال مثيل لها بين مــآذن المماليك‬ ‫حرمين للصالة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يتكون من َ‬ ‫ّ‬ ‫شكال ومضمونً ا‪ ،‬تعلوه خمس قباب‪ ،‬وفيه أعمدة غرانيتية وتيجان كورنثية‬ ‫ً‬ ‫في حرمه الشمالي‪ ،‬ومجموعة ُرنوگ (شعارات) مملوكية منقوشة على‬ ‫المئذنة وداخــل الحرم الجنوبي‪ّ ،‬بوابته الداخلية الرائعة بين الحرمين‬ ‫وأخيرا‪،‬‬ ‫تضاهي أجمل أبواب مساجد القاهرة ودمشق بزخارفها وكتاباتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫آخرا‪ ،‬تكتسي أرضية َح َر ِمه الشمالي برخام أبيض وأسود ذي تقطيعات‬ ‫ال ً‬ ‫هندسية متناسقة‪.‬‬ ‫موقعه‪ ،‬تاريخ بنائه‬ ‫الطرف الجنوبي‬ ‫هو في الطرف الجنوبي من مدينة طرابلس‪ ،‬ويالمس‬ ‫َ‬ ‫الغـربي من المقبرة المسماة ‪‬جبانة باب الرمل‪ .‬كان حتى منتصف القرن‬ ‫الماضي يبعد عن أقرب مباني المدينة إليه بما ينيف على ‪ 300‬متر‪ ،‬وكانت‬ ‫والرمان من جميع جهاته‪ .‬والمرجح أن الحرم‬ ‫تحيط به بساتين البرتقال‬ ‫ّ‬ ‫الشمالي من الجامع هو المكان الذي كان يقوم عليه معبد زيوس الروماني‪.‬‬ ‫ـاؤه في شهر رجــب من سنة ‪736‬هـ ـ ــ‪1335/‬م‪ ،‬أمــا بــدء بنائه‬ ‫انتهى بـنـ ُ‬ ‫فغير معروف ألن األمير َطينال ُولِّ َـي نيابة السلطنة في طرابلس للسلطان‬ ‫بنيف وعشر سنين (في الرابع‬ ‫الملك الناصر محمد بن قالوون قبلذاك ّ‬ ‫وعزل عنها في شهر ربيع‬ ‫من شهر جمادى اآلخرة سنة ‪726‬ه ــ‪1325/‬م) ُ‬ ‫األول سنة ‪733‬هـ ــ‪1332/‬م) ثم أعيد إليها في شهر جمادى اآلخــرة سنة‬ ‫‪735‬هــ‪1334/‬م وبقي إلى سنة ‪741‬هــ‪1340/‬م‪ ،‬ثم ُولّ ي عليها للمرة الثالثة‬ ‫بعد إتمام بناء الجامع (‪743–742‬ه ـ ــ‪1342–1341/‬م‪ ،‬فيكون ُولِّ َـي نيابة‬ ‫السلطنة في طرابلس خمس عشرة سنة‪ ،‬هي أطول مدة بين جميع نواب‬ ‫طرابلس المماليك على اإلطالق‪.‬‬


‫أقوال المؤرخين فيه‬

‫كبيرا‪َ ،‬د ِر ًبا ُ‬ ‫ببلد ّإال وأحبه أهلها‬ ‫باألمور‪،‬‬ ‫خبيرا‪ ،‬ما أقام ٍ‬ ‫ً‬ ‫أميرا ً‬ ‫‪‬كان ً‬ ‫وانتفع العرفان بها وانتفى جهلُ ها‪( ‬الصفدي)‪.‬‬ ‫ـري الجنس‪ ،‬قصير القامة‪ ،‬حسن الوجه‪ ،‬جيد األحكام‪ُ ،‬م ِـح ًّبا‬ ‫‪‬كان َت َـت ّ‬ ‫شحيحا‪( ‬ابن َت ْغري َب ْردي)‪.‬‬ ‫ـجمع المال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ل ْ‬ ‫‪‬هو صاحب القاعة العظيمة قرب الجامع األزهر بالقاهرة‪( ‬ابن حجر‬ ‫العسقالني)‪.‬‬ ‫فسماه َ‬ ‫‪‬طينال‬ ‫ورآه ابن بطوطة يوم زار طرابلس سنة ‪726‬هــ‪1326/‬م‬ ‫ّ‬ ‫الحاجب‪ ‬المعروف بملك األمراء ومسكنه بدار السعادة (القريبة من قلعة‬ ‫طرابلس) ومن عوائده أن يركب في كل يوم اثنين وخميس ويركب معه‬ ‫األمراء والعساكر ويخرج إلى ظاهر المدينة‪ ،‬فإذا عاد إليها وقارب الوصول‬ ‫ترجل ُ‬ ‫دوابهم ومشوا بين يديه حتى يدخل‬ ‫إلى منزله ّ‬ ‫األمــراء ونزلوا عن ِّ‬ ‫منزله‪ ،‬وينصرفون وتضرب الطبلخاناه عند دار كل أمير منهم بعد صالة‬ ‫المغرب من كل يوم‪ ،‬وتوقد المشاعل‪.‬‬

‫‪91‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫مركب من لفظين في التركية‪َ :‬‬ ‫اسم َ‬ ‫(الج ْدي) و‪‬نال‪‬‬ ‫‪‬ط ْي َنال‪ّ ‬‬ ‫‪‬ط ْي‪َ ‬‬ ‫تحريف فقيل َ‬ ‫‪‬طينال‪‬‬ ‫اسمه‬ ‫في‬ ‫ووقع‬ ‫ر)‪.‬‬ ‫ـمنو‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫أو‬ ‫شرق‬ ‫ـم‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫أو‬ ‫(ال ُـم ِش ّع‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫منقوشا داخل‬ ‫وقيل ‪‬طيلون‪ ‬وقيل ‪‬إينال‪ ،‬وورد اسمه على الصحيح‬ ‫ً‬ ‫المؤرخ ابن أيبك الصفدي فقال‪َ :‬‬ ‫‪‬طينال بفتح الطاء‬ ‫جامعه‪ ،‬وضبطه‬ ‫ّ‬ ‫المهملة‪ ،‬وسكون الياء آخر الحروف‪ ،‬وبعدها نون َوأَ ِلف والم‪.‬‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬

‫الجبانة التابعة للجامع‬ ‫صورة قديمة يظهر في قسمها األسفل بعض قبور ّ‬


‫وصف الجامع‬ ‫يقوم بابه القديم عند طرفه الشمالي الشرقي‪ ،‬ينتصب على جانبيه‬ ‫عمودان ضخمان من الغرانيت الرمادي‪ .‬يلي المدخل بضع درجات تؤدي‬ ‫إلــى بــاحــة مستطيلة مكشوفة يكسوها الــرخــام األبـيــض واألسـ ــود‪ ،‬كان‬ ‫والوضوء‪ ،‬أزيلت قبل‬ ‫يتوسطها بركة ماء في وسطها نافور ٌة لطيفة للشرب ُ‬ ‫نحو أربعة عقود‪ .‬على يسار المدخل حجرة معقودة للحراسة‪ ،‬إلى جانبها‬ ‫فوه ُة بئر قديمة تمد الجامع بما يحتاجه من الماء‪.‬‬ ‫الحرم األول‬ ‫قد المدخل إلــى‬ ‫في جنوب الباحة المكشوفة يرتفع ِع ُ‬ ‫َ‬ ‫(الشمالي)‪ ،‬وعلى جوانب الباحة الخارجية والمدخل رواقان يرتفعان عن‬ ‫األرض نحو ‪ 35‬سنتم تكسوهما قطع هندسية من الرخام األبيض واألسود‪،‬‬ ‫عقد من الرخام‬ ‫قد المدخل‬ ‫أشكال هندسية متعددة‪،‬‬ ‫وتزيـنها‬ ‫ٌ‬ ‫ويزين ِع َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المشهر‪ ‬أو‬ ‫ـ ‪‬الحجر‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫اصطالح‬ ‫يعرف‬ ‫ـود‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫واأل‬ ‫باألبيض‬ ‫المتناوب‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫‪‬األبلق‪ ‬وهو التقليد التزييني في أبنية المماليك‪.‬‬ ‫‪92‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬ ‫من الزخارف المنقوشة في باحة الجامع الخارجية‬

‫الحرَم األول‬

‫طوله من الشرق إلــى الـغــرب‪13.20 :‬م‪ ،‬ومــن الشمال إلــى الجنوب‪:‬‬ ‫‪11.50‬م‪.‬‬ ‫الح َرم‪ ،‬وفي‬ ‫على اليمين في الغرب رواق يرتفع نحو ‪ 35‬سنتم عن أرض َ‬ ‫مربعة يشير موريتز سوبرنهايم إلى أنها كانت مخصصة‬ ‫آخره‬ ‫جنوبا حجرة ّ‬ ‫ً‬ ‫نرجح أنها مخصصة لإلمام الملتزم الصالة كل يوم‪،‬‬ ‫ونحن‬ ‫الجامع‪،‬‬ ‫لخطيب‬ ‫ّ‬ ‫بينما الخطيب ال يرتاد الجامع ّإال لخطبة الجمعة مرة واحدة في األسبوع‪.‬‬


‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬ ‫‪93‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫لقيم الجامع والمؤذّ ن‪ُ ،‬ع ِثر فيها قبل‬ ‫فوق حجر ِة اإلمام حجر ٌة أخرى ِّ‬ ‫يمتد بضعة أمتار‬ ‫آمنا‬ ‫ص مكانً ا ً‬ ‫ّ‬ ‫كوة ُم َـم ّـوهة توفّ ر لشخ ٍ‬ ‫أربعة عقود على ّ‬ ‫نظرا ُلبعده عن العمران‪.‬‬ ‫ألي خطر ً‬ ‫يصلح لالختباء في حال ّ‬ ‫تعرض الجامع ّ‬ ‫غرانيتيان مرتفعان نحو مترين‬ ‫الحرم األول ينتصب عمودان‬ ‫وسط‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫توريقات وزخ ــارف‪ ،‬يقابلهما‬ ‫تزينهما‬ ‫كورنثيان‬ ‫تاجان‬ ‫يعلوهما‬ ‫ونيف‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫عـ ـم ــودان آخـ ــران ع ـنــد أول‬ ‫ـؤدي إلــى الـحــرم‬ ‫ال ـبــاب ال ـمـ ّ‬ ‫ال ـث ــان ــي‪ ،‬وت ـح ـمــل األعــم ــد ُة‬ ‫األربع ُة قُ ـ َّـبـ َـتين بديعتين من‬ ‫الحجارة الرملية‪.‬‬ ‫الحرمين هو‬ ‫الباب بين‬ ‫َ‬ ‫األروع واألجـ ـم ــل الح ـتــوائــه‬ ‫ت‬ ‫زخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ـارف وم ـ ـقـ ــرن ـ ـصـ ــا ٍ‬ ‫ت رخامي ًة‬ ‫ومدلّ يا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫وتجويفا ٍ‬ ‫وأشـ ـك ـ ًـاال ه ـنــدس ـي ـ ًة بــأبـعــاد‬ ‫أحد األعمدة األربعة في ال َـحـ َـرم الشمالي‬ ‫متناسقة باألبيض واألســود‪،‬‬ ‫قشت عن جانبي الباب كتابات متنوعة الخطوط المنسوبة‪ ،‬من النسخ‬ ‫ونُ َ‬ ‫ـزهــر‪ .‬وه ــذه الخطوط المتنوعة‬ ‫المملوكي إلــى الــثُ ــلُ ــث إلــى الكوفي الـمـ ّ‬ ‫تشكل لوحة بديعة باهرة‪.‬‬ ‫والزخارف والمقرنصات والمنمنمات ّ‬ ‫ومضامينها‪ ،‬من نص تأْ ريخي‬ ‫ـف النصوص المنقوشة‬ ‫ُ‬ ‫تنوعت وظــائـ ُ‬ ‫توثيقي للبناء‪ ،‬إلى حديث نبوي شريف‪ ،‬إلى ْذكـ ٍـر للنبي صلّ ى اهلل عليه‬ ‫بالجنة‪ ،‬إلى نص لوقفية‬ ‫المبشرين‬ ‫وسلّ م‪ ،‬والخلفاء الراشدين والصحابة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوقفيتين أهمية بالغة إذ‬ ‫الجامع‪ ،‬ونص آخر لوقفية تربة الواقف‪ .‬ولهاتين‬ ‫ّ‬ ‫هما وثيقتان تأْ ريخيتان تسجالن أسماء معالم عمرانية كثيرة في طرابلس‬ ‫ونواحيها‪ ،‬وتساعدان الباحثين في دراسة حركة العمران والسكان والحياة‬ ‫االجتماعية واالمتداد ال ُـمدني والنشاط التجاري والزراعي والصناعي في‬ ‫المدينة وما حولها‪ .‬ومنها نقف على الكثير من المعطيات المتمثّ لة في‬ ‫والتعرف على‬ ‫أماكن ومعالم عمرانية قديمة أزيلت أو باقية حتى اليوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫االمتداد العمراني في طرابلس خالل أقل من نصف قرن بين إخراج الفرنج‬ ‫(الصليبيين) من المدينة سنة ‪688‬هـ‪1289/‬م حتى انتهاء بناء الجامع سنة‬ ‫‪736‬هـ‪1335/‬م‪.‬‬


‫الحرم الثاني الجنوبي‬

‫‪94‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬

‫فيه المحراب والمنبر والـ ُـسـ ّـدة الخشبية التي يجلس عليها المؤذن‬ ‫والمنشدون‪.‬‬ ‫إلى يسار المدخل بابان‪ :‬األول في الجدار الشمالي واآلخر في الجدار‬ ‫الشرقي‪ ،‬يقابلهما بابان آخــران خــارج الجامع‪ ،‬حتى إذا خــرج أحدهم‬ ‫ت واحد وصال إلى‬ ‫من الباب الداخلي وآخر من الباب الخارجي في وق ٍ‬ ‫الصحن العلوي لبرج المئذنة‪ ،‬فيصل األول إلى خارج الجامع واآلخر إلى‬ ‫داخله من دون أن يتقابال‪ .‬ذلك أن المهندس المعماري برع في إحداث‬ ‫للقيم في الجامع‬ ‫ُسلّ َمين‬ ‫َ‬ ‫ملتويين الواحد فوق اآلخر لتوفير الحماية واألمن ّ‬ ‫قديما يبعد عن العمران‪.‬‬ ‫فيتخلّ ص من المعتدي على الجامع الذي كان‬ ‫ً‬ ‫ولهذا الفن المعماري شبيه واحد‪ :‬إحدى مآذن قرطبة في األندلس‪ ،‬ما‬ ‫مهندس مئذنة جامع طينال‪ .‬وفي طرابلس مبا ٍن‬ ‫أندلسيا‬ ‫يرج ُح أن يكون‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ذات طابع مغربي أندلسي‪ ،‬منها‪ :‬مئذنة‬ ‫تاريخية أخرى من عصر المماليك ُ‬ ‫جامع البرطاسي‪ ،‬جامع سيدي عبدالواحد المكناسي‪ ،‬دار نائب السلطنة‬ ‫أيبك الموصلي (ت‪698 ‬هـ‪1299/‬م)‪ ،‬المدرسة‬ ‫في طرابلس األمير عزالدين َ‬ ‫ُ‬ ‫وسط سوق الصاغة‪ ،‬وسواها‪...‬‬ ‫الطواشية ْ‬ ‫على الواجهة الشمالية‬ ‫الغربية‪ ،‬في أعلى المئذنة‪،‬‬ ‫نقشت أربعة ُرنُ وگ (شعارات)‬ ‫ورس ُم‬ ‫مملوكية بشكل ُكؤوس‪ْ .‬‬ ‫شعار خاص بالمسؤول‬ ‫الكأْ س‬ ‫ٌ‬ ‫عن مطبخ السلطان في القاهرة‪،‬‬ ‫المتذو ُق‬ ‫المؤتم ُن على صحته‬ ‫هو‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْقبله طعامه وشرابه في المآدب‬ ‫واألسمطة خشية أن يكون‬ ‫مسموما‪ .‬ولَ َق ُب هذا الموظف‬ ‫ً‬ ‫معناه‬ ‫فارسي‬ ‫(لفظ‬ ‫نكير‪‬‬ ‫‪‬جاش‬ ‫َ‬ ‫رنگ الكأس (الساقي)‬ ‫‪‬متذوق الطعام‪.)‬‬ ‫ِّ‬ ‫مؤرخي سيرة األمير طينال لم يذكروا أنه تولى هذه الوظيفة‬ ‫جميع‬ ‫ّ‬ ‫الرنوگ‪،‬‬ ‫تلك‬ ‫‪‬الحاجب‪.‬‬ ‫بوصفه‬ ‫واكتفوا‬ ‫السلطان‪،‬‬ ‫لحماية‬ ‫الخطيرة‬ ‫ُ‬ ‫تذكره المصادر‬ ‫مهما لألمير طينال لم‬ ‫بالكؤوس‪ ،‬تضيف‬ ‫متمثلة‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫منصبا ًّ‬ ‫ً‬ ‫الرنوگ في مقدمة الوثائق التأْ ريخية الصادقة‪،‬‬ ‫هذه‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫لذا‬ ‫نة‪.‬‬ ‫المدو‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫عشرات منها لذا‬ ‫طرابلس‬ ‫وفي‬ ‫العمائر‪،‬‬ ‫على‬ ‫المنقوشة‬ ‫والنصوص‬ ‫كالنقود‬ ‫ٌ‬ ‫أطلقنا على أسواقها المملوكية تعبير ‪‬المتحف الحي‪.‬‬


‫السلّ م اللولبي‬ ‫داخل المئذنة‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬

‫الحرم الثاني يبلغ طوله من الباب إلى المحراب ‪16.80‬م وعرضه‬ ‫هذا‬ ‫َ‬ ‫‪16‬م‪ ،‬وتعلو مدخلَ ه ســد ٌة خشبية ُيصعد إليها بسلّ م خشبي متين‪ُ ،‬زينت‬ ‫جوانبها برسوم نباتية جميلة تدل ألوانها على أنها رسمت من زمن بعيد‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫فــي أسـفــل الـجــدار‬ ‫ال ـش ـمــالــي ع ـلــى يمين‬ ‫الـ ـح ـ َـرم نُ ــ ِق ــش رن ـگــان‬ ‫على حجرين متقاربين‬ ‫يمثالن رنــگ (شعار)‬ ‫َحـ ـ ْـد َوة ال ـفـ َـرس‪ ،‬داللــة‬ ‫عـلــى أن صــاحــب هــذا‬ ‫الـ ــرنـ ــگ أمـ ـي ــر كـبـيــر‬ ‫على ‪ 100‬فارس برتبة‬ ‫‪‬مقدم ألْ ف‪( ‬مصطلح‬ ‫َّ‬ ‫رنگ َح ْد َوة الفرس‬ ‫عسكري شاع في دولة‬ ‫أمير كبير‬ ‫المماليك)‪ ،‬وكان ال يتولى‬ ‫منصب نيابة السلطنة في طرابلس ّإال ٌ‬ ‫َ‬ ‫بهذه الرتبة مثل دمشق وحلب‪ ،‬واألمير طينال واحد منهم‪.‬‬ ‫في أعلى المئذنة شرف ٌة مستديرة بارزة إلى الخارج عن جدار الساق‬ ‫السفلي المربع المرتكز على أربعة مثلثات تتجه قاعدتها إلى أعلى‪ .‬وبناء‬ ‫الرخ في رقعة الشطرنج ما يجعل‬ ‫الشرفة يشبه البرج الحربي أو قطعة ّ‬ ‫برج أجراس كنيسة كرملية‪.‬‬ ‫بعضهم يعتقد أن المئذنة كانت في األصل َ‬ ‫وللمئذنة شرف ٌة أخرى أصغر من ُ‬ ‫األولى‪ ،‬يرتفع في وسطها رأْ س المئذنة‬ ‫السداسي األضالع الذي ينتهي بقبة صغيرة بيضاوية يعلوها هالل‪.‬‬


‫‪96‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬

‫يتكون من تسعة أساطين أكبرها األسطوان األوسط وهو‬ ‫وهذا‬ ‫َ‬ ‫الحرم ّ‬ ‫الحرم الشمالي‪ ،‬بينما بقية األساطين المحيطة باألول‬ ‫في مستوى أرضية‬ ‫َ‬ ‫ترتفع عنه بنحو ‪ 40‬سنتم‪ .‬وعلى أركان األسطوان تقوم أربع عضاضات‬ ‫(واحدتها ‪1.80‬م‪1.40 x ‬م) ترتكز عليها ق ّـبة المحراب‪ ،‬وفــوق أسطوان‬ ‫ُ‬ ‫المنبر والمحراب قب ٌة أخــرى تقوم على ثــاث ّ‬ ‫حطات من المقرنصات‬ ‫الحرم‬ ‫فصا‪ .‬وتكسو أرضي َة‬ ‫َ‬ ‫المجوفة في الزوايا مجموع فصوصها ‪ًّ 24‬‬ ‫ّ‬ ‫الملون في غاية الجمال والــروعــة‪ ،‬ذات أسلوب‬ ‫الفسيفساء‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫ٌ‬ ‫زخرف‬ ‫ّ‬ ‫إسالمي خالص‪.‬‬ ‫الحرمين الشمالي والجنوبي فتحتان تتوسطان بركتين من الزخرفة‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫الرخامية مهمتهما تصريف المياه عند غسل الجامع‪.‬‬ ‫على يمين المحراب منبر خشبي مزخرف عند أعاله كتاب ٌة منقوشة تدل‬ ‫صنعه ت ّـم بعد ثالثة أشهر من بناء الجامع على يد المعلِّ م محمد‬ ‫على أن ْ‬ ‫الصفدي‪.‬‬ ‫للحرم باب يؤدي إلى قاعة‬ ‫في الطرف الجنوبي من الجدار الشرقي‬ ‫َ‬ ‫مدفنا له‪ .‬لكن المشيئة اإللهية شاءت أن‬ ‫مربعة َأم َر ببنائها طينال لتكون‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُيدفن في مغارة النبي يعقوب عليه السالم في صفد شمال ّـي فلسطين سنة‬ ‫‪743‬هـ‪1342/‬م‪.‬‬ ‫كتابات الجامع‬ ‫خمس منها على واجهة‬ ‫سبع كتابات‪،‬‬ ‫يحتوي جامع طينال على نصو ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ص ِ‬ ‫وسأُ‬ ‫ورد‬ ‫الحرمين‪ ،‬واثنتان على المنبر الخشبي‪،‬‬ ‫الباب الرخامي الذي بين‬ ‫َ‬ ‫نصوصها كما هي‪ ،‬بأغالطها ولغتها الضعيفة بدون تصويب‪.‬‬ ‫هنا‬ ‫َ‬ ‫‪1.1‬نص وقفية الجامع‬

