مجلة زهرة البارون عدد 35

Page 1

‫إصدارات مؤسسة البارون للنشر االلكتروني عدد ‪35‬‬ ‫مؤسسة البارون‬

‫جملة ثقافية أدبية فنية الكرتونية‬ ‫‪2017‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫البارون األخري‬ ‫حممود صالح الدين‬

‫العلم نور‬ ‫‪1‬‬


‫هيئة حترير‬ ‫جملة‬ ‫زهرة البارون‬ ‫رئيس التحرير‬

‫البارون األخير‬ ‫محمود صالح الدين‬ ‫مستشار المجلة‬ ‫د‪ .‬احمد ميسر‬ ‫المحررون‬ ‫د‪ .‬محمد احمد صالح‬ ‫العراق‬ ‫زهرة محمد‬

‫احمد محمد عيسى‬

‫الجزائر‬

‫مصر‬ ‫شريف العرفاوي‬

‫هادية قصبة فرحات‬

‫تونس‬

‫الجزائر‬

‫رسل الساعدي‬

‫رواء خلف السوداني‬

‫العراق‬

‫العراق‬

‫‪2‬‬


‫المحتويات‬ ‫مقال افتتاحي ‪5..................................................................................................‬‬

‫قراءات‬ ‫الفنان المسرحي يوسف سواس ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم العالف ‪8..................................................‬‬ ‫االنسان البدائي ‪ /‬فارس تركي ‪11............................................................................‬‬ ‫فرمان الحرية الزم نرقصلو بجفية ‪ /‬د‪ .‬احمد ميسر ‪18..................................................‬‬ ‫من يكتفي ‪ /‬عبد الرزاق احمد الشاعر ‪20..................................................................‬‬ ‫البريد واالتصاالت في الحضارة اإلسالمية ‪ /‬د‪ .‬صالح العطوان الحيالي ‪23..........................‬‬ ‫حيان محمد الحسن ‪ /‬د‪ .‬أحالم غانم ‪29......................................................................‬‬ ‫عودة جامعة الموصل للموقع األصيل ‪ /‬ريان هاني ‪35...................................................‬‬

‫ادب ساخر‬ ‫يفسرون ‪ /‬د‪ .‬احمد جارهللا ياسين ‪38........................................................................‬‬ ‫من انتم ؟ ‪ /‬حسام الطحان ‪39.................................................................................‬‬

‫شعر‬ ‫مصيدة ‪ /‬د‪ .‬عبد الستار البدراني ‪40.........................................................................‬‬ ‫تقاسيم على صخور النسيان ‪ /‬لمياء العلوي ‪42...........................................................‬‬ ‫رحاب الحب وهمساته ‪ /‬د‪ .‬محمد احمد صالح ‪44.........................................................‬‬ ‫أحالم انثى ‪ /‬فاطمة الداودي ‪46..............................................................................‬‬ ‫سالت طيفك ‪ /‬ماجد محمد طالل ‪50..........................................................................‬‬ ‫هيام ‪ /‬صالح الدين الطياش ‪51...............................................................................‬‬ ‫أو تهجرين ‪ /‬لينا كنجراوي ‪52...............................................................................‬‬ ‫شهريار القلب ‪ /‬صورية حمدوش ‪54.......................................................................‬‬ ‫بكت عيني يا قدس ‪ /‬فاطمة عشور ‪56......................................................................‬‬ ‫بلقيس ‪ /‬كروان شعيب ‪57.....................................................................................‬‬

‫‪3‬‬


‫حديث الهدهد ‪ /‬هدهد ‪59.......................................................................................‬‬

‫عالم المراه ‪ /‬زهرة محمد ‪60.................................................................................‬‬ ‫كاريكاتير عراقي ‪ /‬حسين حمه ‪62...........................................................................‬‬

‫أقالم شابه مساهمات نادي الشعر الموصل‬ ‫دعنا معا ً ‪ /‬هناء احمد ‪64......................................................................................‬‬ ‫الحب والحجر ‪ /‬احمد ال غبشة ‪66..........................................................................‬‬ ‫صدفة في شبة مقهى ‪67......................................................................................‬‬ ‫يا سادة الحروب انا عاشق ‪ /‬محمد عبد المنعم ‪69.......................................................‬‬ ‫اه يا عصفورتي ‪ /‬سيف المشهداني ‪70....................................................................‬‬ ‫بال عنوان ‪ /‬محمد سعد ‪71...................................................................................‬‬ ‫اختالف ‪ /‬نور وليد ‪72........................................................................................‬‬ ‫صهيب الهاللي ‪74............................................................................................‬‬ ‫أمي ‪ /‬فهد أسعد ‪75...........................................................................................‬‬ ‫يوسف القريشي ‪76..........................................................................................‬‬ ‫عمر المحمود ‪77.............................................................................................‬‬ ‫رسالة أخيرة الى صاحب الحوت ‪ /‬حسن محمد سعيد ‪79.............................................‬‬ ‫بردة ال رتجاف الطالل ‪ /‬علي خالد العيثان ‪82..........................................................‬‬ ‫أمنه العراقي ‪84..............................................................................................‬‬ ‫طياره من أوراق االنجيل ‪ /‬جميل الجميل ‪87............................................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫مسك الختام ‪ /‬حاتم الطلياني ‪90...........................................................................‬‬

‫‪4‬‬


‫مقال افتتاحي‬ ‫االبداع‬ ‫حتت عنوان‬ ‫ال هوية‬ ‫بقلم الشاعر البارون األخير ‪ /‬محمود صالح الدين‬

‫فوجئت قبل ايام بفيديو غريب من نوعه ومستفز الى ابعد حدود االستفزاز‬ ‫من برنامج على قناة القاهرة والناس وكان غريبا في طرحه وفي توقيته وانا‬ ‫اعتبره طبال من تلك الطبول التي تثير الفتن في العالم‬ ‫وكان فحوى الفيديو تسليط الضوء على االصول الكوردية لبعض الشخصيات‬ ‫الفكرية واالدبية والشعرية الرائدة في عالم الثقافة العربية المعاصرة كالعقاد‬ ‫واحمد شوقي وغيرهما‬ ‫بادئ ذي بدء احب التذكير باآلية القرآنية الكريمة التي تؤكد على ان التفاضل‬ ‫بين بني البشر يكون على اساس الجهد الفردي لإلنسان في سعيه الن يكون‬ ‫بمستوى ايماني وانساني ارقى قال تعالى( ان اكرمكم عند هللا اتقاكم ) فضال‬ ‫عن قوله تعالى ( انا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) ال لتتفاضلوا فيما بينكم‬ ‫باألحساب واالنساب وهي شئ لم يكن لكم اي فضل في اختيارها من االساس‬

‫‪5‬‬


‫وهي طريقة تفكير جاهلية عنصرية لطالمها فندها االسالم وهدم اركانها ألنها‬ ‫تتعارض مع القصد االلهي بان تكون التقوى هي محل التفاضل الذي يتنافس‬ ‫فيه المتنافسون ال تصورات عرقية واثنية جاهلية بكل ما في كلمة جاهلية من‬ ‫معنى ‪ ,‬لذلك فال يوجد لدينا اي موقف عنصري جاهلي تجاه اي شخصية‬ ‫فكرية انسانية استنادا النتمائها الى هذا العرق البشري او ذاك فكلنا كما يقول‬ ‫الرسول محمد ( ص) من ادم وادم من تراب‬ ‫لكن ما استوقفني صراحة في الموضوع عن طريق محاولة قراءة ما بين‬ ‫سطور الحلقة هو المنهجية التي تقف وراء طرح الموضوع من زاوية يفهم‬ ‫منها انها زاوية حق اريد بها باطل‬ ‫الحلقة انموذج لما يمكن ان نطلق عليه تسمية ( الشعوبية المعاصرة )‬ ‫التي تحاول بشتى السبل ان تنتقص من كل ما يمت للعروبة بصلة عبر عملية‬ ‫مركبة اجتزائية من جهة تجتزئ وتقتلع بطريقة تعسفية هذا النص او تلك‬ ‫الشخصية من وسط المشهد التاريخي واالبداعي بأسره ثم ما تلبث ان تتبعها‬ ‫عملية تضخيم ممنهجة لذلك النص او الحدث او الشخصية في محاولة البراز‬ ‫تاريخ مقتطع مضخم ممسوخ يحل بديال عن النص او الحدث او الشخصية‬ ‫االصلية‬ ‫وتلك عملية ممنهجة لتزوير التاريخ والذاكرة الجمعية للمنطقة واستبدالها‬ ‫بنسخة مستوردة مشوهة تخدم اغراض ومقاصد المنتجين لها‬ ‫وظاهرة الشعوبية كما هو معلوم تاريخيا حركة لها جذور موغلة في القدم‬ ‫ممكن ان نرجعها الى تاريخ موازي لتاريخ النهضة العربية االسالمية ذاتها‬ ‫فالبخاري على سبيل المثال فارسي االصل فيما الفارابي تركي وهكذت‬ ‫دواليك اذن الحضارة العربية نهضت على اكتاف غير العرب اذن ال داعي‬ ‫من االساس لنعتها بالعربية‬ ‫لكن فات هؤالء المغرضين والسطحيين ان كل من تم ذكر اسمائهم من العلماء‬ ‫والمفكرين حتى وان كانوا نسبا غير عرب فانهم ثقافيا وحضاريا ابناء اقحاح‬ ‫للحضارة العربية فاللغة التي كتبوا بها فكرهم كانت باالساس هي اللغة العربية‬ ‫والبيئة التي ابدعوا فيها هي بيئات سواء اكانت عربية او غير عربية جغرافيا‬ ‫لكنها بيئات عربية ثقافة‬

‫‪6‬‬


‫فاللغة السائدة في تلك البيئات على تنوعها الجغرافي هي اللغة العربية بهيكلية‬ ‫عقلية ولغوية جمعية عربية لقد كانت اشبه بما يدعى اليوم برابطة الدول‬ ‫الفرانكفونية وهي رابطة لمجموعة دول متنوعة عرقيا وجغرافيا لكنها تتحدث‬ ‫بلغة توحدها ثقافيا وهي اللغة الفرنسية فاالشخاص والدول المنضوية في‬ ‫الفرانكفونية هم فرنسيون ثقافة ال عرقا او جغرافية واالمر ذاته ينطبق على‬ ‫الكثير من االمثلة من تاريخنا القديم والمعاصر كشخصيات كافراد ومجتمعات‬ ‫ودول فهي كلها منضوية تحت مظلة الثقافة العربية االسالمية والغريب في‬ ‫االمر ان الحركات اننا في عالم اليوم نبحث عن هويات جامعة موحدة ال تلغي‬ ‫او تقصي الهويات الفرعية بل توحدها وتتماهى معها في عملية تأثر وتأثير‬ ‫ابداعية واعية تنتج هويات انسانية ابداعية متجددة على العكس من منهجية‬ ‫البحث عن كل ما هو تجزيئي وتقسيمي ومتضاد يسعى الى ابراز وتضخيم‬ ‫الهويات الفرعية سعيا الى عملية الغاء وتضاد تعمل على جعل عملية التعايش‬ ‫والتكامل امرا عسير المنال ويدخل المنطقة في غياهب مايعرف بالفوضى‬ ‫الخالقة فالحذر كل الحذر من امثال تلك الطروحات المسمومة التي تعد حلقة‬ ‫البرنامج الذي بثته قناة القاهرة والناس انموذجا صارخا عليها‬ ‫نعم لدعوات واعية الى جمع الهويات الفرعية في بوتقة هوية كبرى جامعة‬ ‫تعتمد القواسم المشتركة االبداعية واالنسانية للهويات الفرعية لخلق ثقافة‬ ‫جمعية بناءة بامكانها ان تكون حجر االساس لمشروع نهضوي انساني‬ ‫توحيدي يتمكن من انتشال المنطقة من حالة النكوص التي تراوح عندها منذ‬ ‫قرون بائسة مضت ولحد لحظة كتابة هذه السطور ‪.........................‬‬ ‫وهللا ولي التوفيق‬

‫‪7‬‬


‫قراءات‬ ‫الفنان املسرحي الكبري االستاذ يوسف سواس‬ ‫‪....‬استذكار‬ ‫ا‪.‬د‪ .‬ابراهيم خليل العالف‬ ‫استاذ التاريخ الحديث المتمرس ‪-‬جامعة الموصل‬ ‫الفنان المسرحي الكبير االستاذ يوسف سواس‬ ‫(رحمة هللا عليه ) ‪..‬‬

‫قبل قليل ارسل لي‬

‫ولده االستاذ غيث ‪ -‬مشكورا ‪ -‬مجموعة من‬ ‫صوره ‪ .‬كتبت عنه سابقا وكتب عنه‬ ‫الصديق الصحفي‬

‫األستاذ عبد الجبار‬

‫العتابي وكتب عنه آخرون ابرزهم األستاذ‬ ‫موفق الطائي في كتابه ‪( :‬سيرة مسرح ‪..‬المسرح في الموصل ‪-1970‬‬ ‫‪ ) 2003‬والذي صدر في الموصل سنة ‪. 2009‬وقال عنه انه فنان مبدع‬ ‫عاشق لفنه الى حد الهوس ‪..‬يقسو على نفسه من اجل ان يكون دوما االحسن‬ ‫‪ ,‬مثل وعمره (‪ ) 17‬سنة عندما وقف على خشبة ( مسرح االعدادية الشرقية‬ ‫في الموصل) الى جانب زمالءه عبد الواحد اسماعيل وحسن فاشل في‬ ‫مسرحية (حالق بالدين ) سنة ‪. 1965‬‬ ‫كما شارك في تمثيل مسرحية ( عدالة هللا ) ومسرحية ( فوتوماتون السريع )‬ ‫‪.‬انطالقته المسرحية الحقيقية ؛ كانت سنة ‪ 1970‬عندما اسند اليه المخرج‬ ‫الكبير االستاذ شفاء العمري دورا مهما في مسرحية (اوديب ملكا ) ‪.‬‬ ‫توفي في اواخر سنة ‪ ... 2009‬كان فنانا اصيال قريبا الى الناس يتحدث بلهجة‬ ‫موصلية محببة وادواره في عدد من المسرحيات التنسى ‪.‬كان يعيش لفترة‬ ‫في فندق ببغداد حزينا مهموما لكنه ظل يرنو الى الموصل حتى وفاته وتوفي‬ ‫هناك وحيدا ‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫في سيرته المسرحية الكثير الكثير مما يجب ان يذكر ‪ ..‬كان مجتهدا ‪ ,‬حريصا‬ ‫‪ ..‬هو يوسف محمود جرجيس الحيالي ‪ ,‬ولقب(سواس) الذي حمله فنيا ‪,‬جاءه‬ ‫من مهنة أبيه الذي كان يبيع (عرق السوس) في مدينة الموصل‪ ,‬من مواليد‬ ‫الموصل سنة ‪ 1948‬درس في مدارس الموصل وفي عام ‪ , 1969‬أسس مع‬ ‫نخبة من فناني الموصل (فرقة النصر) التي قدمت مسرحياتها في نادي‬ ‫الموصل الرياضي منها‪( :‬حالق بالدين) و(مصور العجايب) ومسرحية‬ ‫(عدالة هللا) ليوسف وهبي‪ ,‬كما قدمت على ( مسرح نادي الفنون ) مسرحية‬ ‫(اوديب ملكا) عام ‪ 1969‬اخراج شفاء العمري‪ ,‬وأكمل يوسف دراسته‬ ‫المسائية في معهد الفنون الجميلة سنة ‪,1974‬خالل سني دراسته في معهد‬ ‫الفنون الجميلة قدم راشاؤول سنة ‪1973‬لل كاتب الياباني رينوساكي‬ ‫اوكوتاجاوا‪ .‬كما قدم مسرحية (وداعا يا غرناطة) للشاعر األسباني لوركا عام‬ ‫‪ 1974‬كأطروحة تخرج ‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 1975‬دخل اذاعة بغداد بصفة (مخرج اذاعي ) ‪ ,‬وقدم عشرات‬ ‫االعمال الدرامية ‪ ,‬والمسلسالت التمثيلية وقد اوفد الى المانيا لدراسة الدراما‬ ‫االذاعية وعاد الى العراق وهو محمل بالخبرة العملية والعلمية وشهدت‬ ‫اعماله على قدرته االبداعية ومن اعماله االذاعية ‪ :‬الزقاق‪ -‬النمر الجسور ‪-‬‬ ‫االرض ان حكت ‪ -‬وفي مجال السينما شارك في افالم منها ‪ :‬االرقط ‪ -‬زمن‬ ‫الحب ‪ -‬طائر الليل ‪ -‬ابو المدن ‪.‬ومن المسرحيات التي ابدع فيها ‪ :‬لؤلؤة‬ ‫الصحراء ‪-‬ام المقاتلين ‪ -‬الخيول الخرساء ‪ -‬ادابا‪ -‬عشتار‪ -‬العاشقة ‪.‬وله‬ ‫اسهامات في جريدة (ام الربيعين ) التلفزيونية من تلفزيون نينوى ‪.‬‬ ‫يقول االستاذ موفق الطائي عنه ‪ ":‬لم أشاهد مثله مقدسا لعمله على خشبة‬ ‫المسرح ‪..‬كنت اراقبه اثناء التمرينات وهو يحاول بناء شخصيته المسرحية‬ ‫رافضا التوقف ولو لدقائق معدودة لالستراحة والمرض اللعين يحاصره وكان‬ ‫يصبر ويكابر حتى ينتهي العرض المسرحي ) ‪.‬‬ ‫آخر أعماله المسرحية كانت لألطفال بعنوان‪( :‬أحالم يقظان) إخراج عالوي‬ ‫حسين‪ ,‬وعرضت ضمن مهرجان أصيلة الدولي لمسرح الطفل في المغرب‬ ‫سنة ‪ ,2008‬وآخر أعماله التلفزيونية كان مسلسل (النخلة والجيران) للمخرج‬ ‫جمال عبد جاسم وأدى فيه شخصية (عزرا اليهودي) الذي يعيش في بغداد‬ ‫خالل عقد األربعينيات من القرن الماضي‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫كما شارك في مسلسل (دار دور) مع الفنان قاسم المالك‪ .‬واخر افالمه للسينما‬ ‫فيلم (الحقيقة) سنة ‪ 2008‬للمخرج ( ثائر الحاج محمد ) وفكرة وسيناريو‬ ‫( قاسم محمد سلمان)‪.‬اشترك في تمثيل اوبريت لألطفال بعنوان ‪ (( :‬حمامة‬ ‫السالم ))‪ ,‬قدم في افتتاح مهرجان مسرح الطفل الخامس الذي أقيم في أواخر‬ ‫سنة ‪. 2008‬واوبريت حمامة السالم أنتجته دائرة السينما والمسرح –الفرقة‬ ‫القومية للتمثيل وهو من فكرة مهند المختار وتأليف وإخراج بكر نايف‪.‬‬ ‫ويتحدث عن رحلة خيالية يقوم بها اثنان من الفضاء عن طريق الخطأ‬ ‫ويتعرفان على معالم العراق وتاريخه العريق وهو محاولة فنية –تربوية‬ ‫الغناء عقلية الطفل العراقي بعمق تاريخ أجداده ‪ .‬واشترك في التمثيل إلى‬ ‫جانب مهند المختار‪ ,‬ويوسف سواس‪ ,‬سوسن شكري‪ ,‬وسوالف جليل‬ ‫‪,‬وتحرير االسدي‪ ,‬وزينب فؤاد ‪ ,‬ونظير جواد ‪,‬والطفلة بيسان الشواك ‪.‬رحم‬ ‫هللا يوسف سواس‬

