حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 22 -السنة األوىل
/7كانونالثاني2015 /
newspaper.allsyrians.org
12صفحة
هل سيكون 2015عام املبادرات؟ الطريق إىل موسكو مت ّر من طهران
ملفّات القضاء املدن ّي تنتظر الدعم
مبادرات الوهم «جعجعة» موسكو و«تشبيح» طهران
يعتقد ح ّكام موسكو وطهران أ ّنه كلّما أسرعوا في إنجاز ح ّل سياسيّ لألزمة السوريّة كلّما استطاعوا تحقيق مصالح أكبر ،يدفعهم إلى ذلك جملة معطيات وظروف قد تكون بنظرهم مناسبة ج ّداً إلنجاز هذا الحلّ ،وأنّ الوقت الحاليّ هو الفرصة التي قد ال تعوّ ض. أوّ ل هذه المعطيات ،أنّ اإلدارة االمريكيّة تشهد خالل ما تب ّقى من فترة رئاسة أوباما انكفا ًء واضحا ً في الساحة الدوليّة، هذا االنكفاء مر ّده إلى الخسارة الكبيرة التي لحقت بحزب أوباما في انتخابات الكونغرس األخيرة األمر الذي جعل منه عاريا ً من أيّة قوّ ة يمكن أن تسنده في ا ّتخاذ قرارات نوعيّة ،وخصوصا ً على الصعيد الدوليّ . ثاني هذه المعطيات ،أنّ وضع المعارضة السوريّة يمرّ اآلن في أسوأ حاالته خصوصا ً بعد الفشل الذريع الذي أصاب واجهتها السياسيّة -أي االئتالف الوطنيّ -وانكشاف عمق الخالفات والتناقضات بين كتله ومكوّ ناته. ثالث هذه المعطيات ،اشتداد ح ّدة الخالفات في صفّ الدول الداعمة للمعارضة السوريّة وخصوصا ً الخليجيّة منها. يضاف إلى ك ّل ذلك ،معرفتهم العميقة بأنّ النظام السوريّ هو قاب قوسين أو أدنى من االنهيار ،وأنّ االستمرار في حقنه بالمقوّ يات لم يعد يجدي ،وبالتالي فإ ّنهم يجدون أنفسهم (موسكو وطهران) أمام احتمالين ال ثالث لهما ،إمّا أن ينجزوا بأسرع وقت ممكن حلاّ ً سياسّيا ً يُبقي على مصالحهم ،أو أن ينهار هذا النظام المتداعي أصالً ممّا يعني خسارة كبيرة لهم.
كلّنا سوريون -عدسة عبد إدلب
تحقيقات العدد فنون تتح ّدى املوت رحلة اجل ّرة والبدائل يف درعا شهادات مع وقف التنفيذ أرش ملحاً على باب ك ّل خيمة وأمضي املقاتل األمريكي «جوردان» -هل سيحمل مطار «أبو الظهور» السالم؟
لننتظر ونرَ
ص6 ص6 ص6 ص7 ص7 ص7
ص2
أثبتت روسيا على ما يبدو أ ّنها األكثر فهما ً لطبيعة سورية السياس ّية ،فهي – على عكس القوى الدول ّية واإلقليم ّية أي من األطراف السورية المتصارعة ،ال مع األُخرى -لم تحرق أشرعتها كاملة مع ّ النظام وال مع معارضيه ال ُكثر ،رغم أنّ موقفها كان واضحا ً ومنذ بداية الحراك في السوري ،وهي من هذه سورية في آذار 2011في دعمه الالمحدود لنظام الرئيس ّ الزاوية تبدو األكثر قدر ًة على التأثير في قرارات مختلف هذه األطراف. حممد اجلرف ّ
حقوق الناس.. إلى أين؟ ص8 مرت على سنتين ون ّيف ّ عشرات اآلالف من الدعاوى التي تحوي على حقوق الناس ،وهي تقبع في أحد أقبية مدينة حلب الحرة ،حيث تحيط بها مخاطر التلف ،إن لم يكن بقصف النظام ّ احملامي عبّاس املوسى المجرم ،فالرطوبة والعفن ستالحقها.
(الفوبيا) على مدى عقود من االستبداد ص9
منذ أن استولى حافظ األسد على القوة الحكم في سور ّية ،ولجأ إلى ّ والتعسف واالستبداد من أجل بقائه ّ ورث الحكم إلى ابنه ب ّ شار ،وح ّتى رفض رئيسا ً لها ،ومن ث ّم ّ الشعب لنظام االستبداد وخروجه ثائراً ضدّه ،أي منذ ما يقارب الخمسين عاما ً وح ّتى يومنا هذا، ريم احلاج
المرأة والفردوس قراءة في لوحات الفنّان رياض الش ّعار ص 10
يلون بمهارة نساءه ،قوس قزح ،هامسات ّ يثرثرن عن أشياء ويوم ّيات ،بعضها حدث وبعضها لن يحدث ،يتبادلن الشتائم والغيظ يتحدّ ثن عن رجل غائب عاطالت عن العمل موجودات في نفس والعادي أحيانا ً في المقهى اللحظة في المسافة الوسطى بين الرغبة ّ وأحيانا ً وحيدات يسترجعن رائحة رجل لن يعود .سهف عبد الرمحن
الخاصة يومّيات 2014 ّ بسورية
ص3
األول الشهر ّ يصعد معركته االستباق ّية بـ «الترغيب والترهيب» و«االئتالف» « 1/1داعش» ّ يعتبره «تنظيما ً إرهاب ّياً». « 1/3جيش المجاهدين» الوليد يعلن الحرب على «داعش» السوري لحضور مؤتمر «جنيف »2 1/8بان كي مون أرسل دعوة لالئتالف ّ 1/9عشرات المعارضين يجتمعون في «قرطبة» 1/11كيلو :ال تقارنوا «جبهة النصرة» بـ»داعش» 1/20نشر 50ألف صورة لـ 11ألف معتقل قتلهم النظام... كلّنا سوريون
«العدل أساس الملك»
ص4
عبارة ك ّنا نقرؤها ونطرب لها ،وكأ ّنها تقول لنا :إنّ الحياة ال تستقيم دون قضاء عادل. الحديث ع��ن ال��ع��دل وال��ق��ض��اء في سور ّية حديث شائك ومع ّقد ،بدءاً من انتشار الفساد في مفاصل العمل األمني التغول القضائي ،وصوالً إلى ّ ّ ّ وهيمنته المطلقة على القضاء والتشريعات. اليوم ،وبعد انقضاء نحو أربع سنوات على انطالق شرارة الثورة ،وخروج أكثر من نصف مساحة سور ّية عن سيطرة النظام ،أين هو القضاء؟ وكيف تعاملنا معه؟ ْ حاولت أن القضائي؟ وهل هل نجحت قوى الثورة بتقديم صورة جديدة للتعامل ّ الموحد؟ تفرض سلطة العدل والتشريع إعداد :باسل العبداهلل ّ
المشكلة األساسيّة عند طهران وموسكو أنّ نظرتهم لح ّل األزم��ة السوريّة لم تتب ّدل بشكل نوعيّ طوال عمر الثورة السوريّة ،وال يزال الوهم لدى ساسة هاتين الدولتين أنّ بإمكانهم الحفاظ على النظام أو على القسم األكبر منه ،متجاهلين حقائق كثيرة ،أوّ لها وأهمّها ،أنّ النظام بصيغته القديمة قد انتهى وأنّ إعادته إلى الحياة أصبحت وهما ً مجنوناً. ّ الخطة في في الوقت الذي تسرع موسكو لتوفير عناصر جانبها السياسيّ تستمرّ إيران باستعراض قدرتها العسكريّة «التشبيحيّة» متناسية -وبمكابرة تعكس حجم األزمة التي تعصف بها -أنّ كل َمن تحاول إيصال رسالتها «التشبيحيّة» لهم ال يزالون يخوضون هذه الحرب بالوكالة وأ ّنهم -أي خصومها - غير مبالين بإخراجها من مأزقها ال بل إ ّنهم مستمتعون برؤيتها وهي ُتستنزف وتتخبّط في المستنقع السوريّ . في وجه المبادرة الروسيّة اإليرانيّة عقبات كثيرة ،فالحشد الذي يجمعه الروس للجلوس على مقاعد المعارضة يعرف السوريّون جي ّداً أنّ معظمهم هو جزء من الطابور الخامس الذي يعمل تحت إدارة النظام واخترق به جسد الثورة السوريّة، وبالتالي فإ ّنه من الصعب تمرير هذه الخدعة على الشعب السوريّ الذي دفع ثمنا ً باهظا ً خالل سنوات ثورته؛ يضاف إلى ذلك أنّ األطراف الدوليّة واإلقليميّة التي ُتعنى باألزمة السوريّة، والتي لها مصالحها االستراتيجيّة فيها ،تملك الكثير من األوراق ومن الطموحات ومن القوّ ة ،األمر الذي يم ّكنها من إفشال أيّ ح ّل سيحاول الروس واإليرانيّون تمريره. في خض ّم ك ّل هذه التعقيدات يبدو وضع السوريّين كلّهم بك ّل تصنيفاتهم الدينيّة والقوميّة والطائفيّة والسياسيّة ....هو األسوأ، فهم الذين دفعوا وسيدفعون ثمن ك ّل شيء ،وهم األبعد عن تقرير مصيرهم ومصير بلدهم. إذا كان الح ّل السياسيّ هو المخرج الوحيد لهذه المعضلة الكبيرة ،وهو البداية إلنهاء هذه المأساة التي تتوالى فصولها بعبثيّة فظيعة ،إلاّ أ ّنه ال ب ّد من القول :إنّ أيّ حلّ ،وأ ّيا ً يكن مصدره ،ال يأخذ بعين االعتبار السبب الرئيسيّ الذي فجّ ر هذه الثورة -والذي يمكن تلخيصه بأنّ النظام السوريّ هو نظام غير قابل للحياة وأنّ استبداله بنظام آخر هو الح ّل الوحيد للمعضلة السوريّة -سيكون ضربا ً من الوهم وسيعني مزيداً من استنزاف سوريّة ودمارها واستمراراً لمأساة شعبها. وإذا اعتقد بعض «الساسة» السوريّين أ ّنهم سيعبرون لعبة الكبار إلى مصالحهم وإرضاء مرجعيّاتهم على حساب سوريّة وشعبها فإ ّنهم سيرتكبون خطأهم القاتل ...والذي لن يكون أحد ض ّده ،لوال أ ّنه سيطيل من عمر المأساة السوريّة ومن حجم خسارات الشعب السوريّ .
ب ّسام يوسف
2
العدد 22
/7كانون الثاني 2015/
تناغم المسارين يسود االعتقاد بأنّ التزامن في التحرّ ك بين مبادرة «دي ميستورا» وبين المبادرة الروسيّة، ت صدفة ،فالغرب عموماً ،واألمريكيّون لم يأ ِ خصوصاً ،ال يوجد لديهم تصوّ ر ناجز بعد عن طبيعة الح ّل السياسيّ في سوريّة في الوقت الراهن ،لذا فهم من جهة يس ّدون الفراغ عبر الترحيب الظاهريّ بمبادرة المبعوث الدوليّ «دي ميستورا» (هي باألساس أفكار عامّة غامضة وغير ناضجة ،ال كمشروع وال كمبادرة يمكن أن يعوّ ل عليها فعل ّياً) لك ّنها بالمقابل تو ّفر الوقت المطلوب ريثما تنضج التسوية المرضي عنها، خاصّة ونحن نتح ّدث عن «تجميد» للصراع في منطقة معيّنة ،هي هنا مدينة حلب ،أو ع ّدة مناطق ُي ّتفق عليها ،تبني مع الوقت -يُق ّدر الزمن األوّ لي لها من سنتين إلى ثالث -قاعدة شعبيّة من الناس المتضرّ رين مباشرة من القتال ،يكونون هم أصحاب المصلحة والحُماة للواقع المجمّد، يُعمّم النموذج في حال نجاحه ،وهم بهذا الموقف يُظهرون بأ ّنهم يتماشون مع رغبة المجتمع الدوليّ في تحريك الملفّ السوريّ ،وبأ ّنهم ال يزالون يهتمّون لمأساة الشعب السوريّ المستمرّ ة منذ أربع سنوات إلاّ قليالً ،لك ّنهم عمل ّياً ،وفي الواقع ير ّكزون جهدهم السياسيّ والعسكريّ واإلعالميّ على أولويّة محاربة إره��اب تنظيم «داعش» وإره��اب التنظيمات األخرى التي تنتمي لفكر القاعدة بالعموم باعتباره الخطر الرئيسيّ اآلن حسب وجهة نظرهم .هذا من جهة ،ومن الجهة الثانية يسمحون للروس باللعب في الوقت الضائع مع يقينهم بأ ّنهم (الروس) ال يستطيعون فرض أيّ ح ّل على طرفي النزاع دون الموافقة الغربيّة عموما ً واألمريكيّة على رأسها؛ هي إذن تلهية أو ترضية للروس الغاضبين من «المؤامرة األمريكيّة» على نظامهم المشاكس دون أن يكون لها أيّة قيمة فعليّة على األرض ،بينما الروس من جهتهم يحاولون جهدهم -بتفاهم ضمنيّ ،إلى ح ّد ما مع األمريكيّين ،وهم ليسوا بعيدين عن اإليرانيّين أيضا ً في هذا الخصوص -إلعادة الدم
لننتظر ونرَ
ونر ،هكذا عادة ما يكون ر ّدي لمن لننتظر َ يسألني عن تو ّقعاتي بخصوص أيّة مبادرة جديدة للح ّل في سورية .فعلى العموم ال يجب الحكم مُسبقا ً على النتائج ،لكنّ مؤتمر موسكو 1يأتي في سياق مُنفصل. أثبتت روسيا على ما يبدو أ ّنها األكثر فهما ً لطبيعة سورية السياسيّة ،فهي – على عكس القوى الدوليّة واإلقليميّة األُخ��رى -لم تحرق أشرعتها كاملة مع أيّ من األطراف السورية المتصارعة ،ال مع النظام وال مع معارضيه ال ُكثر ،رغم أنّ موقفها كان واضحا ً ومنذ بداية الحراك في سورية في آذار 2011في دعمه الالمحدود لنظام الرئيس السوريّ ،وهي من هذه الزاوية تبدو األكثر قدر ًة على التأثير في قرارات مختلف هذه األطراف. هذا الفهم مبنيّ على حقيقة أنّ سورية تعني لروسيا أكثر بكثير ممّا تعنيه للواليات الم ّتحدة والمعسكر الغربيّ الموصوف خطأ بـ «أصدقاء الشعب السوريّ » ففي الذهنيّة االستراتيجية الروسيّة ،ونتيجة لالنطباعات الزمنيّة التي تكوّ نت بنا ًء على التجارب التاريخية ُتش ّكل سورية العمق االستراتيجيّ لروسيا في منطقة الشرق األوسط، وهي ُتدرك أ ّنها إذا خسرت سورية فستخسر آخر موقع لها في هذه البقعة الجغرافيّة الحسّاسة. «واستمرار األولويّات االستراتيجية لروسيا القيصريّة األرثوذكسيّة – يقول أحمد داوود أوغلو في كتابه العمق االستراتيجي -يتوازى مع األولويّات االستراتيجيّة لال ّتحاد السوفي ّتي المُلحد السابق ،وسيبقى مستمرّ اً مع أيّ نظام روسيّ يتولّى الحكم .ومن هنا تبدو أه ّميّة المعطيات الثابتة كالتاريخ والجغرافية على الذهنيّة االستراتيجيّة للمجتمعات» ً من هنا ،ال نستغرب كثيرا هذا الدفاع الكبير من قبل الروس عن نظام األسد رغم ك ّل مآخذهم عليه لنتذ ّكر أنّ االعتراض األقسى على النظام السوريّ أتى بالذات من الرئيس الروسي فالديمير بوتين عندما صرّ ح في حزيران من عام 2013 أ ّنه كان بوسع الرئيس السوريّ ب ّ شار األسد تفادي نشوب الحرب في بالده من خالل تلبية مطالب التغيير بقدر أكبر من السرعة .ووقتها أضاف بوتين في تصريحات أدلى بها لشبكة RTالرسميّة الروسيّة أنّ سورية كانت جاهزة لتغييرات جا ّدة، وكان يتعيّن على القيادة السوريّة إدراك ذلك في
newspaper@allsyrians.org
إلى مكانتهم الدوليّة التي تضرّ رت كثيراً جرّ اء العزلة الغربيّة والعقوبات االقتصاديّة التي يت ّم فرضها عليهم تباعا ً بسبب األزمة األوكرانيّة. من المعروف للجميع أنّ محاوالت الروس - ومعهم اإليرانيّين -هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام القائم مع السعي للحفاظ على رأس النظام، إن أمكن ،صحيح أ ّنه يوجد بعض التجاوب من قِبل بعض المعارضين ،وهم ليسوا ُكثر ،رغم أ ّنهم ال يقتصرون على معارضي الداخل فحسب، ترتق بعد إلى مستوى تشكيل قناعة عامّة لك ّنها لم ِ ّ مؤثرة يقبل بها ج ّل السوريّين .ناهيكم عن أهميّة قبول األطراف اإلقليميّة والدوليّة؛ لذا ،ح ّتى وإن نجح ال��روس في جمع بعض المعارضين مع النظام في موسكو ،فهذا لن يؤ ّدي إلى نتيجة ج ّدية في ظ ّل غياب األط��راف األساسيّة في األزمة السوريّة ،فالروس ال يتم ّتعون بالمصداقيّة لدى قسم من الشعب السوريّ على األقلّ ،وبالتالي هو ليس وسيطا ً نزيهاً ،بل على العكس من ذلك، فهم يحملون المسؤوليّة الرئيسيّة في بقاء األزمة السوريّة طوال هذه الم ّدة ،وكذلك لهم الدور األه ّم في بقاء النظام القائم وبقاء رأس النظام نفسه، وهذا أيضا ً يصبّ في كسب الوقت لألطراف الفاعلة في األزمة السوريّة. في تصوّ ري الشخصيّ أنّ عدم الممانعة من قبل األمريكيّين للتحرّ ك الروسيّ ال يعدو كونه بروتوكوالً شكل ّيا ً لتفاهم ضمنيّ مكشوف لكال الطرفين ،بأنّ أوان الح ّل لألزمة السوريّة لمّا يحن بعد ،لكن بالنسبة لإليرانيّين فاألمر مختلف ،حيث تتنامى القناعة لدى السوريّين بالعموم بأنّ الدور اإليرانيّ بات قو ّيا ً (ال أريد أن أستخدم عبارة حاسماً) في الحالة السوريّة، وتملك أوراقا ً خطيرة في ملفّ األزمة السوريّة ليست الوحيدة ،لك ّنها هي التي تعنينا اآلن -لذا يتو ّقف أمر حلحلة األزمة السوريّة على مدى التفاهم األمريكيّ -اإليرانيّ بخصوصها ،كما بخصوص قضايا إيرانيّة عديدة داخليّة وإقليميّة (طبعا ً هنا الموقف األمريكيّ هو الحاسم في ظ ّل
الوقت المناسب والبدء التغييرات. ه���ذه ال��م��آخ��ذ م���ج���رّ د تفصيل الروس،
ب��إج��راء هذه ك���ان���ت مزعج لدى اع����ت����م����دوا ل��ت��ب��ري��ر
ّ تمت للحقيقة بصلة، موقفهم على «ا ّدعاءات» ال من قبيل أنّ روسيا قلقة للغاية إزاء مصير المسيحيّين ،خاصّة أتباع المذهب األرثوذكسيّ في المنطقة .كما صرّ ح بذلك وزير الخارجيّة ّ لمحطة الروسيّ سيرجي الف��روف في مقابلة الميادين في أيّار .2013وطبعا ً هذا الموقف يُذ ّكر بالموقف القيصريّ الروسيّ من أرثوذكس السلطنة العثمانيّة وال��ذي أسفر عن اتفاقيّة «كوتشوك قاينارجه »Küçük Kaynarca ع��ام 1774وح��رب ال��ق��رم م��ا بين -1853 .1856و ُتعتبر االمتيازات التي حصل عليها األرثوذوكس الذين كانوا تحت الحماية العثمانيّة أولى المؤ ّ شرات على اعتبار الوحدة الداخليّة للدولة مقياسا ً ها ّما ً لوضعها على المستوى الدوليّ ،إذ انسلخ األرمن واألقلّيّات غير المسلمة تباعا ً عن الدولة العثمانيّة نتيجة لشرط الحماية الذي ت ّم وضعه في تلك االتفاقيّة. هذا الموقف الصادر من رأس الدبلوماسيّة الروسيّة ال يعكس الب ّتة الحرص على سيادة واستقالل وسالمة سورية كما ورد في نصّ الدعوة التي وُ جهت من الخارجيّة الروسيّة إلى الشخصيّات المشاركة في المؤتمر. لماذا نتح ّفظ على مؤتمر موسكو؟ من التسريبات التي أوردتها صحيفة «الحياة» اللندنيّة ،ومن نصّ الدعوة سابقة الذكر والتي نشرها السياسي سمير العيطة في صفحته على موقع التواصل االجتماعيّ «فيسبوك» ي ّتضح أنّ مدخالت موسكو هي أق ّل بكثير من مخرجات جنيف ،1وهي تاليا ً تأسيس لمؤتمر جديد موسكو1 ينفصل كلّ ّيا ً عن ك ّل المبادرات والمؤتمرات السابقة .ففي جنيف 2كان النظام السوريّ مصرّ اً على بند مكافحة اإلرهاب ،واعتبره أوّ لو ّيا ً على ما عداه .فيما كان وفد المعارضة المفاوض يحاجج
غياب الدور القويّ للمعارضة السوريّة بشقيّها السياسيّ والعسكريّ ،وغياب الموقف الموحّ د من المشاريع المطروحة ،ناهيكم عن تغييب موقف واع الشارع السوريّ المدنيّ وسحقه بفعل فاعل ٍ - ومجرم من جهة النظام ،قاصر ومجرم من جهة غالبيّة المعارضة -أيضا ً غياب المشروع الوطنيّ الواضح والجامع عن الجميع) باعتقادي لقد نجح النظام اإليرانيّ ح ّتى اآلن في فرض نفسه كقوّ ة إقليميّة يُحسب حسابها في المنطقة ،حيث بات العبا ً يتحرّ ك جهاراً نهاراً ،متح ّديا ً الجميع ،بعد أن كانت خطواته حذرة وغير معلنة في الكثير منها ،إذن نحن أم��ام معضلة حقيقيّة ،حيث القرار السوريّ المستق ّل غائب -بش ّقيه الرسميّ والمعارض -ومصير سوريّة أصبح ليس بيد أبنائها السوريّين ،بل يقرّ ره اآلخ��رون ،وكون اآلخرين هو تعبير عن ع ّدة العبين ،فهذا األمر سيتر ّتب عليه بالضرورة تنافس على المصالح بينهم (بما تحويه ماد ّيا ً ومعنو ّياً) ك ٌل منهم -حسب قوّ ته وأه ّميّة دوره -النتزاع أكبر قدر منها على حساب أبناء البلد الذي يُدمّر بالكلّيّة ،وكون اإلدارة األمريكيّة الحاليّة على ما بتنا نعرفها من ضعف وتر ّدد ،فلن نتو ّقع حلاّ ً قريبا ً يُنهي معاناة الشعب السوريّ ومأساته الرهيبة ،هنا سأعيد موقفي وأر ّكز على ضرورة الفعل الوطنيّ السوريّ اآلن كلّما كان اآلن أفضل وأجدى -يُعيد االعتبارللقرار الوطنيّ السوريّ المستق ّل شيئا ً فشيئاً، وصوالً للفعل الوطنيّ المقرّ ر لصالح البلد بكليّته، ّ األدق ،ما تب ّقى من البلد وهذا لن يكون اآلن ما لم يتو ّفر نقد ج ّديّ وش ّفاف أمام الشعب السوريّ لألداء السابق (ليس المطلوب جلد ال��ذات ،بل تبيان مكامن الخطأ والقصور من أجل التجاوز الحقاً) وتوجّ ه صادق لك ّل الوطنيّين السورييّن للتشارك والتفاعل بينهم وصوالً للعمل المشترك، األمر الذي سيُعيد الثقة واألمل للسوريّين رغم انهاكهم وإحباطهم ،ليعودوا الحاضن الشعبيّ َ الذي ال يمكن من دونه أن ينجح أيّ عمل ،فما بالكم بثورة شعبيّة! مروان حممّد
بموضوعة الحكومة االنتقاليّة التي ستمهّد لرحيل األسد على اعتبارها األولويّة المطلقة .ما أضحى اآلن هو التالي: م��ك��اف��ح��ة اإلره����اب ل���ه���ا ال��ش��رع��يّ��ة األولى لدى الدول اإلقليميّة والدوليّة المعنيّة ،ويبدو أنّ المعارضة الذاهبة إلى موسكو اقتنعت وتورّ طت بهذه األولويّة .فيما موضوعة الحكومة االنتقاليّة غير موضوعة على جدول األعمال بحسب التسريبات ذاتها. عند مراقبة الوقائع على األرض ،وفي الشمال خصوصاً ،وفي مقابل إعالن تنظيم «داعش» إمارته على المنطقة الشرقيّة (الر ّقة -دير الزور) ت ّتجه جبهة النصرة إلعالن إمارتها على حلب إدلب وريفهما ،وحسب المعلومات الواردة في هذه األونة ،فإنّ جبهة النصرة تستع ّد لشنّ هجوم شامل على حركة حزم المدعومة أمريك ّياً ،لتتفرّ غ فيما بعد لح ّل مشكلتها الوحيدة المتب ّقية مع فصائل الجبهة الشاميّة. إذاً ،الشمال بعيد عن أيّ اهتمام روسيّ ،وهو بعُهدة دي ميستورا سياس ّياً ،والشرق والشمال الشرقيّ تحت سيطرة تنظيم «داع��ش» الذي يبدو أ ّنه ال يتر ّنح كثيراً بتأثير ضربات التحالف. النصرة حدودها مورك ،وهي لم ُتقاتل أو تناصر في حمص التي ستكون من نصيب النظام مع المنطقة الجنوبيّة. من المرجح أنّ مهمّة موسكو 1ستكون إعادة تأهيل سلطة سوريّة مُرتقبة (كما ذكرنا ،لم ي َ ُؤت على ذكر الحكومة االنتقاليّة في التسريبات) في الوسط والساحل والجنوب تمهيداً لمحاربة اإلرهاب القادم من الشمال .األمر الذي سيكرّ س التقسيم واقع ّياً ،ألنّ البدء بأيّة بقعة على أمل توسيع نموذجها ً مستقبالً يعني فصل هذه البقعة عن بقيّة األرض السوريّة. يحتاج السوريّون إلى أفكار سوريّة ،إلى سلعة سوريّة ،يُنتجونها هم ومن ث ّم يعملون على تسويقها إقليم ّيا ً ودول ّياً ،أفكاراً تأخذ بعين االعتبار السياسة قبل األمن كما ذكرنا في مقالة سابقة. ونر. مع ذلك ،لننتظر َ
حممّد اجلرف
قراءة سياسية
