مجلة زهرة البارون عدد 85

Page 1

85

1


85

2


‫‪85‬‬

‫المحتويات‬ ‫مقال افتتاحي ‪5............................................................................‬‬

‫قراءات‬ ‫الصحافة والتاريخ ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم العالف ‪7...............................................‬‬ ‫الفكر السياسي عند دمحم حسين هيكل ‪ /‬بشار الشكرجي ‪12.............................‬‬

‫أدب ساخر‬ ‫أسئلة الكبار واجوبة الصغار ‪ /‬د‪ .‬احمد جارهللا ‪25.....................................‬‬ ‫الدراسات التاريخية ‪ /‬حسام الطحان ‪22.................................................‬‬

‫شعر‬ ‫سلطانة المدينة ‪ /‬إسماعيل خوشناو ‪27..................................................‬‬ ‫منتصف الحنين ‪ /‬ام البنين الحسني ‪22..................................................‬‬ ‫خصر العسل ‪ /‬نرجس عمران ‪22.......................................................‬‬ ‫يا وطني ‪ /‬مصطفى الحاج حسين ‪32...................................................‬‬

‫قصة قصيرة‬ ‫الجالد ‪ /‬حسين علي ‪32..................................................................‬‬

‫عالم المرأة‬ ‫كلمات أنثى ‪ /‬زهرة دمحم ‪33..............................................................‬‬

‫‪3‬‬


‫‪85‬‬

‫عرض كتاب‬ ‫كتاب علم االخالق ‪ /‬قاسم الغراوي ‪37..................................................‬‬

‫مواهب وبراعم‬ ‫فاطمة كريم ‪ /‬رسل الساعدي ‪32........................................................‬‬

‫قالم شابة‬ ‫رياض األطفال ‪ /‬ناز عدنان عثمان ‪31.................................................‬‬ ‫غذاء العين ‪ /‬وضاح ال دخيل ‪33.......................................................‬‬ ‫كسروا قلبي ‪ /‬بان العامري ‪32..........................................................‬‬ ‫سبايكر ‪ /‬شهد الجابري ‪37...............................................................‬‬ ‫هل جننت ‪ /‬احمد كريم موسى ‪32.......................................................‬‬ ‫أطفأتك ل أتقد ‪ /‬مروة الكناني ‪55........................................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫حديث التاريخ ‪ /‬قاسم الغراوي ‪52.......................................................‬‬

‫‪3‬‬


‫‪85‬‬

‫بقلم البارون األخير ‪ /‬محمود صالح الدين‬ ‫ليست المسيحية بأحسن حال من اإلسالم في يومنا هذا فاألديرة مهجورة وقيم المسيح‬ ‫قد تركت واما عن من يرتاد الدير هو يحمل ميزة تجبره على مزاولة زيارة الدير‬ ‫ومنا المرأة التي فقدت االمل بالحياة وقررت االعتزال واخر قد كبر بالسن فتذكر‬ ‫الدين والمسيح وقرر ان ينهي الحياة بحسن الخاتمة من وجهة نظرة وكان االمر لديهم‬ ‫ليس من الضروريات انما هي كماليات ممكن االستغناء عنها وهناك اشخاص ال يدخل‬ ‫الكنيسة اال عندما قرر الوالدين ان يعمدانه وهو صغير السن ولو كان له الخيار له من‬ ‫االحتمال انه كان يرفض هذا اما عن العالم المسيح بشكل عام فانه ال ينتمي للسيد‬ ‫المسيح ( فالمسيح ال يحقد وهم يحقدون والمسيح سالم وهم يقتلون ) وكان هناك حالة‬ ‫تفريق عن شخص المسيح واالغرب من هذا ان هناك اشخاص ال يتذكر الكنيسة‬ ‫ورجال الدين اال في كرسي االعتراف والسؤال هنا يكون لم ال تتذكر الدير والكنيسة‬ ‫قبل ارتكاب الخطأ ؟ وقد ظهرت في يومنا ظاهرة جديدة وهي تجارة الدين واالنتماء‬ ‫له في زمن المصاعب وقد يقول احدكم هذا نتائج الحروب بين الكنيسة والسلطة في‬ ‫أوروبا وانتصار السلطة وهذا غير صحيح ففي األراضي العربية وهي بعيدة كل البعد‬ ‫عن ذلك الصراع واذا اردنا ان نعرف لم يكون هذا فيجب ان نعود على التربية في‬ ‫المنزل وترسيخ القيم الدينية فالمجتمع المسيحي على األراضي العربية انطوائي ال‬ ‫انفتاح على االخر والدين يحصر في جدران الكنيسة وهذا يشمل كل المجتمع المسيح‬ ‫في العالم وهنا يكون رجل الدين وعالقته بالعائلة وتثقيف العائلة للدين واالنطوائية في‬ ‫المسيحية لها نتائج ومنها والدة العدائية او اإلحساس بها من االخر وهذا امر طبيعي‬ ‫وليس هناك أي نتيجة قد تكون من االنطوائية سوى ما ذكرت واذا اردنا التحدث عن‬

‫‪5‬‬


‫‪85‬‬ ‫صفات المسيح الن تجد شيء منها يحملها الذين يدعون انهم اتباع المسيح فهم كثير‬ ‫ما يردون ان المسيح مخلص الفقراء والمساكين وما نرى اليوم انهم يزيدون عدد‬ ‫الفقراء والمساكين ويعملون على قتلهم والتنكيل بهم بدم البارد وهذا ليس لمن يخالفهم‬ ‫بالدين فقط ولكن هذا يشمل المسيحيون أيضا وهناك كثير من الدول تحمل الدين‬ ‫المسيح وشعوبها تتضور جوعا وينصب عمل الكنيسة فقط على األمور الدعائية‬ ‫واالعالم في والحمالت التبشيرية واستقطاب أناس جدد للدين ولكن ماذا عن الذين‬ ‫يحملون الدين باألصل ونرى اليوم كثير من الصور للعوائل المسيحية التي تعاني من‬ ‫العوز مع عدما االعتراف بهذا من البعض ويجب تغير تلك االيدولوجية في عالقة‬ ‫الدين بالمجتمع من قبل الذين يحملون راية التدين رسم مالمح المسيح الحقيقية على‬ ‫ارض الواقع وهذا الخطأ يقع به ليس المسيحيون فقط وقد كان هذا في اإلسالم‬ ‫واليهودية في تقديم صورة الدين للمجتمع فاصبح اليوم الحديث في الدين جريمة قد‬ ‫يصل فيها العقوبة للقتل وهذه قضايا كارثية على المستوى االجتماعي واالسري وحتى‬ ‫الفرد ويجب على المجتمع اعداد دراسات لهذه الظاهرة واألسباب التي واصلت الحال‬ ‫لما هو عليه االن فاألمر ليس مقتصر على المسيحية والكف عن تقديم صورة الرب‬ ‫بتشوية مقصود لخدمة بعض الجهات ألسباب سياسية ونفعيه للشخوص وأولئك‬ ‫المحبين للسلطة ولو كانت على دماء العامة من الناس ورسم عالم الن أقول متكامل‬ ‫او مثالي ولكن نطمح الى األقرب الى المثالية فليعلم الجميع ان الدين هو مقوم الذات‬ ‫ان صلح فقد صلح الفرد والعائلة والمجتمع وان كان هناك خالل سوف يكون هناك‬ ‫نتاجات فكرية منحرفة ال تمت لإلنسانية بصلة واحب ان انهي ما بدأت بمقولة لي‬ ‫(انك لو كنت متدين فمسؤوليتك تكون اكبر من غير المتدين امام هللا فويل لمن كان‬ ‫هللا خصم له) ‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫‪85‬‬

‫ا‪.‬د‪ .‬ابراهيم خليل العالف‬ ‫استاذ التاريخ الحديث المتمرس‬ ‫جامعة الموصل‬ ‫سبق لمفكر فرنسي ان قال ‪:‬‬ ‫" إذا كان القرن التاسع عشر هو قرن المؤرخين ‪،‬فإن القرن العشرين هو قرن‬ ‫الصحفيين " ‪.‬والقرن الحادي والعشرين هو قرن االنترنيتيين والمدونين والفيسبوكيين‬ ‫‪ ..‬لذلك تساءل احد الكتاب وهو االستاذ صالح عيسى في مقال له بمجلة العربي‬ ‫الكويتية (كانون الثاني ‪ ) 2551‬عن التأثيرات المتبادلة بين الصحافة والتاريخ في‬ ‫عصرنا وقال ‪ ":‬ليس مهمة الكتابة التاريخية االحتفاظ بصورة الواقع كما هو‪ ،‬بل‬ ‫مهمتها في الدرجة االولى تفسيره ‪ ..‬كيف حدث ؟ ولماذا حدث ؟ " وهذا هو الفرق‬ ‫الكبير الحاسم بين الصحافة والتاريخ "‪ .‬فالصحافة تصور الواقع‪ ،‬وتسجل تفاصيله‬ ‫لذلك تصبح الصحافة مصدرا للتاريخ لكنها ليست بديال عن التاريخ الذي يفسر ويحلل‬ ‫ويستخرج القوانين التي تتحكم باالحداث ‪.‬‬ ‫واذا اردنا ان نُفصل في هذا نقول ان (الصحافة) تهتم باالني من االحداث وبتفاصيله‬ ‫بينما ( التاريخ ) ينحو الى توثيق االحداث وقد استقرت وتكاملت تفاصيلها ‪.‬‬ ‫ومهما يكن ‪ -‬ونحن نعيش عصر التأثيرات المتبادلة بين وسائط المعرفة عموما ‪ -‬فإن‬ ‫العالقة بين التاريخ والصحافة عالقة وثيقة والغنى للصحافة عن التاريخ والغنى‬ ‫للتاريخ عن الصحافة ‪.‬‬ ‫اريد ان اقف على نماذج من كتابات الصحفيين للتاريخ وسأقف عند الصحفيين‬ ‫العراقيين ومن المؤكد أن الصحفيين العراقيين ليسوا وحدهم من كتب في التاريخ‪ ..‬أو‬ ‫لنقل كتبوا على هوامش التاريخ ‪ .‬فثمة صحفيون عرب وأجانب ولجوا هذا الميدان ‪،‬‬

‫‪7‬‬


‫‪85‬‬ ‫وأبدعوا ‪ ،‬وقدموا شهادات مفيدة للتاريخ ‪ ،‬بحكم معرفتهم ‪ ،‬وتجاربهم مع االحداث ‪،‬‬ ‫وصناعها عبر سنوات طويلة ‪.‬‬

‫ومن الصحفيين العراقيين الذين كتبوا في التاريخ وهوامشه ‪ :‬االستاذ أحمد فوزي ‪،‬‬ ‫واالستاذ محسن حسين ‪ ،‬واالستاذ محمود شبيب‪ ،‬واالستاذ عبد القادر البراك ‪،‬‬ ‫واالستاذ فيصل حسون‪ ،‬واالستاذ حسن العلوي ‪ ،‬واالستاذ فائق بطي ‪،‬واالستاذ زيد‬ ‫الحلي ‪ ،‬واالستاذ صبري الربيعي وغيرهم ‪.‬‬ ‫يقينا ان هؤالء وامثالهم ‪ ،‬لم يدعوا أنهم مؤرخين ‪ ،‬ولم يقولوا انهم يكتبون تاريخا ‪.‬‬ ‫وكلهم أكدوا ان ما كتبوه ‪ ،‬ليس إال شهادات أمام محكمة التاريخ ‪ .‬وانا اقول ان ما‬ ‫كتبوه يعد مادة خام لمن يروم كتابة التاريخ أو لنقل من مراجع التاريخ ومصادره التي‬ ‫ينبغي ان التترك بأي حال من االحوال بل تؤخذ وتدرس وتحلل وتقارن مع غيرها‬ ‫من المصادر والمراجع والسيما الوثائق والصحف ‪.‬‬ ‫أكتب هذا وأمامي كتاب االستاذ فيصل حسون الصحفي العراقي المخضرم الموسوم‬ ‫‪ ":‬شهادات في هوامش التاريخ " والذي نشرته (دار الوراق للنشر )في بيروت سنة‬ ‫‪ 2551‬وقدم له الكاتب والدبلوماسي العراقي الشهير االستاذ نجدت فتحي صفوت‬ ‫‪.‬وفي هذه الشهادات يغطي فترة مهمة من تاريخ العراق المعاصر تنحصر بين سنة‬ ‫‪ 1235‬حين وقع نوري السعيد معاهدة ‪ 1235‬مع بريطانيا الى سنة ‪ 1227‬عندما‬ ‫واجه العرب الهزيمة أمام الكيان الصهيوني في حرب االيام الستة ‪ 5‬حزيران ‪1227‬‬ ‫وتكاد كتابات الصحفيين العراقيين الذين ذكرنا اسماؤهم ومنهم احمد فوزي وعبد‬ ‫القادر البراك وحسن العلوي وزيد الحلي وصبري الربيعي وفيصل حسون تتشابه‬ ‫في أنها تتميز بالخلو من القيود البحثية االكاديمية الصارمة ‪ ،‬وتنساب طبيعية في‬ ‫عقل ووجدان القارئ بسبب طرافتها وغنى معلوماتها ‪ ،‬ورقة اسلوبها وجماليته ‪.‬‬ ‫ومن هنا فإن االيدي سرعان ما تتالقفها ‪ ،‬وتسعد عند قراءتها ‪ ،‬وتفيد منها خاصة‬

