حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 14 -السنة األوىل
/15أيلول 2014 /
12صفحة
كيف تصنع إرهاباً لتحاربه! داعش واجملتمع الدولي حكومة مؤقتة لتصريف األعمال بكرت مفتوح املدنيـون الســوريون كبـالـع املـوس على احلـديـن
newspaper.allsyrians.org
الدولي ض ّد التحالف ّ (داعش)؟؟!! صناعة اإلرهاب لمحاربته اليوم ...خرج الرئيس األمريكيّ أخيراً من عزلته وقرّ ر ّ التدخل العسكريّ في منطقة ال تزال رائحة جنوده عالقة برمالها. اليوم ...استطاعت الرؤوس التي فُصلت عن أجسادها في مشاهد أعادت البشريّة إلى بشاعات موغلة في تاريخها الدمويّ وقصص تهجير المسيحيّين وبيع النساء و..و ،...أن تدفع «حُماة ّ التدخل ،في حين لم تستطع مشاهد مئات القيم اإلنسانيّة « لهذا األطفال المصفوفين بجانب بعضهم في منظر لم تشهده البشريّة من قبل ...مشاهد أطفال يغمضون حياتهم بعد جرعة قاتلة من الكيمياويّ ،إثارة ك ّل هذه الحميّة في الدفاع عن قيم اإلنسانيّة التي ينتهكها النظام السوريّ وحلفاؤه منذ ثالث سنوات. اليوم أيضا ً ...ستعتاش المعارضة السوريّة والنظام السوريّ ّ التدخل الخارجيّ ،ستعلن رفضها أو موافقتها وتدخل على نقاش ّ التدخل الخارجيّ في جدل بيزنطي ال ينتهي ،ناسية أو متناسية ،أنّ السافر في سورية بدأ منذ زمن ،وربّما قبل انفجار الثورة السوريّة، وناسية أو متناسية ،أ ّنها أصبحت – أي المعارضة والنظام – ّ المتدخلين. أجراء بال كرامة عند أربعون دول��ة ستشارك في تحالف استعراضيّ مهمّته التص ّدي لـ (داعش) ( ...داعش) الغول الذي اجتاح سورية ،ومن بعدها العراق كزلزال مباغت أيقظ العالم فجأة على خطر لم يكن ّ وتضخم وامتلك بالحسبان!!! لكن كيف نما هذا الغول وكيف كبر إمكاناته الكبيرة فجأة؟ فهذا أمر آخر... لع ّل الحبكة الدراميّة في مسرحية (داع��ش) لم تهتم كثيراً بإقناع المشاهد بمنطقيّة الحدث ،فأدخلت األساطير القديمة بالخيال العلميّ ،لتق ّدم مسرحا ً غرائب ّيا ً الته ّم قيمته الف ّنيّة طالما أنّ المشاهدين سيُرغمون على متابعة تفاصيله لحظة بلحظة، وسيدفعون مقابل حضورهم دما ً وحاضراً ومستقبالً.
عدسة عارف حاج يوسف
تحقيقات العدد املدنيّون يف سورية يكسرون جدار اخلوف حتت مساء املوت بني الكتائب املعتدلة والتحالف الدول-من ّظمات اجملتمع املدن ّي يف سورية 2/2
لكن لماذا يغيب عن هذا الفصل من المسرحية ّ ممثلون أساسيّون ؟؟ لماذا تغيب تركيا وإيران وروسيا؟؟؟
الدولي في ماذا سيح ّقق التحالف ّ حربه ض ّد (داعش) في سورية؟
ص6 ص6 ص7 ص7
التركي -األوروبّ ّي والمترّتبات االّتفاق ّ القانونّية على إقامات السورّيين في تركيا
ص8
وبموجب هذا النوع من اإلقامات فإ ّنه يتع ّين على اللاّ جىء السوري البقاء في تركيا فقط (طبعا مع ح ّقه بالعودة إلى بالده الش ّك ّ إن رغب) وفي حال لجوئه بالطرق غير الشرع ّية ألورو ّبا ،فستت ّم إعادته لتركيا بوصفها أسبغت عليه حمايتها القانون ّية عندما منحته لجوءاً إنسان ّياً. احملامي :غزوان قرنفل
عودة أسواق النخاسة
ص9
نشوء أس��واق النخاسة يعود إلى زمن بداية الزراعة وفق «وول ديورانت» حين الغني في الزراعة وكان له سطوة وسلطة أخذ الفقير يعمل لدى ّ قو ّية على العامل قد تصل إلى درجة اإلرغام. طريقة ملفتة للنظر وه��ي :أنّ النساء ما ع��ادت تعرض في تحولت وسائل االتصال المرئ ّية (التلفزيون واالنترنت) األسواق ،بل ّ وجيهة عبد الرمحن إلى سوق نخاسة لعرض البضاعة.
قراءة في جذور العنف في التفكير اإلسالمي 3/2 العربي ّ ّ إنّ ال��ح��رك��ات األص��ول� ّي��ة ْ أصبحت واقعا ً ال اإلسالم ّية يمكن تهميشه أو إلغاءه ،فقد ص 10 ظهرت بسبب عوامل موضوع ّية كان البدّ أنْ تظهر بتوافرها
عبدو نيب
ص2
ّ الدولي المباشر، التدخل م ّما الش ّك فيه أنّ ّ تحول مع تلك السيطرة لتنظيم الدولة ،قد ّ ملحة ،ض��رورة ال يمكن أن إلى ض��رورة ّ ّ التدخل دولي ،لكنّ هذا إقليمي أو بأي رفض رسمي أو بأي رفض ّ ّ شعبي ،وال ّ ّ ّ تواجه ّ وفقا ً للخطط التي يت ّم اإلعالن عنها ،ال يم ّثل -على ما يبدو -سوى حصراً لشبح اإلرهاب ضمن منطقة محدّدة .فهل يعتبر ذلك الحصر هو النتيجة التي تسعى القوى لؤي حاج بكري الدول ّية لتحقيقها؟
(داعش) كذبة سورّية وحقيقة دولّية ص3 بعض العشائر الكبيرة االنتهاز ّية بايعت الخليفة ليس إيمانا ً بالدين ،إ ّنما بالسلطة والنفوذ اللذان يتم ّتع بهما ّ تتخطى هل كان على (داعش) أن تمس المسيح ّيين واإليزيد ّيين وتهدّ د إقليم كردستان؟ السيناريو المرسوم لها ،وأن ّ
حممّد جيجك
حوار مع د .بسمة قضماني
ص5
د .بسمة قضماني باحثة في مجال العلوم السياس ّية وأستاذة العالقات الدول ّية بجامعة باريس ،حازت على شهادة الدكتوراه من معهد العلوم السياس ّية بباريس .في عام 2005 العربي» وهي المديرة التنفيذ ّية لها ،وأمينة سر مبادرة أسست «مبادرة اإلصالح ّ ّ الوطني «من أجل سورية جديدة» .في آب 2011شاركت في تأسيس المجلس ّ التنفيذي ورئيسة مكتب العالقات الخارج ّية السوري ،وأصبحت عضواً في المكتب ّ ّ فيه ،استقالت من المجلس في آب .2012 عدوك؟ فسيقول إيران وليس إسرائيل لو سألت المواطن العادي من هو ّ ّ ّ الثورة واقع ،وقد تجذرت مهما كانت المعاناة ،نحن بحاجة اليوم إلعادة تقييم مستمرة في روح وقلوب وعقل ّية الناس أدواتها ،لك ّنها ّ فرنسا لم تتحدّ ث بأ ّية لغة باتجاه العودة إلى مخاطبة نظام األسد ّ بشار فستق
وحده النظام السوريّ والمعارضة السوريّة استع ّدوا كثيراً وحفظوا أدوارهم جيّداً للمشاركة كـ (كومبارس) في بعض لقطات المسرحيّة ،لكنّ القرار حولهم لم ي ّتخذ بعد ،وإن كان مصطلح المعارضة المعتدلة قد أُدرج قليالً في بعض النقاشات ،إلاّ أّن التفاصيل األخرى لم تتوضّح بعد. إذا لم يسند دور -مهما كان صغيراً -للنظام السوريّ ، فسوف يضطرّ إلى مواصلة التواطؤ مع (داعش) ودعمها وتوفير مقوّ مات صمودها ومنع تحقيق انتصار حاسم عليها ،كي يُرغم المنتج والمخرج على إسناد دور له ،قد يكون قرار التواطؤ مع (داعش) في طهران وليس في دمشق ،فطهران هي التي ستقرّ ر الذهاب إلى آخر المقامرة أو التو ّقف في منتصفها والتفاوض على نصف الخسارة أو على بعض الربح. اليوم ...هل تنقلب لعبة االستنزاف؟ فالنظام السوريّ وإيران والعراق (المالكيّ ) وحزب هللا و..و ..والذين غرقوا طوال ثالث سنوات في معركة المستنقع السوريّ واس ُتنزفوا طويالً وعلى مدى ثالث سنوات سيحاولون استنزاف اآلخرين داخل المستنقع إيّاه ،الفاجع في ك ّل االحتماالت أنّ الدم السوريّ وأنّ السوريّين ومق ّدرات سورية ،هي أداة هذا االستنزاف . اليوم ....فصل جديد من فصول المأساة السوريّة ،فصل ال يجد السوريّون فيه إلاّ خيارات الموت ...فصل يُعلِن فيه النظام الذي دمّر البلد ،والمعارضة التي لم تستطع إنقاذ أيّ شيء ،أ ّنهم مجرّ د بيادق في لعبة وهم. أمريكا تعلن إشارة البدء ....ستنزاح الستارة عن مسرح اعتلى ممثلون ّ خشبته ّ ملثمون وبذقون طويلة م ّتسخة يرفعون راياتهم السوداء ...لن نرى األبطال المدافعين عن «قيم اإلنسانيّة» على المسرح لك ّننا سنعرف أ ّنهم موجودون من خالل أصوات الدمار الغامضة والجثث المسّاقطة ....لينتهي الفصل على خروج ّ ملث ٍم (داعشي) من أحد أبواب المسرح ليعود مرّ ة أخرى من باب المسرح اآلخر مرتديا ً ثياب أخرى ربّما تكون مزركشة كثيراً أو ربّما عسكريّة بأوسمة كثيرة أو ..أو ...سيص ّفق الجمهور طويالً، وسينحني البطل لتصفيقهم وبينما تسدل الستارة يمكن لمن يشاء أن يرى في خلفيّة المسرح سورية المدمّرة والتي اليزال دخان الحرائق ينبعث منها.
ب ّسام يوسف
2
العدد 14
الدولي ماذا سيح ّقق التحالف ّ في حربه ض ّد (داعش) في سورية؟
بغضّ النظر ع��ن ك�� ّل اآلراء وال����م����واق����ف المتباينة ،ف��إنّ االس����ت����خ����دام ّ المكثف والمتزايد للعنف م��ن قبل ن��ظ��ام حكم ض ّد ث����ورة شعبيّة، يمكن أن ي��ؤ ّدي إلى انتشار الكثير من ردود الفعل ً ُ المتطرّ فة ،ففي سورية التي تعتبر جزءا من المجتمعات اإلسالميّة ،تسبّب ذلك العنف في اجتذاب المقاتلين الجهاديّين اإلسالميّين من ك ّل بقاع األرض ،كما هيّأ المناخ النتشار األفكار المتطرّ فة في أوساط واسعة من الشباب ،ممّا مهّد لظهور تنظيم قاعدة إسالميّ عُرف بداعش ،وسيطر على منطقة ال يستهان بها من البالد. إلى جانب انتشار العديد من التنظيمات اإلسالميّة الجهاديّة األخرى في مناطق أخرى ،والتي ال يمكن أن تش ّكل جبهة عريضة أو ح ّتى إسالميّة عامّة ،انطالقا ً من الرؤية اإلقصائيّة الالديمقراطيّة لك ّل منها؛ كذلك فإنّ ما جرى على الساحة العراقيّة ،من سقوط قسم مه ّم منها بيد هذا التنظيم ،نتيجة النحراف العمليّة السياسيّة باال ّتجاه الطائفيّ ،قد ش ّكل أرضيّة قويّة لبناء دولة تمت ّد من الموصل إلى حلب ،استدعت ك ّل هذا التحرّ ك الدوليّ الملحوظ لمواجهة قيامها ،وما ّ يمثله ذلك من خطر إرهابيّ عالميّ ،أكثر من كونه نزوعا ً نحو نظام حكم محلّيّ .
إلاّ على امتالكه إلي���دي���ول���وج��� ّي���ة خ���اصّ���ة ،وع���دم خ��ض��وع��ه أليّ���ة أجندات محلّيّة أو إقليميّة أو دوليّة، على الرغم من ك ّل االخ��ت��راق��ات التي يمكن أن تكون ق��ائ��م��ة ح��ال � ّي �ا ً أو سابقاً ،ممّا يجعله ف��ي ح��ال��ة ح��رب مستمرّ ة ،مع مختلف الدول واألنظمة ،كما مع مختلف القوى ،ح ّتى وإن كانت قريبة من رؤيته اإليديولوجيّة، فالسيطرة الحاليّة للتنظيم ،والمعتمدة على األساليب المروّ عة في الذبح وتطبيق الحدود الشرعيّة اإلسالميّة، هي سيطرة فرديّة مطلقة للتنظيم على مساحة ال يمكن أن تتح ّقق بسيطرة المجاهدين الوافدين وفقط ،بقدر ما هي سيطرة ألعداد كبيرة من أبناء تلك المناطق، وسعيهم إلقامة سلطتهم اعتماداً على مفاهيم التكفير ونبذ الديمقراطيّة ،والتنكيل بك ّل من ال يق ّدم البيعة ألميرهم كخليفة للمسلمين .لكن بالنظر إلى البيئة االجتماعيّة في تلك المناطق -على الرغم من طابعها ال ُّس ّنيّ -فهي تختلف إلى ح ّد كبير عن تلك المناطق المولّدة للعناصر الجهاديّة المتطرّ فة ،كما في مناطق مح ّددة من اليمن والسعوديّة ومصر وتونس والمغرب، وكما في مناطق واسعة من أفغانستان والباكستان والشيشان ،األمر الذي يدفع لالعتقاد بضعف الحاضنة االجتماعيّة لذلك التنظيم.
ربّما يت ّم النظر حال ّياً ،إلى الخطوات الجارية من قبل الواليات الم ّتحدة وحلف الناتو ،من زوايا مختلفة ،سواء كخطوات حاسمة لمنع قيام هذه الدولة ،أم كخطوات محدودة إليقاف تم ّددها ،لكنّ معظم الدالئل تشير إلى المُضيّ في تشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم داعش ،بعيداً عن ك ّل التفسيرات المتعلّقة بنشوء ذلك التنظيم وآليّات تمويله ،فالبنية الحاليّة للتنظيم ال تدلّل
من هنا ،فإنّ السعي إلنهاء تلك السيطرة ،لن يكون بمجرّ د توجيه الضربات الجوّ يّة لمواقعهم العسكريّة، والتضييق على قدوم المزيد من المقاتلين األجانب، بقدر ما هو سعي إلنهاء حالة االستقطاب المستمرّ ة من الس ّكان المحلّيّين ،سعي ال يمكن للتحالف الدوليّ مهما ا ّتسعت ضرباته الجوّ يّة أن ينجح في تحقيق مهامّه ،والتي يشير القائمون عليه ،إلى صعوبتها وامتدادها الزمنيّ ،
/15أيلول 2014/ نجاحا ً قد ال يتح ّقق إلاّ حين تترافق تلك المها ّم العسكريّة مع مها ّم دوليّة أخرى ،قادرة على خلق مناخات مناسبة لتجفيف عملية االستقطاب المحلّيّ ،ومنع تحوّ له إلى بيئة حاضنة ،وذلك بتقديم الحلول المختلفة والتدريجيّة للمساعدة في استنهاض ّ مطرد للمدنيّة والديمقراطيّة في العراق وسورية ،وليس باإلعالن فقط عن دعم الحكومة العراقيّة ،وإعادة تأهيل جيشها في الحرب ض ّد تنظيم الدولة اإلسالميّة ،تلك الحكومة التي لم ُتظهر بعد أيّ ابتعاد عن السلوك الطائفيّ لحكومة المالكيّ ،التي كانت السبب فيما حصل ،األمر الذي قد يح ّقق بعض التغييرات في حجم سيطرة داعش على األراضي العراقيّة ،وليس باإلعالن كذلك عن االكتفاء بمالحقة التنظيم في سورية كما في العراق، والدعم العسكريّ لقوى الثورة المعتدلة وتدريب بعض من مقاتليها في السعوديّة ،مع عدم اإلشارة إلى كيفيّة منع نظام األسد عن استمراره بتنفيذ الجرائم األكثر بحق الشعب ،التي تعكس تكريسا ً بشاعة وا ّتساعا ً ّ لسيطرة التنظيم على مناطق أوسع في سورية ،في ظ ّل الضعف المستمرّ لسيطرة النظام والقوى األخرى التي تعارضه ،وفي ظ ّل انتشار المزيد من حاالت الفوضى الناجمة عن تلك الحاالت من العنف والضعف. ّ التدخل الدوليّ المباشر ،مع ك فيه أنّ ممّا الش ّ تلك السيطرة لتنظيم الدولة ،قد تحوّ ل إلى ضرورة ملحّ ة ،ضرورة ال يمكن أن تواجه بأيّ رفض رسميّ أو شعبيّ ،وال بأيّ رفض إقليميّ أو دوليّ ،لكنّ هذا التدخل وفقا ً للخطط التي يت ّم اإلعالن عنها ،ال ّ ّ يمثل على ما يبدو -سوى حصراً لشبح اإلرهاب ضمنمنطقة مح ّددة .فهل يعتبر ذلك الحصر هو النتيجة التي تسعى القوى الدوليّة لتحقيقها؟ نتيجة ال ُتفصح الخطط التي تصدر ح ّتى اآلن ،عن قيادة التحالف والمشاركين فيه ،إلاّ إلى أه ّميّة إنهاء الوجود الداعشيّ في العراق أوّ الً ،وعبر الشكل الطائفيّ القائم في التص ّدي له من قبل الحكومة العراقيّة ،وإلى إمكانيّة تحوّ ل سورية لحالة مشابهة مع حاالت بقيّة الدول التي أصبحت ساحات مغلقة للموت العبثيّ ، كما في أفغانستان والصومال وليبيا ،حيث تتوالد السلطات على األرض دون أيّة سيطرة لسلطة موحّ دة في المجتمع ،وحيث يح ّل الصراع بين تلك السلطات، بديالً عن الصراع على سلطة واحدة.
لؤي حاج بكري
حرب «انتقائّية» على اإلرهاب!!... ُ الدافع احلقيق ّي هو املصاحل النفطيّة واالسرتاتيجيّة املوجودة يف اإلقليم الكرد ّي. لم تكنْ والدة ما يسمى الدولة اإلسالميّة في العراق والشام «داعش» في شهر نيسان من العام 2013حدثا ً مفاجئا ً لك ّل الدول المعنيّة بالحدث السوريّ وتداعياته المتغيّرة .بل كانت أجهزة استخبارات كبريات الدول الغربيّة على دراي ٍة وعلم بتحرّ كات «المجاهدين» وتوافدهم للقتال في أرض الشام من ك ّل أصقاع وبقاع األرض ،وكان جل ّيا ً وواضحا ً للعيان أنّ نفوذ المتطرّ فين والمتش ّددين يزداد وبتعاظم على الساحة السوريّة على حساب مقاتلي الجيش الحرّ المُص َّنفين ضمن خانة االعتدال في المعارضة السوريّة المسلّحة. وبعد بسط «داعش» سيطرتها المطلقة والكاملة على محافظة الر ّقة عقب المعارك التي خاضها مقاتلو التنظيم ض ّد كتائب الجيش الحرّ المتواجدة في المدينة إضافة إلى مقاتلي حركة أحرار الشام وجبهة النصرة، ك أنّ هذا التنظيم بدأ بتأسيس لم يعد هناك مجال للش ّ دولته من أوّ ل محافظة «محررّ ة» سابقا ً وي ّتخذوها قاعدة للتم ّدد والبقاء كما يحبُّ عناصر «داعش» أن يتر َّنموا بتلك األهزوجة الشهيرة «باقية وتتم ّدد» . بالعودة للحرب على اإلرهاب كانت كتائب الجيش الحرّ أوّ ل من أعلن الحرب على الدولة اإلسالميّة في العراق والشام «داعش» ،حيث بدأ الحملة فصيل جبهة ثوّ ار سورية بقيادة جمال معروف في 2014/1/3 حيث أمهل مقاتلي التنظيم 24ساعة للمغادرة ،وتش ّكل جيش المجاهدين من سبع فصائل مسلّحة لخوض هذه الحرب ض ّد داعش ،قيل الكثير حينها :حول موعد هذه الحرب المتزامن مع قرب انعقاد مؤتمر جنيف 2 ومحاولة الجيش الحرّ ومن ورائه المعارضة ،سحب ورقة محاربة اإلرهاب من يد النظام السوريّ لتصبح أداة ضاغطة في تلك المفاوضات ،حينها لم تعلن الواليات الم ّتحدة األمريكيّة الراعي الرسمي للحرب على اإلرهاب عن أيّة مساعدات عسكريّة أو تقنيّة لكتائب الجيش الحرّ ،ولم تن ّفذ «الطائرات بال طيّار» أيّة غارا ٍ ت على مواقع التنظيم المذكور أو أرتاله، تتبار الدول األوربيّة في تقديم الهبّات العسكريّة ولم َ أو الماديّة لكتائب الجيش الحرّ وفصائلها المذكورة؛ وكأ ّنهم يقولون لها« :اذهبوا أنتم وربّكم لتقاتلوا إ ّنا هاهنا متفرّ جون» ،ونتيجة لذلك لم تكن تلك الحرب سوى إعادة تموضع جزئي أو تقسيم مرحليّ لمناطق
newspaper@allsyrians.org
النفوذ بين «داعش» من طرف وبقيّة كتائب الجيش الحرّ والكتائب اإلسالميّة من جهة أخرى. منذ ما يقارب الشهرين اجتاحت قوّ ات «داعش» الموصل وسيطرت عليها وأخذت تتم ّدد بشكل سريع مع انهيار تا ّم ومفاجئ للجيش العراقيّ الذي ترك مقرّ اته ومع ّداته العسكريّة غنيمة لمجاهدي «داعش» التي ما لبثت أن سيطرت على ع ّدة مدن وبلدات مع سيطرتها على حقول النفط الواقعة في الشمال العراقي ،حينها استفاف العالم مذهوالً وهو يشاهد هذا التنظيم يزداد قوّ ة وعتاداً وثراء ،تعالت األصوات العراقيّة حينها على لسان رئيس الوزراء السابق «نوري المالكيّ » طلبا ً للنجدة وطالب الواليات الم ّتحدة بشنّ غارات جوّ يّة لمساعدة قوّ اته المهزومة في دحر اإلرهاب، بعد هذا التم ّدد أُعلنت الخالفة في األوّ ل من رمضان وبويع «أبو بكر البغدادي» خليفة للمؤمنين وأُزيلت الحدود بين العراق وسورية وهُزم «سايكس وبيكو « على أيدي مجاهدي الدولة اإلسالميّة الناشئة. بعد سيطرة ال��دول��ة اإلس�لام � ّي��ة على قضاء «مخمور» التي كانت تسيطر عليه قوّ ات (البيشمركة) الكردستانيّة ،في شهر آب الماضي ،واقتراب مقاتلي الدولة من إقليم كردستان ،بدأ الحرا ُ ك العالميّ ض ّد اإلرهاب ،حيث أقرَّ الرئيس األمريكيّ باراك أوباما في التاسع من شهر آب قراراً يوعز فيه إلى الجيش ك الحصار األمريكيّ بتوجيه ضربات ج��وّ ّي��ة لف ّ عن اإليزديّين في جبل «سنجار» ،وفي اليوم ذاته أعلن (البنتاغون) في بيان له أنّ طائرات بال طيّار ش ّنت غارات على مواقع لمقاتلي الدولة اإلسالميّة، وتواترت بعدها الدعوات الدوليّة لمحاربة اإلرهاب حيث أ ّكد وزير الخارجيّة الفرنسيّ من بغداد وجوب توحّ د الجهود لمحاربة اإلره��اب ،بينما أ ّك��دت ك ّل من ألمانيا وهولندا نيّتهما تسليح قوّ ات (البيشمركة) الكرديّة لمحاربة داعش ،ك ّل هذه االصطفافات الدوليّة جاءت كما ت ّدعي حماية لألقليّات التي ُتباد على أيدي «داعش» ،لكنَّ الدافع الحقيقيّ وراء هذه الحملة هي المصالح النفطيّة واالستراتيجيّة الموجودة في اإلقليم الكرديّ . انتقائية ُهذا الحرب -إنْ جاز لنا التعبير – تكمنُ في تغاضيّ هذه الواليات الم ّتحدة ومن ورائها الجوقة
األورو ّبيّة عن تم ّدد اإلرهاب في سوريّة وقضائها بشكل متزامن مع قوّ ات األسد على ما تب ّقى من قوّ ات الجيش الحرّ ،واقتطاعه المزيد من األراضي السوريّة نر طائرات بال طيّار وضمّها لدولة الخالفة ،فلم َ تحارب مواقع التنظيم المعروفة للقاصي والداني في سورية ،ولم َ تتلق الكتائب العسكريّة أسلحة متطورّ ة أو إمدادات من الذخائر تم ّكنها من ص ّد هجمات هذا التنظيم المزود بأحدث األسلحة والتجهيزات األمريكيّة ّ يحق التي اغتنمها مقاتلوه من الجيش العراقي ،أال للمواطن السوريّ البسيط أن يسأل لِ َم هذا التمييز في الحرب ض ّد اإلرهاب؟؟ في المقلب اآلخر يجتمع مجلس األمن مساء يوم الجمعة 16آب 2014ويُقرُّ قراراً ينصّ على قطع اإلم��دادات البشريّة والماليّة عن تنظيم «الدولة اإلسالميّة» وجبهة النصرةّ ، وزع سالحهما ،وتفكيك التنظيمين في سورية والعراق ،وجاء هذا القرار تحت البند السابع الذي يُجيز استخدام القوّ ة ،بينما تناسى المجلس المجتمع لمحاربة اإلره��اب ،التنظيمات اإلرهابيّة التي تقاتل إلى جانب النظام السوريّ كميليشيا حزب هللا اللبنانيّ و كتائب أبو الفضل العباس العراقيّة ولم ي ّتخذ أيّة إجراءات تجاه النظام األسديّ الذي ساعد على تم ّدد اإلرهاب وكان سببا ً رئيسيا ً لوجوده. ّ مجزأة، الحربُ ض ّد اإلرهاب واحدة ُكاملة غير ّ وتسخر ك ّل ال تستطيع أن تحارب اإلرهاب في بل ٍد جهودك وإمكانيّاتك لوقفه واجتثاثه ،بينما تتركه يمت ُّد ويتشعّب في البلد وتترك المحاربين له بال حول أو قوّ ة ،بال دعم جوّ يّ أو تزويد بالذخيرة والخبرات العسكريّة االستشاريّة ،إ ّنها االنتقائيّة األوباميّة في الحرب ض ّد اإلرهاب والتي ستفشل عاجالً أم آجالً إنْ لم ي ّتخذ قراراً حاسما ً بالقضاء على بؤرة اإلرهاب األكبر «النظام األسدي» وبقيّة التنظيمات المتطرّ فة التي تصول وتجول في كنفه من «داعش» ونصرة مصطفى اجلرادي وغيرها .