‫‪10‬‬


‫اإلنسان البدائي‬ ‫فارس تركي‬ ‫مركز الدراسات التركية _ جامعة املوصل‬

‫لسنا هنا بصدد الحديث عن الهومو إريكتس أو إنسان ما قبل التاريخ أو عن إنسان‬ ‫نياندرتال أو عن سكان الكهوف ‪ ،‬ولسنا بصدد الحديث عن القبائل البدائية‬ ‫املتواجدة في مجاهل أفريقيا وفي حوض األمازون ‪ ،‬ولسنا كذلك بصدد الحديث عن‬ ‫البدو الرحل سكان الصحاري واملناطق الجافة والقاحلة ‪ ،‬بل نحن بصدد الحديث‬ ‫عن أناس يعيشون في القرن الحادي والعشرين ‪ ،‬وهم ليسوا أقلية بل يشكلون‬ ‫الغالبية الساحقة من مجتمعاتنا العربية فنسبتهم قد تتجاوز ألـ ‪ % 95‬من أبناء تلك‬ ‫املجتمعات وهم يحيطون بك إحاطة السوار باملعصم فأنت تراهم ليل نهار وتقابلهم‬ ‫وتصطدم وتتعثر بهم أينما وليت وجهك ‪ ،‬وهم من مختلف البيئات واملشارب والنحل‬ ‫ومن مختلف الطبقات والخلفيات االجتماعية ‪ ،‬ومن مختلف اإلختصاصات‬ ‫والتخصصات املهنية والعلمية ففيهم العامل والفالح وامليكانيكي والنجار والحالق‬ ‫والسائق والبناء وبائع الخضر والطبيب واملهندس والضابط والطالب واملعلم واالستاذ‬ ‫والعالم ‪ ،‬وفيهم من هو أمي ال يقرأ وال يكتب وال يحمل أية شهادات وفيهم من يحمل‬ ‫أعلى الشهادات األكاديمية كاملاجستير والدكتوراه ‪ ،‬وفيهم من يعيش في أحياء وقرى‬ ‫متواضعة وبسيطة بينما آخرون يقطنون أرقى املدن واألحياء لكنهم كلهم يشتركون في‬ ‫ش يء واحد وهو أنهم بدائيون ‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫وهنا نحن ال نتحدث عن بدائية السلوك أو بدائية امللبس واملشرب واملسكن والذوق‬ ‫وطريقة الكالم بل نتحدث عما يمكن أن نسميه بالبدائية الفكرية أو البدائية العقلية‬ ‫‪ ،‬فاملظهر الخارجي للناس املحيطين بنا واملالبس التي يرتدونها كالجينز والبدالت‬ ‫واألطقم وأربطة العنق واألحذية واإلكسسورات توحي بأنهم أناس متمدنون ‪ ،‬والبيوت‬ ‫التي يسكنونها والسيارات التي يستقلونها واألثاث واألجهزة التي يستخدمونها تؤكد‬ ‫بأنهم أناس حداثويون ‪ ،‬والخدمات املتاحة لهم أو التي يطالبون بها كاملاء والكهرباء‬ ‫واالنترنت والخدمات الصحية تشير إلى أنهم أناس متحضرون ‪ ،‬واألهم من ذلك كله‬ ‫أن وجود الصروح العلمية كالجامعات واملعاهد واألكاديميات واملدارس في تلك‬ ‫املجتمعات ووجود الكثير من أبنائها ممن يحملون أعلى الشهادات العلمية‬ ‫كالبكالوريوس واملاجستير والدكتوراه ! نعم حتى الدكتوراه – رجاء عدم الضحك‬ ‫فهذه ليست نكتة ‪ -‬يؤكد بما ال يقبل الشك بأنهم أناس متمدنون حداثويون‬ ‫متحضرون جملة واحدة ‪ ،‬أليست الدكتوراه قمة التحضر والتمدن وكفى بها دليال‬ ‫على الحداثة ؟ أليست أم ليس أليست ‪.‬‬ ‫إال أنك ما أن تحاول أن تختبر تلك املجتمعات أو تسبر غورها حتى يتبين لك بشكل‬ ‫جلي ومؤكد أنها مجتمعات بدائية وإنها تعج بالناس البدائيين فكريا وعقليا بل وتحس‬ ‫وكأنك تتعامل مع مجتمع من املجتمعات البدائية القاطنة في غابات األمازون أو‬ ‫املنزوية في مجاهل أفريقيا وليس مجتمع حديث كما توهمك كل مظاهره الخارجية ‪،‬‬ ‫فليس املهم التمدن في امللبس واملأكل واملقتنيات والسلوك بل املهم هو تمدن العقل‬ ‫وتحضر الفكر وحداثة التفكير الذي بدونه ال يكون املجتمع إال مجتمعا بدائيا ال ينتج‬ ‫إال البدائية والجهل والتخلف ‪.‬‬ ‫ولإلنسان البدائي صفات ومواصفات فكرية وعقلية بعينها أينما وجد وفي أي زمان‬ ‫ومكان ‪ ،‬وهي ليست صفات طارئة أو مستحدثة بل هي صفات متجذرة وملتصقة‬ ‫باإلنسان البدائي منذ أن كانت املجتمعات البشرية كلها وبدون إستثناء مجتمعات‬ ‫بدائية أي قبل آالف السنين وحتى يومنا الحاضر ‪ .‬ويمكن إجمال هذه الصفات فيما‬ ‫يلي ‪:‬‬

‫‪12‬‬


‫‪ – 1‬اإلنسان البدائي ونتيجة لهشاشة عقله وسذاجة تفكيره يصدق تصديقا تاما‬ ‫بالخرافات واألساطير والخوارق وال عجب في ذلك فهناك إنسجاما وتناغما ال نظير له‬ ‫بين الخرافات والعقلية البدائية لكون كالهما يتمتع بالطبيعة ذاتها ‪ ،‬فالخرافة هي‬ ‫حدث فجائي أسطوري غير منطقي غير عقالني خارق لقوانين العلم واملنطق بل إن‬ ‫تلك القوانين تنفي وتكذب حدوثه ‪ ،‬ال يمكن أن تجد أسباب علمية تساعد على‬ ‫حدوثه وال يمكن إخضاعه للمنهج التحليلي التجريبي للتأكد من صحته ‪ ،‬وهذا النوع‬ ‫من األحداث – الخرافات ‪ -‬هو ما ترتاح له وتميل إليه وتتالئم معه العقلية البدائية‬ ‫فهو يعفيها مما ال تقدر عليه وال تستسيغه أي من التحليل واإلستنتاج وربط األسباب‬ ‫بالنتائج ‪ ،‬وتصبح مهمتها الوحيدة واألثيرة عندها تصديق الخرافة واإلستماتة في‬ ‫الدفاع عنها وإقناع اآلخرين بها باستخدام أساليب الوعظ والخطابة والتلقين والتلويح‬ ‫بالوعد والوعيد وهو ما تتقنه جيدا ‪ .‬وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على مجتمعاتنا‬ ‫البدائية ألدركنا على الفور مدى إستعدادها لتصديق الخرافات واألساطير ‪ ،‬ولصدمنا‬ ‫من كم الخرافات التي تصدقها وتتعامل معها باعتبارها حقائق ال يرقى إليها الشك‬ ‫كالسحر والشعوذة وتأثير الجن والتمائم على البشر ‪ . . .‬الخ ‪.‬‬ ‫واإلنسان البدائي ال يستطيع أن يحيا وال أن يتخيل الحياة بدون قوة غيبية مهيمنة‬ ‫ومسيطرة تخيفه وترعبه وتتوعده بالويل والثبور وعظائم األمور إذا إرتكب معصية‬ ‫أو حاد عن سواء السبيل ‪ ،‬وهذه القوة هي التي تدير وتدبر شؤونه وشؤون املجتمع‬ ‫من حوله وترسم خطاه وفقا لسيناريو معد مسبقا ‪ ،‬وهو يعتمد إعتمادا كليا على تلك‬ ‫القوة في كل ما يفعله ويخطط له ‪ ،‬واإلنسان البدائي مولع بتقمص شخصية املتعبد‬ ‫التقي امللبي واملنفذ ألوامر اإلله بحذافيرها ولديه شغف غريب في ممارسة الطقوس‬ ‫والشعائر الدينية ‪.‬‬ ‫كذلك يميل اإلنسان البدائي إلى رؤية وتلمس الحكمة والتدبير اإللهي املاورائي في كل‬ ‫ما يراه ويسمعه وفي كل حدث يمر به صغيرا كان أم كبيرا كسقوط املطر من عدمه‬ ‫وهبوب الرياح واختالف درجات وتغير الفصول وتقلب املناخ وعقد صفقة أو إلغائها‬ ‫وممارسة البيع والشراء والنجاح والفشل في أي مجال من املجاالت واملجيء للموعد أو‬

‫‪13‬‬


‫تفويته واللحاق بموعد إنطالق الحافلة من عدمه ‪ ،‬والوصول إلى الدوام باكرا أم ال‬ ‫ونجاح األبناء في املدرسة أو رسوبهم ومصادفة تناول وجبة الغداء أو العشاء عند‬ ‫االقارب واالصدقاء أي خارج البيت ونوع تلك الوجبة ومما تتكون وغير ذلك من‬ ‫سفاسف األمور وصغائرها ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ – 2‬اإلنسان ذو العقلية البدائية إنسان مرتاب متطير وشكاك يعتقد دائما أن هناك‬ ‫من يتآمر عليه ويحاول إلحاق األذى به ‪ ،‬وربما السبب في هذا يعود إلى طبيعة الحياة‬ ‫التي عاشها اإلنسان في العصور الغابرة عندما كان مهددا باألخطار والويالت من كل‬ ‫حدب وصوب ‪ .‬لذلك تجد أن أغلب أبناء املجتمعات العربية ذوو العقلية البدائية‬ ‫مرتابون ومؤمنون بنظرية املؤامرة إيمانا مطلقا إذ ‪ -‬ووفقا لرأيهم ‪ -‬فإن هناك دائما‬ ‫من يتآمر عليهم من أجل تقسيم أوطانهم ونهب خيراتهم وإبقائهم ضعاف متخلفين‬ ‫عاجزين عن اللحاق بركب العالم املتمدن ‪ ،‬وهناك دائما من يكرههم ويحقد عليهم‬ ‫ويكره ما هم عليه حسدا وبغضا ! حتى تحول األمر إلى حالة مرضية مستعصية بحيث‬ ‫أن املواطن العربي بدأ يفسر كل األحداث والتطورات حتى التافهة منها وفقا لنظرية‬ ‫املؤامرة ‪ ،‬فإخفاقاتنا وفشلنا وجهلنا وتخلفنا سببه املؤامرة ‪ ،‬تسلط األنظمة‬ ‫الدكتاتورية علينا مؤامرة ‪ ،‬وأي محاولة خارجية للتخلص من تلك األنظمة ونشر‬ ‫الديمقراطية مؤامرة أيضا ‪ ،‬وحروبنا األهلية ونزاعاتنا الداخلية وثوراتنا وتآمرنا على‬ ‫بعضنا بعضا ناتج عن مؤامرة ‪ ،‬تدهور واقعنا الخدمي والصحي والتعليمي واملعيش ي‬ ‫وحتى املناخي مؤامرة ‪ ،‬ال نرى في تاريخنا إال معرض كبير للمؤامرات ‪ ،‬إذا تركنا العالم‬ ‫الخارجي ولم يتدخل بشؤوننا فذلك ألنه يكرهنا ويتآمر علينا ‪ ،‬وإذا حاول التدخل‬ ‫للمساعدة أو لتبادل املصالح ولبناء عالقات مشتركة فهو يتآمر أيضا ‪ ،‬مؤامرة مؤامرة‬ ‫مؤامرة حتى أضحى مصطلح املؤامرة من أكثر املصطلحات تداوال في أحاديثنا اليومية‬ ‫‪ ،‬وصارت نظرية املؤامرة مدرسة فكرية قائمة بذاتها مدرسة مهيمنة ومتجذرة في‬ ‫مجتمعاتنا وال تضاهيها أية مدرسة فكرية أخرى ‪ .‬وال يمكن تفسير هذا الهوس بنظرية‬ ‫املؤامرة إال بكوننا مجتمع بدائي ‪ ،‬فهذا الكم من اإليمان بنظرية املؤامرة ال ينتج إال‬ ‫من عقلية بدائية ‪ ،‬عقلية سطحية ال تملك القدرة وال األدوات التي تساعدها على‬

‫‪14‬‬


‫قراءة الواقع قراءة منطقية صحيحة تربط األسباب بالنتائج واملقدمات باملآالت ‪.‬‬ ‫واملصيبة أن اإلنسان البدائي املعتنق لنظرية املؤامرة – كحضراتنا ‪ -‬هو من أكثر‬ ‫الناس تآمرا على مجتمعه وعلى املقربين منه واملحيطين به وعلى اآلخر املختلف عنه ‪،‬‬ ‫فهو يتربص باآلخرين الدوائر ويتحين الفرصة املناسبة لإلنقضاض عليهم وتدميرهم‬ ‫وسلبهم ما بأيديهم ‪ .‬بينما باملقابل ترى أن الشعوب الناضجة واملتمدنة كالشعوب‬ ‫االوربية ال تتحدث أبدا عن نظرية املؤامرة بل تتحدث عن التعاون وتبادل املصالح‬ ‫وتطوير العالقات االقتصادية بين مختلف الشعوب والثقافات ‪.‬‬ ‫‪ – 3‬إن الطريقة العلمية للوصول إلى حقيقة ش يء ما تتمثل بالبحث والتقص ي وإتباع‬ ‫األدلة والبراهين وتحليلها األمر الذي سيوصلنا في نهاية املطاف إلى نتيجة معينة أو‬ ‫مجموعة من النتائج نسميها حقيقة علمية ‪ .‬إال أن اإلنسان البدائي يتبع طريقة أخرى‬ ‫معاكسة تماما تتالئم وعقله البدائي تتمثل هذه الطريقة بتقديم النتائج على األسباب‬ ‫‪ ،‬فهذا اإلنسان ال يتبع األدلة العلمية وال يربط األسباب بالنتائج بل هو يؤمن ويعتقد‬ ‫بصحة قضية أو فلسفة أو فكرة بعينها أوال ومن ثم يبحث بعد ذلك عن أدلة وبراهين‬ ‫تؤكد وتدعم إعتقاده حتى لو كانت هذه األدلة والبراهين عبارة عن تفاهات ومقوالت‬ ‫ساذجة ‪ ،‬وحتى إذا لم يجد مثل هذه البراهين فإنه يختلقها إختالقا ويلفقها تلفيقا ‪.‬‬ ‫أما إذا ظهرت أدلة وبراهين علمية دامغة وال يرقى إليها الشك تناقض وتنسف إعتقاده‬ ‫وتكذب مزاعمه فإنه يتجاهلها ببساطة ووقاحة منقطعة النظير ‪ ،‬أو يستخدم أساليب‬ ‫أللف والدوران والتحايل للتخلص منها وعدم األخذ بها ‪ .‬وهذا ما نشاهده لدى غالبية‬ ‫أبناء املجتمعات العربية الذين ال يقيمون وزنا للدليل والبرهان العلمي إذا ما اصطدم‬ ‫بالقضايا التي يعتقدون بصحتها فيستخدمون كل أالعيبهم وبهلوانياتهم أللسانية‬ ‫وقدراتهم في املراوغة واملخادعة واختالق األكاذيب للتشبث بأفكارهم ومقوالتهم حتى‬ ‫ولو كانت خرافات وأساطير ال يمكن أن يعتقد بصحتها عاقل أو شبه عاقل ‪.‬‬ ‫‪ – 4‬كذلك يمكن القول أن اإلنسان البدائي بوق أخالقي وواعظ ممتاز فتراه دائما‬ ‫يتحدث عن األخالق ويبشر بها ويصدع رؤوس املحيطين به بالكالم عما يصح وما ال‬ ‫يصح وعما يجوز وما ال يجوز ‪ ،‬ويثرثر دائما عن الحالل والحرام والشرف واألمانة‬

‫‪15‬‬


‫والصدق واإلخالص واإلحسان وحب اآلخرين ومساعداتهم ‪ ،‬وهو في الحقيقة – وفي‬ ‫أغلب األحيان – ال يطبق أيا منها فتراه يكذب وينافق ويغش ويتملق ويداهن وال يتوانى‬ ‫عن سحق اآلخرين وإيقاع األذى بهم من أجل مصالحه ‪ .‬لذلك ترى أن الشعوب‬ ‫العربية من أكثر الشعوب حديثا عن املبادئ واألخالق ‪ ،‬فكل من تصادفه أو يجلس‬ ‫معك يعظك باإللتزام باألخالق واإلبتعاد عما يشين بينما في الحقيقة ‪ -‬ووفقا لكل‬ ‫املؤشرات العاملية ‪ -‬تعد الدول العربية من أكثر الدول فسادا وإفسادا ‪ ،‬وحتى لو لم‬ ‫تتكلم تلك املؤشرات عن مدى فسادنا فإننا كمواطنين بسطاء نعرف وندرك ونلمس‬ ‫حجم الفساد والكذب والغش والنفاق الذي ينخر بمجتمعاتنا والذي يحول حياتنا‬ ‫إلى جحيم ال يطاق ‪ ،‬فنحن وعلى املستويين الشعبي والرسمي نكذب كما نتنفس‬ ‫وننافق بعضنا بعضا ‪ ،‬ونغش ونزور بدون أن يرف لنا جفن ‪ ،‬ونتلون ونغير جلودنا‬ ‫ومبادئنا بحسب ما تقتضيه املصلحة الشخصية وباقتدار تحسدنا عليه حتى الحرباء‬ ‫‪ ،‬وقول الحقيقة لدينا شبه محظور لوجود معوقات ومحاذير ومخاوف إجتماعية‬ ‫وسياسية ودينية ‪ ،‬واللصوص والسراق واألفاقون والدجلة والجهلة لدينا يتسنمون‬ ‫أعلى املناصب ويتمتعون باملكانة اإلجتماعية املرموقة ‪ .‬لذلك فإني أكاد أجزم أنه ال‬ ‫توجد إنتخابات عربية – على قلتها ‪ -‬لم يتم تزويرها بطريقة أو بأخرة ‪ ،‬وإني أكاد أجزم‬ ‫أن الغالبية الساحقة من املواطنين العرب قد مارسوا الغش والكذب والنفاق‬ ‫واملداهنة والتلون بشكل أو بآخر ‪ ،‬وإني أكاد أجزم أنه ال يوجد مواطن عربي لم يدفع‬ ‫الرشوة على األقل مرة واحدة في حياته البائسة ‪ ،‬وإني أكاد أجزم أنه ال يوجد مواطن‬ ‫عربي قد أبدى رأيه باآلخرين أو بحكامه أو برئيسه في العمل أو حتى بزوجته بصراحة‬ ‫‪ .‬وإني أكاد أجزم أن الغالبية الساحقة من املواطنين العرب وبينما هم يمارسون‬ ‫الكذب والنفاق والغش والتلون لم ولن ينسوا أن يستمروا بالتغني باألخالق واملبادئ‬ ‫وأن يوصوا بعضهم بعضا بضرورة صيانتها واملحافظة عليها ! ‪.‬‬ ‫‪ – 5‬واإلنسان البدائي مخلوق قطيعي أي أنه تسيطر عليه ذهنية القطيع ويخضع‬ ‫خضوعا تاما للعقل الجمعي فتراه يقلد مجتمعه ومحيطه وجماعته تقليدا أعمى وفي‬ ‫كل ش يء بدء من املأكل وامللبس والسلوك وطريقة الكالم وصوال إلى العادات والتقاليد‬

