سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 17 -السنة األوىل
/30تشرين األول2014 /
حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة . 12صفحة
حكومة األمر الواقع ،طعمة رئيساً من جديد تونـس ،من جديـد تعيـد للربيـع العرب ّي ألقـه
«مافيـا» الدائرة الضيّقـة تنهب الثروات السـوريّة
newspaper.allsyrians.org
في تونس تونسيون ،وفي سوريا ...؟؟؟ في تونس انتخابات برلمانية للمرة األولى بعد سقوط بن علي، في تونس خسر حزب وربح آخر ،في تونس الحزب الخاسر أقرَّ بهزيمته وأعلن أنه سيكون معارضة برلمانية وسيقبل بتداول السلطة ،في تونس الحزب الرابح يبحث عن كل الممكنات في البحث عما يجمع دون إقصاء ،في تونس ربيع يُزهر من جديد. في سوريا ما زالت قعقعة السالح تسيطر على المشهد ،في سوريا كل قوى األرض تتقاتل مع بعضها على التراب وفي الفضاء السوريين ،في سوريا معارضات تتقاتل فيما بينها وتنقسم حول اسم رئيس لحكومة مؤقتة في منفى ،في سوريا تتشظى الهوية الوطنية الجامعة وتتشكل الهويات الطائفية واإلثنية والقبلية، في سوريا مجتمع ينقسم على نفسه ويلفظ أنفاسه األخيرة ،في سوريا خراب ودمار وموت ،في سوريا دم يوغل ويوغل ليصبغ المشهد بلونه. ليس الهدف مقارنة بين تونس وسوريا ،نعرف أن هذا غير قابل للقياس ،ونعرف أن في تونس رئيس هرب وجيش وقف على الحياد ،بينما في سوريا رئيس يتمسك بكرسيه حتى آخر سوري، وجيش يأتمر بقرار هذا الرئيس حتى الدمار األخير ،ونعرف أن في تونس تالقى التونسيون ليبنوا تونس الجديدة ،ونعرف أن في سوريا كل قوى األرض تحاول فرض رؤيتها لحل يناسبها دون االستماع لصوت السوريين وكيف يريدون أن تكون سوريتهم الجديدة؟؟.
تحقيقات العدد التعليم اجلامع ّي للطلبة السوريّني مصابو مرض الثالسيميا مصاعب فوق املصائب بعد سيطرة احل ّر ،انتقام وحش ّي من النظام افتحوا لنا املعابر لنبحث عن وطن -باملشرحمي ..قلّة ثقة دحبتنا
ص6 ص6 ص7 ص7 ص7
المتابع للحالة السورية ومن خالل قراءته للصراع العسكري الدائر على األرض يكتشف وبال أدنى جهد أن الحل لن يكون عسكرياً ،وأنه ال يمكن ألي قوة من القوتين العسكريتين المتقاتلتين (الجيش السوري ،القوى العسكرية للمعارضة السورية) أن تنتصر كلّنا سوريون -مع ّرة النعمان -عدسة حممد محود وأن تفرض خياراتها بقوة الحسم العسكري ،ومع هذا يتقاتالن، وكل منهما ي ّدعي النصر مرة هنا ومرة هناك ،وربما نستطيع القول اإلشكالّيات الراهنة في الثورة أنه ومنذ منتصف العام 2013والمعادلة العسكرية في سوريا السورّية صفرية ،يتق ّدم جيش النظام في حلب ،فتتق ّدم كتائب المعارضة ص2 في درعا ،ينتصر جيش النظام في القلمون وينهزم بالمقابل في من المعروف بأنّ المعارضة السور ّية لنظام القنيطرة ،يحاصر جيش النظام ريف حماة الشمالي فتهاجم قوات األسد قبل قيام الثورة ،كانت مقتصرة على أعداد المعارضة مدينة إدلب ،من سنة ونصف والمعركة سجال والنتيجة قليلة من السياس ّيين ،وتج ّمعاتهم الخاضعة صفر صفر لإلثنين معاً ،وحدها من تسجّ ل انتصارات عسكرية المستمرة ،والتي لم تكن للمالحقة واالعتقاالت ّ على األرض هي قوى ما تسمى الدولة اإلسالمية «داعش» والتي أي حراك جماهيري ،كما أظهرت محاوالتهم التي سبقت الثورة في قادرة على قيادة ّ تلك االندفاعات الشعبية العفوية في المظاهرات باتت تسيطر على ما يقرب من ثلث األراضي السورية بدءاً من دمشق العاصمة ،ومن المعروف بأنّ ّ ّ ريف حلب الشرقي ووصوالً إلى تخوم مدينة دير الزور. المتالحقة ،لم تكن سوى ردّ اً على ما جرى في درعا لؤي حاج بكري
سورية الفشل تاريخ أم مستقبل؟ ص4 لم يسلم مؤ ّ شر الدولة الفاشلة من ا ّتهامات عديدة أه ّمها أ ّنه مفهوم ال معنى له ،وإ ّنما اخ ُترع لفرض قوة ،برأي «إليوت هيمنة الواليات الم ّتحدة على البلدان األقل ّ ّ روس» وبزعمه أنّ هذا المصطلح كان قد اخ ُترع في عام1992 بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط االمبراطور ّية السوفيت ّية سومر العبداهلل
النظرة إلى الجنس بين جسدّية بحتة وروحانّية خالصة
ص9
ورغ��م أنّ العالقات الجنس ّية مرفوضة اجتماع ّيا ً ودين ّيا ً بشكل كبير جدّ اً إلاّ أ ّنه يمكننا التحرر في هذه الناحية ال بدّ أن نالحظ أنّ ّ ن��واح أخ��رى عديدة تحرراً في أن يعكس ّ ٍ تحرر المجتمع في النواحي الجنس ّية اجتماع ّيا ً ونفس ّياً ،عدا عن أنّ ّ ريم احلاج يعكس إبداعا ً مجتمع ّيا ً عالياً.
الديني التطرّف ّ عند اليهود
ص 10
تؤ ّكد هذه الطائفة من النساء تقرها المحكمة الدين ّية في عقيدة أنّ المرأة أدنى من الرجل التي ّ إسرائيل ،فعلى النساء التغطية واالنعزال تطهيراً للخطايا ،فالمرأة أساس الخطايا والدناسة ،وعليهن االحتجاب في المنازل ح ّتى يت ّم القضاء على الخطايا ويأتي المسيح المخ ّلص. لينا احلكيم
حوار مع المق ّدم أحمد القناطري من يم ّثلون الثورة ينتقلون ســياس ّيا ً من فشــل الوطني آلخر ،من يقوم بهذا الدور -المجلــس ّ أي شـيء، ســابقا ً واالئتالف حال ّيا ً -لم يعمل ّ ص5 فهو مشــغول في المشــاكل الشــخص ّية ألعضاء االئ��ت�لاف وص��راع��ات الكتل الســياس ّية داخل االئتالف ،وح ّتى هذه اللحظة لم يســتطع االئتالف أقره ميثاق األمم اقناع المجتمع الدولي بقانون ّ ّ ّ الم ّتحدة ،وهو أ ّنه يحق للشــعب المعتدى عليه أن يدافع عن نفــسه .كلّنا سوريّون
الهوّية: الوطنّية ،التشاركّيةُ ، ّ محطات سورية ّ ص3 في ســورية ،صعدت فكرة الوطن ّية إلى السـطح كاسـتجابة -وردّ بنفـس الوقت - على األحــداث الطائف ّيـة التي شــهدتها البـالد في العـام ،1860وقد برزت كتابات بطرس بحب الوطن والمصالحـة، البســتاني الذي بشــّر ّ ّ وأصـدر لهـذا الغرض صحيفـة (نفـير ســورية) ابتـدا ًء من 29أيلول 1860ودعا فيها لال ّتفاق ،ث ّم أصدر مج ّلة (الجنان) التي كان (حب الوطن من اإليمان). شعارها ّ تمسكه بما اعتبره «الشرع ّية العثمان ّية» ،إلاّ أ ّنه كان ينادي بفكرة وطن ورغم ّ سوري في نطاق الدولة العثمان ّية مع إبراز فكرة ارتباط الجماعة الوطن ّية بالعرب ّية، ّ ألنّ العرب ّية لغة وثقافة قاعدة مشتركة ألبناء الوطن. حممّد اجلرف
اليوم في سوريا ثالث حروب تدور في وقت واحد ،الحرب القديمة الجديدة بين قوى المعارضة وجيش النظام ،حرب بين «داع��ش» واألك��راد ،وحرب جوية بين قوى التحالف الدولي وبين قوات ما يسمى بالدولة اإلسالمية «داعش» ،ثالث حروب والنتيجة صفرية ،ال منتصر حقيقي بين المتحاربين وال خاسر حقيقي أيضاً ،هي حرب ويجب أن تستمر إلى ما شاء هللا أو تصل سوريا إلى خرابها العميم .وكما قلنا :ال أحد بات مقتنعا ً أن الحسم سيكون عبر انتصار عسكري لجهة على أخرى ،ومع ذلك ما زال الجميع يُزكي نار هذه الحرب ،طالما هذه الحرب ُتنهك السوريين، وتنتهك سوريا ،فالقرار أن تستمر بال غالب أو مغلوب ،أن تستمر حتى ال يبقى متقاتلون وال يبقى ما يتقاتلون عليه. اليوم ،بات السوريون بكل أطرافهم خارج اللعبة وخارج إطار صنع الحل ،النظام السوري مهزوم ومنحشر في زاوية ميتة تفاوض عنه إيران وروسيا ،والمعارضة السورية مهزومة تتصارع فرنسا وتركيا وقطر والسعودية فيمن سيفاوض عنها، وتركوا لها فقط أن تتصارع على مقعد رئيس االئتالف أو كرسي رئيس الحكومة المؤقتة. من هنا نستطيع أن نعرف لماذا تونس خطت نحو بناء دولتها الحديثة ،ونحن في سوريا نذهب إلى أبعد ما يمكن من خراب سوريا ،لماذا تونس تصنع المستقبل ولماذا في سوريا نوغل في مستنقع ما قبل التاريخ؟؟ نعم ،في تونس كان هناك تونسيون ،أما في سوريا فالسوريون هم الغائب األكبر عن ساحة الفعل ،وكما يقول المثل الشعبي« :من ال يحضر والدة عنزته ستلد له جدياً» حسني برو
2
العدد 17
/30تشرين األول 2014/
اإلشكالّيات الراهنة في الثورة السورّية
يف هذه األج��واء العنيفة اليت شهدتها املدن والبلدات السوريّة ،تبلورت قوى الثورة السوريّة ،من معارضة سياسيّة ومن جتمّعات عمل مدن ّي
مع إع��ادة انتخاب الدكتور أحمد الطعمة رئيسا ً للحكومة المؤ ّقتة ،من قبل عدد مح ّدد من أعضاء الهيئة العامّة لالئتالف ،دون التوصّل إلى مر ّ شح توافقيّ ،بعد انسحاب مجموعة كبيرة من األعضاء غير المحسوبين على االتجاهات اإلسالميّة ،عادت األحاديث المتداولة حول سيطرة اإلسالميّين على الثورة ،فهل يمكن القول :بأنّ تلك اإلشكاليّة ناجمة عن طبيعة االئتالف، كهيئة اكتسبت الصفة التمثيليّة للمعارضة السياسيّة، والخاضعة لتجاذبات الجهات الداعمة لتلك الثورة ،أم أنّ ذلك ناجم عن طبيعة القوى المشاركة بالثورة ،أو انعكاسا ً لمن يحمل السالح على األرض ،أم أنّ الثورة قد خرجت عن مسارها ،ولم يعد أمام مختلف القوى التي أنتجتها سوى البحث عن المزيد من المكاسب السياسيّة ،وح ّتى الشخصيّة.
للثورة ،كذلك فإنّ إص��رار النظام على االستمرار بذلك الر ّد ،ولجوئه إلى استخدام جميع أنواع األسلحة الف ّتاكة ،هو السبب الوحيد لك ّل ما تشهده البالد حال ّياً. في هذه األجواء العنيفة التي شهدتها المدن والبلدات السوريّة ،تبلورت قوى الثورة السوريّة ،من معارضة سياسيّة ومن تجمّعات عمل مدنيّ ،اتجهت بمعظمها إلى خارج البالد ،مع تكثيف حمالت االعتقال والتعذيب، ومن مجموعات مسلّحة أضحت بحاجة إلى ك ّل أسباب الدعم العسكريّ والما ّديّ ،في هذه المناخات االستثنائيّة التي غابت عنها ك ّل القوانين وك ّل آليّات المحاسبة ،كان الدعم الخارجيّ للثورة السوريّة الذي أضحى عامالً أساس ّيا ً من عوامل استمرار الثورة ،كما كان عامالً مه ّما ً من عوامل التناحر بين قوى الثورة ،سواء في الداخل أو في الخارج ،وسواء السياسيّة أو العسكريّة منها ،األمر الذي يتطلّب االستمرار في البحث عن الصيغ التوافقيّة بين جميع القوى ،من أجل إنجاز المهمّة األساسيّة للثورة في إسقاط النظام أوّ الً ،ونبذ آليّات الكسب السياسيّ أو العسكريّ في فرض البدائل، وليخرج البديل عن النظام القائم ،وفقا ً لما يقرّ ره الشعب بمجموعه في مُناخات صحيّة وسلميّة.
بداية الب ّد من العودة إلى المفهوم العام للثورة، وتحديد موجباتها وقواها المحرّ كة ونتائجها ،كما الب ّد من البحث في الخصائص المحلّيّة لك ّل ثورة ،دون االرتهان للمقارنة ،كمقياس ،أو كمعادلة رياضيّة، فلقد شهد التاريخ الحديث للمجتمعات البشريّة العديد من الثورات المتباينة ،التي ال يمكن النظر إلى أوجه التشابه فيما بينها ،إلاّ في إطار الزمان والمكان ،وإذا كانت الموجة األخيرة من الثورات قد أ ّدت إلى انهيار األنظمة الشيوعيّة الدكتاتوريّة في أوربا الشرقيّة ،فإنّ الموجة الحاليّة من الثورات التي سُميت بالربيع العربيّ ، هدفت بشكل أو بآخر إلى إسقاط أنظمة االستبداد الفرديّ ،كأنظمة القذافي ومبارك واألسد ،وإذا كانت العديد من الثورات التاريخيّة قد قامت وفقا ً آلليات مح ّددة في التنظيم ،واختيار اللحظة المناسبة كما قرأنا عنها ،فإنّ الثورات التي عايشناها ،لم تكن سوى حالة من الخروج الشعبيّ العفويّ على النظام القائم ،الذي لم يكن يسمح بوجود أيّة قوّ ة قادرة على القيام بذلك ،كما حصل في مدن موسكو وبرلين وبوخارست وسواها، والتي شهدت خروج الجماهير إلى الساحات العامّة بحثا ً عن الخالص من األنظمة القمعيّة األمنيّة ،مواجهة
ذات الردود اإلعالميّة والسياسيّة من قبل أتباع النظام السائد ،كمؤامرة خاضعة للتحريض من الخارج ،دون مجابهتها عسكر ّيا ً في ظ ّل تف ّكك اال ّتحاد السوفياتيّ ، وبغياب أيّة مؤ ّ شرات لوجود معارضة سياسيّة ،كقوى محرّ كة ،أو كبدائل عن األنظمة القائمة ،ممّا أ ّدى بعد انتصارها السلميّ ،لنشوء أحزاب وأنظمة سياسيّة جديدة ،وفقا ً لطبيعة تلك المجتمعات ،فمن هي قوى الثورة السوريّة ،وكيف تش ّكلت ،وماهي اشكالياتها؟ من المعروف بأنّ المعارضة السوريّة لنظام األسد قبل قيام الثورة ،كانت مقتصرة على أعداد قليلة من السياسيّين ،وتجمّعاتهم الخاضعة للمالحقة واالعتقاالت المستمرّ ة ،والتي لم تكن قادرة على قيادة أيّ حراك جماهيري ،كما أظهرت محاوالتهم التي سبقت الثورة في دمشق العاصمة ،ومن المعروف بأنّ تلك
«داعش» أداة وذريعةّ ، يتحكم الدولي بهما التحالف ّ إنّ بعض الموقوفين بتهمة اإلرهاب ،يخضعون إلى أنواع من التدريب السرّ يّ من قبل بعض األجهزة االستخباراتيّة التابعة للدول التي يسجنون فيها ،من ّ بالمنظمات أجل التح ّكم بعقولهم بعد خروجهم والتحاقهم اإلرهابيّة ومن ث ّم توظيفهم في سياق مصالح سياسيّة معينة هذا ما كشف عنه العميل األمريكيّ السابق «إدوارد سنودن».
مسارات منحرفة ،وتطرّ ف في اآلراء ،ومبالغة وغلوّ في األفكار وتهوّ ر باألفعال ،وإذا كان دخل المرء الماليّ غير كا ٍ ف لتلبية متطلّبات حياته ،ودامت ً هذه الحالة فتر ًة طويلة ،يؤ ّدي ذلك إلى اضطراب الشخصيّة ،وتنمية شعور الغضب ،واالبتعاد عن الشعور بالمسؤوليّة تجاه المجتمع ،ممّا يحضّر ّ للتأثر بأفكار التطرّ ف اإلرهابيّ واالقتناع بها.
إنّ التغلب على «داع��ش» ليس بالسهل أل ّنه يتطلّب استراتيجيّة جديّة وحاسمة ،وح ّتى إذا كانت هزيمته ممكنة عسكر ّيا ً بالمطلق ،فإ ّنها تبدو صعبة للغاية ،ولكن عندما نطرح مسألة التم ّكن من هزيمته فكر ّيا ً وعقائد ّيا ً يصبح األمر أكثر تعقيداً ،ألنّ هذه اإليديولوجيا الفيروسيّة الخبيثة ،بدأت أفكارها تفتك في عقول الشبّان وتنتشر في ش ّتى أنحاء العالم ،إنّ «داعش» إيديولوجيا مشوّ هة مزيّفة فاسقة وشرّ يرة، اخترعت من قبل أجهزة استخبارات دول عظمى، لكي تنتشر وتتشبّث بعقول ضحاياها وليبقى زعماؤها حلفاء سريّين لتلك األجهزة وال يمكن هزيمة هذا التنظيم اآلن ،باستخدام القوّ ة العسكريّة الجويّة فحسب، بل يجب ألاّ يتوانى محاربيها في مكافحتها بر ّيا ً وإيديولوج ّياً ،وعلى المستوى السياسيّ واالجتماعيّ والثقافيّ ،والتعليميّ والنفسيّ ،وذلك بسرعة فائقة ،ألنّ انتشارها سيكون متسارعاً ،فضالً عن أ ّنه متصاعد.
من ناحية ثانية ،ف��إنّ التطوّ ر العلميّ والتقنيّ في مجال شبكات االتصال م ّكن أعضاء الشبكات اإلرهابيّة من الحصول على مع ّدات وأجهزة ف ّنيّة متق ّدمة ومتطوّ رة ،يستخدمونها بمهارة في نشاطاتهم وفي نشر أفكارهم المشبوهة وإنشاء شبكاتهم.
ثمّة دوافع تدميريّة ذات جذور نفسيّة وراثيّة أو مكتسبة ،منبثقة من الشخصيّة اإلرهابيّة ناتجة عن ّ تضخم األنا العليا بسبب الشعور المتواصل بتأنيب الضمير ،ممّا يؤ ّدي لخلل نفسيّ وارتكاب األعمال العنيفة واالنحراف في التربية ،كما يحدث في التربية األصوليّة المتعصّبة ،ويش ّكل تربة خصبة للفضائيّات التي ّ تبث األفكار الفيروسيّة ،ويؤ ّدي غالبا ً إلى إشعال الشرارة األولى التي ينطلق منها انحراف السلوك عند الشابّ ،و يجعل منه عُرضة النحراف عقليّته ،ممّا يؤمّن مُناخا ً مالئما ً ّ لبث السموم الفكريّة فيها سموم هدفها تحقيق اإلره��اب ،كما أنّ تع ّدد الصعوبات االجتماعيّة والتناقضات األسريّة يدفع الشابّ إلى
newspaper@allsyrians.org
قراءة سياسية
وأصبح تف ّ شي ظاهرة الفقر والبطالة وانتشارها في كثير من دول العالم عامالً من العوامل الرئيسيّة المساعدة على انتشار األفكار اإلرهابيّة. وفي سياق م ّتصل ،ساعدت التناقضات في مواقف ّ الشاذة والبالغة بعض ال��دول ،تجاه هذه الظاهرة الخطورة ،ح ّتى أنّ دوالً ساهمت ماد ّيا ً بإنشائها، والبعض اآلخر ساهم بتسليحها ودوالً قدمت وتقدم لها المعلومات االستخباريّة والدعم اللوجستي والتعليم والتدريب ،ومازالت دول أخرى تؤمّن لها ك ّل حاجتها، من أجل إكمال مهمّاتها. إض��اف� ً �ة إل��ى أنّ التطرّ ف حسب نتائج بحوث المحلّلين ،هو الوجه اآلخر لرفض الحداثة ،ممّا يشير إلى أنّ اإلره��اب ّ يمثل تهديداً مباشراً للديمقراطيّة كنظام سياسيّ وللسلوك الديمقراطيّ االجتماعيّ . وعلينا أن نعلم أنّ اإلرهاب عابر لحدود الدول ّ ويمثل تهديداً جسيما ً للعالم وللدول والقوميّات، الديمقراطيّة الليبراليّة بشكل خ��اصّ ،ولقد كانت الديموقراطيّة الليبراليّة قد فشلت عموما ً في ترسيخ مبادئها في المجتمعات اإلسالميّة. إنّ المجتمعات الديمقراطيّة بحاجة للوصول إلى توافق وإجماع حول السياسات التي ينبغي تب ّنيها
االندفاعات الشعبيّة العفويّة في المظاهرات المتالحقة، لم تكن سوى ر ّداً على ما جرى في درعا ،وما تبعه من استخدام متزايد للعنف من قبل األجهزة األمنيّة، األمر الذي يشير إلى أن توقيت الثورة السوريّة ،لم يكن سوى لحظة انفجار لألزمة العميقة بين النظام والشعب ،وفي سياق الموجة الثوريّة للمنطقة ،في ظ ّل ضعف المعارضة ،وغياب أيّ اختيار من قبلها للحظة المناسبة ،وبغضّ النظر عن ك ّل ال��ردود السياسيّة واإلعالميّة التي جُوبهت بها الثورة ،كتآمر وتحريض خارجيّ ،وح ّتى األمنيّ كاختالق لالتهامات المختلفة ّ بحق المتظاهرين ،ومالحقتهم واعتقالهم وتعذيبهم ،فإنّ الر ّد العسكريّ بالرصاص الحيّ ،بهدف القتل المباشر، وسقوط أعداد متوالية من الشهداء ،هو السبب الوحيد لقيام الفعل الثوريّ المسلّح ،وتراجع الشكل السلميّ
إنّ ما يجري اليوم من تعقيدات إضافيّة ،تتعلّق بالتطرّ ف اإلسالميّ ،واستخدامه كورقة بيد العديد من الدول ،كما تتعلّق بالتوسّع اإليرانيّ ،القائم على تأجيج الصراعات الطائفيّة في المجتمعات اإلسالميّة، حيث استدعت تلك الحرب الهمجيّة التي يقوم بها نظام األسد على األراضي السوريّة حروبا ً إقليميّة ودوليّة، بمشاركة قوّ ات حزب هللا اللبنانيّ والميليشيات الشيعيّة اإلقليميّة ،وبقدوم المجاهدين المتطرّ فين من ك ّل األصقاع إلقامة خالفتهم ،وبضربات التحالف الدوليّ ض ّد تنظيم «داعش» ذو الخطر اإلرهابيّ العالميّ ، يلقي -وكما يبدو -المزيد من األهداف والمها ّم على عاتق قوى الثورة السوريّة ،التي تتطلّب المزيد من التوافق فيما بينها ،وصوالً إلى إعادة سورية إلى ك ّل لؤي حاج بكري السوريّين.
