في الحاجة إلى دستور جديد عرض السباب )عرض بمراكش 8مايو (2011
الفهرس - Iالمنطلق :إرادة العبور من دولة المخزن إلى دولة القانون – IIاالتختلال ت العشرون لنظامنا السياسي والدستوري :دولة المخزن يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من االتختلال ت التي تُْبِعُد نظامنما السياسمي عمن النمموذج المديمقراطي الممأمول، وأهم هذه االتختلال ت هي : -1
وجود سلطة تقليدية فوق دستورية :ثنائية البيعة والدستور
-2
الضبط االنتخابي
-3
التركيبة الحكومية ال تعكس إرادة "أغلبية حزبية"
-4
الوزير الول ليس في وضع الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي
-5
الوزراء "العاديون" أقرب إلى مسيري قطاعا ت إدارية منهم إلى وزراء بالمعنى السياسي
-6
عدم إلزامية البرنامج الحكومي المعلن
-7
غياب أي دور للوزير الول في عمل مؤسسة مجلس الوزراء
-8
ثنائية حكومة فعلية موازية/حكومة إسمية
-9
ظاهرة اللجان/الصناديق/المؤسسا ت/المجالس
-10
الوضع الخاص لوزارة الداتخلية والجهزة المنية
-11
مكانة المديرين في هرم السلطة
-12
شبه استقللية المانة العامة للحكومة
-13
التشريع الملكي المباشر
-14
اعتبار القضاء مشموال بسلطة المامة
-15
ضعف المؤسسة البرلمانية
-16
اليحاء بأن الليبرالية اتختيار وحيد مدستر
-17
الزواج بين السلطة والمال
-18
ثقل البروتوكول:
-19
شبه غياب أو تغييب السلطة المضادة
-20
تعدد السلحة السهلة لتعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة
:- IIIالمرتكزا ت العامة للدستور الجديد :دولة القانون
- Iالمنطلق :إرادة العبور من دولة المخزن إلى دولة القانون سبق للحزب االتشتراكي الموحد أن نشر في 21مماي 2006الوثيقمة المرجعيمة للحمزب حمول التغييمر الدسمتوري، وهي الوثيقة التي اعتمد عليها الحزب فممي صممياغة مممذكرة المطممالب والمقترحمما ت الممتي جممرى التقممدم بهمما إلممى الممرأي العممام والسلطا ت العمومية والتمي تحمل تاريمخ 28يناير .2007 وظل الحزب يعتبر أن إنجاز االنتقال الديمقراطي يتطلب وضع دستور جديد مختلف جذريا عممن كممل الدسمماتير الممتي عرفها المغرب .وكان الحزب مبادرا إلى طرح أفكار وتشعارا ت ومقترحا ت تدتخل في صلب تحديد المضمون الذي يجممب أن يرتكز عليه الدستور الجديد. واليوم يُ َ لحظ في الساحة السياسية أن تلك المقترحا ت والفكار عرفت طريقها إلى عقول وأذهممان فئمما ت واسممعة مممن الشباب الذي رددها في مظاهراته الحاتشدة ،وانتهت مجموعة من الحزاب والفعاليا ت والقوى النيرة إلى تبنيها. وهكذا ،فنحن نعيش لحظة سياسية تؤكد بجل ء صدقية تحليل ت الحزب وصواب تشعاراته ومواقفه. واليوم ،يباتشر الحزب تحيين أفكاره ومقترحاته الخاصة بالتغيير الدستوري ويعمل علممى إغنائهمما ،وتفصمميل البعممض منها ،وتدقيقها ،وعرض المزيد من الليا ت والتقنيمما ت الدسممتورية الممتي تمثممل وسممائل لحمايممة الحريمما ت الديمقراطيممة وكفالممة التدبير الديمقراطي للشأن العام. الحزب االتشتراكي الموحد ينطلق أوال من حق الشعب المغربممي مثممل جميممع الشممعوب فممي تقريممر مصمميره السياسممي وامتل ك سلطة ممارسة سيادته غير القابلة للتفويت .فالمادة 21من العلن العمالمي لحقمموق النسمان تنممص علمى أن "إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم ،ويجب أن تتجلى هذه الرادة من تخلل انتخابا ت نزيهة تجري دوريمما بمماالقتراع العممام وعلممى قدم المساواة بين الناتخبين."... بمعنى أن الحكم لكي يكون مقبوال من الوجهة الديمقراطية ،يجب أن ُيوضع بين أيدي المنتخبين .هممؤال ء وحممدهم هممم من يمارس تدبير الشؤون العامة نيابة عن الناتخبين وباسم الناتخبين .مهمتنا الساسية في المغرب هي ربممط القممرار بصممناديق االقتراع ،وتمثيل الشعب ال يكون سوى باالنتخاب ،وليس هنا ك تمثيل أبدي أو سابق على لحظة االقتراع. ولكي يمارس المنتخبون أدوارهم في نظام ملكي وراثي ،وُتحترم القاعدة المنصمموص عليهمما فممي المممادة 21المشممار إليها ،يجب أن يتمثل دور الملكية أساسا في تسممليم أولئممك المنت َخممبين مفاتيممح أدا ء وظمائفهم ومنحهممم وسمميلة تطممبيق برامجهمم وتنفيذ التزاماتهم إزا ء ناتخبيهم ،مع حمل الملك للقاب تشرفية وتشخيصه لرمزية استمرارية الدولة ولرمزيممة دينيممة ال يتمدتخل باسمها في عمل المؤسسا ت. ال يمكن أن ُيمنح الملك ،في أي بلد من البلدان ،سلطة تمس بمبدأ السيادة الشعبية أو تعرقل ممارسته أو تحد من مداه. ولهذا فإن الملكية البرلمانية هي الشكل الوحيد لضمان التوفيق بين الملكية الوراثية وقواعد الديمقراطيممة .فالملكيممة البرلمانيممة تقوم على احترام قواعد الديمقراطية المتمثلة في: السيادة الشعبية .فالشعب صاحب السلطة والكلمة العليا.فصل السلطا ت .فليس هنا ك أي ُمَس ّول غ لكي تتجمع السلطة في يد جهة أو فرد من الفممراد .وكممل سمملطة تحممد سمملطةمقابلة لها .واحتياز سلطة من جنس معين يقتضي بداهة حرمان حائز هذه السلطة من حممق احتيمماز سمملطة أتخممرى مممن جنممس آتخر. التمثيل النيابي الدوري بواسطة انتخابا ت حرة وتشفافة ،تجري في آجال معقولة ،وفي إطار تعددي.حماية الحريا ت وحقوق النسان في التشريع والعمل .اليجوز لية دولة أن تخمرق الحريما ت والحقموق المنصموصعليها أساسا في العلن العالمي لحقمموق النسممان ،أو تفسمميرها علممى وجممه ال يطممابق المعنممى الممنمموح لهمما فممي المجتمعمما ت الديمقراطية ،أو االنتقاص منها بدعوى تنظيمها. والحزب االتشتراكي الموحد ينطلق ثانيا من أن الدستور ،أي دستور ،يجب أن يتمموفر علمى مجموعمة مممن المقوممما ت التي بدونها ال يمكن أن تحمل وثيقة ما – حتى وإن صودق عليها باستفتا ء تشعبي – اسم الدستور.
