أوكسجين العدد ( ٩٦ ) السنة الثالثة - السبت ٠٨\٠٢\2014

Page 1

‫‪www.fb.com/oxygen.zabadani.syria‬‬ ‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫إعاد ‬ة ‪‭‬بناء‬" ‪‭‬حز ‬ب ‪‭‬الل ‬ه ‪‭‬أ ‬م ‪‭‬تصفيته ‬؟!‪‭‬‬ ‫تدجي ‬ن ‪‭‬الشع ‬ب ‪‭‬ودجا ‬ج ‪‭‬أميرالي‬

‫حماه‬

‫‬قصة‬‪‭‬تحدي‬‪‭‬ال‬‪‭‬تنتهي‬

‫أوكسجين ®‬

‫نحنا مو مجلة ‪ ..‬نحنا صوتكم الحر‬

‫العدد ( ‪ ) ٩٦‬السنة الثالثة ‪ -‬السبت ‪2014\٠٢\٠٨‬‬

‫‪info@syriaoxygen.com‬‬


‫األفتتاحية‬

‫جنيف يغين على لياله‬ ‫هيئة تحرير أوكسجين‬

‫تقرؤون في هذا العدد‬ ‫‪ -٣‬إعادة‬ ‪‭‬بناء‬" ‪‭‬حزب‬ ‪‭‬الله‬ ‪‭‬أم‬ ‪‭‬تصفيته؟‬!‪‭‬‬ ‫‪ -٤‬مخيم‬ ‪‭‬اليرموك‬ ‪‭..‬الموت‬ ‪‭‬جوعًا‬ ‫‪ -٥‬قب ـل‬ ‪‭‬االنشــقاق‬ ‪‭‬ع ـن‬ ‪‭‬الثــورة‪‬ ..‬لحظ ـة‬ ‪‭‬حاســمة‪‭‬‬ ‫‬لضب ـط‬ ‪‭‬البوصلــة‬ ‫‪ -6‬حماة‬ ‪‭‬قصة‬ ‪‭‬تحدي‬ ‪‭‬ال‬ ‪‭‬تنتهي‬ ‫ً‬ ‫‪‭‬تحول ‪‭‬اجتماعيًا‬ ‫‪ -8‬الديمقراطية‬ ‪‭‬بوصفها‬ ‬‬ ‫‪ -10‬تدجين‬ ‪‭‬الشعب‬ ‪‭‬ودجاج‬ ‪‭‬أميرالي‬ ‫‪ً -11‬‬ ‫صبرا‬ ‪‭...‬سيمضي‬ ‪‭‬الليل‬ ‪‭‬مهما‬ ‪‭‬اشتد‬ ‪‭‬الظالم‬ ‫‪ -12‬رسالة‬ ّ‪‭‬حية‬ ‪‭‬من‬ ‪‭‬األموات‬ ‪‭‬إلى‬ ‪‭‬األموات‬‪‭...‬‬ ‫‪ -13‬المسير‬ ‪‭‬و‬ ‪‭‬عيون‬ ‪‭‬الماء‬ ‫‪ -14‬أوكسجينيات‬ ‫‪ -15‬صرخات‬ ‪‭‬المخيم‬ ‪‭..‬باللحن‬ ‫فواصل‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫يبقــى النظــام الســوري مــن أعتــى األنظمــة الشــمولية‬ ‫التــي ال تقبــل بوجــود رشيــك معهــا يف الســلطة عــى‬ ‫اإلطــاق‪ ،‬إمنــا يريــد فقــط عمــاء يعطيهــم الفتــات‪.‬‬ ‫فالرشاكــة لديــه تعنــي انهيــاره بشــكل دراماتيــي‪ ،‬ألنــه‬ ‫يقــوم عــى اإلرهــاب وقمــع املواطنــن وابتزازهــم وقتلهــم‬ ‫تحــت التعذيــب‪ .‬وبينــا تســود أروقــة جنيــف لقــاءات‬ ‫حثيثــة وفاعليــات عديــدة‪ ،‬ملتابعــة أعــال جنيــف‪2‬‬ ‫املقــرر يف ‪ 10‬مــن شــباط‪ ،‬ال يتغـ ّـر يشء عــى األرض داخــل‬ ‫ســوريا‪ ،‬يواصــل النظــام الســوري همجيتــه يف قصــف‬ ‫املناطــق الثائــرة‪ ،‬وســط تعنــت واضــح بعــدم تقديــم‬ ‫املســاعدة اإلنســانية للمدنيــن‪ ،‬بينــا يبقــى للثــوار عــى‬ ‫األرض قرارهــم وســاحهم لدحــر املجرمــن مــن جنــود‬ ‫األســد‪ ،‬فيهلــل معتقلــو ســجن حلــب للحريــة‪ .‬الثــوار‬ ‫الذيــن ميلكــون الق ـرار عــى األرض‪ ،‬يشــكون مــن نقــص‬ ‫الدعــم‪ ،‬مــع بقــاء أســباب الصمــود بوجــه نظــام يحــرف للمساهمة في صفحاتنا يمكنك التواصل‬ ‫الحصــار الغــذايئ والــدوايئ لرتكيــع شــعبه تحــت شــعار‬ ‫عرب بريدنا األلكرتوني‬ ‫"الجــوع أو الركــوع"‪.‬‬ ‫‪info@syriaoxygen.com‬‬ ‫وهنــا التســاؤل حــول تقييــم نجــاح مؤمتــر جنيــف ‪ 2‬مــن‬ ‫عدمــه‪ ،‬فمنهــم مــن يــرى هنــاك مــن أن مجــرد انعقــاد تابعونا عرب‪..‬‬ ‫املؤمتــر بحضــور طــريف األزمــة يف ســوريا هــو يف حــد ذاتــه‬ ‫‪www.facebook.com/oxygen.zabadani.syria‬‬ ‫‪www.twitter.com/OxygenSy‬‬ ‫نجــاح بعــد ثــاث ســنوات مــن الثــورة‪ .‬إذ أن تفــاوض‬ ‫‪www.syriaoxygen.com‬‬ ‫الفريقــن عــى الســلطة عــى طاولــة حــوار واحــدة‬ ‫يعنــي اعــراف النظــام بوجــود املعارضــة التــي اتهمهــا‬ ‫ســابقا باإلرهــاب‪ .‬متابعــة انعقــاد املؤمتــر يف حــد ذاتــه‬ ‫نجــاح لحلقــة جديــدة مــن حلقــات الرشاكــة الدبلوماســية‬ ‫األمريكيــة الروســية يف هــذا الصــدد‪ ،‬عط ًفــا عــى صفقــة‬ ‫الكيــاوي‪ ،‬مــا يعــزز منــاخ التعــاون فيــا بينهــا‪،‬‬ ‫حتــى وإن تــم عــى حســاب مطالــب الشــعب الســوري‬ ‫املرشوعــة الــذي ينتظــر مــن جنيــف التخفيــف مــن آالمــه‬ ‫ومعاناتــه يف آن‪.‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪2‬‬


‫سياسة‬

‫إعادة بناء "حزب الله أم تصفيته؟!‬ ‫هشام منور | أوكسجين‬ ‫منــذ تكشُّ ــف الحقائــق والتفاخــر باملشــاركة‬ ‫يف القتــال إىل جانــب النظــام الســوري ملحاربــة‬ ‫اإلرهابيــن والتكفرييــن واألصوليــن و َمــن‬ ‫تبقــى مــن الشــعب الســوري كــا زعــم مــا‬ ‫عــاد حــزب اللــه اللبنــاين كــا كان‪ ،‬ومــا عــاد‬ ‫الحــزب املقــاوم املامنــع الــذي د ّوخ اإلرسائيليني‬ ‫كــا كان يزعــم‪ ،‬ويقــاوم كل مــن يعــادي‬ ‫حقــوق األمــة والشــعوب العربيــة مــن منطلــق‬ ‫دينــي‪ ،‬كــا كان‪ .‬فشــعبية الحــزب أضحــت يف‬ ‫الحضيــض‪ ،‬والنظــرة إليــه اختلفــت أو باألحــرى‬ ‫مت ّحــورت حــول مكانتــه الحزبيــة املذهبيــة‬ ‫الضيقــة ج ًدا‪.‬لــكل مــا تق ـ ّدم وأكــر‪ ،‬وبســبب‬ ‫مــا خلّفتــه املشــاركة يف املســتنقع الســوري إىل‬ ‫جانــب نظــام كان يحميــه‪ ،‬وي ّدعــي املقاومــة‬ ‫إىل جانبــه والدفــاع عــن فلســطني مــن خــال‬ ‫حصــار أبنائهــا‪ ،‬وتفتيــت كياناتهــم السياســية‬ ‫وتجويــع مخيامتهــم بعــد إفراغهــم منهــا‪ ،‬يبدو‬ ‫الحــزب الصنيــع اليــوم يف حاجــة إىل إعــادة‬ ‫ترميــم صورتــه وهيكليتــه التنظيميــة‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫انتبهــت إليــه دوائــر صنــع الق ـرار يف طه ـران‬ ‫ودمشــق الســيام بعــد سلســلة التفجـرات التي‬ ‫ه ـ ّزت الضاحيــة الجنوبيــة والبقــاع اللبنــاين يف‬ ‫مناطــق تعــد مــن معاقــل الحــزب التقليديــة‪،‬‬ ‫خاصــة أن موضــوع التفــاوض وفــق أســس‬ ‫جنيــف أيًــا كانــت‪ ،‬ســوف تفــي إىل تفاهــات‬ ‫لــن تكــون يف أحســن األحــوال إال عــى حســاب‬ ‫الحــزب وتصفيــة دوره يف املنطقة‪.‬موقــع‬ ‫"ديبــكا" االســتخباري اإلرسائيــي كشــف مؤخـ ًرا‬ ‫أن إي ـران رشعــت يف تنفيــذ خطــة اســتعجالية‬ ‫إلعــادة بنــاء أجهــزة املخابـرات واألمــن التابعــة‬ ‫لحــزب اللــه‪ ،‬وإصــاح مــا خربتــه سلســلة‬ ‫الهجــات التــي اســتهدفت معاقــل الحــزب‬ ‫يف بــروت ومناطــق أخــرى مــن لبنــان‪ ،‬منــذ‬ ‫تــورط امليليشــيات الشــيعية يف دعــم نظــام‬ ‫األســد يف حربــه ضــد الثــورة الســورية التــي‬

‫كلفــت الشــعب الســوري مــا يقــرب مئــة‬ ‫وثالثــن ألــف شــهيد‪.‬فريق رفيــع املســتوى‬ ‫مــن كبــار مســؤويل فيلــق "القــدس" التابــع‬ ‫للحــرس الثــوري ووزارة االســتخبارات واألمــن‬ ‫رسا إىل بــروت تحــت غطــاء‬ ‫اإليرانيــة وصــل ًّ‬ ‫وفــد برئاســة نائــب وزيــر العــدل عــي العــي‬ ‫مركــوي‪ ،‬والــذي ق ـ ّدم لجمــع املعلومــات عــن‬ ‫التحقيــق مــع ماجــد املاجــد القائــد الســعودي‬ ‫املفــرض لكتائــب عبــد اللــه عـزام‪ ،‬وقــد تــويف‬ ‫يف ســجن لبنــاين يف ‪ 4‬ينايــر املــايض‪ .‬ولــدى‬ ‫وصولهــم كــا أورد التقريــر‪ ،‬انفصــل الفريــق‬ ‫الــري لفيلــق "القــدس" عــن الوفــد للتفــرغ‬ ‫ملــا يبــدو أنــه مــروع طويــل األجــل مرتبــط‬ ‫بإعــادة بنــاء األجهــزة املخابراتيــة واألمنيــة‬ ‫اللبنانيــة التابعــة له‪.‬الفريــق الــري ‪-‬كــا أورد‬ ‫التقريــر‪ -‬كان مســل ًحا بتوجيهــات وتعليــات‬ ‫صــادرة عــن اللقــاء الطــارئ‪ ،‬الــذي عقــد‬ ‫بــن قائــد فيلــق "القــدس" الجــرال "قاســم‬ ‫ســليامين" واألمــن العــام لحــزب اللــه " حســن‬ ‫نــر اللــه " واثنــن مــن كبــار مســاعديه‪،‬‬ ‫"مصطفــى بــدر الديــن" القائــد العســكري‬ ‫األعــى للحــزب‪ ،‬و "وفيــق الصفا"رئيــس األمــن‬ ‫املركــزي لحــزب اللــه‪ ،‬وتقــرر يف هــذا االجتــاع‬ ‫اإلبقــاء عــى فريــق دائــم مــن الخــراء‬ ‫اإليرانيــن يف العاصمــة اللبنانيــة‪ ،‬يف مهمــة‬ ‫إعــادة بنــاء أجهــزة املخابـرات واألمــن التابعــة‬ ‫لحــزب اللــه عــى نفــس الخطــوط الهيكليــة‬ ‫التــي تعمــل بهــا األجهــزة الرسيــة واألمنيــة‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬وكان مــن الواضــح أن هــذه األجهــزة‬ ‫لــن توقــف املعــدل الحــايل للتفجــرات‬ ‫وأعــال العنــف األخــرى مــن دون إحباطهــا‪.‬‬ ‫اختــار اللقــاء ثــاث مناطــق معنيــة بإعــادة‬ ‫البنــاء وتحصــن قــدرات االســتخبارات واألمــن‬ ‫لحــزب اللــه‪ ،‬األوىل هــي منطقــة البقــاع رشق‬ ‫لبنــان‪ ،‬وقــد عمــل حــزب اللــه بجــد للتســر‬ ‫عــى إخفاقاتــه يف الســيطرة األمنيــة عــى هــذه‬ ‫املنطقــة‪ ،‬ويعتــر املوقــع التقليــدي ملراكــز‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪3‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫القيــادة األكــر أهميــة واملنشــآت العســكرية‬ ‫ومســتودعات األســلحة‪ .‬ويقــول التقريــر إن‬ ‫األمــن ضعيــف هنــاك‪ ،‬حتــى إن وحــدات‬ ‫حــزب اللــه ال ميكــن أن تتحــرك مــن مــكان إىل‬ ‫ليــا أو نهــا ًرا دون أن تتعــرض لوابــل‬ ‫مــكان‪ً ،‬‬ ‫مــن الصواريــخ أو القصــف املدفعــي عــى‬ ‫امتــداد الحــدود الســورية مــن قبــل خصــوم‬ ‫الحــزب‪ ،‬مــن املقاتلــن الســوريني واللبنانيــن‪.‬‬ ‫وقــد صــدم قــادة الحــزب عندمــا اكتشــفوا‬ ‫مــدى هشاشــة تحصينهــم‪ ،‬عندمــا تــم رضب‬ ‫مراكــز القيــادة مبدينــة بعلبــك يف ‪ 12‬ديســمرب‬ ‫املــايض‪ ،‬ذلــك أن مواقــع تلــك املراكــز القياديــة‬ ‫كانــت رسيــة‪ .‬وكانــت رســالة املخططــن لذلــك‬ ‫الهجــوم بالتحديــد هــو إظهــار مــدى ضعــف‬ ‫حــزب اللــه وأنــه عرضــة للهجــوم يف كل أماكنه‪،‬‬ ‫وحتــى يف املخابــئ األكــر رسيــة‪ .‬املنطقــة‬ ‫الثانيــة املســتهدفة بإعــادة التأهيــل والبنــاء‬ ‫هــي معاقــل حــزب اللــه يف الضاحيــة الجنوبيــة‬ ‫لبــروت‪ ،‬وقــد ســ ّهلت الهجــات التفجرييــة‬ ‫املتكــررة يف األشــهر الثالثــة املاضيــة انهيــار‬ ‫نظــام اإلنــذار املبكــر لحــزب اللــه يف العاصمــة‬ ‫اللبنانيــة‪ ،‬وأضعفــت قــدرة مقاتليهــم عــى‬ ‫الص ـ ّد‪ .‬ثالــث األماكــن أو األجهــزة املســتهدفة‬ ‫هــي االســتخبارات امليدانيــة لحــزب اللــه يف‬ ‫ســاحة الحــرب الســورية‪ ،‬فقــد ظهــر الحــزب‬ ‫رصا إىل حــ ّد يــرىث لــه يف‬ ‫أثنــاء القتــال قــا ً‬ ‫االســتخبارات امليدانيــة‪ ،‬واضطــر إىل االعتــاد‬ ‫عــى ســوريا رغــم أن قدراتهــا ليســت أفضــل‪،‬‬ ‫وقــد تــوىل فريــق مــن الخ ـراء اإليرانيــن بنــاء‬ ‫وتشــغيل ذراع مخابـرايت جديــد ملقاتــي الحزب‬ ‫يف ســوريا‪.‬تصف كثــر مــن األوســاط اللبنانيــة‬ ‫وضــع الحــزب عــى املســتويني الســيايس‬ ‫واألمنــي باملــزري‪ ،‬وأن كلفــة إعــادة بنائــه‬ ‫قــد تفــوق إنشــاء حــزب جديــد بســبب حالــة‬ ‫الرتهــل والفســاد والكراهيــة الشــعبية التــي‬ ‫بــات يتمتــع بهــا‪ ،‬وعليــه فقــد يكــون املطلــوب‬ ‫يف الفــرة املقبلــة تصفيــة الحــزب واالســتفادة‬ ‫مــن هيكليتــه وبنــاه التحتيــة لبنــاء حــزب أو‬ ‫تيــار ســيايس يحـ ّـل مكانــه يف القريــب العاجــل‪،‬‬ ‫يف ظــل التقــارب اإلي ـراين األمريــي‪ ،‬واحتــال‬ ‫حــل األزمــة يف ســوريا عــى حســابه‪ ،‬وهــو‬ ‫ّ‬ ‫األمــر الــذي يدركــه الجميــع وال أحــد يراهــن‬ ‫عــى خالفــه‪.‬‬