‫‪16‬‬


‫واملنظومة األخالقية واملعتقدات واملقدسات التي ورثها هو وجماعته عن اآلباء‬ ‫واألجداد واعتبروها الحق املطلق وكل ما يخالفها الباطل املطلق ‪ ،‬ال يتساءل وال يحاول‬ ‫الخروج عن املألوف والسائد ال يبدع وال يحاول أن يبدع وال يبتكر وال يحاول أن يبتكر‬ ‫‪ ،‬بل إنه ينظر إلى أية محاولة للتجديد واإلبداع نظرة شك وريبة وإستهجان وربما‬ ‫حتى هرطقة وتجديف ‪ .‬ولو إننا اليوم أخذنا عينة عشوائية من أبناء املجتمعات‬ ‫العربية وقارناها بعينة من أسالفنا الذين عاشوا قبل مئات السنين ملا وجدنا فرقا‬ ‫يذكر من حيث املستوى العقلي وطريقة التفكير وكأننا نعيش عملية إستنساخ ال نهاية‬ ‫لها فالكل يشبه الكل في كل ش يء بغض النظر عن تعاقب األيام والسنين وتعاقب‬ ‫العصور والدهور ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬فضال عن هذه الصفات األساسية لإلنسان البدائي هناك صفات أخرى فرعية‬ ‫تابعة لألساسية أو مشتقة منها مثل إفتقاد القدرة على التخطيط ملديات طويلة‬ ‫والعجز عن العمل بروح الفريق ‪ ،‬والتهرب من املسؤولية وعدم اإلعتراف بالخطأ وإلقاء‬ ‫اللوم دائما على اآلخرين وعلى الظروف ‪ ،‬وسيطرة املشاعر والغرائز ال العقل على‬ ‫السلوك وطريقة التفكير ‪ ،‬واإلنحياز األعمى وعدم الحيادية والشعور دائما بالتفوق‬ ‫العرقي أو الديني أو كليهما على باقي األمم والشعوب ‪ ،‬وكراهية اآلخر املخالف أو‬ ‫املختلف ‪ ،‬واإلعتماد على الصراخ والزعيق والتهديد والوعد والوعيد بدل النقاش‬ ‫العلمي الهادئ والبناء وغير ذلك من صفات وسلوكيات تضج بها مجتمعاتنا ‪.‬‬ ‫إذا فإذا كنت مصدقا للخرافات واألساطير ولغيا لعقلك وإذا كنت ماورائيا وإذا‬ ‫كنت مؤمنا بنظرية املؤامرة وإذا كنت واعظا وبوقا أخالقيا وتتحدث كثيرا عن األخالق‬ ‫وإذا كنت تقول ما ال تفعل وتفعل ما ال تقول وإذا كنت قطيعيا فأنت بالتأكيد أنسانا‬ ‫بدائيا ‪ ،‬حتى إذا تظاهرت بعكس ذلك وحتى إذا كان شكلك ال يوحي بذلك وحتى إذا‬ ‫إرتديت آخر صيحات املوضة وحتى إذا سكنت في أرقى املدن واألحياء وحتى إذا تبوأت‬ ‫أهم املناصب وحتى إذا حصلت على أعلى الشهادات األكاديمية وحتى إذا حملت أعلى‬ ‫األلقاب العلمية ‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫فرمان احلرية الزم نرقصلو جبفية‬ ‫د‪ .‬احمد ميسر‬

‫وانا عائد للتو من مراجعة مكوكية بغية استحصال الموافقات الرسمية الدخال‬ ‫دراجتي النارية الى رحاب جامعتي شبه المنسية‬ ‫فاجأني احد الزمالء الذي فضل عدم ذكر اسمه ( الوحيد اللي يلبس كاسكيته‬ ‫بكادر المكتبة اول ماتدخل لموقع المكتبة البديل على ايدك اليسار تحت السبلت‬ ‫لمن يهمه االمر وعمال بنصيحة المثل اللي يقول سوي خير وذب بالشط )‬ ‫شفت الوزارة اش مصدره قرار بخصوص حق النقد عالفيس !!‬ ‫اجبته على الفور ‪ :‬خير اش صدروا ( بين قوسين ما اريد اشوف ) فابلغني‬ ‫باختصار بفحوى الفرمان الوزاري ثم بعد مايقرب من ساعتين من انتهاء‬ ‫الدوام اتم جميله ( اللي البومة اجمل منو ) وارسل نسخة من الفرمان الي عن‬ ‫طريق الماسنجر‬ ‫قمت بقراءة الفرمان الوزاري اكثر من مرة من اليمين لليسار ومن الشمال‬ ‫للجنوب على امل ان اعثر ولو على ضوء بسيط في نهاية نفق تساؤلي ياترى‬ ‫ماالذي يحويه الفرمان وسبب كل ذلك االمتعاض واالحتقان على وجه وروح‬ ‫زميلي‬

‫‪18‬‬


‫لم اجد في الفرمان الوزاري اي شئ يدعوا لكل ذلك الكم المهول من‬ ‫االمتعاض فكما هو معروف ان من بديهيات االدارة الحديثة المتميزة بسمة‬ ‫الحوار والشفافية والنقد البناء ان يكون هنالك مجموعة من الضوابط تنظم‬ ‫ادارة اي وزارة او مؤسسة واال استحالت االمور الى فوضى ومرتع خصب‬ ‫لكل من هب ودب كي يصب ناره المسمومة على زيت شؤون وزارتنا‬ ‫ومؤسساتها العتيدة‬ ‫اتدري زميلي الممتعض لما لم اجد في الفرمان ما يدعو لالمتعاض ؟‬ ‫ألنني منذ ان بدأت اشعر بالحياة تدب في اوصالي( من يوم الغشعتوها‬ ‫وغشعتني عاطلة يمكن المنشأ صيني ) في بلدنا الحبيب العراق ( مفردة بلدنا‬ ‫لست متأكدا منها لحد االن ) وانا اعلم ( القن ) كمواطن صالح ( ببغاء ) ان‬ ‫االمتعاض هو الخطوة االولى في االنزالق الى طريق االعتراض‬ ‫واالعتراض كما هو معروف والعياذ باهلل اسلوب الشيطان الرجيم فهو كان‬ ‫اول المعترضين ( اش جاب الدولمة عالجالق عادي مشيها االكبر منها مشت‬ ‫وركضت ‪ ,‬حسب شهادة بعض شهود العيان اللي مسيلمة الكذاب مايقبل‬ ‫شهادتهم اال بكفالة موظفين مشهود لهم ب‪)..‬‬ ‫تأسيسا على ما تقدم زميلي الممتعض اتمنى عليك قبل ان تنوي اتخاذ موقف‬ ‫بحق اي فرمان من فرمانات وزارتنا في قادم االيام ان تنظر الى النصف‬ ‫الممتلئ من كأس الفرمانات والتكن سوداويا وانتقائيا وتقتصر على رؤية‬ ‫النصف الفارغ ( النصف لدينا في الوطن العربي قد يساوي احيانا ‪% 99‬‬ ‫ليش هشكل يعجبهم والمايعجبوا يضرب راسو بالف حايط رغم قلة حيطان‬ ‫الموصل نظرا لتهدم اغلب بيوتها وعلى وجه الخصوص جانبها االيمن )‬ ‫ختاما‪..‬‬ ‫زميلي الممتعض خذها نصيحة من مريض قديم والمثل يقول ( بعد تشويهي‬ ‫اللوا ) االكثر منك امراض اعرف منك بالمستشفيات ‪:‬‬ ‫تابع قناة روتانا افالم‬ ‫واغسل اسنانك قبل ماتنام‬ ‫التحلم تعيش مثل االنام‬ ‫خلينا عنستلم راتب والسالم‬

‫‪19‬‬


‫من يكتفي؟‬ ‫عبد الرازق أحمد الشاعر‬ ‫عند سياج يحيط مزرعته املدهشة علق أحدهم‬ ‫الفتة تقول ‪" :‬هذه األرض وما حوت هدية ملن‬ ‫اكتفى بما لديه ورض ي بما قسم هللا له‪ ".‬وعند‬ ‫الالفتة توقفت سيارة فارهة‪ ،‬ونزل رجل أعمال‬ ‫تفوح من ثيابه رائحة عطر باريس ي ‪ .‬وبعد‬ ‫نصف ساعة من الهرولة حول سياج املزرعة‪ ،‬قال الرجل في نفسه‪" :‬هذه األرض لي‪،‬‬ ‫فقد وهبني الرزاق من النعم ما ال يحص ى‪ ،‬وآتاني من فضله العظيم‪ .‬عوفيت من‬ ‫األمراض واألسقام‪ ،‬ورزقت زوجة طيبة وأبناء صالحين‪ .‬فهل على األرض من هو أحق‬ ‫بالرضا والقناعة مني؟"‬ ‫تقدم الرجل بخطى ثابتة نحو باب خشبي يتصدر املشهد‪ ،‬وطرق طرقتين‪ .‬لم تمر ثوان‬ ‫معدودات حتى صر الباب وخرج من فتحته الضيقة وجه معروق‪ .‬نظر الفالح في وجه‬ ‫ضيفه املنتظر‪ ،‬ونظر في عينيه مليا قبل أن يسأله‪" :‬ألك حاجة؟" في اعتداد قال‬ ‫الرجل‪" :‬ال حاجة لي بمخلوق‪ ،‬فقد اكتفيت باهلل ورضيت‪ ".‬ثم ابتلع ريقه قبل أن‬ ‫يكمل‪" :‬أنت صاحب هذه الحديقة إذن؟" فرد الرجل بعد أن خرج إلى العراء في ثياب‬ ‫بالية‪" :‬كانت لي قبل أن أقرر التخلي عنها ملن رض ي بما قسم هللا له‪ .‬أنا اليوم مجرد‬ ‫حارس ينتظر‪".‬‬ ‫نفض الرجل غبارا تجمع فوق كتفيه وفي زهو قال‪" :‬أعتقد أنك قد وجدت ضالتك‬ ‫أيها الرجل الطيب‪ ،‬فقد أوتيت من الخير ما تنوء بمفاتحه العصبة أولو القوة‪ .‬وطويت‬ ‫األرض شرقا وغربا‪ ،‬سماء وأرضا‪ .‬لم أترك متعة إال وجربتها‪ ،‬وال تاقت نفس ي لش يء‬ ‫حتى نهلت منه وارتويت‪ .‬ولو خرجت من الدنيا اآلن‪ ،‬لخرجت راضيا مرضيا‪ .‬ال أجد في‬

‫‪20‬‬


‫نفس ي حاجة وال مطلب لي عند أحد‪ ،‬وال أريد من هذه الدنيا شيئا أبدا‪ .‬أشعر بالرضا‬ ‫يمأل جنبات روحي‪ ،‬وأتمنى أن أكون قد وفيت شكر ما أوتيت من نعم‪ ".‬فضحك‬ ‫العجوز حتى برزت عظام حنجرته كلها‪ ،‬وقال في صوت متحشرج‪" :‬لم تكتف من‬ ‫الدنيا أيها األنيق‪ .‬ولو اكتفيت‪ ،‬لزهدت في مزرعة زهد فيها من هو أقل منك رزقا‬ ‫وسعة‪".‬‬

‫ال يكتفي املرء من الدنيا أبدا مهما أوتي من خير‪ .‬واألغنياء هم أشد الناس حرصا‬ ‫عليها‪ ،‬لهذا تراهم ال يتورعون عن الوقوف أمام األخشاب املتهالكة ليطرقوا أبواب‬ ‫الفقراء الذين ال يجدون ما يستر عوراتهم أو يسد جوعتهم‪ .‬فال يكتفي الثري بتسع‬

‫‪21‬‬


‫وتسعين نعجة‪ ،‬وتراه دوما ينظر إلى ما وراء األسيجة ليتلصص على األلف الذي‬ ‫يكتمل مليونه األلف‪.‬‬ ‫لم ينظر الغني إلى أسمال الفقير ولم يشعر بفاقته وهو يخرج إليه من شق الباب عاريا‬ ‫أو يكاد‪ .‬ولم يسأل نفسه عن سر زهد فقير فيما آتاه هللا حالال طيبا‪ .‬بل ويجد لنفسه‬ ‫آالف املبررات للسطو على أرض هذا أو اقتناص فرصة هذا في التعيين منتحال آالف‬ ‫املبررات التي لم يعد يهز لهاأحد رأسه‪ ،‬وكأن األرض لم تخلق إال له ولذويه وأقاربه‬ ‫واملعارف‪ .‬ويستكثر الغني على الفقير ثالث وجبات يقيم بها إوده‪ ،‬فتجده يطالب الفقراء‬ ‫بالتخلي عن الوجبة الثالثة إلصالح الشرخ االقتصادي الذي صنعه هو وأمثاله‪ .‬وحين‬ ‫يركب سيارته الفارهة‪ ،‬تراه يلتفت إلى السيارات التي تتجاوزه يمنة ويسره‪ ،‬ويغص‬ ‫بصره تماما عن الباعة الجائلين فوق رصيف الوطن وقد غطت وجوههم األحزان‬ ‫واألتربة‪.‬‬ ‫لن يجد الزاهد في هذه البالد من يستحق عطيته‪ ،‬فكل الناس في بالدي ال يرون إال‬ ‫العمارات الفارهة التي يمتلكها زيد‪ ،‬وال يجيلون أبصارهم إال في األرض الفضاء التي‬ ‫استولى عليها عمرو‪ .‬وقد أغشت الدنيا أبصارهم وبصائرهم‪ .‬أما الزهد‪ ،‬فال تكاد تسمع‬ ‫عنه في بالدنا إال في روايات السلف التي نمصمص لها الشفاه كلما سمعناها من فوق‬ ‫أخشاب املنابر‪ .‬وعندما نخرج إلى امتحانات الحياة‪ ،‬نقف بسياراتنا الفارهة أمام أول‬ ‫كوخ لنساوم البسطاء على حظهم القليل في حياة لم يعد أحد فيها يحس بأحد‪ ،‬ولم‬ ‫يعد أحد فيها يرحم أحدا‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫الربيد واالتصاالت يف احلضارة االسالمية‬ ‫د‪ .‬صالح العطوان الحيالي‬ ‫اهت َّمت الحضارة اإلسالمية بالبريد ونظم‬ ‫االتصاالت وأَ ْولَ ْته عناية كبيرة ‪ ,‬وقد‬ ‫كان حينما اتسعت رقعة الدولة اإلسالمية‬ ‫وازدادت الحاجة إلى إنشاء نظام إداري‬ ‫يضمن وصول الرسائل بين عاصمة‬ ‫الخالفة ومدن دار اإلسالم ‪ ,‬وخاصة‬ ‫المراسالت بين الخليفة والوالة‪ ,‬فتط َّور ذلك النظام وأصبح مؤسسة كبرى لها‬ ‫دورها ومكانتها في الدولة اإلسالمية‪ ,‬كما أصبح شاهدا على مدى ما وصلت‬ ‫إليه حضارة اإلسالم من تق ُّدم ورقي‪.‬‬ ‫وتطوره‬ ‫البريد معناه‬ ‫ُّ‬

‫‪23‬‬


‫على الرغم من تعدد اآلراء حول أصل لفظة البريد‪ ,‬إال أن‬ ‫اللفظة عربية؛ وهي تدور على أكثر من معنى‪ ,‬منها الرسول؛ فهم يقولون‪:‬‬ ‫"الح َّمى بريد الموت"‪ .‬يريدون أنها رسوله‪ ,‬تتق َّدمه وتنذر به‪ ,‬وقال الراجز‪:‬‬ ‫"رأَيت للموت بريدا مبْر َدا"‪ .‬ويقولون لطائر الغرانق‪" :‬البريد"‪ .‬ألنه ينذر‬ ‫ق َّدام األسد ‪.‬‬ ‫والبَريد أيضا‪ :‬الرسل على دواب البريد‪ ,‬وفي حديث أبي هريرة عن رسول‬ ‫ي بَريدا؛ فَا ْب َعثوه َح َس َن ْال َوجْ ه‪َ ,‬ح َس َن االسْم" ‪ .‬أي‪ :‬إذا‬ ‫هللا قال‪" :‬إ َذا أَب َْر ْدت ْم إلَ َّ‬ ‫ي رسوال‪ ,‬وقال أيضا ‪" :‬إني ال أَخيس ب ْال َعهْد ‪َ ,‬وال أَحْ بس ْالبرْ َد" ‪.‬‬ ‫أرسلتم إل َّ‬ ‫ي‪ .‬قال الزمخشري‪ :‬البرْ د ساكنا يعني جم َع‬ ‫أَي‪ :‬ال أَحبس الرسل الواردين عل َّ‬ ‫بَريد‪ ,‬وهو الرسول‪ ,‬فيخفَّف عن برد كرسل ورسْل ‪ .‬كما قيل لدابة البريد‬ ‫بَري ٌد؛ لسيرها في البريد‪ ,‬وقد قال التنوخي‪" :‬البريد والية جليلة خطيرة‪,‬‬ ‫ومتقلدها يحتاج إلى جماعة كثيرة‪ ,‬وإلى موا َّد غزيرة‪ ,‬ومن جملة أعماله حفظ‬ ‫الطريق‪ ,‬وبذرقتها ‪ ,‬وصيانتها من القطَّاع وال ُّسرَّاق‪ ,‬وطروق األعداء‪,‬‬ ‫وانسالل الجواسيس في البر والبحر‪ ,‬وإليه تَرد كتب أصحاب الثغور‪ ,‬ووالة‬ ‫األطراف‪ ,‬وهو يوصلها بأسرع ما يمكن من اختصار الطرق‪ ,‬واختيار‬ ‫المراكب والراكب‪ ,‬وأصحاب البريد للملوك بمنزلة العيون الباصرة‪ ,‬واآلذان‬ ‫السامعة‪ ,‬فإن أهمل الملك ذلك‪ ,‬ولم يكشف له حال أوليائه وأعدائه‪ ,‬انطوت‬ ‫عنه األخبار‪ ,‬ولم تستقم له السياسة‪ ,‬بل ال يحس بالشر حتى يقع فيه" ‪.‬‬ ‫مهمة صاحب البريد‬ ‫من أعمال صاحب البريد إرسال األخبار إلى من َعيَّنَه في هذا‬ ‫ون‪ ,‬من أعمالهم إطالع كبار الموظفين‬ ‫المنصب‪ ,‬فهم موظفون م ْخبر َ‬ ‫واألمراء والملوك على األحوال العامة للمكان الذي يقع في ضمن عملهم‬ ‫واختصاصهم‪ ,‬وإخبار الجهات المسئولة عن األعمال المشبوهة التي قد ت َدبَّر‬ ‫ضد الدولة‪ ,‬وعن تصرفات كبار الموظفين؛ خشية انفرادهم في الحكم‪,‬‬ ‫وإعالنهم العصيان على الدولة ‪.‬‬ ‫فكان الغرض إذن من البريد في صدر اإلسالم توصيل أوامر الخلفاء إلى‬ ‫والتهم وعمالهم‪ ,‬وأخبار الوالة والعمال إلى الخلفاء‪ ,‬ثم تَ َوسَّعوا فيه حتى‬ ‫جعلوا صاحبه عينا للخليفة؛ فهو كما ينقل أمره إلى والته وعماله‪ ,‬كان رقيبا‬ ‫عليهم‪ ,‬ينقل أخبارهم إليه‪ ,‬كذلك كان يت َجسَّس على األعداء ويتعرَّف ما‬