فالمادة 16من إعلن حقوق النسان والمواطن لعام 1789تنص على أن "كل مجتمع ال تكون فيه ضمممانة الحقمموق مؤمنة ،واليكون فيه فصل السلطا ت محددا ،فإنه ال يتوفر قط على دستور". كل مجتمع يعتبر فيه الحاكم أن بإمكانه إهدار الحقوق المنصوص عليها في الدستور باسممتعماله لسمملطة مسممتمدة مممن "عقد" آتخر أعلى من الدستور ،وكل مجتمع يصرح فيه الحاكم بأن فصل السلطا ت غير مطروح علممى مسممتواه ،بممل ُيتصممور في مستوى أدنى منه ،أما بالنسبة إليه فيجوز أن تتجمع السلطا ت لديه ،دون أن يوفر الدستور آليممة لجمم هممذا التمموجه وإسممقاط هذه القرا ءة ،هو إذن مجتمع يعيش -حسب المعنى الذي تبشر به المادة 16المذكورة سابقا – نوعا من "المجاز الدسممتوري". فالدستور عندنا ال يمثل في النهاية سوى وثيقة استئناسية غير ملزمة في الكثير مممن جوانبهمما ومقتضممياتها ،وال تقيممد الحمماكم، وتتر ك له حق تعيين مناط سلطته بنفسه. نحن نحتاج في المغمرب إذن إلمى "دسممتور حقيقمي" منسمجم ومتماسمك ،وال تنماقض بيممن أبمموابه ومقتضمياته ،يمثممل المرجع السمى لتدبير الحكم ولرسم علقا ت السلطا ت بعضها ببعض في إطار فصل حقيقي للسلطا ت .دستور يقممر ويضمممن العمال الكامل للقاعدة القاضية بأن "إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم". الدستور الذي نريد هو دستور الملكية البرلمانية الذي ينهي بشكل فعلي حالة تعليق الديمقراطية التي استمر ت لمممدى عقود طويلة عشنا تخللها أحيانا "هامشا" ديمقراطيا ،وانتخابا ت غير مَؤّسَسٍة ،ال تمنح "الفائزين" فيهمما سمملطة فعليممة لتحديممد مسار البلد .وبعبارة أتخرى عشنا في ظل وجود صوري لعدد من هياكل ومؤسسا ت الديمقراطية ،لكن بدون ديمقراطيممة .أي أننا عشنا وجود جز ء من الشكل الديمقراطي بدون مضمون الديمقراطية وروحها. لم يعد هنا ك مجال الستمرار هذه المفارقة وهذا التساكن بين تشممكل حممداثي ومضمممون تقليممدي .ودولممة المخممزن هممي محاولة لشرعنة وتأبيد هذا الوضع الشاذ وفرض قبوله على كل الفرقا ء ،بينما تشباب 20فبراير يريد تشيئا آتخر ،ويطمح إلممى بنا ء مغرب سياسي جديد. ليست مهمتنا اليوم هي تحسين دستور 1996والتقدم بصمميغة لممه أحسممن مممن الصمميغة السممابقة ،واالنتقممال مممن قاعممة انتظار إلى قاعة انتظار جديدة. مهمتنا هي وضع دستور جديد يشكل قطيعة نهائية ممع ماضمي االسمتبداد ،ويتمم عمبر همذا الدسمتور تحقيمق االنتقمال الحاسم والفاصل نحو النظام الديمقراطي المتعارف عليه كونيا. هذه في نظرنا هي رسالة حركة 20فبراير ،التي تمثل إرادة تشباب مغربي نجح في تكسير جدار الخمموف والصمممت وأراد أن يعيش مثل بقية تشعوب البلدان الديمقراطية ،ويتمتمع بنفمس الحقموق والحريما ت المسممموح بهما فيهمما .فإقامممة الملكيممة البرلمانية ليست منحة أو ِمنّةً ُتق ّدم إلى هذا الشباب ،بل هي حق ثابت ومكفول بمقتضى المواثيق الدولية ،وكل من يُْنِكُرهُ على الشباب إنما يدعو في حقيقة المر إلى أن تعيش بلدنا تخارج نادي النظمة المتحضرة وتخارج العقل والحداثة. فبعد أزيد من قرن من التردد وعدم الحسم في ولوج مجتمع الحداثة السياسية وتغيير بنية الدولة واالنتقممال مممن واقممع الدولة المخزنية إلى الدولة الديمقراطية ،على الحاكمين أن يممدركوا أن التغيممرا ت المتسممارعة فممي عممالم اليمموم ،واالنتفاضمما ت المشتعلة بمنطقتنا ،لم تعد تسمح باستمرار هذا التردد. والمادة 28من إعلن حقوق النسان والمواطن لم 24يونيه 1793تؤكد حق أي تشعب في القدام علممى مراجعممة أو إصلح أو تغيير دستوره" ،إذ ال يمكن لجيل ما أن ُيخضع الجيال القادمة إلى قوانينه ".
– IIاالتختلال ت العشرون لنظامنا السياسي والدستوري :دولة المخزن يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من االتختلال ت التي تُْبِعُد نظامنما السياسمي عمن النمموذج المديمقراطي الممأمول، وأهم هذه االتختلال ت هي : -1وجود سلطة تقليدية فوق دستورية :ثنائية البيعة والدستور إن وجود سلطة تقليدية تنهل من مشروعية موازية ،ويمكن لها باسم هذه المشروعية أن تتخطممى النممص الدسممتوري، يفيد بكل بساطة ما يشبه غياب المؤسسة الدستورية بمفهومها الحقيقي.
