26_كلنا سوريون العدد

Page 1

‫من‬ ‫الطفولة‬ ‫إلى‬ ‫ّ‬ ‫مشاق‬ ‫الري في محافظة إدلب‪ ،‬حاجة‬ ‫مشاريع ّ‬ ‫العمل‬ ‫ماسة وواقع صعب‬ ‫ّ‬ ‫ص‪4‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ /6‬آذار ‪2015 /‬‬

‫ص‪4‬‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني‬ ‫حياتهم يف بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪،‬‬ ‫حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره‬ ‫يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين سور ّي جامع‪ ،‬يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫العدد ‪- 26 -‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫‪ 8‬آذار اليوم العامل ّي للمرأة‬ ‫شهادات ومواقف بأقالمه ّن‬

‫*«مديح ّ‬ ‫الظل العالي»‬ ‫في حضرة السنة الخامسة للثورة‬ ‫ينام السوريّون على أمل أن يستيقظوا‬ ‫أحياءً‪...‬‬ ‫عندما يصبح البقاء على قيد الحياة حلما ً ‪...‬‬ ‫أيّة حياة إذاً تلك التي نحياها‪..‬؟؟؟‬ ‫ّ‬ ‫يستحق‬ ‫هل كان حلمنا الذي نهضنا من أجله‬ ‫ك ّل هذا الموت؟؟؟‪ .‬لم نف ّكر أ ّننا سنخرّ ب قانون‬ ‫البشريّة‪ ..‬وال أ ّننا سنغيّر نواميس الكون‪. !!..‬‬ ‫ك ّل ما في األمر أ ّننا نحن السوريّين حاولنا‬ ‫وبعد صمت طويل أن نجرّ ب ّ‬ ‫حظنا في الحياة‪،‬‬ ‫أن نجرّ ب مرّ ة واحدة كيف نطلق هذا الصراخ‬ ‫الذي يحتبس في حلوقنا منذ عقود طويلة‪...‬‬ ‫عقود طويلة صدئت فيها حناجرنا من‬ ‫الصمت‪ ،‬وصدئت كرامتنا لكثرة ما امتهنوها‪...‬‬ ‫عقود طويلة نسينا صوت الصراخ‪ ،‬نسينا‬ ‫متعة االختالف ونشوة االنتصار ألفكارنا‪...‬‬ ‫وعندما حاولنا لمرّ ة واح��دة أن نصرخ هبّ‬ ‫العالم كلّه لوأد صرختنا‪.‬‬ ‫ك ّل ما في األمر أ ّننا قرّ رنا أن نعود بشراً‬ ‫عاديّين‪ ...‬أن نقبّل أطفالنا في الصباح قبل‬ ‫ذهابهم أو ذهابنا‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل ما في األمر أننا قرّ رنا أن ننظر في‬ ‫عيون نسائنا بعد أن عشنا طويالً نخاف النظر‬ ‫يشاهدن حجم العجز في‬ ‫في عيونهنّ كي ال‬ ‫َ‬ ‫أرواحنا‪.‬‬ ‫هذا ك ّل ما في األم��ر‪ ...‬فقط بحثنا عن‬ ‫أرواحنا التي تضحك وتحبّ وتمارس الحياة‬ ‫كما يليق بالحياة‪.‬‬ ‫ك ّنا نعتقد‪ ،‬وألنّ العالم كلّه يعرف حقيقة من‬ ‫يحكمون سورية‪ ...‬من يختطفونها منذ عقود‬ ‫ويعتاشون على وجع السوريّين وإرهابهم‪...‬‬ ‫ك ّنا نعتقد أنّ العالم سيص ّفق لصرختنا‪ ...‬سيفرح‬ ‫ألنّ صوتنا المحبوس خرج إلى الحرّ يّة‪ ...‬ك ّنا‬

‫نحلم أنّ العالم يبحث عن األجمل ويطرب كثيراً‬ ‫لنشيد الحرّ يّة‪ ...‬ك ّنا نعتقد أو نتوهّم أ ّننا نقارب‬ ‫القيم اإلنسانيّة في قرنها الحادي والعشرين‪...‬‬ ‫ه��ا نحن على أب���واب السنة الخامسة‬ ‫لثورتنا‪ ...،‬إذاً أربع سنوات مرّ ت على تلك‬ ‫اللحظة التي أطلق فيها أهل درعا صرختهم‬ ‫األولى معلنين والدة الحرّ يّة‪ ،‬أربع سنوات لم‬ ‫ّ‬ ‫يتبق شكل للموت إلاّ وجرّ بناه‪ ...‬أربع سنوات‬ ‫يبق وجه للبشاعة والتطرّ ف والتآمر إلاّ‬ ‫لم َ‬ ‫وجرّ ب ك ّل أدواته فينا‪ ...‬أربع سنوات والحزن‬ ‫يستبيح عيوننا والموت يجتاح بالدنا من أقصاها‬ ‫إلى أقصاها‪ ...‬أربع سنوات ونحن نحمل حلمنا‬ ‫ووجعنا ونضرب في أصقاع هذا العالم نعيش‬ ‫في مخيّماته وعلى أرصفة شوارعه‪ ...‬نموت‬ ‫في بحاره وعلى أسالك حدود بلدانه الشائكة‪.‬‬ ‫المشكلة أ ّننا لم نعد قادرين على الصمت‬ ‫بعد أن جرّ بنا الصراخ‪ ...‬لم نعد قادرين على‬ ‫السجن بعدما لفحتنا شمس الحرّ يّة‪ ...‬لم نعد‬ ‫قادرين على أن ننكسر في عيون نسائنا وال أن‬ ‫نمنع شفاهنا عن قبلة أطفالنا‪.‬‬ ‫ال يمكننا بعد اآلن أن نتواطأ مع ضميركم‬ ‫الميت فنعود إلى استكانتنا‪ ....‬ال يمكننا أن‬ ‫نمنع فضيحتكم فنعتذر منكم عن فضحنا لحقيقة‬ ‫قيمكم‪ ...‬سامحونا‪ ...‬سامحونا إذا واصلنا‬ ‫صرختنا وموتنا‪..‬‬ ‫ها نحن نواصل صرختنا وس��ط فاجعة‬ ‫سيذكرها التاريخ طويالً عندما يستيقظ ضميره‬ ‫ويدرك حجم هذه المأساة التي عاشها السوريّون‬ ‫عندما حاولوا أن يعرفوا طريقهم إلى الحياة‪.‬‬ ‫* عنوان قصيدة للشاعر محمود درويش‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫ص‪8 - 7 - 6 - 5‬‬

‫الكاتب عدنان الزرّاعي‬ ‫بابا عمرو‪-‬حمص‬ ‫ص‪9‬‬

‫قراءة في لوحات الفنّان‬ ‫أسعد فرزات‬ ‫المرأة والفردوس‬

‫ص‪11‬‬


‫‪2‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫ردود فعل حول مقتل الكساسبة‬

‫ل��و ف ّكر المستهزئون قليالً‬ ‫بإحساس والدته‪ ،‬ووالده‪ ،‬بإحساس‬ ‫أخوته‪ ،‬لو ف ّكر الشامتون بشعور‬ ‫من سيرى ه��ذا الفيديو‪ ،‬بغضّ‬ ‫النظر إن كان هو مجرما ً برأيهم‪،‬‬ ‫أم ال؟ أو ك��ان يستحق القتل؟‬ ‫أل ّنه قصف مدينة سوريّة‪ ،‬وربّما‬ ‫أل ّنه أودى بحياة مدنيّين‪ ،‬إن كان‬ ‫ّ‬ ‫يستحق القتل‪ ،‬فيجب أن‬ ‫بالفعل‬ ‫يُحاكم ويُسجن‪ ،‬أو على األق ّل يقتل‬ ‫بطريقة غير وحشيّة‪ ،‬ولكن يكفي‬ ‫أن تكون «داعش» هي َمن قتلته‪،‬‬ ‫لكي يكسب تعاطف الكثيرين ممّن‬ ‫يملكون شعور اإلنسانيّة‪.‬‬

‫هل بات السوريّ دمو ّيا ً بعد‬ ‫أربعة أع��وام من مشاهد القتل‬ ‫والذبح‪ ،‬أم كانت الدمويّة مدفونة‬ ‫في قلبه ولم يكن هناك من يدفعها‬ ‫للخروج؟‬

‫بتمام الساعة السادسة والنصف‬ ‫تقريبا ً م��ن مساء ي��وم الثالثاء‬ ‫‪ 2015-2-3‬نشرت «داع��ش»‬ ‫فيديو مصوّ ر – ذو حرفيّة عالية‬ ‫كعادتها ‪ -‬يظهر إع��دام «معاذ‬ ‫الكساسبة» الطيّار األردنيّ حرقا ً‬ ‫داخل قفص حديديّ ‪ ،‬وبعد الحرق‬ ‫تكمل «داعش» جريمتها بإحضار‬ ‫«تراكس» وتدهس الجثمان‪.‬‬ ‫إلى هنا الصورة واضحة تماماً‪،‬‬ ‫جريمة شنعاء ترتكبها «داعش»‪،‬‬ ‫ل��ن نناقش ون��ؤ ّك��د أنّ اإلس�لام‬ ‫يرفض جميع ممارسات «داعش»‬ ‫قلبا ً وقالباً‪ ،‬ولن نذكر أنّ هللا حرّ م‬ ‫العذاب والقتل بالحرق‪ ،‬كما أ ّنني‬ ‫لن أناقش إن كان «الكساسبة»‬ ‫مجرما ً ويستحق القتل أم ال‪ ،‬ولكن‬ ‫أو ّد التطرّ ق إلى الطريقة التي قُتل بها الطيّار‬ ‫األردن��يّ ‪ ،‬وردود فعل بعض السوريّين الذين‬ ‫شمتوا بحرقه‪ ،‬أو بدؤوا بإطالق النكت السخيفة‬ ‫أو التزموا الحياد‪.‬‬ ‫الشامتون كان تبريرهم هو أ ّنه لم يجبر أحد ال‬ ‫«الكساسبة» وال الحكومة األردنيّة على قصف‬ ‫«داعش» عبر التحالف الدوليّ ‪ ،‬وأنّ الطيّار هو‬ ‫من اختار نهايته وذهب للر ّقة ليقصف المدينة‬ ‫السوريّة‪ ،‬متناسين المثل العاميّ ال��ذي يقول‬ ‫«مين جبرك عالمرّ ‪ ،‬قلّو اﻷمرّ » أغلب الشعب‬ ‫السوريّ رحّ ب بالتحالف وذلك بهدف التخلّص‬ ‫من «داعش» وممارساتها الالإنسانيّة والمسيئة‬ ‫لإلنسانيّة‪.‬‬ ‫كما يبدو أنّ معظم من أطلق تلك النكت‬ ‫السخيفة أو من عبّر عن شماتته‪ ،‬تناسى أ ّنه في‬ ‫يوم من األيّام أطلق شعارات «خافوا هللا يا عرب‪،‬‬ ‫يا عرب خذلتونا» أو تناسوا أ ّنهم تظاهروا بجمعة‬ ‫ّ‬ ‫«التدخل العسكريّ الفوريّ »‪.‬‬ ‫بعضهم اآلخر أ ّكد أنّ العالم بدأ اآلن يشعر‬

‫بمعاناة السوريّين‪ ،‬وأنّ الشعب السوريّ بات‬ ‫له أربعة أعوام يعاني من بطش نظام «األسد»‬ ‫وممارساته الشبيهة ج ّداً بممارسات «داعش»‬ ‫داعين لتذوّ ق العالم بعضا ً من معاناة السوريّين‪،‬‬ ‫وكأ ّنهم يقصدون «نحن ّ‬ ‫تعذبنا ومتنا بك ّل الطرق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتعذب»‬ ‫وما رح نحس بالعدل إلاّ ليموت العالم‬ ‫وهو تبرير سخيف ج ّداً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫محق‪ ،‬لك ّنه‬ ‫الحياديّ أعتقد أ ّنه بهذا الموقف‬ ‫نسي أن الحياديّة مرفوضة باألمور اإلنسانيّة‪،‬‬ ‫وهنا أتكلّم عن اإلنسانيّة‪ ،‬سابقا ً لم أكن مهت ّما ً‬ ‫ومتابعا ً لملفّ «الكساسبة» من مبدأ أنّ جميع‬ ‫السوريّين اعتادوا على الممارسات الهمجيّة‪،‬‬ ‫فـ»معاذ» كما اعتقدنا أ ّنه في نهاية المطاف سيُقتل‬ ‫«ذبحاً» كما فعلوا مع جميع الناشطين السوريّين‬ ‫والمدنيّين والصحفيّين واإلغاثيّين األجانب‪،‬‬ ‫ولكن‪ ،‬واآلن وبعد مقتل الطيّار األردنيّ حرقا ً‬ ‫سيكون من غير المقبول أبداً الشماتة أو الحياد أو‬ ‫تبرير ذلك بأ ّنه هو من فعل ذلك بيديه‪ ،‬وهو من‬ ‫يجب أن يتحمّل العواقب‪ ،‬كما سيكون مرفوضا ً‬ ‫تماما ً عدم التضامن مع عائلة «الكساسبة» ليس‬ ‫لشخصه‪ ،‬بل لطريقة قتله المقيتة‪.‬‬

