مجلة زهرة البارون عدد 57

Page 1

‫عدد ‪57‬‬

‫‪57‬‬

‫‪2018‬‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫البارون األخري‬ ‫حممود صالح الدين‬

‫‪1‬‬


‫مجلة حدودها العالم أجمع‬

‫عدد ‪57‬‬

‫جملة زهرة البارون‬ ‫للنشر االلكتروني‬

‫رئيس التحرير‬

‫الموصل‬

‫البارون األخير‬ ‫محمود صالح الدين‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫زهرة محمد‬ ‫الجزائر‬ ‫الهيئة االستشارية للمجلة‬ ‫د‪ .‬عبد الستار البدراني‬

‫د‪ .‬إبراهيم العالف‬ ‫العراق‬ ‫د‪ .‬احمد ميسر‬

‫العراق‬ ‫د‪ .‬احمد جارهللا‬

‫العراق‬

‫العراق‬

‫د‪ .‬أحالم غانم‬ ‫سوريا‬

‫د‪ .‬سناء عبد هللا عزيز الطائي‬ ‫العراق‬

‫د‪ .‬فارس تركي‬ ‫العراق‬ ‫المحررون‬ ‫هادية قصبة فرحات ‪/‬الجزائر‬

‫احمد محمد عيسى ‪ /‬مصر‬

‫رواء خلف السوداني ‪ /‬العراق‬

‫شريف العرفاوي ‪/‬تونس‬ ‫رسل الساعدي ‪ /‬العراق‬ ‫عبد الرسول الكعبي ‪ /‬عراق‬

‫نرجس عمران ‪ /‬سوريا‬

‫‪2‬‬

‫ليلى جواد ‪ /‬العراق‬


‫عدد ‪57‬‬

‫املحتويات‬ ‫مقال افتتاحي ‪5..................................................................................................................‬‬

‫قراءات‬ ‫احمد النيلة املكتبي ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم العالف ‪8.....................................................................‬‬ ‫مدينة طرسوس ودورها في التاريخ ‪ /‬د‪ .‬زياد عبد الوهاب النعيمي ‪11..........................‬‬ ‫وهم املعرفة ‪ /‬د‪ .‬فارس تركي ‪18.......................................................................................‬‬ ‫الهوية الوطنية وحمايتها ‪ /‬هناء العلي ‪26........................................................................‬‬ ‫املرسل الصحفي ‪ /‬عبد الرسول الكعبي ‪28....................................................................‬‬

‫أدب ساخر‬ ‫اطرش بالزفة ‪ /‬د‪ .‬احمد جارهللا ياسين ‪29....................................................................‬‬ ‫شعبان وهييييي ‪ /‬حسام الطحان ‪30..............................................................................‬‬

‫شعر‬ ‫النوفوة ‪ /‬د‪ .‬أحالم غانم ‪31..............................................................................................‬‬ ‫قف للحنين ‪ /‬فاطمة الحلفي ‪34......................................................................................‬‬ ‫دعاء ‪ /‬د‪ .‬حسام عبد الفتاح ‪35......................................................................................‬‬ ‫أتعلم ‪ /‬هدهد ‪37..............................................................................................................‬‬ ‫مالي ومال نزار ‪ /‬د‪ .‬عالوي الشمري ‪38.............................................................................‬‬

‫‪3‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫غفلة االنتظار ‪ /‬نرجس عمران ‪40....................................................................................‬‬ ‫سامحيني ‪ /‬رمزي عقراوي ‪41...........................................................................................‬‬ ‫انبالج الطيف ‪ /‬فاطمة سعدهللا ‪43................................................................................‬‬

‫عالم املرأة‬ ‫كلمات أنثى ‪ /‬زهرة محمد ‪44............................................................................................‬‬ ‫بكاء منتصف الوجع ‪ /‬رسل الساعدي ‪45......................................................................‬‬

‫أقالم شابة‬ ‫الحياة بال عمل ‪..‬انا امرأة ‪ ..‬انا أستطيع ‪ /‬ناز عدنان عثمان ‪49....................................‬‬ ‫كوابيس الحب ‪ /‬هدى علي ‪52..........................................................................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫صفقة القرن ‪ ..‬املسمار األخير ‪ /‬قاسم الغراوي ‪53.........................................................‬‬

‫‪4‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫حقائق ووقائع عن املرأة‬ ‫حتت عنوان‬ ‫هام جدا‬ ‫بقلم البارون األخير ‪ /‬محمود صالح الدين‬

‫في البداية اود ان اشير ان مقالي هذا ليس ضد احد من النساء ولكن اضع‬ ‫المرايا امامهن لتعرف كل واحده مكانها في ما أقول واحب ان استشهد بقول‬ ‫رسولنا الكريم محمد صلى هللا عليه وسلم ( قاصرات عقل ودين ) صدق‬ ‫رسولنا الكريم اما عن قصور الدين فالكل تعرف المعنى وليس هذا موضوعنا‬ ‫اليوم سوف نتحدث عن القصور العقلي عندهن وان المرأة عبارة عن كتله‬ ‫من العاطفة اضاعت اسرارها في يومنا هذا وأمست مجهولة الهوية تعيش‬ ‫الشتات فيما تريد وابدلت ثوب الحب بالكراهية للرجل حتى ولو كان زوجها‬ ‫وسوف نستعرض جوانب من الصور في مجتمعاتنا ونسلط الضوء فيها الى‬

‫‪5‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫لم أوصل المرأة لهذا الحال في البداية يوم مولدها يصفر وجه االب وكانوا‬ ‫وقع في مصيبة وهذا نابع من موروثات قديمة لم يستطيع اإلسالم محوها‬ ‫وعندما تكبر يكون الخوف بدل الثقة أساس في التربية فيشمل الخوف من‬ ‫الشارع والمدرسة واالحتكاك باألخرين يصل الى حد الجريمة لو فعلت هذا‬ ‫فتكسب شخصية االنثى سوء الظن كأساس في التعامل مع االخرين على ان‬ ‫الكل يريد النيل منها ‪ ،‬وبعد هذا يأتي دور االهل في التثقيف العائلي في مفاهيم‬ ‫الحياة من حديث االم عن االب امام أطفالها وانها الضحية وان كان اإلمكان‬ ‫الحصول على شخص افضل منه وهذا يطبع في ذهن الصغيرة مفاهيم‬ ‫مغلوطه عن صورة رب العائلة وتأتي الفترة القاتلة من الحياة وتأثير رفيق‬ ‫السوء وافرازات تلك الفترة من ابراز الجمال والحديث عنه وفي الفترة‬ ‫األخيرة اصبح االستقرار وبناء العائلة اخر اهتمامات المرأة عند البعض وهذه‬ ‫كارثة بحد ذاته وساهمة في رفع نسبة العنوسة في المجتمع وهناك ظاهرة‬ ‫برزت في اآلونة األخيرة اال وهي كراهية المرأة للرجل فترى التي يفوتها‬ ‫قطار الزواج تحمل كل الرجال مسؤولية ما حدث واذا كلمتها قالت القسمة‬ ‫والنصيب وهذا غير صحيح هي كلمة ترددها كشماعة لتغطية على فشلة في‬ ‫الحياة ترها اذا خطبه احد أخرجت فيه الف عيب وعيب وكان االمر عندها‬ ‫اختيار فستان او حذاء ترتديه ونسيت لو ان كل امرأة فعلت هذا الن تتزوج‬ ‫أي منهم فليس هناك شخص يتمتع بالكمال والكمال هلل وأخرى المتزوجة تحقد‬ ‫على بعض الرجال عندما ترى زوجها انه غير موازي للرجال الذين من‬ ‫حولها في العمل والحياة وأخرى حكمة عليه الحياة ان تفقد زوجها وتحمل كل‬ ‫الرجال مسؤولية ما حدث واالغرب من هذا تذهب للعمل على جعل جميع‬ ‫من حولها يعاني فقط ألنها تعاني اما المطلقة فهنا الكارثة فقد هناك مجتمعات‬ ‫في الدول التي تتمتع بالثقافة السليمة نرى المطلقين بعد االنفصال تربطهم‬ ‫عالقة يسودها االحترام فقط الن بينهم كانت حياة تشاركوها في حلوها ومرها‬ ‫اما هنا فالمر مختلف تماما ترى الزوجة اذا طلقها زوجها تعمل على تشويه‬ ‫صورته ووضعها في صورة الضحية حتى ولو انها كانت ان تكون السبب‬ ‫في ان يفقد حياته والمشكلة عندما يواجه احدهم بهذه الحقيقة تقول ال هذا غير‬ ‫صحيح وانا أقول لك ان الكالم الذي كتبته هو عين الحقيقة في يومنا هذا‬ ‫وهناك بعض الممارسات نرها كل يوم وهي بحق لو كان لها تصنيف اقل ما‬ ‫يقال عنها مقرفة الى ابعد حد من االمراض التي تفرزها تلك الحاالت‬ ‫والصور في مجتمعنا اليوم واخطر االمراض فتك في نساء اليوم هي‬

‫‪6‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫االزدواجية في المعاير في التعامل مع العالم المحيط والكل يسال االن ما هذا‬ ‫الحقد الذي يملئ العالم اليوم وانا ال استغرب هذا بالمرة فانا احفظ قول الشاعر‬ ‫رحمه هللا احمد شوقي عندما قال‬ ‫األم مدرسة إذا أعدتها‪.........‬أعدت شعبا طيب األعراق‬ ‫واالم اليوم أصبحت المرأة تعاني مع ذاته كل تلك األحقاد التي افرزتها الحياة‬ ‫تريد من هذه المدرسة ان تنشئ لك جيل محب مسالم ونسيت أيضا حكمة‬ ‫تقول (فاقد الشيء ال يعطيه ) ولم يتوقف االمر عند هذا فقد ذهبت أصوات‬ ‫تتحدث عن ظلم المرأة في المجتمع وان احب ان انهي ما بدأت بقول هللا عز‬ ‫وجل ‪.‬‬ ‫َو َما ظَلَ ْمنَاهُ ْم َو َٰلَكن َكانُوا أَنفُ َسهُ ْم يَ ْ‬ ‫ون‬ ‫ظل ُم َ‬ ‫صدق هللا العظيم‬ ‫وهللا من وراء القصد‬

‫‪7‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أمحد النيلة املكتبي‬ ‫املوصلي األول‬