يف سورية النظام هو من يُدمِّر ،ولكن بقبول أمريك ّي غري معلن يف نطاق سياسة «الفوضى اخللاّ قة»
لمواجهة اإلرهاب العابر لحدودها. من ناحية ثانية ،يتحمّل المجتمع الدوليّ أيضاً، مسؤوليّة غضّ النظر تجاه األنظمة التي ُتخضع شعوبها لالستبداد والقمع واإلهانة واالستغالل الطبقيّ ، وانتشار الفساد بأشكاله المتنوّ عة والبطالة ،أل ّنها تولّد اإلرهاب وتنشر أفكاره الخبيثة. ث ّم إنّ اعتماد الدول الديمقراطيّة على الحلول األمنيّة في مواجهة اإلرهاب يح ّقق في الواقع إضعاف المبادئ التابعة لها ويلعب لصالح نشر الفكرة األصوليّة العنيفة بين أفراد المجتمع المصدوم بتلك الحلول القمعيّة، وتنتشر اإليديولوجيا األصوليّة العنيفة لدى الشعوب الثائرة ،عندما تقمعها أنظمتها االستبداديّة ويقف العالم متفرّ جا ً على مآسيها ،دون أن يحرّ ك ساكنا ً لحمايتها، كما حدث للثورة السوريّة. إنّ دمار العراق كان نسخة مُشابهة تماما ً لدمار خطط لدمار هذا ّ سورية الحاليّ ،فالذي ّ خطط لدمار ذاك ولكن بأدوات مختلفة ،في العراق أمريكا هي من دمّر ،وفي سورية النظام هو من يُدمِّر ،ولكن بقبول أمريكيّ غير معلن في نطاق سياسة «الفوضى الخلاّ قة» والنتيجة كانت أنّ ه��ذا الدمار حضّر التربة المثاليّة واألرضيّة الصالحة لنشر «اإلرهاب الداعشيّ » ،ونثر بذور اإليديولوجيا التابعة له ،هكذا
نشأ «داعش» وتكاثر بدعم ال مثيل له من النظام، بإطالق سراح زعمائه في بداية الثورة ،ومن األطراف الدوليّة واإلقليميّة األخرى المتع ّددة. إنّ التحالف الدوليّ يكتفي حاليا ً بالتحكم بتنظيم «داع��ش» أي أنّ القصف الجويّ يرسم له حدود انتشاره. لكنّ المسألة أصبحت صعبة االح��ت��واء وعلى الجميع أن ينشطوا ك��أف��راد وع��ائ�لات وم��دارس وجامعات ومؤسّسات تعليميّة ومساجد وشيوخ مساجد ،يجب تعليم ال��ط�ّل�اّ ب م��ب��ادئ االع��ت��دال، واالبتعاد عن الجماعات المشبوهة ،وعلى العالم أن يواجه اإلرهاب بالسالح -ولكن أيضا ً -سياس ّيا ً وفكر ّيا ً وثقاف ّيا ً ونفس ّياً ،فانتشاره ال يعرف حدود الدول وال يتو ّقف عندها ،ويستهدف الجميع ولن يو ّفر أحداً ومن المه ّم أن يكون ثمّة إرادة عالميّة حقيقيّة للتخلّص منه ال سيّما وأنّ دوالً عظمى لجأت الستخدامه كسالح جديد ،تحارب فيه داخل دول أخرى إلخضاعها ،أو كحجرة شطرنج تحرّ كها دول كما يحلو لها ،خدمة لمصالحها أو إلخماد ثورات شعوبها ،ث ّم إنّ التحالف العالميّ قرّ ر استعماله الراهن في أمرين ،أوالً :في سياسة «الفوضى الخلاّ قة» ،كأداة لنشرها في أنحاء العالم ،خدمة الستراتيجيّة صهيوأمريكيّة حديثة ،هدفها تجديد النظام الماليّ العالميّ المريض ،وثانياً :كذريعة لتقسيم الشرق األوسط طائف ّيا ً وأثن ّياً.
فوزي سفر www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 17
3
/30تشرين األول 2014/
الهوّيةّ : محطات سورّية الوطنّية ،التشاركّيةُ ، األقلّيّات الدينيّة واإلثنيّة في اإلمبراطوريّة العثمانيّة. وكان من شأن هذه السياسة وضع األساس لشرعنة االنتدابين البريطانيّ والفرنسيّ على المناطق العربيّة من اإلمبراطوريّة العثمانيّة.
تاريخ ّياً ،كانت التنظيمات العثمانيّة التي صدرت ّ ّ (الخط (خط شريف كولخانة) و1856 عامي 1839 الهمايوني) ،أوّ ل برنامج طموح للمركزيّة والعلمانيّة والحداثة واإلصالح السياسيّ ،ويكاد ي ّتفق المؤرّ خون على أنّ التنظيمات العثمانيّة ما هي إلاّ واحدة من المحاوالت األخيرة الرامية إلى خلق فر ٍد عثمانيّ يتوجّ ه بالوالء إلى الدولة بدل التوجّ ه إلى العشيرة أو الطائفة أو العائلة ،أو ح ّتى إلى السلطان .وسرعان ما شهدت المرحلة التي تلت إصدار تلك التنظيمات ازدهار مظاهر مختلفة لـ «مجال عا ّم» ناشئ في المناطق العربيّة: إذ تطوّ رت المناطق الحضريّة بـصورة ساحات عامّة ّ ومنتزهات ،وما إلى هنالك. وحدائق وطرق عريضة وشهدت المدن الكبرى الظواهر نفسها التي عرفتها أورو ّب��ا خالل القرن الثامن عشر :انتشار المقاهي، والجمعيّات ،والمسارح ،وال��ن��وادي ،والصالونات العلميّة واألدبيّة والثقافيّة...وباإلضافة إلى ك ّل ما تق ّدم، نشطت الجمعيّات السرّ يّة المستقلّة في مجال تنظيم الشباب والمناداة بالحكم الدستوريّ وبالالمركزيّة ،أو ببساطة ،باالستقالل السوريّ أو العربيّ . من الوجهة الثقافيّة ،ارتكزت النهضة الثقافيّة العربيّة ،على بنى تحتيّة ثقافيّة كانت تتطوّ ر بسرعة، إذ برزت «رأسماليّة نشر» ّ تمثلت في العديد من الصحف والمجلاّ ت .وقامت الطروحات العقالنيّة في الدين -على يد األفغانيّ ومحمّد عبده -بمقاربة القضايا العلمانيّة والدينيّة الحساسة .لكن ،في حين كانت التنظيمات العثمانيّة تنادي بالمساواة السياسيّة والقانونيّة ،وتعلن اإلج��راءات الم ّتخذة لفرض هذه المساواة ،وتشرع في إطالق صيرورة لعلمنة الدولة، عادت القوى األوروبيّة أدراجها إلى سياسة حماية
في سورية ،صعدت فكرة الوطنيّة إلى السطح كاستجابة -ور ّد بنفس الوقت -على األحداث الطائفيّة التي شهدتها البالد في العام ،1860وقد برزت كتابات بطرس البستانيّ الذي ب ّ شر بحبّ الوطن والمصالحة، وأصدر لهذا الغرض صحيفة (نفير سورية) ابتدا ًء من 29أيلول 1860ودعا فيها لال ّتفاق ،ث ّم أصدر مجلّة (الجنان) التي كان شعارها (حبّ الوطن من اإليمان)، ورغم تمسّكه بما اعتبره «الشرعيّة العثمانيّة» ،إلاّ أ ّنه كان ينادي بفكرة وطن سوريّ في نطاق الدولة العثمانيّة مع إبراز فكرة ارتباط الجماعة الوطنيّة بالعربيّة ،ألنّ العربيّة لغة وثقافة قاعدة مشتركة ألبناء الوطن. هكذا ب��دت فكرة الوطن والوطنيّة في كتابة مجموعة من المف ّكرين وكأ ّنها القاعدة المشتركة ّ لتخطي الخالفات الداخليّة ،وخاصّة الطائفيّة ،ورافق فكرة الوطنيّة الشعور بأنّ الجهل وفقدان الحرّ يّة (أو الحكم الدستوريّ ) أساس التخلّف. إثر انهيار اإلمبراطوريّة العثمانيّة ،ا ّتخذت فرنسا ذريعة لما اعتبرته «ح ّقا ً لها» الحتالل سورية ،أيّ ح ّقها في الدفاع عن األقلّيّات الدينيّة ،وت ّم تقسيم البالد إلى خمس دويالت وفق خطوط طائفيّة :دولتان للس ّنة (في حلب ودمشق) ،ودولة للمسيحيّين في لبنان الكبير، ومنطقتا حكم ذاتيّ للدروز والعلويّين. هنا ،ال ب ّد من ذكر أنّ تحويل الجماعات واألقلّيّات الطائفيّة إلى كيانات سياسيّة ،كان له األثر المباشر في نكوص المجال العا ّم الذي بدأ بالتطوّ ر مع التنظيمات العثمانيّة ،وما زلنا نعاني منه إلى اليوم ،فهذه الكيانات صيغ للهويّة والتضامن ذات السياسيّة لم تكتفِ بإقرار ٍ طبيعة ما دون قوميّة ( )Sub-Nationalلتكون المستودع الطائفيّ للحقوق والواجبات ،بل أ ّنها أسّست، باإلضافة إلى ذلك ،شبكات المحسوبيّات التي أسهمت في نموّ وتطوّ ر الوجهاء الذين تب ّنوا لعب أدوار وساطة ملتبسة بين الدولة والمجتمع ،ولم تتم ّتع الجماعات ال باالستقالل الكامل ،وال بالتمثيل الكامل ألفرادها، واأله ّم من ذلك ،أنّ األفراد ظلّوا في جميع األحوال
في وضع التابع.
كان اإلضراب الس ّتينيّ الذي شهدته سورية في بداية عام 1936أبرز مظاهر المشاركة السياسيّة في الفضاء العا ّم عرفته البالد في تاريخها – ال يضاهيه سوى محاولة استرداد هذا الفضاء في العام -2011إذ انفجر بركان المظاهرات واالضرابات بوجه المندوب السامي الفرنسيّ «دومارتيل» في ك ّل مكان في سورية ،وجاء ذلك أع ّم من الثورة السوريّة الكبرى التي اقتصرت على المناطق الوسطى والجنوبيّة .بدأت هذه االضرابات في حلب أثناء انعقاد أربعين الزعيم هنانو عندما هاجمت قوّ ة من الشرطة مكاتب حزب الكتلة الوطنيّة ونفت عدداً من الزعماء ،فأضربت حلب، وكان ر ّد الفعل آل ّيا ً فأغلقت دمشق متاجرها احتجاجاً، ولحقتها سائر المدن السوريّة ونشأت «مقاومة سلبيّة لم تعرف سورية وال البالد العربيّة األخرى مثيالً لها في السابق وقد امتازت بأ ّنها كانت عامّة شاملة كما امتازت بالنظام والمثابرة ،ودام إضراب دمشق س ّتين يوما ً كامالً ،وكان من نتائجه أن عزلت فرنسا حكومة الشيخ تاج الدين الحسينيّ ،وأصدر «دومارتيل» بيانا ً في 25شباط 1936أعلن فيه استعداده للتفاوض مع الوطنيّين ،وإلطالق المعتقلين السياسيّين وإصدار عفو عا ّم إذا قبل زعماء الكتلة الوطنيّة إنهاء اإلضراب. وانتهى اإلضراب باتفاق بين هاشم األتاسي رئيس الكتلة الوطنيّة ،ودو مارتيل في أوّ ل آذار 1936وضعت فيه أسس معاهدة بين الطرفين على أساس استقالل سورية ووحدتها .في عام 1946جلت الجيوش األجنبيّة عن سورية ،ونشأت دولة سوريّة مستقلّة سياس ّياً ،دولة ذات بنية محاكية للنمط األوربّيّ الحديث :دستور ،أحزاب، فصل السلطات الثالث ،انتخابات ديمقراطيّة برلمانيّة، حقوق معترف بها للجميع دون تمييز بين األديان والطوائف وال بين الرجل والمرأة ،تعليم عا ّم إلزاميّ ومجانيّ لجميع األطفال .لكنّ هذه الديمقراطية فسدت سريعاً ،وسقطت بيد القوى المسلّحة ،ال ألنّ هذه القوى كانت األكثر حداثة في الدولة والمجتمع ،واألكثر تنظيما ً وتسليحاً ،وحسب .بل أل ّنه في ظ ّل عجز البرجوازيّة الوطنيّة عن تقديم سياسات فعّالة ،وفي ظ ّل عجزها عن الحفاظ على سيادة الدولة (هزيمة الـ ،)1948 وعجزها كذلك عن تجنيب البالد التف ّكك السياسيّ نتيجة لسياسة األحالف والخالفات الحزبيّة حولها ،في ظ ّل
ك ّل ما سبق ،ظهر العسكريّون باعتبارهم أفضل قوّ ة ّ منظمة لالستفادة من التف ّكك السياسيّ ،وذلك سياسيّة من خالل ايديولوجيّة شعبيّة -قوميّة ،تحاول اكتساب والء الجماهير ،واأله ّم من ذلك ،ولدى السعي إلى السلطة السياسيّة فإنّ نظام رأسماليّة الدولة ،القويّ ، والعسكريّ ،حاول أن يح ّل مح ّل الطبقة الرأسماليّة الغائبة ،ممارسة أهداف الثورة «البرجوازيّة» ،وكان الشرط المُسبق لخلق االقتصاد الرأسماليّ القوميّ هو تأميم المشروعات االمبرياليّة ،كما أنّ أساس خلق السوق الداخليّة هو اإلصالح الزراعيّ ،وعلى ذلك فإنّ نظام رأسماليّة الدولة ا ّتسم بجهوده المتواصلة في التأميم واإلصالح الزراعيّ .وبحسب «هنتنغتون»، فإنّ العسكر ال يمكنهم لعب هذا ال��دور لوال غياب الطبقة الوسطى ،وذلك بوصفهم «األكثر ترابطا ً من الفئات األخرى في هذه الطبقة ،وباعتبار أنّ الجيش هو أقوى أدوات الطبقة الوسطى» .هذه القوّ ة العسكرية الناشئة كانت بحاجة إلى ايديولوجيّة تعكس أهدافها وتطلّعاتها وتحرّ رها من الواقع االجتماعيّ السائد في األرياف السوريّة ،وقد وجدتها في أفكار حزب البعث العربيّ االشتراكيّ الذي أتاح لها تحقيق مصالحها في ا ّتباع سياسات اقتصاديّة تكفل المساواة بين المدينة والريف ،أهمّها االصالح الزراعيّ .وقد عمل حزب البعث طوال م ّدة حكمه على تعزيز الهويّة العربيّة في المجتمع السوريّ من خالل تركيزه على العروبة في مناهج التعليم ،وفي جميع مراحله ،ولكن من دون وجود مشروع حضاري يُغني العروبة ويقوم على تحرير الفرد ويضمن حقوق اإلنسان ،األمر الذي سمح -مع استمرار قمع الحرّ يّات وتغييب أيّ نوع من الحراك في الحياة السياسيّة -ببقاء الهويّات ما قبل الوطنيّة في المجتمع السوريّ الموروثة من الحقبة االستعماريّة بعد تقاعس السلطة عن بناء المجتمع ،وعدم قدرة المجتمع على بناء الدولة.
إنّ عدم وض��وح االيديولوجيّة وتع ّدد الثقافات واختالفها الممزوجة بالظروف االقتصاديّة االجتماعيّة واالجتماعيّة والسياسيّة ،ك ّل ذلك دفع بأفراد المجتمع (العربيّ بشكل عا ّم) إلى الوقوع في حالة من االغتراب والتش ّتت فيما يتعلّق بترتيب أولويّات االنتماء وتحديد الهويّة.
حممّد اجلرف
نحن واإليرانّيون -كره في غير محلّه أذهلني -حقيقة -أن يعبّر بعض السوريّين على صفحات وسائل التواصل االجتماعيّ عن فرحتهم العارمة بسقوط طائرة ر ّكاب مدنيّة إيرانيّة ،أذهلني أن يعبّروا عن فرحتهم دون أن يعرفوا هويّة الركاب ودون أن يعرفوا إذا ما كان بينهم أجانب أو أطفال أو نساء.
لقد انكشف الوجه الطائفيّ المقيت والصفويّ المجرم لسلطات اآليات «اللهيين» في إيران ،ولم يعد يخفى على أحد ما يُظهرون أو يُضمرون، لكنّ ذلك كلَّه يجب ألاّ يدفعنا إلى حق ٍد وطائفيّة مضا ّدين ،ال يُفضيان إلاّ إل��ى مزيد من الدمار وسفك الدماء واستعداء الشعب اإليرانيّ الغائب عن قرارات سلطاته ،بل يجب أن يدفعنا إلى التأمّل والتفكير والسعيّ إليجاد الطرق المناسبة إلسقاط نظام «الماللي» والتخلّص منه وتخليص اإليرانيّين أنفسهم من شروره وأذاه في نهاية المطاف.
هل يكفي مجرّ د أن تكون الطائرة إيرانيّة ح ّتى ّ وتحطمها ومقتل َمن فيها من ركاب؟! نفرح بسقوطها إنَّ هذا لشيء ال يبعث على الخجل فقط ،بل الخيبة والخزيّ أيضاً. ويتكرّ ر المشهد نفسه عندما يفرح الكثير من السوريّين بوقوع زلزال بقوّ ة ّ ست درجات لمجرّ د أ ّنه وقع في غربي إيران ،ويطلبون من الربِّ مزيداً من الزالزل والبراكين توقع الخراب والتدمير في بالد الرافضة المجوس ،وهذا أم ٌر ال يبعث على االندهاش والذهول ،بقدر ما يبعث على التأمّل في المآالت التي وصل إليها تفكير الناس بمن فيهم أعداد من الحاصلين على شهادات عليا. لقد دفعني حادث سقوط الطائرة اإليرانيّة والزلزال الذي ضرب غربي إيران -على الرغم من مرور فترة زمنيَّة على وقوعهما -إلى البحث عن األسباب التي جعلت العشرات يكشفون عن سرورهم الساديّ وشماتتهم المرضيَّة بمقتل أناس لم يرتكبوا أيَّ ذنب سوى أ ّنهم ينتمون إلى دولة تسمّى إيران . وبالمقابل يمكن القول :نعم لقد استطاع نظام «الماللي «الطائفيّ العنيف والدمويّ في طهران أن يستعدي كثيراً من الناس ،ويزرع الكراهيّة والحقد، إن لم يكن لدى أغلب الشعوب العربيّة فلدى السوريّين واللبنانيّين والعراقيّين واليمنيّين من الطوائف غير الشيعيّة على األقلّ. سعى نظام آيات هللا اإليرانيّ منذ بداية مرحلة الخمينيّ التي تسمّى «مرحلة الثورة اإلسالميَّة» إلى تعزيز قوّ ة إيران وهيمنتها في المنطقة وذلك بتشكيل جيش عرمرم تمت ّد أذرعه الناريّة المخرّ بة في مناطق متع ّددة ممَّا يش ّكل االمتدادات الحيويّة للدولة اإليرانيّة،
newspaper@allsyrians.org
لذا نراه يبذل الكثير من طاقات الشعب اإليرانيّ وث��روات��ه ،ويب ّدد المليارات من عرق اإليرانيّين وعائدات نفطهم ليرفع من مستوى جاهزيّته الحربيّة، ويدعم حلفاءه والموالين له. وأخفقت السلطات اإليرانيّة على مدى العقود األربعة األخيرة في استثمار خيرات البالد وثرواتها الهائلة بما يعود بالخير والنفع والرفاهيّة على الشعب يسع نظام «الماللي» لتأمين الحياة اإليرانيّ ،ولم َ الكريمة للمواطن اإليرانيّ الذي يعيش حياة أقرب إلى الفقر والذلّ ،ولم يكن باستطاعة ذلك النظام أن يرتقي بمستوى حياة الموطن ح ّتى لو أراد ذلك، ألنّ ج َّل اهتماماته منصبّ على بناء اإلمبراطوريّة الفارسيّة بصيغة والي��ة الفقيه ،وتصدير الثورة اإلسالميّة (الشيعيَّة الصفويَّة) إلى الخارج عن طريق التبشيريّات والحسينيّات والعمالء والمستشاريّات الثقافيّة التي تستنزف طاقات الشعب اإليرانيّ ،وعن طريق دعم الميليشيات الطائفيّة في كثير من أصقاع العالم كحزب هللا اإلرهابيّ الطائفيّ وجماعة الحوثيّين والنظام المجرم الذي تقوده السفارة اإليرانيّة في أوتوستراد ّ المزة. لقد ثار الشعب اإليرانيّ ض ّد ظلم الشاه وعسكره و»سافاكه» ،وألهب ثورته التي أسقطت ذلك النظام
والشاه ع��ام ،1979لكنَّ «الماللي» وآي��ات هللا سرعان ما انقضّوا على تلك الثورة -بصورة تشبه إلى ح ّد ما انقضاض رجال الدين على الثورة السوريّة واختطفوها ،وحوّ لوها عن مسارها ،لينشئوا دولةالوليّ الفقيه التي تؤسّس لخروج المهدي المنتظر. وأراد الخمينيّ واآليات «الالهيون «من بعده إعادة االعتبار للشعب الفارسيّ ،لك ّنهم بدالً من أن يف ّكروا بمصالحه اآلنيَّة بلقمة عيشه ومتطلّباته األساسيّة -ال نتح ّدث هنا عن الرغد والبلهنيّة والرفاهيّة -راحوا يف ّكرون ببعث دولة كسرى الكبرى ،دولة «كيومورث، وقورش ،ويزدجرد« ،...ولم يتوجّ هوا نحو الشعوب الناطقة بالفارسيّة أو إحدى أخواتها أو مشت ّقاتها فقط، بل انطلقوا أيضا ً إلى بؤرة األذى التي ص ّدرت إليهم الفكر الشيعيّ في بداية القرن السادس عشر في جبل عامل في لبنان. رفع نظام «الماللي» شعارات «الموت إلسرائيل، والموت ألمريكا» غير أنَّ الموت على أيديهم لم يّصب إلاّ السوريّين والعراقيّين واليمنيّين ،وبدل أن يوجّ هوا بنادق المقاومة التي نمت كالسرطان إلى صدور اإلسرائيليّين وجّ هوها إلى صدور السوريّين في القلمون والغوطة...
الشعب اإليرانيّ ال حول له وال قوّ ة ،ال يد له في ك ّل ما يرتكبه نظام «الماللي» من جرائم مثله في ذلك مثل الشعب السوريّ إزاء جرائم «حافظ األسد» تجاه اللبنانيّين والفلسطينيّين ،ومثل الشعب الروسيّ إزاء المجازر المروّ عة التي ارتكبها النظام السوفياتيّ باسمه. كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً سليل حضارة ضاربة الجذور في التاريخ؟ كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً أنجب» ابن سينا ،وعمر الخيّام ،والفردوسيّ ، وسعدي الشيرازيّ ،والبخاريّ ،ومسلم ،والترمذيّ ، والنسائيّ » ،وأنجب أبا حنيفة النعمان ،وأبا حامد الغزاليّ ،وأبا بكر الخوارزميّ ،وسيبويه وعشرات من العظماء اآلخرين؟! كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً فيه من الفسيفساء العرقيّة «ال��ف��رس واألك���راد وال��ع��رب والبلوش واألذرييّن والتركمان واألرمن» ،والدينيَّة والثقافيّة مقداراً من التنوّ ع والزركشة كالشعب اإليرانيّ ؟ كيف يمكن لعاقل أن يكره شعبا ً مظلوما ً ال يختلف عن غيره من شعوب العالم الثالث التي تحكمها األيديولوجيّات األح��اد ّي��ة المتعصّبة القوميّة أو الثيوقراطيّة المتخلّفة على ح ٍّد سواء. إنّ عدوّ نا الحقيقيّ ليس إي��ران وليس الشعوب القاطنة على األراضي اإليرانيّة ...عدوّ نا الحقيقيّ وعدوّ الشعب اإليرانيّ قبلنا هو نظام «الماللي».