قراءة سياسية
مكافحة اإلرهاب بأيدي صانعيه كلّنا نعلم أنّ جميع المعنيّين باإلرهاب ،من أميركا إلى إي��ران وإسرائيل وأوروب��ا وال��دول العربيّة، جميعهم أسهموا في تصنيع «القاعدة» أو في دعمها واستثمارها ،من أجل الدفاع عن مصالحهم ومواقفهم، واليوم هي ترت ّد عليهم بما ص َّنعوه من أبناء لها مشوّ هين ذوي العقليّات القبيحة ،والذين تجاوزوها في إتقان فنّ اإلرهاب والتكفير والقتل والرعب والتدمير. ث ّم إنّ ك ّل إنسان عاقل وعنده الح ّد األدنى من الثقافة اإلسالميّة ،يعرف أنّ هذا اإلسالم «الداعشيّ » هو باألساس غريب ،مص ّنع ومستورد من عالم سرّ يّ َ وخفيّ ،خاضع ألجهزة استخبارات صهيو-أميركيّة وإقليميّة وأوروبيّة ،متخصّصة بالتالعب النفسانيّ وض َعت عليه اللّ َمسات الالّزمة والبرمجة النفسيّة، َ إلكمال صياغته الكاملة وصياغة عقيدته ،والتح ّكم موجّ هٍ. بعقليّته المتوحّ شة ،بشكل َ علينا إذاً ألاّ ننسى أنّ بعض الدول التي ت َّدعي محاربة اإلرهاب ،هي إرهابيّة بامتياز ،وأ ّنها شاركت في تصنيع «داعش» ألغراض استعماريّة وغيرها من األهداف ،حيث ك ّل جهة تستأجرها وتستخدمها لمصلحتها ،ولوال ذلك ،كيف نستطيع تفسير سياسة ّ المنظمات الكيل بمكيالين؟ إذ أنّ بعض الدول تدعم اإلرهابيّة في مكان وتحاربها في مكان آخر ،أو تطلق سراح قادتها من سجونها ،ث ّم ت َّدعي أ ّنها تريد التعاون مع أمريكا لمحاربتها ،ومن ناحية ثانية ،فلماذا تحاربها أمريكا وهي التي شاركت أيضا ً في خلقها؟ وكيف نفسّر الدرجات العالية من هذا الفساد ،وهذه الفضائح في الدول التي سيطرت فيها األنظمة الدينيّة واألنظمة االستبداديّة؟ إنّ التفسيرات الحقيقيّة :هي أ ّنه ليس ثمّة دولة تدافع عن مبدأ أو ديمقراطيّة ،أو حريّة أو كرامة، وإ ّنما هي تدافع عن مصلحة ،وتبحث عن نفوذ أو سيطرة ح ّتى إذا اعتمدت على التنظيمات اإلرهابيّة من أجل ذلك .وهكذا فإنّ تلك الدول هي أعداء بعضها البعض ،ليس بسبب المبادئ ،بل بسبب تضارب المصالح ،وعندما تتغيّر المعطيات وتلتقي المصالح، فإ ّنها بعد أن تكون عالقاتها عدائيّة بين بعضها ،لمّا تتضارب مصالحها ،تصبح كأمريكا وإيران اآلن، اللتان صارتا حليفتين ،عندما التقت مصالحهما في التعاون على محاربة اإلرهاب الذي عمل كالهما على خلقه ودعمه. لهذا السبب يصعب أن تنجح محاوالت دحر اإلرهاب ،ما دامت الوسائل المستخدمة هي ذاتها، فال ب ّد من العمل على المستوى الدوليّ ،وإقامة مؤتمرات عالميّة تقود إلى اتفاقيات دوليّة ،تحرّ م الّلجوء إلى تصنيع اإلرهاب أو االعتماد عليه ،وال ب ّد من العمل على المستوى الثقافيّ الجماعيّ والفرديّ في المجتمع ،لمعالجة العقليّات المريضة ،وتغيير التصرّ فات التي اعتاد الشعب عليها منذ عشرات السنين ،فالذي يلجأ إلى تصفية خصومه السياسيّين، هو الوجه اآلخر لمن يقطع رؤوس الصحفيّين ،والذي يعتدي على الكنائس ويخطف رجال الدين المسيحيّين، هو استنساخ لمن يحاول فرض قواعده ّ الظالمة على ّ ويعذب عشرات من ال يلتزم بها من الشعب ،ويعتقل اآلالف من معارضيه ألسباب سياسيّة ،ويقتل مئات اآلالف من شعبه ،أل ّنهم يطالبون بالكرامة والحريّة والديمقراطيّة...إلخ. وال َم ْخرج هو مواصلة ما ش��رع فيه الشعب السوريّ في مسيرته الحضاريّة الحديثة الرّ افضة لالستبداد والمؤ ّدية في نهاية المطاف إلى النهوض والتق ّدم ،وتب ّني حداثة المفاهيم المتعلّقة بالمواطنة ّ والديمقراطية التع ّدديّة ،وبالدولة المدنيّة والعلمانيّة. وكما كان شعبنا سبّاقا ً في صناعة الحضارات ،إذ كان مهداً للحضارات اإلنسانيّة المتتالية ،فما الذي ينقصه للمشاركة في صناعة الحضارة الحديثة في إطار نظام عالميّ جديد يليق باإلنسان وباإلنسانيّة، ويحرّ م االستبداد مهما كانت مصادره ،وهذا ما بدأ الشعب السوريّ بإنجازه مضحّ يا ً بمئات اآلالف من أبطاله في سبيل أهدافه السّامية ،أمّا استمرار النظام االستبداديّ ،أو الدعوة إلى إقامة حكم دينيّ تحت مسمّيات دولة الخالفة ،أو والية الفقيه وغيرها من األنظمة األصوليّة ،فهو تراجع وتقهقر لإلنسانيّة، ألنّ مضمون تلك األنظمة ،هو إعادة إنتاج األزمات المستعصية ،كاإلرهاب وغيره من آفات وأمراض المجتمعات ،والتي ليس لها عالج سوى قلبها وتفكيكها واستئصالها وحذفها من جذورها.
د .فوزي سفر
www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 14
(داعش) كذبة سورّية وحقيقة دولّية
/15أيلول 2014/
هل كان على (داعش) أن تتخ ّطى السيناريو املرسوم هلا، متس املسيحيّني واإليزيديّني وته ّدد إقليم كردستان؟ وأن ّ
بدأ الكاتب مقالته بعرض عبارتين هما: 1ـ «ما تقوم به (داعش) من قتل وذبح وتهجير وسبي إ ّنما هو محاكاة لسيرة المسلمين األوائل :هذا هو اإلسالم».
جاء هذا الحماس المفاجئ بعد أن وصلت إلى باريس عوائل مسيحيّة هاربة من بطش (داع��ش) ،تأ ّكدت فرنسا ،بعد صمت عام أو أكثر ،على تواجد هذه (ال��داع��ش) في الجغرافية السوريّة ،أ ّنها أصبحت عبئا ً كارث ّيا ً على المنطقة ،وال ب ّد من لجم وحشيّتها ووقف امتدادها ،فهي تمادت إلى الح ّد الذي أصبحت تسيطر فيه على مناطق واسعة ال تسمح ألحد باالقتراب منها. ّ هل كان على (داعش) أن تتخطى السيناريو المرسوم لها ،وأن تمسّ المسيحيّين واإليزيديّين وته ّدد إقليم كردستان ،ح ّتى يتحرّ ك الضمير العالميّ تجاه هذه الدولة التي بنت نفسها على سواقي الدماء ،وصور الرؤوس المفصولة عن جسدها على مرآى من عيونها؟ إذاً لم تكن (داعش) لتخدش الضمير العالميّ ،طالما التزمت في حدود ذبحها ألهلها ال ُّس ّنة فقط ،وخدع العالم نفسه بتوصيف الحال أ ّنه خالف «داخليّ ألهل البيت» حول التأويل والتفسير ،فال ضير من تذابحهم ح ّتى ي ّتفقون على رأي يتعايشون في كنفه ،وال ضير إذا ارتكبت (داع��ش) تجاوزات في الذبح طالت العلمانيّين واإلعالميّين وح ّتى المدنيّين األبرياء ،واع ُتبر ذلك خسائر جانبيّة ،والحقت األفراد األكثر وفا ًء للثورة ض ّد نظام طاغية ،طالما أنّ فرنسا تش ّدقت منذ بداية الثورة بأ ّنها الداعم األكثر حماسة لثورة الشعب السوريّ ض ّد الديكتاتور. ربّ تساؤل يستحضر نفسه بعد دعوات لمؤتمر دوليّ للجم شطط (داعش) -وهذه دعوة ّ حق لعالج هذه اآل ّفة -لكنّ هل كان المجتمع راض ح ّتى اآلن عن الدوليّ راضيا ً عن أعمالها االجراميّة ،كما هو ٍ أعمال النظام االجراميّة ،قبل وطء األراض��ي المحرّ مة في الشمال العراقيّ ؟ حدود كردستان ،أراض األقلّيّات ،المسيحيّة واإليزيديّة، وبضع طوائف صغيرة ..ل َم ل ْم يف ّكر المجتمع الدوليّ ،في لجمها حين ناطحت التخوم الكرديّة في الشمال السوريّ ،وذبحت ما ذبحت ،ودمّرت ّ وحطمت شواهد الرموز التاريخيّة ،ال بل ل َم ل ْم يتحرّ ك المراقد الدينيّة، ضميرها -أخصّ بالدرجة األولى الحرباء روسيا التي أبدت رضاها عن معاقبة داعش -حين أقامت (داعش) كرنفاالت الذبح في الر ّقة ،لتعلن تأسيس دولتها على تالل الرؤوس المقطوعة ،هل كان ما تفعله حينها
2 .ـ «ما تفعله (داع��ش) ال ّ يمثل اإلسالم إسالم الرحمة والتسامح، واإلسالم بريء من أفعال (داعش)».
يصبّ في مآرب كان يبتغيها المجتمع الدولي؟ هل ما فعلته في سورية هو ما كانت تبحث عنه روسيا جهراً وباقي الدول على استحياء؟ إ ّنها تفعل المطلوب من تشويه في سمعة الثورة ،وأ ّنه يطرح السؤال بالتناغم مع النظام ،للشعب السوريّ «هذا هو البديل في حال سقوطي؟!» أجادت (داعش) لعب الدور المرسوم لها ،بحرفيّة وتقنيّة عالية، مستفيدة من التمويل الضخم الذي تل ّقته من حيث ال نعلم وال يعلم أحد، إلاّ قيادات الصفّ األوّ ل في هذا التنظيم ،وكذلك من جملة التعقيدات والخلل الذي أصاب جغرافية المناطق المحرّ رة من سلطة النظام ،حيث ج ّندت الشباب المهزوز بقناعاته أصالً ،تحت وعود الترغيب والتهديد، واستفادت من والء بعض العشائر الكبيرة االنتهازيّة في تدبير أمور حياتها ،التي بايعت الخليفة ليس إيمانا ً بالدين ،إ ّنما بالسلطة والنفوذ اللذان يتم ّتع بهما ،الذي هو في سياق عدم التعارض مع الوالءات السابقة للنظام لتلك العشائر. «أوباما» يقول« :لن نسمح لداعش بالتم ّدد في العراق ،وعلى المجتمع الدوليّ أن يساعد العراق في ص ّد هجماتها .وغاراتنا الجويّة، أوقفت زحفها ،وشلّت حركتها في الشمال العراقيّ » .إذاً ثمّة استجابة لنداء حكومة كردستان من قبل المجتمع الدوليّ لعقد مؤتمر بخصوص (داعش) في العراق ،وبالفعل ت ّم المؤتمر بدون عناء السفر إلى جنيف، حيث من المقترح أن يقام هناك ،إ ّنما ت ّم المؤتمر على عجل عبر «سكايبي» ،وعُولج األمر كحالة طارئة ال تستدعي التأخير ،وفي اليوم الثاني ُن ّفذت القرارات ،ك ٌّل حسب المهمّة الموكلة إليه ،وهرب الخليفة من الموصل إلى دير الزور ،وعوّ ض عن خسارته في الموصل بذبح 700رجل من عشيرة الشعيطات في دير الزور وبسبي نسائهم ،لكن لألسف طائرات «أوباما» ال تملك مناظير جيدة لترى المجازر التي تحدث خلف حدود العراق. حممّد جيجك
اإلسالمّيون والعلمانّيون طرفاً ثالثاً
في سوريّة مثالً ،إذا ما تتبّعنا تاريخ نشوء معظم األحزاب السياسيّة ،ذات اإلطار الوطنيّ أو القوميّ أو األمميّ ،نجد أنّ غالبيّة األعضاء المؤسّسين والمتزعّمين والفاعلين فيها ،هم من غير المسلمين (الس ّنة حصراً) ،وغالبا ً ما كان ينخرط فيها َمن ي ّتصفون بالتوجّ ه العلمانيّ بشكل عا ّم ،وال نعني بالمطلق أنّ العلمانيّ ال يعترف ،أو ال يؤمن بالتعاليم الدينيّة كما هو شائع عند اإلسالميّين ،لك ّنه ال يرى جدوى من إقامة نظام على أساس دينيّ من خالفة أو إمارة ،أو سنّ قانون قائم على الشريعة اإلسالميّة لما يتعارض مع واقع الحال الذي فرضه التطوّ ر المعرفيّ والثقافيّ والديموغرافيّ في المنطقة ،بال ّتالي فقد شعرت األقلّيّات من خالل هذه األحزاب بأنّ انتماءها الوطنيّ ،يتجلّى من خالل منطلقات وأهداف أحزابها النظريّة ،والتي غالبا ً ما تقوم على شعارات ر ّنانة لها وقعها وتأثيرها على مشاعر معتنقيها من عدالة وحريّة ومساواة وحياة كريمة ،جميعها ترتبط _ إن ص ّح التعبير _ بجغرافيا مح ّددة ،وتقوم على أسس تاريخيّة موغلة في القدم، كالحدود الطبيعيّة التاريخيّة ،والمناخ الواحد والّلغة،
newspaper@allsyrians.org
إلى مزيد من العقالنّية وبال زوايا حا ّدة
قرأنا في العدد 13من جريدة «كلّنا سوريّون» الصادر بتاريخ 1أيلول 2014مقاالً بعنوان« :اغتيال العقل لصالح النقل» للكاتب «أسعد شالش»، ولحساسية الموضوع المطروح وأه ّميّته أرجو من هيئة التحرير أن تسمح لنا بمحاورة الكاتب في بعض القضايا:
هل سيستجيب المجتمع الدوليّ لدعوة حكومة كردستان لعقد مؤتمر دوليّ من أجل بحث العدوان الوحشيّ والتم ّدد الجغرافيّ لـ (داعش) إلى عمق العراق؟ ربّما نعم ،وقد ظهرت مؤ ّ شرات أوليّة على اندفاع الدول الكبرى إلى مساعدة حكومة الشمال ،بكا ّفة المع ّدات لص ّد هجمات (داعش) المباغتة على تخوم اإلقليم ،وارتكاب الفظائع ّ بحق األقلّيّات الدينيّة حول الموصل.
منظومات المجتمع المدنيّ لدى شعوب المنطقة العربيّة غالبا ً ما كانت تصطدم بالتيّارات واألحزاب الدينيّة على اختالف مشاربها وعقائدها ،وخاصّة اإلسالميّة ال ُّس ّنيّة منها بصفتها األكثريّة في المنطقة، ما حدى باألقلّيّات الدينيّة إلى االنخراط في تلك المنظومات ،والسعي الدائم إلى تشكيل ،أو االنضمام إلى تك ّتالت وأح��زاب جامعة بين مختلف األطياف الدينيّة واإلثنيّة كبديل عن األقليّة التي ينتمون إليها، أو لتقويتها في مواجهة األكثريّة الموجودة ،وغالبا ً ما تنضوي تحت ع ّدة شعارات (الوحدة الوطنيّة _ القوميّة _ الحرّ يّات _ الديموقراطيّة _ نبذ الطائفيّة والمناطقيّة والعشائريّة).
3
والتكوين الفيزيولوجيّ المكوّ ن للشعب -عند بعض األحزاب -بل وح ّتى اآلمال واآلالم المشتركة ،كما ّ منظري حزب البعث والقوميّين العرب ورد عند والسوريّين القوميّين االجتماعيّين ،وغيرها من أحزاب المنطقة التي تعتمد على العنصر الجغرافيّ كمبدأ أساسيّ قبل المبادئ اإلصالحيّة ،بالمقابل فإنّ ظهور الحركات الدينيّة في المنطقة ،كان اعتمادها األساسيّ ،بل والكلّيّ على العنصر اإلسالميّ (ال ُّس ّنيّ ) ولع ّل أه ّم تلك الحركات _ كما يعلم الجميع _ هي حركة اإلخوان المسلمين التي امت ّدت من مصر لتصل إلى سوريّة ،وتجد لها قاعدة شعبيّة ،ليست كالتي كانت في موطنها الرئيسيّ ،لك ّنها استطاعت التغلغل داخل األوساط العلميّة والثقافيّة ،والدينيّة طبعاً ،بل وتع ّدتها إلى المؤسّسة العسكريّة السوريّة ،ولع ّل ما حصل في مدرسة المدفعيّة بمدينة حلب ،من عمليّة تصفية لعدد من الضبّاط العلويّين في العام ( )1979خير مثال ،جاءت أحداث اإلخوان المسلمين في نهاية سبعينيّات القرن المنصرم ،لتمت ّد إلى العام ( ،)1982كر ّدة فعل على هيمنة العنصر العلويّ في مق ّدرات الدولة العسكريّة ّ المتمثل بعائلة األسد ،وقسم كبير من واالقتصاديّة طائفته ،وإهمال العنصر الس ّنيّ في هاتين المؤسّستين، لتقابل بأش ّد أنواع القمع العسكريّ التي شهدتها المنطقة العربيّة على وجه العموم ،وخاصّة ما حصل في مدينة حماة وسجن تدمر العسكريّ ،حيث كان عدد الضحايا أكثر من أربعين ألفا ً على يد جيش النظام، وخاصّة فرقة سرايا الدفاع التي أنشأها ع ّم ب ّ شار األسد (رفعت األسد) ،ليدخل بعدها التاريخ السوريّ مرحلة من النظام األمنيّ القمعيّ طيلة فترة حكم حافظ األسد إلى بداية حكم ابنه بشار ،حيث حاول األخير إيهام العالم والشعب السوريّ ،بأ ّنه يسعى إلى نقل الدولة السوريّة إلى مصافّ الدول المتحضّرة الحرّ ة ،من
وبرأي الكاتب أنّ المقولتين تنظران لنصف الكأس دون نصفه اآلخر، وذلك ليستطيع الولوج إلى فحوى مقالته «اغتيال العقل لصالح النقل» والتي أراد من خاللها تصدير اإلسالم على أ ّنه دين إجرام وقتل ،وذلك من خالل مقارنته ألفعال (داعش) بما كان يحصل في زمن النبوّ ة والخلفاء من بعده، وذلك باإليحاء للقارئ أنّ ما تفعله (داعش) اليوم هو صورة لما كان يجري باألمس ،وقد أورد بعض الحوادث بظاهرها فقط ،كحادثة اإلغارة على قافلة لعير قريش قبل غزوة بدر التي ّ وظفها لتخدم فكرته ،وبهذا التوظيف بيّن أ ّنه ال يعرف مجريات األمور التي أ ّدت لمعركة بدر ،فقافلة أبي سفيان لم يستطع المسلمون الوصول إليها بعد أن حوّ ل أبو سفيان مسارها ،ولكنّ عناد قريش وغطرستها وإسرافها في تجبّرها على المسلمين أ ّدى لمعركة بدر، فقريش هي التي قدِمت إلى المدينة لتأديب المسلمين ممّا أضطرّ هم للخروج لمالقاتها والدفاع عن أنفسهم .هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى كان سرده لحوادث قطع الرؤوس في معركة بدر ذاتها والتي جعلها أسوة لما يحدث اآلن ،أقول له :إنّ هذا القطع كان شيئا ً طبيع ّيا ً في ذلك الزمن بحسب أدوات القتل التي كانت موجودة ،وأثناء المعركة يحدث ك ّل شيء ،وإلاّ فكيف يكون القتل إن لم يكن طعنا ً بخنجر أو ّ حز رقبة بسيف؟ وأمّا قوله« :أراد المسلمون من تلك القافلة تمويل دولتهم الناشئة» فهذه مغالطة أخرى ،فتاريخ نشوء ّ متأخراً ج ّداً عن زمن وقوع حادثة القافلة ،وإ ّنما أراد الدولة اإلسالميّة جاء المسلمون استعادة أموالهم التي سلبتها قريش بعد أن فرّ وا بدينهم. ويتابع في مقالته مقاربات أخرى تد ّل على سطحيّة التناول لما ّدته «اغتيال العقل لصالح النقل» فيلوي أعناق الحوادث التاريخيّة بإخراجها عن سياقها، تلك الحوادث التي مرّ ت بها األمّة اإلسالميّة .هنا أريد أن أدعوا األستاذ ّ منظمة، «شالش» ألن يكون أكثر موضوعيّة في طرحه ،فداعش هي مثلها مثل ك ّل األحزاب الموجودة اآلن ،صبغت نفسها ببعض جمل اآليات المنزوعة نزعا ً من سياقها السرديّ ضمن القرآن ،والذي يقابلها التطرّ ف اإللحاديّ الذي ي ّتخذ لنفسه ع ّدة مسمّيات ليغلّف أفكاره ونفسه بشكل أو بآخر، ومن ث ّم التهجّ م على كا ّفة المعتقدات األخرى المخالفة لفكره ح ّتى ولو كان فكراً إلحاد ّيا ً آخر ،أنا أدعوك والجميع للتفكير العقالنيّ لما يقرّ ب الجميع من بعضهم البعض وعدم حشر اآلخر -كما يجري طول الوقت ض ّد من اعتنق اإلسالم) في الزوايا ،فالزوايا تكون حا ّدة الحوافّ تصنع ممّن حُشر فيها شخصا ً حا ّد الطباع وتساعده على التطرّ ف. محزة األبرش
الشعب السور ّي اآلن ،همّه الوحيد اخلالص من حالة احلرب اليت وصلت إليها البلد ،بعد أن ق ّدم أكثر من ربع مليون شهيد حاول األسد االبن إيهام العامل ،بأنّه يسعى إىل نقل الدولة السوريّة إىل مصا ّف الدول املتح ّضرة احل ّرة ،من خالل إطالق بروبغندات التطوير والتحديث خالل إطالق بروبغندات التطوير والتحديث ،ومكافحة الفساد وإطالق الحرّ يّات ،وتشكيل األحزاب ،والزيادة الكاذبة للرواتب ،التي كان يسبقها دائما ً ارتفاع في أسعار الوقود وم��وا ّد المعيشة الرئيسيّة ،وقد ُخيّل لبعض الشخصيّات الوطنيّة السياسيّة ،التي عانت من االضطهاد والقمع أيّام الرئيس األب ،أنّ االبن سيكون مختلفا ً عن والده بعد تلك الصيحات اإلصالحيّة التي طرحها ،فوقعوا في ف ّخ ربيع وإعالن دمشق ،لتبدأ من جديد حملة االعتقاالت ،التي طالت معظم نشطاء المجتمع المد ّني المشاركين باإلعالن ،ليت ّم كيْل التهم لهم بالخيانة وال ّتخابر مع الخارج ،وزعزعة أمن الوطن وإضعاف الشعور القوميّ والوطنيّ ،وتسميات أخرى ما أنزل هللا بها من سلطان .ك ّل ما سبق أ ّدى _ مع انطالق الثورة السوريّة منذ ثالثة أعوام ونصف _ إلى بروز وظهور شخصيّات المعارضة القديمة (منها من كان خارج البالد) ،ومعظمهم من اإلخوان ورابطة العمل الشيوعيّ ،ومنها َمن كان في الداخل ممّن عانوا من السجون واالعتقاالت ،وبعضهم ت ّم شمله بعفو رئاسيّ شكليّ ليخرج من حجزه ،ويت ّم إبعاده (طوعاً) خارج الوطن بسبب المالحقات والضغوطات األمنيّة المتكرّ رة ،ممّا أ ّدى إلى وصول تلك الشخصيّات إلى تزعّم وقيادة الهيئات والمجالس والمؤسّسات السياسيّة، التي ّ تمثل الثورة ابتدا ًء بالمجلس الوطنيّ مروراً باالئتالف وصوالً إلى الحكومة المؤ ّقتة ،ومعظم تلك الشخصيّات _ إن لم نقل جميعها _ تعرّ ضت إلى ش ّتى أنواع التعذيب الجسديّ والنفسيّ في أقبية وسجون النظام كما أسلفنا ،ما خلق شعوراً فائضا ً من الحقد والرغبة باالنتقام من جميع عناصر تكوينه -النظام- رغم محاولة شخوصها إخفاء تلك الرغبة ،والتظاهر بالتوازن من خالل خطاباتهم وكلماتهم المنمّقة عبر وسائل اإلعالم المكتوبة والمسموعة والمرئيّة ،إلاّ أنّ
المتتبّع ألكثر خطاباتهم يالحظ الرغبة الدفينة في االنتقام من نظام الطاغية ،ولو كان ثمن ذلك التضحية بنصف الشعب السوريّ ،وتشرّ د النصف اآلخر وتدمير البلد، فإنّ مجريات األحداث وتطوّ رها السريع في سوريّة ما بعد قيام الثورة ،والتركيبة السياسيّة التي واكبتها، يساعدها تقاعس المجتمع الدوليّ عن نصرة الشعب السوريّ منذ بداية ثورته ،خلقت حالة من التطرّ ف غير المسبوق والمنقطع النظير ،ليس داخل وسط ّ تخطاه إلى بعض الحراك اإلسالميّ الس ّنيّ فحسب ،بل األوساط التي ا ّدعت العلمانيّة أو االعتدال في البداية داخل التشكيلين السياسيّ والعسكريّ بسبب ما واجهته في الماضي من قمع ،وتواجهه في الحاضر لعدم دعمها الذي وُ عد به ،وتخوّ فها من المستقبل المجهول الذي يهيمن على مؤ ّ شراته مواجهة ال ُتعرف نتائجها بين التحالف الغربيّ والعناصر اإلسالميّة المتش ّددة ّ المتمثلة بتنظيم (الدولة اإلسالميّة في العراق وال ّ شام)،
وهنالك حالة أخرى من أطراف االعتدال السياسيّ والعسكريّ ّ تمثلها الشريحة التي لم تتلوّ ث بسجون وقمع األسد وقضت معظم سنين حياتها داخل دول الّلجوء خالل العقود األخيرة السابقة للثورةّ ، وتأثروا بشكل ملحوظ بالفكر السياسيّ الغربيّ محاولين تطبيقه على التجربة السوريّة ،ولكن دون ج��دوى ،يبقى ّ لدينا الطرف األخير وهو المتمثل بالشعب السوريّ الطبيعيّ الذي همّه الوحيد اآلن الخالص من حالة الحرب التي وصلت إليها البلد ،بعد أن ق ّدم أكثر من ربع مليون شهيد ،وعدد من المعتقلين ،ونزوح نصف س ّكانه وضياع اآلخر .أعتقد بأنّ الشعب السوريّ آن له أن يتذوّ ق طعم النصر والحرّ يّة ،ويؤسّس وطنه المنشود منذ قيامه بثورة الكرامة بعيداً عن لوثات ّ ومنظريها ،والعسكرة وداعميها قبل أن يتحوّ ل الساسة مع الوقت إلى ما هو أكثر من داعش.
