في حاجة إلى دستور جديد

Page 1

‫في الحاجة إلى دستور جديد‬ ‫عرض السباب‬ ‫)عرض بمراكش ‪ 8‬مايو ‪(2011‬‬

‫الفهرس‬ ‫‪ - I‬المنطلق ‪ :‬إرادة العبور من دولة المخزن إلى دولة القانون‬ ‫‪ – II‬االتختلال ت العشرون لنظامنا السياسي والدستوري ‪ :‬دولة المخزن‬ ‫يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من االتختلال ت التي تُْبِعُد نظامنما السياسمي عمن النمموذج المديمقراطي الممأمول‪،‬‬ ‫وأهم هذه االتختلال ت هي ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫وجود سلطة تقليدية فوق دستورية ‪ :‬ثنائية البيعة والدستور‬

‫‪-2‬‬

‫الضبط االنتخابي‬

‫‪-3‬‬

‫التركيبة الحكومية ال تعكس إرادة "أغلبية حزبية"‬

‫‪-4‬‬

‫الوزير الول ليس في وضع الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي‬

‫‪-5‬‬

‫الوزراء "العاديون" أقرب إلى مسيري قطاعا ت إدارية منهم إلى وزراء بالمعنى السياسي‬

‫‪-6‬‬

‫عدم إلزامية البرنامج الحكومي المعلن‬

‫‪-7‬‬

‫غياب أي دور للوزير الول في عمل مؤسسة مجلس الوزراء‬

‫‪-8‬‬

‫ثنائية حكومة فعلية موازية‪/‬حكومة إسمية‬

‫‪-9‬‬

‫ظاهرة اللجان‪/‬الصناديق‪/‬المؤسسا ت‪/‬المجالس‬

‫‪-10‬‬

‫الوضع الخاص لوزارة الداتخلية والجهزة المنية‬

‫‪-11‬‬

‫مكانة المديرين في هرم السلطة‬

‫‪-12‬‬

‫شبه استقللية المانة العامة للحكومة‬

‫‪-13‬‬

‫التشريع الملكي المباشر‬

‫‪-14‬‬

‫اعتبار القضاء مشموال بسلطة المامة‬

‫‪-15‬‬

‫ضعف المؤسسة البرلمانية‬

‫‪-16‬‬

‫اليحاء بأن الليبرالية اتختيار وحيد مدستر‬

‫‪-17‬‬

‫الزواج بين السلطة والمال‬

‫‪-18‬‬

‫ثقل البروتوكول‪:‬‬

‫‪-19‬‬

‫شبه غياب أو تغييب السلطة المضادة‬

‫‪-20‬‬

‫تعدد السلحة السهلة لتعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة‬

‫‪ :- III‬المرتكزا ت العامة للدستور الجديد ‪ :‬دولة القانون‬


‫‪ - I‬المنطلق ‪ :‬إرادة العبور من دولة المخزن إلى دولة القانون‬ ‫سبق للحزب االتشتراكي الموحد أن نشر في ‪ 21‬مماي ‪ 2006‬الوثيقمة المرجعيمة للحمزب حمول التغييمر الدسمتوري‪،‬‬ ‫وهي الوثيقة التي اعتمد عليها الحزب فممي صممياغة مممذكرة المطممالب والمقترحمما ت الممتي جممرى التقممدم بهمما إلممى الممرأي العممام‬ ‫والسلطا ت العمومية والتمي تحمل تاريمخ ‪ 28‬يناير ‪.2007‬‬ ‫وظل الحزب يعتبر أن إنجاز االنتقال الديمقراطي يتطلب وضع دستور جديد مختلف جذريا عممن كممل الدسمماتير الممتي‬ ‫عرفها المغرب‪ .‬وكان الحزب مبادرا إلى طرح أفكار وتشعارا ت ومقترحا ت تدتخل في صلب تحديد المضمون الذي يجممب أن‬ ‫يرتكز عليه الدستور الجديد‪.‬‬ ‫واليوم يُ َ‬ ‫لحظ في الساحة السياسية أن تلك المقترحا ت والفكار عرفت طريقها إلى عقول وأذهممان فئمما ت واسممعة مممن‬ ‫الشباب الذي رددها في مظاهراته الحاتشدة‪ ،‬وانتهت مجموعة من الحزاب والفعاليا ت والقوى النيرة إلى تبنيها‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فنحن نعيش لحظة سياسية تؤكد بجل ء صدقية تحليل ت الحزب وصواب تشعاراته ومواقفه‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬يباتشر الحزب تحيين أفكاره ومقترحاته الخاصة بالتغيير الدستوري ويعمل علممى إغنائهمما‪ ،‬وتفصمميل البعممض‬ ‫منها‪ ،‬وتدقيقها‪ ،‬وعرض المزيد من الليا ت والتقنيمما ت الدسممتورية الممتي تمثممل وسممائل لحمايممة الحريمما ت الديمقراطيممة وكفالممة‬ ‫التدبير الديمقراطي للشأن العام‪.‬‬ ‫الحزب االتشتراكي الموحد ينطلق أوال من حق الشعب المغربممي مثممل جميممع الشممعوب فممي تقريممر مصمميره السياسممي‬ ‫وامتل ك سلطة ممارسة سيادته غير القابلة للتفويت‪ .‬فالمادة ‪ 21‬من العلن العمالمي لحقمموق النسمان تنممص علمى أن "إرادة‬ ‫الشعب هي مناط سلطة الحكم‪ ،‬ويجب أن تتجلى هذه الرادة من تخلل انتخابا ت نزيهة تجري دوريمما بمماالقتراع العممام وعلممى‬ ‫قدم المساواة بين الناتخبين‪."...‬‬ ‫بمعنى أن الحكم لكي يكون مقبوال من الوجهة الديمقراطية‪ ،‬يجب أن ُيوضع بين أيدي المنتخبين‪ .‬هممؤال ء وحممدهم هممم‬ ‫من يمارس تدبير الشؤون العامة نيابة عن الناتخبين وباسم الناتخبين‪ .‬مهمتنا الساسية في المغرب هي ربممط القممرار بصممناديق‬ ‫االقتراع‪ ،‬وتمثيل الشعب ال يكون سوى باالنتخاب‪ ،‬وليس هنا ك تمثيل أبدي أو سابق على لحظة االقتراع‪.‬‬ ‫ولكي يمارس المنتخبون أدوارهم في نظام ملكي وراثي‪ ،‬وُتحترم القاعدة المنصمموص عليهمما فممي المممادة ‪ 21‬المشممار‬ ‫إليها‪ ،‬يجب أن يتمثل دور الملكية أساسا في تسممليم أولئممك المنت َخممبين مفاتيممح أدا ء وظمائفهم ومنحهممم وسمميلة تطممبيق برامجهمم‬ ‫وتنفيذ التزاماتهم إزا ء ناتخبيهم‪ ،‬مع حمل الملك للقاب تشرفية وتشخيصه لرمزية استمرارية الدولة ولرمزيممة دينيممة ال يتمدتخل‬ ‫باسمها في عمل المؤسسا ت‪.‬‬ ‫ال يمكن أن ُيمنح الملك‪ ،‬في أي بلد من البلدان‪ ،‬سلطة تمس بمبدأ السيادة الشعبية أو تعرقل ممارسته أو تحد من مداه‪.‬‬ ‫ولهذا فإن الملكية البرلمانية هي الشكل الوحيد لضمان التوفيق بين الملكية الوراثية وقواعد الديمقراطيممة‪ .‬فالملكيممة البرلمانيممة‬ ‫تقوم على احترام قواعد الديمقراطية المتمثلة في‪:‬‬ ‫السيادة الشعبية‪ .‬فالشعب صاحب السلطة والكلمة العليا‪.‬‬‫فصل السلطا ت‪ .‬فليس هنا ك أي ُمَس ّول غ لكي تتجمع السلطة في يد جهة أو فرد من الفممراد‪ .‬وكممل سمملطة تحممد سمملطة‬‫مقابلة لها‪ .‬واحتياز سلطة من جنس معين يقتضي بداهة حرمان حائز هذه السلطة من حممق احتيمماز سمملطة أتخممرى مممن جنممس‬ ‫آتخر‪.‬‬ ‫التمثيل النيابي الدوري بواسطة انتخابا ت حرة وتشفافة‪ ،‬تجري في آجال معقولة‪ ،‬وفي إطار تعددي‪.‬‬‫حماية الحريا ت وحقوق النسان في التشريع والعمل‪ .‬اليجوز لية دولة أن تخمرق الحريما ت والحقموق المنصموص‬‫عليها أساسا في العلن العالمي لحقمموق النسممان‪ ،‬أو تفسمميرها علممى وجممه ال يطممابق المعنممى الممنمموح لهمما فممي المجتمعمما ت‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬أو االنتقاص منها بدعوى تنظيمها‪.‬‬ ‫والحزب االتشتراكي الموحد ينطلق ثانيا من أن الدستور‪ ،‬أي دستور‪ ،‬يجب أن يتمموفر علمى مجموعمة مممن المقوممما ت‬ ‫التي بدونها ال يمكن أن تحمل وثيقة ما – حتى وإن صودق عليها باستفتا ء تشعبي – اسم الدستور‪.‬‬