‫ ) أبسم اهلل الرحمن الرحيم أمر بإنشا هذا الجامع المعمور بذكر‬ ‫اهلل تعالى موالنا المقر الشرف العالي المولوي الكافلي السيدي‬ ‫المالكي المخدومي السيفي طينال الملكي الناصري كافل الممالك‬ ‫الشريفة الطرابلسية بلّ غه اهلل آماله‬ ‫المعينة في‬ ‫وتقبل في الصالحات أعماله ووقف عليه لمصالحه‬ ‫ّ‬ ‫ )ب ّ‬ ‫كتاب وقفه جميع البستان المعروف بالحموي بظاهر طرابلس‬ ‫وجميع الحانوتين المالصقين لبابه وجميع البستان المعروف‬ ‫قدي ًـما بالطنطاش بسقي طرابلس‬


‫التـربة‬ ‫‪ .2‬نص‬ ‫وقفية ُ‬ ‫ّ‬

‫ )بوجميع القيسارية المستجدة المجاورة لمسجد أرزني من الغرب‬ ‫بسكن الخلعيين وعدة حوانيتها ست عشرة وطباقها ست عشرة‬ ‫بالع َـرصة القديمة وجميع‬ ‫وجميع الحوانيت والطباق انشا الواقف َ‬ ‫الست حوانيت‬

‫بسويقة القاضي‬ ‫قديما‬ ‫ ) جالمستجدة انشا الواقف وتعرف‬ ‫ّ‬ ‫بمظفر ُ‬ ‫ً‬ ‫والثلث طباق الراكبة عليها وجميع الحاكورة المجاورة لهذا الجامع‬ ‫من ال ِقبلة وجميع األرض المجاورة للميدان من ال ِقبلة وشرط‬ ‫أنه مهما فضل من ريع هذا الوقف عن أرباب وظائفه ومصالحه‬ ‫المعينة في كتاب الوقف‬ ‫ ) ديصرف للفقرا والمساكين المقيمين والواردين كما شرط في وقف‬ ‫جدد ألحد‬ ‫مرت ًبا‬ ‫الجامع من غير ترتيب ومن ّرتب ألحد ّ‬ ‫مستمرا أو ّ‬ ‫ًّ‬ ‫شيئا على سبيل الراتب المستمر كان اهلل مجازيه ومحاسبه ومكافيه‬ ‫ً‬ ‫وحشره مع َ‬ ‫الدنيا‬ ‫ين َض َّل َس ْع ُيهم في الحياة‬ ‫ين أَ ْع َماال‪ِ ،‬‬ ‫الذ َ‬ ‫‪‬األ ْخ َس ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ون ُص ْن ًعا‪( ‬سورة الكهف – آخر اآلية ‪103‬‬ ‫ون أَ نَّ ُه ْم ُي ْح ِس ُن َ‬ ‫َو ُه ْم َي ْح َس ُب َ‬ ‫وكامل اآلية ‪.)104‬‬

‫‪97‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫التربة المباركة رحم اهلل‬ ‫ ) أبسم اهلل الرحمن الرحيم أمر بإنشا هذه ُ‬ ‫وتقبل منه وجزاه‬ ‫ساكنها موالنا ملك األمرا المشار إليه أثابه اهلل ّ‬ ‫خيرا ورضي عنه ووقف على مصالحها وأرباب وظائفها المعينة‬ ‫ً‬ ‫في كتابتها جميع الطبقة المجاورة لها من الشرق وتعرف بالخطيب‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬

‫الحمام‬ ‫ ) جوجميع الحانوتين المتالصقتين لسوق الـســاح بـجــوار‬ ‫ّ‬ ‫المعروف بأَ َس ْن َد ِمـر وهــي اآلن ملْ ك الواقف وجميع ثلث الخان‬ ‫المعروف بدار الوكالة القديمة وجميع القرية المعروفة بأرزونية‬ ‫فضل من ريع‬ ‫من عمل ِعرقا بجون طرابلس وشرط أنه مهما ّ‬ ‫صرف‬ ‫ ) دهذا الواقف عن أرباب وظايفه ومصالحه‬ ‫المعينة في كتابه ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫للفقرا والمساكين المقيمين بطرابلس والواردين إليها حسب ما‬ ‫مرت ًـبا في كل شهر أو‬ ‫يراه الناظر في ذلك من غير أن يرتب ألحد َّ‬ ‫مستمرا عليه لعن ُة اهلل‬ ‫شيئا‬ ‫بدله أو ّرتب ً‬ ‫غير ذلك أو ّ‬ ‫ًّ‬ ‫كل يوم َ‬ ‫ومن َّ‬ ‫والمالئكة والناس أجمعين‪.‬‬


‫‪ .3‬التأْ ريخ لبناء الجامع‬ ‫ ) أبسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫ )بأمر انشا هذه جامع‬

‫ ) جالمبارك المقر الشريف‬ ‫ ) دالعالي المولوي طينال‬

‫ )ـهالناصري نايب السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫المعظمة بطرابلس‬ ‫ ) و‬ ‫ ) زالمحروسة انشاها‬

‫ ) حفي أيام الملك الناصر‬

‫ )طفي شهر رجب سنة ست‬

‫‪98‬‬

‫ ) يوثالثين وسبعماية‬

‫بالجنة‬ ‫المبشرين‬ ‫العشرة‬ ‫‪ .4‬أسماء‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬

‫محمد‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬عمر‪ ،‬عثمان‪ ،‬علي‪ ،‬طلحة‪ ،‬زبير‪ ،‬سعد‪ ،‬سعيد عبداهلل‪،‬‬ ‫عبدالرحمن‪.‬‬

‫‪ .5‬نص حديث شريف‬ ‫الجنة‪.‬‬ ‫مسجدا هلل ولو َك ِم ْف َحص قَ طاة بنا اهلل له‬ ‫من بنا‬ ‫قصرا في ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مسجدا هلل‪...‬‬ ‫الحديث النبوي ‪‬من بنى‬ ‫ً‬


‫‪ .7‬المنبر‬ ‫عمل المعلم محمد الصفدي رحم اهلل من ترحم عليه‪.‬‬

‫كتابة معلّ م المنبر‬ ‫‪‬محمد الصفدي‪‬‬ ‫ّ‬

‫‪99‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫كتابة المنبر‬ ‫حيث يجلس الخطيب‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬

‫‪ .6‬الكتابة أعلى منبر الخطيب‬ ‫*‪ ‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫*‪ ‬إنما يعمر مساجد اهلل من آمن باهلل واليوم‬ ‫خش‬ ‫*‪ ‬اآلخر وأقام الصلوة وأتا الزكاة ولم َي َ‬ ‫* ّ‬ ‫‪ ‬إال اهلل فعسى أوليك أن يكونو من المهتدين‬ ‫*‪ ‬تكمل هذه منبر في شهر ذو القعدة سنة ست وثالثين وسبعماية‬


‫الجامع كما وصفه المؤرخون والرحالة‬ ‫‪‬مــوضــوعــه غني عــن وصــف أرب ــاب الـلـســان‪ ،‬أنفق عليه وعلى وقفه‬ ‫كبيرا‪( ‬ابــن حبيب الحلبي‬ ‫ـوابــا واف ـ ًـرا وأج ـ ًـرا ً‬ ‫مـ ًـاال ً‬ ‫كثيرا ونــال بسببه ثـ ً‬ ‫‪‬درة األسالك في دولة األتراك‪( ‬المخطوط‬ ‫(ت‪779 ‬هـ‪1377/‬م) في كتابه ّ‬ ‫‪.)134/2‬‬

‫‪100‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬

‫منظر عام ل ُـم َج َّمع الجامع‬

‫أيضا‪:‬‬ ‫وجاء في كتاب ‪‬تذكرة النبيه في أيام المنصور َوبنيه‪ ‬البن حبيب ً‬ ‫ماال‬ ‫حسن البناء أنفق على عمارته ً‬ ‫‪‬وبنى بها – طرابلس –‬ ‫جامعا ُم ْـح َك ًما َ‬ ‫ً‬ ‫جزيال‪ ،‬ووقف على مصالحه ما يكفيه‪ ،‬وحصل له به أجر كثير‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وجــاء في كتاب ‪‬الــدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة‪ ‬البن حجر‬ ‫العسقالني‪ :‬جامع طينال الــذي بطرابلس رأيته وصليت فيه‪ ،‬وهو من‬ ‫أحسن الجوامع‪ ،‬وهو عبارة عن مصلّ ى العيد بطرابلس‪ ،‬فإن فيه صحراء‬ ‫عظيمة جانبه‪ ،‬وبها منبر لصالة العيد‪ ،‬وهو المعروف بجامع طينال‪.‬‬ ‫الرحال ُة ابن محاسن الدمشقي‬ ‫طرابلس‬ ‫وسنة ‪1048‬ه ـ ــ‪1642/‬م زار‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فذَ كر في كتابه ‪‬المنازل المحاسنية في الرحلة الطرابلسية‪ :‬جامع‬ ‫طينال خــارج المدينة من جهة بــاب آق طــرق المشهور بين الناس بباب‬ ‫اخترق وهو جامع عظيم غالبه بالرخام الجسيم ال سيما أرضه فإنها كلها‬


‫ •إبن بطوطة‪ ،‬مهذب رحلة ابن بطوطة‪ ،‬تحقيق أحمد العوامري ومحمد أحمد‬ ‫جاد المولى‪ ،‬القاهرة‪ ،1939 ،‬ص‪.64 .‬‬

‫ •إبــن تغري بــردي‪ ،‬النجوم الــزاهــرة في ملوك مصر والقاهرة‪ ،‬دار الكتب‬ ‫المصرية‪ ،1963 ،‬ج ‪ ،10‬ص‪.54 .‬‬

‫ •الحلبي إبن حبيب‪ ،‬تذكرة النبيه في أيام المنصور وبنيه‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد‬ ‫محمد أمين‪ ،‬مصر‪ ،1986 ،‬ج ‪ ،15‬ص‪.42 .‬‬ ‫ •السخاوي‪ ،‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع‪ ،‬مصر‪1354 ،‬هـ‪ ،‬ج ‪ ،7‬ص‪.‬‬ ‫‪.66–63‬‬ ‫ •شهبة إبن قاضي‪ ،‬تاريخ ابن قاضي شهبة‪ ،‬تحقيق عدنان درويش‪ ،‬المعهد‬ ‫العلمي الفرنسي للدراسات العربية‪ ،‬دمشق‪ ،1994 ،‬ج ‪ ،1‬ص‪.330 .‬‬

‫ •الصفدي‪ ،‬أعيان العصر وأعــوان النصر‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج ‪ ،2‬ب‪.‬ت‪،.‬‬ ‫ص‪ ،630 .‬رقم ‪.840‬‬

‫ •العسقالني إبن حجر‪ ،‬الدرر الكامنة في أعياد المئة الثامنة‪ ،‬تحقيق محمد‬ ‫سيد جاد الحق‪ ،‬مصر‪ ،1966 ،‬ج ‪ ،2‬ص‪.335 .‬‬

‫‪101‬‬

‫الحاجب في طرابلس‬

‫مصادر الدراسة‬

‫جامع األَمير سيف الدين طينال‬

‫بالرخام‪ ،‬والباني مدفون به وهو من الصلحاء المشهورين بين األنام‪ ،‬ويليه‬ ‫محجرة‪.‬‬ ‫منورة بها قبور كلها معتبرة وكل القبور‬ ‫ّ‬ ‫جبانة ّ‬ ‫أن ‪‬طينال لم ُيدفَ ن في جامعه‪ ،‬وقد أخطأ‬ ‫وعن طالب العلم التدمري ّ‬ ‫الكثيرون في هذا القول‪.‬‬ ‫جامع يقال له‬ ‫العطيفي في رحلته إلى طرابلس الشام‪ :‬وبها‬ ‫ٌ‬ ‫وذكــر ُ‬ ‫جامع طيلون في الطرف الغربي من جهة البحر‪ ،‬وهو جامع كبير ومعهد‬ ‫العيدين‪ ،‬ولالجتماع في األمور العظام‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫خطير‪ُ ،‬م َع ٌّد لـمصلّ ى‬ ‫َ‬ ‫وبالقرب إليه خارج المدينة رمل أحمر مفروش َم َّد البصر‪ ،‬يقال إنه كان‬ ‫سببا لخراب هذه‬ ‫ً‬ ‫قريبا‪ ،‬ويقولون إنه يكون ً‬ ‫بعيدا عن المدينة‪ ،‬واآلن صار ً‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫وفــي كـتــاب ‪‬التحفة النابلسية فــي الرحلة الطرابلسية‪ ‬للنابلسي‬ ‫(ت‪1143 ‬هـ ــ‪1731/‬م) جاء‪ :‬جامع طيالن (كــذا) وهو جامع لطيف ّنير‪،‬‬ ‫واقع خارج البلدة‪ ،‬قريب من الجبانة وأسلوبه عجيب‪ ،‬وتكوينه غريب‪.‬‬


‫ •العطيفي رمضان‪ ،‬رحلة إلى طرابلس الشام‪ ،‬نشرها ستيفن فيلد‪ ،‬المعهد‬ ‫األلماني‪ ،‬بيروت‪ ،1970 ،‬ص‪.322 .‬‬ ‫ •النابلسي عبد الغني‪ ،‬التحفة النابلسية في الرحلة الطرابلسية‪ ،‬تحقيق‬ ‫هربرت بوسيه‪ ،‬المعهد األلماني‪ ،‬بيروت‪ ،1971 ،‬ص‪ 72 .‬و‪.93‬‬

‫المراجع‬ ‫ •تدمري عمر عبد السالم‪ ،‬تاريخ وآثــار طرابلس في عصر المماليك‪ ،‬دار‬ ‫البالد للطباعة والنشر‪ ،‬طرابلس‪ ،1974 ،‬ص‪ 162 .‬وما يليها‪.‬‬ ‫ •تدمري عمر عبد السالم‪ ،‬وظائف ومضامين النقوش التأْ ريخية والتزيينية على‬ ‫عمارة طرابلس المملوكية‪ ،‬مجلة أبجديات‪ ،‬تصدر عن مكتبة االسكندرية‪،‬‬ ‫مركز الخطوط‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬سنة ‪ ،2009‬ص‪ 28 .‬وما يليها‪.‬‬

‫‪102‬‬ ‫د‪ .‬عمر عبدالسالم تد ُمري‬

‫ •تــدمــري عـمــر عـبــد ال ـســام‪ ،‬خـصــائــص ال ـع ـمــارة اإلســام ـيــة فــي طرابلس‬ ‫وآثارها المملوكية‪ ،‬دراسة في كتاب الندوة العالمية عن المدينة العربية‬ ‫وخصائصها‪ ،‬واشنطن‪.1981 ،‬‬ ‫‪• Condé Bruce, Tripoli of Lebanon, Beirut, 1961, p. 50.‬‬ ‫‪• Sobernheim Moritz, Corpus inscriptionum arabicarum, T.XXV,‬‬ ‫‪Institut Français d’Archéologie du Caire, 1909, p. 86.‬‬ ‫‪• Tadmury Omar, The plans of Tripoli Alsham and its Mamluk‬‬ ‫ ‪architecture in the Mamluk and the early Ottoman period in‬‬ ‫ ‪Bilad Al-Sham, History and Archeology, 9 –10, London, 1997, 1998,‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪p. 476.‬‬

‫*) ‬

‫جميع صور هذا البحث هي من محفوظات العميد الدكتور غازي عمر تدمري‬


‫الرحالة (‪)2‬‬ ‫لبنان على أقالم ّ‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬ ‫لبنان في رحلة المستشرق البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬ ‫(‪)1471–1470( )Anselme Adorno‬‬

‫تواصل ‪‬مرايا التراث‪ ‬نَ ْـشرها حلقات هذه السلسلة‬ ‫‪‬لبنان على َأقالم‬ ‫الرحالة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حلقة أُ ولى (العدد الرابع – ص ‪ِ 92‬إلى ‪:)101‬‬ ‫بعد‬ ‫ٍ‬

‫الوسطى – ‬ ‫‪‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫الرحالة ا َألندلسيين في العصور ُ‬ ‫اإلدريسي‬ ‫نموذجا‪ ‬للباحث الدكتور أَ حمد حطيط‪،‬‬ ‫رحلة شريف ِ‬ ‫ً‬ ‫هنا الحلقة الثانية‪ :‬لبنان في رحلة المستشرق‬ ‫البلجيكي َأنسيلمي َأدورنو‪ ‬للباحث الدكتور بيار مكرزل‪.‬‬


‫الرحالة (‪)2‬‬ ‫لبنان على أقالم ّ‬

‫لبنان في رحلة المستشرق البلجيكي‬ ‫أنسيلمي أدورنو (‪)Anselme Adorno‬‬ ‫(‪)1471 - 1470‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫اللبنانية‬ ‫أستاذ التاريخ الوسيط في الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية (الفرع الثاني)‬ ‫كلية اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫في النصف اآلخر من القرن الخامس عشر عرفَ ت حركة الحج إلى‬ ‫المدن‬ ‫التجارية بين‬ ‫لتطور العالقات‬ ‫المقدسة زخـ ًـمــا جــديـ ًـدا‬ ‫األرض‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫سفن كانت تقصد موانئ مصر‬ ‫المملوكية‪ ،‬وزيــاد َة‬ ‫األوروﭘ ـ ّـيــة والسلطنة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫اجا‪ ،‬وهذا ما انعكس في كتابات‬ ‫وتج ًارا‬ ‫وبالد الشام‬ ‫وحج ً‬ ‫ّ‬ ‫محمل ًة بضائع ّ‬ ‫َّ‬ ‫عما كانت‬ ‫أكثر‬ ‫ً‬ ‫الحجاج والمسافرين إلى الشرق معلوما ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫ّ‬ ‫تفصيال ودقّ ًة ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫عليه في كتابات القرون السابقة ‪.‬‬ ‫ـركــزون على وصف‬ ‫فبعدما كــانــوا يـ ّ‬ ‫المقدسة أخذوا منذ القرن‬ ‫األماكن‬ ‫ّ‬ ‫ال ـخــامــس عـشــر يـ ــروون مغامراتهم‬ ‫خاصة عاشوها‬ ‫واكتشافاتهم وتجارب ّ‬ ‫إب ـ ــان سـ ـف ــره ــم‪ ،3‬ف ــات ـ ّـخ ــذت بعض‬ ‫نـصــوصـهــم شـكــل ‪‬ك ـتــاب يــومـ ّـيــات‪‬‬ ‫ـصــل ذك ــر فـيــه واض ـعــوه الساعة‬ ‫مـفـ ّ‬ ‫والـ ـي ــوم وال ـش ـهــر ل ـمــراحــل سفرهم‬ ‫م ــع ْذك ـ ــر األحـ ـ ــداث ع ـلــى اخ ـتــاف‬ ‫أهـمـ ّـيـتـهــا‪ ،‬وتــدويــن كـ ّـل مــا شــاهــدوه‬ ‫أو سمعوه‪.‬‬ ‫أبرز مثال على تلك الكتابات ما‬ ‫جمعه أنسيلمي أدورنــو (‪Anselme‬‬ ‫‪ )Adorno‬من معلومات إبان رحلته‬ ‫غالف كتاب أنسيلمي‬ ‫سنتي ‪،1471–1470‬‬ ‫إلــى ال ـشــرق َ‬ ‫‪Jean Richard, Les récits de voyages et de pèlerinages, Typologie des‬‬ ‫‪ 22‬‬ ‫‪sources du Moyen Âge occidental, fasc.8, 1996, p. 63.‬‬

‫‪ 33‬‬ ‫‪Aryeh Graboïs, Le pèlerin occidental en Terre Sainte au Moyen Âge, De‬‬ ‫‪Boeck Université, Paris-Bruxelles, 1998, p. 47.‬‬


‫دونها في كتابه ‪‬رحلة أنسيلمي أدورنو إلى األرض‬ ‫ّ‬ ‫‪.)Adournes Itinerarium Terrae Sanctae‬‬

‫المقدسة‪Anselmi( 4‬‬ ‫ّ‬

‫رحلته إلى الشرق‬ ‫قام أنسيلمي أدورنو برحلة إلى الشرق لجمع معلومات جديدة تثير اهتمام‬ ‫للتعرف على طبيعته وأحــوال بلدانه‪.‬‬ ‫للحج أو‬ ‫ـيين يقصدون الشرق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أوروﭘ ّ‬ ‫الشخصية‬ ‫رجل سياسة وبالط َملَ كي‪ ،‬جعل تدوين مشاهداته وخبرته‬ ‫وألنه ُ‬ ‫ّ‬ ‫تقوي مكانته لدى الملك‪.‬‬ ‫في كتا ٍ‬ ‫ب رفعه إلى ملك سكوتلندا وسيل ًة ّ‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire d’Anselme Adorno en Terre Sainte‬‬ ‫‪ 44‬‬ ‫‪(1470 –1471), Texte édité, traduit et annoté par Jacques Heers et Georgette‬‬ ‫‪de Groer, Éditions CNRS, Paris, 1978, p. 7– 8. Ce titre bibliographique sera‬‬ ‫‪cité dans notre étude en abréviation: Anselme Adorno, Itinéraire.‬‬