‫‪2‬‬


‫‪85‬‬ ‫وانها تكشف خبايا وخفايا واسرار وأمورا اليتطرق اليها المؤرخ االكاديمي واليجدها‬ ‫في أي مصدر أو مستند تاريخي او وثيقة رسمية ‪.‬‬ ‫إن ما يذكره الصحفيون الذين يكتبون في التاريخ جديد ‪ ،‬وطريف وهو انعكاس‬ ‫الهتماماتهم ‪ ،‬وتجاربهم في اقتناص االخبار والحرص على القاء حزمة من الضوء‬ ‫عليها وتكبيرها بما يساعد على فهمها وادراك مكنوناتها ووضعها في مكانها وسياقها‬ ‫التاريخي المعتاد وتلك فضيلة وميزة تسجل للكتب التي يصدرها الصحفيون ‪.‬‬ ‫االستاذ نجدت فتحي صفوت ذهب المذهب نفسه الذي أذهب اليه انا في حديثي عن‬ ‫شهادات الصحفيين عن االحداث التي عايشوها بقوله ان ما كتبوه يعد " شهادات‬ ‫تحتوي مادة دسمة تغني تاريخ العراق السياسي الحديث وتضيف مصدرا جديدا ومهما‬ ‫الى مصادره " ‪.‬‬ ‫واالستاذ فيصل حسون مثال وهو يكتب شهاداته يعرف بأنه ليس من صناع القرار‬ ‫السياسي لكنه كان شاهدا على االحداث التي مر بها العراق خالل ال‪ 55‬سنة الماضية‬ ‫( هو وزمالءه الصحفيين العراقيين ) يستند الى‬ ‫‪ .‬ويقينا ان من بين ما كتبه‬ ‫اوراقه وذكرياته ومالحظاته لذلك يشكل مادة خصبة سوف يستعين بها المؤرخ في‬ ‫قابل االيام عندما يتصدى لكتابة تاريخ العراق واتصاله بمحيطه العربي واالقليمي‬ ‫والدولي ‪.‬‬ ‫االستاذ فيصل حسون مثال من الصحفيين العراقيين البارزين وكذلك االستاذ احمد‬ ‫فوزي واالستاذ عبد القادر البراك واالستاذ محسن حسين واالستاذ فائق بطي واالستاذ‬ ‫زيد الحلي واالستاذ صبري الربيعي وغيرهم ممن كتب شهاداته في هوامش التاريخ‬ ‫هؤالء صحفيون قضوا عمرهم في عالم الصحافة ‪،‬ومهروا حياتهم العملية ‪ ،‬وسني‬ ‫شبابهم وكهولتهم وشيخوختهم حتى اصبح حبر المطابع يجري في عروقهم‪ ،‬ونكهة‬ ‫ورق الجرائد ينعش انوفهم ‪.‬تولى بعضهم مناصب صحفية من قبيل مدير التحرير ‪،‬‬ ‫ورئيس التحرير بل وتولى بعضهم رئاسة نقابة الصحفيين لسنوات ‪ ،‬واحتكوا برجال‬ ‫الحكم وسافروا معهم ‪ ،‬ورافقوهم في زياراتهم الرسمية وعرفوا ما كان يدور في‬ ‫كواليس اجتماعاتهم ‪ ،‬واكتووا بنارهم ‪ ،‬وفصلوا من أعمالهم ‪ ،‬والقي بهم في السجون‬ ‫والمعتقالت ‪.‬‬ ‫لم يكونوا جالسين على ريش نعام ‪ ،‬وفي الغرف المكيفة ‪ ،‬ولم يكونوا يسيرون على‬ ‫ما يقوله اخواننا في مصر (جنب الحيط ) ‪ ،‬بل كانوا يجهرون بكلمة الحق ‪ ،‬ويؤدون‬ ‫أمانة الكلمة ‪ ،‬ويحافظون على قدسيتها بجد ‪ ،‬ونزاهة ‪ ،‬وصبر ‪ ،‬وكبرياء ‪.‬‬ ‫وأية مراجعة لسيرهم‪ ،‬تكشف لنا كم كابدوا ‪ ،‬وعانوا في مهنة المتاعب هذه ‪ ..‬وكم‬ ‫كان دورهم ناصعا متقدما في بالط صاحبة الجاللة هذه ‪.‬التزموا بالخط الفكري‬ ‫والسياسي الذي انتهجوه ‪ ،‬وتفرقت بينهم السبل واعتنقوا من المبادئ ما كان في‬

‫‪2‬‬


‫‪85‬‬ ‫اعتقادهم يهدف الى االستقالل والسيادة والحرية والكرامة ‪ ....‬كانوا يمثلون تيارات‬ ‫الفكر السياسي التي عرفها العراق في تاريخه المعاصر ‪ ،‬واختلفوا مع بعضهم اال‬ ‫انهم ظلوا حريصين على ان يقولوا كلمتهم الطيبة الصادقة النزيهة ‪.‬‬ ‫كان بعضهم على صلة بأحزاب العراق فيما بعد تشكيل الدولة العراقية ‪ ..‬وارتبط‬ ‫البعض االخر بأحزاب الثالثينات من القرن الماضي ‪ ،‬ومنهم من كان على صلة‬ ‫بأحزاب الخمسينات والستينات واقصد االحزاب البرلمانية واالحزاب العقائدية ‪ ،‬وما‬ ‫انفكوا يحرصون على ان يكونوا لسان حال ما يرون انه في صالح بلدهم وأمته ‪...‬‬ ‫إجتهدوا فأصابوا ‪ ،‬وأخطأوا واصابوا وكان لهم فضل االجتهاد ‪ ،‬والتثريب عليهم ‪..‬‬ ‫أنا شخصيا اعتز بكل صحفي حمل رسالة ‪ ،‬واعتنق مبدأ وعمل من اجله لكني أحتقر‬ ‫الصحفي الذي كان لعبة بيد االجنبي ‪ ،‬وأداة من ادوات التخريب ‪ ..‬آكال للسحت الحرام‬ ‫‪ ،‬فما ذاك بالصحفي بل االلوعبة‪ ،‬والدمية والقره قوز الذي يردد ما يقال له ‪ ،‬ويعزف‬ ‫على نغمة من دفع له ‪.‬‬ ‫إقرأوا سير الصحفيين الذين كتبوا شهادتهم ‪ ،‬وجمعوا مقاالتهم ‪ ،‬وقدموا ما لديهم من‬ ‫تجارب‪ ..‬إقرأوا سير كل من االستاذ احمد فوزي واالستاذ عبد القادر البراك واالستاذ‬ ‫حسن العلوي واالستاذ محسن حسين واالستاذ فائق بطي واالستاذ زيد الحلي واالستاذ‬ ‫صبري الربيعي ‪ ،‬تجدون بأنها غنية ‪ ،‬وتعكس ثقافة راقية ‪ ،‬واطالع جم على ما يدور‬ ‫حولهم ‪ ..‬وال أقول أنني اتفق مع كل ما كتبوه في الرأي ولكني اقول انني اقدر‬ ‫جهدهم ‪ ،‬واثني على محاوالتهم ومبادراتهم ‪ ،‬وأعرف معرفة يقينية‪ ،‬أنهم كانوا‬ ‫مدفوعين بأخالصهم ‪ ،‬وجدهم ‪ ،‬وتعبيرا عن رسالة مهنية ووطنية وقومية وانسانية ‪.‬‬ ‫قد يسأل سائل ‪ ،‬وما هي الموضوعات التي تطرق اليها الصحفيون العراقيون في‬ ‫شهادتهم ؟ واجيب فأقول انها كثيرة منها على سبيل المثال ‪ " :‬نوري السعيد في‬ ‫الميزان " و" القوى القومية في العراق وثورة ‪ 23‬تموز –يوليو ‪ 1252‬في مصر "‬ ‫و" اللقاء الوحيد بين نوري السعيد وعبد الناصر " و" أسرار لم تنشر عن حركة ‪12‬‬ ‫تشرين ‪ ، " 1223‬و"أزمة بين العراق والبحرين " ‪ ،‬و" هكذا كانت تؤلف الوزارات‬ ‫وهكذا كانت تقال " ‪ ،‬و" لماذا نزعت الجنسية العراقية عام ‪ 1231‬عن ساطع‬ ‫الحصري ؟ وكيف اعيدت اليه ؟ "‪ ،‬و" فائق السامرائي ودمحم مهدي كبة وعدنان‬ ‫الراوي من الشخصيات القومية في العراق " ‪ ،‬و" صراع الجواسيس في العراق " ‪،‬‬ ‫و" اشهر االغتياالت السياسية في العراق " ‪ ،‬و" جريدة الجريدة وصراعها مع السلطة‬ ‫" ‪ ،‬و" قاسم والكويت " ‪ ،‬و"ليلة سقوط الملكية في العراق ‪ 13‬تموز ‪ " 1252‬و"‬ ‫االنقالب الخائب ‪..‬قصة عارف عبد الرزاق " ‪ ،‬و" كيف اصيب صالح جبر بنوبة‬ ‫قلبية اودت بحياته وهو يلقي كلمته في مجلس االعيان ‪ 1257‬؟ " ‪ ،‬و"عبد الكريم‬ ‫قاسم في ساعاته االخيرة " ‪ ،‬و" قضية اتهام مزاحم الباجه جي بالتشهير بالملك " ‪،‬‬ ‫و" لماذا اختاروا الشيخ دمحم رضا الشبيبي لمجلس االعيان ؟ " ‪ ،‬و" أسرار وخفايا في‬ ‫رسائل انستاس الكرملي مع علماء عصره " ‪ ،‬و" تأسيس أول حزب فاشستي في‬

‫‪15‬‬


‫‪85‬‬ ‫العراق " ‪ ،‬و" سيرة الملك غازي منذ اعتالئه العرش حتى مصرعه " ‪ ،‬و"الجبهة‬ ‫الشعبية في العراق اكبر تجمع سياسي زاول المعارضة تحت قبة البرلمان " ‪ ،‬و" من‬ ‫خفايا الكواليس السياسية في العهد الملكي "‪ ،‬و"قصة تعديل الدستور بين مجلسي‬ ‫النواب واالعيان " ‪ ،‬و" صفحات مطوية عن استقاالت وزراء ونواب الحكم الملكي‬ ‫" ‪ ،‬و" حبزبوز في تاريخ صحافة الهزل في العراق " ‪ ،‬و"كيف شرع القانون المدني‬ ‫في العراق " و" ‪ 12‬رئيس وزراء في العراق " ‪ ،‬و"قاسم واالكراد " و" الشيعة وعبد‬ ‫الكريم قاسم " ‪ ،‬و"تمذهب الثقافة العراقية " ‪ ،‬و"فتوى تحريم الشيوعية " و" لماذا‬ ‫انتخب الشريف شرف وصيا " و" لماذا سافر االمير عبد االله الى باريس سنة ‪1253‬‬ ‫؟ " و" لماذا هاجم عبد الناصر ميثاق بغداد سنة ‪ " 1255‬و" مناقشة اضراب عمال‬ ‫نفط البصرة ف مجلس النواب ‪ " 1253‬و"ماذا نشرت الصحف العراقية في آخر يوم‬ ‫في العهد الملكي ؟" و"فيضان دجلة سنة ‪ " 1253‬و" موقف القوى الوطنية من تأميم‬ ‫النفط " و" يوميات وثبة كانون الثاني ‪ " 1232‬و"من كتب كراس الى الحليفة الغضبى‬ ‫(كتبه االستاذ مصطفى علي ونشره قاسم الرجب في‬ ‫من معمر العدواني‬ ‫القاهرة وسربه الى العراق سرا ومصطفى علي اول وزير للعدل بعد ثورة ‪ 13‬تموز‬ ‫‪ 1232 ) 1252‬؟ " ‪.....‬الخ من الموضوعات المهمة والخطيرة والحساسة احيانا‬ ‫في تاريخ العراق المعاصر ‪.‬‬ ‫رحم هللا من غادرنا منهم ‪ ،‬واطال عمر من بقي ‪ ..‬وتمنياتي لهم بالبركة والعافية‬ ‫والسعادة والعمر المديد‪.‬تحية لصحفيينا الشرفاء ‪ ..‬تحية لهم وهم اليتوانون عن تقديم‬ ‫ما يفيد ‪،‬وشعارهم الدائم هو ‪":‬خير الناس من نفع الناس "‪ ..‬أجل "خير الناس من نفع‬ ‫الناس‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫‪85‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬ ‫يُعد دمحم حسين هيكل أحد أبرز السياسين والمؤرخين والصحفيين واألدباء الذين ظهروا‬ ‫في مصر في ثالثينيات القرن العشرين ‪ ،‬كما يُعد من أبرز المفكرين والمجددين في‬ ‫الفكر السياسي المصري الحديث ‪ ،‬كان له فضل الريادة واألسبقية في الحقول العلمية‬ ‫التي كتب فيها ‪ ،‬كان من أهم الليبراليين الذين عاصروا الموجات الفكرية الغربية التي‬ ‫أجتاحت مصر في النصف األول من القرن العشرين وتأثروا بها ‪ ،‬قدم من خالل‬ ‫مؤلفاته فكرا سياسيا ناضجا عبر من خالله عن توجهات فكرية غربية وقومية‬ ‫وأسالمية عديدة ‪ ،‬وجاءت أفكاره مستوحاة من وحي أحتكاكه الجيد مع النخبة السياسية‬ ‫واالجتماعية في مصر ‪ ،‬وكانت رؤاه ومعالجاته لالصالح قد خدمت المجتمع‬ ‫المصري خدمة كبيرة ‪ ،‬خاصة أنها عدت أنعكاسا واضحا لما كان يعيشه المجتمع من‬ ‫ظروف ومشاكل منذ حقب تاريخية بعيدة ‪ ،‬أرخ للحياة السياسية المصرية ‪ ،‬كما كتب‬ ‫في الفكر االسالمي السياسي وأستخدم القلم سالحا ليدحض به كل أتهامات المستشرقين‬ ‫والمتحاملين على االسالم ‪.‬‬

‫نبذة مختصرة عن حياته ‪:‬‬ ‫ولد هيكل عام ‪ 1222‬في محافظة المنصورة السرة من اعيان الريف المصري ‪،‬‬ ‫كانت اسرته احد االسر االقطاعية ونتيجة لذلك فقد نشأ هيكل نشأة مترفة ‪ ،‬كما دأب‬ ‫والده على تثقيفه ثقافة متميزة يفخر بها ‪ ،‬ففي عام ‪ 1255‬دخل هيكل المدرسة الثانوية‬ ‫‪ ،‬وفي عام ‪ 1257‬دخل معهد الحقوق ليتخرج منه عام ‪ 1252‬ليسافر بعدها الى‬ ‫فرنسا في نفس السنة كما كان قد وعده وهناك اتقن هيكل اللغة الفرنسية ليدخل جامعة‬ ‫السوربون ويكتب اطروحته للدكتوراه عن ( دين مصر العام ) ‪ ،‬وبعد رجوعه الى‬ ‫مصر عام ‪ 1212‬عمل في مهنة المحاماة ‪ ،‬كما زاول النشاط الصحفي في صحيفة‬

‫‪12‬‬


‫‪85‬‬ ‫( الجريدة ) التي عبرت عن بواكير فكره السياسي الناضج ‪ ،‬وبحكم ان الصحيفة كانت‬ ‫معروفة بمواقفها المتشددة تجاه السياسة البريطانية فقد اصدرت االوامر بغلقها عام‬ ‫‪ ، 1213‬انضم هيكل بعدها الى صحيفة ( السفور ) التي كانت الوجه االخر للجريدة‬ ‫‪ ،‬في عام ‪ 1222‬انضم هيكل الى ( لجنة الثالثين ) التي كلفت بعمل دستور لمصر ‪،‬‬ ‫بعدها انضم هيكل الى حزب االحرار الدستوريين وكان من ابرز اعضائه والمسؤول‬ ‫عن صحيفته ( السياسة ) ‪ ،‬ونتيجة التساع نشاطاتها فقد اصدر هيكل ملحقا اسبوعيا‬ ‫لها اسماه ( السياسة االسبوعية ) خصصها لتكون مسرحا القالم الكتاب والمفكرين‬ ‫والذين تطرقوا الى فكرة الحرية في كتاباتهم ‪ ،‬حيث نشر فيها فصوال من كتاب ( في‬ ‫الشعر الجاهلي ) لطه حسين ‪ ،‬وكتاب ( في اصول الحكم ) لعلي عبد الرازق ‪ ،‬نجح‬ ‫هيكل في تسلم وزارة المعارف في وزارة دمحم محمود الثانية لثالث مرات لالعوام‬ ‫( ‪ ) 1232 ، 1232 ،1237‬واستطاع في هذه المدة ان يتوسع في التعليم االبتدائي‬ ‫والجامعي في مصر وان يصبغ مناهج التعليم بصبغة مصرية بعد ان كانت انكليزية‬ ‫‪ ،‬رجع الى الميدان السياسي مرة اخرى ليتسلم اوال رئاسة حزب االحرار الدستوريين‬ ‫فعدل الكثير من برامجه لتنسجم وطبيعة الوضع السياسي في مصر انذاك ‪ ،‬اختير‬ ‫وبرغبة منه رئيسا لمجلس الشيوخ المصري للفترة ( ‪ ، ) 1255-1235‬كما ترأس‬ ‫عام ‪ 1232‬وفد مصر في الجمعية العامة لالمم المتحدة ‪ ،‬بعدها قرر اعتزال العمل‬ ‫السياسي بعد قيام ثورة يوليو ‪ 1252‬سيما ان صحته بدأت تسير نحو التدهور اال انه‬ ‫لم يترك الكتابة والتأليف بل قرر كتابة مذكراته السياسية بشكل خاص وملخصا للوضع‬ ‫السياسي في مصر للمدة ( ‪ ) 1252 – 1255‬بشكل عام وبعد ان انتهى منها ادركته‬ ‫المنية عام ‪ 1252‬عن عمر ماهز ‪ 22‬سنة توفي والقلم في يده والورق في جيبه ‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫‪85‬‬

