مجلة زهرة البارون عدد 80

Page 1

1


‫رئيس التحرير‬

‫محمود صالح الدين‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫زهرة محمد‬ ‫الجزائر‬

‫للنشر‬ ‫االلكتروني‬

‫الهيئة االستشارية للمجلة‬ ‫د‪ .‬إبراهيم العالف‬ ‫د‪ .‬عبد الستار البدراني‬ ‫د‪ .‬أحالم غانم‬ ‫د‪ .‬سناء الطائي‬ ‫د‪ .‬احمد ميسر‬ ‫د‪ .‬احمد جارهللا‬

‫الموصل‬

‫د‪ .‬فارس تركي‬ ‫قاسم الغراوي‬ ‫الصحفيون العاملون‬ ‫احمد عيسى ‪ /‬مصر‬ ‫رسل الساعدي ‪ /‬العراق‬ ‫نرجس عمران ‪ /‬سوريا‬ ‫ليلي جواد ‪ /‬العراق‬

‫‪2‬‬


‫محتويات‬ ‫‪5‬‬

‫مقال افتتاحي‬

‫قراءات‬ ‫األستاذ نافع مجيد بزوعي ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم العالف ‪7............................‬‬ ‫ينوكالسكية الخطاب ‪ /‬احمد الشيخاوي ‪11...................................‬‬ ‫قراءة في ( الرقص على إيقاع الغياب ) ‪ /‬ناطق خلوصي ‪22...............‬‬ ‫سورية جنة هللا ‪ /‬محمود الجبوري ‪25........................................‬‬

‫أدب ساخر‬ ‫دببة ‪ /‬احمد جارهللا ‪27.........................................................‬‬ ‫سيرة االنسان العراقي ‪ /‬حسام الطحان ‪28...................................‬‬

‫شعر‬ ‫بانتظار القمر ‪ /‬د‪ .‬وليد جاسم الزبيدي ‪29....................................‬‬ ‫عصمة الباطل ‪ /‬د‪ .‬عفيل عالء الدين درويش ‪30............................‬‬ ‫اه ياورد ‪ /‬نرجس عمران ‪33..................................................‬‬ ‫قصص كلماتي ‪ /‬إسماعيل خوشناو ‪34.......................................‬‬ ‫دموع خرساء ‪ /‬عبد الكريم الساعدي ‪35.....................................‬‬

‫‪3‬‬


‫عالم المرأة‬ ‫كلمات أنثى ‪ /‬زهرة محمد ‪40.................................................‬‬

‫عرض كتاب‬ ‫كتاب الموتى الفرعوني ‪ /‬قاسم الغراوي ‪43..................................‬‬

‫حوارات‬ ‫الكاتبة آمال الفتالوي ‪ /‬مروة الجبوري ‪45...................................‬‬

‫أقالم شابة‬ ‫قوتك تنبع من الداخل ‪ /‬رقية صالح ‪53......................................‬‬ ‫فطور ارض العراق ‪ /‬زهراء حسين ‪54.....................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫رجال الظل ‪ /‬قاسم الغراوي ‪55..............................................‬‬

‫‪4‬‬


‫بقلم البارون األخير ‪ /‬محمود صالح الدين‬ ‫الطابور الخامس ‪ ،‬هو عبارة عن مجموعة اشخاص‬ ‫مرتزقة تعمل لحساب النظام الحاكم دون تميز ‪ .‬وقد ظهر هذا المصطلح‬ ‫اول مره في عام ‪ .1936‬اثناء الحرب االهلية في اسبانيا وهذا مدخل لمفهوم‬ ‫المصطلح ‪ ،‬اما عن الطابور في جمهورية فيطي فيمتلك تاريخ قبل ما ذكرت‬ ‫فيما سبق ‪ ،‬ففي بدايات القرن الماضي كان هناك ما يسمى حلف فيطي حيث‬ ‫اوعز النظام لتلك الجماعات في اشغال الناس في حدث معين في المدن التي‬ ‫لها ثقل سياسي ‪ .‬وهنا كانت حكاية ذلك الرجل الذي مسخ حمار والحكاية‬ ‫غريبة ‪ ،‬ولكنها انتشرت بشكل سريع بين الناس ذلك الوقت ‪ ،‬فاصبح حديث‬ ‫الشارع وكف النظر عن اتفاق الذي أبرم ذلك الوقت وقد نجح االمر ‪ .‬ومرت‬ ‫األيام وفكرة الطابور الخامس تزداد في التطور وبعد سنين كان هناك أيضا‬ ‫تصفيات سياسية اوعزت الحكومة لتلك الشلة المنحرفة في اختراع كذبة‬ ‫تشغل الراي العام عن ما يجري في القصور الرئاسية وهي عصابة أبو‬ ‫ساطور التي كان الخيال الواسع لتلك الجماعات ‪ ،‬في سرد القصص المرعبة‬

‫‪5‬‬


‫وقد كان لها نجاح منقطع النظير أيضا ‪ .‬حتى وصل االمر لتأسيس جمهورية‬ ‫فيطي فأصبحت الجمهورية من الرئيس الى عامل النظافة طابور خامس‬ ‫وأصبحت الدولة قائمة على الحكايات الكاذبة منها التاريخية ‪ ،‬ومنها‬ ‫المعاصرة ‪ .‬واصبح شعب فيطي عبارة عن مستمع للكم الهائل من األكاذيب‬ ‫‪ ،‬وهي عبارة عن دواء مخدر لجموع الشعب ‪ .‬واذا كنا نريد معرفة الفرق‬ ‫بين االمس والغد هو ان الكذب كان يمرر لتمرير امر واحد معين ‪ ،‬ولكن‬ ‫اليوم األكاذيب في الجملة واصبح كل من ينتمي لجمهورية هو طابور خامس‬ ‫‪ .‬والغريب انه اليوم ما عاد يمتلك القدرة على اصطناع األكاذيب من حالة‬ ‫العجز التي يعاني منها النظام ‪ ،‬وكل من ينتمي له من المؤسسات ‪ .‬فترى‬ ‫القيادة في تلك المؤسسات هي عبارة عن ارث حين يتم توليها ‪ ،‬والغريب‬ ‫في تلك الممارسات اصبح الرجل فيهم يكذب ‪ ،‬ويفرض على الناس تصديق‬ ‫تلك األكاذيب مع علم الجميع انه يكذب ‪ .‬وهناك أيضا مرتزقة تصفق ألجمل‬ ‫كذبه وتسعى للدفاع عنها ‪ ،‬وهم عدد ليس بالقليل وكاد ان تكون جيوش‬ ‫واالصح تسمى جحوش ‪ ،‬يكون اصح لتسمية أولئك االغبياء من ذلك الطابور‬ ‫‪ .‬وقد نشهد في السنوات المقبلة وهذا غير مستبعد والدة نظام حكم فاشي‬ ‫شبيه بنظام هتلر وفكرة اسقاط العالم ‪ ،‬بسبب تلك الجحوش التي تصدق‬ ‫األكاذيب وتصفق لها ‪ ،‬وتعمل على ترسيخ فكرة تلك الشلة المنحرفة التي‬ ‫تحكم في جمهورية فيطي ‪ ،‬التي تعتاش على الروايات التاريخية واالساطير‬ ‫في الوقت القريب ‪ ،‬وتخدير العقول في عباءة الدين ‪ .‬والن يرحم التاريخ‬ ‫تلك العقول السطحية التي ترى جماهير دولة فيطي بالسذاجة التي هم عليها‬ ‫‪ ،‬ويجب ان يكون هناك عقول تحدث الفارق العقلي بين الناس ‪ ،‬وتقدم الدليل‬ ‫على غباء واستبداد تلك الجماعات المنحرفة ‪ ،‬في تكوين دولة قائمة على‬ ‫الخرافة وسرد األكاذيب ‪ .‬وفي نهاية ما بدأت أحب ان استشهد بقول رسول‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬وإياكم والكذب ‪ ،‬فإن الكذب يهدي إلى الفجور‬ ‫‪ ،‬وإن الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب‬ ‫‪،‬حتى يكتب عند هللا كذابا)) ‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫ا‪.‬د‪ .‬إبراهيم خليل العالف‬ ‫أستاذ التاريخ الحديث المتمرس‬ ‫جامعة الموصل‬ ‫مرب موصلي معروف‪ ،‬متخصص باللغة العربية‪ ،‬وكان له نشاط تربوي‬ ‫وتعليمي وثقافي واضح برز أستاذا في اللغة العربية وتتلمذت على يديه‬ ‫أجيال وأجيال ‪.‬كتب عنه استاذنا الدكتور عمر الطالب في موسوعته‬ ‫( موسوعة اعالم الموصل في القرن العشرين ) فقال انه من مواليد مدينة‬ ‫الموصل سنة ‪. 1925‬اكمل دراسته االبتدائية والمتوسطة والثانوية فيها ثم‬ ‫سافر الى بغداد حيث لم تكن هناك جامعة في الموصل ودخل قسم اللغة‬ ‫العربية في دار المعلمين العالية وهي اليوم كلية التربية وحصل على ليسانس‬ ‫ادب سنة ‪ 1946‬بدرجة شرف ‪.‬‬ ‫عاد الى الموصل وعين مدرسا في المتوسطة الغربية منذ سنة ‪-1946‬‬ ‫‪ 1963‬كما عمل مدرسا في دار المعلمين االبتدائية في الموصل بين سنتي‬ ‫‪ 1965-1963‬فمدرسا في اعدادية المستقبل ‪ ،1970-1965‬ومدرسا في‬ ‫معهد المعلمين بالموصل ‪ ،1976-1970‬واختير ليكون مشرفا اختصاصيا‬ ‫في اللغة العربية ‪.1979-1976‬‬ ‫وله مجموعة محاضرات في أصول تدريس األلف باء‪ .‬أحيل الى التقاعد‬ ‫سنة ‪.1979‬‬