‫ا‪ .‬د‪ .‬ابراهيم خليل العالف‬ ‫استاذ التاريخ الحديث المتمرس‬ ‫جامعة الموصل‬ ‫ال اعتقد أن أحدا في الموصل ‪ ،‬وخاصة‬ ‫من المثقفين ‪ ،‬ال يعرف من هو الحاج‬ ‫احمد النيلة (‪. ) 1994-1910‬انه المكتبي‬ ‫الموصلي ‪ ،‬والعراقي ‪ ،‬والعربي األول ‪.‬‬ ‫لقد كنا نرتاد المكتبة المركزية العامة‬ ‫والتي كانت تسمى فيما سبق ب "المكتبة‬ ‫العمومية ثم "مكتبة األمير غازي " وبعدها بمكتبة الملك غازي ‪ ،‬ونشاهد‬ ‫أمينها العام ‪،‬ونعجب بهمته‪ ،‬وقدراته العجيبة مع انه كان يتحرك بصعوبة‬ ‫بسبب عوق في رجليه ‪.‬كنا نراه عبر النافذة في المكتبة حيث كانت غرفته‬ ‫تطل على مدخل المكتبة‪ .‬وقد تعمقت معرفتي به في مطلع السبعينات من‬ ‫القرن الماضي عندما كنت أعد رسالتي للماجستير عن والية الموصل فقابلته‬ ‫عدة مرات وقدم ألي‪ -‬في حينه ‪ -‬مساعدة مهمة تمثلت بمجموعة من النشريات‬ ‫التي صدرت أبان الحرب العالمية األولى ومنها على سبيل المثال نشرة‬ ‫"اجانسي عثمانلي" ‪ .‬وقد ذكرت ذلك في رسالتي للماجستير وفي كتابي‪:‬‬ ‫"نشأة الصحافة العربية في الموصل " ‪ ،‬وأسديت له الشكر والمحبة والعرفان‬ ‫‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫الحاج احمد النيلة ‪ -‬وهكذا كان يحب الموصليون أن يسموه‪ -‬من مواليد‬ ‫الموصل سنة ‪، 1910‬أكمل دراسته االبتدائية والمتوسطة واإلعدادية ‪.‬كانت‬ ‫"المدرسة القحطانية " مدرسته االبتدائية والتحق ب "ثانوية الموصل" سنة‬ ‫‪ 1926‬وقضى فيها أربع سنوات وجاءت دراسته في هذه الثانوية في أعقاب‬ ‫تعرضه لحادثة سقوطه من سطح "دار المعلمين "ببغداد التي دخلها األمر‬ ‫الذي أدى غالى كسر في عموده الفقري تسبب في شلل رجله اليسرى‪ ،‬فعاد‬ ‫ كما يقول صديقنا الحاج عبد الجبار محمد جرجيس الذي زامله في المكتبة‬‫كثيرا وتعلم منه وسار على نهجه عندما عين أمينا للمكتبة المركزية بعده ‪،‬في‬ ‫إحدى مقاالته عنه ‪ -‬إلى الموصل ‪.‬وبعد أن أنهى الدراسة في ثانوية الموصل‬ ‫عين في شباط ‪ 1930‬أمينا لمكتبة األمير غازي العامة في الموصل ‪.‬‬ ‫حدثني الحاج عبد الجبار محمد جرجيس عن الحاج احمد النيلة فقال انه كان‬ ‫من أشهر المكتبيين في العراق ‪.‬أحب الكتاب‪ ،‬وأحب العلم‪ ،‬وكان يطمح الن‬ ‫يجعل المكتبة المركزية العامة في الموصل من أفضل مكتبات العالم وقد‬ ‫استطاع أن يزرع في منتسبي المكتبة نزعة حب الكتاب من خالل تشجيعهم‬ ‫على القراءة والبحث والتقصي والمتابعة والتمسك بأصول الفن المكتبي‬ ‫‪،‬ولشهرته استعانت به الحكومة السعودية سنة ‪ 1963‬للعمل على تنظيم‬ ‫مكتباتها ‪.‬كما انه انتخب عضوا في مكتبة الجامعة األميركية ببيروت سنة‬ ‫‪ 1949‬وحصل على شهادة العضوية المكتبية العالمية ‪،‬ودعي لزيارة المكتبة‬ ‫الوطنية في أنقرة سنة ‪ 1956‬وكثيرا ما كان يحضر اجتماعات أمناء مكتبات‬ ‫آسيا التي تنظمها اليونسكو ويشارك في دوراتها التي تستمر ألشهر عدة ‪ .‬وقد‬ ‫زار خالل حياته كثيرا من مكتبات العالم منها مكتبات استانبول وبيروت‬ ‫‪،‬والقاهرة ‪،‬وروما ‪،‬وباريس ‪،‬ولندن‪ ،‬وازمير‪ ،‬ونيودلهي‪ ،‬وطوكيو‪ ،‬والقدس‪،‬‬ ‫وحلب‪ ،‬ودمشق ‪.‬ويقينا انه كان يحرص على نقل خبراته ‪،‬وما كان يتعلمه إلى‬ ‫المكتبة المركزية العامة في الموصل ‪،‬والتي ظل يديرها منذ سنة ‪ 1930‬حتى‬ ‫تقاعده أواخر سنة ‪. 1963‬‬ ‫لم يترك الحاج احمد النيلة العمل المكتبي ‪،‬فقد كانت هذه المهنة تسري في‬ ‫دمه فلقد أصبح أمينا "لمكتبة الدكتور داؤود ألجلبي" األهلية التي فتحت أبوابها‬ ‫للمطالعين في الموصل سنة ‪ 1965‬واستمر في إدارتها حتى سنة ‪ 1970‬حين‬ ‫أممت ونقلت محتوياتها إلى مكتبة األوقاف العامة بالموصل ‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫رأيت الكثير من مقاالت الحاج احمد النيلة منشورة في الصحف والمجالت‬ ‫الموصلية والعراقية منها صحف" فتى العراق"و"الينبوع" ومجلتي "أهل‬ ‫النفط "و"الثقافة" ‪ .‬كما وجدت مجموعة من كتبه المنشورة والمخطوطة منها‬ ‫تحقيقه لكتاب "طبقات الفقهاء " لطاش كبري زادة بطبعتيه األولى ‪1954‬‬ ‫والثانية ‪. 1961‬كما أن من كتبه المخطوطة كتابه ‪ " :‬أنا وعصاتي حول‬ ‫العالم " وكتاب" ما أهمله التاريخ "وكتاب "الحوادث التاريخية الهامة "‬ ‫وكتاب "األرقام السرية للمخطوطات والكتب القيمة " وكتاب "تنظيم‬ ‫المكتبات الخاصة " ‪ ،‬وكتاب "فلسفة المكتبة"وكتاب "أنا والزمان" ‪.‬وكان‬ ‫للرجل محاوالت شعرية وقصصية وروائية ‪.‬ويذكر الحاج عبد الجبار محمد‬ ‫الجرجيس ان للنيلة أعماال غير منشورة منها على سبيل المثال رواية بعنوان‬ ‫‪":‬نهاية المطاف " ‪،‬وديوان شعر بعنوان " سفر "‬ ‫توفي الحاج أحمد النيلة في يوم ‪ 23‬شباط سنة ‪. 1994‬رحم هللا الحاج احمد‬ ‫النيلة ‪ .‬فقد كان إنسانا رائعا ‪،‬أحب الناس فأحبوه ‪ .‬وقد ارتبطت بعالقة صداقة‬ ‫وزمالة مع ولده قتيبة الذي اجهل اليوم مكانه ‪ .‬وعزاءنا في الحاج احمد النيلة‬ ‫انه ترك بصمة في جدران الحركة المكتبية العراقية المعاصرة‬

‫‪10‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫مدينة طرسوس ودورها يف التاريخ العربي‬

‫اإلسالمي (‪ 354-172‬هـ ‪ 965-788-‬م كتاب جديد‬ ‫للدكتورة سناء عبد اهلل عزيز الطائي‬ ‫عرض ومراجعة‪ :‬الدكتور زياد عبد الوهاب النعيمي‬ ‫رئيس قسم الدراسات السياسية والستراتيجية‬ ‫مركز الدراسات االقليمية ‪ -‬جامعة الموصل‬

‫مدينة عتيقة تعبق بتراث أنساني ‪ ،‬معالمها تحكي عن قصص علمها ‪،‬وسماؤها‬ ‫تحكي عن صمودها وبطولتها ‪،‬وترابها يتذكر كل انتصاراتها و كذلك الظلم‬ ‫الواقع عليها حتى سقوطها ‪.‬‬ ‫التاريخ حين يبدأ بالكتابة عنها يقف طويال ليتأمل عظمتها وروحها وإنسانها‬ ‫‪ ،‬تلك هي طرسوس مسقط رأس بولس الرسول ‪ ،‬المعلم الذي درس الالهوت‬ ‫‪،‬وعلمه في طرسوس وكان من مضطهدي الكنيسة‪ ،‬لكنه اعتنق المسحية وتم‬

‫‪11‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫تعميده في نهر بردى على أيدي حنانيا‪،‬وراح يبشر بها في دمشق وانتقل يعلم‬ ‫حتى سنة ‪ 67‬حين انتقل إلى روما فاعتقل واعدم هناك ‪ ،‬ومدينة طرسوس‬ ‫كما يذهب بعض أصحاب الرأي أنها مدينة الفتية أصحاب الكهف‪ ،‬باعتبارها‬ ‫احد الفرضيتين في وجودهم فيها على رأي بعض العلماء ‪ ،‬المكان الذي عاش‬ ‫فيه أصحاب الكهف أولئك الفتية الذين ذكرهم هللا عز وجل في سورة الكهف‬ ‫في اآلية(‪ )18‬بقوله "أَ ْم َحسب َ‬ ‫اب ال َكهْف والرقيم َكانُوا م ْن آيَاتنَا‬ ‫ْت أَن أَصْ َح َ‬ ‫نك َرحْ َمة َوهَيِّئْ لَنَا م ْن‬ ‫َع َجبا * إ ْذ أَ َوى الف ْتيَةُ إلَى ال َكهْف فَقَالُوا َربنَآ آتنَا من ل ُد َ‬ ‫ين َع َددا "‬ ‫ض َر ْبنَا َعلَى آ َذانه ْم في ال َكهْف سن َ‬ ‫أَ ْمرنَا َر َشدا * فَ َ‬ ‫إنها مدينة الزهاد والعباد ومدينة الثغور ‪،‬مدينة كان لها دور عسكري‬ ‫واقتصادي وسياسي مشرف بسبب موقعها وجهادها ودورها المتميز الذي‬ ‫حظيت به من خالل تاريخ اتسم بالمواقف البطولية ألهلها ‪ ،‬طرسوس هذه‬ ‫المدينة المضمخة بعبق الحضارة والتراث‪ ،‬لم يتناولها إال قلة من الباحثين‬ ‫العرب وحتى في تناولهم لها لم يعطوا هذه المدينة ما تستحق ‪ ،‬لذلك نجد أن‬ ‫هذه المدينة تتعطش لمن يكتب عنها وعن بطوالتها ويؤرخ لمرحلة تاريخية‬ ‫مهمة عاشتها ‪ ،‬فأثرت في التاريخ اإلسالمي وتأثرت بايجابيته وتطوره ‪،‬كان‬ ‫البد من وجود نهج تاريخي أكاديمي تنطلق منه هذه المدينة لتبقى شاخصة‬ ‫في اإلبصار ناظرة للوجوه حين يكتب عنها أستاذا أو باحثا عربيا ‪ ،‬عن‬ ‫تاريخها نقف عند انجازاتها‪،‬وتاريخها الطويل‪،‬وحين تبدع سطور الباحثين‬ ‫في الكتابة عنها نجد أن هذا المنجز التاريخي بدا واضحا أكثر فأكثر لالستعانة‬ ‫به والتا كيد على أهمية طرسوس ‪.‬‬ ‫من هذه األهمية وعند هذه النقطة بالتحديد كان االنجاز واضحا في تناول‬ ‫تاريخ هذه المدية اإلسالمية لفترة تاريخية مهمة من حياتها‪ ،‬وهذا االنجاز‬ ‫العلمي واألكاديمي تحقق من خالل الكتاب الموسوم مدينة طرسوس ودورها‬ ‫في التاريخ العربي اإلسالمي للباحثة الدكتورة سناء عبدهللا عزيز الطائي‬ ‫التدريسية في مركز الدراسات اإلقليمية في جامعة الموصل التي كتبت‬ ‫فأبدعت ‪،‬ووثقت فأنجزت تاريخا مهما لمدينة أسالمية اسمها طرسوس‪،‬مدينة‬ ‫الفكر والعلم والجهاد ‪.‬‬ ‫تضمن الكتاب أربعة فصول و تقديم وخاتمة إضافة إلى المالحق‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أشارت الباحثة في الفصل االول من الكتاب الى مدينة طرسوس بوصفها‬ ‫مدينة الثغور الشامية وذكرت أن اسم طرسوس قد تم ذكره في الكتب السماوية‬ ‫مثل التوراة التي ورد ذكرها فيه باسم اسبوس وذكرت في اإلنجيل باسم‬ ‫ارسوس‪ ،‬وتفيد الباحثة الى أن اسم طرسوس هي من األسماء المتداولة‬ ‫واألكثر شيوعا لدى جمهور المؤرخين ‪ ،‬و أن مدينة طرسوس تختلف عن‬ ‫مدينة طرطوس التي تقع في بالد الشام وتشرف على البحر المتوسط قرب‬ ‫المرقب وعكا‪.‬‬ ‫تقع مدينة طرسوس في قيليقيا وتبعد حوالي ‪ 12‬ميال عن البحر المتوسط وعن‬ ‫جبال طوروس ‪ ،‬وتذكر الباحثة أن مدينة طرسوس كان لها أهمية قبل اإلسالم‬ ‫‪ ،‬جدد عمارتها اإلمبراطور األشوري سنحاريب سنة ‪ 861-704‬ق‪.‬م ‪ ،‬وفي‬ ‫الزمن الروماني انشىء إقليم قيليقيا فاتخذت طرسوس مقرا للحاكم أوغسطين‬ ‫‪ ،‬وتذكر الباحثة أن المدينة ظلت تحت الحكم الروماني حتى الفتح العربي‬ ‫اإلسالمي لبالد الشام ‪ ،‬اما اهميتها في الزمنين الراشدي واألموي ‪ ،‬فتذكر‬ ‫الباحثةة إنها كانت خط الدفاع األول وكان المسلمون يمرون بها عند حمالتهم‬ ‫الى بالد الروم البيزنطينيين‪ ،‬وعندما قام معاوية بن أبي سفيان سنة ‪645‬‬ ‫ميالدية بفتح عمورية وجد الحصون بين أنطاكية وطرسوس خالية من الناس‬ ‫لذلك قام بإبقاء نفر من أهل الشام والجزيرة وقنسرين كحامية إلى حين عودته‪.‬‬ ‫وتضيف الباحثة أن طيلة حكم الخالفة األموية كانت طرسوس من المواقع‬ ‫المهمة السيما أن المسلمين كانوا يمرون بها ‪ ،‬بهدف إبقاء هذا الدرب تحت‬ ‫إشراف قواتهم وحمايتهم ‪.‬‬ ‫في المبحث الثاني من الفصل األول تحدثت الباحثة عن طرسوس مدينة‬ ‫الثغور الشامية وعرفت الثغور بأنها كل موضع قريب من ارض العدو ‪ ،‬و‬ ‫باتفاق البلدانيين فان الثغور تنقسم الى عدة اقسام منها الثغور الشامية والثغور‬ ‫الجزرية والثغور البكرية ‪ ،‬وتؤكد أن هذا التقسيم المعمول به إنما هو تقسيم‬ ‫جغرافي استحدث إلغراض عسكرية وإدارية في أن واحد ‪ ،‬وتشير الى أن‬ ‫الثغور الجزرية هي ثغور أموية اما الثغور الشامية فهي عباسية‬ ‫في الفقرة الالحقة عرفت العواصم بأنها في الخط الثاني للدفاع عن الثغور‬ ‫التي يعتصم بها المسلمون ‪ ،‬فقد نشأت لتعصم الثغور وتمدهم بوسائل القوة‬ ‫والمنعة ‪ ،‬و أن استحداثها كان لضرورة عكسرية وإدارية ‪،‬وتشير الباحثةالى‬