‫مؤلفاته ‪:‬‬ ‫يمتاز هيكل عن غيره من كتاب ومؤلفين عصره بغزارة مؤلفاته وتنوعها وشمولها‬ ‫الكثر من موضوع وتناولها الكثر من حقل ‪ ،‬كما تميزت بصبغتها االدبية والقانونية‬ ‫‪ ،‬عبرت وبوضوح عن المراحل التي مر بها فكره السياسي ونضوجه الفكري خالل‬ ‫سني حياته ‪ ،‬كما عبرت بصورة او بأخرى عن التطورات السياسية في مصر‬ ‫وانعكاسها على مؤلفها الى حد كبير ‪ ،‬وان نظرة سريعة البرز المصادر التي اعتمدها‬ ‫هيكل لتدوين مؤلفاته لتدل داللة واضحة على انه لم يكن معتمدا على رافدا واحدا او‬ ‫كتبا معينة لتدوين معلوماته بل وجد عنده اسلوب القراءات المتعددة والواسعة للقديم‬ ‫والجديد ‪ ،‬وهذه هي احدى االسباب التي دعت الباحثين الى ان يطلقوا عليه صاحب‬ ‫مدرسة التجديد ‪ ،‬كما وانه التزم والى حد كبير بمبدأ الحيادية في تدوين التاريخ‬ ‫واستخدام االخير الستنتاج العبر ‪ ،‬وتقديم العبر امثلة للنهوض الحضاري والتطور‬ ‫االجتماعي والسياسي الذي كان ينشده ‪ ،‬ولم تكن مؤلفاته لتقتصر على النخب المثقفة‬ ‫في مصر وحسب ‪ ،‬بل نوع فيها لتشمل عامة القراء ‪ ،‬الى جانب ذلك فقد استخدم‬ ‫السفر لتدوين وتوثيق المعلومة التاريخية وكذلك لتأكيد او نفي بعض اراءه المسبقة‬ ‫حول الحدث التاريخي ‪ ،‬كما برع بأستخدام اسلوب المقارنة اليصال افكاره السياسية‬ ‫وبناءه االستنتاجات والتوقعات المستقبلية لواقع الحال في مصر ‪ ،‬واخيرا فأنه يمكننا‬ ‫ان نصنف مؤلفاته موضوعيا حسب الحقول التي كتب فيها ‪ ،‬ففي حقل التاريخ االوربي‬ ‫الف هيكل ( يوميات الشباب ‪ ،‬و جان جاك روسو ‪ ،‬و خالل اوربا ) اما عن تاريخ‬ ‫مصر والسودان فقد الف ( دين مصر العام ‪ ،‬عشرة ايام في السودان ‪ ،‬تراجم مصرية‬ ‫وغربية ‪ ،‬مذكرات في السياسة المصرية ) اما مؤلفاته في التاريخ االسالمي فهي‬ ‫اكثرها غزارة ومن بينها ( حياة دمحم ‪ ،‬في منزل الوحي ‪ ،‬ابو بكر الصديق ‪ ،‬عمر بن‬ ‫الخطاب ‪ ،‬بين الخالفة والملك عثمان بن عفان ‪ ،‬االمبراطورية االسالمية واالماكن‬ ‫المقدسة ) اما عن كتاباته االدبية والفلسفية فتكاد تكون االقل عددا من بين مؤلفاته‬ ‫االخرى ومن بينها ( رواية زينب ‪ ،‬رواية هكذا خلقت ‪ ،‬الشرق الجديد ‪ ،‬االيمان‬ ‫والمعرفة والفلسفة ) وغيرها من المؤلفات التي ال يسع المجال لذكرها ‪ ،‬فأي منها‬ ‫يحتاج الى دراسة اكاديمة عنها لتبيان ما بها من افكار ورؤى ‪.‬‬

‫فكره السياسي ‪:‬‬ ‫لقد مر الفكر السياسي عند دمحم حسين هيكل بثالث مراحل رئيسة اال وهي التوجه‬ ‫االوربي ثم التوجه الفرعوني والقومي واخيرا التوجه االسالمي الذي كان الفكر‬ ‫والمنهج اللذان امن بهما حتى نهاية حياته ‪ ،‬وان تلك التحوالت في التوجه عبر عنها‬ ‫هيكل من خالل مؤلفاته وانها تاثرت بشكل او بأخر وبصورة مباشرة او غير مباشرة‬ ‫بالمتغيرات التي مر بها العالم بشكل عام ومصر بشكل خاص ‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫‪85‬‬

‫‪ -1‬التوجه الغربي ‪:‬‬ ‫كان من من أهم العوامل التي ساعدت هيكل في التعرف على الفكر السياسي األوربي‬ ‫هي أحتكاكه بأحمد لطفي السيد الذي انتمى عن طريقه إلى ( حزب األمة ) ذلك الحزب‬ ‫الذي صاغ المبادئ األولى لهيكل وحددها تحديدا دقيقا ‪ ،‬فقد كان له أثر كبير في‬ ‫تحويل الحركة الوطنية المصرية نحو الوجهة الديمقراطية ذات الطابع العلمي‬ ‫المدروس وصيغ ايمانه الوطني بصيغة عقلية ودعمه بأبحاث كانت األولى من نوعها‬ ‫في ماهية الوطن واألمة‬ ‫الى جانب ذلك فقد كان هيكل قد أعجب بالحركات الشعبية في العالم ومنها الثورة‬ ‫الفرنسية على أساس فكري ‪ ،‬مؤمنا أن حرية التعبير والتفكير هما اللذان كفال لهذه‬ ‫الحركات أن تزدهر وتقوى ‪ ،‬وكفال لذلك عزة األمم وسعادتها ‪ ،‬وبالتالي فأن أي‬ ‫تشريع أو بطش أو إرهاب يقف في سبيل هذه الحرية سيضر باألمة اكبر األضرار ‪،‬‬ ‫ولذلك كما عبر هيكل قد جعل الغرب لهذه الحرية في دساتيره وقوانينه ما يرد عنها‬ ‫كل غائلة ويدفع عنها كل عادية ونتيجة لذلك فقد أيقن أن تيار الثورة الفرنسية الجارف‬ ‫كان يسود العالم وان مالمحه أخذت تسري في البيئة المصرية ‪ ،‬وأن مبادئ التغيير‬ ‫واإلصالح البد وانها ستشمل مصر بوصفها شعب واعي ذات حضارة ‪ ،‬وبالتالي فأن‬ ‫أي نهضة سواء في الناحية السياسية أو االجتماعية في سائر المجتمعات سوف لن تتم‬ ‫أو تزدهر حركاتها أال عندما يحصل اإلفراد على حرياتهم سواء حرية التعبير أو‬ ‫التفكير ‪ ،‬فأالنسان كما عبر هيكل يولد حرا ويجب أن يبقى طوال حياته حرا ‪.‬‬ ‫تلخصت أراء هيكل السياسية خالل مدة توجهه الغربي في محاور ومفاهيم عديدة ‪،‬‬ ‫أبرزها أن الدولة الوطنية التي أراد انشائها او التي حلم بقيامها هي الدولة التي تقوم‬ ‫دعائمها على أُسس أوربية ‪ ،‬وهذه الدولة يجب أن تقوم بالقضاء على الرجعية‬ ‫والتخلص من االستبداد ‪ ،‬وهذا االستبداد ال يتم القضاء عليه ‪ ،‬اال من بعد حصول‬ ‫االفراد على حرياتهم السياسية واالجتماعية المتعددة ‪ ،‬وقد مثل هذا التصور عند هيكل‬ ‫من خالل ما لخصه فولتير من افكار سياسية في كتابه عن شكل الدولة الفرنسية فكان‬ ‫بذلك يميل الى المدرسة العقالنية ‪ ،‬ثم اعجب هيكل بالمثالية فتبنى فكرة ( توماس‬ ‫كاريل ) بما يخص ( العبقري ) الذي يظهر فجأة وينقذ االمة مما وصلت اليه من‬ ‫خراب وفساد في مصر ‪ ،‬ثم عاد مرة ثانية الى العقالنية فدعا الى فكرة المثقف الناضج‬ ‫الذي كان من واجبه وزمالؤه من وجهة نظر هيكل أن يسلحوا األمة بوسائل الثقة‬ ‫بالدولة ‪ ،‬وان يغرسوا في نفوسهم مبادئ الحرية واالستقالل أكثر مما يغرسوا الكراهية‬ ‫الخالصة لبريطانيا وان اليقدمون والءهم أال لمن يقتنعون به علميا ‪ ،‬كما أن واجبهم‬ ‫يتمثل في الوقوف بوجه التصورات العاطفية غير العقلية لعامة الناس التي تضر‬ ‫بعملية اإلصالح ‪ ،‬كما طلب منهم كذلك محاربة المظاهر التي تهدد العقل في الحياة‬

‫‪15‬‬


‫‪85‬‬ ‫العامة ‪ ،‬وأن يكون لدى المثقفين قدر كبير من الشجاعة للوقوف بوجه الغالبية العظمى‬ ‫من الناس ‪.‬‬ ‫وأقترب هيكل في الحقيقة من تطبيق مبادئه هذه ووجد األمل كبيرا خاصة بعد تسلمه‬ ‫رئاسة صحيفة ( السياسة ) لسان حال ( حزب األحرار الدستوريين ) ‪ ،‬التي كانت‬ ‫من أكثر الصحف أهمية في األوساط الليبرالية في مصر والشرق األوسط هذا من‬ ‫ناحية ومن ناحية أخرى فقد شرع هيكل وعلى نحو منظم تطوير فكرة الوطنية وحب‬ ‫الوطن التي بدت تأخذ حيزا كبيرا من كتاباته ‪ ،‬وبدا من هذا المنظور يقرأ األوضاع‬ ‫السياسية واالجتماعية في مصر‬ ‫وقد صرح (هيكل) في أكثر من مقال وروج كثيرا عن مسألة حب الوطن وضرورة‬ ‫الدفاع عنه فيقول في هذا السياق مثال ً‪ (( :‬يجب على أهل كل أمة أن يدافعوا عن‬ ‫حدودها وان يضحوا في هذا الدفاع بكل ما عندهم ‪ ،‬واليتأتى ذلك اال أذا هم أحبوا‬ ‫بالدهم أكثر من حبهم أنفسهم وتلك هي الوطنية )) كما أن مسألة صناعة تضامن‬ ‫وطني سليم هي التي ستأخذ من فكره كثيرا من السنوات ‪ ،‬كما وبقت مسألة تعزيز‬ ‫وحدة األمة هي في طليعة الواجبات التي يجب أن يشترك فيها قلب وعقل كل مصري‬ ‫‪ ،‬واذا كان البد لهيكل أن يخاطب الشعب المصري ‪ ،‬كان البد له من أن يحاكي ماضي‬ ‫ذلك الشعب وذلك ببعث حضارته ‪ ،‬والتذكير بأمجاده ‪ ،‬وهذا ما جعله في الحقيقة يدعو‬ ‫الى فكرة الفرعونية ثم الفكرة الوطنية لجمع شتات المصريين في مضامين ال تبعد‬ ‫كثيرا بأفكارها عن التوجه الغربي ‪.‬‬

‫‪ -2‬التوجه الفرعوني والقومي ‪:‬‬ ‫اول ا ‪ :‬التوجه الفرعوني‬ ‫في الحقيقة ان دعوة هيكل للفكرة الفرعونية لها أتصال وثيق بدعوته للفكر والتوجه‬ ‫الغربي ‪ ،‬وقد تعددت االسباب التي جعلت هيكل يلتفت للدعوة الفرعونية ومن أهم تلك‬ ‫االسباب ‪ ،‬رؤيته أن في حضارة أجداده الفراعنة ما يشبه الى حد كبير الحضارة‬ ‫الرومانية والتي كان الغرب عموما يتغنى ويتفاخر بها ‪ ،‬ومن هذا المنطلق وجد هيكل‬ ‫االسس الثابتة لدعوته وبما أن التاريخ في فكر تين هو نتاج العرق والبيئة والعصر ‪،‬‬ ‫وللبيئة الطبيعية في تفسير هيكل لتلك المنظومة مكانة مركزية وهو بعد على حق‬ ‫عندما يقرر أن هذه البيئة الطبيعية لم تتغير على نحو جوهري على الرغم من توالي‬ ‫القرون ليقرر في ضوء ذلك أنه على الرغم من أختالط األعراق الواسع الذي جرى‬ ‫في مصر على أمتداد تاريخها فأن شخصية مصر لم تتغير‬ ‫ويستنتج هيكل من هاتين المقدمتين أنه لم تبرز على أمتداد التاريخ المصري سوى‬ ‫شخصية وطنية واحدة ولم يحصل على اإلطالق ما تزعمه الكتابات التاريخية األوربية‬ ‫الزائفة من أن التأثيرات األجنبية أستطاعت أخفاء تلك الروح الوطنية كليا ‪ ،‬وبقى‬

‫‪12‬‬


‫‪85‬‬ ‫هيكل على الدوام يتصدى للمحاوالت التي تزعم أن الثقافات األجنبية والسيطرة‬ ‫الخارجية أستطاعت أن تطفئ تلك الروح ولذلك فقد صفق هيكل طربا وفرحا عند‬ ‫اكتشاف قبر ( توت عنخ أمون ) حيث يقول في هذا السياق (( كلنا صفق طربا‬ ‫الكتشاف اثأر توت عنخ أمون وكلنا مال ماضيغيه فخرا بمدينة هذه األسرة الثامنة‬ ‫عشرة الفرعونية على مابيننا وبينها من اآلالف السنيين))‬ ‫قصد هيكل من دعوته للفرعونية أحساس الفرد بمجد الوطن والوصول إلى ترقية‬ ‫الفرد ونهضة األمة ‪ ،‬ال مجرد التأمل واالعجاب الظاهري باآلثار الفرعونية ويقول‬ ‫في هذا السياق ‪ (( :‬ففي مصر نشأت الحضارة األولى وعليها تغلبت كل الحضارات‬ ‫واألديان التي أتبعتها ثم أنتقلت إليها المسيحية مع الحكم الروماني ‪ ،‬وكل الحضارات‬ ‫التي تعاقبت على مصر تأثرت كلها إلى حد كبير بالحضارة الفرعونية األولى وأثرت‬ ‫فيها وماتزال أثارها باقية إلى اليوم ال في البرديات والمقابر وكفى بل في نفوسنا نحن‬ ‫الذين نعمر مصر بعد الفراعنة ))‬ ‫وهكذا عندما دعا هيكل للفرعونية والتفت إليها فانه فعل ذلك من أجل أن يقيس الحاضر‬ ‫بمقياس الماضي ويحفز مصر للقيام بأعمال جديدة ولكي يبين لمصر ما ينتظرها من‬ ‫مستقبل عظيم جراء هذا الماضي العظيم ‪ ،‬ومن هنا فانه من الضروري وجود لون‬ ‫من التأمل التاريخي الذي يستطيع أن يبرز بجالء تأثير هذا الماضي على الحاضر‬ ‫وبجعل هذا الماضي كما يقول يحتذى به ‪ ،‬وقد أكد هيكل في أن الذين أغاروا على‬ ‫مصر ثم استوطنوها لمدة طويلة فقدوا كل صفات أجناسهم وخضعوا لحكم الوسط‬ ‫الطبيعي وأصبحوا وكأنما إباؤهم وأجدادهم من عصر الفراعنة ‪ ،‬كما أكد على انه‬ ‫هناك أتصال وثيق بين مصر القديمة ومصر الحديثة وان واجبه وواجب جميع‬ ‫المصريين أن يبحثوا عن مواضع هذا االتصال وأن خير مياديين البحث أنما هو األدب‬ ‫وكتبه والعقائد وطقوس العبادة‬