‫‪7‬‬


‫حرص االستاذ نافع بزوعي رحمه هللا على ان يزرع في طلبته روح البحث‬ ‫والقراءة واالطالع وكانت أداته في ذلك تعويد الطالب على إقتناء الكتب‬ ‫ومراجعة المكتبة والتعود على تحرير النشرات المدرسية وحث زمالءه‬ ‫المدرسين على المشاركة اي مشاركة طلبتهم في كتابة المقاالت وقبل فترة‬ ‫زودني األستاذ الفاضل نزار المختار بالعدد الثالث من نشرة اشرف على‬ ‫إخراجها األستاذ نافع بزوعي وكان عنوانها ‪" :‬الثقافة العربية " ويحمل العدد‬ ‫تاريخ شهر آذار –مارس ‪. 1947‬‬ ‫ونقرأ في ترويسة النشرة أنها "نشرة مدرسية تسعى لخدمة اللغة العربية‬ ‫والثقافة العامة تصدرها جمعية الثقافة العربية في المتوسطة الغربية بأشراف‬ ‫نافع بزوعي مدرس اللغة العربية " ‪.‬والعدد الذي في يدي هو عدد خاص‬ ‫بذكرى مولد سيد الكائنات وفخرها الرسول الكريم محمد صلى هللا عليه‬ ‫وسلم‪ .‬وقد طبعت النشرة بمطبعة محفوظ –الموصل وثمن النسخة ‪ 25‬فلسا‬ ‫‪.‬‬ ‫في العدد مقال لألستاذ عبد الرزاق الشماع بعنوان ‪" :‬التاريخ الهجري "‬ ‫وأشار فيه األستاذ الشماع إلى أن العرب قبل اإلسالم كانت تؤرخ بتواريخ‬ ‫مختلفة وأول من وضع التاريخ الهجري واستعمله هو الخليفة عمر بن‬ ‫الخطاب رضي هللا عنه ‪.‬وتعرض المقال إلى أيام العرب التي أرخت بعض‬ ‫األحداث من قبيل حجة الغدر‪ ،‬وحرب البسوس‪ ،‬واالطام‪ ،‬وعام الفساد‪ ،‬ويوم‬ ‫الفجار‪ ،‬وحلف الفضول ‪.‬كما ورد في النشرة نص خطاب سبق أن ألقاه‬ ‫األستاذ الشاعر إسماعيل حقي فرج في حفلة جمعية المعلمين بقاعة إعدادية‬ ‫الموصل للبنين بذكرى المولد النبوي ‪ 1947‬وابتدأ الخطاب بأبيات من‬ ‫الشعر جاء فيها‬

‫‪8‬‬


‫األستاذ جميل الخطيب كتب مقاال بعنوان ‪" :‬لو بعث النبي " ‪.‬واسهم‬ ‫الطالب هاشم سعدون الطعان "األستاذ الدكتور فيما بعد " بمقال عنوانه ‪:‬‬ ‫"النفس الجبارة " ‪.‬كما ضمت النشرة مقاال للطالب غانم سعد هللا حمودات‬ ‫"األستاذ المربي الكبير " بعنوان ‪" :‬الذكرى وبعثها الشجون " ‪،‬وكتب الطالب‬ ‫عبد المسيح سعيد مقاال بعنوان ‪" :‬محمد صلى هللا عليه وسلم والعرب "‬ ‫‪.‬واسهم الطالب عبد الحميد محمد شنشل بمقال عنوانه ‪ " :‬محمد صلى هللا‬ ‫عليه وسلم مثلنا األعلى " ‪.‬وللطالب إدريس حميد الطالب مقال بعنوان ‪" :‬‬ ‫يوم الذكرى " ‪.‬وكان للطالب طارق محمد علي كذلك مقال بعنوان ‪" :‬مولد‬ ‫سيد الخلق وحبيب الحق " ‪،‬وللطالب نجيب محمد الوتاري مقال بعنوان ‪:‬‬ ‫"لواعج الذكرى " وللطالب فهمي يوسف جزراوي مقال بعنوان ‪ " :‬المولد‬ ‫النبوي الشريف " ‪،‬وللطالب نافع سعيد مقال بعنوان ‪" :‬مولد سيدنا محمد‬ ‫صلى هللا عليه وسلم " ‪.‬ومن الطريف أن النشرة استفادت من الغالف الخلفي‬ ‫في إيراد مجموعة من األخبار وبعنوان ‪ " :‬الثقافة العربية تتحف قراءها‬ ‫بمفيد األخبار " ‪.‬ونقرأ من األخبار أن األستاذ عبد هللا محيى الدين وزير‬ ‫المعرف (التربية ) هو صاحب فكرة إصدار العدد الخاص من النشرة وان‬ ‫وفدا تربويا سوريا جاء العراق ووصل الموصل للتباحث حول التعاون‬ ‫التربوي بين العراق وسوريا ‪.‬وقد جاب الوفد في أنحاء العراق ‪،‬وان هيئة‬ ‫تحرير النشرة تشكر حضرة مديرة ثانوية البنات ومدرساتها لما يبدينه من‬ ‫اهتمام في سبيل نشرة الثقافة العربية ‪.‬كما تشكر الهيئة األستاذين الفاضلين‬

‫‪9‬‬


‫عبد العزيز جاسم مدير إعدادية الموصل للبنين وتوفيق الدباغ مدير متوسطة‬ ‫المثنى لحرصهما على تشجيع النشرة ‪،‬وان وفد طلبة العمارة زاروا الموصل‬ ‫صحبة األستاذين الفاضلين فيليب سرسم وفضيل الدقاق ‪،‬وقد خلفوا بزيارتهم‬ ‫الميمونة في قلوب طلبة الموصل وأساتذتها آثارا التمحى وان النشرة ترحب‬ ‫بما يتحفها به الطلبة األعزاء من نفثات عقولهم ‪.‬‬ ‫النشرة تعكس أيام الزمن الجميل‪ ،‬حيث كان للكلمة قدسيتها‪ ،‬وللثقافة‬ ‫مكانتها فهل يمكن لنا أن نعود لتلك األيام أو لنقل لروحية تلك األيام ؟!‬ ‫رحم هللا االستاذ نافع مجيد بزوعي وجزاه خيرا على ما قدم لبلده وللغته‬ ‫العربية ويقينا ان ذكراه التزال حية بين طالبه ومحبيه وهذا ما يكسبه االنسان‬ ‫من حياته في آخر المطاف ‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫احمد الشيخاوي‪/‬شاعر وناقد مغربي‬ ‫في الحقيقة لقد سال الكثير من المداد‬ ‫حول هذا االسم النموذجي‪ ،‬بيد أن ما‬ ‫حظي به شعره من مقاربات لحد‬ ‫اآلن ‪ ،‬قسط ال يفيه الحق بالتمام‪،‬‬ ‫ومهما أضيف إلى الجهود التي ما‬ ‫فتأت تنبش في حياة وإبداع الرجل‪،‬‬ ‫تمكث اإلضافة أقل‪ ،‬واإلشباع أضأل‬ ‫قياسا إلى قيمة شاعر إنسان من طراز حسان بن ثابت‪.‬‬ ‫إذ المطلوب‪ ،‬تعر تأويلي كامل إزاء النص "الحساني"‪ ،‬كضرب من مغالبة‬ ‫لقشيب المعالجات التي تدور في فلك اإلسفاف السيري ‪،‬مثلما تقبض على‬ ‫قشور منجز شاعر الرسول‪ ،‬دون أن تساءل متونه العرفانية وتحفر في‬ ‫الظالل منقبة عن دوال االنتماء للرسالة السماوية الخاتمة‪.‬‬ ‫عند هذه الهامة العارفة‪ ،‬تكتسي القصيدة عنفوا نين‪ :‬مروءة الجاهلية و نعمة‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وهي ظاهرة يمكن معالجتها في الحدود المفاهيمية المنجذبة إلى‬ ‫عوالم تفجرها جدلية العمر والعمر المضاف‪ ،‬بحيث تخضرم حسان مشطور‬ ‫إلى تساو‪ ،‬كما هو معروف ومنقول عن غالبية الدارسين والمهتمين‪ ،‬نصف‬ ‫ممتد في الحقبة الجاهلية مسكوكة إبداعيا بصوالت االنتساب إلى المناخ‬ ‫الغساني في المطلق‪ ،‬ذودا على هذا النسل‪ ،‬إن مدحا أو هجاء‪ ،‬بينما الثاني‪،‬‬ ‫متجل في مرحلة اعتناق اإلسالم كرسالة عالمية‪ ،‬شذبت إلى حد كبير شعر‬

‫‪11‬‬


‫حسان بن ثابت ‪ ،‬ومنحته عفوية االنسيابية والسالسة وعمق الرؤى‬ ‫وحضارية المفردة‪ ،‬عوضا عن توجهها القبلي المغرق في األعرابية‬ ‫والتضخيم والصياغة القوية‪.‬‬ ‫تحول على مستوى النفسية هو من هبات العمر المضاف‪ ،‬مجريا معه انتقالية‬ ‫جذرية في النص والقول الشعري‪ ،‬حاسمة الرسالة اإلبداعية لصالح الدعوة‬ ‫المحمدية الشريفة‪ ،‬ومتسربلة بخطاب الحماسة وفروسية اللسان تحت راية‬ ‫نبي هللا محمد صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫وثبة كالمية خولت للذات اإلبداعية ارتقاء سلم البالغي واالستعاري‬ ‫والجمالي المبطن بالحكم ‪،‬فاتحة النص على نيوكالسيكية‪ ،‬آخذة بجوارح‬ ‫التلقي ‪ ،‬إلى مسرح المالحم المنتصرة باهلل لرسوله و ألمة الدين هذا الجديد‪،‬‬ ‫مولدة في قلوب الكفار الرعب والهلع الهيستيري‪ ،‬من كلمة الحق" ُمشعرنة"‬ ‫قولبة في ال وعي مبدع خبر بحبوحة ديوان العرب ‪ ،‬فسافر في شتى‬ ‫و ُم ْ‬ ‫اتجاهاتها‪ ،‬مغدقة عليه نعمة اإلسالم‪ ،‬بميكانيزمات القول المؤيد بروح‬ ‫القدس‪.‬‬ ‫مناهضة الرسائل السماوية جميعها ‪ ،‬لألوثان‪ ،‬أولوية‪ ،‬كونها المغذي‬ ‫الرئيسي لزيغ الكائن البشري عن الفطرة السليمة‪ ،‬وتلقف سبل التيه و دجى‬ ‫الضالل ‪،‬له‪،‬من ثم جاء تناول شاعر الرسول لها‪ ،‬استثنائيا ‪ ،‬لنتأمل األبيات‬ ‫المختارة التالية‪:‬‬

‫نيب أتانا بعد يأس وفرتة من الرّسل‬ ‫واألوثان يف األرض تُعبدُ‬ ‫فأمسى سراجا مستنريا وهاديـــــا‬ ‫يلوح كما الح الصقيلُ املهنّدُ‬ ‫‪12‬‬


‫وأنذرنا نارا وبشّر جنَّــــــــــــــــة‬ ‫وعلّمنا اإلسالم ‪ ،‬فاهللَ حنمـــــــدُ‬ ‫وأنت إله اخللق ربي وخــــــــالقي‬ ‫بذلك ما عمّرتُ يف الناس أشهـــدُ‬ ‫إنتقال روحي‪ ،‬وانشراح وتفتح ذهني عاشه شاعرنا فور دخوله اإلسالم‪،‬‬ ‫ولم يكن ثمة بد من انعكاسه إيجابا على القصيدة التي كفت بدورها عن شتى‬ ‫مناحي التطبيع مع العهد الجاهلي الضاغط بقسوته وغيه على إنسانية الخلق‪،‬‬ ‫والمحاصر للمنظومة القيمية المكللة بمعطى الحرية ‪،‬الخانق له بطقوسيات‬ ‫وثنية تجعل من الذات وأمجادها ‪،‬قربانا للنهج االسترزاقي‪ ،‬ووأد الملة و‬ ‫الحنيفية والجبلة السليمة في حياة الترف والعربدة والمجون‪ ،‬ذلك هو العمر‬ ‫المنقوص الناهض على ميتافيزيقيا االنقراض والخراب الروحي ‪،‬لصالح‬ ‫شهوانيات وماديات وحطاميات الحياة الفانية‪.‬‬ ‫وقد تمثلت شلة الغساسنة المحتكرة لمنجز أبي الوليد‪ ،‬الشعري‪ ،‬في شق‬ ‫المدح‪،‬وانكفأت على صنعة وتكلف ترجمته الجزالة وقوة الصياغة مع طغيان‬ ‫النعوت الحوشية على الشعرية‪،‬وكله تم إرضاء لآلنا التكسبية‪.‬‬ ‫هؤالء النفر أبرزهم‪،‬جبلة ابن األيهم و عمرو الرابع والنعمان‪.‬‬ ‫فلنتملى االقتباسات أسفله‪:‬‬

