Mirrors of Heritage, Issue N.8, Spring/Summer 2018

Page 1

‫‪Mirrors‬‬ ‫‪of Heritage‬‬ ‫العدد الثامن – ربيع ‪  /‬صيف ‪2018‬‬

‫‪Issue No. 8 – Spring /  Summer 2018‬‬ ‫‪Issue No. 8 – Spring 2018‬‬ ‫‪Mirrors of Heritage‬‬

‫‪• Forgotten‬‬

‫‪Akkar‬‬ ‫‪• Lebanese Arak‬‬ ‫‪• Liban sur Rail‬‬

‫العدد الثامن – ربيع  ‪٢٠١٨‬‬

‫‪Special section‬‬ ‫‪Mythology and Religion‬‬

‫َملَ ّف العدد‬

‫بيروت ‪‬الخضر‪ ‬و‪‬مار جرجس‪‬‬ ‫بين الدين واألساطير‬ ‫•‪ ‬أول محاولة لكتابة تاريخنا الوطني‬ ‫•‪ ‬كيف القبطان الفرنسي أنقذ األمير بشير‬ ‫•‪ ‬آثار عكار المنسية‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬العرق‬ ‫•‪َ ‬‬


‫ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة‬ ‫َأكادي ّ‬ ‫نش ُرها‬ ‫َي ُ‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫الجامعة اللبنانية ا َألميركية‬ ‫ـمسؤول‪ /‬مديـر الـمركـز‬ ‫رئيس التحرير ال ُ‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـي َـئـة ِ‬ ‫العـ ْـل َّ‬ ‫العائلة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫بجديا ِب ْاسم ِ‬ ‫ا َألساتذ ُة َّ‬ ‫(ترتيبا أَ ً‬ ‫ً‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫رمزي بعلبكي | الجامعة ا َألميركية | ُ أستاذ‬ ‫ّ‬

‫السـرديات‬ ‫لطيف زيتوني | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ َّ‬

‫عماد سالمة | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ العالقات الدولية‬ ‫واإلعالم‬ ‫الشهال | الجامعة اللبنانية | مساعد رئيس الجامعة للعالقات العامة ِ‬ ‫محمد َب َدوي َّ‬

‫رنيه غطّ اس | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذة ِإدارة ا َألعمال‬

‫للش ُـؤون ا َألكاديمية‬ ‫وجيه فانوس | الجامعة ِاإلسالمية في لبنان | مستشار رئيس الجامعة ُّ‬ ‫منسق الهيئة العلمية‬ ‫الروح القدس ‪ -‬الكسليك | ّ‬ ‫َأنطوان ّ‬ ‫قسيس | جامعة ّ‬

‫لحود | الجامعة اللبنانية ا َألميركية | ُأستاذ الهندسة المعمارية والحفاظ على التراث‬ ‫َأنطوان ُّ‬ ‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية ا َألميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬

‫تصميم و إخراج درغام ش‪.‬م‪.‬م‬


‫العدد الثامن ‪ -‬ربيع‪ /‬صيف ‪2018‬‬

‫‪3‬‬

‫ُأولى الــ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫رض‪ ...‬وانتماء‬ ‫التراث‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫شعب‪ ...‬أَ ٌ‬

‫‪١٤‬‬

‫‪٥٣‬‬

‫‪2‬‬

‫ف العدد‬ ‫َم َل ّ‬

‫هنري زغـيب‬

‫‪٦٤‬‬

‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫الطائفي‬ ‫رائدا في االبتعاد عن التركيز على التأْ ريخ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬ ‫الوطني‬ ‫ّأول محاولة لكتابة التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫قطع مسافة خلدة‪-‬اإلسكندرية في ‪ 48‬ساعة‬

‫القبطان الفرنسي توسان ّأالر (‪)Toussaint Allard‬‬ ‫ُم ْنقـذُ َ‬ ‫األمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫تقاليدنا وا َألعراف‬

‫مروان أبي فاضل‬ ‫‪‬الخضر‪‬‬ ‫بيروت ‪‬عيد النهر‪ ،‬مار جرجس‪ُ ،‬‬ ‫بين َ‬ ‫األساطير والكنائس والمساجد‬

‫‪٨٨‬‬

‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫ميشال حالق‬ ‫عكار المنسية في أَ قصى الشمال‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫‪١٠٢‬‬ ‫‪١٤٩‬‬

‫مهن ِح َر ِف ّية تقليدية‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬ ‫الع َرق‬ ‫َ‬ ‫‪‬ش ْيل‪َ ‬‬

‫‪Notre patrimoine matériel‬‬ ‫‪Eddy Choueiry‬‬ ‫‪Liban sur Rail‬‬

‫صورة الغالف‪:‬‬ ‫تل عرقة في عكار – تصوير خالد طالب‬

‫‪Cover photo by Eddy Choueiry‬‬


‫ُأولى الـ ‪‬مرايا‪‬‬

‫التراث‪:‬‬ ‫شعب‪ ...‬أ َ ٌ‬ ‫رض‪ ...‬وانتماء‬ ‫ٌ‬ ‫هنـري زغـيـب‬ ‫رئيس التحرير‬

‫المادي‪،‬‬ ‫و‪‬التراث غير‬ ‫المادي‪‬‬ ‫‪‬التراث‬ ‫في السائد الشائع‬ ‫ُ‬ ‫عبار َتا ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دخل‬ ‫حد َد ْتهما منظمة اليونسكو‪ .‬وفــي مضمون هاتين‬ ‫العبارتين َت ُ‬ ‫كما َّ‬ ‫َ‬ ‫فروع وتتداخل عناصر‪ ،‬وجميعها تنطلق من التراث ذاكر ًة َ‬ ‫لألمس آتي ًة من‬ ‫ٌ‬ ‫المستقبل‪.‬‬ ‫س من تلك الفروع‪ :‬التراث الشفوي الثقافي‪.‬‬ ‫ف هنا عند ٍ‬ ‫أَ توقَّ ُ‬ ‫وجه رئي ٍ‬ ‫شؤون التراث‬ ‫واسعا‬ ‫ذلك أَ ّن في الثقافة َمخزونً ا‬ ‫ً‬ ‫وغنيا تنضوي فيه ُ‬ ‫ً‬ ‫عميقا ًّ‬ ‫في معظم أَ دائها البشري والطبيعي‪.‬‬ ‫وجبال‪ُ ،‬م ُدنً ا وقُ ـ ًـرى وأَ ريافً ا‪،‬‬ ‫– ساحال‬ ‫وفي لبنان من الغنى التراثي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نابضا‬ ‫نموذجا‬ ‫عهد طويل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫شعبا وطبيعةً‪ ،‬بيئ ًة‬ ‫وفصوال – ما يجعلُ ه‪ ،‬منذ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يتلقفه‬ ‫ة‬ ‫ضرور‬ ‫ويجعل‬ ‫جيل‪،‬‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫جي‬ ‫من‬ ‫المتواصل‬ ‫الحي‬ ‫بتراثه‬ ‫ملح ًة أَ ن َّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫حيا ِإلى كل جيل‪.‬‬ ‫ينتقل‬ ‫كي‬ ‫كل جيل ويحفظه ويحافظ عليه‬ ‫ًّ‬ ‫التراث والعولَ َمة‬

‫سياقاته؟ وكيف َي ْج ُم ُل الحفاظ‬ ‫كيف يتأَ َّطر هذا التراث الثقافي؟ ما‬ ‫ُ‬ ‫عليه؟‬ ‫حفظه من اآلباء وآبائهم‪ُ ،‬يفترض فيه أَ ن يكون ذا أَ همية‬ ‫ما يجدر ْ‬ ‫اقتصادية مستمرة‪ ،‬أَ و عاطفية حميمة‪ ،‬أَ و ذا عالقة انتمائية – فردية أَ و‬ ‫زمن‪ ،‬أَ و تقاليد‪ ،‬أَ و أَ عراف‪ ،‬أَ و عادات‪ ،‬أَ و طقوس‬ ‫جماعية – ِإلى مكا ٍن‪ ،‬أَ و ٍ‬ ‫اجتماعية أَ و دينية أَ و مذهبية أَ و شخصية أَ و عائلية‪ .‬ومهما اتخذَ ت هذه‬ ‫سب ُل الحفاظ عليه‬ ‫العناصر من شك ٍل – مادي أَ و غير مادي – تختلف ُ‬ ‫ماهيته‪ ،‬وقُ ربه من الفرد أَ و ضرورته للجماعة‪ ،‬فهو حاج ٌة يجب أَ َّال‬ ‫وفْ ق‬ ‫ّ‬ ‫تنتفي‪ ،‬وعليها يبنى استمرار التراث الذي يتواصل الحفاظ عليه أَ بني ًة‬ ‫تراثية وأَ‬ ‫ت شفوية وفنون شعبية‬ ‫ت حسي ًة ِإلى‬ ‫تقاليد أَ و مرويا ٍ‬ ‫َ‬ ‫غراضا وأَ دوا ٍ‬ ‫ً‬ ‫ومزاوالت اجتماعية وعادات قروية أَ و َمدينية وأَ عياد موسمية وما يرافقها‬ ‫َ‬


‫‪4‬‬

‫متوارثة وسلسلة ِح َرف‬ ‫من ممارسات فردية أَ و جماعية ومعارف مأْ لوفة‬ ‫َ‬ ‫وقوانين َتضبط‬ ‫وقواعد ونُ ُظ ٌم‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وم َهن تقليدية‪ ،‬ولجميعها ُس َن ٌن وأُ ُس ٌ‬ ‫حدد كيفية الحفاظ عليها‪.‬‬ ‫ممارساتها ُوت ِّ‬ ‫ِ‬ ‫مجموعة‬ ‫وآخر‪ ،‬بين‬ ‫ٍ‬ ‫أَ همية هذا التراث الثقافي الشفوي َت َن ُّو ُع ُه بين مكان َ‬ ‫معالم‬ ‫خطر أَ ن تجتاح العولم ُة المتنامي ُة‬ ‫وآخــر‪ .‬وهنا‬ ‫وأُ خــرى‪ ،‬بين جي ٍل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تفاعل الجيل‪ ،‬فتقضي على العالمات‬ ‫تقاليد المجموعة‪ ،‬أَ و‬ ‫المكان‪ ،‬أَ و‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫المكان وتلك المجموع َة وذلك الجيل‪ .‬من هنا ضرورة التالقي‬ ‫الممي َز ِة ذاك‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫والتداول‪ ،‬فيكون‬ ‫والمناقشات‬ ‫والحوارات‬ ‫رات‬ ‫الخب‬ ‫ل‬ ‫باد‬ ‫لت‬ ‫المجموعات‬ ‫بين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فرديا من‬ ‫ـزءا‬ ‫احترام‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫متباد ٌل بين المظاهر والظواهر‪ ،‬ويصبح السوى ُجـ ً‬ ‫أَ‬ ‫وحسب‪ ،‬وال‬ ‫ذاته‬ ‫في‬ ‫ليست‬ ‫الثقافي‬ ‫الشفوي‬ ‫التراث‬ ‫همية‬ ‫الجماعية‪.‬‬ ‫الذات‬ ‫ْ‬ ‫تبادل الثقافات والمعارف‪،‬‬ ‫وحسب‪ ،‬بل في الغنى الناجم عن ُ‬ ‫في ممارساته ْ‬ ‫التراشح طريق المكان ِإلــى اآلخــر والمعارف ِإلــى سواها‪ .‬ولهذا‬ ‫فيكون‬ ‫ُ‬ ‫جمة اجتماعية واقتصادية‪ ،‬سواء للمجموعات الصغرى في‬ ‫التراشح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فوائد ٌ‬ ‫المجتمع المحلي‪ ،‬أو لتلك الكبرى على مستوى الوطن‪.‬‬

‫هنري زغـيب‬

‫من جيل إِلى جيل‬

‫وانتقال التراث الثقافي ال يقتصر على ْنقل الموروثات من الماضي‬ ‫وتبادلها مع‬ ‫جد ًّيا عند مزاوالت الحاضر‬ ‫ُ‬ ‫ِإلبقائها في الحاضر‪ ،‬بل يتوقف ّ‬ ‫تتعمم معارفها ومداركها على‬ ‫السوى‪ ،‬بخصائص هذا السوى ومميزاته‪ ،‬كي َّ‬ ‫الجيل الحالي فيبقيها نابضة للجيل التالي‪.‬‬ ‫في التقاليد َ‬ ‫مشترك بين فئات المجتمع‪ ،‬كلّ ًيا أَ و‬ ‫واألع ــراف ما هو‬ ‫َ‬ ‫جزئيا‪ ،‬بين قرية وأُ خــرى‪ ،‬مدينة وأُ خــرى‪ ،‬طائفة وأُ خــرى‪ ،‬عادات محلية‬ ‫ًّ‬ ‫ت أَ‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫صلية في‬ ‫عالمية‪،‬‬ ‫حتى‬ ‫و‬ ‫قليمية‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫مناطقية‬ ‫أَ و‬ ‫ٍ‬ ‫متوارثة عن مجموعا ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مهاجرة من بلدانها‪ ،‬وعندها تتداخل المعارف وتتمازج التقاليد‪،‬‬ ‫بالدها‪ ،‬أَ و‬ ‫ِ‬ ‫هجرات‬ ‫ويغنى التراث الثقافي الشعبي من جيل ِإلى جيل‪ .‬فللتراث الثقافي‬ ‫ٌ‬ ‫معا‪ ،‬تنبثق منه أَ و تهاجر‬ ‫داخلية وأُ خرى خارجية‪ ،‬وهو َيغنى من جميعها ً‬ ‫عناصر جديد ًة َألجيال جديدة‬ ‫إليه‪ ،‬فيصهرها في المجموعات ُويطلع منها‬ ‫َ‬ ‫واص ٍل وانتماء‪ ،‬من ُسطوع في الماضي ِإلى‬ ‫عناصر‬ ‫تتشكل لها منه‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫هوية َوت ُ‬ ‫ُ‬ ‫ضلوع في الحاضر ِفإلى خلود في المستقبل‪.‬‬ ‫تخصصات مـحـ َّـددة‪ ،‬وال في‬ ‫التراث الشفوي الثقافي ال ينحصر في‬ ‫ُّ‬ ‫المتشكلة منه‪ ،‬فيكون‬ ‫ِّ‬ ‫معينة‪ ،‬بل يتوسع حتى يغمر كامل الهوية‬ ‫مــزاوالت َّ‬


‫جراءات‬ ‫التجمد الغابر‪ِ ،‬إ‬ ‫ِإلنقاذ التراث الشفوي الثقافي من السقوط في‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫المعتمدة للحفاظ على اآلثار المادية والمواقع التاريخية‪،‬‬ ‫ضروري ٌة غير تلك‬ ‫َ‬ ‫نصوصا في كتب أَ و مخطوطات‪ِ .‬إنها‬ ‫وغير تلك المكتوبة والمحفوطة‬ ‫ً‬ ‫عموما َ‬ ‫واألفراد‬ ‫متوارثة متناقَ لَ ة‪ ،‬موكولة ِإلى الجماعات‬ ‫جراءات شفوية‬ ‫ِإ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا‪َ ،‬ح َملة الشعلة مضيئ ًة من جيل ِإلى جيل‪ِ ،‬وإ َّال غاب هذا التراث‬ ‫ً‬ ‫أَ‬ ‫أَ‬ ‫وتطور العولمة‪،‬‬ ‫واضمحل مام َتق ُّدم العصر‬ ‫الشفوي مع فراده والجماعات‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫عند اضمحالل االهتمام‪ ،‬وغياب الحرص على المحافظة‪ ،‬وعدم تسليم‬ ‫جماعيا‪.‬‬ ‫فرديا أَ و‬ ‫توار ًثا‬ ‫الشعلة ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ونقلُ ه‬ ‫دارته‪ْ ،‬‬ ‫كيف ِإذً ا يمكن الحفاظُ على التراث الشفوي الثقافي‪ِ ،‬وإ ُ‬ ‫ِإلى َ‬ ‫تطوره وحيويته؟‬ ‫وتجنيب ُه‬ ‫األجيال التالية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫خطر موته‪ ،‬حتى يظل على ُّ‬ ‫ُ‬ ‫والتوعية على‬ ‫ووعــي مغزاه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وح ْسن ِإدارتــه ْ‬ ‫يمكن ذلك بنقل معارفه ُ‬ ‫مثال‪ :‬عمل مسرحي‬ ‫أَ هميته للجيل التالي كما هي للجيل الراهن‪ .‬من ذلك ً‬ ‫أَ و أُ غنية شعبية أَ و آلة موسيقية أَ و قطعة ِح َرفية‪ .‬وهذه التوعية ال تكون‬ ‫يهم الجيل الجديد كي يحفظ‬ ‫ْ‬ ‫المحافَ ظُ عليه ال يزال ُّ‬ ‫مجدية ِإ َّال ِإذا كان ُ‬ ‫هذا ديمومته ِب َدوره ِإلى الجيل التالي‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫شعب‪ ...‬أ َ ٌ‬ ‫رض‪ ...‬وانتماء‬ ‫ٌ‬

‫من الـ «ماذا» إِلى الـ «كيف»‬

‫التراث‬

‫األفراد على شعورهم باالنتماء ِإلى مجتمعهم َ‬ ‫تلقائيا يساعد َ‬ ‫األقرب‪،‬‬ ‫حافزا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫امتدادا ِإلى المجتمعات َ‬ ‫األوسع‪ .‬من هنا أن التراث الشفوي الثقافي‬ ‫ومنه‬ ‫ً‬ ‫موحدة‪ ،‬بل يتنامى‬ ‫ليس‬ ‫ً‬ ‫مقصورا على فئة معينة أَ و مجموعة محددة أَ و قيمة َّ‬ ‫تلقائيا‪ :‬يبدأُ من جــذوره َ‬ ‫اكتسابا من‬ ‫األصلية في مجتمعه‪ ،‬ويــروح يغتذي‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫والمدارك َ‬ ‫ناقال‬ ‫المعارف‬ ‫واألعــراف والطقوس والمزاوالت والممارسات‪ً ،‬‬ ‫َ‬ ‫وتاليا ِإلى َ‬ ‫األجيال المتعاقبة‪.‬‬ ‫فالبعيد‪،‬‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫قري‬ ‫المجاورة‪،‬‬ ‫المجتمعات‬ ‫ِإ ّياها ِإلى‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫يسمى كذلك ِإ َّال‬ ‫ٍ‬ ‫عندئذ يستحق أَ ن يكون من ‪‬التراث‪َ ،‬ألن التراث ال َّ‬ ‫نابضا في المزاولة المستدامة‪.‬‬ ‫ماعيا وبقائه‬ ‫ً‬ ‫راسخا في الذاكرة ً‬ ‫بعد ُث ُبوته َج ًّ‬ ‫يتطور التراث الشفوي الثقافي‬ ‫التوالي في الزمان والمكان‪،‬‬ ‫من هذا َ‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫من جي ٍل ِإلى آخر‪َ ،‬ويغنى من كل مجموعة‪ُ ،‬ويغني المجموعات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومعر ٌ‬ ‫ـداول‪ ،‬أَ و تلغيه العولَ مة‪ ،‬أَ و يقضي عليه‬ ‫كل تــرا ٍ‬ ‫للزوال ُّ‬ ‫ث يسقط من الـتـ ُ‬ ‫التقوقُ ع في مجموعة مغلقة‪ ،‬أَ و في مكان محدود‪ ،‬أَ و حين ال يلقى الدعم‬ ‫وعندئذ يسقط‬ ‫الحفاظ عليه‪،‬‬ ‫تقديره أَ و‬ ‫فه ِمه أَ و‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫والمثابرة فتنقصه مناعة ْ‬ ‫متجمدا في الماضي وال يستحق المستقبل‪.‬‬ ‫من الحاضر ويبقى‬ ‫ً‬


‫‪6‬‬

‫المحافَ ظ عليه‪ ،‬فيجري توثيقه‬ ‫عندئذ يكون الدأْ ُ‬ ‫ب على تأْ كيد هوية هذا ُ‬ ‫ونقله عبر الوسائط التربوية أَ و التعليمية أَ و التوريثية‪.‬‬ ‫لحفظه ْ‬ ‫ونشره وتقييمه ْ‬ ‫ْ‬ ‫رئيسا للتطور‬ ‫عندئذ يكون الحفاظ على التراث الشفوي الثقافي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫مصدرا ً‬ ‫االقتصادي‪ ،‬حتى لو لم يكن ذا مردود مادي كالسياحة التي ُتبقي المواقع‬ ‫حية نابضة زاهية بحضورها ومدلولها الوطني‪َ .‬‬ ‫حفظ قيمة‬ ‫األهـ ُّـم ِإذً ا‪ْ :‬‬ ‫عضويا في‬ ‫ونقله حتى يدخل‬ ‫هذا التراث الشفوي الثقافي في المجتمع‪ْ ،‬‬ ‫ًّ‬ ‫السياسات االقتصادية‪ ،‬وتصاميم الخطط الخمسية أَ و العشرية في الدول‪.‬‬ ‫حيا‪ ،‬أَ ن يظل‬ ‫شرط المحافظة على التراث الشفوي الثقافي‪ ،‬ليبقى ًّ‬ ‫وتدرسه مادة‬ ‫تتعهده هذه وتزاوله وتمارسه‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫مفيدا أَ جيالَ ه الجديدة كي َّ‬ ‫َ‬ ‫تتغير بين‬ ‫ة‬ ‫محافظ‬ ‫وهي‬ ‫ا‪،‬‬ ‫مع‬ ‫والواسعة‬ ‫الضيقة‬ ‫ومجتمعاتها‬ ‫مناهجها‬ ‫في‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫مجتمع وآخر‪ ،‬بين مجموعة وأُ خرى‪ ،‬بين بالد وأُ خرى‪ .‬وحين يبلغ التراث‬ ‫محصورا في أَ رضه ُ‬ ‫األم بل ينتشر‬ ‫الشفوي الثقافي هذا المستوى‪ ،‬ال يبقى‬ ‫ً‬ ‫ليصبح ً‬ ‫عالميا‪.‬‬ ‫تراثا‬ ‫ًّ‬

‫هنري زغـيب‬

‫دور  اليونسكو‬ ‫َألجــل ذلك توصلت منظمة اليونسكو قبل ‪ 15‬سنة (‪ِ )2003‬إلــى َسن‬ ‫دوليا‪ ،‬للحفاظ‬ ‫معاهدة دولية ذات ِإطار قانوني ِإداري مالي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫معترف به ًّ‬ ‫ـواد‬ ‫على الـتــراث الشفوي الثقافي في كل دولــة من العالم‪ ،‬فيه بنود ومـ ُّ‬ ‫مقدساته‬ ‫واضحة تتعلق باتفاقات دولية حول حقوق ِاإلنسان والحفاظ على َّ‬ ‫متبادل بين المجتمعات والمجموعات‪،‬‬ ‫ومقدراته وما يستتبع ذلك من احترام‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫صوال ِإلى تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫ُو ً‬ ‫َ‬ ‫حفاظها‬ ‫وفي الدخول ِإلى بعض التفصيل‪َ ،‬تطلُ ب المعاهدة من كل دولة‬ ‫ووصفها وتحديدها‬ ‫شرحها ْ‬ ‫على التراث الشفوي الثقافي فوق أَ رضها‪ ،‬بعد ْ‬ ‫عناصر تراثها الشفوي الثقافي وكيفية محافظة مواطنيها عليه‪،‬‬ ‫الواضح‬ ‫َ‬ ‫سيتبعها لهذه المحافَ َظة أَ ف ــراد مجتمعها ومــا فيها من‬ ‫والـسـ ُـبــل التي َّ‬ ‫َّ‬ ‫ومنظمات غير حكومية‪.‬‬ ‫مجموعات‬ ‫بعد رفْ ع هذه التقارير والمعلومات جميعها‪ ،‬في ِإشراف رسمي محلي‬ ‫عندئذ ِإلى منظمة اليونسكو أَ ن تضع هذا التراث‬ ‫أَ و دولي‪ ،‬يمكن الطلب‬ ‫ٍ‬ ‫طلب‬ ‫الشفوي الثقافي على الئحة الـجــرد الـعــام لديها‪ ،‬وتــالـ ًـيــا يمكنها‬ ‫ُ‬ ‫وصفا‬ ‫قد َمت عنه‬ ‫ً‬ ‫مساعدات ِ‬ ‫وهبات دولية ُت َم ِّكنها من الحفاظ على ما تكون َّ‬ ‫لتراثها الشفوي الثقافي الــذي يدخل عندئذ في الئحة تــراث ِاإلنسانية‬ ‫الشفوي الثقافي‪.‬‬


‫ساحال‬ ‫قلت في مطلع هذه االفتتاحية ِإن في لبنان من الغنى التراثي –‬ ‫ً‬ ‫وفصوال – ما يجعلُ ه‪ ،‬منذ‬ ‫ً‬ ‫شعبا وطبيعةً‪ ،‬بيئ ًة‬ ‫ً‬ ‫وجبال‪ُ ،‬م ُدنً ا وقُ ًرى وأَ ريافً ا‪ً ،‬‬ ‫ويجعل‬ ‫الحي المتواصل من جيل ِإلى جيل‪،‬‬ ‫نابضا بتراثه‬ ‫عهد طويل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫نموذجا ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حيا ِإلى‬ ‫ضرور ًة ُم ِل َّح ًة أَ ن َّ‬ ‫كل جيل ْ‬ ‫يتلقفه ُّ‬ ‫ويحفظه ويحافظ عليه كي ينتقل ًّ‬ ‫كل جيل‪ .‬لذلك يجمل أَ ن نحفظ ما لدينا من التراث الشفوي الثقافي‪،‬‬ ‫عالما ومعالم وعالمات‪ ،‬كي‬ ‫عناصر‬ ‫فنحافظ عليه بتسجيله‬ ‫ومقوما ٍ‬ ‫َ‬ ‫ت وأَ ً‬ ‫ّ‬ ‫س على أَ رضنا‪ ،‬متأَ ّص ٌل في‬ ‫نَ ضمن أَ ن تراثنا اللبناني الشفوي الثقافي َّ‬ ‫مكر ٌ‬ ‫مش ٌّع على التراث الثقافي العالمي‪.‬‬ ‫شعبنا‪ِ ،‬‬ ‫مسجلة‬ ‫وللبنان لدى منظمة اليونسكو‪ ،‬منذ ‪ ،1984‬معالم لبنانية غالية‬ ‫َّ‬ ‫الطبيعي‪ ‬هي خمسة مواقع‪ :‬بعلبك‪،‬‬ ‫الثقافي‬ ‫العالمي‬ ‫على الئحة ‪‬التراث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عنجر‪ ،‬بيبلوس‪ُ ،‬ص ْور‪ ،‬وادي قاديشا‪.‬‬

‫التراث‬

‫لبنان في الذاكرة العالم ّية‬

‫‪7‬‬

‫شعب‪ ...‬أ َ ٌ‬ ‫رض‪ ...‬وانتماء‬ ‫ٌ‬

‫وتوعي العالم‬ ‫أَ همية هذه الالئحة أَ نها تحتضن التراث الشفوي الثقافي ّ‬ ‫دولة ترنو سائر الدول ِإلى التعرف ِإليه لديها‪ ،‬واستصالحه‬ ‫حيا في ٍ‬ ‫عليه ً‬ ‫كنزا ًّ‬ ‫غنى على غنى‪.‬‬ ‫كنزا يضاف ِإلى كنوزها حتى يزداد ِاإلبداع البشري ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ويتطور باستمرار‪ ،‬على كل‬ ‫ويتبدل‬ ‫يتغير‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وألن التراث الشفوي الثقافي َّ‬ ‫دولة أَ ن ُت ْع ِل َم منظمة اليونسكو بكل تبديل أَ و تعديل لديها‪ ،‬حتى تحفظ‬ ‫لإلبقاء على‬ ‫هذه الدولة َّ‬ ‫حقها في أَ ن تطلب الدعم من المنظمات الدولية ِ‬ ‫حفظها َ‬ ‫تراثها الثقافي‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫األماكن والمواقع َ‬ ‫وعلى غرار َ‬ ‫األثرية والسياحية والتاريخية والدينية‪،‬‬ ‫واآلثــار الفنية المادية‪ ،‬على الدولة أَ ن ُتحصي تراثها الشفوي الثقافي‬ ‫التداول من ممارساته الميدانية‬ ‫سائرا في‬ ‫بعناصره الشفوية‪ ،‬وما ال يزال‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حفظها‬ ‫اجتماعيا‪ ،‬حتى‬ ‫شعبيا أَ و‬ ‫ومزاوالته المتواصلة‪،‬‬ ‫يتواصل العمل على ْ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫المتواصل ْذك ُر حصة‬ ‫ضروري في التحديث‬ ‫من الزوال أَ و االنقراض‪ .‬لذا‬ ‫ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫هذا التراث الشفوي الثقافي نسب ًة ِإلى جغرافيا البالد وديموغرافياها‪،‬‬ ‫تتحدد نسبة المحافظة عليه‬ ‫ومدى تأْ ثيره في مجموع السكان‪ ،‬وعندئذ‬ ‫ّ‬ ‫يضا‬ ‫بمقدار أهميته بين مجمل عناصر التراث الشفوي الثقافي‪ ،‬وعندها أَ ً‬ ‫يتحدد مقدار الخطر على اندثار عناصر معينة أَ و محددة من هذا التراث‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومدى ضرورة الحفاظ على تلك العناصر من أَ جل تأمين حضوره المستدام‬ ‫عموما‪.‬‬ ‫بين مجمل التراث الشفوي الثقافي في البالد‬ ‫ً‬


‫على الئحة اليونسكو‬ ‫لمواقع ‪‬التراث‬ ‫الثقافي‬ ‫العالمي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعي‪ :‬بعلبك‪...‬‬ ‫ّ‬

‫‪8‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫‪ ...‬وعنجر‪...‬‬

‫‪ ...‬وبيبلوس‪...‬‬

‫‪ ...‬وصور‪...‬‬


‫‪9‬‬

‫شعب‪ ...‬أ َ ٌ‬ ‫رض‪ ...‬وانتماء‬ ‫ٌ‬

‫وبـعــدمــا أَ طـلـقــت اليونسكو سنة ‪ 1990‬حملة البحث عــن ‪‬ال ـتــراث‬ ‫الحي أَ و‬ ‫المادي‪،‬‬ ‫غير‬ ‫الشفوي‪ ‬من أَ جــل ‪‬الحفاظ على ِإرث البشرية ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأَ‬ ‫وصت بـ ‪‬اتخاذ التدابير الضرورية لتأْ مين استمراره‬ ‫بالزوال‪،‬‬ ‫هدد‬ ‫الم َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫سجلَ ت بين ‪ 2009‬و‪ 2014‬دخول ‪314‬‬ ‫وانتقاله من جي ٍل ِإلى جيل‪ ،‬وبعدما َّ‬ ‫علنت اليونسكو (سنة‬ ‫عنصرا على هذه ‪‬الالئحة التمثيلية للبشرية‪ ،‬أَ َ‬ ‫ً‬ ‫الزجل اللبناني على تلك ‪‬الالئحة‪‬‬ ‫‪ )2014‬قرارها رقم ‪ 25-/10/9‬بدخول َّ‬ ‫الم َّغنى تأْ ديةً‪،‬‬ ‫الشعبي‬ ‫‪‬نوع من الشعر‬ ‫على أَ نه‬ ‫ٌ‬ ‫داء أَ و ُ‬ ‫اللبناني ُ‬ ‫الملْ قى أَ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عائلية‪ ،‬وفي مبارزات ِشعرية‬ ‫اجتماعية أَ و‬ ‫ت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ماعيا‪ ،‬في مناسبا ٍ‬ ‫ً‬ ‫فرديا أَ و َج ً‬ ‫أَ‬ ‫جماالت لبنان وما فيه من ِق َيم ٍ في‬ ‫فيها‬ ‫ى‬ ‫تتجلّ‬ ‫الجمهور‪،‬‬ ‫مام‬ ‫مباشرة‬ ‫ُ‬ ‫السماح والحوار بين َ‬ ‫والحق في االختالف‪.‬‬ ‫األديــان والفئات اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫العبقري‬ ‫اللبناني‬ ‫الفن‬ ‫ودخل تراثنا الشفوي الثقافي ِإلى ذاكرة العالم بهذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حيزه‬ ‫الم َ‬ ‫المحلي‪ ،‬مع أَ عالم ٍ‬ ‫غنيا ينتقل ِإلى العالمية من ّ‬ ‫كت ِنز ِإ ًرثا َش َف ًويا ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ونَ‬ ‫زجلية ُت َغ ّنيه على‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫مناسبا‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫لْ‬ ‫ي‬ ‫موهوبين‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫محلية‪ ،‬أَ و مع جوقا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أَ‬ ‫صدح‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ـ‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫بضعة‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ـرة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫د‬ ‫ـدة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ضيعة‪،‬‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫منبر ضئي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وتتلعثَ‬ ‫مضمونً‬ ‫شد َدت اليونسكو‬ ‫ويومها‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫حرف‬ ‫باأل‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫وكتاب‬ ‫شكال‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫س في المساعدة على‬ ‫اللبناني‬ ‫على أَ ّن الزجل‬ ‫دور رئي ٍ‬ ‫‪‬صم ُام أَ مــا ٍن ذو ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبناني‬ ‫‪‬الز َجل‬ ‫تمتين‬ ‫وو َر َد في ختام القرار أَ ّن َّ‬ ‫التماسك االجتماعي‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫منتش ٌر على جميع َ‬ ‫الهوية الثقافية‬ ‫ِ‬ ‫األراضي اللبنانية‪ُ ،‬ويسهم في تنصيع ُ‬ ‫واستدام ِتها بين صفوف الشعب اللبناني‪ ،‬وبهذه الصفة أَ دخلَ ْته المنظمة‬ ‫ِإلى ‪‬التراث الحي في دول َ‬ ‫األبيض المتوسط‪.‬‬

‫التراث‬

‫‪ ...‬ووادي قاديشا‬


‫هكـذا دخـل لبنـان ذاكـرة العالـم بالزجـ ِل ًّفنـا يتف ّـرد بـه بلدنـا بعبقري ِـة‬ ‫آثارهـم‬ ‫ت شـعرائه ِ‬ ‫ـواع‪َ ،‬وت َع ُّـدد أَ وزا ٍن‪ِ ،‬وإبداعـا ِ‬ ‫وغنـى ِ‬ ‫ارتجـا ٍل‪َ ،‬‬ ‫ووفـر ِة أَ ن ٍ‬ ‫ـوف أَ جيالنـا‬ ‫رث الجمي ُـل صف َ‬ ‫مطبوعـ ًة ومسـموع ًة ومرئيـةً‪ ،‬ودخـل هـذا ِاإل ُ‬ ‫بالدهـا الح ّـي الجميـل‪.‬‬ ‫ـال فـي العالـم علـى ُتـراث ِ‬ ‫الجديـدة‪ ،‬مثلمـا َتنشـأُ أَ جي ٌ‬

‫‪10‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫الزجل اللبناني دخل على الئحة اليونسكو ‪‬التراث التمثيلي البشري‪‬‬

‫كاريكاتور بيار صادق‬

‫وعلى مثال الزجل‪ ،‬لدينا في لبنان روائـ ُـع خالد ٌة من تراثنا الشفوي‬ ‫ونحافظَ عليه كي نظل بين ُ‬ ‫األمم شعل ًة تراثي ًة‬ ‫نحف َظه‬ ‫يجدر بنا أَ ن َ‬ ‫ِ‬ ‫الثقافي‪ُ ،‬‬ ‫مضاء ًة منذ أَ مس التاريخ حتى ذاكرة المستقبل‪.‬‬ ‫ثقافي ًة‬ ‫َ‬ ‫مدير المركز‪ /‬رئيس التحرير‬


‫ُ‬ ‫شروط النشر في مجلة ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫هم مجلة ‪‬مرايا التراث‪ِ ،‬إدار ًة وهيئ ًة علْ مية‪ ،‬أَ ن تلفت الباحثين ِإلى‬ ‫َي ُّ‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫مرس ٍل للنشر‬ ‫غير‬ ‫‪ .1‬أَ ن يكون‬ ‫رسل أَ ً‬ ‫ُ‬ ‫صيال في بابه‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫منشور أَ و َ‬ ‫الم َ‬ ‫البحث ُ‬ ‫في مجلة أُ خرى‪.‬‬

‫العلمية‬ ‫ـتعارف عليها فــي المجالت‬ ‫المنهجية‬ ‫‪ .2‬اعتماد‬ ‫الم َ‬ ‫ّ‬ ‫العلمية ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫حكمة‪ :‬التوثيق في كتابة الحواشي واألص ــول والمصادر والمراجع‬ ‫الم ّ‬ ‫ُ‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫رات‬ ‫ختص‬ ‫والم َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫التهجم الشخصي ِوإلماحات َ‬ ‫سندة‬ ‫‪ .3‬عدم‬ ‫الم َ‬ ‫األدلجة ِ‬ ‫ُّ‬ ‫واإلسقاطات غير ُ‬ ‫في مقاربات البحث‪.‬‬

‫‪ .4‬جميع َ‬ ‫الم َق َّدمة ِإلى المجلة َتخضع لتحكيم اللجنة العلمية‪،‬‬ ‫األبحاث ُ‬ ‫وقد تستعين ِإدارة المجلة عند الحاجة بهيئة اختصاصيين تبقى أَ سماء‬ ‫الع ْرف َ‬ ‫األكاديمي‪.‬‬ ‫طي الكتمان وفق ُ‬ ‫أَ عضائها ّ‬

‫بغير لغة بح ِثه‬ ‫‪ُ .5‬يرسل الباحث مع نصه َّ‬ ‫ملخ ًصا عنه في نحو ‪ 200‬كلمة ِ‬ ‫بحاثها في‬ ‫تفضيال أَ و بالفرنسية)‬ ‫(باإلنكليزية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تسهيال َلفهرسة المجلة وأَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫البيبليوغرافيا العالَ مية‪.‬‬

‫‪ .6‬تحتفظ ِإدارة المجلة ِب َح ّق النشر أَ و برفض أَ ِّي بحث ال يستوفي شروطَ‬ ‫النشر أَ عاله‪.‬‬

‫اآلراء ال ــوارد َة في َ‬ ‫األبحاث‬ ‫العلمية‬ ‫‪ .7‬ال تتبنى ِإدار ُة المجلة واللجن ُة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ولية ُك ّـتابها‪.‬‬ ‫المنشورة‪ ،‬وتبقى هذه على ُ‬ ‫مسؤ ّ‬

‫نسخة‬ ‫صدوره‪ ،‬وعلى‬ ‫ٍ‬ ‫ث على ثالث نُ َسخ من العدد عند ُ‬ ‫كل باح ٍ‬ ‫‪َ .8‬يحصل ُّ‬ ‫ِإلكترونية من بحثه‪.‬‬

‫تعاون الباحثين في احترام شروط‬ ‫العلمية‬ ‫شكر ِإدار ُة المجلة واللجن ُة‬ ‫‪َ .9‬ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حفاظا على المستوى العلْ مي في نهج الجامعة‪ ،‬وخدم ًة لنصاعة‬ ‫النشر‪،‬‬ ‫التراثية في لبنان‪.‬‬ ‫الذاكرة‬ ‫ّ‬

‫نصوصهم باسم رئيس التحرير على هذا العنوان‪:‬‬ ‫‪ُ .10‬يرسل الباحثون‬ ‫َ‬ ‫مجلة ‪‬مرايا التراث‪ – ‬مركز التراث اللبناني‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية – قريطم – بيروت‬ ‫لكترونيا على عنوان ‪‬مركز التراث اللبناني‪clh@lau.edu.lb :‬‬ ‫أَ و ِإ‬ ‫ًّ‬


‫‪12‬‬

‫هنري زغـيب‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫الطائفي‬ ‫رائدا في االبتعاد عن التركيز على التأْ ريخ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬ ‫الوطني‬ ‫ّأول محاولة لكتابة التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫قطع مسافة خلدة‪-‬اإلسكندرية في ‪ 48‬ساعة‬ ‫القبطان الفرنسي توسان ّأالر (‪)Toussaint Allard‬‬

‫ُم ْنقـذُ َ‬ ‫األمير بشير سنة ‪1822‬‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫الطائفي‬ ‫رائدا في االبتعاد عن التركيز على التأْريخ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬ ‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫‪١‬‬

‫اللبنانية‪،‬‬ ‫أستاذ محاضر في الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬الفرع الثاني – الفنار‬ ‫كلّ ّية اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬

‫مقدمة‬ ‫التبحر في‬ ‫أوروبا بالقرن الذي َع َرف فيه‬ ‫اشتهر القرن التاسع عشر في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫علميا‪ ،‬وسعى البحث‬ ‫التاريخي‬ ‫علوم التاريخ نهضة كبرى‪ .‬غدا التفكير‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫التقنية‪ُ ،‬وأبعدت كتابة التاريخ عن مجال‬ ‫التخصص واعتماد‬ ‫التاريخي إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التاريخي‪.‬‬ ‫المنهج‬ ‫حول‬ ‫رات‬ ‫التصو‬ ‫رت‬ ‫وتغي‬ ‫البالغة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في موازاة ذلك‪ ،‬كان التأريخ في لبنان منذ نهاية القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫األول من القرن التاسع عشر‪ ،‬يشهد محاوالت‬ ‫وعلى نحو متزايد ّإبان النصف ّ‬ ‫الفكرية‬ ‫الفرضيات‬ ‫وقدموا بعض‬ ‫لتطوير أفكار‬ ‫وتصورات جديدة حول التاريخ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمؤرخين في النصف الثاني من القرن التاسع‬ ‫تبناها بعض العلماء‬ ‫التي ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسياسية‬ ‫ة‬ ‫واالقتصادي‬ ‫ة‬ ‫االجتماعي‬ ‫الظروف‬ ‫ظل‬ ‫في‬ ‫تطويرها‪،‬‬ ‫وتابعوا‬ ‫عشر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتغيرة‪ .‬وبين َمن حاولوا كتابة تاريخ لبنان‬ ‫والثقافية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انطالقا من وعي متزايد بشأن التاريخ‬ ‫في تلك الحقبة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫األرثوذكسي‪ .2‬فمن هو؟ وفي‬ ‫الوطني‪ :‬الياس ديب مطر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّأية ظروف وضع كتابه؟ وأين يمكن إدراجه بين من كتبوا‬ ‫تاريخ لبنان في القرن التاسع عشر؟ وما قيمة ما كتبه؟‬ ‫وما األحكام التي يمكن أن نطلقها عليه؟‬ ‫حاصبيا‬ ‫هو الياس بن ديب بن الياس مطر‪ ،‬من مواليد‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫شرقي لبنان في العام ‪. 1857‬‬ ‫(وادي التيم) جنوب‬ ‫ّ‬ ‫كان والده‬ ‫تاجرا في حاصبيا وأسرته أكثر أسرها ً‬ ‫ً‬ ‫عددا الياس ديب مطر‬ ‫تفضلت بترجمة بعض النصوص من‬ ‫قصاب التي‬ ‫ّ‬ ‫‪ 11‬أشكر الدكتورة سوسن آغا ّ‬ ‫قيمة من أرشيف‬ ‫معلومات‬ ‫لي‬ ‫ن‬ ‫أم‬ ‫الذي‬ ‫ملحم‬ ‫ربيع‬ ‫العربية‪ ،‬ومن الصديق‬ ‫التركية إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركية في بيروت‪.‬‬ ‫الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫المؤرخين األرثوذكس في التأريخ‪ ‬الذي دعا إليه‬ ‫يتطرق إليه مؤتمر ‪‬مساهمة‬ ‫‪ 22‬لم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المشرقي في جامعة البلمند‬ ‫والتراث‬ ‫واآلثار‬ ‫التاريخ‬ ‫ومعهد‬ ‫البطريركي‬ ‫البلمند‬ ‫دة‬ ‫سي‬ ‫دير ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بين ‪ 12‬و‪ 14‬آذار ‪.2007‬‬ ‫‪ 33‬الزركلي‪ ،‬األعالم‪9/2 ،‬؛ كحالة‪ ،‬معجم المؤلفين‪ ،‬الرقم ‪2934‬؛ داغر‪ ،‬مصادر‬ ‫األدبية‪.641/4 ،‬‬ ‫الدراسة‬ ‫ّ‬


‫‪The American University of Beirut, Directory of Alumni 1870 –1952, p. 13.‬‬

‫األدبية في بيروت في العام ‪.1885‬‬ ‫الزهرية‪ ‬الصادر عن المطبعة‬ ‫له كتاب ‪‬األمراض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العربية‬ ‫المطبوعات‬ ‫معجم‬ ‫سركيس‪،‬‬ ‫ص‪384 .‬؛‬ ‫‪،1886‬‬ ‫العاشرة‪،‬‬ ‫المقتطف‪ ،‬السنة‬ ‫ّ‬ ‫األطباء العاملين في بيروت في العام ‪ 1892‬بإجازة‬ ‫عداد‬ ‫في‬ ‫كان‬ ‫‪.1758/2‬‬ ‫والمعربة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحرة في بيروت سنة ‪،1892‬‬ ‫المهن‬ ‫‪‬أصحاب‬ ‫المطرجي‪،‬‬ ‫بيروت‪.‬‬ ‫والية‬ ‫حكومة‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.473 .‬‬ ‫‪ 55‬طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪228–227/2 ،‬؛ سركيس‪ ،‬معجم المطبوعات‪،‬‬ ‫‪1758/2‬؛ ‪ .Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 34.‬وكان فيليب من‬ ‫بين الصيادلة العاملين في بيروت في العام ‪ 1892‬بإجازة من حكومة والية بيروت‪.‬‬ ‫الحرة في بيروت سنة ‪ ،1892‬ص‪.473 .‬‬ ‫المطرجي‪ ،‬أصحاب المهن‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسية‬ ‫‪ 66‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪ .228/2 ،‬أصبح حبالين‪ ‬أستاذ اللغة‬ ‫ّ‬ ‫السنوي‬ ‫اإلنجيلية‬ ‫السورية‬ ‫الكل ّية‬ ‫السورية‬ ‫في المدرسة الكلّ ّية‬ ‫اإلنجيلية‪ .‬كتاب المدرسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رئيسا لقلم الترجمة‬ ‫القنصلية‬ ‫‪ ،1873–1872‬ص‪ .8 .‬عمل ترجمانً ا ّأول في‬ ‫الفرنسية ّثم ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في مجلس ّ‬ ‫الرسمية‪ .‬دي‬ ‫العربي في صحيفة لبنان‬ ‫النظار بمصر‪ .‬تولّ ى تحرير القسم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طالبه باألفكار‬ ‫طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة‬ ‫العربية‪ .116–115/1 ،‬كان حبالين يغذّ ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحر ّية‪،‬‬ ‫مؤمنا بمبادئ فولتير في‬ ‫التحر ّرية المعادية لألتراك‪ ،‬ويلقي دروسه‬ ‫السياسية‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما لبث تالمذته أن تحالفوا معه في الدعوة إلى نبذ االستبداد‪.‬‬ ‫‪ 77‬مالط‪ ،‬الحكمة في السنوات العشر األولى للتأسيس‪ ،‬ص‪.713 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.118 ،19 .‬‬ ‫‪ 88‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 99‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪.417/2 ،‬‬

‫‪15‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫اإلنجيلية‬ ‫السورية‬ ‫الطب من المدرسة الكلّ ّية‬ ‫‪ 44‬ولد في العام ‪ .1863‬نال إجازة في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ا‬ ‫كاتب‬ ‫كان‬ ‫بنات‪.‬‬ ‫وأربع‬ ‫صبيين‬ ‫وأنجب‬ ‫تزوج في العام ‪،1908‬‬ ‫ً‬ ‫في العام ‪ّ .1883‬‬ ‫ً‬ ‫توفّ ي في العام ‪.1903‬‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫وأهمها مكانة‪ .‬على أثر أحداث ‪ 1860‬بين الدروز والموارنة هرب مع عائلته‬ ‫ّ‬ ‫من مجزرة حاصبيا والتجأ إلى قصر الزعيم الدرزي سعيد جنبالط‪ّ ،‬ثم‬ ‫واستقر بها‪ .‬وعاود هناك نشاطه‬ ‫انتقل بها إلى بيروت وهم بحالة يرثى لها‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬ ‫التجاري‪ ،‬ونشأ فيها أوالده األربعة الياس وابراهيم الطبيبان‪ ،‬وملحم‬ ‫ّ‬ ‫الصيدليان‪.5‬‬ ‫وفيليب‬ ‫ّ‬ ‫األرثوذكسية‬ ‫والفرنسية في مدرسة طائفته‬ ‫العربية‬ ‫تلقى مطر مبادئ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الثالثة األقمار في بيروت‪ ،‬على عهد مديرها الياس حبالين (‪–1839‬‬ ‫يحصل العلوم واللغات‬ ‫البطريركية ‪،7‬‬ ‫‪ّ ،6)1889‬ثم انتقل إلى المدرسة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رياضية‪ ،‬ومعلّ موها‬ ‫واإلنكليزية عدا علوم أخرى‬ ‫والتركية‬ ‫والفرنسية‬ ‫العربية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬ ‫والفرنسية‬ ‫ة‬ ‫العربي‬ ‫اللغتين‬ ‫فيها‬ ‫فأتقن‬ ‫‪،‬‬ ‫واألدب‬ ‫بالمعارف‬ ‫المشهورين‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪9‬‬ ‫مؤسس‬ ‫وتعلّ م مبادئ‬ ‫التركية  ‪ .‬من أساتذته فيها سليم تقال (‪ّ )1892–1849‬‬ ‫ّ‬ ‫جريدة ‪‬األهرام‪ ‬في ما بعد‪ ،‬والذي صار رأس أساتذة المدرسة ووكيل‬ ‫أعمالها ومدير شؤونها‪ ،‬وناصيف اليازجي (‪ ،)1871–1800‬وكالهما من‬


‫غالف كتاب‬ ‫‪‬العقود الدرية في تاريخ المملكة السورية‪)١٨٧٤( ‬‬

‫‪16‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫رواد عصر النهضة في القرن التاسع عشر‪.10‬‬ ‫أبرز ّ‬ ‫البطريركية خمس‬ ‫أمضى مطر في المدرسة‬ ‫ّ‬ ‫سنوات انتقل بعدها لمتابعة دراسته في المدرسة‬ ‫األميركية‬ ‫اإلنجيلية (الجامعة‬ ‫السورية‬ ‫الكلّ ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحقا)‪ ،‬فالتحق بالقسم العلمي فيها في العام‬ ‫ً‬ ‫‪ 1871‬وهو في الرابعة عشرة وفق ما تقتضيه‬ ‫حتى العام ‪،1874‬‬ ‫قوانين هذا القسم‪ ،‬وبقي فيها ّ‬ ‫يسمى بـ ‪‬صف غير‬ ‫طالب ما‬ ‫وكان في عداد ّ‬ ‫ّ‬ ‫دروسا في الكيمياء والنبات‬ ‫محص ًال‬ ‫قانوني‪،11‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪12‬‬ ‫خريجي الكلية‬ ‫لكنه لم‬ ‫فالصيدلة  ‪ّ ،‬‬ ‫يتخرج بشهادة‪ ،‬إذ لم يرد في عداد ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتخرجين ‪.1952–1870‬‬ ‫اإلنجيلية الواردة أسماؤهم في ‪‬دليل‬ ‫السورية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان يمارس مهنة الصيدلة عند أخيه ملحم في صيدلية ‪‬النحلة‪ ‬بمنطقة‬ ‫السور في بيروت‪ ،13‬ولكن بسبب عدم الرخصة بتعاطي المهنة من دون‬ ‫يؤدي امتحانً ا بالصيدلة‬ ‫شهادة‪ ،‬سافر في العام ‪ 1874‬إلى األستانة‪ ،‬لكي ّ‬ ‫الصيدلية‬ ‫العثمانية ‪ ،14‬وما ذلك سوى صيانة على حقوق‬ ‫وفق األنظمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المختصة بنا وهي جانب الدركة ‪ ،15‬فنجح ونال الشهادة‪ .‬بعد نجاحه‬ ‫ّ‬ ‫الدر ّية‬ ‫العقود‬ ‫‪‬كتاب‬ ‫كتابه‬ ‫بطبع‬ ‫رخصة‬ ‫الكبير‬ ‫المعارف‬ ‫مجلس‬ ‫من‬ ‫طلب‬ ‫ّ‬ ‫السورية‪ ،‬فأجاز له بطبعه‪ ،‬كما يشير إلى ذلك ما ورد‬ ‫في تاريخ المملكة‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬ ‫تعرف بوزير المعارف آنذاك رجل الدولة والعالم‬ ‫في غالف الكتاب ‪ّ .‬‬ ‫المشهور أحمد جودت باشا (‪ ،)1895–1822‬الذي تولّ ى وزارة العدل خمس‬ ‫العثمانيين في‬ ‫المؤرخين‬ ‫مرات ورئاسة مجلس المعارف‪ ،‬وكان من أبرز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪190 .‬؛ زيدان‪ ،‬تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع‬ ‫‪ 110‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫عشر‪114/2 ،‬؛ ”‪.Choueiri, ”Matar‬‬ ‫السنوي ‪ ،1873–1872‬ص‪.11 .‬‬ ‫اإلنجيلية‬ ‫السورية‬ ‫الكل ّية‬ ‫‪ 111‬كتاب المدرسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 112‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪418–417/2،‬؛ داغر‪ ،‬مصادر الدراسة األدبية‪641/4 ،‬؛‬ ‫مالط‪،‬الحكمة في السنوات العشر األولى‪ ،‬ص‪.73 .‬‬ ‫‪ 113‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.228/2 ،‬‬ ‫الطب أو الصيدلة الخضوع المتحان في‬ ‫‪ 114‬كان على الطالب الراغبين في ممارسة‬ ‫ّ‬ ‫الشاهاني في اسطنبول‪ .‬المقتطف‪ ،‬الجزء العاشر‪ ،‬حزيران ‪،1886‬‬ ‫الطب ّي‬ ‫المكتب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.576 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.120 .‬‬ ‫‪ 115‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫العربية‪.228/2 ،‬‬ ‫‪ 116‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة‬ ‫ّ‬


‫‪ 117‬أنظر عن جودت باشا‪ :‬زيدان‪ ،‬تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر‪،‬‬

‫حق قدره وتعاون معه على تأمين األمن ونشر العدل‪ .‬رستم‪ ،‬لبنان‬ ‫متصرف جبل لبنان ّ‬ ‫ّ‬ ‫فية‪ ،‬ص‪.215 .‬‬ ‫في عهد‬ ‫المتصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫فقرظ كتابه ‪‬العقود الدرية في تاريخ‬ ‫‪ 118‬اعترف علي سداد بفضل الياس مطر عليه‪ّ ،‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.185 .‬‬ ‫المملكة السورية‪ ،‬باللغة التركية‪ .‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 119‬المقتطف‪ ،‬السنة األول‪ ،1876 ،‬ص‪Ertam, ”The history of ،126 .‬‬

‫– ‪dermatology, venereology and dermatopathology in different countries‬‬ ‫أن مطر كان‬ ‫‪ .Turkey”, Global Dermatology, Vol. 2 (7), 2015‬وورد في هذا المقال ّ‬

‫طبيبا بعلم أمراض العين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 220‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪229–228/2 ،‬؛ األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪،‬‬ ‫‪418/2‬؛ شيخو‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر والربع األول من القرن‬ ‫طبعا غير‬ ‫إن مطر درس‬ ‫العشرين‪ .371/3 ،‬ويقول الزركلي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطب في دمشق‪ ،‬وهو ً‬ ‫صحيح‪ .‬األعالم‪.9/2 ،‬‬ ‫‪Aliye, Bir Biyografi, p. 26. 221‬‬ ‫‪ 222‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪.418/2 ،‬‬ ‫‪ 223‬زيدان‪ ،‬تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر‪218/2 ،‬؛‬ ‫‪Bowen, ”Aḥmad Djewdet Pasha”, p. 294.‬‬ ‫‪ 224‬المقتطف‪ ،‬السنة الحادية عشرة‪ ،1887 ،‬ص‪759–758 .‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ‬ ‫الصحافة العربية‪229/2 ،‬؛ األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪.418/2 ،‬‬ ‫‪ 225‬المصباح‪ ،‬العدد ‪ 1 ،719‬تشرين األول ‪.1887‬‬

‫‪17‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫‪219–215/2‬؛ ‪Shaw and Shaw, History of the Ottoman Empire and Modern‬‬ ‫ممن قدر رستم باشا‬ ‫‪ .Turkey, vol. II, pp. 64 – 66‬كان جودت باشا من كبار الرجال ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫وقدم له قصيدة من نظمه أعجبته‪ ،‬فدعاه إلى تعليم نجله علي‬ ‫عصره‪ّ ،17‬‬ ‫مكر ًما زهاء عشر‬ ‫سداد بك (‪ 18)1900–1859‬فقبل‪ ،‬وأقام عنده ّ‬ ‫معز ًزا ّ‬ ‫التركية على ممدوح بك أحد علمائها‬ ‫تعمق في خاللها بدراسة اللغة‬ ‫ّ‬ ‫سنوات ّ‬ ‫للداخلية‪ ،‬وبقي فيها إلى إعالن الدستور في العام‬ ‫ا‬ ‫وزير‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬ ‫الذي صار‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الشاهاني‬ ‫الطب ّي‬ ‫‪ّ .1876‬ثم أشار عليه جودت باشا بدراسة‬ ‫ّ‬ ‫الطب في المكتب ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫الرسمية‪،‬‬ ‫باسطنبول‪ ،‬فدخله وتخصص بعلم أمراض العين ‪ ،‬ونال الشهادة‬ ‫ّ‬ ‫درس مطر فطمة علية (‪–1862‬‬ ‫فعينه‬ ‫مالزما في وزارة المعارف‪ .20‬كذلك ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪21‬‬ ‫الفرنسية وهي في العاشرة من عمرها ‪.‬‬ ‫اللغة‬ ‫باشا‪،‬‬ ‫جودت‬ ‫كريمة‬ ‫‪،)1936‬‬ ‫ّ‬ ‫فعينه‬ ‫معه‪،‬‬ ‫مطر‬ ‫قدم‬ ‫‪.1878‬‬ ‫العام‬ ‫واليا لدمشق في‬ ‫ّ‬ ‫ُع ِّين جودت باشا ً‬ ‫طبيبا‬ ‫لكن جودت باشا لم يقم في دمشق سوى تسعة‬ ‫لبلدية دمشق‪ّ .22‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪23‬‬ ‫أشهر‪ ،‬وغادرها في العام نفسه ليقمع ثورة في قوزان (طوروس) ‪ .‬عاد‬ ‫الشاهانية‬ ‫مفتشا للمدارس العالية‬ ‫فعينته وزارة المعارف‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مطر إلى األستانة ّ‬ ‫‪24‬‬ ‫الطب ّي‬ ‫وع ِّين‬ ‫طبيبا لهذه المدارس ‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫وعينته نظارة المكتب ّ‬ ‫في اسطنبول‪ّ ،‬‬ ‫‪25‬‬ ‫رئيسا لدائرة الترجمة في نظارة المعارف ‪.‬‬ ‫ً‬


‫‪18‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫حتى‬ ‫انضم إليه بفضل قدراته‬ ‫وحين أنشئ مكتب الحقوق‬ ‫القانونية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ودرس فيه حقوق الناس وأنظمتهم وشرائعهم‬ ‫ُو ِ‬ ‫صف بـ ‪‬القانوني البارع‪ّ ،26‬‬ ‫‪27‬‬ ‫مع بقائه في الوظيفتين‪ .‬ونال شهادة هذا المكتب من ّأول‬ ‫صف ‪ .‬لكن‬ ‫ّ‬ ‫وع ّين‬ ‫بعد نيله هذه الشهادة ترك طبابة المدارس ومارس المحاماة ّ‬ ‫مدة‪ُ ،‬‬ ‫وانضم إلى عضوية‬ ‫عضوا في محكمة التجارة في بك أوغلي (بيرا)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪28‬‬ ‫الطب ّي‪ ،‬وبقي‬ ‫المكتب‬ ‫لتالميذ‬ ‫ا‬ ‫أستاذً‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ثم‬ ‫‪.‬‬ ‫فالجزاء‬ ‫الحقوق‬ ‫محكمتي‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ ِّ‬ ‫الملكي‬ ‫المكتب‬ ‫في‬ ‫ي‬ ‫الصح‬ ‫للطب‬ ‫ا‬ ‫فأستاذً‬ ‫عضوا في محكمة الجزاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫وع ِّين فوق ذلك لتدريس المواد‬ ‫الوطنية‪،‬‬ ‫الملكية‬ ‫المدرسة‬ ‫أو‬ ‫الشاهاني‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الجزائية في مكتب الحقوق‪ .‬وهكذا كان أستاذ ثالثة مكاتب عالية رسمية‬ ‫معا نحو عشرين سنة‪،‬‬ ‫في وقت واحد‪ّ .‬‬ ‫وظل يتقاضى رواتب أربع وظائف ً‬ ‫الحق‬ ‫إلى أن أحيل على التقاعد في العام ‪ 1909‬لداء اعتراه مع حفظ‬ ‫ّ‬ ‫الطب ّية‬ ‫الجمعية‬ ‫أيضا أحد أعضاء‬ ‫له بالعودة إليها حالما يشفى‪ .29‬وكان ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‪ ،‬ودائرة التأليف والترجمة في نظارة المعارف‪ .30‬نال الرتبة‬ ‫ّ‬ ‫األول في العام ‪ 1885‬بناء على إنهاء حضرة الدولة‬ ‫الصنف‬ ‫من‬ ‫األولى‬ ‫ّ‬ ‫‪31‬‬ ‫المجيدي‬ ‫العثماني ثم‬ ‫أيضا الوسامين‬ ‫وزير المعارف العمومية ‪ ،‬ونال ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪32‬‬ ‫من الطبقة الثالثة في العام ‪ ،1887‬واكتفى بلقب بك ‪ .‬تزوج فتاة يونانية‬ ‫وأنجب منها بنتين وصبيين ‪ .33‬وكان يزور بيروت مستأذنً ا لمشاهدة‬ ‫أقربائه وأصدقائه‪.34‬‬ ‫‪ 226‬المقتطف‪ ،‬السنة الرابعة عشرة‪ ،1890 ،‬ص‪.844 .‬‬ ‫‪ 227‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬ ‫‪ 228‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪229/2 ،‬؛ مالط‪ ،‬الحكمة في السنوات‬ ‫العشر األولى للتأسيس‪ ،‬ص‪.74–73 .‬‬ ‫‪ 2 29‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،985‬السنة العاشرة‪ 13 ،‬و‪ 25‬آب ‪1887‬؛ المقتطف‪ ،‬السنة‬ ‫الحادية عشرة‪ ،1887 ،‬ص‪759–758 .‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪229/2 ،‬؛‬ ‫األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪418/2 ،‬؛ ‪.Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 35‬‬ ‫‪ 330‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،605‬السنة السادسة‪ ،‬الخميس ‪ 13‬و‪ 1‬أيلول ‪1883‬؛ والعدد‬ ‫‪ ،985‬السنة العاشرة‪ 13 ،‬و‪ 25‬آب ‪1887‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬ ‫‪ 331‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،767‬االثنين ‪ 17‬و‪ 29‬حزيران ‪.1885‬‬ ‫‪ 332‬المصباح‪ ،‬العدد ‪ 1 ،719‬تشرين األول ‪1887‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة‬ ‫العربية‪229/2 ،‬؛ األسود‪ ،‬كتاب تنوير األذهان‪418/2 ،‬؛ مالط‪ ،‬الحكمة في السنوات‬ ‫العشر األولى للتأسيس‪ ،‬ص‪.74 .‬‬ ‫‪ 333‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬ ‫‪ 334‬المصباح‪ ،‬العدد ‪ 1 ،719‬تشرين األول ‪.1887‬‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫‪ 335‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪.418/2 ،‬‬ ‫‪ 336‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪ .418/2 ،‬وجاء عند إسماعيل البغدادي‪ ،‬في إيضاح‬ ‫المكنون‪ ،113/2 ،‬العقود الدرية في تاريخ السورية‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬ ‫‪ 337‬شيخو‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر والربع األول من القرن‬ ‫العشرين‪.371/3 ،‬‬ ‫‪ 338‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،605‬السنة السادسة‪ ،‬الخميس ‪ 13‬و‪ 1‬أيلول ‪.1883‬‬ ‫وعنوان الرسالة بالتركية هو‪Kolera risalesi: koleraya dair mütalâat-ı tıbbiye ve :‬‬ ‫‪ .tedabir-i ihtiyatiye ve sıhhiyeyi havi bir mecmuadır‬متوافر على موقع‪http:// :‬‬ ‫‪ ،www.worldcat.org/identities/lccn-nr99-35746/‬تاريخ الدخول‪ 1 :‬أيلول ‪.2017‬‬ ‫‪ 339‬شيخو‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر والربع األول من القرن‬ ‫العشرين‪.371/3 ،‬‬ ‫‪ 440‬المقتطف‪ ،‬السنة الحادية عشرة‪ ،1887 ،‬ص‪.759–758 .‬‬ ‫‪ 441‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬

‫‪19‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫كتابا طبعها كلّ ها في‬ ‫ألّ ف مع وفرة أشغاله ّ‬ ‫وتعدد وظائفه اثنين وثالثين ً‬ ‫والتركية‪ .35‬ووضع في أثناء دراسته في الكلية اإلنجيلية‬ ‫العربية‬ ‫اللغتين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السورية‪ ‬الصادر في العام‬ ‫الدر ّية في تاريخ المملكة‬ ‫مؤلَّ فه ‪‬كتاب العقود ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪36‬‬ ‫‪ ،1874‬وطبع بمطبعة المعارف في بيروت ‪ .‬وهو موضوع هذا البحث‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫من أبرز إنجازاته كتاب ‪‬شرح المجلة‪ ،‬أي مجلّ ة الحقوق‬ ‫ّ‬ ‫التركية‬ ‫والتركية‪ ،‬ابتداء من العام ‪ ،1882‬فظهرت خمس سنوات‪ .‬نقله من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪37‬‬ ‫التركية صدرت في العام ‪،1882‬‬ ‫باللغة‬ ‫رسالة‬ ‫ا‬ ‫أيض‬ ‫وله‬ ‫‪.‬‬ ‫ة ‬ ‫العربي‬ ‫إلى‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تناول فيها البحث عن نشأة الهواء األصفر‬ ‫(الكوليرا)‪ ،‬والمطالعات في شأنه‪ ،‬والتدابير‬ ‫الطب ّية الدامغة له الواقية‬ ‫ّ‬ ‫الصح ّية والوسائل ّ‬ ‫أيضا كتاب ‪‬أصول حفظ‬ ‫منه‪ .38‬ومن مؤلفاته ً‬ ‫التركية في‬ ‫عمومية‪ ‬الصادر باللغة‬ ‫صحت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اسطنبول عام ‪1304‬هـ‪1888/‬م‪ ،39‬وضعه‬ ‫األلمعي‬ ‫وطنينا الفاضل‬ ‫بالتركية جناب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مفتش‬ ‫سعادتلو الدكتور الياس أفندي مطر ّ‬ ‫المدارس العالية الشاهانية وأستاذ حفظ‬ ‫الصحة في المدارس الطبية الملكية ‪ .40‬وقد‬ ‫قررت وزارة المعارف تدريسه في المكاتب‬ ‫ّ‬ ‫العالية‪ .41‬وأشادت جريدة ‪‬المونيتور‬ ‫أورينتال‪ ‬التي كانت تصدر في اآلستانة كتاب مطر بعنوان‬ ‫بحذاقة الكاتب وببراعته لنشره كتابا مهما ‪‬أصول حفظ صحت عمومية‪‬‬ ‫ً‬ ‫ًّ باللغة التركية (‪)١٨٨٨‬‬


‫‪20‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫صحة‬ ‫مما يفيد العموم ّ‬ ‫‪‬استوفى به جميع الشروط المقتضاة لهذا العلم ّ‬ ‫‪42‬‬ ‫‪‬قرظت جريدة المونيطور الكتاب‬ ‫وعلما ‪ .‬وجاء في جريدة ‪‬المصباح‪ّ :‬‬ ‫ً‬ ‫عزتلو الياس‬ ‫الصح ّي الذي ألّ فه جناب‬ ‫وطنينا البارع والدكتور الماهر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أفندي مطر‪ ،‬قالت‪ّ :‬‬ ‫العمومية‬ ‫الصحة‬ ‫اطلعنا على كتاب مفيد موضوعه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للدكتور الياس أفندي مطر أحد كبار المأمورين في نظارة المعارف وأستاذ‬ ‫تركي العبارة صحيحها‬ ‫الوطنية وهو‬ ‫الملكية‬ ‫الطب‬ ‫الصحة في مدارس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولما‬ ‫هذا‬ ‫ة‪.‬‬ ‫التركي‬ ‫اللغة‬ ‫أهل‬ ‫ا‬ ‫خصوص‬ ‫للكل‬ ‫اللزوم‬ ‫شديد‬ ‫اإلشارة‬ ‫واضح‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان الياس أفندي الموما إليه ذا جد ونشاط أمكنه أن يحسن القيام بما‬ ‫انتدب إليه من المهام فنهنئه بالفوز الذي أصابه‪ .‬والكتاب يباع في جميع‬ ‫مكاتب اسطنبول‪.43‬‬ ‫والتركية تكلّ ًما وكتابة‪ ،‬وأل َّـم‬ ‫والفرنسية‬ ‫العربية‬ ‫إتضلع مطر من اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪44‬‬ ‫باإلنكليزية‪ ،‬وأتقن‬ ‫التحدث باللغة اليونانية  ‪ ،‬ما ساعده في خوض مجال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الترجمة ‪ ،45‬وله فيها ترجمة ‪‬تقويم األدوار‪ ‬لجودت باشا الصادر في‬ ‫التركية‬ ‫األستانة في العام ‪1295‬هـ‪1878/‬م‪ .46‬وقد صدر هذا الكتاب باللغة‬ ‫ّ‬ ‫للمرة األولى مسألة إصالح التقويم‪.47‬‬ ‫في العام ‪ ،1871–1870‬وأثيرت فيه ّ‬ ‫رسام‪ 48‬مجلة‬ ‫مارس مطر الصحافة ً‬ ‫أيضا‪ ،‬فأنشأ مع المحامي الياس ّ‬ ‫الحقوق في القسطنطينية باللغتين العربية والتركية ‪ .49‬وقد صدر العدد‬ ‫‪ 442‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،985‬السنة العاشرة‪ 13 ،‬و‪ 25‬آب ‪.1887‬‬ ‫‪ 443‬المصباح‪ ،‬العدد ‪ 6 ،711‬آب ‪1887‬؛ لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،981‬السنة العاشرة‪،‬‬ ‫الخميس ‪ 30‬و‪ 11‬آب ‪.1887‬‬ ‫‪ 444‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪229/2 ،‬؛ شيخو‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية في‬ ‫القرن التاسع عشر والربع األول من القرن العشرين‪.371/3 ،‬‬ ‫الطب‬ ‫طالبا في‬ ‫األجنبية يساعده على ذلك‪ ،‬فهو منذ كان‬ ‫‪ 445‬كان إتقانه اللغات‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫السلطاني‪ ،‬أرسل إلى مجلّ ة المقتطف في العام ‪ 1876‬مقالة بعنوان ‪‬تلغراف‬ ‫بالمكتب‬ ‫ّ‬ ‫فرنسية تعرف بـ ‪‬جريدة األساتيذ‪ .‬المقتطف‪ ،‬السنة‬ ‫جريدة‬ ‫عن‬ ‫بها‬ ‫عر‬ ‫شريط‪‬‬ ‫بال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األولى‪ ،1876 ،‬ص‪.128–126 .‬‬ ‫‪ 446‬سركيس‪ ،‬معجم المطبوعات‪720/1 ،‬؛ ‪1758/2‬؛ داغر‪ ،‬مصادر الدراسة األدبية‪،‬‬ ‫‪.642/4‬‬ ‫‪Bowen, ”Aḥmad Djewdet Pasha”, p. 295. 447‬‬ ‫‪ 448‬من مشاهير المحامين في القسطنطينية‪ ،‬ينتمي إلى أسرة عراقية من الموصل‪،‬‬ ‫هاجر أبواه إلى حلب وهناك أبصر النور‪ ،‬ثم رحلت عائلته إلى أورفا ومنها جاء إلى‬ ‫األستانة فسكن فيها وتعاطى المحاماة‪ .‬المصباح‪ ،‬العدد ‪ 27 ،714‬آب ‪1887‬؛ داغر‪،‬‬ ‫مصادر الدراسة األدبية‪641/4 ،‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪،198–197/2 ،‬‬ ‫‪.393–392/4‬‬ ‫‪ 4 49‬المقتطف‪ ،‬السنة الرابعة عشرة‪ ،1890 ،‬ص‪844 .‬؛ دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة‬ ‫العربية‪229/2 ،‬؛ كحالة‪ ،‬معجم المؤلفين‪ ،‬الرقم ‪2934‬؛ ضو‪ ،‬وجه لبنان األبيض‪ ،‬ص‪.322 .‬‬


‫السورية‪ ‬هو تاريخ ّبر‬ ‫الدر ّية في تاريخ المملكة‬ ‫مؤلَّ فه ‪‬كتاب العقود ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪56‬‬ ‫الشام القديم والحديث مع وصف مدنه وجباله ‪ّ .‬ربما وضعه بتشجيع من‬ ‫مادة الكيمياء في‬ ‫درسه ّ‬ ‫أحد أساتذته فارس نمر (‪ )1952–1856‬الذي ّ‬ ‫‪ 550‬داغر‪ ،‬مصادر الدراسة األدبية‪642–641/4 ،‬؛ حشيمة‪ ،‬المؤلفون العرب‬ ‫المسيحيون من قبل اإلسالم إلى آخر القرن العشرين‪.352/4 ،‬‬ ‫‪ 551‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬ ‫‪ 552‬األسود‪ ،‬تنوير األذهان‪ .418/2 ،‬وجاء في مصادر الدراسة األدبية‪ ،641/4،‬أنه‬ ‫توفي في ‪ 21‬آذار‪ ،‬وهو خطأ‪.‬‬ ‫‪ 553‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.229/2 ،‬‬ ‫‪ 554‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،6288‬الجمعة ‪ 1‬نيسان ‪.1910‬‬ ‫‪ 555‬داغر‪ ،‬مصادر الدراسة األدبية‪.641/4 ،‬‬ ‫‪ 556‬فانديك‪ ،‬إكتفاء القنوع‪ ،‬ص‪ ،284 .‬الرقم ‪.32‬‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫كتاب العقود الدرّيّة في تاريخ المملكة السوريّة‬

‫‪21‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫واستمرا في إصدارها خمس‬ ‫األول من هذه المجلة في ‪ 13‬تموز ‪،1890‬‬ ‫ّ‬ ‫سنوات‪ .‬تناولت في موضوعاتها‪ :‬الحقوق العادية والتجارية‪ ،‬وتشكيالت‬ ‫المحاكم‪ ،‬وأصول المحاكمات المدنية والجزائية‪ ،‬وحقوق الدول‪ ،‬وحكمة‬ ‫الحقوق‪ ،‬وتاريخ الحقوق‪ ،‬والحقوق الطبيعية‪ ،‬والمحاكمات‪ ،‬والقرارات‬ ‫تتحرى حل ما غمض من المشكالت والقضايا الحقوقية‪ .‬منعت‬ ‫المهمة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحكومة إصدارها ثالث مرات ألنها كانت تنتقد أعمال المحاكم وقراراتها‬ ‫تعرضا لتهديدات‬ ‫وتبين لها وجوه اإلصالح‪ .‬وقد أجبرا على إغالقها بعد أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫من رؤساء الدوائر العدلية ‪.50‬‬ ‫وفض‬ ‫العثمانية تعتمد عليه في درس بعض المسائل‬ ‫كانت الدولة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المشكالت‪ .51‬تقاعد في العام ‪ ،1909‬بعد إصابته بداء الزالل‪ ،‬فعاد إلى‬ ‫بيروت‪ ،‬فما أفاده تغيير الهواء وال مهارة األطباء‪ ،‬وتوفي في ‪ 24‬آذار ‪1910‬‬ ‫وهو في الثانية والخمسين من عمره‪ .52‬وأقيم له مأتم حافل شاركت فيه‬ ‫تكريما له‪ .‬وأقيمت الصالة على‬ ‫وعززته بفرقة من الجند‬ ‫الحكومة‬ ‫رسميا ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫وأبنه المطران جراسيموس‬ ‫راحة نفسه في كنيسة ّ‬ ‫القديس ديمتريوس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫النبي الياس بطينا إلى جانب‬ ‫ودفن في مقبرة‬ ‫مسرة (‪ُ ،)1936–1858‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪53‬‬ ‫والديه‬ ‫القديس جاورجيوس‬ ‫كنيسة‬ ‫في‬ ‫از‬ ‫وجن‬ ‫اس‬ ‫قد‬ ‫نيسان‬ ‫‪3‬‬ ‫في‬ ‫له‬ ‫وأقيم‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والخاص بصدق معامالته واستقامته‬ ‫العام‬ ‫للروم األرثوذكس‪ .54‬اشتهر لدى‬ ‫ّ‬ ‫وأخالقه‬ ‫الرضية ‪.55‬‬ ‫ّ‬


‫اإلنجيلية ‪ .57‬وقد رأينا أنه طلب من مجلس المعارف رخصة‬ ‫السورية‬ ‫الكلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية‬ ‫بطبع كتابه هذا‪ ،‬فأجازت له بطبعه‪ ،‬بعدما وافقت سلطات الرقابة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في اسطنبول على‬ ‫أن جودت باشا قد‬ ‫المخطط العام للكتاب‪ .58‬وال ّ‬ ‫شك في ّ‬ ‫اطلع على الكتاب‪ ،‬ونعتقد أنّ ه هو من سعى له بطبعه‪ .‬وكانت مجلّ ة ‪‬الجنان‪‬‬ ‫قد نشرت إعالنات عن الكتاب قبل ذلك موقّ عة من الكاتب نفسه‪.59‬‬ ‫عوامل صدوره‬

‫‪22‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫العثمانية نهضة‬ ‫اإلصالحية‬ ‫عصر أحدثت السياسة‬ ‫صدر هذا الكتاب‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نوعية أو تطويرها على‬ ‫سياسية‬ ‫تاريخية‬ ‫تصورات‬ ‫فكرية ّأدت إلى نشوء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيين والعرب في لبنان وسورية‪ ،‬وظهور ما ُعرف‬ ‫فين‬ ‫المثق‬ ‫بعض‬ ‫أيدي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪60‬‬ ‫ية ‬ ‫والسور‬ ‫منها‬ ‫ة‬ ‫العربي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫القومي‬ ‫بالنزعات‬ ‫العلماني إلى‬ ‫جاه‬ ‫االت‬ ‫ب‬ ‫وتسر‬ ‫‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪61‬‬ ‫الشرق‬ ‫العثماني ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كذلك أسهمت قوانين اإلصالح في بروز وجهة نظر جديدة تتعلّ ق بتاريخ‬ ‫مهدت‬ ‫سورية‪ .‬على الرغم من التباسات هذه القوانين وغموضها‪ ،‬فإنها ّ‬ ‫عصري‬ ‫الطريق لنوع جديد من الكتابة التاريخي ّة قائم على مفهوم شبه‬ ‫ّ‬ ‫طي‬ ‫الوطنية‬ ‫الوطني‪ .‬وهكذا ولدت‬ ‫للوعي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السورية تحت الحكم التسلّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫العثمانيين نحو منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬واستجابة للسياسات‬ ‫للسالطين‬ ‫ّ‬ ‫‪62‬‬ ‫السورية‬ ‫الوطنية‬ ‫تصور‬ ‫التحديثية لممثلّ يهم المحلّ ّيين ‪ .‬من هنا انتشر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المذهبي الذي تجلّ ت‬ ‫العداء‬ ‫على‬ ‫ب‬ ‫للتغلّ‬ ‫ة‬ ‫الملح‬ ‫للحاجة‬ ‫تلبية‬ ‫جت‬ ‫التي ُر ِّو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مظاهره‬ ‫بقوة ّإبان أحداث العام ‪ 1860‬في جبل لبنان ودمشق‪ .63‬وكان في‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية في لبنان بطرس البستاني (‪)1883–1819‬‬ ‫نشر‬ ‫لواء‬ ‫لة‬ ‫طليعة َح َم‬ ‫ّ‬ ‫‪ Choueiri, ”Matar” 557‬وكان فارس نمر أستاذ علم الهيئة والالتينية في الكلّ ّية‬ ‫اإلنجيلية‪ .‬المقتطف‪ ،‬السنة األولى‪ ،1876 ،‬صفحة الغالف‪.‬‬ ‫السورية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 558‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪228/2 ،‬؛ هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ‬ ‫في لبنان‪ ،‬ص‪.162 .‬‬ ‫‪ 559‬الجنان‪.1874 ،7/15 ،7/1 ،6/15 ،5 ،‬‬ ‫والسياسية‪،‬‬ ‫االجتماعية‬ ‫مسيحيي لبنان والمشرق في النضاالت‬ ‫‪ 660‬لبكي‪ ،‬دور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.385 .‬‬ ‫العثماني الناطق بالضاد في القرن التاسع‬ ‫العلماني في الشرق‬ ‫‪‬االتجاه‬ ‫‪ 661‬نعمه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عشر‪ ،‬ص‪.425–395 .‬‬ ‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 25. 662‬‬ ‫‪ 663‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.150 .‬‬


‫‪6 64‬‬ ‫‪ 665‬‬ ‫‪ 666‬‬ ‫‪ 667‬‬ ‫‪ 668‬‬ ‫‪ 669‬‬ ‫‪ 770‬‬ ‫‪ 771‬‬ ‫‪ 772‬‬ ‫‪7 73‬‬ ‫‪and Dismantling of the Province of Syria (1865–1888)”, pp. 7–26.‬‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.117 .‬‬ ‫مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫زيدان‪ ،‬تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر‪.39/2 ،‬‬ ‫سيف‪ ،‬ثالثة حكماء من حبل لبنان‪ ،‬ص‪.52 ،44 .‬‬ ‫هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.152 .‬‬ ‫الوطنية الرابعة‪.1860/10/25 ،‬‬ ‫البستاني‪ ،‬نفير سورية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المعلم بطرس البستاني‪ ،‬ص‪.126–113 .‬‬ ‫داية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.154 .‬‬ ‫سيف‪ ،‬ثالثة حكماء من حبل لبنان‪ ،‬ص‪.47 .‬‬ ‫‪.Hitti, History of the Arabs, p. 726‬‬ ‫دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪67/1 ،‬؛ ‪Abu-Manneh, ”The establishment‬‬

‫‪23‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫الوطني المرتبة األولى‬ ‫التصور‬ ‫احتل‬ ‫الوطنية‪ ،64‬الذي‬ ‫‪‬صاحب الغيرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدينية ومبدأ‬ ‫الحر ّية‬ ‫عنده‪ ،‬فأنشأ ‪‬المدرسة‬ ‫الوطنية‪ ‬في العام ‪ 1863‬على ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪65‬‬ ‫ة ‬ ‫العثماني‬ ‫الوطنية‬ ‫الجامعة‬ ‫توجه‬ ‫ذات‬ ‫ة‬ ‫وطني‬ ‫لترويج‬ ‫الوسائل‬ ‫ى‬ ‫بشت‬ ‫وسعى‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمذهبية‬ ‫الدينية‬ ‫وإقليمي‪ ،‬تساعد على تجاوز التناقضات‬ ‫وسياسي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ثقافي‪ّ 66 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ان‬ ‫السك‬ ‫ّ‬ ‫بين‬ ‫تاريخي جديد في‬ ‫لتفاهم‬ ‫األسس‬ ‫البستاني‬ ‫خ‬ ‫رس‬ ‫وبذلك‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪67‬‬ ‫حب الوطن وهو من الواجبات التي على أبناء الوطن‬ ‫سورية  ‪ .‬ودعا إلى ّ‬ ‫وذكر‬ ‫لوطنهم‪ ،68‬والسالم والتصالح والتفاهم المتبادل بين مختلف الطوائف‪ّ .‬‬ ‫أبناء بلده بأنّ هم يرتبطون فيما بينهم بمصالح مشتركة وعادات مشتركة ولغة‬ ‫كل ما‬ ‫مشتركة‪ ،‬ويجمعهم وطن واحد‪ .69‬ودعاهم إلى‬ ‫التصرف كأخوة‪ ،‬وبذل ّ‬ ‫ّ‬ ‫في وسعهم للدفاع عن الوطن‪ .‬وهذا األمر يتحقق من خالل الوعي الوطني‬ ‫مشتركا يقوم على اللغة والثقافة العربية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جوهرا‬ ‫لدى السكان‪ ،‬والذي يشكل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محاطا من السلطنة‬ ‫على أن يكون هذا الوطن السوري في الوقت نفسه‬ ‫ظل سيادتها‪ ،70‬فهو يرفض االنفصال‬ ‫العثمانية‪ ،‬وال يمارس وظيفته إال في ّ‬ ‫دائما الزعامة السياسية‬ ‫أو االستقالل عن السلطنة العثمانية‪ ،‬ويؤكد‬ ‫ً‬ ‫العثمانية ‪ .71‬وحاول أن يطبع في ذهن قرائه صورة عن مجتمع محلي مثالي‪،‬‬ ‫يعمل مع السلطنة العثمانية من أجل مصلحة جميع أفراده‪ ،‬بصرف النظر‬ ‫مسبب للخالف‪.‬‬ ‫عن الدين‪ ،‬والعرق‪ ،‬أو ّ‬ ‫أي عامل ّ‬ ‫عرف بحدوده‪ .‬فقد‬ ‫انطوت‬ ‫تصورات البستاني على فكرة ّ‬ ‫أن البلد ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية االسم القديم الذي كان معروفً ا في العهد‬ ‫أحيت السلطات‬ ‫ّ‬ ‫الرسمية‬ ‫الروماني‪ ،‬وبدأت تدعو البالد باسم ‪‬سورية‪ ‬في القرارات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والبالغات منذ العام ‪ 1841‬عند بدء عصر التنظيمات‪ .72‬وأنشأت في‬ ‫العام ‪ 1865‬والية سورية‪ ،‬وأصدرت في دمشق مجلّ ة باسم ‪‬سورية‪.73‬‬


‫‪24‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫وفي نظر البستاني كان هذا البلد الذي يعيش فيه في الواقع وحدة‬ ‫متاثرا في ذلك باالستعمال‬ ‫جغرافية أطلق عليها اسم ‪‬سورية‪ .‬وكان‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الرسمية أم في السياق المحلّ ّي‬ ‫اللغة‬ ‫في‬ ‫سواء‬ ‫‪‬سورية‪‬‬ ‫لمصطلح‬ ‫الجديد‬ ‫ّ‬ ‫أيضا‪ .‬ونورد في هذا السياق بعض األمثلة‪ ،‬منها ‪‬نفير سورية‪ ‬النشرة‬ ‫ً‬ ‫و‪‬الجمعية‬ ‫‪،1860‬‬ ‫العام‬ ‫أواخر‬ ‫في‬ ‫نفسه‬ ‫البستاني‬ ‫بطرس‬ ‫أصدرها‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫اإلنجيلية‪ ،‬وكتاب ‪‬خرابات سورية‪‬‬ ‫السورية‬ ‫السورية‪ ،‬و‪‬الكلّ ّية‬ ‫العلمية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لخليل الخوري (‪ )1907–1836‬مؤسس جريدة ‪‬حديقة األخبار‪)1858( ‬‬ ‫الصادر في العام ‪ ،1860‬وجرجي ّيني صاحب كتاب ‪‬تاريخ سورية‪‬‬ ‫الصادر في العام ‪ ،1881‬والمطران يوسف الدبس مؤلّ ف ‪‬تاريخ سورية‬ ‫والدنيوي‪ ‬الصادر في بيروت بين ‪ .1905–1893‬وشمل هذا‬ ‫الديني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السورية في العام ‪1857‬‬ ‫أيضا ميدان الطباعة‪ ،‬فأنشئت المطبعة‬ ‫التأثير ً‬ ‫ّ‬ ‫على يد خليل الخوري‪.‬‬ ‫عرف فيها‬ ‫كانت ‪‬نفير سورية‪ ‬لسان حال أفكار البستاني‬ ‫الوطنية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫وسكان‬ ‫ببر الشام وهي وطننا‪ّ ،‬‬ ‫الوطن‬ ‫السوري كما يأتي‪ :‬تعرف سورية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدينية‪ ،‬وانتماؤهم المحلّ ّي‪،‬‬ ‫اعتقاداتهم‬ ‫تكن‬ ‫مهما‬ ‫وطننا‪،‬‬ ‫أبناء‬ ‫هم‬ ‫سورية‬ ‫ّ‬ ‫اإلتني‪،‬‬ ‫وأصلهم‬ ‫والخصوصيات األخرى‪ .74‬وطالب مواطنيه بعدم استبدال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيؤدي إلى‬ ‫ألن ذلك‬ ‫الديني أو‬ ‫وحب الوطن بالتضامن‬ ‫الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫بالتعصب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪75‬‬ ‫كارثة وإلى‬ ‫تصدع المجتمع كما حصل في العام ‪. 1860‬‬ ‫ّ‬ ‫وبعد عشر سنوات كتب نجله سليم (‪ )1884–1848‬في مجلّ ة ‪‬الجنان‪‬‬ ‫الوطنية‬ ‫أن التركيز على الدين بدل‬ ‫التي أصدرها والده في العام ‪ّ ،761870‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصرف هو من إرث الماضي‪ ،‬فالعالم اآلن‬ ‫كل تفكير‬ ‫ّ‬ ‫واإلبقاء عليه في ّ‬ ‫العربية أو‬ ‫القومية‬ ‫أن‬ ‫الجنسية‬ ‫‪‬العصبية‬ ‫يستند إلى‬ ‫والوطنية‪ .‬ورأى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الهوية ملزمة‪ :‬علينا أن نتجاوز أصولنا اإلتنية‪ ،‬وأن نعترف بجنسية هي‬ ‫أيضا‪ :‬نحن‬ ‫السائدة في وطننا اآلن‪ ،‬وهي الجنسية العربية ‪ .77‬ويقول ً‬ ‫أصبحنا أمة وطنية واحدة اعتنقت الجنسية العربية ‪.78‬‬ ‫األول ‪.1860‬‬ ‫‪ 774‬البستاني‪ ،‬نفير سورية‪ ،‬الوطنية الرابعة‪ 25 ،‬تشرين ّ‬ ‫‪ 775‬البستاني‪ ،‬نفير سورية‪ ،‬الوطنية الخامسة‪ 1 ،‬تشرين الثاني ‪.1860‬‬ ‫العثمانية وخدمة الوطن‪ .‬الجنان‪ ،‬المجلّ د ‪،15‬‬ ‫‪ 776‬نشأت ‪‬الجنان‪ ‬على والء الدولة‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،1884‬ص‪.577 .‬‬ ‫‪ 777‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.674 ،643 .‬‬ ‫‪ 778‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪ .647 .‬يظهر بعض المؤلفات الصادرة في أواخر‬ ‫والجنسية‪ ،‬فها هو شاكر الخوري يتحدث‬ ‫القرن التاسع عشر حالة الوعي بأهمية اللغة‬ ‫ّ‬ ‫عن دور المدرسة الطبية الخديوية التي كانت تتيح كل سنة لعشرة طالب من الديار‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الشامية دراسة الطب فيها مجانً ا‪ ،‬ويقول‪ :‬اشتهرت بفضلها نحو بالدنا السورية ولغتنا‬ ‫العربي‪ .‬الخوري‪ ،‬تحفة الراغب في صحة المتزوج وزواج‬ ‫(الجنسية)‬ ‫العربية وجنسها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العازب‪ ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫‪ 779‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪388–385 .‬؛‬ ‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 28.‬‬ ‫‪ 880‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.162–160 .‬‬ ‫‪ 881‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.647 .‬‬

‫‪25‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫عبر عنها بطرس البستاني‪ ،‬وضعها نجله سليم في‬ ‫إن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التصورات التي ّ‬ ‫خاصة على فكرة‬ ‫تطورها‪ .‬ينطبق ذلك بصورة‬ ‫ّ‬ ‫وتمت متابعة ّ‬ ‫إطار أشمل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫سكان سورية‪ .‬وقد اعتبر أن‬ ‫مشتركا يجمع بين ّ‬ ‫ً‬ ‫شريطا‬ ‫اعتباره التاريخ‬ ‫القرن التاسع عشر هو نقطة تحول في تاريخ العالم‪ ،‬إذ أنبأ عن حقبة‬ ‫تاريخية جديدة في مصير السلطنة العثمانية وبالده سورية‪ .‬فقد أبان‬ ‫الداخلية‬ ‫المتمدنة سياستها‬ ‫حددت األمم‬ ‫ّ‬ ‫هذا العصر عن مبادئ جديدة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكل ّأمة يحيد‬ ‫والخارجية على أساسها‪ .‬وهذه المبادئ هي ‪‬روح العصر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫حكم عليها بعدم المالءمة مع‬ ‫أبناؤها عن هذه المبادئ المشتركة كان ُي َ‬ ‫القوية‪،‬‬ ‫تلك الروح‪ ،‬وتكون بذلك قد خالفت الشروط التي وضعتها األمم‬ ‫ّ‬ ‫الصناعية‪.‬‬ ‫المتفوقة وقدرتها‬ ‫قوتها العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫وتصبح عرضة للغزو من قبل ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪79‬‬ ‫إن التاريخ هو الوسيلة التي يمكن بواسطتها‬ ‫التوصل إلى نتيجه كهذه ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحساسية‬ ‫الوطنية والوالء للوطن قضية تثير‬ ‫استمرت مسألة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واالختالف‪ .‬في مقال له بعنوان ‪‬روح العصر‪ ‬ال يشير سليم إلى سورية‬ ‫أن كتاباته األخرى تظهر بوضوح تام عمق ارتباطه بهذا البلد‬ ‫باالسم‪ ،‬إال ّ‬ ‫‪80‬‬ ‫وموقفه من هذه المسألة‪ .‬وفي مقال له بعنوان ‪‬من نحن‪ ، ‬يعدد باعتزاز‬ ‫وطورت فيها حضارات‬ ‫مختلف المجموعات اإلثنية التي حكمت سورية ّ‬ ‫مزدهرة‪ ،‬وبفضل تمازجها يتشكل سكان البالد الحاليين‪ ،‬كالعرب‪،‬‬ ‫والسريان‪ ،‬واآلراميين‪ ،‬والكلدانيين‪ ،‬واليونان‪ ،‬الذين أطلق عليهم اسم‬ ‫األجداد‪ .‬من الواضح أن البستاني استثنى األتراك من الئحته واقتصر على‬ ‫الثناء على فضائل أجداده السوريين المتعارف عليهم عند العموم وعلى‬ ‫مزاياهم‪ .‬وما يثير الدهشة ذكره العرب في المقام األول‪ ،‬آخذً ا برأي يقول‬ ‫جزئيا من لغة مشتركة‪ .‬وبسبب‬ ‫هويتها الخاصة‬ ‫إن األمة الوطنية تستقي ّ‬ ‫ً‬ ‫قيام الجنسية العربية‪ ،‬ال بد للعرب من أن يسيطروا في سورية‪ ،‬كذلك ال‬ ‫بد من أن تأخذ المجموعات السكانية األخرى بثقافتهم وبلغتهم‪.81‬‬ ‫أن بالده هي األفضل من حيث مناخها ومصادر مياهها‬ ‫رأى سليم ّ‬ ‫وانتشارا‪ ،‬لكن كل هذه‬ ‫وتربتها وغناها‪ ،‬وكانت لغتها األكثر فصاحة‬ ‫ً‬


‫‪26‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫األمجاد قد اختفت مع كثير غيرها‪ ،‬من بينها المدارس‪ ،‬والعلوم‪،‬‬ ‫والكتب‪ ،‬والمكتبات‪ ،‬والتجارة‪ ،‬والزراعة‪ ،‬والقادة الكبار‪ ،‬ورجال الدولة‪،‬‬ ‫يوما ما‪ .‬ويؤلمه هيمنة مدارس‬ ‫والعلماء‪ ،‬واالزدهار الذي تمتعت به سوريا ً‬ ‫اإلرساليات والجمعيات التبشيرية على القطاع التربوي والتعليمي‪ ،‬وعجز‬ ‫االقتصاد المحلي عن منافسة منتجات الدول األوروبية المسيطرة عليه‪.82‬‬ ‫ويعزو سليم أسباب التأخر العام أو الركود إلى تخلي العرب في سورية عن‬ ‫تماما كتخليهم عن استئصال الضرر من جذوره‪ :‬على‬ ‫معرفة المرض‪ً ،‬‬ ‫إن معرفة‬ ‫[‪]...‬‬ ‫الدواء‬ ‫يصف‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫[‪]...‬‬ ‫المرض‬ ‫المرء أن يكتشف‬ ‫ّ‬ ‫المهمة‬ ‫العالج الصحيح أمر بسيط مقارنة بمعرفة المرض [‪ ]...‬وهذه‬ ‫ّ‬ ‫األخيرة تولّ ى أرباب السياسة وخبراء التاريخ تشويهها‪ .83‬ولكن ال تعاني‬ ‫كل األمم األمراض نفسها‪ .‬وهذه األخيرة تختلف مع اختالف الوقت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السياسي‬ ‫والتنظيم‬ ‫‪،‬‬ ‫الفطري‬ ‫والمزاج‬ ‫واألذواق‪،‬‬ ‫والدين‪،‬‬ ‫والمساحة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حل هذه المعضلة يكون بالقيام ببحث دقيق في‬ ‫لكل ّأمة‪ .‬لذلك ّ‬ ‫فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتعصب‪.‬‬ ‫المسبقة‬ ‫األحكام‬ ‫من‬ ‫خال‬ ‫نفسه‪،‬‬ ‫التاريخ‬ ‫وهو‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫مرآة‬ ‫ّ‬ ‫إن في مقارنة ماضي أمة بحاضرها‪ ،‬واكتشاف أسباب‬ ‫وفي رأي سليم ّ‬ ‫يتم التوصل إلى رفع الحجاب الداكن الذي يستر حقيقة‬ ‫نهضتها وكبوتها‪ّ ،‬‬ ‫‪84‬‬ ‫أهم ّية التاريخ إلى تدريسه التاريخ‪،‬‬ ‫الحاضر ‪ .‬يمكن أن نعزو موقفه من ّ‬ ‫الطبيعية في مدرسة والده‪ ،85‬والعبر‬ ‫اإلنكليزية والعلوم‬ ‫إلى جانب اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التي أخذها من اطالعه على المؤلفات التاريخية‪ .‬من هنا فهو يرى أن‬ ‫ويشخص الحاضر‪ ،‬ويحدد الرؤية للمستقبل‪ ،‬من‬ ‫التاريخ يفسر الماضي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دون الوقوع في أي خطأ‪ .‬لذلك فإن العالج الشافي لألمة المريضة يكون‬ ‫الطائفية‬ ‫عن طريق نشر العلم وثقافة التعليم‪ ،‬وهكذا يشفى الوطن من‬ ‫ّ‬ ‫العلمية الصحيحة الطريق أمام الوحدة‬ ‫وتعبد المعرفة‬ ‫ّ‬ ‫والفساد الديني‪ّ .‬‬ ‫‪86‬‬ ‫الوطنية وتبني أسس المستقبل السليم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 882‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪162 ،160 .‬؛‬

‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 30.‬‬

‫‪ 883‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪163 .‬؛‬

‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 31.‬‬

‫‪ 884‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪163 .‬؛‬

‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, pp. 30 –31.‬‬

‫‪ 885‬لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،712‬السنة السابعة‪ ،‬الخميس ‪ 25‬و‪ 13‬أيلول ‪1884‬؛ جحا‪،‬‬ ‫سليم البستاني‪ ،‬ص‪.26 .‬‬ ‫‪ 886‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.164 .‬‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫‪ 8 87‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.161 .‬‬ ‫‪ 888‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.648 .‬‬ ‫‪ 889‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪149 .‬؛‬ ‫‪The Oxford History of Historical Writing 1800–1945, Vol. 4, p. 581.‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.184 .‬‬ ‫‪ 990‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.54 .‬‬ ‫‪ 991‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state, p. 34. 992‬‬ ‫‪Iggers, Wang, Mukherjee, A Global History of Modern Historiography, 993‬‬ ‫‪p. 94.‬‬

‫‪27‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫بد من طرحه‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬ ‫‪‬إجماال كان الماضي بالنسبة إلى سليم ً‬ ‫عبئا ال ّ‬ ‫‪87‬‬ ‫‪‬وربما‬ ‫التاريخ ً‬ ‫أمال وفرصة آلمال وانتظارات كبيرة  ‪ ،‬من هنا كان يرى ّ‬ ‫ض كماضينا‪ ،‬وأن‬ ‫من اإلنصاف القول أنّ نا سنكون سعداء بالتخلّ ص من ما ٍ‬ ‫ننتظر‬ ‫مستقبال يعد ّأمتنا بالسعادة والنجاح‪ .88‬لقد حاول سليم إيضاح‬ ‫ً‬ ‫كبيرا‪ ،‬بيد أّ ّن االهتمامات والتأمالت‬ ‫باذال‬ ‫معنى التاريخ ووظيفته ً‬ ‫ً‬ ‫جهدا ً‬ ‫العلمية‪ .‬وكما والده‪ ،‬لم‬ ‫التاريخية لم تكن سوى جزء من حقل اهتماماته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخي حول سورية‪ ،‬يعرض فيه األفكار الجديدة على‬ ‫كتاب‬ ‫أي‬ ‫يصنف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موسعة‪ .‬وهذا ما قام به اثنان من معاصريه الشباب‪:‬‬ ‫قاعدة موضوعات ّ‬ ‫الياس ديب مطر موضوع بحثنا‪ ،‬وجرجي ّيني (‪ )1941–1856‬الذي سيكون‬ ‫لنا عودة إليه في بحث آخر‪.‬‬ ‫المؤرخين غير المحترفين في أواخر العهد‬ ‫ينتمي الياس ديب مطر إلى‬ ‫ّ‬ ‫العثماني‪ ،‬الذين خاضوا مجال التاريخ بينما كانوا يقومون بأعمال أخرى‬ ‫ّ‬ ‫الصحافة‪،‬‬ ‫في‬ ‫أخرى‬ ‫مهن‬ ‫وراء‬ ‫يسعون‬ ‫أو‬ ‫والطب ووظائف الدولة‪ ،89‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫مقر بأنّ ني لست من فرسان هذا الميدان‬ ‫يعترف بذلك حين يقول‪ :‬وإنّ ي ّ‬ ‫‪90‬‬ ‫وما بلغته من‬ ‫أهم ّية كتابة التاريخ‬ ‫السن هو أعظم برهان ‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫لكنه كان يعي ّ‬ ‫المؤرخ من حيث ‪‬االستقامة والتدقيق وعدم‬ ‫والصفات الواجب توافرها في‬ ‫ّ‬ ‫‪91‬‬ ‫مؤرخ ‪ .‬ويظهر هنا ّ‬ ‫تأثره‬ ‫كل ّ‬ ‫التغرض في الكتابة األمر الواجب على ّ‬ ‫ّ‬ ‫الموضوعي‬ ‫التاريخ‬ ‫كتابة‬ ‫إلى‬ ‫يدعو‬ ‫كان‬ ‫الذي‬ ‫البستاني‬ ‫بسليم‬ ‫الواضح‬ ‫ّ‬ ‫والتعصب‪.‬‬ ‫الخالي من األحكام المسبقة‬ ‫ّ‬ ‫الغربية وحاول‬ ‫واحدا من أوائل السوريين الذين تلقوا الثقافة‬ ‫يعد مطر‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلم‬ ‫مبادئ‬ ‫بحسب‬ ‫بلده‬ ‫تاريخ‬ ‫كتابة‬ ‫األوروب ّي‪ .92‬ويشكل كتاب ‪‬العقود‬ ‫ّ‬ ‫تاريخي ُوضع عن سوريا‬ ‫الدر ّية في تاريخ المملكة السورية‪ّ ،‬أول مؤلَّ ف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬ ‫مؤر‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫جي‬ ‫د‬ ‫محد‬ ‫ككيان‬ ‫عربي‪.93‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫‪28‬‬

‫المسجعة‬ ‫أن هذا النوع من العناوين‬ ‫إذا انطلقنا من عنوان الكتاب‪ ،‬نرى ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتى أواخر القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫كان ال يزال‬ ‫رائجا في مختلف العلوم ّ‬ ‫ً‬ ‫بتأثير من القرون الوسطى والحقبة الحديثة من تاريخ لبنان والعالم العربي‪،‬‬ ‫شك في أن‬ ‫وماشاه ّ‬ ‫حتى المستشرقون في وضع عناوين مؤلفاتهم‪ .94‬وال ّ‬ ‫المسجع‪.‬‬ ‫الشعرية كان لها هي األخرى دور في اختيار العنوان‬ ‫موهبة مطر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وصدر مقدمة كتابه بقصيدة امتدح فيها أحمد‬ ‫فهو كان يقرض الشعر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪95‬‬ ‫المجاملة‬ ‫عبارات‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫ضمنها‬ ‫ولعل أحد العناوين‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جودت باشا ّ‬ ‫‪‬الدر المنتخب في تاريخ مملكة‬ ‫الوسيطة القريبة من عنوان كتاب مطر‪ ،‬هو‬ ‫ّ‬ ‫المسجعة في كتاب‬ ‫المقدمة‬ ‫إن‬ ‫حلب ‪‬البن الشحنة (ت ‪ّ .96)1485‬‬ ‫ّ‬ ‫حتى ّ‬ ‫ّ‬ ‫شائعا في القرن التاسع عشر‪ ،‬يلجأ فيه الكاتب إلى‬ ‫أدبي كان‬ ‫ً‬ ‫مطر‪ ،‬هي فن ّ‬ ‫أيضا تساعده‬ ‫وغالبا ما يكون المؤلف‬ ‫المحسنات اللفظية‪.‬‬ ‫استخدام‬ ‫شاعرا ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫العبارات‬ ‫تنميق‬ ‫على‬ ‫ة‬ ‫الشعري‬ ‫َملَ كته‬ ‫يتوخاه‪.97‬‬ ‫لتؤدي المعنى الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّأما إهداء الكتاب إلى أحمد جودت باشا‪ ،98‬فهو وسيلة اعتمدها غير‬ ‫أمال في طبع‬ ‫الشخصية‬ ‫ود هذه‬ ‫العثمانية النافذة والمثقفة‪ً ،‬‬ ‫مؤلف لخطب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كتبهم أو لغايات أخرى‪ ،‬تختلف بين مؤلّ ف وآخر‪.99‬‬

‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫‪‬الدر المكنون في الصنائع والفنون‪‬‬ ‫المسجعة كتابا‬ ‫‪ 994‬من األمثلة على العناوين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫طنوس عون‪ ،‬وكتاب ‪‬تحفة الراغب في صحة‬ ‫طب الحيوان‪ ‬لجرجس ّ‬ ‫و‪‬صدق البيان في ّ‬ ‫المتزوج وزواج العازب‪ ،‬للدكتور شاكر الخوري‪ .‬ومن المستشرقين الذين وضعوا عناوين‬ ‫ّ‬ ‫مسجعة لمؤلّ فاتهم فانديك صاحب كتب ‪‬إكتفاء القنوع بما هو مطبوع‪ ،‬و‪‬الروضة‬ ‫ّ‬ ‫الزهرية في األصول الجبرية‪ ،)1877( ‬و‪‬السهم الطيار والفخ القرار لترقية الكروم من‬ ‫الثعالب الصغار‪ ،)1882( ‬و‪‬إرواء الظماء في محاسن القبة الزرقاء‪ ،)1888( ‬ورواية‬ ‫الوضية في الكرة األرضية‪ ‬أحد مصادر‬ ‫‪‬بزوغ النور على ابن حور‪ ،)1896( ‬و‪‬المرآة‬ ‫َّ‬ ‫الدر ّية‪.‬‬ ‫مطر في ‪‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.4–3 .‬‬ ‫‪ 995‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب‪ ،‬وقف على طبعه وعلّ ق‬ ‫‪ 996‬إبن الشحنة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اليسوعيين‪،‬‬ ‫لآلباء‬ ‫ة‬ ‫الكاثوليكي‬ ‫المطبعة‬ ‫‪،‬‬ ‫الدمشقي‬ ‫سركيس‬ ‫إليان‬ ‫حواشيه يوسف بن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪.1909 ،‬‬ ‫مقدمة كتاب الدكتور شاكر الخوري ‪‬تحفة‬ ‫المقدمات‬ ‫‪ 997‬من األمثلة على‬ ‫المسجعة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬حمدا لمن فجر ينابيع‬ ‫الراغب في صحة المتزوج وزواج العازب‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫ً‬ ‫الحكم‪ ،‬وأظهر األشياء للوجود بعد العدم‪ ،‬وأودع في هذا النوع اإلنساني ذلك السر‬ ‫المصون‪ ،‬حتى إذا قال له كن فيكون‪ ....‬شاكر الخوري‪ ،‬تحفة الراغب في صحة‬ ‫صدر الخوري كتابه‬ ‫المتزوج وزواج العازب‪ ،‬المكتبة الثقافية‪ ،‬بيروت‪ .1987 ،‬كذلك ّ‬ ‫بأربعة أبيات من الشعر‪.‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.4–3 .‬‬ ‫‪ 998‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫طنوس عون عمله ‪‬الدر المكنون في الصنائع والفنون‪ ‬ألحمد‬ ‫‪ 999‬أَ هدى جرجس ّ‬ ‫ايضا‪ .‬وقد َطبع المؤلف الكتاب على نفقته الخاصة‪.‬‬ ‫جودت باشا ً‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.2 .‬‬ ‫‪ 1100‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪2 .‬؛ هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.162 .‬‬ ‫‪ 1 101‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1102‬الجنان‪ ،‬المجلد ‪ ،1870 ،1‬ص‪.162 ،160 .‬‬ ‫‪ 1103‬دي طرازي‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪.228/2 ،‬‬ ‫‪Iggers, Wang, Mukherjee, A Global History of Modern Historiography, 1104‬‬ ‫‪p. 94.‬‬

‫‪29‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫بأهم ّية التاريخ ‪‬مركز المعارف والحكم‬ ‫يعترف مطر في بداية كتابه‬ ‫ّ‬ ‫‪100‬‬ ‫ومرآة بها تنظر أحوال الممالك واألمم ‪ .‬بعد اطالعه على مؤلّ فات‬ ‫خاصة بعدد من البلدان‪ ،‬أصيب بصدمة حين لم يعثر على‬ ‫تاريخية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخ خاص ‪‬بالمملكة السورية‪ ،‬أللهم ‪‬سوى بعض نبذات أتت على‬ ‫غير اتفاق‪ ،‬فأخذه من ذلك العجب والدهشة‪ ،‬وكان هذا النقص الدافع‬ ‫أخالقيا تجاه‬ ‫والتزاما‬ ‫وطنيا‬ ‫واجبا‬ ‫معتبرا ذلك‬ ‫وراء تأليفه هذا الكتاب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يحق‬ ‫تأمل فيها وبمن حكم فيها‪ ،‬فرآها ‪‬أشهر من نار على علم‬ ‫ّ‬ ‫بالد ّ‬ ‫يتغزل بحسن تربتها ورباها‪ ،‬إذ‬ ‫للقلم أن يفتخر بذكراها‪ ،‬وللشاعر أن ّ‬ ‫منها بزغت بسماء الفضل أقمار متوشحة بحلى المعارف ونجوم متجلببة‬ ‫بجلباب اللطائف [‪ ]...‬كيف ال وقد كانت ولم تزل أشهر البلدان وذلك أمر‬ ‫غني عن البرهان‪ .101‬يتماهى موقفه هنا مع سليم البستاني الذي رأى هو‬ ‫ّ‬ ‫أن بلده األفضل من حيث الشروط الطبيعية والثقافية والثراء‪.102‬‬ ‫اآلخر ّ‬ ‫أن مطر وضع كتابه في مطلع شبابه‪ ،‬في الثامنة عشرة‬ ‫وال ننسى ههنا ّ‬ ‫جراء غياب كتاب‬ ‫اعترته‬ ‫التي‬ ‫الحسرة‬ ‫تلك‬ ‫على‬ ‫ليتغلب‬ ‫تقريبا‪،‬‬ ‫من عمره‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ببقية‬ ‫تاريخ خاص بوطنه الذي اعتبر أنه‬ ‫ّ‬ ‫يستحق مثل هذا الكتاب أسوة ّ‬ ‫أن هذا الشعور بالتقصير تجاه وطنه‬ ‫الدول المتقدمة آنذاك‪ .‬وال ّ‬ ‫شك في ّ‬ ‫حصلها باالطالع على عدد من المؤلفات‪ ،‬إذ تملكته‬ ‫هو نتيجة ثقاقة واسعة ّ‬ ‫فتوته باللهو‪،‬‬ ‫رغبة شديدة في المطالعة والدرس‪ ،‬ولم يصرف ساعة من ّ‬ ‫‪103‬‬ ‫ملما بمطالعة تواريخ األمم‬ ‫وامتاز بين أترابه بالذكاء واالجتهاد ‪ .‬وكان ًّ‬ ‫السورية‬ ‫بكل دولة‪ .‬وأتاح له تحصيله العلمي في الكلّ ّية‬ ‫ألم ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتفكير في ما ّ‬ ‫وأجنبية‪ .‬وبما أنّ ه كان يكتب في‬ ‫عربية‬ ‫اإلنجيلية االطالع على مؤلفات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجلّ ة ‪‬الجنان‪ ،‬فإنّ ه وال شك قرأ افتتاحيات سليم البستاني الذي أثر فيه‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬الذي يشمل‬ ‫ووالده بطرس من خالل فهمهما العلماني للتاريخ‬ ‫ّ‬ ‫تاريخية جديدة تتميز‬ ‫شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم‪ ،‬ووجهة نظر‬ ‫ّ‬ ‫بحبهما لسورية‪.104‬‬ ‫في موازاة هذا المجد الذي كانت تتمتع به سورية‪ ،‬أخذ يمتدح الماضي‬ ‫ّ‬ ‫ويعظمه‪ .‬ووصف عصره آنذاك‪ ،‬في عهد السلطان عبد‬ ‫السوري التليد‬ ‫ّ‬


‫أوروبا في‬ ‫عثماني يزور‬ ‫العزيز (‪ ،)1876–1861‬الذي كان ّأول سلطان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقدم لدولته الرفاهية والتقدم‪،‬‬ ‫العام ‪ 1867‬ألهداف غير عسكرية‪ّ ،105‬‬ ‫مستخدما أسلوب السجع‪.106‬‬ ‫ً‬ ‫السورية‬ ‫أن ما وصلت إليه المملكة‬ ‫يسعى مطر عبر هذا الكتاب للتأكيد ّ‬ ‫ّ‬ ‫سيما ّإبان حكم‬ ‫التقدم والثروة واالقتدار هو بفضل‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫العثمانيين وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪107‬‬ ‫شك في أن دافعه‬ ‫وال‬ ‫‪.‬‬ ‫عهده‬ ‫في‬ ‫الكتاب‬ ‫صدر‬ ‫الذي‬ ‫العزيز‬ ‫عبد‬ ‫السلطان‬ ‫ّ‬ ‫أن ذلك ما كان ليتم لوال اإلصالحات التي‬ ‫إلى االعتراف بذلك هو للتأكيد ّ‬ ‫اإلصالحية‬ ‫قام بها العثمانيون‪ .‬ويأتي ظهور هذا الكتاب حين كانت الحركة‬ ‫ّ‬ ‫معا إلى تزايد الوعي المحلّ ّي‬ ‫العثمانية على ّ‬ ‫أشدها‪ ،‬ويؤشر إصداره في آن ً‬ ‫ّ‬ ‫عثماني لتشجيع استقالل ثقافة محدودة غير‬ ‫ميل‬ ‫وإلى‬ ‫ز‪،‬‬ ‫ممي‬ ‫وطني‬ ‫لتاريخ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫مشددة‪ ،‬وربما هي قناعات‬ ‫ونظرا إلى ظروف خضوعه لرقابة‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪108‬‬ ‫يتضمن كتاب مطر رسالة سياسية واضحة ‪.‬‬ ‫الكاتب‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫‪30‬‬

‫مضمون الكتاب‬

‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫خص مجمل تاريخ سورية‬ ‫أن مطر‬ ‫إذا خضنا في مضمون الكتاب نجد ّ‬ ‫ّ‬ ‫جدا‪ ،‬كناية عن تسع صفحات فقط من أصل ‪192‬‬ ‫السياسي ببحث مختصر ًّ‬ ‫ّ‬ ‫صفحة ‪ .109‬بينما يتعلق األمر في القسم الباقي من الكتاب بشكل أوسع‬ ‫السورية‬ ‫بالعرض الجغرافي والطوبوغرافي‪ .‬كذلك يستعرض أهم المدن‬ ‫ّ‬ ‫غالبا) والمناطق ذات الحكم الذاتي في جبل‬ ‫واللبنانية (باختصار شديد ً‬ ‫ّ‬ ‫أي صفة مشتركة‬ ‫لبنان والقدس‪ ،‬وقد بدا ّ‬ ‫الكل بمثابة موزاييك من دون ّ‬ ‫استنادا‬ ‫نسبيا‪،‬‬ ‫توسع في الحديث عنها‬ ‫يمكن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫التعرف إليها‪ .‬وحدها بيروت ّ‬ ‫ًّ‬

‫أيضا ملك بروسيا‪.‬‬ ‫‪ 1105‬شملت رحلة السلطان ً‬ ‫كال من باريس ولندن وفيينا‪ ،‬والتقى ً‬ ‫أنظر‪.Lewis, The Emergence of Modern Turkey, p. 121 :‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.14 .‬‬ ‫‪ 1106‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .2 .‬حاول هذا السلطان إصالح أحوال بالده‪ ،‬وقد أشار مطر‬ ‫‪ 1107‬العقود ّ‬ ‫السنية وما آل‬ ‫المكارم‬ ‫بأفعال‬ ‫الملك‬ ‫عرش‬ ‫أ‬ ‫تبو‬ ‫منذ‬ ‫شرع‬ ‫‪‬وقد‬ ‫قال‪:‬‬ ‫إلى ذلك حين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن األحداث‬ ‫ص‪.14 .‬‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الدر‬ ‫العقود‬ ‫ة‪،‬‬ ‫والخارجي‬ ‫ة‬ ‫الداخلي‬ ‫المملكة‬ ‫أحوال‬ ‫إلصالح‬ ‫ّ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمكنه من إجراء اإلصالحات الضرورية للنهوض‬ ‫كانت أكبر من هذا السلطان‪ ،‬فلم ّ‬ ‫وتمكنت من عزله ّثم قتله‪.‬‬ ‫بالدولة‪ ،‬وتآمرت عليه المعارضة ّ‬ ‫‪ 1108‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪162 .‬؛‬ ‫‪Choueiri, Arab history and the nation-state p. 35–36; Iggers, Wang,‬‬ ‫‪Mukherjee, A Global History of Modern Historiography, p. 94.‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.14–6 .‬‬ ‫‪ 1109‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬


‫إلى المعلومات المتوافرة آنذاك‪ ،‬فأشار إلى نظام التربية والمدارس‬ ‫ساطعا على بزوغ عصر جديد‪.110‬‬ ‫دليال‬ ‫التبشيرية والمحلّ ّية بوصفها ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مصادر الكتاب‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.120–106 .‬‬ ‫‪ 1110‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.184 .‬‬ ‫‪ 1111‬العقود ّ‬ ‫‪Baptistin Poujoulat, Voyage à Constantinople, dans l’Asie Mineur, en 1112‬‬

‫‪Mésopotamie, à Palmyre, en Syrie, en Palestine et en Egypte, Vol. II, Paris,‬‬ ‫‪1841; Jules David et Jean Yanosky, Syrie, ancienne et moderne, Paris, 1848.‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.131 ،122 ،80 ،64 ،59 .‬‬ ‫‪ 1113‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪.64 ،‬‬ ‫‪ 1114‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪31‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫الفن‬ ‫في خاتمة كتابه يقول مطر‪ :‬هذا ما قدرت أن أجمعه من مقتضيات ّ‬ ‫من فضالت أدبا وأكارم األعصر الغابرة‪ .111‬إذا هو حاول العودة إلى المصادر‬ ‫التعرف إلى بعضها‪.‬‬ ‫والمراجع المتوافرة بين يديه‪ ،‬وتتيح قراءة الكتاب ّ‬ ‫فرنسيين رئيسين‪ ،‬هما‬ ‫بقوة إلى مصدرين‬ ‫يستند الكتاب في جزء منه ّ‬ ‫ّ‬ ‫بوجوال في كتابه ‪‬رحلة إلى القسطنطينية‪ ،‬في آسيا الصغرى‪ ،‬وبالد ما بين‬ ‫النهرين‪ ،‬وتدمر في سورية‪ ،‬وفلسطين ومصر‪ ‬الصادر في العام ‪،1841‬‬ ‫وجول دافيد وجان يانوسكي في كتابهما ‪‬سورية‪ ،‬القديمة والحديثة‪‬‬ ‫الصادر في العام ‪.1121848‬‬ ‫يطلق على بوجوال اسم ‪‬السايح الفرنساوي الشهير‪ ‬و‪‬أحد السياح‬ ‫المشهورين‪ ‬و‪‬السائح المشهور‪ ،113‬وهي التسمية الشائعة للرحالة في‬ ‫القرن التاسع عشر‪ .‬ويذكر كتابه باسم ‪‬سياحة الشرق‪.114‬‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫منظر عام لساحل بيروت في القرن التاسع عشر‬


‫‪32‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫ويستند مطر إلى كتاب آخر لبوجوال هو ‪‬مراسالت الشرق‪ ‬باالشتراك‬ ‫المؤرخ‬ ‫مع‬ ‫لكنه لم يعتمد عليه‬ ‫الفرنسي الشهير جوزف فرنسوا ميشو‪ّ ،115‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مرة واحدة‪.‬‬ ‫سوى ّ‬ ‫المهم‬ ‫ّأما كتاب ‪‬سورية‪ ،‬القديمة والحديثة‪ ‬فهو‪ ،‬في رأيي‪ ،‬الدافع‬ ‫ّ‬ ‫حد بعيد‪ ،‬ويذكره‬ ‫لوضع مطر كتابه الذي ما هو ّإال نسخة مطابقة له إلى ّ‬ ‫أحيانً‬ ‫ا باسم‬ ‫في معظم األحيان باسم ‪‬مؤلّ ف سورية‪ ،116‬فيما يورده‬ ‫‪‬داود‬ ‫المؤرخ‪ 117‬أو ‪‬داود في تاريخه‪ ،118‬أو ‪‬مؤلّ ف تاريخ سورية‪ 119‬أو‬ ‫ّ‬ ‫‪120‬‬ ‫ـ ‪‬المؤرخ المدقق في أحوال البالد‬ ‫‪‬صاحب سورية‪ . ‬ويصف دافيد ب‬ ‫ّ‬ ‫‪121‬‬ ‫الشرقية‪ ‬أو ‪‬في أحوال‬ ‫جدا بما يورده‬ ‫الشرقيين‪ ، ‬ما يعني أنه كان يثق ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في مؤلفه الذي يصفه بالكتاب الشهير‪.122‬‬ ‫أيضا جان دي الروك (‪)1745–1661‬‬ ‫من بين مصادره‬ ‫الغربية المشهورة ً‬ ‫ّ‬ ‫في كتابه ‪‬رحلة إلى سورية وجبل لبنان‪ ‬في أواخر القرن السابع عشر‪،‬‬ ‫الصادر في باريس في العام ‪ ،1231722‬وفولني (‪ )1820–1757‬في كتابه‬ ‫‪‬رحلة إلى سورية ومصر في السنوات ‪ ،1784 ،1783‬و‪ 1785‬الصادر‬ ‫في العام ‪ ،1241787‬وميشو (‪ )1839–1767‬في كتابه ‪‬تاريخ الصليبيين‪‬‬ ‫الصادر في العام ‪ ،1251825‬وشاتوبريان (‪ )1848–1768‬الذي زار الشرق‬ ‫بين ‪ ،1807–1806‬وصدر كتابه في باريس في العام ‪.1261811‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪87 .‬؛‬ ‫‪ 1115‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪Michaud, Poujoulat, Correspondance d’Orient, 1830–1831, IV, Paris, 1834.‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪،90 ،88 ،86 ،64 ،57 ،52 ،48 ،46 ،45 ،27 ،15 .‬‬ ‫‪ 1116‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪.131 ،129 ،121 ،104 ،103 ،91‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.90 ،45 .‬‬ ‫‪ 1117‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.46–45 .‬‬ ‫‪ 1118‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.15 .‬‬ ‫‪ 1119‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.153 .‬‬ ‫‪ 1120‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.90 ،45 .‬‬ ‫‪ 1121‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.121 ،45 .‬‬ ‫‪ 1122‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.102 .‬‬ ‫‪ 1123‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.182 ،181 ،174 ،168 ،157 ،59 ،48 .‬‬ ‫‪ 1124‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.102 ،98 ،86 .‬‬ ‫‪ 1125‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .179 ،173 ،168 .‬وكتاب شاتوبريان يحمل عنوان‬ ‫‪ 1126‬مطر‪ ،‬العقود‬ ‫ّ‬ ‫‪.L’Itinéraire de Paris à Jérusalem‬‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫‪ 1127‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.165 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪،93 ،89 ،87 ،86 ،84 ،82 ،77 ،52 ،48 ،47 ،16 ،5 .‬‬ ‫‪ 1128‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪.180 ،96‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.54 .‬‬ ‫‪ 1129‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.63 .‬‬ ‫‪ 1130‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.54 .‬‬ ‫‪ 1131‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.96 ،50 ،49 .‬‬ ‫‪ 1132‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.55 ،33 .‬‬ ‫‪ 1133‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.183 .‬‬ ‫‪ 1134‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.99 ،84 .‬‬ ‫‪ 1135‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.106 .‬‬ ‫‪ 1136‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪33‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫مثال‪ ،‬التي استند‬ ‫أن الكتابات األخرى‪ ،‬كالمصادر العربية ً‬ ‫يرى هافمان ّ‬ ‫‪127‬‬ ‫إليها مطر‪ ،‬ال يمكن‬ ‫إن ما يزعمه هافمان غير صحيح‪،‬‬ ‫التعرف إليها ‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن معظم المصادر العربية التي ذكرها مطر كانت منشورة ّ‬ ‫واطلع عليها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪128‬‬ ‫منها كتاب ‪‬تقويم البلدان‪ ‬ألبي الفداء الصادر في العام ‪ . 1840‬وقد‬ ‫كثيرا من المستشرقين‬ ‫أن‬ ‫أثنى على مؤلّ فات أبي الفداء‪،‬‬ ‫مشيرا إلى ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫السورية في االطالع على‬ ‫األوروبيين كانوا يرغبون ّإبان زيارتهم البالد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حد قوله‪ ،‬إلى درجة أن جول دافيد‬ ‫على‬ ‫وموضوعيته‪،‬‬ ‫معلوماته‬ ‫ة‬ ‫لدقّ‬ ‫كتبه‬ ‫ّ‬ ‫‪129‬‬ ‫‪‬أطال البحث به عن أحوال الشرقيين‪ ‬وأطنب بمديح أبي الفداء ‪.‬‬ ‫كذلك ّ‬ ‫الحموي‪ ،‬منها مؤلفه المشهور ‪‬معجم‬ ‫اطلع على مؤلفات ياقوت‬ ‫ّ‬ ‫البلدان‪ ،130‬وقد وجده في ‪ 10‬آذار ‪ 1874‬في مكتبة راغب باشا بدار‬ ‫مكتوبا بخطّ اليد‪ ،‬فطالع بضع صفحات منه‪ .‬وتناهى‬ ‫العلية‬ ‫الخالفة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النمساوية واهلل أعلم‬ ‫البالد‬ ‫عاصمة‬ ‫نا‬ ‫في‬ ‫في‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫‪‬أنه‬ ‫مسمعه‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪131‬‬ ‫وضعا والمفترق‬ ‫بالصواب ‪ .‬واستند إلى كتاب ياقوت اآلخر ‪‬المشترك‬ ‫ً‬ ‫صقعا‪ ‬الصادر في العام ‪.1321846‬‬ ‫ً‬ ‫اإلصطخري صاحب ‪‬مسالك‬ ‫أيضا‪،‬‬ ‫من مصادره‬ ‫العربية المعروفة ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪133‬‬ ‫الممالك‪ ‬المطبوع في العام ‪ 1870‬؛ وابن حوقل في كتابه ‪‬صورة‬ ‫األرض‪ ،‬الصادر في العام ‪1341873‬؛ وابن ّ‬ ‫بطوطة في كتابه ‪‬تحفة النظار‬ ‫في غرائب األمصار وعجائب األسفار‪ ‬الصادر في باريس في العام ‪1853‬‬ ‫مع ترجمة فرنسية‪135‬؛ وابن الحريري في أحد كتابيه ‪‬منتخب الزمان في‬ ‫تاريخ الخلفاء والعلماء واألعيان‪ ‬أو ‪‬اإلعالم والتبيين في خروج الفرنج‬ ‫المالعين على بالد المسلمين‪136‬؛ والمقريزي في كتابه ‪‬الخطط‪ ‬الصادر‬