غ ّسان املرتضى
www.allsyrians.org
4
العدد 17
سورّية و ُحُلم الديموقراطّية
كانت الديموقراطيّة من أب��رز مطالب الثورة، فما الذي جعلها أبعد األشكال المطروحة عن الواقع السوريّ ؟ في بداية الثورة ،الحلم السوريّ ،كانت الديموقراطيّة جزءاً ها ّما ً ومطلبا ً أساس ّيا ً من مطالب الثورة ،وكانت الشعارات والعبارات تر ّكز وتحضّ على أه ّميّة الديموقراطيّة لمكانتها األساسيّة في دول العالم المتق ّدم، ولكن هل ك ّنا بالفعل غير مستع ّدين لنتحمّل مسؤوليّة ما صبونا إليه من طموحات؟ خالل األع��وام الثالث الفائتة ،منذ بداية انطالق الثورة ووصوالً ليومنا هذا نرى مفهوم الديموقراطيّة الحقيقيّ غائبا ً عن أغلب المحافل الثوريّة ،كأبسط األمثلة ،إذا أراد أحد الثوّ ار التكلّم عن رأي معين له بمنشور على مواقع التواصل االجتماعيّ أو ضمن
جلسة ثوريّة ،نرى ردوداً وتعليقات أبعد ما تكون عن روح الديموقراطيّة ،فتار ًة ترى من ينعته بقصور الرؤية ،وكأ ّنما هو المُبصِ ر الوحيد لما ي��دور من بوابل من الشتائم مخوّ نا ً أحداث ،وآخر ينهال عليه ٍ إيّاه متناسيا ً أ ّنهما في ص ٍ ف واحد لمواجهة الظالم وفي خندق واحد من حبّهم وغيرتهم على الوطن .قالئل ٍ أولئك الذين يناقشون األفكار المطروحة بمنطقيّة هم َ الواقع واإلمكانيّات المتاحة ،دائما ً ما تكون ردود أفعالنا انفعاليّة وأبعد ما تكون عن العقالنيّة والت ّفكر ،اللذان نحن بأمسّ الحاجة لهما. متى نشأت فينا ه��ذه الطبيعة الرافضة لآلخر وأفكاره؟ ربّما كانت أربعة عقو ٍد من الظلم والقمع والتخلّف كفيلة تماما ً لتصنع بنا ما صنعته من تشويه للنفس البشريّة ،فقد كانت مساحات التفكير المتاحة لنا
/30تشرين األول 2014/
كانت أربعة عقودٍ من الظلم والقمع والتخلّف كفيلة متاماً لتصنع بنا ما صنعته من تشويه للنفس البشريّة. شبه معدومة ،وإمكانيّة إثبات وجودنا وأنفسنا تندرج تحت خانة المستحيل ،فمن يُف ّكر أو يتجرّ أ على الخوض في معارضة األفكار المطروحة ستكون عاقبته وخيمة بال شكّ ،ومن هنا بدأت تتأصّل فينا االنصياعيّة وراء ك ّل ما هو عام ومطروح ،فدائما ً هناك فكر أوحديّ يطغى في ك ّل مجال ،وتباعا ً مع مرور السنين أصبح هذا الوضع الطبيعيّ لكا ّفة مجاالت الحياة االجتماعيّة والسياسيّة ،فأصبحت بعض اآلراء السارية وكأ ّنها النتيجة الحتميّة للتفكير بالمواضيع المتعلّقة بها ،ومن يجرؤ على معارضة األفكار االجتماعيّة سيكون مصيره النبذ اجتماع ّيا ً بال شكّ ،ومن يجرؤ أن يقول ال للفساد المنتشر سيدفع حياته ثمنا ً أيضاً! ح ّتى وصلنا لمرحلة «من تساوره هكذا أفكار معارضة لك ّل ما هو مطروح يراها شبحاً» ،ويبتعد عمّن ينادي بها خشية أن يصيبه ما قد يصيبه .هكذا درّ بونا على نبذ اآلخر وعدم االعتراف بوجوده ،والتمسّك بآرائنا التي تب ّنيناها – غالبا ً -رغما ً عن إرادتنا ،فتو ّقفت عقولنا أيضا ً وح ّل مكانها المنطق المطلق العا ّم السائد. بالتأكيد ،من انطلق بالثورة تخلّص من بعض هذا، ولك ّنه قد تربّى عليه لألسف ،فلم نستطع أن نثور على أنفسنا لنغيّر ما أل ّم بها من تشوّ هات تكوينيّة. ترى الواحد م ّنا يدافع عن فكرته أشرس الدفاع، وكأ ّنه يدافع عن وجوده وإذا خسر معركة إثبات صحّ ة ما يقول سوف ينتهي ويتالشى وجوده ،هذا كلّه إن د َّل على شيء فهو يد ُّل حتما ً على ضعف شخصيّاتنا وضعف ثقتنا بأنفسنا ،فلطالما شعرنا أنَّ وجود اآلخر فليس هنالك م ّتسع ألكثر من رأي سيُلغي وجودنا حتماً، َ واحد ،إمّا أنا أو هو ،ال فسحة لت ّتسع لنا نحن االثنين معاً ،هذا ما يدفع الفرد -أو الجماعة -م ّنا لتسخيف وتشويه صورة اآلخر ،ح ّتى ال يكاد يبرز أحد بفكرة إلاّ وتجد الناس تعمل جاهدة على االنتقاص من الفكرة دون دراسة موضوعيّة وحقيقيّة لها ،هكذا وصاحبهاَ ، َ تعلّمنا لعقو ٍد طويلة وهذا ما ج ُِبلت أنفسنا عليه ،ال أحد
سورية الفشل تاريخ أم مستقبل؟
تكاد تتص ّدر سورية استطالعات الرأي وتقارير المؤسّسات والمراكز البحثيّة الغربيّة واألمميّة ،في مستوى االنحدار والفشل على كا ّفة األصعدة ،ممّا يهدد بفرط عقد هذه الدولة الفتيّة أساساً ،في عمر الدول واألمم ،لتنتقل من دولة فاشلة إلى دولة منهارة ومقسّمة ،وتتق ّدم بجدارة ك ّل عام نحو خطف لقب دولة الصدارة من دول فاشلة ،كالصومال والسودان واليمن، ّ وتعثر مواجهة في منسوب األزمات الوطنيّة تح ّديات البقاء ،ما ي��د ّل أ ّنها دخلت منطقة الخطر. ولع ّل أشهر مقياس حول فشل الدول هو التقرير الذي تنشره مجلّة «فورين بوليسي» بالتعاون مع صندوق السالم العالميّ ،في شهر تمّوز من ك ّل عام ،حيث يعتمد التقرير على ع � ّدة معايير يقاس بها مدى فشل الدول وانهيارها ،منها :تنامي النزاعات والصراعات المجتمعيّة الداخليّة ،وعدم االستقرار السياسيّ ، ّ التدخل الخارجيّ ،وضعف ومستوى الثقة بمؤسّسات الدولة نتيجة انتشار الفساد ،والتنمية غير المتوازنة على أسس معيّنة تفرّ ق بين المواطنين، والتدهور األمنيّ ،وتف ّ شي انتهاكات حقوق اإلنسان ،وتشكيل أجهزة أمنيّة مطلقة خارجة عن سيطرة الدولة، باإلضافة إلى ازدياد الهجرة خارج ال��ب�لاد .بالعموم ،مصطلح الدولة الفاشلة يضيء على انحدار االستقرار السياسيّ واالقتصاديّ واألمنيّ ،وانتشار النزاعات وغياب األمن المجتمعيّ . كان ر.د.كابالن قد تنبّأ في مقالة شهيرة له بتاريخ « 1994إنّ شبكة تصنيف الدول األمم منها جزء كبير من العالم الثالث -سيح ّلمحلّها نمط من الزجاج المثلّم لدول األمم ودول األكواخ واإلقليميّات الضبابيّة والفوضويّة». وف��ي تقريرها األخ��ي��ر استبدلت «فورين بوليسي» مصطلح ال��دول الفاشلة لتعرّ ضه النتقادات ،بمصطلح الدول اله ّ شة Fragile ) )Statesحيث احتلّت الصومال المرتبة الثانية ،والسودان الخامسة ،واليمن الثامنة، والعراق الثالثة عشر وسورية الخامسة عشرة، في حين كانت قبل عام في المرتبة الحادية والعشرين ،من أصل مائة وسبع وثمانين دولة موضوع الدراسة.
newspaper@allsyrians.org
لم يسلم مؤ ّ شر الدولة الفاشلة من ا ّتهامات عديدة أهمّها أ ّنه مفهوم ال معنى له ،وإ ّنما اخ ُترع لفرض هيمنة الواليات الم ّتحدة على البلدان األق � ّل ق��وّ ة ،ب��رأي «إليوت روس» وبزعمه أنّ هذا المصطلح كان قد اخ ُترع في عام 1992بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط ّ االمبراطوريّة السوفيتيّة ،على يد موظ َفيّ وزارة الخارجيّة األمريكيّة جيرالد هيلمان وستيفان راتنر .وبرأي إليوت روس «أطلق ّ التدخل مجيء ه��ذا المفهوم الوحش -أو ّ الدوليّ -من عقاله» وافقه في ذلك المفكر نعوم تشومسكي بكتابه «ال��دول الفاشلة». وإن كانت النظرة الناقدة لهذا المؤ ّ شر تمتلك المعقوليّة ،في أنّ أمريكا تستغ ّل هذا المفهوم في دول معيّنة تراها فراغات أمنيّة خطرة عليها ،من المه ّم ملؤها بغاية سيطرتها عليها
و»قولبتها على هواها» ودمجها في المشروع ّ التدخل الديمقراطيّ ،حسب مبدأ بوش االبن في بالدول المارقة ،وبغضّ النظر عن الغايات المخبّأة وراء هذه المؤ ّ شرات .يكمن السؤال هنا ،وخصوصا ً لدولة مثل سورية .ألم تصل هذه األخيرة إلى مصافِ الدول الفاشلة واله ّ شة وفي طريقها لالنهيار؟ حيث أ ّنها حازت اللقب بجدارة وبدأت بتصدير األزمات إلى ما وراء حدودها؟ والسؤال األه ّم منذ م ّتى بدأت مسيرة سورية مع الفشل والهشاشة؟ تكمن اإلجابة في العودة إلى التاريخ الذي سبق بداية الحقبة األسديّة ،إلى بداية القطع التاريخيّ مع مشوار سورية كدولة ديمقراطيّة برلمانيّة ،عندما ُسلّمت مفاتيح البالد مع نهاية الخمسينيّات إلى جمال عبد الناصر ،حينها صُفعت تجربة السوريّين الديمقراطيّة مع ّ تعثراتها ،صفعة قويّة قصمت ظهرها ،عبر تأميم الحياة السياسيّة واالقتصاديّة وإطالق
أحوال
يد المخابرات لتحكم حياة السوريّين ومعالجة ح ّتى القضايا االقتصاديّة بحلول أمنيّة. ومالحقة المعارضين وإجادة اللعبة الخارجيّة والتوازنات اإلقليميّة ،على حساب الداخل. حافظ األس��د وج��د في تجربة عبد الناصر ضالّته ،وكان أمينا ً لميراثه وأكمل مسيرته بالقضاء على الحرّ يّات وتعويم الفشل على مؤسّسات الدولة ،واستفاد من تجربة دولة الوحدة وتبعاتها في إمساك البالد بيد من حديد ،فكان االبن الشرعيّ لصعود العسكر إلى الحكم بعد سقوط الوحدة لألسباب السابقة، وتغوّ ل طموحاتهم أمام تسرّ ب السياسة من المجتمع نتيجة القمع وحصرها بين الفرد القائد وبرلمانات التصفيق.
على خارطة التفشيل المقصود ،استمرّ ب ّ شار األسد بالنهج بعد اكتمال توريثه للجمهوريّة ،وأطلق يد عصبة من أقربائه وشركاء الفساد حوله البتالع االقتصاد والهيمنة على ثروات البالد وتعريض البالد لقوى إقليميّة تسيطر عليها .لهذه األسباب وغيرها انطلقت الثورة ض ّد نظام الحكم ر ّداً على ك ّل ما سبق ،وت��وسّ�لاً إلص�لاح الخلل االستبداديّ الموروث منذ عشرات السنين ،والمتماهي بشعار ملك فرنسا لويس الرابع عشر «الدولة هي أنا» وبالمعنى األسديّ «األسد أو نحرق البلد» ،لذلك رفض ب ّ شار األسد الوفيّ لتجربة أسالفه في حكم سورية قمع ّيا ً استيعاب ما أراده السوريّون عبر تظاهراتهم ،وجرّ البالد إلى الدمار .وبدورها لم تكن المعارضة وقادتها على قدر المسؤوليّة التي أوكلوا أنفسهم بها فكان ذلك مُعينا ً في القضاء على ما تب ّقى من الدولة السوريّة. هشاشة الدولة وانهيار مؤسّساتها نذير شؤم على تف ّكك الكيان السوريّ المضطرب أصالً، والذي لم يُسمح له بتكوين انتماء وطنيّ قادر على النهوض بدولته على كا ّفة الصعد ،وإ ّنما بقيت انتماءات أغلبيّة الجمهور السوريّ عابرة للحدود الوطنيّة وما هو تحت وطنيّ .وعلى ما يبدو أنّ مشوار الفشل وخصوصا ً في منطقتنا زاد على المعايير السابقة شروطا ً وح��دوداً جديدة ،فهل تفرز األزم��ة السوريّة معياراً جديداً للدول الفاشلة أو اله ّ شة؟.
سومر العبداهلل
يطوّ ر من نفسه ويعمل على ذاته ليرتقي بها ويصبح أفضل ،فهذه الطريق كانت غير مطروحة لعقود، والطريق الوحيد المتاح أن ُنبخِس من اآلخرين ليعلو النسق ح ّتى وصلنا لمرحلة من شأننا ،بقينا على هذا َ ليس فقط نكون فيها غير قادرين على االعتراف بالرأي اآلخر وإمكانيّة صحته ،بل نحن غير قادرين على االعتراف بوجود اآلخر. هذا باإلضافة لقلّة وعي أبناء مجتمعنا الذين تل ّقفوا أفكاراً تعمل على تشويه الديموقراطيّة وتدعو لنبذها، ٌ بحث آخر يطول الكالم فيه). (ولربّما هذا هذا المرض المستشري فينا والذي ّ تجذر في تكويننا لعقود سيحول دون قدرتنا على تجسيد الديموقراطيّة بأبسط صورها ،فمن الطبيعيّ أن ال نكون قادرين من الوصول إلى ديموقراطيّة وطن بأكمله!.. ربّما بداية الطريق هي التخلّي عن تع ّنتنا وردود أفعالنا االنفعاليّة والعاطفيّة ليح ّل مكانها التع ّقل مع مزيد من الثقة بالنفس وبإمكانيّاتها ،ومزيد من الثقة بإمكانيّة الحياة مع اآلخ��ر ونواياه تجاه وطنه ،ربّما تقاسم األعمال وعدم ترؤس أشخاص معينيّن على العامّة وإجبار العامّة على االنصياع آلرائهم «األوحديّة» كفيلة بخلق ح ّد أدنى على األق ّل من أشخاص يمتلكون شخصيّات لديها ثقة بأنفسها باإلضافة إلى عدم قيام ح ّد السيف أليّ فكرة جديدة مخالفة للرتابة المطروحة، علينا نشر مفاهيم الديموقراطيّة الحقيقيّة قوالً بين عامّة الناس ،والعمل على تطبيقها فعالً على أرض الواقع ابتدا ًء من أصغر األمور لنتم ّكن من الوصول ألكبرها. قد يبدو الخوض في هذه الطريق الوعرة صعباً، ً بداية االعتراف ولك ّنه غير مستحيل بالطبع ،إ ّنما علينا بأخطائنا لنستطيع إيجاد الحلول الواقعيّة لها ،فكم من أم ّم اكتسبت الديموقراطيّة بنشر الوعي والعمل الحثيث عليها!؟
سارة ع ّز
«سايكس ـ بيكو» تموت، وبالمخاض سورية أخرى انتهت ســـورية ســايكــس – بيكو لتنقـــسم اليوم جيوســياســـ ّيا ً إلى ثالث مناطق هي: سورية الثورة وتض ّم المناطق الداخليّة المحرّ رة والنفوذ فيها «ألصدقاء سورية»؛ وسورية الدولة اإلسالميّة وتض ّم مناطق وادي الفرات وغالبيّة الجزيرة ،وتحاول ألاّ تنتمي ألحد ،ويقف ض ّدها تحالف كبير تتزعمه واشنطن؛ وسورية نظام األسد لها ما تب ّقى من أراضي سورية والنفوذ فيها لروسيا وإيران بأذرعها المسلّحة كحزب هللا الشيعيّ والميليشيات المتطرّ فة. سورية اليوم ،بمخاضها العسير غير قادرة على والدة كيان إسالميّ ، أو معتدل ،أو علمانيّ ،وقد تباينت المواقف والمصالح وااليديولوجيّات المختلفة ،فأنصار الدولة اإلسالميّة يرفعون شعار «باقية وتتم ّدد» ،ولم تثنها ضربات التحالف األميركيّ عن تحقيق مكاسب جديدة ،فقد توسّعت في الشرق والغرب وال تبالي بمواقف اآلخرين ،فاألتراك يتفرّ جون على تب ّدد الحلم الكرديّ في إقامة حكم ذاتيّ كمق ّدمة إلعالن «دويلة غرب كردستان» ووقوع مقاتلي األحزاب الكرديّة أسرى وقتلى ،تزامنا ً مع تشرّ د عشرات اآلالف في براري «سهل سوروج» المحاذي لمنطقة «عين العرب» ،في قاس بنتائجه على «صالح مسلم» الذي يحصد ثمار تحالفه مع بداية فصل ٍ نظام األسد وسيعود بما تب ّقى من قوّ اته إلى أطراف «جبال قنديل» بعد أن خذلت مشروعه االنفصاليّ األطراف الدوليّة واإلقليميّة وعلى رأسها أنقرة وطهران ،بينما الشبّيحة من أتباع األسد ال زالوا يرددون شعار «األسد أو نحرق البلد» ،وفي إعالن صريح للمتح ّدث اإليرانيّ باسم قوى الممانعة، أنّ مرحلة العداء الظاهريّ إلسرائيل قد انتهت ،حيث قال مساعد وزير الخارجيّة اإليرانيّ «حسين أمير عبد اللهيان»: (إنّ سقوط األسد يه ّدد أمن إسرائيل) في إشارة لفتح عالقة علنيّة بين حلف الممانعة وإسرائيل ،كونها صاحبة الشأن والقرار في المنطقة ،بينما الطرف اإلسرائيليّ يرى أنّ نظام األسد مؤقت وزائل وال يمكن الرهان عليه ،وتعمل على بقاء الحالة السوريّة كما هي بالتفاهم مع واشنطن ،وتقف سورية الثورة في الوسط بدون رؤية استراتيجيّة واضحة فال ائتالف قوى الثورة استطاع تحقيق مكاسب سياسيّة تخدم الثورة ،بينما تحوّ لت مؤسّساته إلى شركات تقبض من حيث ما تيسّر القبض ،في حين عجز ثوار الداخل عن إنتاج قيادة مركزيّة تقود الثورة ومع ذلك ظ ّل قتالهم ض ّد نظام األسد راسخا ً وال يبالي بالضجيج اإلعالميّ الذي يحدثه اآلخرون ،وفي ضوء الهجوم األميركيّ الساعي إلى بلورة سورية جديدة موالية لواشنطن تقوم استراتيجيتها على عمودين: إسرائيل وحلفها الجديد ،بينما سورية في طريقها للتف ّتت بين المتحاربين في سبيل ترك المجال فسيحا ً أمام والدة جديدة وفق رغبة وتخطيط األمريكان، ويبقى الرهان على تماسك ووحدة الجبهة الثوريّة الذي وحده يع ّدل الخلل الذي طرأ على ميزان القوى ،والسباق اليوم يجري بين قيام هذه الجبهة، أو نشوء حالة سوريّة أخرى هي أشبه بدويالت ملوك الطوائف في عصر ّ تتمخض عنه والدة قيصريّة لثالثة تواءم سوريّة مشوّ هة االنحطاط ،أو ً لتستمرّ ردحا ً طويال من الزمن.
مصطفى فرحان www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 17
5
/30تشرين األول 2014/
حــوار مــع الدكتور راتـب شـــعبو (تتابع «كلّنا سوريّون» نشر الجزء الثاني من الحوار الذي أجراه المعارض الصحفيّ غسّان المفلح مع المعارض الكاتب والمترجم والطبيب راتب شعبو). المحور الثاني :من الثورة ح ّتى لحظة الخروج من سوريّة األول :بداية أنت قلت في مكان ما من السؤال ّ كتاباتك بعد الثورة ،إ ّنك لن تخرج من سور ّية ،ما الذي دعاك للخروج منها؟ وماذا َع ْ نت لك تلك اللحظة رغم أ ّني قرأت ما كتبته أنت عن جوانب هذه اللحظة؟ آخر ما كنت أف ّكر به هو الخروج من سوريّة، كنت دائما ً ممنوعا ً من السفر ولم يكن ذلك يعني لي الكثير ،أل ّنني ال أريد السفر أصالً رغم ك ّل الصعوبات والتضييقات األمنيّة .لم يُرفع التجريد المدنيّ ع ّني رغم انقضاء الم ّدة القانونيّة ،ورغم أ ّنني ا ّتبعت اإلجراءات المطلوبة في معاملة إعادة االعتبار ،وراجعت محكمة أمن الدولة العليا (قبل أن يجري حلّها تحت ضغط الثورة) مرّ تين بدالً من المرّ ة الواحدة ،دون جدوى. ّ بالخط األحمر على غالف كلمة (مجرّ د مدن ّياً) مكتوبة دفتر العائلة الخاصّ بأسرتي ،األمر الذي كان يحمّل أطفالي وزوجتي تبعات ومضايقات في ك ّل الدوائر التي يحتاجون فيها إلى اصطحاب دفتر العائلة ،عدا عن حرماني الدائم من العمل في أيّ من المشافي الحكوميّة أو في أيّ مؤسّسة عامة ،رغم ك ّل ذلك ،ورغم أنّ الكثير من أصدقائي الذين خرجوا منذ وقت بعيد كانوا يقترحون عليّ الخروج نظراً لمعرفتهم بظروفي ،لم يكن في ذهني الخروج من سوريّة ،وزادني تمسّكا ً في سوريّة انتفاضة الشعب السوريّ في مطلع .2011 مع ّ تعثر الثورة وتحوّ لها إلى ص��راع عبثيّ ال يُنتج سوى المزيد من الضحايا والدمار ،ومع تبلور الموقف الدوليّ السلبيّ حيال ما يجري في سوريّة، ومع بروز تنظيمات «إسالميّة» تجمع بين اإلعاقة العقليّة واألخالقيّة من جهة ،وبين القدرة العسكريّة من جهة أخرى ،بدأ المشهد يتغيّر وتغيّرت معه نظرتي وأولوياتي ،وفي الوقت نفسه بدأت دائرة المخاطر
تقترب م ّني بوتيرة متسارعة .استدعاءات أمنيّة تالحقني ومُساءالت دائمة ح ّتى على صورة «البروفيل» التي أضعها على حسابي في «الفيسبوك» .مضايقات لزوجتي في مكان عملها ،معاملة تمييزيّة سلبيّة ض ّد أطفالي في المدرسة ،بين بقاء عقيم مفتوح على العدم، وخروج ينطوي على احتماالت مفتوحة وربّما خصبة، اخترت الخروج ،ومع ذلك ،ربّما لو لم يكن لديّ طفالن (جنيت عليهما) الخترت البقاء ،وإن كان بقاء محفوفا ً بقوسين متكاملين من اإلعدام ،قوس ترسمه جرائم النظام وأمنه وشبّيحته ،وآخر ترسمه سيوف وجرائم بشر «مسلمين» ،هم بفكرهم ونمط حياتهم وح ّتى أسمائهم أقرب ما يكونون إلى قيء التاريخ. ُ خرجت فيها من الحدود لألسف ،اللحظة التي السوريّة كانت لحظة شعور بالحريّة ،شعور يشبه لحظة خروجي من السجن ،قلت ألصدقائي ،وأنا في معمعة البحث عن ح ّل لمشكلة منعي من السفر :أشعر ُ ستنبت لي حين أصل إلى بيروت ،وبالفعل أنّ أجنحة حين وصل الصديق الدكتور ماهر أبو ميّالة بسيارته الصطحابي من شارع «الحمرا» إلى منزله ومعه في السيّارة ابني وابنتي الصغيرين (فقد كانت زوجتي وطفلي قد سبقوني إلى بيروت في حين كنت أتابع في دمشق إجراءات السماح لي بالسفر) شعرت بما يشبه شعور الناجين من الغرق. شعرت أ ّنني حرّ ،كنت أصفن وأنا ّ ُ أتلذذ في بيروت في تذوّ ق حقيقة أ ّنني هنا في مأمن من دور ّي��ة أمن تقتحم عيادتي وتقتادني إلى حيث ال يدري إلاّ هللا، وفي مأمن من أن يتحرّ ش بي مجموعة من الشبيحة في الشارع ويهدرون كرامتي ودمي ،وفي مأمن من صاروخ «إسالميّ » أعمى ،أسوة بعقول مطلقيه ..إلخ. ُ شعرت أنّ حياتي ملكي ،وأ ّنها زمن خام لي في بيروت أن أصوغه كما أشاء ،بعد أن كانت حياتي في سوريّة مزيج فاسد من الزمن المسموم بالقلق والخوف ،وأنا اآلن في الخارج أشعر ،رغم ك ّل شيء ،بكرامة افتقدتها طويالً في سوريّة ،لألسف. ّ «يستحق السؤال الثاني :تقول في إحدى مقابالتك
اليساري لم يتبدّ د في االنتباه أنّ المزاج المعارض ّ العلوي خالل األحداث العنيفة التي شهدتها الوسط ّ سور ّية في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات ،وظل ّ (اليساري) غالباً ،قبول وتأثير العلوي للمعارض ّ ّ في وسطه آنئذ ،على خالف الحال اليوم حيث بات العلوي منبوذاً في وسطه إلى حدّ الوسم المعارض ّ التحول إلى بحث مستقل لفهم بالخيانة ،ويحتاج هذا ّ التحول؟ أسبابه» ،أريد منك رأيا ً مقتضبا ً حول هذا ّ الجواب الثاني: ما قل ُته في المقابلة التي تشير إليها يعبّر عن واقع ملموس وحقيقة صارخة ،العلويّون كتلة بشريّة تخترقها ك ّل التيارات الفكريّة والسياسيّة كما تخترقها الفروق الطبقيّة مثلها في ذلك مثل المجتمع السوريّ ككل ،ال تتمايز هذه الكتلة بشكل يبرّ ر الكالم السياسيّ عن «العلوييّن» في سوريّة إلاّ أمام الخطر اإلسالميّ السنيّ ،وال غرابة في ذلك ،ذلك أنّ اإلسالم السياسيّ في سوريّة َي ِع ُد العلويّين وغيرهم من المذاهب والطوائف بمرتبة دنيا في «مجتمع إسالميّ » ،يبقى السؤال لماذا تب ّدد اليوم المزاج العلويّ المعارض في حين لم يتب ّدد في أحداث اإلخوان المسلمين في بداية الثمانينات؟ قد يكون شعور العلويّين بقوة التهديد ودنو الخطر اليوم، قياسا ً على محدوديّة الخطر في أحداث اإلخوان ،هو ما يفسّر نظرتهم الحاليّة الشديدة السلبيّة تجاه المعارضين العلويّين ،وقد يكون الفارق بين األسد األب (القويّ والمح ّنك) واألس��د االبن (الضعيف) ج��زءاً من هذا التفسير. المزاج العا ّم في الوسط العلويّ تحوّ ل بوتيرة متسارعة من التر ّقب إلى التر ّدد إلى االنكفاء والرفض إلى العدائيّة تجاه الحراك االجتماعيّ الثوريّ في سوريّة .وأعتقد أنّ مساراً مشابها ً -وإن كان أق ّل تسارعا ً وربّما أق ّل ح ّدة أيضا ً -شهدته قطاعات واسعة من المجتمع السوريّ ومن ك ّل الطوائف ،وقد يكون هذا المسار أضعف مالحظة في الوسط السنيّ نظراً إلى أنّ هذا الوسط تحمّل أشنع أنواع الجرائم على يد النظام ،ممّا دفعهم للقبول بك ّل َمن يواجه النظام ولو
كان الشيطان نفسه. اليوم وبعد طول أمد الصراع وانكشاف سخف اللغة السلطويّة في تسخيف الحراك بالتبشير منذ وقت باكر بأنّ األزمة (كما سمّى اإلعالم الرسميّ الثورة) «خلصت» ،وبعد أن زاد عدد الشباب العلويّين الذين قضوا في هذا الصراع عن مئة ألف ،يجد العلويّون نفسهم في مأزق فعلي ال يجدون له حلاّ ً ،استمرار النظام مكلف لهم ،وانهيار النظام مرعب لهم ،ويلفت نظر المراقب أنّ التطوّ ر الذي ولّد تململ علويّ من هذا الصراع (أقصد زيادة التكلفة عدد الضحايا بين العلويّين) ،ولّد أيضا ً تنظيمات إسالميّة تحمل المزيد من التهديد للعلويّين والمزيد من حوادث القتل البشعة بحقهم ،أقصد إنّ صعود التنظيمات القاعديّة الدمويّة والطائفيّة رافق صعود تململ العلويّين ولجم فاعليّة هذا التململ.
