حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 15 -السنة األوىل
األربعاء /1تشرين األول2014 /
newspaper.allsyrians.org
12صفحة
ضرورة البحث عن اهلويّة الوطنيّة السوريّة الضربات تنعكس اصطفافاً يف الشارع السور ّي كوبــاني ....عــني الســوريّني يف عــني اخلــطر
الدولي .. التحالف ّ حرب على (داعش)
أم فصل جديد في صراع المصالح على األرض السورّية؟ عندما انهمرت صواريخ «التوما هوك» من طائرات التحالف فوق أهدافها داخل األراضي السوريّة لم تقصف فقط بعض المواقع لتنظيم (داعش) ،بل قصفت ما هو أه ّم بكثير ،بوضوح لقد قصفت وهي التزال في طريقها أوهام النظام السوريّ وحليفيه اإليرانيّ والروسيّ في رسم تفاصيل المرحلة القادمة. اليوم تختلف اللوحة بشكل كبير عمّا كانت عليه قبل أشهر فقط، َمن يراقب النظام السوريّ وإعالمه وتصريحاته وتناقضاته في الفترة األخيرة ،يرى ذلك بوضوح ،ويدرك حجم الورطة التي وصل إليها النظام ،من التهديد بقصف طيران التحالف إذا لم يُستشر «على لسان بثينة شعبان» ،إلى طلب التنسيق معه واعتباره جزءاً من التحالف ،ث ّم ها هو اآلن يصل إلى الكذب ،إ ّنه شريك التحالف ح ّتى لو رفض التحالف ذلك. َ صمت اإليرانيون ....ك ّل الدالئل تشير إلى أ ّنهم قد يخسرون ً ك ّل شيء دفعة واحد ًة ،حزب هللا الذي تورّ ط بحماقة ودخل المستنقع السوريّ لم يعد يعرف كيف يوقف خساراته ويستعيد بعضا ً منها، والعراق يوشك أن يتفلّت من االصطفاف اإليرانيّ بعد إبعاد رجل إيران الصفيق بتبعيّته «المالكي» ،والداخل اإليرانيّ بدأ صراخه يعلو ض ّد سياسة مالليه في سوريّة. ها هي روسيا «البوتينيّة» تراجع حساباتها المتغطرسة ووهمها بأ ّنها قادرة على خوض صراع ن ّدي مع أمريكا وحلفائها ،ها هي تنكفئ لتلملم األزمة المستعصية في أوكرانيا وها هي تباشير أزمة اقتصاديّة بدأت تضرب في بنيتها الداخليّة ،وها هو التحالف الدوليّ بغطرسة تشبه غطرسة «بوتين» يغلق المجال أمام روسيا ويحرمها ح ّتى من استعمال قناع عظمتها «الفيتو» ،فيرفض إشراك حليفيها (إيران والنظام السوريّ ) ح ّتى باالسم في هذا التحالف. في ضوء هذه المعطيات يقف ب ّ شار األسد عارياً ،ح ّتى من الرقع التي كانت تهبها إيران وروسيا ،وهو يدرك اآلن أكثر أنْ ال مكان له في سوريّة القادمة.
عدسةجيفارا نيب
تحقيقات العدد من مدارس غازي عينتاب عام دراسي جديد بدرعا وريفها.. وضع الالجئني السوريّني يف «باطمان» قوارب املوت حرب النظام تدمّر قطاع الثروة احليوانيّةالقانوني إضاءة على المركز ّ للسورّيين في تركيا
الضربات األمريكّية والوطن المستباح..
ص6 ص6 ص6 ص7 ص7 ص8
لكن ماذا ع ّنا نحن السوريّين؟ ماذا عن المعضلة الرئيسيّة التي تواجهنا وال تزال جاثمة فوق صدورنا ،وربّما تشبه الفاجعة إن أمع ّنا النظر فيها ،والتي يمكن تلخيصها بالسؤال التالي:
ص2
بالرغـم من إمكانيـّة القـرارات الدوليـّة في تحقيـق وقف تد ّفـق ماذا أع ّددنا للحظة سقوط النظام؟؟ مقـاتلين جـدد ،فـإنّ الســعي إلنهـاء لنعترف أنّ ك ّل الهياكل السياسيّة القائمة هي عاجزة ح ّتى عن ذل��ك التنـظيم والقضــاء عليه، يتـط ّلب وفقـا ً للوقائـع الموضوع ّيـة ،وبالتزامـن مع تـلك الضربـات والقـرارات ،إدارة مؤسّسة استهالكيّة ،فهل يُسارع السوريُون للقيام بخطوتهم ّ توجهـا ً ســريعا ً ومنظمـا ً ألبنـاء تـلك المنـاطق ،بغية إشــراكهم في إيجـاد البدائـل األه ّم ،وهي العمل وفق رؤية وطنيّة صادقة على إنتاج بديلهم ّ ً السياسيّ الذي يُقنع السوريّين أوّ ال ،ومن بعدهم المجتمع الدوليّ ، لؤي حاج بكري المح ّل ّية الحقيق ّية بأنّ السوريّين قادرون على إدارة شؤون بالدهم في مرحلة ما بعد سقوط النظام؟؟ بدي ٌل يوقف انهيار المجتمع السوريّ السريع باتجاه حوار مع الدكتور راتب شعبو... العنف ،ويوقف التطرّ ف الذي تعمْلق فوق بحيرة الدم التي ولّدها عنف النظام. ص5
��ي أواخر جاء توقيع تركيا ال ّتفاقها األخير مع اال ّتحاد األورو ّب ّ العام 2013ليضع السور ّيين أمام استحقاقات لم تكن واردة في األول من حوار مع راتب (تنشر «ك ّلنا سور ّيون» القسم ّ حساباتهم شعبو) .آل «شعبو» ،الذين دفعوا في سجون األسد حوالي لم يكن ممكنا أن تص ّنف السلطات الترك ّية السور ّيين المقيمين ال 40عاماً( ،الدكتور راتب شعبو 16سنة ،الدكتور بهجت على أراضيها كالجئين احملامي :غزوان قرنفل شعبو 10سنواتٍ ،ومنير شعبو11سنة ،وابنة بهجت شعبو ،والدكتورة ماريا شعبو ،التي ولدت في السجن ،حيث قضت أ ّمها المناضلة اليسار ّية رنا محفوظ أكثر من أربع سنوات) غ ّسان املفلح الواقعة :فشل
هوليوودي
ص2
...أنّ مشهد قطع رأس جيمس فولي هو عبارة عن خدعة سخيفة .بعبارات أكثر وضوحاً ،نجد أنّ العناصر المستخدمة في المشهد :دم «الضح ّية» ،الحركات الغير ٌ أدوات «المهنية» لـ «قطع الرأس» ،السكين نفسها ...،إلخ ،هي لمسرح ّية سيئة التختلف كثيراً عن تلك التي يت ّم إنتاجها في هوليوود ترمجة :مها قطريب كل ّ يوم ،المؤ ّلفون ذاتهم ،والمنتج ذاته.
قراءة في جذور العنف العربي في التفكير ّ اإلسالمي 3/3 ّ
ص 10
لــقد قــامت الثقافــة التي أنجبت التطرف ّ ّ الســلفي ،بعمليـّة بحث في كل ّ اإلســالمي ســـعيا ً وراء فـــكر التـاريـخ ّ وتوجهــاتها ،وهــكذا إلى أن يــتالءم ّ وجـــدت ابن تيم ّية
عبدو نيب
العالم كلّه مقتنع ـ بما في ذلك حلفاء النظام ـ أنّ ب ّ شار وعصابته قد انتهوا ،أخشى ما أخشاه أن تطالب المعارضة السوريّة ببقائه كي ال ينكشف عجزها وعريّها ،وأن يعمل أمراء الحرب ولصوص الثورة على استدامة هذا الجنون من أجل بقاء عظمتهم الراهنة، والتي ال يعنيهم أبداً أ ّنها على حساب دم السوريّين ومستقبلهم.
ب ّسام يوسف
«بولتيكن» الدنماركّية تطلق حملة لدعم «الشبكة السورّية لإلعالم المطبوع»
اإللكتروني ونسختها أطلقت صحيفة «بوليتكن» الدنمارك ّية عبر موقعها ّ المطبوعة ،حملة لدعم خمس صحف سور ّية ُتطبع و ُت ّ وزع في سورية وخارجها ،كانت و ّقعت في ت ّموز الماضي على ميثاق تأسيس «الشبكة السور ّية لإلعالم المطبوع» ،والذي يض ّم اّ كلً من صحف :ك ّلنا سور ّيون، سور ّيتنا ،عنب بلدي ،صدى الشام ،تمدّ ن. الدولي في الصحيفة «مايكل جارلنر» في افتتاح ّية المحرر ووصف ّ ّ الحر ّيات هو األساسي للديموقراط ّية ،وأنّ قمع حر ّية التعبير بالشرط ّ ّ الحملة ّ حر ّية التعبير بالشرط الفعال بيد الحكام ضدّ الديمقراط ّية ،ووصف ّ السالح ّ للحر ّية. المسبق ّ وقال جارلنر« :اخترنا خمس صحف سور ّية بالتعاون مع ّ منظمة IMS الدنمارك ّية ،تم ّثل أجزاء مختلفة من المعارضة السور ّية ،هذه الصحف مختلفة في الموقف ،لك ّنها م ّتفقة فيما بينها على ميثاق عمل مشترك يستند إلى الديمقراط ّية واألخالق الصحفية». وتستمر وستقوم الحملة ،التي أطلقتها «بوليتكن» يوم األحد 21أيلول ّ
قرائها لدعم طباعة صحف الشبكة لثالثة أسابيع ،بجمع التبرعات من ّ ّ وتوزيعها داخل سورية. األول 1884وتحتفل هذا العام تأسست في تشرين ّ «بوليتكن» التي ّ بعيدها السبعين ،ستقوم خالل حملتها بنشر قصص وتحقيقات صحف ّية واإلنساني االجتماعي الدنماركي بالواقع أعدّ تها الشبكة لتعريف الجمهور ّ ّ ّ في سورية. رابط الحملة على موقع صحيفة «بوليتكن»: http://politiken.dk/debat/ledere/ECE2402240/ /derfor-samler-vi-ind-til-frie-ord-i-syrien
2
العدد 15
/1تشرين األول 2014/
الضربات األمريكّية والوطن المستباح..
مع بدء الضربات الجوّ يّة للتحالف الدوليّ على سورية ،هل يمكن القول بأنّ فصالً جديداً في الوضع السوريّ المأساويّ قد بدأ ،وهل أصبح بمقدور المجتمع الدوليّ ،الذي عجز خالل السنوات الثالث السابقة، ّ التدخل إليقاف مسلسل الدمار والموت ،أن يجد عن مدخالً أوّ ل ّيا ً للح ّل الذي قد يأتي ،بعد سنة ،أو سنوات أخرى ،كما يرى ك ّل قادته ،أم أنّ ما يحصل ،ليس سوى استبداالً لبعض الالعبين ،بمن هم أكثر قدرة، على متابعة عمليّات القتل والتدمير. من المتابعة األوليّة للمستجدات المتالحقة ،تشير ّ خطة الكثير من التصريحات المعلنة ،إلى غياب ّ التدخل ،فالواليات الم ّتحدة التي كانت واضحة لهذا ّ التدخل في حسم الصراع الدائر على األكثر بُعداً عن األرض السوريّة ،تبدو اآلن وبعد سيطرة (داعش) على قسم واس��ع من العراق وس��وري��ة ،وكأ ّنها قد وجدت الفرصة التي ال يمكن تفويتها ،لتعلن قيادتها ّ التدخل ،وبمشاركة مبدئيّة من حلفائها الخليجيّين، لذلك أصحاب المصلحة األساسيّين ،في دح��ر ك�� ّل من التم ّددين ،الشيعيّ اإليرانيّ ،وال ُّس ّني المتطرّ ف. ويبدو اإلع�لان الواضح عن استهداف المواقع العسكريّة والما ّديّة لتنظيم (داعش) في سورية ،مع اإلعالن شبه الواضح الستهداف تنظيمات أخرى، كالنصرة وأحرار الشام ،واألحاديث المكرّ رة عن عدم القبول بنظام األسد ،والسعي لتدريب معارضة معتدلة بديلة ،كرؤى وتوجّ هات مفتقرة إلى أيّة خطط محكمة ومدروسة ،في ظ ّل عدم تو ّفر المق ّدمات الالزمة لتلك الرؤى والتوجّ هات ،أو لغيرها من الحلول التي لم يت ّم اإلعالن عنها ،حيث ال دالئل واضحة في صفوف المعارضة السوريّة بمختلف تفرعاتها الحاليّة ،إلاّ على وقوعها تحت رحمة المضاربات ،في سوق الدعم الماليّ والعسكريّ ،بما لم يم ّكنها من تشكيل أيّة صيغة بديلة لنظام األسد ،وحيث تحوّ ل النظام المصرّ على مناصبة العداء لمعظم السوريّين ،والماضي في إيقاع المزيد من القتل والتدمير والتشريد عليهم ،إلى سلطة معيقة ومعاقة ،ال تقوى على الوقوف ح ّتى في قسم محدود من البالد ،دون االعتماد على البعد الطائفيّ ّ المتمثل بإيران وح��زب هللا والميليشيات الشيعيّ ،
الواقعة :فشل هوليوودي
العراقيّة.
ّ التدخل إنّ ذل��ك ّ ً الجديد ،متمثال في ال��ض��رب��ات ال��ج��وّ يّ��ة األمريكيّة ،وبمشاركة رم��زيّ��ة للسعوديّة واإلمارات والبحرين وقطر واألردنّ ،مع التريّث الفرنسيّ البريطانيّ وفقا ً لخارطة المصالح، ومعارضته شبه المؤجّ لة من قبل روسيا وإيران ،مضافا ً إليه الموقف الخانع الذليل لنظام ينتظر خلف الباب الموصد بوجهه ،يفتح المجال أمام احتماالت ال يمكن التكهّن بها ،وربّما قد تكون بعيدة ك ّل البعد ،ح ّتى عن ّ المتدخلين التوجّ هات التي يجري التصريح بها من قبل أنفسهم ،فالدولة اإلسالميّة المزمع تثبيتها على األرض من قبل تنظيم إرهابيّ ،ال يمكن أن تكون معتمدة على بضعة آالف من المقاتلين األجانب ،بقدر ما هي معتمدة على عشرات اآلالف من المقاتلين والمدنيّين السوريّين والعراقيّين ،كما أ ّن��ه بالرغم من التأثير الفاعل للضربات الجوّ يّة الشديدة التركيز ،وبالرغم من إمكانيّة القرارات الدوليّة في تحقيق وقف تد ّفق مقاتلين جدد، فإنّ السعي إلنهاء ذلك التنظيم والقضاء عليه ،يتطلّب وفقا ً للوقائع الموضوعيّة ،وبالتزامن مع تلك الضربات ّ والقرارات ،توجّ ها ً سريعا ً ومنظما ً ألبناء تلك المناطق، بغية إشراكهم في إيجاد البدائل المحلّيّة الحقيقيّة، القادرة على أن تح ّل مح ّل التنظيم ،الذي من الممكن ألاّ تنتهي دون تحقيق ذلك ،وبالتوجّ ه األكثر سهولة، نحو أبناء المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيمات األخرى ،دون االنتظار شهوراً طويلة للقيام بتدريب يجر تلمّس أيّ حدود لها معارضة مسلّحة معتدلة ،لم ِ بعد ،والتي يمكن أن تأتي كعنصر مكمّل وداعم لذلك التوجّ ه ،إسراعا ً ال يمكن أن يأتي إلاّ باالعتماد على جهود ك ّل السوريّين الوطنيّين في الداخل والخارج، وعبر مختلف القوى والشخصيّات التي مازالت مؤمنة بوحدة هذا الوطن ،وبعودته إلى مواطنيه بعيداً عن ك ّل سيطرة متش ّددة أو استبداديّة ،إسراعا ً قد يبدو أكثر إلحاحاً ،مع تزايد الضربات الجوّ يّة ،وإضعافها لداعش
ولغيرها من التنظيمات ،بما يح ّد من إمكانيّة عودة سيطرة النظام االستبداديّ إلى بعض المناطق ،وبما يمنع من تحقيق النهاية التي يتطلّع إليها طرفا المعادلة اإلرهابيّة في سورية ،من تقسيم جغرافيّ ومن تغيير ديمغرافيّ تحت رايات الطائفيّة. ّ التدخل من جدل واسع في أوساط إنّ ما يثيره ذلك السوريّين على اختالف مواقفهم ،بالنظر إليه من زاوية صراع سياسيّ أو أهليّ داخليّ على السلطة ،قائم على االرتباط بالخارج ،أو بالنظر إليه من زاوية وطنيّة تتعلّق بالسيادة والعدوان الخارجيّ ،في الوقت الذي تعرّ ض ويتعرّ ض الوطن لك ّل تلك االستباحة ،من قبل عصابات إجراميّة تض ّم السوريّين وغير السوريّين، من قِبل قوّ ات النظام وحلفائه الطائفيّين ،كما من قِبل تنظيمات اإلسالميّين المتش ّددين ،يجعل من ذلك الجدل مجرّ د كالم وتحديداً للمواقف ،دون التوصّل إلى خطوات عمليّة ،قادرة على التأثير في عملية تغيير المسار ،وفقا ً لمصلحة ك ّل السوريّين ،في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع السوريّ من التراجع في عوامل وجود مجتمع يعيش فوق أرض مح ّددة ،فمئات األلوف من الضحايا ،والماليين من النازحين والالجئين ،وك ّل ذلك االنتشار للفوضى والخوف من الموت المفاجئ، هي عوامل جديدة في التف ّكك المستمرّ للمجتمع الذي قام كوحدة اجتماعيّة سياسيّة ،التي تترافق مع غياب المفاهيم المتعلّقة بالوطن وسيادته ،ممّا يدفع للنظر نحو ما يجري اليوم من زاوية وحيدة ،ال تتعلّق سوى بإمكانيّة الحفاظ على تلك البنية االجتماعيّة التي تمركزت في تلك المنطقة من العالم ،والعمل على إنهاء ك ّل أسباب انهيارها ،من نظام وتنظيمات ،ال تعمل إلاّ على المزيد من ت ّفككها ،بل وربّما على إنهاء وجودها بشكل شبه كامل. لؤي حاج بكري
داعش تعيد إنتاج األسد؟
في لقائه مع المبعوث الدوليّ الجديد إلى سورية ستيفان دي ميستورا ،قال ب ّ شار األسد «إنّ ما تشهده سورية والمنطقة جعل مكافحة االرهاب أولويّة أل ّنه خطر يه ّدد الجميع» ،وش ّدد المبعوث الدولي بدوره على «ضرورة مواجهة المجموعات اإلرهابيّة ،على أن يترافق مع حلول سياسيّة جامعة لألزمة السوريّة». جاءت هذه التصريحات في دمشق عندما كان أوباما في طريقه إلعالن تحالف عريض ض ّد تنظيم «الدولة اإلسالميّة في العراق وسورية» .جملة ب ّ شار األسد حول تهديد اإلرهاب وضرورة مكافحة اإلرهابيّين ،يعود بنا إلى بداية استخدام النظام لهذا المصطلح وترويج أنّ ما يواجهه هو إرهاب داخليّ مع انطالق الثورة ،وأنّ جموع المتظاهرين ماهي إلاّ مجموعات تكفيريّة طائفيّة تقتل المدنيّين وتعتدي على األمالك العامّة والخاصّة. في حين كانت مجموعات المتظاهرين ُتجهد نفسها أمام آلة القتل العسكريّة واإلعالميّة للنظام ،إلظهار أنّ هذه التظاهرات ما هي إلاّ مطلب للكرامة والحرّ يّة وتوسّل مستقبل أفضل .ثبات المتظاهرين على مطالبهم وتع ّنت النظام واستخدامه القتل واالعتقال كح ّل وحيد ،وإقحام الجيش في دوّ امة القمع وتوريطه في قصف المدن واحتاللها ،سرّ ع بعمليّة االنشقاقات بين العسكريّين كتسجيل موقف معارض للقتل والقصف العنيف ض ّد المناطق الثائرة ،وبذلك بدأت الثورة تدخل حقبة جديدة ا ّتسمت بالمواجهة المسلّحة بين الجيش النظاميّ وعناصر من المنش ّقين وبعض المدنيّين بداية كحماية للمتظاهرين ،حينها خرجت أصوات كثيرة معارضة النتهاج المواجهة المسلّحة مع النظام لعلمهم أنّ هذا ميدانه ويريد جرّ السوريّين إليه عبر إصراره على انتهاج سياسة القتل المجانيّ للمتظاهرين وافتعال المشاكل بين األحياء المتنوّ عة طائف ّيا ً ودين ّياً ،وقيامه بجرائم الكراهية على أساس طائفيّ وتسريبه لفيديوهات القتل الطائفيّ ،ولقناعتهم بسلميّة الثورة .وحين ُترك السوريون وحدهم أمام جنون القصف واالجتياح لمدنهم وأحالمهم ،انسحب خيار السلميّة من ميدان الثورة وظهر السالح هو الحلّ ،في ظ ّل ذلك بدأت ظاهرة أمراء الحرب ،وظهرت التنظيمات التكفيريّة كنتاج
newspaper@allsyrians.org
قراءة سياسية
ط��ب��ي��ع��يّ ال ستعصا ء ال���ح���ال���ة السوريّة. ه��������ي ذاكرة يجب على الجميع ألاّ ينساها وخصوصا ً في هذه األيّ��ام التي يتحالف الغرب والشرق لقتال داع��ش ،بعد ذبح الصحفيَّين األمريكيَّين.
وكما أكتشف أوباما أنّ التنظيمات المتطرّ فة تستغ ّل المظالم لتحقيق المغانم لنفسها ،وأراد جرّ تحالف عريض وراءه إليقاف خطر الغول الداعشيّ ،اآلن وحينما بدء خريف الثورات يه ّدد ربيعها ،كان األجدى منه لجم أو ح ّتى تقييد آلة قمع النظام ودعم السوريّين في مطالبهم ،قبل أن ينتعش فكر السواد أمام انغالق األفق بح ّل سلميّ ،وقبل أن يسقطوا رهينة ألجندات إقليميّة وطائفيّة ،حين لم يكن السالح مطلب الجميع وعندما كانت ثقافة الذبح غريبة عن مجتمعنا ،ربّما كان السوريّون هم األقدر على نشر تعاليم الديمقراطيّة والحرّ يّة في المنطقة عندما خاضوا صراعهم السلميّ مع نظام يع ّد األكثر إجراما ً في المنطقة .إلاّ أنّ الحامل الطبيعيّ لتلك القيم -األغلبيّة منه -إمّا قُتل أو في السجون أوفي الدول المحيطة أو خاض غمار البحور ينشد األمان. في مقابلتها مع (قناة الميادين) قالت بثينة شعبان «إنّ ّ المخططات األمريكيّة في المنطقة فرصة إلسرائيل لتحويل األنظار عن الصراع العربيّ اإلسرائيليّ ». وإن كان كالمها يحمل الكثير من الصحّ ة (والدليل أنّ خروقات إسرائيل للهدنة مع قطاع ّ غزة قد كثرت، ّ بحق كما أُغفلت العين عن جرائم االحتالل اإلسرائيليّ المدنيّين في ّ غزة في دوامة الحديث عن جرائم الدولة ّ المخططات األمريكيّة التي اإلسالميّة) إلاّ أنّ هذه تتح ّدث عنها شعبان هي أيضا ً لتحويل األنظار عن صراع السوريّين المشروع ض ّد النظام ،ومع مرور
أح��داث الحرب المرتقبة مع داعش والتي قد تمت ّد لثالث سنوات كما صرّ ح المسؤولون الغربيّون ،وفي حال نجحت محاوالت الدبّ الروسيّ في تحييد أسده الهزيل عن ضربات التحالف ،ونجح النظام كعادته في الخروج من عنق الزجاجة وق ّدم أوراقا ً ُترضي شهيّة أعدائه والتي على أساسها سُحبت الذرائع ض ّده سابقاً ،عندما حوصر و ُه ّدد بعد احتالل العراق وبعد أن عُزل بُعيد اغتيال رئيس الوزراء اللبنانيّ رفيق ّ ومؤخراً في صفقة تسليم الكيمياويّ بعد الحريريّ ؛ التهديد بضربه ،فقد يسقط خيار رحيل النظام التي تنادي به واشنطن فيما بعد ،وقد تكون األيّام القادمة حُبلى بأخبار التعاون بين النظام األسديّ واألمريكيّين إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر ،وهو الذي استبقت طائراته طائرات التحالف وقصفت مواقع داعش في سورية في الوقت الذي كانت الطائرات األمريكيّة تقصف مواقع التنظيم في العراق ،وكانت إيران حليفته السبّاقة في دعم األكراد وميليشيّات الحشد الشعبيّ في العراق ،وهما الدولتان المستبعدتان من التحالف أو التعاون كما صرّ ح الغرب. داعش خطرة على الجميع ويجب القضاء عليها وإيقاف م ّدها الفكريّ قبل الجغرافيّ ،ولكن هناك عدوّ هو أعظم خطراً على المنطقة ومستقبل شعوبها موجود في دمشق ،نظام أستأسد على السوريّين ،وساهم مطوّ الً في تجذير االنقسامات العاموديّة في المجتمع السوريّ وسهّل مرور المئات ،وربّما اآلالف ،إلى سورية من المقاتلين األجانب عندما كان يسيطر على المعابر البرّ يّة ،وما زال يفتح مطاراته للميليشيات الطائفيّة الموالية له .وهي مهمّة السوريّين أوّ الً والجميع ثانياً.