‫‪34‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫في العام ‪1371835‬؛ و‪‬تاريخ مختصر الدول‪ ‬البن العبري‪ ،‬الصادر في العام‬ ‫‪ 1663‬في أوكسفورد بالعربية والالتينية ‪ ،138‬و‪‬تاريخ األزمنة‪ ‬للدويهي‪،139‬‬ ‫الوضية في الكرة األرضية‪ ‬لفانديك الصادر في العام ‪،1401852‬‬ ‫و‪‬المرآة‬ ‫ّ‬ ‫ردا على األسئلة واألجوبة الممضاة باسم السيد البطريرك‬ ‫و‪‬الدر المنظوم ً‬ ‫ّ‬ ‫‪141‬‬ ‫مكسيموس مظلوم‪ ،‬للبطريرك بولس مسعد‪ ،‬الصادر في العام ‪، 1863‬‬ ‫‪142‬‬ ‫تباعا في مجلّ ة‬ ‫و‪‬جواهر ياقوت في تاريخ بيروت‪ ، ‬وهي مقاالت نشرها ً‬ ‫المؤرخ داوود كنعان وغيرها‪.‬‬ ‫‪‬الجنان‪‬‬ ‫ّ‬ ‫‪143‬‬ ‫مؤرخين قدامى‪ ،‬منهم سترابون ‪ ،‬لكنه لم‬ ‫يعتمد مطر ً‬ ‫أيضا على ّ‬ ‫استنادا‬ ‫يطلع عليه‪ ،‬إنما يذكر ما يورده دافيد ويانوسكي من معلومات‬ ‫ً‬ ‫‪147‬‬ ‫اليهودي‪ ،145‬وبلينس‪ ،146‬وتيودوريتس ‪ ،‬ووليم‬ ‫المؤرخ‬ ‫إليه‪ ،144‬ويوسيفوس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصوري‪ ،148‬وغيرهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إذً ا لقد اطلع مطر على عدد كبير من كتب التاريخ‪ ،‬كما يتبين من المصادر‬ ‫التي اعتمد عليها‪ ،‬إلى درجة أنّ ه ُشغف بهذا العلم‪ ،‬بحيث يتجلّ ى ذلك في عدد‬ ‫ّ‬ ‫المحطات‪ ،‬إذا جاز التعبير‪ ،‬يوردها في سياق روايته لألحداث‪،‬‬ ‫من الجمل‬ ‫يستدل من التواريخ‪ ،‬و‪‬غير‬ ‫منها‪ :‬ال يخفى لمطالعي التاريخ‪ ،‬و‪‬حسبما‬ ‫ّ‬ ‫أن التاريخ أخبرنا‪ ،‬و‪‬من طالع التاريخ‪ ،‬و‪‬وقد أخبر التاريخ‪ ،‬و‪‬ذُ ِكر في‬ ‫ّ‬ ‫‪149‬‬ ‫جي ًدا كتب التاريخ‪.  ‬‬ ‫التاريخ‪ ،‬و‪‬من مطالعة التواريخ‪ ،‬و‪‬من طالع ّ‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.105 ،88 ،86 ،84 .‬‬ ‫‪ 1137‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.105 ،102 ،98 ،95 ،53 .‬‬ ‫‪ 1138‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.102 ،89 ،84 ،53 .‬‬ ‫‪ 1139‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1140‬مطر‪ ،‬العقود الدرية‪ ،‬ص‪.160 ،154 ،92 ،49 ،33 .‬‬ ‫‪ 1141‬مطر‪ ،‬العقود الدرية‪ ،‬ص‪.95 ،94 .‬‬ ‫‪ 1142‬مطر‪ ،‬العقود الدرية‪ ،‬ص‪.110 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.107 ،104 ،103 ،97 ،15 .‬‬ ‫‪ 1143‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪David et Yanosky, Syrie, ancienne et moderne, vol. I, p. 1. 1144‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.163 ،156 ،107 ،94 ،52 .‬‬ ‫‪ 1145‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.178 ،90 ،85 .‬‬ ‫‪ 1146‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.86 .‬‬ ‫‪ 1147‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.180 .‬‬ ‫‪ 1148‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪،174 ،135 ،130 ،86 ،77 ،76 ،73 ،53 ،19 ،18 ،‬‬ ‫‪ 1149‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪.182‬‬


‫منهجيته‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.164 ،121 ،34 .‬‬ ‫‪ 1150‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.102 ،98 ،86 .‬‬ ‫‪ 1151‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪،51 ،50 ،49 ،48 ،46 ،35 ،33 ،32 ،27 ،23 ،15 .‬‬ ‫‪ 1152‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪،132 ،131 ،128 ،108 ،106 ،105 ،104 ،103 ،102 ،95 ،91 ،98 ،88 ،78 ،57 ،55‬‬ ‫‪.184 ،180 ،163 ،150 ،133‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.153 ،121 ،101 .‬‬ ‫‪ 1153‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.94 .‬‬ ‫‪ 1154‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.72 .‬‬ ‫‪ 1155‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.105 .‬‬ ‫‪ 1156‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.54 ،52 ،28 .‬‬ ‫‪ 1157‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.45 .‬‬ ‫‪ 1158‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪35‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫انطباعا على حسن التأليف‪ ،‬ال من حيث‬ ‫ال يعطي النص بمجمله‬ ‫ً‬ ‫الشكل وال من حيث المضمون‪ .‬ومن حيث المنهجية والدقة التقنية وصحة‬ ‫النص نقاط وقف أو حواشي‪.‬‬ ‫يتضمن‬ ‫االستشهادات فهو غير دقيق‪ .‬وال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منهجيا‪ ،‬يكتفي مطر بإيراد عناوين الكتب دون ذكر أسماء مؤلفيها إال‬ ‫ًّ‬ ‫أن تاريخ النشر غير موجود‪ .‬يذكر ‪‬القاموس العمومي‪‬‬ ‫ندر‪،‬‬ ‫فيما‬ ‫علما ّ‬ ‫ً‬ ‫‪‬الهمام الفاضل بوليه صاحب‬ ‫هو‬ ‫مؤلفه‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫يشير‬ ‫أن‬ ‫قبل‬ ‫تين‪،‬‬ ‫مر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪150‬‬ ‫القاموس العمومي المشهور‪ . )Poulet-Delsalle( ‬ويشير إلى ميشو في‬ ‫للمرة األولى‪ ،‬ثم يورده من دون ذكر مؤلفه‪ ،‬قبل أن يذكره‬ ‫تاريخ الصليبيين ّ‬ ‫‪151‬‬ ‫المؤرخين‬ ‫في المرة الثالثة مع عنوان مؤلفه والمجلد ‪ .‬ويغفل بكثرة أسماء‬ ‫ّ‬ ‫الذين يستند إليهم‪ .152‬وال يحيل القارئ إلى الصفحات التي استقى منها‬ ‫حدد فيها الصفحات التي استند إليها في‬ ‫مرات ثالث ّ‬ ‫معلوماته‪ ،‬باستثناء ّ‬ ‫‪154‬‬ ‫‪153‬‬ ‫ومرة في‬ ‫كتاب دافيد ويانوسكي ‪ّ ،‬‬ ‫ومرة في كتاب ‪‬الدر المنظوم‪ّ ، ‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪155‬‬ ‫ومرة في كتاب الكوبان ‪.‬‬ ‫كتاب هنريون ‪ّ ،‬‬ ‫حين يعجز عن تأكيد صحة حدث ما‪ ،‬يورد الروايات المتعلقة به من‬ ‫مكتفيا بإيراد عبارة ‪‬واهلل أعلم‬ ‫تاركا للقارئ االستنتاج‪،‬‬ ‫يتبناها‪ً ،‬‬ ‫دون أن ّ‬ ‫ً‬ ‫‪158‬‬ ‫‪157‬‬ ‫بالصواب‪ ‬أو ‪‬واهلل أعلم‪. ‬‬ ‫مثال حين يتحدث عن صيدا‪،‬‬ ‫زمنيا في رواية الحدث‪ ،‬فهو ً‬ ‫ال تسلسل ً‬ ‫أن سكانها اشتهروا في العهد الفينيقي بالتجارة وسفر البحر‬ ‫يذكر ّ‬ ‫باألرجوان‪ ،‬ثم ينتقل إلى الحديث عن تدمير المدافع اإلنكليزية لجانب من‬ ‫سورها وقالعها في العام ‪ ،1840‬قبل أن يعاود الحديث عن تاريخها القديم‬


‫‪36‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫وفتح ابوابها لالسكندر المقدوني‬ ‫شلمنصر األشوري‬ ‫ّثم سيطرة‬ ‫ّ‬ ‫‪159‬‬ ‫عليها في العام ‪ 720‬ق‪.‬م ‪.‬‬ ‫أن مطر قد ألّ ف كتابه في‬ ‫يبدو ّ‬ ‫اسطنبول في غضون مدة وجيزة‪،‬‬ ‫ربما أراد من خالله أن يثبت ألحمد‬ ‫جودت باشا قدرته على التأليف‬ ‫في مجال التاريخ‪ ،‬وهذا ما دفعه‬ ‫إلى الوقوع في جملة من األخطاء‬ ‫المطبعية والمغالطات التاريخية‬ ‫ّ‬ ‫مدينة صيدا في العام ‪1890‬‬ ‫والتكرار والنواقص‪.‬‬ ‫مثال ذكره سقوط مدينة حلب بيد المغول في‬ ‫من األخطاء المطبعية ً‬ ‫سلمية (ص‪،)53 .‬‬ ‫بدال من‬ ‫بدال من ‪( 1260‬ص‪)30 .‬؛ وسليمة ً‬ ‫العام ‪ً 1206‬‬ ‫ّ‬ ‫بدال من ّبكيفا‪،‬‬ ‫حبابة (ص‪ ،)71 .‬وبكفيا ً‬ ‫والجارية حباة ً‬ ‫بدال من الجارية ّ‬ ‫بدال‬ ‫بدال من فسقية (ص‪ ،)74 .‬وجمال الدين أقوى (ص‪ً )105 .‬‬ ‫وفستقية ً‬ ‫بدال من‬ ‫من جمال الدين آقوش‪ ،‬وببارس (ص‪ )136 .‬وبيرس (ص‪ً )154 .‬‬ ‫بيبرس‪.‬‬ ‫أن الخليفة‬ ‫أما على صعيد المغالطات التاريخية‪ ،‬فهناك ً‬ ‫مثال ّ‬ ‫الفاطمي القائم تولّ ى الخالفة في العام ‪( 936‬ص‪ ،)9 .‬بينما هو خلف‬ ‫ّ‬ ‫المملوكية األولى أو‬ ‫المهدي في العام ‪934‬؛ وانقراض الدولة‬ ‫عبد اهلل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المماليك البحرية في العام ‪( 1381‬ص‪ ،)10 .‬بينما هي انتهت في العام‬ ‫‪ .1382‬وفي سنة ‪ 1259‬قتل هوالكو بن تولي بن جنكزخان ملك التتر‬ ‫وبيين في ّبر الشام‪‬‬ ‫األيوبي آخر ملوك ّ‬ ‫الملك الناصر صالح الدين ّ‬ ‫األي ّ‬ ‫إن من قُ تل هو الناصر يوسف الذي تولى الحكم في حلب بعد‬ ‫(ص‪ّ .)10 .‬‬ ‫وفاة والده الملك العزيز غياث الدين محمد في العام ‪ ،1236‬وكان مقتله‬ ‫في العام ‪.1260‬‬ ‫بعد حديثه عن إنجازات سليم األول في بالد الشام‪ ،‬يذكر أنه توفي في‬ ‫العام ‪ ،1566‬وخلفه السلطان سليم الثاني الذي توفي سنة ‪ ،1574‬وقام‬ ‫أن السلطان سليم توفي في العام‬ ‫علما ّ‬ ‫مقامه ولده مراد الثالث (ص‪ً .)11 .‬‬ ‫األول الذي توفي في العام ‪ ،1566‬وتاله سليم الثاني‬ ‫‪ ،1520‬وخلفه سليمان ّ‬ ‫حتى العام ‪.1574‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.121–120 .‬‬ ‫‪ 1159‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬ ‫‪37‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫ويعيد استيالء العثمانيين على حلب إلى العام ‪( 1517‬ص‪،)30 .‬‬ ‫السورية في العام ‪( 1517‬ورد في الكتاب ‪)1507‬‬ ‫وافتتاحهم البالد‬ ‫ّ‬ ‫أنّ‬ ‫سابقا (ص‪ )11 .‬فتح سورية في العام ‪.1516‬‬ ‫ذكر‬ ‫ه‬ ‫علما‬ ‫ً‬ ‫(ص‪ً ،)30 .‬‬ ‫المملوكي طومان باي‬ ‫األول حارب السلطان‬ ‫كذلك يذكر ّ‬ ‫أن السلطان سليم ّ‬ ‫ّ‬ ‫توجه نحو القاهرة وأخذ المدينة وأمر بشنق‬ ‫سنة ‪ 1514‬في بالد الشام‪ّ ،‬ثم ّ‬ ‫طومان باي سنة ‪( 1517‬ص‪ ،)10 .‬بينما ذكر (ص‪ )11 .‬أنه قتله سنة‬ ‫تصدى للعثمانيين في بالد الشام هو السلطان‬ ‫إن من‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1516‬في الواقع ّ‬ ‫قانصوه الغوري الذي قتل في معركة مرج دابق في العام ‪ ،1516‬ثم طومان‬ ‫باي في معركة الريدانية في مصر في العام ‪.1517‬‬ ‫بدال‬ ‫من المغالطات التاريخية ثورة اإلنكشارية ضد السلطان سليم األول ً‬ ‫مرة‬ ‫من سليم الرابع (ص‪)13 .‬؛ واسترجاع الصليبيين أنطاكية من المسلمين ّ‬ ‫في العام ‪( 1068‬ص‪ )26 .‬ومرة في العام ‪( 1098‬ص‪ ،)41 .‬والتاريخ األخير‬ ‫جنودا الفتتاح سورية‪،‬‬ ‫هو الصحيح؛ وإرسال الخليفة عبداهلل في العام ‪632‬‬ ‫ً‬ ‫فافتتحوا بعد الحصار دمشق ّثم بعلبك وحمص وحلب وأورشليم وقيسارية‬ ‫وأنطاكية فكانت دمشق إذ ذاك عاصمة سورية وانتقلوا إلى بغداد (ص‪.)81 .‬‬ ‫الصديق (‪ )644–632‬الذي كان اسمه‬ ‫إن الخليفة المقصود هو أبو بكر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عبداهلل‪ ،‬وهو يغفل ذكر فتح طرابلس وجبيل وبيروت وصور وصيدا وعرقا‪.‬‬ ‫أن دمشق كانت عاصمة سورية ثم انتقل العرب إلى بغداد‪،‬‬ ‫وحين يشير إلى ّ‬ ‫فهو بذلك لم يشر إلى سقوط الدولة األموية على يد العباسيين في العام ‪750‬‬ ‫وجعلهم بغداد عاصمة لهم‪ّ .‬ثم يشير إلى أن الصليبيين استخلصوا أورشليم‬ ‫(القدس) من المسلمين في العام ‪( 749‬ص‪ ،)81 .‬في حين أنها سقطت‬ ‫الحقا (ص‪.)88 ،86 .‬‬ ‫بيدهم في العام ‪ ،1099‬وهذا ما يؤكده ً‬ ‫أن سقوط عكا (سنة ‪ )1291‬كان بيد الملك‬ ‫كذلك يخطئ حين يذكر ّ‬ ‫أن األشرف هو‬ ‫األشرف ابن الملك الظاهر برقوق (ص‪ ،)130 .‬في حين ّ‬ ‫نجل السلطان المنصور قالوون‪ .‬ثم ال يلبث أن يذكر أن األشرف خليل هو‬ ‫نجل قالوون (ص‪ .)136 .‬ويضيف (ص‪ )130 .‬أن المماليك الجراكسة‬ ‫أخذوا عكا من الصليبيين‪ ،‬بينما هي سقطت بيد المماليك البحرية‪ .‬وحين‬ ‫يتحدث عن أعمال المنصور قالوون (ويورده باسم كلهون) يذكر أنه هدم‬ ‫طرابلس بأسرها في العام ‪ 1280‬وأقام غيرها (ص‪ ،)136 .‬والمعروف أن‬ ‫قالوون فتح طرابلس في العام ‪ .1289‬وفي حديثه عن جبل لبنان يشير إلى‬ ‫أن جبل عامل هو ‪‬الكاين فوق مدينة طرابلس‪( !‬ص‪.)137 .‬‬ ‫ّ‬ ‫أن بشير الثاني خلف األمير بشير الشهابي الكبير‬ ‫أيضا ّ‬ ‫ويخطئ ً‬ ‫المعروف ببشير الثاني (ص‪ ،)147 .‬والصحيح هو بشير الثالث الذي‬ ‫اشتهر بـ ‪‬أبو طحين‪.‬‬


‫األول بالد‬ ‫أما التكرار فقد وقع فيه غير ّ‬ ‫مرة‪ ،‬منه فتح السلطان سليم ّ‬ ‫الشام ومصر في العام ‪ 1516‬و‪( 1517‬ص‪ ،)11 ،10 .‬وعدد السكان في‬ ‫سورية (ص‪ ،)26 ،20–19 .‬وظهور صيدا عن بعد كعمارة عائمة على وجه‬ ‫البحر العجاج (ص‪ ،)123 ،122 .‬وبناء جسر نهر الكلب في العام ‪1292‬‬ ‫طبعا‬ ‫على يد سيف الدين أرقطاي المنصوري (ص‪ ،)139 ،79 .‬والمقصود ً‬ ‫المنصوري ‪.160‬‬ ‫هو نائب طرابلس سيف الدين ابن الحاج أرقطاي‬ ‫ّ‬ ‫يتحدث عن بالد الشقيف‬ ‫كذلك ال يخلو الكتاب من النواقص‪ ،‬فحين‬ ‫ّ‬ ‫فاضال اسمه عبد اهلل نعمة‪ ،‬وهو‬ ‫عالما‬ ‫أن فيها‬ ‫(ص‪)149 .‬‬ ‫ً‬ ‫مشيرا إلى ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ذو مقام عند الشيعة‪ ،‬ومن نظمه إذ أرسل له أحد الشعراء قصيدة‬ ‫مطلعها‪ ،...‬ال يذكر مطلع القصيدة‪.‬‬ ‫المملوكي؟‬ ‫كيف أرّخ للبنان الوسيط في العهد‬ ‫ّ‬

‫‪38‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫المملوكي من العام ‪ 1260‬حتى العام‬ ‫خضعت بالد الشام ومصر للحكم‬ ‫ّ‬ ‫العثمانيين عليهم في معركة مرج دابق في‬ ‫‪ ،1517‬وانتهى حكمهم بانتصار‬ ‫ّ‬ ‫الريدانية في العام ‪.1517‬‬ ‫العام ‪ّ ،1516‬ثم في معركة‬ ‫ّ‬ ‫في سياق حديثه عن تاريخ سورية‪ ،‬يذكر مطر أن ّأول ملك في دولة‬ ‫المماليك الجراكسة هو الملك الظاهر برقوق بن عبداهلل بن أنس بن‬ ‫بردبك (‪ )1389–1382‬وكان يدعى ألطنبغا‪ ،‬وهو الذي أقام يعقوب بن‬ ‫جبة بشري‪ .‬يعتمد مطر على الدويهي من دون‬ ‫ّأيوب التركماني‬ ‫حاكما على ّ‬ ‫ً‬ ‫أن يذكره‪ .‬وكان برقوق في أواخر القرن الرابع عشر قد دخل في صراع مع‬ ‫بشري وأقام الشدياق يعقوب‬ ‫بزي‬ ‫نائب دمشق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫صوفي وقدم إلى ّ‬ ‫فتخفى ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪161‬‬ ‫مقد ًما ‪.‬‬ ‫بن ّأيوب ّ‬ ‫ويضيف في أخباره عن برقوق‪ ،‬اضطرام نيران الحرب بين جنوده‬ ‫وتركمان كسروان أن في سنة ‪ ،1388‬فدارت الدائرة على التركمان ورفرف‬ ‫الظاهرية‪ ،‬وكانت الموقعة في جورة‬ ‫نسر االنتصار على رؤوس الجنود‬ ‫ّ‬ ‫غربي زوق ميكائيل من أعمال جبل لبنان‪ .162‬ال يضع مطر الحدث‬ ‫منطاش‬ ‫ّ‬ ‫غافال ذكره‪ .‬تاريخ لبنان مع‬ ‫معتمدا على الدويهي‬ ‫في إطاره التاريخي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بداية حكم المماليك الجراكسة في أوخر القرن الرابع عشر‪ ،‬كان يدور‬ ‫المملوكية‪ .‬وكان في طليعة الفتن عصيان‬ ‫المملوكية‬ ‫في فلك الصراعات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 1160‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪ ،152 .‬وط‪ .‬فهد‪ ،‬ص‪.274 ،273 .‬‬ ‫‪ 1161‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪ ،190 .‬وط‪ .‬فهد ص‪.328 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.10 .‬‬ ‫‪ 1162‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫ّ‬ ‫القطار‪ ،‬لبنان الوسيط‪ ،‬ص‪.128–121 .‬‬ ‫‪ 1163‬‬ ‫أيضا صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪،‬‬ ‫‪ 1164‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ص‪ .326 .‬وانظر ً‬ ‫ص‪.214 .‬‬ ‫‪ 1165‬القطار‪ ،‬لبنان الوسيط عهد السالطين المماليك‪ ،‬ص‪.368 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪143 .‬؛ أنظر الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪،‬‬ ‫‪ 1166‬مطر‪ ،‬العقود‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.190 .‬‬ ‫‪ 1167‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.29 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.73 .‬‬ ‫‪ 1168‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪39‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫نائب ملطية تمربغا‪ ،‬المعروف بمنطاش‪ ،‬على السلطان الظاهر برقوق في‬ ‫وعم‬ ‫العام ‪ّ ،1387‬ثم انضمام يلبغا‬ ‫الناصري‪ ،‬نائب حلب‪ ،‬إلى العصيان‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫العصيان حماه وبعلبك‪ ،‬وأيدته عشائر التركمان والعرب‪ ،‬إضافة إلى حلب‬ ‫‪163‬‬ ‫يؤيدون حركة العصيان‪ .‬وبالعودة إلى‬ ‫وطرابلس ‪ .‬وكان تركمان كسروان ّ‬ ‫رواية الدويهي‪ ،‬تحقيق األباتي بطرس فهد‪ ،‬فإن الوقعة في جورة منطاش‬ ‫حصلت بين تركمان كسروان وأمراء الغرب البحتريين التنوخيين الذين‬ ‫وسمروا‬ ‫نفرا‪ ،‬وأمسكوا جماعة‬ ‫انهزموا وقتل منهم التركمان نحو تسعين ً‬ ‫ّ‬ ‫ووسطوا بعضهم اآلخر‪ ،‬ونهبوا ما وجدوا لهم في بيروت‪ ،‬وأحرقوا‬ ‫بعضهم ّ‬ ‫‪164‬‬ ‫أن جنود الظاهر برقوق لم يشاركوا‬ ‫عددا من قراهم ‪ .‬أضف إلى ذلك ّ‬ ‫ً‬ ‫في هذا القتال ألنهم كانوا يخوضون موقعة شقحب بين برقوق وأعدائه‪،‬‬ ‫السلطان حاجي (‪ )1389–1388/1382–1381‬ونائبي حلب وملطية‪ ،‬وكان‬ ‫أيضا‪.165‬‬ ‫أمراء الغرب منشغلين بتلك الموقعة ً‬ ‫أيضا‪ ،‬يورد أنهم كانوا في ذوق‬ ‫في إطار حديثه عن األمراء التركمان ً‬ ‫مكايل في عهد السلطان سليم الذي أقامهم هناك خوفً ا من إغارة الفرنج‬ ‫إن المماليك هم من أسكنوهم هناك بعد‬ ‫مرة ثانية‪ .166‬في الحقيقة ّ‬ ‫عليها ّ‬ ‫إقطاعا في العام ‪ ،1306‬مشترطين‬ ‫الحمالت على كسروان‪ ،‬ومنحوهم‬ ‫ً‬ ‫خيال لتأمين الحماية لميناء بيروت‬ ‫عليهم تقديم خدمة عسكرية من ‪ّ 300‬‬ ‫حتى حدود نيابة طرابلس‪.167‬‬ ‫وللطرق‬ ‫المؤدية إليه ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬يستهلها بتحديد الموقع‬ ‫يخصص مطر صفحات للمدن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل منها منذ القديم حتى ّأيامه‪،‬‬ ‫تاريخ‬ ‫يستعرض‬ ‫ثم‬ ‫مدينة‪،‬‬ ‫لكل‬ ‫الجغرافي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫زمني منتظم‪.‬‬ ‫تسلسل‬ ‫أو‬ ‫ترابط‬ ‫أي‬ ‫من دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫دمر‬ ‫يدرج بعلبك ضمن مدن سورية‪،‬‬ ‫مكتفيا بذكر السيل الهاطل الذي ّ‬ ‫ً‬ ‫‪168‬‬ ‫أن هذا‬ ‫السور وهدم قسما من المدينة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫علما ّ‬ ‫مهمال تاريخ حصوله ‪ً ،‬‬ ‫السيل اجتاح بعلبك في العام ‪ ،1317‬وغمرت المياه المدينة وقضت على‬


‫‪40‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫أضرارا جسيمة في األرزاق والممتلكات‪ّ .169‬ثم‬ ‫سكانها‪ ،‬وأحدثت‬ ‫بعض ّ‬ ‫ً‬ ‫‪170‬‬ ‫لكن أهلها هربوا‬ ‫يشير إلى فتحها من قبل تيمورلنك في العام ‪ّ ، 1401‬‬ ‫خوفً ا بنسائهم ومواشيهم بعدما تناهت إلى مسامعهم المجازر التي ارتكبها‬ ‫تيمورلنك في حلب‪ ،‬وإيذاء السكان في دمشق‪.171‬‬ ‫باالنتقال إلى الحديث عن بعض المدن اللبنانية‪ ،‬فإنه يدرجها ضمن‬ ‫وعكار والضنية التي لم يورد عنها أي أحداث تعود‬ ‫إقليم فينيقية‪ ،‬منها عرقا ّ‬ ‫إلى العهد المملوكي‪ ،172‬وطرابلس التي ينقل ما قاله عنها أبو الفداء في‬ ‫يحدد موقعها على ساحل البحر‪ ،‬وافتتاحها من‬ ‫كتابه ‪‬تقويم البلدان‪ ،‬إذ ّ‬ ‫قبل المماليك في العام ‪ 1289‬وتخريبها‪ ،‬وبناءهم على بعد ميل منها مدينة‬ ‫أخرى باسمها‪ ،‬وكثرة األشجار والبساتين وقصب السكر فيها‪ ،‬وبينها وبين‬ ‫ميال‪ّ .173‬ثم يعود بالزمن إلى الوراء فينقل ما ذكره ابن العبري‬ ‫بعلبك ‪ً 54‬‬ ‫عن محاصرتها من قبل بيبرس البندقداري في العام ‪ 1264‬وانهزامه عنها‪،‬‬ ‫ليعود إلى ذكر فتحها على يد السلطان المنصور قالوون بمساعدة حسام‬ ‫الدين الجين وتشديده الحصار عليها وأخذها في ‪ 26‬نيسان من دون أن‬ ‫يذكر السنة‪،‬‬ ‫كثيرا ممن قدموا لنجدتها ومن رجالها‪.174‬‬ ‫ً‬ ‫مضيفا أنه قتل ً‬ ‫ويواصل كالمه على طرابلس بنقل ما أورده عنها ابن ّ‬ ‫مشيرا إلى‬ ‫بطوطة‬ ‫ً‬ ‫علما‬ ‫ّ‬ ‫أن الرحالة المذكور زار المدينة في أواسط الجيل الرابع عشر‪ً ،‬‬ ‫‪175‬‬ ‫أنّ ه قدمها في العام ‪ . 1326‬وينهي حديثه عن طرابلس بهجوم ملك‬ ‫كل من‬ ‫قبرص بطرس دي لوزينيان على االسكندرية في العام ‪ 1363‬بمعاونة ّ‬ ‫توجههم‬ ‫البندقية وفرسان رودس وبعض فرسان من أوروبا وإحراقها‪ ،‬ثم ّ‬ ‫إلى بالد الشام وتملكهم طرابلس من دون أن تثبت واليتهم فيها‪ .176‬يذكر أن‬ ‫الهجوم على طرابلس حصل في أيلول من العام ‪.1771367‬‬ ‫الفاخري‪ ،‬تاريخ‪427–422/2 ،‬؛ إبن كثير‪،‬‬ ‫‪ 1169‬البرزالي‪ ،‬المقتفي‪264–260/4 ،‬؛‬ ‫ّ‬ ‫البداية والنهاية‪.81/14 ،‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.72 .‬‬ ‫‪ 1170‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1171‬المقريزي‪ ،‬السلوك‪1057 ،1038/3 ،‬؛ ‪13/4‬؛ إبن تغري بردي‪ ،‬النجوم الزاهرة‪،‬‬ ‫‪151/13‬؛ الصيرفي‪ ،‬نزهة النفوس‪93/2 ،‬؛ إبن إياس‪ ،‬بدائع الزهور‪.603/2–1 ،‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.96–94 .‬‬ ‫‪ 1172‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .97–96 .‬وانظر أبو الفداء‪ ،‬تقويم البلدان‪ ،‬ص‪.253 .‬‬ ‫‪ 1173‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .99 .‬وانظر ابن العبري‪ ،‬تاريخ الزمان‪ ،‬ص‪.357 .‬‬ ‫‪ 1174‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.99 .‬‬ ‫‪ 1175‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .99 .‬وانظر ابن بطوطة‪ ،‬تحفة النظار‪.67–66/1 ،‬‬ ‫‪ 1176‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪Edbury, The Kingdom of Cyprus and the Crusades, p. 170; Hill, A 1177‬‬ ‫‪History of Cyprus, Vol. II, pp. 352–353.‬‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.106–105 .‬‬ ‫‪ 1178‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1179‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪.161–160 .‬‬ ‫‪ 1180‬إبن الحريري‪ ،‬كتاب منتخب الزمان‪368/2 ،‬؛ الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬فهد‪،‬‬ ‫ص‪.269 .‬‬ ‫‪ 1181‬القطار‪ ،‬لبنان الوسيط‪ ،‬ص‪.63 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.112 ،109 .‬‬ ‫‪ 1182‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪41‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫أن بعد‬ ‫وتدخل جبيل في سياق حديثه عن مدن إقليم فينيقية‪ ،‬فيذكر ّ‬ ‫استردها منه‬ ‫وبي‪،‬‬ ‫الصليبيون وبقيت تحت‬ ‫ّ‬ ‫سقوطها بيد صالح الدين ّ‬ ‫ّ‬ ‫األي ّ‬ ‫حكمهم إلى سنة ‪ ،1290‬إذ أخذها األشرف صالح الدين خليل الذي‬ ‫دك قلعة جبيل وهزم اإلفرنج منها في سنة‬ ‫غب هدم صيدا وبيروت قد ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمدوا باإلسعاف من تعدى عليهم‬ ‫أنهم‬ ‫الجبل‬ ‫سكان‬ ‫النصارى‬ ‫هم‬ ‫وات‬ ‫‪1302‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في ذاك األوان من اإلفرنج‪ ،‬فجمع جمال الدين آقوش العساكر الشامية‬ ‫مقدمي‬ ‫لمقاتلة النصارى ّ‬ ‫سكان الجبل وأهل كسروان وانتشبت بينهم وبين ّ‬ ‫مقدمو الموارنة كمينين أحدهما‬ ‫جنود الموارنة حرب عند جبيل فصنع ّ‬ ‫عددا‬ ‫وقتلوا‬ ‫المقدمون‬ ‫فغلب‬ ‫في وادي المدفون واآلخر في وادي الفيدار‬ ‫ً‬ ‫وافرا من العساكر فمن فر يقع في يد الكمينين فنهب وغزي‪ .‬روى ذلك‬ ‫ً‬ ‫ابن الحريري‪.178‬‬ ‫أن الدويهي‬ ‫يعتمد مطر في روايته على الدويهي‬ ‫ً‬ ‫علما ّ‬ ‫متجاهال ذكره‪ً ،‬‬ ‫هو من يستند إلى ابن‬ ‫عكا بيد األشرف خليل‬ ‫الحريري‪ .179‬فبعد سقوط ّ‬ ‫ّ‬ ‫أيضا في ذلك العام‪ ،‬ال في العام ‪ 1290‬كما‬ ‫في العام ‪ ،1291‬سقطت جبيل ً‬ ‫الشجاعي وطرد الفرنج منها وهدمها‬ ‫وتوجه إليها األمير َس ْن َجر‬ ‫يذكر مطر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ودك قلعتها‪ .180‬إذً ا لم يعد للفرنج وجود في جبيل بعد العام ‪ ،1291‬وبالتالي‬ ‫ّ‬ ‫فإن المماليك‬ ‫لم ُيهزموا منها في العام ‪ .1302‬أما الحملة على كسروان ّ‬ ‫الدويهي‪ ،‬الذي ينقل عنه‬ ‫وإن‬ ‫ّ‬ ‫شنوا ثالث حمالت‪ 1300 ،1292 :‬و‪ّ .1305‬‬ ‫ّ‬ ‫مطر‪ ،‬روايته مضطربة‪ ،‬فقد حاول التوفيق بين الروايات اإلسالمية من‬ ‫جهة والمارونية من جهة أخرى‪ ،‬وأخطأ بتحديد تاريخ الحملة فجعله في‬ ‫العام ‪ً 1302‬‬ ‫بدال من ‪ ،1292‬وأعطى لحملة ‪ 1292‬زعماء حملة ‪.1811300‬‬ ‫يتطرق إلى انتزاعها من الفرنج من قبل‬ ‫في تأريخه لمدينة بيروت‬ ‫ّ‬ ‫ودك قلعتها‪،‬‬ ‫السلطان األشرف خليل في العام ‪ ،1291‬وتهديمه أسوارها ّ‬ ‫وبقائها بيد المماليك البحرية والجركسية حتى العام ‪ .1517‬ثم يذكر‬ ‫إرسال الملك األشرف خليل األمير سنقر الشجاعي (ورد جياعي) في العام‬ ‫غب محاصرته إياها‬ ‫‪( 1290‬هكذا) على رأس فرقة من العسكر ففتحها ّ‬ ‫‪182‬‬ ‫يوحنا‬ ‫ودك قلعتها وجعل كنيسة ماري‬ ‫إن مصدره‬ ‫ّ‬ ‫وهدم سورها ّ‬ ‫جامعا ‪ّ .‬‬ ‫ً‬


‫‪42‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫لكن مطر أورد‬ ‫هو الدويهي الذي يستقي معلوماته من ابن الحريري‪ّ ،183‬‬ ‫إن أهل بيروت كانوا متمسكين بهدنة ثم احتالوا على‬ ‫الخبر‬ ‫مقتطعا‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ً‬ ‫شركا‪ ،‬فقضوا‬ ‫أمراء الغرب البحتريين المقيمين بالقرب منهم ونصبوا لهم ً‬ ‫غدرا‪ ،‬لهذا السبب قدم سنجر الشجاعي واستولى عليها في‬ ‫على أكثرهم ً‬ ‫‪184‬‬ ‫تقصد عدم ذكر تلك الحادثة‪ ،‬لئال‬ ‫العام ‪ 1291‬وأسر أهلها ‪ .‬كأنّ ني به ّ‬ ‫أن تداعيات أحداث ‪ 1860‬كانت ال تزال‬ ‫سيما ّ‬ ‫يثير المشاعر الطائفية‪ ،‬وال ّ‬ ‫حولت إلى جامع في العام ‪ ،1295‬فأورده مطر‬ ‫مؤثرة‪ّ .‬أما الكنيسة فقد ِّ‬ ‫بال تحديد السنة‪.‬‬ ‫تعرض بيروت في العام ‪ 1333‬لهجوم من قبل مراكب‬ ‫ويورد ً‬ ‫أيضا ّ‬ ‫الجنوية بقصد االستيالء على مركب للكتاالنيين‪ ،‬فكان ذلك سبب تكدير‬ ‫خاطر أمير األمراء على تركمان كسروان وأمراء التنوخيين‪ .185‬هذه الحادثة‬ ‫لكن مطر لم يكمل تفاصيلها‪،‬‬ ‫كل من صالح بن يحيى والدويهي‪ّ ،186‬‬ ‫يوردها ّ‬ ‫ومفادها أن نائب دمشق تنكز أهان أمراء الغرب (التنوخيين) وتركمان‬ ‫كسروان وذلك إلهمالهم مؤازرة العساكر في المحافظة على البالد‪ .‬ويبدو‬ ‫تعمد االكتفاء بذكر تكدر خاطر تنكز لئال يشير إلى ما يسيء إلى‬ ‫ّ‬ ‫أن مطر ّ‬ ‫أبناء وطنه على يد الغريب‪.‬‬ ‫بأن الطاعون ضرب بيروت في العام ‪ ،1343‬بينما كانت‬ ‫ويخطئ مطر ّ‬ ‫‪187‬‬ ‫أن الطاعون اجتاح‬ ‫المدينة عرضة لهذا الوباء في العام ‪ . 1349‬والمعروف ّ‬ ‫بالد الشام ومصر وآسيا وأوربا في ذلك العام‪ ،‬واشتهر باسم ‪‬الطاعون‬ ‫األسود‪ ،‬وقضى على أعداد كبيرة من الناس‪.‬‬ ‫استنادا إلى الدويهي‬ ‫ويكمل في التأريخ لبيروت في العهد المملوكي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫جديدا يتمثل بإرسال األمير‬ ‫تاريخيا‬ ‫من دون أن يذكره‪ ،‬فيرتكب خطأ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحماالت‬ ‫األتابكي األمير بيدمر‬ ‫يلبغا‬ ‫الخوارزمي إلى بيروت لعمار ُش َون ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن أمراء الغرب‬ ‫ومراكب عظيمة وإلتقان تحصينها وذلك في العام ‪ّ ،1345‬‬ ‫‪ 1183‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪.151 .‬‬ ‫‪ 1184‬إبن الحريري‪ ،‬كتاب منتخب الزمان‪368/2 ،‬؛ الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬فهد‪،‬‬ ‫ص‪.269–268 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.112 .‬‬ ‫‪ 1185‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1186‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪97 .‬؛ الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪،‬‬ ‫ص‪ ،172 .‬وط‪ .‬فهد‪ ،‬ص‪.304 .‬‬ ‫‪ 1187‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬صص‪.313–312 .‬‬


‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫الدر ّية‪ ،‬ص‪ .112 .‬أنظر الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪،‬‬ ‫‪ 1188‬مطر‪ ،‬العقود‬ ‫ّ‬ ‫ص‪178–177 .‬؛ وط‪ .‬فهد‪ ،‬ص‪ 311 .‬و‪.323‬‬ ‫‪ 1189‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.30 .‬‬ ‫‪ 1190‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪ ،186–185 .‬وط‪ .‬فهد‪ ،‬ص‪–322 ،311 .‬‬ ‫‪.323‬‬ ‫‪ 1191‬إبن سباط‪ ،‬صدق األخبار‪.723–722/2 ،‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.112 .‬‬ ‫‪ 1192‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫‪ 1193‬إبن سباط‪ ،‬صدق األخبار‪ .702–697/2 ،‬وانظر عن وفاة األمير ناصر الدين‬ ‫الحسيني‪ ،‬المقريزي‪ ،‬السلوك‪.835/2 ،‬‬ ‫‪ 1194‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪ ،180 .‬وط‪ .‬فهد‪ ،‬ص‪.314–313 .‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.112 .‬‬ ‫‪ 1195‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪43‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫إن إرسال نائب دمشق بيدمر‬ ‫يسكنون فيها للمحافظة‪ .188‬في الحقيقة‪ّ ،‬‬ ‫األول‬ ‫الخوارزمي ّتم في العام ‪ ،1367‬في إثر هجوم ملك قبرص بطرس ّ‬ ‫‪189‬‬ ‫على‬ ‫مرده‬ ‫ولعل الخطأ الذي وقع فيه مطر ّ‬ ‫االسكندرية في العام ‪ّ . 1366‬‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫إلى ّ‬ ‫علما ّ‬ ‫أن الخبر ورد عند الدويهي ضمن أحداث سنة ‪746‬هـ‪1345/‬م‪ً ،‬‬ ‫‪190‬‬ ‫يكرر الخبر في أحداث العام ‪767‬هـ‪1365/‬م ‪ .‬وفي كال الخبرين‬ ‫الدويهي ّ‬ ‫‪191‬‬ ‫أن مطر لم ّ‬ ‫يطلع على الخبر‬ ‫يستند الدويهي إلى ابن سباط ‪ .‬ويبدو ّ‬ ‫الصحيح الوارد في أحداث العام ‪.1365‬‬ ‫الحسيني بن‬ ‫أيضا عن بيروت وفاة األمير ناصر الدين‬ ‫ومن أخباره ً‬ ‫ّ‬ ‫التنوخي في العام ‪751‬هـ‪ ،1350/‬وله عمائر شهيرة في بيروت وعبيه‬ ‫خضر‬ ‫ّ‬ ‫‪192‬‬ ‫أن مطر قد اقتبس الخبر من ابن سباط‪ ،‬بما‬ ‫والغرب وغير ذلك ‪ .‬يبدو ّ‬ ‫‪194‬‬ ‫أنّ ه أحد مصادره‪ ،193‬إذ لم يذكره الدويهي في أحداث ذلك العام ‪.‬‬ ‫يواصل مطر اختياره لبعض األحداث ذات الصلة بتاريخ بيروت‪ ،‬إنّ ما‬ ‫مما توافر له من مصادر‪،‬‬ ‫من دون ترابط في ما بينها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫معتمدا على تجميعها ّ‬ ‫عاما من تاريخ المدينة‪ ،‬إذ ينتقل إلى أحداث‬ ‫ً‬ ‫مهمال ما يقارب األربعين ً‬ ‫العام ‪ ،1388‬فيذكر استظهار أهل كسروان على أمراء الغرب التنوخيين‪،‬‬ ‫‪195‬‬ ‫علما أنه أورد هذه الحادثة في كالمه على‬ ‫‪‬وكانت هي محل المعمعة  ‪ً ،‬‬ ‫محد ًدا الصراع بين جنود الظاهر‬ ‫سورية (ص‪ ،)10 .‬إنّ ما في إطار مغاير‪ّ ،‬‬ ‫برقوق وتركمان كسروان‪.‬‬ ‫المملوكية هما‬ ‫األساسيين عن بيروت في الحقبة‬ ‫أن مصدري مطر‬ ‫بما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنوخيين‪،‬‬ ‫يركز على التأريخ ألمراء الغرب‬ ‫إبن سباط والدويهي‪ ،‬نراه ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنوخي في العام ‪ ،1444‬وكان ذا‬ ‫عز الدين صدقة‬ ‫فيذكر وفاة األمير ّ‬ ‫ّ‬


‫‪44‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫إن مصدره‬ ‫سطوة شهيرة وكان شديد العداوة مع األمراء أوالد الحمراء‪ّ .196‬‬ ‫هو الدويهي من دون يذكره‪ ،‬يؤكد ذلك عبارة ‪‬وكان ذا سطوة‪ ‬الواردة‬ ‫في ‪‬تاريخ األزمنة‪ .197‬ثم ينهي حديثه عن بيروت المملوكية بذكر وفاة‬ ‫قصرا‬ ‫زين الدين عمر بن عيسى التنوخي في العام ‪ 1454‬الباني فيها‬ ‫ً‬ ‫األول على دولة الجراكسة في مصر‬ ‫ً‬ ‫مشهورا‪ ،‬وقضاء السلطان سليم ّ‬ ‫وسورية في العام ‪ .1981517‬ربما يعتمد مطر على ابن سباط بالنسبة إلى‬ ‫ألن الدويهي ال يأتي على ذكره‪ ،‬وهذا األمير كان يرغب‬ ‫زين الدين عمر‪ّ ،‬‬ ‫في ‪‬العماير الشاهقة‪ ،‬وله العماير المشهورة‪ ...‬وله في الغرب عماير‬ ‫جزيلة ‪.199‬‬ ‫للصليبيين‪ ،‬وإعادة‬ ‫ّأما مدينة صيدا فيقتصر حديثه عنها بخضوعها‬ ‫ّ‬ ‫لويس التاسع بناء أسوارها في العام ‪ ،1252‬وكان يشتغل بها ما ينيف عن‬ ‫مائة ألف فاعل‪ ،‬ولم يمض زمن إال وهاجم التركمان الساكنون في رؤوس‬ ‫الجبال المجاورة لها أهالي هذه المدينة وذبحوا منهم ألفي شاب مسيحي‪،‬‬ ‫فالقديس والملك لويس كان وقتئذ في صور فلدى استماعه ما حل في‬ ‫ّ‬ ‫قسما من جيوشه وهاجم التركمان وكسرهم‪ ،‬فانهزم‬ ‫سكان صيدا جمع‬ ‫ً‬ ‫هؤالء مدبرين وكان ذلك بقرب بانياس على مسافة يوم من صيدا إلى‬ ‫إن مصدر معلوماته هو بوجوال في كتابه ‪‬مراسالت‬ ‫أن انتهى‬ ‫أخيرا‪ّ .200‬‬ ‫ً‬ ‫‪201‬‬ ‫أن بناء األسوار‬ ‫تنبه لخطأ بوجوال الذي ذكر ّ‬ ‫الشرق‪ . ‬والالفت ّ‬ ‫أن مطر ّ‬ ‫لكنه أضاف معلومات لم ترد عنده‪ ،‬منها مشاركة أكثر‬ ‫تم في العام ‪ّ ،1152‬‬ ‫مسيحي‪.‬‬ ‫من مئة ألف عامل في بناء أسوار صيدا‪ ،‬وذبح ألفي شاب‬ ‫ّ‬ ‫األيوبي صاحب حلب في العام‬ ‫الهجوم على صيدا ّ‬ ‫شنه الناصر يوسف ّ‬ ‫‪651‬هـ‪1253/‬م‪ ،‬بعدما رفض الملك لويس التاسع التحالف معه وعقده‬ ‫معاهدة مع المماليك في مصر أعداء الناصر يوسف‪ ،‬فقتل أكثر من ألف‬ ‫كبيرا منهم‪ ،‬فضال عن الغنائم واألسالب‪ ،‬وعاد‬ ‫رجل صليبي‪ ،‬وأسر ً‬ ‫عددا ً‬ ‫عكا ّثم‬ ‫مقيما في يافا آنذاك‪ ،‬فانتقل إلى ّ‬ ‫التاسع‬ ‫إلى دمشق‪ .‬وكان لويس‬ ‫ً‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.112 .‬‬ ‫‪ 1196‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫أيضا إبن سباط‪ ،‬صدق‬ ‫‪ 1197‬الدويهي‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ .‬توتل‪ ،‬ص‪ .208 .‬أنظر ً‬ ‫األخبار‪.797/2 ،‬‬ ‫‪ 1198‬مطر‪ ،‬العقود الدرية‪ ،‬ص‪.112 .‬‬ ‫‪ 1199‬إبن سباط‪ ،‬صدق األخبار‪.805/2 ،‬‬ ‫‪ 2200‬مطر‪ ،‬العقود الدرية‪ ،‬ص‪.123 .‬‬ ‫‪Michaud, Poujoulat, Correspondance d’Orient, t. V, lettre. CXXXVII, 2201‬‬ ‫‪p. 528.‬‬


‫إستنتاج‬

‫‪ 2202‬زيد‪ ،‬صيدا ودورها في الصراع الصليبي اإلسالمي‪ ،‬ص‪232–231 .‬؛ القطار‪،‬‬ ‫لبنان في القرون الوسطى‪.244/2 ،‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.129 .‬‬ ‫‪ 2203‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.139 .‬‬ ‫‪ 2204‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.5 .‬‬ ‫‪ 2205‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬

‫‪45‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫تاريخيا بالمعنى الدقيق للكلمة‪ ،‬ال‬ ‫عمال‬ ‫يعد كتاب مطر‬ ‫ً‬ ‫عموما ال ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫من حيث المضمون وال من حيث المنهج‪ .‬فالجزء األكبر منه يتناول‬ ‫السياسية‪ ،‬وهي أحداث بالكاد‬ ‫التاريخية‬ ‫المدنية‪ ،‬والحوادث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطوبوغرافيا ُ‬ ‫داخلي في ما‬ ‫يذكرها على شكل قصص غير مترابطة‪ ،‬ومن دون أي ترابط‬ ‫ّ‬ ‫نوعي خاص بالتاريخ‪ ،‬ما عدا بعض السطور القليلة‬ ‫لتصور‬ ‫بينها‪ .‬وال وجود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إضافية حول‬ ‫تفاصيل‬ ‫ال‬ ‫وإال‬ ‫ّ‬ ‫بالتاريخ‪‬‬ ‫مون‬ ‫يهت‬ ‫الذين‬ ‫‪‬بمدح‬ ‫التي تتعلق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذه المسألة‪ .‬من هنا نستغرب موافقة جودت باشا على مضمون الكتاب‬ ‫والمؤرخ الكبير‪.‬‬ ‫هو العالم المشهود‬ ‫ّ‬ ‫يتم التعامل بها مع بالد مطر‬ ‫أهم ّية الكتاب في الطريقة التي ّ‬ ‫تكمن ّ‬ ‫موحدة)‪ .‬فلم تعد سورية مجموعة‬ ‫كثقافة واحدة ووحدة‬ ‫ض ّ‬ ‫إقليمية (أرا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وطنا يمتد من جبال طوروس‬ ‫اإلدارية‬ ‫من الوحدات‬ ‫العثمانية‪ ،‬بل أصبحت ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في الشمال وشبه جزيرة سيناء في الجنوب‪ ،‬ومن الفرات في الشرق‬ ‫إلى المتوسط في الغرب‪ .‬وعلى الرغم من أن مطر يتصور سورية وحدة‬ ‫سياسية‪ ،‬فإن نغمته الوطنية‬ ‫جغرافية‪ ،‬فيها سكان مميزون‪ ،‬أكثر من وحدة‬ ‫ّ‬ ‫كانت صريحة‪ .‬إنّ ها وحدة أرضية واضحة الحدود‪ ،‬أطلق عليها الرومان اسم‬ ‫قائما في عهده‪.205‬‬ ‫سورية‪ ،‬وهي تسمية كان الخالف حول أصلها ما زال ً‬ ‫متأصلة على‬ ‫عربية وقدرة‬ ‫وطنية‬ ‫بهوية‬ ‫وهذا الوطن ظهر فيما بعد‬ ‫ّ‬ ‫متمتعا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫فيليبوس)‪،‬‬ ‫إلى صور حيث انطلقت فرقة من الجيش إلى بانياس (قيصرية‬ ‫ّ‬ ‫توجه الملك إلى صيدا‪ ،‬وأمر‬ ‫فكان لهم ما أرادوه من السيطرة عليها‪ .‬ثم ّ‬ ‫بدفن جثث القتلى في الحال‪ ،‬واشترك بنفسه في حمل القتلى ودفنهم‪.202‬‬ ‫الصليبيين منها في العام‬ ‫بالنسبة إلى صور‪ ،‬يكتفي باإلشارة إلى خروج‬ ‫ّ‬ ‫‪203‬‬ ‫‪ 1291‬وخرابها‬ ‫كامال ‪‬لم يزل يتزايد حتى يومنا هذا ‪.‬‬ ‫خرابا ً‬ ‫ً‬ ‫يتطرق إلى بناء جسر نهر الكلب في العهد‬ ‫وفي حديثه عن جبل لبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪204‬‬ ‫أي‬ ‫منهيا كالمه على بالد الشقيف وبالد بشارة‪ ،‬من دون ذكر ّ‬ ‫المملوكي ‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المملوكي‪.‬‬ ‫العصر‬ ‫إلى‬ ‫يعود‬ ‫حدث‬ ‫ّ‬


‫‪46‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫األوروبية‪ ،‬لكن الوطنية (حب الوطن)‬ ‫اكتساب اإلنجازات الجديدة للحضارة‬ ‫ّ‬ ‫السورية تبدو في هذا الشأن كجزء كامل من حركة العثمنة الكبيرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سنه حين‬ ‫مثقفا‬ ‫كان مطر‬ ‫ومطلعا‪ ،‬وهي ميزة بالنسبة إلى من كان في ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وضع كتابه‪ ،‬لكنه لم يحسن توظيف ثقافته في مؤلَّ فه‪ ،‬إذ كان‪ ،‬وال شك‪،‬‬ ‫تجميعي‬ ‫يحتاج إلى الدربة والخبرة‪ .‬من هنا فإن كل ما قام به هو عمل‬ ‫ّ‬ ‫لكنه‬ ‫حاول فيه إغناء المعلومات بالمصادر والمراجع لإلحاطة بموضوعه‪ّ ،‬‬ ‫تبنى في معظم األحيان المعلومات التي اقتبسها‪ ،‬من دون التعليق عليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيون في القرن التاسع عشر بأفضل‬ ‫المؤرخون‬ ‫أي حال‪ ،‬لم يكن‬ ‫ّ‬ ‫وعلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤرخين السالفين‪.‬‬ ‫من‬ ‫ة‪،‬‬ ‫المنهجي‬ ‫صعيد‬ ‫على‬ ‫حال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كتب مطر ‪‬تاريخه‪ ‬حين كان جيل جديد من السوريين الذين تلقوا‬ ‫جديدا لدوره داخل بنية السلطنة‬ ‫تحديدا‬ ‫دروسهم لدى الغربيين يتلمس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العثمانية‪ .‬ويمكن تبيان هذا الدور من خالل حركة الوعي التي عكسها‬ ‫مترافقا مع حركة اإلصالحات العثمانية التي‬ ‫عصر النهضة في لبنان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أرست قواعد جديدة في التعامل مع رعايا السلطنة‪ ،‬ما أتاح مساحات‬ ‫التاريخية‪،‬‬ ‫جديدة من إمكانات التفكير‪ ،‬انعكست على صعيد الكتابة‬ ‫ّ‬ ‫بحيث أصبح باإلمكان ‪‬مراقبة الوعي بترابط األبعاد الزمنية المختلفة‬ ‫بدءا‬ ‫للتاريخ في المؤلفات كلها‬ ‫ً‬ ‫تقريبا‪ ،‬الماضي والحاضر والمستقبل‪ً ،‬‬ ‫وصوال إلى المؤرخين‬ ‫ً‬ ‫بكتابات المؤرخين الهواة في القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫أنّ‬ ‫أكثرية‬ ‫عن‬ ‫امتاز‬ ‫ه‬ ‫مطر‬ ‫المحترفين في يومنا هذا‪ .206‬والالفت لدى‬ ‫ّ‬ ‫المؤرخين في القرن التاسع عشر‪ ،207‬بأنّ ه لم يكن له ميل إلعطاء دفع كبير‬ ‫ّ‬ ‫الكياني‬ ‫التاريخ‬ ‫اتجاه‬ ‫في‬ ‫البارز‬ ‫ل‬ ‫التحو‬ ‫من‬ ‫الرغم‬ ‫على‬ ‫‪،‬‬ ‫الطائفي‬ ‫للتأريخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحدة الظاهرة في روايته الملتوية تفككت بشكل واضح بعد التحاقه‬ ‫إن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫باإلدارة في اسطنبول‪ .‬ولم يتحقق وعده بوضع كتاب آخر ‪‬يحتوي فقط‬ ‫على ترجمة أعيان سورية ومشاهيرها ومن حكمها من الملوك منذ الزمن‬ ‫األول حتى األيام الحاضرة‪.208‬‬ ‫ّ‬

‫‪ 2206‬هافمان‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان‪ ،‬ص‪.330 .‬‬ ‫المنير‪ ،‬شيبان الخازن‪ ،‬أنطونيوس‬ ‫‪ 2207‬من أبرز المؤرخين في تلك الحقبة‪ :‬حنانيا‬ ‫ّ‬ ‫الحتوني‪ ،‬ميخائيل‬ ‫طنوس الشدياقن رستم باز‪ ،‬منصور ّ‬ ‫العينطوريني‪ ،‬حيدر الشهابي‪ّ ،‬‬ ‫مشاقة‪ ،‬حيدر الركيني ويوسف الدبس‪.‬‬ ‫الدر ّية‪ ،‬ص‪.58 .‬‬ ‫‪ 2208‬مطر‪ ،‬العقود ّ‬


‫المصادر والمراجع‬ ‫العربية‬ ‫‪1.1‬المصادر والمراجع باللغة‬ ‫ّ‬

‫ •إبن بطّ وطة (ت ‪779‬ﻫ‪1377/‬م)‪ ،‬تحفة النظّ ار في غرائب األمصار وعجائب‬ ‫العصرية‪ ،‬صيدا‬ ‫األسفار‪ ،‬ج‪ ،1‬إعتنى به وراجعه درويش الجويدي‪ ،‬المكتبة‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪.2003 ،‬‬

‫ •إبن تغري بردي (ت ‪ 874‬ﻫ‪1470/‬م)‪ ،‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر‬ ‫والقاهرة‪ ،‬ط‪ ،2‬ج‪ ،13‬مطبعة دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة‪.2006 ،‬‬

‫الحريري (ت القرن ‪10‬ﻫ‪16/‬م)‪ ،‬كتاب منتخب الزمان في تاريخ الخلفاء‬ ‫ •إبن‬ ‫ّ‬ ‫حققه عن نسخة يتيمة وعلّ ق عليه عبده خليفه‪ ،‬دار‬ ‫والعلماء واألعيان‪ ،‬ج‪ّ ،2‬‬ ‫عشتار‪ ،‬بيروت‪.1995 ،‬‬

‫العربية إسحق‬ ‫العبري (ت ‪685‬ﻫ‪1286/‬م)‪ ،‬تاريخ الزمان‪ ،‬نقله إلى‬ ‫ •إبن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أرملة‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪.1986 ،‬‬

‫ •إبن كثير (ت ‪774‬ﻫ‪1373/‬م)‪ ،‬البداية والنهاية في التاريخ‪ ،‬ج‪ ،14‬مطبعة‬ ‫السعادة‪ ،‬مصر‪.1940–1939 ،‬‬ ‫ •إبن يحيى‪ ،‬صالح (ت ‪ 850‬ﻫ‪1446/‬م)‪ ،‬تاريخ بيروت أخبار السلف من‬ ‫علي أمير الغرب ببيروت‪ ،‬أشرف على تحقيقه فرنسيس‬ ‫ذرية بحتر بن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصليبي‪ ،‬باالشتراك مع أنطوان كوتان‪ ،‬بيار‬ ‫سليمان‬ ‫كمال‬ ‫‪،‬‬ ‫اليسوعي‬ ‫هورس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مدور ويوسف وهبه‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪.1969 ،‬‬ ‫روكالف‪ ،‬أنطوان ّ‬

‫ •أبو الفداء (ت ‪732‬ﻫ‪1332/‬م)‪ ،‬تقويم البلدان‪ ،‬تحقيق م‪ .‬رينود والبارون‬ ‫السلطانية‪ ،‬باريس‪.1840 ،‬‬ ‫ماك كوكين ديسالن‪ ،‬دار الطباعة‬ ‫ّ‬

‫ •األسود‪ ،‬ابراهيم‪ ،‬كتاب تنوير األذهان في تاريخ لبنان‪ ،‬المجلّ د الثاني‪،‬‬ ‫القديس جاورجيوس‪ ،‬بيروت‪.1927 ،‬‬ ‫مطبعة ّ‬ ‫البرزالي (ت ‪739‬ﻫ‪1339/‬م)‪ ،‬المقتفي على كتاب الروضتين المعروف‬ ‫ •‬ ‫ّ‬ ‫العصرية‪،‬‬ ‫بتاريخ البرزالي‪ ،‬مج‪ ،4‬تحقيق عمر عبد السالم تدمري‪ ،‬المكتبة‬ ‫ّ‬ ‫صيدا بيروت‪.2007 ،‬‬

‫‪47‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫الغربي (ت ‪926‬ﻫ‪1520/‬م)‪َ ،‬ص َدق األخبار تاريخ إبن سباط‪ ،‬ج‪،2‬‬ ‫ •إبن سباط‬ ‫ّ‬ ‫برس‪ ،‬طرابلس‪.1993 ،‬‬ ‫جروس‬ ‫عني وبه ّ‬ ‫وحققه عمر عبد السالم تدمري‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫األول‪،‬‬ ‫ •إبن إياس (ت ‪930‬ﻫ‪1524/‬م)‪ ،‬بدائع الزهور في وقائع الدهور‪ ،‬الجزء ّ‬ ‫محمد مصطفى‪ ،‬فرانز شتاينر‪،‬‬ ‫المقدمة‬ ‫القسم الثاني‪ ،‬حققها وكتب لها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فيسبادن‪.1974 ،‬‬


