مجلة زهرة البارون عدد 49

Page 1

‫عدد ‪49‬‬

‫‪2018‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫البارون األخري‬ ‫حممود صالح الدين‬

‫ليلى العطار‬ ‫فنانة تشكيلية عراقية‬ ‫خلف الساعدي‬ ‫رواء‬ ‫‪1‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬

‫جملة زهرة البارون‬ ‫للنشر االلكتروني‬

‫رئيس التحرير‬

‫موصل‬

‫البارون األخير‬ ‫محمود صالح الدين‬ ‫سكرتير التحرير‬ ‫زهرة محمد‬ ‫الجزائر‬ ‫اهليئة االستشارية للمجلة‬ ‫د‪ .‬إبراهيم العالف‬ ‫العراق‬

‫د‪ .‬عبد الستار البدراني‬ ‫العراق‬

‫د‪ .‬احمد ميسر‬

‫د‪ .‬احمد جارهللا‬

‫العراق‬

‫العراق‬

‫د‪ .‬أحالم غانم‬ ‫سوريا‬ ‫د‪ .‬فارس تركي‬ ‫العراق‬

‫احملررون‬ ‫احمد محمد عيسى ‪ /‬مصر‬

‫هادية قصبة فرحات ‪/‬الجزائر‬

‫شريف العرفاوي ‪/‬تونس‬

‫رواء خلف السوداني ‪ /‬العراق‬

‫رسل الساعدي ‪ /‬العراق‬

‫نرجس عمران ‪ /‬سوريا‬ ‫عبد الرسول الكعبي ‪ /‬عراق‬ ‫‪2‬‬


‫عدد ‪49‬‬

‫املحتويات‬ ‫املقال االفتتاحي ‪5..............................................................................................................‬‬

‫قراءات‬ ‫توفيق السمعاني ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم العالف‪7...........................................................................‬‬ ‫العرب وغياب مشروع ‪ /‬د‪ .‬فارس تركي محمود ‪9...........................................................‬‬ ‫املوت في أبراج مشيدة ‪ /‬عبد الرزاق احمد الشاعر ‪20.................................................‬‬ ‫للشاعر الفيلسوف علي رضا ‪ /‬د‪ .‬أحالم غانم ‪23...........................................................‬‬ ‫سيناريو أمريكا مستمر ‪ /‬عبد الرسول الكعبي ‪30...........................................................‬‬

‫أدب ساخر‬ ‫اصلع ‪ /‬حسام الطحان ‪32...........................................................................................‬‬ ‫راديون ‪ /‬د‪ .‬احمد جارهللا ‪33...........................................................................................‬‬

‫شعر‬ ‫الهمس والسكين ‪ /‬د‪ .‬عبد الستار البدراني ‪34................................................................‬‬ ‫مواسم القمح ‪ /‬روعة محمد وليد عبارة ‪35...................................................................‬‬ ‫هناك في املقبرة ‪ /‬شذى االقحوان املعلم ‪37...................................................................‬‬ ‫كتاب الذكريات ‪ /‬د‪ .‬حسام عبد الفتاح ‪38....................................................................‬‬ ‫سلطنة الشعر ‪ /‬حسين يحيى املداني ‪40.........................................................................‬‬ ‫رهام السالم ‪ /‬نرجس عمران ‪42......................................................................................‬‬ ‫غمر ‪ ...‬زجل ‪ /‬طارق فايز العجاوي ‪42.............................................................................‬‬

‫‪3‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫عالم املرأة‬ ‫عالم املرأة ‪ /‬زهرة محمد ‪43.............................................................................................‬‬ ‫ليلى العطار ‪ /‬رواء خلف السوداني ‪44............................................................................‬‬

‫أقالم شابه‬ ‫حب زماني مسلسل صيني ‪ /‬رباج بسمة ‪49....................................................................‬‬ ‫وصية شهيد ‪ /‬امجد الناصري ‪50....................................................................................‬‬ ‫هو ليس لي ‪ /‬زينب الشيخلي ‪51.......................................................................................‬‬ ‫اتكيت الذات ‪ /‬اسراء جعفر ‪52.......................................................................................‬‬

‫مسك الختام‬ ‫فساد قمة الهرم ‪ /‬قاسم الغراوي ‪53..............................................................................‬‬

‫‪4‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫مقال افتتاحي‬

‫عدد ‪49‬‬

‫هام جدا ‪ /‬شخصيات عرفتها‬ ‫حتت عنوان‬ ‫شخصيات تافها ال ميكن االستغناء عنها‬ ‫بقلم البارون األخير ‪ /‬محمود صالح الدين‬ ‫في العمل في الزقاق في الشارع بين األصدقاء والزمالء تجد بعض‬ ‫الشخصيات التافها التي ال يمكن االستغناء عنها وسوف نتناول بعض الصفات‬ ‫لتلك الشخصيات ومن اهم الصفات التي نحن بصدد الحديث عنه شخصية‬ ‫التبعية أي ال راي له سوى ان يردد ما يسمعه من الناس الذين هم حوله وهذه‬ ‫تعد من اقوى الحاالت في تتففيه الذات وهم كثر بالمجتمع العربي حيث يكون‬ ‫ذلك الفرد أداة هدم للشخصيات الطموحة نحو االحسن وهذه الشريحة من‬ ‫المجتمع تعاني بحقيقة االمر من االزدواجية في الشخصية وليس هذا فحسب‬ ‫ولكن يعاني من اضطرابات نفسية في عدم الثقة ويكتسب من هذا الصفة‬ ‫العدوانية لداعات التغير حب التقسيط ألي طرف يحول تصحيح مساراته‬ ‫السابقة وليس هناك بشر على سطح األرض ال يخطأ ولكن بوجود تلك‬ ‫الشخصيات التي تمرست على ذكر أخطاء الغير هو وسيلة لدفاع عن نفسه‬ ‫الن بحقيقة االمر يعاني هو من عقدة الفشل فيكون التعويض في انتقاد‬ ‫االخرين الن فشله اوصله لحالة من الالوعي في عدم القدرة حتى على‬ ‫ارتكاب الخطأ الذي هو بصدد انتقاده وهي حالة عامة اما طريقة عالج تلك‬ ‫الشخصية فلألسف ليس هناك عالج غير تجاهل تلك الشخصية ألنها وصلت‬ ‫لدرجات الصعبة من التفاها مهم كان حجم اإلساءة الن الرد على تلك‬ ‫الشخصية سيعزز فيه روح االنتصار لها وهي بالحقيقة انتصار للمرض الذي‬ ‫يعاني منه ‪ ،‬اما الشخصية الثانية هي دعاة الكراهية في المجتمع وهذه أيضا‬ ‫من االمراض المستعصية في المجتمع وقد برزت بعض الظواهر التي تدل‬ ‫على وجود تلك الشخصيات في مجتمعنا منها عندما كنا نسمع عن شخص‬ ‫قتل قبل فترة احتالل داعش للمدينة نرى احد األشخاص نطق بكلمات بقانون‬ ‫االخالق اإلنسانية جريمة مفادها ( يتساهل ما حصل له ) وعندها وجهت‬ ‫سؤال له هل تعرف ذلك الشخص قال ال وهنا جن جنوني كيف لهذا الشخص‬

‫‪5‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫بقول كالم كارثي مثل هذا وعدت بسؤاله كيف عرفت هذا اذا قال ( االمر‬ ‫ترى عادي) وهنا تبرز تلك الشخصيات التي اقل ما يقال عنها تافه ‪،‬‬ ‫وشخصية أخرى هي أصحاب القلوب القذرة وهؤالء هم األخطر على‬ ‫المجتمع ومن صفاتهم تفسير كل تصرف امامهم على ما يحمل قلوبهم من‬ ‫مبدأ القذارة وسوف اذكر حاالت منها بعض النساء في مجتمعنا العربي‬ ‫بالتحديد ال غير والمجتمعات المنصهرة فيها يخرج الرجل في الصباح يلتقي‬ ‫في احد النساء فيرمي عليه السالم فتكون هنا الكارثة وهذه حقيقة ملموسة ال‬ ‫مبالغ فيه ولو بحرف ‪ ،‬تقوم تلك المرأة في البناء على كلمات معدودة مصايب‬ ‫كما يقال في العامية وهنا يأتي من عدم ثقة المرأة في ذاته وتنمية الشعور ان‬ ‫العالم غابة يحلو لكل شخص فعل ما يشاء وهنا تقوم في الدفاع عن نفسه‬ ‫بطريقة هجومية من خالل تأليف الحكايات والقصص والمصيبة في مجتمعنا‬ ‫ان المرأة مهم قالت في هذا الموضوع صادقة حتى ولو كذبة وتعود تقول ان‬ ‫المجتمع ذكوري والحق يقال ان ال صحة لهذا القول بالمرة وهذا المرض هو‬ ‫من أسباب العائلة في عدم زرع الثقة بين الذات والمجتمع وتصوير ان‬ ‫المجتمع ال قانون له والحالة األخيرة التي نحن بصدد الحديث عنها وبحق‬ ‫بحثت لهم عن تسمية لم اجد في كل قواميس علم النفس لهم تسمية ولكن سوف‬ ‫اذكر بض صفاتهم ومن اهم تلك الصفات ابراز ما ليس لهم فيه والغريب انهم‬ ‫ينكرون على انفسهم ما يرغبون به واالمر واضح من تصرفاتهم حيث يردد‬ ‫انه ال يرغب في شيء معين وهو يفعله في غير موضع واالمر ذاته ال يختلف‬ ‫شعره وهذه أيضا تدخل من باب االزدواجية في الشخصية وتلك الشخصيات‬ ‫تعد أصولية وهي من الشخصيات التي تصل لمناصب في الدوائر الحكومية‬ ‫في مجتمعنا وعند تولي المنصب يقوم في بناء له برج عاجي وهمني يقنع به‬ ‫ذاته ان الحلم تحقق ولكن نسى ان النجاح عطاء متواصل ويكفي قول ان من‬ ‫السهل جدا الوصول للقمة لكن الصعوبة في المحافظة على القمة ‪ .‬ولهذا يكون‬ ‫أكملت عرض بعض الشخصيات التافه التي في مجتمعنا وليس هناك مهرب‬ ‫من التعامل معهم ‪....................‬‬ ‫وهللا ولي التوفيق‬

‫‪6‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫قراءات‬

‫عدد ‪49‬‬

‫توفيق السمعاني وجريدة الزمان ‪1963-1937‬‬ ‫ا‪.‬د‪ .‬ابراهيم خليل العالف‬ ‫استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل‬ ‫لعل من أبرز المظاهر التي ميزت العمل‬ ‫الصحفي في العراق ‪ ،‬أن الكثير من‬ ‫الصحفيين الرواد األوائل كانوا من‬ ‫الموصل‪ ،‬وقد غادروا الموصل إلى بغداد‬ ‫ليؤسسوا صحفا صار لها سمعتها‬ ‫الواسعة في عالم الصحافة العراقية والعربية ‪،‬ويمكن اإلشارة في هذا الصدد‬ ‫إلى داؤود صليوه صاحب جريدة صدى بابل ‪ ، 1910‬وبولينا حسون صاحبة‬ ‫مجلة ليلى ‪ ، 1923‬وسليم حسون صاحب جريدة العالم العربي ‪، 1924‬‬ ‫وروفائيل بطي صاحب جريدة البالد ‪، 1929‬وتوفيق السمعاني صاحب‬ ‫جريدة الزمان‪. 1937‬‬ ‫توفيق بهنام يونان السمعاني من مواليد ناحية بعشيقة بالموصل سنة ‪، 1900‬‬ ‫تلقى علومه األولى في مدرسة دينية تابعة ألحد األديرة ثم ذهب إلى بغداد‬ ‫سنة ‪، 1922‬ودرس في إحدى المدارس األهلية‪ ،‬ثم دخل في كلية الحقوق‬ ‫وبقى فيها لمدة سنتين وتركها ليتجه نحو الصحافة والعمل السياسي حيث‬ ‫رشح عن الموصل وانتخب أكثر من مرة نائبا في البرلمان العراقي‬ ‫(الدورة االنتخابية الثالثة عشرة‬ ‫‪ 24‬كانون الثاني ‪ 28- 1953‬نيسان ‪) 1954‬و(الدورة االنتخابية الرابعة‬ ‫عشرة ‪ 9‬حزيران ‪ 3- 1954‬آب ‪) 1954‬و(الدورة االنتخابية الخامسة عشرة‬ ‫‪ 16‬أيلول ‪ 27- 1954‬آذار ‪( ) 1958‬الدورة االنتخابية السادسة عشرة ‪10‬‬ ‫أيار ‪ 9- 1958‬حزيران ‪ ،) 1958‬وقد عرف بالبراعة في العمل السياسي‪.‬‬ ‫وفي الصحافة أجاد في كتابة االفتتاحيات التي تميزت بالرصانة واالعتدال ‪،‬‬ ‫وفي عام ‪1923‬م أسهم في إصدار مجلة (الزنبقة)‪ ،‬والتحق بجريدة (البالد)‬ ‫لصاحبها روفائيل بطي ليعمل فيها محررا لسنوات عدة وحتى عام ‪1930‬م‬

‫‪7‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫‪ .‬أصبح في سنة ‪ 1931‬مدير التحرير المسؤول في جريدة (صدى العهد)‬ ‫‪،‬ولما احتجبت تولى إصدار جريدة (الطريق) ‪ 1933‬ومن ثم جريدة‬ ‫(النداء)‪ ، 1936‬وتنقل السمعاني بين صحف عديدة ولسنوات طويلة حتى‬ ‫أسس عام ‪1937‬م جريدة (الزمان) وكانت كما جاء في ترويستها جريدة‬ ‫يومية سياسية صاحبها توفيق السمعاني‪ ،‬ورئيس تحريرها محمود نديم‬ ‫إسماعيل ليستمر في إصدارها ألكثر من عقدين وقد توقفت عن الصدور في‬ ‫شباط ‪ 1963‬وعدت هذه الجريدة من الصحف السياسية العراقية الكبيرة‬ ‫والطويلة العمر ‪ ،‬حتى أنها كانت –بحق ‪-‬مصدرا لألخبار وللحوادث‬ ‫ولجلسات البرلمان العراقي وخاصة في االربعينيات والخمسينات من القرن‬ ‫الماضي‪،‬مما جعلها تعد مصدرا من مصادر دراسة تاريخ العراق المعاصر‬ ‫)الصورة المرفقة تظهر الملك األسبق للعراق فيصل الثاني ‪1958-1954‬‬ ‫يقرأ جريدة الزمان وهي صورة تاريخية نادرة ) ‪.‬‬ ‫انتخب السمعاني نائبا لنقيب الصحفيين العراقيين لدورتين متتاليتين‬ ‫‪،‬وللسنوات من (‪1961‬م ‪1963-‬م)‪،‬وفي سنة ‪ 1982‬توفي في بغداد عن‬ ‫عمر ناهز ال‪ 82‬عاما ودفن هناك ‪ ،‬وقمين بنا أن نذكره على الرغم من أن‬ ‫لنا على مسيرته الصحفية والنيابية الكثير من المالحظات‪ ،‬لكن الرجل اجتهد‬ ‫فنال جزاء اجتهاده الذكر منا ومن األجيال القادمة‪ ،‬خاصة وانه قد قدم خدمة‬ ‫كبيرة للعراق في ميداني الصحافة والسياسة ‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫العرب وغياب املشروع‬ ‫فارس تركي محمود‬