سومر العبد اهلل
في 19آب ،علمنا أنّ الصحفي األمريكيّ جيمس فولي ،الذي كان سجينا ً لدى تنظيم «الدولة اإلسالميّة في العراق والشام» قد ت ّم قطع رأسه من قبلهم ،وقد ت ّم نشر فيديو إعدامه عبر مواقع االنترنيت. جميع القنوات التلفزيونيّة ُتكرر لنا حلقة الرعب البغيضة هذه ،التي ال يمكن أن تمرّ دون عقاب، وبالطبع فقد حجبت هذه القنوات مشهد الذبح الذي لم يُعرض سوى على اليوتيوب .وعلى الرغم من أنّ هؤالء البرابرة ذاتهم يقومون بذبح وبقطع رؤوس العراقيّين والسوريّين بالمئات ،إالّ أنّ وسائل اإلعالم تتعمّد عدم ذكر ذلك .ومقتل جيمس فولي يُفسّر أيضا ً أنّ الواليات الم ّتحدة رفضت دفع الفدية المطلوبة (بينما تدفع واشنطن رواتب جيدة بما فيه الكفاية لإلرهابيّين). إذا نظرنا إلى الموضوع عن ق��رب ،نكتشف بسرعة أنّ ه��ذه القصّة قد تمّت خياطتها بخيط أبيض متقن ،فعندما اخ ُتطف الصحفيّ في سورية في عام ،2012ا ّدع��ت الصحافة األمريكيّة أ ّنه كان «قد اع ُتقل من قبل النظام في دمشق» .وعند الفحص الدقيق للفيديو الشهير ،تتك ّ شف لنا تناقضات عديدة ،فإذا نظرنا الما ّدة المنشورة على الرابط: http://northerntruthseeker.blogspot. the/08/2014/deيظهر لنا أنّ مشهد قطع رأس جيمس فولي هو عبارة عن خدعة سخيفة. بعبارات أكثر وض��وح��اً ،نجد أنّ العناصر المستخدمة في المشهد :دم «الضحيّة» ،الحركات الغير «المهنية» لـ «قطع الرأس» ،السكين نفسها...، ٌ أدوات لمسرحيّة سيئة التختلف كثيراً عن إلخ ،هي ّ تلك التي يت ّم إنتاجها في هوليوود ك ّل يوم ،المؤلفون ذاتهم ،والمنتج ذاته .لكن ،كما هو األمر بالنسبة لمُشاهد التلفزيون األمريكي العاديّ الذي ليس لديه علم بهذه التفاصيل ،ستكون ر ّدة فعله هي صرخة االنتقام ،مثله كمثل جميع الناس .وفي أفضل األحوال، فإ ّنه سيترك األمر لحكومته كي تدخل في مغامرات عسكريّة جديدة ،ليس ض ّد اإلسالميّين -الذين هم حلفاء طبيعيّون للحكومة -ولكن ض ّد القوى المعتدلة المعادية لإلمبراطوريّة األمريكيّة -الصهيونيّة. في هذا السياق ،فإ ّنه ينبغي أن نالحظ أيضا ً تناقضات أخرى .فمن جهة« ،الجلاّ د» يُجيد اللغة اإلنجليزيّة تماماً ،وال يعطي أبداً االنطباع بأ ّنه خار ٌج ّ ممثالً من (الغيتو) اإلسالميّ .أظن أ ّنهم اختاروا بريطانيا ً للعب هذا الدور. من ناحية أخرى ،فإنّ «المحكوم باإلعدام» كان هادئا ً لدرجة كبيرةُ ،تثير االستغراب ،قرأ نصّه كما لو كان يتح ّدث عن حدث ال أه ّميّة له. أخ��ي��راً ،وقبل ك�� ّل ش��يء ،ال��والي��ات الم ّتحدة األمريكيّة بعد أن وضعت ثقلها قبل بضعة أشهر، محاولة إطالق سراح فولي من اإلرهاب السوريّ . لكن ،ولسوء الحظ ،لم يكن الصحفيّ هناك بعد. أوباما ،قبل شن عمليّته الفدائيّة ،قد فعل أفضل ّ التدخل في مايمكن تحقيقه مع ماكين ،سواء أكان هذا سورية حقيقيا ً أم خيال ّياً ،فالقصد واضح :إ ّنهم يريدون تهيئة الرأي العا ّم لحرب أمريكيّة ض ّد األراضي السوريّة .من جانبها ،توضح الحكومة السوريّة أنّ «أيّ عمل أمريكيّ أحاديّ الجانب ض ّد الجهاديّين من جانب (الناتو) على األراضي السوريّة سيُعتبر هجوما ً ض ّد سالمة سورية -إذ سيتجاوز هذا العمل القرار 2170المعلن في 15في آب الماضي ،لمجلس األمن التابع لألمم الم ّتحدة -وطالبت الحكومة السوريّة في المقابل التنسيق معها في محاربة اإلرهاب. ولكن هذا ال يعني الكثير ،ألنّ الواليات الم ّتحدة وحلفاءها في مجلس األمن يفسّرون النصوص دائما ً على طريقتهم .وتستطيع سورية االحتجاج دائماً، وروسيا تستطيع اال ّدع��اء أ ّنها قد « ُخ ْ دعت» مرّ ة أخ��رى ،وفي اليوم الذي يريد فيه رعاة اإلرهاب اإلسالميّ الهجوم على سورية ،فإ ّنهم سيفعلون.
ترمجة :مها قطريب www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 15
/1تشرين األول 2014/
عبثيّ ، لكن نعوشهم يل ّفها علم الوطن موتهم ّ
غاضباً« :لماذا تركونا هنا؟ عليهم أن يعملوا أوّ الً على إطالق سراحنا ومن ث ّم ليحاكمونا، لنرى من هو المقصِّر؟ أمّ��ا أن ُنترك هكذا لشهور طويلة ،فهذا ال يجوز». ٍ
بنعوش ملفوفة بعلم الوطن يعود الجنود العلويّون من معاركهم البعيدة الغامضة إلى قراهم الفقيرة والحزينة،وغالبا ً ما يُمنع ذووهم من رؤية جثثهم ،فأغلب هذه الجثث مشوّ هة، وال يمكن معرفة أصحابها وربّما تعود لقتلى آخرين. هذا مايق ّدمه لهم رئيسهم المولع بألعاب (البالي ستيشن) ،والذي يظهر على شاشات التلفزة ليتح ّدث طويالً عن تدقيق استعمال المصطلحات ،وعن إصالحات ـ يعرف أكثر من غيره ـ أ ّنها لن تتح ّقق. لم يعد الوطن يعني ألهالي تلك القرى الموحشة إلاّ الموت ،موت يصفعهم ك ّل يوم بنعوش أبنائهم التي تصل من معركة بعيدة أفهمهم النظام أن��ه يخوضها ض ّد»مؤامرة «يشترك العالم كلّه فيها من أجل إسقاطه،وضد موت سيجتاح بيوتهم إنْ انتصر «المتطرّ فون». في شباط من عام 2013استطاعت إحدى مجموعات الجيش الحرّ المعارض للنظام السوريّ أن تقتحم مدينة الطبقة بعد حصارها لم ّدة شهر ،وتم ّكنت من أَسر العشرات من جنود وضباط النظام ،نسبة كبيرة منهم كانت من العلويّين.وفي الشهر العاشر من نفس العام تم ّك ُ نت من اللقاء بهؤالء األسرى ،كان قد مضى على أسْ رهم ما يزيد عن ثمانية أشهر. ْ استغرقت السيارة التي تقلّنا من الر ّقة إلى مكان أسرهم حوالي الخمسين دقيقة ،وفي بناء منفرد ومكوّ ن من طبقة واحدة يحرسه أربعة شبّان يرتدون ثيابا ً مدنيّة،كان يعيش هؤالء األس��رى ،كان ممنوعا ً تصوير المكان من الخارج ،ألنّ النظام قد يقصفهم في حال عرف
مكانهم ،هكذا برّ ر قائد المجموعة منعنا من التصوير ،بدا التبرير سوريال ّيا ً للوهلة األولى، ّ خطط لك ّنها قد تكون الحقيقة ،فالنظام الذي لتطييف الثورة كان يحتاج إلى مجازر طائفيّة، كي يقنع اآلخرين بصحّ ة روايته. كان األسرى بصحّ ة جيّدة ،وكان مفاجئا ً لي أن يُعامل أسرى للنظام أوّ الً وعلويّين ثانياً، بطريقة جيّدة وسط احتقان طائفيّ واضح ووسط حرب مجنونة يخوضها النظام ض ّد السوريّين بوحشيّة بالغة.
كانوا غاضبين من النظام الذي أبلغ أهاليهم أ ّنهم خونة وأ ّنهم استسلموا.تح ّدثوا عن شراسة المعركة التي خاضوها بعد حصار قاس ،وأ ّكد قائد المجموعة التي أسرتهم حقيقة ماقالوه، وأشار ضاحكاًإلى أحدهم :انظر إليه ،كاد أن يقتلني. اليهت ّم النظام السوريّ كثيراً لجنوده ،هم اليعنون له أكثر من وقود لمعركة بقاء سلطته، فإن أُسروا أو قُتلوا أو َفقدت وحدتهم أهمّيتها العسكريّة ،أدار لهم ظهره وتركهم لمصيرهم، لم يقبل النظام مبادلة هؤالء األسرى بمعتقلين مدنيّين كانوا يتظاهرون ض ّده. المق ّدم «تميم هيفا» من الالذقيّة يقول
ال��م��س��اع��د أوّ ل «ع����روة ع��بّ��اس» من طرطوس ،والمصاب برصاصتين ،واحدة سطحيّة في الرأس تمّت معالجتها ،وأخرى في الساق ،سبّبت انقطاعا ً في األوردة واألعصاب، ممّا أ ّدى ل��ح��دوث عاهة دائ��م��ة ل��ه ،يقول: ُ «وصلت إلى مدينة الطبقة قبل شهر واحد فقط من أسري ،لم أكن أعلم أيّ شيء عن المدينة، أعطوني مائة طلقة وزجّ وا بي في المعركة ،ما أريده فقط أن يُجيبني أحد :لماذا نحن هنا؟ لماذا نحن في األسر طوال هذه الفترة؟؟ ولماذا ال يهت ّم أحد لمصيرنا...؟؟.
وقعت بالد الشام تحت حكم العثمانيّين منذ أوائل القرن السادس عشر بعد هزيمة المماليك ،واستمرّ ت اإلمبراطورية العثمانيّة في التوسع ح ّتى بلغت أوج عظمتها في القرن السابع عشر ،حيث سيطرت على معظم العالم العربيّ وآسيا الصغرى ،وجزء كبير من أوروبا الشرقيّة .لكن في نهاية القرن بدأت الهزائم ُتالحق السلطنة ،وب��دأت تخسر أج��زا ًء هامّة من
newspaper@allsyrians.org
في ظ ّل األحداث المتسارعة التي تجتاح المنطقة بدءاً من إعالن الضربات األمريكيّة وبعد التحالف الدوليّ الذي بدوره منقسم رغم اال ّتفاق على ضرب داعش ،الخالف با ٍد بين أمريكا وحلفائها من طرف ،وبين روسيا وحلفائها من طرف آخر ،مازال هناك طريق لفرض نفسك ،طريقة لتفرض رأيك ّ الحق أن يعيش وأن يرسم مستقبله ،فمنْ صمد هذه السنوات األربع كإنسان له بوجه تحالفات العديد من «المليشيات» العابرة للقارّ ات وبوجه نظام لم يو ّفر أيّ سالح بل أخذ يبتكر طرق الموت من صواريخ تحمّل الكلور إلى براميل الموت إلى إعالم زيّف ك َّل مراحل الثورة يوما ً بيوم ومازال لديك القدرة على أن تكون أنت وال أحد غيرك. إنّ احتماالت نجاح الثورة ض ّد ك ّل الفساد الذي بدأ ينخر بها ،هي نفس احتماالت الثورة ض ّد األسد قبل عشر سنين من اآلن ،فنحن اآلن نجرؤ على اصطياد ك ّل ما يفعله النظام ،أكثر من جرأتنا على نقد أو توجيه أصابع االتهام إلى أيّ فصيل ،أو مجموعة ،أو مؤسّسة سياسيّة أو خدميّة للمعارضة في ظ ّل الثورة ،فقوالب التخوين جاهزة ،ال أنفي أ ّننا نذ ّم ونقدح بالكالم هذه المؤسّسات ،ولكن هو عبارة عن طواحين هواء ،فهذه الحكومة المؤ ّقتة ،أو أيّ مؤسّسة ،يجب أن ننظر لها ،بأ ّنها مسؤولة عن الشعب ،وليست صاحبة فضل عليه ،فال يجب أن نشبهها كما قال (نهرو) منذ آالف السنين للهنود الذين يعبدون البقر بقوله« :إ ّنهم يعبدون البقر ،وال يفعلون له ما يجب ،ولو أ ّنهم أعطوا البقر ما يريد ،ولم يعبدوها لكان احترامهم لها أفضل» .فهل بدأنا نمارس آليات االختباء وراء اإلصبع؟
ب َسام يوسف
باسل العبد اهلل
ب��ح��م��ل األق��ل��يّ��ات األرثوذكسيّة على عاتقها.
فضّل «اإلسكتلنديون» إذاً حضن بريطانيا العظمى على استقاللهم ،فأكثر من %55من «اإلسكتلنديون» خذلوا «أليكس سالموند» زعيم المعسكر الذي نادى باستقالل بالدهم ،على الرغم من أنّ استطالعا ً واحداً فقط أظهر تق ّدم معسكر الوحدويّين من بين عشرات ْ شرت حول الموضوع قبل استطالعات الرأي ،التي ُن االستفتاء الذي جرى يوم الخميس 18أيلول .2014
ال أعتقد أنّ قضيّة استقالل «اإلسكتلنديّين» من عدمها قد ته ّم غيرهم ،أو ربمّا األوروبيّين على أبعد تقدير .لكنّ هناك حدثا ً مشابها ً بعض الشيء جرى في منطقتنا منذ أكثر من 150عاماً ،استدعى بعض االهتمام.
السوري ..أين أنت؟ أّيها ّ
هذه الحرب المجنونة ،والتي المنتصر فيها ،دم��رت البنية التحتيّة الفقيرة لهذا البلد،وفتكت بمئات اآلالف م��ن المدنيّين والعسكريّين،واألخطر من هذا كلّه أ ّنها تؤسّس لما هو أقسى وأفدح ،إ ّنها ّ تمزق نسيج مجتمع يُع ّدمن أكثر مجتمعات العالم تنوّ عا ً في مكوّ ناته، هل نحن من ّثرنا ض ّد نظام لم يكن له دين أو طائفة ،إلاّ كرسيّه ،وسرقة وتضعه في مواجهة قاسية مع صياغة هويّته موارد البلد ،نظام لم يكن في يوم من األيام ينتمي إلى أيّ طائفة ،أو إلى أيّ القادمة. فصيل سياسيّ إلاّ ما يخدم طرحه ،ففي زمن األب امتطى صهوة القوميّة، ْ نمت بشكل ال عقالنيّ ،ث ّم الحالة الدينيّة بوجه من وقف أمام حكمه، التي بعد مايقارب السنة م��ن لقائي بهؤالء ث ّم العلمانيّة أمام الغرب ،ومن ث ّم االبن امتطى صهوة الليبراليّة واالقتصاد األسرى وتحديدا في الشهر السابع ،2014ت ّم لاّ ً الحرّ ،واآلن يمتطي صهوة الدين والطائفيّة ،وصهوة الممانعة والحرب على تحريرهم بخدعة تبادل قام بها النظام،مست ِغ اإلرهاب. خوف قائد المجموعة من وصول تنظيم داعش، الذي كان يقترب من منطقة تواجدهم ،والذي جاءت ثورتنا بشعارات أثقلت كاهل النظام وزبانيته ،ثورة أسدلت لون سيعدمهم جميعا ً لو تم ّكن منهم،فتساهل في الحياة على أغلب السوريّين ،ولكن تحوّ لنا إلى مرض أخذ يأكل من جسد تلك شروط التبادل وتدابيره وتفاصيله ،واضطرّ الثورة ،فهل نحن من نخلق األمراض ،لكي نوهم أنفسنا أ ّننا نحتاج للعالج؟ إلى تسليمهم لجهة وسيطة قبل الموعد ،ألنّ أو كمن يسقط نفسه عمداً في بئر ،كي يناضل للخروج منه ،فهل ذاك البئر داعش كانت تقترب،أخذ النظام األسرى وألغى الذي حفره النظام منذ عشرات السنين ،لك ّل فكر حيّ ُ ،نعيد توسيع حوافه؟ الصفقة،وصوّ ر تحريرهم على أ ّن��ه عمليّة أ ّدعي أ ّننا ُثرنا وأردنا وجودنا ،أل ّننا نحبّ الحياة ،ونحبّ أنفسنا بقدر ما عسكريّة نوعيّة. نستطيع ،ونسعى لوطن قرأنا عنه ،أو سمعنا به من اإلعالم باحترام اإلنسان، واحترام ك ّل ما يصبو له حلمنا ،أن يزرع أحد أطفالنا شجرة ،أو أن يعمل رأي��ت بعضا ً من ه��ؤالء األس��رى على دون أن يُمتصّ جهده من آل األسد ومخلوف ،وغيرهم من العوائل النافذة ،ال شاشات تلفزة النظام،كانوا ي��ر ّددون بعيونهم لكي نقتل بعضنا باسم هللا ،أو باسم الطائفة أو لنسبي نساء سوريّات ال ذنب المطفأة نفس العبارات التي يعرفها السوريّون لهنّ إلاّ أ ّنهن خائفات منك ،أل ّنك لم تستطع أن توصل صوتك لهم. جيّداً ،والتي التد ّل إلاّ على عمق المأساة التي ّدت الثورة و ُكب ْ هل قُي ْ أّسّس لها النظام السوريّ داخل روح السوريّين، ّلت بآراء وأخالق األزمان الغابرة؟ أزمان مليئة ْ ْ فأنتجت ما نحن ُثرنا عليه وتتابعت كانوا عند النظام وبين أهلهم أسرى أكثر مما بالدم ،أزمان كانت أخالقها السلطة فقط، كانوا في أسْ رهم الذي تحرّ روا منه قبل أيّام. اآلن ،فهل سنبقى في قوقعة التاريخ ،أم سنعيد لسوريّة اسمها ورونقها!!! فأين أنت أيّها السوريّ ؟.
تاري ٌخ متشابه
لم يكن لينجح الوحدويّون لوال الوعود الكثيرة التي أغدقتها عليهم السلطات المركزيّة في بريطانيا، فمن الواضح أنّ بقاء «إسكتلندا» تحت مظلّة التاج البريطانيّ ،يعني التخلّي عن الكثير من الصالحيّات (من ضمنها صالحيّات ماليّة وموازنة) لصالح البرلمان في «أدنبره» ،الذي سيملك من اآلن صالحيّات واسعة، فبحسب رئيس الوزراء البريطانيّ السابق «غوردون براون» ،فإنّ وثيقة حول هذا األمر ،س ُتنشر في لندن مع نهاية شهر تشرين األوّ ل ،حيث سيت ّم بعدها إصدار «ورقة بيضاء» بعد شهر من التداوالت ،وسيت ّم سنّ قانونا ً إسكتلند ّيا ً جديداً في البرلمان البريطانيّ مع بداية السنة القادمة ،وهذا هو فحوى رجاء «سالموند» بأن يفي البريطانيّون بوعودهم ،التي قطعوها في حال اختار «اإلسكتلنديّون» البقاء.
3
أراضيها في أوروبا لصالح اإلمبراطوريات األورو ّبيّة التي بدأت تزداد قوّ تها. جاء أقوى تهديد لوجود السلطنة في العالم العربيّ من مصر ،التي أصبحت تحت حكم محمّد علي باشا ما بين عامي ( .)1848 – 1805هذا التهديد ،وبسبب الطابع المؤسّساتي لدولة محمّد علي باشا ،كان أش ّد خطراً على العثمانيّين من حملة الوهابيّين في العام ،1810والتي ُت��رك أمر القضاء عليهم إلبراهيم باشا بن محمّد عليّ ،وقائد قوّ اته ،لكنّ طموح محمّد عليّ كان كبيراً ،لذا تمرّ د على السلطان العثمانيّ ، وأرسل جيوشه التي احتلّت سوريّة ،وجزءاً من هضبة األناضول. وكما هو معروف ،وبحجّ ة حماية األقلّيّات ،كانت السلطنة العثمانيّة ُتعاني دوما ً من ّ تدخل اإلمبراطوريّات األوروبيّة التي أنشأت عالقات مميّزة مع األقليّات الدينيّة في بالد الشام. فاإلمبراطوريّة الفرنسيّة ّ وث ْ قت عالقاتها مع الموارنة ،وبدءاً من القرن التاسع عشر وسّعت عالقاتها مع الكنيسة الكاثوليكيّة الشرقيّة ،أمّا اإلمبراطوريّة البريطانيّة ،فش ّكلت عالقات قويّة مع اليهود ،والدروز، والمسيحيّين البروتستانت في بالد الشام ،فيما قامت اإلمبراطوريّة الروسيّة ،والتي ورثت عرش الكنسية األرثوذكسية بعد سقوط اإلمبراطوريّة البيزنطيّة،
دخ�������ل ج��ي��ش إبراهيم باشا إلى سوريّة عام ،1831 معلنا ً وق���وع بالد ال��ش��ام ت��ح��ت حكم محمّد علي باشا، وك��ان محمّد علي أوّ ل ح��اك��م مسلم ل��س��وريّ��ة يتجاوز قوانين الشريعة، ويقيم المساواة بين ً خاصة فيما يتعلّق بدفع الضرائب (الجزية)، األديان، وخالل فترة احتالله لسوريّة ( )1831-1840أعطى صالحيّات هائلة إلى األقليّات المسيحيّة واليهوديّة على حساب المسلمين والدروز. ك ّل هذا أ ّدى إلى حدوث بعض المناوشات بين الدروز والمسيحيّين في مناطق متع ّددة من جبل لبنان والبقاع ،وكانت ثورة دروز حوران في عام 1838 أش ّدها ،لكنّ المصريّين وبمساعدة جيش من الموارنة وعلى رأسهم األمير بشير استطاعوا إطفاءها. لم تكن اإلمبراطوريّات األورو ّبيّة سعيدة بازدياد قوّ ة ّ تتدخل لمساعدة اإلمبراطوريّة محمّد علي ،فقرّ رت أن العثمانيّة .ولك ّنها ،ولضمان وقوف المسيحيّين معها ض ّد إبراهيم باشا قائد قوّ ات محمّد علي باشا ،قامت الدولة العثمانيّة بسلسلة وعود باإلصالحات ،تخصّ األقليّات في سوريّة ،وفعالً ،ولفترة قصيرة ،توحّ د مسلمو ومسيحيو سوريّة (ما عدا قوّ ات األمير بشير) تحت راي��ة العثمانيّين لطرد ق��وّ ات إبراهيم باشا. وبمساعدة األوروبيّين ،نجحوا جميعا ً بالتخلّص من المصريّين الذين خرجوا من سوريّة في عام .1840 وهذا هو أساس اإلصالحات العثمانيّة التي عُرفت بالتنظيمات ،والتي غيّرت وجّ ��ه اإلمبراطوريّة العثمانيّة ،فلم تعد بعدها كما كانت من قبل.
ما استدعى هذا العرض التاريخيّ ،هو استفتاء االستقالل في إسكتلندا. ربّما لعب الخوف التقليديّ من المجهول دوره في رغبة اإلسكتلنديّين على بقاء الوضع كما هو ْ لعبت الدور عليه ،ولكنّ «التنظيمات» البريطانيّة األساسيّ ،سيحصل اإلسكتلنديّون على ما وعدهم به البريطانيّون ،ولكنّ أحزاب بريطانيا الكبيرة استفادت أيضاً ،كانت خسارة إسكتلندا ستش ّكل هزيمة مريرة «لديفيد كاميرون» رئيس الوزراء البريطانيّ ،كما أنّ حزب العمّال يعتمد بدرجة كبيرة على أصوات الناخبين االسكتلندييّن لضمان وصوله إلى الحكم مج ّدداً ،وهو ما كان سيخسره لو غ��رّ دت إسكتلندا خارج سربها البريطانيّ . سيطالب «اإليرلنديّون والويلزيّون» بالتأكيد بمكاسب مشابهة لما سيحصل عليه اإلسكتلنديّون في موضوع الالمركزيّة اإلداريّ��ة ،وح ّتى اإلنكليز سيطالبون في ح ّقهم في إبداء الرأي في القرارات التي ُتؤخذ في «أدنبره» طالما يستطيع اإلسكتلنديون التصويت في البرلمان اإلنجليزيّ حول أمور تخصّ إنجلترا فقط ،وسيتساءلون :ألم يحن الوقت لكي نحصل على برلمان خاصّ بنا أيضاً؟ استرداد بالد الشام إلى الحضن العثمانيّ في القرن التاسع عشر ،تطلّب تنازالت كبيرة من الباب العالي، وإصالحات جديّة وعميقة نالت هيكلة السلطنة نفسها، ومؤسّسة عالقاتها بشعوب الواليات. وبقاء إسكتلندا ضمن التاج البريطانيّ تطلّب «تنظيمات» بريطانيّة تعيد هيكلة عالقات لندن بدول أطرافها. لم تعد «السلطنة العثمانيّة» نفسها بعد التنظيمات التي كانت ثمنا ً كبيراً لبقاء الشام معها ،وكذلك بريطانيا ،فلن تعُد كما كانت قبل استفتاء االستقالل ذاك. التاريخ يتشابه في كثير من الحاالت ،وهذه فرصة يو ّفرها التاريخ لنا.
حممد اجلرف www.allsyrians.org
4
العدد 15
/1تشرين األول 2014/
الرياضة الحرّة تتخبّط ،ومنتخب النظام إلى المونديال شهدائنا وليكن شعارنا (العمل الجماعيّ والجاد والسريع، طريقنا للوصول إلى أهدافنا المنشودة) وهللا المو ّفق. الشارع الرياض ّي بني مستنكر ومبتهج ..