‫‪13‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أن المسلمين أدركوا أهمية العواصم والثغور عامة وطرسوس بخاصة ‪ ،‬و‬ ‫أن مدينة طرسوس في اإلسالم عرفت باهميتها السوقية والعسكرية‬ ‫واالقتصادية لكونها تتمتع بموقع جغرافي متميز ‪ ،‬واستمرت في تلك األهمية‬ ‫حتى سقوطها بيد الروم البيزنطينين ‪ ،‬فعلى مضيقها سالت الدماء وعلى‬ ‫وجهها سجل التاريخ إحداثه المهمة ‪ ،‬كما اشارت الباحثة الى االنهار القريبة‬ ‫من طرسوس كنهر البردان ونهر الالمس ونهر سيحان ونهر البذنون وبحيرة‬ ‫بغراس ‪ ،‬كما بينت أهم المدن والثغور المجاورة لها مثل اذنة والمصيصة ‪.‬‬ ‫بناء طرسوس ‪ :‬في المبحث الثالث من الفصل األول أشارت الباحثة إلى بناء‬ ‫مدينة طرسوس حيت أكدت على أن التفكير بالبناء كان في عصر الخليفة‬ ‫المهدي والدليل على ذلك كما تشير الباحثة هو تجهيز المواد والميرة أال أن‬ ‫عملية البناء لم تتم إال في عهد الخليفة هارون الرشيد ‪ 193-170‬هـ ) (‪-678‬‬ ‫‪ )809‬ميالدية ‪ ،‬حيث كانت للرشيد الخبرة الكبيرة في دحر الروم واالنتصار‬ ‫عليهم ‪ ،‬وتشير الباحثة الى أن البناء كان بالمواد المحلية وكان الحجر في‬ ‫مقدمة تلك المواد ‪ ،‬ما يعني أن المدينة بنيت لتستمر أكثر ‪ ،‬أما بالنسبة لتخطيط‬ ‫المدينة فقد أشارت إلى األسوار التي أقيمت فيها وهي نوع من التحصينات‬ ‫واالستحكامات الدفاعية البشرية ولقد مدت مدينة طرسوس على سورين من‬ ‫الحجارة هما السور المحيط والسور المتصل ‪ ،‬و أن جميع ابوابها كانت تفتح‬ ‫في وقت السلم اما في الحرب فالضروة الحربية تستلزم فتح عدد معين منها‬ ‫‪ ،‬و أن عدد ابواب مدينة طرسوس هي ‪ 5‬ابواب‪ ،‬تتمتع بحصانة لكونها‬ ‫صنعت من مادة الحديد ‪ ،‬كما تضم المدينة الشوارع والسكك واألسواق‬ ‫والقناطر والدور والمنازل ‪،‬أما ويتمتع سكانها بدرجة عالية من األخالق‬ ‫الحميدة والنفوس السمحة فضال عن محبتهم للغريب ‪ ،‬واهم سكانها هم العرب‬ ‫والجراجمة وهم ينتمون إلى مدينة جرجومة الواقعة على جبل اللكام ويعودون‬ ‫إلى أصول فارسية حيث قدموا مع سيف بن ذي يزن ‪ ،‬كذلك الكرج جيب من‬ ‫النصارى و الفرس واليونان واليهود‪.‬‬ ‫تشير المؤلفة في الفصل الثاني من الكتاب إلى الدور الحربي لمدينة طرسوس‬ ‫‪ ،‬حيث بدا العرب المسلمون في الفتوحات في منطقة الثغور الشامية في العهد‬ ‫الراشدي وكان ذلك بالتحديد في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب‬ ‫والخليفة عثمان بن عفان ‪ ،‬وعندما ألت الخالفة إلى بني أمية قاموا بنقل مركز‬ ‫الخالفة من الحجاز الى الشام ‪ ،‬وتذكر المؤلفة أن الثغور الشامية شهدت نصرا‬

‫‪14‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫مهما هو فتح طرسوس بقيادة جنادة بن ابي امية وقد عد هذا تطورا مهما على‬ ‫صعيد تامين الثغور ‪ ،‬وعن الدور الجهادي لمدينة طرسوس فتذكر المؤلفة‬ ‫الى أن دور المدينة ظهر بعد بنائها واستقرار الناس فيها من كل اقاليم الخالفة‬ ‫‪ ،‬و طرسوس نفرت في احوال كثيرة لنجدة اخواتها من المدن المجاورة‬ ‫وتحقق لهم النصر فيها ‪ ،‬و تشير المؤلفة الى أن طرسوس كانت قاعدة‬ ‫للحمالت الصليبية وهي حملة الصوائف التي تكون في فصل الصيف‬ ‫والشواتي التي تكون في الشتاء ‪ ،‬و أن اغلب الحمالت التي كان العرب‬ ‫يقومون بها هي من الصوائف ولم يقم العرب بشن الشواتي إال في الحاالت‬ ‫الضرورية جدا ‪ ،‬كما غلب عليها أن كانت حمالت برية وذلك نتيجة الضعف‬ ‫الذي لحق باألسطول اإلسالمي ‪.‬‬ ‫في المبحث الثاني من الفصل الثاني أشارت الباحثة الى الدور البحري‬ ‫لطرسوس ‪ ،‬حيث كان لها دورا ال يقل أهمية عن الدور البري مما يدل على‬ ‫أن العرب ركبوا البحر وعرفوا فنون القتال ونشبت الكثير من المعارك‬ ‫الحربية منذ عهد الراشدين بالبحر‪ ،‬وتشير المؤلفة ألى أن طرسوس كان لها‬ ‫دورا في العصر العباسي في الدفاع عن سواحل مصر من غارات الفاطميين‪.‬‬ ‫‪ ،‬وبذلك فأن أسطول طرسوس حقق انتصارا مهما واخذ على عاتقه حماية‬ ‫سواحل مصر‪،‬وقد توالت انتصارات األسطول البحري في طرسوس بعد أن‬ ‫واجه نكبات‪ ،‬وبقيت طرسوس قاعدة بحرية مهمة مثلما هي قاعدة برية حتى‬ ‫سقطت بيد نقفور سنة ‪ 965‬م‪ 453-‬هجرية ‪.‬‬ ‫تناولت الباحثة في الفصل الثالث من الكتاب الحياة العلمية في مدينة‬ ‫طرسوس‪ ،‬حيث اشارت إلى أن الموقع الجغرافي للمدينة كان له أهمية في‬ ‫تكوينها الحضاري والثقافي وذلك لوقوعها في نهاية الجزيرة وبالد الشام‬ ‫وعلى مجمع خطوط مدن الثغور حيث كان هذا العامل كفيال بتنوع معارفها‬ ‫وعلومها ‪،‬كذلك فان عامل االستقرار السياسي من اهم العوامل التي ادت الى‬ ‫ازدهار الحياة العلمية فيها ‪ ،‬اذ استطاعت الخالفة العباسية أن تحافظ على‬ ‫وحدة البالد التي كانت تابعة لها بصورة عامةفقصدها الكثير من المثقفين‬ ‫والقراء والمحدثين والفقهاء وطالب العلم ولم يضعف دورها االبعد أن دب‬ ‫الضعف في الدول العباسية ‪ ،‬وفي فقرة الحقة تشير الباحثةة الى عدد من‬ ‫العوامل االقتصادية ‪،‬التي ساعدت على ازدهار الحياة االقتصادية و العلمية‬ ‫في طرسوس وكذلك العوامل الدينية والزراعة والصناعة والتجارة ‪ ،‬اما‬

‫‪15‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫المبحث الثاني من الفصل الثالث فتشير الباحثة فيه الى أن طرسوس كان لها‬ ‫مراكز علمية مثل جامع طرسوس الذي ال يقتصر على الصالة ‪ ،‬بل هو مركز‬ ‫لدراسة العلوم الدينية وقراءة القران‬ ‫ومن المراكز العلمية أيضا‪ ،‬الربط التي كانت في البداية مجرد حصون تقام‬ ‫في الجهات األكثر تعرضا لغارات العدو ‪ ،‬فضال عن الحلقات الدراسية مثل‬ ‫حلقة أبو بكر األصفهاني في جامع طرسوس ‪ ،‬وأخيرا الكتاب والمؤذنون‪.‬‬ ‫في المبحث الثالث تتناول الباحثة العلوم التي درست في طرسوس والتي‬ ‫اشتملت على العلوم‪ ،‬الدينية كالقران الكريم وعلوم الحديث ‪ ،‬والفقه والقضاء‬ ‫‪ ،‬إما بالنسبة للعلوم اإلنسانية فيأتي في مقدمتها اللغة العربية ‪ ،‬الشعر والخطبة‬ ‫‪.‬‬ ‫ظهرت بوادر التدوين التاريخي في طرسوس مع قيام األمصار العربية‬ ‫اإلسالمية األولى ‪ ،‬ثم تطورت في أعقاب قيام الكيانات السياسية العربية ‪،‬‬ ‫حيث تحمس الحكام على تعزيز مكانة دولتهم وإبراز نشاط سكانها ‪.‬‬ ‫الفصل الرابع واألخير من الكتاب جاء ليلسط الضوء على نهاية مدينة الثغور‬ ‫الشامية ‪ ،‬وسقوطها في اشارة واضحة الى أن هناك عوامل ساعدت ودفعت‬ ‫الى مثل هذا السقوط ‪،‬في المبحث االول من الفصل الرابع تناولت الباحثة‬ ‫اسباب السقوط‪ ،‬من خالل الوضع السياسي المتردي للخالفة العباسية ‪،‬من‬ ‫خالل تسلط العنصر االجنبي ‪ ،‬ومن ثم تفكك الدولة و ظهور االمارات المحلية‬ ‫كاالمارة الطولونية والحمدانية والهجمات المتكررة على المدينة نفسها ‪،‬وهذه‬ ‫العوامل ادت الى ضعف الدولة وسقوط هيبتها شيئا فشيئا ‪.‬‬ ‫في المبحث الثاني من الفصل الرابع تناولت الباحثة االسباب التي يمكن أن‬ ‫نصفها بالمباشرة في سقوط طرسوس والعوامل التي ادت الى سقوطها ‪،‬‬ ‫فالموقع السوقي لها ياتي في مقدمة االسباب ‪ ،‬ومن ثم الدوافع التاريخية‪،‬‬ ‫والدور الحربي والجهادي للمدينة ‪ ،‬ومن ثم التوغل االجنبي في بالد الشام‬ ‫‪،‬وتحقيق المكاسب الثقافية واالقتصادية ‪ ،‬ونهوض الدولة البيزنطية ‪.‬‬ ‫في المبحث الثالث من الفصل الرابع تشير الباحثة الى كيفية السيطرة على‬ ‫طرسوس من خالل السيطرة على اذنة والمصيصة ‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫في المبحث الرابع من الفصل الرابع تشير الباحثة الى النتائج التي ترتبت‬ ‫على هذا السقوط من خالل الخذالن الذي اصاب الثغور االخرى حيث سقطت‬ ‫هي االخرى واحد تلو االخرى ‪ ،‬اما النتيجةي الثانية فهي التوغل البيزنطي‬ ‫في االراضي العربية واالسالمية والوصول الى امد ومحاصرتها حتى قاربوا‬ ‫الوصول إلى نصيبين ‪ ،‬وهذا ماجعل طرسوس من أهم القواعد العسكرية‬ ‫للدولة البيزنطية ‪ ،‬وهذه النتيجة رتبت تسلال منطقيا من خالل حرمان العرب‬ ‫من أهم القواعد البحرية في طرسوس ‪.‬‬ ‫انتهى الكتاب بالخاتمة ‪ ،‬ومالحق تحوي خرائط للمدينة محل البحث ‪،‬وقائمة‬ ‫مصادر ومراجع‪.‬‬ ‫الكتاب غني بالمعلومة التاريخية ‪ ،‬وغزير باإلحداث التي وقعت في مدينة‬ ‫إسالمية كان لها الدور العلمي والحربي في إرساء الدعوة والدولة اإلسالمية‬ ‫‪،‬وكانت محط الهتمام المسلمين ‪ ،‬يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية ونادرة لمدينة‬ ‫مقدسة وجهادية ‪ ،‬وظفتها الباحثة بأسلوب رشيق وعلمي وبطريقة أكاديمية‬ ‫واضحة بموضوعية وحياد‪ ،‬دون إسهاب‪.‬‬ ‫الكتاب اختزال تاريخي لفترة طويلة من تاريخ العرب والمسلمين ‪ ،‬وان تناول‬ ‫هذه المدينة لدليل على جهد متميز تندر إليه جهود كثيرة في هذا االختصاص‬ ‫الواسع ‪.‬‬ ‫الكتاب إضافة متميزة للمكتبة العراقية والعربية واإلسالمية ‪ ،‬وهو وثيقة‬ ‫تاريخية وعميقة وذات اثر‬ ‫وهو جهد متميز للباحثة الدكتورة سناء عبدهللا عزيز الطائي ‪ ،‬ولمركز‬ ‫الدراسات اإلقليمية في جامعة الموصل ‪،‬جهدان متميزان قدما لنا كتابا تاريخيا‬ ‫متميزا باحداثة ومعلوماته التاريخية‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫وهم املعرفة‬ ‫د‪ .‬فارس تركي محمود‬ ‫كيف أصبحنا بهذا الخواء الفكري ؟‬ ‫كيف تم تسطيح عقولنا بهذا الشكل‬ ‫المخيف ؟ وكيف ِّ‬ ‫قزمت قدرتنا على‬ ‫الفهم ؟‬