‫فالمادة ‪ 16‬من إعلن حقوق النسان والمواطن لعام ‪ 1789‬تنص على أن "كل مجتمع ال تكون فيه ضمممانة الحقمموق‬ ‫مؤمنة‪ ،‬واليكون فيه فصل السلطا ت محددا‪ ،‬فإنه ال يتوفر قط على دستور"‪.‬‬ ‫كل مجتمع يعتبر فيه الحاكم أن بإمكانه إهدار الحقوق المنصوص عليها في الدستور باسممتعماله لسمملطة مسممتمدة مممن‬ ‫"عقد" آتخر أعلى من الدستور‪ ،‬وكل مجتمع يصرح فيه الحاكم بأن فصل السلطا ت غير مطروح علممى مسممتواه‪ ،‬بممل ُيتصممور‬ ‫في مستوى أدنى منه‪ ،‬أما بالنسبة إليه فيجوز أن تتجمع السلطا ت لديه‪ ،‬دون أن يوفر الدستور آليممة لجمم هممذا التمموجه وإسممقاط‬ ‫هذه القرا ءة‪ ،‬هو إذن مجتمع يعيش‪ -‬حسب المعنى الذي تبشر به المادة ‪ 16‬المذكورة سابقا – نوعا من "المجاز الدسممتوري"‪.‬‬ ‫فالدستور عندنا ال يمثل في النهاية سوى وثيقة استئناسية غير ملزمة في الكثير مممن جوانبهمما ومقتضممياتها‪ ،‬وال تقيممد الحمماكم‪،‬‬ ‫وتتر ك له حق تعيين مناط سلطته بنفسه‪.‬‬ ‫نحن نحتاج في المغمرب إذن إلمى "دسممتور حقيقمي" منسمجم ومتماسمك‪ ،‬وال تنماقض بيممن أبمموابه ومقتضمياته‪ ،‬يمثممل‬ ‫المرجع السمى لتدبير الحكم ولرسم علقا ت السلطا ت بعضها ببعض في إطار فصل حقيقي للسلطا ت‪ .‬دستور يقممر ويضمممن‬ ‫العمال الكامل للقاعدة القاضية بأن "إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم"‪.‬‬ ‫الدستور الذي نريد هو دستور الملكية البرلمانية الذي ينهي بشكل فعلي حالة تعليق الديمقراطية التي استمر ت لمممدى‬ ‫عقود طويلة عشنا تخللها أحيانا "هامشا" ديمقراطيا‪ ،‬وانتخابا ت غير مَؤّسَسٍة‪ ،‬ال تمنح "الفائزين" فيهمما سمملطة فعليممة لتحديممد‬ ‫مسار البلد‪ .‬وبعبارة أتخرى عشنا في ظل وجود صوري لعدد من هياكل ومؤسسا ت الديمقراطية‪ ،‬لكن بدون ديمقراطيممة‪ .‬أي‬ ‫أننا عشنا وجود جز ء من الشكل الديمقراطي بدون مضمون الديمقراطية وروحها‪.‬‬ ‫لم يعد هنا ك مجال الستمرار هذه المفارقة وهذا التساكن بين تشممكل حممداثي ومضمممون تقليممدي‪ .‬ودولممة المخممزن هممي‬ ‫محاولة لشرعنة وتأبيد هذا الوضع الشاذ وفرض قبوله على كل الفرقا ء‪ ،‬بينما تشباب ‪ 20‬فبراير يريد تشيئا آتخر‪ ،‬ويطمح إلممى‬ ‫بنا ء مغرب سياسي جديد‪.‬‬ ‫ليست مهمتنا اليوم هي تحسين دستور ‪ 1996‬والتقدم بصمميغة لممه أحسممن مممن الصمميغة السممابقة‪ ،‬واالنتقممال مممن قاعممة‬ ‫انتظار إلى قاعة انتظار جديدة‪.‬‬ ‫مهمتنا هي وضع دستور جديد يشكل قطيعة نهائية ممع ماضمي االسمتبداد‪ ،‬ويتمم عمبر همذا الدسمتور تحقيمق االنتقمال‬ ‫الحاسم والفاصل نحو النظام الديمقراطي المتعارف عليه كونيا‪.‬‬ ‫هذه في نظرنا هي رسالة حركة ‪ 20‬فبراير‪ ،‬التي تمثل إرادة تشباب مغربي نجح في تكسير جدار الخمموف والصمممت‬ ‫وأراد أن يعيش مثل بقية تشعوب البلدان الديمقراطية‪ ،‬ويتمتمع بنفمس الحقموق والحريما ت المسممموح بهما فيهمما‪ .‬فإقامممة الملكيممة‬ ‫البرلمانية ليست منحة أو ِمنّةً ُتق ّدم إلى هذا الشباب‪ ،‬بل هي حق ثابت ومكفول بمقتضى المواثيق الدولية‪ ،‬وكل من يُْنِكُرهُ على‬ ‫الشباب إنما يدعو في حقيقة المر إلى أن تعيش بلدنا تخارج نادي النظمة المتحضرة وتخارج العقل والحداثة‪.‬‬ ‫فبعد أزيد من قرن من التردد وعدم الحسم في ولوج مجتمع الحداثة السياسية وتغيير بنية الدولة واالنتقممال مممن واقممع‬ ‫الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية‪ ،‬على الحاكمين أن يممدركوا أن التغيممرا ت المتسممارعة فممي عممالم اليمموم‪ ،‬واالنتفاضمما ت‬ ‫المشتعلة بمنطقتنا‪ ،‬لم تعد تسمح باستمرار هذا التردد‪.‬‬ ‫والمادة ‪ 28‬من إعلن حقوق النسان والمواطن لم ‪ 24‬يونيه ‪ 1793‬تؤكد حق أي تشعب في القدام علممى مراجعممة أو‬ ‫إصلح أو تغيير دستوره‪" ،‬إذ ال يمكن لجيل ما أن ُيخضع الجيال القادمة إلى قوانينه "‪.‬‬

‫‪ – II‬االتختلال ت العشرون لنظامنا السياسي والدستوري ‪ :‬دولة المخزن‬ ‫يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من االتختلال ت التي تُْبِعُد نظامنما السياسمي عمن النمموذج المديمقراطي الممأمول‪،‬‬ ‫وأهم هذه االتختلال ت هي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬وجود سلطة تقليدية فوق دستورية ‪ :‬ثنائية البيعة والدستور‬ ‫إن وجود سلطة تقليدية تنهل من مشروعية موازية‪ ،‬ويمكن لها باسم هذه المشروعية أن تتخطممى النممص الدسممتوري‪،‬‬ ‫يفيد بكل بساطة ما يشبه غياب المؤسسة الدستورية بمفهومها الحقيقي‪.‬‬