‫قد نفهم أن امة من‬ ‫األمم أو شعبا من‬ ‫الشعوب أو دولة من‬ ‫الدول تفشل في تنفيذ‬ ‫مشروعها السياسي‬ ‫أو االقتصادي أو‬ ‫االجتماعي الذي تبنته‬ ‫وعملت عليه لسنوات‬ ‫طوال ‪ ،‬وقد نفهم أن‬ ‫بعض الدول قد‬ ‫تصيب نجاحا جزئيا‬ ‫في تنفيذ مشروعها ‪،‬‬ ‫سنفهم‬ ‫وبالتأكيد‬ ‫ونتفهم النجاح الباهر‬ ‫الذي حققته دول‬ ‫أخرى في تنفيذ‬ ‫مشاريعها ‪ ،‬لكن ما‬ ‫يستعصي على الفهم‬ ‫ويحير األلباب هو‬

‫وجود دول من نوع‬ ‫مختلف تماما فهي لم‬ ‫تفشل في تحقيق‬ ‫مشاريعها ‪ ،‬ولم تنجح‬ ‫نجاحا جزئيا ‪ ،‬ولم‬ ‫تبهر احد بانجازاتها‬ ‫ألنها ببساطة ال‬ ‫تمتلك مشروعا أصال‬ ‫لكي تنجح أو تفشل ‪.‬‬ ‫فمنذ ما يزيد على‬ ‫الستين سنة أي منذ‬ ‫الحرب‬ ‫انتهاء‬ ‫العالمية الثانية وحتى‬ ‫يومنا هذا والدول‬ ‫العربية والشعوب‬ ‫العربية تحيا بدون‬ ‫مشروع ‪ ،‬تحالف‬ ‫مشروع‬ ‫بدون‬ ‫وتخاصم بدون‬

‫‪9‬‬

‫مشروع ‪ ،‬تنتصر‬ ‫بدون مشروع وتهزم‬ ‫بدون مشروع ‪ ،‬تثور‬ ‫بدون‬ ‫وتنتفض‬ ‫مشروع وتستكين‬ ‫بدون‬ ‫وتهادن‬ ‫مشروع ‪ ،‬تقاوم‬ ‫وتقاتل بدون مشروع‬ ‫تستسلم وتنكفئ بدون‬ ‫مشروع ‪ ،‬تعطي‬ ‫وتمنح بدون مشروع‬ ‫تشح وتمنع بدون‬ ‫مشروع ‪ ،‬تحلل‬ ‫وتنظّر‬ ‫وتناقش‬ ‫وتصرّح وتعلن وتذم‬ ‫وتشتم وتمدح و ‪. . .‬‬ ‫و ‪ . . .‬و ‪ . . .‬بدون‬ ‫مشروع ‪.‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫غياب‬ ‫إن‬ ‫هو‬ ‫المشروع‬ ‫الحاضر األبرز في‬ ‫حياتها ‪ ،‬بل أصبح‬ ‫هو المشروع بحد‬ ‫ذاته ‪ .‬فمنذ خمسينيات‬ ‫المنصرم‬ ‫القرن‬ ‫حصلت اغلب الدول‬ ‫العربية على ما‬ ‫يسمى باالستقالل‬ ‫التام سواء من خالل‬ ‫المعاهدات‬ ‫واالتفاقيات التي تم‬ ‫إبرامها مع الدول‬ ‫االستعمارية أو من‬ ‫خالل االنتفاضات‬ ‫والثورات الشعبية أو‬ ‫بواسطة االنقالبات‬ ‫العسكرية التي قادها‬ ‫العسكر والتي قضت‬ ‫على األنظمة الملكية‬ ‫بمواالة‬ ‫المتهمة‬ ‫الغرب االستعماري ‪.‬‬ ‫ومنذ ذلك اليوم وحتى‬ ‫اآلن دخلت المنطقة‬ ‫بشعوبها‬ ‫العربية‬ ‫ودولها ما يمكن‬ ‫بمرحلة‬ ‫تسميتها‬ ‫غياب المشروع ‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من كل‬ ‫ما قيل ويقال عن‬

‫السلبيات التي رافقت‬ ‫حكم األنظمة الملكية‬ ‫خالل النصف األول‬ ‫من القرن العشرين‬ ‫إال أن ما ال يمكن‬ ‫إنكاره أن هذه‬ ‫األنظمة كانت تملك‬ ‫وكانت‬ ‫مشروعا‬ ‫ماضية بتنفيذه ‪ ،‬نعم‬ ‫إن هذا التنفيذ كان يتم‬ ‫ببطء نوعا ما ‪ ،‬ونعم‬ ‫كان هناك بعض‬ ‫واإلجحاف‬ ‫الظلم‬ ‫الذي وقع على‬ ‫الطبقات الفقيرة ‪،‬‬ ‫ونعم كان هناك نوع‬ ‫االرتهان‬ ‫من‬ ‫السياسي‬ ‫واالقتصادي للقوى‬ ‫الكبرى آنذاك إال انه‬ ‫في النهاية كنا نمتلك‬ ‫بغض‬ ‫مشروعا‬ ‫النظر عن اتفاقنا أو‬ ‫اختالفنا معه أو عليه‬ ‫‪ ،‬أو حول وسائل‬ ‫واليات تنفيذه ‪ .‬وكان‬ ‫هذا المشروع واقعيا‬ ‫وقابل‬ ‫وعقالنيا‬ ‫مشروع‬ ‫للتطبيق‬ ‫غاياته‬ ‫يعرف‬ ‫ويعرف‬ ‫وأهدافه‬

‫‪10‬‬

‫والسبل‬ ‫الوسائل‬ ‫لتلك‬ ‫الموصلة‬ ‫األهداف والغايات ‪،‬‬ ‫فكره‬ ‫يترجم‬ ‫وطموحاته إلى خطط‬ ‫والى‬ ‫خمسية‬ ‫انجازات ومشاريع‬ ‫على ارض الواقع‬ ‫وكل ذلك ضمن إطار‬ ‫العقالنية‬ ‫من‬ ‫والواقعية البعيدة عن‬ ‫والهذيان‬ ‫التمني‬ ‫بالغيب‬ ‫والرجم‬ ‫وانتظار المعجزات ‪.‬‬ ‫وحتى السلبيات التي‬ ‫رافقت هذا المشروع‬ ‫كانت نتيجة لواقعيته‬ ‫وهل الواقع إال خليط‬ ‫من السلب واإليجاب‬ ‫‪ ،‬الخير والشر ‪،‬‬ ‫الحق والباطل ‪،‬‬ ‫واألبيض‬ ‫األسود‬ ‫وأي مشروع يتسم‬ ‫بالواقعية ال بد أن‬ ‫يحمل في طياته جزء‬ ‫من ذلك الخليط بحلوه‬ ‫ومره وهكذا يكون‬ ‫مشروعا واقعيا يمكن‬ ‫وليس‬ ‫تطبيقه‬ ‫مشروعا طوباويا‬ ‫وخياليا يدعي انه‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫الخير المحض وكل‬ ‫شيء غيره شر‬ ‫مطلق ‪ ،‬وان الحق‬ ‫كل الحق قد تمثل فيه‬ ‫والباطل كل الباطل‬ ‫فيما سواه ‪ ،‬وال‬ ‫يعرف من األلوان‬ ‫األسود‬ ‫سوى‬ ‫واألبيض ‪ ،‬والسياسة‬ ‫عنده صراخ وزعيق‬ ‫ووعد ووعيد ‪،‬‬ ‫ونظريته االقتصادية‬ ‫خليط من السذاجة‬ ‫واألماني الوردية‬ ‫وأحالم اليقظة التي ال‬ ‫تسمن وال تغني من‬ ‫جوع ‪.‬‬ ‫وعود على بدء‬ ‫من حقنا أن نتساءل‬ ‫ونسأل عن المشروع‬ ‫– أي مشروع كان –‬ ‫الذي تبنته الدول‬ ‫العربية مجتمعة أو‬ ‫منفردة خالل الستين‬ ‫سنة األخيرة ‪ ،‬ومن‬ ‫هذا‬ ‫ابتدأ‬ ‫أين‬ ‫وكيف‬ ‫المشروع‬ ‫انتهى أو إلى أين‬ ‫وصل ؟ وما هي‬ ‫أهدافه وغاياته وهل‬

‫فشل أم نجح ؟ وما‬ ‫هي حاضنته الفكرية‬ ‫والى أي شيء يستند‬ ‫وما هي األسس التي‬ ‫يقوم عليها ؟ واإلجابة‬ ‫على هذا السؤال‬ ‫ومحزنة‬ ‫مخجلة‬ ‫ومفجعة ألنها ببساطة‬ ‫‪ :‬ال شيء ‪ .‬نعم ستون‬ ‫عام من الالشيء ‪،‬‬ ‫ستون عام من اللغو‬ ‫والهذيان ‪ ،‬ستون عام‬ ‫من اللهو واللعب ‪،‬‬ ‫ستون عام من الفشل‬ ‫بامتياز ‪ .‬ستون عام‬ ‫وسياساتنا ورؤانا‬ ‫واستراتيجياتنا هي‬ ‫ردود أفعال وليست‬ ‫فعال ‪ ،‬استجابات‬ ‫وليست‬ ‫غريزية‬ ‫تجاوبا وتفاعال خالقا‬ ‫ومبدعا ‪ ،‬هستيريا‬ ‫جماعية وليست عمال‬ ‫منظما ‪ .‬ستون عام‬ ‫وحكوماتنا وأنظمتنا‬ ‫تتحفنا‬ ‫السياسية‬ ‫الرنانة‬ ‫بالخطب‬ ‫والشعارات الجوفاء‬ ‫بمشاريع‬ ‫وتعدنا‬ ‫خنفشارية‬ ‫تخيلية‬ ‫تصلح كمادة لشعر‬

‫‪11‬‬

‫الفخر والتباهي لكن‬ ‫بالتأكيد ال يمكن‬ ‫تحويلها إلى واقع‬ ‫بدء‬ ‫ملموس‬ ‫بالمشاريع الوحدوية‬ ‫والقومية والتحررية‬ ‫والتقدمية‬ ‫واالشتراكية وانتهاء‬ ‫بالمشاريع التنموية‬ ‫والخدمية ‪ ،‬وليس‬ ‫العيب في المشاريع‬ ‫بحد ذاتها بل العيب‬ ‫كل العيب في‬ ‫الطريقة االرتجالية‬ ‫غير المدروسة سواء‬ ‫في تبني واختيار هذه‬ ‫المشاريع أو في‬ ‫عملية تنفيذها ‪.‬‬ ‫فتعالوا لكي نحاول‬ ‫أن نستعرض ونناقش‬ ‫ونقيم هذه المشاريع ‪،‬‬ ‫ولنرى هل كان لها‬ ‫وجود فعلي على‬ ‫ارض الواقع أم إنها‬ ‫كانت ضربا من‬ ‫والهلوسة‬ ‫الخيال‬ ‫السمعية والبصرية ‪،‬‬ ‫بالمشرع‬ ‫ولنبدأ‬ ‫الوحدوي ‪.‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫فمع بداية عقد‬ ‫من‬ ‫الخمسينيات‬ ‫المنصرم‬ ‫القرن‬ ‫اكتشف العرب فجأة !‬ ‫أنهم امة واحدة‬ ‫بقواسم مشتركة مثل‬ ‫والدين‬ ‫اللغة‬ ‫واألرض الواحدة‬ ‫والتاريخ المشترك‬ ‫الواحد‬ ‫والمصير‬ ‫والعادات والتقاليد‬ ‫المشروع‬ ‫ليصبح‬ ‫الوحدوي القومي هو‬ ‫الترنيمة الوحيدة التي‬ ‫يرددها العرب من‬ ‫الشرق إلى الغرب‬ ‫ومن المحيط إلى‬ ‫الخليج ‪ ،‬وليصبح هو‬ ‫الدواء الناجع والبلسم‬ ‫الشافي لكل أوجاعنا‬ ‫وأمراضنا ومشاكلنا‬ ‫‪ ،‬فما علينا سوى أن‬ ‫نتوحد حتى تحل كل‬ ‫مشاكلنا ونصبح خير‬ ‫األمم وأسياد الناس ‪،‬‬ ‫وهو كالم صحيح إلى‬ ‫حد ما ولكن السؤال‬ ‫الذي فات العرب أن‬ ‫يسألوه ألنفسهم هو‬ ‫كيف نستطيع أن‬ ‫نتوحد وبأية وسيلة‬

‫ووفقا ألية رؤية ؟‬ ‫وما هو مخططنا‬ ‫وتكتيكنا للوصول‬ ‫إلى هذا الهدف‬ ‫؟‬ ‫االستراتيجي‬ ‫وكيف سنتغلب على‬ ‫التباينات‬ ‫واالختالفات‬ ‫االقتصادية والفكرية‬ ‫والسياسية‬ ‫واالجتماعية ؟ وما‬ ‫هو شكل الوحدة‬ ‫المنشودة وما هي‬ ‫مقوماتها ؟ وبدون‬ ‫اإلجابة على هذه‬ ‫وبشكل‬ ‫األسئلة‬ ‫تفصيلي ومنطقي‬ ‫ومقنع يصبح الحديث‬ ‫عن أي مشروع من‬ ‫أي نوع كان ضرب‬ ‫الهذيان‬ ‫من‬ ‫والخرافات ‪ .‬إال أن‬ ‫شعوبا‬ ‫العرب‬ ‫وحكومات ولألسف‬ ‫الشديد لم تجب على‬ ‫هذه األسئلة ومع ذلك‬ ‫استمروا بالحديث‬ ‫مشروعهم‬ ‫عن‬ ‫الوحدوي والتغني به‬ ‫‪ .‬فإذا ما سالت عن‬ ‫ووسائل‬ ‫آليات‬