غ ّسان املفلح
حوار مع المق ّدم أحمد القناطري قراء جريدة تعرف ّ في البداية أحي ّيك وأتم ّنى أن ّ «ك ّلنا سور ّيون» بنفسك. ّ انشق عن نظام المق ّدم أحمد القناطري :أنا ضابط األسد المجرم منذ العام ،2011لم أغادر أنا أو عائلتي األراضي السوريّة ،اخترت أن أكون مع الثوّ ار منذ بدايات العمل المسلّح للدفاع عن أهلنا وشعبنا ،وأعلنت عدم قبولي بأن أكون عنصراً في مؤسّسة عسكريّة تقتل الشعب بدالً من حمايته ،وإخالصي للقسم الذي أقسمته بأن أحمي الشعب والوطن ،ورفضي أن أكون ذراعا ً لحماية شخص أو حكم عائلة مفروضة على الشعب. األول :بعد ما يزيد عن ثالث سنوات السؤال ّ ونصف من عمر الثورة السور ّية ،برأيك ،إلى أين وصلنا سياس ّيا ً وعسكر ّياً؟ القناطري :من ّ يمثلون الثورة ينتقلون سياس ّيا ً من فشل آلخر ،من يقوم بهذا الدور -المجلس الوطنيّ سابقا ً واالئتالف حال ّيا ً -لم يعمل أيّ شيء ،فهو مشغول في المشاكل الشخصيّة ألعضاء االئتالف وصراعات الكتل السياسيّة داخل االئتالف ،وح ّتى هذه اللحظة لم يستطع االئتالف اقناع المجتمع الدوليّ بقانون أقرّ ه ّ يحق للشعب المعتدى ميثاق األمم الم ّتحدة ،وهو أ ّنه عليه أن يدافع عن نفسه .أمّا عسكريا ًّ -بالرغم من ك ّل البطوالت التي يق ّدمها أبناء شعبنا – فإنّ االنقسام وتع ّدد الفصائل وارتباط القيادات بأجندات وسياسات المال السياسيّ ،يمنع ح ّتى هذه اللحظة الوصول إلى أه ّم عاملين للنصر وهما :وحدة الصفّ والكلمة واعتماد التخطيط االستراتيجيّ المهنيّ في العمل العسكريّ باإلضافة إلى عدم االعتماد على الكفاءات العسكريّة في التخطيط العسكريّ . السؤال الثاني :يالحظ طغيان الصبغة اإلسالم ّية العسكري المعارض في سورية ،برأيك على العمل ّ العسكري لصالح الثورة؟ لماذا؟ وهل أسلمة العمل ّ القناطري :السبب في أنّ تلك الفصائل ح ّققت انتصارات مهمّة في أكثر من معركة ،أ ّنها األكثر تنظيما ً والتزاما ً باألوامر ،وذلك أل ّنها اعتمدت العمل ْ وبنت بنية وهيكليّة تنظيميّة المؤسّساتي بشكل فعليّ متماسكة بحيث أنّ هناك آليّة إلعطاء األوامر من رأس الهرم إلى القاعدة ،أمّا فصائل الجيش الحرّ فح ّتى هذه
newspaper@allsyrians.org
اللحظة ماتزال غير قادرة على وضع هيكليّة تنظيميّة حقيقيّة وال يوجد بين عناصرها التزام وانتماء حقيقيّ ، واأله ّم من ذلك هو عدم وجود قانون وآليّة تمنع انتقال المجموعات من فصيل إلى آخر ،باإلضافة إلى بعض الفساد الذي أظهر الجيش الحرّ بصورة غير جيّدة بعد أن كان الشعب يضع كامل أمله وثقته به .وحول «أسلمة العمل العسكريّ « أقول :يجب علينا أن نميّز بين أسلمة المجتمع ،وبين أن تحوّ ل الثورة إلى الصبغة اإلسالميّة ،فسورية مجتمع مسلم بغالبيته وليس بحاجه إلى أسلمة ،وهذه األفكار غير مقبولة أل ّنه ال يجوز أن تطلب من المسلم أن يسلم ،أمّا بالنسبة لثورتنا فهي ثورة شعب قام ض ّد الظلم واالجرام ويريد أن يبني مجتمعا ً حرّ اً كريما ً يحفظ حياة المواطن وكرامته، ويجب أن تبقى ه��ذه هي الصبغة لثورتنا ح ّتى اسقاط النظام وبعدها يختار الشعب ما هو المناسب له ،ألنّ إعطاء الصبغة اإلسالميّة المتش ّددة للثورة والشعارات الطائفيّة ليست لصالح الثورة ،ألنّ ذلك يدعم أكاذيب النظام وإعالمه أمام المجتمع الدوليّ بأ ّنه يحارب االرهاب والتطرّ ف ،وهذا يعطيه قوّ ة سياسيّة ومبرّ راً لجرائمه أمام المجتمع الدوليّ ويساعده في إغالق الباب أمام األديان والطوائف األخرى للدخول في صفوف الثورة كون النظام المجرم يستخدم هذه الشعارات إلقناع األدي��ان والطوائف األخ��رى بأنّ بقاءهم في سورية مرتبط ببقائه. الطائفي في السؤال الثالث :ي��زداد التمترس ّ سورية كل ّ يوم ...كيف ترى مستقبل سورية في ضوء هذا التمترس؟ وكيف يمكن للسور ّيين الخروج الوطني الجامع؟ منه إلى مساحة العمل ّ القناطري :من بدأ بالتمترس وراء الشعارات الطائفيّة هو النظام المجرم ،أل ّنه نظام طائفيّ ،بُني على أساس المحاصصة الطائفيّة ولعب على هذا الوتر ،ولألسف ف��إنّ الثورة وقعت في هذا الف ّخ، وأعتبر أنّ هذا فشل سياسيّ للثورة فهي لم تستطع اإلقناع بأ ّنها ض ّد نظام مجرم فاسد فقط ،وأ ّنها ثورة لك ّل السوريّين ،طبعا ً هناك أفكار طائفيّة غربية دخلت إلى الثورة السوريّة من الخارج. السؤال الرابع :تبدو على صفحتك ضدّ التحالف توضح لنا لماذا؟ وكيف تق ّيم دور أحب أن الدولي، ّ ّ ّ تنظيم «داعش»؟
القناطري :لست مؤيّداً ل «داعش» ولست من مؤيّدي دخول غير السوريّين إلى سورية ومن منطلق واحد فقط ،هو شعوري بسيادة وطني وثقتي بشعبنا وبطوالته وقدرته على صنع المعجزات وقد قلتها في العام :2011لسنا بحاجة إلى رجال ،وسنبقى نواجه الدبّابة ولو بصدور عارية ،وال ّ أظن أنّ هناك شعبا ً في العالم لديه أبطال كما في سورية. ولكن عندما أرفض التحالف ليس دفاعا ً عن أيّ فصيل ولكن أل ّني مقتنع تماما ً بأنّ سبب الفوضى ونشر التطرّ ف واإلرهاب ُ وقلت هذا في في سورية هو نظام األسد مقابلة مع إحدى الصحف العالميّة «إنّ ّ التأخر في سقوط نظام األسد سيجعل أبواب سورية مفتوحة لك ّل االحتماالت ولك ّل الجماعات وااليديولوجيّات واألفكار» وهذا ما حصل فعالً ،لذلك قلت :لو أنّ التحالف يريد التخلّص من ك ّل هذه الفوضى كان األجدر به استهداف نظام المجرم ب ّ شار األسد .وعندما ننتقد التحالف فإ ّننا ننقل رأي الشارع السوريّ ،لماذا لم ُي ّتخذ قرار التحالف سابقا ً عندما قتل ب ّ شار األسد الشعب السوريّ وعندما استخدم الكيمياويّ وقتل األطفال؟ ولماذا لم ُي ّتخذ موقف من دخول حزب هللا إلى سورية؟ علما ً أنّ حزب هللا هو حزب رسميّ ّ ممثل بحكومة رسميّة في لبنان بالتوصيف الدوليّ فإنّ دخوله إلى سورية كونه ّ ممثالً رسم ّيا ً في الحكومة اللبنانيّة يعني إعالن حرب رسميّ من لبنان ض ّد الشعب السوريّ . َ مؤسسات هاجمت السؤال الخامس :كثيراً ما ّ المعارضة السور ّية ،لماذا؟ وهل من طريقة الستعادة السوري؟ الحقيقي لها في خدمة الثورة والشعب الدور ّ ّ القناطري :نعم أنا ض ّد االئتالف وض ّد الحكومة المؤ ّقتة ولست محرجا ً من هذا الموقف وقد أعلنته. إ ّنني أطالب بمعارضة ترقى إلى مستوى تضحيات ومعاناة شعبنا ،ولألسف ،هذه المعارضة لم َ ترق الى مستوى دمعة واح��دة من دموع األطفال واألرام��ل والثكالى والمشرّ دين .ماذا ق ّدم االئتالف والحكومة المؤ ّقتة لعوائل الشهداء؟ م��اذا ق ّدما للمصابين والمعاقين والالجئين وألطفالنا الذين حُرموا من ّ حق التعلّم لم ّدة أربع سنوات؟ إنّ المصاريف الشخصيّة
ألعضاء االئتالف والحكومة المؤ ّقتة وباقي مؤسّسات المعارضة في شهر واح��د تكفي إلطعام الشعب السوريّ سنة كاملة .أريد أن أسأل أعضاء المعارضة، هل لديكم قوائم بأسماء الشهداء والمعتقلين في سورية؟ وهل تعرفون كيف تعيش عائالتهم وأين يقيمون؟ لم ألتق بأحد من أعضاء المعارضة ،إلاّ وشعرت بأ ّني ِ ال أجلس مع مواطن سوريّ .فهو ال يعلم شيء عن سورية ،وهو يح ّدثك عنه مشاكله الشخصيّة ومع األعضاء اآلخرين وما ق ّدمه من تضحيات! معارضتنا ال يعنيها سوى مصالحها الشخصيّة ،وتأمين أقاربهم بوظائف مهمّة ،كما كانت سياسة عائلة األسد! طبعاً ،هناك ح ّل وحيد وهو أن ِّ يمثل هذا الشعب أشخاص سياسيّين صادقين يختارهم ويعرفهم الشعب جيّداً ،ال أشخاص مفروضين من الخارج لم يسمع بأسمائهم الشعب السوريّ .ويجب أن يكون مقرّ إقامتهم في الداخل وبين الشعب ،فال يمكن لشخص يقيم في فندق خمس نجوم في استنبول أن يشعر بشعور شخص أو يعرف احتياجات شخص يقيم تحت أشجار الزيتون في هذا الشتاء ،وال يمكن ألعضاء المعارضة أن يشعروا بشعور طفل فقد والده أو والديه وال يجد لقمة يأكلها أو بيت يسكنه أو لباس يرتديه .هل عرفتم لماذا أهاجم المعارضة؟ هذه ليست معارضة إ ّنها مجموعة متسلّقين يعيشون من دماء شعبنا.
كلّنا سوريون www.allsyrians.org
6
العدد 17
تحقيقات
/30تشرين األول 2014/
مصابو مرض الثالسيميا مصاعب فوق المصائب رغم انتشار مرض الثالسيميا (فقر الدم) في جميع أنحاء العالم ،إلاّ أ ّنه يظهر بشكل أكبر في بلدان حوض البحر األبيض المتوسّط ،ومنه اكتسب اسمه الثاني «أنيميا البحر المتوسّط» وتعبر سورية واحدة من بين تلك الدول واألكثر انتشار للمرض فيها بعد اليونان، ويكثر انتشار المرض في مناطق مختلفة من العالم، خاصّة في المناطق التالية :حوض البحر األبيض المتوسّط والدول المطلّة عليه ،ومنطقة الخليج العربيّ ، ومنطقة الشرق األوسط وتشمل إيران ،العراق سورية األردنّ وفلسطين ،شمال أفريقيا وتشمل مصر ،تونس، الجزائر المغرب وشبه القارّ ة الهنديّة. ولمرضى سورية معاناة أخرى ،فوق ما هم عليه في ظ ّل هذه الظروف الصعبة ،منها :نقص مراكز نقل الدم واألدوية والتحاليل الالزمة وغيرها ،وسنسلّط الضوء عليها من خالل هذا التحقيق. مصاعب فوق املصائب جريدة « كلّنا س��ور ّي��ون» التقت مع ع��دد من المصابين وأولياء أمورهم ح ّدثونا عن المصاعب والمشاكل التي تواجههم في ظ ّل هذا الواقع الصعب لنتو ّقف مع السيّد «علي» أب لثالثة أوالد مصابين بهذا المرض ،حالته ُتجمل لنا مشاكل هذا المرض حيث ح ّدثنا عن المصاعب ومشاكل هذا المرض قائالً: لقد ازدادت معاناتي خالل السنوات الماضيّة تجاه أبنائي المصابين بمرض التالسيميا ،والتي ّ تتمثل في نقص مراكز نقل الدم في المناطق المحرّ رة ،حيث نضطرّ أحيانا للذهاب إلى مناطق سيطرة النظام ،وهذا مُخيف ومتعب ومكلف ،وأنا ال أستطيع الذهاب كوني مطلوبا ً للنظام. وأضاف «علي» كما أنّ المراكز الموجودة في المناطق المحرّ رة قليلة ج ّداً وتفتقر إلى المختصّين، حيث يت ّم نقل الدم بطريقة عشوائيّة دون إجراء أيّة تحاليل مثل تحليل خضاب الدم وغيرها. وأكمل «علي» كما أ ّنه ال يوجد في هذه المراكز دم ،فعلى المصاب أن يصطحب معه متبرّ عا ً بالدم، باإلضافة إل��ى ع��دم وج��ود األدوي���ة الخاصّة بهذا المرض في المناطق المحرّ رة مثل أدوية طرح الحديد وإبر (ديسفيرول) وهذه ضرورية ج ّداً للمصابين، ونقص اللقاحات الخاصّة باستئصال الطحال ،حيث اضطرّ رت إلى استئصال طحال ابني نتيجة نقص الرعاية الصحّ يّة ،من دون هذه اللقاحات ،كونها مفقودة في سورية وجوارها. وأوض��ح «علي» هناك غياب للرعاية الصحّ يّة لصحاب هذا المرض ،من قبل الجهات المسؤولة والداعمين ،فأنا على سبيل المثال أدفع تكاليف عالج تصل /70/ألف ليرة سوريّة ك ّل عام على ك ّل مصاب من أبنائي.
وتابع «علي» نحن نعاني في المنزل من متاعب ّ كبيرة ج ّداً تتمثل برعايتهم والعناية بهم فأيّ مرض جانبي يُصيبهم علينا القيام بتغيّر الدم ،فاأل ّم عليها أن تفرّ غ معظم وقتها لرعايتهم على حساب الواجبات األخ��رى ،وفي النهاية الحزن على موتهم ،فهم ال يعيشون طويالً ،لقد خسرت العام الماضي ابنتي ذات الخمسة عشر عاماً. وفي نهاية الحديث توجّ ه «علي» بنصيحة إلى ك ّل من يريد الزواج أن يقوم بإجراء تحاليل ما قبل الزواج كي ال يعاني مثل ما يعانيه. عن هذا المرض وأسبابه وانتشاره يح ّدثنا الدكتور «علي نديم الحاج» قائالً :إنّ هذا المرض ينتج عن خلل وراثيّ انحالليّ ،يؤ ّدي إلى نقص حا ّد في انتاج بروتينات خاصّة في الدم تسمّى الغلوبين ،وهو المكوّ ن ال���رئ���ي���س���يّ للهيمو غلو بّين ال��م��وج��ود في خ�ل�اي���ا ال���دم الحمراء. أض�����اف «الحاج» ما ّدة ا لهيمو غلو بين هي المسؤولة ع�����ن ح��م��ل األكسجين من الرئتين إلى مختلف أجزاء الجسم ،وبالنتيجة يؤ ّدي نقص الهيموغلوبين إلى فقر دم (أنيميا) ،وتكسّر سريع في خاليا الدم الحمراء ،ونقص كميّة األكسجين التي تصل إلى أجزاء الجسم المختلفة. وتنتقل السمة المسبّبة للتالسيميا من اآلب��اء إلى األبناء ،عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات، فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته وال ب ّد أن يجتمع في جسم الشخص المصاب جينان (واحد من األب واآلخر من األ ّم) يحمالن هذه السمة. لذلك ّ يعزز زواج األقارب من فرص اإلصابة بفقر الدم ،الرتفاع احتماليّة أن يكون لدى األقارب نفس الجين الذي يحمل سمة المرض مع العلم أنّ مرض الـثالسيميا من األمراض غير المعدية. أعراض الثالسيميا وعن األعراض قال الدكتور «الحاج» يمكن أن تظهر أعراض اإلصابة على المريض خالل السنة األول��ى من العمر ،فبعد والدة الطفل بفترة (6-3 شهور) ونتيجة لتكسّر خاليا الدم الحمراء المب ّكر، تبدأ األعراض بالظهور على النحو التالي ‹›شحوب ّ والتأخر في النمو، لون البشرة ،مع اصفرار أحياناً،
وضعف الشهيّة ،وإصابات متكرّ رة بااللتهابات .ومع استمراره تظهر أعراض أخرى :كالتغيّر في شكل العظام ،خصوصا ً عظام الوجه والوجنتين ،وتصبح ّ تضخم في الطحال مالمح الوجه مميّزة ،ويحدث ّ ويتأخر نمو الطفل. والكبد، وتابع «الحاج» أمّا في الحاالت البسيطة (لدى حاملي المرض) ،فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة ال يكون فيها باديا ً للعيان ويعيش صاحبه بشكل طبيعيّ ج ّداً وال يحتاج إلى عالج ،وقد ال تكتشف هذه الحاالت إلاّ بالصدفة. أنواع الثالسيميا وأمّا بالنسبة ألنواع المرض ،قال «الحاج» إنّ له نوعين ،األوّ ل الثالسيميا الصغرى التي تظهر سمتها ع��ن��دم��ا ي��رث ش��خ��ص جين ال��ث�لاس��ي��م��ي��ا م�������ن أح�����د وال��دي��ه وجين هيمو غلو بين ط��ب��ي��ع��يّ من الوالد اآلخر، وف�������ي ه����ذه ال��ح��ال��ة يكون الشخص الذي يحمل السمة طبيعيّ وفي العادة ال يعلم بحمله لها ،وألنّ المرض وراثيّ قد ينقل اإلنسان السمة إلى أوالده. وأمّا النوع الثاني هو الثالسيميا الكبرى ،التي تظهر عندما يرث شخص جينين للثالسيميا (جين من ك ّل والد) وهو خطير ج ّداً ،ويظهر الطفل المصاب به طبيع ّيا ً عند الوالدة ،وتبدأ األعراض بالظهور في األشهر األولى من العمر كشحوب الجلد مع فقر دم (األنيميا) ،وضعف ّ وتضخم الطحال. الشهيّة ،والخمول، آليّة عمل املرض وأوضح «الحاج « ُت ّ ؤثر الثالسيميا على عمر خاليا الدم الحمراء ،حيث تحصل طفرة في مكوّ نات الهيموجلوبين ما يؤ ّدي لتكسّر هذه الخاليا ،ويحاول الجسم تعويض النقص عن طريق زي��ادة التكاثر وبالتالي تصبح كثير من عظام الجسم مصنعا ً للنخاع ّ وتضخم العظمي ما يؤ ّدي الى انتفاخ جمجمة الرأس الطحال والكبد ،لكنّ اإلنتاج الكبير من خاليا الدم الحمراء ،يفشل في تعويض التكسّر ويت ّم نقل الدم إلى المريض بصفة مستمرّ ة بمعدل 4 - 3أسابيع، ويخضع المرضى للعالج مدى الحياة.
وأضاف «الحاج» يصاحب نقل الدم ازدياد الحديد في جسم المصاب ،ما يسبب ضرراً بالغا ً للكبد والقلب. وأوض��ح «الحاج» قد يتعرّ ض المصابون بهذا المرض إلى الوفاة ،إلاّ إذا أُجريت لهم عمليّة زرع نخاع جديد ،مع العلم أنّ هذه العمليّة باهظة الثمن ونسبة الوفاة فيها ما زالت مرتفعة. احتماالت اإلصابة وتتح ّدد احتماليّة والدة أطفال مصابين أو حاملين لهذا المرض ،تبعا لوجود سمة المرض في أحد الوالدين أو كليهما معاً. فإذا تزوّ ج شخص سليم (ال يحمل الجين الحامل لسمة الثالسيميا) بشخص يحمل الجين الذي به الخلل ال توجد أيّة احتماليّة لوالدة طفل مريض. أما إذا تزوّ ج شخصان يحمالن سمة الثالسيميا (أي أنّ لك ّل منهما جينا ً واحداً فقط يحمل هذه السمة) فهناك احتماليّة %25من ك ّل والدة لمجيء طفل ‹›سليم›› تماما ً وال يحمل أي جين به سمة الثالسيميا››. واحتماليّة %50من ك ّل والدة لمجيء طفل يحمل جينا ً واحداً به سمة المرض فيكون حامالً له ،واحتماليّة %25من ك ّل والدة لمجيء طفل مصاب بالثالسيميا (مريض) أي يحمل الجينين المصابين معاً. طرق الوقاية باإلمكان تجنيب أبنائنا هذا المرض الخطير عن طريق ‹›فحص ما قبل ال��زواج» .بأن يقوم أحدهما بإجراء الفحص ،وفي حالة حمله للسمة الجينيّة يقوم اآلخر بالفحص .وإذا لم يكن يحمل الجينة ،أو إذا ثبت خلوه من السمة الجينيّة فال يوجد هناك إمكانيّة بأنّ يولد طفل مريض. أي إذا كان أحد الوالدين فقط يحمل السمة ،أو كانا كالهما خاليين من السمة فبإمكانهما إتمام الزواج دون الخوف على صحّ ة األطفال ،ويساعد فحص المقبلين على الزواج بتحديد احتماليّة المرض ،من خالل فحص نسبة الهيموجلوبين في الدم وحجم خاليا الدم الحمراء، ما يح ّدد إمكانيّة نقل المرض لألبناء. وإذا كان فيهما خلل يجرى فحص آخر ،وتحاليل دم مفصّلة ألنواع الهيموجلوبين عن طريق الفصل الكهربائيّ . طرق العالج يعالج الطفل المصاب بالثالسيميا العظمى بعمليات نقل دم منتظمة ودوريّ��ة ،ويتطلّب المرض عالجا ً مح ّدداً مدى الحياة ويسمّى (ديسفيرال) يعمل على إزالة الزيادة الكبيرة في الحديد التي تدخل إلى الجسم ،وقد يضطرّ بعض األطفال إلى استئصال الطحال. ويحتاج المصاب إلى ما يق ّدر بأكثر من 20ألف وحدة دم سنو ّياً. بدر حسني
التعليم اجلامع ّي للطلبة السوريّني
واحدة من االنعكاسات المباشرة للوضع األمنيّ ْ �رزت مشكلة التعليم بكا ّفة الخطير في سورية ،ب� مراحله ،والتركيز هنا ال سيّما على التعليم الجامعيّ ، الذي تضرّ ر إلى ح ٍّد كبير ،وإن أغفلنا مُسبقا ً التح ّديات التي كانت تواجه هذه المرحلة من التعليم قبل ثالث سنوات ،من نوعيّة التعليم ،وطريقة المفاضلة للوصول إلى المقعد الجامعيّ ،وأدوات البحث العلميّ المتو ّفرة، والمع ّدات الضروريّة في المخابر المُلحقة بالجامعات، ك ّل هذه النقاط الهامّة ال داعي للتو ّقف عندها ،أل ّنها الح ّد األدنى الذي يجب تو ّفره للقيام بالتعليم الجامعيّ ، لكنّ محور البحث في هذا الموضوع اليوم ،هو ما يمكن أن يكون ح ّتى دون الح ّد األدن��ى ،أي عدم الحصول على فرصة االلتحاق بالجامعة. الجامعات غالبا ً ما تكون حاضنة ثقافيّة وفكريّة للكثير من التيارات التي لها مصلحة ،وداعمة للتأثير والتغيير في المسائل السياسيّة واالجتماعيّة واإلنسانيّة في بلدها ،وهذا بالفعل ما حصل في جامعات سوريّة، بدءاً من جامعة حلب وكلّيّاتها ،التي كان لها صوتها القويّ ض ّد ممارسات القتل في المدن السوريّة ،ممّا حذا بقوّ ات من الجيش السوريّ والشبّيحة باقتحامها ف ذلك قتلى بين الطلاّ ب ومئات ع ّدة م��رّ ات ،وخلّ َ المعتقلين ،باإلضافة للحالة الهمجيّة بالتع ّدي على الحرم الجامعيّ ،والدخول لقاعات المحاضرات والمخابر ،وإتالف جزء كبير منها ،وهذا يمكن سحبه على جامعات دمشق وحمص ودير الزور والقلمون وغيرها. ناهيك عن االعتقاالت التي كانت تت ّم على الحواجز َ ً بحجّ ة أنّ الطالب مطلوب أمن ّيا ،أو سحبه لاللتحاق
newspaper@allsyrians.org
ْ ازدادت بالخدمة العسكريّة ،وبعد تفاقم األح��داث خطورة الوصول للجامعة سوا ًء داخل المدينة نفسها، أو ح ّتى للقادمين من المُدن األُخرى ،ألسباب أق ّل ما يُمكن أنْ يُقال عنها ،إ ّنها فوضى الحرب ،كسقوط القذائف على العديد من ال ُكلّيّات.