‫أيامك ثورتنا‬

‫ً‬ ‫مخيم الريموك‪ ..‬الموت جوعا‬ ‫هيالنة | أوكسجين‬

‫"مل أشــعر يو ًمــا بــأين غريــب يف ســوريا‪ ،‬كنــت دو ًما يف دمشــق أشــعر‬ ‫بأننــي دمشــقي‪ ،‬ومل يعكــر انتــايئ للمخيــم هويتــي الثنائيــة‪ ،‬كــا‬ ‫مل يقــف املخيــم عائ ًقــا أمــام شــعوري بســوريتي"‪ .‬بــأىس‪ ...‬قالهــا‬ ‫أبــو ســليم وهــو يحــزم حقائبــه مغــادرا ً مخيــم الريمــوك عــى بعــد‬ ‫‪ 8‬كــم مــن العاصمــة دمشــق‪ ،‬بعــد أن عــاش فيــه أكــر مــن ســني‬ ‫حياتــه التــي قضاهــا يف وطنــه األم فلســطني‪ ،‬ولكــن يبــدو أن مصــر‬ ‫الفلســطيني دو ًمــا هــو التبعــر يف مخيــات الشــتات مــع مزيــد‬ ‫مــن قصــص املــوت والجــوع‪ ،‬وسياســة اإلفقــار والحرمــان التــي بات‬ ‫ينتهجهــا النظــام مؤخـ ًرا يف عــدة مــدن وبلــدات ســورية مــن أجــل‬ ‫تركيــع تلــك املناطــق التــي خرجــت عــن ســيطرته راف ًعــا شــعار‪:‬‬ ‫"الجــوع أو الركــوع"‪ .‬املخيــم الــذي تأســس قبــل حــوايل ‪ 60‬عا ًمــا‬ ‫يقطــن فيــه حــوايل مليــون شــخص‪ 200 ،‬ألــف منهــم فلســطينيون‪،‬‬ ‫واآلخــرون ســوريون‪ .‬يعــاين األهــايل هنــاك مــن اســتمرار الحصــار‬ ‫الــذي يفرضــه النظــام عــى املداخــل منــذ أكــر مــن ســتة أشــهر‪،‬‬ ‫فيمنعهــم مــن إدخــال املــواد الغذائيــة والطبيــة‪ ،‬مــع تواصــل‬ ‫انقطــاع الكهربــاء واالتصــاالت‪ ،‬وســوء الخدمــات الصحيــة‪ ،‬وعــدم‬ ‫وجــود هيئــات العمــل اإلغــايث بعــد أن قامــت وكالــة غــوث األنوروا‬ ‫بإغــاق عــدد مــن املســتوصفات التابعــة لهــا بحجــة أمــن منشــآتها‬ ‫وموظفيهــا مــع صمــت منظمــة التحريــر والفصائــل الفلســطينية‪،‬‬ ‫وتجاهــل كافــة الهيئــات واملنظــات الدوليــة‪ .‬نــداءات اســتغاثة‬

‫كثــرة أطلقهــا ناشــطون بعــد تســجيل أكــر مــن ‪ 82‬حالــة وفــاة‬ ‫بســبب الجــوع‪ ،‬معظمهــم مــن النســاء واألطفــال والشــيوخ‪ ،‬يف حني‬ ‫اضطــر األهــايل إىل أكل لحــم القطــط واألعشــاب وأوراق الصبــار‬ ‫بانتظــار املســاعدات التــي بــاءت كل مبــادرات إدخالهــا بالفشــل‪.‬‬ ‫مــن جهتهــا اكتفــت األمــم املتحــدة بوصــف الوضــع داخــل املخيــم‬ ‫بـــ "املفــزع" بينــا رصح "مارتــن بيســريك" املتحــدث الرســمي‬ ‫باســم األمــن العــام يف األمــم املتحــدة بــأن قــوات املعارضــة أيضً ــا‬ ‫متنــع وصــول املســاعدات موض ًحــا أن مشــكلة توصيلهــا باتــت‬ ‫ثنائيــة الجانــب‪ .‬واليــوم مــع اســتمرار مشــهد القتــل واملــوت بــات‬ ‫الفلســطيني ميلــك ذاكــرة جديــدة عنوانهــا املعانــاة واألمل‪ ،‬لتصبــح‬ ‫النكبــة نكبتــن والتغريبــة تغريبتــن‪.‬‬

‫قافلة مساعدات تركية إلى الالجئني السوريني‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫نظمــت هيئــة اإلغاثــة اإلنســانية الرتكيــة‬ ‫(‪ ،)IHH‬بالرشاكــة مــع جمعية إغاثــة األناضول‬ ‫(‪ )AYDER‬مراســم احتفــال‪ ،‬بانطــاق قافلــة‬ ‫مســاعدات‪ ،‬يف إطــار حملــة "أنــا بحاجــة‬ ‫إليــك"‪ ،‬إلغاثــة الالجئــن الســوريني‪ ،‬مكونــة‬ ‫مــن ‪ 15‬شــاحنة‪ ،‬تحمــل أســاء شــهداء ســفينة‬ ‫"مــايف مرمــرة"‪.‬‬ ‫إىل ذلــك أفــاد مديــر عــام هيئة اإلغاثــة "بولنت‬ ‫يلدريــم"‪ ،‬أن مراســم وداع القافلــة متــت أمــام‬ ‫مركــز موالنــا الثقــايف‪ ،‬مبدينــة قونياالرتكيــة‪،‬‬ ‫مبينــاً أنــه تأثــر مــن اطــاق أســاء شــهداء‬ ‫مــايف مرمــرة عــى أســاء الشــاحنات‪.‬‬ ‫ويف الشــأن قــال يلدريــم إن حادثــة مــايف‬ ‫مرمــرة‪ ،‬شــكلت نقطــة تحــول يف العــامل‬ ‫اإلســامي‪ ،‬مبينـاً أن مــايف مرمــرة كانــت مســرة‬ ‫يف البحــر‪ ،‬وأنهــا تســتمر اآلن مــن الــر‪ ،‬عــر‬ ‫قافلــة املســاعدات‪.‬‬

‫وأوضــح يلدريــم أن الهيئــة بــارشت بتنظيــم‬ ‫حمــات املســاعدات كبــرة إىل الســوريني منــذ‬ ‫بدايــة األزمــة‪ ،‬معرب ـاً عــن شــكره ملــن يقــول‬ ‫"أنــا بجانــب املظلومــن"‪ ،‬مبينــاً أنــه بعــد‬ ‫ارســال هــذه القافلــة يصبــح عــدد الشــاحنات‬ ‫التــي ارســلتها هيئــة اإلغاثــة اإلنســانية ‪2100‬‬ ‫شــاحنة مســاعدات‪ ،‬مؤكــدا ً يف الوقــت ذاتــه‬

‫أن الهيئــة ســتكمل العــدد إىل ‪ 3‬آالف شــاحنة‪،‬‬ ‫خــال أقــر وقــت ممكــن‪.‬‬ ‫وأوضــح يلدريــم أن عــدد الالجئــن الســوريني‬ ‫الفاريــن مــن أتــون الحــرب كبــر جــدا ً‪ ،‬وأنهــم‬ ‫ال يســتطيعون تلبيــة احتياجات الجميــع‪ ،‬مهيباً‬ ‫مبؤسســات اإلغاثــة باملســاهمة يف مســاعدة‬ ‫الالجئــن‪)AA( .‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪4‬‬


‫لحظة حاسمة لضبط البوصلة‬ ‫سهير أومري | أوكسجين‬

‫مــع مــرور ثالثــة أعوام عــى الثورة الســورية‪،‬‬ ‫ومــع تداخــل األوراق بــن التطــرف واإلرهــاب‬ ‫وبــن تنفيــذ األجنــدات‪ ،‬واســتمرار القصــف‬ ‫والحصــار‪ ،‬ورغــم كل املؤمت ـرات واالجتامعــات‬ ‫صــار يتخــذ كثـ ٌر مــن الســوريني أحــد موقفــن‬ ‫األول‪ :‬القناعــة التامــة أنــه مل يعــد لنــا أي دور‬ ‫يف تحقيــق النــر مــن بعــد مــا اتخذنــا كل‬ ‫األســباب والوســائل‪ ،‬فخرجنــا يف مظاهــرات‬ ‫ســلمية‪ ،‬وتحدينــا الظلــم ونرصنــا املصابــن‬ ‫واملعتقلــن‪ ،‬وبذلنــا تضحيــات كثــرة وصربنــا‪،‬‬ ‫ولكننــا حتــى اليــوم ال نعــرف للنــر طري ًقــا‪،‬‬ ‫فلــم يعــد أمامنــا إال الدعــاء بالفــرج‪ ،‬وانتظــار‬ ‫قــدر اللــه فيــا يريــده‪ ،‬ولــو أراد أن ينرصنــا‬ ‫لنرصنــا‪.‬‬ ‫الثــاين‪ :‬النــدم عــى قيــام الثــورة واالنقــاب‬ ‫عليهــا‪ ،‬واالنشــقاق عنهــا إىل صفــوف النظــام‬ ‫أو إىل صــف ثالــث يلعــن كل األطــراف‪،‬‬ ‫ويقــ ّر بعــدم صالحيــة أحــد‪ .‬ولكــن بالعــودة‬ ‫إىل التاريــخ فإننــا نجــد أن مأســاتنا مل تكــن‬ ‫حدثًــا طارئًــا يف مســرة حيــاة الشــعوب واألمم‪,‬‬ ‫بــل هنــاك مــن الجرائــم واملجــازر مــا يفــوق‬ ‫التصــورات‪ .‬ومــن خــال عــرض رسيــع ألرقــام‬ ‫ســجلها التاريــخ بحســب ويكبيديــا نجــد مثـ ًـا‪:‬‬ ‫سقوط بغداد على يد المغول‪:‬‬ ‫عندمــا حــارص املغــول بقيــادة هوالكــو خــان‬ ‫بغــداد عــام ‪ ،1258‬هــزم جيــش الخليفــة‬ ‫بقيــادة مجاهــد الديــن أيبــك بالقــرب مــن‬ ‫بغــداد‪ ،‬واســتمر الحصــار ‪ 12‬يو ًمــا انتهــى‬ ‫بدخــول املغــول املدينــة واســتباحتهم لهــا‬ ‫وقتلهــم للخليفــة املســتعصم‪ .‬حــاول األهــايل‬ ‫الفــرار ولكــن املغــول اعرتضوهــم وقتلوهــم‪,‬‬ ‫وكان عــدد القتــى حــوايل ‪ 90,000‬حســب‬ ‫إال أن تقديــرات أخــرى أعطــت أعــدا ًدا أكــر‬ ‫بكثــر مــن هــذا الرقــم‪ ,‬مــن ‪ 200,000‬حتــى‬ ‫أكــر مــن مليونــن شــخص‪.‬‬