أمحد سليمان طلب الناصر
www.allsyrians.org
4
العدد 14
/15أيلول 2014/
جولة في جدول أعمال مديرّية الشباب والرياضة
تتابع مديريّة الشباب والرياضة التابعة لوزارة الثقافة وشؤون األسرة في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة خطواتها نحو هيكليّة مؤسّساتيّة مدروسة بحسب تصريحات القائمين على العمل داخل المديريّة. وقد تشهد األيّام القليلة القادمة (وبحسب استقرار األج���واء الحكوميّة) والدة ع��دد من اال ّتحادات ومكاتب األلعاب الرياضيّة والتي تض ّم عدداً من األسماء والخبرات الرياضيّة لالنطالق نحو االعتراف الدوليّ ،وفتح مل ّفات الرياضة السوريّة بعيداً عن المؤسّسة التي يقودها النظام السوريّ وحزب البعث الحاكم.
الجودو والكاراتيه ،ليقوم ك ّل اتحاد بأداء مهامّه لخدمة الرياضيّين األحرار ،وسيت ّم إقرار ا ّتحادات األلعاب الباقية تباعاً ،باإلضافة إلى توجيه االهتمام إلى أهلنا ببالد النزوح والعمل على فتح مكاتب فرعيّة في ك ّل من مصر واألردنّ ولبنان والعراق.
لألمانة.. لألمانة ف��إنّ ما ينتظر المديريّة من أعمال ومتطلّبات ومراسالت ومحاولة تجميع للرياضيّين في المرحلة األولى أشبه ما يكون بمحرقة حقيقيّة.
اتحّ ادين جديدين.. وعن جدول األعمال القائم في المديريّة تح ّدث األستاذ زين العابدين الزين رئيس دائرة الشباب في المديريّة لكلّنا سوريّون ّ خطة قائالً :نحن في المديريّة وضعنا واضحة المعالم للعمل بشكل مؤسّساتي لبناء سورية الجديدة ،ونعمل اآلن على إعادة تأهيل المراكز الرياضيّة والشبابيّة في الداخل. كما قمنا ،مع ع ّدة ّ منظمات شبابيّة محلّيّة وعربيّة وح ّتى تركيّة ،لنوجد سُبل تقاطع ُتسهم في رفد الشباب السوريّ بكا ّفة االحتياجات الب ّناءة لتأسيس قاعدة شبابيّة تستطيع التغلّب على ظروف الحرب والنهوض ببلدنا الحبيب إلى آفاق الحرّ يّة والعدالة االجتماعيّة. وعن تشكيل اال ّتحادات وخطوة إعالن المكاتب الرياضيّة قال زين العابدين :لقد ت ّم اال ّتفاق على إقرار ا ّتحادين رياضيّين لك ّل من رياضة كرة القدم واتحاد
وقد ت ّم عقد جلسة خاصّة مع رئيس اال ّتحاد التركيّ للكاراتيه السيّد أسعد دلي حسن ،وت ّم اال ّتفاق على دعم أيّة خطوة قادمة في مصلحة الفِرق السوريّة، وبصراحة األتراك متجاوبون معنا بشكل جيّد .وأيضا ً اجتمعت مع السيّد انطونيو سبينوس رئيس اال ّتحاد العالميّ للكاراتيه في محاولة جديدة إللغاء االعتراف بمنتخبات النظام السوريّ في رياضة الكاراتيه»
مشاركات جديدة .. أقيمت في مدينة استنبول التركيّة قبل أيّام بطولة «استنبول المفتوحة بالكاراتيه» بمشاركة عدد من الدول المتق ّدمة في اللعبة ،وقد شارك األستاذ أحمد جميل العلي رئيس مكتب ألعاب القوّ ة في مديريّة الشباب والرياضة بتحكيم مباريات البطولة، وعن هذه المشاركة أفادنا األستاذ أحمد العلي بما يلي« :تقام بطولة الدوري العالميّ بريمر ليغ سنو ّيا ً في هذا الشهر في تركيا وع ّدة دول أخرى وبإشراف مباشر من اال ّتحاد العالميّ للكاراتيه ،ويشارك أبطال العالم من ك ّل الدول واألوزان مفتوحة.
ولألسف ،الرياضيّون السوريّون في ك ّل الدول المجاورة لسورية بحاجة إلى: إ ّم��ا المساعدة ،وإ ّم��ا توفير العمل ،أو إلعادة النشاط الرياضيّ .والمديرية تقع تحت رحمة األج��واء السياسيّة كغيرها من المديريّات أو المشاريع فعندما تكون الحكومة السوريّة (تصريف أعمال) فهي ال تستطيع أن تحصل على موازنة إلعادة ترميم صالة أو لدعم بطولة أو إلعانة بعض الرياضيّين ،وال يمكنها إصدار أيّ قرار حسّاس ينقل العمل الرياضي الجديد من مرحلة إلى مرحلة. لع ّل األيّام القادمة واالستقرار الحكوميّ المنتظر يكون فاتحة خير على هذه المؤسّسة التي عانى أبناؤها طيلة السنوات الـ 3الماضيّة ..والحكاية (بدها) صبر ومسؤوليّة.
عروة قنواتي
سورية في المرتبة 118ضمن مجال التنمية البشرّية بعد ثالثة أعوام ونصف العام من انطالق الثورة السوريّة ،وما رافقه من تبعات سلبيّة على معظم الطاقات البشريّة وتراجع مع ّدالت الدخل وتو ّقف معظم المنشآت التعليميّة واالقتصاديّة والبرامج التعليميّة ،إذ اعتمد النظام طريقة مُمنهجة لتعطيل تلك القدرات ،ويرى مراقبون أنّ النظام لعب دور سلب ّيا ً طوال مسيرة حكمه ،اعتمدت على احتكاره للسلطة وفقدان الديمقراطيّة وعدم االستغالل األمثل للموارد البشريّة واألوض��اع السكنيّة وانخفاض مستوى المعيشة وإضعاف سوق العمل وضعف أساليب اإلدارة واعتماد أسلوب االرتجاليّة بدون تخطيط مسبق باإلضافة إلى سوء األوضاع الصحّ يّة، ويشير المراقبون إلى أنّ هذه األسباب وغيرها كانت وراء تراجع سورية في مؤ ّ شر التنمية البشريّة وفق برنامج األمم الم ّتحدة ،حيث أورد التقرير والذي ّ مؤخراً« :احتلّت سورية المرتبة 118من صدر أصل 168دولة وفق مؤ ّ شر التنمية البشريّة الصادر
وزارة التربية والتعليم تعلن الثالث والعشرون من هذا الشهر بداية الدراسي العام ّ أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة أنّ بداية العام الدراسيّ الجديد 2014 – 2015ابتدا ًء من 23أيلول في المناطق المحرّ رة ّ “عزام خانجي” مدير من سوريّة ،وقد صرّ ح األستاذ التربية والتعليم ما قبل الجامعي في الوزارة لجريدة كلّنا سوريّون بأنّ ال��وزارة أنهت استعداداتها للبدء بالعام الدراسيّ ،حيث ستقوم الوزارة بتوزيع حقائب مدرسيّة لكا ّفة الطلاّ ب باإلضافة إلى الكتب المدرسيّة والقرطاسيّة. وأشار “خانجي” إلى أنّ ال��وزارة ستقوم بتوزيع لباس موحّ د للطلاّ ب باإلضافة إلى توزيع وسائل التدفئة من مدافئ تعمل على البيرين مع مادة البيرين إلى أكبر عدد ممّكن من المدارس ،وقد ت ّم تشكيل لجان لتعديل ما ّدة ال ّتاريخ للصفيّن التاسع والثالث الثانويّ . أمّا بالنسبة للكادر التدريسيّ فسيت ّم تقديم مكافآت لهم، وستحاول الوزارة تحويلها إلى راتب شهريّ إن أمكن. وأض��اف :بأنّ ال��وزارة أوف��دت الطلاّ ب العشرة األوائ��ل في الشهادة الثانويّة لهذا العام إلى فرنسا الستكمال دراستهم الجامعيّة ،كما قامت الوزارة بإيفاد 35طالبا ً إلى جامعات تركيّة في كليّتيّ االقتصاد والتربية.
newspaper@allsyrians.org
عن برنامج األمم الم ّتحدة اإلنمائي للعام ،2014 متراجعة مرتبتين مقارنة بالعام الماضي .علما ً بأنّ مصر احتلت المرتبة ،110والعراق 120والمغرب ،129على حين كانت آخر ال��دول العربيّة هي السودان في المرتبة الـ 166من بين 186دولة من دول العالم». ّ للمنظمة في سلسلة يُعتبر هذا التقرير هو األخير من التقارير تصدر سنو ّيا ً عن برنامج األمم الم ّتحدة اإلنمائيّ منذ عام ،1990ويتو ّقف التقرير عند البلدان التي ح ّققت ارتفاعا ً كبيراً في قيمة دليل التنمية البشريّة بين عامي 1990و ،2012في الدخل وفي عناصر التنمية البشريّة غير المرتبطة بالدخل ،كما يتناول بالتحليل االستراتيجيّات التي أهّلت هذه البلدان لتحقيق هذا األداء. ولفت التقرير ،إلى أنّ «أعلى الدول في مؤ ّ شر التنمية البشريّة هي النرويج ث ّم أستراليا وسويسرا
رسالة دكتوراه في القيشاني يُ��ق��ي��م متحف “ب��ي��ت��ري” ل�لآث��ار المصريّة في لندن، في الفترة من – 16 20أيلول معرض للف ّنان وعالم اآلثار ال��س��وريّ “زاه��د ت���اج ال��دي��ن” عن القيشانيّ المصريّ القديم .المعرض ع��ب��ارة ع��ن بحث علميّ يش ّكل الجزء األخير من دراس��ة الدكتوراه الستكشاف الجوانب التكنولوجيّة لهذه الما ّدة الخزفيّة المب ّكرة واستخدامها في النحت المعاصر“ .تاج الدين” يطوّ ع هذه الما ّدة إلنتاج عمود ضخم ،يُعتبر أكبر عمل من القيشانيّ منذ العصور الفرعونيّة ،باإلضافة إلى خلق عدد كبير من “الشبطيّات” التي تعود إلى الحياة لتكتشف حرّ يّتها وتطرح تساؤالت عن الوجود ومعنى الحرّ يّة .الشبطيّ هي تماثيل وضعت في المقابر المصريّة القديمة للعمل عوضا ً عن الميت في حياة اآلخ��رة ،ولكنّ الشبطيّ الجديد الذي يق ّدمه الفنان له خياراته الخاصّة للحياة! المعرض يض ّم نحو ٩٠عمالً ّ موزعا ً في أرجاء متحف “بيتري” لتق ّدم لنا رؤية معاصرة لمعتقدات قديمة.
وهولندا وأميركا وألمانيا». وتعتبر التنمية البشريّة هي عمليّة توسيع القدرات التعليميّة والخبرات للشعوب ،والمستهدف بهذا هو أن يصل اإلنسان بمجهوده ومجهود ذويه إلى مستوى مرتفع من اإلنتاج والدخل ،وبحياة طويلة وصحّ يّة بجانب تنمية القدرات اإلنسانيّة من خالل توفير فرص مالئمة للتعليم وزيادة الخبرات. ويأتي ذلك في وقت تزداد فيه معاناة السوريّين، ويستمرّ سقوط الضحايا يوم ّياً ،حيث تشير إحصاءات أمميّة أنّ عدد الضحايا يقدر بـ 191ألف منذ بداية األزمة .وفي الحقيقة ،إنّ الرقم يتجاوز ذلك بكثير، وقد تجاوز عدد اللاّ جئين إلى الدول المجاورة 4 ماليين الجئ ،في ظ ّل ّ تعثر الحلول السياسيّة ،وعجز المجتمع الدوليّ عن تقديم أيّ دعم للشعب السوريّ ، وكبح جماح سفاح العصر الحديث.
أحوال
مئات الرباميل املتف ّجرة ومئات الشهداء خالل شهر آب يف درعا وريفها ال يزال العالم مشــغوالً بجرائم (داعــش) وتم ّددها، بينما يواصل المجرم األوّ ل في ســوريّة بشــّار األســد شــنّ حربه الدمويّة على أبناء شعبه دون رادع ،لينجح بذلك في تحقيق هدفه بحرف أبصار العالم أجمع عن إجرامه الذي تفوّ ق فيه وبدرجة االمتياز على مجرمي الحروب والطغاة في العالم ،فدرعا وريفها خالل شهر آب المنصرم قُ ْ صفت بـ 401برميالً متفجّ راً ،وسقط من أبنائها 204شهيداً. وفي إحصائيّـة أجراها مكتب درعا لتوثيق الشــهداء، ّ وثق الناشــطون فيه اسـتشـهاد 83مواطنـا ً بالبراميل المتفجّ رة ،في حين بـلغ عـدد الشـهداء تحت التعـذيب في أقبيـة الســجون األســديّة 38شــهيداً ،ولم ُتســلّم جثـامين هـؤالء (المعتقلين) لذويهم ،فيمـا راح 25مواطنا ً ضحـايا إثر تفجيـر ســيّارة ّ مفخخــة في بـلدة نمـر في 25آب أثنـاء خروجهم من صـالة الجمعة ،كما اسـتشـهد 25مواطنا ً نتيجـة لعمليّـات القصف والقـنصّ ،التي يمارســها جنود الطاغيـة بشــكل يوميّ ،في حين بلغ عدد الشــهداء من األطفـال الذيـن لم تتجـاوز أعمـارهم قتلن 18ســنة 37طفـالً ،ومن بين الضحايا 10نسا ٍء َ بســقوط البراميل المتفجّ رة على منازلهنّ واسـتشـهدن برفقة عوائلهنّ . أمّا مؤسـسة «نبـأ» اإلعالميّـة في مدينـة درعـا ،فقـد أحصى العاملون فيهـا أعداد البراميـل المتفـجّ رة التي أُ ســقطت على درعـا وريفهـا ،واحتلّ ْ ْ ت بـلدة إنـخل في الريـف الغربيّ الصّـدارة بـ 89برميـالً متفجـّراً ،فيمـا ْ جـاءت مدينـة نـوى ـ المجـاورة إلنـخل ـ بالمرتبـة الثانيـة بـ 85برميـالً متفجّ ـراً ،تلتها مدينـة داعـل بـ 70برميـالً، ْ واحتلت مدينة طفس المركز الرابع بـ 23برميالً متفجّ راً، تلتها بلدة عتمان ـ بوابة مدينة درعا الشماليّة ـ بـ 17 برميالً ،كذلك مدينة درعـا بـ 17برميالً متفجّ راً أيضاً، ْ اســتهدفت بلدة نعيمـة ـ البوابـة الــشرقيّـة لمدينـة فيمـا درعـا ـ بـ 12برميـالً ،وت ّم اســتهداف ك ٍّل من مدن وبـلدات الشــيخ مســكين وجاســم والغريّـة الشــرقيّـة والغربيّـة واليـادودة وبصر الحرير وطيسـا وتسـيل والحـراك وصيـدا وبرقـا و سـحم وإبطـع والمزيـريب وعلمـا وتل الســمن وبصرى الشــام وســلمين وكحيـل َ واألشـعري ،بالبراميـل المتفجّ رة. يبدو أنّ العالم لم يعد يرى غيمة الغبار ولهيب البراميل األسديّة المستعرة واألشالء المتناثرة ،واألجساد العالقة بين أك��وام حجارة منازلها ،فبريق خناجر وسكاكين «داعش» أكثر قوّ ة ولمعاناً. الموت في سوريّة يختار حسب المصالح والغايات السياسيّة.
كلّنا سوريون
وزراء الخارجّية يدعون للتص ّدي إلى (داعش)
درعا – سارة احلوراني
سورية 18 :قتيالً في غارة ج ّوّية «حكومّية» على معسكر «للجهاديين»
القاهرة (رويترز) _ ا ّتفق وزراء الخارجيّة العرب على ا ّتخاذ جميع التدابير الالزمة للتص ّدي لتنظيم (الدولة اإلسالميّة) ،والتعاون مع الجهود الدوليّة واإلقليميّة والوطنيّة لمحاربة المتش ّددين الذين اجتاحوا مساحات واسعة من العراق وسوريّة. وتب ّنى وزراء خارجيّة دول الجامعة العربيّة في البيان الختاميّ الجتماعهم الذي عُقد بداية أيلول في القاهرة ،قراراً لمجلس األمن صدر الشهر الماضي، يدعو ال��دول األعضاء “التص ّدي لتد ّفق المقاتلين األجانب والتمويل ،وغير ذلك من الدعم للجماعات اإلسالميّة المتش ّددة في العراق وسوريّة”. ونقلت وكالة أنباء “الشرق األوس��ط” المصريّة الرسميّة أنّ ال��وزراء سيوافقون على التنسيق مع الواليات الم ّتحدة. وفي تغيّر الفت لموقف الجامعة العربيّة ،دعى البيان الجماعات المعارضة السوريّة إلجراء محادثات مع الدولة السوريّة بهدف تشكيل حكومة مصالحة.
قال المرصد السوري لحقوق اإلنسان المعارض، إنّ غارة جوّ يّة ّ نفذها الطيران الحربيّ الحكوميّ على معسكر تدريب يعود لما يسمّى “الدولة اإلسالميّة” في محافظة دير الزور أسفرت عن مقتل 18شخصا ً بينهم طفل واحد. وقال المرصد إنّ الغارة التي وقعت يوم السبت أصابت مرافق إقامة في المعسكر الواقع في بلدة (تبني) المطلّة على نهر الفرات في محافظة دير الزور شرقيّ البالد. وأضاف المرصد أن الطفل الذي قُتل كان يقوم بزيارة أخيه الذي يشارك في معسكر التدريب. يذكر أنّ نظام األس��د صعّد حملته الجوّ يّة ض ّد “الجهاديّين” في األسابيع األخيرة ،إذ يُغير الطيران على المناطق التي يسيطرون عليها بشكل شبه يوميّ .
www.allsyrians.org
العدد 14
ملف العدد
5
/15أيلول 2014/
حوار مع د .بســمة قضماني لو سألت املواطن العاد ّي من هو عدوّك؟ فسيقول إيران وليس إسرائيل
د .بسمة قضماني باحثة يف جمال العلوم السياسيّة وأستاذة العالقات الدوليّة جبامعة باريس ،حازت على شهادة الدكتوراه من معهد العلوم السياسيّة بباريس. يف عام 2005أ ّسست «مبادرة اإلصالح العرب ّي» وهي املديرة التنفيذيّة هلا ،وأمينة سر مبادرة «من أجل سورية جديدة» .يف آب 2011شاركت يف تأسيس اجمللس الوط ّ ين السور ّي ،وأصبحت عضواً يف املكتب التنفيذ ّي ورئيسة مكتب العالقات اخلارجيّة فيه، استقالت من اجمللس يف آب .2012 مر عامان على استقالتكم من المجلس د .قضماني ّ الوطني ،كيف ترون تجربة المعارضة السور ّية؟ ّ
لكن الزمن استطال ،ما هو ال َمخرج من وجهة نظركم؟
ّ أعتز بأ ّنني كنت جزءاً مؤسِّسا ً ألوّ ل تحالف أنا نجح في أن يتش ّكل ويصبح له اعتراف دوليّ ،بداية كان التموضع تجاه الثورة سليماً ،أل ّننا اعتبرنا أنفسنا داعمين للثورة ،هذا دورنا وهذه شرعيّتنا ،هذه الروح لم تستمرّ مع األسف ضمن المجلس الوطنيّ ،فبعد أن تش ّكل طغت عليه الحسابات الحزبيّة من داخله، ومن خارجه ُ طرحت األسئلة ،من ّ يمثل هؤالء؟ أنا ّ ّ متحزبين لم يكونوا متحزبين وغير أعتقد أنّ الجميع ّ يمثلون شيئا ً في الثورة نفسها .وح ّتى اليوم أرى أنّ
لنعترف بأنّ طرقا ً كثيرة قد س ّدت في وجهنا، طريق الح ّل السياسيّ ،أي الطريق السلميّ مغلق، ألنّ النظام لم يقبل بالتفاوض ،ح ّتى مع األطراف التي ُسمّيت معتدلة .أمّا الح ّل العسكريّ فلم يقل لنا أحد بأ ّنه سيدعمنا ،ولو بتدخل إنسانيّ أو منطقة عازلة. في المجال القضائي ،لم نستطع أن نصل لمحكمة الجنايات الدوليّة .وأغلقت البواب.
هذا هو الخطأ األكبر داخل المعارضة ،وكان خياري باالستقالة خياراً مبدئ ّياً .مجرّ د أن بدأ التمويل لهذا ّ الخط المجلس بدأ شراء ال��والءات واالنحراف عن الوطنيّ البحت ،ال أحد يعطي دروس في الوطنيّة، ولك ّنني اعتبرت أنّ العمل من خارج المجلس أفضل.
بعد ذلك تش ّكل كيان أوسع هو االئتالف ،وليس له أيضا ً عند الشعب أيّة شرعيّة ،لكنّ أكثر ما يحزنني ويؤلمني وأراه مضرّ اً سياس ّياً :أنّ هذه األجسام فشلت في تشكيل البديل السياسيّ واألمنيّ واالقتصاديّ والتنفيذيّ عن النظام .وبالتالي هذا ما نعاني منه ك ّل يوم ،وفي ك ّل المراحل والتطوّ رات. ونحن أمام مرحلة يجب أن ينظر العالم إلى أنّ النظام سمح لداعش أن تستمرّ وتع ّ شش ،أمّا الالعب البديل الذي نحتاج له فلم يتكوّ ن. يقال :يلزمنا ثورة جديدة ،والثورة قد فشلت ،إلى أين وصلت الثورة؟ ّ تجذرت مهما كانت المعاناة، الثورة واقع ،وقد ونحن بحاجة إلع��ادة تقييم أدواتها ووسائلها ،لكنّ الثورة مستمرّ ة في روح وقلوب وعقليّة الناس.
اآلن ،أعتقد أنّ هذا تغيّر ،ألنّ العالم استوعب -بعد ما حدث في العراق -أنّ األزمة السوريّة تحوّ لت إلى أزمة إقليميّة تهدد مصالح الدول الكبرى ،وأكيد أنّ الح ّل في سورية ليس سور ّياً. لك ّننا اآلن ،أمام مخاطر جسيمة منها تقسيم سورية، أو عودة النظام -ولو بسيطرة جزئيّة -لذلك نحن بحاجة إلى حملة شعبيّة تخاطب الشعب السوريّ بأكمله ،ألنّ لدينا رسالة يجب أن نوصلها لك ّل العالم، مفادها أنّ هنالك شعبا ً سور ّيا ً يمكن أن يكوّ ن بديالً، دون تجزيء البلد ،وهو يضع أولويّة وحدته على أرضه ،مع الحرص على استمرار الدولة السوريّة ومؤسّساتها. أي أسس ُيطرح «الحوار « اليوم؟ ما هي على ّ الضمانات؟ وهل هو ممكن أصالً مع النظام؟ هنا يجب أن نكون واضحين ج�� ّداً ،ما معنى التفاوض؟ أقول التفاوض ،وال أقول الحوار ،الحوار كلمة غوغائيّة ،أل ّنها توحي بأنّ هنالك أطرافا ً يمكن أن يجلسوا ويتفاهموا ،أنا أعتقد أنّ هذا مستحيل .ونحن بحاجة ألمرين :أوّ الً ّ خطة مكتوبة بالتفاصيل .تضمنها ال��دول الكبرى .وثانيا ً أن تضغط – ال��دول -على النظام .الذي لن يتنازل ،إلاّ إذا قال له حلفاؤه ذلك، وبالتالي فإنّ تفاوضنا سيكون مع حلفاء النظام ،وال
الثورة واقع ،وقد جت ّذرت مهما كانت املعاناة ،حنن حباجة اليوم إلعادة تقييم أدواتها ،لكنّها مستم ّرة يف روح وقلوب وعقليّة الناس فرنسا مل تتح ّدث بأيّة لغة باجتاه العودة إىل خماطبة نظام األسد كان هنالك هجوم مباشر عل ّي ،مِن داخل املعارضة ومِن النظام .أنا ممَن مل يقبلوا بالوالءات فحوربوا يوجد حوار. (داعش) حرّ كت الواقع ،ولكن هل خرجت عن النصّ ؟ (داعش) العب خلقته جهات إقليميّة أوّ لها النظام السوريّ ،كان المطلوب منه أن يخرّ ب الثورة ،وأن يتغلّب على فلول النظام البعثيّ في العراق بالدعم اإليرانيّ ،ولك ّنها وصلت إلى أن تش ّكل خطراً على ّ المخطط اإليرانيّ ،وأكيد أن إيران وصلت إلى أ ّنها تدعم رئيسيّ نظامين فاشلين ،ممّا يش ّكل خطراً على مصالحها ،وليس لديها سيناريو انتصار .اليوم عندما تسأل المواطن العادي في سورية من هو عدوّ ك؟ فسيقول إيران وليس إسرائيل. وهنالك نزاع داخل إيران نفسها ،بين التوجّ ه الذي يدعم ما يسمّى بالهالل الشيعيّ ،وبين البراغماتيّين الذين يرون أن التعايش هو الحلّ ،وهؤالء سينتصرون بسبب فشل التوجّ ه األوّ ل .ألنّ داع��ش خرجت عن السيطرة عند الجميع ،وباعتراف المسؤولين العسكريّين األميركان أنّ (داعش) جيش ومقاومته تتطلّب جيشاً .وال يكفي الجيش الحرّ لمحاربته ،وقد أصبحت محاربته مسؤوليّة الجميع. ما هو موقف فرنسا م ّما يحصل في سورية؟ وهل من تغ ّير؟ أوضح موقف في دعم الثورة هو الموقف الفرنسيّ ، ولك ّل األط��راف المعتدلة في الثورة السورية ذات ّ التوجّ ه الوطنيّ السوريّ ،بما فيهم الشق العسكريّ أي الكتائب المعتدلة ذات الخطاب الوطنيّ ،والتي هدفها الحفاظ على سورية ووحدة سورية وبناء دولة ديمقراطيّة تع ّدديّة ،وهذا االلتزام بقي واضحا ً بما فيه تزويد المعارضة باألسلحة المتطوّ رة .وما حصل أنّ ّ التدخل اإلنسانيّ ومع الضربة ،وقد فرنسا كانت مع ً حضّرت قوّ اتها فعال ،لكنها وجدت نفسها دون حلفاء،
ّ التدخل ،أو ح ّتى أن فلم يوافق الطرف األميركيّ على يكون جزءاً منه ،كذلك الدول العربيّة .أمّا أن تعمل فرنسا لوحدها فكان ذلك مستحيالً ،ومع ذلك فإ ّنها لم تتح ّدث بأيّة لغة باتجاه العودة إلى مخاطبة النظام. ُ ش ّنت حرب ضدّ كِ ،لدرجة التخوين ،ما هو دور اإلعالم فيها؟ كان هنالك هجوم مباشر عليّ ،أوّ الً :من داخل التيّار الديمقراطيّ ،أعتقد أنّ من لم يحسبوا حسابات حزبيّة أو شخصيّة ولم يقبلوا بوالءات معيّنة ،هؤالء حوربوا من داخل المعارضة ،واإلعالم كان مجرّ د أداة .ثانياً :من جهة النظام ،ألنّ أكثر الوجوه التي تزعج النظام ،هم المعتدلون الذين لهم مصداقيّة لدى الخارج ،وخطابهم يمكن أن ّ يؤثر أيضا ً في الجهات واألماكن التي يسيطر عليها النظام نفسه .أعتقد أ ّنه كان هنالك عداء خاصّ لي من داخل النظام ،ونيّة في اإلساءة الشخصيّة لي لتدمير السمعة ،ففي الداخل كان النظام يخطف ويغتال ،وفي الخارج يقوم بعمليّة االغتيال السياسيّ ويشتغل عليها بوسائله .ليس هنالك دور مباشر لإلعالم ،ولكن التيّار ديمقراطيّ لم يعرف ح ّتى اآلن كيف يدعم الشخصيّات المعتدلة ،وكيف يعمل ألهداف مشتركة وينضبط في سلوكه ويتضامن بشكل مسؤول أمام التح ّديات من جهة ،وأمام تيّار آخ��ر ،توجّ هه مختلف ورؤيته لمستقبل المجتمع السوريّ مختلفة .بين الرؤيتين – كما في ك ّل البلدان العربيّة -إمّا أن يحدث حوار وتوافق بين التيارين، أو أن يحدث استقطاب .كما في مصر أو ليبيا .أمام التوجّ ه الديمقراطيّ تح ّد إذا لم يتضامن وينضبط ،فلن يح ّقق البديل .في مصر – مثالً -أعيد فرض نظام استبداديّ جديد باسم الديمقراطيّة ،يجب أن ننتبه إلى خطورة عدم تنظيم القوى الديمقراطيّة. د .بسمة قضماني ،شكراً جزيالً.