ومن ثمة نستطيع الجزم ،بعدم «جدية» االتختصاصا ت الواردة في الدسممتور والممنوحممة للمموزير الول أو للبرلمممان، فالمؤسسة الملكية عمليا هي الدولممة ،وكممل المؤسسمما ت ترتبممط بهمما برابطممة الطاعممة والمخدوميممة.وهممذا يجعممل الموزير الول والحكومة مجرد أجهزة لتلقي التعليما ت وترجمتها والتحر ك في حدود ما ُيحال عليها ومما ُيفموض لهما أو مما ُيطلمب منهما أن تباتشره. وكلما َتخ ُفت صو ت الدستور وتراجعت مكانته وضمر دوره باسم مشروعية تراثية تمثل الصل في تنظيم العلقمما ت، وتجعل المرجع في التدبير العام هو إرادة تشخص الحاكم أو ً ال وقبل كل تشممي ء ،فممإن هممذا ُيفضممي عمليمما إلممى احتقممار القمموانين والنصوص وتكريس دولة التعليما ت الشفوية التي ُتبّرر بكون الذين أصدروها إنما تلقوها هم أيضا "من أعلى" ،حتى وإن لم يكن المر كذلك ! -2الضبط االنتخابي تباتشر الدولة مهمة الضبط االنتخابي ،وتخاصة من تخلل أدوار وزارة الداتخلية .ليست هنا ك سلطة مستقلة للتشممراف على االنتخابا ت .هنا ك اهتمام بنتائج االنتخابا ت ممن يتولى أمر التشراف عليها .إذ ينهض تخمموف مممن أن تفممرز االنتخابمما ت أغلبية لها برنامج مختلف عن برنامج الدولة القار وتطالب بتطبيقه. إن الداتخلية هي سلطة تخارج حكومية ،أكثر من غيرها ،متعاظمة الدوار ،وتحرص على ضبط واقع معين ،وتسعى لكي ال تفرز االنتخابا ت واقعا قد يمنع استمرار مركزيممة القممرار ،أو تنبثممق مممن تخللممه قمموة تطممالب باسممتقلليتها عممن الدولممة وبرنامجها. إن وسائل الضبط االنتخابي متعددة ومركبة ،وهي تكفل استمرارية وضع قائم ينبع القرار فيممه مممن أعلممى ،وتتكيممف مع الظروف و "المستجدا ت" ،وهي ال ترمي إلى تغيير تخريطة النتائج بكاملها بل إلى "تقويمها" ضمانا لتمموازن معيممن ،مممع الحرص على أال يتطور المر إلى تخلق أحداث أو اضطرابا ت تخدش صورة االنتخابا ت. إن الداتخلية من تخلل "ضبط" التقطيع واللوائح والتسجيل فيها ،وهيكلة مكاتب التصويت وتوجيه العلم ومحاربممة ترتشيح المستقلين ،والتحكم في مسار المعلومة ،ومسار البطاقا ت االنتخابية ونوع العلقة القائمة مع العيممان وتقييممد الممدتخول لحلبة التنافس الحزبي ،تحقق الكثير من الهداف التي تتناقض مع الحيادية المفترضة فيمن يتولى التشراف على االنتخابا ت. -3التركيبة الحكومية ال تعكس إرادة "أغلبية حزبية" إن تدتخل المستشارين الملكيين في "إعداد" التركيبة الحكومية يجعل هذا العممداد بعيممداً عممن منطممق التقيممد الحقيقممي بإفرازا ت صناديق االقتراع ،كما يجعل تدتخل الوزير الول غير حاسممم فممي طبيعممة التشممكيلة .فنحممن نسممير عمليماً فممي اتجمماه ترسيم وضع الحكومة االئتلفية البدية ،التي ليس لها عملي اً لون سياسي ،يختلط فيها اليمين باليسار ،المجددون بالمحافظين، "أحزاب الحركة الوطنية" بم "الحزاب الداريممة" ،وزرا ء تتممدتخل االعتبممارا ت االنتخابيممة فممي تنصمميبهم ووزرا ء ال يتوقممف تنصيبهم على فوزهم أو فوز أحزابهم في االنتخابا ت ،وزرا ء يغيرون لونهم السياسي في آتخر لحظة وأحيان ماً أكممثر مممن مممرة تخلل مسلسل تشكيل نفس الحكومة .وفي نهاية المطماف ،يصمبح "حمزب التكنموقراط" همو القموة الكمثر تممثيلً ونفموذاً فمي تركيبة الحكومة ،وهو "النواة الصلبة" التي تضفي على الحكومة لونها الحقيقي. -4الوزير الول ليس في وضع الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي هنا ك دائما إمكانية التختيار الوزير الول من تخارج الحزاب الفائزة في االنتخابا ت ،بل من تخارج الحزاب أصممل، وهنا ك دائما إمكانية لكي ُتضمن له أغلبية و"سلم سياسي" يمنع من إسقاطه ،مع التذكير بأن هذه الضمممانة الممتي تتمموفر لممه ال ُتعزى إلى صلحية دستورية مباتشرة للملك ،بل إلى تقليد يجعل الفاعلين عموما يقبلون في النهاية الخضوع السممهل للتختيممار الملكي. لكن هنا ك ما يفرض أن تكون ممارسة الوزير الول لسلطاته المرسومة في النص الدستوري مقيممدة بشممرط صممدور إذن أو أمر أو إتشارة ملكية ،مادامت الصلحيا ت الدستورية للملك وكما يوضحها التأويل الدستوري القائم ،تجعل منه مصدر السلطة الصلي ورئيس الجهاز التنفيذي وبقية الجهزة والمؤسسمما ت التخممرى .وعنممدما تمممارس هممذه التخيممرة صمملحية ممما فيكون ذلك بتفويض من المصدر الصلي .وبنا ء عليممه فممالوزير الول فممي الحقيقممة مجممرد مسمماعد للملممك ،يسممير اجتماعمما ت مجلس الحكومة الرسمية. هنا ك نصوص قانونية تمنح الوزير الول بعض الصلحيا ت ،ولكممن الملممك يتممولى ممارسممتها ،مثممل تعييممن رئيممس الهيئة المركزية للوقاية من الرتشوة الذي يجب أن يتم بقرار من الموزير الول حسممب النممص القممانوني المنظممم للهيئممة ،ولكممن وسائل العلم العمومية لم تتردد في التشارة إلى أن الملك هو من تولى تعيين الرئيس المذكور.