ماذا يريد الروس من اللقاء المرتقب في موسكو؟ ما خلّفته المعارك اليوميّة المستمرّ ة منذ أربع سنوات ،ولّد لدى معظم أبناء الشعب حالة من القبول بأيّ ح ّل كان إليقاف تلك الحرب التي باتت مه ِّددة لوجودهم ،فيما ال تدلّل الوقائع الجارية على األرض إلاّ على تصاعد ح ّدة نيرانها ،مع فقدان السوريّين للتأثير الحاسم في مجرياتها. في هذه األج��واء اليائسة تأتي الدعوة لعقد لقاء في موسكو، ثمان وعشرين ّ ً ممثالً للمعارضة بحسب الرؤية الروسيّة، موجهة إلى ٍ كشخصيّات مستقلّة ،وكأعضاء مح َّددين في االئتالف وهيئة التنسيق، للتشاور مع وفد النظام الذي أعلن عن موافقته مب ّكراً ،في وضع آليّات حوار سوريّ -سوريّ دون أيّة ورقة عمل مسبقة .فهل ينجح اللقاء في تحقيق بعض من التق ّدم على طريق الح ّل الذي ينتظره السوريّون على أحرّ من الجمر؟ أم أ ّنه لن يخلّف سوى المزيد من التعقيد ،كما جرى في اللقاء الماضي ،في مؤتمر جنيف الثاني قبل عام كامل؟ إنّ البحث عن مخارج ممكنة لما وصلت إليه األمور في درجة االستعصاء ،يبرز تلك األهميّة القصوى لجلوس ّ ممثلي المعارضة والنظام إلى طاولة حوار ،حيث تظهر استحالة الحسم العسكريّ ،مع الضعف المتزامن لقوّ ات النظام وقوى الثورة المسلّحة ،على حساب التنازع العسكريّ المشت ّد على الجغرافية السوريّة بمشاركة غير السوريّين ،بدءاً من إعالن دولة اإلسالم القاعديّ على قسم واسع في الشمال الشرقيّ من البالد ،والتم ّدد الملحوظ لجبهة النصرة في الشمال الغربيّ منها ،مروراً بسيطرة حزب هللا والميليشيات الشيعيّة األخرى على مناطق واسعة من دمشق ح ّتى جبال القلمون ،وصوالً للتصريح اإليرانيّ الفاقع عن قيام جيش شعبيّ لثورتهم اإلسالميّة في سوريّة كما في العراق واليمن ،وحيث ال أفق واضح لح ّل سياسيّ ، مع التمسك الروسيّ بتفسير مختلف لمقرّ رات جنيف التي ت ّم التوصل إليها منذ أيلول ،2012لكنّ الدعوة للحوار تتطلّب وكما دلّت جولته السابقة إلى التحضير المسبق ،ح ّتى ال يتكرّ ر الفشل في التوصل إلى التفاهم حول األولويّات ،في محاربة اإلرهاب أم في تشكيل هيئة الحكم االنتقاليّ ،وح ّتى ال نشهد بعد الفشل ذبحا ً للدجاجة وكسراً للبيضة ،دون التوصّل إلى ح ّل اللغز المحيّر في أسبقيّة إحداهما على األخرى. ربّما تكون هذه التو ّقعات المسبقة ضربا ً من الرفض ،ومساهمة في تأجيج النيران المشتعلة ،لكنّ ما يبرز من تصريحات ومواقف قبل اللقاء ،قد يُسهم بتشكيل نظرة أكثر موضوعيّة ،بعيداً عن ثنائيّة التفاؤل واإلحباط ،فإذا كانت الغاية من توجيه الدعوة ألفراد مح ّددين رؤية روسيّة ،لتمثيل ك ّل أطياف المعارضة ،فإنّ المواقف المتباينة لتلك الشخصيّات ،قد يجعل من اللقاء المرتقب مساحة للخالف فيما بينهم ،بدل التشاور بين النظام والمعارضة ،وربّما تصل لمنح النظام مخرجا ً بحث عنه طويالً ،لتشكيل حكومة جديدة ممّن يقبل بالعمل تحت سلطته ،بمسمّى حكومة وطنيّة ،بدالً من انتقاليّة ،ليستعيد بذلك بعضا ً من شرعيّته المفقودة ،وليزيد من أمد الحرب وتعقيدات الوضع السوريّ ،كذلك فإنّ ما حصل ويحصل على األرض السوريّة وللشعب السوريّ ،ال يترك مجاالً للحديث عن إرادة شعب وعن ّ التدخالت اإلقليميّة والدوليّة، تمثيل أيّ طرف لها ،ففي ظ ّل ك ّل تلك قد يبدو أيّ حوار سوريّ -سوريّ مجرّ د ضجّ ة إعالميّة ،مالم يستند إلى فعل دوليّ ،لفرض الح ّل الممكن الوصول إليه بالحوار كتفصيالت وكمح ّددات ،بعد التفاهم الدوليّ على الخطوط العامّة، فالصراع على األرض السوريّة ،لم يعد صراعا ً سور ّياً ،بقدر ما هو صراع إقليميّ بين ايران من جهة وبين السعوديّة وقطر وتركيّا من جهة ثانية ،وبقدر ما هو صراع دوليّ بين الغرب بقيادة الواليات الم ّتحدة مع روسيا ،وهكذا فإنّ الدعوة الروسيّة لهذا اللقاء دون أيّ تفاهم دوليّ مسبق ،ال توحي إلاّ بالتمسّك الروسيّ بموقفهم الثابت ممّا يجري في سوريّة ،وبتفسيرهم السابق لمقرّ رات جنيف ،دون أيّة أه ّميّة للتطمينات التي يق ّدمونها لبعض المعارضين ،محاولين إخراج األسد من المأزق الذي وقع فيه ،بدالً من إخراجه من س ّدة الحكم التي يصرّ الجميع على ال شرعيّته فيها ،بعد ك ّل ما تسبّب به من كوارث مازالت مستمرّ ة. بهذه المؤ ّ شرات التي تسبق اللقاء المرتقب ،ثمّة ما هو جدير بالتو ّقف عنده مل ّياً ،فإذا كان االئتالف الوطنيّ وهيئة التنسيق كتجمّعين سياسيّين للمعارضة ال يرون في تلك الدعوة ما هو مشجّ ع للحضور، وسواء حضر البعض من أعضائهم أم لم يحضر ،فإنّ ما يريده الروس من ذلك اللقاء ال يوحي إلاّ بخروجهم عن الح ّل السياسيّ ، الذي ال يرى المجتمع الدوليّ بديالً عن ضرورة التوصّل إليه مع كا ّفة األطراف المعنيّة بالشأن السوريّ ،خروجا ً باتجاه المنفذ الوحيد الذي ال يرى األسد غيره منذ البداية ،مسارعين كما يبدو لعقده بعيداً عن المظلّة الدوليّة ،كاختراق على الجبهة السوريّة في صراعهم الدوليّ القائم مع الغرب ،في خطوة استباقيّة ال تختلف كثيراً عمّا فعلوه ويفعلوه في أوكرانيا ،األمر الذي يشير إلى االحتمال األكبر في الموت السريريّ لفكرة الح ّل السياسيّ لدى ك ّل الالعبين الدوليّين، موتا ً ال يحمل معه سوى المزيد من الكوارث ،مع اللجوء إلى تنمية فكرة الحسم العسكريّ ،التي يمكن أن تجد طريقها عبر تشكيل قوّ ات المعارضة المعتدلة ،أو فيما يجري من إعادة هيكلة لقوّ ات المعارضة الموجودة على األرض ،كما في صيغة الجيش األوّ ل أو سواها، حسما ً عسكر ّيا ً ال يمكن القفز فوقه إلسقاط نظام األسد المتهالك، عندما يغيب البحث عن صيغة حكم انتقاليّ معه ،من أجل توفير القوّ ة السوريّة الوطنيّة الالزمة لمحاربة اإلرهاب اإلسالميّ ،الذي يزداد في سيطرته على مناطق أوسع من البالد. لؤي حاج بكري
www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 22
3
/7كانون الثاني 2015/
الخاصة بسورية يومّيات 2014 ّ
الشهر األوّ ل « 3/27إعالن الكويت» :االئتالف السوري كممثل « 1/1داعش» يصعّد معركته االستباقيّة بـ «الترغيب رسمي للشعب دون أن يحسم موضوع منحه مقعد والترهيب» و«االئتالف» يعتبره «تنظيما ً إرهاب ّياً» .سورية « 1/3جيش المجاهدين» الوليد يعلن الحرب على 3/28مفاوضات بين الحرّ والنظام بشأن هدنة في «داعش» جنوب دمشق 1/8بان كي مون أرس��ل دع��وة لالئتالف السوريّ الشهر الرابع لحضور مؤتمر «جنيف »2 4/1النظام يجمّد مفاوضاته مع حمص القديمة 1/9عشرات المعارضين يجتمعون في «قرطبة» 4/3 1/11كيلو :ال تقارنوا «جبهة النصرة» بـ»داعش» الكويت ترفض ا ّتهام أمريكا لوزير العدل واألوقاف 1/20نشر 50ألف صورة لـ 11ألف معتقل قتلهم بـ»دعم اإلرهاب» في سورية النظام 4/5أص��دق��اء س��وري��ة :انتخابات األس��د «مهزلة ّ ّ 1/22أكراد سورية يشكلون حكومة محليّة عشيّة جنيف ديمقراطيّة» 1/23كيري :ال سالم في سورية بوجود األسد العداء لالجئين السوريّين في لبنان يثير ردود فعل 1/24مفاوضات جنيف تبدأ في قاعتين منفصلتين غاضبة 1/25وفد المعارضة ووفد السلطة السوريين في قاعة 4/6انسحاب المعارضة من «مرصد»45 واحدة في مفاوضات يديرها اإلبراهيميّ 4/7النظام يقصف حرستا بغازات سامّة 1/27النظام سمح لألطفال والنساء االمحاصرين في « 4/10داعش» ّ يعزز قبضته على البوكمال لوصل حمص بالمغادرة دير الزور باألنبار ك الحصار اليونسيف 5.5 :مليون طفالً ّ 1/28نداءات من داخل مدينة حمص لف ّ تأثروا بالصراع في سورية المستمرّ منذ 600يوم 4/12تحقيقات بريطانيّة وأميركيّة وتركيّة في هجمات الشهر الثاني كيميائيّة على ضواحي دمشق 2/1انقطاع المياه عن دمشق وريفها وأنباء عن سيطرة 4/14عشرات المصابين بغاز سا ّم في حماة وإدلب المعارضة على المنابع 4/19مسؤولون أميركيّون :األسد يص ّفي قادة عسكريين ً االئتالف السوريّ يعلن تسليم اإلبراهيميّ قوائم أوّ ليّة منعا لتقويض سلطته بثالثين ألف معتقل بسجون النظام 4/22الخارجيّة اإليطاليّة :المجتمع الدوليّ لن يعترف 2/2مقتل عبد القادر الصالح القائد العسكريّ للواء باالنتخابات السوريّة التوحيد بحلب 4/23ن��زوح جماعي من حلب على وقع البراميل ّ « 2/3داعش» تدعو مسيحييّ الرقة لإلسالم أو دفع المتفجّ رة الجزية 4/25مجزرة في ريف حلب في سوق شعبيّ في مدينة وظهور أوّ ل كتيبة نسائيّة داعشيّة تتجوّ ل مع أسلحتها األتارب بالر ّقة 4/26فابيوس :ال أدلّة على استخدام النظام غازات 2/4القدوة يق ّدم استقالته سامّة 2/6األمم الم ّتحدة ت ّتهم النظام السوريّ والمعارضة « 4/30داعش» يصلب شابين ويعدم 8بينهم طفالن بارتكاب انتهاكات ّ بحق األطفال الشهر الخامس االئتالف يطالب مجلس األمن الدوليّ بفرض تدابير 5/1اإلعالن عن تشكيل جبهة ثوّ ار جنوب سورية تحت الفصل السابع فيما يتعلّق بالكيميائيّ السوريّ ريف درعا الغربي “ 257 ”2/7قتيالً بقصف على حلب ”24“ 5/2شخصا بينهم األسد تقدموا بطلبات الترشح موسكو تستخدم (الفيتو) ض ّد قرار دوليّ إنسانيّ لالنتخابات الرئاسية السورية 2/8جهاديّون بريطانيّون يقاتلون في سورية يه ّددون 5/3تنفيذ «صفقة» حمص يبدأ باإلفراج عن 70إيران ّيا ً باستهداف لندن والبيت األبيض ولبنان ّيا ً معتقلين لدى «الجبهة اإلسالميّة» 1400مقاتل سعوديّ في سورية أغلبهم أحداث وهناك 5/8إنجاز اتفاق حمص القديمة ينتظر دخول المساعدات نزعة لعودتهم إلى الوطن إلى نبل والزهراء « 2/9النصرة» ت ّتهم والي «داعش» في دير الزور 5/10آخر مسلّحي المعارضة السورية يغادرون حمص بسرقة خمسة ماليين دوالر 5/13برنامج الغذاء العالمي 6.5 :مليون سوريّ النظام يخلي مطار كويرس إلى مطار النيرب و»داعش» بالداخل يحتاجون لمساعدات ينتشر في محيطه دون معارك 5/14استقالة اإلبراهيمي من الوساطة في سورية 2/10راهبات دير معلوال المحتجزات في سورية 5/15توصّل المعارضون في حي القدم بدمشق إلى يظهرن في فيديو هدنة مؤ ّقتة مع النظام 2/13استقالة وزير الدفاع في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة 5/16اإلفراج عن صحفيّين بريطانيّين اختطفا بسورية أسعد مصطفى 5/17واشنطن تص ّنف «داع���ش» و«النصرة» ّ 2/15نزوح 2700سوريّ من منطقة القلمون السوريّة منظمتين إرهابيّتين الى لبنان 5/23فيتو روسي صيني ض ّد مشروع قرار فرنسي 2/16اإلبراهيمــيّ يعلن فشــل جنيــف 2 إلحالة الملف السوري للمحكمة الجنائيّة 2/17اتفاقيّة بين قوّ ات النظام والمعارضة في ريف 5/27األردنّ وسورية يتبادالن طرد السفراء دمشق الشهر السادس ّ 2/19هيومن رايتس ووتش تتهم النظام باستخدام 6/1لبنان يه ّدد السوريّين الالجئين على أراضيه بنزع صواريخ مزوّ دة بقنابل عنقوديّة صفة «نازح» عنهم 2/21عشرات القتلى بتفجير في معبر بين سورية 6/3بدء انتخابات الرئاسيّة التي ّ نظمها نظام األسد في وتركيا سورية أمام معارضة عالميّة لهذه االنتخابات 2/23مجلس األمن يدعو النظام إلى وقف الغارات 6/4النظام يعلن فوز األسد بوالية رئاسية ثالثة وبنسبة على المدنيّين %88.7 الشهر الثالث 6/6مجموعة السبع :انتخابات سورية زائفة 3/1مقاتلو «داعش» انسحبوا من أعزاز نحو ريف 6/11االئتالف يفتتح مكتبا ً في بروكسل لمالحقة جرائم األسد حلب الشرقي 3/3بدء حملة لتلقيح 10ماليين طفل ض ّد شلل األطفال 6/12الجنائيّة :األسد يترأس قائمة منفذي جرائم الحرب 3/7وافق اللواء سليم إدريس على االستقالة من رئاسة بسورية ”9 “6/15قادة يستقيلون من الجيش الحر ويعتذرون هيئة أركان الجيش الحرّ ّ 3/9تحـرير راهـبات دير معلوال بعد تأخر في إطالق للثوار لنقص المساعدات 6/16النظام يسيطر على كسب معتقالت سوريّات 3/10اليونيسف سوريا من بين «أخطر االماكن على ثوّ ار حوران يسيطرون على «تل الجموع» بدرعا، والنظام يخسر 150عنصراً بين قتيل وأسير االرض» بالنسبة لألطفال « 3/14داعش» تتم ّدد إلى قرى ريف حلب المحيطة « 6/20المجلس التشريعي الكرديّ » في سورية يعلن عن فتح باب التر ّ شح لمنصب «حاكم مقاطعة الجزيرة» بمعقلها في جرابلس 3/15واشنطن :ترشح األسد أمر «مثير لالشمئزاز» 6/26خالف بين رئيس االئتالف ورئيس حكومته « /3/16وثائق دمشق» 50 :ألف مستند من مل ّفات المؤ ّقتة يطيح باألركان 6/30المجلس العسكريّ المعارض بسورية يرفض االستخبارات السوريّة 3/20الجيش النظامي يستعيد قلعة الحصن من مقاتلي قرار حلهّ الشهر السابع المعارضة 3/22نبيل العربي :مقعد سورية في القمّة العربيّة التي 7/1ع��رض عسكري لـ»تنظيم ال��دول��ة» بالرقة وتستعرض صاروخ سكود تستضيفها الكويت ال يزال خالي 3/24تركيا تسقط طائرة حربيّة سوريّة ودمشق تع ّده « 7/2تنظيم الدولة» يحكم سيطرته على البوكمال اعتداء سافراً السورية 3/25المعارضة تدخل السمرا والجيش الحر يسيطر 7/4الجربا والبرزاني يبحثان مواجهة «داعش» « 7/5داعش» يسيطر على أغلب الحقول النفطية في على تلة استراتيجية بريف الالذقية
newspaper@allsyrians.org
دير الزور 7/9البحرة يخلف الجربا برئاسة االئتالف السوري المعارض 7/10اإليطالي دي ميستورا يخلف اإلبراهيمي مبعوثا أمم ّيا ً لسورية 7/12انتشال رضيعة بعد 16ساعة تحت األنقاض في حلب 7/14الجيش اإلسرائيليّ يستهدف بمدفعيّته مراكز عسكريّة في األراضي السوريّة 7/15البحرة :العودة إلى المناطق المحرّ رة عنوان المرحلة المقبلة 7/16األسد يقسم على الرئاسة في قبو قصره « 7/19داعش» ترجم امرأة ح ّتى الموت بتهمة الزنا بريف الر ّقة 7/20طفل لبناني ين ّكل بآخر سوري ويثير موجة سخط في مواقع التواصل 7/22المعارضة السوريّة تقيل حكومة طعمة 7/25األمم المتحدة تسيّر أوّ ل قافلة إغاثة إلى سورية دون موافقة األسد الشهر الثامن 8/1عشيرة الشعيطات في سورية تنتفض على «داعش» بعد نقض عهدها 8/4ماكين :جرائم األسد ال مثيل لها منذ عهد هتلر 8/7تنظيم داعش يقتحم اللواء 93في ريف الرقة ويسيطر على مساكن الضبّاط 8/9موظف «محاسب وزارة العدل» في الحكومة المؤ ّقتة يسرق 80ألف دوالر! 8/10كلينتون :داعش ظهر بسبب الفشل في مساعدة ثوار سورية 8/12حملة «في الساحل» ض ّد األسد ،الكرسي إلك والتابوت لوالدنا « 8/15داعش» يمنع تدريس الكيمياء والفلسفة في الرقة لـ»عدم اعتماد الما ّدتين على هللا» 8/16االئتالف السوري يقيل ممثلي المجلس العسكري فيه بناء على قرارات هيئة األركان 8/19سقوط «المليحة» بيد النظام السوري 8/22البنتاغون يعتبر «داعش» تهديدا غير مسبوق وأن القضاء عليه يستوجب ضربه 8/23بريطانيا :ال يمكن أن نعمل مع األسد لمواجهة «داعش» 8/24الر ّقة تحت السيطرة الكاملة لتنظيم «داعش» 8/27طائرات استطالع أميركية تحلّق فوق سورية... وغارات على «داعش» 8/30النظام :أيّ عمل عسكريّ في سورية دون موافقتنا هو «عدوان» الشهر التاسع 9/8دي ميستورا يزور سورية ألوّ ل مرّ ة « 9/9صرخة» ..حملة مناهضة للنظام في الساحل السوريّ 9/10كيري :سنوسّع التحالف ض ّد «داعش» ولن نض ّم إيران ّ 9/14االئتالف :دي ميستورا سيفشل بحال تبنى سياسة من سبقوه 9/16بدء العمليات العسكرية ض ّد «داعش» 9/17ضربات موضعيّة لـ «داعش» في سورية... « 9/18داعش» يسيطر على 60قرية في عين العرب (كوباني) ”300 “9/20مقاتل كرديّ يصلون من تركيا لمحاربة «داعش» في سورية 9/22االئتالف يح ّل مجلس القيادة العسكريّة العليا 9/23شهداء مدنيّون في أولى غارات التحالف الدوليّ على سورية 9/24بالتزامن مع قصف التحالف مواقعه ،تنظيم «داعش» يتق ّدم في محيط عين العرب (كوباني) بريف حلب 9/26-25طائرات التحالف تقصف 12موقعا ً نفط ّيا ً لـ «داعش» شرقيّ سورية 9/27التحالف يشنّ أولى ضرباته في محافظة حمص السوريّة 9/28انضمام 1500مقاتل كرديّ تركيّ إلى وحدات الحماية للتص ّدي لـ « داعش» 9/30نحو 4آالف طلعة جوّ يّة ،ومليار دوالر تكلفة الحرب على تنظيم «داعش» لغاية اآلن الشهر العاشر « 10/1داع��ش» تذبح سبعة رجال وثالث نساء في محافظة حلب 10/4الجيش الحرّ يقرر إرسال ألف مقاتل للدفاع عن عين العرب (كوباني) 10/7أنقرة بادلت رهائنها ل��دى تنظيم «الدولة اإلسالميّة» بـ 180جهاد ّيا ً بينهم أجانب. 10/8الرئيس الفرنسي يؤيد انشاء منطقة عازلة بين سوريا وتركيا 10/9 تركيا وافقت على دعم تدريب وتجهيز المعارضة
السورية المعتدلة 10/11واشنطن :الدعم التركي ضروري لمنع سقوط عين العرب (كوباني) 10/12حكومة النظام تصادر بيوت السوريّين المقيمين في دول الخليج 10/13المعارضة السورية تنتخب طعمة رئيسا ً لحكومتها المؤ ّقتة ”40 “10/14عضواً ينسحبون من اجتماع الهيئة العامة لــ»االئتالف الوطني» 10/18مقاتلو عين العرب (كوباني) أوقفوا «داعش» واستعادوا زمام المبادرة 10/19االئ��ت�لاف :مشاركة المعارضة بالعمليّات العسكريّة ض ّد «داعش» مرهونة بدعم وتسليح «الجيش الحر» 10/20تسليح األكراد يفجّ ر أزمة بين واشنطن وأنقرة 10/26 «داعش» يقصف الحدود التركيّة « 10/29البيشمركة» القادمة من العراق تدخل عين العرب (كوباني) من تركيا 10/30جبهة النصرة تنتزع أراض من الجيش الحرّ في إدلب 10/31دي ميستورا يقترح إقامة «مناطق مجمّدة» في سورية الشهر الحادي عشر « 11/1معروف» ينسحب من أبرز معاقله في «جبل الزاوية» 11/2وزير الدفاع األمريكيّ ينتقد إستراتيجيّة أوباما في سورية 11/3تنظيم غير مسبوق لعاشوراء في قلب دمشق 11/4المبعوث األممي إلى سورية :وقف القتال وبدء العملية السياسيّة يوقف تم ّدد «داعش» ً تحذير أممي« :داعش» يتق ّدم باتجاه حلب بعيدا عن عين العرب (كوباني) 11/6مقتل خبير متفجّ رات فرنسيّ في مجموعة خراسان بغارة أميركيّة على سورية ّ 11/7 ممثل االئتالف السوريّ في تركيا :جبهة النصرة تلعب دور «داعش» 11/9سلطات النظام تسوق الشبّان للخدمة االحتياطيّة 11/10األسد عن مبادرة المبعوث األممي لـ»تجميد» القتال في حلب :جديرة بالدراسة 11/12العربي :جهود ميستورا في دمشق قد تسفر عن ح ّل لألزمة مقاتلون أك��راد يتق ّدمون بإحدى مناطق عين العرب (كوباني) ”27 “11/18قتيالً في مجزرة يرتكبها النظام بريف حلب 11/22الفيصل والفروف يتوافقان :جنيف 1لح ّل أزمة سورية 11/23إنقاذ 300الجئ سوريّ بعد جنوح سفينتهم في المتوسّط 11/24االئتالف يعلن شروطه لقبول ّ خطة دي ميستورا 11/25مجزرة لطيران النظام السوريّ في الر ّقة توقع 63قتيالً ”21 “11/29قتيالً في قصف جوّ يّ على درعا وعدد الغارات يبلغ رقما ً قياس ّيا ً نظام األسد يعدم 131معتقال في الفرع ()215 الشهر الثاني عشر 12/2أنباء عن ا ّتفاق هدنة جديد في حيّ الوعر الحمصيّ 12/3الالذقيّة ،ارتفاع جنونيّ في األسعار وصقيع يقتل المواطنين 12/5الخارجية األمريكيّة :النظام السوريّ اليزال يستخدم األسلحة الكيماويّة 12/8أكثر من ّ 30 منظمة إنسانيّة توجّ ه نداء لمطالبة دول بإعادة إسكان الجئين سوريّين 12/10فصائل ثورية تعلن اندماجها بشكل كامل مع حركة «أحرار الشام» ّ ّ 12/15اال ّتحاد األورو ّب��يّ يؤيّد خطة األمم المتحدة إليجاد «هدنة « في سورية 12/16آموس :لم يعد لدينا كلمات لوصف الوحشية التي تشهدها سورية 12/17االئتالف يرى «المبادرة الروسيّة « نزعا ً للشرعيّة عنه 12/18الثوار يتقدمون في «مخيم حندرات» « 12/19جند األقصى» يرجم سيّدتين بتهمة «الزنا» في سراقب 12/20مقتل 15في قصف لطائرات النظام السوريّ على الر ّقة 12/24البحرية اإليطاليّة تنقذ أكثر من ألف مهاجر وتنتشل خمسة جثث ً 12/30دي ميستورا يرسل ممثال له إلى «محادثات موسكو « 12/31عشرات األسر تنزح من الغوطة الشرقيّة المحاصرة إلى دمشق كلّنا سوريون
www.allsyrians.org
4
العدد 22
/7كانون الثاني 2015/
أحوال
