العـدد "مـئتـــان واربعة وخمسون" من مجلة فيلي

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE & MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪www.shafaq.com‬‬

‫‪254‬‬

‫السنـة الحادية والعشــرون‬ ‫شبــاط ‪ /‬فبرايــر ‪2025‬‬

‫معانـــاة الفيليــون‬ ‫بانتظار حلها بقانون‬ ‫غيب في أدراج‬ ‫ُم ّ‬ ‫البرلمان‬

‫الدين في العراق ‪ ..‬إرث حضاري أم سالح للصراعات؟‬ ‫بغداد تتضخم ‪ ..‬احياء جديدة ونزوح داخلي‬ ‫رمضان البغداديين يبدأ من الشورجة‪..‬‬

‫رابطة دولية تقرع ناقوس الخطر ‪ ..‬عطل‬ ‫التعليم في كوردستان "سلبية وكثيرة"‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪24‬‬

‫‪8‬‬

‫اقرأ في العدد ايض ًا‬

‫كلمــــة العدد‬

‫ال‪ ،‬لن تنتهي الرحلة هنا‬

‫دياكو إيالمي‪..‬‬ ‫حين يتواءم الشعرُ والشاعر‬

‫إرث فني يروي تاريخ الموسيقى في العراق ‪30‬‬ ‫أسطوانات چقماقچي‪..‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫تدني مستوى الوعي السياسي في العراق ‪44‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪254‬‬

‫السـنـة الحادية والعشــــرون‬ ‫شبــاط ‪ /‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪64‬‬

‫ندرة ببغداد ووفرة في كوردستان‪..‬‬

‫تماثيل النساء العراقيات تترنح بين تخليد وتقصير‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫سكرتير التحرير‬

‫صادق االزرقي‬

‫العراق في خطر‪..‬‬ ‫هل تجاوز سرّ الحياة الخطوط الحمراء؟‬

‫هيئة التحرير‬

‫‪96‬‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬ ‫‪Credit:‬‬ ‫‪FB/Kurdistan24 English‬‬ ‫‪Photographer: AA‬‬

‫‪website: www.shafaq.com‬‬

‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬ ‫رقم االعتماد في نقابة الصحفيين العراقيين ‪2016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪106‬‬

‫رغم االحتياطي الكبير‪..‬‬ ‫العراق يستورد الغاز بمليارات الدوالرات‬

‫َم ــن ذا ال ــذي يس ـ ٔـتانس ب ــدفء الش ــمس ل ــوال َه ْط ــل املط ــر؟ ول ــوال‬ ‫يتمنــى ٕاشـراقة الشــمس؟ ومــا قيمــة الحيــاة ٕان‬ ‫الليــل‪َ ،‬‬ ‫فمــن ذا الــذي ّ‬ ‫لــم يكــن هنــاك مــوت؟‬ ‫ف ــي كل الثقاف ــات‪ ،‬ثم ــة ممارس ــات وتفاصي ــل خاص ــة لتودي ــع املوت ــى‬ ‫ٕواقامــة مراســم الع ـزاء‪ ،‬وحفــظ الذكريــات املرتبطــة بشــكل املقبــرة‬ ‫ـبات اس ــتذكار س ــاعات‬ ‫واالث ــار‪ ،‬ومناس ـ ِ‬ ‫وش ــاهد القب ــر‪ ،‬والرحي ــل‪ٓ ،‬‬ ‫الف ـراق‪.‬‬ ‫ه ــذه االفتتاحي ــة واح ــدة م ــن مف ــردات ممارس ــات التودي ــع؛ لرحي ــل‬ ‫االعــزة فــي ٔاســرة شــفق‪ٔ ،‬اال وهــو قاســم الســنجري‪.‬‬ ‫ٔاحــد ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫االنس ــان‪ٕ ،‬اذ‬ ‫باالخري ــن قص ــة مومل ــة ف ــي حي ــاة ٕ‬ ‫التعل ــق واالرتب ــاط ٓ‬ ‫ٕان ّ‬ ‫ن‬ ‫بالتعل ــق ول ــو بظ ــل ش ــخص؛ ٔالن‬ ‫ا‬ ‫ـعيد‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ـده‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ـه‬ ‫ٕبامكان ـ‬ ‫ّ‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫وجع ــا وتحس ــرا وترقب ــا‪.‬‬ ‫التعل ــق ٔباس ــرة ٔاصيل ــة ق ــد يصب ــح‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫خصوصيــات مهنتنــا اننــا ً ّ‬ ‫تعودنــا علــى ٔانــه عندمــا يصبــح‬ ‫واحــدة مــن‬ ‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫اال ّيــام‪،‬‬ ‫ٔامــر مــا خبــرا‪ٕ ،‬فا ٌنــه ال يعــود ٔابـ ًـدا ٕالــى ســابق عهــده‪ .‬وفــي هــذه ٔ‬ ‫وردن ــا نب ـ ٌٔـا صاع ــق برحي ــل زميلن ــا الصحف ــي قاس ــم الس ــنجري؛ ٕاذ‬ ‫ٔاصبــح خبــر رحيلــه مدعـ ًـاة لتحريــك العواطــف‪ ،‬وحــوارات فــي ٔاســرة‬ ‫عنوان ــا رئيس ـ ًـيا‬ ‫االخري ــن‪ ،‬فأضح ــى‬ ‫ش ــفق ني ـ ّـوز وبي ــن الصحفيي ــن ٓ‬ ‫ً‬ ‫ٔالح ــد ٔاه ــم ٔاخبارن ــا‪.‬‬ ‫جميعــا فــي املــوت‪ ،‬ولــكل ّمنــا ٔرو‬ ‫الخاصــة‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫نف‬ ‫ومــن الطبيعــي ٔان‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُبكنهــه‪ .‬وفــي النهايــة‪ ،‬نحــن علــى اســتعداد للتصالــح مــع املــوت‪.‬‬ ‫ـخص يخرج ــه م ــن متاه ــة الصم ــت‬ ‫حيان ــا يحت ــاج ٕ‬ ‫ٔا ً‬ ‫االنس ــان ٕال ــى ش ـ ٍ‬ ‫االســف‪ ،‬فـ ٕـان الحقيقــة التــي نبحــث عنهــا ووجدناهــا‬ ‫والســكوت‪ .‬ومــع ٔ‬ ‫ّ‬ ‫فــي صمــت زميلنــا قاســم هــي حقيقــة املــوت‪.‬‬ ‫وتذكرن ــا ه ــذه الحادث ــة ب ـ ٔـان م ــن واجبن ــا الي ــوم تقدي ـ َـم إحصائي ــات‬ ‫عــن عــدد االشــخاص الذيــن انضمــوا الــى هــذه ٔ‬ ‫املوسســة فــي مختلــف‬ ‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫املج ــاالت‪ ،‬وبذل ــوا جهوده ــم فيه ــا وم ــا زال ــوا مس ــتمرين‪ٔ ،‬او غ ــادروا‪،‬‬ ‫ٔاو رحل ــوا‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ٕان الع ــدد كبي ــر‪ ،‬ولذل ــك ي ــزداد الح ــز حي ــن نذك ــر وف ــاة قاس ــم‬ ‫الســنجري‪ٔ ،‬ال ّنــه تــرك لنــا الكثيــر مــن الذكريــات عبــر ســنوات طويلــة‬ ‫م ــن جه ــوده‪.‬‬ ‫اعلــم انــه ال توجــد كلمــات يمكــن ان تخفــف ا َ‬ ‫الم زمالئنــا؛ واعلــم ٔان‬ ‫ٓ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ ُ‬ ‫واالخ؛ وم ــع‬ ‫ب‬ ‫واال‬ ‫ـزوج‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ـدان‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ـوض‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ـيء‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫�‬ ‫وال‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫حزي‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫عائل‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ذلــك‪ ،‬فــان ذكرياتــه تبقــى دائمــا ّ‬ ‫حيــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّٕ‬ ‫يقين ــا ٕان الراح ــل قاس ــم الس ــنجري واح ــد م ــن ٔاولئ ــك الصحفيي ــن‬ ‫الذ ًي ــن ّكان ــت له ــم بصم ــة واضح ــة ف ــي حياته ــم‪ ،‬وعل ــى ّ‬ ‫الرغ ــم م ــن‬ ‫واالدب ــاء والش ــعراء‪،‬‬ ‫ـعة ف ــي ٔاوس ـ‬ ‫ـهرة واس ـ ٍ‬ ‫تمتع ــه بش ـ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ـاط الصحفيي ــن ٔ‬ ‫االخي ــرة ُ‬ ‫فض ــل العزل ــة والوح ــدة ف ــي ركن ــه‬ ‫ي‬ ‫ـنوات‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫كان‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫فق‬ ‫ٔ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫اله ــادئ‪ ،‬م ــن دو ٔان ين�س ــى زم ــاءه وأصدق ــاءه‪.‬‬ ‫ٕانا هلل ٕوانا ٕاليه راجعون‬

‫رئيس التحرير‬

‫‪4‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫نيجيرفان بارزاني ‪..‬‬

‫يتصدر النقاشات العالمية‬ ‫في ميونيخ‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يأتي حضوررئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني في مؤتمرميونيخ لألمن بمثابة إعالن عن املكانة‬ ‫الخاصة التي بات يتمتع بها اإلقليم على الساحة الدولية‪ ،‬في حدث يجمع منذ عقود قادة العالم في‬ ‫مجاالت السياسة واألمن واالقتصاد واإلعالم‪.».‬‬

‫وق ــد ش ـ ّـكلت اللق ــاءات املكثف ــة وال"رئاس ــية"‬ ‫التــي عقدهــا بارزانــي فرصــة اســتراتيجية للعـراق‬ ‫وإقلي ــم كوردس ــتان الستش ـراف التح ــوالت‬ ‫اإلقليمي ــة والدولي ــة املتس ــارعة‪ ،‬مم ــا يب ــرز دور‬ ‫اإلقلي ــم كالع ــب أسا�س ــي ف ــي وس ــط منطق ــة‬ ‫يش ــهد تقلب ــات واضطراب ــات متزاي ــدة‪.‬‬ ‫العب أسا�سي في قلب التغيرات‬ ‫شــارك نيجيرفــان بارزانــي فــي النســخة الــ‪ 61‬مــن‬ ‫مؤتم ــر ميوني ــخ لألم ــن‪ ،‬وه ــو الح ــدث الس ــنوي‬ ‫ال ــذي يرك ــز عل ــى املس ــائل األمني ــة ذات األبع ــاد‬ ‫العاملي ــة‪.‬‬ ‫وق ــد تناوب ــت اللق ــاءات العام ــة والخاص ــة‬ ‫بي ــن بارزان ــي ومجموع ــة م ــن زعم ــاء العال ــم‪،‬‬ ‫بم ــا ف ــي ذل ــك مس ــؤولين م ــن الوالي ــات املتح ــدة‬ ‫وفرنس ــا وبريطاني ــا وأملاني ــا وتركي ــا وس ــوريا‪،‬‬ ‫إضافــة إلــى ممثليــن عــن حلــف شــمال األطل�ســي‬ ‫(النات ــو) واألردن والبحري ــن‪ .‬وم ــن خ ــال ه ــذه‬ ‫االجتماعــات‪ ،‬أكــد بارزانــي أن إقليــم كوردســتان‬ ‫ق ــد أصب ــح "العب ـ ًـا أساس ـ ًـيا" ف ــي املنطق ــة‪ ،‬األم ــر‬ ‫الــذي يعكــس جاهزيــة اإلقليــم والعـراق بأكملــه‬ ‫ملواجه ــة التغيي ـرات الجذري ــة عل ــى الصعيدي ــن‬ ‫اإلقليم ــي والدول ــي‪.‬‬ ‫وفق ــا ملراقبي ــن‪ ،‬ف ــإن اللق ــاءات الرفيع ــة‬ ‫ً‬ ‫املس ــتوى الت ــي عقده ــا بارزان ــي م ــع مختل ــف‬ ‫القــادة والــوزراء واملســؤولين الغربييــن ســاهمت‬

‫ف ــي ف ــرض حض ــور ق ــوي للع ـراق وإقلي ــم‬ ‫كوردســتان علــى الســاحة الدوليــة‪ ،‬ممــا ســاعد‬ ‫ف ــي تعزي ــز مكان ــة الع ـراق ف ــي مؤتم ــر ميوني ــخ‪،‬‬ ‫بالت ــوازي م ــع حض ــور رئي ــس ال ــوزراء العراق ــي‬ ‫محم ــد ش ــياع الس ــوداني‪ .‬وف ــي ظ ــل التوت ـرات‬ ‫الناتجــة عــن أحــداث العــام املا�ضــي مــن حــروب‬ ‫وأزم ــات‪ ،‬وص ــول الرئي ــس دونال ــد ترام ــب إل ــى‬ ‫البي ــت األبي ــض‪ ،‬وتداعي ــات الزل ـزال الس ــوري‬ ‫الت ــي ق ــد تؤث ــر عل ــى الع ـراق واإلقلي ــم‪ ،‬ب ــرزت‬ ‫أهمي ــة الرس ــائل الت ــي وجهه ــا بارزان ــي بش ــأن‬ ‫الس ــام واالس ــتقرار‪.‬‬ ‫لــم يكــن اختيــار مؤتمــر ميونيــخ مجــرد صدفــة‪،‬‬ ‫ب ــل ج ــاء توقيت ــه وامل ــكان ال ــذي اختي ــر إلط ــاق‬ ‫تل ــك الرس ــائل ذات دالالت اس ــتراتيجية كبي ــرة‪.‬‬ ‫فق ــد ش ــكل املؤتم ــر منص ــة لفه ــم التوجه ــات‬ ‫الجدي ــدة ف ــي السياس ــة األمريكي ــة‪ ،‬خاص ـ ًـة ف ــي‬ ‫ظــل الحــرب األوكرانيــة والتحــوالت فــي عالقــات‬ ‫واشــنطن مــع موســكو بعــد عهــد ترامــب‪ ،‬فضـ ًـا‬ ‫ع ــن الص ـراع املس ــتمر ف ــي الش ــرق األوس ــط‪.‬‬ ‫ف ــي اللق ــاءات املغلق ــة الت ــي حضره ــا أكث ــر م ــن‬ ‫س ــتين رئي ــس دول ــة وحكوم ــة وأكث ــر م ــن مئ ــة‬ ‫وزيــر‪ ،‬اسـ ُـتغل هــذا الحــدث لتــداول اآلراء حــول‬ ‫قضايــا عــدة تتـراوح بيــن العالقــات االقتصاديــة‬ ‫والسياس ــية والدفاعي ــة‪ ،‬مم ــا من ــح بارزان ــي‬ ‫الفرص ــة للتأكي ــد عل ــى أهمي ــة دور اإلقلي ــم ف ــي‬

‫مواجه ــة التحدي ــات األمني ــة العاملي ــة‪.‬‬ ‫املشاركة السادسة وإبراز التجربة اإلقليمية‬ ‫وبهــذا الخصــوص يقــول املتحــدث باســم رئاســة‬ ‫إقليــم كوردســتان‪ ،‬دلشــاد شــهاب‪ ،‬بــأن مؤتمــر‬ ‫ميوني ــخ يمث ــل مناس ــبة س ــنوية تعق ــد ملناقش ــة‬ ‫املس ــائل األمني ــة‪ ،‬حي ــث تش ــارك كوردس ــتان ف ــي‬ ‫املؤتم ــر للم ــرة العاش ــرة‪ ،‬فيم ــا ُتع ــد مش ــاركة‬ ‫بارزان ــي في ــه للم ــرة السادس ــة‪.‬‬ ‫وأوض ــح ش ــهاب ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن املنطق ــة‬ ‫تش ــهد تغي ـرات س ــريعة واضطراب ــات مس ــتمرة‪،‬‬ ‫مم ــا يب ــرز خب ــرة اإلقلي ــم ف ــي مكافح ــة اإلره ــاب‪،‬‬ ‫خاص ــة ف ــي مواجه ــة تنظي ــم داع ــش‪ .‬كم ــا أش ــار‬ ‫ـورا ً‬ ‫إل ــى أن املل ــف الس ــوري مث ــل مح ـ ً‬ ‫حيوي ــا ف ــي‬ ‫اللقــاءات‪ ،‬نظ ـ ًرا للتأثيــر املباشــر للصراعــات فــي‬ ‫س ــوريا عل ــى وض ــع الع ـراق وإقلي ــم كوردس ــتان‪،‬‬ ‫خاصـ ًـة وأن ســوريا دولــة جــارة تشــترك معهــا فــي‬ ‫الح ــدود واملصال ــح‪.‬‬ ‫وأك ــد ش ــهاب أن رئي ــس اإلقلي ــم دع ــا إل ــى ع ــدم‬ ‫التعامــل مــع كوردســتان كمجــرد إقليــم ثانــوي‪،‬‬ ‫بــل كجهــة اســتراتيجية رئيســية تحتــاج إلــى دعــم‬ ‫دول ــي للحف ــاظ عل ــى االس ــتقرار ف ــي املنطق ــة‪،‬‬ ‫خاص ـ ًـة ف ــي ظ ــل تهدي ــدات اإلره ــاب والفك ــر‬ ‫املتط ــرف الت ــي م ــا زال ــت تش ــكل ً‬ ‫تحدي ــا كبي ـ ًـرا‪.‬‬ ‫امللــف الســوري‪ :‬رؤيــة تعدديــة ونمــوذج سيا�ســي‬ ‫مختلــف‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪7‬‬

‫نيجيرفان بارزاني يتصدر النقاشات العالمية في ميونيخ ‪..‬‬

‫أح ــد أه ــم املواضي ــع الت ــي تناوله ــا بارزان ــي م ــن‬ ‫ميون ــخ كان املل ــف الس ــوري‪ ،‬فف ــي مؤتم ــر‬ ‫صحف ــي أش ــار رئي ــس اإلقلي ــم‪ ،‬إل ــى أن "املس ــألة‬ ‫الســورية كانــت واحــدة مــن املحــاور الرئيســية فــي‬ ‫جمي ــع اللق ــاءات"‪.‬‬ ‫وأع ــرب ع ــن تفاؤل ــه حي ــال س ــقوط النظ ــام‬ ‫االس ــتبدادي ف ــي س ــوريا‪ ،‬داعي ـ ًـا الس ــلطة‬ ‫الس ــورية الحالي ــة إل ــى إش ـراك جمي ــع املكون ــات‬ ‫ف ــي عملي ــة الحك ــم‪ .‬وص ـ ّـرح ب ــأن الرئي ــس أحم ــد‬ ‫ً‬ ‫إيجابيــا الســتقرار‬ ‫الشــرع يمكــن أن يكــون عامـ ًـا‬ ‫س ــوريا وإنق ــاذ ش ــعبها م ــن املعان ــاة‪.‬‬ ‫م ــع ذل ــك‪ ،‬أض ــاف بارزان ــي أن النم ــوذج‬ ‫السيا�س ــي املتب ــع ف ــي الع ـراق ق ــد ال يك ــون‬ ‫مناس ـ ًـبا لتطبيق ــه ف ــي س ــوريا بنف ــس الصيغ ــة؛‬ ‫إذ تختل ــف الجغرافي ــا واملكون ــات ف ــي س ــوريا‬ ‫ع ــن تل ــك املوج ــودة ف ــي الع ـراق‪ .‬ول ــذا‪ ،‬دع ــا إل ــى‬ ‫اعتم ــاد نم ــوذج سيا�س ــي يحظ ــى بقب ــول جمي ــع‬ ‫األط ـراف الس ــورية‪ ،‬مم ــا يعك ــس رؤي ــة تعددي ــة‬ ‫تأخــذ فــي االعتبــار خصوصيــات كل بلــد‪ ،‬ويؤكــد‬ ‫علــى ضــرورة تحقيــق مشــاركة جماعيــة لضمــان‬ ‫االس ــتقرار‪.‬‬ ‫تعزيز الدعم الدولي والتحالفات االستراتيجية‬ ‫ب ــرزت لق ــاءات بارزان ــي م ــع ع ــدد م ــن املس ــؤولين‬ ‫األمريكيي ــن كخط ــوة مهم ــة لتعزي ــز العالق ــات‬ ‫الثنائي ــة م ــع واش ــنطن‪ .‬فف ــي لقائ ــه م ــع وزي ــر‬ ‫الخارجي ــة األمريك ــي مارك ــو روبي ــو‪ ،‬وص ــف‬ ‫بارزان ــي االجتم ــاع بأن ــه "جي ــد"‪ ،‬مش ـ ًـيرا إل ــى أن‬ ‫تولــي املنصــب‪.‬‬ ‫روبيــو لــم يمــض وقــت طويــل علــى ّ‬ ‫كم ــا أك ــد عل ــى أهمي ــة إب ـراز الع ـراق كعام ــل‬ ‫اس ــتقرار ف ــي املنطق ــة‪ ،‬حي ــث ج ــاء ذل ــك ف ــي‬ ‫س ــياق رس ــالة مفاده ــا‪" :‬باس ــم الع ـراق وإقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان ّأكدن ــا ه ــذه األم ــور"‪.‬‬ ‫وأوض ــح بارزان ــي أن اإلدارة األمريكي ــة الجدي ــدة‬ ‫تنظ ــر إل ــى األم ــور بطريق ــة مختلف ــة‪ ،‬م ــع تركي ــز‬ ‫الرئي ــس (ترام ــب) عل ــى إنه ــاء الح ــروب وإح ــال‬ ‫الس ــام ف ــي املنطق ــة‪ ،‬وه ــو م ــا يتما�ش ــى م ــع‬ ‫احتياج ــات العال ــم الراهن ــة‪.‬‬ ‫ول ــم يقتص ــر التفاع ــل م ــع املس ــؤولين‬ ‫ز‬ ‫أيضــا‬ ‫األمريكييــن علــى روبيــو‪ ،‬بــل التقــى بار انــي ً‬ ‫بالس ــيناتورة إليس ــا س ــلوتكين وعض ــو مجل ــس‬ ‫الشــيوخ كريــس فــان هولــن‪ .‬حيــث ناقــش معهــم‬

‫«أشار بارزاني إلى أن الوضع في العراق‬ ‫"جيّد" مع وجود مشاريع إنشائية جديدة‪،‬‬ ‫وأوضح أن أكبر مشكلة تواجه العراق حاليًا‬ ‫هي االزدحامات المرورية » ‪.‬‬

‫« من خالل مشاركته السادسة في مؤتمر‬ ‫ميونيخ لألمن‪ ،‬أرسى نيجيرفان بارزاني رؤية‬ ‫جديدة لمستقبل الشرق األوسط‪ ،‬قائمة على‬ ‫الحوار والتعددية والتعاون الدولي »‪.‬‬

‫الدع ــم األمريك ــي املس ــتمر للع ـراق وإقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان ف ــي مج ــاالت األم ــن والدف ــاع‪ ،‬م ــع‬ ‫إبـراز أهميــة تدريــب قــوات البيشــمركة وتعزيــز‬ ‫قدراته ــا ف ــي مواجه ــة اإلره ــاب‪ .‬وق ــد أك ــد ه ــؤالء‬ ‫املس ــؤولون عل ــى الت ـزام الكونغ ــرس األمريك ــي‬ ‫بدعــم االســتقرار فــي املنطقــة وتعزيــز العالقــات‬ ‫م ــع الع ـراق وكوردس ــتان‪.‬‬ ‫التعاون مع تركيا والحلف الناتو‬ ‫عل ــى الصعي ــد اإلقليم ــي‪ ،‬ج ــاء لق ــاء بارزان ــي‬ ‫م ــع وزي ــر الخارجي ــة التركــي ه ــاكان في ــدان‬ ‫كح ــدث مه ــم‪ ،‬إذ أك ــد عل ــى ض ــرورة اس ــتمرار‬ ‫التع ــاون بي ــن إقلي ــم كوردس ــتان وتركي ــا عل ــى‬ ‫أس ــاس املصال ــح املش ــتركة‪ ،‬خاص ـ ًـة ف ــي مج ــال‬ ‫األم ــن واالس ــتقرار اإلقليم ــي‪ .‬وف ــي تغري ــدة عل ــى‬ ‫منص ــة "اك ــس"‪ ،‬وص ــف بارزان ــي في ــدان بأن ــه‬ ‫"صديقــه"‪ ،‬مشـ ًـيرا إلــى أن اللقــاء تمحــور حــول‬ ‫مناقش ــة التط ــورات اإلقليمي ــة األخي ــرة وتعزي ــز‬ ‫العالق ــات بي ــن الع ـراق وكوردس ــتان وتركي ــا‪.‬‬ ‫كم ــا تط ــرق بارزان ــي خ ــال لقاءات ــه إل ــى أهمي ــة‬ ‫تعزي ــز التع ــاون م ــع حل ــف النات ــو‪ ،‬إذ أك ــد م ــع‬ ‫األميــن العــام للحلــف‪ ،‬مــارك روت‪ ،‬علــى ضــرورة‬ ‫دع ــم النات ــو لق ــدرات البيش ــمركة‪ ،‬مل ــا له ــذا‬ ‫الدعــم مــن دور فــي حفــظ االســتقرار واألمــن فــي‬

‫املنطق ــة‪ .‬وأب ــرز روت أهمي ــة التع ــاون املش ــترك‬ ‫بي ــن النات ــو والع ـراق وإقلي ــم كوردس ــتان‬ ‫ملواجه ــة التحدي ــات اإلرهابي ــة الت ــي ال ت ـزال‬ ‫ته ــدد األم ــن اإلقليم ــي‪.‬‬ ‫العالقات األوروبية وتأكيد دور االتحاد‬ ‫عل ــى صعي ــد العالق ــات م ــع أوروب ــا‪ ،‬عق ــد‬ ‫بارزان ــي اجتماع ــات م ــع مس ــؤولين م ــن أملاني ــا‬ ‫وفرنس ــا واملفوضي ــة األوروبي ــة‪ .‬فف ــي لق ــاء م ــع‬ ‫وزي ــر الخارجي ــة الفرن�س ــي جان‪-‬نوي ــل ب ــارو‪،‬‬ ‫عب ــر بارزان ــي ع ــن تقدي ــر ش ــعب كوردس ــتان‬ ‫ّ‬ ‫للصداق ــة والدع ــم املس ــتمر ال ــذي تقدم ــه‬ ‫فرنس ــا‪ ،‬خاص ــة ف ــي مج ــال مكافح ــة اإلره ــاب‬ ‫وترس ــيخ االس ــتقرار‪ .‬كم ــا ت ــم التأكي ــد عل ــى‬ ‫أهمي ــة تطوي ــر العالق ــات ف ــي املج ــاالت‬ ‫السياس ــية واألمني ــة واالقتصادي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا التق ــى بارزان ــي م ــع مس ــؤولي املفوضي ــة‬ ‫األوروبي ــة‪ ،‬حي ــث أش ــادت رئيس ــة املفوضي ــة‬ ‫أورس ــوال ف ــون دي ــر الي ــن برؤي ــة اإلقلي ــم تج ــاه‬ ‫املل ــف الس ــوري‪ ،‬وأك ــدت تقدي ــر االتح ــاد‬ ‫األوروب ــي ل ــدور كوردس ــتان‪ ،‬م ــع تس ــليط‬

‫الض ــوء عل ــى ش ــجاعة ق ــوات البيش ــمركة ف ــي‬ ‫مواجه ــة تنظي ــم داع ــش‪ .‬وأش ــارت ف ــون دي ــر‬ ‫الي ــن إل ــى أهمي ــة مش ــاركة امل ـرأة ف ــي جه ــود‬ ‫مكافح ــة اإلره ــاب‪ ،‬مم ــا يب ــرز بع ـ ًـدا جدي ـ ًـدا‬ ‫للتع ــاون األوروب ــي م ــع اإلقلي ــم‪.‬‬ ‫ل ــم يقتص ــر دور بارزان ــي عل ــى املل ــف‬ ‫الكوردس ــتاني واإلقليم ــي فق ــط‪ ،‬ب ــل امت ــد‬ ‫إل ــى تعزي ــز ص ــورة الع ـراق‪ .‬فق ــد أش ــار بارزان ــي‬ ‫إل ــى أن الوض ــع ف ــي الع ـراق ّ‬ ‫"جي ــد" م ــع وج ــود‬ ‫مش ــاريع إنش ــائية جدي ــدة‪ ،‬وأوض ــح أن أكب ــر‬ ‫مش ــكلة تواج ــه الع ـراق ً‬ ‫حالي ــا ه ــي االزدحام ــات‬ ‫املروري ــة‪ ،‬معب ـ ًـرا ع ــن تفاؤل ــه ب ــأن الع ـراق ال‬ ‫يعانــي مــن أزمــات كبيــرة تؤثــر علــى حيــاة شــعبه‬ ‫الــذي يســتحق حيــاة أفضــل‪ .‬كمــا أكــد علــى أن‬ ‫العالق ــات بي ــن بغ ــداد وأربي ــل تش ــهد تحس ـ ًـنا‬ ‫ملحوظ ــا‪ ،‬م ــع توجي ــه ش ــكر لرئي ــس ال ــوزراء‬ ‫ً‬ ‫االتحــادي محمــد شــياع الســوداني علــى جهــوده‬ ‫املبذولــة لحــل املشــكالت بيــن الجانبيــن‪ ،‬مؤكـ ًـدا‬ ‫أساس ــا لتكام ــل‬ ‫أن العم ــل املش ــترك يش ــكل‬ ‫ً‬ ‫املصا ل ــح‪.‬‬

‫لقاءات رئاسية وبناء شبكة عالقات دولية‬ ‫تخلل ــت مش ــاركة بارزان ــي ف ــي املؤتم ــر ع ــدد م ــن‬ ‫اللقــاءات األخــرى مــع مســؤولين مــن دول عــدة‪،‬‬ ‫منه ــا لق ــاء م ــع وزي ــر الدول ــة ف ــي وزارة الخارجي ــة‬ ‫األملاني ــة توبي ــاس ليندن ــر واجتماع ــات م ــع‬ ‫ممثلي ــن ع ــن البرمل ــان األملان ــي‪ ،‬مم ــا يعك ــس‬ ‫تقدي ــر ال ــدول األوروبي ــة ل ــدور اإلقلي ــم ف ــي‬ ‫مكافح ــة اإلره ــاب ودع ــم ق ــوات البيش ــمركة‪.‬‬ ‫كم ــا التق ــى بارزان ــي م ــع نائ ــب رئي ــس ال ــوزراء‬ ‫األردن ــي ووزي ــر الخارجي ــة األردن ــي أيم ــن‬ ‫الصف ــدي‪ ،‬حي ــث ت ــم بح ــث س ــبل تعزي ــز‬ ‫العالق ــات الثنائي ــة ودور األردن ف ــي دع ــم‬ ‫اس ــتقرار املنطق ــة‪.‬‬ ‫وف ــي إط ــار التع ــاون العس ــكري واألمن ــي‪ ،‬التق ــى‬ ‫بارزان ــي م ــع وزي ــر الدف ــاع اإليطال ــي غوي ــدو‬ ‫كروس ــيتو‪ ،‬ال ــذي أك ــد أهمي ــة الش ـراكة م ــع‬ ‫كوردس ــتان ف ــي دع ــم البيش ــمركة وتعزي ــز‬ ‫ـيدا بــدور اإلقليــم فــي‬ ‫التعــاون مــع الع ـراق‪ ،‬مشـ ً‬ ‫الحف ــاظ عل ــى االس ــتقرار ف ــي املنطق ــة‪.‬‬ ‫ول ــم تغف ــل اللق ــاءات الدبلوماس ــية حض ــور‬

‫ممثلي ــن م ــن البحري ــن‪ ،‬حي ــث أك ــد وزي ــر‬ ‫الخارجيــة البحرينــي عبداللطيــف الزيانــي علــى‬ ‫أهمي ــة تعزي ــز العالق ــات م ــع اإلقلي ــم لدع ــم‬ ‫اس ــتقرار املنطق ــة‪.‬‬ ‫كم ــا توس ــعت ش ــبكة اللق ــاءات لتش ــمل‬ ‫اجتماع ــات م ــع رؤس ــاء وزراء م ــن هولن ــدا‬ ‫وبلغاريــا وأرمينيــا وإســتونيا‪ ،‬مــا يعكــس التنــوع‬ ‫وال ــدور الدبلوما�س ــي الكبي ــر ال ــذي يلعب ــه‬ ‫بارزان ــي ف ــي تأمي ــن مصال ــح اإلقلي ــم والع ـراق ف ــي‬ ‫املحاف ــل الدولي ــة‪.‬‬ ‫ويق ــول مراقب ــون إن ــه م ــن خ ــال مش ــاركته‬ ‫السادس ــة ف ــي مؤتم ــر ميوني ــخ لألم ــن‪ ،‬أر�س ــى‬ ‫نيجيرف ــان بارزان ــي رؤي ــة جدي ــدة ملس ــتقبل‬ ‫الش ــرق األوس ــط‪ ،‬قائم ــة عل ــى الح ــوار‬ ‫والتعددي ــة والتع ــاون الدول ــي‪ ،‬كم ــا أظه ــر‬ ‫أن إقلي ــم كوردس ــتان لي ــس مج ــرد منطق ــة‬ ‫جغرافي ــة‪ ،‬ب ــل ه ــو ش ــريك اس ــتراتيجي‬ ‫عل ــى مس ــتوى العال ــم‪ ،‬خاص ـ ًـة ف ــي مواجه ــة‬ ‫التحدي ــات األمني ــة واإلرهابي ــة الت ــي ته ــدد‬ ‫اس ــتقرار املنطق ــة‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫رابطة دولية تقرع ناقوس الخطر ‪..‬‬

‫بشأن عطل التعليم بإقليم كوردستان‬ ‫"سلبية وكثيرة"‬

‫فيلي ‪ -‬متابعة‪:‬‬ ‫نبه ــت "رابط ــة التعل ــم العاملي ــة" الت ــي تتخ ــذ م ــن بروكس ــل مق ــرا‬ ‫له ــا‪ ،‬م ــن أن الع ــدد الكبي ــر م ــن أي ــام العط ــل يخل ــق آث ــا ًرا س ــلبية‬ ‫عل ــى أداء املؤسس ــات التعليمي ــة ف ــي إقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬ويجع ــل‬ ‫االســاتذة والتالميــذ يعانــون مــن اجــل مواكبــة املناهــج الدراســية‬ ‫واس ــتكمالها‪ ،‬طارح ــة ع ــدة توصي ــات ملعالج ــة ه ــذه املش ــكلة‪.‬‬

‫وبعدمــا أشــارت الرابطــة الدوليــة التــي تضــم‬ ‫فــي عضويتهــا ‪ 375‬هيئــة تعليميــة حــول العالــم‬ ‫تمث ــل ‪ 33‬ملي ــون أس ــتاذ عام ــل ف ــي القط ــاع‬ ‫التعليم ــي‪ ،‬إل ــى الع ــدد املف ــرط للعط ــات ف ــي‬ ‫التقوي ــم األكاديم ــي‪ ،‬ذك ــرت بأن ــه من ــذ تغيي ــر‬ ‫املناه ــج الدراس ــية ف ــي عام ــي ‪ 2007‬و‪،2008‬‬ ‫كان هن ــاك تأكي ــد راس ــخ م ــن املعلمي ــن عل ــى‬ ‫حاج ــة الط ــاب إل ــى وق ــت كاف الس ــتكمال‬ ‫برامجه ــم التعليمي ــة‪ ،‬ونج ــاح املعلمي ــن ف ــي‬ ‫نق ــل املعرف ــة بش ــكل فع ــال‪ ،‬وللتالمي ــذ م ــن‬ ‫أج ــل اس ــتيعابها بش ــكل س ــليم‪ ،‬وتأهيله ــم‬ ‫ملواجه ــة التحدي ــات األكاديمي ــة املس ــتقبلية‪.‬‬ ‫إال أن التقريــرالــذي ترجمتــه مجلــة «فيلــي»‪،‬‬

‫وصــف الو اقــع بأنــه بعيــد عــن املثاليــة‪ ،‬ونقــل‬ ‫ع ــن نقي ــب املعلمي ــن ف ــي إقلي ــم كوردس ــتان‬ ‫عبدالواح ــد الح ــاج‪ ،‬قول ــه إن ــه "ل ــم يت ــم‬ ‫تحقي ــق الق ــدر املطل ــوب م ــن زم ــن التدري ــس‬ ‫املح ــدد بــ‪ 30‬أس ــبوعا‪ ،‬أو ‪ 200‬ي ــوم‪ ،‬أو ‪900‬‬ ‫س ــاعة"‪.‬‬ ‫وبحســب الحــاج فــإن العــام الدرا�ســي ‪-2012‬‬ ‫‪ ،2013‬الــذي يعتبــراألكثــرنجاحـ ًـا‪ ،‬لــم يشــهد‬ ‫ســوى ‪ 133‬يومـ ًـا فقــط مــن التدريــس الفعلــي‪،‬‬ ‫ـيرا إل ــى فش ــل‬ ‫بخ ــاف أي ــام االمتحان ــات‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫الجهــود املبذولــة لتمديــد ســاعات الدراســة‪،‬‬ ‫والتــي مــن أبــرزأســبابها كثــرة اإلجــازات‪.‬‬ ‫وبعدم ــا نق ــل التقري ــر ع ــن الح ــاج قول ــه إن‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪11 2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫عطل التعليم بإقليم كوردستان "سلبية وكثيرة"‬

‫التعسف في إعالن‬ ‫العطالت‪ ،‬هو غالبا ما‬ ‫يكون متأثراً بدوافع‬ ‫سياسية‪ ،‬ويتسبب‬ ‫بتفاقم الوضع‪ ،‬على‬ ‫غرار تمديد العطلة‬ ‫احياناً لخلق عطلة‬ ‫نهاية أسبوع أكثر‬ ‫طوالً‪ ،‬مما يؤدي‬ ‫إلى تعطيل الجدول‬ ‫الدراسي»‪.‬‬

‫القضي ــة ليس ــت جدي ــدة‪ ،‬ذك ــر ب ــأن مؤتم ــرا‬ ‫عق ــده رئي ــس وزراء اإلقلي ــم األس ــبق بره ــم‬ ‫صال ــح (‪ ،)2012-2009‬ج ــرى في ــه نق ــاش‬ ‫حــول مشــكلة اإلجــازات الكثيــرة‪ ،‬مضيفــا أنــه‬ ‫برغ ــم وع ــي املس ــؤولين الحكوميي ــن‪ ،‬غي ــر أن ــه‬ ‫ل ــم يت ــم اتخ ــاذ اي تدابي ــرجوهري ــة ملعالجته ــا‪،‬‬ ‫و أن ــه ب ــدال م ــن ذل ــك‪ ،‬ج ــرى تخفي ــض ع ــدد‬ ‫أيــام التدريــس األســبوعية مــن ‪ 6‬إلــى ‪ ،5‬وهــو‬ ‫م ــا تس ــبب ف ــي تفاق ــم املش ــكلة‪.‬‬ ‫وف ــي حي ــن لف ــت التقري ــر إل ــى أهمي ــة لج ــوء‬

‫الــدول إلــى مراجعــة ســنوية ملعالجــة العيــوب‬ ‫ف ــي النظ ــام التعليم ــي‪ ،‬أش ــار إل ــى أن األبح ــاث‬ ‫ح ــول تأثي ــراإلج ــازات عل ــى التعلي ــم‪ ،‬تظه ــرأن‬ ‫كثرتهــا تخلــق اإلحبــاط بيــن املعلميــن و تعرقــل‬ ‫العملي ــة التعليمي ــة‪.‬‬ ‫وبحســب الحــاج فإنــه "فــي هــذا العــام وحــده‪،‬‬ ‫جــرى تخصيــص ‪ 30‬يومــا كعطلــة فــي الفصــل‬ ‫الدرا�س ــي األول‪ ،‬م ــع خس ــارة أي ــام إضافي ــة‬ ‫لألغ ــراض االنتخابي ــة وإج ــراءات التع ــداد‬ ‫الس ــكاني"‪.‬‬

‫وتح ــدث التقري ــر ع ــن تعس ــف ف ــي إع ــان‬ ‫العط ــات‪ ،‬وه ــو غالب ــا م ــا يك ــون متأث ـ ًـرا‬ ‫بدو اف ــع سياس ــية‪ ،‬ويتس ــبب بتفاق ــم‬ ‫الوض ــع‪ ،‬عل ــى غ ــرار تمدي ــد العطل ــة احيان ـ ًـا‬ ‫ـوال‪ ،‬مم ــا‬ ‫لخل ــق عطل ــة نهاي ــة أس ــبوع أكث ــر ط ـ ً‬ ‫ي ــؤدي إل ــى تعطي ــل الج ــدول الدرا�س ــي‪.‬‬ ‫وق ــد أدت ه ــذه املمارس ــة إل ــى انخف ــاض كبي ــر‬ ‫ف ــي أي ــام التدري ــس‪ ،‬األم ــر ال ــذي أث ــار اس ــتياء‬ ‫املعلميــن الذيــن يكافحــون إلكمــال مناهجهــم‬ ‫الدراس ــية‪.‬‬

‫ونق ــل التقري ــر ع ــن الح ــاج قول ــه‪ ،‬إن وزارة‬ ‫التربي ــة تتحم ــل مس ــؤولية ه ــذه القضي ــة‪،‬‬ ‫ـيرا إلــى أنــه برغــم أن األحــداث السياســية‬ ‫مشـ ً‬ ‫واألعي ــاد الوطني ــة ال يمك ــن تجاهله ــا‪ ،‬إال أن‬ ‫علــى الــوزارة ضمــان عــدم تعطيــل الروزنامــة‬ ‫األكاديمي ــة بش ــكل كبي ــر‪.‬‬ ‫وبحس ــب الح ــاج ف ــإن التعلي ــم يمث ــل حج ــر‬ ‫الزاوي ــة ف ــي تنمي ــة االم ــة‪ ،‬داعي ــا حكوم ــة‬ ‫إقلي ــم كوردس ــتان ال ــى القي ــام بإج ــراءات‬ ‫فوري ــة إلص ــاح التقوي ــم األكاديم ــي وتأمي ــن‬

‫التعليــم املســتمرللطــاب مثلمــا يســتحقونه‪.‬‬ ‫وذك ــر التقري ــر أن ــه م ــن أج ــل معالج ــة ه ــذه‬ ‫القضي ــة امللح ــة‪ ،‬فإن ــه م ــن املمك ــن تطبي ــق‬ ‫اإلج ــراءات االتي ــة‪:‬‬ ‫وضــع روزنامــة تعليميــة ال تتضمــن اإلجــازات‬‫التعس ــفية‪ ،‬وتح ــدد األعي ــاد الديني ــة‬ ‫والوطني ــة مث ــل عي ــد الن ــوروز‪.‬‬ ‫تخصي ــص ‪ 200‬ي ــوم عل ــى االق ــل للتدري ــس‬‫للس ــماح باس ــتكمال املنه ــج الدرا�س ــي‪.‬‬ ‫‪-‬ضم ــان التعوي ــض الكام ــل لالس ــاتذة ملن ــع‬

‫االج ــازات القس ــرية الت ــي تعط ــل العملي ــة‬ ‫ا لتعليمي ــة ‪.‬‬ ‫وذك ــرالتقري ــرب ــأن الح ــاج س ــبق ل ــه أن أش ــار‬ ‫إلــى أنــه خــال العــام الدرا�ســي ‪،2023-2022‬‬ ‫ج ــرى اس ــتخدام ‪ 173‬يوم ــا للدراس ــة‪ ،‬أي أن‬ ‫زم ــن الدراس ــة يبل ــغ ‪ 692‬س ــاعة‪ ،‬وه ــو أق ــل‬ ‫بكثي ــر م ــن الع ــام الدرا�س ــي الكام ــل‪ ،‬مضيف ـ ًـا‬ ‫أن "العديــد مــن األســاتذة أبلغونــي أن همهــم‬ ‫األكب ــر ال يتمث ــل ف ــي تحوي ــل أي ــام الس ــبت إل ــى‬ ‫اج ــازة‪ ،‬و إنم ــا ع ــدة قضاي ــا رئيس ــة تتعل ــق‬ ‫بض ــرورة تطبي ــق اج ــراءات تس ــتهدف تعزي ــز‬ ‫مكان ــة مهن ــة التدري ــس‪.‬‬ ‫وم ــن بي ــن ه ــذه اإلج ــراءات‪ ،‬ق ــال التقري ــرإنه ــا‬ ‫تتضم ــن دف ــع الروات ــب ف ــي الوق ــت املح ــد‪،‬‬ ‫ومن ــح الترقي ــات‪ ،‬واالهتم ــام األكب ــر بتطوي ــر‬ ‫املعلمي ــن‪ ،‬وإص ــدار قان ــون يحم ــي املعلمي ــن‬ ‫وكرامته ــم‪.‬‬ ‫ترجمة‪ :‬مجلة «فيلي»‬

‫‪12‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪13 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫الكورد الفيليون‪..‬‬

‫معاناة بانتظار حلها بقانون‬ ‫ُمغ ّيب في أدراج البرلمان‬

‫فؤاد علي أكبر‬

‫مستشارشؤون الكورد الفيليين‬ ‫في مجلس النواب العراقي‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يعان ــي الك ــورد الفيلي ــون والذي ــن ينتش ــرون ف ــي بغ ــداد ووس ــط‬ ‫العــراق مــن مشــاكل عديــدة‪ ،‬أبرزهــا مســألة الشــهداء ونــزاع امللكيــة‬ ‫والتعويض ــات‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن اس ــتمرار التعام ــل "غي ــر املنص ــف" م ــن‬ ‫بع ــض الدو ائ ــر الحكومي ــة‪ ،‬م ــا يتس ــبب بتأخ ــر إنج ــاز معامالته ــم‪،‬‬ ‫فيمــا يدعــو مختصــون إلــى ضــرورة تحــرك البرملــان لتشــريع قوانيــن أو‬ ‫معالج ــة بعضه ــا بم ــا ي ّس ــهل ني ــل حقوقه ــم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وتع ــرض الك ــورد الفيلي ــون للتس ــفير والتهجي ــر‬ ‫واالعتقــال والقتــل إبــان حكــم الرئيــس األســبق‬ ‫أحمــد حســن البكــر‪ ،‬فــي عامــي ‪ 1970‬و‪،1975‬‬ ‫وم ــن بع ــده نظ ــام ص ــدام حس ــين ف ــي ‪،1980‬‬ ‫وي ــرى مؤرخ ــون أن التهجي ــر ج ــاء بس ــبب‬ ‫انتماءاته ــم املذهبي ــة والقومي ــة‪.‬‬ ‫حيــث شــرع نظــام البعــث فــي نهايــة الســبعينيات‬ ‫وبداي ــة الثمانيني ــات م ــن الق ــرن املنص ــرم‬ ‫بحمل ــة كبي ــرة لتهجي ــر الك ــورد الفيليي ــن‪،‬‬ ‫وس ــحب الجنس ــية العراقي ــة منه ــم ومص ــادرة‬ ‫ممتلكاته ــم وأمواله ــم املنقول ــة وغي ــر املنقول ــة‪.‬‬ ‫وس ــاق النظ ــام الس ــابق ال ــذي رأس ــه ص ــدام‬ ‫حس ــين لنح ــو ثالث ــة عق ــود‪ ،‬آالف الش ــبان‬ ‫م ــن الك ــورد الفيليي ــن إل ــى أماك ــن غي ــر معلوم ــة‬ ‫ـوال‪ ،‬ويرج ــح بأنه ــم‬ ‫وم ــا ي ـزال مصيره ــم مجه ـ ً‬ ‫قضــوا فــي املعتقــات أو دفنــوا أحيـ ًـاء فــي مقابــر‬ ‫جماعي ــة‪.‬‬ ‫وأصــدرت محكمــة الجنايــات العليــا حكمهــا فــي‬ ‫العــام ‪ 2010‬بشــأن جرائــم التهجيــر والتغييــب‬ ‫ومصــادرة حقــوق الكــورد الفيلييــن وعدتهــا مــن‬ ‫جرائ ــم اإلب ــادة الجماعي ــة‪ ،‬وف ــي الع ــام نفس ــه‬ ‫أص ــدرت الحكوم ــة العراقي ــة ق ـرا ًرا تعه ــدت‬ ‫بموجب ــه بإزال ــة اآلث ــار الس ــيئة الس ــتهداف‬

‫الكــورد الفيلييــن‪ ،‬فيمــا أصــدر مجلــس النــواب‬ ‫العراق ــي ق ـرا ًرا ع ــام ‪ 2011‬ع ــد بموجب ــه عملي ــة‬ ‫التهجي ــر والتغيي ــب القس ــري للفيليي ــن جريم ــة‬ ‫إب ــادة جماعي ــة‪.‬‬ ‫قانــون م ّ‬ ‫غيــب فــي أدراج البرملان‬ ‫ُ‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يق ــول مستش ــار ش ــؤون‬ ‫الك ــورد الفيليي ــن ف ــي مجل ــس الن ــواب العراق ــي‪،‬‬ ‫ف ــؤاد عل ــي أكب ــر‪ ،‬إن "املحكم ــة الجنائي ــة أق ــرت‬ ‫أن الجريمــة التــي ارتكبــت ضــد الكــورد الفيلييــن‬ ‫ه ــي إب ــادة جماعي ــة‪ ،‬وعل ــى ضوئه ــا أص ــدرت‬ ‫رئاس ــة ال ــوزراء ع ــام ‪ 2010‬ق ـرار ‪ 426‬بإزال ــة‬ ‫اآلث ــار الس ــيئة ع ــن الك ــورد الفيليي ــن الناجم ــة‬ ‫ع ــن اإلب ــادة الجماعي ــة ضده ــم"‪.‬‬ ‫ويضيــف أكبــر ملجلــة «فيلــي»‪" ،‬كمــا تــم تشــكيل‬ ‫لجن ــة ف ــي وزارة الثقاف ــة إلزال ــة اآلث ــار الس ــيئة‬ ‫ولجنــة أخــرى فــي وزارة حقــوق اإلنســان (ألغيــت‬ ‫ال ــوزارة الحق ـ ًـا)‪ ،‬وباش ــرت اللج ــان بتغطي ــة‬ ‫مس ــاحة واس ــعة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" ،‬بعده ــا أص ــدرت رئاس ــة ال ــوزراء‬ ‫األم ــر الديوان ــي ‪ 122‬بتش ــكيل لجن ــة مرتبط ــة‬ ‫باألمان ــة العام ــة إلزال ــة اآلث ــار الس ــيئة ع ــن‬ ‫الك ــورد الفيليي ــن‪ ،‬وتض ــم ه ــذه اللجن ــة أعض ـ ًـاء‬ ‫م ــن الجنس ــية والهج ــرة واملهجري ــن والنزاع ــات‬

‫حيدر هشام الفيلي‬

‫سيا�سي مستقل‬

‫امللكي ــة ومؤسس ــة الش ــهداء والس ــجناء وكل‬ ‫األط ـراف الت ــي له ــا عالق ــة بمش ــاكل الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن‪ ،‬وحقق ــت ه ــذه اللجن ــة الكثي ــر م ــن‬ ‫األم ــور املتعلق ــة بقضاي ــا الك ــورد الفيليي ــن"‪.‬‬ ‫وي ــردف‪" ،‬بعده ــا أص ــدرت رؤي ــة بتش ــكيل‬ ‫لجنــة جديــدة بأمــر ديوانــي ‪ 33‬باألمانــة العامــة‬ ‫ملجل ــس ال ــوزراء‪ ،‬وه ــذه اللجن ــة مس ــتمرة‬ ‫بمتابع ــة قضاي ــا الك ــورد الفيليي ــن وتش ــخيص‬ ‫مش ــاكلهم‪ ،‬لك ــن هن ــاك بع ــض األم ــور فيه ــا‬ ‫مش ــاكل خالفي ــة وتتطل ــب تعدي ـ ًـا بالقان ــون‬ ‫حي ــث هن ــاك قضاي ــا تتعل ــق بالتعليم ــات‪،‬‬ ‫لذل ــك ص ــار توج ــه إل ــى تش ــريع قان ــون لتنظي ــم‬

‫حق ــوق الك ــورد الفيليي ــن"‪.‬‬ ‫ويوض ــح‪ ،‬أن "بع ــض مش ــاكل الك ــورد الفيليي ــن‬ ‫ه ــي نتيج ــة وج ــود خل ــل قانون ــي‪ ،‬م ــا يتطل ــب‬ ‫ـدا أو تعديــل بالقانــون لحــل هــذه‬ ‫ـريعا جديـ ً‬ ‫تشـ ً‬ ‫األخط ــاء‪ ،‬وأن تنظ ــم كل املش ــاكل الت ــي يعان ــي‬ ‫منه ــا الك ــورد الفيلي ــون بقان ــون‪ ،‬لذل ــك ت ــم‬ ‫إع ــداد مس ــودة مش ــروع قان ــون تنظي ــم حق ــوق‬ ‫الكــورد الفيلييــن‪ ،‬وتــم تقديمــه للــوزارات إلبــداء‬ ‫املالحظ ــات عليه ــا‪ ،‬وبعده ــا ت ــم تقدي ــم مس ــودة‬ ‫القان ــون إل ــى أكث ــر م ــن ط ــرف داخ ــل مجل ــس‬ ‫الن ــواب لك ــن املس ــودة وضع ــت ف ــي أدراج‬ ‫البرمل ــان ول ــم تش ــهد أي تط ــور من ــذ عامي ــن"‪.‬‬

‫الكوتــا الفيليــة‪ ..‬ظلــم وإجحاف‬ ‫ويــرى مراقبــون‪ ،‬أن هنــاك العديــد مــن امللفــات‬ ‫تخ ــص الك ــورد الفيليي ــن فيه ــا تلك ــؤ وإجح ــاف‪،‬‬ ‫منهــا حصــر (كوتــا الفيلييــن) فــي مجلــس النــواب‬ ‫العراق ــي بمقع ــد واح ــد‪ ،‬معتبري ــن أن ه ــذا قلي ــل‬ ‫وإجح ــاف بحقه ــم‪ ،‬كونه ــم يش ــكلون ش ــريحة‬ ‫كبي ــرة‪ ،‬مطالبي ــن بزي ــادة الكوت ــا إل ــى ‪ 5‬مقاع ــد‬ ‫ليت ــوازى م ــع حجمه ــم الس ــكاني الحقيق ــي‬ ‫وكثاف ــة تواجده ــم ف ــي بغ ــداد وديال ــى وواس ــط‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الجان ــب‪ ،‬يق ــول السيا�س ــي املس ــتقل‪،‬‬ ‫حيــدر هشــام الفيلــي‪ ،‬إن "الحكومــات املتتاليــة‬ ‫من ــذ ع ــام ‪ 2003‬ولغاي ــة اآلن أص ــدرت العدي ــد‬

‫م ــن الق ـرارات الخاص ــة بحق ــوق الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن لك ــن املش ــكلة تكم ــن ف ــي تنفي ــذ تل ــك‬ ‫الق ـرارات والروتي ــن املتب ــع ف ــي بع ــض الجه ــات‬ ‫ذات العالق ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الفيل ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "له ــذا‬ ‫نجــد تلكـ ًـؤا فــي العديــد مــن امللفــات‪ ،‬مثــال علــى‬ ‫ذل ــك نالح ــظ تلك ــؤ البرمل ــان العراق ــي بتنفي ــذ‬ ‫قـرار املحكمــة االتحاديــة القا�ضــي بزيــادة عــدد‬ ‫مقاع ــد تمثي ــل الكوت ــا الفيلي ــة النيابي ــة أس ــوة‬ ‫باملك ــون املس ــيحي"‪.‬‬ ‫وه ــذا م ــا يطال ــب ب ــه أيض ـ ًـا عض ــو مجل ــس‬ ‫محافظ ــة بغ ــداد‪ ،‬عام ــر الفيل ــي‪ ،‬ال ــذي يق ــول‬ ‫إن "للك ــورد الفيليي ــن كوت ــا نيابي ــة خصص ــت‬ ‫ملحافظ ــة واس ــط فق ــط‪ ،‬وكان التصوي ــت‬ ‫عل ــى نط ــاق ه ــذه املحافظ ــة دون املحافظ ــات‬ ‫األخ ــرى‪ ،‬لك ــن ت ــم كس ــب دع ــوى ‪/45‬اتحادي ــة‬ ‫م ــن قب ــل املحكم ــة االتحادي ــة"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الفيل ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الق ـرار‬ ‫‪ /45‬اتحاديــة اعتبــر أن العـراق دائــرة انتخابيــة‬ ‫واح ــدة أس ــوة باملس ــيحيين والصابئ ــة‪،‬‬ ‫لذل ــك كان م ــن املفت ــرض عن ــد تش ــريع قان ــون‬ ‫االنتخاب ــات الس ــابق تطبي ــق ق ـرار املحكم ــة‬ ‫االتحادي ــة ‪ 45‬ليك ــون م ــن ح ــق كل الك ــورد‬

‫‪14‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪15 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫الفيليي ــن املوجودي ــن س ــواء ف ــي ديال ــى أو بغ ــداد‬ ‫أو أي م ــكان آخ ــر بالع ـراق‪ ،‬اختي ــار املرش ــح‬ ‫ال ــذي ي ـراه مناس ـ ًـبا ليك ــون ممث ـ ًـا عن ــه ف ــي‬ ‫مجل ــس الن ــواب‪ ،‬لك ــن ل ــم يت ــم تطبي ــق ه ــذا‬ ‫الق ــرار"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" ،‬كم ــا هن ــاك ق ـرار ‪/43‬اتحادي ــة‬ ‫لإليزيدي ــات وه ــذا كان ف ــي طيات ــه مراع ــاة‬ ‫املس ــاواة بي ــن الك ــورد الفيليي ــن م ــع املس ــيحيين‬ ‫الذي ــن يمتلك ــون ‪ 5‬مقاع ــد‪ ،‬لك ــن ل ــم يت ــم‬ ‫مراع ــاة ه ــذه القضي ــة ف ــي التش ــريع الس ــابق ف ــي‬ ‫قان ــون املحافظ ــات والن ــواب‪ ،‬وحالي ـ ًـا مجل ــس‬ ‫النــواب بصــدد تشــريع قانــون انتخابــات جديــد‬ ‫لالنتخاب ــات املق ــررة ف ــي ش ــهر تش ــرين الثان ــي‬ ‫املقب ــل‪ ،‬ويفت ــرض أن يراع ــى ه ــذا ف ــي القان ــون‬ ‫الجد ي ــد"‪.‬‬ ‫وع ــن أع ــداد الك ــورد الفيليي ــن‪ ،‬يش ــير إل ــى أن‬ ‫"أع ــداد الفيليي ــن غي ــر محس ــوم واإلحص ــاء‬ ‫األخيــر الــذي أجرتــه وزارة التخطيــط العراقيــة‬ ‫أهم ــل القومي ــة والدي ــن‪ ،‬وه ــذا كان غي ــر‬ ‫صحي ــح‪ ،‬ألن بمعرف ــة األع ــداد الحقيقي ــة‬ ‫للك ــورد الفيليي ــن وكذل ــك للمكون ــات األخ ــرى‬ ‫م ــن املس ــيحيين واإليزيديي ــن والش ــبك‪ ،‬يمك ــن‬ ‫توزي ــع االس ــتحقاقات عل ــى إثره ــا بالتس ــاوي‪،‬‬ ‫وبم ــا أن األع ــداد مجهول ــة فم ــن املس ــتغرب‬ ‫إعطــاء باقــي املكونــات أكثــر مــن مقعــد فــي وقــت‬ ‫الدس ــتور يس ــاوي بي ــن الجمي ــع"‪.‬‬ ‫وفيم ــا يخ ــص أع ــداد العائدي ــن إل ــى الع ـراق‪،‬‬ ‫يلف ــت ف ــي خت ــام حديث ــه‪ ،‬إل ــى أن "املفوضي ــة‬ ‫العلي ــا لش ــؤون الالجئي ــن ذك ــرت ف ــي تقري ــر له ــا‬ ‫ع ــام ‪ 1997‬أن أع ــداد املهجري ــن إل ــى إي ـران‬ ‫كان بح ــدود ‪ 597‬أل ــف إنس ــان‪ ،‬لك ــن ال توج ــد‬ ‫إحصائي ــة واضح ــة ألع ــداد العائدي ــن"‪.‬‬ ‫وكان ــت وزارة الهج ــرة واملهجري ــن العراقي ــة‪،‬‬ ‫ق ــد أف ــادت ع ــام ‪ 2010‬بأن ــه من ــذ ع ــام ‪،2003‬‬ ‫ج ــرت اس ــتعادة الجنس ــية لنح ــو ‪ 100‬أل ــف‬ ‫ك ــوردي فيل ــي‪ ،‬وه ــو رق ــم قلي ــل طبع ـ ًـا مقارن ــة‬ ‫بالذي ــن هج ــروا الذي ــن تعاظم ــت أعداده ــم‬ ‫حتم ـ ًـا بفع ــل ال ــوالدات وتكوي ــن أس ــر جدي ــدة‬ ‫طيل ــة ‪ 43‬عام ـ ًـا‪ ،‬إذ يش ــكل منحه ــم جنس ــية‬ ‫بلده ــم األصل ــي حق ـ ًـا واجب ـ ًـا له ــم وألجياله ــم‪.‬‬ ‫اعتراف باستشــهاد الكورد الفيليين‬ ‫ي‬ ‫يذك ــر أن ــه ف ــي ‪ 6‬كان ــون الثان ــي الج ــار وبع ــد‬ ‫عق ــود م ــن االنتظ ــار‪ ،‬أعل ــن مدي ــر الدائ ــرة‬ ‫القانوني ــة ورئي ــس لجن ــة ش ــؤون الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن ف ــي مؤسس ــة الش ــهداء‪ ،‬ط ــارق‬ ‫املن ــدالوي‪ ،‬الش ــروع ف ــي اس ــتكمال معام ــات‬ ‫املغيبيــن مــن أبنــاء هــذه الشــريحة‪ ،‬الذيــن بلــغ‬ ‫عدده ــم ‪ 22‬أل ــف ش ــخص‪.‬‬ ‫وق ــال املن ــدالوي ف ــي حدي ــث س ــابق ملجل ــة‬

‫«فيل ــي»‪ ،‬إن "املؤسس ــة خاطب ــت مكت ــب‬ ‫رئيــس مجلــس الــوزراء بشــأن قضيــة الشــهداء‬ ‫املغيبي ــن م ــن الك ــورد الفيليي ــن‪ ،‬وق ــد ق ــام‬ ‫املكت ــب ب ــدوره بمخاطب ــة مجل ــس القض ــاء‬ ‫األعل ــى‪ ،‬مم ــا أس ــفر ع ــن تش ــكيل محكم ــة‬ ‫متخصص ــة للنظ ــر ف ــي مصيره ــم‪ ،‬خاص ــة أن‬ ‫أغلبه ــم م ــا زال ــوا مس ــجلين أحي ـ ًـاء ف ــي س ــجالت‬ ‫النف ــوس"‪.‬‬ ‫وأض ــاف املن ــدالوي أن "املؤسس ــة عمل ــت عل ــى‬ ‫تس ــريع تروي ــج املعام ــات واس ــتصدار حج ــج‬ ‫وف ــاة م ــن خ ــال املحكم ــة املختص ــة‪ ،‬حي ــث‬ ‫قام ــت محكم ــة األح ــوال الش ــخصية بالنظ ــر‬ ‫فــي قضاياهــم‪ ،‬وتــم اعتبارهــم شــهداء وشــملوا‬ ‫بأح ــكام قان ــون مؤسس ــة الش ــهداء رق ــم ‪2‬‬ ‫لس ــنة ‪."2016‬‬ ‫ي‬ ‫وأشــار املنــدالو إلــى أن "عــدد املعامــات التــي‬ ‫تــم اســتصدار حجــج وفــاة لهــا بلــغ ‪ 70‬معاملــة‬ ‫حت ــى اآلن"‪.‬‬ ‫وتاب ــع قائ ـ ًـا‪" ،‬ندع ــو عب ــر مجل ــة «فيل ــي» ذوي‬ ‫الش ــهداء املفقودي ــن واملغيبي ــن إل ــى مراجع ــة‬ ‫الدائ ــرة القانوني ــة‪ ،‬لجن ــة ش ــؤون الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن ف ــي مؤسس ــة الش ــهداء‪ ،‬الس ــتكمال‬ ‫إج ـراءات تروي ــج معامالته ــم"‪.‬‬ ‫وأوض ــح املن ــدالوي‪ ،‬أن "اإلحصائي ــات تؤك ــد‬ ‫وج ــود ‪ 22‬أل ــف ش ــهيد م ــن املغيبي ــن‪ ،‬حي ــث‬ ‫احتج ــز أغلبه ــم ف ــي س ــجون نق ــرة الس ــلمان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وس ــجن رق ــم واح ــد‪ ،‬وس ــجن الش ــعبة‬ ‫الخامس ــة‪ ،‬وأب ــو غري ــب‪ ،‬وس ــجون أخ ــرى"‪،‬‬ ‫مضيف ـ ًـا أن "ه ــؤالء الش ــهداء ُدفن ــوا ف ــي املقاب ــر‬ ‫الجماعي ــة‪ ،‬إال أنه ــم م ــا زال ــوا مس ــجلين أحي ـ ًـاء‬ ‫ف ــي س ــجالت النف ــوس"‪.‬‬ ‫وكان ــت وزارة الداخلي ــة العراقي ــة‪ ،‬وجه ــت‬ ‫ف ــي نيس ــان ‪ ،2024‬دوائره ــا برف ــع التجمي ــد‬ ‫والترقي ــن ع ــن الك ــورد الفيليي ــن اينم ــا وج ــدت‪،‬‬ ‫وذل ــك اس ــتجابة ال ــى طل ــب مق ــدم م ــن قب ــل‬ ‫رئي ــس مجل ــس الن ــواب باالناب ــة (ف ــي حينه ــا)‬ ‫محس ــن املن ــدالوي به ــدف إزال ــة اآلث ــار الس ــيئة‬ ‫التــي اتخذهــا نظــام البعــث الســابق بحــق هــذه‬ ‫الش ــريحة م ــن املجتم ــع‪.‬‬ ‫بدايــة الجرائــم بحــق الكــورد الفيليين‬ ‫وتعرض ــت أع ــداد هائل ــة م ــن الك ــورد الفيليي ــن‬ ‫للتهجي ــر م ــن أراضيه ــم وبيوته ــم بذرائ ــع‬ ‫عنصريــة وطائفيــة‪ ،‬إذ شــهد شــهر نيســان مــن‬ ‫ع ــام ‪ 1980‬ب ــدء أبش ــع عملي ــة تهجي ــر جماعي ــة‬ ‫بــدأت منــذ الرابــع مــن الشــهر وتواصلــت طيلــة‬ ‫امل ــدة الالحق ــة‪.‬‬ ‫وب ــدأت تل ــك الجرائ ــم من ــذ ع ــام ‪ ،1969‬حي ــن‬ ‫ش ــنت حكوم ــة ح ــزب البع ــث الت ــي تس ــلمت‬ ‫الس ــلطة بانق ــاب عس ــكري ف ــي ع ــام ‪1968‬‬

‫"أعداد الفيليين غير‬ ‫محسوم واإلحصاء‬ ‫األخير الذي أجرته وزارة‬ ‫التخطيط العراقية‬ ‫أهمل القومية والدين‪،‬‬ ‫وهذا كان غير صحيح"‬

‫"جرى ترحيل نحو نصف‬ ‫مليون كوردي فيلي‬ ‫إلى إيران نتيجة حمالت‬ ‫االضطهاد‪ ،‬واختفى ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 15‬ألف كوردي‬ ‫فيلي‪ ،‬معظمهم من‬ ‫الشباب‪ ،‬لم يتم العثور‬ ‫على رفاتهم بعد ذلك"‬

‫حمل ــة ترحي ــل ونف ــي قس ــري اس ــتهدفت الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن ألس ــباب عرقي ــة ومذهبي ــة‪ ،‬اذ ج ــرى‬ ‫فــي عــام ‪ ،1970‬ترحيــل أكثــر مــن ‪ 70‬ألــف فيلــي‬ ‫إلــى إيـران وســحبت جنســيتهم العراقيــة‪ ،‬وجــرى‬ ‫اإلبــاغ عــن كثيــر مــن حــاالت االختفــاء واإلعــدام‬ ‫بي ــن عام ــي ‪ 1970‬و‪.1973‬‬ ‫وتش ــير الوقائ ــع التاريخي ــة املدون ــة ال ــى ان‬ ‫اضطه ــاد الك ــورد الفيليي ــن ف ــي عه ــد النظ ــام‬ ‫املب ــاد كان قمع ــا منهجي ــا له ــم وق ــد تعاظ ــم‬ ‫االضطه ــاد وتصاع ــد ال ــى مدي ــات كبي ــرة عندم ــا‬ ‫تعرض ــوا بص ــورة جماعي ــة لحمل ــة كبي ــرة م ــن‬ ‫قبــل النظــام املبــاد؛ الــذي قــام بتنفيــذ عمليــات‬ ‫إع ــدام نظامي ــة من ــذ ع ــام ‪ 1979‬امت ــدت إل ــى‬

‫مناط ــق عراقي ــة وكوردي ــة واس ــعة‪.‬‬ ‫ث ــم أص ــدر النظ ــام املب ــاد ق ـرار رق ــم ‪ 666‬ف ــي‬ ‫ع ــام ‪ ،1980‬ال ــذي ح ــرم الك ــورد الفيليي ــن م ــن‬ ‫الجنس ــية العراقي ــة وعده ــم ايرانيي ــن‪ ،‬كم ــا‬ ‫مورســت أبشــع الجرائــم االنســانية ومنهــا اجبــار‬ ‫الرج ــال املتزوجي ــن م ــن كوردي ــات فيلي ــات عل ــى‬ ‫تطلي ــق زوجاته ــم مقاب ــل مبال ــغ مالي ــة ف ــي ح ــال‬ ‫طــاق زوجتــه أو فــي حــال تهجيرهــا إلــى الخــارج؛‬ ‫وتهجي ــره معه ــا أو تعرض ــه لالعتق ــال ف ــي ح ــال‬ ‫الرف ــض‪.‬‬ ‫وتش ــير األرق ــام إل ــى ان ــه ج ــرى ترحي ــل نح ــو‬ ‫نص ــف ملي ــون ك ــوردي فيل ــي إل ــى إي ـران نتيج ــة‬ ‫حم ــات االضطه ــاد‪ ،‬واختف ــى م ــا ال يق ــل ع ــن‬

‫‪ 15‬ألــف كــوردي فيلــي‪ ،‬معظمهــم مــن الشــباب‪،‬‬ ‫ل ــم يت ــم العث ــور عل ــى رفاته ــم بع ــد ذل ــك‪ ،‬وج ــرى‬ ‫اس ــتهداف التج ــار واألكاديميي ــن الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن البارزي ــن ورفيع ــي املس ــتوى ف ــي بغ ــداد‬ ‫عل ــى وج ــه التحدي ــد‪.‬‬ ‫وبحس ــب تقدي ـرات حكومي ــة ف ــإن أع ــداد‬ ‫املفقودي ــن بي ــن العامي ــن (‪ 1980‬و‪،)1990‬‬ ‫بلغ ــت نح ــو ‪ 1,3‬ملي ــون ش ــخص‪ ،‬بي ــن م ــن‬ ‫أع ــدم أو ف ــارق الحي ــاة ف ــي الس ــجون‪ ،‬وآخ ــرون‬ ‫ّ‬ ‫مغيب ــو ن ‪.‬‬ ‫وكان الك ــورد الفيلي ــون م ــن اثري ــاء الع ـراق‬ ‫وخصوص ـ ًـا ف ــي العاصم ــة بغ ــداد إضاف ــة إل ــى‬ ‫تبوئه ــم مناص ــب علي ــا نتيج ــة إقباله ــم عل ــى‬

‫الدرا س ــة‪.‬‬ ‫وقــد تــم توثيــق العديــد مــن هــذه الجرائــم خــال‬ ‫الفت ــرة املاضي ــة بع ــد س ــقوط النظ ــام ع ــام‬ ‫‪ 2003‬لك ــن عملي ــات التوثي ــق ل ــم تص ــل حت ــى‬ ‫ارتكب ــت بح ــق‬ ‫اآلن ال ــى مس ــتوى الجرائ ــم الت ــي ُ‬ ‫الك ــورد الفيليي ــن‪.‬‬ ‫وبرغ ــم س ــقوط النظ ــام املب ــاد ف ــان الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن ل ــم ينال ــوا حقوقه ــم الكامل ــة بحس ــب‬ ‫القرائ ــن املتحقق ــة الت ــي تش ــير ال ــى أن معظ ــم‬ ‫الذي ــن ع ــادوا إل ــى الع ـراق م ــن الك ــورد الفيليي ــن‬ ‫واجه ــوا صعوب ــات ف ــي التق ــدم للحص ــول عل ــى‬ ‫الجنس ــية‪ ،‬أو الس ــترجاع جنس ــيتهم العراقي ــة‬ ‫االصلي ــة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪17 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫بين بكاء القصائد وضحكاتها‪..‬‬ ‫رضا جمشيدي وسرُّ العيش من أجل الشعر‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تتوحــد مشــاعرك بالحــزن والفــرح مــع أحــزان النــاس و أفراحهــم‪ ،‬فــا‬ ‫حينمــا ّ‬ ‫ً‬ ‫ش ـ ّـك أن ــك س ــتغدو ش ــاعرا وإن ل ــم تكت ــب قصي ــدة واح ــدة؛ فالش ــاعرالح ــق‬ ‫ّ‬ ‫شـ ٌ‬ ‫وثيقــا بقلــوب أبنــاء أمتــه ووطنــه‪.‬‬ ‫ـاعرفــي قلبــه أوًاًل‪ ،‬مرتبـ ٌـط‬ ‫ارتباطــا ً‬ ‫ً‬