‫ومن ثمة نستطيع الجزم‪ ،‬بعدم «جدية» االتختصاصا ت الواردة في الدسممتور والممنوحممة للمموزير الول أو للبرلمممان‪،‬‬ ‫فالمؤسسة الملكية عمليا هي الدولممة‪ ،‬وكممل المؤسسمما ت ترتبممط بهمما برابطممة الطاعممة والمخدوميممة‪.‬وهممذا يجعممل الموزير الول‬ ‫والحكومة مجرد أجهزة لتلقي التعليما ت وترجمتها والتحر ك في حدود ما ُيحال عليها ومما ُيفموض لهما أو مما ُيطلمب منهما أن‬ ‫تباتشره‪.‬‬ ‫وكلما َتخ ُفت صو ت الدستور وتراجعت مكانته وضمر دوره باسم مشروعية تراثية تمثل الصل في تنظيم العلقمما ت‪،‬‬ ‫وتجعل المرجع في التدبير العام هو إرادة تشخص الحاكم أو ً‬ ‫ال وقبل كل تشممي ء‪ ،‬فممإن هممذا ُيفضممي عمليمما إلممى احتقممار القمموانين‬ ‫والنصوص وتكريس دولة التعليما ت الشفوية التي ُتبّرر بكون الذين أصدروها إنما تلقوها هم أيضا "من أعلى"‪ ،‬حتى وإن لم‬ ‫يكن المر كذلك !‬ ‫‪-2‬الضبط االنتخابي‬ ‫تباتشر الدولة مهمة الضبط االنتخابي‪ ،‬وتخاصة من تخلل أدوار وزارة الداتخلية‪ .‬ليست هنا ك سلطة مستقلة للتشممراف‬ ‫على االنتخابا ت‪ .‬هنا ك اهتمام بنتائج االنتخابا ت ممن يتولى أمر التشراف عليها‪ .‬إذ ينهض تخمموف مممن أن تفممرز االنتخابمما ت‬ ‫أغلبية لها برنامج مختلف عن برنامج الدولة القار وتطالب بتطبيقه‪.‬‬ ‫إن الداتخلية هي سلطة تخارج حكومية ‪،‬أكثر من غيرها‪ ،‬متعاظمة الدوار‪ ،‬وتحرص على ضبط واقع معين‪ ،‬وتسعى‬ ‫لكي ال تفرز االنتخابا ت واقعا قد يمنع استمرار مركزيممة القممرار‪ ،‬أو تنبثممق مممن تخللممه قمموة تطممالب باسممتقلليتها عممن الدولممة‬ ‫وبرنامجها‪.‬‬ ‫إن وسائل الضبط االنتخابي متعددة ومركبة‪ ،‬وهي تكفل استمرارية وضع قائم ينبع القرار فيممه مممن أعلممى‪ ،‬وتتكيممف‬ ‫مع الظروف و "المستجدا ت"‪ ،‬وهي ال ترمي إلى تغيير تخريطة النتائج بكاملها بل إلى "تقويمها" ضمانا لتمموازن معيممن‪ ،‬مممع‬ ‫الحرص على أال يتطور المر إلى تخلق أحداث أو اضطرابا ت تخدش صورة االنتخابا ت‪.‬‬ ‫إن الداتخلية من تخلل "ضبط" التقطيع واللوائح والتسجيل فيها‪ ،‬وهيكلة مكاتب التصويت وتوجيه العلم ومحاربممة‬ ‫ترتشيح المستقلين‪ ،‬والتحكم في مسار المعلومة‪ ،‬ومسار البطاقا ت االنتخابية ونوع العلقة القائمة مع العيممان وتقييممد الممدتخول‬ ‫لحلبة التنافس الحزبي‪ ،‬تحقق الكثير من الهداف التي تتناقض مع الحيادية المفترضة فيمن يتولى التشراف على االنتخابا ت‪.‬‬ ‫‪-3‬التركيبة الحكومية ال تعكس إرادة "أغلبية حزبية"‬ ‫إن تدتخل المستشارين الملكيين في "إعداد" التركيبة الحكومية يجعل هذا العممداد بعيممداً عممن منطممق التقيممد الحقيقممي‬ ‫بإفرازا ت صناديق االقتراع‪ ،‬كما يجعل تدتخل الوزير الول غير حاسممم فممي طبيعممة التشممكيلة‪ .‬فنحممن نسممير عمليماً فممي اتجمماه‬ ‫ترسيم وضع الحكومة االئتلفية البدية‪ ،‬التي ليس لها عملي اً لون سياسي‪ ،‬يختلط فيها اليمين باليسار‪ ،‬المجددون بالمحافظين‪،‬‬ ‫"أحزاب الحركة الوطنية" بم "الحزاب الداريممة"‪ ،‬وزرا ء تتممدتخل االعتبممارا ت االنتخابيممة فممي تنصمميبهم ووزرا ء ال يتوقممف‬ ‫تنصيبهم على فوزهم أو فوز أحزابهم في االنتخابا ت‪ ،‬وزرا ء يغيرون لونهم السياسي في آتخر لحظة وأحيان ماً أكممثر مممن مممرة‬ ‫تخلل مسلسل تشكيل نفس الحكومة‪ .‬وفي نهاية المطماف‪ ،‬يصمبح "حمزب التكنموقراط" همو القموة الكمثر تممثيلً ونفموذاً فمي‬ ‫تركيبة الحكومة‪ ،‬وهو "النواة الصلبة" التي تضفي على الحكومة لونها الحقيقي‪.‬‬ ‫‪-4‬الوزير الول ليس في وضع الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي‬ ‫هنا ك دائما إمكانية التختيار الوزير الول من تخارج الحزاب الفائزة في االنتخابا ت‪ ،‬بل من تخارج الحزاب أصممل‪،‬‬ ‫وهنا ك دائما إمكانية لكي ُتضمن له أغلبية و"سلم سياسي" يمنع من إسقاطه‪ ،‬مع التذكير بأن هذه الضمممانة الممتي تتمموفر لممه ال‬ ‫ُتعزى إلى صلحية دستورية مباتشرة للملك‪ ،‬بل إلى تقليد يجعل الفاعلين عموما يقبلون في النهاية الخضوع السممهل للتختيممار‬ ‫الملكي‪.‬‬ ‫لكن هنا ك ما يفرض أن تكون ممارسة الوزير الول لسلطاته المرسومة في النص الدستوري مقيممدة بشممرط صممدور‬ ‫إذن أو أمر أو إتشارة ملكية‪ ،‬مادامت الصلحيا ت الدستورية للملك وكما يوضحها التأويل الدستوري القائم ‪ ،‬تجعل منه مصدر‬ ‫السلطة الصلي ورئيس الجهاز التنفيذي وبقية الجهزة والمؤسسمما ت التخممرى‪ .‬وعنممدما تمممارس هممذه التخيممرة صمملحية ممما‬ ‫فيكون ذلك بتفويض من المصدر الصلي‪ .‬وبنا ء عليممه فممالوزير الول فممي الحقيقممة مجممرد مسمماعد للملممك‪ ،‬يسممير اجتماعمما ت‬ ‫مجلس الحكومة الرسمية‪.‬‬ ‫هنا ك نصوص قانونية تمنح الوزير الول بعض الصلحيا ت‪ ،‬ولكممن الملممك يتممولى ممارسممتها‪ ،‬مثممل تعييممن رئيممس‬ ‫الهيئة المركزية للوقاية من الرتشوة الذي يجب أن يتم بقرار من الموزير الول حسممب النممص القممانوني المنظممم للهيئممة‪ ،‬ولكممن‬ ‫وسائل العلم العمومية لم تتردد في التشارة إلى أن الملك هو من تولى تعيين الرئيس المذكور‪.‬‬