«العدل أساس الملك» عبارة كنّا نقرؤها ونطرب هلا ،وكأنّها تقول لنا :إ ّن احلياة ال تستقيم دون قضاء عادل. احلديث عن العدل والقضاء يف سوريّة حديث شائك ومعقّد ،بدءاً من انتشار الفساد يف مفاصل العمل القضائ ّي ،وصوالً إىل التغوّل األم ّ ين وهيمنته املطلقة على القضاء والتشريعات. اليوم ،وبعد انقضاء حنو أربع سنوات على انطالق شرارة الثورة ،وخروج أكثر من نصف مساحة سوريّة عن سيطرة ْ حاولت النظام ،أين هو القضاء؟ وكيف تعاملنا معه؟ هل جنحت قوى الثورة بتقديم صورة جديدة للتعامل القضائ ّي؟ وهل أن تفرض سلطة العدل والتشريع املو ّحد؟ وقاض ،فيصبح أحدهم قاضياً؛ أو جمموعة أشخاص وجدوا يف أنفسهم الكفاءة فأنشؤوا دورة خالل أسبوع ،وتوقيع من شيخ ٍ هيئات شرعيّة هنا وهناك. يف ظ ّل هيمنة العشوائيّة وتع ّدد احملاكم واستسهال الفتاوى ،إىل أين حنن ذاهبون؟ وأ ّي مستقبل ينتظر سوريّة؟ تساؤل ،و ّجهناه إىل بعض العاملني يف الشأن القضائ ّي يف املناطق اخلارجة عن سيطرة النظام .ونودر فيما يلي إجاباتهم. احملاميّة عفراء حييى عالمو: ال يختلف اثنان على فساد كثير في مؤسّسات الدولة وخاصّة القضاء ،في ظ ّل النظام األسديّ ؛ وبعد تحرير مناطق شاسعة من سيطرة النظام ،أصبح التفكير بإنشاء قضاء نزيه يضبط األمر ويعطي ك ّل ذي ّ حق ح ّقه .بدأت المحاكم ذات الطابع الدينيّ تنتشر على نحو غير مسبوق بسبب ّ تدخل المشايخ والدعوة إلى أسلمة الثورة ،وهذه المحاكم ينقصها الكثير الكثير من الخبرة وتفتقد للكفاءات وال تتم ّتع باستقالليّة بسبب تبعيّتها للفصائل العسكريّة وتع ّددها دون ضرورة. وللعلم ،فقد كانت المحاكم خالل حكم البعث مدنيّة، وقبل ذلك وعلى مدار عقدين إثر االستقالل كانت كذلك ،واألغلبيّة لم تختر آنذاك المحاكم الشرعيّة. والسؤال اآلن ،بين المدنيّ والشرعيّ ،إلى أين نحن ذاهبون؟ أعتقد أ ّنه لن يكون قضاء سورية مستقبالً شرع ّيا ً بل مدن ّياً ،ألنّ الحضارة السوريّة بُنيت على تع ّدد األديان والتعايش ،وسيكون شرع ّيا ً في األمور الشخصيّة ،وأمّا بالنسبة للقوانين األخرى فستكون مدنيّة والقضاء مدن ّياً، بما ال يخالف الشريعة اإلسالميّة باعتبارها المصدر األساسيّ للقوانين. القاضي حسني احلسن: لألسف ،الواقع القضائيّ في المناطق المحرّ رة أو الخارجة عن سيطرة النظام من أسوأ مكوّ نات الثورة، وقد تمّت السيطرة عليه من قبل محامين من ضعاف النفوس ومشايخ متشوّ قين للسلطة. فعندما ت ّم انشقاقنا عن النظام المجرم والتحاقنا بالثورة، ك ّنا نحلم بمجتمع (أفالطونيّ ) يعتمد على التكنوقراط، ك ّل يعمل باختصاصه لكن اصطدمنا بالواقع السيء المرير ووجدنا أ ّنه -وبسرعة فائقة -ت ّم تشكيل هيئات شرعيّة ترفض وجودنا وترفع شعار تطبيق الشريعة اإلسالميّة ،كما ترفض وجودنا على أساس أ ّننا من قضاة النظام ونطبّق القانون الوضعيّ الكافر .وهم من ال ُجهّل ،فح ّتى الشريعة اإلسالميّة ال يعرفونها ،ومن باب أولى جهلهم بالقانون السوريّ . إضافة إلحداث ما يسمّى – زوراً -المعهد العالي للقضاء ،الذي تهيمن عليه مجموعة منبوذة أساسا ً من المكوّ ن القانونيّ ،وتعمل بأجندة سياسيّة تحت غطاء الدين والشريعة اإلسالميّة بحجّ ة بدعة جديدة أسموها قضاء الواقع وهو أقرب لقضاء ساقط!! بالمقابل ،لم يكن مجلس القضاء الذي ض ّم أغلب القضاة المنش ّقين عن النظام بالمستوى المطلوب منه، ومنذ تأسيسه كان ضعيفا ً بإدارته ،ولم يف ّكر أعضاؤه بمواجهة هذه الطفيليّات التي تع ّدت على منطقته وما زال يتخبّط بذلك ويتج ّنب المواجهة. كذلك المحامون ،الذين انشغلوا بالخالفات فيما بينهم على تشكيل موحّ د لهم ،فمنهم من التحق بالهيئات الشرعيّة ،وما يسمّى المعهد العالي للقضاء ،ومنهم من نأى بنفسه وانشغل بالعمل السياسيّ وابتعد عن العمل القانونيّ . أ ّم��ا السبيل للخروج من هذا الواقع ،فهو تعاون القضاة والمحامين الذين يؤمنون بدولة العدل والقانون وتنقية أنفسهم أوّ الً من ضعاف النفوس الذين يقفون في المنطقة الرماديّة ،ومن ث ّم الوقوف بمواجهة هذه الهيئات التي تهيمن على األرض ،وخاصّة بعد أن أثبتت هذه الهيئات فشلها في تحقيق العدالة ،وعرف المواطن السوريّ الذي يعيش في ظ ّل هذه الهيئات أ ّنهم أصغر من تحمّل هذه المهمّة المق ّدسة. احملامي غزوان قرنفل (مدير جتمّع احملامني السوريّني األحرار) أل ّنها تملك مشروعا ً وتسعى لتحقيقه ،بادرت مب ّكراً القوى اإلسالميّة لوضع يدها في المناطق المحرّ رة على قطاعي التعليم والقضاء ،واستعانت في سبيل ذلك ،ليس فقط بفرض هيئاتها الشرعيّة محاكمها بقوّ ة السالح الذي تتز ّنر به كتائبها ،وإ ّنما أيضا ً بدعم ماليّ غير محدود عبر هيئة علماء الشام والدعم الخليجيّ لها وإنشائها ما يسمّى بـ (المعهد العالي للقضاء) في أوغرلو بغازي عينتاب ،حيث بدأت باستقدام ما هبّ ودبّ من الملتحين وأنصاف المتعلّمين وأئمة المساجد وبعض المحامين ،مستغلّة حاجة الناس لدخل شهريّ تقتات به ،وأصبحت مفرخة تخرّ ج (قضاة) خالل
newspaper@allsyrians.org
أسبوع وتطلق يدهم في محاكم الداخل. تلك المحاكم التي ال يربط بينها رابط قانونيّ ،وك ّل محكمة تطبّق قانونها ،وغالبا ً ما ُتصدر أحكاما ً متناقضة على وقائع متماثلة ،بعضها يستنبط أحكامه من الشريعة اإلسالميّة كما يفهمها من يدير تلك المحكمة ،وبعضها يطبّق «القانون العربيّ الموحّ د» الذي هو عبارة عن تقنين للشريعة اإلسالميّة ،ومشروع قانون لم يقرّ ه أيّ برلمان ولم يُطبّق في أيّة دولة عربيّة، بل ،إنّ محامي حلب األحرار الذين انبطحوا للهيئات الشرعيّة هم من قرّ ر تطبيق هذا القانون دون أن يكون أحد منهم ّ مطلعا ً عليه! وبعد إقراره ا ّتصل أحدهم بزميل في القاهرة يرجوه (تدبير) نسخة منه عبر مكاتبها بأيّ شكل!! لم تق َّدم إس��اءة للثورة كما قُ ّدمت من قبل الهيئات الشرعيّة التي تاجرت بشرع هللا وأجهضت أيّ عمل قضائيّ فاعل وحقيقيّ من القضاة المنش ّقين ،ومنعتهم بالتهديد والوعيد من مباشرة عملهم في المناطق المحرّ رة تحت زعم أ ّنهم من أزالم النظام! وأ ّنهم يطبّقون قانون األسد! الغريب والالفت ،أنّ ثمّة الكثير من المناطق المحرّ رة فيها محاكم شرعيّة ،وبنفس الوقت ،فيها محاكم للنظام ،وقضاتها يمارسون عملهم بك ّل حرّ يّة ويقبضون رواتبهم من النظام ويطبّقون القانون السوريّ ! بينما مُنع القضاة المنش ّقون والمحامون من إقامة محاكم مدنيّة ،و ُك ّفر من يطلب ويعمل على ذل��ك!!! (سلقين -كفر تخاريم) مثاالً. الهيئات الشرعيّة ومحاكمها كانت خنجراً مسموما ً في ظهر الثورة ،كما هي أسلمة الثورة. احملامي حممود قطيش لقد كانت – ومازالت -العدالة مطلبا ً لجميع الشعوب، وأغ��ل��ب ال��ث��ورات وال��ت��غ � ّي��رات في ال���ع���ال���م ك���ان مطلبها العدالة، س���واء العدالة االج��ت��م��اع� ّي��ة أو العدالة القانونيّة. مع سقوط مراكز النظام في بعض المناطق وخروجها من تحت السيطرة ،بات مُلحّ ا ً أن تتواجد هيئات -أو آليّة -لح ّل الخالفات بين الناس ،فت ّم اللجوء إلى الوجهاء وبعض الثوار ،ومع تع ّدد الكتائب والفصائل ظهر ّ وتبت في وجوب وجود محاكم تكون حياديّة للجميع، دعاوي الناس ،فت ّم إيجاد محاكم مختلطة من قانونيّين وعلماء دين ،عملت لفترة ،لكنّ الخالف حول القانون الواجب التطبيق ظهر ليعلن ضعف هذه المحاكم وعدم اعتمادها على قانون موحّ د يكون مرجعاً. لذلك ،كان من المفروض أن ي ّتفق أهل االختصاص من محامين وقضاة للتوافق على قانون واجب التطبيق، وتشكيل محاكم تطبّقه كي ال تسود الفوضى -كما حصل فعالً -وجعلت الناس تطالب بحكم تنظيم الدولة أو النصرة ،ألنّ لها محاكم قادرة على تطبيق األحكام وال تتساهل مع المخطئين ،وهي من أه ّم أسباب سقوط كتائب الثوّ ار وعدم استمرار القاعدة الشعبيّة بااللتفاف ّ المنظمة حولها وتوجّ ههم نحو تلك التنظيمات المتطرّ فة أكثر. لقد كان من الممكن تطبيق القوانين السوريّة القائمة، أل ّنه ال عالقة لها بالنظام ،باستثناء بعض القوانين الخاصّة ،لكنّ حالة التجاذب حول المرجعيّة للقوانين والدستور ال��ذي يمكن أن يطبّق ساهم في تكبير الخالف ،وبالتالي :إعطاء دور القضاء لغير أهله ساهم في غياب العدل عن المناطق المحرّ رة ،وفي هذا االختالف في الرأي يجب االستمرار بتطبيق القوانين السوريّة القائمة ح ّتى انتخاب هيئة شرعيّة وبرلمان منتخب يشرّ ع لقوانين جديدة تتماشى مع القوانين العالميّة في الدول الديمقراطيّة. القاضي أمين الكراد أرى أنّ ما يقوم به حال ّيا ً بعض األشخاص أو الهيئات من عمل قضائيّ في ظ ّل قيام الثورة هو خطوة جيّدة
ّ يمت للقضاء وﻻ سيّما للتوثيق مبدئ ّياً ،إلاّ أنّ عملهم ﻻ بأيّة صلة؛ ولكن إذا ك��ان عملهم من أج��ل وضع الخطوات األولى في سبيل قيام مؤسّسة القضاء ،فأرى أ ّنهم يُشكرون عليه ،وإن كان بعيداً عن عمل مؤسّسة القضاء. أمّا بشأن الفتاوى واألحكام التي يصدرونها ،ففي ظ ّل الثورات من المعروف أ ّنه تصدر أحكام تتطلّبها ظروف الفترة التي تصدر فيها ،رغم عدم قناعتي بها لمخالفتها الشرع من وجهة نظري ومخالفتها الواقع والحقيقة. طموحنا أن نوجد مؤسّسة قضاء تتم ّتع باالستقالل، وتكون أحكامها عنوان الحقيقية ،وأن تقيم العدل لتحقيق بناء وقوّ ة بلدنا. احملامي أمحد مقطفي (عضو حمكمة كلّة والشؤون القانونيّة حّ التاد اجلمعيّات اإلغاثيّة) األصل استقالل القضاء لضمان العدل ،والقضاء هو الشيء الوحيد غير المستقلّ ،وك ٌل يعمل قضاء على هواه ال للعدل إ ّنما لتغطية جرائمهم ،والك ّل باسم الدين يعمل ،والك ّل يحمل وكالة إالهيّة ،والناس ُتظلم والظلم ظلمات ،وكلّنا في ظلمات وكلّنا شركاء ومسؤولون. القاضي حممّد أن��ور جمنيّ (رئيس جملس القضاء احل ّر املستق ّل) ق��ام��ت ال��ث��ورة ال��س��ور ّي��ة مطالبة بالحرّ يّة والكرامة، وبدأت برجالها الحقيقيّين ثورة سلميّة تطالب ب��ال��دول��ة
ال��م��دن��يّ��ة، ال��ق��ان��ون وال��م��ؤسّ��س��ات، دول����������ة ّ وبث النعرات وبعد دفع النظام با ّتجاه عسكرة الثورة الطائفيّة ،وعند خروج بعض المناطق من سيطرة ّ النظام ،ونظراً لتجذر النظام في بنية الدولة السوريّة، لم يفرّ ق الثوّ ار حاملو السالح بين النظام والدولة فأسقطوا الدولة قبل إسقاط النظام؛ وبدأت االنحرافات تطال الثورة ،خاصّة أدلجة الثورة لصالح البعض واستغالل هذه األدلجة لمصالح ضيّقة .وقد ظهر ذلك جل ّيا ً في القضاء ،حيث قامت بعض الكتائب وخاصّة الراديكاليّة منها والتي استغلّت العاطفة الدينيّة لترفع شعار «تطبيق الشريعة» تحقيقا ً لغاياتها التي ّ تمثلت باستكمال السيطرة العسكريّة بالسيطرة القانونيّة من خالل محاكمها وما يسمّى قضاتها .وفي سبيل تحقيق أهدافهم كان ال ب ّد لهم من إقصاء رجال القانون ،وكان لهم ذلك من خالل تغيير القانون السوريّ واستبداله بالشريعة اإلسالميّة ،بحجّ ة أ ّنه قانون كافر ،كما قاموا بإقصاء القضاة بحجّ ة أ ّنهم قضاة النظام ،خالفا ً للحقيقة من أ ّنهم قضاة الدولة السوريّة. هم طبعا ً ال يريدون قضاة حقيقيّين ،وإ ّنما أشخاصا ً معظمهم أ ّميّون من الناحية القانونيّة وح ّتى الشرعيّة، ليح ّقق قادة الكتائب مصالحهم وسيطرتهم. وهنا نشأت ما تسمّى بالمحاكم الشرعيّة ،وهي ليست بنيانا ً متكامالً ،وإ ّنما ك ّل محكمة هي أشبه (بدكانة) يقوم عليها أشخاص لم يعرفوا القانون يوماً ،يطبّقون ما يطلقون عليه الشريعة اإلسالميّة وفق فهمهم لها. ورغم اختالف هذه المحاكم عن بعضها ،لكنّ هنالك قواسم مشتركة بينها ،وهي عدم احترام حقوق اإلنسان، وعدم وجود نصّ قانونيّ واضح ،وعدم وجود هيكليّة للمحاكم ،وع��دم وج��ود ضمانات للتقاضي .إضافة لغياب حجّ يّة القرار القضائيّ ،وتطبيق القانون على الضعيف دون القويّ .
وقد استغلّت بعض القوى هذه الفوضى وهذه الحالة لتبدأ مشاريعها مفضّلة مصالحها على مصالح الشعب، فكانت معاهد القضاة الشرعيّين وخاصّة ما ُسمّي «المعهد العالي للقضاء» الذي أنشأته رابطة العلماء السوريّين تصديراً لما ُسمّي «القانون العربيّ الموحّ د» المستوحى من الشريعة اإلسالميّة ،لتخرّ ج قضاة جلّهم ال يحملون إجازة في الحقوق ،وخالل أسبوع ،ليتح ّكموا برقاب الناس وأموالهم. ّ ك ّل ذلك ،يعتبر في نظر القانون المحليّ والدوليّ جرائم يحاسبون عليها. من جهة أخرى ،نجد أنّ المعارضة السياسيّة غيّبت العنصر القانونيّ في ك ّل أعمالها ،ربّما عن إهمال أو عن سوء نيّة ،واألخطر أنّ جزءاً منهم انخرط في مشاريع هذه المحاكم ومعاهدها ،وبسبب غياب المحاسبة مازال قسم منهم يظهرون على أ ّنهم ّ ممثلون للشعب السوريّ ومتح ّكمون بقراره. رغم هذا الوضع المأساويّ ،ال ب ّد لنا نحن رجال القانون من وجود رؤية واضحة صريحة ،لنفرضها على السياسيّين ،وهي إعالن أنّ الدولة القادمة هي دولة القانون والمؤسّسات ،دولة المواطنة وحقوق اإلنسان، دولة تلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدوليّة ،ومن ث ّم نبدأ بها على األرض بالتعاون مع القوى المدنيّة ،وصوالً لتأسيس سلطة قضائيّة مستقلّة. (حمام ومدرّب يف جمال حقوق اإلنسان) علي حممّد شريف ٍ لعب االستبداد وأدوات���ه القهريّة ،وسريان حالة الطوارئ والقوانين العرفيّة المزمن دوراً ها ّما ً في إلحاق السلطة القضائيّة بمنظومة الفساد واإلفساد ،بل وجعل هذه السلطة أداة من أدوات االبتزاز والظلم، وإرهاب المواطن ،وشرعنة انتهاكات النظام الواسعة لحقوق اإلنسان وتجاوزاته على الدستور والقوانين. وكان من النتائج الخطيرة لفساد الجهاز القضائيّ فقدان ثقة الشعب بالقضاة والمحاكم ،وبالقوانين المطبّقة فيها ،ولجوء كثير من الناس في سبيل االقتصاص وتحصيل الحقوق إلى كيانات عشائريّة وعصابات «مافيويّة» خارجة عن القانون. ك أنّ غياب العدالة الدوليّة عن االنتصاف ال ش ّ للشعب السوريّ واالنتصار لثورته العادلة ،والفراغ الحاصل بسبب فشل القوى السياسيّة ومخلّفات الفساد، والفوضى ،وانعدام األمن ،وانتشار مظاهر بدائيّة رعناء ا ّتخذت لها شعار «الشرعيّة» وما استتبعه من مظالم أفسح في المجال -مؤ ّقتا ً -للقوى الظالميّة المتطرّ فة كي تحاول نشر فكرها الماضويّ ،وتطبيق مفاهيمها المتخلّفة في التشريع و القضاء بما ينسجم مع مشروعها في بناء خالفتها! وكان أحرى بقوى المعارضة السياسيّة التي نالت في بدايات الثورة اعترافا ً شعب ّيا ً واسعا ً أن تقوم بأولى مهامّها إلى جانب مسؤوليّتها في تطبيق نموذج مدنيّ إداريّ وخدميّ ،وبالتوازي في تجميع وتأهيل الكوادر، وإيجاد حلول قضائيّة إسعافيّة ،ومن ث ّم خلق نظام قضائيّ بديل ،وفي إحداث محاكم مدنيّة وجزائيّة في المناطق المحرّ رة تقضي في حوائج الناس المختلفة، وتلبّي رغبتهم الجامحة في تطبيق العدالة. ال يمكن الحكم على مستقبل القضاء في سوريّة، فالثورة لم تنتصر بعد ،والتجربة السوريّة لم تبدأ ،وقد أبدينا بعض أسباب جنوح الحالة القضائيّة في سوريّة بإيجاز شديد .بل ،إنّ المق ّدمات التي سقناها وثقافة ٍ ّ شعب وحضارته الممت ّدة آلال ٍ تعزز ف من السنين، التفاؤل بوجود دستور حضاريّ حديث يق ّدس الحياة ويكفل الحرّ يّات والحقوق ،ويضمن العدالة والمساواة، ويؤسّس لنظام قضائيّ مستق ّل في ظ ّل سيادة قانون مدنيّ عصريّ وتقاليد قضائيّة حضاريّة راسخة. إنّ الضامن الحقيقيّ لمستقبل القضاء في سوريّة، أوّ الً وقبل القوى السياسيّة والثوريّة ،هم النخب المعنيّة المتخصّصة بالشأن القضائيّ ،وأعني بها ّ منظمات رجال القضاء والمحامين الشرفاء ،كذلك المجتمع المدنيّ ،بتحمّل مسؤوليّتهم والقيام بدورهم في اإلعداد واالستعداد ،وفي تهيئة ك ّل ما تتطلّبه المرحلة المقبلة لدولة القانون والمواطنة في سوريّة المدنيّة الديمقراطيّة.
إعداد :باسل العبداهلل
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 22
5
/7كانون الثاني 2015/
المسيحّيون السورّيون ودورهم في الثورة السورّية*
لطاملا فاخر السوريّون بفسيفساء جمتمعهم بكافّة أطيافه القوميّة والدينيّة ،حتّى جميء نظام البعث واألسد األب، ليعمل هذا النظام املستب ّد على خنر اجملتمع والعبث فيه وحماولة تسخريه خلدمة بقائه .وبعد أربعني عاماً من الظلم واالستبداد ،ثار هذا الشعب مبعظم مكوّناته -إن مل نقل مجيعها -وكان املسيحيّون جزءاً أصيالً من هذا احلراك ،كما أنّهم جزء أصيل من اجملتمع السوريّ ،ولكنّهم اليوم يعيشون بني نارين ،إمّا البقاء يف أرضهم وحتمّل متاجرة النظام بهم، أو اهلجرة وترك الديار وإفراغ املنطقة من سكّانها األصليّني. املسيحيّون السوريّون بني الواقع وهواجس املستقبل هو موضوع حوارنا يف هذا العدد ،ويس ّرنا أن نستضيف: األستاذ فؤاد إيليّا ،املعارض السور ّي املعروف والشيخ اإلجنيل ّي. األستاذ إبراهيم مَلكي ،الناشط احلقوق ّي واملعارض السياس ّي املعروف قادماً من مدينة القامشلي منذ أيّام قليلة. األستاذ كرم دولة ،عضو اهليئة السياسيّة يف املن ّظمة اآلثوريّة الدميقراطيّة. المسيحي أستاذ فؤاد ،لو تحدّ ثنا عن تاريخ الوجود ّ ّ وباألخص السريان؟ وتوزعهم في سورية ّ فؤاد إيليّا :إ ّنه تاريخ قديم منذ نشوء المسيحيّة حيث انتشروا وب ّ شروا في هذه األرض وال يزالون... والسريان موجودون في ك ّل سورية قبل الفتح اإلسالميّ وهم منتشرون حال ّيا ً في الجزيرة السوريّة وحمص وريفها وحلب ودمشق ومعلوال وصيدنايا وغيرها... رواد النهضة العرب ّية في بداية أستاذ إبراهيمّ ، القرن العشرين كانوا في معظمهم من المسيح ّيين. ويقال إنّ هذا ما أدّى إلى انكفاء المسلمين العرب وتفضيلهم الديكتاتور ّيات المسلمة على الديمقراط ّيات المسيح ّية؟ إبراهيم َملكي :غير صحيح فروّ اد الفكر مسلمين ومسيحيّين انطلقوا من مبدأ ضرورة نشر الوعي وايجاد فكر حداثي في المنطقة ...ورغم أنّ التقارب المسيحيّ الغربيّ أعطاهم طابع األكثريّة .إلاّ أّنه لم هناك هذا الفصل الح ّدي بل كانوا جميعا ً قوميّين عروبيّين في غالبيّتهم. لمسيحيي السياسي أستاذ كرم ،كيف ترى الحراك ّ ّ سورية في ظل ّ حكم األسد وقبله؟ كرم دولة :أحبّ أوّ الً أن أنوّ ه إلى أنّ هناك إشكاليّة تتعلّق بالرابطة أو الهويّة السوريّة فهي تحتاج إلى إعادة إنتاج على قاعدة مصالحة مع التاريخ فالوجود المسيحيّ لم يكن دينيّا بل كان قوم ّياً ،وقبل اإلسالم سكن السريان واآلشوريّون واآلراميّون هذه المنطقة منذ عصور المدن األولى ...فالمسيحيّون هم السوريّون الذين بقوا على مسيحيّتهم .أمّا الحراك السياسيّ فقد قام على حوامل وطنيّة وليست دينيّة وهذا ما تؤ ّكده انتاجات روّ اد النهضة بفكرهم المدنيّ والحضاريّ واالمثلة كثيرة. السياسي اإلسالمي صح أنّ الحراك ّ ّ أستاذ فؤاد ،إذا ّ قد ارتبط بالمشيخة -وباعتبارك تحمل موروثا ً كنس ّيا ً وموروثا ً سياس ّيا ً أيضا ً -هل كان للكنيسة دور في تحريك السياسة المسيح ّية؟ فؤاد إيليّا :ما قبل األسد والبعث كان الجواب نعم، لكن بعد مصادرة الحرّ يّات والرؤية السياسيّة ،وإفراغ المجتمع من السياسة ،انكفأت الكنيسة ولم تتم ّكن من أن تلعب دوراً سياس ّيا ً إلاّ في مساحة ج ّد ضئيلة. الكنسي؟ أستاذ فؤاد ،هل سيطر النظام على المنبر ّ فؤاد إيليّا :نعم ،شيء من هذا القبيل ،وليس فقط على المنبر الكنسيّ ،بل على كا ّفة المنابر الدينيّة. أستاذ إبراهيم ،بصفتك حقوق ّياً ...كيف تق ّيم أبرز تعرض لها المسيح ّيون في ظل ّ نظام االنتهاكات التي ّ األسد األب واالبن؟ إبراهيم َملكي :ك ّل الشعب السوريّ تعرّ ض للقهر والظلم وليس المسيحيّون فقط .ولكن أقول إن المسيحيّين ومنهم السريان ،أصيلون على هذه األرض ،وال نقبل أن ينتزع هويّتنا الوطنيّة أحد .ونعمل بالتشارك مع اآلخرين في بناء هذا الوطن. أستاذ إبراهيم ،مع التنويه أنّ ضيوفنا الثالثة تعرضوا لالعتقال من قبل نظام األسد ،هل كانت نسبة ّ المسيح ّيين المعارضين كبيرة أيضاً؟ إبراهيم َملكي :نعم ،كنسبة .لكنّ كا ّفة المث ّقفين وحملة
الربيع الدائم في سورية ّ خطته دماء شبابنا ،والذي توظيفا ً للتفاؤل الذي لم ينت ِه رغم ك ّل ما يجري وجرى ،والمسعى اللتقاء وجهات النظر المختلفة ،والعمل على جعلها قابلة للتعايش في بلد عرف الحضارة منذ عصور ،وانحدر فيما بعد بسبب االستصحار السياسيّ والثقافيّ ،الب ّد من مجهود جماعيّ . ورغم أنّ التباينات كبيرة بين أطياف المعارضة السوريّة في ظ� ّل تسارع األح��داث في المنطقة، ودخول معايير جديدة ومستج ّدة قد تفرضها الحرب
newspaper@allsyrians.org
الفكر – بغض النظر عن انتمائهم الدينيّ – كانوا هدفا ً لهذا النظام ،باعتبارهم حوامل التغيير واالنتقال من االستبداد إلى الديمقراطيّة. ّ المنظمة اآلثور ّية الديمقراط ّية أستاذ كرم ،أنتم في ّ تأسست السياسي (منظمة قديمة في الحراك السوري ّ ّ ّ قومي) ألم يكن من األنسب االنخراط في على أساس ّ األحزاب التقدّ م ّية السور ّية بدل االنكفاء على الذات؟ ّ المنظمة عام 1957تحت كرم دول��ة :تأسّست شعار «من أجل الوجود والحرّ يّة» ورفعت شعار تالزم النضالين القوميّ والديمقراطيّ ،والقومي ألجل إحياء الهويّة اآلشوريّة السريانيّة كجزء وطنيّ آصيل من النسيج السوريّ ؛ فالمظلوميّة التي تعرّ ض لها اآلشوريّون السريان كانت مضاعفة ،شعور باالقصاء والصهر في القوميّة العربيّة ،وهناك االستبداد ،وقد حاولوا رفع هذا الجور المضاعف إلاّ أّن فشل مشروع دولة المواطنة والمساواة قاد إلى تهميشهم وإقصائهم؟ ّ كمنظمة؟ وكيف ترى رصيدكم في الشارع كرم دول��ة :ال يمكن تحديد رصيد معيّن ،ولكنّ ّ المنظمة اكتسبت شرعيّتها نتيجة االستحقاقات التي خاضتها واالعتقاالت التي تعرّ ضت لها من سبعينات القرن الماضي وال تزال ،وقد تم ّكنت من االنفتاح على النافذة الوطنيّة ابتدا ًء من العام ،2000من إعالن دمشق إلى المجلس الوطنيّ واالئتالف. أستاذ فؤاد ،مع انطالق الثورة ورفع شعار (واحد واحد واحد ...الشعب السوري واحد) .الحظنا مشاركة عدد ال بأس به من المسيح ّيين في الحراك ،لك ّنهم انكفؤوا الحقا ً إلى صامتين أو مؤ ّيدين؟ فؤاد إيليّا :هذا حقيقة ،ونستطيع أن نعزو ذلك إلى مطبّين وقعت فيهما الثورة السوريّة ،أحدها ظهور التنظيمات األصوليّة ،واآلخر هو عسكرة الثورة؛ خاصّة أنّ المسيحيّين باإلجمال ال يحبّون السالح ويجنحون للسلميّة ،ذلك ما أشعرهم بالخوف وجعلهم يتراجعون ،ليس خوفا ً من األسد ،بل إلحساسهم بخطر يه ّدد وجودهم بالذات. يخوف النظام المسيح ّيين دائما ً بأنّ أستاذ إبراهيمّ ، هذه الثورة إرهاب ّية سلف ّية (حسب زعمه) فهل يصدّ ق المسيحي هذا االدّ عاء؟ الشارع ّ إبراهيم َملكي :ال أعتقد ذلك ،فالمسيحيّون والسريان دخلوا معترك الثورة عبر األحزاب وعبر اإلعالن، وسلميّة الثورة الت��زال موجودة ،وإنْ تمايلت حينا ً فسوف تعود ،والثورة منتصرة بمشاركة ك ّل مكوّ نات المجتمع السوريّ ،وسوف تبقى ثورة حرّ يّة وكرامة، عنوانها دولة مدنيّة ديمقراطيّة ،وسورية لجميع أبنائها. أستاذ كرم ،اليخفى أ ّنه جرى اإليحاء (إنْ من الخارج أو من النظام) أنّ الثورة السور ّية هي ثورة المكونات، س ّن ّية ،ال مكان فيها لباقي ّ عرب ّية إسالم ّية ُ ّ السوري كمنظمة ،ماذا فعلتم لكسب ثقة الشارع أنتم ّ والسرياني المسيحي المكون وإقناعه بمشاركة ّ ّ ّ بالثورة؟ ّ ك��رم دول���ة :ت��ك��اد ت��ك��ون المنظمة اآلث��وريّ��ة الديمقراطيّة ،أكثر فصيل سياسيّ في الداخل السوريّ ّ المنظمة ق ّدم تضحيات .فأكثر من 33كادر من كوادر تعرّ ضوا لالعتقال ،منهم اثنان من أعضاء اللجنة المركزيّة «كبلاير موشي كوريّة» الذي اليزال معتقالً والدكتور «سمير إبراهيم» وقد دفعنا ثمنا ً باهظا ً