‫‪12‬‬

‫المشروع أجابوك‬ ‫ببالد العرب أوطاني‬ ‫من بغداد لتطوان إذا‬ ‫فما حاجتنا لآلليات‬ ‫والوسائل ؟ ! ‪ ،‬وإذا‬ ‫ما راودتك نفسك‬ ‫تبين‬ ‫وحاولت‬ ‫واستكشاف‬ ‫الخطوات التكتيكية‬ ‫والنواحي‬ ‫اإلستراتيجية‬ ‫لمشروع كهذا جاءك‬ ‫الجواب بـ ‪ :‬سأحمل‬ ‫روحي فوق راحتي‬ ‫والقي بها في مهاوي‬ ‫الردى ‪ -‬وال اعرف‬ ‫هل هذه إستراتيجية‬ ‫أم تكتيك ‪ ، -‬وإذا ما‬ ‫أغواك الشيطان !‬ ‫معرفة‬ ‫وأردت‬ ‫وتقييم‬ ‫وفحص‬ ‫األسس والمقومات‬ ‫التي سيرتكز عليها‬ ‫المشروع قرؤا لك‬ ‫معلقة عمرو بن‬ ‫كلثوم كلها ‪ .‬وهكذا‬ ‫تجد نفسك وكأنك في‬ ‫سوق عكاظ ولست‬ ‫بصدد مشروع ناضج‬ ‫ومتكامل وواقعي‬ ‫وقابل للتنفيذ ‪ ،‬وال‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫عجب فنحن العرب‬ ‫من امهر األمم في‬ ‫تحويل كل شيء إلى‬ ‫شعر ورجز وغناء ‪.‬‬ ‫نعم إن المشاريع‬ ‫الوحدوية مشاريع‬ ‫عظيمة ومفيدة وتعد‬ ‫واحدة من أهم وسائل‬ ‫نهضة وتقدم األمم‬ ‫جميعا‬ ‫والشعوب‬ ‫وليس العرب فحسب‬ ‫‪ ،‬والتجربة األوربية‬ ‫النموذج األبرز في‬ ‫هذا المجال حيث‬ ‫نجحت نجاحا باهرا‬ ‫على الرغم من عدم‬ ‫الدول‬ ‫امتالك‬ ‫القواسم‬ ‫األوربية‬ ‫التي‬ ‫المشتركة‬ ‫تمتلكها الدول العربية‬ ‫ألنها تعاملت مع‬ ‫مشروعها الوحدوي‬ ‫عقالني‬ ‫بشكل‬ ‫ومدروس ومخطط‬ ‫ونحن جعلناه مجاال‬ ‫والحماسة‬ ‫للفخر‬ ‫القصائد‪،‬‬ ‫وإلقاء‬ ‫معه‬ ‫وتعاملنا‬ ‫بسطحية ‪ ،‬ولم نجهد‬ ‫ونجتهد ولم نعمل ولم‬

‫نوظف عرقا وفكرا‬ ‫وعقال من اجل‬ ‫إنجاحه‪ ،‬بل بقينا‬ ‫نحلل وننظّر حول‬ ‫القواسم المشتركة‬ ‫التي تجمعنا ونتغنى‬ ‫بها ‪ .‬وهذه القواسم‬ ‫هي موجودة بالفعل‬ ‫لكنها بحد ذاتها ال‬ ‫تؤدي إلى قيام وحدة‬ ‫وهي ليست شرا أو‬ ‫خيرا بحد ذاتها ‪ ،‬فهي‬ ‫يمكن أن تكون عامال‬ ‫من عوامل الوحدة أو‬ ‫سببا من أسباب‬ ‫الفرقة بحسب طريقة‬ ‫استخدامها وتوظيفها‬ ‫‪ .‬فاللغة المشتركة‬ ‫مثال تعد عامال مهما‬ ‫وعنصرا فعاال في‬ ‫الوحدة‬ ‫مشروع‬ ‫العربية إذا ما‬ ‫بشكل‬ ‫استخدمت‬ ‫ووظفت‬ ‫صحيح‬ ‫بشكل عقالني ‪ ،‬لكنها‬ ‫من الناحية األخرى‬ ‫وإذا ما أسيء‬ ‫استخدامها يمكن أن‬ ‫تؤدي إلى زيادة‬ ‫الفرقة والكراهية بين‬ ‫الدول العربية ‪ ،‬فكما‬

‫‪13‬‬

‫أن اللغة المشتركة‬ ‫تسهل التفاهم بين‬ ‫المتكلمين بها لكنها‬ ‫أيضا تسهل عليهم‬ ‫شتم بعضهم بعضا‬ ‫وسب بعضهم بعضا‬ ‫وذم بعضهم بعضا‬ ‫والتجسس والتآمر‬ ‫على بعضهم بعضا‬ ‫وهذا ما حدث سابقا‬ ‫ويحدث اليوم‪ ،‬حيث‬ ‫مكنتنا اللغة المشتركة‬ ‫من أن نشتم بعضنا‬ ‫بعضا من المحيط إلى‬ ‫الخليج ! ‪ .‬وينطبق‬ ‫األمر ذاته على قاسم‬ ‫مشترك آخر بين‬ ‫العرب وهو وحدة‬ ‫األرض وعدم وجود‬ ‫موانع أو حواجز‬ ‫طبيعية ‪ ،‬وهو من أهم‬ ‫عوامل الوحدة إال انه‬ ‫في الوقت ذاته يسهل‬ ‫على الدول العربية‬ ‫أن تغزو بعضها‬ ‫بعضا وتتدخل في‬ ‫شؤون بعضها بعضا‬ ‫وهذا ما حدث سابقا‬ ‫وقد يحدث الحقا !‬ ‫وكذلك فيما يخص‬ ‫التاريخ المشترك ففيه‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ما يجمع ويوحد وفيه‬ ‫ما يفرق ويشرذم ‪،‬‬ ‫العبرة بما سنختاره‬ ‫ونركز عليه من هذا‬ ‫التاريخ ‪ ،‬ونحن إلى‬ ‫اآلن ال نختار سوى‬ ‫ما يشرذم ويزرع‬ ‫الضغائن واألحقاد ‪.‬‬ ‫وينطبق القول ذاته‬ ‫على بقية قواسمنا‬ ‫المشتركة فهي توحد‬ ‫أحسنا‬ ‫ما‬ ‫إذا‬ ‫استخدامها وتؤدي‬ ‫إلى الهاوية إذا ما‬ ‫أسئنا استخدامها ‪.‬‬ ‫ونحن قد أسئنا‬ ‫استخدامها لذلك فقد‬ ‫فشلت كل تجاربنا‬ ‫وطروحاتنا الوحدوية‬ ‫مثل الوحدة المصرية‬ ‫‪،‬‬ ‫السورية‬ ‫–‬ ‫الوحدة‬ ‫ومشروع‬ ‫الثالثية ‪ ،‬ومشروع‬ ‫العراقية‬ ‫الوحدة‬ ‫السورية وغيرها من‬ ‫تجارب ‪ .‬بل بتنا‬ ‫نخشى على ما بأيدينا‬ ‫من الفرقة والتقسيم‬ ‫المثل‬ ‫وليس‬ ‫السوداني عنا ببعيد ‪.‬‬

‫المشروع‬ ‫أما‬ ‫التحرري فهو لغز‬ ‫من األلغاز ويصلح‬ ‫أن يكون واحدا من‬ ‫أكثر أحاجي التاريخ‬ ‫غموضا وإبهاما ‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من أن‬ ‫غالبية الحكومات‬ ‫واألنظمة السياسية‬ ‫التي وصلت إلى‬ ‫السلطة – سواء من‬ ‫االنقالبات‬ ‫خالل‬ ‫أو‬ ‫العسكرية‬ ‫المؤامرات‬ ‫أو‬ ‫والدسائس‬ ‫االضطرابات‬ ‫واالنتفاضات الشعبية‬ ‫ في بالدنا المنكوبة‬‫خالل النصف الثاني‬ ‫من القرن العشرين‬ ‫ادعت أنها جاءت من‬ ‫اجل تحرير البالد‬ ‫والعباد من االستعمار‬ ‫واالحتالل األجنبي ‪،‬‬ ‫واستكمال السيادة‬ ‫الناقصة ‪ ،‬وتطهير‬ ‫األرض العربية من‬ ‫األجنبي‬ ‫الوجود‬ ‫وغيرها من حجج‬ ‫اتخذت‬ ‫ومقوالت‬ ‫لشرعنة‬ ‫كذريعة‬

‫‪14‬‬

‫وجود هذه األنظمة‬ ‫غير الشرعية ‪ .‬إال أن‬ ‫الحقيقة غير ذلك‬ ‫وواقعنا اليوم يقول لنا‬ ‫أنهم ما وعدونا إال‬ ‫وسرابا‬ ‫األباطيل‬ ‫حسبناه ماء ‪.‬‬ ‫وقد يقول البعض‬ ‫أن في هذا الكالم‬ ‫بعض التجني على‬ ‫اعتبار أن األرض‬ ‫العربية قد تحررت‬ ‫فعال من الوجود‬ ‫خالل‬ ‫األجنبي‬ ‫النصف الثاني من‬ ‫القرن العشرين ‪ ،‬نعم‬ ‫وأنا اتفق معهم في‬ ‫ذلك ولكن لماذا ؟‬ ‫لماذا تسعى الشعوب‬ ‫من اجل التخلص من‬ ‫االحتالل والسيطرة‬ ‫األجنبية ؟ أو لنعيد‬ ‫السؤال‬ ‫صياغة‬ ‫بطريقة أخرى ‪ :‬لماذا‬ ‫تكره الشعوب كل‬ ‫الشعوب االحتالل‬ ‫والسيطرة األجنبية ؟‬ ‫والجواب معروف‬ ‫للجميع الن االحتالل‬ ‫األجنبي ال يؤدي –‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫في اغلب الحاالت‬ ‫التي شهدها التاريخ ‪-‬‬ ‫إال إلى تخلف وجهل‬ ‫وتشرذم‬ ‫وفقر‬ ‫وضعف الشعوب‬ ‫المستعمرة ‪ ،‬فضال‬ ‫عن نهب ثرواتها‬ ‫وامتهان كرامتها ‪،‬‬ ‫وإخراجها من دائرة‬ ‫الحضاري‬ ‫الفعل‬ ‫اإلنساني ‪ ،‬وتعطيل‬ ‫أية قدرة لديها على‬ ‫والتطور‬ ‫التقدم‬ ‫واالرتقاء ‪ .‬إذا وفي‬ ‫ضوء هذا التوصيف‬ ‫المشروع‬ ‫فان‬ ‫التحرري ألي شعب‬ ‫من الشعوب ينبغي‬ ‫أن يتكون من‬ ‫مرحلتين أو شقين‬ ‫متالزمين ال انفصام‬ ‫لهما وال معنى‬ ‫ألحدهما بدون اآلخر‬ ‫‪ ،‬الشق األول وهو‬ ‫يتمثل‬ ‫األسهل‬ ‫بالتحرر من السيطرة‬ ‫األجنبية ‪ ،‬أما الشق‬ ‫الثاني وهو االختبار‬ ‫فيتمثل‬ ‫الحقيقي‬ ‫بالتحرر من الجهل‬ ‫والتخلف والفقر ‪،‬‬

‫والعمل من اجل‬ ‫االرتقاء بالمستوى‬ ‫الفكري واالقتصادي‬ ‫والحضاري‬ ‫واإلنساني للشعب‬ ‫المحرر ‪ .‬إذا فان‬ ‫التحرر من السيطرة‬ ‫األجنبية ليست الغاية‬ ‫بحد ذاتها بل هي‬ ‫الوسيلة لبلوغ الغاية ‪،‬‬ ‫وتحقيقها ال يعني‬ ‫المشروع‬ ‫تحقيق‬ ‫التحرري ‪ ،‬وكل من‬ ‫يدعي انه يتبنى‬ ‫تحرريا‬ ‫مشروعا‬ ‫بدون أن يأخذ شقي‬ ‫بنظر‬ ‫المشروع‬ ‫االعتبار وبدون أن‬ ‫ويخطط‬ ‫يسعى‬ ‫جادا‬ ‫تخطيطا‬ ‫وعقالنيا ‪ -‬واكرر‬ ‫عقالنيا ‪ -‬من اجل‬ ‫تحقيق هذين الشقين‬ ‫فانه ال مشروع له‬ ‫وهو يهرف بما ال‬ ‫يعرف ‪.‬‬ ‫حققت‬ ‫فهل‬ ‫الحكومات العربية‬ ‫والشعوب العربية‬ ‫الشقين معا لكي نقول‬

‫‪15‬‬

‫أن لديها مشروعا ؟‬ ‫يقينا أنها لم تحقق‬ ‫الشق الثاني من‬ ‫المشروع ‪ ،‬ومن‬ ‫المشكوك فيه – برأينا‬ ‫ أنها حققت الشق‬‫األول كما يجب ‪ ،‬الن‬ ‫التحرر من السيطرة‬ ‫األجنبية ال تعني‬ ‫القضاء على الوجود‬ ‫العسكري المباشر‬ ‫للدول االستعمارية‬ ‫فحسب بل تعني أن‬ ‫قرارك‬ ‫يكون‬ ‫السياسي‬ ‫واالقتصادي متحرر‬ ‫أيضا وليس مرتهن‬ ‫للشرق أو للغرب ‪.‬‬ ‫ومع ذلك فلنفترض‬ ‫جدال ‪ -‬أو هبال ‪ -‬أن‬ ‫الشق األول قد تحقق‬ ‫إال أن الشق الثاني لم‬ ‫يتحقق فبعد أكثر من‬ ‫ستين عام من‬ ‫االستقالل التام جدا ما‬ ‫زال فقرنا وجهلنا‬ ‫مضرب‬ ‫وتخلفنا‬ ‫األمثال بين الدول ‪،‬‬ ‫وما زالت تنميتنا‬ ‫االقتصادية صفرا أو‬ ‫دون الصفر ‪ ،‬وما‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫زالت مساهمتنا في‬ ‫والمنتج‬ ‫المعطى‬ ‫الحضاري اإلنساني‬ ‫صفر كبير جدا ‪ ،‬ما‬ ‫زلنا نحتل المراتب‬ ‫األولى بين أكثر‬ ‫الدول فسادا وإفسادا ‪،‬‬ ‫وما زال فكرنا يسبح‬ ‫في عوالم الالمعقول‬ ‫‪ ،‬ما زلنا عالة على‬ ‫العالم المتحضر في‬ ‫كل شيء ‪ .‬بل هناك‬ ‫من المختصين من‬ ‫يؤكد أن أوضاع‬ ‫البالد العربية زمن‬ ‫السيطرة االستعمارية‬ ‫على الرغم من‬ ‫سوءها هي أفضل‬ ‫مما أصبحت عليه‬ ‫زمن االستقالل ! ‪.‬‬ ‫إذا فأين هو المشروع‬ ‫التحرري ‪ ،‬وإذا كنا‬ ‫قد أعدنا إنتاج نفس‬ ‫السلبيات التي أنتجتها‬ ‫السيطرة االستعمارية‬ ‫إذا فيما كان تحررنا ؟‬ ‫! أم ترانا لم نفعل‬ ‫أكثر من استبدال‬ ‫استعمار واحتالل‬ ‫خارجي بآخر داخلي‬ ‫؟‪.‬‬