‫ثانيا ا ‪ :‬التوجه القومي‬ ‫في الحقيقة أن ثورة ‪ 1212‬كانت ثمرة كبرى للتوحد الوطني والتفات الشعب المصري‬ ‫إلى ماهية الوطن ومصالحه الوطنية ‪ ،‬وعقب تلك الثورة ببضع سنوات ألغيت الخالفة‬ ‫اإلسالمية وكان ذلك مؤشرا في الحقيقة يدل على تفتت رمز السيادة العثمانية باآلستانة‬ ‫‪ ، 1222‬والالفت للنظر أن النزعات سواء الفرعونية في مصر ‪ ،‬أو الفارسية في‬ ‫إيران ‪ ،‬أو التركية في تركيا ‪ ،‬أو العربية في البلدان العربية ظهرت كلها تقريبا في‬ ‫توقيت أنحل فيه عقد الجامعة اإلسالمية كأول تطبيق للبدء في ترويج دعوات االقليمة‬ ‫والقومية وتمزيق العالم االسالمي إلى قوى محلية ‪ ،‬أضافة إلى وجود عوامل أخرى‬ ‫منها مثال ما أفرزته البيئة المصرية نفسها ‪ ،‬ومنها عوامل جاءت محصلة لمراحل‬ ‫نشأة وتطور القوميات في أوربا ‪ ،‬وقد تبلورت أصداء تلك النزعات القومية في مصر‬ ‫إلى فكرتي الفرعونية والوطنية ‪ ،‬ونتيجة لذلك فقد ترددت في البيئة المصرية أصداء‬

‫‪17‬‬


‫‪85‬‬ ‫اإلحساس في النزعة القومية واستلهام التاريخ الوطني مع اإلفادة من األفكار القومية‬ ‫الحديثة الوافدة من أوروبا‬ ‫وفي الحقيقة ان قادة الفكر في الغرب نجحوا في بالدهم في بناء الشخصية القومية في‬ ‫شتى عناصرها ‪ ،‬وبخاصة في مجالي الفكر والفن وهما عنوان حضارة كل أمة ‪،‬‬ ‫لذلك كان هيكل معجبا أشد االعجاب بمفكري الثورة الفرنسية وأساتذة جامعة‬ ‫السوربون ومنهم ( ‪ ) Lansoon‬الذي أوضح كيفية أقامة شخصية مستقلة لالدب‬ ‫الفرنسي على أساس عدم التنكر الدب االقدمين ‪ ،‬ثم كيف تخلص في القرن الثامن‬ ‫عشر من هذا االدب القديم ‪ ،‬ومن جهة اخرى فقد عمقت مبادئ الرئيس االمريكي‬ ‫ويلسون مفهوم القومية في فكر هيكل ‪ ،‬وقبل ذلك قد القت اقباال واعجابا في العالم‬ ‫الغربي أجمع وذلك عندما غلفت بأطار الحرية والمساواة والعدل ‪ ،‬وهي قيم تهدف‬ ‫الى تأكيد الروابط القومية واالنسانية‬ ‫تميزت دعوة هيكل الصالح المجتمع بعدة مميزات منها انه عندما أستعار الفكرة‬ ‫الفرعونية وحاول من خاللها أبراز الشخصية المصرية اراد افهام المصريين أن لهم‬ ‫باع طويل من الحس الحضاري وان األخير لم ينمو ويتطور ويصنع كل هذا المجد‬ ‫أال بتعاضد أفراده وتضامنهم اال انه وفي نفس الوقت وجد أن هناك فجوة كبيرة تعيق‬ ‫االرتباط بين تاريخ مصر القديم وتاريخها الحاضر لكنه وجد بأن أحياء الفكرة الوطنية‬ ‫المصرية هي أحد الحلول لجمع شمل المصرين وجعلهم يعملون كل مافي وسعهم‬ ‫للنهوض بواقعهم ‪ ،‬سيما ان هذه الفكرة كانت متجذرة في فكره منذ أن كان طالبا في‬ ‫السوربون وتبين ذلك واضحا من خالل عرضه لتاريخ بلده منذ مدة سبقت حكم دمحم‬ ‫علي مبينا أنه ليس هناك تاريخ صحيح ومدروس علميا بطريقة صحيحة وبالتالي نجده‬ ‫يعرض في كتابه الموسوم ( تراجم مصرية وغربية ) عرض مختصر لتاريخ مصر‬ ‫منذ أيام الفراعنة واقفا عند أهم حقبه ‪ ،‬وقد لجأ إلى هذا األسلوب لتحقيق أمرين غاية‬ ‫في األهمية أولهما تقديم دراسة علمية عن تاريخ مصر السياسي ‪ ،‬وثانيهما تصحيح‬ ‫ماورد في كتابات بعض المستشرقين الذين دونوا تاريخ مصر وفق فترات ومسميات‬ ‫( كالعهد الفارسي والعهد الروماني ) وأنه ليس من الصحيح أعتبار قيام ملك دولة‬ ‫أجنبية على ارض مصر أن تسمى الحقبة التاريخية بأسمها حيث يقول في هذا السياق‬ ‫‪((:‬اال أذا أعتبرنا أن قيام ملك كملك االنكليز على رأس أكبر أمبراطورية في الوقت‬ ‫الحاضر مع أنه من أصل غير أنكليزي دليال على أن أنكلترا أو االمبراطورية‬ ‫البريطانية كلها خاضعة لألمة التي يرجع إليها دم مليكها وهذا لغو في القول )) ‪.‬‬ ‫ومن اجل تحقيق كل معاني القومية المصرية فقد دعا هيكل الى ضرورة رفع لواء‬ ‫االخوة الوطنية ‪ :‬وتنشئة الجيل المصري بحيث يقدر الواجب والعمل للخير العام‬ ‫ويرفع لواء اإليثار ويقدمه على كل لواء ومقام األخوة الوطنية واألخوة االنسانية فوق‬ ‫كل مقام ‪ ،‬وبذلك يعود التضامن االجتماعي قويا بين أبناء مصر وبالتالي يقوى البناء‬

‫‪12‬‬


‫‪85‬‬ ‫القومي ‪ ،‬كما دعا الى توحيد التعليم لئن أختالف األساس الذي يقوم عليه التعليم يجر‬ ‫إلى أختالف الناس في تصوير األشياء ‪ ،‬ويجر بالتالي إلى عدم السهولة في تفاهمهم‬ ‫بعضهم مع البعض األخر ‪ ،‬ويخلق نظاما أشبه بنظام الطوائف ‪ ،‬وهذا النظام هو أضر‬ ‫من نظام الطوائف القائم على أساس من أختالف الثروة وتفاوت توزيعها بين الناس‬ ‫وهو لذلك كتب العديد من المقاالت في هذا الشأن ومنها ( سياسة التعليم في مصر )‬ ‫و ( التعليم األولي وما يجب له ) و ( الحيرة في تعليم الناشئة )‬ ‫وفي سياق دعوته للتضامن االجتماعي عالج هيكل مسألة الفالح وكتب عنها الكثير‬ ‫من المقاالت ‪ ،‬مبينا أن النهوض بالفالح هي نقطة البدء مشيرا إلى أن طبقة الفالحين‬ ‫هي الشريحة الكبرى التي يـتألف منها سكان مصر آذ لم يكونوا األمة كلها ‪ ،‬وبالتالي‬ ‫وجب توفير كل اسباب الحياة االنسانية لهذا الفالح وتهيئة الظروف الصحية والعقلية‬ ‫والعملية له ‪.‬‬

‫فكرة الحرية والديمقراطية عنده‬ ‫وقد حمل هيكل لواء هذه الفكرة منذ أن كان منتميا إلى حزب األمة عام ‪ ، 1257‬ثم‬ ‫ترسخت الفكرة أكثر فأكثر وطبع كل ما كتبه في صفحات السياسة بهذه الصبغة التي‬ ‫تميل إلى تقديس الحرية الفردية وأحترامها ‪ ،‬وما لبثت أن أصبحت الحرية عنده ألتقبل‬ ‫أي قيود وال يقف أمامها حدود على اعتبارها حق أصيل لكل فرد من أفراد المجتمع‬ ‫وان أي امتهان لها ماهو أال امتهان للكرامة االنسانية ‪ ،‬وقد قسم هيكل الحرية إلى‬ ‫عدة انواع أبرزها ‪ :‬الحرية الفردية ‪ :‬والتي بدت من وجهة نظره قد تجسدت في‬ ‫النهضة التركية التي قامت في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك الذي وجده مثاال‬ ‫للديمقراطية المستعارة من الغرب ‪ ،‬والحرية االجتماعية والتي تمثلت من خالل‬ ‫تطورها في أوربا مشيرا إلى أن إلغاء الرق جاء نتيجة لتطور الحركات الفكرية التي‬ ‫أدت إلى تقرير حقوق اإلنسان ‪ ،‬فقد نادت تلك الحركات بضرورة أن يتسلح األفراد‬ ‫جميعا بأسباب المعرفة التي تمكنهم من أن يشقوا طريقهم في الحياة الكريمة ‪ ،‬وقد‬ ‫أعترفت األمم المتقدمة وعلى أثر تلك الحركات بحق األفراد جميعا في أن ينالوا حظا‬ ‫من التعليم يؤهلهم ألدارك مافي الحياة من معاني الحق والخير والجمال ‪ ،‬وبذلك‬ ‫نهضت الشعوب التي تقرر فيها هذا الحق نهضة قوية ‪ ،‬وبالتالي قوي تضامنها‬ ‫االجتماعي وبدأت تقدم للشعوب خدمات جلية بعد أن أصبحت قدوة لهم‬ ‫وكون أن مسألة المرأة قد شغلت هيكل كثيرا باعتبارها أهم أركان الحرية االجتماعية‬ ‫‪ ،‬فقد وجد هيكل في ان المرأة التركية قد نالت حقوقها وحريتها كما كان يريد هيكل‬ ‫وذلك بفضل أتاتورك أيضا ‪ ،‬وانتقد علنا كل من وقف بوجه الدعاوي التي أثيرت‬ ‫بشأن مسألة السفور وأعتبر أن من وقف أمامها هم رجال الحكم المحافضون الذين‬ ‫أستندوا إلى األوهام لمنعها من السفور ‪ ،‬وبإزالة وجهات النظر هذه أندفعت المرأة‬ ‫إلى السفور والى الحرية كما يندفع الماء الحبيس‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫‪85‬‬ ‫كما دعا الى حرية التعبير والتفكير ووجد بأنهما اللذان كفال للحركات االجتماعية أن‬ ‫تزدهر وتقوى ‪ ،‬كما كفال لألمم عزتها وسعادتها ‪ ،‬كما أيقنت هذه الشعوب أيضا أن‬ ‫أي تفريط ولو بيسط بهذا الحق سيصيب األمة بأكبر األضرار ‪ ،‬وبالتالي فقد جعلت‬ ‫لهذا الحق من القدسية في دساتيرها وقوانينها مايرد عنها كل غائلة ‪ ،‬ويدفع عنها كل‬ ‫عادية ‪ ،‬لتؤتي من الثمرات ما يدفع االنسانية كلها نحو الكمال ‪ ،‬وتأسيا على ما تقدم‬ ‫يبدو أن أيمان هيكل بالنظرية الفردية لم يكن بكل حذافير النظرية الفردية الغربية ‪،‬‬ ‫وإنما أستطاع هيكل تطويعها في أطار الفكرة العامة التي أمن بها وروجت لها مدرسة‬ ‫الجريدة وهي فكرة ( المصرية ) ‪ ،‬وبالتالي فقد جاء مايؤمن به هيكل نتيجة لهذه‬ ‫النظرية الفردية تتفق وطبيعة المجتمع المصري ‪.‬‬ ‫اما الديمقراطية فقد ربط هيكل تاريخها على نحو عام بأنها تنبع من طبيعة مصر التي‬ ‫تتفق ومبادئ الديمقراطية اذ يقول في هذا السياق ‪ (( :‬هذا النهر الذي يسقي الناس‬ ‫جميعا ويخصب األرض جميعا ويبعث الحياة من مائه حيثما جرى ‪ ،‬وهذه الشمس‬ ‫التي تضيئ على احد بنورها ودفئها وبما في أشعتها من أسباب النشاط والصحة ‪،‬‬ ‫وهذا الوادي المنبسط والصحراء المنبسطة من وراءه ذلك كله يوائم التفكير‬ ‫الديمقراطي ويمتزج اشد االمتزاج معه ))‬ ‫وقد ولدت فكرة الديمقراطية عند هيكل في سياق دعوته إلى الوطنية المصرية من‬ ‫خالل صحيفة الجريدة التي كانت ترمي إلى خلق مجتمع ديمقراطي جديد ‪ ،‬وفي البداية‬ ‫كان أحمد لطفي السيد قد زرع هذه الفكرة في عقول طالبه في حزب األمة والذين ما‬ ‫لبثوا ان طوروها إلى حدود العمل في الواقع وكان هيكل من أبرزهم ‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن هيكل كان قد أستلهم فكرة الديمقراطية من خالل‬ ‫أتصاله بالثقافة األوربية وبعد أن عاش مدة طويلة في مجتمعها الديمقراطي ‪ ،‬وكذلك‬ ‫تولدت عنده الفكرة من خالل قراءاته الواسعة عن تاريخ مصر ‪ ،‬وبالتالي خرج ينادي‬ ‫بفكرتي الحرية والديمقراطية في أغلب كتبه ‪ ،‬وكان كتابه الموسوم ( تراجم غربية‬ ‫ومصرية ) يعبر جليا عن هذه الفكرة ‪.‬‬

‫‪ -3‬التوجه السالمي ‪:‬‬ ‫هناك الكثير من االسباب والعوامل التي جعلت هيكل يتوجه بفكره وكتاباته نحو الفكر‬ ‫السياسي االسالمي ومنها تزايد نشاط التنصير بمصر في الثالثينات من القرن العشرين‬ ‫وعن هذا النشاط فقد تحدث هيكل عن ظهور المنصرين فجأة في مصر في ثوب‬ ‫مخيف ‪ ،‬وتحدثت الصحف عن وسائل األغراء التي يلجأ اليها المنصرون لحمل السذج‬ ‫على أعتناق النصرانية ‪ ،‬من األطفال األبرياء وممن عامة المسلمين ‪ ،‬وبين هيكل‬ ‫أرتياع الناس لهذه الحملة أيما أرتياع ‪ ،‬ونتيجة لذلك فقد تشكلت جمعية لمقاومة هذا‬ ‫التنصير وكانت تجتمع في دار الشبان المسلمين وكان هيكل احد أعضائها ‪ ،‬الى جانب‬