‫‪ 55‬‬

‫الطيب) دوق بورغونيا من ‪ 1419‬إلى ‪.1467‬‬ ‫فيليب لو بون (فيليب ّ‬

‫‪ 77‬‬

‫هو ابن فيليب لو بون‪ ،‬دوق بورغونيا من ‪ 1467‬إلى ‪.1477‬‬

‫‪ 66‬‬

‫‪ 88‬‬

‫َح َكم من ‪ 1460‬إلى ‪.1488‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 7– 8.‬‬

‫‪105‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫البلجيكية سنة ‪ .1424‬أصلُ ُه من مدينة‬ ‫ولد في مدينة بروج (‪)Bruges‬‬ ‫ّ‬ ‫لعائلة نبيلة هاجر أحــد أفــرادهــا إلــى الفالندر (إقليم في شمال‬ ‫جنوى‬ ‫ٍ‬ ‫الفروسية وفاز سنة ‪ 1444‬بمباريات ومبارزات‬ ‫بلجيكا)‪ .‬مال في شبابه إلى‬ ‫ّ‬ ‫‪5‬‬ ‫فأرسله والده إلى بالط دوق بورغونيا فيليب لو بون (‪)Philippe-le-Bon‬‬ ‫الفروسية كي يصبح من رجال القصر‪ ،‬وهكذا كان‪.‬‬ ‫لمتابعة تدريباته على‬ ‫ّ‬ ‫بمهمة إلــى سكوتلندا لمفاوضة الملك جاك‬ ‫سنة ‪ 1467‬أرسـلــه ال ــدوق‬ ‫ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫سيد قلعة كورتوي‬ ‫الثالث فكافأه هذا األخير بمنحه رتب َة فارس وبتعيينه ّ‬ ‫(‪ )Corthuy‬في سكوتلندا‪ .‬لمع بين رجال القصر وبرع في السياسة‪ ،‬وكان‬ ‫قوي في السياسة واإلدارة حتى‬ ‫في المدينة بين ‪ 1472‬و‪ 1477‬ذا حضور ّ‬ ‫موت دوق بورغونيا شارل الجريء‪ )Charles le Téméraire( 7‬وقيام ثورة‬ ‫‪ 1477‬حين أطيح من منصبه فنفاه أعــداؤه والتجأ إلــى ملك سكوتلندا‬ ‫مستشارا يخدمه في مواجهة انقسامات‬ ‫جاك الثالث فأصبح في حاشيته‬ ‫ً‬ ‫‪8‬‬ ‫سياسية كانت تشهدها البالد‪ ،‬حتى قتله منافسوه سنة ‪. 1483‬‬ ‫ّ‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫سيرتُهُ‬


‫‪106‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫غادر بروج إلى الشرق في ‪ 19‬شباط ‪ 1470‬ومعه ابنه جان وخمسة‬ ‫رجال‪ .‬وصل إلى ﭘـاڤـيا (‪ )Pavia‬في شمال إيطاليا وبعدها بأيام إلى روما‪،‬‬ ‫البندقية للسفر إلى فلسطين في سفينة ُح ّجاج‪،‬‬ ‫توج َه َر ُجالن إلى‬ ‫وفيها َّ‬ ‫ّ‬ ‫وتوجه أدورنو مع األربعة اآلخرين إلى َج َـنوى ليغادروا من مرفإها في ‪ 7‬أيار‬ ‫ّ‬ ‫ويبلغوا تونس في ‪ 24‬أيار‪ ،‬فالقاهرة في ‪ 7‬آب‪ ،‬فجبل سيناء في ‪ 24‬آب‪،‬‬ ‫فالقدس في ‪ 11‬أيلول‪ ،‬فدمشق في ‪ 16‬تشرين األول‪ ،‬ورسوا في بيروت‬ ‫نهار ‪ 28‬تشرين األول ليومين وغادروها مساء ‪ 29‬تشرين األول في سفينة‬ ‫ندقية إلى برنديزي (‪ )Brindisi‬فبلغوها في ‪ 24‬تشرين الثاني ومنها إلى‬ ‫ُب ّ‬ ‫روما (من ‪ 11‬إلى ‪ 29‬كانون الثاني ‪ )1471‬وتابعوا إلى البندقية بين ‪18‬‬ ‫شباط و‪ 7‬آذار‪ ،‬وبلغوا كولونيا في ‪ 28‬آذار‪ ،‬وعادوا إلى بروج في ‪ 4‬نيسان‪.9‬‬ ‫سنة وشهرين تخلّ لتها إقامة في إيطاليا (ﭙـاﭭـيا‬ ‫استغرقت الرحلة نحو َ‬ ‫ـاع شرق‬ ‫ـادا خطرة صعبة المسالك فيما أوضـ ُ‬ ‫ورومــا وجنوى) وشملت بـ ً‬ ‫التوسع التركي وتهديد حركة‬ ‫تغيرات مع ازديــاد‬ ‫ُّ‬ ‫المتوسط تشهد بداية ّ‬ ‫البحرية بين أوروﭘـا والشرق‪.‬‬ ‫المالحة‬ ‫ّ‬ ‫الحج إلى األماكن المقدسة في‬ ‫ما كان الدافع إلى هذه الرحلة‪ :‬أهو‬ ‫ّ‬ ‫سرية لجمع معلومات عن البلدان في‬ ‫مهمة ّ‬ ‫فلسطين؟ أم كان أدورنــو في ّ‬

‫الحجاج سنة ‪1485‬‬ ‫مجهزة لسفر‬ ‫ّ‬ ‫سفينة كالير كبيرة ّ‬

‫‪Frederic Chapin Lane, Ships and shipbuilders of the Renaissance,‬‬ ‫‪The John Hopkins University Press, Baltimore and London, 1992‬‬

‫‪ 99‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 10.‬‬


‫كتاب رحلته‬ ‫ُ‬

‫‪ 110‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 30.‬‬

‫‪107‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫الحاج أن‬ ‫طر ٍق على‬ ‫ال يقتصر كتابه على وصف األماكن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقدسة ودلي ِل ُ‬ ‫سياسية لبلدا ٍن‬ ‫عسكرية وأوضاع‬ ‫تقريرا عن قدرات‬ ‫يسلكها‪ ،‬وليس الكتاب‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لحكم المسلمين‪ ،‬بل فيه معلومات عن أبرز المدن والمناطق من‬ ‫خاضعة ْ‬ ‫وتنوع طوائفهم ومذاهبهم وأديانهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تونس إلى بالد الشام‪ ،‬وعن‬ ‫السكان ُّ‬ ‫واالقتصادية للبلدان‬ ‫واالجتماعية‬ ‫السياسية‬ ‫والعادات والتقاليد‪ ،‬واألوضاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التي زارها‪ ،‬وإلشباع فضول كل مسافر إلى الشرق بتقديم معلومات جديدة‬ ‫بوضوح في أوروﭘـا‪ .‬لذا لم تقتصر رحلته على مصر وبالد‬ ‫لم تكن معروف ًة‬ ‫ٍ‬ ‫لجمع أكثر ما يمكن من معلومات عن أوضاع‬ ‫الشام بل شملت شمال أفريقيا ْ‬ ‫خاصة عاشها في رحلته كي‬ ‫ودون في كتابه خبر ًة‬ ‫ّ‬ ‫وأحــوال تلك البالد‪ّ .‬‬ ‫يستفيد منها المسافرون إلى الشرق بإرشادهم إلى أماكن َت ْج ُم ُل زيارتها‪،‬‬ ‫يتجنبونها‪.‬‬ ‫وبتقديم شرح لهم عن احتياطات يتخذونها إبان الرحلة‬ ‫وأخطار ّ‬ ‫ٍ‬ ‫مكاريين ومترجمين رافقوه في‬ ‫دون أدورنــو في كتابه ما سمعه من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية‪ ،‬عاونه في‬ ‫ه‬ ‫وخبرت‬ ‫ه‬ ‫ومشاهدات‬ ‫أخرى‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫منطقة‬ ‫من‬ ‫تجواله‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫معتمدا منهج الوصف والمالحظة والمشاهدة‪ .‬استغرقت‬ ‫ذلك ابنه جان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ستة أشهر بعد عودته إلى بروج سنة ‪ .1471‬وحين كتب عن مدن‬ ‫الكتابة ّ‬ ‫المقدس‪،‬‬ ‫الكتاب‬ ‫في‬ ‫عنها‬ ‫ورد‬ ‫بما‬ ‫استعان‬ ‫رحلته‪،‬‬ ‫تشملها‬ ‫لم‬ ‫ومناطق‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وحجاج مشهورين زاروا الشرق قبله في القرنين الرابع‬ ‫الة‬ ‫رح‬ ‫وبكتابات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عشر والخامس عشر‪ .‬وبدا من كتابته ّ‬ ‫تأث ُره الشديد بمصادر ونصوص‬ ‫كغيوم‬ ‫حكم الصليبيين‬ ‫وتحديدا من حقبة ْ‬ ‫من القرون الوسطى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الشرق‪ّ ،‬‬ ‫الصوري (‪ )Guillaume de Tyr‬وجاك دو ڤـيتري (‪)Jacques de Vitry‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫الحجاج إلى فلسطين‬ ‫الشرق؟ لم يسلك الطريق العادي المباشر واألقصر كما‬ ‫ّ‬ ‫مكنه من إتمام مهمته بزيارة مناطق ومدن وأماكن مشهورة‬ ‫طويال َّ‬ ‫طريقا‬ ‫بل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى جبل لبنان وبيروت‬ ‫ً‬ ‫في شمال أَ فريقيا ومصر وفلسطين والشام‬ ‫معتقدا أن مواجهة األخطار تزيد من حكمة اإلنسان وترفع من مكانته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أنّ‬ ‫المقدسة‬ ‫األراضي‬ ‫وزيارة‬ ‫الشرق‬ ‫إلى‬ ‫السفر‬ ‫في‬ ‫رغب‬ ‫ه‬ ‫كتابه‬ ‫في‬ ‫وذك َر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أي نبيل أوروﭘـي آخر‪،‬‬ ‫ليتباهى نَ ً‬ ‫بيال يعرف عن الشرق أكثر مما يعرف عنه ُّ‬ ‫الفروسية‪،‬‬ ‫تمايزه‪ ،‬عن نبالء معاصريه قصدوا الشرق‪َ ،‬بنيله رتبة‬ ‫وإلظهار ُ‬ ‫ّ‬ ‫وقام بعدذاك برحلته إلى الشرق لينشر شهرة ‪‬جماعة الفرسان‪ ‬التي ينتمي‬ ‫إليها ‪‬فرسان القديس أندراوس‪.)L’ordre de Saint-André( 10‬‬


‫وركز على دورها ومكانتها‬ ‫فاستخدم تسميات التينية لمدن وأماكن ذكرها ّ‬ ‫إبان الحكم الصليبي‪.‬‬ ‫مدن ومناطق لبنان ّية ذكرها أنسيلمي أدورنو‬ ‫مرورا بالبقاع‬ ‫‪1.1‬من دمشق إلى بيروت‬ ‫ً‬

‫‪108‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫اللبنانية وفق مسار رحلته‪ .‬غادر دمشق‬ ‫ذكر أدورنو المدن والمناطق‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ 27‬تشرين األول ‪ 1470‬إلى بيروت فوصف الطريق بين دمشق وبيروت‪،‬‬ ‫وأن المسافة بين المدينتين ثالثة أيام يمكن ُ‬ ‫وليلة على‬ ‫قط ُعها في يومين‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ظهر الخيل‪ .‬وعندما خرج مع مرافقيه من دمشق وبلَ غوا ضاحيتها ناموا‬ ‫في إسطبل وتابعوا سفرهم في الصباح‪ .‬وقُ بيل الفجر ركبوا الخيل من دون‬ ‫منتصف ليل‬ ‫مساء قرية ناموا في أحد بيوتها‪ ،‬وغادروها‬ ‫توقف حتى بلغوا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫جدا‪،‬‬ ‫جميل‬ ‫الخصوبة‪،‬‬ ‫كثير‬ ‫واد‬ ‫امتداد‬ ‫‪‬على‬ ‫وساروا‬ ‫األول‬ ‫‪ 29‬تشرين‬ ‫ٍ‬ ‫ًّ‬ ‫غني بالحقول‬ ‫اسمه ‪‬بقاع‪ ‬تحيط به الجبال‪ ،‬ترويه جداول مياه عدة‪ّ ،‬‬ ‫‪11‬‬ ‫والسمك والقطعان‪ ،‬مأهول بكثافة‪ .‬يقال ّإنــه‬ ‫يمتد حتى روسـيــا‪. ‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وواص ـلــوا سيرهم بــا تــوقّ ــف حتى ‪‬ف ـنــدق‪ 12‬على جبل عــا ٍل جـ ًّـدا يبعد‬ ‫‪ 111‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 337.‬‬

‫وعرف الفندق باسم‬ ‫‪ 112‬كلمة فندق‬ ‫إغريقية ‪ Pandocheion‬أو ‪ُ ،Pandokeian‬‬ ‫ّ‬ ‫تتوسطه ساحة‪ ،‬في‬ ‫طابقين‬ ‫من‬ ‫مغلق‬ ‫مبنى‬ ‫والفندق‬ ‫ة‪.‬‬ ‫اإليطالي‬ ‫المصادر‬ ‫‪ Fondaco‬في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التجار‬ ‫إلقامة‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫مخص‬ ‫النوع‬ ‫هذا‬ ‫كان‬ ‫نوم‪.‬‬ ‫غرف‬ ‫العلوي‬ ‫وفي‬ ‫مخازن‬ ‫السفلي‬ ‫الطابق‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ـيين في مدن العالم اإلسالمي‪ .‬لمعلومات أخرى عن أصل كلمة فندق‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫األوروﭘ ّ‬

‫‪Hélène Ahrweiler, Encore à propos de Funduq, Itinéraires d’Orient.‬‬ ‫‪Hommages à Claude Cahen, Volume VII, Textes réunis par Raoul Curiel et‬‬ ‫‪Rika Gyseleh, Burs-Sur-Yvette, 1994, p. 195 –196.‬‬

‫المملوكية خالل القرنين الرابع عشر‬ ‫ولمعلومات أخرى عن الفنادق في السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫األوروبيين في مدن ومرافئ السلطنة‬ ‫ار‬ ‫التج‬ ‫والخامس عشر‪ :‬بيار مكرزل‪ ،‬فنادق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركية في بيروت‪،‬‬ ‫والعلوم – الجامعة‬ ‫اآلداب‬ ‫ة‬ ‫كلي‬ ‫ّ‬ ‫المملوكية‪ ،‬األبحاث‪ ،‬مجلّ ة تصدرها ّ‬ ‫ّ‬ ‫السنة ‪ ،2011–2010 ،59–58‬ص‪ .40–15 .‬وما يقصده أنسيلمي أدورنو بـ ‪‬فندق‪ ‬هو‬ ‫‪‬الخان‪ .‬وكان لهذا البناء نوعان‪ :‬خان الطريق وخان المدينة‪ .‬و‪‬خان‪ ‬كلمة من أصل‬ ‫محصن يتيح للمسافرين الراحة وحماية دوابهم وبضائعهم‪ .‬لمزيد‬ ‫فارسي وهو مبنى‬ ‫ّ‬ ‫من المعلومات عن خانات الطرق‪ :‬لطفي فؤاد لطفي‪ ،‬خانات بالد الشام‪ ،‬دار الفارابي‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،2013 ،‬ص‪ .32–15 .‬كان ‪‬الفندق‪ ‬و‪‬الخان‪ ‬يتشابهان في الشكل الهندسي‬ ‫ـيين‪ ،‬منذ‬ ‫لكل منهما وظيف ًة‬ ‫ّ‬ ‫خصص إلقامة ّ‬ ‫الم ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن ّ‬ ‫التجار األوروﭘ ّ‬ ‫خاصة به‪ .‬فالفندق ُ‬ ‫ّ‬ ‫مختلفا‬ ‫معنى‬ ‫خذ‬ ‫وات‬ ‫بضائعهم‬ ‫وتخزين‬ ‫ار‬ ‫التج‬ ‫استقبال‬ ‫وظيفة‬ ‫ى‬ ‫تخط‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫الثاني‬ ‫القرن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الضرورية لألجانب‪،‬‬ ‫يتمتع باكتفاء ذاتي ويوفّ ر مجموعة حاجات العيش‬ ‫ليعني مكانً ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـيين‪:‬‬ ‫ﭘ‬ ‫األورو‬ ‫ن‬ ‫للمسيحيي‬ ‫وتحديدا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


)▲= ‫الطريق بين دمشق وبيروت  (خان‬

René Dussaud, Topographie historique de la Syrie antique et médiévale, Paris, 1927


‫ميال (ال ِميل = ‪ 1609‬أمتار)‪ .13‬أساء مديرو‬ ‫عن بيروت نحو خمسة عشر ً‬ ‫ليال إلى‬ ‫كثيرا فتابعوا رحلتهم ً‬ ‫‪‬الفندق‪ ‬معاملة أدورنو ورفاقه وضايقوهم ً‬ ‫صخرية عالية‬ ‫عبر جبال‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪ ،‬من دون توقّ ف‪ ،‬في ّ‬ ‫جو ماطر عاصف ْ‬ ‫وخطرة الشتداد الظلمة وغياب ضوء القمر‪ .‬وبعد ‪ 24‬ساعة متواصلة بلغوا‬ ‫ِ‬ ‫‪14‬‬ ‫بيروت متعبين جائعين مبلّ لين ‪.‬‬ ‫‪2.2‬في بيروت‬

‫‪110‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫وصفها بأنها ‪‬مدينة‬ ‫ساحلية صغيرة وأقرب ميناء إلى دمشق‪ .‬موقعها‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبنية من الحجارة‪ ،‬قليلة االرتفاع‪ ،‬سقوفها مسطحة‬ ‫جميل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تضم منازل ّ‬ ‫غنية‬ ‫عريضة وفق أسلوب العمارة السائد في البالد‪ .‬وهي رغم صغرها ّ‬ ‫الخيرات‪ .‬ال تحيط بها أسوار‬ ‫تحيط بها حقول خصيبة تعطي جميع أنواع ْ‬ ‫ّإال من جهة الميناء حيث برج صغير وثالثة أبراج كبيرة تدعم جوانب بعضها‬ ‫بعضا‪ .‬وفي بيروت مساجد كثيرة‪ ،‬أحدها ال يجرؤ أحد على الصعود إلى‬ ‫ً‬ ‫‪15‬‬ ‫يضم جثمان القديسة بربارة ‪ .‬والمسجد الكبير‪ ،‬رغم حجمه‬ ‫مئذنته‪ ،‬وكان ّ‬ ‫أسقفية ّإبان‬ ‫مقر‬ ‫جدا‪،‬‬ ‫البسيط‪ ،‬غني ًّ‬ ‫مبني على الطراز المسيحي‪ ،‬كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪Olivia Remie Constable, Funduq, Fondaco, and Khan in the wake of‬‬ ‫‪Christian commerce and crusade, dans A.E. Laiou and R.P. Mottahedeh (ed),‬‬ ‫‪The Crusades from the perspective of Byzantium and the Muslim World,‬‬ ‫‪Washington, 2001, p. 145–156; Ennio Concina, Fondaci. Architettura, arte e‬‬ ‫‪mercatura tra Levante, Venezia e Alemagna, Venezia, 1997, p. 15.‬‬

‫‪ 113‬‬ ‫‪ 114‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 337.‬‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 339.‬‬

‫‪ 115‬ورد ذكر كنيسة القديسة بربارة في البراءة الصادرة عن البابا لوشيوس الثالث‬ ‫سنة ‪ .1184‬وعن فرنتشيسكو سوريانو (رئيس دير الفرنسيسكان في بيروت سنة‬ ‫جامعا‬ ‫تحولت‬ ‫ً‬ ‫‪ )1480‬أن هذه الكنيسة خارج سور مدينة بيروت‪ ،‬شرقً ا قرب الشاطئ‪ّ .‬‬ ‫ـيين دخول‬ ‫مسموحا‬ ‫مع احتالل المماليك المدين َة سنة ‪ .1291‬لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫للحجاج األوروﭘ ّ‬ ‫أن‬ ‫بيروت‬ ‫في‬ ‫المحلي‬ ‫التقليد‬ ‫ل‬ ‫داو‬ ‫ت‬ ‫الجامع فكانوا يزورون في باحة المسجد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫عمودا َ َ‬ ‫أي ْذكر لهذا العمود‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫عشر‬ ‫الخامس‬ ‫القرن‬ ‫عليه قُ ِط َع رأس القديسة بربارة‪ .‬في‬ ‫َ ِ ْ ُّ‬ ‫مروا في بيروت وقد يكون أزيل‪ .‬بيار مكرزل‪ ،‬كنائس الالتين في‬ ‫حجاج ّ‬ ‫في كتابات ّ‬ ‫مدينتي بيروت وصيدا خالل الحكم الصليبي (‪ ،)1291–1110‬في أنطوان القسيس‬ ‫األميركية للعلوم‬ ‫(ناشر علمي)‪ ،‬تاريخ لبنان عبر العصور مسائل واكتشافات‪ ،‬الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪ ‬رقم‬ ‫‪‬الذاكرة‬ ‫الجامعية‪ ،‬سلسلة‬ ‫والتكنولوجيا (‪ ،)AUST‬دائرة المنشورات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،18‬بيروت‪ ،2013 ،‬ص‪.154 .‬‬


‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 339. 116‬‬ ‫كاتدرائية القديس يوحنا بين ‪1113‬‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫مع احتالل‬ ‫ّ‬ ‫الصليبيين بيروت سنة ‪ُ 1110‬ب ِن َ‬ ‫ّ‬ ‫تحولت‬ ‫‪1291‬‬ ‫سنة‬ ‫بيروت‬ ‫المماليك‬ ‫احتل‬ ‫وعندما‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫ألسقف‬ ‫ا‬ ‫مقر‬ ‫وكانت‬ ‫و‪1150‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫الكاتدرائية‬ ‫هذه‬ ‫عن‬ ‫للمعلومات‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫في‬ ‫الكبير‬ ‫الجامع‬ ‫هو‬ ‫ا‬ ‫مسجد‬ ‫ة‬ ‫الكاتدرائي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وشكلها الهندسي‪:‬‬

‫الرومانية‪ّ .‬تم جمعه وإصداره سنة ‪ 529‬على عهد األمبراطور‬ ‫‪ 117‬يضم القوانين‬ ‫ّ‬ ‫جوستينيانوس (‪.)565–527‬‬

‫تضم مدرسة كبيرة للحقوق ذائعة الشهرة منذ سنة ‪ 250‬للميالد‪،‬‬ ‫‪ 118‬كانت بيروت‬ ‫ّ‬ ‫لكنها فقدت‬ ‫هدمها وأعاد بناءها األمبراطور جوستينيانوس ّ‬ ‫لكن زلزال بيروت سنة ‪ّ 551‬‬ ‫إشعاعها‪ .‬سنة ‪ 554‬ضرب زلزال آخر مدينة بيروت‪ ،‬وسنة ‪ 560‬اندلع فيها حريق أتى‬ ‫على كل ما ّتم إنجازه في عهد جوستينيانوس‪ :‬لويس شيخو‪ ،‬بيروت تاريخها وأثارها‪،‬‬ ‫وأيضا‪:‬‬ ‫طبعة ثالثة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،1993 ،‬ص‪.60–59 .‬‬ ‫ً‬ ‫‪Paul Collinet, Histoire de l’École de droit de Beyrouth, Paris, 1925, p. 22–23.‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire d’Anselme, p. 345. 119‬‬ ‫حصة ستاركنبرك‪ .‬فعندما احتل‬ ‫أخطأ أنسيلمي أدورنو في ْذكره ّ‬ ‫أن بيروت كانت من ّ‬ ‫حصة غوتييه األول بريزبار (‪Brisebarre‬‬ ‫من‬ ‫هذه‬ ‫كانت‬ ‫الصليبيون المدينة سنة ‪1110‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.)1 Gautier‬‬ ‫والحقا صارت تحت حكم أسرة إيبلين (‪ .)Ibelin‬وستاركنبرك ْاس ٌم أُ طلق‬ ‫ً‬ ‫عند نهاية الحكم الصليبي في الشرق على قلعة مونفورت (‪( )Montfort‬قلعة قرين) في‬ ‫الجليل‪ ،‬وكان يتوالها الفرسان التوتون األلمان (‪ .)Chevaliers Teutoniques‬للمعلومات‬ ‫الحكام الفرنج في بيروت‪:‬‬ ‫عن ّ‬

‫‪Mary E. Nickerson, The seigneury of Beirut in the 12th century and the‬‬ ‫‪Brisebarre family of Beirut-Blanchegarde, Byzantion, (Revue Internationale‬‬ ‫‪des Études Byzantines), Tome 19, 1949, p. 141–185.‬‬

‫‪111‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫‪Melchior De Vogüé, Les églises de la Terre Sainte, Librairie de Victor Didron,‬‬ ‫‪Paris, 1860, p. 373 – 374; Camille Enlart, Les monuments des Croisés dans le‬‬ ‫‪royaume de Jérusalem. Architecture religieuse et civile, vol. II, Paris, 1928,‬‬ ‫‪p. 68 –78.‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫المسيحيين البالد‪ .16‬ويتابع‪ :‬في مدينة بيروت فواكه وفيرة بينها‬ ‫حكم‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫جدا تغطي ورقتان منها جسم‬ ‫الموز من شجر ٍة‬ ‫ُ‬ ‫أوراقها عريضة وطويلة ًّ‬ ‫‪17‬‬ ‫مقدمة كتاب ‪‬الديجستوروم‪)Digestorum( ‬‬ ‫ذكر هذه‬ ‫ورد ْ‬ ‫رجل‪ .‬وفي ّ‬ ‫َ‬ ‫‪18‬‬ ‫غودفروى دو‬ ‫المدينة ومدرسة كبيرة فيها للحقوق ‪ .‬وعندما استولى‬ ‫َ‬ ‫المقدسة كانت المدينة‬ ‫بويون (‪ )De Bouillon Godefroy‬على األرض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫ة‬ ‫حص‬ ‫من‬ ‫سيد ستاركنبرك (‪. )Seigneur de Starkenberck‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقدسة في بيروت والمناطق المحيطة بها‪،‬‬ ‫وصف أدورنــو األماكن‬ ‫ّ‬ ‫فذكر كنيسة المخلّ ص في بيروت وفيها راهبان أو ثالثة أو أربعة رهبان‬ ‫َ‬


‫فرنسيسكان يقيمون فيها بشكل دائم‪ُ .20‬بنيت لتكريم دم عجائبي سال في‬ ‫السيد المسيح‬ ‫هذا المكان حين كان ً‬ ‫منزال يسكنه يهود سخروا من أيقونة ّ‬ ‫دم عجائبي غزير‪ ،‬ولتخليد الذكرى‬ ‫وطعنوها بسكاكينهم فسال منها للحال ٌ‬ ‫‪21‬‬ ‫ُش ِّيدت كنيسة صغيرة تحمل اسم المخلّ ص ‪ .‬ويذكر أدورنو أنّ ه رأى فيها‬ ‫ثالثة رهبان بينهم األخ غريفون (‪ )Gryphon‬من مدينة كورتري (‪)Courtrai‬‬ ‫مثقف يعيش حياة قداسة‪ 22‬يتكلّ م‬ ‫في بالد الفالندر وهو ‪‬رجــل تقي ّ‬ ‫‪ 220‬للمعلومات عن دور الرهبان الفرنسيسكان في بيروت في عهد المماليك‪:‬‬

‫‪Pierre Moukarzel, La présence des franciscains à Beyrouth sous la domination‬‬ ‫‪des Mamelouks (1291–1516) d’après les récits de pèlerinage, Revue d’Histoire‬‬ ‫‪Ecclésiastique, Vol. 103, N.1, Université de Louvain, Belgique, 2008, p. 50–84.‬‬

‫‪112‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫‪ُ 221‬ب َنيت حيث حصلت أعجوب ُة أيقونة المسيح المصلوب‪ .‬كانت بيروت معروفة في‬ ‫هامة ورفيعة بسبب حصول األعجوبة سنة ‪750‬م‪.‬‬ ‫الغرب األوروﭘـي وذات‬ ‫ٍ‬ ‫مكانة دينية ّ‬ ‫المقدسة في‬ ‫ـيين يزورون األماكن‬ ‫ﭘ‬ ‫أورو‬ ‫اج‬ ‫حج‬ ‫مقصد‬ ‫بيروت‬ ‫صارت‬ ‫أو ‪763‬م‪ ،.‬بفضلها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حجاج زاروا‬ ‫فلسطين‪ .‬وردت أحداث األعجوبة في ُكتب تاريخية كثيرة وفي معظم كتابات ّ‬ ‫ومروا في بيروت‪ّ .‬تم نقل الدم العجائبي من‬ ‫األراضي‬ ‫ّ‬ ‫المقدسة منذ القرن الثاني عشر ّ‬ ‫ة‬ ‫القسطنطيني‬ ‫إلى‬ ‫بيروت‬ ‫ض َع في كنيسة القديسة مريم والدة اهلل (‪)Théotokos‬‬ ‫وو ِ‬ ‫ّ ُ‬ ‫تضم القسم األكبر من ذخائر تتعلّ ق بالمسيح‪ .‬بعد‬ ‫وكانت‬ ‫األمبراطوري‪،‬‬ ‫للقصر‬ ‫التابعة‬ ‫ّ‬ ‫الصليبية الرابعة سنة ‪ ،1204‬انتقلت ذخيرة‬ ‫القسطنطيني َة خالل الحملة‬ ‫احتالل الالتين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫زجاجية صغيرة توزعت على كنائس‬ ‫قوارير‬ ‫في‬ ‫نقاطه‬ ‫بوضع‬ ‫ـا‬ ‫ﭘ‬ ‫أورو‬ ‫إلى‬ ‫الدم العجائبي‬ ‫ّ‬ ‫البندقية‪ ،‬كنيسة القديسة بربارة‬ ‫في‬ ‫الحاكم‬ ‫قصر‬ ‫وكنيسة‬ ‫مرقس‬ ‫القديس‬ ‫منها‪ :‬كنيسة‬ ‫ّ‬ ‫بروج‬ ‫في مدينة‬ ‫البلجيكية‪ ،‬كنيسة القديس أوبان في مدينة نومور (‪ّ .)Naumur‬أما مكان‬ ‫ّ‬ ‫وفقا للتقليد اإليطالي انتقلت إلى مدينة لوكا‬ ‫األيقونة ففي المصادر معلومات مختلفة‪ً :‬‬ ‫اإليطالية (‪ )Lucca‬منذ القرن الثامن ووضعت في كنيسة القديس مارتان‪ ،‬إنما لم ُي َّثبت‬ ‫وجودها في لوكا ّإال منذ الربع الثالث من القرن الحادي عشر‪ .‬في مرحلة الحقة نُ ِقلت‬ ‫إلى روما في كنيسة القديس يوحنا التران (‪ )Saint Jean de Latran‬المعروفة باسم‬ ‫كنيسة المخلّ ص‪ .‬وسنة ‪ 1200‬ذكر رئيس أساقفة مدينة نوفغورود (‪ )Novgorod‬أنّ ها‬ ‫بقيت فيها‬ ‫محفوظة في كنيسة آيا صوفيا في‬ ‫القسطنطينية وال ْذك َر في المصادر أنها َ‬ ‫ّ‬ ‫كرت معلومات عن الدم العجائبي‪ .‬واألكيد‬ ‫بعد احتالل الالتين المدين َة سنة ‪ 1204‬بينما ذُ َ‬ ‫مروا في‬ ‫أن األيقونة لم تكن في بيروت إبان الفترة الصليبية وال بعدها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فالحجاج الذين ّ‬ ‫ّ‬ ‫بيروت خالل القرن الثاني عشر ذكروها ً‬ ‫حدثا من الماضي البعيد‪ :‬بيار مكرزل‪ ،‬كنائس‬ ‫الالتين في مدينتي بيروت وصيدا خالل الحكم الصليبي (‪ ،)1291–1110‬المرجع‬ ‫المذكور في الحاشية ‪ ،14‬ص‪.158–155 .‬‬

‫‪ 222‬سنة ‪ 1450‬أرسل البابا نقوال الخامس (‪ )1455–1447‬األخ غريفون برفقة األخ‬ ‫فرنسيس البرشلوني إلى لبنان لالتصال بالموارنة كي يعظهم ويشرح لهم أسرار اإليمان‬ ‫وفق الطقس الالتيني فأقام بينهم ‪ 25‬سنة‪ .‬للمعلومات عن األخ غريفون ورسالته في‬ ‫لبنان‪ :‬حليم نجيم – بيار مكرزل‪ ،‬الفرنسيسكان والموارنة (‪ ،)1516–1233‬منشورات‬ ‫وأيضا‪:‬‬ ‫حراسة األراضي المقدسة‪ ،‬بيروت‪ ،2009 ،‬ص‪.92–52 .‬‬ ‫ً‬ ‫‪Henri Lammens, Frère Gryphon et le Liban au XVe siècle, Revue de l’Orient‬‬ ‫‪Chrétien, 4, 1899, p. 68–104.‬‬


‫‪ 224‬سنة ‪:1456‬‬

‫‪Francesco Suriano, Treatise on the Holy Land, Translated by T.Bellorini – E.‬‬ ‫‪Hoade with a preface and notes by B.Bagatti, Franciscan Printing Press,‬‬ ‫‪Jerusalem, 1949, Reprinted 1983, p. 172.‬‬

‫‪ 225‬‬ ‫‪ 226‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 349.‬‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 349.‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 347. 223‬‬ ‫حسان‪ ‬من قرية الحدث‪.‬‬ ‫ـ ‪‬ابن‬ ‫ب‬ ‫الشهير‬ ‫هو البطريرك بطرس بن يوسف بن يعقوب‬ ‫ّ‬ ‫ب سنة ‪ 1458‬في دير سيدة قنوبين وتوفي سنة ‪ .1492‬البطريرك أسطفان الدويهي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫انت ِخ َ‬ ‫تاريخ األزمنة‪ ،‬تحقيق األباتي بطرس فهد‪ ،‬دار لحد خاطر‪ ،‬بيروت‪ ،1986 ،‬ص‪،355 .‬‬ ‫‪.367‬‬

‫‪113‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫العربية بطالقة كما لو انّ ه من أبناء البلد‪ .‬ويتابع أدورنو عن هذا الراهب‪:‬‬ ‫ـددا من‬ ‫‪‬بعون روح القدس ّرد بمواعظه إلــى اإليـمــان (الكاثوليكي) عـ ً‬ ‫الهراطقة الموارنة وأعادهم إلى طاعة الكنيسة في روما‪ .‬وأكثر‪ :‬أعاد إلى‬ ‫ينضم إلى رهبنة القديس فرنسيس‪.‬‬ ‫ديانتنا بطريرك الموارنة وجعله‬ ‫ّ‬ ‫‪23‬‬ ‫مرتديا ثوب هذه الرهبنة‪. ‬‬ ‫ورأيت البطريرك‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫‪24‬‬ ‫بعد كنيسة المخلّ ص ذكر أدورنو أعجوب ًة حصلت في بيروت حين أراد‬ ‫حفر بئر في باحة منزلهما بحثً ا عن كنز‪.‬‬ ‫وزوجته من ّ‬ ‫رجل‬ ‫سكان بيروت ْ‬ ‫ُ‬ ‫كنزا‪ .‬حاول مالكا البيت‬ ‫أحضرا‬ ‫ً‬ ‫عامال َ‬ ‫بئرا عميق ًة استخرج منها ً‬ ‫حفر ً‬ ‫النزول إلحضار الذهب فخرج من الحفرة دخان ونار وماتا اختناقً ا‪ .‬حاول‬ ‫واستمرت النار تتصاعد‬ ‫كثيرون إخماد النار وانتشال الجثتين ففشلوا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من الحفرة ال يستطيع أحد االقتراب منها إلخمادها‪َ .‬ه َّـم أحدهم بالنزول‬ ‫سكان المحلّ ة‬ ‫إلى الحفرة فما وضع رجله على السلّ م حتى احترقت‪ .‬طلب ّ‬ ‫عل اهلل يستجيب لهم وتنطفئ‬ ‫مساعدة الرهبان الفرنسيسكان بصلواتهم ّ‬ ‫ورش‬ ‫النار‪ .‬وما إن وقف الرهبان أمــام الحفرة وبــدأوا بتالوة الصلوات‬ ‫ِّ‬ ‫المقدس في الحفرة والمنزل حتى انطفأت النار واختفى الدخان وتم‬ ‫الماء‬ ‫ّ‬ ‫انتشال جثّ تي صاحب البيت وزوجته‪ .‬زار أدورنو البيت ورأى الحفرة‪ ،‬ودلّ ه‬ ‫الرهبان على الرجل الذي نجا من الحفرة (أعرج يجوب شوارع بيروت)‪.25‬‬ ‫أن على ميلَ ين من‬ ‫دون أدورنــو ّ‬ ‫وعن أماكن ّ‬ ‫مقدسة أخرى في بيروت ّ‬ ‫تني ًنا وأنقذ منه ابن َة الملك‬ ‫بيروت مكانً ا قَ َتل فيه القديس جاورجيوس ّ‬ ‫وكل الشعب‪ ،‬وأُ قيمت هذا المكان كنيسة زارها أدورنو ورأى فيها كهوفً ا‬ ‫التنين عند محيط قصر الملك‪ ،‬وال تزال أساساته‬ ‫ومغاور كان يعيش فيها ّ‬ ‫ظاهرة‪.26‬‬


‫بذكر بيروت ومشاهداته أثناء زيارته إياها واألماكن‬ ‫ف أدورنو ْ‬ ‫لم يكت ِ‬ ‫مهمة في ذاكــرة‬ ‫أيضا ُمـ ُـدنً ــا‬ ‫المحيطة بها‪ ،‬بل َذكــر ً‬ ‫ساحلية ذات مكانة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـيين كصور وصيدا وجبيل والصرفند‪ ،‬لم ُيز ْرها بل اعتمد على ما‬ ‫األوروﭘ ّ‬ ‫حجاج ذكروها‪.‬‬ ‫ورد عنها في كتابات ّ‬ ‫‪3.3‬صور‬

‫‪114‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫ساحلية‬ ‫أبرشية مقاطعة فينيقيا‪ .‬صور مدينة‬ ‫كرسي‬ ‫‪‬كان في صور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫وتتمتع بقوة‬ ‫تحتل مكانة نبيلة‬ ‫تسمى ‪‬تير‪)Tyr( ‬‬ ‫كانت في الماضي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫معظمها في قلب البحر‪ .‬ورد ذكرها في المزامير‬ ‫مدمرة‪،‬‬ ‫كبيرة‪ .‬هي‬ ‫حاليا ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫‪27‬‬ ‫تستعطف بالهدايا وجهك‪ُ . ...‬قرب‬ ‫‪‬بن ُت صور‪ ،‬أغنى مدن األرض‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫‪28‬‬ ‫حية تنزل مياهها الصافية والعذبة من‬ ‫صور‬ ‫ينبوع ّ‬ ‫ُ‬ ‫جنات وبئر مياه ّ‬ ‫‪29‬‬ ‫لبنان بقوة وصخب تنظّ ف الحدائق والتربة‪. ‬‬ ‫‪‬صور مدينة بناها تيراس ابن يافث‪ 30‬بعد الطوفان وأعاد بناءها بعده‬ ‫أشنار (‪،31)Agénor‬‬ ‫فينيكس (‪ )Phénix‬وتراخونيوس (‪ )Trachonios‬ابن ّ‬ ‫وفينيكس هو من أعطى اسمه لفينيقيا‪ .‬المدينة محاطة بالبحر من كل‬ ‫‪32‬‬ ‫الجهات ّإال من الشرق‪ .‬استشهد فيها كثيرون في عهد ديوكلتيانوس‬ ‫كما جاء في تاريخ الكنيسة‪ .‬وفيها قبر أوريجانوس‪ .33‬أمام باب المدينة‬ ‫مكان وقف فيه سيدنا يسوع المسيح‬ ‫رمي َتي سهم‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫الشرقي‪ ،‬على مسافة َ‬ ‫فرفعت امرأ ٌة صوتها بين الجمع قائلة‪ :‬طوبى للبطن الذي‬ ‫يعظ الناس َ‬ ‫سفر المزامير‪.13/45 ،‬‬ ‫‪ 227‬‬ ‫ْ‬

‫حية وأنهار من لبنان‪.‬‬ ‫‪ 228‬نشيد األناشيد‪ : 15/4 ،‬ينبوع ّ‬ ‫جنات وبئر مياه ّ‬

‫‪ 229‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 339.‬‬

‫‪ 330‬كان ليافث ابن نوح سبعة أبناء‪ :‬جومر وماجوج وماداي وياوان وتوبل وماشك‬ ‫وتيراس‪ .‬سفر التكوين‪.2/10 ،‬‬

‫(ويسمى أحيانً ا أجينوراس ملك صيدا وأحيانً ا صور) ملك فينيقي‪ ،‬والده‬ ‫‪ 331‬أجينور‬ ‫ّ‬ ‫ﭘـوسيدون وأمه ليبيا وأخوه بيلوس وأخته الميا ملكة ليبيا وأوالده من تيليفاسا‪ :‬أوروﭘـا‬ ‫وقدموس وفوئينكس وكيليكس وثاسوس وفينياس‪ .‬وعن األسطورة أن اإلله زيوس خطف‬ ‫ابنته أوروﭘـا وهرب بها إلى اليونان فأرسل أجينور أوالده وزوجته للبحث عنها وإرجاعها‪.‬‬

‫‪ 332‬حكم من ‪ 284‬إلى ‪.305‬‬

‫اإلسكندرية سنة ‪ 185‬والقى العذاب والسجن في صور‬ ‫‪ 333‬أحد أباء الكنيسة‪ .‬ولد في‬ ‫ّ‬ ‫متأثرا‬ ‫مات‬ ‫(‪.)251–249‬‬ ‫ديكيوس‬ ‫ترايانوس‬ ‫األمبراطور‬ ‫سنة ‪ّ 250‬إبان اضطهادات‬ ‫ً‬ ‫بجروحه سنة ‪.253‬‬