ّ بشار فستق
ظاهرة الشبّيحة
أوجدها األب ..اعتمد عليها االبن ،وأصبحت فوق الجميع لم تنشأ ظاهرة الشبّيحة في الالذقيّة ،المدينة التي خرجت منها عائلة األسد كما يف ّكر الكثيرون ،لقد ظهرت أوّ ل األمر في دمشق ،ث ّم انتقلت إلى الالذقيّة وهناك أخذت شكالً مختلفا ً عن دمشق فاشتهرت أكثر. أوّ ل من أسّس لظاهرة الشبّيحة هو رفعت األسد الشقيق الشهير لحافظ األسد ،والذي ش ّكل في مطلع السبعينيّات من القرن الماضي إحدى أكثر وحدات سمعة سي ً ً ّئة (سرايا الدفاع) ،هذه الجيش السوريّ الوحدة التي أصبحت بعد سنوات من إنشائها دولة منفصلة يحكمها رفعت األسد بقوانين خاصّة هي فوق ك ّل قوانين الدولة. اعتمد رفعت األس��د على مبدأ التشبيح لبناء إمبراطوريّته الماليّة ،وبناء مشروعه السياسيّ ،ففرض عنوة شراكة اقتصاديّة على الدمشقيّين في أعمالهم، وصادر أراضيهم باسم الضرورات العسكريّة لسرايا الدفاع ،ث ّم أسّس لظاهرة عالية الدخل ،وسريعة المردود وقليلة التكلفة أال وهي بيع اآلثار السوريّة. أمّا الحادثة األه ّم التي انعكست بشكل مباشر على المجتمع ،فهي قيام عناصر سرايا الدفاع بحماية ميليشيا «المظلّيّين « وهي ميليشيا مدنيّة كان يش ّكلها رفعت األسد ،ويدرّ بها في معسكرات وحدته العسكريّة وأفرادها هم طلاّ ب المدارس الذين أنهوا مرحلتهم الثانويّة ،بنزع الحجاب عنوة عن رؤوس المسلمات الدمشقيّات المحجّ بات ،األمر الذي ولّد موجة غضب ّ التدخل إلصالح األمر. عارمة ،مادفع حافظ األسد إلى ك��ان سلوك عناصر سرايا الدفاع في البداية، وفيما بعد ميليشياتها المدنيّة «المظلّيّون» و «رابطة خريجيّ الدراسات العليا» الخارج عن إطار القانون
newspaper@allsyrians.org
والمُساءلة ،هو المؤسّس الحقيقيّ لثقافة التشبّيح، ثقافة يخترع تفاصيلها أفراد عائلة األسد الذين أُطلقت يدهم في سوريّة ،ليفعلوا ما يشاؤون بال أيّ رادع، هذه الثقافة التي تب ّناها الجيل الثاني من أفراد عائلة األسد في الالذقيّة واستنسخوها ،لكن بفارقين أساسيّين هما :إنّ مجموعات الالذقيّة ش ّكلها مراهقون بأهداف تناسب مراهقتهم وتمارس أفعالها ض ّد العلويّين بنسبة كبيرة «بحكم البنية الديموغرافيّة للمنطقة» بينما كانت في دمشق مختلفة ،فأهدافها أكثر عمقا ً واستراتيجي ًّة، ومجالها االجتماعيّ مختلف أيضاً. لكنّ المشترك األس��اس��يّ لظاهرة الشبّيحة في المدينتين ،هو أ ّنها ُتدار من أفراد عائلة األسد حصراً، وأ ّنها فوق القانون. في الالذقيّة ،أخذت الظاهرة شكالً مغايراً عمّا هو في دمشق ،فالذين تولوا إنشاء هذه الظاهرة هم مراهقون وما يبحثون عنه ليس في األماكن المخفيّة، بل هو في الشارع وشديد ،كاختطاف البنات وقيادة السيارات بسرعات عالية ،وإرهاب المجتمع واستباحة التفاصيل اليوميّة لس ّكان المدينة. كان حافظ األسد يعرف جيّداً ماذا يحدث في دمشق والالذقيّة على عكس ما كانت أجهزته األمنيّة تشيّع بأ ّنه اليعلم شيئا ً عنها ،كان يرعاها وينمّيها سرّ اً، أل ّنها تكرّ س ارهاب المجتمع لصالحه ودون ظهوره، وعندما يرى أنّ تذمّراً واسعا ً بدأ بالتصاعد ،كان ّ يتدخل ليحجّ مها قليالً دون أن يقضي عليها في محاولة لتعميم فكرة لدى المجتمع السوريّ ،وهي أنّ حافظ األسد هو نقيض الشبّيحة ،وعليه فقد كان إظهار الشبّيحة بمنتهى القذارة هو الطريق إلظهار حافظ األسد بمنتهى النظافة.
ه��ن��اك آل � ّي��ة عقليّة ُتعرف في علم النفس االجتماعيّ باستراتيجية «ال��ب��اب ف��ي ال��وج��ه» وي��م��ك��ن تلخيص ه��ذه االستراتيجيّة على النحو التالي: إنّ تو ّقعك لخسارة كبيرة قد يُشعرك بعد أن تكتشف أنّ خسارتك أق ّل بأ ّنك رابح ،رغم أ ّنك ال تزال خاسراً. هذا ماكان يفعله حافظ األسد كان يخ ّفف خسارة الخاسرين ،فعندما ُتخطف فتاة و ُتغتصب من قبل الشبّيحة كان ّ يتدخل إلعادة الفتاة حيّة إلى أهلها ،لك ّنه لم ّ يتدخل بمعاقبة الخاطفين واجتثاث الظاهرة( ،أب لفتاة علويّة مغتصبة تم ّكن من مقابلة حافظ األسد في مناسبة اجتماعيّة ،وعندما شكا له مافعل ابن أخيه من خطف تنس واغتصاب البنته قال له حافظ :ليست مشكلة ،ال َ أنّ َمن ضاجعها هو من عائلة األسد وهذا شرف لها). فيما بعد ب��دأت تحوّ الت جديدة تطرأ على هذه الظاهرة ،فرفعت األسد الذي أسّس الظاهرة خرج من سورية ،وت ّم ح ّل وحدته العسكريّة ،ليس أل ّنها ترتكب أفعاالً ال قانونيّة ،بل ألنّ رفعت األسد قام بانقالب على الرأس الكبير ( ،)1984أمّا في الالذقيّة ،فقد كبرت أحالم المراهقين وف ّكروا كما ف ّكر رفعت األسد (مؤسّس الظاهرة) ببناء إمبراطوريّاتهم الخاصّة ،فظهرت مافيات التهريب ،ونشأت المرافئ الخاصّة ،وظهرت أيضا ً ظاهرة استمالك األراضي بما فيها أمالك الدولة، ح ّتى الشواطئ ،وكثيراً من المواطنين ان ُتزعت منهم أراضيهم بالقوّ ة ،أو بعقود بيع يفرضها الشبّيحة ،وهي غالبا ً بأسعار بخسة ال تعادل عُشر األسعار الحقيقيّة.
في مطلع 2011انفجرت الثورة السوريّة ،وهنا انتقلت هذه الظاهرة لتلعب دوراً رئيس ّيا ً في قمع الناشطين والمتظاهرين ،فت ّم تنظيمها بشكل أفضل، وت ّم إلحاقها بأجهزة أمنيّة أو عسكريّة تابعة للنظام، لكن بإدارة خاصّة ،ولع ّل أوّ ل ظهور معلن وواضح لهذه المجموعات كان باقتحامهم لمدينة بانياس وقرية البيضة المجاورة لها ،في البيضة ظهر هذا التنظيم الجديد وأعلن عن دوره الحقيقيّ في قمع السورييّن، مستعمالً األساليب األق��ذر واألكثر فظاعة ض ّدهم، فهم الذين ارتكبوا أوّ ل مجزرة في بانياس والبيضة، وهم الذين رفعوا الشعارات الطائفيّة األولى في الثورة السوريّة. فيما بعد انتشرت الثورة السوريّة ،لتشمل ك ّل أراضي الوطن ،فكان الب ّد من أن تتكاثر هذه العصابات، فتش ّكلت مجموعات كثيرة بقيادات من عناصر سابقة في المجموعات األولى للشبّيحة ،وباتت عصابات مسلّحة تقتل وتخطف وتسرق وتشارك األجهزة األمنيّة في قمعها وتستبيح القرى والمدن واالحياء بعد إفراغها من أهلها. سيكون أمام الشعب السوريّ بعد انتهاء هذه األزمة مهمّة شا ّقة ج ّداً في التعامل مع هذه العصابات وانتزاع ثقافتها ،وترميم الجراح العميقة التي أحدثتها في جسد المجتمع السوريّ .
ب ّسام يوسف
www.allsyrians.org
6
العدد 14
تحت سماء الموت... لم تعد األحياء المحرّ رة في مدينة حلب كما كانت في مثل هذا الوقت من العام الفائت ،حيث الكثافة السكانيّة واألسواق المزدحمة واالستقرار هو ما كان يعشيه أهالي تلك األحياء آنذاك ،فقد بدأت الهجمة البربريّة الشرسة مع بداية العام الحاليّ لقوّ ات األسد ببراميل الحقد المتفجّ رة على أحياء حلب المحرّ رة عموما ً وبوتيرة أعلى في األحياء الشرقيّة منها/1943/.. برميالً ألقاها النظام األسديّ على األحياء المحرّ رة، فكانت كفيلة بتدمير ثلثها و قتل /2508/من ساكنيها، وذلك ح ّتى شهر نيسان الماضي بحسب تقرير الشبكة السوريّة لحقوق اإلنسان. الدمار واخلراب هما العنوان ما أصبح سائداً في تلك األحياء هو الموت وال شيء غير الموت هو ما يعيشه ك ّل من لم يجد ملجأ يذهب إليه فا ّتخذ من بيته قبراً له. حي طريق الباب هو أحد األحياء الشرقيّة التي أُمطرت بالبراميل على مدى سبعة أشهر ،باإلضافة إلى سوء األوض��اع المعيشيّة حيث انقطاع التيّار الكهربائيّ والمياه عن الحيّ . (الربيع العربيّ )( ،طريق الشهداء) ،هي أسماء أُطلقت على أوّ ل حيّ حُرّ ر في مدينة حلب ،فكان حاضنا ً للثوّ ار ومعهم ،كما أنّ ثوّ اره كانوا منهم ولهم، عاش الحيّ في األشهر األول��ى من التحرير أيّاما ً عصيبة ،حيث صواريخ الطيران الحربيّ وقذائف المدفعيّة الثقيلة لقوّ ات األسد .إلاّ أ ّنه سرعان ما عادت إليه الحياة من جديد بعد أشهر ع ّدة من التحرير، عندما انخفضت وتيرة القصف وعاد أهالي الحيّ إلى منازلهم ،فأصبح مقصد ك ّل الثوّ ار ووجهتهم. الكهرباء...حلم اليوم ،ومنذ سبعة أشهر ،أصبح الحيّ مرمىً دائما ً لبراميل األسد ،فنزح عنه معظم ساكنيه ،أصبحت شوارعه خالية من ضحكات أطفاله ومن أصوات
/15أيلول 2014/
غادر احل ّي % 90من ساكنيه تقريباً ،أمّا من بقي فيعيش حياة صعبة وظروفاً معيشيّة سيئة
الباعة في أسواقه ،لم يعد ذلك الحيّ الذي يغصّ بالناس وبالسيّارات التي كانت تمأل أصواتها سماء الحيّ « .أبو أحمد» هو أحد س ّكان الحيّ الذين رفضوا الخروج منه، يح ّدثنا قائالً« :لقد أصبحت البراميل جزءاً من حياتنا اليوميّة ،لم يعد لها وقت مح ّدد حيث كانت في بادئ األمر مقتصرة على النهار فقط ،أمّا اآلن فأصبحت في الليل أيضاً ،حيث تكون المروحيّة غير مرئيّة فال نرى البراميل إلاّ وقد سقطت وانفجرت ،على عكس النهار حيث نشاهد المروحيّة وهي ترمي ببراميلها علينا. لقد غادر الحيّ % 90من ساكنيه تقريباً ،أمّا من بقي فيعيش حياة صعبة وظروفا ً معيشية سيئة». لم ترتبط ظروف الحياة السيّئة والصعبة بسوء األوضاع األمنيّة والبراميل فقط ،بل تع ّدتها لتشمل انقطاع التيّار الكهربائي عن الحيّ منذ ثالثة أشهر ّ وأكثر .انفجار على خط النار بين الجيشين الحرّ واألسديّ في حيّ الميدان ،كان قد دمّر وحدة التغذية ّ الكهربائيّة التي ّ محطة هنانو الكهربائيّة تغذي بدورها التي ِّ توزع الكهرباء على األحياء الشرقيّة ،هو ما كان سببا ً بانقطاعها الدائم عن الحيّ ،إذاً فقد أصبح نور الكهرباء حلم أهل الحيّ « .أبو حميد» رجل في الس ّتين من عمره بقي هو وزوجته في بيتهما رافضين الخروج من الحيّ رغم الظروف المزرية ،يح ّدثنا «أبو حميد» قائالً« :الظالم هو ما يخيّم على ليلنا ،الوحشة والوحدة هي ما نعيشه في الحيّ حيث ال صوت إلاّ صوت الرصاص اآلتي من بعيد حيث جبهات القتال أو صوت البرميل الذي يقطع سكون الليل فتنتشر رائحة الموت والدمار ،حتى مولّدة الطاقة الكهربائيّة الموجودة في ّ توزع الكهرباء (األمبيرات) قد الحيّ والتي كانت تعرّ ضت للقصف ،الماء البارد في أشهر الصيف الحارّ قد أصبح صعب المنال -إذا وُ جد الماء أصالً - إلاّ أ ّننا صامدون هاهنا». املاء عصب احلياة وبدونه ال عيش لإلنسان منذ أكثر من ثالثة أشهر ونتيجة للمعارك الدائرة
بين الجيش الحرّ وكتائب األسد ،في دوار البريج، انفجر ّ خزان المياه الرئيسيّ هنالك ،وبالتالي انقطعت المياه عن الكثير من األحياء المحرّ رة في حلب .حيّ طريق الباب هو أحد األحياء التي عانت من ذلك، واستحالة الوصول لتلك المنطقة المشتعلة بين الطرفين أ ّدت إلى غياب المياه وبشكل نهائيّ عن الحيّ ،ح ّتى إيجاد البدائل فقد وقفت شعبة المياه في مجلس مدينة حلب المحرّ رة عاجزة أمام هذا الوضع. «أ ّم محمّد» إحدى النساء اللواتي عادت إلى الحيّ مع عائلتها بعد تجربة لجوء قصيرة في تركيا ،تح ّدثنا «أ ّم محمّد» عن معاناتها مع انقطاع المياه فتقول« :العودة إلى الحياة البدائيّة هي ما نعيشه ،نمشي مئات األمتار لكي نحصل على كميّات قليلة من المياه حيث اآلبار التي ت ّم إعادة تأهيلها ،أصبح نقل المياه إلى المنازل هو شغلنا الشاغل يوم ّيا ً فك ّل العائلة مسؤولة عن ذلك، مياه اآلبار ليست صالحة للشرب ولذلك نذهب إلى أحياء بعيدة ع ّنا لجلب كميّات من مياه الشرب ،العوز والعذاب هو ما نعيشه هنا إلاّ أ ّننا مستمرّ ون بثورتنا ومتمسّكون بأرضنا وبمنازلنا ح ّتى آخر رمق». إذا الدمار والخراب والخوف والرعب والحاجة واأللم والحسرة والضياع والفاجعة والموت هو ما يعيشه هؤالء ،البراميل التي ال تعرف إلاّ لغة القتل، ّ ومتطلبات الحياة الطبيعيّة التي قد أصبحت حلما ً لساكني الحيّ ،هي العنوان العريض الذي يفرض نفسه هناك. ومع ك ّل ذلك... نجد من يحاول أن يتأقلم مع تلك األوضاع ،أن يصنع الحياة تحت سماء الموت ،فقد تصالح هؤالء مع فكرة الموت فتمسّكوا بأرضهم وتشبّثوا بها ح ّتى الخالص وتحقيق الحلم .حي طريق الباب ليس إلاّ مثاالً لألحياء األخرى عن سوء األوضاع المعيشيّة هناك فحلب المحرّ رة كلّها تحت سماء الموت.
عماد جنم حسو
املدنيّون يف سورية يكسرون جدار اخلوف والصمت
إنّ أح��د أه � ّم أسباب صمود أهلنا القاطنين في المناطق المحرّ رة ،التي كانت تعاني يوم ّيا ً من القصف الهمجيّ بمختلف أنواعه ،هو وجود ّ منظمات المجتمع المدنيّ هناك ،لقد كانت اليد التي تطبّب الجرح وتخ ّفف ألمه ،وتعطف على المحتاج ،وتهت ّم بشؤون األطفال التعليميّة والتنمويّة ،وتق ّدم لهم ورشات ال ّدعم النفسيّ ، التي كانت تساعدهم على تجاوز ح��االت الضغط النفسيّ ،التي كانوا يعيشونها ك ّل يوم. العائق الرئيسيّ لتمكين ّ منظمات المجتمع المدنيّ في سوريّة ،هو غياب التنظيم فيها بشكل أساسيّ ،وغياب التنظيم فيما بينها ،والتخصّص في ع ّدة مجاالت ،فأكثر ما نحتاجه في سوريّة بعد الثورة هو :وجود تنظيم ّ منظمات المجتمع المدنيّ ،ممّا يؤ ّدي وتخصّص لك ّل إلى األهداف المرجوّ ة بشكل أفضل. ّ للمنظمات المدنيّة في «محمّد» ح ّدثنا عن رؤيته سوريّة المستقبل« :أظنّ أنّ الدور األكبر في سوريّة ّ لمنظمات المجتمع األهليّ ،حيث المستقبل سوف يكون أ ّنها ستكون _كما هي اآلن _ مسؤولة عن إدارة الحياة االجتماعيّة من نواحي مح ّددة في المجتمع، وسوف تنوط بها مهمّة عظيمة وهي ،إقامة السلم األهليّ ،وح� ّل النزاعات والخالفات التي ستظهر بشكل أكبر في المجتمع ،واستخدام طاقات الشباب في بناء ما ته ّدم في المجتمع معنو ّيا ً ومن ث ّم ماد ّياً. ّ المنظمات في المناطق المحرّ رة؟ أمّا عمّا ح ّققته تلك يقول «محمّد»« :في الواقع ح ّققت ع ّدة أمور منها: تأمين الغذاء والدواء والرعاية الصحيّة للمحتاجين المتواجدين في هذه المناطق ،وتأمين الدعم النفسيّ لمحتاجيه وخاصّة األطفال ،وبالطبع خلق بديل عن المؤسّسة التعليميّة الحكوميّة في ظ ّل غيابها ،ولقد كان لها الدور الكبير في نشر التوعيّة بين الناس في العديد من القضايا المهمّة في المرحلة الحاليّة». ّ المنظمات المدنيّة في أمّا عن كيفية تمكين عمل سوريّة ،يقول «محمّد»« :يت ّم ذلك بتأمين سُبل ال ّدعم الماديّ والمعنويّ ،عن طريق ال ّدعم المباشر ّ المنظمات ،أو دعم كوادرها العاملة بالتدريبات لهذه الالزمة ،لتحويل العمل الفرديّ لعمل مؤسّساتي ،يزيد ّ المنظمة ،كما يمكن تسهيل من فعاليّة وإنتاجيّة هذه عملها من قبل الجهات المسؤولة عن هذه المناطق ،من مجالس محليّة ،وهيئات شرعيّة ،وغيرها من الهيئات المدنيّة. وحول تقييمه لعمله كعضو في مؤسّسة مدنيّة،
newspaper@allsyrians.org
تحقيقات
أجاب« :كعضو في ّ منظمة مدنيّة أفتخر بنشر الثقافة التطوّ عيّة ضمن المجتمع الذي كان يخشى من كلمة جمعيّة ،أو تجمّع أو مبادرة ،فأنا كنت أعمل متطوّ عا ً ّ منظمات المجتمع المدنيّ ضمن مناطق في إحدى سيطرة النظام ،وك ّنا نتعرّ ض نحن النشطاء إلى مضايقات من ك ّل جانب ،ناهيك عن المداهمات بين الحين واآلخر من فروع األمن ،وعند انتقالي للعمل ُ ظننت أنّ هذه المضايقات سوف في المناطق المحرّ رة تنتهي ،لك ّنني اصطدمّت بنفس العقبات ،ولكنْ بتسمية أخرى ،رغم الحريّة الضئيلة التي ن ّنعم بها ،فانعدام ّ المنظمات العاملة ،و كميّة السرقات التي التنسيق بين دون وجود مراقب، تت ّم من قبل المسؤولين ال��م��ع��ون��ات، أو م��ت��اب��ع ل��ه��ذه وح��ص��ر نوعيّة الدعم من ال ّداعم بالموا ّد اإلغاثيّة العينيّة ،وإهمال ال���م���س���اع���دات التنمويّة ،واأله � ّم من ذل��ك كلّه ه��و الدعم ال��م��ش��روط ،وال���ذي يع ّد من أسوأ المشاكل التي من الممكن أن ّ منظمة، ت��واج��ه أيّ العمل، فقلّة الخبرة في طاقم تماماً ،فنحن وانعدام ثقافة التطوّ ع هنا في أغلبنا إنْ لم نحصل على المال ،فلن نعمل بسبب الوضع الماديّ والمعيشيّ المذري».
ّ المنظمات أمّا «أيمن» فأكمل حديثه عن إنجازات المدنيّة« :بفضل من هللا استطعنا تحقيق الكثير ،فمنذ بداية الثورة كان عملنا مستمرّ اً ،لم نتو ّقف إطالقاً، فمع انطالق الثورة السلميّة ،كان لنا ع ّدة نشاطات توعية مختلفة منها :دورات اإلسعافات األوليّة، التي كانت دوريّة لمدة خمسة أشهر ،باإلضافة إلى التدريب العمليّ في المستشفيات للمتطوّ عين ،وبعدها انتقلنا إلى دورات الدفاع المدنيّ وإدارة الكوارث، ومع بدء الحمّلة العسكريّة على حمص وحماة وإدلب، واستقبال حلب ألعداد كبيرة من أهلنا الضيوف من جميع المحافظات ،كان عملنا مستمرّ اً ،فكانت عمليّات الكشف على العوائل ،وتأمين احتياجاتها همّنا اليوميّ ، وبعد بدء الحمّلة على حلب ،وفصلها إلى قسمين: محرّ ر ومحتل ،كانت جمعيتنا رائدة _وهلل الحمد_ في م ّد يد العون والمساعدة للناس جميعاً ،فمن خالل
توزيع المعونات الغذائيّة الشهريّة على النازحين، وأيضا ً تأمين تكاليف بعض العمليّات الجراحيّة لهم، والقيام بع ّدة ورشات ومعارض للسيدات النازحات، يستطعن من خاللها تعلّم الصوف والم ِْخرز والقصب، َ وع��رض منتجاتهنّ في أكثر من معرض قامت به الجمعيّة ،وعلى صعيد آخر كان عملنا جل ّيا ً في المدراس التي كان يقطنها المهجّ رون من أهلنا ،من خالل حصص غذائيّة ،ووجبات إفطار في شهر رمضان وغيره ،وإقامة غرفة صحيّة في ك ّل مدرسة، تقوم بتقديم العالج المناسب لبعض األمراض الشائعة، واإلسعافات األوليّة للقاطنين هناك ،والقيام بورشات دعم نفسيّ لألطفال ،وورشات تنمويّة بشريّة لهم ،فعلى الرغم من أ ّننا ّ منظمة تعمل في األراضي المحتلة ،إلاّ أ ّنه كان لنا تواجد في األراضي المحرّ رة ،فبعد سقوط صاروخي سكود على األرض الحمراء ،قمنا بتوزيع بطانيّات ،وحصص غذائيّة هناك ،وإلى اآلن ما زال عملنا مستمرّ اً على أكثر من جهة.