‫لماذا إقتحمتنا السطحية‬

‫والهشاشة الفكرية واستحوذت على‬ ‫حياتنا وانتشرت بيننا كانتشار النار‬ ‫في الهشيم ‪ ،‬وتجبرت وطغت حتى‬ ‫دانت لها رقاب البالد والعباد ؟ وحتى أصبحت السيد المطاع ؟ لماذا ما زلنا‬ ‫نجتر ذات األفكار البالية والمقوالت العتيقة ونتشبث بطريقة التفكير السقيمة‬ ‫ذاتها ؟ لماذا نبدو وكأننا أحافير بشرية ولسنا مجتمعات حية ؟ اسئلة كثيرة‬ ‫تقض مضاجعنا وتدفعنا للبحث عن متهم او مشتبه به نحمله المسؤولية ونلقي‬ ‫عليه بالالئمة ‪ ،‬وكلما بحثت وفتشت قادتني خطواتي إلى متهم وحيد وهو‬ ‫عقلنا أو منظومتنا الفكرية ‪ ،‬هذه المنظومة التي أصبحت وكأنها أرض موبوءة‬ ‫ما دخلها شيء إال فسد ‪ .‬فلماذا أصبحت بهذا الوصف وما الذي ينقص عقلنا‬ ‫؟ أهو التعليم ؟ أم النضوج الفكري ؟ أم كالهما معا أي المعرفة ‪ ،‬فما هي‬ ‫المعرفة وما هو العقل المعرفي ؟‬ ‫بشكل عام يمكن القول أن المعرفة هي قدرة اإلنسان على فهم واستيعاب ما‬ ‫يدور حوله وما يطلع عليه من حقائق ومعلومات ‪ ،‬وهي إدراك وفهم الحياة‬ ‫بكل تفاصيلها من خالل العقل المجرد أو عن طريق اكتساب المعلومة أو من‬ ‫خالل التجربة والتأمل واإلطالع على تجارب اآلخرين ومعارفهم ‪ .‬إن هذا‬ ‫هو التعريف الكالسيكي للمعرفة ويمكننا أن نضيف عليه ونقول أن المعرفة‬ ‫تتكون من شقين أو قسمين يكمل أحدهما اآلخر ‪ .‬الشق األول يتعلق بالحصول‬

‫‪18‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫على ‪ /‬ومراكمة كم – سواء كان صغيرا أو كبيرا ‪ -‬من المعلومات والمعطيات‬ ‫‪ ،‬أما الشق الثاني فهو متعلق بالنضوج العقلي أو الفكري المفترض حصوله‬ ‫كإحدى نتائج هذا التراكم المعرفي والمعلوماتي ‪ .‬إذا فلكي تصبح المعرفة‬ ‫معرفة حقيقية وليست وهما يجب أن يترابط الشقان ببعضهما وجودا وعدما‬ ‫‪ ،‬بحيث أن األول يؤدي إلى الثاني ‪ .‬وفي حالة عدم حصول الترابط ولم يترتب‬ ‫على وجود األول وجود الثاني فنحن أمام وهم المعرفة وليس المعرفة ‪ ،‬علما‬ ‫أن وهم المعرفة أخطر من الجهل وأشد ضررا بما ال يقاس ‪.‬‬

‫ومن المفترض أن التعليم أو العملية التعليمية برمتها ابتداء من االبتدائية‬ ‫وصوال إلى مرحلة التعليم العالي تستهدف انتاج عقول تتمتع بالمعرفة وليس‬ ‫وهم المعرفة من خالل عدد من المستويات التعليمية تتناسب مع المرحلة‬ ‫العمرية للطالب ‪ ،‬مثل مستوى التلقين والتحفيظ ومستوى الفهم واإلدراك‬ ‫ومستوى القدرة على الربط واإلستنتاج ومن ثم اإلبداع واإلتيان بجديد ‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن تعدد المستويات التعليمية إال أن الهدف النهائي للعملية‬ ‫التعليمية يبقى ثابتا وهو انتاج عقل ناضج متنور مبدع واعي ومدرك ‪ ،‬عقل‬ ‫رياضي استنتاجي تجريبي يربط األسباب بالنتائج والمقدمات بالمآالت وما‬ ‫كان بما هو كائن وبما سيكون ‪ ،‬عقل يفكر وال يحفظ ‪ ،‬يبتكر وال يكرر ويجتر‬ ‫‪ ،‬يستطيع أن يقرأ الواقع ومعطياته بشكل صحيح ‪ ،‬عقل خالق بإمكانه انتاج‬ ‫رؤى وأفكار وتصورات جديدة للحياة بكل تفاصيلها وليس عقال مجترا لرؤى‬ ‫ومقوالت قديمة وبالية ‪ .‬أو على األقل عقل بعيد عن السطحية والبدائية‬ ‫وطروحات وطرق تفكير القرون الوسطى ‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫وبشكل عام يمكن القول أن العقل المعرفي أو العقل الذي يتمتع بالمعرفة‬ ‫يتميز بصفات معينة كقدرته على استيعاب وهضم وممارسة مفهوم السبب‬ ‫والنتيجة بطريقة منطقية عقالنية ‪ ،‬فهذا العقل ال يستطيع أن يتصور وال يقبل‬ ‫بحدوث شيء أو ظهور حالة خارقة للمنطق والقوانين ‪ ،‬وبدون أن يكون لها‬ ‫سبب علمي واضح وملموس لذلك فهو في حالة تساؤل وبحث دائم وبطريقة‬ ‫علمية عن األسباب والمسببات وعن البدايات والجذور ‪ ،‬وال يطمئن وال‬ ‫يصدق أية مقوالت أو تفسيرات ليس لها نصيب من العلم والمنطق ‪ .‬ومن‬ ‫كان هذا حاله ووصفه ال بد أن يكون شكاكا مرتابا بما هو سائد من أفكار‬ ‫ومقوالت ومسلمات تواطأ عليها المجتمع والناس لفترات زمنية طويلة ‪ ،‬لذلك‬ ‫فهو ال يقبلها وال يسلم بها تسليما أعمى بل يخضعها للنقد والتمحيص لكي‬ ‫يميز غثها من سمينها ‪ .‬كذلك يتميز العقل المعرفي بالميل إلى بحث األفكار‬ ‫وتسليط الضوء عليها ‪ ،‬أكثر من ميله إلى تناول األحداث واألفراد ‪ .‬فعلى‬ ‫سبيل المثال إذا ما أراد هذا العقل الحديث عن قضية الديكتاتورية في الوطن‬ ‫العربي فإنه لن يتكلم عن شخص الديكتاتور وينهال عليه بالشتم والسب‬ ‫واعتباره ظالم مجحف طاغية عميل ‪ . . .‬الخ ‪ ،‬كما إنه لن يتحدث عن الحدث‬ ‫نفسه أي تولي الديكتاتور للسلطة وكيف تم ومن كان يقف وراءه ‪ ،‬ولن يتحدث‬ ‫عن اإلنقالب الذي أتى به ‪ ،‬لكنه سيتحدث عن الفكرة ذاتها أي فكرة‬ ‫الديكتاتورية والطغيان ويعمل على دراستها وتحليلها ومعرفة جذورها‬ ‫وتاريخها ومن أين أتت ولماذا هي متجذرة في المنطقة العربية وما هي‬ ‫األسباب والعوامل التي تقف وراءها ‪ ،‬وما هي المآالت التي ستقود إليها وغير‬ ‫ذلك من أسئلة علمية منطقية تقودنا في النهاية إلى تكوين رؤية متكاملة‬ ‫وناضجة وعقالنية عن الديكتاتورية ‪ ،‬وقس على ذلك بقية القضايا واألفكار ‪.‬‬ ‫كذلك يتميز العقل المعرفي بأنه حيادي إذ يعمد إلى وضع معايير علمية‬ ‫ومنطقية صارمة ال يحيد عنها ويطبقها على كل الحاالت والقضايا التي‬ ‫تواجهه أو يتصدى لبحثها ‪ ،‬وهو ال يتأثر بالعواطف والميول واألهواء ‪ ،‬فإذا‬ ‫ما وجد أن الفعل ( س ) ‪ ،‬مثال ‪ ،‬فعل إجرامي فسوف يبقى يتعامل معه على‬ ‫أنه فعل إجرامي بغض النظر عن الشخص أو الجهة أو الحضارة التي صدر‬ ‫منها ‪ .‬والعقل المعرفي هو بالضرورة عقل نسبي يعرف أن الحياة مزيج من‬ ‫األلوان المتدرجة وليست اسود وأبيض فقط ‪ ،‬ويعرف أن ما نقوله ونميل اليه‬ ‫ليس الحقيقة المطلقة بل هو الحقيقة من وجهة نظرنا ‪ ،‬لذلك – ووفقا للعقل‬

‫‪20‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫المعرفي – فإن القضية التي يعدها مجموعة من الناس حقيقة مطلقة هي ليست‬ ‫كذلك بل هي حقيقة من وجهة نظرهم فحسب ‪ ،‬وربما تكون عكس ذلك بالنسبة‬ ‫لغيرهم ‪ .‬والمنهج التجريبي اإلستقرائي هو المنهج المفضل للعقل المعرفي إذ‬ ‫يعده الطريقة المثلى لتقييم األمور واألحداث واألفكار تقييما صحيحا ‪ .‬فضال‬ ‫عن أن العقل المعرفي عقل منفتح على األفكار والثقافات واآلراء األخرى‬ ‫والمختلفة والمتباينة فال يناصبها العداء وال يتوجس منها خيفة وال ينظر إليها‬ ‫نظرة الشك واإلرتياب ‪ ،‬وهو يؤمن بتالقح األفكار وتكاملها وبأنها تحتاج‬ ‫بعضها بعضا وتنضِّج بعضها بعضا ‪ ،‬وال يعبأ هذا العقل كثيرا بالتقاليد‬ ‫والعادات والموروثات القديمة بل هو مصاب بالفضول والتوق لكل ما هو‬ ‫جديد واستثنائي وغير تقليدي ‪ .‬وغير ذلك من صفات مميزة للعقل المعرفي‬ ‫‪.‬‬ ‫أما العقل المصاب بوهم المعرفة فهو ذلك العقل الذي راكم كم كبير من‬ ‫المعلومات واطلع ودرس الكثير من المعارف والفنون ‪ ،‬وقد يكون هذا العقل‬ ‫حاصل على أعلى الشهادات ‪ ،‬وقد يكون عقال متقنا وفذا في ميدان عمله‬ ‫وتخصصه كالطب والهندسة والفلك والعلوم العسكرية والصيدلة والتعليم‬ ‫والعلوم الصرفة وغيرها ‪ ،‬وقد يكون قد راكم قدر كبير جدا من المعلومات‬ ‫والمعارف والتجارب ‪ ،‬وقد يتفوق في ذلك على العقل المعرفي ‪ ،‬إال أنه في‬ ‫النهاية عجز أن يصل إلى مرحلة النضوج الفكري وعجز أن يصبح عقال‬ ‫معرفيا ‪ ،‬أي إنه لم يتمتع بمزايا ومواصفات العقل المعرفي التي ذكرناها ‪،‬‬ ‫بل هو على عكسه تماما في كل شيء إال فيما يتعلق بتحصيله كم من المعارف‬ ‫والمعلومات ‪.‬‬ ‫فهذا العقل ال يقلق وال يتساءل ولديه استعداد كبير لتقبل األفكار الموروثة‬ ‫‪ ،‬فهو متناغم ومنسجم مع المقوالت والمسلمات واألفكار السائدة في مجتمعه‬ ‫ومستسلم لها تماما ‪ ،‬وال يمكن أن يساوره شك حيالها ‪ ،‬وال يمكن له أن‬ ‫يخضعها للعقل والمنطق واألدلة العلمية ‪ ،‬بل تراه يستقتل في الدفاع عنها‬ ‫وفي إثبات صحتها ويهاجم كل من ينتقدها أو يشكك بها حتى لو لم يكن لها‬ ‫أي سند علمي ‪ ،‬بل حتى لو كانت البراهين العلمية تفندها وتظهر بطالنها ‪.‬‬ ‫فهو يعتقد بصحتها المطلقة ألنها أفكار مجتمعه وأهله وناسه وعشيرته لذلك‬ ‫ال بد أن تكون حقيقة مطلقة ال يرقى إليها الشك ‪ ،‬وكل ما يخالفها وال يتفق‬ ‫معها هو الباطل والوهم المطلق ‪ ،‬وبالتالي ستصبح أفكار اآلخرين المخالفين‬