‫ه��ن��اك م��ن ي��ق��ول‪ :‬ت��ذ ّك��روا‬ ‫السوريّين الذين أُحرقوا على ي ّد‬ ‫ق��وّ ات النظام‪ ،‬متناسيا ً ماذا فعل‬ ‫السوريّون يوم مجزرة الحولة‪،‬‬ ‫ويوم مجزرة المسعفين «مصعب‬ ‫وباسل وحازم» ويوم مجزرة نهر‬ ‫نرض في ذلك الوقت‬ ‫الشهداء‪ ،‬لم‬ ‫َ‬ ‫بتلك الممارسات الهمجيّة‪ ،‬ولن‬ ‫نقبل اآلن بتلك الممارسات‪ ،‬في‬ ‫ذلك الوقت نزلنا إلى أحياء وشوارع المدن ونادينا‬ ‫بمحاسبة النظام ورأسه‪ ،‬كما حاولنا أن نوصل‬ ‫صورتنا لجميع أنحاء العالم‪ ،‬ولكن اآلن ال يوجد‬ ‫شوارع نتظاهر بها‪ ،‬ك ّل ما يمكن عمله هو التنديد‬ ‫عبر وسائل التواصل االجتماعيّ ‪.‬‬ ‫ربّما لو قُتل «الكساسبة» إعداما ً بالرصاص‬ ‫أو ح ّتى بالذبح لن يكون بالشيء الغريب عن‬ ‫«داعش»‪ ،‬خصوصا ً بعدما اعتدنا ممارساتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبأدق‬ ‫ولكن أن يُصوّ ر وهو يُحرق‪ ،‬بد ّقة عالية‪،‬‬ ‫التفاصيل‪ ،‬وتكون ردود أفعال بعض السوريّين‬ ‫كتلك التي عرضت بعضا ً منها‪ ،‬فهذا يد ّل على‬ ‫أنّ سورية بات أمامها مستقبل مزدهر باإلجرام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبالتلذذ بالقتل‪ ،‬وبإيجاد جميع المبرّ رات الالزمة‬ ‫الستمرار آلة القتل‪.‬‬ ‫ال ننكر ردود فعل البعض اآلخر حول حرق‬ ‫الكساسبة‪ ،‬التي استنكرت ممارسات «داعش»‬ ‫كما كانت‪ ،‬ومازالت تستنكر ممارسات «األسد»‪،‬‬ ‫والتي دائما ً ما تنظر إلى أيّ موضوع من الناحية‬ ‫اإلنسانيّة فقط وال غير‪.‬‬ ‫حممّد احلاج‬

‫سوري غير قابل للتخوين‬ ‫بو ٌح‬ ‫ّ‬

‫بات الوهنُ السوريّ كظ ّل يالزمنا في الداخل‬ ‫وفي الخارج‪ ،‬وهن يطال من اختار البقاء تحت‬ ‫وطأة االستبداد ولم يمت بعد‪ ،‬إلاّ أنّ ما تب ّقى من‬ ‫روحه يتداعى يوم ّيا ً مع ك ّل قذيفة‪ ،‬مع ك ّل فاقة‪،‬‬ ‫مع ك ّل صقيع فوق هذا الدمار العظيم‪ ،‬ولم يعتق‬ ‫أيضا ً روح من الذ بالفرار‪ ،‬يلتهمه ح ّتى لو تم ّكن‬ ‫من أن يل ّج غمار البحار ونجح بالوصول إلى‬ ‫شواطئ الغربة‪ ،‬ستراه يقف على الض ّفة األخرى‬ ‫بمالمح موشومة بالوهن السوريّ ‪ ،‬ولم‬ ‫يستثن هذا الوهن من طوق سطوته قلوب‬ ‫من يقطنون بلدانا ً تقع على تخوم مدنهم‬ ‫السوريّة‪ ،‬يستنزفون ما تب ّقى من أعمارهم‬ ‫تر ّقبا ً ألجل غير مسمّى على أمل يوم العودة‬ ‫القريب‪ ،‬أمّا الذين يقبعون في المخيّمات فال‬ ‫شيء ينصف وصف أوضاعهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتضخم‬ ‫ذاك اإلنهاك بك ّل صفاته وتجلّياته‬ ‫يوما ً بعد يوم‪ ،‬يأسرنا في بوتقة صراعات‬ ‫نفسيّة تحاصرنا الذات بها‪ ،‬تحمل في طيّاتها‬ ‫الكثير من العتب واللوم واألسئلة العدميّة‪،‬‬ ‫نهرب منها ونتغاضى عن ضجيجها الذي‬ ‫يتر ّدد في أصداء أرواحنا عبر خلق ضجيج‬ ‫أعلى وأقسى‪ ،‬فاإلنسان بطبعه مجبول على‬ ‫القسوة ال الرحمة‪ ،‬وحين تقسو روحه عليه‪،‬‬ ‫ي ّتجه بغضبه نحو العالم المحيط به‪ .‬وهذا‬ ‫ما نفعله اليوم بيأسنا األعظم أمام تكالب‬ ‫العالم على هذه البقعة المسمّاة «سورية»‪.‬‬ ‫بتنا عاجزين عن ر ّد الطغيان‪ ،‬عن فهم‬ ‫مغزى المؤامرات الكونيّة ومن يديرها‪ ،‬عن‬ ‫التخفيف من شبق المصالح الدوليّة‪ ،‬ولكي‬ ‫ال نعترف بعجزنا هذا‪ ،‬تجدنا ننشغل عن‬ ‫ذلك برصد سلوكيّات من يحيط بنا‪ ،‬ن ّنهش بغضبنا‬ ‫ك ّل ما حولنا‪ ،‬نرمي على عاتق بعضنا البعض‬ ‫مسؤوليّة خساراتنا‪ ،‬نبدأ صباحاتنا بانتعال أحذية‬ ‫التخوين لدعس ك ّل من يخالفنا لمجرّ د طرحه أيّ‬ ‫تساؤل يمسّ قدسيّة الشعارات التي يحملها أشباه‬ ‫الطغاة الذين ي ّدعون أ ّنهم في ص ّفنا‪ ،‬فاالعتراض‬ ‫غير مسموح‪ ،‬وال ح ّتى التساؤل عن عبثيّة الر ّد‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الدمويّ ‪ ،‬وإن ف ّكر أحدنا بنطق مفردة «الح ّل‬ ‫السياسيّ » فسيكون خائنا ً لدماء الشهداء‪ ،‬وستنهال‬ ‫عليه سيوف اإلنهاك‪ ،‬ذاك الذي ما استطعنا التغلّب‬ ‫عليه فسلّطناه على عنقه‪ ،‬لكنّ هذا ال يمنعنا أيضا ً‬ ‫من أن نب ّدل مواقفنا ألف مرّ ة ومرّ ة‪ ،‬فاليوم هذا‬ ‫حليفنا نحيّيه ونج ُّل بطوالته‪ ،‬وفي الغ ّد هذا عدوّ نا‬ ‫ندين إجرامه‪.‬‬ ‫هذا يعني أ ّننا نراقب اليوم بصمت عاجز‬

‫تالشي أخالقيّات الثورة أمام المآزق األخالقيّة‬ ‫التي آل��ت إليها حربنا السوريّة وحاصرتنا‬ ‫بأسئلتها‪ ،‬نستسلم لغريزة الدم ومقوالت الثأر‬ ‫األعمى العبثيّ ‪ ،‬ونتناسى أنّ معنى وقوفنا ض ّد‬ ‫النظام يعني أن نقف مع العدالة والكرامة والحرّ يّة‬ ‫ّ‬ ‫وحق الحياة لك ّل المدنيّين أوّ الً وأخيراً‪ ،‬فمطلبنا‬ ‫حق الحياة بحرّ يّة‪ ،‬هو ّ‬ ‫األزليّ هو ّ‬ ‫حق حرمنا إيّاه‬

‫النظام تحت مسمّى محاربة اإلرهاب‪ ،‬لكن أن‬ ‫نجد اليوم كثيرين ممّن يقف ض ّد النظام‪ ،‬أصبحوا‬ ‫هم ذاتهم أيضا ً يقفون ض ّد ّ‬ ‫حق الشعب بالحياة‬ ‫تحت مسمّى محاربة الطغيان‪ ،‬هو أمر ببساطة‬ ‫اغتال مفردة الثورة بك ّل ما فيها من مضامين‬ ‫لصالح الحرب وحسب‪ ،‬قد ال نعترض أو ال نريد‬ ‫ح ّتى التنديد بذلك‪ ،‬ببساطة ال نشتهي االستسالم‬ ‫أمام هذا المأزق األخالقيّ الذي سيحيلنا إلى‬ ‫خيبات ال��واق��ع‪ ،‬ل��ذا ننشغل بتصريحات‬ ‫تافهة لبعضنا‪ ،‬نحيك منها قضايا تقيّد فكرنا‬ ‫وت��ك��وّ ن محور أحاديثنا‪ ،‬نبتدع صفات‬ ‫هزليّة ألعدائنا نحاربهم بها افتراض ّيا ً على‬ ‫الصفحات الزرقاء فال نغدو أكثر من «دون‬ ‫كيشوت» شوّ هه العجز أمام الموت‪ ،‬فخلق‬ ‫من الال شيء عدوّ اً يحاربه‪ ،‬ليبرّ ر عجزه‬ ‫أمام العدوّ الحقيقيّ ‪ ،‬وبذلك نرضي ضميرنا‬ ‫الثوريّ ‪ ،‬ونس ّكن أوجاع وهننا السوريّ ‪.‬‬ ‫إنّ معظم ردود أفعالنا اليوم هي‬ ‫نتاج اإلنهاك الذي يكبّلنا بالعجز‪ ،‬الضياع‪،‬‬ ‫الشوق‪ ،‬التوق إلى الخالص‪ ،‬كلّنا يحلم‬ ‫بالعودة إلى الوطن ومزاولة الحياة الحرّ ة‬ ‫على ه��ذه األرض من جديد‪ ،‬وك � ّل هذا‬ ‫الشوق يتأكسد في قلوبنا فيتحوّ ل إلى حقد‬ ‫عنيف ينصبّ على من حولنا‪ ،‬فكيف ال‬ ‫ونحن نحيا في دائ��رة زمنيّة ال متناهية‪،‬‬ ‫تعيد ذاتها وتجترّ أحداثها من أحداثها‪ ،‬ال‬ ‫شيء جديد‪ .‬حرب استنزافيّة على األرض‬ ‫ّ‬ ‫تتدخل ألجل‬ ‫بين ص ّد ور ّد وكرّ وفرّ ‪ ،‬دول‬ ‫مصالحها‪ ،‬وأخرى تنأى بنفسها عن ّ‬ ‫حق‬ ‫الر ّد‪ ،‬ونقبع نحن السوريّين داخالً وخارجا ً‬ ‫في هذه الحرب التي استحالت إلى ثقب أسود‬ ‫ابتلعنا على حين حلمنا بالحرّ يّة وما عدنا نجد‬ ‫طريقنا إلى الخالص‪ ،‬ليبقى الوهن وحده رديف‬ ‫الموت في قلب السوريّ ال شيء آخر‪ ،‬ال حياة‬ ‫‪ ..‬فإلى متى يا سورية‪ ،‬قولي لنا‪ ،‬هل ثمّة مصير‬ ‫آخر؟‬