‫يسقون من ورد الربيص عليهم‬ ‫بردى يصفّق بالرّحيق السّلل‬ ‫‪13‬‬


‫بيض الوجوه كرمية أحساهبم‬ ‫شمّ األنــــوف من الطّراز األول‬ ‫‪..................‬‬ ‫عفت ذات األصابــــــــــــع فاجلــــــواء‬ ‫إىل عذراء منزهلــــــــــــــــــــا خالء‬ ‫ديار من بين احلسحاس قفـــــــــــــــــــر‬ ‫تعفيها الروامس والسمــــــــــــــــــــاء‬ ‫وكانت ال يزال هبــــــــــــــــــــــــــــا أنس‬ ‫خالل مروجها نعم وشـــــــــــــــاء‬ ‫‪............................‬‬ ‫إنّي حلفتُ ميينا غري كــــــــاذبةٍ‬ ‫لو كان للحارث اجلفينِّ أصحـــــــابُ‬ ‫‪14‬‬


‫من جذم حسّان مُسرتخ محائلهم‬ ‫ال يغبقون من املغزى‪ ،‬إذا آبـــــــــوا‬ ‫وال يذادون حممرّا عيوهنـــــــــــم‬ ‫إذا حتضّر عند املاجد البـــــــــابُ‬ ‫‪.....................‬‬ ‫وغبنا فلم تشهد بـــــــــبطاح مكة‬ ‫رجال بين كعب حتزّ رقــــــــــــــــاهبا‬ ‫بأيدي رجال مل يسلّوا سيوفهـــــم‬ ‫حبقّ ‪،‬وقتلى مل جتنّ ثيابــــــــــــــــها‬ ‫فيا ليت شعري‪ '.‬هل تنالنّ نصرتي‬ ‫سهيل بن عمرو‪ ،‬وخزها وعقابـــــها‬ ‫‪...........................‬‬ ‫‪15‬‬


‫تطاول باجلمان ليلى فلم تكــــــــــن‬ ‫هتمّ هوادي جنمه أن تصوّبـــــــــــــــــــــا‬ ‫أبيت أراعيها كأنّي موكــــــــــــــل‬ ‫هبا ال أريد النوم حتّى تغيّبـــــــــــــــــــــا‬ ‫إذا غار منها كوكب بعد كوكـــب‬ ‫تراقب عيين آخر الليل كـــــــــــــــوكبــــا‬ ‫غوائر ترتى من جنوم ختاهلــــــا‬ ‫مع الصبح تتلوها زاحف لغّبـــــــــــــــــا‬ ‫أخاف مفاجأة الفراق ببغتـــــــة‬ ‫وصرف النوى من أن تشتّ وتشعبا‬ ‫وأيقنت ملا قوض احليّ خيمهــــــم‬ ‫بروعات بني ترتك الرّأس أشيبــــــــــا‬ ‫‪16‬‬


‫مدح هنا‪ ،‬مقابل هجاء هناك ‪،‬يلون سماء األوس بأحرف من نار ‪،‬تتشكل‬ ‫كرات جحيمة ملتهمة للكبرياء والسمعة واألعراض‪ ،‬بحكم تشبعها وتشربها‬ ‫للمعتقد القبَلي ونعرة المنبت واألصل وحس جذور الوالدة‪ ،‬وجملة القوانين‬ ‫الوضعية التي تهيمن بشكل شبه مطلق على توجه الفعل اإلبداعي‪ ،‬وتغدو‬ ‫بمثابة روح القصيدة التي ال غنى عنها في كل المناسبات‪ ،‬والسالح األشد‬ ‫مضاضة على األعادي واألبلغ فتكا بنفسياتهم عبر بث بوادر االنهزامية‬ ‫وحمي الوطيس وسقي السيوف‬ ‫واالنهيار في سراديبها‪ ،‬قبل نشوب الوغى‬ ‫ْ‬ ‫دما قد تجني عليه في الغالب سلطة أو فلسفة الثأر وق ْهريته ‪.‬‬ ‫لكنه تحول نوراني ذاك الذي تشرف به حسان ابن ثابت‪ ،‬من خالل ما أصر‬ ‫على نعته بالعمر المضاف ‪،‬والذي قلب سيرة هذا الفطحل المخضرم‪ ،‬رأسا‬ ‫على عقب‪ ،‬نحو المثالية وأضرب الكمال بالطبع‪ ،‬حياة وشعرا‪ ،‬وجب‬ ‫وعود إلى الرشد حميد‪،‬‬ ‫ماضوية مترهلة باألخطاء‪ ،‬كاشفا عن توبة حقيقية‬ ‫ْ‬ ‫ت ُ ُرن َم به على أغصان القصيدة الملتزمة بتيماتها القدحية الموجهة صوب آل‬ ‫الكفر والشرك والنفاق والردة‪ ،‬ومنغرسة في غطرسة صدورهم المتعامية‬ ‫عن الحق ونور الرسالة المحمدية الشريفة‪ ،‬والمتوغلة في عنادهم‬ ‫وإصرارهم على اعتكاف محراب تقليد وثنية األجداد واألولين في التلطخ‬ ‫بمستنقعات العار والغي والضالل‪.‬‬

‫حممد املبعوث للناس رمحــــــــــــة‬ ‫يشيد ما أوهى الظالل ويصلح‬ ‫لئن سبحت صمّ اجلبال جميبــــــة‬ ‫لداوود أو الن احلديد املصــــــــفّحِ‬ ‫فإن الصخور الصمّ النت بكفّــــــــه‬ ‫‪17‬‬


‫وإنّ احلصى يف كفّه ليسبّــــــــــــــــــح‬ ‫‪.................................‬‬ ‫ما نقمتم من ثياب خــــــــــــــلفة‬ ‫وعبيد‪ ،‬وإماء‪ ،‬وذهــــــــــــــــــــــــب‬ ‫قلتم بدّل‪ ،‬فقد بدّلـــــــــــــــــــكم‬ ‫سنة حرّى وحربا كـــــــــــــــاللهــــــب‬ ‫إن متس دار بن أروى منه خالية‬ ‫باب صرع وباب خمرق‪ ،‬خـــــــــــــرب‬ ‫فقد يصادف باغي اخلري حاجتهُ‬ ‫فيها ويأوي إليها الذكر واحلـــــــــــــــسب‬ ‫يا أيها الناس أبدوا ذات أنفسكم‬ ‫ال يستوي الصدق عند اهلل والكــــــذب‬ ‫‪18‬‬


‫‪........................‬‬ ‫صلى اهلل على الذين تتابعـــــــــــــوا‬ ‫يوم الرّجيع فأكرموا وأُثيبــــــــــــــــــوا‬ ‫رأس الكتيبة مرتدّ وأمريهـــــــــــــم‬ ‫زابنُ البكري أمامهم وخبيـــــــــــــــبُ‬ ‫وابن لطارق وابن دثنة فيهـــــــــــم‬ ‫وافاه ثمّ محامه املكتـــــــــــــــــــــوبُ‬ ‫‪.............................‬‬ ‫عرفت ديار زينب بالكتيـــــــــــب‬ ‫كخطّ الوحي يف الرّقّ القشيــــــــــب‬ ‫تعاورها الرياح وكــــــــل جنون‬ ‫من الومسيّ منهمـــــــــــــر سكــــــوبِ‬ ‫‪19‬‬


‫فأمسى رمسها خلــــقا وأمســـــــــــت‬ ‫يبابا بعد ساكنها احلبــــــــــــــيــــب‬ ‫هل رسم دارسة املقام‪ ،‬يبـــــــاب‬ ‫متكلّك ملســـــــــــــائل جبـــــــــــــواب‬ ‫لقد رأيتُ هبا احللول يزينهــــــــــــم‬ ‫بيض الوجوه ثواقب األحســـــــــــــــاب‬ ‫فدع الديار وذكر كل خريـــــــــدة‬ ‫بيضاء ‪ ،‬آنسة احلديث ‪ ،‬كعـــــــــــــــاب‬ ‫واشك اهلموم إىل اإلله وما تــــرى‬ ‫من معشر متآ لبني غضـــــــــــــــــــــاب‬ ‫أمّوا بغزوهم الرّسول وألّبـــــــوا‬ ‫أهل القرى‪ ،‬وبوادي األعـــــــــــــــــراب‬ ‫‪20‬‬


‫عن عائشة رضي هللا عنها أنها سمعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬‬ ‫" هجاهم حسان فشفى واشتفى"‪.‬‬ ‫وإذن‪ ...‬لترفل قصيدة شاعر الرسول في نورانية قالبة للمعادالت القبلية و‬ ‫للمنظومة المفاهيمية التي تربى عليه شعراء الجاهلية‪ ،‬لم يكن ثمة بد من‬ ‫غسيل دماغي ووجداني فاصل بين عمرين‪ ،‬عمر أول على حقيقته ‪،‬وامتداد‬ ‫له‪ ،‬هذا المضاف الرمزي الذي تعلمت منه الذات كما القصيدة‪ ،‬أبجديات‬ ‫التجربة المغايرة الجديدة المنكبة على محاوالت منح النص كريستاليته‬ ‫ونيوكالسيكيته‪ ،‬وطاعنة بلذة معان زئبقية غير مسبوقة ‪،‬ومقترحة في غالف‬ ‫عذريتها‪ ،‬فقط وحده الدين الجديد ‪،‬جاد بها‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪،‬‬ ‫مفردة الشهادة في حقولها الداللية الغضة النضرة والمتضوعة أريجا فردوسيا‬ ‫باعثا على غيبوبة مثملة للروح ‪،‬منصفة للجسد ‪ ،‬بعيد أشواط من انكسار تلك‬ ‫الذات وانحسارها وخندقتها في حيز القمع ومضايق الجلد‪.‬‬ ‫عوض الفوضى السارية قرونا والمفتية بشهوة الفتك والبطش وعبثية القتل‬ ‫فوبياا الثأر ألتفه األسباب‪ ،‬ولنا في حرب البسوس‪ ،‬أمر مثال‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫االستاذ ناطق خلوصي‬