ح ّتى في حاضنتنا االجتماعيّة بسبب بعض انحرافات ّ فالمنظمة ترى أنّ مشروع السريان اآلشوريّين الثورة، سوريّ وطنيّ بامتياز على أرضيّة المواطنة والدولة التشاركيّة. أستاذ ف��ؤاد ،ماجرى مع راهبات معلوال أثبت الدولي ،لكن هناك كذب النظام وفضحه أمام المجتمع ّ تصرفات أخرى جعلت المسيح ّيين ينكفئون (اختطاف ّ األب بولو واختطاف المطرانين في حلب والهجوم على كسب وتهديد محردة) كيف يؤ ّثر ذلك في الشارع المسيحي عموماً؟ ّ فؤاد إيليّا :بشكل سلبيّ بالتأكيد. أستاذ ف��ؤاد ،أنتم في المعارضة السور ّية كيف التصرفات لبعض فصائل يمكن أن تحدُّوا من هذه ّ المعارضة كجبهة النصرة مثالً؟ فؤاد إيليّا :ال أستطيع التحديد كيف يمكن التحاور مع جبهة النصرة التي ترفع شعارات «دولة اإلسالم « واإلسالم منها براء .وال ترتبط بالهويّة السوريّة وال بالهويّة الوطنيّة الديمقراطيّة ،وال أعتقد أنّ لمشروعهم نصيب في المستقبل ،فالتاريخ يسير إلى األمام وال يمكن أن يعود إلى الخلف. لمسيحيي أستاذ إبراهيم ،اليوم هناك هجرة كبيرة ّ سورية ،وهناك معلومات تقول إنّ %60من سريان متخوفون الجزيرة غدوا خارج سورية اليوم ،والباقي ّ ويف ّكرون بالهجرة ،ماذا فعلتم كقيادات مسيح ّية للحدّ من هذه الهجرة؟ إبراهيم َملكي :أعود ألقول إ ّننا كمسيحيّين ،مكوّ ن أساسيّ من مكوّ نات هذا البلد تعرّ ضنا للقتل والتشريد مثل أيّ مكون آخر ،وأعتقد أنّ الهجرة طالت جميع المكوّ نات السوريّة وزي��ادة هجرة المسيحيّين تعود ألالعيب النظام وكذبه ،وهو المسؤول األوّ ل عن هذه الهجرة. أستاذ كرم ،هناك معلومات من داخل مدينة الر ّقة عن وجود عوائل مسيح ّية الزالت تعيش تحت سلطة تنظيم الدولة وتتعايش مع قوانينه ،لماذا برأيك؟ كرم دولة :إنْ وجدت هكذا حاالت فهي ال تتجاوز عدد أصابع اليد ،ومعلوماتي أ ّنها عائلة واحدة -أحد التجّ ار -وهم يف ّكرون بالهجرة أيضاً. ّ الخط اليوم أستاذ كرم ،تنظيم الدولة ودخوله على يخلق مشكلة استثنائ ّية ،كيف يمكن حل ّ تلك المشكلة؟ كرم دولة :هاجس الخوف من البديل اإلسالميّ المتطرّ ف كالنموذج العراقيّ في 2003كان عامالً، والهجرة المسيحيّة في العراق قلّلت الوجود المسيحيّ وباألخصّ السريان اآلشوريّين إلى أق ّل من الثلث، فالعامل النفسيّ والذهنيّ بمفهوم «دولة الرعيّة وليس المواطنة» كان عامالً مه ّما ً بالنظر إلى أ ّنه في ك ّل ّ هزة عنفية مرّ ت على المنطقة كانت على حسابهم ،نتيجة المذابح والهجرات القسريّة التي تعرّ ضوا لها .ورغم ذلك كان التفاعل السياسيّ واالجتماعيّ مع الثورة حاضراً من اللحظة األول��ى ،رغم التعامل الخاطئ في التعميم والتعامل مع المسيحيّين ككتلة صماء ،فهم كغيرهم بمقارنة النسبة العدديّة ،ح ّتى في حجم الهجرة. المسيحي في أستاذ فؤاد ،هل تخشى على الوجود ّ سورية الغد؟ فؤاد إيليّا :أبداً. ولماذا؟
القائمة على تنظيم «داعش» إلاّ أنّ العمل السوريّ السوريّ على ردم الفجوة بين فري َقي «المتفائلين»و«المتشائمين» من الوضع السوريّ يجب أن يكون أشمل؛ هذا العمل يجب أن يتجاوز اآلليّات البالية التي استخدمتها المعارضة السوريّة – أغلب المعارضة عايشت الحقبة االستبداديّة الطويلة -والتي تتعاطى بر ّد الفعل وليس بآليّات سياسية تنطلق من الواقع السوريّ ّ بالتدخل الخارجيّ والدعم المرير .فالمتفائلون يلوّ حون التدخل الذي لم يكن إلاّ ّ األمميّ .أمّا المتشائمون من حالة ضارّ ة وداعمة لنظام افتعل الجرائم وحارب الشعب باسم التطرّ ف الذي كان أحد داعميه. هنا ،الب ّد من مشاركة كا ّفة األطراف السياسيّة،
ومنهم اإلسالميّون ،بك ّل إشارات االستفهام الكثيرة التي تدور حول آليّة تعاطيهم مع الواقع السوريّ ، واالنحراف الفئويّ الذي واجهوا به الربيع السوريّ ، ومحاولة استحواذهم على ك ّل شيء اسما ً ومضموناً. لك ّل ذلك ،يجب الوصول والتشبيك والتخطيط من أجل المرحلة االنتقاليّة في سورية. كان أوّ ل ما جمعنا :االنتفاضة السلميّة ،التي تعرّ ضت للقمع العسكريّ العنيف من النظام األسديّ ، والذي حاول جاهداً قتل ك ّل ثورتنا بجهازه األمنيّ واستغالله االنقسامات الطائفيّة واالستفادة من التش ّتت والتباينات داخل صفوفنا كمعارضة ،أمّا الخدمة األكبر التي قُ ّدمت له فاستغلّها وساهم بها ،فهي توافد السالح
فؤاد إيليّا :هذه األرض لنا. لكن المسيح ّيين صاروا في أور ّبا اليوم؟ فؤاد إيليّا :ويحلمون بالعودة. هل سيعودون إنْ هدأت األوضاع قليالً؟ فؤاد إيليّا :إن هدأت األوض��اع وتح ّقق ما كانوا ينشدونه من دولة ديمقراطيّة ،سيعودون ،وأنا أعرف الكثير من أبناء المهاجرين المتشوّ قين الذين يحلمون بالعودة إلى بالدهم. أستاذ إبراهيم ،ماذا ستفعلون لحماية وضمان حقوق المسيح ّيين في سوريا الغد؟ إبراهيم َملكي :المسيحيّون جزء من الشعب السوريّ ويالقون من الظلم ما يالقيه ك ّل السوريّون ،والثورة ال تميّز بين المسيحيّ وغير المسيحيّ فهي ثورة للخالص من االستبداد بك ّل أشكاله والنظام هو من خلق هذا الوضع المأساوي المع ّقد ،وزواله سيكنس معه الكثير من هذا الحيف ،والدولة الديمقراطيّة المدنيّة هي الكفيل والضامن لحقوق ك ّل السوريّين. ّ المنظمة مشروع أستاذ ك��رم ،هل لديكم في لمسيحيي سورية؟ مستقبلي ّ ّ كرم دولة :مشروع السريان اآلشوريّين في سورية المستقبل هو مشروع الدولة الوطنيّة الديمقراطيّة ّ لحق األف���راد والجماعات أي الضامنة والكفيلة «اإلق��رار الدستوريّ بالتنوّ ع القوميّ ومنها الهويّة القوميّة للسريان اآلشوريّين كمكوّ ن اصيل من النسيج الوطنيّ السوري». أستاذ كرم ،األكراد يطالبون بحقوق مع ّينة ،هل لديكم حقوق مماثلة تطالبون بها؟ كرم دولة :نعم ،االعتراف بالوجود والهويّة القوميّة، واعتبار اللغة السريانيّة لغة وثقافة سوريّة وطنيّة. أستاذ ف��ؤاد ،ماذا تقول للمسيح ّيين السور ّيين بمناسبة عيد الميالد؟ فؤاد إيليّا :أقول لهم ك ّل عام وأنتم بخير ...ميالد مجيد .ثقوا بالثورة .وثقوا بأنّ هذا البلد يسير إلى النصر ...وإلى الدولة الديمقراطيّة المنشودة. أستاذ إبراهيم ،ماذا تقول للسور ّيين بمناسبة عيد الميالد؟ إبراهيم مّلكي :أف��راح المسيحيّين هي أف��راح السوريّين جميعاً ،وكذا أحزانهم وأتراحهم ..لن نقبل بالتميّز عن اآلخرين ،وسندفع ضريبة الحرّ يّة والكرامة كأيّ جزء ومكوّ ن في هذا البلد ،وانخراطنا في هذه الثورة أل ّنها ثورة على االستبداد ،وليس أل ّنها دينيّة.. إ ّنها ثورة من أجل الحرّ يّة والكرامة من درعا ح ّتى القامشلي. أستاذ كرم ،بمناسبة عيد الميالد ورمز ّيته ...هل أنت متفائل بعيد الميالد القادم؟ كرم دول��ة :أنا متفائل بشكل كبير ،والمشروع الديمقراطيّ سيُنجز بأي ٍد سوريّة .وأتوجّ ه برسالة إلى األخوة المسيحيّين بمؤسّساتهم الدينيّة والسياسيّة لالنخراط أكثر في الثورة والعمل الوطنيّ .ورسالة أخرى إلى ك ّل القوى المعارضة ،إنّ مسؤوليّة الوجود المسيحيّ والسريان اآلشوريّين هي مسؤوليّة الجميع والب ّد من الح ّد من إطالق الشعارات الال وطنيّة وإعادة الثورة السوريّة إلى إطارها الوطنيّ الجامع كما بدأت. *((عن برنامج قراءة في العمق من إذاعة نسائم سوريا بتاريخ -24 ))2014-12
حوار :سامر نقشبندي
والمحاربين األجانب على األرض ،ونموّ وانتشار الفصائل اإلسالميّة. من جهته ،مازال النظام يصول ويجول في قتل أبناء بلدنا ،ويتالعب بالحالة السياسيّة التي بدأت ُتنفرج بالنسبة إليه ،بسبب تش ّتتنا كمعارضة ،وبسبب الركض خلف خلق جبهات جديدة دون إنهاء القديمة ،فقط للحصول على الشهرة اإلعالميّة ،أو من أجل أموال ما سيت ّم فتحه منها. مع ك ّل هذا وذاك ،مازال الكثير من شباب سورية يعملون بصمت ض ّد ك ّل تلك التك ّتالت السياسيّة واإلعالميّة ،ومازال الربيع يُنبت أزهاره.
عبد اهلل الشمّال www.allsyrians.org
6
العدد 22
/7كانون الثاني 2015/
شهادات مع وقف التنفيذ
اضطرّ وا لترك الوطن والعيش في بال ٍد ال تهت ّم ّ يمت بشهاداتهم ،فبدأ ك ّل منهم يبحث عن عمل ال لشهادته بصلة ،فمنهم من يعمل في البناء والبعض في المحلاّ ت واآلخر في المعامل؛ هذه حال أصحاب الشهادات السورييّن في تركيا حيث لجؤوا إليها ،ففي «باتمان» التي استقبلت الكثير من السوريّين ،هنالك محامون وأطبّاء ومهندسون يجدون صعوبة بالغة في تسيير أمور حياتهم ،كونهم ال يستطيعون إلاّ أن يعملوا في اختصاصهم ،والدولة ال تع ّدل شهاداتهم، وعدم ممارسة المهنة يجعل صاحبها ينسى المعلومات التي اكتسبها وتعلّمها في سنوات دراسته الجامعيّة، لذلك فهؤالء يعانون بشكل مضاعف. حمامون دون عمل المحامي السوريّ «حمزة حسن» يقول :خرجت من دمشق منذ شهرين ألنّ النظام أصبح شرسا ً ج ّداً، يعتقل على الكلمة ،وأتيت لباتمان ،بقيت م ّدة دون عمل ،كوني ال أعرف الكورديّة أو التركيّة ،ومنذ شهر استأجرت ندوة مدرسة السوريّين في باتمان، وب��دأت أعمل فيها ،وهي ن��دوة صغيرة ج � ّداً لبيع البسكويت والبطاطا وغيرها. توجّ هنا إلى مجلس فرع نقابة المحامين األتراك في باتمان ،التقينا برئيس مجلس الفرع المحامي «أحمد سفيم» وسألناه :لماذا ال يستطيع المحامي السوريّ ممارسة مهنته في باتمان؟ فأجاب :ح ّتى يستطيع ممارسة المهنة يجب أن يكون حامالً الجنسيّة التركيّة، وأن تكون شهادته من الجامعات التركيّة. هنا استوضحنا أكثر من األستاذ «سفيم» بسؤال: ولك ّنكم تقبلون المحامين الذين حصلوا على شهادتهم من قبرص أو جورجيا أو كازاخستان؟ فقال :نعم ألنّ نظام الجامعة في قبرص وتركيا واحد ،أمّا الحاصل على شهادته من جورجيا أو كازاخستان فيتطلّب أن يكون المحامي ترك ّيا ً ويعرف اللغة التركيّة ويع ّدل شهادته ،أي يلزم أن يق ّدم ع ّدة مواد في الجامعات
التركيّة وينجح فيها ،حينئذ تصبح شهادته من الجامعات التركيّة. اختتمنا اللقاء بسؤاله :وماذا فعلتم ألجل زمالئكم من المحامين السوريّين الالجئين في باتمان؟ أج��اب األستاذ «سفيم» رئيس فرع المحامين األت��راك في باتمان :هنالك محاميان سوريّان في باتمان أحدهما من حلب ،وك��ان يعمل في مح ّل للزجاج ،لألسف ال ّ يحق لهما العمل بوظيفة حكوميّة، ّ للتدخل ،ولكن حاولنا عن ونحن ليست لدينا صالحيّة طريق العالقات الخاصّة أن نؤمّن لهما عمالً ولم نو ّفق. مهندسون يهاجرون يقول الشابّ ال��س��وريّ أش��رف حسين :أن��ا من قامشلو حاصل على شهادة المعهد الزراعيّ وإجازة في الجيولوجيا ،غادرت قامشلو كوني كنت مطلوبا ً للخدمة اإللزاميّة ،عملت هنا في معمل للبرغل ،ث ّم في شركة للجصّ ،وعملت في السيراميك ،واآلن أدرّ س في مدرسة السوريّين هنا .وال أدري ماذا يحمل الغد لي. قمنا بزيارة غرفة المهندسين األتراك في باتمان، وسألنا رئيس الغرفة المهندس «محرّ م توزون» كيف يمكن أن يعمل المهندس السوريّ هنا؟ فأفادنا السيّد «توزون» بالتالي :المهندس السوريّ ال يستطيع أن يعمل هنا بشكل رسميّ ،وال نستطيع دفع راتب له، ولكن نستطيع إيجاد عمل خاصّ له ،وقد كان هنا مهندس سوريّ وجدنا له عمالً في معمل للسيراميك عمل فيه لم ّدة س ّتة أشهر وبعدها غادر إلى أوربّا، وعدد المهندسين السوريّين هنا قليل ج� ّداً ،كونهم يأتون لتركيا ومنها إلى أوربّا ،بالرغم من الحاجة لهم هنا ،كون الهندسة ليست كالحقوق أو الطبّ فاألخيران يتطلّبان اإلذن بالعمل وتعديل الشهادة وغيرها من الشروط ،أمّا الهندسة فعمل تقنيّ وال نحتاج إلى توظيفهم ،بل إيجاد عمل لهم ،خاصّة وأن أجر المهندس السوريّ أق ّل من أجر المهندس التركيّ ،ولدينا رغبة بمجيء المهندسين السوريّين إلى هنا كي يعملوا ويأخذوا الخبرة ليعودوا مستقبالً إلى بلدهم ويبنوه بعلمهم وسواعدهم. أطبّاء ميارسون مهنتهم الوضع مختلف بالنسبة لألطبّاء ،فالحكومة تتغاضى عنهم عندما يفتحون عيادات خاصّة بهم. أخبرنا الطبيب السوريّ «أوجدان رشيد» أنا طبيب أسنان من قامشلو ،غادرتها منذ سنة ونصف بعد أن حدثت فيها حاالت خطف وابتزاز لألطبّاء ،كما أنّ
رحلة الجرّة والبدائل في درعا
الكهرباء كانت تنقطع بشكل مستمرّ وأجهزتنا تعمل على الكهرباء ،فأتيت إلى تركيا إستناداً إلى وعد من معارفي بأن يؤمّنوا لي عقداً مع مشفى في إزمير، لك ّنهم أخلفوا بوعدهم ،فأتيت إلى باتمان وفتحت عيادة خاصّة بي ،لكن ال حقوق لنا هنا ،ح ّتى أنّ الدولة ال تعتبرنا الجئين ،وتق ّدمت بمشروع للحكومة السوريّة المؤ ّقتة من أجل فتح مركز س ّنيّ لمعالجة السوريّين في باتمان وأن يكون هذا المركز خير ّيا ً تقريباً، ولكن لم يأتني جواب ،بالرغم من أنّ هذه (الحكومة) تصرف أمواالً طائلة في أمور ال فائدة منها ،وهنا عياداتنا معرّ ضة لإلغالق في أيّ وقت ،نعاني من ذلك وال خيارات أمامنا. ولكي نتعرّ ف على الوضع المهنيّ والقانونيّ ، توجّ هنا إلى غرفة األطبّاء والتقينا برئيس الغرفة الدكتور «ذو الفقار جبه» الذي قال: األطبّاء السوريّون ال يستطيعون ممارسة مهنة الطبّ بشكل رسميّ في تركيا كونه ممنوع عليهم قانوناً ،وليس بيدنا إعطاؤهم اإلذن ،فألجل ممارسة الطبّ يجب أن يكون الطبيب ترك ّيا ً وحاصالً على شهادته من جامعة تركيّة ،وهنا في غرفة األطبّاء لم يراجعنا أيّ طبيب سوريّ لطلب المساعدة ،وكما سمعنا هنالك البعض منهم فتح عيادات خاصّة بهم،ـ وهذا ممنوع بشكل رسميّ ،وطبعا ً إن ت ّم كشف ذلك سيت ّم إغالق عياداتهم وا ّتخاذ اإلج��راءات بحسب القانون. ّ أين احلكومة املؤقتة؟ يتساءل أصحاب الشهادات -عموما ً -عن عمل ّ تتدخل كي الحكومة السوريّة المؤ ّقتة ،ولماذا ال تنهي معاناتهم ،كونهم الفئة األكثر تضرّ راً من بين الدارسين؟ وكيف أنّ هذه (الحكومة) ّ تمثل الشعب، في حين أنّ اآلالف من أصحاب الشهادات يعانون ّ للموظف العادي في يوم ّياً ،بينما الراتب الشهريّ الحكومة المؤ ّقتة يتجاوز ألفي دوالر أمريكيّ ؟!
بامتان -احملامي :علي كولو
فنون تتح ّدى الموت
رغ��م ك� ّل البراميل التي تساقطت على سراقب في األشهر الماضية ،رغم ك ّل الدمار الذي خلّفته ومعاناة النزوح نهاراً وليالً لم يتو ّقف نشاط شباب سراقب من الناحية الفنيّة، فقد نشطوا بأكثر من مجال إن كانت لوحات تمثيليّة ناقدة أو غنائية هادفة. فريق تجمّع شباب سراقب كانت بدايته في 2006وهو عبارة عن مجموعة من الشباب الهواة للمسرح ،انخرطوا مع بداية الثورة في ّ تشخص صفوفها وبدؤوا بتقديم لوحات فنيّة عيوب المتسلّقين على الثورة والذين تاجروا بها ،ومعاناة النازحين ،وتعترض على ك ّم األفواه. ّ يتألّف الفريق من مجموعة من الشباب المثقف الواعي ،يعالج الفساد الذي بدأت أعراضه واضحة للعيان وينتقد بشكل ب ّناء ما تمارسه القوى الموجودة على األرض بشكل واضحُ ،تكتب نصوصه بأسلوب فنيّ ساخر يكتبها «محمّد ّ خطاب» ويقوم بإخراجها «أحمد ّ خطاب» ويشارك بتمثيلها مع وليد شالش وإيهاب بكور وباقي أعضاء التجمّع «بديع ّ خطاب، وحسين حسّان ،ومحمود عوض ،وغيث حسّان»، ق ّدم التجمّع ح ّتى اآلن تسعة مشاهد تمثيليّة حملت جميعها نفس العنوان «كرمالك يا بلدي» ولكن لك ّل مشهد موضوع مختلف حسب األوض��اع الراهنة، ففي أحد المشاهد يطرح الفريق وبجرأة مشكلة خطف ّ الملثمين ويتو ّقع قيام ثورة ثانية الناشطين من قِبل ّ على من يك ّم األفواه ،وفي مشهد آخر يسلطون الضوء على ارتفاع أسعار الوقود وكيفيّة تأمينها بعد تر ّدي أوضاع غالبيّة الشعب ،هذا ويت ّم تصوير المشاهد بإمكانيّات متواضعة (هاتف محمول) يُعتبر أداة التصوير الوحيدة لديهم ،أمّا خشبة مسرحهم فيمكن أن تكون أيّ غرفة كانت أو أن تكون بين أشجار الزيتون أثناء نزوحهم من البلدة أو في «خيمة األحبّة» كما ت ّم تسميتها لصاحبها الف ّنان «أبو الصفا» ما يطمح إليه الفريق في األ ّي��ام القادمة ،تقديم عروضهم على خشبة المسرح أمام جمهور وفي
newspaper@allsyrians.org
أكثر من مكان ،يعاني «تجمّع شباب سراقب» من قلّة اإلمكانيّات وعدم وجود داعم لنشاطهم ،وحسب ما قاله المخرج :بأنّ أكثر من جهة حاولت تب ّني أعمالهم لك ّنهم رفضوا وذلك أل ّنهم ال يرغبون بأن تسيّس أعمالهم. وبعيداً عن القذائف والبراميل ،هنالك خيمة سمّيت بـ «خيمة األحبّة» لصاحبها الف ّنان «أبو الصفا» الذي لم يُعرف قبل الثورة بغنائه حيث كان يعمل في حفر اآلبار اإلرتوازيّة ،ولكنّ روح الثورة سرت فيه منذ اليوم األوّ ل وراح يكتب كلمات األهازيج ويشدو بها في المظاهرات ،كلماته كانت بسيطة وعادة ما ير ّكبها على لحن شعبيّ من ألحان المدينة (عتابا موليّا) أو أيّ غناء آخر مو ّقع يُلهب به حماس الجماهير ،ح ّتى أ ّنه في بعض التظاهرات عندما يمتنع «أبو الصفا» عن الغناء لسبب ما ،تهتف الجموع باسمه لتنهال دموعه ويقاوم مرضه ويصعد إلى المياكروفون لتص ّفق له الجماهير ،ويعتبر «أبو الصفا» أنّ اإلعالميّين قصّروا في ح ّقه؛ سجّ ل بعض أغانيه على اليوتيوب فهو حديث في عالقته مع وسائل التواصل االجتماعيّ ،وأنشد «أبو الصفا» لك ّل مجريات الثورة ،غ ّنى لحريّة سوريّة وكرامتها، ويفخر بأوّ ل أغانيه والتي حملت اسم (نحنا اللي طلبنا يا عالم حرّ يّة) شاركته في غنائها ابنته صفاء (سوريّة الغالية هللا يحميها ،ثورة كرامه بروحي بفديها) وغ ّنى لثوّ ار سراقب (حيّوا اللواء حيّوا جبهة سراقب ،حيّوا األبطال ما بتهاب المصاعب) غ ّنى للشهداء وألمّهاتهم
تحقيقات
ويكاد يكون مؤرّ خ لك ّل مجريات الثورة غنا ًء ح ّتى عُرف بف ّنان ثورة سراقب ،فقد سجّ ل 38 أغنية للثورة ،كان يسجّ ل أغانيه على الهاتف، ث ّم اضطرّ لبيع سيارته لشراء آلة «األورغ» لتصاحبه في غنائه وكان ي��ر ّدد دائما ً «أنا سأظ ّل أغ ّني لبلدي وثورته ما دمّت ح ّياً». «ف ّنان الثورة في سراقب» كما يحبّ أن يناديه الجميع ،والذي بدوره أتت البراميل في األيّام األخيرة على بيته ،لم يتو ّقف عن الغناء ومازال يغ ّني للثورة. باإلضافة للتمثيل والغناء الشعبيّ غرّ د الف ّنان المعروف «محمود الق ّدور» صاحب الصوت العذب والعزف األنيق على آلة العود والذي لم يثنِه االعتقال لم ّدة سنة في بداية الثورة عن الغناء لها ،فقد غ ّنى الف ّنان محمود أولى أغنياته «للقُصير» عندما كانت محاصرة ،والتي كتب كلماتها شاعر سعوديّ ،كما غ ّنى للشهيد من كلمات الشاعر عبد ّ وحث الكتائب والفصائل من الجيش العليم زيدان، الحرّ على التوحّ د في أغنيته «ل ّم الشمل» للشاعر مدحت ق ّدور (يا كتايب يا فصايل ال ما ينفع) كما غ ّنى «خاين العهود» للشاعر مدحت الق ّدور ،وأغنية «يا رجال الشام» التي كتب كلماتها شادي مدحت يتوان الف ّنان محمود الق ّدور عن الغناء ق ّدور ،هذا ولم َ لألطفال الذين استشهدوا إثر قصف الطيران فقد غ ّنى للطفلة الشهيدة ندى محمّد عوني التي كتب كلماتها أبو الصفا (معقول أنتم يا عرب ما ّأثرت فيكم ندى)، وقد غ ّنى لتعب السوريّين وتشرّ دهم والرعب الذي يعيشه أطفالهم في أغنيته «سوريّة تعب الحكي» التي كتب كلماتها الشاعر عبد العليم زيدان (سوريا تعب الحكي سوريا بيكفي بكي تعبت دموع الناس واتجرّ ح اإلحساس) وقام بالتوزيع الموسيقيّ لجميع أغانيه الف ّنان أحمد ق ّدور ،وجميع أغاني الف ّنان «محمود الق ّدور» مسجلّة في «راديو ألوان» .وهكذا لم تتو ّقف مسيرة الفنّ في سراقب ولم يتو ّقف شبابها عن اإلبداع مصرّ ين بف ّنهم على فعل حياة تتح ّدى الموت.