‫م ّي الفارس‬

‫قراءة سياسية‬

‫إلى أين ترمي الريح‬ ‫بالسورّيين؟‬ ‫لقد بات واضحا ً بعد مضيّ أكثر من أربعة أعوام ‪،‬على ما ّ‬ ‫خطه‬ ‫بضعة أطفال سوريّين فوق جدار مدرستهم‪ ،‬من كلمات تحاكي‬ ‫مشهداً تلفزيون ّياً‪ ،‬بأنّ ذلك النظام المغرق في ذاتيّته‪ ،‬بعيداً ك ّل‬ ‫البعد عن الحفاظ على وطن‪ ،‬ولو بصيغة دكتاتوريّة‪ ،‬كذلك فإنّ ما‬ ‫جرى ويجري من أفعال وردود أفعال عنيفة ودمويّة‪ ،‬والتي تبدو‬ ‫في بعض األحيان سعيا ً نحو تقسيم أوصال الوطن الواحد‪ ،‬تشير‬ ‫إلى ما هو أبعد من ذلك التقسيم الذي تفرضه الصراعات ذات‬ ‫الطبيعة األهليّة‪ ،‬ألسباب سياسيّة أو اجتماعيّة‪ ،‬طائفيّة أو عرقيّة‪،‬‬ ‫حين تفصح الوقائع عن سلوك جرائميّ يستهدف ك ّل الوطن‪ ،‬وبك ّل‬ ‫عناصره من س ّكان ومساكن ومستلزمات عيش‪.‬‬ ‫إنّ ما أقدم عليه نظام األسد‪ ،‬وبمشاركة الميليشيات الشيعيّة القادمة‬ ‫من لبنان والعراق‪ ،‬في إفراغ المنطقة الممت ّدة بين دمشق والساحل‪،‬‬ ‫بتدمير القسم غير العلويّ من مدينة حمص‪ ،‬وبالتهجير شبه الكامل‬ ‫لمناطق القلمون وغرب حمص‪ ،‬وتمسّك تلك الميليشيات بالسيادة‬ ‫على أرض بال شعب‪ ،‬قد يظهر فكرة التقسيم كحقيقة قائمة ح ّتى لو‬ ‫لم يت ّم اإلعالن عنها؛ كذلك فإنّ ما يقوم به النظام في مناطق سوريّة‬ ‫أخرى‪ ،‬من قصف مستمرّ للتجمّعات السكنيّة الخارجة عن نطاق‬ ‫سيطرته‪ ،‬وتركيز انتشاره العسكريّ على شكل خطوط واصلة‬ ‫بين المناطق التي يسيطر عليها‪ ،‬واالبتعاد عن مواجهة المشاريع‬ ‫التقسيميّة األخرى شمال شرق البالد‪ ،‬من مشروع اإلدارة الذاتيّة‪،‬‬ ‫إلى مشروع دولة اإلسالم‪ ،‬يظهر النظام كأكثر قوّ ة ساعية للتقسيم‬ ‫من جميع القوى‪ ،‬ووفقا ً لمكوّ نات المجتمع السوريّ التي تتعرّ ض‬ ‫لفقدان العديد من عوامل العيش المشترك‪.‬‬ ‫ك بأنّ ما يمتلكه هذا النظام من عوامل بقاء مختلفة‪ ،‬قد‬ ‫الش ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ال تجعل مسألة سقوطه‪ ،‬مسألة وقت ليس إ ‪ ،‬فالقوّ ة العسكريّة‬ ‫المتبقيّة‪ ،‬ورغم عدم قدرتها على تأمين السيادة على كامل التراب‪،‬‬ ‫مازالت هي القوّ ة األكبر عدداً واألكثر تنظيماً‪ ،‬والمتم ّتعة بالوالء‬ ‫الكامل لشخص واحد ّ‬ ‫ممثالً باألسد‪ ،‬وهي التي تستخدم ك ّل صنوف‬ ‫األسلحة‪ ،‬من دبّابات ومدافع وطائرات‪ ،‬إضافة للصواريخ البعيدة‬ ‫المدى واألسلحة الكيميائيّة‪ ،‬وهي التي تو ّفر لها اإلدارة الروسيّة‪،‬‬ ‫مصدر التسلّح المستمرّ ك ّما ً ونوعاً‪ ،‬كذلك فإنّ الدعم اإليرانيّ‬ ‫المطلق‪ ،‬و مشاركة الميليشيات الشيعيّة الوافدة في المعارك إلى‬ ‫جانب النظام‪ ،‬قد حوّ لت المعارك الدائرة لحمايته من السقوط‪ ،‬إلى‬ ‫حالة جهاديّة خالصة دون النظر لقوّ ته الشعبيّة‪ ،‬تلك القوّ ة التي‬ ‫لم تكن خاضعة أليّة عوامل سياسيّة انتخابيّة‪ ،‬والتي تحوّ لت من‬ ‫صيغة الـ ‪ %99‬المفروضة على كامل الشعب السوريّ باألساليب‬ ‫الدكتاتوريّة المعروفة‪ ،‬إلى صيغة مماثلة لها‪ ،‬رغم وجود أكثر‬ ‫من نصف س ّكان الداخل السوريّ خارج تلك المناطق التي يسيطر‬ ‫عليها‪ ،‬ورغم وجود الماليين من المهجّ رين خارج البالد‪ ،‬والذين‬ ‫قد يصلون إلى ضعف الماليين األربعة المسجّ لين لدى مفوضيّة‬ ‫الالجئين‪.‬‬ ‫أمام هذه الوقائع التي يدركها المعارضون قبل النظام‪ ،‬والقوى‬ ‫اإلقليميّة والدوليّة قبل السوريّة‪ ،‬كثيراً ما يت ّم القفز عليها كزيادة‬ ‫في تعقيد الوضع المع ّقد‪ ،‬فالنظام الذي يعلن بين الحين واآلخر عن‬ ‫استعداده القبول بح ّل سياسيّ ‪ ،‬ال يبدي أيّ استعداد‪ ،‬سوى لالستمرار‬ ‫بما يقوم به‪ ،‬من تدمير وتهجير للمناطق الخارجة عن سيطرته‪،‬‬ ‫كذلك فإنّ المعارضين على اختالف توجّ هاتهم‪ ،‬ال يُظهرون أيّة‬ ‫قدرة على إسقاط ذلك النظام الفاقد لك ّل أسباب الشرعيّة‪ ،‬بل إنّ‬ ‫جهود معظم السياسيّين منهم ال تتع ّدى التمسّك بصفاتهم التمثيليّة‪،‬‬ ‫وفي محافظة العديد من قادة التشكيالت المسلّحة على نفوذهم‬ ‫المحلّيّ ‪ ،‬في حين أنّ القوى اإلقليميّة المواجهة للمشروع اإليرانيّ‬ ‫في المنطقة‪ ،‬غير قادرة على التوصّل إلى حالة منسّقة وموحّ دة‬ ‫في دعم قوى الثورة السوريّة‪ ،‬فيما وجدت القوى الدوليّة نفسها‬ ‫أمام خطر إرهاب دوليّ ‪ ،‬ا ّتخذ من منطقة العشائر الس ّنيّة السوريّة‬ ‫والعراقيّة‪ ،‬مركزاً لدولته اإلسالميّة‪.‬‬ ‫من خالل تلك المواقف المتباينة‪ ،‬لم يعد أمام السوريّين سوى‬ ‫االنتظار‪ ،‬وربّما لسنوات طويلة‪ ،‬ح ّتى تتف ّكك المشاكل اإلقليميّة‬ ‫والدوليّة قبل السوريّة‪ ،‬لسنوات قد تكون أكثر مأساويّة من سابقاتها‪،‬‬ ‫مع استمراريّة سيطرة النفوذ الجهاديّ الخارجيّ بش ّقيه الشيعيّ‬ ‫والس ّنيّ ‪ ،‬بزيادة أعداد الضحايا من أبناء الشعب السوريّ ‪ ،‬وبتواصل‬ ‫حمالت التهجير لمن بقي فوق أرضه‪ ،‬فالتنظيم «الداعشيّ » التي‬ ‫تختلف التحليالت كثيراً حوله‪ ،‬والذي يبدو غريبا ً في أعماله عن أبناء‬ ‫المنطقة المنتشر فيها‪ ،‬لم يعد ممكنا ً التكهّن بزواله القريب‪ ،‬سواء‬ ‫بتلك المعارك الجاريّة ض ّده انطالقا ً من العراق وعبر الضربات‬ ‫الجوّ يّة‪ ،‬أو بانتهاء دوره كورقة بيد القوى الداعمة له‪ ،‬كذلك فإنّ‬ ‫المعارك التي تخوضها الجماعات الجهاديّة الشيعيّة الوافدة‪ ،‬ال تنتج‬ ‫سوى العديد من حاالت السيطرة الجديدة لهذه الميليشيات‪ ،‬كمناطق‬ ‫نفوذ خارجيّ يجري تكريسها على األرض بالتعاون مع أجهزة‬ ‫النظام في دمشق‪.‬‬ ‫مع تلك المؤ ّ‬ ‫شرات‪ ،‬قد يكون الحديث عن التقسيم‪ ،‬غير مختلف‬ ‫عن الحديث المكرّ ر للحلول السياسيّة‪ ،‬التي يجري التسويق لها بين‬ ‫الفينة واألخرى‪ ،‬فالبالد التي فقد النظام السيطرة عليها‪ ،‬ولم تعد‬ ‫القوى المناهضة له قادرة على تحقيق أهدافها في إسقاطه وإقامة‬ ‫دولة جديدة تحوّ لت ‪ -‬كما يبدو ‪ -‬إلى مناطق نفوذ لجماعات مختلفة‪،‬‬ ‫بل ولساحة صراع غير مباشر بين القوى اإلقليميّة والدوليّة‪ ،‬فعن‬ ‫أيّ تقسيم وعن أيّ ح ّل يمكن الحديث‪ ،‬بعد أن أوقع نظام األسد‬ ‫البالد في كارثة حقيقيّة‪ ،‬في سبيل خالصه من المصير الذي القته‬ ‫األنظمة المماثلة؟!‪ .‬إنّ البحث في الخروج من هذه الكارثة قد‬ ‫يكون صعبا ً وطويالً أكثر ممّا تتضمّنه تلك الحلول‪ ،‬فحين يتعرّ ض‬ ‫السوريّون النهيار بنيتهم االجتماعيّة ولعوامل تش ّتت مختلفة‪ ،‬ال‬ ‫يمكن أن يكون البحث المستمرّ عن المخرج سوى بالضغط وبكا ّفة‬ ‫الوسائل لوقف ذلك االنهيار قبل ك ّل شيء‪َ ،‬مخرجا ً قد ال يأتي سوى‬ ‫بعمل دوليّ فعّال إليجاد سلطة انتقاليّة‪ ،‬قادرة على إخراج كا ّفة‬ ‫الجماعات الجهاديّة الوافدة كبداية لعودة سورية إلى السوريّين‪،‬‬ ‫التي كان وم��ازال نظام األسد هو العابث الرئيسيّ بمصيرها‪،‬‬ ‫والملتجئ للتضحية باألرض والشعب‪ ،‬كي يتج ّنب المحاسبة الدوليّة‬ ‫له كمجرم ّ‬ ‫بحق اإلنسانيّة‪.‬‬ ‫لؤي حاج بكري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫‪3‬‬

‫السنة الثانية‬

‫الكواكبي‬ ‫حوار العدد مع سالم‬ ‫ّ‬

‫يب‪ ،‬معارض سوريّ‪ ،‬أستاذ العلوم السياسيّة‪،‬‬ ‫سالم الكواك ّ‬ ‫نائب املدير ومدير البحوث يف مبادرة اإلصالح العرب ّي‪.‬‬ ‫مقيم يف فرنسا‪.‬‬ ‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ ‪ ،‬التقت‬ ‫صحيفة «كلّنا سوريّون» مع األستاذ «سالم الكواكبي»‬ ‫وأجرت معه الحوار التالي‪:‬‬ ‫على الساحة اليوم‪ ،‬عدّة مبادرات ولقاءات‬ ‫• ‬ ‫ومؤتمرات من أجل سورية‪ ،‬هل من جديد فيها؟ وهل‬ ‫تعتقدون بوجود إمكان ّية لخلق حوار مع النظام؟‬ ‫الكواكبيّ ‪ :‬المساعي تتواصل وتتكاثر وتتضارب‬ ‫وتتعارض أو تتوافق أو تفشل أو تنجح إعالم ّيا ً أو‬ ‫ُتجهض‪ ....‬وذلك في سبيل إيقاف المقتلة السوريّة دون‬ ‫أيّة رؤية ج ّديّة لسبل إنهائها‪ .‬النوايا الحسنة ال تكفي‪،‬‬ ‫بل هي تضرّ أحيانا ً إنْ كانت غير مبنيّة على أسس‬ ‫واضحة تح ّدد المسؤوليّات وتضع األطر الواضحة‬ ‫لحسم األمور وتتصوّ ر اآلليّات الناظمة كما العواقب‬ ‫الناجمة عن عدم االلتزام لهذا الطرف أو ذاك‪ .‬الجديد‬ ‫‪ /‬القديم‪ ،‬هو مبادرة تجميد النزاع في مدينة حلب التي‬ ‫بدأها الموفد الدوليّ كقوقعة فارغة قام بملئها رويداً‬ ‫رويداً بلقاءات متنوّ عة‪ .‬وأولى نتائجها‪ ،‬ضرب مسار‬ ‫جنيف‪ ،‬لقناعة لدى المبعوث األمميّ وبعض محاوريه‬ ‫من «حياديي» المجتمع المدنيّ السوريّ بأنّ الح ّل يمكن‬

‫له أن يت ّم من األسفل إلى األعلى‪ ،‬عكس منطق األمور‬ ‫الذي يُبين بوضوح بأنّ ال ح ّل من دون قرار سياسيّ‬ ‫إقليميّ ودوليّ واضح يستند إلى تعاون محلّيّ حثيث‪.‬‬ ‫مسألة البيضة والدجاجة ُتلهي البعض عن االلتزام‬ ‫بج ّديّة الح ّل وبالوصول إلى نتيجة‪ ،‬ناسين أو متناسين‬ ‫مقتل المئات أسبوع ّيا ً بانتظار هذا الح ّل المنشود وغير‬ ‫المُب ّ‬ ‫شر به‪ .‬أمّا فيما يتعلّق بالحوار‪ ،‬فالمفاوضات هي‬ ‫التعبير األص ّح للخروج من عنق الزجاجة‪ ،‬ربّما مع‬ ‫النظام أو من يملك التأثير القوي والحاسم عليه‪.‬‬ ‫• يقال إنّ سبب عدم تحقيق المعارضة أل ّية‬ ‫توحدها؛ كيف تنظرون إلى‬ ‫إن��ج��ازات‪ ،‬هو ع��دم‬ ‫ّ‬ ‫كتنوع وكأداء؟‬ ‫المعارضة ّ‬ ‫الكواكبيّ ‪ :‬الحديث عن هذا األمر المحزن يحتاج‬ ‫إلى مجلّدات‪ ،‬وأظنّ أنّ الباحثين في العلوم اإلنسانيّة‬ ‫سيجدون ما ّدة دسمة‪ ،‬رغم حمولتها المؤلمة‪ ،‬للقيام‬ ‫بأبحاث تتناول كا ّفة أبعاد األداء والممارسة‪ .‬ستدخل‬ ‫العلوم النفسيّة في تحليل – أيضا ً ‪ -‬بعض الظواهر‬ ‫ّ‬ ‫وتضخم األنا الذاتيّة لدى البعض والتي‬ ‫الشخصانيّة‬ ‫دعت أحد المسؤولين السابقين الدوليّين للملفّ بنعت‬ ‫البعض بـ «أطفال الحضانة»‪ .‬بالمقابل‪ ،‬هناك من‬ ‫يعمل بصمت ويحاول تجاوز الكثير من العقبات‬ ‫والعديد من الضغوط التي تمارسها أطراف محلّيّة‬ ‫نافذة أو إقليميّة مُفسدة‪ .‬وانقسام المعارضة السوريّة‬ ‫يمكن الرجوع بأسبابه إلى التصحير السياسيّ الذي دام‬ ‫لعقود وفقدان ثقافة العمل السياسيّ والعمل الجماعيّ ‪.‬‬ ‫بالمقابل‪ ،‬مضت سنوات أربع وهي كافية للجاهلين‬ ‫بالعلوم السياسيّة أن يحصلوا على شهادة من أه ّم‬ ‫المعاهد‪ ،‬فما بالك بمن يده في العمل السياسيّ اليوميّ ؟‬ ‫وأعتقد بأنّ توحيد المعارضة هو مفهوم قديم وال حاجة‬ ‫له إنْ لم تكن المعارضات تعمل ض ّد بعضها البعض‪.‬‬ ‫فال داعي لخلق جسم شمولي جديد‪ ،‬بل‪ ،‬إنّ التنوّ ع مفيد‬ ‫ضمن تآلف‪ ،‬شريطة عدم الطعن في الظهر أو التراجع‬ ‫أو االستفادة من اله ّنات أو إفساد الذمم أو إل ّخ‪ ...‬إنّ‬ ‫التنوّ ع هو دعامة من دعامات البناء الديمقراطيّ ‪،‬‬ ‫ولك ّنه يجب أن يكون سليما ً ومعافى من األمراض‬

