مجلة زهرة البارون العدد 181

Page 1

‫‪181‬‬ ‫‪181‬‬

‫رئيس التحرير البارون األخير محمود صالح الدين‬

‫إصدارات مؤسسة البارون للنشر االلكتروني ‪ /‬السنة الرابعة‬

‫آيدلوجية النص في بناء المفارقة‬ ‫في قصيدة(بعض األقنعة)‬ ‫للشاعر‬ ‫علي المنكوتة الزهراني‬

‫كمال عبد الرحمن‬

‫مؤامرة بدهاء‬ ‫وامتياز‬ ‫قاسم الغراوي‬

‫عن الحياة والموت‬ ‫نموذج لسرد الثورة‬ ‫الكوبية‬

‫حمزة شباب‬

‫‪1‬‬


181

2


‫‪181‬‬

‫المحتويات‬ ‫مقال افتتاحي ‪5.........................................................‬‬

‫قراءات‬ ‫حكاية كل أسبوع ‪ /‬أبو عثمان السراج ‪7.............................‬‬

‫الشيخ محمد علي الياس العدواني ‪ /‬موفق الطائي ‪10..............‬‬ ‫آيدلوجية النص ‪ /‬كمال عبد الرحمن ‪14..............................‬‬ ‫عن الحياة والموت ‪ /‬حمزة شباب ‪18.................................‬‬

‫أدب ساخر‬ ‫عدنان ولينا ‪ /‬د‪ .‬احمد جارهللا ياسين ‪22.............................‬‬ ‫علي هبلو ‪ /‬د‪ .‬حسام الطحان ‪23......................................‬‬ ‫كيبورد طنوش ‪ /‬حسين علي ‪24......................................‬‬

‫شعر‬ ‫احتكار في وطني ‪ /‬إسماعيل خوشناو ‪25............................‬‬ ‫يوم واحد ‪ /‬كريمة محمدي ‪26........................................‬‬ ‫عيناك ‪ /‬د‪ .‬نادية نوااصر ‪27..........................................‬‬

‫غبار الحزن ‪ /‬اعتدال الدهون ‪28.....................................‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪181‬‬

‫حال البشر ‪ /‬د‪ .‬صالح العطوان الحيالي ‪29..........................‬‬

‫نصوص نثرية‬ ‫غادر القمر ‪ /‬نرجس عمران ‪30......................................‬‬ ‫ضمير بين فردتي حذاء ‪ /‬عبد الرزاق احمد الشاعر ‪34............‬‬

‫عالم المرأة‬ ‫كلمات راقت لي ‪ /‬زهرة محمد ‪37....................................‬‬

‫حوار‬ ‫التشكيلية سهام شريط ‪ /‬صورية حمدوش ‪40.......................‬‬

‫أقالم شابة‬ ‫بقايا الفنجان ‪ /‬محمد شمس الدين ‪45................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫مؤامرة بدهاء وامتياز ‪ /‬قاسم الغراوي ‪47..........................‬‬

‫‪4‬‬


‫‪181‬‬

‫في األيام األولى لسيد الكاظمي قام‬ ‫بعملية استعراضية وهو االتصال‬ ‫باخيه يتهدد ويتوعد ويصرخ انه‬ ‫مختلف عن من سبقه وهذا غير‬ ‫صحيح واألولى ان يقوم باالتصال‬ ‫بأحد قادة الكتل السياسية كتحدي‬ ‫حقيقي لم يصرح عنه وكانت هذه بداية‬ ‫شخصية دون كيشوت وقضية‬ ‫الصراعات الوهمية التي يتحدث عنها‬ ‫كل يوم ال وجود لها وبقى الحال على‬ ‫ما هو عليه بل زاد الحال سوء من‬ ‫خالل افالس الدولة وقد ينذر هذا‬ ‫باالنهيار الكبير وهو قادم هي مسالة‬ ‫وقت ال اكثر ومن األسباب التي جعلت‬ ‫الكاظمي دون كيشوت بغداد هي‬

‫العملية االستعراضية الوهمية والهالة‬ ‫اإلعالمية الزائفة المصاحبة له ومنذ‬ ‫توليه المنصب ونحن نسمع عن قضية‬ ‫محاربة الفساد والفاسدين ولم نرى احد‬ ‫منهم خلف القضبان والن ترى هذا اال‬

‫‪5‬‬


‫‪181‬‬

‫يستطيع بناء دولة وهذا يشمل جميع‬ ‫من هربوا الى خارج العراق وهذه‬ ‫الكلمات سوف يغضب منها الكثير‬ ‫ولكنها الحقيقة وعلى رأس هؤالء‬ ‫السيد الكاظمي فالرجل غير قادر على‬ ‫إيجاد الحلول لكل ما يجري في العراق‬ ‫وكان لسان الحال يقول انه دون‬ ‫كيشوت بغداد أوهم نفسه بكذبة حتى‬ ‫صدقها ويطلب من الجميع تصديقها‬ ‫وتذكرني أفعال الكاظمي اليوم بقصة‬ ‫(لحجا) عندما قال الهل القرية ان‬ ‫هناك يشخص خارج القرية يعطي‬ ‫المال وعندما رأى اهل القرية‬ ‫يسرعون ليخرجوا من القرية قال من‬ ‫الكيد ان هناك شخص يوزع المال‬ ‫فركض خلفهم وصدق كذبته وهذا‬ ‫بالضبط ما يفعله الكاظمي في جملة‬ ‫األكاذيب التي يطلقها وهو على علم‬ ‫انه غير قادر على تحقيق ما وعد به‬ ‫ومحاولته أرضاء جميع األطراف هي‬ ‫جزء من قضية التسويف وقد تقع‬ ‫الكارثة في الوقت القريب ومن يتحدث‬ ‫عن ان الكاظمي يملك المصبح‬ ‫السحري لحل المشاكل فهذه أذغاث‬ ‫أحالم ال اصل لها اما عن الحلول فال‬ ‫وجود لها وهذا ليس من باب التطير‬ ‫ولكنه الواقع المزري الذي نحن عليه‬ ‫وسوف انهي ما بدأت في مقولة (الن‬ ‫يصلح العطار ما افسده الدهر)‬

‫في القنوات اإلعالمية التي تعمل‬ ‫لصالح الكاظمي وقضية الصراع مع‬ ‫األحزاب وعصابة الكاتيوشة هي‬ ‫أيضا من القضايا الوهمية التي يتحدث‬ ‫عنها الكاظمي ويصور فيها نفسه‬ ‫المنتصر والقتل وتهديد السفارات‬ ‫وعمليات الفساد اإلداري والمالي‬ ‫مازالت مستمرة ما يعزز ان الكاظمي‬ ‫جاء فقط لمتصاص غضب الرأي‬ ‫العام وعملية صناعة الوهم للجماهير‬ ‫الغاضبة في غداً افضل وال والن‬ ‫يكون هذا فاالحزاب وعصاباتها قد‬ ‫قطعت الشوط الطويل في أنهاك‬ ‫الوضع العام وأوصال العراق الى‬ ‫طريق مسدود ومعالجة هذا الوضع ال‬ ‫يكون من خالل الشعارات والحروب‬ ‫اإلعالمية في ترديد (سوف اضرب‬ ‫وسوف اقاضي وسوف نعمل وسوف‬ ‫وسوف ‪ ).............‬وما نحن عليه‬ ‫اليوم هي نتيجة لمعادلة تغير الوجوه‬ ‫ويبقى البلد بسياسة العصابات البدائية‬ ‫وما ال يعلمه الكثير ان معظم القوى‬ ‫السياسية تتعامل مع البلد على انها‬ ‫معارضة مسلحة وليس من مبدأ‬ ‫المسؤولية وبناء الوطن فهم لم‬ ‫يخرجوا من عبائة التخريب الذي كان‬ ‫يمارس من قبلهم أيام النظام السابق‬ ‫ومرت األيام ولم يتغيروا والن يكون‬ ‫هذا بسبب عدم ثقتهم بأنفسهم من كان‬ ‫هارب خراج العراق هو انهزامي ال‬

‫‪6‬‬


‫‪181‬‬

‫حكاية هذا االسبوع‬

‫َب ٱ َّ​ّللُ لَنَا)‬ ‫(قُل لَّن يُصيبَنَا إ َّال َما َكت َ‬

‫فعلت معظم دول العالم نظرا لما خلفته‬ ‫اجراءات العزل والحظر وغلق‬ ‫التجمعات من مشاكل كثيرة اهمها‬ ‫التأثير في انخفاض الحالة المعاشية‬ ‫الغلب قطاعات الناس اصحاب‬ ‫المصالح المعيشية البسيطة التي‬ ‫تعتمدها في العيشة وتحصيل الرزق‬ ‫واستمرار الحظر والغلق يؤدي‬ ‫بالضرورة الى خلق معاناة كبيرة‬ ‫تواجهة تلك الطبقات والتي تعد اغلبها‬ ‫من الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي‬ ‫يصعب عليها التميف مع قرارات‬ ‫الحظر والعزل التي سعت الدولة‬ ‫لفرضها تجنبا في تحديد وتحجيم‬ ‫االصابة بهذا الفيروس ولفترة ليست‬ ‫بالقليلة ‪ ،‬لكن عملية االستمرار بتنفيذ‬ ‫هذه االحراءات واالطالة في مددها‬

‫[التوبة ‪]51 :‬‬ ‫لقد تعرضنا كثيرا في الحديث عما‬ ‫اصابنا ويصيبنا من مشكلة كورونا‬ ‫ومضاعفات االصابة التي تشهدها‬ ‫المدينة واليوم وبعد ان خففت الدولة‬ ‫من اجراءات حضر التجوال والتجمع‬ ‫وسمحت بالكثير مما كان محضورا‬ ‫فعله قبل اشهر رغم استمرار االصابة‬ ‫بالفيروس وبشكل ملفت للنظر فأعيد‬ ‫فتح االسواق والتجمعات السكانية‬ ‫والكازينوهات‬ ‫الترفيه‬ ‫واماكن‬ ‫والمطاعم والمساجد والجوامع‬ ‫وغيرها من منافذ التجمع واالزدحام‪..‬‬ ‫وقد اضطرت الدولة الى اتخاذ هذه‬ ‫االجراءات والتعايش مع الوباء وكما‬

‫‪7‬‬


‫‪181‬‬

‫جميعا تقع مسؤولية ذلك االنضباط‬ ‫الذي بجب ان يكون طوعيا واختياريا‬ ‫النك من الصعب جدا وعلى اية جهة‬ ‫حكومية كانت او غيرها ان تنصب‬ ‫حارسا يراقب كيفية التعامل الشخصي‬ ‫مع الوباء الن هذا يعد ضرب من‬ ‫المستحيل واليمكن تحقيقه مهما كانت‬ ‫الرقابة شيدة فالبد من تفعيل مراقبة‬ ‫الضمير الفردي لالنسان اي ان يتولى‬ ‫كل منا مراقبة تصرفاته وسلوكه في‬ ‫مواجهة الوباء وكيفية التعامل معه‬ ‫وسبل اتخاذ وسائل الحيطة والحذر‬ ‫للحد من االصالة وحماية النفس التي‬ ‫امرنا الحق وتعالى ان نحافظ عليها‬ ‫ونصونها النها امانة في اعناقنا النملك‬ ‫ان نفرط فيها كيف ماكان ‪ ،‬يقول‬ ‫سبحانه وتعالى‬ ‫( َو َال ت ُ ۡلقُ ۟‬ ‫وا بأ َ ۡيدي ُك ۡم إلَى ٱلتَّهۡ لُ َكة)‬