‫الرقص على إيقاع الغياب‬ ‫أعترف بأنني لم أكن قد قرأت عمالا‬ ‫سرديا ا للروائي "عادل المعموري" قبل‬ ‫رواية " الرقص على إيقاع الغياب "‬ ‫التي‬

‫فاجأتني‬

‫بلغتها ومضمونها‬

‫وجرأتها في تناول موضوعة تنطوي‬ ‫على حساسية خاصة ‪ ،‬في زمن‬ ‫أحداثها الحقيقية بشكل خاص وكان االقتراب منها آنذاك ربما يقود إلى‬ ‫متاعب من نوع ال تؤتمن نتائجه ‪ .‬فهذه الموضوعة تجمع بين توظيف الجنس‬ ‫وإدانة الحرب على نحو مباشر ‪ ،‬والحرب المعنية هنا هي الحرب العراقية‬ ‫ــ اإليرانية التي يُفترض فيها أنها انتهت قبل ثالثين سنة ‪ ،‬لكن آثارها ما‬ ‫زالت قائمة حتى اآلن ‪.‬‬ ‫صدرت هذه الرواية عن " دار أمل الجديدة " في دمشق وتقع في ‪159‬‬ ‫صفحة من القطع المتوسط ‪ ،‬بستة عشر فصالا قصيرا ا ال تحمل أ رقامأ بل‬ ‫اسماء الشخصيات التي تتولى سرد أحداث الفصول ‪ ،‬وتتناوب شخصيتا‬

‫‪22‬‬


‫"جميلة " و" سالمة " عملية سرد الجزء األكبر من الفصول في حين تتولى‬ ‫شخصية " نبيل "عملية سرد ثالثة فصول هي أخطر فصول الرواية ‪.‬‬ ‫مكان األحداث محدود تماما ا ‪ :‬بيتان متجاوران في منطقة شعبية ‪ ،‬وهذا هو‬ ‫شأن عدد الشخصيات ‪ :‬في بيت جميلة نجدها مع أمها ولها أخ شهيد وآخر‬ ‫عسكري في قاطع الفاو أما األخ األصغر نبيل فهو هارب من الجيش بعد أن‬ ‫حاول انقاذ رفيق له جريح وكان على استعداد ألن يضحي بنفسه من أجل‬ ‫ذلك لكنه لم يستطع فظل شبح الشهيد يظهر أمامه فبقض مضجعه ‪ .‬في‬ ‫البيت المجاور زوج وزوجته ‪ :‬الزوج متقدم في السن قياسا ا بزوجته الشابة‬ ‫الجميلة بشكل كبير ‪ .‬تتمحور الرواية في جزء منها حول هموم المرأة‬ ‫العراقية ‪ .‬تتعرض كل من جميلة وسالمة إلى ضغوط كبيرة من أجل القبول‬ ‫بزوج مفروض عليها ‪ ،‬والفارق بينهما في الشكل كبير فجمال سالمة يقابله‬ ‫قبح جميلة ( ولنالحظ التناقض بينها شكالا وبين اسمها ) والزواج عندهما‬ ‫آل إلى الفشل ‪ .‬فحيث تزوجت جميلة من ابن خالتها بضغط من أمها ‪،‬‬ ‫استشهد زوجها في الحرب ‪ .‬أما سالمة التي كانت على عالقة حب جارف‬ ‫بزميلها في الجامعة لؤي فقد ألقي القبض عليه بسبب انتمائه إلى حزب‬ ‫مناوىء ‪ ،‬فاضطرت للزواج من جبار الذي ينتمي إلى حزب السلطة ‪ ،‬تحت‬ ‫ضغط تهديد زوجة أخيها التي اكتشفت عالقتها بلؤي‪ .‬كان زوجها يعاني من‬ ‫ضعف جنسي جعله عاجزا ا عن أداء واجبه ازاءها على السرير ‪ ،‬وكان‬ ‫من المنتظر أن تتمرد على واقعها وفي ظننا أن الروائي وظف العجز‬ ‫منحى جديدا ا‬ ‫الجنسي هنا بداللة خاصة ‪ ..‬لقد أخذ التجاور بين جميلة وسالمة‬ ‫ا‬ ‫وحدث أن سالمة كانت قد رأتت صورة نبيل معلقة على جدار غرفة االستقبال‬ ‫في بيتهم فصار في يقيننا تلك اللحظة أن ثمة عالقة محرمة البد من أن تنشأ‬ ‫بين سالمة ونبيل برعاية خفية من جميلة التي كانت توفر لهما ستار حماية‬ ‫وتتجسس عليهما في الوقت نفسه بسبب احباطها جنسيا ا ورغبتها في‬ ‫التعويض‪ .‬أما سالمة فقد تمادت في عالقتها بنبيل إلى الحد الذي جعلها‬ ‫ترضى بإيوائه في بيتها عندما سماعها بنبأ حملة مالحقة الهاربين ‪ ،‬محتمية‬

‫‪23‬‬


‫بكون زوجها عضوا في الحزب الحاكم لكن نبيل لم يحترس وانكشف‬ ‫وجوده في البيت ‪ .‬وكان واضحا ا أن سالمة كانت تتشهاه واستعدت نفسيا ا‬ ‫وجسديا ا الستقباله على السرير ولو كان الروائي قد أوصل الحدث إلى حد‬ ‫اللقاء الجسدي النهارت حبكة الرواية ‪ .‬كان واضحا ا أن الروائي أحسن‬ ‫اختيار لغة السرد لكنه كان عليه أن ينتبه إلى األغالط المطبعية واللغوية‬ ‫التي كان تالفيها ضروريا ا تماما ا ‪ ،‬دون أن ينتقص هذا من قيمة الرواية ‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫الكاتب محمود محمد سهيل الجبوري‬ ‫العراق ـــ بابل‬ ‫سورية بقعة مباركة حباها هللا من نعمه الشيء الكثير و الق متجدد على‬ ‫طول الدهر و واحة فواحة العطر نشم منها عبق الماضي التليد ‪ ،‬و هي‬ ‫خالصة تأريخ العالم ‪ ،‬في تل المريبط عثر على اقدم سكن بشري في العالم‬ ‫يعود الى األلف التاسعة قبل الميالد ‪ ،‬لها ماضي ضارب في عمق التأريخ‬ ‫بدأ من رأس شمرا (اوغاريت) ‪ 7500‬ق‪.‬م في الالذقية و هي اول ابجدية‬ ‫في العالم و مملكة ماري ‪ 3000‬ق‪.‬م في البو كمال و ايبال ( تل مرديخ)‬ ‫‪ 3000‬ق‪.‬م في ادلب ‪ ،‬من سورية انتشرت اللغة اآلرامية و استوطنها‬ ‫اآلراميين ‪ ،‬زنوبيا ملكة تدمر في زمن الغساسنة ‪ 150‬ق‪.‬م بسطت حكمها‬ ‫على آسيا الصغرى و بالد الرافدين و مصر و الشام ‪ ،‬عن القيمة الحضارية‬ ‫و التاريخية لسورية قال عالم اآلثار الفرنسي اندريه بارو ( لكل انسان‬ ‫متحضر وطنان وطنه األم و سورية ) ‪ ،‬دمشق حاضر سورية وماضيها‬ ‫تعني األرض المسقية ‪ ،‬وصفها الرحالة و المؤرخ ياقوت الحموي بقوله‬ ‫( ما وصفت الجنة بشيء اال و في دمشق مثله) ‪ ،‬وعلى انزه مكان فيها على‬ ‫سفح قاسيون يرقد آمنا (محيي الدين بن عربي) ‪ ،‬سورية صمدت في وجه‬ ‫الغازي (األسكندر المقدوني) و القياصرة (قسطنطين ) و(تبغران الكبير) ‪،‬‬ ‫مواقع التراث العالمي الثمانية عشر نشرت اطايبها على ثراها ‪ ،‬معبد (بعل‬ ‫شمين) و قالع صالح الدين األيوبي و ابواب دمشق القديمة مازالت شامخة‬ ‫و صامدة بوجه الريح السوداء ‪ ،‬باألمس انجبت فحول الشعراء (ابو تمام)‬

‫‪25‬‬


‫و( البحتري) و ارضعت الفالسفة (ابو العالءالمعري) ‪ ،‬خرجت رجال اشداء‬ ‫و نساء صنعن التاريخ باتوا رموز للوطن و مشاعل في طريق المجد كشيخ‬ ‫المجاهدين و بطل سورية القومي السلطان باشا األطرش (‪ 1888‬ـــ ‪)1982‬‬ ‫الذي قاد الثورة السورية الكبرى و الثائر الشيخ (صالح العلي) و الثائرة‬ ‫(نازك العابد) ‪ ،‬الموروث الديني لها يحدثنا بأن انطاكية كانت مهد المجتمع‬ ‫المسيحي في القرن األول و من دمشق بدأ بولص الرسول رحلة األيمان و‬ ‫اصبحت سورية مرجعية للطائفة اآلرثو ذوكسية المسيحية ‪ ،‬دعاة النهضة‬ ‫العربية و قادة التنوير كانوا سوريين بإمتياز منذ عبد الرحمن الكواكبي‬ ‫(‪1849‬ــــ ‪ )1902‬المصلح والمفكر و بطرس البستاني المنفتح على األسالم‬ ‫و ساطع الحصري ( ‪1880‬ـــ ‪ )19689‬المفكر و فرح انطون ‪،‬ثقافيا كانت‬ ‫سورية و مازالت مرضعة للثقافة و األدب والفن ‪ ،‬باكورة منجزها الثقافي‬ ‫هي الصالونات األدبية كصالون مريانا مراش (‪1849‬ـــ ‪ )1919‬و صالون‬ ‫(اليس قندلفت) عام ‪ 1942‬الذي انطلقت منه الحركات واألحزاب ‪( ،‬ابو‬ ‫خليل القباني) اسس اول مسرح ‪ ، 1871‬و (مارون النقاش) افتتح مسرح‬ ‫صغير في بيته في وقت مبكر ‪ ،‬السينما في سورية ابصرت النور ‪ 1927‬و‬ ‫اول مهرجان سينمائي في الوطن العربي اقيم على ارضها ‪، ،1956‬اليوم‬ ‫نعرف بفخر (محمد الماغوط)و(ادونيس) و (بدوي الجبل) و(نزار القباني)‬ ‫ونمر مر الكرام على (حسني الزعيم)و(سامي الحناوي)‬ ‫و(اديب الشيشكلي ) ‪ ،‬تفردت (اسمهان) آمال فهد األطرش(‪1917‬ـــ‬ ‫‪ )1944‬بصوتها الجميل و تغنت (ميادة الحناوي) بسورية و مجدها و انشدت‬ ‫للجواهري قصيدة (جبهة المجد) ‪ ،‬الهمت الشعراء العرب الكبار كالشاعر‬ ‫العراقي (محمد مهدي الجواهري) الذي اشاد بسورية في ابياته التي غدت‬ ‫انشودة وطنية يرددها السوريين اليوم و الشاعرالعراقي (عبد الرزاق عبد‬ ‫الواحد) الذي كتب قصيدة (شكرا دمشق) ‪ ،‬تتوجت دمشق ‪ 2008‬كعاصمة‬ ‫الثقافة العربية الكرامة والصمود وجهان لعملة واحدة تمثلت في سورية قلعة‬ ‫النضال و جبهة المجد و شجرة باسقة روتها دماء الشهداء ‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫د‪ .‬احمد جار هللا‬ ‫اعزائي الرجال التسخروا من كتب فن الطبخ ومنال العالم ‪..‬فكروشكم‬ ‫المهيبة الرهيبة في مجالسكم العشائرية امام مناسف الثريد وسيلفياتكم‬ ‫الساخنة في المطاعم وانتم تعلسون الخبز والكباب‪ ..‬ماكانت لتظهر وتنال‬ ‫االعجاب ‪..‬لوال حرصكم على هوس الطعام والشراب ‪..‬‬ ‫وهللا يساعد المكرودات اللي بالمطبخ يركضن ويتعبن وياكم وتاليها العشا‬ ‫خباز…حسرة عليهن تذكروهن ولو بدب‪ .‬احمر صغير في عيد الحب ‪..‬واذا‬ ‫تكلمن فالتهديد يجيهم بزوجة ثانية ‪..‬‬ ‫وطيح هللا حظها الثانية اللي تشوف كروشكم المكورة كالدببة وترضى‬ ‫بيكم…‬ ‫والبو يوفنتوس…‬ ‫************‬ ‫نسخة منه الى‪:‬‬ ‫كل النسوان المعتقالت في المطابخ‪..‬‬ ‫كل وحدة ثانية تفكر بخطف الرجل من االولى‪.‬‬ ‫مطعم خالد ابو الكص ود‪ .‬بكر خورشيد‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫حسام الطحان‬

‫كان االنسان العراقي في سبعينيات القرن الماضي في اوج رفاهيته إذ كان‬ ‫دخل الفرد العراقي من اعلى المداخيل في المنطقة العربية وربما في العالم‬ ‫ايضا ‪ ،‬لذا كان العراقي يملك ما يكفيه من الوقت والثراء ليستمع الى ما‬ ‫يعجبه ويمتع به اذنيه ‪ ،‬ولما كان عبدالحليم حافظ حينذاك نجما ال ينافسه احد‬ ‫فلم يتوان احد عن حفظ معظم اغانيه إن لم نقل كلها ولعل من ابرز ما بقي‬ ‫في ذاكرة ذلك الجيل اغنية ( حاجة غريبة )التي تغنى بها عبدالحليم حافظ‬ ‫بجميلة الشاشة انذاك شادية ‪ ،‬اما اليوم وفي العقد الثاني من القرن الجديد‬ ‫سحل العراقي اقتصاديا لم يعد يملك الوقت لالستمتاع باالغاني‬ ‫وبعد ان ُ‬ ‫الرومانسية الحالمة ولم تعد اذناه تستمتعان بها ‪ ،‬وصار بدالا من ذلك يستمتع‬ ‫بأي صوت يناسب جيبه المتهالك حتى وجد ضالته في باب الطوب‬ ‫وارصفتها االسطورية ولم يهتم العراقي بنشاز االصوات المتداخلة بقدر‬ ‫اهتمامه بالبحث عما يناسب جيبه ومن هنا بدأت اسطورة‬ ‫ال ( حاجة بربع )‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫د‪ .‬وليد جاسم الزبيدي‬ ‫العراق‬

‫‪29‬‬


30


‫د‪ .‬عفيل عالء الدين درويش‬

‫‪31‬‬


32


‫نرجس عمران‬ ‫سوريا‬

‫‪33‬‬


‫اسماعيل خوشناو‬ ‫صصي‬ ‫سأَكتب قِ َ‬ ‫وأَروي ألَجيال حكاياتي‬

‫رض‬ ‫وأ َ ْق ِصف بِقا َ‬ ‫ع األ َ ِ‬ ‫السماء‬ ‫رش‬ ‫ِ‬ ‫وفَ َ‬

‫عنق ك ِل نَجم‬ ‫في‬ ‫ِ‬

‫البحار‬ ‫واعماقَ‬ ‫ِ‬

‫سلة‬ ‫سل ِ‬ ‫علقت ِ‬

‫ِبورو ِد كلماتي‬ ‫وال أَب َخل‬

‫س ِحر ريشَتي‬ ‫ا َ‬ ‫لوان قَصائِدي‬ ‫بأ َ ِ‬

‫س ْردي‬ ‫واهر َ‬ ‫حتى بِ َج ِ‬

‫ِمن رواياتي‬

‫وبقي ِة كلماتي‬

‫وأَرسم لوحات‬

‫العنوان واحد‬ ‫هي أَصبَحتْ حياتي‬

‫در َ‬ ‫سماء‬ ‫ان‬ ‫ِ‬ ‫ج َ‬

‫وتَراتي َل حكاياتي‬

‫وأ َزر ِكش ِبها‬ ‫نَوادِر غالياتي‬

‫‪34‬‬


‫للقاص عبد الكريم الساعدي‬ ‫البصرة ‪1986 -‬‬ ‫كي ال ننسى تلك الحرب اللعينة التي سرقت زهرة شبابنا وأعز األحبة‪،‬‬ ‫وأسست لكل الخراب الذي عشناه والذي نعيشه اآلن ( الحرب العراقية‬ ‫اإليرانية )‪ ...‬أعيد نشر ما كتبت من قصص في تلك األيام والمعبرة عن‬ ‫حجم األلم والمآسي والدمار‪.‬‬

‫*******‬ ‫كانت الحشود قوافل مسافرة نحو الجنوب‪ ،‬نحو الموت والخراب‪ ،‬تستجدي‬ ‫من الدروب رائحة بقاياها في ظل دموع خرساء‪ ،‬مختنقة بالخنوع‬ ‫والحرمان‪ ،‬يطل منها جفاف الزمن المسجى في ظل الحرب وأصداء اليأس‪،‬‬ ‫قوافل من التوابيت‪ ،‬جحافل من النساء الملتفة بعباءات الدموع والعويل‬ ‫والفزع‪ ،‬جنود يحلمون باألياب‪ .‬كانت األيام والليالي جراحا ا نازفة بعصف‬ ‫اآلهات‪ ،‬تلثم شفاه الكون بالصراخ‪ ،‬باحثة عن وجه هللا في كونها المنسي في‬ ‫منعطف النيران والموت اليومي‪ ،‬عند منعطف المقابر المختنقة برفات‬ ‫القتلى‪ ،‬قتلى تبحث في الظالم عن بقايا كفن‪ ،‬لعله يغطي بعض عوراتها‪.‬‬ ‫كنت أنا وأمي‪ ،‬نلوذ بدمنا المحترق شوقا ا لرؤية وجه أخي الذي عصفت به‬ ‫األيام في دائرة المحنة‪ ،‬وهو لما يزل في مقتبل أحالمه البريئة‪ .‬كان مساء‬ ‫(الفاو)* غائما ا ينقر قلوبنا بالرعب‪ ،‬ومساء وجه أمي مشرقا ا بأمل أن تلقاه‪:‬‬

‫‪35‬‬


‫التخش شيئاا‪ ،‬سنلتقيه‪ ،‬أنا أعلم أن الموت اليحز رقبة الورد‪،‬علي بستان‬ ‫‬‫َ‬ ‫ورد‪.‬‬

‫هكذا قالت لي أمي‪ .‬كانت شعلة من الكبرياء‪ ،‬وأنا بقايا رماد‪ ،‬أرغب أن أغفو‬ ‫على مالمحه البريئة في ظل دموع أخفيتها خلف جدار الوجل‪ .‬ولما اقتربنا‬ ‫من خلفيات وحدته العسكرية عند أطراف المدينة‪ ،‬تركت أمي خلف األسالك‬ ‫الشائكة‪ ،‬مفترشة تباريح قلبها‪ ،‬مبللة ريق الكون بما تبقى من أمل‪ .‬خلع‬ ‫المساء برقعه‪ ،‬لبس وجه الرعب المدجج بالعتمة والتيه في احتماالت‬ ‫الفجيعة‪ .‬كان الضابط برتبة عقيد‪ ،‬كرهته حين نهشتني مخالب عينيه بالموت‬ ‫قبل أن يمد يده بالسالم‪:‬‬ ‫ ما اسم أخيك؟‬‫ علي‪...‬‬‫صاح على أحد الجنود ومالمحه يعتريها االنزعاج‪:‬‬ ‫أعطني قائمة أسماء الشهداء‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫جفلت وطافت بي دهشة مطوقة بحجب خفية على صمت سجالت الموت‪،‬‬ ‫سطور تجهش بأسماء غابت في صمت إلى األبد‪ ،‬كان دمي مشنوقا ا‬ ‫باالرتجاف‪ ،‬يرتج بحرارة القهر مثل عصفور صغير بيد طفل‪ ،‬كنت أرقب‬ ‫عينيه عن كثب‪ ،‬تقلب صفحات الماضي‪ ،‬تجتاز الخطوط‪ ،‬خطوط الموت‬ ‫التي لعقت خفقات القلب بقسوة‪ ،‬وأنا معلق في قبضة عينين تهزءان بأنفاسي‬ ‫الالهثة بأطياف الحنين وأصداء الذكريات‪ ،‬أخشى أن تفتح لي جرحا ا في‬ ‫خاصرة العشق‪ ،‬ومما زاد ارتباكي أنه كان يفاجئني كل لحظة وعيناه تقفان‬ ‫عند اسم علي‪ ،‬كنت كنصف ميت‪ ،‬أذوق مر الهوان‪:‬‬ ‫ ما اسم أبيه؟‬‫‪................ -‬‬

‫كنت أطوف حول مالمحي المختبئة بين السطور بخشوع ناسك‪ ،‬كان يشبهني‬ ‫تماما ا‪ .‬مرت ثوان بعمر الكون‪ ،‬وأنا أرتل في المدى دعاء له نبض خوفي‬ ‫وضعفي وأنين األمهات‪ ،‬عيناي تدوران بين األسماء المرثية وبين ظل أمي‬ ‫القابعة خلف أسالك المنايا‪ ،‬إنها مسافة شهقة موت أو حياة‪ ،‬مسافة ثماني‬