‫يستقبل الملك الوزرا ء المعينين فمي قطاعما ت محمددة ويقمدم لهمم تعليممماته مباتشممرة‪ ،‬ويمأمرهم بتنفيمذ القمرارا ت المتي‬ ‫يصدرها وتهم قطاعاتهم‪ ،‬بدون مواكبة الوزير الول لهذه العملية‪ ،‬كممما يقمموم الملممك بإعفما ء أي وزيممر مممن المموزرا ء وتعييممن‬ ‫تشخص آتخر مكانه‪ ،‬بدون اقتراح من الوزير الول‪ .‬ولهذا فإن الوزرا ء يعلمون أنه بعد تنصيبهم فإن المموزير الول ليممس هممو‬ ‫المتحكم في استمرارهم‪ ،‬وال سلطة له في الحكم على آدائهم وتقييم عملهم‪.‬‬ ‫‪-5‬الوزراء "العاديون" أقرب إلى مسيري قطاعا ت إدارية منهم إلى وزراء بالمعنى السياسي‬ ‫الوزرا ء الذين ال ينتمون إلى النواة الصلبة المذكورة آنفا‪ ،‬هم في واقع المر مجرد مسمميرين لقطاعمما ت إداريممة‪ ،‬فل‬ ‫تشي ء يوحي بأنهم ينتمون إلى جوهر السلطة الحقيقي أو يشاركون في اتخاذ القرارا ت الستراتيجية أو يمثلمون جمز ءاً فماعلً‬ ‫ضمن فريق حامل لرؤية سياسية وماسك لصلحية تفعيل هذه الرؤية‪.‬‬ ‫الوزير "العادي" إذن ال يشخص جميع أبعاد وظيفة الوزير في نظام ديمقراطي نممموذجي‪ .‬والمموزير العممادي يوجممد‬ ‫في مركز أدنى من وزرا ء آتخرين في نفس الحكومة‪ ،‬وهو يدر ك بأن القرارا ت الحيوية والحاسمة ُتتخممذ فممي منطقممة ليممس لممه‬ ‫فيها موطئ قدم وتوجد تخارج جغرافية الحكومة‪ .‬ولهذا فهو يفضل فمي أحيمان كمثيرة تجنمب القمدام علمى مبمادرا ت قمد تلقمى‬ ‫اعتراضاً من فوق أو لم يرد بشأنها توجيه أو تعليما ت‪.‬‬ ‫الوزير العادي يعلم أن هنا ك مساحة عتمة في محيط العمل الحكومي قد ال يعممرف ممما يجممري بهمما‪ ،‬والحممق لممه فممي‬ ‫التدتخل في مطبخها الداتخلي‪ .‬إنها مساحة لها تضاريسها ومنعرجاتها الخاصة وقواعد عملهمما‪ ،‬وال تكفممي صممفة المموزير لمنممح‬ ‫صاحبها جواز المرور إلى تلك المساحة واتختراق فضائها‪.‬‬ ‫‪-6‬عدم إلزامية البرنامج الحكومي المعلن‬ ‫إن البرنامج الحكومي المصادق عليه في البرلمان ال يمثل مرجعية ملزمة‪ ،‬مادام الخطاب الملكي يقدم التوجها ت فممي‬ ‫صيغتها المرقمة أحيانا ‪،‬وقد سبق أن تم ذلك عشية االنتخابا ت نفسها‪ ،‬ومادام الملك في أي تخطاب من تخطاباته يمكن أن يعلن‬ ‫عن تدابير وإجرا ءا ت ومخططا ت ال علقة لها بالبرنامج الحكومي المعلممن‪ ،‬بممدون أن تكممون قممد ُعرضممت علممى الحكومممة أو‬ ‫علمت بها‪ ،‬لكنها تتلقى التعليما ت بتنفيذها‪.‬‬ ‫وربما لهذا السبب‪ ،‬فإن التحالفا ت لتشكيل الحكوممما ت‪ ،‬ال تمنممح لقضممية البرنامممج إال أهميممة ثانويممة‪ ،‬وهممذا التخيممر ال‬ ‫ُيصال غ بشكل مدقق‪ ،‬بل يمثل تخطاطة لعناوين كبرى‪.‬‬ ‫‪-7‬غياب أي دور للوزير الول في عمل مؤسسة مجلس الوزراء‬ ‫إن صلحيا ت مجلس الوزرا ء تكاد تجعل مجلس الحكومممة بل قيمممة تُممذكر‪ ،‬فمأغلب النصمموص ُتحمال علممى المجلممس‬ ‫الول بعد دراستها في المجلس الثاني‪ ،‬والمدة الزمنية لجمع المجلس الوزاري قد تطول بدون أن يكممون للمموزير الول الحممق‬ ‫في استدعا ء هذا المجلس للجتماع وتصفية الملفا ت المتراكمة‪.‬‬ ‫يمكن للملك أن يتدتخل باستبعاد نقطة في جدول العمال‪ ،‬أو يباتشر تلقائيا صياغة نص يصدر في تشكل ظهير تشريف‬ ‫مباتشرة بدون مناقشة بمجلس الوزرا ء‪.‬‬ ‫‪-8‬ثنائية حكومة فعلية موازية‪/‬حكومة إسمية‬ ‫بالرغم من وجود حكومة رسمية‪ ،‬فإن المستشارين الملكيين ووزرا ء الداتخلية والمانة العامة للحكومة وممما اصممطلح‬ ‫عليه البعض بوزرا ء السيادة والمدرا ء‪ ،‬يمثلون جميعا وجها لسلطة فعلية تتفوق على سلطة الحكومممة الرسمممية‪ ،‬وتخلممق تخلل‬ ‫مؤسسيا يتمثل في «االزدواجية بين سلطة الدولة وسلطة الحكومة »‪ ،‬فكما لممو أن الحكومممة ليسممت جممز ءا مممن الدولممة‪ .‬ولهممذا‬ ‫السبب فإن الحكومة في المغرب هي فعل «منظمة غير حكومية»‪.‬‬ ‫إن«الدولمة» تقيمم علقاتهما بالقطاعما ت ممن تخلل مؤسسمة المديوان الملكمي )مستشمارون‪ ،‬وزارة الداتخليمة‪ ،‬والة‪،‬‬ ‫عمال‪ ،‬موظفون كبار‪ ،‬مدار ء المؤسسا ت االقتصادية واالجتماعيممة(‪ ،‬تخممارج العلقممة المفترضممة بيممن وزرا ء الحكومممة وهممذه‬ ‫القطاعا ت‪ .‬وهكذا تضيع قواعد المسؤولية والوضوح في التدبير‪.‬‬