هذا أ ّدى بدوره إلى امتناع الكثير من الطلاّ ب عن االلتحاق بالجامعات ،أل ّنه ودون نقاش ،فإنّ حياة الطالب أولويّة مُق ّدمة على تعليمه ،فالبعضُ آثر البقاء في البيت ،والبعض اضطرّ مُكرها ً للنزوح إلى مُدن أُخرى ،أو ح ّتى اللجوء في دول الجوار ،وبالتالي غياب الطلاّ ب عن جامعاتهم من جهة ،والوضع األمنيّ في الجامعة ،أو ح ّتى توفير الظروف المالئمة للتعليم، وهجرة الكوادر التدريسيّةُ ،ك ّل ذلك أفقد الجامعات السوريّة ترتيبها المعتمد عالم ّياً ،جامعة دمشق وصل ترتيبها عالميّا لـ 4500في حين أنّ جامعة حلب وصلت إلى 9021و جامعة حمص إلى ،7055في حين كانت هذه الجامعات قبل ثالث سنوات متق ّدمة أكثر على سلم الترتيب. ما يه ّم في هذا الموضوع ،هو البحث عن حلول فوريّة وعاجلة آلالف الطلاّ ب ،الذين أصبحوا اليوم محرومين من فرصة متابعة جامعاتهم ،سواء منهم الذين انقطعوا في مرحل ٍة ما خالل الدراسة الجامعيّة، أو ح ّتى أولئك الذين نالوا ّ مؤخراً شهادة التعليم الثانويّ في المناطق المحرّ رة ،أو دول اللجوء ،والحديث هنا ْ فقدت ـ أو تفقد فرصتها ـ في متابعة حول أعداد هائلة التحصيل العلميّ ،وبالتالي انجرارها إلى العمل في مهن ومجاالت غير مناسبة ،وقد تكون غير شرعيّة في سوق العمل في الداخل ،أو دول الجوار طبعا ً هذا
إنْ وُ ِج ْ دت فرصة للعمل.
العقبات أم��ام ح � ّل هذا الموضوع عديدة ،والمؤسف أنّ أكثر من ثالث سنوات على ال��وض��ع المُتداعي وال��ط��ارئ في س��ور ّي��ة ،لم تتشكل ح ّتى اليوم هيئة أو مؤسّسة على قدر أهميّة هذا ّ ُ المعضلة ،فمثالً كان ينبغي أن تخلق منظمات دوليّة ّ منظمات خاصّة ترعاها جهات تهت ّم بهذا الشأن ،أو سوريّة ،من أكاديميين ورجال أعمال لتب ّني الطلاّ ب المنقطعين ،وتوفير جامعات بديلة ،سواء بالتفاهم مع جامعات دول الجوار ،أو عقد اتفاقيّات مع دول أوربّا وأميركا على قبول أعداد معيّنة من الطلاّ ب السوريّين في جامعاتهم من خالل منح تتشارك عليها تلك الدول مع داعمين سوريّين من رجال األعمال. وهذا بالتأكيد لن يكون دون وجود م ّ ُنظمات معنيّة بمتابعة وإحصاء وتقييم وضع هؤالء الطالب ،وهذا الح ّل إلى اليوم لم تأخذ به سوى مؤسّسة جسور التعليميّة ،التي كان لها خطوات ناجحة في تأمين عدد من المنح لبعض الطلاّ ب ،وذلك حسب استطاعتها، ومؤخراً ّ ْ قامت شبكة «دوبارة» بالتواصل مع جامعات للحصول على ع ّدة منح ،بحيث توافق الجامعة على منحة لطالب سوريّ ،فيما لو سجّ ل عدد من الطلاّ ب السوريّين لديها. ويُضاف للعقبات ،أنّ الطالب عادة غير مُل ّم بشكل كا ٍ ف بطريقة البحث ،ومراسلة الجامعات ،والحصول على قبول للدراسة لديها من خالل مواقع الجامعات
ف لبعض الشروط ،كأنْ على اإلنترنت ،أو غير مستو ٍ تكون أوراقه أصليّة ،أو أن يكون حاصل على شهادة لغة إنجليزيّة مُعتمدة في ك ّل الجامعات كـ (أيلتس) أو (توفل). ك أنّ العامل الماديّ ،هو األب��رز في منع والش� ّ لاّ هؤالء الط ب من االلتحاق بأيّة جامعة ،من هنا الب ّد من الدعوة لتأسّيس صندوق يدعمه رجال األعمال، وميسوري الحال ،أو ترعاه ّ منظمات إنسانيّة وتعليميّة دوليّة ،تهت ّم بهذا المجال ،وكما سبق أنْ أشرنا ،بأنْ ُتعقد تفاهمات واتفاقيّات مع الدول وجامعاتها لقبول الطالب السوريّ ،أو سيكون على هذا الطالب البحث عن ح ّل لمأزقه ،الذي يفوق طاقاتهِ ،بأنْ يتخلّى عن فكرة متابعة التحصيل العلميّ ،و العمل كأيّ عامل بأجور زهيدة ،تو ّفر له معيشة يوم بيوم ،أو اللجوء تهريبا ً لدول أوربّا بأيّ طريقة كانت ،رغم خطورتها الكبيرة ،وبالتالي سيكون ضحيّة الفراغ ،واجتماع ك ّل العوامل في سبيل تغييب شخصيّته ومستقبله وضياعه. وألنّ سوريّة لن ينهض بها إلاّ السوريّين بعد ك ّل هذا الخراب الذي ع ّم البالد ،فإنّ رعاية هؤالء الطلاّ ب ّ تستحق المُتابعة. وإعدادهم يُعتبر مهمّة
حممّد كيّاري
www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 17
7
/30تشرين األول 2014/
افتحوا لنا المعابر لنبحث عن وطن
وصل إلى ّ غزة من أوائل عام 2013ح ّتى اآلن أكثر من 2000 الجئ سوريّ وفلسطينيّ سوريّ بعد أن خسر وظيفته في سورية ومشاريعه وممتلكاته وال يعلم ماذا ح ّل بها ألنّ جميع المناطق التي فرّ منها الالجئون مناطق ساخنة ج � ّداً وتتعرّ ض للقصف اليوميّ وتدور فيها االشتباكات بين قوّ ات النظام ال��س��وريّ والمعارضة المسلّحة ،ناهيك عن االستمتاع الساديّ للدكتاتوريات بالورقة الرابحة دائما ً والتي تطرح أوّ الً على طاولة االنتهاكات ،أال وهي القضيّة الفلسطينيّة ،أُضحية ك ّل عيد من فلسطينييّن ،ومن كان معهم في نفس المربع المحروق سلفا ً من قبل النظام من السوريّين. عقد في غ� ّ �زة اجتماعات ع� ّدة برئاسة (ع .ع) فلسطينيّ سوريّ مع مجموعة أعضاء منهم سوريو األصل وفلسطينيّون سوريّون تحت ظ ّل لجنة متابعة شؤون الالجئين من سورية الى غزة ،مع العلم أنّ ك ّل الموجودين من الجالية أو أعضاء اللجنة أطباء ومهندسين وشهادات عليا «عقول» بإمكانيات أق ّل من ضعيفة جمعوا أنفسهم لينطقوا باسم الالجئين السوريّين بغزة التي لم َ تلق صدى ح ّتى في المحيط الغزيّ ،فكانت تلك االجتماعات مع حكومتي ّ غزة ورام هللا السابقتين واللتان لم تق ّدما ما يكفل استقرار واندماج الالجئين في مجتمعهم الجديد والعيش بكرامة بالرغم ممّا ق ّدمته حكومة ّ غزة بشكل خاصّ ،إلاّ أ ّنها بقيت ضمن مجموعة المعالجات المؤ ّقتة التي لم َ ترق إلى ح ّد اغتنام الفرصة التي كانت متاحة أمامها إلعادة تأهيل الالجئين ودعم حقوق أكثر من 260 أسرة سوريّة وفلسطينيّة سوريّة نزحت إلى ّ غزة ،وبما أ ّنني من ضمن الجالية أقول وبأعلى صوتي لم يتح ّقق شيء على أرض الواقع ولو بسيط لس ّد الرمق ،أطلقت عليها الجالية «لجنة الشحادة» عندما ينتهي أيّ مؤتمر نقول جميعا ً (انتهينا من اجتماع الشحادة والكذب على الّلحى ،ك ّل واحد يروح على بيتو) إنّ المعوّ قات التي يعانيها الجئو ّ غزة ال تق ّل بل تزيد
الضعف على معاناة ك ّل الالجئين السوريّين في باقي البلدان المستقبلة لهم ،شكالً طبعا ً وليس مضموناً ،ففي االجتماع األخير الذي عُقد في 2014/10/20طرحنا مشكالتنا السابقة الطرق في ك ّل اجتماعات وبصيغ متنوّ عة ومتع ّددة وحتما ً سيكون مصيرها كسابقاتها والتي تتمحور حول أنّ الجئي ّ غزة بعد تعرّ ضهم لويالت الحرب واالقتتال الداخليّ الذي مازال يدور رحاه في سورية ،جاؤوا للبحث عن األمن واالستقرار ألحضان قد شرّ عت ذراعيها تحت مسمّى ر ّد الجميل للسوريّين الذين احتضنوا الشعب الفلسطينيّ أعواما ً وأع��وام ،وإذ بنا ندخل في معمعة جديدة مع أبناء شعبهم وويالت العدوان اإلسرائيليّ الذي استمرّ على قطاع ّ غزة 51يوماً ،وأ ّدى إلى تشرّ دهم عن منازلهم ولجوء بعضهم عند أصدقاء لهم أو أقارب ،ناهيك عن عدد ليس بقليل من الشهداء السوريّين في تلك الحرب تبق على شجر وال حجر وال بشر ويشاركون التي لم ِ الشعب الغزيّ حصار ظالم وجائر مفروض على القطاع وأهله منذ أكثر من ثمان سنوات ،وأشار رئيس اللجنة في االجتماع األخير للظروف المأساويّة الخاصّة بالجئي سورية في ّ غزة مطالبة بمعالجة استثنائيّة من القوى الجا ّدة لهذه األزمة وإيجاد الحلول لها ،مشيراً إلى أنّ فقدان األمان واالستقرار هما السمة الغالبة لالجئين من سورية بحكم اعتمادهم الكلّيّ على البطالة المؤ ّقتة ( )1000 - 800شيكل لعدد محدود ال يتع ّدى أصابع اليدين ق ّدمتها حكومة ّ غزة السابقة
باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد والثابت ،رغم كونها ال تفي بالح ّد األدنى من مقوّ مات حياة كريمة ومستقرّ ة ولألسف هذه البطالة تو ّقفت من ع� ّدة أشهر ممّا زاد من عوامل التوتر والقلق وفقدان األم��ان ،ممّا وضع الالجئين من سورية وجها ً لوجه مع مخاوفهم وه��واج��س��ه��م السابقة الناتجة عن العجز الحكوميّ واألهليّ في استيعابهم ووج��دوا أنفسهم وحدهم في مواجهة هذا الظرف العصيب ،فال الحكومة تطلّعت إليهم وال المؤسّسات والهيئات اإلنسانيّة المختلّفة قدمت لهم يد العون والمساعدة ،األم��ر الذي وجه ضربة قاسمة في الصميم لما تب ّقى من أحالمهم ومجتمع يحلمون باالنتماء إليه واالندماج وطن في ٍ ٍ فيه ،فأصبحت وجهتهم األساسيّة الهجرة والبحث عن فرصة للخروج من قطاع ّ غزة ح ّتى لو على متن ق��وارب الموت ،حيث كان مصير العشرات منهم الغرق على شواطئ المتوسّط كما كان حال المئات من إخوتهم الفلسطينيّين والسوريّين الهاربين من الموت في سورية في قارب موت يحمل 800شخص على األق ّل انتقل من االسكندريّة بمصر وخالف بين مهرّ بين تعمّدوا االصطدام بالقارب لم ين ُج منه إلاّ عدد ال يذكر من الهاربين على متن السفينة التي ُتق ّل أعداداً كبيرة من العائالت السوريّة الالجئة في ّ غزة ،لم َ يبق على قيد الحياة إلاّ طفلة سورية في عمر 16وأربعة شباب من أهالي ّ غزة قد وصلوا اليونان سالمين ومن َ يحظ بها ك ّل الالجئين السوريّين أه ّم المعوّ قات التي لم في أصقاع العالم أنّ الالجئ من سورية محكوم عليه وبخاصّة من أصول غزيّة ويحمل جواز سفر بدون رقم وطنيّ عدم القدرة على مغادرة قطاع ّ غزة أو تجديد جواز السفر المنتهية صالحيّته ،وكذلك السوريّون والفلسطينيّون الذين ترفض السلطات السوريّة تجديد وثائقهم بسبب وجودهم في ّ غزة ،محكوم عليهم عدم السفر وال يستطيعون البحث عن عمل في الدول العربيّة القريبة والبعيدة ،ممّا يُولّد لديهم شعوراً مضاعفا ً بالحصار فضالً عن حصار ّ غزة.
نفرتييت املبيّض
(هيك من األخ��ي��ر) ...هي حقيقة سنتين عمل ومحاوالت بالرياضة السوريّة الحرّ ة مع تواجد أكثر من جسم رياضيّ وأكثر من تشكيل وعدد كبير من الرياضييّن السوريّين المستقلّين.
فعالً!! ..االعتراف الحقيقيّ عرب ّيا ً وقار ّيا ً ودول ّيا ً (ما في ع ّنا) ( ..وما صار ع ّنا) وإذا بقيت األمور والتصرّ فات ولغة األنا وقلّة الثقة على هذا الشكل (م��ارح يصير أيّ اع��ت��راف فينا) ..س��وف تبقى المشاركات الفرديّة والمساعي الشخصيّة لبعض البطوالت من بعض األبطال هي السمة األبرز بالعمل الرياضيّ الثوريّ . طيب وبعدين؟؟ ..بعدما ذهب الرياضيّون األحرار يطرقون أبواب االئتالف الوطنيّ المعارض وبعد ع ّدة صور تذكاريّة واعتراف ّ خطي بتمثيل الرياضة السوريّة ت ّم ايقاف المشاركة ببطولة المتوسّط قبل سنة ونصف في مدينة «مرسين» التركيّة ألسباب ّ الفذة «تناحريّة» بين الشخصيّات «المعمليّة» للمعارضة السوريّة. وعلى نفس الطريق تجد أعذار ومبرّ رات وروتين الحكومة السوريّة المؤ ّقتة من شكل «تصريف األعمال إلى قلّة الميزانيّة» إلى «قلّة الثقة» وهكذا.. أ ّم��ا عند أصحاب اله ّم األساسي وه��م كيانات الرياضة الصغيرة ،فال يطول الوقت ح ّتى تشاهد التخبّط والعشوائيّة والعمل غير المنظم والتباعد والجمل البرّ اقة «أنا ّ ممثل الرياضيّين» و «أنا صاحب االمتياز». وم��ات��زال أمامنا الكثير من مل ّفات الالعبين الموجودين في دول الجوار ضمن بيوت ضيّقة أو على الرصيف ،ويعاني الكثير منهم من خطر المالحقة واالعتقال كما منتخب سوريّة الحرّ في لبنان ..وصوالً إلى الالعبين المصابين الموجودين بتركيا، وح ّتى الرياضيّين المعتقلين بسجون األسد. وأخيراً إلى قضيّة (كيف ب ّدك تجيب االعتراف
newspaper@allsyrians.org
بصراحة هذه المق ّدمة هي على لسان حال ك ّل رياضي س��وريّ أطلق موقفه األخ�لاق��يّ بالثورة السوريّة ،هذا كالم ألناس تعبوا وتشرّ دوا (كرمال وعود وكرمال حكي وكرمال جداول) السؤال األبرز اآلن ..ما الذي حيصل( ،وبعدين) ؟؟ يقول اإلعالميّ السوريّ محمّد عالء الدين مدير تلفزيون حلب سابقاً: إنّ عمل جميع المؤسّسات التي ت ّدعي تمثيل الثورة ما زال ارتجال ّياً ،وبعضه حمل في خلفيّته الكثير من ً إضافة إلى عوامل الالاستقرار مورّ ثات النظام الفاسد، التي يعانيها الرياضيّون وأسرهم أيضا ً شأنهم شأن ك ّل شريحة من السوريّين. لقد كنت منذ البداية من المعارضين لفكرة تسمية مديريّة للشباب والرياضة تحت جناح (حكومة) ،أل ّنها ستكون عاجز ًة بكادرها المتواضع عن أداء عمل يرقى إلى ما هو منتظر من حكومة ،وبك ّل األحوال ال ب ّد من ّ دعم ،إ ّنما دون وصاية وتدخل وهو ما أتصوّ ر أنّ مخلّفات النظام الفاسد في النفوس ستبقى تش ّكل عائقا ً ً ً عالية من الوعي لمحاولة استئصاله درجة ما لم نمتلك وإلاّ فسنعاود انتهاج طريق النظام الفاسد وبصورة أكثر فوضويّة. وعن قضيّة االعتراف العربيّ والدوليّ يتح ّدث األستاذ «محمّد عالء الدين» :من وجهة نظري أنّ انتظار االعتراف العربيّ والدوليّ غير مجدٍ ،علينا أن نبدأ باإلمكانيّات المتاحة وتحقيق ما يمكن من المعايير مترافقا ً باستمرار التواصل والمطالبة في المحافل ك أنّ ذلك يتطلّب الرياضيّة العربيّة والدوليّة ،الش ّ عمالً دؤوبا ً وجهداً مضاعفاً ،وقبل ذلك اإلخالص في العمل ونبذ الـ (أنا) للمصلحة العامّة. أمّا عن رؤيته ومشاهدته ألسلوب النظام في اغتيال الرياضة السوريّة خالل الثورة فأجاب :ال يمكن فصل
سيطر الجيش الحرّ على حاجز أ ّم المياذن االستراتيجيّ في ريف درعا الشرقيّ بعد اشتباكات عنيفة مع قوّ ات النظام السوريّ استمرّ ت ألربعة أيّام. شارك في المعركة التي أطلق عليها تسمية «أه��ل العزم» ثالثة عشر فصيالً تابعا ً للجيش السوريّ الحرّ في المنطقة الجنوبيّة في السابع عشر من الشهر الجاري ،والتي تهدف إلى تحرير النقاط الواقعة على أوتستراد دمشق – درعا - عمان الدوليّ » وهي حاجز جسر أم المياذن الطيّبة وحاجز المعصرة وحاجز الكازيّات». الطريق املفتوحة تعتبر تلك األهداف من أكبر الحواجز األمنيّة ّ وخط الدفاع األوّ ل عن معبر في المنطقة الشرقيّة نصيب – جابر الحدوديّ مع األردنّ آخر المناطق الحدوديّة التي يسيطر عليها النظام ،وصلة وصل بين المعبر وبلدة خربة غزالة التي يسيطر عليها النظام بشكل تا ّم ،كما يعتبر الحاجز ّ خط حماية للطريق الحربيّ الذي يصل منطقة معبر نصيب بمحافظة السويداء ،وبتحريره تكون الطريق مفتوحة بين الريف الشرقيّ والغربيّ المحرّ رين من محافظة درعا في الجنوب. تكبّدت قوّ ات النظام خسائر بشريّة وأخرى في العتاد الثقيل ،في المقابل استشهد عشرة مقاتلين من عناصر الجيش الحرّ وأصيب آخرون بينهم مراسل مؤسّسة (يقين) اإلعالميّة «محمّد نقاوة» ،وأشار عدد من الناشطين إلى استخدام قوّ ات النظام المدنيّين كدروع بشريّة لمنع تق ّدم المقاتلين وإجبارهم على وقف المعركة. يف أربعة أيّام
بالمشرمحي .. اعتراف ما في عنّا ،وقلّة ثقة دبحتنا الدولي؟) و(كيف ب ّدك تعمل وثائق جديدة للرياضيّين إللي انش ّقوا عن مؤسّسة النظام الرياضيّة؟).
بعد سيطرة الحرّ ،انتقام وحشي من ق ّوات النظام ّ
الرياضيّ عن االجتماعيّ والعام ،فكما استخدمت المشافي والمرافق العامّة (مشفى الكنديّ ومبنى اإلذاعة والتلفزيون بحلب مثاالً) كذلك كان استخدام المنشآت الرياضيّة التي تحوّ ل كثيراً منها إلى مقرّ ات عسكريّة ومرابض أسلحة ثقيلة كالدبّابات والمدفعيّة وسواهاّ ، فأثر ذلك على المنشآت وانعكس بالتالي على ً إضافة إمكانيّة ممارسة األنشطة ح ّتى التدريبيّة منها إلى العوامل العامّة كانقطاع المياه والكهرباء الخ....
أمّا على صعيد استخدام بعض الرياضيّين خاص ًّة ذوي البنية الجسميّة القويّة كشبّيحة ،فكلّنا نعلم كيف أجبر النظام أصحاب المراكز التدريبيّة أللعاب القوّ ة على النزول بمدرّ بيهم إلى أماكن التظاهر لقمع المتظاهرين بالضرب العنيف والتشبيح عليهم ،وهو السبب الذي أ ّدى إلى اغتيال غياث طيفور وغيره ومن امتنع دفع الثمن في أقبية النظام ومعتقالته. إصرار يف الداخل السور ّي وبمرور ك ّل هذا الوقت وأمام سيل الوعود الذي ال ينتهي ولك ّنه في نفس الخانة -ال يغني وال يسمن من جوع -يبقى بعض الرياضيّين في داخل سوريّة، وفي ع� ّدة محافظات ومناطق يعملون على تفعيل وتنشيط الرياضة بين ك ّل المجالس وك ّل القوى الثوريّة والمدنيّة من بطوالت كرة القدم إلى محاوالت التواصل للحصول على دعم بسيط لمتابعة باقي النشاطات من قبل مؤسّسات سوريّة خاصّة ،إعالميّة كانت أم خدميّة. سجلاّ ت قادمة في عدد سابق تحدثنا عن قضية الالعبين السوريّين الموجودين في لبنان وحالتهم المعيشيّة السيئة واألمنيّة الخطرة ج ّداً ،وسنفتح في األعداد القادمة بعض المل ّفات واللقاءات مع كيانات رياضة في زمن الثورة ومع رياضيّين مستقلين قد يستطيع هذا المنبر اإلعالميّ أن يوصل أصواتهم إلى أصحاب القرار ومتزعّمي المعارضة السوريّة قبل فوات األوان.
عروة قنواتي
لم تنجح القوّ ة الناريّة الهائلة التي استخدمتها قوّ ات النظام السوريّ في منع سقوط الحواجز، حيث قُصفت القرى والبلدات المجاورة للحاجز كنصيب وأم المياذن والطيّبة وكحيل بش ّتى أنواع األسلحةّ ، ووثق الناشطون أكثر من سبعين غارة جوّ يّة وبرميالً متفجّ راً استهدفت تلك المناطق خالل أربعة أيّام. جاء ر ّد النظام على خسارته للحواجز المهمّة في اليوم التالي عنيفا ً ودمو ّياً ،حيث ارتكب الطيران الحربيّ والمروحيّ التابع له ثالث مجازر راح ضحيّتها أكثر من ثالثين مدن ّيا ً وعشرات الجرحى معظم إصاباتهم خطيرة ،ت ّم نقل العديد منهم إلى المشافي األردنيّة والميدانيّة في المناطق األخرى. من بين الشهداء 16طفالً و 4نساء وكانت حصّة بلدة نصيب الحدوديّة مجزرتين أسفرتا عن استشهاد 22مدن ّياً ،فيما شهدت بلدة اليادودة في الريف الغربيّ مجزرة راح ضحيّتها 6أشخاص من عائلة الخطيب ،ت ّم انتشالهم أشال ًء من تحت األنقاض بعد قصف طيران الميغ لمنزلهم مساءً. كما تشهد بلدتا نصيب وأم المياذن في الريف الشرقيّ من محافظة درعا حركة نزوح كبيرة للمدنيّين هربا ً من الموت وسط ظروف مأساويّة. إيواء األهالي يقول «شعاع الحورانيّ » عضو الهيئة السوريّة لإلعالم :إنّ الهدف من القصف العشوائيّ ،انتقاميّ بحت ،فبعد أن فقد النظام موقعا ً استراتيج ّيا ً في المنطقة خالل األيّام الماضية ضمن معركة «أهل العزم» استخدم في القصف كا ّفة أنواع األسلحة، من الطيران الحربيّ والمروحيّ ،الذي ال يغادر األجواء ليل نهار ،إلى سالح المدفعيّة والصواريخ وخاصّة القنابل العنقوديّة التي تش ّكل خطراً كبيراً على األهالي لم ّدة طويلة. وأشار الحورانيّ إلى أنّ :رحلة بحث األهالي الهاربين من الموت عن مكان آمن تترافق مع موجة برد قارس تشهدها المنطقة ،وتستلزم استنفار كا ّفة ّ المنظمات والهيئات واألشخاص للمساعدة في إيواء األهالي على األقلّ .درعا -سارة احلوراني
www.allsyrians.org
8
العدد 17
/30تشرين األول 2014/
العربي ثورات الربيع ّ
اهلدف األساس ّي يف هذه املرحلة هو خلق حالة من الصراع بني إيران والسعوديّة وذلك من أجل إيقاف إنتاج النفط لفرتة.