‫الطارئة والمزمنة‪.‬‬ ‫الفرنسي عن غيره من‬ ‫• يتم ّيز الموقف‬ ‫ّ‬ ‫المواقف الغرب ّية تجاه الثورة السور ّية‪ ،‬ما هو جوهر‬ ‫هذا التم ّيز؟ وماذا يمكن أن نأمل منه؟‬ ‫الكواكبيّ ‪ :‬فرنسا كانت واضحة في مواقفها منذ‬ ‫بداية الحراك السلميّ وتميّزت عن باقي الدول الغربيّة‪،‬‬ ‫وبالخصوص الواليات الم ّتحدة األميركيّة‪ ،‬بوضوح‬ ‫ه��ذا الموقف واستناده إل��ى أس��س واضحة المعالم‬ ‫وسياسة واضحة األهداف‪ .‬ولكن‪ ،‬يجب االعتراف بأنّ‬ ‫اال ّتحاد األوربيّ مكوّ ن من ‪ 28‬سياسة خارجيّة وال‬ ‫يوجد توافق وال ح ّتى تنسيق إلاّ في حدوده الدنيا‪ .‬لذلك‬ ‫يبدو الموقف الفرنسيّ منعزالً نسب ّيا ً في المطلق‪ .‬اآلن‪،‬‬ ‫زار نوّ اب يجهلون ألف باء الوضع السوريّ دمشق‪.‬‬ ‫وتمّت تلك الزيارة عبر وسطاء متنوّ عي الهويّة من‬ ‫رجال أعمال إلى عناصر أمنيّة سابقة‪ .‬هذا التقارب‬ ‫الحاصل على مستوى األشخاص يفيد النظام ويُخرجه‬ ‫من عزلته الدبلوماسيّة ويُظهره كما أراد دائما ً أن يظهر‬ ‫كحام لألديان ومحارب لإلرهاب‪ .‬الدبلوماسيّة الفرنسيّة‬ ‫ٍ‬ ‫واضحة الخطاب كما الرئاسة‪ .‬بالمقابل‪ ،‬الضغوط تشت ّد‬ ‫على الموقف الفرنسيّ داخل ّيا ً وأورو ّب ّيا ً ودول ّياً‪ .‬فأحزاب‬ ‫اليمين المتطرّ ف ذات الشعبيّة المتصاعدة كما بعض‬ ‫اليسار‪ ،‬تنتقد بش ّدة تقليديا ً أداء الحكومة فيما يخصّ‬ ‫المسألة السوريّة ألسباب تكاد تكون متطابقة‪ .‬والجديد‬ ‫اآلن هو بروز أصوات يمينيّة ويساريّة معتدلة تدعو‬ ‫لعودة التواصل مع النظام لمحاربة إرهاب «داعش»‪.‬‬ ‫• يتحدّ ث سور ّيون عن ضرورة ثورة ثانية‪،‬‬ ‫ويتحدّ ث آخرون منهم عن طريق طويلة ولك ّنها بدأت؛‬ ‫إلى أين ت ّتجه األوضاع في سورية؟ وبتقديركم إلى‬ ‫متى؟‬ ‫الكواكبيّ ‪ :‬أعتقد أنّ سورية والسوريّين دخلوا في‬ ‫مسار ثوريّ يمكن له أن يمت ّد طويالً في ظ ّل الظروف‬ ‫ّ‬ ‫التمزق العميق‬ ‫اإلقليميّة والدوليّة القائمة‪ ،‬كما في ظ ّل‬ ‫في النسيج االجتماعيّ السوريّ الذي ت ّم التمهيد له عبر‬ ‫عقود من الدكتاتوريّة واالستقطابات المذهبيّة الممنهج‪.‬‬ ‫وأعتقد بأ ّنه ال يوجد عودة إلى الوراء‪ .‬المسار صعب‬

‫ودام ومكلف‪ ،‬ولك ّنه سيستمرّ مع فترات تباطؤ أو‬ ‫ٍ‬ ‫تراجع ح ّتى إعادة البناء الما ّديّ واألخالقيّ واالجتماعيّ‬ ‫ستأخذ وقتا ً طويالً متجاوزة جيالً بأكمله‪ ،‬ممّا يدعو إلى‬ ‫التركيز على الشباب أل ّنهم دعامة هذه العمليّة‪ .‬كما أنّ‬ ‫السلم األهليّ يعتمد في تأسيسه عليهم أوّ الً وآخراً‪.‬‬ ‫يجري التسويق لمنتج جديد س ّمي «جماعة‬ ‫• ‬ ‫خراسان»‪ ،‬ومع انتشار اإلسالموفوبيا في العالم‪،‬‬ ‫هل يمكن التمييز بين التنظيمات أو «اإلسالمات»‬ ‫والتعامل معها كل ّ على حدة؟‬ ‫الكواكبيّ ‪ :‬اإلسالموفوبيا لها أسبابها المتع ّددة‬ ‫والمتشابكة‪ .‬وبعض المسلمين يساهمون بشكل فاعل‬ ‫في تعزيز انتشارها وتعمّق ج��ذوره��ا في بعض‬ ‫المجتمعات‪ .‬وممارسات بعض المسلمين أيضا ً ال تتر ّدد‬ ‫في م ّدها بالوقود الالزم لتدوير عجلتها‪ .‬وبالمقابل‪،‬‬ ‫فهناك خطاب معا ٍد بالمطلق لإلسالم يُخفي عنصريّة‬ ‫جديدة تسمح لمتب ّنيه بأن يدفع عن نفسه تهمة العنصريّة‬ ‫التقليديّة ما دام ينتقد تصرّ فات ممارسي ديانة ما في‬ ‫مجتمع فصل الدين عن الدولة وعن المجال العا ّم بشكل‬ ‫متطوّ ر للغاية‪ .‬األساسيّ في محاربة اإلرهاب بمسمّيات‬ ‫دينيّة هو التمييز بين المدارس المتطرّ فة واالستخدامات‬ ‫السياسيّة والتعريفات النمطيّة والتبسيطيّة‪ .‬كما أ ّنه‬ ‫من الها ّم واألساسيّ عدم الوقوع في ف ّخ الوصوليّة‬ ‫السياسيّة بإعالن التحالف أو غضّ النظر عن مجرمين‬ ‫وإرهابيّين بحجّ ة أن الضرورات تبيح المحظورات‪.‬‬ ‫عدي ٌد من «رج��االت» المعارضة السوريّة راهن‪،‬‬ ‫وربّما لم يزل‪ ،‬على إرهابيّين وقطاع طرق وشموليّين‬ ‫كما سواهم‪ ،‬في محاربة النظام‪ .‬هذا الرهان أثبت فشله‬ ‫وأثبت قصور نظر من تب ّناه‪ .‬ولكن‪ ،‬وفي إطار ضعف‬ ‫الثقافة السياسيّة خصوصا ً واضمحالل الثقافة عموماً‪،‬‬ ‫فاالعتذار يبدو أ ّنه من سابع المستحيالت على من‬ ‫راهن على الشيطان‪ .‬مع أنّ االعتذار محمو ٌد في ك ّل‬ ‫األعراف واألديان والتقاليد والحضارات‪ .‬ولكن أين‬ ‫بعضنا من هذا كلّه؟‬ ‫الكواكبي‪ ،‬شكراً جزيالً لكم‪.‬‬ ‫األستاذ سالم‬ ‫• ‬ ‫ّ‬

‫حاوره ّ‬ ‫بشار فستق‬

‫الجنوبي‬ ‫البطالة في ريف حلب‬ ‫ّ‬ ‫(تزايد مستمرّ في عدد العاطلين عن العمل‪ ،‬ونتائج كارثّية)‬

‫منذ انفجار الثورة السوريّة‪ ،‬أف��رزت األزم��ات‬ ‫االقتصاديّة ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ في سورية عامّة‪ ،‬وريف حلب‬ ‫الجنوبيّ خاصّة‪ ،‬مشكلة الشلل االقتصاديّ ﺍﻟﺘﻲ‬ ‫تسبّبت بدورها ﻓﻲ مشكلة البطالة‪ ،‬وأ ّدى تدمير نظام‬ ‫األسد المنطقة بمعاملها وبنيتها التحتيّة‪ ،‬والضغط‬ ‫الديموغرافيّ على سوق العمل إلى ارتفاع مع ّدالت‬ ‫البطالة إلى مستويات تفوق الخيال في منطقة يق ّدر‬ ‫عدد س ّكانها بنصف مليون نسمة‪ .‬ما يميّز هذه البطالة‬ ‫تر ّكزها في صفوف الشباب‪ ،‬ذوي األعمار األق ّل‬ ‫من ‪ ٣٤‬عاماً‪ ،‬وقد ش ّكلت نوعا ً من الخلل في النظام‬ ‫االجتماعيّ ‪.‬‬ ‫أه ّمية دراسة وتحليل مشكلة البطالة في ريف حلب‬ ‫الجنوبي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ترجع إلى أه ّميّة كون رأس المال البشريّ هو‬ ‫أساس التنمية‪ ،‬باإلضافة إلى الخطر الناجم عن التزايد‬ ‫المستمرّ في أعداد العاطلين عن العمل‪ ،‬وما ّ‬ ‫يمثله‬ ‫من مضاعفات في النتائج االجتماعيّة والسياسيّة التي‬ ‫ّ‬ ‫التعطل عن العمل‪ ،‬كما أنّ انعدام الدخل‬ ‫ترافق حالة‬ ‫الذي يعتبر مرادفا ً للبطالة يؤ ّدي إلى انخفاض مستوى‬ ‫المعيشة وزيادة أعداد الفقراء الذين يعيشون تحت ّ‬ ‫خط‬ ‫الفقر وما يرافق ذلك من األوضاع الال إنسانيّة‪.‬‬ ‫يعالج هذا التحقيق مشكلة البطالة في ريف حلب‬ ‫الجنوبيّ ‪ ،‬ويشرح كيفيّة حساب مع ّدل البطالة وأنواعها‬ ‫المختلفة‪ .‬ويقترح معياراً على المستوى المحلّي‬ ‫للبطالة‪ ،‬يستخدم في إعداد الخطط ويضع المعنيّين أمام‬ ‫التزاماتهم‪.‬‬ ‫ويعتمد على اإلحصاء الس ّكانيّ للعام ‪،2004‬‬ ‫وكذلك على مسوحات القوّ ى العاملة منذ عام ‪2011‬‬ ‫ح ّتى الربع األخير من عام ‪2014‬‬ ‫برزت في الثورة السوريّة جملة من القضايا‪ ،‬منها‬ ‫مشكلة البطالة‪ ،‬ومشكلة النزوح الداخليّة في المناطق‬ ‫األق ّل خطراً‪ ،‬باإلضافة إلى الخطر الناجم عن التزايد‬ ‫المستمرّ في أعداد العاطلين عن العمل وعلى الجميع‪،‬‬ ‫إدراك هذا البعد لمكافحة البطالة سعيا ً في تصحيح‬ ‫الخلل الذي يرجع إلى العديد من العوامل‪ ،‬منها زيادة‬ ‫متطلّبات‪ ،‬وتسارع وتيرة التطوّ ر‪ ،‬واضطرار قسم من‬ ‫العاملين للقيام بأعمال ثانويّة أخرى‪ ،‬باإلضافة لعملهم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫األساسيّ ‪ ،‬واستمرار عدد من العاملين بالعمل بعد سنّ‬ ‫التقاعد‪ ،‬ممّا يدفع بالباحث عن العمل لـتأمين فرصة‬ ‫عمل غير منتظم‪ ،‬أو الهجرة الخارجيّة‪ ،‬وهذا ما أ ّدى‬ ‫إلى هجرة عدد كبير منهم في البحر المتوسّط غرقاً‪،‬‬ ‫في ظ ّل تزايد وتيرة العنف الذي يمارسه نظام األسد‪.‬‬ ‫ترافقت هذه العوامل باالنخفاض الشديد في فرص‬ ‫العمل‪ ،‬وإذ ال توجد عوامل مواتية للح ّد من مشكلة‬ ‫البطالة نجد أنّ مع ّدل البطالة في اإلحصاءات الرسميّة‬ ‫هو في تصاعد منذ التعداد العا ّم للس ّكان في ‪،2014‬‬ ‫حيث كانت ‪ 12.3‬ح ّتى وصلت في العام ‪ 2014‬إلى‬ ‫‪ 60‬بالمائة‪ ،‬حسب مسح القوى العاملة للربع األوّ ل من‬ ‫العام ‪2014‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يعتبر تع ّدد األرقام واالجتهادات‬ ‫حول البطالة مشكلة جديرة باالهتمام‪ ،‬وال ب ّد للمعنيّين‬ ‫من إيجاد هيئة مكافحة البطالة‪ ،‬ومكتب مركزي‬ ‫لإلحصاء‪ .‬فالبطالة الحاليّة جليّة على درجة ّ‬ ‫تمثل تحديا ً‬ ‫كبيراً‪.‬‬ ‫وشيوع البطالة في ريف حلب الجنوبيّ ‪ ،‬يح ّددها‬ ‫التحقيق من خالل معايير هي‪:‬‬ ‫أن يكون الفرد قادر على العمل‪ ،‬ومتاحا ً للعمل‬ ‫وباحثا ً عن عمل‪ ،‬أو ال يعمل وال يبحث عن عمل‬ ‫بسبب افتقاره لألمل في توافر فرص العمل‪.‬‬ ‫وال ب ّد للحكومة المؤ ّقتة من مالحظة أنّ الرتفاع‬ ‫نسب البطالة نتائج اقتصاديّة واجتماعيّة‪ ،‬تنعكس آثارها‬ ‫السلبيّة على الفرد والمجتمع‪ ،‬وبالتالي على مجمل‬ ‫التنمية البشريّة‪ .‬لذلك يجب دراسة تركيبة البطالة‬ ‫حسب الخصائص الفرديّة لألشخاص مثل البطالة‬ ‫حسب الجنس‪ ،‬حسب العمر‪ ،‬حسب المستوى التعليميّ ‪،‬‬ ‫وكذلك دراسة البطالة حسب عدد أفراد األسرة‪.‬‬ ‫تطور نسبة البطالة‬ ‫جدول ّ‬ ‫السنة‬

‫نسبة البطالة‬

‫‪2011‬‬

‫‪% 12.3‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪% 36‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪% 55‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪% 60‬‬