‫‪37‬‬


‫سنوات رعب‪ ،‬متشحة بسواد القهر والحزن والتالشي‪ ،‬تدور في قبضة‬ ‫الموت‪ .‬ولما انغلق فضاء المجهول وختم على قلقي بالشمع‪ ،‬تحررت من‬ ‫أسر كابوس العزاء‪ ،‬هرعت إلى أمي ملوحا ا لها عن بعد بضوء أمل لعلها‬ ‫تستظل به‪ ،‬كانت فَرحة ألنه لم يمت‪:‬‬ ‫ ألم أقل لك أن الموت ال يقدر أن يحز رقبة الورد؟ أريد أن أراه‪.‬‬‫ومضيت وحدي في سيارة األرزاق إلى وحدته على أمل أن تراه أمي ولو‬ ‫لدقائق‪ ،‬مضيت والطريق إليه كما حدقة الموت‪ ،‬يغمزنا بجنائز تترى‪ ،‬تتقافز‬ ‫األشالء منها‪ ،‬أشالء افترستها شهوات جنراالت الموت البلهاء‪ ،‬كانت الحرب‬ ‫تنطلق من خلف غرائز الصمت‪ ،‬فتفر األجساد ويبقى الصدى معلقا ا بغيمة‪،‬‬ ‫يترجل منها دوي القذائف وأزيز الرصاص‪ ،‬ينخلع من ظلها صراخ وبقايا‬ ‫رماد‪ ،‬مختلطا ا بدخان يترقرق بدم يهذي بأحالم تحتمي بألمها‪ .‬كان الطريق‬ ‫يلتهم بعض أنفاسي كلما توغلت في مسافات الموت‪ ،‬مسافات بال أزمنة‪،‬‬ ‫تزدحم بالغموض‪ ،‬بالغضب في ظل عبوات ناسفة‪ ،‬وضجيج المجنزرات‬ ‫وأمطار القذائف وبقايا شظايا‪ ،‬والفضاء مشتعل باألرق والنسيان وظمأ‬ ‫الغزاة‪ .‬كان الطريق ضريرا ا قبل آخر خطوة ونحن قاب الموت أو أدنى‪،‬‬ ‫الجندي الذي رافقني يحلم بموته في تمام صمت مضيء عند خليج السأم‬ ‫واألوهام‪ ،‬يلتمس خطوات أقرب إلى الجري‪ ،‬أدركت أننا نسير بال ظل‪،‬‬ ‫تقتفي خطواتنا مساحة شاسعة من المخاوف‪ ،‬وأن األرض تأخذ شكل‬ ‫الخنادق‪ ،‬والسماء تحمل أدمعنا‪ ،‬وظالل وجه أمي الذي ترك زيف المكان‬ ‫وجاء يسعى مرتعشا ا في رحلة اإلسراء‪ ،‬حامالا دفء أحضان األمس‪ .‬لمحت‬ ‫عن بعد ظالل جنود‪ ،‬لوثت وجوههم سنين الدمار والخراب‪ ،‬كانوا كالموتى‬ ‫يحملون بقايا تعب دفين‪ ،‬تجمعهم حزمة من الجراح وباقة من طيوف األسى‪،‬‬ ‫صودرت فيه‬ ‫يصطفون خلف جنائزهم في زمن ب ْي َع فيه الماء والنخل‪ ،‬و ُ‬ ‫خالخيل األمهات‪ ،‬جدائل الصبايا‪ ،‬ورغيف الخبز‪ ،‬زمن زرع وجه صباحاتنا‬ ‫جرحا ا وسط ضجيج األناشيد وصهيل موائد العهر‪ .‬كان علي أن أقتفي أثره‪،‬‬ ‫أرقب أخباره وأنا أرسمه حلما ا على قيد الحياة‪ ،‬ألقي السؤال بعد اآلخر في‬ ‫موقد الفراغ‪ ،‬لعله يزهر فرحا ا‪ .‬كانت الخطى رثة طاعنة بالتعثر‪ ،‬والموت‬ ‫ملقى بين خنادق صلبت على جدرانها أحالم الطفولة‪ .‬أرخيت جفن العين‪،‬‬ ‫أطلقت في المدى وجه أمي‪ ،‬كان النور خافتا ا يسطع ويغيب بين خوافي‬

‫‪38‬‬


‫الريح‪ ،‬أخذ قلبي يرتجف بقسوة‪ ،‬وأنا ألمح شخصا ا ما‪ ،‬قادما ا نحوي‪ ،‬له‬ ‫مالمحي‪ ،‬فبرزت عيناه من تحت السكون ملوحا ا بـ(بيريته ) السوداء كطيف‬ ‫موشى بالحنين‪ ،‬يتلو سيرة الخراب‪ ،‬تعانقنا عن بعد وخطواتنا لما تزل تحتل‬ ‫مواقعها‪ ،‬والشوق محنى بالدمع‪ ،‬كان العناق مكتظا ا باللوعة ومرايا الذكرى‪،‬‬ ‫تالشينا وسط ينابيع العطش‪ ،‬ونحن نكتم دموعنا في سعة من الحضور‪:‬‬ ‫تأخرت كثيرا ا‪.‬‬ ‫ لقد‬‫َ‬ ‫ نعم تأخرتُ كثيرا ا‪...‬‬‫حينها لم يكن للدمع محل‪ ،‬وأدركت أن قلب أمي لم تخ ْنه النظرة‪.‬‬

‫‪39‬‬


40


41


‫ناصر إبراهيم‬ ‫‪42‬‬


‫العنوان األصلي (بالرموز الهيروغليفية) ‪:‬‬ ‫المؤلف ‪ :‬مجهول‬ ‫اعداد ‪ :‬قاسم الغراوي‬ ‫جد علماء اآلثار مجموعة من التعاويذ الجنائزية والتى كانت معظمها تعاويذ‬ ‫سحريه كتبت على ورق البردى كان قدماء المصريين يضعونها فى مقابرهم‬ ‫مع المتوفى فاطلق علماء االثار على هذه التعاويذ أسم كتاب الموتى ولكن‬ ‫أسمه الذى أطلقه قدماء المصريين عليه هو " الخروج فى ضوء النهار "‬ ‫والغرض األساسى الذى كان قدماء المصريين يضعون هذه التعاويذ هى‬ ‫إرشاد روح المتوفى فى رحلته فى العالم أالخر ‪.‬‬ ‫ويتكون كتاب الموتى من ‪ 200‬فصل‪ ، ،‬ويصف الكتاب األماكن المختلفه‬ ‫التى تعبرها روح المتوفى‪ ،‬وكذلك المواقف والكالم الذى يقال لحرس‬ ‫األبواب‪ ،‬وصيغ إبطال شر أعداء الضياء والنور ‪ ،‬وكان على المتوفى أن‬ ‫يتلو وردا يتخذ فيه شخصية أى إله كحامى له ‪ ،‬ليكتسب صفاته‪ ،‬ألنه كان‬ ‫يخاف من األرواح الشريره أن تأخذ فمه فال يستطيع التحدث مع اآللهه ‪ ،‬أو‬ ‫أن تسلب منه قلب ه‪ ،‬أو أن تقطع رأسه ‪ ،‬أو أن تجعله يضل طريقه ‪ ،‬لذلك‬ ‫كان عليه تالوة هذه األوراد أو التعاويذ لتساعده فى اتقاء شر األفاعى‬ ‫والذبابات الهائله وكل أنواع المساوئ التى تسعى الهالكه فى العالم اآلخر‪،‬‬

‫‪43‬‬


‫وذلك حتى يستطيع أن يصل إلى األبواب التى ستوصله إلى الحياه مره‬ ‫أخرى فى العالم اآلخر‪.‬‬ ‫ومن أشهر فصول كتاب المتوفى ‪ ،‬الفصل السابع عشر ‪ ،‬والفصل ‪125‬‬ ‫والذى يمثل محاكمة المتوفى فى العالم اآلخر ‪ ،‬حيث يمثل اإلله أزوريس‬ ‫ومعه ‪ 42‬قاضى ومجموعه من اآللهه وهم يقمون بوزن قلب المتوفى‬ ‫لمحاسبته على أعماله المتوفى يقوم بذكر األعمال الخيره التى قام بها ‪.‬‬ ‫وكان نساخ قدماء المصريين ينسخونها على أوراق البردى ويزيدون عليها‬ ‫بعض الرسوم الملونة ‪ ،‬وقد عثر على نسخ كثيرة جدا ا فى القبور التى أكتشفها‬ ‫علماء اآلثار المصرية ‪ ،‬وكان العالم األلمانى ليسيوس هو اول من ترجم‬ ‫كتاب الموتى ونشر ترجمته سنة ‪1842‬م‬

‫‪44‬‬


‫حوار مروة حسن الجبوري‬ ‫كاتبة متميزة في عصرها لحرفها صدى ولحضورها بريق خاص‪ ،‬كبيرة‬ ‫في العمل ‪ ،‬أهدافها التي ترسخ لقيم ومبادئ راقية تعبر عن قضايا المرأة‬ ‫ومشاكلها داخل مجتمعنا العراقي‪ ،‬أبدعت في كتابة القصص والنصوص‬ ‫المسرحية التي جذبت االنظار ليها‪ ،‬فكانت انموذجا‪.‬‬ ‫سيدة لها الكثير من االعمال االدبية والفنون الكتابية األخرى‪ ،‬حوار شيق‬ ‫يجمعنا مع السيدة أمال الفتالوي في سطور المقدمة ‪.‬‬ ‫ من هي امال الفتالوي ؟‬‫‪ -‬امال كاظم عبد كزار الفتالوي ‪ /‬مواليد بغداد ‪1973‬‬‫كاتبة وصحفية‪.‬‬ ‫عضو في نقابة الصحفيين العراقيين‪.‬‬ ‫بدأت العمل الصحفي في سنة ‪ 2007‬كمحررة في مجلة رياض الزهراء‬ ‫الصادرة عن المكتبة النسوية في العتبة العباسية المقدسة‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 2010‬تم ترقيتي الى مدير تحرير‪.‬‬ ‫نشرت في صحيفة صدى الروضتين ونشرتي الكفيل والخميس وفي مجلة‬ ‫االحرار وجريدة الدستور‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫حصلت المركز الرابع في مسابقة القصص القصيرة للطفولة في مهرجان‬ ‫الحشد الشعبي االول‪.‬‬ ‫تنظيم المهرجانات والندوات‪.‬‬ ‫منسقة اعالمية‪.‬‬ ‫الكتب غير المطبوعة‪:‬‬ ‫كرامات االولياء غير المعصومين‪.‬‬ ‫خواطري (مجموعة خواطر)‬ ‫تائهات في الطريق (مجموعة قصصية)‬ ‫للخلود اهله (مجموعة قصصية خاصة بقصص الحشد الشعبي)‪.‬‬ ‫‪ -‬ومتى بدات عالقتك بالمسرح؟ ماهو اول نص مسرحي كان؟‬‫‪ -‬بدأت الكتابة للمسرح قبل وقت قصير كونها تجربة استهوتني كثيرا الن‬‫المسرح فن من الفنون المؤثرة جدا على الجمهور وعلى احتكاك مباشر معه‪،‬‬ ‫ومن السهل ان اوصل اهدافي من خالله بيسر وسهولة‪.‬‬ ‫اول نص مسرح كان بعنوان جمال الظالم والذي كان من اخراج (الوائلي‬ ‫ابو زينب) تم تقديمه بالتعاون مع جمعية السراج للمكفوفين‪.‬‬ ‫‪-‬كيف بدأت اكتشاف موهبة كتابة النصوص االدبية؟ وكيف قمت‬‫بتطويرها؟‬ ‫ موهبة الكتابة رافقتني منذ الصغر كوني كنت اهوى القراءة والمطالعة‬‫بشكل كبير وهذا كان له االثر االكبر في اظهار هذه الموهبة عندي‪ ،‬ركزت‬ ‫على قراءة القران ونهج البالغة وقرأت مؤلفات العقاد والمنفلوطي وكتب‬ ‫الروايات العالمية لمولفين عدة مثل ارنست همنغواي‪ ،‬اجاثا كريستي‪،‬‬ ‫دستوفسكي‪ ،‬شكسبير‪....‬الخ استفدت من تجارب هؤالء المؤلفين في كيفة‬ ‫تقديم الطرح الروائي عبر تصوير االحداث ذهنيا وتهيئة القارئ وتشويقه‬