العالمي الرأسمالي االقتصادي شباك النظام في ِ ّ ّ ّ
إنّ المتابع لألحداث في الشرق األوسط بشكل عام، ودول الربيع العربيّ بشكل خاصّ ،يجد أنّ الحقيقة ال تكمن في األحداث السطحيّة الظاهرة للعيان ،وإ ّنما هناك عوامل اقتصاديّة وسياسيّة داخلية عميقة الب ّد من استقرائها للوصول إلى حقيقة المشهد الراهن والمستقبليّ للمنطقة ومن ضمنها سورية ،ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف الب ّد من اإلجابة عن سؤال طالما تر ّدد على ألسنة مواطني دول الربيع العربيّ يمكن تلخيصه بما يأتي :هل يمكن اعتبار األحداث التي ّ مؤخراً ثورات حقيقيّة هدفها جرت في الدول العربيّة تغيير الواقع الذي فرضته األنظمة االستبداديّة في تلك الدول؟ أم أنّ هناك قوى خارجيّة دفعت تلك الشعوب لالنتفاض على أنظمتها بهدف إحداث تغييرات سياسيّة واقتصاديّة في المنطقة تمهّد إلنشاء واقع جديد يخدم مصالحها المستجدة والمتع ّددة؟
في واق��ع األمر ال يمكن إنكار أنّ التغيرات األخيرة ف��ي بعض ال��دول ّ تمثل ال��ع��رب��يّ��ة ث�����ورات شعبيّة ع��ف��و ّي��ة خالصة ال يوجد فيها أي ٍد غريبة خرجت طلبا ً للحريّة والعدالة، ويمكن القول إنّ التراكمات الكبيرة لتلك األنظمة كانت سبّبا ً رئيس ّيا ً في امتداد تلك الثورات إل��ى مختلف دول المنطقة باإلضافة إلى المناخ اإلقليميّ والعالميّ الجديد الذي كان له دور في تحريك تلك الشعوب. لكنّ الجميع يعلم أنّ األزمة االقتصاديّة التي ضربت ال��دول الغربيّة الرأسماليّة في بداية القرن الواحد والعشرين كادت أن تودي باالقتصاد العالميّ وذلك لكون معظم االقتصادات مرتبطة إلى درجة كبيرة باالقتصاد الرأسماليّ ،وهذا األمر دفع معظم الدول االقتصاديّة الغربيّة للتفكير مل ّيا ً في التغيّرات التي أحدثتها ثورات الربيع العربيّ في العالم والتي يمكن لها أن ّ تؤثر سلبا ً يتعاف بعد من نكسة كبيرة حلّت به في على اقتصا ٍد لم َ الماضي القريب ،ومن هذا المنطلق عملت تلك الدول على اتخاذ كا ّفة االجراءات التي تمنع هذه الثورات من إحداث أيّ ضرّ ر يلحق باالقتصاد العالميّ فعملت
الكاتب الشجاع
على تحديد األسباب العميقة لتلك األزمة من انعدام األسواق الجديدة وضحالة أسواق االستثمار للشركات الرأسماليّة الضخمة وهيمنة منتجات المعسكر الشرقيّ وفي مق ّدمتها الصين على تلك األسواق ،وبذلك فإنّ قرار إع��ادة تأهيل منطقة الشرق لصالح االقتصاد الغربيّ وإدخالها بمنظومة االقتصاد الرأسماليّ العالميّ أصبح ضرورة ملحّ ة ،وهذا في حقيقته يش ّكل مشروعا ً اقتصاد ّيا ً هدفه وضع ح ٍّد لالقتصاد الروسيّ – الصينيّ الذي تفرّ د في الدول العربيّة واإلفريقيّة ووصل إلى قلب أوروبا وأمريكا. ُ طرح هذا المشروع من قبل وزيرة خارجيّة الواليات المتحدة «كونداليزا رايس» تحت مسمّى «الفوضى الخلاّ قة» ،لكنّ هذا الطرح فشل لعدم وجود القبول الشعبيّ له في دول المنطقة ،ث ّم أُعيد طرحه والترويج له من جديد في بداية الثورات العربيّة تحت مسمّى «الربيع العربيّ » لتحقيق األهداف الغربيّة في المنطقة بأيدي شعوب المنطقة نفسها ،فتل ّقته تلك الشعوب بإيجابيّة وانطلقت بمظاهرات «كالدومينو» من دولة إلى أخرى .إنّ نجاح المشروع الغربيّ أو فشله يتو ّقف على نجاح الثورة السوريّة ،ولذلك أخذت االهتمام العالميّ على كا ّفة المستويات وتشابكت فيها الخيوط العالميّة فالنظام الرأسماليّ الغربيّ يعلم تماما ً حتميّة سقوط نظام األسد ،وما التأخير الحاصل في عملية إسقاطه إلاّ ألهداف أراد تحقيقها ،ح ّتى ولو كان على حساب الدم السوريّ ،فالواليات الم ّتحدة كانت تصرّ على عرض قضية الثورة السوريّة على مجلس األمن مراراً وتكراراً وهي على يقين تا ّم أنّ روسيا والصين ستعارض هذه اإلج��راءات ،والهدف الغربيّ من ك ّل ذلك هو تشويه سمعة روسيا والصين أمام الرأي العام
اعتقلته السلطات السوريّة في 16شباط 2012في دمشق، وفي 24آذار عام 2014وجّ ْ هت نيابة محكمة قضايا اإلرهاب إلى مازن درويش تهمة «الترويج لألعمال اإلرهابيّة» ،وفي 9 تشرين األوّ ل 2014شارك الكاتب سلمان رشدي الحائز على جائزة «بين بينتر» جائزته مع الكاتب السوريّ «مازن درويش» المدافع عن حرّ يّة التعبير داعيا ً لإلفراج عنه. وفي 8تشرين األوّ ل 2014ومن سجن عدرا في دمشق وجّ ه مازن درويش رسالة عبّر فيها عن شكره وامتنانه لمؤسّسة «القلم الدوليّة» بمنحه «الجائزة الدوليّة للكاتب الشجاع» قائالً: «اسمحوا لي أن استغ ّل وجود الكاتب اإلشكالي «سلمان رشدي» بينكم اليوم ألقول له: إ ّنه وعلى الرغم من خالفاتنا العميقة إلاّ أ ّننا ارتكبنا في عالمنا العربيّ خطيئة ال ُتغ َتفر يوم تعاملنا بعدم اكتراث تجاه دعوات وفتاوى طالبت بقتلك ،إلى ح ّد أ ّننا ارتضينا التواطؤ ولو بالصمت مع فكر االقصاء واإللغاء ،وكأنّ األمر ال يعنينا ،واليوم ها نحن ندفع الثمن غاليا ً وداميا ً لقاء ذلك ،لنجد أنفسنا أكبر الضحايا لهذا الفكر الظالميّ الذي تسلّل إلى بيوتنا ومُدننا، يا أبناء أمّي سوريا: ّ طفل واح ٍد التضحية بك ّل مكاسب ومغانم تستحق حياة أال ٍ لاّ ّ َ وأوه��ام السلطة األبديّة؟! وهل نصرُنا ال يتحقق إ باحتالل وتقسيم وطننا»... ال توجد سجون ت ّتسع لك مازن درويش ،أفرجوا عن ياسمين دمشق.
newspaper@allsyrians.org
العالميّ وأمام شعوب المنطقة وعلى رأسهم الشعوب العربيّة ،وبالتالي إظهار الواليات الم ّتحدة بصورة الدولة المدافعة والمخلصة للشعوب المقهورة وتحويل بوصلة السياسيّين والشعوب في المنطقة من المعسكر الشرقيّ إلى المعسكر الغربيّ . نجاح المشروع الغربيّ في منطقة الشرق األوسط ودول الربيع العربيّ يتطلّب السيطرة الكاملة على أسواق تلك المنطقة وعلى خزان النفط االحتياطيّ العالميّ ، ومن ث ّم االنتقال إلى تحقيق الهدف االستراتيجيّ ، وهو كبح جماح الغول االقتصاديّ الصينيّ -الروسيّ الذي ح ّققت الواليات الم ّتحدة بعضا ً من مراحله إذ تم ّكنت من انتزاع المخلب اإليرانيّ في المنطقة وهو السالح الكيماويّ السوريّ الذي ّ يؤثر على استقرار المنطقة بالكامل وخاصّة إسرائيل ،ث ّم تجاوزت ذلك إلى انتزاع الورقة الصينيّة الروسيّة في إيران وهي «النوويّ اإليراني» وعندما تم ّكنت من تقويضه انتقلت مباشر ًة وبالتاريخ نفسه إلى الثورة األوكرانيّة من أجل تهديد الداخل الروسيّ ،وبعد ذلك انتقلت األحداث إلى الحدود اليابانيّة الصينيّة ،إلاّ أنّ الهدف األساسيّ في هذه المرحلة هو خلق حالة من الصراع المرحليّ بين إيران والسعوديّة وذلك من أجل إيقاف إنتاج النفط لفترة من الزمن ألنّ هاتين الدولتين (روسيا -الصين) تعتمدان اعتماداً كل ّيا ً على منطقة الخليج وإيران لتأمين احتياجاتها من النفط ،وبالتالي بسبب هذا التو ّقف سيت ّم ضرب االقتصاد الصينيّ –الروسيّ ،وعندما تتح ّقق تلك األهداف كاملة تكون الدول الرأسماليّة قد تم ّكنت من السيطرة على السوق العالميّة وفرضت النظام االقتصاديّ الرأسماليّ على كا ّفة دول العالم.
حممّد القاسم
المافيا السورّية في زمن األسد رسمّية وقانونّية...
االقتصادي ،إلى قمع وبيع سورية أرضاً ووطناً ... «شام» القابضة من رمز للتط ّور ّ
في ك ّل بالد العالم هناك شركات مغفلة وشركات بشكل كبير بالتطوّ ر االقتصادي قابضة تساهم ٍ للبلد الذي أنشئت به ،فمثالً في المملكة العربيّة السعوديّة هناك شركة المملكة والتي ساهمت برفع االقتصاد المحلّيّ بنسبة ( )%6وهي تعتبر من الشركات الصغيرة ،ولكن في بلدي -بلد الياسمين الحال مختلف فالشركة القابضة يمكن أن تساهمبشكل كبير في السرقة وفي دعم القوّ ة العسكريّة ٍ في قمع الشعب الثائر. مازن درويش :المحامي والصحفيّ ومدير المركز السوريّ لإلعالم وحرّ يّة التعبير ،الذي أُسّس عام ،2004حصل على جائزة «روالند بيرغر» للكرامة اإلنسانيّة عام 2011ومع ان��دالع الثورة السوريّة قام المركز بتوثيق انتهاكات حقوق اإلنسان.
اقتصاد و قانون
من رمز للتطوّر إىل بيع أرض الوطن وهنا تبدأ قصّة إنشاء شركة «شام» القابضة مجبرين برأس مال وقدرة ( )350مليون دوالرِ ، ما يقارب ( )70تاجراً من كبار تجّ ار سورية على االشتراك بها ،ومن كبار مؤسّسيها :رامي مخلوف الذي يملك أكثر من ( )%50من أسهمها ،والذي يعتبر النائب السابق لرئيس مجلس إدارتها ،ولكنّ ك في أمرها بك ّل سهولة، شركة من غير منافس يش ّ لذلك وبعد تأسيسها بيومين ت ّم تأسيس شركة منافسة لها تحت مسمّى شركة «سورية» القابضة برأس مال وقدرة ( )80مليون دوالر ،ومن كبار المساهمين فيها طريف األخرس وبعض التجّ ار، بعدها ظهر رامي مخلوف بتصريح سخيف نوعا ً ما وهو (إنّ شركة «شام» القابضة متفوّ قة على مثيلتها) أيّ أنّ دور شركة «سورية» هو المنافسة الكاذبة ،فليس لها أيّ مشروع استثماري ،لذلك بدأت «شام» القابضة ببعض المشاريع السياحيّة، ببسط يدها على أيّ قطعة أرض بسعر زهيد، وباشرت بتملّك أجمل المناطق ،فال يمكن ألحد أن يجاريها ،ومن ث ّم بدأت بالتحوّ ل إلى بيع الممتلكات العامّة واألحياء السورية إلى إي��ران وشركات خليجيّة لتبييض األموال ،فكانت البداية في حيّ البرامكة.
فكلمة البرامكة كانت تطلق على الوزراء الفرس للملك ه��ارون الرشيد ،وهذا من أبسط األدلّ��ة على أنّ العقد االستثماريّ لصالح إيران ،التي تقوم بشراء عقارات واستثمار مناطق واسعة من سورية بغية فرض السيطرة االقتصاديّة والسياسيّة الكاملة على المنطقة عن طريق «شام» القابضة ،وك��ان��وا يعتمدون أيضا ً على سياسة التخويف والتهويل من االنهيارات، وكانت تخرج الترويجات التي تقوم بها شركات استثمارية متع ّددة وال معلومات عنها ،ومنها :قرب انهيار البنية التحتيّة للمنطقة السوريّة مثل تلك اال ّدعاءات التي أطلقتها صحيفة «الوطن» إحدى ممتلكات رامي مخلوف ،وبتوجيه منه ،وهو الشريك الرسميّ -عن طريق «شام» القابضة - للشركة األجنبيّة التي ستقوم باستثمار جبل قاسيون ،عن قرب انهيار سفوح جبل قاسيون، وأنّ من شبه المستحيل ترميم تلك السفوح الباهظة التكلفة من جهة ،ولعدم تو ّفر المع ّدات الثقيلة التي تدخل في عمليّة الترميم ووقف االنهيار من جهة أخرى ،بسبب الحصار التكنولوجيّ والصناعيّ
البيع والقمع
الفرس وصحيفة «الوطن» فبعد أن أص��درت الحكومة السوريّة ق��راراً تسمح بتملّك العقارات لألشخاص غير السوريّين، ظهرت شركة بحرينيّة مع فكرة استثمار حيّ البرامكة كامالً ،فبدأ الترويج بظهور خزين نفطيّ ومعادن وآثار تحت سطحها ،والغريب في الموضوع أنّ من شروط العقد االحتفاظ باسم الحيّ
صحيفة «الوطن») على حياة ساكني سفوح جبل قاسيون ،الذين شيّدوا منازلهم بشكل عشوائيّ منذ عشرات السنين .وقد الح نبأ تعويض الشركة المستثمرة لساكني تلك المنازل بأموال أو شقق سكنيّة قيد التشييد في ريف دمشق من قبل الشركة، إلاّ أنّ عنصر القمع الب ّد منه حيث أ ّكدت الصحيفة عدم شرعيّة مطالبة ساكني تلك السفوح بتعويضهم من قبل الشركة المستثمرة المذكورة ،كونهم شيّدوا منازلهم عشوائ ّيا ً وعلى ممتلكات عامّة تعود ملكيّتها للدولة والشعب السوريّين ،وك ّل هذا بغية ترحيل س ّكان تلك المناطق وتعويضهم بشكل عينيّ بعيد األجل ال يساوي حجم الثراء الذي ستحصل عليه شركة «شام» القابضة من أموال الشركات األجنبيّة المساهمة والمستثمرة ألراضي ومق ّدرات المناطق المذكورة.
الذي تفرضه واشنطن على دمشق (أل ّن��ه نظام الممانعة والمقاومة) .أ ّم��ا السلطات اإلداريّ��ة السوريّة وبتوجيه من رامي مخلوف ،فقد أحالت عقد الترميم وإعادة أعمار سفوح جبل قاسيون وتشجيرها ،إلى شركة «الديار» القطريّة القابضة لتنفيذ المشروع المذكور ،خوفا ً (حسب ترويج
المواطن السوريّ هو الخاسر الوحيد من تلك العمليّة ،حيث لن يحصل إلاّ على الفتات وبعد جهد جهيد من مراجعة الدوائر ورشوة المسؤولين عن حمالت التعويض العينيّة .مها ّم بيع سورية أرضا ً ووطنا ً للشركات االستثماريّة الخليجيّة والعربيّة والغربيّة ،تقاسمها األسد ومخلوف من حيث إصدار المراسيم التشريعيّة الخاصّة بتمليك الغرباء في سورية ،ومن ث ّم قبض أموال المستثمرين من قبل شركة «شام» القابضة التابعة لمخلوف ولم ال؟! وهي الداعم االقتصاديّ األوّ ل في تمويل الشبّيحة وعمليّات قمع المظاهرات السلميّة التي ظهرت لإلطاحة بنظام األسد .أمري جنم ال ّدين
www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 17
النظرة إلى الجنس
بين جسدّية بحتة وروحانّية خالصة واحد من أش ّد التابوهات تحريما ً وأكثرها رفضا ً اجتماع ّيا ً وكبتاً ،هذا أه ّم ما يتميّز به موضوع الجنس في المجتمعات العربيّة .ورغم أنّ الدافع الجنسيّ يعتبر من أقوى المحرّ كات البشريّة ،وأش ّدها إلحاحا ً ومطلباً، ورغم أ ّنه من أه ّم أعمدة العالقات الزوجيّة والعاطفيّة إلاّ أ ّنه أش ّدها تهميشاً ،ظاهر ّيا ً على األقلّ. ورغم أنّ العالقات الجنسيّة مرفوضة اجتماع ّيا ً ودين ّيا ً بشكل كبير ج ّداً إلاّ أ ّنه يمكننا أن نالحظ أنّ التحرّ ر في هذه الناحية ال ب ّد أن يعكس تحرّ راً في نواح أخرى عديدة اجتماع ّيا ً ونفس ّياً ،عدا عن أنّ تحرّ ر ٍ المجتمع في النواحي الجنسيّة يعكس إبداعا ً مجتمع ّيا ً عالياً .ويمكننا مالحظة ذلك بمجرّ د ق��راءة تاريخ الحضارات ،ب��دءاً باإلغريقيّة وانتها ًء بالمجتمعات الحديثة مروراً بالحضارة العربيّة اإلسالميّة .ومن المؤ ّكد أنّ اعتراضات قويّة ستظهر على قول “التحرّ ر الجنسيّ في الحضارة العربيّة اإلسالميّة” وهنا ال ب ّد أن يقوم أحد ما بنظرة متفحّ صة في تاريخ حضارة العرب واإلرث الثقافيّ المتروك ورائها األمر الذي سيم ّكنه من العثور على ما يسمّى بعلم الباه وهو أقوى دليل على وجود هذا التحرّ ر. أمّا اليوم ،ومنذ عقود ليست بقليلة على اإلطالق، فقد نال الجنس كبتا ً لم ينله أيّ تابوه من التابوهات األخرى .ورغم أنّ الجنس والدين والسياسة مرتبطون مع بعضهم بشكل كبير ج ّداً ،فحيث أنّ كسر إحدى هذه التابوهات ال ب ّد أن يترك أثره على األخرين ،وفي واقع األمر هذا ما دفعنا لتناول الجنس في هذا المقال. عادة ما يُنظر إلى هذا الموضوع على أ ّنه عبارة عن حاجة فيزيولوجيّة بحتة ،مماثلة للحاجة إلى الطعام. وعادة أيضا ً ما يستد ّل على هذا بوجود هذه الحاجات الفيزيولوجيّة عند الحيوان ،األمر الذي يدفع البعض إلى حصرها ضمن الحاجات الفيزيولوجيّة البحتة، دون ارتباطها بأيّة حاجة أخرى ،رغم ذلك ،فإنّ أيّ تلبيّة لهذه الحاجة خارج إطار “العالقات الزوجيّة” يعتبر انحداراً في أخالق اإلنسان بل وفي شخصيّته. في محاولة للبحث في هذا الموضوع قامت جريدة “كلّنا سوريّون” باستطالع رأي مص ّغر حول الجنس والنظرة إليه .وكانت اآلراء متباينة ج ّداً ،وبعضها كان موافقا ً وبعضها اآلخر كان مناقضا ً تماما ً لما سبق عن سرد للرأي العا ّم حول الجنس. عبّرت الشابّة سلمى (مدرّ سة 25 ،عاماً) عن رأيها
بقولها“ :ال��ج��ن��س في رأيي هو حاجة طبيعيّة مثل ال��غ��ذاء لك ّنه ال يتعلّق بالبقاء الفيزيائيّ ب��ل يتعلّق ب��ال��ت��وازن النفسيّ ” وأضافت “هو غريزة ولك ّنه يختلف عن غريزة الحيوان، ف��ال��غ��ري��زة الحيوانيّة واض���ح���ة وم���ح��� ّددة وت��ه��دف إل��ى التكاثر ف��ي حين أنّ الغريزة الجنسيّة عند اإلنسان تسعى إلى ما يتجاوز التكاثر ويتغلغل في النواحي النفسيّة بشكل كبير” وف��ي إجابتها عن ال��س��ؤال ح��ول إنْ كان هناك اختالف بين ممارسة الجنس ضمن إطار عالقة أو زواج أو ممارسته خارج إطار هذه العالقات؟ قالت“ :الجنس في إطار عالقة طبعا ً مختلف حيث يكون مشروطا ً بالحبّ أو بتحقيق حاجة نفسيّة تأتي بعدها الجسديّة أي أ ّنه تظهر هنا الحاجات النفسيّة بشكل أوضح من مجرّ د الغريزة الجسديّة الفيزيولوجيّة، وفي المقابل فإنّ ممارسة الجنس خارج إطار العالقات الزوجيّة أو العاطفيّة يكون أكثر تحرّ راً و أقصر مدى وقد يكون بال ضرر عاطفيّ أو نفسيّ ”. وفي رأي آخر للشابّة عابدة (مرشدة نفسيّة لذوي االحتياجات الخاصّة 25 ،عاماً) أ ّكدت على أهميّة الجنس بعيداً عن طابعه الغرائزيّ السائد بل لتلبيّة احتياجات أخرى حيث قالت“ :الجنس يعطي إحساس اكتشاف الجسد من خالل اآلخر .يساعد على تلبية احتياجات عاطفيّة وطبيعيّة” وأ ّكدت أنّ هنالك عوامل مختلفة قد ّ تؤثر في الدافع لإلشباع الجنسيّ ،كالحرب مثالً ،حيث قالت“ :لكنّ الجنس قبل الحرب كان أكثر حميميّة ،أمّا بعد الحرب فقد أصبح الجنس للتفريغ النفسيّ ،لتح ّدي الملل ،ولكسر الروتين ليس أكثر”. وفي تأكيد للرأي السّابق أجابت الطبيبة هدى (29 عاماً) بقولها“ :الموضوع مع ّقد ج� ّداً ،فبين الحاجة كفهم علميّ فيزيولوجيّ بحت وبين رغبة شعوريّة ،ال
بماذا يشتهر بلدك «بماذا يشتهر بلدك؟» انتشرت هذه العبارة تحت ما يسمّى «هاشتاغ» في مصطلحات األنترنت والمفترض منها الترويج عن أمر ما ،غير أ ّنه حين وصل استخدام هذا الرمز إلى السوريّين جاءت النتائج مبهرة عن مدى السلبيّات التي تشتهر بها بلدنا .فبعيداً عن أ ّنها تشتهر اليوم بالحرب العالميّة الثالثة والدمار المرعب والدمويّة التطرّ فيّة سلطو ّيا ً ودين ّياً ،وبعيداً عن أساطير الثورة ،ونماذج طغيان السلطات وهمجيّة «الدواعش» جاءت معظم الكتابات حول سلبيّات عادات المجتمع وأعرافه ،بدءاً من الكذب والحسد والضغينة والتفاهة الفكريّة لشباب اليوم ،مروراً بالسخرية السوداء من هوس السوريّين بالياسمين الذي أصبح ثورتهم القوميّة ،وتباهيهم المفرط بإجادة ك ّل شؤون الحياة من الطبّ إلى السياسة ،وانتهاء باالستهزاء من التذبذب الفكريّ ،على سبيل المثال ال الحصر ،تشتهر بالدي ،على ح ّد قولهم ،بشيوعيّ أدرك أنّ هللا موجود حين أصبحت ابنته مراهقة، وكذلك تشتهر بإسالميّ يمارس ك ّل الشعائر الدينيّة تحت غطاء الكذب واالنتهازيّة. لع ّل ما ذهب إليه السوريّون الذين شاركوا في هذه الحملة يحمل جانبا ً من الصواب ،بيد أنّ السوريّ المنهك من الحرب ،المنتهك من ك ّل جبابرة العالم، ال يحتاج اليوم إلى التنقيب في غور سلبياته ،بقدر ما يحتاج إلى بصيص نور يغمره ببعض األمل لحماية ما تب ّقى من روحه التي تش ّكل كينونة هذا الشعب من إبادة شاملة .لسنا سيّئين إلى هذا الح ّد ،نحن أطيب من ذلك ،وأطهر من ذلك .فبالدي تشتهر بشباب مدنيّ يسعى جاهداً إليصال العلم لك ّل األطفال المحاصرين، ب�لادي تشتهر بفرق دف��اع وطنيّ تعمل ليل نهار بشكل شبه مجانيّ إلخراج العالقين تحت األنقاض، وفرق إغاثيّة تغامر بشبابها تحت ك ّل أنواع القصف
newspaper@allsyrians.org
واالشتباكات إلع��ادة الماء والكهرباء إلى المدن المحاصرة .غير أ ّني إذا أردت السرد حول جماليّات بالدي اإلنسانيّة فلن أنتهي ،والحديث عن سلبيات بلدنا لن ينتهي أيضاً ،لكن ما يثير استغرابي تزامنا ً مع ّ مؤخراً من تبريرات لعمليّة هذه الحملة ما يت ّم تداوله ّ الرجم التي قام بها عناصر «داعش» بحق امرأة في ريف حماة ،إذ ذهب بعضهم إلى التسليم بأنّ هذا هو جوهر مجتمعنا الذي نراه اليوم عاريا ً جرّ اء الحرب، وأنّ هذه التصرّ فات هي من صميم تكويننا االجتماعيّ البالي ،وكأنّ هذا البلد ينقصه شهرة بالرجم والقتل كصفة مطلقة. نعم قد يكون هناك حاالت قد ُسلِط الضوء عليها وتم التنديد بها ،غير أ ّننا نتغاضى عن الحاالت التي يداريها األهل بحلولهم البعيدة عن التشريعات الدمويّة
9
/30تشرين األول 2014/
عادة ما يُنظر إىل هذا املوضوع على أنّه عبارة عن حاجة فيزيولوجيّة حبتة ،مماثلة للحاجة إىل الطعام. أحد يمكن له أن يناقش موضوع تأثير التغيّرات الهرمونيّة على الرغبة ال��ج��ن��س� ّي��ة ول��ك��ن في أح��ي��ان ك��ث��ي��رة تكون مستويات الهرمونات تحت المستوى المولّد للرغبة الجنسيّة ممّا يُثبت أ ّنها ليست حاجة فيزيولوجيّة فحسب، إضافة للتعقيدات التي تتعلّق بالتوافق بين اثنين أو بين إحساس االثنين ك � ّل ات��ج��اه اآلخ��ر بين فترة وأخرى باختالف سياق العالقة بينهما وتب ّدالتها ،والتعقيدات والدينيّة االجتماعيّة والمترسّبة المتعلّقة بدواخلنا .لكن عموما ً أميل إلى أ ّنها ليست حاجة فيزيولوجيّة فحسب ،هي أعمق من ذلك” وفي آخر رأي لإلناث حول ذلك أبدت الشابّة روند ( 27عاماً) رأيها“ :ال يمكن القول بأنّ الجنس هو حاجة جسديّة وحسب أو نفسيّة وحسب أو روحانيّة وحسب. إ ّنه يشمل اإلنسان ككلّ ،وأيّ إقصاء لجانب من جوانبه هو تشويه في ذاتيّته ،فالجنس يتع ّدى الجزئيّات ليتناول الك ّل ككلّ” وأضافت“ :ورغم ذلك يمكننا أن نالحظ بأنّ أكثر الممارسات الجنسيّة تأثيراً بأيّ إنسان هي تلك الممارسة التي تترك أثرها في روحه ،ولذلك أجد أنّ الجانب األكبر من الجنس تحتله الروحانيّة” وفي شرح لما سبق قالت“ :أظنّ أنّ الكثيرين يعانون من التباس في تحديد معنى الروحانيّة عند اإلنسان لذلك يت ّم إقصائها لعدم قدرتهم على فهمها ،ولكن هنا تماما ً يمكنني القول بأنّ ذاك الجزء الغير مفهوم في النشوة الجنسيّة يرتبط ارتباطا ً وثيقا ً بالروح والروحانيّة كارتباطه بالجسد” أمّا فيما يتعلّق برأي الشباب حول هذا األمر ،قال الشابّ محمّد (رسّام32 ،عاماً) مؤ ّكداً للرأي السابق: “نظرتي للجنس مع ّقدة .فهي برأيي حالة روحيّة خالصة ج ّداً ،وال يمكن ممارسة الجنس دون حبّ قويّ ج ّداً يتناسب وخاصّتها الروحانيّة ،ولهذا السبب لم أمارس
الجنس ح ّتى اآلن ،وذلك لعدم عثوري على الفتاة التي أوّ الً لديها هذه النظرة الخاصّة للجنس وثانيا ً مع وجود الحبّ القويّ الالزم لهذه الحالة” وفي شرحه لروحانيّة الجنس قال“ :الجنس يرتبط بالناحية الروحيّة أل ّني أعتقد أنّ ك ّل كيان وُ جد على األرض ،وجد له مطابقه الروحيّ والمكمّل له ،حيث يت ّم التقاء الروحين بالجنس في أقصى درجاتها انعتاقاً ،وبذلك فإ ّنها تتجاوز الجسد بمراحل كبيرة”. أمّا في رأي الشابّ جيفارا (موسيقيّ 34 ،عاماً) فإنّ الجنس يعتبر “سفر خروج بامتياز” حيث قال: “الجنس هو أحد أجمل الطرق المؤ ّدية إلى الذات من الذات عبر اآلخر ومعه ،ومن أكثرها مغامرة ،تشويقاً، ألما ً وتعباً ،متعة واسترخاءً ،غوصا ً في معاني الزمن وأعماقه وإيقاعاته باستخدام الحواسّ كلّها ُدفعة واحدة” وأضاف “إنّ هذا األمر وهذا المعنى ال يرتبط بالجنس ضمن إطار العالقات الزوجيّة أو العاطفيّة ،بل هو مرتبط بالجنس في ح ّد ذاته دون إضافات أو رتوشات خارجيّة ليست إلاّ حججا ً أو التفافات لتقبّل ممارسة الجنس والعالقات الجنسيّة” أمّا الشابّ مه ّند (صيدالنيّ 29 ،عاماً) عبّر عن نظرته للجنس بقوله“ :الجنس يرتبط بالجسد ،ولك ّنه ليس بهذا الشكل الميكانيكيّ الغبيّ ،بل يرتبط بك ّل أبعاد الجسد ،كما أ ّنه مدفوع بالعديد من الدوافع المختلفة وليس محصوراً بالدافع الجنسيّ الواضح الصريح، حيث تكمن وراءه دوافع كالعدوانيّة والتملّك والشاعريّة أو العاطفيّة” وأ ّكد رأيه “أرى أنّ الجنس حالة جسديّة ورغم تداخل الدوافع النفسيّة إلاّ أ ّنها مبهمة بعض الشيء ،أمّا الناحية الروحانيّة فهي غير موجودة فأنا ال أؤمن بوجود الروحانيّات”. وفي نهاية هذا االستطالع يمكن أن نرى بوضوح أنّ تلك النظرة العامّة حول الجنس قد بدأ ينتابها تغيير واضح وأخذ هذا التابوه باالنكسار شيئا ً فشيئاً ،ورغم أنّ األمر ال يزال محصوراً ضمن فئات معيّنة قليلة من المجتمع وأنّ جرائم الشرف ال تزال منتشرة بشكل واسع إالّ أنّ النظرة إليه -وإنْ بشكل بطيء -بدأت تبتعد به عن اإلشباع الغرائزيّ الحيوانيّ وتصل به إلى الروحانيّة ،أو لنقل بدأ ينتابها التغيير ونفي الميكانيكيّة الجسديّة عنها .ويجدر التنويه هنا إلى أنّ الغاية من هذا االستطالع هو إلقاء نظرة مقرّ بة نوعا ً ما حول معنى الجنس عند اآلخرين ،هذا المعنى الذي ُغيّب و ُكبت و ُح ّقر كثيراً. ريم احلاج
إنّها تشتهر اليوم باحلرب العامليّة الثالثة والدمار املرعب والدمويّة التط ّرفيّة سلطويّاً ودينيّاً.