‫ •البستاني‪ ،‬بطرس‪ ،‬نفير سورية‪.1860 ،‬‬

‫ •البغدادي‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن‬ ‫أسامي الكتب والفنون‪ ،‬ج‪ ،2‬عني بتصحيحه وطبعه على نسخة المؤلّ ف‬ ‫رفعت بيلكه الكليسي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫الريس‬ ‫ •جحا‪ ،‬ميشال‪ ،‬سليم البستاني‪ ،‬سلسلة األعمال المجهولة‪ ،‬رياض ّ‬ ‫للكتب والنشر‪ ،‬لندن‪.1989 ،‬‬ ‫ •حشيمة‪ ،‬كميل‪ ،‬المؤلفون العرب المسيحيون من قبل اإلسالم إلى آخر‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬مج‪ ،4‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪.2012 ،‬‬ ‫ •الخوري‪ ،‬شاكر‪ ،‬تحفة الراغب في صحة المتزوج وزواج العازب‪ ،‬المكتبة‬ ‫الثقافية‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬

‫‪48‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫األدبية‪ ،‬الجزء الرابع‪ :‬أعالم النهضة‬ ‫ •داغر‪ ،‬يوسف أسعد‪ ،‬مصادر الدراسة‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬قسم الدراسات‬ ‫القرنان التاسع عشر والعشرون‪ ،‬منشورات الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬ ‫األدبية ‪ ،7‬المكتبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫المعلم بطرس البستاني‪ ،‬دراسة ووثائق‪ ،‬منشورات مجلّ ة فكر‪،‬‬ ‫ •داية‪ ،‬جان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪.1981 ،‬‬

‫ •الدويهي‪ ،‬إسطفان‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬نشره على أصوله للمرة األولى وعلق‬ ‫الكاثوليكية‪ ،‬بيروت‪1951 ،‬‬ ‫عليه بالحواشي والفهارس فردينان توتل‪ ،‬المطبعة‬ ‫ّ‬ ‫وحققها بطرس فهد‪ ،‬دار‬ ‫ •الدويهي‪ ،‬إسطفان‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬ط‪ ،3‬نظر فيها ّ‬ ‫لحد خاطر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫ •دي طرازي‪ ،‬فيليب‪ ،‬تاريخ الصحافة العربية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬المطبعة األدبية‪،‬‬ ‫بيروت‪.1913 ،‬‬ ‫منقحة‪ ،‬منشورات‬ ‫ •رستم‪ ،‬أسد‪ ،‬لبنان في عهد‬ ‫فية‪ ،‬طبعة ثانية ّ‬ ‫المتصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫البولسية‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬ ‫المكتبة‬ ‫ّ‬

‫ •الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ ،‬األعالم‪ ،‬ط‪ ،15.‬الجزء الثاني‪ ،‬دار العلم للماليين‪،‬‬ ‫بيروت‪.2002 ،‬‬ ‫ •زيد‪ ،‬أسامة زكي‪ ،‬صيدا ودورها في الصراع الصليبي اإلسالمي‪ ،‬الهيئة‬ ‫المصرية العامة للكتاب‪ ،‬فرع االسكندرية‪.1981 ،‬‬


‫ •زيدان‪ ،‬جرجي‪ ،‬تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر‪ ،‬ج‪ ،2‬مؤسسة‬ ‫هنداوي للتعليم والثقافة‪ ،‬القاهرة‪.2011 ،‬‬

‫ •سيف‪ ،‬أنطوان‪ ،‬ثالثة حكماء من حبل لبنان‪ :‬بطرس البستاني‪ ،‬كمال‬ ‫مؤسسة أنطوان الجلخ وإخوانه‪ ،‬د‪.‬م‪.1999 ،.‬‬ ‫جنبالط‪ ،‬عادل اسماعيل‪ّ ،‬‬

‫ •شيخو‪ ،‬لويس‪ ،‬تاريخ اآلداب العربية في القرن التاسع عشر والربع األول من‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬الجزء الثالث‪ :‬في الربع األول من القرن العشرين‪ ،‬طبعة‬ ‫رابعة‪ ،‬منشورات دار المشرق‪ ،‬بيروت‪.2010 ،‬‬ ‫الصيرفي (ت ‪900‬ﻫ‪1494/‬م)‪ ،‬نزهة النفوس واألبدان في تواريخ الزمان‪،‬‬ ‫ •‬ ‫ّ‬ ‫حققه حسن حبشي‪ ،‬دار الكتب‪ ،‬القاهرة‪.1971 ،‬‬ ‫ج‪ّ ،2‬‬

‫ •ضو‪ ،‬طوني‪ ،‬وجه لبنان األبيض معجم القرن العشرين‪ ،‬د‪.‬ن‪ .‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫ •فانديك‪ ،‬إدوارد كرنيليوس‪ ،‬إكتفاء القنوع بما هو مطبوع‪ ،‬أشهر التآليف‬ ‫العربية في المطابع الشرقية والغربية‪ ،‬صححه وزاد عليه السيد محمد علي‬ ‫الببالوي‪ ،‬مطبعة التأليف (الهالل)‪ ،‬مصر‪1313 ،‬هـ‪1896/‬م‪.‬‬ ‫ •القطّ ار‪ ،‬الياس‪ ،‬لبنان في القرون الوسطى‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬عهد الفرنج‬ ‫الصليبيين (‪690–492‬هـ‪1291–1099/‬م)‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،.‬بيروت‪.2008 ،‬‬ ‫ •القطّ ار‪ ،‬الياس‪ ،‬لبنان الوسيط عهد السالطين المماليك (‪691‬هـ‪1292/‬م‬ ‫‪921‬هـ‪1516/‬م)‪ ،‬منشورات جامعة الروح القدس‪ ،‬الكسليك‪.2015 ،‬‬ ‫السنوي ‪ ،1873–1872‬بيروت‪،‬‬ ‫اإلنجيلية‬ ‫السورية‬ ‫الكل ّية‬ ‫ •كتاب المدرسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.1873‬‬ ‫مؤسسة‬ ‫مصنفي الكتب‬ ‫ •كحالة‪ ،‬عمر رضا‪ ،‬معجم المؤلفين‪ ،‬تراجم‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬ ‫االجتماعية‬ ‫مسيحيي لبنان والمشرق في النضاالت‬ ‫ •لبكي‪ ،‬بطرس‪ ،‬دور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول ‪ ،)1995‬ص‪.409–379 .‬‬ ‫(تموز كانون ّ‬ ‫والسياسية‪ ،‬المشرق‪ّ ،2 ،69 ،‬‬ ‫ّ‬

‫‪49‬‬

‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطنيّ‬

‫ •الفاخري (ت ‪ 745‬ﻫ‪1344/‬م)‪ ،‬تاريخ الفاخري‪ ،‬ج‪ ،2‬تحقيق عمر تدمري‪،‬‬ ‫المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت صيدا‪.2010،‬‬

‫الياس ديب مطر (‪)1910–1857‬‬

‫ •سركيس‪ ،‬يوسف إليان‪ ،‬معجم المطبوعات العربية والمعربة‪ ،‬ج‪ ،2‬مكتبة‬ ‫الثقافة الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬


‫السورية‪ ،‬طبع‬ ‫الدر ّية في تاريخ المملكة‬ ‫ •مطر‪ ،‬الياس ديب‪ ،‬كتاب العقود ّ‬ ‫ّ‬ ‫بمطبعة المعارف‪ ،‬بيروت‪.1874 ،‬‬

‫الحرة في بيروت سنة ‪ ،1892‬أوراق‬ ‫ •المطرجي‪ ،‬خالد‪ ،‬أصحاب المهن‬ ‫ّ‬ ‫لبنانية‪ ،‬الجزء العاشر‪( ،‬تشرين األول ‪ ،)1955‬ص‪.475–472 .‬‬

‫ •المقريزي (ت ‪845‬ﻫ‪1441/‬م)‪ ،‬كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك‪ ،‬طبعة‬ ‫محمد مصطفى زيادة‬ ‫صححه ووضع حواشيه‬ ‫منقحة‪ ،‬ج‪ 3 ،2‬و‪،4‬‬ ‫ثانية َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفتاح عاشور‪ ،‬مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫وسعيد عبد ّ‬ ‫‪.1973–1956‬‬

‫علمية‬ ‫ •مالط‪ ،‬هيام‪ ،‬الحكمة في السنوات العشر األولى للتأسيس مدرسة ودائرة‬ ‫ّ‬ ‫ومعهدا للحقوق (‪ ،)1885–1875‬منشورات جامعة الحكمة‪ ،‬بيروت‪.2016 ،‬‬ ‫ً‬

‫‪50‬‬

‫العثماني الناطق بالضاد‬ ‫العلماني في الشرق‬ ‫‪‬االتجاه‬ ‫ •نعمه‪ ،‬هدى مطر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األول ‪،)1992‬‬ ‫(تموز كانون ّ‬ ‫في القرن التاسع عشر‪ ،‬المشرق‪ّ ،2 ،66 ،‬‬ ‫ص‪.425–395 .‬‬

‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬

‫ •هافمان‪ ،‬أكسيل‪ ،‬التاريخ وكتابة التاريخ في لبنان خالل القرنين التاسع‬ ‫عشر والعشرين‪ :‬الفهم الذاتي للتاريخ‪ :‬أشكاله ووظائفه‪ ،‬ترجمة جورج‬ ‫كتورة‪ ،‬المعهد األلماني لألبحاث الشرقية في بيروت‪.2011 ،‬‬

‫األجنبية‬ ‫‪2.2‬المصادر والمراجع باللغة‬ ‫ّ‬ ‫‪• ABU-MANNEH, Butrus, ”The establishment and Dismantling‬‬ ‫‪of the Province of Syria (1865–1888)”, in: John p. Spagnolo‬‬ ‫‪(Ed.): Problems of the Modern Middle East in the Historical‬‬ ‫‪Perspective. Essays in Honour of Albert Hourani, Reading: Ithaca‬‬ ‫‪Press, (1992), pp. 7–26.‬‬ ‫‪• ALIYE, Fatma, Bir Biyografi, Cinius Yayınları, Istanbul, 2013.‬‬ ‫–‪• The American University of Beirut, Directory of Alumni 1870‬‬ ‫‪1952, Printed by the Catholic Press, April 1953.‬‬ ‫‪• BOWEN, H., ”Aḥmad Djewdet Pasha”, in: EI 2, nouvelle édition,‬‬ ‫‪t. I, E.J. Brill-G.-P. Maisonneuve, Leyde-Paris, (1960), pp. 293–295.‬‬ ‫‪• CHOUEIRI, Youssef M., art. ”Matar”, in: EI, Sec. Ed., Edited by:‬‬ ‫‪P. Bearman, Th. Bianquis, C.E. Bosworth, E. van Donzel, W.P.‬‬ ‫‪Heinrichs. Consulted online on 5 September 2017 <http://dx.doi.‬‬ ‫‪org/10.1163/1573-3912_islam_SIM_8821>.‬‬


)1910–1857( ‫الياس ديب مطر‬

• CHOUEIRI, Youssef M., Arab history and the nation-state: a study in modern Arab historiography 1820–1980, London–New York, 1989.

ّ‫أوّل محاولة لكتابة التاريخ الوطني‬

51

• DAVID, Jules et YANOSKY, Jean, Syrie, ancienne et moderne, Paris, 1848. • EDBURY, Peter, The Kingdom of Cyprus and the Crusades, 1191– 1374, Cambridge University Press, Cambridge, 1991. • ERTAM, Ilgen, ”The history of dermatology, venereology and dermatopathology in different countries–Turkey”, in: Global Dermatology, Vol. 2 (7), (2015). • HILL, George, A History of Cyprus, Vol. II, The Frankish Period 1192–1432, Cambridge at the University Press, New York, 1948. • HITTI, Philip K., History of the Arabs, 10th ed., London, 1977. • IGGERS, Georg G., and WANG, Q. Edward with the contributions from MUKHERJEE, Supriya, A Global History of Modern Historiography, Routledge, New York, 2013. • LEWIS, Bernard, The Emergence of Modern Turkey, Oxford University Press, London, Oxford, New York, 1968. • MACINTYRE, Stuart, MAIGUASHCA, Juan, and PÓK, Attila (Ed.), The Oxford History of Historical Writing 1800–1945, Vol. 4, Oxford University Press, New York, 2011. • MICHAUD, Joseph Fr., POUJOULAT, Baptistin, Correspondance d’Orient, 1830 –1831, Vol. IV, V, Ducollet, Libraire-éditeur, Paris, 1834. • POUJOULAT, Baptistin, Voyage à Constantinople, dans l’Asie Mineur, en Mésopotamie, à Palmyre, en Syrie, en Palestine et en Egypte, Vol. II, Paris, 1841. • SHAW, Stanford J. and SHAW, Ezel Kural, History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, vol. II: Reform, Revolution, and Republic: The Rise of Modern Turkey, 1808–1975, Cambridge University Press, Cambridge, 2002.

‫الجرائد والمجالت‬3.3 .1884 ،15 ‫ المجلّ د‬،1874 ،5 ‫ المجلد‬،1870 ،1 ‫ المجلد‬،‫ •الجنان‬

.1883 ‫ أيلول‬1‫ و‬13 ‫ الخميس‬،‫ السنة السادسة‬،605 ‫ العدد‬،‫ •لسان الحال‬


‫ •لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،712‬السنة السابعة‪ ،‬الخميس ‪ 25‬و‪ 13‬أيلول ‪.1884‬‬

‫ •لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،767‬السنة الثامنة‪ ،‬االثنين ‪ 17‬و‪ 29‬حزيران ‪.1885‬‬ ‫ •لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،981‬السنة العاشرة‪ ،‬الخميس ‪ 30‬و‪ 11‬آب ‪.1887‬‬ ‫ •لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،985‬السنة العاشرة‪ 13 ،‬و‪ 25‬آب ‪.1887‬‬ ‫ •لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ ،6288‬الجمعة ‪ 1‬نيسان ‪.1910‬‬

‫ •المصباح‪ ،‬العدد ‪ 6 ،711‬آب ‪.1887‬‬

‫ •المصباح‪ ،‬العدد ‪ 27 ،714‬آب ‪.1887‬‬

‫ •المصباح‪ ،‬العدد ‪ 1 ،719‬تشرين األول ‪.1887‬‬

‫ •المقتطف‪ ،‬السنة األولى‪ ،1876 ،‬السنة العاشرة‪ ،1886 ،‬السنة الحادية‬ ‫عشرة‪ ،1887 ،‬السنة الرابعة عشرة‪.1890 ،‬‬

‫‪52‬‬ ‫نصار‬ ‫د‪ .‬أندريه ّ‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫قطع مسافة خلدة‪-‬اإلسكندرية في ‪ 48‬ساعة‬

‫القبطان الفرنسي توسان أالّر (‪)Toussaint Allard‬‬ ‫مُنْقذُ األَمير بشير سنة ‪1822‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫اللبنانية‬ ‫استاذ التاريخ الوسيط في الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫االنسانية (الفرع الثاني)‬ ‫كلية اآلداب والعلوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫األوروبية اآلف الوثائق‪ ،‬تفسح أمام الباحثين‬ ‫تحوي مراكز المحفوظات‬ ‫ّ‬ ‫غنية بالمعلومات‪ ،‬تسهم في إعادة كتابة‬ ‫ّ‬ ‫والمؤرخين تقديم دراسات جديدة ّ‬ ‫للمتوسط‪.‬‬ ‫تاريخ لبنان في إطار العالقات مع أوروبا عبر الحوض الشرقي‬ ‫ّ‬ ‫دبلوماسية‪،‬‬ ‫من هذه الوثائق‪ :‬مراسيم عن السلطات الحاكمة‪ ،‬مراسالت‬ ‫ّ‬ ‫التجار‪،‬‬ ‫التجار‪،‬‬ ‫قضائية‪ ،‬تنظيمات‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬ ‫سجالت ودفاتر ّ‬ ‫تجارية‪ ،‬رسائل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‬ ‫عقود بيع وشراء‪ ،‬وتكشف النقاب عن أحداث شهدتها المناطق‬ ‫ّ‬ ‫األوروبيون‬ ‫التجار‬ ‫بين القرن الرابع عشر والقرن التاسع عشر‪َ ،‬‬ ‫زمن كان ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫فاعلين وموجودين في موانئ لبنان‬ ‫الرئيسية‪ :‬بيروت‪ ،‬وطرابلس‪ ،‬وصيدا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫معظم هذه الوثائق مخطوط غير منشور‪ ،‬محفوظة في مراكز محفوظات‬ ‫البندقية‪ ،‬جنوى‪،‬‬ ‫المتوسط‪:‬‬ ‫مهما في البحر‬ ‫دورا‬ ‫ُمدن‬ ‫أوروبية لعبت ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫تجاريا ًّ‬ ‫ّ‬ ‫فلورنسا (إيطاليا)‪ ،‬ومرسيليا‪ ،‬طولون (فرنسا)‪.‬‬ ‫األوروبية‪ ،‬من أكثر‬ ‫التاريخية التي تستند الى الوثائق‬ ‫الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتعقيدا ألنّ ها تحتاج الى معرفة واسعة بلغات تلك الوثائق‬ ‫ة‬ ‫ً‬ ‫صعوب‬ ‫المواضيع‬ ‫ً‬ ‫والنصوص التي هي أساس هذا النوع من الدراسات‪ ،‬لكنها مخطوطة غير‬ ‫منشورة‪ ،‬معظمها ليس في متناول الباحثين‪ .‬وتزداد الصعوبة مع ضآلة‬ ‫التاريخية‪ .‬وبدون الوثائق ال‬ ‫مراجع تبحث في هذا النوع من الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫يمكن تقديم دراسات جديدة تسهم في إلقاء الضوء على أحداث شهدتها‬ ‫العربية معلومات كافية عنها‪ .‬ودراسة‬ ‫لبنانية ال تعطي المصادر‬ ‫مناطق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫التجارية بين لبنان وأوروبا ّأبان الحقبة الممتدة من‬ ‫‪ 11‬راجع حول موضوع العالقات‬ ‫ّ‬ ‫القرن الرابع عشر الى القرن التاسع عشر‪:‬‬

‫‪Pierre Moukarzel, La ville de Beyrouth sous la domination mamelouke‬‬ ‫‪(1291–1516) et son commerce avec l’Europe, Éditions de l’Université‬‬ ‫‪Antonine, Baabda, 2010; Id., «Le commerce de Venise aux ports de Tripoli‬‬ ‫‪et de Laodicée durant la première moitié du XVe siècle», Chronos, Revue‬‬ ‫‪d’histoire de l’université de Balamand, Numéro 20, 2009, p. 33 –73.‬‬

‫أيضا‪ :‬أنطوان عبد النور‪ ،‬تجارة صيدا مع الغرب من منتصف القرن السابع‬ ‫أُ نظر ً‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪1987 ،‬؛ شارل‬ ‫الجامعة‬ ‫منشورات‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫الثامن‬ ‫القرن‬ ‫أوآخر‬ ‫عشر الى‬ ‫ّ‬ ‫عباس‬ ‫رؤوف‬ ‫ترجمة‬ ‫‪،1914–1800‬‬ ‫الخصيب‬ ‫للهالل‬ ‫اإلقتصادي‬ ‫التاريخ‬ ‫عيساوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العربية‪ ،‬بيروت‪.1990 ،‬‬ ‫حامد‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬ ‫ّ‬


‫‪54‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫وأجنبية معاصرة إياه‪ ،‬تغني البحث التاريخي‬ ‫عربية‬ ‫ث وفق مصادر‬ ‫حد ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مميز‪.‬‬ ‫وتساعد على تقديم عمل جديد ّ‬ ‫نموذجا عن معلومات يحويها في فرنسا‬ ‫هذا المقال الموجز يقدم‬ ‫ً‬ ‫أرشيف مدينتي طولون (‪ )Toulon‬وسان‪ -‬تروبيه (‪ )Saint-Tropez‬عن‬ ‫اللبنانية للتجارة‬ ‫القبطان الفرنسي توسان ّأالر الذي كان يرتاد الموانئ‬ ‫ّ‬ ‫في مطلع القرن التاسع عشر‪ ،‬وحمل لقب ‪‬منقذ األمير بشير في لبنان‪‬‬ ‫يحفز‬ ‫(‪ )Sauveur de l’émir Béchir au Liban‬سنة ‪ ،1822‬على أمل أن ّ‬ ‫والمهتمين بتاريخ لبنان‪ ،‬لالعتماد في دراساتهم على‬ ‫المؤرخين‬ ‫هذا المقال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لونً‬ ‫جديدا من الدراسات ُويغنوا‬ ‫األوروبية فيضيفوا ا‬ ‫محفوظات األرشيف‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫التاريخية‬ ‫المكتبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بلدية سان‪ -‬تروبيه (‪Archives municipales de‬‬ ‫يضم مركز أرشيف ّ‬ ‫ّ‬ ‫أساسا لدراسة‬ ‫شكل‬ ‫ومدنية ُت ّ‬ ‫قضائية‬ ‫وسجالت‬ ‫‪ )Saint-Tropez‬وثائق‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سجالت‬ ‫المتوسط‪َ .2‬وي ِر ُد في‬ ‫تاريخ المدينة ودورها التجاري في البحر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سكان المدينة اسم القبطان توسان ّأالر‪ :‬مولود في سان‪ -‬تروبيه سنة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1788‬والده جان (‪ ،)Jean‬أمه أوجيني كلير برتران (‪Eugénie Claire‬‬ ‫‪ ،)Bertrand‬من عائلة اشتهرت في قيادة السفن‪ ،‬وأقامت في سان‪ -‬تروبيه‬ ‫منذ القرن السادس عشر‪.‬‬

‫شخصية عنه‬ ‫سجل خدمة توسان ّأالر فيه معلومات‬ ‫جزء من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪Service Historique de la Défense de Toulon‬‬

‫‪ 22‬أشكر السيد لوران بوليديس (‪ )Laurent Pavlidis‬مدير متحف التاريخ البحري‬ ‫وس ِج ّل القبطان توسان ّأالر‪.‬‬ ‫لمدينة سان‪ -‬تروبيه الذي أطلعني على أرشيف المدينة ِ‬


‫‪Archives municipales de Saint-Tropez‬‬

‫‪ 33‬‬

‫الهور اليوم في باكستان‪ ،‬عاصمة مقاطعة البنجاب‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫مُنْقذُ األَمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫كان توسان ّأالر آخر قبطان من عائلة مشهورة في سان‪ -‬تروبيه‪ .‬وهو أحد‬ ‫أقرباء الجنرال جان فرنسوا ّأالر (‪ )Jean-François Allard‬القائد العام‬ ‫الفرنسية في الهور‪ )Lahore( 3‬في الهند بين ‪ 1822‬و‪ ،1834‬والذي‬ ‫للقوات‬ ‫ّ‬ ‫عمل في خدمة الملك السيخي لمقاطعة البنجاب (‪ )Panjâb‬رنجيت سينغ‬ ‫متنقال بين‬ ‫يتجول في البحر‬ ‫(‪ .)Ranjît Singh‬قضى توسان ّأالر حياته‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بحارة سان‪ -‬تروبيه‪.‬‬ ‫موانئ الحوض الشرقي للبحر‬ ‫المتوسط مع غيره من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما عالقة القبطان توسان ّأالر باألمير بشير الشهابي؟ وما دوره في‬ ‫إنقاذ األمير؟‬ ‫سنة ‪ 1822‬وقع خالف بين عبد اهلل باشا والي عكا ودرويش باشا والي‬ ‫عسكرا‬ ‫ينضم إليه ويرسل‬ ‫دمشق‪ ،‬فطلب عبداهلل باشا من األمير بشير أن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لمساعدته بقيادة ابنه األمير خليل‪ .‬استجاب األمير فانتصر عبداهلل‬ ‫باشاعلى جيش درويش باشا الذي كان بقيادة نائبه فيزو باشا‪ .‬لمكافأة‬ ‫األمير بشير أرسل له عبداهلل باشا في ‪ 14‬شعبان ‪1237‬هـ‪ 6/.‬أيار ‪1822‬م‪.‬‬ ‫خلعة الوالية‪ ،‬إنما وصل الى األمير في الوقت نفسه كتاب من والي دمشق‬ ‫‪‬أنه في رابع عشر شعبان حضر إليه خبر من‬ ‫درويش باشا يعلمه فيه ّ‬ ‫وبقية اإليالة التي بيد‬ ‫باب همايون بتوجيه والية صيدا ويافا وطرابلس‬ ‫ّ‬ ‫عبداهلل باشا إليه (أي الى درويش باشا)‪ .‬وطلب درويش باشا من األمير‬

‫القبطان الفرنسي توسان أالّر‬

‫توسان ّأالر (نحو ‪ )1861‬بريشة شارل فاسرو من سان‪-‬تروبيه‪.‬‬ ‫واسم توسان ّأالر مرفق بــ ‪‬منقذ األمير بشير في لبنان‪‬‬


‫‪56‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫بشير أن يلزم الحياد و‪‬أن يكون طيب القلب والخاطر وكل ما يطلبه‬ ‫منه ُيقضى كما يريد شرط ّأنه يستقر في مكانه وال يبدو منه إسعاف‬ ‫لعبداهلل باشا‪ .‬لم يمتثل األمير بشير لطلب درويش باشا‪ ،‬فسافر الى عكا‬ ‫لمقابلة عبد اهلل باشا وأرسل جيشه بقيادة ابنه األمير أمين لمالقاة جيش‬ ‫عبداهلل باشا واالنضمام إليه‪ .‬غادر األمير بشير عكا واستلم قيادة جيشه‬ ‫المزة ودار القتال بينهما‬ ‫وسار الى دمشق‪ ،‬فالتقى بجيش درويش باشا في ّ‬ ‫فانتصر األمير بشير وألحق به خسائر كبيرة‪ .‬أرسلت الدولة العثمانية حمل ًة‬ ‫عسكري ًة بقيادة مصطفى باشا والي حلب لمساعدة درويش باشا وفرض‬ ‫ّ‬ ‫السيطرة على الوضع واالقتصاص من األمير‪ .‬وصل العسكر العثماني الى‬ ‫البقاع فغادر األمير بشير الجبل مع أوالده وحاشيته الى حرش بيروت ثم‬ ‫رجال من خدمه بينهم سبعة من بني‬ ‫الى مصر مع ولديه خليل وأمين‪ ،‬و‪ً 94‬‬ ‫الدحداح وخمسة من بني مغبغب‪.4‬‬ ‫رجال الى صيدا‬ ‫أن األمير بشير أرسل ً‬ ‫ُيفيد رستم باز في ّ‬ ‫مذكراته ّ‬ ‫الى‬ ‫ا‬ ‫بحر‬ ‫للسفر‬ ‫خلدة‬ ‫الى‬ ‫الستئجار مركب واإلتيان به‬ ‫اإلسكندرية في مصر‪.5‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أن األمير قصد بصحبة رجاله قرية معلّ قة الدامور‬ ‫وذكر ميخائيل مشاقة ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫مركبا من بيروت وسافر به الى مصر ‪ .‬وكان األمير بشير بعد عودته‬ ‫وأحضر ً‬ ‫رجال الستئجار مركب فرنسي بواسطة تاجر‬ ‫المزة أرسل ً‬ ‫منتصرا من معركة ّ‬ ‫ً‬ ‫يدعى أوبان (‪ )Aubin‬مقابل مبلغ ‪ 15000‬قرش‪ ،‬وإرسائه في خلدة ليكون‬ ‫جاهزا في خدمة األمير‬ ‫ومستعدا لإلبحار عند أمره‪ .7‬وليلة ‪ 7‬آب ‪ 1822‬أبحر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪8‬‬ ‫األمير بشير الى مصر‪ ،‬ووفق رستم باز وصل الى‬ ‫اإلسكندرية بعد يومين ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أن األمير وصل الى دمياط ومنها الى بوالق‪،‬‬ ‫إنما حيدر أحمد الشهابي يذكر ّ‬ ‫وأقام في بني سويف (شمال الصعيد) بطلب محمد علي باشا‪.9‬‬ ‫‪ 44‬حيدر الشهابي‪ ،‬تاريخ األمير حيدر أحمد الشهابي‪ ،3–1 ،‬كتاب الغرر الحسان‬ ‫في تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬دار اآلثار‪ ،‬بيروت‪ ،1980 ،‬ص‪.999–992 .‬‬ ‫نصها ونشرها فؤاد افرام البستاني‪ ،‬منشورات‬ ‫‪ 55‬رستم باز‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬حقق ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪ ،1955 ،‬ص‪.21 .‬‬ ‫الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫تحرى نصوصها‬ ‫‪ 66‬ميخائيل مشاقة‪ ،‬منتخبات من الجواب على اقتراح األحباب‪ّ ،‬‬ ‫البولسية‪،‬‬ ‫المكتبة‬ ‫ووضع مقدمتها وفهارسها أسد رستم وصبحي أبو شقرا‪ ،‬منشورات‬ ‫ّ‬ ‫جونيه‪ ،1985 ،‬ص‪.88 .‬‬ ‫‪Michel Chebli, Une histoire du Liban à l’époque des émirs (1635 –1841),‬‬ ‫‪ 77‬‬ ‫‪Publications de l’Université Libanaise, Beyrouth, 1984, p. 228.‬‬

‫‪ 88‬رستم باز‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬ص‪.21 .‬‬ ‫‪ 99‬حيدر الشهابي‪ ،‬كتاب الغرر الحسان في تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬ص‪999 .‬؛‬ ‫ميخائيل مشاقة‪ ،‬منتخبات من الجواب على اقتراح األحباب‪ ،‬ص‪ .88 .‬أما بخصوص‬ ‫هروب األمير بشير الى مصر‪ ،‬فقد أورد القنصل الفرنسي أوجين بوجاد (‪Eugène‬‬


‫أن األمير‬ ‫‪ )Poujade‬رواي ًة تختلف عن ما ذكرته المصادر المعاصرة لألمير بشير‪ ،‬وفيها ّ‬ ‫بشير هرب الى مصر في أوآخر العام ‪ 1824‬خوفً ا من عبداهلل باشا والي عكا‪ .‬وسافر‬ ‫واتجه نحو دمياط‪ ،‬أُ نظر‪:‬‬ ‫سرا على متن مركب فرنسي التقاه عند‬ ‫مصب نهر الدامور‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬

‫‪«L’émir Béchir prit la fuite, trouva, à l’embouchure de la rivière Damour,‬‬ ‫‪un navire français, qui l’accueillit et le débarqua à Damiette, en Égypte».‬‬ ‫‪Eugène Poujade, «La Turquie et les Populations du Liban (1ère partie)», Revue‬‬ ‫‪Contemporaine, 2e Série, Huitième année, Tome onzième, Paris, 1859, p. 472.‬‬ ‫‪«On dit qu’il s’est sauvé à bord d’un bâtiment français, capitaine Allard, 110‬‬ ‫‪qui était à Baruth, et l’on suppose qu’il a passé en Égypte». Adel Ismail,‬‬ ‫‪Documents diplomatiques et consulaires, Tome 5, p. 43.‬‬

‫القبطان الفرنسي توسان أالّر‬

‫أن توسان ّأالر‬ ‫ •انطالق المركب ً‬ ‫ليال من خلدة أو الدامور إلى مصر يعني ّ‬ ‫البحرية بين سواحل سوريا ولبنان وفلسطين ومصر‪.‬‬ ‫خبيرا بالطرق‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫متمر ًسا بقيادة السفن‪،‬‬ ‫بالمهمة ألنّ ه كان‬ ‫أن اختياره للقيام‬ ‫واألرجح ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمتوسط‪.‬‬ ‫التنقل بين شواطىء الحوض الشرقي‬ ‫معتادا على ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫‪57‬‬

‫مُنْقذُ األَمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫أقل األمير بشير وعائلته وحاشيته‬ ‫كان توسان ّأالر قبطان المركب الذي ّ‬ ‫من خلدة الى مصر‪ .‬كان القنصل الفرنسي في طرابلس الفارس رينو‬ ‫(‪ )Le Chevalier Reynault‬في قرية شيتي (‪ )Chiti‬القبرصية فكتب‬ ‫الخارجية الفرنسي الفيكونت دو مونمورنسي (‪Le Vicomte de‬‬ ‫الى وزير‬ ‫ّ‬ ‫أن القبطان ّأالر أنقذ األمير بشير‬ ‫‪ )Montmorency‬في ‪ 12‬آب ‪ 1822‬يفيد ّ‬ ‫ونقله في مركبه الى مصر‪.10‬‬ ‫كان توسان ّأالر يعتبر أنّ ه قام بإنجاز صعب وعمل بطولي بإنقاذ األمير‬ ‫بتصرفه لتهريبه الى مصر ورفع الخطر‬ ‫واضعا مركبه‬ ‫العثمانيين‬ ‫بشير من‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ومسؤوليته إلتمامها بنجاح‪ ،‬فراح يباهي‬ ‫المهمة‬ ‫عنه‪ .‬وكان يدرك خطورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البحارة بأنّ ه أنقذ األمير بشير وذاع صيته في مدينته سان‪ -‬تروبيه‬ ‫بين ّ‬ ‫المتوسط‪ ،‬وصار معروفً ا بـ ‪‬منقذ‬ ‫البحر‬ ‫موانئ‬ ‫يجوبون‬ ‫سفن‬ ‫قباطنة‬ ‫وبين‬ ‫ّ‬ ‫مالزما السمه‬ ‫األمير بشير في لبنان‪ .‬ورافقه هذا اللقب طيلة حياته‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تذكيرا بعمله البطولي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من مصادر المعلومات عن هرب األمير بشير الى مصر سنة ‪،1822‬‬ ‫نتوقّ ف عند هذه النقاط‪:‬‬ ‫البحارة والعاملين‬ ‫ •كان توسان ّأالر قبطان مركب ضخم‪ .‬وإذا اعتبرنا عدد ّ‬ ‫أن المركب‬ ‫نفهم‬ ‫على متن المركب ومرافقي األمير بشير (نحو ‪،)100‬‬ ‫ّ‬ ‫ومجهز‪ ،‬وقادر على حمل بضائع ومسافرين كثُ ر‪ .‬واستغراق الرحلة‬ ‫كبير‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫من خلدة الى مصر يومين بال التوقّ ف حتى‬ ‫للتزود بالماء‪ ،‬يبدو ّ‬ ‫ّ‬ ‫مخزنً ا في مركبه ما يلزم للرحلة من مؤن وماء شرب ما‬ ‫توسان ّأالر كان ّ‬ ‫يكفي ألكثر من مئة شخص‪.‬‬


‫بالمهمة‪،‬‬ ‫أن ّأالر (وفق الروايات المختلفة) كان على علم مسبق‬ ‫ •األرجح ّ‬ ‫ّ‬ ‫التوجه من صيدا الى خلدة‪ ،‬أو من بيروت الى‬ ‫يفسر سبب قبوله‬ ‫ّ‬ ‫ما ّ‬ ‫الدامور‪ ،‬وتجهيز المركب بمؤن تكفي أكثر من مئة شخص‪ ،‬وانتظار‬ ‫سرية لألمير بشير بنقل‬ ‫األمر باإلنطالق‪ .‬وربما يكون ً‬ ‫مهمات ّ‬ ‫قبال ّنفذ ّ‬ ‫معاونين لألمير بشير من لبنان الى بلدان أخرى‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫تامة‪ .‬فالقنصل الفرنسي في طرابلس‬ ‫عملية الهروب‬ ‫بسرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ • ّتم تحضير ّ‬ ‫أن المركب يملكه‬ ‫مع‬ ‫‪،)1822‬‬ ‫آب‬ ‫(‪12‬‬ ‫أيام‬ ‫خمسة‬ ‫بعد‬ ‫يتبلغها ّاال‬ ‫ّ‬ ‫لم ّ‬ ‫متأك ًدا‬ ‫الخارجية الفرنسي‪ ،‬لم يكن ّ‬ ‫فرنسي‪ .‬ووفق رسالته إلى وزير‬ ‫ّ‬ ‫توجه الى مصر‪on suppose( ‬‬ ‫‪‬يفترض أن ربما ّ‬ ‫من وجهة المركب‪ُ :‬‬ ‫‪11‬‬ ‫المصري ُة معاصر ُة‬ ‫المصادر‬ ‫‪ . )qu’il a passé en Égypte‬وال تفيد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الملكية‬ ‫فالمحفوظات‬ ‫مصر‪.‬‬ ‫الحدث بمعلومات عن هروب األمير الى‬ ‫ّ‬ ‫المصرية سنة ‪1237‬هـ‪1822–1821/.‬م‪ ،.‬ال تذكر وصول األمير الى‬ ‫ّ‬ ‫المصرية‪ ،‬على رأسها الوالي محمد علي‬ ‫أن السلطات‬ ‫مصر‪ .12‬فاألرجح ّ‬ ‫ّ‬ ‫السرية في التعاطي مع وصول األمير الى‬ ‫باشا‪ ،‬كانت حريصة على‬ ‫ّ‬ ‫مصر‪ ،‬والتزمت كتم المعلومات طيلة ﺇقامته في مصر‪ ،‬وهذا – باستثناء‬ ‫مقربان من األمير بشير‪ :‬رستم باز وحيدر الشهابي – دليل‬ ‫ما ذكره ّ‬ ‫يفسر اختالف الروايات‬ ‫وهذا‬ ‫األمير‪.‬‬ ‫هروب‬ ‫ة‬ ‫بعملي‬ ‫أحاط‬ ‫كتمان شديد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بخصوص الهرب‪ .‬فاألمير وصل فجأة الى مصر ولم يعلم به الوالي‬ ‫محمد علي باشا‪ .‬وعندما بلغ دمياط سأله متسلّ م المدينة عن سبب‬ ‫مجيئه فأجابه األمير أنّ ه يرغب في مقابلة الوالي محمد علي باشا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫استجيب طلبه ولقي‬ ‫الئقا بمقامه‪.13‬‬ ‫استقباال ً‬

‫أن الريح ساعدت المركب فبلغ اإلسكندرية‬ ‫ •ذكر رستم باز في ّ‬ ‫مذكراته ّ‬ ‫بحريا قطعها ّأالر‬ ‫ميال‬ ‫في يومين‪ .14‬بين خلدة‬ ‫واإلسكندرية نحو ‪ً 317‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬

‫‪1 11‬‬ ‫المصرية‪ ،‬المجلّ د األول ‪1247–1225‬هـ‪–1810/.‬‬ ‫الملكية‬ ‫‪ 112‬أسد رستم‪ ،‬المحفوظات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪1837‬م‪ ،.‬بيروت‪ ،1940 ،‬ص‪.42–27 .‬‬ ‫‪ 113‬حيدر الشهابي‪ ،‬كتاب الغرر الحسان في تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬ص‪ .999 .‬ال‬ ‫أن األمير بشير كان على اتصال مع محمد علي باشا والي مصر قبل‬ ‫تذكر المصادر ّ‬ ‫أن العالقات التي أقامها شاعر األمير المعلّ م نقوال الترك في‬ ‫عام ‪ .1822‬وعلى األرجح ّ‬ ‫شجعت األمير إلى اللجوء‬ ‫وقوته‪ّ ،‬‬ ‫مصر‪ ،‬واألخبار التي كان ينقلها لألمير عن والي مصر ّ‬ ‫طلبا للحماية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ال يمكن استبعاد دور فرنسا والفاتيكان في‬ ‫الى مصر ً‬ ‫التوجه الى محمد علي باشا واالعتماد عليه لدعمه ومساعدته‪ .‬أُ نظر‪:‬‬ ‫جعل األمير يختار‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫اسد رستم‪ ،‬بشير بين السلطان والعزيز ‪ ،1841–1804‬منشورات الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪ ،1966 ،‬ص‪.15 .‬‬ ‫‪ 114‬رستم باز‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬ص‪.21 .‬‬ ‫‪Adel Ismail, Documents diplomatiques, Tome 5, p. 43.‬‬


‫كانون الثاني ‪% 31‬‬ ‫‪% 27‬‬ ‫شباط‬ ‫‪% 24‬‬ ‫أذآر‬ ‫‪% 22‬‬ ‫نيسان‬

‫أيار‬ ‫حزيران‬ ‫تموز‬ ‫آب‬

‫‪% 15‬‬ ‫‪%3‬‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪%1‬‬

‫‪%4‬‬ ‫أيلول‬ ‫تشرين األول ‪% 11‬‬ ‫تشرين الثاني ‪% 31‬‬ ‫كانون األول ‪% 30‬‬

‫مبحرا نحو الغرب‬ ‫إنطلق مركب توسان ّأالر من خلدة في ‪ 7‬آب ‪1822‬‬ ‫ً‬ ‫اإلسكندرية الى الجنوب الغربي للساحل اللبناني‪ .‬وخالل آب‬ ‫باتجاه‬ ‫ّ‬ ‫لكن‬ ‫تنخفض نسبة الرياح المناسبة للمالحة مقارن ًة مع األشهر السابقة‪ّ ،‬‬ ‫كيلومترا)‪.‬‬ ‫مترا (‪1،852‬‬ ‫ً‬ ‫‪ 1 15‬يساوي الميل البحري ‪ً 1852‬‬ ‫‪ 116‬حيدر الشهابي‪ ،‬كتاب الغرر الحسان في تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬ص‪.999 .‬‬ ‫‪ 117‬أسد رستم‪ ،‬بشير بين السلطان والعزيز ‪ ،1841–1804‬القسم األول‪ ،‬ص‪15 .‬؛‬

‫‪Michel Chebli, Une histoire du Liban, p. 228.‬‬

‫‪John H. Pryor, Geography, Technology and War. Studies in the Maritime 118‬‬ ‫ ‪History of the Mediterranean 649‬‬ ‫‪–1571, Cambridge University Presse,‬‬ ‫‪Cambridge, 2000, p. 3.‬‬

‫‪59‬‬

‫مُنْقذُ األَمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫أن‬ ‫مهما اختلفت الروايات عن الرحلة من خلدة الى دمياط‪ ،‬نستنتج ّ‬ ‫توسان ّأالر قاد المركب بسرعة ليصل بأسرع وقت ممكن الى مصر‪.‬‬ ‫المناخية وباتجاه الرياح‬ ‫المتوسط ترتبط باألجواء‬ ‫فسرعة السفن في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للمتوسط‬ ‫المناسبة لإلبحار‪ُ .‬وتظهر دراسة مناخية في الحوض الشرقي‬ ‫ّ‬ ‫وصوال الى ساحلَ ي فلسطين‬ ‫ً‬ ‫(من خطّ الطول ‪ 30‬درجة باتجاه الشرق‬ ‫الشرقية المناسبة لإلبحار من‬ ‫أن الرياح‬ ‫وقبرص والى الجنوب حتى مصر) ّ‬ ‫ّ‬ ‫تهب بين منتصف تشرين األول ومنتصف أيار‪.‬‬ ‫الشرق باتجاه الغرب كانت ّ‬ ‫تفاديا‬ ‫الثاني‬ ‫تشرين‬ ‫قبل‬ ‫ة‬ ‫الشرقي‬ ‫الموانئ‬ ‫أغلبية السفن تغادر‬ ‫لذا كانت‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشرقية المناسبة لإلبحار في‬ ‫المئوية للرياح‬ ‫العواصف‪ .‬وبلغت النسبة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪18‬‬ ‫المتوسط كما يلي ‪:‬‬ ‫البحر‬ ‫ّ‬

‫القبطان الفرنسي توسان أالّر‬

‫وذك ُر‬ ‫بحريا في اليوم‪ْ .15‬‬ ‫ميال‬ ‫في ‪ 48‬ساعة‪ ،‬بمتوسط سرعة ‪ً 158‬‬ ‫ًّ‬ ‫أن األمير وصل الى دمياط‪ ،‬يعني أنّ ه قطع‬ ‫األمير حيدر أحمد الشهابي ّ‬ ‫بحرية‬ ‫متوسطة من ‪ 110‬أميال‬ ‫ميال‬ ‫نحو ‪ً 219‬‬ ‫ّ‬ ‫بحريا في يومين بسرعة ّ‬ ‫ًّ‬ ‫المؤرخان أسد رستم وميشال شبلي‬ ‫في اليوم‪ .16‬من جهة أخرى‪ ،‬ويفيد‬ ‫ّ‬ ‫أن المركب وصل الى دمياط بعد خمسة أيام من انطالقه من الدامور‬ ‫ّ‬ ‫بحريا‬ ‫ميال‬ ‫‪44‬‬ ‫نحو‬ ‫المركب‬ ‫سرعة‬ ‫تكون‬ ‫وهكذا‬ ‫‪.)1822‬‬ ‫آب‬ ‫‪11‬‬ ‫–‬ ‫(‪6‬‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫في اليوم‪.17‬‬


‫وقوتها كافيتان لدفع المراكب وزيادة سرعتها دون تعرضها‬ ‫سرعة الرياح ّ‬ ‫لهبوب رياح معاكسة تعيق مالحتها أو تلحق بها األضرار‪.‬‬ ‫المناخية المالئمة ونجح في قيادة مركبه‬ ‫لذا أفاد ّأالر من األحوال‬ ‫ّ‬ ‫ميال‬ ‫وفق روايات مختلفة‪ ،‬بين ‪ 44‬و‪ً 158‬‬ ‫بسرعة تراوح معدلها الوسطي‪َ ،‬‬ ‫البحرية من‬ ‫نسبيا حيال الرحالت‬ ‫مدة قصيرة‬ ‫بحريا‪ ،‬ووصل الى مصر في ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫شوال ‪1237‬هـ‪/.‬أيار ‪1822‬م‪ ،.‬استغرقت‬ ‫لبنان وفلسطين الى مصر‪ .‬ففي ّ‬ ‫وفحما من بيروت الى دمياط‪ ،‬وفي‬ ‫حطبا‬ ‫ب يحمل‬ ‫تسعة أيام رحل ُة مرك ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مركب والي‬ ‫ُ‬ ‫ذي القعدة ‪1237‬هـ‪/.‬حزيران ‪1822‬م‪ ،.‬استغرق خمسة أيام ٍ‬ ‫يتمكن من‬ ‫عكا عبداهلل باشا بين عكا ودمياط‪ ،‬وبسبب الرياح المعاكسة لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫ّ‬ ‫محطة خالل‬ ‫دخول مضيق دمياط ‪ .‬هذا ولم يتوقف مركب ّأالر عند أي‬ ‫رحلته من خلدة الى مصر‪ ،‬ما أكسبه الوقت وزاد سرعته‪.‬‬ ‫خاتمة‬ ‫‪60‬‬ ‫د‪ .‬بيار مكرزل‬

‫فرحب به واليها محمد علي باشا واتفقا‬ ‫وصل األمير بشير الى مصر ّ‬ ‫‪20‬‬ ‫معا‪ .‬بقي األمير في مصر نحو تسعة أشهر ‪ .‬وأرضى محمد‬ ‫على التعاون ً‬ ‫فلين موقفه من األمير ليعيده إلى إمارته‪،‬‬ ‫علي باشا السلطان محمود الثاني َّ‬ ‫اإلسكندرية الى حيفا‬ ‫فغادر األمير مصر سنة ‪ 1823‬في مركب نقله من‬ ‫ّ‬ ‫عكا‬ ‫وزين له ّ‬ ‫ا‬ ‫فخم‬ ‫إستقباال‬ ‫ً‬ ‫أعد له واليها عبداهلل باشا‬ ‫فإلى عكا حيث َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مقر إمارته في‬ ‫إجالال‬ ‫ً‬ ‫والقاه بضربات المدافع‬ ‫وتكريما له‪ .‬ثم عاد الى ّ‬ ‫ً‬ ‫بيت الدين‪.21‬‬ ‫دور فاعل في إنجاح تهريب األمير بشير‬ ‫هكذا كان للقبطان توسان ّأالر ٌ‬ ‫بطال منقذً ا األمير‪ ،‬وكان هذا اللقب مدعاة فخر له‪،‬‬ ‫الى مصر‪ ،‬فاشتهر ً‬ ‫ً‬ ‫أن‬ ‫الشعبية ّ‬ ‫محفوظا في الذاكرة‬ ‫وظل‬ ‫لسكان مدينته سان‪ -‬تروبيه‪ ،‬مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أهمية لدور‬ ‫تعط‬ ‫لم‬ ‫مصر‬ ‫الى‬ ‫بشير‬ ‫األمير‬ ‫هروب‬ ‫تناولت‬ ‫التي‬ ‫المصادر‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫القنصلية‪.‬‬ ‫عرضا في المراسالت‬ ‫توسان ّأالر‪ ،‬ولم يرد اسمه ّإال‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مجهوال حتى َّ‬ ‫لعت على رسمه مرفَ ًقا بلقبه‪ .‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫بقي دور توسان ّأالر‬ ‫اط ُ‬ ‫تاريخية جديدة ال تقتصر على عرض المشهد التاريخي‬ ‫المقال نموذج كتابة‬ ‫ّ‬ ‫بإظهار دور األمراء وأعمالهم وحروبهم وعالقاتهم بغيرهم من األمراء‬ ‫المصرية‪ ،‬المجلّ د األول‪ ،‬ص‪.38–37 ،33 .‬‬ ‫الملكية‬ ‫‪ 119‬أسد رستم‪ ،‬المحفوظات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 220‬رستم باز‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬ص‪.23 .‬‬ ‫‪ 221‬رستم باز‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬ص‪24 .‬؛ حيدر الشهابي‪ ،‬كتاب الغرر الحسان في‬ ‫تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬ص‪.1004 .‬‬


‫وتركز على من لعبوا‬ ‫اإلنسانية‪ّ ،‬‬ ‫والحكام‪ ،‬بل تضيء على مظاهر األنشطة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مباشرا أو غير مباشر في الحدث التاريخي‪ ،‬وساهموا في صناعته‪.‬‬ ‫دورا‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫العربية‬ ‫‪1.1‬المراجع باللغة‬ ‫ّ‬

‫نصها ونشرها فؤاد افرام البستاني‪،‬‬ ‫ •باز رستم‪ ،‬مذكرات رستم باز‪ ،‬حقق ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪.1955 ،‬‬ ‫منشورات الجامعة‬ ‫ّ‬

‫المصرية‪ ،‬المجلّ د األول ‪1247–1225‬هـ‪/‬‬ ‫الملكية‬ ‫ •رستم أسد‪ ،‬المحفوظات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪1837–1810‬م‪ ،‬بيروت‪.1940 ،‬‬ ‫ •رستم اسد‪ ،‬بشير بين السلطان والعزيز ‪ ،1841–1804‬منشورات الجامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪.1966 ،‬‬ ‫ّ‬

‫ •الشهابي حيدر‪ ،‬تاريخ األمير حيدر أحمد الشهابي‪ ،3–1 ،‬كتاب الغرر‬ ‫الحسان في تواريخ حوادث األزمان‪ ،‬دار اآلثار‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬

‫ •عيساوي شارل‪ ،‬التاريخ اإلقتصادي للهالل الخصيب ‪ ،1914–1800‬ترجمة‬ ‫العربية‪ ،‬بيروت‪.1990 ،‬‬ ‫عباس حامد‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬ ‫ّ‬ ‫رؤوف ّ‬

‫تحرى‬ ‫ •مشاقة ميخائيل‪ ،‬منتخبات من الجواب على اقتراح األحباب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نصوصها ووضع مقدمتها وفهارسها أسد رستم وصبحي أبو شقرا‪ ،‬منشورات‬ ‫البولسية‪ ،‬جونيه‪.1985 ،‬‬ ‫المكتبة‬ ‫ّ‬

‫األجنبية‬ ‫‪2.2‬المراجع باللغات‬ ‫ّ‬ ‫–‪• Chebli Michel, Une histoire du Liban à l’époque des émirs (1635‬‬ ‫‪1841), Publications de l’Université Libanaise, Beyrouth, 1984.‬‬ ‫‪• Ismail Adel, Documents diplomatiques et consulaires relatifs à‬‬ ‫‪l’histoire du Liban et des pays du Proche-Orient du XVII e siècle‬‬ ‫)‪à nos jours, Tome 5, Consulats de France à Tripoly (1817–1840‬‬ ‫‪et à Beyrouth (1826–1840), Éditions des œuvres politiques et‬‬ ‫‪historiques, Beyrouth, 1976.‬‬ ‫‪• Moukarzel Pierre, La ville de Beyrouth sous la domination‬‬ ‫‪mamelouke (1291–1516) et son commerce avec l’Europe,‬‬ ‫‪Éditions de l’Université Antonine, Baabda, 2010.‬‬

‫‪61‬‬

‫مُنْقذُ األَمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫ •عبد النور أنطوان‪ ،‬تجارة صيدا مع الغرب من منتصف القرن السابع عشر‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬ ‫الى أوآخر القرن الثامن عشر‪ ،‬منشورات الجامعة‬ ‫ّ‬

‫القبطان الفرنسي توسان أالّر‬

‫المصادر والمراجع‬


• Moukarzel Pierre, «Le commerce de Venise aux ports de Tripoli et de Laodicée durant la première moitié du XVe siècle», Chronos, Revue d’histoire de l’université de Balamand, Numéro 20, 2009, p. 33 –73. • Poujade Eugène, «La Turquie et les Populations du Liban (1ère partie)», Revue Contemporaine, 2e Série, Huitième année, Tome onzième, Paris, 1859, p. 472. • Pryor John H., Geography, Technology and War. Studies in the Maritime History of the Mediterranean 649 –1571, Cambridge University Presse, Cambridge, 2000.

‫ بيار مكرزل‬.‫د‬

62


‫تراثنا المادي‬

‫تقاليدنا وا َألعراف‬

‫‪‬الخضر‪‬‬ ‫بيروت ‪‬عيد النهر‪ ،‬مار جرجس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بين ا َألساطير والكنائس والمساجد‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬


‫تقاليدنا وا َألعراف‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬ ‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫اللبنانية‬ ‫أستاذ التاريخ القديم في الجامعة‬ ‫ّ‬

‫مقدمة‬ ‫انتشرت المسيحية في لبنان كما في غيره من البلدان‪ ،‬وتفاعلت مع‬ ‫حضارات عريقة تعود إلى آالف السنين‪ ،‬مثلما تأثر اإلسالم بحضارات‬ ‫دينية قديمة‪،‬‬ ‫تفاعل معها‪ .‬وحافظ أتباع الديانات السماوية على طقوس ّ‬ ‫وعلى أماكن عبادة‪ .‬فالعادات والتقاليد تعيش في ذاكرة الشعوب وتنتقل‬ ‫دينية قديمة اكتسبت مع الوقت‬ ‫من جيل إلى آخر‪ ،‬ويرتبط بعضها بعبادات ّ‬ ‫ورحالة ومؤرخون‬ ‫مسيحيا أو‬ ‫دينيا‬ ‫إسالميا‪ .‬لذا‪ ،‬عندما يحاول ّكتاب ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ثوبا ًّ‬ ‫تفسير عادات بمعزل عن تاريخها وخلفيتها‪ ،‬يعجزون عن فهمها فتفتقد‬ ‫فرغ من مضمونها األصلي‪.‬‬ ‫نصوصهم المنطق والترابط َوت َ‬ ‫من األعياد المشتركة بين المسيحيين والمسلمين‪ :‬عيد النهر‪ ،‬أشار إليه‬ ‫عرضا صالح بن يحيى‪ ،‬ابن بيروت وكاتب تاريخها في القرن الخامس عشر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تطالعنا في دراســة هذا ‪‬العيد‪ ‬إشكالية‪ :‬هل كان صالح بن يحيى‬ ‫شاهدا على طقوس هذا العيد َّ‬ ‫ومط ًلعا على جذوره؟ أم انه اكتفى بذكره‬ ‫ً‬ ‫تعمق وتحليل؟‬ ‫من دون ّ‬ ‫لإلجابة نستعرض مصادر أشارت إلى سيرة مار جرجس في بيروت‪.‬‬ ‫مروا في المدينة خالل القرنين الرابع عشر والخامس عشر‬ ‫الرحالة الذين ّ‬ ‫ّ‬ ‫تركوا إشارات بسيطة عن هذا القديس ولم يتحدثوا عن ‪‬عيد‪ ‬كان ُيقام‬ ‫الرحالة الذين زاروا المدينة بعد القرن الخامس عشر‬ ‫على ذكره‪ ،‬بينما‬ ‫ّ‬ ‫دينية ُترافق‬ ‫ذكروا أن المسيحيين والمسلمين كانوا يتشاركون في احتفاالت ّ‬ ‫والرحالة األوروبيون الذين زاروا بيروت اكتفوا بوصف‬ ‫عيد مار جرجس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫و‪‬قومية‪ ‬ولم يبحثوا في أصولها‬ ‫دينية‬ ‫ّ‬ ‫أعياد وعــادات فيها من خلفية ّ‬ ‫وجذورها فجاءت إشاراتهم ُمجتزأة‪ ،‬مثلما فعل صالح بن يحيى في حديثه‬ ‫عن ‪‬عيد النهر‪.‬‬ ‫في جمع النصوص وتحليلها ومقارنة هذا ‪‬العيد‪ ‬بأعياد أُ خرى كانت‬ ‫يتبين أنه يأتي في سياق تاريخي ذي‬ ‫تجري في ُمدن الساحل اللبناني‪ّ ،‬‬


‫‪ .1‬مار جرجس في بيروت قبل القرن الخامس عشر‬ ‫واإلسالمية إشارات واضحة إلى سيرة مار‬ ‫المسيحية‬ ‫ليس في المصادر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫أوروبيين زاروها في القرنين الرابع عشر‬ ‫رحالة‬ ‫جرجس في بيروت ‪ ،‬لكن ّ‬ ‫ّ‬ ‫والخامس عشر‪ ،2‬نقلوا عن روايات شعبية أن مار جرجس عاش فيها وقتل‬ ‫التنين وأنقذ ابنة الملك‪ .3‬وفي رحلة الكاهن األلماني لودولف دي سودهايم‬ ‫(‪ )Ludolph de Sudheim‬إلى األراضي المقدسة (بين ‪ 1336‬و‪ )1341‬ذكر‬ ‫سكان المدينة‬ ‫مدنها وسقوط ممالك الفرنج‪ ،‬وفي مروره ببيروت ذكر أن ّ‬ ‫اعتنقوا‬ ‫المسيحية بواسطة مار جرجس الذي خلّ ص ابنة الملك من التنين‪.4‬‬ ‫ّ‬

‫‪Pierre MOUKARZEL, La ville de Beyrouth sous la domination Mamelouke‬‬ ‫‪(1291–1516) et son commerce avec l’Europe, éditions de l’Université‬‬ ‫‪Antonine, Baabda, 2010, p. 43–45, 55–56.‬‬

‫‪ 33‬‬

‫حول روايات أوروبية أشارت إلى مار جرجس في بيروت‪:‬‬

‫‪ 44‬‬

‫النص الالتيني (مع ترجمته الفرنسية)‪:‬‬ ‫ورد في‬ ‫ّ‬

‫‪Pierre MOUKARZEL, Op.cit., p. 738–751.‬‬

‫ «‬ ‫‪Hanc civitatem sanctus Georrius convertit et regis filiam a dracone‬‬ ‫‪liberavit » : « Cette ville fut convertie par Saint Georges et la fille du roi fut‬‬ ‫‪libérée du dragon », Voir, Ludolph de Sudheim, De itinere Terre Sanctae, W.A.‬‬ ‫‪NEUMANN (éd), AOL, II, 1884, p. 338.‬‬

‫‪65‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫‪ 11‬تبلورت سيرة جرجس مع الوقت ودخلت في مؤلفات تناولت ِس َير القديسين‪:‬‬ ‫اللد‬ ‫في سنكسار كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك أنه من القديسين الذين ولدوا في ّ‬ ‫دفاعا عن مسيحيته‪ .‬ميخائيل‬ ‫واستشهد‬ ‫مسيحية‪،‬‬ ‫(فلسطين) سنة ‪ 280‬لعائلة نبيلة‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تكرمهم كنيسة الروم‬ ‫عساف‪ ،‬كتاب السنكسار المشتمل على سير القديسين الذين ّ‬ ‫الملكيين الكاثوليك على مدار السنة‪ ،‬الجزء الثاني نيسان – آب‪ ،‬منشورات المكتبة‬ ‫البولسية‪ ،‬جونيه‪ ،2003 ،‬ص‪56–54 .‬؛ ويلتقي مضمون سكنسار الكنيسة المارونية مع‬ ‫اختصارا‪ :‬بولس ضاهر‪ ،‬السنكسار بحسب‬ ‫مضمون سنكسار الروم الملكيين لكنه أكثر‬ ‫ً‬ ‫طقس الكنيسة األنطاكية المارونية‪ ،‬جامعة الروح القدس‪ ،‬الكسليك‪ ،1996 ،‬ص‪–104 .‬‬ ‫موج ًزا‬ ‫وتوسع سنكسار الكنيسة األرثوذكسية في الحديث عن القديس جاورجيوس ِ‬ ‫‪105‬؛ ّ‬ ‫روايات عن حياته كتلك الواردة في سنكسار كنيسة الملكيين‪ ،‬وأضاف روايات عن ْقت ِل ِه‬ ‫ت أن الحادثة وقعت في سيلين (ليبيا) وفي روايات‬ ‫التنين إلنقاذ بنت الملك‪ ،‬وذكر روايا ٍ‬ ‫مصب النهر‪ .‬توما بيطار‪ ،‬سير القديسين وسائر‬ ‫أخرى أنها وقعت في بيروت عند‬ ‫ّ‬ ‫القديس‬ ‫األعياد في الكنيسة األرثوذكسية (السنكسار)‪ ،‬الجزء الرابع نيسان – أيار‪ ،‬دير ّ‬ ‫سلوان اآلثوسي‪ ،‬دوما‪ ،2003 ،‬ص‪ .195–193 .‬وعن نظرة المصادر اإلسالمية إلى‬ ‫مار جرجس والخضر‪ ،‬وسيرة مار جرجس في المصادر المسيحية‪ ،‬صدرت في مجلة‬ ‫كرونوس‪ ،38 ،‬دراسة‪ :‬جرجس والخضر سيرتان مختلفتان ووظائف مشتركة‪.‬‬ ‫رحالة أوروبيين زاروا بيروت في القرنين الرابع عشر الخامس عشر‪،‬‬ ‫‪ 22‬لالطالع على ّ‬ ‫كل منهم وأبرز المواضيع التي تناولوها‪:‬‬ ‫فيها‬ ‫كتب‬ ‫التي‬ ‫واللغة‬ ‫وتواريخ مرورهم فيها‬ ‫ّ‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫دينية ُمرتبطة بالخصب واإلخ ـصــاب وم ــداواة األمــراض‬ ‫عالقة بأعياد ّ‬ ‫المستعصية‪.‬‬ ‫ُ‬


Jaques de Vérone, 1895, Pèlerinage du moine Augustin Jacques de 55 Vérone (1355), Reinhold Rohricht (ed.), ROL, III, p. 155 –302.