‫خلق مشاكل مستعصية كثيرة ادت الى‬ ‫تخلي المسؤولين عن االزمة عن‬ ‫قرارات كثيرة كانت قد فرضتها عند‬ ‫بدء االصابة ثم تخلت عنها اليوم‪...‬‬ ‫وكل ذلك مقبول ومفهوم وهو امر البد‬ ‫منه لكننا اليوم بحاجة ماسة الى صيغة‬ ‫معقولة للتعامل مع هذا االنفتاح الذي‬ ‫طرأ على طريقة التعامل مع الوباء‬ ‫وعلينا ان ال نغفل عن حقيقة ان الوباء‬ ‫الزال مستفحال وان عدد االصابات‬ ‫فبي تزايد مضطرد وقد سجل العراق‬ ‫اعلى نسبة اصابات في الدول العربية‬ ‫بعد تن كانت نسبة االصابات في‬ ‫العراق قليلة نسبة لما هو موجود في‬ ‫غيره من الدول ‪ ،‬واالسباب معروفة‬ ‫وال يجهلها احد حيث تعاني البالد من‬ ‫واقع صحي متدني وخاصة في مدينة‬ ‫الموصل والتي كثيرا ما تحدثنا عن‬ ‫الواقع الصحي المعدوم الكفاءة فيها‬ ‫والسباب يطول الشرح فيها ونحن‬ ‫نعلمها جميعا وبعلمها غيرنا والفائدة‬ ‫من تكرارها ‪ ،‬كل هذه الحقائق‬ ‫والوقائع المتعلقة بازدياد االصابات‬ ‫ومع سياسة االنفتاح مع الوباء والتي‬ ‫اضطرت التخاذها الجهات المسؤولة‬ ‫وتفعيل صيغة التفاعل مع الوباء لكن‬ ‫ذلك اليمنع ان يكون تعاملنا مع الوباء‬ ‫ان يكون فيه قدر من تحمل المسؤولبة‬ ‫والضبط وعدم االنفالت الذي قد يؤدي‬ ‫الى عواقب التحمد عقباها ‪ ،‬وعاينا‬

‫[ البقرة ‪ ]195 :‬وهنا امر نهي‬ ‫وتحريم عن القاء النفس في الهالك‬ ‫وتحت اي حجة كانت وهي اشبه‬ ‫ماتكون باالنتحار وهو ايضا حرام‬ ‫س ُك ۡۚۡم‬ ‫شرعا قال تعالى ( َو َال ت َۡقتُلُو ۟ا أَنفُ َ‬ ‫ّلل َكانَ ب ُك ۡم َرحيما) [النساء ‪]29 :‬‬ ‫إ َّن ٱ َّ َ‬ ‫وفي الصحيحين أن رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم قال‪ :‬من قتل نفسه‬ ‫بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في‬ ‫بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها‬ ‫أبدا‪ ،‬ومن شرب سما فقتل نفسه فهو‬ ‫يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها‬

‫‪8‬‬


‫‪181‬‬

‫بشاركونه في المأكل والمشرب‬ ‫‪...‬حيث تتعقدالمسالة اكثر وبصبح‬ ‫الخطب اكبر والمصيبة اعظم‬ ‫‪...‬عافانا هللا واياكم ‪..‬‬

‫أبدا‪ ،‬ومن تردى من جبل فقتل نفسه‬ ‫فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا‬ ‫فيها أبدا‪.‬‬ ‫روى اإلمام أحمد أن النبي صلى هللا‬ ‫عليه وسلم قال‪ :‬من بات فوق إجار أو‬ ‫فوق بيت ليس حوله شيء يرد رجله‪،‬‬ ‫فقد برئت منه الذمة‪.‬‬

‫نعم وقد يصاب المرء بفيروس كورونا‬ ‫وتظهر اصابته وعائلته وافراد اسرته‬ ‫وقد تصاب العائلة باكملها صغارها‬ ‫وكبارها وهنا البد من استيعاب‬ ‫الموقف واتخاذ التدابير الكفيلة‬ ‫بالتصدي بهذا الفيروس القاتل ويجب‬ ‫علينا ان نتقبل االمر برشاد وروية‬ ‫وحسن تدبير وان بكون شعارنا‬ ‫َب ٱ َّ​ّللُ لَنَا)‬ ‫(قُل لَّن يُصيبَنَا إ َّال َما َكت َ‬

‫كل تلك االيات القرانية واالحاديث‬ ‫النبوبة توضح عظم وشناعة القاء‬ ‫النفس الى التهلكة فالذي يغفل عن‬ ‫اتخاذ وسائل الحبطة والحذر في‬ ‫التعامل مع الوباء فانما بلقب بنفسه الى‬ ‫التهلكة المحرمة شرعا كما جاء في‬ ‫االيات واالحاديث اعاله ‪ ،‬والطامة‬ ‫الكبرى حين يتسبب ذلك الشخص‬ ‫الذي يغفل عن عمد او اصرار اتخاذ‬ ‫وسائل الحيطة والحذر في اصابة‬ ‫غيره سواء من جالسه او مالمسيه او‬ ‫من يتعامل معه او يقترب منه او ان‬ ‫يكون من افراد عائلته اواقرباءه الذين‬

‫[ التوبة ‪]51:‬‬ ‫مع االخذ باالسباب والمسببات التي‬ ‫تساعدنا في مواجهة االصابة والتغلب‬ ‫عليها باذن هللا‬ ‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫‪9‬‬


181

10


‫‪181‬‬

‫أحمد الجوادي‪ ،‬وقرأ علم المنطق‬ ‫والحكمة على الشيخ عبد هللا النعمة‪،‬‬ ‫وقد أجازه الشيخ النعمة في علوم‬ ‫(المادة) وهي العربية وفنونها والفقه‬ ‫والتفسير‬ ‫والحديث‬ ‫وأصوله‬ ‫وأصولهما‪ ،‬ولديه إجازة أخرى في‬ ‫علوم المادة من الشيخ عبد الغفور‬ ‫الحبار الموصلي‪.‬‬

‫يتوزع شعره الديني بين المديح النبوي‬ ‫الشريف‪ ،‬والقصيدة اإلصالحية‬ ‫الدينية‪ ،‬وقصيدة المناسبات الدينية‪،‬‬ ‫وقصائد التأمل الديني في الوجود‬ ‫والحشر‪ .‬وشعره في هذا المجال‬ ‫يستحق التأمل والدراسة‪ ،‬فهو يخرج‬ ‫من إطار الشعر الديني التقليدي إلى‬ ‫آفاق جديدة من حيث الصياغة الفنية‬ ‫واختيار اللفظة الجزلة والقافية‬ ‫المناسبة ‪ ،‬فضالً عن الحس الموسيقي‬ ‫العالي الذي نجده في قصائده الدينية‪،‬‬ ‫أما من حيث المضمون فهو يخرج عن‬ ‫التقليد والمباشرة والخطابية‪ ،‬إلى‬ ‫التساؤل والتأمل والتعمق في أسرار‬ ‫الكون‬

‫رشحه الوجيه مصطفى جلبي‬ ‫الصابونجي ليكون ضمن البعثة‬ ‫العلمية التي أرسلها إلى االزهر‬ ‫الشريف على نفقته الخاصة وبدأ‬ ‫رحلته إلى مصر سنة ‪ 1943‬ودخل‬ ‫كلية الشريعة فيها‪ ،‬وأخذ عن شيوخ‬ ‫أجالء أمثال محمود شلتوت‪ ،‬ومحمد‬ ‫محمد المدني‪ ،‬ومحمد مأمون‬ ‫الشناوي‪ ،‬ومحمد أبو سنة‪ ،‬وأحمد‬ ‫حمروش‪ ،‬وعبد الرحيم فرغلي ‪،‬‬ ‫وآخرون‪ .‬وقد جمعته زمالة علمية‬ ‫هناك بعدد من األفاضل بينهم‪:‬الشيخ‬ ‫سيد سابق صاحب كتاب (فقه السنة)‪،‬‬ ‫وأحمد الشرباصي األديب المعروف‪،‬‬ ‫وكان قد صحبه في الرحلة إلى مصر‬ ‫نخبة من الطلبة الموصليين الذين كان‬ ‫لهم أثر كبير في الحركة الثقافية في‬ ‫الموصل منهم محمد محمود‬ ‫الصواف‪ ،‬ومحمد عبد هللا الحسو‪،‬‬ ‫وصالح أحمد المتيوتي وآخرون‬ ‫وأنهى دراسته في األزهر سنة‬ ‫‪ ،1947‬وعاد من مصر إلى موطنه ‪.‬‬

‫العالم و الشاعر محمد علي إلياس‬ ‫العدواني ولد في الموصل عام ‪،1920‬‬ ‫العدواني بدأ دراسته االبتدائية في‬ ‫مدرسة السالمية وأتمها في مدرسة‬ ‫(الوطن) بالموصل حين رحلت أسرته‬ ‫إليها ‪ ،‬وقد قرأ القرآن على والده منذ‬ ‫أوائل صباه‪ ،‬وفي مدينة الموصل‪،‬‬ ‫دخل المدرسة الفيصلية الدينية في عهد‬ ‫مديرها الشيخ عبد هللا النعمة‪ ،‬وكان‬ ‫من شيوخها‪:‬مصطفى أمين الفتوى‪،‬‬ ‫وأخذ طرفا ً من علوم اللغة العربية وال‬ ‫سيما النحو من الشيخ عثمان‬ ‫الجبوري‪ ،‬وقرأ التجويد على الشيخ‬ ‫محمد صالح الجوادي في جامع‬ ‫الرابعية‪ ،‬ودرس المواريث على الشيخ‬

‫‪11‬‬


‫‪181‬‬

‫وبلغة المحتاج في مناسك الحاج‪،‬‬ ‫لجالل الدين السيوطي‪ ،‬حققها ونشرها‬ ‫باالشتراك مع صفوك المختار‪.‬‬

‫بعد عودته من دراسته في األزهر‬ ‫الشريف عرض عليه العمل في‬ ‫القضاء إال أنه فضل التدريس وبدأ‬ ‫حياته مدرسا ً للغة العربية والتربية‬ ‫الدينية في اإلعدادية الغربية ‪ ،‬وبقي‬ ‫فيها دون أن يغادر العمل يوما ً واحدا ً‬ ‫حتى طلب إحالته على التقاعد سنة‬ ‫‪..1983‬وكان لي الفخر الكبير ان‬ ‫اكون احد طالبه في هذه االعدادية‬ ‫العتيدة تلقينا على يده دورسا في اللغة‬ ‫العربية والتربية االسالمية ‪،‬وكنت‬ ‫التقيه بعد سنوات في جريدة الحدباء‬ ‫التي كنت مصمما لها في مطلع‬ ‫عام‪ ،2000‬وكان يأتي كل يوم اثنين‬ ‫حامال معه ما جادت به قريحته‬ ‫الشعرية ‪.‬‬

‫والمنهج المشهور في تلقيب األيام‬ ‫والشهور‪ ،‬للشيخ شعبان بن محمد‬ ‫اآلثاري‪ ،‬حققها ونشرها في مجلة‬ ‫المورد في عددها التذكاري بمناسبة‬ ‫بدء القرن الخامس عشر الهجري‪.‬‬ ‫الغزوات النبوية‪ ،‬أرجوزة نشرها في‬ ‫مجلة الرسالة اإلسالمية‪ ،‬وقد شرحها‬ ‫ابنه االستاذ الدكتور عبد الوهاب‬ ‫ونشر الشرح بعنوان ‪(:‬الغزوات‬ ‫النبوية‪ ،‬شهورها القمرية وسنواتها‬ ‫الهجرية) في مجلة المورد العدد‬ ‫المشار إليه اعاله ‪.‬‬ ‫والجبال واالمكنة والمياه في شعر‬ ‫المتنبي‪ ،‬نشر في مجلة المورد في‬ ‫عددها التذكاري عن أبي الطيب‬ ‫المتنبي ‪.‬‬

‫من مؤلفاته المنشورة‪:‬‬ ‫اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للشيخ‬ ‫عدي بن مسافر األموي رسالة حققها‬ ‫باالشتراك مع الشيخ إبراهيم النعمة‬ ‫ونشرت عام ‪ 1974‬عن وزارة‬ ‫األوقاف‪.‬‬

‫والحدود والتعزيز في الفقه اإلسالمي‪،‬‬ ‫نشرتها مجلة الجامعة ثم نشرتها‬ ‫رابطة العلماء‪ ،‬في الموصل مستقلة‬

‫وأرجوزة الضاد والظاء في القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬ألبي نصر محمد بن أحمد الف ّد‬ ‫وفي‪ ،‬حققها ونشرها في مجلة الرسالة‬ ‫اإلسالمية التي تصدرها وزارة‬ ‫األوقاف‪.‬‬