ال��ت��ي ج����اءت بها «داعش» ومثيالتها. إنّ مجتمعنا ليس دم����ويّ����ا ً بمجمله ويمكنني أن أذك��ر ح���االت ك��ن��ت على ّ اط�ل�اع بتفاصيلها ضمن دائ��رة معارفي ،كحالة أح��د أقربائي الذي ينتمي إلى بيئة حلبيّة محافظة دين ّيا ً إلى ح ّد التعصّب ويقطن في حارة تمتلك ذات الوعي ،زوجته وبناته يلبسن النقاب ،إحداهنّ وقعت في غرام شابّ وقامت بما يسمّونه الفحشاء ،لم يجلدها األب ،لم يقتلها بل زوّ جها الشابّ ،ورغم أ ّنه عاطل عن العمل وعاطل عن األخالق وينهال عليها بالضرب ك ّل يوم إلاّ أنّ
أباها لم يتخ ّل عنها وعن طفليها وكان بيته مفتوحا ً لها دائماً .ثمّة حالة أخرى في ذات البيئة المحافظة حول أ ّم زعمت أ ّنها حامل وهي في الخمسين من عمرها ّ ومثلت الدور جيّداً ،وحين جاء موعد الوضع دخلت إلى المستشفى ،وا ّدعت أنّ ابنتها أثناء والدتها انفجرت زائدتها الدوديّة ،ث ّم قامت بتربية الطفل لم ّدة عام وأوهمت زوجها أ ّنه طفله ح ّتى تسرح الشابّ أب الطفل وتزوّ ج ابنتها ،وقالت للجميع هذا طفل ابنتي، لم تخجل بل حمت ابنتها بشراسة مرعبة من ك ّل الذين حاولوا مجرّ د التفكير بعقابها .وهنا ال ننكر الحاالت الوحشيّة التي انتهت بها حياة الكثيرات ،لكن ال يمكننا التغاضي عن أنّ المجتمع كان قد بدأ فعل ّيا ً بالتخلّص من الرواسب البالية ممّا مهّد إلى الثورة التي حملت الكثير من األخالقيّات اإلنسانيّة قبل سرقتها عبر التطرّ ف الدينيّ ،وما نراه اليوم ال ينتمي إلى عر ٍ ف اجتماعيّ سائد بقدر ما يعبّر عن خوف من سلطة السالح بيد المتطرّ ف. دعكم اآلن من ك ّل هذه الجدليّات التي تتفاوت في صحّ تها والتي ن��داري بها عجزنا المطلق في الخالص من الطغاة بترو هل على اختالفهم ،وف ّكروا معي ٍ يحتاج هذا البلد إلى التنقيب عن صفات يشتهر بها ويدافع عنها لتكون حبل نجاته؟ أم يحتاج إلى تسليط الضوء على سلبيّات اجتماعيّة وتجاهل ك ّل االيجابيّات التي حاول بها أن يؤسّس لوعي إنسانيّ يحافظ على ديمومة الضمير السوريّ ؟ أم يحتاج إلى تعرية السلبيّات دون البحث عن إمكانيّة عالجها والتخلّص منها؟ أم يحتاج إلى االنتهاء من هذه الدمويّة الالمتناهية أوّ الً وأخيراً؟ .
م ّي الفارس www.allsyrians.org
10
العدد 17
/30تشرين األول 2014/
السياسي اإلسالم ّ
ق ّدمت اهلزمية العربيّة املتع ّددة املستويات املربّر ليطرح اإلسالم السياس ّي مشروعه البديل القائم على نظريّة «اإلسالم هو احل ّل»
ّ التشكل ومسبّباته قراءة تاريخّية في أثبت التاريخ سابقاً ،ويثبت ك ّل يوم خطأ مقولة «أسلمة المجتمع» ،فالذي يعتبره اإلسالم السياسيّ خروجا ً عن تعاليم اإلسالم في مجمل النظر والممارسة في المجتمعات اإلسالميّة ،إ ّنما هو في حقيقته المعضالت التي تواجه هذا اإلس�لام وتطرح عليه تح ّديات في مواكبة العصر الحديث بك ّل ما يثيره من مشكالت ،ال مجال لإلسالم السياسيّ إلاّ أن يقف أمامها والجواب عن الكثير منها ،كشرط النتسابه إلى العصر.
قام مشروع اإلس�لام السياسيّ منذ البداية على هدف الوصول إلى السلطة ،ولم يكن ما يمنع لديه من استخدام الديمقراطيّة بمضمونها القائم على صندوق االنتخاب ،وسيلة الستالم السلطة ،حيث تتو ّقف هذه الديمقراطيّة عند هذه الحدود و ُتلغى مفاعيلها مستقبالً، باعتبار أنّ وصول اإلسالم السياسيّ إلى السلطة يش ّكل “نهاية التاريخ” واكتمال اإلسالم دينا ً ودنيا. في ك ّل األدبيّات التي صدرت وتصدر عن اإلسالم السياسيّ ،يقوم قاسم مشترك يتعلّق برفض منطق الحداثة والتق ّدم الذي يفرض نفسه على المجتمعات البشريّة بحكم الحاجة إلى التطوّ ر ،ويسود خطاب ذو مرجعيّة تعود إلى مئات السنين التي خلت ،وتسقط خاللها أحكام واجتهادات فقهاء ،قد تكون متناسبة في زمنها مع درجة تطوّ ر هذه المجتمعات.
يطرح انتشار الحركات اإلسالميّة وطبيعة ممارستها السياسيّة مسألة جوهريّة ت ّتصل بالمنظومة الفكريّة التي ترشد اإلسالم السياسيّ في ممارسته ،سواء أكانت ذات طابع سلميّ أو عنفيّ ،وخصوصا ً مسألة اإلرهاب الذي صبغ معظم تيّارات هذا اإلسالم منذ ع ّدة سنوات. يذهب جميع منظريّ اإلسالم السياسيّ في طرحهم وممارستهم إلى القول بأنّ اإلسالم بفكره وتوجيهاته هو مرجعهم ،وأنّ ممارستهم تصبّ في هدف تحقيق ما يدعو اإلس�لام إليه ،وتكريس نصوصه قوانين، على البشر االلتزام بها .لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه منذ عقود ي ّتصل باإلسالم نفسه الذي يقول به اإلسالم السياسيّ ،هل هو إسالم النصّ القرآنيّ ؟ وبالتالي، كيف نقرأ هذا النصّ بعد أن تع ّددت التأويالت حول سوره وآياته؟ أم هو إسالم ما يُعرف بالس ّنة الم ّتصلة بأحاديث النبيّ وأقوال األئمّة؟ أم هو إسالم الفقهاء التي فاقت اجتهاداتهم الحدود ولم يتركوا بابا ً غير دينيّ إلاّ وولجوه وألبسوه برقعا ً مق ّدساً؟ أم هو إسالم التاريخ المتع ّدد والمختلف بين مرحلة زمنيّة وأخرى والم ّتصل باألمكنة التي دخلها اإلسالم وكيفيّة هذا الدخول ،ممّا يطرح أسئلة حول عالقة ك ّل مرحلة تاريخية بالواقع الراهن ومدى جواز إسقاط أفكار وأحكام ت ّتصل بزمان معيّن ومكان مح ّدد عل الواقع الراهن؟ أي المطروح اليوم فعالً استحضار المشترك في مرجعيّات اإلسالم السياسيّ وإخضاعها للنقد وتفنيد التبريرات التي يستند إليها هذا اإلس�لام في إعطاء المشروعيّة ألعماله اإلرهابيّة التي تكاد تحت ّل موقع الصدارة في فكر وممارسة تنظيمات وأحزاب هذا التيار. يعود ارتباط اإلسالم بالسياسة إلى مرحلة النشوء والتوسّع منذ عهد النبيّ وتباعا ً في ك ّل مراحل تطوّ ره. األمر األق ّل شأنا ً كان تداخل اإلسالم مع المجتمعات التي دخلها وتكيّفه مع قوانينها وثقافتها أو ما أدخل عليها من الجديد الذي أتى به .لكنّ مسألة اإلسالم واستخدامه
ثقافة
في السياسة كانت هي الحلقة المركزيّة الخطرة التي صبغت اإلسالم كدين طوال مراحل تطوّ ره ،وهي قضيّة ظهرت منذ اليوم األوّ ل لوفاة الرسول حين اندلع الصراع على السلطة ،حيث بدأت أولى مراحل استخدام النصّ الدينيّ من قرآن وأحاديث لترجيح نظرة هذه الفئة أو تلك .وتوسّع هذا االستخدام في الصراعات الالحقة بين المذاهب والطوائف اإلسالميّة خصوصا ً منها الصراع المتواصل بين معاوية وعلي بن أبي طالب ،حيث ش ّكل النصّ المق ّدس عنصراً مقرّ راً في مسار الصراع .وكان ال ب ّد من وجود فقهاء ومجتهدين يحتاجهم الحاكم إلعطاء مشروعيّة لسلطته ولتبرير قراراته وإلباسها لبوسا ً دين ّيا ً م ّتسما ً بالقداسة .وبمقدار ما كان الحاكم بحاجة إلى هؤالء الفقهاء والعلماء والمجتهدين ،كان هؤالء بحاجة أيضا ً إلى السلطة السياسيّة لتمكينهم من الهيمنة على المجتمع وفئاته عبر نشر ثقافة دينيّة وفق المنظور الذي ينطلقون منه. واإلسالم السياسيّ في شكله الحديث يعود إلى تأسيس حركة اإلخ��وان المسلمين في مصر على يد حسن الب ّنا عام .1928هذه الحركة التي ولدت من رحمها سائر حركات اإلسالم السياسيّ الحقاً .تأسّست حركة اإلخوان بداية ،ونظر ّياً ،جوابا ً عن إلغاء مصطفى كمال للخالفة في تركيا ،هذه الخالفة كانت ترمز في الوجدان الدينيّ إلى دولة المسلمين ،رغم أنّ وقائعها وممارستها ّ تمت بأيّة صلة لدولة إسالميّة دينيّة ال وجود لم تكن
لها سوى في الخيال .لكنّ حركات اإلسالم السياسيّ شهدت ازدهارها في معظم العالم العربيّ نتيجة لعوامل متع ّددة ،لع ّل أبرزها فشل مشروع النهضة العربيّة التي ّ مثلتها حركة القوميّة العربيّة وخصوصا ً منها المشروع الناصريّ ،والذي شهد أبرز تجلّيات فشله في هزيمة حزيران .1967هذه الهزيمة لم تكن هزيمة عسكريّة فقط ،بل كانت هزيمة مشروع حضاريّ على جميع المستويات ،توّ ج فشالً ألنظمة االستقالل في تحسين مستوى معيشة المواطن العربيّ ،وفشل مشاريع التنمية االقتصاديّة ،إضافة إلى الهيمنة والتسلّط الذي مارسته األنظمة الحاكمة وكرّ ست فيه ديكتاتوريّات ال حدود لمستوى القمع الذي فرضته. ق ّدمت الهزيمة العربيّة المتع ّددة المستويات المبرّ ر ليطرح اإلسالم السياسيّ مشروعه البديل القائم على نظريّة «اإلسالم هو الحلّ» ،مقترنا ً برؤية سياسيّة وأيديولوجيّة ترى أنّ أسباب هزيمة العرب والمسلمين إ ّنما تعود إلى تخلّيهم عن اإلس�لام وعن االلتزام بمقوّ ماته ،ونتيجة أيضا ً العتماد نظريّة الدولة الحديثة ودساتيرها .استقطب اإلسالم السياسيّ جماهير واسعة خصوصا ً من أجيال شابّة لم تق ّدم لها األنظمة القائمة سوى البطالة والفقر والتهميش وما يرافقها من يأس وإحباط ،ف��رأت في شعار اإلس�لام السياسيّ منارة الخالص وحلاّ ً لمشاكلها.
الديني عند اليهود التطرّف ّ
ال يكتسب التاريخ أهمّية عند مف ّكري اإلس�لام السياسيّ ،وال يجدون مبرّ راً لوضع فقه جديد يتناسب مع حال العصر الذي نعيش فيه ،لذا يكبّل الماضي الحاضر لديهم بقيود حديديّة ،بحيث تستعاد أحاديث وأح��ك��ام من ه��ذا الماضي ويجري إسقاطها على الحاضر والطلب إلى المسلمين التزامها في وصفها التمثيل الصحيح لإلسالم. ك أنّ بُنى المجتمعات العربيّة التي ال تزال ال ش ّ تتغلّب فيها البنى التقليديّة القائمة على العصبيّات، مقترنة بفشل مشروع الحداثة خصوصا ً في جانبه الفكريّ التنويريّ ،قد ش ّكلت عنصراً ّ مؤثراً وفاعالً في اكتساح منظومات اإلسالم السياسيّ الفكريّة ،وفرضت نفسها في أوس��اط واسعة من شعوب المجتمعات العربيّة ،في الوقت نفسه ،ال ب ّد من رؤية التناقض في المنظومة الفكريّة لهذا اإلسالم ،بالنظر إلى التش ّققات التي أصابته في سياق الصراع على السلطة وتكوّ ن الفرق ،بحيث ب��ات اإلس�لام مجموعة (إسالمات) تتناسل من بعضها البعض وتتوالد تنظيماتها كالفطر، خصوصا ً في السنوات األخيرة ،ممّا جعل المرجعيّة الفكريّة المقبولة من جميع التنظيمات ،مرجعيّة مشكوك في شموليتها ،وهو ما سمح بظهور اجتهادات متع ّددة ت ّتصل بك ّل مجموعة لها منظومتها .لكنّ أه ّم ما يجمع هذه التنظيمات ومنظوماتها هو رفض بعضها للبعض اآلخر ،بك ّل ما يعنيه ذلك من تكفير وتخوين يترجم نفسه بتصفيات دمويّة بين بعضها البعض.
صالح الدين داوود
مسني عرفاً من ّظمة نسائيّة يطلقن على أنفسهن اسم «نساء الشال» ،و ّ باسم «طالبان إسرائيل»
ال��ش��ال» ،وسمّين عرفا ً باسم «ط��ال��ب��ان إس��رائ��ي��ل» ،وذل��ك بسبب ارت��دائ��ه��نّ للمالبس يقمن بارتداء األفغانيّة ،حيث َ مالبس ّ تغطي وجوههنّ بطبقات من القماش األسود الداكن ،دون ويضعن وج��ود فتحة للرؤية، َ أيضا ً طبقة عازلة ثقيلة بينها ويرتدين وبين العالم الخارجيّ ، َ ثوبا ً من الصوف فوقه قميص أسود وثالث تنانير ،معتقدات أنّ هذه المالبس تعبير عن ذروة الحياء الذي هو الطريق نحو
بعيداً عن كون فكرة نشوء الدولة اإلسرائيليّة ذات خلفيّة سياسيّة تستغ ّل أحداثا ً دينيّة ماضية ،شهد أتباع االتصال بالرّ ب. وتعتبر «بوريا كيرين» أكثر الحاالت تطرّ فا ً الديانة اليهوديّة العديد من الحركات الدينيّة المتطرّ فة، التي تؤرّ ق اليهود المعتدلين ،ودولة إسرائيل اليوم في طائفة «نساء الشال» ،انتهى بها األمر في نهاية المطاف إلى ارت��داء 27طبقة من المالبس ،وقد كذلك. فقبل إعالن دولة إسرائيل ،وعندما كانت فلسطين اشتهرت في إسرائيل باسم «ماما طالبان» ،وهي أبرز شهدت قياديّات تلك الطائفة ،وتقضي اليوم حكما ً بالسجن لم ّدة ْ ما تزال تحت سلطة االنتداب البريطانيّ ، أطلقت على نفسها اسم «الهاجاناه» أربع سنوات. ْ فلسطين حركة
والتي تعني بالعبريّة الدفاع .تأسّست هذه الحركة عام 1920في مدينة القدس ،وكانت تهدف إلى حماية الممتلكات اليهوديّة في فلسطين خارج نطاق االنتداب البريطانيّ ،وبلغت مرحلة من التدريب والقوّ ة ممّا أهّلها الحقا ً لتكون حجر األساس للجيش اإلسرائيليّ .
تؤ ّكد هذه الطائفة من النساء عقيدة أنّ المرأة أدنى من الرجل التي تقرّ ها المحكمة الدينيّة في إسرائيل، فعلى النساء التغطية واالنعزال تطهيراً للخطايا، فالمرأة أساس الخطايا والدناسة ،وعليهن االحتجاب في المنازل ح ّتى يت ّم القضاء على الخطايا ويأتي المسيح المخلّص.
ّ المنظمة على أ ّنها حجر األساس قد يُنظر إلى هذه ّ منظمة إضافة لجماعة «طالبان إسرائيل» هناك لبداية نشأة دولة اسرائيل القائمة على العنصريّة والتطرّ ف ،ولكن ما قد يلفت النظر هو ظهور فئات أخرى تأسّست عام 1935تدعى «ناطوري كارتا» ّ ومنظمات متطرّ فة أخرى داخل الكيان اإلسرائيليّ ،والتي تعني «حارس المدينة» ،وهي جماعة أصوليّة إحداها ّ منظمة نسائيّة يطلقن على أنفسهن اسم «نساء متطرّ فة معادية للصهيونيّة شعارها «ال لدولة
newspaper@allsyrians.org
يلبسن ز ّيا ً محتشماً ،ومن الجدير والبصق ،ح ّتى وهنّ َ بالذكر أنّ هناك أحياء تجوب فيها مجموعات تسمّى «فرق المحافظة على العفاف واالحتشام» التي تتل ّقى أوامرها من حاخامات متش ّددين مباشرة ،وتقوم هذه الفرق بمطاردة النساء ،وقد تصل بهنّ الدرجة إلى عليهن بحجة اإلخالل بأحكام االحتشام، اقتحام البيوت َ كما أ ّنهم يسبّون النساء غير المتديّنات بأفظع الشتائم القاسية.
إسرائيل» ،وأبرز قياداتها «جوليش كراوس» ،هو وجماعته ،الذين يعيشون في مجتمع يعود للقرن التاسع عشر ،حيث يحرّ م مشاهدة التلفاز ويرفض أن يكون لديه بطاقة هويّة وال يتح ّدث سوى «اليديشية» ،وال يستخدم الحافالت الحكوميّة ،ح ّتى أ ّنه ال يستخدم حاويات القمامة التي تضعها الحكومة أمام بيته ،بل يقوم برمي قمامته في فناء بيت جاره ،وذلك رفضا ً منه لك ّل ما له صلة بحكومة إسرائيل أل ّنه يرى أنّ اليهود ال يجب أن يحكموا األرض المق ّدسة إلاّ عندما يرسل ّ المنظمات المتطرّ فة هي قد يرى البعض أنّ هذه هللا المسيح ،أمّا فيما يخصّ النساء فهو يعتقد أنّ ك ّل نتاج طبيعيّ لبيئة متطرّ فة من األساس ،إلاّ أنّ كونهم ّ امرأة ال تلتزم بتعاليم التوراة تستحق أن يُبصق عليها يرفضون الدولة اإلسرائيليّة يجعل هذا الرأي موضع أو ُترمى بالحجارة. النقاش ،فهم متطرّ فون ألسباب دينيّة ،هذه الفئات كما قد أصبح من المألوف في إسرائيل أنّ كثيرات من المتطرّ فة متواجدة في كا ّفة الديانات سواء أكانت النساء المتديّنات يخشين السير في األحياء المخصّصة توحيديّة أو دنيويّة. َ لينا احلكيم ّ سيتعرضن لإلهانة لهذه الطوائف أو المنظمات ،أل ّنهنّ َ
www.allsyrians.org
العدد 17
ثقافة
11
/30تشرين األول 2014/
حوار مع الفنّان «سهف عبد الرحمن» سورية التي تركت ،سورية التي أحببت ،تلك التفاصيل من العشق والبكاء تلك األح�لام النازفة وال���دروب ال��وع��رة إل��ى مستحيل قريب ،سأحتفظ بمشيمتها ألطول وقت سأبذل قصارى جهدي ليبقى الحبل السرّ يّ بيننا ح ّيا ً ال يموت. سؤال الحداثة أما يزال راهناً ،أم هزمتنا الحداثة؟
منذ أ ّيام قليلة ،وصل ضا ّما ً محفظته إلى صدره ،ففيها أدواته ولوحاته ،أمسه وغده .سألته: الخروج من سورية ،هل يمكن أن نعتبره بداية ورؤية جديدة لإلنسان والف ّنان سهف عبد الرحمن؟
كان مخاض ووداع تلك البالد الفاتنة القاسية التي اعتن بجراحك همست في أذني قبل الرحيل( :بُنيّ ِ تنس موعد العودة) جيّداًُ ،كنْ رجالً طيّبا ً وال َ ك ّل ما فيها كان غضب وحزن أرضها المسيّجة بغصّات أهلها الطيّبين ،تحلم بموت أق� ّل شراسة، ّ تكتظ بأطفال ،بخبز ليّن وورود زاهية ،تحلم بمدارس بفساتين وأحذية ملوّ نة لبناتها ،تحلم بعصافير وسماء ناضجة .ك ّل ما فيها كان من غضب ودموع. تلك البالد التي أحببت خرجت منها وما زلت عالقا ً فيها. كان الخوف حوذيّ الطريق ،والموت يتشهّى أن يكمل لوحته الناقصة في ك ّل لحظة. البنادق على طرقاتها تزاحم األشجار ،أوصالها ّ ُ خرجت منها وها أنا في ف ّخ البدايات مقطعة نازفة، من جديد بحقائب وذكريات أعبر نحو المجهول بال مفاتيح وال صور بأمتعة قليلة وبعض الفراشي وأقالم الرصاص بمجموعة لوحات صاغاها وقت عصيب، خرجت منها وأعجز عن حملها اآلن.