‫‪4.4‬صيدا‬ ‫ميت‬ ‫‪‬هــي على مقربة من يافا‪ ،‬مدينة‬ ‫الحقا ‪‬ساجيت‪‬‬ ‫ً‬ ‫ساحلية ُس ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪39‬‬ ‫مكان التقت فيه‬ ‫(‪ 38)Sagette‬وأُ عطيت لفرسان ناﭙـولي ‪ .‬بينها وبين صور‬ ‫ٌ‬ ‫‪‬ثم خرج‬ ‫امرأة‬ ‫السيد المسيح كما ذكر اإلنجيل (متى ‪ّ :)28 –21/15‬‬ ‫كنعانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪40‬‬ ‫كنعانية‪ ...‬الخ‪. ‬‬ ‫من هناك وذهب إلى نواحي صور وصيدا‪ .‬وإذا امرأة‬ ‫ّ‬ ‫جيدة التحصين كانت تعرف باسم بيبلوس‬ ‫‪‬قرب بيروت مدينة ّ‬ ‫قوية ّ‬ ‫‪41‬‬ ‫ـ ‪‬غبله‪ )Giblet( ‬قيل عنها في سفر الملوك‪ ... :‬وسكان‬ ‫والحقا بـ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪42‬‬ ‫بيبلوس يحضرون الخشب‪. ‬‬ ‫‪ 334‬إنجيل لوقا‪ :27/11 ،‬طوبى للبطن الذي حملك‪ ،‬وللثديين اللذين أرضعاك!‪.‬‬ ‫‪ 335‬إنجيل لوقا‪.40–29/11 ،‬‬

‫‪ 336‬‬ ‫‪ 337‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 341.‬‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 341– 343.‬‬

‫‪ 338‬تسمية المدينة في العهد الصليبي‪.‬‬

‫مقرهم في ناﭘـولي في طريق‬ ‫‪ 339‬‬ ‫ترجيحا يقصد بهم أدورنو ‪‬فرسان التوتون‪ ‬وهو زار ّ‬ ‫ً‬ ‫عودته إلى بالده‪.‬‬ ‫‪ 440‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 345.‬‬

‫‪ 441‬تسمية المدينة في العهد الصليبي‪.‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 345. 442‬‬ ‫المقدس‪ .‬فالعبارة لم ترد في سفر‬ ‫الكتاب‬ ‫لم ينقل أنسيلمي أدورنو بدقّ ٍة ما ورد في‬ ‫ّ‬ ‫والجبيليون‬ ‫حيرام‬ ‫اؤو‬ ‫وبن‬ ‫سليمان‬ ‫اؤو‬ ‫بن‬ ‫‪‬فنحتها‬ ‫الملوك بل اختصرها من نصها الكامل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهيأوا األخشاب والحجارة لبناء البيت‪ ،‬سفر الملوك األول‪.32/5 ،‬‬ ‫ّ‬

‫‪115‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫‪5.5‬جبيل‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫‪34‬‬ ‫حجـر وقف عليه يسوع ليعظ الجمع‪ .35‬وهو‬ ‫حملك‪ ‬الخ ‪ .‬وفي المكان َ‬ ‫وتكدسه بسهولة لدى هبوب الهواء‪.‬‬ ‫خفة وزنه‬ ‫مكان ال ُيغطّ يه الرمل رغم ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫صيفا‬ ‫مخضوضرا‬ ‫لكنه يبقى‬ ‫ً‬ ‫وشتاء‪ ،‬ما يظهر ّ‬ ‫ُيحيط الرمل بالمكان ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪36‬‬ ‫عجائبي‪ . ‬و‪‬صور ُب َنيت قبل ‪243‬‬ ‫استثنائيا فحسب بل‬ ‫ما حدث فيه ليس‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫المسيحيون‬ ‫سنة من أخشاب هيكل الرب في أورشليم‪ .‬وعندما استولى‬ ‫ّ‬ ‫على األرض المقدسة كانت صور من نصيب بودوان (‪ )Baudouin‬شقيق‬ ‫رئيس أساقفة صور أربع ُة أساقفة‪ :‬أسقف‬ ‫بويون‪ .‬وكان يتبع‬ ‫غودفروا دو ّ‬ ‫َ‬ ‫‪37‬‬ ‫قيصرية فيليـﭘــي (بانياس) ‪.‬‬ ‫عكا وأسقف صيدا وأسقف بيروت وأسقف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪6.6‬الصرفند‬ ‫ميال من بيروت مدين ُة صربتا (‪ )Sarepta‬حيث قامت‬ ‫‪‬على عشرين ً‬ ‫‪43‬‬ ‫أرمل ٌة بإطعام النبي إيليا فأقام ابنتها من الموت‪. ‬‬ ‫ما أهم ّية المعلومات التي َ‬ ‫ذكرَها أدورنو؟‬

‫‪116‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫عموما‬ ‫سطحي‬ ‫أهمية المعلومات التي أوردها أدورنو‪ :‬بعضها‬ ‫تباينت‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌّ‬ ‫بدون تفسير أو تحليل‪ ،‬وأحيانً ا غير صحيح وال دقيق‪ ،‬نَ َقله من كتابات‬ ‫هام لكونه أول أوروﭘـي‬ ‫وحجاج زاروا الشرق‬ ‫رحالة‬ ‫ً‬ ‫سابقا‪ ،‬وبعضها اآلخر ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذكرها بين من زاروا الشرق في النصف اآلخر من القرن الخامس عشر‪ .‬لم‬ ‫لرحالة‬ ‫ُيزر صور وصيدا والصرفند وجبيل بل نقل ما ورد في كتابات سابقة ّ‬ ‫غيوم دو بولدنسيل (‪ )Guillaume de Boldensele‬الذي‬ ‫ومسافرين أمثال‪ّ :‬‬ ‫قصد الشرق سنة ‪ ،1331‬وجوهانس بولونر (‪ )Johannes Poloner‬سنة‬ ‫‪44‬‬ ‫التام بالموقع الجغرافي لمدن َذكرها ولم‬ ‫‪ . 1422‬ومما كتبه يبدو جهله ّ‬ ‫يمر فيها‪ .‬فهو جعل جبيل قرب بيروت وقرب جبيل مدينة يافا‪ .45‬وجعلها‬ ‫ّ‬ ‫قرب مدينة ‪‬شونم‪ ‬التي ورد ذكرها في سفر الملوك الثاني‪ 8/4 ،‬التي‬ ‫مر بها النبي أليشاع‪ ،46‬وهي اليوم ‪‬سولم‪ ‬في فلسطين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ب في‬ ‫وكذلك أخطأ في ْذكــره تاريخ المدن ّ‬ ‫وحكامها‪ .‬ورغــم رواج ُكت ٍ‬ ‫حك َمت‬ ‫الشرق‪ ،‬أخطأ في ْذكــره أســر ًة َ‬ ‫الحكم الصليبي‬ ‫ْ‬ ‫أوروﭘ ــا عن حقبة‬ ‫َ‬ ‫أن صيدا‬ ‫بيروت سماها ستاركنبرك‪ ،‬وهو اسم قلعة ال أسرة حاكمة‪ ،‬وأورد ّ‬ ‫حربيا بهذا االسم‪.‬‬ ‫تنظيما‬ ‫حكمها فرسان ناﭘـولي وال يذكر التاريخ قطّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫نص أدورنو من أخطاء وخلْ ط باألسماء والمواقع‪ ،‬وذلك‬ ‫واضح ما في ّ‬ ‫عائد لسببين‪:‬‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 349. 443‬‬ ‫أعجوبة النبي الياس مذكورة في سفر الملوك األول‪ 24–10:17 ،‬إذ صنع معجزة الدقيق‬ ‫والزيت وأعاد الحياة البنة األرملة في مدينة ‪‬صرفت التي لصيدون‪.‬‬

‫غيوم دو بولدنسيل وجون بولونر عن صيدا وصور‬ ‫‪ 444‬لمعلومات أخرى حول كتابات ّ‬ ‫والصرفند‪:‬‬

‫‪Pierre Moukarzel, Tyr et Sidon aux XIVe et XVe siècles d’après les récits de‬‬ ‫‪pèlerins, Mélanges de l’Université Saint-Joseph, Volume LXIII, 2010 – 2011,‬‬ ‫‪p. 506.‬‬

‫‪ 445‬‬ ‫‪ 446‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 345.‬‬ ‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 349.‬‬


‫‪Claude Cahen, Dhimma, Encyclopédie de l’Islam, Tome 2, Nouvelle 448‬‬ ‫‪édition, Éd.J.Brill, 1977, p. 236–237.‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫‪Pierre Moukarzel, La ville de Beyrouth sous la domination mamelouke 447‬‬ ‫‪(1291–1516) et son commerce avec l’Europe, Éditions de l’Université‬‬ ‫‪Antonine, Baabda, 2010, p. 165.‬‬

‫‪117‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫شار َك في كتابة النص مع ابنه جان مراف ِقه طيلة الرحلة‪.‬‬ ‫‪ َ 1.1‬ت َ‬ ‫حرفيا نُ‬ ‫صوصا من مصادر مختلفة فاختلطت عليه المعلومات‬ ‫‪ ‬نق َل‬ ‫‪َ 2.2‬‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ووقع في الخطأ‪.‬‬ ‫نصه‬ ‫انطباع أنه ُيحاول إضافة معلومات جديدة على ما‬ ‫َ‬ ‫تعطي قراء ُة ّ‬ ‫الكتب السابقة‪ .‬لم‬ ‫نقله من المصادر إلعطاء كتابه ميز ًة ينفرد فيها عن ُ‬ ‫مر بها‪ ،‬ويسهب‬ ‫َي ُـزر صور وصيدا والصرفند وجبيل لكنه َذكرها بصيغة أنه ّ‬ ‫بم ُدن‬ ‫ومعرفته‬ ‫في الحديث عن تاريخها وأمجادها كي ُيظهر للقارئ ِإلمامه‬ ‫ُ‬ ‫المقدسة لكنها حظيت‬ ‫جزءا من األرض‬ ‫المقدس ليست قَ ـطُّ‬ ‫َذك َرها الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بزيارة المسيح واألنبياء‪.‬‬ ‫إعطاؤه معلومات عن أوضاع الطريق بين دمشق وبيروت‬ ‫جديد أدورنو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫في النصف اآلخر من القرن الخامس عشر‪ ،‬ومعلومات عن بيروت‪ .‬وهو‬ ‫والحجاج في القرنين الرابع عشر والخامس عشر – أول من‬ ‫الرحالة‬ ‫ّ‬ ‫– بين ّ‬ ‫مفصلة عن الموارنة وأوضاعهم وعالقتهم بالكنيسة‬ ‫فقرة‬ ‫كتابه‬ ‫في‬ ‫خصص‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكاثوليكية في روما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫طريق‬ ‫حول‬ ‫معبر ْنقل‬ ‫أنها‬ ‫عن‬ ‫مة‬ ‫قي‬ ‫معلومات‬ ‫أعطى‬ ‫بيروت – دمشق‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية المختلفة من دمشق إلى بيروت لشحنها على‬ ‫البضائع والسلع‬ ‫ّ‬ ‫متن السفن وتصديرها إلى الخارج‪ ،‬وأن البضائع َتبلُ غ بيروت عبر البحر‬ ‫تجاريا‬ ‫مركزا‬ ‫تبادلها بين ميناء بيروت ودمشق‬ ‫ً‬ ‫ترسل إلى دمشق (دليل ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ثم َ‬ ‫رئيسا لبالد الشام)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫عــن خــرائــط ومـصــادر مــن الـقــرون الوسطى أن المسافة بين دمشق‬ ‫وقت يتطلّ به المسافر‬ ‫ثابتا‬ ‫وبيروت نحو خمسة وستين ً‬ ‫ميال‪ .47‬ولم يكن ً‬ ‫ٌ‬ ‫المناخية‬ ‫لقطع المسافة‪ ،‬فهو يتراوح بين يومين وثالثة حسب الظروف‬ ‫ّ‬ ‫ووسيلة النقل (حمار‪ ،‬بغل‪ ،‬حصان)‪ .‬ويذكر أدورنو أنها تستغرق ثالثة أيام‬ ‫لكنه قطعها ورفاقه على ظهر الخيل في يومين وليلة‪ ،‬وأنّ هم ساروا نحو ‪24‬‬ ‫ّ‬ ‫يترجلوا عن أحصنتهم حتى توقّ فوا لالستراحة في‬ ‫ساعة بال توقّ ف ولم‬ ‫َّ‬ ‫ميال عن بيروت‪.‬‬ ‫يبعد نحو خمسة عشر ً‬ ‫‪‬فندق‪( ‬خان) ُ‬ ‫يجدر التوقف هنا عند هذه المعلومات في كتاب أدورنو‪:‬‬ ‫للذميين من رعايا السلطان‬ ‫‪ 1.1‬طيلة العهد المملوكي لم يكن‬ ‫ً‬ ‫مسموحا ّ‬ ‫أن يــركـبــوا الخيل بــل الـحـمـيــر‪ .48‬وباستثناء القناصل وال ـس ـفــراء‪ ،‬كان‬


‫يتقيدوا بهذه التدابير‪.‬‬ ‫اجا أو ّ‬ ‫حج ً‬ ‫(تج ًارا أو ّ‬ ‫األوروﭘ ّـيون ّ‬ ‫رحالة) ُملزمين أن ّ‬ ‫في عهد السلطان جقمق (‪ )1453–1438‬حصل البنادقة سنة ‪ 1442‬على‬ ‫الشامية‬ ‫تنقالتهم بين المدن والمناطق‬ ‫امتياز ُيجيز لهم ركوب الخيل في ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫‪49‬‬ ‫ة‬ ‫والمصري‬ ‫أن هذا‬ ‫أدورنو‬ ‫نص‬ ‫وفي‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ـيي‬ ‫ﭘ‬ ‫األورو‬ ‫االمتياز‬ ‫شمل‬ ‫وبعدها‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التج ُّول على ظهر الخيل داخل المدن‬ ‫ن‬ ‫ـيي‬ ‫ﭘ‬ ‫لألورو‬ ‫يتيح‬ ‫يكن‬ ‫لم‬ ‫االمتياز‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مشيا‪ .‬وهكذا سار ورفاقه من دمشق إلى‬ ‫فكانوا ّ‬ ‫يترجـلون ويتابعون سيرهم ً‬ ‫ضاحيتها حتى انطلقوا على ظهر الخيل نحو بيروت‪.‬‬

‫استخداما لنقل البضائع على‬ ‫‪ 2.2‬كانت الحمير والبغال هي األكثر‬ ‫ً‬ ‫يفسر االختالف‬ ‫نظرا لطبيعة الطريق‬ ‫طريق بيروت – دمشق ً‬ ‫الجبلية‪ ،‬ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫في تقدير الوقت لقطع المسافة بين المدينتين‪.‬‬

‫‪118‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫ليال على هذا الطريق‪ .‬فعن أدورنو أنه قطع ورفاقه‬ ‫‪ 3.3‬إمكان السير ً‬ ‫أن يكون هذا‬ ‫ليال‪ .‬وهي معلومة تطرح‬ ‫القسم األكبر من رحلتهم ً‬ ‫فرضي َة ْ‬ ‫ّ‬ ‫المعت َمد لنقل البريد بين بيروت ودمشق على ظهر الخيل‪،‬‬ ‫الطريق هو‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تراجع العمل في هذه المراكز‬ ‫تتخللّ ه‬ ‫محط ُ‬ ‫ات استراحة وإبدال أحصنة‪ ،‬ثم َ‬ ‫‪50‬‬ ‫وتوقّ فت وأصابها اإلهمال إبان عهد السلطان شيخ (‪ . )1421–1412‬من‬ ‫هنا األمــان في الطريق ووجــود خان ينزل فيه المسافرون‪ .‬واألرجــح أن‬ ‫‪‬الفندق‪ ‬الذي قصده أدورنو ورفاقه كان ‪‬خان الحصين‪ ‬المذكور في‬ ‫الحصين‪،‬‬ ‫عددت مراكز البريد بين بيروت ودمشق‪ :‬بيروت‪،‬‬ ‫مصادر‬ ‫عربية ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫‪51‬‬ ‫شرقي‬ ‫زبدل‪ ،‬يابوس‪ ،‬ميسلون‪ ،‬دمشق ‪ .‬وعن رنيه دوسو أن الحصين هو‬ ‫َّ‬ ‫مدينة عاليه البعيدة ‪ 19‬كلم عن بيروت‪.52‬‬

‫ومع المعلومات عن السفر بين دمشق وبيروت َذكر أدورنــو معلومات‬ ‫سكانه ووفــرة َمراعيه‬ ‫مندهشا بخصوبته وغناه وكثرة ّ‬ ‫عن سهل البقاع‬ ‫ً‬ ‫سكان البقاع بل‬ ‫هوية ّ‬ ‫والحيوانات فيه وجداول المياه واألسماك‪ .‬لم ّ‬ ‫يحدد ّ‬

‫‪John Wansbrough, Venice and Florence in the mamluk commercial 449‬‬ ‫‪privileges, Bulletin of the School of Oriental and African Studies, 28, 1965, p.‬‬ ‫‪493.‬‬ ‫‪Jean Sauvaget, La poste aux chevaux dans l’Empire des Mamelouks, 550‬‬ ‫‪Institut Français de Damas, Damas, 1941, p. 80– 84.‬‬ ‫‪William Popper, Egypt and Syria under the Circassian sultans 1382–1468 551‬‬ ‫‪A.D. Systematic notes to Ibn Taghri Birdi’s chronicles of Egypt, University of‬‬ ‫‪California Press, Berkeley and Los Angeles, 1955 –1957, p. 50.‬‬ ‫‪René Dussaud, Topographie historique de la Syrie antique et médiévale, 552‬‬ ‫‪(BAH 4), Paul Geuthner librairie Orientaliste, Paris, 1927, p. 60.‬‬


‫‪Ghillebert de Lannoy, Oeuvres de Ghillebert de Lannoy, Éd. Ch. Poitvin, 554‬‬ ‫‪Louvain, 1878, p. 155.‬‬ ‫‪Est parva et turpis terra Barutum, in Nicolas de Martoni, Nicolai de 555‬‬ ‫‪Marthono, Notarii Liber peregrinationis ad loca sancta, Éd. Léon Legrand,‬‬ ‫‪Revue de l’Orient Latin, 3, 1895, p. 626.‬‬ ‫‪In hac vero civitate Baruthi, inter ceteros fructus arborum musarum 556‬‬ ‫‪copia habetur, que habent folia lata et longissima, lata admodum quod‬‬ ‫‪corpus hominis duobus foliis cooperiretur, in Anselme Adorno, Itinéraire, p.‬‬ ‫‪344.‬‬ ‫‪Pierre Moukarzel, La ville de Beyrouth sous la domination mamelouke, 557‬‬ ‫‪p. 104.‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫‪Pierre Moukarzel, La ville de Beyrouth sous la domination mamelouke, 553‬‬ ‫‪p. 167.‬‬

‫‪119‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫كتابات مسافرين عبروه في القرن الرابع عشر أنهم كانوا من العرب‬ ‫ذكرت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪53‬‬ ‫والتركمان ‪.‬‬ ‫مهم ًة عن مشاهداته في بيروت‪ ،‬وأنها مدينة‬ ‫وأعطى أدورنو معلوما ٍ‬ ‫ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫مسطحة عريضة‪.‬‬ ‫مبنية بالحجارة‪ ،‬قليلة االرتفاع‪ ،‬وسقوفها‬ ‫غنية‪ ،‬بيوتها ّ‬ ‫ّ‬ ‫عصرئذ في العمارة‪ .‬واألرجح‬ ‫بع‬ ‫المت‬ ‫الهندسي‬ ‫الشكل‬ ‫عن‬ ‫معلومة‬ ‫وهي‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عمرانيا‬ ‫ا‬ ‫نمو‬ ‫شهدت‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫الخامس‬ ‫أن بيروت‪ ،‬منذ النصف األول للقرن‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫النْ‬ ‫بأن البيوت في‬ ‫)‬ ‫‪Ghillebert‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Lannoy‬‬ ‫(‬ ‫ى‬ ‫ـو‬ ‫دو‬ ‫‪1421‬جيلبير‬ ‫سنة‬ ‫ذكره‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫جيد‪ ،54‬بينما كانت في القرن الرابع‬ ‫بشكل‬ ‫منحوتة‬ ‫مبنية من حجارة‬ ‫ّ‬ ‫بيروت ّ‬ ‫األهمية ال أبنية الفت ًة فيها‪ ،‬زارهــا نقوال دو مارتوني‬ ‫عشر فقيرة قليلة‬ ‫ّ‬ ‫‪55‬‬ ‫ووصفها بــ ‪‬مدينة صغيرة بشعة‪. ‬‬ ‫(‪ )Nicolas de Martoni‬سنة ‪1394‬‬ ‫َ‬ ‫وجود‬ ‫معلومة أخــرى انفرد بها أدورنــو دون مسافرين مـ ّـروا ببيروت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بعد في أوروﭘ ــا بدليل استخدامه عبارة‬ ‫الموز فيها‪ ،‬وهو لم يكن معروفً ا ُ‬ ‫‪56‬‬ ‫‪‬موزة‪ )musa( ‬عن شجرته ذات أوراق طويلة تبلغ طول رجل ‪ .‬واألرجح‬ ‫أن شجر الموز قبلذاك (النصف اآلخر من القرن الخامس عشر) لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫والحجاج وصفوا البساتين‬ ‫فالرحالة‬ ‫مزروعا في الحقول المحيطة ببيروت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫والرمان واللوز‬ ‫والحقول المحيطة ببيروت وذكروا الكرمة وأشجار الزيتون‬ ‫ّ‬ ‫وبرية ولم يذكروا شجر الموز‪.57‬‬ ‫ً‬ ‫وأشجارا مثمر ًة ّ‬ ‫يبقى أن أهم ما تفرد به أدورنــو دون ّحجاج سبقوه إلى زيــارة لبنان‬ ‫‪‬المسيحيون‬ ‫في القرنين الرابع والخامس عشر‪ِ ،‬ذ ْك ُر ُه الموارنة وبالدهم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بالعامية ‪‬الجبل‬ ‫تسمى‬ ‫الموارنة يعيشون في منطقة من جبال لبنان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪120‬‬