‫‪24‬‬


‫عندهم‪ ,‬فكان البريد أشبه بقلم المخابرات في وزارة الدفاع اآلن‪ ,‬قال الصاحب‬ ‫عالء الدين‪" :‬ومن جملة األشياء َوضْ عهم البريد بكل مكان؛ طلبا لحفظ‬ ‫األموال‪ ,‬وسرعة وصول األخبار ومتجد َدات األحوال" ‪ .‬فكان البريد‬ ‫مقصورا على أغراض الدولة‪ ,‬ثم أبي َح فيما بعد للرعية أن ينتفعوا به في نقل‬ ‫رسائلهم ‪.‬‬ ‫وقد نظَّم المسلمون البريد بأن أنشئوا السكك؛ وهي مواضع وض َع ْ‬ ‫ت فيها‬ ‫جماعات أو ف َرق إبْدال لهذا الغرض‪ ,‬يقول ابن الطقطقا‪" :‬البريد أن يجعل‬ ‫خيل مضمرات في عدة أماكن‪ ,‬فإذا وصل صاحب الخبر المسرع إلى مكان‬ ‫منها وقد تعب فرسه؛ ركب غيره فرسا مستريحا‪ ,‬وكذلك يفعل في المكان‬ ‫اآلخر واآلخر‪ ,‬حتى يصل بسرعة" ‪.‬‬ ‫البريد في العهد النبوي‬ ‫الظاهر أن نظام البريد كان سنَّة قديمة‪ ,‬وأسلوبا متَّبَعا لدى الفرس‬ ‫والرومان ‪ ,‬وكان العرب قبل اإلسالم كانوا على دراية به‪ ,‬فالبديهي أن يكون‬ ‫البريد معروفا منذ عهد الرسول ؛ إذ كان يتبادل الرسائل والسفارات مع‬ ‫الملوك واألمراء من أجل دعوتهم إلى اإلسالم‪ ,‬وبلغ من اهتمامه بذلك أنه‬ ‫أمر ع َّماله ‪-‬كما ذكرنا سابقا‪ -‬أن يرْ سلوا له البريد مع أشخاص يتوافر فيهم‬ ‫حسن الوجه واالسم‪ ,‬كما كان حريصا على توافر تلك الصفات فيمن بعثهم‬ ‫إلى الملوك المعاصرين له‪ ,‬مثل كسرى ملك الفرس‪ ,‬وقيصر الروم‪ ,‬وإلى‬ ‫المقوقس حاكم مصر‪ ,‬وإلى النجاشي ملك الحبشة‪ ,‬وغيرهم؛ وذلك لعلمه بأن‬ ‫المبعوث هو لسان متَرْ ج ٌم لرغباته وآرائه‪ ,‬وإذا لم يكن كذلك خسر مه َّمتَه‪,‬‬ ‫ورجع على مرْ سله بالخسران ‪.‬‬ ‫خاتم الرسول ( الختم )‬ ‫كان من مظاهر اهتمام النبي بالبريد أنه اتخذ الخاتم؛ ألن‬ ‫العجم كانوا ال يقبلون كتابا إالَّ إذا كان مختوما؛ ألنهم يَ َر ْو َن ختم الكتب فيه‬ ‫تعظيم للمكتوب إليه‬ ‫وعندما اضطلع المسلمون األوائل بالجهاد في سبيل هللا‪ ,‬وانساحوا في كل‬ ‫صوب من أجل الدعوة‪ ,‬وحقَّقوا الكثير من االنتصارات‪ ,‬واتَّ َس َع ْ‬ ‫ت رقعة‬ ‫دولتهم‪ ,‬وبخاصة في عهد الخلفاء الراشدين‪ ,‬كان لزاما عليهم تحسين الخدمة‬ ‫البريدية لتَص َل بين أطراف دولتهم المترامية‪ ,‬وبين مقر الحكم‪ ,‬وقد حمل‬

‫‪25‬‬


‫الجند على عاتقهم خالل الفتوحات إلى جانب واجب الجهاد عبء نقل البريد‪,‬‬ ‫وكان الخليفة عمر يتلقَّى بصفة منتظمة رسوال من جيوش المسلمين المحاربة‬ ‫‪ ,‬وكان على اتصال دائم بالجيوش‪ ,‬بل َحثَّهم على أن ي ْخبروا عن كل ما‬ ‫يصادفون‪ ,‬وأن يَصفوا ك َّل ما يشاهدون‪ ,‬لكي يحسَّ بأنه يحيا بينهم‪,‬‬ ‫ويشاطرهم مصاعبهم‪ ,‬وما ي َحققون من انتصارات‪ ,‬ولكي يقَد َم لهم النصح‬ ‫واإلرشاد حين الحاجة‪.‬‬ ‫البريد في العصر األموي‬ ‫لما قامت الدولة األموية جعل معاوية بن أبي سفيان لديوان البريد‬ ‫اختصاصات‪ ,‬وقواعد مقَنَّنَة من أهمهَا اإلشراف على كل شئون الدولة‪ ,‬وبذلك‬ ‫كان معاوية أول من أدخل نظام البريد في اإلسالم على هذا النحو المقَنَّن؛‬ ‫ٌ‬ ‫ديوان للخاتم لتنظيم البريد وإحضار عمال من الروم والفرس‬ ‫حيث وض َع‬ ‫لهذا الغرض‬ ‫ثم جاء عبد الملك بن مروان فأدخل على ديوان البريد العديد من التحسينات؛‬ ‫ليصبح أداة مه َّمة في إدارة شئون الدولة‪ ,‬وذلك مثل مسح األرض‪ ,‬ووضع‬ ‫حدود على كل مساحة‪ ,‬فضال عن أربعة طرق تمت ُّد من القدس إلى دمشق‪,‬‬ ‫وبلغ من عناية عبد الملك بن مروان بالبريد أنه أوصى حاجبه أن ال يمنع‬ ‫صاحب البريد من الدخول عليه ليال ونهارا‪ ,‬فذك َر عنه أنه قال البن الدغيدغة‪:‬‬ ‫ك ما حضر بابي إالَّ أربعة‪ :‬المؤذن فإنه داعي هللا تعالى فال حجاب‬ ‫" َولَّيْت َ‬ ‫عليه‪ ,‬وطارق الليل فشر ما أتى به ولو وجد خيرا لنام‪ ,‬والبريد فمتى جاء من‬ ‫ليل أو نهار فال تحجبه؛ فربما أفسد على القوم َسنَة حبسهم البريد ساعة‪,‬‬ ‫والطعام إذا أدرك فافتح الباب‪ ,‬وارفع الحجاب‪ ,‬و َخل بين الناس وبين‬ ‫الدخول" ‪.‬‬ ‫وفي عهد الوليد بن عبد الملك زاد اتساع شبكة البريد لتخدم التق ُّدم العمراني‬ ‫واالقتصادي الذي كان ينشده‪ ,‬ووفَّر لها من الخيل واإلبل العدد الكبير‪ ,‬وأنشأ‬ ‫لها السكك (المحطات) في كل أنحاء الدولة‪ ,‬وبلغ من أهمية البريد في عهده‬ ‫أن حم َل على ظهور دوابه الفسيفساء (الفص الم َذهَّب) من القسطنطينية إلى‬ ‫دمشق‪ ,‬حتى صفح منه حيطان المسجد الجامع بها‪ ,‬ومساجد بمكة والمدينة‬ ‫والقدس ‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫وكذلك اهت َّم عمر بن عبد العزيز ‪-‬رحمه هللا‪ -‬بتنظيم البريد؛ حيث أنشأ‬ ‫المحطات والخانات‪ ,‬وأقام أحواض السقيا‪ ,‬ومخازن العلف للدواب في كل‬ ‫المسالك والطرق التي يحْ َمل َعبْرها البريد‪ ,‬وقد بلغ من َو َرع عمر بن عبد‬ ‫العزيز ‪-‬رحمه هللا‪ -‬أنَّه كان ال يحمل على البريد إالَّ في حاجة المسلمين؛ أل َّن‬ ‫البريد كان مخصَّصا لخدمة الدولة‪ ,‬وكتب إلى عامل له يشتري له عسال‪ ,‬وال‬ ‫يس َّخر فيه شيئا‪ ,‬وأن عامله حمله على مركبة من البريد‪ ,‬فل َّما أتى قال‪ :‬على‬ ‫ما حمله؟ قالوا‪ :‬على البريد‪ .‬فأمر بذلك العسل‪ ,‬فبي َع‪ ,‬وجعل ثمنه في بيت مال‬ ‫َ‬ ‫أفسدت علينا عسلك ‪.‬‬ ‫المسلمين‪ ,‬وقال‪:‬‬ ‫البريد في العصر العباسي‬ ‫أما في العصر العباسي في ْستَ َش ُّ‬ ‫ف من المصادر التاريخية أن‬ ‫خلفاء هذا العصر قد اعتنوا بالبريد عناية كبيرة‪ ,‬واعتمدوا عليه كثيرا في‬ ‫إدارة شئون دولتهم‪ ,‬وكان أبو جعفر المنصور يقول‪" :‬ما كان أحوجني إلى‬ ‫َّ‬ ‫أعف منهم‪ .‬قيل له‪ :‬يا أمير‬ ‫أن يكون على بابي أربعة نفر‪ ,‬ال يكون على بابي‬ ‫المؤمنين‪َ ,‬م ْن هم؟ قال‪ :‬هم أركان الملك‪ ,‬وال يصلح الملك إالَّ بهم‪ ,‬كما أن‬ ‫ضعف)‪ :‬أما‬ ‫السرير ال يصلح إالَّ بأربع قوائم إن نقصت واحدة َوه َي (أي َ‬ ‫أحدهم فقاض ال تأخذه في هللا لومة الئم‪ ,‬واآلخر صاحب شرطة ينصف‬ ‫الضعيف من القوي‪ ,‬والثالث صاحب خراج يستقصي وال يظلم الرعية؛ فإني‬ ‫عن ظلمها غني‪ ,‬والرابع ‪ -‬ثم عضَّ على أصبعه السبابة ثالث مرات‪ ,‬يقول‬ ‫في كل مرة‪ :‬آه آه‪ .‬قيل له‪ :‬ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال‪ :‬صاحب بريد يكتب‬ ‫بخبر هؤالء على الصحَّة" ‪.‬‬ ‫يقول فون كريمر‪" :‬إنه كان على كل رأس مصلحة في الواليات الكبيرة عامل‬ ‫بريد‪ ,‬مهمته موافاة الخليفة بجميع الشئون المه َّمة‪ ,‬بل واإلشراف على أعمال‬ ‫الوالي‪ ,‬كما كان بعبارة أخرى مندوبا أَ ْولَ ْته الحكومة المركزية ثقتها"‪ .‬فكان‬ ‫الخلفاء يَع ُّدون عمال البريد عونا لهم على اإلشراف على أمور دولتهم‪,‬‬ ‫وبواسطتهم كانوا يقفون على أعمال والتهم وسائر رجال دولتهم ‪.‬‬ ‫وقد أحاط هارون الرشيد دولته بشبكة دقيقة من خطوط البريد؛ ليتو َّخى‬ ‫السرعة في تلقي األخبار‪ ,‬وإصدار األوامر إلى والَته‪ ,‬وقس َم ْ‬ ‫ت هذه الخطوط‬ ‫إلى محطات‪ ,‬وفي كل محطة يوجد عدد من العمال والخيل‪ ,‬وكلُّ ما يحتاج‬ ‫إليه عامل البريد من زاد‪ ,‬وعلف‪ ,‬ومياه ‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫ويذكر ابن كثير في أحداث سنة (‪166‬هـ‪782 /‬م) أن الخليفة المهدي أمر‬ ‫بإقامة البريد بين مكة‪ ,‬والمدينة‪ ,‬واليمن‪ ,‬وأنه لم يفعل أحد هذا قبل هذه السنة‬ ‫‪.‬‬ ‫البريد في عصر المماليك‬ ‫كذلك ارتقى البريد في عهد المماليك‪ ,‬وبخاصَّة في أيام السلطان‬ ‫بيبرس؛ فقد وضع له نظاما يكفل ارتباط جميع أجزاء الدولة بعضها بالبعض‬ ‫اآلخر بشبكة من خطوط البريد البرية والجوية (عن طريق الحمام الزاجل)‪,‬‬ ‫وكان مركز هذه الخطوط قلعة الجبل (شرقي القاهرة) التي أنشأها صالح‬ ‫الدين سنة (‪572‬هـ‪1176/‬م)‪ ,‬وكان يتفرَّع منها أربعة خطوط برية هي‪:‬‬ ‫خط إلى قوص‪ ,‬ومنها إلى أسوان‪ ,‬وما يليها من بالد النوبة‪.‬‬ ‫خط إلى َعيْذاب (عن طريق قوص) وما يليها من سواكن‪.‬‬ ‫خط إلى اإلسكندرية‪.‬‬ ‫خط إلى دمياط ومنها إلى غزة ‪.‬‬ ‫وقد أصبح البريد في عهده يصل إلى مصر َم َّرتَيْن في األسبوع‪ ,‬وكان ي ْشرف‬ ‫عليه صاحب ديوان اإلنشاء ‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫حيان حممد احلسن "غريب على أرصفة طوس "‬ ‫وآخر ضفاف احللم ‪..‬‬ ‫قراءة ‪:‬د‪ .‬أحالم غانم‬ ‫على تخوم االغتراب‬ ‫االغتراب والحلم مندمجان باللغة الشعرية‬ ‫والشاعر ينصهر في لهيب هذا الثالوث‬ ‫المقدس ‪ ,‬و تعد تيمة " االغتراب "‪ ,‬من‬ ‫الموضوعات المهيمنة في الشعر العربي‬ ‫إذ تسهم في نسج داللية النص الشعري‪ ,‬بما تولده في مختبره من أسئلة مؤرقة‬ ‫(كونية وفنية وأنطولوجية…)‪ ,‬وما ت ْفرزه من قيم فنية تدفع بالفعل الشعري‬ ‫إلى النمو والتطور‪.‬‬ ‫تمت ُّد تجربة حيان محمد الحسن من تيمة االغتراب آلخر ضفاف الحلم ‪,‬‬ ‫وتتعرش بين أحداقه السخية ‪ ,‬منتشية بصمت ‪ ,‬ومشرَّعة نوافذها على‬ ‫الزرقة الحالمة كي تمر عبرها قطعان الشوق والوهم ‪ ,‬وفي إصرار واضح‬ ‫من ال َّشاعر على تكوين عالم شعري خاص به‪ ,‬نابع من ذات منكسرة وذاكرة‬ ‫تلهث وراء حلم من سراب ‪.‬‬ ‫هكذا تحيط به وسوسات البوح في لحظة من تفتق بيادر الشهوة الباردة في‬ ‫حضرة "شتاء خراسان " فنرى الشاعر ينطلق بأجنحة الحنين و يكتب‬ ‫بضميره المنفصل كما يكتب بضمير الجماعة المتصل‪ ,‬فتنداح الحروف‬ ‫فواحة من ذات مغتربة مخلصة لمشروعها الشعري‪ ,‬المتأسس في مشهد‬ ‫قصيدة النَّثر‪ ,‬م َع االستفادة من اإليقاع الشعري المتوا َرث في جماليَّاته‬ ‫الصَّوتيَّة والبالغيَّة‪ ,‬التي يمكن نعتها َّ‬ ‫بأن االغتراب الوجودي سمتها‪,‬‬ ‫وجماليَّات الشعريَّة ومساكب الياسمين والنرجس الدروب لها‪.‬‬ ‫كثافة اللغة وخارطة الحزن ‪:‬‬

‫‪29‬‬


‫تتشكل بنية اللغة الشعريَّة للشاعر الحسن من الكثافة التَّعبيريَّة‪ ,‬المستن َدة إلى‬ ‫رؤية تتَّجه نح َو بالغة التَّكثيف‪ ,‬ال َمشحونَة بدوال موشاة بالبهاء واأللق‬ ‫وبقدرات تعبيريَّة ال حدو َد لها إال خارطة الحزن ‪,‬واستسالم القصيدة لعزف‬ ‫َ‬ ‫أصابعه سيمفونية االغتراب‪.‬‬ ‫االغتراب الروحي‬ ‫تبتلع الغربة مفردات الشاعر رغم اختياره طريق الالعودة ‪,‬ويحاول‬ ‫ك‬ ‫درجة الموت‪ ,‬على أالَّ يخ َّل ذل َ‬ ‫النهوض على االقتصاد ال َّشديد في اللغة إلى َ‬ ‫ك‬ ‫بسالمة ذاك "الغريب على أرصفة طوس "؛ ففي االغتراب الروحي‪ ,‬هنا َ‬ ‫حد سري خفي تبلغه اللغة الشعريَّة في أعلى درجات تجليها وتثميرها‪,‬‬ ‫وإبداعها النَّوعي أثقلته اآلهات الدفينة في فضاءات الغياب ‪.‬‬ ‫نالحظ أن الشاعر مثق ٌل بالضجيج والضياع ‪,‬لذلك يقدم شعريته على قدر‬ ‫كبير من المخاوف الزاحفة‪ ,‬واألوجاع المزمنة ‪ ,‬تلك الهواجس التي كحلت‬ ‫اعين الحالمين ألنثى قادمة من غرناطة وبيدها حفنة بوح لشاعر ينتظر حكاية‬ ‫عشق ال تنتهي من خالل تورطه بالكلمات‪..‬وهو القائل‪:‬‬ ‫"حين يضجر الشاعر‬ ‫تفرُّ الكلمات‬ ‫من بين يديه‬ ‫وتخلد إلغفاءة مؤقتة" ص‪(62-‬آخر ضفاف الحلم)‬ ‫هل الشاعر يصنع تاجا من غربته أو يمد جسورا بين الموجود والوجود ‪,‬‬ ‫وأيا ما يكن الرأي أو الجواب في ذلك ‪,‬لماذا غابت لدى الشاعر األسئلة ؟‬ ‫لماذا تورط في مخدع الذاتية المفرطة وجعلنا نقتحم بمفاتيح التأويل حدود‬ ‫وضوابط ذاته المنكسرة ؟‬ ‫م َّم ال شك به ‪,‬االغتراب هو التيه في عتمة الذات ‪,‬ولعل التيه أو هذا‬ ‫الوعي بحقيقة االغتراب هو الذي يمنح العنوان الرئيس إلى انفتاح المكان‬ ‫على مساحات واسعة ‪ ,‬مرئية وغير مرئية ‪,‬وهي بوصلة المعنى التي قادت‬ ‫الشاعر إلى هذا التقابل ما بين الظاهري والباطني في الفكر والمحسوس‬

‫‪30‬‬


‫ونراه يأخذ منحى آخرأ مختلفأ في أسه وفي تصوره ‪,‬وأشبه بزمهرير فوق‬ ‫عري األرصفة المنكوبة‪.‬‬ ‫وهذا ما نستشفه في قوله‪:‬‬ ‫"جراحي ‪...‬‬ ‫أشبه بزمهرير‬ ‫فوق عري األرصفة المنكوبة‬ ‫تنوح في صمت مبهم‬ ‫انكسار آخر حلم ظامئ"‪-‬ص‪(62-‬غريب)‬ ‫االغتراب معرفة‬ ‫ذات الشاعر الحزينة والعيون المسلوبة كالغريب تتعثر بظلها ‪,‬لكنها تعرف‬ ‫الوجود في لحظة التجلي الكلي لكن هذا الوجود يفلت منها حين تشعر بجحيم‬ ‫اآلخر وحصار اآلهات ‪,‬مستفيدة من الحواس البصيرة في النفاذ إلى ما ورائها‬ ‫من إشارات تعمق الفهم واالغتراب في آن ‪,‬كما نجده في موضوع (علم‬ ‫َّ‬ ‫ألن الشعر قوة ثانية للغة وطاقة‬ ‫الشعرية) هو الكشف عن أسرارها)(‪)1‬‬ ‫سحر وافتنان للوجود ‪,‬ونجده في قول الشاعر ‪:‬‬ ‫"يفرُّ البوح ‪..‬‬ ‫من حصار القلق والضجر‬ ‫ويترك الشفاه تجلد‬ ‫دون رحمة‬ ‫بسياط اليباس"ص‪(-51-‬غريب)‬ ‫االغتراب علو‬ ‫االغتراب حضور في الزمن يدفع الذات للعلو والتجاوز والرؤيا الخارق‬ ‫لحجب الحياة والشاعر الحسن باغترابه يعلو تستفزه الكلمات ‪,‬وتحر ض‬ ‫ذاكرته على البوح ‪,‬واللغة هي األداة الموصلة إلى ذلك ‪,‬إذ قال ‪ ":‬كلماتي ‪..‬‬ ‫تغويني بجمالها‬