فلك اخلالد
أكثر من سبعين كيلو متر ذهابا ً ومثلها إيابا ً انطالقا ً من بلدتها بريف درعا تقطعها أ ّم أحمد شهر ّيا ً للحصول على جرّ ة غاز من العاصمة دمشق. أ ّم أحمد ،البالغة من العمر 50عاماً ،تخاطر بحياتها ك ّل شهر للحصول على جرّ ة الغاز بعد أن ارتفع سعرها في منطقتها إلى مبالغ خياليّة تعجز عن شرائها ،تقول: «يتراوح سعر جرّ ة الغاز في منطقتنا من ( 6000إلى )7500ليرة سوريّة ،بالمقابل راتب زوجي ال يتجاوز ( )23ألف ليرة سوريّة يذهب جزء منه إيجاراً للمنزل ال��ذي نقطنه بعد أن نزحنا من قريتنا إثر استهدافها بالبراميل المتفجّ رة والقصف المدفعيّ من قبل قوّ ات النظام» وتضيف« :أخاطر بحياتي ك ّل شهر في رحلة الغاز ،حيث أقوم باال ّتصال بأحد أقربائي في دمشق الذي يؤمّن لي بدوره جرّ ة الغاز بثمنها الحكوميّ والبالغ 1400 ليرة سوريّة فيما تكلّفني أجرة المواصالت 2000ليرة سوريّة للعودة إلى منزلي». اجلنون والعقاب يعود سبب أزمة الغاز في المناطق المحرّ رة إلى سياسة الحرمان التي ي ّتبعها النظام كعقوبة جماعيّة ،فمنذ ثالثة أشهر عادت أزمة الغاز إلى الظهور وارتفع سعر جرّ ة الغاز إلى مبالغ خياليّة وصل إلى 12ألف ليرة سوريّة. أبو محمّد في األربعين من عمره ف َقد ورشته في ّ المحطة بعد سيطرة قوّ ات المنطقة الصناعيّة بدرعا النظام السوريّ ،يقول« :ال يمكنني شراء جرّ ة غاز مهما انخفض ثمنها ،فبعد فقداني لورشتي في المنطقة الصناعيّة وتعرّ ضي إلصابة أفقدتني أحد أطرافي ،أعمل اليوم على بسطة صغيرة أبيع فيها السجائر وبعض المواد الغذائيّة، ما يكاد يؤمّن لنا أبسط متطلّبات الحياة ،من خبز وبعض الخضار التي غالبا ً ما يرتفع سعرها هي األخرى ونعجز عن شرائها ،فما بالكم بجرّ ة غاز يصل ثمنها إلى 11000 ليرة سوريّة ،إ ّنه الجنون بعينه». بعض البدائل لجأ أبو محمّد وغيره إلى البدائل «كببور» الكاز وموقد الحطب؛ أ ّم سعيد استغنت عن جرّ ة الغاز بشكل نهائيّ ،وبات «ببور» الكاز وسيلتها الرئيسيّة للطهي وأعمال المنزل كتسخين المياه ،تقول أ ّم سعيد« :بالرغم ممّا يخلّفه من دخان أسود (شحار) على جدران المنزل وزيادة في األعباء على كاهلي ،إلاّ أ ّنني أفضل من غيري فلديّ القدرة الماليّة على شراء بعض الوقود الذي ارتفع ثمنه هو اآلخر ،وغالبا ً ما أعتمد على خلط ما ّدتي البنزين والمازوت بنسب معيّنة واستخدامها إلشعال «الببور» بدالً من الكاز ّ لتعذر الحصول عليه في منطقتنا». بين ليلة وضحاها ترتفع أسعار الوقود ومشت ّقاته، حيث يت ّم إخفاؤها من السوق وأماكن بيعها لتظهر بعد ع ّدة أيّام بأسعار مرتفعة تبلغ الضعف أو أكثر ،ومنها ما ّدة الغاز التي تش ّكل عصب الحياة في ك ّل منزل ،وقد باتت ُتلقي بثقلها على كاهل العائلة المنهكة ماد ّياً ،فتجارة الغاز المهرّ ب إلى األحياء الخارجة عن سيطرة النظام تدرّ أرباحا ً ال يُستهان بها ،حيث تنتقل الجرّ ة من مكان آلخر ،وبين هذه التن ّقالت يرتفع سعرها حوالي 1000 ليرة سوريّة لتصل إلى المواطن بأكثر من 6000ليرة سوريّة. بسطة أم تاجر؟ أبو عليّ تاجر يبيع الوقود ومشت ّقاته في المناطق المحرّ رة بدرعا ومنها ما ّدة الغاز ،يوضّح أسباب ارتفاع ثمنها قائالً« :سعر جرّ ة الغاز يح ّدده الشخص الذي يقوم بتأمينه لنا من مناطق خاضعة لسيطرة النظام ،حيث يقوم بتجميع كميّات معيّنة لك ّل تاجر على مدار الشهر ويفرض علينا سعراً مح ّدداً ،يقوم هو بوضعه ال يمكننا مجادلته به مستغلاّ ً أه ّميّة جرّ ة الغاز في حياة األهالي ،كما أنّ تكلفة نقل الحمولة من منطقة إلى أخرى والمخاطر التي تتعرّ ض لها الحمولة من ّ قطاع طرق أو استهداف الطرق الفرعيّة بالقصف الجويّ أو المدفعيّ من قبل قوّ ات النظام ،إضافة إلى أُجرة السيّارة واليد العاملة كلّها أمور تح ّدد السعر النهائيّ لجرّ ة الغاز ،وال ننكر حصولنا على ربح يُعتبر -نوعا ً ما – مقبوالً ،ال يتجاوز 500ليرة سوريّة للجرّ ة الواحدة» .تنتشر في اآلونة األخيرة ظاهرة بسطات بيع جرار الغاز في مدن وقرى وبلدات درعا وريفها ،لكنّ كثيراً من األهالي يعزف عن شرائها ،بسبب التالعب بوزنها البالغ 25كغ رسم ّياً ،فيما يت ّم إفراغ ما بين 5كغ إلى 10كغ من الجرّ ة وتباع بأسعار تتراوح ما بين 6000و 7000ليرة سوريّة. إنقاص وزن! أبو محمود يفضّل الشراء من تجّ ار معتمدين بدالً عن بسطات الغاز ،على الرغم من ارتفاع سعر الجرّ ة لديهم، يقول« :اشترت زوجتي جرّ ة غاز من إحدى البسطات في بلدتي ،لك ّنها لم تخدمنا إلاّ عشرة أيّام فقط ،فالجرّ ة ت ّم إنقاص وزنها وخسرنا ثمنها البالغ 6300ليرة سوريّة، فمنذ تلك الحادثة أقوم شخص ّيا ً بشرائها من تاجر معتمد وفي حال نقصان وزنها استرجع نقودي دون مشاكل ُتذكر».
درعا – سارة احلوراني
www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 22
7
/7كانون الثاني 2015/
ُّ أرش ملحاً على باب ّ كل خيمة وأمضي
حبال الغسيل المتدلّية بين الخيمة واألخ��رى ،ال يتع ّدى طولها متراً واحداً في مخيّم «قدر أرتا قيا» الواقع بمدينة سوروج التركيّة ،المخيّم المفتوح لنازحي مدينة عين العرب (كوباني). بين الخيمة والخيمة حبل غسيل معلّق عليه ثيابهم إلى جانب خساراتهم وحنينهم وبؤسهم ،ك ّل حبل غسيل بإمكانك أن تعلّق عليه مدينة وجرحا ً وحلما ً اليزال يقفز برأسه المشاكس فوق باب ك ّل خيّمة. ّ نتخطى بداية المخيّم يم ّد برأسه سؤال ،كيف ونحن لخيمة أن تصبح بيتا ً كامالً ،ومن ث ّم تتحوّ ل لمدينة؟ وفيما بعد لوطن؟ خيمة واحدة تحتمل ك ّل أوجه التناقضات المعيشيّة، مطبخ وحمّام وغرفة للنوم والستقبال الضيوف، والستقبال الذكريات القادمة مع الريح القادمة ليالً من جهة عين العرب (كوباني). أمام ك ّل خيمة أحذية كثيرة ،حذاء األب ،حذاء األ ّم، أحذية األطفال الموضوعة أمام باب الخيمة ،أحذية
مبلّلة بالطين ،بالغبار ،كأ ّنها بلحظة ما تحمل ك ّل الغربة التي يعيشها س ّكان المخيّم .الحذاء قد يتحوّ ل بالنسبة للاّ جئ إلى أكثر من وسيلة للمشيّ ،قد يتحوّ ل لبيت وملجأ لطفل يحلم في هذا الشتاء القاسي فقط بحذاء بالستيكيّ يمنع المطر والوحل من التسرّ ب لقدميه. ال شيء يساوي حذاء بالستيك ّيا ً قو ّيا ً بالنسبة لالجئ وحيد أمام باب خيمته ،ح ّتى الحذاء حينما يأتي في الوقت المناسب قد يصلح تعويضا ً عن وطن منسيّ ، حبال الغسيل تصلح هي األخ��رى لتكون تعويض وطن ،إبريق الشايّ الموضوع على الحطب بديل آخر ص ُغرت لوطن آخر ،فكلّما تو ّغلنا أكثر في المخيّم كلّما َ المفاهيم التي كانت كبيرة ،وكبُرت التفاصيل الصغيرة. عشر من عمرها «بشرى» صبيّة في السابعة َ تنظر إلينا من خيمتها بحسرة ،تتمعّن بلباسنا ،بأحذيتنا عال وتهمس لنا :كنت مثلكنّ ، الجلديّة ،تبكي بصوت ٍ ً ُ كنت أهت ّم بنفسي ،وألبس ثيابا جميلة ،وكان الجميع ينظرون إليّ حينما أمشي مثلما أفعل أنا اآلن. تبكي «ب��ش��رى» ك ّل ذكرياتها ،تطفو بحيرة بكاء في عينيها العسليّتين الجميلتين ،تبكي وتغمض عينيّها بحثا ً عن صورة لها خ���ارج قهر وب��ؤس هذا المخيّم الذي أنساها أنوثتها ،المخيّم الذي يتمعّن بطمس م�لام��ح الجمال على وجهها وشعرها الكستنائيّ الجميل ،الجمال ال يناسب المخيّمات ،كان هذا لسان حال «بشرى» وهي تبكي. عار أن يكون هذا أيّ ٍ الجمال ربيب المخيّمات يا هللا. ن��م��ض��ي م���ن خيمة ألخ���رى ،ونحن نالحظ الجمال كيف يمرّ أمامنا وهو متخفٍّ تحت ألبسة وشال كبير ،الجمال بالية ٍ
المقاتل األميركي «جوردان» أجرت الـ BBCمقابلة مع المقاتل األمريكيّ «جوردان موستون» الذي انض ّم إلى (وحدات حماية الشعب الكرديّ ) للقتال ض ّد «داعش» والتنظيمات اإلرهابيّة األخرى وهذا بعض ما قاله «حضرت للقتال منذ أسبوعين ونصف تقريباً ،وأثناء قتالي أصيبت ساقي اليسرى ،وكذلك ساعدي األيسر بقذيفة هاون». تح ّدث «موستون» إلينا من قاعدة عسكريّة في «ديريك» ولم يتر ّدد بشأن وجوده هناك قائالً «بعد ك ّل ما حدث خالل السنتين الماضيتين أخذت «داعش» تتم ّدد وتبسط سيطرتها على األرض ،وفي ك ّل مرّ ة كانت تحت ّل منطقة تجبر قاطنيها على ا ّتباع عقيدتهم وإلاّ قتلوهم .أنا لم أستطع أن أتحمّل مشاهدة ذلك يحصل بتلك الطريقة للناس من رجال ونساء وأطفال». وأضاف «لقد سئمنا من سماع الحكومة األميركيّة تقول :إنّ الحروب التي تدور في العراق وسوريّة هي بشأن مشاكل محلّيّة تخصّهم ،إ ّنها مسألة إنسانيّة ألنّ البشر هناك ينتمون إلى اإلنسانيّة ،هذا ببساطة يعنيني». بلغ األمر ذروت��ه بالنسبة لـ «لموستون» بعد قطع رأس «جيمس فولي» من قبل «داعش» ث ّم أردف «لقد صلّيت طويالً، ولك ّنني بدأت البحث عن سبيل للمساعدة ودفع األذى عن البشر، إلى أن وجدت موقعا ً على الفيس بوك لـ ( YPGوحدات حماية الشعب الكرديّ ) وسألتهم إذا كان باستطاعتي االنضمام إليهم». وأخبرنا أ ّنه تل ّقى ترحيبا ً ال يوصف سواء من الناس أو المقاتلين األكراد ،وعلّل ذلك بقوله «لم أحمل معي إليهم إلاّ الحبّ ». «ه��ؤالء الشباب يبحثون عن أ ّي��ة مساعدة ممكنة من أجل الديمقراطيّة االجتماعيّة ،على غرار النمط األوربيّ ،لقد كانوا على الدوام سنداً لألمريكيّين خالل تواجدنا في المنطقة لذلك شعرت بالفخر عندما انسحبت القوّ ات األميركيّة من المنطقة». وثمّن عاليا ً دور المجتمع الكرديّ وقال« :إنّ الجميع يتعامل مع بعضه وكأ ّنهم أقارب ،وقد لمست ذلك عندما كنت في المشفى، بعد إصابتي ،شاهدت عائالت ال تجمعها صلة قرابة مع جرحى المشفى جاءت لتطمئنّ على المصابين ،وح ّتى الجيش فعل ذلك ُرض ،وليقرّ ر فيما إذا نحو م ٍ ليرى إن كان ك ّل شيء يسير على ٍ كانت حالة الجريح تؤهّله لمغادرة المشفى ،وعلى الفور تتل ّقفهم تلك العائالت للمكوث في بيوتها ريثما يتعافون كل ّياً» وختم قائالً «لم نعد نرى هذه الطقوس الثقافيّة للمجتمع هنا».
https://m.soundcloud.com/bbc-world-service/this-ismy-job-this-is-who-i-am-im-a-protector
كلّنا سوريّون newspaper@allsyrians.org
الذي يُخفي نفسه لكيال يخدشه الوحل ،القسوة ،القهر، والبؤس ،والذكريات. وأنت تنظر للخيم وهي مرصوفة بد ّقة متناهية جانب بعضها البعض ،كأ ّنها مت ّفقة مسبقا ً على جعل ألم المخيّم واحداً ،ألما ً يُقاس بالمسافة الفاصلة بين الخيمة والخيمة «بحبل غسيل» وحذاء موضوع أمام باب الخيمة بقهر. ال طفولة في المخيّمات ،كاذب ك ّل َمن يتح ّدث عن األطفال في المخيّمات ،ك ّل طفل يتحوّ ل لرقم بقائمة الالجئين ،ك ّل طفل يتحوّ ل لوجه طينيّ بائس وحذاء مهترئ ال يمنع المطر من التسلّل لقدميه الصغيرتين، ك ّل طفل يتحوّ ل ألمنية قديمة معلّقة برحم والديّه ،لقسوة ووجع بدائيّ ،الجمال قاتل ،الطفولة قاتلة بالخيم. نمشي ،نكمل سيرنا داخل مخيّم «قدر أرتا قيا» نمشي وتغدو ك ّل خيمة ذكرى موحلة عن سابقتها ،ال وجع يختلف من خيمة ألخرى ،تماما ً كحبال الغسيل الممت ّدة بين الخيمة واألخرى ،تماما ً كاألحذية المرصوفة أمام باب ك ّل خيمة ،ك ّل األشياء تتشابه في المخيّمات، األوجاع ،األحذية ،البكاء، المالمح واأللم. ُ أسأ ُل تلك الصب ّية التي تضع وشاحا ً على وجهها لتخفي مالمحها: هل الحبّ يخفق داخل المخيّم بقلوب ه��ؤالء الفتيات الجميالت؟ تضحك بخجل تهمس: ُ حملت حبّي معي من عين ال��ع��رب (كوباني) وأوص��ل��ت��ه م��ع��ي لهذه الخيمة ،وسأحمل ُه معي إلى أيّ مكان أذهب إليه، هو الحبّ الذي عرفته فيها ولن أتخلّى عنه ،حتى لو تخلّى ع ّنا العالم بأكمله. قبل أن أخرج من المخيّم أرى م��ن ب���اب الخيمة األخيرة امرأتين عجوزين تجاوزتا السبعين ،تجلسان ب��ه��دوء داخ����ل الخيمة
تشربان الشاي ،تدعواني لداخل الخيمة ،أبتسم وأطلب منهما التقاط صورة لهما ،تطلبان م ّني بعض الوقت لترتيب نفسيهما وشاليهما أل ّنهما كما تقوالن: «تبهدلنـا في المخيّم ..خلينـا بالصـورة نطلـع مر ّتبـات» أضحـك ،أبتــسم وأغصّ بالبـكاء أيضـاً، وأنا ألتقط الصورة لهما ،أشرد بعيداً ،هل استطاعت الخيمة أن تسلب هاتين المرأتين روح الجمال وحبّ الحياة؟ ً أحيانا ،حينما تكون مجرّ د شاهد على المأساة ،وأنت تعبر الخيم ،وأنت تعبر الطين ،تعبر الوجوه والمالمح التي تتقصّد أن ُتخفي نفسها وراء األوشحة ،تف ّكر أ ّنه لم يعد هناك فرق بين السماء واألرض ،المخيّمات قادرة على محو ك ّل التفاصيل وإبقاء الوجع فقط ،ليصبح وجع السماء ووجع األرض واحداً ،واحداً. مخيّم (قدر أرتا قيا) مخيّم لالجئين الكرد من عين العرب (كوباني) بمدينة سوروج التركيّة.
وداد نيب
هل سيحمل مطار «أبو الظهور» السالم؟ بعد هزيمة قوّ ات األسد في معسكريّ وادي الضيف والحامديّة في منطقة معرّ ة النعمان بدأت بعدها فوراً عمليّة ضغط ناشطي ال��ث��ورة على القوى المسلّحة لتحرير مطار «أبو الظهور» العسكريّ ، وبالمقابل واص��ل طيران نظام األسد محاوالته الدؤوبة لتوتير خطوط التماس بين قوّ اته في مطار «أب��و الظهور» العسكريّ وبين قوى الثورة المسلّحة المرابطة على تخومه ،وبلغ عدد طلعات طيران األسد خالل أسبوع 500طلعة طيران مستهدفا ً المنطقة المحيطة بالمطار من ت ّل الضمان شرقا ً وح ّتى سراقب غرباً ،ومن سنجار جنوبا ً وح ّتى حوضة المطخ شماالً. وقائع امليدان ويفسّر ناشطو الثورة هذا التصعيد العدوانيّ على أ ّنه ر ّد على نتائج هزيمة قوّ ات نظام األسد في الحامديّة ووادي الضيف وإلرض��اء مؤيّديه في االنتقام من الحاضنة الشعبيّة للثورة ،وايجاد مخرج وطريق آمن لسحب قوّ اته المحاصرة داخل المطار. بالمقابل ينتظر أه��ال��ي جنود نظام األس��د المحاصرين داخل المطار منذ ما يزيد عن عامين ونصف ما سيؤول إليه مصير ألف عسكريّ بين ضابط وصفّ ضابط وجنديّ وشبّيح ،يت ّم إمدادهم بالحوّ امات ،وق��د تو ّقف إق�لاع الطائرات منه منذ حصاره في منتصف العام ،2012وكانت ق��وّ ات المعارضة سيطرت في صيف 2012 على المساكن التابعة للمطار ،ودمّرت عدداً من الطائرات بداخله ،قبل أن تنسحب وتفرض حصاراً عليه بغية إبقائه خارج الخدمة. كما خاضت قوّ ات المعارضة معركة أخرى في أواخر العام ،2013سيطرت خاللها على ع ّدة نقاط من جهة الباب الرئيسيّ ،وتم ّكنت من اقتحام قرية «الخشير» المحاذية لسور المطار من الجهة الشماليّة الشرقيّة ،لك ّنها عادت وانسحبت بسبب طبيعة األرض السهليّة ،وقلّة الذخيرة لديهم. ويع ّد مطار «أبو الظهور» أحد أكبر المطارات في المنطقة الشماليّة ،وثاني أه ّم مطار عسكريّ في سوريّة ،ويبلغ مساحته 8كيلو متر مربّع ،وفيه
22هنكاراً لطائرات الميغ 21وميغ ،23ويتبع إدار ّيا ً للواء 14الموجود في حماة ،ويع ّد المطار شبه خارج عن الخدمة عسكر ّيا ً منذ أكثر من سنتين ونصف تقريباً ،بسبب هجمات الثوّ ار المتكرّ رة عليه ،إلاّ أ ّنه يحتوي على دبّابات وعربات مدرّ عة، وأكثر من س ّتة مدافع (23مم) ّ موزعة على أطراف المطار ،وتقوم ق��وّ ات األس��د باستهداف القرى المجاورة للمطار يوم ّيا ً بقذائف الهاون والدبابات، وأمهلت قوّ ات المعارضة منذ يوم السبت (/12/27 )2014قوّ ات األسد المتمركزة في مطار «أبو الظهور» العسكريّ آخر معاقل النظام في ريف إدلب أسبوعا ً لالنشقاق. جردة لألضرار وبحسب ناشطين كانت فصائل مقاتلة أبرزها جبهة النصرة ،وحركة أحرار الشام ،وجبهة ثوّ ار «أبو الظهور» قد حشدت عدداً كبيراً من اآلليّات الثقيلة حول المطار ،وأمام إصرار الثوّ ار على تحرير المطار وتع ّنت ق��وّ ات نظام األس��د على البقاء ،الب ّد من استعراض ما دفعه األبرياء من أهالي منطقة «أبو الظهور» وما حولها من قتل وتدمير وتهجير ،وال يمكن معرفة الحصيلة النهائيّة سواء في البشر أو األموال أو الممتلكات ،أو في نتائجها اآلنيّة والبعيدة المدى ،ومع ذلك ال ب ّد من إجراء جردة مرحليّة للخسائر واألضرار والمآسي التي أصابت المدنيّين ،ومثل هذه الجردة ضروريّة في الوقت الحاضر لع ّدة أسباب: أوّ الً -ألنّ وضع المنطقة دخل مرحلة الخطر الكبير جرّ اء القتل والتدمير والتدهور المعيشيّ والصحيّ في حياة الناس. ثانيا ً -من المه ّم إبراز الحقائق أمام المجتمع
ّ والمنظمات المختصّة ،لكي ال��دول��يّ تتحسّس مدى معاناة الشعب السوريّ ، فتعمل على مساعدته ودعمه. ثالثا ً -لكشف زي��ف ن��ظ��ام األس��د اإلرهابيّ ،وفضح الشروحات الطوباويّة وتصوير األسد على أ ّنه يحارب اإلرهاب، وفي الحقيقة يقتل ويدمّر ويهجّ ر المدنيّين الذين قالوا له( :ارحل!). إزاء ك � ّل ذل��ك ال ب � ّد من االستعانة باألرقام ،لكي تكون الشاهد على ما آل إليه وضع منطقة «أبو الظهور» وما حولها وال ب ّد من مالحظتين: األولى :إنّ الهدف ليس تقييما ً لألحداث باألرقام، إ ّنما للتمعّن بها وفي مضمونها ،وداللة ذلك ُتغني عن الشرح والتحليل وتضليل إعالم نظام األسد. والثانية :هذه األرقام تستند إلى دراسة ميدانيّة وفي تواريخ مختلفة ،ومصادر متنوّ عة كالمشافي الميدانيّة والمراصد ،وناشطي الثورة. نتائج قصف طيران نظام األسد على منطقة «أبوالظهور» وما حولها: - 1عدد المهجّ رين من مناطقهم 17ألف مهجّ ر. ً - 2عدد الشهداء 350شهيدا غالبيّتهم من األطفال والنساء. - 3عدد المؤسّسات المه ّدمة 220مؤسّسة. - 4عدد المنازل المحروقة 1200منزالً. - 5عدد القرى المدمّرة والمسلوبة 9قرى وهي« :ت ّل سلمو ،وبويطيّة ،وبياعيّة صغيرة، وبياعيّة كبيرة ،وأم جرين ،والحميديّة ،والخشير، ووريدة ،وحميمات الداير» ّ -6عدد المدارس المدمّرة 25مدرسة ،وتوقف العمليّة التربويّة منذ عامين ،وأفرغت المنطقة من الكوادر العلميّة والتقنيّة واإلداريّة. وفي إحصاءات أخرى فإنّ قطاع الزراعة قد ّ الموظفين والعمّال ُدمّر بشكل كلّيّ ،وتجاوز عدد الذين فقدوا وظائفهم وأعمالهم ثلثيّ القوى العاملة. والسؤال الذي يطرح نفسه ،هل ستشهد منطقة مطار «أبو الظهور» العسكريّ بعد التحرير براعم ربيع جديد يحمل السالم؟
مصطفى فرحان
www.allsyrians.org
8
العدد 22
/7كانون الثاني 2015/
اقتصاد و قانون
الهتك مريم« ،شاهدة ملكة» في محكمة جنايات دولّية 2/1 َ (تنشر بالتزامن مع جمموعة من وسائل اإلعالم السوريّة)
الخميس ،الثاني عشر من كانون الثاني عام ،2012 اع ُتقلت مريم (اسم مستعار) أثناء مرورها في سوق شعبيّ يدعى «سوق المناطي» في حي جوبر بدمشق، ّ المزة واقتيدت إلى فرع المخابرات الجويّة في منطقة حيث بقيت هناك ألربعة أشهر ،ع ُّذبت واغ ُتصبت، وحملت بجنين نتيجة االغتصاب وفقدته نتيجة التعذيب الوحشيّ ،قبل أن يُطلق سراحها بعد أن أُجبرت على االعتراف بقتل ضابط ،مرّ ت أشهر بعد ذلك ،لتعتقل مريم للمرّ ة الثانية ،وتمضي في االعتقال الثاني أكثر من عام وثمانية أشهر ،من جديد ّ عذبت وأوذي��ت واغ ُتصبت ،قبل أن يطلق سراحها وهي تحمل في أحشائها جنينا ً ال تعرف من أبوه وال ما تصنع به، وضعت مريم طفلها في مشفى ميدانيّ في النبك بريف دمشق وأسمته محمّد ،بعد حوالي العام على إطالق سراحها ،تروي مريم لـ «سوريّتنا» للمرّ ة األولى تفاصيل أكثر من عامين أمضتها في المخابرات الجويّة ،ومريم ليست الوحيدة. االعتقال األوّل «من جوبر إىل العدويّ» اقتيدت مريم إلى فرع المخابرات الجويّة في منطقة ّ المزة ،وبدأ التحقيق معها بعرض صور لرجال ونساء من ذات الحيّ الذي تسكنه ،وتقول: ّ إ ّنها كانت تعرف البعض من تلك الوجوه ،لكنها أنكرت تلك المعرفة ،فبدأ تعذيبها وضربها. تستمرّ جلسة التعذيب ،من نصف ساعة ح ّتى ساعتين ،تتعرّ ض فيها المعتقلة لش ّتى أنواع الضرب والتعذيب ،وقالت :إ ّنها كانت تقسم بالمق ّدسات الدينيّة اإلسالميّة بأ ّنها ال تملك أيّ معلومات ،لكنّ ذلك كان يجعل المح ّققين يعذبونها أكثر. تقول مريم: إ ّنها وصلت إلى مرحلة من اإلجهاد نتيجة التعذيب أصبحت فيها ترجو المح ّققين والعناصر كي يتو ّقفوا
عن تعذيبها وتشير «كنت أرجوهم باسم هللا ونبيّه، فكان ضربي يزداد إثر ذلك ،ث ّم حاولت أن أرجوهم باسم «اإلمام عليّ » إلاّ أنّ ذلك لم يوقف تعذيبي بل زاد منه» إذ كانوا يظ ّنون أ ّنها تسخر من معتقداتهم ،رغم أنّ عدداً منهم ال ينتمي إلى الطائفة العلويّة ،وتقول :إنّ بينهم لبنانيّين عرفتهم من لهجاتهم. وبعد أسبوع من التعذيب المتواصل الذي كان من ضمنه الحرق والتعرية واإلهانة ،شتمت مريم ب ّ شار األسد أمام المح ّقق ،راجية من ذلك التصرّ ف الموت «دعوت هللا أن يصيب ب ّ شار األسد بالمرض والموت بوجه المح ّقق مباشرة كي يقتلني ،قلت (هللا يشلّو ويذلّو لب ّ شار األسد متل ما ذلّنا) كنت أعلم أنّ جملة مماثلة لها جواب واحد بالنسبة لهم وهو قتلي ،فاقتادوني إلى زنزانة منفردة ،وجر ّدت من مالبسي بشكل كامل ،في درجة حرارة منخفضة ج ّداً ،رُبطت قدماي وعلّقت من السقف بشكل مقلوب وتعرّ ضت خالل هذه الفترة لحرق بأعقاب السجائر واعتداء جنسيّ ،فضالً عن الضرب المتواصل ،بقيت مريم في المنفردة لم ّدة ثمانية وأربعين ساعة وتصف المكان الذي احتجزت فيه بالمخيف. لم يكن ما ترويه مريم في تفاصيله مفاجئا ً ج ّداً لـ «آية مه ّنا» المعالجة النفسيّة والمختصّة في علم النفس العياديّ ،والتي ّ اطلعت على قضيّة مريم« ،مه ّنا» قالت في إجابتها على سؤال «سوريّتنا» حول مدى تقاطع المعلومات التي أدلت بها مريم مع معلومات سمعتها من معتقلين سوريّين أخرين :إنّ هناك نحو ٪ 60من معلومات مريم يتقاطع تماما ً مع ما أدلى به معتقلون سابقون في فروع أمنيّة سوريّة أخرى، فطريقة التعذيب وتفاصيله هي أكبر قاسم مشترك بين قصّة مريم وقصص أخرى رواها معتقلون سابقون بينهم رجال.