شئنا أم أبينا فقد انقسمت الرياضة في سوريّة قبل العالم أم لم يقبل فقد أصبح إلى طرفين أيضاًِ ، هناك رياضيّون خلف نظام األسد يج ّددون البيعة له ورياضيّون في ركب الثورة السوريّة يطمحون النتشال رياضة سوريّة من القاع والفساد واإلجرام والمحسوبيّات ،ورغم صعوبة المعادلة رياض ّيا ً على المستوى الدوليّ الذي مازال يقبل بمنتخبات البعث والنظام السوريّ في مسابقاته وبطوالته فإنّ طموح الرياضيّين األحرار ال ينتهي بالرغم من ك ّل العوائق والتش ّتت وقلّة الحيلة ،وفيما تتوه الكيانات الرياضيّة التي برزت في زمن الثورة السوريّة ويضيع خطابها الجامع المطلوب لتوحيد الصفّ الرياضيّ ،تتوالى انجازات منتخبات النظام السوريّ مج ّدداً وتعود إلى الواجهة. منتخب ناشئي النظام السور ّي إىل مونديال تشيلي 2015 تأهّل منتخب ناشئي سوريّة (نظام األسد) إلى نهائيّات كأس العالم للناشئين والتي ستقام في تشيلي 2015بعد أن ح ّل بين األربعة الكبار في نهائيّات كأس آسيا التي اخ ُتتمت قبل أيّام في تايلند ونال لقبها منتخب كوريا الشماليّة بفوزه على جاره الكوري الجنوبيّ 1-2 وجاء تأهّل منتخب الناشئين إلى المونديال العالميّ بعد فوزه في مباراة ربع النهائي على أوزبكستان بـ 2-5رغم خسارته في مواجهة نصف النهائيّ أمام كوريا الجنوبيّة ،1-7وكانت نتائجه في الدور األوّ ل قد أسفرت عن تعادلين مع السعوديّة سلبا ً ومع قطر بهدف لمثله وفوز على إيران بهدفين لهدف. هذا المنتخب الذي تح ّدث عنه مراقبون بأ ّنه لم يلق عناية جيّدة وال استعدادات ّ َ مكثفة للبطولة بسبب أجواء البالد الصعبة وقد خرج إلى المنافسات ّ العطار» الذي بكادر سوريّ .المدرّ ب «محمّد صرّ ح لموقع الكرّ ة السوريّة عقب الفوز على أوزبكستان :لم نستعد للبطولة جيّداً حيث خضنا مباراة دوليّة واحدة فقط أمام الكويت ،ولكن رغم ك ّل هذا أثبتنا أنفسنا كواحد من الفرق القويّة في البطولة ،أنا سعيد ألنّ فريقي تأهّل إلى كأس العالم بعد الفوز على خصم قوّ يّ مثل أوزبكستان، كانت المباراة صعبة بسبب ظروف الطقس وحالة أرضيّة الملعب ،حيث لم نتم ّكن من لعب كرة قدم
حقيقيّة. من قلب جمروح .. األستاذ وليد مهيدي رئيس دائرة الرياضة في مديريّة الشباب والرياضة بالحكومة السوريّة المؤ ّقتة يفتح قلبه لـ «كلّنا سوريّون» وكما قال (على مسؤوليّتي): نحن لم نخطئ ومنذ أوّ ل اجتماع لنا ونحن ننادي بتشكيل ا ّتحاد كرة قدم حرّ في المديريّة، ونطالب باستقالليّة هذا اال ّتحاد ،وأن يكون لهذا اال ّتحاد ختم رسميّ وخاصّ وال يتبع أليّة جهة حكوميّة أو وزارة ،وطالبنا بأن يكون لال ّتحاد ّ الحق بمخاطبة اال ّتحاد العربيّ لكرة القدم واالتحاد اآلسيويّ لنستطيع شغل مقعد اال ّتحاد السوريّ لكرة القدم ،وطالبنا بتشكيل منتخبات تحمل اسم سوريّة الحرّ ة ،ولكنّ ك ّل كالمنا ذهب أدراج الرياح ،وجاءت بطولة آسيا لكرة القدم وتأهّل منتخب الناشئين لكأس العالم ونحن مشغولون بأمور أخرى وبكرة القدم (هل ثمنها عشر ليرات أم خمسين ليرة؟!) وال رصيد ما ّدي لدينا يم ّكننا من تجميع العبينا ،وإجراء مباريات ،لنقول للعالم: نحن نملك العبين وكوادر في جميع المنتخبات وهم موجودون وجاهزون لتلبية الدعوات ،ولكنّ العين بصيره واليد قصيره ،وربّما ّ تأخر الشركة الداعمة لنا ساهم في تراكم هذه األخطاء ،لذلك أنا أرى إعادة دعم الهيئة العامّة للرياضة والشباب في سوريّة ،وتفعيلها وإعادة هيكلتيها ،والتواصل مع الداعمين من (منظمات المجتمع المدنيّ ورجال األعمال المخلصين) وأنا مستع ّد لتسليم أيّ إنسان قادر على تحمّل هذه المسؤولية ،وأن أكون تحت إمرة أيّ شخص ،المه ّم أن نستطيع النهوض والعمل الجا ّد والسريع لتفعيل عملنا بعيداً عن الروتين واالجتماعات غير المجدية والمملّة ..نحن اجتمعنا 20اجتماع ماذا ق ّدمنا؟ وماذا حصدنا؟ نريد أن نعمل وأن ننهض من جديد وبسرعة قبل فوات األوان ،ألنّ بطوالت الشباب واألولمبي والرجال على كأس آسيا قادمة ،والب ّد أن نعمل سريعا ً ليكون لنا مقعد في هذه البطوالت، المه ّم هو اإلسراع في العمل ،الب ّد أن نطلب الدعم من الداعمين المخلصين وليكن شعارنا اإلخالص في العمل بعيداً عن األنانيّة والفرديّة واضعين نصب أعيننا مصلحة شعبنا الجريح ودم��اء
حرب وم��ش��ا ّدات كالميّة ش��ه��دت��ه��ا ص��ف��ح��ات موقع ال���ت���واص���ل االج��ت��م��اع��يّ (فيسبوك) بين الرياضيّين السوريّين حول النتيجة التي ح ّققها منتخب الناشئين ،وقد اعتبر البعض من الرياضيّين أنّ التأهّل هو لسورية بالكامل وليس لنظام بعينه أو لحكومة أو لطرف سياسيّ ،فيما اعتبر البعض اآلخر أنّ المشاركة باسم نظام األسد بح ّد ذاتها جريمة أخالقيّة بعد استشهاد وجرح واعتقال عدد كبير من الرياضيّين السوريّين المؤيّدين للثورة السوريّة وبعد القصف والدمار الذي طال سوريّة بفعل هذا النظام الناشط اإلعالميّ عارف حاج يوسف يتساءل: ال أستطيع أن أفرح لفريق يسافر ويتمرّ ن ويلعب بمباركة نظام مجرم وطاغية يقتل الشعب ّ وعذب من زمالء هذا السوريّ ،وقد قُتل واعتقل الفريق الكثير ،بنفس الوقت الذي نسمع فيه عن بدء منافسات هؤالء الالعبين في كأس آسيا يأتينا خبر استشهاد العبين من نادي بانياس تحت التعذيب بعمر 16و 19عاما ً ..ألم يسمع الفريق المشارك بالبطولة بهذه األخبار؟؟ وكتب الالعب الدوليّ أيمن قاشيط على صفحته الخاصّة« :ك ّل شيء يستخدم في السياسة ،فالنجاح األخير لمنتخب الناشئين ما هو إلاّ نجاح مثل ما سبقه ال يق ّدم وال ّ يأخر ،وكالعادة نصل ونخرج بعد أن نكون شبعنا من الهتاف و(البروظة) بهذا اإلنجاز ،وك ّل شخص ينسب اإلنجاز له وووو ومنتخب الرجال صفر ،المه ّم ماذا بعد؟؟ الشيء. ٌ فرحة في ظ ّل القتل واالعتقال والقصفُ ،تقتل نساؤنا وأطفالنا ،والعبون يلعبون ،وهناك من هم من أهلهم وأصدقائهم داخل السجون أو ت ّم قتلهم» فيما كتب الالعب ال��دول��يّ ف��راس الخطيب المحترف في الكويت« :ألف مبروك للمنتخب السوريّ الناشئ تأهّله لكأس العالم وأخذه بالثأر من المنتخب األوزبكي وإن شاء هللا يعودون حاملين كأس آسيا معهم ..ويعيدوا ما ح ّققه منتخب الشباب عام .»١٩٩٤ حكمة .. رحم هللا من قال« :ال تؤجّ ل عمل اليوم إلى الغد» ،هذه العبارة البسيطة إن لم تكن في جعبة الرياضيّين األح��رار والمسؤولين عن مل ّفاتهم ستضيع ك ّل جهود ومحاوالت انتشال الرياضة السوريّة من مستنقع البعث ،وسيبقى النظام يشارك بمنتخباته كلّما سنحت له الفرصة ،ويكسب تعاطف المؤسّسات الرياضيّة الدوليّة.
عروة قنواتي
أحوال
كوباني هي هجرة أخرى ٌ كلمات قالها الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش منذ عشرات السنين ،معبّراً بجملته عن تعرّ ض هذا الشعب إلى الظلم واالستبداد عبر التاريخ. لم يكن يخطر ببال الحجّ ة «أ ّم إبراهيم» الكرديّة األصل ،وهي أ ّم لخمسة أوالد من إحدى قرى «كوباني» الكرديّة شرق سوريّة، إنّ ما قاله «محمود درويش» سنعرفه من خالل تجربتها ومفرداتها البسيطة والعفويّة حين بدأت بسرد ما حدث معها وعائلتها منذ بداية الثورة وح ّتى اآلن ،فهي تصف قدومهم إلى حلب منذ عشر سنوات مع أوالدها الخمسة وزوجها ليعمل معظمهم ح ّتى يمتلكون بيتا ً في حيّ «اإلنذارات» الشعبيّ في الجهة الشرقيّة لمدينة حلب، وتختصر ك ّل التعب الذي بذلوه ح ّتى استطاعوا امتالك كفافهم وس ّد حاجاتهم تحت سقف بيت يخ ّففُ الحبُّ فيما بينهم من ثقل الظروف وقلّة الحيلة ،ومع بداية الثورة السوريّة ،تقول الحجّ ة «أ ّم إبراهيم» :كان همّي األوّ ل هو حماية عائلتي وأوالدي من ك ّل ما يحدث ،لذلك قرّ رنا الهروب مع دخول الجيش الحرّ على مدينة حلب ،خوفا ً من قصف النظام من جهة ،واعتقاله لمن هو بسنّ خدمة العلم ،فال أريد أن يكون أبنائي مع أحد( ،ال قاتلين وال مقتولين) ،انتقلنا إلى قريتنا بريف «كوباني» الشرقيّ لنبدأ العمل ُ أرسلت من جديد على بناء سقف يحمينا ويحافظ علينا ،فكان أن إبراهيم وخالد إلى لبنان وفتحي إلى المغرب ،ليبقى اثنان عندي، ُ اضطررت إلرسال من بقي من أبنائي إلى لكنّ ما حدث أ ّني كردستان العراق مع بداية تجنيد قوّ ات الحماية الشعبيّة للشباب في صفوفها ،على أمل أن ينتهي ما يحدث ويرجع أبنائي ،كنت في ُ بقيت ألشهر أرعى شؤون البيت ومسؤولة ك ّل يوم أحلم بعودتهم، عن اثنتين من زوجات أوالدي مع أحفادي البالغ عددهم سبعة أطفال ،عذاب كنت أصبر عليه لحماية أبنائي ،عذاب زاده خبر ما كنت أخشاه ،وهو موت ولدي الصغير «محيّ الدين» في العراق غرقا ً في نهر دجلة حين كان في عطلته مع رفاقه وأخيه ،أخذته من موت ألرميه في موت آخر مات «محي الدين» وأحضروا ّ جثته دون رصاص ودون حرب .هروب من موت إلى موت حال
كثير من العائالت السوريّة ،فمن البراميل إلى الغرق إلى التمييز، وكأ ّنها لعنة ال تفارقهم ،بعد موت محيّ الدين بشهر عاد ك ّل من خالد وفوزي إلى القرية ،ليقفوا إلى جانب أمّهم كما تقول :لم تنت ِه رائحة الحزن من البيت ح ّتى استيقظنا في يوم من األيّام ،وتحديداً في يوم السبت قبل الماضي على أصوات القصف واالشتباكات وعلى قوافل من الهاربين إلى القرى المجاورة لنا ،لنعلم أنّ تنظيم (داعش) يقتحم القرى ،ويقتل ك ّل َمن فيها ،وقد رُوي الكثير عن عمليّات ذبح لك ّل شابّ يقبضون عليه ،حينها هربت ثانية إلى «كوباني» مع أوالدي دون حمل أيّ شيء من بيوتنا ،كان همّي يمض ك عن أوالدي وقلقي الذي ال يفارقني ،ولم وخوفي ال ينف ّ ِ يومان ح ّتى وصلت (داعش) تخوم مدينة «الهوب» .مرّ ة أخرى، لم أكن الوحيدة الهاربة مع عائلتها كانت قوافل من العوائل ،ك ّنا نعبر الطرقات بأق ّل ثقل يمكن حمله ،كان الطريق باتجاه تركيا خيط ال ينتهي من البشر ـ شيوخا ً وأطفاالً ونساء ـ بقينا ليوم كامل، ح ّتى سُمح لنا بالعبور إلى تركيا ،أقمنا ليومين في منزل لعائلة على الجانب التركيّ قبل أن نتوجّ ه إلى مدينة غازي عينتاب ،ونقيم إلى جانب عائلة ك ّنا نجاورها في حلب ،نزحت منذ سنة ونصف من براميل وقصف النظام ،على أمل أن يبحث أوالدي عن عمل يس ّد رمقنا ،علّنا نستطيع البقاء على أمل انتهاء الحرب دون خسائر أكثر .ال يمكن أن تغيب تنهّدات الحجّ ة أم إبراهيم وال حسرتها على ما مضى ،وكذلك ال يخفى تعلّق نظرها بولديها ،وكأ ّنها تحرسهم من موت جرّ بت الهرب منه وحمايتهم وإبعادهم عنه .هل ستطول رحلتها دون أن يتح ّقق أملها في العودة مع عائلتها؟ هذا واقع ما يعيشه الشعب السوريّ اليوم من هروب لهروب ّ وحطوا. دون وجود أيّة إشارة إلى انتهاء كابوس يخطفهم أينما كانوا
حسني غجر
مهب الريح نفير النزوح لشمال الشمال عين السورّيين في ّ «كوباني» التي سمّاها البعثيّون «عين العرب» وسمّاها فقهاء الظالم «عين اإلسالم» ،والتي أفضّل مناداتها بعين السوريّين ،مدينتي الجميلة باتت في مهبّ الريح. «كوباني» التي ليست بحاجة لتذكير ،مدينتي التي تص ّدرت الريف الحلبيّ بالمظاهرات المطالبة بإسقاط النظام ،فمن م ّنا ال يتذ ّكر في األشهر األولى لثورة الكرامة كيف كانت تض ّج بصيحات الحرّ يّة ،وتتص ّدر مظاهراتها قنوات الجزيرة والعربيّة مع المدن الليبيّة، واليمنيّة الثائرة ،ومن م ّنا ينسى االعتصامات الليليّة ال ّتي كانت تمأل الساحاتُ ،نصر ًة لحمص سابقاً ،وحماة وإدلب وحلب الحقاً. َمن و َمن!؟ «كوباني» التي عبّرت كغيرها من المدن السوريّة ً ْ وثابتة بقيت صامدة عن أصالتها وانتمائها الوطنيّ ، على شعارات المواطنة والحرّ يّة والسالم.
أكثر من عام ومدينتي ينهشها حصا ٌر خانق من قبل تنظيم (داعش) «التنظيم اإلرهابيّ األوّ ل في العالم» ً صراحة ،التنظيم التنظيم الذي يتح ّدى أميركا وبريطانيا
newspaper@allsyrians.org
الذي ك ّفر تنظيم القاعدة وخرج عليه ،التنظيم الذي جعل متطرّ في حركة طالبان يطالبونه باالعتدال قليالً. ال ماء إلاّ مياه اآلب��ار ،وال كهرباء إلاّ كهرباء المولّدات ،واعتقاالت بين الفينة واألخ��رى ،ولع ّل آخرها اعتقال المئة والخمسين طالبا ً من طالب الشهادة اإلع��داديّ��ة وما يقارب الثالثمئة مدنيّ ،لم يكتفِ الظالميّون بك ّل هذا ،بل بدؤوا بحشد المتطرّ فين للسيطرة على مدينة «كوباني» ،فكانت المحاولة األولى في شهر رمضان الفائت ،إذ سيطروا على ع ّدة قرى في الريف الغربيّ ،بعد ع ّدة معارك مع قوّ ات الحماية الشعبيّة ،الّتي انسحبت بدورها لغاية في نفس يعقوب ،لتعود فيما بعد باستردادها. اليوم يعود (داعش) بقوّ ة أكبر ،وبهجمة بربريّة شرسة ،مدجّ ً جة بأكثر من ألفي عنصر من عناصر التنظيم ،وعشرات الصواريخ والقذائف والدبّابات، لتعاود فتح «عين إسالمهم» وتقتحمها من ثالثة محاور ،من الجهة الشرقيّة والجنوبيّة والغربيّة ،األمر الذي يجعل وصول اإلمدادات لقوّ ات الحماية الشعبيّة أمراً صعباً ،والتي بدورها باتت تعتمد على استراتيجيّة االنسحاب من قرى الريف نحو المدينة ،لتتحصّن فيها،
بينما تستمرّ محاوالت (داع������ش) ب��ال��ت��ق�� ّدم بهدف اقتحام منطقة «كوباني» والسيطرة عليها بالكامل ،م ّت ً بعة س���ي���اس���ة األرض المحروقة ،فتسيطر على ق��راب��ة الستين ً ق���ري���ة ف���ي ال��ري��ف
(ق��ره م��وغ ،قيرتل، و زوغ����ر ،وك��ل��ت��ه، وك��ك��ل��ي��ك ،وق��ج��ك، وشيخ غالي ،و جندي، وخراب زري ،وعين البط ،والجلبيّة) وسط فراغ تا ّم لهذه القرى ،والقرى المجاورة لها من س ّكانها المدنيّين ،الذين فرّ وا بثيابهم إلى الحدود التركيّة ،لم يكفِهم النزوح األوّ ل من أحياء حلب ،في (األشرفيّة، والشيخ مقصود ،و بني زيد) ج��رّ اء براميل األسد وقذائفه ،ليجرّ بوا نزوحا ً من نوع آخر ،هربا ً من موت بح ّد الس ّكين.
آالفٌ من األطفال والنساء والرجال نزحوا هاربين من سكاكين (داعش) نحو الشمال ،وقد كانوا راضين بعيشهم ،مع أدنى مقوّ مات الحياة ،اآلالف يجلسون على الشريط الحدوديّ ،وينتظرون من ينقذهم من خفافيش العصر الحديث ،لتسمح تركيّا بعد ساعات طويلة من االنتظار المرير ،بفتح أبوابها لهم ،ودخول أراضيها ليتيهوا في المنفى خارج وطنهم الجريح.
جيفارا نيب
www.allsyrians.org
العدد 15
ملف العدد
5
/1تشرين األول 2014/
حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو احلوار مع راتب متعب ،ألنّك لو أردت حماورته بك ّل ما كتبه هنا يف هذه احلواريّة ،ستجد أنّك لن تنتهي ،من هذا احلوار اخلصب ،حيث حاولت أن ّ أحك عقله وروحه ،رغم أنّه ال حيتاج لذلك لكنّها حماولة ،خا ّصة يف جتربة السجن ،كانت ً ً قريبة من بساطة آل «شعبو»، خالية من التعقيد، أجوبته، الذين دفعوا يف سجون األسد حوالي ال 40عاماً( ،الدكتور راتب شعبو 16سنة ،الدكتور بهجت شعبو 10سنواتٍ ،ومنري شعبو 11سنة ،وابنة بهجت شعبو ،والدكتورة ماريا شعبو، اليت ولدت يف السجن ،حيث قضت أمّها املناضلة اليساريّة رنا حمفوظ أكثر من أربع سنوات) .من يعرف قرية «كفرية» مشال يف ريف الالذقيّة ،حيث ولد راتب ،يعرف عن ماذا أحت ّدث؟ من هناك أصبح راتب «شعبو» طبيباً وكاتباً ومرتمجاً ،يكتب مقاالت يف العديد من الصحف ،واملواقع االلكرتونيّة ،له عدد من الكتب املرتمجة أبرزها« :أمّي مرآتي» ،و»اكتشاف اإلسالم»، ورواية «قطار إىل باكستان» ،وكتاب بعنوان «دنيا الدين اإلسالم ّي األوّل» عن اجلانب السياس ّي يف شخصيّة الرسول حممّد ،صادر عن دار شرق وغرب ،وله رواية عن السجن حازت على جائزة دمشق لعام ،2013وهي اآلن قيد الطباعة يف دار اآلداب يف بريوت، ُسجن على خلفيّة نشاطه يف حزب العمل الشيوع ّي يف سوريّة منذ 1983حتّى ،1999كانت آخر ثالث سنوات ونصف منها يف سجن تدمر العسكر ّي. (تنشر «كلّنا سوريّون» القسم األوّل من حوار أجراه املعارض الصحف ّي غسان املفلح مع املعارض الكاتب واملرتجم والطبيب راتب شعبو .وتتابع نشر األجزاء التالية يف األعداد املقبلة). األول عن السجن: المحور ّ األول :لكونك كتبت روايتك عن السجن السؤال ّ ً ستكون أسئلتي عن السجن لها طابع بعيد قليال عن السياسة ،وع ّما قيل ر ّبما أنت القائل« :خرجت من السجن ،فهل يخرج السجن م ّني؟» .السجن يستوطن ضح ّيته ،ويصبح عنصراً دائماً ،وأحيانا ً طاغياً، والشعوري المعرفي فيما يمكن أن أس ّميه «الجهاز ّ ّ للمرء» قولك هذا من ضمن كالم كثير قلته أنت عن بغض النظر عن اختالفي السجن ،وقاله معتقلون ُكثر، ّ سلبي من واتفاقي مع هذا السياق ،لكن هنالك جانب ّ تجربة السجن ،اعتبرني فيه أتحدّ ث عن نفسي ،كي حب الحياة ال تأخذ على خاطرك أنت أو غيرك ،هنالك ّ الفردي كذلك ،بقدر المفرط واألنانية ،واالنكفاء بمعناه ّ تحولنا إلى شخص ّيات عا ّمة! كما ُيقال ،بقدر ميلنا ما ّ إلى مساحة من االنعزال تشبه السجن ،نرفض فيها ّ «تضخم الذات» أن يقترب أحد منها .مع شيء من الرمزي ،إن قُدّر لنا اعتبار ر ّبما نتاج هذا الرأسمال ّ رمزي ،ت ّم بعثرته عند السياسي رأسمال االعتقال ّ ّ ّ الغالب ّية منا ،أريدك مع ما قلته أنا هنا ،أن تحدّ ثنا عن السلبي للسجن في حياة المعتقل بعد خروجه الجانب ّ منه ،إن كنت ترى ذلك طبعاً؟ الجواب األوّ ل: معظم جوانب السجن سلبيّة ،والسيّما السجن المزمن ،النشاطات الحسنة التي يمكن للسجين أن يقوم بها داخل السجن ،تهدف إلى مقاومة هذه السلبيّة والح ّد من تأثيراتها ،القراءة والرياضة وتعلّم اللغات والتسلية والتأمّل ..الخ ،كلّها أنشطة تهدف إلى حفظ توازن السجين النفسيّ والعقليّ والبدنيّ ،لكن هناك سجون ال تتيح لك أ ّيا ً من هذه األنشطة ،مثل سجن تدمر العسكريّ الس ّي ُئ الذكر ،هناك ك ّل شيء ممنوع ،ح ّتى أن تهرول وأنت في مكانك ممنوع ،أن تتم ّ شى في أرض المهجع ممنوع ،أن تلعب الشطرنج على رقعة ورقيّة ،وبقطع شطرنج ورقيّة ممنوع ،الضحك ممنوع ،أن تتكلّم بصوت أعلى من الهمس قليالً ممنوع ،أن يكون لك شعر يستر فروة رأسك ممنوع ،أن يكون لك شوارب ممنوع ،ح ّتى أن تم ّد نظرك في مدىً مفتوح ممنوع، حينها يكون السجن ماكينة إلزهاق العمر الخام ،زمنا ً من التخريب الصرف .الشيء القذر الوحيد الذي فات العقول الزنخة التي صمّمت سجن تدمر ،هو اللباس الموّ حد ،هذا النوع من السجون مدمّر ،اللهم إلاّ إذا قلنا إ ّنه يعلّم السجين الصبر ،ولكن ما هو الصبر في السجن؟ هل هو سوى الصفر المطلق ،أو الالشيء ،أو السلبيّة التامّة؟ الصبر في السجن هو أن تروّ ض نفسك على اإلذالل ،وبطنك على الجوع ،وجلدك على البرد، وصوتك على السكوت ،وأن تتماشى مع إدراك أ ّنك حق ،بما في ذلك ّ شخص مجرّ د من أيّ ّ حق الحياة. لكن من جهة أخرى ،فإنّ السجين الذي ينجو بأق ّل
newspaper@allsyrians.org
الخسائر ،هو السجين الذي ال ينظر إلى السجن كما ُ ذكرت آنفاً ،السجين الناجي ،أو للد ّقة (األكثر نجاة) هو الذي يتم ّكن من أن ينسى السجن ،وأن يكون من المرونة النفسيّة ،بحيث ال ينكسر تحت وطأة أقدام السجن الثقيلة ،والحقيقة أنّ هذا _ من خالل تجربتنا _ طبع في الشخص ،أكثر بكثير من كونه تطبّع ،أيّ هو أمر ال يكتسبه المرء بالثقافة غالباً. فيما يخصّ سؤالك بالتحديد ،ال أتفق مع من يقول :إنّ السجن يورّ ث األنانية وحبّ الدنيا واالنكفاء ّ «وتضخم الذات» ،على األق ّل ال تش ّكل غالبيّة النماذج التي أعرفها برهانا ً على صحّ ة هذا القول ،تقديري أنّ مثل هذا الحكم ،نابع من نزعة شعبيّة تريد أن ترى في «سجين الرأي» نب ّيا ً أو إلها ً صغيراً بال غرائز وال أهواء ،إ ّنه شخص مندور للصالح العام ،وهو يحوز لذلك على ما تسمّيه في سؤالك «الرأسمال الرمزيّ »، فحين يبدر من «السجين السابق» ما يمكن أن يبدر من أيّ شخص ،يبدو األمر مفارقا ً ونافراً ،ويُحسب على ً معصية و»بعثر رأسماله السجين السابق ،وكأ ّنه ارتكب الرمزيّ » ،هذا «الرأسمال» في الواقع يقيّد السجين السابق أكثر ممّا يحرّ ره ،ويفقره أكثر ممّا يغنيه ،وهو نوع من الصليب الذي يطالبك الناس أن تحمله دائماً، لكي «يرضوا» عنك ،ونحن دخلنا في هذه الدوّ امة، وجلدنا ذواتنا ،أل ّنها ّ شذت عن االستقامة المطلقة، كما لو أنّ قيمة رأينا السياسيّ ُ ،تستم ّد من استقامتنا الشخصيّة ونبلنا الخاصّ ،وليس من صواب ما نذهب إليه في آرائنا ومطالبنا ونقدنا ،لذلك هذا «الرأسمال الرمزيّ » هو اسم على غير مسمّى ،على هذا يعيش السجين السابق مشكلة فعليّة :النظام يعامله كشرّ دائم، ويغلق في وجهه السبل ،والناس يبروظونه في صورة تعجيزيّة من الكمال ،وكأ ّنما ليتح ّدوا تماميّته ،ويحتفلون ّ ك فيه (متعة تحطيم األصنام)، بتحطمها ،الذي ال ش ّ النظام يجرّ ده من حقوق المواطن العاديّ ،أل ّنه شرّ مفترض ،والجمهور يجرّ ده من «طبيعته البشريّة»، أل ّنه خير مفترض .هذا بالمحصلة مناخ ظالم للسجين السياسيّ عموما ً _ هنا أتكلّم بالعموم طبعا ً _ وال يخفى عليّ أنّ هناك سجنا ًء سياسيين ،أظهروا دن��او ًة في النفس ،كما لو أ ّنهم يريدون تعويض ما فاتهم من الدنيا، وأنّ هناك سجنا ًء يريدون من الناس أن تضرب لهم التحيّة لمجرّ د أ ّنهم سُجنوا. السؤال الثاني :في سجن صيدنايا بعد أكثر من 11عاما ً فيه ،كان هنالك جناح يطل ّ على الزائرين، ُ شاهدت فتا ًة ترتدي وهم يدخلون قاعة الزيارات، «صندال» ورد ّياً ،لم أشاهد سوى قدميها داخل ذلك الصندل ،مزيج من الحس ّية الجنس ّية ر ّبما!! مع قهر ال حدود له لحظتها ،الغريب بالموضوع أنّ تلك الصورة كابوسي أثناء النوم، تحولت بعد فترة إلى عنصر ّ ّ ُ قلت للصديق تتكرر بأوضاع وأشكال غريبة ،لهذا ّ راشد ّ صطوف المعتقل المزمن مثلي :أنّ المرأة التي
السياسي بعد سنوات يش ّكلها السجن لدى السجين ّ مديدة من االعتقال ،ال يمكن أن يراها في الواقع ح ّتى بعد خروجه ،أو ر ّبما يحتاج لزمن ،ح ّتى يتع ْقلن هذا اإلحساس ،ور ّبما ال ،أليست هذه أحد أمراض السجن؟ ماذا عن ِ ت المرأة «لراتب» في السجن المديد؟ وهل ْ ْ للحرية؟ خرجت بقيت صورتها كما هي بعد أن ّ
النساء ،ربّما لم تكن جميلة بنظر الكثيرين ،أو قياسا ً على ابتكارات خيالي السجنيّة ،لك ّنها رمّمت روحي، وقلّ ْ مت فجاجتي ،وجعلتني أراها أجمل من خيالي ،حين كانت تفرش ذاتها أمام نفسي األسيرة مثل مرج ممهّد أخضر ،ح ّتى إذا اطمأ ّن ْ ت إلى «نضجي» تركتني، على هذا لم أشعر بمعاناة التفارق بين الواقع والخيال.