‫‪21‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫لمجتمعه وأهله وناسه هي الباطل المطلق ‪ .‬والعقل المصاب بوهم المعرفة‬ ‫نادرا ما يبحث في ميدان األفكار والمفاهيم بل هو يركز على األشخاص‬ ‫واألحداث ‪ ،‬واألشخاص بالدرجة األولى ‪ .‬ففي مثالنا عن الديكتاتورية فإن‬ ‫هذا العقل عندما يخوض في هذا الموضوع سيتكلم – وطبعا بدون أية رؤية‬ ‫منطقية أو دليل علمي ‪ -‬عن شخص الديكتاتور وعن صفاته السيئة التي جعلت‬ ‫منه ديكتاتورا وإنه لوال تلك الصفات لما أصبح دكتاتورا ولما وجدت‬ ‫الديكتاتورية أصال ! ‪ ،‬وكيف أنه مدعوم ومرتبط بجهات معادية وشيطانية‬ ‫تتآمر على األمة والشعب وتريد بهما شرا ‪ ،‬ولذلك فهي تُبقي الديكتاتور العميل‬ ‫في منصبه الديكتاتوري ‪ .‬وسيبقى – هذا العقل ‪ -‬يعيد ويصقل ويكرر ويجتر‬ ‫هذا الكالم ذاته بطرق وأساليب متعددة ومختلفة ‪ ،‬ومهما حاولت أن تدفعه‬ ‫باتجاه طروحات وطرق معالجة أكثر عمقا ونضوجا وأقل سطحية ‪ ،‬ومهما‬ ‫بذلت من جهد في هذا السبيل ومهما طرحت من حجج منطقية وأدلة واقعية‬ ‫وعلمية ‪ ،‬فإنك ستفشل في النهاية وتصاب باليأس واإلحباط وتعود بخفي حنين‬ ‫‪ .‬وال عجب في ذلك فزحزحة الجبال قد تكون أيسر وأكثر سهولة من تغيير‬ ‫عقل مصاب بوهم المعرفة ‪.‬‬ ‫وهذا النوع من العقول غير حيادي وال يلتزم بمعيار ومقياس واحد في‬ ‫الحكم على األحداث واألفعال ‪ ،‬فالفعل ( س ) جميل او مبرر إذا صدر من‬ ‫مجتمعه أو حضارته ‪ ،‬وقبيحا وإجراميا إذا صدر من اآلخر المخالف أو‬ ‫المختلف ‪ .‬ومقوالت حضارته منطقية ومعقولة ‪ ،‬ومقوالت اآلخرين أساطير‬ ‫وتخاريف ‪ ،‬حتى إذا كانت هذه المقوالت كلها متشابهة وأحيانا متطابقة ‪ .‬وكما‬ ‫قال اإلمام الشافعي ‪:‬‬ ‫وعين الرضى عن كل عيب كليلة‬

‫ولكن عين السخط تبدي‬

‫المساويا‬ ‫كما إن العقل الخاضع لوهم المعرفة ال يجد حرجا في طرح اآلراء واألقوال‬ ‫المتناقضة واإلتيان بأفعال وممارسات متناقضة ‪ ،‬وأفعال تناقض األقوال‬ ‫وأقوال تناقض األفعال ‪ ،‬وربما هو ال يحس وال يعي أصال أنه متناقض ‪.‬‬ ‫لذلك فال عجب أننا سمعنا وما زلنا نسمع الكثير من القادة ‪ ،‬والسياسيين ‪،‬‬ ‫والمعارضين ‪ ،‬والثوريين ‪ ،‬وحتى الناس العاديين وهم يتغنون بأوطانهم‬ ‫وعظمتها ومزاياها ويهاجمون الغرب ودوله اإلستعمارية وينعتونه بأقبح‬ ‫وأشنع األوصاف ‪ ،‬لكنهم في الوقت ذاته ال يجدون للحياة لذة إال إذا هربوا‬

‫‪22‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫من أوطانهم وسكنوا في عواصم ومدن تلك الدول ليتنعموا باإلستقرار واألمان‬ ‫واإلحترام والكرامة اإلنسانية والعدل والمساواة والحياة السعيدة المريحة ‪،‬‬ ‫فتراهم يبذلون الغالي والنفيس ويركبون المخاطر لكي يحصلوا على جنسيتها‬ ‫أو حق اللجوء واإلقامة فيها ‪ ،‬ويرسلون أبنائهم إليها للحصول على أرقى‬ ‫أنواع التعليم ‪ ،‬وبعد ذلك كله يعودون – هم وأبنائهم الذين تعلموا فيها ‪ -‬للعنها‬ ‫وشتمها واإلنتقاص منها ! ‪ .‬وال عجب أيضا أننا نزعم ونصرخ ونزعق ليل‬ ‫نهار بأن أخالقنا وأفكارنا ورؤانا أفضل بما ال يقاس من تلك السائدة في‬ ‫الغرب ‪ ،‬إال أننا نفر من أوطاننا فرارنا من المجذوم ونحتضن الغرب‬ ‫احتضاننا للحياة ‪ .‬وال عجب أيضا أن العرب هم الشعب الوحيد الذي يحلم‬ ‫بالعيش في البلدان التي استعمرته ‪.‬‬ ‫ومن صفات هذا العقل أيضا أنه عقل أحادي الرؤية ‪ ،‬وال يعترف بالنسبية‬ ‫‪ ،‬يرى الحياة كلها وبكل ما فيها من أفكار وفلسفات واختالفات بلونين فقط‬ ‫أبيض وأسود ‪ ،‬خير وشر ‪ ،‬نور وظالم ‪ ،‬مالك وشيطان ‪ ،‬وبالتأكيد هو‬ ‫سيختص باألبيض والنور والخير والمالئكية وسيترك ما تبقى لآلخر المختلف‬ ‫عنه ‪ ،‬ألنه يقف ‪ -‬بحسب اعتقاده ‪ -‬على الجانب الصحيح من التاريخ ‪ ،‬بينما‬ ‫اآلخرون يقفون على الجانب الخاطئ منه ‪ .‬وبالتأكيد أن عقال من هذا النوع‬ ‫استحالة أن ينفتح أو حتى يفكر باإلنفتاح على الحضارات واألفكار والفلسفات‬ ‫المغايرة ‪ ،‬وال يمكن له أن يتعاون أو يتحالف أو يتكامل معها ‪ ،‬أو يتبنى جزء‬ ‫من طروحاتها ورؤاها ‪ ،‬بل سينظر إليها نظرة كره وحقد واستعالء وستكون‬ ‫عالقاته معها عالقات متشنجة ومتوترة وعدائية وتصادمية ‪.‬‬ ‫إن العقل المصاب بوهم المعرفة هو العقل السائد والطاغي في البلدان‬ ‫العربية ‪ ،‬إذ أن المنظومة التعليمية في هذه البلدان قد فشلت فشال ذريعا في‬ ‫تحقيق الشقين أو الشرطين ألواجب توافرهما إلنتاج العقل المعرفي أي‬ ‫مراكمة المعارف والمعلومات من جهة ‪ ،‬والوصول بالعقول إلى مرحلة‬ ‫النضوج الفكري ‪ ،‬فهي بالكاد حققت نجاحا بطعم الفشل فيما يتعلق بحشو‬ ‫أدمغة الطلبة ببعض المعارف والمعلومات الالزمة لعبور محنة اإلمتحان ‪،‬‬ ‫والالزمة لمنح الشهادات من اإلبتدائية وحتى الدكتوراه ‪ .‬أما فيما يتعلق‬ ‫بالنضوج واإلنضاج الفكري فإن هذه المنظومة التعليمية عجزت عن‬ ‫الوصول إليه أو حتى اإلقتراب منه ‪ ،‬لذلك أصبح وهم المعرفة مسيطر على‬ ‫حياتنا من األلف إلى الياء ‪ ،‬وبدل أن يصبح التعليم أحد العوامل المساعدة‬

‫‪23‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫على اإلرتقاء بحياتنا واللحاق بركب العالم المتمدن أصبح جزء من المشكلة‬ ‫‪ ،‬وصار ينتج لنا وبإفراط مخلوقات مشوهة فكريا ومعاقة ذهنيا ‪ ،‬تعتقد أنها‬ ‫وصلت إلى المعرفة ألنها نالت حظا من التعليم ‪ ،‬مخلوقات أكثر قدرة في‬ ‫الدفاع عن سطحيتها وجهلها والتبشير به ألنها مسلحة بشيء من العلم وألنها‬ ‫تحمل شهادات علمية ‪ .‬وهكذا وقعنا في مفارقة عجيبة وفخ محكم فأصبحنا‬ ‫نعتبر أن زيادة فرص التعليم والتوسع به وبناء المزيد والمزيد من المدارس‬ ‫والمعاهد والجامعات هو الذي سيساهم في بناء األوطان وإنتاج الدولة المتمدنة‬ ‫الحديثة ‪ ،‬في حين أن مثل هذا التوسع والزيادة ال يعني سوى المزيد من‬ ‫المصانع المنتجة لعقول مصابة بوهم المعرفة ال تزيدنا إال جهال وسطحية‬ ‫وهشاشة فكرية ‪ ،‬فأمسى حالنا كحال الذي يتناول سما زعافا معتقدا أنه الدواء‬ ‫والبلسم الشافي ألمراضه وأسقامه ‪ ،‬ألن البقاء على األمية وعلى الجهل‬ ‫الفطري أفضل بكثير وأنفع من وهم المعرفة ‪ ،‬فالجاهل يعلم أنه جاهل‬ ‫ويعترف بجهله ومن الممكن تعليمه وإنضاجه فكريا إذا اتبعت معه الطرق‬ ‫الصحيحة ‪ ،‬بل إن كثير من األميين تلمس لديهم نضوجا فكريا أكثر مما لدى‬ ‫المصابين بوهم المعرفة ‪ .‬إن الجاهل بمثابة وعاء فارغ تمأله بما تشاء ‪ ،‬أما‬ ‫المصاب بوهم المعرفة فهو بمثابة وعاء قد مأل سلفا بأفكار خاطئة وفاسدة ولم‬ ‫يعد فيه متسع ‪.‬‬ ‫ويمكننا أن نتبين أيهما أكثر ضررا الجهل أم وهم المعرفة من خالل إجراء‬ ‫مقارنة بسيطة ما بين أحوال الدول العربية خالل النصف األول من القرن‬ ‫العشرين من جهة ‪ ،‬وأحوالها خالل النصف الثاني منه وحتى الوقت الحاضر‬ ‫‪ .‬ففي بداية القرن العشرين كان الجهل المعرفي مسيطر على الشعوب العربية‬ ‫بشكل شبه تام وكانت الغالبية العظمى منهم أميين ال يقرؤون وال يكتبون ‪،‬‬ ‫ومع ذلك تمكنوا – وبمساعدة قوى خارجية – من إنتاج دول أو مشاريع دول‬ ‫ناجحة استطاعت أن تحقق نجاحات وإنجازات كبيرة وعلى مختلف األصعدة‬ ‫السياسية واإلقتصادية واإلجتماعية والتعليمية والفكرية والشواهد واألمثلة‬ ‫على ذلك أكثر من أن تعد أو تحصى ‪ .‬وعلى الرغم من ظهور بعض السلبيات‬ ‫والمآخذ التي رافقت تلك اإلنجازات إال أنها – أي السلبيات ‪ -‬كانت تتراجع‬ ‫وتقل بشكل تدريجي لصالح المزيد والمزيد من اإلنجازات اإليجابية ‪ .‬كما أن‬ ‫هذه الدول تمكنت من وضع المجتمعات العربية على أول طريق الحداثة‬

‫‪24‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫والمدنية ‪ ،‬واألهم من هذا كله أنها تمكنت من إنتاج العقل المعرفي المنتج‬ ‫للدولة الحديثة والضامن لبقائها واستمرارها ‪.‬‬ ‫إال أنه ولألسف الشديد فإن هذه التجربة لم تستمر طويال ‪ ،‬إذ بدأت –‬ ‫وألسباب تطرقنا إليها في مقاالت سابقة ‪ -‬باإلنهيار مع بداية النصف الثاني ‪،‬‬ ‫لتبدأ بعدها مرحلة جديدة أجهزت وبالتدريج على كل ما تم تحقيقه ‪ ،‬ووهنت‬ ‫وأضعفت ثم أنهت كل األسس المطلوبة لبناء الدولة المدنية الناشئة ‪ ،‬وتسببت‬ ‫بالفشل على كافة المستويات ‪ ،‬واألسوأ من ذلك كله أنها أقصت العقل المعرفي‬ ‫وقضت عليه وانتجت بدال عنه عقول مصابة بوهم المعرفة أتت على األخضر‬ ‫واليابس ‪ .‬فالدول العربية تعج اليوم بالمدارس والجامعات والخريجين ‪،‬‬ ‫وهناك عشرات الماليين من حملة الشهادات المختلفة ‪ ،‬وأغلب العرب‬ ‫يقرؤون ويكتبون ‪ ،‬لكن أنظر إلى المنتج النهائي وقارنه بما انتجه أجدادنا‬ ‫( الجهلة ) في بداية القرن العشرين لتعلم أيهما أفضل الجهل أم وهم المعرفة‬ ‫‪ .‬والمالحظة الخطيرة في هذا المجال أنه كلما زدنا عدد المدارس والجامعات‬ ‫والطالب والخريجين وحملة الشهادات واألساتذة ونحن نحسب أننا نحسن‬ ‫صنعا كلما ازدادت أحوالنا تدهورا وتراجعا وضعفا ‪ ،‬وما ذلك إال ألننا بهذه‬ ‫الزيادة ال ننتج عقوال معرفية بل المزيد من العقول المصابة بوهم المعرفة ‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫اهلوية الوطنية ومحايتها‬ ‫هناء العلي‬ ‫نحن فى االردن هويتنا الوطنية تعمرت بمجموعة من السمات والخصائص‬ ‫الثقافية التي تميزنا كابناء الوطن عن بقية االوطان من حولنا ‪..‬وحسب‬ ‫اعتقادي هي ترتبط بمكونات الوطن الفكرية من اعتقاد ولغة وقيم وعادات‬ ‫وتقاليد تربينا عليها إضافة إلي الجوانب الثقافية التي ترتب وتحدد طريقة‬ ‫تفكير وسلوك الفرد والجماعة فى المجتمع لتهبهم فى الوقت ذاته تلك الهوية‬ ‫الحضارية المتميزة فى الداخل والخارج الذي بتابعه ويراقب تصرفاتهم ‪..‬‬ ‫عندما نقول هوية وطنية نعني تماما ما نقصد وهو االنتماء والمواطنة وهاتين‬ ‫الكلمتان نضع خط تحتهما الن االنتساب الحقيقي المخلص للوطن يشمل الفكر‬ ‫والعمل واالعتزاز بل أيضا يجمع مكوناته بكافة أطيافه الثقافية والبشرية‬ ‫والمادية ‪،‬ليجعل مصلحته تفوق اي فرد وشحصنة من أحد وان الوطن فوق‬ ‫كل مصلحة والتفاني لخدمته فرض وليس حاجة لمواجهة التحديات الداخلية‬ ‫اوال والخارجية ثانيا وخاصة فى الظروف الصعبة والمواطنة ليست احساس‬ ‫وإنما تجسيد وواقع ملموس وتجسيد مفعل بالعمل حتي يسهم فى تحقيق العزة‬ ‫اإلنسان واألرض والوطن ‪..‬‬ ‫اتذكر حديثي مره مع االستاذ الدكتور خالد الدباس قبل عشر سنوات عندما‬ ‫سألته عن الهوية الوطنية اين وصلت بالحرف الواحد أجابني وقال ‪ :‬هي‬ ‫موضوع الساعة الن الدول اصبحت مهددة فى ظل ثورة المعلومات ووسائل‬ ‫االتصال والتكنولوجيا الحديثة وأخبرني أن الدول لم تعد تسيطر ووضع حجر‬ ‫فكري على مواطنيها الن وسائل اإلعالم تخطت الحدود السياسية والجغرافية‬ ‫رغم انف كل دولة ‪..‬وهذا ان أردنا أن نحلل معني تصريح الدكتور الدباس‬ ‫ان األفكار اصبحت مستوردة قلبا وقالبا وهذا الشي الخطير يحتاج الي دولة‬ ‫تتحمل هذا الهيئة الكبير من المعلومات الخارجية لحماية المرتكزات األساسية‬ ‫فى مواجهة حرب المعلومات وخصوصا المعادية ومن هنا يأتي أهمية‬ ‫الحصول علي وزارة أعالم متخصصة واعالميين وصحفيين متخصصين‬ ‫فى حماية الدولة واستراد االفكار الخاطئة واالهتمام بقضية المواطنة الحقيقية‬