newspaper@allsyrians.org
عامر حممّد
حقوق الناس ..إلى أين؟
هيستريا العقوبة
النظام يعدم شبّانا ً معارضين ،الجيش الحرّ ين ّفذ اعدامات ّ بحق شبّيحة النظام« ،داعش» تعدم سوريّين مدنيّين وجنود وقيادات في الجيش الحرّ .تلك وغيرها ّ بحق السوريّين، من العقوبات الهيستريّة التي تن ّفذ وينظر البعض للمعاقبين فيها على أ ّنهم أبطال وضحايا ،أوينظر آخرون إليهم على أ ّنهم مجرمون يستح ّقون العقوبة. والسؤال ،هل هذه عقوبات عادلة؟ وهل تح ّقق الغاية المرجوّ ة منها؟ ما هي العقوبة؟ تعرّ ف العقوبة شرعا ً بأ ّنها :الجزاء المقرّ ر على عصيان أمر هللا وارتكاب ما حُظر عنه ،فهي الزواجر والنواهي التي وضعها هللا. وتعرّ ف العقوبة في القوانين الوضعيّة بأ ّنها :جزاء يُفرض باسم المجتمع على شخص مسؤول جزائ ّيا ً عن جريمة ،بناء على حكم قضائيّ صادر من محكمة مختصّة ،ويُفضي المفهوم الحديث للعقوبة إلى تحقيق غاية جديدة من العقوبة وهي اإلصالح ،لذلك يفضّل الكثيرون القول بأ ّنها جزاء وعالج .ومن التعريفين نجد أنّ العقوبة في الشرع والقوانين الوضعيّة هي: قانونيّة -شخصيّة – قضائيّة. قانونيّة العقوبة: «ال عقوبة إلاّ بنصّ قانونيّ » أيّ أ ّن��ه ال يجوز تجريم أيّ شخص واعتباره مجرما ً إلاّ بناء على نصّ قانونيّ ويجب أن يكون هذا النصّ القانونيّ صادراً عن جهة مخوّ لة بحكم الدستور بإصدار القوانين كالسلطة التشريعيّة مثالً. فعل الشخص ح ّتى يعتبر جريمة الب ّد أن يكون هذا الفعل منصوصا ً عليه في القانون كجريمة ،وعقوبته مح ّددة ،مقدارها منصوص عليه في القانون وطريقة إيقاعها أيضاً ،وال ّ يحق أليّة جهة تجريم األفعال ما لم يكن قد أُنيط بها ذلك وفقا ً للدستور. شخصيّة العقوبة: ال يجوز إيقاع العقوبة إلاّ على من ارتكب الجريمة،
وتصفُ مريم آليّة عمليّات االغتصاب بالتالي «يت ّم النداء على اسم المعتقلة و ُتقاد إلى غرفة أخرى وتغتصب فيها ،كانت عمليّات االغتصاب مستمرّ ة طوال فترة اعتقالي لم ّدة أربعة أشهر ،وتكون مترافقة مع إهانات وإذالل شديدين ،هدف المُغتصبين هو إذالل المعتقلة وليس المتعة الجنسيّة» تقول الشاهدة: إ ّنها تعرّ ضت لالغتصاب بمع ّدل مرّ ة واحدة في اليوم، واستمرّ ذلك ح ّتى ما قبل إطالق سراحها ،فيما حملت بجنين في المعتقل وفقدته نتيجة الضرب المستمرّ ، وتذك ُر أنّ أخريات حملن بأج ّنة نتيجة ذلك ،وأجهضن نتيجة الضرب أيضا ً على الصدر والظهر والبطن، فيما ال تستطيع أن تؤ ّكد ما إذا كان المح ّققون والعناصر يقصدون ضربهن بغرض إجهاض األج ّنة أم ال. تعرّ ضت مريم الغتصاب خلفيّ وأماميّ ،وزاد من ح ّدة وتكرار اغتصابها الحادثة التي شتمت فيها ب ّ شار األسد ،وتقول :إ ّنها شاهدت وجوه بعض عناصر الفرع المُغتصبين ،فيما أخفى آخرون وجوههم ،هؤالء كانوا يختارون المعتقالت الغتصابهنّ وفق جدول عبثيّ ، ّ بحق نساء وفتيات من عمر فيما سجل االغتصاب السابعة عشرة وح ّتى الخمسين عاماً ،قام به ضبّاط وعناصر على ح ّد سواء. يستعمل االغتصاب كسالح وبشكل ممنهج في المعتقالت السوريّة ،كما يؤ ّكد عبد الكريم ريحاوي رئيس الرابطة السوريّة لحقوق اإلنسان ،يقول :إنّ ما تدلي به مريم يتقاطع بشكل كامل مع عشرات الشهادات األخرى ،وإنّ الهدف من عمليّات االعتداء الجنسيّ ليس انتزاع معلومات من المعتقلين ،بقدر ما هو محاوالت إلذاللهم ،ويشير ريحاوي إلى أنّ مجلس األمن أصدر قراراً بمالحقة جناة عمليّات االعتداء الجنسيّ في المحاكم الدوليّة ،وح ّتى في محاكم سوريّة القادمة ،مشيراً إلى أنّ السلطات السوريّة تستخدم
االغتصاب كسالح دائم. يبلغ ع��دد المعتقالت اللواتي ك��نّ مع مريم في المخابرات الجويّة في اعتقالها األوّ ل ،أكثر من 150 معتقلة تتراوح أعمارهنّ بين 17عاما ً ح ّتى 60عاما ً وتذكر أ ّنها شاهدت أطفاالً معتقلين منهم دون الثانية عشرة ،تعرّ ضوا للضرب كذلك من قبل المح ّققين، لك ّنها تصفه بالعذاب األقلّ ،وكانت شاهدة على حاالت قُتلت فيها المعتقالت من ش ّدة التعذيب واالغتصاب وال تعلم ماذا فُعل بجثثهنّ . يئست مريم من إطالق سراحها من فرع الجويّة، ووصلت لحالة سيئة نفس ّيا ً وجسد ّياً ،وتصف فترة االعتقال األوّ لى بأ ّنها قرّ بتها من الموت مراراً وكانت تنتظر حدوثه ،فيما تصف اغتصابها بأ ّنه كان متكرّ راً بشكل يفوق اغتصاب أخريات. وجّ ه المح ّققون لـ مريم تهمة قتل ضابط في الجيش السوريّ «أيمن جوابرة» خالل اشتباك مسلّح في حي جوبر ،وتهمة تقديم الذخيرة والسالح للجيش الحرّ ، ووقعت على التهم وأطلق سراحها في حيّ العدوي ّ متأخر من بدمشق مع أربعة عشرة معتقلة في وقت الليل. بعد إطالق سراحها من المخابرات الجويّة ،توجّ هت مريم إلى حيّ جوبر وبقيت هناك لفترة قصيرة ،قبل أن يقضي معظم أفراد عائلتها نتيجة قص ٍ ف -من قبل القوّ ات النظاميّة -ببرميل متفجّ ر ،البرميل دمّر س ّتة أبنية بشكل كامل ،فنجت هي مع شقيقها من عمليّة القصف الذي ت ّم في وقت كانت فيه خارج المنزل، فانتقلت إلى منطقة بين عربين وجوبر ،حيث عملت في مهنتها السابقة «التمريض» مع مصابين مدنيّين وعسكريّين من الجيش الحرّ ،واع ُتقلت هناك للمرّ ة الثانية...
وال يجوز بأيّ شكل من األشكال أن تمت ّد العقوبة إلى غيره من أفراد أسرته أو ح ّتى جماعته ،كما ال يجوز أن تعاقب مجموعة كاملة ب��ج��ري��رة إج��رام شخص ينتمي إليها ،فلو أنّ شخصا ً ارتكب فعالً وهذا الفعل مجرّ م بأحكام القانون ،فال يجوز اعتبار أسرته أو المكوّ ن الذي ينتمي إليه مجرمين. قضائيّة العقوبة: ال يجوز تجريم أيّ شخص إلاّ وفق نصّ قانونيّ واضح وال توقع العقوبة عليه إلاّ بعد صدور حكم قضائيّ قطعي ،أي أ ّنه يجب أن يكون الحكم قد استنفذ ك ّل مراحل الطعن واالستئناف؛ وهنا الب ّد من توضيح أنّ الجهة القضائيّة يجب أن تكون مُش ّكلة وفق أسس ّ بأدق تفاصيلها قانونيّة وأن تتبع أصول المحاكمات أثناء المحاكمة؛ وأه ّم هذه األصول هو إعطاء الم ّتهم حق الدفاع عن نفسه ،كما يجب إعطاؤه ّ ّ حق المحاكمة على درجات ،أيّ ح ّقه في استئناف الحكم والطعن به أمام محاكم الدرجة األعلى. هيسرتيا أمّا يجري اليوم في سورية ،من اعتقال للمواطنين وإعدامهم بدون محاكمات ،وتسليم مصير المواطنين لمزاجيّات شخصيّات وضبّاط أم��ن ،فهو الجريمة بعينها وفقا ً لك ّل الشرائع السماويّة والوضعيّة. وإنّ أغلب األطراف السوريّة التي تمتلك سلطات في مناطقها تن ّفذ عقوبات ّ بحق المواطنين بشكل هيستيريّ دون أدن��ى م��راع��اة ألص��ول المحاكمات وبشكل اعتباطي ،وأحيانا ً ّ بحق أبرياء ولمجرّ د وجود عالقة قرابة أو عالقة إثنيّة مع المجرم الحقيقيّ ،فمعتقالت النظام ممتلئة بمواطنين أبرياء اع ُتقلوا لمجرّ د الشبه أو القرابة مع من يُعتبرون مجرمين بنظر النظام ،كما أ ّنه ت ّم اختطاف وقتل الكثيرين من قبل كتائب مسلّحة بسبب انتمائهم الطائفيّ أو اإلثنيّ . إنّ ُتو ّفر الشروط السابقة في العقوبة :قانونيّة - شخصيّة – قضائيّة. يساهم في تش ّكل وع��ي جمعيّ بعدالة العقوبة، وبالتالي يعطيها فاعليّة لتحقيق غاياتها االجتماعيّة، ويبعد العقوبة عن شبهة االنتقام ،ويبعدنا عن الفوضى واالختالل ،ويصون حياتنا من العبث ومن االنحراف ويرتقي بنا لنكون مجتمعا ً متحضّراً.
احملامي حممّد محو
سنتين ونيّف م��رّ ت على عشرات اآلالف من الدعاوى التي تحوي على حقوق الناس ،وهي تقبع في أحد أقبية مدينة حلب الحرّ ة ،حيث تحيط بها مخاطر التلف ،إن لم يكن بقصف النظام المجرم ،فالرطوبة والعفن ستالحقها. إلى متى سوف تبقى هذه المل ّفات حبيسة ذاك القبو؟ وهل ستنجو من قصف النظام الذي ال يكاد يتو ّقف عن مدينة حلب؟ وإن نجت من القصف ،هل ستنجو من عوامل الطبيعة (الرطوبة والعفن) أم أنّ للجهات المختصة كالما ً آخر؟ يف املكتب القانون ّي من خالل المقابالت التي أجريناها قمنا بتوجيه هذه األسئلة للجهات المعنيّة؛ وب��س��ؤال المحامي «ياسين ه�لال» الرئيس السابق للمكتب القانونيّ للمجلس المحلّيّ لمدينة حلب الحرّ ة حول وضع المستودع أج��اب :خ�لال الس ّتة أشهر التي عملت فيها بالمجلس كان المستودع تحت يد المجلس وندفع بدل اإليجار والمستودع عبارة عن قبو ليس فيه منفذ للنور وال للهواء وهو عرضة للقصف ،وأضاف «هالل» :لقد واجه المجلس ّ ممثال بالمكتب القانونيّ ع ّدة مشاكل مع فصائل عسكريّة حاولت وضع يدها على المستودع ألسباب كثيرة -لسنا بصدد ذكرها -والمستودع اآلن بحوزة هيئة محاميّ حلب األحرار. ث ّم اهليئة قمنا بالتوجّ ه إلى مقرّ هيئة محامي حلب األحرار بحيّ الشعّار بحلب وقابلنا أحد أعضاء المكتب التنفيذيّ المحامي أحمد الشبلي وبسؤاله عن األضابير وعددها؟ وكيف ت ّم نقلها؟ وماهي نظرة الهيئة المستقبليّة لها؟ فأجاب أنّ هذه األضابير تحتوي على حقوق مدنيّة (بيع -شراء -رهن -إيجار – تركات -وأحوال مدنيّة ،ودعاوى عمّاليّة) ويق ّدر عددها بمائة وعشرين ألف وأكثر. في الشهر الثامن من العام 2012قام طيران النظام بقصف مبنى المحاكم المدنيّة في حيّ الشعّار فسارع
محامو حلب األح��رار وعلى نفقتهم الخاصّة بتعبئة المل ّفات الموجودة في المبنى ونقلها إلى مكان آخر. بعدها ُسلّم المستودع للمكتب القانونيّ في المجلس المحلّيّ لمدينة حلب الحرّ ة لم ّدة تسعة أشهر ،ث ّم عاد المستودع للهيئة .خالل السنتين الماضيتين عكفت الهيئة على إعداد مشروع أتمتة هذه األضابير من أجل حفظ نسخ إلكترونيّة عنها في حال ال قدر هللا تلفت هذه األضابير جرّ اء القصف ،وقامت الهيئة بمراسلة ع ّدة جهات داعمة لتدعم هذا المشروع الذي تق ّدر كلفته المبدئيّة بـ 80ألف دوالر ،ومن هذه الجهات وزارة العدل في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة ،وبعد ع ّدة اجتماعات مع وزير العدل القاضي فائز الظاهر تمّت الموافقة مبدئ ّيا ً على دعم المشروع ولكن لم يُصادق عليه بسبب إقالة الحكومة وتحوّ لها إل��ى حكومة تصريف أعمال. وعد الوزير
وفي اللقاء الذي أجريناه مع وزير العدل في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة القاضي فائز الظاهر صرّ ح لنا بما يلي« :أوّ الً :وقبل ك ّل شيء ،إنّ هذه األضابير ليست مُلكا ً للوزارة وال ملكا ً ألحد ،وإ ّنما هي ملك ألصحاب الحقوق التي تحميها هذه الدعاوى. ثانياً :لقد تل ّقينا مشروع من محامي حلب األحرار حول أتمتة هذه األضابير ،وبعد ع ّدة لقاءات وتشاورات ت ّم قبول المشروع ،وت ّم رفعه من قبل الوازرة لرئاسة الوزراء ضمن موازنة عام ،2015وبمجرّ د المصادقة على الموازنة سيدخل هذا المشروع حيّز التنفيذ إن شاء هللا في األيّام القليلة اآلتية ،ووزارة العدل اآلن بصدد نقل مل ّفات قضائيّة من عدد محافظات سوريّة أخرى». متى؟ وها نحن اليوم في العام 2015الذي وُ عدنا أن يت ّم فيه تنفيذ هذا المشروع ،ولن نقف متفرّ جين ،بل سنسلك ك ّل السبل وسنطرق ك ّل األب��واب للبدء بهذا العمل الوطنيّ الذي يمسّ حياة السوريّين ،ك ّل السوريّين تأسيسا ً لحقوقهم في المستقبل.
احملامي :عبّاس املوسى
www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 22
9
/7كانون الثاني 2015/
(الفوبيا) على مدى عقود من االستبداد منذ أن استولى حافظ األس��د على الحكم في سوريّة ،ولجأ إلى القوّ ة والتعسّف واالستبداد من أجل بقائه رئيسا ً لها ،ومن ث ّم ورّ ث الحكم إلى ابنه ب ّ شار، وح ّتى رفض الشعب لنظام االستبداد وخروجه ثائراً ض ّده ،أي منذ ما يقارب الخمسين عاما ً وح ّتى يومنا هذا ،انتشرت -في ظ ّل هذا التع ّنت -الكثير من االضطرابات النفسيّة لدى األفراد، ولع ّل أبرزها (الفوبيا). تعرّ ف الموسوعة الحرّ ة الـ (الفوبيا) أو الرُّ هاب كمرض نفسيّ بأ ّنه “خوف متواصل من مواقف أو نشاطات معيّنة عند حدوثها أو مجرّ د التفكير فيها أو أجسام معيّنة أو أشخاص عند رؤيتها أو التفكير فيها”. لهذا الرهاب تفرّ عات كثيرة وظالل مختلفة ،حيث تغلغلت ح ّتى أصغر تفاصيل حياة األف���راد .طبعاً ،انتها ًء بأكبرها مفصليّة ،ولع ّل (الفوبيا) تلك قد ُكسرت ن��وع��ا ً م��ا م��ن��ذ أرب��ع سنوات ،ولكن ح ّل مكانها (فوبيات) أخ����رى دون أن ُت��م��ح��ى ال��ق��دي��م��ة؛ بمعنى ّ أدق ،إنّ تلك الحاالت قد ُكسرت نوعا ً ما ومن ث ّم عادت للترسّخ ثانية وبشكل أكبر مع حاالت أكبر ش ّدة وقسوة كنتيجة طبيعيّة للموت والحرب الحاصلة. سابقاً ،ثمّة قول منتشر ج ّداً بين الجميع “الحيطان لها آذان” وإنْ عكس هذا من شيء ،فإ ّنه يعكس حجم الرهاب الذي كان منتشراً في تلك الفترة ،حيث كان الخوف من المخابرات يحت ّل الدرجة األولى ،إضافة إلى انتشار أوه��ام المراقبة واالضطهاد بمختلف درجاتها وح ّدتها ،فلم يكن ثمّة َمن يتجرّ أ على توجيه أيّ انتقاد للنظام الحاكم أو أليّ مسؤول أو أليّة جهة من الحكومة ،ح ّتى وإنْ كان وحيداً في غرفة
مع ذاته ،فـ “الحيطان لها آذان!” ،وكان النتشار المخبرين بشكل كبير األثر األكبر في ترسيخ هذه االضطرابات. ويمكننا أن نرى بوضوح مدى تغلغل ذلك الخوف في حياة األغلبيّة ،فإنْ حدث وتجرّ أ أحدهم بانتقاد ما، أو إنْ حدث وش ّكت أجهزة المخابرات في أحدهم، فُ��ت��ح��ت ف��وق فإنّ ويالت جه ّنم تكون قد رأس������ه.
االع���ت���ق���ال ه��و طبعاً ،سيكون المصير الطبيعيّ له؛ عندها – عادة -يت ّم االبتعاد عن عائلة المعتقل قدر اإلمكان من قِبل األصدقاء واألقرباء ،وتغدو هذه العائلة شبه منبوذة ،وإن حدث وت ّم إطالق سراح المعتقل فإ ّنه حتما ً سيكون مرفوضا ً من قِبل الجميع ،ليس بسبب إدراكهم جرمه أو اعتقادهم بخطئه وإ ّنما خوفا ً على أنفسهم من ك أن يُلبَّسوا هم تهمه الملتصقة به ،أو أن يت ّم الش ّ بضلوعهم في تلك التهم ،لذا فيكون األسلم لهم االبتعاد عن المعتقل السّابق ،وعن عائلته أيضاً ،وستظ ّل تلك التهمة ملتصقة به مدى حياته. اليوم ،لم يتغيّر جوهر هذه (الفوبيا) وإ ّنما يمكننا القول تغيّر شكلها أو مظهرها ،إضافة إلى (فوبيات)
جديدة مرتبطة بالقصف واألسلحة ،حيث بات سماع صوت طائرة -وإن كان ضعيفا ً -يثير الذعر في قلوب الجميع ،وخاصّة عند األطفال ،حيث تحوّ لت عندهم في المناطق التي تتعرّ ض للقصف باستمرار ّ يتجزأ منهم ،الخوف من أص��وات إل��ى ج��زء ال الطيران ،أصوات إطالق الرصاص ،مرور عناصر الجيش ،القتل التعسّفيّ ،وغيرها من األحداث التي تحوّ لت إلى شيء يوميّ . وك��أنّ تلك الجرعات لم تكن كافية عند مختلف أف��راد الشعب لتظهر (فوبيا) جديدة منذ ما يقارب ال��ع��ام م��ن تنظيم “داع���ش”، حيث أ ّدى انتشار هذا التنظيم مع ما يمارسه من سلوكيّات القتل والصلب واالعتقال وتقطيع ال��رؤوس واألط��راف وغيرها من تلك السلوكيّات الدمويّة ،إلى إضافة ذعر جديد إلى السابق ،ولع ّل حجم الذعر الذي نشره هذا التنظيم في المناطق المسيطر عليها يعادل حجم الذعر من النظام األسديّ . يمكننا أن نتخيّل مدى التشوّ هات النفسيّة التي يعاني منها أفراد الشعب على مدى الزمن ،ويمكننا أن نتخيّل مدى عقود من تغلغل هذا التشوّ ه في دواخل األطفال خاصّة ،ابتدا ًء من خوفهم فقدان أو خسران أحد أفراد العائلة وخاصّة األهل ،وانتها ًء بالخوف والذعر من تعرّ ضهم هم أنفسهم للتعذيب أو القتل أو االعتقال أو الصلب، مروراً بالخوف من التهجير وفقدان المسكن والجوع والعطش وغيرها. وربّما كان تغلغل تلك (الفوبيات) في دواخل معظم أفراد الشعب السوريّ ،سيحتاج إلى سنوات من الدعم والعالج النفسيّ واالجتماعيّ لتجاوزه والتخلّص منه ،فليس من السهل أبداً تجاوز تلك االضطرابات في دواخل اإلنسان ،أو ح ّل ك ّل تلك العقد التي تش ّكلت على مدى سنوات طويلة من الزمن.
ريم احلاج
الموت في زمن الحرب
الموت في الحالة الطبيعيّة أمر بديهيّ ومسلّم به ال عاقل ينكره وال جبّار يقتله ومع ذلك يستحيل علينا أن نتصوّ ره إذا ما تعلّق األمر بذواتنا ،فك ّل م ّنا مقتنع في الالشعور بخلوده الشخصيّ . منذ القدم كان موقف اإلنسان من الموت موقفا ً متميّزاً ومتناقضا ً بعيداً عن التماسك ،فقد أنكره عندما كان األمر يتعلّق بموته هو ور ّده إلى العدم ،ومن ث ّم آمن به ،ولك ّنه بدا له قاسيا ً ومؤلما ً عندما تعلّق األمر بموت من أحبّ “ول ٌد ،أب ،زوجة” وحاول أن يضفي عليه طابعا ً عرض ّيا ً -تق ّدم في السنّ ،حادث ما -في محاولة الشعوريّة للهروب من كونه ضرورة ،وعادة صا ً من الميّت فينسى مساوئه ما كان ي ّتخذ موقفا ً خا ّ ويتذ ّكر محاسنه (اذكروا محاسن موتاكم ،وال تجوز على الميّت إلاّ الرحمة) وكان حزن البدائيّ على موت ذويه و َمن أحبّ حافزاً على التأمّل ،ومع تقبّله مرغما ً للحقيقة المرّ ة وهي مفارقة أجساد أحبائه ،إلاّ أ ّنه لم يستطع أن يقتنع ال شعور ّيا ً بفنائهم المطلق. لقد ّ مثلت ظاهرة الموت هذه حافزاً ليتأمّل أرواح موتاه التي ظلّت تحوم حوله وفي مخيّلته على هيئة أشباح وتأتيه في أحالمه خيراً أو شرّ اً وذلك تبعا ً
newspaper@allsyrians.org
لموقفه قبل الموت من الميّت ،ومن هنا ابتدعت مخيّلته العفاريت والجنّ ،ولكي يهرب ال شعور ّيا ً من حقيقة أنّ الموت فناء أبديّ ابتدع حالة التقمّص والخلود فكانت أغلب الشعوب البدائيّة تدفن مع موتاها أدواتهم التي قد يحتاجونها في العالم اآلخر، ح ّتى أنّ بعض هذه الشعوب كانت تدفن مع الميّت زوجته وإن كان ملكا ً حاشيته. في الوقت نفسه ،فإنّ اإلنسان منذ القدم لم يعترض على موت إنسان آخر في حال وقف عائقا ً أمام تلبية احتياجاته الغرائزيّة البدائيّة ،ولم يكن لديه أيّ تر ّدد في إحداث هذا الموت فقد كان البدائيّ قاسيا ً وعنيفاً، بل وأش ّد عنفا ً من الحيوانات المفترسة وكان عليه أن يقتل و بطبيعة الحال فقد قتل (وال تنسب إليه تلك الغريزة التي يُقال إ ّنها تكبح جماح الحيوانات عن قتل وافتراس نوعها) وكانت ّ جثة الخصم المصروع المم ّدد أمامه تشعره بشيء من النشوة كونها ّ تمثل انتظاره ،والمعضلة الكبرى التي واجهت اإلنسان هي أ ّنه قد يُصرع بسهم خصمه ويقع حدث الموت عليه. وانطالقا ً من إيمانه ال شعور ّيا ً بعدم فنائه ،فقد
شاركه الدين ح ّل هذه المعضلة بأن اعتبر الموت ليس فناء ،بل هو برزخ بين الحياة الدنيا القصيرة والفانية والتي هي دار بالء وابتالء وحياة اآلخرة والتي هي دار خلود ونعيم وبقاء ،وهكذا غدا الموت من أجل هدف نبيل ومق ّدس مطلبا ً ومطلوباً ،بل واجبا ً وجزاؤه الخلود في الفردوس (اطلبوا الموت توهب لكم الحياة) وح ّتى موت الخصم لم يعد فناء أبد ّيا ً بل إ ّنه و بعد أن يُقتل سيُلقى به في نار جه ّنم خالداً مخلّداً ليسوم أنواع العذاب وهكذا صار الموت محبّبا ً (نحن قوم نحبّ الموت حبّكم للحياة) وغدا الموت بشكله الطبيعيّ كضرورة فيه شيء من الكمد والحسرة تحسّرها خالد بن الوليد (لقد شهدت مائة زحف أو زهاء ،وما في بدني موضع شبر إلاّ وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي فال نامت أعين الجبناء). بالعودة إلى الهدف النبيل الذي يجعل الموت واجبا ً مق ّدسا ً ومحبّباً ،فهذا الهدف يختلف تبعا ً لثقافة ك ّل شعب ،فقد يكون لمصلحة زعيم قبيلة أو دكتاتور دولة وقد يكون دفاعا ً عن وطن وشعب أو قيمة أخالقيّة وإنسانيّة وأ ّيا ً كان الهدف فعاد ًة ما يت ّم إلباسه لبوسا ً أخالق ّيا ً ويبدأ الساسة والجنراالت بشيطنة الخصم وإلقاء محاضراتهم على أتباعهم عن البطولة ّ الممثلين لكال والشرف ،ويتولّى سارقو المق ّدس الخصمين إضفاء بُعد الخلود على الموت ويتسابق الفقراء والبسطاء إليه مستخدمين ك ّل األساليب وأقذرها لإلجهاز على الخصم. هكذاُ ،تلقي الحرب البشر في صحراء غرائزيّتهم وتعرّ يهم من ك ّل القيم التي راكمها العقل البشريّ خالل رحلة أنسنته الممت ّدة من كهفه إلى ناطحات سحابه ،وعندما يصبح الموت جماع ّيا ً نتيجة استخدام أنواع األسلحة المتطوّ رة بك ّل أشكالها يبدو األمر مثيراً للهلع والذعر بشكل كبير وعلى نطاق واسع ويغدو ً حقيقة يوميّة صارخة وماثلة للجميع ويالحق الموت الجميع أحالم يقظة وكوابيس وتركل الصدمة قيم الحضارة إلى سلّة المهمالت ويبدأ اإلنسان يتآلف مع موته الذي يغدو شبحا ً يسكن في ك ّل الزوايا ،وألنّ الموت اختطف الكثير من األحبّة فأهالً به ،ولكن لتكن الطريقة رحيمة.