‫هك ــذا يص ــف الش ــاعر والكات ــب الك ــوردي رض ــا‬ ‫جمش ــيدي طبيع ــة أعمال ــه األدبي ــة والش ــعرية‪.‬‬ ‫ كيف تحب ان تعرف بنفسك للناس؟‬‫‪ :‬ان ــا رض ــا جمش ــيدي م ــن موالي ــد ع ــام ‪1973‬‬ ‫ف ــي مدين ــة س ــربيل زه ــاب‪ ،‬وقضي ــت طفولت ــي‬ ‫فيه ــا‪ ،‬وبع ــد الح ــرب العراقي ــة االيراني ــة نزح ــت‬ ‫ال ــى ش ــاه اب ــاد‪ ،‬حي ــث اكمل ــت فيه ــا س ــنوات‬ ‫الدراس ــة‪ ،‬وان ــا اعي ــش ف ــي كرماش ــان من ــذ ع ــدة‬ ‫س ــنوات‪ ،‬وان ــا ش ــاعر وكات ــب ك ــوردي‪.‬‬ ‫ اش ــعارك انع ــكاس الحاسيس ــك‪ ،‬فه ــل‬‫تس ــتطيع العي ــش م ــن دون الش ــعر؟‬ ‫‪ :‬ان ــا بعن ــوان الش ــاعر والكات ــب الك ــوردي‪ ،‬ف ــي‬ ‫البداي ــة يج ــب ان اع ــرف الن ــاس‪ ،‬واعي ــش م ــع‬ ‫احزانه ــم وافراحه ــم‪ ،‬لك ــي اتمك ــن م ــن التعبي ــر‬ ‫عمــا فــي قلــوب النــاس فــي كل اشــعاري‪ ،‬بالتأكيــد‬ ‫انــا اعيــش مــع قصائــدي‪ ،‬وكل جهــودي تنصــب‬ ‫عل ــى اك ــون م ــع الن ــاس بقل ــب واح ــد‪ ،‬ويح ــب‬ ‫الن ــاس اش ــعاري‪ ،‬ولك ــي يحب ــوا اش ــعاري يج ــب‬ ‫ان تك ــون بالش ــكل ال ــذي يحبون ــه ب ــأن تك ــون‬ ‫ترجمــة الحاسيســهم وهمومهــم وافراحهــم‪ ،‬وانــا‬ ‫كش ــاعر وكات ــب عش ــت وحي ــدا م ــع قصائ ــدي‬ ‫وبكيــت مــع اشــعاري وضحكــت معهــا وعايشــتها‪.‬‬ ‫ متى تمكنت من التأكد انك شاعر؟‬‫‪ :‬من ــذ الطفول ــة ترعرع ــت وس ــط أس ــرة كبي ــرة‪،‬‬ ‫وال ــدي كان قارئ ــا ملق ــام "اله ــوره"‪ ،‬واقربائ ــي‬ ‫يمارس ــون العم ــل الفن ــي واملوس ــيقي‪ ،‬ولكن ــي‬ ‫ش ــخصيا ب ــدأت م ــع الش ــعر الفار�س ــي وم ــع‬ ‫اش ــعار حاف ــظ وس ــعدي‪ ،‬وبعده ــا ب ــدأت‬

‫ش ــيئا فش ــيئا بالول ــوج ال ــى عال ــم كتاب ــة الش ــعر‬ ‫الكــوردي منــذ اكثــر مــن ثالثــة عقــود‪ ،‬والتحقــت‬ ‫بالجامع ــة وهن ــاك تعرف ــت عل ــى املجال ــس‬ ‫الش ــعرية‪ ،‬وب ــدأت بق ــرض الش ــعر‪ ،‬اي انن ــي‬ ‫اكت ــب الش ــعر من ــذ تس ــعينيات الق ــرن املا�ض ــي‬ ‫ولح ــد الي ــوم‪.‬‬ ‫فــي الطفولــة‪ ،‬كنــت اقـرأ اشــعار حافــظ‪ ،‬الن كل‬ ‫بيــت فــي ايـران ال يخلــو مــن ديــوان حافــظ‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا جعلنــا نتعــرف علــى عالــم الشــعر‪.‬‬ ‫ برأيك‪ ،‬ما هو الشعر الجيد؟‬‫‪ :‬الشــعر الجيــد هــو ذلــك الشــعر الــذي يحــوي‬ ‫مش ــاعر القل ــق والح ــزن ال ــذي ينت ــاب مجتم ــع‬

‫اليــوم‪ ،‬ولــه تأثيــر علــى النــاس‪ ،‬والنــاس يحبونــه‬ ‫ويتناغم ــون مع ــه‪ ،‬عندم ــا يكت ــب ش ــاعر م ــا‬ ‫قصيــدة‪ ،‬ال يعلــم مــن ايــن ينطلــق وال يعلــم مــن‬ ‫الــذي يقـرأه‪ ،‬ولكــن عندمــا يحفــظ النــاس ذلــك‬ ‫الش ــعر فس ــيكون الش ــعر ال ــذي يحت ــوي عل ــى‬ ‫االم الن ــاس وكت ــب م ــن اجله ــم‪.‬‬ ‫ كم ديوان شعر طبعت؟‬‫‪ :‬ان ــا عن ــدي ‪ 29‬كتاب ــا‪ ،‬م ــن بينه ــا ‪ 8‬دواوي ــن‬ ‫ش ــعرية كوردي ــة‪:‬‬ ‫‪۱‬ی ـه‌ی داوان ه ‌هس ــاره‪ :‬م ــلء حض ــن م ــن‬‫ا لنج ــوم‬ ‫‪ ۲-‬دواره چوزه‌ ده‌یم‪ :‬براعمنا تنبت مجددا‬

‫‪۳‬د ‌هن ــگ چ ـه‌وه یل ــد تی ـه‌ی‪ :‬اس ــمع ص ــوت‬‫عيني ــك‬ ‫‪ 4‬که‌موته‌رانه‪ :‬كما الحمائم‬‫‪ 5‬په‌ری وه‌چ‪ :‬بنات املالك‬‫‪ 6‬نازار ئاسمان که‌و‪ :‬مدللة السماء الزرقاء‬‫‪ ۷‬ده‌خیل وه خوه‌د به‌سامه‪ :‬انت ملجأي‬‫‪ ۸‬مینا ‪ :‬مينا‬‫ولــي خمــس روايــات‪ ،‬مــن بينهــا بالفارســية‪ ،‬ومنهــا‬ ‫م ــا ترجم ــت ال ــى الكوردي ــة‪ ،‬ورواي ــة "م ــا وراء‬ ‫الح ــرب" ترجم ــت ال ــى العربي ــة‪:‬‬ ‫‪ ۱‬بانتر له جه‌نگ‪ :‬ما وراء الحرب‬‫‪ ۲-‬هیالن‪ :‬العش‬

‫‪18‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪19 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫رضا جمشيدي وسرُّ العيش من أجل الشعر‬

‫‪ ۳‬ده‌ریایگ که غه‌رق بی‪ :‬البحر الذي غرق‬‫‪ 4‬روله‪ :‬يا ولدي‬‫‪ 5‬مینا‪ :‬مينا‬‫وايض ــا ل ــدي اربع ــة دواوي ــن ش ــعرية كوردي ــة‬ ‫تح ــت الطب ــع‪ ،‬وكت ــاب باس ــم (باف ــه‪ :‬الحص ــاد)‬ ‫ويضــم اشــعارا كالســيكية ملعظــم شــعراء ايــام‬ ‫وكرماشــان وجــزء مــن لكســتان قمــت بجمعهــا‬ ‫وم ــن املؤم ــل ان ي ــرى الن ــور قريب ــا‪.‬‬ ‫ولــدي كتــب عــن مدينــة ســربيل زهــاب والتاريــخ‬ ‫والتصويــر‪ ،‬وبعــض الكتــب التــي ســيتم طبعهــا‬ ‫مس ــتقبال ‪ ،‬واتمن ــى ان تش ــكل اضاف ــة ل ــادب‬ ‫الك ــوردي‪.‬‬ ‫ بم ــاذا تنص ــح الذي ــن مازال ــوا ال يظن ــون ان‬‫بامكانهــم الســير علــى طريــق الشــعر والشــعراء؟‬ ‫‪ :‬الش ــعر اس ــتعداد داخ ــل كل ش ــخص من ــا‪،‬‬ ‫وجمي ــع الن ــاس ف ــي العال ــم ش ــعراء‪ ،‬ولك ــن‬ ‫يتوج ــب ان يس ــلكوا طري ــق الش ــعر بش ــكل‬ ‫صحي ــح وان يكث ــروا م ــن الق ـراءة‪ ،‬وان يكب ــروا‬ ‫مــع الشــعر شــيئا فشــيئا‪ ،‬ولكــن يجــب ان يكــون‬ ‫لديه ــم ارتب ــاط نف�س ــي وجه ــود ذاتي ــة‪ ،‬فالش ــعر‬ ‫م ــن بي ــن كل الفن ــون بحاج ــة ال ــى طم ــوح‬ ‫واخ ــاص وعاطف ــة خاص ــة ب ــه‪ ،‬يتوج ــب ان‬ ‫يكــون عندهــم اســتعداد خــاص لــه‪ ،‬نصيحتــي‬ ‫ه ــي ان ــه يتوج ــب عليه ــم االكث ــار م ــن الق ـراءة‬ ‫والتقلي ــل م ــن ال ــكالم‪ ،‬ليصبح ــوا ش ــعراء كب ــار‬ ‫ف ــي ي ــوم م ــا‪.‬‬ ‫ ال ــى اي ــن وص ــل الش ــعر واالدب باللهج ــة‬‫الكوردي ــة الجنوبي ــة والفيلي ــة ف ــي اي ـران؟‬ ‫‪ :‬الش ــعر واالدب به ــذه اللهج ــة ف ــي اي ـران ل ــه‬ ‫مكان ــة كبي ــرة ج ــدا‪ ،‬ولك ــن ف ــي اي ــام ومنطق ــة‬ ‫كرماش ــان متق ــدم بش ــكل اكب ــر‪ ،‬مقارن ــة‬ ‫بمناط ــق اقلي ــم كوردس ــتان ف ــي الع ـراق او‬ ‫املناطــق الكورديــة فــي ســوريا واملناطــق االخــرى‪،‬‬ ‫اذ ان هنــاك تقــدم كبيــر فــي الشــعر الكالســيكي‬ ‫وقصائ ــد الغ ــزل واملثنوي ــات والرباعي ــات‬ ‫واملقاط ــع الرباعي ــة‪ ،‬وهن ــاك قراب ــة ‪ 400‬ال ــى‬ ‫‪ 500‬شــاعر متمكــن فــي هاتيــن املنطقتيــن‪ ،‬وانــا‬

‫واث ــق بانه ــم سيكتس ــبون مكان ــة اكب ــر‪ ،‬وهن ــاك‬ ‫تط ــور ف ــي مس ــألة النق ــد ايض ــا‪ ،‬وف ــي الش ــعر‬ ‫الحدي ــث املعاص ــر خط ــو خط ــوات كبي ــرة‬ ‫وهن ــاك ش ــعراء كب ــار منهمك ــون ف ــي العم ــل‪.‬‬ ‫ ال ــى اي ح ــد ان ــت س ــعيد بالعالق ــة م ــع االدب‬‫بص ــورة عام ــة واللهج ــة الكوردي ــة الفيلي ــة ف ــي‬ ‫الع ــراق؟‬ ‫‪ :‬انــا ســعيد جــدا باللهجــة الفيليــة فــي الع ـراق‪،‬‬ ‫ول ــي اصدق ــاء كث ــر يكتب ــون الش ــعر به ــذه‬ ‫اللهج ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬ومبع ــث فخ ــر ان يك ــون‬ ‫هن ــاك ش ــعر ك ــوردي باي ــة لهج ــة كان ــت‪ ،‬نح ــن‬ ‫ف ــي كرماش ــان لدين ــا ن ــادي او مجل ــس الش ــعر‪،‬‬ ‫ولن ــا عالق ــات م ــع جمي ــع الك ــورد داخ ــل اي ـران‬ ‫وف ــي اقلي ــم كوردس ــتان الع ـراق لن ــا عالق ــات‬

‫ايض ــا‪ ،‬ولك ــن م ــع الك ــورد الفيليي ــن ف ــي بغ ــداد‪،‬‬ ‫نأم ــل ان نتواص ــل معه ــم م ــن خ ــال مجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬ونتع ــرف عل ــى الك ــورد الفيليي ــن ف ــي‬ ‫بغــداد‪ ،‬واتمنــى ان اتمكــن فــي يــوم مــن االيــام ان‬ ‫اقــوم بقـراءة الشــعر وســط الكــورد الفيلييــن فــي‬ ‫مدين ــة بغ ــداد‪.‬‬ ‫ وكيف ترى جهود ومساعي مؤسسة شفق؟‬‫‪ :‬ان ــا م ــن املتابعي ــن ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬الت ــي قام ــت‬ ‫عب ــر غوغ ــل واالنس ــتغرام بالتعري ــف بقس ــم‬ ‫م ــن الش ــعراء والفناني ــن‪ ،‬وهن ــاك املاليي ــن‬ ‫مم ــن يتابع ــون ه ــذه الوكال ــة‪ ،‬وبامكانه ــا ان‬ ‫تق ــوم بتعريفن ــا للعال ــم‪ ،‬واتمن ــى له ــا النج ــاح‬ ‫والتوفي ــق‪.‬‬

‫«انا من المتابعين لمجلة «فيلي»‪،‬‬ ‫التي قامت عبر غوغل واالنستغرام‬ ‫بالتعريف بقسم من الشعراء‬ ‫والفنانين‪ ،‬وهناك الماليين ممن‬ ‫يتابعون هذه الوكالة‪ ،‬وبامكانها ان‬ ‫تقوم بتعريفنا للعالم»‬

‫‪20‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪21 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫ماجد سوره ميري‪..‬‬

‫حياة ُكرست لخدمة الثقافة واللغة الكوردية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫سنوات طوال من عمر‬ ‫مليء باالمل‪ ،‬منطلقا من‬ ‫قرية في اقا�صي مدينة‬ ‫خانقين ومتوجها الى قلب‬ ‫العاصمة بغداد‪ ،‬حمل‬ ‫هموم أمة ليكون واحدا‬ ‫من الذين تمسكوا بعمود‬ ‫من عمد اللغة الكوردية‬ ‫لتبقى شاخصة و اقفة‬ ‫على قدميها‪ ،‬كادحا وساعيا‬ ‫لنشر رسالة اللهجة‬ ‫الكوردية الفيلية للعالم‬ ‫اجمع‪ ،‬يستمرماجد سوره‬ ‫ميري في سرد ما يريد ان‬ ‫يقوله عن حياته مع اسرة‬ ‫شفق نيوز‪.‬‬

‫ من هو ماجد سوره ميري؟‬‫اس ــمي الكام ــل (ماج ــد محم ــد صالح ــان) م ــن‬ ‫عشــيرة ســوره ميــري‪ ،‬ولــدت عــام ‪ 1965‬فــي قريــة‬ ‫(دارا‪-‬خليــل فتــح هللا) التابعــة لقضــاء خانقيــن‪،‬‬ ‫لحي ــن بلوغ ــي ‪ 11‬عام ــا م ــن العم ــر م ــررت‬ ‫بمرحلتي ــن متضادتي ــن‪ ،‬فاالول ــى كان ــت س ــعيدة‬ ‫واالخ ــرى تعيس ــة‪ ،‬املرحل ــة االول ــى تزامن ــت‬ ‫م ــع نجاح ــات الث ــورة الكوردي ــة بقي ــادة امل ــا‬ ‫مصطف ــى بارزان ــي وتوقي ــع اتفاقي ــة آذار ع ــام‬ ‫‪ ،1970‬وكانــت خانقيــن مركـزا لالشــعاع القومــي‬

‫ ‬

‫الك ــوردي وكان ــت واح ــدة م ــن اه ــم منجزاته ــا ان‬ ‫الدراســة فــي املرحلــة االبتدائيــة اصبحــت بلغتنــا‬ ‫االم اللغ ــة الكوردي ــة‪.‬‬ ‫وان ــا التحق ــت بالص ــف االول االبتدائ ــي خ ــال‬ ‫الع ــام الدرا�س ــي ‪ 1972-1971‬ف ــي مدرس ــة‬ ‫(كاوه) االبتدائي ــة املختلط ــة الواقع ــة ف ــي قري ــة‬ ‫(مب ــارك) القريب ــة ع ــن قريتن ــا وس ــارت االم ــور‬ ‫بش ــكل طبيع ــي ال ــى ان وصل ــت للص ــف الراب ــع‬ ‫االبتدائ ــي باللغ ــة الكوردي ــة‪ ،‬اال ان ــه ف ــي ع ــام‬ ‫‪ 1974‬تج ــددت الث ــورة وحقق ــت انتص ــارات‬

‫عظيم ــة انهك ــت النظ ــام البعث ــي ال ــذي رض ــخ‬ ‫لشــاه ايـران ومنحــه نصــف شــط العــرب واراض‬ ‫شاســعة مــن الحــدود العراقيــة مقابــل ان يديــر‬ ‫الشــاه ظهــره للكــورد ويعــادي ثورتهــم مــن خــال‬ ‫توقي ــع اتفاقي ــة الس ــادس م ــن اذار املش ــؤومة‬ ‫ع ــام ‪ 1975‬ف ــي الجزائ ــر‪.‬‬ ‫وهن ــا ابت ــدأت املرحل ــة الثاني ــة م ــن حياتن ــا‬ ‫وه ــي مرحل ــة التعاس ــة والك ــوارث‪ ،‬وكان ــت اول ــى‬ ‫خطــوات التــي قــام بهــا النظــام البعثــي هــي الغــاء‬ ‫الدراســة الكورديــة فــي خانقيــن وتحولهــا فــورا الــى‬

‫الدارس ــة باللغ ــة العربي ــة الت ــي ل ــم نك ــن نفه ــم‬ ‫منه ــا ش ــيئا حينه ــا‪ ،‬وق ــام ايض ــا بنق ــل جمي ــع‬ ‫املوظفي ــن واملعلمي ــن واملدرس ــين والعم ــال‬ ‫الحكومييــن الكــورد الــى مناطــق وســط وجنــوب‬ ‫الع ــراق‪.‬‬ ‫ولــم يكتــف بذلــك بــل اقــدم علــى جريمــة اكبــر‬ ‫وه ــي ترحي ــل جمي ــع الق ــرى الكوردي ــة املحيط ــة‬ ‫بخانقي ــن ال ــى وس ــط وجن ــوب الع ـراق بش ــكل‬ ‫متوحــش‪ ،‬وهكــذا تــم ترحيــل قريتنــا التــي كانــت‬ ‫تض ــم حوال ــي ‪ 45‬عائل ــة خ ــال يوم ــي ‪18 – 17‬‬ ‫تش ــرين االول ‪ ،1975‬م ــن خ ــال حش ــرهم‬ ‫ف ــي س ــيارات (زي ــل) العس ــكرية الروس ــية الت ــي‬ ‫توجه ــن به ــم نح ــو الوس ــط والجن ــوب وتوزي ــع‬ ‫العوائ ــل عل ــى مناط ــق (ناحي ــة الوح ــدة)‬ ‫و(‪ 7‬نيس ــان) ومفت ــرق ط ــرق ديال ــى – بغ ــداد‬ ‫والق ــرى العربي ــة ف ــي املنطق ــة وال ــى ع ــدد م ــن‬ ‫م ــدن الجن ــوب مث ــل الس ــماوة والحل ــة وغيره ــا‪.‬‬ ‫ليتمك ــن م ــن القض ــاء عل ــى هويتن ــا القومي ــة‬ ‫وتذوي ــب لغتن ــا‪.‬‬ ‫وانــا فــي هــذه املرحلــة كنــت فــي الصــف الخامــس‬ ‫االبتدائ ــي ال ــذي اجتزت ــه بنج ــاح بش ــق االنف ــس‬ ‫ف ــي ناحي ــة الوح ــدة‪ ،‬وم ــن ث ــم ارتحل ــت عائلتن ــا‬ ‫ال ــى ح ــي االك ـراد ف ــي بغ ــداد وهن ــاك انهي ــت‬ ‫الص ــف الس ــادس االبتدائ ــي‪ ،‬ث ــم اكمل ــت‬ ‫املتوس ــطة واالعدادي ــة ف ــي‬ ‫حــي جميلــة وفــي‬

‫الع ــام الدرا�س ــي ‪ 1986-1985‬ت ــم قبول ــي‬ ‫ف ــي قس ــم اللغ ــة الفرنس ــية ف ــي كلي ــة االداب‬ ‫بالجامع ــة املس ــتنصرية وحصل ــت عل ــى ش ــهادة‬ ‫البكالوري ــوس‪.‬‬ ‫وان ــا من ــذ طفولت ــي كن ــت اه ــوى الف ــن واالدب‬

‫والثقاف ــة الكوردي ــة وانهمك ــت فيه ــا مل ــدة‬ ‫طويل ــة‪ ،‬وقم ــت م ــع بع ــض رفاق ــي بالعدي ــد م ــن‬ ‫الفعالي ــات بعي ــدا ع ــن اعي ــن ازالم النظ ــام‪.‬‬ ‫ من ــذ ك ــم ع ــام وان ــت تعم ــل م ــع فري ــق ش ــفق‬‫ني ــوز؟‬ ‫بع ــد اس ــقاط النظ ــام الدكتات ــوري‪ ،‬وفت ــح‬ ‫فضــاء الحريــة‪ ،‬وعندمــا علمــت بــان نخبــة مــن‬ ‫الش ــباب الك ــوردي الفيل ــي طرح ــوا مش ــروعا‬ ‫ثقافيــا فــي مطلــع عــام ‪ ،2004‬وحينهــا كنــت‬ ‫اعم ــل ف ــي س ــوق الجمل ــة ف ــي الش ــورجة‬ ‫مس ــتأجرا مح ــا ومنهم ــكا ف ــي العم ــل‬ ‫التج ــاري‪ ،‬فقم ــت عل ــى الف ــور بزي ــارة‬ ‫ه ــؤالء االخ ــوة‪ ،‬فعلم ــت ان العم ــل ف ــي‬ ‫مؤسســة شــفق يكــون باللغــة الكورديــة‬ ‫باللهج ــة (الفيلي ــة) او الكوردي ــة‬ ‫الجنوبي ــة م ــن دون تميي ــز مناطق ــي‪،‬‬ ‫ق ــررت ف ــورا ت ــرك العم ــل التج ــاري‬ ‫واتف ــرغ الك ــون ج ــزءا م ــن اس ــرة‬ ‫(شفق) منتصف عام ‪ ،2004‬فعملت‬ ‫ف ــي جمي ــع مفاص ــل املؤسس ــة ب ــدءا م ــن‬ ‫االذاع ــة وم ــرورا بالصح ــف واملج ــات‬ ‫واملوق ــع االلكترون ــي وانته ــاء بمجل ــة (گ ــوڵ‬ ‫س ــوو) الت ــي بذل ــت فيه ــا قص ــارى جه ــودي‬ ‫وتدرجــت مــن ســكرتير تحريــر الــى مديــر‬ ‫تحري ــر واخي ـرا نائب ــا لرئي ــس‬

‫‪22‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪23 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫تحريره ــا وه ــي مجل ــة اس ــتطيع ان ازع ــم بانه ــا‬ ‫الوحي ــدة ف ــي العال ــم تص ــدر باللغ ــة الكوردي ــة‬ ‫باللهجــة الفيليــة والكورديــة الجنوبيــة النقيــة‪،‬‬ ‫وه ــي واح ــدة م ــن اه ــم اعم ــال مؤسس ــة ش ــفق‪،‬‬ ‫باالضاف ــة ال ــى الكتاب ــة والترجم ــة واملش ــاركة ف ــي‬ ‫املؤتم ـرات والن ــدوات والبح ــوث والنش ــاطات‬ ‫الثقافيــة واالجتماعيــة املتنوعــة فيهــا‪ .‬وفــي عــام‬ ‫‪ 2011‬عندم ــا انطلق ــت وكال ــة (ش ــفق ني ــوز)‬ ‫لالنبــاء كنــت واحــدا مــن العامليــن فيهــا ومازلــت‬ ‫ال ــى االن اواص ــل الخدم ــة فيه ــا‪.‬‬ ‫ مــا الــذي ادى بــك لالســتمرار مــع شــفق نيــوز‬‫كل هــذه املــدة؟‬ ‫حقيق ــة‪ ،‬ان ال ــذي يجع ــل االنس ــان يواص ــل‬ ‫العم ــل ف ــي اي مج ــال معي ــن دافع ــان‪ :‬االول‬ ‫عش ــق وح ــب العم ــل والثان ــي خدم ــة الرس ــالة‬ ‫وبرنامــج العمــل فــي ســبيل الوصــول الــى تحقيــق‬ ‫اهداف ــه‪ ،‬وان ــا م ــن عش ــاق العم ــل الصحف ــي‬ ‫واالعالم ــي‪ ،‬وان ــا اع ــد نف�س ــي خادم ــا مخلص ــا‬ ‫لاله ــداف والرس ــالة االنس ــانية الت ــي تس ــعى‬ ‫لتحقيقه ــا وكال ــة ش ــفق ني ــوز م ــن اج ــل احي ــاء‬ ‫ش ــريحة الك ــورد الفيليي ــن املظلومي ــن ف ــي وس ــط‬ ‫وجن ــوب الع ـراق‪.‬‬ ‫ اي موقــف او قصــة ال تنســاها خــال العمــل‬‫فــي شــفق نيــوز؟‬ ‫مــن املؤكــد ان اي عمــل فــي الدنيــا يمــر بمراحــل‬ ‫متعــددة ومختلفــة‪ ،‬وتختبــر الكثيــر مــن املراحــل‬ ‫الحل ــوة وامل ـ ّـرة‪ ،‬والعم ــل االعالم ــي والصحف ــي‬ ‫ه ــو بح ــد ذات ــه مهن ــة املتاع ــب الجم ــة‪ ،‬فكي ــف‬ ‫اذا كان العم ــل ف ــي مدين ــة مث ــل بغ ــداد الت ــي‬ ‫مــرت بمراحــل مختلفــة مــن االزمــات السياســية‬ ‫واالقتصاديــة واالمنيــة واالجتماعيــة ومازالــت‪،‬‬ ‫ولك ــن النن ــا توجهن ــا للعم ــل بعش ــق وعملن ــا‬ ‫كفريــق اخــوي لــم نســمح فــي اي وقــت الي �شــيء‬ ‫ان يمنعن ــا م ــن مواصل ــة عملن ــا‪.‬‬ ‫نع ــم هن ــاك م ــا كان يقلقن ــا ف ــي مرحل ــة تاريخي ــة‬ ‫ش ــهدت االزم ــات املالي ــة‪ ،‬ك ــون الش ــريان‬ ‫الحي ــوي الي عم ــل وخصوص ــا العم ــل‬ ‫الصحف ــي ه ــو الجان ــب املال ــي؛ ولك ــن والحم ــد‬ ‫هلل وبهم ــة القائمي ــن عل ــى املؤسس ــة ورعاي ــة‬ ‫الس ــيد نيجيرف ــان بارزان ــي‪ ،‬اس ــتطعنا مواص ــة‬ ‫اعمالن ــا ونس ــعى دائم ــا لتطويره ــا‪.‬‬ ‫ م ــاذا اس ــتفدت م ــن تجرب ــة العم ــل ف ــي وكال ــة‬‫ش ــفق ني ــوز‪ ،‬وم ــاذا تعلم ــت منه ــا؟‬

‫ان العم ــل الصحف ــي وخصوص ــا العم ــل‬ ‫ف ــي وكاالت االنب ــاء يجعل ــك تختب ــر ش ــعورين‬ ‫متناقضي ــن ولك ــن متداخلي ــن مث ــل الح ــاوة‬ ‫وامل ـرارة‪ ،‬تمام ــا مث ــل اخت ــاط م ـرارة الش ــاي‬ ‫بح ــاوة الس ــكر‪ ،‬وذل ــك م ــا نختب ــره ف ــي تغطي ــة‬ ‫حــدث مــر مــع لــذة وحــاوة انجــاز العمــل وكتابــة‬ ‫االخبــار والتقاريــر بشــكل جميــل وطرحهــا امــام‬

‫انظ ــار الق ــارئ واملتلق ــي ف ــي ابه ــى ص ــورة واس ــرع‬ ‫وق ــت‪.‬‬ ‫ووكال ــة ش ــفق ني ــوز بالنس ــبة لن ــا مدرس ــة‬ ‫حص ــل عش ـرات الش ــباب فيه ــا عل ــى ش ــهادات‬ ‫مهنيــة واحترافيــة‪ ،‬وانــا مثــل اي عامــل فــي هــذه‬ ‫املؤسس ــة تعلم ــت ان الحص ــول عل ــى رض ــا‬ ‫النــاس علــى الرغــم مــن صعوبتــه اال انــه ممكــن‬

‫اذا احترمن ــا خصوصي ــات الن ــاس مثلم ــا نح ــب‬ ‫ان يحترم ــوا خصوصياتن ــا‪.‬‬ ‫وق ـراء ومتلق ــي ش ــفق ني ــوز يش ــهدون لن ــا‬ ‫ك ــم نح ــن صادق ــون معه ــم وال نس ــعى اب ــدا‬ ‫لخد ا عه ــم ‪.‬‬ ‫ عــدا العمــل فــي شــفق نيــوز‪ ،‬ماهــي نشــاطاتك‬‫االخــرى وبــم تهتــم؟‬

‫ان الشــأن الثقافــي وخدمــة اللغــة الكورديــة كان‬ ‫همــي االزلــي ويبقــى همــي االبــدي‪ ،‬واينمــا وجــدت‬ ‫الفرص ــة واملج ــال وكان ــت ل ــدي املق ــدرة والق ــوة‬ ‫س ــعيت للخدم ــة فيه ــا‪ ،‬وهك ــذا باالضاف ــة ال ــى‬ ‫العم ــل ف ــي ش ــفق ني ــوز‪ ،‬اعم ــل ف ــي دار الثقاف ــة‬ ‫والنش ــر الكوردي ــة اح ــدى تش ــكيالت وزارة‬ ‫الثقاف ــة والس ــياحة واالث ــار ف ــي بغ ــداد‪ ،‬مدي ـرا‬

‫لقس ــم التألي ــف والنش ــر‪ ،‬وخ ــال اكث ــر م ــن‬ ‫عش ــر س ــنوات اش ــرفت عل ــى ص ــدور عش ـرات‬ ‫الكت ــب الثقافي ــة الت ــي ابدعه ــا الكت ــاب الك ــورد‬ ‫واملهتمي ــن بالثقاف ــة الكوردي ــة‪.‬‬ ‫وعل ــى الصعي ــد الش ــخ�صي ص ــدر ل ــي كت ــاب‬ ‫مطب ــوع واخ ــر جاه ــز للطباع ــة فض ــا ع ــن‬ ‫كتابي ــن اعم ــل عل ــى اتمامهم ــا ف ــي اق ــرب فرص ــة‪.‬‬

‫«اعد نفسي خادما‬ ‫مخلصا لالهداف‬ ‫والرسالة االنسانية التي‬ ‫تسعى لتحقيقها مجلة‬ ‫«فيلي» من اجل احياء‬ ‫شريحة الكورد الفيليين‬ ‫المظلومين في وسط‬ ‫وجنوب العراق»‬

‫شارع الكفاح يف بغداد ‪ ..‬احد اهم مناطق تواجد ابناء رشيحة الكورد الفيليني ‪ ...‬بعدسة زياد متى‬

‫‪24‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪25 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫دياكو إيالمي‪..‬‬

‫حين يتواءم الشعرُ والشاعر‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫عب ــاس هوش ــمند امللق ــب فني ــا (دياك ــو ايالم ــي) ه ــو ش ــاعر ومحت ــرف ف ــن الق ــاء‬ ‫الشــعر‪ ،‬بــدراوي ايالمــي يســكن طهــران منــذ ســنوات طــوال ولكنــه معــروف بقــراءة‬ ‫والق ــاء قصائ ــد الش ــعراء الك ــورد‪ ،‬وق ــدم خدم ــات كبي ــرة للغ ــة واالدب الك ــوردي‬ ‫وفت ــح افاق ــا جدي ــدة ام ــام ه ــواة الثقاف ــة الكوردي ــة‪.‬‬

‫ف ــي ه ــذا الح ــوار‪ ،‬نس ــتعرض آراءه ونتاجات ــه‬ ‫وتجربت ــه م ــع إلق ــاء الش ــعر‪.‬‬ ‫قليال‬ ‫ ّ‬‫حدثنا عن نفسك ً‬ ‫‪ :‬أن ــا أقط ــن طه ـران من ــذ ثالثي ــن عام ـ ًـا‪ ،‬عمل ـ ُـت‬ ‫ف ــي البداي ــة ف ــي اإلذاع ــة‪ ،‬وكن ــت أق ـرأ الش ــعر‬ ‫الفار�س ــي‪ ،‬ومن ــذ نح ــو س ــبع إل ــى ثمان ــي س ــنوات‬ ‫أت حت ــى‬ ‫ـدأت بق ـراءة الش ــعر الك ــوردي‪ ،‬وق ـر ّ ُ‬ ‫بـ ُ‬ ‫كورديـ ًـا كتبــوا‬ ‫اآلن قصائــد لقرابــة ‪ 120‬شــاع ًرا‬ ‫باللهج ــات الكوردي ــة الجنوبي ــة والهوراماني ــة‬ ‫والس ــورانية‪.‬‬ ‫ خــال هــذه املــدة‪ ،‬كيــف وجــدت العالقــة بيــن‬‫كتابــة الشــعر وفــن إلقائــه؟‬ ‫‪ :‬إذا قلــت إن اإللقــاء أصعــب مــن كتابــة الشــعر‬ ‫والغنــاء‪ ،‬فــا أعتقــد أننــي جانبــت الحقيقــة‪.‬‬ ‫ ملاذا؟‬‫‪ :‬ألن الش ــعر ينب ــع م ــن مش ــاعر الش ــاعر‬ ‫نفس ــه‪ ،‬وم ــن وح ــي خيال ــه‪ ،‬وبم ــا يتناس ــب م ــع‬ ‫ذائقت ــه الش ــعرية؛ ّأم ــا امللق ــي فعمل ــه صع ــب‪،‬‬ ‫إذ ّ‬ ‫يتوج ــب علي ــه أن يق ـرأ قصائ ــد ش ــعراء‬ ‫متنوعي ــن‪ ،‬ويتناغ ــم معه ــم‪ ،‬ويل ــج إل ــى أعم ــاق‬ ‫نتوح ــد أن ــا والش ــعر‪:‬‬ ‫القصي ــدة‪ .‬أثن ــاء اإللق ــاء‪ّ ،‬‬ ‫أتح ـ ّـول أن ــا إل ــى ش ــعر‪ ،‬ويغ ــوص الش ــعر ف ــي‬

‫ف ــي ش ـ ّـتى اللغ ــات لي ــس ل ــه م ــردود م ــادي‪ ،‬وف ــي‬ ‫الكوردي ــة عل ــى وج ــه الخص ــوص يك ــون أق ــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العم ــل الك ــوردي ُمكل ــف‪ ،‬وأن ــا أفتخ ــر بأنن ــي‬ ‫ـدت ف ــي ه ــذا الف ــن‪ .‬عل ــى الرغ ــم م ــن‬ ‫عش ـ ُـت وجه ـ ُ‬ ‫ـتطعت أن‬ ‫أنن ــي ل ــم أجم ــع ث ــروة من ــه‪ ،‬فق ــد اس ـ‬ ‫ُ‬ ‫ـيئا إل ــى ث ــروة اللغ ــة والف ــن الك ــوردي‪.‬‬ ‫أضي ــف ش ـ ً‬ ‫ كيف جعلت من هذا العمل مهنة لك؟‬‫‪ :‬ف ــي البداي ــة‪ ،‬قب ــل أكث ــر م ــن عش ــر س ــنوات‪،‬‬ ‫ل ــم أتمك ــن م ــن الوص ــول إل ــى الكت ــب الكوردي ــة‬ ‫بس ــهولة‪ .‬كان ل ــدي صدي ــق يحم ــل بضع ــة‬ ‫صفح ــات م ــن دي ــوان أش ــعار غ ــام رض ــا خ ــان‬ ‫ـدأت‬ ‫األركــوازي‪ ،‬فقــام باستنســاخها لــي‪ .‬حينهــا بـ ُ‬ ‫أتعل ــم اإلم ــاء الك ــوردي وأكت ــب ب ــه‪ .‬أصدقائ ــي‬ ‫رودوس فيل ــي وكام ـران رحيم ــي س ــاعدوني أكث ــر‬ ‫ف ــي إنج ــاز األعم ــال الكوردي ــة بش ــكل منه ــي‪،‬‬ ‫وم ــن ث ــم ق ـ ّـدم ل ــي بع ــض األصدق ــاء اآلخري ــن ف ــي‬ ‫كرماش ــان مس ــاعدات إضافي ــة‪.‬‬ ‫مــع انطــاق الفضــاء االفترا�ضــي بــدأت انطالقتــي‬ ‫الحقيقي ــة؛ أن ــا مدي ــن لبرام ــج التواص ــل مث ــل‬ ‫واتس ــاب وتلغ ـرام واملنص ــات األخ ــرى‪ ،‬وم ــا‬ ‫زل ـ ُـت أرى أن التكنولوجي ــا بمقدوره ــا تعوي ــض‬ ‫تأخرن ــا‪ .‬ينبغ ــي ّأاّل نف ـ ّـوت ه ــذه الفرص ــة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫أعما ق ــي‪.‬‬ ‫صعوب ــة أخ ــرى ه ــي أن الش ــاعر يكت ــب لنفس ــه‬ ‫وبلهجت ــه ولغت ــه األم وبحس ــب عواطف ــه‬ ‫ومزاج ــه؛ ف ــي حي ــن ُيفت ــرض بامللق ــي أن يتواف ــق‬ ‫م ــع ه ــذه األحاس ــيس واللغ ــة لي ــؤدي اإللق ــاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وصميمي ــة‪ .‬وه ــذه العملي ــة تتك ـ ّـرر م ــع‬ ‫بحرفي ــة‬ ‫يتطلــب مــن امللقــي أن‬ ‫كل قصيــدة جديــدة‪ ،‬مــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مهم ــة ليس ــت‬ ‫يتقم ــص الش ــاعر‬ ‫كل م ــرة‪ ،‬وه ــي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫س ــهلة‪.‬‬ ‫م ــن أج ــل ذل ــك‪ ،‬كل م ـ ّـرة أق ـرأ الش ــعر أك ـ ّـرر‬ ‫ّ ّ‬ ‫تتحســن طريقــة اإللقــاء‪،‬‬ ‫ـي‬ ‫األبيــات ألــف مــرة ـك‬ ‫ّ‬ ‫وأتعم ــق ف ــي األج ــواء الش ــعورية املرافق ــة‬ ‫ّ‬ ‫للقصيــدة‪ .‬إنهــا عمليــة مرهقــة للــروح والجســد‪،‬‬ ‫لكـ ّـن متعتهــا تكمــن فــي أن هــذا اإللقــاء يبقــى إلــى‬ ‫ّ‬ ‫األبــد؛ وحيــن تشــاهد التســجيل املرئــي أو تســمع‬ ‫الص ــوت املس ـ ّـجل‪ ،‬تش ــعر بالراح ــة والرض ــا‬ ‫الداخل ــي‪.‬‬ ‫ ملاذا اخترت العمل الكوردي؟‬‫‪ :‬أن ــا دائم ـ ًـا أق ــول إن أي ش ــخص يخ ــدم ثقاف ــة‬ ‫ّ‬ ‫أوال ث ــم أس ــرته‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫نف‬ ‫ـدم‬ ‫ولغ ــة الك ــورد يخ ـ‬ ‫ً‬ ‫ومجتمع ــه‪ .‬م ــن ه ــذا املنطل ــق وه ــذه الرغب ــة‬ ‫وإاّل ف ــإن اإللق ــاء‬ ‫دخل ـ ُـت إل ــى العم ــل الك ــوردي‪ّ ،‬‬

‫تفض ــل‬ ‫ أي تس ــجيالتك الصوتي ــة أو املرئي ــة ّ‬‫أكث ــر م ــن غيره ــا؟‬ ‫أفضــل ّأيـ ًـا منهــا علــى األخــرى؛ فعمومـ ًـا أحـ ّـب‬ ‫‪ :‬ال ّ‬ ‫أنتجته ــا‪ ،‬وأهمه ــا م ــا‬ ‫الكليب ــات التعليمي ــة الت ــي‬ ‫ُ‬ ‫يتعلــق بتعليــم اإلمــاء الكــوردي‪ .‬علــى الرغــم مــن‬ ‫ق ــدرة الن ــاس عل ــى التح ـ ّـدث باللغ ــة الكوردي ــة‪،‬‬ ‫فإنهــم مــا زالــوا ضعفــاء فــي القـراءة والكتابــة بهــا؛‬ ‫نتعل ــم الكتاب ــة والق ـراءة‬ ‫ل ــذا علين ــا جميع ـ ًـا أن ّ‬ ‫باإلم ــاء الك ــوردي‪.‬‬ ‫قال ــت ف ــروغ فرخ ـزاد‪" :‬وح ــده الص ــوت يبق ــى‬ ‫ـدا"‪ .‬وأنــا أرى أن الشــعر الكــوردي يجــب أن‬ ‫خالـ ً‬ ‫يخ ــرج م ــن بط ــون الكت ــب وينتش ــر عل ــى ألس ــنة‬ ‫الن ــاس وف ــي كل األرج ــاء‪ .‬إن الص ــوت واإللق ــاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يجع ــان الش ــعر أكث ــر انتش ــا ًرا بي ــن الن ــاس؛‬ ‫لذل ــك أرى أن ف ــن اإللق ــاء أه ـ ّـم م ــن كتاب ــة‬ ‫الش ــعر بح ـ ّـد ذات ــه‪ ،‬ألن الش ــعور والعواط ــف‬ ‫تتجل ــى ف ــي الص ــوت أكث ــر م ــن الكتاب ــة‪ .‬الص ــوت‬ ‫ّ‬ ‫ق ــادر عل ــى تحري ــك املش ــاعر ل ــدى املس ــتمعين‬ ‫واملتلقي ــن أكث ــر م ــن الش ــعر نفس ــه‪.‬‬ ‫أرى ّأيضــا أن اإللقــاء أكثــر ّ‬ ‫حرفيــة مــن الشــعر‪،‬‬ ‫ً ّ‬ ‫ألن الش ــعر يعب ــر ع ــن مش ــاعر الش ــاعر فق ــط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بينم ــا اإللق ــاء وكيفي ــة الق ـراءة يزي ــدان م ــن‬

‫ّ‬ ‫متنوع ــة‬ ‫جاذبي ــة القصي ــدة عب ــر تكتي ــكات‬ ‫تس ــاعد املتلق ــي عل ــى الفه ــم واإلدراك بش ــكل‬ ‫أفض ــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خالف ـ ًـا لغي ــري‪ ،‬أنظ ــر إل ــى اإللق ــاء كف ــن قائ ــم‬ ‫بذات ــه‪ ،‬وأش ــدد عل ــى ض ــرورة التخص ــص في ــه‬ ‫وأق ـرأ الكثي ــر م ــن القصائ ــد‪ .‬أت ــوق إل ــى الش ــعر‬ ‫الجيــد‪ ،‬وأســعى إلــى قراءتــه ـكـي يصــل إلــى قلــوب‬ ‫الن ــاس ب ــدل أن يظ ــل حبيس ـ ًـا ف ــي املكتب ــات أو‬ ‫ّ‬ ‫امللف ــات اإللكتروني ــة‪.‬‬ ‫ال أرغــب فــي حصــر نف�ســي بق ـراءة عــدد محــدود‬ ‫م ــن األش ــعار كل ش ــهر‪ ،‬ألنن ــي حي ــن أرى ّأنن ــا‬ ‫كك ــورد نعان ــي ضعف ـ ًـا ف ــي ف ــن اإللق ــاء الح ـ ّـر‬ ‫واملحت ــرف‪ ،‬أش ــعر باألل ــم وأخ�ش ــى أن يضي ــع‬ ‫هــذا الفــن‪ .‬لــذا أكـ ّـرس نف�ســي للشــعر الكــوردي‬ ‫وأح ــاول أن أق ـ ّـدم املزي ــد‪ .‬أخ ــاف إن ل ــم أفع ــل‬ ‫تتوس ــع‬ ‫ذل ــك فل ــن يق ــوم ب ــه أح ــد؛ وحينه ــا ل ــن ّ‬ ‫دائ ــرة انتش ــار األش ــعار الكوردي ــة‪ ،‬ول ــن يزده ــر‬ ‫ف ــن اإللق ــاء بالش ــكل املطل ــوب‪.‬‬ ‫ الشعر أم اإللقاء؟ أيهما في املقدمة برأيك؟‬‫‪ :‬أراهم ــا توأمي ــن ال يمك ــن ألحدهم ــا أن يب ــرز‬ ‫بق ـ ّـوة دون اآلخ ــر‪ .‬بالنس ــبة ل ــي‪ ،‬أرى نف�س ــي‬ ‫توأمـ ًـا لشــعر جميــع الشــعراء‪ ،‬وكذلــك للفنانيــن‬ ‫الذي ــن يعمل ــون عل ــى تس ــجيل وتدوي ــن وإنت ــاج‬ ‫كليبــات اإللقــاء الشــعري‪ .‬أتعامــل معهــم كأســرة‬ ‫يترســخ فــن اإللقــاء بيــن جميــع‬ ‫واحــدة‪ ،‬وآمــل أن ّ‬ ‫ُ‬ ‫الكــورد كعمــل احترافــي ممتــع يظهــر مهــارات مــن‬ ‫يمارس ــه‪.‬‬ ‫توق ــف؛‬ ‫حت ــى اآلن أم�ض ــي ف ــي ه ــذا الطري ــق ب ــا ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعرف ـ ُـت عل ــى قصائ ــد الش ــعراء الك ــورد‬ ‫الس ــورانيين والكورانيي ــن والفيليي ــن والكله ــور‬ ‫والل ــك وقرأته ــا‪ .‬وضع ــت لنف�س ــي آفاق ـ ًـا‬ ‫أخ ــرى‪ ،‬منه ــا ق ـراءة األش ــعار باللهج ــات اللري ــة‬ ‫والكرمانجي ــة‪ .‬وعل ــى الرغ ــم م ــن ّأنن ــي م ــن ب ــدرة‬ ‫تعص ــب‬ ‫ف ــي إي ــام‪ ،‬ل ــم أك ــن يوم ـ ًـا مم ــن لديه ــم ّ‬ ‫عش ــائري ‪.‬‬ ‫ أي املطربين يعجبك؟‬‫‪ :‬األس ــتاذ حس ــن زي ــرك بصوت ــه املمي ــز‪ .‬من ــذ‬ ‫طفولت ــي كان نجم ــي األب ــرز‪ ،‬وه ــو ال ــذي ّدلن ــي‬ ‫عل ــى الف ــن الك ــوردي‪ .‬وعل ــى الرغ ــم م ــن ّأن ــه ل ــم‬ ‫يك ــن يتق ــن الق ـراءة والكتاب ــة‪ ،‬ف ــإن صوت ــه‬ ‫الش ــجي واملوس ــيقى الفولكلوري ــة الت ــي رافقت ــه‬ ‫جذبتن ــي إل ــى الكتاب ــة باللغ ــة الكوردي ــة‪ .‬قب ــل‬

‫أكث ــر م ــن ثالثي ــن عام ـ ًـا‪ ،‬اقتني ـ ُـت كت ــاب أغاني ــه‪،‬‬ ‫لكننــي لــم أكــن أجيــد الق ـراءة باإلمــاء الكــوردي‬ ‫حين ــذاك‪ ،‬فاحتفظ ـ ُـت بالكت ــاب وكأن ــه دي ــوان‬ ‫حافــظ شــيرازي‪ .‬الحقـ ًـا‪ ،‬وبعــد عقــود مــن ســماع‬ ‫ـررت تعل ــم اإلم ــاء الك ــوردي ألتمك ــن‬ ‫أغاني ــه‪ ،‬ق ـ ُ‬ ‫املغن ــاة بم ــا ف ــي الكت ــاب‪،‬‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫الكل‬ ‫م ــن مقارن ــة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعل ــم الق ـراءة‬ ‫األم ــر ال ــذي س ــهل عل ــي كثي ـ ًرا ّ‬ ‫والكتاب ــة باللغ ــة الكوردي ــة‪.‬‬ ‫ ماهي األمنية الكبرى لدياكو؟‬‫‪ :‬أتمن ــى تطبي ــق امل ــادة (‪ )15‬م ــن الدس ــتور‬ ‫اإليران ــي ف ــي إي ــام أيض ـ ًـا‪ ،‬ومن ــح أبن ــاء إي ــام ح ــق‬ ‫ّ‬ ‫تعل ــم الق ـراءة والكتاب ــة باللهج ــة الكوردي ــة‬ ‫ّ‬ ‫املحليــة‪ .‬آمــل أن أتمكــن مــن زيــارة تلــك املــدارس‬ ‫والتعـ ّـرف علــى تالميــذ يمتلكــون أصواتـ ًـا جميلــة‬ ‫وقــدرة علــى اإللقــاء ـكـي ّ‬ ‫أدربهــم علــى هــذه املهنــة‪،‬‬ ‫فيصبــح الجيــل القــادم أكثــر احترافـ ًـا مــن جيلنــا‬ ‫ف ــي ه ــذا املي ــدان‪.‬‬ ‫ كي ــف ت ــرى أوض ــاع الش ــعر الكالس ــيكي‬‫والفولكل ــوري الك ــوردي الجنوب ــي م ــع الش ــعر‬ ‫ا لحد ي ــث ؟‬ ‫ـدا‪ ،‬إنم ــا‬ ‫‪ :‬ب ــادئ ّذي ب ــدء‪ ،‬لس ـ ُـت ش ــاع ًرا وال ناق ـ ً‬ ‫ى‬ ‫قــارئ جيــد للشــعر‪ّ .‬أمــا عــن املقارنــة‪ ،‬فــأر أن‬ ‫الشــعر الكــوردي املعاصــر أكثــر تطــو ًرا مــن عـ ّـدة‬ ‫نــواح مقارنــة بالقديــم‪ .‬إذا تناولنــا أشــعار غــام‬ ‫ٍ‬ ‫رض ــا خ ــان األرك ــوازي وش ــاكه وخانمنص ــور‪،‬‬ ‫وه ــم م ــن أب ــرز القدم ــاء‪ ،‬نج ــد أنه ــا تقتص ــر‬ ‫غالب ـ ًـا عل ــى الهج ــاء أو رث ــاء الري ــف والطبيع ــة أو‬ ‫الحني ــن والب ــكاء عل ــى األط ــال أو تتخ ــذ منح ــى‬ ‫ديني ـ ًـا وعرفاني ـ ًـا‪.‬‬ ‫ف ــي املقاب ــل‪ ،‬نج ــد أن الش ــعراء املعاصري ــن‬ ‫ـددا وأكث ــر تط ــو ًرا م ــن حي ــث املضم ــون‬ ‫أكث ــر ع ـ ً‬ ‫والش ــكل الش ــعري؛ إذ أدخل ــوا قوال ــب عاملي ــة‬ ‫للش ــعر الحدي ــث وط ـ ّـوروا موضوعات ــه‪ .‬كلم ــا‬ ‫تقدمن ــا زمني ـ ًـا‪ ،‬ق ــد يمي ــل جان ــب م ــن اللغ ــة إل ــى‬ ‫الس ــطحية‪ ،‬لك ــن ثق ــوا ب ــأن الش ــعر والف ــن‬ ‫الكورديي ــن س ــيزدهران أكث ــر فأكث ــر‪.‬‬ ‫ كلمة ختامية‬‫‪ :‬اشــكر مجلــة «فيلــي» التــي تعــد مرك ـزا وحضنــا‬ ‫ابوي ــا تق ــوم بإحي ــاء اس ــم الك ــورد والك ــورد‬ ‫الفيليي ــن خاص ــة ف ــي بغ ــداد والع ـراق‪ ،‬اصف ــق‬ ‫لك ــم واتمن ــى لك ــم االس ــتمرار وال ــدوام‪.‬‬ ‫دكلمه عباس هوشمند دياكو ايالمي‬

‫‪26‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫لماذا لم يستفد العراق‬

‫من نظام المؤسسات وأبدله بالمحاصصة؟!‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫يحــاول العــراق منــذ أكثــرمــن عشــرين عامــا منــذ إســقاط النظــام املبــاد الســابق‪ ،‬إقامــة‬ ‫نظــام بديــل يفلــح فــي إنقــاذ الشــعب مــن محنتــه التــي اكتــوى بهــا فــي األقــل منــذ تأســيس‬ ‫الدولــة العر اقيــة فــي عــام ‪ ١٩٢١‬ثــم مــرورا بالتغيــرات التــي وقعــت بفعــل تحــركات الجيــش‬ ‫التــي لــم تفلــح فــي تأســيس وضــع يطمئــن العر اقييــن علــى حاضرهــم ومســتقبل اجيالهــم‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪27 2025‬‬

‫لق ــد كان مفترض ــا أن يك ــون التغيي ــر االخي ــر‬ ‫ف ــي نيس ــان ‪ ٢٠٠٣‬فاتح ــة خي ــر عل ــى البل ــد‬ ‫ي ــؤدي إل ــى انعتاق ــه ورفعت ــه ورخ ــاء ش ــعبه؛‬ ‫واألس ــباب كان ــت متوف ــرة لذل ــك التكه ــن منه ــا‬ ‫التجرب ــة امل ــرة الت ــي خبره ــا العراقي ــون ط ــوال‬ ‫عق ــود‪ ،‬فض ــا ع ــن تعه ــدات ق ــادة املعارض ــة‬ ‫السياس ــية الس ــابقة الذي ــن اصبح ــوا م ــن‬ ‫ث ــم حكام ــا‪ ،‬وكثي ـرا منه ــم ع ــاش وترب ــى ف ــي دول‬ ‫ديمقراطي ــة تق ــاد بنظ ــام املؤسس ــات‪ ،‬وكان‬ ‫يفت ــرض أن يس ــتلهموا م ــن تجربته ــا بم ــا ينف ــع‬ ‫الع ـراق؛ غي ــر أن األم ــور س ــارت بعك ــس ذل ــك‪،‬‬ ‫ويتف ــق الجمي ــع عل ــى أن الع ـراق أخف ــق ول ــم‬ ‫يبنــي نظــام املؤسســات مــا جعــل األمــور االمنيــة‬ ‫واالقتصادي ــة واملعيش ــية س ــائبة حت ــى اآلن‬ ‫باتف ــاق معظ ــم املراقبي ــن والباحثي ــن‪.‬‬ ‫فلمــاذا أخفــق العـراق فــي بنــاء نظام املؤسســات‬ ‫برغ ــم ضرورت ــه لالنتق ــال بحي ــاة أن ــاس إل ــى‬ ‫س ــقف تطلعاته ــم‪ ،‬الس ــيما م ــع توف ــر مص ــادر‬ ‫الث ــروات؟ وب ــدال م ــن ذل ــك اص ــر السياس ــيون‬ ‫عل ــى اللج ــوء ال ــى نظ ــام املحاصص ــة ف ــي إدارة‬ ‫ش ــؤون البل ــد‪.‬‬ ‫الب ــد ف ــي البداي ــة م ــن التعري ــف بنظ ــام حك ــم‬ ‫املؤسس ــات‪ ،‬اذا ج ــاز الق ــول؛ وفي ــه ت ــؤدي‬ ‫املؤسســات دورا حاســما فــي تحقيــق االســتقرار‬ ‫السيا�س ــي واالجتماع ــي واالقتص ــادي‪.‬‬ ‫واملؤسس ــات ه ــي الهي ــاكل والتنظيم ــات‬ ‫الرس ــمية وغي ــر الرس ــمية الت ــي تح ــدد قواع ــد‬ ‫املمارس ــة الديمقراطي ــة ف ــي املجتم ــع‪ ،‬و تش ــمل‬ ‫األجه ــزة الحكومي ــة‪ ،‬مث ــل "البرمل ــان والقض ــاء‬ ‫واإلدارة العام ــة"‪ ،‬والخاص ــة مث ــل "الش ــركات‬ ‫واملنظم ــات غي ــر الحكومي ــة واملجتمعي ــة" مث ــل‬ ‫النقاب ــات والجمعي ــات‪.‬‬ ‫وم ــن اه ــداف تل ــك املؤسس ــات أنه ــا تض ــع‬ ‫القواع ــد واملعايي ــر الت ــي تنظ ــم س ــلوك األف ـراد‬ ‫والجماعــات‪ ،‬ممــا يقلــل مــن النزاعــات ويحســن‬ ‫م ــن التنس ــيق والتع ــاون‪ ،‬وه ــي تس ــاعد عل ــى‬ ‫توزي ــع الس ــلطة ومن ــع تركزه ــا ف ــي ي ــد ش ــخص‬ ‫واحد أو جهة واحدة‪ ،‬مما يحد من االســتبداد‬ ‫ويحم ــي الحري ــات‪ ،‬و تس ــهم املؤسس ــات ف ــي‬ ‫تحقي ــق االس ــتقرار السيا�س ــي واالجتماع ــي‬

‫‪28‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪29 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫لماذا لم يستفد العراق من نظام المؤسسات وأبدله بالمحاصصة؟!‬

‫بتوفي ــر إط ــار عم ــل واض ــح ومح ــدد‪ ،‬مم ــا يقل ــل‬ ‫مــن حالــة عــدم اليقيــن ويشــجع علــى االســتثمار‬ ‫والتنمي ــة‪.‬‬ ‫و تعم ــل املؤسس ــات عل ــى مس ــاءلة الح ــكام‬ ‫واملســؤولين عــن أفعالهــم وقراراتهــم‪ ،‬ممــا يعــزز‬ ‫الشــفافية ويحســن مــن األداء العــام‪ ،‬و تشــجع‬ ‫عل ــى املش ــاركة املدني ــة والتعبي ــر ع ــن اآلراء‪،‬‬ ‫ممــا يســهم فــي تطويــر املجتمــع وتحســين جــودة‬ ‫الحي ــاة‪.‬‬ ‫واملؤسس ــات السياس ــية الت ــي تش ــمل البرمل ــان‬ ‫واألح ـزاب ومنظم ــات املجتم ــع املدن ــي‪ ،‬تعم ــل‬ ‫عل ــى تنظي ــم الحي ــاة السياس ــية وضم ــان‬ ‫مش ــاركة الس ــكان ف ــي صن ــع الق ـرار‪ ،‬و‬ ‫املؤسســات االقتصاديــة التــي تشــمل الشــركات‬ ‫والبنــوك واألســواق املاليــة‪ ،‬تعمــل علــى تنظيــم‬ ‫النش ــاط االقتص ــادي وتوفي ــر ف ــرص العم ــل‬ ‫وتحقي ــق النم ــو االقتص ــادي‪ ،‬واملؤسس ــات‬ ‫االجتماعي ــة‪ ،‬مث ــل امل ــدارس والجامع ــات‬ ‫واملستش ــفيات واملراك ــز الثقافي ــة‪ ،‬وغيره ــا‪،‬‬ ‫تعم ــل عل ــى توفي ــر الخدم ــات االجتماعي ــة‬ ‫والتعلي ــم والصح ــة والثقاف ــة للس ــكان‪.‬‬ ‫ويمك ــن أن يفت ــك الفس ــاد باملؤسس ــات‪ ،‬اذ‬ ‫يــؤدي إلــى تآكلهــا وفقــدان ثقــة النــاس بهــا‪ ،‬وهــو‬ ‫م ــا يلم ــس بص ــورة واضح ــة ف ــي الوض ــع العراق ــي‬ ‫باتفــاق جميــع املحلليــن الذيــن يشــيرون إلــى أن‬ ‫الفس ــاد وغي ــاب النزاه ــة ف ــي ش ــتى املؤسس ــات‬ ‫أفقده ــا مصداقيته ــا وغي ــب املغ ــزى م ــن‬ ‫تواجده ــا‪ ،‬وق ــد تعان ــي بع ــض املؤسس ــات م ــن‬ ‫ضع ــف ف ــي الق ــدرات وامل ــوارد‪ ،‬مم ــا يح ــد م ــن‬ ‫فعاليته ــا وقدرته ــا عل ــى تحقي ــق أهدافه ــا‪.‬‬ ‫األم ــر اآلخ ــر ال ــذي يفق ــد املؤسس ــات دوره ــا‬ ‫ه ــو "التس ــييس" ال ــذي ي ــؤدي إل ــى تدخ ــل‬ ‫السياس ــيين ف ــي عم ــل املؤسس ــات وتوجيهه ــا‬ ‫لخدمــة مصالحهــم الخاصــة‪ ،‬وهــو مــا يحصــل‬ ‫بق ــوة ف ــي الوض ــع العراق ــي‪ ،‬كم ــا يمث ــل تدخ ــل‬ ‫املؤسس ــات الديني ــة ف ــي ش ــؤون مؤسس ــات‬ ‫الحكــم عامــا محبطــا رئيســا لدورهــا املفتــرض‪،‬‬ ‫وق ــد تمي ــز الوض ــع العراق ــي بذل ــك التداخ ــل‬ ‫بص ــورة قاس ــية‪.‬‬ ‫وم ــن األمثل ــة عل ــى دور املؤسس ــات ف ــي نظ ــام‬ ‫الحك ــم‪ ،‬أن البرمل ــان يراق ــب عم ــل الحكوم ــة‬

‫ويق ــرر امليزاني ــة العام ــة للدول ــة‪ ،‬و القض ــاء‪،‬‬ ‫اذ تضم ــن اس ــتقالليته تطبي ــق القان ــون عل ــى‬ ‫الجمي ــع بش ــكل ع ــادل؛ وبحس ــب الباحثي ــن‬ ‫ف ــإن القض ــاء العراق ــي لطامل ــا تع ــرض إل ــى خ ــرق‬ ‫اس ــتقالليته وتدخ ــل السياس ــيين ف ــي ش ــؤونه‬ ‫وقرارات ــه‪.‬‬ ‫م ــن اقس ــام املؤسس ــات األخ ــرى اإلدارات‬ ‫العام ــة‪ ،‬تق ــوم بتنفي ــذ السياس ــات الحكومي ــة‬ ‫وتقدي ــم الخدم ــات للس ــكان‪ ،‬و الش ــركات‬ ‫تس ــهم ف ــي تحقي ــق النم ــو االقتص ــادي وتوفي ــر‬ ‫ف ــرص العم ــل‪ ،‬أم ــا منظم ــات املجتم ــع املدن ــي‬ ‫فانهــا تعمــل علــى الدفــاع عــن حقــوق اإلنســان‬ ‫وتعزي ــز الديمقراطي ــة واملش ــاركة املدني ــة‪.‬‬ ‫ان تطبيــق نظــام املؤسســات فــي العـراق يواجــه‬ ‫تحديات كبيرة ومعوقات متعددة‪ ،‬فان النظام‬ ‫الســابق تــرك إرثــا ثقيــا مــن املركزيــة الشــديدة‬ ‫وتهمي ــش املجتم ــع املدن ــي‪ ،‬مم ــا أضع ــف دور‬ ‫املؤسســات‪ ،‬وان الصراعــات السياســية وعــدم‬ ‫االس ــتقرار أث ــرت س ــلبا عل ــى بن ــاء مؤسس ــات‬ ‫قويــة ومســتقرة‪ ،‬و عانــى الع ـراق مــن اإلرهــاب‬ ‫ال ــذي اس ــتنزف م ــوارد الدول ــة وأع ــاق جه ــود‬ ‫التنمي ــة وبن ــاء املؤسس ــات‪ ،‬و أدت الح ــروب‬ ‫والنزاعــات الداخليــة إلــى تدميــر البنيــة التحتيــة‬ ‫واملؤسس ــات‪.‬‬ ‫وتمثل ــت العوام ــل االقتصادي ــة الت ــي اضعف ــت‬ ‫نظ ــام املؤسس ــات ف ــي الفس ــاد املستش ــري ف ــي‬ ‫مؤسســات الدولــة الــذي قــوض جهــود اإلصــاح‬ ‫واضع ــف الثق ــة به ــا‪.‬‬ ‫وب ـرأي بع ــض املراقبي ــن ف ــإن اعتم ــاد اقتص ــاد‬ ‫الع ـراق بش ــكل كبي ــر عل ــى النف ــط‪ ،‬يجعل ــه‬ ‫عرض ــة للتأث ــر بتقلب ــات األس ــعار ويقل ــل م ــن‬ ‫الحاجــة إلــى تطويــر قطاعــات أخــرى‪ ،‬فيشــجع‬ ‫ذل ــك جه ــات سياس ــية متنف ــذة عل ــى محاول ــة‬ ‫التحــرك بالضــد مــن نظــام املؤسســات باحتــكار‬ ‫الث ــروة ف ــي ايديه ــا والتأثي ــر عل ــى ني ــل الس ــكان‬ ‫اس ــتحقاقات تل ــك الث ــروة والتأثي ــر ف ــي مب ــدأ‬ ‫العدال ــة واملس ــاواة الت ــي ه ــي ش ــروط أساس ــية‬ ‫لنج ــاح عم ــل ملؤسس ــات‪.‬‬ ‫م ــن التحدي ــات االجتماعي ــة الت ــي تواج ــه عم ــل‬ ‫املؤسس ــات النزاع ــات الطائفي ــة‪ ،‬اذ أدت إل ــى‬ ‫تفتي ــت املجتم ــع العراق ــي وإضع ــاف الثق ــة بي ــن‬

‫تطبيق نظام المؤسسات‬ ‫يواجه تحديات ومعوقات‬ ‫متعددة‪ ،‬فالنظام‬ ‫السابق ترك إرثا ثقيال‬ ‫من المركزية الشديدة‬ ‫وتهميش المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬مما أضعف دور‬ ‫المؤسسات‪..‬‬

‫"يجب أتمتة األنظمة‬ ‫في تقديم الخدمات‬ ‫المتنوعة لتقليل األخطاء‬ ‫البشرية وتحسين‬ ‫السرعة والدقة‪ ،‬و‬ ‫إشراك السكان في صنع‬ ‫القرار"‪..‬‬

‫مكونات ــه‪ ،‬مم ــا أث ــر س ــلبا عل ــى بن ــاء مؤسس ــات‬ ‫وطني ــة قوي ــة‪ ،‬كم ــا أن فق ــدان الثق ــة بي ــن‬ ‫الن ــاس واملؤسس ــات الحكومي ــة ش ــكل تحدي ــا‬ ‫كبي ـرا أم ــام جه ــود التصحي ــح‪.‬‬ ‫أم ــا التحدي ــات اإلداري ــة فتضمن ــت ضع ــف‬ ‫الكفــاءات‪ ،‬اذ تعانــي املؤسســات العراقيــة مــن‬ ‫نقــص فــي الكفــاءات والخب ـرات املطلوبــة إلدارة‬ ‫ش ــؤونها بفعالي ــة وان البيروقراطي ــة املعق ــدة‬ ‫واملتشــابكة تعــوق عمــل املؤسســات وتزيــد مــن‬ ‫ف ــرص الفس ــاد‪.‬‬ ‫وق ــد أث ــرت التدخ ــات الخارجي ــة ف ــي الش ــأن‬ ‫العراقي على استقاللية القرار السيا�سي وقدرة‬ ‫املؤسس ــات عل ــى العم ــل بحيادي ــة‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫ع ــدم تواج ــد إرادة سياس ــية قوي ــة ل ــدى بع ــض‬ ‫القــوى السياســية لتطبيــق إصالحــات حقيقيــة‬ ‫ف ــي نظ ــام املؤسس ــات‪ ،‬و بع ــض القواني ــن‬ ‫العراقي ــة ق ــد تك ــون قديم ــة أو غي ــر فعال ــة ول ــم‬ ‫يج ــري تغييره ــا‪ ،‬مم ــا يع ــوق عم ــل املؤسس ــات‪،‬‬

‫كم ــا يب ــرز ضع ــف تطبي ــق القواني ــن وع ــدم‬ ‫تواج ــد آلي ــات فعال ــة للمس ــاءلة‪.‬‬ ‫ان الخ ــروج م ــن االزم ــة و االرتق ــاء بنظ ــام‬ ‫املؤسس ــات ف ــي حك ــم الع ـراق يتطل ــب تبن ــي‬ ‫مجموعــة مــن األســاليب والوســائل التــي تهــدف‬ ‫إلى تحســين األداء الحكومي وتعزيز املؤسســات‬ ‫العام ــة وم ــن ذل ــك تحدي ــث األنظم ــة اإلداري ــة‬ ‫وتطبي ــق أس ــاليب إدارة حديث ــة تس ــاعد ف ــي‬ ‫تس ــريع اإلج ـراءات وتقلي ــل البيروقراطي ــة‪ ،‬و‬ ‫رفــع كفــاءة املوظفيــن الحكومييــن عبــر التدريــب‬ ‫املس ــتمر والورش ــات التعليمي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا يس ــتوجب ذل ــك إنش ــاء هيئ ــات مس ــتقلة‬ ‫فع ــا للتحقي ــق ف ــي قضاي ــا الفس ــاد وتحس ــين‬ ‫تطبي ــق القان ــون عل ــى جمي ــع املس ــتويات‪ ،‬و‬ ‫تطوي ــر قواني ــن وضواب ــط تضم ــن مس ــاءلة‬ ‫املس ــؤولين أم ــام الش ــعب واملؤسس ــات‬ ‫القانوني ــة‪ ،‬و تحدي ــث وتعدي ــل القواني ــن‬ ‫بم ــا يتما�ش ــى م ــع متطلب ــات العص ــر الحدي ــث‬

‫ويس ــهم ف ــي تعزي ــز حق ــوق املواط ــن وتنظي ــم‬ ‫العالق ــات بي ــن املؤسس ــات‪.‬‬ ‫وأيض ــا يج ــب تحس ــين ق ــدرة املؤسس ــات عل ــى‬ ‫تطبي ــق القواني ــن بش ــكل فع ــال‪ ،‬و إعط ــاء‬ ‫س ــلطات أوس ــع للحكوم ــات املحلي ــة واملجال ــس‬ ‫البلديــة لتمكينهــم مــن اتخــاذ ق ـرارات تتناســب‬ ‫مــع االحتياجــات املحليــة‪ ،‬و تحســين العالقــات‬ ‫بي ــن الحكوم ــة واملواطني ــن بحي ــث تك ــون هن ــاك‬ ‫قن ــوات تواص ــل مباش ــرة لتلبي ــة احتياجاته ــم‪.‬‬ ‫وم ــن األم ــور الواجب ــة‪ ،‬تطبي ــق األنظم ــة‬ ‫اإللكتروني ــة ف ــي كل مج ــاالت اإلدارة الحكومي ــة‬ ‫لتس ــهيل الحص ــول عل ــى الخدم ــات الحكومي ــة‬ ‫والحــد مــن الروتيــن‪ ،‬و أتمتــة األنظمــة فــي تقديــم‬ ‫الخدم ــات املتنوع ــة لتقلي ــل األخط ــاء البش ــرية‬ ‫وتحســين الســرعة والدقــة‪ ،‬و إش ـراك الســكان‬ ‫ف ــي صن ــع الق ـرار بوس ــاطة اس ــتطالعات ال ـرأي‬ ‫واملشــاورات العامــة لتعزيــز الحوكمــة الرشــيدة‬ ‫مثلم ــا توص ــف‪ ،‬و نش ــر املعلوم ــات املتعلق ــة‬

‫باملشــاريع الحكوميــة الكبــرى‪ ،‬بمــا فيهــا تفاصيــل‬ ‫التعاقــدات واملناقصــات‪ ،‬و توجيــه االســتثمار‬ ‫نح ــو تحس ــين البني ــة التحتي ــة التعليمي ــة‬ ‫والصحيــة واملروريــة والتكنولوجيــة بمــا يســهم‬ ‫ف ــي تعزي ــز أداء املؤسس ــات الحكومي ــة‪.‬‬ ‫ويج ــب وض ــع سياس ــات تدع ــم ج ــذب‬ ‫االس ــتثمارات‪ ،‬تس ــهم ف ــي تحس ــين أداء‬ ‫املؤسس ــات و توفي ــر ف ــرص العم ــل واملس ــاواة‬ ‫بي ــن جمي ــع املواطني ــن ف ــي تقدي ــم الخدم ــات‬ ‫الحكومي ــة‪ ،‬و العم ــل عل ــى تقلي ــل الفج ــوات‬ ‫التنموي ــة بي ــن ش ــتى املناط ــق ف ــي الع ـراق‪ ،‬م ــع‬ ‫التركي ــز عل ــى املناط ــق النائي ــة أو األق ــل تط ــورا‪،‬‬ ‫و ضم ــان إج ـراء انتخاب ــات نزيه ــة وش ــفافة‪،‬‬ ‫م ــع تعزي ــز دور املؤسس ــات الرقابي ــة املس ــتقلة‬ ‫مث ــل البرمل ــان والقض ــاء‪ ،‬و تش ــجيع األح ـزاب‬ ‫السياس ــية واملجتم ــع املدن ــي عل ــى املش ــاركة‬ ‫الفعال ــة ف ــي صناع ــة الق ـرارات السياس ــية‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪31 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫أسطوانات چقماقچي‪..‬‬