الجواب الثاني: دخلت السجن وأنا عازب ،وكان هذا في صالحي، ليس فقط من ناحية أ ّنني دخلت السجن خفيفا ً من أعباء زوجة وأوالد ،بل أيضا ً ألنّ ذلك جعل خيالي حرّ اً في اختيار المرأة التي سأقترن بها ،أختارها كما أشاء وأع ّدل في صورتها وطبعها كما أشاء وحين أشاء. المرأة هي الغائب األكبر بالنسبة للسجين ،وغيابها الواقعيّ المديد ،يزيد من كثافة حضورها في الخيال، لذلك هي أيضا ً الحاضر األكبر في مخيّلة السجين ،لكن أظنّ أنّ امرأة الخيال غير امرأة الواقع دائماً ،كما لدى السجين ،كذلك لدى غير السجين .حين تقول «امرأة» ف��إنّ هذا اللفظ يوقظ في الذهن ص��ورة ذات جمال غامض ال يتطابق مع صورة أيّ امرأة واقعيّة ،إلى ح ّد يمكن القول :إنّ هذا اللفظ يوقظ إحساسا ً جميالً أكثر ممّا يوقظ صور ًة ،الفارق بين السجين وغير السجين يكمن في االنقطاع الطويل للسجين عن المرأة ،األمر الذي يجعله يبالغ في تو ّقع جماليّة المرأة المنتظرة، ّ الحظ ويكون بالتالي أقرب إلى اإلحباط ،لكن من حسن أنّ شخصيّة المرأة ،وما تكتنزه من جمال روحيّ ومن حضور زاهٍ ،يجسر الهوّ ة لدى السجين بين صور خياله وواقعه. في سجني المديد ش ّكلت المرأة بالنسبة لي فردوسا ً مفقوداً .وكان غيابها من أه ّم مصادر األلم في السجن. يستعصي على المرء أن يدرك تماما ً جوهر حاجة الرجل للمرأة ،ك ّل إنجاز للرجل يبدو باهتا ً بنظره ما لم يحز على اعتراف النساء ،شيء يشبه اللغز ،أذكر أ ّنني ذات يوم انتزعت من مجلة _ وأنا في السجن _ صورة صبيّة تجلس على عتبة بيت ،مؤلّفة من درجتين ،وتبدو قدمها حافية وجميلة ،وهي تستند بكعبها على الدرجة ُ لصقت هذه الصورة على الحائط المجاور السفلى، لسريري في سجن عدرا ،كما يفعل المراهقون ،وكنت أتأملها كثيراً ،وتمنحني الكثير من الراحة النفسيّة والمتعة ،وكانت قدمها تلك ،في نظري ،هي أجمل ما في الصورة ،ومركز اهتمام عيني .يتقاطع هذا مع «قدمك ذات الصندل الورديّ » ،والالفت أنّ صديقي في السجن الف ّنان «عبد الحكيم قطيفان» كان يعلّق فوق عال رأسه مجسّما ً صغيراً لكندرة نسائيّة سوداء بكعب ٍ وانسيابيّة ساحرة ،ربّما كانت تعينه أيضا ً في تحمّل هذا الغياب الباهظ ،هناك سرّ ما في «ال َقدم» كما تالحظ! ْ لملمت ام��رأةٌ تش ّتتي بعد خروجي من السجن وضياعي ،وهشاشتي بطريقة ال تجيدها كثير من
السؤال الثالث :خالفاتنا داخ��ل السجن كبشر وكسياس ّيين وكبشر سياسيين ،كيف كان يراها راتب؟ استمرت ح ّتى خارج السجن؟ في وهل شعرت أ ّنها ّ تلك الخالفات ما هو له عالقة قو ّية بشرط السجن، منه ما له عالقة بشرط السياسة ،وهنالك ما له عالقة الطبيعي بين قدرات المساجين اإلنساني بالتفاوت ّ ّ الالإنساني بالمطلق ،أحتاج على تح ّمل هذا الشرط ّ إلى قول منك في هذا الوضع؟ الجواب الثالث: أزعم أنّ الصفة النادرة في ناسنا ،في السجن وخارج السجن ،هي سعة الصدر .قالئل هم الذين يقبلون _ برحابة صدر _ أن تخالفهم الرأي ،ح ّتى لو كان هذا الرأي يتعلق بطريقة طبخ «الملوخيّة» ،الغالبية يحبون الموافقة والمديح ،ولو على حساب المنطق والحقيقة، الخالفات السياسيّة والفكريّة داخل السجن ،كانت ُتترجم في حاالت كثيرة إلى جفاف في العالقات الشخصيّة، وذلك وفق آليّة الهروب من األلم .يميل السجين إلى معاشرة من يشبهه في الرأي السياسيّ ،فال يصطدم ّ و»يهز بدنه» .كانت تتشكل الجماعات معه ك ّل حين داخل السجن وفق المواقف السياسيّة .مثالً في 1990 ش ّكل أنصار العراق في الدخول إلى الكويت شلّة ،وكذا الحال منتقدوهم ،وقِس على هذا. ُ يلفت نظري في هذا الخصوص ،أ ّنك قد تجد كان سجينا ً سياس ّياً ،ينتقد حزبه ،وينتقد آراءه الخاصّة بك ّل ج��رأة ،ح ّتى تشعر أ ّنك أمام إنسان مدهش في موضوعيّته ،ولكن حين يقول آخرون _ والسيّما إذا كانوا من «تهمة» أخرى _ نفس ما يقوله هذا السجين ّ بحق حزبه ونفسه ،فإ ّنه ال يقبل منهم ذلك ،ويتذمّر وتلقاه مستع ّداً للعراك ض ّد هذا النقد. بحسب خبرتي ،فإنّ الخالفات ُتورّ ث إلى خارج السجن ،دائما ً ينفر األشخاص ممّن يخالفونهم الرأي، ويحبّذون التجمّع مع من يوافقونهم ،ممّا يجعل تجمّعات األفراد المتشابهين في الرأي ،أشبه بتوابيت للرأي، غير أنّ األسوأ من هذا التفاصل بين جماعات الرأي المختلفة ،هو ظاهرة الشلل ،حيث يتجمّع أفراد حول شخص مميّز أو أكثر ،ويبادلون الوالء بالرعاية ،هنا تجد أشخاصا ً يتب ّنون آرا ًء ليست من صنعهم ،وذلك فقط أل ّنها صادرة عن «الشلّة» .هذه أيضا ظاهرة ترتد مساوئها على الجميع. غسان املفلح
www.allsyrians.org
6
العدد 15
من مدارس غازي عينتاب تبقى مسألة التعليم الهاجس اليوميّ للناس ،ففيها يكمن المستقبل لفلذات األكباد ،والسوريّون اليوم يعيشون أه ّم التحوّ الت – ربّما – في تاريخهم ،فكيف هي مدارس أبنائهم؟ في مدينة غازي عينتاب التركيّة يتواجد ما يزيد عن النصف مليون سوريّ والعدد في تزايد ،دون أيّ فعل حقيقيّ من طرف الحكومة المؤ ّقتة، فاألهالي يتدبّرون أمورهم ،ومنها افتتاح َّ يتلق م��دارس خاصّة ،فكثير من األبناء لم تعليما ً مدرس ّيا ً منذ سنوات! والشهادة الثانويّة التي اعترف بها األتراك فقط ،يعاني أبناؤنا األمرّ ين في الحصول عليها ،لذلك عاودوا التسجيل على المنهاج الليبيّ ! وعلمت « كلّنا س��وريّ��ون» أنّ بعض المدارس قد أُغلقت (االستقالل ،الصداقة) ولم ُتعرف األسباب ،وإن كانت الدالئل تشير إلى منتظراً مسائل تتعلّق بالدعم الما ّدي الذي كان َ من الحكومة أو من غيرها ،وبقيت الوعود وعوداً كالعادة ،أو رُبطت بشروط .فتابع السوريّون بأنفسهم ّ مؤخراً باسم كما في إحدى المدارس التي اف ُتتحت «المميزون». ّ بغض النظر عن السياسة والقوميّة و... توجّ هنا إليها مباشرة ،استقبلنا األستاذ محمود عبيدو مدير المدرسة (إجازة في إدارة األعمال) ،وبادر إلى تعريفنا بالمدرسة قائالً بأنّ « :هذه المدرسة مؤسّسة ربحيّة ،يملكها أفراد ،وهي مستقلّة ،التعليم فيها هدفه الطالب ،بغضّ النظر عن السياسة أو القومية أو الدين أو ...وبعيداً عن أيّ توجّ ه» .وعن تفاصيل المنهاج المعتمد في المدرسة أج��اب عبيدو :في الصفوف االنتقاليّة سندرس المنهاج السوريّ المعتمد من قبل االئتالف ،أمّا بالنسبة للشهادات فسنعتمد
/1تشرين األول 2014/
سندرس املنهاج السور ّي املعتمد من االئتالف ،أمّا بالنسبة للشهادات فسنعتمد على الشهادتني معاً ،السوريّة والليبيّة.
على الشهادتين معاً ،السوريّة والليبيّة ،بحسب رغبة الطالب ،صحيح أنّ األتراك اعترفوا بالشهادة السوريّة الصادرة عن االئتالف ،ولكنّ لم يستطع جعلها دوليّة، لذلك نطالب االئتالف والحكومة بأنّ يكون االعتراف بالشهادة السوريّة كاالعتراف بالشهادة الليبيّة ،وليس ضمن تركيا فقط.
املناهج واخلربة ّ ولالطالع على ميزات المناهج الخاصّة بالمدرسة سألنا السيّدة «ريم الحافظ» المشرفة على تدريس اللغة اإلنكليزيّة (خبرة 8سنوات) فتح ّدثت بحماس وثقة عن المنهاج اإلثرائيّ ( )Mac Graw Hillالذي سيدرّ س تحت إشرافها ،وميزاته واحترافيّته فيما يُق ّدم لألطفال علم ّياً. والستكمال الصورة فيما يخصّ الجهاز التدريسيّ التقينا األستاذ «نزهت شاهين» (مدرّ س ما ّدة الفلسفة) فتح ّدث عن توجيهات اإلدارة بعدم إدخال السياسيّة في العمليّة التعليميّة ،وه��ذا ما أعجبه وم��ا سيعمل على تطبيقه ،وأضاف بأ ّنه يعرف المنهاج السوريّ (خبرة 6سنوات) والتعديالت التي أُجريت عليه ،ولك ّنه لم ّ يطلع على المنهاج الليبيّ بعد.
وح��ول تفاصيل العمليّة التعليميّة أفادنا المدير «عبيدو» :نقوم اآلن ( 21أيلول) ،تحضيراً لالفتتاح بفعاليّات ونشاطات ترفيهيّة للتالميذ ،مثل الرسم والتلوين واألشغال ،بهدف الترفيه ،وبحضور أولياء األمور لمقابلة السائقين والتعرف على مسار سيّارات نقل الطلاّ ب. وعندما سألنا األستاذ «عبيدو» حول ما يمكن أن تق ّدم هذه المدرسة من خدمات أخرى للطلاّ ب؟ فقال: باإلضافة إلى المناهج اإلثرائيّة ،لدينا عيادة طبيّة من جمعيّة الرعاية الدولية الطبيّة ،تجري فحوصات وتعطي اإلرشادات الصحّ يّة العامّة ،لتوعيه التالميذ واألهالي ،ولدينا نسبة من المقاعد مخصّصة مجّ انا ً ألوالد الشهداء وحسم %50للمتفوّ قين.
بني شهادتني وك��ان من بين األهالي الذين يرافقون أبناءهم، السيّد مصطفى حصريّة ( 30عاماً ،تاجر ألبسة من حلب) الذي قال لنا« :سجّ لت طفلي في الروضة هنا، واخترت هذه المدرسة أل ّنني على معرفة سابقة ببعض من أعضاء الهيئة التدريسيّة فيها» .وعن القسط الذي يعادل 125دوالراً أمريك ّياً .قال «حصريّة» من لديه أكثر من ابن في المدرسة يُمنح حسماً. أمّا الطالبة (هـ .من حلب 17عاماً) فتريد أن تسجّ ل في المدرسة ،ولك ّنها ال تعرف ماذا تختار ،هل ستجّ ل على السوريّ أم الليبيّ ؟ لك ّنها أضافت :أفضّل حال ّيا ً أن أسجّ ل على (البكالوريا) الليبيّة فهي المعترف ّ بها دول ّياً. بشار فستق
عام دراس ّي جديد بدرعا وريفها..
أكثر من 75باملئة من املدارس تابعة لوزارة الرتبية والتعليم!!!!!
انطلق العام الدراسيّ الجديد في مهد الثورة السوريّة «درعا وريفها» على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجه سير العمليّة التعليميّة ،سواء في المناطق المحرّ رة أو التي ال تزال خاضعة لسيطرة النظام، حيث يش ّكل القصف الخطر األعظم لألهالي في المناطق المحرّ رة ،وخاصّة من البراميل المتفجّ رة في حين تعاني المناطق األمنيّة من ازدحام في أعداد الطلبة والتالميذ في مدارسها ،وحمالت االعتقال التي تشهدها األحياء والمدارس من وقت آلخر. أكثر من 75باملئة من املدارس تابعة لوزارة الرتبية! وتش ّكل المدارس التابعة لمديريّة التربيّة في محافظة درعا النسبة العظمى من المدارس المفتتحة لهذا العام في كا ّفة المناطق ،حيث تتجاوز نسبتها 75بالمئة من مجموع المدارس ،والتي ستشهد صفوفها عودة الطلاّ ب والتالميذ إلى مقاعدها بعد انقطاع وتذبذب في الدوام المدرسيّ في المناطق المحرّ رة خالل األعوام الماضية ،نتيجة للحرب الشرسة التي يش ّنها النظام يستثن منها البيئة التعليميّة، السوريّ على الشعب ،ولم ِ التي تعرّ ضت لدمار كبير في البنية األساسيّة والبشريّة ،نتيجة الستهداف المدارس بشكل مباشر بكا ّفة أنواع األسلحة ومنها الطيران الحربيّ والبراميل المتفجّ رة ،حيث سقط العديد من الطلاّ ب والمعّلمين بين شهيد وجريح وتو ّقفت الدراسة لفترات طويلة ،ممّا أسفر عن تسرب أعداد كبيرة من التالميذ والطلاّ ب وانتشار األميّة بين صفوف األطفال ،وخاصّة في الصفوف األولى من مرحلة التعليم األساسيّ . يُشرف على ال��م��دارس التابعة ل��وزارة التربية التابعة للنظام السوريّ إداريّون ومدرسون من أبناء المناطق ويتل ّقون رواتبهم من وزارة التربية ،التي
newspaper@allsyrians.org
تقوم أيضا ً بتأمين الكتب المدرسيّة ومستلزمات المدارس وإعادة تأهيل المتضرّ ر منها في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام ،في حين تكتفي بدعم المدارس في المناطق المحرّ رة بالكوادر التعليميّة والكتب المدرسيّة وترميم محدود للمدارس المتضرّ رة ،مع رقابة شديدة على ال��ك��وادر التعليميّة في المدارس والتحقيق معهم بشكل متواصل واعتقال العديد منهم وفصلهم تعسف ّياً، فيما يُحجم العديد من المعلّمين عن الذهاب إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ،لتعرّ ضها للقصف بشكل يوميّ ،األمر الذي أ ّدى لنقص في الكوادر التعليميّة المؤهّلة واالستعانة بكوادر من خارج مالك التربية وغير مؤهّلة للعمليّة التعليميّة أيضاً ،كما تعاني تلك المدارس من ازدحام شديد يفوق طاقة االستيعاب لديها لنزوح األهالي إلى المدن والقرى والبلدات اآلمنة نسب ّيا ً مثل :طفس والغرية الشرقيّة وصيدا وبلدة مزيريب وت ّل شهاب وسحم الجوالن ،حيث يت ّم اللجوء إلى الدوام المدرسيّ على فترتين متتاليتين ولم ّدة ثالث ساعات لك ّل فترة يت ّم فيها إعطاء المواد األساسيّة كالرياضيّات واللغة العربيّة والعلوم الطبيعيّة واللغة األجنبيّة. التعليم الثوريّ ،صعوبات كبرية أهمّها االعرتاف بالشهادات محاوالت عديدة يقوم بها بعض المهتمّين في المجال التعليميّ والتربويّ لخلق بيئة تعليميّة بديلة عن التعليم ك االرتباط بشكل تدريجي معه ،لكنّ الكثير النظاميّ وف ّ من المشاكل والصعوبات تواجه تلك المحاوالت ومع ذلك ما يزال العمل جاريا ً لتذليلها وتجاوزها من قبل المعنيّين بذلك ،إحدى هذه المحاوالت قام بها عدد من المتطوّ عين في األحياء المحرّ رة من مدينة درعا (درع��ا البلد وطريق الس ّد ومخيم درع��ا) ،مش ّكلين الهيئة التعليميّة ،وهي هيئة مستقلّة تأسّست منذ عامين وكانت رائدة في هذا المجال ،حيث اف ُتتحت خمس م��دارس في األحياء المحرّ رة بدرعا البلد وطريق الس ّد لكا ّفة المراحل التعليميّة ،لك ّنها تواجه صعوبات ومشاكل عديدة أهمّها :إحجام األهالي عن إرسال أبنائهم لمدارسها ،نتيجة للغموض الذي يكتنف مصير الشهادات الصادرة عنها ،على الرغم كل من من حصول االئتالف السوريّ على اعتراف ٍ تركيا وليبيا وفرنسا بالشهادات الصادرة عنه ،إضافة
تحقيقات
إلى صعوبات في تأمين الكوادر التعليميّة المؤهّلة والكتب المدرسيّة ،وإعادة صيانة وتأهيل المدارس التابعة لها والتي تعرّ ضت لعمليّات القصف وسرقة المحتويات ،وللتغلّب على تلك الصعوبات قامت الهيئة ّ والموظفين والمعلّمين باللجوء إلى طلاّ ب الجامعات الذين ت ّم فصلهم ومطاردتهم لنشاطهم الثوريّ ،وإقامة دورات ّ مكثفة لتأهيلهم قدر المستطاع من قبل مدرّ سين ومعلّمين مخضرمين ،فيما يت ّم االعتماد على المنهاج السوريّ بعد تنقيح بعض المواد وإلغاء بعض الفقرات الواردة في بعض الموا ّد الدراسيّة ،وخاصّة الموا ّد التي تش ّكل شخصيّة الطفل الفكريّة ،كالتربية القوميّة والتاريخ والتربية اإلسالميّة ،فيت ّم تعديلها وتنقيحها لتناسب مرحلة الثورة السوريّة المباركة ،كما تقوم الهيئة بإنشاء مراكز للدعم النفسيّ لألطفال الذين يعانون من صعوبات واضطرابات ناجمة عن الحرب التي يش ّنها النظام السوريّ في درعا البلد وطريق الس ّد ،وتصل أعداد الكوادر التعليميّة واإلداريّة التابعة للهيئة التعليميّة إلى أكثر من 160شخصاً ،وكانت الهيئة التعليميّة قد أقامت خالل الصيف دورات تعليميّة وترفيهيّة للتقوية ،وخاصّة لطلاّ ب الشهادتين األساسيّة والثانوية استفاد منها أكثر من 1500طالب وطالبة، وتبذل الهيئة التعليميّة اليوم جهوداً جبّارة لجمع كا ّفة المدارس التابعة للهيئات الثوريّة تحت مظلّتها والتنسيق معها ،لتنظيم العمليّة التعليميّة الثوريّة ومنافسة التعليم التابع للنظام السوريّ والحصول على اعتراف بالشهادات الصادرة عنها. جتارب وبرامج وهناك محاوالت عديدة في مناطق الريف ولع ّل أكثرها تنظيما ً ونضجا ً تجربة تجمّع «غصن زيتون» الذي افتتح عدة مدارس في مدن وقرى وبلدات ريف درعا (صيدا وتسيل واليادودة) ،في ك ّل منها نادي لألطفال وروضة ومدرسة للتعليم األساسيّ ،وتجاوز عدد األطفال الملتحقين في صفوفها أكثر من ألف طفل وطفلة ،وتعتمد في علميّة التدريس على المنهاج السوريّ إضافة إلى تقديم برنامج للدعم النفسيّ ، وإصدار مجلّة «قوس قزح» الخاصّة بالطفل ،وإقامة دورات تقوية في الشهادتين األساسيّة والثانويّة، وتحاول المجالس الثورية في مدن وقرى أنخل ونوى وبصرالحرير بذل جهود جبّارة الستعادة العمليّة التعليميّة تحت إشرافها ،حيث تعرّ ضت البيئة التعليميّة في تلك المناطق إلى دمار شبه كامل ونزوح الغالبيّة العظمى من أهالي المناطق.