أمّا عن أه ّم الصعوبات التي تواجهه إلى اآلن في العمل ،أجاب« :التضييق األمنيّ على الحواجز ،واعتقال بعض المتطوّ عين، وإهانتهم وتحقيرهم ،وسرقة بعض الحصص الغذائيّة عند المرور بالحواجز ،واالقتحامات المتكرّ رة على مقارّ الجمعيّة بحجة أ ّننا جمعيّة معارضة ،وأ ّننا نجمع األدوية إلرسالها للمجموعات اإلرهابيّة على ح ّد قولهم ،وأيضا ً غياب الدعم الماديّ لنشاطات الجمعيّة ،حيث كان لدينا ع ّدة مشاريع قيد التنفيذ ،وكان العائق األساسيّ لتنفيذها هو غياب الدعم الماليّ ،باإلضافة إلى انعدام الدعم ّ المنظمة ،فهنالك للمتطوّ عين المتواجدين يوم ّيا ً في الكثير من المتطوّ عين الذين فرّ غوا أنفسهم تماما ً للعمل الخيريّ في مساعدة الناس ،و تخفيف ما ح ّل بهم. وأخيراً وجب عليّ أن أنوّ ه أنّ محمّداً يعمل في ّ منظمات مدنيّة واقعة ضمن سوريّة المحرّ رة ،أمّا أيمن ،فكان وما زال يعمل في ّ منظمات مدنيّة مراكزها قابعة تحت سيطرة النظام. فهل من الممّكن أن تخفّ بعض المعوقات غداً، عندما تتحرّ ر سوريّة بشكل كامل ،وتختفي أه ّم الصعوبات التي اتفق عليها الطرفان :أنّ السالح هو العائق األه ّم لهم؟ وهل سيكون من األسهل تمكين دور ّ المنظمات بعد سقوط النظام؟ تبقى هذه األسئلة برسم المستقبل ليجيبنا عليها.
خالد خلف
هيكلّية جديدة للمجالس المحلّية واستهداف عشرة آالف ّ موظف ب���ع���د أك��ث��ر من عامين على ان��ط�لاق تجربة المجالس المحليّة ف���ي ال��م��ن��اط��ق ال���م���ح���رّ رة من س��وريّ��ة ،ب��دأت وزارة اإلدارة ال��م��ح��ل��يّ��ة في ّ الحكومة السوريّة المؤقتة بإنجاز مشروع تمكين المجالس المحليّة ،تحت عنوان (مشروع بناء مجتمع محليّ يقود نفسه) ،وبحسب تصريح ال��وزارة ،فإنّ المشروع يهدف إلى إعادة هيكلة المجالس المحليّة، ورسم العالقات الهيكليّة واإلداريّ��ة بين المجالس المحليّة ،والمديريّات المحلّية والمركزيّة ،كما أنّ َ المنتخب والمعيَّن ،أي المشروع يضبط العالقة بين بين اإلشراف والتنفيذ. إعادة اهليكلة عن هذا المشروع ،والمراحل التي وصل إليها المجالس ح ّدثنا «حازم لطفي» مدير عام شؤون المحلّيّة في وزارة اإلدارة المحليّة ،واإلغاثة وشؤون الالجئين في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة قائالً :يُعتبر ه��ذا المشروع ذو أه ّميّة كبيرة في إع��ادة هيكلة المجالس المحلّيّة ،لتأخذ دورها بشكل فاعل ،حيث ّ موظف خاصّين بالمجالس سيت ّم استهداف عشرة آالف َ المنتخبين المحليّة في س��ور ّي��ة ،يشمل العناصر ّ والموظفين المعيَّنين والعمّال للح ّد األدنى. وأض��اف «لطفي» لقد بدأنا بدفع تعويضات ماليّة للمجالس المحلّيّة المعتمدة ،وخاصّة في مجلس َ للمنتخب محافظة حلب الحرّ ة ،حيث ت ّم دفع $ /175/ و $/150/للمعيَّن و $ /125/للعامل كتعويض ،أو مكافأة ،وفي حال ت ّم إعادة هيكلة المجلس واعتماده من قبل الوزارة ،سيت ّم االنتقال من التعويض إلى سلّم الرواتب بشكل شهريّ . وأش��ار «لطفي» أنّ ال��وزارة ستقوم بإخضاع المجالس المحليّة ل��دورات تدريبيّة تشمل دورات قانونيّة ،وفي إدارة المشاريع ،ودورات إداريّة. إحداث مديريّات وعن النظام الداخليّ الذي ت ّم اعتماده قال «لطفي»: لقد ت ّم إصدار لوائح تنظيميّة لعمل المجالس المحليّة، مستم ّدة من القانون السوريّ ،حيث ت ّم اعتماد قانون اإلدارة المحليّة ./107/وأوضح «لطفي» أ ّنه ت ّم طرح أربع مسمّيات للمجالس المحليّة هي :مجلس محافظة ومجلس مدينة ومجلس بلدة ومجلس بلديّة ،حيث سيت ّم اعتماد نفس البلدات والبلديّات وفق التقسيمات الجغرافيّة السابقة مع بعض التعديالت البسيطة، كما أشار «لطفي» أ ّنه سيت ّم إحداث مديريّات تتبع لمجلس المحافظة ضمن مالك المحافظة مثل :مديريّة الدفاع المدنيّ ،ومديريّة الخدمات الف ّنيّة ،ومديريّة التنمية والمشاريع المحلّيّة ،ومديريّة اإلغاثة والشؤون االجتماعيّة. وبالنسبة لهيكليّة مجلس المحافظة قال «لطفي»: سيت ّم اعتماد عشر مكاتب تنفيذيّة ،ورئيس المجلس ونائبه ،أمّا منصب األمين العام فسيعيّن تعييناً ،ومهمّته إدارة الشؤون اإلدار ّي��ة والماليّة والقانونيّة لمجلس المحافظة ،باإلضافة إلى تنظيم عمل المجلس داخل ّياً. التشاركيّة وأشار «لطفي» إلى أنّ المشروع قد بدأ تنفيذه في أكثر من محافظة ،في حلب وإدلب والالذقيّة وريف دمشق ودرعا والقنيطرة ،وذلك بعد أن ت ّم تشكيل لجان موارد بشريّة على مستوى ك ّل محافظة لتدارس األنظمة والهياكل اإلدار ّي��ة وفق األوض��اع األمنيّة الحاليّة. وعن التقسيمات اإلداريّ��ة التي أحدثها النظام، كإحداث ثالث محافظات (منبج والقامشلي وتدمر)، قال لطفي :سيت ّم رفض أيّ قرار ا ّتخذه النظام أثناء الثورة كان هدفه أمور سياسيّة لزعزعة األمن في سوريّة. وفي النهاية قال «لطفي» :نحن نسعى إلى عمل التشاركيّة بين الوزارة والمجالس المحلّيّة إلنجاح هذا المشروع الها ّم. بدر حسني
www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 14
/15أيلول 2014/
الدولي ،هل بين الكتائب المعتدلة والتحالف ّ تحسن موقف الثورة السورّية؟ ّ و شعوبها.
بعد كلمة الرئيس األمريكيّ «باراك أوباما» في ذكرى أحداث 11أيلول ،التي تح ّدث فيها عن توجيه ضربة عسكريّة تستهدف تنظيم الدولة اإلسالميّة (داع��ش) في العراق وس��وري��ة ،تنامت التو ّقعات حول اعتماد المجتمع الدوليّ كلّيا ً على المعارضة المعتدلة في سورية تزامنا ً مع اعتمادهم على قوّ ات (البيشمركه) الكرديّة والقوّ ات الحكوميّة في العراق خاصّة ،وأنّ أوباما ذكر بشكل واضح استحالة التعاون مع النظام السوريّ في هذه العمليّة كونه «نظام قاتل وفاقد للشرعيّة « حسب ما قال الرئيس األمريكي. حتالف دول ّي كبري وموافقات شعبيّة: بدأت مالمح التحالف الدوليّ المزمع إنشاؤه و اإلع�لان عنه خالل األيّ��ام القادمة في اجتماعات الجمعيّة العامّة لألمم الم ّتحدة ،التحالف الذي من المتو ّقع أن يض ّم دوالً كبيرة و فاعلة في المجتمع الدوليّ كفرنسا و المملكة الم ّتحدة و ألمانيا إضافة إلى أمريكا صاحبة الفكرة ،كما أبدت دول كأستراليا و كندا و تركيا استعدادها لالنضمام إلى التحالف ،رغم التح ّفظات التركيّة التي عبّر عنها وزير خارجيّتها «مولود جاويش أوغلو» ،و هي خشية تركيا من وقوع األسلحة التي يت ّم تسليمها إلى القوّ ات الكرديّة والعراقيّة لمحاربة تنظيم الدولة اإلسالميّة في يد مقاتلي حزب العمّال الكردستانيّ العدو اللدود لتركيا. باب االنضمام إلى هذا التحالف لم يُغ َلق بعد أمام الدول الراغبة ،وقد وصل العدد إلى األربعين ،خاصّة وأنّ الكثير من الدول في المنطقة وبعيداً عنها كانت قد د ّقت ناقوس الخطر الذي ّ يمثله داعش على أنظمتها
من جهتها ،تعتقد باريس التي ال ترغب بتوسيع العمليّات إلى ضرب داعش في سورية أل ّنها ال تريد أن يكون الهجوم على داعش بمثابة تلبية لمطالب النظام السوريّ الذي ال تعترف به ،تعتقد أ ّنها قادرة على توسيع دائرة الحلف بسبب عالقاتها الجيّدة مع ّ تحث الواليات دول خليجيّة كقطر و السعوديّة ،بينما الم ّتحدة الدول الخليجيّة على ح ّل خالفاتها مع قطر ، وهو ما بدأ يحدث ،فقد بدأ وزراء خارجيّة 12دولة مؤتمراً في مدينة ج ّدة السعوديّة لبحث سبل التص ّدي للتنظيمات المتطرّ فة كداعش وغيرها ،أمّا الدول المشاركة في االجتماع فكانت دول مجلس التعاون ّ الست ،إضافة إلى األردنّ و لبنان و مصر و الخليجيّ تركيا و الواليات الم ّتحدة. من جهتهم ،يرى األمريكيّون أنّ الوقت قد حان لضرب التنظيم ال��ذي بات يش ّكل خطراً «حسبما يعتقدون» على المصالح الحيويّة األمريكيّة ،وبحسب استطالع للرأي ُنشر في صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة « إيه بي سي نيوز « أيّد % 71من األشخاص الذين شملهم االستطالع الضربات الجوّ يّة التي ين ّفذها الجيش األمريكيّ منذ شهر في العراق ،فيما أيّد 65 %منهم توسيعها لتشمل سورية .أمّا في الكونغرس فطالب أعضاء جمهوريّون وديمقراطيّون على السواء بالقضاء على تنظيم الدولة اإلسالميّة بالكامل .من جهته ص��رّ ح النائب األمريكي «مايك روج��رز» رئيس لجنة االستخبارات في مجلس النوّ اب لشبكة فوكس نيوز« :يجب على أوباما أن يُثبت أ ّنه قائد ويمكنه جمع الشركاء من الجامعة العربيّة ،وهو ما لم يتم ّكن من القيام به في السابق ،وأن يدفع حلف شمال األطلسي إلى القيام بجهود أكبر». ماذا بعد االعتماد على املعارضة السوريّة املعتدلة؟ «تنظيم داعش يش ّكل خطراً على الشعبين العراقيّ و السوريّ وكذلك الشرق األوسط بشكل عا ّم ،بما فيها المرافق األمريكيّة والمواطنون األمريكيّون ،و إن لم ّ فسيمثلون تهديداً خارج تلك المنطقة» نواجه داعش بهذه الكلمات بدأ أوباما كلمته للشعب األمريكيّ قبل أن يعلن أنّ الواليات الم ّتحدة ستقود تحالفا ً دول ّيا ً لضرب داعش ،أ ّكد أوباما أنّ الواليات الم ّتحدة تق ّدم مساعدات عسكريّة إلى المعارضة السوريّة وأ ّنه دعى الكونغرس إلى إعطائه سلطات إضافيّة ومصادر من أجل تدريب
7 ما نسيته هذه الفصائل هو وجود ما يشابه داعش بينها ،وهو ما سيحول بينها وبني الرضى الدول ّي عنها. استطالعات أمريكيّة :أيّد % 71من األشخاص الضربات اجلوّيّةاليت ينفّذها.
و تسليح أولئك المقاتلين و أض��اف« :في محاربة داعش ال يمكننا االعتماد على نظام األسد الذي يرهب شعبه فذلك النظام لن يستعيد الشرعيّة التي فقدها ،بدل ذلك يجب أن نقوّ ي المعارضة لمجابهة المتطرّ فين مثل داعش مع االستمرار بالحلول الدبلوماسيّة الضروريّة من أجل ح ّل األزمة السوريّة».
المعارضة المسلّحة من جهتها كانت قد أعلنت في بداية آب الماضي عن تشكيل مجلس لقيادة الثورة ليكون الجسم الموحّ د لها في مواجهة قوّ ات النظام دون ذكر تنظيم داعش ،فيما يُعتقد أ ّنها خطوة على طريق تشكيل جسم موحّ د ذو تنسيق عالي يستطيع المجتمع الدوليّ االعتماد عليه في سورية ،المجلس ض ّم ع ّدة فصائل كبيرة أهمّها «جبهة ثوار سورية» و «جيش المجاهدين» و «اال ّتحاد اإلسالميّ ألجناد الشام» و «جيش اإلسالم» و «حركة حزم» و «حركة نور الدين الزنكيّ » و الفرقتان « »13و « »101فيما غابت «الجبهة اإلس��ل�ام���� ّي����ة» وم���م� ّ ��ث���ل���وه���ا األس����اس���� ّي����ون (ح��رك��ة أح��رار ال���ش���ام ،أل��وي��ة ص��ق��ور ال��ش��ام، ل��واء التوحيد)، عن هذه المبادرة ف����ي م��ع��ط��ي��ات ت��زي��د ال��ش��ك��وك حول عدم اعتماد المجتمع الدوليّ ع��ل��ى ال��ج��ب��ه��ة اإلسالميّة في حربه ض ّد داعش ،وبعد صدور قرار مجلس األمن الخاصّ بداعش سارعت فصائل عديدة إلى االنضمام إلى االئتالف المسلّح آنف الذكر بينما ُ ش ّكلت فصائل في دمشق ما أس َموه «بالقيادة العسكريّة الموحّ دة في الغوطة الشرقية» وكان هدفها المُعلن: «توحيد الصفوف و تنظيم خطوط القتال» .نفس العمليّة تمّت في الجبهة الجنوبيّة ،حيث دعت فصائل في درعا والقنيطرة إلى تشكيل غرفة عمليّات موحّ دة ضمّت معظم الفصائل العاملة على جبهات درعا والقنيطرة ،لكنّ ما نسيته هذه الفصائل هو وجود ما يشابه داعش بينها ،وهو ما سيحول بينها وبين الرضى
ّ المدني في سورّية 2/2 منظمات المجتمع ّ بين التمكين والبحث عن دور فاعل
إنّ أحد أه ّم أسباب صمود أهلنا القاطنين في المناطق المحرّ رة ،التي كانت تعاني يوم ّيا ً من القصف الهمجيّ ّ بمختلف أنواعه ،هو وجود منظمات المجتمع المدنيّ هناك ،لقد كانت اليد التي تطبّب الجرح وتخ ّفف ألمه، وتعطف على المحتاج ،وتهت ّم بشؤون األطفال التعليميّة والتنمويّة ،وتق ّدم لهم ورشات ال ّدعم النفسيّ ،التي كانت تساعدهم على تجاوز حاالت الضغط النفسيّ ،التي كانوا يعيشونها ك ّل يوم. العائق الرئيسيّ لتمكين ّ منظمات المجتمع المدنيّ في سوريّة ،هو غياب التنظيم فيها بشكل أساسيّ ،وغياب التنظيم فيما بينها ،والتخصّص في ع ّدة مجاالت ،فأكثر ما نحتاجه في سوريّة بعد الثورة هو :وجود تنظيم ّ منظمات المجتمع المدنيّ ،ممّا يؤ ّدي وتخصّص لك ّل إلى األهداف المرجوّ ة بشكل أفضل. ّ للمنظمات المدنيّة في «محمّد» ح ّدثنا عن رؤيته سوريّة المستقبل« :أظنّ أنّ الدور األكبر في سوريّة ّ لمنظمات المجتمع األهليّ ،حيث المستقبل سوف يكون أ ّنها ستكون _كما هي اآلن _ مسؤولة عن إدارة الحياة االجتماعيّة من نواحي مح ّددة في المجتمع، وسوف تنوط بها مهمّة عظيمة وهي ،إقامة السلم األهليّ ،وح� ّل النزاعات والخالفات التي ستظهر بشكل أكبر في المجتمع ،واستخدام طاقات الشباب في بناء ما ته ّدم في المجتمع معنو ّيا ً ومن ث ّم ماد ّياً. ّ المنظمات في المناطق المحرّ رة؟ أمّا عمّا ح ّققته تلك يقول «محمّد»« :في الواقع ح ّققت ع ّدة أمور منها: تأمين الغذاء وال��دواء والرعاية الصحيّة للمحتاجين المتواجدين في هذه المناطق ،وتأمين الدعم النفسيّ لمحتاجيه وخاصّة األطفال ،وبالطبع خلق بديل عن المؤسّسة التعليميّة الحكوميّة في ظ ّل غيابها ،ولقد كان لها الدور الكبير في نشر التوعيّة بين الناس في العديد
newspaper@allsyrians.org
من القضايا المهمّة في المرحلة الحاليّة».
ّ المنظمات المدنيّة أ ّم��ا عن كيفية تمكين عمل في سوريّة ،يقول «محمّد»« :يت ّم ذلك بتأمين سُبل ال ّدعم الماديّ والمعنويّ ،عن طريق ال ّدعم المباشر ّ المنظمات ،أو دعم كوادرها العاملة بالتدريبات لهذه الالزمة ،لتحويل العمل الفرديّ لعمل مؤسّساتي ،يزيد ّ المنظمة ،كما يمكن تسهيل من فعاليّة وإنتاجيّة هذه عملها من قبل الجهات المسؤولة عن هذه المناطق ،من مجالس محليّة ،وهيئات شرعيّة ،وغيرها من الهيئات المدنيّة. وحول تقييمه لعمله كعضو في مؤسّسة مدنيّة، أجاب« :كعضو في ّ منظمة مدنيّة أفتخر بنشر الثقافة التطوّ عيّة ضمن المجتمع الذي كان يخشى من كلمة جمعيّة ،أو تجمّع أو مبادرة ،فأنا كنت أعمل متطوّ عا ً ّ منظمات المجتمع المدنيّ ضمن مناطق في إحدى سيطرة النظام ،وك ّنا نتعرّ ض نحن النشطاء إلى مضايقات من ك ّل جانب ،ناهيك عن المداهمات بين الحين واآلخر من فروع األمن ،وعند انتقالي للعمل ُ ظننت أنّ هذه المضايقات سوف في المناطق المحرّ رة تنتهي ،لك ّنني اصطدمّت بنفس العقبات ،ولكنْ بتسمية أخرى ،رغم الحريّة الضئيلة التي ن ّنعم بها ،فانعدام ّ المنظمات العاملة ،و كميّة السرقات التي التنسيق بين تت ّم من قبل المسؤولين دون وجود مراقب ،أو متابع لهذه المعونات ،وحصر نوعيّة الدعم من ال ّداعم بالموا ّد اإلغاثيّة العينيّة ،وإهمال المساعدات التنمويّة ،واأله ّم من ذلك كلّه هو الدعم المشروط ،والذي يع ّد من أسوأ ّ منظمة ،فقلّة المشاكل التي من الممكن أن تواجه أيّ الخبرة في طاقم العمل ،وانعدام ثقافة التطوّ ع تماماً، فنحن هنا في أغلبنا إنْ لم نحصل على المال ،فلن نعمل بسبب الوضع الماديّ والمعيشيّ المذري».
الدوليّ عنها ،كمقاتلي «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة في حلب وأري��اف إدل��ب والمناطق الحدوديّة ومقاتلي «جيش محمّد» في أعزاز و»جيش المهاجرين واألنصار» في منطقة حريتان ،وهي نفس المناطق التي تتواجد فيها الكتائب المعتدلة رغم أنّ التنسيق بينهم محدود للغاية. يُشار إلى أنّ الواليات الم ّتحدة كانت قد بدأت بتدريب المعارضة السوريّة العسكريّة ور ّكزت على الضبّاط المنش ّقين عن النظام ،وتت ّم هذه التدريبات في األردنّ والسعوديّة ،بينما تحاول المملكة الم ّتحدة إقناع بقية دول مجلس التعاون الخليجيّ من أجل استخدام معسكراتهم لتدريب المعارضة السوريّة. وماذا بعد؟ و تبقى هذه األسئلة تدور بانتظار الوقت – الكفيل
الوحيد باإلجابة -ماذا بعد مشاركة فصائل المعارضة السوريّة في الحرب على تنظيم داعش؟ هل ستعود الثورة ذات ثقل جغرافيّ يض ّم مساحات شاسعة تحت سيطرتها في الشمال والشرق؟ كيف ستكون ر ّدة فعل النظام السوريّ على عدم االعتماد عليه في الحرب على االرهاب؟ وهو القادر على القيام بر ّدات فعل مجنونة ال تخلو أبداً من اإلجرام؟ هل سيحاول إعاقة الحلف الدوليّ وحلفاؤه على األرض؟ هل بدأ المجتمع الدوليّ يعي فعالً ضرورة تشكيل جيش وطنيّ في سورية يُعتمد عليه في المناطق الخارجة عن سيطرة ونر!! النظام؟ لننتظر َ عارف حاج يوسف
إ ّن انعدام التنسيق بني املن ّظمات العاملة، وكميّة السرقات اليت تت ّم من قبل املسؤولني دون وجود مراقب ،أو متابع هلذه املعونات، وحصر نوعيّة الدعم من ال ّداعم باملوادّ اإلغاثيّة العينيّة ،وإهمال املساعدات التنمويّة ،واأله ّم من ذلك كلّه هو الدعم املشروط ،والذي يع ّد من أسوأ املشاكل اليت من املمكن أن تواجه أ ّي من ّظمة
أمّا «أيمن» فأكمل حديثه عن إنجازات ّ المنظمات المدنيّة« :بفضل من هللا استطعنا تحقيق الكثير ،فمنذ بداية الثورة كان عملنا مستمرّ اً ،لم نتو ّقف إطالقاً ،فمع انطالق الثورة السلميّة ،كان لنا ع ّدة نشاطات توعية مختلفة منها :دورات اإلسعافات األوليّة ،التي كانت دوريّ��ة لمدة خمسة أشهر ،باإلضافة إلى التدريب العمليّ في المستشفيات للمتطوّ عين ،وبعدها انتقلنا إلى دورات الدفاع المدنيّ وإدارة الكوارث ،ومع بدء الحمّلة العسكريّة على حمص وحماة وإدلب ،واستقبال حلب ألعداد كبيرة من أهلنا الضيوف من جميع المحافظات، كان عملنا مستمرّ اً ،فكانت عمليّات الكشف على العوائل ،وتأمين احتياجاتها همّنا اليوميّ ،وبعد بدء الحمّلة على حلب ،وفصلها إلى قسمين :محرّ ر ومحتل، كانت جمعيتنا رائدة _وهلل الحمد_ في م ّد يد العون والمساعدة للناس جميعاً ،فمن خالل توزيع المعونات الغذائيّة الشهريّة على النازحين ،وأيضا ً تأمين تكاليف بعض العمليّات الجراحيّة لهم ،والقيام بع ّدة ورشات يستطعن من خاللها تعلّم ومعارض للسيدات النازحات، َ الصوف والم ِْخرز والقصب ،وعرض منتجاتهنّ في أكثر من معرض قامت به الجمعيّة ،وعلى صعيد آخر كان عملنا جل ّيا ً في المدراس التي كان يقطنها المهجّ رون من أهلنا ،من خالل حصص غذائيّة ،ووجبات إفطار في شهر رمضان وغيره ،وإقامة غرفة صحيّة في ك ّل مدرسة ،تقوم بتقديم العالج المناسب لبعض األمراض الشائعة ،واإلسعافات األوليّة للقاطنين هناك ،والقيام بورشات دعم نفسيّ لألطفال ،وورشات تنمويّة بشريّة ّ منظمة تعمل في األراضي لهم ،فعلى الرغم من أ ّننا المحتلة ،إلاّ أ ّنه كان لنا تواجد في األراضي المحرّ رة، فبعد سقوط صاروخي سكود على األرض الحمراء،
قمنا بتوزيع بطانيّات ،وحصص غذائيّة هناك ،وإلى اآلن ما زال عملنا مستمرّ اً على أكثر من جهة. أمّا عن أه ّم الصعوبات التي تواجهه إلى اآلن في العمل ،أجاب« :التضييق األمنيّ على الحواجز، واعتقال بعض المتطوّ عين ،وإهانتهم وتحقيرهم، وس��رق��ة بعض الحصص الغذائيّة عند المرور بالحواجز ،واالقتحامات المتكرّ رة على مقارّ الجمعيّة بحجة أ ّننا جمعيّة معارضة ،وأ ّننا نجمع األدوي��ة إلرسالها للمجموعات اإلرهابيّة على ح ّد قولهم ،وأيضا ً غياب الدعم الماديّ لنشاطات الجمعيّة ،حيث كان لدينا ع ّدة مشاريع قيد التنفيذ ،وكان العائق األساسيّ لتنفيذها هو غياب الدعم الماليّ ،باإلضافة إلى انعدام الدعم ّ المنظمة ،فهنالك للمتطوّ عين المتواجدين يوم ّيا ً في الكثير من المتطوّ عين الذين فرّ غوا أنفسهم تماما ً للعمل الخيريّ في مساعدة الناس ،و تخفيف ما ح ّل بهم. وأخيراً وجب عليّ أن أنوّ ه أنّ محمّداً يعمل في ّ منظمات مدنيّة واقعة ضمن سوريّة المحرّ رة ،أمّا أيمن ،فكان وما زال يعمل في ّ منظمات مدنيّة مراكزها قابعة تحت سيطرة النظام. فهل من الممّكن أن تخفّ بعض المعوقات غداً، عندما تتحرّ ر سوريّة بشكل كامل ،وتختفي أه ّم الصعوبات التي اتفق عليها الطرفان :أنّ السالح هو العائق األه ّم لهم؟ وهل سيكون من األسهل تمكين دور ّ المنظمات بعد سقوط النظام؟ تبقى هذه األسئلة برسم حممّد احلاج المستقبل ليجيبنا عليها.