66 Beirut was a royal city, built by the sea; and outside it is a forest of pines of several miles… If you wish to visit the place where St. George killed the dragon,and he liberated the daughter of the king of Beirut, it is one mile outside of Beirut…”. Niccolo di Poggibonsi, A Voyage Beyond the Seas, English version by F.F.T. Bellorini and E. Hoade, O.F.M. Jerusalem, 1945, p. 82. :‫نص نيكوال دي مارتوني عن القديس جرجس‬ ّ ‫وردت إشارة بسيطة في‬

77

:‫زار أوجييه آنغلور المدينة وترك إشارة ُمختصرة إلى سيرة مار جرجس‬

88

:‫ إنما اعتمدنا على ترجمة الدكتور بيار مكرزل‬،‫لم ننقل النص من مصدره األصلي‬

99

« À deux milles de Beyrouth se trouve l’église de Saint Georges à l’endroit où il a tué le dragon qui a dévoré beaucoup de gens ». Nicolas de Martoni, Relation d’un pèlerinage à Jérusalem de Nicolas de Martoni, notaire italien (1394–1395), Leo Legrand (éd), ROL, III, 1894, p. 625–626. Ogier d’Anglure, Le saint voyage de Jérusalem du seigneur d’Anglure, éd. Fr. Bonnardot, A. Lognon, Paris, 1878, p. 10.

« S. Georges avec le dragon, en dehors de la ville, dans une grotte, les 26 marches conduisent en bas. Là il y a une bonne eau pour la ville. S. Georges a mis sa lance dans la terre et a sauvé ainsi la ville d’une inondation menaçante et l’eau s’est retirée ». Pierre Moukarzel, Op.cit., p. 744.

66 ‫ مروان أبي فاضل‬.‫د‬

)Jaques de Vérone( ‫الرحالة اإليطالي جــاك دي فيرون‬ ‫وفــي زيــارة‬ ّ ‫المحارب‬ ‫) ذكــر كنيسة قريبة منها لمار جرجس‬1335 ‫بـيــروت (نحو‬ ‫ وجعل مدينة‬،‫التنين وح ـ ّـرر ابنة الملك‬ ّ ‫الـهــادئ والشهيد الــذي قتل‬ 5 ‫ وفــي زيــارة‬. ‫ وهــي الـيــوم معروفة بـبـيــروت‬،‫سيلينا تعتنق المسيحية‬ Niccolo di( ‫الراهب الفرنسيسكاني اإليطالي نيكولو دي بوغيبونسي‬ ‫) إشــارة إلى قتل‬1350‫ و‬1345 ‫) األراضــي المقدسة (بين‬Poggibonsi 6 ‫الرحالة اإليطالي نيكوال دي‬ ّ ‫ وفي نصوص‬. ‫مار جرجس التنين في بيروت‬ ‫ إشارة يتيمة إلى كنيسة مار‬1394 ‫) سنة‬Nicolas de Martoni( ‫مارتوني‬ ‫ وأشار‬.7‫كبيرا من الناس‬ ً ‫موق ِع ْقت ِل جرجس‬ ً ‫تنينا قتل‬ ِ ‫جرجس عند‬ ً ‫عددا‬ ‫وقتل‬ ْ ‫ إلى الكنيسة‬1395 ‫) سنة‬Ogier d’Anglure( ‫الفرنسي أوجييه دنغلور‬ .8‫التنين برمح مار جرجس‬ ‫رحــالــة وصفوها وأش ــاروا إلى‬ َ ‫في القرن الخامس عشر زار بـيـ‬ ّ ‫ـروت‬ ‫ وذكروا‬،‫المشادة في حيثما انتصر القديس على التنين‬ ُ ‫كنيسة مار جرجس‬ ‫ اإليطالي فردريكو دو‬:‫ من هؤالء‬.‫عجائب حدثت بشفاعة القديس جرجس‬ ‫ وذكر أن‬1411 ‫) الذي زار بيروت سنة‬Frederico de La Cava( ‫ال كافا‬ ‫ ِوب ُرمحه أنقذ‬،‫القديس كان يعيش في مغارة خارج المدينة حيث نبع ماء‬ 9 Claude( ‫الرحالة الفرنسي كلود دي ميرابيل‬ ّ ‫ وأشار‬. ‫المدينة من فيضان‬


ُ ‫ «ال‬،»‫ «مار جرجس‬،»‫بيروت «عيد النهر‬ ْ ‫خ‬ »‫ضر‬ ‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

67

‫ ومثله‬،10‫ إلى كنيسة مار جرجس قاتل التنين‬1419 ‫) سنة‬de Mirabel Ghillebert de( ‫الرحالة والدبلوماسي الفلمنكي جيلبرت دو النْ ـ َـوى‬ ‫فعل‬ ّ 11 ‫الرحالة والكاتب والمؤرخ االسباني بيرو‬ ‫ وذكر‬. 1421 ‫) سنة‬Lannoy ّ ‫أن منذ مقتل التنين في المدينة تسري‬ ْ 1435 ‫) سنة‬Pero Tafur( ‫تافور‬ ‫بشفاعة القديس‬ ‫سامة‬ ّ ‫في مروج بيروت زحافات كالعقارب إنما غير‬ Jörg von( ‫بيروت األلماني يورغ فون إهينغن‬ ‫ زار‬1454 ‫ وسنة‬.12‫جرجس‬ َ ُّ ‫) وتناهى إليه أن الفارس مار جرجس قتل فيها التنين وجعل‬Ehingen ‫ وأشار‬.13‫ملكها يعتنق المسيحية مع زوجته وابنته وجميع أبناء المدينة‬ ‫) سنة‬Anselme Adorno( ‫والرحالة البلجيكي انسيلمي أدورنــو‬ ‫التاجر‬ ّ ‫العذراء‬ ‫صرع فيه مار جرجس التنين وأنقذ‬ ‫ إلى موقع قرب بيروت‬1470 َ َ ‫تجاو ُرها مغاور‬ ‫ابنة الملك وشعب المملكة فقامت في المكان كنيسة منعزلة‬ ِ 14 ‫نص‬ ّ ‫ وفي‬. ‫ وتبدو أنقاض قصر الملك‬،‫وأوكــار كان يعيش فيها التنين‬ 1481 ‫) بين‬Josse van Ghistele( ‫للرحالة الفلمنكي جوس فان جيستل‬ ّ :‫النص‬ ‫ مما ورد في‬110 ّ

« En ceste ville de Barut, monseigneur saint George concquesta et ochist le orrible serpent qui devoit devourer la fille du roy: et là est encores le pallaix du roy, et auprès de là est la cave dedens la roche où ledit serpent habitoit… ». Voir, Claude de Mirabel, Un pèlerinage en Terre Sainte et au Sinaï au XVe siècle (1419 –1425), Extrait de la bibliothèque de l’école des chartes, H. Moranville (éd.), tome LXVI, Paris. 1905, p. 34. Ghillebert de Lannoy, Œuvres de Ghillebert de Lannoy, Ed. Ch. Poitvin, 111 Louvain., 1878, p. 155–158. TAFUR Pero, Travels and adventures (1435–1439), Translated and edited 112 with an introduction by Malcolm Letts, Lodon, 1926, p. 65– 66.

:‫النص‬ ‫ مما ورد في‬113 ّ

”And since I had learnt that at Beyrout the holy knight St. George had slain the dreadful dragon, and also converted the king, his wife and daughter, and the whole land to Christianity, I was most desirous of going first to that place”. Jörg von Ehingen, The diary of Jörg von Ehingen, Malcolm letts, London., 1929, p. 24.

:‫ ورد في الترجمة الفرنسية للنص‬114

« À deux petits milles de la cité est l’endroit où saint Georges tua le dragon, délivrant de ses attaques une vierge, fille du roi, et tout un peuple. Là se dresse, seule dans la campagne, une église auprès de laquelle nous avons vu les antres et les cavernes qu’habita ce dragon, dans le voisinage du château du roi, dont les fondations sont encore visibles aujourd’hui… ». Anselme ADORNO, Itinéraire d’Anselme Adourno en Terre Sainte (1470–1471), Traduit par Jacques Heers et G.de Groer, Paris, 1978, p. 338–339, 345.


‫و‪ 1485‬اعتبر أن بيروت (بيريت المدينة الفينيقية القديمة) كانت كبيرة‬ ‫وغنية كما تشهد آثارها الكثيرة وذكر أن شهرة المدينة تعود إلى أسطورة‬ ‫مار جرجس‪ ،‬ومستنقعات فيها كانت مخبأً‬ ‫مخيفا للتنين‪.15‬‬ ‫ً‬ ‫مروا في بيروت خالل القرنين الرابع عشر والخامس‬ ‫رحالة ّ‬ ‫هكذا أشاد ّ‬ ‫عشر بمكانة مار جرجس فيها وأشار بعضهم إلى أنه كان يقيم في مغارة‪،‬‬ ‫أي منهم إلى أعياد رافقت عبادته‪ ،‬خالفً ا لما أشار إليه صالح‬ ‫ولم ُي ِشر ٌّ‬ ‫بن يحيى‪.‬‬ ‫‪ .2‬مار جرجس وعيد النهر في كتاب صالح بن يحيى‬

‫‪68‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫(توفي سنة ‪.)1436‬‬ ‫عاش صالح بن يحيى في القرن الخامس عشر‬ ‫ّ‬ ‫هــو مــن بني تنوخ الــذيــن ج ــاؤوا لبنان واسـتـقــروا فــي بـيــروت عند بداية‬ ‫القرن التاسع ميالدي‪/‬القرن الثالث هجري‪ .‬وبعد ‪ُ 1140‬ع ّين أحد أفراد‬ ‫فع ِرفوا بأمراء الغرب‪.16‬‬ ‫عائلته من بني بحتر ً‬ ‫أميرا على مقاطعة الغرب ُ‬ ‫كتب صالح بن يحيى تاريخ بيروت‪ ،‬واستقى معظم معلوماته من أنسبائه‬ ‫حرصا على جمع آثار أجداده‪ .‬وزادت من قيمة كتابه‬ ‫أمراء الغرب ووقّ عه‬ ‫ً‬ ‫مالحظاته ومشاهداته الخاصة‪ .‬وكان األب لويس شيخو (‪)1927–1859‬‬ ‫معتمدا على مخطوطة في مكتبة باريس‬ ‫حقق الكتاب وعلَّ ق عليه‬ ‫أول من ّ‬ ‫ً‬ ‫‪18‬‬ ‫‪17‬‬ ‫العمومية عثر عليها سنة ‪ . 1894‬ثم سعى بنشرها مؤرخون آخرون ‪.‬‬ ‫‪ 115‬مما ورد في النص‪:‬‬

‫‪« Barut, l’ancienne Béryte de Phénicie, était autrefois une grande et riche ville,‬‬ ‫‪comme l’attestaient de nombreuses ruines... Barut était célèbre par la légende‬‬ ‫‪de St-Georges, car c’est là que demeurait le roi dont la fille fut délivrée par‬‬ ‫‪le pieux guerrier. On montrait encore, en ville, les ruines de son palais; on‬‬ ‫‪montrait aussi, dans les environs, les marécages qui servaient de repaire au‬‬ ‫‪hideux dragon… ». Josse van Ghistele, Le voyage en Orient de Josse van‬‬ ‫‪Ghistele (1481–1485), RGB, Tome 37–38, Bruxelles, 1883–1884, p. 744 –745.‬‬

‫‪ 116‬راجع حياة صالح بن يحيى في‪ :‬فيليب حتي‪ ،‬لبنان في التاريخ منذ أقدم العصور‬ ‫التاريخية إلى عصرنا الحاضر‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنيس فريحة‪ ،‬نقوال زيادة‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬ ‫باالشتراك مع دار فرانكلين‪ ،‬بيروت – نيويورك‪ ،1959 ،‬ص‪ .383 .‬وكذلك في‪:‬‬ ‫‪L. POUZET, Salih Bin Yahia, EI 2 , VIII, p.1020.‬‬

‫‪ 117‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت وأخبار األمراء البحتريين من بني الغرب‪ ،‬سعى‬ ‫بنشره وتعليق حواشيه األب لويس شيخو‪ ،‬طبعة ثانية مصححة‪ ،‬المطبعة الكاثوليكية‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،1927 ،‬المقدمة‪ ،‬ص‪.3 .‬‬ ‫ذرية بحتر بن علي أمير‬ ‫‪ 118‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت وهو أخبار السلف من ّ‬ ‫الغرب ببيروت‪ ،‬تحقيق فرنسيس هورس‪ ،‬كمال الصليبي وغيرهما‪ ،‬دار المشرق (المطبعة‬ ‫الكاثوليكية)‪ ،‬بيروت‪ .1969 ،‬وهي الطبعة التي نعتمد عليها في هذا البحث بحسب‬


‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫التالي‪ :‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت؛ وللكتاب طبعة أخرى غير معروفة بإسم المحقق‪:‬‬ ‫صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت وأمراء بني الغرب‪ ،‬دار الفكر الحديث‪ ،‬بيروت‪.1990 ،‬‬ ‫‪ 119‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.11–8 .‬‬ ‫‪ 220‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.8 .‬‬ ‫حد قول ياقوت نفسه‪:‬‬ ‫‪ 221‬لم ينقل مؤرخنا عن ياقوت حديثه عن بيروت‪ ،‬وهي على ّ‬ ‫تعد من أعمال دمشق‪ ،‬بينها وبين صيداء ثالثة‬ ‫‪‬مدينة مشهورة على ساحل بحر الشام ّ‬ ‫فراسخ‪ .‬ياقوت الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬ ‫الثانية‪ ،1995 ،‬ص‪.525 .‬‬ ‫‪ 222‬لم ينقل مؤرخنا عن ياقوت حديثه عن صور‪ .‬يمكن مراجعة حديث ياقوت عن‬ ‫صور‪ :‬ياقوت‪ ،‬معجم البلدان‪434–433 :3 ،‬؛ ولكن ما نقله عن أصل تسمية صيدا قد‬ ‫بصيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام‬ ‫ورد‬ ‫حرفيا عند ياقوت الذي قال‪ :‬قالوا‪ :‬سميت ّ‬ ‫ًّ‬ ‫بن نوح‪ ،‬عليه السالم‪ ،‬وقال هشام عم أبيه‪ :‬إنما سميت صيداء التي بالشام بصيدون‬ ‫بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نوح‪ .‬ياقوت‪ ،‬معجم البلدان‪ ،3 ،‬ص‪437 .‬؛ ثم ذكر‪:‬‬ ‫‪‬والصيداء بساحل الشام تعرف بصيداء صور‪ .‬ياقوت‪ ،‬معجم البلدان‪ .438 :3 ،‬ولكن‬ ‫ياقوت لم يشر إلى أن التوراة أشارت إلى المدينتين‪.‬‬ ‫‪ 223‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.11 .‬‬ ‫‪ 224‬ورد في التوراة أن ‪‬كنعان ولد صيدون بكره‪ :‬تك ‪.15 :10‬‬

‫‪69‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫ً‬ ‫أحداثا عرفتها‬ ‫أخبارا قديمة عن بيروت وسرد‬ ‫جمع بن يحيى في كتابه‬ ‫ً‬ ‫المدينة منذ القرن الثاني عشر‪ ،‬وأسهب في الكالم على تواريخ بني بحتر‬ ‫زمنا‬ ‫‪‬أمــراء الغرب ‪‬الذين حكموا‬ ‫كبيرا من غــرب لبنان وتـ ّـولــوا ً‬ ‫قسما ً‬ ‫ً‬ ‫طويال على بيروت وجوارها‪ .‬بدأ كتابه بفصل ‪‬في ذكر بيروت وأخبارها‬ ‫ً‬ ‫‪19‬‬ ‫بعتق‬ ‫وقــدمـهــا‪ . ‬وكتب‪ :‬المدينة قديمة جـ ًـدا‬ ‫يستدل على ِق َدمها ْ‬ ‫ّ‬ ‫[ســورهــا] ومــع عتقه فهو محدث عليها استخدموه األولين (كــذا) من‬ ‫خرايب كانت مقدمة أقدم منه بمدد كثيرة (كذا) ألننا نجد في السور‬ ‫آثارا في المدينة‪:‬‬ ‫المذكور قواعد من الرخام وأعمدة كثيرة‪ ،20‬ثم وصف ً‬ ‫يستدل على قدم بيروت من قدم صيدا وصور بالمجاورة لها يقال‬ ‫‪‬مما‬ ‫ّ‬ ‫عمرت بعد الطوفان وذكر ياقوت الحموي في كتاب‬ ‫مدينة‬ ‫رابع‬ ‫صيدا‬ ‫إن‬ ‫ّ‬ ‫‪21‬‬ ‫صيدون بن صدقا‬ ‫معجم البلدان ‪ ،‬قال‪ :‬قال هشام عن أبيه صيدا بإسم ّ‬ ‫بن كنعان بن حام بن نوح وقال وصيدا تعرف بصيدا صور وهما مذكورتان‬ ‫في التوراة‪ ،‬وصيدا بمفردها مذكورة في اإلنجيل‪ .22‬ووجــدت في بعض‬ ‫الكتب أن سليمان بن داود عليه السالم تزوج بنت صاحب صيدا وأن بصيدا‬ ‫يد) الحوت الذي ابتلع خاتمه‬ ‫فسميت صيدا‪.23‬‬ ‫أصيد ِ‬ ‫(ص َ‬ ‫ّ‬ ‫أبرزها‪:‬‬ ‫ت ُ‬ ‫معلومات صالح بن يحيى تشير تعليقا ٍ‬ ‫‪24‬‬ ‫سميت صيدا باسم ‪‬صيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نوح‪. ‬‬ ‫ • ّ‬ ‫كنعانية لكون مؤسسها صيدا اإلبن البكر لكنعان‪.‬‬ ‫المدينة‬ ‫أن‬ ‫يعني‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫ومصدر بن يحيى كان ياقوت الحموي‪.‬‬


‫‪70‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫وص ْور‬ ‫ •ذكر صالح بن يحيى أن صيدا وصور مذكورتان في التوراة‪ُ ،‬‬ ‫ذكرا في التوراة واإلنجيل‬ ‫مذكورة في اإلنجيل‪ .‬والصواب أن للمدينتين ً‬ ‫معا‪.25‬‬ ‫ً‬ ‫إنتقل صالح بن يحيى بعد الفصل األول إلى ‪‬فصل في معرفة طول‬ ‫بيروت وعرضها‪ ،‬وذكر فتح المسلمين بيروت‪ ،‬ودرس تاريخها من العصور‬ ‫ناقال أسطورة قديمة في‬ ‫الوسطى إلى زمانه‪ .‬وأشــار إلى مار جرجس ً‬ ‫بيروت‪ :‬زعم النصارى أن في القدم خرج في بيروت تنين عظيم فقرروا‬ ‫لشره‬ ‫كل عام بنت (كذا) يخرجونها إليه‬ ‫(كذا) أهل بيروت له في ّ‬ ‫اكتفاء ّ‬ ‫ً‬ ‫ليال‬ ‫فوقعت القرعة في سنة من السنين على صاحب بيروت‪ .‬أخرج بنته ً‬ ‫فتصور لها مار جرجس‬ ‫إلى مكان موعد التنين فتوسلت بالدعاء إلى اهلل‬ ‫ّ‬ ‫فعمر صاحب‬ ‫القديس‪ .‬فلما جاء التنين خرج عليه مار جرجس فقتله ّ‬ ‫تصور هذه‬ ‫بيروت في تلك المكان كنيسة بالقرب من النهر‪ .‬والنصارى‬ ‫ّ‬ ‫قل ما يخال (يخلو) منها كنيسة‪.‬‬ ‫الكاينة (كذا) في سائر كنائس بالدهم ّ‬ ‫لد قتله ملك عبدة األصنام‬ ‫ويزعموا النصارى (كذا) أن مار جرجس من ٍ‬ ‫بحوران وله عيد مشهور عندهم في ساير البالد‪ .‬وأهل بيروت المسلمين‬ ‫يسمى عيد النهر وهو‬ ‫والنصارى يخرجون في تلك العيد إلى نهر بيروت ّ‬ ‫الب َدع‪ .‬وجاء في حاشية كتاب ‪‬صالح بن يحيى‪ ‬أن ‪‬عيد النهر‪‬‬ ‫من ِ‬ ‫‪26‬‬ ‫دائما في الثالث والعشرين من نيسان ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ـص صالح بــن يحي‪ ،‬يظهر أن مضمونه يشبه مــا ورد في‬ ‫بتحليل نـ ّ‬ ‫بذكـر عيد النهر الجامع مسيحيي‬ ‫تميز ْ‬ ‫لكنه‬ ‫ذكرها‪،‬‬ ‫السابق‬ ‫المصادر‬ ‫ّ‬ ‫بيروت ومسلميها‪ .‬ولم نفهم سبب إغفال المصادر السابقة ْذكر هذا العيد‪،‬‬ ‫مع أن الراهب الفرنسيسكاني‬ ‫فرنشسكو سوريانو (‪)Francesco Suriano‬‬ ‫ِ‬ ‫الذي أقام في بيروت أربع سنوات (‪ ،)1484–1480‬وبعد نحو ‪ 45‬سنة من‬ ‫وفاة صالح بن يحيى‪ ،‬أشار إلى تعايش المسيحيين والمسلمين في بيروت‪،‬‬ ‫وتحدث عن مشاركة المسلمين المسيحيين في االحتفال بعيد القديسة‬ ‫بربارة في ‪ 4‬كانون األول‪ ،‬لكنه لم يشر إلى احتفاالت عيد مار جرجس‪.27‬‬ ‫قائما في القرن الخامس عشر؟ وإذا كان كذلك لماذا‬ ‫فـهل كان هذا العيد ً‬

‫مثال في اإلنجيل‪ :‬ثم قام من هناك ومضى إلى تخوم صور وصيداء‪ .‬ودخل‬ ‫‪ 225‬راجع ً‬ ‫بيتا وهو يريد أن ال يعلم أحد‪ .‬فلم يقدر أن يختفي‪ :‬مر‪.24 ،7 :‬‬ ‫‪ 226‬صالح بن يحيى‪ ،‬تاريخ بيروت‪ ،‬ص‪.9 .‬‬ ‫‪Francesco SURIANO, Treaties on the Holy Land, translated by 227‬‬ ‫‪T. Bellorini – E. Hoade with a preface and notes by B. Bagatti, Franciscan‬‬ ‫‪Printing Press, Jerusalem, 1949, reprinted 1983, p. 171–174.‬‬


‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫نرجح أن صالح بن يحيى لم يشهد طقوس العيد‬ ‫الرحالة؟‬ ‫ً‬ ‫تحليال ّ‬ ‫لم يذكره ّ‬ ‫معين إنما لم‬ ‫بل ربما كان ُيشير إلى عيد قديم‬ ‫ْ‬ ‫وصلته أخباره من مصدر ّ‬ ‫يفهم أحداثه وأبعاده فاعتبره ‪‬من ال ِب َدع‪.‬‬ ‫نص صالح بن يحيى‪ ،‬اعتبر‬ ‫األب لويس شيخو اليسوعي‪ ،‬في تحليله ّ‬ ‫‪‬تنين القديس جرجس‪ ‬من أشهر قصص دينية ‪‬في الشرق‪ .‬ونقل أن‬ ‫بالوثنية‬ ‫ستدل به على ظفر القديس جرجس‬ ‫‪‬هذه الحكاية رمز فقط ُي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الممثلة بالتنين‪ .‬أما الفتاة فإشارة إلى المدينة أو البالد‬ ‫وعبادة األصنام‬ ‫َ‬ ‫مضرة الشرك َو َو ِخيم‬ ‫وخلصها من‬ ‫التي هداها القديس إلــى اإليمان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عدة حول القديس‬ ‫عقباه‪ .28‬وذكر األب شيخو أن العامة اختلقت‬ ‫قصصا ّ‬ ‫ً‬ ‫ـ ‪‬معنى‪ُ ‬وكتب بعضها بالكرشونية ‪‬من جملة أناشيد‬ ‫جرجس‪ُ ،‬ر ِو َيــت بال ّ‬ ‫يرتقي عهدها إلى نحو مئتي سنة‪ ،‬وأورد أنشودة ‪‬مديحة مار جرجس‪.29‬‬ ‫نص صالح بن يحيى قد ينطلق من تحليل عميق لمضمونه‪ ،‬ويشتمل‬ ‫ْ‬ ‫وفه ُم ّ‬ ‫أساسيتيين‪ :‬سيرة مار جرجس‪ ،‬وعيد النهر‪.‬‬ ‫فكرتين‬ ‫على‬ ‫النص‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫‪71‬‬

‫‪ 228‬لويس شيخو‪ ،‬تذكار المئة السادسة عشرة الستشهاد القديس جرجس‪ ،‬مجلة‬ ‫المشرق‪ ،‬عدد ‪ ،9‬السنة السادسة‪ّ 1 ،‬أيار ‪ ،1903‬ص‪.389–388 .‬‬ ‫نص مديحة مار جرجس في‪ :‬لويس شيخو‪ ،‬تذكار المئة السادسة‬ ‫‪ 229‬يمكن قراءة ّ‬ ‫عشرة الستشهاد القديس جرجس‪ ،‬مجلة المشرق‪ ،‬ص‪.392–389 .‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫صورة تقليدية للفارس الروماني جرجس يصرع التنين‬


‫‪72‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫ُيحيط الغموض سـيــرة القديس جــرجــس ُوتـنـ َـسـ ُـج حولها تفسيرات‬ ‫القديس في التقاليد الشعبية صفات اكتسبها من‬ ‫وتحليالت‪ ،30‬ولهذا‬ ‫ّ‬ ‫نسب ْتها‬ ‫اهلل‪ :‬الخلود والقوة والشجاعة والخصوبة واإلخصاب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫صفات َ‬ ‫الشعوب القديمة إلى آلهتها‪ ،‬وحافظ المسيحيون والمسلمون على معظم‬ ‫قديسيهم أو أنبيائهم وأوليائهم‪ ،‬وهو ما يبرر‬ ‫تلك الصفات‬ ‫َ‬ ‫ناسبينها إلى ّ‬ ‫مشاركة المؤمنين السوريين واللبنانيين ومحيطهم بتقديس مواقع مرتبطة‬ ‫بأساطير شعبية قديمة‪ ،31‬وبتبجيلهم القديس جرجس والخضر في أنهار‬ ‫وينابيع‪.32‬‬ ‫جذوره في‬ ‫نص صالح بن يحيى عن انتصار مار جرجس على التنين‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫المشيرة إلى انتصار البعل‬ ‫أوغاريت‬ ‫أساطير‬ ‫منها‬ ‫قديمة‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ديني‬ ‫نصوص‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫(إله األرض والرعد والمطر) على ‪‬يم‪ ‬إله البحر‪ .33‬ومنذ القرن التاسع‬ ‫عشر ربط المؤرخون وظائف مار جرجس بآلهة من حضارات الشعوب‬ ‫حامال حربته على‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫القديمة‪ ،‬بينها اإلله المصري حوروس الظاهر في نقو ٍ‬ ‫فرسا‬ ‫بصور القديس جرجس‬ ‫يذكر‬ ‫تمساحا ّ‬ ‫صهوة جواده ويقتل‬ ‫ً‬ ‫ممتطيا ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫بيضاء في يده حربة يطعن بها التنين‪ ،‬كما ُربطت أساطير المواجهات‬ ‫بين البر والبحر بتقاليد‬ ‫فينيقية وعبرانية وسامية ويونانية قديمة‪ .34‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫الميتولوجيا اإلغريقية أمثلة ترتبط بسيرة القديس جرجس‪ ،‬أشهرها‬ ‫‪ 330‬وضعت كتب ودراسات ومقاالت متعددة عن مار جرجس‪ ،‬منها على سبيل المثال‪:‬‬

‫‪Charles Clermont Ganneau, Horus et Saint Georges d’après un bas- relief‬‬ ‫‪inédit du Louvre, RA, Vol. 32, 1877, p. 196–204; Cumont Franz, 1936, La‬‬ ‫;‪plus ancienne légende de saint Georges, RHR, Vol. 114, 1936, p. 5–51‬‬ ‫‪Laurence Gardner, The mysterious identity of Saint George, 2007, http://‬‬ ‫– ‪www.goldenageproject.org.uk; E. Gordon Whatley – B. Thompson Anne‬‬ ‫‪K. Robert Upchurch (éds), 2004, The Martyrdom of St George in the South‬‬ ‫‪English Legendary, SLMEC, Western Michigan University Medieval Institute,‬‬ ‫‪Kalamazoo, 2004; Livingstone EA – Cross Frank Leslie (éds), 1997, ODCC,‬‬ ‫‪under St George.‬‬

‫عدة دراسات مار جرجس بتقاليد شعبية قديمة‪ ،‬ومنها على سبيل المثال‪:‬‬ ‫‪ 331‬ربطت ّ‬ ‫‪Housni HADDAD, Georgic Cults and Saints of the Levant, Numen, Vol. 16,‬‬ ‫‪1969, p. 21.‬‬

‫حققه‬ ‫‪ 332‬ألبرت حوراني‪ ،‬تاريخ الشعوب العربية‪ ،‬نقله إلى العربية كمال خولي‪ّ ،‬‬ ‫وضبط حواشيه أنطوان ب‪ .‬نوفل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬نوفل‪ ،‬هاشيت أنطوان‪ ،‬بيروت لبنان‪،‬‬ ‫‪ ،2012‬ص‪.235 .‬‬ ‫‪ 333‬يمكن االطالع على صفات البعل وانتصاره على يم وموت في‪:‬‬

‫‪TOI, 1974: 73–85.‬‬

‫‪Charles Clermont Ganneau, RA, Vol. 32, 1877, p. 196–204, 372–399. 3 34‬‬


‫‪Talmud de Jerusalem, Aboda Zara, I, IV, 39b; Corinne Bonnet, Melqart 336‬‬ ‫‪Cultes et mythes de l’Héraclès tyrien en méditerranée, Studia Phoenicia VIII,‬‬ ‫‪Leuven, 1998, p. 68.‬‬

‫‪ 337‬أنطوان القسيس أنطوان‪ ،‬مالمح من الفكر الديني الكنعاني الفينيقي‪ ،‬فينيقيات‬ ‫‪ ،1‬ص‪.51–50 .‬‬ ‫وأهمية المياه في طقوس الخصوبة يمكن مراجعة‪:‬‬ ‫‪ 338‬حول عيد يريد‬ ‫ّ‬

‫‪Corinne BONNET, Melqart Cultes et mythes de l’Héraclès tyrien en‬‬ ‫‪méditerranée, p. 68–69.‬‬

‫‪ 339‬أنطوان القسيس أنطوان‪ ،‬مالمح من الفكر الديني الكنعاني الفينيقي‪ ،‬فينيقيات‬ ‫‪ ،1‬ص‪.50–49 .‬‬ ‫‪ 440‬حول حادثة جبل الكرمل وأبعادها الحضارية والدينية يمكن مراجعة‪ :‬مروان أبي‬ ‫فاضل‪ ،‬جبل الكرمل‪ :‬صراع طويل بين النبي الياس وكهنة بعل صور‪ ،‬مجلة مرايا‬ ‫التراث‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬بيروت‪ ،2015 ،‬ص‪.157–134 .‬‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫‪Kelly Ogden, Perseus, Numéro 1, London–New York, Routledge, 2008, 335‬‬ ‫‪10, p. 136–138.‬‬

‫‪73‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫أسطورة اإلله اليوناني برسيوس المنتصر على الوحش البحري دراكون‬ ‫(‪.35)Drakôn‬‬ ‫‪‬عيد النهر‪ ‬لم يترك صالح بن يحيى معلومات كافية حول طقوسه‬ ‫ً‬ ‫دينية في مدن الساحل الكنعاني‪/‬‬ ‫ومعانيه‪ ،‬فقد يكون‬ ‫مرتبطا بطقوس ّ‬ ‫‪‬يريد‪ )Yerid( ‬في صور‬ ‫الفينيقي غايتها تقديس المياه‪ ،‬من أقدمها عيد ِ‬ ‫ومناطق من الشرق األدنــى في العصر الهلّ نستي‪ ،‬ورد ْذكــره في التلمود‬ ‫األورشليمي‪ .36‬كان المؤمنون يبدأون تطوافهم الديني من صور إلى ينابيع‬ ‫شبان يحملون أباريق ُملئت بمياه البحر ُيفرغونها في‬ ‫رأس العين‪ ،‬وكان ّ‬ ‫الينابيع حتى إذا ركدت ُتصبح صالح ًة للشرب‪ ،‬وبعد انتهاء المراسم يتحول‬ ‫مارس في أوغاريت‬ ‫الطقس احتفال فرح‪ .37‬وهذا العيد يشبه‬ ‫طقوسا كانت ُت َ‬ ‫ً‬ ‫الدينية ومدى ارتباطها‬ ‫برز فيه أهمية المياه في الطقوس‬ ‫وممالك قديمة‪َ ،‬ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ويعبر عن عالقة المياه بالحياة‬ ‫وأشمون‪،‬‬ ‫ملقرت‬ ‫مثل‬ ‫االبطال‪‬‬ ‫ـ ‪‬اآللهة‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫كما ملقرت أو‬ ‫والخصوبة مع أن المعطيات العلمية في المصادر ال تربط ُح ً‬ ‫‪‬يريد‪ ،‬وإن كان ملقرت في صور وعمريت وكيتيون‬ ‫غيره من اآللهة بعيد ِ‬ ‫‪38‬‬ ‫المقدس‪ ،‬وكانت‬ ‫الصوري بالماء‬ ‫ّ‬ ‫يحب المياه ‪ .‬وارتبطت عبادة ملقرت ُ‬ ‫الشعوب القديمة المجاور ُة الفينيقيين تمارس‬ ‫طقوسا الستجالب المطر‪،39‬‬ ‫ً‬ ‫وفــي مـمــارســات رافـقــت حــادثــة جبل الكرمل (ال ـصــراع بين كهنة البعل‬ ‫والنبي إيليا) طقس الستدرار المطر بـتطواف ديني يترافق مع الرقص‬ ‫وتهشيم األجساد بالسيوف والرماح‪ .40‬وذكر الكاتب هيليودور في روايته‬ ‫يتعبدون لإلله ملقرت بتطواف راقص يترافق‬ ‫أن ّ‬ ‫البحارة الصوريين كانوا ّ‬


‫‪74‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫ب‬ ‫مع الضرب على الصدور‪ ،41‬ويبدو أن ظاهرة الرقص‬ ‫المصاح ِ‬ ‫ّ‬ ‫المقدس ُ‬ ‫ت استجالب المطر كانت شائعة في مناطق مختلفة من الشرق األدنى‬ ‫عبادا ِ‬ ‫‪42‬‬ ‫القديس‬ ‫القديم ‪ .‬فال غرابة أن يرتبط عيد مار جرجس بتلك التقاليد‪ ،‬هو ّ‬ ‫طقسا‬ ‫أبرزها الخصوبة‪ ،‬وهذا يتيح اعتبار عيد النهر‬ ‫الممتلك‬ ‫وظائف ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫غايته تقديس المياه والخصوبة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عاشت تلك الطقوس الدينية في مدن الساحل اللبناني‪ ،‬وبعد انتشار‬ ‫الرحالة عن فهم أسبابها‬ ‫تحولت عادات شعبية عجز ّ‬ ‫المسيحية واالسالم ّ‬ ‫رحالة زاروا لبنان في القرن الثامن عشر إلى عادات‬ ‫وجذورها‪ .‬لذا أشار ّ‬ ‫‪‬يريد‪ .‬فاألب اإليطالي ماريتي (أواخر‬ ‫شعبية في صور تشبه طقوس عيد ِ‬ ‫تقليدا في المدينة‪ :‬يمأل السكان أباريق من‬ ‫القرن الثامن عشر) وصف‬ ‫ً‬ ‫مياه البحر ويرمونها في ينابيع رأس العين لتنقية المياه وتطهيرها (أوائل‬ ‫تشرين االول من كل سنة‪ ،)43‬وكان سكان صور يعتبرون أن هذا التقليد‬ ‫يرقى إلى زمن أجدادهم ويمثل تزاوج مياه البحر بـمياه البر‪ ،44‬لكنهم لم‬ ‫الرحالة والكاتب الفرنسي‬ ‫يفهموا جذوره الدينية‪ .‬وورد هذا التقليد لدى‬ ‫ّ‬ ‫أيضا أنه‬ ‫فولناي (زار لبنان بعد سنوات من زيارة الراهب ماريتي) وذكر هو ً‬ ‫يجهل جذور هذه الظاهرة‪.45‬‬ ‫‪ 441‬هيليودور من حمص‪ ،‬عاش في القرن الثالث أو الرابع الميالدي‪ ،‬وكتب رواية بلغة‬ ‫النص في‪:‬‬ ‫يونانية‪ .‬يمكن مراجعة‬ ‫ّ‬

‫‪Heliodore, Les Ethiopiques, trad. Fr. Grimal, (coll. La Pléiade), Paris, 1958,‬‬ ‫‪IV, 17–1.‬‬

‫المقدس في الشرق األدنى القديم يمكن مراجعة‪:‬‬ ‫‪ 442‬حول ظاهرة الرقص‬ ‫ّ‬

‫‪André Caquot, Les danses sacrées en Israël et à l’entour, dans les danses‬‬ ‫‪sacrées, Paris, 1963, p. 119–143; Carole Roche, Danse, DA, p. 633.‬‬

‫النص اآلتي‪:‬‬ ‫‪ 443‬نقتطف من ماريتي‬ ‫ّ‬

‫‪« Dans les premiers jours d’Octobre de chaque année, l’eau (du puits de‬‬ ‫‪ras-el-‘ain) fermente, soulève le sable et devient bourbeuse, au point qu’il‬‬ ‫‪n’est plus possible d’en faire aucun usage. On y remédie en jetant cinq ou‬‬ ‫‪six cruches d’eau de mer, qui clarifient la source en moins de deux heures ».‬‬ ‫‪L’abbé Giovanni Mariti, Voyages dans l’Ile de Chypre, la Syrie et la Palestine,‬‬ ‫‪avec l’histoire générale du Levant, traduit de l’italien en français, I–II, Paris,‬‬ ‫‪1791, T II, p. 205–206.‬‬ ‫‪Corinne Bonnet, Melqart Cultes et mythes de l’Héraclès tyrien en 444‬‬ ‫‪méditerranée, p. 68.‬‬

‫نص فولناي ما يأتي‪:‬‬ ‫‪ 445‬ورد في ّ‬

‫‪En sortant du village sur l’Isthme, on trouve à cent pas de la porte une tour‬‬ ‫‪ruinée, dans laquelle est un puits où les femmes viennent chercher l’eau: ce‬‬


ُ ‫ «ال‬،»‫ «مار جرجس‬،»‫بيروت «عيد النهر‬ ْ ‫خ‬ »‫ضر‬ ‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

75

‫أعياد شبيهة في صربا‬ ،‫ في بيروت وصــور‬‫أعياد النهر‬ ‫لـتقاليد‬ ٌ ‫) في‬Ernest Renan( ‫مر إرنست رينان‬ ّ .‫(جونيه) مرتبط ٌة بتقاليد قديمة‬ ‫فينيقيا ترتبط فيه ُخرافات‬ ‫مجم ًعا‬ ّ 1861 ‫جونيه سنة‬ ًّ َّ ‫وأكد أن صربا كانت‬ .‫السكان‬ ّ ‫المسيحيين والمسلمين بتقاليد تاريخية قديمة حافظ عليها‬ ‫الحج المشتركة بين المسلمين والمسيحيين‬ ‫ورأى رينان أن وجهة طقوس‬ ّ ‫ ووصف المغارة‬.‫مراكز عبادة للوثنيين‬ ‫وطوائف أخرى في سوريا كانت‬ ‫سمى‬ ُ )‫المحاذية البحر‬ ّ ‫ت‬‫و‬ ُ ‫في صربا (قرب الطريق الرومانية القديمة‬ ‫ وذكر رينان عن‬.‫ بأنها معبد للطقوس الدينية‬‫اليوم مغارة مار جرجس‬ ‫يالمسن مياه البحر المتداخلة مع مياه‬ ‫سكان المنطقة أن النساء كـ َّـن‬ ّ ْ ‫قطعا‬ ‫المغارة‬ ّ ،‫تسهل خصوبتهن‬ ّ ً ‫وكن يتركن للقديس جرجس‬ ّ ‫إليمانهن أنها‬ ‫مارس‬ َ ‫ وربط رينان هذه العادة بطقوس فينيقية قديمة كالتي كانت ُت‬.‫نقدية‬ ‫طقوسا من الجنس‬ ‫طقوسا دينية اقتصادية أو‬ ‫ تمثل‬،‫في أفقا وجبيل‬ ً ً 46 Victor( ‫ وذكــر فيكتور غيران‬. ‫المقدس إلبعاد الصبغة الشائنة عـنــه‬ ّ ‫) كنيس ًة صغير ًة لمار جرجس في صربا محفور ًة في الصخرة على‬Guerin .47‫صلى وثني‬ ّ ‫م‬ ُ ‫أنقاض‬ puits a quinze ou seize pieds de profondeur; mais l’eau n’en a plus de deux ou trois; l’on n’en boit pas de meilleure sur toute la côte. Par un phénomène dont on ignore la raison, elle se trouble en Septembre, et elle devient, pendant quelques jours, pleine d’une argile rougeâtre. C’est l’occasion d’une grande fête pour les habitants; ils viennent alors en troupe à ce puits, et ils versent un seau d’eau de mer qui, selon eux, a la vertu de rendre la limpidité à l’eau de la source. Constantin François Volney, Voyages en Egypte et en Syrie, I–II, Paramantier, Paris, 1825, T. II, p. 95–96.

‫ بدأ‬،1860 ‫) الحملة الفرنسية إلى لبنان سنة‬1892–1823( ‫ رافق إرنست رينان‬446 ‫ نقتطف منه عن جونيه ما‬،1864 ‫ ونشر كتابه سنة‬،1860 ‫أعماله في تشرين االول سنة‬ :‫يأتي‬

« On l’appelle maintenant la grotte de Saint–Georges, et l’on croit que les bains de mer qu’y prennent les femmes les rendent fécondes. Le rituel veut qu’avant de sortir elles offrent une pièce de monnaie, déterminée par les règlements, à Saint Georges, ce qui peut être un reste des anciens tarifs phéniciens pour les sacrifices ou un souvenir éloigné du rachat de la prostitution sacrée. En général, les pèlerinages communs aux musulmans, aux chrétiens et aux autres sectes, en Syrie, indiquent des centres de cultes païens ». Ernest Renan, Mission de Phénicie, imprimerie impériale, Paris, 1864, p. 329.

‫ وذكر أنه اعتمد على‬،‫) في جونيه بعد رينان‬1891–1821( ‫مر فكتور غيران‬ ّ 447 .‫أبحاثه‬ Victor Guérin, La Terre Sainte, Deuxième Partie, Paris, 1884, p. 100.


‫‪76‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫وفي إشارة هنري المنس إلى بقايا أثرية في جونيه ذكر أن صربا كانت‬ ‫غنية بآثار فينيقية أخفتها األبنية الحديثة‪ ،‬ومن تلك اآلثار الباقية ‪‬مغارة‬ ‫سابقا‬ ‫القديس جرجس كانت‬ ‫يكرم فيها اليوم‬ ‫هيكال لعبدة االصنام‪،48‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نهار ‪23‬‬ ‫في تقليد شعبي بزيارة أبناء جونيه مغار َة ‪‬مار جرجس الباطية‪َ ‬‬ ‫سنة لالحتفال بعيد القديس‪ ،‬مؤمنين بأن زيارتها تحمي‬ ‫نيسان من كل ٍ‬ ‫المصابين‬ ‫من الغرق وتعالج العقم عند النساء وتشفي األطفال واألوالد ُ‬ ‫بــأمــراض مستعصية‪ .49‬ويتناقل السكان أس ـطــور َة أن حـصــان القديس‬ ‫جرجس وقف على مدخل المغارة‪ ،‬وظلت آثار حافره منقوشة على الصخر‬ ‫متشفع ًة بمار‬ ‫قبالة المغارة‪ .‬ومن الطقوس زيارة المرأة العاقر هذه المغارة‬ ‫ّ‬ ‫رمي‬ ‫جرجس لشفائها من العقم بالغطس ثالث مرات في ماء المغارة ثم ْ‬ ‫خرقة من ثيابها الى البحر لقاء دفع رسم معين‪ .‬ولسكان جونيه في هذا‬ ‫المكان طقوس مشابهة في عيد مار يوحنا (‪ 24‬حزيران) غايتها شفاء‬ ‫ورمي قطعة من‬ ‫األطفال من األمراض وصيبات العين بتغطيسهم في الماء ْ‬ ‫ت‬ ‫ثيابهم في مياه البحر‪ .‬ومنذ الحرب في لبنان (‪)1990–1975‬‬ ‫وتحوال ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫مياهه عن تداخلها بمياه‬ ‫ردم البحر َ‬ ‫فص َل ُ‬ ‫مدينية عمرانية عرفتها جونيه‪َ ،‬‬ ‫‪50‬‬ ‫رحالة ومؤرخون أوروبيون من‬ ‫المغارة فغابت تلك العادات الشعبية ‪ .‬وعالج ّ‬ ‫القرن التاسع عشر أثر الديانات القديمة على ممارسات بعض الشعوب‪،‬‬ ‫وترك بعضهم دراسات عن تأثير ممارسات كهنة ‪‬البعل الفينيقي‪ ‬على‬ ‫الشعوب القديمة وعلى عادات مجتمعات معاصرة‪.51‬‬ ‫‪ 448‬هنري المنس‪ ،‬تسريح األبصار فيما يحتوي لبنان من اآلثار‪ ،‬المطبعة الكاثوليكية‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،1913 ،‬ص‪.8 .‬‬ ‫‪ 449‬حول عيد مار جرجس الباطية‪ :‬منير وهيبه الخازن‪ ،‬واكيم بو لحدو‪ ،‬جونيه عبر‬ ‫التاريخ‪ ،‬منشورات دار كسروان للثقافة والسياحة والتوثيق‪ ،‬جونيه‪ ،1983 ،‬ص‪–78 .‬‬ ‫‪.82‬‬ ‫‪ 550‬ما يزال أبناء جونيه يذكرون تلك الطقوس التي استمرت حتى سبعينيات القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬ويروي كبار السن منهم أنهم كانوا يرافقون أهلهم وأبناء قرى جونيه إلى‬ ‫مغارة مار جرجس شير الباطية حيث كانوا يتلون الصلوات في مناسبة عيد مار جرجس‬ ‫في ‪23‬نيسان‪ ،‬وعيد مار يوحنا في ‪ 24‬حزيران‪ .‬لمزيد من المعلومات عن طقوس مار‬ ‫جرجس الباطية يمكن مراجعة‪ :‬شارل رزق اهلل‪ ،‬مغارة مار جرجس ذكريات واساطير‬ ‫شاخت في زاوية خليج جونيه‪ ،‬جريدة الديار‪.1990 ،7/9 ،‬‬ ‫‪ 551‬يمكن على سبيل المثال االطالع على ذكر حادثة جبل الكرمل عند المؤرخ الفرنسي‬ ‫الكاهن فولكران فيغورو (‪ )1915–1837‬الذي الحظ أن أثر عبادة بعل الكرمل كان‬ ‫طاغيا في فينيقيا وانتقل أثره إلى مصر وبالد ما بين النهرين واليونان القديمة وروما‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ورأى أن مجتمعات معاصرة (للقرن التاسع عشر) في المغرب تقوم بممارسات شبيهة‬ ‫بممارسات البعل ومتأثره بها‪ .‬أُ نظر‪:‬‬


‫مغارة مار جرجس في صربا قبل أن تنفصل عنها مياه البحر‬

‫‪Fulvran Vigouroux, La Bible et les découvertes modernes en Palestine, en‬‬ ‫‪Egypte et en Assyrie, I–III, Paris, 1896, T. III, p. 597–625.‬‬

‫‪ 552‬تحتل شخصية الخضر مكانة بارزة في األساطير والقصص اإلسالمية‪ .‬وترتبط‬ ‫نبيا‪،‬‬ ‫سيرته في المقام األول بسورة الكهف (‪ .)82–60 ،18‬رأت بعض المصادر أنه كان ًّ‬ ‫عبدا من عبيد اهلل يمثّ له على األرض وفي البحار‪ ،‬وهو في رأي‬ ‫فيما رأت غيرها أنه كان ً‬ ‫بعض المتصوفين من أولياء اهلل الصالحين‪ .‬أُ نظر‪:‬‬ ‫‪Arent Jan Wensinck, Al-Khadir (Al-Khidr), EI 3, IV, p. 902–205.‬‬

‫‪77‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫مياه مغارة مار جرجس الباطية في صربا (جونيه)‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫سكان المدن الساحلية تواصل بثوب‬ ‫أثر أساطير الشعوب القديمة على ّ‬ ‫الشر‬ ‫أن القديس المحبوب ‪‬مــار جرجس‪ ‬ينتصر على‬ ‫مسيحي جعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بالتنين‪ .‬وحافظ سكان بيروت المسلمون على األسطورة بشخص‬ ‫‪‬النبي خضر‪ .52‬من هنا ذكر صالح بن يحيى أن أهل بيروت‪ ،‬مسيحيين‬ ‫يتعمق في‬ ‫ومسلمين‪َ ،‬يخرجون إلى نهر بيروت في ‪‬عيد النهر‪ .‬وألنه لم ّ‬ ‫أبعاد هذا العيد وخلفياته‪ ،‬اعتبره ‪‬من ال ِب َدع‪.‬‬


‫‪78‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫‪ .3‬مار جرجس في بيروت بعد القرن الخامس عشر‬ ‫زوار بيروت في القرنَ ين الخامس عشر والسادس عشر ذكروا‬ ‫ّ‬ ‫الرحال ُة ّ‬ ‫بإيجاز قصة مار جرجس ‪‬قاتل التنين ومخلّ ص ابنة الملك‪ .‬منهم اإليطالي‬ ‫ٍ‬ ‫لودفيكو دي فارتيما (‪ )Ludvico de Varthema‬سنة ‪ ،531503‬والراهب‬ ‫ديرا‬ ‫الفرنسيسكاني االسباني أنطونيو دي أراندا لدى زيارته في المدينة ً‬ ‫للرهبنة الفرنسيسكانية‪ ،‬أشار إلى كنيسة مار جرجس ‪‬الواقعة شمال‬ ‫تعبد المسلمين لمار جرجس‬ ‫بيروت‪ ‬حيث َقتل‬ ‫القديس التنين‪ّ ،‬‬ ‫وشدد على ّ‬ ‫ُ‬ ‫بحمل مرضاهم إلى كنيسته والنوم فيها وتقديم النذور ألن مار جرجس‬ ‫ْ‬ ‫مس ًلما في‬ ‫وكتب‬ ‫األوروبيين‪.‬‬ ‫المسيحيين‬ ‫ضد‬ ‫ومنها‬ ‫حروبهم‬ ‫في‬ ‫عنهم‬ ‫دافع‬ ‫ْ‬ ‫المدينة أخبره أن أكثر من ‪ 700‬فرنسي هاجموا بيروت الحتاللها فالقاهم‬ ‫شبان مسلمون قتلوا منهم ‪ 600‬وطردوهم‪ ،‬قبل ‪‬ثماني سنوات أو تسع‪‬‬ ‫‪54‬‬ ‫نص أنطونيو دي‬ ‫ً‬ ‫مشيرا إلى حملة الفرنسيين سنة ‪ . 1520‬وجــاء في ّ‬ ‫أجبته‪ :‬ال‬ ‫مسلم إن كان المسيحيون سيأتون‪.‬‬ ‫أراندا ‪‬قبل أسبوع سألني‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫علي بلغة نصف عربية ونصف إيطالية‪ :‬المسيحيون مجانين‬ ‫أعرف‪ّ .‬رد ّ‬ ‫إذا اعتبروا بإمكانهم االستيالء على بيروت‪ ،‬فهي لها ثالثة شفعاء‪ :‬مار‬ ‫جرجس ومــار فرنسيس ومــار يوحنا‪ .‬فقبل ثماني سنوات أو تسع جاء‬ ‫وقتل منهم أكثر من ‪ ،600‬ومن المسلمين واحد أو أثنان فقط‬ ‫الفرنسيون ُ‬ ‫وسقط ثالثة أو أربعة جرحى‪ ،‬ألن الكارثة حصلت قرب كنيسته‪ .‬أخبرني‬ ‫أيضا من مسلمين ومسيحيين كانوا حاضرين)‪،‬‬ ‫صديقي ذلك (وسمعته ً‬ ‫بوصول مراكب إلى المرفأ تحمل أكثر من ‪ 700‬فرنسي الحتالل المدينة‬ ‫بعضا وتوغلوا في الجنائن‬ ‫وغيرها‪ .‬نزلوا إلى البر بدون أن ينتظر بعضهم ً‬ ‫انقض عليهم من البحر والبر شبان مسلمون قتلوا‬ ‫والتهوا بأكل التين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وجردوهم من سالحهم ومالهم وما كانوا يحملون‬ ‫منهم ‪ 600‬بالسهام‬ ‫ّ‬ ‫معهم‪ .‬وهم على عالقة ودية صادقة مع رهبان الدير ويحملون الماء منه‬ ‫ود ْهن مرضاهم به‪.55‬‬ ‫إلى بيوتهم للشرب َ‬ ‫‪ 553‬مما ورد في لنص لودفيكو دي فارتينا‪:‬‬

‫‪« Et là, je ne veiz aucune chose digne de memoire sinon une ancienne‬‬ ‫‪muraille que l’on dit que audict lieu demeuroit la fille du Roy quant le dragon‬‬ ‫‪la vouloit devorer et là où Sainct George occit ledict dragon. Et est ledict lieu‬‬ ‫‪tout en ruyne… ». Ludvico de Varthema, Les voyages de Ludvico di Varthema‬‬ ‫‪ou le viateur en la plus grande partie d’Orient, Traduit de l’italien en francais‬‬ ‫‪par J. Balarin de Raconis, publié et annoté par CH. Schefer, Paris, 1888, p. 8.‬‬

‫‪ 554‬حول ظروف الحملة الفرنسية على بيروت وهزيمة المهاجمين يمكن مراجعة‪ :‬بيار‬ ‫مكرزل‪ ،‬هجوم الفرنج على بيروت العام ‪926‬هـ‪1520/‬م‪ ،.‬مجلة المشرق‪ ،‬السنة ‪،89‬‬ ‫الجزء الثاني‪ ،‬تموز كانون األول‪ ،2015 ،‬ص‪.514–497 .‬‬ ‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬منشورات الرسل‪،‬‬ ‫‪ 555‬أغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫جونيه – لبنان‪ ،2008 ،‬ص‪.117 .‬‬


‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬ص‪.145 .‬‬ ‫‪ 5 56‬أغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات ّ‬ ‫نص جاك دو فيالمون في‪:‬‬ ‫‪ 557‬يمكن االطالع على ّ‬

‫‪Jacques de Villamont, Les voyages du seigneur de Villamont, Chevalier‬‬ ‫‪de l’Ordre de Hierusalem, Gentilhomme de la chambre du Roy, Dernière‬‬ ‫‪Édition, Paris, 1600, p. 224–225.‬‬

‫‪ 558‬وصف ماغري المدينة وأشار إلى غابة كثيفة من الصنوبر تقع في جنوب المدينة‪،‬‬ ‫والملفت في رحلته وصفه لشجرة الموز التي كانت بيروت تنفرد بزراعتها عن سائر‬ ‫المدن وتظهر أهمية الموز بالنسبة إلى بيروت في األساطير الشعبية التي كانت متداولة‬ ‫بين أبناء المدينة‪ ،‬وكان المسيحيون يعتقدون أن صورة يسوع المصلوب تظهر في ثمرة‬ ‫الموز بعد قطعها‪ .‬أُ نظر‪ :‬دومينيكو ماغري المالطي‪ ،‬رحلة إلى جبل لبنان‪ ،‬نقله عن‬ ‫اإليطالية إلى العربية وحققه كميل افرام البستاني‪ ،‬دار لحد خاطر‪ ،‬بيروت‪،1985 ،‬‬ ‫ص‪.152–151 .‬‬ ‫‪ 559‬دومينيكو ماغري المالطي‪ ،‬رحلة إلى جبل لبنان‪ ،‬ص‪.151 .‬‬

‫‪79‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫الراهب األسباني الفرنسيسكاني أنطونيو دي ميدينا‬ ‫مشيرا إلى أن في المدينة الكثير من‬ ‫‪ )Medina‬وصف بيروت سنة ‪1573‬‬ ‫ً‬ ‫األسرار‪ ،‬توقف عند أحدها‪ :‬عيد مار جرجس الذي يشهد تجمع الناس‬ ‫لالحتفال بالقداس اإللهي في الكنيسة حيث قتل مار جرجس التنين‪ .‬هذا‬ ‫التنين كان يعيش في مغارة على مدخل النهر آثارها ّبين ٌة إلى اليوم قرب‬ ‫البحر‪ ،‬بين قضبان القصب واألشجار الشائكة‪ .‬كان يخرج منها التنين‬ ‫فيتسبب بأضرار كبيرة للسكان‪ .‬صرعه مار جرجس بضربة خفيفة باسم‬ ‫طعاما للتنين‪ .‬بعد تلك‬ ‫يسوع المسيح‪ ،‬وأنقذ ابنة ملك كان والدها رماها‬ ‫ً‬ ‫‪56‬‬ ‫ارتد الملك وجميع أهالي المدينة إلى اإليمان المسيحي‪. ‬‬ ‫األعجوبة ّ‬ ‫وعندما‬ ‫الفرنسي جاك دو فيالمون (‪ )Jacques de Villamont‬زار بيروت‬ ‫ُّ‬ ‫‪57‬‬ ‫سنة ‪ ،1589‬رأى المكان الذي َقتل فيه القديس جاورجيوس التنين ‪ .‬وسنة‬ ‫‪ 1623‬زار‬ ‫الرحالة المالطي دومينيكو ماغري (‪)Domenico Magri‬‬ ‫َ‬ ‫بيروت ّ‬ ‫‪58‬‬ ‫ووصف المدينة أيام ْ‬ ‫حكم األمير فخر الدين الثاني (‪، )1633–1590‬‬ ‫معا‬ ‫وأشار إلى عادات مشتركة بين المسلمين والمسيحيين‪ ،‬منها زيارتهم ً‬ ‫كنيسة القديس جاورجيوس خارج أسوار المدينة‪ .‬ووصف إحياء المسيحيين‬ ‫يكرم‬ ‫والمسلمين عيد مار جاورجيوس في بيروت‪ :‬قرب أسوار المدينة ّ‬ ‫ذكر القديس جرجس الشهيد في كنيسة ال يؤمها المسيحيون فحسب‬ ‫غالبا الشموع والــزيــت وصــدقــات أخرى‬ ‫بل كذلك محمديون يقدمون‬ ‫ً‬ ‫صرع‬ ‫عرفانا ِب ِنعم ٍ حصلوا عليها‪ .‬والتقليد أن في هذا الموقع‬ ‫تعب ًدا أو‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫القديس التنين؛ وفي مكان قري ٍب من الشاطئ مغارة كانت تأوي إليها تلك‬ ‫ُ‬ ‫البهيمة‪ .‬يرى مؤلفون رصينون أن هذه الرواية منحولة لكنني أنقل هنا‬ ‫تقليدا بين أبناء البالد الذين يعتبرون إنكاره فضيحة عظمى‪ ،‬مع أن كتبة‬ ‫ً‬ ‫من الالتين يؤكدون القصة وتثبتها رسوم قديمة وخرائط جغرافية‪.59‬‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫(‪Amtonio de‬‬


‫‪80‬‬

‫نص ماغري وغيره من النصوص‪ ،‬يثبت أن المسيحيين والمسلمين‬ ‫ُ‬ ‫تحليل ّ‬ ‫والكتاب لم يشر إلى‬ ‫الرحالة‬ ‫ّ‬ ‫يتعبدون للقديس جرجس‪ ،‬لكن ًّأيا من ّ‬ ‫كانوا ّ‬ ‫يرجح‬ ‫الرحالة مصادرهم‪ ،‬ما ّ‬ ‫عيد النهر‪ .‬وفي سيرة مار جرجس‪ ،‬لم يذكر ّ‬ ‫أن الروايات التي تناقلوها كانت سائدة بين األوساط الشعبية في بيروت‬ ‫مدون ًة في أي من المصادر المكتوبة‪ ،‬ما يجعل سيرة جرجس‬ ‫دون ذكرها َّ‬ ‫في بيروت تقاليد شفوية ترتبط جذورها بأساطير الشعوب القديمة‪.‬‬ ‫في النصف الثاني من القرن السابع عشر َب ُط َل إحياء المسيحيين‬ ‫أي منهم‬ ‫عيد مار جرجس‪ .‬زار بيروت ٌ‬ ‫والمسلمين َ‬ ‫عدد من ّ‬ ‫الرحالة لم يشر ٌّ‬ ‫إلى عيد مشترك‪.‬‬ ‫فالرحالة الفرنسي لوران دارفيو (‪)Laurent d’Arvieux‬‬ ‫ّ‬ ‫‪60‬‬ ‫زار ب ـيــروت سنة ‪ 1658‬وت ــرك معلومات عـنـهــا وذك ــر كنائس المدينة‬ ‫ومساجدها (لم يكن لليهود كنيس فكانوا يجتمعون في منزل الحاخام كل‬ ‫‪61‬‬ ‫عيد يجمع‬ ‫توسعه في ذكر بيروت لم يشر إلى ٍ‬ ‫يوم سبت للصالة )‪ .‬وبرغم ّ‬ ‫عصرئذ‪ ،‬مع‬ ‫شائعا‬ ‫المسيحيين والمسلمين‪ ،‬ما يشير يثبت أن العيد لم يعد‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫‪62‬‬ ‫أن لوران دارفيو أشار إلى التعايش في بيروت بين‬ ‫المسيحيين والمسلمين ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫‪ 660‬ذكر دارفيو غابة الصنوبر التي أعاد تحريجها األمير فخر الدين لتنقية وتنظيف‬ ‫هواء بيروت والذي أصبح األنقى من أي مكان أخر على الساحل‪ .‬وتوسع في وصف‬ ‫توسع لوران‬ ‫ّ‬ ‫المدينة‬ ‫وسكانها ومبانيها وتجارتها وصناعتها وزراعتها‪ .‬لالطالع على ّ‬ ‫دارفيو في وصف بيروت يمكن مراجعة‪:‬‬

‫‪Laurent d’Arvieux, Mémoires, annoté par Antoine Abdelnour, Dar Lahad‬‬ ‫‪Khater, Beyrouth, 1982, p. 137–143.‬‬

‫‪ 661‬ذكر دارفيو أن الروم األرثوذوكس كان لهم كنيسة تحمل إسم القديس جاورجيوس‬ ‫مقر رئيس أساقفتهم ّيؤمن خدمتها كهنة‪ ،‬وكان الالتين والموارنة يتقاسمون كنيسة‬ ‫وهي ّ‬ ‫يفصلها في وسطها على امتداد طولها حائط‪ ،‬فكان لكل طائفة مذبح‪ ،‬ومكان مع شبكات‬ ‫القداس‬ ‫في النوافذ تحجب النظر الى الداخل حيث يكون بإمكان النساء والفتيات سماع ّ‬ ‫من دون أن يراهم أحد‪.‬‬ ‫‪Laurent d’Arvieux, Mémoires, p. 143 –146‬‬