‫‪31‬‬


‫تستدرجني‬ ‫لمخدعها اآلسر‬ ‫وتسدل ستائر الوقت‬ ‫على العزلة المنتظرة !"‪-‬ص‪( 72‬آخر ضفاف الحلم )‬ ‫شاع ٌر أعياه الصهيل في دروب الزمن المقفرة و زحمة الشقاء ‪,‬واالستئناس‬ ‫بنشوة النزف ‪,‬ولحظة التفكك والتشظي تطفئ وهج الوجود وتضيع الذات في‬ ‫السراب ‪ ..‬وكأن هناك شخص ما يتكلم إلى شخص آخر وهذا هو جوهر فعل‬ ‫التواصل من خالل اللغة بمفهوم بول ريكور ‪ ,‬في إطار هذا المفهوم‬ ‫يخاطب روحه قائال‪:‬‬ ‫"أركض هاربا من خوفي‬ ‫أظل أركض في الهجير‬ ‫والحيرة تظللني‬ ‫بالندم‬ ‫في أول متاهات السراب!"‪-‬ص‪(84-‬غريب)‬ ‫ففي مقطعه هذا‪ ,‬ثمة حيرة كشفت عن فعل درامي لمنولوج أصيغ بإحساس‬ ‫الندم‪ ,‬وحالة اغتراب تواتري‪ ,‬فيه من الدهشة والتتابع ما يجعل المتلقي‬ ‫راكضا هاربا في أول متاهات السراب‪.‬‬ ‫و هذا االغتراب الذي طال الشكل و المضمون معا ما هو إال انعكاس‬ ‫لالغتراب الذي بات طرديا في حياة الشعراء‪..‬‬ ‫ال شك في أن المزاوجة التي نالحظها من العنوانين في ديوانيه "آخر ضفاف‬ ‫الحلم ‪ ,‬غريب على أرصفة طوس " تؤسس للغة مختزلة وصادمة وبالتالي‬ ‫فنحن على أعتاب خطاب شعري واع بكل التفاصيل التي تهم القارئ‪ ,‬فتلك‬ ‫الصور الشعرية التي يقدمها هي بمثابة الكشف عن الهوية الرمزية التي تؤرق‬ ‫الشارع العربي وتحاول االنفالت من التحديات التي تثير فيه قضايا من مثل‬ ‫الهجرة واالغتراب ودالالت الحرب والهرب إلى ضفة أكثر سالما ونجد ذلك‬ ‫في "مراث هاربة" ‪:‬‬

‫‪32‬‬


‫ٌ‬ ‫زمن صامت ‪..‬‬ ‫تسكنه المخاوف واألوجاع‬ ‫تحاصره رياح اليأس‬ ‫تجله سياط الندم‬ ‫زمن مسلوب اإلرادة هزيل " –ص‪(91-‬آخر ضفاف)‬

‫إن توتر العالقة الجدلية بين ذاكرة الماضي المؤلمة والحاضر الصامت‬ ‫والساكن تحرك مخيلة الشاعر في اتجاهين متعاكسين‪ ,‬بين "طوس " في‬ ‫محافظة خراسان اإليرانية وطرطوس السورية الغائبة الحاضرة في ذاكرة‬ ‫الشاعر‪:‬‬

‫‪33‬‬


‫"في طوس يشيخ الحلم العتيق ‪ /‬ويخضر المدى وترسم الريح وجه الصبح‬ ‫الجريح "‪.‬ليستثمر الشاعر رموزا مكانية ال تقف عند حالة الترحال أو السفر‬ ‫‘إنما ترمز إلى معادلة الغربة والحياة العصرية الضاجة بالقلق‪,‬ويخبر عنه‬ ‫باستخدام وسائل نحوية تؤدي الوظيفة المنطقية‪ :‬أسماء األعالم ‪ ,‬أسماء‬ ‫اإلشارة والظروف‪ ,‬الضمائر ‪..‬ما تشترك به هذه جميعا لتشكل وحدة‬ ‫العضوية ‪,‬وتسهم في شدة التأثير واالنفتاح على مساحات واسعة من األلم ‪.‬‬ ‫إذ ( أن مهمة األدب هي خلق الجمال ‪ ,‬وأن يثير فينا انفعاال خاصا ‪..‬وانه‬ ‫يجعل العالم إنسانيا من خالل االندماج مع الكون وأسراره)(‪)2‬‬ ‫وخالصة ما تقدم نجد أن قلق المكان في شعر الحسن تجلى في صور وأشكال‬ ‫متنوعة التي انطوت على دالالت الوطن ‪,‬والغربة ‪,‬والذاكرة ‪,‬والضيق‬ ‫النفسي والقلق الوجودي‪.‬‬ ‫ويحملنا ذلك إلى نتيجة‪ :‬إن الكتابة الشعرية فعل يكفي من خالله أن تالمس‬ ‫تضاريس األشياء الحسية حتى تحولها إلى كائنات شعرية محملة بتداعيات‬ ‫المعنى‪ .‬على نحو ما يجليه المضمون الشعري في مجموعتي " غريب على‬ ‫ضفاف طوس" آخر ضفاف الحلم " للشاعر حيان محمد الحسن من‬ ‫منشورات دار بعل _دمشق‪.‬‬ ‫ـــــــــــــ‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫اللغة العليا (النظرية الشعرية)‪ ,‬جون كوين ‪,‬ترجمة د‪ .‬احمد‬ ‫ ‪)1 (1‬‬‫درويش ‪ ,‬ص ‪9 /‬‬ ‫(‪ )2‬النقد االدبي ‪ ,‬كارلو دميلو ن ص‪.135/‬‬

‫‪34‬‬


‫عودة جامعة املوصل للموقع األصيل‬ ‫عودة تدريس‬ ‫ريان هاني‬ ‫بعد التحية ‪..‬‬ ‫ انها لفرصة كبيرة لي لقاء حضرتك استاذ في رحاب جامعة الموصل بداية‬‫دكتور ممكن تعرفنا بحضرتك‬ ‫ انا الدكتور محمود عزو التدريسي في كلية العلوم السياسية جامعة الموصل‬‫‪.‬‬ ‫ دكتور استهل حديثي معاك حول عودة جامعة الموصل للموقع االصيل‬‫وامكانية استمرار ديمومة التعليم العالي في جامعة الموصل في ظل االمكانات‬ ‫المتوفرة حاليا ‪.‬‬ ‫ نعم ‪ ,‬كما تعلمون مرت على الموصل سنين عجاف في ظل سيطرة داعش‬‫على المدينة ومحاولته ابتالع هذه المدينة العريقة مما اضطر رئاسة الجامعة‬ ‫الختيار مواقع بديلة لموقع الجامعة االصيل في محاولة لعدم ضياع مستقبل‬ ‫الطلبة خصوصا وان سيطرة داعش على المدينة كان خالل فترة االمتحانات‬ ‫النهائية للكليات وفعال تم افتتاح مواقع بديلة في كركوك ودهوك والحقا في‬ ‫برطلة ‪ ,‬وبهذا الوقت واجهنا خيارين ام العودة لجامعة الموصل وهذه كانت‬ ‫خطوة خطرة الن الجانب االيمن من الموصل لم يكن محرر بالكامل وايضا‬ ‫موقع الجامعة قريب من حافة النهر وكانت تتعرض من وقت آلخر لقذائف‬ ‫الهاون والطائرات المفخخة فضال ان بنايات الجامعة لم تكن جاهزة بسبب‬ ‫المخلفات الحربية ولهذا السبب اخترنا موقع برطلة كموقع بديل لجامعة‬ ‫الموصل لتجنيب الطالب عناء السفر وارهاق الطالب ماديا وايضا لعدم توفر‬ ‫بنية تحتية تستقبل العد الكبير للطلبة فاضطررنا لضغط اوقات الدوام مقتسمين‬ ‫الدوام بين الكليات حيث كان النصف االول لبعض الكليات والنصف الثاني‬ ‫للكليات اآلخرى او ان يكون صباحي ومسائي وهكذا لدفع عجلة الدوام لألمام‬ ‫‪ ,‬وبعد تحرير محافظة نينوى وبقرار شجاع ومدروس من رئاسة الجامعة‬

‫‪35‬‬


‫قررنا العودة الى موقع الموقع األصيل لجامعة الموصل وإلعطاء فرصة‬ ‫للطلبة الذين لم يتسنى لهم مغادرة المدينة لسبب او آلخر اجرينا عدد من‬ ‫االدوار التكميلية بالتشاور مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمعالجة‬ ‫حاالت الطلبة من االكمال الى النجاح وهلل الحمد حيث أجتاز الكثير من الطلبة‬ ‫االدوار التكميلية رغم قلة االمكانيات المتوفرة وبوضع صعب ولكن جعلنا‬ ‫الطالب يشعر بالفرح النتقاله من مرحلة الى اخرى ولكن بالمرحلة التالية‬ ‫واجهتنا مشكلة كيف يتم معالجة حاالت الطلبة خالل فترة حكم داعش للمدينة‬ ‫حيث اعتمدت وزارة التربية مبدأ العبور واعتماد العمر كقياس للمرحلة‬ ‫الدراسية وهذا ال يمكن تطبيقه حسب تعليمات منظمة اليونسكو للتربية‬ ‫والتعليم وايضا حسب تعليمات وزارة التعليم العالي الن نظام التعليم العالي‬ ‫قائم على االنتظام وليس االتتساب كالتعليم عبر االنترنت او نظام التعليم‬ ‫المفتوح‬ ‫ دكتور ماذا ان عطلة نصف السنة ونهاية السنة ‪.‬‬‫ حقيقة ارتئينا كهيئة تدراسية وادرية و ال كطلبة عدم اخذ اجازة نصف‬‫السنة ونهاية السنة لالستفادة من الوقت وايضا نحقق معايير الجودة‬ ‫واالعتمادية المعتمدة من منظمة الينوسكو ‪.‬‬ ‫ دكتور هل البنية التحتية للكليات مهئية الستقبال الطلبة ‪.‬‬‫ نعم البنية التحتية مهئية الستقبال الطلبة من القاعات الدراسية والمقاعد‬‫والسبورات وخاصة للكليات االنسانية التي التحتاج الى مختبرات وتعتمد‬ ‫غالبا على التلقي والصغاء ‪.‬‬ ‫ دكتور ماذا عن المعوقات التي تواجهكم في مسيرة العملية التعليمية في‬‫جامعة الموصل ‪.‬‬ ‫ صدقا ال توجد معوقات حقيقية التي هي فيما يتعلق بتهئية االمور االدارية‬‫للعملية التعليمية وهي معقد ‪ ,‬طالب ‪ ,‬استاذ وهذه هلل الحمد متوفرة وعليه ال‬ ‫توجد معوقات اساسية ولكن تبقى مستلزمات العملية الدراسية مثل التكيف‬ ‫والتدفئة ولكن اكو معوقات ثانوية للعملية التعليمية مثل عدم وجود امان‬ ‫خاصة للتدريسين او االداريين وايضا القرطاسية والكتب المنهجية والي ما‬ ‫متوفرة بالكامل لعدم وجود سيولة مالية وهلل الحمد مجانية التعليم ما تضررت‬

‫‪36‬‬


‫وايضا المكتبات التخصصية ألغلب الكليات ما تضررت أغلب الضرر‬ ‫حدث على المكتبة المركزية ‪.‬‬ ‫ دكتور هل بناية العلوم السياسية تضررت نتيجة للعمليات العسكرية ‪.‬‬‫ نعم ثلث الكلية تقريبا تعرضت للحرق من قبل عصابات داعش ام الثلثين‬‫الباقيين فمن الممكن استغالهم وايضا االثاث الخاص بالكوادر التدرسية‬ ‫واالدارية سرق من قبل داعش االرهابي ولكن الشي الجيد انو مقاعد الدراسة‬ ‫الخاصة بالطلبة لم تسرق ‪.‬‬ ‫ دكتور اضطرر بعض من الهيئة التدرسية واالدارية وحتى الطلبة للبقاء‬‫تحت حكم داعش للموصل كيف كان اثرها عليكم سواءا سلبا او ايجابا ‪.‬‬ ‫ نعم مثل ما تعرف كل شيء له وجه سلبي ووجه ايجابي اما الوجه السلبي‬‫حيث أجلست ثالث سنوات اجبارا عن عملك التعليمي وكذلك بالنسبة للطلبة‬ ‫ضياع ثالث سنوات من اعمارهم والي كان بامكانهم انجاز الكثير فيها ام‬ ‫الوجه االيجابي فهو درس ألهالي الموصل وعبرة من هذه المحنة وفرصة‬ ‫للنهوض من جديد مثل ما حصل مع كثير من األمم ‪.‬‬ ‫ دكتور ماهي رؤيتك المستقبلية لجامعة الموصل بعد عودتها للموقع األصيل‬‫وامكانية عودتها الى سابق عدها ‪.‬‬ ‫ بالتأكيد ترجع وافضل من السابق ولكن تبقى حالة الوقت حيث اليمككنا‬‫احراق المراحل الزمنية ولكن المستقبل ممتاز ان شاء هللا ويبشر بخير والشي‬ ‫المميز بكليتنا انه ما انظم اي اي أحد سواء من الكادر التدريسي او االداري‬ ‫للتنظيم الممتطرف خالل فترة سيطرته على الموصل ‪.‬‬ ‫ دكتور ماذا عن المواقع البديلة لجامعة الموصل ‪.‬‬‫ على حد علمي لم تبقى مواقع بديلة حيث تم نقل اثاث اغلب الكليات للموقع‬‫األصيل ‪.‬‬ ‫ بختام هذا الحوار الممتع مع حضرتك عندك اي اضافة اخرى دكتور ‪.‬‬‫ ال شكرا واتمنالك الموفقية وان شاء هللا تعود الموصل الى سابق عدها ‪.‬‬‫‪ -‬شكرا جزيال الك ‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫أدب ساخر‬

‫يفسرون‬ ‫د‪ .‬احمد جارهللا‬

‫يفسرون المناصب بوصفها الدجاجة التي تبيض ذهبا ‪..‬يفسرون مساعدة‬ ‫المسكين بانها تعني فسح المجال امامه للغش وارتكاب األخطاء ‪..‬يفسرون‬ ‫الحج والعمرة بوصفهما فرصة لغسيل ذنوبهم من اكل اموال الدولة والناس‬ ‫بالحرام وعدم ارجاع الحقوق الصحابها ‪..‬يفسرون الحصول على التعيين‬ ‫والوظيفة بوصفه فرصة ل ( السخته ) والحصول على المال في سبع دقائق‬ ‫من الدوام الفعلي يوميا ‪ ..‬يفسرون الزواج بوصفه فرصة للتمرين على‬ ‫الديكتاتورية االجتماعية قبل الديكتاتورية السياسية ‪..‬يفسرون منح الصدقات‬ ‫بوصفه فرصة الستعراض الثروات والعضالت ورزقا فوتغرافيا للفضائيات‬ ‫‪..‬يفسرون القبر بوصفه عقوبة ستطال الجميع باستثناء ارواحهم الخالدة كما‬ ‫يتوهمون ‪..‬يفسرون الطالق بوصفه انتقاما من النساء بالحالل ‪..‬يفسرون‬ ‫الحب بوصفه المعنى المعجمي الوحيد لدال السرير ‪..‬يفسرون السرير بوصفه‬ ‫حلبة للمصارعة ‪..‬يفسرون المصارعة بوصفها الفعل الوحيد الدال على‬ ‫فحولتهم الطافحة ‪..‬لكنهم اليعرفون تفسيرا لغياب ‪ :‬ادعاءاتهم في كفاءة ادارة‬ ‫المناصب واعمال المعروف والفحولة والعبادات والثراء ‪ ..‬امام مرايا حقيقة‬ ‫نفوسهم العفنة في اللحظة التي يدركون فيها نفاقهم في الواحدة بعد منتصف‬ ‫الحقيقة امام رب ال تخفى عليه صغيرة وال كبيرة ‪..‬‬

‫‪38‬‬


‫من انتم ؟؟؟‬ ‫حسام الطحان‬

‫العرب امة مزاجية ‪ ،‬وتغير ذوقها كما يغير املرء مالبسه الداخلية كل يوم ‪ ،‬فهم‬ ‫دينيون تارة وملحدون تارة اخرى ‪ ،‬عبثيون احيانا وملتزمون احيانا اخرى ‪.‬‬ ‫في فترة من الفترات سطع نجم الداعي عمرو خالد ‪ ،‬واصبح حديث الجميع ‪ ،‬حتى‬ ‫انهم تخلوا عن عمرو دياب لصالح عمرو خالد وراحوا يقتنون محاضراته على اقراص‬ ‫الس ي دي ‪ ،‬في انتقالة عشوائية مباغتة تفضح الفجوة الثقافية التي تعانيها هذه‬ ‫املجموعة من الناس ‪ ،‬وسرعان ما انتقلوا مرة اخرى من عمرو خالد الى محمد عبده‬ ‫‪ ،‬وحفظ الشعب العربي كله اغنيته ( االماكن ) ‪ ،‬بل ان طرفة انتشرت آنذاك ان‬ ‫الصين تضع مع كل جهاز تصدره للعرب قرص س ي دي ألغنية االماكن هدية من‬ ‫الشعب الصيني للشعب العربي ‪.‬‬ ‫صدق القذافي حين قال ‪ :‬من انتم ؟؟‬

‫‪39‬‬


‫شعر‬

‫مصيدة‬ ‫د‪ .‬عبد الستار البدراني‬

‫فراشة ‪،...‬‬ ‫ومرمده ‪،...‬‬ ‫وفانوس عتيق ‪،...‬‬ ‫ومنضده ‪،...‬‬ ‫ورقة بيضاء ‪،...‬‬ ‫وأقالم الرصاص ‪،...‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل ‪،...‬‬ ‫مصيده ‪!...‬؟‪،‬‬ ‫لكن احلروف ‪،...‬‬ ‫جمهده ‪،!...‬‬ ‫عانقت الفراشة ‪،...‬‬ ‫ضوء الفانوس ‪،...‬‬ ‫‪40‬‬


‫فاحرتقت ‪،...‬‬ ‫صارت أشالء ‪،...‬‬ ‫ّ‬ ‫مورده‪،!...‬‬ ‫فاشتعل الفكر ‪،...‬‬ ‫عتمة ‪،...‬‬ ‫وضاع رغم ‪،...‬‬ ‫البياض ‪،...‬‬ ‫واالقالم ‪،...‬‬ ‫واحلروف ‪،...‬‬ ‫مقصده ‪!!!!...‬؟‬

‫‪41‬‬


‫تقاسيم على صخور النسيان‬ ‫ملياء العلوي‬

‫بني كر وفر‬ ‫وفلول ظالل تغادر بر الغواني‬ ‫هي الدنيا لالوهام تبيع‬ ‫السنني‬ ‫تقاسيم على صخور النسيان‬ ‫تبدد غرور العابرين العابثني‬ ‫هاهنا ‪....‬‬ ‫صروف االمثني ‪...‬‬ ‫فيض حنني‬ ‫هاهنا ‪...‬‬ ‫الغمغمات سيول‬ ‫لساكني السديم‬ ‫سد مأرب يتشقق طنينا‬

‫‪42‬‬


‫يف افالك العشق جيتثون املعاني رمزا عقيما‬ ‫ويغادرن اليمني‬ ‫ينأى بهم الوجدان عن هوس االماني‬ ‫وجحافل االنواء مر يقني‬ ‫ترتعد بني ان وانِني‬ ‫اقمروا االقمار‬ ‫اقمروا الرباكني‬ ‫ليل يزبد ضبابا خيتال بني السنادين‬ ‫بنغم يرعد يربق‬ ‫تتوه النتفة داخل كهف حصني‬ ‫فيلق يؤجج الوغى بني قرع االغاني‪... .‬يلني‬