www.allsyrians.org
8
العدد 14
/15أيلول 2014/
اقتصاد و قانون
التركي -األوروبّ ّي االّتفاق ّ والمترّتبات القانونّية على إقامات السورّيين في تركيا
منذ توقيعها ا ّتفاقا ً مع اال ّتحاد األوروبّ��يّ بتاريخ 2013\12\16يُلزمها بإعادة استقبال المهاجرين غير الشرعيّين المنطلقين من أراضيها نحو أوروبّا مقابل السير في طريق إلغاء التأشيرة المفروضة على المواطنين األتراك لدى سفرهم ألوروبّا بحلول العام ،2017قامت الحكومة التركيّة بوقف إصدار اإلق��ام��ات التي كانت تمنحها للاّ جئين السوريّين المقيمين على أراضيها والتي ُسمّيت اص��ط�لاح�ا ً ب��ـ (إق��ام��ة ب��إذن وزاريّ ) وكانت تصدر عن مديريّات األمن (األمنيّات)، وبدأت العمل إلنجاز ترتيباتها إلصدار إقامة (لجوء إنسانيّ ) تتضمّن تصريحا ً بالعمل سوف تصدر عن دائ��رة الهجرة التي ت ّم إحداثها لتكون المرجعيّة التي تصدر عنها هذه اإلقامات والتي ستكون مرتبطة إلكترون ّيا ً مع بنك المعلومات األورو ّب���يّ ،بحيث أنّ ك� ّل من تصدر له ه��ذا النوع من اإلقامة ويت ّم أخذ بصماته إلكترون ّيا ً كجزء من إجراءات إصدارها ،سوف تكون تلقائ ّيا ً قد وصلت وحُفظت لدى بنك المعلومات األوروبّيّ بما يُسهّل لألور ّبيّين التثبّت من أنّ المهاجر غير الشرعيّ الذي يصل إلى بلدانهم، قد كان مقيما ً في بلد آمن منحه لجوءاً إنسان ّيا ً ما ينفي
رسول الحرّية في سورّية والمدافع األ ّول عن المعتقلين مغّيب في السجون
خليل معتوق هو المدير التنفيذيّ للمركز السوريّ للدراسات واألبحاث القانونيّة ،ويع ّد من المؤسّسين األوائل ،وهو من أوائل األعضاء في نقابة المحامين السوريّين .حمل ه ّم المعتقلين السياسيّين ،وكان أوّ ل المدافعين عنهم أمام محكمة أمن الدولة العليا ً ونتيجة لذلك ُه ّدد باالعتقال من والمحاكم األخرى، قبل أجهزة االستخبارات السوريّة أكثر من مرّ ة قبل اندالع الثورة. اع ُتقل ف��ي الثاني م��ن تشرين األوّ ل لعام 2012ح��وال��ي الساعة /11/صباحاً ،عند أحد الحواجز األمنيّة في ضاحية صحنايا جنوبي غربي دمشق ،أثناء توجّ هه إلى مكتبه في وسط العاصمة دمشق ،وأف��ادت مصادر أ ّنه ت ّم اعتقاله من قبل مسلّحين ،ولم يت ّم الكشف عن مكانه ح ّتى اآلن. وقد أصدرت ع ّدة هيئات دوليّة حقوقيّة بيانات تن ّدد وتطالب باإلفراج عنه ،وعلى رأسها مرصد حماية المدافعين عن حقوق اإلنسان ،والشبكة األور ّبيّة المتوسّطيّة لحقوق اإلن��س��ان ،ومركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان بياناً ،يعّبرون فيه عن قلقهم البالغ عن هذا االعتقال واالختفاء القسريّ ّ ْ منظمة العفو الدوليّة في دعت للسيّد معتوق ،كما الرابع من تشرين األوّ ل 2012إلى الكشف عن مصير محامي حقوق اإلنسان السوريّ خليل معتوق بعد اختفائه مع صديقه محمّد ظاظا وإخالء سبيلهما فوراً .وكان قد حمّل مدير المركز السوريّ لألبحاث والدراسات القانونيّة السلطات السوريّة المسؤوليّة الكاملة عن حياته ووضعه الصحّ يّ الصعب ،إذ أنّ السيّد معتوق يعاني من اعتالل في الرئة ،مع العلم أنّ عمره قد ناهز /54/سنة .كما ق ّدم محامو سوريّة من أجل الحرّ يّة بيانا ً بخصوص االعتقال التعسّفيّ لل ّناشط معتوق ،دعوا فيه الزمالء المحامين في سوريّة واتحاد المحامين العرب ،ونقابات المحامين ّ والمنظمات الحقوقيّة في العالم إلى التضامن مع زمالئهم لزيادة الضغط على النظام السوريّ لإلفراج عن كا ّفة معتقلي ثورة الحرّ يّة والكرامة.
newspaper@allsyrians.org
حاجته للّجوء إلى بلدانهم ،األمر الذي يستوجب إعادته إليه.
وتبعا لذلك ،فقد أصدرت السلطات التركيّة قرارات لنوعين من اإلقامات لديها (فضالً عن إقامة المستثمر التي كانت موجودة أصالً وهي ليست مح ّل بحثنا اليوم) وهي:
(ونفترض تخمينا ً أنّ نوعيّة األوراق هي من قبيل وجود جواز سفر أو عدم تو ّفره لدى الالجىء أو ربّما بعض رصيد مصرفيّ ،أو كان ممّن تحصّل سابقا ً على إقامة سابقة والمسمّاة إقامة بإذن وزاريّ ..وهذه محض تخمينات ال معلومات). وبموجب هذا النوع من اإلقامات فإ ّنه يتعيّن على اللاّ جىء السوريّ البقاء في تركيا فقط (طبعا مع ح ّقه بالعودة إلى ك إن رغب) وفي حال لجوئه بالده الش ّ بالطرق غير الشرعيّة ألوروبّ���ا ،فستت ّم إعادته لتركيا بوصفها أسبغت عليه حمايتها القانونيّة عندما منحته لجوءاً إنسان ّياً.
والثانية :اإلق��ام��ة السياحيّة والتي ال يرتبط إصدارها ببنك المعلومات األوروبّيّ ،وبالتالي فإنّ بصمات أصحابها لن تكون متاحة لألور ّبيّين ،ممّا يسمح ألولئك بفرصة األولى :إقامة لجوء إنسانيّ ، ويُمنح صاحبها إذنا ً بالعمل على األراضي التركيّة ويصدر عن البلديّات التابع لها موطن المأذون له، مع ميزات أخرى لم يت ّم اإلعالن عنها ،لك ّنها ترتبط بنوعيّة األوراق التي يق ّدمها ك ّل طالب للحصول عليها
اللجوء إليها دون خوف من إعادتهم لتركيا .ويتطلّب الحصول على هذه اإلقامة: -1تو ّفر جواز سفر ساري المفعول . -2تقديم إشعار مصرفيّ يُشعر بتحويل مبلغ أقلّه
س ّتة آالف دوالر أمريكيّ إلى الليرة التركيّة ،عن ك ّل شخص من طالبي اإلقامة.
-3إب��راز تأمين صحّ يّ لك ّل شخص من طالبي اإلقامة تصل قيمته لما يعادل ثالثمائة وخمسون دوالراً أمريك ّيا ً سنو ّياً. -4إبراز عقد إيجار سنويّ مص ّدق من البلديّة التابع لدائرتها المأجور. وفي هذه الحالة يعامل السوريّ الحاصل على هذا النوع من اإلقامة كأيّ أجنبيّ آخر على األراضي التركيّة. ومن المرجّ ح أن يلجأ الكثير من الموسرين السوريّين لتج ّنب النوع األوّ ل من اإلقامات والسعي للتحصّل على اإلقامات السياحيّة تحسّبا ً لتب ّدل الظروف واضطرارهم للسعي وراء اللجوء في دول أورو ّبيّة ،تتيح لهم تلك ّ اإلقامات السياحيّة الفرصة بالنجاة من الحق األوروبّيّ في إعادتهم لتركيا ،لعدم وجود ما يُثبت إقامتهم فيها. إنّ تصنيف السوريّين ف��ي تركيا كالجئين ّ الحق في إنسانيّين له متر ّتبات قانونيّة كثيرة ،وليس العمل إلاّ واحداً منها ،وفق اال ّتفاقيّة الدوليّة لحقوق الالجئين المبرمة في جنيف عام 1949وبروتوكوليها اإلضافيّين لعام ،1977وهذا ما سنعمل على بحثه في مقال قادم بمشيئة هللا.
احملامي :غزوان قرنفل
المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية الحلقة األولى :حقيقة سرياتيل ...ورامي مخلوف في جميع دول العالم توجد (مافيا) وعصابات تعمل بالشكل السرّ يّ وغير المعلن ،وتتاجر في ش ّتى أن��واع القطاعات والمجاالت االقتصاديّة ،وأغلب أعمالها تتجلّى في تهريب الممنوعات ،ومنها من لجأ للمؤسّسات االقتصاديّة الكبيرة (الشبْه معلن عنها)، إلاّ أنّ حكومات دول العالم تحاربهم وتالحقهم ،إلاّ في سوريّة _ شكل أخر للمافيا _ يتجلّى في أقرباء وأصدقاء العائلة الحاكمة لسوريّة (آل األس��د) ،فهم يعملون ويتاجرون على العلن وأمام عيون جميع الناس، ف ُتمنح لهم التراخيص الالزمة بك ّل سهولة ،ومن دون ّ مرخص أيّة مبالغ ،ليصبحوا شركات اقتصاديّة قانونيّة لها وفق الدستور ،وال يستطيع النائب البرلمانيّ أو القاضي أن يطرح أيّ تساؤل عنهم ،فكانت شركاتهم في مختلف القطاعات من سيّارات إلى السوق الحرّ ة ً وإضافة إلى المصارف مروراً بالسيّاحة والعقارات، إلى ذلك مجال االتصاالت. لع ّل من أه ّم رموز هذه المافيا :هو رامي محمّد مخلوف (من مواليد جبلة 10حزيران ،)1969رجل األعمال األوّ ل في سوريّة من غير منازع ،واألكثر نفوذاً في المنطقة والذي يسيطر على %60من االقتصاد السوريّ في مختلف قطاعاته ،وهو ابن خال ب ّ شار األسد الرئيس غير الشرعيّ لسوريّة ،والذي قُ ّد ْ رت ثروته بما يقارب 7مليارات دوالر ،والذي يُعتبر الداعم االقتصاديّ ال����رئ����ي����س����يّ ل��ب � ّ ش��ار األس���د، وال��م�لاذ اآلم��ن لحفظ وس��رق��ة أم���وال الشعب السوريّ ،رامي مخلوف ه��و يد ال��ن��ظ��ام اليمنى م���ن ال���وراث���ة، فكان في البداية وال�����ده م��ح� ّم��د مخلوف زعيم مافيا البترول، ومدير الريجي وس��ارق أم��وال المصرف العقاريّ في زمن حافظ األسد ،أمّا مخلوف االبن فهو اآلمر الناهي في اقتصاد سوريّة الحاليّ ،والذي يملك وحده الموافقة على دخول االستثمارات األجنبيّة إلى سوريّة ،وهو المالك الرئيسيّ لشبكة الهاتف المحمول سرياتيل ،والتي ُتعتبر من إحدى الشركات التي قامت على سرقة الشعب ومن أموال الشعب. في بداية عام 1998قرّ رت الحكومة السوريّة دراسة الهاتف الخلويّ ،ووج��وده في األراض��ي السوريّة، فأعلنت وزارة المواصالت السلكيّة عن مناقصة ،فازت
بها شركة سرياتيل ،التي حصلت على الترخيص بدون أيّ مبلغ ماليّ ،وكما هو متعارف عليه فإنّ شركات االتصاالت تدفع الماليين من أجل الحصول على التراخيص الالزمة إلقامة شركة اتصاالت في دول العالم؛ ومن هنا نتكلّم عن ترخيص سرياتيل وحقيقتها ،فإنّ رامي مخلوف قد استولى على شركة اال ّتصاالت سيرياتيل ،ورست عليه بمبلغ عشرة آالف ليرة سوريّة!! إذ كان عرضه إعطاء الدولة %30من الدخل ،بينما كان هناك عرض آخر من شركة أخرى تبلغ تكاليفه بليونيّ دوالر مع إعطاء نسبة %30من الدخل ،ومن هنا بدأت عصابة األسد باستخدام أساليب القمع واالعتقال لك ّل من حاول االستفسار عن هذا الموضوع ،فالنائب في مجلس الشعب السوريّ ري��اض سيف طرح تساؤالً (عن تفضيل عرض األق ّل سعراً عن العرض األعلى سعراً مالحظا ً ْ رست على رامي مخلوف؟ فرق بليونيّ دوالر) ،ولماذا لكن ،بعد هذا التساؤل المشروع والم ّتصل بمصلحة المال العا ّم ،ت ّم اعتقال رياض سيف ،وأ ُ ْ سقطت عنه حصانته النيابيّة ،وسي َْق إلى المحكمة بأكبر ال ُتهم، وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات! وسرعان ما قام رامي
مخلوف بتحويل شركة كان مقرّ راً لها أن تعود إلى مُلكيّة الدولة بعد أربع سنوات ،بموجب عقد مثير للجدل _ وسُجن أناس اعترضوا عليه _ إلى شركة مساهمة، ليت ّم فتح التداول على أسهمها ،فكانت حصّة الدولة %25من األسهم ،وحصّة رامي مخلوف ،%50وبقي للتداول .%25األمر الذي عاد بالرّ بح الكبير لرامي مخلوف وحده دون إف��ادة للدولة ،وبهذا ال ُتفَّ على ّ حق مُلكيّة الدولة للشركة بعد الفترة الزمنيّة المقرّ رة في شروط الترخيص .فيما سُرقت رخصة التشغيل للهاتف المحمول الثانية شركة (أريبا) ،والتي يُعتبر
أصحابها من أحد أصدقاء وأقارب المافيا االقتصاديّة في سوريّة ،وال ب ّد من اإلشارة هنا إلى أنّ شركة أريبا باعت أسهمها في الفترة األخيرة ،كما ذكرت الصحف العالميّة إلى شركة أخرى بمبلغ 5.5مليارات دوالر. بالعودة إلى رامي مخلوف ،فإنّ المصرف المركزيّ وباال ّتفاق المسبق مع سرياتل يقوم ك ّل فترة بطرح العملة األجنبيّة (الدوالر) بسعر منخفض ج ّداً من أجل زيادة الربح الناتج عن عمليّة تحويل األموال العائدة م���ن رب����ح ش��رك��ة س��ري��ت��ل ،وتسهيل تهريبها إلى الخارج بصيغة رس��م � ّي��ة. هذه إح��دى الجرائم االق��ت��ص��اد ّي��ة التي ّ بحق شعبنا، تمّت فهم عصابة مترابطة من رئيس الدولة إلى القضاة مروراً بحاكم م��ص��رف س��وريّ��ة المركزيّ ،يقومون بسرقة ونهب مبالغ طائلة هي من ّ حق الشعب السوريّ ،والسؤال هنا ماذا ً لو أنّ عائديّة هذه المبالغ وصلت فعال للشعب السوريّ ؟ على ماذا كان حصل الشعب السوريّ لو أنّ إحدى شركات االتصاالت دفعت الماليين من أجل الترخيص؟ لو ّ وزعنا بليوني دوالر على الشعب السوريّ لن نجد محتاجاً ،ولن نجد فقيراً وال جائعاً .هذا أحد أساليب القمع والتعذيب االقتصاديّ الذي تقوم به مافيا األسد ّ بحق الشعب السوريّ .
أمري جنم الدين www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 14
عودة أسواق النخاسة
9
/15أيلول 2014/
نشـوء أسـواق النخاسـة يعود إىل زمن بدايـة الزراعـة وفق «وول ديورانت» حني أخذ الفقري يعمـل لدى الغ ّ ين يف الزراعـة وكان لـه سـطوة وسـلطة قويّـة على العامـل قد تصل إىل درجة اإلرغام. طريقة ملفتة للنظر وهي :أ ّن النساء ما عادت تعرض يف األسواق ،بل حتوّلت وسائل االتصال املرئيّة (التلفزيون واالنرتنت) إىل سوق خناسة لعرض البضاعة. كانوا يسرقون األطفال ويبيعونهم ويسرقون النساء ويتاجرون بهنّ . أور ّب��ا وفي القرون الوسطى لم تكن بمنأى عن تجارة الرقيق في أسواق النخاسة ،حيث كان العبيد يعملون في الزراعة والحراثة والحصاد ،وهي أعمال يدويّة محتقرة عندهم ،وكان ال يجوز الزواج بعبدة مهما كان السبب.
العبوديّة كظاهرة كانت سائدة في زمن ما قبل التاريخ ،على أ ّنها نوع من األشغال الشا ّقة والقسريّة يُكلَّف بها من وقعوا ضحيّة األسْ ر نتيجة الحروب والغزوات ،لكنَّ التاريخ يعيد صياغة بعض المفاهيم بصور جديدة؟ فبعد سنوات من وقوعه في شرك الحضارة وفق مفهوم المتش ّددين دين ّياً ،ها هو يجترُّ مفاهيمه ليعيد إنتاجها بصورة غير بعيدة عمّا كانت عليه في السابق ،وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي كنَّ على مرّ الحروب من أه ّم الغنائم التي كان يظفر بها المحاربون. العبوديّة كانت منتشرة في الحضارات القديمة لدواع اقتصاديّة واجتماعيّة ،فقد شهد التاريخ أسواقا ً ٍ علنية للقيام بهذا النوع من التجارة ،تحت اسم (أسواق ّ الرق -سوق النخاسة) اختالف المسمّى العبيد -سوق ال يعني اختالف البضاعة ،فقد كانت جميعها تقوم على عرض بضاعة واحدة وهي المرأة على وجه الخصوص ،والجنس البشريّ المختلف عرق ّيا ً أو دين ّيا ً أو اجتماع ّيا ً على وجه العموم. أسواق النخاسة عبر التاريخ لع َّل بداية نشوء أسواق النخاسة يعود إلى زمن
بداية الزراعة وفق “وول ديورانت” في موسوعته (قصّة الحضارة) حين أخذ الفقير يعمل لدى الغنيّ في الزراعة وكان له سطوة وسلطة قويّة على العامل قد تصل إلى درجة اإلرغام .ومن هذه الحقبة (الزراعة) تطوّ ر مفهوم التعامل مابين المالك والعامل ليتحّ ول إلى مُلكيّة تامّة بحيث يكون بمقدور المالك التصرّ ف الكامل بالعامل لديه ،وهذا المفهوم اختلف من منطقة إلى أخرى ومن حضارة إلى أخرى ولك ّنها في النهاية اتفقت على موضوعة التفاوت والتقسيمات البشريّة الخاضعة للشروط االقتصاديّة واالجتماعيّة تحت مسمّى(العبيد). َع���رف الفراعنة ظ��اه��رة االس��ت��ع��ب��اد ،وكذلك اآلشوريّون وعرب الجاهليّة والهنود القدماء والفرس، والصينيّون الذين كانوا يُقدمون على بيع أبنائهم وبناتهم لش ّدة الحاجة والفقر ،والعبيد عند اإلغريق كانوا أسرى حرب أو ضحايا غارات االسترقاق أو أطفال ت ّم إنقاذهم من العراء أو مجرمون ،وكان التعرّ ف على العبد عند الرومان في غاية االستهانة بالجنس البشريّ ، إذ كان يت ّم تعرية العبيد في السوق وهو واقف على ّ النخاسون حجر لمعرفة عيوبه ،ففي الحروب كان الرومان أيضا ً وللظفر بالعبيد يخوضون الحروب ،فقد
الجنسي المقنّع التحرّش ّ
ُتعتبر السعوديّة واح��دة من أوّ ل ثالث دول من حيث أعلى نسبة انتشار للتحرّ ش الجنسيّ ،في حين ُتعتبر السويد واح��دة من أوّ ل ثالث دول من حيث أق ّل نسبة انتشار للتحرّ ش الجنسيّ ،وحيث أنّ الكبت والمنع والتحريم المرتبط باألمور الجنسيّة ،عالية ج ّداً في المناطق والدول العربيّة واإلسالميّة المتش ّددة والمتعصّبة ،فإنّ التحرّ ش الجنسيّ المباشر واالغتصاب يكونان في أعلى مستوى لهما في هذه المناطق ،ومن الواضح ج ّداً تلك العالقة ما بين هذين المتغيّرين ،أو العاملين ،أي الكبت والتحرّ ش الجنسيّين.
من قبل الفرد ذاته ،أو من قبل جماعات معيّنة ،ولربّما نجده أكثر انتشاراً بين األفراد الذين ي ّدعون التحرّ ر االجتماعيّ أو االنفتاح وغيره ،فحيث يكون التحرّ ش الجنسيّ المباشر ّ فظا ً وواضحاً ،يلجأ البعض إلى تقنيع وتخفيف فظاظته دون التغيير من جوهره ،وبحيث
وكان اإلنكليز القدماء يع َتبرون الرقيق َمتاعاً، يجوز بيعهم ،وال يجوز لهم كسب العلم والمعرفة، ويقومون بالعمل الزراعيّ .أمّا اليهود وانطالقا ً من اعتبار أنفسهم (شعب هللا المختار) فقد عاملوا ما عداهم من الشعوب على أ ّنهم عبيد ،فمارسوا كا ّفة أشكال االستعباد واالستغالل؛ وكذلك أتباع الدين المسيحيّ لم يختلفوا عن غيرهم من األديان أو الملل في تشجيع مفهوم العبوديّة ،باالستناد إلى ما جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل “أفسس”( :أيّها العبيد أطيعوا سادتكم) هذا الكالم هو أكبر مثال على تو ّغل المسيحيّة في االسترقاق والتفرقة بين بني البشر، لدرج ٍة فاضت الكنائس بالعبيد الذين ت ّم الحصول عليهم من خطف واسترقاق المسلمين أو األوربيّين الذين لم يعتنقوا المسيحيّة ،كما وحرّ م على العبيد - ح ّتى بعد اعتناقهم الدين المسيحيّ -أن يكونوا قساوسة أو أن يتزوّ جوا من المسيحيّات. أمّا في الدين اإلسالميّ فيرجع ازدهار هذه الحالة إلى كثرة الفتوحات والغزوات اإلسالميّة ،ولك ّنهم ربّما اختلفوا عن غيرهم ،فقد كانوا أكثر رحمة، حيث اعتبروا النساء سبايا حرب وا ّتخذوهم إما ًء أو زوجات ،والتاريخ يذكر الكثير من األسماء الالفتة على أنّ أمّهاتهم كنَّ إماءً ،مثل المأمون الذي كانت أ ّم ُه ً أمة اسمها مراجل ،والمعتصم أمّه ماردة ،وأبو جعفر المنصور كانت أمّه بربريّة واسمها سالمة،
newspaper@allsyrians.org
مع ظهور العصر الحديث اختفت أسواق النخاسة الرسميّة ،لكن الظاهرة لم تنته ،بل كانت هناك على الدوام أسواق للمتاجرة بالبشر وفق معايير محددة، وفي غاية السرّ يّة ،بالرغم من التشريعات والقوانين التي حرَّ مت هذا النوع من التجارة على أ ّنها تجارة ال أخالقيّة وتمسّ كرامة الجنس البشريّ ،ولك ّننا شهدنا أنّ هذه األسواق استمرّ ت وال تزال منتشرة في معظم دول العالم ،ولكن بصورة سرّ يّة ،من خالل تهريب الفتيات من البلدان الفقيرة التي استب ّدت بها الحاجة، كما هو الحال في اال ّتحاد السوفي ّتي ،أو البلدان التي تعرّ ضت للحروب والكوارث الطبيعيّة أو بلدان الربيع ّ مؤخراً ،نتيجة الهجرة والنزوح واالفتقار العربيّ إلى أسباب المعيشة ،تقوم النساء ببيع أجسادهنّ لقاء الحصول على أسباب المعيشة المتد ّنية ،وهناك طريقة أخرى ملفتة للنظر وهي أنّ النساء ما عادت تعرض في األس��واق ،بل تحوّ لت وسائل االتصال المرئيّة (التلفزيون واالنترنت) إلى سوق نخاسة لعرض البضاعة ،إذ يت ّم وضع أرقام هواتف للنساء مع صورهنّ من قبل شركات تسيِّر أعمال (الزواج)، حيث تقوم هذه الجهات بوضع الئحة بأسماء طالبي الزواج ،وما هجرة النساء من دول أوربّا الشرقيّة إلى بعض دول الخليج العربيّ إلاّ بقصد العمل في هذه (التجارة) ،سواء أكان ذلك بغرض الزواج المؤ ّقت أو بغاية اإلمتاع لقاء أجر زهيد ،حيث يكون للمالك فيه حصّة األسد ،وللزبون مطلق الحرّ يّة في التعامل مع هذه المرأة ،وإن وصلت درجة اإلهانة في معاملتهنّ ّ إلى الضرب ،وليس مسموحا ً للموظفة أن تشتكي ألنّ المالك سيقوم بترحيلها أو فصلها من عملها الذي هو مصدر رزقها.
وجيهة عبد الرمحن
التح ّرش اجلنس ّي غري املباشرة :هو العدوان على شخص ما بشكل يتناول اخرتاق خصوصيّاته وتفاصيل حياته ،أي ما نسمّيه يف اللغة الدارجة بـ «الفضيحة» من السهل إيجاد أقنعة توضع على هذا الشكل من التحرّ ش ،وتحويله إلى شكل أق ّل رفضاً ،ويحتوي على حجج تمنع تلك الصفات الدنيا من االلتصاق بفاعله.
شيوعاً ،هو التل ّفظ بكلمات جنسيّة منتهكة ،أو استغالل مواقف معيّنة أو غيرها ،ولكن ،وهناك ظاهرة منتشرة بشكل كبير ،وهي ظاهرة التحرّ ش الجنسيّ اإللكترونيّ ، والذي يضع قناع التحرّ ر االجتماعيّ والخروج من عباءة التعصّب والتح ّفظ والتخلّف والجهل. ودعوني أتح ّدث عن الشكل األكثر تق ّنعا ً وغير مباشرة من التحرّ ش الجنسيّ ،والذي هو العدوان على شخص ما بشكل يتناول اختراق خصوصيّاته وتفاصيل حياته، والذي نسمّيه في اللغة الدارجة بـ «الفضيحة» _ والتي بغضّ النظر _ إنْ كانت حياته مليئة بعالقات جنسيّة، أو تفاصيل جنسيّة ح ّقا ً أو ليست كذلك ،أي سواء أكان ما يُساق من خالل ذاك العدوان من التفاصيل التي تتناول خصوصيّات الشخص ،حقيقيّة أو كاذبة ،فهذا ال يغيّر شيئا ً من أنّ تحرّ شا ً جنس ّيا ً واضحا ً يت ّم توجيهه اتجاه الشخص المعتدى عليه ،وفي الوقت ذاته غير مباشر على اإلطالق ،ونالحظ بأنّ هذا األمر ينتشر ّ مؤخراً بشكل كبير ج ّداً ،ويتزايد شيئا ً فشيئاً ،وعاد ًة ما يوجّ ه اتجاه المشاهير أو الشخصيّات المعروفة، وفي الفترة األخيرة بات يوجد ما يسمّى بـ «مشاهير الفيسبوك» ،والذين هم أكثر تعرّ ضا ً لهذا الشكل من التحرّ ش.