‫‪ 662‬اعتبر دارفيو أن اليهود منعزلون‪ ،‬فيما يتعايش المسيحيون والمسلمون ويحترمون‬ ‫وسكان بيروت برأيه‬ ‫بعضهم بعض‪ ،‬ويتبادلون الزيارات ويتشاركون في حفالت اللهو‪ّ .‬‬ ‫ولربما سبب ذلك أنّ هم أكثر‬ ‫ليسوا شريرين كما في صيدا وغيرها من مدن الساحل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫سكان مدن‬ ‫اهتماما بالتجارة من غيرهم من ّ‬ ‫نشاطا في عملهم‪ ،‬وأكثر‬ ‫غنى‪ ،‬وأكثر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نص دارفيو عن التعايش في بيروت‪:‬‬ ‫البطالة‪.‬‬ ‫وتكثر‬ ‫البؤس‬ ‫معظمها‬ ‫يسود‬ ‫حيث‬ ‫الساحل‬ ‫ّ‬

‫‪« Excepté les juifs, tous les citoyens de Beyrouth de quelque religion qu’ils‬‬ ‫‪soient, vivent bien ensemble. Ils ont de la politesse, se visitent, font des‬‬ ‫‪parties de plaisirs. Le peuple même n’y est pas méchant comme à Saïda, et‬‬ ‫‪dans les autres lieux de la côte. Il l’est encore moins à Tripoli de Syrie, qui‬‬ ‫‪a plus l’air d’une grande ville que pas une autre. Je crois que cela vient de‬‬ ‫‪ce que le peuple est plus riche, plus laborieux et plus occupé à son travail‬‬


‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬ص‪.206–205 .‬‬ ‫‪ 6 63‬إغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات ّ‬ ‫نص دو ال روك في‪:‬‬ ‫‪ 664‬يمكن االطالع على ّ‬

‫‪Jean de La Roque, Voyage de Syrie et du Mont-Liban, introduction, notes et‬‬ ‫‪index par Jean Raymond, éditions Dar Lahad Khater, Beyrouth, 1981.‬‬

‫‪ 665‬إسطفان الدويهي (البطريرك)‪ ،‬تاريخ األزمنة‪ ،‬تحقيق األباتي بطرس فهد‪ ،‬دار‬ ‫لحد خاطر‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص‪573 ،569 ،565 ،560 ،558 ،552 ،522،533 .‬؛ الشيخ‬ ‫انطونيوس ابي خطار العينطوريني‪ ،‬مختصر تاريخ جبل لبنان‪ ،‬تحقيق الياس ّ‬ ‫قطار‪ ،‬دار‬ ‫لحد خاطر‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص‪.174 ،171 ،162 ،166 .‬‬ ‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬ص‪.260–259 .‬‬ ‫‪ 666‬إغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬ص‪.279–278 .‬‬ ‫‪ 667‬إغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬ص‪.315 .‬‬ ‫‪ 668‬إغناطيوس سعادة‪ ،‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫‪ 669‬يمكن االطالع على أبرز األحداث واالضطرابات األمنية والكوارث واألوبئة في‬ ‫المصادر التالية‪ :‬أنطونيوس أبي خطار العينطوريني‪ ،‬مختصر تاريخ جبل لبنان‪،‬‬ ‫ص‪171 ،166 ،163 .‬؛ األمير حيدر الشهابي‪ ،‬تاريخ األمير حيدر أحمد الشهابي‪،‬‬ ‫األجزاء ‪ ،3–1‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار اآلثار‪ ،‬بيروت‪ ،1980 ،‬ص‪.882 ،871 ،863–862 .‬‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫‪et à son commerce ; au lieu que dans la plupart des autres villes la misère‬‬ ‫‪et l’oisiveté les rend plus fripons et plus méchants ». Laurent d’Arvieux,‬‬ ‫‪Mémoires, p. 146.‬‬

‫‪81‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫بيروت يوحنا مبارك الماروني الكسرواني ووصفها‬ ‫سنة ‪ 1668‬زار‬ ‫َ‬ ‫‪63‬‬ ‫نص‬ ‫بإيجاز ولــم يشر إلــى عيد مــار جرجس‪ ،‬كما لم نجد أثـ ًـرا له في ّ‬ ‫الرحالة الفرنسي جان دو الروك (‪ )Jean de La Roque‬سنة ‪ ،641689‬وال‬ ‫ّ‬ ‫طبيعية‬ ‫وكوارث‬ ‫أحداث‬ ‫خال‬ ‫عشر‪،‬‬ ‫السابع‬ ‫القرن‬ ‫في‬ ‫لبنانية‬ ‫مصادر‬ ‫ذكرته‬ ‫ّ‬ ‫عرفتها بيروت والساحل‪ ،‬لم تشر إلى أعياد مرتبطة بمار جرجس‪.65‬‬ ‫رحالة‬ ‫في القرن الثامن عشر إشارات إلى مدينة بيروت في كتابات ّ‬ ‫أوروبيين دون ْذكر سيرة مار جرجس‪ ،‬منهم األسقف االنكليزي ريتشارد‬ ‫بوكوك (‪ )Richard Pockoke‬سنة ‪ 1738‬الــذي وصــف آثــار المدينة‪،66‬‬ ‫والرحالة األلماني كارستن نيبوهر (‪ )Carsten Niebuhr‬سنة ‪1766‬‬ ‫ّ‬ ‫الذي وصف بالتفصيل المدينة وسكانها وحكامها وطوائفها وتجارها‪.67‬‬ ‫وسنة ‪ 1788‬زارها‬ ‫الرحالة االسباني خوسيه مورينو (‪)José Moreno‬‬ ‫ّ‬ ‫‪68‬‬ ‫وصفا‬ ‫وترك عنها‬ ‫مختصرا ‪ .‬وفي مصادر لبنانية ْذك ُر كوارث طبيعية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ضربت بـيــروت فــي الـقــرن الثامن عشر‪ ،‬أبــرزهــا الــزلــزال الكبير سنة‬ ‫تهدم أبنية‬ ‫‪،1759‬‬ ‫وتعرضها لوباء الطاعون‪ ،‬وموجات َب َرد وصقيع‪ .‬ومع ّ‬ ‫ُّ‬ ‫والرحالة أثناء‬ ‫التعرف على مواقع وصفها الجغرافيون‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صع َ‬ ‫ومنشآت‪ُ ،‬‬ ‫‪69‬‬ ‫زيارتهم المدينة ‪.‬‬


‫رحالة أجانب إلــى بيروت‪ ،‬كتبوا عن‬ ‫في القرن التاسع عشر توافد ّ‬ ‫أي منهم مار‬ ‫ّ‬ ‫سكانها وكنائسها ومساجدها وأسواقها وتجارتها ولم يذكر ٌّ‬ ‫‪70‬‬ ‫جرجس وأعياده ‪.‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪82‬‬ ‫د‪ .‬مروان أبي فاضل‬

‫تعيش العادات والتقاليد في وجــدان البشر‪ ،‬ومع األيــام تطرأ عليها‬ ‫تعديالت فتتأقلم ومـجــاالت الفكر اإلنساني وتـقـ ُّـدم المستوى الثقافي‪.‬‬ ‫دينية قديمة‪ .‬إنما مع المسيحية‬ ‫جزءا من ممارسات ّ‬ ‫فاألعياد الشعبية كانت ً‬ ‫تبدلت نظرة الناس إلى الفكر الديني فحافظوا على الطقوس‬ ‫واإلســام ّ‬ ‫جزءا من تراثهم وتقاليدهم وعاداتهم‪ ،‬أو أدخلوها في عباداتهم‬ ‫الشعبية ً‬ ‫الدينية الجديدة فارتبط بعضها بأعياد القديسين واألولياء‪.‬‬ ‫وإسالميا إنما ارتبط بأعياد‬ ‫مسيحيا‬ ‫طابعا‬ ‫هكذا عيد النهر ّاتخذ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫دينية سائدة في مدن الساحل اللبناني منذ الكنعانيين‪/‬الفينيقيين‪ ،‬لتقديس‬ ‫المياه وطلب الخصوبة وشفاء األمراض‪ ،‬وهي حاجات موجودة في تطلعات‬ ‫الناس في كل العصور‪ ،‬ال تختفي مع تطور المعتقدات الدينية بل تتأقلم‬ ‫وإسالميا في عادات وتقاليد ومعتقدات بين‬ ‫مسيحيا‬ ‫معها‪ .‬هكذا تأَ ّطرت‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫أهالي بيروت وصور وجونيه وسواها من المدن والقرى في لبنان‪.‬‬ ‫المختصرات‬ ‫‪Archives de l’Orient Latin.‬‬

‫ ‪• AOL‬‬

‫‪Jean LECLANT (direction), Dictionnaire de l’Antiquité,‬‬ ‫‪PUF, Paris, 2005.‬‬

‫ ‪• DA‬‬

‫‪Encyclopédie de l’Islam, Deuxième édition, Leiden, E.J.‬‬ ‫‪Brill, 1978.‬‬

‫ ‪• EI 2‬‬

‫‪The Encyclopaedia of Islam, Third impression, Leiden,‬‬ ‫‪E.J. Brill, 1986 –1997.‬‬

‫ ‪• EI 3‬‬

‫‪ 770‬أقام فيها القنصل الفرنسي هنري غيز (‪ )Henri Guys‬بين ‪ 1808‬و‪ ،1810‬ثم عاد‬ ‫مفصال للمدينة‪ ،‬وبخصوص‬ ‫وصفا‬ ‫إليها سنة ‪ 1824‬وبقي فيها حتى سنة ‪ ،1858‬وترك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الكنائس ذكر أن في بيروت ً‬ ‫ثالثا منها ولم يأت على ذكر مار جرجس‪ .‬وكذلك فعل‬ ‫الشاعر الفرنسي ألفونس دو المرتين ّأبان زيارته لبيروت سنة ‪ .1832‬أُ نظر‪:‬‬

‫‪Henri Guys, Beyrouth et le Liban, I–II, Éditions Dar Lahad Khater, Beyrouth,‬‬ ‫‪1985, T. I, p. 20; Alphonse De Lamartine, Voyage en Orient, Tome Premier,‬‬ ‫‪Pagnerre – Hachette et Ce – Furne, Paris, 1855, p. 115 –146.‬‬


ُ ‫ «ال‬،»‫ «مار جرجس‬،»‫بيروت «عيد النهر‬ ْ ‫خ‬ »‫ضر‬ ‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

83

rd • ODCC The Oxford Dictionary of the Christian Church, 3 edition, Oxford University Press, Oxford, 1997.

• OEIW The Oxford Encyclopedia of the Islamic World Online, www.oxfordislamicstudies.com. • RA

Revue Archéologique

• RGB

Revues Générales de Bruxelles.

• RHR

Revue de l’Histoire des Religions.

• ROL

Revue de l’Orient Latin.

• SLMEC Saints Lives in Middle English Collections • TO I

CAQUOT A. – SZNYCER M. – HERDNER A., Textes Ougaritiques I. Mythes et légendes, (LAPO), Paris, 1974.

‫المصادر‬ ‫العربية‬ ‫باللغة‬1.1 ّ

‫ سير القديسين وســائــر األع ـيــاد فــي الكنيسة األرثــوذكـسـيــة‬،‫ •بيطار تــومــا‬ .2003 ،‫ دوما‬،‫القديس سلوان اآلثوسي‬ ّ ‫ دير‬،4‫ ج‬،)‫(السنكسار‬

‫ذريــة بحتر بن علي‬ ّ ‫ تاريخ بيروت وهو أخبار السلف من‬،‫ •صالح بن يحيى‬ ‫ دار‬،‫ كمال الصليبي وغيرهما‬،‫ تحقيق فرنسيس هورس‬،‫أمير الغرب ببيروت‬ .1969 ،‫ بيروت‬،‫المشرق‬ ‫ جامعة‬،‫ السنكسار بحسب طقس الكنيسة األنطاكية المارونية‬،‫ •ضاهر بولس‬ .1996 ،‫ الكسليك‬،‫الروح القدس‬ ‫ كتاب السنكسار المشتمل على سير القديسين الذين‬،‫ •عساف ميخائيل‬ ‫ منشورات‬،2‫ ج‬،‫تكرمهم كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك على مدار السنة‬ ّ .2003 ،‫ جونيه‬،‫المكتبة البولسية‬

،‫ الطبعة الثانية‬،‫ بيروت‬،‫ دار صادر‬،7–1 ،‫ معجم البلدان‬،‫ •ياقوت الحموي‬ .1996–1995

‫األجنبية‬ ‫باللغات‬2.2 ّ • Adorno Anselme, Itinéraire d’Anselme Adourno en Terre Sainte (1470 –1471), Traduit par Jacques Heers et G.de Groer, Paris, 1978. • Claude de Mirabel, Un pèlerinage en Terre Sainte et au Sinaï au XVe siècle (1419 –1425), Extrait de la bibliothèque de l’école des chartes, H. Moranville (éd.), tome LXVI, Paris, 1905.


• Frecobaldi Gucci and Sigoli, Visit to the Holy Places of Egypt, Sinai, Palestine and Syria in 1384 By Frecobaldi Gucci and Sigoli, Translated from the Italian by Fr. Th. Bellorini and Fr. Eugène Hoade, Jérusalem, 1948. • Ghillebert de Lannoy, Œuvres de Ghillebert de Lannoy, Ed. Ch. Poitvin, Louvain, 1878. • Jacques de Villamont, Les voyages du seigneur de Villamont, Chevalier de l’Ordre de Hierusalem, Gentilhomme de la chambre du Roy, Dernière Édition, Paris, 1600. • Jaques de Vérone, Pèlerinage du moine Augustin Jacques de Verone (1355), Reinhold Rohricht (éd.), ROL, III, 1895, p. 155–302. • Josse van Ghistele, Le voyage en Orient de Josse van Ghistele (1481–1485), RGB, Tome 37–38, Bruxelles, 1883 –1884, p. 723 –764. • Ludolph de Sudheim, De itinere Terre Sanctae, W.A.NEUMANN (éd), AOL, II, 1884, p. 305–377.

• Mariti L’abbé Giovanni, Voyages dans l’Ile de Chypre, la Syrie et la Palestine, avec l’histoire générale du Levant, traduit de l’italien en français, I–II, Paris, 1791. • Nicolas de Martoni, Relation d’un pèlerinage à Jérusalem de Nicolas de Martoni, notaire italien (1394–1395), Leo Legrand (éd.), ROL, III, 1894, p. 566–669. • Niccolo di Poggibonsi, A voyage beyond the seas, English version by F.F.T. Bellorini and E. Hoade, O.F.M. Jerusalem, 1945. • Ogier d’Anglure, Le saint voyage de Jérusalem du seigneur d’Anglure, éd. Fr. Bonnardot, A. Lognon, Paris, 1878. • Tafur Pero, Travels and adventures (1435–1439), Translated and edited with an introduction by Malcolm Letts, Lodon, 1926. • Thenaud Jean, Le voyage d’outremer de Jean Thenaud. Gardien du couvent des cordeliers d’Angoulêmes, suivi de la relation de l’ambassade de Domenico Trevisan auprès du soudan d’Egypte –1512, publié et annoté par Ch. Schaefer, Paris, 1864.

84 ‫ مروان أبي فاضل‬.‫د‬

• Ludvico de Varthema, Les voyages de Ludvico di Varthema ou le viateur en la plus grande partie d’Orient, Traduit de l’italien en francais par J. Balarin de Raconis, publié et annoté par CH. Schefer, Paris, 1888.


‫‪1.1‬باللغة العربية‬ ‫ •أبي فاضل مروان‪ ،‬جبل الكرمل‪ :‬صراع طويل بين النبي الياس وكهنة بعل‬ ‫صــور‪ ،‬مجلة مرايا الـتــراث‪ ،‬العدد الثالث‪ ،2015 ،‬ينشرها مركز التراث‬ ‫اللبناني في الجامعة اللبنانية األميركية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‪.157–134 .‬‬

‫ •حتي فيليب‪ ،‬لبنان في التاريخ منذ أقــدم العصور التاريخية إلى عصرنا‬ ‫الحاضر‪ ،‬ترجمة‪ :‬أنيس فريحة‪ ،‬نقوال زيادة‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬باالشتراك مع دار‬ ‫فرانكلين‪ ،‬بيروت – نيويورك‪.1959 ،‬‬

‫حققه‬ ‫ •حوراني ألبرت‪ ،‬تاريخ الشعوب العربية‪ ،‬نقله إلى العربية كمال خولي‪ّ ،‬‬ ‫وضبط حواشيه أنطوان ب‪ .‬نوفل‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬نوفل‪ ،‬هاشيت أنطوان‪،‬‬ ‫بيروت لبنان‪.2012 ،‬‬

‫ •الخازن منير وهيبه – بو لحدو واكيم‪ ،‬جونيه عبر التاريخ‪ ،‬منشورات دار‬ ‫كسروان للثقافة والسياحة والتوثيق‪ ،‬جونيه‪.1983 ،‬‬

‫الرحالة دروس ونصوص‪ ،‬منشورات‬ ‫ •سعادة إغناطيوس‪ ،‬لبنان في كتابات‬ ‫ّ‬ ‫الرسل‪ ،‬جونيه – لبنان‪.2008 ،‬‬ ‫ •شيخو لويس‪ ،‬تذكار المئة السادسة عشرة الستشهاد القديس جرجس‪،‬‬ ‫مجلة المشرق‪ ،‬عدد ‪ ،9‬السنة السادسة‪ّ 1 ،‬أيار ‪ ،1903‬ص‪.395–385 .‬‬

‫ •القسيس أنطوان‪ ،‬مالمح من الفكر الديني الكنعاني الفينيقي‪ ،‬فينيقيات‬ ‫‪ ،1‬سلسلة الذاكرة اللبنانية‪ ،‬رقم ‪ ،17‬الجامعة األميركية للعلوم والتكنولوجيا‬ ‫(‪ ،)AUST‬دائرة المنشورات الجامعية‪ ،‬بيروت‪.2013 ،‬‬

‫ •المنس هنري‪ ،‬تسريح األبـصــار فيما يحتوي لبنان من اآلث ــار‪ ،‬المطبعة‬ ‫الكاثوليكية‪ ،‬بيروت‪.1913 ،‬‬

‫ •مكرزل بيار‪ ،‬هجوم الفرنج على بيروت العام ‪926‬هـ‪1520/‬م‪ ،.‬مجلة المشرق‪،‬‬ ‫السنة ‪ ،89‬الجزء الثاني‪ ،‬تموز – كانون األول‪ ،2015 ،‬ص‪.514–497 .‬‬

‫‪2.2‬باللغات األجنبية‬ ‫‪• Bonnet Corinne, Melqart Cultes et mythes de l’Héraclès tyrien en‬‬ ‫‪méditerranée, Studia Phoenicia VIII, Leuven, 1998.‬‬ ‫‪• Caquot André, Les danses sacrées en Israël et à l’entour, les‬‬ ‫‪danses sacrées, Paris, 1963, p. 119–143.‬‬

‫‪85‬‬

‫بين األ َساطير والكنائس والمساجد‬

‫ •رزق اهلل شارل‪ ،‬مغارة مار جرجس ذكريات واساطير شاخت في زاوية خليج‬ ‫جونيه‪ ،‬جريدة الديار‪.1990 ،7/9 ،‬‬

‫بيروت «عيد النهر»‪« ،‬مار جرجس»‪« ،‬ال ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضر»‬

‫المراجع‬


• Clermont Ganneau Charles, Horus et Saint Georges d’après un bas-relief inédit du Louvre, RA, Vol. 32, Paris, 1877, p. 196–204. • Cumont Franz, La plus ancienne légende de saint Georges, RHR, Vol. 114, 1936, p. 5–51. • Gardner Laurence, The mysterious identity of Saint George, Consulté en ligne: http://www.goldenageproject.org.uk, 2007. • Gordon Whatley E. – Thompson Anne B. – Robert Upchurchk K. (éds), The Martyrdom of St George in the South English Legendary, SLMEC, Western Michigan University Medieval Institute, Kalamazoo, 2004. • Guérin Victor, LATerre Sainte – Deuxième Partie: Liban – Phénicie, Palestine occidentale et méridionale, Petra – Sinaï – Egypte, Libraire Plon, Paris, 1884.

• Haddad Housni, Georgic Cults and Saints of the Levant, Numen, Vol. 16, 1969, p. 21–39.

86

• Lamartine Alphonse De, Voyage en Orient, Tome 1, Pagnerre – Hachette et Ce – Furne, Paris, 1855.

‫ مروان أبي فاضل‬.‫د‬

• Guys Henri, Beyrouth et le Liban, I–II, Éditions Dar Lahad Khater, Beyrouth, 1985.

• Moukarzel Pierre, La ville de Beyrouth sous la domination Mamelouke (1291–1516) et son commerce avec l’Europe, éditions de l’Université Antonine, Baabda, 2010. • Ogden D. Kelly, Perseus, London – New York, Routledge, 2008. • Renan Ernest, Mission De Phénicie, imprimerie impériale, Paris, 1864. • Roche Carole, Danse (Proche-Orient ancien), DA, p. 633. • Vigouroux Fulcran, La Bible et les découvertes modernes en Palestine, en Egypte et en Assyrie, I–III, Berche et Tralin Editeurs, Paris, 1896. • Volney Constantin François, Voyages en Egypte et en Syrie, I–II, Paramantier, Paris, 1825. • Wensinck Arent Jan, Al-Khadir (Al-Khidr), EI 3, IV, p. 902–205.


‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫ميشال حالق‬ ‫عكار المنسية في أَ قصى الشمال‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫الصور من خالد طالب‬


‫المادي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬ ‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬ ‫ميشال حالق‬ ‫باحث وإعالمي‬

‫تكتنز عكار مدى رقعتها الجغرافية ً‬ ‫غنيا لحضارات شعوب عبرت‬ ‫تراثا ًّ‬ ‫أو استقرت فيها منذ أكثر من خمسة آالف سنة‪ ،‬مخلِّ د ًة حضورها بـمواقع‬ ‫ظاهرا‪ ،‬وتبقى شاهد ًة على ذاكرة عكار طيلة‬ ‫بعضها‬ ‫أثرية وتراثية ما زال ُ‬ ‫ً‬ ‫حقبات تاريخية ماضية‪ ،‬برغم تعديات متوالية أصابت هذه المواقع ومنها‪:‬‬ ‫حصون وقالع ولوحات ونقوش محفورة على الصخر ومعابد قديمة وكنائس‬ ‫ومساجد وتكايا وســرايــات وبيوت ومعاصر ومطاحن وخــانــات وطرقات‬ ‫ولكل منها قص ٌة في‬ ‫وجسور حجرية مقنطرة وكهوف ومغاور ومــدافــن‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫تاريخ هذه المنطقة منذ العصور الحجرية القديمة إلى العصور الحديثة‬ ‫ً‬ ‫ووسطا‬ ‫ساحال‬ ‫لكل منها في أرض عكار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وما بينها من عصور متعاقبة كان ٍّ‬ ‫موقع وأَ َثــر‪.‬‬ ‫وجبال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫أي رعاية رسمية‪ ،‬عدا تل عرقة َ‬ ‫األثري‬ ‫لم تشهد‬ ‫ُ‬ ‫مواقع عكار األثري ُة ّ‬ ‫الذي ال تزال عمليات البحث والتنقيب مستمرة فيه منذ ‪ ،1972‬انطالقً ا من‬ ‫معهد اآلثار الفرنسي في الشرق‬ ‫تابعة‬ ‫أعمال بعثات أثرية فرنسية متتالية‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫والمنقبين بوفاة مدير‬ ‫مؤخرا أحد أبرز الدارسين‬ ‫األدنى (وعرقة خسرت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تنقيبا على معبد نيميسيس‬ ‫تالمان)‬ ‫بول‬ ‫جان‬ ‫البروفسور‬ ‫البعثة في لبنان‬ ‫ً‬ ‫أي‬ ‫في منجز‪ ،‬وال تزال حجارته القديمة متناثر ًة في حرم الموقع بدون ّ‬ ‫اهتمام‪.‬‬ ‫الــى تلك البعثة الفرنسية ثمة ثــاث بعثات أثرية عملت على وضع‬ ‫دراساتها في عكار‪:‬‬ ‫ ‪ 1.‬األولى‪ :‬في منطقة الشيخ زناد وقبة بشمرا برئاسة الباحث‬ ‫األثري الفرنسي بروسيه‪ ،‬وكانت سنة ‪ 1924‬كشفت عن مدافن ولُ قى أثرية‪،‬‬ ‫بعضها محفوظٌ في المتحف الوطني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ 2.2‬الثانية‪ :‬في منطقة سهل عكار‪ ،‬قامت بها سنة ‪ 1997‬بعثة أثرية‬ ‫موقعا في هذه المنطقة‪،‬‬ ‫ألمانية من جامعة فراي في برلين‪ ،‬كشفت عن ‪41‬‬ ‫ً‬ ‫خصوصا في قــرى تحمل اســم ‪‬تــل‪ ( ‬تل انــدة – تلبيرة – تلمعيان –‬ ‫ً‬


‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬ ‫‪89‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫تل حميرة ‪ ...‬الخ ) كانت مأهولة منذ العصر البرونزي والحقبتين الصليبية‬ ‫والعثمانية‪.‬‬ ‫‪ 3. 3‬الثالثة‪ :‬بعثة يابانية قادها العالم األثري الياباني كين ماتسوموتو‪،‬‬ ‫عملت على مرحلتين (‪ 1997‬و‪ 1998‬بمعدل ثالثة أشهر في كل مرحلة)‬ ‫موقعا بين ضفتي النهر الكبير الجنوبي ونهر األسطوان الشمالي‪،‬‬ ‫شملت ‪ً 52‬‬ ‫خصوصا في منطقة السهل وبعض مرتفعات محيطة بها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أفال يحق لهذه المنطقة أن تحتفل كغيرها من المناطق اللبنانية بــ ‪‬اليوم‬ ‫سنويا عن احتفاالت وزارة‬ ‫الوطني للتراث‪‬؟ وما الذي وراء تغييب عكار‬ ‫ًّ‬ ‫الثقافة وعن إعادة ترميم هذه المواقع وإدراجها على الئحة الجرد العام‬ ‫للمواقع األثرية‪ ،‬وبعضها يستحق إدراجه على الئحة اليونسكو ألنها مواقع‬ ‫شكلت منذ نحو ثالثة آالف سنة قبل الميالد واحة حضارات‪ ،‬وتل عرقة‬ ‫األثري مثال ساطع إلى غيره الكثير‪.‬‬ ‫عن وزارة الثقافة أن المواقع األثرية والتراثية التي تحظى بعنايتها‪:‬‬ ‫بلدتـي‬ ‫قلعة عكار العتيقة‪ ،‬كنيسة سيدة غزراتا‪ ،‬سراي آل المرعبي في َ‬ ‫برقايل والـبــرج‪ ،‬قلعة القليعات‪ ،‬كنيسة مــار شليطا‪ ،‬وكنيسة القديسين‬ ‫جرجس ودانيال في القبيات‪ ،‬تلة التينة في مشتى حمود‪ ،‬كنيسة مار ريشا‬ ‫ممنع‪ ،‬كنيسة سيدة المعين منجز‪ ،‬تل حميرة في سهل عكار‪ ،‬معبد منجز‪.‬‬ ‫ركام‬ ‫طويال‬ ‫إهماال‬ ‫ً‬ ‫القبور الميغاليتية في خراج بلدة منجز عانت‬ ‫ً‬ ‫وتحولت َ‬ ‫َّ‬ ‫صخور مرمية في برية ال قيمة لها‪ ،‬وال تعكس حضارة شعوب سكنت هذه‬ ‫ٍ‬ ‫المنطقة تعود الروح اليها بتحويلها مع المواقع األثرية والتراثية في البلدة‬ ‫موقع اجتذاب السياح الذين يعرفون تاريخ هذه البلدة من قلعتها األثرية على‬ ‫األثريين القديمين إضافة إلى أهم معالم‬ ‫ضفة النهر الكبير وكنيستها وديرها‬ ‫ّ‬ ‫أثرية وتاريخية تمثل الميثولوجيا اليونانية القديمة‪ :‬معبد نيميسيس‪ ‬قرب‬ ‫بأي اهتمام‪.‬‬ ‫نبع جعلوك وهو في عهدة مديرية اآلثار لكنه ال يحظى ّ‬


‫القبور الميغاليتية‬ ‫في منجز عكار‬

‫‪90‬‬ ‫ميشال حالق‬

‫رئيس بلدية منجز جورج يوسف‪ ،‬المهتم ِبإبراز معالم أثرية وتراثية‬ ‫وطبيعية في البلدة‪ ،‬أعلن عن مشروع مشترك بين جامعة جنيف السويسرية‬ ‫تموله وزارة الخارجية البريطانية بقيمة ‪ 88.283‬باوند‪،‬‬ ‫وبلدية منجز‪ّ ،‬‬ ‫يتضمن‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ميغاليتيا في منجز‪.‬‬ ‫قبرا‬ ‫‪ 1.1‬تأهيل ‪ً 15‬‬ ‫ًّ‬

‫‪ 2.2‬تدريب المتحف الميغاليتي في ‪‬بلستا‪( ‬فرنسا) شخصين من‬ ‫أبناء بلدة منجز على شرح الحضارة الميغاليتية‪.‬‬

‫معرضا‬ ‫‪ 3.3‬تأهيل بلدية منجز مركز ‪‬بيت التراث‪ ‬وتجهيزه ليشمل‬ ‫ً‬ ‫وسمعيا ثالثي األبعاد‪ ،‬وعرض افتراضي للحضارة الميغاليتية‪.‬‬ ‫بصريا‬ ‫دائما‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬

‫*  *  *‬


‫سنة ‪636‬م‪ .‬قام معاوية بن أبي سفيان بإسكان قبائل فارسية فيها لرد‬ ‫هاما مع مجيء الصليبيين‪ ،‬وكان‬ ‫غزوات البيزنطيين‪ .‬ولعبت عرقة ً‬ ‫دورا ًّ‬

‫‪91‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫تل عرقة االثري‬

‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬

‫تحفل منطقة عكار بمقومات ومميزات طبيعية وتــراثـيــة‪ ،‬هنا أبــرز‬ ‫مواقعها األثرية‪:‬‬ ‫هكتارا‪ ،‬بما فيها التل المشرف على سهل‬ ‫عرقة‪ :‬تمتد على نحو أربعين‬ ‫ً‬ ‫عكار مدى الطريق العام عند مجرى نهر عرقة‪ ،‬إلى جانب بلدة الحاكور‬ ‫القريبة‪ .‬وتبقى هذه المدينة التاريخية الموقع األبرز واألهم‪ ،‬بكنوزها التي‬ ‫ترقى إلى األلف الثالث قبل الميالد‪ .‬ورد ذكرها في سفر التكوين (القرن‬ ‫الخامس عشر ق‪.‬م‪ .).‬احتلها تحوتمس الثالث فرعون مصر وقتل ملكها‬ ‫أدونا‪ .‬ووقعت المدينة عام ‪( 738‬ق‪.‬م‪ ).‬في قبضة األشوريين ثم البابليين‬ ‫والفرس‪ .‬سماها اإلغريق ‪‬هرقلية‪ ،‬وجعلها الرومان مكان عبادة اإللهة‬ ‫تخليدا لذكرى أغسطس قيصر‪ ،‬وصكوا‬ ‫فينوس‪ ،‬وسموها ‪‬قيصرية لبنان‪‬‬ ‫ً‬ ‫امتيازا جعل أبنائها من الرعايا الرومان سنة ‪( 161‬ق‪ .‬م‪ .).‬عام‬ ‫العملة‬ ‫ً‬ ‫‪ 205‬شهدت عرقة والدة األمبراطور ألكسندر ســاويــروس‪ ،‬ثم أصبحت‬ ‫أسقفيا وال تزال الكنيسة المارونية الى اليوم تطلق اسم ‪‬أسقف‬ ‫كرسيا‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫عرقة شرفً ا‪ ‬على أحد اساقفتها‪.‬‬


‫‪92‬‬ ‫ميشال حالق‬

‫حكامها من آل شعيب فقاومت جيوش ريمون سان جيل دي تولوز لكنها‬ ‫سقطت فأصبحت إحدى أهم دفاعات الصليبين‪.‬‬ ‫بناؤها وانتزعها السلطان‬ ‫تعرضت عرقة لزلزال مدمر عام ‪ .1157‬أعيد ُ‬ ‫بيبرس من الصليبين عام ‪1266‬م‪ .‬ودمرت ثاني ًة إثر زلزال ضرب المنطقة‬ ‫في أواسط القرن السادس عشر‪ ،‬فانطمس دورها‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1972‬بدأت البعثة األثرية الفرنسية ‪ I.F.A.P.O‬أعمال تنقيب‬ ‫توقفت أيام الحرب واستؤنفت سنة ‪ ،1992‬وأظهر التنقيب مدافن قديمة‬ ‫ومـســاكــن واه ـ ــراءات حـبــوب وم ـخــازن ومـصــانــع فـخــار وفسيفساء وحلى‬ ‫ومجوهرات وتماثيل ونواويس حجرية وفخاريات وخزفيات‪ ،‬بعضها في‬ ‫(خصوصا الفخاريات) لدى مشغل البعثة‬ ‫المتحف الوطني والبعض اآلخر‬ ‫ً‬ ‫في تل عرقة‪.‬‬ ‫ـضـ ُّـم معبدين‬ ‫قلعة الحصين‪ :‬عند تلة مشرفة على بلدة أك ــروم‪ ،‬وتـ ُ‬ ‫رومانيين‪ .‬ال تــزال أعمدة ضخمة منها قائمة مع أجــران وخزانات مياه‬ ‫وقنوات لجر المياه وآالف الحجارة منتشرة في محيط القلعة‪ .‬في محلة‬ ‫‪‬الخرايب‪ ‬عند أسفل جبل القلعة أطالل كنيسة شمشوم الجبار‪ ،‬تتميز‬ ‫بخورس شرقي من ثالث حنيات‪ .‬واسم ‪‬شمشوم الجبار‪ ‬أطلقه األهالي‬ ‫لضخامة حجارة الكنيسة وأساساتها‪ .‬و‪‬الخرايب‪ ‬في أكروم تضم الجزء‬ ‫األغنى باآلثار‪ ،‬فيها أساسات ظاهرة لحصن روماني وجدران ضخمة من‬ ‫ظاهرا في منطقة قريبة معروفة بـ ‪‬جب الدير‪.‬‬ ‫حجارة ال يزال مقلعها‬ ‫ً‬ ‫يرقى الحصن والمعبد إلى العصر الروماني‪ ،‬ويرقى الدير القريب إلى‬ ‫القرن الثالث الميالدي‪.‬‬


‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬

‫اطالل قلعة الحصين‬ ‫في أَ كروم عكار‬

‫‪93‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫بلدة قنية في جبل أكروم تضم آثار دير قديم من القرن الرابع‪ ،‬مساحته‬ ‫نحو ‪ 700‬متر مربع‪ ،‬في محيطه أجران معاصر زيتون‪.‬‬ ‫بلد َتـي أكروم وكفرتون) لوحتان منحوتتان‬ ‫في وادي السبع (يفصل بين َ‬ ‫أختاما في بالد‬ ‫في الصخر من العصرين البابلي واألشوري‪ ،‬األولى تشبه‬ ‫ً‬ ‫رجال فوقه‬ ‫أسدا‪ ،‬واألخرى‬ ‫نقش يمثل ً‬ ‫ما بين النهرين تمثل ً‬ ‫رجال يصارع ً‬ ‫ٌ‬ ‫بحثً‬ ‫رمز عشتار وأشور‪ .‬تعرضت اللوحتان للتخريب المتعمد ا عن آثار‪.‬‬ ‫في محلة شير الصنم على الطريق الجبلية داخــل غابة كــرم شباط‬ ‫جنوبا) لوحة تشبه لوحات‬ ‫وبفنيدق‬ ‫ً‬ ‫(تربط عكار العتيقة بالقبيات‬ ‫شماال َ‬ ‫ً‬ ‫ملكا في يده صولجان‪،‬‬ ‫وادي السبع في أكروم‪ ،‬عليها كتابات وخطوط ُتظهر ً‬ ‫ينظر صوب الشرق ويده األخرى مرفوعة صوب إله الشمس‪ ،‬يرجح أنها‬ ‫ترقى إلى العصر البابلي‪.‬‬ ‫الدرة‪،‬‬ ‫في قرية السهلة من جبل أكروم‪ ،‬دير قديم معروف بـ ‪‬سيدة ّ‬ ‫لم يبق منه سوى مغارة ذات سطح صخري يتحلب منها الماء ويتقطر في‬ ‫النذور أمهات يرغبن في استدرار‬ ‫تقدم فيها‬ ‫أجران محفورة في الصخر ّ‬ ‫َ‬ ‫الحليب إلرضاع أطفالهن‪.‬‬


‫معروجة‪ :‬قرية قديمة فيها آثار كنيسة قديمة تتميز مدافنها محفورة‬ ‫في الصخر‪.‬‬ ‫موقعا‬ ‫في بلدة جرمنايا (وادي خالد) ‪‬قلعة البرج‪ ‬فيها أبراج كانت‬ ‫ً‬ ‫متقدما (حامية دفاع) عن قلعة الحصن قبالتها داخل األراض السورية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وداخ ــل حصن القلعة ‪‬كنيسة القديس يوحنا المعمدان‪ ‬تـ ُـدل آثارها‬ ‫والصلبان والنقوش على حجارتها على أنها صليبية‪ ،‬واسم القلعة الصليبي‬ ‫(وفْ ق العالم األثري ديسو‪ :‬الميليشين‪ .‬وفي جرمانيا أطالل منازل وبقايا‬ ‫مدينة بيزنطية‪ ،‬يظهر قسم من معالمها‪ ،‬تقدير مساحتها نحو ‪ 200‬ألف‬ ‫متر مربع‪ .‬وكانت جرمنايا مدينة بيزنطية ومركز أسقفية‪.‬‬

‫‪94‬‬ ‫ميشال حالق‬ ‫سراي البرج عكار‬

‫في بلدة الهيشة (وادي خالد) تنتشر آبار أرتوازية وعشرات مدافن‬ ‫محفورة في الصخر‪ .‬وفي قرى حنيدر وحرب عارة وخربة القصر وخربة‬ ‫السنديان والدعيتر والتلة وقــرحــة (وادي خــالــد) أطــال مـنــازل قديمة‬ ‫حجارتها بازلتية سوداء‪ ،‬ومغارة رجم خلف من العصر البرونزي (بحسب‬ ‫اآلثــار داخلها)‪ ،‬تم اكتشافها سنة ‪ 2000‬وهي اليوم في عهدة المديرية‬ ‫العامة لآلثار‪.‬‬ ‫حصن آل سيفا في عكار العتيقة‪ :‬بناه محرز ابــن عكار الــذي قُ تل‬ ‫في العام ‪ 864‬وفق المؤرخ ابن واضح اليعقوبي‪ .‬استولى عليه صالح بن‬ ‫مرداس عام ‪ .1023‬وعام ‪ 1104‬احتله السلجوقيون وسلّ موه عام ‪ 1109‬الى‬ ‫القائد الصليبي ريمون دي سان جيل فأعاد بناء أبراجه األربعة عام ‪.1270‬‬ ‫ً‬ ‫محيطا‬ ‫هاجمه الملك المملوكي الظاهر بيبرس فاحتله وأعــاد ترميمه‬


‫مدافن زبود‬ ‫عكار العتيقة‬

‫قلعة حلبا (أو مدينة سين)‪ :‬كانت مسكن عشيرة السينيين الكنعانية‪ ،‬ثم‬ ‫ترميمها فخر الملك بن عمار وجعلها أحد‬ ‫مركز أشراف مدينة عرقة‪ .‬أعاد‬ ‫َ‬ ‫دفاعات طرابلس لصد هجمات الصليبين‪ ،‬لكنهم استولوا عليها وتهدمت‬ ‫قصرا‬ ‫كليا‪ .‬في أيام العثمانيين استملكها باشوات أتراك بنوا على أنقاضها‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫سكنوه حتى بداية االنتداب الفرنسي حين انتقلت ملكيته إلى بكاوات حلبا‬ ‫من آل الحلبي‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫أبراجه األربعة بحجارة حملت رمز األسد‪ .‬عرف الحصن عهده الذهبي‬ ‫أيام آل سيفا الذين اتخذوه مركزا لحكمهم وأنشأوا الى جواره السرايات‬ ‫والمساجد والتكايا‪ .‬هدمه األمير فخر الدين ونقل حجارته إلى دير القمر‬ ‫قائما محراب‬ ‫لبناء قصره‪ .‬يبعد الحصن عن حلبا نحو ‪ 24‬كلم‪ .‬وال يزال ً‬ ‫جامع مملوكي بناه السلطان قالوون‪.‬‬ ‫ف ــي ح ــي زب ـ ــود (ع ـكــار‬ ‫العتيقة) منطقة تحوطها‬ ‫أشجار الصنوبر وتطل على‬ ‫منطقة القبيات‪ ،‬تم اكتشاف‬ ‫ك ـهــوف ص ـخــريــة مـنـحــوتــة‪،‬‬ ‫فيها عشرات النواويس من‬ ‫العصر البابلي‪.‬‬

‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬

‫حصن آل سيفا في عكار العتيقة‬


‫مغاور الشيخ زناد ترقى إلى الحقبة الفينيقية‪ ،‬في محيطها آثار تراثية‬ ‫قديمة تعاند رياح البحر وأمواجه العاتية‪.‬‬ ‫معبد على‬ ‫منطقتي أكروم ووادي خالد) بقايا‬ ‫في بلدة المونسة (بين‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫كتابات سريانية تؤكد بناءه على اسم القديس يوحنا‪ .‬تعرض لقرصنة‬ ‫عتبته‬ ‫ٌ‬ ‫تنقيب خطفت أجزاء أساسية من محتوياته‪.‬‬ ‫علو ‪2400‬م) تشرف على منطقة‬ ‫قلعة عروبة‪( :‬أعالي جبال عكار على ّ‬ ‫القموعة وبلدة فنيدق وسهالت مرجحيم‪ .‬يرى المستشرق اليسوعي األب‬ ‫مارتين أنها ترقى إلى القرن التاسع قبل الميالد‪ .‬لم يبق منها سوى أطالل‬ ‫حجارة‪ .‬في محيطها مدافن محفورة في الصخر‪.‬‬ ‫تلة الرنتة‪ :‬في بلدة القرنة (جرد عكار) آثار مهمة عاينتها مديرية‬ ‫اآلثار ثم أعادت إقفالها‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫ميشال حالق‬ ‫درج معقود في بلدة القرنة‬

‫قلعة السالسل (في منطقة حرار) قلعة رومانية على تلة مرتفعة وسط‬ ‫وادي جهنم بين جبلين‪.‬‬ ‫متقدما‬ ‫مخفرا‬ ‫قلعة السن ومعبد طيو المتجاوران‪ :‬أنشىئت القلعة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫على تلة مرتفعة بين بلدات السنديانة والمجدل والسن‪ .‬تتطل على قلعة‬ ‫الحصن في سوريا وحصن عكار العتيقة‪.‬‬


‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬

‫قلعة فليكس في بلدة منجز (عكار)‪ ،‬فيها نفق يصلها بمجرى النهر‬ ‫الكبير‪ .‬عام ‪ 1142‬استولى عليها فرسان القديس يوحنا ثم احتلها المماليك‬ ‫عام ‪.1271‬‬ ‫معبد القديسين سركيس وباخوس (في وادي الحلسبان) بين القبيات‬ ‫وعكار العتيقة‪ .‬يتألف من كنيستين متداخلتين لكل منهما مذبحها الخاص‪.‬‬ ‫يرقى بناؤه إلى الفترة الرومانية‪.‬‬ ‫مهما‬ ‫سرايا البيرة على الطريق الرئيسة بين حلبا والقبيات‪ .‬لعبت ً‬ ‫دورا ًّ‬ ‫إبان الحكم العثماني‪ .‬بناها عبد القادر شديد المرعبي على أنقاض قلعة‬ ‫رومانية قديمة‪ .‬يجانبها مسجد كبير بناه محمد بك البعود المرعبي سنة‬ ‫‪.1300‬‬

‫‪97‬‬

‫المكتبة الحميدية اإلسالمية في بلدة مشحا (عكار)‪ :‬من أبرز المعالم‬ ‫الثقافية والدينية األثرية منذ ‪ .1892‬حملت اسم السلطان عبدالحميد‬ ‫ومولها قائمقام عكار محمد‬ ‫الذي أصدر‬ ‫ً‬ ‫تحريرا ببنائها‪ .‬أشرف عليها ّ‬ ‫ومصنف باللغتين العربية‬ ‫باشا المحمد‪ .‬تضم نحو‪ 500‬مجلد ومخطوط‬ ‫ّ‬ ‫والتركية‪.‬‬ ‫البيوت األثرية وهي كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬منزل آل القدور المراعبة في بلدة‬ ‫خريبة الجندي وآخر في بلدة قته‪ .‬في بلدة عيون الغزالن دارة آل المرعبي‬ ‫واجهتها الغربية قناطر محمولة على أعمدة حجرية‪ ،‬وإلــى جانب‬ ‫تزين‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫القصر ُّتنور عثماني قديم قد يكون الوحيد الباقي على هذا النمط في‬ ‫لبنان‪ ،‬في بلدة مجدال قصران لعائلة الكنج المراعبة وخان قديم قربهما‪،‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫سرايا البيرة‬


‫ومنازل أغــوات آل الدندشي في بلدتي مشتى حسن ومشتى حمود على‬ ‫الطريق الى منطقة وادي خالد‪.‬‬

‫‪98‬‬ ‫ميشال حالق‬ ‫قصر ال القدور في خريبة الجندي‬

‫بلدة بينو حافظت على جمال بيوتها التراثية (بعضها يرقى إلى ‪120‬‬ ‫منزال تتميز ببنائها الجميل وبقرميدها األحمر‪ .‬وثمة‬ ‫عاما) وهي نحو ‪ً 30‬‬ ‫ً‬ ‫منزل آل الراسي في بلدة الشيخ طابا (عكار) وهو للنائب الراحل عبداهلل‬ ‫الــراســي‪ ،‬منزل الشيخ مخول الضاهر في القبيات المبني من الحجر‬ ‫االبيض المقصوب بطبقة واحدة على نحو ‪ 900‬متر مربع‪.‬‬ ‫الـخــانــات والمطاحن وفــي عكار خــانــات قديمة تـتــوزع حيث كانت‬ ‫الطرقات التجارية القديمة‪ .‬بعضها يرقى إلى الصليبيين أشبه بفنادق‬ ‫اليوم‪ .‬بلغت زمن االنتداب الفرنسي نحو ‪ 30‬خانً ا أبرزها‪ :‬خان العبدة‬ ‫– خان الشيخ عياش – خان الصايغ في منيارة‪ .‬خان أبو سليمان في‬ ‫سوق حلبا العتيق – خان عرقة – خان العبودية – خان الحلبية في حلبا‬ ‫– خان الشيخ عياش – خان البيرة‪ .‬خان طنوس الضاهر في القبيات‪.‬‬


‫عكار المنسية في أَقصى الشمال‬ ‫‪99‬‬

‫واحة تنضح بالتاريخ واآلثار خارج ذاكرة الوطن‬

‫على مجاري النهر مطاحن مائية (نحو ‪ 90‬في كل عكار) كانت تشكل‬ ‫عصب الحياة العكارية‪ ،‬تتميز بقناطرها الكبيرة‪ .‬تحول بعضها منازل أو‬ ‫مطاعم‪ .‬انهدم بعضها النتفاء الحاجة اليها‪.‬‬ ‫المدارس الروسية القديمة أنشأتها الجمعية األمبراطورية الروسية‬ ‫الفلسطينية أيام القيصر نقوال الثاني سنة ‪( 1880‬نحو ‪ 114‬مدرسة في‬ ‫لبنان وفلسطين وسوريا)‪ ،‬أبرزها في عكار مــدارس بينو – ديردلوم –‬ ‫جبرايل – رحبة – الحاكور – منيارة‪.‬‬ ‫معامل الحرير أنشئت لــرواج زراعــة التوت في عكار‪ ،‬أبرزها معمل‬ ‫ابرهيم الصراف في منيارة‪ ،‬معمل وديع عطية أنشأه سنة ‪ 1924‬في منطقة‬ ‫الجومة (بينو)‪ ،‬معمالن في القبيات وعندقت أنشأهما مع بداية االنتداب‬ ‫اإليطالي اسكندر كاسيني‪ ،‬وهو استوطن القبيات واحتكر هذه الصناعة‪.‬‬ ‫استمر العمل في هذين المعملين حتى ‪.1958‬‬ ‫هي ذي لمحة عن مواقع تراثية جديرة بإدراجها على الئحة التراث‬ ‫الوطني في لبنان‪ ،‬قابلة للتأهيل حتى تكون ُوجه ًة سياحية ثقافية تراثية‬ ‫وسحرا على مواقعها‬ ‫جماال‬ ‫ً‬ ‫في منطقة تتميز بمواقع طبيعية نادرة تضفي‬ ‫ً‬ ‫األثرية العريقة‪.‬‬


‫‪100‬‬ ‫د‪ .‬أمين الياس‬


‫مهن ِح َر ِف ّية تقليدية‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬ ‫الع َرق‬ ‫َ‬ ‫‪‬ش ْيل‪َ ‬‬


‫مهن ِح َر ِف ّية تقليدية‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫المادية في الجامعة اللبنانية‬ ‫أستاذ الحضارة‬ ‫ّ‬

‫مقدمة‬ ‫وقدموه على موائدهم‪ ،‬وفي‬ ‫الع َرق منذ زمن بعيد‪ّ ،‬‬ ‫عرف اللبنانيون َ‬ ‫المدنية‪ .‬وازداد مع الوقت استهالكه‬ ‫أفراحهم وأعيادهم وبعض احتفاالتهم‬ ‫ّ‬ ‫أن ذلك لم يمنع من‬ ‫والطلب عليه‪ ،‬فنشأت معامل حديثة لتصنيعه‪ ،‬غير ّ‬ ‫التقليدية‪ .‬والـســؤال الذي‬ ‫استمرار تصنيعه في الكركة‪ ،‬على الطريقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقطر من العنب في الكركة كما َع َرفَ ه اللبنانيون‬ ‫الع َرق‬ ‫ُيطرح‪ :‬هل إنتاج َ‬ ‫تحول الى صناعة حديثة مربحة؟‬ ‫ً‬ ‫سابقا‪ ،‬هو حرفة على طريق الزوال أم ّ‬ ‫الع َرق في الكركة هي على طريق الــزوال‪ ،‬ونحاول من‬ ‫حرفة تصنيع َ‬ ‫الع َرق‪ ،‬ووصف‬ ‫تبيان ذلك أو نقضه‪ .‬وعليه نبدأ بتعريف َ‬ ‫خالل هذا البحث ّ‬ ‫الع َرق‬ ‫علمي دقيق لمراحل تصنيعه في الكركة‪ .‬ثم ندرس مدى إرتباط َ‬ ‫واالستهالكي‬ ‫التجاري‬ ‫واإلقتصادية‪ ،‬وواقعه‬ ‫اإلجتماعية‬ ‫وأهميته في الحياة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الزراعي‬ ‫علمية واقعية ُتفيد في االقتصاد‬ ‫اليوم‪ ،‬علّ نا نصل الى إستنتاجات ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتجاري في لبنان‪ ،‬وتفتح الباب لبحوث ودراسات جديدة‪.‬‬ ‫والصناعي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق وخصائصه‬ ‫‪1.1‬تعريف َ‬ ‫الـ َـعـ َـرق لفظة قاموسية وردت فــي‪ :‬محيط المحيط‪ ‬تحت جذر‪:‬‬ ‫ع‪ ‬ر‪ ‬ق‪ .‬وهو سائل ُمسكر ُي ّ‬ ‫قطر بواسطة الكركة‪ .1‬فهو مشروب روحي كحولي‬ ‫ّ‬ ‫المخمر (‪ )fermented‬ال لون له (‪،)colorless‬‬ ‫مقطر‪ 2‬من عصير العنب‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫طعم باليانسون (‪ . )anise‬تتراوح نسبة الكحول فيه بين ‪ %20‬و‪.%40‬‬ ‫وم ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪ 11‬بطرس البستاني‪ ،‬محيط المحيط‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،1983 ،‬ص‪ .‬ع‪.‬‬ ‫‪ُ 22‬تقسم المشروبات الكحولية الى نوعين‪ :‬مشروبات ُمقطّ رة (‪)distilled drinks‬‬ ‫خمرة (‪Fermented‬‬ ‫كالويسكي والفودكا والتيكيال ُ‬ ‫والرم َ‬ ‫والع َرق وغيرها‪ ،‬ومشروبات ُم ّ‬ ‫أن في مراحل صنع المشروبات‬ ‫ذكره‬ ‫والجدير‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫‪ )drinks‬كالبيرة والنبيذ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫تصنيع‬ ‫ة‬ ‫عملي‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫الحق‬ ‫سيرد‬ ‫كما‬ ‫التقطير‪،‬‬ ‫تسبق‬ ‫تخمير‬ ‫المقطرة‪ ،‬هناك عملية‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق عندما تكون نسبة اليانسون المستخدمة عالية ومن النوع‬ ‫‪ 33‬ترتفع جودة َ‬ ‫الجيد‪ ،‬وعاد ًة ما يؤتى به من سوريا‪.‬‬ ‫ّ‬


‫الع َرق المضافة اليه المياه‬ ‫كأس َ‬

‫الع َرق ومراحلها‬ ‫‪2.2‬طريقة ‪‬شيل‪ ‬أو تصنيع َ‬ ‫ً‬ ‫محددة منها‪:‬‬ ‫الع َرق وتصنيعه‬ ‫معينة ومراحل ّ‬ ‫تتطلب عملية شيل َ‬ ‫شروطا ّ‬

‫الع َرق‬ ‫‪ 1.1‬نوعية العنب الصالح لصناعة َ‬ ‫عرفت أغلب المناطق اللبنانية زراعة الكرمة على أنواعها‪ 6‬بسبب تعدد‬

‫‪Glasses, At the Monday Talks of Karaz w Laimoon, 16 december 2016.‬‬ ‫‪Website: http://www.karazwlaimoon.com/files/2013-12-16-The-Mystery-of‬‬‫‪Karake---Nabil-Soubaih.pdf‬‬

‫‪ 66‬لالستزادة عن زراعة الكرمة والعنب في لبنان‪ ،‬راجع‪ :‬خير المر‪ ،‬زحلة مدينة‬ ‫المتصرفية (‪ ،)1920–1860‬زحلة‪ ،2002 ،‬ص‪423–422 ،301–295 .‬؛ حاتم سليمان‪،‬‬ ‫أعدت لنيل شهادة‬ ‫التاريخ االجتماعي واالقتصادي لقاطع بكفيا ‪ ،1920–1860‬أطروحة َّ‬ ‫الدكتوراه في التاريخ‪ ،‬بإشراف الدكتور جان شرف‪ ،‬جامعة الروح القدس‪ ،‬الكسليك‪ ،‬كلية‬

‫‪103‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫وكنعانية‬ ‫وفرعونية‬ ‫وبابلية‬ ‫وأشورية‬ ‫سومرية‬ ‫كل الحضارات القديمة من‬ ‫‪ 44‬عرفت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المخمرة‪ .‬واختلفت اآلراء بين تحريم‬ ‫الكحول‬ ‫ة‬ ‫وفارسي‬ ‫ة‬ ‫وروماني‬ ‫ة‬ ‫وإغريقي‬ ‫وصينية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أنّ‬ ‫دائما في االحتفاالت الكبيرة منذ القدم حتى‬ ‫استهلكت‬ ‫ها‬ ‫إال‬ ‫ّ‬ ‫وتمجيدها‪،‬‬ ‫الكحول‬ ‫ً‬ ‫يومنا هذا‪ .‬عرف اليونانيون والرومان ظاهرة التقطير في القرن الثاني ق‪ .‬م‪ .‬وبعدهم‬ ‫ّ‬ ‫المقطرة‪ ،‬فلم ُيعرف‬ ‫الهنود والصينيون في القرنين االولين ب‪ .‬م‪ّ .‬أما انتشار الكحول‬ ‫ظن ُويشاع‪ّ ،‬إال بعدما اخترع الكيميائي جابر بن حيان بن عبداهلل األزدي‬ ‫على ما ُي ّ‬ ‫(‪ 815–721‬م‪ ).‬حوالى سنة ‪ 800‬م‪ ،.‬أول جهاز تقطير‪ ،‬اسمه المقطرة‪/‬إمبيق (‪)alembic‬‬ ‫وكيميائية‪ ،‬واستعمله من بعده أبو يوسف يعقوب بن‬ ‫طبية‬ ‫ّ‬ ‫لتقطير االعشاب ألغراض ّ‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق‬ ‫أن‬ ‫عتقد‬ ‫وي‬ ‫رة‪.‬‬ ‫المقط‬ ‫الكحول‬ ‫صنع‬ ‫في‬ ‫(‪)873–801‬‬ ‫الصباح الكندي‬ ‫إسحاق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫حيان‪ ،‬وبعد‬ ‫استخرجه المسيحيون واليهود في الشرق االوسط باإلنبيق‪ ،‬بعد اختراع ابن ّ‬ ‫ّ‬ ‫المقطرة‪ ،‬لتخفيف حدتها‬ ‫الطبية‪ ،‬الى المادة‬ ‫تجارب إضافة اليانسون ذي الخصائص‬ ‫ّ‬ ‫طيبا‪ .‬لالستزادة راجع‪ :‬جوزف االسمر‪ ،‬الخمرة عند العرب وقصة‬ ‫وإعطائها مذاقً ا ً‬ ‫الع َرق اللبناني‪ ،‬دار الفارابي للنشر والتوزيع‪.2013 ،‬‬ ‫َ‬ ‫‪Nabil Soubeih, The Mystery of the Karake: From Grapes to your Arak‬‬ ‫‪ 55‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫خفف عند‬ ‫ّإال أن هذه النسبة العالية ُت ّ‬ ‫تـنــاولــه بــإضــافــة كمية مــن الـمـيــاه وفقاً‬ ‫إلرادة شاربيه‪.4‬‬ ‫الـ َـعـ َـرق الصافي ال لــون لــه‪ ،‬وعندما‬ ‫ُيضاف إليه الماء يصبح المزيج أبيض‬ ‫الـ ـل ــون‪ ،‬ويــع ــود س ـبــب ذل ــك ال ــى وج ــود‬ ‫سائل اليانسون (‪ )anethole‬الناتج عن‬ ‫الع َرق‪ ،‬وهذا السائل قابل‬ ‫التقطير في َ‬ ‫للذوبان في الكحول وغير قابل للذوبان‬ ‫في المياه‪.5‬‬


‫‪104‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫المناخ وأنواع التربة‪ .‬فاشتهرت جودة نبيذها وعرقها منذ العصور الغابرة‬ ‫ّ‬ ‫والمعرضة‬ ‫المسطحة‬ ‫حتى اليوم‪ُ .‬تــزرع الجفنة أو الكرمة في األراضــي‬ ‫ّ‬ ‫للشمس‪ ،‬وفــي السهول التي تنضب مــاؤهــا‪ّ .‬أمــا فــي األراض ــي الكثيرة‬ ‫ثمارا قليلة تبقى خضراء اللون‬ ‫الخصب فتطرد بكثرة وقوة ولكنها تعطي ً‬ ‫‪7‬‬ ‫الحوارة (التربة البيضاء) واألرض‬ ‫وطعمها غير لذيذ ‪ ،‬لذا تجود في أرض ّ‬ ‫القليلة الرطوبة‪.‬‬ ‫صيفا‪ .‬كانت ُتزرع‬ ‫الصناعية وال تحتاج للري‬ ‫الكرمة من المزروعات‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫في أي مكان بين الصخور التي ال تصلح لزراعات أخرى‪ ،‬فتتسلق أشجار‬ ‫السنديان والعفص والبطم وغيرها المنتشرة بكثرة‪ ،‬وعلى حوافي الجلول‬ ‫وتثبت مساميك متقاربة على طــول الحافة تتسلّ قها العرائش وتتشابك‬ ‫َّ‬ ‫وتخصص أرض الجلول لزراعات أخرى‪.8‬‬ ‫ببعضها‬ ‫ّ‬ ‫تنتشر زراع ــة الكرمة فــي المناطق الجبلية حتى علو ‪1500‬م وفي‬ ‫أهمها في نواحي جزين ومغدوشة وجهات زحلة والبقاع وكساره‬ ‫السهول‪ّ ،‬‬ ‫والـكــرك وشـتــورا وبعلبك وتعنايل وبدنايل وحاصبيا وراشـيــا وبحمدون‬ ‫والـبــاروك وصليما وقرنايل وفالوغا وبكفيا وغيرها‪ .9‬وباختالف أماكن‬ ‫وتنوعت لتشمل‪ :‬المغدوشي‪،‬‬ ‫زراعة الكرمة وثمارها ّ‬ ‫تعددت ثمار العنب ّ‬ ‫العبيدي‪ ،‬الزيتوني‪ ،‬التفاتفيحي‪ ،‬المقساس‪ ،‬بيض الحمام‪ ،‬المرويح‪،‬‬ ‫خد البنت‪ ،‬أصابع العروس‪ ،‬بــزاز الكلبة‪ ،‬المسكاوي‪ ،‬الشتوي األبيض‪،‬‬ ‫البعلبكي‪ ،‬البحمدوني‪ ،‬البيتموني‪ ،‬وغيرها من األسماء العلمية والمحلية‬ ‫اآلداب‪ ،‬قسم التاريخ‪ ،1982 ،‬ص‪180–179 .‬؛ أنيس فريحه‪ ،‬القرية اللبنانية‪ :‬حضارة‬ ‫جروس برس‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان‪ ،1957 ،‬ص‪148–143 .‬؛ شاهين‬ ‫في طريق الزوال‪ّ ،‬‬ ‫الخازن‪ ،‬كنوز لبنان المرصودة‪( ،‬باحث لبناني)‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬جونيه‪ ،1984 ،‬ص‪–68 .‬‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان مباحث علمية واجتماعية‪ ،‬نظر فيه ووضع مقدمته وفهارسه‬ ‫‪70‬؛ اسماعيل ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬المكتبة الشرقية‪،‬‬ ‫الجامعة‬ ‫منشورات‬ ‫‪،2‬‬ ‫جزء‬ ‫البستاني‪،‬‬ ‫افرام‬ ‫الدكتور فؤاد‬ ‫ّ‬ ‫بيروت‪ ،1970 ،‬ص‪.402–400 .‬‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.400 .‬‬ ‫‪ 77‬اسماعيل ّ‬ ‫الع َرق دراسة إتنوغرافية‪ ،‬رسالة أُ عدت لنيل شهادة الدبلوم في‬ ‫‪ 88‬يوسف المر‪َ ،‬‬ ‫االجتماعية‪ ،‬الفرع األول‪،1983 ،‬‬ ‫العلوم‬ ‫معهد‬ ‫ة‪،‬‬ ‫اللبناني‬ ‫الجامعة‬ ‫االنتروبولوجيا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أُ‬ ‫أيضا‪:‬‬ ‫نظر‬ ‫ص‪.301–295 .‬‬ ‫زحلة‪،‬‬ ‫المر‪،‬‬ ‫خير‬ ‫ص‪159–155 .‬؛‬ ‫ً‬ ‫‪JOUPLAIN, (Noujeim Paul), La question du Liban, 2è édition, Jounieh, 1961,‬‬ ‫‪.p. 497‬‬