‫ ‪-‬‬ ‫تو ّقف المصانع‬ ‫وال��م��ع��ام��ل في‬ ‫ري�������ف ح��ل��ب‬ ‫ال��ج��ن��وب��يّ فاقم‬ ‫مشكلة البطالة‪:‬‬ ‫بما أنّ ع��دداً‬ ‫من القوى العاملة‬ ‫ف��ي ري��ف حلب‬ ‫الجنوبيّ تعمل‬ ‫ف����ي م��ص��ان��ع‬ ‫ومعامل ومنشآت‬ ‫خاصّة متواجدة‬ ‫ف�����ي ال���ري���ف‬ ‫ال��ج��ن��وب��يّ ‪ ،‬ف��إنّ‬ ‫بعض أصحاب المعامل الخاصّة مارست دوراً سلب ّيا ً‬ ‫على القوى العاملة ومنها‪:‬‬ ‫معمل سيريا ميكا‪ ،‬يملك المعمل هاني ّ‬ ‫عزوز‪،‬‬ ‫ ‬‫وهو إلنتاج الفورميكا‪ ،‬ويذكر أ ّنه‪ ،‬شريك آلل األسد‪،‬‬ ‫ويعمل فيه نحو ألف عامل مع بداية الثورة السوريّة‪،‬‬ ‫لكنّ صاحب المعمل وبتواطؤ مع المخابرات‪ ،‬أصبح‬ ‫ك في‬ ‫لديه فرع معلومات عن العمّال‪ ،‬فك ّل عامل يش ّ‬ ‫انخراطه في الثورة أو خروجه في المظاهرات‪ ،‬حرمه‬ ‫من جميع حقوقه وأقتصّ من راتبه أربعة أشهر‪ ،‬ويذكر‬ ‫ّ‬ ‫موظف كان يعمل لديه لم ّدة تتراوح من ‪ 5‬إلى‬ ‫أنّ ك ّل‬ ‫‪ 10‬سنوات قام بتسليمهم إلى فرع المخابرات الجوّ يّة‬ ‫كي يتخلّص ممّا يتر ّتب عليه من واجبات والتزامات‪،‬‬ ‫ويذكر أنّ معظم عمّاله من ريف حلب الجنوبيّ ‪ ،‬وقد‬ ‫ت ّم تخصيص مفرزة عسكريّة كاملة تحت إمرته تقوم‬ ‫باعتقال ك ّل من يشتبه في انتمائه للثورة‪ ،‬وأبقى على‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين المعروفين بدعمهم ووالئهم للنظام األسديّ‬ ‫ومعظمهم لهم ارتباطات مع المخابرات األسديّة كما‬ ‫ت ّم فرز ‪ 7‬دباّبات لحماية مصانعه وتعتبر منطقة ريف‬ ‫حلب الجنوبيّ ‪ ،‬مقاطعة كاملة تحت إمرته تحتوي على‬ ‫معامل تعود إليه بالشراكة مع رامي مخلوف وب ّ‬ ‫شار‬ ‫األسد‪ ،‬ويذكر أنّ معمله محرّ م عالم ّيا ً أل ّنه يتسبّب‬ ‫بإشعاعات نوويّة ملوّ ثة للبيئة ومحرّ مة دول ّياً‪ ،‬والمنطقة‬

‫معرّ ضة لخطر هذه اإلشعاعات خالل العشر سنوات‬ ‫القادمة بأمراض خطيرة ومن بينها سرطان الجلد وذلك‬ ‫بسبب تلوّ ث هوائها ومائها باإلشعاعات التي تتسبّب‬ ‫بها معامله؛ قام ّ‬ ‫مؤخراً بتسليح جميع عمّاله بالمس ّدسات‬ ‫المزوّ دة بكاتم صوت‪ ،‬وفي نهاية العام ‪2012‬حرّ ر‬ ‫الجيش الحرّ المنطقة ووضع يده على معامله‪ ،‬وقد‬ ‫قصف طيران األسد معظمها‪ ،‬وأخرجها عن الجاهزيّة‪،‬‬ ‫كما أنّ اللصوص سرقوا كثيراً من المع ّدات واآلالت‪.‬‬ ‫يبلغ عدد س ّكان ريف حلب الجنوبي حوالي ‪350‬‬ ‫ألف نسمة‪ ،‬باإلضافة إلى‪ 100‬ألف نازح من مناطق‬ ‫سوريّة أخرى‪.‬‬ ‫وبعد تو ّقف المعامل وإغ�لاق أوتستراد حلب –‬ ‫دمشق‪ ،‬هاجر قسم كبير من أهالي المنطقة إلى لبنان‬ ‫ودول أخرى‪ ،‬وقسم منهم انض ّم إلى لجيش الحرّ ‪.‬‬ ‫تسيطر على معامل الريف الجنوبيّ ‪ ،‬كتائب الجيش‬ ‫ّ‬ ‫يتبق سوى ثالثة معامل تعمل بجاهزيّة‬ ‫الحرّ ‪ ،‬ولم‬ ‫غير مكتملة‪ ،‬وغالبيّتها تنتج األدوية‪ ،‬ومعمل لأللبسة‬ ‫والقماش‪ ،‬وال تتجاوز اليد العاملة فيه عشرة بالمائة من‬ ‫مجموع اليد العاملة في بداية الثورة عام ‪2011‬‬ ‫لذلك ال ب ّد من البحث عن ح ّل لمشكلة البطالة‬ ‫المتفاقمة في ريف حلب الجنوبيّ ‪.‬‬

‫مصطفى فرحان‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫ماسة وواقع صعب‬ ‫الري في محافظة إدلب‪ ،‬حاجة ّ‬ ‫مشاريع ّ‬

‫عدسة بدر حسني‬ ‫تعتبر المياه أعظم منحة حباها هللا للبشر وقد عمل‬ ‫البشري والتكنولوجيا على‬ ‫تطور العقل‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان مع ّ‬ ‫ترشيدها واستخدامها بالشكل األمثل وتقسم المياه‬ ‫لقسمين وهي‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬مياه الريّ والتي ال تعتمد على مواصفات‬ ‫قياسيّة كيميائيّة وجرثوميّة وفيزيائيّة كبيرة‪ ،‬بل تستخدم‬ ‫كما هي‪ ،‬أي كما نتجت من المنبع سواء اآلبار أو‬ ‫الفجّ ارات واألنهار والينابيع «مياه خام»‬ ‫ثانياً‪ :‬مياه الشرب وهذه المياه تعتمد قبل استخدامها‬ ‫لمعالجات معيّنة أي قبل وضعها باالستخدام لكون تلوّ ثها‬ ‫يعتبر العامل األساسيّ لكثير من األمراض (الكوليرا‬ ‫– التهاب الكبد الوبائيّ – الزحار – التيفوئيد) وقد‬ ‫تؤ ّدي للوفاة أحياناً‪ ،‬ولقد كانت سابقا ً فيما قبل الثورة‬ ‫تخضع لمعالجات ع ّدة بسبب تو ّفر اإلمكانات الالزمة‬ ‫والخبرات الكافية‪ ،‬أمّا في أوضاعنا الطارئة الحاليّة‬ ‫وبسبب تدمير وتخريب البُنى التحتيّة فال تتو ّفر هذه‬ ‫اإلمكانات والمع ّدات المساعدة لألسف‪ ،‬وبالكاد تجدها‬ ‫«مياه خام» ويستخدمها الناس كما هي لحاجتها الماسّة‬ ‫للشرب ولألغراض اإلنسانيّة‪ ،‬ولعدم وجود الطاقة‬

‫ّ‬ ‫المغذية كالكهرباء أو المولّدات الكهربائيّة‪ ،‬أو ح ّتى‬ ‫ّ‬ ‫تدخلت ع� ّدة جهات إلعادة‬ ‫قيمة المحروقات‪ ،‬وقد‬ ‫تأهيل هذه المشاريع ووضعها بالخدمة‪ ،‬ولكن ولألسف‬ ‫وبسبب عدم وجود التنسيق الكافي فيما بينها أو وجود‬ ‫هيئة راعية للجميع فضالً عن عدم وجود خبرة كافية‬ ‫أ ّدت في بعض األحيان لمنزلقات أ ّدت بالنتيجة لتخريب‬ ‫بعض التجهيزات وإن كانت النيّة اإلصالح وتعتمد‬ ‫إدلب في مصادر مائها‪.‬‬ ‫ري مياه إدلب إلى أين؟‬ ‫مشاريع ّ‬ ‫متابعة لهذا الموضوع يح ّدثنا المهندس «أحمد‬ ‫حسن الشيخ» مدير مياه إدلب عن أه ّم مواقع مشاريع‬ ‫الريّ في المحافظة قائالً‪ :‬نجد أنّ محافظة إدلب تعتمد‬ ‫بشكل رئيسيّ من أجل مياه الشرب على اآلبار الجوفيّة‬ ‫وبشكل ضئيل ج� ّداً على الينابيع واألنهار‪ ،‬وهناك‬ ‫مشاريع رئيسيّة وأساسيّة تعتمد عليها معظم القرى‬ ‫ّ‬ ‫(يغذي‬ ‫وهي‪ :‬مشروع الّلج – مشروع عين الزرقا‬ ‫تقريبا ً ‪ %60‬من محافظة إدلب وغزارته ‪ 5.3‬م‪/3‬‬ ‫ثانية) مشروع المعرّ ة – مشروع الهلبة – مشروع‬ ‫ال ّدانا – مشروع سنجار – مشروع الدير الغربيّ –‬

‫مشروع ال ّتح وباقي القرى والنواحي والمناطق تعتمد‬ ‫على اآلبار الجوفيّة التي يت ّم حفرها ضمنها‪.‬‬ ‫وأضاف «الشيخ» إنّ ج ّل هذه المشاريع اآلن تحتاج‬ ‫لصيانة ودراس��ة مفصّلة الحتياجاتها لتكون جاهزة‬ ‫لالستثمار‪ ،‬وما ينطبق على هذه المشاريع ينطبق على‬ ‫كامل مشاريع محافظة إدلب بدرجات متفاوتة‪ ،‬وأوضح‬ ‫«الشيخ»‪ :‬إنّ أسباب تراجع مشاريع المياه يرجع إلى‬ ‫ع ّدة أمور منها‪:‬‬ ‫أوّ الً‪ :‬القصف الدائم في مراحل سابقة أ ّدى لتخريب‬ ‫أجزاء كبيرة من المشاريع‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬عبث العابثين ّ‬ ‫وقطاع الطرق سابقاً‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬غياب عدم التنسيق والتنظيم فيما بين الجهات‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات الداعمة والقاصدة وإعادة تهيئة المشاريع‬ ‫ووضعها في الخدمة‪.‬‬ ‫راب��ع��اً‪ :‬ع��دم االعتماد‬ ‫على العناصر الخبيرة في‬ ‫مجال المياه وعدم استقطابها‬ ‫إلعادة تهيئة المشاريع‪.‬‬ ‫خامساً‪ :‬عدم وجود رقابة‬ ‫صحيّة على ال��م��ي��اه وإن‬ ‫و ِجدت فهي غير ّ‬ ‫منظمة‪.‬‬ ‫سادساً‪ :‬التنسيق المباشر‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمات والجهات الداعمة‬ ‫مع المجالس المحلّيّة مباشرة‬ ‫عدسة بدر حسني‬ ‫دون المرور بجسم مختصّ‬ ‫وم��وحّ ��د بالمحافظة يُعنى‬ ‫بمجال المياه‪ .‬سادساً‪ :‬عدم وجود مخابر فحص وموا ّد‬ ‫تعقيم للمياه‪.‬‬ ‫خطط مستقبل ّية بانتظار الدعم‬ ‫قال «الشيخ»‪ :‬تقوم مديريّة المياه بإدلب بالعديد من‬ ‫اإلجراءات لتسهيل وضع هذه المشاريع في الخدمة‪،‬‬ ‫منها‪:‬‬ ‫إعداد دراس��ات مفصّلة لالحتياجات الضروريّة‬ ‫إلقالع المشاريع‪ ،‬ابتداء بالمشاريع الكبيرة‪ ،‬وبعد‬

‫التنسيق مع جميع القوى على األرض لمنع تخريب‬ ‫المنشآت وحال ّيا ً يت ّم ذلك‪ ،‬كما أ ّننا نقوم بالسّعي إلطالق‬ ‫المديريّة واستقطاب جميع الجهات الداعمة لمشاريع‬ ‫المياه‪ ،‬كونها الجهة المختصّة الوحيدة في المحافظة‬ ‫وتابع «الشيخ»‪ :‬ونقوم أيضا ً باستقطاب العناصر ذات‬ ‫الكفاءات والخبرات ممّن كانوا يعملون في مؤسّسات‬ ‫المياه ومشهود لهم بالخبرة والنزاهة‪ ،‬والسّعي لتأمين‬ ‫مخبر تحليل مياه متكامل لمحافظة إدلب‪ ،‬وقد ت ّم إعداد‬ ‫دراسة له سابقا ً وأرسلت إلحدى الجهات الداعمة‪.‬‬ ‫وأوضح «الشيخ»‪:‬‬ ‫كما نقوم بالسّعي لتأمين التمويل الكافي عن طريق‬ ‫ال��وزارة لتوفير سبل العيش الكريم للخبرات الف ّنيّة‬ ‫لمنع هجرتها وتأمين وسائل مواصالت للكشف على‬ ‫المشاريع وصيانتها‪ ،‬السّعي لدى الجهات الداعمة لتأمين‬

‫قيمة المحروقات لتشغيل المشاريع لم ّدة س ّتة أشهر مع‬ ‫ّ‬ ‫للموظفين ريثما يت ّم وضع منظومة جباية قيمة‬ ‫الرواتب‬ ‫المياه المستجرّ ة في نفس الفترة‪ ،‬كما نقوم بالسّعي لتأمين‬ ‫مستودع مركزيّ يحوي األكسسوارات الضروريّة‬ ‫لصيانة المشاريع بالمحافظة باإلضافة للسّعي لتأمين‬ ‫آليّات هندسيّة وآليّات انتقال للعمّال والمهندسين لدراسة‬ ‫وصيانة ومتابعة استثمار المشاريع‪.‬‬