إ ّن��ه السؤال األكثر راهنيّة وس��ط ه��ذا االنفجار المفاهيميّ والقيميّ الهائل والمدوّ ي ،لم تهزمنا الحداثة لقد هُزم ما تخيّلناه مشروع حداثتنا ،وأثبتت التحوّ الت في الخطاب واالجتماع بأ ّننا لم ندخل الحداثة بعد ،وتلك التحسينات الشكليّة التي أُدخلت على الفنون بقيت على السطح ولم تستطع أن ُتنتج خطابا ً جديداً يساهم في إنتاج قيم المجتمع وإنسانه ،لم نكن حذرين ولم نمتلك أداة الحداثة لنعملها في العميق والمكبوت ونحرّ ك الراكد والدفين في بنية مجتمعاتنا ،لم تصمد أدواتنا أمام صالبة الموروث والنصّ .هُزمنا نعم ،وعجزنا عن إنتاج القيم الجديدة وتجذيرها في الثقافة وجعلها قيم منتجة مولّدة لإلنسان الحديث المعرّ ف بسلوكه وفاعليّته بتفرّ ده وتمايزه وتميّزه.
جمع أبطال الفيلم حلم واحد هو الوصول إلى السويد، أمالً في حياة أفضل لهم ولعائالتهم التي سيتس ّنى لها الخروج من سورية ،فاجتمع المهاجرون الخمسة ،في جزيرة المبيدوزا اإليطاليّة ،بعدما نجوا من الموت في بالدهم ،وخرجوا ناجين من قوارب المهرّ بين ،ث ّم التقوا المخرجين الثالثة الذين ساعدوهم في العبور نحو مبتغاهم. يق ّدم السينمائيّون الثالثة عبر ما يزيد عن الساعة
newspaper@allsyrians.org
(إ ّننا ال نرى ،وما اللوحة في مجتمع فاقد للبصر سوى مزحة) ماذا في جعبة الف ّنان «سهف» من أعمال ف ّن ّية وأفكار وأحالم؟
لديّ اليوم أكثر من مائة عمل غرافيك مشغول بطريقة الحفر المباشر على سطح اللوحة ،وتنقسم األعمال على ثالثة مجموعات :المجموعة األولى (طوابع البريد الحربيّ ) عبارة عن خمسة وأربعين لوحة صغيرة القياس ،إ ّنها محاولة البتكار طوابع لبريد أص ّم ال يحمل إلاّ أناشيد الموت والرحيل ال ي ّتسع لرسائل ع ّ شاق وال للفراشات وال للورد ،إ ّنها طوابع قاس جا ٍ ف تحمل وجوه الغياب أحالمهم ،عشقهم، لبريد ٍ أمنياتهم ،تحمل ذكرياتهم التي خلّفوها لنا.
(إ ّن��ه التحت مكمن السرّ والسحر طفل الجهات ّ الست) وفي المجموعة الثالثة شياطين سهف عبد الرحمن. كائنات غريبة استوطنت داخلي وبالغت بالعبث ،كانت تلهو ترقص تثرثر تم ّد لسانها لي ،لم تكف عن الحركة ولم تكن لتهدأ ح ّتى في النوم ،تلك الكائنات اللطيفة المتوحّ شة الممتعة المؤلمة ،قضّت مضجعي لشهور لم أرسمها ّ قط ،ك ّل ما فعل ُته أ ّنني طردتها ،نعم طردتها خارجاً ،ورغم ك ّل محاوالتي بصلبها على البياض ومنعها من الحركة مازالت تصدر ضجيجا ً وتنهال عليّ بالشتائم كلّما أخرجتها من الحقيبة
لسنا مخيّرين علينا أن نعبر. (شياطيني ليست افتراضا ً إ ّنها كائنات أش ّد وجوداً م ّني)
السوري عالقته مع المتل ّقي؟ التشكيلي هل أنجز الفنّ ّ ّ
اللوحة جزء من مشروع ثقافيّ وجزء من أزمة هذا المشروع. ْ غرقت بعض الوقت في أسئلة ال تملك اإلجابة عليها ،وخرجت في مرّ ات عديدة عن إطار اشتغالها القيميّ والمعرفيّ لتشتغل في ساحات ليست لها .أنتجت أشكاالً جديدة وعجزت عن إنتاج مفاهيم بقيت غريبة عن ضرورات المجتمع وحركته. إنّ افتقارنا لثقافة بصريّة عميقة وأصيلة طرد اللوحات من حياتنا ووضعها في حيّز التزيين والترف.
قصة عرس مزّيفة لمهاجرين نحو الحرّّية! ّ
أراد ص ّناع فيلم «أنا مع العروسة» ،وهم فلسطيني وإيطاليان ،أن يكون فيلمهم التسجيليّ األوّ ل مجازفة قد تعرّ ضهم للمساءلة القانونيّة ،لتوثيق حيلة قاموا بنسجها ألغراض إنسانيّة بحتة ،بهدف إيصال خمسة الجئين (فلسطينيّين وسوريّين) إلى السويد .فطلب السينمائيّون الثالثة العون من أصدقائهم لتنفيذ حيلتهم .وت ّم تجهيز ك ّل شيء ليبدو وك��أنّ الموكب كلّه «ز ّف��ة» عرس إيطاليّ ت ّتجه من ميالنو إلى استوكهولم ،بعد أن تعبر فرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا والدنمارك.
قبل إعادة البصر والتأسيس له كضرورة وكأداة في إنتاج المعرفيّ واالنفعاليّ يصعُب الحديث عن فعل اللوحة في التاريخ.
وها نحن اليوم أمام معبر اضطراريّ ،فإمّا أن نعبر من بوابة الحداثة وما بعدها إلى التاريخ أو أن نستمرّ في إنتاج الهراء .الحداثة وما بعدها شكالً ومضمونا ً خطابا ً وأداة ،هي طريقنا الوحيدة با ّتجاه التاريخ ،علينا هدم ّ المتأخرة التي ما تب ّقى وتفكيك هذا الخراب وتلك البنى تحمل في أعماقها ميكانزمات إنتاج القهر واالستبداد ّ والتأخر.
«أنا مع العروسة»... احتفى اإلع�ل�ام اإلي��ط��ال��يّ قبل انطالق فعّاليّات مهرجان «البندقيّة» السينمائيّ بالحديث عن الفيلم التسجيليّ الفلسطينيّ ال��س��وريّ «أن��ا مع العروسة» لخالد سليمان الناصري وأنتونيو آوغوليارو وغابريله دل غراندا، وذهب إلى ح ّد وصفه بأ ّنه «من بين عشرة أشياء تجعلنا نحضر المهرجان» .وقبل أربعة أيّام من العرض المرتقب في البندقيّة، نفذت تذاكر الدخول للعرض األوّ ل ضمن تظاهرة «آف��اق جديدة» ،بعدما قُ ّدم في عرض خاصّ للصحافة عشيّة العرض الرسميّ .
اللوحة خارج مشروع بصريّ كامل ومتكامل ال تستطيع فعل شيء في مجتمع تعوّ د على أن يسمع.
والثالثيّات تفضح العالقات الداخليّة وتشي بالمحظور. ت من العدم كانت تحت جلدي في الذاكرة لم ت��أ ِ مخبوءة من تلك األز ّقة والحارات بثرثراتها وبأفراحها وأحزانها.
سينمائي :لقد ذهبتْ سينما األسود واألبيض آخذة معها قال ّ الكثير من الجمال ،ما هو مشروعك وإلى أين تريد الذهاب؟
(طوابع البريد الحربيّ عبارة عن بكائيّة طولية، بكائيّة الغياب) في المجموعة الثانية (ك ّل شيء عن التحت) عبارة عن ثالث وثالثين لوحة قياس وسط إ ّنها نبش في المخفيّ والشعبي ،بحث في ماهيّة العالقات العارية بال مساحيق أو إضافات .تقوم المجموعة على الثنائيّات
يكاد فيلم «أنا مع العروسة» أن يكون سيناريواً جاهزاً ،ال أحداث فيه وال مفاجآت .ويظهر الواصلون الخمسة ،كما لو أ ّنهم في حفلة تنكريّة ،تقام في مكان غريب ،ال شيء يربطهم به سوى اللعبة الم ّتفق عليها. لك ّنها فرصة إليصال صوت الالجئين السوريّين والفلسطينيّين السوريّين الذين غرّ بتهم الحرب في سورية عن وطنهم وبيوتهم لعالم آخر يحاول أن يتظاهر بم ّد يد العون رسم ّيا ً للسوريّين في وطنهم ،لك ّنه يعجز عن استقبالهم أو يرفض ذلك بذرائع مختلفة، ث ّم يوصد األبواب أمام أحالم الغارقين في المتوسّط عن ولوج الج ّنة األورو ّبيّة ،لينجح عرس وهميّ وز ّفة مفترضة في تقويض أسوار العبور إلى بلد آمن ...كما هو حلم جميع السوريّين. هشام منوّر
(أن��ا ال أرس��م ،ال أرس��م ،أنا فقط أعترض على الصياغة البصريّة لهذا الوجود وسأستمرّ باالعتراض)
ّ بشار فستق
ّ نستحقه ..أقل ما الرجم ُ ولن ينفعنا النكران ،ألنّ مر ّده أن يخلق ببيئتنا «داعش» آخر لن يق ّل إرهابا ً ووحشيّة من هذا الكيان ح ّتى وإن تخلّصنا منه اليوم ،فال ب ّد من الوقوف قليالً على الجانب األخر للموضوع فاألمر ليس كما يظهر أ ّنهم تنظيم وحشيّ يرتكبون الفظائع من األمور بدون أن يكون لهم حاضنة وقاعدة شعبيّة ،فك ّل مقاطع الفيديو التي تخرج للعلن من تصفيات وإعدامات ورجم يكون فيها جمهور كبير من المشاهدين والمهلّلين من س ّكان المناطق التي يسيطر عليها هذا التنظيم.
ونصف الساعة ،مقترحا ً سينمائ ّيا ً صاً ،جاهدين فيه لتكثيف أيّام خا ّ رحلتهم ،بين 14و 18تشرين األوّ ل .2013اللعبة السينمائيّة التي اعتمدوها في بناء فيلمهم، فرضت أناقة بصريّة في صور الفيلم ،وك��وادر منتظمة ،لتخدم غ��رض «ال���ز ّف���ة» .وساهمت موسيقى الفيلم التي ارتكزت على اإليقاعات مع العبارات الدالّة إلى ّ محطات أسماء األماكن خ�لال ال��رح��ل��ة ،ف��ي إظ��ه��ار الفضاء السينمائيّ المق ّدم وكأ ّنه فضاء مصطنع ،لكنّ تفاصيله مشغولة بعناية.
خرق السينمائيّون الثالثة القوانين المعمول بها ،ما قد يعرّ ضهم لمساءلة قانونيّة وعقوبة قد تصل م ّدتها إلى السجن 15عاماً .كما حاول فريق الفيلم إبراز قدرة السينما في التحايل على الواقع ،لتغدو السينما هنا كأداة للعبور إلى الحلم.
إلى الال شيء ،أنا ذاهب بك ّل قوتي إلى الال شيء إلى العدم الشهيّ إلى أسود مطلق إلى أبيض مطلق أريد أن أرسم الال شيء وأثبّت العدم.
لم يعد إظهار الشعور بالغضب واألس��ى على ما يقترفه «داعش» من جرائم وانتهاكات بحقوق اإلنسان بسوريّة كافياً ،فما يحصل هناك داخل المناطق التي يسيطر عليها هذا التنظيم اإلرهابيّ الوحشيّ يحدث بنوع من التواطؤ غير المعلن مع المدنيّين المقيمين والراضخين تحت راية هذا التنظيم البربريّ .فالفيديو ال��ذي ت ّم تداوله على شبكات التواصل االجتماعيّ يُظهر مقاتلين يُعتقد أ ّنهم من تنظيم «الدولة اإلسالميّة» وهم ين ّفذون «ح ّد الرجم» بسيّدة سوريّة متزوّ جة ،قالوا إ ّنها « زانية» ،هذا الفيديو أظهر األب مشاركا ً ومتواطئا ً مع هذا الفعل الوحشيّ بك ّل قناعة ال بل عناصر هذا التنظيم طلبوا منه مسامحتها على فعلتها المنافية للعادات المجتمعيّة وهو ما كان يرفضه وبش ّدة ،فبدأ جل ّيا ً أنّ األب «داعشي» أكثر من الذين قاموا برجمها فلن نستطيع نكران أنّ ثقافة «داعش» اليوم هي جزء من تراثنا وثقافتنا التي كانت دوما ً أرضيّة مناسبة لوالدة مثل هذا الكيان البربريّ الذي بدأ يأكل األخضر واليابس بك ّل التطوّ ر الحضاريّ الذي وصلت إليه البشريّة
ت هذا الكيان البربريّ إذاً لم يأ ِ من ال��دول المجاورة لنا فقط كما يُروّ ج ،بل هناك الكثير من السوريّين عناصر فيه ،وهناك الكثير من السوريّين يتقبّلون تصرّ فاتهم ويتماهون معها ح ّد المشاركة بالرجم والتصفيق بعد قطع عنق بريء وهو ما يُسبّب خوفا ً حقيق ّيا ً أن يكون السوريّون جزءاً من هذا التنظيم بعد محاوالته الحثيثة لخلق قاعدة وحاضنة شعبيّة له باألماكن التي يسيطر عليها. ومن هنا ،أصبح ملحّ ا ً وضرور ّيا ً مراجعة ثقافتنا والعادات التي تب ّنيناها والتي تش ّكل األساس لفكر «داعش» وغيرها ،فلو رفض الجميع تصرّ فات هذا الكيان لما استطاع التح ّكم بهذه المساحات الشاسعة من مدننا وقرانا ،ال أريد الذهاب للقول إ ّننا جميعنا ّ نستحق الرجم طالما نحن مشاركون بهذا الفعل ،إمّا بالصمت أو المشاهدة ،وإ ّنما أقلّه نحن مشاركون ضمن ّيا ً بامتداد هذا التنظيم الوحشيّ لدرجة أصبح معها التخلّص منه يحتاج لمعجزة.
وداد نيب
www.allsyrians.org
12
العدد 17
مقامات
/30تشرين األول 2014/
م � �ق � �ام ال �ق �ص��ب
مصطلح املستبد العادل تلفيق بني مفهومني متناقضني
هاني فحص
طالما أن شكل الدولة وطريقة تشكيلها ليس هي التي تجمع الحرية إلى العدالة في بنية مدنية كمفهومين متشارطين تعريفا ً وتحقيقا ً شأن الدين ،ال اإلسالم وال غيره ،وحيث ال وصفة دينية ملزمة للدولة ،وطالما أن إلى حد دخول كل منهما في تعريف اآلخر. شأن الدين بما هو معرفة وسلوك وثقافة وبناء على ذلك ال يعود من شأن الفقه أو وقيم وعالئق وتقوى ،هو أداء الدولة ،أي الفقيه أن يصف شكل الدولة أو يقترح عدالتها ،وطالما أن العدالة من دون حرية طريقة تشكيلها ،إال في حدود كونه شريكا هي جور آخر ،فالمستبد العادل تلفيق بين متكافئا ً مع اآلخرين من أهل المعرفة بهذا مفهومين متناقضين ال يجتمعان أبداً وال الشأن ،وأهل ضد الجور ،ويصبح الفقه يرتفعان أي إما مستبد وإما عادل.
ثقافة معيارية ،معيارها الحرية ،والعدالة،
وطالما أن الحرية من دون عدالة ليست الحق والقانون أي ديمقراطية تحث على حرية ،بل فوضى حاضنة لتوائم أو ضرائر العدل ،وتحرض ضد الجور ،وتتعاطى مع
من االستبدادات المدمرة ،فان الديمقراطية مضمون الدولة ومعناها ال شكلها ومبناها، ال بمعناها السياسي الصرف وح��ده ،بل ومن موقع ارش��ادي حاضن ،ال مولوي وبمدلولها الواسع الذي يمتد الى الشأن قابض ،ألن المولى هو هللا في المطلق وفي االجتماعي والرعائي والتنموي الشامل ،التاريخ لما للوالية على األمة فهي لألمة.
مهرجان سورية ألفالم الموبايل
ّ لكل مقام مقال
عرضت في مدينة حلب ضمن أعمال «مهرجان سورية لألفالم المصوّ رة بأجهزة الهواتف المحمولة» مجموعة من األفالم التسجيليّة والوثائقيّة ،الطويلة والقصيرة، واستمرّ المهرجان لثالثة أيّام 26 – 25 – 24تشرين األوّ ل ،واألفالم من تصوير نشطاء سوريّون بواسطة كاميرات هواتفهم المحمولة ،ومن إخراجهم. سيتجوّ ل المهرجان في ع ّدة دول بعد أن أُقيم في بلدة كفرنبل في ريف إدلب ،ليق ّدم عروضه التي ّ تنظمها
سراقب /1
عندما في الطريق إلى الثانوية على الحائط القصير لجبّانة «أم حمرا» كتب العاشق الصغير؛ أحبّكِ يا «س « لم يف ّكر أحد به ،بل راحوا ممسكين بأوّ ل الخيط يكملون ،ك ّل على هواه ،حروف اسم الحبيبة
مؤسّسة «شارع لإلعالم والتنمية» ،بالتعاون مع مجلس ثوّ ار صالح الدين.
كتب على الحائط نفسه ؛أحبّك سراقب عرفوه ،تترك أصابعه على خشب النعش أجنحة من طباشير. /2 من يوم يومها تذهب سراقب للحصاد وتعود بموليّا جديدة وألف بيت عتابا تنسل من طريق الحرير ما يليق باألحمر القاني وتنقشه في ثياب العرس كي تكسر سواد أيامها بال جبل تسند إلى ركبتيها شمسا غ ّ شاها بريق الملح العائد الى البحر بال كفن تدلّل المسافات بالمفارق كي يمرّ من بين عينيها النهار. /3 من يوم يومها يخلع البدو على أطرافها عباءاتهم ويدخلون حقول القطن آمنين وبك ّفها المفتوحة ككتاب من تراب تمنحهم بين سطورها أساتذة وك ّنات.
يذكر الكاتب في مق ّدمته أنّ عمله هذا «سيرة موجزة لتاريخ نظرة الغرب إلى العالم ،من صيغتها اإلغريقيّة القديمة إلى صيغتها فيما بعد الحداثة» .بهدف سرد تطوّ ر العقل الغربيّ وإدراكه المتغيّر للواقع.
بدائل تنافس غوغل
وعندما في الطريق إلى جنازة الشهيد األوّ ل
ص������������در حديثاً ،كتاب «آالم العقل ال���غ���رب���يّ » م��ن تأليف: ري���ت���ش���ارد ت�����ارن�����اس ب���ت���رج���م���ة ل��ل��ع��رب� ّي��ة لـ فاضل جتكر، وب���ع���ن���وان فرعيّ «فهم األفكار التي قامت بصياغة نظرتنا إلى العالم»
أ ّدى اع��ت��م��اد م��ح��رّ ك��ات البحث العمالقة -م��ن أم��ث��ال غوغل - على تقديم خدمات مجانيّة مقابل ظهور إع�لان��ات وتحليل بيانات ال��م��س��ت��خ��دم ،إل���ى اب��ت��ع��اد بعض المستخدمين الذين يحرصون على حماية بياناتهم الشخصيّة والحفاظ على خصوصيتهم عن مثل هذه المحرّ كات.
الكتاب يقع في أكثر من 600صفحة قُسّمت إلى سبعة أجزاء ،وقد صدر بالتعاون بين «عبيكان» و «كلمة» للنشر في العام 2014
النزاع الحاصل في منطقة جبل الزاوية …
نكـزة
م��ن ه��ن��ا ،ظ��ه��رت ب��دائ��ل تحاول ال��ش��ب��اب يلي استقطاب المستخدمين من خالل تدروبوا ألكتر من سنة# فض_نزاعات و#سلم_ بعض نقاط ال��ت��ف��وّ ق ع��ن طريق ن كوم» التي تروّ ج لنفسها من خالل التأكيد على عدم أهلي#وين الحفاظ على الخصوصيّة وحماية تخزين استفسارات البحث أو عناوين بروتوكول تفضلوا جبل الزوايه أولى بفض النزاعات والسلم البيانات ،ومنها -على سبيل المثال -خدمات اإلنترنت «آي بي» الخاصّة بالحواسب ،باإلضافة األهلي، «ستارت بايج دوت ك��وم» و»آيكسكويك دوت Abd Hakwati أبو صرة اليافاوي إلى نقل البيانات بشكل مش ّفر.
مسعنا ،شفنا ..وبدنا حنكي حسني برو
/4 من يوم يومها
مسعنا..
أجمل بنات السهل ال شيء مرتفع بها غير القصب والجباه النافرة وسقف الحب وعمود اإلذاعة الرابض منذ فرنسا كخازوق للغيوم الجوف. /5 وعندما في الطريق إلى تخوم دمها ال تجد غير ثياب الحيايا كي تضمد الوديان تكتب نجمة الصبح على ظهرها هذه المرّ ة «أحبّك سوريّا»
سالم حلوم
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
شفنا..
أنّ مجموعة من المعارضين السوريّين األشاوس األستاذ ج��ورج صبرا وهو عم يحاول يبرّ ر قد حصلوا على الجنسيّة التركية ،أو بتعبير ّ أدق القصّة ويشرح مسوّ غاتها المنطقيّة ،وبيطلع معه: منحتهم الحكومة التركيّة الجنسيّة رغم عدم انطباق أنّ السبب لمنحهم الجنسيّة هو لسهولة التواصل الشروط عليهم لمنح الجنسيّة التي ينصّ عليها والتحرّ ك ومتابعة الشأن السياسيّ السوريّ على القانون التركيّ ! كيف؟ وليش؟ أنا ما بعرف ،ويمكن الساحة الدوليّة ،وعدم عرقلة إج��راءات سفرهم، كتيرين ما بيعرفو! هيك بليلة ما فيها ضو قمر، خاصّة وأنّ معظمهم بال جوازات سفر سوريّة أو ثمانية من المعتبرين ساسة سوريّين ،ينامون بجنسيّة أن جوازاتهم قد انتهت صالحيّتها. ويستيقظون صباحا ً بجنسيّة جديدة ويصبحون بقدرة قادر مسجّ لين على ذمّة الجنسيّة التركيّة ،وللعلم وللمرّ ة األلف يحاول أشاوس معارضاتنا أن بعضهم يملك إقامة لجوء في أوروبّا وبعضهم اآلخر يكحّ لوا الحقيقة فيقومون بقلع عينيها ،يعني كلّنا نحن يملك جنسيّة أور ّبيّة ،ومع ذلك فهم ال يمانعون الدراويش منعرف أنه في شي اسمه جواز سفر بالحصول على جنسيّة جديدة ،كيف يمكن لسياسيّ دبلوماسي أو في شي اسمه وثيقة سفر لمرّ ة واحدة، ّ سوريّ بارز يتنطع لتمثيل الشعب السوريّ ويتسلّم يعني بدكم تكذبوا الكذبة ....اكذبوا ما في مشكلة... مناصب قياديّة في معارضته ويرضى بأن يكون بس يا ريت تكذبوا كذبة تقدروا تصدقوها أو تقدروا متع ّدد الجنسيّات؟؟!! تقنعوا حالكم فيها ،بالمشرمحي يعني اكذبوا كذبة بتتص ّدق!!
هيئة التحرير حسين برو ّ - بشار فستق غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
بدنا حنكي.. يعني فهمنا وببداية الثورة والصبايا والشباب بالشوارع عم ّ يهزوا األرض تحت أرجل الطاغية، تهافت المعارضون من ك ّل حدب وصوب ،وش ّكلوا مجلسا ً لقيادة الثورة السوريّة أكثر من نصف أعضائه يملكون جنسيّات بلدان اللجوء التي يعيشون فيها ،قلنا إ ّنهم معارضون قدامى وكان الخوف من الموت أو االعتقال قد اضطرّ هم ألنّ يكونوا مج ّنسين بجنسيّات أخرى غير السوريّة ،لكن اليوم وبعد أربع سنوات وبدل من أن يبرهنوا للجميع على أن هويّتهم السوريّة هي األهم نراهم يتسابقون للحصول على جنسيّات جديدة ،ومنهم من صار ثنائيّ الجنسيّة، وبعضهم ثالثيّ الجنسيّة والخير لقدام ..وكأنّ لسان حال األشاوس يقول :عشر جنسيّات بالجيب أحسن من وطن صار في علم الغيب!!؟؟؟
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org