‫‪ -9‬ظاهرة اللجان‪/‬الصناديق‪/‬المؤسسا ت‪/‬المجالس‬ ‫يتعلق المر هنا بهيئا ت تقتطع مساحا ت هامة من اتختصاصا ت الحكومة وميزانيتها العامممة وتسماهم فممي تهميشمها‪.‬‬ ‫إنها هيئا ت تقع تحت النفوذ الملكي المباتشر وال يتأتى عمليا مباتشرة أي وجممه للتشمراف أو الرقابممة عليهمما ممن طمرف ممثلممي‬ ‫الشعب المفترضين‪ .‬وقد أدى تزايد نفوذ مممدرا ء هممذه الهيئمما ت إلممى أن يصممبحوا أتشممبه بمموزرا ء يتحكمممون فممي مصممير أممموال‬ ‫عمومية ويدبرونها باستقلل عن الجهزة الحكومية القائمة‪ ،‬ويتوفرون على نوع من الحصممانة واالسممتمرارية الممتي ال تتممأثر‬ ‫بالمتغيرا ت االنتخابية وتعبيرا ت المرأي العمام السياسمي واالجتمماعي واالقتصمادي‪ .‬وقمد تعّممق عمرف إنشما ء همذه الهيئما ت‪،‬‬ ‫و ُأحيلت عليها ملفا ت حساسة وحيوية تهم الجوانب االقتصادية والسياسية المتي تنمدرج عمادة فمي صملب اهتممام واتختصماص‬ ‫الحكوما ت في مختلف أنحا ء العالم‪.‬‬ ‫هنا ك مجالس تم إنشاؤها تلبي فع ً‬ ‫ل بعض الحاجمما ت الموضمموعية وكممانت موضمموع مطممالب تشممعبية‪ ،‬ولكممن هنمما ك‬ ‫مجالس أتخرى تم استحداثها لغايا ت أتخرى كاليحا ء بإيجاد مجال لحل مشماكل ملحممة هممو غيممر مجمال حلهما الحقيقمي‪ ،‬وزرع‬ ‫الوهام‪ ،‬أو استقطاب النخب‪ ،‬أو تخفيف االحتقان‪ ،‬أو االلتفاف على المطالب‪ .‬وقمد أدى الممر أحيانمما إلممى تمداتخل ت وظيفيممة‬ ‫وتكريس اللمسؤولية وغموض الصلحيا ت وإضعاف المؤسسا ت وتعسير سبل المحاسبة‪.‬‬ ‫‪-10‬الوضع الخاص لوزارة الداتخلية والجهزة المنية‬ ‫ال يتعلق المر هنا فقط بما تتمتع به وزارة الداتخليمة ممن تشمبه اسمتقللية عمن الجهماز الحكمومي واحتللهما لموقمع‬ ‫تخاص متسام ناجم عن ارتباطها الوثيق بالقصر‪ ،‬بل أيضا بالصلحيا ت الواسعة الممنوحة لهذه الوزارة وحقها في التدتخل في‬ ‫عمل مختلف أجهزة الدولة‪ ،‬مما يجعلنا أمام ازدواجية في التوجيها ت المقدمة إلى موظفي الدولة‪ ،‬ويممؤدي إلمى وجمود تفماو ت‬ ‫وعدم توازن بين حجم السلطة التنفيذية التي تعود إلى الداتخلية وحجم السلطة التي تعود لغيرها‪.‬‬ ‫إن وزارة الداتخلية تبدو كما لو كانت مركبا من الوزارا ت وليممس وزارة واحممدة‪ ،‬ويكفممي أن نشممير إلممى السمملطا ت‬ ‫المتسعة للعمال والوالة‪ ،‬وما يترتب عنها من إمكان تجاوز الوزارا ت التخرى‪ ،‬بل وتجاوز الحكومممة ككممل‪ .‬فممالوالة والعمممال‬ ‫باعتبارهم منسقين للمصالح الخارجية للوزارا ت يجعلون النواب القليمين لتلك الوزارا ت تحت رحمتهم‪ ،‬مما يؤثر سلبا على‬ ‫مسار تنفيذ البرنامج الحكومي‪.‬‬ ‫كما أن انعدام مواكبة الوزير الول لعمل الجهزة المنية رغم أن هذه التخيرة ُيفممترض أنهمما تابعممة لمموزير عامممل‬ ‫ضمن "الفريق الحكومي"‪ ،‬يعرقل جديا بعض إمكانا ت الحد من التجاوزا ت‪.‬‬ ‫إن التجربة أبانت عن وجود عجممز حكممومي فممي مجممال محاسممبة عمممل الجهممزة المنيممة الممتي تباتشممر أعممماالً مممن‬ ‫المفروض أن تتم باسم الحكومة‪ .‬وتخلل الفترة التي أعقبت أحداث ‪ 16‬ماي أمكننا أن نلمس بوضمموح هامشممية دور الحكومممة‬ ‫في مجال تحديد السياسة المنية طبقا اللتزاما ت الحكومة والضوابط التي أعلنت تعلقها بها‪.‬‬ ‫لقد برز ت في السنوا ت التخيرة ظاهرة النفوذ المتزايممد للجهممزة المنيممة الممتي أصممبحت تباتشممر التممدتخل فمي الحقممل‬ ‫السياسي‪ ،‬كما تم ذلك في واضحة النهار عبر "ترتيبا ت" عمليا ت انتخاب بعض رؤسا ء الجها ت في أعقاب االقتراع العممام لم م‬ ‫‪ 12‬يونيه ‪ .2009‬وظهر أن الجهزة المذكورة تخوض حركة كثيفة وملفتة الكتشاف الخليا الرهابية بمعدل تخلية كل تشهر‪،‬‬ ‫في غياب اي "اهتمام" بهذا النشاط الكثيف من طرف الجهاز الحكومي الذي اتسعت الشقة بينه وبيممن ممما يحصممل فممي الحقممل‬ ‫المني‪ .‬ذلك أن جداول أعمال اجتماعا ت مجالس الحكومة تؤكد أن هذه التخيرة ال ُتتابع حقيقة ممما يجممري بالنسممبة لمجمال لممه‬ ‫صلة مباتشرة بحريا ت الناس‪ .‬وأتشار ت بعض الشهادا ت إلى دور الجهزة المنيممة واالسممتخباراتية فممي تحديممد مصممير بعممض‬ ‫المؤسسا ت الصحفية‪ ،‬وإلى استمرار ظاهرة االتختطاف والتعذيب وتلفيق التهم وتزوير المحاضر وتوجيه القضا ء‪.‬‬ ‫‪-11‬مكانة المديرين في هرم السلطة‬ ‫إن تعيين المديرين بظهائر ملكية يمنحهم القدرة على التصرف تخارج التوجيها ت الحكوميممة‪ ،‬حممتى أن عممدًدا منهممم‬ ‫حولوا القطاعما ت التابعمة لهمم أو المؤسسما ت العموميممة الممتي يسميرونها ‪،‬والمتي لهما أحياًنمما جيمش عرممرم ممن المسمتخدمين‬ ‫وميزانيا ت ضخمة‪ ،‬إلى مجاال ت تخاصة‪ ،‬ال ُيعتد فيهما بالتشمراف الحكمومي‪ ،‬ممادام الحسماب فمي النهايمة يجمب أن ُيقمدم إلمى‬ ‫صاحب سلطة التعيين‪ ،‬ومادامت عملية التعيين نفسها تغشاها اعتبارا ت وعناصر ال ترتبط دائما بإرادة الحكومة أو المموزرا ء‬ ‫المعنيين‪.‬‬ ‫‪-12‬شبه استقللية المانة العامة للحكومة‬ ‫ُتعتبر المانة العامة للحكومممة تابعممة عمليمما للقصمر‪ ،‬وهمي ال تكتفممي بممدور العممداد الفنممي للنصمموص الممتي تنمموي‬ ‫الحكومة إتخراجها‪ ،‬بل تتعداه في الواقع الملموس إلى ممارسة نوع من سلطة المل ءمة السياسية‪ ،‬عبر سياسة تجميد عدد مممن‬