‫وما دمنا بصدد‬ ‫عن‬ ‫الحديث‬ ‫المشروع التحرري‬ ‫فال باس من أن نعرج‬ ‫على قضية العرب‬ ‫المركزية أي القضية‬ ‫الفلسطينية التي مالنا‬ ‫الدنيا صراخا حولها‬ ‫وتوعدنا‬ ‫وتهددنا‬ ‫وأرغينا وأزبدنا ‪.‬‬ ‫فمع قيام دولة‬ ‫إسرائيل عام ‪1948‬‬ ‫رفض العرب شعوب‬ ‫وحكومات هذه الدولة‬ ‫‪ ،‬واقسموا بأغلظ‬ ‫بأنهم‬ ‫اإليمان‬ ‫سيزيلوها من الوجود‬ ‫‪ ،‬ويجعلوها أثرا بعد‬ ‫عين ‪ ،‬ويلقوا‬ ‫بالصهاينة في البحر ‪.‬‬ ‫وهذا الموقف بحد‬ ‫ذاته هو مشروع‬ ‫يمكن تحقيقه إذا تم‬ ‫التخطيط له بشكل‬ ‫جيد وتم تنفيذه بشكل‬ ‫عقالني ‪ ،‬ولكن هل‬ ‫خطط العرب الجواب‬ ‫‪ :‬كال ‪ ،‬هل نفذ العرب‬ ‫الجواب ‪ :‬كال ‪ ،‬إذا‬ ‫ماذا فعل العرب –‬ ‫عاربة ومستعربة ‪-‬‬

‫‪16‬‬

‫الجواب ‪ :‬لقد اقسموا‬ ‫واقسموا فحسب بل‬ ‫كاد بعضهم أن يحلف‬ ‫بالطالق ! ‪ .‬وبقيت‬ ‫قائمة‬ ‫إسرائيل‬ ‫واألرض العربية‬ ‫وبقي‬ ‫مغتصبة‬ ‫العرب يقسمون ‪،‬‬ ‫خسروا حرب عام‬ ‫‪ 1948‬وهم يقسمون‬ ‫‪ ،‬جاءت نكسة‬ ‫وفضيحة حزيران‬ ‫‪ 1967‬وهم يقسمون‬ ‫‪ ،‬تفوق علينا الكيان‬ ‫الصهيوني المزعوم‬ ‫! عسكريا واقتصاديا‬ ‫وهم‬ ‫وسياسيا‬ ‫يقسمون ‪ ،‬بدأنا‬ ‫نستجدي هذا الكيان‬ ‫ليسمح بإقامة دويلة‬ ‫وهو‬ ‫فلسطينية‬ ‫يرفض وهم يقسمون‬ ‫‪ ،‬أعطيناه األرض‬ ‫مقابل السالم فأبى إال‬ ‫أن يأخذ األرض وال‬ ‫يعطينا سالما وهم‬ ‫يقسمون ‪ ،‬هتك‬ ‫وقتل‬ ‫األعراض‬ ‫وأهان‬ ‫األطفال‬ ‫المقدسات فلم نملك‬ ‫سوى أن نشجب‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫وندين ونستنكر وهم‬ ‫يقسمون ‪ ،‬نسينا أو‬ ‫قضيتنا‬ ‫تناسينا‬ ‫وهم‬ ‫المركزية‬ ‫يقسمون ‪ ،‬خسرنا‬ ‫أراض عربية جديدة‬ ‫إضافة لفلسطين وهم‬ ‫يقسمون ‪ .‬فيا ترى‬ ‫متى ستصمت هذه‬ ‫المصابة‬ ‫األفواه‬ ‫باإلسهال وتسمعنا‬ ‫أفعالها بدل أصواتها‬ ‫المثيرة‬ ‫النشاز‬ ‫للغثيان ‪ .‬وفي النهاية‬ ‫وبعد أن عجزنا عن‬ ‫فعل أي شيء لجأنا‬ ‫إلى الشعر سالحنا‬ ‫االستراتيجي الخارق‬ ‫إسرائيل‬ ‫فدمرنا‬ ‫بقولنا ‪:‬‬ ‫صبرا صبرا يا يهود‬ ‫جيش محمد سوف‬ ‫يعود‬ ‫وهذا اعتراف واضح‬ ‫وصريح منا بأننا‬ ‫عجزنا عن فعل أي‬ ‫شيء ‪ ،‬أو تحقيق أي‬ ‫تحرري‬ ‫مشروع‬ ‫وبأننا بحاجة إلى‬

‫معجزة تتمثل ببعثة‬ ‫النبي محمد ( ص )‬ ‫مرة أخرى ! وليس‬ ‫هذا وحسب بل على‬ ‫النبي محمد ( ص )‬ ‫أن يعود ومعه جيشه‬ ‫! ألننا ال في العير‬ ‫وال في النفير ‪.‬‬ ‫مالحظة بسيطة ‪ :‬ما‬ ‫زالوا يقسمون ؟ ! ! !‬ ‫!‬ ‫وإذا ما تكلمنا عن‬ ‫المشاريع االشتراكية‬ ‫فسوف نحتاج إلى‬ ‫مجلدات ومجلدات‬ ‫لكي نفي الموضوع‬ ‫حقه ‪ ،‬ولكن وبشكل‬ ‫ولإلنصاف‬ ‫عام‬ ‫نستطيع القول أن‬ ‫العرب قد حققوا‬ ‫الشيء الكثير في هذا‬ ‫المجال ! ‪ ،‬فنحن‬ ‫اليوم أكثر األمم‬ ‫اشتراكية ‪ ،‬ومن‬ ‫يستطيع أن ينكر أن‬ ‫اليوم‬ ‫العرب‬ ‫مشتركون بجهلهم‬ ‫وتخلفهم وضعفهم‬ ‫وهوانهم على الناس‬ ‫‪ ،‬مشتركون بغياب‬

‫‪17‬‬

‫العقل والمنطق عن‬ ‫حياتهم ‪ ،‬مشتركون‬ ‫بصراعاتهم الطائفية‬ ‫والعرقية والمذهبية‬ ‫والطبقية ‪ ،‬مشتركون‬ ‫بكثرة الشعارات التي‬ ‫يرفعونها ويرددونها‬ ‫‪ ،‬مشتركون بأنهم‬ ‫األمة الوحيدة التي‬ ‫تعيش بدون مشروع‬ ‫‪ ،‬واألمة األقل قراءة‬ ‫بين األمم ‪ ،‬واألمة‬ ‫التي ال تنتج أي شيء‬ ‫وتستورد كل شيء ‪،‬‬ ‫مشتركون بأنهم أكثر‬ ‫عن‬ ‫تكلم‬ ‫من‬ ‫االشتراكية ولم يحقق‬ ‫منها شيئا ‪.‬‬ ‫كذلك األمر فيما‬ ‫المشاريع‬ ‫يخص‬ ‫التنموية والخدمية‬ ‫وال اعتقد بأن‬ ‫العربي‬ ‫المواطن‬ ‫بحاجة إلى من يحدثه‬ ‫عن االنجازات التي‬ ‫تحققت في هذا‬ ‫المجال ‪ ،‬فهل سأحدثه‬ ‫عن تدني مستواه‬ ‫ألمعاشي والتعليمي‬ ‫والثقافي ‪ ،‬وعن الفقر‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫الذي ينهشه نهشا ‪ ،‬أم‬ ‫عن البطالة التي‬ ‫اكتوى بنارها ‪ ،‬أم‬ ‫عن الخدمات التي‬ ‫يسمع عنها وال يراها‬ ‫كما يسمع عن طائر‬ ‫والرخ‬ ‫العنقاء‬ ‫وأساطير األولين ‪.‬‬ ‫وهل سأشرح له –‬ ‫وهو خير من يعرف‬ ‫ كيف أصبح كائنا‬‫بال كرامة وال تكريم‬ ‫‪ ،‬وكيف تغتصب‬ ‫حقوقه وتنتهك أدميته‬ ‫بشكل يومي وعلى‬ ‫مدار الساعة ‪ ،‬وكيف‬ ‫يس ّخف عقله ويسطّح‬ ‫تفكيره وتقتل مخيلته‬ ‫إبداعه‬ ‫ويغتال‬ ‫ويمسخ وجوده لكي‬ ‫يتحول إلى كائن‬ ‫مطيع وينال شرف‬ ‫أن يصبح فردا ضمن‬ ‫القطيع ! ‪.‬‬ ‫إذا أين هو‬ ‫المشروع االشتراكي‬ ‫والمشروع التنموي‬ ‫والخدمي وهل نجح‬ ‫أم فشل ؟ وهل كان‬ ‫موجودا أصال لكي‬

‫ينجح أو يفشل ؟‬ ‫وينطبق القول نفسه‬ ‫المشروع‬ ‫على‬ ‫القومي‬ ‫الوحدوي‬ ‫والمشروع التحرري‬ ‫‪ .‬إذا ال مشروع وال‬ ‫هم يحزنون ستون‬ ‫عام من اللغو والهراء‬ ‫والفخر والحماسة‬ ‫والقصائد والمدح‬ ‫والشتم‬ ‫والقدح‬ ‫والسباب ‪ ،‬ستون‬ ‫عاما لم تكن فيها‬ ‫وعودنا وأحالمنا إال‬ ‫غرورا وأكاذيب ‪.‬‬ ‫فالمشروع الوحدوي‬ ‫انتهى إلى واقع‬ ‫ممزق ومفتت ومهيأ‬ ‫لمزيد من التفتت‬ ‫‪،‬‬ ‫والتمزيق‬ ‫والمشروع التحرري‬ ‫انتهى إلى أن تصبح‬ ‫أراضينا ومقدراتنا‬ ‫مستباحة من قبل‬ ‫‪،‬‬ ‫اآلخرين‬ ‫والمشروع‬ ‫عمق‬ ‫االشتراكي‬ ‫الطبقية والصراع‬ ‫بين أبناء المجتمع‬ ‫الواحد حيث ازداد‬ ‫ثراء‬ ‫األثرياء‬

‫‪18‬‬

‫والفقراء فقرا ‪،‬‬ ‫والمشروع التنموي‬ ‫الخدمي انتهى إلى ما‬ ‫تعرفون من خراب‬ ‫ودمار تعيشونه كل‬ ‫يوم وعلى كافة‬ ‫األصعدة ‪.‬‬ ‫علينا‬ ‫وأخيرا‬ ‫القول انه على الرغم‬ ‫غياب‬ ‫أن‬ ‫من‬ ‫المشروع يعد من‬ ‫اكبر المصائب التي‬ ‫قد تتعرض لها األمم‬ ‫والشعوب ‪ ،‬إال انه‬ ‫هناك مصيبة وكارثة‬ ‫أخرى أشد وألعن قد‬ ‫أصابتنا ‪ ،‬وتتمثل هذه‬ ‫الكارثة بعدم وعينا‬ ‫بأننا امة بال مشروع‬ ‫‪ ،‬وبأننا ما زلنا نعيش‬ ‫ضمن نفس اإلطار‬ ‫الفكري الذي أوصلنا‬ ‫إلى ما نحن عليه‬ ‫اليوم ‪ ،‬ونستخدم نفس‬ ‫الوسائل واألساليب‬ ‫التفكير‬ ‫وطرق‬ ‫والتعامل ‪ .‬فإذا كانت‬ ‫الستين سنة الماضية‬ ‫أدت إلى غياب‬ ‫فأني‬ ‫مشروعنا‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫أخشى أن الستين سنة‬ ‫إذا‬ ‫–‬ ‫القادمة‬ ‫استمرينا على ما‬ ‫نحن عليه – ستؤدي‬ ‫إلى غيابنا نحن ‪.‬‬ ‫وحتى ال تحقق‬ ‫النبوءة‬ ‫هذه‬ ‫المشؤومة يجب علينا‬ ‫أن نعمل على دراسة‬ ‫وتحليل وتمحيص‬ ‫التاريخ العربي –‬ ‫دراسته وليس التغني‬ ‫به ‪ -‬منذ بداية القرن‬ ‫العشرين وحتى اليوم‬ ‫مع التركيز بشكل‬ ‫كبير على الستين سنة‬ ‫األخيرة ‪ ،‬لكي نعرف‬ ‫ونشخص مواطن‬ ‫الخلل ونقاط الضعف‬ ‫ونسعى من اجل‬ ‫إصالحها وتجاوزها‬ ‫إلى مرحلة جديدة‬ ‫تصلح أن تكون‬ ‫أساسا يمكن البناء‬ ‫عليه ‪ .‬وال يخفى على‬