‫‪26‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫وهوية االجداد التي ال تشوهها اي من الكلمات او األشخاص مهما بلغ فساد‬ ‫بعض األشخاص ‪..‬‬ ‫والشك اهم طريقة لحماية ولجذب الجميع وخاصة فئة الشباب الي االهتمام‬ ‫بالهوية الوطنية بدال من الهوية الفرعية والجهوية الضيقة الي العمل التوعوي‬ ‫على الصعيد الفكري اوال عن طريق التنشئة االجتماعية والسياسية والتربوية‬ ‫إضافة لمناهج مؤثرة للفرد والوطن ودورات مكثفة بين الحين واآلخر ‪..‬‬ ‫والطريقة االخري وأعتقد تعتبر األكثر أهمية فى هذا الوقت لدي بعض‬ ‫الشباب وهو تشجيع الشباب على العمل التطوعي واألعمال الخيري النه‬ ‫يجعل من الفرد قريب من هموم المواطن وكأنه مسؤول عن فئة كبيرة من‬ ‫اإلنسان لمساعدة وتلمس احتياجاته مهما كانت بسيطة أو كبيرة وايصالها الي‬ ‫المسؤولين اليجاد الحل والعالج ‪..‬‬ ‫ومن هنا يأتي أهمية وقوة األحزاب الذي دعي إليها جاللة الملك عبدهللا الثاني‬ ‫بن الحسين التي قاموا بتنفيذ رؤيته ولكن لم يفعل دورها المطلوب كما ينبغي‬ ‫ويجب الن تعتبر األحزاب السياسية من أهم عناصر الدولة المعاصرة أن‬ ‫وجدت وان هذه األحزاب مرهون بوجود تطور مستوي النظام االجتماعي‬ ‫واالقتصادي والحريات السياسية والنظم السياسية وان تتفعل هذه االحزاب‬ ‫لبث الوعي السياسي فى حماية المواطنة والهوية الوطنية وتعزيزها لقوة‬ ‫الوطن ودعم قضاياه وليس العكس ‪..‬‬

‫‪27‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫"املراسل الصحفي"‬ ‫الصحفي‬ ‫عبد الرسول جلوب سيد الكعبي من دولة العراق‬

‫هو المسئول عن التحري عن األخبار والنظر في الوثائق وتدوين المالحظات‬ ‫عند حضور المناسبات وإجراء مقابالت شخصية مع الناس‪ .‬ويقوم المراسل‬ ‫الصحفي بكتابة مالحظات وملخصات وأخذ صور فوتوغرافية عن الحدث‬ ‫أو تصويره على شرائط فيديو ‪،‬أما في مكاتبهم فهم يقومون بترتيب األحداث‬ ‫والمواد التي تجميعها من مقاالت ومقابالت شخصية وصور وتحديد مدى‬ ‫صحة وتوكيد الخبر ‪،‬كتابة قصص وإدخال المعلومات ‪،‬ويستخدم الصحفي‬ ‫الكمبيوترات المحمولة في كتاباتهم المزودة بأحدث تكنولوجيا‬

‫‪28‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫اطرش بالزفة‬ ‫د‪ .‬احمد جارهللا ياسين‬

‫يقولون في االخبار ‪ :‬استمع السيد المسؤول الى المواطنين… ووعد بتلبية‬ ‫طلباتهم ‪..‬‬ ‫اوال المسؤول طوال اربع سنوات اطرش ومن تجي االنتخابات يرجع اليه‬ ‫السمع‬ ‫ثانيا ‪..‬المسؤول عادة اذا وعد اخلف ‪..‬‬ ‫ثالثا ‪..‬هذا النمط من االخبار التافه السخيف الممل التقليدي ( اللي ما يقدم وال‬ ‫يوخر ) يرسخ في المجتمع ثقافة كون المسؤول ( فد ) شخصية ابوية تصغي‬ ‫للرعية خارقة قادرة على احداث المعجزات في مجتمع اول من خربه هو‬ ‫حضرة المسؤول نفسه ‪..‬‬ ‫البو نشراتكم والبو لاير مدريد‬

‫‪29‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫شعبان‬

‫وهيييييييييي‬ ‫حسام الطحان‬

‫نحن بحاجة ملحة اليوم للوقوف امام الومضات الفكرية الخالقة في ادب وفكر‬ ‫المفكر الكبير شعبان عبدالرحيم الملقب ( شعبولة ) ‪ ،‬فهذه االضاءات تكشف‬ ‫ارهاصات السياسة العالمية المستقبلية ‪ ،‬ويمكن لنا ان نستنبط من فكره‬ ‫الدروس المهمة التي تضعنا في الطريق الصحيح في التعامل مع اآلخر ‪.‬‬ ‫وهييييييييييي‬ ‫امريكا واسرائيل‬ ‫الصورة والكتابة‬ ‫ولعوا الفتيل‬ ‫وخلوا الدنيا غابة‬ ‫وهيييييييييي‬

‫‪30‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫ما قبل القصيدة ‪:‬‬ ‫بعض األمكنة لها سحر يأسر الروح فتحملها في طيات الذاكرة ‪ ،‬وال تملك‬ ‫معها إال أن تنساب بكثير من الشغف والهيام والتوحد واالنصهار بتفاصيلها‪..‬‬ ‫وهذا شأن الشاعر العراقي الكبير األستاذ "محمد مصطفى جمال الدين " مع‬ ‫دمشق و"النوفرة "‪..‬لذلك‪ ،‬لم أعرف سجادة يمكن للياسمين والنخيل أن يصليا‬ ‫فيها بابتهال و ائتالف أروع من دمشق و بغداد وتلك (النوفرة) ‪...‬فقامت‬ ‫مجاراة هذا الهيام لدمشق والنوفرة‪..‬‬ ‫شعر‪ :‬د‪ .‬أحالم غانم‬

‫" النوفرة"‬ ‫ك الساحر ْة‬ ‫أَ ُمر بفيحائ َ‬ ‫يا ُح ْسنَها‬ ‫ُ‬ ‫وار الليل‬ ‫إنّي‬ ‫وجدت س َ‬ ‫فاتح ْة‬ ‫تبدو القصيدةَ يو َم العشق‬

‫ال يفارقُها‬

‫قُب َر ْة‬

‫ك في‬ ‫بحر وهم ُس َ‬

‫ُ‬ ‫الحروف هنا اثنان ‪:‬‬

‫تلك النوفر ْة‬

‫حرف عزيز كقَس َْو َر ْة‬ ‫شد للح ُْلم مئ ّز َر ْه‪.‬‬

‫من غير زاوي ْة‬

‫و حروف كناسكة‬

‫ي ِّم ْم شرابي وأعط الشعر‬

‫في صالتها خاشع ْة‬

‫َم ْغف َر ْة‬

‫جئنا معا‬

‫وهذا (نزا ُر) الذي‬

‫ُ‬ ‫العيون اللواتي‬ ‫منا‬

‫تبتغيه‬

‫فقل لساقي الهوى‬

‫‪31‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أزهاري ال ُمضْ م َر ْة‬ ‫فت َح‬ ‫َ‬

‫َوالفيحا ُء عامر ْة‬

‫يا (أخط ُل )الفخر بلْ‬

‫كم غمرة في نبضنا‬

‫يا آيةَ الملح‬

‫من غمرات ال َخيِّر ْة‬

‫عطري بعشقي إلى‬

‫على المدى دائر ْة ؟‬

‫من عن َدهُ‬

‫فيك‬ ‫كم مر بي َ‬

‫مجدي بَ ْس َملَ ْة‬

‫طيف وترنو‬

‫ُخذي لَهُ من‬

‫آلالئه المحْ بَر ْة‬

‫رحيقي َعنبَرا‬ ‫َوأَوقديه بشوق‬

‫هناك عن َد النوفرة ْ‬ ‫وخلف صحْ ن (األموي)‬

‫من تَباريحي ال ُم ْزهر ْة‬

‫تلك القبة السامقة‬ ‫وفوق َ‬

‫فإن يكن‬ ‫ق الحين لي قمر‬ ‫بدمش َ‬

‫روضهَا‬ ‫كنا افترشنا‬ ‫َ‬ ‫في لحظة آسر ْة‬

‫فك ّل درب‬

‫ْ‬ ‫كانت زينبُ الصابر ْة‬

‫فيك مئذن ْة‬ ‫لصوتي َ‬

‫تهم إلى الماء ُم ْستَبْش َر ْة‬

‫َ‬ ‫سوسن‬ ‫زلت يا‬ ‫ال‬ ‫َ‬

‫ُ‬ ‫الغصن يَحْ م ُل ل ْي شوكا‬

‫الروح تمنحني‬ ‫من همسة لي بها‬

‫َو وردة عاشقة‬ ‫من ُذ ألف دمعة‬

‫في البحر جوهر ْة‬

‫ْ‬ ‫انتهت‬ ‫وما‬

‫ساقي الشاي‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫أبلغ مالكا بأَن الشا َم نيِّ َر ْة‬

‫و زهرة تجري على ثَ ْغري‬ ‫تغري‬

‫صبرا حبيبُ‬ ‫َ‬

‫رذاذ األفئد ْة‬

‫فَإن الحُب َم ْك ُر َم ْة‬

‫فالشا ُم تسح ُر‬

‫القَلبُ َكالشام‬

‫واأللبابُ هائم ْة‬

‫‪32‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫يا نغمةَ الناي هلْ‬

‫ذي الرو ُح‬

‫أراك يا سمينة‬ ‫َ‬

‫ع ّما أتاها‬

‫ْ‬ ‫جلبت ألغانينا‬

‫األمس ناظر ْة‬

‫الجنى واألسئل ْة ؟‬

‫نحن بين جفون الندى‬

‫في النقطة األخير ْة‬

‫ومقام الوصل‬

‫خارطة للطين‬

‫َحبْال س ِّريّا‬

‫وغيمة ناعس ْة‬

‫في دماء القرنفل‬

‫يا ساريا فوق الفرات‬ ‫فيك‬ ‫أُجل َ‬

‫ُ‬ ‫نحن في ُكلِّ صهيل‬ ‫دائر صورةُ التاريخ‬ ‫الج ْل َجلَ ْة‪.‬‬ ‫فو َ‬ ‫ق َ‬

‫نضارةَ البَصْ َر ْة‬

‫‪33‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫قف للحنني‬ ‫فاطمة الحلفي‬ ‫النجف االشرف‬ ‫قف للحنين وقل سالما وابتسم‬

‫وانظر الى لهفي على ماذا ينُم‬

‫‪....‬‬

‫إنّي كسرت ألجل وصلك خافقي‬

‫‪...‬‬

‫امضي وارجع استقيم وأنحني‬

‫وأتيت منقادا الى درب العدم‬

‫‪....‬‬

‫لم ادر حتى اآلن ماذا ارتجي‬

‫ما بين شوق واحتقار لم يدم‬ ‫فالشوق أرسل والمواجع استلم‬

‫‪....‬‬

‫والقلب يعلم ان ما يبغي حلم‬ ‫مالي إليك أجيء مشدود الخطى؟ ‪...‬‬ ‫كم المشاعر في المواجع أغرقت ‪ ...‬كم كسّرت ‪ ،‬كم حطّمت ‪ ،‬وكم وكم‬ ‫وبدأت اسأل خاطري واجيبه‬

‫‪....‬‬

‫ما ذنب روحي حين فيك تعلقت؟‬

‫‪....‬‬

‫يا ليتني زمن الوصال نسيته‬ ‫يا ليتني ما شلت قيد تجاهلي‬

‫هل انت مكسور؟ وتتبعها النعم‬ ‫وبأي جرم كل قلبي ينثلم؟!‬ ‫وبقيت حصرا بين نيران ودم‬