‫للمدينــة الــذي اســتمر شــه ًرا كامـ ًـا‪ ،‬فدخلوهــا‬ ‫يف النهايــة يف ‪ 15‬يوليــو ســنة ‪1099‬م‪ ،‬وارتكبــوا‬ ‫فيهــا مذبحــة قضــوا عــى ســكانها جمي ًعــا‬ ‫وأطفــال‪ ،‬واســتباحوا مدينــة‬ ‫ً‬ ‫رجــالً ونســا ًء‬ ‫القــدس أســبو ًعا يقتلــون ويدمــرون و قتلــوا‬ ‫يف ســاحة األقــى ســبعني أل ًفــا مــن املســلمني‪.‬‬ ‫يذكــر أن القائــد الصليبــي رميونــد احتــل‬ ‫"معــرة النعــان" وقتــل فيهــا مئــة ألــف‪.‬‬ ‫في األندلس‪:‬‬ ‫حلــت نكبــة مروعــة باملســلمني يف معركــة‬ ‫العقــاب ســنة ‪609‬هـــ‪ ،‬حتــى كاد األمــر النارص‬ ‫لديــن اللــه أن يقتــل يف املعركــة وخــر‬ ‫املســلمون ع ـرات اآلالف مــن القتــى حتــى‬ ‫قيــل أن قتالهــم بلغــوا مئتــي ألــف‪.‬‬ ‫محاكم التفتيش في األندلس‪:‬‬ ‫اقــرح القــس "بليــدا" قطــع رؤوس كل العــرب‬ ‫دون اســتثناء‪ ،‬بعــد أن قــد قتــل يف قافلة واحدة‬ ‫للمهاجريــن قرابــة مئــة ألــف يف كامئــن نصبهــا‬ ‫مــع أتباعــه‪ .‬حملــة نابليــون عــى مــر‪ :‬يف‬ ‫معركــة األهـرام حقــق بونابــرت انتصــا ًرا باهـ ًرا‬ ‫عــى املامليــك‪ ،‬كان الفرنســيون يطلقــون النــار‬ ‫عــى املامليــك مــن جميــع الجهــات دون‬ ‫توقــف‪ ،‬ومل يســتطع هــؤالء قتــال الفرنســيني‪.‬‬ ‫أســفرت املعركــة عــن مقتــل ‪ 300‬جنــدي‬ ‫فرنــي وحــوايل ‪ 6,000‬مــري‪.‬‬ ‫الحرب العالمية الثانية‪:‬‬ ‫‪1945 – 1937‬م تعــد الحــرب العامليــة الثانيــة‬ ‫مــن الحــروب الشــمولية‪ ،‬وأكرثهــا كلفــة يف‬

‫تاريــخ البرشيــة التســاع بقعــة الحــرب وتعــدد‬ ‫مســارح املعــارك والجبهــات‪ .‬شــارك فيهــا أكــر‬ ‫مــن ‪ 100‬مليــون جنــدي‪ ،‬فكانــت أطــراف‬ ‫دول عديــدة والخســائر يف األرواح‬ ‫النــزاع ً‬ ‫بالغــة‪ .‬أزهقــت هــذه الحــرب زهــاء ‪ 61‬مليــون‬ ‫نفــس برشيــة بــن عســكري ومــدين‪ .‬هــذه‬ ‫األرقــام تشــر إىل أن تغــر مســار حيــاة األمــم مل‬ ‫يكــن يف يــوم مــن األيــام إال بكثــر مــن الوقــت‬ ‫والدمــاء‪ ،‬وحالــة الشــك والــردد حالــة طبيعيــة‬ ‫مل تكــن عــن صحابــة رســول اللــه ببعيــدة‪ ،‬يــوم‬ ‫ـم‬ ‫ـم ِمـ ْن َف ْو ِقكُـ ْ‬ ‫الخنــدق قــال تعــاىل‪( :‬إِ ْذ َجا ُءوكُـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُــم َوإِ ْذ زَاغ ِ‬ ‫َــت ْالبْ َصــا ُر‬ ‫َو ِمــ ْن أَ ْســف َ​َل ِم ْنك ْ‬ ‫َوبَلَغ ِ‬ ‫ُــوب الْ َح َناجِ ــ َر َوتَظُ ُّنــونَ بِاللَّــ ِه‬ ‫َــت الْ ُقل ُ‬ ‫ــي الْ ُم ْؤ ِم ُنــونَ َو ُزلْ ِزلُــوا‬ ‫الظُّ ُنونَــا * ُه َنالِــكَ ا ْب ُت ِ َ‬ ‫ِزلْـ َز ًال شَ ـ ِديدً ا) ‪ 11 – 10‬األحـزاب وهــذا حــال‬ ‫أمــم كثــرة خلــت مــن قبلنــا يقــول تعــاىل‪( :‬أَ ْم‬ ‫ـم َم َثـ ُـل‬ ‫َح ِس ـ ْب ُت ْم أَنْ تَدْ ُخلُ ـ ْوا الْ َج َّن ـ َة َولَـ َّـا يَأْتِكُـ ْ‬ ‫ُــم َم َّســ ْت ُه ُم الْ َبأْ َســا ُء‬ ‫الَّ ِذيْــ َن َخلَــ ْوا ِمــ ْن َق ْبلِك ْ‬ ‫ـرا ُء َو ُزلْ ِزلُـ ْوا َح َّتــى َي ُقـ ْو َل ال َّر ُسـ ْو ُل َوالَّ ِذ ْيـ َن‬ ‫َوالـ ََّّ‬ ‫ـر الل ـ ِه‬ ‫ـر الل ـ ِه أَالَ إِنَّ نَـ ْ َ‬ ‫آ َم ُن ـ ْوا َم َعــهُ َم َتــى نَـ ْ ُ‬ ‫ــب‪ 214 ) .‬آل عمــران‪ .‬ويبقــى الصــر‬ ‫َق ِريْ ٌ‬ ‫املصحــوب بالعمــل والثبــات هــو مــا أمرنــا بــه‬ ‫اللــه تعــاىل وهــو مــا نســتحق بــه فضــل الصالة‬ ‫علينــا‪ ،‬فاللــه تعــاىل مل يصــلِ إال عــى رســول‬ ‫اللــه وعــى الصابريــن‪( :‬ال َِّذيــ َن إِذَا أَ َصابَتْ ُهــ ْم‬ ‫ُم ِصيبَ ـ ٌة قَالُــوا إِنَّــا لِلَّ ـ ِه َوإِنَّــا إِلَيْ ـ ِه َرا ِج ُعــو َن *‬ ‫أُولَ ِئ َ‬ ‫ــك َعلَ ْيهِــ ْم َصلَــ َواتٌ ِمــ ْن َربِّهِــ ْم َو َر ْح َمــ ٌة‬ ‫َوأُولَ ِئ َ‬ ‫ــك ُهــ ُم الْ ُم ْهتَــ ُدونَ) ‪ 157 – 156‬البقــرة‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪5‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫الحــروب الصليبيــة‪ :‬اســتوىل الصليبيــون‬ ‫عــى أنطاكية شــال الشــام‪ ،‬وأسســوا فيهــا أول‬ ‫إمــارة لهــم‪ ،‬ثــم اتجهــوا إىل مدينــة القــدس‪.‬‬ ‫مل يســتطع جيــش الفاطميــن فــك حصارهــم‬

‫أيامك ثورتنا‬

‫قبل االنشقاق عن الثورة‪...‬‬


‫ملف أوكسجني‬

‫ٍّ‬ ‫حماة قصة تحد ال تنتهي‬ ‫جميل عمار | أوكسجين‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫مــن الخطــأ الحديــث عــن مجــزرة حــاة‬ ‫املروعــة عــام ‪ 1982‬دون العــودة اىل االنتفاضــة‬ ‫الشــعبية التــي حدثــت فيهــا عــام ‪ 1964‬فلقــد‬ ‫كانــت تلــك االحــداث اشــبه بالجمــر تحــت‬ ‫الرمــاد طيلــة مثانيــة عــر عامــا‬ ‫أســتلم حــزب البعــث الحكــم يف ســوريا يف‬ ‫الثامــن مــن اذار ‪ 1963‬مــن خــال ثــورة‬ ‫اطاحــت باالنفصاليــن الذيــن ســبق أن أطاحــوا‬ ‫بالوحــدة مــع مــر عــام ‪ 1961‬ولكــن الثــورة‬ ‫ضــد االنفصاليــن مل تســتطع أن تعيــد الوحــدة‬ ‫مــع مــر فلقــد كان لجــال عبــد النــارص أكــر‬ ‫مــن تحفــظ تجــاه البعثيــن كــا أن فشــل‬ ‫تجربــة الوحــدة نتيجــة تســارع خطــوات‬ ‫اقامتهــا جعلتهــا ايضــا يتحفــظ عــى املبــدأ يك‬ ‫ال تتكــرر حلــة االنفصــال مــن جديــد مل يكــن‬ ‫لــدى البعثيــن رغبــة حقيقــة بإعــادة الوحــدة‬ ‫ولكــن شــعار الوحــدة اســتخدم الســتاملة‬ ‫قلــوب الســوريني الذيــن يؤمنــون بالقوميــة‬ ‫العربيــة وبالوحــدة العربيــة‬ ‫بــدء حــزب البعــث يبســط ســلطته العلامنيــة‬ ‫يف لبــوس مــن القوانــن االشــراكية كقانــون‬ ‫االصــاح الزراعــي والتأميــم االمــر الــذي‬ ‫رفضــه االخــوان املســلمني وبعــض الشــخصيات‬ ‫الســورية مــن رجــال االعــال واصحــاب‬ ‫االقتطاعــات عــى مفاصــل الدولــة وبــدء حالــة‬ ‫مــن حــاالت الحــرب البــاردة بينــه وبــن تنظيــم‬ ‫االخــوان املســلمني الــذي استشــعر وصــول‬ ‫ضبــاط طائفيــن اىل مراكــز القــوة وعلــو‬ ‫صــوت االشــراكيني والشــيوعيني والعلامنيــن‬ ‫وظهورهــم بشــكل متزايــد عــى مــرح‬ ‫االحــداث‬ ‫ولعــل كــون مدينــة حــاة تتصــف بالتشــدد‬ ‫والتحفــظ االمــر الــذي جعلهــا معقــا‬ ‫لإلســاميني وقلعــة سياســية واجتامعيــة لهــم‬ ‫فســارع رجاالتهــا للبحــث يف اليــة ملواجهــة‬ ‫هــذا االنحـراف اليســاري الــذي ميارســه حــزب‬ ‫البعــث ولكــن فشــلوا يف اقامــة تحالف ســيايس‬ ‫إلســقاط حــزب البعــث فلقــد كان موقــف‬ ‫االشــراكيني جامعــة أكــرم الحــوراين الحمــوي‬ ‫ســلبيا ورفضــوا التحالــف مــع جامعــة االخــوان‬

‫املســلمني وفضلــوا الحيــاد‬ ‫وكالعــادة كان البــد ألي انتفاضــة مــن رشارة و‬ ‫كان ذلــك عندمــا كتــب احــد طــاب مدرســة‬ ‫عثــان الحــوراين عــى اللوحــة ال حكــم اال‬ ‫لحــزب البعــث ‪ ،‬فشــتم طالــب آخــر هــذا‬ ‫الحــزب وكتــب ال حكــم اال للــه ‪ ،‬فاعتقلــت‬ ‫الســلطات الطالــب وجــرت مداخــات كثــرة‬ ‫إلطــاق رساحــه ‪ ،‬ولكنهــا مل تثمــر بــل اصــدر‬ ‫شــبيل العيســمي وزيــر الرتبيــة والتعليــم قـرارا‬ ‫بنقــل عــدد مــن مــدريس الديــن يف املدينــة ‪،‬‬ ‫فــأرضب طــاب املــدارس الرســمية والخاصــة‬ ‫احتجاجــا عــى ذلــك ‪ ،‬وبعــد يومــن مــن‬ ‫الحــادث خــرج املصلــون مــن صــاة الجمعــة‬ ‫مبظاهــرة احتجــاج قمعهــا الجيــش بقســوة ‪،‬‬ ‫ســقط عــى اثرهــا قتيــل وبعــض الجرحــى ‪،‬‬ ‫فأرضبــت املدينــة ارضابــا عامــا اشــركت فيــه‬ ‫جميــع فئاتهــا وعندمــا حاولــت الســلطات فتح‬ ‫بعــض املتاجــر بالقــوة اصطدمــت مبقاومــة‬ ‫مســلحة مــا ادى اىل دخــول الجيــش اىل‬ ‫املدينــة وال ســيام احياءهــا القدميــة ‪ ،‬ثــم‬ ‫عزلــت حــاة عــن الخــارج متامــا‪،‬‬ ‫وعندمــا اعتصــم مــروان الحديــد هــو ورفاقــه‬ ‫يف مســجد الســلطان قامــت قــوات الجيــش‬ ‫بقصــف الجامــع وأســقطت مئذنتــه االمــر‬ ‫الــذي كانــت لــه تداعيــات كبــرة فإســقاط‬ ‫حرمــة املســاجد والدخــول اليهــا وإخــراج‬ ‫املعتصمــن فيهــا امــر مل يفعلهــا الفرنســيون‬ ‫يف مواجهــات ‪ 1936‬وهــم جيــش محتــل عــى‬ ‫عقيــدة دينيــة اخــرى فكيــف يفعلهــا الجيــش‬ ‫الســورى‬ ‫انتهــت انتفاضــة حــاة بعــدة احــكام عرفيــة‬

‫وبعــدد مــن الشــهداء تبايــن عددهــم بــن‬ ‫ترصيحــات االهــايل وبيــان الحكومــة بــن عــدد‬ ‫بســيط اىل مــا يقــارب املائــة وفقــا لترصيــح‬ ‫خــرج مــروان حديــد مــن زمــن التوقيــف‬ ‫ليعلــن عــن تشــكيل تجمــع جديــد مــن‬ ‫الشــباب الذيــن انشــقوا عــن قيــادة االخــوان‬ ‫التاريخيــة تحــت مســمى الطليعــة املقاتلــه‬ ‫ولكــن رسعــان مــا اعتقلتــه الحكومــة الســورية‬ ‫ومتــت تعذيبــه حتــى املــوت يف املعتقــل‬ ‫بعــد الغــاء حظــر التجــول خــرج اهــايل حــاة‬ ‫ليشــاهدوا مشــاهد الدمــار التــي لحقــت‬ ‫بالجامــع ومــا حولــه وتولــد حقــد دفــن تجــاه‬ ‫الســلطة بــدأت تظهــر بــوادره مــع بدايــة‬ ‫الثامنينــات‬ ‫بــدء االســد حركتــه التصحيحيــة يف ترشيــن‬ ‫‪ 1970‬وكان لــو وصــول رجل عســكري للســلطة‬ ‫مــن خــال انقــاب وقــع يسء عــى الطقــس‬ ‫الســيايس بســوريا ويعيــد لألذهــان الحكومــات‬ ‫العســكرية واالنقالبــات يف الخمســينيات االمــر‬ ‫الــذي يتخــوف مــن الســوريني بعــد أن عاشــوا‬ ‫يف ظــل حكومــة مدنيــة يرأســها نــور الديــن‬ ‫االتــايس لعــدة ســنوات‪.‬‬ ‫كــا أن عمليــة االقصــاء التــي قــام بهــا حافــظ‬ ‫االســد لرفاقــه وزجهــم بالســجون اضافــة اىل‬ ‫زعــاء مرحلــة مــا قبــل الحركــة التصحيحيــة‬ ‫اضافــت شــبحا مــن نظــام ديكتاتــوري بــدء‬ ‫ينمــو عــى الســطح كــا أن نكســة حزيــران‬ ‫التــي يحمــل مســؤوليتها حافــظ االســد كونــه‬ ‫وزي ـرا للدفــاع حينهــا واإلحبــاط الــذي اصــاب‬ ‫الشــعب الســوري جعلــه ناقــا عــى الحكومــة‬ ‫وأداء الجيــش‪.‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪6‬‬


‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪7‬‬

‫ملف أوكسجني‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫وطبعــا بعــد أن اســتلم حافــظ االســد مقاليــد‬ ‫الســلطة مل يــرق لإلخــوان أن يكــون رئيــس‬ ‫الدولــه غــر ســني ليكــر قاعــدة متعــارف‬ ‫عليهــا أن الرئاســة لســوريا هــي ألهــل الســنة‬ ‫اصحــاب االغلبيــة الســاحقة يف ســوريا‪.‬‬ ‫جــاءت حــرب ترشيــن عــام ‪ 1973‬لتعطــي‬ ‫لحافــظ االســد رشعيــه شــعبية رسعــان مــا‬ ‫تالشــت نتيجــة مامرســة النظــام لنهــج طائفــي‬ ‫يف مراكــز القــوى بالجيــش والحكومــة وبــدء‬ ‫االســد يســتبعد الشــخصيات الســنية شــيئا‬ ‫فشــيئا فبــدأ حــراك االخــوان كــردة فعــل‬ ‫وعــادت طالئــع الطليعــة املقاتلــه لــرص‬ ‫صفوفهــا وبــدأت حــركات رسيــة تنمــو داخــل‬ ‫الجيــش تعمــل عــى االنقــاب ولكــن االســد‬ ‫كان متيقظــا متامــا واخمــد العديــد مــن تلــك‬ ‫الحــركات بفعــل جهــاز أمنــي اســتطاع أن‬ ‫ينفــذ اىل تلــك الجامعــات مبكـرا فــا كان مــن‬ ‫تلــك الجامعــات ســوى مبــارشة اعــال االغتيال‬ ‫لرمــوز بالســلطة والجيــش كحالــة انتقاميــة‬ ‫إلقصــاء رجــاالت الســنة ســواء باالعتقــال او‬ ‫الترسيــح وذلــك باالســتفادة مــن انشــغال‬ ‫الجيــش والحكومــة بالحــرب اللبنانيــة التــي‬ ‫اندلعــت يف عــام ‪1976.‬‬ ‫بــدأت وتــرة املواجهــة تتصاعــد بــن االخــوان‬ ‫والنظــام وكان اكرثهــا ايالمــا للنظــام عمليــة‬ ‫قتــل ‪ 83‬مــن طــاب الكليــة املدفعيــة‬ ‫العســكرية يف حلــب يف حزيــران عــام ‪،1979‬‬ ‫وثــاث تفجــرات يف ســيارات داخــل دمشــق‬ ‫بــن شــهر آب وترشيــن الثــاين عــام ‪,1980‬‬ ‫وقتلهــم ملئــات املواطنــن‪ .‬مــع بدايــة عــام‬ ‫‪ 1980‬نفــذ االخــوان املســلمني عــدد مــن‬ ‫التفجــرات ضــد مرافــق الدولــة والــدول‬ ‫املســاندة لهــا منهــا تفجــر الــرج الــذي يوجــد‬ ‫بداخلــه الخــراء العســكريني الســوفييت‬ ‫اللذيــن جــاؤوا ملســاعدة ســوريا يف مواجهتهــا‬ ‫مــع إرسائيــل وقتــل كل مــن فيــه وتــم هــدم‬ ‫الــرج إىل جانــب كل ذلــك كانــت هنــاك‬ ‫محاولــة الغتيــال الرئيــس حافــظ االســد يف‬ ‫‪ 20‬مــن حزيــران عــام ‪ 1980‬اثنــاء قيامــة‬ ‫باســتقبال الرئيــس املــايل وفشــلت العمليــة‬ ‫بعــد تضحيــة احــد الح ـراس بنفســه ليحمــي‬ ‫الرئيــس وأصيــب الرئيــس بشــكل طفيــف جــدا‬ ‫مــن جانبهــا نفــت حركــة اإلخــوان تلــك التهــم‬ ‫و براءتهــم مــن كل تلــك االحــداث ولكــن‬

‫كانــت ردة الفعــل رسيعــة جــدا ففــي متــوز‬ ‫عــام ‪ 1980‬صــدر القانــون رقــم ‪ 49‬بإعــدام كل‬ ‫مــن ينتمــي لحركــة االخــوان املســلمني حيــث‬ ‫تــم اعــدام ‪ 625‬اســر يف ســجن تدمــر عــى يــد‬ ‫اخ الرئيــس رفعــت األســـــد‪.‬‬ ‫حينهــا اجتمعــت القيــادة العســكرية برئاســة‬ ‫حافــظ االســد وأركان قيادتــه ومعهــم اخــوه‬ ‫رفعــت االســد وتــم االتفــاق عــى توجيــه‬ ‫رضبــة قاصمــة لإلخــوان يف معقلهــم الرئيــي‬ ‫مبدينــة حــاة بــدأت املجــزرة يف ‪ 2‬شــباط‬ ‫‪ 1982‬م‪ .‬وقــد قــام النظــام الســوري بحشــد‬ ‫كل مــن ‪ :‬قــوات رسايــا الدفــاع واللــواء ‪47‬‬ ‫دبابــات واللــواء ‪ 21‬مكانيــك والفــوج ‪21‬‬ ‫قــوات خاصــة اضافــة اىل افــراد مــن القــوى‬ ‫الحزبيــة واملخابـرات العســكرية وبقيــة فــروع‬ ‫االمــن حيــث بــدء الهجــوم بقصــف مدفعــي‬ ‫وصاروخــي ومحــارصة االحيــاء القدميــة التــي‬ ‫تحصــن بهــا مقاتلــو الطليعــة وبعــض االهــايل‬ ‫الذيــن وجــدوا أنفســهم تحــت نـران القصــف‬ ‫وأعتمــد النظــام سياســية االرض املحروقــة‬ ‫دام الحصــار والقصــف ‪ 27‬يومــا استبســل‬ ‫فيهــا الحمويــون استبســاال شــديدا ولكــن آلــة‬ ‫الدمــار كانــت اكــر مــن امكانياتهــم الدفاعيــة‬ ‫فســقطت حــاة اخــرا بيــد جيــش النظــام‪.‬‬ ‫قــدر عــدد املقاتلــن مــن الطليعــة ومــن‬ ‫نارصهــا للدفــاع عــن املديــن بحــدود ‪2000‬‬ ‫مقاتــل بأســلحة فرديــة بينــا كان عــدد قــوات‬ ‫النظــام تتجــاوز ‪ 70‬ألــف اضافــة للطائــرات‬ ‫والدبابــات بينــا عــدد الشــهداء وصــل اىل مــا‬ ‫يقــارب ‪ 40‬الــف مــا يعنــي أن الجيــش كان‬ ‫يســتهدف املدنيــن مــن خــال عمليــة تصفيــة‬ ‫ممنهجــة حيــث كان يتــم جمــع االهــايل يف‬

‫ابنيــة ومســتودعات ويتــم تصفيتهــم جســديا‬ ‫وحــرق جثثهــم‪.‬‬ ‫تناقلــت صحــف العــامل ووكاالت االنبــاء‬ ‫احــداث حــاة بــيء مــن الــرود وكانــت‬ ‫عمليــة الحصــار تهــدف اىل عــدم نــر ايــه‬ ‫اخبــار عــا يجــري يف داخــل املدينــة وكانــت‬ ‫وســائل االتصــال حينهــا فقــط تعتمــد عــى مــا‬ ‫ينقلــه شــهود االعيــان ومل يســمح ألي مراســل‬ ‫صحفــي باالقــراب مــن املدينــة اال بعــد‬ ‫فــرة طويلــه تــم فيهــا تصويــر فقــط االبنيــة‬ ‫واإلحيــاء املهدمــة‪.‬‬ ‫نــزح مــن اهــايل املدينــة التــي كان عــدد‬ ‫ســكانها حينهــا ‪ 750‬ألــف نســمة أكــر مــن ‪80‬‬ ‫ألــف اىل املحافظــات االخــرى ولبنــان وبقــي‬ ‫شــبح املجــزرة مخيــا عــى املدينــة ثالثــة‬ ‫عقــود اىل أن قامــت الثــورة يف ‪ 18‬اذار ‪2011‬‬ ‫فــكان يف حــاة أكــر تظاهــرة ســلمية شــهدتها‬ ‫ســوريا تطالــب بإســقاط نظــام االبــن خليفــة‬ ‫االب بالقتــل والدمــار‪.‬‬ ‫تنبــه النظــام لخطــورة حــاة وملوقعهــا‬ ‫االســراتجي بربــط ثــوار الشــال مــع ثــوار‬ ‫الجنــوب يف حمــص ودمشــق ودرعــا فقــام‬ ‫بعمليــه حصــار أمنــي مل يســبق لــه مثيــل‬ ‫بهــدف احبــاط أي محاولــة النتفاضــة املدينــة‬ ‫وأغــرق شــوارعها بالحواجــز االمنيــة فتحــول‬ ‫ثــوار حــاة اىل ريفهــا الغــريب ســيطر مالحــم‬ ‫الثــأر مــن النظــام وأتباعــه‪.‬‬ ‫لقــد كــرس النظــام عــى مــدى اربعــة عقــود‬ ‫مــن الزمــن الحقــد والضغينــة مــن مامرســاته‬ ‫القمعيــة والهمجيــة وأصبــح مــن املســتحيل‬ ‫التعايــش مــع هــذا النظــام مهــا حــاول هــو‬ ‫أو الغــرب أعــادة تســويقه بشــكل أو بأخــر‪.‬‬


‫ملف سياسة‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫الديمقراطية بوصفها تحول اجتماعيا‬ ‫ابن الوادي | أوكسجين‬

‫أساســا للنظــام االجتامعي‬ ‫لقــد شـكّل اإلســام ً‬ ‫والســيايس والثقــايف للمجتمعــات اإلســامية‪،‬‬ ‫منــذ انتشــاره يف بدايــة القــرن الســادس‬ ‫امليــادي حتــى ســقوط الدولــة العثامنيــة يف‬ ‫العقــد الثــاين مــن القــرن العرشيــن‪ .‬واإلســام مل‬ ‫رصاعــى تنظيــم العالقــة‬ ‫يكــون يو ًمــا دي ًنــا مقت ً‬ ‫بــن البــر واإللــه‪ ,‬بــل إنــه ومنــذ بزوغــه‪,‬‬ ‫متكامــا‪,‬‬ ‫ً‬ ‫عمــد ليكــون نظا ًمــا مجتمعيًــا‬ ‫يحــل محــل البنــى األقــل تقد ًمــا التــي كانــت‬ ‫تســود يف الجزيــرة العربيــة‪ ,‬ويف بعــض مناطــق‬ ‫انتشــاره الحقًــا‪ .‬لقــد كان االحتــكاك األول‬ ‫للمســلمني مــع الحضــارات الغربيــة التــي‬ ‫بــدأت تنهــض منــذ القــرن الســابع عــر‪ ،‬يف‬ ‫منتصــف القــرن التاســع عــر مــن خــال‬ ‫البعثــات‪ ،‬والح ًقــا مــن خــال االســتعامر الغريب‬ ‫بــدأ مــن حملــة نابليــون عــى مــر‪ .‬ازدهــرت‬ ‫التيــارات اإلصالحيــة جــراء ذلــك وهــو مــا‬ ‫عــرف بالنهضــة العربيــة الحديثــة‪ ،‬التــي كان‬ ‫لهــا مثيــل يف املجتمعــات اإلســامية األخــرى‪.‬‬ ‫فتحــت النهضــة العربيــة املتأثــرة باالحتــكاك‬ ‫مــع الغــرب البــاب لنقاشــات عميقــة عــن‬ ‫دور الديــن يف الحيــاة السياســية‪ ,‬وعــن رضورة‬ ‫إصــاح املامرســات الدينيــة والسياســية‪.‬‬ ‫تــا ذلــك ظهــور أنظمــة حكــم "جمهوريــة‬ ‫يف عــدد مــن الــدول العربيــة"‪ .‬وعــى الرغــم‬ ‫مــن التحــرر النســبي الــذي بــدأ بالظهــور‪ ,‬فــإن‬ ‫الفكــر النهضــوي رسعــان مــا اصطــدم بأمريــن‬

‫أساســيني‪ .‬أولهــا حكــم العســكر الذي اســتولوا‬ ‫عــى الســلطة يف عــدد كبــر مــن الــدول‪ ,‬ثــم‬ ‫اصطــدم بعــد ذلــك بتجـذّر الفكــر اآلخــر لــدى‬ ‫املكونــات االجتامعيــة للمجتمعــات اإلســامية‬ ‫التــي مل تتقبلــه ليــس لغرابتــه فحســب‪ ,‬بــل‬ ‫ألنــه وظّــف كأداة إلقصائهــا أيضً ــا‪.‬‬ ‫بــدأ الربيــع العــريب مــن تونــس ثــم انتقــل إىل‬ ‫مــر وليبيــا واليمــن وســوريا‪ .‬إن الــدرس األول‬ ‫الــذي ميكــن اســتخالصه مــن تجــارب هــذه‬ ‫الــدول عــى الرغــم مــن تنوعهــا واختالفهــا مــن‬ ‫حيــث املجريــات والنتائــح قصــرة األمــد؛ هــو‬ ‫أن التغيــر نحــو نظــام حكــم دميقراطــي ليــس‬ ‫تغيــ ًرا سياســيًا‪ ,‬بــل إنــه تغيــر اجتامعــي يف‬ ‫املقــام األول‪.‬‬ ‫لقــد عــاش العــرب تحــت حكــم اإلمرباطوريات‬ ‫والخالفــات والســاطني وامللــوك املســلمني ملــدة‬ ‫تصــل إىل أربعــة عــر قرنًــا‪ ,‬مل يحــظ العــرب‬ ‫فيهــا ليــوم واحــد بنظــام حكــم عــادل وفــق‬ ‫املفاهيــم الحديثــة‪ ,‬باســتثناء مانعرفــه عــن‬ ‫عــدل بعــض الحــكام والخلفــاء والرســول‬ ‫الكريــم‪ .‬إن هــذا القــول ال يعنــي أنــه مل يكــن‬ ‫هنــاك حــكام عــاديل‪ ،‬لكــن نظــام الحكــم‬ ‫اإلســامي القائــم عــى امتــاك الخليفــة أو‬ ‫الســلطان أو الــوايل ســلطات مطلقــة‪ ,‬رغــم‬ ‫احتكامــه للــرع وعــدم وجــود آليــات‬ ‫دميقراطيــة‪ ,‬وظهــور األرس الحاكمــة ابتــداء مــن‬ ‫العــر األمــوي‪ ,‬أي بعــد أكــر مــن ربــع قــرن‬ ‫عــى وفــاة الرســول صــى اللــه عليــه وســلم‪,‬‬ ‫واقتصــار نظــام القضــاء عــى ٍ‬ ‫قــاض يحكــم‬