‫دراسة عن شعبان اآلثاري الموصلي‪،‬‬ ‫نشرت في عددين من مجلة الرسالة‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫وله العديد من المخطوطات ‪ ..‬كما‬ ‫كتب مقاالت ودراسات ومراث عن‬ ‫كثير من الشخصيات اإلسالمية أمثال‬ ‫اإلمام االوزاعي والشيخ شعبان‬

‫‪12‬‬


‫‪181‬‬

‫العبارة ويعود ذلك إلى رصيده اللغوي‬ ‫الكبير فهو مولع بقراءة المعاجم‬ ‫حس‬ ‫والكتب القديمة‪ ،‬فضالً عن‬ ‫ّ‬ ‫موسيقي مرهف‪ ،‬وإيقاع جميل في‬ ‫موسيقاه الداخلية‪ ،‬ألنه يعنى‬ ‫بالموسيقى الداخلية عنايته بالموسيقى‬ ‫الخارجية‪ ،‬ويحس القارئ لشعره أنه‬ ‫يسعى إلى المواءمة بين هذين النوعين‬ ‫من الموسيقى لخلق األثر النهائي في‬ ‫نفس المتلقي‪.‬‬

‫االثاري الموصلي والشيخ عبد هللا‬ ‫النعمة والشيخ احمد الجوادي والشيخ‬ ‫بشير الصقال والشيخ محمد محمود‬ ‫الصواف والشيخ ذنون البدراني‬ ‫والشيخ عبد العظيم قاسم ‪.‬‬ ‫يعد محمد علي العدواني واحداً من‬ ‫شعراء الموصل كثيري اإلنتاج‪ ،‬تجد‬ ‫شعره في صفحات الجرائد المحلية‬ ‫القديمة والحديثة وال سيما جريدة‬ ‫الحدباء التي تطالعنا بين أسبوع وآخر‬ ‫بقصيدة للعدواني‪ ،‬ولو نشر شعره‬ ‫الستغرق ديوانا ً كبير الحجم‪.‬‬

‫توفي عام ‪..2001‬بعد ان قدم منجزا‬ ‫كبيرا في اللغة والشعر وعلوم الدين‬ ‫‪..‬رحمه هللا واسكنه فسيح جناته‪.‬‬

‫يمتاز شعر العدواني بالتزامه القصيدة‬ ‫العمودية فضالً عن جزالة اللفظة وقوة‬

‫‪13‬‬


‫‪181‬‬

‫كمال عبد الرحمن‬

‫المفارقة هي طريقة في الكتابة غايتها تأجيل المغزى واثارة المتلقي عبر صوغ‬ ‫بالغي يستعمل الكاتب فيه ـ أي في هذا الصوغ ـ اللغة بشكل خادع ‪ ،‬وهي تشير‬ ‫على الدوام الى انحراف ما ‪ ،‬على مستوى منطق الفكر‪ ،‬أو على المستوى‬ ‫اللغوي‪،‬وهذا االنحراف هو الذي يحدث المفاجئة لدى القارىء‪،‬ويجعله يدرك انه‬ ‫يتعامل مع لغة خاصة‪ ،‬لقد صدق غوته عندما وصف المفارقة بأنها((ذرة الملح‬ ‫التي وحدها تجعل الطعام مقبول المذاق)) كما ان المفارقة في النص ليست ومضات‬ ‫تتشكل في التناقض العفوي من حاالت تضادية يراد بها األدهاش وحسب‪ ،‬بل هي‬ ‫وعي كتابي خاص يتحول الى ابتكار له القدرة على تقديم تشكيالت(صورية‪/‬لغوية)‬ ‫تصل احيانا ال ى حد الصدمة الفكرية لدى المتلقي وينطوي فكر المفارقة‬ ‫على((تفاعل جدلي دائم بين الحقيقة الذاتية‪،‬وبين الحرية والضرورة‪،‬بين مظهر‬ ‫الحياة وحقيقة الفن‪،‬بين وجود المؤلف في كل جزء من عمله عنصرا مبدعا منعشا‬ ‫وبين ارتفاعه فوق عمله بوصفه(المتقدم)الموضوعي))‬

‫‪14‬‬


‫‪181‬‬

‫تشتغل الفاتحة ا لنصية في قصيدة الشاعر علي المنكوتة( بعض األقنعة) على مفارقة‬ ‫(الهدم) و(اعادة البناء)من اجل خلق فضاء انساني جديد اليقوم اال باألفتراق‪،‬واعادة‬ ‫تنظيم االشياء على أساس المفارقة التي تشي بقدرة الحرف على جمع امم شعرية‬ ‫تعجز عن جمعها الدماء(اي ابناء الحرف الواحد) اكثر قرابة واشد التصاقا من(ابناء‬ ‫الدم الواحد) وهذا الكالم يذهب عميقا في االنسانية باتجاه المقولة التي تؤكد‬ ‫ان(الشعراء مشرعو العصر)‪:‬‬ ‫خطاي ألرفعَه‬ ‫ظلٌّي تعثَّ َر في‬ ‫َ‬ ‫فأقلتُهُ‬ ‫واألرض تج ِذبُني معَه‬ ‫ُ‬ ‫ان المفارقة اللفظية‪:‬هي((خط كالمي‪،‬او طريقة من طرائق التعبير ويكون المعنى‬ ‫المقصود منها مناقضا او مخالفا للمعنى الظاهر)) ولعل عقدة المفارقة وجماليتها‬ ‫تتجلى في كونها تحمل مدلولين لدال واحد‪،‬األول‪:‬حرفي ظاهري‬ ‫وجلي‪،‬والثاني‪:‬موحى به خفي‪،‬والمفارقة اللفظية تشتمل على عالمة توجه انتباه‬ ‫المخاطب نحو التفسير السليم للقول‪،‬لذلك فان حل شفرة المفارقة يستلزم مهارة‬ ‫خاصة لفهم العالمة‪،‬وهي مهارة ثقافية وايدلوجية‪،‬يشارك فيها المتكلم والمخاطب‪.‬‬ ‫في غمرة افتتانه باللغة‪،‬يؤكد هيدجر ان تأريخ الكلمات هو نفسه تأريخ الوجود‬ ‫‪،‬فشعرنا اذن هو تأريخ وجودنا‪،‬هذا الوجود العصي األشكالي المشتبك بالوجع‬ ‫والوجد والعنف‪،‬فالشعر هو نتاج مخاضات نعيشها ونكتوي بعذاباتها‪،‬ذلك ان‬ ‫الحضارة المعاصرة كذبت على االنسان كذبتها التاريخية يوم وعدته بالسعادة وفرح‬ ‫المصالحة مع الذات واالخر‪،‬ومع الزمن والعالم لكنها أعطته في الواقع ما ال يصدق‬ ‫من العذاب والخوف والكوارث يقول الشاعر الزهراني‪:‬‬ ‫سر لم يزل ب ُجفونه‬ ‫لي فيه ٌّ‬ ‫ف أدم َع ْه‬ ‫أخشى الوشايةَ حين يذر ُ‬ ‫واستنادا الى مقولة فلوبير((ما يعذبك‪ ،‬يعذب اسلوبك في الكتابة)) يقرر أدونيس في‬ ‫ثالثيته( القاهرة التي علمتني) ان معظم النصوص التي تكتب اليوم احتفاء بالراهن‪،‬‬ ‫العادي‪،‬اليومي‪ ،‬تفتقر الى مثل ذلك ( العذاب) بما يعني تبنيه الصريح‬ ‫لموقف(فكري‪ /‬جمالي) مضاد من راهنية وعادية وعرضية النصوص الجديدة‪،‬في‬ ‫محاولة كما يبدو لمفهمة متوالية(اليومي) واختباره بوصاية ابوية أزاء ( الميتا ـ‬ ‫لغوي) كما تجدد ايدلوجيا العمود الشعري انبعاثاتها بصيغ مختلفة‪ ،‬لأللتفات على‬

‫‪15‬‬


‫‪181‬‬

‫مستوجبات الحدث النثري ‪ ،‬فالشاعر الذي النرى في كتاباته عذابا ـ برأيه ـ انما‬ ‫يقول ما يقول بشكل اعالمي اخباري‪ ،‬واليكون شاعرا انما مجرد ناقل أو راو‪ ،‬كما‬ ‫في ‪:‬‬ ‫تعذبُهُ المسافةُ في يدِي‬ ‫وج ٌع ِ‬ ‫للظل حتى أج َمعَه‬ ‫فأمدُّها‬ ‫ِ‬ ‫ان اغلب قصائد الشاعر علي المنكوتة يتدفق الرفض في شرايينها كرد فعل باعلى‬ ‫انسانية على تاريخ العذاب الذي يخيم فوق هاماتنا واليتركنا االّ‬ ‫لينقض علينا من‬ ‫ّ‬ ‫جديد‪ ،‬كما في هذا المقطع‪:‬‬ ‫يشكو ال َّظما والما ُء فوق شفا ِه ِه‬ ‫وكأنَّه قد ُج َّن يرض ُع‬ ‫ان شعر (علي المنكوتة) عامة هو شعر(رائي)غير مرئي‪ ،‬والشعر الرائي او‬ ‫الرائية هي وفق الناقد د‪ .‬محمد صابرعبيد ‪:‬‬ ‫القصيدة ّ‬ ‫** القصيدة الرائية‪ :‬متحركة في االتجاهات كافة‪،‬اذ تتمتع بصفة دورانية ولولبية‬ ‫تذهب فيها الى كل االماكن المحتملة ألخضاعها لعملية التشكيل بالقدر الذي يخدم‬ ‫تجريتها ويستجيب لفروضها‪ ،‬فتبدو القصيدة المرئية قصيدة ساكنة تكتفي غالبا‬ ‫بما انجزته من ممكنات نصية وهذا ما نالحظه في قصيدة (بعض األقنعة)‪:‬‬ ‫الظ ُّل والح ُّظ الشَّقي ِ تعانقَا‬ ‫تعذبُهُ المسافةُ في يدِي‬ ‫وج ٌع ِ‬ ‫ِ‬ ‫أذرعَه‬ ‫وأنا‬ ‫غريب قد تو َّ‬ ‫ٌ‬ ‫س َد ُ‬

‫للظل حتى أج َمعَه‬ ‫فأمدُّها‬ ‫ِ‬

‫الرائية هي قصيدة دائبة التتوقف في تحولها وديناميتها وحركتها‬ ‫** القصيدة ّ‬ ‫الشعرية عن حد معين‪،‬لغتها دائبة وايقاعها دائب وصورها دائبة‪،‬تسعى دائما الى‬ ‫التعبير عن قوة داخلية عميقة ترفع مستوى هذا الحراك الى مرتبة الحضور الفاعل‬ ‫المؤثر‪،‬القادر على الفات النظر الى حركية انتاجية تتكشف في كل قراءة‬ ‫جديدة‪،‬وهو ما ال يمكن ان تتصف به القصيدة المرئية ألنها قصيدة مستقرة آمنت‬ ‫باستقرار حيواتها وقدمت ما عندها في كينونتها الحاضرة كما في قصيدة الشاعر‬ ‫علي الزهراني‪:‬‬ ‫فأقلتُهُ‬ ‫واألرض تج ِذبُني م َعه‬ ‫خطاي ألرف َعه‬ ‫ظلٌّي تعثَّ َر في‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪16‬‬


‫‪181‬‬

‫قد بات يُر ِهقُني ويجثو عنوة‬

‫يشكو ال َّظما والما ُء فوق شفا ِه ِه‬

‫ألجرهُ حينا‪ ...‬وحينا أدفعَه‬ ‫َّ‬

‫وكأنَّه قد ُج َّن يرض ُع أصبعَه‬ ‫تعذبُهُ المسافةُ في يدِي‬ ‫وج ٌع ِ‬

‫سر لم يزل ب ُجفونِ ِه‬ ‫لي فيه ٌّ‬ ‫ف أدم َعه‬ ‫يذر ُ‬ ‫أخشى الوشايةَ حين ِ‬

‫للظل حتى أج َم َعه‬ ‫فأمدُّها‬ ‫ِ‬

‫الماء في ُ‬ ‫ط ُرقات ِه‬ ‫بعض‬ ‫فأفيض‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الطريق األقنعَة‬ ‫وأُزي ُل عن وج ِه‬ ‫ِ‬