‫‪...‬‬ ‫‪....‬‬

‫يا ليت ذاك الفهم يرجع صاحيا‬ ‫فأُمور حالي انت صرت تخطها‬

‫يا ليت روحي ما تحملت االلم‬ ‫‪...‬‬ ‫‪....‬‬

‫فيقودني للبعد عنك بال قدم‬ ‫انت المصمم والمل ّون والحكم‬

‫فأضعت فيك الحال والعمر اختفى‪ ...‬وكسبت منك العسر ‪ ،‬اوجاع و هم‬ ‫لكنني ما زلت اطبع نظرتي‬

‫‪...‬‬

‫من فوق طولك والتفاتي يرتسم‬

‫فكيف أعيده ؟!‬ ‫قلب تع ّود قل‬ ‫َ‬ ‫فحنين وصلك قد أُذيب بخافقي‬

‫‪....‬‬

‫ان لم تجد ر ّدا حذاري ان تلم !!‬

‫‪....‬‬

‫وهالل شوقي طالع فلما اصم؟‬

‫‪34‬‬


‫َُ‬ ‫دعـــــــــاء‬

‫عدد ‪57‬‬

‫د‪ .‬حسام عبدالفتاح‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫بضــة‬ ‫ت َوزا َد ال ُع ْس ُر منهَا بقَ َ‬ ‫َ‬ ‫َوت َكالبَت ُخطوبُ ال َدهـر تُدميني‬ ‫لَكني بقـُرب إلهي ص ُ‬ ‫رت ُمبتَهــال‬ ‫يــك يَا هللاُ يَ ْكفيــــنـي‬ ‫َوظنـِّي ف َ‬ ‫إلَهـي قَد َعل ُ‬ ‫ْــر ُمنفَر َجـا‬ ‫مت ال ُعس َ‬ ‫فَال ُعســ َرا يَدو ُم َمه َمـا يُضْ نينـي‬ ‫نك يَا ربي يَتبَعــهُ‬ ‫ُســر م َ‬ ‫َوإن الي َ‬ ‫َويمحُـــو ُك َل َما ألقـــاهُ يُؤذينـي‬ ‫نك يَا ربَاهُ بالفَ‬ ‫ــــــرج‬ ‫فَعجـــل م َ‬ ‫َ‬ ‫إليك أد َمــاني ويُبكيني‬ ‫فَضعفي َ‬ ‫َوص ُ‬ ‫رت الَ َعل َى األَهوال ُمحتَمال‬ ‫ــاك ل َمــا ألقى َويُشقــيني‬ ‫فَرحمـ َ َ‬ ‫إلهي إني َع ْب ُد لفَيـض إح َســانَك‬

‫‪35‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫ليك َحق ُمن ُذ تَ ْكـــويني‬ ‫َومالي َع َ‬ ‫َوما إال َر َجــاء أرجُـــو أو طَم َعــا‬ ‫بجود َعن سُؤال ال َخـلق تَ ْكفيني‬ ‫فَهــل أ ْشـقَى َوإني أُنَادي يَا ربي‬ ‫ك بال ُدنيـَــا يُلبيني‬ ‫َومن لي ســوا َ‬ ‫َو َ‬ ‫أتيك ُمن َكسرا‬ ‫أنت َرحي ُم ل َمن يَ َ‬ ‫نك يَا هللا يُرضيــــني‬ ‫فَجـــبرا م َ‬ ‫خـــف‬ ‫َ‬ ‫يَاربي َذا َعلي َ‬ ‫الحا ُل ال يَ‬ ‫ك َ‬ ‫َو َ‬ ‫ي َعن سُؤلي فَتُعطِّيني‬ ‫أنت َغن ُ‬ ‫نك يَغمــرُني‬ ‫صفــح م َ‬ ‫َولي أ َمل ب َ‬ ‫إليــك يَا ربي تَهــديني‬ ‫ألنك َم ْن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪...‬‬

‫‪36‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أتعلم؟ ؟؟‬ ‫هدهد‬ ‫همست لنفسي من أنا!!!!‬ ‫هل أنا أنا أم هي أنا‬ ‫سألت أمي عني فقالت‪:‬‬ ‫انت ابنت القدر‬ ‫انت من نشأت علي قارعة الزمن‬ ‫يا أمي أريد أن انتصر ال عيش‬ ‫ال أن انكسر وأموت‬ ‫فأنا من ترجل عنى الحلم‬ ‫فلتقطنى ايها المستحيل‬ ‫ال سافره باتجاه مخاوفي‬ ‫لم يعد لي أي دور هنا‬ ‫امشي والخوف يمشي‬ ‫اعتنقت الصمت مذهبا‬ ‫أيها الزمن المنتصر المهزوم‬ ‫من قال اننا لن نلتقي يا حلمي‬ ‫حتي الجبال تلتقي‬ ‫حين الزالزل لبعضها تهتدى‬ ‫تقترب وتنحنى‪.‬‬ ‫فهل سنلتقي بزلزال مازال خفي‬

‫‪37‬‬


‫َ‬ ‫مايل ومال نزار‬

‫عدد ‪57‬‬

‫د‪ .‬عالوي الشمري‬ ‫العراق‬ ‫ومال ونزار‬ ‫مالي‬ ‫َ‬

‫فنزار سالح فتاك‬

‫ُ‬ ‫ضيف حروف‬ ‫هو‬

‫ُ‬ ‫يعبث ما بين االزرار‬

‫قد‪.‬‬

‫فمرار‪..‬‬

‫زار فصو ُل االمطار ‪..‬‬ ‫َ‬

‫يجلعها َربا‬

‫لي راي‬

‫ومرار نزوةُ خمار‬

‫فيما قال زمان‬

‫المراةُ‬ ‫ُ‬ ‫ياقبان نزار‬

‫ْ‬ ‫واالن‪..‬‬

‫ُ‬ ‫حرف نبي وقرها‬

‫اختلف المعيار‬

‫المراةُ‬ ‫ُ‬ ‫ياقبان نزار‬

‫ُج الفخارْ‬ ‫وقدنَض َ‬

‫ُ‬ ‫حرف امام عظمها‬

‫المراة ٱكسي ُر حياة‬

‫َ‬ ‫شئت ونار‬ ‫نور إن‬

‫ومدارسُ أجيال‬

‫تُصب ُح قنبلة تقتلْ ‪.‬‬

‫الدمية‪..‬‬

‫ورصاص في كف‬

‫ال لهو‪..‬‬

‫الثوار‬

‫ال موقد‪.‬‬

‫َ‬ ‫شئت معب ُد ايمان‬ ‫إن‬

‫ليل يدفئ اذار‬

‫ياضيفي…‪.‬‬

‫او طاولة‪.‬‬

‫او َدير‬

‫في ليل شتاء وكأس‬

‫ينف ُع في االستغفار‬

‫مزاج وسجار‬

‫ال الةُ تفريخ‪!!!..‬‬

‫‪38‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫ومكان لتفريغ عصبية‬

‫هي اخت نعم‬

‫رجل مخبول‬

‫هي بنت أعل ْم‬

‫حرف االستهتار‬ ‫اتقن‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫هي زوج أمضي بالعشرة‬

‫ْ‬ ‫المراةُ‬ ‫ليست سعلة‪..‬‬

‫هي ليل أيضا ونهار‬

‫كالمكواة وكالتفاز‬

‫َ‬ ‫يااخت الثورة‬ ‫فدعينا‬

‫كالبراد وكالقفاز‬

‫ماقال نزار‪..‬‬ ‫عن‬ ‫َ‬

‫ليس أنية من معدن‬ ‫َ‬

‫ُ‬ ‫أنزلت العي َد‬ ‫إجبارا‬

‫او تبر ي ُ‬ ‫ُركن في‬

‫بعيدك ياامراة‬

‫جوف الدار‪..‬‬

‫يهديك وسا ُم العفة‬

‫قد ولى صاحبُ بلقيس‬

‫وزهور من اكليل‬

‫عصر زاراةَ‪..‬‬ ‫َ‬

‫الغار‬

‫وجدي وجدك‬

‫فدعينا ياا ُم الثورة‬

‫امتهن المراه‬ ‫وعهد‬ ‫َ‬

‫عماقال نزار‪..‬‬

‫كبضاعة فُجار‬

‫وحرف نزار‪..‬‬

‫هي ثورة ٱن اعددت َ‬

‫فوقارك ياامراة‪..‬‬

‫فتيال‪...‬‬

‫ال…‬

‫وذراعا يسن ُد ُ‬ ‫كف الثوار‬

‫يتقنهُ ٱال االطهار…‬

‫هي ام… اقسم‬

‫‪39‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫غفلة االنتظار‬ ‫نرجس عمران‬ ‫سورية‬ ‫وسافر خلف المنى‬

‫في أمره حال ؟‬

‫اإلقليال‬

‫التزد في اللوم ‪ ..‬الئمي‬

‫نصفه أمل‬

‫ودعني لبعض سكينتي‬

‫واألخر أضحى قتيال‬

‫أخط سبيال‬

‫ال تهبني من الوعد‬

‫تنهشنا الحياة فقدا‬

‫اإل فتيال‬

‫لوكان للفقد قلب ‪...‬‬

‫يشعل الحلم حقا‬

‫‪.......‬بكانا عليال‬

‫في محاضري نهارا و ليال‬

‫أصارع األشواق‬

‫أنا يا صاحي‬

‫في هجمة الصبر‬

‫لست اإل عاشقا‬

‫وهل إلى المرتجى‬

‫ضرجني الهوى‬

‫أجد بديال‬

‫فبت بالشوق مبتال مجندال‬

‫حبيب أف َل في‬

‫أنادي حيي على اللقاء‬

‫غفلة اإلنتظار‬

‫فيجيبني اللقاء‬

‫أيّا أقدار ُكفي‬

‫بعضي وكلي‬

‫اليأس ينهال سيال‬

‫أضحى مستحيال‬

‫متشح باليقين حالي‬

‫ماكنت إال كما أراد الخفق‬

‫لوال النسيم‬

‫وهل لنا على الخفق‬

‫ما فاح الزهر عطرا‬

‫‪40‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫"سامِحيني"‬

‫رمزي عقراوي‬

‫سامحيني‬

‫ويُذ ِّكرُني‬

‫يا حبيبتي‬

‫حُبك العظي ُم‬ ‫ُ‬ ‫لونسيت‬ ‫لك‬

‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الظروف‬ ‫إن َرو َع ْتك‬

‫إلي ! إلي!‬

‫وثُك َل منك الشبابا‬

‫يا حبيبتي ( ب ُ‬ ‫ُثيت )!!‬

‫فلسوف يغدو‬

‫ل ِّوحي لي‬

‫هذا السوا ُد‬

‫بذاك الكفِّ‬ ‫َ‬

‫من َشعرك الغجريِّ‬

‫والذرا ْع‬

‫( كنديف الثلج )‬

‫ب َمنديلك‬ ‫أطلّي عل ّي‬

‫==‬

‫كال ِّشرا ْع‬

‫يا (بُثينة)‬

‫يفو ُح‬

‫ُ‬ ‫نحن في نهاية الصِّراع‬

‫منهُ األري ُج‬

‫يا (بُثينة)‬

‫ويُن ِّو ُر ال ُشعا ْع‬

‫الوداع !!‬ ‫لقد حان يوم َ‬

‫((وها قد دم َر ْتني أجواء العرا ْق ))‬

‫إلي ! إلي !‬

‫وكل همي ْ‬ ‫أن يلتئ َم‬

‫يا حبيبتي ( بُثينة )‬

‫جرا ُح الت َمزق وال ِّشقا ْق !!‬

‫ستعبَقين كالعطر‬

‫إلي ! إلي !‬

‫في قلبي ما ح ُ‬ ‫ُييت‬

‫يا حبيبتي‬

‫سامحيني‬

‫َسرابا‬

‫‪41‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫يا ( بُثينة )‬

‫كأنّي أل َمسُ روحك‬

‫للتالقي والعنا ْق‬

‫من بين الثنايا‬

‫== لديك أحاسيس‬

‫كأن أنفا َسك‬

‫تُعربُ عن ك ِّل شان‬

‫صدري‬ ‫في َ‬ ‫تنف ُح الطّيوبْ‬

‫في كلِّ آن —‬

‫وتكش ُ‬ ‫ف‬

‫بما لم تُلَو ْن‬

‫ما في القلوب و النوايا‬

‫فصو ُل ال ّزمان‬

‫حين تمتز ُج‬

‫كأن َوجهك‬

‫مع روح‬

‫ي َرف ظالال‬

‫( أثيم )‬

‫على ُمقلتيك‬

‫يُري ُد ْ‬ ‫أن يتوبْ !؟‬

‫كأنك تُلقين ثقال‬

‫أجر َمهُ‬ ‫على ما َ‬

‫عن عاتقيك !!‬

‫ب َحقك من رزايا‬

‫إلي ! إلي !‬

‫ويَبغي ْ‬ ‫أن يشتري‬

‫حبيبتي ( ب ْ‬ ‫ُثيت )!!‬

‫ُمناك بتلك البقايا‬

‫إلى ينبوع الحياة ال ُمميت ْ‬

‫إلي ! إلي !‬

‫ثغرك الطروبْ‬ ‫أعطيني َ‬

‫لتَسقيني‬

‫كي ال يعلوهُ ال ّشحوبْ !‬

‫من َشفتيك‬

‫فعلى شفتيك‬

‫من ظَ َمئي‬

‫سر الخفايا‬

‫نال منّي اللغوبْ ؟؟؟‬ ‫فقد َ‬

‫تُل ِّو ُن َوجهك‬

‫كأنّي أس َم ُع‬ ‫صوت الذنوبْ‬ ‫َ‬ ‫نشربُ كأس ال َخطايا‬ ‫كأننا َ‬

‫‪42‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫انبالج الطيف‬ ‫فاطمة سعدهللا‬ ‫تونس‬ ‫عند انبالج الطيْف‬ ‫شمي ُم طفولتي‬ ‫يشاكس كبريا َء األنثى‬ ‫تلك لْ تش ّو ُر من وراء ساعة‬ ‫طاعنة في الجدار‬ ‫هسيسُ الزمن يعطّر ذاكرة المساء‬ ‫يمأل أروقة الصمت نسيما‬ ‫وضجيجا‬