يستقبل الملك الوزرا ء المعينين فمي قطاعما ت محمددة ويقمدم لهمم تعليممماته مباتشممرة ،ويمأمرهم بتنفيمذ القمرارا ت المتي يصدرها وتهم قطاعاتهم ،بدون مواكبة الوزير الول لهذه العملية ،كممما يقمموم الملممك بإعفما ء أي وزيممر مممن المموزرا ء وتعييممن تشخص آتخر مكانه ،بدون اقتراح من الوزير الول .ولهذا فإن الوزرا ء يعلمون أنه بعد تنصيبهم فإن المموزير الول ليممس هممو المتحكم في استمرارهم ،وال سلطة له في الحكم على آدائهم وتقييم عملهم. -5الوزراء "العاديون" أقرب إلى مسيري قطاعا ت إدارية منهم إلى وزراء بالمعنى السياسي الوزرا ء الذين ال ينتمون إلى النواة الصلبة المذكورة آنفا ،هم في واقع المر مجرد مسمميرين لقطاعمما ت إداريممة ،فل تشي ء يوحي بأنهم ينتمون إلى جوهر السلطة الحقيقي أو يشاركون في اتخاذ القرارا ت الستراتيجية أو يمثلمون جمز ءاً فماعلً ضمن فريق حامل لرؤية سياسية وماسك لصلحية تفعيل هذه الرؤية. الوزير "العادي" إذن ال يشخص جميع أبعاد وظيفة الوزير في نظام ديمقراطي نممموذجي .والمموزير العممادي يوجممد في مركز أدنى من وزرا ء آتخرين في نفس الحكومة ،وهو يدر ك بأن القرارا ت الحيوية والحاسمة ُتتخممذ فممي منطقممة ليممس لممه فيها موطئ قدم وتوجد تخارج جغرافية الحكومة .ولهذا فهو يفضل فمي أحيمان كمثيرة تجنمب القمدام علمى مبمادرا ت قمد تلقمى اعتراضاً من فوق أو لم يرد بشأنها توجيه أو تعليما ت. الوزير العادي يعلم أن هنا ك مساحة عتمة في محيط العمل الحكومي قد ال يعممرف ممما يجممري بهمما ،والحممق لممه فممي التدتخل في مطبخها الداتخلي .إنها مساحة لها تضاريسها ومنعرجاتها الخاصة وقواعد عملهمما ،وال تكفممي صممفة المموزير لمنممح صاحبها جواز المرور إلى تلك المساحة واتختراق فضائها. -6عدم إلزامية البرنامج الحكومي المعلن إن البرنامج الحكومي المصادق عليه في البرلمان ال يمثل مرجعية ملزمة ،مادام الخطاب الملكي يقدم التوجها ت فممي صيغتها المرقمة أحيانا ،وقد سبق أن تم ذلك عشية االنتخابا ت نفسها ،ومادام الملك في أي تخطاب من تخطاباته يمكن أن يعلن عن تدابير وإجرا ءا ت ومخططا ت ال علقة لها بالبرنامج الحكومي المعلممن ،بممدون أن تكممون قممد ُعرضممت علممى الحكومممة أو علمت بها ،لكنها تتلقى التعليما ت بتنفيذها. وربما لهذا السبب ،فإن التحالفا ت لتشكيل الحكوممما ت ،ال تمنممح لقضممية البرنامممج إال أهميممة ثانويممة ،وهممذا التخيممر ال ُيصال غ بشكل مدقق ،بل يمثل تخطاطة لعناوين كبرى. -7غياب أي دور للوزير الول في عمل مؤسسة مجلس الوزراء إن صلحيا ت مجلس الوزرا ء تكاد تجعل مجلس الحكومممة بل قيمممة تُممذكر ،فمأغلب النصمموص ُتحمال علممى المجلممس الول بعد دراستها في المجلس الثاني ،والمدة الزمنية لجمع المجلس الوزاري قد تطول بدون أن يكممون للمموزير الول الحممق في استدعا ء هذا المجلس للجتماع وتصفية الملفا ت المتراكمة. يمكن للملك أن يتدتخل باستبعاد نقطة في جدول العمال ،أو يباتشر تلقائيا صياغة نص يصدر في تشكل ظهير تشريف مباتشرة بدون مناقشة بمجلس الوزرا ء. -8ثنائية حكومة فعلية موازية/حكومة إسمية بالرغم من وجود حكومة رسمية ،فإن المستشارين الملكيين ووزرا ء الداتخلية والمانة العامة للحكومة وممما اصممطلح عليه البعض بوزرا ء السيادة والمدرا ء ،يمثلون جميعا وجها لسلطة فعلية تتفوق على سلطة الحكومممة الرسمممية ،وتخلممق تخلل مؤسسيا يتمثل في «االزدواجية بين سلطة الدولة وسلطة الحكومة » ،فكما لممو أن الحكومممة ليسممت جممز ءا مممن الدولممة .ولهممذا السبب فإن الحكومة في المغرب هي فعل «منظمة غير حكومية». إن«الدولمة» تقيمم علقاتهما بالقطاعما ت ممن تخلل مؤسسمة المديوان الملكمي )مستشمارون ،وزارة الداتخليمة ،والة، عمال ،موظفون كبار ،مدار ء المؤسسا ت االقتصادية واالجتماعيممة( ،تخممارج العلقممة المفترضممة بيممن وزرا ء الحكومممة وهممذه القطاعا ت .وهكذا تضيع قواعد المسؤولية والوضوح في التدبير.
-9ظاهرة اللجان/الصناديق/المؤسسا ت/المجالس يتعلق المر هنا بهيئا ت تقتطع مساحا ت هامة من اتختصاصا ت الحكومة وميزانيتها العامممة وتسماهم فممي تهميشمها. إنها هيئا ت تقع تحت النفوذ الملكي المباتشر وال يتأتى عمليا مباتشرة أي وجممه للتشمراف أو الرقابممة عليهمما ممن طمرف ممثلممي الشعب المفترضين .وقد أدى تزايد نفوذ مممدرا ء هممذه الهيئمما ت إلممى أن يصممبحوا أتشممبه بمموزرا ء يتحكمممون فممي مصممير أممموال عمومية ويدبرونها باستقلل عن الجهزة الحكومية القائمة ،ويتوفرون على نوع من الحصممانة واالسممتمرارية الممتي ال تتممأثر بالمتغيرا ت االنتخابية وتعبيرا ت المرأي العمام السياسمي واالجتمماعي واالقتصمادي .وقمد تعّممق عمرف إنشما ء همذه الهيئما ت، و ُأحيلت عليها ملفا ت حساسة وحيوية تهم الجوانب االقتصادية والسياسية المتي تنمدرج عمادة فمي صملب اهتممام واتختصماص الحكوما ت في مختلف أنحا ء العالم. هنا ك مجالس تم إنشاؤها تلبي فع ً ل بعض الحاجمما ت الموضمموعية وكممانت موضمموع مطممالب تشممعبية ،ولكممن هنمما ك مجالس أتخرى تم استحداثها لغايا ت أتخرى كاليحا ء بإيجاد مجال لحل مشماكل ملحممة هممو غيممر مجمال حلهما الحقيقمي ،وزرع الوهام ،أو استقطاب النخب ،أو تخفيف االحتقان ،أو االلتفاف على المطالب .