‫أذرعَه‬ ‫وأنا‬ ‫غريب قد تو َّ‬ ‫ٌ‬ ‫س َد ُ‬ ‫الظ ُّل والح ُّظ الشَّقي ِ تعانقَا‬ ‫ِ‬

‫** تعمل القصيدة الرائية بواسطة لغتها النوعية المنتقاة على كشف الرؤية‪،‬وكشف‬ ‫المكان‪،‬وكشف الزمن المحيط بها‪،‬فدوالها محملة بطاقة جديدة على الكشف‬ ‫واألضاءة والتوق الى اآلتي القادم في فضاء التخييل‪ ،‬في حين تتردد القصيدة‬ ‫ماض‪،‬تصور فيه وتصف أكثر من ان تعبر وتنجز‬ ‫المرئية بين مكان ورؤية وزمن‬ ‫ٍ‬ ‫وتزود وتكشف‪،‬حيث تهيمن الذاكرة على مقدرات الفعل الشعري وتسيّره‬ ‫وتعطي‬ ‫ّ‬ ‫على وفق سياستها‪ ،‬فاذا القصيدة المرئية على هذا االساس هادئة التثير مشاكل‬ ‫كبيرة على أي مستوى‪،‬فأن القصيدة الرائية قصيدة قلقة ال هدوء فيها تعتزم دائما‬ ‫السيرفي حقل الغام‪،‬تنطوي على حراك منتج وأسئلة الئبة وحائرة تكشف عن توهج‬ ‫داخلي تتمتع به التجربة‪،‬وقلقها هذا قلق ابداعي البد منه من اجل تشييد تفاصيل‬ ‫التجربة باكبر قدر ممكن من الروح والضمير والرؤيا والفكر والثقافة كما في هذه‬ ‫القصيدة‪:‬‬ ‫أذرعَه‬ ‫وأنا‬ ‫تعذبُهُ المسافةُ في يدِي‬ ‫وج ٌع ِ‬ ‫غريب قد تو َّ‬ ‫ٌ‬ ‫س َد ُ‬ ‫الظ ُّل والح ُّظ الشَّقي ِ تعانقَا‬ ‫ِ‬

‫للظل حتى أج َمعَه‬ ‫فأمدُّها‬ ‫ِ‬

‫الى هنا نصل الى القول بان هناك ظاهرة مهمة في االدب العربي وهي (الثورة‬ ‫الشعرية االنسانية الكبرى) والشاعر علي المنكوتة الزهراني احد أصواتها‪،‬فحرفه ُ‬ ‫ثائر دائما‪،‬قصيدته رائية‪ ،‬وشعره انساني كبير‪.‬‬

‫‪17‬‬


181

18


‫‪181‬‬

‫حقائق تاريخية بأسلوب شاهد العيان؛‬ ‫حيث يروي مسار الثورة الكوبية التي‬ ‫كانت شابة في ذلك الوقت‪ ،‬ويسود فيها‬ ‫العناصر البوليسية المكتملة‪ ،‬فقد كان‬ ‫رجال الشرطة متألقين في أداء‬ ‫واجباتهم من الرأس إلى أخمص‬ ‫القدمين‪ ،‬ويزيد في وصفهم أنهم‬ ‫غراس للنظام االشتراكي الجديد‬ ‫المعروف بشفافيته واإلخالص في‬ ‫عمله‪ ،‬فالفرد منهم يقوم بواجبه سواء‬ ‫أكان مرتديا ً ّ‬ ‫لبزته العسكرية أم ال‪ ،‬كما‬ ‫قدّم كريستوبال المجرمين من رجال‬ ‫العصابات بأنهم أشخاص غير‬ ‫مرغوب فيهم اجتماعياً‪ ،‬فهم يتوقون‬ ‫ماض من الظلم والفساد‪ ،‬ويسعون‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫إلى الرذيلة واالنحالل‪ ،‬ويهدفون إلى‬ ‫خلخلة البناء الشعبي بما يسميه (الهراء‬ ‫اإلمبريالي)‪.‬‬

‫الكاتب الكوبي أرماندو كريستوبال‬ ‫بيريز ولد في العاصمة هافانا عام‬ ‫‪1938‬م‪ ،‬يتميز بكتابات ثقافية هي‬ ‫خليط من العلوم السياسية ‪-‬محور‬ ‫دراسته‪ -‬حيث حصل على الدكتوراه‬ ‫وهو ابن ثالثة وستين عاماً‪،‬‬ ‫والبوليسية االجتماعية التي عايشها في‬ ‫بالده‪ ،‬شغل عدة مناصب تصب في‬ ‫ميدان الثقافة جميعها‪ ،‬فمن أكاديمي في‬ ‫جامعة هافانا إلى مدير تحرير وصوالً‬ ‫إلى منصب المستشار الثقافي لسفارة‬ ‫بالده في مدريد‪ ،‬كما تقلّد عدداً من‬ ‫الجوائز أهمها جائزة الثقافة الوطنية‪،‬‬ ‫وتعددت أعماله بين األدب والكتب‬ ‫السياسية العلمية وكان أشهرها أدبيا ً‬ ‫رواية "جولة الياقوت" عام ‪1973‬م‪،‬‬ ‫والمجموعة القصصية "حول الحياة‬ ‫والموت" عام ‪1979‬م‪ ،‬وآخرها رواية‬ ‫"العشاء مع بوذا" عام ‪2008‬م‪ ،‬وقد‬ ‫تُرجمت أعماله إلى لغات عدة‪،‬‬ ‫كاإلنجليزية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واأللمانية‪،‬‬ ‫والسويدية‪ ،‬واإليطالية‪ ،‬والبلغارية‪،‬‬ ‫والفيتنامية‪.‬‬

‫حملت قصته األولى عنوان المجموعة‬ ‫القصصية "حول الحياة والموت"‪،‬‬ ‫وتدور أحداثها حول مجموعة إرهابية‬ ‫من رجال العصابات تعتزم مهاجمة‬ ‫مركز تجاري في العاصمة‬ ‫بالمتفجرات‪ ،‬لكن الحياة وهبت لهذه‬ ‫البالد عنصراً نسويا ً من قوات أمن‬ ‫الدولة هي المالزم آنا تقوم بالتسلل إلى‬ ‫غرفة عمليات أفراد العصابة وتعمل‬ ‫على تفكيكها‪ ،‬وفي هذا نرى أن الكاتب‬ ‫س ّخر المرأة للقيام بواجبات التحري‬

‫مع تدخل الهيئات السياسية بأدوات‬ ‫الرقابة الصارمة أُجبر المؤلفون على‬ ‫الكتابة ضمن مبادئ االشتراكية التي‬ ‫ألقت بظاللها على ذلك البلد الصغير‬ ‫حجما ً والعظيم سياسياً‪ ،‬فنقف أمام‬ ‫أعماله األدبية مشدوهين لما تحويه من‬

‫‪19‬‬


‫‪181‬‬

‫ويُستثنى من ذلك قصة واحدة وقعت‬ ‫في قالب الدراما العائلية وسط ظروف‬ ‫لها عالقة ‪-‬ولو من بعيد‪ -‬بالسياسة‬ ‫والصراع العنيف بين ضباط إنقاذ‬ ‫القانون وأولئك المتطفلين؛ فمن السهل‬ ‫ّ‬ ‫الفظين‬ ‫أن نكتشف تحت جلد العمالء‬ ‫أو المستقيمين أو المصابين بحالة من‬ ‫االنجماد في تعاليمهم رواية صحيحة‬ ‫سياسيا ً لنظام لم يترك مجاالً للنقد‬ ‫االجتماعي الذي تسرب في كل قصة‬ ‫أو رواية‪ ،‬تلك العائلة مرت بتجارب‬ ‫الثورة وهي حريصة على شد بنيانها‬ ‫في بيت ّ‬ ‫رث يعتبر أحد شهود الزمان‪.‬‬

‫القائمة على عاتق الرجال كما هو‬ ‫معهود في األدب البوليسي كشخصية‬ ‫شرلوك هولمز عند الكاتب البريطاني‬ ‫آرثر كونان دويل أو صاحب الخاليا‬ ‫الرمادية هيركيول بوارو الذي أبدعت‬ ‫في وصفه الكاتبة أغاثا كريستي‪،‬‬ ‫وتتغير حبكة القصة حين تقع آنا أسيرة‬ ‫بيد سمين اإلرهابي قائد المجموعة‬ ‫الضالة‪ ،‬وعلى طول الطريق المظلم‬ ‫تسعفها صرخاتها التي وصلت إلى‬ ‫مسامع ذلك الرجل العجوز الذي يسافر‬ ‫على دراجته متنقالً من مكان آلخر؛‬ ‫فينجح في تخليصها بعد أن خلخلت‬ ‫أنسجة الخلية‪ ،‬ثم تقدم المجموعة‬ ‫لمحاكمتها محاكمة شعبية في أكبر‬ ‫ميادين المدينة‪ ،‬ولعل القارئ يجد نفسه‬ ‫أمام عرض تلفزيوني مألوف‪ ،‬لكن‬ ‫الالفت للنظر هو إضفاء الصبغة‬ ‫عرض‬ ‫السياسية على الحدث حينما ّ‬ ‫بتلك الحثالة التي تمولها الديدان‬ ‫المختبئة في ميامي ‪-‬على حد قوله‪ -‬في‬ ‫رواية رسمية لحقبة مضت في تاريخ‬ ‫كوبا الحديث‪ ،‬باإلضافة إلى اختيار‬ ‫العنصر النسائي ليكون مخلّصا ً في‬ ‫هذه المحنة؛ ليتطور األمر بعد ذلك‬ ‫فتصبح للمرأة مقاعد متساوية مع‬ ‫الرجل في البرلمان الكوبي‪.‬‬

‫تبوح قصص "عن الحياة والموت"‬ ‫للكاتب الكوبي أرماندو كريستوبال‬ ‫بيريز بأسرار المواجهات المسلحة بين‬ ‫قوات األمن وخاليا إرهاب متعددة‬ ‫المصالح والتي كانت محنكة بالتجسس‬ ‫المضني والتسلل الكاريبي‪ ،‬وقد أبدع‬ ‫في مسألة الطرح ووقته؛ فقد كان هذا‬ ‫العمل الثاني في نتاجه األدبي أوالً‪ ،‬ثم‬ ‫نشره في مرحلة شبابه حين وصل‬ ‫لسن األربعين‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫إجراءات التطهير التي قامت بها‬ ‫السلطة الجتثاث ما تبقى من روث‬ ‫العمالء‪ ،‬وفي البعد اآلخر ال ينفك‬ ‫الكاتب عن تناول بعض الصراعات‬ ‫األيديولوجية داخل األسرة نفسها‬ ‫باعتبارها مجتمعا ً مصغراً؛ حيث‬ ‫وصف الشباب بمجتمع العقل والحكمة‬

‫خمس قصص في هذه المجموعة‬ ‫تروي القصص البوليسية التي أرست‬ ‫قواعد الدولة ونظامها الحديث‪،‬‬

‫‪20‬‬


‫‪181‬‬

‫لصالح الفكر الثوري الذي أسقط‬ ‫الديكتاتور باتيستا وعمالء الـ ‪ CIA‬بعد‬ ‫أربعة وخمسين عاما ً من الهيمنة‬ ‫األمريكية؛ فالخوف على مستقبل‬ ‫الثورة لم يعد متاحا ً بجهود أبنائه‬ ‫المخلصين الذين أحبوا نماء الوطن‪،‬‬ ‫وآمنوا أن المستقبل لن يكون إال بحرية‬ ‫أبنائه والتفاني في عشقه‪ ،‬وهذا ما‬ ‫صرح به القائد األعلى فيدل كاسترو‬ ‫بأن الواليات المتحدة لن تتمكن من‬ ‫كوبا مطلقاً‪ ،‬فقد كتب في مقال له بعد‬ ‫اجتماع غير معلن مع الرئيس البوليفي‬ ‫إيفو موراليس والرئيس الفنزويلي‬ ‫هوجو تشافيز ودانييل أورتيجا رئيس‬ ‫نيكاراجوا إبّان عملية نقل الحكم ألخيه‬ ‫األصغر راؤول في ‪ 31‬يوليو‬ ‫‪2006‬م‪ ،‬كتب‪ ":‬لقد مر على مرضي‬ ‫ما يقارب العام‪ ،‬فعندما كنت بين الحياة‬ ‫والموت‪ ،‬قلت‪ ،‬ليس لدي أي شك في‬ ‫أن شعبنا وثورتنا سيناضالن حتى‬ ‫آخر قطرة دم"‪.‬‬