‫إرث فني يروي تاريخ الموسيقى في العراق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫مصلح األسلحة‬ ‫كان الناس في العراق يطلقون تسمية "چقماقچي" على ّ‬ ‫نسبة إلى الصوت الناتج عن فك‬ ‫النارية‪ ،‬وهي كلمة تركية األصل‪ ،‬جاءت ً‬ ‫وشده‪.‬‬ ‫السالح ّ‬ ‫وقــد كان الحــاج فتحــي "چقماقچــي" مــن بيــن هــؤالء‬ ‫الحرفيي ــن‪ ،‬إذ امته ــن ف ــي بدايات ــه صيان ــة األس ــلحة‬ ‫العثماني ــة القديم ــة ف ــي مدين ــة املوص ــل ش ــمال‬ ‫الع ـراق‪ ،‬قب ــل أن يتح ــول إل ــى واح ــد م ــن أب ــرز‬ ‫األس ــماء ف ــي مج ــال تس ــجيل وإنت ــاج االس ــطوانات‬ ‫الصوتي ــة ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫البدايات األولى‬ ‫ـركة للتج ــارة‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫چ‬ ‫چقماق‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫فت‬ ‫ّأس ــس الح ــاج‬ ‫ً‬ ‫العام ــة ف ــي مدين ــة املوص ــل ف ــي الع ــام ‪،1918‬‬ ‫ـغوفا باملوس ــيقى والف ــن‪ ،‬فب ــدأ بجم ــع‬ ‫وكان ش ـ ً‬ ‫األس ــطوانات املوس ــيقية والغنائي ــة‬ ‫بمختل ــف أنواعه ــا‪ ،‬حت ــى‬

‫ك ـ ّـون مكتب ــة موس ــيقية ضخم ــة‪.‬‬ ‫وف ــي ع ــام ‪ ،1940‬ق ـ ّـرر االنتق ــال إل ــى‬ ‫العاصم ــة بغ ــداد وافتت ــح أول مح ــل‬ ‫ل ــه ف ــي منطق ــة "الحيدرخان ــة"‪ ،‬عن ــد‬ ‫رأس ش ــارع املتنب ــي‪ ،‬وم ــن هن ــا‪ ،‬ول ــدت‬ ‫فك ــرة إنش ــاء اس ــتوديو لتس ــجيل‬ ‫االس ــطوانات للمطربي ــن العراقيي ــن‪،‬‬ ‫حي ــث كان يت ــم تصنيعه ــا وطبعه ــا‬ ‫ف ــي الس ــويد واليون ــان‪ ،‬تح ــت حق ــوق‬ ‫ش ــركة چقماقچ ــي‪.‬‬ ‫يقــول نجــم عبــدهللا فتحــي جقماقجــي‪،‬‬

‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أنــه "فــي أربعينيــات القــرن املا�ضــي‪،‬‬ ‫ب ــدأت الش ــركة بإنت ــاج األس ــطوانات الحجري ــة‪،‬‬ ‫ث ــم ش ــهدت تط ــو ًرا نوعي ـ ًـا م ــع دخ ــول األس ــطوانات‬ ‫البالس ــتيكية ع ــام ‪ ،1953‬إذ اس ــتمر إرس ــال‬ ‫التســجيالت إلــى الســويد واليونــان للطباعــة‪ ،‬حتــى‬ ‫وص ــل إنت ــاج الش ــركة إل ــى أكث ــر م ــن ‪ 1950‬أغني ــة"‪.‬‬ ‫وكان مقـ ّـر الشــركة يقــع فــي منطقــة البــاب الشــرقي‬ ‫وس ــط بغ ــداد‪ ،‬ف ــي ذاك الوق ــت كان االس ــتوديو‬ ‫الوحي ــد ف ــي الع ـراق‪ ،‬إل ــى جان ــب اس ــتوديو اإلذاع ــة‬ ‫الالس ــلكية‪.‬‬ ‫إرث موسيقي حافل‬ ‫شــركة چقماقچــي كان لهــا الــدور األبــرز فــي تســجيل‬ ‫أغان ــي معظ ــم مطرب ــي الخمس ــينيات والس ــتينيات‬ ‫ظل ــت ه ــذه‬ ‫الذي ــن ذاع صيته ــم آن ــذاك‪ ،‬وق ــد ّ‬ ‫التس ــجيالت محفوظ ــة ف ــي أرش ــيف الش ــركة‪ ،‬الت ــي‬ ‫كان ــت تع ــد مص ــد ًرا رئيس ـ ًـيا للتلفزي ــون العراق ــي ف ــي‬ ‫برامجــه الغنائيــة‪ ،‬ومــع مــرور الزمــن تالشــت معالــم‬ ‫ـزءا أصيـ ًـا‬ ‫هــذه املؤسســة العريقــة‪ ،‬لكنهــا بقيــت جـ ً‬ ‫م ــن الت ـراث املوس ــيقي العراق ــي‪.‬‬ ‫ومــن بيــن الذكريــات التــي يحتفــظ بهــا أف ـراد عائلــة‬ ‫الچقماقچ ــي‪ ،‬خ ــال حدي ــث‬

‫نج ــم عب ــدهللا فتح ــي جقماقج ــي‪،‬‬ ‫ه ــي "اس ــتضافة كب ــار الفناني ــن الع ــرب ف ــي بيته ــم‪،‬‬ ‫ومنه ــم عب ــد الحلي ــم حاف ــظ وفائ ــزة أحم ــد‪ ،‬الذي ــن‬ ‫ـردون الزيــارة عنــد اســتقبال العائلــة لهــم فــي‬ ‫كانــوا يـ ّ‬ ‫القاه ــرة"‪.‬‬ ‫ويش ــير أيض ـ ًـا إل ــى أن "الش ــركة كان ــت عل ــى عالق ــة‬ ‫وطي ــدة بش ــركات إنت ــاج عربي ــة كب ــرى‪ ،‬حي ــث‬ ‫حصل ــت عل ــى توكي ــات خاص ــة م ــن ش ــركات‬ ‫مث ــل ص ــوت الف ــن‪ ،‬كايروف ــون‪ ،‬ص ــوت القاه ــرة‪،‬‬ ‫وبيضف ــون اللبناني ــة لتوزي ــع أس ــطواناتها ف ــي‬ ‫الع ــراق"‪.‬‬ ‫العالقات مع عمالقة الفن العربي‬ ‫ويتابــع ســرد قصــة جــده‪ ،‬قائـ ًـا "أقــام الحــاج فتحــي‬

‫چقماقچــي وعائلتــه عالقــات متينــة مــع العديــد مــن‬ ‫الفناني ــن الع ــرب‪ ،‬وعل ــى رأس ــهم املوس ــيقار محم ــد‬ ‫عبــد الوهــاب واملطــرب عبــد الحليــم حافــظ‪ ،‬الــذي‬ ‫زار الع ـراق ف ــي الس ــتينيات بصحب ــة فرقت ــه املاس ــية‬ ‫بقي ــادة أحم ــد ف ــؤاد حس ــن‪ ،‬إل ــى جان ــب املطربي ــن‬ ‫فائ ــزة أحم ــد‪ ،‬كارم محم ــود‪ ،‬ش ــريفة فاض ــل‪،‬‬ ‫والراقصــة نجــوى فــؤاد‪ ،‬إضافــة إلــى الفنــان حســن‬ ‫يوس ــف واملمثل ــة لبلب ــة"‪.‬‬ ‫وق ــد أحي ــوا حف ــات ف ــي بغ ــداد والبص ــرة واملوص ــل‪،‬‬ ‫وس ـ ّـجلت الش ــركة أغانيه ــم خ ــال تل ــك الزي ــارات‪،‬‬ ‫كم ــا قام ــت الش ــركة بتس ــجيل أرب ــع أغني ــات لفائ ــزة‬ ‫أحمــد‪ ،‬مــن ألحــان الفنــان العراقــي رضــا علــي‪ ،‬وكان‬ ‫م ــن أش ــهرها أغني ــة "ميكف ــي دم ــع العي ــن"‪ ،‬وفق ـ ًـا‬ ‫لحدي ــث نج ــم عب ــدهللا فتح ــي جقماقج ــي‪.‬‬ ‫ل ــم تقتص ــر تس ــجيالت چقماقچ ــي عل ــى الفناني ــن‬ ‫العراقييــن والعــرب املشــهورين فحســب‪ ،‬بــل شــملت‬ ‫أيض ـ ًـا مطرب ــات س ــوريات ك ـ ّـن يغني ــن ف ــي ماله ــي‬ ‫بغــداد آنــذاك‪ ،‬مثــل نرجــس شــوقي‪ ،‬نهاونــد‪ ،‬راويــة‪،‬‬ ‫وس ــهام رفق ــي‪.‬‬ ‫"سرقة كبرى" طالت األرشيف املوسيقي‬ ‫ّ‬ ‫وتعرضــت شــركة چقماقچــي لســرقة جــزء كبيــر مــن‬ ‫أرشــيفها‪ ،‬حيــث ُفقــدت أشــرطة كاســيت نــادرة‪ ،‬مــن‬ ‫بينه ــا تس ــجيالت خاص ــة بكوك ــب الش ــرق أم كلث ــوم‬ ‫ومطربي ــن آخري ــن م ــن الجي ــل الس ــابق‪ ،‬إضاف ـ ًـة إل ــى‬ ‫عش ـرات الص ــور الن ــادرة لفناني ــن عراقيي ــن وع ــرب‪،‬‬ ‫أمثــال ناظــم الغزالــي‪ ،‬زهــور حســين‪ ،‬وحيــدة خليــل‪،‬‬ ‫عفيفــة إســكندر‪ ،‬رضــا علــي‪ ،‬عبــد الحليــم حافــظ‪،‬‬ ‫تمكن ــت العائل ــة م ــن‬ ‫وفائ ــزة أحم ــد‪ ،‬ورغ ــم ذل ــك‪ّ ،‬‬ ‫إنقــاذ بعــض األســطوانات‪ ،‬التــي كانــت محفوظــة فــي‬ ‫مــكان آخــر‪.‬‬ ‫بع ــد حادث ــة الس ــرقة‪ ،‬ق ــرر نج ــم عب ــد هللا فتح ــي‬ ‫چقماقچ ــي‪ ،‬حفي ــد مؤس ــس الش ــركة‪ ،‬نق ــل ّ‬ ‫مقره ــا‬ ‫إل ــى خ ــان املدل ــل ف ــي منطق ــة املي ــدان‪ ،‬وذل ــك بع ــد‬ ‫إغ ــاق مح ــل الب ــاب الش ــرقي ع ــام ‪ ،2009‬وعل ــى‬ ‫تقدم ــه ف ــي الس ــن وتده ــور حالت ــه‬ ‫الرغ ــم م ــن ّ‬ ‫الصحي ــة‪ ،‬ال ي ـزال نج ــم چقماقچ ــي يح ــرص عل ــى‬ ‫ً‬ ‫ـتقبال الزبائ ــن‪،‬‬ ‫التواج ــد يومي ــا ف ــي املح ــل‪ ،‬مس ـ ً‬ ‫عش ــاق الف ــن األصي ــل‪.‬‬ ‫ومش ـ ً‬ ‫ـاركا ذكريات ــه م ــع ّ‬ ‫ٌ‬ ‫إرث موسيقي خالد‬ ‫ٌ‬ ‫ال ت ـزال "أس ــطوانات چقماقچ ــي" تحتف ــظ بقيمته ــا‬ ‫ـزءا مهم ـ ًـا م ــن‬ ‫التاريخي ــة والفني ــة‪ ،‬حي ــث تمث ــل ج ـ ً‬ ‫تط ــور املوس ــيقى والغن ــاء ف ــي الع ـراق‪ ،‬حي ــث ال‬ ‫ـتقطبا‬ ‫ي ـزال املح ــل مفتوح ـ ًـا ف ــي خ ــان املدل ــل‪ ،‬مس ـ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الباحثي ــن ع ــن األصال ــة وعش ــاق الت ـراث املوس ــيقي‬ ‫ـذة‬ ‫العراق ــي والعرب ــي‪ ،‬الذي ــن يج ــدون في ــه ناف ـ ً‬ ‫حقيقي ـ ًـة عل ــى الزم ــن الجمي ــل‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪33 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫"العين تخاف واليد تصنع"‪ ..‬قصة شاب نجفي يحول‬ ‫خردة النجارين إلى فن‬

‫« في قاعة المتحف كاميرات تصوير تلفزيونية‬ ‫وميكسرات صوت وأجهزة مونتاج وكاميرات صور‬ ‫فوتوغرافية واجهزة راديو وتلفزيونات قديمة‬ ‫ومجسمات لفنانين وإعالميين ومجالت قديمة منها‬ ‫مجلة االذاعة والتلفزيون »‪.‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫في واحدة من أهم الحواضرفي‬ ‫تأريخ بالد الر افدين‪ ،‬في مدينة‬ ‫الحيرة األثرية بقضاء املنارة‪،‬‬ ‫إحدى املدن العر اقية التابعة‬ ‫إلى محافظة النجف في منطقة‬ ‫الفرات األوسط‪ ،‬يستلهم الشاب‬ ‫أحمد رزاق صادق‪ ،‬من أصول‬ ‫مدينته الفن واإلبداع ويؤسس‬ ‫رزقا‬ ‫فنيا ال يقصد به ً‬ ‫عمال ً‬ ‫لنفسه ً‬ ‫مكسبا للعيش‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫ويمتهــن أحمــد مهنــة "الندافــة" األزليــة ويتخذهــا‬ ‫مص ــد ًرا لرزق ــه‪ ،‬وه ــو ماه ـ ٌـر أيض ـ ًـا ف ــي عمل ــه‬ ‫ويط ــرز بأنامل ــه أجم ــل املفروش ــات املنزلي ــة‪ ،‬إل ــى‬ ‫جانــب شــغفه الكبيــر فــي الرســم فهــو أيضـ ًـا أبــدع‬ ‫ف ــي مج ــال صناع ــة املجس ــمات والقط ــع الفني ــة‬ ‫م ــن خ ــردة النجاري ــن الذي ــن ص ــادف وجوده ــم‬ ‫بالق ــرب م ــن م ــكان عمل ــه ف ــي نداف ــة األقمش ــة‬ ‫واإلس ــفنج‪.‬‬ ‫ويق ــول أحم ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ :‬إن "هوايت ــي م ــن‬ ‫ُ‬ ‫الصغ ــر أن أجم ــع القط ــع الخش ــبية لالس ــتفادة‬ ‫منه ــا وقض ــاء بع ــض الوق ــت‪ ،‬م ــع هوايت ــي ف ــي‬ ‫الرس ــم وتخي ــل األش ــياء ورس ــمها عل ــى ال ــورق‪،‬‬ ‫وم ــن خ ــال هاتي ــن املهارتي ــن ب ــدأت بعم ــل‬ ‫املجس ــمات الفني ــة وتحوي ــل كل م ــا ت ـراه عين ــي‬ ‫وتعج ــب ب ــه إل ــى قط ــع خش ــبية ممي ــزة أصنعه ــا‬ ‫بش ــغف واهتم ــام كبيري ــن"‪.‬‬ ‫تحويل الخردة إلى تحف‬ ‫ويتاب ــع أحم ــد‪ ،‬أن "موق ــع عمل ــي ف ــي مج ــال‬ ‫النداف ــة س ـ ّـهل عل ــي الكثي ــر م ــن األم ــور وذل ــك‬ ‫بحك ــم عالقت ــي ب ــكل النجاري ــن ف ــي س ــوق الحي ــرة‬ ‫وقربه ــم م ــن م ــكان العم ــل‪ ،‬وبه ــذا ب ــدأت فك ــرة‬ ‫االس ــتفادة م ــن الخ ــردة (بقاي ــا الخش ــب)‬ ‫واالس ــتماع لنصائحه ــم ف ــي اكتس ــاب مه ــارات‬

‫النج ــارة وتحوي ــل ه ــذه الخ ــردة إل ــى قط ــع فني ــة‬ ‫ن ــادرة وجميل ــة تلف ــت األنظ ــار"‪.‬‬ ‫وأوض ــح‪ ،‬أن "بداي ــة الفك ــرة تك ــون صعب ــة عل ــيَّ‬ ‫وأق ــول بين ــي وبي ــن نف�س ــي كي ــف س ــأنجز ه ــذا‬

‫املجســم‪ ،‬ولكــن بعــد خــوض العمــل اتفاجــئ ممــا‬ ‫صنع ــت ي ــداي وكي ــف وصل ــت إل ــى ه ــذه املرحل ــة‬ ‫مــن الدقــة فــي اإلنجــاز‪ ،‬وحتــى النــاس يشــجعونني‬ ‫دائم ـ ًـا عل ــى االس ــتمرار واملثاب ــرة‪ ،‬وأتخ ــذ م ــن‬

‫ـاال‬ ‫املثــل الرو�ســي (العيــن تخــاف واليــد تصنــع) مثـ ً‬ ‫للعم ــل واملثاب ــرة"‪.‬‬ ‫دمج املواهب‬ ‫ويوضــح أحمــد طريقــة عملــه قائـ ًـا‪ :‬إن "مراحــل‬ ‫صناع ــة املجس ــمات عدي ــدة وتأخ ــذ وقت ـ ًـا‬ ‫طوي ـ ًـا وتب ــدا م ــن لحظ ــة إعجاب ــي ب�ش ــيء معي ــن‬ ‫ك ـ الس ــيارات والس ــفن والبواخ ــر أو البناي ــات‬ ‫الكبي ــرة وناطح ــات الس ــحاب وغيره ــا م ــن األم ــور‬ ‫امللفت ــة‪ ،‬وتب ــدأ أول ــى املراح ــل بمش ــاهدة تقري ــر‬ ‫عــن مــا أريــد تجســيمه وأبــدأ بدراســة أساســيات‬ ‫العم ــل وم ــن بعده ــا أرس ــمه بحج ــم مالئ ــم عل ــى‬ ‫ورق معي ــن"‪.‬‬ ‫وأردف‪ ،‬بالق ــول إن "املرحل ــة الثاني ــة تب ــدأ‬ ‫بصناع ــة الهي ــكل وأن ــا ف ــي مح ــل عمل ــي بالنداف ــة‬

‫ومــن خــال تحديــد القياســات فــي مرحلــة الرســم‪،‬‬ ‫وعنــد االنتهــاء مــن الهيــكل أنقلــه إلــى منزلــي لتبــدأ‬ ‫أه ــم املراح ــل والت ــي ع ــادة م ــا تك ــون مطول ــة و‬ ‫مصحوب ــة بالتركي ــز والف ــن والخي ــال واله ــدوء‪،‬‬ ‫وال أعم ــل ب ــه بش ــكل مس ــتمر ب ــل متقط ــع وف ــق‬ ‫أوق ــات فراغ ــي واس ــتقراري النف�س ــي‪ ،‬وتص ــل‬ ‫أحيان ـ ًـا فت ــرة العم ــل إل ــى الش ــهرين أو س ــنة كامل ــة‬ ‫حس ــب حج ــم و ن ــوع املجس ــم"‪.‬‬ ‫موهبة فطرية أم دراسة؟‬ ‫وأك ــد أحم ــد‪ ،‬أن "العم ــل به ــذا املج ــال بش ــكل‬ ‫ع ــام أعتب ــره عال ــم خ ــاص وخي ــال أعيش ــه م ــع‬ ‫نف�ســي ألشــعر بعدهــا بإعجــاب النــاس وتفاجئهــم‬ ‫بمــا صنعــت‪ ،‬ولــم أتخــذ هــذا املجــال للتجــارة أو‬ ‫البي ــع والرب ــح‪ ،‬وأن ــا بدأت ــه فطري ـ ًـا ل ــم أدرس يوم ـ ًـا‬

‫الفنــون الجميلــة أو أدخــل دورات النحــت بــل لــم‬ ‫أك ــن نج ــا ًرا أو أعم ــل ف ــي النج ــارة‪ ،‬إنم ــا موهب ــة‬ ‫طورته ــا و صقلته ــا لت ــزداد بم ــرور الوق ــت وأصب ــح‬ ‫متقن ـ ًـا لعمل ــي"‪.‬‬ ‫وأوض ــح‪ ،‬أن "املراح ــل النهائي ــة إلنج ــاز العم ــل‬ ‫ـادة مــا أصبــغ املجســم فــي‬ ‫تبــدأ بعمليــة الصبــغ وعـ ً‬ ‫الشــارع أمــام منزلــي بمنطقــة شــعبية وهــذا األمــر‬ ‫جع ــل امل ــارة والجي ـران ينتظ ــرون لحظ ــة صب ــغ‬ ‫املجس ــمات ليتجمع ــوا ويتفرج ــوا عل ــى جماله ــا‬ ‫ودقــة نحتهــا وهــي فــي أغلــب األحيــان تكــون كبيــرة‬ ‫الحج ــم وتلف ــت األنظ ــار"‪.‬‬ ‫الطموح والحلم‬ ‫يطم ــح أحم ــد ف ــي نهاي ــة حديثن ــا مع ــه أن ينظ ــم‬ ‫معرض ـ ًـا كبي ـ ًرا يض ــم كل مجس ــماته الت ــي تج ــاوز‬ ‫ـما‪ ،‬ليك ــون مكان ـ ًـا ٱمن ـ ًـا له ــا‪،‬‬ ‫عدده ــا ‪ 30‬مجس ـ ً‬ ‫ويمتنــع أيضـ ًـا عــن بيعهــا رغــم املبالــغ التــي قدمــت‬ ‫لــه ومــن جميــع املحافظــات العراقيــة‪ ،‬لكنــه يــرى‬ ‫ـغفا يحق ــق ب ــه‬ ‫ـدا ال يش ــترى بم ــال‪ ،‬وش ـ ً‬ ‫فيه ــا جه ـ ً‬ ‫رغبات ــه ويبع ــد نفس ــه ع ــن مش ــاغل الحي ــاة‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪35 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫من اللمبجي إلى خياط الفرفوري‪..‬‬

‫كيف غير الزمن‬ ‫مهن بغداد؟‬

‫ورغ ــم غيابه ــا ع ــن املش ــهد الي ــوم‪ ،‬إال أن تل ــك‬ ‫امله ــن م ــا زال ــت حاض ــرة ف ــي الذاك ــرة الش ــعبية‪،‬‬ ‫حيــث ارتبطــت بحقبــة زمنيــة تثيــر الحنيــن لــدى‬ ‫كثيري ــن‪.‬‬ ‫ف ــي زي ــارة إل ــى املتح ــف البغ ــدادي ف ــي ش ــارع‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫شهدت بغداد على مرالعصور‪ ،‬العديد‬ ‫من املهن والحرف التقليدية التي كانت‬ ‫جزءا ال يتجزأ من الحياة اليومية‪ ،‬لكنها‬ ‫ً‬ ‫اندثرت بفعل التطوروالتكنولوجيا‪.‬‬

‫املتنب ــي‪ ،‬وثق ــت عدس ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬بعض ـ ًـا‬ ‫مــن هــذه املهــن املنقرضــة‪ ،‬والتــي كانــت شــائعة‬ ‫ف ــي بغ ــداد لس ــنوات طويل ــة‪ ،‬ومنه ــا "خي ــاط‬ ‫الفرف ــوري"‪" ،‬س ــاعي البري ــد"‪ ،‬و"اللمبج ــي"‪.‬‬ ‫حرفة الفخار املكسور‬ ‫ف ــي س ــتينيات الق ــرن‬ ‫املا�ض ــي‪ ،‬كان ــت مهن ــة‬ ‫خي ــاط الفرف ــوري‬ ‫واح ــدة م ــن أكث ــر‬ ‫امله ــن انتش ــا ًرا‪ ،‬حي ــث‬ ‫كان ه ــذا الحرف ــي‬ ‫يتخص ــص ف ــي إص ــاح‬ ‫الفخاري ــة‬ ‫األوان ــي‬ ‫املكس ــورة الت ــي تش ــمل‬ ‫الصح ــون‪ ،‬األباري ــق‪،‬‬

‫والكاس ــات‪ ،‬وه ــي أدوات كان ــت أساس ــية‬ ‫ف ــي املقاه ــي واملطاع ــم‪.‬‬ ‫كان أصح ــاب ه ــذه املهن ــة يتجول ــون ف ــي‬ ‫األزق ــة حاملي ــن ع ــدة العم ــل‪ ،‬ويطلق ــون‬ ‫نداءه ــم املمي ــز "خي ــاط فرف ــوري"‪ ،‬مم ــا‬ ‫كان كافي ـ ًـا لج ــذب زبائنه ــم م ــن أصح ــاب‬ ‫املقاهــي واملنــازل‪ ،‬ومــع ذلــك لــم تكــن هــذه‬ ‫املهنــة مجزيــة ماليـ ًـا‪ ،‬حيــث كان يمارســها‬ ‫غالب ـ ًـا الفق ـراء الذي ــن يرض ــون بالقلي ــل‬ ‫مقاب ــل جهده ــم‪.‬‬ ‫رغــم اندثارهــا‪ ،‬مــا تـزال هــذه املهنــة عالقة‬ ‫ف ــي ذاك ــرة الح ــاج حس ــين عب ــد الرض ــا‪،‬‬ ‫أح ــد أق ــدم خياط ــي الفرف ــوري‪ ،‬وال ــذي‬ ‫لــم يعــد قــاد ًرا علــى الحديــث بســبب كبــر‬ ‫س ــنه‪ ،‬لك ــن ابن ــه عب ــد الكري ــم حس ــين‬ ‫ـدا‪.‬‬ ‫صاح ــب ‪ 49‬عام ـ ًـا يتذكره ــا جي ـ ً‬ ‫يق ــول عب ــد الكري ــم‪ ،‬خ ــال حديث ــه‬ ‫للوكالــة‪" :‬رغــم أن والــدي لــم يكــن يربــح الكثيــر‪،‬‬ ‫إال أن ــه اس ــتطاع ش ـراء بي ــت م ــن م ــردود ه ــذه‬ ‫املهن ــة‪ ،‬كن ــت صغي ـ ًـرا عندم ــا كان يعم ــل‪ ،‬لك ــن‬ ‫نداءات ــه م ــا زال ــت ت ــرن ف ــي أذن ــي‪ .‬كان الجي ـران‬ ‫يجلبــون أوانيهــم إلــى منزلنــا إلصالحهــا‪ ،‬ولــم يكــن‬ ‫هن ــاك جش ــع كم ــا ه ــو الي ــوم‪ ،‬ب ــل كان ــت هن ــاك‬ ‫روح التكاف ــل بي ــن الجمي ــع"‪.‬‬ ‫ويضي ــف عب ــد الكري ــم‪ ،‬خ ــال حديث ــه ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن "وال ــده كان يس ــتخدم آل ــة بدائي ــة‬ ‫تشــبه ماكينــة الخياطــة‪ ،‬تعمــل باألرجــل لحفــر‬ ‫الفخــار وترميمــه إلــى جانــب مــادة لزجــة للصــق‬ ‫األج ـزاء املتكســرة وش ـرائط مــن التنــك لتقويــة‬ ‫اإلبري ــق‪ ،‬وم ــع تواف ــر الفخ ــار بأس ــعار زهي ــدة‪،‬‬ ‫انته ــت الحاج ــة إل ــى ه ــذه الحرف ــة واختف ــت‬

‫تمام ـ ًـا"‪.‬‬ ‫رسول املشاعر‬ ‫مهن ــة أخ ــرى اندث ــرت م ــع الزم ــن‪ ،‬لكنه ــا ظل ــت‬ ‫محف ــورة ف ــي وج ــدان العراقيي ــن‪ ،‬وه ــي مهن ــة‬ ‫س ــاعي البري ــد‪ ،‬ال ــذي كان يحم ــل رس ــائل مليئ ــة‬ ‫باملش ــاعر واللهف ــة‪ ،‬ويط ــرق األب ــواب لي ــزف‬ ‫األخب ــار الس ــعيدة أو ينق ــل رس ــائل الحني ــن‬ ‫والش ــوق ‪.‬‬ ‫كان س ــاعي البري ــد يج ــوب األحي ــاء بدراجت ــه‬ ‫الهوائيــة وحقيبتــه املمتلئــة بالرســائل‪ ،‬محققـ ًـا‬ ‫لحظ ــات انتظ ــار مش ــوقة ألصح ــاب الرس ــائل‪،‬‬ ‫ـزءا مهمـ ًـا مــن الحيــاة‬ ‫وقــد شــكلت هــذه املهنــة جـ ً‬ ‫االجتماعي ــة ف ــي ذاك الوق ــت‪ ،‬إل ــى أن قض ــت‬ ‫عليهــا ثــورة اإلنترنــت والهواتــف النقالــة لتصبــح‬ ‫مج ــرد ذك ــرى ف ــي ذاك ــرة العراقيي ــن‪.‬‬ ‫يتذك ــر عب ــاس املوس ــوي‪ ،‬كي ــف كان ــت والدت ــه‬

‫تحتف ــظ بالرس ــائل الت ــي كان ــت‬ ‫تصله ــا عب ــر س ــاعي البري ــد م ــن‬ ‫ابنتهــا التــي تزوجــت فــي محافظــة‬ ‫أخ ــرى‪.‬‬ ‫ويق ــول املوس ــوي‪ ،‬ف ــي حدي ــث‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ع ــن أم ــه إنه ــا‬ ‫"كان ــت أمي ــة ال تق ـرأ وال تكت ــب‪،‬‬ ‫إال أنه ــا كان ــت تفت ــح الصن ــدوق‬ ‫الحدي ــدي بي ــن الحي ــن واآلخ ــر‪،‬‬ ‫تتأم ــل الرس ــائل وكأنه ــا ت ــرى‬ ‫ابنته ــا فيه ــا"‪.‬‬ ‫لق ــد كان س ــاعي البري ــد أكث ــر‬ ‫م ــن مج ــرد موظ ــف حكوم ــي‪،‬‬ ‫ـاهدا عل ــى قص ــص‬ ‫ب ــل كان ش ـ ً‬ ‫الف ــرح والح ــزن‪ ،‬وصل ــة وص ــل‬ ‫بيــن األحبــة‪ ،‬إال أن الزمــن طــوى‬ ‫ه ــذه املهن ــة‪ ،‬كم ــا‬ ‫ط ــوى معه ــا ذكري ــات‬ ‫انتظ ــار الرس ــائل‬ ‫بش ــوق كبي ــر‪.‬‬ ‫صان ــع الض ــوء قب ــل‬ ‫الكهرب ــاء‬ ‫ى‬ ‫مــن املهــن األخــر التــي‬ ‫اختفــت مــع التطــور التكنولوجــي‪ ،‬هــي‬ ‫مهنــة "اللمبجــي"‪ ،‬أو صانــع املصابيــح‬ ‫النفطي ــة "الفواني ــس"‪ ،‬الت ــي كان ــت‬ ‫تعتم ــد عليه ــا املن ــازل والش ــوارع قب ــل‬ ‫دخــول الكهربــاء إلــى العاصمــة بغــداد‬ ‫قبــل عش ـرات الســنين‪.‬‬ ‫كان "اللمبج ــي"‪ ،‬يعتم ــد ف ــي عمل ــه عل ــى عل ــب‬ ‫الصفي ــح والزج ــاج لصناع ــة الفواني ــس‪ ،‬الت ــي‬ ‫كان ــت توف ــر اإلن ــارة للمح ــال واملن ــازل‪ ،‬وم ــع‬ ‫غ ــروب الش ــمس‪ ،‬كان "اللمبج ــي" يم ــر حام ـ ًـا‬ ‫إبريــق النفــط ليشــعل الفوانيــس‪ ،‬ويعــود فجـ ًرا‬ ‫إلطفائهــا‪ ،‬مقابــل راتــب مــن البلديــة وإكراميــات‬ ‫م ــن األهال ــي‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬يق ــول الباح ــث ف ــي الت ـراث‬ ‫عدن ــان صب ــاح البهادل ــي‪ ،‬ف ــي حدي ــث مقتض ــب‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إن "هــذه املهنــة كانــت شــائعة‬ ‫ـدا‪ ،‬وكان ــت بع ــض العائ ــات تتوارثه ــا جي ـ ًـا‬ ‫جـ ً‬ ‫بعــد جيــل‪ ،‬حتــى جــاء التيــار الكهربائــي‪ ،‬الــذي‬ ‫ق�ض ــى عل ــى ه ــذه املهن ــة وجع ــل الفواني ــس‬ ‫مج ــرد قط ــع أثري ــة للزين ــة"‪.‬‬

‫املهن تختفي والذكريات تبقى‬ ‫رغــم أن التطــور التكنولوجــي غيــر مالمــح الحيــاة‬ ‫وألغ ــى العدي ــد م ــن امله ــن التقليدي ــة‪ ،‬إال أن‬ ‫ذاك ــرة العراقيي ــن م ــا زال ــت تحتف ــظ بقصصه ــا‬ ‫وتفاصيله ــا‪.‬‬ ‫فه ــذه امله ــن كان ــت تعك ــس روح الحي ــاة‬ ‫البس ــيطة‪ ،‬حي ــث ل ــم يك ــن الن ــاس يخجل ــون‬ ‫م ــن كس ــب قوته ــم بع ــرق جبينه ــم‪ ،‬ب ــل كان ــوا‬ ‫يفخ ــرون بعمله ــم‪ ،‬مهم ــا كان متواضع ـ ًـا‪.‬‬ ‫الي ــوم‪ ،‬ل ــم يع ــد هن ــاك س ــاعي بري ــد يحم ــل‬ ‫الرس ــائل‪ ،‬وال خي ــاط فرف ــوري يصل ــح األوان ــي‬ ‫املكس ــورة‪ ،‬وال ملبج ــي يش ــعل الفواني ــس ف ــي‬ ‫ـزءا م ــن ت ـراث بغ ــداد‬ ‫اللي ــل‪ ،‬لكنه ــا س ــتبقى ج ـ ً‬ ‫العري ــق‪ ،‬محف ــورة ف ــي قل ــوب م ــن عاش ــوا تل ــك‬ ‫األي ــام‪.‬‬

‫«كان الجيران يجلبون أوانيهم إلى‬ ‫منزلنا إلصالحها‪ ،‬ولم يكن هناك‬ ‫جشع كما هو اليوم‪ ،‬بل كانت هناك‬ ‫روح التكافل بين الجميع» ‪..‬‬

‫ال إبريق‬ ‫« كان "اللمبجي" يمر حام ً‬ ‫النفط ليشعل الفوانيس‪ ،‬ويعود‬ ‫فجراً إلطفائها‪ ،‬مقابل راتب من‬ ‫البلدية وإكراميات من األهالي» ‪..‬‬

‫‪36‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪37 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫تتجول بشوارع كركوك‪..‬‬

‫أقدم سيارة في العراق‬ ‫برقم ملكي‬

‫موديل ‪ 1948‬األقدم في العراق‬ ‫ويق ــول دارا وه ــو مت ــزوج ول ــه ثالث ــة أوالد ف ــي‬ ‫حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "الس ــيارات القديم ــة‬ ‫ـزءا مهم ـ ًـا م ــن إرث حض ــارة كرك ــوك‪،‬‬ ‫تعتب ــر ج ـ ً‬ ‫لذل ــك أن ــا أعش ــق وأه ــوى اقتن ــاء الس ــيارات‬ ‫القديمــة‪ ،‬وهــذه الســيارة موديــل ‪ُ 1948‬صنعــت‬ ‫مــن قبــل شــركة فــورد األمريكيــة‪ ،‬وتعتبــر واحــدة‬ ‫م ــن أق ــدم الس ــيارات املوج ــودة ف ــي املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن "الســيارات القديمــة كانــت ُتطلــب‬ ‫خصيص ـ ًـا م ــن قب ــل الراغ ــب بتصنيعه ــا م ــن‬ ‫الش ــركات‪ ،‬وس ــيارتي كان ــت واح ــدة م ــن ه ــذه‬ ‫الس ــيارات الت ــي اقتناه ــا صاحبه ــا وه ــي مثبت ــة‬ ‫ـميا بدائــرة املــرور العامــة فــي نينــوى تحــت رقــم‬ ‫رسـ ً‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫نبيل دارا من مواليد ‪ 1967‬من كركوك‪ ،‬ولعه‬ ‫وحبه للسيارات القديمة جعل لها معزة خاصة‬ ‫في نفسه‪ ،‬حيث إنه يتابع أدق التفاصيل في‬ ‫أقدم سيارة موجودة في كركوك‪ ،‬ومن يرى‬ ‫السيارة يتفق على أنها األقدم التي تسيرفي‬ ‫شوارع العراق عامة وكركوك خاصة‪.‬‬

‫‪ 2055‬خو�صــي‪ ،‬وهــي معــي منــذ عشـرات الســنين‪،‬‬ ‫ول ــن اتخل ــى عنه ــا مهم ــا ح ــدث‪ ،‬فه ــي قريب ــة عل ــى‬ ‫قلب ــي وعزي ــزة عل ــى عائلت ــي ول ــن اف ــرط به ــا"‪.‬‬ ‫سيارة امللك فيصل و"مرسيدس بينز"‬ ‫ويشــير إلى أن "ســيارتي الفورد فيها شــبه كبير من‬ ‫س ــيارة املل ــك فيص ــل األول ال ــذي كان ــت س ــيارته‬ ‫(مرســيدس بينــز)‪ ،‬التــي تــم عرضهــا للبيــع فــي مـزاد‬ ‫علن ــي أقام ــه متح ــف بمدين ــة إنديان ــا بولي ــس ف ــي‬ ‫والي ــة إنديان ــا األمريكي ــة‪ ،‬وأصبح ــت م ــن ملكي ــة‬ ‫مؤسس ــة إنديان ــا بولي ــس س ــبيدواي موت ــورز‬ ‫ع ــام ‪ ،1967‬وج ــرى إكم ــال تجديده ــا خ ــال‬ ‫الس ــبعينيات م ــن الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬وش ــاركت‬ ‫الس ــيارة العراقي ــة األص ــل من ــذ ذل ــك الوق ــت ف ــي‬

‫العدي ــد م ــن ع ــروض الس ــيارات القديم ــة"‪.‬‬ ‫شركة فورد األمريكية‬ ‫ويؤكــد‪ ،‬أن "شــركة فــورد تعتبــر واحــدة مــن أقــدم‬ ‫الشــركات العامليــة فــي تصنيــع الســيارات‪ ،‬وكانــت‬ ‫واحــدة مــن أكثــر الســيارات التــي تــورد الســيارات‬ ‫القديم ــة إل ــى الع ـراق عام ــة وكرك ــوك خاص ــة‬ ‫حس ــب طل ــب الزب ــون‪ ،‬وم ــن ي ــرى س ــيارتي يق ــول‬ ‫عنه ــا إنه ــا س ــيارة حديث ــة وجميل ــة وكالس ــيكية‪،‬‬ ‫وع ــادة يبح ــث الش ــباب ع ــن هك ــذا س ــيارات‪،‬‬ ‫وأن ــا كن ــت امتل ــك خمس ــة م ــن أق ــدم الس ــيارات‬ ‫املوج ــودة ف ــي الع ـراق‪ ،‬ولك ــن بع ـ ُـت ثالث ــة منه ــا‬ ‫وبقي ــت ل ــي س ــيارتي ه ــذه وس ــيارة أخ ــرى قديم ــة‬ ‫ن ــوع الن ــد روف ــر"‪.‬‬

‫وش ــركة ف ــورد للس ــيارات (باإلنجليزي ــة‪Ford :‬‬ ‫‪)Motor Company‬‏ املعروف ــة باس ــم ف ــورد‬ ‫(باإلنجليزيــة‪ Ford :‬‏) هــي شــركة أمريكيــة متعــددة‬ ‫الجنس ــيات لتصني ــع الس ــيارات‪ .‬أسس ــها هن ــري‬ ‫ف ــورد ف ــي مدين ــة ديرب ــورن ف ــي والي ــة ميش ــيجان‬ ‫األمريكي ــة وال ت ـزال مق ـرات الش ــركة األساس ــية‬ ‫ف ــي تل ــك املدين ــة‪.‬‬ ‫وتعتب ــر ف ــورد م ــن الش ــركات املتخصص ــة‬ ‫ف ــي إنت ــاج الس ــيارات وبع ــد ث ــورة التكت ــات‬ ‫االقتصادي ــة ضم ــت إل ــى ف ــورد ودمج ــت معه ــا‬ ‫ش ــركات أخ ــرى وأصبح ــت ف ــورد ه ــي املعني ــة‬ ‫بإنت ــاج وتطوي ــر وتصمي ــم كل م ــن (جاك ــوار)‬ ‫و(الن ــد روف ــر) و(ميرك ــوري) و(اس ــتون مارت ــن)‬ ‫و(لنكول ــن) وقط ــاع الس ــيارات ف ــي فولف ــو‪.‬‬ ‫وف ــي ع ــام ‪ 2005‬بل ــغ دخ ــل ش ــركة ف ــورد مائ ــة‬ ‫وثم ــان وس ــبعين ملي ــار دوالر وه ــو ب ــكل تأكي ــد‬ ‫رق ــم ضخ ــم وكبي ــر‪ ،‬وي ـرأس ش ــركة ف ــورد ويلي ــم‬ ‫ف ــورد حفي ــد املؤس ــس هن ــري ف ــورد ونائب ــه‬ ‫جوزي ــف هينريخ ــس‪ ،‬ويتواج ــد ف ــي الش ــركة‬ ‫العدي ــد م ــن املهندس ــين والخب ـراء واملصممي ــن‬ ‫مــن ذوي الكفــاءة والخبــرة والذيــن أوصلوهــا ملــا‬ ‫ه ــي علي ــه اآلن‪.‬‬ ‫وكان هن ــري ف ــورد بن ــى ف ــي ع ــام ‪ 1896‬مركب ــة‬

‫صغي ــرة والت ــي كان ــت تس ــمى (بالالتيني ــة‪:‬‬ ‫‪ )Quadricycle‬وله ــا أرب ــع عج ــات‪ ،‬كان ــت ف ــي‬ ‫البداي ــة عجالته ــا موزع ــة عل ــى ش ــكل معي ــن‬ ‫ومتفاوت ــة بالحج ــم ث ــم تط ــور التصمي ــم‬ ‫وأصبحــت العجــات كلهــا بمقــاس واحــد وأصبــح‬ ‫البدي ــل املناس ــب الش ــكل املس ــتطيل‪.‬‬ ‫صور ومعارض فنية‬ ‫ويلف ــت دارا‪ ،‬إل ــى أن "الس ــيارة لكونه ــا جميل ــة‬ ‫وقديم ــة وكالس ــيكية‪ ،‬تثي ــر انتب ــاه املواطني ــن‬ ‫ويأتــون ألخــذ صــورة معهــا‪ ،‬لكنهــم ال يعلمــون أن‬ ‫إدارة الس ــيارات الكالس ــيكية مكلف ــة وال توج ــد‬ ‫قطــع غيــار لهــا‪ ،‬لذلــك يكــون ش ـراء القطــع عبــر‬ ‫الطلــب مــن اإلنترنــت‪ ،‬وبالتالــي ُيضــاف إلــى ســعر‬ ‫القطع ــة املرتف ــع ف ــي األس ــاس تكالي ــف النق ــل‪،‬‬ ‫وت ــم تش ــكيل ك ــروب الس ــيارات الكالس ــيكية‬ ‫القديم ــة ف ــي كرك ــوك ع ــن طري ــق أح ــد ه ــواة‬ ‫وصانع ــي الس ــيارات املحترفي ــن ف ــي كرك ــوك"‪.‬‬ ‫معارض دولية‬ ‫ويش ــير إل ــى أن ــه ش ــارك ف ــي ع ــدد م ــن املع ــارض‬

‫وعــرض عليــه إدخــال ســيارته‬ ‫الدوليــة بســياراته ُ‬ ‫إل ــى عال ــم الف ــن والتصوي ــر "لكنن ــي رفض ـ ُـت‬ ‫بس ــبب الخ ــوف عل ــى الس ــيارة م ــن تعرضه ــا ألي‬ ‫أضـرار قــد تحــدث فيهــا‪ ،‬حيــث إن ســيارتي تعتبــر‬ ‫واح ــدة م ــن أق ــدم الس ــيارات ف ــي الع ـراق وتمت ــاز‬ ‫لغاي ــة الي ــوم باملتان ــة والق ــوة عن ــد س ــيرها ف ــي‬ ‫الش ــارع"‪.‬‬ ‫السيارة األقدم ورقمها امللكي ‪76‬‬ ‫ويق ــول أح ــد رواد الس ــيارات القديم ــة ويدع ــى‬ ‫حس ــن عب ــد هللا ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "الس ــيارات‬ ‫القديم ــة تلق ــى رواج ـ ًـا كبي ـ ًرا بي ــن الش ــباب‬ ‫واله ــواة‪ ،‬وس ــيارة (نبي ــل دارا) معروف ــة بي ــن‬ ‫األوس ــط الكركوكي ــة بأنه ــا األق ــدم وتحم ــل‬ ‫الرقــم امللكــي ‪ ،76‬وهــي بــا منــازع األقــدم وملكــة‬ ‫الش ــارع وه ــي تحم ــل ه ــذا الرق ــم الجمي ــل"‪.‬‬ ‫ويش ــير ال ــى أن "الس ــيارة ص ــارت أيقون ــة كرك ــوك‬ ‫وأي ــن م ــا ُتش ــاهد يتوق ــف عنده ــا املواطن ــون‬ ‫اللتقــاط الصــور التذكاريــة مــع الســيارة األقــدم‬ ‫ف ــي كرك ــوك لجماله ــا وغرابته ــا ب ــذات الوق ــت"‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪39 2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون الثاني‪-‬يناير‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنة‬ ‫السنة‬ ‫‪254253‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪IRAQI‬‬

‫سالح االفراد والجماعات‪:‬‬ ‫ــــاء البـللــــد‬ ‫وبنــــاء‬ ‫ــره وبن‬ ‫حصــره‬ ‫حص‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫يع ــد انتش ــار الس ــاح خ ــارج س ــيطرة الدول ــة ف ــي‬ ‫العــراق مــن أبــرزالتحديــات التــي تواجــه البــاد‪،‬‬ ‫اذ يؤث ــر ذل ــك بش ــكل كبي ــر عل ــى حي ــاة الس ــكان‬ ‫وأمنه ــم واس ــتقرارهم‪.‬‬

‫ان مخاط ــر انتش ــار الس ــاح غي ــر القانون ــي‬ ‫متع ــددة‪ ،‬تش ــمل زي ــادة مع ــدالت الجريم ــة‬ ‫والعنــف‪ ،‬اذ يــؤدي انتشــاره إلــى التشــجيع علــى‬ ‫الجريم ــة و ارتف ــاع نس ــب الجناي ــات العنيف ــة‪،‬‬ ‫مث ــل القت ــل والخط ــف والس ــطو املس ــلح‪ ،‬م ــا‬ ‫يزي ــد م ــن الخ ــوف والقل ــق بي ــن الس ــكان‪.‬‬ ‫وتس ــتعمل األس ــلحة ف ــي النزاع ــات العش ــائرية‬ ‫الت ــي تتك ــرر ف ــي بع ــض املناط ــق‪ ،‬م ــا ي ــؤدي إل ــى‬ ‫س ــقوط ضحاي ــا وتدمي ــر للممتل ــكات؛ و يع ــوق‬ ‫انتشــار الســاح جهــود الدولــة فــي فــرض األمــن‬ ‫واالس ــتقرار‪ ،‬ويقل ــل م ــن قدرته ــا عل ــى حماي ــة‬ ‫الس ــكان‪.‬‬ ‫و يزي ــد انتش ــار الس ــاح م ــن احتمالي ــة نش ــوب‬ ‫نزاعــات داخليــة واســعة النطــاق فــي أي وقــت‪،‬‬ ‫ويه ــدد الس ــلم األهل ــي ف ــي الب ــاد‪ ،‬و يمك ــن أن‬ ‫تس ــتعمل الجماع ــات املتطرف ــة واإلرهابي ــة‬ ‫األس ــلحة املنتش ــرة لتهدي ــد األم ــن وتنفي ــذ‬ ‫هجم ــات إرهابي ــة‪.‬‬ ‫و ي ــؤدي انتش ــار الس ــاح إل ــى تده ــور الوض ــع‬ ‫االقتص ــادي‪ ،‬وتراج ــع االس ــتثمارات‪ ،‬وتأثي ـرات‬ ‫س ــلبية عل ــى املجتم ــع بش ــكل ع ــام‪.‬‬ ‫وكم ــا ج ــرى تش ــخيصها ف ــان الح ــروب‬ ‫والصراع ــات الت ــي ش ــهدها الع ـراق أدت‬ ‫إل ــى انتش ــار األس ــلحة بي ــن ش ــتى الجماع ــات‬

‫واألف ـراد‪ ،‬وان ضع ــف‬ ‫مؤسس ــات الدول ــة‪،‬‬ ‫األمني ــة‪،‬‬ ‫الس ــيما‬ ‫اس ــهم ف ــي ع ــدم قدرته ــا‬ ‫عل ــى الس ــيطرة عل ــى انتش ــار‬ ‫الس ــاح‪.‬‬ ‫وادت النزاع ــات السياس ــية ال ــى زي ــادة‬ ‫انتشــار الســاح‪ ،‬اذ تســعى بعــض األط ـراف‬ ‫إل ــى تس ــليح أنصاره ــا‪ ،‬كم ــا اس ــهمت التج ــارة‬ ‫غي ــر املش ــروعة باألس ــلحة ف ــي انتش ــارها‬ ‫داخ ــل الب ــاد‪.‬‬ ‫ان انتش ــار و امت ــاك الس ــاح غي ــر‬ ‫القانون ــي خ ــارج س ــيطرة الدول ــة‬ ‫فــي الع ـراق يجــري بعــدة أســاليب‬ ‫منه ــا التهري ــب عب ــر الح ــدود‬ ‫اذ يش ــترك الع ـراق ف ــي ح ــدود‬ ‫طويل ــة م ــع دول مث ــل س ــوريا‪،‬‬ ‫وإي ـران‪ ،‬وغيرهم ــا‪ ،‬وه ــو م ــا يس ــهل‬ ‫عملي ــات تهري ــب األس ــلحة عب ــر ه ــذه الح ــدود‪،‬‬ ‫والعصاب ــات أو املجامي ــع املس ــلحة ق ــد‬ ‫تســتعمل هــذه الحــدود للتهريــب عبــر طــرق غيــر‬ ‫قانوني ــة‪.‬‬ ‫وف ــي اثن ــاء الح ــروب والصراع ــات ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫تعرض ــت عدي ــد املخ ــازن العس ــكرية للنه ــب‬

‫وا لس ــرقة ‪،‬‬ ‫ذل ــك‬ ‫وتضم ــن‬ ‫أس ــلحة وذخائ ــر‬ ‫ج ــرى االس ــتيالء‬ ‫عليه ــا م ــن قب ــل‬ ‫جما ع ــا ت‬

‫مس ــلحة وغي ــر قانوني ــة‪ ،‬وكذل ــك م ــن قب ــل‬ ‫االف ـراد‪ ،‬مم ــا اس ــهم ف ــي زي ــادة انتش ــار الس ــاح‪.‬‬ ‫وفض ــا ع ــن ذل ــك‪ ،‬هن ــاك تج ــار محلي ــون‬ ‫ودولي ــون يبيع ــون األس ــلحة ف ــي الس ــوق‬ ‫الس ــوداء‪ ،‬ويمثل ــون مص ــدرا رئيس ــا لألس ــلحة‬ ‫غي ــر القانوني ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬ه ــؤالء التج ــار ق ــد‬ ‫يتعاونــون مــع جماعــات مســلحة أو ميليشــيات‬ ‫لتوفي ــر األس ــلحة‪.‬‬ ‫وبع ــض املجامي ــع املس ــلحة ف ــي الع ـراق‪ ،‬س ــواء‬ ‫كان ــت مدعوم ــة م ــن الحكوم ــة أو م ــن أط ـراف‬ ‫خارجيــة‪ ،‬تحتفــظ بكميــات كبيــرة مــن األســلحة‬ ‫خ ــارج س ــيطرة الدول ــة‪ .‬ه ــذه امليليش ــيات‬ ‫ق ــد تعم ــل بش ــكل مس ــتقل أو بالتنس ــيق م ــع‬ ‫أط ـراف أخ ــرى‪ ،‬وكذل ــك ف ــان الجماع ــات‬ ‫االرهابي ــة مث ــل تنظي ــم داع ــش وغيره ــا‪،‬‬ ‫اس ــتعملت أس ــاليب متع ــددة للحص ــول عل ــى‬ ‫األس ــلحة‪ ،‬مث ــل االس ــتيالء عل ــى األس ــلحة م ــن‬ ‫القــوات الحكوميــة أو مــن تهريــب األســلحة عبــر‬ ‫الش ــبكات الدولي ــة‪.‬‬ ‫ومنــذ احــداث عــام ‪ 2003‬والهجــوم‬ ‫األميركــي ف ــي الع ـراق‪ ،‬كان ــت‬ ‫الفو�ض ــى األمني ــة الكبي ــرة‪،‬‬ ‫عامــا فــي انشــاء وضــع ســائب‬ ‫م ــا جع ــل م ــن الصع ــب‬ ‫مراقب ــة انتش ــار األس ــلحة‬ ‫بش ــكل فع ــال‪ ،‬وه ــذا االم ــر‬ ‫س ــمح بتواج ــد كثي ــر م ــن‬ ‫األس ــلحة ف ــي أي ــدي املدنيي ــن‬ ‫وغيره ــم م ــن األط ـراف بص ــورة‬ ‫غي ــر قانوني ــة‪ ،‬وغي ــر مرخص ــة‬ ‫بامت ــاك األس ــلحة‪.‬‬ ‫وس ــجل ف ــي‬

‫ح ــاالت كثي ــرة‪ ،‬ان الفس ــاد ف ــي داخ ــل بع ــض‬ ‫األجهــزة الحكوميــة دعــم توزيــع األســلحة بطــرق‬ ‫غي ــر قانوني ــة‪ ،‬وق ــد يتع ــاون بع ــض املس ــؤولين‬ ‫أو الضبــاط الحكوميــون مــع جماعــات مســلحة‬ ‫لبي ــع األس ــلحة أو تموي ــل عملي ــات ش ـراء غي ــر‬ ‫قانوني ــة‪.‬‬ ‫وكان ق ــد س ــجل ف ــي أوق ــات س ــابقة ف ــي بغ ــداد‬ ‫العاصم ــة‪ ،‬انتش ــار كمي ــات كبي ــرة األس ــلحة‬ ‫والعت ــاد غي ــر الش ــرعي ف ــي مناط ــق‪ ،‬الكمالي ــة‬ ‫وشــهداء العبيدي وشــارع فلســطين وأجزاء من‬ ‫منطقــة زيونــة وصــدر القنــاة والــدورة وشــهداء‬ ‫الس ــيدية بالق ــرب م ــن الش ــرطة الرابع ــة‬ ‫وأب ــو غري ــب‪ ،‬وف ــي مدين ــة الص ــدر؛ وتل ــك م ــن‬ ‫أب ــرز املناط ــق ف ــي العاصم ــة الت ــي تنتش ــر فيه ــا‬ ‫مخ ــازن األس ــلحة والعت ــاد‪ ،‬فض ــا ع ــن مخ ــازن‬ ‫للســيارات املصفحــة وحتــى للطائـرات املســيرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتع ــود لتش ــكيالت مس ــلحة او اف ـراد؛ ويش ــير‬ ‫املراقبــون الــى ان األجهــزة األمنيــة كانــت تعــرف‬ ‫بذل ــك غي ــر انه ــا ل ــم تفع ــل ش ــيئا ملواجهت ــه‪،‬‬ ‫بحس ــب قوله ــم‪.‬‬ ‫كم ــا ان محافظ ــات البص ــرة وباب ــل وميس ــان‬ ‫وكرك ــوك ونين ــوى وص ــاح الدي ــن‪ ،‬كان ــت م ــن‬ ‫أكث ــر املحافظ ــات العراقي ــة الت ــي تنتش ــر ف ــي‬ ‫أزقته ــا الس ــكنية مخ ــازن الس ــاح والعت ــاد‪،‬‬ ‫بحس ــب مص ــادر امني ــة‪.‬‬ ‫وبحســب األرقام فأن أكثر من ‪ 30‬انفجارا وقع‬ ‫بي ــن عام ــي ‪ 2016‬و‪ ،2022‬وألس ــباب متنوع ــة‪،‬‬ ‫مــن ابرزهــا انفجــار مخــازن للســاح فــي منطقــة‬ ‫العبي ــدي ف ــي أيل ــول ‪ ،2016‬وانفج ــار حزي ـران‬ ‫‪ 2018‬ق ــرب حس ــينية اإلم ــام الحس ــين ف ــي‬ ‫قط ــاع ‪ 10‬بمدين ــة الص ــدر‪ ،‬ووق ــع االنفج ــاران‬ ‫نتيج ــة تخزي ــن كمي ــات كبي ــرة م ــن األس ــلحة‬ ‫الثقيل ــة واملتوس ــطة‪ ،‬بم ــا فيه ــا الصواري ــخ‪،‬‬ ‫وقتــل بنتيجتهمــا وأصيــب عش ـرات األشــخاص‬ ‫وتض ــررت املن ــازل‪.‬‬ ‫وينتشــر الســاح بصــورة ملفتــة لــدى العشــائر‬ ‫العراقي ــة وه ــو م ــن االس ــباب املهم ــة لتده ــور‬ ‫الوض ــع األمن ــي ف ــي داخ ــل الب ــاد‪ ،‬اذ تس ــتعمل‬ ‫ه ــذه األس ــلحة ف ــي النزاع ــات العش ــائرية وم ــا‬ ‫يعــرف بـ"الــدگات العشــائرية"‪ ،‬ممــا تســبب فــي‬ ‫مئــات األحــداث الداميــة علــى مــر الســنوات‬ ‫املاضي ــة‪.‬‬ ‫ويلف ــت بع ــض املتخصصي ــن واملراقبي ــن‬ ‫ال ــى ان كثي ـرا م ــن األس ــلحة الت ــي‬ ‫تســتوردها الحكومــة العراقيــة لطاملــا‬

‫كانــت تتســرب الــى جهــات وافـراد خــارج ســيطرة‬ ‫الدول ــة‪ ،‬منوهي ــن ال ــى ان الع ـراق م ــن أكث ــر‬ ‫بل ــدان الش ــرق األوس ــط إنفاق ــا عل ــى التس ــليح‪،‬‬ ‫وفق ــا لتقاري ــر س ــابقة عل ــى ح ــد وصفه ــم؛‬ ‫مبينيــن انــه خصــص ‪ 18.7‬مليــار دوالر لإلنفــاق‬ ‫العس ــكري ع ــام ‪ 2021‬فق ــط‪ ،‬ويش ــمل ذل ــك‬ ‫النفق ــات التش ــغيلية وتس ــليح الجي ــش وهيئ ــة‬ ‫الحش ــد الش ــعبي وجه ــاز مكافح ــة اإلره ــاب‬ ‫ووزارة الداخلي ــة بجمي ــع مؤسس ــاتها األمني ــة‪.‬‬ ‫وتع ـ ّـد الوالي ــات املتح ــدة ف ــي مقدم ــة ال ــدول‬ ‫الت ــي يس ــتورد الع ـراق منه ــا األس ــلحة ب ـ ‪41%‬‬ ‫مــن أســلحة الجيــش العراقــي‪ ،‬كمــا يعــد العـراق‬ ‫ثال ــث أكب ــر مس ــتورد لألس ــلحة م ــن كوري ــا‬ ‫الجنوبي ــة ف ــي الس ــنوات املاضي ــة‪ ،‬واحت ــل‬ ‫املرتب ــة ‪ 11‬بي ــن أكب ــر مس ــتوردي األس ــلحة ف ــي‬ ‫العال ــم بي ــن ‪ 2017‬و‪ ،2021‬وبحس ــب خب ـراء‬ ‫امنيي ــن ف ــان كثي ـرا م ــن تل ــك األس ــلحة ذهب ــت‬ ‫ال ــى مجامي ــع مس ــلحة نش ــطت بخاص ــة ف ــي تل ــك‬ ‫امل ــدة وحت ــى ال ــى اف ـراد‪.‬‬ ‫وف ــي ع ــام ‪ ،2024‬أطلق ــت الحكوم ــة العراقي ــة‬ ‫ـروعا لش ـراء األس ــلحة م ــن الس ــكان ف ــي‬ ‫مش ـ ً‬ ‫محاول ــة منه ــا لحص ــر الس ــاح‪ ،‬إال أن الحمل ــة‬ ‫قوبل ــت بتج ــاوب ضعي ــف م ــن حائ ــزي الس ــاح‬ ‫لتقــرر الحكومــة علــى أثرهــا زيــادة املبالــغ املاليــة‬ ‫املقدم ــة للس ــكان مقاب ــل تس ــليم أس ــلحتهم‪.‬‬ ‫ان مكافح ــة انتش ــار الس ــاح أم ــر ض ــروري‬ ‫لتحقيــق األمــن واالســتقرار فــي العـراق‪ ،‬وحمايــة‬ ‫حيــاة الســكان وممتلكاتهــم‪ ،‬وبنــاء مجتمــع آمــن‬ ‫ومزده ــر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ويح ــدد املختص ــو االمني ــو الش ــروط‬ ‫الواجــب ان تنفذهــا الدولــة لحصــر الســاح فــي‬ ‫ي ــد قواته ــا‪ ،‬وم ــن ذل ــك ان عل ــى الدول ــة تطوي ــر‬ ‫األجه ــزة األمني ــة وزي ــادة قدرته ــا عل ــى ف ــرض‬ ‫الســيطرة علــى انتشــار الســاح‪ ،‬و ســن قوانيــن‬ ‫صارم ــة تج ــرم حم ــل الس ــاح غي ــر املرخ ــص‪،‬‬ ‫وتطبيقهــا بحــزم‪ ،‬ومنــع حملــه مــن قبــل األفـراد‬ ‫والجماع ــات غي ــر املرخص ــة والقب ــض عليه ــم‪،‬‬ ‫وض ــرورة تف ــرد األجه ــزة الرس ــمية للدول ــة‬ ‫بامتال ك ــه‪.‬‬ ‫كم ــا يج ــب إط ــاق حم ــات توعي ــة مجتمعي ــة‬ ‫لزي ــادة الوع ــي بمخاط ــر انتش ــار الس ــاح‪،‬‬ ‫وأهميــة التعــاون مــع األجهــزة األمنيــة‪ ،‬ووجــوب‬ ‫معالج ــة األس ــباب الجذري ــة النتش ــار الس ــاح‪،‬‬ ‫مث ــل النزاع ــات السياس ــية واالجتماعي ــة‬ ‫واالقتصاد ي ــة‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪41 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫الدين في العراق ‪..‬‬

‫إرث حضاري‬ ‫أم سالح للصراعات؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫ـزءا ال يتج ـزأ م ــن هوي ــة الع ــراق‪ ،‬فه ــو مه ــد‬ ‫لطامل ــا كان الدي ــن ج ـ ً‬ ‫الحض ــارات األول ــى ومه ــد الديان ــات الت ــي ش ـ ّـكلت الوع ــي البش ــري‬ ‫من ــذ آالف الس ــنين‪ ،‬فم ــن س ــومر وباب ــل إل ــى بغ ــداد‪ ،‬ل ــم يك ــن‬ ‫العر اقي ــون مج ــرد متبعي ــن للعقائ ــد‪ ،‬ب ــل صن ــاع فك ــر ورواد ف ــي‬ ‫امل ــزج بي ــن اإليم ــان والثقاف ــة‪.‬‬

‫ووفقـ ًـا للباحــث واملــؤرخ علــي النشــمي‪ ،‬فــإن الديــن‬ ‫ـزءا أساس ـ ًـيا ف ــي حي ــاة العراقيي ــن من ــذ أن‬ ‫يع ـ ّـد ج ـ ً‬ ‫تك ــون م ــا يس ــمى ب ـ (الع ـراق)‪ ،‬وأول دي ــن ظه ــر كان‬ ‫عراقيـ ًـا‪ ،‬فلــم يكــن ليعيــش العراقيــون علــى األرض‬ ‫دون وج ــود واع ــز دين ــي‪.‬‬ ‫الدين والحضارة في العراق‬ ‫ويق ــول النش ــمي‪ ،‬ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫"الحض ــارة العراقي ــة‪ ،‬من ــذ الحض ــارات الس ــومرية‬

‫والبابلي ــة و األكدي ــة واآلش ــورية‪ ،‬حمل ــت طابع ـ ًـا‬ ‫ديني ـ ًـا‪ ،‬وكان للدي ــن ال ــدور الرئي ــس ف ــي بن ــاء تل ــك‬ ‫الحض ــارات"‪ ،‬مضيف ـ ًـا أن "األم ــر ذات ــه تك ــرر عن ــد‬ ‫قي ــام الحض ــارة العربي ــة اإلس ــامية ف ــي بغ ــداد‪،‬‬ ‫حي ــث أصب ــح الدي ــن العنص ــر األسا�س ــي ف ــي‬ ‫الفلســفة والطــب والحيــاة وكل جوانــب املجتمــع"‪.‬‬ ‫وي ــرى النش ــمي‪ ،‬أن "التن ــوع الدين ــي كان وال ي ـزال‬ ‫مســألة أساســية إلث ـراء الحضــارة‪ ،‬إذ ال يمكــن أن‬

‫تزدهــر أي حضــارة دون تفاعــل األديــان والثقافــات‬ ‫املختلفــة‪ ،‬والعراقيــون امتــازوا بهــذا التعــدد الدينــي‬ ‫الــذي كان أساسـ ًـيا فــي إبداعهــم الحضــاري"‪.‬‬ ‫ويش ــير النش ــمي‪ ،‬إل ــى أن "الحض ــارة العربي ــة‬ ‫اإلســامية لــم تكــن قائمــة علــى املســلمين فقــط‪ ،‬بــل‬ ‫كان لليه ــود واملس ــيحيين والصابئ ــة دور ب ــارز فيه ــا‪،‬‬ ‫حي ــث س ــاهموا ف ــي ترجم ــة ونق ــل عل ــوم الفلس ــفة‬ ‫ـدا أن "الحض ــارة‬ ‫والط ــب والهندس ــة"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫اإلس ــامية ه ــي مزي ــج م ــن حض ــارات متع ــددة"‪.‬‬ ‫كمــا يضيــف أن "اإلنســان منــذ وجــوده قبــل نحــو‬ ‫‪ 3‬ماليي ــن س ــنة‪ ،‬كان يبح ــث ع ــن تفس ــير للحي ــاة‬ ‫والكــون مــن خــال الديــن‪ ،‬الــذي تطــور مــع الزمــن‬ ‫ليش ــمل تقالي ــد ومعاب ــد وكتب ـ ًـا ديني ــة وش ــعائر"‪.‬‬ ‫الدين والصراعات التاريخية‬ ‫وع ــن التحدي ــات الت ــي يواج ــه التن ــوع الدين ــي‪،‬‬ ‫يوض ــح النش ــمي‪ ،‬أن "االختالف ــات الديني ــة كان ــت‬ ‫ـزءا م ــن التاري ــخ‪ ،‬وكثي ــر م ــن الح ــروب‬ ‫دائم ـ ًـا ج ـ ً‬ ‫قام ــت تح ــت غط ــاء الدي ــن‪ ،‬لكنه ــا ف ــي جوهره ــا‬ ‫كان ــت مرتبط ــة بصراع ــات اقتصادي ــة عل ــى امل ــوارد‬ ‫واألرض"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وفق ـ ًـا للنش ــمي‪ ،‬ف ــإن الدي ــن ب ــر ء م ــن تل ــك‬ ‫الصراع ــات‪ ،‬فجمي ــع األدي ــان الس ــماوية وحت ــى‬ ‫بع ــض الديان ــات الوثني ــة تدع ــو إل ــى األخ ــاق‬ ‫والتس ــامح‪ ،‬وال يوج ــد دي ــن يدع ــو إل ــى العن ــف أو‬

‫الك ــذب أو الظل ــم‪.‬‬ ‫الدين والهوية العراقية‬ ‫م ــن جهته ــا‪ ،‬ت ــرى الناش ــطة الحقوقي ــة س ــارة‬ ‫جاســم‪ ،‬أن "الديــن ليــس مجــرد ممارســة روحيــة‪،‬‬ ‫ب ــل ه ــو ج ــزء أسا�ســي مــن هويــة املجتمــع العراقــي‪،‬‬ ‫حي ــث يؤث ــر عل ــى القي ــم والعالق ــات االجتماعي ــة‬ ‫وحت ــى الق ـرارات السياس ــية"‪.‬‬ ‫وف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬تق ــول إن "التعاي ــش‬ ‫بي ــن األدي ــان ف ــي الع ـراق ه ــو إرث حض ــاري يج ــب‬ ‫الحف ــاظ علي ــه‪ ،‬لكن ــه يواج ــه تحدي ــات كبي ــرة‬ ‫بس ــبب االس ــتقطاب الطائف ــي واس ــتغالل الدي ــن‬ ‫ألغ ـراض سياس ــية ضيق ــة‪ ،‬م ــا يه ــدد النس ــيج‬ ‫االجتماع ــي"‪ ،‬مبين ــة أن "ضم ــان حق ــوق جمي ــع‬ ‫املكونــات الدينيــة‪ ،‬وحمايــة حريــة املعتقــد‪ ،‬وتعزيــز‬ ‫ثقاف ــة الح ــوار‪ ،‬مس ــؤوليات جماعي ــة تتطل ــب‬ ‫ـودا مــن املجتمــع املدنــي‪ ،‬واملؤسســات الدينيــة‪،‬‬ ‫جهـ ً‬ ‫وصن ــاع الق ـرار"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع جاس ــم حديثه ــا بالق ــول إن "ف ــي ظ ــل‬ ‫التحدي ــات الت ــي يواجهه ــا التن ــوع الدين ــي‪ ،‬م ــن‬ ‫الض ــروري تبن ــي سياس ــات تحت ــرم التعددي ــة‪،‬‬ ‫وتدعــم بنــاء دولــة املواطنــة‪ ،‬بحيــث يكــون االنتمــاء‬ ‫األسا�س ــي للوط ــن ولي ــس للطائف ــة"‪.‬‬ ‫وتخت ــم جاس ــم حديثه ــا أن "تعزي ــز قي ــم التس ــامح‬ ‫واالحت ـرام املتبــادل هــو الســبيل لضمــان مســتقبل‬

‫ـدا ع ــن الصراع ــات الديني ــة‬ ‫مس ــتقر وس ــلمي بعي ـ ً‬ ‫واملذهبي ــة"‪.‬‬ ‫الدين واملجتمع العراقي اليوم‬ ‫أم ــا الباح ــث اإلس ــامي الش ــيخ حي ــدر التميم ــي‪،‬‬ ‫فيوضــح أن الديــن فــي العـراق ليــس مجــرد عقيــدة‪،‬‬ ‫بــل هــو جــزء مــن الحيــاة اليوميــة‪ ،‬إال أنــه يؤكــد أن‬ ‫هن ــاك فرق ـ ًـا بي ــن املس ــلمين واملتديني ــن‪.‬‬ ‫ويقــول التميمــي‪ ،‬ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إن "اإلســام قــدم‬ ‫مجموعــة مــن التعاليــم‪ ،‬لكــن النــاس انقســموا إلــى‬ ‫مذاهــب وفــرق نتيجــة الخالفــات التــي حدثــت علــى‬ ‫مــر العصــور‪ ،‬ومــع ذلــك يبقــى العنــوان العــام هــو‬ ‫اإلســام"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "املس ــلم الحقيق ــي وف ــق تعالي ــم‬ ‫اإلس ــام‪ ،‬ه ــو م ــن س ــلم الن ــاس م ــن ي ــده ولس ــانه‪،‬‬ ‫فاملمارس ــات العبادي ــة كالص ــاة والصي ــام تبق ــى‬ ‫بيــن العبــد وربــه‪ ،‬لكــن األهــم هــو ســلوك الفــرد فــي‬ ‫املجتم ــع"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع التميم ــي‪ ،‬قائ ـ ًـا "إذا كان اإلنس ــان ي ــؤدي‬ ‫صالت ــه لكن ــه يرتك ــب الفس ــاد أو يأخ ــذ الرش ــوة‬ ‫أو يظل ــم اآلخري ــن‪ ،‬ف ــإن عبادت ــه ال قيم ــة له ــا‪ ،‬ألن‬ ‫الدي ــن ف ــي جوه ــره قائ ــم عل ــى األخ ــاق واملعامل ــة‬ ‫الحس ــنة"‪.‬‬ ‫التحديات السياسية للدين‬ ‫ف ــي املقاب ــل‪ ،‬تعتق ــد الناش ــطة أح ــام س ــلمان‬