‫بعلمــه بالــرع‪ ,‬دون وجــود مؤسســة قضائيــة‬ ‫مســتقلة واضحــة املعــامل‪ ,‬هــي مــؤرشات عــى‬ ‫غيــاب نظــام عــادل للحكــم‪ .‬إن غيــاب آليــات‬ ‫املحاســبة املؤسســاتية عــن الدولــة عــى مــر‬ ‫تاريخهــا الطويــل‪ ,‬كان يســتدعي إعــادة النظــر‬ ‫فيهــا‪ ,‬لكــن الســطات التــي اســتخدمت الديــن‬ ‫كواجــه سياســية‪ ,‬مل يكــن مــن مصلحتهــا هــذا‬ ‫األمــر‪ .‬مل تعــرف الــدول العربيــة أيًــا مــن هــذا‬ ‫قبــل ظهــور الــدول العربيــة الحديثــة‪ ،‬وتحـ ّول‬ ‫بعضهــا إىل أنظمــة برملانيــة أو جمهوريــة‪.‬‬ ‫إال أن هــذا التحــول اقــرن بنــوع آخــر مــن‬ ‫االنفــراد املطلــق بالحكــم بنــاء عــى الديــن‪,‬‬ ‫إىل تفــرد مــن نــوع بنــاء عــى األرسة املالكــة‬ ‫أو الحــزب الحاكــم والقائــد الواحــد‪ .‬مــن الهــام‬ ‫التذكــر بــأن األنظمــة العــريب الحديثــة التــي‬ ‫حلــت محــل الخالفــة العثامنيــة‪ ,‬كانــت أنظمة‬ ‫رجعيــة بكثــر مــن املقاييــس‪ .‬فهــي إمــا ملكيــة‬ ‫تعكــس الواقــع نفســه وتحافــظ عليــه ألنــه‬ ‫ســبب وجودهــا‪ ,‬أو جمهوريــة مســتبدة خلقت‬ ‫واجهــات جديــدة لواقــع قائــم مل تــرد تغيــره‬ ‫جذريًــا‪ ,‬ألن تغيــره ســوف يقــ ّوض وجودهــا‬ ‫كل ًيــا‪ ,‬كــا يف حالــة النظــام الســوري الــذي‬ ‫اســتخدم البنــى االجتامعيــة القبليــة والدينيــة‬ ‫واملذهبيــة والتجاريــة والدينيــة‪ ،‬لتكــون‬ ‫أساســا متي ًنــا لنظــام ذو واجهــة علامنيــة كان‬ ‫ً‬ ‫ي ّدعيهــا‪ .‬يف منتصــف شــهر آذار مــن العــام‬ ‫‪ ,2011‬كتــب أطفــال يف درعــا عبــارات تدعــو‬ ‫إلســقاط نظــام األســد عــى جــدران مدرســتهم‪,‬‬ ‫كانــت تلــك الـرارة التــي أطلقــت االنتفاضــة‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪8‬‬


‫ملف سياسة‬

‫منــط آخــر مــن االســتبداد الدينــي ليحكمــوا‬ ‫أنفســهم باســمه وتحــت مســمياته‪ .‬مل ميــر‬ ‫عامــان مــن الحـراك الثــوري التحــرري الشــعبي‬ ‫عــن أيــة نتائــج إيجابيــة حتــى اللحظــة‪ .‬فليــس‬ ‫هنــاك مــن تجربــة مدنيــة واحــدة لــإدارة‬ ‫املحليــة يف أي مــن املناطــق املحــررة‪ ,‬وجميعها‬ ‫ذات صبغــة دينيــة‪ .‬لــو أردنــا املقارنــة مــع‬ ‫التجربــة األوربيــة للوصــول إىل أنظمــة الحكــم‬ ‫الدميقراطيــة‪ ,‬لرأينــا أمريــن أساســيني‪ .‬لقــد‬ ‫خــرج الفكــر الدميقراطــي الحديــث مــن‬ ‫أوروبــا ذاتهــا‪ ,‬عــى الرغــم مــن أنــه احتــاج‬ ‫وقتًــا طويـ ًـا للوصــول إىل الصيغــة الحالية وكان‬ ‫هــذا الوصــول مكل ًفــا جـ ًدا مــن خــال حــروب‬ ‫أهليــة ووطنيــة وعامليــة نعرفهــا جمي ًعــا‪ .‬هــذا‬ ‫يعنــي أن املجتمعــات األوروبيــة مــرت مبخــاض‬ ‫طويــل‪ ،‬وأن الوصــول إىل مجتمــع دميقراطــي‬ ‫يحتــاج إىل مراحــل طويلــة ومضنيــة‪ .‬األمــر‬ ‫الثــاين أن خــروج أوروبــا مــن تحــت عبــاءة‬ ‫متمثــا بالكنيســة‪ ,‬التــي مل‬ ‫ً‬ ‫الديــن املســيحي‬ ‫يكــن اســتمرار ســيطرتها ليســمح بالتقــدم‬ ‫الــذي شــهدته املجتمعــات األوربيــة‪ ,‬تطلــب‬ ‫إصال ًحــا دين ًيــا عمي ًقــا‪ ,‬مــن أجــل الوصــول إىل‬ ‫قناعــة برمزيــة الديــن يف الحيــاة العامــة‪ ,‬مــع‬ ‫قبــول دوره العميــق يف الحيــاة الفردية‪ .‬ال يبدو‬ ‫أن املجتمــع الســوري ســيجد دولــة العدالــة‬ ‫والحريــة والدميقراطيــة التــي خــرج حاملًــا بهــا‪,‬‬ ‫والتــي تعطــي جميــع أفــراده مــن مســلمني‬

‫وغــر مســلمني حقوقًــا متســاوية‪ .‬دولــة تقيــم‬ ‫العــدل وتحــرم الحريــات وحقــوق اإلنســان‬ ‫األساســية‪ .‬فهــو الزال يف مراحــل مبكــرة ج ـ ًدا‬ ‫مــن اكتشــاف الــذات‪ .‬لقــد احتــاج الســوريون‬ ‫نصــف قــرن ليــدرك بعضهــم أن نظــام الحكــم‬ ‫الشــمويل الــذي أقامــه العســكر وحافــظ‬ ‫األســد أمــر كاريث‪ .‬هــذا النظــام الشــمويل الزال‬ ‫مقبــول مــن قبــل رشيحــة مــن الســوريني‪,‬‬ ‫ً‬ ‫والزالــت أخــرى تــرى فيــه الخيــار األفضــل‬ ‫لحاميــة وجودهــا ومصالحهــا‪ .‬وهــذا انقســام‬ ‫طبيعــي إن مل يكــن عــى هــذه الدرجــة مــن‬ ‫الحــدة والدمويــة‪ .‬اليــوم تقيــم املناطــق‬ ‫املحــررة مــن ســيطرة النظــام‪ ,‬والتــي يعــود‬ ‫بعضهــا لســيطرته وفــق اتفاقيــات تهدئــة؛‬ ‫أنظمــة حكــم بنــاء عــى مــا يعتقــد أهلهــا أنــه‬ ‫الصيغــة املثــى‪ ,‬التــي تصــون حقــوق املســلم‬ ‫ودينــه ودنيــاه‪ .‬ســيحتاج هــؤالء زم ًنــا إضاف ًيــا‬ ‫آخــ ًرا إلدراك أن هــذه الصيــغ البدائيــة التــي‬ ‫يقيمونهــا لــن تقيــم املجتمــع العــري‪ ,‬ولــن‬ ‫تحقــق االزدهــار االقتصــادي‪ ,‬ولــن تحقــق‬ ‫املســاواة والعــدل‪ .‬وعندمــا ينقلبــون عليهــا‪,‬‬ ‫وهــذا كائــن ال محالــة‪ -‬ســيحتاجون إىل رجــال‬‫فكــر حقيقــي مل يتوفــروا لهــم اليــوم‪ .‬هــؤالء‬ ‫هــم بعــض أبنــاء ثــورة اليــوم التــي لــن تــرح‬ ‫تنتــج الثــورات‪ ،‬إىل أن يصــل الســوريون إىل‬ ‫صيغــة ترضيهــم وتحقــق لهــم االزدهــار‪.‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪9‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫الســورية عــى نظــام األســد الشــمويل‪ .‬رسعــان‬ ‫مــا ع ّمــت املظاهــرات أنحــاء البــاد‪ ,‬وأعلــن‬ ‫النظــام حربــه عليهــا مــن خــال إضفــاء صفــة‬ ‫اإلرهــاب والطائفيــة عليهــا‪ ,‬واســتجاب لــه‬ ‫حشــد كبــر مــن مؤيديــه يف حربــه الكالميــة‬ ‫واإلعالميــة والعســكرية‪ ,‬وتح ّولــت الثــورة‬ ‫إىل حــرب مــع تســلحها للدفــاع عــن نفســها‪.‬‬ ‫بعــد عــام ونصــف مــن القتــال‪ ,‬بــدأت مناطــق‬ ‫كثــرة يف ســوريا تخــرج عــن النظــام‪ .‬ورسعــان‬ ‫مــا بــرزت الحاجــة إىل تشــكيل هيئــات حكــم‬ ‫محــي تديــر شــؤونها املدنيــة والخدميــة‪ .‬ال‬ ‫شــك أن تشــعب األوضــاع يف كل هــذه املناطــق‬ ‫أدى إىل بــروز مشــاكل كبــرة تتجــى يف دور‬ ‫الكتائــب املســلحة‪ ,‬وعالقتهــا مــع الحــراك‬ ‫املــدين‪ ,‬وهيئــات اإلدارة والحكــم الناشــئة‪,‬‬ ‫وظهــرت الحاجــة إىل نظــام قضــايئ بديــل‪.‬‬ ‫مــاذا حصــل عندئــذ؟‪ ،‬لقــد ظهــرت املجالــس‬ ‫والهيئــات الرشعيــة التــي تطبــق الرشيعــة‬ ‫اإلســامية‪ ,‬وبــدأت الثــورة املســلحة متيــل نحــو‬ ‫"األســلمة"‪ ,‬ثــم بــدأ قســم منهــا مييــل نحــو‬ ‫نســخة متطرفــة مــن الديــن اإلســامي‪ ,‬وعــاد‬ ‫اإلســام إىل الواجهــة بوصفــه الحــل الوحيــد‬ ‫ملشــاكل األمــة الســورية واإلســامية‪ ,‬ولكنــه‬ ‫عــاد بصيغــة ســلفية غريبــة عــن املجتمــع‬ ‫الســوري‪ ,‬وظهــرت التيــارات التكفرييــة‪,‬‬ ‫واليــوم تتصــارع الكتائــب اإلســامية فيــا‬ ‫بينهــا‪ ,‬ومــع الجيــش الحــر بعــد حربهــا مــع‬ ‫الفصائــل الكرديــة‪ .‬مل يــرك العــام األول مــن‬ ‫الثــورة وشــعرات الدولــة املدنيــة والدميقراطيــة‬ ‫والتعدديــة والحريــة مــن أثــر‪ ,‬بــل اندثــر كل‬ ‫هــذا أمــام زحــف الفكــر الدينــي املتطــرف‬ ‫الــذي لقــي صــدى كبــ ًرا عنــد النــاس‪ ,‬مــا‬ ‫أظهــر اســتعدا ًدا لتقبلــه كان مفاجئًــا للجميــع‪.‬‬ ‫ال شــك أن للــال الســيايس دور مهــم يف هــذا‬ ‫االنجــراف نحــو التطــرف‪ ,‬لكــن اســتعداد‬ ‫رشيحــة واســعة مــن الســوريني لتقبلــه أمــر مل‬ ‫يعــد خافيًــا وهــو ذو دالالت هامــة‪ .‬الــدرس‬ ‫الهــام مــن هــذه التجربــة التــي مل تنتــه بعــد‪,‬‬ ‫ويبــدو أنهــا ســتكون طويلــة‪ ,‬هــو أن الوصــول‬ ‫إىل التغيــر الديقراطــي هــو أمــر غايــة يف‬ ‫الصعوبــة‪ .‬إنــه تغيــر اجتامعــي قبــل أن يكــون‬ ‫تغيـ ًرا سياسـ ًيا يشــمل نظــام الحكــم‪ ,‬أو البنيــة‬ ‫السياســية القامئــة‪ .‬لقــد عــاد الســوريون بعــد‬ ‫تحررهــم مــن قبضــة االســتبداد إىل اســتدعاء‬