‫بدر حسني‬

‫ّ‬ ‫مشاق العمل‬ ‫من الطفولة إلى‬

‫مهب العمالة ّ‬ ‫المبكرة)‬ ‫(األطفال السورّيون في ّ‬

‫عدسة وليد أبو راشد‬ ‫في ظ ّل ما تشهده سورية من أحداث خالل األربع‬ ‫سنوات من دم��ار على جميع األصعدة ‪ -‬إن كانت‬ ‫اقتصاديّة أو اجتماعيّة ‪ -‬ممّا أ ّدى إلى تفاقم الكثير‬ ‫من المآسي التي تصاب بها المجتمعات ويكون وقعها‬ ‫أش ّد ما يكون على األطفال‪ ،‬لذلك أصبحت ظاهرة‬ ‫عمالة األطفال في سورية منتشرة في العديد من‬ ‫المدن والمناطق‪ ،‬ففي المناطق الخارجة عن سيطرة‬ ‫النظام يتزايد انتقال األطفال إلى أسواق العمل بدالً‬ ‫من المدارس بشكل كبير بسبب الفقر وصعوبة الحياة‬ ‫المعيشيّة حيث أنهت الحرب ودمّرت جميع سُبل العيش‬ ‫إضافة إلى تدهور فرص العمل إن كان في داخل‬ ‫سورية أو في خارجها حيث كان الكثير من السوريّين‬ ‫يعتمد على العمل في ال��دول المجاورة‪ ،‬فضالً عن‬ ‫وفاة المعيل‪ ،‬وتتنوّ ع األعمال التي يقوم بها األطفال‬ ‫رغم صغر س ّنهم وقلّة خبرتهم بين العمل في المعامل‬ ‫ومحلاّ ت تصليح السيّارات وغسيلها باإلضافة لمن‬ ‫يعمل كبائع متجوّ ل في ظ ّل ظروف مناخيّة صعبة‪،‬‬ ‫هذا ويفضّل أصحاب المهن األطفال النخفاض قيمة‬ ‫أجورهم‪ ،‬فكلّما ازداد العنف والدمار ازدادت البطالة‬ ‫وازدادت عمالة األطفال وبالتالي استغاللهم‪ ،‬وأصبح‬ ‫لك ّل طفل مهمّات يوميّة يقضيها في ظ ّل انقطاع سبل‬ ‫الحياة «الماء والكهرباء»‪.‬‬ ‫من أجل قوت يومهم‬ ‫«ع���ارف» طفل م��ن بين المئات م��ن األطفال‬ ‫السوريّين من قرية «مصيبين» في جبل الزاوية نزحت‬ ‫عائلته إلى القرى المجاورة بعد أن ُدمّر بيتهم في البلدة‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ا ّتجه للعمل في المشاريع الزراعيّة وعمره لم يتجاوز‬ ‫‪ 14‬عاماً‪ ،‬وجد نفسه في سوق العمل بمهنة ال تعود‬ ‫عليه بأكثر من قوت يوم واحد في أحسن األحوال‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬ ‫متقطعة‪ ،‬فتنقيل‬ ‫يحتاج للعمل طوال النهار وبساعات‬ ‫(بخاخات) مياه الريّ التي يقوم بها تتطلّب وقتا ً‬ ‫أنابيب ّ‬ ‫طويالً وعمالً شا ّقاً‪.‬‬ ‫يقول ع��ارف‪ :‬بعد أن قُصف بيتنا واضطررنا‬ ‫للنزوح من بلدتنا وأصبحنا بدون مأوى توجّ ب علينا‬ ‫تأمين مكان آخر نقيم فيه وهذا ما يزيد من معاناتنا‪،‬‬ ‫فالبيت الذي نستأجره يتطلّب م ّنا أن نضاعف من عملنا‬ ‫لدفع إيجاره شهر ّيا ً وهذا ما يضطرّ نا للعمل أنا وباقي‬ ‫أخوتي بجميع األعمال ح ّتى وإن كانت مرهقة وال‬ ‫تناسب أعمارنا‪.‬‬ ‫تركوا مدرستهم‬ ‫من جانب آخر وممّا يضاف إلى معاناة األطفال في‬ ‫تلك المناطق‪ ،‬فقد أصبح جمع الحطب عمالً أساس ّيا ً لك ّل‬ ‫طفل بعد غياب وقود التدفئة‪« ،‬عبد الرحمن» البالغ من‬ ‫العمر ‪ 12‬عاما ً من بلدة «سرمين» في إدلب يخرج في‬ ‫ك ّل صباح مع والده لجمع الحطب من الكروم المجاورة‬ ‫للبلدة وهذا العمل يقتضي ساعات طويلة من وقته‪،‬‬ ‫يحدثنا قائالً‪ :‬نحتاج للحطب بشكل دائم وليس في الشتاء‬ ‫فقط‪ ،‬بل نحن نستخدم الحطب للطهو وللغسيل‪ ،‬وأنا‬ ‫أذهب مع والدي لمساعدته في هذا العمل‪.‬‬ ‫آالف األطفال لم تحمل أصابعهم األقالم والدفاتر منذ‬ ‫سنوات ونراهم استبدلوا حقيبة المدرسة بصندوق من‬ ‫الكرتون مليء بالكعك أو البسكوت‪ ،‬فالطفل «أسامة»‬

‫البالغ من العمر ‪ 8‬أعوام من بلدة «سراقب» يخرج في‬ ‫ك ّل صباح مع بزوغ الضوء ليذهب إلى الفرّ ان ويكون‬ ‫محظوظا ً إن استطاع الحصول على كرتونة مليئة‬ ‫بالكعك لينطلق بعدها في شوارع وأز ّقة «سراقب»‪،‬‬ ‫ومهما كانت الظروف فأحيانا ً كثيرة يبدأ القصف‬ ‫بالطيران وأسامة يحمل كرتونته متجوّ الً في الشوارع‬ ‫علّه يبيع كعكه الذي إن بقي لليوم الثاني فلن يشتريه‬ ‫أحد‪ ،‬يخبرنا أسامة عن عمله قائالً‪ :‬إنْ استطعت بيع ما‬ ‫لديّ فإ ّنني أحصل على مبلغ أستطيع به شراء بعض‬ ‫الحاجات الضروريّة «الخبز – الخضرة» ألهلي‪،‬‬ ‫وإنْ لم أبعها جميعها فأستطيع شراء «ربطة خبز»‬ ‫فقط‪ ،‬أمّا عمران الطفل ذو ‪ 14‬عاما ً الذي نزح مع‬ ‫والده الطاعن في السنّ ووالدته وزوجة شقيقه الشهيد‬ ‫وأطفالها من معرّ ة النعمان إلى إحدى القرى المجاورة‬ ‫لبلدة «سراقب» فيضطرّ للسير مسافة ‪2‬كم يوم ّيا ً‬ ‫للذهاب إلى المنطقة الصناعيّة التي يعمل بها في‬ ‫تصليح الدرّ اجات الناريّة‪ ،‬يقول عمران‪ :‬بعد استشهاد‬ ‫أخي األكبر في أحد معارك وادي الضيف والقصف‬ ‫المستمرّ على بلدتنا قرّ رنا النزوح من البلدة‪ ،‬وبما أنّ‬ ‫ظروفنا أصبحت أكثر قسوة فنحن بحاجة لتأمين ما‬ ‫يلزمنا من متطلبات يوميّة كتأمين الح ّد األدنى للعيش‪،‬‬ ‫فراتب والدتي التقاعديّ ال يكفي لدفع قسط إيجار البيت‬ ‫الذي نقطنه باإلضافة إلى األدوية التي يتناولها والدي‬ ‫المريض‪ ،‬هذه األمور مجتمعة أوصلتني إلى أن أترك‬ ‫الدراسة وأتوجّ ه للعمل في أيّ مهنة كانت‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫من أنّ صاحب ورشة العمل في بداية عملي معه كنت‬ ‫ال أقبض أجراً‪ ،‬إلاّ أ ّنني تابعت معه العمل ح ّتى أتقنت‬

‫عدسة وليد أبو راشد‬

‫عدسة وليد أبو راشد‬ ‫المهنة وبدأت أتقاضى أجراً أسبوع ّيا ً ال يتجاوز ‪250‬‬ ‫ليرة سوريّة «دوالر واحداً» أسبوع ّياً‪ ،‬ث ّم ازداد أجري‬ ‫فأصبح ‪ 500‬ليرة «دوالري��ن» أسبوع ّياً‪ ،‬وآمل في‬ ‫األيام المقبلة أن يزيده لي‪.‬‬ ‫األثر على مستقبلهم‬ ‫هذه الحال ال تقتصر على األطفال السوريّين في‬ ‫الداخل فقط‪ ،‬بل هي حال معظمهم‪ ،‬إن كانوا في الداخل‬ ‫المدمّر أو في الخارج المهجّ ر‪ ،‬فما يقوم به هؤالء‬ ‫األطفال من أعمال تنهك أجسادهم‪ ،‬فإنّ أثر ذلك ال‬ ‫يتو ّقف عند الجسد فقط‪ ،‬بل يتع ّداه إلى النفسيّ والعقليّ‬ ‫معاً‪ ،‬إذ أنّ الطفل الذي يتعرّ ض لمثل هذه األعمال‬ ‫في سنّ مب ّكرة‪ ،‬تأثيرها السلبيّ ال يكون على الجسد‪،‬‬ ‫بل التأثير األكبر يكون في الجانب النفسيّ والعقليّ‬ ‫فالضغوط التي ُتمارس على الطفل من قبل ربّ العمل‬ ‫كاستخدام الضرب مثالً ّ‬ ‫تؤثر بشكل أو بآخر على مسار‬ ‫حياته في المستقبل‪ ،‬فاألحداث التي تتعرّ ض لها سورية‬ ‫ّأثرت على ك ّل شيء‪ ،‬لكنّ الوطأة األكبر كانت من‬ ‫نصيب األطفال إذ سحقت وي ّتمت الحرب الكثيرين‬ ‫منهم‪ ،‬وحرمت آخرين من أن يعيشوا طفولة طبيعيّة‪،‬‬ ‫وحوّ لت ما تب ّقى إلى كبار قبل األوان‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪26‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫‪5‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ 8‬آذار اليوم العامل ّي للمرأة‬

‫المرأة ودورها‬

‫شهادات ومواقف بأقالمه ّن‬

‫المرأة السورّية بين الفعل واإلقصاء‬

‫لطالما عانت المرأة في منطقتنا من ك� ّل أن��واع‬ ‫صا ً‬ ‫اإلقصاء‪ ،‬ح ّتى المرأة التي رسمت طريقا ً خا ّ‬ ‫لها معلنة حرّ يّتها وانشقاقها عن المجتمع بتخلّفه‬ ‫القت الكثير خالل مسيرتها‪ .‬أضع اللوم كلّه على‬ ‫أنظمة حكمت مجتمعاتنا مستفيدة من سلطتها‬ ‫السياسيّة وقُرب السلطة الدينيّة من خطابها‪ ،‬كادت‬ ‫تلك الخطابات تخنق الرجل السوريّ وتكبّله ببراثن‬ ‫الجهل والغيبيّات‪ ،‬وبالتالي وقع ظلمه على المرأة‪،‬‬ ‫فلو أتيح له بعض المعرفة والتحرّ ر من القوانين‬ ‫الرجعيّة الستطاع أن يكون سنداً حقيق ّيا ً للمرأة‪ ،‬فهي‬ ‫تشجّ عه في ك ّل وقت على أن يعمل للوصول إلى‬ ‫حلمه وأحالمهما معاً‪ ،‬رغم ك ّل ما تعانيه من قيود‪.‬‬ ‫وما أن صدح أحدهم بكلمة حرّ يّة في بداية الحراك‬ ‫الثوريّ عام ‪ 2011‬ح ّتى كانت المرأة أوّ ل المتحرّ كين‬ ‫بل والمشجّ عين له في ك ّل لحظة ومكان؛ لم تترك‬ ‫مجاالً تستطيع تقديم خبرتها الشعوريّة والعمليّة فيه‬ ‫إلاّ وكانت تزرع نفسها بإخالص للقضيّة‪ ،‬ح ّتى أ ّننا‬ ‫نجد في أوساط الصامتين وبعض الموالين لنظام‬ ‫الحكم أنّ النساء هنّ من تحرّ كن في لحظة ما للمطالبة‬ ‫بأوالدهنّ ومحاولة الوقوف في وجه خطفهم من‬ ‫قبل النظام الذي يز ّج بهؤالء الشباب في حرب ال‬ ‫يريدونها‪ ،‬أو على أق ّل تقدير ‪ ..‬ال يعرفون حقيقتها‪.‬‬ ‫أذكر أنّ الحراك السياسيّ المعارض لنظام الحكم‬

‫في سورية فترة الثمانينات اشتركت فيه نساء من‬ ‫ك ّل المناطق السوريّة وكانت عنصراً فعّاالً فيه‪،‬‬ ‫ونالها من االعتقال واالقصاء من الحياة المدنيّة فيما‬ ‫بعد كما نال الرجال المعارضين‪ .‬لم يفرّ ق النظام‬ ‫بين الجنسين بأساليب تعذيبه‪ ،‬وعندما خرجن من‬ ‫المعتقالت حاولت الكثيرات منهنّ رسم طريقها‬ ‫نحو الحرّ يّة الفكريّة واالجتماعيّة‪ ،‬بدأ صراعهنّ مع‬ ‫المجتمعات التي تنتمي لها ولم ينته إلى هذه اللحظة‪،‬‬ ‫فعند أوّ ل كلمة حرّ يّة صار ك ّل ذكر في محيطها‬ ‫ّ‬ ‫يتدخل بتحرّ كاتها بحجّ ة الخوف عليها أحياناً‪ ،‬والقلق‬ ‫من نجاحها أحيانا ً أخرى‪.‬‬ ‫المال السياسيّ كان له أثر كبير في ك ّل الهيئات‬ ‫والتجمّعات السياسيّة و»المدنيّة» التي تش ّكلت خالل‬ ‫األربع سنوات من نضال الشعب السوريّ ‪ .‬لم يكن‬ ‫قرار أيّ من تلك التك ّتالت مستقلاّ ً‪ ،‬هذا طال أيضا ً‬ ‫التجمّعات النسائيّة‪ ،‬وبما أ ّننا أبناء ذلك النظام اإلقصائيّ‬ ‫القائم على الشلليّة والعشائريّة فقد كانت تشكيالتنا على‬ ‫شاكلته أيضاً‪ ،‬لألسف لم نسلم من عوارض األمراض‬ ‫الموروثة في مجتمعنا بسبب القهر المستمرّ ‪ ،‬وكانت‬ ‫التجمّعات النسائيّة تعاني منها وتقصي وتعمل بمبدأ‬ ‫الشلليّة‪ ،‬رغم أ ّنها حاولت كثيراً أن تكون أفضل من‬ ‫التجمّعات السياسيّة القائمة على مبدأ المحاصصة‬ ‫العرقيّة والمناطقيّة والطائفيّة ‪ ...‬المرأة كانت أوعى‪،‬‬