‫خــال حديثهــا ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "أبــرز التحديــات‬ ‫املتعلق ــة بالدي ــن ليس ــت مجتمعي ــة بق ــدر م ــا ه ــي‬ ‫ـودا‪،‬‬ ‫سياســية‪ ،‬ألن الديــن فــي حقيقتــه ال يفــرض قيـ ً‬ ‫ب ــل ه ــو دي ــن س ــماحة ومحب ــة وإنص ــاف"‪.‬‬ ‫وتوض ــح س ــلمان‪ ،‬أن "هن ــاك خلط ـ ًـا بي ــن التعالي ــم‬ ‫الديني ــة والتقالي ــد االجتماعي ــة‪ ،‬فمث ـ ًـا ال يوج ــد‬ ‫ف ــرض دين ــي صري ــح عل ــى ارت ــداء الحج ــاب‪ ،‬لكن ــه‬ ‫ـدا متوارث ـ ًـا ول ــه قدس ــية ف ــي بع ــض‬ ‫يعتب ــر تقلي ـ ً‬ ‫األماك ــن"‪.‬‬ ‫وتضي ــف س ــلمان‪" ،‬عن ــد زي ــارة الكنيس ــة‪ ،‬هن ــاك‬ ‫ع ــرف يق�ض ــي بض ــرورة تغطي ــة ال ـرأس احترام ـ ًـا‬ ‫لقدس ــية امل ــكان‪ ،‬وكذل ــك عن ــد دخ ــول العتب ــات‬ ‫املقدس ــة ف ــي النج ــف وكرب ــاء‪ ،‬ينبغ ــي احت ـرام‬ ‫الرمزيــة الدينيــة‪ ،‬وهــذا ال يعنــي إجبــار النــاس علــى‬ ‫معتق ــدات معين ــة‪ ،‬ب ــل ه ــو تعبي ــر ع ــن االحت ـرام‬ ‫املتب ــادل"‪.‬‬ ‫ـزءا أصي ـ ًـا م ــن الهوي ــة العراقي ــة‪،‬‬ ‫يبق ــى الدي ــن ج ـ ً‬ ‫لكن ــه يواج ــه تحدي ــات مرتبط ــة بالسياس ــة‬ ‫واالس ــتقطاب الطائف ــي‪ ،‬ف ــي ظ ــل مجتم ــع متع ــدد‬ ‫األدي ــان والطوائ ــف‪ .‬وبينم ــا يح ــرص العراقي ــون‬ ‫عل ــى الحف ــاظ عل ــى إرثه ــم الدين ــي والثقاف ــي‪ ،‬ف ــإن‬ ‫مس ــتقبل التعاي ــش يعتم ــد عل ــى تعزي ــز التس ــامح‪،‬‬ ‫وحماي ــة الحق ــوق‪ ،‬وترس ــيخ مفه ــوم املواطن ــة‬ ‫ـدا ع ــن االنقس ــامات الديني ــة واملذهبي ــة‪.‬‬ ‫بعي ـ ً‬

‫‪42‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪43 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫والفاّلح‬ ‫سوق العرب في بعقوبة ‪ ..‬حرف يدوية صامدة تجمع الحداد بالنجار‬ ‫ّ‬ ‫فيــلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ف ــي قل ــب مدين ــة بعقوب ــة القديم ــة‪ ،‬حي ــث يلتق ــي املا�ض ــي بالحاض ــر‪ ،‬يبق ــى مايع ــرف محلي ــا بـ"س ــوق الع ــرب"‪ ،‬أو‬ ‫س ــوق األدوات الزراعي ــة‪ ،‬م ــن أب ــرز املعال ــم الت ــي ينب ــض به ــا الت ــراث الزراع ــي‪ ،‬إذ تتن ــوع األدوات التقليدي ــة مث ــل‬ ‫"الهي ــم" و"البلط ــة" و"الج ــاب"‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى مايع ــرف بـ"ش ــبي الك ــرك" أو عص ــا الك ــرك‪ ،‬لتلبي ــة احتياج ــات‬ ‫املزارعي ــن م ــن كاف ــة املناط ــق والق ــرى‪.‬‬

‫وف ــي أروق ــة الس ــوق الش ــعبي‪ ،‬تمت ــزج رائح ــة‬ ‫الحدي ــد الس ــاخن م ــع أص ــوات مط ــارق‬ ‫الحدادي ــن ال ــى جان ــب املحادث ــات الودي ــة م ــع‬ ‫املزارعي ــن القادمي ــن القتن ــاء األدوات الت ــي ال‬ ‫غن ــى له ــم عنه ــا ف ــي أعم ــال الزراع ــة والقط ــع‪،‬‬ ‫فعلــى الرغــم مــن التطــور الحديــث فــي األســواق‬ ‫بمختل ــف مج ــاالت الحي ــاة‪ ،‬يبق ــى ه ــذا الرك ــن‬ ‫ـاهدا حيـ ًـا علــى صمــود‬ ‫مــن الحيــاة التقليديــة شـ ً‬ ‫الح ــرف اليدوي ــة وأهميته ــا‪.‬‬ ‫حرف صامدة عبر الزمن‬ ‫م ــن بي ــن أق ــدم ال ــورش واملح ــال ف ــي س ــوق‬ ‫الع ــرب‪ ،‬تب ــرز ورش ــة مصطف ــى القي ــس‪ ،‬وه ــو‬ ‫أح ــد أق ــدم الحدادي ــن ف ــي الس ــوق‪ ،‬وورث‬ ‫مهنتــه عــن عائلتــه منــذ عقــود وصــارت ورشــته‬ ‫إيقون ــة لألصال ــة واإلتق ــان‪ ،‬حي ــث يق ــف‬ ‫ويحم ــل مطرقت ــه ويض ــرب به ــا أدوات الحدي ــد‬ ‫بعدمــا يخرجهــا مــن النــار لتتحــول قطــع حديــد‬

‫الســكراب إلــى أدوات عمليــة تجمــع بيــن املتانــة‬ ‫والكفــاءة مثــل "الچــاب" و"الهيــم" و"البلطــة"‬ ‫وغيره ــا‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد يق ــول مصطف ــى القي ــس‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬أن ــا أصن ــع األدوات م ــن بقاي ــا‬ ‫حديــد الســكراب الخــاص بالســيارات‪ ،‬أو حتــى‬ ‫م ــن مس ــمار س ــكك القط ــار‪ ،‬فه ــي توف ــر الق ــوة‬ ‫واملتانــة املطلوبــة‪ ،‬فعلــى الرغــم مــن أن الطــرق‬ ‫الحديث ــة ق ــد ظه ــرت واالس ــتيراد متوف ــر‪،‬‬ ‫إال أنن ــي أؤم ــن أن ه ــذا الن ــوع م ــن الحدي ــد‬ ‫ه ــو األج ــود واألصل ــح لصناع ــة األدوات الت ــي‬ ‫يحتاجه ــا امل ـزارع"‪.‬‬ ‫ويضي ــف القي ــس أن "أس ــعار األدوات الت ــي‬ ‫أصنعه ــا يدوي ــا هن ــا مختلف ــة‪ ،‬فعل ــى س ــبيل‬ ‫املث ــال (ال ــاب) املصن ــوع م ــن مس ــمار س ــكة‬ ‫القط ــار س ــعره ‪ 50‬أل ــف دين ــار‪ ،‬وال ــذي يصن ــع‬ ‫م ــن ورق الس ــيارات بــ‪ 40-30‬أل ــف دين ــار‪،‬‬ ‫ـاال كبي ـ ًرا‬ ‫وهك ــذا بقي ــة األدوات‪ ،‬وه ــي تلق ــى إقب ـ ً‬

‫م ــن املزارعي ــن القادمي ــن م ــن مختل ــف الق ــرى‬ ‫واملنا ط ــق"‪.‬‬ ‫م ــن جانب ــه أك ــد عل ــي محم ــد‪ ،‬وه ــو نج ــار ف ــي‬ ‫الســوق ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "هــذا الســوق يمثــل‬ ‫روح بعقوبــة‪ ،‬وعمــره أكثــر مــن ‪ 100‬عــام‪ ،‬وكان‬ ‫ومــا ي ـزال ملتقــى املزارعيــن مــن كافــة املناطــق"‪.‬‬ ‫وأش ــار محم ــد إل ــى أن "عص ــا الك ــرك وغيره ــا‬ ‫تصن ــع م ــن أج ــود أن ــواع الخش ــب وه ــو‬ ‫الصفص ــاف الكالبت ــوس والق ــوغ‪ ،‬وس ــعر‬ ‫(الش ــعبي) بي ــن ‪ 4000-3000‬دين ــار"‪ ،‬الفت ــا إل ــى‬ ‫أن "الســوق ليــس فقــط للبيــع‪ ،‬بــل هــو لتجمــع‬ ‫الفالحي ــن حي ــث يأت ــي البع ــض للتج ــول بش ــكل‬ ‫مس ــتمر مل ــا ل ــه م ــن أهمي ــة لديه ــم"‪.‬‬ ‫تحديات العصر الحديث‬ ‫ف ــي ظ ــل حيوي ــة س ــوق الع ــرب‪ ،‬إال أن تحدي ــات‬ ‫العص ــر الحدي ــث تتطل ــب مواكب ــة التط ــورات‬ ‫دون التفريــط فــي الت ـراث‪ ،‬فالحفــاظ علــى مثــل‬ ‫هــذه األســواق يتطلــب دعــم الحكومــة املحليــة‬

‫لتأهيــل البنــى التحتيــة والحفــاظ علــى الســوق‪،‬‬ ‫وفق ــا للحرفيي ــن واملزارعي ــن‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق يق ــول امل ـزارع قحط ــان‬ ‫العبيــدي‪ ،‬أثنــاء تجوالــه فــي الســوق أن "أغلــب‬ ‫املزارعي ــن يثق ــون فيم ــا يصن ــع هن ــا ف ــإن ج ــودة‬ ‫األدوات اليدوي ــة تتف ــوق عل ــى التج ــاري ال ــذي‬ ‫يعتبــر عمــره قصيــر"‪ ،‬مبينــا أن "املحــزن بنايــات‬ ‫ومحال ــه وش ــوارع الس ــوق متهالك ــة ومه ــددة‬ ‫باالندث ــار"‪.‬‬ ‫وتابــع العبيــدي أن "الســوق يحتــاج الــى تدخــل‬ ‫حكوم ــي يس ــهم بتوفي ــر الخدم ــات والحف ــاظ‬ ‫عليــه باعتبــاره تـراث بعقوبــة الحرفــي والزراعــي‪،‬‬ ‫مؤك ــدا أن "الحرفيي ــن ف ــي الس ــوق يبذل ــون‬ ‫ـودا كبي ــرة للحف ــاظ عل ــى امله ــن هن ــا رغ ــم‬ ‫جه ـ ً‬ ‫املصاع ــب والتحدي ــات وقل ــة مردوداته ــا‬ ‫االقتصادي ــة لتبق ــى صام ــدة بوج ــه التط ــور‬ ‫الس ــريع والب ــد م ــن دعمه ــم"‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫تدني مستوى‬

‫الوعي السياسي في العراق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تتفــق الدراســات والباحثــون علــى تدنــي مســتوى الوعــي السيا�ســي فــي العــراق املعاصــر‪ ،‬فيمــا يعــود ذلــك إلــى‬ ‫عــدة عوامــل معقــدة‪ ،‬تاريخيــة واجتماعيــة و اقتصاديــة‪ ،‬مــن أبرزهــا التاريــخ الطويــل مــن القمــع واالســتبداد‪،‬‬ ‫فلقــد شــهد العــراق مرحلــة طويلــة مــن الدكتاتوريــة واالنقالبــات العســكرية والحــروب والصراعــات الداخليــة‪،‬‬ ‫بخاصــة فــي عهــد صــدام حســين؛‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪45 2025‬‬

‫ه ــذا جع ــل املجتم ــع العراق ــي يعان ــي م ــن تراج ــع‬ ‫ف ــي الحري ــة السياس ــية وتراك ــم م ــن التهمي ــش‬ ‫الثقاف ــي واالجتماع ــي‪ ،‬مم ــا أث ــر عل ــى تط ــور الوع ــي‬ ‫السيا�س ــي ل ــدى األف ـراد‪.‬‬ ‫وفض ــا ع ــن ذل ــك ف ــان الع ـراق كان وال ي ـزال‬ ‫يتع ــرض لتدخ ــات خارجي ــة كبي ــرة‪ ،‬س ــواء م ــن‬ ‫الــدول اإلقليميــة أو مــن القــوى الكبــرى‪ ،‬و هــذه‬ ‫التدخــات أدت إلــى عــدم االســتقرار وخلــق حالــة‬ ‫م ــن االس ــتقطاب والتناف ــس السيا�س ــي الطائف ــي‬ ‫ال ــذي عرق ــل بن ــاء مؤسس ــات قوي ــة وناضج ــة‪.‬‬ ‫وكذل ــك ان اخف ــاق األداء الحكوم ــي بس ــبب‬ ‫الفس ــاد اإلداري واملال ــي ف ــي الع ـراق ع ــد م ــن‬ ‫العوام ــل الرئيس ــة الت ــي أس ــهمت ف ــي تدن ــي‬ ‫مس ــتوى الوع ــي السيا�س ــي؛ ه ــذا الفس ــاد عط ــل‬ ‫برام ــج التعلي ــم والوع ــي االجتماع ــي والسيا�س ــي‪،‬‬ ‫وه ــو ي ــؤدي إل ــى تراك ــم القضاي ــا االقتصادي ــة‬ ‫واالجتماعي ــة الت ــي ترك ــز عل ــى البق ــاء والنج ــاة‬ ‫ب ــدال م ــن املش ــاركة السياس ــية الفعال ــة‪.‬‬ ‫لق ــد ادت الح ــروب والنزاع ــات‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك‬ ‫الح ــرب العراقي ــة اإليراني ــة‪ ،‬وح ــرب الخلي ــج‪،‬‬ ‫والتدخ ــل األمريك ــي‪ ،‬والح ــروب األهلي ــة‪ ،‬إل ــى‬ ‫تدمي ــر البني ــة التحتي ــة‪ ،‬وتش ــتت املجتم ــع‪،‬‬ ‫وتعمي ــق االنقس ــام السيا�س ــي‪ ،‬واس ــهم ع ــدم‬ ‫االســتقرار األمنــي فــي إعاقــة التنميــة السياســية‪.‬‬ ‫و أدى نظ ــام املحاصص ــة الطائفي ــة إل ــى تهمي ــش‬ ‫الكف ــاءات‪ ،‬وتكري ــس ال ــوالءات الضيق ــة‪ ،‬مم ــا‬ ‫قلــل مــن ثقــة الســكان بالعمليــة السياســية‪ ،‬كمــا‬ ‫نت ــج ع ــن س ــوء اإلدارة والفس ــاد انع ــدام الثق ــة‬ ‫ف ــي الحكوم ــة‪ ،‬وع ــزوف الس ــكان ع ــن املش ــاركة‬ ‫السياس ــية‪.‬‬ ‫ان ارتف ــاع مع ــدالت الفق ــر والجه ــل اس ــهمت ف ــي‬ ‫إعاقــة الوعــي السيا�ســي‪ ،‬اذ يجــد النــاس صعوبــة‬ ‫ف ــي فه ــم القضاي ــا السياس ــية املعق ــدة‪ ،‬كم ــا‬ ‫تغي ــب الثقاف ــة السياس ــية القوي ــة ف ــي املجتم ــع‪،‬‬ ‫وعــدم تشــجيع الحــوار والنقــاش السيا�ســي‪ ،‬أدى‬ ‫إل ــى ضع ــف الوع ــي السيا�س ــي‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪47 2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2024‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون االول‪-‬ديسمبر‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫العدد ‪254‬‬ ‫العدد ‪252‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫تدني مستوى الوعي السياسي في العراق‬

‫وكان دور اإلع ــام ف ــي نش ــر الوع ــي السيا�س ــي‬ ‫ضعيفــا‪ ،‬اذ تركــز كثيــر مــن وســائل اإلعــام علــى‬ ‫التجاذبــات السياســية بــدال مــن تحليــل القضايــا‬ ‫بعم ــق‪.‬‬ ‫ل‬ ‫وتق ــو بع ــض األبح ــاث ان غي ــاب ق ــادة وطنيي ــن‬ ‫يتمتع ــون برؤي ــة واضح ــة وقادري ــن عل ــى توحي ــد‬ ‫الش ــعب العراق ــي‪ ،‬أدى إل ــى تعمي ــق االنقس ــام‬ ‫السيا�س ــي‪ ،‬كم ــا ان ضع ــف األح ـزاب السياس ــية‬ ‫وع ــدم قدرته ــا عل ــى تقدي ــم برام ــج سياس ــية‬ ‫واضح ــة‪ ،‬أدى إل ــى ع ــدم تواج ــد بدائ ــل مقنع ــة‬ ‫للس ــكان‪ ،‬وتزاي ــد التخل ــف السيا�س ــي‪.‬‬ ‫أم ــا بالنس ــبة لالنتخاب ــات البرملاني ــة ف ــي العقدي ــن‬ ‫الس ــابقين‪ ،‬الت ــي كثي ـرا م ــا ج ــرت عل ــى وف ــق‬ ‫اعتب ــارات طائفي ــة واثني ــة‪ ،‬فيمك ــن أن ُتع ــزى‬ ‫أس ــبابها ال ــى التركيب ــة االجتماعي ــة للع ـراق ال ــذي‬

‫يتك ــون م ــن مكون ــات طائفي ــة واثني ــة متنوع ــة‪،‬‬ ‫وبخاص ــة الش ــيعة والس ــنة والك ــورد‪ ،‬وه ــذه‬ ‫املكون ــات غالب ــا م ــا تح ــاول تأمي ــن مصالحه ــا‬ ‫بوس ــاطة النظ ــام السيا�س ــي‪ ،‬ه ــذا جع ــل‬ ‫الطائفيــة محــورا مهمــا فــي االنتخابــات‪ ،‬اذ تســعى‬ ‫الق ــوى السياس ــية إل ــى تمثي ــل ه ــذه املكون ــات‪.‬‬ ‫وفــي كثيــر مــن األحيــان جــرت العمليــة السياســية‬ ‫والتصوي ــت فيه ــا بعي ــدا ع ــن االختي ــار عل ــى وف ــق‬ ‫متطلب ــات الكف ــاءة وبالنتيج ــة عب ــرت العملي ــة‬ ‫ع ــن تخل ــف واض ــح وع ــدم الف ــرز اس ــتنادا ال ــى‬ ‫الباحثي ــن‪.‬‬ ‫واملش ــكلة‪ ،‬ان الع ـراق بع ــد ع ــام ‪ ،2003‬اعتم ــد‬ ‫نظامــا انتخابيــا يعتمــد بشــكل كبيــر علــى القوائــم‬ ‫االنتخابيــة التــي تمثــل الطوائــف املتعــددة‪ ،‬هــذا‬ ‫ُيحــرف االنتخابــات عــن كونهــا تنافســا بيــن برامــج‬

‫سياس ــية إل ــى ص ـراع طائف ــي يرك ــز عل ــى تمثي ــل‬ ‫الطائف ــة ب ــدال م ــن تقدي ــم سياس ــات وطني ــة‬ ‫ش ــاملة‪.‬‬ ‫ولق ــد ع ــزز ضع ــف املؤسس ــات السياس ــية‬ ‫والقانوني ــة ف ــي البل ــد‪ ،‬وكذل ــك قل ــة التفاهم ــات‬ ‫الوطني ــة بي ــن األح ـزاب‪ ،‬م ــن ق ــوة ال ــوالءات‬ ‫الطائفي ــة عل ــى حس ــاب ال ــوالء للوط ــن بش ــكل‬ ‫ع ــام‪.‬‬ ‫هــذه العوامــل مجتمعــة أدت إلــى اســتمرار تدنــي‬ ‫الوع ــي السيا�س ــي وتحقي ــق مصال ــح طائفي ــة‬ ‫ضيق ــة ب ــدال م ــن بن ــاء دول ــة مدني ــة حديث ــة‬ ‫تعك ــس مصال ــح جمي ــع الس ــكان بغ ــض النظ ــر‬ ‫ع ــن انتماءاته ــم الطائفي ــة‪.‬‬ ‫وط ــرح املتخصص ــون وبع ــض رواد املجتم ــع‬ ‫املدن ــي ش ــروطا إلع ــادة احي ــاء الوع ــي السيا�س ــي‬

‫ل ــدى العراقيي ــن ال ــذي ال غن ــى عن ــه ف ــي رك ــوب‬ ‫موج ــة التحض ــر والتق ــدم‪ ،‬وم ــن ذل ــك إص ــاح‬ ‫النظــام السيا�ســي‪ ،‬اذ يتوجــب إج ـراء إصالحــات‬ ‫جذريــة فــي النظــام السيا�ســي‪ ،‬بمــا فــي ذلــك إنهــاء‬ ‫املحاصص ــة الطائفي ــة‪ ،‬ومكافح ــة الفس ــاد‪،‬‬ ‫وتحس ــين إدارة مؤسس ــات الدول ــة‪.‬‬ ‫و يج ــب تحس ــين الوض ــع االقتص ــادي للس ــكان‪،‬‬ ‫وتوفي ــر ف ــرص العم ــل‪ ،‬ومكافح ــة الفق ــر‪،‬‬ ‫وتحقيــق العدالــة‪ ،‬و نشــر الثقافــة السياســية فــي‬ ‫املجتمــع‪ ،‬وتشــجيع الحــوار والنقــاش السيا�ســي‪،‬‬ ‫وتوفي ــر التعلي ــم السيا�س ــي للن ــاس‪.‬‬ ‫كمــا يجــب أن يــؤدي اإلعــام دورا فعــاال فــي نشــر‬ ‫الوع ــي السيا�س ــي‪ ،‬وتحلي ــل القضاي ــا بعم ــق‪،‬‬ ‫وتقدي ــم معلوم ــات موثوق ــة للن ــاس‪.‬‬ ‫كم ــا يقت�ض ــي تش ــجيع الس ــكان عل ــى املش ــاركة‬

‫السياســة‪ ،‬الركيــزة القويــة واملنظمــة للربــط بيــن‬ ‫السياس ــية‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك االنتخاب ــات‪،‬‬ ‫القم ــة والقاع ــدة وكمحط ــة اتص ــال واجب ــة بي ــن‬ ‫واملظاه ـرات الس ــلمية‪ ،‬والتعبي ــر ع ــن آرائه ــم‬ ‫املواطني ــن والس ــلطة‪.‬‬ ‫بحري ــة‪ ،‬ف ــان الوع ــي السيا�س ــي ه ــو أس ــاس‬ ‫وتجم ــع الدراس ــات‪ ،‬عل ــى ان دور األح ـزاب‬ ‫الديمقراطي ــة‪ ،‬وم ــن دون ــه ال يمك ــن للمجتم ــع‬ ‫ى‬ ‫والق ــو السياس ــية الت ــي يفت ــرض ان تن�ش ــئ‬ ‫أن يتط ــور ويزده ــر؛ لذل ــك‪ ،‬يج ــب عل ــى جمي ــع‬ ‫الوضــع السيا�ســي الســليم وتديمــه‪ ،‬يعــد مــن أهــم‬ ‫األط ـراف املعني ــة العم ــل مع ــا لتعزي ــز الوع ــي‬ ‫األم ــور ف ــي السياس ــة العام ــة مل ــا ل ــه م ــن انع ــكاس‬ ‫السيا�س ــي ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫علــى نــوع السياســات‪ ،‬وعالقتهــا بالفــرد واملجتمــع‬ ‫وتع ــد األح ـزاب عل ــى وف ــق الدراس ــات‪ ،‬م ــن أه ــم‬ ‫ونظ ــام الحك ــم وتكري ــس وتطوي ــر وع ــي الن ــاس؛‬ ‫التنظيمــات السياســية التــي تؤثــر بشــكل مباشــر‬ ‫وفــي هــذا اإلطــار تبــرز األح ـزاب السياســية كأحــد‬ ‫عل ــى س ــير وحرك ــة النظ ــام السيا�س ــي وضم ــان‬ ‫العوام ــل األساس ــية ف ــي رس ــم وصن ــع السياس ــية‬ ‫اس ــتمراره واس ــتقراره‪ ،‬فه ــي ت ــؤدي دورا مهم ــا‬ ‫العام ــة‪ ،‬فه ــي ت ــؤدي دورا هام ــا ف ــي‬ ‫النظــم السياســية‪ ،‬نظـرا ملــا تتمتــع‬ ‫ب ــه م ــن ق ــدرة عل ــى تنظي ــم ال ـرأي‬ ‫الع ــام وتوصيل ــه إل ــى الس ــلطات‪،‬‬ ‫ويك ــون الح ــزب بمنزل ــة املدرس ــة‬ ‫الت ــي تتلق ــى ف ــي داخله ــا امل ــاكات‬ ‫« يجب تحسين الوضع االقتصادي للسكان‪،‬‬ ‫مب ــادئ ممارس ــة الس ــلطة تمهي ــدا‬ ‫وتوفير فرص العمل‪ ،‬ومكافحة الفقر‪ ،‬وتحقيق‬ ‫لوصولهــا إلــى مركــز القيــادة‪ ،‬علــى‬ ‫العدالة‪ ،‬و نشر الثقافة السياسية في المجتمع‪،‬‬ ‫ح ــد وص ــف تل ــك الدراس ــات‪.‬‬ ‫وتشجيع الحوار والنقاش السياسي‪ ،‬وتوفير‬ ‫ه ــذا إل ــى جان ــب إن األح ـزاب‬ ‫التعليم السياسي للناس » ‪..‬‬ ‫كتنظيمــات سياســية هــي الضمــان‬ ‫األول م ــن اس ــتبداد الس ــلطة‪،‬‬ ‫وان تواج ــد معارض ــة منتظم ــة‬ ‫« تواجد معارضة منتظمة من قبل أحزاب‬ ‫م ــن قب ــل أح ـزاب املعارض ــة "الت ــي‬ ‫المعارضة "التي تغيب في وضع العراق" يعد‬ ‫تغي ــب ف ــي وض ــع الع ـراق" يع ــد‬ ‫األساس الديمقراطي في الرقابة على السلطة‬ ‫األس ــاس الديمقراط ــي ف ــي الرقاب ــة‬ ‫وضمان عدم استبدادها » ‪..‬‬ ‫عل ــى الس ــلطة وضم ــان ع ــدم‬ ‫اس ــتبدادها‪ ،‬ويض ــاف إل ــى ه ــذا‬ ‫أن األح ـزاب كتنظيمــات سياســية‬ ‫طوعي ــة ه ــي املس ــؤولة ع ــن عملي ــة التنش ــئة‬ ‫ف ــي تنش ــيط الحي ــاة السياس ــية وص ــارت ُتش ــكل‬ ‫السياس ــية ألبن ــاء املجتم ــع‪.‬‬ ‫ركن ــا أساس ــيا م ــن أركان النظ ــم الديمقراطي ــة‪،‬‬ ‫ـدور‬ ‫وت ــزداد أهمي ــة ال ـ ال ــذي تق ــوم ب ــه األح ـزاب‬ ‫ف ــأداء األح ـزاب ينعك ــس س ــلبا أو إيجاب ــا عل ــى‬ ‫نوعيــة الحيــاة السياســية وعلــى مســتوى التطــور‬ ‫ف ــي الديمقراطي ــات املعاص ــرة نظ ـرا لكونه ــا تع ــد‬ ‫اح ــدى املؤسس ــات السياس ــية الش ــعبية‪ ،‬الت ــي‬ ‫الديمقراط ــي والتحدي ــث السيا�س ــي وفاعلي ــة‬ ‫يح ــدد دوره ــا وتواجده ــا النظ ــام الديمقراط ــي‬ ‫النظ ــام السيا�س ــي ال ــذي يع ـ ّـد انعكاس ــا للنظ ــام‬ ‫ُ‬ ‫الس ــائد‪ ،‬وه ــي ترس ــم أن ــواع املش ــاركة الش ــعبية‬ ‫الحزبــي الســائد فــي الدولــة‪ .‬ولألحـزاب السياســية‬ ‫والسياس ــية الت ــي تعب ــر ع ــن التوجه ــات املتنوع ــة‬ ‫دور مه ــم ف ــي صن ــع السياس ــة العام ــة وتأطيره ــا‪،‬‬ ‫لفئ ــات الش ــعب بطبقات ــه كاف ــة‪ ،‬وتنم ــي ل ــدى‬ ‫اذ تع ــد إح ــدى قن ــوات املش ــاركة السياس ــية‬ ‫االنس ــان الوع ــي السيا�س ــي‪ ،‬بحس ــب م ــا تجم ــع‬ ‫للس ــكان‪ ،‬وك ــذا إح ــدى قن ــوات االتص ــال‬ ‫علي ــه الدراس ــات‪.‬‬ ‫يعده ــا علم ــاء‬ ‫السيا�س ــي ّ‬ ‫املنظ ــم ف ــي املجتم ــع‪ْ ،‬إذ ّ‬

‫‪48‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪49 2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2024‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون االول‪-‬ديسمبر‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫العدد ‪254‬‬ ‫العدد ‪252‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫هل يوجد امل ‪..‬‬

‫لدى العراقيين بتغير‬ ‫حياتهم نحو األحسن؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫لق ــد تعايش ــنا ف ــي الس ــنوات املاضي ــة م ــع تزاي ــد الش ــكوى بي ــن‬ ‫النــاس مــن اوضاعهــم‪ ،‬وشــحة مظاهــرالفــرح وطغيــان مكامــن‬ ‫الحــزن واأللــم‪ ،‬وهــو مــا يعبــرعنــه كثيــرمــن العر اقييــن وال زالــوا‬ ‫فــي أثنــاء االفصــاح عــن مشــاعرهم بشــأن أحوالهــم‪.‬‬

‫وس ــوف ل ــن نتن ــاول ف ــي ه ــذه اإلض ــاءة وجه ــة‬ ‫نظرنــا فــي االمــر‪ ،‬التــي تحتمــل الخطــأ والصــواب‬ ‫وتلج ــأ ال ــى االجته ــاد الش ــخ�صي‪ ،‬فق ــد تك ــون‬ ‫الحقيق ــة نس ــبية عندئ ــذ‪ ،‬إنم ــا س ــنتطرق‬ ‫إل ــى أس ــباب الظاه ــرة بحس ــب الدراس ــات‬ ‫املتخصص ــة ف ــي ه ــذا املضم ــار‪ ،‬كم ــا نرك ــن ال ــى‬ ‫آراء الن ــاس مم ــن اس ــتطلعنا آراءه ــم‪.‬‬ ‫الب ــد م ــن اإلش ــارة اوال إل ــى الظ ــروف الت ــي اث ــرت‬ ‫وتؤث ــر عل ــى الوض ــع العراق ــي طيل ــة عق ــود ب ــل‬ ‫ط ــوال الحقب ــة املاضي ــة‪.‬‬ ‫لق ــد تجمع ــت ع ــدة أس ــباب اتف ــق جمي ــع‬ ‫الباحثيــن علــى تواجدهــا وراء شــعور العراقييــن‬ ‫بانع ــدام األم ــل بتغيي ــر حياته ــم لألفض ــل‪،‬‬ ‫ومنه ــا ف ــي املا�ض ــي املنظ ــور‪ ،‬اإلرث التاريخ ــي‬ ‫م ــن الصراع ــات والح ــروب‪ ،‬فالع ـراق م ــر‬ ‫بتراكم ــات كبي ــرة م ــن الح ــروب والصراع ــات‪،‬‬ ‫ب ــدءا بالح ــرب العراقي ــة اإليراني ــة‪ ،‬وقب ــل ذل ــك‬ ‫التهجيــر القســري ألعــداد كبيــرة مــن العراقييــن‬ ‫بحج ــج واهي ــة فض ــا ع ــن هج ــرة السياس ــيين‬ ‫املعارضيــن والكفــاءات‪ ،‬مــرورا بحــرب الخليــج‪،‬‬ ‫ثــم حــرب عــام ‪ 2003‬واســقاط النظــام الســابق‬ ‫املب ــاد‪ ،‬وأخي ـرا الح ــرب ض ــد داع ــش‪.‬‬ ‫تل ــك األح ــداث خلف ــت دم ــارا هائ ــا ف ــي البني ــة‬ ‫التحتيــة‪ ،‬واقتصــادا منهــارا‪ ،‬وخســائر بشــرية ال‬ ‫حص ــر له ــا‪ ،‬مم ــا ّأث ــر بش ــكل كبي ــر عل ــى نفس ــية‬ ‫الن ــاس‪.‬‬

‫كم ــا ُش ــخص الفس ــاد وس ــوء اإلدارة ف ــي‬ ‫مؤسســات الدولــة مــن العوامــل االكثــر اســهاما‬ ‫فــي هــدر مــوارد البــاد وعــدم اســتغاللها بالشــكل‬ ‫األمث ــل لتحس ــين حي ــاة الس ــكان؛ ه ــذا األم ــر‬ ‫أدى إلــى فقــدان الثقــة فــي قــدرة الحكومــات علــى‬ ‫إح ــداث تغيي ــر إيجاب ــي‪.‬‬ ‫كم ــا ش ــكلت حال ــة االنس ــداد السيا�س ــي وع ــدم‬ ‫االس ــتقرار الت ــي تش ــهدها الب ــاد من ــذ كث ــر م ــن‬ ‫عقدي ــن‪ ،‬والصراع ــات املس ــتمرة بي ــن الكت ــل‬ ‫السياســية‪ ،‬ســببا فــي تأخيــر أو عرقلــة كثيــر مــن‬ ‫املش ــاريع والخط ــط الت ــي كان م ــن املمك ــن أن‬ ‫تســهم فــي تحســين مســتوى معيشــة العراقييــن‪.‬‬ ‫وعانــى الع ـراق مــن تحديــات اقتصاديــة كبيــرة‪،‬‬ ‫مث ــل ارتف ــاع مع ــدالت البطال ــة والفق ــر وتدن ــي‬ ‫مس ــتوى الخدم ــات األساس ــية ومنه ــا التعلي ــم‬ ‫والصح ــة‪.‬‬ ‫ه ــذه الظ ــروف وغيره ــا‪ ،‬جعل ــت م ــن الصع ــب‬ ‫علــى الشــباب العراقــي وعمــوم الســكان تحقيــق‬ ‫أحالمه ــم وطموحاته ــم‪ ،‬مم ــا زاد م ــن ش ــعورهم‬ ‫باإلحب ــاط والي ــأس‪.‬‬ ‫وبنتيجــة هــذه الظــروف الصعبــة‪ ،‬يشــعر كثيــر‬ ‫م ــن العراقيي ــن بالخيب ــة والقن ــوط‪ ،‬وفق ــدان‬ ‫األم ــل ف ــي إمكاني ــة ح ــدوث تغيي ــر حقيق ــي ف ــي‬ ‫حياتهــم؛ هــذا الشــعور باليــأس يمكــن أن يكــون‬ ‫ل ــه تأثي ــر س ــلبي عل ــى املجتم ــع ككل‪ ،‬ويقل ــل م ــن‬ ‫ف ــرص التغيي ــر اإليجاب ــي‪.‬‬

‫وبس ــبب األوض ــاع الصعب ــة ف ــي الب ــاد‪ ،‬تواص ــل‬ ‫نزي ــف الهج ــرة حت ــى بع ــد التغيي ــر ف ــي ‪2003‬‬ ‫فاضط ــر كثي ــر م ــن الش ــباب العراقيي ــن إل ــى‬ ‫الهج ــرة بحث ــا ع ــن ف ــرص أفض ــل ف ــي الخ ــارج‪.‬‬ ‫وهــذه الهجــرة اســتنزفت طاقــات البــاد الشــابة‬ ‫وزادت بدوره ــا م ــن الش ــعور بفق ــدان األم ــل‪.‬‬ ‫كم ــا يش ــعر كثي ــر م ــن العراقيي ــن ب ــأن هن ــاك‬ ‫غيابــا للعدالــة االجتماعيــة‪ ،‬اذ يــرون أن هنــاك‬ ‫فئــة قليلــة تســتفيد مــن مــوارد البــاد وثرواتهــا‪،‬‬ ‫فيم ــا تعان ــي غالبي ــة الش ــعب م ــن الفق ــر‬ ‫والتهمي ــش‪ ،‬ه ــذا اإلحس ــاس بالظل ــم يزي ــد م ــن‬ ‫ش ــعورهم بانع ــدام األم ــل‪.‬‬ ‫واس ــهمت بع ــض وس ــائل اإلع ــام ف ــي تعزي ــز‬ ‫الشــعور بانعدام األمل بالتركيز على الســلبيات‬ ‫وتضخيــم املشــكالت‪ ،‬بــدال مــن إبـراز الجوانــب‬ ‫اإليجابي ــة والف ــرص املتاح ــة‪.‬‬ ‫وبحســب بعــض الباحثيــن فــان املجتمــع العراقــي‬ ‫ق ــد يفتق ــر إل ــى نم ــاذج إيجابي ــة ملهم ــة وق ــادرة‬ ‫عل ــى إح ــداث تغيي ــر حقيق ــي‪ ،‬مم ــا يزي ــد م ــن‬ ‫الش ــعور بتواص ــل انع ــدام الحل ــول واالحب ــاط‪.‬‬ ‫وتع ــرض كثي ــر م ــن العراقيي ــن لصدم ــات‬ ‫نفس ــية نتيج ــة الح ــروب والعن ــف والن ــزوح‪،‬‬ ‫مم ــا أث ــر عل ــى صحته ــم النفس ــية وقدرته ــم‬ ‫عل ــى التف ــاؤل واألم ــل؛ كم ــا يش ــعر كثي ــر م ــن‬ ‫العراقيي ــن بالعزل ــة والوح ــدة‪ ،‬اذ يعان ــون م ــن‬ ‫غي ــاب الدع ــم االجتماع ــي والنف�س ــي‪ ،‬مم ــا يزي ــد‬ ‫م ــن ش ــعورهم باالنقب ــاض واإلحب ــاط‪.‬‬ ‫وفاقمــت جائحــة كورونــا مــن األوضــاع الصعبــة‬ ‫فــي العـراق‪ ،‬اذ تســببت فــي زيــادة معــدالت الفقــر‬ ‫والبطالــة وتدهــور الخدمــات الصحيــة والــوف‬ ‫الوفي ــات‪ ،‬مم ــا زاد م ــن ش ــعور العراقيي ــن‬ ‫بانع ــدام األم ــل‪.‬‬ ‫م ــع ذل ــك‪ ،‬يج ــب أن نالح ــظ أن هن ــاك أيض ــا‬ ‫كثيـرا مــن العراقييــن الذيــن مــا يزالــون يؤمنــون‬ ‫بإمكاني ــة ح ــدوث تغيي ــر إيجاب ــي‬ ‫ف ــي بالده ــم‪ ،‬ويعمل ــون بج ــد‬ ‫لتحقي ــق ذل ــك‪ ،‬وتتواج ــد كثي ــر‬ ‫مــن املبــادرات الفرديــة والجماعيــة‬ ‫الت ــي تس ــعى إل ــى تحس ــين األوض ــاع‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬وهن ــاك أم ــل ف ــي‬ ‫أن يتمك ــن العراقي ــون م ــن‬ ‫التغل ــب عل ــى ه ــذه التحدي ــات‬ ‫وبنــاء مســتقبل أفضــل ألنفســهم‬ ‫وألجياله ــم املقبل ــة‪.‬‬ ‫ف ــي لق ــاءات لن ــا م ــع‬

‫عراقييــن مــن شــتى االعمــار أردنــا أن نقــف علــى‬ ‫طبيع ــة ش ــعورهم تج ــاه مس ــتقبل أوضاعه ــم‬ ‫ومس ــتقبل حياته ــم وبالده ــم وم ــدى ش ــعورهم‬ ‫بالتف ــاؤل‪.‬‬ ‫يب ــدي "مهن ــد" وه ــو طال ــب جامع ــي ف ــي املرحل ــة‬ ‫الثالث ــة تش ــاؤما بالق ــول‪ :‬م ــا فائ ــدة االم ــل اذا‬ ‫كان مس ــتقبلنا مجه ــوال ونح ــن ن ــرى الخريجي ــن‬ ‫قب ــل دورتن ــا يعان ــون البطال ــة بع ــد تخرجه ــم‬ ‫او يعمل ــون ف ــي اعم ــال ح ــرة متواضع ــة‪،‬‬ ‫فيم ــا تس ــتعمل الق ــوى االمني ــة الق ــوة لف ــض‬ ‫تظاه ـرات الخريجي ــن املطالبي ــن بالتعيي ــن‬ ‫بحس ــب قول ــه‪.‬‬ ‫وتدع ــم زميلت ــه "بش ــرى" رأي ــه وزادت الق ــول‪:‬‬ ‫نح ــن النس ــاء س ــتكون ظروفن ــا اصع ــب ولي ــس‬ ‫م ــن املعق ــول ان نذه ــب م ــن الجامع ــة بع ــد‬ ‫التخــرج الــى البيــت عاطــات مــن دون وظائــف‪،‬‬ ‫وتتســاءل عــن ضيــاع آمالهــم بحســب تعبيرهــا‪.‬‬ ‫يق ــول بع ــض الش ــباب املتدربي ــن ف ــي اح ــدى‬ ‫الس ــاحات الرياضي ــة لك ــرة الق ــدم انه ــم‬ ‫يتعرض ــون للتميي ــز عن ــد اختي ــار‬ ‫الالعبي ــن للمنتخب ــات املحلي ــة‬ ‫او الوطني ــة‪ ،‬ويق ــول الع ــب‬ ‫ق ــال ان اس ــمه "قي ــس" انه ــم‬ ‫يعان ــون م ــن املحس ــوبية‬ ‫والواس ــطة حي ــن يتعل ــق‬ ‫االم ــر بترش ــيحهم ال ــى‬ ‫م ــا‬ ‫املنتخب ــات‪،‬‬

‫افقدهــم فرصــة اللعــب فــي تلــك الفــرق وغيــاب‬ ‫آماله ــم‪.‬‬ ‫ول ــم يخل ــو االم ــر حت ــى م ــن تذم ــر العس ــكريين‪،‬‬ ‫اذ يق ــول احده ــم فض ــل ع ــدم ذك ــر اس ــمه‬ ‫ووحدت ــه‪ :‬انن ــا نعان ــي م ــن التميي ــز ف ــي التمت ــع‬ ‫باالج ــازات‪ ،‬كم ــا ان ارزاقن ــا رديئ ــة بحس ــب‬ ‫قول ــه‪ ،‬متهم ــا جه ــات ل ــم يس ــمها بس ــرقة‬ ‫تخصيص ــات "االعاش ــة" عل ــى ح ــد وصف ــه‪،‬‬ ‫ويس ــانده آخ ــر بالق ــول‪ :‬ق ــد تتص ــورون ان‬ ‫رواتبن ــا عالي ــة‪ ،‬ولكنن ــا نص ــرف معظ ــم الرات ــب‬ ‫علــى اجــور املواصــات؛ و اضــاف متهكمــا‪ :‬كمــا‬ ‫نص ــرف ج ــزءا كبي ـرا م ــن الرات ــب عل ــى ش ـراء‬ ‫الوجب ــات الغذائي ــة ب ــدال م ــن "القصع ــة"‬ ‫البائس ــة بحس ــب تعبي ــره‪.‬‬ ‫وعبــر البعــض عــن التفــاؤل والتعبيــر عــن االمــل‬ ‫بتحســن حياتهــم فيــرى "عبــد العظيــم" موظــف‬ ‫فــي وزارة اإلعمــار واإلســكان والبلديــات العامــة‪:‬‬

‫ان الوض ــع يبش ــر بخي ــر واملش ــاريع كثي ــرة‬ ‫تختص ــر عق ــود م ــن الحرم ــان بحس ــب تعبي ــره‪،‬‬ ‫مزيــدا القــول‪ ،‬ان مشــاريع كثيــرة مقبلــة تنتظــر‬ ‫التنفيــذ لخدمــة النــاس تتعلــق بتوفيــر الســكن‬ ‫والوظائ ــف واملي ــاه واملج ــاري عل ــى ح ــد قول ــه‪.‬‬ ‫فيمــا يقــول "جبــار" بائــع جــوال‪ ،‬ان املجسـرات‬ ‫ل ــم تح ــل مش ــكلة الط ــرق‪ ،‬بحس ــب رأي ــه‪،‬‬ ‫ويوض ــح ان االزدح ــام زاد‪ ،‬وه ــو يس ــتغرق‬ ‫م ــن بيت ــه ف ــي منطق ــة الحس ــينية ش ــمال ش ــرق‬ ‫بغــداد للوصــول الــى الشــورجة فــي مركــز بغــداد‬ ‫اكث ــر م ــن س ــاعتين‪ ،‬بحس ــب قول ــه‪ ،‬وان علي ــه‬ ‫ان يصح ــو م ــع الفج ــر لغ ــرض الوص ــول ال ــى‬ ‫الشــورجة لفتــح بســطته وبيــع بعــض الحاجــات‬ ‫والع ــودة نه ــارا ال ــى الحس ــينية‪ ،‬متذم ـرا بالق ــول‬ ‫"ال أم ــل عندن ــا"‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫الرسم على الزجاج‪..‬‬

‫مهنة فنية‬ ‫لفتيات بغداديات‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يع ــد م ــن األف ــكار الصيني ــة القديم ــة‪ ،‬ويطل ــق‬ ‫ُ‬ ‫عليــه "فــن الصبــر"‪ ،‬ملــا يحتاجــه مــن دقــة شــديدة‬ ‫وح ــذر‪ ،‬ه ــذا م ــا يطل ــق عل ــى ف ــن الرس ــم عل ــى‬ ‫الزج ــاج‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪51 2025‬‬

‫وينت ــج ه ــذا الف ــن‪ ،‬لوح ــات متمي ــزة‪ ،‬وغالب ـ ًـا م ــا‬ ‫ـتخدم في ــه أل ــوان مائي ــة وصم ــغ‪ ،‬وق ــد انتش ــر‬ ‫ُتس ـ َ‬ ‫كف ــن ش ــعبي ف ــي أوروب ــا وأمري ــكا الش ــمالية‪ ،‬وعب ــر‬ ‫خالل ــه فنان ــون ع ــن أف ــكار كثي ــرة‪ ،‬وانتج ــوا لوح ــات‬ ‫زجاجي ــة تحاكــي الطبيع ــة‪.‬‬ ‫ومنــذ ســنوات‪ ،‬شــاع فــي الع ـراق هــذا الفــن وخاصــة‬ ‫بي ــن الفتي ــات‪ ،‬عل ــى الرغ ــم م ــع كون ــه م ــن الفن ــون‬ ‫الصعب ــة‪ ،‬برع ــت في ــه نخب ــة م ــن الفتي ــات ف ــي‬ ‫العاصم ــة بغ ــداد‪.‬‬ ‫ويع ــد ش ــارع املتنب ــي‪ ،‬مرك ـزا لعم ــل الرس ــامات‪ ،‬فيم ــا‬ ‫ـاال م ــن املتذوقي ــن له ــذا الف ــن‬ ‫تلق ــى لوحاته ــن اقب ـ ً‬ ‫واألطف ــال والفتي ــات‪.‬‬ ‫والرس ــامات عل ــى الزج ــاج‪ ،‬ل ــم يك ــن متخصص ــات‬ ‫ف ــي الفن ــون التش ــكيلية‪ ،‬إال أن املوهب ــة والتج ــارب‬ ‫العملي ــة أدت دو ًرا كبي ـ ًـرا بحياته ــن املهني ــة‪.‬‬ ‫وتق ــول الرس ــامة بت ــول الخزعل ــي (‪ 27‬عام ـ ًـا)‪ ،‬الت ــي‬ ‫تتخ ــذ م ــن املرك ــز الثقاف ــي ف ــي املتنب ــي مكان ــا لعمله ــا‪،‬‬ ‫إن "الف ــن موهب ــة يمك ــن أن تصقله ــا الدراس ــة‬ ‫األكاديمي ــة‪ ،‬ولك ــن م ــن دون املوهب ــة ل ــن يتق ــدم‬

‫‪52‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪53 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫الرسم على الزجاج‪ ..‬مهنة فنية لفتيات بغداديات‬ ‫وله ــن تخصص ــات علمي ــة مختلف ــة‪.‬‬ ‫ومنه ــن م ــن تتخ ــذ م ــن ه ــذه املهن ــة وس ــيلة‬ ‫إلكم ــال دراس ــتهن الجامعي ــة كم ــا تفع ــل‬ ‫الطالبــة بقســم علــوم البايلوجــي تبــارك اســعد‬ ‫شــاكر‪ ،‬التــي تؤكــد ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أنهــا باشــرت‬ ‫العم ــل به ــذا الف ــن من ــذ ع ــام ‪ ،2023‬وقدم ــت‬ ‫نم ــاذج م ــن الرس ــوم عل ــى الك ــؤوس استحس ــنها‬ ‫كثي ــرون‪.‬‬ ‫وتق ــول ش ــاكر‪ ،‬الق ــول إن "أصع ــب األوق ــات‬ ‫ه ــو وق ــت العم ــل واالمتحان ــات مع ـ ًـا‪ ،‬لك ــن‬ ‫كالهم ــا مهم ــا"‪ ،‬مضيف ــة "أعم ــل عل ــى بن ــات‬ ‫الجامع ــة حي ــث أق ــوم برس ــم األس ــماء عل ــى‬ ‫األك ــواب واملش ــط‪ ،‬وأق ــوم بايصاله ــا لنف ــس‬

‫اإلنس ــان ف ــي أي جان ــب م ــن جوان ــب الفن ــون"‪.‬‬ ‫وتضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "من ــذ الصغ ــر‬ ‫أه ــوى الرس ــم‪ ،‬وكن ــت أتحي ــن الف ــرص‬ ‫إلظه ــار قدرات ــي به ــذا الف ــن"‪ ،‬وتش ــير إل ــى ان ــه‬ ‫تتاب ــع "باس ــتمرار فن ــون الرس ــم ومدارس ــه‬ ‫واتجاهات ــه‪ ،‬وخاص ــة الرس ــم عل ــى الزج ــاج‪،‬‬ ‫وق ــد جرب ــت انت ــاج لوح ــات زجاجي ــة ف ــي املن ــزل‪،‬‬ ‫لقي ــت استحس ــان العائل ــة وه ــو م ــا ش ــجعني‬ ‫عل ــى العم ــل به ــذه املهن ــة"‪.‬‬ ‫وطرح ــت الخزعل ــي‪ ،‬نم ــاذج م ــن لوحاته ــا‬ ‫الزجاجي ــة‪ ،‬عل ــى صفح ــات مواق ــع التواص ــل‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬قبــل أن تباشــر العمــل فــي االماكــن‬ ‫العام ــة‪ ،‬وتق ــول إن "الرس ــم عل ــى الزج ــاج ه ــو‬ ‫أح ــد هوايات ــي القديم ــة‪ ،‬كم ــا أن خط ــي جي ــد‬ ‫س ــاعدني ف ــي صق ــل ه ــذه املوهب ــة"‪.‬‬

‫وتؤك ــد "أن ــا س ــعيدة بعمل ــي ال ــذي يحق ــق ل ــي‬ ‫عوائــد ماليــة جيــدة"‪ ،‬متابعــة القــول "فــي البــدء‬ ‫كنــت أعانــي كثيـ ًرا بانجــاز اللوحــات الزجاجيــة‪،‬‬ ‫ولكــن ومــع تقــدم الوقــت واملمارســة أصبــح مــن‬ ‫اليس ــير إنج ــاز اللوح ــة دون مش ــقة"‪.‬‬ ‫ووف ــق الخزعل ــي‪" ،‬ازدادت الطلب ــات عل ــى‬ ‫اللوح ــات الزجاجي ــة‪ ،‬وش ــاركت ف ــي نش ــاطات‬ ‫تش ــكيلية كثي ــرة وأصبح ــت اعمال ــي مرغوب ــة"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع أن "للرس ــم عل ــى الزج ــاج ش ــروط‬ ‫عدي ــدة‪ ،‬وأهمه ــا أن يك ــون س ــطح قطع ــة‬ ‫الزج ــاج بل ــون واح ــد‪ ،‬وم ــن املستحس ــن أن‬ ‫ـفافا‪ ،‬وأن تكــون القطعــة ذات ســطح‬ ‫يكــون شـ ً‬ ‫ـتو‪ ،‬كم ــا يج ــب تنظي ــف قطع ــة الزج ــاج‬ ‫مس ـ ٍ‬ ‫قبــل البــدء بالرســم‪ ،‬وأن تكــون فرشــاة الطــاء‬ ‫صغيــرة وذات رأس مدبــب ليكــون العمــل الفنــي‬

‫دقيق ــا"‪.‬‬ ‫وله ــذا الصن ــف م ــن الف ــن رواد عاملي ــون‪،‬‬ ‫أبرزه ــم الفنان ــة الروس ــية "ميلي ــكا ديمتروف ــا"‬ ‫الت ــي صمم ــت لوح ــات زجاجي ــة مبتك ــرة م ــن‬ ‫الفصــول األربعــة‪ ،‬اضافــة الــى الفنــان أرتانيــت‬ ‫ال ــذي اعتم ــد ف ــي أعمال ــه الفني ــة بالرس ــم عل ــى‬ ‫الك ــؤوس والحل ــي بتصامي ــم مس ــتوحاة م ــن‬ ‫الطبيعــة‪ ،‬فضــا عــن الفنانــة "دوبرييــا كويفــا"‬ ‫الت ــي رس ــمت لوح ــات جداري ــة م ــن الزج ــاج‬ ‫مس ــتوحاة م ــن الطبيع ــة ايض ــا‪.‬‬ ‫وانتشــر فــن الرســم علــى الزجــاج بشــكل واســع‬ ‫بع ــد ع ــام ‪ 2022‬وأصبح ــت فتي ــات م ــن كلي ــة‬ ‫الفنــون ومعهــد الفنــون الجميلــة يمارســن هــذه‬ ‫املهن ــة‪ ،‬غي ــر أن كثي ـرات يزاول ــن ف ــن الرس ــم‬ ‫علــى الزجــاج اعتمــادا علــى املوهبــة والتجــارب‪،‬‬

‫الجامع ــة الت ــي أعم ــل به ــا مجان ـ ًـا وبأس ــعار‬ ‫مناس ــبة لش ــريحة الطلب ــة"‪.‬‬ ‫وتلف ــت إل ــى أن ــه "اس ــتخدم األل ــوان املخصص ــة‬ ‫للزج ــاج والخش ــب والس ــيراميك"‪.‬‬ ‫ويتطل ــب الرس ــم عل ــى الزج ــاج زمن ـ ًـا يمت ــد‬ ‫إل ــى اي ــام وحت ــى أس ــابيع‪ ،‬بينم ــا ال تحت ــاج‬ ‫لوح ــات اخ ــرى س ــوى بض ــع دقائ ــق وذل ــك‬ ‫يعتم ــد عل ــى حج ــم اللوح ــة ومحتواه ــا‪ ،‬وف ــق‬ ‫تب ــارك‪ ،‬وتواص ــل خ ــال "الرس ــومات الس ــريعة‬ ‫كالنق ــش عل ــى الزج ــاج او كتاب ــة أس ــماء او‬ ‫رســم منظــر علــى خشــب‪ ،‬يمكــن للزبــون تســلم‬ ‫اللوحــة الزجاجيــة خــال دقائــق بعــد انجازهــا‬ ‫وتعريضه ــا للش ــمس واله ــواء حت ــى تج ــف"‪.‬‬

‫ويعك ــس ه ــذا الف ــن ذائق ــة فني ــة واجتماعي ــة‪،‬‬ ‫ويؤك ــد رغب ــة الفتي ــات باملش ــاركة ف ــي صن ــع‬ ‫الجم ــال والس ــام‪ ،‬فض ــا ع ــن كون ــه يوف ــر‬ ‫م ــوارد مالي ــة تس ــاعد الش ــباب عل ــى س ــد‬ ‫احتياجاته ــم الضروري ــة‪.‬‬ ‫ـجيعا‬ ‫وتلق ــى تج ــارب الرس ــم عل ــى الزج ــاج تش ـ ً‬ ‫م ــن الرس ــامين املحترفي ــن‪ ،‬ويوض ــح الفن ــان‬ ‫التشــكيلي كريــم جبــر فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫أن "تج ــارب الش ــباب وبحثه ــم ع ــن األعم ــال‬ ‫الفني ــة أم ــر إيجاب ــي‪ ،‬وتوج ــه الش ــباب نح ــو‬ ‫الرس ــم عل ــى الزج ــاج يعك ــس ق ــوة إرادته ــم‪،‬‬ ‫ـأن‬ ‫ألن ه ــذا الف ــن بحاج ــة ال ــى جه ــود كبي ــرة و ت ـ ٍ‬ ‫وصب ــر وان ــاة"‪.‬‬

‫«انخفاض إيرادات‬ ‫هذه المراكز يدفع‬ ‫أصحابها لتحويلها‬ ‫إلى مشاريع أخرى‬ ‫بحثاً عن الربح‪ ،‬مثل‬ ‫المدارس والكليات‬ ‫األهلية»‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪55 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫رمضان البغداديين يبدأ من الشورجة‪..‬‬

‫إقبال على التبضع للشهر الفضيل‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تس ــتعد س ــوق الش ــورجة وه ــي م ــن اكب ــر االس ــواق ف ــي‬ ‫العاصم ــة بغ ــداد الس ــتقبال ش ــهر رمض ــان املب ــارك‪ ،‬عب ــر‬ ‫توفيــرجميــع املــواد الغذائيــة و أنــواع مختلفــة مــن البهــارات‬ ‫واملطيبــات اضافــة الــى عــرض انتيــكات الزينــة الرمضانيــة‬ ‫الت ــي توض ــع ف ــي رك ــن املائ ــدة عن ــد اإلفط ــار‪.‬‬

‫ـاال مكثفـ ًـا مــن‬ ‫وتشــهد هــذه الســوق حاليـ ًـا اقبـ ً‬ ‫قب ــل املواطني ــن بالتزام ــن م ــع اقت ـراب ش ــهر‬ ‫رمض ــان املب ــارك‪ ،‬إذ يقب ــل املتبضع ــون عل ــى‬ ‫ش ـراء مختل ــف امل ــواد الغذائي ــة‪.‬‬ ‫تالم ــس روائ ــح التواب ــل والبه ــارات بش ــتى‬ ‫انواعهــا األنــوف وهــي تتصــدر واجهــات املحــال‬ ‫التجاري ــة‪.‬‬ ‫ويتجمه ــر الن ــاس ح ــول ه ــذه املح ــال‪ ،‬ك ــون‬ ‫البه ــارات تع ــد اساس ــية ف ــي إع ــداد وجب ــة‬ ‫"البريانــي" املعــروف لــدى العوائــل البغداديــة‪.‬‬ ‫وتتســارع وتيــرة اإلقبــال علــى ســوق الشــورجة‬ ‫لدرج ــة ال تس ــمح بامل ــرور بس ــهولة ج ـراء‬ ‫الزح ــام الش ــديد‪.‬‬ ‫وعل ــى مايب ــدو ف ــان ثم ــة اس ــتقرار نس ــبي ف ــي‬ ‫األســعار علــى الرغــم مــن الطلــب الشــديد علــى‬ ‫بع ــض امل ــواد الرئيس ــية ‪ ،‬إذ ل ــم يحص ــل حت ــى‬ ‫اآلن س ــوى ارتف ــاع طفي ــف ف ــي األس ــعار خالف ــا‬ ‫لألع ــوام الس ــابقة‪.‬‬ ‫يؤكــد البائــع عبــد الرضــا موحــان ‪ 44‬عامـ ًـا‪ ،‬ان‬ ‫البهــارات مــن أكثــر املــواد التــي يقبــل املواطنــون‬ ‫ـتعدادا لش ــهر رمض ــان‪،‬‬ ‫عل ــى ش ـرائها اس ـ‬ ‫ً‬ ‫ويبيــن فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬تتوفــر لدينــا‬ ‫ّ‬

‫أن ــواع مختلف ــة م ــن البه ــارات الت ــي تس ــتخدم‬ ‫ف ــي طبخ ــات متنوع ــة‪ ،‬ومنه ــا البه ــارات الح ــارة‬ ‫والبــاردة‪ ،‬وهــذه تســتخدم فــي طبخــة "البريانــي"‬ ‫الش ــائعة وهن ــاك به ــارات اخ ــرى تس ــتخدم‬ ‫للدج ــاج املقل ــي‪ ،‬وبه ــارات خاص ــة بالدومل ــة‬ ‫‪ ،‬وبه ــارات تس ــتخدم ف ــي إع ــداد الش ــوربة‬ ‫والحس ــاء وه ــي ضروري ــة للصائمي ــن‪.‬‬ ‫يلف ــت موح ــان‪ ،‬أن كث ــرة الطلب ــات عل ــى ش ـراء‬ ‫البهــارات لــم يــؤد الــى ارتفــاع اســعارها‪ ،‬بســبب‬ ‫وجــود خزيــن كبيــر فــي مخــازن الشــورجة بشــتى‬ ‫أنواعه ــا‪ ،‬وال توج ــد حاج ــة إل ــى اس ــتيراد املزي ــد‬ ‫منهــا‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن الحف ــاظ عل ــى ثب ــات أس ــعار امل ــواد‬ ‫الغذائي ــة واس ــتقرارها دون ارتف ــاع ف ــي ش ــهر‬ ‫رمضــان املبــارك أمــر إيجابــي للغايــة‪ ،‬ألن ذلــك‬ ‫يس ــمح للجمي ــع بش ـراء م ــا يحتاج ــون‪.‬‬ ‫ويأت ــي توج ــه املواطني ــن ال ــى س ــوق الش ــورجة‬ ‫بالتحدي ــد ألن ه ــذه الس ــوق توف ــر جمي ــع‬ ‫االحتياج ــات بالجمل ــة واملف ــرد‪ ،‬ل ــذا يقصده ــا‬ ‫املتبضع ــون وأصح ــاب املح ــال ومراك ــز‬ ‫التس ــوق االخ ــرى‪.‬‬ ‫تتص ــدر التم ــور وال ــرز والع ــدس ومس ــحوق‬

‫‪56‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪57 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫رمضان البغداديين يبدأ من الشورجة‪..‬‬

‫العصائــر املتنوعــة اضافــة الــى البهــارات قائمــة‬ ‫مبيع ــات الش ــورجة‪ ،‬ألن ه ــذه امل ــواد اساس ــية‬ ‫ف ــي املائ ــدة الرمضاني ــة‪.‬‬ ‫وف ــي الوق ــت ال ــذي ش ــهدت بع ــض امل ــواد ثبات ــا‬ ‫ف ــي أس ــعارها‪ ،‬إال أن بعضه ــا اآلخ ــر ش ــهد‬ ‫ارتفاعــا طفيفــا‪ ،‬يقــول عنــه مواطنــون أنــه لــن‬ ‫يؤث ــر كثي ـرا عل ــى الق ــدرة الش ـرائية‪.‬‬ ‫ينــوه املواطــن حســن حامــد الشــبلي ‪ 56‬عامــا‪،‬‬ ‫انــه فــي كل عــام يســتعد للتســوق مــن الشــورجة‬ ‫قبي ــل حل ــول ش ــهر رمض ــان بفت ــرة التزي ــد ع ــن‬ ‫عش ــرة أي ــام وال تق ــل ع ــن اس ــبوع‪ ،‬ويتح ــدث‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ان اس ــعار امل ــواد الغذائي ــة‬ ‫وبع ــض الل ــوازم الرمضاني ــة املهم ــة ترتف ــع ف ــي‬ ‫س ــوق الش ــورجة خ ــال ش ــهر رمض ــان‪ ،‬ألن‬ ‫الكثي ــر م ــن ه ــذه امل ــواد ينف ــذ بالطل ــب‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أنــه‪ ،‬يتســوق كافــة املــؤن الضروريــة‬ ‫الت ــي تكف ــي لش ــهر الصي ــام كاألرز والع ــدس‬ ‫والتم ــر وكل م ــا تحتاج ــه العائل ــة خ ــال ه ــذا‬ ‫الش ــهر‪.‬‬ ‫يؤك ــد الش ــبلي‪ ،‬أن أس ــعار بع ــض امل ــواد‬ ‫الغذائي ــة مات ـزال تحاف ــظ عل ــى اس ــتقرارها‬ ‫‪ ،‬بينم ــا ط ـرأ ارتف ــاع طفي ــف عل ــى بع ــض‬ ‫امل ــواد األخ ــرى‪ ،‬ولك ــن األس ــعار ترتف ــع أكث ــر‬ ‫كلم ــا اقت ــرب حل ــول الش ــهر الكري ــم ألن امل ــواد‬ ‫ـريعا واالزدح ــام يبل ــغ أش ــده‪ ،‬وه ــذا‬ ‫تنف ــد س ـ ً‬ ‫مايجعلن ــي اس ــتبق حل ــول الش ــهر م ــن اج ــل‬ ‫التس ــوق ‪.‬‬ ‫وتع ــرض اس ــواق الش ــورجة النش ــأ والكاس ــتر‬ ‫واملحلب ــي وتع ــد ه ــذه الحل ــوى األكث ــر ش ــيوعا‬ ‫ل ــدى البغداديي ــن‬ ‫وتوج ــد عل ــى ش ــكل مس ــاحيق معب ــأة بأكي ــاس‬ ‫نايل ــون بطع ــم مختل ــف كطع ــم الفراول ــة‬ ‫واملــوز وغيرهــا‪ ،‬وتتوفــر هــذه املــواد فــي املحــال‬

‫ول ــدى أصح ــاب العرب ــات‪.‬‬ ‫يق ــول البائ ــع محس ــن ه ــادي ‪ 60‬عام ــا‪ ،‬اعت ــاد‬ ‫الن ــاس عل ــى ش ـراء النش ــأ واملحلب ــي والكاس ــتر‪،‬‬ ‫كونهــا اكالت مفضلــة للصائميــن عنــد اإلفطــار‬ ‫والس ــحور‪.‬‬ ‫يؤك ــد ه ــادي ف ــي حي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ان‬ ‫س ــبب اقتن ــاء الن ــاس ه ــذه امل ــواد وغيره ــا م ــن‬ ‫س ــوق الش ــورجة‪ ،‬ال يع ــود فق ــط ألس ــعارها‬ ‫املناســبة‪ ،‬بــل األهــم مــن ذلــك ان جميــع املــواد‬ ‫ف ــي س ــوق الش ــورجة جدي ــدة وليس ــت مكدس ــة‬ ‫م ــن الع ــام املا�ض ــي‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن نفــاد املــواد هــو الــذي يــؤدي الــى‬ ‫ارتفــاع اســعارها فــي رمضــان‪.‬‬ ‫ووف ــق ه ــادي ف ــان كي ــس املس ــحوق الصغي ــر‬ ‫م ــن النش ــأ والكاس ــتر يبل ــغ س ــعره ألف ــي دين ــار‬ ‫وه ــو ذات الس ــعر ال ــذي كان س ــائدا خ ــال‬ ‫األش ــهر املاضي ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد مواطن ــون وج ــود ارتف ــاع ف ــي اس ــعار‬ ‫امل ــواد االساس ــية كال ــرز والزي ــت ‪.‬‬ ‫تق ــول املتبضع ــة س ــماء ط ــارق ‪ 31‬عام ـ ًـا‪ ،‬ان‬ ‫كيــس الــرز املتوســط ارتفــع إلــى ‪ 20‬ألــف دينــار‬ ‫بعــد أن يبــاع خــال الفتــرة الســابقة ب ـ ‪ 18‬ألــف‬ ‫دين ــار‪ ،‬كم ــا أن علب ــة الزي ــت الطع ــام تب ــاع‬ ‫حاليـ ًـا بــ‪ 3‬االف دينــار‪ ،‬بينمــا كانــت تبــاع بألفــي‬ ‫دين ــار فق ــط‪.‬‬ ‫تؤك ــد س ــماء‪ ،‬أن ــه عل ــى الرغ ــم م ــن أن ه ــذا‬ ‫االرتفــاع بســيطا ‪ ،‬اال انــه يؤثــر علــى محــدودي‬ ‫الدخ ــل والطبق ــات الفقي ــرة‪ ،‬فيم ــا تع ــرب‬ ‫ع ــن خش ــيتها م ــن تفاق ــم األس ــعار عن ــد حل ــول‬ ‫الش ــهر املب ــارك‪.‬‬ ‫ومــن أبــرز اســتعدادات ســوق الشــورجة لشــهر‬ ‫رمض ــان‪ ،‬ع ــرض مصابي ــح الزين ــة وانتي ــكات‬ ‫عل ــى ش ــكل اهل ــة وفواني ــس وطب ــل لتلبي ــة‬

‫حاج ــة املتبضعي ــن‪.‬‬ ‫ويض ــع البغدادي ــون ع ــادة ف ــي كل بي ــت رك ــن‬ ‫رمضان ــي ه ــذه االنتي ــكات‪ ،‬وه ــي م ــن الع ــادات‬ ‫البغدادي ــة املتج ــذرة‪.‬‬ ‫وباالضاف ــة ال ــى ذل ــك‪ ،‬ثم ــة انتي ــكات كبي ــرة‬ ‫تتزي ــن بمصابي ــح ليزري ــة يضعه ــا البع ــض عل ــى‬ ‫واجه ــة بيوته ــم او ف ــي غ ــرف االس ــتقبال دالل ــة‬ ‫عل ــى حل ــول ش ــهر رمض ــان‪.‬‬ ‫وتتصــدر االنتيــكات املختلفــة واجهــات املحــال‬ ‫فــي ســوق الشــورجة وبعضهــا متوفــر فــي عربــات‬ ‫الباعــة‪.‬‬ ‫تق ــول الش ــابة س ــاجدة الحس ــني ‪ 22‬عام ــا‪،‬‬ ‫ال غن ــى لن ــا ع ــن تزيي ــن البي ــت باالنتي ــكات‬ ‫الرمضانيــة واعتــادت العائلــة وضعهــا فــي زاويــة‬ ‫البيــت أجــواء روحانيــة وتشــجيع األطفــال علــى‬ ‫الص ــاة والتع ــرف ال ــى الش ــهر الفضي ــل‪.‬‬ ‫تش ــير س ــاجدة ف ــي حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫ان وج ــود االنتي ــكات الرمضاني ــة ف ــي البي ــوت‬ ‫يجعلن ــا نس ــتحضر أهمي ــة الش ــهر الكري ــم‪.‬‬ ‫وتن ــوه إل ــى أن االنتي ــكات الرمضاني ــة ال تق ــاوم‬ ‫ألكث ــر م ــن ع ــام واح ــد كونه ــا تتع ــرض للكس ــر‬ ‫ويتغي ــر لونه ــا‪ ،‬ل ــذا نج ــدد الش ـراء كل ع ــام م ــع‬ ‫اقت ـراب ش ــهر رمض ــان‪.‬‬ ‫بــدوره يؤكــد بائــع االنتيــكات الرمضانيــة صــاح‬ ‫كري ــم ‪ 30‬عام ــا‪ ،‬ان الفان ــوس الصغي ــر ال ــذي‬ ‫ـما لله ــال ف ــي نهاي ــة اح ــد طرفي ــه‬ ‫يض ــم رس ـ ً‬ ‫ه ــو االكث ــر طلب ــا م ــن امل ــواد الت ــي تزي ــن املائ ــدة‬ ‫الرمضاني ــة‪.‬‬ ‫يضيــف كريــم‪ ،‬ان ســبب ذلــك يعــود إلــى ثمنــه‬ ‫الــذي اليتجــاوز ‪ 10‬الــف دينــار‪ ،‬ويؤكــد وجــود‬ ‫انتي ــكات رمضاني ــة غالي ــة يتج ــاوز ثمنه ــا ال ــ‪25‬‬ ‫الــف دينــار‪ ،‬ويصــل بعضهــا الــى ‪ 50‬الــف دينــار‬ ‫وفقــا لحجمهــا ونوعهــا وجودتهــا‪.‬‬

‫سبب اقتناء الناس هذه‬ ‫المواد من الشورجة‪،‬‬ ‫ال يعود فقط ألسعارها‬ ‫المناسبة‪ ،‬بل األهم من‬ ‫ذلك ان جميع المواد‬ ‫في الشورجة جديدة‬ ‫وليست مكدسة من‬ ‫العام الماضي‪.‬‬

‫المتبضعة سماء طارق‪:‬‬ ‫" على الرغم من أن‬ ‫هذا االرتفاع في االسعار‬ ‫بسيطاً ‪ ،‬اال انه يؤثر‬ ‫على محدودي الدخل‬ ‫والطبقات الفقيرة‪ ،‬فيما‬ ‫تعرب عن خشيتها من‬ ‫تفاقم األسعار عند حلول‬ ‫الشهر المبارك‪".‬‬