وقمد أدى الممر أحيانمما إلممى تمداتخل ت وظيفيممة وتكريس اللمسؤولية وغموض الصلحيا ت وإضعاف المؤسسا ت وتعسير سبل المحاسبة. -10الوضع الخاص لوزارة الداتخلية والجهزة المنية ال يتعلق المر هنا فقط بما تتمتع به وزارة الداتخليمة ممن تشمبه اسمتقللية عمن الجهماز الحكمومي واحتللهما لموقمع تخاص متسام ناجم عن ارتباطها الوثيق بالقصر ،بل أيضا بالصلحيا ت الواسعة الممنوحة لهذه الوزارة وحقها في التدتخل في عمل مختلف أجهزة الدولة ،مما يجعلنا أمام ازدواجية في التوجيها ت المقدمة إلى موظفي الدولة ،ويممؤدي إلمى وجمود تفماو ت وعدم توازن بين حجم السلطة التنفيذية التي تعود إلى الداتخلية وحجم السلطة التي تعود لغيرها. إن وزارة الداتخلية تبدو كما لو كانت مركبا من الوزارا ت وليممس وزارة واحممدة ،ويكفممي أن نشممير إلممى السمملطا ت المتسعة للعمال والوالة ،وما يترتب عنها من إمكان تجاوز الوزارا ت التخرى ،بل وتجاوز الحكومممة ككممل .فممالوالة والعمممال باعتبارهم منسقين للمصالح الخارجية للوزارا ت يجعلون النواب القليمين لتلك الوزارا ت تحت رحمتهم ،مما يؤثر سلبا على مسار تنفيذ البرنامج الحكومي. كما أن انعدام مواكبة الوزير الول لعمل الجهزة المنية رغم أن هذه التخيرة ُيفممترض أنهمما تابعممة لمموزير عامممل ضمن "الفريق الحكومي" ،يعرقل جديا بعض إمكانا ت الحد من التجاوزا ت. إن التجربة أبانت عن وجود عجممز حكممومي فممي مجممال محاسممبة عمممل الجهممزة المنيممة الممتي تباتشممر أعممماالً مممن المفروض أن تتم باسم الحكومة .وتخلل الفترة التي أعقبت أحداث 16ماي أمكننا أن نلمس بوضمموح هامشممية دور الحكومممة في مجال تحديد السياسة المنية طبقا اللتزاما ت الحكومة والضوابط التي أعلنت تعلقها بها. لقد برز ت في السنوا ت التخيرة ظاهرة النفوذ المتزايممد للجهممزة المنيممة الممتي أصممبحت تباتشممر التممدتخل فمي الحقممل السياسي ،كما تم ذلك في واضحة النهار عبر "ترتيبا ت" عمليا ت انتخاب بعض رؤسا ء الجها ت في أعقاب االقتراع العممام لم م 12يونيه .2009وظهر أن الجهزة المذكورة تخوض حركة كثيفة وملفتة الكتشاف الخليا الرهابية بمعدل تخلية كل تشهر، في غياب اي "اهتمام" بهذا النشاط الكثيف من طرف الجهاز الحكومي الذي اتسعت الشقة بينه وبيممن ممما يحصممل فممي الحقممل المني .ذلك أن جداول أعمال اجتماعا ت مجالس الحكومة تؤكد أن هذه التخيرة ال ُتتابع حقيقة ممما يجممري بالنسممبة لمجمال لممه صلة مباتشرة بحريا ت الناس .وأتشار ت بعض الشهادا ت إلى دور الجهزة المنيممة واالسممتخباراتية فممي تحديممد مصممير بعممض المؤسسا ت الصحفية ،وإلى استمرار ظاهرة االتختطاف والتعذيب وتلفيق التهم وتزوير المحاضر وتوجيه القضا ء. -11مكانة المديرين في هرم السلطة إن تعيين المديرين بظهائر ملكية يمنحهم القدرة على التصرف تخارج التوجيها ت الحكوميممة ،حممتى أن عممدًدا منهممم حولوا القطاعما ت التابعمة لهمم أو المؤسسما ت العموميممة الممتي يسميرونها ،والمتي لهما أحياًنمما جيمش عرممرم ممن المسمتخدمين وميزانيا ت ضخمة ،إلى مجاال ت تخاصة ،ال ُيعتد فيهما بالتشمراف الحكمومي ،ممادام الحسماب فمي النهايمة يجمب أن ُيقمدم إلمى صاحب سلطة التعيين ،ومادامت عملية التعيين نفسها تغشاها اعتبارا ت وعناصر ال ترتبط دائما بإرادة الحكومة أو المموزرا ء المعنيين. -12شبه استقللية المانة العامة للحكومة ُتعتبر المانة العامة للحكومممة تابعممة عمليمما للقصمر ،وهمي ال تكتفممي بممدور العممداد الفنممي للنصمموص الممتي تنمموي الحكومة إتخراجها ،بل تتعداه في الواقع الملموس إلى ممارسة نوع من سلطة المل ءمة السياسية ،عبر سياسة تجميد عدد مممن
النصوص ،فتفرض على الحكومة التكيف مع هممذا المممر الواقممع وتسممليم قممدرها لسمملطة المانممة العامممة ،ويتنممدر المسممئولون أنفسهم أحيانا برواية قصص عجيبة عن المدد الطويلة التي قبعت فيها عدد من النصوص محتجزة تعسفًيا لدى المانة العامممة للحكومة. -13التشريع الملكي المباشر بنا ء على الفصل 19يعمد الملك أحياًنا إلى إصدار نصمموص تشممريعية ُتنشممر بالجريممدة الرسمممية ويتممم العمممل بهمما بدون الرجوع إلى البرلمان أو حتى إتشعار مجلس الوزرا ء ،رغم أن تلك النصوص تدتخل فممي مجممال القممانون )ظهيممر إنشمما ء المجلس العلى للعلم السمعي البصري -ديوان المظالم ،على سبيل المثال( .ويتعلق المر أحيانا بمواضيع تكون الحكومممة قد تشرعت في إعداد النصوص المتعلقة بها .وقد تأتي صيغة النص المنشور بظهير ملكي مخالفة للتوجه الذي كانت الحكومة أو القطاع المعني يريدان أن يخضع له مضمون النص .