‫في مواجهة وسائل التفكير القديمة‬ ‫المتمثلة بالوالدين التي آلمتها‬ ‫الصراعات القديمة ودفعتها الحروب‬ ‫إلى تعطيل دور العقل والقيام باألشياء‬ ‫ويصر‬ ‫وفق ما ُرسم لها دون إعمال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هؤالء على تفصيل مخطط اجتماعي‬ ‫رأسمالي يعتبره الكاتب فاقدا ً‬ ‫للصالحية‪.‬‬ ‫على الرغم من البؤرة الواضحة لنواة‬ ‫السرد في هذه القصص فإن قراءتها ال‬ ‫تقدم بانوراما تاريخية وأدبية فقط‪،‬‬ ‫لكنها تكشف أيضا ً عن المسار غير‬ ‫اآلمن الذي كان على ُكتّاب تلك الفترة‬ ‫حتى يمروا من التصفيات الثورية‪،‬‬ ‫فهم بين سندان السلطات ومطرقة تلك‬ ‫الجماعات التي نالت حظا ً وافراً من‬ ‫مقدّرات الدولة‪ ،‬وهذا الذي فتح ألدباء‬ ‫المستقبل في جمهورية كوبا أن يكتبوا‬ ‫وينشروا أعمالهم ليس على أساس‬ ‫الجودة األدبية التي يتمتعون بها‬ ‫فحسب‪ ،‬بل على أساس المواقف الثابتة‬

‫‪21‬‬


‫‪181‬‬

‫عدنان ولينا‬ ‫د‪ .‬احمد جارهللا ياسين‬

‫عدنان ولينا‬ ‫تعجبني دائما مقدمة مسلسل الكارتون‬ ‫القديم عدنان ولينا _ رحمهما هللا _‬ ‫التي حسب ما اتذكر تقول‪ :‬في العام‬ ‫‪ 2027‬اندلعت الحرب العالمية الثالثة‬ ‫الكرة‬ ‫الدمار‬ ‫وأصاب‬ ‫األرضية‪..‬واحترق األخضر واليابس‬ ‫‪...‬ولم يبق من امل للموظفين في‬ ‫الحياة سوى صرف رواتبهم ‪...‬‬ ‫وكان عدنان يخشى أن تتركه لينا ‪..‬اذا‬ ‫لم تصرف الرواتب ‪....‬فحتى(عبسي)‬ ‫لم يكن بمقدوره اقناعها بالبقاء مع‬ ‫عدنان من دون راتب حتى الوصول‬ ‫إلى أرض األمل‪.‬‬ ‫‪...‬وظل عدنان يتحدى المصاعب‬ ‫‪...‬من أجل لينا ‪...‬ولينا مصرة على‬ ‫الرحيل ‪...‬الى بيت اهلها النها ملت‬ ‫من الفالفل و( قواطي ) الفول ‪....‬‬

‫‪22‬‬


‫‪181‬‬

‫علي‬

‫علي هبلو‬ ‫د‪ .‬حسام الطحان‬

‫هبلو‬

‫الشخصية التي ذكرها عادل إمام في‬ ‫مسرحية الزعيم ‪ ،‬ووصفه ببطل العالم‬ ‫في (اللعب بمناخيرو ) بعد فوزه على‬ ‫بطل روسيا كما قال الزعيم ‪..‬‬ ‫تأخر الرواتب سيدفعنا الى كثرة‬ ‫التفكير والتأمل ووضع الخطط لتمشية‬ ‫امورنا اليومية والتعايش مع حالة‬ ‫الالراتب ‪ ،‬ومع هذه التأمالت ستكثر‬ ‫( الصفنات ) أيضا كشكل من اشكال‬ ‫البحث عن الحلول ‪ ،‬وتقترن هذه‬ ‫الصفنات عادة بإدخال اإلصبع في‬ ‫الخشم واستخراج الحلول السحرية‬ ‫الفنتازية التي يعجز عنها التفكير‬ ‫العقلي والمنطقي ‪...‬‬

‫د‪ .‬حسام الطحان‬

‫اذا استمر انقطاع الرواتب ألشهر‬ ‫أخرى فال تستغربوا اذا تحول الشعب‬ ‫كله إلى علي هبلو‬

‫‪23‬‬


‫‪181‬‬

‫كيبورد طنوش‬ ‫حسين علي‬ ‫بعض الصفحات البائسة التعيسة في‬ ‫التواصل االجتماعي تتلقف األحداث‬ ‫من هنا وهناك كثعلب جائع يلوي‬ ‫رأسه يمينا وشماال‬ ‫لتزرع بذور الفتن بين أهل المدينة‬ ‫وأهل الريف‬

‫الصفحات تغلو بمدح أهل الريف على‬ ‫حساب سكان المدينة‬

‫تظهر هذه الصفحات التي تقبع خلفها‬ ‫نفوس لئيمة ومريضة في شتى‬ ‫كالحالة‬ ‫األمراض المستعصية‬ ‫العنصرية النفسية واألمراض المزمنة‬ ‫(المادية) فالعنصرية داء ال يصيب‬ ‫البشرة بل يصيب العقل البشري‬ ‫وبالتالي يحدث العوق الفكري والشلل‬ ‫المعرفي‪ ،‬فبعض هذه الصفحات تغلو‬ ‫بمدح أهل المدينة على حساب أهل‬ ‫الريف والعكس تظهر بعض‬

‫التخلف والسذاجة وقلة الحياء من‬ ‫اسباب خراب المجتمع وتخلفه و‬ ‫انحداره وهذا ما يُه َدف له للفرقة‬ ‫والعنصرية بين الناس‬ ‫عندما يجلس طنوش خلف شاشة‬ ‫حاسوبه ويكتب ويؤلف ويخترع‬ ‫اختراعات وابتكارات فهو يكتب كلمة‬ ‫تارة و يحك بشراسة جلده الذي تطفوا‬ ‫على سطحه حبيبات ذات رؤوس‬ ‫سوداء تارة أخرى و إستطاع طنوش‬ ‫أن ينافس كريستوفر و إقصائه في‬ ‫التصفيات النهائية وخطف الجائزة‬ ‫الكبرى منه ليتربع على عرش‬ ‫كولومبس الذي هيمنة عليه لعقود‬ ‫طويلة من الزمن‬

‫‪24‬‬


‫شعر‬

‫‪181‬‬

‫كار في َو َ‬ ‫طنٍي‬ ‫احت ٌ‬ ‫اسماعيل خوشناو‬ ‫مس‬ ‫اب َظ ُّن الش ِ‬ ‫قَد َخ َ‬ ‫َبعدَما ٌ‬ ‫طل َعت‬

‫إسماعيل خوشناو‬

‫ق‬ ‫على األُفُ ِ‬ ‫غريَة‬ ‫تَ ُج ُ‬ ‫وب األَحال ُم ُم ِ‬

‫صة‬ ‫يَر ِوي قِ َّ‬

‫َف اليَ ِد‬ ‫َوك ُّ‬

‫صوب‬ ‫فالشَّوكُ في ك ُِل َ‬

‫رام ِصيا ٌم‬ ‫عَن نَي ِل ال َم ِ‬ ‫كار في َو َطنِي‬ ‫ِ‬ ‫االحتِ ُ‬

‫آم ٌر لَ َّوا ُم‬ ‫ِ‬ ‫قَد َ‬ ‫غا َبت ع َِن ال َحيا ِة‬ ‫لَو َحةُ قَ ِصيدَتي‬

‫ُه َرا ُء أَه ِل ال َجه ِل‬

‫كانَت‬

‫ِح َك ٌم‬ ‫َوأَه ُل ال ِعل ِم‬

‫علَيها لَيلَى‬ ‫ص َ‬ ‫تَرقُ ُ‬ ‫ال َو ُ‬ ‫طن َم َع َك ِلماتِها‬

‫س ِل َط على أَفوا ِه ِهم‬ ‫ُ‬

‫يَحتَ ِف ُل‬

‫قَي ٌد و ِلثا ٌم‬ ‫َلو ُو ِك َل شَأ ُن الثَّقَافَ ِة‬

‫ان إِل َها ٌم‬ ‫َو ِم َن األَل َح ِ‬ ‫ار َمم َل َك ِتي‬ ‫أَيا أَش َج َ‬

‫ِل ِح َمار‬

‫َهلُ ِمي ِإلينا‬

‫شهُ‬ ‫و َجح ُ‬

‫الم‬ ‫فَغُو ُل ال َّظ ِ‬

‫ع ُِلقَت على َخص ِر ِه‬

‫ُم َكبَّ ٌل‬

‫َمفاتي ٌح‬

‫ب ش َِر ِه‬ ‫وعلى أَنيا ِ‬ ‫َقي ٌد و ِل َجا ٌم‬

‫غوبَةٌ‬ ‫سلعَةٌ َمر ُ‬ ‫ِ‬

‫احتِكا ٌر في وَطَنٍي‬

‫الز َما ُم‬ ‫و ِب َيدِي ِه األَم ُر و ِ‬

‫‪25‬‬

‫ما عَا َد ال َور ُد‬


‫‪181‬‬

‫يوم واحد‬ ‫كريمة محمدي‬ ‫اهداني الكتب ‪...‬‬ ‫اهداني الحب ‪.....‬‬

‫وكل ما ارغب ‪.....‬‬ ‫فنثرت كلماتي ‪.......‬‬ ‫بلغة االدب ‪.....‬‬ ‫وخواطر من ‪...‬‬ ‫تصميم القلب ‪.....‬‬ ‫الى عقلك أخاطب ‪....‬‬ ‫بكل حب ‪.....‬‬ ‫فاحفظه يارب ‪....‬‬

‫ونور له الدرب ‪....‬‬ ‫وسهل له الصعب‬ ‫في كل حدب وصوب‪...‬‬

‫انه حبيب القلب ‪...‬‬ ‫لي كتب ومعه اسكن ‪...‬‬ ‫التراب‪.....‬‬ ‫اهداني الكتب ‪....‬‬ ‫اهداني الحب ‪......‬‬

‫‪26‬‬


‫‪181‬‬

‫عيناك سيدتي‬ ‫بالسحر تغريني‬ ‫نهر من الياقوت قاتلتي‬ ‫في البحر يرميني‬ ‫يا خالق العينين‬ ‫احرقني‬

‫د‪.‬نادية نوااصر‬

‫سحر الهوى اني‬ ‫امضي الى ولهي‬ ‫امضي بال قدم‬

‫عيناك‬

‫احيا مع ارقي‬ ‫اختال في خفقي بال وجل‬ ‫عيناك سيدتي‬ ‫للشاطىء التعبان ترسلني‬ ‫وتبعدني‬ ‫عيناك رحماك افاتنتي‬ ‫فاال انا احيا اقاتلتي‪.‬‬ ‫وال انا ارنو لخاتمتي‬ ‫مابين نارين انا ثمل‬ ‫والسحر غالب فال تقفي‬ ‫مابين نيراني‬ ‫ومروحتي‪..‬‬