‫‪58‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪59 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫زقورة عكركوف تتآكل‪ ..‬هل ينهار إرث السومريين بعد ‪ 3400‬عام من الصمود؟‬ ‫تكام ـ ًـا معماري ـ ًـا مذه ـ ًـا‪ ،‬لكنه ــا انتق ــدت اإلهم ــال‬ ‫الــذي تعانــي منــه بعــض املواقــع األثريــة العراقيــة"‪.‬‬ ‫وأوضح ــت الس ــائحة الفلس ــطينية‪ ،‬أن "ع ــدم‬ ‫االهتم ــام باملواق ــع التراثي ــة يع ــد إس ــاءة إل ــى تاري ــخ‬ ‫الع ـراق القدي ــم وإرث ــه اإلنس ــاني"‪ ،‬كم ــا ش ــددت‬ ‫علــى "أهميــة تطويــر البنيــة التحتيــة حــول الزقــورة‪،‬‬ ‫مث ــل بن ــاء فن ــادق‪ ،‬منتجع ــات‪ ،‬مطاع ــم وأس ــواق"‪.‬‬ ‫وختم ــت حديثه ــا قائل ــة إن "ع ــدم توف ــر ه ــذه‬ ‫الخدمــات يجعــل مــن الصعــب جــذب الســياح إلــى‬ ‫مواق ــع تاريخي ــة معزول ــة ف ــي عم ــق الصح ـراء"‪.‬‬ ‫مخاطر بيئية وزحف عمراني‬ ‫عل ــى م ــدى أكث ــر م ــن ‪ 3440‬عام ـ ًـا‪ ،‬ظل ــت زق ــورة‬ ‫عقرق ــوف صام ــدة‪ ،‬لكنه ــا الي ــوم تواج ــه تهدي ــدات‬ ‫بيئي ــة وزحف ـ ًـا عمراني ـ ًـا ق ــد يزي ــد م ــن تآكله ــا‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬أك ــد خبي ــر اآلث ــار عام ــر عب ــد‬ ‫ال ــرزاق‪ ،‬خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "اآلث ــار‬ ‫ـزءا أساسـ ًـيا مــن هويــة البــاد"‪،‬‬ ‫العراقيــة تشــكل جـ ً‬ ‫معرب ـ ًـا ع ــن "قلق ــه إزاء ع ــدم االهتم ــام الكاف ــي‬ ‫بحماي ــة ه ــذه املواق ــع"‪.‬‬ ‫وأضــاف عبــد الــرزاق‪ ،‬أن "التغيـرات املناخيــة أثــرت‬ ‫عل ــى جمي ــع املواق ــع األثري ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬ال س ــيما‬ ‫تل ــك املبني ــة م ــن اللب ــن والطي ــن املفخ ــور‪ ،‬إذ إن‬ ‫ه ــذه امل ــواد أكث ــر عرض ــة للتل ــف مقارن ــة باألحج ــار‬ ‫الصل ــدة"‪.‬‬ ‫ولف ــت إل ــى أن "األمط ــار والرطوب ــة والجف ــاف‬ ‫تس ــببت ف ــي ت ــآكل ارتف ــاع الزق ــورة‪ ،‬ال ــذي انخف ــض‬ ‫مــن ‪ 72‬متـ ًرا إلــى ‪ 52‬متـ ًرا‪ ،‬وســط مخــاوف مــن مزيــد‬ ‫م ــن الت ــآكل ف ــي الس ــنوات القادم ــة"‪.‬‬ ‫ويقت ــرح عب ــد ال ــرزاق‪ ،‬إنش ــاء س ــقيفة عمالق ــة أو‬ ‫صن ــدوق زجاج ــي لحماي ــة الزق ــورة م ــن تأثي ـرات‬ ‫الطق ــس والعوام ــل البيئي ــة‪.‬‬ ‫خطط ترميم لم تكتمل بعد‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫بين صمود التاريخ‬ ‫وتقلبات الزمن‪ ،‬تقف‬ ‫زقورة عكركوف‪/‬عقرقوف‬ ‫شاهدة على براعة الحضارة‬ ‫السومرية وعظمة وادي‬ ‫الر افدين‪ ،‬فمنذ أكثرمن‬ ‫‪ 3400‬عام‪ ،‬ارتفعت هذه‬ ‫التحفة املعمارية شامخة في‬ ‫قلب العراق‪ ،‬تحكي قصص‬ ‫امللوك واآللهة والتجارالذين‬ ‫مروا بها‪ ،‬لكنها اليوم تواجه‬ ‫خطرالتآكل بفعل التغيرات‬ ‫املناخية واإلهمال‪.‬‬

‫تقلص ــت "التحف ــة املعماري ــة"‪ ،‬م ــن ارتف ــاع بل ــغ ‪71‬‬ ‫مت ـ ًرا ف ــي أوج مجده ــا‪ ،‬إل ــى ‪ 57‬مت ـ ًرا فق ــط كم ــا ه ــو‬ ‫الحــال اآلن‪ ،‬وســط تحذيـرات الخبـراء مــن انهيــارات‬ ‫مس ــتقبلية إن ل ــم ُتتخ ــذ تدابي ــر عاجل ــة للحف ــاظ‬ ‫عليه ــا‪.‬‬ ‫وتق ــع الزق ــورة ف ــي منطق ــة أب ــو غري ــب بالعاصم ــة‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬ويع ــود تاري ــخ تأسيس ــها إل ــى الق ــرن الراب ــع‬ ‫عش ــر قب ــل املي ــاد‪ ،‬حي ــث كان ــت تع ــد عاصم ــة‬ ‫للكيش ــيين حت ــى فق ــدت أهميته ــا بس ــقوط تل ــك‬ ‫الس ــالة‪.‬‬ ‫تأثير "الزمن واملناخ"‬ ‫وأش ــار الباحث ــون‪ ،‬إل ــى أن "بغ ــداد كان ــت إح ــدى‬ ‫م ــدن جن ــوب ب ــاد وادي الرافدي ــن‪ ،‬وتق ــع الزق ــورة‬ ‫ـدا قــرب التقــاء نهــري دجلــة وديالــى‪ ،‬علــى بعــد‬ ‫تحديـ ً‬ ‫‪ 30‬كيلومت ـ ًرا غ ــرب مرك ــز بغ ــداد وخ ــال الق ــرن‬ ‫املا�ض ــي غمرته ــا املي ــاه‪ ،‬م ــا أدى إل ــى تحط ــم أج ـزاء‬ ‫منه ــا"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ووفق ــا للمنق ــب األث ــر جني ــد عام ــر حمي ــد‪ ،‬كان ــت‬ ‫ً‬ ‫الزقــورة مركـ ًزا تجاريـ ًـا لعــدة قــرون‪ ،‬تمــر بهــا قوافــل‬ ‫اإلبــل والتجــارة عبــر الطــرق القديمــة‪.‬‬ ‫وأض ــاف ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "موق ــع‬

‫زق ــورة عقرق ــوف جعله ــا وجه ــة مفضل ــة للنزه ــة‬ ‫بالنســبة للعوائــل البغداديــة‪ ،‬خاصــة أيــام الجمــع‬ ‫والعط ــل الرس ــمية"‪.‬‬ ‫وتابــع حميــد‪ ،‬قائـ ًـا "تــم بنــاء متحــف صغيــر قــرب‬ ‫الزقــورة فــي العــام ‪ 1960‬لتقديــم الخدمــات للــزوار‬ ‫والســائحين‪ ،‬وهــو مهمــل حاليـ ًـا‪ ،‬فــي حيــن كان قــرب‬ ‫ـببا فــي جعلهــا أكثــر اماكــن‬ ‫موقعهــا مــن العاصمــة سـ ً‬ ‫الع ـراق التراثيــة شــهرة فــي ذاك الوقــت"‪.‬‬ ‫زار الزق ــورة ألول م ــرة الع ــام ‪ 1837‬عال ــم اآلث ــار‬ ‫فرانس ــيس راودون تشيس ــيني‪ ،‬بينم ــا أجري ــت‬ ‫عملي ــات حف ــر وتنقي ــب بي ــن عام ــي ‪ 1942‬و‪1945‬‬ ‫بقي ــادة الباح ــث العراق ــي ط ــه باق ــر والباح ــث‬ ‫البريطانــي ســيتون لويــد‪ ،‬ضمــن تعــاون بيــن مديريــة‬ ‫اآلث ــار العام ــة العراقي ــة واملدرس ــة البريطاني ــة‬ ‫لآلث ــار‪ .‬وأس ــفرت تل ــك التنقيب ــات ع ــن اكتش ــاف‬ ‫أكث ــر م ــن ‪ 100‬ل ــوح مكت ــوب بالخ ــط املس ــماري‪.‬‬ ‫وف ــي ع ــام ‪ ،1970‬ت ــم تنفي ــذ مش ــروع إع ــادة بن ــاء‬ ‫ش ــمل الزق ــورة واملعاب ــد واملبان ــي العام ــة والت ــل‬ ‫ووفق ــا‬ ‫األبي ــض‪ ،‬ال ــذي كان يض ــم قص ـ ًرا كبي ـ ًرا‪ً ،‬‬ ‫لحمي ــد‪ ،‬كان ــت الزق ــورة تتأل ــف م ــن طبق ــات م ــن‬ ‫حصي ــر القص ــب ال ــذي يع ــزز هيكله ــا ويمنعه ــا م ــن‬

‫االنهي ــار‪ ،‬كم ــا عث ــر علم ــاء اآلث ــار العراقي ــون عل ــى‬ ‫مواق ــع أثري ــة أخ ــرى قريب ــة‪ ،‬مث ــل ت ــل أب ــو ش ــجر‪.‬‬ ‫تفاصيل البناء وأساليب الحماية‬ ‫تتميــز قلعــة عقرقــوف ببنــاء متقــن‪ ،‬إذ تحتــوي علــى‬ ‫طبقــات متراصــة مــن حصيــر القصــب‪ ،‬وتضــم بيــن‬ ‫كل ‪ 8‬أو ‪ 9‬لبنــات ثقوبـ ًـا كبيــرة تســاعد فــي التخلــص‬ ‫مــن الرطوبــة وحمايــة البنــاء مــن العوامــل الجويــة‪.‬‬ ‫ورغ ــم قيمته ــا التاريخي ــة‪ ،‬تعان ــي الزق ــورة اآلن م ــن‬ ‫اإلهم ــال ونق ــص الخدم ــات‪ ،‬م ــا أدى إل ــى تراج ــع‬ ‫أع ــداد الس ــائحين‪.‬‬ ‫فــي هــذا الســياق‪ ،‬قالــت الســائحة الفلســطينية ملــا‬

‫الحوران ــي صاحب ــة ال ـ ‪ 65‬عام ـ ًـا‪ ،‬إنه ــا زارت العدي ــد‬ ‫م ــن املواق ــع العراقي ــة خ ــال رحلته ــا‪ ،‬لك ــن زق ــورة‬ ‫عقرق ــوف لفت ــت انتباهه ــا بط ــرق بنائه ــا الفري ــدة‪.‬‬ ‫وأش ــارت الحوران ــي‪ ،‬خ ــال حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إل ــى أن "عملي ــات التحدي ــث والترمي ــم ربم ــا ل ــم‬ ‫تحافــظ علــى طابــع الزقــورة األصلــي بشــكل كامــل"‪،‬‬ ‫مؤك ــدة أن "الحض ــارة العراقي ــة واح ــدة م ــن أق ــدم‬ ‫الحض ــارات ف ــي العال ــم‪ ،‬وتعك ــس ق ــدرة اإلنس ــان‬ ‫عل ــى االبت ــكار والتط ــور املعم ــاري"‪.‬‬ ‫وبينــت الحورانــي‪ ،‬أن "زقــورة عقرقــوف ال تختلــف‬ ‫كثيـ ًرا عــن زقــورة أور الشــهيرة‪ ،‬إذ إن كالهمــا يمثــان‬

‫« التغيرات المناخية‬ ‫أثرت على جميع‬ ‫المواقع األثرية في‬ ‫العراق‪ ،‬ال سيما تلك‬ ‫المبنية من اللبن‬ ‫والطين المفخور‪ ،‬إذ‬ ‫إن هذه المواد أكثر‬ ‫عرضة للتلف مقارنة‬ ‫باألحجار الصلدة »‪..‬‬

‫ف ــي ع ــام ‪ ،2008‬وض ــع مس ــؤولون خطط ـ ًـا إلع ــادة‬ ‫تأهي ــل الزق ــورة‪ ،‬وف ــي ع ــام ‪ ،2013‬نف ــذت املديري ــة‬ ‫العام ــة لآلث ــار عملي ــات صيان ــة ضم ــن مش ــروع‬ ‫"بغ ــداد عاصم ــة الثقاف ــة العربي ــة"‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬ل ــم تش ــهد الزق ــورة من ــذ ذل ــك الحي ــن‬ ‫أي مش ــاريع ترمي ــم جدي ــدة‪ ،‬م ــا يت ــرك ه ــذا األث ــر‬ ‫التاريخ ــي الفري ــد عرض ــة ملزي ــد م ــن التده ــور‪.‬‬ ‫وتمث ــل زق ــورة عقرق ــوف تحف ــة معماري ــة تعك ــس‬ ‫عظم ــة الحض ــارات القديم ــة الت ــي قام ــت ف ــي ب ــاد‬ ‫الرافدي ــن‪ ،‬لكنه ــا الي ــوم تواج ــه خط ــر الت ــآكل‬ ‫والتدمي ــر بس ــبب العوام ــل املناخي ــة واإلهم ــال‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪61 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫فاتيكان الشرق ومعالم تاريخية‪..‬‬

‫خريطة مشاريع تثير الجدل‬ ‫في مدينة عراقية‬

‫ليست لالستثمار‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬ق ــال املتح ــدث باس ــم‬ ‫ش ــيوخ وعش ــائر تكري ــت‪ ،‬ج ــواد أحم ــد زي ــدان‪،‬‬ ‫إن "ش ــيوخ ووجه ــاء عش ــائر تكري ــت وأهله ــا‬ ‫يرفض ــون ويس ــتنكرون بأش ــد العب ــارات‬ ‫املخطط ــات الرامي ــة إل ــى اس ــتثمار أرض اآلب ــاء‬ ‫واألج ــداد أرض تكري ــت القديم ــة‪ ،‬تل ــك األرض‬ ‫الت ــي تحم ــل ف ــي طياته ــا تاري ــخ تكري ــت العري ــق‬ ‫وتراثه ــا األصي ــل الت ــي ه ــي ليس ــت مج ــرد أرض‪،‬‬ ‫ب ــل ه ــي ج ــزء م ــن هوي ــة أهله ــا الذي ــن عاش ــوا‬ ‫واحتفظ ــوا به ــا عب ــر األجي ــال‪ ،‬تل ــك األرض الت ــي‬ ‫ـاهدا علــى حقــب زمنيــة طويلــة تحمــل‬ ‫كانــت شـ ً‬ ‫معه ــا ذاك ــرة األجي ــال الس ــابقة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف زي ــدان ملجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬ف ــا يمك ــن‬ ‫أن تكــون أداة ملشــاريع اســتثمارية تهــدد هويتهــا‬ ‫وتفقده ــا قيمته ــا التاريخي ــة والتراثي ــة وتش ــوه‬ ‫معامله ــا وتاريخه ــا العري ــق‪ ،‬لذل ــك نج ــد إن ــه م ــن‬ ‫األفض ــل تحوي ــل ه ــذا امل ــكان إل ــى إرث تاريخ ــي‬ ‫يجم ــع بي ــن مختل ــف العص ــور واملراح ــل الت ــي‬ ‫م ــرت به ــا تكري ــت"‪.‬‬ ‫جامع بني عام ‪ 16‬للهجرة‬ ‫ويتاب ــع املتح ــدث باس ــم ش ــيوخ وعش ــائر‬ ‫تكري ــت‪ ،‬أن "إب ـراز أه ــم معامله ــا التاريخي ــة‬ ‫ومنه ــا قلع ــة تكري ــت ومرق ــد األربعي ــن والجام ــع‬ ‫الكبي ــر ال ــذي بن ــي ع ــام ‪ 16‬هجري ــة والكنيس ــة‬ ‫الخض ـراء الت ــي كان ــت تع ــد ثان ــي أكب ــر كنيس ــة‬ ‫فــي العالــم والجوامــع القديمــة األخــرى والتكايــا‬ ‫الدينيــة‪ ،‬إضافـ ًـة إلــى دواويــن العشــائر‪ ،‬وبذلــك‬ ‫ســتكون بمثابــة مركــز ثقافــي ودينــي يعــزز الهويــة‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫أثارت إحالة إدارة تكريت مركزمحافظة صالح‬ ‫الدين ‪ -‬القطعة املرقمة ‪ 1/1‬الحارة ‪ -‬والتي‬ ‫تشمل القصورالرئاسية ومجمع الكنيسة‬ ‫األقدم في العراق‪ ،‬والتي تشيرمصادرتاريخية إلى‬ ‫أن الكنيسة كانت بمثابة "فاتكيان العراق"‪ ،‬إلى‬ ‫"االستثمار" موجة رفض واسعة في العراق‪.‬‬

‫الحضاري ــة ويش ــجع الس ــياحة الثقافي ــة ف ــي‬ ‫املدين ــة ويعك ــس عمقه ــا التاريخ ــي والتن ــوع‬ ‫الحض ــاري ال ــذي ش ــكل ه ــذا امل ــكان عل ــى م ــر‬ ‫العص ــور"‪.‬‬ ‫ويؤكــد زيــدان‪ ،‬أن "شــيوخ العشــائر فــي تكريــت‬ ‫س ــوف يس ــتخدمون الوس ــائل القانوني ــة‬ ‫املتاح ــة كاف ــة بم ــا ف ــي ذل ــك االعت ـراض أم ــام‬

‫الجه ــات املختص ــة ملواجه ــة ه ــذا املش ــروع‬ ‫لوقفــه فــو ًرا‪ ،‬داعيـ ًـا الجهــات املعنيــة واملســؤولة‬ ‫إل ــى اتخ ــاذ موق ــف ح ــازم ض ــد ه ــذا املش ــروع‬ ‫"حفاظ ـ ًـا عل ــى تاريخن ــا وارتباطن ــا الروح ــي به ــذه‬ ‫األرض‪ ،‬وخاص ــة ضف ــاف نه ــر دجل ــة الخي ــر"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن ه ــذه األرض ليس ــت للبي ــع أو‬ ‫للتغييــر‪ ،‬بــل هــي تاريــخ وحضــارة تكريــت وأهلهــا‪،‬‬

‫ولــن نقبــل بــأي حــال مــن األحــوال املســاس بهــا"‪.‬‬ ‫مقر الفاتيكان‬ ‫وتش ــير املص ــادر التاريخي ــة إل ــى أن مدين ــة‬ ‫ّ‬ ‫تكريــت كانــت عبــارة عــن حصــن كبيــر يتموضــع‬ ‫ف ــوق ضف ــاف نه ــر دجل ــة‪ ،‬واش ــتهرت املدين ــة‬ ‫بوجــود الكنيســة الخض ـراء فيهــا والتــي تعــد مــن‬ ‫أقــدم الكنائــس فــي العالــم وال ت ـزال قائمــة علــى‬ ‫قمــة جبــل تكريــت الجنوبــي‪ ،‬وشــيدها فــي القــرن‬ ‫الس ــابع املي ــادي‪ ،‬ماروث ــا ب ــن حبي ــب التكريت ــي‪،‬‬ ‫الــذي شــاع ذكــره فــي عمــوم البــاد املســيحية‪ ،‬إذ‬ ‫اشــتهر بعلمــه‪ ،‬وإرشــاده‪ ،‬ومؤلفاتــه‪ ،‬كمــا اشــتهر‬ ‫باهتمام ــه الواس ــع ف ــي إقام ــة الكنائ ــس واألدي ــرة‬ ‫ف ــي الجزي ــرة الفراتي ــة وب ــاد الش ــرق‪.‬‬

‫«إبراز أهم معالمها‬ ‫التاريخية ومنها‬ ‫قلعة تكريت ومرقد‬ ‫األربعين والجامع‬ ‫الكبير الذي بني عام‬ ‫‪ 16‬هجرية والكنيسة‬ ‫الخضراء التي كانت‬ ‫تعد ثاني أكبر كنيسة‬ ‫في العالم والجوامع‬ ‫القديمة األخرى‬ ‫والتكايا الدينية »‪.‬‬

‫وكان ــت تكري ــت مرك ـ ًزا لكر�س ــي املش ــرق للديان ــة‬ ‫املس ــيحية وأق ــام فيه ــا املفارن ــة حت ــى الع ــام‬ ‫‪1272‬م‪ ،‬وبقيــت املدينــة مقـ ًرا للمفريانــات منــذ‬ ‫القــرن الســادس امليــادي وحتــى العــام ‪1164‬م‪.‬‬ ‫واملفارن ــة ه ــي كلم ــة س ــريانية م ــن مفريون ــو‪،‬‬ ‫وتعن ــي الرئي ــس الروح ــي وه ــي درج ــة أدن ــى م ــن‬ ‫البابوي ــة ف ــي مناص ــب الكنيس ــة‪.‬‬ ‫وف ــي العق ــد األخي ــر م ــن الق ــرن الخام ــس‬

‫‪62‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪63 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫فاتيكان الشرق ومعالم تاريخية ‪..‬‬

‫املي ــادي‪ ،‬حك ــم قب ــاذ ب ــن عزارس ــب الفار�س ــي‬ ‫املنطق ــة‪ ،‬فخل ــق نوع ـ ًـا م ــن البلبل ــة ف ــي مدين ــة‬ ‫تكريــت للســيطرة عليهــا‪ ،‬فهــدم بعــض الكنائــس‬ ‫واس ــتولى عل ــى كنيس ــة م ــار أحودام ــة (كب ــرى‬ ‫ـددا مــن‬ ‫كنائــس تكريــت)‪ ،‬ممــا دفــع مفارنتهــا وعـ ً‬ ‫أهله ــا إل ــى مغادرته ــا والذه ــاب ملدينت ــي بغ ــداد‬ ‫واملوص ــل‪.‬‬ ‫ويق ــول أح ــد املختصي ــن ف ــي تاري ــخ تكري ــت‪،‬‬ ‫محم ــد خلي ــل التكريت ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫"الحديــث عــن تحويــل القصــور الرئاســية التــي‬ ‫بناه ــا رئي ــس النظ ــام الس ــابق ص ــدام حس ــين‪،‬‬ ‫ام ــر مرف ــوض ل ــدى غالبي ــة أهال ــي تكري ــت‪،‬‬ ‫ك ــون األرض الت ــي أقمي ــت عليه ــا تح ــوي آث ــا ًرا‬ ‫مهمــة فهــي مميــزة وتقــع علــى ضفــاف نهــر دجلــة‬ ‫ويصــل ســعرها إلــى مليــارات الــدوالرات‪ ،‬لذلــك‬ ‫تحوليه ــا مرف ــوض جمل ــة وتفصي ـ ًـا"‪.‬‬ ‫ويلف ــت التكريت ــي‪ ،‬إل ــى أن "الكنيس ــة املوج ــودة‬ ‫بجان ــب القص ــور الرئاس ــية تعتب ــر واح ــدة م ــن‬ ‫أق ــدم كنائ ــس العال ــم وه ــي مق ــر الفاتي ــكان‬ ‫األول عل ــى األرض قب ــل فاتي ــكان إيطالي ــا‪،‬‬

‫وف ــي ع ــام ‪ 1994‬قام ــت مديري ــة اآلث ــار بترمي ــم‬ ‫وإعــادة بنــاء الكنيســة وفــق مواصفــات عامليــة‪،‬‬ ‫وإب ـراز معامله ــا‪ ،‬وأثن ــاء أعم ــال الصيان ــة عث ــر‬ ‫الفريــق التنقيبــي علــى صلبــان حجريــة وكتابــات‬ ‫ونق ــوش س ــريانية تع ــود لعه ــود قديم ــة"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "التنقيب ــات كش ــفت احت ــواء‬ ‫الكنيس ــة عل ــى قاع ــة كبي ــرة ف ــي أعل ــى الكنيس ــة‪.‬‬ ‫كم ــا عث ــر عل ــى س ــبعة كنائ ــس أخ ــرى ل ــم‬ ‫ـابقا بجواره ــا جام ــع كبي ــر وت ــم‬ ‫تستكش ــف س ـ ً‬ ‫ترميمــه أيضـ ًـا‪ ،‬وكذلــك عثــر علــى كنائــس أخــرى‬ ‫األولــى تجــاور قلعــة تكريــت والثانيــة بنيــت علــى‬ ‫أنقاضه ــا والثالث ــة تس ــمى كنيس ــة الش ــهيدين‬ ‫(س ــرجيوس وباخ ــوس) الذي ــن أعدمهم ــا‬ ‫الروم ــان ع ــام ‪307‬م ف ــي مدين ــة س ــرجيوليوس‬ ‫ف ــي س ــوريا"‪.‬‬ ‫وخل ــص التكريت ــي‪ ،‬إل ــى الق ــول‪ ،‬إن "معظ ــم‬ ‫الكنائــس فــي تكريــت دمــرت إبــان غــزو تيمورلنك‬ ‫ف ــي الق ــرن الراب ــع عش ــر املي ــادي‪ ،‬ووج ــود‬ ‫الكنيســة الخض ـراء كمقــر ومركــز دينــي ســابق‬

‫يعتب ــر م ــن أه ــم األم ــور الت ــي يمك ــن للحكوم ــة‬ ‫املحلي ــة االهتم ــام به ــا والس ــعي لتنش ــيط‬ ‫الجان ــب الس ــياحي ف ــي املدين ــة الت ــي تعان ــي م ــن‬ ‫الخ ـراب والدم ــار"‪.‬‬ ‫استنكار نيابي‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يس ــتنكر عض ــو مجل ــس الن ــواب‪،‬‬ ‫ش ــعالن الكري ــم‪ ،‬ع ــن تحوي ــل كنيس ــة تاريخي ــة‬ ‫ف ــي تكري ــت إل ــى اس ــتثمار عق ــاري‪.‬‬ ‫ويق ــول الكري ــم‪ ،‬للوكال ــة‪ ،‬إن "التج ــاوز عل ــى‬ ‫آث ــار ص ــاح الدي ــن مرف ــوض‪ ،‬وآخ ــر تل ــك‬ ‫التج ــاوزات ه ــي التج ــاوز عل ــى أرا�ض ــي (منطق ــة‬ ‫الح ــارة) ف ــي مدين ــة تكري ــت الت ــي تض ــم كنيس ــة‬ ‫تاريخي ــة تع ــود ملئ ــات الس ــنين‪ ،‬وأن تحوي ــل‬ ‫جنــس العقــار إلــى اســتثماري يعــد طمسـ ًـا لــإرث‬ ‫الحض ــاري للمدين ــة"‪.‬‬ ‫ويؤكــد‪" ،‬إننــا ســنقف بحــزم ضــد أي محــاوالت‬ ‫الس ــتغالل ه ــذه املواق ــع العريق ــة ملصال ــح‬ ‫ـخصيا م ــع الجه ــات‬ ‫ش ــخصية‪ ،‬وس ــنتابع ش ـ‬ ‫ً‬ ‫املعنيــة هــذا املوضــوع"‪ ،‬مبينـ ًـا فــي نهايــة حديثــه‬ ‫ـميا لكر�س ــي‬ ‫أن "مدين ــة تكري ــت كان ــت مق ـ ًرا رس ـ ً‬ ‫كنيس ــة املش ــرق ف ــي بداي ــة انتش ــار املس ــيحية‪،‬‬ ‫وكان ــت س ــلطتها منبس ــطة عل ــى أبرش ــيات‬ ‫املش ــرق‪ ،‬وق ــد احتفظ ــت املدين ــة بكر�س ــي‬

‫الكهنوتي ــة لق ــرون قب ــل انتقال ــه إل ــى املوص ــل"‪.‬‬ ‫"لم ُتحال لالستثمار"‬ ‫لك ــن رئي ــس مجل ــس محافظ ــة ص ــاح الدي ــن‪،‬‬ ‫ع ــادل الصميدع ــي‪ ،‬يق ــول إن "م ــا أثي ــر ح ــوال‬ ‫قي ــام مجل ــس محافظ ــة ص ــاح الدي ــن بإحال ــة‬ ‫املوق ــع ال ــذي يق ــع علي ــه القص ــور الرئاس ــية‬ ‫ف ــي القطع ــة املرقم ــة ‪ 1 /1‬غي ــر صحي ــح‪ ،‬ب ــل‬ ‫أن لجن ــة االس ــتثمار ف ــي مجل ــس ص ــاح الدي ــن‬ ‫أع ــدت خارط ــة لتنفي ــذ وإحال ــة املش ــاريع الت ــي‬ ‫يمك ــن للمجل ــس تنفيذه ــا ف ــي املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫ويؤكــد الصميدعــي‪ ،‬ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "مــا أثيــر‬ ‫غيــر صحيــح‪ ،‬وعقــد مجلــس املحافظــة جلســته‬ ‫املرقم ــة ‪ 26‬ملناقش ــة التوصي ــات الت ــي أقرته ــا‬ ‫لجنــة االســتثمار لغــرض تحويــل األرض حســب‬

‫التخص ــص لغ ــرض تنفي ــذ املش ــاريع‪ ،‬وكان‬ ‫ـتثماريا‪ ،‬ول ــم‬ ‫ـروعا اس ـ‬ ‫ً‬ ‫هن ــاك بح ــدود ‪ 56‬مش ـ ً‬ ‫يك ــن للجن ــة االس ــتثمار أي توصي ــة ف ــي إحال ــة‬ ‫القص ــور الرئاس ــية لالس ــتثمار‪ ،‬ك ــون ه ــذه‬ ‫املنطق ــة ممي ــزة وتق ــع عل ــى ضف ــاف نه ــر دجل ــة‪،‬‬ ‫ونعمــل علــى إظهــار صــاح الديــن بوجــه جديــد‬ ‫م ــن خ ــال تنفي ــذ مش ــاريع‪ ،‬ولك ــن القص ــور‬ ‫الرئاس ــية ل ــم تك ــن ضم ــن املش ــاريع الت ــي يت ــم‬ ‫املصادق ــة عليه ــا وإحالته ــا إل ــى االس ــتثمار"‪.‬‬ ‫وي ــرى‪ ،‬أن "لجن ــة االس ــتثمار ف ــي مجل ــس‬ ‫املحافظ ــة ال يمك ــن له ــا أن تناق ــش أو تحي ــل‬ ‫أي مش ــروع يض ــر أهال ــي تكري ــت‪ ،‬كم ــا أن أي‬ ‫مش ــروع يم ــر ف ــي سلس ــلة إج ـراءات حي ــث يت ــم‬ ‫تقديــم املشــروع ومــن ثــم التصويــت عليــه ومــن‬

‫عادل الصميدعي‪:‬‬ ‫«نعمل على إظهار‬ ‫صالح الدين بوجه‬ ‫جديد من خالل‬ ‫تنفيذ مشاريع‪ ،‬ولكن‬ ‫القصور الرئاسية لم‬ ‫تكن ضمن المشاريع‬ ‫التي يتم المصادقة‬ ‫عليها وإحالتها إلى‬ ‫االستثمار"»‪.‬‬

‫ث ــم ُيح ــال إل ــى هيئ ــة االس ــتثمار لغ ــرض إحالت ــه‬ ‫إل ــى املس ــتثمر والقطع ــة املرقم ــة ‪ 1/1‬الح ــارة‬ ‫والت ــي تض ــم القص ــور الرئاس ــية ل ــم ُتح ــال إل ــى‬ ‫االس ــتثمار"‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪65 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫ندرة ببغداد ووفرة في كوردستان‪..‬‬

‫تماثيل النساء العراقيات تترنح بين تخليد وتقصير‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تعد التماثيل والنصب التذكارية التي تعرض‬ ‫في املتاحف والساحات العامة‪ ،‬رموزا تخليدية‬ ‫للمبدعين واملناضلين‪ ،‬حيث تحرص األمم‬ ‫والشعوب دائما على االحتفاء برموزها على مر‬ ‫العصور‪ ،‬وال سيما من النساء اللواتي وضعن‬ ‫بصمتهن في صفحات التاريخ‪.‬‬

‫ويحف ــل الع ـراق بالعدي ــد م ــن الش ــخصيات‬ ‫النس ــائية الت ــي ثب ــت حضوره ــا العالم ــي ف ــي‬ ‫ميادي ــن العل ــم واألدب وش ــتى املع ــارف‪ ،‬لك ــن‬ ‫ثم ــة القلي ــل م ــن النص ــب والتماثي ــل تنتش ــر‬ ‫ف ــي ش ــوارع وس ــاحات العاصم ــة بغ ــداد‪ ،‬ومنه ــا‬ ‫تمثــال الشــاعرة نــازك املالئكــة بشــارع املتنبــي‪،‬‬ ‫وتمث ــال ش ــهرزاد ف ــي س ــاحة كهرمان ــة‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫ال ــى نص ــب ت ــذكاري للمعماري ــة زه ــا حدي ــد‪.‬‬ ‫وانش ــأ رئي ــس ش ــبكة االع ــام العراق ــي األس ــبق‬ ‫مجاه ــد اب ــو الهي ــل حديق ــة ال ــرواد داخ ــل‬ ‫الشــبكة وضمــت نصبــا لفكتوريــا نعمــان‪ ،‬وهــي‬ ‫أول مذيع ــة عراقي ــة‪ ،‬واملطرب ــة زه ــور حس ــين‪،‬‬ ‫واملعماري ــة زه ــا حدي ــد‪ ،‬واألخي ــر م ــن أعم ــال‬ ‫النح ــات حس ــنين جه ــاد‪.‬‬ ‫ووفقــا لـ»أبــو الهيــل»‪ ،‬فالعقليــة الذكوريــة وراء‬ ‫تغيي ــب النس ــاء املبدع ــات وع ــدم تكريمه ــن‬ ‫وتقديمه ــن ف ــي املحاف ــل الدولي ــة كنم ــوذج‬ ‫معرف ــي وإنس ــاني‪.‬‬ ‫«التفكــر امل ـرأة املعاصــرة»‪ ،‬يواصــل أبــو الهيــل‬ ‫ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪« ،‬باس ــتعادة تج ــارب‬ ‫ومواق ــف النس ــاء الس ــابقات ق ــدر اهتمامه ــا‬ ‫بتطوي ــر ذاته ــا وف ــرض وجوده ــا»‪.‬‬

‫ويضي ــف أن ــه «حي ــن فك ــرت بإنش ــاء حديق ــة‬ ‫ال ــرواد داخ ــل مق ــر الش ــبكة وإقام ــة نص ــب‬ ‫تذكاري ــة له ــم ومنه ــم نس ــاء ترك ــن بصمته ــن ف ــي‬ ‫الس ــاحة العراقي ــة‪ ،‬وطلب ــت أن يق ــام نص ــب‬ ‫ألول مذيع ــة عراقي ــة ولي ــس ألول مذي ــع‪،‬‬

‫وحرصــت علــى أن تضــم الحديقــة نســاء كانــت‬ ‫لهــن ســمات إبداعيــة متميــزة فــي الثقافــة والفــن‬ ‫واالدب واالع ــام»‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن «العقليــة الذكوريــة ّ‬ ‫غيبــت الكثيــر‬ ‫م ــن نس ــاء كان يج ــدر أن يخل ــدن بتماثي ــل‬

‫ـزءا‬ ‫ونصــب فــي الســاحات العامــة باعتبارهــن جـ ً‬ ‫حيوي ــا م ــن هوي ــة الع ـراق وتاريخ ــه»‪.‬‬ ‫وبالقي ــاس النتش ــار النص ــب والتماثي ــل‬ ‫الذكوري ــة ليس ــت هن ــاك م ــن حص ــة للنس ــاء‬ ‫باس ــتثناء أع ــداد قليل ــة تقتص ــر عل ــى تمث ــال‬

‫واح ــد فق ــط ف ــي بع ــض املحافظ ــات بينم ــا ال‬ ‫توج ــد أي ــة تماثي ــل نس ــائية ف ــي ع ــدد آخ ــر م ــن‬ ‫املحافظ ــات‪.‬‬ ‫وف ــي محافظ ــة البص ــرة هن ــاك تمث ــال لس ــيدة‬ ‫كانــت تعمــل مدرســة‪ ،‬تعرضــت لحــادث انفجــار‬

‫ســيارة مفخخــة كان قريبـ ًـا منهــا حيــن كانــت تقــود‬ ‫س ــيارتها ف ــي ع ــام ‪ 2016‬واش ــتعلت به ــا الن ــار‬ ‫وأحرق ــت ثيابه ــا فأخذه ــا الحي ــاء ول ــم تغ ــادر‬ ‫الس ــيارة حت ــى قض ــت احتراق ـ ًـا‪ ،‬فأطل ــق الن ــاس‬ ‫عليهــا شــهيدة العفــة والشــرف وأقيــم لهــا تمثــال‬ ‫يخلــد موقفهــا بســاحة الطيـران وســط البصــرة‪.‬‬ ‫وثم ــة تمث ــال يمث ــل امل ـرأة الس ــومرية ف ــي ذي ق ــار‬ ‫وآخ ــر للم ـرأة امليس ــانية‪ ،‬فض ــا ع ــن تمث ــال‬ ‫«أم س ــوادي» ال ــذي ت ــم إنش ــاؤه ع ــام ‪2000‬‬ ‫بمحافظ ــة الديواني ــة تكريم ــا للم ـرأة الفراتي ــة‪،‬‬ ‫ويبل ــغ ارتفاع ــه ‪ 23‬مت ـ ًرا ويع ــد أكب ــر تمث ــال ف ــي‬ ‫املحافظ ــة‪ ،‬ش ــيده النح ــات رم ــزي كاظ ــم‪.‬‬ ‫بي ــد أن النص ــب التذكاري ــة عل ــى قلته ــا ف ــي‬ ‫املحافظ ــات لكنه ــا تثي ــر ج ــدال بي ــن األوس ــاط‬ ‫االجتماعي ــة‪ ،‬وه ــي بي ــن مؤي ــد ومع ــارض‪.‬‬ ‫ويق ــول األكاديم ــي ف ــي جامع ــة ذي ق ــار محم ــد‬ ‫ـدال فــي‬ ‫حريــب إن تمثــال املـرأة الســومرية أثــار جـ ً‬ ‫املحافظ ــة‪ ،‬وهن ــاك م ــن يطال ــب برفع ــه‪.‬‬ ‫ووفــق حريــب ثمــة تحفظــات دينيــة واجتماعيــة‬ ‫عل ــى إقام ــة النص ــب والتماثي ــل وخاص ــة‬ ‫النس ــوية منه ــا ف ــي املحافظ ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن «الش ــعوب طامل ــا‬ ‫خل ــدت ش ــخصيات إبداعي ــة ونضالي ــة‬ ‫واحتفظ ــت وخل ــدت املواق ــف اإلنس ــانية‬ ‫والوطني ــة للجنس ــين‪ ،‬لكنن ــا ف ــي الع ـراق مازلن ــا‬ ‫نعان ــي انقس ــام اآلراء به ــذا الخص ــوص‪ ،‬وق ــد‬ ‫يتج ــاوز الخ ــاف اآلراء ليص ــل ال ــى مس ــتوى‬ ‫العن ــف‪ ،‬خاص ــة خ ــال االحتف ــاالت واملراس ــيم‬ ‫الديني ــة‪ ،‬وه ــذا م ــا تخش ــاه اإلدارة املحلي ــة ف ــي‬ ‫املحافظ ــة وتح ــذر من ــه»‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬أن «تمث ــال امل ـرأة الس ــومرية ال يمث ــل‬ ‫العهــد الجديــد للعـراق وال يمجــد مواقــف نســاء‬ ‫معاص ـرات ف ــي النض ــال خ ــال عه ــد النظ ــام‬ ‫الس ــابق‪ ،‬ب ــل ه ــو مج ــرد إحال ــة إل ــى حقب ــة‬ ‫قديم ــة‪ ،‬وبدورن ــا نتس ــاءل ع ــن س ــبب إغف ــال‬ ‫النس ــاء املعاص ـرات واملبدع ــات ف ــي املدين ــة‬ ‫وع ــدم االلتف ــات له ــن»‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪67 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫تماثيل النساء العراقيات تترنح بين تخليد وتقصير‬

‫ويش ــير إل ــى أن ــه «ثم ــة تجرب ــة أخ ــرى أكث ــر‬ ‫قس ــوة‪ ،‬وه ــي أن ــه ال يطل ــق اس ــم مب ــدع م ــن‬ ‫األحي ــاء عل ــى الش ــوارع والس ــاحات‪ ،‬وال تق ــام‬ ‫النصــب والتماثيــل للمبدعيــن إال بعــد موتهــم‪،‬‬ ‫وه ــذه مش ــكلة يج ــب أن تلتف ــت اليه ــا الجه ــات‬ ‫املس ــؤولة ف ــي املحافظ ــة‪ ،‬وأن يتبن ــى الفنان ــون‬ ‫ـاال جداري ــة ومنحوت ــات‬ ‫والنحات ــون أعم ـ ً‬ ‫تمج ــد املبدعي ــن ف ــي املحافظ ــة م ــن دون تميي ــز‬ ‫للجن ــس»‪.‬‬ ‫وتعل ــل وزارة الثقاف ــة ش ــح النص ــب والتماثي ــل‬ ‫ال ــى قل ــة التخصيص ــات املالي ــة‪،‬‬ ‫حي ــث يق ــول املتح ــدث باس ــم‬ ‫ال ــوزارة احم ــد العلي ــاوي‪ ،‬إن‬ ‫«عمــل التماثيــل يحتــاج إلــى كلــف‬ ‫مالي ــة كبي ــرة ال طاق ــة لل ــوزارة‬ ‫به ــا»‪.‬‬ ‫ويشــير فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‬ ‫إل ــى «ع ــدم وج ــود إحصائي ــة‬ ‫بع ــدد التماثي ــل والنص ــب ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬غي ــر أن معنيي ــن أك ــدوا‬ ‫وج ــود ‪ 41‬تمث ــاال ف ــي العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬لي ــس بينه ــم م ــن النس ــاء‬ ‫إال ع ــدد ال يتج ــاوز أصاب ــع‬ ‫الك ــف الواح ــدة»‪.‬‬ ‫غي ــر أن األم ــر يختل ــف ف ــي اقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان‪ ،‬فالنس ــاء هن ــاك‬ ‫أوف ــر حظ ـ ًـا م ــن ه ــذه الناحي ــة‬ ‫م ــن نس ــاء وس ــط وجن ــوب الع ـراق‪.‬‬ ‫ـاال مل ـرأة كوردي ــة مش ــهورة‬ ‫وهن ــاك ‪ 120‬تمث ـ ً‬ ‫أقيم ــت داخ ــل س ــوق واح ــد ه ــو «داون ت ــاون»‬ ‫ف ــي أربي ــل‪ ،‬ال ــذي يع ــد أح ــد األس ــواق العصري ــة‬ ‫ف ــي املحافظ ــة‪ ،‬ويتمي ــز الس ــوق بوج ــود ع ــدد‬ ‫كبي ــر م ــن تماثي ــل النس ــاء س ــاهم بإنش ــائها ‪40‬‬ ‫نحات ـ ًـا‪.‬‬ ‫أمــا تمثــال «امل ـرأة رمــز الســام والحيــاة» الــذي‬ ‫يق ــع مقاب ــل مط ــار اربي ــل وال ــذي أزي ــح الس ــتار‬ ‫عن ــه الع ــام ‪ 2019‬ضم ــن مراس ــم خاص ــة‪.‬‬ ‫والتمث ــال مصن ــوع م ــن م ــادة الفايب ــر كالس‬ ‫الت ــي تتحم ــل أق�س ــى الظ ــروف الجوي ــة‪ ،‬وت ــم‬ ‫طلي ــه بالل ــون األبي ــض ال ــذي ي ــدل عل ــى النق ــاء‬

‫والصف ــاء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫جس ــد التمث ــال فت ــاة تحم ــل بيده ــا اليس ــرى‬ ‫وي ِّ‬ ‫جــرة مليئــة باملــاء للتعبيــر عــن اســتمرار الحيــاة‪،‬‬ ‫فيمــا تــم توجيــه التمثــال إلــى الشــرق بمــا يعنــي‬ ‫أن امل ـرأة دائم ـ ًـا تنظ ــر إل ــى األف ــق واملس ــتقبل‪.‬‬ ‫ويق ــول أحم ــد الذهب ــي‪ ،‬الباح ــث ف ــي الش ــأن‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬إن «املجتمــع اليعطــي للمـرأة حقهــا‬ ‫فه ــل ه ــو تقصي ــر م ــن وزارة الثقاف ــة عندم ــا‬ ‫نتح ــدث ع ــن امل ـرأة تب ــدع وتنج ــز وتس ــتحق ان‬ ‫يصن ــع له ــا تمث ــاال أو معلم ــا حضاري ــا؟»‪.‬‬

‫وقب ــل فت ــرة دش ــنت مدين ــة س ــنجار تمث ــال «األم‬ ‫كولــي» وهــي األم االيزيديــة التــي تصــدت ملجرمــي‬ ‫داعــش والتــي حــاول ســبيها مــع طفلهــا وعــدد مــن‬ ‫النســاء وقتلــت أمي ـ ًرا فــي التنظيــم املتشــدد‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الذهب ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن «هن ــاك‬ ‫تقصي ـ ًرا ف ــي وض ــع التماثي ــل للم ـرأة العراقي ــة‬ ‫املبدع ــة املنج ــزة يج ــب أن تك ــون هن ــاك نظ ــرة‬ ‫للم ـرأة تعك ــس ثقاف ــة مجتم ــع متط ــور يض ــع‬ ‫كل م ــن تس ــتحق ف ــي خان ــه الخل ــود عب ــر اقام ــة‬ ‫التماثي ــل والنص ــب له ــن»‪.‬‬

‫ويتاب ــع الذهب ــي‪« :‬تعتب ــر امل ـرأة العراقي ــة ف ــي‬ ‫كل أحواله ــا الحياتي ــة والعلمي ــة والثقافي ــة‬ ‫ـرقا لألب ــداع ف ــي كل نواح ــي الحي ــاة‬ ‫نموذج ــا مش ـ ً‬ ‫لإلبــداع والقــدرة علــى االبتــكار وإيجــاد الحلــول‬ ‫للمش ــكالت»‪.‬‬ ‫ويضي ــف الذهب ــي‪ ،‬أن «االنفت ــاح واملكان ــة الت ــي‬ ‫تتمت ــع به ــا امل ـرأة الكوردي ــة وتقب ــل املجتم ــع‬ ‫ـانا‪ ،‬جع ــل الجه ــات الفني ــة‬ ‫له ــا بوصفه ــا إنس ـ ً‬ ‫ـدادا كبي ــرة‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫تق‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫والرس ــمية ف ــي اإلقل‬ ‫ً‬ ‫م ــن التماثي ــل لنس ــاء دافع ــن ع ــن القضي ــة‬ ‫الكورديــة‪ ،‬ومنهــن مبدعــات فــي الشــعر واالدب‪،‬‬ ‫وتخليده ــن يعن ــي وضعه ــن ف ــي اإلط ــار الطبيع ــي‬ ‫ملس ــار األم ــور»‪.‬‬

‫فيم ــا يح ــاول نحات ــون إب ـراء س ــاحتهم ع ــن‬ ‫التقصيــر فــي إنتــاج تماثيــل تخلــد النســاء بعــدم‬ ‫تكليفه ــم وتمويله ــم م ــن اي جه ــة رس ــمية‪.‬‬ ‫ويق ــول النح ــات والرس ــام حس ــن عب ــد ال ــرزاق‪،‬‬ ‫ان انت ــاج التمث ــال بحاج ــة إل ــى زم ــن وم ــواد‬ ‫ومبال ــغ كبي ــرة‪.‬‬ ‫ويؤكــد فــي حديثــه للوكالــة‪ ،‬أن «مــن غيــر املعقول‬ ‫ـواال طائل ــة عل ــى إنت ــاج‬ ‫أن يص ــرف النح ــات ام ـ ً‬ ‫تمث ــال دون تكلي ــف م ــن جه ــة‪ ،‬ألن التمث ــال‬ ‫ســيبقى مجــرد تحفــة تزيــن املــكان وليــس غيــر»‪.‬‬ ‫ويواص ــل‪« :‬أكث ــر م ــن م ــرة تقدمن ــا ال ــى الجه ــات‬ ‫املعنيــة إلقامــة بعــض نصــب تذكاريــة ملبدعــات‬ ‫ايمانـ ًـا منــا بــدور الفــن فــي تخليــد األثــر اإلنســاني‪،‬‬ ‫لكننــا لــم نتلــق الــرد االيجابــي»‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪68‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪69 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الكاسيت ببغداد ‪...‬‬

‫ماض ال يموت في عصر الموسيقى الرقمية‬ ‫ٍ‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫رغ ــم التط ــور التكنولوج ــي‬ ‫السريـ ـ ـ ــع فـ ـ ـ ــي عالـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم‬ ‫املوسيقى‪ ،‬ال تزال أشرطة‬ ‫ـحرا‬ ‫الكاس ــيت تحم ــل س ـ ً‬ ‫خاص ـ ًـا يحي ــي الذكري ــات‬ ‫ف ــي نف ــوس الكثيري ــن‪.‬‬

‫فه ــذه األش ــرطة‪ ،‬الت ــي كان ــت يوم ـ ًـا الوس ــيلة‬ ‫املفضل ــة لالس ــتماع إل ــى األغان ــي واملوس ــيقى‪،‬‬ ‫ـزءا م ــن تاري ــخ الش ــخصيات‬ ‫ال ت ـزال تش ــكل ج ـ ً‬ ‫والعائ ــات‪ ،‬وتحم ــل ف ــي طياته ــا لحظ ــات‬ ‫ـزءا م ــن‬ ‫عاطفي ــة ومواق ــف حي ــاة كان ــت ج ـ ً‬ ‫حق ــب زمني ــة مض ــت‪.‬‬ ‫يق ــول تاج ــر األش ــرطة‪ ،‬صب ــاح الس ــوداني‪،‬‬ ‫الــذي يمتلــك محـ ًـا فــي بغــداد منــذ ‪ 45‬عامـ ًـا‪ ،‬إن‬ ‫"الن ــاس ال يزال ــون يقبل ــون عل ــى ش ـراء أش ــرطة‬ ‫الكاســيت ملــا تحملــه مــن ذكريــات وأحاســيس‪،‬‬ ‫وخصوص ـ ًـا عندم ــا يتعل ــق األم ــر باألغان ــي الت ــي‬ ‫كان ــت تص ــدح ف ــي تل ــك الفت ــرة"‪.‬‬ ‫وف ــي متج ــره ال ــذي يض ــم أكث ــر م ــن ‪ 250‬أل ــف‬ ‫ش ــريط كاس ــيت‪ ،‬يع ــرض الس ــوداني أغان ــي‬ ‫عراقي ــة وعربي ــة وأجنبي ــة‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى‬ ‫أشــرطة نــادرة لفنانيــن مثــل إبراهيــم تاتليســس‪،‬‬ ‫ممــا يجــذب الزبائــن الذيــن يحنــون إلــى املا�ضــي‬ ‫و يبحثــون عــن اســتعادة تلــك األوقــات الثمينــة‪.‬‬ ‫ورغــم التحــول الكبيــر نحــو املوســيقى الرقميــة‪،‬‬ ‫يؤك ــد الس ــوداني‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه ال ي ـزال‬ ‫يب ــذل أق�ص ــى جه ــوده للحف ــاظ عل ــى أش ــرطة‬ ‫الكاس ــيت الت ــي تمث ــل "ال ــروح واملش ــاعر"‪،‬‬ ‫مشــي ًرا إلــى أن هــذه األشــرطة توفــر "فيضـ ًـا مــن‬ ‫األصال ــة والش ــعور والحني ــن" ال توف ــره ط ــرق‬

‫االس ــتماع الحديث ــة م ــن الهوات ــف املحمول ــة‪.‬‬ ‫ويضي ــف الس ــوداني‪ ،‬أن "اس ــتماعك إل ــى‬ ‫املوس ــيقى م ــن ش ــريط كاس ــيت يعي ــد إلي ــك‬ ‫ذكري ــات العالق ــات القديم ــة واألصدق ــاء‬ ‫واألوق ــات الت ــي ال تن�س ــى"‪.‬‬ ‫ويســتذكر الســوداني ذكرياته في الســبعينيات‪،‬‬ ‫حيــث كان يتجــول مــع أصدقائــه حامليــن جهــاز‬ ‫تش ــغيل الكاس ــيت‪ ،‬يس ــتمعون إل ــى األغان ــي ف ــي‬ ‫الشــوارع‪.‬‬ ‫ويض ــم متج ــره ف ــي بغ ــداد‪ ،‬أش ــرطة لت ــاوات‬ ‫الق ـرآن الكري ــم األصلي ــة‪ ،‬مم ــا يب ــرز تن ــوع‬ ‫اهتماماتــه فــي تقديــم مــا ير�ضــي جميــع األذواق‪.‬‬ ‫م ــن ناحي ــة أخ ــرى‪ ،‬يش ــير الس ــوداني إل ــى أن‬

‫س ــوق أش ــرطة الكاس ــيت ف ــي بغ ــداد ق ــد تغي ــر‬ ‫بش ــكل ملح ــوظ ف ــي الس ــنوات األخي ــرة‪ ،‬حي ــث‬ ‫أصب ــح العدي ــد م ــن األش ــخاص يقصدون ــه‬ ‫ـدال م ــن بيعه ــا‪ ،‬خاص ــة‬ ‫لش ـراء األش ــرطة ب ـ ً‬ ‫بع ــد أن أصب ــح نش ــاطه التج ــاري حاض ـ ًرا عل ــى‬ ‫مواق ــع التواص ــل االجتماع ــي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وعل ــى الرغ ــم م ــن أن الكثيري ــن يعتق ــدو أن‬ ‫أش ــرطة الكاس ــيت ق ــد اندث ــرت تمام ـ ًـا‪ ،‬إال‬ ‫أن اإلقب ــال عليه ــا م ــا ي ـزال قوي ـ ًـا‪ ،‬له ــذا‪ ،‬تظ ــل‬ ‫الكاســيتات الصوتيــة شــاهدة علــى زمــن م�ضــى‪،‬‬ ‫وتحم ــل بي ــن نغماته ــا ذكري ــات وأحاس ــيس ال‬ ‫يمك ــن أن تح ــل محله ــا التكنولوجي ــا الحديث ــة‪.‬‬

‫"أشرطة الكاسيت تمثل الروح‬ ‫والمشاعر‪ ،‬وتوفر فيضاً من األصالة‬ ‫والشعور والحنين ال توفره طرق‬ ‫االستماع الحديثة من الهواتف‬ ‫المحمولة"‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪71 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫عزوف ومخالفات‪ ..‬لماذا يتهرب القطاع الخاص‬

‫من تطبيق قانون التقاعد والضمان االجتماعي؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫من ــذ تش ــريعه ف ــي مجل ــس الن ــواب ف ــي الع ــام ‪ ،2023‬يس ــير تطبي ــق قان ــون "التقاع ــد والضم ــان‬ ‫األجتماع ــي" بخط ــوات بطيئ ــة وخجول ــة‪ ،‬ف ــي ظ ــل تحدي ــات تعت ــرض طري ــق تنفي ــذه م ــن الجان ــب‬ ‫الحكوم ــي والقط ــاع الخ ــاص عل ــى ح ــد س ــواء‪.‬‬ ‫وتواجــه الفــرق الرقابيــة صعوبــات فــي التأكــد مــن‬ ‫إدراج العم ــال واملوظفي ــن ف ــي القط ــاع الخ ــاص‬ ‫ضم ــن صن ــدوق التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي‬ ‫مــن قبــل أربــاب العمــل‪ ،‬حيــث أظهــرت الزيــارات‬ ‫التفتيش ــية للمعام ــل واملصان ــع والش ــركات‬ ‫الخاص ــة أن كثي ـ ًرا م ــن املؤسس ــات ل ــم تلت ــزم‬ ‫بتس ــجيل موظفيه ــا‪.‬‬ ‫الضرائب جزء من األزمة‬ ‫يع ــد ع ــزوف أصح ــاب العم ــل ع ــن تس ــجيل‬ ‫العم ــال ف ــي صن ــدوق التقاع ــد مخالف ــة قانوني ــة‬

‫صريح ــة‪ ،‬وفق ـ ًـا مل ــا أك ــده س ــتار دنب ــوس ب ـراك‪،‬‬ ‫رئي ــس اتح ــاد نقاب ــات العم ــال‪ ،‬ال ــذي أش ــار‬ ‫إل ــى أن "ع ــدم الت ـزام أرب ــاب العم ــل بتس ــديد‬ ‫مس ــتحقات العم ــال ف ــي الصن ــدوق ي ــؤدي إل ــى‬ ‫إحالته ــم إل ــى محكم ــة العم ــل‪ ،‬والت ــي ق ــد تص ــدر‬ ‫بحقه ــم ق ـرارات بف ــرض غرام ــات مالي ــة أو‬ ‫عقوب ــات بالس ــجن"‪.‬‬ ‫وفــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬يضيــف دنبــوس‪ ،‬أن‬ ‫ـدا ملتابع ــة‬ ‫"اتح ــاد نقاب ــات العم ــال يس ــعى جاه ـ ً‬ ‫ظ ــروف العم ــال ف ــي القط ــاع الخ ــاص لتطبي ــق‬

‫قان ــون الضم ــان ال ــذي يرع ــى ظروفه ــم ويحق ــق‬ ‫أهدافه ــم املش ــروع ف ــي التقاع ــد والضم ــان"‪،‬‬ ‫مبين ـ ًـا أن "القان ــون م ــازال يواج ــه تحدي ــات‬ ‫عديــدة‪ ،‬فكثيــر مــن أربــاب العمــل ال يســتجيبون‬ ‫لتطبي ــق القان ــون ويتهرب ــون من ــه"‪.‬‬ ‫ال يس ــتطيع االتح ــاد متابع ــة جمي ــع العاملي ــن‬ ‫ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬وال ــكالم لدنب ــوس‪،‬‬ ‫بســبب قلــة الكــوادر مقارنــة باملعامــل واملصانــع‬ ‫والش ــركات وغيره ــا‪ ،‬لك ــن االتح ــاد م ــازال يعم ــل‬ ‫م ــن أج ــل ال ـزام القط ــاع الخ ــاص بحماي ــة‬

‫العامليــن وإدراجهــم بقانــون التقاعــد والضمــان‬ ‫االجتما ع ــي‪.‬‬ ‫ورغ ــم ه ــذه العقوب ــات‪ ،‬ال ي ـزال العدي ــد م ــن‬ ‫أرب ــاب العم ــل يرفض ــون تس ــجيل عماله ــم‪،‬‬ ‫ومنه ــم عل ــي الس ــامرائي صاح ــب ال ـ ‪ 32‬عام ـ ًـا‬ ‫وال ــذي يمل ــك أس ــواق جمل ــة ف ــي منطق ــة بغ ــداد‬ ‫الجديــدة‪ ،‬الــذي قــال فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫إن "الســبب الرئيــس وراء امتناعــه عــن تســجيل‬ ‫‪ 12‬عامـ ًـا يعملــون لديــه هــو األعبــاء الضريبيــة‬ ‫الكبي ــرة الت ــي تق ــع عل ــى عات ــق صاح ــب العم ــل‪،‬‬ ‫حي ــث ُيطل ــب من ــه دف ــع املبال ــغ بأث ــر رجع ــي من ــذ‬ ‫تاري ــخ فت ــح األس ــواق وتس ــجيل االس ــم التج ــاري‬ ‫والقي ــد التج ــاري‪ ،‬وه ــو م ــا يش ــكل عبئ ـ ًـا مالي ـ ًـا‬ ‫كبي ـ ًرا"‪.‬‬ ‫وكان رئي ــس مجل ــس ال ــوزراء محم ــد ش ــياع‬ ‫الس ــوداني‪ ،‬أعل ــن ف ــي الع ــام ‪ ،2023‬دخ ــول‬ ‫قان ــون التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي للعم ــال‬ ‫ف ــي القط ــاع الخ ــاص حي ــز التنفي ــذ‪ ،‬بع ــد أن‬ ‫ص ــوت مجل ــس الن ــواب العراق ــي علي ــه‪ ،‬ف ــي ش ــهر‬ ‫أي ــار م ــن نف ــس الع ــام‪ ،‬ف ــي خط ــوة وصفته ــا‬ ‫الحكوم ــة بأنه ــا أساس ــية ضم ــن اإلصالح ــات‬ ‫االقتصادي ــة الت ــي وع ــدت به ــا‪ ،‬وضم ــان حق ــوق‬

‫العاملي ــن ف ــي ه ــذا القط ــاع‪.‬‬ ‫ضعف استجابة العمال‬ ‫ل ــم يقتص ــر الع ــزوف ع ــن تطبي ــق القان ــون عل ــى‬ ‫أرب ــاب العم ــل فق ــط‪ ،‬ب ــل يش ــمل أيض ـ ًـا بع ــض‬ ‫العم ــال الذي ــن يرفض ــون تس ــجيل أس ــمائهم ف ــي‬ ‫صن ــدوق التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي‪ ،‬عل ــى‬ ‫الرغ ــم م ــن فوائ ــده املس ــتقبلية‪.‬‬ ‫وترج ــع أس ــباب رف ــض العم ــال إل ــى انخف ــاض‬ ‫رواتبه ــم‪ ،‬حي ــث تق ــول أنف ــال عب ــد هللا‪ ،‬صاحب ــة‬ ‫ال ـ ‪ 30‬عام ـ ًـا‪ ،‬والت ــي تعم ــل ف ــي إح ــدى منظم ــات‬ ‫املجتم ــع املدن ــي‪ ،‬إن "الروات ــب الت ــي نتقاضاه ــا‬ ‫تت ـراوح بي ــن ‪ 350‬إل ــى ‪ 400‬أل ــف دين ــار كح ــد‬ ‫أق�ص ــى‪ ،‬وإذا ت ــم خص ــم مبل ــغ م ــن الرات ــب‪،‬‬ ‫فذل ــك يثق ــل كاهلن ــا‪ ،‬ألن دخلن ــا مح ــدود أص ـ ًـا‬ ‫وال يكف ــي لس ــد النفق ــات الضروري ــة"‪.‬‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬يوضــح أحمــد حســن صاحــب ال ـ ‪22‬‬ ‫عام ـ ًـا‪ ،‬ال ــذي يعم ــل مندوب ـ ًـا ف ــي إح ــدى الش ــركات‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "بع ــض العم ــال يحاول ــون‬ ‫إقن ــاع أصح ــاب العم ــل بتس ــجيلهم ف ــي صن ــدوق‬ ‫التقاع ــد‪ ،‬إال أن ال ــرد غالب ـ ًـا م ــا يك ــون بالرف ــض‪،‬‬ ‫خشــية الضرائــب اإلضافيــة التــي قــد تترتــب علــى‬ ‫ذل ــك"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "رئي ــس الش ــركة الت ــي يعم ــل به ــا‬ ‫اقت ــرح أن يق ــوم املندوب ــون بالتس ــجيل ضم ــن‬ ‫آلي ــة الضم ــان االجتماع ــي االختي ــاري‪ ،‬إال أن ‪5‬‬ ‫فق ــط م ــن أص ــل ‪ 18‬مندوب ـ ًـا وافق ــوا عل ــى ذل ــك‪،‬‬ ‫بس ــبب محدودي ــة العوائ ــد الش ــهرية"‪.‬‬ ‫وف ــي الع ــام املا�ض ــي‪ ،‬ق ــال مدي ــر الحماي ــة‬ ‫االجتماعي ــة ف ــي منظم ــة العم ــل الدولي ــة‪ ،‬إيغ ــور‬ ‫بوس ــك‪ ،‬إن "قان ــون الضم ــان االجتماع ــي ف ــي‬ ‫الع ـراق يضم ــن الحف ــاظ عل ــى حق ــوق العم ــال‬ ‫واملرون ــة االقتصادي ــة له ــم"‪ ،‬فيم ــا ع ــد س ــن‬ ‫القانــون ب ـ "خطــوة تاريخيــة" نحــو حمايــة العمــال‬ ‫وتحقي ــق العدال ــة االجتماعي ــة‪.‬‬ ‫إجراءات حكومية ضد املخالفين‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬يق ــول املتح ــدث باس ــم وزارة‬ ‫العم ــل والش ــؤون االجتماعي ــة‪ ،‬نج ــم العقاب ــي‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "ال ــوزارة تتاب ــع تطبي ــق‬ ‫قان ــون التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي بش ــكل‬ ‫مســتمر"‪ ،‬مشــي ًرا إلــى أن "محكمــة العمــل تفــرض‬ ‫غرامــات ماليــة أو تصــدر قـرارات بالحبــس بحــق‬ ‫املخالفي ــن الذي ــن تحيله ــم ال ــوزارة إل ــى القض ــاء"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع العقاب ــي‪ ،‬قائ ـ ًـا "ال يح ــق ألرب ــاب العم ــل‬ ‫تس ــريح أي عام ــل إال بموافق ــة خاص ــة م ــن وزي ــر‬ ‫ـددا عل ــى أن "ال ــوزارة تتاب ــع تنفي ــذ‬ ‫العم ــل"‪ ،‬مش ـ ً‬

‫القانــون بالتنســيق مــع الســلطة التشــريعية‪ ،‬مــن‬ ‫خ ــال زي ــارات تفتيش ــية للمؤسس ــات الخاص ــة‪،‬‬ ‫إال أن بعــض أصحــاب العمــل يكتفــون بتســجيل‬ ‫أقاربه ــم فق ــط ف ــي صن ــدوق الضم ــان‪ ،‬مم ــا‬ ‫يعكــس تهربـ ًـا واضحـ ًـا مــن االلتزامــات القانونيــة"‪.‬‬ ‫ويضيــف العقابــي‪ ،‬أن "الــوزارة تســتقبل شــكاوى‬ ‫العم ــال غي ــر املس ــجلين‪ ،‬وتعم ــل عل ــى إرس ــال‬ ‫مفتش ــين للتحق ــق م ــن ه ــذه الح ــاالت وإل ـزام‬ ‫الش ــركات بتطبي ــق القان ــون"‪.‬‬ ‫وس ــبق أن أش ــار مجل ــس الن ــواب العراق ــي عب ــر‬ ‫موقعــه الرســمي إلــى أن "القانــون يهــدف لشــمول‬ ‫أوســع للعامليــن فــي القطاعــات الثالثــة (الخــاص‬ ‫واملختل ــط والتعاون ــي)‪ ،‬وأن كل عراق ــي س ــيكون‬ ‫مش ــموال بقان ــون العم ــل لضم ــان حي ــاة كريم ــة‬ ‫للعم ــال وعائالته ــم"‪.‬‬ ‫أرقام وإحصائيات رسمية‬ ‫بحس ــب وزارة العم ــل والش ــؤون االجتماعي ــة‪،‬‬ ‫ف ــإن ع ــدد العم ــال املس ــجلين ف ــي صن ــدوق‬ ‫التقاعــد والضمــان االجتماعــي تجــاوز ‪ 400‬ألــف‬ ‫ـدا ع ــن الع ــدد‬ ‫ش ــخص‪ ،‬وه ــو رق ــم ال ي ـزال بعي ـ ً‬ ‫الكل ــي للعاملي ــن ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يق ــدر بأكث ــر م ــن ‪ 6‬ماليي ــن عام ــل‪ ،‬وفق ـ ًـا لعض ــو‬ ‫اتح ــاد نقاب ــات العم ــال س ــميرة ناص ــر‪.‬‬ ‫وتشــير ناصــر‪ ،‬خــال حديثهــا ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إلــى‬ ‫أن "الــوزارة أتاحــت روابــط إلكترونيــة للتســجيل‬ ‫االختي ــاري ف ــي الضم ــان االجتماع ــي‪ ،‬إال أن ع ــدد‬ ‫املتقدمي ــن ل ــم يتج ــاوز ‪ 10‬آالف ش ــخص حت ــى‬ ‫اآلن"‪.‬‬ ‫ودع ــت وس ــائل اإلع ــام‪ ،‬إل ــى "تكثي ــف حم ــات‬ ‫التوعي ــة لتحفي ــز العم ــال عل ــى التس ــجيل ف ــي‬ ‫صن ــدوق التقاع ــد االجتماع ــي‪ ،‬به ــدف ضم ــان‬ ‫ـتقبليا"‪.‬‬ ‫حقوقه ــم مس ـ‬ ‫ً‬ ‫وبحســب قانــون التقاعــد والضمــان االجتماعــي‪،‬‬ ‫يتــم اســتقطاع ‪ 5%‬مــن أجــر العامــل املضمــون‪،‬‬ ‫ُوتدخ ــل ه ــذه النس ــبة بش ــكل كام ــل ف ــي حس ــاب‬ ‫ضم ــان التقاع ــد‪ ،‬كم ــا يعف ــى العام ــل م ــن دف ــع‬ ‫ُ‬ ‫أي اش ــتراكات ع ــن ف ــروع الضم ــان األخ ــرى‪ ،‬مم ــا‬ ‫يجع ــل القان ــون أكث ــر مالءم ــة للعاملي ــن‪.‬‬ ‫ورغ ــم ذل ــك‪ ،‬ال ت ـزال التحدي ــات قائم ــة‪ ،‬م ــا‬ ‫بي ــن امتن ــاع أصح ــاب العم ــل ع ــن التس ــجيل‬ ‫خش ــية الضرائ ــب‪ ،‬وع ــزوف بع ــض العم ــال‬ ‫ع ــن االش ــتراك ف ــي الصن ــدوق بس ــبب محدودي ــة‬ ‫ـودا حكومي ــة ونقابي ــة‬ ‫رواتبه ــم‪ ،‬مم ــا يتطل ــب جه ـ ً‬ ‫أكب ــر لضم ــان تطبي ــق القان ــون بش ــكل ش ــامل‬ ‫وحماي ــة حق ــوق العاملي ــن ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪73 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الكالب السائبة‪..‬‬

‫تهديد حقيقي في العراق والحل بالتجربة التركية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫لــم يكــن العامــل عدنــان حســن يعلــم ان يكــون ذلــك اليــوم مختلفــا فــي حياتــه عــن األيــام‬ ‫األخ ــرى‪ ،‬وكالع ــادة خ ــرج مبك ـ ًـرا ول ــم ينبل ــج عم ــود الفج ــربع ــد‪ ،‬بغي ــة الوص ــول ف ــي وق ــت‬ ‫مناس ــب للحص ــول عل ــى عم ــل بمس ــطر العم ــال ف ــي منطق ــة الب ــاب الش ــرقي بالعاصم ــة‬ ‫بغ ــداد‪.‬‬

‫وحيــن كان يفكــربالعمــل لســد احتياجــات أســرته‬ ‫وه ــو يح ــث الخط ــى‪ ،‬هاجم ــه دون س ــابق إن ــذار‬ ‫كل ــب س ــائب‪ ،‬ول ــم يترك ــه قب ــل أن يعض ــه ويت ــرك‬ ‫ندب ــة كبي ــرة عل ــى س ــاقه‪ ،‬وب ــدل الحص ــول عل ــى‬ ‫العم ــل ذه ــب حس ــن ال ــى املستش ــفى ليس ــعف‬ ‫نفســه مــن عضــة الكلــب‪ ،‬تحــدث ملجلــة «فيلــي»‪.‬‬ ‫وتمث ــل ال ــكالب الس ــائبة ف ــي ضواح ــي العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد خط ــرا حقيقي ـ ًـا عل ــى املواطني ــن‪ ،‬وخاص ــة‬ ‫األطف ــال والتالمي ــذ الذي ــن تع ــرض كثي ــر منه ــم‬ ‫لهج ــوم م ــن كالب س ــائبة‪.‬‬ ‫وتنتش ــر ال ــكالب ع ــادة ف ــي املناط ــق الش ــعبية‬ ‫وبالق ــرب م ــن مك ــب النفاي ــات ‪،‬وبعضه ــا ي ــؤذي‬ ‫ويهاج ــم عل ــى حي ــن غفل ــة‪.‬‬ ‫تحركات متضاربة‬ ‫وبي ــن االج ــراءات الحكومي ــة بقت ــل ال ــكالب‬ ‫واعتراضــات املنظمــات املعنيــة بالرفــق بالحيــوان‬ ‫عل ــى ذل ــك‪ ،‬ال يل ــوح ف ــي األف ــق أي ح ــل يتو اف ــق‬

‫علي ــه الطرف ــان‪.‬‬ ‫ويعت ــرض العدي ــد م ــن املواطني ــن ف ــي مو اق ــع‬ ‫التواص ــل االجتماع ــي عل ــى طريق ــة القت ــل "غي ــر‬ ‫الرحيم ــة" ل ــكالب الش ــوارع وتنطل ــق حم ــات‬ ‫بي ــن الحي ــن واآلخ ــر تطال ــب بإيق ــاف القت ــل به ــذه‬ ‫الطريق ــة وإيج ــاد حل ــول‪.‬‬ ‫ق‬ ‫ورك ــزت املنظم ــات املعني ــة بحق ــو الحي ــوان‪،‬‬ ‫علــى اهميــة إبعــاد االذى عــن املواطنيــن مــن دون‬ ‫تعري ــض ال ــكالب إل ــى القت ــل أو اإلب ــادة‪.‬‬ ‫ووف ــق ه ــذا املنطل ــق‪ ،‬قال ــت رئيس ــة منظم ــة‬ ‫رفق ــة األكاديمي ــة‪ ،‬آالء كري ــم‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إن "ال ــكالب مخلوق ــات اليفي ــة تؤن ــس اإلنس ــان‬ ‫وتمنح ــه طاق ــة إيجابي ــة"‪.‬‬ ‫وأوضح ــت كري ــم‪ ،‬أن "ال ــكالب تتكاث ــر بش ــكل‬ ‫س ــريع ومضاع ــف بعم ــر م ــن ‪ 7‬ال ــى ‪ 10‬أش ــهر‬ ‫وبامكانه ــا الت ــزاوج مرتي ــن ف ــي الع ــام وتنج ــب نح ــو‬ ‫ـروا‪ ،‬وه ــذا األم ــر يتس ــبب بأزم ــة تس ــتحق‬ ‫‪ 12‬ج ـ ً‬