‫عند انبالج الطيف‬ ‫على عتبات أرهقها وط ُء الخفافيش‬

‫ف‪ ...‬تتكدس الرؤى في‬

‫و ترف صورتك‬

‫متاحف األساطير المعلبة‬

‫أيّها الحل ُم‬ ‫بيْن لُهّابة شمعة‬

‫تغتسل الحناجر من‬ ‫شهيقها‬

‫و ُذبالة ذكرى‬

‫ُ‬ ‫ترشّ‬ ‫بساتين الدهشة سكونها‬

‫انفخي أيتها الريح فالرماد‬

‫و سكينتها‬

‫ينبض ثورة‬ ‫أوقد المسارج أيها الصبا ُح‬ ‫ُو لد الهوى‬ ‫من رحم شمس سكوب‬

‫‪43‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫كلمات أنثى‬ ‫زهرة حممد‬

‫‪44‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫بكاء منتصف الوجع‬ ‫رسل الساعدي‬ ‫كلما رغبت بأقتالعك من قلبي‬ ‫أخش ى على نفس ي ضياعها بعد رحيلك‬ ‫فأتراجع‬ ‫عن فكرة اقتالعك ‪ ،‬مرت سنوات على بعدك‬ ‫نسيت جرحك ‪ ،‬نسيت كيف تركتني اعان الم الخذالن ‪ ،‬تزوجت ذلك الزواج‬ ‫لطاملا كنت تحارب زواج الصالونات‬ ‫كيف تزوجت ؟؟‬ ‫دخلت بها ففرحت بدماء انت اسلتها ‪ ،‬وأنا كنت ابكي ودماء قلبي تسيل من شده‬ ‫الطعنه‬ ‫الفرق شاسع بين دماء فرح ودماء جرح‬ ‫غرست نفسك في قلب عرف الحب بوجودك ‪ ،‬ورحلت وكل ظنك ان النسيان سهل‬ ‫فخاب ظنك‬ ‫مازلت احبك ‪ ،‬مازلت اشتقاك‬ ‫تلك العواصف اقتلعتني من نفس ي ‪ ،‬ولم تستطع اقتالعك‬ ‫عدت كما كنت بال رجل إلى جانبي‬

‫‪45‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫بقلب مهشم ‪ ،‬وفكر مشتت ‪ ،‬وامنيات اخذتها تلك التي لم تكن تعرف عنك ش ئ‬ ‫ولربما كان في قلبها غيرك فخذلها كما خذلتني‬ ‫ثم تزوجتك‬ ‫الدنيا يا أبن قلبي تدور‬ ‫ما فعلته بي سيرد إليك يوما ‪ ،‬بعلمك او بالخفاء ‪ ،‬فاهلل ال ينس ى من كسر قلب فتاة‬

‫‪46‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫أزياء‬

‫‪47‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫ناصر إبراهيم‬

‫‪48‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال حياة بال عمل ‪......‬أنا امرأة‬ ‫أنا أستطيع‬ ‫ناز عدنان عثمان‬ ‫إني ال أحبذ أن أسر َد هذه ال َكلمات بطريقة تَقليدية فغالبا ما تضحى الكلمة‬ ‫حين تسرد بطريقتها الذائعة بين الناس فأحيانا الحلول ال ُمعتادة عليها‬ ‫ُم َملقة َ‬ ‫قد ال تودى بنا إلى الحل األمثل لذا لن أجعل رسالتي هذه ُمتحذلقة بل أبسط‬ ‫مما تكون ‪!....‬‬ ‫أنا إمرأة ‪ ..........‬أنا أستطيع‬ ‫إن كلمة أستطيع تَعني أنني ُمبارية ومتصدية وطيدة ضد ُكل الظروف‬ ‫العصيبة التي تُركلُني نحو مرمى اليأس ‪....‬‬ ‫ي طريقنا نحو ال َمجد ؟؟؟؟‬ ‫ال بأس ببضع من المشقات التي تُضن ّ‬ ‫فاألطعمة ال تستوي إال على نار هادئة ف ُكل ما في االمر أن سبيل النجاح‬ ‫يَحتاج لفكر ممشوق ‪...‬إن المرأة والعمل عالقة طردية تأبى أن تكون‬ ‫ُمتعاكسة !‬ ‫المرأة هي التي تطارد العمل بشتى مجاالتها دون أن تأبه لشيء سوى كيف‬ ‫لها ان تنظ َم وقتها ‪....‬‬ ‫لكن من المؤسف جدا أن بات كل شيء في عصرنا هذا ضمن إطار ضيق‬ ‫‪،‬ربما إنسياق البعض لمفهوم خاطىء قد تم توارثها من زمن يغاي ُر في الفكر‬ ‫والطُرق‬ ‫فبتنا نتنزى نحوها لذا بات حق المرأة في الع َمل يُرى من زاوية واحدة ‪،‬‬ ‫ويسلب حق المرأة أختيارها للعمل الذي يحلو لها !‬

‫‪49‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫غير تلك األفكار فأحيانا الشيء الذي يتطلب منا تغيره‬ ‫لكن نحن من نقدر أن نُ َ‬ ‫هو طريقة تفكيرنا‬ ‫حين ترى إمرأة تنعت نفسها بأنها قوية فأعلم إنها قد مرت بسلسلة من‬ ‫الصراعات الشائكة‬ ‫المرأة تَستطيع فعل أي شيء في ُكل شيء ‪،‬‬ ‫جعل من الشيء شيئا يُرى‬ ‫المرأة تستطيع أن تَ َ‬ ‫المرأة هي ساللم النجاح للوصول إلى القمة‬ ‫حقا المج ُد لكل إمرأة تسعى وراء أحالمها وال تستسلم ‪،‬‬ ‫إننا أضحينا في زمن قد ضئُل فيه فرص العمل‪،‬لكن ال َسطوةَ إن إبتكرنا‬ ‫نحن العمل حينها ستضحى الفُرصة بين أيدينا ‪،‬‬ ‫فالجدارة الحقيقية تُكمن حين تضحى بمقدورنا عمل ما يحلو لنا دون خوف‬ ‫‪....‬‬ ‫إنها ليست مجرد رسالة للمرأة بل هي صوتها الذي يختبىء خلف جدار‬ ‫الخوف‬ ‫الخوف داء لكل حلم يرى نفسه أن بمقدوره أن يدنو‬ ‫الخوف يتغذى على كبرياء الحلم ‪!....‬‬ ‫كل ما عليك فعلها هو أن تجعل ّي الحُل َم يتغذى على الشجاعة ال الخوف ‪.....‬‬ ‫ل ُكل إمرأة في العالم أنت‬ ‫ُخلقت لتكوني رمزا للعطاء‬ ‫لكن نصيحت ّي لك أغدق ّي نفسك‬ ‫أوال ثُم اآلخرين ‪.....‬‬ ‫بعض البُكاء قوة‬ ‫وأعلم ّي أن‬ ‫َ‬ ‫وإن بعض القوة ضُعف ؟‬ ‫وأفتخرُي ألنك أستطعت أن تكون ّي كما أردت!‬

‫‪50‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫الكابوس احلب‬ ‫هدى علي‬

‫فقدانك‪ ،‬باتت تشعر أنه قريب من روحها‬ ‫ذراعيك ‪ ،‬خوفا من‬ ‫تُخبئ نفسها بين‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يسرقك منها‪.‬‬ ‫وسوف‬ ‫َ‬ ‫تعانقك بشدة ‪ ،‬لتحمي روحها بين ذراعيك من األلم الفراق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كلماتك لتطمئن قلبها‬ ‫نظراتك لتعانق روحها بائسة‪ ،‬والى‬ ‫انها بالحاجة الى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المتيم بك ‪.‬‬ ‫بات فقدان كالكابوس يالحق احالمها وافكارها‪،‬‬ ‫تطلب منك أن تنقذها من ذلك البؤس الذي يكمن داخلها‪ ،‬بأصبح قلبها يؤلمها‬ ‫من ذلك اليأس مسيطر على روحها ‪ ،‬تستغيث بك لتعانقة تلك الروح تائهة في‬ ‫العالم اليأس ‪،‬‬ ‫روحك‬ ‫ليخرجها الى ذلك االمل الذي يعانق‬ ‫َ‬

‫‪51‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫"صفقة القرن‪ ..‬املسمار االخري"‬ ‫قاسم الغراوي‬ ‫مر قرن من الزمان على ضياع التاريخ واالمة‪،‬‬ ‫قرن من الزمان مر على العرب وهم يندبون‬ ‫حظهم العاثر ويتراجعون خطوة بعد‬ ‫اخرى للوراء يلتصقون بالتاريخ ويتغنون‬ ‫بامجادهم‪ ،‬قرن من االنتكاسات واالنكسارات‬ ‫والهزائم والنكوص بحثآ عن وجودهم الوهمي‬ ‫بين االمم‪ ،‬قرن من الزمان على ضفة الضياع والسباحة ضد التيار بافكار جامدة‬ ‫وسلطة تترنح وحياة شعوب تحتضر بحثا عن امل بالحياة‪ ،‬بحثا عن حقنة من الحياة‪،‬‬ ‫قرن من الزمان ومجد الغرب في القمة والعرب في اسفل سافلين بفعل حكامها وملوكها‬ ‫وامراءها ورؤساءها ‪ ،‬قرن من الزمان ماتت فيها غالبية القيم في حياة العرب والزالت‬ ‫البقية تحتضر على دكة الضياع ‪ ،‬قرن من الزمان ولد االسالم غريبآ وعاش غريبا‬ ‫وسيولد غريبآ‪ ،‬قرن من الزمان في الغرب ولدت الحياة واالمل والقيم االنسانية‬ ‫واملهنية‪ ،‬امست الشعوب في الغرب سادات انفسها وانسانيتها وهي تكتب تاريخها‪،‬‬ ‫وتخطوا نحو املستقبل بثقة واطمئنان وترسم حياتها ومستقبل اجيالها وابناءها‬ ‫بحرص ووعي ودراسة‪ ،‬والعرب الزالوا يدرسون تاريخ انتصاراتهم املاضية ويلمعون‬

‫‪52‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫سيوفهم وينبلون رماحهم ويعلفون خيولهم ويصطادون الطيور ‪ ،‬وفي الحاضر‬ ‫يستعرضون قواتهم واسلحتهم حتى صدئت في مخازنهم وبرزوا عضالتهم على بعضهم‬ ‫ويترددون في مواجهة اعداءهم وكانت ساحتهم للمنازلة في عقر دارهم وتضحياتهم‬ ‫شعوبهم فداءآ الحالمهم املريضة ولبقاءهم يضحون باالرض والثروة واملال الستمرار‬ ‫سلطتهم ويخضعون ويتذللون ويتملقون ويلبون امر الطاعة السيادهم ايظنون ان‬ ‫التاريخ يرحمهم او سيمتدحم او يسجل مواقفهم بفخر ‪ ،‬ايتاملون النصر بعد الهزيمة‬ ‫والوضاعة بعد االنكسار ‪ ،‬ايحلمون بالتقدم بعد التخلف والضياع اياملون بالبقاء‬ ‫بعد الذلة والخنوع‪ ،‬اطاب لهم املقام في بالدهم وحصلوا على صك املغفرة والرضا‬ ‫النهم اولياء االمر‪.‬‬ ‫ياللعار ياكل بعضكم البعض ويتامر بعضكم على البعض ويقتل بعضكم البعض االخر‬ ‫باسلحة من االعداء فكنتم اخلص املوالين لقتلتنا واعداءنا يامن خنتم التاريخ‬ ‫والشعب واالوطان وشوهتم حقائق املجد وجلدتم الحياة وذبحتم االحالم‪ ،‬قرن من‬ ‫الزمان حقق االعداء كل الخطوات دون تراجع‪ ،‬تسعة وتسعون خطوة واملئة هي‬ ‫صفقة القرن حيث يوزعون بلدانكم غنائمآ ويشتتون شملكم ويسيطرون على‬ ‫خيراتكم ويمحون بعضكم ويمنحون بعضكم للبعض وقد اعلنتم فروض طاعتكم‬ ‫واولها اذعانكم لبيع فلسطين ولن تكون االخيرة فانتم على الدرب سائرون وللهالك‬ ‫ماضون بعد ان عقدتم صفقة القرن مع عدونا ومضيتم الى حتفكم وانتم تدقون‬ ‫املسمار االخير في نعشكم‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫عدد ‪57‬‬

‫مجلة زهرة البارون ‪57‬‬

‫ألرسال النصوص الربيد االلكرتوني‬ ‫‪Tzozo000@gmail.com‬‬ ‫موقع الويب للمجلة‬ ‫‪https://magazineflowerbaron.wordpress.com‬‬

‫‪54‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.