‫من هنا وهناك‬

‫تدجني الشعب ودجاج أمريالي‬ ‫طريف يوسف آغا | هيوستن‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫حقــق املخــرج الســوري التســجييل الراحــل عمــر أمــراالي (‪-1944‬‬ ‫‪ )2011‬تســعة عــرة فيلـاً خــال رحلتــه الفنيــة (‪ )2003-1970‬كان لــكل‬ ‫واحــد منهــا رســالة خاصــة بــه‪ ،‬فوضــع بذلــك مــع غــره مــن الفنانــن‬ ‫واملثقفــن‪ ،‬كــا ذكــرت يف مقــال ســابق‪ ،‬بــذور ثــورات الربيــع العــريب‬ ‫التــي أتــت بعــد حــوايل عقــد مــن الزمــان‪ .‬فيلــم (الدجــاج) الــذي حققــه‬ ‫عــام ‪ 1977‬ســجل بعــض األســاليب التــي تتبعهــا األنظمــة الشــمولية يف‬ ‫ســبيل (تدجــن) شــعوبها واخضاعهــا‪.‬‬ ‫ حــن وصــل األســد األب إىل الســلطة يف انقالبــه العســكري عــام ‪،1970‬‬‫عــرف أن ســيطرته عــى الشــعب لــن تســتمر طوي ـاً بأعــال مرسحيــة‬ ‫مثــل حــرب ترشيــن أو تخفيــض أســعار بعــض املــواد االســتهالكية أو‬ ‫الــزج برمــوز العصابــة التــي كانــت تحكــم قبــل عصابتــه يف الســجن‪ .‬فهــو‬ ‫كان يعــرف أن الشــعب سيكتشــف بعــد فــرة قصــرة بــأن وصولــه إىل‬ ‫الحكــم إمنــا كان ألنــه منــح الجــوالن الرسائيــل خــال حــرب حزيــران‬ ‫‪ 1967‬حــن كان وزي ـرا ً للدفــاع وأمــر باالنســحاب الكيفــي قبــل وصــول‬ ‫الجيــش االرسائيــي‪ .‬وأيضــاً ألنــه ضمــن حفــظ أمــن وأمــان الدولــة‬ ‫العربيــة وتصفيــة املقاومــة الفلســطينية واخراجهــا مــن لبنــان فيــا بعــد‪،‬‬ ‫كــا ســاعد يف عمليــة إخراجهــا مــن األردن قبــل ذلــك‪ .‬كــا عــرف أن‬ ‫الشــعب سيكتشــف قريبـاً سياســته الطائفيــة وتهميشــه لألغلبيــة الســنية‬ ‫وباقــي الفئــات عــى حســاب طائفتــه العلويــة‪ .‬ولذلــك فقــد قــرر‪ ،‬وكأي‬ ‫ديكتاتــور آخــر‪ ،‬أن أفضــل طريقــة لتدجــن الشــعب إمنــا تختــر يف‬ ‫كلمتــن (االفقــار والقمــع)‪ ،‬مــا يدفــع املواطــن ألن يعيــش حياتــه هامئـاً‬ ‫عــى وجهــه لتأمــن قوتــه وقــوت أرستــه‪ ،‬واليفكــر يف محاســبة النظــام‬ ‫خوفـاً مــن بطشــه ووحشــيته‪ .‬ومــن عــاش يف ســورية بعــد وصــول عائلــة‬ ‫األســد إىل الحكــم يعــرف كيــف تحولــت مهــد الحضــارات إىل مدجنــة‬ ‫كبــرة متلكهــا هــذه العائلــة وتحــول الشــعب إىل الدجــاج الــذي ميكــن أن‬ ‫يذبــح يف أي وقــت ودون أي حســاب‪.‬‬ ‫ يف فيلمــه (الدجــاج)‪ ،‬يضــع عمــر أم ـراالي أهــايل قريــة (صــدد)‪ ،‬ذات‬‫األغلبيــة املســيحية يف منطقــة القلمــون‪ ،‬كنمــوذج لباقــي أطيــاف الشــعب‬ ‫الســوري‪ ،‬إن كان مــن أهــل املــدن أو القــرى‪ .‬بــدأ بعــض أبنــاء صــدد‬ ‫برتبيــة الدجــاج بغــرض الربــح والتجــارة ونجحــوا بذلــك‪ ،‬تبعهــم الكثــرون‬ ‫وخاضــوا نفــس التجربــة‪ .‬ولكــن رسعــان ماواجهــوا مشــكلة مل تكــن‬ ‫بالحســبان‪ ،‬فارتفعــت أســعار العلــف وواجهــوا منافســة قويــة بأســعار‬ ‫منتجــات الدجــاج مــن مربــن لبنــان وأيض ـاً مــن قبــل املربــن املحليــن‬ ‫األكــر حجـاً بســبب إمكانهــم البيــع بأربــاح أقــل ولكــن بكميــات أكــر‪.‬‬ ‫لــذا فقــد عــاد ســكان (صــدد) إىل التفكــر بالعــودة إىل الزراعــة أو إىل‬ ‫التفكــر بالهجــرة‪.‬‬ ‫ويســجل لنــا عمــر يف فيلمــه هــذا‪ ،‬وكــا اعتــاد يف بقيــة أفالمــه‪ ،‬صــورة‬ ‫مخيفــة عــن بدائيــة الحيــاة اليوميــة يف تلــك القريــة‪ ،‬والتــي تجلــت قبــل‬ ‫ذلــك أيضــاً يف فيلمــه (الحيــاة اليوميــة يف قريــة ســورية) عــام ‪،1974‬‬ ‫فيخيــل للمشــاهد أنــه يتابــع حيــاة قريــة يف حقبــة القــرون الوســطى‪،‬‬ ‫وليــس يف نهايــة القــرن العرشيــن وبعــد وصــول االنســان إىل القمــر‪.‬‬ ‫وقــد اســتعان لخلــق ذلــك الجــو بتوظيــف تقنيــة التصويــر باألبيــض‬

‫واألســود وبالتصويــر القريــب لوجــوه العجائــز وإظهــار التشــققات التــي‬ ‫تركهــا عليهــا الزمــان‪ .‬كــا اســتعان ببعــض األهازيــج الشــعبية املغرقــة‬ ‫بالبســاطة التــي يرددهــا النــاس‪ ،‬وأيض ـاً ببعــض أغــاين املوســيقار محمــد‬ ‫عبــد الوهــاب‪ ،‬ليؤكــد أن الشــعب الســوري قــد توقــف عنــده الزمــان وأن‬ ‫ســورية قــد تحولــت يف ظــل النظــام الحاكــم إىل متحــف للـراث واألنتيكــة‬ ‫والحيــاة يف املــايض مــن جهــة‪ ،‬وللفقــر واملعانــاة والتخلــف مــن جهــة‬ ‫ثانيــة‪ .‬الــي الوحيــد الــذي مل يبخــل بــه هــذا النظــام عــى الشــعب هــو‬ ‫إتخامــه بالشــعارات الوطنيــة والقوميــة وبصــور القائــد املفــدى وأقوالــه‬ ‫املأثــورة وأرستــه املقدســة‪ .‬ورســالة الفيلــم أن نظــام األســد يقــول لشــعبه‬ ‫باســلوب غــر مبــارش‪ ،‬أن ليــس لجيــل الشــباب يف ســورية فرصــة للحيــاة‬ ‫الكرميــة إال بالهجــرة‪ ،‬أمــا مــن يقــرر أن يبقــى يف البلــد‪ ،‬فعليــه أن يكــون‬ ‫مســتعدا ً ألن يعامــل كالدجــاج‪.‬‬ ‫ الأعــرف إذا كان اختيــار قريــة (صــدد) ذات األغلبيــة املســيحية لتصويــر‬‫الفيلــم مقصــودا ً أو مجــرد صدفــة‪ ،‬ولكــن ذلــك الشــك يكــذب إدعــاء نظام‬ ‫األســد ومؤيديــه بأنــه الحامــي والضامــن لحقــوق ومصالــح األقليــات‪ .‬إذا‬ ‫كان هــذا النظــام حامي ـاً وضامن ـاً ملصالــح أحــد فهــي ملصالحــه ومصالــح‬ ‫النخبــة التــي تدعمــه مــن كافــة الطوائــف عمومـاً ومــن طائفتــه العلويــة‬ ‫خصوصــاً‪ ،‬وكذلــك ملصالــح وأمــن وأمــان الجــارة العزيــزة اللــدودة‪ .‬إن‬ ‫السياســة الواضحــة لهــذا النظــام هــي إغـراق كافة فئــات الشــعب بالجهل‬ ‫والتخلــف‪ ،‬وأيض ـاً بالفقــر والفســاد‪ ،‬ليســهل عليــه تدجينــه وإبقائــه بــا‬ ‫إرادة والصــوت‪ .‬ويف الواقــع فــان هــذا ينطبــق أيض ـاً عــى غالبيــة أف ـراد‬ ‫طائفتــه‪ ،‬مــع الفــارق أنــه يبقــي تلــك األغلبيــة متخلفــة وفقــرة ليســهل‬ ‫عليــه تجنيدهــا يف الجيــش واألمــن لتدافــع عنــه وقــت الحاجــة‪ ،‬فمــن‬ ‫يؤمــن أنــه إمنــا يدافــع عــن ربــه (الرئيــس)‪ ،‬فيمكــن إقناعــه أن يفعــل‬ ‫أي شــئ‪ .‬انظــر يف عينــي الدجــاج‪ ،‬أو أي حيــوان مدجــن آخــر‪ ،‬وراقــب‬ ‫ترصفاتــه وحركاتــه وردود أفعالــه‪ ،‬فحتــاً لــن تجــد أي يش يــدل عــى‬ ‫الــذكاء‪ ،‬لــن تجــد ســوى مايــدل عــى الخــوف ولكــن أيض ـاً عــى الرضــا‬ ‫بأنــه إمنــا يعيــش ليــأكل ويــرب ويتكاثــر وينــام‪ ،‬وأن املحظــوظ منــه‬ ‫هــو مــن اليذبــح اليــوم‪ ،‬بــل يعيــش لواجــه مصــره املحتــوم يف يــوم آخــر‪.‬‬ ‫ الشــك أن نظــام األســد‪ ،‬يف عهــد األب ثــم االبــن‪ ،‬كان مجرمـاً يف عمليــة‬‫تدجينــه للشــعب الســوري عــى مــدى أربعــة عقــود‪ ،‬وذبحــه كلــا دعــت‬ ‫الحاجــة‪ .‬ولهــذا كان عمــر أمـراالي يف فيلــم (الدجــاج) كــا عهدنــاه دامئاً‪،‬‬ ‫قاســياً ولكــن بارعـاً يف نفــس الوقــت‪ ،‬يف تســجيله لتلــك العالقــة املخيفــة‬ ‫التــي تربــط بــن الذابــح واملذبــوح‪.‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪10‬‬


‫سماح هدايا | أوكسجين‬

‫وهــم مزخرفــة‪ .‬ابتــداع شــكيل وانحبــاس‬ ‫ٍ‬ ‫داخــي يف هــواء ضيــق‪ ،‬ومــن العجــب‬ ‫أن يرتفــع الصــوت مــن الشــعب املقهــور‬ ‫منــ ّد ًدا بالثــورة‪ ،‬الع ًنــا إياهــا بوصفهــا‬ ‫مؤامــرة أفقدتنــا ذلــك الفــردوس العظيــم!‪.‬‬ ‫أكان علينــا إذن أن نســتمر راضــن بالــذل‬ ‫والهــوان؛ فنــرح يف عيشــة كاألنعــام‪،‬‬ ‫ونلتقــط الحبــوب واألعــاف معفّــرة‬ ‫بالــراب واألوســاخ مخلوطــة بالديــدان‬ ‫لنقتــات كفــاف عيشــنا؟‪ .‬أيــن هــي الحيــاة‬ ‫الكرميــة الســعيدة؟‪ .‬هــل علينــا لننجــو أن‬ ‫نقبــل العيــش كاألغنــام‪ ،‬الهــن بــا هــدف‬ ‫يف خصــب املراعــي املعـ ّدة للتســمني‪ .‬وهــي‬ ‫ليســت إال زرائــب ومثلنــا يف ذلــك كمثــل‬ ‫قطيــع ذليــل مــن أغنــام وبقــر‪ ،‬ومصرينــا‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪11‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫هنــاك مــن قلــب املعركــة‬ ‫مــن يقــول‪" :‬كنــا فعـ ًـا لنعيــد‬ ‫التفكــر كث ـ ًرا قبــل أن نخــرج‬ ‫يف ثورتنــا‪ ،‬لــو عرفنــا أن األمــور‬ ‫ســتصل إىل هــذا الســوء‬ ‫الفظيــع"‪ .‬لكــن يف املقابــل‬ ‫ومــن قلــب املعركــة هنــاك مــن‬ ‫يقــول‪" :‬قبلنــا التحــدي العظيم‬ ‫لإلطاحــة بنظــام جبــار يحكمنــا‬ ‫بالتخويــف والرتهيــب‪ .‬وألننــا‬ ‫ســنقاتل وحدنــا رفعنــا شــعار‪( ،‬مــارح نركــع‬ ‫مــا رح نركــع‪ ...‬غــر لله مــارح نركــع)‪ .‬لدينا‬ ‫اليقــن واإلميــان أن فجــر الحريــة يســبقه‬ ‫ليــل دمــوي طويــل"‪ .‬اليــوم ترعبنــا صــور‬ ‫املعتقلــن املعذبــن حتــى املــوت‪ .‬تفجعنــا‬ ‫الهيــاكل العظميــة املنكمشــة لشــباب‬ ‫وأطفــال متخمــن بالجــوع والعــذاب‪ ،‬مــع‬ ‫قصــص التجويــع والترشيــد ويوميــات‬ ‫الحصــار والرباميــل‪ .‬كل ذلــك واإلعــام‬ ‫ر عــى قتلنــا بــاألمل والذنــب‪ ،‬وكأننــا‬ ‫يــ ّ‬ ‫نحــن مــن ميــارس العنــف‪ ،‬حتــى أضحــت‬ ‫صــورة اال ّدعــاء متمــددة يف األحاديــث‬ ‫تقــول بــأ ّن الثــورة هــي التــي ســببت هــذه‬ ‫الفجائــع والنكبــات والويــات‪ .‬الذنــب يف‬ ‫الســفاح‪،‬ألن‬ ‫األســاس‪ ،‬ذنــب الثــوار ال نظــام ّ‬ ‫نظــام بشــار يــرد عــى اإلرهــاب باإلرهــاب‪،‬‬ ‫وكأن لســان الحــال يقــول‪" :‬استســلموا‪...‬‬ ‫استســلموا"‪،‬ليك يرتفــع التصفــق مبباركــة‬ ‫االنصيــاع للطاغيــة‪ ،‬واالعتــذار عــا اقرتفتــه‬ ‫الثــورة مــن آثــام وخطايــا لتجرئهــا عــى‬ ‫طلــب الحريــة‪ .‬ويســتمر اإلعــام يف العــزف‬ ‫عــى وتــر اإلحبــاط‪ ،‬حتــى يوحــي للجميــع‬ ‫بــأن ال حــل‪ ،‬ســوى محــاورة الطاغيــة‬ ‫والتعايــش مــع ظلمــه‪ .‬وتنهــار املطالــب‬ ‫الكــرى إىل لقيــات ومســكنات صغــرة‪.‬‬ ‫واهــم مــن يتوقــع العــودة إىل ذلــك الزمــن‬ ‫البائــد بعــد كل ماحصــل واســتجد‪،‬تلك‬ ‫التــي كنــا نعيــش فيهــا رد ًحــا مــن الزمــن‬ ‫مل تكــن حياة‪،‬مجــرد قــر مر ّخــم‪ .‬قواقــع‬

‫الذبــح والســلخ والتقطيــع‪ .‬إن‬ ‫مــن يرتحــم عــى عــر عبوديتــه‬ ‫يف عهــد األســد؛ فليبــق يف ذاك‬ ‫النعيــم رات ًعــا يف رغــده العتيــد‪.‬‬ ‫أمــا اإلنســان الحــر الــذي اختــار‬ ‫أن يرفــع صوتــه‪ ،‬فــا عــودة لــه‬ ‫إىل سالســل العبوديــة حتــى لــو‬ ‫كانــت مــن ذهــب‪ .‬املجــد للحرية‬ ‫ولإلنســان الحــر حتــى وإن مــات‬ ‫يف ســبيل جبــن مرفــوع‪ ،‬لــرى‬ ‫الشــمس التــي يريــد‪ .‬النــر لــه‬ ‫حتــى وإن ضــاع يف تيــه املســالك الشــائكة‬ ‫والــدروب الوعــرة‪ ،‬بعيـ ًدا عــن مرتــع الرغــد‬ ‫الذليــل وعــن صمــت املقابــر الرخاميــة‪،‬‬ ‫ألنــه إنســان قــادر عــى حمــل شــقائه‬ ‫عــى مــداد صــره‪ ،‬وكتابــة تاريخــه بتو ّهــج‬ ‫جراحــه‪ .‬يف األرض خيــاران‪ :‬حريــة حقيقيــة‬ ‫ال رشوط لهــا إال املســؤولية‪ ،‬وأخــرى‬ ‫صناعيــة أساســها العبوديــة‪ ،‬مغريــة لتمـ ّرغ‬ ‫الــكالب ورسح الحمــان والخرفــان‪ ،‬أمــا‬ ‫اإلنســان الحــر فيختــار الحريــة الحقيقــة‪.‬‬ ‫وأي يشء غــر ذلــك فهــو للعبيــد واألنعــام‪،‬‬ ‫املقاصــل الصامتــة واملشــانق الليليــة قــد‬ ‫علّمــت الحــر كيــف ميــي عــى أملــه؛ فــا‬ ‫يرتاجــع وال يعــود للــوراء‪ .‬وال صمــت للريــح‬ ‫حــن يــدوي صوتهــا ومتــي يف جنونهــا‪.‬‬