‫املعالج ــة"‪.‬‬ ‫غزو للمدن‬ ‫وأش ــارت إل ــى أن "التغي ــرات البيئي ــة والجف ــاف‬ ‫والتصح ــر دف ــع ال ــكالب إل ــى الن ــزوح إل ــى داخ ــل‬ ‫امل ــدن‪ ،‬ويس ــاعد وج ــود النفاي ــات الت ــي توف ــر‬ ‫طعامــا للــكالب فــي زيــادة أعدادهــا‪ ،‬وهــذه مشــكلة‬ ‫تحت ــاج ال ــى ح ــل"‪.‬‬ ‫ورأت كري ــم‪ ،‬أن "ط ــرق املعالج ــة التقليدي ــة‬ ‫املتبعــة غيــرإنســانية وغيــرحضاريــة‪ ،‬وتعــد نوعــا‬ ‫م ــن العن ــف املجتمع ــي‪ ،‬فيج ــب التعام ــل م ــع‬ ‫ال ــكالب بط ــرق رحيم ــة وال يج ــوز قتله ــا"‪.‬‬ ‫إخصاء الكالب‬ ‫ول ــم تخ ــف آالء كري ــم‪ ،‬مخاوفه ــا م ــن خط ــورة‬ ‫ـوال‬ ‫ال ــكالب الس ــائبة وانتش ــارها‪ ،‬و اقترح ــت حل ـ ً‬ ‫للح ــد منه ــا‪ ،‬ووج ــدت أن الح ــل األمث ــل يكم ــن‬ ‫ف ــي الح ــد م ــن تكاث ــر ال ــكالب م ــن خ ــال تعقيمه ــا‬ ‫وتطعيمهــا وهــو مشــروع يشــبه التجربــة التركيــة‪،‬‬

‫ويعن ــي التطعي ــم (اخص ــاء ال ــكالب) للح ــد م ــن‬ ‫تكاثره ــا‪ ،‬فيم ــا يجع ــل التعقي ــم ال ــكالب هادئ ــة‬ ‫وتتوف ــر بط ــرق آمن ــة‪.‬‬ ‫ولفت ــت كري ــم‪ ،‬إل ــى أن وج ــود ال ــكالب ض ــروري‬ ‫م ــن اج ــل الت ــوازن البيئ ــي‪ ،‬وان الحل ــول االنف ــة‬ ‫محمي ــة م ــن الناحي ــة القانوني ــة‪ ،‬وبموج ــب‬ ‫ـما ورقمـ ًـا‬ ‫التطعيــم والتعقيــم يتــم منــح الكلــب اسـ ً‬ ‫والتوجي ــه بع ــدم التع ــرض لل ــكالب الت ــي تحم ــل‬ ‫ه ــذه العالم ــات"‪.‬‬ ‫وتابعــت بالقــول‪" :‬تــم فــي منظمــة رفقــة إنجــاز‪50‬‬ ‫حال ــة تطعي ــم وتعقي ــم لل ــكالب‪ ،‬وت ــم بع ــد ذل ــك‬ ‫اطالقه ــا ف ــي الش ــارع دون خط ــر عل ــى اآلخري ــن"‪.‬‬ ‫ضحايا‬ ‫وتس ــببت اع ــداد ضحاي ــا ال ــكالب الس ــائبة‬ ‫وخاصــة فــي صفــوف االطفــال والتالميــذ‪ ،‬باتخــاذ‬ ‫إج ــراءات حكومي ــة الع ــام املا�ض ــي‪ ،‬س ــيطرت‬ ‫خالله ــا ف ــرق وزارة الداخلي ــة عل ــى نح ــو ‪ 4‬آالف‬

‫أو اكث ــر م ــن ال ــكالب الس ــائبة خ ــال ش ــهر واح ــد‬ ‫باعتم ــاد قتله ــا ببن ــادق صي ــد‪.‬‬ ‫وتتع ــارض ه ــذه االج ــراءات م ــع توجه ــات‬ ‫املنظم ــات املعني ــة بالرف ــق بالحي ــوان‪ ،‬ووف ــق‬ ‫مدي ــر الش ــرطة املجتمعي ــة بمحافظ ــة النج ــف‬ ‫ضي ــاء زوي ــن‪ ،‬ف ــإن كثي ـ ًـرا م ــن منظم ــات الرف ــق‬ ‫بالحيــوان التتعــاون بموضــوع الــكالب وهــو بحــد‬ ‫ذات ــه موض ــوع ش ــائك‪.‬‬ ‫وأض ــاف خ ــال حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬إل ــى أن عل ــى‬ ‫املنظم ــات ان تك ــون داعم ــة لتوجه ــات وزارة‬ ‫الداخلي ــة ف ــي إنق ــاذ حي ــاة املواطني ــن م ــن خط ــر‬ ‫ال ــكالب الس ــائبة‪.‬‬ ‫ـلوبا‬ ‫تس ــتخدم بع ــض املنظم ــات وف ــق زوي ــن أس ـ ً‬ ‫مكلف ـ ًـا‪ ،‬يق ــول زوي ــن ‪،‬ياخ ــذون ال ــكالب إلج ــراء‬ ‫عملي ــة عق ــم له ــا‪ ،‬اال ان ه ــذه الطريق ــة مكلف ــة‬ ‫اذتت ــراوح كلف ــة عق ــم كل ــب واح ــد م ــن ‪175‬‬ ‫ال ــف ال ــى ‪ 250‬ال ــف دين ــار‪ ،‬اضافةال ــى املتابع ــة‬

‫والعالج ــات‪ ،‬وتض ــع املنظم ــات "بارك ــود" للكل ــب‬ ‫كــي اليتمالتع ــرض ل ــه‪.‬‬ ‫تق ــف الش ــرطة املجتمعي ــة م ــع منظم ــات الرف ــق‬ ‫بالحي ــوان وتح ــث الطلبةوالتالمي ــذ عل ــى الرف ــق‬ ‫به ــا وتقدي ــم الطع ــام له ــا وع ــدم ضربه ــا يؤك ــد‬ ‫زوي ــن ‪ ،‬اال ان بع ــض ال ــكالب تش ــكل عبئ ــا عل ــى‬ ‫املواطــن مايدعــو الــى البحــث عنحلــول و اقعيــة‪.‬‬ ‫برامج البيطرة‬ ‫وتض ــع دائ ــرة البيط ــرة التابع ــة ل ــوزارة الزراع ــة‬ ‫ـنويا برنامجـ ًـا ملعالجةالــكالب الســائبة‪ ،‬يعتمــد‬ ‫سـ ً‬ ‫عل ــى قت ــل ال ــكالب او تس ــممها‪.‬‬ ‫وق ــال مص ــدر مس ــؤول بدائ ــرة البيط ــرة‪ ،‬خ ــال‬ ‫حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪" :‬يتــم تزويــد املستشــفيات‬ ‫البيطري ــة بخراطي ــش لبن ــادق صي ــد به ــدف قت ــل‬ ‫ال ــكالب الس ــائبة أو نس ــتخدم أحيان ـ ًـا م ــادة‬ ‫االس ــتركنين الت ــي ت ــؤدي ال ــى وف ــاة ال ــكالب خ ــال‬ ‫س ــاعة او س ــاعتين‪.‬‬ ‫وأكــد أن قانــون الصحــة الحيوانيــة الــذي شــرع‬ ‫عــام ‪ 2013‬رفــع مســؤولية التخلــص مــن الــكالب‬ ‫الس ــائبة م ــن دائ ــرة البيط ــرة ومستش ــفياتها‪،‬‬ ‫وألق ــى مس ــؤولية ذل ــك عل ــى عات ــق املحافظ ــات‬ ‫بعده ــا ت ــم إيق ــاف الص ــرف املال ــي ملكافح ــة‬ ‫ال ــكالب م ــن ‪ 2013‬وحت ــى ‪ 2022‬ع ــاد الص ــرف‬ ‫املال ــي م ــن جدي ــد وه ــذه الس ــنين زادت أعداده ــم‬ ‫ـدا ألنه ــم س ــريعي التكاث ــر‪.‬‬ ‫بطريق ــة مهول ــة ج ـ ً‬ ‫وبحس ــب املص ــدر‪ ،‬ف ــإن كل محافظ ــة تش ــكل‬ ‫لجنــة برئاســة املحافــظ وعضويــة دوائــرالصحــة‬ ‫والبيط ــرة والش ــرطة والبلدي ــة للتخل ــص م ــن‬ ‫ال ــكالب‪ ،‬لك ــن املحافظ ــات ومنه ــا بغ ــداد تتل ــكأ‬ ‫ف ــي التخل ــص م ــن ال ــكالب ع ــن طري ــق القت ــل‬ ‫لتعارضهــا مــع منظمــات املجتمــع املدنــي‪ ،‬ولعــدم‬ ‫وجــود منفــذ للصــرف املالــي للقضــاء عليهــا تحــت‬ ‫عن ــوان "كالب س ــائبة"‪.‬‬ ‫تداخل جراحي‬ ‫وثمــة طــرق أخــرى للقضــاء علــى الــكالب الســائبة‪،‬‬ ‫ومنه ــا اس ــتخدام العملي ــات الجراحي ــة لعق ــم‬ ‫الذكــورواإلنــاث مــن الــكالب‪ ،‬لكــن هــذه العمليــة‬ ‫تتطلــب جهــدا بســبب صعوبــة اإلمســاك بالكلــب‪.‬‬ ‫ويب ــدو ان الح ــل الو اقع ــي له ــذه املش ــكلة يكم ــن‬ ‫بانش ــاء مراك ــزإلي ــواء ال ــكالب خ ــارج امل ــدن ويت ــم‬ ‫فصــل الذكــورعــن اإلنــاث لضمــان عــدم التكاثــر‪،‬‬ ‫مثلمــا قامــت حكومــة إقليــم كوردســتان بإنشــاء‬ ‫مركــزإليــواء الــكالب ولــم تتضــح بعــد نتائــج هــذه‬ ‫التجرب ــة‪ ،‬ألن ت ــرك ال ــكالب س ــائبة داخ ــل امل ــدن‬ ‫ينــذربمخاطــرصحيــة علــى االنســان‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪2025‬‬ ‫الحادية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫العدد ‪254‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2024‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون االول‪-‬ديسمبر‬ ‫الحادية‬ ‫العدد ‪252‬‬

‫"طفلة المتنبي"‪..‬‬ ‫موهبة أدبية مبكرة تناضل إلثبات نفسها‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫فــي زاويــة مــن شــارع املتنبــي بقلــب العاصمــة بغــداد‪ ،‬وســط زحــام‬ ‫املثقفي ــن ومحب ــي الكت ــب‪ ،‬تق ــف ام ــرأة تع ــرض مؤلف ــات ابنته ــا‪،‬‬ ‫كاش ــفة ع ــن موهب ــة أدبي ــة ن ــادرة بزغ ــت ف ــي عم ــرمبك ــر‪.‬‬

‫«تواجه حنان صراعًا مع أصحاب المكتبات‪،‬‬ ‫الذين يضايقهم وجودها في شارع المتنبي‬ ‫بسبب شعبيتها بين الطالب والقراء‪ ،‬الذين‬ ‫باتوا يلقبونها بـ "طفلة المتنبي"»‬

‫"حن ــان حس ــن" فت ــاة عراقي ــة تبل ــغ م ــن العم ــر‬ ‫‪ 14‬عامـ ًـا‪ ،‬بــدأت الكتابــة والتأليــف فــي ســن ‪12‬‬ ‫عامـ ًـا‪ ،‬لتصبــح واحــدة مــن الحــاالت االســتثنائية‬ ‫فــي عالــم األدب‪ ،‬حيــث أنجــزت حتــى اآلن ثمانيــة‬ ‫كتــب‪ ،‬فيمــا ال ي ـزال كتابهــا التاســع قيــد الطبــع‪.‬‬ ‫موهبة مبكرة وتوجيه اسري‬ ‫ُتع ــد الكتاب ــة املبك ــرة حال ــة ن ــادرة‪ ،‬إذ تحت ــاج‬ ‫إلــى االطــاع واملعرفــة والتجربــة الحياتيــة‪ ،‬لكــن‬ ‫بع ــض املواه ــب تظه ــر ف ــي س ــن صغي ــرة‪ ،‬كم ــا‬ ‫حــدث مــع الشــاعر الفرن�ســي آرثــر رامبــو‪ ،‬الــذي‬ ‫كتــب مجموعتــه الشــعرية األولــى وهــو فــي الــ‪16‬‬ ‫م ــن عم ــره‪ ،‬وكان ــت بداي ــة ملدرس ــة أدبي ــة أث ــرت‬ ‫األجي ــال الالحق ــة‪.‬‬ ‫"حن ــان" وج ــدت ف ــي والدته ــا داعم ـ ًـا رئيس ـ ًـيا‪،‬‬ ‫حي ــث س ــاعدتها ف ــي صق ــل موهبته ــا وتش ــجيعها‬ ‫عل ــى الكتاب ــة‪.‬‬ ‫ب ــدأت "حن ــان" موهبته ــا ف ــي ع ــام ‪ 2019‬عندم ــا‬ ‫كانــت فــي الصــف الثالــث االبتدائــي‪ ،‬حيــث كانــت‬ ‫ت ــردد كلم ــات ش ــبيهة باألنش ــودات‪ ،‬مفعم ــة‬ ‫باألمــل والتفــاؤل‪ ،‬ومــع مــرور الوقــت‪ ،‬أصبحــت‬ ‫ً‬ ‫نضج ــا‪ ،‬مس ــتلهمة م ــن حياته ــا‬ ‫كتاباته ــا أكث ــر‬ ‫وتجاربه ــا الش ــخصية‪.‬‬ ‫ابداع يواجه التحديات‬ ‫تتواج ــد "حن ــان" م ــع والدته ــا كل ي ــوم جمع ــة‬ ‫ف ــي ش ــارع املتنب ــي‪ ،‬حي ــث تع ــرض مؤلفاته ــا عل ــى‬ ‫طاولــة صغيــرة داخــل املركــز الثقافــي البغــدادي‪،‬‬ ‫مكت ــوب عليه ــا‪" :‬مؤلف ــات ابنت ــي‪ ،‬س ــعر الكت ــاب‬ ‫‪ 3,500‬دين ــار عراق ــي"‪.‬‬ ‫كتب ــت "حن ــان" بيده ــا الصغي ــرة رواي ــات‬ ‫ونصوص ــا تعك ــس مواضي ــع مختلف ــة‪ ،‬مث ــل‬ ‫ً‬ ‫الح ــب‪ ،‬الحي ــاة‪ ،‬واألخ ــاق‪ ،‬وم ــن أب ــرز كتبه ــا‬

‫"عانقن ــي بعت ــاب"‪ ،‬ال ــذي يتن ــاول العالق ــات‬ ‫العاطفي ــة بي ــن البش ــر وعالقته ــم بالخال ــق‪ ،‬م ــا‬ ‫يجع ــل تجربته ــا األدبي ــة متمي ــزة وواع ــدة‪.‬‬ ‫مجلة «فيلي» التقت والدتها التي تحدثت قائلة‬ ‫إن كتاب ــات حن ــان تعك ــس روحه ــا ومش ــاعرها‪،‬‬ ‫حي ــث أفرغ ــت فيه ــا أفكاره ــا وتأمالته ــا ف ــي‬ ‫الحيــاة‪ ،‬كمــا يظهــر فــي كتابيهــا "للحــروف ذكــرى"‬ ‫و"أعيــش علــى نغمــات قلبــي"‪ ،‬مبينــة أن كتاباتهــا‬ ‫تمتل ــئ بالص ــور الجمالي ــة‪ ،‬مس ــتوحية م ــن‬ ‫الطبيع ــة وال ــورود واألش ــجار‪ ،‬وتعب ــر بعفوي ــة‬ ‫وعذوب ــة ع ــن مش ــاعرها الداخلي ــة‪.‬‬ ‫منافسة غير متكافئة وغياب الدعم‬ ‫رغ ــم موهبته ــا‪ ،‬تواج ــه حن ــان صر ًاع ــا م ــع‬ ‫أصح ــاب املكتب ــات‪ ،‬الذي ــن يضايقه ــم وجوده ــا‬ ‫ف ــي ش ــارع املتنب ــي بس ــبب ش ــعبيتها بي ــن الط ــاب‬ ‫والقـراء‪ ،‬الذيــن باتــوا يلقبونهــا ب ـ "طفلــة املتنبــي"‪.‬‬ ‫تق ــول والدته ــا إن ابنته ــا تفتق ــر إل ــى الدع ــم م ــن‬ ‫األوس ــاط الثقافي ــة‪ ،‬رغ ــم حاجته ــا املاس ــة إل ــى‬ ‫املســاندة والتوجيــه لتحقيــق النجــاح والتطــور‪.‬‬ ‫وتش ــير إل ــى أن الع ـراق مل ــيء بالقام ــات األدبي ــة‬ ‫التــي وصلــت إلــى العامليــة‪ ،‬وأن الكتــاب الشــباب‬ ‫بحاج ــة إل ــى نصائ ــح وتوجيه ــات ه ــؤالء األدب ــاء‬ ‫لالس ــتفادة م ــن تجاربه ــم الغني ــة‪ ،‬خاص ــة أن‬ ‫دائم ــا حاض ـ ًـرا ف ــي املش ــهد‬ ‫اإلب ــداع العراق ــي كان ً‬ ‫الثقاف ــي املحل ــي والعالم ــي‪.‬‬ ‫"حنــان حســن" ليســت مجــرد طفلــة تكتــب‪ ،‬بــل‬ ‫ظاه ــرة أدبي ــة ناش ــئة تكاف ــح إلثب ــات نفس ــها‪،‬‬ ‫بحث ــا ع ــن م ــكان يلي ــق‬ ‫متحدي ــة الظ ــروف‪ً ،‬‬ ‫بموهبته ــا ف ــي عال ــم األدب‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪77 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫التحايل على الرعاية االجتماعية‬

‫وغياب الرادع القانوني‬ ‫فيلي ‪ -‬متابعة‪:‬‬ ‫تتعرض شبكة الرعاية‬ ‫االجتماعية في العراق الى‬ ‫تجاوزات هي عبارة عن‬ ‫عمليات احتيال واستغالل‬ ‫للنظام الحكومي املخصص‬ ‫لدعم الفئات املحتاجة‪ ،‬و‬ ‫تتمثل هذه التجاوزات في عدة‬ ‫أشكال‪ ،‬منها‪ ،‬تسلم الرواتب‬ ‫املزدوجة‪ ،‬اذ يحصل بعض‬ ‫األفراد على رواتب الرعاية‬ ‫االجتماعية برغم تسلمهم‬ ‫رواتب أخرى من وظائف‬ ‫حكومية أو من القطاع‬ ‫الخاص‪ ،‬مما يخالف شروط‬ ‫االستحقاق‪.‬‬

‫كم ــا يش ــكل التس ــجيل ال ــكاذب احتي ــاال آخ ــر‪ ،‬إذ‬ ‫يق ــوم بع ــض األش ــخاص بالتس ــجيل ف ــي الش ــبكة‬ ‫بمعلومــات خاطئــة أو مــزورة‪ ،‬مثــل االدعــاء بكونهــم‬ ‫معاقي ــن أو أرام ــل‪ ،‬او مطلق ــات للحص ــول عل ــى‬ ‫الروات ــب واالمتي ــازات بش ــكل غي ــر مش ــروع‪.‬‬ ‫كم ــا ان االس ــتغالل السيا�س ــي يأخ ــذ دوره ف ــي ه ــذا‬ ‫الجان ــب‪ ،‬إذ يج ــري اس ــتغالل الش ــبكة ألغ ـراض‬ ‫سياس ــية‪ ،‬بقي ــام بع ــض السياس ــيين أو األح ـزاب‬ ‫بتوزي ــع اس ــتمارات التس ــجيل عل ــى أنصاره ــم‬

‫للحص ــول عل ــى أصواته ــم ف ــي االنتخاب ــات‪ ،‬الس ــيما‬ ‫فــي األوقــات التــي تشــرع فيهــا الدعايــات االنتخابيــة‪.‬‬ ‫وقــد يتــورط بعــض املوظفيــن فــي الــوزارات املعنيــة‬ ‫ف ــي عملي ــات فس ــاد تتعل ــق بمن ــح الروات ــب‪ ،‬مث ــل‬ ‫الرش ــوة والتالع ــب بالقوائ ــم‪.‬‬ ‫ان م ــن أس ــباب ه ــذه التج ــاوزات وانتش ــارها‬ ‫طيل ــة عش ــرين س ــنة من ــذ ع ــام ‪ ،2003‬غي ــاب‬ ‫الرقاب ــة الفعال ــة عل ــى عملي ــة التس ــجيل والتحق ــق‬ ‫م ــن البيان ــات‪ ،‬وانتش ــار الفس ــاد ف ــي املؤسس ــات‬

‫الحكومي ــة‪.‬‬ ‫وق ــد يلج ــأ بع ــض األش ــخاص إل ــى ه ــذه التج ــاوزات‬ ‫بس ــبب الحاج ــة املاس ــة للم ــال ف ــي ظ ــل الظ ــروف‬ ‫االقتصادي ــة الصعب ــة‪.‬‬ ‫وم ــن آث ــار ه ــذه التج ــاوزات‪ ،‬حرم ــان املس ــتحقين‪،‬‬ ‫اذ ت ــؤدي إل ــى حرم ــان الفئ ــات املس ــتحقة حق ــا م ــن‬ ‫الحص ــول عل ــى الدع ــم املال ــي‪ ،‬وه ــي تمث ــل إه ــدارا‬ ‫كبيـرا للمــال العــام املخصــص لدعــم الفقـراء‪ ،‬كمــا‬ ‫ي ــؤدي التج ــاوز إل ــى ت ــآكل ثق ــة الس ــكان بالحكوم ــة‬

‫واملؤسس ــات املعني ــة‪.‬‬ ‫وملواجه ــة ومكافح ــة ه ــذه التج ــاوزات‪ ،‬توض ــع‬ ‫مجموع ــة م ــن الخي ــارات منه ــا م ــا يتوج ــب عل ــى‬ ‫الجه ــات املعني ــة م ــن إج ـراء لتحقيق ــات دقيق ــة‬ ‫للتأك ــد م ــن صح ــة البيان ــات املقدم ــة م ــن‬ ‫املتقدمي ــن‪ ،‬و يج ــب تحدي ــث القواع ــد البيان ــات‬ ‫بش ــكل دوري للتأك ــد م ــن اس ــتمرار اس ــتحقاق‬ ‫األف ـراد للروات ــب‪.‬‬ ‫ويجــب مكافحــة الفســاد فــي املؤسســات الحكوميــة‬

‫بش ــكل ح ــازم‪ ،‬وتوعي ــة الس ــكان بأهمي ــة ع ــدم‬ ‫التالعــب فــي النظــام والتبليــغ عــن أي حــاالت فســاد‪.‬‬ ‫و ه ــذه املعلوم ــات ه ــي تلخي ــص ع ــام للتج ــاوزات‬ ‫علــى شــبكة رواتــب الرعايــة االجتماعيــة فــي العـراق‪،‬‬ ‫وق ــد تختل ــف التفاصي ــل بحس ــب املرحل ــة الزمني ــة‬ ‫والظ ــروف االقتصادي ــة والسياس ــية‪.‬‬ ‫وم ــن املعل ــوم أن االمتي ــازات الت ــي توفره ــا قواني ــن‬ ‫الرعاي ــة االجتماعي ــة للمش ــمولين ف ــي الع ـراق‬ ‫تختل ــف باخت ــاف الفئ ــة املس ــتفيدة والقان ــون‬ ‫املطبــق‪ ،‬ولكــن بشــكل عــام تشــمل‪ ،‬تقديــم إعانــات‬ ‫ش ــهرية لألس ــر ذات الدخ ــل املح ــدود واألف ـراد‬ ‫املعاقي ــن واألرام ــل واأليت ــام واملطلق ــات‪.‬‬ ‫كم ــا تتضم ــن تغطي ــة تكالي ــف الع ــاج ف ــي‬ ‫املستش ــفيات الحكومي ــة وتوفي ــر األدوي ــة بأس ــعار‬ ‫مخفضــة‪ ،‬وتقديــم منــح دراســية للطلبــة املحتاجيــن‬ ‫وتوفيــر لــوازم مدرســية مجانيــة‪ ،‬و الدعــم الســكني‬ ‫بتوفي ــر مس ــاكن بأس ــعار رمزي ــة أو إيج ــارات‬ ‫مخفض ــة‪ ،‬و توفي ــر ف ــرص التدري ــب املنه ــي لتعزي ــز‬ ‫ف ــرص العم ــل‪.‬‬ ‫وتش ــمل ايض ــا تقدي ــم خدم ــات اجتماعي ــة مث ــل‬ ‫الرعاي ــة النهاري ــة لألطف ــال وكب ــار الس ــن واملس ــاعدة‬ ‫النفس ــية‪.‬‬ ‫ولغ ــرض تنظي ــم ش ــؤون الرعاي ــة االجتماعي ــة‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬نظ ــم القانون ــان‪ ،‬قان ــون الحماي ــة‬ ‫االجتماعي ــة رق ــم ‪ 11‬لس ــنة ‪ 2014‬و يه ــدف إل ــى‬ ‫تحقيــق الحيــاة الكريمــة للمواطنيــن وتقديــم الدعــم‬ ‫املال ــي واالجتماع ــي للفئ ــات املحتاج ــة‪ ،‬بحس ــب‬ ‫األس ــباب املوجب ــة لس ــن القان ــون‪ ،‬وكذل ــك قان ــون‬ ‫رعاي ــة ذوي اإلعاق ــة واالحتياج ــات الخاص ــة رق ــم‬ ‫‪ 38‬لس ــنة ‪ 2013‬ال ــذي يه ــدف إل ــى ضم ــان حق ــوق‬ ‫األش ــخاص ذوي اإلعاق ــة وتوفي ــر الخدم ــات‬ ‫املطلوب ــة له ــم‪.‬‬ ‫و ق ــد تختل ــف االمتي ــازات املتوف ــرة باخت ــاف‬ ‫املحافظ ــة واملنطق ــة‪ ،‬كم ــا ق ــد تخض ــع للتغيي ــر‬ ‫والتعدي ــل وفق ــا للظ ــروف االقتصادي ــة واي‬ ‫تش ــريعات جدي ــدة‪.‬‬ ‫وكان ــت هيئ ــة النزاه ــة االتحادي ــة‪ ،‬ق ــد أعلن ــت ف ــي‬ ‫أيل ــول ‪ 2024‬رصده ــا نح ــو ‪ 250‬أل ــف متج ــاوز م ــن‬ ‫أرب ــاب وأف ـراد ُأس ــر موظف ــي ال ــوزارات عل ــى نظ ــام‬ ‫الحماي ــة االجتماعي ــة ف ــي بغ ــداد واملحافظ ــات م ــا‬ ‫ع ــدا اقلي ــم كوردس ــتان‪.‬‬ ‫وســبق ملكتــب اإلعــام واالتصــال الحكومــي ان حــذر‬ ‫َّ‬ ‫االجتماعي ــة ل ــم‬ ‫ف ــي تقري ــر م ــن ان “قان ــون الحماي ــة‬ ‫يــرد فيــه نــص علــى فــرض عقوبــات رادعــة علــى مــن‬ ‫يتجــاوز علــى النظــام‪ ،‬أو نـ ّ‬ ‫ـص علــى اســترداد األمــوال‬ ‫ُّ‬ ‫الت ــي يت ـ ُّـم التج ــاوز عليه ــا والت ــي يت ــم تقس ــيطها‬ ‫أحيان ــا؛ َّ‬ ‫مم ــا ش ـ َّـجع عل ــى التج ــاوز للحص ــول عل ــى‬ ‫ً‬ ‫روات ــب الحماي ــة”‪.‬‬ ‫رئي ــس هيئ ــة الحماي ــة االجتماعي ــة ف ــي وزارة العم ــل‪،‬‬

‫أحمــد خلــف املوســوي‪ ،‬كان قــد تحــدث الــى مجلــة‬ ‫«فيل ــي» ع ــن لج ــوء بع ــض الزوج ــات إل ــى "الط ــاق‬ ‫الص ــوري" لغ ــرض الحص ــول عل ــى رات ــب اإلعان ــة‬ ‫االجتماعيــة‪ ،‬ويشــير بهــذا الصــدد الــى أن الباحثيــن‬ ‫االجتماعيي ــن يكش ــفون عش ـرات الح ــاالت يومي ــا‬ ‫م ــن ه ــذا االحتي ــال‪ ،‬وهن ــاك نح ــو ‪ 200‬أل ــف ام ـرأة‬ ‫مش ــمولة باإلعان ــة ف ــي دائ ــرة الحماي ــة االجتماعي ــة‬ ‫للم ـرأة‪ ،‬وه ــؤالء يخضع ــن جميعه ــن للتدقي ــق‬ ‫وزي ــارة الباح ــث االجتماع ــي واملخت ــار للتأك ــد م ــن‬ ‫صح ــة معلوماته ــن‪ ،‬عل ــى ح ــد قول ــه‪.‬‬ ‫وبحس ــب قان ــون الحماي ــة االجتماعي ــة رق ــم ‪11‬‬ ‫لســنة ‪ 2014‬فإنــه يجــري اســترداد املبالــغ مــن تاريــخ‬ ‫ش ــمول الزوج ــة بإعان ــة الحماي ــة االجتماعي ــة‪،‬‬ ‫كونه ــا قدم ــت معلوم ــات غي ــر صحيح ــة‪ ،‬غي ــر ان‬ ‫تقس ــيط املبل ــغ يش ــجع عل ــى تواص ــل التحاي ــل‬ ‫بحس ــب قانونيي ــن‪.‬‬ ‫وتكش ــف الخبي ــرة القانوني ــة‪ ،‬قم ــر الس ــامرائي‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ع ــن أن الراغبي ــن بالتس ــجيل عل ــى‬ ‫راتــب الرعايــة االجتماعيــة‪ ،‬لعلمهــم بعــدم شــمول‬ ‫م ــن يمتل ــك س ــيارة حديث ــة أو عق ــار أو رات ــب أو‬ ‫س ــكن به ــذا الرات ــب‪ ،‬فانه ــم ال يس ــجلون تل ــك‬ ‫املقتني ــات باس ــمهم‪ ،‬ويحاك ــم ه ــؤالء عل ــى النص ــب‬ ‫واالحتي ــال‪ ،‬وبجريم ــة التزوي ــر إذا ج ــرى تقدي ــم‬ ‫مس ــتندات م ـ ّ‬ ‫ـزورة‪ ،‬عل ــى ح ــد وصفه ــا‪.‬‬ ‫وأف ــاد مراقب ــون ان ــه وبرغ ــم ان املحاك ــم العراقي ــة‬ ‫تس ــجل ارتفاع ــا قياس ــيا ف ــي ح ــاالت الط ــاق‬ ‫ألس ــباب متنوع ــة منه ــا ال ــزواج املبك ــر‪ ،‬واألوض ــاع‬ ‫االقتصادي ــة واالجتماعي ــة الصعب ــة‪ ،‬واس ــتغالل‬ ‫شــبكات التواصــل االجتماعــي‪ ،‬والخيانــة الزوجيــة‪،‬‬ ‫والعن ــف األس ــري‪ ،‬وتدخ ــل األه ــل‪ ،‬لك ــن هن ــاك‬ ‫س ــبب آخ ــر جع ــل م ــن ه ــذه النس ــبة ترتف ــع بش ــكل‬ ‫كبيــر وهــي ظاهــرة الطــاق الصــوري لغــرض حيــازة‬ ‫املناف ــع بحس ــب قوله ــم‪.‬‬ ‫وبحســب األرقــام املتوفــرة ُيكتشــف نحــو ‪ 100‬ألــف‬ ‫حالــة اختـراق لشــبكة الحمايــة االجتماعيــة ســنويا‪،‬‬ ‫علــى وفــق وزارة العمــل والشــؤون االجتماعيــة التــي‬ ‫تق ــول انه ــا تتحق ــق م ــن أس ــماء املتقدمي ــن‪ ،‬غي ــر‬ ‫أنه ــا تكش ــف بينه ــم (بالتع ــاون م ــع دي ــوان الرقاب ــة‬ ‫املالي ــة) موظفي ــن حكوميي ــن أو م ــن يمتلك ــون‬ ‫س ــيارات حديث ــة‪ ،‬وذل ــك عب ــر قاع ــدة بيان ــات‬ ‫وزارة الداخلي ــة‪ ،‬فض ــا ع ــن إرس ــال ف ــرق كش ــفية‬ ‫تض ــم باحثي ــن اجتماعيي ــن إل ــى من ــازل املتقدمي ــن‬ ‫للحصــول علــى اإلعانــة‪ ،‬وبحســب املتحــدث باســم‬ ‫وزارة العم ــل‪ ،‬نج ــم العقاب ــي أن ال ــوزارة تس ــترد‬ ‫األم ــوال م ــن املتجاوزي ــن بالتقس ــيط عل ــى م ــدى‬ ‫عشــر ســنوات‪ ،‬فيمــا يقــدر وزيــر العمــل والشــؤون‬ ‫االجتماعي ــة‪ ،‬أحم ــد األس ــدي‪ ،‬أن قيم ــة األم ــوال‬ ‫املس ــتردة م ــن املتجاوزي ــن حت ــى نهاي ــة ‪ 2024‬تص ــل‬ ‫إل ــى ‪ 170‬ملي ــار دين ــار‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫رعب في العراق‬ ‫من عرف سائد ضد األطفال‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تتصاعد ظاهرة العنف‬ ‫ضد األطفال في العراق‬ ‫بشكل مستمر‪ ،‬ألسباب‬ ‫تعزوها لجنة حقوق‬ ‫االنسان النيابية وناشطون‬ ‫في مجال حقوق الطفل‬ ‫وقانونيون إلى ‪ -‬اجتماعية‬ ‫و اقتصادية وقانونية ‪ -‬لكن‬ ‫مهما تعددت األسباب فهي‬ ‫غيرمبررة ملمارسة العنف‬ ‫ضد األطفال‪ ،‬ما يستدعي‬ ‫اتخاذ إجراءات صارمة ونشر‬ ‫التوعية بحقوق األطفال‬ ‫وتشريع القوانين ذات الصلة‬ ‫لتوفيرالحماية لهم‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪2025‬‬ ‫الحادية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫العدد ‪254‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2024‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون االول‪-‬ديسمبر‬ ‫الحادية‬ ‫العدد ‪252‬‬

‫‪80‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪2025‬‬ ‫الحادية‬ ‫السنةالسنة‬ ‫العدد ‪254‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2024‬‬ ‫والعشرون‪-‬كانون االول‪-‬ديسمبر‬ ‫الحادية‬ ‫العدد ‪252‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫رعب في العراق ‪ ..‬من عرف سائد ضد األطفال‬ ‫وتش ــهد ظاه ــرة العن ــف ض ــد األطف ــال ف ــي‬ ‫العـراق ارتفاعـ ًـا فــي عــام ‪ ،2025-2024‬ووفقـ ًـا‬ ‫الحصائي ــات وزارة الداخلي ــة ف ــي ع ــام ‪2024‬‬ ‫فق ــد س ــجل ‪ 14‬أل ــف دع ــوى عن ــف أس ــري‬ ‫وكانــت غالبيــة هــذه الحــاالت تتعلــق بالعنــف‬ ‫البدن ــي‪ ،‬بحس ــب رئي ــس املرك ــز االس ــتراتيجي‬ ‫لحق ــوق االنس ــان ف ــي الع ـراق‪ ،‬فاض ــل‬ ‫الغ ــراوي‪.‬‬ ‫وأضــاف فــي بيــان‪ ،‬أن مــن بيــن هــذه الحــاالت‪،‬‬ ‫كان ــت نس ــبة الضحاي ــا م ــن اإلن ــاث ‪،73%‬‬ ‫بينم ــا كان ــت نس ــبة الذك ــور ‪ ،27%‬باإلضاف ــة‬ ‫إلــى ذلــك‪ ،‬أظهــرت دراســة أجرتهــا الــوزارة علــى‬ ‫مــدى خمــس ســنوات (‪ )2023-2019‬ارتفاعـ ًـا‬ ‫فــي ظاهــرة العنــف األســري‪ ،‬مــع تســجيل أعلــى‬ ‫نســبة مــن هــذه الجرائــم فــي العاصمــة بغــداد‬ ‫بنس ــبة ‪.31%‬‬ ‫وأوضــح‪ ،‬أن نســبة االعتــداءات علــى األطفــال‬ ‫ف ــي ع ــام ‪ 2024‬ق ــد ارتفع ــت وأن االعت ــداءات‬ ‫املس ــجلة م ــن قب ــل الوالدي ــن تش ــكل حوال ــي‬ ‫‪ 6%‬م ــن إجمال ــي ح ــاالت العن ــف األس ــري ف ــي‬ ‫الب ــاد‪.‬‬ ‫وباملقارن ــة م ــع األع ــوام الس ــابقة‪ ،‬يتض ــح أن‬ ‫ظاه ــرة العن ــف ض ــد األطف ــال ف ــي تصاع ــد‬ ‫مس ــتمر‪ ،‬فف ــي ع ــام ‪ ،2020‬أعلن ــت وزارة‬ ‫الداخلي ــة العراقي ــة ع ــن وق ــوع ‪ 12‬أل ــف‬ ‫حال ــة عن ــف منزل ــي‪ ،‬وف ــي النص ــف األول م ــن‬ ‫ع ــام ‪ ،2022‬ت ــم معالج ــة ‪ 55‬حال ــة تعني ــف‬ ‫لألطفــال‪ ،‬باإلضافــة إلــى إعــادة ‪ 62‬فتــاة هاربــة‬ ‫ورص ــد ‪ 22‬طف ـ ًـا هارب ـ ًـا‪ ،‬بحس ــب الغ ـراوي‪.‬‬ ‫وأش ــار‪ ،‬إل ــى أن ه ــذه النس ــبة م ــن األرق ــام‬ ‫ق ــد ال تعك ــس الواق ــع بالكام ــل‪ ،‬نظ ـ ًرا لع ــدم‬ ‫اإلبــاغ عــن العديــد مــن حــاالت العنــف ضــد‬ ‫األطف ــال بس ــبب الوصم ــة االجتماعي ــة أو‬ ‫الخ ــوف م ــن االنتق ــام‪.‬‬ ‫وطال ــب الغ ـراوي‪ ،‬الحكوم ــة واملؤسس ــات‬ ‫املعني ــة باتخ ــاذ تدابي ــر عاجل ــة وش ــاملة‬ ‫لحمايــة األطفــال مــن جميــع أشــكال العنــف‪،‬‬ ‫بم ــا ف ــي ذل ــك تعزي ــز التش ــريعات الوطني ــة‪،‬‬ ‫وتوفي ــر الدع ــم النف�س ــي واالجتماع ــي‬ ‫للضحاي ــا‪ ،‬وزي ــادة الوع ــي املجتمع ــي ح ــول‬ ‫مخاطــر العنــف وآثــاره الســلبية علــى األجيــال‬

‫القاد م ــة‪.‬‬ ‫م ــن جانبه ــا‪ ،‬قال ــت عض ــو لجن ــة حق ــوق‬ ‫اإلنســان النيابيــة‪ ،‬نيســان الزايــر‪ ،‬إن "هنــاك‬ ‫عرف ـ ًـا أو ثقاف ــة عام ــة ف ــي املجتم ــع تتعل ــق‬ ‫بتعني ــف األطف ــال‪ ،‬لذل ــك يفت ــرض إط ــاق‬ ‫حملــة للتوعيــة بحقوقهــم‪ ،‬واتخــاذ إج ـراءات‬ ‫صارم ــة للح ــد منه ــا"‪.‬‬ ‫وأش ــارت الزاي ــر‪ ،‬خ ــال حديثه ــا ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "قان ــون مناهض ــة العن ــف‬ ‫األس ــري وقان ــون حماي ــة الطف ــل ج ــاءت م ــن‬ ‫الحكوم ــة لك ــن ت ــم إرجاعه ــا م ــن قب ــل لجن ــة‬ ‫املـرأة النيابيــة‪ ،‬لذلــك ســيكون للجنــة حقــوق‬ ‫ـرطا أن‬ ‫اإلنس ــان دو ًرا ف ــي إقراره ــا‪ ،‬ولي ــس ش ـ ً‬ ‫ت ــأت م ــن الحكوم ــة ب ــل يمك ــن كتاب ــة مس ــودة‬ ‫م ــع منظم ــات املجتم ــع املدن ــي وم ــن ث ــم‬ ‫تش ــريعها"‪.‬‬ ‫وكان مجل ــس ال ــوزراء العراق ــي أق ــر ف ــي ع ــام‬ ‫‪ 2020‬مش ــروع قان ــون مناهض ــة العن ــف‬ ‫األســري وأرســله إلــى مجلــس النــواب الــذي لــم‬ ‫يتمك ــن م ــن إق ـراره بس ــبب تجاذب ــات الكت ــل‬ ‫السياس ــية حول ــه‪ ،‬بحج ــة أن القان ــون يمن ــح‬ ‫امل ـرأة ح ــق الحص ــول عل ــى رعاي ــة حكومي ــة‪،‬‬ ‫وه ــو م ــا ت ـراه تل ــك األح ـزاب يش ــجع النس ــاء‬ ‫عل ــى التم ــرد‪.‬‬ ‫وبالع ــودة إل ــى الزاي ــر‪ ،‬فق ــد أوضح ــت أن‬ ‫"لجن ــة حق ــوق اإلنس ــان‪ ،‬تتاب ــع االنته ــاكات‬ ‫الت ــي يتع ــرض له ــا األطف ــال ودور األجه ــزة‬ ‫األمني ــة بالقب ــض عل ــى املس ــيئين كم ــا حص ــل‬ ‫ف ــي تعني ــف طفل ــة كرب ــاء عل ــى ي ــد جده ــا"‪.‬‬ ‫وأول أم ــس الس ــبت‪ ،‬أعلن ــت ش ــرطة كرب ــاء‪،‬‬ ‫القب ــض عل ــى مته ــم عن ــف حفيدت ــه بش ــدة‬ ‫ف ــي منطق ــة عي ــن التم ــر‪ ،‬فيم ــا أش ــارت إل ــى‬ ‫أن الطفل ــة املعنف ــة ب ــدا عل ــى جس ــدها آث ــار‬ ‫تعذيــب‪ ،‬نتيجــة التعنيــف الــذي تعرضــت لــه‪،‬‬ ‫مؤك ــدة أن الج ــد ت ــم القب ــض علي ــه وتوقيف ــه‬ ‫وف ــق امل ــادة ‪ 413‬م ــن قان ــون العقوب ــات‬ ‫العراق ــي‪.‬‬ ‫وكش ــفت احصائي ــة رس ــمية ص ــادرة ع ــن‬ ‫وزارة الداخلي ــة العراقي ــة ف ــي الع ــام ‪2023‬‬ ‫األس ــري بأش ــكاله كاف ــة‬ ‫ع ــن تنام ــي العن ــف ُ‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬وق ــد وصل ــت إل ــى ‪ 100‬حال ــة ف ــي‬

‫العاصم ــة بغ ــداد فق ــط‪.‬‬ ‫وكان ــت منظم ــة األم ــم املتح ــدة للطفول ــة‬ ‫(يونيس ــف) ق ــد ح ــذرت م ــن تبع ــات العن ــف‬ ‫املتم ــادي ض ــد األطف ــال العراقيي ــن‪ ،‬وال ــذي‬ ‫يبل ــغ مس ــتويات خطي ــرة‪ ،‬حي ــث ذك ــرت‬ ‫املنظم ــة ف ــي تقاريره ــا أن أربع ــة م ــن بي ــن كل‬ ‫خمســة أطفــال فــي العـراق يتعرضــون للعنــف‬ ‫والض ــرب‪.‬‬ ‫م ــن جهته ــا‪ ،‬قال ــت الناش ــطة ف ــي حق ــوق‬ ‫الطف ــل‪ ،‬تب ــارك عب ــد املجي ــد‪ ،‬إن "هن ــاك‬ ‫ـبابا متنوع ــة وراء تعني ــف األطف ــال منه ــا‬ ‫أس ـ ً‬ ‫اجتماعيــة واقتصاديــة وقانونيــة‪ ،‬لكــن مهمــا‬ ‫تع ــددت األس ــباب فه ــي غي ــر مب ــررة ملمارس ــة‬ ‫العن ــف ضده ــم"‪.‬‬ ‫وأضاف ــت عب ــد املجي ــد‪ ،‬خ ــال حديثه ــا‬ ‫للوكال ــة‪ ،‬أن "ظاه ــرة تعني ــف األطف ــال م ــن‬ ‫قبــل ذويهــم وأقاربهــم فــي تفاقــم فــي ظــل عــدم‬ ‫وج ــود قواني ــن رادع ــة بش ــكل كاف ــي‪ ،‬وضع ــف‬ ‫الوص ــول إل ــى املؤسس ــات األمني ــة املعني ــة‬ ‫ب ــردع ح ــاالت العن ــف"‪.‬‬ ‫وتابع ــت‪" :‬م ــن األس ــباب األخ ــرى ه ــي ع ــدم‬ ‫تش ــريع قان ــون العن ــف األس ــري وقان ــون‬ ‫حمايــة األطفــال خاصــة مــن قبــل لجنــة املـرأة‬ ‫النيابي ــة الت ــي س ــعت جاه ــدة لتعدي ــل قان ــون‬

‫األح ــوال الش ــخصية ال ــذي يبي ــح تزوي ــج‬ ‫القاص ـرات وهــو نــوع مــن أنــواع العنــف بــدل‬ ‫مــن االهتمــام بتشــريع قانــون حمايــة األســرة"‪.‬‬ ‫يذكــر أن مشــروع تعديــل املــادة ‪ 57‬مــن قانــون‬ ‫األح ــوال الش ــخصية العراق ــي ال ــذي أق ــر‬ ‫ـعا‪ ،‬كــون تعديــل‬ ‫ـدال واسـ ً‬ ‫مؤخ ـ ًرا‪ ،‬قــد أثــار جـ ً‬ ‫هــذه املــادة ســيق�ضي بحضانــة الطفــل لــأب‪،‬‬ ‫وه ــو م ــا ق ــد يدف ــع إل ــى اس ــتغالل األطف ــال‬ ‫ف ــي الخالف ــات األس ــرية‪ ،‬ويزي ــد م ــن ح ــاالت‬ ‫الط ــاق ف ــي الب ــاد‪.‬‬ ‫وم ــن األس ــباب األخ ــرى لظاه ــرة تعني ــف‬ ‫األطفــال‪ ،‬أشــارت عبــد املجيــد‪ ،‬إلــى "العــادات‬ ‫والتقالي ــد واملوروث ــات االجتماعي ــة الت ــي‬ ‫توارث ــت العن ــف أب ـ ًـا ع ــن ج ــد تح ــت غط ــاء‬ ‫(التأديــب)‪ ،‬لهــذا ال يـزال يمــارس هــذا العنــف‬ ‫تج ــاه األطف ــال وحت ــى الزوج ــات والنس ــاء‬ ‫عموم ـ ًـا‪ ،‬وكذل ــك ف ــي امل ــدارس‪ ،‬ف ــا ي ـزال‬ ‫املعلمي ــن يس ــتخدمون العص ــا ف ــي محاس ــبة‬ ‫الطلب ــة لع ــدم أداء الواج ــب ب ــدل اس ــتخدام‬ ‫وس ــائل محبب ــة لألطف ــال لتعليمه ــم‪ ،‬وله ــذا‬ ‫عندم ــا يكب ــر الطف ــل ي ــرى أن ه ــذا الس ــلوك‬ ‫طبيعي ـ ًـا بحج ــة التربي ــة"‪.‬‬ ‫يش ــار إل ــى أن القض ــاء العراق ــي يتعام ــل م ــع‬ ‫ح ــاالت العن ــف األس ــري وف ــق امل ــادة (‪41-‬‬

‫‪ )1‬م ــن قان ــون العقوب ــات رق ــم (‪ 111‬لس ــنة‬ ‫‪ ،)1969‬الــذي ينــص‪ ،‬علــى أنــه "ال جريمــة إذا‬ ‫ـتعماال لح ــق مق ــرر بمقت�ض ــى‬ ‫وق ــع الفع ــل اس ـ‬ ‫ً‬ ‫ـتعماال للح ــق‪ :‬تأدي ــب‬ ‫القان ــون‪ ،‬ويعتب ــر اس ـ‬ ‫ً‬ ‫الــزوج لزوجتــه وتأديــب اآلبــاء واملعلميــن ومــن‬ ‫ف ــي حكمه ــم األوالد القص ــر ف ــي ح ــدود م ــا ه ــو‬ ‫ـرعا أو قانون ـ ًـا أو ُعرف ـ ًـا"‪.‬‬ ‫مق ــرر ش ـ ً‬ ‫بــدوره‪ ،‬ذكــر الخبيــر القانونــي‪ ،‬محمــد جمعة‪،‬‬ ‫إن "النظ ــام القانون ــي العراق ــي يخل ــو م ــن أي‬ ‫مــادة قانونيــة تخــص تعنيــف األطفــال‪ ،‬وهــذا‬ ‫خل ــل وف ـراغ قانون ــي كبي ــر‪ ،‬ف ــي ع ــدم وج ــود‬ ‫قان ــون للحماي ــة م ــن العن ــف األس ــري‪ ،‬لذل ــك‬ ‫ت ــم تكيي ــف م ــا حص ــل لحادث ــة طفل ــة كرب ــاء‬ ‫باملــادة ‪ 413‬التــي تتعلــق باملشــاجرة بيــن اثنيــن‬ ‫بالغي ــن‪ ،‬وال تخ ــص األطف ــال"‪.‬‬ ‫وأوضــح جمعــة‪ ،‬ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "املســاواة‬ ‫بي ــن م ــن يض ــرب رج ـ ًـا بال ــذي يض ــرب طف ـ ًـا‬ ‫غي ــر ممك ــن‪ ،‬لك ــن القض ــاء ال حيل ــة ل ــه اال‬ ‫باالرتــكاز علــى هــذه املــادة بســبب عــدم وجــود‬ ‫م ــادة أخ ــرى تعاق ــب عل ــى الض ــرب‪ ،‬م ــا يؤك ــد‬ ‫الحاج ــة إل ــى تعدي ــل قان ــون العقوب ــات أو‬ ‫حتــى كتابــة قانــون عقوبــات جديــد‪ ،‬وتشــريع‬ ‫قان ــون مناهض ــة العن ــف األس ــري"‪.‬‬

‫الناشطة في حقوق‬ ‫الطفل‪ ،‬تبارك عبد‬ ‫المجيد‪« :‬لجنة المرأة‬ ‫النيابية سعت جاهدة‬ ‫لتعديل قانون األحوال‬ ‫الشخصية الذي يبيح‬ ‫تزويج القاصرات وهو‬ ‫نوع من أنواع العنف بدل‬ ‫من االهتمام بتشريع‬ ‫قانون حماية األسرة"»‪.‬‬

‫الخبير القانوني‬ ‫محمد جمعة‪:‬‬ ‫"النظام القانوني العراقي‬ ‫يخلو من أي مادة قانونية‬ ‫تخص تعنيف األطفال‪،‬‬ ‫وهذا خلل وفراغ قانوني‬ ‫كبير‪ ،‬في عدم وجود‬ ‫قانون للحماية من العنف‬ ‫األسري”‬

‫‪82‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫أطفال األنابيب ‪..‬‬ ‫حلم األمومة يتحول إلى معاناة في العراق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يدف ــع الي ــأس م ــن اإلنج ــاب‪ ،‬العدي ــد م ــن األزواج إل ــى ط ــرق‬ ‫األب ــواب الطبي ــة والتعل ــق بوس ــيلة أطف ــال األنابي ــب الت ــي‬ ‫ـداء طبي ــة واجتماعي ــة كبي ــرة‪.‬‬ ‫أخ ــذت ومن ــذ س ــنوات أص ـ ً‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪83 2025‬‬

‫والتعبي ــر العلم ــي ألطف ــال األنابي ــب ه ــو تقني ــة‬ ‫اإلخص ــاب ف ــي املختب ــر أو التلقي ــح االصطناع ــي‬ ‫ملس ــاعدة األزواج مم ــن يعان ــون م ــن مش ــاكل ف ــي‬ ‫الخصوب ــة عل ــى اإلنج ــاب‪.‬‬ ‫ويس ــتفيد األش ــخاص م ــن التقني ــات الطبي ــة‬ ‫لي ــس ملج ــرد اإلنج ــاب وحس ــب‪ ،‬ب ــل أيض ـ ًـا‬ ‫لتحدي ــد ن ــوع الجني ــن ذك ـ ًرا أو أنث ــى‪ ،‬بع ــد أن‬ ‫كان ــت تقتص ــر ف ــي الب ــدء عل ــى معالج ــة ح ــاالت‬ ‫العق ــم‪.‬‬ ‫ونجح ــت أول عملي ــة أطف ــال أنابي ــب أجرته ــا‬ ‫طبيب ــة ف ــي إقلي ــم كوردس ــتان ع ــام ‪ ،2009‬وه ــي‬ ‫تعــد أول عمليــة ناجحــة علــى مســتوى الع ـراق‪،‬‬ ‫بعده ــا انتش ــرت مراك ــز أطف ــال األنابي ــب ف ــي‬ ‫بغ ــداد واإلقلي ــم بش ــكل كبي ــر‪ ،‬لك ــن ال تخل ــو‬ ‫ه ــذه املراك ــز م ــن نق ــص ف ــي األجه ــزة وفش ــل‬ ‫العملي ــات‪.‬‬ ‫تجــدر اإلشــارة إلــى أن عمليــات أطفــال األنابيــب‬ ‫ب ــدأت ف ــي الع ـراق من ــذ تس ــعينيات الق ــرن‬ ‫املا�ض ــي‪ ،‬وأجري ــت العش ـرات م ــن العملي ــات إال‬ ‫أنه ــا ب ــاءت بالفش ــل ول ــم تنج ــح أي منه ــا‪.‬‬ ‫"حصلت على اآلالم فقط"‬ ‫س ــارة الس ــاعدي (‪ 45‬عام ـ ًـا) كان ــت ق ــد أج ــرت‬ ‫ث ــاث عملي ــات أنابي ــب ف ــي بغ ــداد من ــذ ‪ 11‬عام ـ ًـا‬ ‫لك ــن جميعه ــا ب ــاءت بالفش ــل‪ ،‬تق ــول ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إن "كلف ــة أول عملي ــة ‪ 13‬ملي ــون‬ ‫دين ــار‪ ،‬والثاني ــة عش ــرة ماليي ــن دين ــار‪ ،‬ل ــم‬ ‫أحص ــل فيه ــا عل ــى حل ــم األموم ــة‪ ،‬ب ــل حصل ــت‬ ‫عل ــى اآلالم واألم ـراض فق ــط"‪.‬‬ ‫فو�ضى وعدم اهتمام ومتابعة‬ ‫ويش ــكو الكثي ــر م ــن املواطني ــن م ــن أن املراك ــز‬ ‫ف ــي بغ ــداد غي ــر ملتزم ــة م ــع املر�ض ــى م ــن ناحي ــة‬ ‫املتابع ــة بع ــد إج ـراء العملي ــة أو تقدي ــم نصائ ــح‬ ‫للزوجي ــن لضم ــان الحص ــول عل ــى أعل ــى فرص ــة‬ ‫للحم ــل‪ ،‬كم ــا تح ــدث عل ــي الس ـراي (‪ 38‬عام ـ ًـا)‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي» ع ــن تجربت ــه الفاش ــلة "ذهب ــت‬ ‫مــع زوجتــي لتحديــد جنــس الجنيــن‪ ،‬حيــث لدينــا‬ ‫ابنت ــان ونرغ ــب ف ــي ول ــد ولدين ــا مخ ــاوف م ــن‬ ‫تك ـرار الحم ــل بأنث ــى‪ ،‬لذل ــك ذهبن ــا إل ــى مرك ــز‬ ‫ف ــي منطق ــة الحارثي ــة ببغ ــداد‪ ،‬وقام ــوا بس ــحب‬ ‫لألجن ــة وم ــن ث ــم عم ــل الحق ــن"‪.‬‬ ‫ويضيــف "وبعــد أيــام اتصلــوا بنــا إلرجــاع األجنــة‬ ‫إل ــى الرح ــم لكنه ــم ل ــم يعط ــوا أي تعليم ــات‬ ‫للزوج ــة م ــن ناحي ــة الراح ــة والحرك ــة‪ ،‬وبع ــد‬

‫يومي ــن فش ــلت العملي ــة ول ــم نج ــد أي مس ــوغ‬ ‫قانون ــي إلرج ــاع املبل ــغ أو محاس ــبتهم" يق ــول‬ ‫عل ــي بح ــزن كبي ــر‪.‬‬ ‫مواكبة التطور‬ ‫م ــن جانبه ــا‪ ،‬تق ــول الطبيب ــة أثي ــل العل ــي‪،‬‬ ‫اختص ــاص نس ــائية وتولي ــد وأطف ــال أنابي ــب‬ ‫وعق ــم‪ ،‬إن تقني ــة أطف ــال األنابي ــب تع ــد م ــن‬ ‫أكث ــر التقني ــات الت ــي تس ــاعد النس ــاء عل ــى‬ ‫الحم ــل‪ ،‬بع ــد فش ــل العدي ــد م ــن ح ــاالت ط ــرق‬ ‫املس ــاعدة األخ ــرى‪.‬‬ ‫وتضيــف فــي حديثهــا ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "تقنيــة‬ ‫أطفــال األنابيــب بــدأت تحقــق نتائــج مفرحــة فــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬ألن طف ــل األنابي ــب م ــا ه ــو إال وس ــيلة‬ ‫مس ــاعدة للحم ــل مل ــن يتأخ ــر لديه ــن الحم ــل‪،‬‬ ‫والحق ــن املجه ــري ه ــو الطريق ــة املتط ــورة ف ــي‬ ‫طف ــل األنابي ــب"‪.‬‬ ‫وتش ــير إل ــى أن "البداي ــة األول ــى لتقني ــة طف ــل‬ ‫األنابيــب كانــت تهــدف إلــى معالجــة االنســدادات‬ ‫ف ــي األنابي ــب‪ ،‬بي ــد أن ه ــذه التقني ــة تط ــورت‬ ‫وأصبح ــت تعال ــج ح ــاالت واس ــعة م ــن ح ــاالت‬ ‫العق ــم والتش ــوه وتحدي ــد الجن ــس"‪.‬‬ ‫وتؤكــد العلــي‪ ،‬أن "نســبة نجــاح عمليــات طفــل‬ ‫األنابي ــب عاملي ـ ًـا تت ـراوح بي ــن ‪ 40‬ال ــى ‪،60%‬‬ ‫ويعنــي ذلــك أن الفشــل وارد فــي املرحلــة األولــى‪،‬‬ ‫واملرك ــز الطب ــي ال ــذي أعم ــل في ــه إذا فش ــلت‬ ‫املحاولــة األولــى للحمــل‪ ،‬نجــري محاولــة ثانيــة‪،‬‬ ‫وم ــن خ ــال االعتم ــاد عل ــى األجن ــة املجم ــدة‪،‬‬ ‫واملحاول ــة الثاني ــة أعل ــى نس ــبة حم ــل ألن كثي ـ ًرا‬ ‫م ــن األش ــياء تنكش ــف ل ــدى الطبي ــب ويب ــدأ‬ ‫بتطبيقه ــا ف ــي املحاول ــة الثاني ــة"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع "وعل ــى الرغ ــم م ــن أن الع ـراق دخ ــل‬ ‫متأخ ـ ًرا ف ــي مج ــال أطف ــال األنابي ــب‪ ،‬إال أن ــه‬ ‫ـواطا س ــريعة بع ــد انفتاح ــه عل ــى‬ ‫قط ــع أش ـ ً‬ ‫العال ــم ودخ ــول التقني ــات الطبي ــة الجدي ــدة"‪.‬‬ ‫وتوض ــح العل ــي "ف ــي املختب ــر نض ــع أكث ــر م ــن‬ ‫جني ــن ونوف ــر ل ــه جمي ــع الظ ــروف املالئم ــة‪،‬‬ ‫إال أن نس ــبة النج ــاح تعتم ــد عل ــى مجموع ــة‬ ‫م ــن العوام ــل املهم ــة‪ ،‬ومنه ــا عل ــى عم ــر الزوج ــة‬ ‫ومخ ــزون البويض ــات‪ ،‬وم ــن امله ــم تك ـرار‬ ‫ـوال إل ــى النج ــاح"‪.‬‬ ‫املح ــاوالت وص ـ ً‬ ‫وتلف ــت إل ــى أن "العدي ــد م ــن مراجع ــي املرك ــز‬ ‫الطب ــي يطلب ــون تحدي ــد جن ــس الجني ــن"‪.‬‬ ‫وتعــد عمليــات أطفــال األنابيــب مــن العمليــات‬

‫‪84‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪85 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫أطفال األنابيب‪ ..‬حلم األمومة يتحول إلى معاناة في العراق‬

‫املكلف ــة مادي ـ ًـا ألنه ــا تتطل ــب إج ـراء الفح ــص‬ ‫الكروموس ــومي للجني ــن لل ــزوج والزوج ــة‪،‬‬ ‫وفح ــص األجن ــة قب ــل زراعته ــا بالرح ــم م ــن‬ ‫أج ــل خف ــض نس ــبة الفش ــل‪ ،‬ويج ــب أن يص ــل‬ ‫الجنيــن إلــى اليــوم الخامــس قبــل نقلــه للرحــم‪،‬‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن إج ـراء فح ــص عين ــة ال ــزوج‪ ،‬ف ــإذا‬ ‫كان الــزوج يحمــل نســبة عاليــة مــن التشــوهات‬ ‫ف ــإن ذل ــك ي ــؤدي للفش ــل‪.‬‬ ‫ويقــوم األطبــاء عــادة بتخديــش بطانــة الرحــم‪،‬‬ ‫ـدا يتــم إجـراء ثقــب لتثبيــت‬ ‫ـميكا جـ ً‬ ‫فــإن كان سـ ً‬ ‫الناظــور ومعرفــة بطانــة الرحــم‪.‬‬ ‫وتس ــعى املراك ــز واملختب ـرات الطبي ــة العراقي ــة‬ ‫ملواكب ــة التط ــورات واإلنج ــازات العلمي ــة‬ ‫واألجه ــزة والتقني ــات املس ــتحدثة ف ــي مج ــال‬ ‫أطف ــال األنابي ــب‪ ،‬ووف ــق مختصي ــن يقف ــز‬ ‫الط ــب كل ث ــاث إل ــى أرب ــع س ــنوات قف ـزات‬ ‫جدي ــدة بمج ــال تقني ــات اإلخص ــاب وتحدي ــد‬ ‫جنــس الجنيــن‪ ،‬مــا يجعــل إجـراء هــذا النــوع مــن‬ ‫العملي ــات متاح ـ ًـا ف ــي الب ــاد‪.‬‬ ‫بيــد أن هنــاك محــددات قانونيــة تمنــع البعــض‬ ‫م ــن إج ـراء عملي ــات اإلخص ــاب ف ــي األنابي ــب‬ ‫داخ ــل الع ـراق‪ ،‬فالقان ــون العراق ــي ال يس ــمح‬ ‫بالتب ــرع بالبي ــوض أو الحيام ــن‪ ،‬بينم ــا األم ــر‬ ‫ممك ــن ف ــي الخ ــارج‪ ،‬وه ــو م ــا يدف ــع كثيري ــن‬ ‫إلج ـراء ه ــذه العملي ــات ف ــي الخ ــارج‪ ،‬وخاص ــة‬ ‫دول الج ــوار كتركي ــا وإي ـران‪.‬‬ ‫مبيض متبرع واستئجار لألرحام‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يوض ــح املستش ــار ف ــي مرك ــز‬ ‫العق ــم وأطف ــال األنابي ــب اإليران ــي‪ ،‬أص ــان‬ ‫إلهام ــي‪ ،‬أن "أكث ــر العراقيي ــن الذي ــن يأت ــون‬ ‫ســبق لهــم إجـراء عمليــات فــي العـراق‪ ،‬وهدفهــم‬ ‫م ــن إج ـراء العملي ــات ف ــي إي ـران ه ــو أطف ــال‬ ‫أنابي ــب م ــع مبي ــض متب ــرع"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "كلف ــة‬ ‫عمليــات أطفــال األنابيــب فــي إي ـران تت ـراوح بيــن‬ ‫‪ 2500‬إل ــى ‪ 6000‬دوالر بحس ــب املحافظ ــات‬ ‫اإليراني ــة‪ ،‬إال أن أس ــعار ه ــذه العملي ــات‬ ‫مرتفع ــة ف ــي طه ـران ومختلف ــة ع ــن باق ــي‬ ‫املحافظ ــات اإليراني ــة"‪.‬‬

‫ويش ــير إل ــى أن "‪ 70%‬م ــن العراقيي ــن يرغب ــون‬ ‫بالبويض ــات واألجن ــة وإيج ــار الرح ــم‪ ،‬وعملي ــة‬ ‫التب ــرع باملباي ــض ه ــي مث ــل زراع ــة أطف ــال‬ ‫األنابي ــب‪ ،‬إذ يت ــم س ــحب مبي ــض م ــن املتبرع ــة‬ ‫وحيام ــن م ــن ال ــزوج‪ ،‬ويت ــم تش ــكيلهما داخ ــل‬ ‫املختب ــر وزرعهم ــا برح ــم املتقبل ــة أي الزوج ــة"‪.‬‬ ‫وينــوه إلــى أن "هــذه العمليــة ال تحتــاج إلــى عقــد‬ ‫ش ــرعي أو ارتب ــاط بي ــن الرج ــل وامل ـرأة املتبرع ــة‪،‬‬ ‫وه ــذه العملي ــة تكل ــف ‪ 3200‬دوالر‪ ،‬أم ــا األم‬ ‫البديلــة والرحــم املؤجــر فهــذه تخــص األم التــي‬ ‫لديه ــا مش ــاكل ف ــي الرح ــم أو وصل ــت إل ــى س ــن‬ ‫الش ــيخوخة"‪.‬‬ ‫ويش ــير إلهام ــي إل ــى أن ــه "ف ــي مث ــل ه ــذه الح ــال‬ ‫يت ــم س ــحب مبي ــض وحيام ــن م ــن ال ــزوج ل ــزرع‬ ‫الجنيــن برحــم األم البديلــة التــي تحفــظ الجنيــن‬ ‫ملــدة تســعة أشــهر وبعــد ذلــك يتــم تســليمه إلــى‬ ‫األم األصلي ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "كل القضاي ــا القانوني ــة املرتبط ــة‬

‫ب ــاألم البديل ــة س ــليمة‪ ،‬وبإم ــكان األم األصلي ــة‬ ‫ـتنادا إلــى القانــون اإليرانــي"‪.‬‬ ‫اســتالم طفلهــا اسـ ً‬ ‫ويعل ــل معني ــون س ــبب انتش ــار مراك ــز العق ــم‬ ‫وأطف ــال األنابي ــب ف ــي الع ـراق الزدي ــاد ح ــاالت‬ ‫العق ــم بي ــن األزواج ألس ــباب وظ ــروف عدي ــدة‪،‬‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن حاج ــة كثيري ــن إل ــى تحدي ــد جن ــس‬ ‫الجني ــن‪.‬‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬تنف ــي أخصائي ــة العق ــم وأطف ــال‬ ‫األنابي ــب زين ــب الربيع ــي‪ ،‬الحاج ــة للس ــفر إل ــى‬ ‫الخ ــارج ملعالج ــة العق ــم وإج ـراء زراع ــة طف ــل‬ ‫األنابي ــب لتوف ــر جمي ــع التقني ــات ف ــي مراك ــز‬ ‫العق ــم العراقي ــة‪.‬‬ ‫وتضيــف الربيعــي فــي حديثهــا ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن‬ ‫"هن ــاك م ــن يبح ــث ع ــن ح ــل ألم ـراض الوراث ــة‬ ‫ع ــن طري ــق أطف ــال األنابي ــب‪ ،‬وه ــذا الح ــل‬ ‫ممكــن لوجــود مراكــز ومختب ـرات تضــم أحــدث‬ ‫األجهــزة والتقنيــات إال أن الكــوادر املوجــودة فــي‬ ‫بعــض املختب ـرات غالبـ ًـا مــا تكــون غيــر كفــوءة"‪.‬‬

‫وتؤك ــد "ع ــدم وج ــود أي ضم ــان يتعل ــق ب ــزرع‬ ‫أطفــال األنابيــب فــي العالــم كلــه‪ ،‬كمــا ال يوجــد‬ ‫تعوي ــض م ــادي ع ــن فش ــل العملي ــة‪ ،‬لك ــن‬ ‫يمك ــن للمرك ــز تخفي ــض املبال ــغ ملراجعي ــه‬ ‫خ ــال املحاول ــة الثاني ــة"‪.‬‬ ‫الحلول السريعة‬ ‫ب ــدوره يح ــدد استش ــاري أم ـراض الذك ــورة‬ ‫والعقــم‪ ،‬ياســين النجفــي‪ ،‬نســبة نجــاح الحقــن‬ ‫املجهــري بــ‪ ،35%‬أي أنهــا نســبة مماثلــة للــوالدة‬ ‫العادي ــة الت ــي تحت ــاج ع ــدة مقارب ــات ليتش ــكل‬ ‫الحم ــل برح ــم امل ـرأة‪.‬‬ ‫ويش ــير ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى "وج ــود‬ ‫إس ـراف ف ــي إج ـراء عملي ــات الحق ــن املجه ــري‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬وأن كثي ـ ًرا م ــن األس ــر ق ــادرة عل ــى‬ ‫الحمــل الطبيعــي‪ ،‬ولكنهــا تلجــأ للحقــن املجهــري‬ ‫دون حاج ــة فعلي ــة لذل ــك‪ ،‬وهن ــاك تباي ــن ف ــي‬ ‫رغب ــات األس ــر‪ ،‬فبعضه ــا ترغ ــب بطف ــل واح ــد‬ ‫وأس ــر أخ ــرى تري ــد الحم ــل بت ــوأم م ــرة واح ــدة‬

‫«القانون العراقي ال يسمح‬ ‫بالتبرع بالبيوض أو الحيامن‪،‬‬ ‫بينما األمر ممكن في الخارج‪،‬‬ ‫وهو ما يدفع كثيرين إلجراء هذه‬ ‫العمليات في تركيا وإيران »‪..‬‬

‫«سبب انتشار مراكز العقم‬ ‫وأطفال األنابيب في العراق‬ ‫الزدياد حاالت العقم بين األزواج‬ ‫ال‬ ‫ألسباب وظروف عديدة‪ ،‬فض ً‬ ‫عن حاجة كثيرين إلى تحديد‬ ‫جنس الجنين» ‪..‬‬

‫به ــدف تخفي ــف أعب ــاء الحم ــل املتك ــرر ع ــن‬ ‫امل ـرأة"‪.‬‬ ‫ويلفــت النجفــي إلــى أنــه "بالنظــر لهــذا اإلسـراف‬ ‫ف ــي إج ـراء عملي ــات زرع أطف ــال ف ــي األنابي ــب‪،‬‬ ‫ارتفع ــت نس ــب نجاحه ــا ووصل ــت إل ــى ‪ 40%‬أي‬ ‫م ــا يزي ــد ع ــن املع ــدل العالم ــي"‪.‬‬ ‫ووف ــق الدراس ــات الطبي ــة‪ ،‬ف ــإن مع ــدل نج ــاح‬ ‫نق ــل األجن ــة يبل ــغ ‪ 43.1%‬فيم ــا يبل ــغ مع ــدل‬ ‫نج ــاح نق ــل األجن ــة املجم ــدة ‪.34.7%‬‬ ‫ويعتم ــد نج ــاح التلقي ــح الصناع ــي عل ــى ع ــادات‬ ‫الصح ــة العام ــة ونم ــط حي ــاة الزوجي ــن‬ ‫والتدخي ــن والش ــرب وال ــوزن ومس ــتويات‬ ‫التوت ــر‪ ،‬ويس ــاعد تطبي ــق الع ــادات الصحي ــة‬ ‫مث ــل اتب ــاع نظ ــام غذائ ــي وممارس ــة التماري ــن‬ ‫الرياضي ــة ف ــي زي ــادة ف ــرص نج ــاح ع ــاج أطف ــال‬ ‫األنابي ــب‪.‬‬ ‫ال ضمانات وال تعويض‬ ‫وتؤك ــد املستش ــارة بمرك ــز أطف ــال األنابي ــب‬