‫وح�����اول�����ت‬ ‫إص��ل�اح بنية‬ ‫أيّ ت��ج��مّ��ع‬ ‫ت��ش��ت��رك فيه‪،‬‬ ‫ل���ك���نّ ص��وت‬ ‫التطرّ ف الدينيّ‬ ‫ك����ان أق����وى‪،‬‬ ‫ربّما هو بسبب‬ ‫العنف وربّما‬ ‫بسبب سوء معرفتنا بمجتمعنا وتركيبته المع ّقدة‬ ‫مذهب ّياً‪.‬‬ ‫منذ أن سمحنا ألوّ ل فكرة متطرّ فة أن تكون‬ ‫المسيطرة على خطابنا المنادي بالكرامة والعدالة‪،‬‬ ‫أضعنا البوصلة‪ ،‬ولن نستر ّدها إلاّ إذا أوقفنا ك ّل فكر‬ ‫إقصائيّ ودخيل وجاهل‪.‬‬ ‫وألنّ المرأة تجمع ما بين َ‬ ‫الخلق (بالوالدة والحبّ )‬ ‫والعقل فأظنّ أ ّنها القادرة على تغيير الوضع المزري‬ ‫الذي وصلت إليه حالنا‪ ،‬من إقصاء وقهر لبعضنا‪.‬‬ ‫علينا فقط‪ ،‬أن نتقبّل اآلخر المختلف ونحاوره بما‬ ‫نؤمن‪ ،‬وأن نناضل من أجل بلد تكون فيه الموارد‬ ‫الطبيعيّة هي أه ّم أولويّاتنا بعد احترام حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وأن نرفض ك ّل أشكال التمثيل السياسيّ ‪ ،‬ونخلّص‬ ‫اإلنسان السوريّ ‪.‬‬ ‫لويز عبدالكريم‬

‫موضوعات مشتركة بين النساء السورّيات‬

‫إنّ الجهد ال��ذي‬ ‫بُ���ذل ف��ي إط��ار‬ ‫ق��ض��اي��ا ال��م��رأة‬ ‫قبل األزم��ة‪ ،‬من‬ ‫خالل مجموعات‬ ‫عمل قدِمت من‬ ‫خلفيّات سياسية‬ ‫معارضة غالباً‪،‬‬ ‫ض كغيره‬ ‫ت��ع��رّ َ‬ ‫من المسائل إلى التبعثر‪ .‬بل‪ ،‬إنّ موضوع المرأة بات‬ ‫مقسّما ً مع االنقسامات الجغرافيّة والعسكريّة‪ ،‬ولم‬ ‫يعد واح��داً‪ ،‬صار أكثر تعقيداً‪ ،‬وفي ك ّل نقطة من‬ ‫الجغرافيّات السوريّة هنالك أولويّات‪ ،‬ومن الطبيعيّ‬ ‫أن يتراجع االهتمام بموضوعات المرأة في ظ ّل‬ ‫الحرب‪.‬‬ ‫وطرأ على المجموعات والنخب التي نشطت في‬ ‫حقل قضايا المرأة قبل األزمة‪ ،‬ما طرأ على المجتمع‬ ‫السوريّ كك ّل من انقسامات واستقطابات حا ّدة‪ ،‬ما‬ ‫ساهم بشكل أكبر في تقسيم قضيّة المرأة وتعقيدها‪،‬‬

‫قضّية المرأة‬

‫ولم يعد هنالك وحدة نضال على هذا الصعيد‪ ،‬وليس‬ ‫هنالك اتفاق بين هذه النخب على ح ّد أدنى من وجهات‬ ‫النظر وأرضيّات العمل وأولويّاته‪.‬‬ ‫ال يمكن المقارنة إطالقا ً بين وضع المرأة على أصعدة‬ ‫الحرّ يّات الشخصيّة والعامّة‪ ،‬ما بين مناطق سيطرة‬ ‫النظام السياسيّ ‪ ،‬ومناطق سيطرة القوى المتطرّ فة‪،‬‬ ‫ففي مناطق سيطرة «داعش» رجع موضوع المرأة‬ ‫عقوداً إلى الخلف وصار خارج الح ّد الحضاريّ‬ ‫األدن��ى‪ ،‬أمّا في مناطق سيطرة الديكتاتوريّة فإنّ‬ ‫الكثير من الحقوق الشخصيّة ما زالت متاحة للمرأة‪.‬‬ ‫هنالك فرق تاريخيّ على مستوى الحرّ يّات الشخصيّة‬ ‫والعامّة واألمان‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬رغم ذلك فإنّ الموضوعات المتعلّقة بالمرأة‬ ‫ال��س��ور ّي��ة واألزم���ة‪ ،‬م��ن مل ّفات تجنيد األطفال‬ ‫واالعتقاالت والخطف واالختفاء لذويها‪ ،‬والقتل‪،‬‬ ‫والعنف الجسديّ واإله��ان��ات وك � ّل ال��م��رارات و‬ ‫«التعتير» وتدبّر الوضع المعيشيّ ولملمة البيوت‪،‬‬ ‫وغير ذلك من التفاصيل الوحشيّة التي تواجهها‬ ‫المرأة السوريّة‪ ،‬فهي من المفترض أ ّنها موضوعات‬

‫مشتركة بين النساء السوريّات اليوم‪ ،‬موضوعات‬ ‫توحّ دهنّ ‪ ،‬وقد تكون أساسا ً للعمل من أجل الدفع‬ ‫باتجاه إرساء حلول‪.‬‬ ‫أعتقد أنّ أيّ حديث عن المرأة السوريّة‪ ،‬يعني الحديث‬ ‫عن األزمة السوريّة من الزاوية األش ّد إيالماً‪ .‬إ ّنها‬ ‫ّ‬ ‫تكثف المأساة‪ ،‬وفي الوقت نفسه هي قضيّة جوهريّة‬ ‫في المجتمع السوريّ ‪ ،‬كالحرّ يّة والعلمانيّة والمواطنة‪،‬‬ ‫والديمقراطيّة‪ ،‬ال يمكن أن تتطوّ ر بالمعنى اإليجابيّ‬ ‫إلاّ بعد وض��ع ح � ّل أو حلول لألزمة السوريّة‪،‬‬ ‫وإجراء مراجعات مجتمعيّة‪ ،‬مدعومة بنضاالت على‬ ‫المستوى القانونيّ والدستوريّ ‪.‬‬ ‫لقد تبعثرت الجهود السلميّة والعلنيّة التي قامت بها‬ ‫تلك المجموعات سواء منذ بداية األلفيّة الثالثة‪ ،‬أو مع‬ ‫بداية الحراك في ‪ ،2011‬وباعتبار قضيّة المرأة من‬ ‫المسائل الحسّاسة فإ ّنها تعرّ ضت للنكوص بسرعة‬ ‫في المناطق التي شهدت مواجهات مسلّحة‪ ،‬وفي‬ ‫المناطق التي عرفت خروجا ً عن ك ّل أشكال سيطرة‬ ‫النظام‪ ،‬لتظهر على السطح قيم أكثر تخلّفا ً وإجحافا ً‬ ‫ّ‬ ‫بحق المرأة‪.‬‬

‫مايا جاموس‬

‫عانت الحركة النسويّة السوريّة مثلها مثل ك ّل حركة المجتمع المدنيّ السوريّ ‪ ،‬من القمع خالل الفترة الطويلة للحكم الدكتاتوريّ في‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات مجتمع مدنيّ ‪ ،‬بما‬ ‫سورية‪ ،‬إذ لم يكن في سورية قبل الثورة السوريّة حركة للمجتمع المدنيّ ‪ ،‬فهو بك ّل أشكاله من نقابات‬ ‫فيها ّ‬ ‫منظمات المرأة‪ ،‬كانت إمّا تابعة بشكل كلّيّ للنظام أو تعرّ ضت للقمع الشديد أو أ ّنها تحرّ كت بهامش صغير ج ّداً أضعف دورها‬ ‫وحضورها‪.‬‬ ‫بعد الثورة برزت في سورية الحاجة لتشكيالت تعبّر عن المجتمع المدنيّ ‪ ،‬وكان من الطبيعيّ أن تأتي منقسمة انقسام المجتمع‬ ‫السوريّ نفسه‪ ،‬ولكنّ هذه التشكيالت ومنها الحركة النسويّة عانت أيضا ً ‪ -‬إضافة لالنقسام ‪ -‬من الضعف والتش ّتت‪ ،‬فهي ما زالت‬ ‫تخطو خطوات خجولة في التعبير عن مجتمعها والتأثير فيه‪ ،‬وقد تراجع هذا الدور في ظ ّل الح ّل األمنيّ المعتمد في سورية‪ ،‬فحين‬ ‫يواجه اإلنسان الموت ويناضل من أجل ّ‬ ‫حق الحياة يصبح ك ّل نضال آخر ترفا ً بالنسبة له‪ ،‬ولكن سرعان ما سنواجه ك ّل االستحقاقات‬ ‫األخرى وعلينا أن نكون مستع ّدات لها‪ ،‬وهذا ما تحاوله الحركة النسائيّة السوريّة‪ ،‬وإنْ ما زال بالشكل غير الكافي‪.‬‬ ‫إنّ ما تعاني منه المرأة السوريّة هو جزء ممّا يعانيه المجتمع السوريّ بالعا ّم‪ ،‬وإنّ قضيّة المرأة ال تنفصل عن قضيّة تطوّ ر المجتمع‪،‬‬ ‫فبينهما عالقة جدليّة‪ ،‬وال يمكن ألحدهما أن يتطوّ ر بعيداً عن اآلخر‪ ،‬ومن هنا ال يمكن على االطالق صياغة عقد اجتماعيّ وسياسيّ‬ ‫مدنيّ ديمقراطيّ دون أن تكون المرأة جزءاً أصيالً منه‪.‬‬ ‫لينا وفائي‬

‫المرأة السورّية دور فاعل ً وواقع مرّ‬

‫ال أعتقد أنّ ما وصلت إليه حال سورية اليوم يمكن أن نعتبره عابرا‪ ،‬فكيف إذا خصّصنا كالمنا عن المرأة السوريّة وحرّ يّتها‬ ‫وممارستها لحقوقها؟؟‬ ‫إذا عدنا بالزمن إلى ما قبل الثورة السوريّة‪ ،‬نجد أنّ المجتمع يحاول تقليص دور المرأة في كا ّفة مجاالت الحياة بداية من‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات الدولة كا ّفة‪ ،‬إلاّ أّن المرأة استطاعت أن تح ّقق تق ّدما ً بسيطا ً‬ ‫األب واألخ والزوج وح ّتى االبن‪ ،‬ونهاية بمؤسّسات‬ ‫على صعيد الدور الذي تقوم به في المجتمع‪ ،‬وقد أثبتت ذلك في بداية الثورة السوريّة عندما خرجت إلى الشارع لتقول‪« :‬ال‬ ‫للظلم» و»أوقفوا القتل» و «الشعب يريد»‪ ...‬وغيرها‪ ،‬وشأنها شأن الرجل فقد تعرّ ضت لالعتقال والتعذيب والموت‪.‬‬ ‫كان ذلك تطوّ راً الفتا ً في دور المرأة إلاّ أّن أساليب التعذيب الوحشيّة واالنتهاكات الال إنسانيّة واالعتداءات الجنسيّة التي‬ ‫ّ‬ ‫بحق‬ ‫تحدثها الحروب والتي برزت عند النظام السوريّ وجنوده‪ ،‬ومن ث ّم ظهور الجماعات اإلسالميّة المتش ّددة والجارفة‬ ‫المرأة وتطبيق أحكام الشرع – كما ي ّدعون – قلّصت دورها وانتهكت حقوقها ح ّتى تكاد حقوق المرأة أن تكون معدومة‪،‬‬ ‫فهي الضلع القاصر والطاعة العمياء‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬ذلك لن ّ‬ ‫يؤثر على النساء فقط‪ ،‬فمردوده سيطال المجتمع بأكمله‪ ،‬وهذا هو الخطر األكبر والذي يحتاج إلى أجيال وأجيال لتداركه‪ ،‬وهو ليس باألمر السهل‬ ‫أبداً‪ ،‬وأعتقد أنّ السوريّين عامّة والنساء السوريّات خاصّة خارج سورية يجب أن يحملوا على عاتقهم إمكانيّة التأثير في المجتمع السوريّ بعد أن يخرج من الحرب‪،‬‬ ‫والعمل على نشر األفكار والوعي إلعادة دور المرأة ح ّتى يكون لها حضورها في المشهد السياسيّ والمدنيّ السوريّ ‪ ،‬ومن هنا ستكون نقطة البداية ولك ّنها ستحتاج‬ ‫وقتا ً طويالً‪.‬‬ ‫أروى غندور‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ش���ارك���ت ال��م��رأة‬ ‫ال���س���وريّ���ة خ�لال‬ ‫التاريخ في النشاط‬ ‫ال��س��ي��اس��يّ ‪ ،‬وال��ذي‬ ‫ازداد بشكل ملحوظ‬ ‫ف���ي خ��م��س��ي��ن � ّي��ات‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬لكن‬ ‫وب��األخ��صّ في ظ ّل‬ ‫نظام األسد كان هناك‬ ‫تغييب ملحوظ للمرأة‬ ‫عن العمل السياسيّ‬ ‫ال سيّما في مراكز‬ ‫صنع القرار‪ .‬ورغم وجود حركات نسويّة في سورية‪،‬‬ ‫قدرة المرأة على المشاركة في العمل السياسيّ كان عليها‬ ‫نفس القيود التي فرضها النظام على كا ّفة مكوّ نات الشعب‬ ‫السوريّ بشكل عا ّم‪ ،‬باإلضافة إلى القيود االجتماعيّة على‬ ‫النساء ال سيّما في قطاعات تعتبر تقليد ّيا ً من اختصاص‬ ‫الرجال‪.‬‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬تواجه الحركات النسويّة صعوبة‪،‬‬ ‫ربّما أكثر من السابق‪ ،‬في صياغة خطاب يمكن أن‬ ‫يكون أساسا ً لمشارك ٍة أكثر فعّاليّة في العمل السياسيّ‬ ‫في سورية‪ .‬أحد العوائق في الوقت الراهن يكمن في‬ ‫الشعور باالنتماء ألحد جهات «النزاع» – مع الثورة‬ ‫أو مع النظام – والتي ح ّتى على المستوى النسويّ تؤ ّدي‬ ‫إلى مواجهة صعوبة في الجلوس على طاولة واحدة‬ ‫وتقبّل الطرف اآلخر‪ .‬وبينما استطاعت الجهات السياسيّة‬ ‫األخرى‪ ،‬وباألخصّ المعارضة التي نمت أوتش ّكلت منذ‬ ‫انطالق الثورة السوريّة أن تبرز وتعمل على تطوير‬ ‫خطابها السياسيّ ‪.‬‬ ‫واجهت المرأة السوريّة صعوبة في إستالم مناصب‬ ‫ضمن المؤسّسات والتيّارات السياسيّة يمكنها من خاللها‬ ‫إعطاء صوت للمرأة السوريّة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تواجه‬ ‫الحركات النسويّة صعوبة في وضع شؤون المرأة ضمن‬ ‫األولويّات التي يجب التركيز عليها حال ّيا ً أو في التخطيط‬ ‫للمرحلة التالية‪ ،‬وذلك ألنّ شؤون وحقوق المرأة لم تكن‬ ‫ضمن أفكار الثورة األساسيّة عند انطالقها‪ ،‬والمسار الذي‬ ‫أخذته الثورة ر ّداً على ممارسات النظام يجعل وضع هذه‬ ‫األمور ضمن األولويّات حال ّيا ً أكثر صعوبة‪ .‬وبما أنّ‬ ‫العمل السياسيّ في الوقت الراهن يتطلّب العمل ضمن‬ ‫هذه المؤسّسات والتيّارات السياسيّة‪ ،‬تجد المرأة السوريّة‬ ‫نفسها مجبرة على إختيار تيّار معيّن على أساس معايير‬ ‫ربّما ال صلة لها بشؤون المرأة‪ ،‬وهذا يؤ ّدي الى تمييع‬ ‫المواضيع النسويّة وقضايا المرأة السوريّة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وبسبب مزيج من القيود االجتماعيّة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات النسويّة‬ ‫والتقاليد والقمع السياسيّ ‪ ،‬افتقدت‬ ‫السوريّة والناشطات في مجال حقوق المرأة الدعم من‬ ‫نظائرهنّ من الرجال‪ ،‬أو ح ّتى من النساء اللواتي لم‬ ‫يتشجّ عن بسبب هذه العوائق للمشاركة في العمل النسويّ‬ ‫ودعم قضايا المرأة؛ وبالتالي‪ ،‬أيّ خطط لتعزيز مشاركة‬ ‫المرأة في العمليّة السياسيّة وباألخصّ في صنع القرار‬ ‫سوف تتطلّب العمل على إشراك الرجال ال سيّما الجيل‬ ‫الشابّ واستقطاب دعمهم‪ ،‬وهذا لن يكون أمراً سهالً‬ ‫أل ّنه سوف يتعارض مع الكثير من المفاهيم التي تعتبر‬ ‫من القيم األساسيّة لدى أغلب المجتمعات السوريّة‪،‬‬ ‫والتي تتعارض بشكل مباشر مع فكرة المساواة بين‬ ‫المرأة والرجل‪ ،‬والتي هي ضرورة أليّ خطط للتحشيد‬ ‫والمناصرة لقضايا المرأة؛ التعامل مع هذا األمر سوف‬ ‫يتطلّب االعتماد واالستفادة من تجارب مجتمعات مشابهة‬ ‫نوعا ً ما للمجتمع السوريّ وباألخصّ في العقبات التي‬ ‫واجهت النساء في تحصيل المشاركة في العمليّة السياسيّة‪،‬‬ ‫وربّما يمكن االعتماد على نماذج ضمن المجتمع السوريّ‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات السياسيّة التي‬ ‫نفسه‪ ،‬فهنالك بعض التيّارات‬ ‫تتواجد فيها المرأة في مراكز صنع القرار وبنسب عالية‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬الكثير من هذه األمور سوف تعتمد على شكل‬ ‫الدولة السوريّة في المرحلة القادمة‪ .‬وبينما شكل الدولة‬ ‫السوريّة التي نادى بها أغلب السوريّين في بداية الثورة‬ ‫يعطي المرأة ‪ -‬على األق ّل ‪ -‬القدرة على العمل لتحقيق‬ ‫هذه الطموحات‪.‬‬ ‫من المه ّم بدء العمل اآلن لضمان وجود األسس بالرغم‬ ‫من الصعوبات المذكورة أعاله‪ ،‬هذه الصعوبات يمكن‬ ‫أن تتواجد بين أغلب األجيال األقدم الذين عاشوا وربّما‬ ‫عملوا في المجال السياسيّ لعقود في ظ ّل تواجد ضعيف‬ ‫للنساء بينهم‪ ،‬ولكن بين األجيال الشبابيّة التي كانت من‬ ‫الصفوف األولى في الثورة كان هناك تعاون بين الرجال‬ ‫والنساء في كا ّفة جوانب العمل الثوريّ واالعتماد في‬ ‫بعض األمور على النساء لتسهيل عملهم؛ ولذلك من‬ ‫الضروري التركيز على العمل مع هذه الكوادر لتأسيس‬ ‫ودعم ّ‬ ‫منظمات مدنيّة تض ّم نسا ًء في كوادرها وتعمل على‬ ‫جوانب متعلّقة بشؤون المرأة في أغلب مشاريعها‪.‬‬