مسري العل ّي
من مستب ّد إلى آخر ي��وم الخميس ،18/12/2014استفاق أهالي بلدة سراقب في ريف إدلب على جثتين ،قيل إنّ ّ ملثمين قد رموا بهما جانب مشفى “الشفاء” ليتبيّن أنّ الجثتين هما لسيّدتين، وقد ت ّم رجم إحداهما ح ّتى الموت وقُتلت الثانية برصاصة في الرأس ،وأنّ تنفيذ الحكم قد ت ّم بنا ًء على حكم صادر من المحكمة الشرعيّة في سرمين وت ّم تنفيذ الرجم بالقرب من قرية النيرب والتي ال تبعد كثيراً عن سرمين. تروي “سماح” ( 45عاماً ،من أهالي سراقب) القصّة قائلة :هذه المرّ ة باسم الدين واال ّدعاء بتطبيق (شرع هللا) من فصائل كثيرة ،وك ّل منهم ي ّدعي تطبيق (شرع هللا)، ولسان حال الناس يقول “من تحت الدلف لتحت المزراب” فأين الحرّ يّة التي ُثرنا من أجلها؟ تتساءل “سماح” وتتابع لنا رواية الواقعة :المه ّم أ ّنه وقع خطأ بين رجل وامرأة فاقتحمت البيت مجموعتان من الجند واألحرار وعدد من التكفيريّين كي يقبضوا على المشتبه بهم بالجرم المشهود وألقي القبض على من وُ جد في المنزل (رجل وامرأتان) الحادث كان و ْقعه كبيراً بالنسبة ألهل المدينة ،ولكنّ ما تداوله الناس من أخبار بعد يوم من إلقاء القبض عليهم ،بأ ّنه سين ّفذ بهم حكم الموت (رجما ً بالحجارة) كان أكبر وأقسى بالنسبة ألهل المدينة. توضح “سماح” بات الناس يتساءلون في حيرة ،هل الموت أصبح سهالً إلى هذه الدرجة؟ بسهولة يكون الحكم وبسهولة يكون التنفيذ! وتضيف :لقد انقسم الشارع بين قلّة من المؤيّدين للحكم وأكثريّة من المعارضين للحكم من قِبل هذه المجموعات التكفيريّة ،ح ّتى البيوت اختلفت في الرأي فالخطأ واقع ،أمّا الجزاء فهل يمكن أن يكون بهذه السرعة؟ وتتابع “سماح” أال يجوز أن يحكموا عليهم بالسجن عسى هللا يغيّر ما في أنفسهم ،أم أنّ دم السوريّ أصبح مستباحا ً ً قائلة :أمضينا الليل لدى النظام ولدى هؤالء أيضاً؟ وتردف والجميع مذهول من هول ما سيحدث ولم يعرف النوم طريقا ً ألحد ،أل ّنه وتحت هذه الذريعة ،يصبح ك ّل بيت معرّ ض لالقتحام وبأيّة لحظة. تقول “سماح” في الصباح ،استيقظت على ضوضاء ُ خرجت ألعرف ما الذي يجري؟ وصراخ في الشارع، كانت المرأة ذات العشرين ربيعاً ،التي ا ّتهم زوجها بالخطأ تقف عند قبر والدها وصغيرتها على صدرها تبكي لبكاء أمّها التي تشكو لوالدها وتقول: (قوم يا يوب ،قوم لتشوف أشو بدهن يعملوا بجوزي ،ما سمحولي أدافع عنه ،ما حدا منهم خلاّ ني أحكي كلمة ...أنا بحبّك يا يوب وبحبّ جوزي ...أشو هالمصيبة إلّي ابتليت فيها مين بدو يعيلني أنا وهالصغيرة بعد رجم جوزي؟!).. ْ ُ وعرفت فيما خرجت من المقبرة، وبعد وقت ليس بالقصير بعد بأ ّنه ت ّم إبالغها بتنفيذ الحكم منذ الصباح. وتخبرنا “سماح” أ ّنه أثناء ذلك ا ّتجه الناس إلى مكان التنفيذ فوجدوا حفرتين وبجانب ك ّل حفرة أك��وام من الحجارة ،وجاؤوا بالمشتبه بهما “هند وليلى” والمشتبه به “ياسر” من أهالي بلدة سراقب ،والناس في حيرة من أمرهم ُ سمعت إحدى صديقاتي وهي مدرّ سة من وتقول “سماح” أهل البلدة تدعى “هدى” تدعو هللا بالموت لهذه الجماعات التكفيريّة التي ال تعرف من اإلسالم إلاّ القتل وتقول :اقترح الكثيرون البارحة أن نخرج إلى الشار ع لنصرخ ال ال للقتل ال للدولة اإلسالميّة ال للتطرّ ف والظلم ،نعم للمدنيّة، فال يمكن لمن سار في وجه ب ّ شار الطاغية أن يصمت على ظلم المجموعات المتطرّ فة ،والتي ال تعرف من اإلسالم سوى القتل ،وهدفها إرهاب الناس ليرضخوا ،ويظهر بأ ّنهم من يحكمون المدينة وأمر الناس بيدهم ،وتتابع “هدى” لنفرض وأليّ سبب من األسباب وقعت “ليلى” أ ّم الولدين والمدعو “ياسر” في الخطأ ،ولكن أن يكون العقاب الرّ جم ((واللاَّ تِي فهذا لن يؤيّده أحد وهللا في محكم آياته قالَ : ِين ْال َفا ِح َش َة مِنْ ن َِسا ِئ ُك ْم َفاسْ َت ْش ِه ُدوا َع َلي ِْهنَّ أَرْ َب َع ًة ِم ْن ُك ْم َيأْت َ ت َح َّتى َي َت َو َّفاهُنَّ ْال َم ْو ُ ت أَ ْو َفإِنْ َش ِه ُدوا َفأَمْ سِ ُكوهُنَّ فِي ْال ُبيُو ِ َيجْ َع َل للاهَّ ُ َلهُنَّ َس ِبيالً)) آية ( )15سورة النساء. تتابع “سماح” :وبالعودة إلى سير الحدث ،عندما حضر القاضي راعه أنّ المتواجدين من الحضور في المكان أكثر ممّا كان يتو ّقع ،والنقمة بادية على وجوه الجميع والشرّ ر يتطاير من أعينهم ،فتراجع عن الحكم م ّدعيا ً عدم استيفائه الشروط ،والحقيقة أ ّنه ق ّدر حجم الغضب عند الحاضرين. ال يمكن أن تستطيع مجموعة أو مجموعات الحكم والسيطرة على شعب ق ّدم ك ّل ما يملك من أجل حرّ يّته وحرّ يّته فقط ،سنبقى نثور ونموت ،ونموت ونثور ح ّتى تزهر حرّ يتنا. فمن ثار منذ أربع سنوات على طغيان دكتاتور مستب ّد ليقع تحت نير مستب ّد جديد من نوع آخر ،استبداد مجموعات تكفيريّة تقرأ تعاليم الدين وتفسّرها بما يتناسب مع غلوّ ها، وذلك في محاولة إلرهاب الشعب الذي ثار يطالب بحرّ يته، ال يمكن أن يت ّم إخضاعه لطغاة جُدد.
يب أسرار السراق ّ
www.allsyrians.org
10
العدد 22
السوري والباحث حوار مع المعارض ّ اإلسالمي «رياض درار» ّ
يف سعيها إىل فتح فضاء احلوار مع االجتاهات الفكريّة السوريّة .التقت صحيفة «كلّنا سوريّون» األستاذ «رياض درار» وكان احلوار التالي: «الحركات الجهاد ّية سيطرت عليها • الفوضى العلم ّية والفكر ّية ،م ّما ش ّكل لديها أزمة تقرب من أخالق وأزمة قيادة ،فهي فاسدة مفسدة ّ ّ والتنطع هو على شاكلتها من أهل الغرور والجهل والكبر والقسوة ،وتبعد الصالحين وته ّمشهم بل توصفون في كتاباتكم الحركات وتقتلهم »...كذلك ّ الجهاد ّية ،ما هو منهجكم في التصدّ ي لهذه الحركات؟ أ .درار :في الحقيقة هي حركات جهاديّة تجاوزاً ،فالجهاد مراتب وأوّ له جهاد النفس ،وهنا نالحظ هذا االستعالء لدى المجاهدين ،ما ينفي عنهم صفة الداعية ،الذي يصبو إلى بذل الجهد إليصال األفكار الصالحة للناس وللمخالفين بحسن ال ُخلق قبل فرض القانون ..والجهاد بالحجّ ة قبل اإلكراه الذي يناقض الدين .اليوم ال نعرف من الجهاد إلاّ ما ين ّفر ويك ّفر ،فالجهاد اليوم هو عنف فقط ،وقد أخرج م ّدعو الجهاد اليوم مفهوم القتال عن مناقبيّته وعن روحه وعن أهدافه ،وقد سيطرت الفوضى عليهم بانعدام المرجعيّات المؤهَّلة والتي تنظر إلى مفهوم الجهاد من خالل مقاصده الدعويّة ال من خالل القتل واالنتحار وغياب الهدف، فالعوام ومحدودو الفهم هم من يتق ّدمون بال أدب وال احترام ألهل العلم والناصحين والمرشدين، ممّا ش ّكل أزم��ة أخ�لاق بسبب الش ّدة والغلظة واالفتقار إلى الرحمة وانعدام الرشد وغياب العفو، وتعال ،وبغياب وما يرافق ذلك من عُجب وغرور ٍ ّ القيادة الراشدة تق ّدم الجهلة وك ّل متنطع جاء وقد امتأل كبراً وقسوة ،وه��ؤالء الذين اله ّم لهم إلاّ التناطح على الرئاسة عبر استخدام القوّ ة ،لن يقبلوا صالحا ً وال فهيما ً وال فقيّها ً بينهم (والفقيه هو من يدرك المصلحة في الزمان ال من يحفظ الكتب ويعبدها كاألوثان) لذلك تجد التهم لديهم جاهزة لتخويف الصالحين وتهميشهم ،وربّما تصفيتهم، أل ّنهم يكشفون عُوارهم وكذب ا ّدعاءاتهم.
/7كانون الثاني 2015/
رياض درار ،باحث إسـالم ّي ومعارض سـياسـ ّي ،عمل مدرّسـاً يف مدارس دير الزور وخطيبـاً يف مسـاجدها ،تع ّرض للسـجن مخـس سـنوات لدفاعـه عن حقوق ال ُكرد واتّهامـه النظام باغتيال الشـيخ معشـوق اخلزنـو ّي ،ومازال ،يعمل من أجل الدفاع عن حقوق اإلنسـان والعمل على إحيـاء اجملتمـع املدن ّي والوصول إىل دولة املواطنة.
إذا ،ه���ذه ليست حركات جهاديّة ،بل هي حركات استبداديّة ال مشروع لها تعتمد التش ّدد والحرْ فيّة في ت��ف��س��ي��ر ال��ن��ص��وص وتكفير المخالف ،والتش ّدد هو تطرّ ف فكريّ وعنف ما ّديّ أو معنويّ ،وهو يعني الناحية البعيدة من ك ّل شيء ويأخذ معنى ال ُغلوّ وتجاوز الح ّد ويرتبط باالنغالق والتعصّب للرأي ورفض اآلخر وكراهيته ،وقد يقود إلى استباحة دمه. باختصار ،إنّ معالجة التش ّدد ال تكون بتش ّدد مماثل ،وال ب ّد من تفكيك أسباب التش ّدد ومن ث ّم معالجة مخاطره ،ويجب التفريق بين معالجة التطرّ ف الفكريّ الذي يجب أن يكون باألساليب السياسيّة والفكريّة ،ومعالجة التطرّ ف الما ّديّ والسلوك العنفيّ الذي يكون باألساليب األمنيّة والبوليسيّة. مدني، عندما تقولون« :اإلس�لام دين • ّ علماني» كيف يمكننا التعامل واإلسالم في جذره ّ النص المقدّ س مع نصوص غير القابلة للنقاش؟ ّ أال يتعارض مع العلمان ّية؟ وما هو أفق اإلسالم السياسي في سورية؟ ّ أ .درار :النصّ في جذره علمانيّ إذا كان المراد عدم الفصل بين الحياة الدنيا والمعاش فيها وما يتعلّق بإدارة الحياة وتنظيم الشؤون الدينيّة، فاألصل أنّ النصّ وضع قواعد عامّة للتعايش ّ يتدخل في شكل اإلدارة والتفاهم بين الناس ولم وتسيير الحكومات وتركها للناس الذين هم أدرى بشؤون دنياهم .ومن هنا ،ال يوجد إسالم سياسيّ وإ ّنما يوجد مسلمون يمارسون السياسة ،وبحكم التع ّدد المجتمعيّ واختالف الناس ،الذي هو ُس ّنة َخلقيّة ،وحرّ يّة االعتقاد دون إكراه في الدين ،صار الزما ً أن يرسم الناس قواعد اإلدارة بينهم بحسب الحاجة في المكان والزمان ،مع قبول التغيّر المستمرّ دون ارتباط بدين ،ألنّ الدين شيء ثابت ال يتغيّر ،فال يجب أن ُنقيّد المتغيّر بالثابت وال ُنلزم الثابت بالمتغيّر؛ مشكلتنا أ ّننا رسمنا قواعد اإلدارة يوم كانت دولة اإلسالم إمبراطوريّة ،ومازال هذا الفهم مقيِّداً لحركتنا السياسيّة لم يتغيّر ،واعتبرناه من الدين وهو حاجات قوم في زمانهم وليس إلزاما ً دين ّياً .لذلك ،ال أفق لإلسالم السياسيّ ،وإ ّنما على المسلمين االنخراط في السياسة على أرضيّة البرامج االجتماعيّة ،وليس على أرضيّة العقائد المتصارعة والمتنافرة. بعض اإلسالم ّيين يفرضون الحجاب • على تلميذات االبتدائ ّية (نتذ ّكر رفعت األسد كوجه آخر للعملة) ويحذفون حصص العلوم األساس ّية لحساب دروس الديانة ،كيف تنظرون إلى مسألة ديني، التعليم ومحاولة البعض تحويله إلى تعليم ّ ح ّتى سادت حالة «أسلمة التعليم»؟ أ .درار :هذا هو جذر المسألة ،التصلّب
والتش ّدد الدينيّ واال ّدعاء العلمانيّ المزيّف ،ألنّ الدين الصحيح والعلمانيّة الصالحة ،كالهما، ينشد التسامح والتساهل والتآلف وحرّ يّة االعتقاد، ّ التدخل في الحياة الشخصيّة للناس وبالتالي عدم وإ ّنما النصيحة والتذكير. األصل أنّ التعليم عا ّم وشامل ،وفي ك ّل فروع المعرفة والحياة ،والدين فقط يربطه بالتعليم الفضيلة والمثل العليا ،وليس الفقهيّات في العبادة والمعامالت ،هذا يجمّد المجتمع عند مسائل الحالل والحرام ،ح ّتى يضيّق على المجتمع ويربط الحياة بالفقيه ،الذي يؤسّس للمؤسّسة الدينيّة بما نراه ونعرف من فسادها وإفسادها ،ومن تبرير أفعال الح ّكام واستبدادهم وجعل الناس تحت رحمتهم... العلمانيّة في هذه المسألة تحرّ رت من القيود الكهنوتيّة وفتاواها الضيّقة فا ّتسع المجال للعلوم لما لقيت من حرّ يّات وقدرة على اقتحام المجهول.. وال ننسى أنّ الم ّتصفين بالعلمانيّة في بالدنا جلّهم ال يدرك منها إلاّ أن يباح له ك ّل شيء فيفعل ما يريد .لذلك ،ليس لدينا حكومات علمانيّة ،ووصفها بالعلمانيّة يعتبر تج ّنيا ً وافتئاتا ً على العلمانيّة. ُتطرح في اآلون��ة األخيرة العديد من • المبادرات :تجميدات «دي ميستورا» لقاءات موسكو وال��ق��اه��رة ،..ول��ك��نّ ال��ح��رب والقتل مستمران في طول سورية وعرضها ،هل مازال ّ السياسي في سورية؟ ّ هنالك مجال للحل ّ لاّ أ .درار :لن يكون في سورية ح ٌل إ الح ّل السياسيّ ؛ ال يوجد قرار دوليّ من أجل إنهاء األزمة، والمتداخلون فيها تع ّددوا وتنوّ عوا ،وسبب فشل أيّة مبادرة كثرة األصابع فيها .لذلك ،ليس للسوريّين إلاّ أن يدوسوا على جراحهم ويبدؤوا نزع شوكهم بأيديهم .لقد كان هناك اجتهاد كثير أثبتت األحداث خطأه ،وكان هناك عناد كبير جمّد المبادرات أو أجّ لها ،وأعتقد أنّ مبادرة «دي ميستورا» ليست كاملة ،إ ّنما يمكن البناء عليها إذا شملت مناطق أخرى مع حلب وبضمانات دوليّة كاملة؛ والمبادرة لدى مركز الحوار اإلنسانيّ أوسع وأشمل ،وعمل عليها مجموعة من السوريّين بمشاركة أعضاء المركز وآخرين .أمّا المبادرات األخرى فأراها نوعا ً من تسويق السياسات الفاشلة ،وهي تحاول ّ المؤثرة معتمدة على فتح ثغرة في مواقف الدول عجز االئتالف ،وعلى اندفاع هيئة التنسيق إلثبات الوجود والفاعليّة .أعتقد أ ّنه بدون قرار دوليّ لمواجهة التنظيمات (النصرة وتنظيم الدولة) التي طغت على المشهد ،فإنّ البالد ذاهبة إلى التقسيم واستمرار الحرب سنين طويلة. األستاذ «رياض درار» شكراً جزيالً لكم. •
حاوره ّ بشار فستق
الحروب اإلسالمّية والجهاد في سبيل اهلل
بعد عرض الحروب التي خاضها اليهود ومن ث ّم المسيحيّون باسم الربّ إلعالء دينهم ،الب ّد من التطرّ ق للحروب التي خاضها المسلمون إلعالء دين اإلسالم ،تحت مسمّى الجهاد في سبيل هللا. بدأ الجهاد في عصر الرسول محمّد ،تحت مسمّى غزوات والتي بلغ عددها 28غزوة ،ح ّقق أهدافه من دون قتال في تسعة منها ،بلغ عدد ضحايا هذه الغزوات حوالي األلف من الطرفين، وبعد وفاة الرسول محمّد في المدينة المنوّ رة، بايع المسلمون أبي بكر الصديق ،الذي خاض ما عُرف بحروب ال��ر ّدة ،وت ّم توحيد أغلب أجزاء شبه الجزيرة العربيّة ودخل المسلمون في حروب مع القوى العظمى حينذاك ،الفرس والبيزنطيّين، وفي عهد عمر بن الخطاب استولى المسلمون على مصر وفارس والعراق والشام ،استمرّ العهد الراشديّ ثالثين سنة (.)661-632 لع ّل أبرز ما امتاز به العصر األمويّ (-661 750م) كثرة الفتوحات شرقا ً وغرباً ،وبلوغ الدولة اإلسالميّة أقصى اتساع لها ،فامت ّدت رقعتها من الصين شرقا ً إلى حدود فرنسا غرباً ،حيث أنّ الخلفاء العباسيين ،الذين ورثوا هذه الخالفة الكبيرة المترامية األطراف ،عجزوا عن االحتفاظ بك ّل ما فُتح من أقاليم في عهد أسالفهم األمويّين ،ويشير ابن كثير إلى خصوصيّة الفتوحات التي اشتهر بها العصر األمويّ ويقول« :وكانت سوق الجهاد قائمة في بني أميّة ليس لهم شغل إلاّ ذلك ،قد
newspaper@allsyrians.org
علت كلمة اإلسالم في مشارق األرض ومغاربها وبرّ ها وبحرها ،وقد أذلّوا الكفر وأهله ،وكان في جيوشهم الصالحون والعلماء وكبار التابعين ،في ك ّل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر هللا بهم دينه، فكان سوق الجهاد قائما ً في القرن األوّ ل من بعد الهجرة إلى انقضاء دولة بني أميّة في بالد الروم والترك والهند» وقد اقترن بفتوحات بني أميّة انتشار اإلسالم واللغة العربيّة ،فعصر بني أميّة هو العصر الذي اتخذت فيه الدولة طابعها العربيّ اإلسالميّ بشكل نهائيّ ،ح ّتى أنّ العروبة واإلسالم هما الملمحان البارزان اللذان اتسمت بهما البالد المفتوحة في العصر األمويّ . ث ّم قام العهد العباسيّ (1258-750م) ،حيث حدثت المعارك على طول سلسلة جبال طوروس، ممّا م ّكن العباسيّون من الدخول إلى آسيا الصغرى ح ّتى مضيق البوسفور .وحكم العباسيّون الهند بعد قضائهم على الدولة األمويّة ،وقاموا بتوسيع رقعة الدولة العباسيّة ففتحوا كشمير وألملتان وقندهار، كما استولوا على صقلّية وإيطاليا. داع لسرد تفصيليّ حول مسيرة ليس هناك من ٍ الفتوحات اإلسالميّة ،فهو أمر ت ّم التطرّ ق إليه بكثرة ،ومعلوم لدى الكثيرين ،ولن نشير إلى المجازر التي قامها العباسيّون باألمويين ،لكونه موضوع جدل لم يُحسم ،ولست بوارد إثبات أو نفي حدوثها ،لكن الب ّد من تسليط الضوء على النقطة األساسيّة ،وهي تشابه مسيرة األدي��ان
ثقافة
الثالث في االنتشار وبسط السلطة السياسيّة تحت اسم الدين عن طريق الحروب ،وعلى الرغم من نفي السير اإلسالميّة لهذا التشابه غير أ ّننا نلمس طابع التعصّب بتسميتها «فتوحات» ال غزوات أو ح��روب ،تمييزاً لها عن المسيرة اليهوديّة والمسيحيّة ،فهي باعتقادهم ليست حروباً ،بل هي جها ٌد إلعالء كلمة هللا ودينه ،أال وهو اإلسالم حكماً .لكن ما هو االختالف بين تسمية الفتوحات وتسمية الحروب الصليبيّة وحروب تطهير األرض المق ّدسة التي وعد هللا بها اليهود؟ يدافع المؤمنون المسلمون عن «الفتوحات اإلسالميّة» بأ ّنها قامت تحت أم��ر هللا وآياته القرآنيّة ،األم��ر ال��ذي هو مشابه تماما ً للحجج اليهوديّة والمسيحيّة ،الذين قاموا بحروبهم بناء على كالم هللا في التوراة واإلنجيل ،كما سبق وت ّم اإلشارة إليه في مقاالت سابقة ،فاعتبار ك ّل معتنق ّ الحق يمنحه القناعة المطلقة لدين ما ،أنّ دينه هو بوجوب الدفاع عنه وشرعيّة الحروب التي قامت باسمه وطريقة انتشاره وتحويله إلى أمر ال يقبل الجدل فيه ،تماما ً كما يفعل المسلمون باعتبارهم للحروب اإلسالميّة بأ ّنها فتوحات شرعيّة لنشر ّ الحق .وهذا ما يضعنا اليوم أمام سؤال الدين وجوديّ حول النسبيّة والمطلق في المعتقدات وما تأتي به من حروب دامية لم تتخلّص البشريّة من آثارها ح ّتى يومنا هذا.
لينا احلكيم
في اإلعادة إفادة
ح ّريّة املرأة
قاسم حممّد أمني ()1908 – 1863
* ...صارت غاية التم ّدن أن ينال الفرد أقصى ما يمكن من االستقالل والحرّ يّة ،ذلك ألنّ اإلنسان تر ّقى في فكره ،فهو يرى أنّ تسليم نفسه إلى تصرّ ف الحاكم أمر ال تسلّم به منزلته من اإلنسانيّة وال ي ّتفق مع راحته وسعادته .ولهذا فهو ال يقبل أن يتنازل ألحد عن حرّ يّته وال أن يأتمن أحداً عليها ولو كان أقرب الناس إليه وال يسمح بأن يترك إلى الحكومة إلاّ بقدر ما يلزم تركه لتتم ّكن من تأدية وظيفتها وهي المحافظة على األمن العا ّم في الداخل والمدافعة عن سياج األمّة في الخارج .وأيضا ّ القيام باألعمال التي تعود منفعتها على الجميع. بحسب هذا الشرط يخضع الفرد إلى ما تقرّ ره عليه من األعمال واألموال أمّا إذا أرادت الحكومة أو أيّ فرد من الناس أن يدخل في عمل من أعماله أو شأن من شؤونه الخاصّة فإ ّنه يشعر بثقل الضغط عليه ويجد في نفسه ألم الظلم. فالحريّة هي قاعدة تر ّقي النوع اإلنسانيّ ومعراجه إلى السعادة ولذلك ع ّدتها األمم التي أدركت سرّ النجاح من أنفس حقوق اإلنسان. من المعلوم أنّ المقصود من الحرّ يّة هنا هو استقالل اإلنسان في فكره وإرادت��ه وعمله متى كان واقفا ً عند حدود الشرائع محافظا ً على اآلداب وعدم خضوعه بعد ذلك في شيء إلرادة غيره اللّه ّم إلاّ في أحوال مستثناة كالجنون والطفوليّة ح ّتى بالنسبة لألطفال مُميت لعزيمتهم ورجحوا أن يُترك الطفل يتصرّ ف في نفسه بحرّ يّته وإ ّنما على والديه إرشاده ونصحه. فهذه الحرّ يّة على ما بها من سعة هي التي يجب أن تكون أساسا ً لتربية نسائنا. يتعجّ ب بعض الناس من طلبي تخويل الحرّ يّة للنساء ّ الرق ولو فهموا معنى الحرّ يّة لما ويتساءلون هل هنّ في قيد اختلفوا معنا في الرأي. ليس مرادنا أن نقول أنّ المرأة اليوم تباع وتشترى في األسواق ولكن ليس الرقيق هو اإلنسان الذي يباح االتجار به فقط بل الوجدان السليم يقضي بأنّ ك ّل من لم يملك قياد فكره وإرادته وعمله ملكا ً تا ّما ً فهو رقيق. ال أظنّ أنّ القارئ المنصف يختلف معي في الرأي إن قلت أنّ المرأة في نظر المسلمين على الجملة ليست إنسانا ً تا ّما ً وأنّ الرجل منهم يعتبر أنّ له ّ حق السيادة عليها ويجري في معاملته معها على االعتقاد والشواهد على ذلك كثيرة. فليس من األدب في كثير من العائالت أن يجلس الرجال مع النساء أو أن يأكلن معهم وقد رأيت مراراً أنّ الرجل يجلس على مائدة الطعام وامرأته تطرد الذباب عنه وبنته تحمل قلّة الماء. ّ الفظة نعم إنّ معاملة الرجل للمرأة على هذه الطريقة ً المستهجنة تشاهد في الغالب في بعض الطبقات خصوصا في بالد األرياف لكنّ استعباد المرأة في الطبقات األخرى وفي المدن موجود على أشكال أخرى ،فالرجل الذي يحجر على امرأته أن ال تخرج من بيتها لغير سبب سوى مجرّ د رغبته في أن ال تخرج ،ال يحترم حرّ يّتها فهي من هذه الجهة رقيقة بل ّ الرق ،وال يقال إنّ عدد سجينة والسجن أش ّد سلبا ً للحرّ يّة من الرجال الذين يسجنون نساءهم صار اليوم قليالً ،فإ ّنه وإن ق ّل بالنسبة إلى الماضي لكن كلّنا نعلم أنّ من النادر ج ّداً أن تكون المرأة متروكة إلرادتها واختيارها في ذهابها وإيابها ،على أنّ كالمنا اآلن إ ّنما هو في مقام المرأة في نفس أغلب الرجال وما يجب عليها في اعتقادهم أن تعمل به وأن تكون عليه فسواء ق ّل احتباس المرأة أو لم يقلّ ،فالمرأة المقصورة في بيتها التي ال تفارقه تعتبر عندهم خير امرأة ولو أخذ المسلمون برأي الجهّال من فقهائهم -وهم أهل الرأي عندهم -لرأوا من الواجب عليهم أن يسجنوا نساءهم وأن ال يسمحوا لهنَّ بالخروج إلاّ لزيارة األقارب في العيدين ورأوا من األفضل أن ال تخرج من بيتها في جميع األحوال ،وقد ع ّدوا من مفاخرهم أن ال تخرج المرأة من خدرها إلاّ محمولة إلى قبرها؟ ّ الحق للرجل في سجن زوجته ينافي الحرّ يّة ك أنّ تقرير وال ش ّ التي هي ّ حق طبيعي لإلنسان... *من كتاب (المرأة الجديدة) – مطبعة الشعب – 1911صفحة ()33 – 28
www.allsyrians.org
العدد 22
ثقافة
/7كانون الثاني 2015/
ثورة فنّان ثائر
(ز ّخ رصاص على الناس العزّل يا حيف ...وأطفال بعمر الورد تقتلهم كيف؟)
في لقاء مع موقع «قنطرة» يقول سميح «المشاهد التي رأيناها في األيّام األولى صدمتني ،فخرجت معي أغنية (يا حيف) خالل ساعتين ،بعد تدقيق بشكل كبير حول صحّ ة ما يحدث ،ألنّ الموضوع خطير جداً، فأمسكت العود وخرجت الكلمات وخرج اللحن ،وفي اليوم التالي مباشرة قمت بتسجيلها». منذ اليوم األوّ ل القت األغنية رواجا ً منقطع النظير، فقد ر ّددها الناس في الساحات والشوارع وفي أغلب المظاهرات ،وح ّتى في المساجد ،مع أنّ الغناء يُعتبر من المحرّ مات في الدين اإلسالميّ ،لكن الثورة كسرت هذا الشيء ،وهذا دليل على أنّ الثورة ق ّدست حراكها. بهذه األغنية أعلن سميح شقير انتماءه للثورة منذ أيّامها األولى ،كيف ال وهو َمن ب ّ شر بزوال الطغيان ك وبقاء المدن ،وقطع -كما قطع معه الكثيرون -الش ّ باليقين على أنّ ما يجري ليس مجرّ د احتجاجات في بقعة جغرافيّة محدودة ،وإ ّنما هي ثورة شعب يطالب بحريّته التي انتظرها طويالً وص ّفق لها ور ّددها غنائ ّيا ً في حفالت سميح ،الذي تربّى منذ والدته في السويداء جبل العرب ،على قصص وبطوالت الثورة السوريّةالكبرى ووعى أنّ الوطن هو فوق الطوائف والمذاهب ينتم إلى أيّ حزب سياسيّ وظ ّل واألحزاب ،لذلك لم ِ مستقلاّ ً يكتب ويلحّ ن ويغ ّني لك ّل أبناء الشعب السوريّ بك ّل أطيافهم ،كتب وغ ّنى للحصادين (واعدنا هل البيادر نسري تحت جناح الليل) وللشهداء (رجع الخيل يا عين ال تدمعيلو) األغنية التي طالما و ّدعنا شهداء الثورة على نغماتها ،غ ّنى سميح ألمّهات المعتقلين الذين غيّبتهم الزنازين وستظ ّل أغنيته (هي يا سجّ اني ...هي يا عتم الزنزانة) تتر ّدد في زوايا أقبية الطغاة وسجونهم حاملة ألم وأمل ك ّل المعتقلين الحالمين بالحرّ يّة. بعد أغنيته (يا حيف) غ ّنى سميح لحريّة الشعب السوريّ ،وغ ّنى لحمص ومأساتها ولحلب وقلعتها وتاريخها ،وكانت آخر أغنياته (عتاب البحر) فيطلب ّ المعذبين في تغريبتهم (قادر منه أن يتر ّفق بالسوريّين يا بحر موجك قادر يكسر خاطر كل مهاجر) كذلك ،غ ّنى سميح للحريّة واألح���رار من ك ّل األطياف (لي صديق من كردستان اسمه شيفان) وغ ّنى