‫ف ــي تركي ــا‪ ،‬ش ــهد صاف ــاش‪ ،‬أن املراك ــز التركي ــة‬ ‫يقصده ــا مواطن ــون م ــن ش ــتى البل ــدان ولي ــس‬ ‫الع ـراق وحس ــب‪ ،‬إلج ـراء عملي ــات أطف ــال‬ ‫األنابي ــب‪.‬‬ ‫وتوضــح فــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "طلبــات‬ ‫املراجعي ــن ترتب ــط ع ــادة بتحدي ــد الجن ــس أو‬ ‫أخ ــذ نط ــف أو مباي ــض م ــن متبرعي ــن‪ ،‬ولي ــس‬ ‫هن ــاك ضمان ــات ملث ــل ه ــذه العملي ــات مث ــل‬ ‫إرج ــاع األم ــوال أو من ــح تعويض ــات ف ــي ح ــال‬ ‫فش ــلت العملي ــة ألن ه ــذه العملي ــات باألص ــل‬ ‫ليس ــت ناجح ــة بنس ــبة ‪."100%‬‬ ‫وتش ــير إل ــى أن "مع ــدل نس ــب نج ــاح ه ــذه‬ ‫العملي ــات ف ــي تركي ــا يص ــل إل ــى ‪ ،45%‬وتعتم ــد‬ ‫نس ــب النج ــاح عل ــى ع ــدة أم ــور‪ ،‬وإع ــادة املبل ــغ‬ ‫ال ــذي يدف ــع للمرك ــز أم ــر غي ــر صحي ــح عل ــى‬ ‫اإلطــاق‪ ،‬كمــا أن املراكــز التــي تعطــي ضمانــات‬ ‫ـدا"‪.‬‬ ‫إرج ــاع ه ــي غي ــر صادق ــة أب ـ ً‬

‫‪86‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بغداد تتضخم من دون حدود ‪..‬‬

‫احياء جديدة‬ ‫ونزوح داخلي‬ ‫متواصل‬

‫فيلي‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تزايد االزدحام‬ ‫السكاني في بغداد في‬ ‫العقدين املاضيين‬ ‫بصورة الفتة‪ ،‬وامتدت‬ ‫العاصمة الى مناطق‬ ‫شاسعة لم تكن تخطر‬ ‫في بال أعرق مصممي‬ ‫املدن‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪87‬‬

‫وشــهدت العاصمــة توســعا كبي ـرا فــي مناطقهــا‪،‬‬ ‫امت ــد ليش ــمل عدي ــد املناط ــق الزراعي ــة‬ ‫املحيطــة بهــا‪ ،‬فلقــد امتــدت بشــكل كبيــر نحــو‬ ‫الجنــوب والجنــوب الشــرقي والشــرق والشــمال‬ ‫و الشــمال الشــرقي وحتــى الغــرب‪ ،‬اذ تضخمــت‬ ‫أحي ــاء جدي ــدة ف ــي ح ــي العام ــل‪ ،‬والك ـرادة‬ ‫الشــرقية‪ ،‬والزعفرانيــة التــي تحولــت الــى ناحيــة‬ ‫وتوســعت الــى منطقــة الرســتمية وجســر ديالــى‪،‬‬ ‫كم ــا امت ــدت منطق ــة بغ ــداد الجدي ــدة حت ــى‬ ‫نه ــر ديال ــى ول ــوال النه ــر لعبرت ــه‪ ،‬فتكون ــت احي ــاء‬ ‫جدي ــدة ومنه ــا س ــكينة ورگي ــة الزراع ــي والس ــدة‬ ‫والقلعــة واالحيــاء فــي املناطــق الزراعيــة التــي لــم‬ ‫تأخــذ أســماء حتــى اآلن املمتــدة مــع حافــة النهــر‬ ‫فض ــا ع ــن العش ــوائيات ‪.‬‬ ‫و توســعت بغــداد أيضـ ًـا نحــو الشــرق والشــمال‬ ‫الشــرقي‪ ،‬حيــث ظهــرت أحيــاء الحميديــة وبــوب‬ ‫الش ــام والحس ــينية وح ــي البس ــاتين‪ ،‬وغيره ــا‬ ‫كثي ــر وق ــد أدخل ــت جميعه ــا ضم ــن إدارات‬ ‫محافظ ــة بغ ــداد‪.‬‬ ‫و امت ــدت العاصم ــة نح ــو الش ــمال‪ ،‬وش ــملت‬ ‫مناط ــق ف ــي التاج ــي ال ــذي تح ــول ال ــى قض ــاء ف ــي‬ ‫ع ــام ‪ ،2020‬والكاظمي ــة‪ ،‬وغيره ــا‪ ،‬وتكون ــت‬ ‫ونم ــت مناط ــق الصابي ــات ث ــم منطق ــة أركي ــة‬ ‫وفاض ــل والتاجي ــات واملصابي ــح وامت ــدت حت ــى‬ ‫جســر ذراع دجلــة‪ ،‬وتكــون التاجــي األول‪ ،‬فيمــا‬ ‫املناط ــق بع ــد جس ــر ال ــذراع تس ــمى التاج ــي‬ ‫الثانــي وصــوال الــى الطارميــة‪ ،‬وتوســعت منطقــة‬ ‫الش ــعلة لتتح ــول ال ــى ناحي ــة‪.‬‬ ‫ان أس ــباب امت ــداد بغ ــداد نح ــو املناط ــق‬ ‫الزراعيــة تتمثــل فــي ان النمــو الســكاني املتزايــد‬ ‫ف ــي بغ ــداد وغي ــاب مش ــاريع اإلس ــكان‪ ،‬أدى إل ــى‬ ‫زي ــادة الطل ــب عل ــى الس ــكن‪ ،‬مم ــا دف ــع املدين ــة‬ ‫إلــى التوســع نحــو املناطــق املحيطــة بهــا‪ ،‬بمــا فــي‬ ‫ذل ــك املناط ــق الزراعي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا ان الهج ــرة م ــن املناط ــق الريفي ــة إل ــى‬ ‫بغــداد بحثــا عــن فــرص عمــل أفضــل وخدمــات‬ ‫أفضــل أدت إلــى زيــادة الضغــط علــى العاصمــة‪،‬‬ ‫وبالنتيج ــة توس ــعها نح ــو املناط ــق الزراعي ــة‪،‬‬ ‫وان التوس ــع العمران ــي العش ــوائي‪ ،‬ال ــذي ل ــم‬ ‫ي ـراع التخطي ــط الحض ــري‪ ،‬أدى إل ــى اس ــتغالل‬ ‫ِ‬

‫‪88‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بغداد تتضخم من دون حدود ‪..‬‬

‫املناط ــق الزراعي ــة للبن ــاء عليه ــا‪.‬‬ ‫كم ــا ان ارتف ــاع أس ــعار األرا�ض ــي ف ــي املناط ــق‬ ‫الحضري ــة ف ــي بغ ــداد جع ــل املناط ــق الزراعي ــة‬ ‫املحيط ــة به ــا أكث ــر جاذبي ــة للبن ــاء‪ ،‬اذ كان ــت‬ ‫أس ــعار األرا�ض ــي فيه ــا أرخ ــص نس ــبيا‪.‬‬ ‫وان الن ــزوح والهج ــرة القس ــرية للس ــكان إل ــى‬ ‫امل ــدن األكث ــر اس ــتقرارا ونش ــاطا اقتصادي ــا‬ ‫تعاظ ــم ف ــي الس ــنوات االخي ــرة‪ ،‬وبغ ــداد كان ــت‬ ‫واح ــدة م ــن امل ــدن املفضل ــة‪ ،‬مم ــا زاد م ــن‬ ‫الضغ ــط عليه ــا ودفعه ــا إل ــى التوس ــع نح ــو‬ ‫املناط ــق الزراعي ــة‪.‬‬ ‫أدى امت ــداد بغ ــداد نح ــو املناط ــق الزراعي ــة‬ ‫إل ــى فق ــدان مس ــاحات كبي ــرة م ــن األرا�ض ــي‬ ‫الزراعيــة‪ ،‬ممــا اثــر علــى اإلنتــاج الزراعــي واألمــن‬ ‫الغذائ ــي‪ ،‬كم ــا يمك ــن أن ي ــؤدي البن ــاء عل ــى‬ ‫األرا�ضــي الزراعيــة إلــى تدهــور البيئــة‪ ،‬اذ تفقــد‬ ‫املدين ــة ج ــزءا م ــن املس ــاحات الخض ــر الت ــي‬ ‫تس ــاعد عل ــى تنقي ــة اله ــواء وتلطي ــف الج ــو‪.‬‬ ‫و يمك ــن أن ي ــؤدي التوس ــع العمران ــي الس ــريع‬ ‫وغي ــر املخط ــط إل ــى مش ــكالت ف ــي البني ــة‬ ‫التحتي ــة‪ ،‬مث ــل نق ــص ف ــي خدم ــات الص ــرف‬ ‫الصح ــي واملي ــاه والكهرب ــاء‪ ،‬وال ــى مش ــكالت‬ ‫اجتماعي ــة‪ ،‬مث ــل ظه ــور أحي ــاء عش ــوائية‬ ‫تفتق ــر إل ــى الخدم ــات األساس ــية‪ ،‬و إل ــى زي ــادة‬ ‫مع ــدالت الجريم ــة والفق ــر والبطال ــة‪.‬‬ ‫ان الع ـراق لديــه معــدل والدات مرتفــع نســبيا‪،‬‬ ‫وهــذا يســهم فــي زيــادة عــدد الســكان فــي املــدن‪،‬‬ ‫بم ــا ف ــي ذل ــك بغ ــداد‪ ،‬ومع ــروف ان الف ــرق بي ــن‬ ‫مع ــدل ال ــوالدات ومع ــدل الوفي ــات يح ــدد‬ ‫الزي ــادة الطبيعي ــة للس ــكان‪ ،‬وه ــي عام ــل مؤث ــر‬ ‫ف ــي النم ــو الس ــكاني‪.‬‬ ‫ان انتق ــال كثي ــر م ــن الن ــاس م ــن املناط ــق‬ ‫الريفي ــة إل ــى بغ ــداد بحث ــا ع ــن ف ــرص العم ــل‬ ‫األفض ــل‪ ،‬والخدم ــات التعليمي ــة والصحي ــة‪،‬‬ ‫يزي ــد م ــن الضغ ــط عل ــى العاصم ــة‪ ،‬ويالح ــظ‬ ‫بص ــورة واضح ــة ان كثي ـرا م ــن الس ــكان م ــن‬ ‫محافظــات أخــرى بخاصــة املجــاورة إلــى بغــداد‬ ‫يتجهــون اليهــا للســكن الدائــم بحثــا عــن فــرص‬ ‫أفض ــل للحي ــاة واالس ــتقرار‪.‬‬ ‫ان التوســع العشــوائي والتوســع العمرانــي غيــر‬ ‫املخطــط فــي بغــداد الــذي ســبب زيــادة الضغــط‬ ‫عل ــى البني ــة التحتي ــة والخدم ــات األساس ــية‪،‬‬

‫يرافقــه عــدم تواجــد تخطيــط حضــري فعــال‪،‬‬ ‫أدى إل ــى ع ــدم ق ــدرة املدين ــة عل ــى اس ــتيعاب‬ ‫الزي ــادة الس ــكانية بش ــكل فع ــال‪.‬‬ ‫ويمك ــن تلخي ــص الوض ــع باآلت ــي‪ :‬تترك ــز معظ ــم‬ ‫الخدمــات الحكوميــة واملؤسســات االقتصاديــة‬ ‫ف ــي بغ ــداد‪ ،‬مم ــا يجعله ــا مرك ـزا جاذب ــا للس ــكان‬ ‫مــن جميــع أنحــاء العـراق‪ ،‬و تتوفــر فيهــا فــرص‬ ‫عم ــل أكث ــر م ــن امل ــدن األخ ــرى‪ ،‬وه ــذا يش ــجع‬ ‫الن ــاس عل ــى االنتق ــال إليه ــا‪ ،‬و ي ــؤدي ذل ــك إل ــى‬

‫نق ــص ف ــي الخدم ــات األساس ــية مث ــل التعلي ــم‬ ‫والصح ــة واإلس ــكان‪ ،‬ويزي ــد م ــن مش ــكالت‬ ‫التل ــوث وازدح ــام امل ــرور والتده ــور البيئ ــي‪.‬‬ ‫يج ــب عل ــى الحكوم ــة العراقي ــة أن تعم ــل عل ــى‬ ‫تطويــر املــدن األخــرى فــي العـراق‪ ،‬بحيــث تصبــح‬ ‫جاذب ــة للس ــكان وتقل ــل الضغ ــط عل ــى بغ ــداد‪،‬‬ ‫وبالنتيجــة يجــري توجيــه التوســع نحــو مناطــق‬ ‫مناســبة‪ ،‬مــع الحفــاظ علــى األرا�ضــي الزراعيــة‪،‬‬ ‫ويتوج ــب وض ــع خط ــط حضري ــة فعال ــة‬ ‫إلدارة النم ــو الس ــكاني والتوس ــع العمران ــي ف ــي‬ ‫العاصم ــة‪.‬‬ ‫و يج ــب عل ــى الحكوم ــة االس ــتثمار ف ــي تحس ــين‬ ‫البنيــة التحتيــة فــي بغــداد‪ ،‬بمــا فــي ذلــك شــبكات‬

‫الطــرق واملواصــات والصــرف الصحــي وامليــاه‬ ‫والكهرب ــاء‪ ،‬و توفي ــر خدم ــات أساس ــية كافي ــة‬ ‫للس ــكان ف ــي بغ ــداد‪ ،‬مث ــل التعلي ــم والصح ــة‬ ‫واإلس ــكان‪ ،‬و عل ــى الحكوم ــة تش ــجيع‬ ‫االســتثمار فــي القطاعــات املتنوعــة فــي بغــداد‪،‬‬ ‫لخلــق فــرص عمــل جديــدة وتحســين مســتوى‬ ‫املعيش ــة‪.‬‬ ‫ان التعامــل مــع االكتظــاظ الســكاني فــي بغــداد‬ ‫يتطل ــب اس ــتراتيجية ش ــاملة ومتكامل ــة‪ ،‬تأخ ــذ‬ ‫ف ــي االعتب ــار جمي ــع العوام ــل الت ــي تس ــهم ف ــي‬ ‫ه ــذه املش ــكلة‪.‬‬ ‫و يج ــب ان يأت ــي تش ــجيع االس ــتثمار ف ــي قط ــاع‬ ‫اإلس ــكان‪ ،‬لبن ــاء وح ــدات س ــكنية كافي ــة‬

‫للمواطني ــن‪ ،‬بأس ــعار مناس ــبة‪ ،‬ف ــي س ــلم‬ ‫األولويــات‪ ،‬وكذلــك علــى الحكومــة االســتثمار‬ ‫ف ــي تطوي ــر البني ــة التحتي ــة ف ــي بغ ــداد‪ ،‬بم ــا ف ــي‬ ‫ذل ــك ش ــبكات الط ــرق واملواص ــات والص ــرف‬ ‫الصح ــي واملي ــاه والكهرب ــاء‪.‬‬ ‫لق ــد كان ــت الحكوم ــات ط ــوال عش ــرين عام ــا‬ ‫تتح ــدث ع ــن مش ــاريع م ــدن جدي ــدة لتخفي ــف‬ ‫الزخــم عــن بغــداد‪ ،‬اال انهــا لــم تنفــذ حتــى اآلن‪.‬‬ ‫وتن ــاول موق ــع أميركــي ف ــي عه ــد رئي ــس ال ــوزراء‬ ‫الس ــابق مصطف ــى الكاظم ــي‪ ،‬مس ــألة توج ــه‬ ‫الع ـراق لبن ــاء مدين ــة جدي ــدة عل ــى أط ـراف‬ ‫العاصم ــة بغ ــداد‪ ،‬تمت ــد عل ــى مس ــاحة ‪165‬‬ ‫كيلومت ـرا مربع ــا‪ ،‬و كان ــت الحكوم ــة العراقي ــة‬

‫‪89‬‬

‫تأم ــل أن تس ــاعد املدين ــة الت ــي حمل ــت اس ــم‬ ‫"الرفيــل" علــى دفــع عجلــة االقتصــاد وحــل أزمــة‬ ‫الس ــكن ف ــي العاصم ــة‪.‬‬ ‫وف ــي تقري ــر نش ــره موق ــع "املونيت ــور" األميركــي‬ ‫(‪ ،)Al-monitor‬يق ــول الكات ــب‪ ،‬ان الحكوم ــة‬ ‫لــم تكــن قــادرة علــى تنفيــذ مشــاريع إلعــادة تهيئــة‬ ‫مدين ــة بغ ــداد بس ــبب االكتظ ــاظ الس ــكاني‬ ‫وانتش ــار املبان ــي القديم ــة‪ ،‬وه ــذا م ــا دفعه ــا إل ــى‬ ‫اتخ ــاذ ق ـرار بإنش ــاء مدين ــة جدي ــدة وتدش ــينها‬ ‫لتك ــون عاصم ــة إداري ــة للع ـراق‪ .‬ومؤخ ـرا ج ــرى‬ ‫الحديــث عــن مــدن جديــدة فــي منطقــة النهــروان‬ ‫بي ــن محافظ ــات بغ ــداد وواس ــط وديال ــى‪ ،‬نأم ــل‬ ‫ان تنف ــذ لتخفي ــف الضغ ــط ع ــن العاصم ــة‪.‬‬

‫«يمكن أن يؤدي‬ ‫التوسع العمراني‬ ‫السريع وغير المخطط‬ ‫إلى مشكالت في البنية‬ ‫التحتية‪ ،‬مثل نقص في‬ ‫خدمات الصرف الصحي‬ ‫والمياه والكهرباء»‪..‬‬

‫«على الحكومة‬ ‫العراقية أن تعمل‬ ‫على تطوير المدن‬ ‫األخرى في العراق‪،‬‬ ‫بحيث تصبح جاذبة‬ ‫للسكان وتقلل‬ ‫الضغط على بغداد»‪..‬‬

‫‪90‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق ورحلة البحث عن حلول ألزمة الكهرباء‪..‬‬ ‫هل تنجح المساعي؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يبدوأن قرارترامب األخير‬ ‫بشأن قطع الغازاإليراني‬ ‫عن العراق سيعيد ملف‬ ‫الكهرباء إلى الواجهة‬ ‫بشكل كبيرخالل الفترة‬ ‫املقبلة‪ ،‬وبحسب خبراء‬ ‫اقتصاديون‪ ،‬فإن القرار‬ ‫االمريكي سيؤدي الى‬ ‫فقدان ‪ 8000‬ميغاواط‪،‬‬ ‫أي ما يعادل ‪ 50%‬من‬ ‫الطاقة الكهربائية التي‬ ‫تصل إلى املستهلك‪ ،‬مع‬ ‫ما يترتب على ذلك من‬ ‫زيادة في ساعات القطع‬ ‫املبرمج وتأثيرات سلبية‬ ‫على االقتصاد العراقي‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫ويق ــول الخبي ــر االقتص ــادي‪ ،‬احم ــد‬ ‫ص ــدام‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "تأثي ــر‬ ‫ق ـرار ترام ــب بع ــدم الس ــماح للع ـراق‬ ‫باس ــتيراد الغ ــاز م ــن إي ـران نهائي ـ ًـا‬ ‫س ــوف يتمث ــل بفق ــدان ‪ 8000‬ميغ ــا‬ ‫واط وه ــذا يعن ــي س ــوف يحص ــل‬ ‫نق ــص ف ــي الطاق ــة الكهربائي ــة الت ــي‬ ‫تص ــل إل ــى املس ــتهلك بح ــدود ‪،50%‬‬ ‫كم ــا ان مس ــتوى القط ــع املبرم ــج‬ ‫س ــيزداد بالنس ــبة املذك ــورة نفس ــها‬ ‫كنتيج ــة لذل ــك"‪.‬‬ ‫ولف ــت إل ــى أن ــه "م ــن املؤس ــف الق ــول‬ ‫إن الحكومــة ال تملــك خيــارات بديلــة‬ ‫فــي املــدى القصيــر ســوى الســعي نحــو‬ ‫اإلس ـراع برف ــع مس ــتوى اس ــتغالل‬ ‫الغ ــاز املصاح ــب العراق ــي وه ــذا ال‬ ‫يمك ــن تحقيق ــه بالكام ــل فض ــا ع ــن‬ ‫اتب ــاع سياس ــات م ــن ش ــأنها ترش ــيد‬ ‫اســتهالك الكهربــاء أمـ ًـا فــي التخفيف‬ ‫م ــن ح ــدة األزم ــة ولي ــس حله ــا‪ ،‬ب ــل‬ ‫ان حت ــى خط ــة اس ــتيراد الغ ــاز م ــن‬ ‫تركمانســتان بمقــدار ‪ 20‬مليــون متــر‬ ‫مكعــب يوميــا ســوف ال تتحقــق علــى‬ ‫أرض الواق ــع ك ــون ان ه ــذا الغ ــاز ال‬ ‫يص ــل مباش ــرة إل ــى الع ـراق وإنم ــا‬ ‫م ــن خ ــال إي ـران ومنه ــا ال ــى الع ـراق‬ ‫وم ــن املتوق ــع ان تعت ــرض واش ــنطن‬ ‫الن املش ــروع يق�ض ــي باس ــتالم الغ ــاز‬ ‫التركمانس ــتاني م ــن قب ــل إي ـران‬ ‫واس ــتهالكه ف ــي مناطقه ــا الش ــمالية‬ ‫وم ــن ث ــم تق ــوم إي ـران بتصدي ــر غ ــاز‬ ‫إيرانــي بالحصــة نفســها الــى العـراق"‪.‬‬ ‫وأض ــاف‪ ،‬أن "الطاق ــة املتج ــددة‬ ‫ال يمك ــن التعوي ــل عليه ــا ف ــي الوض ــع‬

‫‪91‬‬

‫العراق ــي بس ــبب النق ــص الكبي ــر ومس ــتوى‬ ‫االس ــتهالك املتصاع ــد‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫التكالي ــف الكبي ــرة والبن ــى التحتي ــة الت ــي‬ ‫يتطلبه ــا إنش ــاء محط ــات طاق ــة متج ــددة‪،‬‬ ‫فعل ــى س ــبيل املث ــال يحت ــاج تولي ــد ‪1‬‬ ‫ميغ ــاواط م ــن الكهرب ــاء ع ــن طري ــق أل ــواح‬ ‫الطاق ــة الشمس ــية إل ــى مس ــاحة ‪ 10‬آالف‬ ‫مت ــر مرب ــع‪ ،‬فك ــم م ــن مس ــاحات األرا�ض ــي‬ ‫نحت ــاج؟ وأرى أن الطاق ــات املتج ــددة‬ ‫مجدي ــة ف ــي حال ــة وج ــود طاق ــة كهربائي ــة‬ ‫متكاملــة وال يوجــد نقــص فــي إنتــاج الكهربــاء‬ ‫بحي ــث تك ــون الطاق ــة املتج ــددة مص ــدر‬ ‫إضاف ــي داع ــم للطاق ــة الكهربائي ــة املنتج ــة‬ ‫م ــن محط ــات الغ ــاز"‪.‬‬ ‫واك ــد ص ــدام‪" ،‬أم ــا ع ــن تأثي ــر نق ــص‬ ‫الكهرب ــاء بس ــبب عقوب ــات واش ــنطن فب ــكل‬ ‫تأكيــد أن هــذا النقــص يمتــد تأثيــره الســلبي‬ ‫إل ــى مفاص ــل االقتص ــاد االخ ــرى بس ــبب‬ ‫تأخي ــر األنش ــطة االقتصادي ــة املس ــتخدمة‬ ‫للكهرباء فضال عن ذلك أن نقص الكهرباء‬ ‫س ــيؤثر حت ــى عل ــى ق ـرارات املس ــتثمرين‬ ‫وبالتالــي عــدم جــذب االســتثمارات ال ســيما‬ ‫االجنبي ــة منه ــا وه ــذا يعن ــي تقوي ــض جه ــود‬ ‫الحكوم ــة ف ــي التنوي ــع االقتص ــادي وتحفي ــز‬ ‫دور القط ــاع الخ ــاص"‪.‬‬ ‫م ــن جان ــب‪ ،‬ي ــرى الباح ــث ف ــي الش ــأن‬ ‫االقتصــادي‪ ،‬أحمــد عيــد‪ ،‬فــي حديــث ملجلــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إن "األزم ــة ف ــي قط ــاع الكهرب ــاء‬ ‫العراق ــي نتيج ــة لتراكم ــات رافق ــت الح ــرب‬ ‫العراقيــة اإليرانيــة والعــدوان األمريكــي علــى‬ ‫العـراق ّإبــان حــرب الخليــج الثانيــة‪ ،‬لتتزايــد‬ ‫مــع فــرض الحصــار الــذي تعــرض لــه العـراق‬ ‫ف ــي تس ــعينيات الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬و ال تع ــود‬ ‫فقــط إلــى العقوبــات األمريكيــة علــى إيـران"‪.‬‬

‫«خطة استيراد الغاز من تركمانستان بمقدار‬ ‫‪ 20‬مليون متر مكعب يوميا سوف ال تتحقق‬ ‫على أرض الواقع كون ان هذا الغاز ال يصل‬ ‫مباشرة إلى العراق وإنما من خالل إيران‬ ‫ومنها الى العراق »‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪93‬‬

‫العراق ورحلة البحث عن حلول ألزمة الكهرباء‪..‬‬ ‫وخت ــم عي ــد‪ ،‬بالق ــول‪" :‬إذا اس ــتمر عج ــز‬ ‫الكهرب ــاء والتحدي ــات االقتصادي ــة ف ــي‬ ‫ظ ــل العقوب ــات عل ــى إي ـران‪ ،‬ف ــإن الوض ــع‬

‫احمد صدام‬

‫خبير اقتصادي‬ ‫وأوض ــح أن "الفس ــاد املستش ــري وس ــوء‬ ‫اإلدارة ال ــذي يعان ــي من ــه ه ــذا القط ــاع‬ ‫بع ــد غ ــزو الع ـراق س ــنة ‪ 2003‬لعب ــا دو ًرا‬ ‫ف ــي ت ــردي ه ــذا القط ــاع‪ ،‬عل ــى الرغ ــم م ــن‬ ‫اإلنف ــاق الهائ ــل عل ــى مش ــاريع الطاق ــة‪ ،‬وم ــا‬ ‫ي ـزال يعانــي مــن انقطاعــات متكــررة بســبب‬ ‫العق ــود الوهمي ــة‪ ،‬والصفق ــات املش ــبوهة‪،‬‬ ‫كاف"‪.‬‬ ‫وعــدم تطويــر البنيــة التحتيــة بشــكل ٍ‬ ‫وتاب ــع عي ــد‪ ،‬أن "املش ــكلة أكب ــر م ــن مج ــرد‬ ‫اس ــتيراد الغ ــاز والكهرب ــاء م ــن إي ـران‪ ،‬فه ــي‬ ‫أيض ــا بـ(األجن ــدات السياس ــية) الت ــي‬ ‫تتعل ــق ً‬ ‫تؤث ــر عل ــى اتخ ــاذ الق ـرارات الحكومي ــة‪،‬‬ ‫وهن ــاك ص ـراع مصال ــح بي ــن مختل ــف‬ ‫الق ــوى السياس ــية الت ــي تح ــاول الحف ــاظ‬ ‫علــى نفوذهــا‪ ،‬ممــا أدى إلــى تأجيــل مشــاريع‬ ‫اإلص ــاح وإع ــادة تطوي ــر قط ــاع الطاق ــة‬ ‫بش ــكل مس ــتقل"‪.‬‬ ‫وأض ــاف‪" ،‬ال يمك ــن للع ـراق االس ــتمرار ف ــي‬ ‫االعتم ــاد عل ــى واردات الطاق ــة م ــن دول‬ ‫أخ ــرى بينم ــا يس ــتمر الفس ــاد ف ــي اس ــتنزاف‬ ‫امل ــوارد‪ ،‬فالحل ــول الحقيقي ــة تب ــدأ م ــن‬ ‫مكافح ــة الفس ــاد‪ ،‬وتحقي ــق اس ــتقاللية‬ ‫الق ـرار ف ــي قط ــاع الطاق ــة‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى‬ ‫اســتثمار الغــاز املصاحــب وتطويــر مشــاريع‬ ‫الطاق ــة املتج ــددة"‪.‬‬ ‫وأك ــد أن ــه "يمك ــن للع ـراق زي ــادة إنتاج ــه‬ ‫املحل ــي م ــن الغ ــاز واالعتم ــاد عل ــى مص ــادر‬ ‫ـدال م ــن الغ ــاز اإليران ــي‪،‬‬ ‫بديل ــة أخ ــرى ب ـ ً‬

‫احمد عيد‬

‫باحث في الشأن االقتصادي‬

‫ألن الع ـراق يمتل ــك احتياطي ــات كبي ــرة م ــن‬ ‫خصوصــا الغــاز املصاحــب‬ ‫الغــاز الطبيعــي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للنف ــط ال ــذي يت ــم ح ــرق نح ــو ‪ 17‬ملي ــار‬ ‫ـنويا‪ ،‬ف ــي حي ــن يمك ــن‬ ‫مت ــر مكع ــب من ــه س ـ ً‬ ‫اس ــتخدامه لتولي ــد الكهرب ــاء وتصدي ــره"‪.‬‬ ‫وبي ــن عي ــد‪ ،‬أن ــه "يمك ــن كذل ــك للع ـراق‬ ‫زيــادة إنتاجــه املحلــي مــن الغــاز‪ ،‬ولكــن ذلــك‬ ‫يتطلــب اســتثمارات كبيــرة فــي البنيــة التحتية‬ ‫وتطويــر مشــاريع معالجــة الغــاز املصاحــب‪،‬‬ ‫ومؤخ ـ ًرا ّوقع ــت الحكوم ــة العراقي ــة بع ــض‬ ‫العقــود مــع شــركات دوليــة فــي هــذا املجــال‪،‬‬ ‫مثل شــركة توتال الفرنســية‪ ،‬ولكن التنفيذ‬ ‫بطيئ ــا بس ــبب املش ــاكل األمني ــة‪،‬‬ ‫م ــا زال‬ ‫ً‬ ‫والفس ــاد‪ ،‬والعوائ ــق البيروقراطي ــة‪ ،‬و ل ــو‬ ‫ت ــم توفي ــر بيئ ــة مالئم ــة لالس ــتثمار‪ ،‬يمك ــن‬ ‫للع ـراق زي ــادة إنتاج ــه املحل ــي بش ــكل كبي ــر‬ ‫خ ــال الس ــنوات القادم ــة"‪.‬‬ ‫ولفــت إلــى أن "هنــاك احتمــال كبيــر أن يــؤدي‬ ‫العجــز فــي إمــدادات الكهربــاء بســبب نقــص‬ ‫الغــاز إلــى تصاعــد االضطرابــات االجتماعيــة‬ ‫والسياســية خــال فصــل الصيــف املقبــل‪،‬‬ ‫خاص ــة وأن الع ـراق يعان ــي م ــن ارتف ــاع‬ ‫درجــات الحـرارة التــي تصــل فــي أغلــب أوقــات‬ ‫الصيــف إلــى أكثــر مــن ‪ 50‬درجــة مئويــة‪ ،‬مــا‬ ‫يزي ــد الضغ ــط عل ــى ش ــبكة الكهرب ــاء الت ــي‬ ‫ال تس ــتطيع تلبي ــة احتياج ــات املواطني ــن‪،‬‬ ‫مم ــا س ــيؤدي ال ــى تفاق ــم الس ــخط الش ــعبي‪،‬‬ ‫وتصعي ــد االحتجاج ــات الش ــعبية"‪.‬‬

‫«"المشكلة أكبر من‬ ‫مجرد استيراد الغاز‬ ‫والكهرباء من إيران‪،‬‬ ‫فهي تتعلق أيضًا‬ ‫بـ(األجندات السياسية)‬ ‫التي تؤثر على اتخاذ‬ ‫القرارات الحكومية‪،‬‬ ‫وهناك صراع مصالح‬ ‫بين مختلف القوى‬ ‫السياسية التي تحاول‬ ‫الحفاظ على نفوذها»‪.‬‬

‫ق ــد ي ــؤدي إل ــى ضغ ــط كبي ــر عل ــى الحكوم ــة‬ ‫العراقي ــة للتعام ــل م ــع االحتجاج ــات‬ ‫واملطال ــب الش ــعبية‪ ،‬خاص ــة ف ــي ظ ــل‬

‫االحتياج ــات األساس ــية الت ــي تتزاي ــد ل ــدى‬ ‫املجتمــع العراقــي والتــي تعجــز الحكومــة عــن‬ ‫تلبيته ــا"‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بعد ‪ 15‬سنة من العمل الشاق ‪..‬‬

‫الكشف عن مزرعة‬ ‫للفطر في العراق‬

‫ويبـ ُ‬ ‫ـدع امل ـزارع حســن املوســوي مــن محافظــة‬ ‫القادس ــية بإنش ــاء مزرع ــة للفط ــر ه ــي األول ــى‬ ‫نوعه ــا ف ــي املحافظ ــات الجنوبي ــة والوس ــطى‬ ‫والت ــي أخ ــذت ‪ 15‬س ــنة م ــن عم ــره ف ــي تعلمه ــا‬ ‫واتقانه ــا وإنش ــاء مس ــلتزماتها ليصب ــح بع ــد‬ ‫ـما المع ـ ًـا ف ــي زراع ــة و انت ــاج "الفط ــر‬ ‫ذل ــك إس ـ ً‬ ‫النبات ــي" و بجه ــود ذاتي ــة خالص ــة‪.‬‬ ‫االجتهاد في العمل‬ ‫ي ــروي املوس ــوي تفاصي ــل نجاح ــه ف ــي إنش ــاء‬ ‫مزرع ــة للفط ــر وتطوره ــا ف ــي مراح ــل ع ــدة‬ ‫خ ــال مقابل ــة خاص ــة أجرت ــه مع ــه مجل ــة‬

‫‪95‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫مع تنوع املحاصيل الزراعية وما يقوم به املزارعون‬ ‫والفالحون في عموم محافظات العراق‪ ،‬من‬ ‫استصالح األرا�ضي والعمل الشاق في هذه املهنة‪،‬‬ ‫أحيانا إلى الدعم الحكومي واالهتمام‬ ‫والتي تفتقر‬ ‫ً‬ ‫الالزم من الجهات املعنية‪.‬‬

‫«فيل ــي»‪ ،‬وه ــو إب ــن قض ــاء عف ــك (عف ــج) ف ــي‬ ‫ـاوال‬ ‫ـابقا مق ـ ً‬ ‫محافظ ــة الديواني ــة يعم ــل س ـ ً‬ ‫ف ــي أعم ــال البن ــاء حت ــى راودت ــه فك ــرة إنش ــاء‬ ‫املزرع ــة ف ــي نهاي ــة ع ــام ‪ 2009‬ليب ــدء رحلت ــه‬ ‫الش ــاقة ف ــي طري ــق طوي ــل م ــن التعل ــم و‬ ‫اإلب ــداع‪.‬‬ ‫ب ــدأت رحلت ــه ف ــي ‪ 7‬س ــنوات م ــن التج ــارب‬ ‫التــي بــاءت أغلبهــا بالفشــل بــذل فيهــا معانــات‬ ‫كبي ــرة للوص ــول إل ــى حلم ــه ال ــذي يطم ــح إلي ــه‬ ‫ومنه ــا متاع ــب إنش ــاء آالت اإلنت ــاج والغ ــرف‬ ‫الخاصــة باملــواد الكيمياويــة حتــى تأتــي بعدهــا‬

‫لحظ ــة النج ــاح لتزه ــر مزرعت ــه بأول ــى براع ــم‬ ‫الفط ــر الت ــي اس ــتمرت طوي ـ ًـا حت ــى ظه ــرت‬ ‫لتغي ــر حيات ــه بش ــكل ينف ــرد ب ــه و يتمي ــز ف ــي‬ ‫األس ــواق املحلي ــة‪.‬‬ ‫اإلنتاج والتطوير‬ ‫يؤك ــد املوس ــوي أن العم ــل عل ــى قب ــل ‪15‬‬ ‫س ــنة بش ــكل رس ــمي مص ــادق علي ــه م ــن وزارة‬ ‫الزراع ــة ك ـ أول مزرع ــة فط ـ ٍـر ف ــي الع ـراق‬ ‫وتط ــورت بم ــرور الزم ــن لتصب ــح ه ــي األكب ــر‬ ‫م ــن نوعه ــا واألكث ــر تقدم ـ ًـا وانتاج ـ ًـا‪ ،‬وأنش ــأت‬ ‫بجه ــود ش ــخصية م ــن قبل ــه وم ــن دون أي‬

‫دع ــم حكوم ــي يذك ــر أو رعاي ــة زراعي ــة لدع ــم‬ ‫املزارعيــن واملطوريــن لهــذا العمــل بمــا يواكــب‬ ‫التق ــدم الزراع ــي الحاص ــل ف ــي دول العال ــم‬ ‫املتقد م ــة‪.‬‬ ‫ويوض ــح إن املزرع ــة تتك ــون م ــن ‪ 3‬غ ــرف‬ ‫رئيس ــية األول ــى غرف ــة التحضي ــر وه ــي خاص ــة‬ ‫بمرحل ــة التخمي ــر (الكومب ــوس) املتكون ــة م ــن‬ ‫مــواد كيميائــي تحضــر مــن مخلفــات الدجــاج‬ ‫والتبــن وبــورك البنــاء ومــادة اليوريــا الكيميائيــة‬ ‫وامل ــاء وبنس ــب معين ــة تخل ــط بش ــكل م ــدروس‬

‫لتص ــل إل ــى مرحل ــة انت ــاج امل ــادة املطلوب ــة‪.‬‬ ‫ويتاب ــع إن الغرف ــة الثاني ــة تس ــمى بالبس ــترة‬ ‫وه ــي خاص ــة بتعقي ــم الكومب ــوس النات ــج م ــن‬ ‫الغرف ــة الس ــابقة و تبق ــى به ــا امل ــادة م ــن ‪6‬‬ ‫أي ــام إل ــى ‪ 8‬بدرج ــات ح ـرارة متفاوت ــة تب ــدء‬ ‫م ــن ‪ 62°‬إل ــى ‪ 54°‬لينتق ــل بعده ــا إل ــى املرحل ــة‬ ‫الثالث ــة وه ــي مرحل ــة التحضي ــن وتس ــتقر به ــا‬ ‫امل ــادة مل ــا يق ــارب ‪ 20‬ي ــوم حت ــى تب ــدء بانت ــاج‬ ‫الفط ــر بش ــكل حب ــوب بيض ــاء صغي ــرة تكب ــر‬ ‫بم ــرور الوق ــت لتصب ــح فط ــر ناض ــج صال ــح‬

‫لالس ــتخدام البش ــري‪.‬‬ ‫انتاج البذور‬ ‫يوض ــح املوس ــوي أن الحص ــول عل ــى الب ــذور‬ ‫الالزم ــة لإلنت ــاج م ــن أصع ــب مراح ــل العم ــل‬ ‫وال يتق ــن صناعته ــا إل ــى م ــن تم ــرس به ــا وع ــرف‬ ‫أس ـرارها‪ ،‬وحصل ــت عل ــى املس ــاعدات‬ ‫اإلرشــادية عبــر التعــاون مــع املزارعيــن العــرب‬ ‫مث ــل األس ــتاذ جم ــال جحج ــاج األردن ــي وال ــذي‬ ‫س ــاهم كثي ـ ًرا بتطوي ــر ه ــذه املرحل ــة‪.‬‬ ‫ـدا ف ــي‬ ‫ويؤك ــد إن املنتدي ــات العربي ــة مهم ــة ج ـ ً‬ ‫التع ــاون وتب ــادل الخب ـرات وه ــذا م ــا يفتق ــر‬ ‫إلي ــه الع ـراق بس ــبب غي ــاب الدع ــم الحكوم ــي‬ ‫وع ــدم انتش ــار ه ــذه املهن ــة و صعوبته ــا‪ ،‬ويت ــم‬ ‫انت ــاج الب ــذور عب ــر س ــحب عين ــة م ــن قل ــب‬ ‫الفط ــر ويت ــم تنميته ــا عب ــر بيئ ــة معين ــة وم ــواد‬ ‫كيميائي ــة خاص ــة ليت ــم مكاثرته ــا واالس ــتفادة‬ ‫منهــا بالزراعــة أو بيعهــا فــي الســوق للمزارعيــن‪.‬‬ ‫التسويق‬ ‫ف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬يوض ــح امل ـزارع حس ــن‬ ‫املوس ــوي‪ ،‬أن عملي ــة التس ــويق تب ــدء بع ــد‬ ‫إكم ــال مراح ــل نض ــج الفط ــر ليغل ــف بط ــرق‬ ‫حديث ــة ويجه ــز إلرس ــاله إل ــى املحافظ ــات‬ ‫العراقي ــة‪ ،‬ولك ــن حاج ــة الس ــوق الفعلي ــة‬ ‫تحت ــاج إل ــى املزي ــد م ــن امل ـزارع ليت ــم تغطيه ــا‬ ‫وه ــذا األم ــر الب ــد أن تلف ــت إلي ــه الحكوم ــة ف ــي‬ ‫تطويــره واالهتمــام بــه‪ ،‬واألســواق اآلن يغزوهــا‬ ‫الفط ــر اإليران ــي وبأس ــعار رخيص ــة تجع ــل‬ ‫املنت ــوج العراق ــي ضعي ــف أم ــام املس ــتورد و‬ ‫ل ــك م ــا ننتج ــه م ــن فط ــر يعتب ــر م ــن أج ــود‬ ‫األنــواع وال يمكــن مقارنتــه بــأي نــوع آخــر يتــم‬ ‫ا س ــتيراده‪.‬‬ ‫ويضي ــف إن س ــعر الكيل ــو غ ـرام الواح ــد‬ ‫‪ 5‬آالف دين ــار عراق ــي‪ ،‬أغلب ــه يس ــوق م ــن‬ ‫داخ ــل املزرع ــة بس ــبب موقعه ــا الجغراف ــي‬ ‫بي ــن املحافظ ــات الوس ــطى والجنوبي ــة‪،‬‬ ‫والفائــض منــه يبــاع بشــكل مباشــر فــي مراكــز‬ ‫البي ــع املخصص ــة ومغل ــف بصنادي ــق ت ــزن ‪7‬‬ ‫كيلوغ ــرام‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق في خطر‪..‬‬

‫هل تجاوز سرّ الحياة‬

‫الخطوط الحمراء؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫دخ ــل الوض ــع املائ ــي ف ــي الع ـراق "الخط ــوط الحم ـراء"‬ ‫بالنس ــبة لإلجه ــاد املائ ــي‪ ،‬فيم ــا تش ــير األرق ــام األولي ــة‬ ‫للخزيــن املائــي إلــى "مســتوى خطيــر" كونــه ال يتناســب‬ ‫م ــع كمي ــة االس ــتهالكات املختلف ــة للمي ــاه ف ــي الب ــاد‪،‬‬ ‫حس ــبما أف ــاد ب ــه خب ـراء ف ــي الش ــأن املائ ــي‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪97‬‬

‫‪98‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق في خطر‪ ..‬هل تجاوز سرّ الحياة الخطوط الحمراء؟‬

‫يتزامــن ذلــك مــع عــدم التوصــل التفــاق يلــزم‬ ‫ال ــدول املش ــاركة املائي ــة بإط ــاق حص ــص‬ ‫الع ـراق املائي ــة‪ ،‬م ــا ين ــذر بـ"وض ــع صع ــب م ــع‬ ‫ارتف ــاع للملوث ــات وش ــحة كبي ــرة ف ــي مناط ــق‬ ‫ذنائ ــب النه ــر"‪ ،‬وف ــق الخب ـراء‪.‬‬ ‫وه ــذا جميع ــه انعك ــس عل ــى مجم ــل الخط ــة‬ ‫الزراعي ــة الصيفي ــة والش ــتوية وتقلي ــص‬ ‫املس ــاحات الزراعي ــة‪ ،‬م ــا دف ــع الحكوم ــة‬ ‫العراقي ــة ممثل ــة ب ــوزارة الزراع ــة إل ــى التوس ــع‬ ‫ف ــي منظوم ــات ال ــري الحديث ــة الت ــي س ــاهمت‬ ‫بزي ــادة الغل ــة اإلنتاجي ــة وترش ــيد اس ــتخدام‬ ‫املي ــاه باإلضاف ــة إل ــى زي ــادة املس ــاحات‬ ‫املزروع ــة خاص ــة ف ــي املناط ــق الصحراوي ــة‪.‬‬ ‫ويب ــدأ موس ــم األمط ــار ف ــي الع ـراق م ــع‬ ‫منتص ــف ش ــهر تش ــرين األول‪/‬أكتوب ــر ف ــي‬ ‫املناطــق الشــمالية‪ ،‬وتتبعهــا مناطــق الوســط‬ ‫والجن ــوب ف ــي بداي ــة تش ــرين الثاني‪/‬نوفمب ــر‪،‬‬ ‫ونهاي ــة موس ــم األمط ــار يك ــون م ــع منتص ــف‬ ‫ش ــهر أيار‪/‬ماي ــو‪ ،‬بحس ــب الراص ــد الج ــوي‪،‬‬ ‫ص ــادق عطي ــة‪.‬‬

‫وأوض ــح عطي ــة‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "بداي ــة‬ ‫املوس ــم كان ــت غي ــر مبش ــرة وال تلب ــي الطم ــوح‬ ‫م ــن حي ــث كمي ــة األمط ــار‪ ،‬وه ــذا ال يخ ــص‬ ‫الع ـراق وح ــده وإنم ــا دول املنطق ــة وعم ــوم‬ ‫دول الش ــرق األوس ــط‪ ،‬تعان ــي م ــن تمرك ــز‬ ‫مرتف ــع ج ــوي ف ــي الطبق ــات العلي ــا‪ ،‬وع ــادة‬ ‫املرتفع ــات تس ــبب االس ــتقرار ف ــي األج ــواء"‪.‬‬ ‫وأضــاف‪" :‬رافــق ذلــك تناقصـ ًـا فــي عــدد نــزوالت‬ ‫الهــواء البــارد التــي تســمى بـ(الدوامــة القطبيــة)‬ ‫وه ــذه ع ــادة م ــا تس ــبب ح ــاالت جوي ــة غزي ــرة‪،‬‬ ‫ونتيجــة لذلــك لــم تتعــرض مناطــق فــي العـراق‬ ‫حتــى لقط ـرات مــن األمطــار‪ ،‬باإلضافــة إلــى أن‬ ‫العدي ــد م ــن امل ــدن س ــجلت أق ــل م ــن املع ــدل‬ ‫ول ــم تص ــل إل ــى نص ــف الكمي ــة الت ــي كان ــت‬ ‫تصلهــا فــي هــذا الوقــت مــن العــام"‪.‬‬ ‫لك ــن موس ــم األمط ــار ل ــم ينت ــه بع ــد‪ ،‬وال ي ـزال‬ ‫ف ــي منتصف ــه‪ ،‬وم ــن املتوق ــع ح ــدوث ح ــاالت‬ ‫جويــة فــي موســم الربيــع‪ ،‬لكــن ليســت غزيــرة‪،‬‬ ‫ب ــل ربم ــا مش ــابهة لكمي ــات املوس ــم الس ــابق‪،‬‬ ‫ورغ ــم كل ذل ــك م ــن الصع ــب إط ــاق كلم ــة‬

‫(الجف ــاف) عل ــى املوس ــم‪ ،‬لوج ــود مناط ــق‬ ‫زراعي ــة وأنه ــار‪ ،‬وبالتال ــي األرض ل ــم تج ــف‬ ‫بع ــد‪ ،‬وفق ـ ًـا للراص ــد الج ــوي‪.‬‬ ‫أم ــا الخبي ــر ف ــي مج ــال املي ــاه‪ ،‬تحس ــين‬ ‫املوس ــوي‪ ،‬ف ـرأى أن "الوض ــع املال ــي ف ــي‬ ‫الع ـراق دخ ــل الخط ــوط الحم ـراء بالنس ــبة‬ ‫لإلجه ــاد املائ ــي‪ ،‬ورغ ــم تصني ــف تقري ــر أمم ــي‬ ‫الع ـراق باملرتبــة ‪ ،24‬لكــن ال توجــد مصارحــة‬ ‫حقيقي ــة ح ــول الخزي ــن املائ ــي"‪.‬‬ ‫وكش ــف املوس ــوي للوكال ــة‪ ،‬أن "األرق ــام‬ ‫األولي ــة تش ــير إل ــى أن هن ــاك خزين ـ ًـا ال يتج ــاوز‬ ‫‪ 20‬ملي ــار مت ــر مكع ــب‪ ،‬وه ــذا خزي ــن خطي ــر‪،‬‬ ‫ك ــون اس ــتهالكات املي ــاه املختلف ــة (الزراعي ــة‬ ‫والصناعي ــة والحياتي ــة) تص ــل إل ــى ح ــدود ‪48‬‬ ‫مليــار متــر مكعــب‪ ،‬باإلضافــة إلــى مــا نحتاجــه‬ ‫م ــن انع ــاش األه ــوار ودف ــع اللس ــان املحل ــي‬ ‫بالنس ــبة لش ــط الع ــرب"‪.‬‬ ‫وبي ــن أن "الع ـراق ارتك ــب خط ــأ عندم ــا ذه ــب‬ ‫إل ــى الزراع ــة الصيفي ــة لل ــرز الت ــي تس ــتهلك‬ ‫كمي ــات كبي ــرة م ــن املي ــاه‪ ،‬ول ــم تس ــتطع‬

‫وزارتــي املــوارد املائيــة والزراعــة الســيطرة علــى‬ ‫املس ــاحات‪ ،‬وبالتال ــي ت ــم اس ــتهالك كمي ــات‬ ‫كبي ــرة‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‬ ‫الت ــي تأخ ــذ نس ــبة عالي ــة م ــن التبخ ــر"‪.‬‬ ‫ولفــت إلــى أن ذلــك رافقتــه الظــروف اإلقليميــة‬ ‫واألحــداث األخيــرة فــي ســوريا وتعطيــل منظومــة‬ ‫س ــد تش ــرين‪ ،‬وه ــذا س ــيؤدي إل ــى ش ــحة كبي ــرة‬ ‫لنهــر الفـرات‪ ،‬كمــا أن الجانــب التر ـكـي قلــل مــن‬ ‫إطالقــات امليــاه مــن ســد أليســو باتجــاه دجلــة‬ ‫م ــن ‪ 500‬مت ــر مكع ــب إل ــى ‪ 75‬مت ــر مكع ــب‬ ‫حس ــب تصري ــح وزارة امل ــوارد املائي ــة‪ ،‬وه ــذا‬ ‫ين ــذر بخط ــر ش ــديد‪ ،‬خاص ــة وأن س ــاقطات‬ ‫ه ــذا الع ــام بالنس ــبة للم ــوارد املائي ــة قليل ــة‬ ‫ـدا"‪.‬‬ ‫جـ ً‬ ‫وأشــار الخبيــر املائــي‪ ،‬إلــى أن "االعتمــاد حاليـ ًـا‬ ‫ه ــو عل ــى اإلي ـرادات الداخلي ــة عب ــر ذوب ــان‬ ‫الثل ــوج لزي ــادة الخزي ــن‪ ،‬وه ــذه ل ــن تس ــد‬ ‫الحاج ــة‪ ،‬م ــا يؤك ــد ض ــرورة التوص ــل التف ــاق‬ ‫يلــزم الــدول املشــاركة املائيــة بإطــاق حصــص‬ ‫الع ـراق املائي ــة‪ ،‬وإال س ــيكون الوض ــع صعب ـ ًـا‬

‫م ــع ارتف ــاع امللوث ــات والش ــحة الكبي ــرة الت ــي‬ ‫ستش ــهدها مناط ــق ذنائ ــب النه ــر"‪.‬‬ ‫ويواجــه العـراق منــذ ســنوات تغيـرات مناخيــة‬ ‫كبيــرة وقلــة فــي اإلي ـرادات املائيــة لنهــري دجلــة‬ ‫والف ـرات‪ ،‬م ــا انعكس ــت عل ــى مجم ــل الخط ــة‬ ‫الزراعي ــة الصيفي ــة والش ــتوية وتقلي ــص‬ ‫املس ــاحات الزراعي ــة‪ ،‬بحس ــب وكي ــل وزي ــر‬ ‫الزراع ــة‪ ،‬مه ــدي الجب ــوري‪.‬‬ ‫وذك ــر الجب ــوري‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"الحكوم ــة ضم ــن برنامجه ــا ال ــوزاري دعم ــت‬ ‫القط ــاع الزراع ــي بتوفي ــر منظوم ــات ال ــري‬ ‫الحديث ــة‪ ،‬بدوره ــا س ــعت وزارة الزراع ــة‬ ‫للتعاق ــد م ــع الش ــركات العاملي ــة الرصين ــة ف ــي‬ ‫منظوم ــات ال ــري الحديث ــة"‪.‬‬ ‫ولفــت إلــى أن "هــذه التعاقــدات أثمــرت خــال‬ ‫عام ــي ‪ 2024-2023‬بالتعاق ــد عل ــى ‪ 13‬أل ــف‬ ‫منظومــة ري حديثــة تغطــي مســاحة أكثــر مــن‬ ‫ملي ــون دون ــم‪ ،‬وبإضاف ــة نص ــف ملي ــون دون ــم‬ ‫الس ــابقة‪ ،‬يصب ــح مجم ــوع املس ــاحات الت ــي‬ ‫تغط ــى بمنظوم ــات ال ــري الحديث ــة املدعوم ــة‬ ‫مــن قبــل وزارة الزراعــة بحــدود مليــون ونصــف‬ ‫امللي ــون دون ــم"‪.‬‬ ‫وزاد بالقــول‪" :‬هنــاك مســاحات مزروعــة تحــت‬ ‫منظوم ــات ال ــري الحديث ــة م ــن قب ــل القط ــاع‬ ‫الخ ــاص وش ـراء املنظوم ــات عل ــى نفق ــة‬ ‫املزارعيــن‪ ،‬وبالتالــي بلغــت املســاحات املزروعــة‬ ‫ـادا‬ ‫تح ــت منظوم ــات ال ــري الحديث ــة اعتم ـ ً‬ ‫عل ــى املي ــاه الجوفي ــة بح ــدود ‪ 3‬ماليي ــن و‪100‬‬ ‫أل ــف دون ــم‪ ،‬والتوج ــه الحال ــي ه ــو الوص ــول‬ ‫إل ــى تغطي ــة مس ــاحة ‪ 4‬ماليي ــن دون ــم تح ــت‬ ‫منظوم ــات ال ــري الحديث ــة"‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫وأك ــد الجب ــوري‪ ،‬أن "توج ــه ال ــوزارة ه ــذا‪،‬‬ ‫س ــيوفر األم ــن الغذائ ــي املس ــتدام ملحص ــول‬ ‫الحنط ــة ال ــذي يغط ــي مف ــردات البطاق ــة‬ ‫التمويني ــة‪ ،‬خاص ــة وأن الع ـراق س ـ ّـوق خ ــال‬ ‫موس ــمي ‪ 2023‬و‪ 2024‬بح ــدود ‪ 11‬ملي ــون‬ ‫طــن مــن الحنطــة إلــى ســايلوات وزارة التجــارة‪،‬‬ ‫وبالتال ــي غط ــت االكتف ــاء الذات ــي للع ـراق‬ ‫نتيج ــة التوس ــع ف ــي املس ــاحات املزروع ــة م ــن‬ ‫محص ــول الحنط ــة تح ــت منظوم ــات ال ــري‬ ‫الحديث ــة"‪.‬‬ ‫ونب ــه إل ــى أن "التوس ــع ف ــي منظوم ــات ال ــري‬ ‫الحديثــة ســاهم بزيــادة الغلــة اإلنتاجيــة التــي‬ ‫تج ــاوزت ط ــن واح ــد ل ــكل دون ــم م ــزروع م ــن‬ ‫محص ــول الحنط ــة متفوق ــة عل ــى املناط ــق‬ ‫املروي ــة الت ــي كان ــت ال تتج ــاوز ‪ 850‬كغ ــم‬ ‫للدون ــم الواح ــد‪ ،‬كم ــا س ــاهمت منظوم ــات‬ ‫ال ــري الحديث ــة بترش ــيد اس ــتخدام املي ــاه‬ ‫باإلضاف ــة إل ــى زي ــادة املس ــاحات املزروع ــة‬ ‫خاص ــة ف ــي املناط ــق الصحراوي ــة‪ ،‬وبالتال ــي‬ ‫أث ــرت إيجاب ـ ًـا عل ــى البيئ ــة العراقي ــة بتحس ــن‬ ‫ـتقبال"‪.‬‬ ‫املن ــاخ مس ـ ً‬ ‫وخل ــص الجب ــوري‪ ،‬إل ــى أن "زي ــادة املس ــاحات‬ ‫املزروعــة ينعكــس إيجابـ ًـا علــى اإلنتــاج الزراعــي‬ ‫لي ــس ملحص ــول الحنط ــة فق ــط ب ــل هن ــاك‬ ‫توس ــع كبي ــر باس ــتخدام منظوم ــات ال ــري‬ ‫الحديثــة الثابتــة والتنقيــط لزراعــة محاصيــل‬ ‫الخضــر الصيفيــة والشــتوية‪ ،‬وبالتالــي وفــرت‬ ‫املنتــج الزراعــي املحلــي مــن محاصيــل الخضــر‬ ‫املوجــودة فــي األســواق والتــي أدت إلــى اســتقرار‬ ‫األس ــواق ف ــي الفت ــرة األخي ــرة"‪.‬‬

‫« موسم األمطار لم ينته بعد‪ ،‬وال‬ ‫يزال في منتصفه‪ ،‬ومن المتوقع‬ ‫حدوث حاالت جوية في موسم‬ ‫الربيع‪ ،‬لكن ليست غزيرة‪ ،‬بل ربما‬ ‫مشابهة لكميات الموسم السابق»‪.‬‬

‫«العراق ارتكب خطأ عندما ذهب إلى‬ ‫الزراعة الصيفية للرز التي تستهلك‬ ‫كميات كبيرة من المياه‪ ،‬ولم تستطع‬ ‫وزارتي الموارد المائية والزراعة‬ ‫السيطرة على المساحات»‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪101 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫الشباب في العراق‪..‬‬

‫دعوات لتطبيق النظام‬ ‫األوروبي لتحقيق أحالمهم‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ـنويا ف ــي الع ــراق‪ ،‬أع ــداد‬ ‫‪ 350‬أل ــف ش ــاب وش ــابة يتخرج ــون س ـ ً‬ ‫يراهــا برملانيــون وخبــراء اقتصاديــون ضخمــة تفــوق قــدرة القطــاع‬ ‫الحكوم ــي ف ــي أي دول ــة بالعال ــم لتوظيفه ــم‪ ،‬ف ــي وق ــت يعان ــي‬ ‫االقتصــاد العراقــي مــن "تخلــف بنيــوي" وإهمــال للقطــاع الخــاص‪،‬‬ ‫م ــا يجع ــل الخريج ــون يعان ــون م ــن تحدي ــات متزاي ــدة ف ــي تحقي ــق‬ ‫أحالمه ــم بالعث ــور عل ــى ف ــرص عم ــل‪.‬‬

‫وتع ــود أس ــباب البطال ــة املس ــتفحلة ف ــي‬ ‫الع ـراق إل ــى االهتم ــام بالقط ــاع الحكوم ــي‬ ‫عل ــى حس ــاب القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬وف ــق النائ ــب‬ ‫ج ــواد اليس ــاري‪ ،‬مبين ـ ًـا أن "الدول ــة اس ــتندت‬ ‫إل ــى القط ــاع الحكوم ــي وأهمل ــت القطاع ــات‬ ‫الخاص ــة‪ ،‬منه ــا عل ــى س ــبيل املث ــال الزراع ــة‪،‬‬ ‫م ــا أدى إل ــى ت ــرك الف ــاح مص ــدر رزق ــه الزراع ــي‬ ‫والبح ــث ع ــن وظيف ــة حكومي ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد اليس ــاري ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الح ــل‬ ‫يك ــون بالتوج ــه للقط ــاع الخ ــاص م ــع وض ــع‬ ‫ضوابــط وقوانيــن تحمــي الوظائــف والقطاعــات‬ ‫م ــن التج ــاوز عليه ــا م ــن اآلخري ــن‪ ،‬وذل ــك عب ــر‬ ‫تفعي ــل الوظيف ــة الواح ــدة ومن ــع الجم ــع بي ــن‬ ‫الوظيفتيــن الحكوميــة والخاصــة‪ ،‬بمــا فــي ذلــك‬ ‫من ــع املوظ ــف م ــن العم ــل س ــائق أج ــرة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع النائ ــب حديث ــه قائ ـ ًـا‪" ،‬وكذل ــك تفعي ــل‬ ‫القطاع ــات الخاص ــة س ــواء ف ــي الط ــب أو‬ ‫الصناع ــة أو التج ــارة أو الزراع ــة‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫وض ــع روات ــب له ــا تس ــاوي م ــا يحص ــل علي ــه‬ ‫نظراؤه ــم ف ــي القط ــاع الحكوم ــي"‪.‬‬ ‫وه ــذا م ــا تطال ــب ب ــه أيض ـ ًـا النائ ــب‪ ،‬ابتس ــام‬ ‫الهالل ــي‪ ،‬الت ــي ش ــددت عل ــى ض ــرورة "تفعي ــل‬

‫القط ــاع الخ ــاص واملصان ــع واالس ــتثمارات‬ ‫لتضــم الخريجيــن"‪ ،‬مؤكــدة ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن‬ ‫"تصويــت البرملــان علــى قانــون الضمــان ‪ -‬الــذي‬ ‫ل ــه ممي ـزات منه ــا التقاع ــد ‪ -‬ش ــجع الخريجي ــن‬ ‫علــى اإلقبــال نحــو القطــاع الخــاص‪ ،‬وســيكون‬ ‫ـركا لتفعي ــل القط ــاع‬ ‫ملجل ــس الن ــواب تح ـ ً‬ ‫الخ ــاص أكث ــر ف ــي مقب ــل األي ــام"‪.‬‬ ‫تحديات متزايدة‬ ‫ويعان ــي الخريج ــون ف ــي الع ـراق م ــن تحدي ــات‬ ‫متزاي ــدة ف ــي العث ــور عل ــى ف ــرص عم ــل‪ ،‬خاص ــة‬ ‫م ــع محدودي ــة التوظي ــف ف ــي القط ــاع الع ــام‬ ‫ال ــذي يعان ــي م ــن التره ــل الوظيف ــي الخطي ــر‪،‬‬ ‫واعتم ــاد االقتص ــاد عل ــى الري ــع النفط ــي‪ ،‬وف ــق‬ ‫الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أحم ــد عي ــد‪.‬‬ ‫ويضي ــف عي ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "رغ ــم‬ ‫اإلمكاني ــات الكبي ــرة الت ــي يمتلكه ــا الع ـراق ف ــي‬ ‫تأهي ــل وتطوي ــر القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬إال أن ــه‬ ‫م ــا ي ـزال غي ــر ق ــادر عل ــى اس ــتيعاب األع ــداد‬ ‫املتزاي ــدة م ــن الخريجي ــن بس ــبب بيئ ــة األعم ــال‬ ‫غيــر املســتقرة‪ ،‬والبيروقراطيــة‪ ،‬وهيمنــة بعــض‬ ‫الجه ــات غي ــر الرس ــمية عل ــى مفاص ــل الدول ــة‪،‬‬ ‫ومنه ــا مفاص ــل مهم ــة ف ــي القط ــاع الخ ــاص"‪.‬‬

‫ويؤك ــد الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أن "م ــن أه ــم‬ ‫الفــرص املفقــودة للخريجيــن فــي الع ـراق قطــاع‬ ‫التكنولوجي ــا والرقمن ــة‪ ،‬ورغ ــم تزاي ــد الطل ــب‬ ‫عل ــى امله ــارات التقني ــة‪ ،‬إال أن غي ــاب الدع ــم‬ ‫الحكوم ــي واملب ــادرات االس ــتثمارية يح ــرم‬ ‫الخريجي ــن م ــن ف ــرص العم ــل ف ــي ه ــذا املج ــال‬ ‫الحي ــوي "‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن "الزراعــة والصناعــات التحويليــة‬ ‫والصناع ــات املرتبط ــة به ــا يمك ــن أن يك ــون‬ ‫ـركا رئيس ـ ًـيا للتوظي ــف‪ ،‬لك ــن ضع ــف‬ ‫مح ـ ً‬ ‫التخطيــط والتمويــل يمنــع االســتفادة مــن هــذه‬ ‫اإلمكاني ــة"‪.‬‬ ‫ويكم ــل‪" ،‬كم ــا أن القط ــاع املصرف ــي واملال ــي‬ ‫يعان ــي م ــن اخت ــاالت ومش ــاكل كبي ــرة‪ ،‬فض ـ ًـا‬ ‫ع ــن ع ــدم االس ــتفادة م ــن بيئ ــة االقتص ــاد‬ ‫التش ــاركي الت ــي يمك ــن أن تحق ــق إنج ــازات‬ ‫عظيم ــة ف ــي توفي ــر ف ــرص العم ــل‪ ،‬مل ــا للتموي ــل‬ ‫اإلس ــامي والبن ــوك التش ــاركية أهمي ــة بالغ ــة‬ ‫ف ــي تحقي ــق النم ــو املس ــتدام‪ ،‬فالع ـراق ل ــم‬ ‫يس ــتغل ه ــذا القط ــاع لتوفي ــر ف ــرص عم ــل‬

‫واس ــعة للخريجي ــن املتخصصي ــن ف ــي املالي ــة‬ ‫واملصرفي ــة"‪.‬‬ ‫وبالحدي ــث ع ــن قط ــاع الس ــياحة والخدم ــات‪،‬‬ ‫ف ــإن "الع ـراق يمل ــك مقوم ــات س ــياحية‬ ‫ضخم ــة‪ ،‬لك ــن اإلهم ــال واالفتق ــار إل ــى البني ــة‬ ‫التحتي ــة يح ـ ّـدان م ــن إمكاني ــة تحويل ــه إل ــى‬ ‫مصــدر أسا�ســي لفــرص العمــل"‪ ،‬بحســب عيــد‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أن "الحل ــول‬ ‫واملعالجــات تكمــن فــي إعــادة هيكلــة االقتصــاد‬ ‫ودع ــم القط ــاع الخ ــاص م ــن خ ــال تش ــريعات‬ ‫تحم ــي املس ــتثمرين وتوف ــر بيئ ــة عم ــل‬ ‫مس ــتقرة‪ ،‬إل ــى جان ــب تعزي ــز التعلي ــم املنه ــي‬ ‫وربطــه باحتياجــات الســوق‪ ،‬ألن عــدم تحقيــق‬ ‫إصالح ــات جذري ــة‪ ،‬س ــيبقي الش ــباب العراق ــي‬ ‫عالق ـ ًـا بي ــن البطال ــة والهج ــرة‪ ،‬وه ــو م ــا يمث ــل‬ ‫خس ــارة كب ــرى لالقتص ــاد الوطن ــي م ــن الث ــروة‬ ‫البش ــرية"‪.‬‬ ‫التجربة األوروبية‬ ‫ويتفــق الخبيــر االقتصــادي‪ ،‬كريــم الحلــو‪ ،‬مــع‬ ‫مــا ذهــب إليــه أحمــد عيــد بشــأن أهميــة تعزيــز‬

‫التعلي ــم املنه ــي‪ ،‬لكن ــه يق ــول ف ــي بداي ــة حديث ــه‬ ‫إن "النظــام الدولــي فــي التوظيــف يكــون مــن ‪15‬‬ ‫إل ــى ‪ 20‬باملائ ــة‪ ،‬وه ــؤالء ي ّ‬ ‫عين ــون ف ــي املؤسس ــات‬ ‫ُ‬ ‫وال ــوزارات الحكومي ــة‪ ،‬أم ــا الباق ــي فيتج ــه نح ــو‬ ‫القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬وه ــذا م ــا معم ــول ب ــه عل ــى‬ ‫س ــبيل املث ــال ف ــي أوروب ــا"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الحل ــو ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الحكوم ــات‬ ‫األوروبي ــة مكن ــت القط ــاع الخ ــاص م ــن إقام ــة‬ ‫مصانــع ومشــاريع وخدمــات ضخمــة لتســتوعب‬ ‫ش ــبابها وحت ــى األجان ــب واملهاجري ــن القادمي ــن‬ ‫إليه ــا‪ ،‬مل ــا يوف ــر ه ــذا القط ــاع م ــن رفاهي ــة‬ ‫للعاملي ــن وروات ــب ربم ــا أعل ــى م ــن القط ــاع‬ ‫الحكومــي‪ ،‬كمــا أن للــكل راتــب تقاعــدي‪ ،‬وهــذا‬ ‫عام ــل نف�س ــي مه ــم"‪.‬‬ ‫ويبي ــن‪ ،‬أن "الش ــباب العراقيي ــن الذي ــن‬ ‫ّ‬ ‫يعمل ــون ف ــي القط ــاع الخ ــاص داخ ــل الع ـراق‪،‬‬ ‫يفتق ــدون له ــذا العام ــل النف�س ــي واالقتص ــادي‬ ‫واالجتماع ــي‪ ،‬لذل ــك ال يرغب ــون بالقط ــاع‬ ‫الخ ــاص‪ ،‬لك ــن م ــن هاج ــر منه ــم إل ــى أوروب ــا‬ ‫لج ــأ إل ــى القط ــاع الخ ــاص هن ــاك لوج ــود تل ــك‬

‫االمتي ــازات في ــه‪ ،‬وأبرزه ــا الضم ــان والتقاع ــد‪،‬‬ ‫له ــذا نج ــح القط ــاع الخ ــاص لديه ــم"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الحل ــو‪" ،‬أم ــا ف ــي الع ـراق وف ــي ظ ــل‬ ‫ـنويا‪ ،‬فم ــن‬ ‫تخ ــرج ‪ 350‬أل ــف ش ــاب وش ــابة س ـ ً‬ ‫غيــر املمكــن ألي دولــة فــي العالــم أن تســتوعبهم‬ ‫بالقط ــاع الحكوم ــي‪ ،‬خاص ــة ف ــي ظ ــل م ــا يعان ــي‬ ‫من ــه الع ـراق م ــن تحدي ــات اقتصادي ــة وتره ــل‬ ‫وظيف ــي وتخل ــف بني ــوي"‪.‬‬ ‫وي ــرى‪ ،‬أن "م ــا يفاق ــم الوض ــع ف ــي الع ـراق ه ــو‬ ‫فتــح كليــات جديــدة كل فتــرة‪ ،‬بينمــا يتــم إهمــال‬ ‫القط ــاع املنه ــي‪ ،‬لذل ــك يالح ــظ وج ــود نق ــص‬ ‫كبي ــر ف ــي أع ــداد املهنيي ــن املحترفي ــن‪ ،‬وبالتال ــي‬ ‫يت ــم االعتم ــاد عل ــى الخب ـراء األجان ــب"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "التعلي ــم املنه ــي ينبغ ــي أن يك ــون‬ ‫االهتم ــام ب ــه كم ــا ف ــي أوروب ــا ال ــذي يلج ــأ إلي ــه‬ ‫أغلــب الطلبــة هنــاك ملــا يوفــر مــن فــرص عمــل‬ ‫كثيــرة لهــم‪ ،‬وهــذا مــا ينبغــي تطبيقــه فــي الع ـراق‬ ‫أيض ـ ًـا"‪.‬‬

‫« عدم تحقيق‬ ‫إصالحات جذرية‪،‬‬ ‫سيبقي الشباب‬ ‫العراقي عالقاً بين‬ ‫البطالة والهجرة‪،‬‬ ‫وهو ما يمثل خسارة‬ ‫كبرى لالقتصاد‬ ‫الوطني من الثروة‬ ‫البشرية »‪..‬‬

‫‪102‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪103 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫التوك توك في بغداد‪..‬‬

‫صراع حياة وسط‬ ‫شوشرة الشوارع‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫على مدى العقد املا�ضي‪ ،‬أصبحت دراجات التوك توك‬ ‫ً‬ ‫أساسيا من الحياة اليومية في بغداد‪ ،‬إذ يعتمد‬ ‫جزءا‬ ‫ً‬ ‫عليها الكثيرون كمصدررئي�سي للدخل‪ ،‬ما يعكس‬ ‫أهميتها االقتصادية في ظل الظروف الراهنة‪.‬‬

‫لك ــن عل ــى الش ــق األخ ــر‪ ،‬يتع ــرض أصح ــاب‬ ‫الت ــوك الت ــوك إلنتق ــادات واس ــعة ومطالب ــات‬ ‫بحظره ــا ف ــي الش ــوارع‪ ،‬فتجده ــم بمظهره ــم‬ ‫الفري ــد ال ــذي يجم ــع بي ــن الش ــعر الطوي ــل‬ ‫ومالب ــس بس ــيطة وقي ــادة ال تخل ــو م ــن الته ــور‬ ‫ترافقه ــا أص ــوات األغان ــي العالي ــة‪.‬‬