‫‪25‬‬


‫‪85‬‬ ‫فقد غضب هيكل على تبجح القديس ( زويمر ) الذي دخل األزهر وأخذ يوزع‬ ‫منشوراته التي تفيض بالطعن على االسالم ‪ ،‬إلى جانب التعصب المسيحي الواضح‬ ‫من قبل علماء الغرب ورجاله ضد االسالم اذ أخذوا يعرضون بدمحم وينعتونه بأوصاف‬ ‫يبرأ منها المهذب من الرجال ‪ ،‬وذلك كما عبر هيكل لما في قلوبهم من غل ‪ ،‬وتعجب‬ ‫هيكل من هذا التعصب المسيحي الغربي في عصر يزعم فيه الغرب أنه عصر النور‬ ‫والعلم‬ ‫الى جانب ذلك فقد كان هيكل مقتنعا بأن حياة الغرب ال تصلح أن تكون هدى أو نبراسا‬ ‫لمصر أو للشرق عموما ‪ ،‬وايمانه كذلك بأن هناك هوة واسعة تفصل بين تاريخ مصر‬ ‫الحاضر وتاريخها القديم في عهد الفراعنة ولعل هذا النص الذي دونه في كتابه‬ ‫الموسوم ‪ ( :‬في منزل الوحي ) ليدل داللة واضحة على أقتناع هيكل الكلي بالتوجه‬ ‫وقلمه صوب الدراسات االسالمية وفي هذا السياق يقول (( ولقد حاولت أن انقل ألبناء‬ ‫لغتي ثقافة الغرب المعنوية وحياته الروحية لنتخذهما جميعا هدىا ونبراسا ولكني‬ ‫أدركت بعد آلي أني اضع البذر في غير منبته فأذا االرض تهضمه ثم التتمخض عنه‬ ‫‪ ،‬والتنبعث الحياة فيه ‪ ،‬وانقلبت التمس في تاريخنا البعيد مؤئال لوحي هذا العصر‬ ‫يُنشأ فيه نشأة جديدة ‪ ،‬فإذا الزمان وإذا الركود العقلي قد قطعا بيننا وبين ذلك العهد‬ ‫من سبب قد يصلح بذرا لنهضة جديدة ‪ ،‬ونظرت فرأيت أن تاريخنا االسالمي هو‬ ‫وحده البذر الذي ينبت ويثمر )) ‪.‬‬ ‫كما استنتج هيكل أن االسالم كان قد نادى قبل أكثر من ألف عام من قيام الثورة‬ ‫الفرنسية بالشعار الذي تبنته وتبناه هيكل فترة طويلة من حياته وهو شعار ( الحرية ‪،‬‬ ‫اإلخاء ‪ ،‬المساواة ) ‪(( ،‬فمتطلبات المحبة والعدالة والتسامح شكلت القاسم المشترك‬ ‫مع المتطلبات الخاصة بالحرية واإلخاء والمساواة االسالمية ‪ ،‬وهذه المبادئ ليست‬ ‫أوربية ‪ ،‬صحيح أن المرء يقرأ عن المبادئ اإلسالمية في الغرب لكنه يجري‬ ‫استخدامها لتسويغ التنافس وشحن صراع الطبقات))‪ .‬وتأكد هيكل من أن الوالء‬ ‫القومي الواعي والمؤسس على مفهوم أسالمي حضاري ال على أساس اقليمي او‬ ‫عرقي هو التوجه الفكري الصحيح واإلطار االشمل الذي يتجاوز المفاهيم الضيقة‬ ‫لفكرة القومية عرقية كانت أوإقليمية ‪.‬‬ ‫كما توصل هيكل ومن خالل عدة آيات في القرآن الكريم إلى فكرة شمولية االسالم‬ ‫لمتطلبات الحياة العصرية المستعارة من الغرب الى جانب دعوته للتوحيد االنساني ‪،‬‬ ‫وأيمان البشر وهدايتهم وأنه نقلهم من دار الصراع واالقتتال القبلي أو االقتتال اإلقليمي‬ ‫الى دار السالم ‪ ،‬كما وجد أن االسالم قد وحد منذ البداية بين ذوي األصول العرقية‬ ‫المختلفة مثل العدنانيين والقحطانيين والعرب فصاروا أمة واحدة وقوما واحدا ‪،‬‬ ‫كما رأى هيكل أن هذا التنصير يخفي وراءه دواعي وأسباب سياسية الهدف منها‬ ‫أضعاف مافي النفوس المصرية وغيرها من ثقة بدين الدولة وذلك بأضعاف عقيدة‬

‫‪21‬‬


‫‪85‬‬ ‫الشعب حتى يرتد عن دينه إلى دين آخر ‪ ،‬إلى جانب ذلك فقد وجد هيكل أن هذه‬ ‫الحركة أنما جاءت خالفا لما يدعو علماء الغرب من حرية الرأي واالعتقاد ‪ ،‬فأغراء‬ ‫الناس بالوسائل المادية لحملهم على تغيير دينهم أو رأيهم هو محاربة دنيئة لهذه الحرية‬ ‫‪ ،‬كما اراد هيكل أن يؤرخ للدولة اإلسالمية ولشخصيات اإلسالم الكبرى التي مهدت‬ ‫النتشار الدين وأتساع رقعة الدولة اإلسالمية ‪ ،‬وان دراسة هذه الدولة وبيان أسباب‬ ‫نهضتها في نظر هيكل هي احى الوسائل المهمة لشرح المبادئ السامية التي يقوم‬ ‫عليها الدين االسالمي ‪ ،‬وهذه المبادئ واألساليب هي أكبر رد على المتحاملين على‬ ‫اإلسالم ‪ ،‬عندما درس هيكل حياة دمحم ورأى ما أحدثه الكتاب من صدى وتقبل على‬ ‫مستوى القراء أراد أن يؤرخ لالمبراطورية اإلسالمية بمختلف أطوارها وعدم التوقف‬ ‫عند حياة صاحب الرسالة مؤسس تلك االمبراطورية وذلك مايزيد المسلمين قدرا أكبر‬ ‫من التأسي بالرسول وتعاليمه وانه يفتح بابا جديدا من العلم بهذه الحياة ‪ ،‬وذلك ليزداد‬ ‫العلماء اقتناعا بالتاريخ االسالمي وما فيه من حقائق نفسية وروحية ما يزال العالم‬ ‫يقف حائال بكل الوسائل ال يستطيع أن يثبتها بأدلته وال سيتطيع مع ذلك أن ينفيها‪.‬‬

‫فكرة الحرية والمساواة والخاء في السالم‬ ‫يؤكد هيكل أن الحرية كانت المبدأ األقوى في اإلسالم ‪ ،‬وانها قد تحققت بوصفها حرية‬ ‫الفرد والمجتمع ‪ ،‬وتحققت كذلك بوصفها لونا من حرية الرأي وحرية االعتقاد التي‬ ‫شكلت األساس النطالق الدعوة اإلسالمية ‪ ،‬وهدف هيكل من خالل نظرته إلى‬ ‫مصطلح الحرية التأكيد على أن مبادئ اإلسالم هي وحدها التي تكفل النظام السليم ‪،‬‬ ‫وقد أراد هيكل أثبات أن النظام أكثر أهمية من المبادئ بقوله ‪ (( :‬الواقع أن العالم‬ ‫اضطرب منذ أقدم العصور بين امريين جوهريين لحياته أو انه اليزال حتى اليوم‬ ‫مضطربا بينهما ‪ ،‬ينصر احدهما حينا ‪ ،‬وينصر احدهما حينا ‪ ،‬هذان األمران هما‬ ‫الحرية والنظام )) ‪ ،‬فالجماعة الحياة لها أال بالنظام ‪ ،‬والفرد الحياة له أال بالحرية ‪،‬‬ ‫فإذا تعارضت حرية الفرد ونظام الجماعة فأيهما نؤيد ؟ النظام الريب ‪ ،‬وهذه الحال‬ ‫هي التي يراها فقهاء المسلمين منذ العصور الوسطى والتي ترى أن على المرء أن‬ ‫يطيع ولي األمر حتى لو كان ظالما الن ستين عاما مع أمام جائر هي خير من ليلة‬ ‫السلطان فيها ‪.‬‬ ‫لكن حدود الحرية كما يراها هيكل قابلة للضبط شأنها شأن النظام ‪ ،‬أما على مستوى‬ ‫الممارسة فأن هيكل يوسع حدود النظام عامدا على حساب الحرية ‪ ،‬وعندما يتأمل‬ ‫هيكل األشكال األوربية غير الشيوعية فأنه يقول ‪ ":‬أن حرية الرأي على أطالقها‬ ‫يمكن أن تحتمل ما بقيت حبيسة في حدود القول الذي ال يتصل منه بالجماعة ضرا او‬ ‫نفعا وأوشك هذا الرأي أن يثير في الجماعة االنسانية الفساد فوجبت أذا محاربة هذه‬ ‫التأثير ووجبت محاربة مظاهر الرأي جميعا‬

‫‪22‬‬


‫‪85‬‬ ‫كما رأى هيكل أن الدولة اذا ارادت ان تكون قوية يجب أن يكون لها عقيدة معنوية‬ ‫ثابتة يؤمن بها أهلها ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة ‪ ،‬فإذا وجد الذين يقومون‬ ‫في وجه هذه العقيدة التامة التي يجب أن تكون أساس الدولة فأولئك هم الفاسقون ‪،‬‬ ‫وأولئك هم نواة الثورة األهلية والفتنة الماحقة ‪ ،‬وأولئك يجب ان ال يكون لهم عهد ‪،‬‬ ‫ويجب أن تقاتلهم الدولة ‪ ،‬ومن جهة أخرى لم تعد الدولة في نظر هيكل هي الوسيلة‬ ‫المثلى لنشر الدين اإلسالمي ‪ ،‬بل غدا الدين الوسيلة المثلى للمحافظة على بقاء الدولة‬ ‫وقد أستخدم هيكل وهو يدون كتابه الموسوم ‪ ( :‬أبو بكر الصديق ) أستحضار ما فعله‬ ‫أبو بكر عندما اخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ‪ ،‬وهو يتأمل في عام‬ ‫‪ 1237‬ماكان يحدث لليهود من مالحقة واضطهاد في المانيا بقيادة هتلر لهم ‪ ،‬وكان‬ ‫هيكل يظن أن كل من يدرك سياسة بريطانيا ومراميها البعيدة يعي أن مايحدث لليهود‬ ‫في انكلترا ليس أال مقدمة الجالئهم عنها دون أن يالحظ الفرق بين العنصرية الفاشية‬ ‫وجهاد اإلسالم ‪.‬‬ ‫وبالتالي فأن التفكير األوربي كما يرى هيكل قد شوه مفهوم الحرية الن التفكير الحديث‬ ‫أفسد في الذهن صورة الحرية حين هدم حدودها الروحية والنفسية ‪ ،‬ثم أستقى صورها‬ ‫المادية التي ينفذها الجندي بسيف القانون ‪ ،‬فاإلنسان ليس حرا بحكم هذا التفكير‬ ‫الحديث في أن يعتدي على مال غيره أو على شخصه ‪ ،‬ولكنه حرا في أمر نفسه ‪،‬‬ ‫وإذا جاوز في ذلك كل ما يقره العقل أو تمليه قواعد الخلق ‪ ،‬وان سيطرة الفرد على‬ ‫ذاته كما يرى هيكل ستقود إلى الدمار الذاتي ‪ ،‬ومن ثم فقد كانت اإلباحة في العقيدة‬ ‫بعض مايقدسه أهل الغرب وكانوا أشد تقديسا لها من تقديسهم اإلباحة في ال ُخلق منهم‬ ‫لحرية الحياة االقتصادية المقيدة بالقانون ‪.‬‬ ‫وفي المقابل فقد قارن هيكل مجددا بين الفكر اإلسالمي والفكر األوربي والذي مثل‬ ‫تهديدا حقيقيا للحرية من خالل عبودية المرء فيه لعاداته وغرائزه ‪ ،‬ومن ثم جاءت‬ ‫األمثلة التي ضربها هيكل من خالل فريضة الصوم ليبن اآلتي ‪ (( :‬أذا اقبلنا على‬ ‫الصيام مختارين مدركين أن امرأ ال يمكن أن يختلف عن حكم العقل ما أدرك العقل‬ ‫أغراض الحياة في أسمى صورها مايفرضه االنسان على نفسه بأذن هللا من حدود‬ ‫روحية ونفسية لحريته بالتحرر من بعض شهواته وعاداته هو خير ما يكفل لتفكيره‬ ‫أن يبلغ مراتب األيمان العليا))‬ ‫اما عن المساواة واالخاء فأكد هيكل ان اإلسالم المبكر قد عرف لونا من السيادة‬ ‫الشعبية كان يحكمها دستور واحد هو القرآن ‪ ،‬حيث كانت تجري أنتخابات حرة‬ ‫وعامة للخليفة الذي اليترشح بل يرشحه آخرون لتجئ البيعة العامة له من ثم أمام من‬ ‫يعارضون أختياره ‪ ،‬ويرى هيكل أن هذه البيعة أنشأتها الشورى ‪ ،‬فليس أنتخاب رئيس‬ ‫الجمهورية في فرنسا أو الواليات المتحدة االمريكية بأكثر حرية منها ‪ ،‬أما المبدأ‬ ‫األعلى الذي يضبط أحكامه فهو المساواة أمام القانون ‪ ،‬لذا كان عصر صدر اإلسالم‬

‫‪23‬‬


‫‪85‬‬ ‫مثاال يحتذى للدولة الديمقراطية الدستورية ‪ ،‬كما يرى هيكل أن الصراع الذي نشب‬ ‫بين المهاجرين واألنصار الختيار الخليفة األول كانت عبارة عن أنتخابات حرة وعامة‬ ‫اذ كانت تتحقق عندما تختلف اآلراء وتصل إلى حد التصادم قبل أن يتم اختيار الحاكم‬ ‫وهذا أمر طبيعي في نظر هيكل ‪.‬‬ ‫وفي معرض حديثه عن المساواة بين المسلمين أمام القانون فقد تناسى هيكل أن هذه‬ ‫المساواة موجودة ضمن االسس التي تبنى عليها الدولة وقائمة في نطاق سلطة الكلمة‬ ‫اإللهية التي تجعل المساواة بين المؤمنين امرا طبيعيا لكنها تختلف عن القوانين‬ ‫الوضعية من القانون الطبيعي الذي يساوي بين الناس جميعا ‪ ،‬وقد قارن هيكل بين‬ ‫المساواة في اإلسالم والمساواة في الحضارة الغربية عندما قال (( شتان مابين هذه‬ ‫المساواة التامة الصحيحة أمام هللا وما كانت تتحدث عنه الحضارة الغربية في العصور‬ ‫األخيرة من المساواة أمام القانون ‪ ،‬ولقد بلغت هذه الحضارة أالن أن كانت تنكر هذه‬ ‫المساواة أمام القانون ‪ ،‬شتان مابين هذه المساواة أمام هللا تمسها حقيقة ملموسة في‬ ‫ساعة الصالة وتهتدي أليها برأيك الحر ‪ ،‬وبين مساواة في النضال لكسب المال نضاال‬ ‫يبيح الخديعة والنفاق ))‬