درعا ـ سارة احلوراني
وضع الالجئين السورّيين في «باطمان» باطمان :مدينة تركيّة وهي مركز محافظة تقع جنوب شرقيّ تركيا ،يتو ّفر فيها النفط ويت ّم إستخراجه وتعتمد على الزراعة والمواشي أيضاً ،يبلغ عدد س ّكانها أربعمائة ألف نسمة غالبيّتهم المطلقة من الكورد ويوجد فيها عدد ال بأس به من الالجئين األفغان الذين لجؤوا إليها أثناء الحرب في أفغانستان ،إلاّ أنّ ما تعرّ ضت له سورية من دمار وقتل جعال هجرة الشعب السوريّ أكبر من هجرة أيّ شعب آخر. هويّات وسلاّ ت ومستلزمات مدرسيّة مدينة باطمان ،بالرغم من بُعدها عن الحدود السوريّة ،يتواجد فيها الالجئون السوريّون ومعظمهم من مدينة القامشلي إضافة لمحافظات أخرى مثل حلب ودمشق ودير الزور والر ّقة ،ويعود ذلك ألسباب عديدة منها :أنّ الكثير من س ّكان القامشلي لديهم أقارب في باطمان إضافة إلى أ ّنها تتميّز بأسعار رخيصة للسلع وعدم غالء المعيشة نوعا ً ما .وألجل معرفة وضع ّ منظمة إغاثيّة تركيّة في الالجئين بد ّقة توجّ هنا إلى ّ المنظمة، باطمان ،حيث أفادنا مصدر مسؤول في فضّل ع��دم ذك��ر اسمه ،عندما سألناه عن أع��داد السوريّين في المدينة بأ ّنه :ح ّتى قبل شهرين كان عدد العائالت السوريّة المسجّ لة لدينا ثالثة آالف وثمانمائة وخمسون عائلة ،أو ما يعادل عشرين ألف الجئ. نقوم حاليا ً بتسجيل الالجئين من أجل إعطائهم هويّة ّ ونوزع الجئ ،كما نق ّدم لهم الطبابة واألدوية مجّ اناً، عليهم سلاّ ت غذا ّئية ك ّل شهرين أو ثالثة ،كما ق ّدمنا السنة الماضية مساعدات لمدرسة سوريّة من كا ّفة المستلزمات المدرسيّة ،وفي هذه السنة بنينا مدرسة جديدة للطلاّ ب السوريّين ت ّتسع أللف ومائة طالب من المراحل الدراسيّة كا ّفة ،وسيت ّم افتتاحها خالل شهر. وعند سؤاله هل تواجهون مشاكل في عملكم اإلغاثيّ بالنسبة للسوريّين؟ قال :ال نواجه مشاكل، وك ّل همّنا أن نق ّدم لالجئين ك ّل ما أمكن ولكن حسب اإلمكانات. األجور واإليجارات ّ مؤخراً التقيت في البيت السوريّ الذي أُعلن عنه بأحد السوريّين الذين يعملون في الديكور حيث قال: اسمي أيوب أيوب من القامشلي ،خرّ يج أدب عربيّ من جامعة حلب منذ سنتين ونصف ،وأنا هنا أعمل في الديكور ،وأجورنا اليوميّة تترواح بين 35إلى 60ليرة تركيّة ،وذلك يتو ّقف على أن تكون عامالً أو معلّماً ،وهنالك استغالل للعامل السوريّ ،كما أنّ هنالك فرق كبير بين العامل التركيّ والعامل السوريّ من جهة المعاملة واألجر ،وكثيراً ما يأكلون علينا أجورنا، أمّا بالنسبة للعمل في المعامل والماركيتات فتتراوح شهريّة العامل السوري بين 350إلى 450ليرة تركيّة بساعات عمل طويلة ال تتناسب مع األجور ،وإيجارات البيوت غالية ،وبعضها ال تصلح للسكن ،وقد إرتفعت اإليجارات بعد تد ّفق السوريّين بكثرة على باطمان، وهنالك الكثير من أصحاب البيوت الذين يمتنعون عن تأجير بيوتهم للسوريّين. التسوّ ل واللغة عند مرورنا في شارع (كوليستان) كان هنالك متسوّ الن معهم طفل يفترشون الشارع ،وعند االستفسار من الرجل عن سبب تسوّ له وهو في مقتبل العمر؟ وماذا كان يعمل في سوريا؟ أجاب :أنا من حلب وهذه زوجتي وهذا الطفل هو ابن أخي ،ووالدته ماتت ،في حلب كنت أعمل في معمل للشوكوالته ،إلاّ أّنني لم أجد عمالً هنا كوني ال أعرف الكورديّة وال التركيّة، فيمتنعون عن تشغيلي كونهم ال يعرفون العربيّة .وعند سؤاله عن كيفيّة تعامل الناس معه وهو يتسوّ ل قال: إ ّنهم يعاملونني بعطف. لكنّ الالجئ السوريّ أصبح يعاني من تغيّر نظرة س ّكان باطمان إليه فبعدما كانوا يحيطونه بالعطف والتأسّف على حالته ،أصبحوا يتخوّ فون من تأجير بيوتهم له وتحوّ لت نظرة العطف إلى ريبة نتيجة تصرّ فات فرديّة خاطئة من بعض السوريّين. أين الحكومة؟ وهذا يستلزم فتح مكتب في باطمان تابع للحكومة السوريّة المؤ ّقتة مهمّته متابعة أوض��اع الالجئين، وح ّل مشاكلهم واإلشراف على جمعيّات اإلغاثة التي ش ّكلها سوريّون وتعريف الس ّكان في باطمان بالشعب السوريّ ،ألّن األخطاء الفرديّة التي تصدر عن البعض ال يجوز تعميمها على الكلّ. علي كولو
www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 15
7
/1تشرين األول 2014/
قوارب الموت «اضطرّ ُ رت أنا وعائلتي أن نركب في قوارب الموت ،ال يوجد لها تسمية أخ��رى غير ق��وارب الموت ،هكذا كان حديث أحد الناجين من الموت في لقاء له مع المفوّ ضيّة الساميّة لحقوق الالجئين. لم يبق لدينا خيار آخر ،هربنا من موت الطائرات والمدافع لنشتري موتا ً أخر بألف «دوالرأميركيّ». وبحسب آخر إحصائيّة للمفوّ ضيّة أنّ هناك أكثر الجئ ومهاجر لمنتصف العام الحاليّ ، من 75ألف ٍ حيث قُ ّدر عدد الالجئين السوريّين للعام الفائت ب 60 الجئ. الجئ ،ولعام 2012ب 25ألف ألف ٍ ٍ الجئة أخرى تقول في ذات الفيديو «آخر مرّ ة ُ فقدت األمل بالوصول ،المهرّ ب تركنا وهرب ،هنا فقدت األمل نهائ ّياً ،ال أحد م ّنا يعلم كيفيّة قيادة القارب، بدأنا بالبحث عن أيّ باخرة قريبة للذهاب باتجاهها، ُ تأكدت من عدم وصولنا نهائ ّياً». هنا أحد اآلباء في الفيديو كان يضع طفله على صدره ويقبّله ،كان من الممكن أن يكون اللقاء األخير لهما، من المّمكن أن تكون آخر قبلة يطبعها على وجنتيه، ولك ّنها ولحسن الحظ لم تكن. إحصاءات موثّقة عدد شـهداء قوارب الموت _ كما بات يفضّـل الكثير من النــاس أن يصفهـم ـ وصـل إلى 1900 حال ٍة منذ عام 800 ،2012شهي ٍد فارقوا الحياة هذا يمض أسبوعاً ،أو اثنين إلاّ ويُنشر خبراً العام ،حيث ال ِ الجئ ،أو يُبلّغ عن فقدانهم في بغرق أكثر من مئة ٍ البحر. المفوّ ض الساميّ لألمم الم ّتحدة لشؤون الالجئين «أنطونيو غوتيريس» دعى حكومات الدول األوربيّة إلى تكثيف جوالتها للبحث عن عالقين في البحار. الناشط الحقوقيّ «محمّد شمّا» تح ّدث لراديو
«نسائم سوريّة» والذي بدوري أقتبسه هنا« ،بسبب عدم تطبيق ميثاق األمم الم ّتحدة ،والقانون الدوليّ لحقوق اإلنسان ،فضالً عن ع��دم اكتراث دول العالم من تجار ٍة تحصد آالف األرواح سنوياً ،سببه الرئيسيّ تقصير دول��يّ ،فاألرقام التي تعرضها األم���م ال��م�� ّت��ح��دة ف��ي تصاعد مستمرّ ،الشيء الذي يد ّل أوّ الً وأخيراً على تقصير دول العالم، ّ المنظمات الحقوقيّة وم��ن ث�� ّم والدوليّة ،وعلى رأسهم األمم الم ّتحدة « ختاذل دول ّي من جهة أخ��رى تم ّكنت أيضا ً رادي��و «نسائم سوريّة» من الوصول إلى أحد المهاجرين السوريّين غير الشرعيّين المحتجزين في سجن عسكريّ في مالطا ،إلى جانب 250آخرين ،كانوا قد حاولوا السفر بحراً إلى ايطاليا. باخرةٌ «سينغافورية» كان بالنسبة لهم الهديّة اإللهيّة ،لتنشلهم من قارب الموت ،والتي خيّرتهم بين العودة إلى مصر ،أو الذهاب إلى مالطا. يروي «ستيف» الدمشقيّ ،وهو أحد المحتجزين، ما حدث لـ150مهاجراً سور ّيا ً غير شرعيّ ،والذين ت ّم احتجازهم في سجن عسكريّ في مالطا ،دون أن توجه لهم أيّ تهمة ،ليبدؤوا باإلضراب عن الطعام ،محاولين خاللها الضغط على السلطات المالطيّة لتحريرهم، ولكن ما لبثوا أن اكتشفوا أ ّنها باءت بالفشل. أعود لالقتباس هنا أيضا ً في حديث «لستيف» لإلذاعة ذاتها «أتينا إلى مالطا ،ليت ّم تقسيمنا إلى أربعة
حرب النظام تد ّمر قطاع الثروة الحيوانّية
سجون ،ال نعلم سبب احتجازنا، أقسام بين خمسة ٍ ٍ أضربنا عن الطعام ولم ننجح ،اآلن نحن 18شخصا ً محتجزين بمنطقة تدعى بئر «زيوجا» ،وهي عبارة عن مركز صحيّ للعسكر « من بين المحتجزين كان شخصان أحدهما بلغ 67 عاماً ،واآلخر 69كالهما مصابين بمرض القلب، ليتجلّى أمامنا الوضع السيّ ء لهم ،ويضيف «ستيف» «إنّ بعض الشبان تعرّ ضوا للضرب واإلهانة إلجبارهم على البصم ،وذلك بهدف منعهم من الحصول على أيّ لجوء إنسانيّ في أيّة دولة أوربيّة أخرى». «ستيف» بقي في السجن العسكريّ ألكثر من شهر ،ليُنقل إلى سجن مدنيّ آخر أيضاً ،دون أيّة محاكمة أو تهمة موجّ هة. خمالفة دوليّة مفوضيّة األمم الم ّتحدة لشؤون الالجئين ،كانت قد عبّرت عن قلقها البالغ من إقدام العديد من الدول األوروبيّة ،ومن بينها السلطات اإليطاليّة ،من إعادة الالجئين غير الشرعيين ،وحاولت أن تمنع هذه
اليوم ،هو في وضع يرثى له ،في ظ ّل الغياب التا ّم للجهات المعنيّة في معالجة هذه المشاكل. قطاع الدواجن في تصريح شامل ودقيق لمصدر من مديريّة الثروة الحيوانيّة في وزارة الزراعة والبنى التحتيّة في الحكومة المؤ ّقتة لجريدة «كلّنا سوريّون» قال:
newspaper@allsyrians.org
التهريب ونقص اللقاحات معاناة األبقار أمّا بالنسبة لوضع األبقار فقد أشار المصدر من مديريّة الثروة الحيوانيّة ،إلى أنّ األبقار ليست أفضل حاالً ،فهي تتعرّ ض للتهريب إلى دول الجوار وخاصّة لألنواع الجيّدة والمحسّنة ذات المردود العالي التي تعطي حوالي 40كغ من الحليب يوم ّياً .حيث كان عدد األبقار في سورية مليون ومئتي ألف رأس من البقر، وتراجع عددها إلى النصف!
«ج�لال» أح��د الشبان السوريّين ،وم��ع جميع القصص التي ُذكرت يقول :أنّ باب الهجرة بات آخر باب يطرقه السوريّ ،فمن المؤ ّكد أنّ السوريّين لم يخاطروا بحياتهم لو استطاعوا تأمين عيشة حرّ ة وكريمة ،وهو ال يُخفي نيّته باللجوء إنْ استطاع، بسبب الوضع المعيشيّ السيّ ء ،وضياع مستقبله بين أسلحة الحرب السوريّة ،والتي باتت ُتدار بالوكالة على األراضي السوريّة. على ما يبدو أنّ السوريّ قال وفعل ،عندما هتف في مظاهراته السوريّة «الموت وال المذلة».
حممّد احلاج
يعاني قطاع الدواجن يف سورية من ّ توقف شبه تامّ (ما يقارب )%95وذلك منذ أكثر من عامني وأوضح المصدر :هناك تو ّقف للتلقيح الصناعيّ ، وعدم وجود مع ّدات وأدوات لجمع السائل المنويّ ، والثيران المنتخبة ،ممّا جعل المربّين يلجؤون إلى اللقاح الطبيعيّ الذي يتسبّب في انعزاالت وراثيّة وتدهور الجيل بالمواصفات وبالتالي تدهور في اإلنتاج.
األغنام واملاعز ليست أحسن حاالً تعتبر سورية واحدة من أه ّم الدول العربيّة في مجال الثروة الحيوانيّة ،من حيث األعداد واألنواع واإلنتاج ،وذلك لما تتم ّتع به سورية من المناخ المتنوّ ع ووفرة المراعي والعناية الصحّ يّة ،وبعد انطالق الثورة السوريّة وقيام النظام با ّتباع األسلوب العسكريّ لقمع الثورة في كا ّفة أنحاء سورية ،ريفا ً ومدينة ،واستخدامه ش ّتى أنواع األسلحة ض ّد المدنيّين ،كان الب ّد من أن ّ يتأثر هذا القطاع بضرر كبير نتيجة :النزوح ،وارتفاع أسعار األعالف ،ونقص الموا ّد واألدويّة المخصّصة للثروة الحيوانيّة؛ ونتيجة لك ّل ذلك حدث تدهور كبير في قطاع الثروة الحيوانيّة من حيث العدد واإلنتاج، وبحسب أخصّائيّين ،تشتهر سورية بتربية الكثير من األنواع الحيوانيّة التي تح ّقق م��ردوداً اقتصاد ّيا ً ألصحابها ،وتو ّفر سلّة غذائيّة متكاملة تشمل األجبان واأللبان واللحوم والبيض والعسل واألسمدة الطبيعيّة للمزارعين ،كما يدخل إنتاج هذا القطاع في مجال الصادرات.
فيما يبدو أنّ كثيراً من المهاجرين غير الشرعيين، يقعون فرائسا ً تحت رحمة تجار الموت ،ويستغلون حاجتهم للبحث عن مستقبل أفضل ،وهربا ً من قمع األنظمة إلى اصطدام آخر أمام دول ترفض استقبالهم، وما يزيد من األمر تعقيداً هو عدم توقيع بعض الدول على معاهدة فيينا لحماية الالجئين الصادرة عام .1951
كانت سورية متتلك حوالي 13مليون رأس تراجع العدد حبسب التقديرات اليوم إىل 6مليون رأس.
وأكد المصدر أنّ النظام يحتكر «القشاة» التي تحوي السائل المنويّ المخصّص للقاحات باإلضافة للثيران والمع ّدات الالزمة للتلقيح الصناعيّ ،ونقص السائل األزوتيّ الحافظ «للقشاة» حيث يت ّم نقلها إلى أماكن سيطرته .وأشار المصدر أنّ من المشاكل التي يعانيها هذا القطاع أيضا ً النزوح للمربّين في كثير من المناطق نتيجة قصف قوّ ات النظام.
يعاني قطاع الثروة الحيوانيّة في سورية من مصاعب ومشاكل شملت كا ّفة القطاعات الحيوانيّة ومنها قطاع الدواجن الذي أصيب بشلل تا ّم ،وأضاف :يعاني قطاع الدواجن في سورية من تو ّقف شبه تا ّم (ما يقارب )%95وذلك منذ أكثر من عامين .ويرجع ذلك إلى ع ّدة أسباب منها القصف الممنهج من قبل قوّ ات النظام الذي طال منشآت هذا القطاع ،وأصوات االنفجارات التي ّ تؤثر على حياة أنواع من الحيوانات باإلضافة إلى عدم وجود أمّهات ومُفرّ خات ،األمر الذي أ ّدى الرتفاع سعر الصوص .وتابع المصدر :علينا ألاّ ننسى ارتفاع سعر األعالف واألدوية وعدم وجود اللقاحات ،هذه يعزفون عن تربية الدواجن األسباب جعلت المربّين ِ تفاديا ً للخسائر ،ما أ ّدى إلى ارتفاع جنونيّ في أسعار المنتجات الحيوانيّة الذي يؤ ّدي بدوره إلى فقدان السماد الطبيعيّ الالزم للزراعة.
الظاهرة.
وأضاف المتح ّدث المختصّ في وزارة الزراعة التابعة للحكومة المؤ ّقتة :أنّ األغنام والماعز تعاني من مشاكل ع ّدة أيضاً ،جعلتها تتراجع إنتاجا ً وعدداً، فسورية كانت تشتهر بأحسن األنواع من األغنام العواس ،ذات اإلنتاج الجيّد وأزكى أنواع اللحوم في العالم بسبب المرعى والمناخ ،وقال المصدر :هذه الثروة اليوم تلفظ أنفاسها األخيرة بسبب التهريب اليوميّ وبشكل ال يوصف ،ممّا جعل أسعار اللحوم والحليب ومشت ّقاته تصل ألسعار مرتفعة ج��� ّداً ،وكانت سورية تمتلك حوالي 13مليون رأس تراجع بحسب التقديرات اليوم إلى 6مليون رأس ،وهذا ما يُنذر بكارثة كبيرة .وأضاف أنّ هنالك مشاكل أخرى تشمل ارتفاع أسعار األعالف واألدويّة والمواصالت ،وفقدان األمان. املاعز يعتبر الماعز الشاميّ من أحسن أنواع الماعز، ويع ّد ثروة وطنيّة لها قيمتها العالميّة ،وقد أوضح المصدر أنّ الماعز الشاميّ له مواصفات عالميّة منها االنتاج العالي من الحليب6 ،كغ في اليوم ،ويلد من 2إلى 4مواليد باإلضافة إلى الشكل الجميل وأوضح المصدر :لقد ت ّم تهريب معظم هذه الثروة فلم َ يبق منها إلاّ األصناف الخليطة غير النقيّة وراث ّياً.
النحل والثروة السمكيّة يف خطر كذلك ،فإنّ إنتاج العسل وعدد خاليا النحل في تراجع ،وحسب المصدر المختصّ ،يعود ذلك إلى عدم نقل النحل وتحويله إلى أماكن المراعي المتع ّددة في المحافظات في ك ّل موسم بحسب النباتات .مثالً ،شتا ًء إلى الساحل وفي الربيع إلى حمص وحماة وإدلب، وصيفا ً إل��ى حلب ،وبسبب القصف يصعب على المربّين نقل النحل ،ممّا ينعكس سلبا ً على هذه الثروة. أمّ��ا الثروة السمكيّة فليست أفضل ح��االً ،يقول المصدر :هي شبه متو ّقفة بسبب قصف النظام وحربه وعدم استقرار األهالي ونزوحهم عن أماكن التربية وعدم وجود إصبعيّات (وهي البيوض الفاقسة حديثاً) وعدم سهولة التن ّقل من أماكن اإلنتاج إلى االستهالك وارتفاع أسعار المواصالت وغالء األعالف واألدويّة، ك ّل هذه األسباب جعلت هذه الثروة شبه متو ّقفة. نداء
وعن الحلول واإلج���راءات التي يجب أن ت ّتخذ لمواجهة هذه المشاكل قال المصدر :أتوجّ ه إلى كا ّفة الجهات المعنيّة والقوى العاملة على األرض في المناطق المحرّ رة أن ت ّتخذ إج��راءات صارمة تمنع التهريب وتق ّدم التسهيالت للمربّين لكي يت ّم التعويض قبل فوات األوان ،فاألمر يُنذر بخطر يُه ّدد هذه الثروة الوطنيّة التي تق ّدم الغذاء للمواطنين باإلضافة إلى مساهمتها بتوفير فرص عمل لهم.
بدر حسني
www.allsyrians.org
8
العدد 15
اقتصاد و قانون
/1تشرين األول 2014/
المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية
مؤسسة التبغ إلى األسواق الحرّة ما بين مح ّمد ورامي مخلوف.. الحلقة الثانية :من ّ في بلدي سورية ،ليست الرئاسة فقط بالوراثة ،بل والمافيا أيضاً ،فهي تنتقل بك ّل سالم من األب إلى االبن .في بلدي هناك من قام بسرقة مال الشعب ،هناك من أخذ تعب الشعب وح ّقه وأرضه. من أه ّم األشخاص الذين اس ُتخدموا في زمن األسد ّ الموظف الصغير في قسم األب محمّد مخلوف ،ذاك المحاسبة في الشركة السوريّة للطيران ،ولكن سرعان ما تحوّ ل إلى رمز السرقة والفساد ،وذلك في عام ،1972عندما استلم حافظ األسد الرئاسة في سورية، فقد عيّنه مديراً عا ّما ً لمؤسّسة التبغ والتنباك (الريجي) والتي أنطلق من خاللها بالفساد .تلك المؤسّسة التي تقوم بجميع العقود المبرمة مع الشركات األجنبيّة سواء الستيراد السجائر أو التبغ الخام واآلالت والتجهيزات الصناعيّة لتصنيع السجائر المحلّيّة ،باإلضافة إلى تصدير التبغ السوريّ إلى الخارج ،ولكن سرعان ما ع ّم الفساد في تلك المؤسّسة الحكوميّة التي تعتبر المعبر الوحيد إلى البلد للعمالت األجنبيّة في ذلك الوقت، والتي لو تمّت بشكلها المطلوب لكانت الليرة السوريّة في أوج قوّ تها ،ولكن من خالل محمّد مخلوف باتت تلك المؤسّسة الحكوميّة المالذ اآلمن للسرقة «الشرعيّة والقانونيّة» ولع ّل من أه ّم مظاهر الفساد فيها ،عندما قام مخلوف األب ،ببيع التبغ الخام السوريّ ،والذي يعرف بجودته وصبغته ونكهته الفريدة والمطلوبة في معظم الدول األجنبيّة ،إلى شركة أجنبيّة وهميّة من وبسعر بخس ،ومن ث ّم قام ببيعه إلى شركات إنشائه ٍ أجنبيّة وبأسعار خياليّة ،بضعفيّ سعر الشراء األوّ ل. األمر الذي عادت سلبيّاته على المزارعين ،ومن ث ّم قام بطرد الوكالء السوريّين المبرمين عقوداً مع الشركات األجنبيّة الستيراد السجائر األجنبيّة ،ليكون هو الوكيل
ال��وح��ي��د ل��ه��ا في س��وري��ة، وم���������ع ف������رض ع��م��ول��ة %1 0 ع����ل����ى الشركات ك��رش��وة شر عيّة ، وق���������ام ب��ت��وق��ي��ع ال��ع��ق��ود ب��اس��م��ه ب���دالً من أن تكون باسم مؤسّسة (الريجي) ليصبح هو الوكيل الوحيد في سورية للسجائر األجنبيّة ،األمر الذي ساعد مسيرة ول��ده رام��ي ،والتي بدأها بتهريب السجائر األجنبيّة عن طريق (الريجي) التي أعطته الستار القانونيّ والخبرة في فرض الرشوة والسيطرة على المنافذ الحدوديّة لسورية مع دول الجوار ،ومن خالل استيالئه على شركة «الغوتا» (السوق الحرّ ة المجمركة) والتي تقوم باستيراد السجائر األجنبيّة عن طريق والده ،وأيضا ً المشروبات الكحوليّة والمواد األخرى، التي سيطر بها على االقتصاد السوريّ ،ولك ّنه – فوق ذلك -أراد مضاعفة ربحه وسرقة أموال الشعب ،فقام باستثمار السوق الحرّ ة في دمشق بعقد مثير للجدل بقيمة مليون ليرة سوريّة سنو ّياً ،دون تحديد م ّدة زمنية
«يعيش الزيتون ويسقط الرصاص»
أسهم في تشرين الثاني 2011في تنسيقيّة التآخي الكرديّ العربيّ ،وهي مجموعة أنشأها كرد وعرب ،ر ّداً على محاوالت النظام الدائمة على ّ شق الصفّ الوطنيّ السوريّ . من المؤسّسين في تنسيقيّة التآخي الكرديّة ،عمل في المدارس ْ استقبلت النازحين في حلب ضمن مجموعة شبابيّة من التي مختلف الطوائف والقوميّات السوريّة. من الشباب الذين بدأوا بتنظيم اعتصامات سلميّة ،منها اعتصام «يعيش الزيتون ويسقط الرصاص». كمال محمّد أحمد «طالب فنون جميلة» من مواليد 1985/3/8 قرية س ّنارة ـ جنديرس. اعتقل كمال محمّد أحمد بتاريخ 2012\8\12من أمام مدرسة (بشارة الخوريّ ) في حيّ السريان بحلب ،بينما كان يعمل على إيصال الماء للنازحين المتواجدين في المدرسة. كان كمال عضواً نشيطا ً في الحزب الشيوعيّ السوريّ ، وناشطا ً سياس ّيا ً قبل انطالق الثورة بع ّدة سنوات. كان كمال يقوم بدور المنسّق ألنشطة التنسيقيّة بمدينته، وشارك في االحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت في 2011 المطالبة بإسقاط النظام. تحوّ ل إلى العمل اإلنسانيّ في 2012إثر النزوح الكبير للمهجّ رين المحليّين ،بعد اشتداد القصف على المدنيّين من قبل النظام في درعا وحماة وحمص ،وبدأ العمل مع الهالل األحمر والهيئة اليسوعيّة لخدمة الالجئين بالمدينة القديمة في حلب وتقديم المساعدات األساسيّة لهم. ْ فقامت بزيارة العديد من حاولت زوجة كمال معرفة مصيره، ّ ّ ْ فشلت المراكز التابعة لمختلف األجهزة األمنيّة السوريّة ،إال أنها في تحديد مكان تواجده ،واضطرّ ت إلى ترك بلدها سوريّة وعملها في وكالة األمم الم ّتحدة إلغاثة وتشغيل الالجئين الفلسطينيّين في الشرق األدنى «األنروا» بعد تل ّقيها لتهديدات جا ّدة من قبل األمن ،وال زالت تبحث لمعرفة مصير كمال الذي انقطع ك ّل اتصال به منذ اعتقاله ،وال زالت المخابرات الجوّ يّة التي راجعها ّ مؤخراً تنفي اعتقالها له. أحد أقاربه يو ّكد الناجون من االختفاء القسريّ تعرّ ضهم للتعذيب خالل اعتقالهم ،ممّا يزيد من مخاوفنا على سالمة كمال الجسديّة والنفسيّة.
newspaper@allsyrians.org
لال ستثما ر وب�������دون ت���ح���دي���د ا لمسا حة ، أيّ أ ّن���ه أص����ب����ح ال���م���ال���ك ال���وح���ي���د ل���م���ط���ار دم����ش����ق ال���دول���يّ ، و بحسا ب بسيط نرى أنّ عائد م��ت��وسّ��ط ح����س����اب المبيعات للسوق الحرّ ة لمطار دمشق يتع ّدى 50مليون ليرة سورية سنو ّياً. هذه إحدى عقود استثماره للمناطق الحرّ ة ،ومن ث ّم قام نظام حافظ األسد بإصدار قرار إعفاء السوق الحرّ ة من الرسوم الجمركيّة وفرضها على شركة «الغوتا» (السوق الحرّ ة الجمركية) ،األمر الذي زاد أرباح رامي على حساب االقتصاد السوريّ ،وذلك بسبب بدء خسارة شركة «الغوتا» بشكل متكرّ ر وكبير بفارق السعر بين السوقين ،ومن هنا بدأ باالستيالء على جميع المنافذ في األسواق الحرّ ة على المعابر الحدوديّة عن طريق شركة «راماك» لألسواق الحرّ ة من حلب إلى دمشق مروراً بمينائيّ الالذقية وطرطوس منتهيا ً بمعابر باب الهوى ودرعا ،تلك األسواق التي تبيع المنتجات
األجنبيّة غير الموجودة في السوق السوريّ ومن دون ّ المنظم رسم جمركيّ ،والتي تقوم بعمليّة التهريب و «القانونيّ » والتي تدرّ عوائد كبيرة ج ّداً لرامي مخلوف ،وقد كانت المركز الرئيسيّ لمراسلة الشركات األجنبيّة والحصول على الوكاالت ،ونزع الوكاالت األجنبيّة الرسميّة من رجال األعمال السوريّين ،فهم الوحيدون المسموح لهم باستيراد المواد الممنوعة وبالشكل القانونيّ ،إلاّ أّن السجائر المستوردة كانت تش ّكل أكثر من %70من عوائد المنتجات المهرّ بة إلى الداخل السوريّ عن طريق السوق الحرّ ة القانونيّة ،فقد كانت الشركات األجنبيّة تشحن السجائر إلى المناطق الحرّ ة في سورية ،ومن ث ّم يقوم ما يسمّون بالشبّيحة (المرتزقة المأجورين) بتهريبها ليالً إل��ى المدن السوريّة ،ليت ّم بيعه بسعر يقارب السجائر المستوردة باسم والده لصالح المؤسّسة العامّة للتبغ ،وبجودة أفضل تجعله مرغوبا ً لدى الكثير من المواطنين .هنا وبحساب بسيط لمجموع الدخلين :الرسميّ -عن طريق الريجي ّ والتهريبالمنظم عن طريق األسواق الحرّ ة ،فإنّ عائدات مخلوف األب واالبن أكثر من 600مليون ليرة سوريّة في السنة الواحدة من الجهتين ،والتي تعود في النهاية إلى عائلة األسد ،والتي س ْ ُرقت من لقمة الشعب السوريّ وح ّقه في التطوّ ر واالنفتاح على العالم الخارجيّ ومعاصرة المنتجات األجنبيّة بحجّ ة المقاومة والممانعة ومحاربة الغرب ،وباإلضافة إلى سرقة اقتصاده ومحاصرته من جميع النواحي الشرعيّة وغير الشرعيّة ،وسرقة أيّ شيء قد يدرّ فائدة عليه ،وعدم السماح للشعب بالحصول على االستثمارات األجنبيّة، ففي زمن األسد باتت سورية مزرعة حاميها هو نفسه حراميها. أمري جنم الدين
القانوني للسورّيين في تركيا إضاءة على المركز ّ
على الرغم من مضي أكثر من ثالث سنوات على بدء تد ّفق السوريّين هربا ً من مدحلة الموت اليوميّ ال��ذي تمارسه بح ّقهم سلطة العصابة وأدواتها ،فإنّ وضعهم ما يزال ملتبسا ً ومركزهم القانونيّ ما يزال حائراً بين ضيف والجئ. لقد ا ّتسم وضع السوريّين القانونيّ في تركيا بالكثير من اإلرب���اك ال��ذي يكتنفه الكثير من الغموض وندرة المعلومات التي يمكن التحصّل عليها من الجهات الحكوميّة واألمنيّة حول المتر ّتبات القانونيّة ومساحة الحقوق التي يتم ّتع بها السوريّ (الضيف) في تركيا ،خصوصا ً في ظ ّل الكثير من التناقض في التعاطي مع قضايا السوريّين اليوميّة كالتعليم والطبابة وغيرها من مدينة إلى أخرى رغم أنّ الجميع (ضيوف) وفق التصنيف الحكوميّ لهم. لم يكن ممكنا أن تص ّنف السلطات التركيّة السوريّين المقيمين على أراضيها كالجئين وأن تمنحهم هذا المركز القانونيّ الذي تندرج تحته الكثير من المتر ّتبات والمسؤوليّات ،ذلك أنّ تركيا التي و ّقعت معاهدة جنيف الخاصّة بوضع الالجئين والمعتمدة بتاريخ - 1951\7\28والتي هي الوثيقة الوحيدة دول ّيا ً التي تعرّ ف من هو الالجئ وما هي حقوقه في الدولة التي لجأ إليها واستقبلته – قد قيّدت توقيعها على تلك المعاهدة بنوعين من القيود ،أوّ لهما تاريخيّ أو زمنيّ وثانيهما جغرافيّ . بمعنى ،أ ّنها في النطاق الزمنيّ ال تعترف وال تمنح صفة الالجئ إلاّ لألشخاص الذين أصبحوا الجئين كمحصّلة ألوضاع حصلت قبل العام 1951 وفي أوروبّا (حصراً) وأ ّنها بالتالي قيّدت النطاق الجغرافيّ في القارة األور ّبيّة فحسب ،لك ّنها عندما و ّقعت مرّ ة أخرى البروتوكول الخاصّ بوضع الالجئين والصادر بتاريخ 1967\10\4الملحق بالمعاهدة ،فإ ّنها تكون قد ألغت القيد المتعلّق بالنطاق الزمنيّ ،لك ّنها أبقت على القيد المتعلّق بالنطاق الجغرافيّ ،فال صفة الجئ أليّ قادم لتركيا من غير الدول األورو ّبيّة حصراً.