‫أوكسجني الثورة‬

‫ً‬ ‫صربا‪ ...‬سيمضي الليل مهما اشتد الظالم‬


‫أدب‬

‫ّ‬ ‫رسالة حية من األموات إلى األموات‪...‬‬ ‫نيرمين عبدالرؤوف | أوكسجين‬ ‫ســام عليــك يــا أيب بقــدر الدمــاء التــي ســالت‬ ‫عــى أرض البــاد التــي احتضنتــك اثنــان‬ ‫وخمســون عامــاً ‪ ...‬أمــا بعــد‪ :‬ســتة عــر‬ ‫عام ـاً عــى رحيلــك مل يتغــر فيهــا يشء ســوى‬ ‫أننــا فارقنــا الطفولــة‪ ،‬وحدهــا األعــوام الثالثــة‬ ‫األخــرة كانــت كافيــة يك تغــر وجــه العــامل‪،‬‬ ‫ولكــن ليــس لألجمــل كــا كنــت تحلــم بــل‬ ‫لألســوء‪ .‬مدينتــك التي شــهدت شــيبك وشــبابك‬ ‫تغــرت كثـرا ً يــا أيب‪ ،‬فقــد كــر حجــم الخـراب‬ ‫والدمــار حتــى بــات مــن املســتحيل عليــك إن‬ ‫عــدت أن تعــرف طريــق منزلــك مــن القــر‬ ‫الــذي ترقــد فيــه اآلن‪ ،‬وحتــى إن حاولــت فهــو‬ ‫طريــق مد ّمــى حزيــن الخطــوات‪ ،‬تتلمســه بــن‬ ‫أجســاد الشــهداء ودماءهــم التــي اختلطــت‬ ‫ب ـراب األرض‪ .‬الشــوارع واألزقــة التــي ألفتهــا‬ ‫وألفتــك تحولــت مالمحهــا‪ ،‬والبيــوت التــي‬ ‫كنــت تــرب يف جنباتهــا فنجــان قهوتــك‬ ‫املهيّــل بحــب ســاكينها باتــت ركام ـاً وأنقاض ـاً‪،‬‬ ‫أمــا هــواء الحقــول الــذي طاملــا أحببــت فقــد‬ ‫بــات مختمــرا ً باملــوت واألشــاء‪ .‬لــن أطيــل‬ ‫عليــك بالحديــث عــن كل هــذا الــذي حــدث‬ ‫فقــط لتمســك الوريــث القــارص بكرســيه كــا‬ ‫يتمســك الطفــل املدلــل بدميتــه‪ .‬رمبــا تنتظــر‬

‫منــي أن أح ّدثــك عــن حياتنــا‪ ،‬مــاذا أقــول‬ ‫عــن أيامنــا التــي مل نعــد نــدري كيــف متــي‪،‬‬ ‫ونحــن مل نعــد نختــار أرضهــا أو أحداثهــا‪ .‬مــاذا‬ ‫أروي عــن يومياتنــا التــي امتزجــت بالــذل‬ ‫والقهــر‪ ،‬وال جديــد ســوى املزيــد مــن الدمــاء‬ ‫والدمــوع‪ .‬نتعـ ّـر بــن جــر ٍح وجــرح‪ ،‬ونلتقــط‬ ‫رغيــف خبــز مد ّمــى‪ .‬قــدر مجهــول ال نعلــم‬ ‫ملــاذا كتــب علينــا‪ ،‬هــل فقــط ألنــه كان لدينــا‬ ‫الجــرأة عــى التملمــل؟‪ ،‬هــل التمــرد يكفــي‬ ‫ألن يكــون جرميــة؟!‪ .‬تســألني عــن أحــوال‬ ‫أهلــك وجريانــك ورفــاق دربــك‪ ،‬كيــف أصـ ُـف‬ ‫لــك وجــوه النــاس الحائــرة وأرواحهــم البائســة‪،‬‬ ‫وماليــن مــن األســئلة املبهمــة تتمــزق عــى‬ ‫شــفاههم الصامتــة التــي أدمنــت الكثــر مــن‬ ‫الحــزن‪ .‬عيــون شــاحبة ترقــب الحلــم كل يــوم‬

‫ال تسأليني عن الفرح‬ ‫فأنا من مدينة األحزان‬ ‫مدينة مل تعد تعرف النوم‬ ‫ففي كل يوم ألف بركان وبركان‬ ‫أطفالها يتامى‪...‬‬ ‫ونساؤها غدت سبايا‬ ‫و رجالها يسريون باألكفان‬ ‫****‬ ‫مدينتي حبيسة القضبان‬ ‫حراسها وحوش‬ ‫عىل أنفاسها جلوس‬ ‫كأنهم غيالن‬ ‫****‬ ‫مدينتي تغوص يف عامل النسيان‬

‫و الناس جميعهم شهود‬ ‫ملرصع اإلنسان‬ ‫لكنهم أدانو واستنكروا‬ ‫وعادوا كالحمالن‬ ‫****‬ ‫يف سامء مدينتي طيور كالغربان‬ ‫ترمي عىل السكان النار والدخان‬ ‫براميل من حقد بأبشع األلوان‬ ‫****‬ ‫لكن ستبقى مدينتي منارة‬ ‫وسيمحق اإلجرام والقذارة‬ ‫ألننا نحن أصحاب الحضارة‬ ‫وهم خالصة الحقارة‬

‫حلب مدينة األحزان‬

‫يف وطــن بــات مجهــول األحـزان واألفـراح‪ .‬ننــام‬ ‫ونصحــو يــا أيب عــى وقــع الرباميــل املتفجــرة‪،‬‬ ‫ونغفــو عــى صــوت القصــف والرصــاص‪.‬‬ ‫تلــك األصــوات التــي ص ّمــت آذاننــا وأتخمــت‬ ‫ذواكرنــا بكثــر مــن مشــاهد الدمــار‪ .‬مــوت‬ ‫وصــف نفســه بأنــه‬ ‫قــادم إلينــا مــن الــذي ّ‬ ‫"حامــي" البــاد والديــار‪ ،‬فأحــرق األرض‬ ‫وأراق الدمــاء عــى الــراب‪ ،‬وانتهــك األنفــس‬ ‫واألعــراض‪ .‬يكفيــك هــذا يــا أيب‪ ...‬فأمســاتنا‬ ‫ووجعنــا بــات بحجــم مدينتنــا‪ ...‬مــا أجمــل‬ ‫املــكان الــذي أنــت فيــه اآلن‪ ،‬رغــم وحشــته‬ ‫وعتمتــه‪ ،‬ولكــن يبقــى أنــه مــكان ال تســيل‬ ‫فيــه دمــاء وال تعانقــه آالم‪ ،‬مــكان بعيــد عــن‬ ‫صخــب هــذا العــامل وقبحــه‪.‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪12‬‬


‫زبدانيات‬

‫عناة آرام | أوكسجين‬

‫المسري و عيون الماء‬

‫الرملــة‪ ،‬نســور‪ ،‬الجــوزة‪ ،‬الخنزيــر‪ ،‬النابــوع‪،‬‬ ‫زعاريــف‪ ،‬ال ُهــوة يف الجبــل الغــريب‪ ،‬شــخوب‪،‬‬ ‫الطنطانــة‪ ،‬التــن‪ ،‬جنــن الدير‪ ،‬كفــدره‪ ،‬املعرصه‬ ‫بجانــب كــروم (قــواص الريــح)‪ ،‬الجرجانيــة‪ ،‬أم‬ ‫يوســف(‪ ،)9‬رسدى(‪ ،)10‬حــور(‪ ،)11‬الــدردار‬ ‫وعــن بــو ح ّمــود‪ ،‬هــذه العــن كانــت النســوة‬ ‫متــي منهــا املــاء البــارد يف الجــرار يف شــهر‬ ‫ّ‬ ‫رمضــان الحــار‪ .‬كان يف كل منــزل زبــداين مــا‬ ‫يدعــى بالخابيــة(‪ ،)12‬وكان يعبــأ باملــاء كل‬ ‫يــوم صبا ًحــا‪ ،‬ويتســع لـــ ‪ 30‬ليــر مــاء تقريبًــا‪.‬‬ ‫وكانــت الطرنبــات(‪ )13‬تُركــب يف أحــد بيــوت‬ ‫الزبــداين ممــن يتوفــر عندهــم املــاء يف أرض‬ ‫الــدار‪.‬‬

‫عبــارة عــن ذراع خشــبية يف نهايتهــا قطعــة‬ ‫مثلثــة مــن الخشــب تثبــت عــى الــذراع‬ ‫بشــكل عامــودي‪.‬‬ ‫‪8‬ـ لكرثة املياه العذبة الكثرية‪.‬‬ ‫‪9‬ـ يف بلدة مضايا‪.‬‬ ‫‪10‬ـ يف رسغايا‪.‬‬ ‫‪11‬ـ يف بلدة عني حور‪.‬‬ ‫‪12‬ـ وتدعــى جــرة الفخــار ( ُحــو ْء) باللهجــة‬ ‫الزبدانيــة‪.‬‬ ‫‪13‬ـ مفردهــا طرنبــة وهــي آداة مــن الحديــد‬ ‫لضــخ املــاء ولهــا ذراع‪.‬‬

‫هوامش‪:‬‬ ‫‪1‬ـ كانــوا عندمــا يريــدون أن يفتحــوا طريقًــا‬ ‫مــا‪ ،‬يأتــون بحــار ويجعلونــه يســر عــى‬ ‫اليابســة وكيفــا يســر يكــون شــكل الطريــق‬ ‫وخاصــة يف األماكــن العاليــة واملنحــدرات‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ســميت عقبــة أي املــكان املرتفــع‪ ،‬ويف‬ ‫نهايتهــا ســبيل للــاء العــذب يســمى عــن‬ ‫جابــر‪.‬‬ ‫‪3‬ـ وهــو نــوع مــن التفــاح أصفــر اللــون ومثــرة‬ ‫التفــاح ذو حجــم صغــر ومتتــاز بالحــاوة‬ ‫البالغــة ومنهــا جــاءت التســمية‪.‬‬ ‫‪4‬ـ متتــاز الزبــداين بكــرة املــاء يف جبالهــا‬ ‫وســهلها وحقولهــا‪.‬‬ ‫‪5‬ـ وهــو نبــع العــرق الشــهري الــذي تنتــر‬ ‫حولــه املــزارع العديــدة‪.‬‬ ‫‪6‬ـ وكانت تسمى قدمياً العارة‪.‬‬ ‫‪7‬ـ أداة جــرف الثلــج وتســمى املجرفــة وهــي‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪13‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫يف القديــم كانــت مقولــة رائعــة للقدمــاء‬ ‫الزبدانيــن تقــول‪ :‬إن أعظــم مخطــط للطرقــات‬ ‫هــو الحــار(‪ ،)1‬ألن أغلــب طرقــات الزبــداين‬ ‫القدميــة قــام برســمها ذلــك الحيــوان الصبــور‪.‬‬ ‫ومبــا أن معظــم طرقــات الزبــداين القدميــة‬ ‫ترابيــة‪ ،‬عــدا عقبــة عــن جابــر(‪ ،)2‬والتــي‬ ‫ســميت هكــذا ألنهــا (طلعــة قويــة) تــم رصفها‬ ‫بالحجــارة يف أيــام االحتــال الفرنــي يف عهــد‬ ‫رئيــس البلديــة يوســف صــري الجباخنجــي‬ ‫وذلــك بــن عامــي ‪1937 / 1936‬م‪ ،‬وكانــت‬ ‫هــي الطريــق الوحيــدة املرصوفــة يف الزبــداين‬ ‫يف ذاك الزمــن‪ ،‬حيــث بقيــت بقيــة الشــوارع‬ ‫يف القريــة ترابيــة متا ًمــا‪ .‬أمــا آخــر العقبــة‬ ‫فكانــت عبــارة عــن بســاتني للتفــاح الخالطــي‬ ‫والس ـكّري(‪ )3‬الــذي هــو رمــز الزبــداين وشــذا‬ ‫رائحتهــا‪ ،‬ومل يكــن يــزرع هــذا النــوع مــن‬ ‫التفــاح الشــهي إال فيهــا‪ .‬كان املــاء يحــ ّد‬ ‫الزبــداين مــن الجهــات األربعــة بعــدد مــن‬ ‫العيــون(‪ )4‬الغزيــرة‪ .‬فمــن الغــرب يحدهــا‬ ‫عــن عرطــوز‪ ،‬ومــن الجنــوب عــن الدقــاق‪،‬‬ ‫ومــن الشــال عــن العــرق(‪ ،)5‬ومــن الــرق‬ ‫نبــع الجرجانيــة والكــري‪ .‬أمــا الطرقــات الرتابية‬ ‫فتمتــد داخــل الزبــداين‪ ،‬أهمهــا ذلــك الــذي‬ ‫يصــل بــن ســاحة العامــرة(‪ )6‬إىل الجــر عــر‬ ‫زقــاق املســك فزقــاق الح ّجــاوي‪ ،‬إذ مل يكــن‬ ‫مفتو ًحــا بعــد الطريــق الــذي يصــل العامــرة‬ ‫اليــوم بســاحة الجــر‪ .‬أمــا بقيــة الطرقــات‬ ‫الفرعيــة الصغــرة التــي تصــل إىل البيــوت‬ ‫فكانــت قصــرة يف الغالــب‪ ،‬وكث ـ ًرا مــا تغلــق‬ ‫متا ًمــا بعــد أن يجــرف(‪ )7‬األهــايل الثلــج الغزيــر‬ ‫مــن عــى األســطح الرتابيــة إىل األزقــة الضيقــة‪.‬‬ ‫كان األهــايل يتحدثــون عــن الثلــج الــذي يرتاكم‬ ‫وال يــذوب إال يف أوائــل فصــل الصيــف‪ .‬أمــا‬ ‫الصيّــادون الذيــن يتجولــون يف جــرود الزبــداين‬ ‫طل ًبــا للطيــور والغــزالن فلــم يكــن أي واحــد‬ ‫منهــم يحمــل مطــرة للــاء(‪ ،)8‬وهــذا الــكالم‬ ‫عــى لســان أحــد الص ّياديــن القدامــى‪ .‬ومــن‬ ‫كــرة العيــون مــا جــاء مــن أســائها الجميلــة‬ ‫مثــل‪ :‬عــن العســل الفوقانيــة‪ ،‬والعســل‬ ‫التحتانيــة والعــن البــاردة يف أرض معــدر‪،‬‬ ‫وعــن حيــدر‪ ،‬الصفصافــة‪ ،‬وطايــات‪ ،‬الخوخــة‪،‬‬