‫‪23‬‬


‫‪85‬‬

‫احمد جارهللا ياسين‬ ‫في الثمانينيات كانت المعلمة تسالنا‪ :‬ماذا تريدون ان تصبحوا في المستقبل ؟‬ ‫كنا جميعا نقول بحماس شديد وصوت عال ‪ ..‬نريد ان نكون ضباطا… !‬ ‫في التسعينيات ‪..‬تحت بشاعة الحصار االقتصادي‬ ‫سالت اخوتنا الصغار السؤال نفسه ‪..‬فأجابوا ببرود ‪:‬‬ ‫نريد ان نكون تجارا ‪..‬او فالحين ‪!..‬‬ ‫بعد ‪.. 2553‬سالت اوالدنا ‪..‬السؤال نفسه فأجابوا بتثاؤب ‪:‬‬ ‫نريد ان نكون برلمانيين او مسؤولين ‪!..‬‬ ‫ياالهي‬ ‫متى ياتي زمان‬ ‫يتمنى فيه االطفال ‪ -‬مثال ‪ -‬ان يكونوا شعراء !!‪.‬‬

‫‪25‬‬


‫‪85‬‬

‫حسام الطحان‬ ‫تقول الدراسات التاريخية ان اول ماعون باجة عرفته االنسانية صنع في نينوى على‬ ‫عهد ملكها اشور بانيبال ‪....‬‬ ‫وقد عثر المنقبون على الماعون وفيه بقايا من الدهن الملحوس‬ ‫باللسان ‪ ،‬واكتشف العلماء الذين فحصوا الماعون ان اللسان الذي لحس الماعون يعود‬ ‫للملك اشور نفسه ‪.‬‬ ‫طبعا االكتشاف اعلن عنه بعد فحص ال ‪. DNA‬‬

‫‪22‬‬


‫‪85‬‬

‫اسماعيل خوشناو‬

‫نَواف َذ ال ُبيوت‬ ‫برقَ َصات ُر ُموِش‬ ‫َأ ْس َ​َت ُق ألنَّ َظر‬ ‫َأفْر ُش ف ْكري‬

‫سأَمتطي‬ ‫غُيو َم السامء‬ ‫قاق املدينة‬ ‫جر ُز َ‬ ‫و َأ ُّ‬ ‫و َأن ْ ُس ُج‬

‫و ُأطل ُق ُز ُمرا‬

‫عىل سطح‬ ‫ُل‬ ‫ك بيت‬

‫من فُرسان َشويق‬ ‫بني‬ ‫لت َ ْس َت َ‬

‫لوح َة حياة‬

‫ففي احداها‬ ‫ِ‬ ‫تُو َجدُ حمت‬

‫ل َم ْن يه‬ ‫بروهحا‬ ‫ملك ُة جامل‬

‫مرييت‬ ‫َأ َ‬ ‫ُسلطان ُة ألْمدينة‬

‫ل ل‬ ‫ك نساء ألْمدينة‬ ‫و ُأغَاز ُل‬

‫‪27‬‬


‫‪85‬‬

‫ام البنين الحسني‬

‫يراودين طيفك ك ليةل‬

‫اىن يل جبرس يؤدي‬

‫بساعة الوجد‬ ‫عند منتصف احلنني‬

‫اىل شاطئك ؟‬ ‫تعا َل‬

‫يرشقنـي وجعا‬

‫مللت الَتقب‬

‫ارنو اليه لهفة وشوق‬

‫وشويق بلغ ارذل العمر‬

‫أقف عند همب الانتظار‬

‫يه الروح تنئ ظمئا‬

‫اشوايق حبر ‪ . .‬ويل قلب‬

‫والرايض اجدبت ابنتظار‬

‫واحد اليكفي لرشاهة‬

‫وابل من غيثك علهيا‬

‫عاشقة‬

‫فاخلريف عىل الابواب‬

‫تعريين ذكراك‬

‫ووصاكل فصل العشق‬

‫تغازل عيوين ذات‬

‫اخلامس‬

‫اللون الس نديس‬

‫تعال ‪.....‬‬

‫مثةل مازلت ‪...‬‬ ‫بصدى مهساتك ‪..‬‬ ‫‪22‬‬


‫‪85‬‬

‫نرجس عمران‬ ‫سورية‬ ‫عيون حائرة‬ ‫الشعاب غائرة‬ ‫بين تالفيف الفكر‬ ‫تبحث عن سبل الوصل‬ ‫والمحور خصر العسل‬ ‫منى مور موسيقا‬ ‫للعشق أسطورة‬ ‫على ساللم الليل‬ ‫تنثر النجو ُم لحن نينوى‬ ‫ُ‬ ‫والقمر مفتا ُح الصول‬ ‫ُ‬ ‫هل هجر موزات‬ ‫السمفونية ؟‬ ‫ولبستها نسمات السهر‬ ‫كم يحلو السمر ؟‬ ‫في حضرة العسل‬ ‫يغار اللوز والسكر‬ ‫حتى تحت اسنان المكسر‬ ‫والمحور خصر العسل‬

‫‪22‬‬


‫‪85‬‬ ‫يلف وجههُ بالحرير‬ ‫ُ‬

‫فما في الحب امتناع‬

‫ريش النعام‬ ‫ُ‬ ‫ساحةُ مهده‬

‫سأسري إليها وأعرج جليلة‬

‫ستشهد طيب عناق األحالم‬

‫أمر الهوى على القلب مطاع‬

‫انسجام‬ ‫في حضرة العسل‬

‫وأي إنسجام‬

‫خصر الزهر ينصاع‬ ‫سفن ًتمشي الهوينة‬

‫تغني سمفونية العشق‬

‫دونما شراع‬

‫ح‬ ‫األقدا ُ‬

‫قمح يغزو البيادر‬

‫تتجاذب نظرات خجلى‬

‫دونما ُزراع‬

‫في غياب العسل‬

‫قصائد ترددها أصداء المدينة‬

‫كانت في حالة ضياع‬

‫دونما يراع‬

‫دوي الوحدة‬ ‫ّ‬

‫وليدة ُ الحب هذه النغمة‬

‫صرخة القمرة‬

‫دونما صناع‬

‫ال لن ينام القمر‬

‫نور يوقد الظلمة‬

‫لمن بعده يخلق السهر ؟‬

‫فاألجساد منبع اشعاع‬

‫لمن يحلو السمر ؟‬ ‫إن مال خضر العسل ‪...‬‬

‫حانتك تناديني الليلة‬

‫‪35‬‬


‫‪85‬‬

‫مصطفى الحاج حسين‬ ‫إسطنبول‬

‫َّ‬ ‫السام ُء واطئ ٌة‬ ‫حَّت َّ‬

‫ُم َّد يل يَدَكَ اي وطين‬ ‫الغرب ُة ْ‬ ‫عيل َ​َكل َك َفن‬ ‫ضاقت َّ‬

‫والنَّدى ي َشكو م َن َالوهَن‬

‫أحيا من دون هواء‬

‫جدر ُان هذا البيت‬

‫و ُ‬ ‫وس ُع يف أنفايس‬ ‫املوت ي َ َت َّ‬

‫ال تَعرفُين‬ ‫وأان ل َ ْم أعتَد‬

‫ليس‬ ‫هذا َّالز ُ‬ ‫مان َ‬ ‫من زمين‬

‫عىل َسقف َ َُيطُّ فويق‬ ‫َوير َك ُبين‬

‫ليس هبذا العال‬ ‫و َ‬ ‫َمس َكين‬

‫الباب ال يفه ُم لُغَت‬ ‫ُ‬

‫ويف ديم‬

‫نفتح‬ ‫لي َ‬ ‫يرسق أصابعي‬ ‫فتاح ُ‬ ‫وامل ُ ُ‬

‫يب عن مشس ال تيض ُء‬ ‫غر ٌ‬ ‫كس لو ابلشَ َجن‬ ‫وعن ليل َم ُ‬ ‫هنا املا ُء َم ُ‬ ‫حش لو ابل َعلْقَم‬

‫الص ُرب لمين ايوطين‬ ‫ُج َّن َّ‬

‫ابلسقَم‬ ‫واخل ُ​ُزب معجو ٌن ُ‬

‫وقصائدي ضاقت لمين ذرعا‬

‫ويهنش ين‬

‫‪31‬‬


‫‪85‬‬

‫حسين علي‪/‬العراق‬

‫جالس على قارعة الطريق يتملكه اليأس و الحيرة و الغضب تجول في خاطره االفكار‬ ‫الحزينة و االنتقامية أحيانا ‪ .‬الدموع تذرف من عينيه حرقة لما اصاب زوجته المحب‬ ‫لها حتى الجنون و الهيذان ‪ .‬تحدثه نفسه كيف يعقل ان تجلد زوجته امام الناس ألمر‬ ‫تافه او من غير عمد انها اخرجت رأسها من باب البيت لكي تنادي على طفلها الوحيد‬ ‫التي صبرت نصف جيال من الزمن حتى يفرحها هللا و ترزق بهذا الصبي‪ .‬كيف يعقل‬ ‫ان اههان انا و زوجتي على يد رجل غريب ال ينطق حرفا واحد من اللغة العربيه؟‬ ‫تبا لهم و لمعتقداتهم و افكارهم العقيمة الترهات التي يتفوهون بها امامنا ليغشوا على‬ ‫ابصرانا و بصائرنا بظالمهم و ظاللهم‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬ ‫ينهض من كبوته ثم يدخل الى الدار امامه زوجته الحكيمة تطهو له العشاء‪ .‬ما بك يا‬ ‫مظلوم لماذا اراك اراك هكذا منزعج؟ حبيبتي كيف لي ان اال انزعج ؟ وما حدث لنا‬ ‫في الصباح مؤلم جدا و ظلم لنا و اهانة للجميع ‪ .‬مظلوم ال عليك يوما ما سينقشع هذا‬ ‫الظالم و سيولون الدبر سيرتفع صوت الحق و ترفرف رايات النصر ال عليك يا‬ ‫حبيبي‪ .‬هناء عندما ارى هذا الجالد الوغد امامي في السوق وهو يصرخ على الناس‬ ‫و يأخذ االتاوات من الباعة المتجولين واصحاب المحالت يتملكني غضب شديد و حقد‬ ‫ان امسك بيدي سكين الفرم و اقطع عنقه و اعناق من معه‪ .‬ويحك يا مظلوم إياك ان‬ ‫تفعل ذلك سيقتلونك بال هوادة و يمزقونك في المتفجرات اترضى أن اترمل و تيتم‬ ‫طفلنا الوحيد‪ .‬هناء انا احبك جدا انتي مالك بعيني و هللا يعز عليا ان افارقك او ارى‬ ‫دمعة من عيناك حبيبتي الغالية ‪ .‬ال عليك يا حبيبي ان هللا ال يحب الظلم على عباده و‬ ‫سيقتص منهم ومن يساندهم و يدعمهم ‪ .‬حبيبتي ان شاء هللا دعينا نتناول العشاء يا‬ ‫سيدة نبضي‪.‬‬ ‫سأذهب انا األحضر لك طعام العشاء و انت اذهب و اغسل يداك لنتناول الطعام ‪.‬‬ ‫خرج مظلوم مسرعا من دورة المياه ماذا هناك يا هناء ؟ ما هذه االصوات؟ حبيبي‬ ‫مظلوم انها اصوات اطالق نار في سوق الحارة و سمعت شخص يقول لقد هجموا‬ ‫على بيت الجالد وقتلوه مع عائلته ‪ .‬ماذا تقولين يا هناء؟!! الحمدهلل لقد اخذ هللا حقنا‬ ‫وحق الناس من هذا الكلب المشرد ضحكت هناء فرحا نعم استجاب هللا لنا‪ .‬تعالي يا‬ ‫فلذة كبدي لنتناول العشاء ونضيء الشموع على المائدة انها ليلة رومانسية بامتياز و‬ ‫وضع يده على كتفها و قبلها‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫‪85‬‬

‫ال اعرف ل احبك ولي‬ ‫سبب رمغ ك عيوبك احن‬ ‫اليك واش هتيي وصاكل‬

‫‪33‬‬


85

35


85

32


‫‪85‬‬

‫العنوان األصلي (باالنجليزية) ‪Ethics:‬‬ ‫المؤلّف ‪ :‬باروخ سبينوزا ‪Baruch Spinoza‬‬

‫اعداد‪ :‬قاسم الغراوي‬ ‫يثور سبينوزا هنا على الموروثات و الرواسب و يؤ ّكد أن تصور هللا على أساس أنه‬ ‫قاض أو سيد مهيمن هو تصور خيالي مرفوض تماما في ألنه يعني تشبيه هللا باإلنسان‬ ‫أو بالصفات اإلنسانية‪ .‬نقول ذلك ونحن نعلم أن سبينوزا راح يبلور تصورا آخر مختلفا‬ ‫عن هللا في كتابه الفلسفي األساسي‪ .‬إنه تصور يطابق بين هللا وكلية ما هو موجود‪،‬‬ ‫أي كلية الطبيعة وقوانين الطبيعة‪ .‬ولكنه تبنى التصور العقائدي السابق لكي يصل إلى‬ ‫عقول الماليين من البشر المؤمنين بوجود اله شخصي والذين ال يفهمون هللا إال بهذه‬ ‫الطريقة‪ .‬فالعامة ال تفهم إال عن طريق التشبيه والتشخيص‪ .‬في الواقع إن اإليمان‬ ‫بالمعنى التقليدي للكلمة ضروري فقط للعامة‪ ،‬وأما النخبة المثقفة أو الفلسفية فلها‬ ‫طريق آخر يرضيها ويكفيها هو‪ :‬طريق الغبطة الفلسفية‪ .‬بمعنى آخر فإن الدين يكفي‬ ‫للعامة‪ ،‬والفلسفة خصصت للنخبة‪ ،‬وال ينبغي الخلط بينهما‪ .‬فالنخبة المفكرة يكفيها‬ ‫العقل كهاد ودليل‪ ،‬وليست بحاجة إلى كتب مقدسة أو وحي خارق للعادة أو معجزات‪...‬‬ ‫إنها قادرة عن طريق العقل على التوصل إلى الحقيقة من جهة وإلى اتباع الفضيلة‬ ‫واالستقامة في سلوكها اليومي من جهة أخرى‪.‬‬

‫كتاب علم الخالق‬ ‫يقول باروخ سبينوزا في هذا الكتاب‪:‬‬ ‫كونها إذالل النفس ويتوقَّعون أن يجزيهم‬ ‫"إن الذين ينظرون إلى الفضيلة على أساس ْ‬ ‫هللاُ على قدْر إذالل نفوسهم‪ ،‬ويعتقدون بزيادة ثوابهم كلما ازدادوا إذالال واستعبادا‬ ‫لنفوسهم ‪ ،‬هم ابعد ما يكونون عن فهم الفضيلة فهما صحيحا‪ .‬ألن الفضيلة وعبادة هللا‬ ‫هي السعادة نفسها والحرية الكبرى‪".‬‬