أمّ��ا أولئك (الالجئون) من غير األور ّبيّين (كالعراقيّين واألفغان والصوماليّين وغيرهم) فيمكننا مجازاً تسميتهم بـ (الالجئين الترانزيت) بمعنى أ ّنهم في تركيا ليسوا الجئين بالمعنى القانونيّ ومتر ّتباته التي نصّت عليها معاهدة جنيف ،وإ ّنما هم أشخاص يخضعون للحماية التركيّة ويص ّنفون (كالجئين بشروط) وفق ما نصّت عليه الما ّدة 2\62من قانون األج��ان��ب والحماية الدوليّة التركيّ ،حيث تمنحهم السلطات التركيّة وضعا ً صا ً وتقوم بتسجيلهم لديها ضمن قوائم وجداول خا ّ
أمنيّة ،فضالً عن تسجيلهم لدى المفوضيّة السامية لشؤون الالجئين التابعة لألمم الم ّتحدة ،لحين تو ّفر بلد لجوء لهم يقبل استقبالهم وتوطينهم ،وهذه الفئة يُمنحون بطاقات هويّة خاصّة ،وتق ّدم لهم الخدمات التعليميّة والصحّ يّة ويُمنحون أذونات عمل ،لك ّنهم مقيّدو اإلقامة في عدد مح ّدد من المدن ،ليس من بينها المدن الكبرى كأنقرة وإسطنبول وإزمير، ويتعيّن عليهم اثبات وجودهم أمام دوائر الشرطة أسبوع ّيا ً في المدن التي يقيمون فيها. وبخالف ما تق ّدم ،فإنّ ك ّل شخص ال يندرج ضمن الصنفين السابقين ،مه ّدد بخطر العنف أو الموت أو التعذيب ،في حال عاد أو أُعيد لوطنه فهو يخضع لما يسمّى بـ (الحماية الثانويّة) وفق أحكام الما ّدة 1\63من قانون األجانب والحماية الدوليّة التركيّ اآلنف الذكر.
إنّ المعضلة التي يواجهها السوريّون اآلن في تركيا ،أ ّنهم ال يندرجون ضمن أيّة فئة من الفئات الثالث ،ألنّ ما سبق بيانه وتفصيله يُمنح لألفراد وليس للجماعات أو المجموعات البشريّة، فالحكومة التركيّة لم تعترف بالسوريّين على أراضيها كأفراد الجئين إليها بل (كتد ّفق جمعيّ لالجئين) ولهذا فهم ليسوا تحت أيّ بند من بنود الحماية ،واكتفت السلطات أن أسبغت عليهم صفة (الضيوف) ومنحت من ال يرغب منهم، ُ اصطلح على اإلقامة بالمخيّمات إقامة استثنائيّة تسميتها (إقامة ب��إذن وزاريّ ) لكنّ هذا النوع من اإلقامة ال تمنح حاملها مركزاً قانون ّيا ً واضح المعالم والحقوق ،يُتيح له التحصّن فيه أمام أيّة استحقاقات ،كالتي واجهها الكثير من السوريّين في حمأة التو ّترات التي نشأت في األشهر األخيرة بين بعض األتراك وبعض السوريّين وصارت تطفو على السطح نتيجة اختالف المفاهيم وطرائق العيش ،دون أن نتغافل عن الدوافع السياسيّة لبعض القوى المعارضة التي احتسبت السوريّين على خصومها السياسيّين في إدارة البالد وأخذت تنفخ في الكير لتسعير لهيب االحتجاجات على تواجد السوريّين في تركيا. ث ّم جاء توقيع تركيا ال ّتفاقها األخير مع اال ّتحاد األوروبّيّ أواخر العام 2013ليضع السوريّين أمام استحقاقات لم تكن واردة في حساباتهم ،خصوصا ً أولئك الذين يبحثون عن وسيلة للوصول إلى الض ّفة األورو ّبيّة وطلب اللجوء في دولها ،ذلك أنّ اال ّتفاق نصّ على السماح لدول اال ّتحاد األوروبّيّ بإعادة الالجئين غير الشرعيّين الذين وصلوا إليها من تركيا ،في مقابل إعفاء األتراك من تأشيرة دخول دول اال ّتحاد بحلول العام .2017
وتبعا ً لذلك ،استحدثت السلطات التركيّة دائرة الهجرة ونقلت اختصاص منح اإلق��ام��ة غير السياحيّة للسوريّين إليها ،بعد أن كانت تصدر من دائرة «األمنيّات» وارتبطت مل ّفات طالبي اإلقامة من دائ��رة الهجرة التركيّة (بما فيها البصمات اإللكترونيّة) ببنك المعلومات األوروبّ��يّ ،بحيث يسهل عليها التثبّت من أنّ طالب اللجوء فيها والواصل إليها بالسبل غير الشرعيّة ،كان مقيما ً في تركيا ،وبالتالي يحظى باألمان الشخصيّ أم ال ،ما يُتيح لها إعادته لتركيا وفق مندرجات تلك اال ّتفاقيّة.
ّ الشاذ للسوريّين في أمام هذا الوضع القانونيّ تركيا ،حيث ال يُمنح ص ّفة الالجئ وفق أحكام ا ّتفاقية جنيف وال يص ّنف من (الالجئين بشروط) وال ُتسبغ عليه (الحماية الثانويّة) وبذات الوقت ال يستطيع اللجوء إلى أوروبّا والوصول إليها بطريقة غير شرعيّة من تركيا ،إن كان ممّن حصل على اإلقامة الحديثة فيها ،أل ّنه سيعاد إليها .ونعود إلى التساؤل ما هو المركز القانونيّ للسوريّين في تركيا ؟! .لع ّل نوعية اإلقامة التي ستصدر للسوريّين -من غير الراغبين أو القادرين على استخراج اإلقامات السياحيّة التي يعجز الكثير منهم عن الوفاء بمتطلّباتها وشروطها -والتي ُسمّيت اصطالحا ً بإقامة (الجئ إنسانيّ ) والحقوق المرافقة لها ،تشي ببعض ما يمكن البناء عليه في عمليّة توصيف أكثر د ّقة لوضع السوريّين القانونيّ في تركيا؛ واستطراداً ،ما ينطوي عليه هذا التوصيف من التزامات وحقوق يتعيّن علينا التنقيب عنها والعمل على تظهيرها ،فإنْ لم يكن ممكنا ً العمل على تصنيف السوريّين كالجئين وفق ما هو مقرّ ر باال ّتفاقات الدوليّة الخاصّة بالالجئين لما يستلزمه ذلك من تعديالت تشريعيّة تستتبعها إلغاء للتح ّفظات التركيّة على معاهدة جنيف الخاصّة بوضع الالجئين والمتعلّقة بالنطاق الجغرافيّ اآلنف تفصيله ،فإنّ العمل على تصنيف السوريّين ضمن فئة (الالجئين بشروط) حيث يُتاح لهم ّ حق تسجيل أنفسهم ضمن قوائم طالبي اللجوء لدى المفوضيّة السامية لألمم الم ّتحدة لشؤون الالجئين ،فضالً عمّا يتم ّتعون به من مزايا تقارب ما يتم ّتع بها الالجئ ،ريثما تجد لهم المفوضيّة بلداً يقبل استقبالهم وتوطينهم بديالً عن زوارق الموت. يبقى هذا هو الح ّد األدن��ى الذي يتعيّن على مؤسّسات المعارضة ،وعلى نحو خاصّ منها المكتب القانونيّ باالئتالف المعارض ووزارة العدل في الحكومة المؤ ّقتة العمل عليه مع السلطات التركيّة المضيفة.
احملامي :غزوان قرنفل
www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 15
9
/1تشرين األول 2014/
الســـــــــــوري ّ والعنصريــّة
بين فترة وأخ��رى يطرأ على الساحة اإلعالميّة حاالت العنف الممارس ض ّد السوريّين الالجئين في دول الجوار ،وبشكل خاصّ في لبنان وتركيّا ،ويسيطر على صفحات التواصل االجتماعيّ النقاشات ،وتبادل االتهامات والعنصريّة ،واستذكار أجزاء منتقاة من الماضي القريب ،حين نزوح اللبنانيّين إلى سوريّة خالل حرب تمّوز.
بعض السوريّين الالأخالقيّة ،خلق ت����رب����ة خ��ص��ب��ة لتنمية ال��ع��داوة وال���ع���ن���ص���ريّ���ة، ومناخا ً مناسبا ً للتعبير عنه بكا ّفة الطرق بما يتضمّن ممارسة العنف الجسديّ .
من المه ّم االنتباه والتركيز عليه ،أنّ العنصريّة في لبنان مختلفة تماما ً عن العنصريّة في تركيّا ،وإنْ تمظهرت بشكل واحد متماثل.
أمّ��ا على الساحة التركيّة ،فلم تكن العنصريّة ً مطروحة ،فقد استقبل األت��راك السوريّين بإنسانيّة وأخالقيّة كبيرة ،لم ُتمارس من الدول العربيّة ،التي أغلقت كا ّفة الطرق واألبواب بوجه السوريّين ،ولكن أيضا ً وعلى مدى ثالث سنوات يُدرك األتراك أ ّنها مستمرّ ة ،والتصرّ فات الالأخالقيّة لمجموعات من السوريّين ،أ ّدى إلى خلق هذه النزعة العنصريّة اتجاه السوريّين ،وتمثيلها بسلوكيّات عنف جسديّ في بعض األحيان.
يجمع بين الشعبين -اللبنانيّ والسوريّ -تاريخ ْ وصلت إلى واس��ع من العنصريّة المتبادلة ،التي مراحل العداوة ،فالشعب اللبنانيّ يختزن في ذاكرته ويالت عاناها من الجيش السوريّ خالل تواجده ضمن األرض اللبنانيّة 1976-2005بذريعة إيقاف الحرب ً إضافة إلى النظرة الفوقيّة األهليّة التي كانت قائمة، التي تشاركها الطرفان على مدى سنوات ،فالسوريّون عموماً -ينظرون إلى اللبنانيّين على أ ّنهم بال أخالقأو شرف و”طنطات” ،وأنّ لبنان ليست “بلداً” ،ليست سوى “خاصرة سوريّة” ،في المقابل كانت نظرة اللبنانيّ –عموماً -على أنّ السوريّ ،هو العامل الذي يأتي إلى بلدهم ليعمل كع ّتال ويعود إلى بلده. في حرب تمّوز 2006ومع نزوح اللبنانيّين إلى سوريّة لم ّدة 35يوما ً وسط ّيا ً – استمرّ ت الحرب 34 يوما ً – لجأ بعض السوريّون إلى ممارسات “فرديّة” عنصريّة اتجاههم ،ولكنّ قصر م ّدة بقاء اللبنانيّين في سوريّة ،لم يسمح للعنصريّة في أن تتجلّى وتتدرّ ج في عنف ظهورها ،واالنتقال من العنصريّة والعنف المعنويّ إلى اإليذاء الجسديّ . ْ بدأت من بدايات اللجوء السوريّ نحو لبنان، حمالت عنصريّة وحمالت مضا ّدة من لبنانيّين إليقاف العنصريّة ،وعلى مدى ثالث سنوات من اللجوء المتزايد نحو لبنان ،وخلق أزمة عمل في بلد صغير كلبنان يعاني أهله العطالة من البداية ،ومع عدم وجود ً إضافة لتصرّ فات نهاية واضحة للتد ّفق المستمرّ ،
ّ المؤثرة كذلك ،اإلعالم ،الذي يتر ّكز ومن العوامل في أخباره على التصرّ فات العنصريّة السلبيّة دون إلقاء الضوء على السلوكيّات اإليجابيّة ،ففي لبنان مثالً ،التقطت “رويترز” صورة لعسكريّ في الجيش اللبنانيّ ،ينقذ طفالً سور ّيا ً خالل أح��داث عرسال الماضية ،ويحمله ،ظاهراً على مالمح العسكريّ العطف والحنان اتجاه الطفل السوريّ ،أو حادثة أخرى عن مصادرة عربة خضراوات من الدرك اللبنانيّ لالجئ سوريّ كان يعمل عليها كمصدر رزق ،وبكائه عند مصادرتها النقطاع مصدر رزقه المتواضع ،فما كان من اللبنانيّين الحاضرين للموقف إلاّ بل ّم مبلغ من المال وصل إلى الـ 1000دوالر أمريكيّ وإعطائها للالجئ السوريّ ،والعديد من مثل هذه المواقف ال يُلقي اإلعالم لها باالً ،وال يسلّط الضوء عليها ،بينما تح ّدث اإلعالم –متضمّنا ً مواقع التواصل االجتماعيّ - حادثة قتل سوريّ لتركيّ بسبب اآلجار ،هذا التركيز ّ ويعزز العنصريّة، على جنسيّة القاتل والمقتول يخلق على الرّ غم من أنّ مثل هذه الجرائم تقع يوم ّيا ً في ك ّل دول العالم ،فلم يكن هناك من سبب للتركيز على جنسيّة القاتل والمغدور بهذا الشكل ،سوى الرغبة في
عندما ينشأ الطفل في أجواء الخوف.. ماذا عن المستقبل؟
تعزيز هذه العنصريّة ،فاإلعالم في منطقة الشرق األوسط يهوى “الصيد في الماء العكر”. هذه التغذية للعنصريّة اتجاه الالجئين السوريّين والتصرّ فات الالأخالقيّة ،تضع الالجئين اآلخرين في موقف محرج ال يُحسدون عليه ،فحين تعرّ ضهم لمضايقات ال يملكون طرقا ً أو سُبالً للر ّد سوى الصمت ،فال هم قادرون على االعتراض واالحتجاج، فهم ضيوف في هذا البلد ،فمستواهم األخالقيّ أرقى من الر ّد بالمثل ،وال هم قادرون على عكس نظرة المعتدي نحوهم. ولكن على السوريّ ،ألاّ يبالغ كثيرً ا في لعب دور الضحيّة ،لسببين ،أوّ لهما :أنّ السوريّ هو سببٌ وط��رف في خلق العنصريّة اتجاهه ،خ�لال فترة تواجده في البالد المضيفة ،وثانيهما ،أ ّنه مارس أشكال عنصريّة على من لجأوا إلى بلده ،من الفلسطينيّين والعراقيّين ،وح ّتى اللبنانيّين ،فحين لجوء العراقيّين إلى سوريّة خالل الحرب األمريكيّة على العراق، ْ وقعت حاالت من االعتداء على العراقيّين وحرق ً إضافة للعنصريّة والتعالي على الشعبين لسياراتهم، العراقيّ والفلسطينيّ ،وكذلك اللبنانيّ خالل فترة لجوئه القصيرة ،فعلى السوريّين أن يقفوا ويف ّكروا قليالً قبل أن يبدأوا باستذكار “ضيافتهم” وتناسي ما فعلوه مع العراقيّين خالل تواجدهم ،أو مع اللبنانيّين خالل لجوئهم ،أو خالل تواجد الجيش السوريّ على أرضهم. هذه الما ّدة ليست محاولة لتبرئة اللبنانيّين أو األتراك من أفعالهم ،ولكن هي محاولة لرسم صورة واضحة وكاملة لما يحدث ،فلك ّل سبب مسبّب ،ولك ّل فعل ر ّد فعل يساويه بالمقدار ،قاعدة أساسيّة وبديهيّة في الفيزياء ،تنطبق في السلوكيّات سوا ًء كانت فرديّة أو مجتمعيّة.
لينا احلكيم
المرأة ،بين ر ّدات فعلها وبريستيج الرجل العنوان األه ّم في المجتمعات .وغدا تقييم مدى تق ّدم أيّ مجتمع وحضارته وفقا ً لمدى تحرّ ر المرأة في هذا المجتمع. ولن أتناول هنا مدى أهميّة هذا الموضوع ،كما لن أتناول معناه وأساليب تحقيقه .ولكن ما سأتناوله هنا هو تناول موضوع التحرّ ر بح ّد ذاته ،وتأرجحه بين ر ّدة فعل المرأة على اضطهادها وبين بريستيج الرجل. وبالعودة للتساؤل السابق ،أال وهو لماذا أثيرت ك ّل هذه النقاشات والسجاالت والمقاالت والحركات حول تحرّ ر المرأة؟ ما من ض��رورة ّ تحثني لسرد وض��ع المرأة في المجتمع وخاصّة المجتمع العربيّ كون وضعها واضح ج ّداً للعيان ،وكون المقاالت التي تناولت المرأة ال تع ّد وال تحصى ،وأنّ المدافعين عنها كثر ،والمهاجمون لها أكثر ،وكذلك التحليالت والسجاالت والنقاشات واالختالفات وح ّتى الكتب حول المرأة تجاوزت أيّ موضوع آخر على مدى تاريخ البشريّة .فما من موضوع عا ّم إلاّ وأُفرد فيه للمرأة نصيبها منه، وتناولها (وفق العادة) من زاوية المدافع والمهاجم لها. ولكن لماذا؟؟ لماذا ت ّم تناول هذا الموضوع بهذه الكثرة وهذه الح ّدة؟؟ ألبدأ أوّ الً بسرد متواضع حول تاريخ البشريّة فيما يخصّ هذا الموضوع .فالمجتمعات البدائيّة ،أي فيما قبل تش ّكل الحضارات كانت مجتمعات أموميّة ،أيّ أنّ المرأة هي المسيطرة في العائلة ،هي الطرف العامل والمنتج والذي يعود إليه نسب األبناء ،أمّا األب فكان الطرف المقابل الذي يرعى شؤون المنزل واألبناء. مع تق ّدم الحضارة وألحداث عديدة ومختلفة وتدريجيّة وطويلة ج ّداً وال ي ّتسع المكان لسردها ،تحوّ لت المرأة لنقل -إلى هذا الطرف «السلبيّ » فيما أخذ الرجلالطرف المنتج والعامل والمسيطر .فالصراع بين الرجل والمرأة إذاً هو ص��راع قديم ج�� ّداً .وتوالت التواريخ واألحداث وغدا الدفاع عن حقوق المرأة هو
newspaper@allsyrians.org
أو ّد أن أجيب عنه وبنوع من األس��ف وهو أنّ معظمها ،وخاصّة في العالم العربيّ ال يتجاوز شكلين: األوّ ل هو الر ّد الفعليّ المعاكس نتيجة الكبت والقمع واالضطهاد الذي مورس عليها ،والذي غالبا ً ما نجده عند الكاتبات النساء ،والثاني هو البريستيج االجتماعيّ والذي غالبا ً ما نجده عند الك ّتاب الرجال. بين هذا وذاك ،يتحوّ ل هذا الموضوع من موضوع جوهريّ حقيقي ها ّم ج ّداً إلى موضوع مضحك مثير للسخريّة وللملل في آن واحد ،فالكاتبات اللواتي تناولن هذا الموضوع كان تناولهنّ واضحا ً ج ّداً على أ ّنه ليس أكثر من ر ّدة فعل تجاه القمع والكبت والعنف الذي تعرّ ضن له في ومن المجتمع ،فغالين في مهاجمة الرجل ،وصوّ رنه على أ ّنه ذاك الوحش الكاسر الذي سيه ّم بالتهام األنثى ،أيّ أنثى بمجرد أن أتيحت له الفرصة ،وجرّ دنه من أيّ سمة من سمات اإلنسان اإليجابيّة ،فهو في كتاباتهنّ ليس أكثر من «بعبع» ووحش حيوانيّ همّه األكبر القمع والسيطرة والجنس. مثل هذه الفكرة واضحة ج ّداً في كتابات العديدات وربّما أبرزهنّ الدكتورة نوال السعداوي ،فرغم أنّ هناك محاوالت منها للخروج عن هذه النظرة وإلخفاء ر ّدة الفعل لديها إلاّ أ ّنها واضحة ج ّداً في معظم مؤلّفاتها. وطبعاً ،إنّ تعميما ً كهذا على الرجل ال يختلف اختالفا ً كبيراً عن أيّ تعميم سلبيّ حول المرأة .وهذه الصّورة التي يُرسم بها صورة مضحكة ومثيرة للسخرية، ليست أق ّل إجحافا ً من الصور المعمّمة التي ُترسم بها
المرأة والتي دفعتها لتكوين هذه الصورة عن الرجل والمرضيّة حقاً. غير السويّة َ أمّا الشكل اآلخر ،فهو البريستيج االجتماعيّ ،ولنقل أ ّنه أيضا ً اس ُتخدم في أحيان أخرى ك��أداة الجتذاب النساء .هنا تصوَّ ر المرأة على أ ّنها تلك الضحيّة األكبر واألميرة التي تحتاج إلى من ينقذها ومن ينتشلها من هذا الوحل المجتمعيّ الذكوريّ الفجّ .فالصورة هنا ليست أق ّل إثارة للضحك والسّخرية من صورة الرجل في مؤلَّفات الكاتبات السابقات .وهنا يظهر المؤلِّف على أ ّنه هو هذا األمير الذي سينقذ األميرة المسكينة.. وبدالً من أن يثار هذا الموضوع بشكل أكثر ج ّدية وجوهريّة وفعاليّة تحوّ ل مع مرور الوقت ومع تكرار مثل تلك المؤلَّفات والمقاالت إلى أكثر المواضيع رفضا ً وابتذاالً. في واق��ع األم��ر ،ه��ذا ال يختلف عن الحركات المجتمعيّة المناصرة للمرأة ،فالقليل القليل من التغييرات التي أنتجتها مثل تلك الحركات ،والكثير المرضيّة والبريستيجات الواهية، الكثير من ردود الفعل َ ّ فغالب المحاضرات والندوات بل وحتى الورشات ال تخرج عن هذا السياق ،وغالبا ً ما نجد النساء هنا هنّ «مسترجالت» وهنا يظهر الر ّد الفعليّ لديهنّ بشكل واضح ،فإن كنّ يناصرن المرأة ح ّقا ً فلماذا يخنقن أنوثتهنّ ؟؟ وغالبا ً ما نجد الرجال يقمعون النساء اللواتي على اتصال مباشر بهم بشكل خفيّ وغير مباشر ،وفي أحيان أخرى مباشر. إنّ هذا الملل الذي اعترى هذا الموضوع ليس إلاّ نتيجة المهاترات التي أثيرت حوله وليس إالّ نتيجة التكرار المم ّل لألفكار ذاتها والجمل والشعارات المضحكة ذاتها دون م ّد أيّ يد مساعدة حقيقيّة أليّة امرأة تعاني االضطهاد أو هي ضحيّة العنف الحقيقيّ ، فلم نسمع مثالً عن أيّ تغيير في القوانين ،أو عن أيّ مركز للنساء على مستوى إنتاجيّ فعّال .ك ّل ما سمعنا به هو الندوات المملّة والحفالت الممجوجة والمكرّ رة. ولهذا ،فبوسعي ح ّقا ً أن أعذر أيّ ابتعاد عن هذا الموضوع ،وأيّ رفض للنقاش فيه.