‫وتعــود أصــول التــوك تــوك‪ ،‬وهــي دراجــة ناريــة‪،‬‬ ‫إلــى اليابــان فــي ثالثينيــات القــرن املا�ضــي‪ ،‬اذ تــم‬ ‫تطوي ــر أول عرب ــات الريكش ــا اآللي ــة وتصدي ــر‬ ‫نم ــاذج مبك ــرة منه ــا إل ــى بل ــدان مختلف ــة‪ ،‬بم ــا‬ ‫ف ــي ذل ــك تايالن ــد‪ ،‬حي ــث خضع ــت للعدي ــد م ــن‬ ‫التعدي ــات لتناس ــب االحتياج ــات املحلي ــة‪.‬‬ ‫وتســتخدم هــذه الدراجــات فــي الوقــت الحاضــر‬ ‫بع ــدد م ــن ال ــدول كالهن ــد والصي ــن والفلبي ــن‬ ‫وبع ــض البل ــدان العربي ــة‪ ،‬فيم ــا دخل ــت ال ــى‬ ‫الع ـراق ألول م ــرة ع ــام ‪.2015‬‬ ‫ووف ــق مديري ــة امل ــرور العام ــة‪،‬‬ ‫دخل ــت ه ــذه دراج ــات بصف ــة‬ ‫الع ــاب‪ ،‬وال توج ــد لديه ــا أولي ــات‬ ‫أو أوراق رس ــمية‪ ،‬ويبل ــغ عدده ــا‬ ‫نح ــو ملي ــون دراج ــة ف ــي عم ــوم‬ ‫الع ــراق‪.‬‬ ‫وق ــد ح ــاول مراس ــل مجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬الحص ــول عل ــى رد م ــن‬ ‫مديري ــة امل ــرور العام ــة‪ ،‬إال أنه ــا‬ ‫امتنعــت عــن اإلدالء بــأي تصريــح‪.‬‬ ‫وتق ــول رئيس ــة فري ــق أنقي ــاء‬ ‫الع ـراق للحف ــاظ عل ــى اآلث ــار‬ ‫والت ـراث‪ ،‬أس ــماء الش ــالجي‪ ،‬إن‬ ‫"الت ــوك ت ــوك بلغ ــت ش ــهرتها‬ ‫خ ــال أح ــداث تظاه ـرات تش ــرين‬ ‫األول ‪ ،2019‬ملش ــاركتها بنق ــل‬ ‫الجرح ــى واملصابي ــن‪ ،‬لك ــن بعده ــا‬ ‫ق ــام البع ــض م ــن أصحابه ــا بنق ــل‬ ‫املخ ــدرات"‪.‬‬ ‫وتؤكــد ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "الكثيــر‬ ‫م ــن الح ــوادث املروري ــة يع ــود‬ ‫ســببها إلــى أصحــاب التــوك تــوك"‪،‬‬ ‫مضيف ــة أن "ه ــذه الدراج ــات‬ ‫مفي ــدة ف ــي االختناق ــات املروري ــة‬ ‫واألحي ــاء الش ــعبية والط ــرق غي ــر‬ ‫املعب ــدة والت ــي يصع ــب دخ ــول‬ ‫الس ــيارات فيه ــا"‪.‬‬ ‫وتشــكل التــوك تــوك منافســا قويــاً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫لســيارات األجــرة فــي بغــداد بســبب‬ ‫أعداده ــا الكبي ــرة وتواجده ــا ف ــي‬ ‫املناط ــق الس ــكنية‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن‬ ‫أس ــعارها املناس ــبة؛ إذ يذك ــر‬

‫أحمد عبد ربه‬

‫محلل اقتصادي‬

‫عام ــا) أن أج ــرة‬ ‫املواط ــن حس ــين رحيم ــة (‪ً 34‬‬ ‫الت ــوك ت ــوك ال تتج ــاوز ‪ 2000‬دين ــار ملس ــافة‬ ‫قصيــرة مقارنـ ًـة بأجــرة ســيارات التاك�ســي التــي‬ ‫ال تقــل عــن ‪ 5000‬دينــار‪ ،‬فمــع ســهولة مرورهــا‬ ‫ف ــي االزدحام ــات‪ ،‬أصبح ــت الخي ــار األمث ــل‬ ‫للتنق ــل ف ــي األحي ــاء الش ــعبية‪.‬‬ ‫وللتعام ــل م ــع ب ــرودة فص ــل الش ــتاء‪ ،‬يق ــوم‬ ‫أصحــاب التــوك تــوك بتغليــف أماكــن جلــوس‬ ‫ال ــركاب‪ ،‬حي ــث ُتصم ــم الدراج ــة الس ــتيعاب‬ ‫ش ــخصين أو ثالث ــة فق ــط ف ــي املقع ــد الخلف ــي‪.‬‬ ‫لك ــن بع ــض الفتي ــات يمتنع ــن ع ــن اس ــتخدام‬ ‫ه ــذا الن ــوع م ــن وس ــائل النق ــل ألس ــباب‬ ‫متع ــددة؛ فبعضه ــن يش ــعرن بالخج ــل‪،‬‬ ‫بينم ــا تتحا�ش ــى أخري ــات الرك ــوب خش ــية م ــن‬ ‫التح ــرش واملضايق ــة‪ ،‬خاص ــة وأن أغل ــب‬ ‫س ــائقيها م ــن املراهقي ــن‪.‬‬ ‫م ــن جان ــب آخ ــر‪ ،‬تعب ــر املوظف ــة ع ــذراء‬ ‫س ــعدون (‪ 36‬عام ـ ًـا) ع ــن تجربته ــا ل ــدى مجل ــة‬ ‫«فيلــي» قائلــة‪"" :‬هنــاك مســافة قصيــرة تفصــل‬ ‫بيــن دائرتــي ومنزلــي‪ ،‬وال يوجــد فــي طريقــي خــط‬ ‫نقــل ســوى التــوك تــوك‪ ،‬ولكنــي أفضــل الســير‬ ‫تح ــت املط ــر أو ح ـرارة الش ــمس عل ــى صع ــود‬ ‫ه ــذه الدراج ــات‪".‬‬ ‫وتضيــف‪" :‬جربــت ركــوب هــذه الدراجــات أكثــر‬ ‫م ــن م ــرة‪ ،‬وندم ــت كثي ـ ًرا بس ــبب املضايق ــات‬ ‫واأللف ــاظ النابي ــة الت ــي تصدره ــا بع ــض‬

‫‪104‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪105 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫التوك توك في بغداد‪ ..‬صراع حياة وسط شوشرة الشوارع‬

‫ت ــوك الكبي ــرة الت ــي تحج ــب املعال ــم واآلث ــار‪،‬‬ ‫وم ــاذا س ــترى الوف ــود العربي ــة واالجنبي ــة‬ ‫خ ــال حضوره ــا ال ــى بغ ــداد للمش ــاركة به ــذه‬ ‫املنا س ــبة؟"‪.‬‬ ‫ول ــكل م ــا تق ــدم وم ــا يحي ــط بشوش ــرة الش ــارع‪،‬‬ ‫يستنش ــق عل ــي س ــامر اب ــن ال‪ 18‬عام ـ ًـا دخ ــان‬ ‫س ــيجارته ويعل ــق‪" :‬أن ــا س ــائق ت ــوك ت ــوك من ــذ‬ ‫س ــنوات‪ ،‬وق ــد س ــئمت م ــن االنتق ــادات الت ــي‬ ‫أتلقاهــا ً‬ ‫يوميــا مــن املــارة والــركاب‪ .‬لكــن الواقــع‬

‫"أنا خريج كلية‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫وجدت نفسي مضطرًا‬ ‫للعمل بهذه الدراجة بسبب‬ ‫الواقع الذي نعيشه في‬ ‫بلدنا‪ .‬لقد حلمت يومًا بأن‬ ‫أجد فرصة عمل تناسب‬ ‫مؤهالتي وطموحاتي»‬

‫أصحابه ــا‪".‬‬ ‫ويق ــول أحم ــد ناف ــع وه ــو س ــائق ت ــوك ت ــوك‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬أن ــا خري ــج كلي ــة‪ ،‬وم ــع ذل ــك‬ ‫وج ــدت نف�س ــي مضط ـ ًـرا للعم ــل به ــذه الدراج ــة‬ ‫بس ــبب الواق ــع ال ــذي نعيش ــه ف ــي بلدن ــا‪ .‬لق ــد‬ ‫يوم ــا ب ــأن أج ــد فرص ــة عم ــل تناس ــب‬ ‫حلم ــت ً‬ ‫مؤهالتــي وطموحاتــي‪ ،‬لكــن انعــدام التعيينــات‬ ‫واملحس ــوبية والفس ــاد املستش ــري جعل ــوا‬ ‫األب ــواب مغلق ــة أم ــام الكثيري ــن من ــا"‪.‬‬ ‫ويشــاطر زميلــه ك ـرار فــي هــذا الســياق بالقــول‪:‬‬ ‫"أصبح ــت قي ــادة الت ــوك ت ــوك ليس ــت خي ـ ًـارا‪،‬‬ ‫ب ــل وس ــيلة معيش ــة أج ــد فيه ــا بصي ــص أم ــل‪،‬‬ ‫حي ــث أعم ــل بج ــد ً‬ ‫يومي ــا لتوفي ــر لقم ــة العي ــش‬

‫ألس ــرتي وتحقي ــق بع ــض االس ــتقرار ف ــي حيات ــي‪.‬‬ ‫أرى ف ــي ه ــذا العم ــل حقيق ــة مري ــرة لكنه ــا واق ــع‬ ‫ـدال‬ ‫يعيش ــه الكثي ــر م ــن أبن ــاء وطنن ــا‪ ،‬الذي ــن ب ـ ً‬ ‫م ــن أن ُيق ـ َّـدروا عل ــى قدراته ــم‪ُ ،‬يحرم ــون م ــن‬ ‫ف ــرص العي ــش الكري ــم بس ــبب نظ ــام ال يكاف ــئ‬ ‫الكف ــاءة والجدي ــة"‪.‬‬ ‫ويق ــول املحل ــل االقتص ــادي أحم ــد عب ــد رب ــه‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "دراج ــات الت ــوك ت ــوك‬ ‫تنتش ــر ف ــي البل ــدان الفقي ــرة او البل ــدان الت ــي‬ ‫ـكانيا‪ ،‬لكنه ــا ال تنس ــجم‬ ‫تواج ــه انفج ــارا س ـ ً‬ ‫م ــع اقتص ــاد وأخالقي ــات الع ـراق واعراف ــه‬ ‫االجتماعي ــة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬أن "األع ــداد الكبي ــرة له ــذا الن ــوع م ــن‬

‫الدراجــات فــي بغــداد تؤكــد عــدم وجــود خطــط‬ ‫اس ــتراتيجية فاعل ــة ملعالج ــة االختناق ــات‬ ‫املروري ــة وامللف ــات الحيوي ــة االخ ــرى‪ ،‬باس ــتثناء‬ ‫بع ــض الخط ــوات الخجول ــة الت ــي تبق ــى عاج ــزة‬ ‫ع ــن معالج ــة القضاي ــا املتراكم ــة"‪.‬‬ ‫ويش ــدد عب ــد رب ــه‪ ،‬عل ــى "أهمي ــة تس ــجيل ه ــذه‬ ‫الدراجــات فــي الدوائــر املروريــة وتثبيــت لوحــات‬ ‫عليه ــا"‪ ،‬منوه ــا ال ــى أن "ق ـرار حظ ــر اس ــتيراد‬ ‫دراجــات التــوك تــوك جــاء متأخـ ًرا‪ ،‬فلغايــة االن‬ ‫االع ــداد الرس ــمية له ــذه الدراج ــات تج ــاوزت‬ ‫امللي ــون"‪.‬‬ ‫وكان ــت الجه ــات الحكومي ــة ق ــررت حظ ــر م ــرور‬ ‫الت ــوك ت ــوك ف ــي بع ــض املناط ــق الراقي ــة م ــن‬

‫بغ ــداد ملن ــع تع ــرض تل ــك املناط ــق للتش ــويه‪،‬‬ ‫فيم ــا يؤك ــد باحث ــون ف ــي الت ـراث والفلكل ــور‪ ،‬ان‬ ‫الت ــوك ت ــوك افس ــدت معال ــم بغ ــداد الثقافي ــة‬ ‫والتراثيــة وشــوهت اإلطــار الفلكلــوري للمدينــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الباح ــث التراث ــي عام ــر عب ــد ال ــرزاق‪،‬‬ ‫أن "دخ ــول الت ــوك ت ــوك به ــذه االع ــداد ودون‬ ‫تنظيــم خلــق فو�ضــى كبيــرة وخاصــة فــي املناطــق‬ ‫التراثي ــة كش ــارع الرش ــيد والس ـراي املناط ــق‬ ‫االخ ــرى"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "االع ــداد الكبي ــرة‬ ‫تعط ــي ص ــورة غي ــر حضاري ــة‪ ،‬ويج ــب ان تك ــون‬ ‫هن ــاك قواني ــن تح ــدد مروره ــا"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "مناط ــق بغ ــداد التراثي ــة يج ــب‬

‫ان تك ــون للمواطني ــن والس ــياح فق ــط ليتمتع ــوا‬ ‫بالنظ ــر ال ــى األبني ــة واالزق ــة التراثي ــة ولي ــس‬ ‫للســيارات والتكاتــك‪ ،‬كمــا يجــب أن يتــم تبليــط‬ ‫الشــوارع باملقرنــص ويمنــع دخــول أي مركبــة فــي‬ ‫تلــك املناطــق وتكــون مشــابهة للمناطــق التراثيــة‬ ‫ف ــي الفاتي ــكان وروم ــا"‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يرك ــد األدي ــب والباح ــث الفلكل ــوري‬ ‫عل ــي خال ــد نجي ــب‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "م ــن‬ ‫الض ــرورة حظ ــر م ــرور ه ــذه الدراج ــات ف ــي‬ ‫املناط ــق التراثي ــة والش ــوارع الثقافي ــة حفاظ ــا‬ ‫عل ــى اإلرث البغ ــدادي"‪.‬‬ ‫ويس ــتطرد‪" ،‬كي ــف يمك ــن االحتف ــاء ببغ ــداد‬ ‫عاصم ــة للس ــياحة ف ــي ظ ــل أع ــداد الت ــوك‬

‫«مناطق بغداد‬ ‫التراثية يجب ان تكون‬ ‫للمواطنين والسياح‬ ‫فقط ليتمتعوا بالنظر‬ ‫الى األبنية واالزقة‬ ‫التراثية وليس للسيارات‬ ‫والتكاتك»‪.‬‬

‫قا�س ــي‪ ،‬وال خي ــار أمام ــي س ــوى االس ــتمرار‬ ‫ف ــي ه ــذا العم ــل لتأمي ــن عي ــش كري ــم ف ــي ظ ــل‬ ‫الظ ــروف الراهن ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬لق ــد فق ــدت الكثي ــر م ــن زمالئ ــي‬ ‫ف ــي ه ــذا املي ــدان؛ بعضه ــم انج ـ ّـر إل ــى اإلدم ــان‪،‬‬ ‫وآخــرون انتهــى بهــم املطــاف فــي الســجن بســبب‬ ‫ـرت ه ــذا‬ ‫جرائ ــم ارتكبوه ــا‪ .‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬اخت ـ ُ‬ ‫الطريــق رغــم كل معانــاة‪ ،‬فهــو الطريــق الوحيــد‬ ‫يمكنن ــي م ــن كس ــب ق ــوت يوم ــي وتحم ــل‬ ‫ال ــذي ّ‬ ‫مس ــؤولية إعال ــة عائلت ــي‪ ،‬آم ــل أن يأت ــي ي ــوم‬ ‫تتغي ــر في ــه الظ ــروف ليس ــمح للجمي ــع بالعي ــش‬ ‫بكرام ــة دون الحاج ــة للتضحي ــة بآماله ــم‬ ‫وطموحاته ــم"‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬ ‫‪MAGAZINE‬‬

‫‪107 2025‬‬ ‫الثاني‪-‬يناير ‪2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر‬ ‫والعشرون‪-‬كانون‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنة‬ ‫السنة‬ ‫‪254‬‬ ‫‪253‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫رغم االحتياطي الكبير‪..‬‬

‫العراق يستورد‬ ‫الغاز بمليارات‬ ‫الدوالرات‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫في مفارقة اقتصادية خطيرة وسوء‬ ‫إدارة للموارد الطبيعية‪ ،‬يحتل‬ ‫عامليا في احتياطي‬ ‫العراق املرتبة ‪12‬‬ ‫ً‬ ‫الغازبكمية تقارب ‪ 127‬تريليون قدم‬ ‫مكعب‪ ،‬ومع هذا االحتياطي الضخم‬ ‫مكتفيا‬ ‫يفترض أن يكون العراق‬ ‫ً‬ ‫ومصدرا للغازالطبيعي‪ ،‬لكنه‬ ‫بل‬ ‫ً‬ ‫يستورده من إيران بـ‪ 3‬مليارات دوالر‬ ‫سنويا‪ ،‬ويحرق كميات هائلة منه‬ ‫ً‬ ‫يوميا‪ ،‬بحسب مختصين في مجال‬ ‫ً‬ ‫الطاقة‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪109 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق يستورد الغاز بمليارات الدوالرات‬ ‫ويرى متخصصون‪ ،‬أن هذا األمر‪ ،‬يعود إلى أن‬ ‫تركيــز وزارة النفــط فــي العقديــن املاضييــن كان‬ ‫منصب ـ ًـا عل ــى تطوي ــر الحق ــول النفطي ــة وزي ــادة‬ ‫إنتاجيته ــا والبح ــث ع ــن رق ــع استكش ــافية‬ ‫جدي ــدة للنف ــط‪ ،‬ول ــم يك ــن الغ ــاز ضم ــن‬ ‫األولويــات‪ ،‬لكــن بــدأت الــوزارة خــال الســنوات‬ ‫الث ــاث املاضي ــة باالهتم ــام باس ــتثمارات الغ ــاز‬ ‫الطبيعــي فــي جــوالت التراخيــص األخيــرة وبــدأت‬ ‫تعط ــي أولوي ــة له ــا‪.‬‬ ‫ووس ــط توقع ــات‪ ،‬أن يص ــل اس ــتثمار الغ ــاز‬ ‫املصاح ــب إل ــى ‪ % 80‬خ ــال الع ــام الحال ــي‬ ‫حس ــب خط ــط وزارة النف ــط‪ ،‬فم ــن املتوق ــع أن‬ ‫يصــل اســتثمار هــذا الغــاز املصاحــب إلــى ‪100‬‬ ‫‪ %‬بحل ــول ع ــام ‪.2028‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الش ــأن‪ ،‬يق ــول نائ ــب رئي ــس لجن ــة‬ ‫االس ــتثمار والتنمي ــة النيابي ــة‪ ،‬حس ــين‬ ‫الس ــعبري‪ ،‬إن «مل ــف الغ ــاز تأخ ــر كثي ـ ًرا لك ــن‬ ‫حالي ـ ًـا هن ــاك جدي ــة ف ــي ه ــذا املوض ــوع‪ ،‬حي ــث‬ ‫ـزءا م ــن الغ ــاز ال ــذي‬ ‫إن الع ـراق يس ــتخدم ج ـ ً‬ ‫لدي ــه ويص ــدر الج ــزء اآلخ ــر‪ ،‬لك ــن العملي ــة‬ ‫تحت ــاج إل ــى وق ــت‪ ،‬وحس ــب حس ــابات وزارة‬ ‫النفــط تســتغرق العمليــة مــن ‪ 3‬إلــى ‪ 5‬ســنوات‬ ‫للوص ــول إل ــى اس ــتثمار جمي ــع الغ ــاز»‪.‬‬ ‫ويضي ــف الس ــعبري ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه‬ ‫«بوص ــول الع ـراق إل ــى اس ــتثمار جمي ــع الغ ــاز‬ ‫حينه ــا ل ــن تع ــد هن ــاك حاج ــة الس ــتيراد الغ ــاز‬ ‫ملحط ــات الكهرب ــاء‪ ،‬لتحقي ــق االكتف ــاء الذات ــي‬ ‫من ــه»‪.‬‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يق ــول الخبي ــر االقتص ــادي‪،‬‬ ‫مصطف ــى الف ــرج‪ ،‬إن «احت ــال الع ـراق املرتب ــة‬ ‫‪ 12‬م ــن الغ ــاز‪ ،‬دلي ــل عل ــى أن الع ـراق يمتل ــك‬ ‫ث ــروات طبيعي ــة هائل ــة ل ــم تس ــتغل بالش ــكل‬ ‫األمث ــل‪ ،‬واملفارق ــة االقتصادي ــة ف ــي ه ــذا تتمث ــل‬ ‫باح ـراق كمي ــات كبي ــرة م ــن الغ ــاز املصاح ــب‬ ‫الس ــتخراج النف ــط‪ ،‬وبالوق ــت نفس ــه يعم ــد‬ ‫الع ـراق عل ــى اس ــتيراد الغ ــاز م ــن إي ـران لتلبي ــة‬ ‫احتياج ــات محط ــات تولي ــد الكهرب ــاء»‪.‬‬ ‫وعــن أبعــاد هــذه املفارقــة‪ ،‬يوضــح الفــرج ملجلــة‬ ‫ـدال م ــن اس ــتثماره‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن «ح ــرق الغ ــاز ب ـ ً‬ ‫يــؤدي إلــى فقــدان عوائــد ماليــة هائلــة يمكــن أن‬ ‫تس ــاهم ف ــي دع ــم املوازن ــة العام ــة‪ ،‬كم ــا هن ــاك‬ ‫تكالي ــف اس ــتيراد مرتفع ــة‪ ،‬ف ــي وق ــت يش ــكل‬ ‫اس ــتيراد الغ ــاز م ــن إي ـران ضغط ـ ًـا إضافي ـ ًـا عل ــى‬

‫امليزاني ــة التجاري ــة ويكب ــد االقتص ــاد العراق ــي‬ ‫تكالي ــف باهظ ــة»‪.‬‬ ‫ويتابــع‪« ،‬كمــا يتســبب حــرق الغــاز واالنبعاثــات‬ ‫الكربونيــة فــي تلــوث البيئــة‪ ،‬مــا يعــرض الع ـراق‬ ‫النتق ــادات دولي ــة بش ــأن االلت ـزام باملعايي ــر‬ ‫البيئيــة‪ ،‬مــا يؤثــر علــى الســياحة بشــكل عــام»‪.‬‬ ‫وي ــرى الف ــرج‪ ،‬أن «ع ــدم وج ــود بني ــة تحتي ــة‬ ‫كافي ــة ملعالج ــة وتخزي ــن الغ ــاز ه ــو الس ــبب‬ ‫الرئي ــس له ــذه األزم ــة‪ ،‬م ــا يتطل ــب اس ــتثمارات‬ ‫ضخم ــة ف ــي ه ــذا القط ــاع‪ ،‬م ــن خ ــال‬ ‫اس ــتثمارات بالبن ــى التحتي ــة وتش ــجيع القط ــاع‬ ‫العــام والخــاص لبنــاء محطــات معالجــة الغــاز‬ ‫وتطوي ــر ش ــبكة أنابي ــب نق ــل»‪.‬‬ ‫وباإلضاف ــة إل ــى م ــا س ــبق‪ ،‬يلف ــت الف ــرج‪ ،‬إل ــى‬ ‫أن ــه «كم ــا ينبغ ــي التع ــاون م ــع ش ــركات دولي ــة‬ ‫متخصص ــة لتطوي ــر قط ــاع الغ ــاز وتحويل ــه‬ ‫إل ــى مص ــدر طاق ــة محل ــي‪ ،‬وإنش ــاء صناع ــات‬ ‫بتروكيماوي ــة تعتم ــد عل ــى الغ ــاز لتولي ــد ف ــرص‬ ‫عمــل وزيــادة اإلي ـرادات غيــر النفطيــة‪ ،‬وتقليــل‬ ‫االعتم ــاد عل ــى االس ــتيراد م ــن خ ــال تحس ــين‬ ‫العالق ــات االقتصادي ــة م ــع ال ــدول األخ ــرى‬ ‫وتنوي ــع مص ــادر الطاق ــة»‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يعتب ــر الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أحم ــد‬ ‫عي ــد‪ ،‬أن «احت ــال الع ـراق املرتب ــة ‪ 12‬عاملي ـ ًـا‬ ‫ف ــي احتياط ــي الغ ــاز بينم ــا يس ــتورد الغ ــاز م ــن‬ ‫إي ـران ويح ــرق كمي ــات هائل ــة من ــه يومي ـ ًـا‪،‬‬ ‫يعكــس مفارقــة اقتصاديــة خطيــرة وســوء إدارة‬ ‫للم ــوارد نتيج ــة لس ــيطرة إي ـران عل ــى الق ـرار‬ ‫االقتصــادي والسيا�ســي والــذي يهــدد مســتقبل‬ ‫الع ـراق بف ــرض عقوب ــات دولي ــة»‪.‬‬ ‫وي ــرى عي ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن «ه ــذا الواق ــع‬ ‫يعكــس املســتويات املتدنيــة فــي التفكيــر وغيــاب‬ ‫التخطيــط االســتراتيجي‪ ،‬والفســاد املستشــري‪،‬‬ ‫والتبعي ــة االقتصادي ــة»‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن «اح ـراق الغ ــاز املصاح ــب‬ ‫يكل ــف الع ـراق ملي ــارات‬ ‫ـدال م ــن اس ــتثماره ّ‬ ‫بـ ً‬ ‫ـنويا‪ ،‬فــي وقــت يعانــي فيــه الع ـراق‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ات‬ ‫ـدوال‬ ‫الـ‬ ‫ر‬ ‫ً‬ ‫مــن عجــز مالــي وتراجــع الخدمــات وأزمــة ماليــة‬ ‫خانق ــة مرتقب ــة م ــع انخف ــاض أس ــعار النف ــط‬ ‫عاملي ـ ًـا »‪.‬‬ ‫وي ــردف‪« ،‬كم ــا أن االعتم ــاد عل ــى االس ــتيراد‬ ‫م ــن إي ـران يض ــع البل ــد تح ــت ضغ ــط سيا�س ــي‬ ‫واقتص ــادي مس ــتمر‪ ،‬ويح ـ ّـد م ــن س ــيادته ف ــي‬

‫« أن االعتماد على االستيراد من‬ ‫إيران يضع البلد تحت ضغط سياسي‬ ‫واقتصادي مستمر‪ ،‬ويحدّ من سيادته‬ ‫في مجال الطاقة»‪.‬‬

‫«استثمار الغاز متأخر في العراق‪ ،‬إذ ال‬ ‫يزال يستفيد من ‪ 70‬بالمائة من هذا‬ ‫الغاز المحروق و‪ 30‬بالمائة تهدر‪ ،‬لذلك‬ ‫يستورد العراق سنوياً بـ‪ 3‬مليارات دوالر‬ ‫غاز من إيران»‪.‬‬

‫مج ــال الطاق ــة»‪.‬‬ ‫تبن ــي‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫يك‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫«ال‬ ‫أن‬ ‫ويؤك ــد عي ــد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سياســات اســتثمارية فاعلــة‪ ،‬وإل ـزام الشــركات‬ ‫النفطي ــة بتطوي ــر مش ــاريع معالج ــة الغ ــاز‪،‬‬ ‫وتعزي ــز الش ـراكات م ــع جه ــات ق ــادرة عل ــى‬ ‫اس ــتغالل ه ــذه الث ــروة محلي ـ ًـا؛ فض ـ ًـا ع ــن أن‬ ‫ـدا م ــن‬ ‫االس ــتمرار ف ــي النه ــج الحال ــي يعن ــي مزي ـ ً‬ ‫اله ــدر والتبعي ــة‪ ،‬بينم ــا يمك ــن أن يك ــون الغ ــاز‬ ‫ركي ــزة لتنمي ــة اقتصادي ــة مس ــتدامة»‪.‬‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬يق ــول الخبي ــر النفط ــي‪ ،‬الدكت ــور‬ ‫حمــزة الجواهــري‪ ،‬إن «الع ـراق يمتلــك كميــات‬ ‫هائل ــة م ــن الغ ــاز ف ــي املنطق ــة الغربي ــة‪ ،‬وه ــذه‬ ‫اثبتتهــا الدراســات ونتائــج الحفــر مــا بيــن العـراق‬ ‫والس ــعودية‪ ،‬لك ــن لح ــد اآلن ل ــم تستكش ــف‬ ‫بالكامــل‪ ،‬لعــدم تطويــر منشــآت ملعالجــة الغــاز‬ ‫بس ــبب الفس ــاد الواض ــح للعي ــان»‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الجواه ــري ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن «الع ـراق‬ ‫في ــه خي ـرات إذا ت ــم اس ــتثمارها بالش ــكل‬ ‫الصحي ــح يمك ــن أن تط ــوره ليك ــون أفض ــل‬ ‫دولــة فــي املنطقــة وحتــى فــي العالــم‪ ،‬لكــن فــي ظــل‬ ‫بق ــاء الفس ــاد ونظ ــام املحاصص ــة والتواف ــق‬

‫وعــدم محاســبة الفاســدين وعــدم منــع الكتــل‬ ‫السياس ــية املس ــيطرة عل ــى االقتصادي ــات‪،‬‬ ‫فلــن تتحقــق خطــط وزارة النفــط بانتهــاء حــرق‬ ‫الغ ــاز ع ــام ‪.»2028‬‬ ‫إل ــى ذل ــك‪ ،‬يوض ــح الخبي ــر ف ــي ش ــؤون الطاق ــة‪،‬‬ ‫الدكت ــور كوفن ــد ش ــيرواني‪ ،‬أن «الع ـراق‬ ‫يعان ــي م ــن عج ــز كبي ــر ف ــي الطاق ــة الكهربائي ــة‬ ‫املجهــزة‪ ،‬حيــث إن التوليــد يقــارب مــن ‪ 27‬ألــف‬ ‫ميغ ــاواط‪ ،‬ف ــي حي ــن الحاج ــة بح ــدود ‪ 45‬أل ــف‬ ‫ميغــاواط‪ ،‬مــا يعنــي وجــود عجــز قــدره ‪ 18‬ألــف‬ ‫ميغــاواط‪ ،‬وهــذا يــزداد مــع القــدرات الضائعــة‬ ‫ف ــي التولي ــد والنق ــل والتوزي ــع»‪.‬‬ ‫ويضي ــف ش ــيرواني ملجل ــة «فيل ــي»‪« ،‬لذل ــك‬ ‫الع ـراق بحاج ــة إل ــى إنش ــاء عل ــى األق ــل ‪3‬‬ ‫محط ــات ضخم ــة للطاق ــة الكهربائي ــة س ــعة‬ ‫كل واح ــدة منه ــا ‪ 5‬آالف ميغ ــاواط‪ ،‬بش ــكل‬ ‫مش ــابه مل ــا عملت ــه مص ــر ف ــي العامي ــن املاضيي ــن‬ ‫بإنش ــاء ‪ 3‬محط ــات بم ــدة ع ــام ونص ــف عب ــر‬ ‫عم ــاق الطاق ــة األملان ــي ش ــركة (س ــيمنز)‪ ،‬وأن‬ ‫ه ــذه املحط ــات الث ــاث ل ــن تكل ــف إال بح ــدود‬ ‫‪ 6‬إل ــى ‪ 7‬ملي ــارات دوالر‪ ،‬وه ــي متوف ــرة ضم ــن‬

‫التخصيص ــات الس ــنوية ل ــوزارة الكهرب ــاء»‪.‬‬ ‫وي ــرى ش ــيرواني‪ ،‬أن «ه ــذا يفت ــرض أن يك ــون‬ ‫متزامن ـ ًـا م ــع توفي ــر الوق ــود لتش ــغيل محط ــات‬ ‫الطاقة‪ ،‬والوقود األمثل لها هو الغاز الطبيعي‬ ‫لع ــدة مزاي ــا‪ ،‬فه ــو أق ــل تلويث ـ ًـا وأكث ــر كف ــاءة‬ ‫وأق ــل كلف ــة م ــن أن ــواع النف ــط األخ ــرى كال ــكاز‬ ‫أويــل والنفــط األســود وغيرهــا‪ ،‬لكــن اســتثماره‬ ‫متأخ ــر ف ــي الع ـراق‪ ،‬إذ ال ي ـزال يس ــتفيد م ــن‬ ‫‪ 70‬باملائ ــة م ــن ه ــذا الغ ــاز املح ــروق و‪30‬‬ ‫ـنويا بــ‪3‬‬ ‫باملائــة تهــدر‪ ،‬لذلــك يســتورد العـراق سـ ً‬ ‫ملي ــارات دوالر غ ــاز م ــن إي ـران»‪.‬‬ ‫ويبيــن‪ ،‬أن «هــذه االســتيرادات تأتــي علــى الرغــم‬ ‫م ــن االحتياط ــات الضخم ــة للغ ــاز الطبيع ــي‬ ‫املوجــود فــي العـراق التــي تقــارب حســب تصريــح‬ ‫وكيــل وزارة النفــط لشــؤون الغــاز ‪ 127‬تريليــون‬ ‫ق ــدم مكع ــب‪ ،‬وبالتال ــي يحت ــل الع ـراق املرتب ــة‬ ‫الثاني ــة عش ــر عاملي ـ ًـا بامتالك ــه الحتياط ــات‬ ‫الغــاز الطبيعــي‪ ،‬ومــع احتياطــي بهــذه الضخامــة‬ ‫يفتــرض أن يكــون الع ـراق مكتفيـ ًـا بــل ومصــد ًرا‬ ‫ـتوردا»‪.‬‬ ‫للغ ــاز الطبيع ــي ولي ــس مس ـ ً‬ ‫ويوض ــح‪« ،‬لك ــن كان تركي ــز وزارة النف ــط‬

‫ف ــي العقدي ــن املاضيي ــن منصب ـ ًـا عل ــى تطوي ــر‬ ‫الحق ــول النفطي ــة وزي ــادة إنتاجيته ــا والبح ــث‬ ‫ع ــن رق ــع استكش ــافية جدي ــدة للنف ــط‪ ،‬ول ــم‬ ‫يك ــن الغ ــاز ضم ــن األولوي ــات‪ ،‬لك ــن م ــع تزاي ــد‬ ‫ارتف ــاع أس ــعار الغ ــاز إل ــى ‪ 3‬أضع ــاف خ ــال ‪3‬‬ ‫ســنوات املاضيــة بعــد انــدالع الحــرب الروســية‬ ‫األوكراني ــة ب ــدأ االهتم ــام ب ــه»‪.‬‬ ‫ويتاب ــع ش ــيرواني‪ ،‬أن «اس ــتثمار الغ ــاز‬ ‫املصاحــب ســيصل إلــى ‪ 80‬باملائــة خــال العــام‬ ‫الحال ــي‪ ،‬وإل ــى ‪ 100‬باملائ ــة بحل ــول ع ــام ‪،2028‬‬ ‫حس ــب وزارة النف ــط‪ ،‬وه ــذا أم ــر جي ــد‪ ،‬لك ــن‬ ‫يفت ــرض أن يب ــدأ العم ــل م ــن الع ــام الحال ــي إل ــى‬ ‫ع ــام ‪ 2028‬بإنش ــاء محط ــات ضخم ــة جدي ــدة‬ ‫حديث ــة متقدم ــة تقني ـ ًـا ريثم ــا تتكام ــل مش ــاريع‬ ‫اس ــتثمار الغ ــاز لتك ــون جاه ــزة وتوف ــر الوق ــود‬ ‫له ــذه املحط ــات الكبي ــرة»‪.‬‬ ‫ويؤكــد خبيــر الطاقــة‪ ،‬أن «وزارة النفــط بــدأت‬ ‫من ــذ ‪ 3‬س ــنوات باالهتم ــام باس ــتثمارات الغ ــاز‬ ‫الطبيعــي فــي جــوالت التراخيــص األخيــرة وبــدأت‬ ‫تعط ــي أولوي ــة له ــا‪ ،‬ألنه ــا أصبح ــت ت ــدرك‬ ‫أن ه ــذا الن ــوع م ــن الوق ــود الهيدروكربون ــي‬ ‫س ــيكون ه ــو الوق ــود ال ــذي يح ــل مح ــل النف ــط‬ ‫بع ــد جف ــاف أو تراج ــع إنت ــاج آب ــار النف ــط ف ــي‬ ‫عمــوم العالــم‪ ،‬لذلــك مــن املفتــرض أن تح�ضــى‬ ‫باهتم ــام متزاي ــد م ــن الحكوم ــة لك ــي تس ــد لي ــس‬ ‫الحاج ــة املحلي ــة فق ــط وإنم ــا أيض ـ ًـا تك ــون‬ ‫مصــدر إيـرادات إضافــي ملبيعــات النفــط الخــام‬ ‫الحال ــي الت ــي تس ــتأثر بحوال ــي ‪ 90‬باملائ ــة م ــن‬ ‫اإلي ـرادات العام ــة للدول ــة العراقي ــة»‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬ ‫‪MAGAZINE‬‬

‫‪111 2025‬‬ ‫الثاني‪-‬يناير ‪2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر‬ ‫والعشرون‪-‬كانون‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنة‬ ‫السنة‬ ‫‪254‬‬ ‫‪253‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫شركة ‪ BP‬في كركوك‪..‬‬

‫فرصــة ازدهــار‬ ‫أم نقطة توتر مع الكورد؟‬ ‫فيلي ‪ -‬متابعة‪:‬‬ ‫حــذر"معهــد دول الخليــج فــي واشــنطن" األمريكــي مــن أن االتفــاق الجديــد‬ ‫بي ــن الحكوم ــة العر اقي ــة وش ــركة "بريتي ــش بترولي ــوم (‪ ")BP‬م ــن أج ــل‬ ‫تطويــرحقــول نفطيــة فــي كركــوك التــي وصفهــا بانهــا اكثــرمحافظــات العــراق‬ ‫تنازع ــا حوله ــا‪ ،‬إل ــى إحي ــاء ص ــراع قدي ــم عم ــره ق ــرن‪ ،‬بي ــن بغ ــداد وأربي ــل‪.‬‬

‫وبداي ــة ذك ــر التقري ــر‪ ،‬ال ــذي ترجمت ــه مجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬بتوقي ــع الحكوم ــة العراقي ــة وش ــركة‬ ‫"ب ــي ب ــي" عل ــى اتف ــاق ش ــامل ف ــي ‪ 15‬يناير‪/‬كان ــون‬ ‫الثان ــي املا�ض ــي‪ ،‬به ــدف تطوي ــر الحق ــول النفطي ــة‬ ‫الش ــمالية ف ــي كرك ــوك‪ ،‬والت ــي تتضم ــن عل ــى‬ ‫احتياط ــات مؤك ــدة تتج ــاوز ‪ 9‬ملي ــارات برمي ــل م ــن‬ ‫النف ــط‪.‬‬ ‫وبحس ــب التقري ــر ف ــإن ه ــذه االتفاقي ــة تش ــكل‬ ‫ع ــودة تاريخي ــة للش ــركة البريطاني ــة ال ــى كرك ــوك‪،‬‬ ‫املحافظ ــة الغني ــة بالنف ــط حي ــث اكتش ــفت‬ ‫الشــركة التــي كانــت معروفــة باســم "شــركة النفــط‬ ‫األنجلو‪-‬فارس ــية"‪ ،‬البئ ــر النفط ــي األول ف ــي الع ــام‬ ‫‪ ،1927‬وه ــو اكتش ــاف ق ــال التقري ــر أن ــه ل ــم يؤث ــر‬ ‫يؤث ــر عل ــى التاري ــخ السيا�س ــي للع ـراق وتط ــوره‬ ‫االقتص ــادي فق ــط‪ ،‬وإنم ــا أدى أيض ـ ًـا إل ــى تأجي ــج‬ ‫الن ـزاع ح ــول كرك ــوك بي ــن الك ــورد والحكوم ــات‬ ‫العراقيــة املتعاقبــة‪ ،‬مضيفـ ًـا أن الصفقــة الجديــدة‬ ‫تثيــر املخــاوف مــن مفاقمــة هــذا الخــاف املتواصــل‬ ‫من ــذ ق ــرن بي ــن بغ ــداد واربي ــل‪.‬‬ ‫ولف ــت التقري ــر إل ــى أن االتف ــاق ق ــد يتضم ــن‬

‫اس ــتثمارا بقيم ــة ‪ 25‬ملي ــار دوالر‪ ،‬مم ــا يجعل ــه‬ ‫ثانــي أكبــر اســتثمار فــي قطــاع الطاقــة بعــد صفقــة‬ ‫"توت ــال إنرجي ــز" الفرنس ــية الت ــي تبل ــغ ‪ 27‬ملي ــار‬ ‫دوالر واملوقع ــة ف ــي الع ــام ‪.2023‬‬ ‫وأوض ــح التقري ــر أن االتف ــاق يتضم ــن تطوي ــر‬ ‫حق ــول نفطي ــة‪ ،‬واع ــادة تأهي ــل منش ــآت قائم ــة‪،‬‬ ‫واقام ــة بني ــة تحتي ــة جدي ــدة مث ــل مش ــاريع توس ــعة‬ ‫الغــاز وأعمــال الحفــر‪ ،‬مــن اجــل تحقيــق االســتقرار‬ ‫ف ــي االنت ــاج ووق ــف التراج ــع ف ــي حق ــول كرك ــوك‪.‬‬ ‫وف ــي حي ــن أش ــار التقري ــر إل ــى أن ــه برغ ــم ان خط ــاب‬ ‫النوايــا املوقــع فــي ‪ 2018‬بيــن وزارة النفــط العراقيــة‬ ‫و"ب ــي ب ــي" تضم ــن توس ــيع اإلنت ــاج ف ــي حق ــل قب ــة‬ ‫خورم ــال‪ ،‬الخاض ــع لس ــيطرة حكوم ــة إقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان وتديره ــا مجموع ــة "‪ "KAR‬من ــذ الع ــام‬ ‫‪ ،2007‬إال أن ــه لف ــت إل ــى أن وض ــع ه ــذا الحق ــل ف ــي‬ ‫الصفقــة الجديــدة ال ي ـزال غيــر واضــح‪ ،‬مشــيرا إلــى‬ ‫أن الحق ــل يق ــع جن ــوب غ ــرب أربي ــل‪ ،‬وينت ــج حوال ــي‬ ‫‪ 150‬أل ــف برمي ــل يومي ــا‪ ،‬مم ــا يجعل ــه مص ــدرا‬ ‫حيوي ــا لعائ ــدات حكوم ــة اإلقلي ــم‪ ،‬خصوص ــا أن ــه‬ ‫در تخفيض ــات ف ــي املوازن ــة القادم ــة م ــن بغ ــداد‪.‬‬

‫وأض ــاف التقري ــر أن ــه ف ــي ح ــال ش ــمل االتف ــاق‬ ‫الجدي ــد ه ــذا الحق ــل‪ ،‬ف ــإن ش ــركة "ب ــي ب ــي" ق ــد‬ ‫تج ــد نفس ــها وس ــط ن ـزاع متصاع ــد للس ــيطرة عل ــى‬ ‫امل ــوارد‪ ،‬وال ــذي ق ــد يق ــود إل ــى زي ــادة التوت ــر بي ــن‬ ‫حكوم ــة اإلقلي ــم والحكوم ــة االتحادي ــة‪.‬‬ ‫واعتب ــر التقري ــر أن ــه ف ــي الظاه ــر‪ ،‬يش ــكل ه ــذا‬ ‫االتف ــاق انتص ــا ًرا كبي ـ ًرا للع ـراق‪ ،‬حي ــث أن ــه يؤم ــن‬ ‫س ــيولة ضروري ــة القتص ــاده املتعث ــر‪ ،‬إال أن ــه‬ ‫يتضم ــن أيض ـ ًـا مخاط ــر تصعي ــد الن ـزاع املس ــتمر‬ ‫من ــذ عق ــود بي ــن حكوم ــة اإلقلي ــم ف ــي أربي ــل‬ ‫والحكوم ــة املركزي ــة ف ــي بغ ــداد‪ ،‬خصوص ــا ف ــي ح ــال‬ ‫ت ــم تطبي ــق الصفق ــة ب ــدون التش ــاور م ــع أربي ــل‪،‬‬ ‫مذك ـ ًرا ب ــأن كرك ــوك كان ــت دوم ــا نقط ــة تش ــعل‬ ‫الصراع ــات العرقي ــة والسياس ــية‪ ،‬حي ــث يطال ــب‬ ‫كل م ــن الك ــورد والحكوم ــة املركزي ــة بالس ــيادة عل ــى‬ ‫موارد ه ــا‪.‬‬ ‫وكش ــف التقري ــر أن ــه قب ــل زي ــارة رئي ــس ال ــوزراء‬ ‫العراق ــي محم ــد ش ــياع الس ــوداني إل ــى لن ــدن‪ ،‬ف ــان‬ ‫مكتب ــه ق ــام بإب ــاغ حكوم ــة اإلقلي ــم ب ــأن اتفاق ــا‬ ‫وش ــيكا س ــيوقع ح ــول كرك ــوك م ــع ش ــركة "‪،"BP‬‬

‫إال أن بغ ــداد نصح ــت الش ــركة بع ــدم الدخ ــول‬ ‫ف ــي محادث ــات م ــع حكوم ــة اإلقلي ــم إال بع ــد إتم ــام‬ ‫الصفق ــة‪.‬‬ ‫وق ــال التقري ــر إن ــه ف ــي ظ ــل الوض ــع القانون ــي‬ ‫لكرك ــوك واألغلبي ــة الكوردي ــة ف ــي املحافظ ــة‪ ،‬ف ــان‬ ‫حكوم ــة اإلقلي ــم ت ــرى أن م ــن حقه ــا أن يك ــون له ــا‬ ‫رأي أسا�ســي فــي أي اتفاقــات طويلــة املــدى مرتبطــة‬ ‫بقط ــاع الطاق ــة ف ــي ه ــذه املنطق ــة‪ ،‬مضيف ــا أن‬ ‫مطل ــب حكوم ــة اإلقلي ــم واضح ــة وه ــي أن يك ــون‬ ‫لهــا مقعــد علــى طاولــة املفاوضــات مــع "‪ "BP‬ووزارة‬ ‫النف ــط العراقي ــة‪.‬‬ ‫وبحس ــب التقري ــر ف ــإن الك ــورد يعب ــرون ع ــن‬ ‫تخوفه ــم م ــن االتفاق ــات النفطي ــة ف ــي كرك ــوك‪،‬‬ ‫خصوص ــا م ــع "‪ ،"BP‬وذل ــك بالنظ ــر ال ــى تجربته ــم‬ ‫الس ــابقة م ــع اكتش ــاف النف ــط ف ــي الع ـراق ال ــذي‬ ‫انش ــأته بريطاني ــا حديث ــا وقته ــا‪ ،‬موضح ـ ًـا أن‬ ‫اس ــتخراج النف ــط م ــن كرك ــوك ف ــي الع ــام ‪1934‬‬ ‫ـردا وانم ــا كان عام ــا‬ ‫ل ــم يك ــن حدث ـ ًـا اقتصادي ـ ًـا مج ـ ً‬ ‫رئيس ــيا ف ــي إجه ــاض تطلع ــات الك ــورد باالس ــتقالل‪،‬‬ ‫وفتــح البــاب أمــام قــرن مــن القمــع‪ ،‬الن الحكومــات‬

‫العراقي ــة املتعاقب ــة اس ــتغلت العائ ــدات النفطي ــة‬ ‫لتعزي ــز قوته ــا‪ ،‬مم ــا أت ــاح له ــا اضطه ــاد الك ــورد‬ ‫وتموي ــل حم ــات عس ــكرية ضده ــم‪.‬‬ ‫وتاب ــع التقري ــر قائ ـ ًـا إن م ــا ب ــدأ كأن ــه حس ــابات‬ ‫جيوسياس ــية واقتصادي ــة م ــن قب ــل بريطاني ــا‬ ‫وشــركة النفــط االنجلو‪-‬فارســية‪ ،‬اســتمر ليشــكل‬ ‫مصيــر الكــورد لعقــود‪ ،‬محاص ـرا لهــم فــي حلقــة مــن‬ ‫التهمي ــش والص ـراع"‪.‬‬ ‫ورأى التقري ــر أن الصفق ــة الجدي ــدة م ــع "ب ــي ب ــي"‬ ‫تعيــد إنتــاج ســابقة خطيــرة متمثلــة بدخــول شــركة‬ ‫أجنبي ــة كب ــرى ال ــى قل ــب منطق ــة متن ــازع عليه ــا‪،‬‬ ‫واالنحي ــاز إل ــى ط ــرف ف ــي ن ـزاع سيا�س ــي وقانون ــي‬ ‫متواص ــل‪ ،‬مذك ـ ًرا ب ــأن التاري ــخ أظه ــر أن مصال ــح‬ ‫الش ــركات األجنبي ــة‪ ،‬خصوص ـ ًـا ف ــي املناط ــق الغني ــة‬ ‫باملــوارد‪ ،‬غالبـ ًـا مــا تكــون لهــا تداعيــات طويلــة املــدى‬ ‫تتخط ــى املكاس ــب االقتصادي ــة املباش ــرة‪ ،‬عل ــى‬ ‫غـرار مــا حــدث مثــا فــي إقليــم آتشــيه اإلندوني�ســي‪،‬‬ ‫وإقلي ــم بياف ـرا ف ــي نيجيري ــا‪.‬‬ ‫وله ــذا‪ ،‬يعتب ــر التقري ــر أن ــه ف ــي ح ــال وقع ــت "‪"BP‬‬ ‫االتف ــاق م ــن دون الحص ــول عل ــى موافق ــة حكوم ــة‬

‫اإلقلي ــم‪ ،‬فق ــد ي ــؤدي ذل ــك إل ــى تعزي ــز الش ــرخ بي ــن‬ ‫الحكومــة املركزيــة والكــورد‪ ،‬ممــا قــد يشــعل موجــة‬ ‫جدي ــدة م ــن التوت ــر‪.‬‬ ‫وذكــر التقريــر أن الســيطرة الكورديــة علــى كركــوك‬ ‫كان ــت ف ــي املا�ض ــي بمثاب ــة عائ ــق أم ــام التوص ــل إل ــى‬ ‫اتف ــاق م ــع "‪ ،"BP‬إال أن بغ ــداد حالي ــا تس ــتخدم‬ ‫نفوذه ــا الس ــتكمال الصفق ــة‪ ،‬وأن ــه م ــن دون‬ ‫التعام ــل بح ــذر م ــع ه ــذا االتف ــاق‪ ،‬ال ــذي يخ ــص‬ ‫أكث ــر املحافظ ــات العراقي ــة نزاع ــا‪ ،‬ف ــإن عواق ــب‬ ‫ذلــك ســتكون ســلبية بدرجــة كبيــرة علــى االســتقرار‬ ‫السيا�س ــي والنم ــو االقتص ــادي‪.‬‬ ‫وخت ــم التقري ــر بالق ــول إن املتح ــدث باس ــم "‪"BP‬‬ ‫ق ــال إن االتف ــاق ل ــم يكتم ــل حت ــى اآلن‪ ،‬وله ــذا ي ــرى‬ ‫التقري ــر أن ذل ــك "يمن ــح بغ ــداد فرص ــة حقيقي ــة‬ ‫إلشـراك حكومــة اإلقليــم بجديــة‪ ،‬حتــى لــو لــم تكــن‬ ‫ش ــريكا مباش ـ ًرا"‪ ،‬مضيف ــا أن إش ـراك كل األط ـراف‬ ‫املعني ــة سيس ــهم ف ــي ضم ــان نج ــاح املش ــروع‬ ‫الضخ ــم‪ ،‬وحمايت ــه م ــن القالق ــل السياس ــية أو‬ ‫األمني ــة مس ــتقبال‪ ،‬كم ــا س ــيعزز االس ــتقرار ف ــي‬ ‫الع ـراق ككل‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬ ‫‪MAGAZINE‬‬

‫‪113‬‬ ‫‪113 2025‬‬ ‫الثاني‪-‬يناير ‪2025‬‬ ‫والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر‬ ‫والعشرون‪-‬كانون‬ ‫الحادية‬ ‫الحادية‬ ‫السنة‬ ‫السنة‬ ‫‪254‬‬ ‫‪253‬‬ ‫العدد‬ ‫العدد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫محمد الربيعي‬

‫رئيس شبكة النهرين لدعم‬ ‫النزاهة والشفافية‬

‫العراق يتذيل قائمة الشفافية‪..‬‬

‫الفساد يراوغ الرقابة ويقوض‬ ‫أسس التنمية واالستقرار‬ ‫وعل ــى الرغ ــم م ــن الجه ــات الرقابي ــة الكثي ــرة ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬إال أن الب ــاد بات ــت ضم ــن املرات ــب‬ ‫االخي ــرة ف ــي مؤش ــر الش ــفافية العاملي ــة ول ــم‬ ‫تحق ــق س ــوى عل ــى تق ــدم ضئي ــل‪.‬‬ ‫انتشار الرشوة والفساد السيا�سي‬ ‫يق ــول رئي ــس ش ــبكة النهري ــن لدع ــم النزاه ــة‬ ‫والش ــفافية‪ ،‬محم ــد الربيع ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫ان "منظمــة الشــفافية لديهــا ‪ 12‬نوعـ ًـا لقيــاس‬ ‫ال ــدول م ــن حي ــث الش ــفافية والت ــي يج ــب‬ ‫االلت ـزام به ــا للقض ــاء عل ــى الفس ــاد وتحقي ــق‬ ‫مرات ــب متقدم ــة بي ــن ال ــدول"‪.‬‬ ‫واضــاف ان "أكثــر األنــواع املنتشــرة فــي الع ـراق‬ ‫م ــن حي ــث الفس ــاد ه ــو الرش ــوة واس ــتغالل‬ ‫املنص ــب الوظيف ــي واس ــتخدام امل ــال الع ــام‬ ‫لتحقيــق منفعــة شــخصية"‪ ،‬كمــا أن "الفســاد‬ ‫السيا�س ــي يتأث ــر باملصال ــح الخاص ــة ف ــي عملي ــة‬

‫محمود داغر‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫خ ـ ـ ـ ـبـيرمال ـ ــي‬

‫ـورا ال يقتص ــر‬ ‫ـدا عاملي ـ ًـا متط ـ ً‬ ‫يش ــكل الفس ــاد تهدي ـ ً‬ ‫ـببا‬ ‫عل ــى تقوي ــض التنمي ــة فحس ــب‪ ،‬ب ــل يع ــد س ـ ً‬ ‫رئيسـ ًـيا فــي تراجــع الديمقراطيــة وعــدم االســتقرار‪.‬‬

‫صن ــع الق ـرار"‪.‬‬ ‫ويوض ــح أن "الع ـراق تق ــدم ث ــاث نق ــاط‬ ‫لنج ــاح الحكوم ــة ف ــي ضب ــط الفس ــاد وف ــرض‬ ‫آلي ــات للنزاه ــة م ــن خ ــال تطبي ــق اس ــتراتيجية‬ ‫وطني ــة للنزاه ــة ملكافح ــة الفس ــاد والت ــي يت ــم‬ ‫العم ــل عليه ــا من ــذ عامي ــن"‪ ،‬الفت ــا إل ــى أن‬ ‫"الع ـراق تق ــدم أيض ــا ف ــي تبس ــيط اإلج ـراءات‬ ‫ف ــي الدوائ ــر الحكومي ــة وتقلي ــل االحت ــكاك بي ــن‬ ‫املواطــن واملوظــف مــن خــال التحــول الرقمــي‬ ‫واألتمت ــة"‪.‬‬ ‫ديمقراطية منقوصة‬ ‫يق ــول الخبي ــر املال ــي محم ــود داغ ــر‪ ،‬ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي» ان "الش ــفافية تتحق ــق ف ــي ظ ــل‬ ‫الديمقراطيــات الحقيقيــة عبــر ممثلــي الشــعب‬ ‫وأجه ــزة رقابي ــة ومتابع ــات"‪.‬‬ ‫ويضي ــف داغ ــر‪ ،‬أن "الع ـراق في ــه ديمقراطي ــة‬

‫منقوص ــة ومش ــوهة بي ــد االح ـزاب وه ــي تتك ــرر‬ ‫كل س ــنة عب ــر ممثليه ــا وبالتال ــي ال نتوق ــع ان‬ ‫تنج ــح الش ــفافية في ــه"‪.‬‬ ‫وكش ــفت منظم ــة الش ــفافية الدولي ــة ع ــن‬ ‫صع ــود الع ـراق ث ــاث مرات ــب حي ــث ال ـ ‪140‬‬ ‫عامليــا مــن أصــل ‪ ، 180‬مدرجــة فــي قائمــة أكثــر‬ ‫ال ــدول ش ــفافية‪ ،‬فيم ــا احت ــل املرتب ــة الثامن ــة‬ ‫ضمــن قائمــة دول العربيــة األكثــر فســادا لعــام‬ ‫‪. 2024‬‬ ‫افتقار الحكومة اإللكترونية‬ ‫ويق ــول الخبي ــر االقتص ــادي ضرغ ــام محم ــد‬ ‫عل ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي» ان "الع ـراق م ــا زال ال‬ ‫يطب ــق املعايي ــر الدولي ــة ف ــي الش ــفافية بس ــبب‬ ‫عــدم وجــود حكومــة الكترونيــة وزيــادة اإلنفــاق‬ ‫الحكوم ــي وضع ــف الرقاب ــة وضع ــف األداء‬ ‫املصرف ــي وزي ــادة اإلنف ــاق التش ــغيلي وع ــدم‬

‫وج ــود قواع ــد بيان ــات رصين ــة يمك ــن الرج ــوع‬ ‫له ــا ف ــي إع ــداد تقاري ــر رصين ــة ع ــن الفس ــاد"‪.‬‬ ‫ويش ــير عل ــي‪ ،‬إل ــى "ضع ــف القط ــاع الخ ــاص‬ ‫وس ــوق العم ــل وع ــدم وج ــود إص ــاح مال ــي‬ ‫وإداري ج ــذري ووج ــود امتي ــازات كب ــرى لفئ ــات‬ ‫مح ــددة'‪.‬‬ ‫الفساد عائق للتنمية‬ ‫يق ــول الخبي ــر االقتص ــادي محم ــد الحس ــني‪،‬‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬ان "العـراق بالرغــم مــن تقدمــه‬ ‫بث ــاث نق ــاط ف ــي مؤش ــر الش ــفافية الدولي ــة‪،‬‬ ‫إال أن ــه م ــا ي ـزال ضم ــن ال ــدول األكث ــر فس ــادا‬ ‫بحصول ــه عل ــى ‪ 26‬نقط ــة‪ ،‬م ــا يعك ــس ضع ــف‬ ‫الرقاب ــة ومعالج ــة ح ــاالت الفس ــاد"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ان "الفس ــاد اصب ــح ثقاف ــة معت ــادة‬ ‫يمارس ــها الف ــرد س ــواء ف ــي القط ــاع الع ــام او‬ ‫الخ ــاص"‪ ،‬مش ــيرا ال ــى ان "الفس ــاد يع ــد أه ــم‬

‫عائ ــق للتنمي ــة فض ــا ع ــن تأثي ــره عل ــى النظ ــام‬ ‫السيا�س ــي وعل ــى العملي ــة الديمقراطي ــة"‪.‬‬ ‫وبحســب تقريــر "الشــفافية الدوليــة"‪ ،‬مــا يـزال‬ ‫الفس ــاد متج ــذ ًرا بعم ــق ف ــي مختل ــف أنح ــاء‬ ‫الش ــرق األوس ــط وش ــمال أفريقي ــا‪ ،‬إذ ل ــم‬ ‫تشــهد املنطقــة ســوى تقــدم ضئيــل علــى مــدى‬ ‫الســنوات الــ‪ 12‬املاضيــة‪ ،‬حيــث ارتفــع متوســط‬ ‫درجاته ــا بنقط ــة واح ــدة فق ــط إل ــى ‪ ،39‬وه ــو‬ ‫أق ــل بكثي ــر م ــن املتوس ــط العالم ــي البال ــغ ‪.43‬‬ ‫ويق ــول التقري ــر إن ترك ــز الس ــلطة ف ــي أي ــدي‬ ‫الق ــادة االس ــتبداديين أدى إل ــى تعزي ــز الفس ــاد‬ ‫املمنه ــج ف ــي مختل ــف ممارس ــات الحكوم ــة‪.‬‬ ‫كم ــا يش ــير إل ــى أن هن ــاك العدي ــد م ــن املعايي ــر‬ ‫الت ــي تؤخ ــذ ف ــي االعتب ــار خصوص ــا الحس ــابات‬ ‫الختامي ــة للدول ــة الت ــي تتأخ ــر كثي ـرا ووج ــود‬ ‫خل ــل ف ــي آلي ــات االح ــاالت والتقيي ــم واملنافس ــة‬

‫داغر‪" :‬العراق فيه ديمقراطية‬ ‫منقوصة ومشوهة بيد االحزاب‬ ‫وهي تتكرر كل سنة عبر ممثليها‬ ‫وبالتالي ال نتوقع ان تنجح الشفافية‬ ‫فيه"‪.‬‬

‫الربيعي‪" :‬أكثر األنواع المنتشرة‬ ‫في العراق من حيث الفساد‬ ‫هو الرشوة واستغالل المنصب‬ ‫الوظيفي واستخدام المال العام‬ ‫لتحقيق منفعة شخصية"‬

‫ف ــي االحال ــة وع ــدم وج ــود خط ــط خمس ــية‬ ‫واضحــة وملزمــة للدولــة وأجهزتهــا االقتصاديــة‬ ‫إضاف ــة إل ــى تأثي ــر املش ــاكل املالي ــة بي ــن املرك ــز‬ ‫واالقلي ــم عل ــى ه ــذه املعايي ــر ‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون‪-‬شبــاط‪-‬فبـرايــر ‪115 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫الدوالر العماني في العراق‪....‬‬

‫عملة مشبوهة أم خسائر طول الخزن ؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يعان ــي أصح ــاب مكات ــب الصيرف ــة والتج ــارحال ــة م ــن القل ــق واالرتب ــاك‬ ‫ج ــراء ت ــداول فئ ــة ‪ 100‬دوالر أمريكــي الت ــي يطل ــق عليه ــا «القدي ــم»‪،‬‬ ‫واملطب ــوع ف ــي ع ــام ‪ ،2003‬واملعروف ــة ف ــي الس ــوق املحلي ــة باس ــم‬ ‫(العما ن ــي)‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ُويعتب ــر ال ــدوالر س ــيد العم ــات الصعب ــة ف ــي‬ ‫الع ـراق دون من ــازع‪ ،‬إال أن األم ــر يختل ــف م ــع‬ ‫«العمان ــي»‪ ،‬حي ــث يمتن ــع‬ ‫ورق ــة الــ‪ 100‬دوالر‬ ‫ّ‬ ‫التجــار عــن تداولهــا بداعــي عــدم احتوائهــا علــى‬ ‫عالم ــات واضح ــة املعال ــم‪.‬‬ ‫«العمانــي» علــى فئــة‬ ‫ويطلــق العراقيــون مســمى ّ‬ ‫الــ‪ 100‬دوالر طبع ــة ‪ 2003‬وم ــا دون‪ ،‬نس ـ ًـبة‬ ‫إل ــى العاصم ــة األردني ــة عم ــان‪ ،‬حي ــث كان يت ــم‬ ‫تداوله ــا عل ــى نط ــاق واس ــع هن ــاك إب ــان النظ ــام‬ ‫الس ــابق‪.‬‬ ‫فرق سعر‬ ‫يق ــول صاح ــب صراف ــة «األوس» أحم ــد‬ ‫ص ــادق‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن «بع ــض مكات ــب‬ ‫الصيرفــة يمتنعــون عــن ش ـراء الــدوالر القديــم‬ ‫م ــن الن ــاس»‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى أن «البع ــض يقبل ــون‬ ‫بــه بســعر أقــل مــن الســعر املتــداول فــي الســوق‬ ‫بمق ــدار ألفي ــن أو ثالث ــة آالف دين ــار»‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن «بع ــض مكات ــب الصيرف ــة تخت ــم‬ ‫عل ــى بع ــض األوراق النقدي ــة م ــن فئ ــة ال ــدوالر‬ ‫بخت ــم خ ــاص بمكتب ــه ً‬ ‫تالفي ــا لإلش ــكاالت الت ــي‬ ‫تحــدث»‪ ،‬مشـ ًـيرا إلــى أن «بعــض النــاس أرجعــوا‬ ‫أور ًاق ــا نقدي ــة م ــن ال ــدوالر للمكات ــب بحج ــة‬ ‫التزوي ــر‪ ،‬مدعي ــن أنه ــم اش ــتروها منه ــم»‪.‬‬ ‫وي ــرى أن «وض ــع الخت ــم عل ــى الورق ــة النقدي ــة‬ ‫م ــن ش ــأنه أن يحم ــي صاح ــب الصيرف ــة م ــن‬ ‫بع ــض ضع ــاف النف ــوس الذي ــن يحاول ــون‬ ‫خ ــداع أصح ــاب املكات ــب بتزوي ــر األوراق الت ــي‬

‫ـتدركا ف ــي الوق ــت‬ ‫ت ــم ش ـراؤها منه ــم»‪ ،‬مس ـ ً‬ ‫نفس ــه أن «وض ــع الخت ــم عل ــى األوراق النقدي ــة‬ ‫ـكاال ل ــدى مش ــتريها ف ــي‬ ‫األجنبي ــة ق ــد يس ــبب إش ـ ً‬ ‫صعوب ــة صرفه ــا ف ــي الخ ــارج»‪.‬‬ ‫تزوير القديم‬ ‫يقــول صاحــب صيرفــة «الفــاس» جــواد مالــك‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن «ع ــدم التعام ــل بال ــدوالر‬ ‫القدي ــم ه ــو نتيج ــة التزوي ــر ال ــذي حص ــل في ــه‬ ‫ف ــي تركي ــا واألردن‪ ،‬واإلش ــاعة ح ــول دخول ــه‬ ‫إل ــى الع ـراق»‪ ،‬مبين ـ ًـا أن «الكثي ــر م ــن أصح ــاب‬ ‫الصراف ــة أصبح ــوا ال يتعامل ــون ب ــه‪ ،‬وأصب ــح‬ ‫م ــن املا�ض ــي‪ ،‬أو أنه ــم يقبل ــون ب ــه بف ــارق‬ ‫س ــعر يص ــل إل ــى ‪ 20‬أل ــف دين ــار أو أكث ــر مم ــن‬ ‫يس ــتطيعون تحوي ــل ه ــذه العمل ــة إل ــى البن ــك‬ ‫املرك ــزي»‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن «اغل ــب مكات ــب الصيرف ــة كان ــت‬ ‫تخت ــم عل ــى فئ ــة ‪ 100‬دوالر بخت ــم علي ــه اس ــم‬ ‫الصيرف ــة حت ــى ول ــو كان ــت ه ــذه الفئ ــة جدي ــدة‬ ‫ليطمئ ــن املش ــتري بع ــدم تزويره ــا وايض ــا لك ــي‬ ‫اليرج ــع اي ش ــخص ق ــد اش ــترى من ــه ال ــدوالر‬ ‫ويدع ــي أن ــه م ــزور»‪.‬‬ ‫ويبي ــن‪ ،‬أن «الكثي ــر م ــن مكات ــب الصيرف ــة ال‬ ‫يتعامل ــون أيض ـ ًـا بفئ ــة الواح ــد دوالر أو م ــا‬ ‫يط ــق علي ــه (الي ــك)‪ ،‬وبع ــض االحي ــان حت ــى‬ ‫بفئ ــة الخمس ــة دوالر عل ــى الرغ ــم م ــن تعام ــل‬ ‫ـدا‬ ‫دول الج ــوار بهم ــا دون أي مش ــكلة»‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫أن «ذلــك يدخــل فــي م ـزاج كبــار التجــار الذيــن‬

‫يتعامل ــون بال ــدوالر»‪.‬‬ ‫عالمات أمنية غير واضحة‬ ‫يق ــول التاج ــر العراق ــي‬ ‫حي ــدر الحس ــني‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‬ ‫«ال‬ ‫ان ــه‬ ‫م ــل‬ ‫يتعا‬ ‫با ل ــد و ال ر‬ ‫القدي ــم اطالق ــا تالفي ــا‬ ‫ملش ــكلة التزوي ــر»‪ ،‬مبين ــا‬ ‫ان «القدي ــم لي ــس‬ ‫فيه ــا عالم ــات امني ــة‬ ‫و ا ضح ــة » ‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬ان ــه «ال‬ ‫يتعام ــل أيض ـ ًـا حت ــى‬ ‫بال ــدوالر الجدي ــد»‪،‬‬ ‫مبين ــا ان «األم ــن‬ ‫االقتص ــادي يمن ــع‬ ‫الت ــداول‬ ‫ب ــه‬ ‫ق‬ ‫بس ــعر الس ــو »‪.‬‬ ‫جمي ــع العم ــات‬ ‫مقبول ــة‬ ‫يق ــول الخبي ــر‬ ‫املال ــي ومدي ــر‬ ‫ع ــام س ــابق‬ ‫ف ــي البن ــك‬ ‫ا ملر ك ــز ي‬

‫محم ــود داغ ــر‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي» ان ــه «ال يوج ــد‬ ‫دوالر قديــم وجديــد فــي مفهــوم البنــك املركــزي‬ ‫فجميــع العمــات االجنبيــة والوطنيــة الســارية‬ ‫ه ــي مقبول ــة»‪.‬‬ ‫وتاب ــع ان «م ـزاج الن ــاس والتج ــار واصح ــاب‬ ‫مكات ــب الصيرف ــة ال يمك ــن ان تجبره ــم‬ ‫مهم ــا ح ــدث عل ــى قب ــول ه ــذه النوعي ــات م ــن‬ ‫ال ــدوالرات القديم ــة›‪ ،‬مؤك ــدا أن «ه ــذا األم ــر‬ ‫يع ــد اجته ــادات ش ــخصية»‪.‬‬ ‫ال توجد تعليمات‬ ‫ويؤكــد البنــك املركــزي العراقــي‪ ،‬عــدم وجــود أي‬ ‫تعليم ــات بش ــأن رف ــض ال ــدوالر القدي ــم وع ــدم‬ ‫التعامــل بــه‪.‬‬ ‫وأخب ــر مص ــدر مس ــؤول ف ــي البن ــك‪ ،‬مجل ــة‬ ‫«فيلــي» بــأن «البنــك لــم يصــدر أي تعليمــات‬ ‫بش ــأن ع ــدم التعام ــل بال ــدوالر‬ ‫القد ي ــم»‪.‬‬ ‫و ا ض ــا ف‬

‫ان «جمي ــع األق ــوال وال ــكالم ال ــذي يث ــار ح ــول‬ ‫رف ــض البن ــك م ــن قب ــول ال ــدوالر القدي ــم ه ــو‬ ‫ع ــار ع ــن الصح ــة»‪.‬‬ ‫وف ــي الخت ــام‪ ،‬يبق ــى موض ــوع ت ــداول فئ ــة‬ ‫الــ‪ 100‬دوالر «القدي ــم» ف ــي الع ـراق مص ــدر‬ ‫قل ــق للمواطني ــن وأصح ــاب مكات ــب الصراف ــة‬ ‫عل ــى ح ــد س ــواء‪ ،‬حي ــث تتداخ ــل املخ ــاوف م ــن‬ ‫التزوي ــر م ــع االعتب ــارات الس ــوقية‪.‬‬ ‫وبينم ــا يؤك ــد البن ــك املرك ــزي العراق ــي قب ــول‬ ‫جميــع العمــات الســارية‪ ،‬يبقــى التعامــل بهــذه‬ ‫الفئ ــة رهن ـ ًـا بم ـزاج الس ــوق وق ـرارات التج ــار‪.‬‬ ‫ورغ ــم غي ــاب أي تعليم ــات رس ــمية تمن ــع‬ ‫تــداول الــدوالر القديــم‪ ،‬فــإن إج ـراءات األمــان‬ ‫والتحف ــظ م ــن بع ــض مكات ــب الصيرف ــة تش ــير‬ ‫إل ــى اس ــتمرار حال ــة االرتب ــاك والش ــكوك ح ــول‬ ‫ه ــذه الفئ ــة‪ ،‬م ــا ق ــد يعك ــس حاج ــة ماس ــة إل ــى‬ ‫توضي ــح رس ــمي يع ــزز م ــن اس ــتقرار الس ــوق‬ ‫املحل ــي ويطمئ ــن املتعاملي ــن‬

‫مع حلول شهر رمضان المبارك‪،‬‬ ‫نستقبل هذا الشهر الفضيل بقلوب‬ ‫مفعمة باألمل والتفاؤل‪ .‬وأجواء من‬ ‫البهجة والرتقب‪ ،‬فهو فرصة لتجديد‬ ‫اإليمان‬ ‫واألرسية‪.‬‬

‫وتعزيز‬ ‫تزتين‬

‫الروابط‬

‫االجتماعية‬

‫الشوارع‬

‫بالزينة‬

‫والفوانيس‪ ،‬ويجتمع الناس ليتبادلوا‬ ‫التهاني والتربيكات بقدوم شهر الخري‪.‬‬ ‫ينظر العراقيون إلى رمضان كنافذة‬ ‫مرشقة تحمل معها دعوات بالسالم‬ ‫والربكة‪ ،‬مع أمل عميق بأن يكون هذا‬ ‫الشهر محطة للتغيري اإليجابي في‬ ‫ّ‬ ‫يعم الخري ارض‬ ‫هذا الوطن‪ .‬عسى أن‬ ‫الرافدين وأهلها‪ ،‬وأن ُتق ّرب هذه األيام‬

‫ُ‬ ‫وتحيي روح التعاون‬ ‫المباركة القلوب‬ ‫والمحبة بني الجميع والرجاء بمستقبل‬ ‫أفضل للعراق وشعبه الكريم‪.‬‬

‫مدير التحرير‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬ ‫العدد ‪ 254‬السنة الحادية والعشرون ‪ -‬شبــاط ‪ -‬فبـرايــر ‪2025‬‬