وذلك بمالرغم ممن أن الملمك يمكنمه أن يتمدتخل علمى مسمتوى مجلمس الوزرا ء لتعديل صيغة المشروع أو أن يطلب قرا ءة ثانية بعد مصادقة البرلمان أو يتوجه إلى الشممعب مباتشممرة السممتفتائه فممي الموضوع. -14اعتبار القضاء مشموال بسلطة المامة إن التأويل الذي ُقدم للدستور المغربي بمناسبة رفض القضا ء ممارسة أي نوع من الرقابة على أعمال الملك يقمموم على أن هذا التخير هو باعتبممار مكممانته الدينيممة بمثابممة «القاضممي الول» ،فل يمكممن والحالممة هممذه للفممرع أن يراقممب أعمممال الصل ،وكل ما يصدر عن الملك يتمتع بحصانة مطلقة وال يمكن الطعن فيه ،ويبقى للفراد أن يلتمسوا المراجعة على سبيل االستعطاف بالتوجه مباتشرة إلى الملك أيًا كان مجال العمل الملكي .هذا المنطق يتماتشى في الصممل مممع فكممرة القداسممة الممتي أيضا ،حتى ولو تممم تسممجيل تعممارض القممرارا ت والنصمموص ً يحظى بها تشخص الملك ،والتي تجعل كل ما يفيض عنه مقدسًا ُ الصادرة مع القانون .وقد أكد القضا ء أن الخطب الملكية مثل هي بمثابة قانون ،حتى ولو لم تصغ في قوالب قانونية. إن القضاة حسب هذا المنظور ممثلون فعليا للملمك ،ويمترتب عمن ذلمك سمعيهم إلمى تشمخيص الرادة الملكيمة فمي أحكامهم .ومن ثمة ،فإن الوضع الدستوري في المغرب ،طبقا لمنطوق الفصل 19وللتأويممل الممذي قُممدم لممه ،ال يتحمممل فكممرة استقلل القضا ء .كما يشكو نظامنا القانوني عمومًا من حواجز و حدود تمنممع وجمود تشمكل متقممدم وممرن لرقابممة حقيقيمة علمى دستورية القوانين ،ومن العراقيل التي تمنع القضاة من تنظيم صفوفهم بشكل مسممتقل وبنمما ء علقما ت تضمامنية تمنحهمم قمدرة البروز كمركز سلطة في مراقبة مراكز السلطا ت التخرى .ولهممذا السممبب ربممما فضممل المشممرع الدسممتوري اسممتعمال عبممارة «القضا ء »بدل عبارة "السلطة القضائية"!. -15ضعف المؤسسة البرلمانية ويتجلى في كونها ليست مصد ًرا للمبادرة المستقلة ،وال تمارس رقابة فعلية على سير دواليب الدارة وتخاصة فممي القطاعا ت الحساسة ،وعدم نهوضها بالمهام المطلوبة منها إزا ء أحداث وطنية تخطيممرة كتفجيممرا ت 16ممماي وممما أعقبهمما مممن متابعا ت وممارسا ت تحكمية ،وضعف الحضور في مناقشة نصمموص أساسممية ،وتهميممش دور النممواب فممي اقممتراح القمموانين، واستعمال تقنية السئلة على وجه ال يجعل منها وسيلة لمواكبة القضايا الوطنية ذا ت الولوية ،وما يتسبب فيه وجممود الغرفممة الثانية من إهدار للوقت والجهد وازدواج وظيفي ،واالفتقار إلى الموارد البشرية الكافيممة ذا ت الخممبرة العاليممة والممتي تسممتطيع مساعدة البرلمانيين على إنجاز مهام الرقابة بالنسبة لمختلف مرافممق الدا ء الحكممومي وعلمى ضممبط الممادة القانونيممة وتجويممد النتاج التشريعي ..إلخ. -16اليحاء بأن الليبرالية اتختيار وحيد مدستر ينص الفصل 15من الدستور على أن "حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان" .ورغممم أن نفممس الفصممل يقضي بأن "للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو االقتصممادي واالجتممماعي للبلد" ،فممإن الدستور المغربي ال يشير إلى ضرورة أن تتوتخى البرامج العمومية تخدمة مبادئ العدالة االجتماعية والتوزيع العادل للممثروة الوطنية .وبذلك يبدو دستورنا كما لو كان يكرس االتختيار الليبرالي كاتختيار وحيد للبلد ،والحال أن الدساتير يجب أن ُتصال غ في تشكل مبادئ عامة تمثل وعا ء الستيعاب االتختيارا ت والبرامج الليبرالية واالتشتراكية ،إذ ال يمكن أن يتحول اتختيممار ممما أو برنامج اقتصادي واجتماعي لهذه القوة السياسية أو تلك إلى مقتضى دستوري. -17الزواج بين السلطة والمال هنا ك مقربون من مركز القرار ،يمارسون أنشطة اقتصادية على وجه مخممل فممي عممدد مممن مظمماهره بقواعممد عمممل السوق ،ويقدمون بذلك الدليل على طبيعة الليبرالية المشوهة والهجينة القائمة في المغرب .ويتجلى ذلك على الخصوص من تخلل :
-
-
تكريس اقتصاد الريع واالمتيازا ت بواسطة االستفادة من تفممويت أراض وعقممارا ت بأثمنممة بخسممةُ ،تقممام عليهمما مشاريع ضخمة مذرة لرباح تخيالية ،والحصول على تسهيل ت من الدولة والجماعمما ت بشممكل يحممرم الخزينممة العامة من مداتخيل إضافية ويضر بالمصالح العمومية ،رغم الشعارا ت البراقة التي يزعم أصحابها الدفاع عن تلك المصالح. اتخاذ بعض القرارا ت فممي دائممرة ضمميقة بممدون نقماش عمممومي حممول النجاعممة االقتصممادية واالجتماعيممة لتلممك القرارا ت التي تخدم بالدرجة الولى المصالح االقتصادية المباتشممرة لفممراد الممدائرة المتخممذة فيهمما ،مممما يجعممل السلطوية في تخدمة المصالح االقتصادية الشخصية والمباتشرة لمن يمارسون السلطوية. الهيمنة على بعض القطاعا ت االقتصادية وتهميش فاعلين آتخرين وحملهمم علمى تقليمص أنشمطتهم والخضموع لمل ءا ت الفاعلين المحظوظين الكبار ،الذين يرسمون مسبقاً دائرة المجاال ت التي ال ُيسمح فيها عملياً لغيرهممم بأية مبادرة ذا ت تشأن ومردود. إدتخال منطق المقدس في معادلة النشاط االقتصادي كمحدد لرقام تلك المعادلة ،وتخلق حالة من عدم المسمماواة في حظوظ الفعل االقتصادي بين المتدتخلين الخواص.