‫‪ 99‬‬ ‫‪Adel Ismail, Documents diplomatiques et consulaires relatifs à l’histoire‬‬ ‫‪du Liban et des pays du Proche-Orient du XVII e siècle à nos jours, Editions‬‬ ‫‪des Œuvres Politiques et historiques, Beyrouth,1975, T. 19, p. 118 et 199.‬‬ ‫واسماعيل حقّي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.401–400 .‬‬


‫‪descriptive et raisonnée de chaque province de l’Asie Mineure, Editions‬‬ ‫‪Ernest Leroux, Paris, 1892, T. I, p. 222.‬‬

‫أن نوع الكرمة الوحيد‬ ‫‪ 114‬ويقول أنيس فريحه‪ :‬أثبت االختبار للفالح اللبناني ّ‬ ‫كثيرا‬ ‫ا‬ ‫ثمر‬ ‫يعطي‬ ‫فإنه‬ ‫غلة رابحة‪ ،‬هو المرواح (ذو الرائحة الطيبة)‪،‬‬ ‫الذي ُيعطي ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فإن معدل المادة السكرية فيه عالية‬ ‫ا‬ ‫نضج‬ ‫لينضج‬ ‫رك‬ ‫ت‬ ‫وإذا‬ ‫وقطره كثير‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تاما ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فضل الفالح لزراعة الكرمة األرض الشمسية البعيدة عن‬ ‫وخمره ودبسه ممتاز‪ .‬كما ّ‬ ‫الحوارة‪ ،‬األرض‬ ‫جوار القرية والبيوت لقلة االسمدة فيها‪ .‬وأحسن التربة للكرمة هي‬ ‫ّ‬ ‫البيضاء الرمادية التي يكثر فيها األليمنيوم‪ ،‬أنيس فريحه‪ ،‬القرية‪ ،‬ص‪144 .‬؛ ّأما‬ ‫قليال وأكثر استعماله‬ ‫أن المرواح وهو كثير ال يصلح لألكل ّإال ً‬ ‫شاهين الخازن فيعتبر ّ‬ ‫والخل‪ ،‬أُ نظر‪ :‬شاهين الخازن‪ ،‬كنوز لبنان‪ ،‬ص‪.70–68 .‬‬ ‫للعرق والخمر‬ ‫ّ‬ ‫الحب فيه صغير‬ ‫الجيدة يكون‬ ‫‪ 115‬المأساس أو المقساس‪ :‬نوع من انواع العنب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحجم‪ ،‬رقيق القشرة وكثير الحالوة‪.‬‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪2017/8/10‬؛ ومقابلة‬ ‫‪ 116‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫مع خليل يوسف رشيد لبكي في منزله في بعبدات في ‪2017/8/11‬؛ ومقابلة مع طوني‬ ‫أبو أنطون من بلدة القعقور المتنية في منزل الدكتور جوزيف لبكي في بعبدات في‬ ‫‪2017/8/3‬؛ ومقابلة مع توفيق انطون نجم لبكي في ‪ 2009/10/15‬في حديقته في‬ ‫بعبدات؛ ومقابلة مع عبده منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل‬ ‫الع َرق في ‪.2015/10/17‬‬ ‫َ‬

‫‪105‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪ 110‬لحد خاطر‪ ،‬العادات والتقاليد اللبنانية‪ ،‬مطبعة الجبل درعون – حريصا‪ ،‬الجزء‬ ‫الثاني‪ ،1977 ،‬ص‪.140 .‬‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.400 .‬‬ ‫‪ 111‬اسماعيل ّ‬ ‫‪Adel Ismail, Op. cit., T. 19, p. 199. 112‬‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.401–400 .‬‬ ‫واسماعيل ّ‬ ‫‪Vital Cuinet, La Turquie d’Asie, Géographie administrative, statistique 113‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫التي أُ طلقت على أنواع العنب في لبنان‪ .‬كان معظم العنب في لبنان ُيستهلك‬ ‫والع َرق‪ ،‬أو ُيباع‪ّ .‬أما‬ ‫في األكل أو في صنع النبيذ والدبس العنبي والزبيب َ‬ ‫أيضا إذ لكل نوع ميزته ولونه وطعمه‪.‬‬ ‫الخمرة‬ ‫فتتنوع باختالف أنواع العنب ً‬ ‫ّ‬ ‫الجيد ُيصنع في الخنشارة وبتغرين وصليما وبحنس وبكفيا وبيت‬ ‫َ‬ ‫الع َرق ّ‬ ‫‪10‬‬ ‫شباب وزكريت وزوق مصبح وغزير والكفور وبحمدون ودرعــون وريفون‬ ‫وسبعل‪ 11‬وغيرها من قرى جبل لبنان‪ ،‬وزحلة وشتورا وكساره وكفريا وقب‬ ‫صدر منه من قضاء زحلة حيث‬ ‫الياس ومشغره في قرى البقاع‪ .12‬وأكثر ما ُي ّ‬ ‫يحول معظم محاصيل الكروم الواسعة الى عرق ونبيذ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تكاد أصناف العنب تكون كلّ ها بيضاء ُوت َف َّضل بشكل خاص في صناعة‬ ‫‪13‬‬ ‫الع َرق المعروفة في لبنان‬ ‫َ‬ ‫الع َرق ‪ّ .‬أما أنواع العنب المستخدمة في تصنيع َ‬ ‫‪14‬‬ ‫فهي ذات الحب األبيض الصغير كال ِم ْر َو ْي ْح (أو المرواح) والمأساسي (أو‬ ‫‪15‬‬ ‫المقساس)‬ ‫والع َب ْيدي ُويقطف عاد ّة في أواخر ايلول من كل عام‪ .16‬وهذه‬ ‫ْ‬


‫فمثال ‪‬العنب‬ ‫جيد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫األنواع من العنب‪ُ ،‬تعتبر األجود للحصول على عرق ّ‬ ‫و‪‬بز الكلبة‪ ‬ال يصلحان للعرق‪ ،‬والعنب االسود يستعمل لصنع‬ ‫البيتموني‪ّ ‬‬ ‫النبيذ ولألكل كما البحمدوني‪.‬‬ ‫الع َرق‪ :‬تخبيصه وتخميره‬ ‫‪ 2.2‬تحضير العنب لتصنيع َ‬

‫جي ًدا بمياه نبع نظيفة وسليمة وغير‬ ‫بعد قطاف العنب الناضج‪ُ ،‬ي َ‬ ‫غسل ّ‬ ‫نشف ثم ُينقل بالسالل أو بصناديق خشبية (سحاحير) الى مكان‬ ‫ملوثة‪ُ ،‬وي ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪17‬‬ ‫قديما حجرية استبدلت بــ ‪‬ألكان‪ ‬نحاسية‬ ‫كانت‬ ‫مستوعبات‬ ‫على‬ ‫يحتوي‬ ‫ً‬ ‫حيث يتم دوس العناقيد باألرجل‪ ،‬بعد غسلها‪ ،18‬بقوة الى أن يتم عصرها‬ ‫كعصارة خشبية أو‬ ‫ممزوجة بعماليشها‪ ،‬ثم تطورت الوسائل الــى آالت‬ ‫ّ‬ ‫حديدية ُتدار باليد‪.‬‬

‫‪106‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫عصارة عنب حديدية تُ دار باليد استعملها توفيق انطون نجم لبكي‬ ‫ّ‬ ‫في عصر العنب (من مقتنيات رامز توفيق لبكي)‬

‫ُينقل العنب المعصور مع البزر والعماليش أو الجماش‪ 19‬أو الزمزيمة‬ ‫أو الجمزيني‪ 21‬الى براميل من خشب أو صفيح‪ ،‬أصبحت اليوم مستوعبات‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 117‬ألكان جمع َل َك ْن‪ ،‬وهو إناء ُيستعمل للعجين أو غسل الثياب‪.‬‬ ‫‪ 118‬سامي ريحانا‪ ،‬موسوعة التراث القروي‪ :‬القرية مجتمع ذو اكتفاء ذاتي‪ ،‬الجزء‬ ‫االول‪ ،‬دار نوبليس‪ ،‬بيروت ‪ ،2010‬ص‪.161 .‬‬ ‫‪ 119‬أنيس فريحه‪ ،‬القرية‪ ،‬ص‪.147 .‬‬ ‫والتحوالت في‬ ‫‪ 220‬أنطوان يوسف سعاده‪ ،‬الزعيترة في تاريخ لبنان المناطقي‬ ‫ّ‬ ‫الريف اللبناني بين ‪ 1305‬و‪ ،2014‬مطابع بيبلوس الحديثة‪ ،‬بيروت‪ ،2014 ،‬ص‪.256 .‬‬ ‫والزمزمية هي عصير العنب مع العملوش‪ ،‬والعملوش هو أعناق عناقيد العنب‪.‬‬ ‫‪ 221‬سامي ريحانا‪ ،‬موسوعة التراث القروي‪ ،‬ص‪.162 .‬‬


‫‪Nabil Soubeih, Op. cit., Website: http://www.karazwlaimoon.com/files/2013‬‬‫‪12-16-The-Mystery-of-Karake---Nabil-Soubaih.pdf‬‬

‫‪ 226‬وقد تتأثر فترة همود العنب بالطقس وبكثرة ‪‬التربيص‪ ‬ونسبة حموضة عصير‬ ‫أياما أكثر والعكس صحيح‪ .‬مقابلة‬ ‫العنب‪ .‬فإذا كان الطقس ً‬ ‫باردا قد يأخذ همود العنب ً‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/10‬‬ ‫مع نبيه ّ‬

‫‪107‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪ 222‬استبدل السيد توفيق نجم لبكي البراميل البالستيكية بخزانات من باطون جعلها‬ ‫خزان او برميل ال يحتوي‬ ‫قرب الكركة‪ .‬والهدف من ذلك هو وضع عصير العنب داخل ّ‬ ‫شوه تركيبته الكيميائية‪ .‬مقابلة مع توفيق نجم‬ ‫على مواد قد تتفاعل مع عصير العنب ُوت ّ‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫شيل‬ ‫موسم‬ ‫لبكي في ‪ 2009/10/15‬في بعبدات خالل‬ ‫َ‬ ‫حنا نيسان لبكي على سحب بزر العنب من الزوم المخبوص ألن‬ ‫شدد السيد نبيه ّ‬ ‫‪ُ 223‬ي ّ‬ ‫حنا نيسان‬ ‫غليه ُي ّغير طعم العنب‪ .‬وكذلك ال يجوز وضع العنب المهترئ‪ .‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/10‬‬ ‫‪ّ 224‬ربصت‪ :‬أغرقت المرأة غسيلها أي كبسته بعود خشبية (المربص) ليغمره الماء‬ ‫الغالي‪ .‬أنيس فريحه‪ ،‬معجم األلفاظ العامية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،1973 ،‬ص‪.62 .‬‬ ‫وخالل التربيص ينفصل العملوش عن العنب‪.‬‬ ‫موجودا في زوم العنب‬ ‫أن ثاني أكسيد الكربون لم يعد‬ ‫ً‬ ‫‪َ 225‬ه َم َد عصير العنب‪ :‬يعني ّ‬ ‫ويتأكدون من ذلك باشعال عود ثقاب ويضعونه فوق عصير العنب في البرميل‪ ،‬فإذا‬ ‫توه ًجا فهذا‬ ‫أن ثاني أكسيد الكربون ال يزال‬ ‫ً‬ ‫انطفأت فهذا يعني ّ‬ ‫موجودا‪ ،‬واذا زادت ّ‬ ‫موجودا‪ .‬مقابلة مع عبده منعم‬ ‫الكربون‬ ‫أكسيد‬ ‫ثاني‬ ‫يعد‬ ‫ولم‬ ‫ن‬ ‫تكو‬ ‫ً‬ ‫يعني ّ‬ ‫ان السبيرتو ّ‬ ‫الع َرق في ‪ .2015/10/17‬بعد‬ ‫شيل‬ ‫عملية‬ ‫خالل‬ ‫بعبدات‬ ‫في‬ ‫منزله‬ ‫في‬ ‫الشرباتي‬ ‫توما‬ ‫َ‬ ‫همود العنب‪ ،‬يعمد البعض الى سحب العملوش (ألنه ُيساعد على زيادة التخمير غير‬ ‫حنا‬ ‫المرغوبة) واخذ زوم العنب الى المكبس لكبسه وتصفيته مرة ثانية‪ .‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪ .2017/8/10‬ومن عالمات همود عصير العنب‪،‬‬ ‫هو عدم وجود فقاعات (‪ )bubbles‬فيه‪ ،‬وتكون نسبة الكحول في السائل حوالي ‪%12‬‬ ‫السكر فيه‬ ‫ُوتقاس بواسطة مقياس الكحول أو ميزان الكحول (‪ ،)alcoholmeter‬ونسبة ُ‬ ‫قريبا‬ ‫لونه‬ ‫شبه معدومة والتي ُتقاس بواسطة مقياس السكر (‪ )saccharometer‬ويصبح‬ ‫ً‬ ‫الى البني‪ُ .‬تستعمل مرحلة التخمير هذه في صنع كحوليات أُ خرى كالنبيذ‪ .‬أُ‬ ‫أيضا‪:‬‬ ‫نظر‪،‬‬ ‫ً‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫من باطون أو براميل بالستيكية‪ُ .22‬يترك من البراميل حوالي ‪ 15‬سنتم‬ ‫الحقا ُوت ّ‬ ‫غطى بشبك ناعم أو جنفيص‬ ‫تحس ًبا لفوران عصير العنب‬ ‫ً‬ ‫فارغة ّ‬ ‫‪23‬‬ ‫لحمايتها من البرغش وسائر الـحـشــرات ‪ .‬وبعد بضعة أيــام (‪ 3‬الــى ‪5‬‬ ‫فيوالى تحريكه بإنتظام داخل‬ ‫ايام) يبدأ عصير العنب باإلختمار والفوران ُ‬ ‫سمى المربص‪ .‬تجري هذه العملية‬ ‫شعبة ُت ّ‬ ‫البرميل بواسطة خشبة طويلة ُم ّ‬ ‫‪24‬‬ ‫سمى ‪‬التربيص‪ ، ‬والهدف منها هو ازالة ثاني‬ ‫أقلّ ه مرتين كل يوم‪ُ ،‬وت ّ‬ ‫أكسيد الكربون (‪ )carbon dioxide ou CO2‬من عصير العنب ألنه يؤدي‬ ‫الى تفوير العنب المعصور‪ .‬وعندما يهمد فوران عصير العنب‪ 25‬بعد حوالي‬ ‫ـومــا‪ُ ،26‬ت ّ‬ ‫يتبخر‬ ‫غطى البراميل بأغطيتها بإحكام لكي ال‬ ‫ّ‬ ‫الخمسة عشر يـ ً‬ ‫صالحا‬ ‫أو ‪‬يطير‪ ‬السبيرتو من العصير‪ .‬بعد ذلك يصبح عصير العنب‬ ‫ً‬


‫اشكال من براميل بالستيكية المخصصة‬ ‫لوضع العنب المخبوص فيها‬ ‫(في منزل عبده توما الشرباتي في بعبدات)‬

‫‪108‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫العنب المعصور موضوع‬ ‫بالبراميل المفتوحة بعد تخبيصه‬ ‫(في منزل عبده توما الشرباتي في بعبدات)‬

‫ُلينقل الى الكركة الستقطاره‪ُ .‬وتعرف عملية َهمد العنب بإسمها العلمي‬ ‫الكيميائي ‪‬التخمير‪.27)fermentation( ‬‬ ‫‪ 227‬التخمير‪ :‬هو تحويل السكر الموجود في العنب الى كحول‪ ،‬ويحصل ذلك عندما‬ ‫الطبيعية الموجودة في قشرة حبوب العنب وبذره وجذع‬ ‫تتعرض انزيمات السكر للخميرة‬ ‫ّ‬ ‫خمرا‬ ‫يعطي‬ ‫أيام‬ ‫لعدة‬ ‫والتخمير‬ ‫السكر‪.‬‬ ‫نسبة‬ ‫حسب‬ ‫العنقود‪ .‬تتغير درجة الكحول‬ ‫ً‬ ‫المتكون اذا عولج بطريقة معينة يصبح‬ ‫ّ‬ ‫قويا‪ .‬والسائل‬ ‫ا‬ ‫خمر‬ ‫ً‬ ‫خفيفا‪ ،‬ولعدة أسابيع يعطي ً ًّ‬ ‫الع َرق اللبناني‬ ‫وقصة‬ ‫العرب‬ ‫عند‬ ‫الخمرة‬ ‫باسيل‪،‬‬ ‫جوزف‬ ‫‪.‬‬ ‫خال‬ ‫يتحول‬ ‫ترك‬ ‫واذا‬ ‫ا‬ ‫نبيذً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫والع َرق مشروب الشرق بعد سنة ‪800‬م‪ ،.‬جريدة‬ ‫شقيقان‬ ‫والخل‬ ‫النبيذ‬ ‫األسمر‪،‬‬ ‫لجوزف‬ ‫َ‬ ‫النهار‪ ،‬في ‪ 11‬كانون الثاني ‪.2014‬‬


‫‪ 3.3‬الكركة (‪ )Alembic‬وأدوات التقطير األخرى ووظائفها‬ ‫ ) أالكركة ‬ ‫الع َرق وماء الزهر‬ ‫هي آلة من النحاس األحمر ُتستعمل الستقطار َ‬ ‫أيضا باألنبيق‪ .‬تتألف من عدة أجزاء وهي‪:‬‬ ‫وماء الورد‪ُ .‬تعرف ً‬ ‫‪28‬‬

‫‪29‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫كركة عبده توما الشرباتي‬ ‫وموقدتها المشتعلة في بعبدات‬

‫‪109‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫الكركة‬ ‫(اعداد المهندس سمير السخن)‬

‫نحاسي كبير مستدير له غطاء فيه منفذ للبخار تستعمل‬ ‫‪ 228‬كركة أو كركي‪ :‬هي قدر‬ ‫ّ‬ ‫للتقطير‪ ،‬أُ نظر‪ :‬أنيس فريحه‪ ،‬معجم األلفاظ العامية‪ ،‬ص‪152 .‬؛ سالم الراسي‪،‬‬ ‫الناس بالناس‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬بيروت‪ ،1980 ،‬ص‪238 .‬؛ سالم الراسي‪،‬‬ ‫في الزوايا خبايا‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت‪ ،1979 ،‬ص‪.286 .‬‬ ‫‪ 229‬عمد البعض الى إستعمال كركة من الــستانالس ستيل (‪ )Stainless steel‬بدل‬ ‫بأن عرقها مذاقه أطيب‪ .‬أنطوان يوسف سعاده‪ ،‬الزعيترة‪،‬‬ ‫النحاس‬ ‫اقتناعا منهم ّ‬ ‫ً‬ ‫ص‪.256 .‬‬


‫ •الدست أو المرجل‪ :‬هو إنــاء مستدير طوله ال يتجاوز المتر‬ ‫حضرة‬ ‫الم ّ‬ ‫وعرضه يتراوح بين ‪ 40‬و‪ 70‬سنتم‪ .‬توضع فيه المادة ُ‬ ‫إن‬ ‫الموقدة‪.‬‬ ‫ركز فوق‬ ‫ّ‬ ‫للتقطير أي عصير العنب أو السبيرتو‪ُ .‬ي ّ‬ ‫استعماال هي التي‬ ‫ً‬ ‫أحجام الكركات ليست واحدة‪ّ ،‬إال أن األكثر‬ ‫ليترا‪.30‬‬ ‫تتسع ‪ً 120‬‬ ‫ّ‬

‫ •القبع أو غطاء الدست‪ :‬هو غطاء مستدير طوله ال يتجاوز‬ ‫إقفاال‬ ‫ً‬ ‫‪ 50‬سنتم وقـطــره حــوالــي ‪ 50‬سنتم‪ُ .‬يقفل بــه الــدســت‬ ‫‪31‬‬ ‫طين مكان وصل الدست بالقبع بالحوارة المشدودة‬ ‫ً‬ ‫محكما ‪ُ .‬وي ّ‬ ‫بقطعة قماش لتثبيتها بهدف عدم خسارة أي من ُبخار السبيرتو‬ ‫اثناء التقطير‪ .‬له فتحة في الجزء العلوي‪ ،‬يخرج منها الزند‪،‬‬ ‫البخار ليتحول الى سائل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مخصصة لتسرب ُ‬ ‫‪110‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫القبع‬ ‫ •الزند أو الزندوق أو األنبوب أو الحية‪ :‬يخرج من رأس ُ‬ ‫ضيق‬ ‫ليجري فيه ُبخار السبيرتو‪ ،‬ويتصل به قسطل معدني ّ‬ ‫يجري فيه ُبخار السبيرتو أو الـ َـعـ َـرق ُويسكب عليه باستمرار‬ ‫المياه الباردة من الخارج لكي يتحول البخار الى سائل أو أنه‬ ‫يخترق برميل من مياه بــاردة‪ .‬فيخرج منها سائل السبيرتو أو‬ ‫تخف نسبة‬ ‫الع َرق بشكل شحيح‪ .‬وفي أواخر مرحلة التقطير‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫السبيرتو‪ُ ،‬ويصار الى قياس هذه النسبة بميزان الكحول الذي‬ ‫فيعمد الى اطفاء النار وإيقاف عملية‬ ‫ُيحدد نسبة الكحول‪ُ ،‬‬ ‫التقطير‪.‬‬

‫ليترا)‬ ‫ليترا وليس ‪ً 20‬‬ ‫‪ 330‬سعة الكركة ‪ 8‬تنكات (والتنكة المعتمدة في الكركة هي ‪ً 15‬‬ ‫ليترا =‪ 120‬ليتر‪.‬‬ ‫أي‪ً 8x15 :‬‬ ‫‪ 331‬سامي ريحانا‪ ،‬موسوعة التراث القروي‪ ،‬ص‪.163 .‬‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬ ‫‪111‬‬

‫ ) بمستلزمات عملية التقطير‬ ‫تستلزم عملية التقطير موقدة وحطب وداخ ــون وقسطل معدني‬ ‫وبرميل مياه باردة وسقرق‪.‬‬ ‫ •الموقدة‪ُ :‬تبنى تحت دست الكركة‪ ،‬ويختلف حجمها بإختالف‬ ‫حجمه‪ُ .‬تشعل النار في داخلها باستمرار دون توقف عند تشغيل‬ ‫الكركة‪ ،‬بتقليب الحطب بالمحكشون أو الدكش‪ُ .32‬ويرفع الجمر‬ ‫مشعب يجمع بها الشوك‬ ‫‪ 332‬الدكش‪ :‬هو عبارة عن عصا طويلة ومتينة ذات طرف‬ ‫ّ‬ ‫والهشيم وتستخدم في تحريك النار والجمر والتين المغلي والقاورما‪ .‬والمحكشون‪ :‬هو‬ ‫دكش صغير‪.‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫كركة توفيق نجم لبكي‬ ‫في أعلى يمين الصورة الدست وطوله ‪ 55‬سنتم وقطر عرضه يتراوح بين ‪ 40‬و‪ 62‬سنتم‪،‬‬ ‫وفي أعلى يسار الصورة الزند والقبع وطوله ‪ 35‬سنتم وقطره ‪ 45‬سنتم‪،‬‬ ‫وفي أسفل الصورة الكركة‪.‬‬


‫عند تعديل قوة النار بواسطة الرفش‪ .‬وارتفاع حرارة العصير‬ ‫الحقا‪.‬‬ ‫سنبين‬ ‫في الدست أساسية في عملية التقطير كما‬ ‫ً‬ ‫ّ‬

‫محكشون‬ ‫(في منزل عبده توما الشرباتي في بعبدات)‬

‫‪112‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫الرفش‬ ‫(في منزل عبده توما الشرباتي في بعبدات)‬

‫ •الــداخــون‪ :‬يقع في الجهة الخلفية لبيت النار‪ُ ،‬ويساعد على‬ ‫‪‬تنفيس‪ ‬الهواء والدخان وثاني اكسيد الكربون من الموقدة‬ ‫وإبقاء النار مشتعلة‪.‬‬

‫سابقا مــع تعريف‬ ‫ •قسطل معدني‪ :‬وهــو امـتــداد للزند (ذُ ك ــر‬ ‫ً‬ ‫الزند)‪ُ .‬تسكب المياه الباردة عليه باستمرار من الخارج لكي‬ ‫يتحول البخار الى سائل‪.‬‬ ‫ •برميل مياه‪ :‬يخترقه القسطل المعدني وهدفه تحويل ُبخار‬ ‫الع َرق الى سائل‪.‬‬ ‫السبيرتو أو َ‬

‫ •السقرق أو اإلناء الذي ُيسكب فيه السائل المستقطر من فوهة‬ ‫قديما من فخار وهو اليوم من زجاج‪.‬‬ ‫األنبوب‪ .‬كان‬ ‫ً‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬ ‫‪113‬‬

‫الع َرق‬ ‫أجزاء الكركة وأدوات تقطير َ‬ ‫(اعداد المهندس سمير السخن)‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫عبده توما الشرباتي يستخدم الرفش‬ ‫لسحب الجمر من موقدة الكركة‬


‫كركة عبده توما الشرباتي‬ ‫ومستلزمات التقطير األخرى‬ ‫في بعبدات‬

‫‪114‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬ ‫دست وموقدة كركة‬ ‫خليل يوسف رشيد لبكي‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫‪Nabil Soubeih, Op. cit., Website: http://www.karazwlaimoon.com/ 333‬‬ ‫‪files/2013-12-16-The-Mystery-of-Karake---Nabil-Soubaih.pdf‬‬

‫‪115‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪ .4‬عملية التقطير األولى‪ :‬استخراج السبيرتو‬ ‫حضر كمية من الحطب واألخشاب لضمان إستمرارية إشتعال موقدة‬ ‫ُت ّ‬ ‫الكركة طيلة الفترة الالزمة الستخراج السبيرتو وقد تستغرق من أربع‬ ‫وفقا لحجمه‪ .‬استبدل البعض موقدة الحطب‬ ‫الى خمس ساعات لكل نزل ً‬ ‫الع َرق وفق الحاجة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مستقرة‬ ‫بالغاز الذي تبقى ناره‬ ‫ّ‬ ‫يتحكم بها صانع َ‬ ‫تبدأ العملية بنقل عصير العنب الصافي المعد في البراميل من دون‬ ‫البزر والعملوش الى الكركة ُوتقفل جـ ّـيـ ًـدا‪ .33‬والتقطير هو تقنية هدفها‬ ‫فجراء ارتفاع‬ ‫فصل مواد كيميائية عن بعضها البعض ً‬ ‫وفقا لدرجة غليانها‪ّ .‬‬ ‫أوال وهي الميتانول (‪ )Methanol‬على ‪64‬‬ ‫األخف ً‬ ‫تتبخر المادة‬ ‫الحرارة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫درجة مئوية‪ ،‬ثم اإليتانول (‪ )Ethanol‬على ‪ 78‬درجة مئوية وهو السبيرتو‬ ‫وأخيرا المواد الكحولية األخرى (‪ )Propyl, Butyl, Amyl‬على مئة‬ ‫الجيد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫درجة مئوية وأكثر‪ .‬تكون النار عند بدء عملية التبخر خفيفة‪ ،‬غير أنّ ه يجب‬ ‫المحافطة على درجة حرارة معينة كفيلة بإبقائها داخل الدست بين ‪78‬‬ ‫لتبخر السبيرتو الصالح (‪ )Ethanol‬فقط‬ ‫و‪ 95‬درجة مئوية قدر االمكان ّ‬ ‫الحقا‪ّ .‬أما الكمية التي تسيل في بدء عملية التقطير ال تحمل‬ ‫الع َرق‬ ‫ً‬ ‫لصنع َ‬ ‫الجيد ُفتتلف ألنها تحتوي على ُبخار الماء‪ .‬يتصاعد‬ ‫مواصفات السبيرتو ّ‬ ‫جراء الحرارة العالية داخل الدست‪ ،‬الى القبع وهو بخار السبيرتو‬ ‫البخار‪ّ ،‬‬ ‫أخف من كثافة المياه‪ ،‬وتبقى المياه والسوائل‬ ‫أوال ألن كثافته‬ ‫يتبخر ً‬ ‫الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫التبخر (‪ )evaporation‬هذه‪ ،‬ينفصل‬ ‫عملية‬ ‫في‬ ‫الكركة‪.‬‬ ‫قعر‬ ‫في‬ ‫االخرى‬ ‫ّ‬ ‫السبيرتو عن المواد األخــرى الموجودة في عصير العنب ُويصبح ُبخار‬ ‫خاليا من أية مواد أُ خرى‪.‬‬ ‫نقيا ًّ‬ ‫سبيرتو ًّ‬ ‫في ّبرد القسطل‬ ‫يتكاثف بخار السبيرتو في ‪‬الــزنــدوق‪ ‬أو ‪‬الــزنــد‪ُ .‬‬ ‫يمر عبر برميل مياه بــاردة‪ ،‬فتهبط حرارة بخار‬ ‫الموصول بالزند‪ ،‬الذي ّ‬ ‫يصب فــي ‪‬األلـفـيــة‪ ‬أو في‬ ‫السبيرتو فــي الــداخــل ويتحول الــى سائل‬ ‫ّ‬ ‫سمى التمييع‬ ‫وعاء زجاجي ‪‬غالون‪ ،‬نظيف ّ‬ ‫معد لذلك‪ .‬وهذه العملية ُت ّ‬ ‫(‪ ،)liquefaction‬أي تحويل البخار الــى سائل‪ .‬ويبدأ تقطير السبيرتو‬ ‫الجيد بعد حوالي ساعتين من إشعال النار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ليترا‪ ،‬في نزل واحد حوالي ستة غالونات‬ ‫ُي ّ‬ ‫قدر إنتاج كركة سعتها ‪ً 120‬‬ ‫سبيرتو مــن سعة ‪ 3.5‬ليتر (ثــاث ليترات ونصف الليتر) أي بمجموع‬ ‫ليترا من السبيرتو‪ .‬تتصف الغالونات الخمسة االولى منها‬ ‫‪ً 21= 6 x 3.5‬‬ ‫الجيدة ألن نسبة الكحول فيها عالية‪ّ ،‬أما الغالون السادس فتضعف‬ ‫بالنوعية ّ‬


‫فيه نسبة الكحول‪ ،‬لذلك يوضع مع النزل‪ 34‬الذي يليه‪ ،‬واذا لم يكن هناك‬ ‫الع َرق الى اتالفه‪ .‬وتحتاج عملية تقطير نزل واحد‬ ‫نزل آخر‪ ،‬يلجأ صانع َ‬ ‫حوالي ‪ 8‬ساعات‪ .‬وتكون نسبة الكحول في السبيرتو بعد أول عملية تقطير‬ ‫حوالي ‪ّ .35%22‬أما فيما يتعلق بنسبة السبيرتو في عصير العنب المخبوص‪،‬‬ ‫إن اول نزل للكركة يأخذ‬ ‫فهي‪ 21 :‬ليتر\‪ 120‬لـيـتــر=‪ّ .36%17.5=0.175‬‬ ‫نظرا لوجود كمية عالية من الرطوبة فيها بعد تهيئتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقتا أكثر من غيره ً‬ ‫وأن أول ليتر من كل نزل ُيرمى ألنه قد يحتوي على نسبة عالية من‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫السبيرتو غير الصالح أي الميتانول (‪ ،)Methanol‬كما ذكرنا‪.37‬‬

‫‪116‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫ميزانان للكحول‬ ‫(من محفوظات خليل يوسف رشيد لبكي)‬

‫الن ْزل‪ :‬هو الكمية المراد تقطيرها التي توضع في الكركة‪ .‬أُ نظر‪ :‬أنيس فريحه‪،‬‬ ‫‪َ 334‬‬ ‫معجم األلفاظ العامية‪ ،‬ص‪.180 .‬‬ ‫والع َرق لترك المجال الدخال ميزان الكحول‬ ‫‪ 335‬ال تملئ الغالونات بالكامل بالسبيرتو َ‬ ‫دون خسارة من السائل‪ .‬وغالونات السبيرتو في النزل الواحد تنخفض نسبة كحولها‬ ‫في كل غالون اي‪ :‬اول غالون نسبته ‪ %26‬والثاني ‪ %25‬والثالث ‪... %24‬الخ وآخر غالون‬ ‫‪ .%18‬واذا ما قلّ ت النسبة عن ‪ %18‬يوضع السبيرتو مع النزل التالي كما أشرنا‪ .‬مقابلة‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/10‬‬ ‫مع نبيه ّ‬ ‫‪ 336‬مقابلة مع عبده منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل‬ ‫اكده لي خليل يوسف رشيد لبكي إذ إنه من ‪ 20‬كيلو‬ ‫الع َرق في ‪ .2015/10/17‬هذا الرقم ّ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫حين‬ ‫في‬ ‫‪.2017/8/11‬‬ ‫في‬ ‫معه‬ ‫مقابلة‬ ‫في‬ ‫سبيرتو‬ ‫عصير عنب يحصل على ‪ 3,5‬كيلو‬ ‫ّ‬ ‫ان النسبة هي حوالي ‪.%20‬‬ ‫السيد نبيه ّ‬ ‫حنا نيسان لبكي والسيد طوني ابو انطون ّاكدا ّ‬ ‫مقابلة مع طوني أبو أنطون ابن بلدة القعقور المتنية في منزل الدكتور جوزيف لبكي في‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في‬ ‫بعبدات في ‪ .2017/8/3‬و مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫عدة أماكن‪.‬‬ ‫في‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2017/8/10‬ومشاهدات عينية لعملية شيل َ َ‬ ‫الع َرق قد تؤدي الى‬ ‫‪ 337‬اذا ُوجدت مادة الميتانول (‪ )Methanol‬بنسبة عالية في َ‬ ‫جي ًدا من هذه المادة‪.‬‬ ‫العمى‪ .‬لذلك يجب تنقية َ‬ ‫الع َرق ّ‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫أوال زوم‬ ‫‪ 338‬تحتاج عملية تنظيف الكركة لحوالي األربعين دقيقة‪ .‬عندما ُيوضع ً‬ ‫العنب المعصور‪ ،‬ال ُت ّ‬ ‫نظف الكركة (الدست والقبع والزند) ألنّ ها تكون نظيفة من السنة‬ ‫السابقة‪ ،‬من آخر نزل عرق ُص ّنع فيها‪ .‬ولكن عند االنتقال من عملية تقطير الى أخرى‬ ‫مهما في عملية التقطير‬ ‫يجب تنظيفها (الدست والقبع والزند)‪ُ .‬ويعتبر تنظيف الزند ً‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫طعم َ‬ ‫كي ُي ّنقى السبيرتو وال ُي ّ‬ ‫‪ 339‬قد ُيستعمل اإلسفنج أو الجنفيص أو الليف في تنظيف الكركة ولكن ال يجوز‬ ‫مبيضة)‪ .‬واألفضل تنظيف الكركة وهي ال تزال‬ ‫إستعمال ِ‬ ‫الس ْيف (ألن الكركة تكون ّ‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪ .2017/8/10‬وقد‬ ‫ساخنة‪ .‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫ُيستعمل الرمل البحري والبوطاس (من منطقة الفرزل) في تنظيف الكركة ألنهما ال‬ ‫ُيطعما أو ُيصدرا روائح‪ .‬مقابلة مع خليل يوسف رشيد لبكي في منزله في بعبدات في‬ ‫‪.2017/8/11‬‬ ‫أن نسبة السبيرتو بالنسبة لزوم العنب بعد أول عملية تقطير هي‬ ‫‪ 440‬ذكرنا‬ ‫ً‬ ‫سابقا ّ‬ ‫تقريبا‪.‬‬ ‫‪%16,625‬‬ ‫تقطير‬ ‫عملية‬ ‫ثاني‬ ‫بعد‬ ‫تصبح‬ ‫‪.%17,5‬‬ ‫ً‬

‫‪117‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪ .5‬عملية التقطير الثانية أو تطهير (‪ )Purifying‬السبيرتو‬ ‫الع َرق‬ ‫ً‬ ‫وأحيانا شيل َ‬ ‫بعد االنتهاء من تقطير عصير العنب وتحويله الى سبيرتو‪ ،‬تبدأ عملية‬ ‫التقطير الثانية إلنتاج السبيرتو الصالح ‪ %100‬وهو اإليتانول النقي (‪Pure‬‬ ‫‪ )Ethanol‬والتخلص من الميتانول (‪ .)Metanol‬ولكن قبل البدء بالعملية‬ ‫جي ًدا بكامل أقسامها من‬ ‫ووضع السبيرتو في الكركة‪ ،‬يجب القيام بتنظيفها ّ‬ ‫‪38‬‬ ‫بقايا سائل العنب المترسب على جوانبها‪ ،‬للحصول على السبيرتو النقي ‪.‬‬ ‫ُي ّ‬ ‫نظف الزند بقطعة قماش ناشفة ورمــاد ساخن يؤخذ من الموقدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫جي ًدا بالمياه‪ُ ،‬ويعاد فركه بحامض الليمون ثم‬ ‫بقوة ثم‬ ‫ُيفرك بها ّ‬ ‫يشطف ّ‬ ‫في ّ‬ ‫نظفان بالطريقة نفسها ولكن‬ ‫بقطعة قماش ناشفة‪ّ .‬أما الدست والقبع‪ُ ،‬‬ ‫من دون استعمال حامض الليمون‪ .‬بعد تنظيف الكركة يوضع السبيرتو‬ ‫تماما كما في العملية األولى أي‬ ‫داخل الدست وتبدأ عملية التقطير الثانية ً‬ ‫‪39‬‬ ‫األول المستخرج ُيتلف ألنه يحتوي‬ ‫تقطير زوم العنب المعصور ‪ .‬فالليتر ّ‬ ‫سمى ‪‬كمخة‪ .‬فيصبح بعده السبيرتو‬ ‫على رواسب من حامض الليمون ُت ّ‬ ‫وصالحا أن ُيصبح عرقً ا‪ .‬وألن مزيج‬ ‫صالحا للشرب‬ ‫اكثر نقاوة (‪)Ethanol‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫السبيرتو مؤلف من اإليتنول بشكل أساسي‪ ،‬ال يخسر السائل أكثر من ‪%5‬‬ ‫من حجمه قبل التقطير‪ .40‬تتم العملية الثانية كاألولى بجميع مراحلها‪،‬‬ ‫صب السبيرتو في غالونات زجاجية أو مقششات‪.‬‬ ‫ُوي ّ‬ ‫الع َرق خالل عملية التقطير الثانية بإضافة اليانسون‬ ‫ُويمكن استخراج َ‬ ‫على السبيرتو المستخرج من أول عملية تقطير‪ ،‬بنسبة ‪200‬غ لكل ليتر‬ ‫سبيرتو (نسبة مواده كما سيأتي في عملية التقطير الثالثة) ُويحصل على‬


‫الع َرق‬ ‫الع َرق غير المثلّ ث بعد ثاني عملية تقطير‪ ،‬والذي ُيعتبر أقل جودة من َ‬ ‫َ‬ ‫المثلث ولكن أسرع وأكثر‬ ‫انتاجا‪.41‬‬ ‫ً‬

‫‪118‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫الع َرق‬ ‫مقششة ُي ّعبأ فيها السبيرتو ُوي ّ‬ ‫خزن فيها َ‬ ‫(في منزل عبده توما الشرباتي في بعبدات)‬

‫المثلث‬ ‫الع َرق‬ ‫ّ‬ ‫‪ .6‬عملية استخراج َ‬ ‫بعد االنتهاء من عملية التقطير الثانية لتطهير السبيرتو ونقله الى‬ ‫الع َرق المثلث)‬ ‫المقششات‪ ،‬تأتي عملية التقطير الثالثة (من هنا تسمية َ‬ ‫الع َرق واعتبره مضيعة للوقت أن جودته وطعمه ال‬ ‫‪ 441‬نبيه ّ‬ ‫حنا نيسان لبكي لم ُيثلّ ث َ‬ ‫يتأثران‪ .‬فاألساس يكمن في االنتباه وانتاج سبيرتو نظيف‪ .‬واذا كان عيار السبيرتو ‪20‬‬ ‫أو ‪ %21‬يضيف ‪ 200‬غرام يانسون مقابل كيلو السبيرتو‪ّ ،‬أما اذا كان العيار ‪ %22‬او ‪%23‬‬ ‫فيضيف ‪ 250‬غرام من اليانسون‪( .‬وزن غالون السبيرتو عيار ‪ %18‬هو ‪ 3‬كيلو ونصف‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله‬ ‫ووزن غالون السبيرتو عيار ‪ %23‬هو ‪ 3‬كيلو) مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫الع َرق‬ ‫في بعبدات في ‪ .2017/8/10‬كما ّ‬ ‫وأن السيد خليل يوسف رشيد لبكي لم ُيثلث َ‬ ‫الع َرق اذا استخرج على نار خفيفة‪ ،‬فال حاجة لتثليثه‪ .‬مقابلة مع خليل يوسف‬ ‫واعتبر ّ‬ ‫ان َ‬ ‫رشيد لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/11‬‬


‫حيث ُيمزج اليانسون بالسبيرتو‪ .‬ولكن قبل وضع السبيرتو واليانسون‬ ‫جي ًدا من السبيرتو كما نُ ّظفت بعد المرحلة‬ ‫في الكركة يجب تنظيفها ّ‬ ‫األولى‪ .‬يجب ان تكون نسبة الكحول في السبيرتو النقي قريبة من ‪.%22‬‬ ‫تطور أدوات المقياس‪ ،‬يتذوق السبيرتو ويضيف‬ ‫كان صاحب الكركة‪ ،‬قبل ّ‬ ‫قليال‪ُ .‬يخلط اليانسون األخضر‬ ‫المياه‬ ‫تقديريا لتخفيف نسبة الكحول ً‬ ‫ً‬ ‫‪43‬‬ ‫العالي الجودة بنسبة وقية (‪ 200‬غرام) في الليتر الواحد من السبيرتو‬ ‫أو ‪ 200‬غرام يانسون على الف غرام سبيرتو‪ ،44‬ومن بعدها ُتضاف مياه‬ ‫نقية (خالية من مواد أخرى كالكلور) عاد ًة ما تكون من نبع نظيف‪ ،‬على‬ ‫المزيج ُلتصبح نسبة الكحول ‪ .%15‬يوضع المزيج (سبيرتو‪+‬يانسون‪+‬مياه)‬ ‫طين الكركة بالرماد والطحين‬ ‫في دست الكركة ُويخلط بعود خشبي ثم ُت ّ‬ ‫تلزق بقماش الصــق) ُويترك لصباح اليوم التالي كي‬ ‫والحوارة (وأحيانً ا ّ‬ ‫تمتزج المكونات ببعضها‪ُ .‬تشعل نار خفيفة في الموقدة لتصل الحرارة‬ ‫الع َرق‬ ‫الى حوالي ‪ 80‬درجة مئوية‪ .‬وتبدأ عملية التقطير الثالثة أي شيل َ‬ ‫تماما كما في العمليتين السابقتين‪ُ .‬يرمى ّأول نصف ليتر‬ ‫المثلّ ث وتجري ً‬ ‫الع َرق ألنه يحتوي على بخار الحامض الليمون والكمخة‪ .‬كما‬ ‫من استخراج َ‬ ‫ُيرمى آخر نزل عرق ألنه قد يكون ضعيف المنسوب والحدة ويحتوي على‬ ‫رواسب‪.‬‬ ‫‪‬الع َرق‬ ‫وقتا أكثر من تقطير السبيرتو‪ ،‬لذا ُيقال‬ ‫الع َرق ً‬ ‫َ‬ ‫يستغرق شيل َ‬ ‫على الجمر بــدك تشيلو‪ .‬ويـعــود سبب ذلــك الــى وجــود اليانسون في‬ ‫تماما بالسبيرتو‬ ‫المزيج‪ .‬فإذا كانت النار قوية‪ ،‬يفور اليانسون وال يمتزج ً‬ ‫والمياه وال ُيصبح المزيج مادة كيميائية واحدة‪ُ .‬وت َّعير النار وفق قوة السائل‬ ‫‪42‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬ ‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪ 442‬كلما زادت نسبة اليانسون على كمية السبيرتو أثناء التقطير‪ ،‬يتم الحصول على‬ ‫عرق أجود لكن بأقل كمية‪ .‬كما يضيف بعض أصحاب الكركات بعض قطع الفحم‬ ‫(المتصاص الطعم غير المستحب) أو السكر أو قرون الخرنوب أو اإلسفرجل الى‬ ‫اليانسون العطاء ‪‬نكهة مميزة‪ُ ‬محببة الى قلب صاحب الكركة‪ .‬أنطوان يوسف سعاده‪،‬‬ ‫الزعيترة‪ ،‬ص‪256 .‬؛ طوني فرنجيه‪ ،‬جريدة النهار‪ ،‬في ‪ 17‬تشرين األول ‪.2015‬‬ ‫بالع َرق اليانسون الشامي (ابو الشنبين وله عقصين) أو من‬ ‫‪ُ 443‬ي ّ‬ ‫فضل العاملون َ‬ ‫الحينة السورية في ريف دمشق على اليانسون التركي وغيره‪ُ .‬ويعتبر اليانسون من‬ ‫القوية والمذاق‬ ‫أهم المواد التي تدخل على تصنيع َ‬ ‫الجيد منه بالرائحة ّ‬ ‫الع َرق‪ .‬ويمتاز ّ‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات‬ ‫الحاد الذي ‪‬يعقص‪ ‬اللسان‪ .‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫جي ًدا والتأكد من خلوه من الكزبرة أو الشمرة‬ ‫في ‪ .2017/8/10‬ويجب تقليب اليانسون ّ‬ ‫غسل قبل مزجه‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫واليانسون‬ ‫والتراب‪.‬‬ ‫اليانسون)‬ ‫حب‬ ‫(وهي ال تصلح للعرق ُوتشبه ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫يصول يفقد من طعمه وجودته ويضعف مفعوله‪ .‬مقابلة مع خليل‬ ‫بالسبيرتو ألنه عندما ّ‬ ‫يوسف رشيد لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/11‬‬ ‫‪ 444‬أنيس فريحه‪ ،‬القرية‪ ،‬ص‪.147 .‬‬

‫‪119‬‬


‫‪120‬‬

‫الع َرق يحتاج الى‬ ‫الذي يجب ان يخرج ً‬ ‫رقيقا كالخيط‪ .‬فغالون ‪ 3.5‬ليتر من َ‬ ‫‪45‬‬ ‫أكثر من ساعة من الوقت (ساعة وربع أو ساعة وثلث) ‪.‬‬ ‫مصنعيه لضبط العملية‪،‬‬ ‫الع َرق مراقبة دقيقة من قبل‬ ‫ّ‬ ‫يتطلب شيل َ‬ ‫وتالفي فسادها‪ .‬فإذا كانت نسبة الكحول فيه عالية أكثر من ‪( %35‬يجب‬ ‫جيد أو هناك خطأ ما حصل‪ ،‬وهذا‬ ‫ان تكون ‪ّ )%32‬‬ ‫فإما اليانسون غير ّ‬ ‫الع َرق كله‪ .‬لذلك يجب التنبه وتصويب األخطاء إذا‬ ‫شيل‬ ‫قد ُيتلف عملية‬ ‫َ‬ ‫ظهرت‪.46‬‬ ‫ُت ّ‬ ‫الع َرق المثلّ ث التي ُتنتج نصف كمية السبيرتو‪ ،47‬وتتراوح‬ ‫شكل كمية َ‬ ‫كميته المنتجة بين ‪ %8‬و‪ %10‬من كمية عصير العنب‪ .‬عند االنتهاء‪ُ ،‬يسكب‬ ‫(الدنان) بعد خلطه‬ ‫في مقششات زجاجية كبيرة أو في الخوابي الفخارية ِ‬ ‫تخف نسبة الكحول التي تتبخر‬ ‫فوهاتها بالحوارة (وفي هذه الحالة‬ ‫ّ‬ ‫طين ّ‬ ‫ُوت ّ‬ ‫حدته ويطيب طعمه بعد‬ ‫خزن بانتظار أن‬ ‫تخف ّ‬ ‫ّ‬ ‫عبر المسام الفخارية) ُلي ّ‬ ‫حوالي ستة أشهر‪ ،‬ثم ُيسكب في الغالونات أو في األلفيات الطويلة أو‬ ‫الصغيرة أو في قناني‪.‬‬

‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫الع َرق المثلث وهي تختلف‪ ،‬منذ‬ ‫‪ 445‬اعتمد عبده توما على طريقة أخرى في شيل َ‬ ‫عملية التقطير الثانية‪ ،‬مع تلك التي ذكرناها‪ .‬فهو يمزج اليانسون بالسبيرتو قبل عملية‬ ‫التقطير الثانية بنسبة ‪ 100‬غرام لكل ليتر (أي بنصف نسبة اليانسون التي اعتمدت‬ ‫سابقا في عملية التقطير الثالثة) ومن ثم يمزج اليانسون بالسائل المنتج بعد عملية‬ ‫ً‬ ‫التقطير الثانية قبل عملية التقطير الثالثة بنسبة ‪ 100‬غرام لكل ليتر‪ .‬ويستطيبه‬ ‫المتذوقون‪ .‬مقابلة مع عبده منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق في ‪.2015/10/17‬‬ ‫َ‬ ‫الع َرق عند استخراجه الى اللون االبيض (كالحليب)‪،‬‬ ‫يتحول‬ ‫بدأ‬ ‫ما‬ ‫اذا‬ ‫التنبه‬ ‫يجب‬ ‫‪4‬‬ ‫ ‬ ‫‪46‬‬ ‫َ‬ ‫حنا نيسان‬ ‫ُيرمى أو ُيستعمل في البيوت لتنظيف الزجاج والطاوالت‪ .‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫لبكي في منزله في بعبدات في ‪ .2017/8/10‬وقبل ظهور ميزان الكحول‪ ،‬كانوا ُيشعلون‬ ‫أن نسبة الكحول عالية (فوق ‪ّ )%35‬أما‬ ‫السبيرتو فإذا أعطى شهباً زرقاء فهذا يعني ّ‬ ‫اذا كان الشهب أحمر فالنسبة مقبولة (حوالي ‪ ،)%32‬كما اعتمد البعض على مذاقهم‬ ‫للعرق في تقدير نسبة الكحول فيه‪ .‬مقابلة مع خليل يوسف رشيد لبكي في منزله في‬ ‫بعبدات في ‪ .2017/8/11‬وكالسبيرتو‪ ،‬تنخفض نسبة الكحول من غالون الى آخر في‬ ‫النزل الواحد وقد تبدأ ب ‪ %40‬وتنتهي ب‪ %28‬ولكنها ُتخلط مع بعضها في نهاية عملية‬ ‫التقطير‪ .‬مقابلة مع طوني أبو أنطون ابن بلدة القعقور المتنية في منزل الدكتور جوزيف‬ ‫لبكي في بعبدات في ‪.2017/8/3‬‬ ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في ‪ .2017/8/10‬ومقابلة‬ ‫‪ 447‬مقابلة مع نبيه ّ‬ ‫مع خليل يوسف رشيد لبكي في منزله في بعبدات في ‪ .2017/8/11‬ومقابلة مع عبده‬ ‫الع َرق في ‪.2015/10/17‬‬ ‫منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل َ‬


‫واالقتصادية في لبنان‬ ‫االجتماعية‬ ‫الع َرق‬ ‫أهمية َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ 3.3‬‬ ‫االقتصادية‬ ‫‪ ‬أهميته‬ ‫‪1.1‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫‪ 448‬لحد خاطر‪ ،‬العادات والتقاليد اللبنانية‪ ،‬ص‪.140 .‬‬ ‫‪ 449‬ابرهيم األسود‪ ،‬دليل لبنان‪ ،‬المطبعة العثمانية‪ ،‬بعبدا‪ ،1906 ،‬ص‪393–392 .‬؛‬ ‫أسد رستم‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.95 .‬‬ ‫‪Adel Ismail, Op. cit., T. 19, page 317. 550‬‬ ‫‪ 551‬عبداهلل سعيد‪ ،‬اإلنتاج واألرض والضرائب في متصرفية جبل لبنان والبقاع‪،‬‬ ‫‪ ،1914–1861‬الجزء الثاني‪ ،‬دار القارابي‪ ،‬بيروت‪ ،2003 ،‬ص ‪.268–267‬‬

‫‪121‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫يسيرا من انتاج القروي اللبناني وهو صناعة موسمية‬ ‫جزءا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫شكل َ‬ ‫الع َرق ً‬ ‫‪48‬‬ ‫قصيرة األمد‪ .‬غير أنه اشتهر بطيب طعمه وحسن تقطيره ورواج تجارته ‪.‬‬ ‫ازدهــرت صناعته الى جانب النبيذ والدبس في عهد المتصرفية‪ ،‬بعدما‬ ‫لتدني‬ ‫كان انتاج العنب في جبل لبنان‬ ‫وفيرا ُويعاني أزمة تسويق وتصدير ّ‬ ‫ً‬ ‫أسعاره‪ ،‬فرضت الحكومة آنذاك رسم ميرة ‪ 10‬غروش في المئة على منتجي‬ ‫ت الى معاينة بيوتهم ودكاكينهم‬ ‫المسكرات)‪ ،‬ولَ َجأَ ْ‬ ‫َ‬ ‫الع َرق (والخمر وسائر ُ‬ ‫ومخازنهم عند أوان القطاف وعند إنتاج الـ َـعـ َـرق‪ ،‬وذلــك بمعرفة مأمور‬ ‫خمنوا‬ ‫خاص ومختاري المحلّ ة أو القرية وشيوخها‪ ،‬وكان على هؤالء أن ُي ّ‬ ‫سجلونها في دفتر خاص‪ .‬بعد ذلك ُيستدعى‬ ‫سعرونها ثم ُي ّ‬ ‫المسكرات ُوي ّ‬ ‫ُ‬ ‫المعتبرين من المختارين وأهل الخبرة الى مجلس االدارة المحلّ ي‪،‬‬ ‫بعض‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وينظم بها محضر رسمي‪ُ ،‬وت َّعين‬ ‫المسكرات على أنواعها‪،‬‬ ‫أثمان‬ ‫فتقدر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫كمية‬ ‫لمقدار‬ ‫بالنظر‬ ‫شخص‬ ‫كل‬ ‫سيدفعها‬ ‫التي‬ ‫المتوجبة‬ ‫الضريبة‬ ‫َ‬ ‫فشيئا في السنة نفسها‪.‬‬ ‫شيئا‬ ‫ً‬ ‫قيد في دفتر خاص‪ ،‬ويصير تحصيلها ً‬ ‫ُوت ّ‬ ‫سمح القانون بإعفاء مئتي إقّ ة (واإلقّ ة تساوي ‪ 1200‬غرام) من اإلنتاج‬ ‫صنع في البيوت من هــذه الضريبة ألصحابه من الرسم عليها‪.‬‬ ‫الــذي ُي ّ‬ ‫المسكرات الــى الخارج‬ ‫تصدير‬ ‫عند‬ ‫جمركي‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫من‬ ‫ـد‬ ‫وكــان ال بـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪49‬‬ ‫وفقا لنظام‬ ‫رسما على أماكن شرب ‪‬الخمر‪‬‬ ‫محدد ‪ .‬وفرضت الدولة‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أميريا‬ ‫رسما‬ ‫خصا‬ ‫ّ‬ ‫والع َرق‪ ،‬وأصدرت ُر ً‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫خاصة لمحالت بيعها‪ ،‬كما فرضت ً‬ ‫على تصديرها من ميناء جونيه في متصرفية جبل لبنان‪ ،‬وصادرت خمور‬ ‫الممتنعين عن دفع هذا الرسم وأجبرتهم على بيعها في الجبل‪.50‬‬ ‫التجار ُ‬ ‫الع َرق‪ ،‬ما حدا بهم‬ ‫وكانت هذه الضريبة ُمكلفة لزارعي الكرمة ومنتجي َ‬ ‫السيما بعد كساد مواسم الحرير واالستعاضة‬ ‫الــى المطالبة بإلغائها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪51‬‬ ‫معموال به حتى‬ ‫ً‬ ‫الع َرق والخمور وتصديرها ‪ .‬وبقي األمر‬ ‫عنها بتصنيع َ‬ ‫األربعينيات من القرن العشرين إذ كانت الحكومة تطلب من المختارين أن‬


‫‪122‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫والكمية المستخدمة في استخراج‬ ‫يوافوها بأسماء الذين يزرعون العنب‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق المنتج‪ .52‬ولم يكن ُيسمح بـ ‪‬فتح الكركة‪ ‬أي استخدامها‬ ‫وكمية َ‬ ‫َ‬ ‫الع َرق ّ‬ ‫محددة‪ ،‬ألنها كانت ُتختم بالشمع األحمر بعد‬ ‫ّإال بعد أمر الحكومة ولفترة ّ‬ ‫انتهاء موسم التقطير‪.‬‬ ‫الع َرق في لبنان ومنها ّتوسعت صناعته لتدخل سوق‬ ‫ّ‬ ‫تصدرت زحلة انتاج َ‬ ‫‪‬يني‪ ‬أول‬ ‫التبادل التجاري فيه منذ أواخر القرن الثامن عشر‪ .‬وكان عرق ّ‬ ‫وتغني‬ ‫تسكر‬ ‫‪‬بدك‬ ‫ّ‬ ‫عرق ُس ِّوق في لبنان‪ ،53‬واشتهرت معه أغنية مطلعها‪َّ :‬‬ ‫‪54‬‬ ‫ألول‬ ‫إشرب من عرق ّ‬ ‫الع َرق للتجارة ّ‬ ‫يني‪ . ‬وفي تلك الفترة جرى تقطير َ‬ ‫‪55‬‬ ‫مرة في زحلة‪ ،‬ثم ّ‬ ‫ويؤكد ابرهيم‬ ‫تطورت في أواسط القرن التاسع عشر ‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫‪56‬‬ ‫الع َرق الذي وصفه بأنه من ‪‬أحسن‬ ‫استخراج‬ ‫في‬ ‫الرائد‬ ‫زحلة‬ ‫دور‬ ‫األسود‬ ‫َ‬ ‫األجناس‪ ،‬وتستحضر منه زحلة أكبر كمية وهو أفضل من المشروبات‬ ‫المسكرة المستجلبة من أوروبــا وهــي في الغالب مغشوشة‪ .57‬فإنتاج‬ ‫الكرمة في زحلة كان من أهم أعمدة اقتصادها‪ ،‬وتجارته رابحة ألنها تعتمد‬ ‫على االنتاج المحلي المضمون الربح‪ ،‬ولذلك‪ ،‬بالغ الزحليون في العناية‬ ‫الع َرق‬ ‫بتحسين أنواع كرمهم وتقطير عنبها حتى بلغ عدد‬ ‫الخمارات ومعامل َ‬ ‫ّ‬ ‫‪58‬‬ ‫الع َرق‬ ‫من‬ ‫قنطار‬ ‫‪2000‬‬ ‫نحوا من ‪ 1500‬الى‬ ‫َ‬ ‫نحوا من خمسين‪ ،‬أنتجت ً‬ ‫ً‬ ‫‪59‬‬ ‫الع َرق فيها ‪ 550‬الف كلغ في‬ ‫انتاج‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫وقُ‬ ‫‪.‬‬ ‫العشرين‬ ‫القرن‬ ‫أوائل‬ ‫في‬ ‫ا‬ ‫سنوي‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪60‬‬ ‫نحوا من ثماني وعشرين رخصة‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫بالع‬ ‫اإلتجار‬ ‫رخص‬ ‫عدد‬ ‫وبلغ‬ ‫‪.‬‬ ‫زحلة‬ ‫َ​َ‬ ‫ً‬ ‫الع َرق ما يزيد‬ ‫من‬ ‫عشر‬ ‫التاسع‬ ‫القرن‬ ‫كما بلغت صادرات زحلة نحو أواخر‬ ‫َ‬ ‫‪ 552‬دفتر مختارية بعبدات للعام ‪ ،1936‬عدد ‪ 1488‬ص‪ .198 .‬وكتاب من مختار‬ ‫بعبدات الى حضرة محاسب جبل لبنان في ‪ 22‬تشرين الثاني ‪ .1936‬وسمحت الدولة‬ ‫شخصا من بعبدات في سنة ‪ 1936‬ان ُي ّ‬ ‫قطروا ‪ 2250‬كيلو عنب الى‬ ‫لستة وعشرين‬ ‫ً‬ ‫سبيرتو‪ ،‬وفي سنة ‪ ،1937‬سمحت بتقطير ‪ 640‬كيلو عنب فقط‪ .‬أُ نظر‪ :‬دفتر مختارية‬ ‫بعبدات للعام ‪ 1936‬ودفتر مختارية بعبدات للعام ‪( 1937‬راجع المالحق رقم ‪ 1‬و‪ 2‬و‪.)3‬‬ ‫الع َرق بإسم صاحبه وأصله يوناني من منطقة ياني‪.‬‬ ‫‪ 553‬اشتهر هذا َ‬ ‫مجلة الرؤى‪،‬‬ ‫الع َرق بين القديم والجديد‪ ،‬مقال نُ شر في‬ ‫ّ‬ ‫‪ 554‬طوني شمعون‪ ،‬صناعة َ‬ ‫عدد ‪ ،8‬كانون الثاني ‪ ،1986‬ص‪.73–71 .‬‬ ‫‪ 555‬عيسى اسكندر المعلوف‪ ،‬تاريخ زحلة‪ ،‬زحلة‪ ،‬نُ شر سنة ‪ ،1984‬ص‪ 118 .‬و‪.244‬‬ ‫‪ 556‬ابرهيم األسود‪ ،‬ذخائر لبنان‪ ،‬المطبعة العثمانية‪ ،‬بعبدا‪ ،1896 ،‬ص‪.22 .‬‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪.437 .‬‬ ‫‪ 557‬اسماعيل ّ‬ ‫‪ 558‬القنطار يساوي ‪ 245‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ 559‬عيسى اسكندر المعلوف‪ ،‬دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف‪ ،‬المطبعة‬ ‫العثمانية‪ ،‬بعبدا‪.1908–1907 ،‬‬ ‫‪JOUPLAIN, Op. cit., p. 497. 660‬‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫‪ 661‬جريدة لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ 17 ،1343‬حزيران ‪ ،1891‬والعدد ‪ 25 ،1345‬حزيران‬ ‫‪1891‬؛ لالستزادة عن االهمية االقتصادية للعرق في زحلة راجع‪ :‬خير المر‪ ،‬زحلة‪،‬‬ ‫ص‪.423–422 ،301–295 .‬‬ ‫مالكا لكركة‪ ،‬يحجز على كركة لدى القريب أو الصديق أو‬ ‫‪ 662‬اذا لم يكن أحدهم ً‬ ‫المالك الذي ال يعير كركته قبل االنتهاء من تقطير عرقه وعرق من يهمه أمره‪ .‬راجع‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫سامي ريحانا‪ ،‬موسوعة التراث القروي‪ ،‬ص‪.164 .‬‬ ‫كروما واسعة ولم‬ ‫أن والده كان يملك‬ ‫نصار نكد قرباني من بعبدات لوالدي ّ‬ ‫‪ 663‬وذكر ّ‬ ‫ً‬ ‫يكن لديه كركة‪ ،‬فكان يستأجر أو يستقرض كركة الى أن اشترى واحدة في سنة ‪1961‬‬ ‫وسجلها في وزارة المالية في ‪ 16‬نيسان ‪.1961‬‬ ‫من شخص من بلدة صليما‬ ‫ّ‬ ‫‪ 664‬مقابلة مع عبده منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل‬ ‫الع َرق في ‪ .2015/10/17‬في بعبدات‪ ،‬باع السيد عبده توما الشرباتي في سنة ‪2014‬‬ ‫َ‬ ‫أن سعر السوق في ذلك الحين‬ ‫الع َرق المثلّ ث بستين دوالر اميريكي رغم ّ‬ ‫غالونً ا كبيراً من َ‬ ‫جمع حطب الموقدة من أرضه فال‬ ‫كان ثمانين دوالر اميريكي‪ .‬ويعود سبب ذلك الى انه ّ‬ ‫تكلفة إضافية عليها‪ ،‬ولم يلجأ الى شراء العنب إذ انه يملك ما يكفي منه النتاج كمية‬ ‫الع َرق في سنة ‪ 2017‬هو ‪100‬‬ ‫ُمربحة‪ .‬ويؤكد السيد طوني أبو أنطون ّ‬ ‫أن سعر غالون َ‬ ‫دوالر أميريكي‪ .‬مقابلة مع طوني أبو أنطون ابن بلدة القعقور المتنية في منزل الدكتور‬ ‫جوزيف لبكي في بعبدات في ‪.2017/8/3‬‬ ‫‪ 665‬أنيس فريحه‪ ،‬القرية اللبنانية‪ ،‬ص‪.148 .‬‬ ‫‪ 666‬فؤاد الخوري‪ ،‬من مشارف المئة‪ ،‬لبنان وجوه حضارية‪ ،‬منشورات الجامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪ ،1987 ،‬ص‪372 .‬؛ لحد خاطر‪ ،‬العادات والتقاليد اللبنانية‪ ،‬ص‪.140 .‬‬