‫احد أن مثل هذه‬ ‫المهمة ليست بالسهلة‬ ‫بل هي عسيرة كل‬ ‫وتتطلب‬ ‫العسر‬ ‫تضافر جميع الجهود‬ ‫وغير‬ ‫الرسمية‬ ‫الرسمية وفي مختلف‬ ‫الثقافية‬ ‫المجاالت‬ ‫والتعليمية والتربوية‬ ‫‪ .‬كما إنها تتطلب‬ ‫خطوات وإجراءات‬ ‫شجاعة مثل العمل‬ ‫على تأسيس مراكز‬ ‫بحوث متخصصة‬ ‫بدراسة الفكر العربي‬ ‫بشكل عام والفكر‬ ‫العربي المعاصر‬ ‫بشكل خاص دراسة‬ ‫نقدية تحليلية محايدة‬ ‫تعتمد العقل هاديا‬ ‫ومنهجا وفيصال في‬ ‫الحكم على هذا الفكر‬ ‫سلبا أو إيجابا ‪،‬‬ ‫دراسة‬ ‫وليست‬ ‫سردية تحفيظية على‬ ‫طريقة الكتاتيب ‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫باإلضافة إلى دراسة‬ ‫الشخصية العربية‬ ‫دراسة معمقة وتحليل‬ ‫العوامل‬ ‫كل‬ ‫التي‬ ‫والمؤثرات‬ ‫تساهم في صنعها ‪،‬‬ ‫على أن تتم مثل هذه‬ ‫الدراسات في جو من‬ ‫الحرية الكاملة وعلى‬ ‫مفكرين‬ ‫أيدي‬ ‫على‬ ‫وباحثين‬ ‫مستوى عال من‬ ‫الكفاءة ‪ ،‬وان يتم‬ ‫نتائجها‬ ‫وضع‬ ‫ومقترحاته موضع‬ ‫التطبيق ‪.‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫املوت يف أبراج مشيدة‬ ‫عبد الرازق أحمد الشاعر‬ ‫حين تساق إلى الحرب سوقا‪ ،‬وتجد نفسك هدفا‬ ‫لرماح العدو ونبله ‪ ،‬فال تنكص على عقبيك‪،‬‬ ‫ألن الموت الذي يقف عند عتبة بابك لن‬ ‫يفرق بين صدر وظهر ‪ .‬ال تيمم وجهك نحو‬ ‫أطفالك حتى ال يروا في عينيك قلة حيلتك‬ ‫وهوانك على الناس‪ .‬خض الحرب كرجل‪ ،‬وال تترك للنساء مهمة تكفينك‬ ‫وإهالة التراب فوق صدغيك‪ .‬أعرف أيها العربي األخير أنك لم تحدد موعد‬ ‫المعركة‪ ،‬ولم تعد لها خيلك ورجلك‪ ،‬وأنك تساق إليها مكرها كالعبيد‪ ،‬وأن‬ ‫األلوية التي ترفرف فوق خوذتك ليست لك‪ ،‬وأن السالح الذي وضعوه تحت‬ ‫إبطك ليس من صناعتك‪ ،‬وأنك ضعيف كقشة وسط المحار‪ .‬لكن الخيار ليس‬ ‫لك‪ ،‬والنصر والهزيمة سيان في عرف العبيد‪ ،‬ألنهم ال يشاركون المنتصر‬ ‫والئم النصر‪ ،‬وال يقتسمون مع الفاتحين الغنائم‪.‬‬ ‫الحرب ليست لك‪ ،‬والمدافعون عن مدنك ال يزالون يربطون خيولهم داخل‬ ‫معابدك‪ ،‬ويتغوطون فوق كتبك المقدسة‪ ،‬فهم ليسوا من جلدتك على أية حال‪.‬‬ ‫أما الذين من جلدتك‪ ،‬فقد بعتهم أو باعوك‪ ،‬ولم يقبض أيكم الثمن‪ .‬عليك أن‬ ‫تقاتل لتنجو ال لتحيا‪ ،‬وعليك أن تواصل زحفك نحو أي مدينة‪ ،‬وأن تشهر‬ ‫سالحك في أي وجه‪ ،‬وأن ال ترقب في أخ أو صديق إال وال ذمة‪ .‬ففي الحرب‬ ‫يباح كل شيء‪ ،‬وال حرمة في حروب الزمان األخير ألي مقدس‪.‬‬ ‫سيأتيك الروم والروس‪ ،‬ويحيط بمآذنك اليهود والمجوس‪ ،‬ولن تهرب من‬ ‫قبضة الموت إال إليه‪ ،‬فارفع في وجه التاريخ سالحك‪ ،‬وم ّزق أوراق‬ ‫المعاهدات التي وضعتك مع رفاق الهزيمة في سلة واحدة‪ .‬ال عليك من حلف‬ ‫الفضول‪ ،‬فكم من األحالف نقضت‪ .‬وال تأخذك في الخيانة لومة عربي‪ ،‬فمن‬ ‫باهلل في عصر المهانة لم يخن ولم يغدر ولم يغل‪ .‬المهم أن ال تثق بالحدود‬ ‫ومن وراء الحدود‪ ،‬وأن ال ترحم من تحت يدك‪ ،‬الذين ال يتوقفون عن المطالبة‬ ‫بالعيش والحرية والكرامة‪ ،‬ألنهم حين يظفرون بك لن يرحموك‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫قدم فروض الوالء لنماردة العصر فقط‪ ،‬فهم يملكون الموت والحياة والنشور‪،‬‬ ‫ويستطيعون أن يأتوا بالشمس من المغرب‪ ،‬وأن يدخلوا الجمل في سم الخياط‪.‬‬ ‫أما رجالك ‪ -‬أو من بقي منهم ‪ -‬فقد تركوا كل مقدساتهم‪ ،‬وخرجوا للرعي‪،‬‬ ‫بحجة أن للبيت رب يحميه‪ ،‬فال تنتظر حتى يعودوا ألنهم يقفون على الحدود‬ ‫في انتظار أبرهة ليدبكوا بين يديه وهم ينشدون "طلع البدر علينا"‪.‬‬ ‫كن روسيا في الصباح‪ ،‬وأمريكيا وقت الضحى‪ ،‬وحين تغرب الشمس كن‬ ‫فارسيا‪ ،‬وحين يحل الظالم‪ ،‬ارفع نجمة َدا ُو َد فوق الكنائس والمساجد والبيوت‪.‬‬ ‫انج برأسك المستهدف من كل جهة‪ ،‬وال تنتظر حتى يكبر الفرس حول‬ ‫خيمتك‪ ،‬أو يسقط الروس براميلهم المتفجرة في صحن بيتك‪ .‬انج قيس فقد‬ ‫هلك صالح‪ .‬وعند مسقط رأسه‪ ،‬هلل المحاصرون "الموت ألمريكا" وأسقطوا‬ ‫رأسه‪ ،‬فهل تراهم ضلوا الطريق أم ألن الرؤوس تشابهت عليهم؟ رأس صالح‬ ‫ليست ببعيد أيها الواقفون فوق رمال أوطان متحركة‪ .‬وال وقت للتردد‪،‬‬ ‫فلتوجهوا بنادقكم حسبما يريد المحتل‪ ،‬وال تصدقوا أن وراء الجدر جيرانا‬ ‫محبين‪ .‬فالكل يتربص بالكل في انتظار االنفجار األخير‪ .‬ضع متاريس العدو‬ ‫خلف بابك أيها العربي المستهدف‪ ،‬فالطائرات المغيرة ال تأتي إال من الجوار‪،‬‬ ‫والخناجر المسمومة ال تصل إال من الحدود القريبة‪ ،‬وال ينعقد مجلس األمن‬ ‫وال ينفض إال بدعوة تدينك من سفيه كنت تتقاسم معه كأس الحليب وفصوص‬ ‫البرتقالة‪.‬‬ ‫ضع التاريخ خلفك‪ ،‬ودس بقدمك فوق األعالم والحدود والكتب المقدسة‪ ،‬وسيّد‬ ‫كل من ينتهك حرمة وطنك أو معبدك‪ ،‬وانتظر حتى تشرق شمس هذا الليل‬ ‫من مغربها‪ .‬فبالدنا فقط تفتح أبوابها للمحتل دون قتال‪ ،‬ويقاتل رجالها في‬ ‫صفوف األعداء تحت رايات شتى ودون مقابل‪ ،‬وحين يقتل بعضهم بعضا‬ ‫يكبرون ويهللون ويتصايحون "الموت ألمريكا‪ ".‬لكن الموت ال يسمع وال‬ ‫يفهم العربية‪ ،‬ألن الموت لم يعد ألمريكا وال إلسرائيل‪ .‬الموت لم يعد يغادر‬ ‫ساحاتك أيها المغلوب على ضعفه‪ .‬الموت صار موسمك األبدي تتزاحم فيه‬ ‫كل فصولك وكل خيباتك وكل فتوحاتك وكل هزائمك‪.‬‬ ‫يمكنك أن تفر من الموت كما فر دارا ذات هزيمة‪ ،‬لكنك حين تقتل بأيدي‬ ‫رجالك‪ ،‬ال تطمع أن يردك إسكندر إلى أمك لتكفنك وتبكي عليك‪ ،‬ففي بالدنا‬ ‫ال يترجل أي فارس من فوق أعواد المشانق حتى وإن كان صداما‪ .‬الكل‬ ‫يتشفى بالكل‪ ،‬والكل يمثل بالكل‪ ،‬وهند تأكل كل كبد رطبة لكل مقاتل وتكبر‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫الموت أكبر من قدراتك الواهنة على الفرار‪ ،‬والموت يتربص بكل حدودك‬ ‫المستباحة‪ .‬كل ما يمكنك أن تطمع فيه يوم آخر تتنفس فيه عرق المحتل‬ ‫وعطره‪ ،‬لكنه كل ما تملك فوق خريطة لم تعد تعبأ بك‪ ،‬وال بتاريخك القديم‪.‬‬ ‫فحارب أيها العربي بشجاعتك المعهودة وفر من الموت‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ّ‬ ‫لشاعر الفيلسوف"علي رضا قزوة"و جتليات "ربيع يف‬ ‫املصعد "‬ ‫قراءة ‪ :‬الشاعرة د‪ .‬أحالم غانم‬ ‫مهاد البد منه ‪:‬‬ ‫ينتقل بك اإلحساس وأنت تقرأ ديوان‬ ‫الشاعر الفيلسوف "علي رضا قزوة"‬ ‫المعنون‬

‫(ربيع في المصعد) إلى‬

‫صميم الصورة الشعرية‬

‫التي‬

‫تضيء بنورها الوعي ‪ ،‬وإنه لمن‬ ‫العبث أن تبحث لها عن سابق في‬ ‫الالوعي ‪،‬فإذا بك تشعر شعورا قويا بأنك ربيع في المصعد ‪/‬شاعر محاصر‬ ‫في المصعد ‪،‬وتتنفس هواء ربيعيا‪ ،‬وتغريك الفصول األخرى‪ ،‬لتقف ب َحيْرة‬ ‫أمام أزرار العقل وأيّها ستضغط‪ ،‬فتنداح في عالم مترع بالرؤى والفلسفة‬ ‫والتضاد‪.‬‬ ‫ربيع في المصعد ‪ /‬روح في القصيدة ‪ ،‬رائحة تضاهي رائحة الربيع ‪/‬الوجود‬ ‫‪،‬وقد أراد لهذه الرائحة أن تكون حرة ‪،‬لذلك يخط رسائال غريبة إلى حيفا‬ ‫كغربة الروح ‪،‬وضاعف من غربتها عزلتها عن األمكنة واألشكال ‪ ،‬وبدت‬ ‫كروح تائهة وهائمة ال تدرك مغزى لذاتها دون أن تلبس حاال من حالت‬ ‫اإلبداع ‪ ،‬في محاولة لمقاومة العدم والزوال فجاءت إحدى رسائله ‪":‬لسنا‬ ‫نحن سجناء األرض‬ ‫فغدا سيخرج هللاُ‬ ‫األرض‬ ‫َ‬ ‫من زنزانتنا !‬ ‫تجليات الدهشة ‪:‬‬

‫‪23‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ووفق هذا المنظور ‪ ،‬وحيثيات التقاء تجليات الدهشة واستثمار المعنى داخل‬ ‫قوامها الشعري إلى أن الشعر عند الشاعر هو ‪:‬رحلة للبحث عن المعنى‪/‬‬ ‫الحقيقة‪ /‬اليقين وسط الال انسجام‪ ،‬والفوضى‪ ،‬محاولة خلق معنى من‬ ‫الالمعنى‪.‬‬ ‫وجاء في هذا المعنى قوله ‪:‬‬ ‫" ال أمل في قرص خبز‬ ‫وطاحونة قلبي تدو ُر‬ ‫فقط من أجل أن‬ ‫تأخذ بشعري إلى البياض ! –ص‪20‬‬ ‫إلى أن المعنى عند الشاعر يشير إلى تمظهرات جملة من المخبوءات‬ ‫(الوجدانية الحسية) و(الفكريّة الواقعية) المتوائمتان مع نسغ الدالالت القصدية‬ ‫المبنيّة على االشتغاالت التحريضية في عمق المبثّوثات الظاهرة‪ ،‬والخفيَّة‬ ‫التي تصطرع في لواعج الشاعر‪ ،‬وتظهر بأشكال والفاظ مختلفة المعاني‪،‬‬ ‫وذلك باستخدام مرجعية االنزياح‪ ،‬والرمز‪ ،‬واإليحاء‪ ،‬والداللة‪ ،‬لتحويل‬ ‫الربيع‪/‬المعنى عند (علي رضا قزوة) من شكله الثابت المؤطر‪ ،‬إلى شكل‬ ‫ُمتحرك ح ّي دائم‪.‬‬ ‫ويَتح َّول المعنى لديه‪ ،‬إلى معان ليست لفظية‪ ،‬بل معان ذات دالئل تحفيزية‬ ‫على التحريض‪ ،‬من خالل التكثيف في اللغة‪ ،‬واالختزال في الصورة‪،‬‬ ‫والتشفير‪ّ ،‬‬ ‫وبث الدالالت الهادفة إلى التحريض ‪،‬فتسدل على العين كما تسدل‬ ‫أشعة الطيف عليك وسرير الرؤيا يدور بك‪ ،‬ثم تستيقظ أعظم قدرات الصورة‬ ‫الشعرية في أحالمك‪ ،‬فإذا بك تترنح بين مدنها وأسمائها ‪،‬لتضمن قدرتها لك‬ ‫عبورا أت ّم إلى الروح والوعي‪ ،‬كي ال تعلم أينما تكون‪ ،‬وتكون صالتك بتوقيت‬ ‫كربالء ‪،‬و هبوط قصائدك بتوقيت بيروت ‪.‬‬ ‫عين العقل‪:‬‬ ‫يشكل "قزوة "الشعر من ربيع الروح ويشير على مكمن الروح إشارة خاطفة‬ ‫في قوله ‪ " :‬من الشعراء‪/‬آالم أبنائي‪ /‬من الورود‪ ،‬نرجسة طفولتي‪/‬وأينما‬ ‫أكون‪/‬ستكون صالتي‪/‬بتوقيت كربالء‪/‬وقصائدي‪/‬بتوقيت بيروت ‪./‬ص‪6‬‬

‫‪24‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ولتعلم أن هذا الشاعر والفصل الذي ينتمي إليه ليس ربيعا واحدا في‬ ‫المصعد‪..‬إنه زمن بتواقيت متوافقة ومتنافرة في آن واحد ‪،‬تتآلف بين الذات‬ ‫واآلخر‪ ،‬لتعلم أن "ذاك الذي أتى اسمه بشيرا في القرآن ‪،‬يريد أن يبعث في‬ ‫الشعر شعرا حقيقيا‪ ،‬ونحصل على االنطباع بأنه يمكن تمرير جبل "البرز"‬ ‫من ثقب إبرة وال يمكن تمرير قصيدة "علي رضا قزوة " ألنه كعين العقل‬ ‫تُعنى بالموجودات الكليّة والجزئيّة للنفاذ من خالله إلى األشياء األخرى‬ ‫ويصبح أكثر تواصال مع الحقيقة‪..‬فالحقيقة ربّما هي حقيقة ظهور قدرة‬ ‫الشعر الفريدة على تحفيز إحساسنا باالندهاش‪.‬‬ ‫الفصول المتجادلة‪:‬‬ ‫اختارت قصيدته (ربيع في المصعد) انتماء حلوليا في اللغة ‪ ،‬من خالله‬ ‫أنجزت الشعرية بنيتها الالسكونية ‪،‬حيث يتصارع الال مكتوب مع المكتوب‬ ‫في محاولة لالنفصال عن الزمكانية ‪ ،‬داخل هذا المصعد تنمو دينامية حلمية‬ ‫جذرها الفصول المتجادلة ‪،‬القابضة على الض ّديْن في وجودها‪.‬‬ ‫لقد شاكل الشاعر همومه مع رحيق الكلمات ‪ ،‬ناثرا معاناته اإلنسانية‬ ‫‪،‬وتتوامض اللحظة الشعرية في هذه القصيدة ُمشكلة مشهدا تسارعت ومضته‬ ‫األولى المعبأة بالزمنية والمتسارعة في ظهورها الثاني رغم انقطاع الكهرباء‬ ‫ووفق ذلك يقول ‪:‬‬ ‫وأنت‬ ‫ال تأخذ هذه االلتصاقات‬ ‫بسقف الجد‬ ‫ولكن الكهرباء واألمطار جدية‬ ‫كما أن الربيع يحاصر أحيانا‬ ‫في المصعد! –ص ‪13‬‬ ‫تحرير الروح ‪:‬‬ ‫يمارس العنوان (ربيع في المصعد) لعبته الوجودية في ربيع مبهم ‪ ،‬أعني‬ ‫إعادة صياغة روح المعنى في ضوء الواقع الشعري بل يريد الشاعر‬ ‫تحريره من الشكل وإطالق الروح ‪،‬إيمانا منه ‪:‬إن بقيت الروح محبوسة في‬