‫النصوص‪ ،‬فتفرض على الحكومة التكيف مع هممذا المممر الواقممع وتسممليم قممدرها لسمملطة المانممة العامممة‪ ،‬ويتنممدر المسممئولون‬ ‫أنفسهم أحيانا برواية قصص عجيبة عن المدد الطويلة التي قبعت فيها عدد من النصوص محتجزة تعسفًيا لدى المانة العامممة‬ ‫للحكومة‪.‬‬ ‫‪-13‬التشريع الملكي المباشر‬ ‫بنا ء على الفصل ‪ 19‬يعمد الملك أحياًنا إلى إصدار نصمموص تشممريعية ُتنشممر بالجريممدة الرسمممية ويتممم العمممل بهمما‬ ‫بدون الرجوع إلى البرلمان أو حتى إتشعار مجلس الوزرا ء‪ ،‬رغم أن تلك النصوص تدتخل فممي مجممال القممانون )ظهيممر إنشمما ء‬ ‫المجلس العلى للعلم السمعي البصري‪ -‬ديوان المظالم‪ ،‬على سبيل المثال(‪ .‬ويتعلق المر أحيانا بمواضيع تكون الحكومممة‬ ‫قد تشرعت في إعداد النصوص المتعلقة بها‪ .‬وقد تأتي صيغة النص المنشور بظهير ملكي مخالفة للتوجه الذي كانت الحكومة‬ ‫أو القطاع المعني يريدان أن يخضع له مضمون النص‪ .‬وذلك بمالرغم ممن أن الملمك يمكنمه أن يتمدتخل علمى مسمتوى مجلمس‬ ‫الوزرا ء لتعديل صيغة المشروع أو أن يطلب قرا ءة ثانية بعد مصادقة البرلمان أو يتوجه إلى الشممعب مباتشممرة السممتفتائه فممي‬ ‫الموضوع‪.‬‬ ‫‪-14‬اعتبار القضاء مشموال بسلطة المامة‬ ‫إن التأويل الذي ُقدم للدستور المغربي بمناسبة رفض القضا ء ممارسة أي نوع من الرقابة على أعمال الملك يقمموم‬ ‫على أن هذا التخير هو باعتبممار مكممانته الدينيممة بمثابممة «القاضممي الول»‪ ،‬فل يمكممن والحالممة هممذه للفممرع أن يراقممب أعمممال‬ ‫الصل‪ ،‬وكل ما يصدر عن الملك يتمتع بحصانة مطلقة وال يمكن الطعن فيه‪ ،‬ويبقى للفراد أن يلتمسوا المراجعة على سبيل‬ ‫االستعطاف بالتوجه مباتشرة إلى الملك أيًا كان مجال العمل الملكي‪ .‬هذا المنطق يتماتشى في الصممل مممع فكممرة القداسممة الممتي‬ ‫أيضا‪ ،‬حتى ولو تممم تسممجيل تعممارض القممرارا ت والنصمموص‬ ‫ً‬ ‫يحظى بها تشخص الملك‪ ،‬والتي تجعل كل ما يفيض عنه مقدسًا‬ ‫ُ‬ ‫الصادرة مع القانون‪ .‬وقد أكد القضا ء أن الخطب الملكية مثل هي بمثابة قانون‪ ،‬حتى ولو لم تصغ في قوالب قانونية‪.‬‬ ‫إن القضاة حسب هذا المنظور ممثلون فعليا للملمك‪ ،‬ويمترتب عمن ذلمك سمعيهم إلمى تشمخيص الرادة الملكيمة فمي‬ ‫أحكامهم‪ .‬ومن ثمة‪ ،‬فإن الوضع الدستوري في المغرب‪ ،‬طبقا لمنطوق الفصل ‪ 19‬وللتأويممل الممذي قُممدم لممه‪ ،‬ال يتحمممل فكممرة‬ ‫استقلل القضا ء‪ .‬كما يشكو نظامنا القانوني عمومًا من حواجز و حدود تمنممع وجمود تشمكل متقممدم وممرن لرقابممة حقيقيمة علمى‬ ‫دستورية القوانين‪ ،‬ومن العراقيل التي تمنع القضاة من تنظيم صفوفهم بشكل مسممتقل وبنمما ء علقما ت تضمامنية تمنحهمم قمدرة‬ ‫البروز كمركز سلطة في مراقبة مراكز السلطا ت التخرى ‪ .‬ولهممذا السممبب ربممما فضممل المشممرع الدسممتوري اسممتعمال عبممارة‬ ‫«القضا ء »بدل عبارة "السلطة القضائية"!‪.‬‬ ‫‪ -15‬ضعف المؤسسة البرلمانية‬ ‫ويتجلى في كونها ليست مصد ًرا للمبادرة المستقلة‪ ،‬وال تمارس رقابة فعلية على سير دواليب الدارة وتخاصة فممي‬ ‫القطاعا ت الحساسة‪ ،‬وعدم نهوضها بالمهام المطلوبة منها إزا ء أحداث وطنية تخطيممرة كتفجيممرا ت ‪ 16‬ممماي وممما أعقبهمما مممن‬ ‫متابعا ت وممارسا ت تحكمية‪ ،‬وضعف الحضور في مناقشة نصمموص أساسممية‪ ،‬وتهميممش دور النممواب فممي اقممتراح القمموانين‪،‬‬ ‫واستعمال تقنية السئلة على وجه ال يجعل منها وسيلة لمواكبة القضايا الوطنية ذا ت الولوية‪ ،‬وما يتسبب فيه وجممود الغرفممة‬ ‫الثانية من إهدار للوقت والجهد وازدواج وظيفي‪ ،‬واالفتقار إلى الموارد البشرية الكافيممة ذا ت الخممبرة العاليممة والممتي تسممتطيع‬ ‫مساعدة البرلمانيين على إنجاز مهام الرقابة بالنسبة لمختلف مرافممق الدا ء الحكممومي وعلمى ضممبط الممادة القانونيممة وتجويممد‬ ‫النتاج التشريعي ‪..‬إلخ‪.‬‬ ‫‪-16‬اليحاء بأن الليبرالية اتختيار وحيد مدستر‬ ‫ينص الفصل ‪ 15‬من الدستور على أن "حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان"‪ .‬ورغممم أن نفممس الفصممل‬ ‫يقضي بأن "للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو االقتصممادي واالجتممماعي للبلد"‪ ،‬فممإن‬ ‫الدستور المغربي ال يشير إلى ضرورة أن تتوتخى البرامج العمومية تخدمة مبادئ العدالة االجتماعية والتوزيع العادل للممثروة‬ ‫الوطنية‪ .‬وبذلك يبدو دستورنا كما لو كان يكرس االتختيار الليبرالي كاتختيار وحيد للبلد‪ ،‬والحال أن الدساتير يجب أن ُتصال غ‬ ‫في تشكل مبادئ عامة تمثل وعا ء الستيعاب االتختيارا ت والبرامج الليبرالية واالتشتراكية‪ ،‬إذ ال يمكن أن يتحول اتختيممار ممما أو‬ ‫برنامج اقتصادي واجتماعي لهذه القوة السياسية أو تلك إلى مقتضى دستوري‪.‬‬ ‫‪-17‬الزواج بين السلطة والمال‬ ‫هنا ك مقربون من مركز القرار‪ ،‬يمارسون أنشطة اقتصادية على وجه مخممل فممي عممدد مممن مظمماهره بقواعممد عمممل‬ ‫السوق‪ ،‬ويقدمون بذلك الدليل على طبيعة الليبرالية المشوهة والهجينة القائمة في المغرب‪ .‬ويتجلى ذلك على الخصوص من‬ ‫تخلل ‪:‬‬


‫‪-‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫تكريس اقتصاد الريع واالمتيازا ت بواسطة االستفادة من تفممويت أراض وعقممارا ت بأثمنممة بخسممة‪ُ ،‬تقممام عليهمما‬ ‫مشاريع ضخمة مذرة لرباح تخيالية‪ ،‬والحصول على تسهيل ت من الدولة والجماعمما ت بشممكل يحممرم الخزينممة‬ ‫العامة من مداتخيل إضافية ويضر بالمصالح العمومية‪ ،‬رغم الشعارا ت البراقة التي يزعم أصحابها الدفاع عن‬ ‫تلك المصالح‪.‬‬ ‫اتخاذ بعض القرارا ت فممي دائممرة ضمميقة بممدون نقماش عمممومي حممول النجاعممة االقتصممادية واالجتماعيممة لتلممك‬ ‫القرارا ت التي تخدم بالدرجة الولى المصالح االقتصادية المباتشممرة لفممراد الممدائرة المتخممذة فيهمما‪ ،‬مممما يجعممل‬ ‫السلطوية في تخدمة المصالح االقتصادية الشخصية والمباتشرة لمن يمارسون السلطوية‪.‬‬ ‫الهيمنة على بعض القطاعا ت االقتصادية وتهميش فاعلين آتخرين وحملهمم علمى تقليمص أنشمطتهم والخضموع‬ ‫لمل ءا ت الفاعلين المحظوظين الكبار‪ ،‬الذين يرسمون مسبقاً دائرة المجاال ت التي ال ُيسمح فيها عملياً لغيرهممم‬ ‫بأية مبادرة ذا ت تشأن ومردود‪.‬‬ ‫إدتخال منطق المقدس في معادلة النشاط االقتصادي كمحدد لرقام تلك المعادلة‪ ،‬وتخلق حالة من عدم المسمماواة‬ ‫في حظوظ الفعل االقتصادي بين المتدتخلين الخواص‪.‬‬