‫ميال عن بيروت‪ .‬يعيشون في‬ ‫األس ــود‪ ،58‬قرب طرابلس‪ ،‬على نحو ‪ً 22‬‬ ‫وهم رجال شجعان‬ ‫مهمة أكبرها‬ ‫تسمى العاقورة‪ُ .‬‬ ‫ّ‬ ‫عشرين قصبة وقرية ّ‬ ‫‪59‬‬ ‫ومهرة في الرمي بالقوس‪ .‬وفي هذه الجبال كنيس ُة القديسة مريم‬ ‫َ‬ ‫يمجدها الموارنة‪ ،‬يقيم فيها البطريرك الماروني مع األخ غريفون‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫المسيحيين الموارنة في اإليمان الصحيح والطريق المستقيم‪.‬‬ ‫لتثبيت‬ ‫ّ‬ ‫غنية بالفواكه‬ ‫جبال لبنان مشرق ٌة مأهول ٌة مليئ ٌة بالبيوت الجميلة‪ّ ،‬‬ ‫كاألرز والسرو وأشجار عطرة‪ .‬طول‬ ‫المادية‬ ‫والينابيع وغيرها من الخيرات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪60‬‬ ‫تسمى اآلن أرمينيا الصغرى‪ ،‬ودان‬ ‫هذه الجبال يبلغ‬ ‫ً‬ ‫شماال كيليكيا التي ّ‬ ‫حيث تبدأ أرض الميعاد‪.61‬‬ ‫ت عن الموارنة وعن جبل لبنان‪ ،‬دون الطوائف‬ ‫أعطى أدورنــو معلوما ٍ‬ ‫المسيحية األخرى‪ ،‬لكي ُيظهـر دور األخ غريفون (ابن بلده الفالندر) في‬ ‫ّ‬ ‫ـيين آخرين زاروا‬ ‫ﭘ‬ ‫كأورو‬ ‫فهو‪،‬‬ ‫روما‪.‬‬ ‫بكنيسة‬ ‫الموارنة‪‬‬ ‫‪‬الهراطقة‬ ‫إلحاق‬ ‫ّ‬ ‫المسيحيين غير التابعين كنيس َة روما‪ُ ،‬وي َس َّم ْون‬ ‫البالد‬ ‫ان‬ ‫بسك‬ ‫ّ‬ ‫يهتم‬ ‫ال‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقر ُبوا من الالتين بفضل رهبان فرنسيسكان‬ ‫الموارنة‬ ‫بينما‬ ‫‪‬هراطقة‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫وطدوا عالقاتهم معهم منذ منتصف القرن الخامس عشر‪.‬‬

‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫خاتمة‬ ‫ـاء‬ ‫ـوضـ ُـح‬ ‫ـص أدورن ــو عــن المناطق‬ ‫َ‬ ‫اللبنانية تـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ق ــراءة نـ ّ‬ ‫محاولته إعـطـ َ‬ ‫ت جديد ًة كاآلتي‪:‬‬ ‫األوروﭘ ّـيين معلوما ٍ‬

‫ّ‬ ‫األساسية لرحلته من دمشق‬ ‫المحطات‬ ‫طوبوغرافية عن‬ ‫‪ 1.1‬معلومات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫الجبلية الصعبة إنما اآلمنة يمكن قط ُعها‬ ‫إلى بيروت‪ ،‬وعن طبيعة األرض‬ ‫ّ‬ ‫ومحيطها‬ ‫وبيروت‬ ‫البقاع‬ ‫في‬ ‫ها‬ ‫شاهد‬ ‫ت‬ ‫خيرا‬ ‫وعدد‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ليال على ظهر الخيل‪ّ .‬‬ ‫جغرافي ًة عن البقاع وجبل لبنان‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫يحدد حجمها‪ ،‬وأعطى معلوما ٍ‬ ‫لكنه لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمتد إلــى روسـيــا‪ ،‬وبتسمية جبل لبنان‬ ‫ولكنه أخطأ بجعل سهل البقاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬الجبل األسود‪.‬‬ ‫تفاصيل عن أوضاع المدينة وأسواقها‬ ‫يذكر‬ ‫بيروت لم ُ‬ ‫وص ِف ِه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ 2.2‬في ْ‬ ‫مساجد‬ ‫وبض ِّمها‬ ‫وطرقها ومساحتها بل اكتفى بذكر ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫شكل بيوتها‪َ ،‬‬ ‫وسكانها ُ‬

‫‪ 558‬أو جبال أمانوس في شمال شرق أنطاكية‪.‬‬

‫‪ 559‬هي كنيسة دير ّقنوبين في وادي قاديشا‪.‬‬

‫غربي قرية بانياس (سوريا)‪.‬‬ ‫‪ 660‬رافد أساسي لنهر األردن‪ ،‬ينبع من سفوح جبل الشيخ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 661‬‬

‫‪Anselme Adorno, Itinéraire, p. 347.‬‬


‫‪121‬‬

‫البلجيكي أنسيلمي أدورنو‬

‫اللبنانية في رحلة أدورنو‬ ‫وأخيرا‪ :‬يمكن اتخاذُ المعلومات عن المناطق‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫جديدا لكتابة تاريخ لبنان في أواخر القرون الوسطى‪.‬‬ ‫مصدرا‬ ‫إلى الشرق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودو َن مالحظاته‬ ‫بها‪،‬‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫لمناطق‬ ‫ـروح‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫و‬ ‫تفاصيل‬ ‫ذا‬ ‫ا‬ ‫وصف‬ ‫فهو قـ ّـدم‬ ‫ً‬ ‫َ ّ‬ ‫َّ‬ ‫مهمة تحت‬ ‫جم َعها‪َ ،‬‬ ‫وذك َر معلوما ٍ‬ ‫ت عن مدن ّ‬ ‫مميزة َ‬ ‫ومشاهداته ومعلومات ّ‬ ‫أور َدها‬ ‫حكم‬ ‫ْ‬ ‫يمر بها فاعتمد على مصادر معروفة في أوروﭘـا َ‬ ‫الصليبيين لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫جم َعها فلم ينقل الحقيقة وواقع أحوالها إبان وجوده في الشرق‪.‬‬ ‫كأنه َ‬ ‫وحج إلى الشرق تزايدت‬ ‫كتاب أنسيلمي أدورنو يندرج بين كتب رحالت ّ‬ ‫تفصيال عما كانت عليه في حقبات سابقة‪،‬‬ ‫في القرن الخامس وجاءت أكثر‬ ‫ً‬ ‫سطحية إزاء أحوال مدن وبلدان تناولتها معتمد ًة‬ ‫لكنها كشفت عن معرفة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أساسا على مشاهدات وتحاليل شخصية وانطباعات ذات أحكام مسبقة‬ ‫ً‬ ‫وأحيانً ا خاطئة‪.‬‬ ‫وقيمتها‪ ،‬بل هي‬ ‫أهمية هذه الكتابات‬ ‫غير أن هذه الشوائب ال ُتلغي‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وأدبيا من الوصف والسرد‪،‬‬ ‫تاريخيا‬ ‫مصدرا‬ ‫ـشكل‬ ‫تخضع للنقد المنهجي ُفت ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫مهما من تاريخ لبنان ال يزال غير معروف‬ ‫ت تكشف‬ ‫غنيا بمعلوما ٍ‬ ‫قسما ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫بالشكل الكافي‪.‬‬

‫لبنان في رحلة المستشرق‬

‫محصنة ال تحيط بها أسوار ّإال من جهة الميناء‬ ‫وكنائس عدة‪ ،‬وبكونها غير‬ ‫ّ‬ ‫صحيح‬ ‫بعضا‪.‬‬ ‫حيث برج صغير وثالثة أبراج كبيرة تدعم جوانب بعضها ً‬ ‫ٌ‬ ‫ـف عام‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫سجلَ ه‬ ‫أنــه لم يكن مكلّ ًفا بجمع معلومات‬ ‫ٌ‬ ‫عسكرية ّ‬ ‫لكن ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمدينة ّركز على غناها ووفرة الفواكه والخيرات فيها دون تحديده مساح َة‬ ‫المقدسة في‬ ‫األماكن‬ ‫كمي َة المنتجات‪ ،‬بينما احتلت‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫األراضي المزروعة وال ّ‬ ‫ف‬ ‫قسما‬ ‫بيروت وأخبار العجائب والمعجزات‬ ‫وص َ‬ ‫واسعا من نصه‪ ،‬وكذلك َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجمع‬ ‫ة‬ ‫الديني‬ ‫بالنواحي‬ ‫اهتمامه‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ظ‬ ‫ي‬ ‫صور وصيدا والصرفند وجبيل‪ ،‬ما ُ ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫سكانها‪.‬‬ ‫معلومات عنها أكثر من أوضاع المدن وأحوال ّ‬ ‫الصليبيين في‬ ‫وحكم‬ ‫ْ‬ ‫تاريخية عن الحقبات القديمة‬ ‫‪ 3.3‬معلومات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقدس كصور وصيدا‬ ‫ذكرها في الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫الشرق‪ ،‬ومعلومات عن أماكن َ‬ ‫ور َد ُ‬ ‫والصرفند وجبيل‪ ،‬ومعجزات حصلت في بيروت‪.‬‬ ‫الفرنسيسكانية فــي ب ـيــروت وعالق ِتها‬ ‫‪ 4.4‬مـعـلــومــات عــن الــرهـبـنــة‬ ‫ّ‬ ‫تركيزا على دور ابن بــاده الفالندر األخ غريفون في تقريب‬ ‫بالموارنة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الموارنة من كنيسة روما‪.‬‬ ‫‪ 5.5‬معلومات عن الموارنة وجبل لبنان‪.‬‬


Bibliographie d’orientation • Aboussouan C., 1985, L’architecture libanaise du XV e au XIX e siècle. Le bonheur de vivre, Beyrouth, Les Cahiers de l’Est. • Boustany Fouad, 1993, Introduction à l’histoire du Liban moderne du 17 ème siècle jusqu’à 1943, Beyrouth: FMA, 240 p. • Davie M. (dir.), 2012, Églises et chapelles du Qornet ar-roum (pays de Jbeil): une étude en architecture religieuse du Liban, Balamand, Publications de l’Université de Balamand. • Davie May, Daoud Michel, Kallab Oussama, Maacaroun Yasmine et Fischfisch Antoine, 2004, Le Manuel de réhabilitation, sous la direction du ministère libanais de la culture, de la commission européenne: Meda Euromed Héritage de l’école d’Avignon et de l’école d’architecture de Barcelone, 450 p.

• Fischfisch antoine, Notre Dame el-Kharayeb de Kfar Helda dans le pays de Batroun. Histoire d’une restauration, in May Davie (éd.), Le patrimoine architectural de l’église orthodoxe d’Antioche, Balamand – Liban, p. 71–78. • Ghauch Assaf (dir.), sd, Qouta minal sama alal ard, Loubnan moudounan wa qoura wa baldat, Édition Dar Abaad lil Nacher wa Taouzi, vol. 2. • Najm Nabil, 2013, L’architecture des églises Maronites au Liban (XVIII ème – XIX ème siècles, 375 p. • Nordiguian Léon. et Voisin J.-C., 1999, Châteaux et églises du Moyen Âge au Liban, Beyrouth, Éditions Terre du Liban.

122 Dr Antoine Fischfisch

• Dubar Claude et Nasr Salim, 1976, Les classes sociales au Liban, Paris, Presses de la fondation nationale des sciences politiques, 365 p.


Décoration des murs (après restauration)

Église Mar Zakhia – Ajaltoun

123

Les travaux susmentionnés ont été exécutés avec le plus grand soin, suivant les normes internationales de la restauration. Tous les éléments mis en place sont réversibles et naturels, pour assurer une meilleure durabilité à notre église maronite symbole fort de notre présence en orient. (*) 13

*) Les photos de cet article sont toutes de la collection privée de l’auteur (2004).


en bois) pour assurer l’isolation thermique entre les deux milieux. Cette tâche n’a jusqu’à nos jours pas encore été exécutée. 11) Un autel en bois doit être réalisé de dimensions 60x200x100 cm pour mieux répondre à la liturgie maronite qui impose que le prêtre célèbre la messe face aux fidèles non à l’abside. Pour cela l’escalier central de l’autel actuel a besoin d’une extension pour pouvoir supporter le nouvel autel prévu.

Aspect général (après restauration)

Dr Antoine Fischfisch

124


entre revitalisation et restauration Église Mar Zakhia – Ajaltoun

125

6) Les parois intérieures seront revêtues de marbre dans leur partie inférieure, afin de limiter les salissures et les altérations du mur fréquentes à ce niveau. Les mêmes motifs existants seront repris sur la nouvelle paroi en marbre.

Paroi en marbre (après restauration)

7) Le dallage traditionnel intérieur en marbre étant en mauvais état dans quelques endroits (cassures, dénivellements), il doit être démonté, trié pour examiner la quantité de la bonne qualité restante afin de pouvoir réintégrer le dallage original avec les nouveaux renforcement et remontage, par remplacement de pièces en conséquence. Ensuite le dallage devrait être nettoyé et poli.

Mariage du marbre entre ancien et nouveau (après restauration)

8) La partie inférieure de l’autel, revêtue de marbre et dotée de gravures en bas relief, doit être nettoyée et traitée contre les altérations, ensuite remise en relief dans le décor intérieur. 9) La menuiserie extérieure en bois est en mauvais état. Elle doit être repeinte et traitée contre les facteurs d’érosion. 10) Les entrées doivent être dédoublées en créant des zones tampon de transition entre l’intérieur et l’extérieur (de préférence


3) L’enduit intérieur, en majeure partie dans un mauvais état de conservation et d’adhérence au support, sera décapé, et deux nouvelles couches d’enduits (enduit rugueux + stuc) de la même nature de celle existante, seront mises en place.

Remise en place de l’enduit de chaux.

4) Une fois l’enduit décapé, une mise en place de l’installation électrique serait beaucoup plus facile sans toutefois abîmer la maçonnerie intérieure. 5) La peinture intérieure sera refaite avec une plus grande finition et harmonisation des couleurs de ce qui existait au préalable. Seuls les motifs peints (surtout les rosaces du plafond) doivent être consolidés, nettoyés et conservés.

Rosace côté Est (après restauration)

Rosace côté Ouest (après restauration)

126 Dr Antoine Fischfisch

Décapage de l’enduit


entre revitalisation et restauration

C. ÉTAT DE LIEUX ET INTERVENTION Suite à notre investigation sur l’état de l’église avant sa restauration, il nous a paru important de procéder comme suit: 1) L’infiltration des eaux pluviales se fait principalement à partir des murs (des joints ou du sol par capillarité) ainsi que du toit de l’église, ce qui a créé un décollement d’une grande partie de l’enduit et de la peinture intérieure. Les travaux d’étanchéité et de rejointoiement des façades, pour anéantir toute infiltration d’eau à l’intérieur de l’église, devraient être exécutés avant toute intervention de l’intérieur.

Église Mar Zakhia – Ajaltoun

127 Infiltration intérieur des eaux de la pluie

Traitement d’étanchéité

2) La mezzanine en béton n’est pas en harmonie avec l’aspect général de l’église, et ne remplit pas une fonction majeure ni dans l’usage de l’édifice ni dans la typologie de ce genre d’édifice. Elle doit être démontée.

Démontage de la mezzanine


Vers la moitié du 20e siècle, une mezzanine en béton mise en place, est accessible par un escalier métallique circulaire placé à l’extrême droite de la façade ouest intérieure de l’église.

Mezzanine en Béton

De l’extérieur l’allure des façades est intacte depuis la construction de l’église. La maçonnerie est en pierres dures grisâtre extraites de la région, taillées en forme bosselée équarrie. Les joints sont beurrés, remplis avec de la chaux naturelle blanche.

Maçonnerie et joints

128 Dr Antoine Fischfisch

Escalier menant à la mezzanine


entre revitalisation et restauration Église Mar Zakhia – Ajaltoun

129

Vue intérieure de la voute

Les murs latéraux, contenant de petites niches, sont percés par de grandes fenêtres à arc segmentaire (une dans chaque façade Nord et Sud, et trois dans la façade Ouest). Le mur Est, contenant l’abside, est doté de grandes niches abritant des statues de saints. Les parois intérieures en pierre sont entièrement couvertes d’un enduit de chaux traditionnel. La voûte Ouest est peinte en bleu clair avec des motifs peints sur le plafond, notamment une rosace au sommet de la voûte. La voûte Est est peinte en deux tonalités de bleu (foncé en bas et clair en haut) séparées par une frise peinte en couleur dorée. À environ 120 cm du sol, les murs sont peints en un motif de faux marbre. Le sommet de la voûte contient une rosace peinte, ayant des tentacules prolongés le long des arêtes de la voûte. L’autel, l’abside et la paroi Est sont en marbre dans leur partie inférieure, et peints en bleu dans leur partie supérieure, en continuité avec la voûte Est. Les contours des niches sont peints en fausse maçonnerie alternée de marbre jaune et blanc. L’abside elle-même est peinte en couleur jaune ocre avec des étoiles dorées, et contient une grande toile peinte de Mar Zakhia, le Saint patron de l’église. Un escalier intégré dans le mur Nord de l’église, accessible de l’intérieur, mène à la toiture constituée d’une charpente en bois avec une couverture (en tuiles rouges) qui repose sur la toiture plate de l’église. Escalier intérieur


L’église a une forme parallélépipédique de longueur 22,5 m, de largeur 13,25 m et de hauteur 10,25 m. Orientée vers l’Est elle répond aux caractéristiques de construction de l’église maronite traditionnelle à allure extérieure sobre. Trois entrées: Nord, Ouest et Sud y assurent l’accès vers l’intérieur. Une toiture en tuile rouge qui surmonte l’église, et un clocher en moulures de béton lui ont été rajoutés ultérieurement.

Coupe de l’église

De l’intérieur, l’église est formée de deux voûtes croisées faisant chacune 8 m de longueur et 8 m de largeur, séparées par un arc doubleau. L’autel est en gradins de marbre contenus dans une abside en cul-de-four et s’adosse contre la paroi Est, dépourvue d’ouvertures à l’exception d’une fenêtre éclairant la sacristie qui est une chambre annexe voûtée située à droite de l’autel. La voûte Ouest contient une mezzanine en béton avec des colonnes, une frise et une balustrade en motifs décoratifs réalisés en moulures de béton. Vue intérieure frontale ouest

130 Dr Antoine Fischfisch

Plan de l’église


Notre patrimoine religieux

Église Mar Zakhia – Ajaltoun entre revitalisation et restauration Dr Antoine Fischfisch Architecte – Urbaniste – Restaurateur Chef de département d’architecture – USEK

A. INTRODUCTION À la demande de Mr. Antoine Medawwar (donateur) et la bénédiction de l’évêque Guy-Paul Njeim et le père Boulos Sfeir (responsable de la paroisse de Ajaltoun) nous avons procédé à la restauration et la remise en valeur de l’église de Mar Zakhia. L’étude et l’exécution ont duré près de 10 mois (Octobre 2004 – juillet 2005). Une main d’œuvre spécialisée en plusieurs domaines se chargea d’exécuter les travaux selon des études et des spécifications techniques prescrites. La supervision du chantier fut régulièrement faite afin d’anéantir toute application inadéquate. Dans cet article nous exposons l’importance de la préservation et la restauration de notre patrimoine culturel, miroir de notre identité et notre existence.

B. DESCRIPTION L’église se situe au cœur du village d’Ajaltoun à une altitude de 900 m, surplombant une place assez vaste réunissant plusieurs églises et monastères. Son emplacement est bien perçu de l’extérieur, étant entourée par ses trois cotés Sud, Ouest et Nord par une rue de dimension considérable. Du coté Est se présente l’actuelle grande église de Mar Zakhia construite au milieu du 20e siècle.

L’église de l’extérieur


Bibliographie • DODD Erica, 2004. Medieval Painting in the Lebanon, Reichert Verlag Wiesbaden, p. 95. 99, 102–104. • FOURNA Denys De, 1845. Manuel d’iconographie chrétienne grecque et latine, Paris, Imprimerie Royale. • GERSTEL Sharon. 2001, « Art and Identity in the Medieval Morea », in, A.E. Laiou, R. Parviz Mottahedeh, The Crusades from the Perspective of Byzantium and the Muslim World, Washington DC, 261–285. • GLEASON Philip, 1983. « Identifying Identity: A Semantic History », The Journal of American History 69, 4, 910 –931.

• IMMERZEL Mat, 2009. Medieval Christian Art in Syria and Lebanon, [s.l.]: Peeters.

132

• SMINE Rima, L’art au service de l’hagiographie : la représentation des saints dans la tradition syro-occidentale, Études syriaques, 9, L’hagiographie syriaque, Paris, Geuthner, p. 249. 247–305.

Dr Paul Zgheib

• KESER-KAYAALP Elif, 2013. « Églises et monastères du Tur ʿAbdin : les débuts d’une architecture syriaque », Études syriaques, 10, 269 –288.