ال تشك أن ربط القرار بصناديق االقتراع ،ووضع السلطة بيممن أيممدي المنتخممبين فممي إطممار ملكيممة برلمانيممة حقيقيممة سيضمن المحاسبة على كل القرارا ت ،وسيفضي تدريجيا إلممى تممواري الواقممع القمائم علمى عممدم إمكمان المنافسممة االقتصممادية لفاعل يملك كل السلط ويتحكم في مصير القرارا ت والتشخاص بصورة دائمة ،وبدون أي وجه للمحاسبة. -18ثقل البروتوكول: البروتوكول الملكي في المغرب كان دائما ثقيل مرهقا ومكلفا .وهممو ليممس فقممط مجممرد طقمموس ،بممل هممو أيضمما آلممة للتخضاع والتطويع وتبليغ رسائل والتشعار المستمر للمحكومين بأنهم في وضع الرعيمة المتي يوجمد مصميرها بيمد غيرهما، وأن عليها أن تقبل هذا الوضع الموسوم بالتبعية وأن تخضع للوصاية. إن هنا ك علقة بين البروتوكول وبين الدستور والحيماة السياسمية .فحفمل الموال ء مثل يَُقمّدُم علمى أنمه تجديمد سمنوي للبيعة .وهذه التخيرة تُقَّد ُم كتشخيص للتعاقد "الحقيقي" و"الجوهري" بين الحمماكم والمحكممومين .أممما الدسممتور – حسممب هممذا المنطق – فهو وثيقة تنظم ما هو أدنى مما تنظمه البيعة. وبعبارة أتخرى ،تُْنتِ ُج الطقوس تخطابها الخاص الذي يعطي لللقاب الملكية مدلولها الحقيقي ،والممذي ُيعطممي للفصممل 19التأويل الجدر بالتباع ،والذي يَُذّك ُر بأن مؤسسا ت الحداثة السياسية القائمة ليس من تشأنها وليس من حقها أن تضع حممدا لممارسا ت القرون الماضية المستندة إلى الحكام السلطانية. لقد أد ت بعض قضايانا الوطنية ثمن طقوس اعُتبر ت ربما لدى ملحظين تخارجيين قرينة على انتما ء النظممام لثقافممة ال يمكن أن تقبل باحترام إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها. -19شبه غياب أو تغييب السلطة المضادة نعيش في المغرب اليوم وضعا يكاد ينعدم فيه وجود سلطة مضادة وازنة .هذا المآل أفرزتممه سممنوا ت مممن سياسمما ت إدماج النخب ورفض االعتراف باسممتقللية الهياكممل والمؤسسمما ت الممثلممة للمجتمممع وفئمماته المختلفممة ،ومحاولممة تسممييد ثقافممة "الجماع". لقد تم نوع من التدمير المنهجي لليا ت المجتمع القادرة على صنع سمملطة مضممادة حقيقيممة ،تسممتطيع تخلممق التمموازن الضروري في المجتمع الديمقراطي. يكفي أن نشير هنا إلى الحرب الضروس التي تتعرض لها الصحف المستقلة ،والممتي تممزاوج بيممن أسمماليب الضممغط المباتشرة والجلية وبين الساليب الخفية ،مما أدى إلى إتخل ء الساحة العلمية من منابر "معارضة". تغيير الدستور لن يسمح وحده بقيام سلطة مضادة إذا لم يكن هنا ك فاعلون لهم استعداد لتحمل مسئولية السهر علممى وجود السلطة المضادة واالقتناع بجدواها والنضال من أجلها .ولكممن التغييممر الدسممتوري يجممب أن يعمممل فممي اتجمماه محاربممة التوجه القاضي بمركزة السلطة ويعمل على تكريس توجه مضاد يقمموم علممى "أنسممنتها" ونممزع طممابع القداسممة عنهمما وتمموفير وسائل مقاومة الوجه المشتط أو التعسفي لممارستها .وهكذا يجب أن يتوفر المغاربة على دستور جديد يسمح لهم بامتل ك ممما يكفي من الدوا ت القانونية للمراقبة والتتبع ،ومسا ءلة السلطة وحملها على التقيد بالقانون.
-20تعدد السلحة السهلة لتعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة من داتخل الدستور نفسه ،يتوفر للملك دائما إمكان تعطيل عمل المؤسسا ت المنتخبة وممارسة كل الصلحيا ت الممتي يريد ممارستها ،بسهولة كبيرة وبدون قيود ُتذكر. فقد سبق للملك الراحل أن استعمل الفصل 35من الدستور لعلن حالة االستثنا ء لمدة تخمممس سممنوا ت ،وهممو الممذي قَّد َر أن هنا ك ممبررا ت لعلن همذه الحالمة .فيكفمي أن يستشمير الملمك – حسمب الدسمتور الحمالي – رئيسمي مجلمس النمواب ومجلس المستشارين ،ورئيس المجلس الدستوري ،وتوجيه تخطاب إلى المة .فأًّيا كان موقف هؤال ء الذين تمممت استشمارتهم، فإن الملك غير ملزم بالتخذ برأيهم ،والحداث التي يجب أن تكون السمماس لعلن حالممة االسممتثنا ء هممي أيممة أحممداث " مممن تشأنها" أن تمس بسير المؤسسا ت الدستورية حتى ولو لم تكن قد مّست بها فعل .والملك في إطار حالممة االسممتثنا ء يتمتممع بكممل الصلحيا ت "التي يتطلبها تسيير تشؤون الدولة" ،ويمكن أن يمتممد ذلممك لعممدة سممنوا ت ،فليممس هنمما ك أي قيممد زمنممي أو إجممرا ء يفرض على الملك إنها ء حالة االستثنا ء .وحتى مع استمرار وجود البرلمان ،فإن الصلحية المطلقة التي ُتمنح للملك في حالة االستثنا ء ،تجعله غير مقيد بواجب البقا ء على نشاط البرلمان قائما أو تزكية ما يصدر عنه والتخذ به. إن الفصل 35إذن يوفر سلحا احتياطيا لتعطيل عمل المؤسسا ت بالرادة الملكية الحرة فممي أيممة لحظممة ،وبممدون أية عقبا ت دستورية .فالملك هنا هو الذي يُقَّدر وهو الذي يقرر. والفصل 101و 102اس ُتعمل أيضا لتمكين الملك الحسن الثاني من استثمار حاال ت "البياض المؤسسي" التخمماذ كل القرارا ت وممارسة سلطة مطلقة ال حدود لها ،وتمديد فترة البياض حتى إكمال ما كان يريممد اتخمماذه مممن تممدابير وبرامممج وتشريعا ت وسياسا ت ،في مختلف ميادين النشاط الرسمي. فتحت هذا الرقم أو ذا ك من الرقمين المشار إليهما ،جر ت العممادة أن يتضمممن نممص الدسممتور المراجممع،المقتضممى التالي" :إلى أن يتم تنصيب مجلس النمواب المنصموص عليمه فمي همذا الدسمتور ،يتخمذ جللمة الملمك الجمرا ءا ت التشمريعية والتنظيمية اللزمة لقامة المؤسسا ت الدستورية وسير السلط العمومية وتدبير تشؤون الدولة". وقد امتد "البياض المؤسسي" أحيانا لمممدى عممدة سممنوا ت ا ّتخمذ ت تخللهما قمرارا ت إسمتراتيجية تلممزم الدولممة لعمدة سنوا ت من بعد. وأتخيرا ،فإن الفصل 19اعُتمد أيضا لتمكين الملك من ممارسة صلحيا ت ال تكون مخولة إليه بمقتضى نصوص صريحة في الدستور ،أو تكون مخولة إلى غيره ،وذلك اعتمادا على تأويل واسع لصفة "أمير المممؤمنين" أو لصممفة "الممثممل السمى للمة".