‫‪27‬‬


‫‪181‬‬

‫غبار الحزن‬ ‫اعتدال الدهون‬

‫اعتدال الدهون‬

‫غبار الحزن‬

‫مغبر وجهك‬

‫لجحيم األشواق‬

‫بالحزن‬

‫لتضرم‬

‫تعتلي محياك‬

‫بقلبينا‬

‫تجاعيد الهم‬

‫نيران الفراق‬

‫تصدع برأسك‬

‫من أين‬

‫المخاوف‬

‫أتيت بكل تلك‬

‫وقلبك بالشوق‬

‫القسوة‬

‫صاخب‬

‫تأكل برأسي‬

‫يخفق بالحب‬

‫طيور الفوضى‬

‫بيني وبينك‬

‫فال أقوى‬

‫خطوة‬

‫على نسيانك‬

‫لن تخطو إلي‬

‫وال أقوى‬

‫لن تخطو عني‬

‫على ذكراك‬

‫يقيدك الكبرياء‬

‫من نص‬

‫تستعبدك العزة‬

‫غبار الحزن‬

‫تقودك نفسك‬

‫‪28‬‬


‫‪181‬‬

‫حال البشر‬ ‫د‪.‬صالح‬

‫د‪.‬صالح العطوان الحيالي‬

‫حال البشر‬

‫انا ما يعنيني‬

‫انا في الشدائد‬

‫ما تؤمن به‬

‫كاالعصار‬

‫انا يهمني ما يمكن‬

‫ال يوقفني بشر‬

‫أن تفعله بايمانك‬

‫وال حجر‬

‫تبني أم تهدم‬

‫وال مطر‬

‫تعمر أم تخرب‬

‫وال جبل أو صخر‬

‫تظلم أم تعدل‬

‫انا في سفر‬

‫تسلب أم تمنح‬

‫جوا أو برا أو في بحر‬

‫تحب أم تكره‬

‫ابحث عن فعل الخير‬

‫تحرر أم تستعبد‬

‫من اجل البشر‬

‫تعمل الخير أم الشر‬

‫لكن اصطدمت باشرار‬

‫اما انا‬

‫كنت فعلت لهم خيرا‬

‫انا هاديء الطبع‬

‫ماذا دهاكم‬

‫ابحث عن فعل الخير‬

‫قابل الحسنة بالحسنة‬

‫من أجل البشر‬

‫ال تقابلها بالسيئة‬

‫نيتي صادقة‬

‫قابلوا ربكم بفعل الخير‬

‫لكني أغضب من‬

‫والعمل الصالح‬

‫استغالل طيبتي‬

‫‪29‬‬


‫‪181‬‬

‫غادر القمر‬ ‫نرجس عمران‬

‫جعلت الشمس من أمامي وهي تتثاؤب‬ ‫ناعسة تتوسط سريرها في سماء‬ ‫الغروب لقد كانت نصف متدثرة‬ ‫بشراشف الشفق األحمر والتمست‬ ‫لنفسي وسادة من رمل ناعم مبلل‬ ‫أجلس عليها قدرما شاء لي الجلوس‬ ‫هربت مني ساقاي باتجاه األمواج‬ ‫وبدأت أصابع قدمي تالعبها لعبة‬ ‫(ضمة وداع ) فتارة تتصافحان وتارة‬ ‫تبتعد األمواج عنهما في حالة خصام‬ ‫مؤقتة مترددة غير واثقة ال تلبث أن‬ ‫تنتهي لتعود إلى وفاق مجدد معها ‪.‬‬ ‫كانت قدماي سعيدتان جدا بمقدار‬ ‫االنتعاش الذي يسري بهما في كل‬ ‫لحظة صلح ووفاق مع مياه البحر‬ ‫وملحه اللطيف أما يداي فقد بدأت‬ ‫تتسلق صفحة الخيال لتنثر عناوينا‬ ‫من جمال مالبثت أن بدأت تتمشى على‬ ‫كورنيش روحي منذ أن استسلمت لها‬ ‫نعم هذه اللحظات من شدة انغماسها‬ ‫بالجمال والنشوة مرت مسرعة جدا‬ ‫لدرجة أن طعمها الجميل مازال عالقا‬

‫‪30‬‬


‫‪181‬‬

‫على كل العتمة من حولي فبدا الوقت‬ ‫مازال ظهرا ‪( :‬مرحبا يا حب كيفك ؟‬ ‫اشتقتلك يا حلو أنا هنا )‬

‫تحت أسنان خيالي وما زلت أحبو إليه‬ ‫في كل لحظة شرود على أطراف‬ ‫الشوق الهرم قال لي حينها ذاك‬ ‫القرص الدائري في السماء والذي أراه‬ ‫تارة رغيفا من خبز بدأت تقتات عليه‬ ‫روحي الجائعة وتارة أراه منارة حب‬ ‫تلجم جماح قلب خدره العطش فخر‬ ‫وحيدا من دون توأمة من نبضة ‪ ،‬من‬ ‫دون حتى توأمة من رفقة ‪ ،‬بالكاد‬ ‫تعطف عليه الذكرى ‪.‬‬

‫قلت له ‪ :‬وكأن صوتك ما فارقني‬ ‫لحظة ‪ ،‬مازلت أسمعه ومازال صداه‬ ‫زادي لغدي ‪،‬مازال دافئا ببحته الشجية‬ ‫مازال حنونا برجولته الطاغية على‬ ‫مالمح الكلمات‬ ‫قال لي ‪ :‬ما اشتقتيلي يا جوسي ؟!‬ ‫قلت له بأنفة مستعارة ‪ :‬ال‬

‫فتنفث في صميمه أضغاث ذكرى‬ ‫تنتشي بها دقاته حتى أجل ليس‬ ‫بالطويل قال لي ‪ :‬ذلك القمر وقد‬ ‫أحسست أن عيونه تلتهمني فلقد أتى‬

‫ضحك وقال ‪ :‬وال شوي ؟!‬ ‫قلت ‪ :‬ال وال شوي فأنا مازلت مثلما‬ ‫كنت عنيدة أكره ضعف العواطف‬

‫قال لي ‪ :‬وبابتسامة مكللة لمبسمه‬ ‫األبيض مازالت كما هي تماما ‪ :‬فعال‬ ‫أنت لم تتغيري مازلتي التحبين‬ ‫الضعف ولكنك أصبحت كاذبة يا‬ ‫جوسي‬ ‫عزيرتي كنت في موتي األن راقدا‬ ‫بسالم وللتو حين أيقظني تيار الذع من‬ ‫شوق عارم وصوت شجي من صمت‬ ‫صارخ ونواح مغرق من عين جامدة‬ ‫جافة ‪.‬‬

‫قلت له ‪ :‬طبعا ال‬ ‫قال لي ‪ :‬نعم نعم‬ ‫جلست تبحثين عني في السماء وبين‬ ‫الغيوم وخلف الشمس وقبل القمر و‪..‬‬ ‫وتقولين ال أشتاقك ! لم كل عناء البحث‬ ‫هذا إذا ؟!‬

‫فهرعت على كلي ألبي الحاجة‬ ‫وتقولين ال أية امرأة أنت تعلم الكبرياء‬ ‫الكبرياء ؟!‬

‫‪31‬‬


‫‪181‬‬

‫وآه وألف آه من غيابك أراق وجودي‬ ‫‪.‬‬

‫أية معجزة أنت تجعلين األمور تبدو‬ ‫على مايرام وفيض جرحها ينزف في‬ ‫الخفاء‬

‫هل يعيش من اكتظت بمعصمه أنفاس‬ ‫شريان تلهث دون جدوى ؟! أرهقت‬ ‫قميصا فحل زراره واستسلم للعبثية‬ ‫الهوى ‪.‬‬

‫آه أيتها السماء أشتاق إليك وال أريدك‬ ‫قربي األن مازلتي صغيرة على سفر‬ ‫ملغم باأللغاز مازلت قصيدة تعج‬ ‫بالقوافي مازلتي ليال يلوذه كل‬ ‫الساهدين مازلت عاصمة إليها تهاجر‬ ‫قلوب العاشقين دعك مني واذهبي‬ ‫حيث الحياة اذهبي حيث يناديك‬ ‫العنفوان و يشتهيك اإلبتسام وسأكون‬ ‫لك قرآنا وسورة ونفخة بوق حين‬ ‫الضياع سأكون لك دربا يعلم خطواتك‬ ‫الثبات كوني السعادة أرجوكي ألكون‬ ‫مرتاحا في الغياب يا سيدي المتعجرف‬ ‫‪ ،‬قلت ما قلت ولم تسأل حال قلب يعمل‬ ‫دون وقود لم تسأل حال روح تهب‬ ‫وال مردود لم تسأل حال الحواس دون‬ ‫احساس في استنفار فارغ وفوضى‬ ‫هباء‪.‬‬

‫هل يعيش من أوقد في عينيه شمعة في‬ ‫كل خلوة‬ ‫وراح يغسل الخدين بدموع النار ؟!‬ ‫هل يعيش من فارقته الروح منذ برهة‬ ‫طويلة رغم قصرهاومازال يلتمس‬ ‫رأفة الرحيل بأن خذني معك ؟!‬ ‫هل يعيش من مات ؟!‬ ‫أجبني هل يعيش ؟ هل تسمو به الحياة‬ ‫إلى مواقع سعادة وكروم فرح؟! هل‬ ‫تحبو روحه على قوس قزح وتنتشي‬ ‫بلون ؟!‬ ‫التكن قاسيا فتظلم‬

‫لم تسألني شال عنقي ‪.‬واألناقة لماذا‬ ‫هرب إلى كتفي دون لياقة ؟!‬

‫التكن رؤفا فتألم‬ ‫وكن حيث أنت أتيك في مكاني واسأل‬ ‫جوارك كم من مرة ناداني ؟‬

‫لم تسألني الكعب العالي كيف أحناه‬ ‫الزمن ؟!‬

‫وها إني أنتظر عجلة غياب مستعجل‬ ‫كي أمم بالد الراحلين ولحينها دعني‬ ‫أجمع ما لذ وطاب في الوتين أقتات‬ ‫عليها حين وله ‪ .‬وهيا غادر القمر دعه‬ ‫وشأنه لعلك أصبته بالتخمة لعله يريد‬ ‫أن يستبدل خواطر الغياب ويتشح بسنا‬

‫وما الذي دهاه حتى صار مسيري به‬ ‫خلفا أبدا آه من معشرك أنجب سؤالي‬ ‫آه من سؤالك لجم جوالي آه من جوابك‬ ‫أنفذ صبري أه من صبرك أزهق‬ ‫احتمالي‬

‫‪32‬‬


‫‪181‬‬

‫اذهبي حيث العنفوان حيث الشباب‬ ‫وهل تركت في ربيعي ورقة اإل وقد‬ ‫أتى عليها الخريف؟! وهل تركت في‬ ‫قصيدتي قافية اإل وقد مهرتها بالدموع‬ ‫؟!‬

‫من لقاء ويلبس الليل أقنعة من خجل‬ ‫وحياء ‪.‬‬ ‫هياغادر القمر ودعني أتفرغ لجمال‬ ‫الكون بما اعتمر دعني اتحسس أفقا‬ ‫خاليا منك وسماء لم تشكل نجومها في‬ ‫عيني اسمك دعني أرى البحر يغادر‬ ‫الشاطىء دون أن أراك فارسا يمتطي‬ ‫جيد أمواجه دعني أسمع أنني جميلة‬ ‫من فم أية مرأة سوى عينيك وتقول‬

‫بعض التؤامة تكون في السواسية لكن‬ ‫بعضها منوط بغياب وال حل مترجع‬ ‫لها والمرتجى‬

‫‪33‬‬


‫‪181‬‬

‫كان يوما مرهقا للغاية‪ ،‬استقبل فيه‬ ‫إريك عشرة وفود من دول مختلفة‪،‬‬ ‫ولم يستطع أن يأخذ قسطا من الراحة‬ ‫إال في غرفة الحمام الملحقة بمكتبه‪.‬‬ ‫ولما انتهى دوام صاحبنا الصباحي‪،‬‬ ‫كان ظهره ينز عرقا ورائحة إبطيه ال‬ ‫تطاق‪ .‬ركب إريك سيارته الفارهة‬ ‫وشغل المكيف واستمع إلى موسيقاه‬ ‫المحببة‪ ،‬لكنه قبل أن يستغرق في‬ ‫ذكرياته الوردية‪ ،‬تعطل محرك‬ ‫السيارة فجأة‪ ،‬فتحولت إلى كهف‬ ‫مهجور يتوسط المسافة بين المكتب‬ ‫والمنزل‪.‬‬ ‫وألن رجل األعمال الوسيم لم يجد‬ ‫فراغا ذات يوم ليتعلم ميكانيكا‬ ‫السيارات‪ ،‬فقد وجد أن أسلم طريقة‬ ‫لتجنب المزيد من المتاعب أن يشير‬ ‫بيمناه إلى أي حافلة عابرة‪ .‬بعد خمس‬ ‫عشرة دقيقة من انتظار ممض‪ ،‬توقفت‬ ‫حافلة على جانب الطريق‪ ،‬حشر فيها‬ ‫إريك جسده المنهك‪ ،‬ليجد نفسه وسط‬ ‫كوكتيل من الروائح العطنة‪ .‬استطاع‬ ‫إريك أن يجلس بعد عشر دقائق من‬