‫‪43‬‬


โ ซุฑุญุงุจ ุงุญู ุจ ู ู ู ุณุงุชู โ ฌ

โ ซ******************โ ฌ โ ซุฏโ ช .โ ฌู ุญู ุฏ ุงุญู ุฏ ุงู ุนุฑุงู ู โ ฌ

โ ซู ู ุฑุญุงุจ ุงุญู ุจ ู ุดู ู ุง ู ู ุชุงู ู ู ุงโ ช..โ ฌโ ฌ โ ซู ุน ู ู ุณุงุชู ุงู ุฏุงู ุฆุฉ ุงุญุจุฑู ุง โ ช..โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุณู ู ู ุงู ุตู ุช ุจู ู ุงู ู ู ู ุงุช ุบุฑู ู ุงโ ช..โ ฌโ ฌ โ ซู ุจู ุฃู ุฌู ุงู ุฐู ุฑู ุงุช ุงุณุชู ู ู ุชู ุงโ ช..โ ฌโ ฌ โ ซู ุนุงู ู ู ุงู ู ุนุดู ุจุฃู ุฌู ุงู ุจุณู ุงุช ุงุฎุฐู ุงโ ช..โ ฌโ ฌ โ ซ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ โ ฌ โ ซุงุชุณุงุฆู ุงุฏุฑุจ ุญู ุงุชู ุนู ู ู ุงู ุฏุงู ู โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซุนุดุชู ู ุจุจู ุงุก ู ู ู ุญ ู ู ู ุงุฌู ู ุงู โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุนู ู ู ุนู ุงู ู ู ุงุก ู ุทู ู ุง ุจู ู ู ุตุงู โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ุชู ู ู ู ุงุงู ุฑู ู ุจู ุงุกุง ุฏู ู ู ุง ุฌุฏุงู โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ โ ฌ โ ซู ู ุณุทู ุฑ ุงุญุจุฑู ุงู ู ู ุง ุจู ู ุงู ุตู ุญุงุชโ ฆโ ฌ โ ซุญุจุฏู ุซ ุชุฑู ู ู ุดุฏู ุจุนุฐู ุจุฉ ุงู ู ู ู ุงุช โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซุงู ุงุฑ ู ู ู ู ุจ ุทุฑู ู ุง ู ู ุงู ุธู ู ุงุช โ ช..โ ฌโ ฌ โ ซโ ช44โ ฌโ ฌ


โ ซุงู ุชุทู ู ุง ุตู ู ุฉ ุงุญู ุจ ุฑุบู ุงุงู ู ุงุชโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุนุด ุงู ุงู ู ู ุง ุจุงู ู ุฑุบู ู ุณู ุฉ ุงุญู ู ุงุฉ โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซุฑุบู ุฌุฑุงุญู ุง ู ุนู ุดู ุง ุจุงู ุฌู ุงู ู ุญุธุงุชโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุงุตุฑุงุฑ ู ุนู ุด ุฏู ุงุฎู ู ุง ุจุงู ุจุณู ุงุช โ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุดุงุนุฑ ุงู ุชุชุบุฑู ู ู ู ุง ู ุณุช ุงู ุณู ู ุงุช โ ช.โ ฌโ ฌ โ ซ๐ ฅ๐ ฅ๐ ๐ ๐ ๐ ๐ ฅ๐ ฅ๐ ฅโ ฌ โ ซุนุฏู ู ู ุงู ู ุณุชุถู ู ู ู ู ู ุฑ ุงู ุณู ุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุฑู ู ู ุธู ู ุชู ู ู ุจู ุฌู ู ู ู ู ุณุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซุชู ุจู ู ุงู ุณุนุงุฏุฉ ุชู ุซุฑู ู ุง ู ู ุงู ู ุถุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซุงู ุซุฑู ู ู ู ุงุชู ู ู ู ุญู ู ู ุจู ู ุจู ุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ู ุนุด ู ุนู ุงุญู ู ุงุฉ ุตุงู ู ุฉ ุญุฏ ุงู ู ู ุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ โ ซู ุชู ู ู ู ู ู ุชู ู ุชู ุงู ุง ู ุญุฏู ุฏู ู ุณู ุงุกโ ช...โ ฌโ ฌ

โ ซโ ช45โ ฌโ ฌ


‫احالم انثى‬ ‫بقلمي فاطمة الداودي‬

‫دمع الصبايا على اثواب الفرح‬ ‫واشباح الندم تولول يف قيعان ليل البهيم‬ ‫تقمقع ضحكات انثى يف قبو االسى‬ ‫مدججة بأدمع اجلفون‬ ‫احالم الصبا ثوب عرس خمملي‬ ‫وزوج كريم نبيل اخللق‬ ‫خيشى اهلل ويسلك درب احملبة واالخالص‬ ‫احالم بعدد الكواكب والنجمات‬ ‫شهدت عشق كل انثى رمست‬ ‫لوحات زيتية بشعاع الشمس‬ ‫وازهار الكروم والزياتني‬ ‫وتغاريد الطري تشدو يف السماء‬ ‫اخلالق املعبود‬ ‫من اجل نيل رضاء زوج ويف‬ ‫‪46‬‬


‫لكن هيهات فأحالم الصبايا‬ ‫القت عليها تعويذة ساحرة ماكرة‬ ‫تلعن الزواج وحتوله اىل شرنقة الوجع‬ ‫وقلعة خراب تنعق البوم يف غرفه املهجورة‬ ‫فالزوج بعد اشهر قليلة يتذمر من امللل‬ ‫ويصري يلعن قيود الزواج ومسؤولياته‬ ‫وحين اىل ليايل السمر وجلساء الطرب‬ ‫و حب صبية يافعة ورشيقة‬ ‫فزوجة اصبحت بدينة وفقدت ليونة اجلسد‬ ‫ومملة وكثرية الطلب‬ ‫واجللوس جبانبها جملبة لنكد‬ ‫واصبح يبحث عن حب حيرك سواكنه‬ ‫ويعيد لقلب النبض‬ ‫فزوج الزال حب الشهوات‬ ‫جيري يف العروق جمرى الدم‬ ‫والزال شابا يف عقد الشيخوخة‬ ‫والزوجة املكرمة يف بيتها مبجلة‬ ‫‪47‬‬


‫يكفيها ان طلبات شؤون البيت مستجابة‬ ‫كفاها شرف انه ينفق عليها وعلى ابناءها‬ ‫اما ان تنال احلب والعشق‬ ‫وكلمات الغزل فهذا مطمع‬ ‫ليس له بقادر وال يقبله العقل‬ ‫فهي تقدم بها العمر وما عادت مراهقة‬ ‫وهذه طلبات طيش هلا الرفض والصد‬ ‫وما هلا ان تطالب بطلبات حمالة العدم‬ ‫وتلقي باثواب التحنيط‬ ‫لسنوات كانت حلة كستها‬ ‫فما هلا احلق ان تطالب باحلياة‬ ‫وان يدق قلبها نشوة الغزل‬

‫‪48‬‬


‫سيدة فؤادي‬ ‫عبدالستار الزهيري ‪ //‬العراق‬ ‫سترسو مراكبنا ‪..‬‬

‫سأساير هذا العالم ‪..‬‬

‫ذاكرتي أسترجعت ‪..‬‬

‫لنرسم أقواسا ً‬

‫وأحاول أن أحسن ‪..‬‬

‫كلمات أغنيتي ‪..‬‬

‫فوق أمانينا ‪..‬‬

‫المعالم ‪..‬‬

‫لنعانق دواخلنا ‪..‬‬

‫ألطرب ذاتي ‪..‬‬

‫ليبدأ العرض وتعود‬ ‫‪..‬‬

‫على رمال شواطئنا‬

‫وأحيي أغنيتي ‪..‬‬

‫االبتسامات‬

‫دروب في ذاكرتنا‬

‫سهرت الليالي‪..‬‬

‫من اخر المسرح ‪..‬‬

‫تشقينا وتسعدنا‪..‬‬

‫ألكتبها ‪..‬‬

‫علت األلحان ‪..‬‬

‫فلسفة وكالم‬ ‫أحجيات ‪..‬‬

‫فاألمطار أضاعت ‪..‬‬

‫وصدح اللسان ‪..‬‬

‫حبر كلماتي ‪..‬‬

‫بحبها المخملي ‪..‬‬

‫ال حقيقة ‪..‬‬

‫وتداخلت السطور ‪..‬‬

‫الكالم ‪..‬‬

‫وضاعت النوتة ‪..‬‬

‫الذي جاب الوديان‬ ‫‪..‬‬

‫هي مجرد أحالم ‪..‬‬

‫واأللحان ‪..‬‬

‫تجافي واقعنا ‪..‬‬

‫لنتدارك ما تبقى‪..‬‬

‫أتساءل‪..‬‬

‫ونعيد النوتة‬

‫أنحن في زمن‬ ‫الوداعة‬

‫ونفتتح العرض ‪..‬‬

‫أم زمن الرياء‪!!..‬‬ ‫أم في زمان الكذب‬

‫فالمسرح أنيرت‬ ‫أضواؤه‬ ‫والرواد تدافعوا ‪..‬‬

‫‪49‬‬

‫وردد الحضور ‪..‬‬ ‫وصدى الكالم ‪..‬‬ ‫يعلو ويدور ‪..‬‬ ‫أحبك لألبد ‪..‬‬ ‫يا سيدة فؤادي ‪..‬‬


‫سألت طيفك‬ ‫ماجد محمد الطالل‬ ‫ن‬

‫هل تعرفني ما احلرمان والرعب‬ ‫هل شعرتي يوما باجلوع والفقر‬ ‫حسرة عليك لقمة العيش وجرعة ماء‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫رغم وفرة املاء وقرب النهر‬ ‫خفتي يوما من خشية االغتيال‬ ‫وعذاب السجن‬ ‫يف وطني تكثر الدماء والثمار‬ ‫النفط واالنهار ويزداد الفقر‬ ‫جفت األنهار‬ ‫بارت االرض وكثرت املقابر‬ ‫ن‬ ‫كل جزء من جسمي يغلي ويثور‬ ‫لالنتقام واخذ الثائر من احلاكم اجلائر‬

‫‪50‬‬


‫هيام‬ ‫صالح الدين الطياش‬ ‫مللت اجلفى وأرقني غيابا‬ ‫هجر احلبيب زادني عذابا‬ ‫وددت وصاله ومل ألق جوابا‬ ‫أحبه ياليته ال خيتلق أعدارا‬ ‫بهي الطلة يشع وجهه أنوارا‬ ‫مل ارى متله احب خجله وقارا‬ ‫أحبرت يف عشقه دقت درعا‬ ‫غريق أختبط لوعة أراه خياال‬ ‫الأمل ذكره قلبي له يكن أشواقا‬ ‫رغم البعد أمامي يتكلم همسا‬

‫‪51‬‬


‫أو تهجرين!!!‬ ‫لينا كنجراوي‬ ‫تحملين قارورة الوقت‬ ‫يسبقك ظلك‬ ‫و تتجرعين؟؟‬ ‫ماء الخيبة‬ ‫و تنثرين‬ ‫خلفي عبيرك‬ ‫يا حبر اليقين!!!‬ ‫أنا ما تركتك طوعا‬ ‫تغادرين‬ ‫و ال أنت التفتي‬ ‫إلى ما بين الحاجبين‬ ‫شامة أنت وشمتها‬ ‫على الجبين‬ ‫و بلمحة‬ ‫أزلت النبض و الحنين‬ ‫أنا‬ ‫يا امرأة تعطرت‬ ‫بأمواج الفراق الحزين‬ ‫أع ُّد خطواتي‬ ‫لو ترجعين‬

‫‪52‬‬


‫‪...‬بعد حين‬ ‫ما كان ذنبي أنني‬ ‫هفوت في غفلة‬ ‫بشغف لعين‬ ‫ٌ‬ ‫واقف أنا هنا‬ ‫أحفر على صخور الرمل‬ ‫ذراعين مفتوحين‬ ‫ألضمك إلى صدري‬ ‫حبيبة‬ ‫ال مثيل لها‬ ‫بين العالمين‬ ‫أراك بتؤدة‬ ‫تبتعدين‬ ‫ي نحو السماء‬ ‫ألرفع ذراع َّ‬ ‫ألهج دعاء‬ ‫أسمعه‬ ‫لحن فراق عظيم‬

‫‪53‬‬


‫شهريار القلب‬

‫بقلمي صورية حمدوش الجزائر‬ ‫أيا رب‬ ‫صلب القلب‬ ‫وعند رؤيته يذوب‬ ‫ظننت أني نسيت الحب‬ ‫وجاء كجواد أصيل‬ ‫ليعيد لي حياة القلب‬ ‫يذيبني كالشمعة من شوقي‬ ‫يؤجج روحي كطفلة سعادة‬ ‫لم يتذوقها القلب‬ ‫أنا التي ظننت أني عرفت الحب‬ ‫في عينيه كل الكون يذوب‬ ‫إختطف روحي كفارس من حكايات ألف ليلة وليلة‬ ‫ظننت أن أيام شهرزاد ولت‬ ‫فوهللا يارب إنه شهريار القلب‬ ‫رجل يذيبني بحبه وفي قلبي يذوب‬ ‫يختزل كل الرجال في شخصه‬ ‫فال أرى رجال غيره في هذا الكون‬ ‫أيارب أأشكرك ألنك زرعتني بقلبه‬

‫‪54‬‬


‫وزرعته بهذا القلب المجنون‬ ‫أم أشكوك أيها الملك لترحمني من عشقي‬ ‫هذا الذي يعتصرني شوقا وسعادة لذالك المجنون‬ ‫أيارب أعلم أني مجرد عبدة‬ ‫ولكنك الرب وللعباد تصون‬ ‫فيارب إن قلبي لك محب‬ ‫ولكن حبه يسري في دمي‬ ‫كالماء الحياة بدونه في هذا الكون‬ ‫يارب إطوي المسافات وكل همي‬ ‫واكتب حياة قلبه لقلبي‬ ‫فإنه طفل تائه عني‬ ‫يصلب حياته العذاب‬ ‫وأحداقه تقدف الدمع‬ ‫من شوقه يقمع‬ ‫فما عادت قلوبنا تحتمل الوجع‬ ‫فحبه بقلبي للجنون يدفع‬ ‫وحبي فوق عرش قلبه يتربع‬ ‫رحماك بنا ربي‬ ‫فالتجعل هذا الحب في غار قلوبنا يقبع‬

‫‪55‬‬


‫بكت عيني ياقدس‬ ‫فاطمة عشور ‪ ..‬الجزائر‬ ‫بكت عيني لك يا قدس انين‬ ‫و البعد اجفى قلوبا سنين‬ ‫تراها حلم منعت تدشين‬ ‫و عرب في الهوى نائمين‬ ‫تلوح اشالء االقصى دماء‬ ‫و للكالم نقطة للخاتمين‬ ‫اال تشعرون احساسا بهم‬ ‫او تهون ! ارواح الماليين‬ ‫بكت العين ألقصى فراق‬ ‫وبكت على روح القريق‬ ‫تهت بين الشعب ضياع‬ ‫وسرت لطريق السائلين‬ ‫اانا البائسة من حالي !!‬ ‫او ان كل العرب بائسين‬ ‫يوم ما كانت على مجد‬ ‫خطت بسيف صالح الدين‬ ‫عجبا و عجبا منا ضائعة‬ ‫الم تشتاقوا لقدس الحنين‬ ‫اوهل رايتم سجدة القدس‬ ‫ام ياعرب الزلتم جاهلين‬

‫‪56‬‬


‫بلقيس‬ ‫كروان شعيب ‪ ..‬سورية‬

‫قال يوما نزار‪:‬‬

‫بين يديك تعلمت ‪...‬‬

‫عشرين الف امرأة أحببت ‪...‬‬

‫من بين شفتيك‬

‫‪.‬عشرين ألف امرأة جربت ‪..‬‬

‫كل أشعاري نطقت ‪...‬‬

‫‪.‬لكن فاتك يانزار أن تقول‪....‬‬

‫عن كل نساء الكون ابتعدت‪...‬‬

‫بلقيس‪...‬‬

‫ولكل نساء الكون اعتذرت‪...‬‬

‫من أجل عينيك‬

‫فحبك سيدتي‬

‫كل نساء العالم نسيت ‪...‬‬

‫مجر ٌم ‪..‬‬ ‫داهيةٌ‬

‫كل انثى عرفتها‬

‫لسطوته عشقت ‪..‬‬

‫ولم اعرفها‬

‫بح ٌر هائ ٌج‬

‫بحنانك اختصرت ‪....‬‬

‫بكل إرادتي فيه غرقت ‪....‬‬

‫بلقيس‪....‬‬

‫حبك سيدتي‬

‫للجمال والحب‬

‫حب روح‬

‫تمثاال منك صنعت ‪....‬‬

‫وإله‬

‫بلقيس‬

‫كتابٌ مقدسٌ إليه اهتديت ‪....‬‬

‫مليكتي‬

‫وفي نواقيس روحك تضرعت‬ ‫‪....‬‬

‫بلقيس‪....‬‬

‫في محراب عينيك انا صليت‬ ‫‪....‬‬

‫وبذنوب عمري‬

‫كل طقوس العشق‬

‫على كرسيك اعترفت ‪.....‬‬ ‫‪57‬‬


‫ناسكا متضرعا أصبحت‬

‫وساحرتي أنت‬

‫عن كل هفواتي‬

‫و كل عجائب الكون‬

‫ألجل عينيك تبت‪....‬‬

‫في حسنك جمعت‪.....‬‬

‫وتلك اآلف العشرين‪...‬‬ ‫بلمسة منك‬ ‫يا بلقيس أحرقت‪. ...‬‬ ‫فكوني انت‬ ‫ودربي أنت‬ ‫وحضني أنت‬ ‫حديقتي أنت‬ ‫برجي العاجي‬ ‫أنت سحري‬

‫‪58‬‬


‫حديث اهلدهد‬

‫هدهد‬ ‫تعب الصرب مني وذاق ذرعا بي‬ ‫فرتجل من مراكبي‬ ‫فأخذ احلجارة يرمجني‬ ‫وكله غضب خياطبني‬ ‫ما بكي يا مرأة عن ديارى مل ترحلي‬ ‫اطاب بك املقام لتصبح مني‬ ‫هيا ارحلي ‪...‬هيا ارحلي‬ ‫إذهب بعيدا وترجلي‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫عالم املرآه‬

‫هل تبحثين عن طرق وأساليب فعالة للتعامل مع حزن زوجك؟ إن كنت‬ ‫تعجزين عن التعامل مع زوجك في األوقات الحساسة والدقيقة‪ ,‬نقدم إليك‬ ‫سلسلة من النصائح‪..‬‬ ‫‪ - 1‬ال تكوني عدوته‪:‬‬ ‫إن كان زوجك ال يهتم بك خالل الفترة الصعبة‪ ,‬ال تلوميه وال تفتعلي المشاكل‬ ‫معه بل تفهميه واجعليه يشعر بأنك تقفين إلى جانبه في السراء والضراء‪ .‬إياك‬ ‫إذا أن تستفزيه ألن ذلك قد يزيد األمور سوءا‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال تستسلمي للغضب أمامه‪:‬‬ ‫إن حزن الزوج وتصرفاته الالمبالية تجاه كل شيء‪ ,‬قد تثير غضبك بسرعة‪.‬‬ ‫حاولي ضبط أعصابك وال تعبري عن انزعاجك من هذا األمر أمامه‪.‬‬ ‫‪ - 3‬االحترام‪:‬‬ ‫يجب أن يشعر زوجك بأنك تحترمينه‪ ,‬أي تحترمين مشاعره والمرحلة الدقيقة‬ ‫والحساسة التي يمر بها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬كوني صبورة‪:‬‬ ‫الصبر هو المفتاح األساسي الذي سيساعدك على تخطي هذه المرحلة مع‬ ‫الزوج‪ .‬لذا حاولي أن تصبري على زوجك قدر اإلمكان لمساعدته على تخطي‬ ‫حزنه‪.‬‬ ‫‪ - 5‬أفسحي مساحة من الحرية للزوج‪:‬‬ ‫ننصحك بإفساح مساحة من الحرية للزوج من دون التذمر‪ .‬فهو بحاجة لبعض‬ ‫الخصوصية كي يتأقلم ويتخطى حزنه‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الحوار الصادق والتفاهم‪:‬‬ ‫حاوري زوجك بصدق وهدوء حتى تفهمي احتياجاته ورغباته خالل هذه‬ ‫الفترة‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫أزياء‬

‫‪61‬‬


62


‫أقالم شابة‬

‫‪63‬‬


‫دعنا معا ‪.....‬‬ ‫هناء أحمد‬

‫دعنا معا‬ ‫نتقاسم حرمان الوطن‬ ‫وتصلب أحالمنا على األسالك الشائكة‬ ‫ّ‬

‫تتقامسنا شاشات التلفزة وأنامل الكتاب‬ ‫وتهرول القبور مسرعة إلينا ‪...‬‬ ‫دعنا معا‬ ‫كطفلني يقهقهان‬ ‫جبيوب مملوءة ببالونات وأقالم كرتون‬ ‫وأعياد متتد إىل آخر األحالم ‪...‬‬ ‫دعنا معا‬ ‫حنلم بالتأرجح على اهلالل‬ ‫ونعيش حلظة قصرية نتجاهل فيها متثال احلرية‬ ‫‪..‬‬ ‫دعنا معا‬ ‫‪64‬‬


‫نتصنع الدهشة‬ ‫لفرار هذا الوطن من كتب اجلغرافية املدرسية‬ ‫دعنا معا‬ ‫نرتدي أكرب ابتسامة من خنيل‬ ‫لرمبا لرمبا‬ ‫نفاجأ ذات يوم‬ ‫ّ‬ ‫تلففنا أحضانه‬ ‫ويقسم بيننا‬ ‫رغيف حنانه ‪ ...‬وبراميل اللنب ‪...‬‬

‫‪65‬‬


‫احلب واحلجر‬ ‫أحمد آل غبشة‬ ‫أسطورة الحب ال تكذب علي بها‬ ‫هو الثُّريا وفوق األرض أنت ثرى‬

‫كان ‪ ..‬معتذرا ؟‬ ‫أجئتني اآلن؟ عما َ‬ ‫منك ما دمعي عليه‬ ‫وقد جرى َ‬ ‫جرى‬

‫مصلوبةٌ روح من يهواك يا عطشا‬

‫القلب كي تشفي مواج َعه‬ ‫ك‬ ‫سلمت َ‬ ‫َ‬

‫ال يفهم الغي َم ال يستوعب المطرا‬

‫فكيف تغرز في طعناته اإلبرا؟‬ ‫نار ُّ‬ ‫الظلم في ج َسد‬ ‫وكيف تشعل َ‬

‫الباب لو مهما َحلَ َ‬ ‫فت له‬ ‫ال تطرق‬ ‫َ‬ ‫العمر للقلب الذي انتحرا‬ ‫لن تمنح‬ ‫َ‬

‫في قلبه ألف طيب ح َّج واعتمرا‬

‫الباب قلبٌ لم تَ َد ْع ألما‬ ‫لن يفتح‬ ‫َ‬

‫َ‬ ‫شمسك في نيسان طلعتها‬ ‫أطفأت‬ ‫َ‬

‫إال وجرَّعتَه من نـــــــــــــاره‬ ‫ص َورا‬

‫ور َ‬ ‫حت تشحذ من ظلمائك القمرا‬

‫تأ َّخ َر الوقت فاذهب ال ج َ‬ ‫زيت‬ ‫سوى‬

‫ما زال جرحك طفال يستبيح دمي‬ ‫وهو الصغير فقل لي كيف لو‬ ‫كبرا؟‬

‫عساك ترى‬ ‫نك من نار‬ ‫َ‬ ‫ما ذقته م َ‬

‫أخفي عن الناس ما دمعي يبوح به‬

‫لو كنت أودع حبي فيك في حجر‬

‫أحداقي الخبرا؟‬ ‫فمن سيكتم عن‬ ‫َ‬

‫الحجرا‬ ‫لكان أول حب حر َ‬ ‫َّك َ‬

‫وجعي‬ ‫فقري وطيبة قلبي قصَّتا َ‬ ‫كان في الكون من طيب ففي‬ ‫إن َ‬ ‫الفقرا‬

‫‪66‬‬


‫صدفة يف شبه مقهى‬ ‫مروة محمد‬ ‫هناك في بوابة الشارع مقهى‬ ‫يجلس مستريحا من عناء قصائده هاربا من زحافات الحزن و علل األشواق‬ ‫متكئا كالبسطاء‬ ‫راضيا كالمتعمدين بماء السماء‬ ‫انفاسه تخبيء امال السنين وال يدري ان في أقصى العمر تجلس قصيدة‬ ‫ْ‬ ‫وجدت ‪:‬‬ ‫‪ 2‬كانت مدعوة لسماع مقطوعاته الشعرية لم تدخل القاعة دخل ْته‬ ‫نبعا غادرته ذرات الرمال و طفال يتشبث بصورتها ويعانق الجمال‬ ‫‪ 3‬كان يحتسي الفوضى الشعرية‬ ‫صافحت باصبعها جبينه فعثر على قصيدته الضائعة‬ ‫‪ /‬مناولة‬ ‫ناولني قصيدتك وأملي‬ ‫ناولني ابتسامة الطفولة ونزق الربيع‬ ‫اني ادخل في فضاء الموت ‪ /‬السالح‬ ‫حيث رصاصة صغيرة تقتل جيال من القصائد‬ ‫ليس لي درع او جدار‬ ‫الحياة بوطني تتوكأ على مشارف االنهيار‬ ‫ناولني مفاتيح الخيال‬

‫‪67‬‬


‫حيث السعادة بال ثمن‬ ‫سئمت العيش في وطن دموعنا اكبر من مناديله‬ ‫ومازال البوم يطرد السكان‬ ‫الشمس كاألنثى ال تستقر في موعدها‬ ‫ونحن منغرسون في رحم الظالم‬ ‫في وطني يموت اللص من التخمة‬ ‫ويحيا الفقير‬ ‫نص مستوحى من قصيدة رقصة لألنثى االنثى د بشرى البستاني‬ ‫خطوة ‪ . .‬خطوتين ‪ . .‬ننعطف يمينا ونتمايل بانتشاء‬ ‫موسيقى الوله مستمرة‬ ‫وحين نمل من حفلة الرقص ‪ ,‬أجعلك على عرش قصائدي وأبتهل اليك ‪:‬‬ ‫يا اله الشعر‬ ‫انا كلمة ‪ ,‬اجعلني قصيدة بين يديك واروني‬

‫‪68‬‬


‫يا سادة احلرب أنا عاشق‬ ‫محمد عبدالمنعم‬ ‫يداي ال تجيدان استخدام سالحكم‬ ‫سيبقى قلب رصاصكم ميتا‬ ‫وإن ارتفع صوت دقاته‬ ‫يا سادة الحرب ستبقى‬ ‫حربكم عاهرة‬ ‫وإن استغفرت بعدد حبات رصاصكم‬ ‫المطلقة نحو عذرية الحياة‬ ‫أنا عاشق رغم أنف حربكم‬ ‫أمارس كل طقوس الحب‬ ‫البريئة منها والجريئة‬ ‫في شوارعنا المكتضة بالجوامع‬ ‫وبالجرائد المحشوة بصوت قنابلكم‬ ‫أقبل حبيبتي‬ ‫كي أضع أمام الحرب إقتراحا ثانيا غير الموت‬ ‫هذا أنا العاشق‬ ‫رأسي مثقوب كاإلبرة‬ ‫أجر الحب خيطا كلما مضيت‬ ‫ألرقع هذه األرض التي مزقتها الحرب‬

‫‪69‬‬


‫آه ياعصفورتي‬ ‫سيف المشهداني‬ ‫فأنا مثلك تماما أحلم باألفق‬ ‫وقلبي األبيض يَخفق‬ ‫بين كل هذا السواد‬ ‫َ‬ ‫جناحيك‬ ‫َكخفقانك والصبي يمسك‬ ‫َ‬ ‫لكنَه أسي ٌر بقضبان مدينتي‬ ‫ْ‬ ‫الداكن‪.‬‬ ‫المختنقة بالخوف‬ ‫أرامل كالريح‬ ‫وعويل‬ ‫َ‬ ‫الكهرباء‪.‬‬ ‫بين أعمدة‬ ‫تعوي َ‬ ‫ْ‬ ‫آه ياصغيرتي ‪..‬أحدثك‬ ‫عن ربيع يعانقه الفَراش‬ ‫وأنا متس ٌخ بالخريف متَ َجر ٌد‬ ‫بال َو َرق وأ ْقالم ومحْ بَرة ‪..‬‬ ‫أحدثك عن الفَجْ ر‬ ‫صافير‬ ‫الم ْكتَض بزفَات ال َع َ‬ ‫لدي فج ٌر أرنو إليه‬ ‫ليس َ‬ ‫وأنا َ‬ ‫عن َوجْ ه حبيبتي المفقود من بين أيامي‬ ‫عن حياة أمتد إليها كالنهر‬ ‫الرصاص‬ ‫وأنا منغمسٌ بالموت وأزيز َ‬ ‫الذي يَستريح بجسدي المشرعة روحه للحرية‬

‫‪70‬‬


‫بال عنوان‬ ‫سعد محمد‬ ‫الى الالشيء تأخذنا الجهات‬ ‫نكابر يابالدي ‪ ,‬واختلفنا‬

‫مزاجيون يقلقنا الثبات‬

‫ْ‬ ‫اختلفت علينا الالفتات‬ ‫وما‬ ‫خياليون نقترح احتماال‬ ‫سما َحك يابالدا ال تواري‬

‫رماديا يروضه السبات‬

‫خرائبَها إذا نا َم الرعاة‬ ‫لنا الموال من طرب المغني‬ ‫سما َحك لم يع ْد للخبز مل ٌح‬

‫ٌ‬ ‫وحزن ال تؤجله صالة‬

‫وال معنى تؤبده الهبات‬ ‫لنا الحبُّ المكرر ‪ ,‬وانتظا ٌر‬ ‫سوف نركتب األماني‬ ‫سما َحك‬ ‫َ‬

‫وأوراق البريد الذاهبات‬

‫وتكفلنا الهواجس والصفات‬ ‫ونحاتون ‪ ,‬صلصا ٌل ‪ ,‬وأرضٌ‬ ‫َ‬ ‫ركا ٌم ‪ ,‬نخلةٌ ثكلى ‪ ,‬رفاة‬

‫ويكفلنا انتسابٌ سرمدي‬ ‫ألرض مزقتها النائبات‬

‫لنا هذي البالد ‪ ,‬وما عليها‬ ‫نفتش عن ظالل هللا فيها‬

‫ومن أنسوا انتماءهمو وماتوا‬

‫وعن أثر يقال له ‪ :‬حياة‬ ‫السواتر والصحارى‬ ‫ومن سكنوا‬ ‫َ‬ ‫ومن جر الخطى ‪ ,‬والبسمالت‬

‫‪71‬‬


‫اختالف‬ ‫نور وليد‬ ‫تَنفَلت الوردة من أغصانها‬

‫ووحدي أتجول‬

‫تؤرق الوحدةَ الذابلة‬

‫في ذاكرة خالية ‪..‬‬

‫تولَد مرارا من الظل‬

‫ْ‬ ‫أكون ‪..‬‬ ‫وحدي أكون أو ال‬

‫تعطيني ندى أسود‬

‫ووحيدة دونهم ودونك أعيش ‪..‬‬

‫وأحيانا أزرق ‪..‬‬

‫أجدك بقربي الليلة‬ ‫لم‬ ‫َ‬

‫خلف إحدى قصائدي‬ ‫تتس ُّمر‬ ‫َ‬

‫بكيت ‪..‬صرخت‪..‬‬

‫تصارعني كي ترتدي صمتي‪0‬‬

‫ولم أجد أحدا بقربي‬

‫تستَحم بعود مسخ‬

‫ضمني ألمي إليه بقوة‬

‫ث َّم تنحني لقبلة غادرة‬

‫سواه لم يسندني أحد ‪..‬‬

‫وتمضي ‪......‬‬

‫***‬

‫•‬

‫ضبابيةٌ تلك األمسية‬

‫*‬

‫في حواضر المعنى‬

‫لم يهمس فيها أحد‬

‫يسقط اللهب ‪..‬‬

‫لم أر صهي َل الماء‬

‫وأسقط في بؤرة الحرف‬

‫كل ذلك التيه كان بانتظاري‬

‫أنسى يوما أني أنا‬

‫كل ذاك التيه كان ينتظرني ‪..‬‬

‫أنسى أنك أنت‬

‫***‬

‫وال أعود أذكر‬

‫آهاتك التي لم تسمع‬ ‫َ‬ ‫حملتني‬

‫أنسى الدال‬

‫ألقاصي السحي ْق‬

‫والمدلول‬

‫وأوجدت من العدم‬

‫وأنسى لغتي‬

‫‪72‬‬


‫ْ‬ ‫الرغيف‬

‫***‬

‫وأمطرت دثارا من خريف ‪...‬‬

‫دائما يصمت ليلي‬

‫أمطرني كل شيء‬

‫يأبى التحدث معي‬

‫األسماء‬

‫يحبني‬

‫الدكاكين‬

‫فال أستطيع فراقَه‬

‫الشوارع‬

‫ويختبىء معي في الظالل‬

‫الفناطر التي لم أرها‬

‫ي ح َّد‬ ‫ويسهر ف َّ‬

‫ومدينتي التي تلفظ أنفاسها‬

‫وأغازله ح َّد‬

‫أمطرني كل هؤالء ‪..‬‬

‫ي‬ ‫وال ينام ف َّ‬

‫كلُّ شيء أمطرني‬

‫يأبى أن يستري َح بجسدي‬

‫دثارا من صدأ ‪..‬‬

‫التحرش بوتري‬ ‫يأبى‬ ‫َ‬

‫صدأ يأكل‬

‫يرمي قلمي خارجا‬ ‫يطرحني إلى أعلى‬

‫وال يكاد يبين‬

‫أعلى ‪ ....‬أعلى‪...‬‬

‫يتكلم عن أمسية‬ ‫كانت تعيش ‪..‬‬

‫‪73‬‬


‫صهيب الهاللي‬ ‫شكرا‬

‫لقد علمتني العشقا‬

‫شكرا فقد احدثت بي فرقا‬ ‫فلسان شعري كان مرتبكا‬ ‫شـكرا بفضـلك عاود النطقا‬ ‫القلب قاصـدة‬ ‫يامن اسرت‬ ‫َ‬ ‫أن تأســريه وتدعي الرفقـا‬ ‫إن‬

‫تعتقيه يعش بال أمل‬

‫التعتـقـي مـن يكـره العتقـا‬ ‫يا أكســجينـي املئي رئتـي‬ ‫س الخنقا‬ ‫وصـال فبعدك أس َ‬ ‫إنـي أحـبـك فـوق مقدرتـي‬ ‫الغرب والشرقا‬ ‫حـبا يسـاوي‬ ‫َ‬ ‫أقـول أنـا‬ ‫حرفـا وراءك لـن‬ ‫َ‬ ‫إنـي أقــول بوجهـك الحقـا‬ ‫من مثـل وجهـك المـ ٌع وبـه‬ ‫يمحو البرقا‬ ‫ما يقتقضي كي‬ ‫َ‬ ‫رغم اهتمامي لم اجد أبدا‬ ‫ق‬ ‫أي اهـتمـام منـك لـم أل َ‬

‫‪74‬‬


‫أمي‬ ‫فهد أسعد‬ ‫النقي بأعين الخلجان‬ ‫س الدفء‬ ‫أمي الندى ‪ ..‬فتقد َ‬ ‫ُّ‬ ‫أمي انسكاب الشاي باللحن المعطر من أباريق الكمان‬ ‫ْ‬ ‫قميص التين لإل ْنسان‬ ‫كانت‬ ‫أمي بأول سدرة‬ ‫َ‬ ‫أمي دالء ال َغيم إذ صب ْ‬ ‫نحيب ال َكون في نَيسان‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫أمي‬

‫تَنهُّد ضفتَين فَراشتين بمعْجم األلوان‬

‫النبي َجدائل ال َمرْ جان‬ ‫َش َجر الشموس يسرح الضوء‬ ‫ُّ‬ ‫أمي تضيء هللاَ في تَخيط لي من نوره تيجاني‬ ‫هي سورةٌ رحمانةٌ ‪..‬‬ ‫َ‬

‫فبأي آالء الندى ستكذبان‬

‫‪75‬‬


‫يوسف القريشي‬ ‫يحتار‪..‬‬ ‫هذا الفؤاد بحبها ُ‬

‫رقراقة االجف ان يامن تشتكي‬

‫االطيار‪..‬‬ ‫وترف فوق سمائها‬ ‫ُ‬

‫من حسنها في صدها االنهار‬

‫ياموصل المجد اسمعيني انني‪..‬‬

‫ياموصال رق الفؤاد لوصفها‬

‫شيع شعري في الدنى االخبار‪..‬‬ ‫ستُ ُ‬

‫السمار‬ ‫يارقية يُرقى بها ّ‬ ‫ُ‬

‫سأسطر االوجاع الف رواية‬

‫(ف إذا وقفت امام حسنك صامتا)‬

‫حزني وحزنك أيهم أختار‬

‫صمت الجمال تبوحه االسرار‬

‫ياجنة الفردوس فيك قصيدنا‬

‫يامبَعثرةَ الخُطى‬ ‫زلفى أتيتك ُ‬

‫نثرا اذا ما قد أتى االعمار‬

‫ِ‬ ‫دجاك يغار؟‬ ‫من كان مثلي في‬

‫هذا الفرات دماؤنا تجري به‬

‫هذي يدي خذها وعيني ربنا‬

‫ماذا سنبني هدنا االعصار‬

‫يانار‬ ‫حرقي ُ‬ ‫قربان عشق ّ‬

‫الحت مآذنُك القديمةُ ترتجي‪ُ..‬‬

‫هل تشرق الشمس العنيدة فوقها‬

‫االزهار‬ ‫هدهد ماتت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نوراً يُ‬

‫االقمار‬ ‫ام سوف تبقى تهزأ‬ ‫ُ‬

‫عودي لنا ضوءا رضيعا اننا‬ ‫نحتاج نورك غابت االقمار‬

‫‪76‬‬


‫عمر المحمود‬ ‫الصيفُ​ُناضجُ​ُخمادعُمباُيكفي ُ‬ ‫ليجعلُ​ُقلميُيهذيُكلُقيلولةُبدونك ُ‬ ‫وحرارةُ​ُذكراكُ​ُوعناقه ُ‬ ‫كفيلةُ​ُبأنُجتعلني ُ‬ ‫أتبخرُ​ُوأتالشىُكغيمة ُ‬ ‫والُيبقىُمنيُسوى ُ‬ ‫تقاليدُ​ُخرجتُعنُطورُقريتنا ُ‬ ‫ا‬

‫مشلوال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وعقلُيقفُ​ُعندُحافةُ​ُالعاداتُ​ُ‬ ‫أناُوأنتُ​ُيفُدائرةُ​ُالشك ُ‬ ‫يقينُحيملناُلراحة ُ‬ ‫بالُ ُ‬ ‫مثةُمياهُ​ُتشربُ​ُالرملُ​ُدومناُشبع ُ‬ ‫وصحراءُتلهوُبافتعالُ​ُواحة ُ‬ ‫قلميُمنذُ​ُعرفتكُ ُ‬

‫ا‬ ‫جانبا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُالُيعرفُ​ُللصحوُ​ُ‬ ‫يثملُكلُعذابُبتوقيتنا ُ‬ ‫يرسمنيُكماُلوُكنتُ​ُجمرىُنهر ُ‬

‫‪77‬‬


‫غادرهُ​ُاملاءُ​ُوهلكتُ​ُأمساكه ُ‬ ‫حيةن ُ‬ ‫ُ‬ ‫ويرسمكُضميُ​ُب‬ ‫أثقلهاُامللحُ​ُفقتلتُسكانها ُ‬

‫ا‬ ‫ا‬ ‫ذهبا ُ‬ ‫أحياناُأراكُ ُ‬ ‫ُ‬

‫أغوصُ​ُيفُوحلُ​ُتعبيُوالُأجدكُ ُ‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫قمرا ُ‬ ‫وأحياناُأراكُ​ُ ُ‬ ‫ُ‬