‫‪25‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫مصعد ال تعمل أزراره ‪،‬فإن ذلك يسلخ عنها الرؤيا ويجردها من القدرة على‬ ‫الحركة والوعي‪.‬‬ ‫فالشعر عند الشاعر"على رضا قزوة "يشترط تحرير الروح من إسارها‬ ‫كي ال يكون عودة الروح استحالة ويتنكر الربيع لها فتجد نفسها أمام مدخل‬ ‫صعب‪.‬‬ ‫(ربيع في المصعد )‬ ‫الزمن المطلق ‪:‬‬ ‫العنوان بحد ذاته خلية نحل يقع فيها القارئ وال يخرج منها إال بعصف ذهني‬ ‫وجهد كبير هي لعبة اللغة ذاتها يلعبها الشاعر بمهارة ‪ ،‬لعبة قائمة على‬ ‫المراوغة والمشاكسة ورط الشاعر القارئ بمأل فراغات النص ونسج‬ ‫الخيوط الداللية بنفسه فال شيء مجاني في ركوب مصعد اللغة عندما يقرصك‬ ‫النحل ‪.‬‬ ‫هذا العنوان في عالقته بالمتن النصي أسس لثنائيتين األولى هي ثنائية الشك‪/‬‬ ‫واليقين‪ ،‬والثانية ثنائية الحضور والغياب‪ ..‬فالعنوان يعلن يقينية المعرفة التي‬ ‫مررها الشاعر من ثقب ابرة العقل ‪،‬ومن الصيغ الفعلية في الكالم التي‬ ‫عملت عمل المحركات التي تنقل الطاقة من حال إلى حال‪ ،‬وأصبح االسم‬ ‫حدثا غير مقترن بزمن ‪.‬‬ ‫لذا واضح أن الشاعر يطلق روحه كربيع في المصعد بمعنى أنه يريد أن‬ ‫يحررها من المكان ومن صورة الفصول لتركن إلى زمن مطلق ‪.‬‬ ‫كما قال في نص" الموت الحنون‪":‬‬ ‫كم خطأ عظيم هذا‬ ‫نحيك للغيم كفنا‬ ‫نحفر لألرض قبرا‬ ‫ونقيّد يد الزمان بساعة"ص‪19-‬‬ ‫من الواضح أن الشاعر يكابد ضائقة كونية ‪،‬نوعا من "االتهام " نتيجة‬ ‫الشعور بأنه ال يرى مدخال أو معبرا إلى الما بعد أو على الما فوق‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫يقول الشاعر في "الضائقة" نفسها‪:‬‬ ‫إذا أحسست بضائقة‬ ‫التقط معطفك‬ ‫أمسك يد القمر‬ ‫وتعال إلى داري ص‪17-‬‬ ‫في حضرة الشعر ‪:‬‬ ‫فما هو واضح أن الروح ولغته يبذالن جهدا يبتغي التحول إلى أثير و حلول‬ ‫الصفاء في حضرة الشعر كي تبلغ الروح إلى أهبة االتصال بالمأل األعلى‬ ‫حيث ال ظلم وال حرب وال قهر أو جوع‪.‬‬ ‫ومما أظنه ‪،‬الرشاقة التي تسكنه تفوقت على رشاقة "شارلي شابلن " رمز‬ ‫الخفة والرشاقة البصرية في العالم ‪..‬والتي تتميز روحه بها من شأنها أن‬ ‫تحرر األسلوب من كل ضائقة ممكنة ‪،‬ومكنه ذلك أن يمرر غباره من ثقب‬ ‫اإلبرة وبهذا المرور ‪/‬النزوع اإلنساني يكتسب قيمته الجذلى ‪،‬والقيمة هي‬ ‫المركز الذي يدور عليه الشاعر ابتغاء "الغائب الذي ال يغيب "وتجديد ذاته‬ ‫الشعرية أو ابتعاثها في كل دائرة ‪.‬‬ ‫فقد جاء في "قصائد على شاشة السينما "هذا القول ‪:‬‬ ‫سيدتي ‪!..‬‬ ‫هل ترين على الشاشة مطرا‬ ‫يأخذ معه المفردات ؟‬ ‫إذن لم أنا أظن‬ ‫أن العالم على وشك اإلغالق‬ ‫وأن هذا‬ ‫هو الدور األخير للعالم "‪-‬ص ‪9‬‬ ‫النزعة الصوفية ‪:‬‬

‫‪27‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫فجاءت هذه اللغة ناعمة سلسة ‪،‬إنها لغة انخطاف يغلب عليها النزعة‬ ‫الصوفية الطافرة صوب هللا‪.‬‬ ‫قد نالحظ أن (المطر والماء) هي عناصر تتواتر كثيرا بين ثنايا "ربيع في‬ ‫المصعد "‪،‬ومما هو معروف أنها مفردات صوفية ‪،‬بل نراها رموزا‬ ‫لإلشارات اإللهية ‪،‬ورمزا للعرفان والعلم باهلل نفسه‪.‬‬ ‫وبنهج عرفاني ‪،‬يلوح بإتقان العارف من خالل قوله ‪:‬‬ ‫"لم أطلب من عالمكم‬ ‫سوى أن يكون لي‬ ‫مكان إلنشاد الشعر‬ ‫تحت ظالل المطر‬ ‫وشبرين من مكان ما‬ ‫لكي أموت بالعاصفة !‪-‬ص ‪21‬‬ ‫تطالعك كل قصيدة من قصائد الشاعر الفيلسوف "علي رضا قزوة "في هذا‬ ‫الديوان الصغير الشكل والممتلئ بجواهر الشعر بجملة من األسئلة الحائرة‬ ‫ويطرح السؤال الغائب الحاضر عن عالقة الحرية بالشعر‪ ،‬وأيهما يغ ِّذي‬ ‫اآلخر؟‬ ‫هي ذي ‪،‬إذن تساؤالت أم رسائل الشاعر الرائي والمفكر الباحث إلى العالم‬ ‫‪،‬والذي لم يجد مخرجا بعد إلى الربيع المنداح ‪،‬ولكنها تنم في الوقت نفسه عن‬ ‫اغتراب روحي ‪،‬أو االندفاع الصاعد باتجاه سدرة المنتهى و الطريق المنتهي‬ ‫إلى المعراج ‪.‬‬ ‫أو الوصول إلى قول مفاده ‪":‬أن الشعر قوة داخلية تعمل بطريقة ورؤية‬ ‫غامضتين‪ ،‬وأن المنطق والزخرف البالغي ألد أعدائه"‪.‬‬ ‫الشعر نوع خاص من الصالة‪:‬‬ ‫أو النظر إلى الشعر على أنه نوع خاص من الصالة بمقدوره أن يستوعب‬ ‫كل طبقات المجتمع في محرابه‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫لنكتشف أن الفروق الطبقية أو العقائدية ال يمكنها أن تدمر ق ّوة الروح‬ ‫الحارسة التي تَرْ قي وترشد ‪،‬وإنه رغم الضجيج والدخان واالضطراب الذي‬ ‫يسود الحياة ‪،‬هناك منطقة صافية ونيّرة من الحقيقة يمكن أن يلتقي فيها الجميع‬ ‫ليهيموا سوية‪.‬‬ ‫ويكون لهيجل االعتقاد ‪":‬بوجود عقل مطلق أو إلهي موجود في الطبيعة‪،‬‬ ‫بمعنى أن الوجود الواقعي كله هو المطلق وأن الفكر ما هو إال مظهر لهذا‬ ‫المطلق‪ ،‬ويكون للشاعر (على رضا قزوة ) هذا الصراع بين "ربيع في‬ ‫المصعد" وبين الخضوع لإلشارات وبين ما تقتديه الكتابة اإلبداعية من حتمية‬ ‫الموت والحياة ‪ ،‬لتجد في آخر األمر أن الشعر الحقيقي هو ذاك الشعر الذي‬ ‫يختصر العالم بكلمة أو يمرر الكون ُكلّه من ثقب إبرة ‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫سيناريو أمريكا مستمر ‪.‬‬ ‫كاتب السيناريو هو الكاتب القدير واملميز واملهني‬ ‫الصحفي عبد الرسول الكعبي‬ ‫البيت األبيض‪ .‬يرسم ويخطط‬ ‫ويوزع االدوار على من يتقن‬ ‫الدور بجدارة وبدورهم يحفظون‬ ‫النص بدقة عالية ويطبقوا كما‬ ‫يوجههم املخرج‬ ‫ويعملون على أرض الواقع واملخرج يراقب العمل كي يظهر السيناريو للمشاهد‬ ‫باملستوى املطلوب‬ ‫وبدأ الفلم السينمائي وكان بعنوان جذاب ‪ .‬الربيع العربي ‪.‬‬ ‫وبدأ املشهد االول بالعراق ومثلوا السيناريو كما هم يريدون‬ ‫ومن ثمة أنتقل املشد الثاني الى سورية وأججوا املواقف وشعلوا فتيل القتال ما‬ ‫بينهم‬ ‫وتركوا صور املشاهد تحت التحميض ‪.‬‬ ‫وأنتقلوا بمأمراتهم الشنيعة والعدوانية الى ليبيا ونفذوا على من كان هدفهم ‪.‬‬ ‫وتوجد عدة أحداث بهذا السيناريو لكن الكل لهم حصتهم من هذه املشاهد لكن‬ ‫حسب الدور وممثلة الذي بتقنية‬ ‫والننس ى البحرين لهم الدور االكبر أال وهو دور املناورة التي سوف تتعب الجميع‬ ‫حتى يرضخوا الوامر البيت االبيض ‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫أما قطر أنطبق علية عنوان الربيع العربي والتغير ‪.‬‬ ‫أما مصر حدث بال حرج صوروا عندهم عدة مشاهد وسلطوا االضواء واملشاهد‬ ‫كما يريد البيت االبيض وصنع معهم كما صنعوا بالعراق تعدد االحزاب والتفرقة‬ ‫مابين الشعب وزرع عامل الطائفية واالقتتال ما بينهم وانتشار الفساد االداري‬ ‫واملالي والسياس ي ‪.‬‬ ‫واليوم يشعلون شرارة التغير في أيران وسوف يعرضون سيناريو الربيع العربي‬ ‫عندهم وبنجاحآ ساحق ‪.‬‬ ‫لكن لحد االن لم يظهر بطل الفلم في هذه املشاهد‬ ‫وأن البيت االبيض املتمثل بالحكومة األمريكية يتدخلون بشؤن الدول العربية‬ ‫بحجج القضاء على الفقر وتحسين املعيشة والقضاء على الفساد وفرض االمن‬ ‫واالمان على اعتبار من يترأسوا الدول العربية هم دكتاتوريين وظاملين لهذه الشعوب‬ ‫لكن الحقيقة هم من يريد سرقة الثروات والعبث بمصالح هذه الدول وهم أنفسهم‬ ‫من وضفوا رؤساء هذه الشعوب بعنوان الربيع العربي وسرقة ثروات الدول العربية‬ ‫مقابل سكوت رؤساء هذة الدول‪ .‬والكل من يعاضهم ويوجههم بالرفض يطبقوا‬ ‫علية عنوان الربيع العربي‬ ‫ونحن بالدول العربية نسمي تلك الحاكمون لدول العربية رؤساء لكن عند أمريكا‬ ‫يسمونهم موظفين ويتلقوا‬ ‫اوامرهم من البيت االبيض‬ ‫لكن نحن الشعوب العربية قادرون على كسر الطوق ورفض هكذا رؤساء‬ ‫أذا توحده الشعوب العربية واصبحنا يد واحدة وكلمة واحدة بوجه البيت االبيض‬ ‫وأنا أكد لكم أذا لم تتوحد الدول العربية سيأتي الدور على الكل‬

‫‪31‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫أدب ساخر‬

‫عدد ‪49‬‬

‫اصلع‬ ‫حسام الطحان‬

‫قبل سنتين تقريبا كانت احدى الطبيبات التركيات تنشر اعالنات عن زراعة‬ ‫الشعر في صفحات الفيسبوك ‪ ،‬وكانت االعالنات عادة تتضمن صورا للطبيبة‬ ‫برفقة احد االشخاص الذين اجرت لهم عملية الزرع ‪.‬‬ ‫وكان العراقيون يتابعون هذه االعالنات كثيرا لسبب واحد هو اعجابهم‬ ‫بالطبيبة النها ( خوش وصلة ) كما كانوا يصفونها ‪ ،‬ولم اجد احدا دخل‬ ‫الصفحة لالطالع على تفاصيل العملية ‪.‬‬ ‫وهكذا بقي االصلع اصلعا حتى يومنا هذا ‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫راديون‬ ‫احمد جارهللا ياسين‬

‫يرتبط الموطن صالح سعيد ال بومة بعالقة عاطفية غريبة جدا مع المذياع‬ ‫( الراديون كما يلفظه صالح ) ‪..‬فقد ادمن على االصغاء اليه من ايام اشتراكه‬ ‫جنديا في حرب الثمانينيات ‪..‬ورافقه في الحروب التالية ايضا ‪..‬حتى صار‬ ‫رفيق دربه واشبه بالضرة لزوجته ( فهيمة ) ‪..‬التي كانت تكره( الراديون‬ ‫)‪..‬النه يسرق منها صالحا ‪..‬حتى في ليالي الخميس ‪..‬اذ كان صالح يصغي‬ ‫طوال الليل لل (بي بي سي ) ‪..‬اذاعته المفضلة والوحيدة التي يثق باخبارها‬ ‫‪..‬‬ ‫في احدى ليالي الخميس قررت فهيمة التخلص من (الراديون ) الى االبد‬ ‫‪..‬فرمته في كيس الزبالة ‪..‬وهكذا انتهت القصة ‪..‬‬ ‫حيث عاش صالح مع فهيمة بقية حياته ‪..‬وكانت هي (الراديون ) الجديد الذي‬ ‫يصغي اليها مجبرا من الصباح حتى المساء ‪..‬اما اخبار ها فكلها غير موثوقة‬ ‫‪..‬السيما في ليالي الخميس…‬ ‫التي يكون صالح بطل نشرتها االخبارية بمعاركه المصيرية وهو يتقدم‬ ‫لتحرير كل شبر محتل من ارض‪ ..‬االمة…حتى يسقط في الفجر شهيدا…‬