‫ال تشك أن ربط القرار بصناديق االقتراع‪ ،‬ووضع السلطة بيممن أيممدي المنتخممبين فممي إطممار ملكيممة برلمانيممة حقيقيممة‬ ‫سيضمن المحاسبة على كل القرارا ت‪ ،‬وسيفضي تدريجيا إلممى تممواري الواقممع القمائم علمى عممدم إمكمان المنافسممة االقتصممادية‬ ‫لفاعل يملك كل السلط ويتحكم في مصير القرارا ت والتشخاص بصورة دائمة‪ ،‬وبدون أي وجه للمحاسبة‪.‬‬ ‫‪-18‬ثقل البروتوكول‪:‬‬ ‫البروتوكول الملكي في المغرب كان دائما ثقيل مرهقا ومكلفا‪ .‬وهممو ليممس فقممط مجممرد طقمموس‪ ،‬بممل هممو أيضمما آلممة‬ ‫للتخضاع والتطويع وتبليغ رسائل والتشعار المستمر للمحكومين بأنهم في وضع الرعيمة المتي يوجمد مصميرها بيمد غيرهما‪،‬‬ ‫وأن عليها أن تقبل هذا الوضع الموسوم بالتبعية وأن تخضع للوصاية‪.‬‬ ‫إن هنا ك علقة بين البروتوكول وبين الدستور والحيماة السياسمية‪ .‬فحفمل الموال ء مثل يَُقمّدُم علمى أنمه تجديمد سمنوي‬ ‫للبيعة‪ .‬وهذه التخيرة تُقَّد ُم كتشخيص للتعاقد "الحقيقي" و"الجوهري" بين الحمماكم والمحكممومين‪ .‬أممما الدسممتور – حسممب هممذا‬ ‫المنطق – فهو وثيقة تنظم ما هو أدنى مما تنظمه البيعة‪.‬‬ ‫وبعبارة أتخرى‪ ،‬تُْنتِ ُج الطقوس تخطابها الخاص الذي يعطي لللقاب الملكية مدلولها الحقيقي‪ ،‬والممذي ُيعطممي للفصممل‬ ‫‪ 19‬التأويل الجدر بالتباع‪ ،‬والذي يَُذّك ُر بأن مؤسسا ت الحداثة السياسية القائمة ليس من تشأنها وليس من حقها أن تضع حممدا‬ ‫لممارسا ت القرون الماضية المستندة إلى الحكام السلطانية‪.‬‬ ‫لقد أد ت بعض قضايانا الوطنية ثمن طقوس اعُتبر ت ربما لدى ملحظين تخارجيين قرينة على انتما ء النظممام لثقافممة‬ ‫ال يمكن أن تقبل باحترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها‪.‬‬ ‫‪-19‬شبه غياب أو تغييب السلطة المضادة‬ ‫نعيش في المغرب اليوم وضعا يكاد ينعدم فيه وجود سلطة مضادة وازنة‪ .‬هذا المآل أفرزتممه سممنوا ت مممن سياسمما ت‬ ‫إدماج النخب ورفض االعتراف باسممتقللية الهياكممل والمؤسسمما ت الممثلممة للمجتمممع وفئمماته المختلفممة‪ ،‬ومحاولممة تسممييد ثقافممة‬ ‫"الجماع"‪.‬‬ ‫لقد تم نوع من التدمير المنهجي لليا ت المجتمع القادرة على صنع سمملطة مضممادة حقيقيممة‪ ،‬تسممتطيع تخلممق التمموازن‬ ‫الضروري في المجتمع الديمقراطي‪.‬‬ ‫يكفي أن نشير هنا إلى الحرب الضروس التي تتعرض لها الصحف المستقلة‪ ،‬والممتي تممزاوج بيممن أسمماليب الضممغط‬ ‫المباتشرة والجلية وبين الساليب الخفية‪ ،‬مما أدى إلى إتخل ء الساحة العلمية من منابر "معارضة"‪.‬‬ ‫تغيير الدستور لن يسمح وحده بقيام سلطة مضادة إذا لم يكن هنا ك فاعلون لهم استعداد لتحمل مسئولية السهر علممى‬ ‫وجود السلطة المضادة واالقتناع بجدواها والنضال من أجلها‪ .‬ولكممن التغييممر الدسممتوري يجممب أن يعمممل فممي اتجمماه محاربممة‬ ‫التوجه القاضي بمركزة السلطة ويعمل على تكريس توجه مضاد يقمموم علممى "أنسممنتها" ونممزع طممابع القداسممة عنهمما وتمموفير‬ ‫وسائل مقاومة الوجه المشتط أو التعسفي لممارستها‪ .‬وهكذا يجب أن يتوفر المغاربة على دستور جديد يسمح لهم بامتل ك ممما‬ ‫يكفي من الدوا ت القانونية للمراقبة والتتبع‪ ،‬ومسا ءلة السلطة وحملها على التقيد بالقانون‪.‬‬


‫‪-20‬تعدد السلحة السهلة لتعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة‬ ‫من داتخل الدستور نفسه‪ ،‬يتوفر للملك دائما إمكان تعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة وممارسة كل الصلحيا ت الممتي‬ ‫يريد ممارستها‪ ،‬بسهولة كبيرة وبدون قيود ُتذكر‪.‬‬ ‫فقد سبق للملك الراحل أن استعمل الفصل ‪ 35‬من الدستور لعلن حالة االستثنا ء لمدة تخمممس سممنوا ت‪ ،‬وهممو الممذي‬ ‫قَّد َر أن هنا ك ممبررا ت لعلن همذه الحالمة‪ .‬فيكفمي أن يستشمير الملمك – حسمب الدسمتور الحمالي – رئيسمي مجلمس النمواب‬ ‫ومجلس المستشارين‪ ،‬ورئيس المجلس الدستوري‪ ،‬وتوجيه تخطاب إلى المة‪ .‬فأًّيا كان موقف هؤال ء الذين تمممت استشمارتهم‪،‬‬ ‫فإن الملك غير ملزم بالتخذ برأيهم ‪ ،‬والحداث التي يجب أن تكون السمماس لعلن حالممة االسممتثنا ء هممي أيممة أحممداث " مممن‬ ‫تشأنها" أن تمس بسير المؤسسا ت الدستورية حتى ولو لم تكن قد مّست بها فعل‪ .‬والملك في إطار حالممة االسممتثنا ء يتمتممع بكممل‬ ‫الصلحيا ت "التي يتطلبها تسيير تشؤون الدولة"‪ ،‬ويمكن أن يمتممد ذلممك لعممدة سممنوا ت‪ ،‬فليممس هنمما ك أي قيممد زمنممي أو إجممرا ء‬ ‫يفرض على الملك إنها ء حالة االستثنا ء‪ .‬وحتى مع استمرار وجود البرلمان‪ ،‬فإن الصلحية المطلقة التي ُتمنح للملك في حالة‬ ‫االستثنا ء‪ ،‬تجعله غير مقيد بواجب البقا ء على نشاط البرلمان قائما أو تزكية ما يصدر عنه والتخذ به‪.‬‬ ‫إن الفصل ‪ 35‬إذن يوفر سلحا احتياطيا لتعطيل عمل المؤسسا ت بالرادة الملكية الحرة فممي أيممة لحظممة‪ ،‬وبممدون‬ ‫أية عقبا ت دستورية‪ .‬فالملك هنا هو الذي يُقَّدر وهو الذي يقرر‪.‬‬ ‫والفصل ‪ 101‬و ‪ 102‬اس ُتعمل أيضا لتمكين الملك الحسن الثاني من استثمار حاال ت "البياض المؤسسي" التخمماذ‬ ‫كل القرارا ت وممارسة سلطة مطلقة ال حدود لها‪ ،‬وتمديد فترة البياض حتى إكمال ما كان يريممد اتخمماذه مممن تممدابير وبرامممج‬ ‫وتشريعا ت وسياسا ت‪ ،‬في مختلف ميادين النشاط الرسمي‪.‬‬ ‫فتحت هذا الرقم أو ذا ك من الرقمين المشار إليهما‪ ،‬جر ت العممادة أن يتضمممن نممص الدسممتور المراجممع‪،‬المقتضممى‬ ‫التالي‪" :‬إلى أن يتم تنصيب مجلس النمواب المنصموص عليمه فمي همذا الدسمتور‪ ،‬يتخمذ جللمة الملمك الجمرا ءا ت التشمريعية‬ ‫والتنظيمية اللزمة لقامة المؤسسا ت الدستورية وسير السلط العمومية وتدبير تشؤون الدولة"‪.‬‬ ‫وقد امتد "البياض المؤسسي" أحيانا لمممدى عممدة سممنوا ت ا ّتخمذ ت تخللهما قمرارا ت إسمتراتيجية تلممزم الدولممة لعمدة‬ ‫سنوا ت من بعد‪.‬‬ ‫وأتخيرا‪ ،‬فإن الفصل ‪ 19‬اعُتمد أيضا لتمكين الملك من ممارسة صلحيا ت ال تكون مخولة إليه بمقتضى نصوص‬ ‫صريحة في الدستور‪ ،‬أو تكون مخولة إلى غيره‪ ،‬وذلك اعتمادا على تأويل واسع لصفة "أمير المممؤمنين" أو لصممفة "الممثممل‬ ‫السمى للمة"‪.‬‬