ريم احلاج
إنّ عمليّة معايشة الطفل لعالم األشياء يثير في نفسه ،ليس االنفعاالت اإليجابيّة وحسب ،بل والسلبيّة أيضاً ،خاصّة الشعور بالخوف والفزع ولنقل :إنّ أولى ردود الفعل العاطفيّة لدى الطفل الرضيع أش ّد ما توحي بشعور الخوف والفزع ،وهذه تظهر عند سماعه لألصوات الحا ّدة والقويّة ،ومع ازدياد مقدرة الطفل على إدراك األشياء واستيعابها ،فإنّ إمكانيّة ظهور مشاعر الخوف السافرة عنده تزداد بش ّدة، فيمكن أن يفزع من رؤية األشياء الجديدة (غريبة المظهر) ،أو كبيرة الحجم أو المجهولة أو المستعصية على الفهم واإلدراك ،أو التي تظهر أمامه بصورة ْ مفاجئة ،فقد وُ صفت حوادث انتاب األطفال خاللها فزع من رؤية بساط زاهي األلوان ،معلّق على الحائط بجانب سريرهم ،بالرّ غم من أنّ الوالدين كانا يعتقدان أ ّنهما سيدخالن البهجة والسرور إلى نفس أطفالهما، والنتيجة كانت عكسيّة ،واختبأ أحد اآلباء وهو يالعب ابنه ،ث ّم ظهر أمامه فجأة في قبعة كبيرة غريبة الشكل، وذلك بغية إثارة الضحك والمرح لديه ،والنتيجة كانت إصابة الطفل بالفزع ،بدالً من السرور والضحك. فالطفل يمكن أن يُصاب بالفزع بسبب خوفه أخذت ّ ْ القطة بالهمهمة الغريزيّ إذا سمع نباحا ً قو ّياً ،أو ونفض الشعر ،أو إذا أ ُ ْ غلقت النافذة بش ّدة ،أو إذا رنّ الجرس فجأ ًة ،إالّ أنَّ غياب الخوف الغريزيّ عند الطفل هو حالة أوّ ليّة ،حيث ال يت ّم المحافظة عليها عند أغلب األطفال ،لذا فإ ّنه في الكثير من األحيان، يكون األهل بالذات مذنبين في زرع شعور الخوف في نفوس أبنائهم ،فنحن ّ نحذر الطفل بصوت مخيف: إيّاك أن تقرب ذلك الكلب (فإ ّنه يعضّ ) ،أو أنْ نتذمَّر أمامه قائلين :عليكم أن تبعدوا كلبكم من هنا ،أال ترون بصحبتنا طفل؟ أو أن نل ّقنهم :األفاعي والضفادع هي مخلوقات مخيفة ومقرفة ،أو كأن نقول :كم أفزع من رؤية الصرصور البشع!؟ وأيضا ً قد يناقش األهل في حضرة الطفل ،باهتمام مسألة العثور على الشخص والمكان المناسب الذي يمكن أن يرعى الطفل أثناء غيابهم عن البيت ،لتقوم األ ّم أخيراً بالذهاب بطفلتها إلى جارتها ،كي ال تتركها وحيدة في البيت أو أن (تسحبها) وراءه��ا للمكان الذي ترغب بالذهاب إليه خوفا ً من تركها بعيدة عن ناظريها ،وهنا يبدأ الطفل بالتحسّب والخوف من ك ّل شيء ،فهو يخاف الضفادع والصراصير واألفاعي والسحالي والكالب والفئران ،وح ّتى القطط ،ويخاف البقاء في البيت وحيداً ،ويتولَّد الكثير من صور الفزع عند الطفل ،تحت تأثير األصوات المدوّ يَّة الحا ّدة، أو ظهور الشيء المفاجئ ،أو األشياء التي يوحي مظهرها بشعور المعاناة واأللم .لذلك الحديث هنا يدور عن وجوب االبتعاد ما أمكن عن ك ّل شيء يمكن أن يثير الفزع لدى الطفل ،وأن ُنخ ّفف ،إلى ح ٍّد ما، من تأثير هذه الحاالت ،التي يمكن أن يصاب الطفل فيها بالخوف ،وأن الندفع بأنفسنا إلى حاالت الرعب والخوف ،لئلاّ يعانى القلق ،وكذلك نؤ ّكد بأنّ الصراخ واللهجة الحا ّدة التي يمكن أن يتح ّدث بها األهل في البيت أمام الطفل ،ال يمكن أن ُتدخل الهدوء إلى نفسه وتخ ّفف من اضطرابه ،ومن المؤ ّكد أ ّنكم الحظتم كيف ينتفض الطفل خوفا ً لدى سماعه صرخة حا ّدة، ويخاف بدرجة أكبر ،إذا أخذتم بالصراخ الواحد في وجه اآلخر أثناء وجوده بقربكم. هذا في الحياة العاديّة ،الطبيعيّة ،بعيداً عن حالة الحرب والكوارث الطبيعيّة. فكيف سيكون شعور الطفل ،وتأثير الخوف عليه وهو ما يعيش حالة الحرب في بالده؟ مصير هذا الطفل في المستقبل من الناحية النفسيّة والشخصيّة واإلبداعيّة؟ هل سيتأقلم؟ أم؟؟؟ لكم مطلق الجواب فيما يخصّ مستقبل الطفل السوريّ . وجيهة عبد الرمحن
www.allsyrians.org
10
العدد 15
/1تشرين األول 2014/
ثقافة
اإلسالمي 3/3 العربي قراءة في جذور العنف في التفكير ّ ّ مقاربة في نشأة العنف
عن البنية العميقة التي ترتكز عليها منطلقات هذه الجماعات وعقيدتها وإيديولوجيتها العامّة التي تنطلق منها.
قراءة بسيطة لما تشهده منطقتنا من الصعود القويّ والسريع للتيّارات السلفيّة الجهاديّة التكفيريّة اإلسالميّة كالقاعدة وال��دول��ة اإلسالميّة في ال��ع��راق والشام المعروفة اختصاراً بداعش ،تدفع إلى البحث والتساؤل
فالسلفيّة الجهاديّة نجحت بامتياز في الدمج بين التوحيد بمعناه الحنبليّ الجديد ،كما أسّسه ابن تيميّة، وفصّله ابن عبد الوهاب والمدرسة السلفيّة ،وبين حاكميّة قطب ،ذات الطبيعة الفكرويّة .كما أ ّنها نجحت في الدمج
newspaper@allsyrians.org
إذن ،العامل الرئيس واألساس لفقدان لغة الحوار والمناقشة في المجتمعات العربيّة واإلسالميّة وطغيان روح اإلرهاب والعنف والقتل والكراهية واإلقصاء واإللغاء في هذه المجتمعات ،هو سيادة الثقافة البدويّة على هذه المجتمعات التي اكتسبت هذه الثقافة نتيجة استمرار وقوعها تحت هيمنتها لفترة تمت ّد أكثر من أربعة عشر قرناً.
ال يخفى على أيّ قارئ أنّ الثقافة الشموليّة التي تطبع المجتمعات اإلسالميّة عامّة والعربيّة خاصّة، تقوم على العنف وإلغاء اآلخ��ر، وبذلك ال تدع وجوداً لآلخر للتحاور معه ،هذه الثقافة المختلفة هي نتاج ترسّبات تاريخيّة تراكمت في عقل اإلنسان العربيّ والمسلم خالل حقبة طويلة من الزمن ،والتي أنتجت ذاك النمط من الثقافة العربيّة المتزمّتة والشخصيّة العدوانيّة التي نراها اليوم ،والمبنيّة على الكراهية والعنف واإلره��اب وروح الثأر واالنتقام واإلق��ص��اء واإلل��غ��اء ،لذلك عند الحديث عن موضوع الثقافة العربيّة هذه ،يجب البحث عن العوامل التي أوج��دت تلك الثقافة ،والبيئة التي ترعرعت فيها المجتمعات العربيّة واإلسالميّة والتي ساهمت في خلق الشخصيّة الحالية.
بالمقابل الدين اإلسالميّ فاعل مه ّم ،بك ّل تراثه الذي يملي التطرّ ف ويستدعى الفردانيّة ويسبغ بالتالي القدسيّة ،على ك ّل األفعال التي من شأنها نشر هذا الدين، والتاريخ اإلسالميّ بغزواته وفتوحاته فيه من القصص التي توضح آليّة التبرير لذاك النمط من التفكير العنيف في عملية الغزو للشعوب األخرى.
بعد ظهور الدعوة اإلسالميّة في شبه الجزيرة العربيّة بين مجموعة من القبائل العربيّة البدويّة ،قام هؤالء العرب البدو بنشر الدين اإلسالميّ ،بإشهار سيوفهم في وجوه الشعوب األخرى وغزو بلدانها و نهبها وفرض الدين
ففي الدين مجموعتان من النصوص المتعارضة، نصوص تدعو للغلظة والخشونة ،وأخرى تدعو للرأفة واإلحسان ،والمجتمع وهو يختار ،يمارس نوعا ً من أنواع التعسّف ،الذي تمليه الثقافة وربّما البيئة أو الظرف السياسيّ أو االقتصاديّ .
السلفّية الجهادّية مقاربة في الروافد الفكرّية
بعد التم ّدد المهول في نشاط قوى السلفيّة الجهاديّة واستطاالتها في سورية والعراق ،ووالدة ما سميّ : «الدولة اإلسالميّة في الشام والعراق» هل من الممكن أن نستمرّ في القول إنّ عملها عشوائيّ ،تقوم به مجموعة من الال عقالنيّين ،الذين يكرهون الحداثة وأسلوب الحياة المعاصرة؛ أيّ أ ّنه مجرّ د فكر عدميّ وفوضويّ ال أساس له ،إنّ القول بعدميّة ومجانيّة «الفكر الجهاديّ » ،ليس دقيقا ً ألنّ هذه التنظيمات أثبتت قدرتها على التكيّف مع المستج ّدات ،لدرجة تحوّ لها من شبكة مركزيّة نسب ّياً ،إلى منظومة بدون هيكل قيادة واضح ،ث ّم إلى حالة ُتلهم الجماعات المتش ّددة شرقا ً وغرباً ،في إطار خاليا نائمة غير ممركزة ،قد يقوم على قيادتها أفراد تربّوا في عمق الحداثة وبين ضفافها ،لك ّنهم يعملون بالباطن ،بظ ّل إيديولوجيا ما يسمّى بـ «السلفيّة الجهاديّة».
الجديد على شعوب تلك الدول أو فرض الجزية عليها وسبي نسائها لمن يرفض الدخول في الدين الجديد.
البيئة كذلك (االجتماعيّة والطبيعيّة) أيضا ً بك ّل ّ مؤثراتها ،ابتداء بجفاف الصحراء وما تنتجه من جفاف في األرواح وانتها ًء بك ّل مظاهر التخلّف والجهل الذي تسبح به فعّاليّات التعليم أو التنشئة االجتماعيّة أو ما إلى ذلك ،كلّها عوامل ساهمت ببقاء ذاك الجانب العنيف وطغيانه على بقيّة المظاهر التي رافقت عمليّة احتكاك هؤالء الغزاة والفاتحين بغيرهم من الشعوب والحضارات.
لقد قامت الثقافة التي أنجبت التطرّ ف السلفيّ ،بعمليّة بحث في ك ّل التاريخ اإلسالميّ سعيا ً وراء فكر يتالءم وتوجّ هاتها ،وهكذا إلى أن وجدت ابن تيميّة ،وفتاويه، أيّ أ ّنها نجحت بالتالي في إيجاد ثوب إسالميّ يناسب مقاسات واقعها (القبائليّ -الصحراويّ ). و قد أشار وائل حلاّ ق الباحث الكن ّدي (من أصل فلسطينيّ ) في دراسة مهمّة حول جذور العنف الدينيّ في اإلسالم إلى أنّ أحد األسباب الرئيسيّة لإلرهاب اإلسالميّ » هو انحسار دور الفقيه التقليديّ والمنظومة الفقهيّة الكالسيكيّة التي كانت تو ّفر الع ّدة التأويليّة للجماعة المسلمة ،ممّا ولّد حالة اغتراب حا ّدة عمّقتها المحاوالت التجديديّة المؤدلجة العقيمة والضعيفة علم ّياً ،بهذا المعنى تكون التجديديّة المذكورة من ّ المغذية للتطرّ ف الدينيّ بدالً من أن تكون من الشرايين وسائل محاربته«. فأصبح الفرد يعيش متناقضات القيم التي ُتربّيها شريعته ومنجزات الحداثة الما ّديّة وما تتيحه له. إنّ هذا المزيج من الحداثة والقيم يشوّ ش على الفرد والمجتمع بشكل عا ّم لدرجة تغيب فيها القدرة على التحليل واالستيعاب من أجل االختيار ،اختيار سلطة اإلله وقيم الشريعة ،أو اختيار سلطة الدولة الحديثة ومنجزاتها التي تسرّ الناظرين .إنّ قرنين من الزمن أنتجا فرداً يمكن أن نسمّيه شبه مسلم ،أل ّنه لم يح ّدد بعد المسار الذي يريده .وما التطرّ ف اإلسالميّ وفشل اإلسالم السياسيّ قبل وخالل ما يسمّى بالربيع العربيّ إلى اآلن ،إلاّ نموذجا ً لهذا االضطراب والتر ّدد الداخليّ بين عالمين وبين سلطتين: سلطة اإلله ،وسلطة الدولة.
عبدو نيب
الروافد الفكريّة للسلفيّة اجلهاديّة ،هي مزيج من فتاوى ابن تيميّة وحممّد بن عبد الوهاب واملدرسة احلنبليّة ،ومن طروحات سيّد قطب. الشيخ الفقي :القوانني نفسها طواغيت ،وواضعوها ومروّجوها طواغيت
ب��ي��ن ت��ج��رب��ة السلفيّة الجهاديّة ،مع بعض التأويالت والتلوينات تحقيقها. ال�����ج�����ه�����اد القطبيّة الحاكميّة ،والواقعيّة. المفهوم الثاني :مفهوم «دار اإلسالم ودار الكفر»؛ األفغانيّ ،في من هنا ،فإنّ األسس الفكريّة لما يعرف بالسلفيّة ويتجاوز السلفيّون الجهاديّون من خالله ،التصوّ ر ج��ه��اد ال��ع��دو المعاصرة ،إ ّنما ّ تتمثل ،في نظر المؤلّف ،في التسليم السائد والتقليديّ لمفهوميّ «دار اإلسالم ودار الكفر»، البعيد ،وبين واالستسالم لنصوص الكتاب وال ُّس ّنة ،وتفسيرها بال بأنّ األولى هي َمن أهلها مسلمون ،وأنّ الثانية هي َمن جهاد األنظمة تأويل وال هوى ،وأنّ األصول ثالثة هي الكتاب وال ُّس ّنة يكون أهلها كافرين ،مؤ ّكدين على أه ّميّة الغلبة ألحكام ال���ق���ط���ريّ���ة ،وإجماع األمّة ،واعتبار أهل القبلة مسلمين مؤمنين ،ما اإلسالم ،بما معناه ألاّ اعتبار لألهل ولدينهم في هذه العدو القريب ،داموا بما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم معترفين المسألة. «وذل��ك حسب ومص ّدقين ،والتبرؤ من أهل األهواء والبدع والتأويل المفهوم الثالث :مفهوم «الجهاد طريق التوحيد»؛ ت��ص��ن��ي��ف��ات��ه��ا من المشبهة والمعطلة ،الذين يأخذون الدين بالعقل أو أي أنّ الجهاد قد ُ شرّ ع من أجل التوحيد ،اعتباراً لقول بالطبع» ،على بغير س ّنة اال ّتباع ،عند الصحابة والسلف الصالح. عبد هللا عزام« :إنّ من ذهب إلى الجهاد عاد بغير أنّ المشترك من جهة أخرى ،يؤ ّكد منظرو السلفيّة الجهاديّة ،على القلب الذي ذهب به»؛ بمعنى أ ّنه لن يبقى على نفس ال���ن���اظ���م هو ّ التمثل للذات ولآلخر. كراهية الحداثة مقوالت ع ّدة ،من قبيل صراع الحضارات ،باعتباره الرؤية وال على نفس ال���غ���رب���ي���ة ،حقيقة وواقعاً ،فضالً عن كونه س ّنة ربانيّة ،هي س ّنة المفهوم الرابع :مفهوم «ال��والء والبراء» ،بما ل�������درج�������ة التدافع بين أهل اإليمان وأهل الكفر ،وأنّ الجهاد ٍ ماض معناه م��واالة المؤمنين ونصرتهم ،والتبرّ ؤ من ّ الرفض. إلى يوم القيامة ،وأنه القانون الوحيد للتعامل مع غير الكافرين ومعاداتهم .إلاّ أنّ السلفيّين الجهاديّين يلحّ ون ّ المسلمين ،ح ّ واألسس، المبادئ هذه ل وتمث يسلموا. ى ت على أنّ البراء ال يقف عند الكراهية ،بل يمت ّد إلى إنّ الروافد الفكريّة للسلفيّة العالمات المميّزة للنظام المعرفيّ للسلفيّة الجهاديّة ،ضرورة التكفير ،ويكتبون في تقعيده وأه ّميّته ،خاصّة ً ّ ً ال��ج��ه��اديّ��ة ،الذي تمايز تمايزا كل ّيا عن رافديه األساسيّين السلفيّة فيما يتعلّق باألنظمة الحاكمة في المنطقة ،التي توصف ّ ه����ي م��زي��ج التقليديّة والقطبيّة ،ويقطع كليّة مع غيره من الحركات عندهم وبأدبيّاتهم بالطواغيت. اإلسالميّة األخرى ،بدءاً من اإلخوان المسلمين ح ّتى المفهوم الخامس :مفهوم «الطاغوت» .وتكاد م����ن ف���ت���اوى مراجعات الجماعة اإلسالمّية في مصر ،أو غيرهما تقصره السلفيّة الجهاديّة على الحكم بالقوانين الوضعيّة، اب����ن ت��ي��م��يّ��ة من الحركات الناسجة على منوالها. ومحمّد بن عبد الوهاب والمدرسة الحنبليّة ،وأيضا ً والحاكمين بها من األنظمة الحاكمة في العالمين ّة ي السلف فكر ّس، س تؤ كبرى مفاهيم خمسة هناك من طروحات سيّد قطب وأبي األعلى المودودي ،فيما العربيّ واإلسالميّ .يقول الشيخ محمّد حامد الفقي: الفعل: ومجال السياق له وترسم ّة، ي الجهاد يتعلّق بالحاكميّة ،التي على أساسها بنى بعض السلفيّين «القوانين نفسها طواغيت ،وواضعوها ومروّ جوها (حزب التحرير تحديداً) تصوّ رهم للديمقراطيّة ،بارتباط المفهوم األوّ ل :مفهوم التوحيد ،وهو مفهوم مركزي طواغيت» .وهذا في ح ّد ذاته كافّ ليس فقط للطعن ومفهوم الخالفة وبناء الدولة اإلسالميّة ،وكذلك ّ تمثلهم في النظام السلفيّ عموماً ،لك ّنه يأتي متمايزاً في في النصوص واللوائح الوضعيّة ،بل ورفضها رفضا ً لالتفاقيّات الدوليّة والقانون الدوليّ عموماً .على أنّ خطاب السلفيّة الجهاديّة عمّا سواه ،متماهيا ً مع مفهوم مطلقا ً في االعتقاد كما في تنظيم العالقات بين مكوّ نات ما يميّز هؤالء عن الحركات المتش ّددة ،إ ّنما الموقف الحاكميّة القطبيّ بشكل بعيد .ولمفهوم الحاكميّة أبعا ٌد الجماعة واألمّة.. من التغيير باألدوات العنفيّة ،واالرتكاز على التغيير متع ّددة ،فهو يتجلّى سياس ّيا ً في رفض الحكم بغير ما ما حاولنا أن نق ّدمه من ق��راءة سريعة للروافد بالقوّ ة. أنزل هللا ،وتكفير الحاكمين والقوانين الوضعيّة ،بينما الفكريّة للسلفيّة الجهاديّة ما هو إلاّ مشاركة بسيطة ّ ً السلفيّة الجهاديّة ،بمقوالتها وبناها ،ليست إلاّ يتجلى اجتماع ّيا في التصوّ ر الحاكميّ للمجتمع ،الذي في تسليط الضوء على المراجع الفكريّة لها ،ألنّ خليطا ً منسجما ً من القطبيّة الجهاديّة والوهابيّة؛ أي من صارت تسكنه ما يسمى بـالجاهليّة الجديدة .وتلتزم الحرب على اإلرهاب ،في جزء كبير منها ،هي حرب حاكميّة سيّد قطب ،وتوحيد محمّد بن عبد الوهاب .فهي السلفيّة الجهاديّة نفس التقسيم النظريّ للسلفيّة الوهّابيّة أفكار في المقام األوّ ل ،إلاّ أّن هذه الحرب ال زالت من هنا ،ليست نتاجا ً خالصا ً للفكر القطبي ،ح ّتى وإن والتيميّة التقليديّة ،للتوحيد ،وهي :توحيد األلوهيّة ،بحاجة للكثير من األدوات والوسائل ،التي يمكنها أن تقاطعت معه في الجانبين العقدي والفقهي ،وأخذها منه وتوحيد الربوبيّة ،وتوحيد األسماء والصفات؛ وهي تف ّكك المنطلقات الفكريّة ،والمقوالت األيديولوجيّة، ّ الشق النظريّ الذي تشترك فيه جميع المدارس السلفيّة التي ّ لفكرة الحاكميّة ،إ ّنها صاحبة صياغة سلفيّة تاريخيّة، تمثل معا ً خطاب ومرجعيّة كثير من التنظيمات منذ ّة ي السلف بالمدرسة تقسيم وهو بالخصوص، خاصّ تستلهم التصوّ ر العقدي والفقهي السلفيّ ،كما تأسّس الجهاديّة المعاصرة. عند تالميذ ابن تيميّة وابن عبد الوهاب .والسلفيّة عهد ابن تيميّة ح ّتى اآلن .وتربط السلفيّة الجهاديّة بين الحنبليّة والوهابيّة كانت مرجعيّة أوسع ،نتجت عنها التوحيد والجهاد ،إذ التوحيد غاية ،والجهاد من وسائل صالح الدين داود
www.allsyrians.org
العدد 15
ثقافة
من ذاكرة الصحافة بين عاميّ ،1918 -1908كان عدد الصحف في دمشق 36صحيفة ،وحلب 22صحيفة، وحمص 6صحف ،وحماة 6صحف ،والالذقيّة 5 صحف ،والقنيطرة واحدة. لكن إذا استعرضنا أسماء بعض الصحف، فنستطيع أن نستقرئ حالة اإلحباط واليأس والطالق بين الفرد والسلطة الحاكمة مثل« :حط بالخرج - ضاعت الطاسة -جحا -عكاز -انخلي يا هاللة... إلخ» وهذا التركيب «انخلي يا هاللة» مث ٌل شعبيّ قصّته أنّ زوج هاللة سرق كيسا ً من الطحين ،فأتى صاحبه وتالسن معه ،ث ّم قال له :سوف أشتكي للقاضي .فقال السارق لزوجته« :انخلي يا هاللة» ومن ث ّم ذهب مثالً شعب ّيا ً يُطلق اليوم على ك ّل من يريد أن يأخذ ح ّقه عن طريق المحكمة. لكن ما يجب التو ّقف عنده أنّ جريدة كانت تصدر في دمشق عام 1912باسم االشتراكيّة ،أيّ قبل قيام الثورة االشتراكيّة في روسيا. بين عامي ( )1918 -1908ظهر نوع من الصحافة المهاجرة ،فمثالً مواطن من الالذقيّة يدعى «بهاء الدين الصوفي» أصدر في بيروت صحيفة باسم «العجائب» عام .1913كذلك أصدر «إلياس طربيه» باالشتراك مع «يوسف نحّ ال» في البرازيل جريدة «الرقيب» بتاريخ 15كانون األوّ ل .1917 والواقع أنّ الصحافة السوريّة منذ مائة عام عكست أح��وال المجتمع ال��س��وريّ االقتصاديّة واالجتماعيّة والسياسيّة بصدق ،وقد استخدمت بعض الصحف السخرية المؤلمة البتكار العديد من الطرق في النقد الالذع والموجع ،فجريدة «حط بالخرج» استعملت الطريقة الهزليّة التي التجأت إليها الصحافة السوريّة منذ مائة عام لتتهرّ ب من الجالوزة بقصيدة طريفة أقتبس منها هذه األبيات: طناجر الرز فيها منتهى أملي الكسل وقصعة اللحم تنهاني عن ِ أكلي أخيراً وأكلي أوالً قصع واشتغل في دهنها سقسق الخبزات ِ لكنّ المتابع للصحافة السوريّة في هذه المرحلة يالحظ: أوّ الً :انتشار صحافة السخرية والنقد الالذع. ثانياً :أصبحت بعض الصحف تصدر يوم ّيا ً مثل «صحيفة األمّة» و»هالل عثماني» ،و»المقتبس». ثالثاً :تنوّ عت المواضيع فأصبحت اجتماعيّة وفنيّة واقتصاديّة وأخالقيّة وسياسيّة ،كانت أه ّم الصحف في هذا المجال :هالل عثماني ،الشعب، المنتخبات ،البارقة ،األمّة ،المقتبس. وكان يرأس تحرير هذه الجريدة (محمّد كرد علي) ،وكانت من أفضل الصحف ،ألنّ صحف تلك الفترة لم تكن جميعها بالمستوى نفسه.
حول كتاب «األمثال الكوردّية»
الكورد كغيرهم من شعوب العالم لهم ثقافتهم وحضارتهم ،وكذلك أمثالهم الشعبيّة التي يستخدمونها في حياتهم اليوميّة بحسب الموقف ،فنرى الشجاعة والجبن ،الحبّ والخيانة ،والحِكم وتفاصيل الحياة اليوميّة مما يُذكر في أمثالهم. وقد قام المحامي «علي عبد هللا كولو» من مدينة الدرباسيّة (محافظة الحسكة) ،بجهد كبير في هذا ّ مؤخراً كتاب األمثال الكورديّة المجال ،حيث أصدر عن دار (باتمان) للنشر. وأله ّميّة هذا العمل وتميّزه التقت «كلّنا سوريّون» بالمؤلّف إللقاء المزيد من الضوء على الكتاب.
newspaper@allsyrians.org
11
/1تشرين األول 2014/
آهات..
مِتل الصبح..
ت معي بتبقى.. وإن ِ
بتذ َّكرك
وبص ِّدق عيونك
يلي بدا بـ خاطِ َرك
جحود
ربيان بالعتمة
آهين يا بلدي..
بتذ ّكرك.
وبعرف من الضحكة
ونورك مدى األيام َ
حِس َنك حزن ضحكان
مِتل الطِ فل ..عم تِلعب قِبالي
مين الـ عم يخونك
يا آخد الروح الجريحة بخنجرك
ِضل ما كان فِيك ت َ
واس َمك على صوتي جرح وروح الحِسن ..حِز َنك وجرحي ح َمل اسمي..