:- IIIالمرتكزا ت العامة للدستورالجديد :دولة القانون انطلقا من هاجس معالجة االتختلال ت المذكورة أعله ،وأتخًذا بعين االعتبار لشمروط المرحلمة ومتطلبما ت التقمدم والتحديث ،ستتحدد إذن صورة الدستور الذي نريد ،وهي صورة تترجم استنادنا إلى جملة من المبادئ الموجهة : االقتناع بالديمقراطية كفلسفة وكآليا ت. ليس هنا ك تخصوصية يمكن باسمها المس بأي من الليا ت الديمقراطية المعروفة. الشكل الملكي للنظام ليس في حد ذاته عائقا في وجمه الديمقراطيمة ،فيمكمن لهممذا الشمكل ،كممما أظهممر ت ذلممكتجارب المجتمعا ت التخرى ،أن يتل ءم مع مقتضيا ت الديمقراطية ،ويمكن له أن يوفر لنفسه وللمجتمع سممبل االستقرار. إن االعتماد على استعراض اتختلال ت النظام السياسي والدستوري من أجل رسممم معممالم التغييممر الدسممتوريالمطلوب عملية ضرورية من الناحية المنهجية .ومع ذلك فإن من تلك االتختلال ت ما يمكممن معممالجته بتمدتخل التقنية الدستورية ،ومنها ما ال يمكن أن ُيعالج كذلك ،بل هممو رهيممن أيضما بتغييممر الثقافمة السياسممية للفماعلين وبعناصر تنتمي إلى المحيط السياسي العام. بينت التجربة أن التطبيق الدستوري ليممس سلسما ،وال يمكممن للواقمع أن يتغيممر جمذريا بيمن عشمية وضمحاها.فهنا ك تقاليد متأصلة ستحاول أن تنفلت من حكم النص ،مما يتطلب إنجاز سلسمملة مممن الخطمموا ت والعمليمما ت المركبة والمترابطة والتي تندرج في السياق الشامل للصلح السياسي بأوجهه المتعددة.
-
الدستور الذي نريد إذن هو ذلك الدستور القادر على ضمان : ربط القرار بصناديق االقتراع ،أي اعتماد السيادة الشعبية أساسا للحكم.
-
«دسترة الدستور» أي الوصول إلى جعل الدستور وثيقة ملزمة ،حتى تصممبح الحالممة الدسممتورية حقيقممة ال مجمماًزا، ويتبوأ النص الدستوري المكتوب مكانه فوق كل السلطا ت تعبيرا عن سمو السلطة التأسيسية. استعمال الحكام الدستورية للحد من العراف اللدستورية أي قواعد العمل غير المتلئمة مع نصوص الدستور.
-
توحيد المشروعية فممي الشممرعية ،والوصممول إلممى إقممرار دسممتور واحممد ،والقطممع مممع الحالممة الممتي ُتعممرف بوجممود دستورين )دستور عصري /دستور تراثي( أو ثلثة دساتير )دستور ضمممني /دسممتور صممريح /دسممتور مطممالب به(. وبعبارة أتخرى نريد الوصول إلى دستور ديمقراطي ،وذلك أساًسا من تخلل : االحتفاظ للملك بسلطا ت رمزية وتشرفية مع جعل وظيفته الساسية هي تمكين المنتخبين من ممارسة سلطاتهم.
-
منح الحكومة صلحية تدبير تشؤون الدولة.
-
جعل الوزير الول رئيسا فعليا للجهاز الحكومي منبثقا من الغلبية.
-
تحويل الصلحيا ت الساسية لمجلس الوزرا ء إلى مجلس الحكومة.
-
توسيع اتختصاصا ت مجلس النواب ،وإلغا ء الغرفة الثانية ،وتأكيد الطممابع البرلممماني للحكممم مممن تخلل أدوار جديممدة وحاسمة للبرلمان ولرئيسه. ضبط عدد من آليا ت استقلل القضا ء. ونرى أن يكون الدستور المغربي الجديد دستوًرا مفص ً ل ،وذلك تحقيقا للغايا ت التالية : -1ضمان تقييد المشرع العادي حتى ال يستغل الفرال غ لوضع قواعد ال تتماتشى مع روح الدستور. -2توحيد التأويل حتى تمنح المبادئ الواردة في الدستور معان واضحة ،وال يتمم االسمتناد إلمى حريمة التأويمل من أجل التحلل من الدالال ت والمعاني الممنوحة للكلما ت والتعابير المستعملة في المجتمعا ت الديمقراطية. -5إنارة الممارسمة وتزويمد الجميمع بمأكبر قمدر ممن المعطيما ت والعناصمر الضمرورية لتطمبيق دسمتوري سمليم وواضح.
-
-
-
كممما نممرى أن يكممون دسممتورنا المقبممل قممادرا علممى االسممتفادة مممن دروس الظرفيممة السياسممية ومعطياتهمما ومواكبممة المستجدا ت الوطنية والعالمية ،وتخاصة من تخلل : محاولة إصلح عطب «التناوب »الذي جعل هذا التخير عاجًزا عن الوفا ء بما وعد الناس به. -
استيعاب مستجدا ت البنا ء المؤسسي )الوسيط – الهيأة العليا للعلم السمعي البصري.(...
-
مراعاة النقد الذي ُوجه للغرفة الثانية ،والجماع الحاصممل علممى تشممذوذ الوضممع الحممالي المتمثممل عملًيمما فممي وجممود برلمانين. دسترة االلتزام الملكي بتعيين الوزير الول من الغلبية.
-
تجسيد التوجه العام نحو تعزيز نظام الجهوية ،ووضع الصيغة الدستورية القادرة على استيعاب فكرة الحكم الممذاتي بالصحرا ء المغربية. إعادة تأكيد مكانة المازيغية كإحدى مكونا ت الهوية المغربية.
-
تحصين بعض مواد قانون السرة بدسترة مضامينها.
-
التنصيص على حق المهاجرين المغاربة في المشاركة السياسية ،والذي سبق أن ورد في التزام رسمي.
-
مواكبة المستجدا ت العالمية بخصوص ما عرفته ترسانة الحقوق من توسع عبر توالي أجيالها.
-
إحكام صياغة الدستور ،واسمتعمال عبمارا ت إيجابيمة كالتعدديمة مث ً ل المتي كمان يجمب أن تعموض التشمارة السملبية الواردة بالمادة .3 تطبيق توصيا ت التقرير النهائي لهيأة النصاف والمصالحة ودسترة ما يحتاج منها إلى الدسترة.
-
-
-