‫‪34‬‬


‫‪181‬‬

‫التمايل والتشبث‪ .‬حرك صاحبنا ساقيه ليحجز ما استطاع من فراغ‪ ،‬وحرك قدميه‬ ‫في الحذاء ليسمح للدم بالتدفق إلى أصابعه‪ .‬وفجأة‪ ،‬تحركت محفظة جلدية بين‬ ‫فردتي الحذاء‪ ،‬فانحنى رجل األعمال في غفلة من جاره السمين‪ ،‬والتقط المحفظة‬ ‫ودسها في جيبه األيسر‪.‬‬ ‫كان أول شيء فعله إريك بعد عودته إلى منزله أن أخرج المحفظة‪ ،‬وقلب أوراقها‬ ‫النقدية‪ .‬لم يكن مبلغ األلف دوالر المحشور داخل المحفظة يعني الكثير بالنسبه له‪،‬‬ ‫لكن وجود بطاقة هوية لم يكن سببا مقنعا إلعادة المبلغ إلى صاحبه‪ .‬حشر إريك‬ ‫األوراق العشرة في محفظته‪ ،‬وألقى المحفظة بهويتها داخل خزانة مالبسه‪ ،‬ومارس‬ ‫قيلولته كالمعتاد دون ذرة تأنيب واحدة‪.‬‬ ‫وبعد أن تناول قسطا كافيا من النوم‪ ،‬طلب خادمه ليعهد إليه بالذهاب إلى أقرب‬ ‫مرآب للسيارات الصطحاب ميكانيكي إلصالح سيارته‪ .‬لكنه الدهشة عقدت لسانه‬ ‫حين دخل عليه الخادم وفي يده ورقة من فئة المئة دوالر يمدها إليه‪:‬‬ ‫"وجدت هذا المبلغ عند مدخل البيت يا سيدي‪ ،‬وأحسب أنه سقط منك هناك‪ ".‬لم‬ ‫يدر صاحبنا أيأخذ الورقة التي ليست له من خادم ربما يحتاجها أكثر منه ومن‬ ‫صاحبها‪ ،‬أم يتركها لزنجي فقير لم يبرر له فقره المدقع أن يمد يده إلى مال ليس‬ ‫له‪.‬‬ ‫كان أول شيء فعله صاحبنا بعد عودة سيارته سالمة أمام منزله‪ ،‬أن التقط بثبات‬ ‫تلك المحفظة الجلدية من بين طيات ثيابه‪ ،‬ليقرأ تفاصيل عنوان صاحبها‪.‬‬ ‫بعد نصف ساعة من القيادة المتهورة‪ ،‬وصل إريك إلى بيت صاحب البطاقة‪،‬‬ ‫وأعطاه المبلغ كامال غير منقوص‪ .‬فلما أراد الرجل أن يشكره‪ ،‬نظر إليه بعينين‬ ‫مذنبتين وكأنه يتوسل منه الصفح قائال‪" :‬ال تشكرني‪ ،‬بل اشكر خادمي‪".‬‬ ‫لم يكتف إريك يوما بالسيارة والنزل الفاره في أرقى ضواحي المدينة‪ ،‬ولم يقنع أبدا‬ ‫بوظيفته وال بدخله وال بحسابه البنكي الذي كان يتضخم كل شهر‪ .‬لم يقتنع إريك‬ ‫يوما بأنه غني رغم امتالكه ألصول عقارية بماليين الدوالرات وأسهم في البورصة‬ ‫بمئ ات اآلالف‪ ،‬لهذا لم يجد غضاضة في دس ألف دوالر ليست له في محفظته‬ ‫المكتظة بالبنكنوت دون أن يفكر بالبحث عن صاحبها‪.‬‬ ‫أما الخادم‪ ،‬فلم يكدره سواد بشرته وخلو بيته من الفاكهة الطازجة طوال األسبوع‪،‬‬ ‫ولم يزعجه عدم تناول أبنائه للحوم ولو مرة كل شهر‪ .‬ولم يخمن يوما محتويات‬

‫‪35‬‬


‫‪181‬‬

‫حقيبة سيدة الجلدية الثقيلة‪ ،‬أو يلتفت إلى األكياس الملونة التي كان يحملها من‬ ‫السيارة إلى الثالجة كل يوم‪ .‬ولم يحلم يوما بسيارة أو بدراجة‪ ،‬فقط كان يحمد هللا‬ ‫على الكفاف الذي يحميه من السرقة والعوز‪ .‬ورغم أنه لم يكن في جيبه أو في‬ ‫حقيبة زوجته وسترات أبنائه جميع ا مبلغا كبيرا كهذا‪ ،‬إال أن فقره لم يقنعه بأحقيته‬ ‫في االستيالء على ورقة نقدية سقطت من جيب سيدة عند المدخل دون أن يدري‬ ‫بفقدها‪.‬‬ ‫لم تكن الحاجة إلى المال هي الدافع ألن يستحل إريك مال غيره‪ ،‬ولم يكن خوفه‬ ‫على مستقبل أبنائه مبررا لالستياء على عشر ورقات من فئة المئة دوالر سقطت‬ ‫ذات غفلة بين فردتي حذائه‪ .‬لكن افتقاره إلى األمان النفسي‪ ،‬والرغبة في إشباع‬ ‫طموحات ال تحدها سماء‪ ،‬والسعار غير المبرر نحو القمة‪ ،‬واالندفاع األعمى نحو‬ ‫الثراء دونما اعتبار لحل أو حرمة دافعا نفسيا خسيسا لسارق غير مضطر‪.‬‬ ‫أما الخادم‪ ،‬الذي عصم نفسه خطيئة المقارنة بغيره‪ ،‬والتمرد على قضاء الرب‪،‬‬ ‫والرضا بالنصيب وإن قل‪ ،‬فقد كان أهنأ نفسا وأرقى سلوكا‪ .‬ولهذا‪ ،‬لم يسوغ لنفسه‬ ‫ارتكاب خطيئة السرقة‪ ،‬ولم يهون على نفسه وسائل الكسب الحرام متذرعا‬ ‫بالظروف والغالء وارتفاع األسعار‪.‬‬ ‫ال تحاول أيها القارئ العزيز أن تمد عينيك إلى حليلة جارك ألن زوجتك ليست‬ ‫جميلة كما ينبغي‪ ،‬أو ألنها غير ممشوقة القوام كغيرها‪ .‬ال تبرر إهمالك لعملك‬ ‫بمعاذير الراتب والغالء‪ ،‬وال تضع في جيبك أمواال وضعها صاحب مصلحة في‬ ‫درج مكتبك نصف المفتوح ألنك تريد أن تشتري لحما ألطفالك أو ثوبا لزوجتك‪.‬‬ ‫ال تكن كإريك مه ما ضاقت بك الحال‪ ،‬أو قست عليك الظروف‪ .‬فالسرقة سرقة وإن‬ ‫وضعتها الظروف بين حافتي حذائك وأنت تركب حافلة الحياة مع أشخاص ال تعلم‬ ‫عنهم شيئا‪ ،‬فلربما يعانون أشد مما تعاني‪ ،‬لكنهم ال يقبلون أن يضعوا في جيوبهم‬ ‫أوراق اآلخرين الخضراء مهما كانت حاجتهم إليها‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫‪181‬‬

‫سنعمل معا لدعم الشجاعة‬ ‫حيث هناك خوف‪ ،‬لتشجيع‬ ‫التفاوض عندما يكون هناك‬ ‫صراع‪ ،‬وإعطاء األمل حيث‬ ‫يوجد اليأس‪.‬‬

‫زهرة محمد‬

‫‪37‬‬


‫‪181‬‬

‫أزياء‬ ‫‪38‬‬


181

39


‫‪181‬‬

‫حوار‬ ‫‪40‬‬


‫‪181‬‬

‫قنديل اليوم أنثى تعشق الجمال فتراها تنقب عنه بكل الوسائل والطرق لتخرجه لكم‬ ‫من روحها بإبتسامة أنفاسها تراقص القلم والريشة معا على السواء في تزاوج‬ ‫متفرد لتقول لكم أحبكم على طريقتها فتنثر السعادة كآلهة الحب ‪ ،‬فيحبها كل من‬ ‫يعرفها بعفوية كأنها تمارس عليه قانون الجذب‪.‬‬ ‫بطاقة مختصرة لسيرتها الذاتية لنفتح بعدها معالم السؤال مع األديبة الفنانة‬ ‫التشكيلية سهام شريط‪.‬‬ ‫ من مواليد ‪1967‬بعين مليلة ‪.‬‬‫ أستاذة متقاعدة‪.‬‬‫لها اصداران‬ ‫ من وحي الروح( دار االلمعية )‬‫ تراتيل( دار يسطرون )‬‫المخطوطات الجاهزة للطباعة‬ ‫ جزء من التاريخ(قصة زوجين )‬‫ ترانيم(شعر حر )‬‫ شدو األعماق( شعر حر) باللغتين العربية والفرنسية‪.‬‬‫ عزف على وتر الزمن(رواية)‬‫ )‪recto - verso ( poemes et proses‬‬‫ رواية قيد الكتابة بعنوان تراحيل‬‫ نبدأ رحلة المكاشفة ونعود إلى البداية أيهما حرك مشاعر الجمال أوال بسهام‬‫شريط القلم ام الريشة؟‬ ‫ ال اذكرني رسمت قبل أن أكتب وال أذكرني كتبت قبل أن ارسم هي ملكة تولد‬‫مع المبدع تصاحبه مند اول يوم له في هذه الحياة فتنمو معه وتكبر ‪ ،‬هكذا حالي‬ ‫مع من يسكن روحي من ألوان وحروف وحب للفنون وللجمال خاصة‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫‪181‬‬

‫ أعلم أنك ملمة بثقافات الكثير من مناطق الوطن بحكم أنك الرحالة التي أقامت‬‫في مناطق متعددة كيف تجلى هذا التعدد الثقافي عربي ‪ ،‬أمازيغي ‪ ،‬في كتابات‬ ‫ورسومات سهام شريط؟‬ ‫ نعم بالفعل ‪ ،‬أقمت بمناطق عديدة من ربوع هذا الوطن الشاسع وسافرت غربا‪،‬‬‫شرقا ‪ ،‬جنوبا ‪ ،‬ول دي أصدقاء في معظم واليات الجزائر الحبيبة والزلت أبحث‬ ‫في تراث كل المناطق ألتعلم مايجب أن أعرفه عن وطني ‪ ،‬ال أحب الكتابات‬ ‫الموجهة وكتابات المناسبات ‪ ،‬لكن أكتب عن كل ما أتأثر به وعن مايمس روحي‬ ‫‪ ،‬بعد ‪ 29‬سنة بوالية تبسة كتبت عنها قصيدة "تبس األبرار " وبنا أني من أصل‬ ‫أمازيغي رسمت بعض اللوحات التي تروي قصة األجداد وتحاكي أرضنا وتراثنا‪.‬‬ ‫ ماهو األقرب إلى سهام شريط عندما تكون متعبة ؟‬‫ تارة يتغلب الحرف وأخرى األلوان وقليال ماأهجر كالهما كي أنغمس في‬‫إبداعات أخرى مثل الخياطة وغيرهما مما أمارس وأتقن ‪.‬‬ ‫ تمارسين الجذب بشخصك الشفيف مع كل من يعرفك هل الفن سبب شخصيتك‬‫الكريستالية أم العائلة؟‬ ‫ هي التجارب وتوالي األحداث والسنين أنا خمسينية وتعلمت من والدتي كيف‬‫أخدم محيطي وعائلتي ووطني وتعلمت الصرامة من والدي وكيف أحافظ على‬ ‫حدودي وكل هذا يجعلني احسن التعامل مع من يعرفني من تسمك بأخالق الحبيب‬ ‫المصطفى لن يضيع في الدنيا واآلخرة‪.‬‬ ‫ هل ورثت الفنانة سهام شريط هذا الجمال من أبويها أم أنها هبة خصها بها‬‫اإلله عن الكل؟‬ ‫ والدتي أبدعت في تربيتنا علما انها أول معلمة في تاريخ مدينة تبسة في أواخر‬‫األربعينيات خالل الحقبة اإلستعمارية ووالدي أحسن الحفاظ على عائلته ووطنه‬ ‫بما أنه كان ضابطا في صفوف جيش التحرير الوطني خالل الثورة التحريرية ‪،‬‬ ‫لم يكن لديهما الوقت الكافي لممارسة الفنون واالبداعات سوى الدفاع عن الوطن‬ ‫وعن مستقبل األبناء والدتي مجاهدة بالقلم والسالح وأنا أحذو حذوها وأسير‬ ‫على خطاها‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫‪181‬‬