‫‪33‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫شعر‬

‫عدد ‪49‬‬

‫اهلمس والسكني‬ ‫د‪ .‬عبد الستار البدراني‬ ‫بالخبث نفسه ‪ ،‬واللعنة اللعناء ‪ /‬حدثني سيد األقاحي ‪!.‬‬ ‫للمرة األولى ‪،‬‬ ‫فانذهلت وها انا ذا إثره مشدود بقلبي وراحي ‪!!..‬‬ ‫يا ترى هل يطلق نزفي ‪.‬؟‬ ‫أو ربما يطلق سراحي ‪...‬‬ ‫من يجرح همسي ‪..‬؟‪،‬‬ ‫سأخرج وحدي ملتفا بليل جراحي ‪!!..‬‬ ‫والتف بردان في كفني ‪،.‬‬ ‫يتبعني جسدي هونا ‪،‬‬ ‫وهونا يتبعني ذبّاحي ‪.‬؟؟!‬ ‫احسبني ورد الضباب‪،‬‬ ‫وسكين ذبحي تشحذها الريح مرهفة‪،‬‬ ‫اوتارها تشدو‪،‬‬ ‫ألشباحي‪!!....‬؟‬

‫‪34‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫مواسم القمح‬ ‫روعة محمد وليد عبارة‬ ‫سوريا‬

‫عند حدود الغيم‬ ‫في ليلة عاصفة‬ ‫قتلوا المطر‬ ‫اغتصبوا مواسم القمح‬ ‫وباعوا سالل الورد‬ ‫وتفجر الكون ضجر‬ ‫‪............................‬‬ ‫عند حدود الغيم‬ ‫بتروا ا جدائل الشمس‬ ‫حرقوا وجنات الياسمين‬ ‫تبادلوا اطالق النار‬ ‫وحيدا كان يلملم جثثنا‬

‫مثل الورد الطالع من جمر‬

‫ويدفن كل الصور‬

‫كانت تصرخ‬

‫‪.............................‬‬

‫كانت ترفع أذرعها‬

‫مثل الصخر المتكسر‬

‫يااااااااااهللا‬

‫مثل يباب القمح‬

‫ألسنا بشر‬ ‫‪35‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫‪.........................‬‬

‫والنار تنادي هل من مزيد‬

‫ومضى الكون كفأر محترف‬

‫هل من مزيد‬

‫كثور هائج في حلبة الوهم‬

‫فأقطع أصابعي‬

‫مضى يزرع الورد فوق‬ ‫قبورنا‬

‫واحدا تلو اآلخر‬ ‫وأضحك حين تخبو النار‬

‫ويضم شفاه العاهرات‬

‫ملعونة تلك االصابع‬

‫ليلد مزيدا من اللقطاء‬

‫كانت يوما تكتب شعر الحب‬

‫مزيدا من بشر ليسوا بشر‬

‫تحكي عن العشاق‪......‬‬

‫‪..................................‬‬ ‫‪..‬‬

‫الكون صقيع‪.....‬‬ ‫اليحتاج لوهم الشعر‬

‫لم أبك‪ ......‬لم أضحك‪.......‬‬ ‫كانت يدي تنزف عجزا‬ ‫تنزف قهرا‪ ......‬تنزف‬ ‫وهما‬

‫‪36‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫هناك ‪ ..‬يف املقربة‬ ‫===========‬ ‫شذى االقحوان املعلم‬ ‫ت ُ‬ ‫الر ْي ُح‬ ‫َأخ ُذني ِّ‬ ‫صوت‬ ‫بِأَن ْي ِن َ‬ ‫س ُح ْز َن‬ ‫يُال ِم ُ‬ ‫ُم ْقلَة ‪..‬‬ ‫الحلُ ُم‬ ‫َكبيرا َ‬ ‫كان ُ‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫ش ْم َ‬ ‫ستَ ِمد ِم ْنها‬ ‫أُ ْ‬ ‫ش َّعة‬ ‫األَ ِ‬ ‫أَو أَس ُكنُ‬

‫سلَّة‬ ‫َكما القُط ِن في ال َ‬ ‫أتأبَّطُ َخيا َل َوعد‬ ‫ضة‬ ‫َذاتَ َو ْم َ‬

‫ب ُزه َْرة‬ ‫في َكو َك ِ‬ ‫عان ال ِّد ْي ِم‬ ‫ب قِ ْط َ‬ ‫أُ َدا ِع ُ‬

‫اسمي ‪..‬‬

‫أِنثُ ُرهُ ‪..‬‬

‫رق‬ ‫يَ ْل َم ُع َك َما البَ ِ‬ ‫في ال َم َج َّرة‬ ‫قحوانُ‬ ‫ِح َ‬ ‫ين األُ ُ‬ ‫س النجو َم‬ ‫ال َم َ‬ ‫كضتُ إليكَ أُخبِركَ‬ ‫َر ْ‬ ‫أَبي ‪..‬‬ ‫هُناكَ ‪ ..‬في ال َم ْقبَ َرة‬

‫‪37‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫كِتاب الذِكريات‬ ‫د‪ .‬حسام عبد الفتاح‬

‫َكل َمات قَالهَا ال َّز َم ُن‬ ‫تَ ُخطُ ُسطُو َرا‬

‫فَتَحْ ُ‬ ‫اب‬ ‫ت البَ َ‬ ‫إلي َعهد َمضي فيِّنَا‬

‫ف ال ُع ْمر َسجْ لَهَا‬ ‫ب ُكل حُر ُو َ‬

‫َر ُ‬ ‫ار‬ ‫أيت ال َد َ‬ ‫َح ُ‬ ‫يث األُنسُ يَج َم ُعنَا‬

‫ر َوايةَ ُع ْمر‬

‫كان ال ُو ُد َمرتَ ُعنَا‬ ‫َو َ‬

‫رح تَ ْشنُقُهُ‬ ‫فيهَا الفَ َ‬

‫كري الحُب َك ْ‬ ‫انت في َح َوانيهَا‬ ‫َوذ َ‬ ‫َس َك ْنتِّي فينَا يَاَدا ُر‬

‫بَي َِّن ص َحاف َماضيِّنَا‬

‫حبَال م ْن َمآسيِّنَا‬ ‫قَ ُ‬ ‫رأت سُطُورا‬

‫َويَ ْو َما ُكنَا نَ ْس ُكنُهَا‬ ‫َونَ ْقضي ليَالي ُع ْم َرنَا فيهَا‬

‫صفَ َحاتِّي أَ ْذ ُك ُرهَا‬ ‫من َ‬

‫‪38‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫َو َحنيِّني إليهَا يَأ ُخ ُذنِّي‬

‫لف ُغيوم من ليَاليِّهَا‬ ‫َوضعنَا َخ َ‬ ‫فَ َما َعا َد ْ‬ ‫ت‬

‫َعلي اإل ْخالص بَانيهَا‬

‫ضفَ ُ‬ ‫اف األُنس تَجْ َم ُعنَا‬ ‫َ‬

‫ق ال َّدار أ ْس َم ُعهَا‬ ‫َوبي َِّن ر َوا َ‬ ‫َوأمي تُنَادي أُلبِّي َح ْتي آتيهَا‬

‫ضا َع و َدا َد الحُب من أَ َوانيِّهَا‬ ‫َو َ‬ ‫أالَ لَي َ‬ ‫الي اليَو َم تُسْع ُ​ُدنَا‬ ‫ْت الليَ ِّ‬

‫دار ال َدار‬ ‫َو َ‬ ‫بين ج َ‬ ‫َع ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫ف َوال ُدنَا‬

‫َو َ‬ ‫ليت ال ُع ْم َر‬

‫أ ُذوبُ لود‬

‫يُرْ ج ُعنَا َويُ ْبقِّيهَا‬ ‫ار الهَجْ ر نَجْ َر ُعهُ‬ ‫َوالَ يَسْقينَا َم َر َ‬

‫َوتَ َ‬ ‫ان يَ َح ْميِّهَا‬ ‫حت َجناح منهُ َك َ‬ ‫دار ال َدار َعل ْقنَا‬ ‫َوفَ ْو َ‬ ‫قج َ‬

‫َويَ ْمحُو نُفُو َسا‬

‫صتَنَا‬ ‫ُرسُو َما تَحْ ِّكي ق َ‬

‫أ َذاقَ ْتنَا‬

‫َشها َدةُ فَرحي‬

‫ُكؤ ُو َسا م ْن أَيَاديِّهَا‬

‫َوصُو َرة َعُرسْ أَهليِّهَا‬

‫‪...‬‬

‫تَب َد َل َحا ُل ال ُدنيَّا فيِّنَا يَا َدا ُر‬ ‫تَفَر ْقنَا‬ ‫ين ُدروب من َم َساعيِّهَا‬ ‫َما بَ َ‬ ‫َوقَ ْس َوتُهَا‬ ‫أَقَض ْ‬ ‫رحتَنا‬ ‫َّت منَا فَ َ‬

‫‪39‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫سلطانة الشعر‬ ‫شعر‪ /‬حسن يحيى المداني‬ ‫سلطانة الشعر ذات المبسم الشادي‬ ‫يا نفحة الطهر في شعر وإنشاد‬ ‫يا رقة الحرف في حبر اليراع ويا‬ ‫معزوفة العشب في شبابة الواد‬ ‫أثلجت بالشعر صدر الجو مذ هتفت‬ ‫لك األزاهير في بستانك الضاد‬ ‫زخرفت بالعزف أوتارا مرفرفة‬ ‫مثل الزغاريد في أعراس أعياد‬ ‫ظلي كما أنت محرابا تسر به‬ ‫في دوحة الفكر تعويذات أوراد‬ ‫ظلي ‪ ..‬كما أنت أنغاما تجود بها‬ ‫قيثارة الروح في حزن وإسعاد‬ ‫للقلب والنبض والسلوى وبهجتها‬ ‫في روعة المنظر اآلخاد والعادي‬ ‫والحرف والحبر والمعنى ورقته‬ ‫في مطلع الفجر بل في كل ميعاد‬ ‫للناس زاد به تطوى مجاعتهم‬ ‫ولذة الشعر في ثغر الرؤى زادي‬

‫‪40‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫رهام السالم‬ ‫نرجس عمران‬ ‫سوريا‬ ‫سيروا نحو السالم‬ ‫بخطى واثقة‬ ‫من قال أن كثرة الكالم ؟!‬ ‫تجعل اإلبتسامات ناطقة‬ ‫زحمة األحالم تنجب‬ ‫أياما في العمر مارقة‬ ‫ي على السالم‬ ‫هيا يا قوم ح َّ‬ ‫لتنهض فينا عزيمة صادقة‬

‫من جنان باللؤلؤ بارقة‬

‫نريد أن نعيش الوئام‬

‫الطيب أبدا و على الدوام‬

‫وتبقى رؤسنا بالعزة باسقة‬

‫يلبسكم سكينة و استبرقا‬

‫في التاريخ عبر يا أنام‬

‫أتحكمون على غيركم باإلعدام‬

‫الحرب مقبرة العمالقة‬

‫وهم إخوانكم تبينوا الحقائق‬

‫أن تكونوا اليوم جيشا مقدام‬

‫أم أن العمران في الختام ؟‬

‫ترديكم غدا جنادال و فيالق‬

‫مآله حطام في شرع الزنادقة‬

‫رأفة بالبشر والحجر والحمام‬

‫كونوا كما أمرنا ذو اإلكرام‬

‫واجعلوا قلوبكم لؤلؤا و زنابقا‬

‫نعوذ به من شر ما خلق‬

‫تموج حياتكم بالود كما األنسام‬

‫إمطروا السالم رهاما‬

‫و دماؤكم تعج إخوة و شقائقا‬

‫واحفظوا أروحا‬

‫دعوا التاريخ يسبك لكم األيام‬

‫لها بروحها الحق‬

‫‪41‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫غمر ‪ . . .‬زجل‬ ‫الشاعر طارق فايز العجاوي‬ ‫الورد على خدودها غط وغفي‬ ‫والشهد على شفافها طاب وصفي‬ ‫ياوردها يا شهدها أنت الهوى‬ ‫اليوم على ربوعنا ولفي لفي‬ ‫صار العبير بروضتي يرسل عبق‬ ‫والسوسن الوسنان من نارو أحترق‬ ‫قالت ي طود الحرف سمعني شعر‬ ‫قلتها زعالن مني هالورق‬ ‫ال تزعلي يا كل شعري والدني‬ ‫شيطان شعري اليوم ألجلك ردني‬ ‫مشتاق غازل هالعيون الناعسه‬ ‫البعد عنك يا مليحه هدني ‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عالم املرأة‬

‫عدد ‪49‬‬

‫‪43‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ليلى العطار‬ ‫وراء خلف السوداني‬

‫هي فنانة تشكيلية عراقية من مواليد بغداد عام ‪ 1944‬م‪ .‬وتخرجت من‬ ‫أكاديمية الفنون الجميلة للسنة الدراسية ‪ 1964‬م ‪ 1965 -‬م‪ ،‬تخرجت من‬ ‫أكاديمية الفنون الجميلة عام ‪ 1965‬م‪ ،‬شاركت مع جماعة آدم وحواء ‪1967‬‬ ‫م وهي بدايتها االحترافية‪ ،‬وبعد عام قامت بمعرضها الشخصي األول ‪1968‬‬ ‫م إلى الخامس في مسيرتها الفنية‪ .‬وشاركت في العديد من المعارض داخل‬ ‫العراق وخارجه وقد أحرزت العديد من الجوائز التقديرية في الكويت‬ ‫والبحرين ومصر والمعرض الدولي عام ‪ 1988‬م‪ .‬تزوجت ليلى العطار من‬ ‫السيد عبد الخالق جريدان فسكنت معه في منطقة الكاظمية ورزقا بثالث من‬ ‫األبناء هم حيدر وزينب وريم‪ ،‬وبعد سنوات انتقال إلى منطقة المنصور شارع‬ ‫األميرات حيث كان منزلهم مالصقا لمبنى جهاز المخابرات العامة العراقية‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫انجازاتها والمناصب التي تقدمتها وعملت بها‬