‫‪123‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫‪61‬‬ ‫الع َرق من خارج زحلة‬ ‫على ألفي قنطار ‪ .‬وال يزال حتى اليوم بعض منتجي َ‬ ‫يشترون كميات من العنب منها ومن ضواحيها ليحافظوا على جودة عرقهم‪.‬‬ ‫يتصدر مدخلها‪.‬‬ ‫شعارا عنقود العنب الذي‬ ‫وال عجب إن ّاتخذت زحلة لها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫الع َرق عادتنا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وردد الزحليون في أغانيهم بافتخار‪ :‬زحلة زحلتنا وشرب َ‬ ‫‪62‬‬ ‫ُيشار الى استقراض الناس للكركة من بعضهم أو شرائها‪ ،‬وكانت‬ ‫مالكا للكرم‬ ‫ً‬ ‫الع َرق‬ ‫سجل الكركة في وزارة المالية‪ .63‬وإذا كان‬ ‫ّ‬ ‫ُت ّ‬ ‫مصنع َ‬ ‫إن سعر كلفة عرقه تكون أقل‬ ‫والحطب والكركة‪ُ ،‬يمكنه مضاربة االسعار إذ ّ‬ ‫أن السعر متد ٍن‪ ،‬فإنّ ه‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫من الكلفة لدى غيره‪ .64‬وأحيانً ا‪ ،‬يجد ُم ّ‬ ‫صنع َ َ ّ‬ ‫حب‬ ‫تحسن السعر‪ ،‬فيخلطه مع ّ‬ ‫ُيؤخر تحويل السبيرتو الى عرق بإنتظار ّ‬ ‫‪65‬‬ ‫اليانسون‪ُ ،‬وي ّ‬ ‫قطره عرقً ا في أي فصل من فصول السنة ‪.‬‬ ‫تلبي‬ ‫ومع الوقت‪ ،‬ازداد استهالك َ‬ ‫الع َرق ولم تعد الكركات التقليدية ّ‬ ‫حاجة السوق‪ .‬فأنشئت معامل لتقطيره‪ُ ،‬ج ّهزت بآالت حديثة اتبعت فيها‬ ‫طرائق ّفنية عصرية وأوا ٍن مدروسة تستوفي الشروط الصحية‪ ،‬فأصبح‬ ‫الع َرق البلدي‪.‬‬ ‫الع َرق أطيب نكهة أحيانً ا وأرخص ً‬ ‫ثمنا من َ‬ ‫َ‬ ‫وص ِّدر منه الى الخارج‪ ،‬حيث أصبح من‬ ‫الع َرق في لبنان‪ُ ،‬‬ ‫راجت تجارت َ‬ ‫ضرورات المائدة‬ ‫السيما في بلدان االغتراب اللبناني‪ .66‬وزادت المصانع‬ ‫ّ‬


‫والمنافسة بينها ّإال أنّ ـهــا كما ُيحكى ال ُتنافس جــودة الـ َـعـ َـرق ‪‬البلدي‬ ‫الع َرق البلدي لالستهالك الخاص ولتقدمة الهدايا‬ ‫المثلث‪ .‬واليوم‪ُ ،‬ي ّ‬ ‫ّ‬ ‫صنع َ‬ ‫فيباع بأسعار ُمربحة‪.‬‬ ‫الى األصدقاء‪ّ .‬أما الفائض ُ‬ ‫االجتماعية‬ ‫‪ ‬أهميته‬ ‫‪2.2‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪124‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫الع َرق في‬ ‫الع َرق بعد قطاف الكروم‪ ،‬وينتهي بحفظ َ‬ ‫يبدأ موسم شيل َ‬ ‫‪67‬‬ ‫الع َرق طابع إجتماعي ريفي خاص‪،‬‬ ‫الخوابي والمقششات ‪ .‬ولعملية شيل َ‬ ‫ال تقف فقط على فكرة الجهد والعمل المتواصل البحت‪ .‬فالتحلّ ق حول‬ ‫‪‬الـكــركــة‪ ‬أثـنــاء شيل السبيرتو والـ َـعـ َـرق بــدعــوة مــن صاحب الكركة الى‬ ‫مجالسته ومرافقته أثناء عمله‪ ،‬أعطاها طابع الفرح واإللفة واالحتفال حتى‬ ‫ممتعا‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫ريفيا‬ ‫ً‬ ‫منتظرا‬ ‫سنويا‬ ‫تقليدا‬ ‫شابه االعياد وأصبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫احتفاال ًّ‬ ‫ينتظر القرويون موسم ‪‬الكركة‪ ‬ودعوة صاحبها لهم‪ ،‬فيجتمعون حولها‪،‬‬ ‫‪‬الج ْم َعة‪ ‬قرب الكركة تحتاج‬ ‫ونهارا‪ .‬وكانت الجلسة أو‬ ‫ليال‬ ‫ويساعدونه ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫الع َرق ال يطيب ّإال مع طعام‬ ‫لكأس عرق لتكتمل الفرحة والبهجة‪ ،‬وكأس َ‬ ‫‪68‬‬ ‫المنتج في السنوات السابقة‪،‬‬ ‫لبناني متعدد األصـنــاف‪ .‬فُ يشرب عــرق‬ ‫ُ‬ ‫الع َرق ‪‬حاف‪ ‬من دون إضافة مياه أو يلجأ‬ ‫ويتباهى البعض أحيانً ا بشرب َ‬ ‫حقي‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص‪ :401 .‬من محصوالت الجفنة (أي الكرمة)‬ ‫‪ 667‬اسماعيل ّ‬ ‫الع َرق وهو من المشروبات المستطابة وتجارته رائجة واشهره عرق زحلة‬ ‫المهمة َ‬ ‫ّ‬ ‫والخنشارة واكثر ما يصدر منه من قضاء زحلة حيث يحولون الى هذا المشروب‬ ‫عنبا في أرضه‪‬؛ عبداهلل سعيد‪ ،‬اإلنتاج‬ ‫كل محصول كرومهم الواسعة ّإال ما أكل‬ ‫ً‬ ‫واألرض والضرائب في متصرفية جبل لبنان والبقاع‪ ،‬ص‪ :130 .‬كانت تنتشر زراعة‬ ‫ان‬ ‫الكرمة وصناعة الخمور بكثرة في جبل لبنان السيما في منطقة الخنشارة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫الع َرق‪‬؛ حاتم سليمان‪،‬‬ ‫كل منزل من منازلها‬ ‫ً‬ ‫تقريبا كان فيه كركة لصناعة وتقطير َ‬ ‫التاريخ االجتماعي واالقتصادي لقاطع بكفيا ‪ ،1920–1860‬ص ‪ :179‬درجت العادة‬ ‫الع َرق حول‬ ‫في بعض قرى قاطع بكفيا‪ ،‬على أن يجتمع االصحاب عند استخراج َ‬ ‫أن بعضهم يصل الليل‬ ‫الع َرق المقطر حتى ّ‬ ‫الكركة‪ .‬فيسهرون الليل يطوله يشربون َ‬ ‫بالنهار طالما التقطير مستمر‪ .‬ثم ينتقلون الى حيث تنتقل الكركة‪ .‬هكذا يقضي‬ ‫بعضهم مدة في سكر شبه دائم‪.‬‬ ‫الع َرق‬ ‫الع َرق قبل شربه ضعف كميته من الماء في وعاء َ‬ ‫‪ 668‬عاد ًة ما ُيضاف على َ‬ ‫الع َرق وثلثين من الماء‪ .‬ثم ُيضاف اليه‬ ‫من‬ ‫ثلث‬ ‫المزيج‬ ‫نسبة‬ ‫المهيأ لالستخدام فتصبح‬ ‫َ‬ ‫حدته‪ .‬من بعدها ُتملىء الكوؤس‬ ‫من‬ ‫فف‬ ‫خ‬ ‫اي‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫قد‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫مكعبات الثلج ُويقال ّ‬ ‫ِ َ‬ ‫أن َ َ‬ ‫أو األقداح بالمشروب الجديد ُوتضاف اليها مكعبات ثلجية ُوتشرب‪ .‬والتقليد المعروف‬ ‫هو أن يضاف الماء قبل المكعبات الثلجية‪ ،‬ألنه إذا تم العكس‪ ،‬ستتكون طبقة أو قشرة‬ ‫فضل اال ُيستخدم الكأس الزجاجي‬ ‫غير مرغوبة كالزجاج على وجه المشروب‪ .‬لذلك‪ُ ،‬ي ّ‬ ‫الع َرق‪،‬‬ ‫من‬ ‫آخرى‬ ‫ا‬ ‫كأس‬ ‫الشارب‬ ‫وأراد‬ ‫سابقا في حال انتهى من شربه‬ ‫عينه الذي استعمل‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫كأسا جديدة‪.‬‬ ‫فيستخدم ً‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫‪ 669‬سامي ريحانا‪ ،‬موسوعة التراث القروي‪ ،‬ص‪.165–164 .‬‬ ‫‪ 770‬طوني فرنجيه‪ ،‬جريدة النهار‪ ،‬في ‪ 17‬تشرين األول ‪.2015‬‬ ‫‪ 771‬طوني فرنجيه‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪ 772‬مقابلة مع توفيق نجم لبكي في ‪ 2009/10/15‬في حديقته في بعبدات خالل موسم‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫شيل َ‬ ‫‪ 773‬حسيب عبد الساتر‪ ،‬اوراق ريفية‪ ،‬بيروت‪ ،1982 ،‬ص‪125 .‬؛ أنطوان يوسف‬ ‫سعاده‪ ،‬الزعيترة‪ ،‬ص‪.256 .‬‬

‫‪125‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫المخزن‬ ‫الع َرق‬ ‫الع َرق المنتج‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫طازجا في الكركة واألكثر حدة من َ‬ ‫الى شرب َ‬ ‫ألكثر من ستة أشهر‪.‬‬ ‫والع َرق فكانت‬ ‫ّأما ابرز األطعمة التي أَ ِلفوها مع رواد جلسات الكركة َ‬ ‫المشاوي من اللحم والدجاج والبصل والبطاطا والبندورة وكان قسم منها‬ ‫ُيشوى في موقدة الكركة أو على المناقل التي يوضع فيها جمر ُم ّتقد‬ ‫والمقبالت‬ ‫ـددات‬ ‫ُيؤخذ من الموقدة‪ .‬أضــف الــى ذلــك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المتبالت والـمـقـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫والخضار والفليفلة والكبة النيئة والبزورات والذرة واللبنة والجبنة البلدية‬ ‫والشنكليش والتبولّ ة والفتوش‪ ...‬وأحيانً ا تتحول في بعض المناطق والقرى‬ ‫الــى حفلة يرافقها الزجل ومــواويــل الميجانا والعتابا واألغــانــي البلدية‬ ‫والدربكة فالرقص والدبكة‪ .‬وقد يحدث أن يثمل بعضهم فتكون ثملته‪:‬‬ ‫تذكره بالهموم‪ ،‬وقد ينتج عنها ُمشادة كالمية‬ ‫حببة‪ ،‬أو ُمزعجة‪ّ ،‬‬ ‫خفيفة ُ‬ ‫وم ّ‬ ‫تتحول الى اشكال ما فيتدخل العقالء وصاحب الكركة لتهدئة الوضع‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫وتجنب وقوع أي عراك او اشكال‪ .69‬باإلضافة لألكل والشرب واالحتفاالت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق على الكركة لعب الورق وطاولة الزهر ‪‬لتمرير‬ ‫شيل‬ ‫مع‬ ‫يترافق‬ ‫قد‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ومتيقظا لحسن سير عملية‬ ‫منتبها‬ ‫الوقت‪ ،‬على أن يبقى صاحب الشأن‬ ‫ً‬ ‫التقطير‪.70‬‬ ‫فاعتبر‬ ‫الع َرق‪ ،‬فله أهمية اجتماعية خاصة لكونه زينة المائدة‪ُ .‬‬ ‫ّأما كأس َ‬ ‫ومفر ًحا في االحــزان‪ ،‬كما استعمل‬ ‫لدى البعض الــدواء الشافي للهموم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪71‬‬ ‫كمخدر لوجع األضراس‪،‬‬ ‫طبية‬ ‫ومطبب للحنجرة ‪‬المشحرقة‪، ‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألغراض ّ‬ ‫ومطهر للجروح وللمعدة وشافي أوجــاع البطن‪ .‬واذا فقد من طعمه أو‬ ‫ّ‬ ‫‪72‬‬ ‫استخدم في تنظيف الزجاج وتطهير الثريات واألواني المنزلية ‪.‬‬ ‫جودته‪ُ ،‬‬ ‫أساسيا من ‪‬مونة‪ ‬اللبناني في القرى الى جانب القورما‬ ‫ا‬ ‫جزء‬ ‫ًّ‬ ‫فاعتبر ً‬ ‫والمجففات واللوزيات وغيرها‪.‬‬ ‫والكشك والبرغل والمربيات والمخلالت‬ ‫ّ‬ ‫ب بــ ‪‬حليب السباع‪ ‬اذ ُيعطي‬ ‫الع َرق المشروب الوطني في لبنان‪ ،‬ولُ ِق َ‬ ‫وبات َ‬ ‫شاربه الشجاعة وأحيانً ا البالغة والسيما لدى شعراء الزجل كما نعته‬ ‫البعض بالقهوة البيضاء وبالذهب األبيض وبدموع العذارى‪.73‬‬


‫الع َرق واعتبرته ً‬ ‫تراثا ورمـ ًـزا‬ ‫واشتهرت مدينة زحلة اللبنانية بشرب َ‬ ‫الع َرق ال يجرأ الجبان الى مقاتلته بل ‪‬القبضاي‪ ‬السبع‪،‬‬ ‫لها‪ .‬فشارب َ‬ ‫وكرس الزحليون كل خميس السكارى‪،‬‬ ‫سمون شرب الكأس ‪‬ممالحة‪ّ .‬‬ ‫ُوي ّ‬ ‫الــذي يسبق الصوم الكبير عند الطوائف الكاثوليكية المسيحية‪ ،‬بعيد‬ ‫الع َرق ويتنافسون فيه مع أبناء الجوار‪ .74‬ومن العادات التي عرفها‬ ‫شرب َ‬ ‫الع َرق الحليب بعد العشاء أو قبل النوم‪ ،‬لتجنب‬ ‫بعد‬ ‫من‬ ‫شرب‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫البعض‪ُ ،‬‬ ‫أو للتخفيف من اآلثــار االنسحابية للكحول من الجسم في اليوم التالي‬ ‫كالصداع والغثيان‪.‬‬ ‫الع َرق في لبنان تقليد اجتماعي عائلي واهلي وطريف‬ ‫ال شك ّ‬ ‫أن شرب َ‬ ‫إذا بقي في حدود المعقول‪ ،‬ولكن البعض يشربونه حتى الثمالة أو يدمنون‬ ‫عليه‪ .‬هذا ما جعله‪ ،‬ككل المشروبات الكحولية‪ ،‬من عيوب المجتمع اذا ما‬ ‫بولغ بشربه من دون تقدير‪ ،‬فيضيع الرشد وتحدث تصرفات غير مسؤولة‬ ‫وشاذة وتنهال الشتائم‪.75‬‬ ‫‪126‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫خاتمة‬ ‫الع َرق‪ ‬و‪‬كركة‪ ‬مع معنى الفرح والمرح والتسلية‬ ‫تتالزم عبارات ‪‬شيل َ‬ ‫نظرا لما ُيرافق هذه العملية من‬ ‫بالنسبة للذين‬ ‫ّ‬ ‫يصنعونه مع محيطهم‪ً ،‬‬ ‫أكل واحتفال في موسمها السنوي المعروف‪ .‬ولكن المعنى ليس نفسه لدى‬ ‫الع َرق‪،‬‬ ‫صاحب الكركة‪ .‬فهو الى جانب حرفته وهوايته وتسليته في شيل َ‬ ‫تعبا باإلضافة الى ضرورة االنتباه والتيقظ‪ .‬ألن تقطير العنب‬ ‫يبذل ً‬ ‫جهدا ً‬ ‫الجيد‪ .‬ومن خالل‬ ‫الع َرق‬ ‫الع َرق عملية دقيقة وعليها ترتكز نوعية َ‬ ‫وشيل َ‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق وتأثيره االجتماعي واالقتصادي يتبين لنا ان‬ ‫استعراضنا لتصنيع َ‬ ‫واقعه اليوم اصبح كاآلتي‪:‬‬ ‫إن زراعة الكرمة‪ ،‬على تراجع نسبي في المناطق التي كانت ترتكز‬ ‫ ) أ ّ‬ ‫على هذه الزراعة‪.‬‬ ‫الع َرق بالطريقة التقليدية إلى إنحسار مع الجيل الجديد‪،‬‬ ‫ ) ب ّ‬ ‫إن شيل َ‬ ‫ض غمرتها المجتمعات‬ ‫نظرا إلتجاهه نحو مهن غير تقليدية‪ ،‬في ارا ٍ‬ ‫ً‬ ‫السكنية الشبيهة بقفران النحل‪ .‬فال أرض وال مساحات لزراعة الكرمة‬ ‫أو غيرها‪.‬‬ ‫الع َرق دراسة إتنوغرافية‪ ،‬ص‪.240–239 .‬‬ ‫‪ 7 74‬يوسف المر‪َ ،‬‬ ‫‪ 775‬خير المر‪ ،‬زحلة‪ ،‬ص‪.552–551 .‬‬


‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫الع َرق‪ ‬في بعبدات سنة ‪1980‬‬ ‫‪ 776‬عن الدكتور جوزيف لبكي ّ‬ ‫أن من عملوا في ‪‬شيل َ‬ ‫نصار نكد قرباني‪ ،‬فريدة منعم توما الشارباتي‪ ،‬أسعد شربل قرباني‪ ،‬ميشال‬ ‫هم‪ّ :‬‬ ‫ساسين توما‪ ،‬يوسف شبل الشارباتي‪ ،‬يوسف ولويس وفرنسيس رشيد لبكي‪ ،‬اسكندر‬ ‫نعوم الشارباتي‪ ،‬حنا حبيب الملكي‪ ،‬توفيق زعيتر الملكي‪ ،‬جميل يوسف نمر قرباني‪،‬‬ ‫الياس غندور‪ ،‬طانيوس مفرج ابو ديوان‪ ،‬نسيب بشير‪ .‬أُ نظر‪ :‬جوزف انطون نجم لبكي‪،‬‬ ‫‪‬على طريق الغروب!!‪ ...‬طرابيش وتقاليد ‪ ،...‬صوت الرعية‪( ،‬نشرة اعالمية شهرية‬ ‫دينية تقافية اجتماعية‪ ،‬يصدرها بيت الشباب في بعبدات)‪ ،‬عدد ‪ ،32‬تشرين الثاني‪،‬‬ ‫‪ ،1980‬ص‪.8–7 .‬‬

‫‪127‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫ ) جتراجع عدد العاملين في الزراعة عامة في لبنان‪ ،‬باستثناء بعض‬ ‫نوعية محددة مفيدة‪.‬‬ ‫األديار والشركات التي تلجأ الى زراعة ّ‬ ‫محبي الـ َـعـ َـرق الـبـلــدي لــدى ال ـنــشء الـطــالــع ول ـجــوءه الى‬ ‫ ) دتــراجــع ّ‬ ‫المشروبات الكحولية األجنبية المتنوعة‪.‬‬ ‫الع َرق وذلك‬ ‫هـ)  ازدهار صناعة الخمور في لبنان على حساب مصانع َ‬ ‫بإنشاء مصانع كبرى عصرية وحديثة ُتضاهي بجودتها النبيذ الفرنسي‬ ‫الع َرق‪.‬‬ ‫المشهور على حساب َ‬ ‫ّ‬ ‫المقطر‬ ‫أن ذلك لم يمنع من إنشاء مؤسسات صناعية كبرى للعرق‬ ‫غير ّ‬ ‫والجيد بطريقة عصرية‪ ،‬ومعبأة بقناني متنوعة‪ ،‬غزت المطاعم والبيوت‬ ‫ّ‬ ‫الع َرق التقليدية‪ .‬وانحصر‬ ‫الع َرق البلدي‪ .‬فتراجعت عملية شيل َ‬ ‫على حساب َ‬ ‫الع َرق في الكركة التقليدية على بعض الهواة الذين ورثوا هذه الحرفة‬ ‫انتاج َ‬ ‫من آباءهم وأجدادهم ويحافظون عليها‪.‬‬ ‫ففي قرية بعبدات وعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي مطلع ثمانينات القرن‬ ‫شخصا ‪‬يشيلون ال ـ َـع ـ َـرق‪ ‬على الكركة‬ ‫الـعـشــريــن‪ ،76‬كــان حــوالــي ‪15‬‬ ‫ً‬ ‫يبق ّإال أربعة‪ .‬وعليه يمكن ان‬ ‫التقليدية‪ّ .‬أما اليوم‪ ،‬وبعد تحقيقي‪ ،‬فلم َ‬ ‫فشيئا مع‬ ‫شيئا‬ ‫ً‬ ‫معرضة للتراجع ً‬ ‫نستنتج ّ‬ ‫إن هذه الحرفة التقليدية الريفية ّ‬ ‫الجيل الجديد‪.‬‬


‫المالحق‬ ‫ملحق رقم ‪1‬‬

‫‪128‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬ ‫جدول تقطير المسكرات لعام ‪1937‬‬ ‫مرفوعة الى محاسب جبل لبنان‪ ،‬من دفتر مختارية بعبدات‬


‫ملحق رقم ‪2‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬ ‫‪129‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫بيان العنب المقطّ ر سبيرتو مرفوع الى محاسب جبل لبنان (في ‪،)١٩٣٦/١١/22‬‬ ‫نقال عن دفتر مختارية بعبدات في العدد ‪ 1488‬ص‪198 .‬‬ ‫ً‬


‫ملحق رقم ‪3‬‬

‫‪130‬‬ ‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬ ‫جواب مختار بعبدات الى كومندان مخفر بحنس عن أصحاب كركات القرية‬ ‫نقال عن دفتر مختارية بعبدات في العدد ‪ 35‬ص‪347 .‬‬ ‫بتاريخ ‪ 22‬ايلول سنة ‪ً ،1930‬‬


‫المصادر والمراجع‬ ‫‪1.1‬المراجع باللغة العربية‬ ‫الع َرق اللبناني‪ ،‬دار الفارابي‬ ‫ •االسمر جــوزف‪ ،‬الخمرة عند العرب وقصة َ‬ ‫للنشر والتوزيع‪.2013 ،‬‬ ‫ •األسود ابرهيم‪ ،‬دليل لبنان‪ ،‬المطبعة العثمانية‪ ،‬بعبدا‪.1906 ،‬‬

‫ •األسود ابرهيم‪ ،‬ذخائر لبنان‪ ،‬المطبعة العثمانية‪ ،‬بعبدا‪.1896 ،‬‬

‫ •البستاني بطرس‪ ،‬محيط المحيط‪ ،‬مكتبة لبنان‪.1983 ،‬‬

‫ •جريدة لسان الحال‪ ،‬العدد ‪ 17 ،1343‬حزيران ‪ ،1891‬والعدد ‪25 ،1345‬‬ ‫حزيران ‪.1891‬‬

‫ •الـخــازن شاهين‪ ،‬كنوز لبنان المرصودة‪( ،‬باحث لبناني)‪ ،‬طبعة جديدة‪،‬‬ ‫جونيه‪.1984 ،‬‬

‫ •خاطر لحد‪ ،‬العادات والتقاليد اللبنانية‪ ،‬مطبعة الجبل درعون – حريصا‪،‬‬ ‫الجزء الثاني‪.1977 ،‬‬

‫ •الخوري فؤاد‪ ،‬من مشارف المئة‪ ،‬لبنان وجوه حضارية‪ ،‬منشورات الجامعة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬ ‫ •دفتر مختارية بعبدات‪ ،‬عدد ‪ ،1488‬العام ‪.1937 ،1936‬‬

‫ •الراسي سالم‪ ،‬الناس بالناس‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬طبعة أولى‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬

‫ •الراسي سالم‪ ،‬في الزوايا خبايا‪ ،‬مؤسسة نوفل‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.1979‬‬ ‫ •رستم أسد‪ ،‬لبنان في عهد المتصرفية‪ ،‬دار النهار للنشر‪ ،‬بيروت‪.1973 ،‬‬

‫ •ريحانا سامي‪ ،‬موسوعة التراث القروي – القرية مجتمع ذو إكتفاء ذاتي‪،‬‬ ‫دار نوبيليس‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ .‬الجزء األول‪.2010 ،‬‬

‫والتحوالت في‬ ‫ •سعاده أنطوان يوسف‪ ،‬الزعيترة في تاريخ لبنان المناطقي‬ ‫ّ‬ ‫الريف اللبناني بين ‪ 1305‬و‪ ،2014‬مطابع بيبلوس الحديثة‪ ،‬بيروت‪.2014 ،‬‬

‫‪131‬‬

‫َ‬ ‫عرَق‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬ال َ‬

‫حقي إسماعيل‪ ،‬لبنان مباحث علمية واجتماعية‪ ،‬نظر فيه ووضع مقدمته‬ ‫ • ّ‬ ‫وفهارسه الدكتور فؤاد افرام البستاني‪ ،‬جزء ‪ ،2‬منشورات الجامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫المكتبة الشرقية‪ ،‬بيروت‪.1970 ،‬‬

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

‫الع َرق اللبناني لجوزف األسمر‬ ‫ •باسيل جــوزف‪ ،‬الخمرة عند العرب وقصة َ‬ ‫والع َرق مشروب الشرق بعد سنة ‪ ،800‬جريدة النهار‪،‬‬ ‫النبيذ والخل شقيقان َ‬ ‫في ‪ 11‬كانون الثاني ‪.2014‬‬


‫ •سعيد عبداهلل‪ ،‬اإلنتاج واألرض والضرائب في متصرفية جبل لبنان والبقاع‪،‬‬ ‫‪ ،1914–1861‬الجزء الثاني‪ ،‬دار القارابي‪ ،‬بيروت‪.2003 ،‬‬ ‫ •سليمان حاتم‪ ،‬التاريخ االجتماعي واالقتصادي لقاطع بكفيا ‪،1920–1860‬‬ ‫أطروحة أعـ َّـدت لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ‪ ،‬بإشراف الدكتور جان‬ ‫شرف‪ ،‬جامعة الروح القدس‪ ،‬الكسليك‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬قسم التاريخ‪.1982 ،‬‬

‫مجلة الرؤى‪ ،‬عدد ‪،8‬‬ ‫الع َرق بين القديم والجديد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ •شمعون طوني‪ ،‬صناعة َ‬ ‫كانون الثاني ‪ ،1986‬ص‪.73–71 .‬‬ ‫ •عبد الساتر حسيب‪ ،‬اوراق ريفية‪ ،‬بيروت‪.1982 ،‬‬

‫ •فرنجيه طوني‪ ،‬الكركة والـ َـعـ َـرق المثلث‪ ...‬والسهر حتى ساعات الصباح‬ ‫األولى‪ ،‬جريدة النهار‪ ،‬في ‪ 17‬تشرين األول ‪.2015‬‬

‫ •فريحه أنيس‪ ،‬القرية اللبنانية حضارة في طريق الــزوال‪ ،‬جــروس برس‪،‬‬ ‫طرابلس لبنان‪.1957 ،‬‬

‫‪132‬‬

‫ •فريحه أنيس‪ ،‬معجم األلفاظ العامية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬بيروت‪.1973 ،‬‬

‫د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‬

‫ •كتاب من مختار بعبدات الى حضرة محاسب جبل لبنان في ‪ 22‬تشرين‬ ‫الثاني ‪.1936‬‬

‫ •لبكي ج ــوزف انـطــون نـجــم‪ ،‬عـلــى طــريــق الـ ـغ ــروب!!‪ ...‬طرابيش وتقاليد‬ ‫‪ ،...‬مقالة نُ شرت في صوت الرعية (نشرة اعالمية شهرية دينية تقافية‬ ‫اجتماعية‪ ،‬يصدرها بيت الشباب في بعبدات)‪ ،‬عدد ‪ ،32‬تشرين الثاني‪،‬‬ ‫‪ ،1980‬ص‪.8–7 .‬‬ ‫ •المر خير‪ ،‬زحلة مدينة المتصرفية (‪ ،)1920–1860‬زحلة‪.2002 ،‬‬

‫الع َرق دراسة إتنوغرافية‪ ،‬رسالة أُ عدت لنيل شهادة الدبلوم في‬ ‫ •المر يوسف‪َ ،‬‬ ‫االنتروبولوجيا‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪ ،‬معهد العلوم االجتماعية‪ ،‬الفرع األول‪.1983 ،‬‬ ‫ •المعلوف عيسى اسكندر‪ ،‬تاريخ زحلة‪ ،‬زحلة‪.1984 ،‬‬

‫ •المعلوف عيسى اسكندر‪ ،‬دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف‪ ،‬المطبعة‬ ‫العثمانية‪ ،‬بعبدا‪.1908–1907 ،‬‬

‫الع َرق‬ ‫‪2.2‬مقابالت مع‬ ‫ّ‬ ‫عي َ‬ ‫مصن ّ‬

‫ •مقابلة مع توفيق انطون نجم لبكي في حديقته في بعبدات في ‪.2009/10/15‬‬ ‫ •مقابلة مع خليل يوسف رشيد لبكي في منزله في بعبدات في ‪.2017/8/11‬‬

‫ •مقابلة مع طوني أبو أنطون من بلدة القعقور المتنية في منزل الدكتور جوزيف‬ ‫لبكي في بعبدات في ‪.2017/8/3‬‬


‫ •مقابلة مع عبده منعم توما الشرباتي في منزله في بعبدات خالل عملية شيل‬ .2015/10/17 ‫الع َرق في‬ َ .2017/8/10 ‫حنا نيسان لبكي في منزله في بعبدات في‬ ّ ‫ •مقابلة مع نبيه‬ .‫نصار نكد قرباني لوالدي الدكتور جوزف لبكي‬ ّ ‫ •حديث من‬

‫الع َرق‬ َ ‫مشاهدات عينية لعملية شيل‬3.3

‫ِحر َ ِفيَّة تقليدية‬

.‫عدة أماكن‬ ّ ‫الع َرق في‬ َ ‫مشاهدات عينية لعملية شيل‬

َ ‫عرَق‬ َ ‫ ال‬‫ش ْيل‬

133

‫المراجع األجنبية‬4.4 • Ismail Adel, Documents diplomatiques et consulaires relatifs à l’histoire du Liban et des pays du Proche-Orient du XVII e siècle à nos jours, Editions des Œuvres politiques et historiques, Tome 19, Beyrouth,1975. • Cuinet Vital, La Turquie d’Asie, Géographie administrative, statistique descriptive et raisonnée de chaque province de l’Asie Mineure, Editions Ernest Leroux, Tome 1, Paris, 1892. • JOUPLAIN, (NOUJEIM Paul), La question du Liban, 2ème édition, Jounieh, 1961. • Soubeih Nabil, The Mystery of the Karake: From Grapes to your Arak Glasses, At the Monday Talks of Karaz w Laimoon, 16 december 2016. Website: http://www.karazwlaimoon.com/ files/2013-12-16-The-Mystery-of-Karake---Nabil-Soubaih.pdf


90 ans pour l’écouter expliquer la manière dont il faut conduire cette machine majestueuse de 90 tonnes. À organiser des conférences qui révèlent aux écoliers et aux universitaires la valeur et la richesse de leur patrimoine industriel. À planifier avec l’ONG Train/Train des expositions, et des rencontres pour luter en faveur du train, et pour remettre notre Liban sur de bons rails. À faire participer les médias et l’opinions publique à des revendications pacifiques pour soutenir notre droit d’avoir des transports publics. À s’impliquer pour une bonne cause de plus. En espérant un jour entendre le siffler du train, peut-être qu’à son retour il prendra Wardeh qui attend toujours sur le quai avec sa foi inébranlable, et derrière elle tous les Libanais.

Eddy Choueiry

134

Asaad Namroud conducteur de train


sur Rail

La nouvelle génération ne sait pas que notre pays possédait des chemins de fer. C’est pour cela que j’ai insisté pour que mes élèves aillent découvrir et photographier la station de Jamhour qui n’est qu’à deux pas de l’école, et pour qu’ils aillent aussi interviewer Elia Abi Atmeh, un ancien chemineau de 95 ans. Il leur racontera comment il a amené le général De Gaulle de Beyrouth jusqu’à Rayak, et des tas d’autres aventures durant la première et la deuxième guerre mondiale. Je les ai menés jouer sur la Draisine restaurée par le chemineau Jack Mhawej dans la station à Mar Mikhael.

Liban

135

Eddy Choueiry examinant une cabine de conduite d'une locomotive

Il faut pousser nos étudiants à faire une enquête avec Noubar Mangassarian âgé de 98 ans, qui possède de riches archives de photos sur l’âge d’or des chemins de fer. À visiter à Rayak le conducteur de train à vapeur Assad Namroud âgé de plus de


Mais quand la nouvelle parvient aux responsables de la ville, le chef de la police, le maire et l’instituteur accusent cette étrangère de semer de mauvaises rumeurs et la rendent responsable des troubles éventuels qui pourraient survenir dans la ville. Un filou ayant constaté que tout le monde rêve croyant que le train allait arriver, il commença à vendre des billets de train. Des propriétaires prirent les devants pour augmenter le prix des terrains autour de la station présumée. Le maire de la ville commença à réfléchir à un moyen de tourner la situation à son profit politique.Tous les citoyens étaient là, billet en main, attendant l’arrivée du train. Mais l’attente était longue et les gens commençaient à ne plus croire à l’arrivé du train. Avant que la situation ne devienne chaotique, soudain le train arrive ! Tout le monde prit le train sauf la dame étrangère laquelle n’avait pas pu acheter un billet.

Ce n’est pas l’État libanais qui a construit nos chemins de fer. Leur valeur est donc sous-estimée, suivant le proverbe : easy come easy go. Il en de même pour le tramway.Tout ce qui nous en reste, c’est un wagon transformé en un petit snack sur la route entre Beit Meri et Broumana. Partout au monde on sauvegarde les anciens trams, sauf chez nous. Ce qui nous importe c’est le gain rapide. À Rayak et à Tripoli nous avons des locomotives qui datent de la première guerre mondiale, nous avons des trains suisses conçus spécialement pour le Liban… Hélas on attend le moment propice pour se débarrasser de ces tonnes de fer rouillé.

136 Eddy Choueiry

Combien cette pièce, créée avant la guerre, reflète après 45 ans le Liban et le rêve des Libanais d’avoir des transports en commun. Le train est leur symbole. Symbole de l’âge d’or du Liban, symbole d’enfance comme un grand jouet. La station enterrée de la pièce est comme les stations-vestiges délaissées et oubliées attendant leur train. Le train est un signe de l’évolution économique. Un train à vapeur traditionnel que ce soit en Autriche ou en Suisse est devenu aujourd’hui une attraction touristique par excellence. Même les trains qui sont hors service deviendront des trésors culturels pour les musées. Chez nous l’on a fait mille et mille stratagèmes pour écouler les anciens trains comme de la ferraille. On multiplie les complices intéressés pour détruire une station qui date du XIXe siècle et faire passer une autoroute.


sur Rail Liban

137

Ligne Beyrouth-Damas


peu près sauvegardé et où les infractions des riverains sont les moindres. Cette tranche, au cas où elle était restaurée, donnera beaucoup d’espoir et représentera un grand pas vers le retour du train au Liban. Quoi dire d’aujourd’hui ?

Au cours de ma rencontre avec M. le Président de la République le Général Michel Aoun, j’ai été ravi de savoir que l’un des projets qu’il voulait accomplir durant son mandat était la restauration de la ligne Beyrouth-Tripoli. Faut-il le répéter, mettre le Liban sur rails représente une exigence et une nécessité face aux embouteillages. Récemment plusieurs plans ont été dressés par le ministère du travail avec le concours du directeur des chemins de fer et des transports publiques. Un plan concerne Beyrouth, pour pouvoir rejoidre la capitale par quatre lignes. Un autre plan vise à restaurer la ligne entre Tripoli et Latakia au Nord de la Syrie. Bizarrement aucun de ses projets ne va jusqu’à l’exécution. Les chemins de fer relient tout le pays d’un bout à l’autre. En une heure et demie vous pouvez aller de Tripoli jusqu’à Tyr. Le train est dans la mémoire de tous les Libanais, et la nostalgie dans leur cœur… Les frères Rahbani en 1973 ont fait une pièce de théâtre sous le nom « Al mahatta » ou la Station. Dans cette pièce une étrangère nommée Wardeh (Fairouz) se présente dans une ville et demande si le train est arrivé ? À sa grande surprise des citoyens qui lui disent que cette ville ne possède pas de chemins de fer. Wardeh insiste. Sous ses pieds est enterrée une station de train, et elle affirme que le train du Nord va arriver. Dès lors tout le monde commence à rêver à l’arrivé de ce train comme promesse d’une vie meilleure.

138 Eddy Choueiry

Durant la guerre (1975–1990) beaucoup de transgressions ont frappé la ligne côtière de Naqoura jusqu’à Aarida, de même que la ligne Beyrouth-Damas. Des immeubles furent bâtis sur les lignes de chemins de fer. Toutes les stations ont étés saccagées, à l’exception de celles qui étaient occupées par les anciens chemineaux et leurs familles. En 2003 j’ai photographié toute la ligne qui va de Sofar jusqu’à Dahr El Baidar. À ma grande surprise en la revisitant en 2011, je fus choqué de découvrir que toute cette ligne avait été volée. Une seule station a été restaurée par la municipalité de Saadnayel, Elle fut transformée en bibliothèque publique, tandis que plusieurs autres stations étaient menacées d’être rasées, comme celle de Bhamdoun par exemple.


sur Rail Liban

139

L’été 2013 fut témoin d’une grande exposition au cours du Festival International de Beiteddine, avec une installation unique dans les annales, car elle était soutenue par le directeur d’office des chemins de fer et des transports en commun. Le succès de cette exposition nous amena à transporter un mois plus tard au centre-ville de Beyrouth ce grand évènement culturel avec le patronage de l’ambassade d’Australie. Les échos positifs de cet événement dans tout notre pays parvinrent jusqu’à Paris. De sorte que l’Institut du Monde Arabe prépara à son tour une autre grande exposition en mémoire de l’Orient-Express, et nous avons eu l’honneur nous-même d’y participer. En outre, des conférences sur ce patrimoine oublié furent organisées au Liban par plusieurs universités. En suite de quoi la directrice générale du tourisme, Madame Nada Sardouk, décida de transporter l’exposition à l’Aéroport International de Beyrouth. Ce n’est pas tout. À la fin de l’année 2013 le deuxième projet que j’ai évoqué vient à son terme : « Liban sur Rail » sortit de presse. C’est actuellement le seul livre qui présente des documents d’archive sur le chemin de fer libanais, les trains et les stations, y compris dans leur état actuel. Je l’ai dédié en hommage aux anciens chemineaux. En novembre 2013. au salon du livre de Beyrouth organisé par l’Institut français, M. Maalouf et moi-même ainsi que les autres membres de l’ONG Train/ Train, avons organisé une conférence à l’occasion de laquelle eut lieu la signature du livre. Une surprise fut imaginée. Des invitations furent envoyées à tous les anciens chemineaux, sans qu’ils sachent qu’ils allaient se retrouver ensemble au salon du livre. Ce fut un moment mémorable d’anciens collègues se retrouvaient après 20 ans. Étonnement, sourires, rires, poignées de mains et embrassades…. Leur joie fut pour nous tous une grande récompense. En Juin 2014 nous étions invités à l’Institut du monde Arabe pour une conférence et une signature du livre. L’ONG Train/Train avait en 2014 quatre projets. Comme tout le monde parlait maintenant des trains et des chemins de fer, nous nous sommes mis d’accord pour créer un petit musée dans la gare de Mar Mikhael, et de sauver la chambre d’archive qui contient de précieux documents, dont certains remontent à l’époque Ottomane et Française. Ensuite de tranformer le grand atelier de Rayak en un musée ouvert à la manière d’un souk. Les paysans de la région venaient exposer leurs récoltes dans les wagons pour les offrir à la vente. Essayer aussi de restaurer la ligne entre Byblos et Batroun. C’est celle dont l’état primitif est à


du fil n’est autre qu’Elias Maalouf que j’avais connu dix ans plus tôt à la station de Rayak ! Nous décidâmes de se revoir. À la suite de cette réunion avec M. Maalouf deux projets ont été mis en route. Le premier fut l’organisation d’une grande exposition sur l’histoire des chemins de fer avec des photos de leur état actuel. Le second projet, dont j’avais déjà débuté la réalisation, est de publier un livre sur le même thème que l’exposition. Ces deux projets n’ont eu la chance de voir le jour que grâce à l’aide efficace d’une grande dame, Mme Nora Joumblatt.

Élèves du Collège Notre Dame de Jamhour examinant un chariot

L'auteur (à droite) avec Elias Maalouf le fondateur de l'ONG Train/Train

Eddy Choueiry

140


À partir de janvier 1961 tous les rails libanais deviennent la propriété de l’État libanais, dénommé Chemin de fer de l’État Libanais (CEL). Le nombre de passagers a beaucoup diminué. Il n’y avait plus que des excursionnistes à utiliser ces voies le dimanche en accrochant une voiture à plateformes aux wagons de marchandises.

sur Rail

La guerre Libanaise en 1975 a arrêté la circulation des trains. Il y eut une timide tentative sans lendemain pour remettre le Liban sur rail en 1993 sur la ligne côtière entre Dowra et ByblosJbeil.

Liban

141

« Liban sur Rail » n’est pas qu’un livre. C’est une aventure de 15 ans durant lesquels j’ai sillonné les quatre coins du Liban en quête de toutes les facettes industrielles de notre patrimoine. Tout a commencé en 2004, quand j’ai lié connaissance avec un jeune docteur Germano-Iranien à Petra en Jordanie. Il fut invité à séjourner quelques jours chez nous. Avant de quitter Beyrouth, toujours en consultant son Routard, Datis Shahriari voulut visiter la station des trains à Mar Mikhael. Surpris par les belles photos prise par Datis, et charmé par ce grand site qui rassemble les vestiges des grands trains à vapeur suisses, j’ai décidé de visiter moi aussi cette station. D’un seul coup d’anciens souvenirs m’envahirent. Je me suis rappelé cette grande machine à vapeur qui passait tout près de la maison de ma grand-mère à Hadath, ainsi que les vieilles photos que j’avais prises en 1997 des tunnels de Dahr-El -Baïdar. Dès lors photographier les stations et les trains devint pour moi prioritaire. J’ai visité toute les stations de la ligne qui joint Beyrouth à Rayak. Le fruit de cette première tentative a été d’organiser une exposition avec Green Line en septembre 2004 à Mar Mikhael en tant que soutien aux anciens chemineaux. Cette exposition ne s’est pas déroulée sans quelques obstacles et péripéties, d’autant plus que l’armée syrienne occupait, en ce temps-là, la station et le grand atelier de Rayak. La préparation de cette exposition m’a permis néanmoins de faire de belles rencontres, en particulier de faire la connaissance de M. Elias Boutros Maalouf, le fondateur de l’ONG Train/Train. Dix ans après, comme je préparais une recherche sur l’histoire des chemins de fer destinée à mes élèves de l’École Notre-Dame de Jamhour, je suis tombé sur un site libanais mentionnant un numéro de téléphone pour plus ample informé. Ayant composé le numéro d’appel, je découvre que la personne de l’autre bout


Station de Tripoli

Sortie du tunnel Chekka

La quatrième ligne est mise en service en 1942. C’est la ligne côtière bâtie en deux étapes après la Seconde Guerre mondiale. La ligne Tripoli – Beyrouth, voie à écartement standard, a été construite par les troupes australiennes. En outre, la ligne de Beyrouth – Saïda – Naqoura – Haïfa (Palestine), construite par les troupes néo-zélandaises, a été mise en service aussi en 1942. Comme la ligne précédente, elle est destinée à convoyer des troupes et du matériel en Égypte à travers le Proche-Orient. Il devenait alors possible d’aller de Londres au Caire en train avec l’Orient Express et le Taurus Express.

142 Eddy Choueiry

Plaque australienne


sur Rail

Train Suisse Station Mar Mikhael

Liban

143

Station de Saadnael

Station de Rayak sous la neige


Atelier Rayak

Eddy Choueiry

144

Station d’Araya

Station de Baalbek


sur Rail Liban

145

Station Sofar sous la neige

En 1902 une deuxième ligne est achevée. Elle relie Rayak à Baalbek. En 1906 cette ligne est prolongée jusqu’à Homs (Syrie), en traversant toute la plaine de la Békaa. Sa voie à écartement standard, a une longueur totale de 108 km, dont 63 km en territoire libanais. Les gares en sont les suivantes : Talia, Baalbek, Laboueh, RasBaalbek. En 1911 une troisième ligne est mise en service. C’est la ligne de Homs (Syrie) – Tripoli, avec une voie à écartement standard.

Atelier de trains à Rayak


Pour revenir au chemin de fer libanais voici une présentation succincte de son histoire.

Station Mar Mikhael

Plaque date de la construction de la ligne Ottoman

146 Eddy Choueiry

En 1895 la première ligne a été mise en service. Elle était construite sous l’Empire Ottoman, par la Société des chemins de fer Ottomans économiques de Beyrouth-Damas-Hamah (DHP), dans le cadre d’une concession accordée en 1891 au comte Edmond de Perthuis. Le but était de relier Beyrouth à Damas, en faisant de Beyrouth l’accès de Damas à la mer. La ligne Beyrouth – Rayak – Damas (Syrie) à voie étroite fait 147 km, dont 77 km sur le territoire libanais. Elle a été mise en service le 3 août 1895. Le chemin de fer libanais traverse la montagne du Liban et de l’Anti-Liban. Cette traversée était techniquement complexe, avec des lacets et 32 km de sections à crémaillère. Les gares sont de construction française, les rails et le matériel des voies étroites (1,05 m) sont belges, les locomotives à vapeur sont suisses. Seize gares partagent cette voie ferroviaire qui franchit la chaîne du Mont-Liban. La voie Beyrouth – Rayak passe par Dahr-el-Baïda qui culmine à 1486,70 m. Des locomotives à crémaillère étaient donc nécessaires. Les Stations sont les suivantes : Beyrouth-port, Beyrouth-gare, Hadeth, Baabda, Jamhour, Chouit-Araya, Aley, Bhamdoun, Aïn-Sofar, Dahr-el-Baïdar, Mreïjat, Jdita-Chtaura, Saïd-neil, Maallaka (Zahlé), Rayak, et Yahfoufa. À noter que la Société du chemin de fer Damas-Hamah et Prolongements (DHP) était une société française, résultant de la fusion de la Société des chemins de fer ottomans économiques de Beyrouth-DamasHauran avec une société belge à la fin du XIXe siècle.


sur Rail

L’année suivante a été publié « Liban sur Mer », un livre unique dans son genre sur le patrimoine maritime Libanais. À cette occasion, j’ai découvert que la République libanaise ne possède presque pas de référence sur notre patrimoine maritime. À l’exception de quelques thèses de doctorat, mais surtout d’un livre très rigoureux du père Henri Charles s.j., publié en 1972 et vite épuisé, consacré au parler des pêcheurs, à la voile et à la vie maritime sur la côte Libano-Syrienne.

Liban

147

Un autre livre suivit en 2017 : « Maisons et Saisons ». Il met en scène le Liban en quatre chapitres au cours du processus de décadence du Liban vert, chanté par nos grands artistes, vers le Liban d’aujourd’hui, bétonné et chaotique. Pour l’année 2018, j’ai résolu de la clôturer avec un livre illustrant 500 ans du patrimoine architectural libanais. Un livre qui parcourt la modernité architecturale à travers les diffèrentes époques de l’histoire libanaise. Un entretien sur le patrimoine a été présidé en 1997 par le regretté médiéviste Jaques Le Goff. Il y mettait l’accent sur la relation entre patrimoine et identité. Que ce soit un patrimoine de pierre ou un patrimoine végétal, ils reflètent également une identité commune, nationale ou individuelle. Au cours de la même rencontre, Dominique Borne, historien et haut fonctionnaire, affirmait dans un entretien que pour « Construire des Français » avec les populations d’origine immigrée, « il faut leur donner un patrimoine, une mémoire commune ». Que dire alors en ce qui concerne notre cher pays ?


Eddy Choueiry

148

– En 2014, j’ai publié un autre livre sur le patrimoine touristique, intitulé Vestige de Sofar, incluant le Grand Hôtel de Sofar et la villa Donna Maria. –  L’année suivante un autre livre traita un premier essai sur le patrimoine architectural. « Maisons Traditionnelles et Villages Libanais » reflète la menace identitaire qui pèse sur nos villages libanais et ses maisons traditionnelles.


Notre patrimoine matériel

Liban sur Rail

Eddy Choueiry Professeur de photographie artistique

‫ وشوق السفر جاب التران‬،‫االنتظار خلق المحطة‬

)1973( ‫ لألخوين رحباني‬‫المحطة‬ ‫مسرحية‬

Comment est-il possible qu’au XIXe et XXe siècles le Liban possédait un réseau ferroviaire du Nord au Sud et d’Est en Ouest, et qu’à l’orée du XXIe siècle nous ne pouvons même pas restaurer nos anciennes lignes de chemins de fer ? Est-ce parce qu’en 1895 c’est l’Empire Ottoman qui a fondé la ligne qui relie Beyrouth à Damas et non pas les libanais ? est-ce parce qu’en 1942 ce sont les Australiens qui ont posé la ligne entre Beyrouth et Tripoli et les New Zélandais la ligne qui relie Beyrouth à Haïfa en Palestine, et non pas les Libanais ? À partir de 2011, j’ai commencé à rédiger des livres sur les différents aspects du patrimoine Libanais. Le livre d’Anis Frayha « Le village libanais, une civilisation en voie de disparition », publié en 1952, m’avait beaucoup ému et inspiré. Ce livre m’a davantage encouragé à archiver et à remettre en lumière les différents aspects de notre patrimoine. – En 2011 j’ai publié mon premier livre – Les Gens & les Cèdres – consacré au patrimoine végétal de la réserve du Shouf. C’était le résultat de 15 années de travail. – En 2013 a été organisée au Festival de Beitedine une grande exposition autour de notre patrimoine industriel intitulée Liban sur Rail. Elle fut couronnée par un livre qui porte le même titre, et qui fut signé à Paris à L’Institut du Monde Arabe la même année.


Notre patrimoine matĂŠriel Eddy Choueiry Liban sur Rail




‫صدر في ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫العدد األول‪ :‬خريف ‪/  2014‬شتا ء ‪٢٠١٥‬‬

‫* تراثنا اللبناني‪ :‬معالم وعالمات‬ ‫•حسان حالق‪ :‬بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني‬ ‫•يوسف الحوراني‪ :‬حرمون جبل التجلي ونيسا مغارة أدونيس‬ ‫لغزا‬ ‫•ابرهيم كوكباني‪ :‬بعلبك مدينة الشمس الُ لغز الذي لم ُيعد ً‬

‫* ملف العدد‪ :‬التراث اللبناني الشفوي بين المروي والمحكي والموسيقي‬ ‫المروي‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬بيروت‪ ...‬إحكي لنا من تراثك‬ ‫ّ‬ ‫•جوزف أبي ضاهر‪ :‬الزجل اللبناني من البدايات – شعر الحياة اليومية‬ ‫والتراث‬ ‫•كفاح فاخوري‪ :‬من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬ ‫•محمود زيباوي‪ :‬التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األخوان رحباني‬ ‫•ناصر مخول‪ :‬اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬ ‫•بديع الحاج‪Le chant traditionnel au Liban :‬‬

‫* إرثنا التراثي‪ :‬تشريعات ومعايير‬ ‫•حنا العميل‪ :‬التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬ ‫•محمد ناصر‪ :‬دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬


‫العدد الثاني‪ :‬ربيع‪ /‬صيف ‪2015‬‬

‫والد َولي‬ ‫عدد خاص في موضوع‪ :‬لبنان في األرشيف الوطني ُ‬

‫* لبنان في األرشيف المحلي‬ ‫•أحمد حطيط‪ :‬لبنان في أرشيف الحروب الصليبية‬ ‫•الياس القطار‪ :‬أرشيف لبنان في العهد المملوكي‬ ‫•أنطوان القسيس‪ :‬لبنان في الزمن الفينيقي‬ ‫•بطرس لبكي‪ :‬حرير لبنان في األرشيف المحلي واألجنبي‬ ‫•جوزف أبو نهرا‪ :‬لبنان في أرشيف األديار ‬ ‫•حسان حالق‪ :‬لبنان في أرشيف بيروت‬ ‫•رياض غنام‪ :‬لبنان في األرشيف األهلي‬ ‫•عبداهلل المالح‪ :‬لبنان في أرشيف المتصرفية‬ ‫•عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬لبنان في األرشيف اإلسالمي‬

‫* لبنان في األرشيف األجنبي‬ ‫الحكيم‪ :‬لبنان في األرشيف الفرنسي‬ ‫•أنطوان‬ ‫ّ‬ ‫•عباس أبو صالح‪ :‬لبنان الخمسينات في األرشيف األميركي‬ ‫•عبداللطيف الحارس‪ :‬لبنان في األرشيف البريطاني‬ ‫•كرم رزق‪ :‬لبنان في األرشيف النمساوي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬لبنان في األرشيف األميركي‬


‫العدد الثالث‪ :‬خريف ‪/ 2015‬شتاء ‪2016‬‬

‫العمراني‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬ال ـتــراث الـعـمــرانــي فــي ب ـيــروت بين ال ـهــدم والتنمية‬ ‫المستدامة‬ ‫تراث لبنان باالندثار‪ُ ...‬م َه َّدد‬ ‫•مي عبود أبي عقل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مج َّمد‬ ‫ُ‬ ‫وقانون حمايته في مجلس النواب‪َ ...‬‬

‫•أنطوان فشفش‪ :‬تطور األشكال العمرانية والمدنية في بيروت منذ نهاية‬ ‫القرن التاسع عشر‬

‫في‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا ِ‬ ‫الح َر ّ‬ ‫ـعبية‪ ...‬قبل أَ ن َت ُـزول‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬تقاليد ش َّ‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫والتبعية في‬ ‫الحيز الجغرافي اللبناني بين التمايز‬ ‫•جــورج شلهوب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العهدين األموي والعباسي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬المسألة الطائفية في لبنان‪ :‬المسار التاريخي واآلفاق‬ ‫المستقبلية‬ ‫•مــروان أبي فاضل‪ :‬جبل الكرمل‪ :‬صراع بين النبي الياس وكهنة بعـل‬ ‫ُصــور الفينيقي‬


‫العدد الرابع‪ :‬ربيع ‪ /‬صيف ‪٢٠١٦‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫•وجيه فانوس‪ :‬الشخصية التراثية المدينية في الوجدان الشعبي البيروتي‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫المادية في لبنان‬ ‫•رجا لبكي‪ :‬مدخل إلى دراسة الحضارة‬ ‫ّ‬

‫الصحافي‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫يائها‬ ‫•جوزف أبي ضاهر‪ :‬الصحافة اللبنانية من أَ ِل ِفها إلى ِ‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)١‬‬ ‫األندلسيين في العصور الوسطى‬ ‫• َأحمد حطَ يط‪ :‬لبنان في كتابات الرحالة‬ ‫ّ‬

‫* تراثنا العائلي‬ ‫•أنطوان مسرة‪ :‬التربية على التراث من الشعار والحنين إلى السلوك في‬ ‫الحياة اليومية‬ ‫‪* Liban: patrimoine historique et touristique‬‬

‫‪• Hareth Boustani: Deir el-Qamar: patrimoine architectural et‬‬ ‫‪urbain‬‬

‫‪• Abdel-Raouf Sinno: The journey of the German emperor‬‬ ‫‪William II to Bilâd ash-Shâm in 1898‬‬


‫العدد الخامس‪ :‬خريف ‪/ ٢٠١٦‬شتاء ‪2017‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫لبناني أَ ثري وتاريخي في عكار‬ ‫•أنيس شعيا‪َ :‬م ْعلَ ٌم‬ ‫ٌّ‬ ‫المادية‬ ‫الدينية في الحضارة‬ ‫•سوالنج الحلو‪ :‬موقع األوقاف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الشعبي‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬بيروت أيام زمان‪ :‬الطب وطب األسنان والصيدلة‬ ‫الديني‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬جامع طينال الحاجب في طرابلس‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)2‬‬ ‫•بيار مكرزل‪ :‬لبنان في رحلة المستشرق البلجيكي أَ نسيلمي أَ دورنو‬ ‫‪* Notre patrimoine religieux‬‬ ‫‪• Antoine Fischfisch: Église Mar Zakhia  –  Ajaltoun entre revi‬‬‫‪talisation et restauration‬‬ ‫‪• Paul Zgheib: L’art Syriaque : les paradigmes de l’existence‬‬

‫‪* Notre patrimoine historico-archéologique‬‬ ‫‪• Jeanine Abdul Massih: La carrière archéologique de Baalbek‬‬ ‫‪dévoile son secret‬‬


‫العدد السادس‪ :‬ربيع ‪ /‬صيف ‪٢٠١٧‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫موحدة‬ ‫•مروان أبي فاضل‪ :‬صيدا وصور في العصر الحديدي (مملكة ّ‬ ‫أم مملكتان؟)‬ ‫الشعبي‬ ‫ف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫* َم َل ّ‬ ‫ّ‬ ‫•علي شعيب‪ :‬الزعامة الشعبية في جنوب لبنان (أَ حمد َ‬ ‫نموذجا)‬ ‫األسعد‬ ‫ً‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)٣‬‬ ‫• َأحـمـد حـطَ ـيـط‪ :‬لبنان وبالد الشام أَ ّي َام حروب الفرنج في الشرق من‬ ‫جبير َ‬ ‫األندلسي (‪ 581–578‬هـ‪1185–1183/‬م)‬ ‫خالل رحلة ابن َ‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•ليندا رزق‪ :‬ظاهرة رائدة في الشرق العربي‪ :‬التعليم العالي في لبنان‪:‬‬ ‫نشأته‪ ،‬منطلقاته‬ ‫‪* Notre patrimoine historique‬‬ ‫‪• Dr Ibrahim Kaoukabani: Les stèles de Nahr el Kalb‬‬


‫العدد السابع‪ :‬خريف ‪/ 2017‬شتاء ‪٢٠١٨‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫قديما) حاضرة فينيقية منسية‬ ‫الص َرفَ ْـنـد (صربتا‬ ‫•د‪ .‬عصام علي خليفة‪َ :‬‬ ‫ً‬ ‫بين التاريخ والتقاليد‬ ‫•د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‪ :‬معاصر الزيتون ومطاحن الحبوب في قضاء‬ ‫العثماني‬ ‫الشوف ّإبان الحكم‬ ‫ّ‬

‫بهية من تاريخ لبنان المعاصر‬ ‫* َم َل ّ‬ ‫ف العدد‪ :‬صفحة ّ‬ ‫•وسام اللحام‪ :‬لبنان في طوابعه ُ‬ ‫األولــى‪ :‬منذ ِإعالن دولة لبنان الكبير‬ ‫حتى االستقالل‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‬ ‫العثمانية على المسأَ لة‬ ‫•د‪ .‬مسعود ضاهر‪ :‬أَ َثــر التنظيمات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪)1860 – 1835‬‬ ‫•د‪ .‬جورج شلهوب‪ :‬أَ ضواء على الجذور التاريخية للكيان اللبناني‬ ‫•د‪َ .‬أمين الياس‪ :‬التجديد في منظومة الفكر العربي (المعلم بطرس‬ ‫نموذجا)‬ ‫البستاني‬ ‫ً‬

‫* مراسالت‬ ‫•أ‪.‬د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬بعلبك‪ ...‬ال ستة أعمدة بل ثمانية!‬


Mirrors of Heritage Refereed journal published twice a year by The Center for Lebanese Heritage (CLH) at The Lebanese American University (LAU)

Henri Zoghaib – Editor

Issue No. 8 – Spring / Summer 2018

Historical Heritage: First Essay to Write Our National History, How the French Pilote Toussaint Allard Rescued Emir Bechir II Special Section: Saint George between Mythology and Religion Archeological Heritage: Forgotten Akkar Folk Culture: Lebanese Arak Us et Coutumes: Liban sur Rail

Center for Lebanese Heritage Lebanese American University, Kraytem, Beirut – Lebanon Phone: +961.1.78 64 64 (ext: 1600) Fax: +961.1.78 64 60 P.O. Box: 5053 13 Beirut – Lebanon email: clh@lau.edu.lb www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh Design and layout by Dergham s.a.r.l.


‫‪Mirrors‬‬ ‫‪of Heritage‬‬ ‫العدد الثامن – ربيع ‪  /‬صيف ‪2018‬‬

‫‪Issue No. 8 – Spring /  Summer 2018‬‬ ‫‪Issue No. 8 – Spring 2018‬‬ ‫‪Mirrors of Heritage‬‬

‫‪• Forgotten‬‬

‫‪Akkar‬‬ ‫‪• Lebanese Arak‬‬ ‫‪• Liban sur Rail‬‬

‫العدد الثامن – ربيع  ‪٢٠١٨‬‬

‫‪Special section‬‬ ‫‪Mythology and Religion‬‬

‫َملَ ّف العدد‬

‫بيروت ‪‬الخضر‪ ‬و‪‬مار جرجس‪‬‬ ‫بين الدين واألساطير‬ ‫•‪ ‬أول محاولة لكتابة تاريخنا الوطني‬ ‫•‪ ‬كيف القبطان الفرنسي أنقذ األمير بشير‬ ‫•‪ ‬آثار عكار المنسية‬ ‫‪‬ش ْيل‪ ‬العرق‬ ‫•‪َ ‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.