ولكن بداية دعونا نح ّدد بشكل واضح معنى التحرّ ش الجنسيّ ،فهو بشكل ما أشبه باالغتصاب ،ولك ّنه بشكل أق ّل ح� ّد ًة ،أي هو ما يكون دون الممارسة الجنسيّة الكاملة ،أو غير الكاملة ،ولك ّنه يشترك مع االغتصاب بأنّ االثنين _ التحرّ ش واالغتصاب _ ينطويان على سلوك قسريّ يمارس من قبل طرف ما اتجاه طرف آخر .إذاً ،هو شكل من أشكال االغتصاب ،و ُتعتبر فئتا النساء واألطفال األعلى في التعرّ ض للتحرّ ش ،ولكن هذا ال يعني عدم تعرّ ض الذكور له ،وإن كان بنسبة أق ّل بشكل واضح.
أ ّدى هذا األمر إلى بروز ما يُسمّى بالتحرّ ش الجنسيّ غير المباشر ،والذي يُعتبر أق ّل رفضا ً ونبذاً ،وذلك بسبب تخ ّفيه وتق ّنعه وراء العديد من األقنعة المقبولة، وإنْ لم تكن مقبولة بشكل عا ّم ،لك ّنها على األق ّل مقبولة
النخاسة العصريّة
ظاهرة التح ّرش اجلنس ّي اإللكرتون ّي ،حيث يضع املُتح ّرش قناع التح ّرر االجتماع ّي واخلروج من عباءة التع ّصب والتحفّظ والتخلّف واجلهل!
وإن ابتعدنا قليالً عن طرفي الخيط ،أي تلك الدول المنفتحة والمتحرّ رة ج�� ّداً ،وتلك ال��دول المنغلقة والمتعصّبة ج� ّداً ،واتجهنا اتجاه الدول التي تقع ما بينهما ،والتي ال أقصد بها المعتدلة أو الوسطيّة ،وإ ّنما تلك التي نجد فيها درجة التعصّب بدرجة أق ّل نوعا ً ما ،والتي تحاول االنتقال إلى االنفتاح والتحرّ ر ،فإ ّنه بوسعنا مشاهدة تواجد التحرّ ش الجنسيّ المباشر بشكل واضح ،إضافة إلى وجوده بشكل غير مباشر ومق ّنع، عال ج ّداً في تلك الدول، وهذه ظاهرة متواجدة بشكل ٍ وألكون أكثر تحديداً فإ ّنها متواجدة بنسبة أعلى من التحرّ ش الجنسيّ المباشر.
وألنّ التحرّ ش الجنسيّ المباشر ينطوي على الكثير من الرفض سواء من الناحية االجتماعيّة أو األخالقيّة أو غيرها.
ومروان بن محمّد أمّه كرديّة.
فاألمر وإنْ كان يبدو بشكل عدوانيّ بحت وواضح ج ّداً ،فإ ّنه ينطوي في داخله على تحرّ ش جنسيّ قويّ . فالتحرّ ش الجنسيّ ال يقتصر على تلك الممارسات المعروفة والمأهولة ،ولك ّنه عبارة عن أيّ انتهاك يحمل صيغة جنسيّة ،ولربّما الكثير ينفون عن هذا العدوان مضمون التحرّ ش ،إالّ أ ّننا إن جرّ دنا هذا السلوك من شكله الظاهريّ العدوانيّ ،فإ ّنه سيتب ّدى لنا بشكل واضح ،وسيكشف عن طبيعته التحرّ شيّة المنتهكة.
يكون أ ّنه من المعيب ج ّداً (مثالً على شخص ما) أن يقوم بالتحرّ ش الجنسيّ المباشر بسبب مكانته االجتماعيّة، وإن لم تكن عالية ج ّداً ،حيث أ ّنه «اجتماع ّياً» تنسب إلى من يقوم بالتحرّ ش المباشر بأبشع الصفات وأدناها، أو بسبب عمره مثالً ،أو غيرها من تلك األمور ،فإ ّنه
ولكن في نهاية المطاف تغيير الطريقة ال يغيّر شيئا ً من جوهرها أو طبيعتها ،كما ال يقل ّل بشكل من األشكال في مدى إيذائها وآثارها اللبيّة المخلّفة وراءها. وكمثال على التحرّ ش الجنسيّ غير المباشر األكثر
وألنّ أسباب التحرّ ش الجنسيّ بالمجمل واضحة ج ّداً ،فإ ّنني لم أتح ّدث عنها بشكل مفصّل أو موسّع، ولكن بوسعنا القول :إ ّنه في تلك اللحظة التي سيت ّم اعتبار األمور الجنسيّة أموراً طبيعيّة ،وفي تلك اللحظة التي سيت ّم فيها كسر هذا التابو(المحرّ م) ،فإ ّنه يمكننا أن نستبشر خيراً في انخفاض نسبة انتشار التحرّ ش الجنسيّ سواء أكان مباشراً أو مق ّنعاً .ريم احلاج
www.allsyrians.org
10
العدد 14
ثقافة
/15أيلول 2014/
اإلسالمي 3/2 العربي قراءة في جذور العنف في التفكير ّ ّ النص جذور العنف في بنية ّ
ْ انطلقت إلى ولكنّ الجماعات اإلسالميّة األصوليّة كتب الحديث النبويّ الشريف كي تستد ّل على أعمالها القتاليّة من الس ّنة النبويّة ،دون النظر إلى صحّ ة الحديث من عدمه ،أو تفسير الحديث تفسيراً خاطئا ً معوجّ ا ً يناسب أفكارها ،ويعضد أفعالها ،وبالذات التركيز على أحاديث الغزوات النبويّة دون غيرها ،وجعلها شعاراً برّ اقا ً في مقاتلة الح ّكام المسلمين والفتك بحياة المؤمنين ،واالعتداء على الناس اآلمنين بحجّ ة الجهاد، وإقامة شعار اإلسالم ،أو األمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر ورفع راية القرآن.
كافية ووافية لالستدالل على ال ّنهج العنيف ،الذي كان يدعو إليه الدين اإلسالميّ ،مقارنة بما يقابلها من اآليات ُّ تحث على السّلم والسّكينة. واألحاديث التي وقد يكون من مجافاة الحقيقة أن نشير إلى دور البيئة االجتماعيّة ،التي انطلق منها عرب شبه الجزيرة (باعتبارهم كانوا نواة انطالق الغزوات والفتوحات الجهاديّة اإلسالميّة) ،وثقافتها البدويّة القائمة أساسا ً
ختاماً ،إليكم هذا الحديث المشهور والذي بموجبه، أنّ اإلنسان مهما ارتكب من الكبائر ،فإنّ مأواه الج ّنة، وج��زاءه الكثير من الحوريّات ،ممّا يعني أنّ ك ّل الضربات مشروعة ،وك ّل الكبائر ُتغتفر مع وجود ذرة إيمان في قلب مرتكبها ،للترمذي وحسنه عن أنس رضي هللا عنه أ ّنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلّم ،إنّ هللا تعالى قال( :يا بن آدم ،لو أتيتني بقُراب األرض خطايا ،ث ّم لقيتني ال تشرك بي شيئاً ،ألتيتك
فهذا الكتاب من أوّ له إلى آخره قد مُلئ باألحاديث النبويّة في تبرير االغتيال ،وع ّده عمل شرعيّ ثابت بالس ّنة النبويّة ،وأ ّكد علّة وجوب مقاتلة العدوّ القريب قبل العدوّ البعيد ،ور ّد بهجوم عنيف على ك ّل َمن قال بتعطيل الجهاد اآلن ولو مؤ ّقتاً ،أو َمن قال بوجوب تعلّم العلم أوّ الً ،وترسيخ اإليمان واألخالق ،وتربية النفس ،فهي إحدى صور الجهاد، أل ّنه َع َّد الجهاد فقط بالنوع القتاليّ والهجوميّ ،وهذا ما أ ّكدهُ رسول هللا بزعمه.
وقد روى اإلمام جعفر الصادق أنّ رسول هللا قال: (الخير كلّ ُه في السيف ،وتحت ظ ّل السيف ،وال ُيقِي ُم الناس إلاّ السيف ،والسيوف مقاليد الج ّنة وال ّنار) رواه العامليّ في وسائل الشيعة. (من مات ولم يغ ُز ولم يح ّدث نفسه بالغزو مات ً ميتة جاهليّة) رواه الحاكم في مستدركه. مرت أن أقُاتل الناس ،ح ّتى يشهدوا أن ال إله إلاّ (أ ُ ُ هللا وأنَّ محمّداً رسول هللا ،ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا ذلك عصموا م ّني دماءهم وأموالهم إلاّ ّ بحق اإلسالم ،وحسابهم على هللا تعالى) رواه مسلم في صحيحه. باعتقادي أنّ هذه اآليات القرآنيّة ،واألحاديث النبويّة
على فكرة الغزوّ والسبي ،بحيث لم يستطع اإلسالم التخفيف من آثارها في صفوف أتباعه ،ومن هنا جاءت اآليات القرآنيّة محمّلة أحيانا ً بذاك الجانب العنيف، الذي يتماشى مع نفسيّة المؤمنين بالدين الجديد( ،ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى ح ّتى يثخن في األرض) األنفال آية ،67ومعنى يثخن في اللغة العربيّة :يطعن باألسلحة ويبالغ في القتل. طبعا ً يميل بعض الباحثين ،ومنهم الدكتور يوسف زيدان في كتابه (الالهوت العربيّ وأصول العنف الدينيّ ) إلى إرجاع الجانب العنيف في الدين اإلسالميّ إلى تصرّ فات السلطة السياسيّة ،أو الرغبة في تعزيز سلطة الدين أمام سلطة السياسة ،وإن ك ّنا ال نميل إلى هذا الرأي ،كون أغلب النصوص الداعية إلى العنف والقتل والقتال ،كانت في مرحلة ما قبل نشوء ما يسمّى بالدولة اإلسالميّة وتبلور مشروع السلطة السياسيّة.
اإلسالمي 2/2 الكرد في التاريخ ّ الراشدي ما بعد العهد ّ
على القبائل ،فسمّوا أنفسهم الشعوبيّين.
بقُرابها مغفر ًة). وهل هناك أوض��ح من هكذا ن��صّ ،ينمّي البنية العنيفة لدى المسلم ويصعدها ،بل يصبح السؤال هنا عن جدوى ما يسمّى بيوم الحساب ،وعن جدوى الج ّنة وال ّنار طالما لدى المسلم _ مهما فعل _ صكوك غفران محمّديّة. ْ خرجت ونختم بفتوى ابن تيميّة القائلةُ ( :ك ّل طائفة عن شريعة من شرائع اإلسالم الظاهرة المتواترة ،فإ ّنه ْ نطقت بالشهادتين ،ألنّ رسول هللا يجب مُقاتلتها وإن (ص) يقول : (أُم ُ ِرت أنْ أُقات َل الناس ح ّتى يشهدوا أنْ ال إله إالّ هللا وأَنَّ محمّداً رسول هللا ،ويقيموا الصالة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إالّ ّ بحق
بدأ التململ الكرديّ والفارسيّ يتفاقم ويشت ّد، ألنّ األمويّين ا ّتبعوا سياسة التمييز المطلق ض ّد العجم، يقول الجاحظ العباسيّ عن الدولة األمويّة« :الدولة األمويّة دولة عربيّة أعرابيّة» ،وهذه الرعونة األمويّة أثارت النزعة الشعوبيّة المعروفة ،والتي تفاقمت مع األ ّي��ام ،وتحوّ لت بدورها إلى نزعة متطرّ فة ،تنكر ك ّل مآثر العرب ،وتجعلهم صفراً من الفضائل، والشعوبيّون كانوا يسمّون أنفسهم في البداية بأهل التسويّة ،دون الطعن في العرب كشعب أو كقوم، ولك ّنهم في ذروة االستالب استشهدوا باآلية الكريمة من سورة الحجرات»يا أيّها ال ّناس إ ّنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ً وقبائل لتعارفوا ،إنّ أكرمكم عند هللا أتقاكم إنّ هللا عليم خبير» (الحجرات ،)13 ت الشعوب مقلّلين من شأن العرب بدعوى أنّ اآليّة ق ّدم ِ
newspaper@allsyrians.org
إنَّ مفهوم العنف لدى الحركات اإلسالميّة المعاصرة له ج��ذور شائكة وقديمة وما أشبه اليوم باألمس، ألنّ الذين يمارسون العنف باسم الدين اإلسالميّ ، ويستبيحون به دماء المسلمين ،وينتهكون أرواح الناس اآلمنين ،لهم ّ حظ ونصيب من س ّنة األولين القائمة على (اإلرهاب والتكفير ،والعنف والتهجير).
إ ّننا نأخذ اآليات القرآنيّة واألحاديث النبويّة من خالل إخراجها عن سياقها الزمانيّ والمكانيّ ،وهو قول يحمل التناقض في داخله ،إذ إ ّنه يؤ ّدي إلى االعتراف الواضح والصريح بوجود هذه الحالة ّ وتجذرها في تاريخ الدين اإلسالميّ ، العنيفة، والت��زال مستمرّ ة إلى يومنا ه��ذا ،ضمن سياق تاريخيّ غير منقطع التسلّسل ،وما الحركات الجهاديّة التكفيريّة ،وممارستها اليوم إالّ انعكاس تاريخيّ واقعيّ لحالة كانت موجودة منذ انطالق الدعوة اإلسالميّة ،وانتشارها بقوة السيف غالباً، والترهيب والترغيب أحياناً ،واالختالفات بين تلك الجماعات ال ّتي تؤمن بالعنف والجهاد ،كتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات اإلسالميّة ليس اختالف تضا ّد وتناقض ،ولهذا فإ ّننا نجد أكثريّة األعضاء المنتمين إلى الحركات اإلسالميّة المتطرّ فة والتي تؤمن بالعنف ح ّتى اليوم ،كانوا في الغالب منتمين إلى جماعة من الجماعات اإلسالميّة المعروفة باعتدالها. إنّ سائر الجماعات اإلسالميّة لم تهمل قضيّة الجهاد، ولم تلغه من برامجها ،ولم تنكر أ ّنه من وسائلها ،لكنّ الفرق هو أنّ الحركات اإلسالميّة المتطرّ فة جعلت الجهاد وسيلتها األولى واألخيرة ،فالتغيير للوصول إلى دولة الخالفة اإلسالميّة ،يت ّم عن طريق القتال والمواجهات وسحق الخصوم ،وإب��ادة األع��داء هو األسلوب األوحد.
عبدو نيب
يتمثّل التشيّع الكرد ّي الس ّ ين يف احرتام أهل البيت النبو ّي ،واختاذهم رموزاً روحيّة ال سياسيّة. إ ّن جنم الكرد بدأ يلمع ،وبدأت شخصيتهم تتبلور ،وتستق ّل عن الفرس يف ظ ّل اإلسالم ژ چاران ياك أبو بكر األوّ ل أبو بكر
بقيادة الملك الناصر صالح الدين األيوبيّ وعمّه شيركوه (أسد الدين) ،وها هو يأسر ملوك أوربّا، ً شهامة ويسقيهم أكواب الماء أمانا ً لهم ،ويطلق سراحهم ونبالً ،وها هم يؤسّسون عشرات اإلمارات في بدليس وشهرزور وهكاري وبوطان وبهدينان وسوى ذلك.
عمر عثمانه إي دي وأقول مؤيّداً كالم ديفيد ماكدويل :إنّ نجم الكرد بدأ يلمع ،وب��دأت شخصيتهم تتبلور ،وتستق ّل عن الفرس في ظ ّل علي يه بي تكلُّف عليّ اإلسالم ،وهذا األمر قد حدث بشكل عفويّ األربعة الخلفاء خاتم ن وا بو ژ خاتم بو كو غير متعمّد ،فطبيعة االستقالل التاريخيّ وفي العهد العثمانيّ كانت اإلمارات الكرديّة واللغويّ للكرد سمحت لهم بذلك ،إضافة وهكذا يستمرّ في تقرير مقوالت أهل الس ّنة ،فيذكر مستقلّة ،ولها قيادتها وعملتها الخاصّة في بعض العشرة المب ّ للجغرافيا. شرين بالج ّنة بأسمائهم واحداً واحداً حيث األحيان ،واشتهر في هذه الفترة أعالم كرد من أمثال كما ذكر المؤرّ خ اإلنكليزي «أرنولد يقول: إدريس البدليسي وشرفخان البدليسي ومالي جزيري شرون عشرة أشخاص وسيداي خاني وعلى حريري وسواهم .ولمّا ضعفت المب ّ مب َّشر بونه ده َكس توينبي» في كتابه دراس��ة للتاريخ ،أنّ الدولة العثمانيّة في القرن التاسع عشر ،واشرأبّت الكرد بدأوا يتميّزون عن الفرس في ظ ّل ژ أصحابان ِبتعيين وهم من الصحابة النزعة القوميّة بأعناقها تململ الكرد ،وشعروا بأنّ ّ اإلسالم ،فقد صار معظمهم من أه ّل السنة ،بينما تحوّ ل إماراتهم ستضمح ّل بزوال الدولة العثمانيّة ،فقاموا الفرس ليصبحوا شيعة ،مع أنّ التشيّع الكرديّ ملحوظ كودي بچنه ُبهُشتي مب ّ شرون بالج ّنة بثورات عديدة منها :ثورة آل بدرخان 1843م ،وثورة من خالل التصوّ ف الكرديّ ،عبر المشربين النقشبنديّ عبيد هللا النهري 1890م ،وثورة الشيخ سعيد بيران والقادريّ ،فالنقشبنديّة ت ّتكئ على شخصيّتين مرموقتين خودي مزكيني دا وان هللا أعطاهم البشرى 1925م. _ في اإلسالم عموما ً ولدى الشيعة خصوصا ً _ وهما ّ يتمثل التشيّع الكرديّ السنيّ في احترام أهل البيت ّ خامتة سلمان الفارسيّ وجعفر الصادق ،بينما يتكئ المشرب النبويّ ،واتخاذهم رموزاً روحيّة ال سياسيّة حسب ّ والموثقة ،وهذا هو الفرق بينهم القادريّ مباشرة على عليّ بن أبي طالب كرّ م هللا النصوص الواردة والكرد اليوم يقفون بأمل وأل��م متوازيين ّ وجهه ،كما يتوضّح التصوّ ف الكرديّ ال ُّسنيّ ،واإلقرار وبين الفرس ،فالتشيّع الكرديّ ليس مسيّساً ،وإ ّنما هو أمام حالة االستالب التاريخيّ المزمن ،يخوضون ً بالخلفاء الراشدين الثالثة الذين سبقوا عل ّيا رضي هللا روحيّ الزمنيّ . مع الشعوب المجاورة معركة الحرّ يّة والوصول عنهم أجمعين ،فهذا أحمد خاني المتصوّ ف النقشبنديّ ّ الحق والعدل والسالم ،جنبا ً إلى جنب مع ظهر الكرد ظهوراً قو ّيا ً في العصور اإلسالميّة إلى شاطئ مؤلّف «نوبهار» يقول في مق ّدمة منظومته: المتعاقبة ،فها هم يؤسّسون الدولة الدوستكيّة في ديار العرب والترك والتركمان وسواهم ،ليح ّققوا نموذج خليفة چارن هرچار الخلفاء بكر(آمد) وما حولها ،وهاهم يؤسّسون الدولة األيوبيّة األخوّ ة والتع ّدد ،ويبنوا الحياة الحرّ ة الكريمة التي ال أربعة القويّة التي دوّ خت الفرنجة ،وح ّققت أعظم انتصار في ظالم فيها وال مظلوم. عمر وعثمان واألخير
الكرد ما بعد العهد الراشد ّي
يف اخلتام:
ْ أصبحت إنّ الحركات األصوليّة اإلسالميّة واقعا ً ال يمكن تهميشه أو إلغاءه ،فقد ظهرت بسبب عوامل موضوعيّة كان الب ّد أنْ تظهر بتوافرها، وإنّ اختالف أساليب عملها ،وتع ّددها يعود بالدرجة األولى إلى اختالفها في تفسير النصوص الدينيّة، ومسألة األولويّات عند ك ّل منها ،وساعد في ذلك اعتبار القرآن وس ّنة الرسول الدستور الذي يجب أنْ تسير عليه األمّة اإلسالميّة واتباعها لألبد ،بحيث تسقط حجج الرافضين للحديث عن هذا الجانب العنيف بالقول:
فنجد كتاب (العمدة في إعداد الع ّدة) للشيخ عبد القادر بن عبد العزيز السلفيّ ،وهو من أه ّم كتب ومراجع تنظيم القاعدة ،ويُعتبر المحرّ ك الفكريّ ألسامة بن الدن.
أمّا أقوى األدلّة التي استندت عليها تلك الحركات في تبرير الهجوم والعدوان من الس ّنة النبويّة هو ما ورد في األحاديث النبويّة المبيّنة المطهّرة َ ّ يشق على كاآلتي :قال رسول هللا (ص)( :لوال أن قعدت خالف سريّة ،ول��و ّد ُ ُ دت أ ّني المسلمين ما أغزو في سبيل هللا فأقتل ،ث ّم أغزو فأقتل ،ث ّم أغزو فأقتل) رواه البخاريّ ومسلم.
اإلسالم وحسابهم على هللا) رواه البخاري.
إمامن أي مسلمان األربعة أئمّة يا مسلمين
تاريخ الحروب بين الشرق والغرب في معركة ّ حطين
ملي كرد
www.allsyrians.org
العدد 14
ثقافة
آه منّا معشر المؤّيدين
بسخريته المبدعة يفسّر لنا «عزيز نيسن» على لسان أحد الحمير كيف تغيّرت لغتهم الجميلة الغنيّة ّ الجذاب ،إلى لغة النهيق؟ فقد ذات الجرس الموسيقيّ كان حمار هرم يلهو وحده في الغابة ،ويغ ّني بعض األغاني بلغة الحمير ،ويأكل األعشاب الطريّة .حين تناهت إلى منخريه رائحة ذئب قادم من بعيد ،فرفع رأسه عالياً ،وعبّ الهواء ملء رئتيه ،وقال :ال يوجد رائحة ذئب .لكنّ الرائحة أخذت تزداد كلّما دنا الذئب أكثر ،غير أنّ الحمار طمأن نفسه« :إنّ شاء هللا ليس ذئباً .ول َم يكون ذئباً؟ ومن أين سيأتي الذئب»؟ وهكذا ظ ّل الحمار الهرم يخدع نفسه ح ّتى بات يسمع صوت الذئب .تحرّ كت أذناه ،وخفق قلبه ،وارتجفت عيناه، غير أ ّنه ّ كذب أذنيه وقال« :إن شاء هللا ،ليس ذئباً». وعندما ح ّدق عاليا ً صوب الجبل رأى ذئبا ً مندفعا ً مخلّفا ً وراءه سحبا ً من الغبار« .آه إ ّنه ذئب! قد يخيّل إليّ أنّ ما أراه هو ذئب! ربّما هو حلم؟ أتم ّنى ألاّ يكون ما أراه ذئباً .إن شاء هللا لن يكون كذلك .يبدو بت أرى هذا الشيء ذئبا ً أنّ الوهن أصاب عينيّ ح ّتى ُّ
من ذاكرة الصحافة في عهد االن��ت��داب الفرنسيّ ،استمرّ صدور المجلاّ ت والجرائد الناقدة الساخرة ،ولكنّ هذا النوع من الصحافة شهد تطوّ راً ها ّما ً على صعيد التحرير واإلخراج الف ّنيّ ،وبدا على صورة ناضجة ف ّن ّيا ً وفكر ّياً ،وربّما كان للتق ّدم التقنيّ والعلميّ الدور األكبر في هذا التطوّ ر .وكمثال على ذلك ،جريدة “السهم” لصاحبها “محي الدين البديري” وهي أدبيّة فكاهيّة انتقاديّة ،صدر أوّ ل أعدادها في العاشر من تشرين األوّ ل عام ،1920ومن أه ّم الجرائد التي تلتها جريدة “الزمر” التي صدرت في دمشق عام ،1927وهي كما تعرّ ف عن نفسها :جريدة أسبوعيّة سياسيّة انتقاديّة فكاهيّة ،كان صاحب الترخيص ورئيس التحرير فيها “خليل ز ّقوت المجدلي” ،وقد تو ّقفت عام 1937عن الصدور. أمّا المجلاّ ت التي ظهرت في تلك الفترة ،فكانت أسبوعيّة “المضحك المبكي” هي األشهر واأله ّم من بين المجلاّ ت السياسيّة الساخرة الفكاهيّة ،وقد أصدر عددها األوّ ل عام 1929في دمشق الصحفيّ المشهور “حبيب كحالة” ال��ذي أسّسها وت��رأس تحريرها ،وفي أحد أعداد المجلّة كتب المحرّ ر في زاوية عنوانها “على التلفون” مخابرة هاتفيّة تفضح محاولة الفرنسيّين امتالك شركة الريجي(التبغ): (آلو سنترال ،عطيني المسيو بيرار ...،بونجور مسير بيرار ،بلغني إنك رايح تاخذ شركة الريجي على حسابك ،إيه شو هاد خزيت العين عنك...باينتك رايح تحوّ ق عالكل..خلّي شي إلك وشي لربك). ومن أسماء الصحف والمجلاّ ت التي انتشرت في الفترة (“ )1930 – 1920العفريت”“ ،أبو نوّ اس العصري”“ ،الخازوق”“ ،الكرباج”“ ،المزاج”. ه��ذه ال��ج��رائ��د وال��م��ج�ّل�اّ ت ك��ان��ت ل��س��ان حال السوريّين ،وصوت ضميرهم الذي رفض االحتالل وأعوانه ،ولم يرض بغير االستقالل.
newspaper@allsyrians.org
قادماً». تقلّصت المسافة بينه وبين الذئب ح ّتى أصبحت خمسين متراً ،فطمأن الحمار نفسه« :إن شاء هللا لن يكون ما أراه وأسمع صوته وأش ّم رائحته ذئباً .قد يكون حمالً أو فيالً ،أو أيّ شيء آخر». مع اقتراب الذئب الفاغر فاه بدأ الحمار يبتعد قليالً، وزاد من سرعته ح ّتى ارتطمت ساقاه ببطنه ،ومع ذلك استمرّ في خداع نفسه قائالً« :ح ّتى لو كان الذي أراه ذئبا ً فهو ليس كذلك .إن شاء هللا لن يكون كذلك». شعر الحمار بأنف الذئب يالمس ظهره المبلل فحاول الركض أكثر ،لك ّنه لم يستطع ،ألنّ قواه خانته، وأصبح عاجزاً عن الحركة تحت ثقل الذئب ،ولكيال يراه أغلق عينيه وقال« :أعرف تماما ً أ ّنك لست ذئباً. ّ مؤخرتي .إني ال أحب مزاح اليد» .غرز ال تدغدغ الذئب الجائع أسنانه في ظهر الحمار الهرم ،ونهش قطعة كبيرة ،ومن حالوة الروح ،كما يقولون ،ارتبط
11
/15أيلول 2014/
قد سبقتم محارنا يف تكذيب أنفه ّ ومشه ،وأذنيه ومسعه ،وعينيه وبصره ،بدءاً من أمسح شيخ ،وأنيف مطران ،ومروراً بأعظم أديب وأه ّم مثقّف ،وانتهاء بأحقر تاجر وأتفه سياس ّي ،إن ُوجد سياس ّي واحد يف ربوع هذا البلد. لسان الحمار ،ونسي لغته.