‫‪44‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫عملت مديرة للمتحف الوطني للفن الحديث‪ ،‬وقاعة الرواق‪ ،‬وقاعة بغداد‪.‬‬ ‫عضو في نقابة وجمعية الفنانين العراقيين‪.‬‬ ‫عملت مديرا عاما لدائرة الفنون‪.‬‬ ‫فازت بجائزة الشراع الذهبي في بينالي الكويت السابع‪ .‬وكذلك شاركت في‬ ‫معرض بينالي القاهرة عام ‪ 1984‬م‬ ‫فن ليلئ العطار‬ ‫لقد كان فن ليلى العطار يوحي باغتراب‪ ،‬وبحزن عميق‪ ،‬األمر الذي جعلها‬ ‫تتخذ من الطبيعة موضوعا للخالص‪ ،‬لكن الطبيعة لديها كانت جرداء‪:‬‬ ‫صحراء تمتد إلى المجهول‪ :‬وكانت األشجار جرداء وكان الربيع غادرها إلى‬ ‫األبد ‪ ..‬بل قد تبدو أعمالها كساحة حرب مهجورة بعد قتال قاس ومرير ‪..‬‬ ‫ووسط تلك الخرائب والصمت ثمة جسد يتجه نحو الشمس في غروبها‪ ،‬جسد‬ ‫يتالشى أو يستسلم للكون‪ ،‬إنها تذكرنا برومانسية معاصرة للشقاء الذي تعاني‬ ‫منه النفس في عزلتها االجتماعية والنفسية والفلسفية‪ ،‬تلك الوحدة التي تدفع‬ ‫بالمتفرد إلى عزلة بال حدود‪ .‬لكنها في الواقع هي الوحدة‪ ،‬هي االندماج بالكل‪،‬‬ ‫والتخلي – كما يفعل المتصوفة والزهاد – عن المتاع الزائد لبلوغ درجة الال‬ ‫حاجة‪ ،‬أو المثال الذي يراود المالئكة والشعراء والعشاق العذريين‪ .‬إنها في‬ ‫هذا المسار تذكرنا بموتها‪ .‬هذا العناق مع األشجار الجرداء‪ ،‬مع األرض‬ ‫المحترقة ومع الهواء األسود‬ ‫وفاتها‬ ‫كان لقيامها برسم صورة الرئيس األمريكي األسبق جورج بوش األب على‬ ‫مدخل أرضية فندق الرشيد في بغداد مما أدى أثارت سخط وحفيظة اإلدارة‬ ‫األمريكية‪ .‬فقامت الطائرات األمريكية أثناء قيامها بغارة جوية على مدينة‬ ‫بغداد في ‪ 27‬حزيران (يونيو) ‪ 1993‬م باستهداف منزلها الكائن في منطقة‬ ‫المنصور بصاروخ أودى بحياتها هي وزوجها وشيعت بجنازة رسمية‬ ‫حكومية‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫أزياء‬

‫‪46‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫ناصر إبراهيم‬ ‫‪47‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫لوحه وفنان‬

‫الفنان عبد الرزاق املوىل‬

‫‪48‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫أقالم شابه‬

‫عدد ‪49‬‬

‫حب زماني مسلسل صني الصنع‬ ‫رباج بسمة‬ ‫هل عجزتم أو كسلتم على صنع حب أصلي متفرد بسيط بدون كلكعات زمانكم مثل‬ ‫حب أبائكم؟‪ ،‬لتقرر سواعدكم ومخيالتكم تقليد الحب كالصنيين املنتجين لألمساخ‬ ‫الرائجة في أسواقكم‪ ،‬وتتقمصوا الحب بسرعة من املسلسالت التي تروج لكم‪،‬‬ ‫ضاربين بالدين التقاليد املقدمات النتائج عرض الحائط‪ ،‬فتعيشون الحب كالعشاق‬ ‫عاما لتتزوجوا وتتطلقوا بعد شهر‪ ،‬لكون الزواج تقمص تام ذاتي فقد في‬ ‫مسلسالتكم‪ ،‬كيف ال واألدوار التمثيلية تنتهي بالضبط عند حفل الزواج‪ ،‬وحتى إن‬ ‫كتب لها أت تكتمل بعده في قليل من القلة القليل‪ ،‬فستالحظ ال محالة أنهم‬ ‫سينفصلون ألسباب تصيبك بالغثيان‪ ،‬لتدور الرحى وال تضع أوزارها إال في األخير‬ ‫وبدون كسر لسماء التوقع بالضبط عند حفل العرس‪ ،‬حتى كسر التوقع الذي بسببه‬ ‫اشتهرت قصة روميو وجوليات‪ ،‬وقامتم له والعالم تصفيقا ولم تقعدوا‪ ،‬واشتهر به‬ ‫ويليام شكسبير كان انتحار العاشقين‪ .‬كما أن الحب في زمني لم يعد معياره كيان‬ ‫يجمع شطرين‪ ،‬بل أطنان من الصور تلتقط ليعيرها التابعون بآرائهم وإعجابتهم‬ ‫وبؤساه‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫وصية شهيد‬ ‫امجد الناصري‬

‫انظر اليك كأني انضر الى تلك االم التي تتنظر ابنها الشهيد الذي رحل منذ‬ ‫اعوام ولم تعرف الوصول اليه‬ ‫اما االن قررت ام الشهيد ان تطرق جميع ابواب اصدقائه التي كان اليفارقهم‬ ‫فقرر صديقه ان يذهب مع ام الشهيد الى ولدها فأاوصلها الى القبر الذي كان‬ ‫مدفونا الشهيد فيه فوجدت صورته معلقه على جدران القبر وهو يبتسم وراسم‬ ‫عالمة النصر وبعدها فتحت تلك الوصية التي كانت في جيب الشهيد فجلست‬ ‫وقرأت قرب القبر ولكن ماذا كتب الشهيد بالوصية الى اهله ‪/‬‬ ‫وصيتي الى اوالدي واصدقائي والى جميع االحبة عندما تقرأ كلماتي‬ ‫اعذروني لم استطيع ان اترك لكم المال والقصور ولكن تركت لكم شيئا اعتبره‬ ‫اعظم من كل االموال تركت لكم وطننا سالمأ منعم ولم اترك الفرصة لداعش‬ ‫ان يسبي ويقتل ويذبح ويفجر فأنا االن اقول لكم فكرو بمستقبلكم االتي وايامكم‬ ‫القادمة اصبحوا مثلي كما كنت مثلكم في تلك االيام التنسوني في صالتكم‬ ‫وزياراتكم واذكروني عندما يأتي عيد النصر ويوم تحرير العراق كم تمنيت‬ ‫ان اكون مع اخواني واصدقائي لـ افرح معهم ‪ /‬اخــوكم الشهيد‬

‫‪50‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫هو ليس يل‬ ‫زينب الشيخلي‬ ‫في حياة كل ا ْمرئ منا نواة صغيرة تربطه بالحياة‪.‬‬ ‫تكون هذه النواة على هيئة " شخص" لن تنساه الذاكرة أبدا ‪..‬‬ ‫شخص سنلتقي به في يوم من األيام ال محالة‪.‬‬ ‫شخص ال يقدر بثمن‪،‬وال يعوض‪ .‬كلما تراه تقول ‪:‬‬ ‫" هو لي "‪ .‬والعجيب أنه لن يكون لك‪.‬‬ ‫شخص ستحبه كل الحب ‪ ..‬يثبت بداخلك قدرا كبيرا من األدرينالين من دون‬ ‫جهد أو مشقة‪.‬‬ ‫تعيش معه أجمل لحظات حياتك‪ ،‬تدرك جيدا بأن ما تريده هو ذاك الشخص‪.‬‬ ‫لكنك تخاف من أن تقترب أكثر‪ ،‬ومن أن تبتعد ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫أصبحت طافحة به‪.‬‬ ‫تحاول جاهدا إجهاض ذاكرتك‪ ،‬لكنها ترفض ذلك‪ ،‬فقط‬ ‫تجبر عقلك على أال يكون لغيرك ‪ ..‬وفي قلبك حسرة وتأجج‪.‬‬ ‫تحاول إقناع نفسك مع مرور األيام بأنه سيكون لك‪.‬‬ ‫رغم يقينك أنه لن يكون لك ‪ ..‬لن يكون لك ‪..‬‬ ‫وفي سكون الليل ينتابك وجع أصم ‪ ..‬يتخبطك ‪ ..‬ويقبض على روحك‬ ‫بتنهيدة تخرج على شكل ثالث كلمات " هو ليس لي "‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫َ‬ ‫أتكيت الذات‬ ‫اسراء جعفر‬ ‫هو ان نهتم بذاتنا‪.‬‬ ‫بثباتنا ال َعقلي وأَتزانُنا النَفسي والعاطفي‪.‬‬ ‫وتوهجنا قب َل ان نبحث عن الحل في مكان آخر ‪.‬‬ ‫الداخل هو االَهم حيث ال َجوهر والكيان األَصلي ‪.‬‬ ‫العُظماء هم أَكثر الناس ُمكاشفة ألنُفسهم وعالج الخلل في أَرجاء قلوبهم‬ ‫والتعامل بإيجابية مع خلل السلوك وشطحات الروح وانكسارات الداخل وذلك‬ ‫قبل ان يوجهوا ضوء النقد الى الخارج ويَلقوا بمشاكلهم على العالم ٰ حافظ‬ ‫دائما على داخلك نقيا صلبا قويا سالما بينما الخلع والخوف واألَوهام سيغرقنا‬ ‫قلبك مادامت‬ ‫بل أَن تغرقنا هموم الحياة وأَن هموم الحياة لن تستطيع اغراق َ‬ ‫قَ َ‬ ‫لذلك الداخل ‪.‬‬ ‫لم تصل الى داخله ولن تصل الى داخله اذا كانت شديدة التعهد َ‬ ‫لذلك يجب ان تكون هذه الرؤية إيجابية‬ ‫ك هي جزء من‬ ‫ان‬ ‫نجاحك َ‬ ‫َ‬ ‫رؤيتك لنفس َ‬ ‫َ‬ ‫تقودك الى اعلى مراتب النجاح ‪.‬‬ ‫لكي‬ ‫َ‬

‫‪52‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫مسك الختام‬

‫عدد ‪49‬‬

‫فساد قمة اهلرم‬ ‫قاسم الغراوي‬

‫قادت الطبقة السياسية بالعراق نهبآ ماليآ للمال العام لمدة ‪ 13‬عامآ بحثآ عن‬ ‫النفوذ ‪ ،‬وعندما بدات اسعار النفط تنخفض مؤخرآ وتؤثر هي االخرى على‬ ‫موارد الدولة تالشت كل االمال في تحسن الحكم ‪.‬في تصريح للنائب مشعان‬ ‫الجبوري قال فيه (الجميع فاسدون من قمة الهرم الى قاعدته ‪ ،‬نعم جميعهم‬ ‫بما فيهم انا واليوجد حل)‪ .‬ولكم ان تتصوروا حجم الكارثة التي يمر بها‬ ‫العراق ‪.‬‬ ‫ظهر الفساد بعناوينه ومسمياته في وقتنا الحاضر بوسائل ملفتة للنظر ‪ ،‬بفعل‬ ‫ماتقوم به النخب السياسية ورجال االعمال والنخب االدارية المرتبطة‬ ‫بمناصب الدولة من افعال هدفها اساءة استخدام السلطة العامة الهداف غير‬ ‫مشروعة ‪.‬‬ ‫ان اكثر انواع الفساد السياسي شيوعآ المحسوبية والرشوة واالبتزاز‬ ‫وممارسة النفوذ لذوي السلطة في البلد ‪ ،‬اعتمادآ على المناصب التي يحصل‬ ‫عليها البعض وهو يفتقر الى االخالق المهنية ويبتعد عن القيم االنسانية‬

‫‪53‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫والوطنية التي تحكم سلوكه والتزامه ‪ ،‬باعتبار المنصب شرفيآ لخدمة الشعب‬ ‫وتكليفآ بنفس الوقت لالرتقاء بالبلد وتطويره نحو االفضل ‪.‬‬ ‫ان شيوع المحسوبية والرشوة واالبتزاز وممارسة النفوذ المتمثلة بالعمالت‬ ‫والنهب واالستحواث على المناقصات العامة لصالح فئة معينة ومنح‬ ‫االمتيازات االقتصادية لتحقيق اغراض سياسية هي ابرز انواع الفساد‬ ‫المستشري الذي ينخر جسد الدولة ويعطل برامجها االنمائية وسبل تقديم‬ ‫الخدمات واالرتقاء بها ‪.‬كما ان بروز النهب الواسع لالموال الحكومية عن‬ ‫طريق صفقات غير شرعية تعد االبرز في النظام السياسي القائم ‪ ،‬اضف الى‬ ‫ذلك ضياع موارد الموازنة الحكومية وارتفاع مرتبات اعضاء القوى‬ ‫السياسية المسيطرة على مواقع المسؤولية ‪،‬وحتى القرارات الصادرة من‬ ‫السلطة التشريعية تصب في مصلحة االعضاء وشرائح معينة ‪ ،‬والتراعي‬ ‫الوضع العام للشعب وتعجل باصدار قرارات او تفعيل قوانين تصب في‬ ‫مصلحته ‪ .‬وتبرز ظاهرة االستيالء على المناصب والوظائف الحكومية‬ ‫والدرجات الخاصة بشكل ملفت للنظر ‪ ،‬على سبيل المثال يتربع اقرباء‬ ‫ومعارف السياسيين في السفارات والسلك الدبلوماسي وعوائلهم برواتب‬ ‫تفوق احالمهم مع كون الغالبية اليدرك مفهوم عمله ‪ ،‬في حين يقبع في البالد‬ ‫من حملة الشهادات العليا واالختصاص عاطلين عن العمل ‪ ،‬كما ان‬ ‫الوزارات بوظائفها المهمة تحتكر للوزير واقرباءه واعضاء حزبه ‪،‬والغريب‬ ‫في االمر ان الوزير التابع لحزبه يخضع لتعليماته وال يلتزم غالبآ بتعليمات‬ ‫صادرة من جهات اعلى ‪،‬وتوجد امثلة كثيرة ال اود الخوض فيها ‪ .‬لقد غاب‬ ‫مفهوم الكفاءة في الدولة العصرية الديمقراطية وحل محلها المقربون واالهل‬ ‫واالصدقاء ‪.‬‬ ‫ان الفساد السياسي انما هو فساد في التصرف والسلوك السياسي الذي يمارس‬ ‫من قبل االشخاص الذين يتربعون في السلطة لذا يعتبر هذا الفساد من‬ ‫التحديات الكبيرة التي تواجه التنمية فهو يقوض الديمقراطية ويغير مسار‬ ‫العملية السياسية لكونه يبتعد عن القيم الديمقراطية الصحيحة ‪ ،‬ويقدم المصالح‬ ‫الشخصية والفئوية والحزبية على مصالح الوطن وخدمة الشعب‬

‫‪54‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫الذي يولد محار ال‬ ‫ميكن ان ميوت وهو‬ ‫غزال‬ ‫البارون االخري‬

‫‪55‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬


‫عدد ‪49‬‬

‫مجلة زهرة البارون‬

‫مجلة زهرة البارون عدد ‪49‬‬

‫ألرسال النصوص البريد االلكتروني ‪tzozo000@gmail.com‬‬

‫‪56‬‬

‫موقع الويب للمجلة ‪https://magazineflowerbaron.wordpress.com‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.