‫‪ :- III‬المرتكزا ت العامة للدستورالجديد ‪ :‬دولة القانون‬ ‫انطلقا من هاجس معالجة االتختلال ت المذكورة أعله‪ ،‬وأتخًذا بعين االعتبار لشمروط المرحلمة ومتطلبما ت التقمدم‬ ‫والتحديث‪ ،‬ستتحدد إذن صورة الدستور الذي نريد‪ ،‬وهي صورة تترجم استنادنا إلى جملة من المبادئ الموجهة ‪:‬‬ ‫ االقتناع بالديمقراطية كفلسفة وكآليا ت‪.‬‬‫ ليس هنا ك تخصوصية يمكن باسمها المس بأي من الليا ت الديمقراطية المعروفة‪.‬‬‫ الشكل الملكي للنظام ليس في حد ذاته عائقا في وجمه الديمقراطيمة‪ ،‬فيمكمن لهممذا الشمكل‪ ،‬كممما أظهممر ت ذلممك‬‫تجارب المجتمعا ت التخرى‪ ،‬أن يتل ءم مع مقتضيا ت الديمقراطية‪ ،‬ويمكن له أن يوفر لنفسه وللمجتمع سممبل‬ ‫االستقرار‪.‬‬ ‫ إن االعتماد على استعراض اتختلال ت النظام السياسي والدستوري من أجل رسممم معممالم التغييممر الدسممتوري‬‫المطلوب عملية ضرورية من الناحية المنهجية‪ .‬ومع ذلك فإن من تلك االتختلال ت ما يمكممن معممالجته بتمدتخل‬ ‫التقنية الدستورية‪ ،‬ومنها ما ال يمكن أن ُيعالج كذلك‪ ،‬بل هممو رهيممن أيضما بتغييممر الثقافمة السياسممية للفماعلين‬ ‫وبعناصر تنتمي إلى المحيط السياسي العام‪.‬‬ ‫ بينت التجربة أن التطبيق الدستوري ليممس سلسما‪ ،‬وال يمكممن للواقمع أن يتغيممر جمذريا بيمن عشمية وضمحاها‪.‬‬‫فهنا ك تقاليد متأصلة ستحاول أن تنفلت من حكم النص‪ ،‬مما يتطلب إنجاز سلسمملة مممن الخطمموا ت والعمليمما ت‬ ‫المركبة والمترابطة والتي تندرج في السياق الشامل للصلح السياسي بأوجهه المتعددة‪.‬‬


‫‪-‬‬

‫الدستور الذي نريد إذن هو ذلك الدستور القادر على ضمان ‪:‬‬ ‫ربط القرار بصناديق االقتراع‪ ،‬أي اعتماد السيادة الشعبية أساسا للحكم‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫«دسترة الدستور» أي الوصول إلى جعل الدستور وثيقة ملزمة‪ ،‬حتى تصممبح الحالممة الدسممتورية حقيقممة ال مجمماًزا‪،‬‬ ‫ويتبوأ النص الدستوري المكتوب مكانه فوق كل السلطا ت تعبيرا عن سمو السلطة التأسيسية‪.‬‬ ‫استعمال الحكام الدستورية للحد من العراف اللدستورية أي قواعد العمل غير المتلئمة مع نصوص الدستور‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫توحيد المشروعية فممي الشممرعية‪ ،‬والوصممول إلممى إقممرار دسممتور واحممد‪ ،‬والقطممع مممع الحالممة الممتي ُتعممرف بوجممود‬ ‫دستورين )دستور عصري ‪ /‬دستور تراثي( أو ثلثة دساتير )دستور ضمممني ‪ /‬دسممتور صممريح ‪ /‬دسممتور مطممالب‬ ‫به(‪.‬‬ ‫وبعبارة أتخرى نريد الوصول إلى دستور ديمقراطي‪ ،‬وذلك أساًسا من تخلل ‪:‬‬ ‫االحتفاظ للملك بسلطا ت رمزية وتشرفية مع جعل وظيفته الساسية هي تمكين المنتخبين من ممارسة سلطاتهم‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫منح الحكومة صلحية تدبير تشؤون الدولة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫جعل الوزير الول رئيسا فعليا للجهاز الحكومي منبثقا من الغلبية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫تحويل الصلحيا ت الساسية لمجلس الوزرا ء إلى مجلس الحكومة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫توسيع اتختصاصا ت مجلس النواب‪ ،‬وإلغا ء الغرفة الثانية‪ ،‬وتأكيد الطممابع البرلممماني للحكممم مممن تخلل أدوار جديممدة‬ ‫وحاسمة للبرلمان ولرئيسه‪.‬‬ ‫ضبط عدد من آليا ت استقلل القضا ء‪.‬‬ ‫ونرى أن يكون الدستور المغربي الجديد دستوًرا مفص ً‬ ‫ل‪ ،‬وذلك تحقيقا للغايا ت التالية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬ضمان تقييد المشرع العادي حتى ال يستغل الفرال غ لوضع قواعد ال تتماتشى مع روح الدستور‪.‬‬ ‫‪ -2‬توحيد التأويل حتى تمنح المبادئ الواردة في الدستور معان واضحة‪ ،‬وال يتمم االسمتناد إلمى حريمة التأويمل‬ ‫من أجل التحلل من الدالال ت والمعاني الممنوحة للكلما ت والتعابير المستعملة في المجتمعا ت الديمقراطية‪.‬‬ ‫‪ -5‬إنارة الممارسمة وتزويمد الجميمع بمأكبر قمدر ممن المعطيما ت والعناصمر الضمرورية لتطمبيق دسمتوري سمليم‬ ‫وواضح‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫كممما نممرى أن يكممون دسممتورنا المقبممل قممادرا علممى االسممتفادة مممن دروس الظرفيممة السياسممية ومعطياتهمما ومواكبممة‬ ‫المستجدا ت الوطنية والعالمية‪ ،‬وتخاصة من تخلل ‪:‬‬ ‫محاولة إصلح عطب «التناوب »الذي جعل هذا التخير عاجًزا عن الوفا ء بما وعد الناس به‪.‬‬ ‫‬‫‪-‬‬

‫استيعاب مستجدا ت البنا ء المؤسسي )الوسيط – الهيأة العليا للعلم السمعي البصري‪.(...‬‬

‫‪-‬‬

‫مراعاة النقد الذي ُوجه للغرفة الثانية‪ ،‬والجماع الحاصممل علممى تشممذوذ الوضممع الحممالي المتمثممل عملًيمما فممي وجممود‬ ‫برلمانين‪.‬‬ ‫دسترة االلتزام الملكي بتعيين الوزير الول من الغلبية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫تجسيد التوجه العام نحو تعزيز نظام الجهوية‪ ،‬ووضع الصيغة الدستورية القادرة على استيعاب فكرة الحكم الممذاتي‬ ‫بالصحرا ء المغربية‪.‬‬ ‫إعادة تأكيد مكانة المازيغية كإحدى مكونا ت الهوية المغربية‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫تحصين بعض مواد قانون السرة بدسترة مضامينها‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫التنصيص على حق المهاجرين المغاربة في المشاركة السياسية‪ ،‬والذي سبق أن ورد في التزام رسمي‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫مواكبة المستجدا ت العالمية بخصوص ما عرفته ترسانة الحقوق من توسع عبر توالي أجيالها‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫إحكام صياغة الدستور‪ ،‬واسمتعمال عبمارا ت إيجابيمة كالتعدديمة مث ً‬ ‫ل المتي كمان يجمب أن تعموض التشمارة السملبية‬ ‫الواردة بالمادة ‪.3‬‬ ‫تطبيق توصيا ت التقرير النهائي لهيأة النصاف والمصالحة ودسترة ما يحتاج منها إلى الدسترة‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.