• TAOUTEL Ferdinand s.j., 1958. Contribution à l’histoire d’Alep. Les documents maronites et leurs annexes depuis 1606 jusqu’à nos jours, Beyrouth, t.1.


les paradigmes de l'existence L'art Syriaque

133

La dernière question qui s’impose est l’utilisation de différentes langues et différentes époques d’inscriptions murales. Les noms de saints sont écrits en grec et/ou syriaque, et parfois en latin. Le seul site de peintures et d’inscriptions datées, est celui de Deir Mar Mussa al-Naback. Certaines dates sont données selon le calendrier séleucide, d’autres selon le calendrier hégire islamique. Malheureusement, sur le plan informationnel et dans le contexte actuel, les dates sont trop limitées pour être significatives comme « marqueurs d’identité ». Dans cette multitude d’identités, une absence notable existe: celle de l’identité ethnique. L’ethnicité est un complexe élastique, et surtout, une notion subjective qui semble, en aucun cas, applicable à la population indigène de religions multiples de l’ouest de la Syrie : Ces personnes gagnaient leur vie principalement de l’agriculture et du commerce, partageaient le même territoire et avaient des motifs différents de sympathie avec une dominante religieuse ou une autre. Les peintures murales incluses dans la présente étude ont été peintes durant la période allant du XIe au XIIIe siècle, quand le Moyen-Orient était le théâtre d’événements qui ont affecté le cours de l’histoire humaine et qui continuent de l’affecter jusqu’à nos jours. Les Syriens Orthodoxes de Palestine, de la Syrie et du Liban ont gardé des relations importantes avec les Coptes d’Egypte. Cette relation s’illustre à travers l’histoire des peintures murales des églises du Liban et de la Syrie. Ils ont partagé une seule communion monophysite avec les Coptes et les Jacobites syriaques. Bien que les Croisés n’aient pas affronté directement les orthodoxes syriens de l’arrière-pays, le soutien franc de la Syrie a donné espoir et encouragement aux chrétiens, partout dans le monde, en particulier à ceux sous la domination musulmane. Ces contacts ont contribué à la vigueur renouvelée de l’Église orthodoxe syrienne durant les XIIe et XIIIe siècles, quand elle a connu une renaissance, une résurgence de l’énergie intellectuelle, spirituelle et artistique, que Jules Leroy a appelé « Renaissance ». L’identité de l’Art Syriaque reflète cette vigueur renouvelée.


Des études menées par Sharon Gerstel sous le titre « Art and Identity in the Medieval Morea »11, mettent la lumière sur l’influence latine dans l’art de la zone Morée en Grèce et en Chypre, respectivement croisées. La représentation des hautes autorités civiles et leur contribution au choix des représentations dans l’art de l’église peuvent être résumées comme identité de la puissance. Mais l’identité du donneur pouvait-elle être liée à l’identité religieuse ? Cette question complique davantage notre analyse mais peut conduire à un aperçu de la relation entre les chrétiens locaux et les dignitaires civils étrangers. D’où la nécessité de bien définir les objectifs identitaires de l’Art Syriaque.

Du point de vue de la formation de l’identité, la suggestion qui implicite de lier le style syrien avec la dénomination orthodoxe syrienne, est un point de départ intéressant, mais qui ne peut pas être tenu pour acquis. Peut-on supposer que les églises ornementées de peintures exécutées dans un style « byzantinisant » avaient des liens avec l’église orthodoxe byzantine ? Les frontières entre les différents groupes stylistiques sont-elles vraiment étanches ? 11) GERSTEL Sharon. 2001, « Art and Identity in the Medieval Morea », in, A.E. Laiou, R. Parviz Mottahedeh, The Crusades from the Perspective of Byzantium and the Muslim World, Washington DC, 261–285, p. 263. 12) DODD Erica, 2004. Medieval Painting in the Lebanon, Reichert Verlag Wiesbaden, p. 95. 99, 102–104.

134 Dr Paul Zgheib

Si nous considérons que l’application de l’iconographie s’applique aux styles rapportés par les peintres qui rendent leurs sujets en fonction de leur formation et de leur expérience, cela nous informe indirectement sur les origines des indicateurs de l’identité. La question reste : peut-on considérer la fiabilité de style comme un marqueur d’identité ? Erica Cruikshank Dodd applique le terme « de style Syrien » pour caractériser un certain nombre de peintures murales au Liban et en Syrie. D’après Dodd, ce style se caractérise par une simplification linéaire et un aplatissement des volumes. Elle fait valoir que ces caractéristiques formelles sont enracinées dans la tradition syrienne et sont affectées par l’art islamique « In so far as iconography is concerned, Christian art of Syria kept alive a long tradition of early Christian painting but stylistically it responded to the surrounding Moslem environment and was affected by Moslem style »12.


les paradigmes de l'existence L'art Syriaque

135

la distinguant ainsi des autres saints (Photos Behdidât). Dans cette panoplie de représentation, il est intéressant d’étudier la place des apôtres et des évangélistes dans le programme iconographique. Au Liban et en Syrie, les apôtres et les évangélistes occupent souvent une place de choix, sur le mur de l’abside derrière l’autel. Dans la tradition byzantine, cette place est en général réservée aux Pères de l’Église ou aux évêques, officiant avec le prêtre, les apôtres se trouvant alors au registre supérieur prenant la communion du Christ8. Pour les peintres, les instructions concernant la normalisation iconographique ont été transmises dans des manuels dont le plus célèbre est celui de Dionysios de Fourna, ou Denys de Fourna (1670 ?–1745 ?)9 un moine du Mont Athos : « Cet art de la peinture qui, dès l’enfance, m’a coûté tant de peine à apprendre à Thessalonique. J’ai voulu le propager pour l’utilité de ceux qui veulent également s’y adonner, et leur expliquer, dans cet ouvrage, toutes les mesures, les caractères des figures et les couleurs des chairs et des ornements, avec une grande exactitude »10. À cet égard, chaque identité sainte est une réunion d’éléments hétérogènes et disparates de marqueurs d’identités différents dans un grand ensemble. Sur un autre plan, les donateurs et les personnes qui ont contribué au financement de la décoration d’une église, constituent une autre catégorie de personnes représentées. Par conséquent nous pouvons appliquer les marqueurs stéréotypés des saints aux donateurs. Car il est très fréquent que les problèmes récurrents dans les images de donateurs soient, la piété, la dévotion et l’autorité professionnelle. Des symboles héraldiques sont utilisés aussi pour décrire les nobles masculins en tant que représentants de leur classe, ou de leur lignée. Nous pouvons nous demander, cependant, si l’identité du donneur est, par définition, associée à la dénomination de l’église. Dans ce sens, il est primordial que les images de donateurs doivent être placées dans un contexte politique et socio-économique, plutôt que classées comme représentant de l’identité religieuse. 8) SMINE Rima, L’art au service de l’hagiographie : la représentation des saints dans la tradition syro-occidentale, Études syriaques, 9, L’hagiographie syriaque, Paris, Geuthner, p. 249. 247– 305. 9)

Denys de Fourna est un moine de Mont Athos.

10) FOURNA Denys De, 1845. Manuel d’iconographie chrétienne grecque et latine, Paris, Imprimerie Royale, p. 8.


les dates. Bien sûr, les deux strates peuvent être entrelacées: par exemple, les inscriptions peuvent inclure des informations sur les dénominations, les artistes et les mécènes. À ce stade, il n’est pas toujours simple de déterminer l’appartenance communautaire qu’une église au Liban ou en Syrie avait au moment de l’application de son programme pictural. À ce niveau, les sources écrites contemporaines à l’exécution ne sont pas toujours fiables, et peuvent même se contredire. Pour ces raisons, nous prenons comme point de départ la division géographique actuelle des différentes communautés chrétiennes en identifiant les frontières virtuelles entre ces groupes qui n’ont pas changé au fil des siècles.

Théoriquement ce choix peut différer d’une communauté à une autre. Cela nous amène à la deuxième strate de l’identification des marqueurs d’identité, à savoir les marqueurs de la représentation picturale. Dans ce contexte la notion d’identité sainte joue un rôle primordial pour chaque représentation, indépendamment de savoir si elle illustre un saint en particulier, ou un personnage dans une scène, sur la base de sa propre apparence ou de son hagiographie ou sur d’autres sources écrites. Cette identité sainte est détachée de l’identité civile d’un saint. L’apparition des saints dans les programmes picturaux a été basée sur la tradition et l’imagination des croyants. Elle incarne les convictions du public auquel les images se rapportent. Pour rendre facile l’identification des saints, chacun avait sa propre physionomie reconnaissable: coupe de cheveux, traits du visage, pose, robe, gestes et attributs. Parfois, le/la saint/e est représenté/e portant des actes écrits dans son hagiographie, le/

136 Dr Paul Zgheib

Ensuite nous nous impliquons dans la réalisation des programmes picturaux, et dans la sélection des traits caractéristiques que nous définissons comme des marqueurs d’identité. À ce niveau d’analyse l’expérience artistique de l’artiste doit être prise en considération. Car ces peintres itinérants étaient susceptibles d’introduire des innovations à la mode qu’ils avaient vues ailleurs. Mais aussi le mécène peut aussi avoir sa propre vision de l’œuvre. Enfin, le corps de l’église : le clergé et les fidèles qui peuvent aussi jouer un rôle dans le processus de la décision finale. Sans oublier aussi la place des autorités ecclésiastiques avant la remise finale du projet. Le choix de certaines scènes narratives et de la représentation des saints dépendait des traditions, des doctrines et de la croyance populaire.


les paradigmes de l'existence L'art Syriaque

137

Dans le même registre, cette complexité identitaire est décelée par les chercheurs qui abordent un travail sur les peintures murales qui décorent les parois des églises orthodoxes et maronites de régions du Mont-Liban Nord et celles de Jbeil. En effet ces peintures murales qui tapissent les murs des églises du Liban et même de la Syrie ne peuvent être étudiées que si on prend en considération le contexte historique, les circonstances politiques, les relations et les tensions entre les différentes communautés chrétiennes et les autorités politiques, le rôle de la vie socio-économique, l’impact du pèlerinage, etc. Cette complication implique que l’évaluation des programmes picturaux de ces églises dans le contexte d’une société multicommunautaire chrétienne est brouillée. L’ensemble de ces documents exposés ci-dessus, révèle le caractère multistrates de l’art chrétien en Orient. Elle met l’accent sur des unités liées à l’identité qui auraient été dénuées de sens, en l’absence de connaissance du temps de l’icône. Ce qui impose aux chercheurs d’adopter une démarche évaluative et analytique basée sur une combinaison de critères bien définis, en particulier les données concernant les origines religieuses, historiques, ethniques et épigraphiques denses7. Par ailleurs nous devons aussi réaliser que la formation de l’identité est un processus actif, impliquant un choix mûrement réfléchi, dans l’introduction d’innovations par exemple, ou dans la sélection délibérée des éléments appropriés d’un répertoire traditionnel. Ces choix peuvent aussi avoir été faits, des siècles plus tôt, et répétés inlassablement. En conséquence l’expression de l’identité n’est pas nécessairement l’équivalent de cette formation. Après ces définitions, ces observations et ces préoccupations préliminaires, nous pouvons faire ressortir les marqueurs d’identité potentiels dans les objets d’art à considérer : les indices représentatifs et les codes distinctifs propres à la communauté ecclésiale. Les traits des marqueurs d’identité distinctifs, peuvent être divisés en deux niveaux : – La première strate tient compte de facteurs contextuels, tels que l’appartenance communautaire de l’église, de l’atelier qui l’exécuta et du commanditaire qui l’ordonna. La seconde est intrinsèque à l’œuvre. Elle comprend le style, les inscriptions et 7) Voir l’article de IMMERZEEL Mat, 2004. « Medieval Wall Paintings in Lebanon: Donors and Artists », Chronos, no 10, 7– 47.


Icone de St Behnam, Monastère St Ménas, le Caire, Égypte

4) IMMERZEL Mat, 2009. Medieval Christian Art in Syria and Lebanon, [s.l.] : Peeters. 5) TAOUTEL Ferdinand s.j., 1958. Contribution à l’histoire d’Alep. Les documents maronites et leurs annexes depuis 1606 jusqu’à nos jours, Beyrouth, t.1, p. 47. 6) Pour une ample information sur les œuvres et la vie de Neʿmeh alMoussawir, voir le Catalogue de l’exposition des icônes melkites organisée par le musée Nicolas Sursock du 16 mai au 15 juin 1969.

138 Dr Paul Zgheib

Les miniatures de ce dernier manuscrit confirment les rapports artistiques et culturels de l’Éthiopie chrétienne avec les pays du Proche-Orient où la Syrie monophysite tenait un rang prépondérant. Pour illustrer cet emmêlement, nous pouvons prendre aussi l’exemple traité par Mat Immerzel4 de l’icône de Saint Behnam du XVIIIe siècle, conservée au monastère de St Ménas au Caire. Aujourd’hui cette icône appartient à l’église copte d’Égypte. Le réalisateur de cette œuvre est Youhanna, peintre d’origine arménienne dont le père est venu de Jérusalem. De 1742 à 1783, Youhanna a mis ses compétences artistiques au service de la communauté copte d’Égypte. Il représentait les saints coptes, avec l’application d’une inscription en langue arabe et une datation selon le calendrier copte et le calendrier musulman. En réalité, toute la complexité vient du fait que l’icône de St Behnam a été peinte pour l’église de St Behnam du monastère de St Ménas au Caire qui, jadis, a été utilisé par des moines orthodoxes syriens. De même, Le père jésuite Ferdinand Taoutel5 affirme d’après les documents de la communauté maronite d’Alep que le peintre Ne‘meh al-Moussawir fils du prêtre Youssef, exécuta en 1708 une réplique du 6 Jugement Dernier  pour l’église arménienne des Quarante Martyrs de la ville d’Alep. Un prêtre Melkite qui acheva une œuvre pour le compte d’une église arménienne.


les paradigmes de l'existence

En application à cette méthode, notre intérêt se concentre à dégager les unités de paradigme de visualisation de la pensée Syriaque, là où l’ensemble de ces unités artistiques qui caractérisent cet Art s’entremêlent dans un contexte donné avec celles des autres églises orientales. Naturellement ces unités identitaires ne se détachent pas complètement de l’Art des autres groupes chrétiens d’Orient. Pour illustrer cette complexité du traitement de la question d’identité il suffit d’entamer l’aventure d’étudier sur le plan stylistique et esthétique l’évangéliaire de Rabula, sans prendre en considération analogique l’importance des miniatures de l’évangile arménien du manuscrit no229 de la bibliothèque d’Etchmiadzin. Mais aussi par la même approche avec l’évangéliaire conservé au couvent d’Abba Garima, à quelques heures de la ville d’Adoua en Éthiopie.

L'art Syriaque

139

Miniature de l’évangile arménien du manuscrit no229 de la bibliothèque d’Etchmiadzin

Miniature de l’évangéliaire de Rabbula, Bibliothèque Laurentienne de Florence, Italie

Miniature de l’évangéliaire du Couvent d’Abba Garima, Adoua, Ethiopie


Peinture Murale, Jugement dernier, Deir Mar Moussa El Habachi, Nebeck, Syrie

2) GLEASON Philip, 1983. « Identifying Identity : A Semantic History », The Journal of American History 69, 4, p. 931. 3) KESER-KAYAALP Elif, 2013. « Églises et monastères du Tur ʿAbdin : les débuts d’une architecture syriaque », Études syriaques, 10, 269 –288, 269.

140 Dr Paul Zgheib

comme la psychologie et les sciences sociales. Dans cette optique Gleason admet aussi que l’utilisation pertinente du concept « Identité » à souplesse inhérente, exige une vive sensibilité aux complexités intrinsèques de l’objet traité, et nécessite une attention particulière dans la précision et la cohérence de son application : « […], responsible use of the term demands a lively sensitivity to the intrinsic complexities of the subject matter with which it deals, and a careful attention to the need for précision and consistency in its application »2. Mais depuis, ce concept se répand à toutes les disciplines, tout en gardant à l’esprit que les normes méthodologiques de chaque champ scientifique nécessitent des définitions adaptées, et des idées nouvelles en exigeant la mise-à-jour régulière des opérations méthodologiques. En effet, en gagnant en complexité, ce concept trouve alors son véritable poids scientifique dans la mesure où la perte de ses caractères à relation univoque immédiate l’entraîne vers les langages les plus élaborés de l’équivocité et de l’analogie. D’ailleurs, cette problématique fut posée aussi par Elif Kesrer-Kayaalp dans son article sur les églises et monastères du Tur ʿAbdin : « Peut-on dire que les églises et les monastères du Tur ʿAbdin sont spécifiquement syriaques ? […] Est-ce parce qu’ils en patronnent les travaux ou parce qu’ils en assurent la construction ou parce que les bâtiments sont liés à leur culture ou encore se trouvent dans les régions qu’ils habitent ? Est-ce une combinaison de ces facteurs ? »3


Notre patrimoine religieux

L'art Syriaque: les paradigmes de l'existence Dr Paul Zgheib Doyen de la faculté des Beaux Arts à l'USEK

L’art chrétien en général est une réalisation visuelle de doctrines, de vénérations et de célébrations traditionnelles et innovantes. Cet art s’inspire de la Bible, des sources apocryphes, de la vie des saints et des croyances populaires. Il exprime des idées sur le fonctionnement des espaces sacrés. Il est également intégré simultanément dans la propagande de l’église en confrontant les fidèles avec des points de vue officiels et en les exhortant à s’identifier avec les saints représentés. En cela l’art chrétien contribue à la création de l’identité religieuse des fidèles. Pourtant cet art, qui intègre plusieurs strates identitaires, rend difficile la distinction entre l’art d’une communauté de celui de l’autre, surtout si ces groupes sont des voisins géographiques. Dans ce sens il ne faut pas oublier que les Syriens Orthodoxes, les Maronites, les Arméniens, les Coptes et les Byzantins de la Syrie occidentale coexistaient et participaient pleinement à la vie politique, sociale, économique et culturelle aux frontières des Croisés adjacentes des États musulmans, d’où l’importance marquée d’une forte interaction artistique au niveau régional. Donc, pour une étude à large vision de l’art Syriaque, il est primordial d’étendre notre objet d’étude au niveau de toute la région orientale, y compris toutes les peintures murales du début du XIIIe siècle au Liban et en Syrie, indépendamment des dénominations des églises. C’est ainsi que, pour déterminer les paradigmes identitaires de l’Art Syriaque, il convient de délimiter un concept complexe d’ensemble des unités : géographique, historique, religieuse, sociale et culturelle, et ce malgré la réticence de certains chercheurs, comme Philip Gleason1 dans « Identifying Identity » qui met en garde contre l’usage occasionnel de ce concept ambigu, et qui l’introduit dans les disciplines académiques 1) GLEASON Philip, 1983. « Identifying Identity : A Semantic History », The Journal of American History 69, 4, 910– 931.


Notre patrimoine religieux Dr Paul Zgheib L'art Syriaque : les paradigmes de l'existence Dr Antoine Fischfisch Église Mar Zakhia – Ajaltoun entre revitalisation et restauration

Dr Paul Zgheib

142



l’occupation ultérieure de la carrière par la nécropole – datée de la fin de la période romaine et de la période byzantine – qui occupe majoritairement le front de taille ouest de la carrière du fameux mégalithe. Le dégagement de l’ensemble du front occidental a révélé 14 tombeaux creusés dans le rocher, dotés d’une entrée de forme carrée creusée dans le rocher et qui devait être fermée par une pierre taillée faisant office de porte. À l’intérieur, l’espace se répartit autour d’une pièce centrale creusée sur deux ou trois côtés en arcosolium recouvrant communément un sarcophage taillé dans le rocher. Dans certains cas, un arcosolium pouvait recouvrir deux sarcophages creusés côte à côte. La fouille de ces tombes a révélé un pillage déjà ancien et des occupations successives jusqu’à la période médiévale. La répartition de ce type de tombe, dans l’ensemble de la carrière, marque un arrêt complet de l’extraction dans ces carrières, non seulement à la période romaine, mais depuis cette phase jusqu’à nos jours (Fig.9).

144 Jeanine Abdul Massih

Toutefois l’étude et les investigations archéologiques sont en cours notamment dans le secteur ouest et nord de la carrière. Elles devraient apporter, dans les années à venir, des indices complémentaires sur les occupations successives du secteur, mais aussi sur le type d’exploitation et le volume d’extraction des différents modules, dédié aux différents temples de la triade Héliopolitainne.


pierres taillées du monde

La carrière des mégalithes

Baalbek les plus grandes

145

L’exploitation des mégalithes s’est concentrée dans deux secteurs de la carrière de Hajar al Hibla localisée au sud-est des temples en flan de colline du Cheikh Abdallah. Ces deux secteurs se situent de part et d’autre de la route actuelle de Ain Bourday. Le secteur de Hajar al Hibla, à l’est de la route moderne, a exploité les strates géologiques les plus élevées tandis que la carrière en contrebas semble avoir directement extrait dans une strate géologique de très bonne qualité, homogène et de plus de 4.20 d’épaisseur. À un certain moment de l’histoire, le travail d’extraction des mégalithes a été interrompu, et les blocs taillés toujours en carrière ont été délaissés sans qu’aucun débitage10 de ces blocs ne soit survenu, et ce, malgré la poursuite du programme de construction du complexe religieux employant des pierres de grandes dimensions mais abandonnant le mégalithisme. De très faibles interventions postérieures ont jusqu’à présent été relevées dans ces carrières. La fouille du secteur de Hajar al Hibla le confirme, et est attestée par

Fig.9 Vue intérieure d’un tombeau en arcosolium 10) Sur la surface supérieure du mégalithe, découvert dans les années 70, on observe certaines traces d’extraction de modules de blocs ayant été interrompues par une autorité propriétaire ou gestionnaire de ces carrières qui entreprit de préserver ses strates géologiques épaisses pour d’hypothétiques futures constructions monumentales.


La découverte de la plus grosse pierre taillée: Le nouveau mégalithe 8

Ce nouveau mégalithe, entièrement façonné par les carriers de Baalbek, était destiné vraisemblablement au temple de Jupiter et également délaissé en carrière avant même le début de son détachement du substrat rocheux. Ce mégalithe de 1673,75 tonnes est légèrement désaxé, de quelques degrés, vers le nord par rapport à Hajar al Hibla (992,5 tonnes9) et cela vraisemblablement pour éviter la formation karstique qui se développe dans l’angle nord-ouest de Hajar al Hibla et se poursuit en profondeur dans le rocher. 8) Abdul Massih, J. 2015. The Megalithic Quarry, Baalbek: Sector III the Megaliths of Hajar al Hibla. Journal of Eastern Mediterranean Archaeology and Heritage Studies. Vol.3. No.4. p.313 –329. 9) D’après Adam, la densité du calcaire de Baalbek est de 2.5-tonnes/m3. Adam, 1977. p. 52.