لمحجوب (بعدك عايش ببالنا فالحينا وعمّالنا ينادوا يا محجوب) بنكهة سودانيّة ،وغ ّنى لسانتيغو، أنشد للجوالن وفلسطين والمقاومة ،وغ ّنى لأل ّم، فطلب أن ت��ر ّد له صفاء روحه وجمال الكون الذي أضاعه في ازدحام المدن. ك��ت��ب س��م��ي��ح أغ��ل��ب كلمات أغانيه معتمداً على الكلمة الشعبيّة الدارجة والبسيطة والجملة السهلة المعبّرة ،كما لحّ ن وغ ّنى للكبيرين :دروي��ش والماغوط .امتازت جمل شقير اللحنيّة ببساطتها وروحها الشعبيّة وقصرها ممّا جعلها مستساغة الوقع على األذن وقريبة إلى إيقاع الشارع ونبضه ،وهذا ما جعل أغانيه تدرج على ك ّل لسان وبحق ،يُعتبر سميح شقير مؤسّسا ً ّ وتدخل ك ّل بيت؛ ألغنية سوريّة خالصة كلمة ولحناً ،تحمل ه ّم ووجع السوريّ . ً إنسان ّيا ،ق ّدم سميح العديد من الف ّنانين من أبرزهم الف ّنانة سهير شقير صاحبة الصوت القويّ ،وكتب الموسيقى التصويريّة للعديد م��ن المسلسالت والمسرحيّات ،واعتمد في حفالته على مرافقة فرقة موسيقيّة مؤلّفة من عدد قليل من العازفين أغلبهم من األصدقاء ،وكلّنا يذكر المضايقات األمنيّة الكثيرة التي كان يتعرّ ض لها سميح من قِبل األجهزة األمنيّة ،ولم يتسنّ له تسجيل أعماله وتوزيعها بشكل جيّد إلاّ بعد أن عمّت شهرته ،من أعماله (يا باح ويا باح) عمل خاصّ باألطفال. شارك سميح في الكثير من المهرجانات العالميّة كمهرجان األغنية الملتزمة في الجزائر عام ،1984 ومهرجان مناهضة العنصريّة بدعوة من مجلس بلديّة لندن ،عام .1994 درس سميح في المعهد العالي للموسيقى في كييف أوكرايينا ،وفي تلك الفترة أقام ع ّدة حفالت كبيرةفي ك ّل من موسكو وكييف وبيتر سبورغ ،ث ّم عاد إلى سوريّة عام ،1994كما كان له مشاركة في المهرجان العالميّ للحرّ يّة في مدينة (كولن) األلمانيّة. إبّان الثورة أحيا العديد من األمسيات الغنائيّة على المسارح األور ّبيّة ،أنشد فيها لحريّة سوريّة وشعبها ومجّ د الثورة منها :السويد ،لوس انجلوس ،القاهرة، وفي ألمانيا ،وفي المعهد العربيّ بباريس ،ولندن. يتوان الف ّنان سميح شقير عن الغناء للثورات لم َ العربيّة ،فقد غ ّنى لثورة تونس (تونس عروسة الثورة)، التحيّة لسميح ف ّنان سوريّة األصيل الذي حمل ه ّم وطنه وشعبه والدعاء له بطول العمر. أسعد شالش
المرأة والمق ّدس
قراءة في لوحات الفنّان رياض الش ّعار ّ الخط في تأسيس اللوحة ورسم معالمها األوّ ليّة، بدالً من ويستمرّ نموّ ها اللونيّ ليغدو تفوّ ق اللون والضوء على التأليف البصريّ والتكوين واضحاً ،فمن المجهد البحث ّ الخط كتعبير صريح وكحالة حاضرة في لوحة عن الف ّنان رياض الشعّار ،إ ّنه يبدأ عمله كملوّ ن بضربات ّ الخط ضمنها ويغدو عبارة لونيّة سريعة وحرّ ة ،ليختفي عن تجاور ضربتين لونيّتين ،أو أثراً سريعا ً لفرشاة عابرة. لوحته انفجار لونيّ يطيح بالعديد من العناصر األساسيّة ويفتح باب التجريب والبحث في إمكانيّات اللون على مصراعيه ،ممّا يجعل منه ف ّنانا ً مجرِّ با ً وملوِّ ناً ،والتجريب لديه قائم على اللون واإليقاع. إ ّن��ه يلوّ ن بمهارة نساءه ،قوس ق��زح ،هامسات يثرثرن عن أشياء ويوميّات ،بعضها حدث وبعضها لن يحدث ،يتبادلن الشتائم والغيظ يتح ّدثن عن رجل غائب عاطالت عن العمل موجودات في نفس اللحظة في المسافة الوسطى بين الرغبة والعاديّ أحيانا ً في المقهى وأحيانا ً وحيدات يسترجعن رائحة رجل لن يعود. الف ّنان التشكيليّ رياض الشعّار من مواليد مدينة سلميّة – حماة عام ،1964ش��ارك في العديد من المعارض الجماعيّة وأقام العديد من المعارض الفرديّة آخرها في العاصمة األردنيّة عمّان ،لوحاته مقتناة في العديد في البلدان. الشكل الفنيّّ في الصياغة الشكليّة للّوحة يعتمد الف ّنان على اللون
newspaper@allsyrians.org
ال تستطيع ضبط الحزمة اللونيّة التي يعمل عليه الف ّنان؛ فتارة ،يذهب باتجاه األزرق وتدرّ جاته وصوالً إلى ضربات حارّ ة صغيرة تجعل من الفضاء اللونيّ مو ّقعا ً بتوقيعات إيقاعيّة حا ّدة ،وتارة ،يعكس اللون دورته فتغدو تدرّ جات األحمر من البرتقاليّ والورديّ وصوالً إلى تأكيدات إيقاعيّة بضربات باردة توقف التصاعد اللونيّ .في أغلب أعماله غاللة من الرماديّات الشفيفة تعطي طابعا ً دخان ّيا ً ألجواء اللوحة ،تضفي عليها مسحة من الحلم في جوّ ها العا ّم. على صعيد اإليقاع ،يعمل الف ّنان على إيقاعين بصريّين في لوحته ،إيقاع خلفيّ هامس متصاعد، وإي��ق��اع أم��ام��يّ ص��ارخ وح��اض��ر ب��وض��وح ّ موثق بضربات لونيّة تحمل تضا ّداً مع البنية اللونيّة للخلفيّة، يستخدم الف ّنان منهجا ً تلوين ّيا ً يعتمد على الضربات الحرّ ة المتعاكسة والتي تحيل المتل ّقي إلى بؤرة اللوحة، وهو أقرب منهج ّيا ً إلى االنطباعيّين في أسلوب التلوين
11
شهيد اإلنسانّية
صديقي لم يكن بطالً من أبطال الثورة ،لم يخرج في مظاهرة وال مسيرة ،لم يكن ناشطا ً في اإلغاثة وال إعالم ّيا ً يقامر بحياته لنقل ما يحدث في البلد ،لم يكن معتقالً وال مقاتالً ،لم يكن مواليا ً وال شبّيحا ً ولم يكن حياد ّيا ً وال متعصّباً ،لم يكن شهيد القضيّة هنا أو هناك ليحظى بتأبين وطنيّ حار سواء أكان موال ّيا ً أم معارضاً ،كان إنسانا ً وحسب ،فهل ّ يحق لي أن أسمّيه شهيد اإلنسانيّة؟ في سنويّته الثانية ثمّة إلحاح يُطبق الخناق على روحي ويطوّ قني بضرورة أن أحكي حكايته قبل أن يطويها النسيان كقصص الكثيرين الذين ماض لهم وال حيوات في تحوّ لوا إلى أرقام ال ٍ ً دوّ امة الحرب التي تبتلعنا أحياء وأمواتا .صديقي الذي لم أجد قبره لم ّدة عامين ،ولم أعرف أين ت ّم دفنه ح ّتى وصلتني صورة القبر الذي ض ّم ما بقي من جسده ،لم يجدوا له قبراً شاغراً فدفنوه في قبر قريب له يحمل شاهدة باسمه ،لم يكن لديهم الوقت لكتابة اسمه أيضا ً لتغدو ذكرى رفاته نسيا ً منس ّياً. صديقي الذي عانى من صراع وحشيّ مع السرطان لسنوات طويلة ،جاهده بك ّل ما فيه من عشق للحياة، ال يمكن أن أحصي عدد العمليّات التي خاضها إلزالة األورام التي كانت تتوالد بكثافة في ك ّل جسده ،ما أن ينتهي من ورم ح ّتى يبرز اآلخر ،ولن أسرد هنا عن جلسات الكيماويّ واألشعّة التي كافحها مطوّ الً ،إذ يكفي أن تكون أيّامه األخيرة ملحمة ال يفقه أوجاعها إلاّ من خاض مرارة واقع الحرب وعجز اإلنسانيّة. في نهاية سنة 2012شهدت المنطقة التي يقطن فيها أش ّد االشتباكات وأقساها لتكون فاتحة ألوبرا الحرب األبديّة التي ستص ّم أرواحنا بسيمفونيّات من أصوات موت شاء أن ّ يعذبنا قبل أن ينهشنا ،رفض صديقي المريض أن يغادر منزله خاف من الموت خارج بيته ،بقي وحيداً يحرس جدرانا ً تحاول مقاومة التص ّدع واالنهيار تحت وطأة الحرب كجسده المنهك تحت وطأة السرطان ،حين ماتت أمّه لم يستطع الخروج لدفنها أو ح ّتى وداعها فالمنطقة كانت تد ّكها المدافع والطائرات على مدار اليوم ،واالشتباكات فيها ال تعي معنى مصطلح السكون أو ح ّتى التقاط األنفاس ،منطقة تحاصرها الق ّناصة التي تتصيّد ّ بلذة القتل من أجل القتل ،ك ّل ما يتحرّ ك ،الحيوان قبل اإلنسان ،كان في مراحله األخيرة من السرطان يعيش على المس ّكنات لتخفيف األلم المتفاقم ،اختفت األدوية في المدينة وأطبق الحصار على المنطقة في الليالي التي ك ّنا فيها نراوغ مقاومة التغطية المتالشية لتهبنا بضع ساعات لالطمئنان على من نحبّ تحت الحصار ،كان يحكي لي عن تصفيات ك ّل من يُشتبه به في مداخل األبنية ،عن األصوات التي تلهج بطلب الرحمة قبل أن تغدو جثثا ً مرميّة في مدخل بنائه ال
يجرؤ أحدهم على انتشالها ،يح ّدثني عن رائحة تلك األجساد المتع ّفنة يرسم لهم في ليله الطويل حكايات لها أسماء وذكريات وأحبّة وأصحاب لينسى أوجاعه، أكثر ما ك��ان يؤلمني أ ّن��ي لم أتم ّكن من إيصال المس ّكنات إليه التي استطعت تأمينها ،كان يطلب م ّني وصف علبة المس ّكن ليتخيّل شعور السكينة ،أضعها أمامي وأح ّدثه عنها وكيف ستصله وكيف سيرتاح من آالمه ،ضاق الحصار لم ّدة أسبوع قبل انتهاء العام، انقطعت اال ّتصاالت والكهرباء والماء ،وهبط البرد ليشارك الحرب في تقاسم غنائم الموت ،لم أتم ّكن من االطمئنان عليه اضطررت حينها أن أكون خارج المدينة ،وأن أكون جزءاً من مراسم دفن شهيد لم نستطع أن نجد له قبراً يض ّم رفات قلبه الذي اتسع لك ّل الوطن ،وللمصادفة كان ذلك في الوقت الذي مات صديقي فيه منس ّيا ً تحت وطأة الحرب والحصار مرّ ت وانقطاع اال ّتصاالت والكهرباء والماء. أيّام ع ّدة قبل أن يت ّم اكتشاف موته ،قبل أن يصلوا إلى ّ جثته المتفسّخة التي امتزجت رائحتها مع روائح جثث َمن كانت قصص أرواحهم مؤنسة ليله الطويل... مات وحيداً وبقيت أسئلة النهايات في سنويّته اليوم تحاصرني ،هل عانى من آالم رهيبة قبل أن يسلّم الروح؟ لم يكن هناك ماء هل فقد مخزونه من الماء، من الشمع ،من الطعام؟ هل نهشه الصقيع؟ هل كان يحلم بعلبة المس ّكن؟ كيف مات ،وكيف أصبح نسيا ً منس ّياً ،كرقمّ ، كجثة متفسّخة ال تختلف عن الجثث الملقاة في أز ّقة المدينة وشوارعها؟ هل كان محظوظا ً أ ّنهم وجدوا له قبراً ما، ال يشتكي صاحبه من مشاركة صديقي المهد األخير؟ هل كان يجب أن يموت بالرصاص أو القذائف ح ّتى أسمّيه شهيداً؟ أال يكفي الموت تحت الحصار ليغدو صديقي شهيد اإلنسانيّة في حرب شيّأت اإلنسان؟
م ّي الفارس
الفنّان التشكيل ّي رياض الشعّار من مواليد مدينة سلميّة – محاة عام ،1964شارك يف العديد من املعارض اجلماعيّة وأقام العديد من املعارض الفرديّة آخرها يف العاصمة األردنيّة عمّان. وفرش اللون على المساحة. تشعر أمام هذا التجريب اللونيّ الجميل بأنّ العمل يفتقر إلى تأليف بصريّ خلاّ ق ولالشتقاقات الشكلّية التي تغني البنية الذهنيّة للمتل ّقي وتعطي العمل طابع السؤال مع تلك اإلجابات العاطفيّة اللونيّة الحاضرة في اللوحة. يف اخلطاب البصر ّي ينطلق الف ّنان في معظم لوحاته من ذات الجدليّة التي سادت في اللوحة الحمويّة (المرأة -الحلم والمكان - الفردوس) وتطوّ رت بتطوّ ر أساليب الف ّنانين العاملين في هذا المفهوم واختالف مشاربهم الثقافيّة وهواجسهم الذاتيّة. ّ يتشظى المكان في لوحات الف ّنان إلى ضربات لونيّة ويفقد أبعاده الواقعيّة ،وبالكاد يحتفظ بمنضدة هنا وإيحاء كرسيّ هناك فال شبابيك ال أبواب ال أشجار، أجواء دخانيّة تفضي إلى مقهى ،إ ّننا داخل لعبة المدينة ال شيء يوحي بالخالء ،ح ّتى األزرق بتدرّ جاته العديدة ليس سماء وال يفضي إلى السماء. ومع هذا الهبوط للمكان من منزلة الفردوس إلى ضبابيّة اليوميّ والعاديّ وتحوّ له إلى واقع نفسيّ أقرب إلى الحلم الممكن ،تنزل المرأة سلّم الحلم بسرديّاتها اليوميّة والعاديّة مع أخريات يتشاركن الحديث عن رغبات وتفاصيل صغيرة ،وفي بعض اللوحات نجدها متروكة للحظتها الخاصّة وحيدة في فضاء لونيّ مضطرب وعاصف. إذاً ،هي المرأة الحلم الممكن ال المرأة الحلم
المستحيل استعادت جزءاً من واقعيّتها وهبطت من الفردوس لنراها في المقهى تارة وتارة أخرى في عالم عاطفيّ لونيّ بنوازعها الداخليّة وشهواتها الخاصّة، والمكان داخليّ نفسيّ عاطفيّ ملوّ ن بذاتيّة الرؤيا وخصوصيّتها ،إذ انتزع الف ّنان منه عناصر المق ّدس وفقد فردوسيّته والطابع الروحيّ ليغدو أكثر صلة بالواقع النفسيّ الباطنيّ مع بعض الدالالت الواقعيّة، ضمن هذه التقاطعات الحاصلة بين المرأة والمكان في لوحة الف ّنان أسلوبا ً وصياغة بصريّة ،والتي نتج عنها تقاطع مفاهيميّ إلى درجة التماهي .إذاً ،هي المرأة الحلم الممكن في المكان الحلم الممكن .هكذا ،أنزل الف ّنان المرأة من الحلم المستحيل بعد أن نزع عن المكان عناصره الفردوسيّة.
سهف عبد الرمحن www.allsyrians.org
12
العدد 22
/7كانون الثاني 2015/
بدنا حنكي
ّ لكل مقام مقال
في المثلّية المجتمعّية السورّية
لع ّل أبرز ما تك ّ شفت عنه وقائع الثورة السوريّة طوال أربع سنوات ّ ومثلت أه ّم عوامل ضعف هذه الثورة هي حالة المثليّة التي تعاني منها البُنى المجتمعيّة المكوّ نة للمجتمع السوريّ ، ذلك أنّ تلك الفسيفساء الجميلة التي ت��ز ّي��ن شكله ال��خ��ارج��يّ ل��م تعكس جماليّتها إلى الداخل ،ولم تجسّدها عالقات عميقة وجسور تواصل تجعل من اآلخر شريكا ً حقيق ّيا ً في صياغة أطر ومالمح الهويّة الوطنيّة السوريّة الجامعة ،بل كانت طوال سنين االستبداد مالذاً للنكوص إلى ما دون ذلك ،لم يكن ما يجمع المكوّ نات السوريّة ْ ألقت بظلّها الثقيل على رابطة وطنيّة حقيقيّة ،بل سلطة مستب ّدة وتشظيها ،لك ّنها لم تسمح قطّ ّ ّ وعززت انكفاءها تلك المكوّ نات بشطط االنعتاق من حبل القهر الذي يكبّل أيّ نزوع للتعبير عمّا فوق هذا االنتماء صراحة أو ما دونه علناً ،وكما المثليّة الجنسيّة حالة شذوذ عن التكوين الطبيعيّ وانحراف سلوكيّ عن منظومة القيم األخالقيّة العامّة ،فإنّ المثليّة الدينيّة أو القوميّة أو الطوائفيّة هي حالة شذوذ وطنيّ وانحراف سلوكيّ وحياتيّ عن منظومة الروابط الوطنيّة والقانونيّة الجامعة ،وتلك هي آفة هذا المشرق منذ تكوينه المعاصر ،وهي اآلفة التي ّ غذتها ونمّتها نظم االستبداد التي تعاقبت على حكم سوريّة منذ استقاللها ،فاالستبداد ّ يتجذر إلاّ في المجتمعات التي تعاني من الضحالة ال ينمو وال الوطنيّة والمثليّة المجتمعيّة التي تجعل من ك ّل مكوّ ن لها منكفئا ً على نفسه وبيئته الما دون وطنيّة ويجد فيها مالذاً يأمن فيه على نفسه من (شرور) و (آثام) التواصل مع اآلخر وخلق الشراكة الوطنيّة التي طالما يعتبرها المستب ّد خطراً جسيما ً يحيق به ويه ّدد وجوده ودوام سلطانه ،فيسعى دائما ً ّ ك بين لبث أجواء الريبة والش ّ تلك المكوّ نات ،بل ويسعى إلى تصنيع وخلق األسباب التي تزيد ّ والتشظي بين المكوّ نات لترى ك ّل منها فيه وتعمّق من االنقسام حاميا ً لها من اآلخر الذي ُهيّئ لها أ ّنه يريد ابتالعها وإفناءها، فيصوّ ر الكرد كانفصاليّين والس ّنة كمتطرّ فين ،والمسـيحيّين كعمـالء والدروز كباطنيّين والعلويّـين كمســتأثرين ،ولم يُسمح ّ قط لك ّل هؤالء بالتعبير عن أنفسهم كسوريّين. كانت س��ور ّي��ة ه��ؤالء جميعا ً بوصفها اإلط��ار الوطنيّ
جديد أجهزة العام 2015
أعلنت شركة سامسونج أ ّنها ستبدأ في إنتاج هواتف بشاشات قابلة لالنحناء خالل هذا العام ،وأجهزة تابلت جديدة بشاشة أكبر وإمكانات أكثر تطوّ راً تنافس بها اآلي باد بقوّ ة .كما قرّ رت شركة ّ يتخطى قياسه الـ9.7 آبل أن تتخلّى عن فكرة الجهاز الذي ال بوصة إلى جهاز جديد بشاشة 12.9بوصة.
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
سنفرشها على شرفة السّنة الجديدة؛ هذه األحالم ،ونرتاح من عتلها على الظهور المكسورة ،طوال التقاويم الوعرة كتاريخ عبوس ننتهز أنّ الليل عتيق ،متلف ،نعسان ،يدير لنا قفاه ،وهو يداول نوبته كحارس لألبد سنقول لها :يا سنة! انتقي منها ما تريدين ،تد ّفئي على لهيبها إن شئت، فالبرد قارس ،كما العادة ،في العقود الفزعانة من القرون المؤلّفة ها كلّها تحت جنحك ،في مرمى بصيرتك لم نربط لها خيطا ً بأصابعنا الملتهية بطيّ العناوين كورقة للنسيان كلّها كلّها ،كي ال تقولي :وحدهم السوريّون ،يخدعون المستقبل، إذ يكثرون من القرابين كي يعمى عن حمولة زائدة معلّقة على األكتاف كزوّ ادات الترحال هاك !تلك خربانة كت ّفاحات معطوبة ،ألقي بها في خوابي األمس وتلك صدئت ،افركيها على جرح في األرض يرت ّد مندمالً كوشم على زند هذه فضفاضة كثوب مضحك ،وتلك ضاقت فال تصلح إلاّ لدمى األوالد وهذه أضغاث ،تلك منامات ،هذه أحالم يقظة، وتلك أفلتت من كتب التفاسير كي ال تظ ّل أسيرة الحدس وهذه ج ّففناها على ال ّنار الهادئة للصبر ّ فتبخر فيها البريق كقعر جرّ ة مائلة وهذه من بقايا طموح فاشل كان على وشك أن يصير أيقونة للمنال وتلك هرمت كأحصنة ،جرّ يها من عرفها برفق وأطلقي عليها رصاصة الرحمة، ولكن بعيداً ..بعيداً فلم نعد نحتمل ،يا سنة ! أمّا تلك التي تح ّدقين فيها كلغز ليست لنا ،ال نعرف كيف وال متى علقت بخطواتنا كالشوك انظري ،قارني ،أو ليس لألحالم قسمات ،مالمح ،ومض اللمحة األولى ،فتشبه أصحابها؟ افعلي ما شئت ،قايضي بها على اليوم الناقص من شباط ،ما شئت ،وال تقولي :السوريّون، يتستغلّون االزدحام قبيل الصبح فيتن ّكرون بأحالم من «البالة» وهذه هذه التي ال تمأل العين ،خ ّدج ،لها الحاضنة هنا بين األضالع، امنحينا استراحة عاشق فربّما اكتملت ،فال نلقي بها للحيتان هي كثيرة يا سنة ! كثيرة ،فلن تمرّ ي بها كلّها ،فوقتك محدود بساعة الصفر خذي الباقيات اقرئيها على مهل احكيها ألحفادك أو كرّ يها وانسجيها كواحدة من أساطير الشعوب ولكن سنسأل قبل أن تصيح مفاتيح أبوابك كديكة الفجر ألم يخطر ببال السّنة؛ المغرورة كعروس؟ لماذا نحن واألحالم هكذا؟ نق ّل وتزداد نكبر وتصغر سالم حلوم تماماً ،كما اللّيل والنهار يطول الواحد منهما على حساب اآلخر.
انطلق مشروع أرشيف المطبوعات السوريّة في 21كانون األوّ ل ،2014
ونشرات ،ويجمع كا ّفة المطبوعات في الموقع، ويصلح األخطاء الطباعيّة.
بنسخة تجريبيّة جاهزة لالستثمار ،وذلك بدعم مالي من ّ منظمة NPAالنرويجيّة ،ودعم إعالميّ من الشبكة السوريّة لإلعالم المطبوع ،كموقع مستق ّل ال يتب ّنى توجّ ها ً سياس ّيا ً أو حزب ّيا ً أو دين ّياً ،لتحسين الواقع التسويقيّ لتلك المطبوعات ،التي تنتشر على عشرات المواقع اإللكترونيّة.
ويتيح محرّ ك البحث في األرشيف تحليل مل ّفات الـ PDFإلى نصوص للبحث فيها أو عنها بحسب أماكن صدورها ،أو ضمن نطاق زمنيّ مح ّدد. كما يتيح الموقع ألصحاب المطبوعات إمكانيّة إضافة أعدادهم الجديدة لألرشيف من خالل صفحة مخصّصة للرفع ،أو من خالل إرسالها مباشرة عبر البريد اإللكترونيّ
ويق ّدم المشروع أرشيفا ً لإلصدارات القابلة للطبع والتي تحمل سمة «الوثيقة» من صحف ومجلاّ ت
info@syrianprints.org
ّ ري خاليا لمعالجة داء السك ّ
ن��ج��ح ع��ل��م��اء ب��ري��ط��ان � ّي��ون في استحداث خاليا منتجة لألنسولين، أشبه بالخاليا الطبيعيّة في البنكرياس باستخدام خاليا جذعيّة جنينيّة من أجل عالج الداء الس ّكريّ ،وبكميات كبيرة تكفي لزراعتها في أجساد المرضى ولألغراض الصيدالنيّة.
Omran Kayali
المدير العام
وحدهم السورّيون، يخدعون المستقبل
أرشيف المطبوعات السورّية في موقع واحد WWW.SYRIANPRINTS.ORG
الجامع لهم أكبر خطر وجوديّ يته ّدد سلطة االستبداد ،فكان من الطبيعيّ ج ّداً أن نرى في حمأة الصراع مشاهد مروّ عة لفتك بعض السوريّين ببعضهم اآلخر وكأنّ ال شيء يجمعهم أو يربط بينهم ،وك��ان طبيع ّيا ً أن تفرز أدوات تلك السلطة المستب ّدة ك ّل تلك الوحشيّة والدمويّة في حرب بعض السوريّين على بعضهم اآلخ��ر ،وأن تجد األشخاص واألدوات التي وأعلن العلماء أنّ العالج الجديد تمارس تلك الوحشيّة التي ربّما ال تراها بين األعداء أنفسهم، نجح مخبر ّيا ً في القضاء على الس ّكريّ ناهيك عمّا يفترض أ ّنهم شركاء في الـ (وطن) و (المواطنة). لدى الفئران في غضون 10أيّام. المثليّة المجتمعيّة السوريّة ليست جزءاً من التكوين األزليّ والطبيعيّ للسوريّين ،بل هي م��رض ع��ارض ابتليت فيه بدل ما تضربوا قنابل المكوّ نات السوريّة بفعل فيروس االستبداد الذي هو على الدوام وق��ذائ��ف ،ض��رب��وا م ّته نقيض المواطنة التي ال تنتج أيّة مظلوميّة لفئة ما تجعلها تنكفئ أو كاسة ت��ش��ااي ،وإذا عن سياقات شراكتها الوطنيّة ،وال تتيح لفئة ما تفوّ قا ً نوع ّيا ً مصرّ ين عالقتل ...اقتلوا وكم ّيا ً تجعلها تتعملق على باقي الفئات والمكوّ نات .االستبداد آفة ال��وق��ت بشغالت مفيدة السوريّين التي حرمتهم من خلق وبناء جسور تواصل بينهم تتيح للبلد .................إي لهم خلق مساحات ٍ تالق وطنيّة ترقى على انتماءات ما دونها العمى!!! وتح ّد من مغاالة وشطط ما فوقها ،فالجامع الوطنيّ هو وحده ألن إذا استمر مسلسل القتل والتدمير والتهجيرسفينة نوح التي تنقذ المؤمنين بسوريّتهم من الغرق في طوفان سنتين كمان ،رح تبقى المعونات في المستودعات الموت والدم الذي الب ّد أن يُغرق صانعيه ومسبّبيه. غزوان قرنفل ما في مواطن يحتاج إلها!!!
رئيس التحرير
مقامات
هيئة التحرير حسين برو ّ - بشار فستق غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
االعتراف بخطيئته المهنّية
ص��در عن «دار ال��ر ّي��س» كتاب «مالك الثورة وشياطينها – عامان في شمال سوريا» للصحفيّ اللبنانيّ «فداء عيتاني» في نهاية ،2014وفيه يروي سيرة الثورة السوريّة ،منذ بداياتها، وكيف تطوّ رت ،ويقول عيتاني عن كتابه: تعمّدت ألاّ أراعي أحداً ،وأن أكتب ح ّتى عن اضطراري لحمل السالح وهو خطيئة في مهنتي...
شي _ تتمنى _ يصير _ سألت بياع العنب من في_#2015 وين؟ أكبر أمنية أتمناها من قال لي: قلبي تنتهي ال��ح��رب في ال���ع���ن���ب دوم����ان����ي، سوريا وينعم الشعب باألمن والزرع حوراني ،والحلو واالستقرار .سعود من حمص العدية ،السمك أشياء كثيره بس صح صح أتمنى زوال نظام من الالدقية ،والتفاح جوالني ،بس يرحل الطاغي، األسد البعثي وتحرر سوريا الحبيبة.أحمد كل شي بيصير... تتحرر سوريا من بشار الجرذ. سميح شقير في 6دقائق عبر مركز السويداء كل العاطلين عندنا يتوظفون وأنا أولهم .أميرة اإلعالمي http://www.youtube.com/watch?v=BxwuTz21XwY
فريق العمل سكرتاريا :نور العبدالهلّ التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org