‫‪37‬‬


‫‪85‬‬

‫حاورتها‪ :‬رسل الساعدي‬ ‫بغداد االم الحنون وداعية السالم تلد موهبة أخرى _ رغم صغر سنها اال أن إبداعها‬ ‫حين تمسك فرشاه الوان يتعدى حدود الواقع والخيال فتندمج العوالم وتفتح ابواب‬ ‫الجمال فيقع الناظر تحت تأثير سحر االختالف أنها الفنانة التشكيلية فاطمة كريم ذات‬ ‫الخمسة عشر ربيعا تسكن بغداد ‪ ،‬حيث المتنبي _ القشله _ الفعاليات‬ ‫كيف كانت بدايتك مع طريق الرسم ومن شجعها ع ذلك؟‬‫كانت بدايتي في سن الثامنه ‪ ،‬جذبتني افالم الكارتون وكنت أرسم الشخصيات‬ ‫المحببة لقلبي‬ ‫هل تجدين عثرات بسبب الرسم اي ان الكثير من االهل قد يرفضون هذا االمر النه‬‫يشغل اوالدهم عن الدراسة؟‬ ‫ال بالعكس اهلي شجعوني جدا‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬ ‫وذلك لكوني فتاة منظمة وكنت اعرف كيف انسق وقتي بين الدراسة والموهبة‬ ‫هل هناك ارتباط روحي بينك وبين اللوحات ؟‬‫بالطبع فأغلب لوحاتي لألشياء المحببة الي‬ ‫وتعبر عن حالتي سواء سعيدة او حزينه‬ ‫منذ متى وانت في طريق الفن ؟وكيف‬‫قمت بتطوير موهبتك؟‬ ‫منذ سته سنوات تقريبا تطورت من خالل‬ ‫مشاهده الدروس على االنترنت‬ ‫وعدم ترك الرسم ابدا‬ ‫حيث االستمرارية تصقل الموهبة‬ ‫من هو عرابك؟‬‫اختي الكبيرة إيمان فهي أيضا رسامه‬ ‫ هل هناك لون ال تتخلين عنه في جميع لوحاتك وتشعرين ان اللوحة ال تكتمل‬‫بدونه ؟‬ ‫هو يعتبر ال لوني _ اساسي وهو االسود‬ ‫_ ما نوع االقالم او االلوان المحببه عندك في الرسم‬ ‫الفحم _ باستيل_ خشب _ اكرلك ولماذا ؟‬ ‫الخشب أشعر انه يناسب رسوماتي أكثر‬ ‫هل ترسمين من وحي خيالك ام ان رسوماتك متخذة من لوحات اخرى ؟ام هناك‬‫من تستوحين منه الرسم؟‬ ‫استوحي من الصور واحيانا من الخيال‬ ‫ما هي الرسالة الطاغية على لوحاتك؟‬‫اريد أن اقول أن الجمال يجذبني لذلك أرسم ماينال أعجاب ناظري‬ ‫فأن هللا جميل يحب الجمال‬ ‫اين ممكن ان نجدك مستقبال ‪ ،‬هل ستتمسكين بمواهبك ام ان الضغوطات المجتمعية‬‫ستتمكن منك في منتضف الطريق‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬ ‫اعتقد أنني سأستمر واتطور بمرور الزمن خصوصا أن والدي واختي من الداعمين‬ ‫لي‬ ‫هذا يعطيني قوة للمتابعة‬ ‫_ مقولة ألحد العظماء تعجبك‬ ‫من جد وجد‬ ‫_ هل سبق أن شاركت بمعارض‬ ‫فنون تشكيلية ومهرجانات‬ ‫لألسف ال‬ ‫لم يسبق لي المشاركة فأن اسعى للتطور‬ ‫أكثر وإتقان مااقوم به اكثر‬ ‫حتى اقدم عمل جدير بالعرض يسر‬ ‫أعين الناظرين اليه‬ ‫_ نصيحة للشباب الموهوبين‬ ‫المواهب رزق من الرب يعطيها لكن‬ ‫يشاء لذلك يجب تقديرها وتطويرها‬ ‫وشكر الرب عليها‬ ‫تنظيم الوقت وعدم التقصير تجاه األسرة‬ ‫او الدراسة سيجعل االهل اول الداعمين‬ ‫لذلك اكسبوا اهلكم والباقي سهل بوجودهم‬ ‫كلمة اخيرة للمجلة زهرة البارون‬‫اقدم شكري وامتناني لكم ألنكم تهتمون‬ ‫بالمواهب المظلومة اعالميا وتسلطون الضوء عليهم‬

‫‪35‬‬


‫‪85‬‬

‫ناز عدنان عثمان‬

‫سأتحدث عن رؤية بصرية وسمعية في نفس الوقت ؛ عن أمر أستهوى قلبي وعقلي‬ ‫ْ‬ ‫أحرفي كي تُشكل لكم صورة حية عشت‬ ‫والمست‬ ‫في آن واحد ‪،‬‬ ‫الكثير من مشاعر ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫كتجربة ِعشتُها بصعوبتها‬ ‫دنت بين أحرفي‬ ‫بداخلها وكونت صورة عنها ‪،‬واألن‬ ‫ُ‬ ‫وسهولتها وبوتيرت ِها ال ُمعقدة كما لو أنك رسام ترسم لوحة تراها لكن ال تستطيع التح ُكم‬

‫‪31‬‬


‫‪85‬‬ ‫ي ال أبالغ بل أنا أتكل ُم عن رياض األطفال ؛إنهُ‬ ‫بمعالمها لمدى صعوبة األمر ؛ إنن َّ‬ ‫دف سامي ل ُكل من يسعى إلي ِه ‪...‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ْ‬ ‫باتت إلى‬ ‫ربما بدأت بطريقة أدبية لكنني أو ُد لو أننا نخرج عن سيرتنا التقليدية التي‬ ‫هذا اليوم تؤثر على بناء شخصيتنا والتي نود أن نكسر قالب هذ ِه العجينه ونشكل قالبا‬ ‫ْ‬ ‫باتت‬ ‫جديدا يُواكب ما نعيشهُ اآلن بحضاراتنا ال ُمتطورة والتكنولوجيا الحديثة والتي‬ ‫ي أربط عقل التكنولوجيا الحديثة‬ ‫تُسهل لنا الكثير من األمور في حياتنا اليومية إنن ّ‬ ‫بتربية الطفل وكيفية تدريسه بالشكل الذي يجعله ال يمل من كثرة الضغُوطات؛ أعتقد‬ ‫لو أننا تعلمنا األشياء بطريقة عملية منذُ الصغر ألصبح كل منا بارعُ في عمل ِه أكثر‬ ‫فأكثر ‪ ...‬سأُح ِدثُكم عن مكان أشبة بالبحر رغم شفافيت ِه إال وإنهُ عميق جدا رغم‬ ‫ِخبرتي القليلة وعدم دراستي لهذا المجال في رياض األطفال ورغم الوقت القليل التي‬ ‫أمضيته معهم ولكنني إستطعتُ قدر اإلمكان أن أُف ِسر شخصية ُكل طفل وأردت‬ ‫التعمق في تفاصيل مالمحهم أكثر من تصرفاتهم ؛ ألن غالبا ما تُخبىء المالمح الكثير‬ ‫ْ‬ ‫مالمحهُ تطغو على‬ ‫كادت‬ ‫من األشياء ال ُمختبئة والجميلة أتذكر إنني رأيتُ طفآل ُهناك‬ ‫ِ‬ ‫الهدوء والخجل لكن أظن أن بداخلهُ الكثير من الطاقة ال ُمختبئة خلف جدران الخجل‬ ‫إن أفضل وسيلة رأيتها ُ للوصول لهذا الطفل هو الدخول إلى أقرب نقطة دالة لقلبهُ قبل‬ ‫عقلهُ فحتى ُ‬ ‫نحن الكبار الشيء الذي يالمس قلوبنا يؤثر عل عقلنا أيضا ‪ ....‬فهكذا كما‬ ‫الطفل فكيمياء القلب مهم جدا لتصل إلى ما يود إيصاله لك ؛‬ ‫إنني حاولت الخوض في صراع مع كل طفل؛ متى يود أن يقرأ وكيف تُحاول غرس‬ ‫مبادئ التعاون في نفس ِه؛ مساعدت ِه تعلُمه على الكثير من األمور األساسية كالدين‬ ‫والثقافة لكن ما يواظب عقلهم وما يتراهم مع أعمارهم‬ ‫قبل كل شيء األفضل تعلُمهُ بطريقة بصرية ألن الطفل يرى بعين ِيه ثُم بعد ذلك تُخزنهُ‬ ‫الذاكرة ؛حيث كنت أراهم يُكررون أفعالهم كل يوم ‪،‬‬ ‫كأداب الطعام مثال وعند اإلنتهاء منه ؛ واللعب مع أصدقائ ِه وتعلُمه على ترتيب العابه‬ ‫وأشياءه الخاصة بعد اإلنتهاء من العمل واإلعتذار من أي طفل بادر ِمنهُ سوء ومحاولة‬ ‫تصالحه مع الطفل اآلخر‬ ‫حيث هنا للمعلمة دور سامي ونبيل في غرس ال ُحب الذي هو أساس الحياة في روح‬ ‫الطفل وأيضا حاولت الخوض مع حركات ُكل طفل ؛طريقة تحدث أحداهم يختلف عن‬ ‫اآلخر وحتى نبرة صوتهم ؛ عصبية وعدم تحمل الطفل لشيء ما ؛ أما الهدف وراء‬ ‫بكاءه لغز يصعب حله إال من قرأ لغة أعين الطفل أي باطن عقل ِه‬ ‫ي سأحاول الكتابة عن كل األمور التي جذبت إنتباهي من خالل تجربتي القصيرة‬ ‫إنن ّ‬ ‫مع روضة دنيا األطفال األهلية إن أهم وتيرة يجعل الطفل ينجذب إليك هي وسيلتك‬ ‫البصرية أحيانا ترى طفل ما ُمنشغل بشيء أثناء الدراسة إنك ومهما حاولت أن تتكلم‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬ ‫معهُ لن يستجيب لك إال إذا ما بينت لهُ صورة يجذب عقله أي وسيلتك البصرية إن‬ ‫الطفل كائن يلتمس االشياء ببصيرت ِه متفاوتا عن السمع ؛ لكن في الوقت نفسهُ كل طفل‬ ‫يختلف طريقة استيعابه عن اآلخر من هم في مرحلة التحضير بأعمار صغيرة ومن‬ ‫ُ‬ ‫منهم في مرحلة التمهيد للمرحلة الدراسية؛‬ ‫سأحاول أن أجسد صورة جميلة رأيتها داخل هذا البيت المليء بال ُحب والدفيء حيث‬ ‫إنني رأيت األطفال يتجاوبون مع معلماتهم تجاوبا وديا‬ ‫ل ُكل من يظن أن هذا المهمة سهلة سأقول لهُ إنه من أصعب المراحل " مرحلة المهد‬ ‫"‬ ‫في مقالتي السابقة قلت عن الطفل وهنا سأكررها ‪ ( :‬إن الطفل كهيئة العجينة كيفما‬ ‫كبلته استحال لذلك القالب )‬ ‫فحقا كل من يعل ُم طفال في مهده له أجر عظيم ‪....‬‬ ‫ألن إضافة عن تدريسك إنك تضيف ال ُحب‬ ‫كنكهة مع كل حصة يأخذها ُ ‪...‬‬ ‫أي إنك تُطعم الطفل لتغذي قلبهُ وعقله في أن واحد ‪......‬‬ ‫إن ما رأيتهُ من خالل هذا البيت ما يسمى رياض األطفال ( روضة دنيا األطفال‬ ‫األهلية ) الكثير من العناية ال ُمعطاة للطفل والكثير من الرعاية الصحية والرعاية‬ ‫النفسية أيضا وكنت أالحظ النظام في شتى األمور ومن زاوية ُمختلفة إن مهمة كل‬ ‫ْ‬ ‫ليست بسهلة إنما هي مسؤولية تق ُع على عاتق ُكل شخص‬ ‫من يعمل في رياض األطفال‬ ‫أمر ليس بهين ألنك تُربي بيدك أطفاال‬ ‫يعمل في هذا المجال وفي الوقت نفسه؛ ُ‬ ‫سيكبرون على هذا المنهج وعلى هذا النمط فال ُمهمة الصعبة تبدء من هذه المرحلة وثم‬ ‫تنتقل إلى المراحل األخرى ؛‬ ‫لكن هذه المرحلة من أهم المراحل التي يمر بها الطفل ؛ألن بداية سلم ِه يبدأ من هنا‬ ‫وكمية استيعابه أكبر من أي وقت مضى ؛ لكن هذا يعتمد على الطفل وشخصيتهُ‬ ‫وكمية استيعابه وحسب حالت ِه ‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫‪85‬‬

‫وضاح آل دخيل‬ ‫السويد‬ ‫حني اخطُّ ا َمس ُه يرتَع ُش قلمي‬ ‫َ‬ ‫وهيزت ُ‬ ‫عرش ُه بدين بسبب‬ ‫ُّ‬ ‫وينفج ُر بداخيل بُ ْرَكان‬ ‫َ​َير ُج من عَيين لَهَب‬ ‫خش ية ان يس َئي َ َُل الادب‬ ‫مت َل ما أ ْ‬ ‫ساءت َُل ال َعرب‬ ‫بيوم مقتِل يف بيهتم‬ ‫ارتف َع الطرب‬ ‫نسب‬ ‫َولْزيدادوا مشوخا لل ْ‬ ‫مبحرم انت َ َس ْب‬ ‫امجلي ُع َُل َّ‬ ‫قتلوه اوال ُد ال ‪....‬؟!‬ ‫مث َل ما فَع َل ايب لهب‬ ‫بال سبب قَتلَوا اجعوب َة الع َج ْب‬ ‫سألين وغ ٌد قلي ُل الادب‬ ‫‪33‬‬


‫‪85‬‬

‫ْمن هو اذلي قلَ ُم َك َُل َك َت ْب‬ ‫َرسه او غَلَ ْب‬ ‫وهل خ َ‬

‫ابلرت َْب‬ ‫اان ال شأ َن يل ُّ‬

‫َأ َجبت ُه ُ ل‬ ‫بك أدَب‬

‫خرسه او غَلَ ْب‬ ‫ْ‬ ‫ومن هُو اذلي َ‬

‫هو ا ُبن اذلي ْ‬ ‫ابمسه تَ َّم ْت والدَيت‬

‫ُسني‬ ‫حلب احل ُ‬ ‫يكفيين ُ‬

‫هو ُ‬ ‫مشس الش تا ْء‬ ‫غيث َ‬ ‫متوز و ُ‬ ‫سَتى النسا ْء‬ ‫هو ابلع ْتمة ضيا ْء و َ‬