146 Jeanine Abdul Massih

C’est au cours du dégagement de la face nord de Hajar al Hibla qu’a été découvert le nouveau mégalithe (Fig.8). Situé en contrebas de ce dernier, au niveau du sol de carrière, il est délimité par des tranchées d’extraction sur ses quatre côtés. Ses faces verticales sont bien taillées, seule la face nord semble inachevée puisque l’on a retrouvé sur toute sa longueur une ligne de travail, creusée dans le rocher, indiquant la limite de taille de la face. La délimitation de ce bloc en surface a confirmé l’ampleur de la découverte révélant une pierre entièrement taillée de 19,6 m long par 6,1 m de large. Sa face orientale a en premier été partiellement dégagée sur environ 4,5 m de hauteur sans atteindre le pied du bloc. Un deuxième sondage a par la suite été entreprit sur la face nord du nouveau mégalithe atteignant la base de la pierre et révélant une hauteur de 5,6 m sans trace de début de Fig.8 Le nouveau mégalithe, au nord, creusement de la tranchée de en contrebas de Hajar al Hibla bardage.


pierres taillées du monde Baalbek les plus grandes

147

L’excavation menée autour de Hajar al Hibla a permis de dégager entièrement le mégalithe enseveli depuis des siècles. Constitué d’un conglomérat calcaire compact et dur, il est délimité en hauteur par les joints naturels de stratification de 4,20 m qui dictèrent vraisemblablement la hauteur des assises du temple et qui, de ce fait, souligne le début de l’exploitation des mégalithes dans le secteur de Hajar al Hibla.

Le mégalithe, retrouvé en place, conserve son inclinaison naturelle vers le nord-ouest. Il est resté attaché par sa base au substrat rocheux. Des traces de creusements – au pic de plusieurs carriers travaillant simultanément – ont été observées sous Hajar al Hibla dans la tranchée creusée pour le bardage et le transport du bloc. Cette tranchée, initiée dans sa partie orientale, a été interrompue à mi-parcours. Une observation détaillée de la face nord de la pierre taillée montre la formation, le long de la base, de deux fissures horizontales qui courent sur toute la longueur du bloc ainsi que la présence d’un Karst qui se développe depuis la face supérieure du mégalithe et qui s’étend sur l’ensemble de l’angle nord-ouest. Des vides terreux et une faiblesse dans la pierre ont suscité l’abandon du bloc en carrière dans son Fig.7 Le Karst et les anomalies de la face emplacement d’origine nord de Hajar al Hibla (Fig.7). Actuellement le mégalithe se présente avec 3 faces verticales bien taillées. La quatrième, occidentale, reste inachevée. Une ligne indicative de la limite de taille de la face ouest est toujours visible, creusée sur la face supérieure du mégalithe ainsi que de nombreux trous d’accrochage. Ces creusements ont vraisemblablement été utilisés comme point d’ancrage de corde ou de machine de levage. Ils ont servi au dégagement des pierres taillées entourant le mégalithe afin de le libérer pour son transport vers les temples. Ce phénomène a été également observé en contrebas de Hajar al Hibla sur sa face orientale et nord où de nombreuses pierres taillées de grandes dimensions ont été délimitées pour être extraites afin de libérer le mégalithe mis au jour du côté septentrional de Hajar al Hibla.


été taillés les mégalithes. Ainsi, l’étude menée sur la carrière mégalithique de Hajar al Hibla a permis d’évaluer l’extension de la carrière, son mode de fonctionnement et ses techniques d’extraction et ce par un travail de prospection et d’investigation, de documentation graphique et photographique7. Ces travaux ont été ensuite complétés par la fouille archéologique des alentours du mégalithe de Hajar al Hibla pour ensuite aboutir à l’aménagement du site et sa présentation au grand public.

L’exploitation autour de Hajar al Hibla

Fig.6 Le dégagement de Hajar al Hibla: Fouille du secteur et vue du front de taille occidental avec les différentes tombes creusées dans le rocher 7) Abdul Massih, J. 2008. L’exploitation de la pierre à Baalbek: Étude préliminaire de la carrière des Grands Monolithes. In Baalbek/Heliopolis: Results of Archaeological and Architectural Research 2002–2005, ed. M. van Ess, 77–96. BAAL, hors série 4. Beirut: Ministry of Culture, Directorate General of Antiquities.

148 Jeanine Abdul Massih

Le mégalithe de Hajar al Hibla se situe dans la partie nord de la grande fosse d’extraction qui se développe en flan de colline du Cheikh Abdallah. Cette carrière est délimitée par des fronts de taille à l’est et à l’ouest et est repérée au sud par une avancée rocheuse sur laquelle s’aligne le mur du cimetière chrétien moderne et qui probablement souligne la limite de la fosse d’exploitation des mégalithes (Fig.6). Vers le nord se sont deux blocs témoins qui marquent l’exploitation, le reste du terrain, étant une propriété privée, aucune investigation archéologique n’y a été menée.


pierres taillées du monde Baalbek les plus grandes

149

Fig.5 Restitution du trilithon et de l’emplacement des mégalithes retrouvés en carrière (© Ruprechtsberger. 1998. p.49. fig.50)

La présence de ces deux mégalithes abandonnés dans la carrière a longtemps été une énigme pour les archéologues, les architectes et les chercheurs. De nombreuses théories ont été proposées pour expliquer ce phénomène. La plus commune est l’abandon des mégalithes en carrière à la suite d’une interruption du programme de construction du podium. Cette explication reste à prouver et ce n’est que par l’excavation des carrières que des indices pourront être récoltés afin de restituer les différentes phases de travail et les causes de l’abandon des mégalithes en carrière. De ce fait, les deux secteurs de la carrière comprenant les mégalithes ont été étudiés6 révélant une extraction dite en fosse exploitant en profondeur les strates rocheuses les plus épaisses et les mieux conservées. C’est dans ces strates géologiques de plus de 4,20 m de hauteur, de calcaire congloméré, qu’ont 6) Progamme de recherche initié par l’Université Libanaise et la Mission Allemande de Baalbek. La mission archéologique Allemande de Baalbek (DAI) est dirigée par Margarete van Ess et pour l’Université Libanaise par l’auteure. À partir de 2004 une prospection et une documentation de l’ensemble de la carrière dite de Hajar al Hibla fut entreprise revelant une extension de l’exploitation sur environ une dizaine d’hectares; mais ce n’est qu’en 2014 que les fouilles autour du mégalithe de Hajar al Hibla ont été enclenchées.


l’admiration et la curiosité des habitants de Baalbek ainsi que celles de nombreux chercheurs, voyageurs et visiteurs.

Des recherches récentes menées par Ruprechtsberger5 ont tenté de comprendre et de restituer la destination finale de ces mégalithes. Un relevé complet du podium du temple de Jupiter, notamment de l’assise comprenant le trilithon ainsi qu’une restitution 3D, permet de replacer les deux mégalithes exactement à leur emplacement supposé dans le monument c’est-à-dire dans le prolongement des pierres du trilithon mais perpendiculairement de sorte à former l’angle de retour des faces nord et sud, confirmant ainsi la présence d’un programme de construction prévu en pierre mégalithique sur l’ensemble de l’assise du temple (Fig.5). 5) Ruprechtsberger, E. M. 1998. Archaeological and Geodetical Research in Baalbek. In Baalbek: Image and Monument, 1898 –1998, ed. H. Sader, T. Scheffler, and A. Neuwirth, 333–39. Beiruter Texte und Studien 69. Beirut: In Kommission bei Franz Steiner Verlag. p.49.

150 Jeanine Abdul Massih

Dans les années 70, des travaux d’aménagement et de construction menés dans la carrière en contrebas de Hajar al Hibla permirent de mettre au jour fortuitement un deuxième mégalithe (Fig.4). Cette pierre complètement ensevelie sous les couches d’accumulation et les débris d’extraction repose dans son lit de carrière dans un pendage similaire au mégalithe de Hajar al Hibla. D’une dimension légèrement supérieure à la célèbre pierre (4,60 m de haut, 4,80 à 5 m de large et 20 m de Fig.4 Le mégalithe découvert dans les long) ces deux mégalithes années 70 dans l’extension occidentale se présentent dans un état de la carrière de Hajar al Hibla achevé, avec des faces toutes taillées et où l’opération de bardage était en cours lorsqu’ils ont été abandonnés. En effet la tranchée d’extraction creusée sous le bloc, pour leur séparation du substrat rocheux, indique un stade avancé des travaux de transport et de déplacement du bloc.


pierres taillées du monde Baalbek les plus grandes

151

Fig.2 Le trilithon vu de la façade occidentale du podium du temple de Jupiter (© Wiegan. 1921–1925. 53)

nom de trilithon3, dépassent en dimension les précédentes et mesurent successivement 19,10 m, 19,30 m, 19,56 m de long sur 4,34 m de haut et 3,65 m de large (Fig.2). C’est par ces similitudes de mesures que se caractérise le mégalithe de Hajar al Hibla découvert en place dans une carrière située au sud-est des temples à environ 800 m en flan de colline (Fig.3).

Fig.3 Hajar al Hibla (Pierre de la Femme Enceinte) – circa 1929 (© Wiegan. 1921– 1925. 9)

Cette pierre mégalithique d’une dimension (21 m de long par 4,20 m de haut et 4 m de large) supérieure à celles du trilithon, repose en place dans son lit de carrière dont le pendage se développe sur 15 degrés au pied de la colline du Cheikh Abdallah. Taillée dans le substrat rocheux en suivant les strates géologiques de la colline, cette pierre gigantesque git encore à l’endroit même où il avait fait partie d’une strate qui se prolonge de la colline adjacente 4. De par sa localisation, sa dimension et son emplacement naturel, Hajar al Hibla a toujours exalté 4)

Michel Harriz, 1973, Baalbek, dieux et temples, oracles et orgies, p.74–76.


De ce complexe monumental c’est plus particulièrement le temple de Jupiter Héliopolitain, temple périptère corinthien, dont il sera question dans cette présentation sur les carrières mégalithiques, de par ses dimensions connues comme étant l’un des plus grands temples du monde, si ce n’est le plus grand (106 m de long sur 69 m de large). Cette démesure se traduit architecturalement par son plan d’occupation au sol mais également par le gigantisme des matériaux de construction mis en œuvre, telles que les mégalithes du podium et les grands monolithes des éléments de l’élévation2. Ainsi les six colonnes corinthiennes subsistant des cinquante-quatre colonnes d’origine sont des monolithes d’une hauteur de 20 m dont le diamètre atteint les 2,20 m. En contrebas de ces colonnes, un mur mégalithique constitue le soubassement du temple. Il est formé de blocs calcaires, assemblés de manière exacte et précise, d’une dimension moyenne de 9,50 m de long pour une hauteur de 4,12 m et 3,12 m d’épaisseur. Sur la face nord du temple de Jupiter trois blocs monolithes, connus sous le 2) Dans cet article, deux types de pierres sont distingués par leurs dimensions: les blocs de grande dimensions allant de 80 à 250 cm d’épaisseur dite monolithe, et les mégalithes dont l’épaisseur atteint les 4,20 m. 3) Haroutune Kalayan. 1969. The Engraved Drawing on the Trilithon and the related problems about the Constructional History of Baalbek Temples, BMB, 22, p.151–152. 3)

152 Jeanine Abdul Massih

La conquête de l’Orient par Pompée en 64 av. J.-C., marque le début de la période romaine. En ce temps Baalbek est célèbre pour son temple hellénistique dédié au dieu Hélios dont dérive sa dénomination Héliopolis, appellation donnée vraisemblablement par les Ptolémée et qui souligne de ce fait les liens et les influences avec l’Egypte. En 47 av. J.-C., Jules César quitte l’Egypte en naviguant le long de la côte levantine vers l’Asie Mineure pour faire campagne contre Pharnace du Pont. C’est au cours de ce périple qu’il attribua le titre de Colonia Julia Augusta, nommée en l’honneur de sa fille Julia, à Beryte et Baalbek. En 16 av. J.-C., l’empereur Auguste décide d’y installer pour la première fois deux légions de vétérans, la 5 ème Macédonienne et la 8 ème Auguste. C’est vraisemblablement à cette même période que le programme de construction de l’imposant complexe religieux est enclenché. Il sera par la suite poursuivi sous l’ordre des empereurs successifs et ne sera inauguré qu’au 3e siècle ap. J.-C. les romains ayant maintenu leur domination sur la région jusqu’à 312 ap. J.-C.123


Notre patrimoine historico-archéologique

La carrière archéologique de Baalbek dévoile son secret

Baalbek les plus grandes pierres taillées du monde Étude de la carrière des mégalithes Jeanine Abdul Massih Université Libanaise

(…) Ce chaos de splendeurs écroulées, cette immense mer jonchée de porphyre et de marbre, tout un océan de colonnes, de chapiteaux, d’architraves, de volutes. (…) Ces proportions imposantes, vastes, solides et graves qui pourraient recueillir des peuples, et au-dessus de tout, six colonnes haut placées qui portent avec magnificence l’arche du Jupiter Soleil (…). C’est une des plus grandes pierres au monde qui se détache là, éblouissante de lumière, sur les monts du Liban 1.1 La carrière d’extraction dite des mégalithes est vraisemblablement l’exploitation principale de pierre ayant fourni les matériaux de construction d’une grande partie du chantier d’édification des monuments du complexe religieux de Baalbek, dédié à la triade héliopolitainne Jupiter, Vénus et Bacchus. Bien que bâtit sur différents vestiges antérieurs, c’est à la période romaine que s’élargit le complexe religieux pour atteindre son imposante apparence actuelle (Fig.1).

Fig.1 Vue aérienne du complexe des temples de Baalbek (© gettyimages.com) 1)

Maurice Barrès, 1923, Une Enquête aux pays du Levant.


Notre patrimoine historico-archĂŠologique Jeanine Abdul Massih Baalbeck dĂŠvoile son secret

Dr Ibrahim Kaoukabani

154


The journey of the German emperor 155

William II to Bilâd ash-Shâm in 1898


‫صدر في ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫العدد األول‪ :‬خريف ‪20 1 4‬‬ ‫* تراثنا اللبناني‪ :‬معالم وعالمات‬ ‫•حسان حالق‪ :‬بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني‬ ‫•يوسف الحوراني‪ :‬حرمون جبل التجلي ونيسا مغارة أدونيس‬ ‫لغزا‬ ‫•ابرهيم كوكباني‪ :‬بعلبك مدينة الشمس الُ لغز الذي لم ُيعد ً‬

‫* ملف العدد‪ :‬التراث اللبناني الشفوي بين المروي والمحكي والموسيقي‬ ‫المروي‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬بيروت‪ ...‬إحكي لنا من تراثك‬ ‫ّ‬ ‫•جوزف أبي ضاهر‪ :‬الزجل اللبناني من البدايات – شعر الحياة اليومية‬ ‫والتراث‬ ‫•كفاح فاخوري‪ :‬من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬ ‫•محمود زيباوي‪ :‬التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األخوان رحباني‬ ‫•ناصر مخول‪ :‬اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬ ‫•بديع الحاج‪Le chant traditionnel au Liban: Identité, histoire :‬‬ ‫‪et genres‬‬

‫* إرثنا التراثي‪ :‬تشريعات ومعايير‬ ‫•حنا العميل‪ :‬التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه‬ ‫ووطنيا‬ ‫عالميا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬ ‫•محمد ناصر‪ :‬دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬ ‫العدد الثاني‪ :‬ربيع ‪20 1 5‬‬

‫والد َولي‬ ‫عدد خاص في موضوع‪ :‬لبنان في األرشيف الوطني ُ‬ ‫* لبنان في األرشيف المحلي‬ ‫•أحمد حطيط‪ :‬لبنان في أرشيف الحروب الصليبية‬ ‫•الياس القطار‪ :‬أرشيف لبنان في العهد المملوكي‬ ‫•أنطوان القسيس‪ :‬لبنان في الزمن الفينيقي‬ ‫•بطرس لبكي‪ :‬حرير لبنان في األرشيف المحلي واألجنبي‬ ‫•جوزف أبو نهرا‪ :‬لبنان في أرشيف األديار‬


‫•حسان حالق‪ :‬لبنان في أرشيف بيروت‬ ‫•رياض غنام‪ :‬لبنان في األرشيف األهلي‬ ‫•عبداهلل المالح‪ :‬لبنان في أرشيف المتصرفية‬ ‫•عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬لبنان في األرشيف اإلسالمي‬ ‫* لبنان في األرشيف األجنبي‬ ‫الحكيم‪ :‬لبنان في األرشيف الفرنسي‬ ‫•أنطوان‬ ‫ّ‬ ‫•عباس أبو صالح‪ :‬لبنان الخمسينات في األرشيف األميركي‬ ‫•عبداللطيف الحارس‪ :‬لبنان في األرشيف البريطاني‬ ‫•كرم رزق‪ :‬لبنان في األرشيف النمساوي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬لبنان في األرشيف األميركي‬ ‫العدد الثالث‪ :‬خريف ‪20 1 5‬‬ ‫العمراني‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬ال ـتــراث الـعـمــرانــي فــي ب ـيــروت بين ال ـهــدم والتنمية‬ ‫المستدامة‬ ‫تراث لبنان باالندثار‪ُ ...‬م َه َّدد‬ ‫•مي عبود أبي عقل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مج َّمد‬ ‫ُ‬ ‫وقانون حمايته في مجلس النواب‪َ ...‬‬

‫•أنطوان فشفش‪ :‬تطور األشكال العمرانية والمدنية في بيروت منذ نهاية‬ ‫القرن التاسع عشر‬

‫في‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا ِ‬ ‫الح َر ّ‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬تـقـالـيـد شـعـب َّـيـة‪ ...‬قبل أَ ن َت ـ ُـزول‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫والتبعية في‬ ‫الحيز الجغرافي اللبناني بين التمايز‬ ‫•جــورج شلهوب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العهدين األموي والعباسي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬المسألة الطائفية في لبنان‪ :‬المسار التاريخي واآلفاق‬ ‫المستقبلية‬ ‫•مــروان أبي فاضل‪ :‬جبل الكرمل‪ :‬صراع بين النبي الياس وكهنة بعـل‬ ‫ُصــور الفينيقي‬


‫العدد الرابع‪ :‬ربيع ‪٢٠١ ٦‬‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫•وجيه فانوس‪ :‬الشخصية التراثية المدينية في الوجدان الشعبي البيروتي‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫المادية في لبنان‬ ‫•رجا لبكي‪ :‬مدخل إلى دراسة الحضارة‬ ‫ّ‬

‫الصحافي‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫أطلقها‬ ‫يائها‬ ‫َ‬ ‫•جــوزف أبــي ضــاهــر‪ :‬الصحافة اللبنانية مــن أَ ِلـ ِفـهــا إلــى ِ‬ ‫وغز ْوا العالم بها‬ ‫ّرو ُادها‪َ ...‬‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)١‬‬ ‫األندلسيين فــي العصور‬ ‫• َأحـمــد حطَ يط‪ :‬لبنان فــي كتابات الرحالة‬ ‫ّ‬ ‫نموذجا)‬ ‫الوسطى (رحلة الشريف اإلدريسي‬ ‫ً‬

‫* تراثنا العائلي‬ ‫•أنطوان مسرة‪ :‬التربية على التراث من الشعار والحنين إلى السلوك في‬ ‫الحياة اليومية‬ ‫‪* Liban: patrimoine historique et touristique‬‬

‫‪• Hareth Boustani: Deir el-Qamar: patrimoine architectural et‬‬ ‫‪urbain‬‬

‫‪• Abdel-Raouf Sinno: The journey of the German emperor‬‬ ‫‪William II to Bilâd ash-Shâm in 1898‬‬

‫في األعداد المقبلة‬

‫الشعبية في جنوب لبنان‪ :‬أَ حمد َ‬ ‫نموذجا‬ ‫األسعد‬ ‫•علي شعيب‪ :‬الزعامة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫منسية‬ ‫فينيقية‬ ‫•عصام علي خليفة‪َ :‬ص َر ْبـتا‪ :‬حاضرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫• َأحمد حطَ يط‪ :‬لبنان في رحلة ابن ُج َبير‬ ‫•الياس القطّ ار‪ :‬لبنان في رحلة ابن خسرو‬ ‫•جورج شلهوب‪َ :‬ت َط ُّـور مفهوم الكيان اللبناني منذ القرن السادس عشر‬ ‫موحد ٌة في العصر الحديدي‬ ‫•مروان َأبو فاضل‪ُ :‬صور وصيدا مملك ٌة َّ‬ ‫‪• Ibrahim Kaoukabani: Les stèles de Nahr el Kalb‬‬



Mirrors of Heritage Refereed journal published twice a year by The Center for Lebanese Heritage (CLH) at The Lebanese American University (LAU)

Henri Zoghaib – Editor

Issue No. 5 – Fall 2016

Tangible Heritage: Tell Arqa, Mashmoushi Convent Special Section: Medecine and Pharmacy in old Beirut Religious Heritage: Taynal mosque in Tripoli, Mar Zakhia church in Ajaltoun, Syriac Sacred Art Archeological Heritage: Baalbeck, the biggest Megalith in the World Historical Heritage: Lebanon as seen by travelers (2)

Center for Lebanese Heritage Lebanese American University, Kraytem, Beirut – Lebanon Phone: +961.1.78 64 64 (ext: 1600) Fax: +961.1.78 64 60 P.O. Box: 5053 13 Beirut – Lebanon email: clh@lau.edu.lb www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh Design and layout by Dergham s.a.r.l.


Mirrors of Heritage Issue No. 5 – Fall 2016

Special section Folk Culture • Tangible Heritage • Religious Heritage • Archeological Heritage


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.