‫ يقال أن العصر عصر الرواية نالحظ هجرة للشعراء للشعر وإلتحاقهم بركب‬‫الرواية مع أنهم يفتقرون للدراية بتقنية ومنهجيات الرواية فجاءت اصداراتهم‬ ‫الروائية باهتة فما رأيك؟‬ ‫ عالم الرواية شاسع وعميق ويحتاج دراية وتحكم بمفاتيح اللعبة والصور اإلبداعية‬‫ليس سهال كتابة الرواية لكن المغامرة جديرة باقتحام أبوابها‪.‬‬ ‫ هل حجر الكوفيد ‪19‬على ملكة اإلبداع عند سهام شريط وهل صحيح وراء كل‬‫محنة منحة؟‬ ‫الحجر الصحي بسبب كوفيد ‪ 19‬كانت نتائجه مثمرة جدا ساعدني على الراحة‬ ‫الجسدية والفكرية واألدبية وكذلك على تتمة أعمالي الفنية التي أهملتها بسبب سفري‬ ‫وانشعاالتي اليومية‪.‬‬ ‫ زاوجت بين التراث بريشتك وبين الحداثة‬‫فهل عندما تبرزي التراث يتملكك االحساس بأنك تكملين رسالة والديك أم أنك‬ ‫تتعاملين معه كفنانة وأنثى تظهر الجمال ؟‬ ‫ أرى الجمال في روح األشياء وأتعامل مع اإلبداع بروح الجمال لذا أحرك‬‫ريشتي بألوان الحب وقلمي بحبر العطاء وامزج بين الرسم والحرف والموسيقى‬ ‫وأهب لمن يرغب في ذلك كل أنواع األحاسيس الحالمة‪.‬‬ ‫ هذه اللوحة هل تعني أنك تتمنين مداعبة األوتار يوما ما لتكتمل روح االبداع‬‫لدى سهام شريط؟‬

‫‪43‬‬


‫‪181‬‬

‫ هذه اللوحة تسمى" انثى المندولين " والنوتة الموسيقية والقهوة واللوحة في حد‬‫ذاتها األوتار والشفاه والكوب كل هذا ف معادلة تكامل مع العلم أنني أجيد العزف‬ ‫على القيتار والسانتي واآلالت االيقاعية‪.‬‬ ‫ هذه اللوحة تسمى" انثى المندولين " والنوتة الموسيقية والقهوة واللوحة في حد‬‫ذاتها األوتار والشفاه والكوب كل هذا ف معادلة تكامل مع العلم أنني أجيد العزف‬ ‫على القيتار والسانتي واآلالت االيقاعية‪.‬‬

‫ وهذه اللوحة أراها متعددة القراءات فماذا تقول عنها الفنانة سهام شريط؟‬‫ سهام شريط هذه اللوحة تحاكي البحر وتكشف عن اسراره وكنوزه المخفية‪.‬‬‫قرأتها بعيدا عن البحر بل غصت في دهاليز التاريخ فمارأيك عندما يقرأ لوحاتك‬‫بعيدا عن حقيقة شعورك؟‬ ‫ الفن التجريدي هو آخر مدارس الفن التشكيلي أن تعيش مرارا مع كل قراءة‬‫مختلفة للمشاهدين هذا ما يجعل صاحبها منتشيا في كل حياة جديدة للوحة؟‬ ‫ ماذا مازال في جعبة سهام شريط من فنون يختمر لم تبح به لنا بعد؟‬‫ سهام شريط تحب الحياة بما فيها من ألم وأمل والجمال وأنواع االبداع أحب‬‫الموسيقى وأجيد العزف على بعض اآلالت وأحب الغناء رغم أن صوتي غير‬ ‫مطرب وربما مزعج أحيانا أجيد الخياطة وفن التطريز وهذا ماكتبته عني في‬ ‫نصي " ضجر مفاجئ " في اصداري الثاني " تراتيل " والزلت أحاول اكتشاف‬ ‫ماغاب عني ‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫‪181‬‬

‫أقالم شابة‬ ‫محمد شمس الدين‬ ‫حدثيني عن ما الح في‬ ‫فنجاني‬ ‫فالبُع ُد طال والقلب قد‬ ‫أضناني‬ ‫حدثيني عن بقايا‬ ‫األمنيات‬ ‫فمن شفاه الورد قد‬ ‫تزين الرماني‬ ‫التحدثيني عن‬ ‫جراحات السنين‬ ‫فالصبح قادم واللي ُل‬ ‫للنسياني‬ ‫حدثيني عن إبتهاالت‬ ‫الطيور‬

‫‪45‬‬


‫‪181‬‬

‫وهل شاهدت ماحل‬ ‫بالشطئاني‬

‫كإنها جنيةٌ أذا مرت‬ ‫بودياني‬

‫فال لي ٌل مضيء ‪....‬‬ ‫وال سلطاني‬

‫ال تقولي لي مالك‬ ‫ومال الغارقات‬

‫حدثيني عن ينابيع ‪...‬‬ ‫تلك العيون‬

‫حدثيني عن بقايا‬ ‫الصالحات‬

‫وإن الموت مقبل وقد‬ ‫أحاط بالرباني‬

‫فالكح ُل‬

‫ولما سعادتي استبدلت‬ ‫باالحزاني‬

‫في أجفانها كإنه‬ ‫حجارة ٌ في البركاني‬

‫يا ليتُك تحدثيني عن‬ ‫بقايا الناجيات‬ ‫فالبحر سفينةٌ كانَ‬ ‫ُ‬ ‫وكنتُ أنا السفاني‬

‫والعمر‬

‫قوارير‬ ‫حدثيني عن‬ ‫ٌ‬ ‫وماء‬

‫ماضاع منها لم يكن‬ ‫في الحسباني‬

‫فالحب إولهٌ إكاليل‬ ‫ُ‬ ‫الورود‬

‫ُ‬ ‫الطين من‬ ‫وكم دنا‬ ‫أصابع االغصاني‬ ‫عندها أُحدثُك‬

‫حدثيني عن ام ٌل من‬ ‫الماضي يعود‬

‫وهل تكفي دماء الورد‬ ‫في أوطاني‬

‫الشمس في‬ ‫وفيه تح ُل‬ ‫َ‬ ‫نيساني‬

‫أحببتُها كاألرض من‬ ‫غير بديل‬

‫ال تقولي لي إن النجم‬ ‫قد غاب‬

‫وياليتها تعرف بما‬ ‫كنتُ أُعاني‪.‬‬

‫عن فخارةً راقصتُها‬ ‫وكانت تميل‬

‫حدثيني عن بقايا‬ ‫الذكريات‬

‫‪46‬‬

‫اقرأي الفنجان ومن ثم‬ ‫اقلبيه‬ ‫وعلني الثورات في‬ ‫أزماني‬


‫مسك الختام‬

‫‪181‬‬

‫مؤامرة بدهاء‬ ‫وامتياز‬ ‫لطالما تابعت شخصية هنري كيسنجر‬ ‫وكتاباته المثيرة للجدل باعتباره‬ ‫مهندس السياسة االمريكية والنه عاش‬ ‫عقودآ مع االدارات االمريكية‬ ‫المتعاقبة فهو منظر السياسة الخارجية‬ ‫االمريكية‪ ،‬وصانع قراراتها وغالبا‬ ‫ماتعتمد على دهاءه وذكاءه في‬ ‫ومصير‬ ‫االوضاع‬ ‫إستقراء‬ ‫الصراعات لما يدور في العالم عموما‬ ‫وفي الشرق االوسط خصوصا‪.‬‬ ‫فهو اليخفي اسباب احتالل امريكا‬ ‫للعراق المرتبط بإستراتيجية بعيدة‬ ‫المدى لما للعراق من أهمية روحية‬ ‫وتاريخية مؤثرة في المنطقة والعالم‪.‬‬

‫قاسم الغراوي‬

‫يقول هنري كيسنجر ‪:‬‬ ‫(أن هدفنا الحقيقي من الحرب على‬ ‫العراق عام ‪ 2003‬هو سيطرتنا‬ ‫الروحية التاريخية على العراق نضمن‬

‫‪47‬‬


‫‪181‬‬

‫االخيرة لقصف السفارة االمريكية‬ ‫بصورة متكررة ومارافقها من‬ ‫اتهامات وتهديدات امريكية‪،‬‬

‫سيطرتنا الفعلية على الشرق االوسط‬ ‫كله‪ ،‬وبالتالي عموم العالم) ‪.‬‬ ‫والن الغالبية غافلة او تنظر بسطحية‬ ‫عما يجري من مخططات في اروقة‬ ‫القرار االمريكي التي تتحكم في سير‬ ‫غالبية األحداث في العالم من إثارة‬ ‫المشاكل والفتن والحروب فيها ‪ ،‬يبقى‬ ‫العراق على رأس أولويات اإلدارة‬ ‫األمريكية ولن تفرط به مهما افتعلت‬ ‫من أحداث ومواقف وتهديدات‬ ‫باالنسحاب من العراق‪.‬‬

‫اال ان التفكير باالمر من زاوية اخرى‬ ‫وبهدوء بعيدا عن االنفعال سيخبرنا‬ ‫هنري كيسنجر بصراحة ووضوح‬ ‫ليقول ‪:‬‬ ‫(اننا شيدنا في المنطقة الخضراء في‬ ‫بغداد اكبر واضخم واقوى سفارة في‬ ‫تاريخ البشرية‪ .‬مساحتها ‪104‬‬ ‫هكتارات وتعد أكبر بستة إضعاف من‬ ‫مجمع األمم المتحدة في نيويورك‪،‬‬ ‫وبعشرة أضعاف من سفارتنا في‬ ‫بكين‪ .‬كلفتها حوالي مليار دوالر‬ ‫وتكلفة إدارتها السنوية مليار دوالر‪.‬‬ ‫فيها ‪ 20‬مبنى و‪ 1000‬موظف‪ ،‬وهي‬ ‫تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن‬ ‫واالسواق وكل وسائل الترفيه‬ ‫ومولدات الطاقة والتنقية والتصفية‪،‬‬ ‫حتى يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة‬ ‫اعوام !)‪.‬‬

‫ومما قاله هنري كيسنجر ‪:‬‬ ‫(ومن اكبر دالئل نجاحنا الكبير في‬ ‫التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم‪،‬‬ ‫اننا اوهمناهم بأننا عازمون على ترك‬ ‫العراق بعد ان فشلت سياستنا به‪ .‬وبين‬ ‫حين وآخر نجري مسرحية اعالمية‬ ‫عن انسحابات عسكرية خداعة) ‪.‬‬ ‫وغض النظر عن التصويت باالغلبية‬ ‫في البرلمان بخروج القوات االمريكية‬ ‫وخروج تظاهرات تدعم هذا القرار‬ ‫وبالرغم من المفاوضات لعقد تفاهمات‬ ‫او اتفاقية بين العراق وامريكا أثناء‬ ‫زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي‬ ‫مصطفى الكاظمي المريكا ولقاءه‬ ‫ترامب وتحديد سقف زمني لخروج‬ ‫هذه القوات من العراق ومع الزوبعة‬

‫والسؤال يطرح نفسه ‪:‬‬ ‫كيف يصدق انسان بعد كل هذا ‪ ،‬أن‬ ‫امريكا شيدت مثل هذه السفارة‬ ‫االسطورية في بلد تدعي بأنها في‬ ‫الطريق لمغادرته؟‬

‫‪48‬‬


181

49


‫‪181‬‬

‫مجلة زهرة البارون العدد ‪181‬‬

‫‪50‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.