‫حلب‬ ‫واىل الت يف ْ‬ ‫قليب ْهلم انتخ َْب‬

‫هو وج ُه هللا و مجي ُع الانبيا ْء‬ ‫عفيف ٌ‬ ‫خفيف ٌ‬ ‫هو ٌ‬ ‫لطيف هو الهوا ْء‬

‫يب ابالمر و ال َع َج ْب‬ ‫و الغر ُ‬ ‫قَلَمي من معطفي ه َ​َر ْب‬

‫فال تَسألين‬

‫ابالدب‬ ‫جبدار اورايق ممتل ٌئ ْ‬ ‫للحسني قصيد ٌة َك َت ْب‪.‬‬

‫اذ َكن ‪ ,‬قائدا ‪ ,‬اماما ‪ ,‬او جنداي‬

‫عن املراتب واملناصب‬ ‫كسب‬ ‫وما حيب منه ُ جىن او ْ‬

‫‪35‬‬


‫‪85‬‬

‫الاوغاد أمام جنت‬

‫تسعة أشهر تدل َكلبوه‬

‫رأت دمعي متناثر‬

‫ُ‬ ‫رددت يف داخيل‬

‫عىل خدي‬

‫أقسم ابلعظمي اي أيم‬

‫مهسة يل قائال‬

‫أان ما ُ‬ ‫بكيت عىل كرسي‬

‫ال حتزين اي صغرييت‬

‫ُ‬ ‫بكيت عليك أنت‬

‫س يفرهجا الرب اليوم‬

‫أعمل داخكل َيَتق‬

‫أو رمبا غدي‬

‫وتتكبد قلبك احلرسة لجيل‬

‫مسحت من وهجيي ادلمع‬

‫كهنا مسعت ما كنت أقو َُل‬

‫وقالت أهنيض‬

‫ووضعت كفها عىل قلهبا‬

‫أان ل أدل طفةل ميلؤها‬

‫قالت َُل من اي قليب بسالم‬

‫الضعف والهزل‬

‫لتنام مطمئنة طفلت‬

‫من انمت يف رمحي‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬

‫إعداد‪:‬‬ ‫شهد عودة الجابري‬ ‫كان يشعر بالدوار يفوق لبضع دقائق ثم يعود ليغمى عليه إصابته رجفة شديدة و زرق‬ ‫جسده بأكمله بسبب بقاه بالنهر لفترة طويلة وال يكاد يحرك ساقيه باألخص ساقه‬ ‫اليسرى كانت قد أصابته رصاصة بالقرب من فخذه األيسر لحسن الحظ دخلت باللحم‬ ‫و استقرت هناك دون إن تفسد العظام من حولها كان يضع يده على فمه كي ال يسمع‬ ‫صوت أنينه من شدت الوجع الذي لحق به وعيناه غائرتان كان ينظر إلى السماء‬ ‫بانتظار معجزة تخلصه من هذا الجحيم ‪.‬‬ ‫ياهلل خلصني مما أنا فيه يا إلهي …‪.‬‬‫كان يتلو الصلوات بخشوع كأنها تسبيحة الموت ‪.‬كأن يسبح بعيدا قدر اإلمكان عن‬ ‫هذا المكان محاوال االبتعاد وإيجاد من يساعده على الخالص كان قد بقى ليلة الثاني‬ ‫عشر من حزيران بين جثث رفاقه الشهداء متظاهرا بالموت وألنه أصيب بشلل من‬ ‫أثر الصدمة لم يقوى على الحراك ‪.‬بقى بالنهر يتوسط رفاقة الشهداء وقد اصطبغ‬ ‫النهر من فيض دماءهم الزكية كأن يردد وهو يحاول العوم في تلك المياه الضحلة‪.‬‬ ‫ما أجمل رائحة دماءكم يا رفاقي أنها تشبه رائحة الهيل الذي كانت تطحنه أمي‬‫بالهاون في الصباح وتشبه رائحة المسك الذي يفترش شعرها األشيب بل رائحة‬ ‫دماءكم يا أحبتي تشبه رائحة الزعفران الذي علق بذهني عندما كنت طفال كان قد‬ ‫أحضره جدي حينما عاد من رحلته إلى إيران‪ .‬هنيئا لكم يا رفاقي الشهادة‪.‬‬ ‫الدموع كانت كالنجوم تضيء في تلك العتمة الموحشة وتنير خديه ‪.‬غشى عليه لثواني‬ ‫بينما هو يسبح فإذا به يرى وجوه رفاقه ‪.‬‬ ‫ياللهي ماهذا ماذا يحدث لي ‪...‬‬‫كأن قد راء( حسين )صديقة ينظر إليه وعيونه مفتوحه بقوة حتى برزت مقلتاه إلى‬ ‫الخارج وفمه كان قد افرج عن أسنانه و تدلى لسانه خارج فمه بعدما تطرز صدره‬ ‫من الرصاص (وجواد) كان ينظر إلى السماء كأنه يشكو إلى هللا ما حل بهم أما (عزيز‬ ‫) كان يطفو على سطح الماء كأنه قطعة من فلين تعوم بهدوء ‪ .‬لم يقدر أن يميز باقي‬ ‫جوه رفاقة فقد تكوم بعضهم فوق بعض حتى تشكل جسر بين طرفي النهر نعم أنه‬ ‫الجسر الذي سيوصلهم للجنة ‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫‪85‬‬ ‫أستمر على هذه الحال تارة يغشى عليه وتارة يصحو طوال يومين حتى وصل إلى‬ ‫نهاية النهر بينما كأن يحاول الخروج من النهر خارت قوته وفقد الوعي ‪.‬لحسن حظه‬ ‫كان هناك مجموعة من الصيادين أخرجوه من النهر وحملوه معهم ‪.‬حينما أفاق ‪،‬وجد‬ ‫نفسه محاط بعدد من الرجال وهو مستلقي ال يقوى على الحراك سأله شيخ كبير يبدو‬ ‫عليه الوقار ‪:‬‬ ‫انت مليح ؟‬‫لحسن حظ (حيدر) كان له صديق من تكريت لذلك لم تكن اللهجة غريبة عليه كان‬ ‫يدعى (جواد ) وقد استعار اسمه خوفا من هؤالء ‪.‬‬ ‫(امبال ) الحمد هلل ‪.‬‬‫(انجضع ) يا ولدي ‪ ،‬خليك مرتاح ‪.‬و(احكي) قصتك ‪.‬‬‫ (امبال) ‪ ،‬انا اسمي جواد جندي من محافظة بغداد استطعت الخالص من الموت‬‫بعدما تعرضت أنا وجنود وحدتي المؤلفة من ثالثة آالف جندي إلى الخيانة وتم تسليمنا‬ ‫إلى مسلحي التنظيم ‪.‬بعدما طلب منا التخلي عن السالح وجميع هويتنا الشخصية من‬ ‫قبل (آمر الوحدة العقيد الركن) عصبوا أعيننا وتم نقلنا إلى قصر كبير وتم قتلنا على‬ ‫مجموعات كانوا يأتون فجأة ويأخذون جماعة منا وال يعود منهم أحد وكنت من ضمن‬ ‫المجموعة األخيرة بعدما طرزوا صدورنا بالرصاص ألقوا بنا في النهر لم تصبني‬ ‫الرصاصة بمكان خطير لكني تظاهرت بالموت وبقيت بين الجثث بالنهر وسبحت‬ ‫ي هذه كل الحكاية يا شيخ ‪.‬‬ ‫مبتعدا دون طعام أو شراب حتى عثرتم عل َّ‬ ‫(هودي ) عدهم إخوانك وأنا أبوك بإذن هللا حترجع سالم ألهلك‪.‬‬‫غيتك بالخير يا شيخ‬‫بعد أن وعدني الشيخ الوقور بالمساعدة وتقديم يد العون لم ينكث بالوعد وها أنا حي‬ ‫أرزق بفضل هللا وذلك الرجل ولم أنسى ما حدث هناك ما دمت حي أرزق‪.‬‬ ‫مليح‪ :‬جيد‬ ‫امبال‪:‬نعم‬ ‫انجضع‪ :‬تمدد‬ ‫هودي‪:‬هؤالء‬ ‫غيتك بالخير‪ :‬يتمنى له الخير‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬

‫احمد كريم موسى‬

‫قد يستغرب الكثير ممن يعرفني حين أقول أنا احب الشرق وذلك نظرا ألني انتقد‬ ‫العادات و التقاليد في المجتمع الشرقي و اضطهاد المرأة و األصوات التي توقظك في‬ ‫أعز ساعات منامك‪ ،‬لكني أحب الشرق ألنه يداعب الجرح دوما ليجعلني بدل أن أطلق‬ ‫تنهيدة‪ ،‬أكتب‪..‬‬ ‫أكتب ما أخاف قوله للعامة‪ ،‬أكتب ما يخطر ببالي بإعتناء و هدوء ممزوج باليأس و‬ ‫كأني أكتب وصيتي‪..‬‬ ‫أكتب بمقدار الوجع الذي أحسه فنع ْم أنا الذي يبكي حين يرى فتاة تتسول أو شاب ال‬ ‫يعرف القراءة و الكتابة‪..‬‬ ‫و استصعب التنفس حين أرى فتاة تقتُل موهبتها بسبب العادات أو تقاليد البيت و‬ ‫العشيرة‪..‬‬ ‫ألعود وأكتب‪ ،‬أمال أن تكون كتاباتي نقشا على حجر‪.‬‬ ‫ف‪ ....‬آآآه منك يا شرق!‬

‫‪32‬‬


‫‪85‬‬

‫مروة الكناني‬

‫واخيرا ‪!..‬‬ ‫أبث اليك نبأ اكتفائي منك ‪ ..‬وتشبعي بخذالنك كـ إسفنجة امتصت كل االمك ولم تعد‬ ‫بوسعها الكظم اكثر ‪ ..‬امتلئ القلب من زيفك الكاذب وبـ دم "وهم حبك" الفاسد ‪،‬‬ ‫يا شيطان غرني دون ان اشعر ‪ ،‬بوقت كنت اعاني تيها ‪ ،‬وضياعا ‪ ،‬حتى تصورتك‬ ‫بوصلتي ‪ ..‬كنت غارقة ببحر من الحسرات ‪ ،‬أنت القشة التي امسكت بها وانا اصارع‬ ‫ِغمار البحر من ان يبتلعني ‪ ،‬النجو ربما ‪..‬‬ ‫لكنك ما زدتني إال غرقا ‪!..‬‬ ‫لم تكن قشة تنجيني من غرقي ‪ ،‬كنت القشة التي قصمت ظهري ‪!..‬‬ ‫أبشر ‪!..‬‬ ‫قد إنطفأت شعلة الشوق اليك ‪ ،‬وخمدت حرائق الحنين ‪..‬‬

‫‪55‬‬


‫‪85‬‬ ‫إضمحل ذاك الحب الواهي ‪ ،‬الذي ظننته كبيرا ‪!.‬‬ ‫استشعرك بداخلي وإذا انت مجرد ذكرى مع عابر سبيل ‪ ،‬لقفتها منه ‪ ،‬عبر نافذة قطار‬ ‫كـ الصوت يسير ‪ ،‬مع نظرة خاطفة كـ شهاب بعيد ‪..‬‬ ‫ماتت لهفتي لـ تلقي رسالة منك ‪ ،‬صغر الم غيابك ‪ ،‬بات المه طبيعي طفيف يصيب‬ ‫ايسري كل عدة ساعات ‪ ،‬تقلصات ربما ‪ ..‬وبقاياك ربما اخرى ‪،‬‬ ‫اصبح وجعي منك على المحك ‪ ..‬لم يعد يهفهف قلبي عند سماع صوتك ‪ ،‬وهذا بحد‬ ‫ذاته إنجاز عظيم ‪ ،‬عاد الربيع ينمو حولي وينمي الحياة في ما مات بي ‪ ،‬ينظم ابصال‬ ‫القرنفل ‪ ..‬والفالمنجو الصفراء ‪..‬‬ ‫ستنمو شجيرات رائعه قريبا ‪ ،‬وستبني الطيور اعشاشها ‪ ،‬سيكون باب للحياة ‪ ..‬عوضا‬ ‫عن ما سلف ‪.‬‬ ‫ها انا اجمع اشالئي المتطايرة جراء حب قديم عقيم ‪ ،‬العيد تركيبها ‪ ،‬وترتيبها على‬ ‫نحو جديد ‪ ،‬بماهية تناسب صالدتي ‪،‬‬ ‫انا ارمم نفسي بعيدا عن خرابك ‪ ..‬لم تكن صدفة جميلة ‪ ،‬ولست فرصة كبرى ‪ ،‬وال‬ ‫ذكرى رائعه ‪ ،‬ولم تكن شرف يُّنال ‪ ،‬وال حتى إبتسامه تحتسب لك صدقه ‪ ،‬كنت خطأ‬ ‫فادح ‪ ،‬وذنب ال يغتفر ‪ ،‬كنت انتكاسة مميته ‪ ..‬خرم عميق ينفذ للمجهول ‪ ،‬فجوة‬ ‫شاسعه االتساع ومهولة ‪ ،‬احدثت بي شرخا عظيما لم أرتقه إال بشق األنفس ‪.‬‬ ‫واخرا ‪!..‬‬ ‫"لست سعيدة بالتعرف عليك "‪ ..‬لكنه أسفا ‪..‬‬

‫‪51‬‬


‫‪85‬‬

‫قاسم الغراوي‬ ‫كان صراعا بين النبل والنخوة‪ ..‬وبين االثرة‬ ‫واالطماع الدنيوية الرذيلة‪ ..‬كان صراعا بين‬ ‫الحق والعدالة‪ ..‬وبين الظلم والباطل‪.‬‬ ‫سالح االول‪ ..‬كان االيمان والشهامة والصمود ‪.‬‬ ‫وسالح الثاني‪ ..‬كان الفتك والغدر والتنكيل ‪.‬‬ ‫وانتهى الصراع‪..‬‬ ‫وانتهت المعركة الفاصلة‪..‬‬ ‫ليكون الدين هلل‬ ‫وخضبت الدماء الزاكية ارض كربالء‬ ‫وباي دماء!!‬ ‫فمن انتصر ؟‬ ‫من خرج من المعركة ظافرا غانما؟‬ ‫خسر االول‪ ..‬وهو الغانم الظافر‬ ‫وانتصر الثاني‪ ..‬وهو الخاسر المهزوم‬

‫‪52‬‬


‫‪85‬‬ ‫ومرت السنون‪..‬‬ ‫وفتح التاريخ خلوده للخاسر الظافر‪..‬‬ ‫عندما يتأمل االنسان بعمق في حادثة كربالء ال يمكن أن يتصور أنها أمور حصلت‬ ‫سر وراء اإلصرار المتزايد لألئمة األطهار وتوصياتهم‬ ‫لمجرد الصدفه‪ ،‬ولذلك فإن ال َّ‬ ‫المحققة بضرورة إحياء وتخليد هذا الذكرى يعود في الواقع إلى رغبتهم وإرادتهم‬ ‫القاضية بضرورة إحياء هذا اإلسالم المجسم المتمثل بهذه الحادثة‪ ،‬التي حافظت على‬ ‫القيم الحقيقية لإلسالم وهي الثورة ضد الظلم ومحاربة الفاسدين وفضح الفساد والدعوة‬ ‫الى االسالم الحقيقي الذي يؤمن باإلنسان ومنحه حقوقه المشروعة واحترام ارادته‬ ‫واختياراته‪.‬‬ ‫وتمر السنون واالحقاب والزالت البشرية تبكي الحسين (ع) والزالت وستبقى واقعة‬ ‫كربالء مثال حيا النتصار عقيدة السبط الحسين وبقاء ذكره دروسا خالدة في حياة‬ ‫المسلمين والعالم اجمع‪ .‬وباستشهاده منحت االنسانية عطفها االبدي له وبقيت ذكراه‬ ‫في وجدانها ومضى الثاني ( يزيد بن معاوية ) ملعونا وعقب انتصاره وشركائه في‬ ‫البطش والجبروت وانتهت دولته من بعده وبقي سبة في فم التاريخ ‪.‬وهذا حديث‬ ‫التاريخ عن الشهيد ابن الشهيد ابي الشهداء ‪.‬‬ ‫وانه لواجب علينا ان نتمثل ذكرى الحسين ونجعلها نورا يهدينا ونبراسا يرشدنا الى‬ ‫الشهادة التي هي غاية الشرفاء وانه الحرية بدون بذل للدماء وايثار للنداء تماما كما‬ ‫فعل سيد الشهداء‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫‪85‬‬

‫عليك ان تؤمن ان نورا‬ ‫س يخرج يف هناية طريق‬ ‫العمتة‪ ,‬وأنك ستتخطى ك‬ ‫العرثات دون يرهقك‬ ‫الالتفات حنو الايم السابقة‬ ‫‪53‬‬


85

55


‫‪85‬‬

‫مجلة زهرة البارون عدد ‪25‬‬

‫‪52‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.