‫‪46‬‬


‫لتكملة قراءة النص‪ ،‬اما القران الكريم ونهج البالغة فقد مكنني فتح افاق‬ ‫فكرية جمة وتمكنت من تقوية مفرداتي اللغوية واالحتفاظ برصيد كامل غني‬ ‫من هذه المفردات التي اضافت الى كتاباتي الرصانة والمتانة واللمسة‬ ‫االبداعية فضال عن الغوص في اعماق فكر االسالم واهل البيت عليهم السالم‬ ‫لتقديمه للمتلقي بطرائق جديدة تواكب تطور فكر العصر ومالمسة وجدان‬ ‫القارئ واستثمار الخزين العاطفي في الجمهور نحو اهل البيت عليهم السالم‬ ‫لنشر فكرهم ورؤاهم‪.‬‬ ‫‪ -‬ما هي اهم اعمالك االدبية التي حملت اسم امال الفتالوي وماهي االعمال‬‫التي ترينها اكثر تعبيرا عما يدور في داخلك؟‬ ‫كل نص كتبته كان يحمل بصمة خاصة في نفسي الني ادون نصوصي‬ ‫واقتبسها من التجارب الواقعية ومشاهداتي اليومية التي تصادفني‪ ،‬ولكن‬ ‫كانت تجربة (تائهات في الطريق) تجربة صادقة بكل معنى الكلمة والقت‬ ‫رواجا كبيرا في الشارع الكربالئي كونها المست بجرأة قضايا الشابات‬ ‫اللواتي تفاعلن مع هذه القصص التي كنت انشرها على شكل باب ثابت في‬ ‫مجلة رياض الزهراء (عليها السالم) وقد اتت ثمارها حينما قمنا بعمل‬ ‫استبيان خاص حول هذا الباب بالذات وكانت النتائج ان ‪ %70‬من القراء‬ ‫يستهويهم هذا الباب بالذات وليس هذا فحسب بل اكثر قراء هذا الباب هن‬ ‫من الفتيات اليافعات اللواتي تاثرن جدا بالنصوص واخذن العبرة من‬ ‫صاحبات القصص وابتعدن عن الهاوية التي اوقعت بطالت قصصي انفسهن‬ ‫فيها‪ ،‬القى (باب تائهات في الطريق) رواجا منقطع النظير على مستوى‬ ‫االعالم المقروء لدرجة ان قناة الفرات الفضائية طلبت مني النصوص‬ ‫وقدمتها كبرنامج اسبوعي وقد القى تفاعال كبيرا من المشاهدين‪.‬‬ ‫‪ -‬ماهي مشاريعك االدبية سواء في المسرح او في كتابة النص االدبي؟‬‫ قدمت عدد من المنجزات االدبية منها المقاالت المنشورة في االصدارت‬‫المقروءة وااللكترونية‪ ،‬وكذلك اكمال كتب‪:‬‬ ‫كرامات االولياء غير المعصومين‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫خواطري (مجموعة خواطر)‬ ‫تائهات في الطريق (مجموعة قصصية)‬ ‫للخلود اهله (مجموعة قصصية خاصة بقصص الحشد الشعبي)‪.‬‬ ‫مسرحية عن شريحة المكفوفين (جمال الظالم)‪.‬‬ ‫مسرحية عن السيدة خديجة عليها السالم‪.‬‬ ‫مسرحية عن ايتام الحشد بعنوان (ال يضيعوا بحضرتكم)‪.‬‬ ‫مسرحية عن ايتام مؤسسة العين (عين عليهم ومعهم)‬ ‫مسرحية (بين بائع وبائع) تتحدث عن بائع الكتب ومعاناته‪.‬‬ ‫مسرحية (فراشات عراقية) عن سن التكليف‬ ‫كل ما يكتبه الكاتب هو منجز ادبي سواء أكان قصة او مسرح ام شعر‬ ‫‪..‬الخ‪ ..‬ومادام مداد يراعه لم يجف فالمنجزات مستمرة‪.‬‬ ‫‪ -‬ايهما اقرب الى قلبك العمل المسرحي ام الكتابة االبداعية؟‬‫لكل نوع ادبي خصوصياته ومزاياه‪ ،‬ولكن بالتاكيد الكتابة االبداعية لها وقع‬ ‫على نفسي اكثر من الكتابة المسرحية على الرغم من حبي للكتابة المسرحية‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬كيف تجدين النقد في الرواية اليوم؟‬‫النقد عامل مهم واساسي في اثراء مسيرة االدب واالدباء لدرجة تصل الى‬ ‫تغيير مسارها في اي عصر من العصور‪ ،‬والنقد له اصوله واتجاهاته‬ ‫واساسياته فان خرج عنها اصبح المنجز االدبي في خطر‪ ،‬اما ما يخص النقد‬ ‫في وقتنا الحالي اعتقد ان النقد االنطباعي والنقد الموضوعي البناء ساهما‬ ‫في تنقية الذائقة االدبية وغربلة المنجز االدبي واحدثا حراكا اديبا على‬ ‫الساحة‪ ،‬واضرب لك مثال ماتناوله االستاذ االديب الكبير (علي حسين‬ ‫الخباز) حينما قدم منجزه الرائع (المشغل النقدي النسوي) والذي استطاع من‬ ‫خالله إحداث حراكا ادبيا نسويا‪ ،‬قل نظيره‪ ،‬فالمشغل النقدي كان تاثيره كبيرا‬ ‫اختص بالنصوص االدبية لنون النسوة وهذا اعطى خصوصية واهمية كبرى‬