‫أوكسجينيات‬

‫قاموس‬ ‫أوكسجني‬

‫االتحاد الفدرالي‪:‬‬

‫زبداني اف ام‬ ‫*)‬

‫*) وليــد املعلــك يزيــد مــن احتياطــه‬ ‫معتقلــو ســجن حلــب املركــزي يخرجــون االســراتيجي مــن الكوســا والبيتنجــان مشــان‬ ‫إىل الشــمس مــن أجــل شــكر اللــه عــى طبخــة الكوســا محــي اســتعدادا ً لباقــي‬ ‫نعمــة املعتقــل بحســب روايــة قنــاة مفاوضــات جنيــف‪...‬‬ ‫الدنيــا نيــوز‪...‬‬

‫تندمج الدول أو وحدات االتحاد يف دولة واحدة‪ ،‬مبوجب‬ ‫دستور توافق عليه كل الدول األعضاء بحيث يصبح مبثابة‬ ‫القانون األعىل أو النظام األسايس للدولة الجديدة املنبثقة عن‬ ‫االتحاد‪ .‬و تفقد الدولة املنظمة لالتحاد شخصيتها الدولية و‬ ‫سيادتها الخارجية‪ ،‬و جزء من سيادتها الداخلية‪ ،‬و يصبح كيان‬ ‫واحد بعلم واحد‪ ،‬و رمز وطني واحد و جنسية واحدة يحملها‬ ‫كل أفراد الدول األعضاء‪ .‬و تتوىل حكومة االتحاد إدارة الشؤون‬ ‫الخارجية و شؤون الدفاع‪ ،‬مثل إبرام املعاهدات و تبادل التمثيل‬ ‫الدبلومايس‪ .‬و الحكومة الفدرالية التي يقيمها الدستور تشتمل‬ ‫عىل سلطة تنفيذية و ترشيعية و قضائية‪..‬‬

‫*)‬

‫*)‬

‫مراســلو اإلعــام‬

‫يقومــون‬

‫بتحضــر‬

‫البطانيــات والحرامــات‬ ‫مــن أجــل تغطيــة‬ ‫املرحلــة الثالثــة مــن‬

‫*) الوفــد الســوري املعــارض عــم يقــول‬ ‫أنــو حقــق انتصــارات بجنيــف‪ ...‬ووفــد‬ ‫النظــام الســوري كــان عــم يقــول أنــو حقــق‬ ‫انتصــارات‪ ...‬يعنــي مــن لكــن يــي طلــع‬ ‫خــران‪ ...‬شــكلو الشــعب الســوري الويحــد‬ ‫يــي رح يطلــع إيــد مــن ورا وإيــد مــن إدام‪!...‬‬

‫مؤمتــر جنيــف‪ ...‬مــع‬

‫مخــاوف مــن نقــص حــاد *) وزيــر األمــن الداخــي األمــريك يقــول بــأن‬ ‫يف تلــك الحرامــات التــي ال واشــنطن تعتــر أن ســوريا باتــت مســألة أمــن‬ ‫تغطــي "املعلــم" وحــده‪ !...‬قومــي للواليــات املتحــدة‪ ...‬يعنــي مــو آكلــن‬ ‫هــم الشــعب الســوري‪ ....‬املهــم هــم أمنهــن‪!...‬‬ ‫عــرات الرباميــل ترمــى كل‬

‫يــوم عــى داريــا والزبــداين وحمــص *) األمــن العــام يقــول بــأن "الــروح" األوملبيــة‬ ‫وحلــب واملجتمــع الــدويل بعــدو ســاكت‪ ...‬تذيــب الحواجــز ومثــال جميــل للعالقــات‬ ‫عنجــد صــدق يــي قــال الســاكت عــن الربميــل الدوليــة‪ ...‬وشــو مشــان الــروح البرشيــة يــي‬ ‫عــم تــذوب كل يــوم بســوريا‪...‬؟!‬ ‫برميــل وأرضب‪!...‬‬

‫ديليت ‪DELETE‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫التســوية يــي كان املفــروض تصــر بالزبــداين بــن الثــوار والنظــام‬ ‫مــا ظبطــت‪ ...‬ليــش؟‪ ...‬ميكــن بطــل حــدا يعــرف‪ ...‬قصــة طويلــة‬ ‫والوجــع أكــر‪ ...‬بــس لألســف عملــت رشخ بــن الناس‪...‬نقاشــات‬ ‫وســجاالت كتــرة عــن الــروط والبنــود‪ ...‬كل مــن بيشــوف الوضــع‬ ‫مــن وجهــة نظــره وبــدو تســوية عــى مقاســه‪ ...‬الكبــر والصغــر‬ ‫واملقمــط بالرسيــر صــار يحــي بالسياســة‪ ...‬ونحنــا مــا يف أشــطر‬ ‫منــا بالتنظــر‪ ...‬املشــكلة صــارت أكــر يــوم نزلــت األهــايل عــى‬ ‫الزبــداين وقــت وقــف إطــاق النــار‪ ....‬ملــا شــافت بيوتهــا املرسوقــة‬ ‫بلشــت تدعــي وبصــوت عــايل ع الثــوار‪ ....‬مــا مننكــر أبــدا أنــو يف‬ ‫ثــوار لصــوص اســتغلوا الفــوىض ونهبــوا البيــوت‪ ...‬بــس هــاد مــو‬ ‫مــرر أنــو نعمــم وننــى رأس األفعــى النظــام يــي قصــف بيوتنــا‬ ‫ودمــر مدينتنــا‪ ...‬وبعدهارالنــاس عــم تلــوم وتحــي عن ســبب فشــل‬ ‫التســوية‪ ...‬كل مــن عــم يتهــم طــرف أو شــخص‪ ...‬مــع أنــو الــكل‬

‫بيعــرف أنــو نظــام غــادر ومالــو أمــان‪ ...‬خلونــا نكــون أقــوى مــن‬ ‫لعبــة النظــام‪ ...‬ومانخــي ال التســوية وال غريهــا تفــرق بيناتنــا وإال‬ ‫ثورتنــا بتمــوت‪ ...‬خلونــا ننــى كل هالقصــص ونرتكهــا لصحابهــا‪...‬‬ ‫ونخــي عيوننــا ع الحريــة يــي دفعنــا كرمالهــا الكتــر‪ ...‬ونعمــل ألي‬ ‫يش تــاين ديليــت‪....‬‬

‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪14‬‬


‫مــن بــن األنقــاض والــركام… وبقايــا جــدران‬ ‫أبنيــة هدمهــا حقــد القذائــف والرباميــل يجتمــع‬ ‫أفــراد فرقــة "شــباب مخيــم الريمــوك" لينقلــوا‬ ‫عــر املوســيقا آهــات الجرحــى واملحارصيــن‪،‬‬ ‫عــى أن تصــل أصواتهــم إىل مســامع مــن هــم‬ ‫خــارج املخيــم‪.‬‬ ‫عــازف البيانــو أيهــم أحمــد أحمــد مــن أهــايل‬ ‫املخيــم‪ ،‬يبلــغ مــن العمــر‪ ٢٦‬عــام‪ ،‬ملحــن وعازف‪،‬‬ ‫درس يف املعهــد العــايل للموســيقا‪ ،‬وينحــدر مــن‬ ‫عائلــة موســيقية‪.‬‬ ‫بعــد أن شــددت قــوات النظــام الحصــار عــى‬ ‫مخيــم الريمــوك ومنــع دخــول الغــذاء والــدواء‪،‬‬ ‫قــرر مجموعــة مــن الشــباب أن يوصلــو رســائلهم‬ ‫للعــامل عــر آالتهــم املوســيقية حيــث أن هنــاك‬ ‫أنــاس يفضلــون املوســيقا عــى أصــوات الرصــاص‪،‬‬ ‫فأجتمــع أيهــم مــع ‪ ١٠‬شــباب مــن أبنــاء املخيــم‬ ‫باألضافــة إىل والــد أيهــم الرضيــر‪ ،‬مشــكلني فرقــة‬ ‫"شــباب مخيــم الريمــوك" التــي راحــت تعــزف‬ ‫وتغنــي يف شــوارع املخيــم واملناطق التــي تعرضت‬ ‫للقصــف والدمارللتعبــر عــا يجــول بخاطرهــم‪،‬‬ ‫موثقــن بذالــك محنــة الفلســطينيني الثانيــة‬ ‫بعــد النكبــة األوىل يف عــام ‪ ،١٩٤٨‬لتعلــو أصــات‬ ‫موســيقاهم عــى أصــواط القذائــف واملدافــع‪.‬‬ ‫يقــول أيهــم مؤســس الفرقــة بحــب وكالــة‬ ‫األناضــول‪ ،‬إنــه "ال يتبــع ألي جهــة سياســية‪ ،‬وال‬ ‫يتلقــى متويــا مــن أحــد‪ ،‬بــل مجموعتــه مــن‬ ‫الشــباب الذيــن وحدتهــم املعانــاة والحصــار‪،‬‬ ‫وتضــم والــده‪ ،‬عــازف الكــان وامللحــن أيضــا‪،‬‬ ‫باالضافــة اىل كونــه صانــع آالت موســيقية‪ ،‬رغــم‬ ‫أنــه رضيــر"‪.‬‬

‫ويضيــف أيهــم يف ترصيحاتــه للوكالــة‪ ،‬أنهــم‬ ‫"اجتمعــوا وعزفــوا وغنــوا ملخيــم الريمــوك‪،‬‬ ‫لالنســان املحــارص‪ ،‬للطفــل الجائــع‪ ،‬وألرواح‬ ‫الشــهداء الذيــن قضــوا جوعــا‪ ،‬وأرادوا مــن خــال‬ ‫ذلــك لفــت أنظــار العــامل اىل مأســاة الشــعب‬ ‫الفلســطيني ومعاناتــه يف مخيــات الشــتات"‪.‬‬ ‫وكشــف أيهــم أنهــم "ألّفــوا يف الفرقــة ألحانــا‬ ‫للمخيــم مــن قلــب الحصــار والدمــار‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫أن تصــل للخــارج"‪ ،‬متمنيــا "وصــول رســالتهم‬ ‫بعــد ان تجــاوز عــدد شــهداء سياســة التجويــع‬ ‫‪ 100‬قتيــل‪ ،‬وأن ال يزيــد العــدد أكــر مــن ذلــك"‪،‬‬ ‫واصفــا وضــع املخيــم بــأن "الشــهداء بشــكل عــام‬ ‫ال يعــدون وال يحصــون"‪.‬‬ ‫مــن ناحيتــه قــال أحمــد أحمــد‪ ،‬والــد أيهــم إن‬ ‫"املوســيقا لغــة الــروح‪ ،‬وليســت بحاجــة اىل‬ ‫مرتجــم‪ ،‬تصــل اىل كل النــاس بــدون حواجــز‪،‬‬ ‫ونحــن نغنــي لنخاطــب ضامئــر العــامل‪ ،‬فهنــاك‬ ‫‪ 100‬شــهيد قضــوا جوعــا‪ ،‬وهــؤالء ليســوا مجــرد‬ ‫أرقــام"‪.‬‬ ‫مثلــا عــزف فالديــك ســبيلامن‪ ،‬بطــل فلــم‬ ‫عــازف الكــان‪ ،‬مــع األوركسـرا مقطوعــة "رقصــة‬ ‫البوليــزي الكــرى" لشــوبان يف حضــور جمهــور‬ ‫كبــر‪ ،‬بالعاصمــة بولونيــا وارســو عــام ‪ ،1945‬بعــد‬ ‫هزميــة أملانيــا النازيــة وانســحابها مــن البــاد يف‬ ‫الحــرب العامليــة الثانيــة‪ ،‬يســعى عازفــو فرقــة‬ ‫"شــباب مخيــم الريمــوك" يف جنــوب دمشــق‪ ،‬إىل‬ ‫العــزف يف جبــل قاســيون‪ ،‬بعــد أن يعــم األمــن‬ ‫والســام يف مختلــف أنحــاء البــاد‪ ،‬خاليــة مــن أي‬ ‫ســاح‪.‬‬ ‫أوكسجني‪،‬األناضول‪.‬‬

‫فرقة‬ ‫"شباب مخيم الريموك"‬ ‫أوكسجين‬ ‫تصدر من الزبداني‬

‫السنة الثالثة ‪ -‬العدد (‪ - )96‬السبت ‪2014\02\٠٨‬‬

‫مجلة الثورة السورية‬

‫‪15‬‬

‫‪www.syriaoxygen.com‬‬

‫برج المجتمع الدولي‪:‬‬ ‫برج الفايتني بالحيط‪:‬‬ ‫بعــد مــا ض ّوعتــو البوصلــة وضعتو‬ ‫وبعدكــن مــو عارفــن لهــأ تكونــو‬ ‫مــع مــن‪ ،‬منتمنــى تفوتــو مــن‬ ‫البــاب يش مــرة وال تطلعــو مــن‬ ‫الشــباك وال مــرة!‪.‬‬ ‫برج الربميل‪:‬‬ ‫بعــد مــا صــار الربميــل شــعار‬ ‫املــوت بالقــرن الواحــد والعرشين‪،‬‬ ‫عــم يعــاين وحيــد القــرن مــن أزمة‬ ‫نفســية كبــرة بأفريقيا وبــدو يجي‬ ‫ع ســوريا لرياقــب الحــدث العظيم‬ ‫ويعــرف الــر الدفــن!‪.‬‬ ‫برج العسكور‪:‬‬ ‫العبــارة يــي مخططهــا باأللــوان‬ ‫ع جــدران الحواجــز و العنــوان‬ ‫"الجــوع أو الركــوع" عــم تعكــس‬ ‫وطنيتكــم العاليــة بقتــل املواطــن‬ ‫وحــرق الوطــن يــا حــاة الوطــن‪.‬‬ ‫برج السوري الحزين‪:‬‬ ‫منقــول للمحبطــن واملكتئبــن‬ ‫واملعرتيــن والنازحــن والغرقانــن‪...‬‬ ‫نقــر بشــار األســد‪ ،‬وع ســوريا‬ ‫الحــرة راجعــن‪.‬‬ ‫برج الحالم‪:‬‬ ‫يــي بعــدك عايــش باألحــام‬ ‫وناطــر الحــل باملنــام‪ ...‬يــا عمــي‬ ‫هــادا نظــام مجرم مــا بيتهــادن وال‬ ‫بيفهــم باإلنســان‪ ...‬بقــا حاجتنــا‬ ‫أحــام يقظــة كــان!‪.‬‬

‫فواصل‬

‫الفلك مع‬ ‫أوكسجني‬

‫صرخات المخيم‪ ..‬باللحن‬


‫إلقرتاحاتكم ومشاركاتكم ميكنكم مراسلتنا عرب‬ info@syriaoxygen.com

www.fb.com/oxygen.zabadani.syria www.syriaoxygen.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.