‫ليلنُوليلُبدونك ُ‬ ‫فيمرُ​ُألفُ​ُ ُ‬ ‫اليقيُ​ُياُسيدتي ُ‬

‫ا‬ ‫قمراُغادرُ​ُالغياب ُ‬ ‫أنُتكونيُ ُ‬

‫يالزمُ​ُنافذتيُكلُ​ُمساء ُ‬ ‫واليقيُ​ُ ُ‬

‫ا‬ ‫عارياُمنكُ ُ‬ ‫أنُيدخلُ​ُقلميُالصيفُ​ُ ُ‬

‫هذياننُوأدنىُمثل ُ‬ ‫ُ‬ ‫دومناُ‬ ‫ُفينجو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪78‬‬


‫رسالة أخرية إىل صاحب احلوت‬ ‫حسن محمد سعيد‬ ‫يا صاحب الحوت ضاع الحوت والبلد‬ ‫وأنت ترقـــــد ال تدري بمن فقـــــدوا‬ ‫وأنت ترقد ال تــدري بعاصفـــــــــــــة‬ ‫هدَّت بنا ًء مدى األجيال يتَّقــــــــــــد‬ ‫الروح التي سطعـــــــت‬ ‫هناك أظلمت ُّ‬ ‫من عهد حوتــك يا ذا النون‪ ،‬والجسد‬ ‫هناك أظلم صبح الخير وانطفـــــــأت‬ ‫حتَّى العيون‪ ،‬ومــوت ثــــ َّم يحتشـد‬ ‫هناك يا سيِّدي أرضي وإرث أبـــــــي‬ ‫الروح واألشعـــــــار والوتــد‬ ‫ومهبط ُّ‬ ‫****‬ ‫يا صاحب الحوت ال حوت يخلِّصنا‬ ‫وال رجـال إليها اليـــوم نستنــــــــد‬ ‫حتّى ال ّرجوالت ولّت مــــــنذ أزمنــة‬ ‫والقوم من بعدها ولّوا وما وفـــــدوا‬

‫‪79‬‬


‫وث َّم قد ذبل اليقطــين وارتحلــــــت‬ ‫سلم يبكــي خلفها البلـــــــد‬ ‫حمائم ال ّ‬ ‫وعاد قابيـــل والغربـــــــــان تنعقـــه‬ ‫يجر في يـــده قبراً لمن سجـــــــدوا‬ ‫ُّ‬ ‫قبراً لمن نطقوا ‪ ،‬قبراً لمن سكــــــتوا‬ ‫قبراً لك ِّل األلــــى لليوم ما ولــــــــدوا‬ ‫****‬ ‫يا صاحب الحوت حطَّ الموت في كبدي‬ ‫ومات ث َّم أب يفدى بــــه الولـــــــد‬ ‫وأوغل اليتـــــم في قلبي وفي رئتـي‬ ‫فعمر أنفاسـي العرجاء منعقــــــــــــد‬ ‫يا صاحب الحوت أهلي كلُّهم دفنوا‬ ‫من مات منهم ومن يحيا به الجســد‬ ‫****‬ ‫م َّرت شهور على أعقاب فاجعتــي‬ ‫واستعصت الشمس يمضي دونها الجلد‬ ‫ويستحيـــــل بزوغ الفجـــر ينجدنــي‬ ‫ويمكث الليل مثل المـــــوت إذ يفــد‬

‫‪80‬‬


‫يا صاحب الحوت نفسي غابة وأنا‬ ‫مضيَّع في سراب ليس فيه غـــــــد‬ ‫****‬ ‫تلك السفينة إذ ألقتك ما وصلـــــت‬ ‫إلى الحياة وغطَّى جسمها ال ّزبـــــــد‬ ‫وأنت وحدك من أفلحت إذ بعثت‬ ‫روح النب ّوة في جنبيـــك تتَّقــــــــد‬ ‫فكيف يقوى على أهليك من جهلوا‬ ‫رب النَّاس قد عبدوا؟!‬ ‫معناك أو غير ِّ‬ ‫يا يونس النَّصر إنَّا نبتغــــــيك يــداً‬ ‫في موصل هللا حيث األ ُّم والولـــــد‬

‫‪81‬‬


‫بردة الرجتاف الظالل‬ ‫علي خالد العيثان‬ ‫تفيــــض بــــي الريـــاح تـــم ُّد ظــلَ ْك‬ ‫وتـــنــثر فـــي جفـــون األفـق كـحل ْك‬ ‫ويــســرح فـــيــك عــقل الليـل دهـرا‬ ‫يــلــقن ريــشـةَ الـــكـلمـات شــكـلَ ْ‬ ‫ـــك‬ ‫ُّ‬ ‫يــرف عــلــى خــيــالـي‬ ‫فـــيــا شــاال‬ ‫رؤاي فــلَ ْك‬ ‫ويــســكـبٌ فــي كــؤوس‬ ‫َ‬ ‫كــــنت تدري َّ‬ ‫َ‬ ‫أن نــجــمي‬ ‫ــك‬ ‫أحــــب َ‬ ‫الكون ـ ليـلَ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ــك‬ ‫يــريـــد ـ لكـــي يراه‬ ‫سمـــائك يـا حبــيـبي‬ ‫وحــســبي مــن‬ ‫َ‬ ‫ألكـــون ظــلـــ َ ْك‬ ‫مـــســـافــة قــبــلـة‬ ‫َ‬ ‫أنـــا أوراق زهـــــر فــــي ربـــيـــع‬ ‫ســـال الــنــدى تــشــتــاق نــحلَ ْك‬ ‫إذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رأيــت دمــعي‬ ‫هـطــل الــظــالم‬ ‫إذا‬ ‫َ‬ ‫ي عذلَ ْك‬ ‫يـــحــاصــرنــي ويــتـلو فــ َّ‬ ‫الــيك بــريــ َد شــوق‬ ‫ويــرســــلــني‬ ‫َ‬

‫‪82‬‬


‫فـــأشــعــر َّ‬ ‫صــار كـلَ ْك‬ ‫أن كـــلــي‬ ‫َ‬

‫ٌ‬ ‫عصف‬ ‫لــقاك‬ ‫أنـــا مــو ٌج وطـــيـف‬ ‫َ‬ ‫يـــــأجـــجــني إذا آنــست رمـــلَ ْ‬ ‫ــك‬ ‫أدور بـــــشهـــقـة الــنــايات أعـــدو‬ ‫لـــعــلي أقــتــفي فــي الحن وصلَّ ْك‬ ‫وأفــــترش الـــمـــدى وأم ُّد روحـي‬ ‫عـــلــى غــصن الســـماء فأسـتدلَّ ْك‬ ‫ألـــف مــيعــاد وتــأتي‬ ‫وأخــــلــف‬ ‫َ‬ ‫وتـــغـفــر لــي فقللــي مــا أجلَّ ْك !!‬

‫إلـــى أيــي ســـأرحــل ْ‬ ‫كــن رفيقي‬ ‫وال تــعذلْ فـــإنــي لســت مــثلــ َ ْك‬ ‫ْ‬ ‫ق جفني‬ ‫وإن أغـــمضــت فانثرْ فو َ‬ ‫ــك كـــي أهــي َم وأستهلَّ ْك‬ ‫طــيـــوفَ َ‬ ‫أجـــلْ لــو َّ‬ ‫أن مـا في البحر حـبرا‬ ‫بـأقـالمـي ‪ ,‬لـما وافــى أقــلَّـك ‪...‬‬

‫‪83‬‬


‫أمنة العراقي‬

‫مخالفة وعد‪:‬‬ ‫خالفتك بهذا الوعد وثملت !! ‪,‬‬ ‫مرت ساعتان‬ ‫وست دقائق‬ ‫منذ تركتك مع منتصف ليل اخر ‪,‬‬ ‫‪ ,‬وظل طيفك رغم المسافة فوق صدري‬ ‫غافيا !‬ ‫الساعات‬ ‫مثل جزازة عشب تقتلع عشب النسيان‬ ‫كلما نما في ذاكرتي !‬ ‫تقلب الريح دفتري‬ ‫الذي مألته ب خطوط اقنعت نفسي مرارا‬ ‫(قد يخرج من بينها خط يشبه خطك) ‪...‬‬ ‫مرت خمسون ثانية اخرى!‬ ‫ال صبح وال عناق !‬ ‫يحترق صدري بلهيب سيجارة‬ ‫الشوق القابع في قلبي !‬ ‫االجراس تدق‬ ‫والريح تطرق نافذتي ‪...‬‬ ‫اهي منبه اشراق الشمس‪,‬‬ ‫ابعثر ستار غرفتي‬ ‫مازال هذا الليل العبثي منتشرا‬ ‫كجنود مكلفين بمنع عودة النهار‬

‫‪84‬‬


‫كل الحروف تحمل ميم اسمك‬ ‫وانا المتيمة ‪ ,‬المنفية العشق ‪,‬‬ ‫والمريضة بك يااا وطن‬ ‫المحمومة الحب ‪,‬‬ ‫والمحتقنة بالبكاء شوقا‬ ‫كلها ميم المحب المجرب لكأس الهيام ‪..‬‬ ‫مازال هذا النبع ممتلئا ‪,‬‬ ‫َ‬ ‫ثملت ؟!‬ ‫فبأي كأس‬ ‫في ساحة العشق ‪,‬‬ ‫تبعثر الريح أوتار العازفين ‪,‬‬ ‫كما يتبعثر صوتك في قلبي‬ ‫واقفة فوق الميم ‪,‬‬ ‫انظر نحو الحرف التالي من اسمك ‪,‬‬ ‫فيبدو لي القبر اقرب من الوصف ‪,‬‬ ‫يكفيني هذا الثرى من الوطن‬ ‫ويكفي الباقي خيالي وعشقي واندثار شوقي‬ ‫نهر الحروف مازال فائضا ‪,‬‬ ‫معتصرا فيه كل هذا الغياب !‬ ‫فباهلل قل لي ان لم نلتقي اال خياال ‪...‬‬ ‫فكيف بعشقك وقعت ؟‬ ‫جار رطب ‪:‬‬ ‫اصافح يد الموت ‪,‬‬ ‫يقبل جبيني ويمضي‬

‫‪85‬‬


‫وما زلت اشرب نخب البؤس‬ ‫فوق قبر لم اجربه بعد !‬ ‫متعبة ‪,‬‬ ‫منذ تسلل الفرح خارجا من ملجأ االيتام‬ ‫وسط اضلعي ‪,‬‬ ‫تلك التي تكسرت حين‬ ‫ركضت نحو الموت النجو من الموت !‬ ‫لست بخير ! وهذا وال أحد يكترث ‪...‬‬ ‫أجمع الحجارة كسرير يأويني‬ ‫اتكئ على جدار ثيابه رطبة ‪,‬‬ ‫طوال الليل بكت الغيوم شوقا لظل وطن‬ ‫لم انم منذ تاهت بوصلتي تحت اقدام الجنود !‬ ‫فكرت مطوال ان استقيل من العالم ‪,‬‬ ‫يسجل اسمي في مخافر الشرطة ‪,‬‬ ‫فلن‬ ‫َ‬ ‫أو تعلق صورتي على أعمدة الكهرباء‬ ‫وجدران المدارس وأبواب الجوامع بحثا عن مفقود !‬ ‫لن أخذ سطرا واحدا في صحيفة المفقودين ‪..‬‬ ‫وسيبقى صندوق البريد خاويا من عطر رسالتك ‪...‬‬ ‫اتكئ وتبدأ ذاكرتي بالنزيف‬ ‫وتتساقط االمنيات التي أجهضتها الحرب واإلبادة !‬ ‫اغدو كعابر وطن يستند على جدار سكنته رطوبة المعارك ‪..‬‬ ‫أو كانفجار عابر‬ ‫في واقع مصاب بالزهايمر‬

‫‪86‬‬


‫ّ‬ ‫طيارة من أوراق االجنيل‬ ‫جميل الجميل‬ ‫ننخل أجسادنا في طرق ضيقة‬ ‫مثلما تعلمت السماء منا‬ ‫أن تفتح مزاريبها وتبللنا لنستيقظ!‬ ‫***‬ ‫نحن قبور يشدونا في األرض لئال نقوم‬ ‫ويرشون علينا ماء مقدسا‬ ‫لئال نعطش لبيوتاتنا وأهلنا‬ ‫لئال نشرب من دموع أمهاتنا‬ ‫وهن يخبزن أفكارهن‬ ‫وهن يرجعن أيامنا أللف وتسعمائة حياكة الشهداء‬ ‫وهن يسلقن الحنطة بنار يحرقنا‬ ‫ويطبخن القمح المسلوق بقدور مسخمة‬ ‫تدمعن عيونهن‬ ‫فنشرب أمهاتنا لننبت في قبورنا!‬ ‫***‬ ‫نجمع تراب رؤوسنا ونعجنه بالدم العراقي‬ ‫ونكتب على تنور جيراننا (طيث)‬ ‫ننسج وجوه األنبياء‬ ‫على وساداتنا وستائرنا لنحميهم‬ ‫لهذا صمت العالم‬

‫‪87‬‬


‫ندخل ألسنتنا في خرز أطفالنا‬ ‫كي ال ينسوا طريقنا‬ ‫ونطرق مرايانا بأضالعنا ورؤوسنا‬ ‫لتفتح الحك ومة حدائق لنا‬ ‫***‬ ‫جداتنا يحبلن في بطونهن اشجارا ويلدن طعاما ليطعمن العالم‬ ‫وأجدادنا بفتحون حلوق األرض ويطعمونها ونحن جياع‬ ‫فصرنا شهداء في أرحام أمهاتنا‬ ‫ننتظر تشيعنا لتمشي الهوينى في جنازة المدينة‬ ‫***‬ ‫وأنا جالس في مهد أخي‬ ‫ألتذكر الطغاة‬ ‫ألصقت أوراق اإلنجيل مع بعضها‬ ‫بريقي المليء بطعم الثوم‬ ‫بنيت ذيل الطيارة من عظامنا‬ ‫طارت الطيارة حاملة أوجاعنا وعراقنا‬ ‫أوقعها الرب‬ ‫بعد أن نهضت من مهد أخي‬ ‫ألصقت سنحاريب وايشوع وشمة وبحو وگورگيس وعادل وميخائيل‬ ‫وزريفة وببي وخيا وباهي ونينوى والمالئكة ورجال الدين والجواهري‬ ‫والشمامسة واألديرة ومكتبة جدي عجنتهم مع بعضهم فصاروا ذيال طويال‬ ‫وألصقت الموصل وحدها في رأس الطيارة بالخيط الذي أعدموا العراقيين‬

‫‪88‬‬


‫منذ ذلك الحين‬ ‫هي تطير وأنا أكبر‬ ‫أنا أطير وهي تكبر‬ ‫هي تطير وتقصفنا فأموت أنا‬

‫‪89‬‬


‫مسك اخلتام‬ ‫خط أمحر !‬ ‫حاتم الطلياني‬ ‫الشيء الملفت للنظر أن الخط األحمر قد شغل حيزا مهما من ثقافة ما بعد‬ ‫اإلحتالل اي ما بعد اإلحتالل األميركي للعراق في عام ‪. 2003‬‬ ‫كل شيء اصبح خطا أحمر يمنع الكالم فيه منعا باتا وحتى وصل األمر الى‬ ‫أن مجرد اإلشارة اليه يعتبر بمثابة التجديف على هللا ! وحتى هللا سبحانه لم‬ ‫يجعل خطا احمر ألي شيء او على اي احد فهو سبحانه لم يقل عندما امر‬ ‫المالئكة بالسجود آلدم أن آدم والسجود له خطا احمر فما بالنا نحن البشر‬ ‫نضع الخطوط الحمر على اي شيء ولال شيء ‪.‬‬ ‫عندما تريد ان تتكلم في الدين يقال لك الدين خط احمر واذا ما اردت التكلم‬ ‫في السياسة يقال لك السياسة خط احمر وان الحيطان لها آذان والطامة الكبرى‬ ‫اذا قمت بتوجيه االنتقاد لوزير او نائب محسوب على اي جهة كانت فعندئذ‬ ‫تقوم الدنيا وال تقعد لمجرد انك تجاوزت احد الخطوط الحمر للحزب الفالني‬ ‫او التجمع العالني !‬ ‫ولم يقتصر الخط األحمر على األحزاب والكتل البرلمانية بل انه امتد ليشمل‬ ‫حتى العشائر والقبائل العربية والكردية والتركمانية حيث انه اصبح لكل‬ ‫عشيرة او قبيلة او فخذ او رهط خطا احمر يعاقب بالويل والثبور كل من‬ ‫تسول له نفسه مجرد تجاوزه او تخطيه ‪.‬‬ ‫وال يحسب البعض ان الخط االحمر مسألة مستحدثة حيث ان المتتبع الحذق‬ ‫لألحداث التاريخية يمكنه ان يستشف من استقرائه الواعي ان الخط االحمر‬ ‫كان موجودا منذ القدم وحتى في القرآن الكريم هناك اشارة لذلك على لسان‬ ‫قوم النبي شعيب الذين قالوا لنبيهم ( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول‬ ‫وإنا لنراك فينا ضعيفا ولوال رهطك لرجمناك وما انت علينا بعزيز ) وحتى‬ ‫في السيرة النبوية قال ابو طالب عم النبي محمد عليه الصالة والسالم لمشركي‬ ‫قريش الذين راموا الحاق األذى به ان محمدا خطا احمر !‬ ‫متى يحين الوقت الذي نتخلص فيه من الخطوط الحمراء المتمثلة بالقبيلة‬ ‫والعشيرة والحزب والكتلة فقد اصبحت هذه المسميات سدا منيعا يقف حائال‬

‫‪90‬‬


‫دون محاسبة اي فاسد او مفسد الى درجة اصبح معها القانون عاجزا امام هذه‬ ‫المسميات والتسميات ‪ .‬حتى ان شعيبا النبي قال لقومه ( أرهطي أعز عليكم‬ ‫من هللا واتخذتموه ورائكم ظهريا ) ‪ ...‬يجب ان ال يكون الرهط متمثال‬ ‫بالعشيرة او القبيلة او الحزب او الكتلة البرلمانية أعز واقوى من القانون وال‬ ‫ينبغي ألي منها أن تتخذ من فالنا او عالنا مهما كان منصبه او منزلته خطا‬ ‫احمر فالكل سواسية امام القانون ‪.‬‬ ‫عرفنا ان هللا سبحانه وانبيائه ورسله خطا احمر ولكن ان يكون كل من هب‬ ‫ودب وامتدت يده الى المال العام وعاث في االرض فسادا خطا احمر ال يجوز‬ ‫المساس به ال من قريب وال من بعيد فهذا مما ال يمكن السكوت عليه بأي حال‬ ‫من االحوال ‪.‬‬ ‫والشيء المثير لإلمتعاض ان سيادة النائب في البرلمان العراقي لم يعد يكتفي‬ ‫بحصانته الدبلوماسية وال حتى بدعم كتلته البرلمانية وانما اخذ يحشد دعم‬ ‫عشيرته وابناء عمومته او طائفته او مذهبه الذين اخذوا يشكلون سدا منيعا‬ ‫ومالذا آمنا له ولمن على شاكلته !‬ ‫تريد أن تحاسب مسؤوال شيعيا فاسدا تقول لك كتلته فالن خطا احمر ! وعندما‬ ‫تريد محاسبة مسؤوال سنيا مفسدا تنبري لك كتلته لتقول لك عالن خطا احمر‬ ‫وعندما تروم تقديم مسؤول كردي للقضاء يقول لك ابناء جلدته انك شوفيني‬ ‫وان مجرد ذكر اسمه خط احمر ! الكل في العراق عندهم خطوط حمر‬ ‫والوحيد الذي ليس له خط احمر هو " الفقير " !‬ ‫متى ينبغي علينا أن نضع في اعتبارنا ان ال شيء اعلى من القانون وان ليس‬ ‫هناك خط احمر على اي كان ؟‬ ‫لم تعد الدول تبنى بالخطوط الحمر ولو استمر الحال على ما هو عليه فاقرءوا‬ ‫على العراق السالم !‬

‫‪91‬‬


Magazine Rose du baron Culturel Leterature Artestique ‫الوووو‬

tzozo000@gmail.com ‫ألرسال النصوص البريد االلكتروني‬ 92 /https://magazineflowerbaron.wordpress.com ‫موقع الويب للمجلة‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.