‫‪48‬‬


‫لالدب النسوي وقد اتت ثمار المشغل واحدث تاثيره على محورين االول‬ ‫جعل الكاتبات الجيدات يعدن النظر في نصوصهن واتقانها اكثر‪ ،‬والمحور‬ ‫الثاني‪ :‬استهوى الكاتبات الجدد في تنمية اقالمهن وصنع ثيمة لكتاباتهن‬ ‫وضعتهن على بداية طريقهن‪ ،‬وهذا شي ليس بالهين‪ ،‬حينما ترسم خارطة‬ ‫طريق لعدة منجزات ادبية وتجعلها تصب في نفس البودقة‪ ،‬وتجعل االديبة‬ ‫او الكاتبة تعي مستوى كتاباتها ومدى تاثير قيمتها االدبية على المتلقي‪ ،‬هنا‬ ‫يتضح لنا مدى اهمية النقد في الكتابات االدبية بشرط ان يكون على اسس‬ ‫صحيحة وان يكون بنا اء الغاية منه تصحيح مسيرة االدب وليس دفنه‪.‬‬ ‫‪ -‬هل غيرت المرأة في صناعة الرواية واحدثت النص؟؟‬‫بالتاكيد لالدب النسوي تاثير كبير جدا‪ ،‬كون المرأة االديبة تمتاز بالدقة في‬ ‫وصف االحداث والمشاعر وتقمص االدوار‪ ،‬وقادرة على ان تمسك زمام‬ ‫التسلسل الدرامي لالحداث في اي نص تنجزه‪ ،‬واالدب النسوي حاله حال‬ ‫اي ادب اخر نجد فيه الغث والسمين ويبقى للروائية اسلوبها الذي يميزها‬ ‫عن غيرها‪ ،‬بالنسبة لالدب الروائي النسوي هناك البعض من الكاتبات تاهت‬ ‫نصوصهن مابين الحداثوية والوهن االدبي ولم يستطعن مسك العصا من‬ ‫الوسط‪ ،‬والبعض االخر اعتمدن على زج المصطلحات الصعبة على القارئ‬ ‫الثبات قدرتهن االدبية‪ ،‬وهذا الفخ تقع فيه الكاتبة المغمورة بدون وعي منها‪،‬‬ ‫وهذا اليعني خلو الساحة االدبية من كاتبات واديبات متميزات استطعن ان‬ ‫يغيرن في المسار الفني واثبات جدارتهن في ذلك‪.‬‬ ‫‪-‬حدثيني عن رواية نالت اعجابك؟؟‬‫تعجبني روايات كمال السيد واكثر رواية اثرت في هي (وكان تقيا) كون‬ ‫هذع الرواية قدمت انموذجا جديدا وطرح حداثوي جديد متعمق في فكر اهل‬ ‫البيت (عليهم السالم) وبشكل بعيد عن االساليب التقليدية‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫‪ -‬هل نالت امال النقد في اعمالها ومن اهم من انتقد اعمالها؟؟‬‫بالتاكيد لكل منجز عين ناقدة سواء أكانت عين رضا ام عين سخط‪ ،‬واال فال‬ ‫يكون لهذا المنجز قيمة تذكر‪ ،‬فما يثير الناقد اعتبره نجاح لمنجزي حتى وان‬ ‫تعرضت الى النقد السلبي‪ ،‬فالنقد مثلما ذكرنا قبل قليل يقوم النص باالخص‬ ‫النقد االنطباعي الذي نعرف من خالله مدى تاثير النص على المتلقي بشكل‬ ‫عام فضال عن الناقد كونه نقد تاثيري يعتمد بالدرجة االولى على االنفعاالت‬ ‫النفسية التي يحدثها النص في النفس‪ ،‬وهذا هو المطلوب من اي عمل ادبي‬ ‫(التاثير في النفوس) وان كان المنجز غير مؤثر فال داعي لكتابته‪.‬‬ ‫تشرفت بان تقدمت نصوصي على طاولة االستاذ االديب الكبير (علي حسين‬ ‫الخباز) ليكتب انطباعاته النقدية عنها وكان هذا مصدر فخر لي باالخص انه‬ ‫اشاد بنصوصي ووضع عليها مالحظاته القيمة وتم نشرها في صحيفة صدى‬ ‫الروضتين الغراء‪ ،‬وقد تكررت هذه التجربة في منجز المشغل النقدي الذي‬ ‫تبناه االستاذ الخباز‪.‬‬ ‫‪ -‬هل تعرضت للصعوبات من خالل عملك في المسرح؟؟‬‫في بعض االحيان تختلف رؤيتي عن رؤية المخرج‪ ،‬ولكن في النهاية نصل‬ ‫الى طريقة لتقريب وجهات النظر‪ ،‬في بعض االحيان تكون الجهة الراعية‬ ‫للعمل غير مالئمة لتوجهاتي‪ ،‬مما يضطرني الى االنسحاب او الى تغيرها‪.‬‬ ‫‪ -‬ما هي احالم امال الفتالوي اتجاه النص االدبي وكتابة النصوص؟‬‫من المفترض ان يكون السؤال عن احالم امال الفتالوي على مستوى‬ ‫االستقراء االدبي للساحة االدبية؟‬ ‫ان تكون هناك اكاديمية تُعنى بالمواهب الشابة والتي لم تجد من يحتضنها‬ ‫ويستقطب اقالمها؛ كون هذا الفن ان لم يجد من يدعمه سيكون من الصعب‬ ‫ايجاد اقالم جديدة على مستوى توعوي‪ ،‬تكون لها سطوة الحراك االدبي في‬ ‫الساحة االدبية‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫ان سمح لك الوقت بكتابة شيء واحد ماذا سيكون؟؟‬ ‫امال هي عاشقة لموالها الى ابعد الحدود‪ ،‬ترى فيه سر حياتها‪ ،‬تلملم بقايا‬ ‫احزانها‪ ..‬تلقيها على اعتاب القمر لتبوح له وحده الشريك له بما يختلج في‬ ‫اعماقها‪.‬‬ ‫‪ -‬اقرب نص ادبي معروف قريب من قلب امال الفتالوي وتردد النص‬‫دائما في قلبها؟؟؟‬ ‫(حقوق الحب محفوطة للكفيل)‬ ‫هذا النص بالذات عزيز جدا على قلبي‪ ،‬كتبته وانا في الحضرة الشريفة وهذا‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫دخلت الى رحاب حرم الكفيل‪..‬‬ ‫تلوت زيارته‪ ...‬تهجد قلبي‪ ...‬تهيأ الداء صالته‪ ...‬بدأ بالتشهد‪:‬‬ ‫اشهد ان الشريك لك في قلبي‪..‬‬ ‫اشهد ان حبك يسري في دمائي‪..‬‬ ‫اشهد ان حبك مخلوط بلحمي وعظمي‪..‬‬ ‫اشهد ان حبك رسول قلبي الى عقلي‪..‬‬ ‫اشهد اني استنشق هواك‪..‬‬ ‫واشهد ان عقلي متيم برضاك‪..‬‬ ‫اال فليخرج من كان في القلب سكناه‪..‬‬ ‫فحقوق الحب محفوظة للكفيل‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫‪ --‬هل تجدين الفرق بين النصوص االدبية الماضية والنصوص الحديثة‬‫وهل اضافت المراة العراقية شيء جديد؟‬ ‫لكل زمن تحدياته واحتياجاته‪ ،‬في الزمن السابق كان من الصعب جدا على‬ ‫اي شخص ان يدخل مضمار االدب بهذه السهولة التي نراها اليوم‪ ،‬وكانت‬ ‫هناك رقابة شرسة على من ينتحل صفة االديب وهو غير جدير بها‪ ،‬فضال‬ ‫عن صعوبة الطبع وخضوعه للرقابة المشددة‪ ،‬ولذا فان النصوص االدبية‬ ‫القديمة كانت منتقاة بشكل جيد‪ ،‬ونحن تعلمنا منها التنقيب كل مكامن الجمال‬ ‫والرصانة‪.‬‬ ‫بالتاكيد هناك فرق واضح جدا مابين النصوص الماضية والنصوص الحديثة‪،‬‬ ‫كون االحتياجات االدبية تتاثر بالمتغيرات العصرية التي تمر بها‪ ،‬حتى‬ ‫الجمهور يتغير وفقا لتلك المتغيرات‪ ،‬االن المجال مفتوح امام الكتاب الهواة‬ ‫الثبات قدراتهم االدبية‪ ،‬ومجال التعلم ايضا واسع‪ ،‬وبفضل التطور‬ ‫التكنولوجي ووسائل التواصل الكثيرة التي اختصرت للكاتب مشواره الطويل‬ ‫اضحى الدخول في هذا المجال متاحا لكل من يرغب فيه ويبقى رأي المتلقي‬ ‫والجمهور هو الفيصل في اثبات جدارة الكاتب من اخفاقه‪.‬‬ ‫امال الفتالوي بين العمل والمنزل ماهي الصعوبات والضوابط في حياتك؟‬ ‫الحمدهلل والشكر على ما اوالني من نعمه‪ ،‬اولها ان عائلتي متفهمة جدا‬ ‫لطبيعة عملي‪ ،‬ويحاولون قدر االمكان مساندتي ولذلك الاجد صعوبة كبيرة‬ ‫في التوفيق بين عملي والمنزل‪.‬‬ ‫بحروف الوادع تختم السيدة الفتالوي لقاءها معنا فكان الختام بمسك الكافل‬ ‫العباس سالم هللا عليه‪.‬‬ ‫امال هي عاشقة لموالها الى ابعد الحدود‪ ،‬ترى فيه سر حياتها‪ ،‬تلملم بقايا‬ ‫احزانها‪ ..‬تلقيها على اعتاب القمر لتبوح له وحده الشريك له بما يختلج في‬ ‫اعماقها‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫رقية صالح‬ ‫امشي بخطى واثقة نحو حلمك ‪ ،‬اجعله حقيقة !‬ ‫ال تخف فانت وحدك قادر ع تحويل دعوات والدتك الى واقع ‪..‬‬ ‫امضي بقوة ؛ فان احالمك لن تأتي اليك ع جناح نورس ابيض‬ ‫تخش لحظات الخسارة فال يوجد فوز بال صبر وعقبات ‪...‬‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫انظر الى جذور االشجار و االنهار والجبال ‪ ،‬ال يوجد شيء مستقيم ! ال‬ ‫بد من مواجهة الصعاب‬ ‫تجاهل المحبطين وارسم لنفسك السعادة والنجاح‬ ‫ابحث عن الجمال في داخلك‬ ‫واسعى بال كلل عن اي طريقة تجعل نفسك مبتهجآ‬ ‫لن يكون هناك شيء صعب ما دمت تملك االمل‬ ‫امنح ذاتك الثقة فهي تستحق‬ ‫ازرع بداخلك التفاؤل واالرادة والجمال ‪ ..‬كن مصدر القوة لنفسك !‬

‫‪53‬‬


‫زهراء حسين‬ ‫تصوم االرض‬ ‫لتشتهي دماء الشهداء ‪،‬‬ ‫فينحني الوطن اجالالا‬ ‫و وفاء ‪،‬‬ ‫يسيرون في زفاف ملكي‬ ‫الى الفوز العظيم‪،‬‬ ‫تحتضنهم ارض النجف بكل محبة و افتخار ‪،‬‬ ‫تنهمر عيون االمهات و اليتامى الما ا ‪،‬‬ ‫يا هللا هل نبكي على الشهداء ‪ ،‬ام على عيون االطفال التي تعبت من البكاء‬ ‫‪ ،‬فال توجد كلمات تصف الشهداء فيتجرأ النص و يقول شهداء بلدي هم‬ ‫نجوم تنير سماء العراق ‪ ،‬شموع تحترق تنير طريق العراقيين ‪ ،‬دُفنت‬ ‫اجسادهم لكن لن تدفن تضحياتهم ‪،‬‬ ‫فنحن نرفع لهم التحية‬ ‫وتسجد لهم المالئكة في السماء ‪...‬‬

‫‪54‬‬


‫قاسم الغراوي‬ ‫يعتقد البعض ان التخدير عبارة عن وضع‬ ‫قناع الوجه ‪ Face mask‬على وجه‬ ‫المريض ويرفع عنه حال انتهاء العملية ‪.‬‬ ‫وان نجاح العملية يعتمد على الجراح دون‬ ‫طبيب التخدير ‪.‬‬ ‫وتلك معلومة ليست خاطئة فقط بل تجني‬ ‫على عمل طبيب التخدير ‪.‬‬ ‫طبيب التخدير كقائد طائرة مع مساعده مطالب ان يحافظ على سالمة ركابه‬ ‫(مرضاه) من لحظة صعودهم في الطائرة (صالة العمليات) لحين هبوطهم‬ ‫في المطار سالمين(نهاية العملية) وهو يواجه في رحلته المطبات الجوية‬ ‫والعواصف واالمطار والغيوم والرعد والبرق وتغيرات الجو‬ ‫االخرى(المتوقعة والغير متوقعة) ومن المشاكل‪ :‬الصدمة ‪ ،‬النزف ‪ ،‬الجلطه‬ ‫‪ ،‬هبوط الضغط اوارتفاعه ‪ ،‬هبوط السكر اوارتفاعه ‪ ،‬ضيق التنفس ‪ ،‬وذمه‬

‫‪55‬‬


‫رئويه ‪ ،‬ربو مزمن ‪ ،‬ذبحة سابقة ‪ ،‬جلطة سابقة ‪ ،‬افاقة متاخره بسبب نقص‬ ‫انزيم في جسم المريض ‪ ،‬او اسباب اخرى ‪ ،‬كأن يكون هبوط نسبة‬ ‫االوكسجين ‪ ،‬عدم تناول المريض عالج االمراض المزمنة ‪ ،‬بعض المرضى‬ ‫اليعطي معلومات حقيقية عن تاريخه المرضي ‪ ،‬امراض غير مكتشفة‬ ‫كاورام الدماغ او امراض اخرى غير معروفة ‪ ،‬تداخالت كثيرة اليمكن‬ ‫الخوض فيها بسهولة ‪ ،‬كما يجب عليه ان يختار طريقة تخدير مالئمة‬ ‫للمريض تتناسب مع عمره ووزنه ‪ ،‬وعلى الطبيب المخدر ومساعده ان‬ ‫يتعامل معها بحرفية عالية وان يتصرف ويقود الرحلة بامان ومهنية ومعرفة‬ ‫دقيقة ‪ ،‬مع العلم ان هناك اكثر من طريقة للتخدير منها الطريقة المغلقة‬ ‫وكذلك المفتوحة والتخدير النصفي وتخدير والدة بدون الم وتم افتتاح مراكز‬ ‫خاصة لمعالجة االلم(التخدير المناطقي) الخاص باالمراض المزمنة‬ ‫والسرطانية واالنزالق الغضروفي والتكلس في مناطق الحركة ‪ ،‬بقي ان‬ ‫نعرف بان االحداث الغير متوقعة التي يواجها القائد (المخدر) السباب قد‬ ‫تكون غير مرئيه مثال جلطه قلبية او رئوية اثناء العملية او بعدها ‪ ،‬ومع هذا‬ ‫يبذل جهدا لمعرفة االسباب ليتصرف ويحصل على نتائج لصالح المريض‬ ‫‪ ،‬ورغم هذه المسؤولية الجسيمة فان اجره اليساوي قيمة قلقه وتوتره اثناء‬ ‫فترة تخدير المريض في العمل الخاص ‪ .‬ماال تعرفونه التخوضون الحديث‬ ‫فيه واسالوا اهل االختصاص حتى التظلموا احدآ بلسانكم او اقالمكم ‪.‬‬

‫‪56‬‬


57


5

58


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.