متل الصبر
ومات االسم بالشام.
أصعب من طِ باق الجمر
آهين يا بلدي..
وما لي غنى ع ِّنك
مِتل الحكي..
آهين يا بلدي
خبي َتك بصدري
شو بوص َفك؟ ِقلِّي..
وباح الن َفس بال َهم
وبيسألوني الناس.. بالقهر وال ِقلّة شو ولّعك ِ
مكتوب َع لونِن
يا ريت في عندي حكي
أسود ..وكِحلو دم.
يشبه مواوي َلك
آهين يا بلدي..
يشبه دفا بردَ ك
مِتل العمر..
يشبه قمر ِبس َماك
ِبتمر ِق ّدامي
يشبه صالة الصبح
وبتِنسرق سِ رقة
من بعد سكرتنا أنا وياك
والـ سِ ارقك بيروح
-------
وشافُوك بعيوني
وبيّ بقلبي َعمّرك.. بتذ ّكرك..
يا حيف تنسى كلمتي.. وتِلحق ظنونك.. بتذ ّكرك..
شورْ َتك.. قديش َم َ وشو ِّ نط ْ رت وقتي..
لمّا الزمان َت َّقل عليك وحمّلك
--------وكتبت.. يا حرف.. يا طِ ول صبري َع الوقت ناطِ ر يجي وق َتك
بلكي يجي وقتك..
وكانو شبابك مو إلك
ولمّا الشمس طِ ْ لعت َطلّعت ..ما شِ فتكْ
وكانت عمامات الوهم
يا كيف َمرّ قت العمر يا كيف ّ نطرتك
تسوقن ع سهرة َمق َتلك
يا كيف ّ نطرت الحلم
وكان الهوى ..ك ّل الهوى جنوبي
يا كيف مرّ ق َتك يا ريتني ّ خطيت..
بتذ ّكرك .. الحرف.. قديش َسهّرت َ يحكي عن م َِجادَ ك قديش ضمّيت الكتب الـ فيها حكي وخِبار عن ريحة والدَ ك.. بتذ ّكرك..
وقلبي لوحدو بالفال يحْ مِل وجع ..تا يحملك بتذ َّكرك.. قديش صرلي ناطِ َرك.. ما أصعب الملقى
َع الحيط ..حِرّ ية تا صير َمحبر َتك . . حرف القلم حرف َع ِ يا ِ بالدم ..طرّ زتك ---------
وال كان فيها تِروح وال ضِ ل عندا ِجسم وال ضِ ل عِ ندَ ك روح َع مهلكِن مِوتوا.. اصحى العتب يغسِ ل قلِب فيكن صوت العتب مبحوح عبّوا حقِد أسود سِ ّدوا المدى المفتوح وتذِكروا كِل شي حلو وقولوا كذب وخلّي المودة تِنوح مسموح ياكِلنا الكره.. بس الرضى و الصفح .. مِشْ مسموح.
فادي جومر
قصة عرس مزّيفة لمهاجرين نحو الحرّّية! «أنا مع العروسة»ّ .. الساعة 11:13مساءً؛ الفراغ كلمة أثقل ممّا يمكن أن ُتحتمل هي متعِبة ج�� ّداً ،فراغ من ك ّل شيء ح ّتى من أنفسنا ،فراغ يعتلي ك ّل التفاصيل الجميلة والحزينة والمخبّأة .نعم فراغ وع ّدة حواجز تمنعنا من الوصول ح ّتى إلى الهامش على جانب الصفحة ،ممنوعون ح ّتى من المحاولة. رأيت برّ اً ُ ُ حاولت إيصال كلماتي بش ّدة ،وحين أنسها أبداً ولن أنساها، أرسو عليه قيل لي كلمة لم َ قيل لي يجب أن تحتوي كتاباتك على 500إلى 600كلمة أقلّها ،ونسوا أنّ معظم الروايات معناها ما بين السطور ،ونسوا أنّ كثرة الحروف ال تعني أبداً أحاسيس زائدة أو أسراراً مخبّأة ُتكتب ،بل قد تعني العكس تماماً ،الهروب من البوح حين تض ُع هكذا شروط. حق يُعلنها؟ أليس معظم ما من الذي يضعها وبأيّ ٍ ّ يؤثر فينا كلمات بسيطة تغيّر مسار تاريخنا وحياتنا من جه ٍة إلى أخرى؟ أليس األلم كلمة من خمسة حروف
ولكنّ الخمسة حروف نفسها كفيلة بآالف الكلمات، فحين سنقرأ تلك الحروف س ُترسم أمام ك ّل واحد م ّنا حكايته.
تحتوي في طيّاتها آالف الحكايات الجريحة؟ وأليس الحزن عالما ً كثير الصمت بقدر ما يحتوي من ذكريات ال ُتنسى؟ وأليس الفرح عالما ً جميالً نعيش به لدقائق ونتح ّدث عنه طويالً؟ ألم تكن كلّها كلمات من بضع ف ال أكثر ّ حرو ٍ تمثل حكاياتنا كلّنا؟ وتحكي أسرارنا كاملة؟ أليست أنغاما ً ُتعزف؟ إنْ أنا كتبت عنوانا ً أبتدئ به بكلمة الحزن وتركت لكم التكملة ،ك ّل واحد سيكتب بطريقة مختلفة ،وكلّنا عنينا الحزن كما ترويه عيوننا،
سامحوني لنقدي الجريء وكتابتي ما يجول بداخلي ،ولك ّنها كلمة لم أستطع العبور من فوقها دون الر ّد عليها أب��داً ،ال أعلم إن كانت كلماتي ستصل أم ستبقى مخبّأة؟ وال أعلم هل سيهت ّم من سيقرأ أم أ ّنها ستكون كغيرها عابرة؟ ال أعلم مع من أتح ّدث وال إلى من أوجّ ��ه رسالتي؟ ولك ّني متأ ّكد أ ّني أكتب بصدق ،وأنّ ضميركم سيحكم بك ّل حرف به نطقت ،وال أعلم متى سنتقابل؟ ولك ّني أتم ّنى ألاّ يطول األمر. أب��داً لن تكون مشاعرنا مح ّددة بحرف أو بألف ...بسطر أو بكتاب ،لن يكون هكذا األمر .مشاعرنا ستبقى ُت ّ لخص بكلمة تروي آالف الكلمات ،وقد ال ترويها آالف الكلمات أبداً ،وقد نهرب من البوح عنها بآالف الكلمات أيضاً. هشام منوّر
الحروف أنغام الروح
الساعة 11:13مساءً؛ الفراغ كلمة أثقل ممّا يمكن أن ُتحتمل هي متعِبة ج ّداً ،فراغ من ك ّل شيء ح ّتى من أنفسنا ،فراغ يعتلي ك ّل التفاصيل الجميلة والحزينة والمخبّأة .نعم فراغ وع ّدة حواجز تمنعنا من الوصول ح ّتى إلى الهامش على جانب الصفحة ،ممنوعون ح ّتى من المحاولة. ُ ُ رأيت برّ اً أرسو حاولت إيصال كلماتي بش ّدة ،وحين أنسها أبداً ولن أنساها ،قيل لي عليه قيل لي كلمة لم َ يجب أن تحتوي كتاباتك على 500إلى 600كلمة أقلّها ،ونسوا أنّ معظم الروايات معناها ما بين السطور، ونسوا أنّ كثرة الحروف ال تعني أبداً أحاسيس زائدة أو أس��راراً مخبّأة ُتكتب ،بل قد تعني العكس تماماً، الهروب من البوح حين تض ُع هكذا شروط. حق يُعلنها؟ أليس معظم ما من الذي يضعها وبأيّ ٍ ّ يؤثر فينا كلمات بسيطة تغيّر مسار تاريخنا وحياتنا من جه ٍة إلى أخرى؟ أليس األلم كلمة من خمسة حروف تحتوي في طيّاتها آالف الحكايات الجريحة؟ وأليس الحزن عالما ً كثير الصمت بقدر ما يحتوي من ذكريات سؤال« :أستاذ كولو» من أين بدأت فكرة جمع األمثال الشعبيّة لديك ،ولماذا؟
ك��ول��و :ب��دأت فكرة جمع األم��ث��ال م��ن��ذ أن ك��ن��ت في الصفّ األوّ ل الثانويّ من العام ُ ،١٩٩٦أل ّنني الحظت أنّ استخدام هذه األمثال ،يقتصر على كبار السنّ ،والشباب ال يستخدمونها إلاّ نادراً ،وبالرغم من أنّ ك ّتابا ً آخرين جمعوا األمثال ،وأص��دروا كتبا ً بهذا ّ الحظ لم الخصوص ،إلاّ أنّ يحالفني للحصول على أحدها، فبدأت بجمع األمثال ابتدا ًء من قريتي «أبو جرادة» وانتها ًء بالجامعة (جامعة دمشق).
ال ُتنسى؟ وأليس الفرح عالما ً جميالً نعيش به لدقائق ونتح ّدث عنه طويالً؟ ألم تكن كلّها كلمات من بضع ف ال أكثر ّ حرو ٍ تمثل حكاياتنا كلّنا؟ وتحكي أسرارنا كاملة؟ أليست أنغاما ً ُتعزف؟ إنْ أنا كتبت عنوانا ً أبتدئ به بكلمة الحزن وتركت لكم التكملة ،ك ّل واحد سيكتب بطريقة مختلفة ،وكلّنا عنينا الحزن كما ترويه عيوننا، ولكنّ الخمسة حروف نفسها كفيلة بآالف الكلمات، فحين سنقرأ تلك الحروف س ُترسم أمام ك ّل واحد م ّنا حكايته.
سامحوني لنقدي ال��ج��ريء وكتابتي ما يجول بداخلي ،ولك ّنها كلمة لم أستطع العبور من فوقها دون الر ّد عليها أبداً ،ال أعلم إن كانت كلماتي ستصل أم ستبقى مخبّأة؟ وال أعلم هل سيهت ّم من سيقرأ أم أ ّنها ستكون كغيرها عابرة؟ ال أعلم مع من أتح ّدث وال إلى من أوجّ ه رسالتي؟ ولك ّني متأ ّكد أ ّني أكتب بصدق ،وأنّ ضميركم سيحكم بك ّل حرف به نطقت ،وال أعلم متى سنتقابل؟ ولك ّني أتم ّنى ألاّ يطول األمر. أب��داً لن تكون مشاعرنا مح ّددة بحرف أو بألف سؤال :أستاذ «كولو» لو تح ّدثنا عن كيفيّة جمعك لهذه األم��ث��ال؟ وك��م استغرق من الزمن؟ ُ ج��م��ع��ت ه��ذه «ك���ول���و»: األمثال على مدى سبعة عشر عاما ً من أف��واه كبار السنّ ، حيث كنت أجتمع بهم ،كلّما سنحت ل��ي الفرصة برؤية أحدهم ،فأسجّ ل وأدوّ ن ،ح ّتى جمعت اآلالف من األمثال الشعبيّة. س��ؤال :ماهي الصعوبات التي كانت تعترض عملك؟ «كولو» :اعترضت عملي الكثير من الصعوبات، لكنّ أش ّدها كان صعوبة التن ّقل ،فكان وضعي االقتصاديّ
...بسطر أو بكتاب ،لن يكون هكذا األمر .مشاعرنا ستبقى ُت ّ لخص بكلمة تروي آالف الكلمات ،وقد ال ترويها آالف الكلمات أبداً ،وقد نهرب من البوح عنها بآالف الكلمات أيضاً.
حممود ترمانيين
يكبح تحرّ كي ،خاصّة وأنّ هذا النوع من العمل يتطلّب تنقالً بين محافظة الحسكة وريفها ،ومحافظة حلب والعديد من المناطق مثل منطقتي عفرين وكوباني ُ بدأت (عين العرب) ،وصوالً إلى دمشق .أمّا عندما بالكتابة في الفترات األخيرة على الكمبيوتر فكنت أعاني من انقطاع التيار الكهربائيّ خصوصاّ ،وكذلك من انقطاع االتصاالت ،إلاّ أّنه ـ والحمد هلل ـ أنجزت هذا العمل. وكلّي أمل أن أتابع في هذا االتجاه ،فكتابي ال يض ّم إلاّ جزءاً من أمثال الشعب الكورديّ الغنيّ بحكمه وأمثاله. «كلّنا سوريّون تشكر األستاذ علي كولو ،وتشير إلى أنّ كتابه «األمثال الكورديّة» صدر باللغة الكورديّة عن «دار باتمان للنشر» في تركيا نهاية آذار ،٢٠١٤ والكتاب يقع في ١٣٠صفحة ،ويض ّم ٣٤٠٠مثالً شعب ّياً. كلّنا سوريون
www.allsyrians.org
12
العدد 15
مقامات
/1تشرين األول 2014/
م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب
ليس للكرد ّي إلاّ الريح حممود درويش
الحنين إلى سواهُ ،فال يُغ ِّني ... َي َتذ ّك ُر الكرديُّ حين أزو ُرهَُ ،غدَ هُ ..فيُبع ُدهُ كأنه يُخفي َ الغبار :إليك ع ّني ! بُم ْكنسة ال ي َُغنيِّ حين يد ُخ ُل ظلُّه َش َج َر األكاسْ يا ،أو ِ عرهُ َم َط ٌر خفيفٌ ... يبلِّ ُل َش َ ِي الجبالُ .ويشربُ الـﭭودكا لكي فالجبا ُل ه َ يبقى الخيا َل على الحياد: الذئب ،يسأله النزا َل: بل يُناجي َ أَنا المساف ُر في مجازي ،والكراكيُّ الشق َّي ُة تعال يا اُبن الكلب َن ْق َرعْ َط ْب َل هذا الليل حتى قى .وينفُضُ عن هُو َّي ِت ِه الظال َل :نوقظ الموتى .فإنَّ ال ُكرْ دَ يقتربون من نار الحمْ َ إخوتي َ الحقيقة ،ثم يحترقون مثل فراشة ال ُّش َعراء ه ُِويَّتي لُغتي .أنا ..وأنا. يعرفُ ما يريد من المعاني. أنا لغتي .أنا المنفيّ في لغتي .وقلبي جمرةُ ُكلُّها َع َب ٌ ال ُكرْ ديِّ فوق جبالِ ِه الزرقاء.. ث .وللكلمات حي َل ُتها لصيد نقيضها، عبثاً .يفضّ ب��ك��ار َة الكلمات ثم يعيدها ليس مسافراً هذا المسافرُ ،كيفما ا َّت َف َق.. بكراً إلى قاموسه .و َيسُوسُ َخ ْي َل األبجدية ُ ُ الشما ُل هو الجنوبُ ، ويحلق عا َن َة اُللُغ ِة : الشرق َغ��رْ بٌ في كالخراف إلى مكيدته، حقائب للرياح ،وال وظيفة السراب .وال َ انتقمت من الغيابَ .ف ْ عل ُ ُ ت ما فعل الضبابُ للغبار. بإخوتي .و َش َوي ُ ْت قلبي كالطريدة.
ّ لكل مقام مقال
رحيل العلاّ مة هاني فحص
رصيف األزهار لم يعد يجيب
ل��م ي��ع��د يستجيبُ ل��ن��ا رصيف األزهار يا مالك حداد..ال أرصفة بقيت لنا ل ُنحمّلها غربتنا وتوابيت ذاكرتنا الممتلئة بالروائح والغائبين والمدن والخسارات ..أع ُّد األرصفة العابرة رصيف التي عرف ُتها كجرح ..وأرشُّ َ ٌ أرصفة الزهور بماء القلب كأنّ الحياة للفقدان المستمرّ ..أع ُّد األصدقاء ..وأتحسّسُ ظهري من الطعنات القديمة كأنّ الحياة خنج ٌر بيد رجل «كبروتوس» ال يتعب أبداً من الطعن ..أع ُّد فنجان قهوة وأبحث عن سيجارة فرنسيّة من يأس آخر ،فلم يعد نوع غولواز التي ال أحّ بها وأكتب للحُب حتى ٍ لألرصفة ِأح ٌد سوى المشرّ دين والضائعين والنازحين والالجئين والشعراء الذين يموتون قبل الثالثين ..لم يعد لألرصفة من أح ٍد سوى من تخلّت عنهم مدنهم للحروب ..لم تعد األرصفة أمكنة ليسير عليها عاشقان ويتبادالن الزهور هديّة ،نحن اليوم آمنة َ شعوب أحوج ما تكون ألرصفة تق ّدم فيها األزهار والقهوة والحبّ ببساطة كما يق ّدم الماء لضيف عابر. ُترى كم رصيفا ً ينبغي أن نبني بتلك البالد لنمتلك أحقيّة المشي عليها دون خو ٍ ف من الفقد أو الموت!!. أمشي وكأنّ الحياة رصيف طويل للتدريبات المتواصلة على نهار تشرق الشمس ممارسة األشياء القديمة التي ال دهشة فيها ،ك ّل ٍ من نفس الجهة على الرصيف ،ك ّل األشياء سكونيّة تعبر ذات الرصيف القديم ،ك ّل قطط العالم تسير بمحاذاة األرصفة وكأ ّنها بيتها المألوف الذي ال حركة غريبة تحدث فيه ،ك ّل المتسوّ لين يفترشونها وينامون عليها وكأ ّنها أسرّ ة من ريش ودفء وحبّ ففي ك ّل رصيف نتدرّ ب على الفقد ،ومع الزمن البطيء نتعوّ د كيفيّة امتصاص ألم الفقد على ك ّل رصيف جديد نخطوه. ال نضع أزهاراً كثيرة على الطاوالت المفترشة باألرصفة التي نسير عليها ألنّ العطر يشي بالغائبين ..ال نصغي ألغاني حزينة أو لموسيقا «أندريه ريو» أل ّنها ستؤ ّدي بنا حتما ً لرصيف من أرصفة المفقودين ،هي الحياة هكذا تدريب متواصل على المشي باألرصفة الكثيرة التي نعبرها ك ّل يوم ونحن ذاهبون للعمل ،ونحن قادمون من العمل ..ح ّتى ونحن ذاهبون لموتنا القادم تدريب متواصل على الخسارات وتج ّنب وضع األشياء في أماكنها الصحيحة ..هكذا ُتعلّمنا األرصفة ..التضع عطر المرأة التي تحبُّ قرب سريرك سيفاجئك ليالً بسرقة الهواء من رئتيك.. ال تغ ّني وحيداً بآخر الليل ..فسيصطادك الحزن بإزميله..ال تحتفظ بأرشيف الصور بخزائنك أو بذاكرة جهازك الن ّقال فهي ستنقضّ ّ التفت إليها وتطعنك َبما لم تعد تملكهُ ..هذه األرصفة عليك كلّما الكثيرة ...الطويلة ..النظيفة ..والمغبرّ ة ..المرصوفة بحنان والمرصوفة بتع ٍ ب ونزق ستدفعنا لنتدرّ ب على ك ّل األشياء التي لم صديق ما، نف ّكر بها ..ستدرّ بنا على الحرب ونحن ن ّتكأ على كتف ٍ ك ّل يوم نتجوّ ل بين القتلى ونشاهد األنقاض والرؤوس المقطوعة ونغلق الشاشة على خبر عاجل نلبس قميصا ً رماديا ً ونذهب للسير على رصيف ما لنخبره عن الحرب القائمة ..ستدرّ بنا على الكراهيّة وهي أش ّد وأقسى أنواع التدريبات صعوبة بداية نتجرّ ع حبيتن من «باراسيتامول» ونفتح نوافذ الذاكرة لك ّل الحجارة التي أتتنا وارتمت في طريقنا ،نتشرّ ب كقماش قطنيّ ك ّل ماء الكراهية ّ ونوطنه تحت جلدنا وبين دمنا البربريّ ومن ث ّم نخرج برأس لنسير أيضا ً على رصيف نسمّيه رصيف مرفوعة من المجزرة َ الكراهيّة..األرصف ُة ستدرّ بنا على حضور الخريف بحياتنا كما يتدرّ ب طفل على المشي ..نخرج للرصيف الذي يتساقط عليه الورق األصفر ونمشي ساخطين ،وربّما ال مبالين بك ّل األرصفة التي فقدناها ..بك ّل األرصفة التي تدرّ بنا عليها..بك ّل األرصفة التي لم تعد تستجيب لنداءات األزهار ونداءات الحب
وداد نيب
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
رسالة اّ للثوار السور ّيين: العلمة الس ّيد «هاني فحص» ّ العربي «يجب أن نتجاوز االنتماء للهو ّيات الفرع ّية ،ويجب أن يكون الربيع ّ مدخلنا لتجاوزه ،وأن يبدأ هذا التجاوز من سور ّية ،وفي حال بدأ من سور ّية ،فإ ّنه سيترك أثره على كل ّ البالد العرب ّية. الثوار السور ّيين الحقيق ّيين أن يكونوا بمستوى المستقبل الذي أنا أتم ّنى على ّ سيحملونه ،عبر حماية التعدّ د ومنع القوى المضادّة للثورة من أن تلبس لبوس السوري ،إذا استطعنا أن نكون في سور ّية ديمقراط ّيين، الثورة فتف ّكك المجتمع ّ تعدّ د ّيين ،فإنّ ذلك سوف يؤ ّثر على وضع كل ّ الفئات والطوائف في البالد العرب ّية».
ص��در حديثاً ،ع��ن الشبكة العربيّة لألبحاث والنشر كتاب «السلفيّة العالميّة» وبعنوان فرعيّ :الحركات السلفيّة المعاصرة في عالم متغيّر .من تحرير «رول مِي َير» ،ترجمه من اإلنكليزيّة إلى العربيّة «محمّد محمود التوبة» ،بطبعة أولى في بيروت 2014شارك في الكتابة 18كاتبا ً منهم :نوح سالومون وخالد الحروب ورول مِي َير ،وغيرهم ،وقد ّ توزعت مقاالتهم على خمسة أجزاء ضمن 622صفحة .في القسم األخير من الكتاب تراجم مف ّكري السلفيّة وقادتها ،ومنهم: محمّد عبد الوهاب ( )1792 – 1703وأبو مصعب ّ ع��زام ال��زرق��اويّ ( )2006 – 1966وعبد هللا (.)1989 – 1941 صدر حديثاً ،عن مؤسّسة فريدريش ايبرت – مكتب عمّان كتاب «أنا سلفيٌ»، وبعنوان فرعيّ :بحث في الهويّة الواقعيّة والمتخيّلة لدى السلفيّين .من تأليف: محمّد أب��و رم��ان .الكتاب عبارة عن دراس��ة مؤلّفة من :مق ّدمة بقلم «آنيا فيلر-شوك» ،وأربعة فصول وآخر ختاميّ ،ث ّم خاتمة ،بمجموع 267صفحة. ويرى الكاتب أنّ السلفيّة ر ّد فعل على «مرحلة ّ وتمثل صعبة» تمرّ بها مجتمعات أو أفراد معيّنون، في المحصّلة «تص ّدعا ً في التوازن بين مكوّ نات متباينة» أ ّيا ً كانت هذه الظروف. كتاب «أنا سلفيٌ » صدر عام ،2014وهو غير مخصّص للبيع.
مسعنا ،شفنا ..وبدنا حنكي حسني برو
مسعنا..
الممدد لهم بحكم العطالة السياسية ،زيارات مكوكية لوزير التربية مع رؤوساء جامعات تركية مشفوع بتصريح خطير لألبناء الطلبة (وبالمناسبة كل الذهنية الشمولية تعتبر المهمة الحكومية عمالً أبوياً!!!) بأن هذه الزيارات تمخضت عن قبول جامعتين تركيتين بتمديد قبول تسجيل الطالب السوريين في كلياتها مما جعل الكثير من الطالب يتفاءلون خيراً ويرتبون أحالمهم من جديد ويسافرون إلى مدن هذه الجامعات ليعودوا بخفي حنين فال تمديد وال قرار وال من يحزنون؟؟
السيّد وزير التربيّة والتعليم العالي في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة (المقالة ،المم ّدد بقدرة العطالة، المستمرّ ة بتصريف األعمال) وهو يتح ّدث أكثر من مرّ ة أ ّنه ال ينام الليل وهو يف ّكر بأبنائه الطلبة، وكيف سيح ّل مشاكلهم العالقة ،ومن أجل ذلك يدور في أرجاء تركيا يزور جامعاتها ومسؤوليها لتسوية أوضاعهم ،ويُع ُّد الع ّدة لعقد مؤتمر دوليّ لبحث قضيّة تعليم السورييّن في بلدان النزوح وفي مناطق الداخل الخارجة عن سلطة النظام ،يعني سيادته يعمل حسب المثل الدارج «في الحركة بركة»..... المشكلة يا جماعة الخير شفنا الحركة ألن الحركة بدنا حنكي.. مترافقة ع��ادة مع الصور والسيّد الوزير يحبّ شو هالمرة رح نستعير قول لطالبة خاطبت التصوير ومغازلة الكاميرا بس البركة ما شفنا منها السيد الوزير عبر صفحتها في «الفيسبوك»: شي. «السيد محي الدين بنانة وزير التربية والتعليم في شفنا.. الحكومة المؤقتة :أنا طالبة ظروفي ما خلتني كون موقع الوزارة وهو عم يسوّ ق للوزراء المقالين مع رفقاتي بجامعتي (جامعة حلب) واضطرتني كون بتركيا وكون برا الجامعة ،بس حلم الجامعة ما
هيئة التحرير حسين برو ّ - بشار فستق غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
فارقني ،صرلي 3سنين عم حاول وما ضل جامعة بتركيا تعتب علي ...ما مشي الحال ،وقت نزلتو سيادتكم خبر انو جامعة مالطيا مددت التسجيل ورح تقبل كل السوريين ...حبيت اتفاءل وصدق.. بهديك اللحظة حسيت كل مشاكلي انحلت وحلم حياتي بلش يتحقق .دورت ع رابط للتسجيل ما لقيت ...طلعت ع الجامعة سألت ...تبهدلت ،عيطت علي الموظفة وقالت :صرعتونا ..ما في تمديد وال في تسجيل ..حكومتكن عم تكذب عليكن ..عنا شغل روحو من هون .الخبر الوحيد ع موقع الجامعة كان« :زي��ارة وزير التربية والتعليم للجامعة» هل مجرد زيارة ودية ممكن تترجم لتمديد تسجيل وقبوالت وفرص عمل للمدرسين؟؟ مابدكن تشتغلوا ال تشتغلوا ..مانكن قدا وال قادرين ..عادي ما حدا عتبان عليكن ...بس ال تكذبو ع هل الشعب ... حاااااجتو».
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org