يسمعوا هذه األصوات المجلجلة!
«آه إ ّنه ذئب آه! هو آه هو»! تابع الذئب النهش من لحم الحمار الهرم ذي اللسان المربوط الذي ال يصدر منه سوى« :آه هو .هاق .هاق».
وكيف تجلّت أمام ناظريهم المذبحة التي طبّقت اآلفاق في انتشارها ،والتي لم تشهد البشريّة لها مثيالً، فتعاموا عنها ولم يروها!
ويختم الحمار الراوي :منذ ذلك اليوم نسي الحمير لغتهم ،ولم يستطيعوا التعبير عن رغباتهم وأفكارهم بل وح ّتى عواطفهم إلاّ بالنهيق .ولو أنّ ذلك الحمار لم يخدع نفسه لك ّنا نجيد الحديث بلغتنا إلى اآلن ،ولكن ماذا أقول :آه م ّنا نحن معشر الحمير!
لك ّنه سيح ّدثنا أيضا ً كيف كان المؤيّد في اللحظة ذاتها ،عندما يتعلّق األمر بالثورة ورجالها ،يسابق الكالب البوليسيّة في شمّها ،والغواصات النوويّة في رهافة سمع مسابرها ،والمراكز الفلكيّة في الرؤية المغرقة في البعد لتلّسكوباتها ،والمخابر الط ّبيّة في د ّقة رؤية مُجهراتها.
ولو م ّد هللا في عمر الحمار ال��راوي إلى اليوم، وكان شاهداً على العصر السوريّ ،لقال أيضاً :آ ٍه منكم معشر المؤيّدين! فقد سبقتم حمارنا في تكذيب أنفه وشمّه ،وأذنيه وسمعه ،وعينيه وبصره ،بدءاً من أسمح شيخ ،وأنيف مطران ،ومروراً بأعظم أديب وأه ّم مث ّقف ،وانتهاء بأحقر تاجر وأتفه سياسيّ ،إن وُ جد سياسيّ واحد في ربوع هذا البلد. وكما قصّ علينا حمارنا الراوي كيف نسي الحمير لغتهم وباتوا مجرّ د ناهقين ،فلن أستغرب أن يقصّ علينا مؤيّد ما ،في لحظة من لحظات الصدق السامي، كيف أ ّنهم كانوا يع ّدون أنفسهم من مخلوقات النظام ترعى في برسيمه ،وكيف أ ّنهم كانوا قبل ذلك يملكون لغة غنيّة ثريّة ذات جرس لطيف حسن ،وأنّ هذه اللغة نسوها أيضا ً جرّ اء تكذيبهم لحواسهم وأنفسهم. سوف يح ّدثنا :كيف انتشرت الرائحة المزكمة (للنظام) منذ أوّ ل اعتقال وتعذيب ألوائل المتظاهرين السلميّين ،ومنذ أوّ ل رصاصة اخترقت صدورهم، ولك ّنهم لم يشمّوا هذه الرائحة الزنخة المنتشرة! وكيف صعقت أصوات الجريمة التي فاقت ك ّل تصورَ ،منْ في الخافقين غير أ ّنهم تصامّوا عنها فلم
وسيح ّدثنا عنه – أي عن المؤيّد – باعتباراته الثالثة :التذبذب ،والتسويغ ،واألمل. فهو الكائن المتذبذب والمتن ّقل دائما ً في الرؤية والموقف تبعا ً لتغييرات النظام الدائمة. وهو الكائن المسوّ غ للنظام ح ّتى في المصائب التي تترى عليه وتناله شخص ّياً ،أو تنال أهل بيته أو أقربائه أو أصدقائه أوجيرانه أو معارفه ،فيقوم بتأويلها المرّ ة تلو األخرى على أ ّنها ضروريّة ومعقولة ،بل والئقة بأفضل العوالم الممكنة. وهو الكائن المفعم باألمل المعقود بأصابع النظام حصراً! وما سوى ذلك فإنّ التفاؤل ال يعرف إلى قلبه سبيالً .يقول «شتيفان تسفايج» عن النازيّين« :كان أرباب النظام يم ّدوننا دائما ً بذلك التفاؤل الرخيص. تفاؤل العرّ اف الذي ال ضمير له ،والذين يم ّدون في أجل المذبحة ،إذ يعدون بالنصر من دون عوائق». َ أولست أنت ذلك أليس هذا هو نظامك السوريّ بعينه، ّ والمكذب المتفائل؟! فلتذكر إذن أنهّ المص ّدق اآلمل، كان لك في يوم ما لغة ،وأنك ّ بت اآلن بدونها.
حممّد أمري ناشر النعم
في تعريف الثقافة ،وفي ثقافة تعريفها إذن ،لم تتح ّقق نبوءة ستيوارت مل (-1806 ، )1873فالجماعات الثقافيّة الصغيرة ،لم تتخ َّل عن ثقافتها الموروثة ،لكي تنض ّم إلى ثقافة الجماعات األقوى ،وال ح ّتى طموح هيغل (،)1831 -1770 في أنّ الشعوب ،ورغم هذه الحروب ،ستنصهر في بوتقة واحدة ،وسوريّة ليست استثناءً ،بطبيعة الحال، يختلف الحال قليالً في بلداننا ،فقد ال تكون األكثريّة هي الجماعة األقوى سياس ّياً ،انظر إلى سوريّة ،والبحرين، والعراق (أيّام صدام حسين) ،ولكن أيضاً ،فإنّ عدم تص ّدرها للمشهد السياسيّ ال يعني أ ّنها هي الجماعة الضعيفة. هذا مثال تلقائيّ عن مدى تعقيد األمور في الدول المصطنعة ( ،)Artificial statesوهي ال ّدول التي ر ْ ُسمت حدودها وفقا ً لمصالح استعماريّة –على غرار اتفاق سايكس بيكو الشهير مثالً -لم تنظر لمصلحة أهل البالد ،ف «بالتعريف» ،الدولة المصطنعة، هي الدولة التي تكون حدودها السياسيّة غير متوافقة مع فصل القوميّات (والديانات أيضاً) من قبل الناس على األرض ،أي أ ّنها دول لم تحترم طموح الجماعات الثقافيّة المختلفة .وهذا ما سيتسبّب الحقا ً في خالفات واضطرابات ستعيشها هذه الدول ،هذه االضرابات ستجد لها أسبابا ً مختلفة: إعطاء األراضي إلحدى المجموعات ،وتجاهل أنّ ّ الحق في ذلك (هذا ما فعله المجموعات األخرى لها ْ البريطانيّون عند احتاللهم للعراق ،إذ أ ّنهم ،وفي أراض من أجواء انتقامهم من العثمانيّين ،انتزعوا ٍ ّ ووزعوها على الشيعة) ،وأيضا ً رسم حدود الس ّنة، تفصل بين إثنيّات دولتين متجاورتين ،ممّا يُحْ بط الطموح القوميّ للجماعات ،كما حدث مع ال ُكرد في المنطقة ،حيث وُ ّزعوا على أربع دول إقليميّة (فيما بينها ما صنع الح ّداد من المشاكل). ما قد يُفجّ ر الصراع ،هو جمع مجموعات بشريّة، لك ّل منها أهداف استقالليّة مختلفة عن الباقي في دولة واحدة (وربّما هذا ما تشهده سوريّة اآلن) ،وأيضا ً تع ّدد الوالءات بحكم هذا التش ّتت ،فالسوريّون في دير الزور ،هم أقرب للعراقيّين منهم للسوريّين ،وكذلك اللبنانيّون في طرابلس وصيدا بالنسبة للسوريّين. (خرجت تظاهرات كبيرة في طرابلس وصيدا ،ترفض قرار االنتداب الفرنسيّ القاضي بفصل أقضيتهم عن سوريّة وضمّها إلى لبنان). ولكن ،ما هي الثقافة ،وما هي الجماعات الثقافيّة؟ الثقافة بحسب السير إدوارد تايلور ()1917-1832 هي :الكيان المر ّكب الذي ينتقل اجتماع ّيا ً من جيل إلى جيل ،ويتكوّ ن من المعرفة ،واللغة ،والمعتقدات
الدينيّة ،والفنون ،واألخ�لاق ،والعادات والعرف، والتقاليد ،والقانون...الخ. في بحثه الشيّق المعنون بـ «إشكاليّة التع ّدديّة الثقافيّة في الفكر السياسيّ المعاصر جدليّة االندماج والتنوّ ع» الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربيّة ،يشير الدكتور حسام الدين مجيد ،إلى أنّ أيّة هويّة ثقافيّة تقوم بوظيفتين جوهريّتين ،فمن جهة يتكوّ ن لدى أعضائها حسّ االنتماء المشترك ،بمعنى التضامن ،وذلك من خالل توليد االعتقاد بتماثلهم في األصول والمعتقدات والموروث الثقافيّ عموماً ،ومن جهة أخرى ،تعمل الهويّة الثقافيّة على إبعاد ك ّل َمنْ ال ينتمي إليها، هاتان وإقصائه عن تلك الثقافة. الوظيفتان ،يطلق عليهما ويل كيميكا اسم التع ّدديّة الثقافيّة.
المجتمع. حاولت الدولة القوميّة ،التي ا ّتخذت من الدولة المصطنعة «ب��اراداي��م» لها ،أن تفرض نسيجها المتماثل المنسجم ،ولك ّنها فشلت أيضاً ،فهي لم تعمل، في طريقها لصهر شعوبها في بوتقة واحدة ،سوى إث��ارة التفاوتات االجتماعيّة واالقتصاديّة ،ما بين المهيمن والمُتباين عنه ثقاف ّياً. اآلن ،ك ّل هذا صعد إلى سطح سوريّة :الصراع الدمويّ لتثبيت الوجود ،وفرض الرؤية على األرض، والنقاشات الفكريّة ،والمُجر ّدة أحياناً ،لمواضيع تتعلّق بمفاهيم المواطنة ،والهويّة ،وحقوق األقلّيّات ،وأيضاً: كيفيّة إدارة هذا التنوّ ع الهائل في إطار الوحدة. يُطالب ال ُكرْ د بنيل االعتراف السياسيّ بهم ،وهم يدفعون باتجاه الفيدراليّة ،في محاولة لنزع العروبة عن اس��م الجمهوريّة ،في سياق حفاظهم على خصوصيّتهم الثقافيّة في وجه التغيّرات الكبيرة، التي تطيح بالمنطقة ،ففي حين تتحرّ ك القوى الفاعلة اإلسالميّة _ الجهاديّة ،على محور ال ّدين، فإنّ العصب الذي يش ّد ال ُكرد هو اللغة _ وما عدا استثناءات قليلة _ فالعامل اللغويّ كان هو األقوى واألجدى في التاريخ. ف��ي البحث ع��ن إدارة ه��ذا االخ��ت�لاف يبرز اتجاهان :البحث عن النقاء ،وهذا ما تفعله داعش في المناطق التي تغزوها ،فهي كي تهرب من الخالفات التي قد تتفجّ ر على أراضيهاُ ،تبعد ك ّل المخالفين لها سياس ّياً ،و ُتهجّ ر ك ّل المختلفين عنها عرق ّياً ،عبر نشر فيديوهات مرعبة لعمليّات الذبح واإلعدام الجماعيّ التي تقوم بها.
ُتفرز الثقافة جماعاتها إذن! فالكثير من التعريفات العامّة للجماعة الثقافيّة (في بعض التعريفات ُتدعى الجماعة األدبيّة) مأخوذ من تعريف «بيريت سترونغ» الذي وصفها بأ ّنها «تجمّع عفويّ ألشخاص يف ّكرون بطرق متشابهة ،أو «ر ّد فعل عفويّ على الظرف التاريخيّ » .في مقابل تعريف «ستيفن فريدمان» الذي يراها باعتبارها عمالً أمْ َيل إلى التجمّع الواعي منه إلى التش ّكل العفويّ ،لك ّنه يشير إلى دوافع مشابهة لتلك التي الحظها «سترونغ»، ويعرّ ف «فريدمان» الجماعة األدبيّة على أ ّنها شكل من «النفيّ الذاتيّ » ومحاولة لحشد مجموعة من «اآلخرين الذين يفكرون بطرق متشابهة» داخل ّ توخيا ً للتغلب على «شبكة من ال ّدعم المتبادل» العزلة والقلق ،واستكشاف إمكانيّات العمل الثقافيّ في
وهناك ح ّل يعتمد على الفيدراليّة والجهويّة، بإعطاء ك ّل إقليم استقالله الذاتيّ ،ضمن وحدة الكيان السوريّ ،وهذا يتطلّب قدراً كبيراً من الوعيّ بالتسامح ،ولك ّنه يحمل في طيّاته أيضا ً الكثير الكثير من مسبّبات النزاع بين هذه األقاليم المتجاورة. وُ جد التاريخ لنتعلّم منه ،ورغم امتالك سوريّة لخصوصيّتها (وهي خصوصيّة تمتلكها ك ّل كيانات األرض) ،إلاّ أنّ هناك معالم ومعايير ومبادئ عامّة ال يمكن إغفالها ،كي ال نقع دوما ً في تكرار البدايات. عودة إلى تعريف الهويّة الثقافيّة ،فقد فات حسام الدين مجيد ،أنّ الهويّة في ظ ّل انتعاش الثقافة السياسيّة، ستقوم بوظيفة تقبّل اآلخر أيضاً. كيف نوازن ما بين العدل واألمان؟ هذا هو سؤال سوريّة الكبير في المرحلة القادمة.
حممّد اجلرف
www.allsyrians.org
12
العدد 14
مقامات
/15أيلول 2014/
م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب
« َسلَمية» منذر الشيحاوي
ع���ي���ن���اك م��زرع��ـ��ـ��ـ��ت��ا أق��اح��ـ��ـ��ـ��ـ��ي وه����واك
الصبـــــــــــاح ِ
زق��زق��ة
ت ف��ي ك�� ّل النـــــــــــــواحي ك���ي���ف ال����ف����رار م����ن ال��ج��ـ��ـ��ـ��ـ��ه��ات وأن��� ِ آه َس�� َل��م��ي��ة إ ّن���ن���ي أل��ق��ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ت ع��ن ف��ت��ع��جّ ��ل��ي ع��ي��ن��اك
ض��� ّم���ي أج���م���ل
م���ا
ط��ي��ب
إليـــــــــــك أخ���اف
سالحـــــــــــــــــــي
تقتلني
جراحـــــــــــــي
المتــــــــــــــاح تبقــــــــــى ل��ي م��ن ال��زم��ن ِ
م����ن ل����م ي���م���ت ب��ه��م��ا ق��ت��ي��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ�لاً ل��م
ط��ع��م
ي���ذق
ارتيـــــــــــــــاح ِ
أو ل����م ي���م���ت ف����ي س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��اح م��ج��دك ل���م ي���ذق م���ج���داً بســـــاح ِ ل��ح��ل��ي��ب
ث���دي���ك
ُع � ّت��ق��ت
نكـــــــــــــهة م��ا
ال ت��ق��ن��ع��ي��ن��ي ب��ال��ف��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ط��ام
الصـــــــــــياح ف��ق��د أم���وت م��ن ِ
ه���ي���ه���ات ي���رض���ى ب��ال��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ف��ط��ام ف��م
ت����ذوّ ق
أه�������واك ب���ال���ح���زن ال��م��ع �لّ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ق كالغبــــــــار
ّ لكل مقام مقال
محاولة في تفسير الحنين
�ر حديثنا ع��ن الحنين َك� ُ�ث� َ و َك ُثرت سخريّتنا من بعضنا كلّما استب ّد بأحدنا داء الحنينَ ، بات لدينا سلّم مفردات كامل للدفاع عن ح ّقنا في الصعود إليه من دِرْ كنا وكأ ّنه عِ ليّة الطفولة الجميلة ،ولنا أيضا ً ُسلّم مفردات كامل للنزول أسفل من مباهج غربتنا كي ّ نقطع أشال ًء ك ّل من ُتسوّ ل له نفسه اإلسراف فيه وقضّ مضاجعنا. ما هو هذا الحنين؟ ٌ مخلوق كامل التقويم والتفاصيل أهو مخلوق الصدفة أهو ينقضّ فجأ ًة؟ ٌ حديث عليل ،أُرْ غِ ْمنا على أمومته وأبوّ ته ونشقى أهو ولي ٌد به؟ ّ يختط مفردا ٍ ت واقع الحنين احتجا ُج مُحدثي الغربة على ٍ جديدة ،ويتح ّد ُ ث بطالقة لغة جديدة مهما َش َّن ْف َنا آذاننا ال نفقهها، ببوق كالقيامة منتصف تحت إمرته جيشٌ من عزازيل تنطلق ٍ الليل فنق ُّد لنص ّدهُ من الماضي أيقونة المالئكة ،وهو المحاولة عجوز في السبعين ،ومداراة شيخوختها ظهر المكابدة لتقويم ٍ ِ بتوصيفات كالحكمة ومتعة تأمّل الحياة ،والحنين احتجا ٌج ث اليوميّ ،والحنين مسرحيٌّ من النوع العبثيّ على سطو ِة الحد ِ يُشيّد معجم تفاسيره الخاصّة لما ح َّل لنا ،ويحضّر لعناته ويلقيها خبط عشواء على البشر إجابة على سؤال لماذا؟ َ عنق الغزالة ويطلقها فتنهضُ وتقفز والحنين نم ٌر يلتقط ً أكثر بشغف الحياة ،والحنينُ مسكونة قفزاتها المتعرّ جة َ مسيحيٌّ أصوليٌّ يجلد نفسه على خطيئة أصليّة حين أكلنا من ثمار الجنون وخسرنا ج ّن ًة موهومة ،وهو قصاصنا من أنفسنا لك ّل من ّ وو َب ِق البراميل ،والحنين دينٌ له تدثروا بركام األبنية َ طقوسه الحزينة والجذلى ،وله أوهامه: وهم التشابه حين يكون منفاك ترك ّيا ً فتخلد لألمكنة وتسمّيها كما تشاء. وهم النسيان وحيا ٍة جديدة حين تهبط مدرج الطائرة وتخطو أوّ ل مخيّم اللجوء. وهم العودة تتشبّث به كلّما شعرْ َ ت أنّ يوميّاتك تغيّرت وكلّما نفخ نبض الدم أوداج العروق ،والحنين عشق السوريّ عشق مجنونٌ تركه وحيداً ٌ المرضيّ الجميل لصباحات فيروز، مثل زهر البيلسان. والحنين نه ٌر يم ُّد فلاّ حيه بأسباب الحياة ،ولك ّنه متى َج َم َح أغرقهم ولم تنفع معه ك ّل سدودهم الخشبيّة ،الحنين وفاض َ صدا ٌع يُحكِم قبضته على الرأس حيناً ،وحينا ً يكون مرهما ً وذكر بأنثى ،أو بذكر لتقرّ حات القلب ،الحنين داف ٌع لتولّه أنثى ٍ ٍ دافع لالعتكاف عن لوثة الحبّ والزهد في الجنس أو الشبق فيه. وهو تنينٌ متع ّدد الرؤوس عبثا ً تقطع رأسه فال يلبث أن ينبت رأسٌ جديد مكانه يعضّك ،وينفث عليك ُم ْهالً من الماضي يضنيك وال يقتلك ،والحنين أكثر شيء يمكن الكتابة فيه يحتمل السخريّة ،يحتمل البكاء ،ويحتمل الرثاء ،ويحتمل الفرح، ويحتمل أكثر من جيل ،ويحتمل أكثر ما يحتمل طنين نحلة األمل قرب أذنيك دون أن تقرصك.. آه يا نحلة األمل.. آه من هذا الطنين.
المدير العام توفيــق دنيـــا
newspaper@allsyrians.org
عمّار عكّاش
كلمة حق
بجـــــــــــــرار
راح ِ
م��ن
قـــــــــــــــــراح ِ
ع��ل��ى
جناحـــــي
نكـزة
في حملة بعنوان «كلمة ّ حق» تشمل أغلب المحافظات السوريّة ،صرخة من أجل المعتقلين لدى أيّ طرف ،ما مصيرهم؟
ن���ط���ل���ب م���ن ال��ع��ال��م ا لد يمقر ا طيّ دع��م ثورتنا، ول��ك�� ّن��ن��ا لم ُن��ن��ت��ج ت��يّ��اراً دي��م��ق��راط � ّي �ا ً واح����داً يقبل مبدأ تداول السلطة ،ويُفسح المجال للشباب ويقبل خياراتهم ،لم ننشئ منطقة واحدة داخل سوريّة، ولو ضيعة ،تقوم بانتخابات فعليّة وتحترم خيارات الناس ،كأن تختار المرأة ما ترتديه مثالً ،أعرف أنّ هنالك مؤامرات دوليّة على ثورتنا وأعرف أ ّنه ت ّم ترك الثورة لوحدها ،ولكن هذا ليس مبرّ راً ألاّ ننشئ شيئا ً ممّا ُننادي به ولو على بقعة صغيرة من أرض سوريّة. بسام قوتلي
تنشر «ك���ل���م���ة ح����������ق» م��ل��ص��ق��ات ت���ق���ول :ال ل�لاع��ت��ق��ال ا لتعسّفيّ . ل����ل����ع����دل م�����ي�����زان ف��اح��ك��م��وا ك ب�����ه .ف��� َّ قيدي .ابني وين؟؟
صدر ضمن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتيّة لشهر تمّوز ،2014كتاب «األخالقيّات والحرب» من تأليف ديفيد فيشر ،بترجمة د .عماد عوّ اد إلى العربية .في 425صفحة على قسمين واثني عشر فصالً ،عنون المؤلّف القسم األوّ ل بـ «األخالق» والقسم الثاني بـ «الحرب» ،ليطرح عبر إطالالت تاريخيّة ث ّم تحليالت ألوض��اع حديثة كحرب الخليج، أسئلة على شاكلة:
ص��در في ح��زي��ران 2014عن منشورات المديريّة العامة إلدارة الهجرة التركيّة ،كتاب «قانون األجانب والحماية الدوليّة». يقع الكتاب في 68صفحة وخمسة أب��واب، تبدأ بالتعاريف األساسيّة في الباب األوّ ل ،ث ّم تح ّدث في مفهوم األجانب والجنسيّة واإلقامة في الباب الثاني ،ومن ث ّم فصّل في الباب الثالث حول مفهوم الحماية الدوليّة وأحكامها ،وأخيراً عرض هيكليّة وماهيّة المديرية العامّة للهجرة. وقد نوّ ه الكتاب في مُق َّدمه إلى أنّ هذه الترجمة إلى العربيّة «غير مُلزمة من الناحية القانونيّة» وإ ّنما هي «ألغراض إعالميّة فقط».
هل يمكن أن تكون الحرب في القرن الحادي والعشرين عادلة؟
مسعنا ،شفنا ..وبدنا حنكي ب .يوسف
مسعنا..
أجّ ل االئتالف الوطني اجتماعه المقرّ ر لمناقشة وضع الحكومة للمرّ ة الثانية ...وقذف به إلى الشهر العاشر ،تأجيلين الجتماع سيناقش قضية مهمّة هي ّ وسيبت هذا االجتماع قضيّة الحكومة المُقالة .... بمن سيكون المكلّف بتشكيل هذه الحكومة.
رئيس الحكومة المُقالة لم يقف مكتوف األيدي في فترة تسيير األعمال ....إذ أقال بقرار مفاجئ جيش المستشارين الذين حوله وهو يف ّكر بتشكيل مجلس استشاري مص ّغر ،كما أ ّن��ه أوك��ل أحد العاملين ّ والموظفين وأمور بالحكومة بدراسة وضع الحكومة أخرى. بوضوح ،الدكتور أحمد طعمة يتصرّ ف قائالً: ....أنا رئيس الحكومة القادم. شفنا ..ك ّل مؤسّسات االئتالف تب ّنت الشعار الذي ربّما كان السبب الرئيس في قيام الثورة السورية
هيئة التحرير بسام يوسف -حسين برو ّ - بشار فستق -منير األّيوبي ّ غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
وهو شعار« :إلى األبد» ...من وحدة التنسيق إلى المكتب اإلعالمي وها هي الحكومة تدخل على الخط ،وفي األركان حدث التغيير بانقالب .... بدنا حنكي ..شو القصّة خيّو ؟؟ .ما حدا بيمسك كرسي إلاّ بيعربط فيه وما عاد يح ّل عنو ؟؟ .ما عاد فينا نفصل مفهوم المؤسسات عن مفهوم المزرعة الخاصّة ؟؟ واألدهى ،إ ّنو بس الواحد يستلم بروح بيلزق بكتلة سياسية بيمسحلها جوخ منشان تخلّيه، وبعدين بيوسّع الدعم لسيادته وبيروح لالستقواء بأطراف خارجية. خيّو ....من اآلخر ....إذا بدكن تعيدولنا سيرة آل األسد فهمونا!؟ ...هيك ما بيمشي الحال ... إذا مو قادرين تق ّدمو للمواطن السوري نموذج عن المؤسسات التي بيحلم فيها والتي هي مؤسسات فعالً وبتليق بالدولة وبالثورة ...حلّوا عنا!! ياسيادة رئيس الحكومة ...من يريد أن يقيّم
فريق العمل الموقع اإللكتروني :مح ّمد ن ّجار هلّ العبدال سكرتاريا :نور الترجمة :مها ّ الخضور
وي��درس ويصحّ ح عمل الحكومة ،بيجيب جهة محايدة ومختصّة واحترافيّة وبتقوم بالدراسة .. موبيجيب جهة هي أصالً يجب أن توضع في دائرة المساءلة والدراسة!! ...واللّي ب ّدو يقيل جيش من المستشارين بجرّ ة قلم وما بيقول ليش وكيف وشو عملوا وشو األخطاء اللي ارتكبوها ...مابيكون عم يبني مؤسّسة .
تنويه
في الحوار الذي أجرته «ك ّلنا سور ّيون» مع الدكتور «إلياس وردة» وزير الطاقة والثروة المعدن ّية ،ونشر في العدد ،/13/حدث اختصار المسجل (ثالث ساعات ونصف) للنص كبير ّ ّ إلى نصف صفحة تقريباً ،م ّما أدّى إلى لبس فتوجب التنويه واالعتذار. في بعض المقاطع، ّ
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org