‫دميا موسى‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫ملف العدد‬

‫المرأة السورّية‪ ،‬الواقع واآلفاق‪ ،‬حوار مفتوح‬ ‫الحر ّية‬ ‫المرأة في سورية كانت شريكا ً أساس ّيا ً في حلم االنتقال من دولة الشمول ّية واالستبداد إلى فضاءات‬ ‫ّ‬ ‫والعيش الكريم‪ ،‬وكانت عنصراً فاعالً ومح ّفزاً في كل ّ النشاطات السلم ّية والمبادرات المدن ّية التي أنتجتها‬ ‫بواكير الثورة األولى‪.‬‬ ‫الثوري‬ ‫بعد هذه المشاركة الفاعلة والمم ّيزة للمرأة في النشاط‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمدني‪ ،‬انقلبت اآلية‪ ،‬فبعد هيمنة الحل ّ‬ ‫العسكري في سورية وانتشار ظاهرة التسليح‪ ،‬وما جاء بعدها من انتشار للمجموعات األصول ّية المتشدّ دة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتحجم إلى حدوده الدنيا‪ ،‬وفي أماكن كثيرة ُمنعت من ممارسة هذا الدور‪.‬‬ ‫إذ انكفأ عمل المرأة‬ ‫ّ‬ ‫إنّ دور المرأة مهدّ د بالخطر واإلقصاء بسبب استبداد النظام وما يقوم به من ممارسات قمع ّية تطال‬ ‫األصولي الذي يقوم على مفاهيم إقصائ ّية‬ ‫المجتمع بشكل عا ّم والمرأة على وجه الخصوص‪ ،‬وبسبب المدّ‬ ‫ّ‬ ‫للمرأة ودورها في بناء المجتمع‪.‬‬ ‫نسوي بارز في الحياة السياس ّية السور ّية‪ ،‬إلى واقع مؤلم باتت‬ ‫بين مشاركة فاعلة في التأسيس لدور‬ ‫ّ‬ ‫فيه المرأة سب ّية وأمة ال دور لها‪ ،‬وبين مستقبل أسود ينتظرها بعد إعالن الدولة اإلسالم ّية وما تمارسه‬ ‫باقي التنظيمات المتشدّدة من قمع واستالب لها‪ .‬وبالمقابل استمرار النظام في حربه المجنونة على الشعب‬ ‫العالمي للمرأة نتقدّ م إليكنّ ‪/‬م بورقة العمل‬ ‫مكوناته‪ ،‬بين هذا وذاك ونحن على أعتاب اليوم‬ ‫ّ‬ ‫السوري بكامل ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذه في محاولة لتوصيف الواقع واقتراح الحلول والمبادرات‪.‬‬ ‫األول‪ :‬لماذا لم تستطع الحركة النسو ّية‬ ‫السؤال ّ‬ ‫يؤسس استمرار ّيتها‬ ‫ديمقراطي‬ ‫صياغة خطاب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومشاركتها في الحياة السياس ّية والمدن ّية السور ّية؟‬ ‫حول هذا السؤال أجابت الشاعرة رشا عمران قائلة‪:‬‬ ‫المعارضة ذات األمراض التي‬ ‫«تعاني الحركة النسويّة‬ ‫ِ‬ ‫تعاني منها المعارضات السياسيّة السوريّة‪ ،‬االنقسام‬ ‫ّ‬ ‫والتحزب والشللية والهوى والخضوع‬ ‫والخالفات‬ ‫لرغبة المموّ لين وعدم التمثيل الصحيح والحقيقيّ ‪،‬‬ ‫إضافة إلى ظهور النزعة العقائديّة الحزبيّة والدينيّة‬ ‫لدى العديد من المشاركات في الشبكات والتنظيمات‬ ‫النسائيّة التي ظهرت بعد الثورة‪ ،‬إضافة إلى أنّ‬ ‫التعامل مع المرأة في هيئات المعارضة لم يكن أكثر‬ ‫من ديكور استجابة لرغبة الغرب وليس عن قناعة‬ ‫بأصالة دور المرأة السوريّة في هذه المرحلة الصعبة‪،‬‬ ‫ك ّل هذا ساهم في تقهقر دور المرأة وفي تش ّتت رؤيتها‬ ‫الجمعيّة وتش ّتت خطابها وانقسامه بين الوطنيّ والدينيّ‬ ‫والمذهبيّ »‪.‬‬ ‫أمّا األستاذة ياسمين المرعي مديرة تحرير مجلّة‬ ‫«سيّدة سوريا» فقد أجابت‪« :‬هناك قلق غير مبرّ ر‬ ‫(من وجهة نظري) من ممارسة العمل السياسيّ بشكل‬ ‫مباشر لدى غالبيّة الناشطات العامالت في الشأن العا ّم‬ ‫السوريّ في ض ّفة المعارضة‪ ،‬بسبب اإلقصاء الواضح‪،‬‬ ‫إنّ في المؤسّسات الرسميّة للمعارضة أو ح ّتى على‬ ‫مستوى الكتل واألحزاب والمجالس المحليّة‪ ،‬كعضوة‬ ‫في شبكة المرأة السوريّة وعضو مؤسّس في «اللوبي‬ ‫النسويّ السوريّ » أرى أنّ جزءاً كبيراً من النساء‬ ‫يسعين لتفعيل مشاركة المرأة السياسيّة‪ ،‬لك ّنه سعي‬ ‫َ‬ ‫بعيد عن التفكير بتأسيس حزب سياسيّ يطرح نفسه‬ ‫كمنافس وشريك سياسيّ ‪ ،‬وهذا االنكفاء عن المبادرة‬ ‫ّ‬ ‫إلى تشكيل حركة سياسيّة نسائيّة هو‬ ‫معطل أساسيّ‬ ‫لتأسيس خطاب ديمقراطيّ يؤسّس لمشاركتها»‪.‬‬ ‫وكان لريم علي رأي مخالف‪ ،‬حيث اعتبرت أ ّنه‪:‬‬ ‫«ما من حركة نسويّة متبلورة في سورية»‪.‬‬ ‫أمّا الناشطة المدنيّة في تيّار الوعد السوريّ ‪ ،‬السيّدة‬ ‫زين مالذي‪ ،‬قالت‪« :‬يؤلمنا أنّ تجربة معظم الحركات‬ ‫النسويّة في المدن واألري���اف المحرّ رة تتشارك‬ ‫بصفة الفقر الفكريّ والثقافيّ ‪ ،‬وتكاد تنعدم في بعض‬ ‫األوساط‪ ،‬ممّا يح ّد من إمكانيّة تقييم وجودها من عدمه‬ ‫تع المرأة أنّ عليها مسؤوليّات قبل‬ ‫في هكذا أوساط لم ِ‬ ‫ً‬ ‫الحقوق‪ ،‬كما يقف بعض الذكور حائال أمام تفعيل دور‬ ‫المرأة‪ ،‬صياغة خطاب من أيّ نوع كان‪ ،‬بقي حبيس‬ ‫جدران جمعيّات هذه التك ّتالت‪ ،‬التي لم يكن لها حضور‬ ‫ترتق لمستوى التفاعل المدنيّ معها بعد»‪.‬‬ ‫إعالميّ ‪ ،‬ولم‬ ‫ِ‬ ‫السيّدة سميرة مصطفى‪ ،‬عضوة رابطة النساء‬ ‫السوريّات لحماية األمومة والطفولة‪ ،‬أجابت‪« :‬لقد‬ ‫لعبت المرأة دوراً أساس ّيا ً في ك ّل خطوة من خطوات‬ ‫الحراك السياسيّ السلميّ ‪ ،‬وكانت الحافز األكبر في‬ ‫دفع الشباب لالستمرار في هذا التحرّ ك الراقي‪ ،‬حيث‬ ‫كانت المظاهرات السلميّة تض ّم المئات من الشابّات‬ ‫الواعيات المث ّقفات من طالبات جامعيّات إلى عامالت‬ ‫في مجال الطبّ والهندسة والتعليم‪ ،‬وكان الهدف األوّ ل‬ ‫واألسمى لك ّل هذا هو تغيير الواقع االستبداديّ الفرديّ‬ ‫القمعيّ إلى واقع ديمقراطيّ ‪ ،‬وتقديم ورقة عمل تكون‬ ‫النواة لمشاركة المرأة في الحياة السياسيّة والمدنيّة في‬ ‫سورية‪ ،‬ولكنّ األسلوب القمعيّ الوحشيّ الذي قوبلت‬ ‫فيه تلك الحركات السلميّة والتي وُ جّ هت بشكل بشع‬ ‫نحو المرأة من اعتقال وتعذيب واغتصاب‪ ..‬في مجتمع‬ ‫يرى أنّ الشرف مسؤوليّة المرأة في الدرجة األولى‪،‬‬ ‫جعلها تحجّ م وتبتعد عن االستمرار‪ ،‬ومن ث ّم استالب‬ ‫الحراك الثوريّ من قبل المتطرّ فين الذين يحرّ مون على‬ ‫المرأة العمل السياسيّ ويرون فيها عنصراً «ناقصة‬ ‫عقل ودين»‪.‬‬ ‫يعملن مع المتطرّ فين‪،‬‬ ‫وإذا وجدنا بعض النساء‬ ‫َ‬ ‫يختلفن عنهم في التفكير والتصرّ ف حيال‬ ‫فهنّ ال‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫بنات جنسهنّ ‪ .‬أمام هذا الواقع األليم لم تجد المرأة إلاّ‬ ‫االنحسار والتراجع‪ ،‬ألّنها أصبحت بين ف ّكي كمّاشة ال‬ ‫ترحم‪ ،‬النظام المستب ّد والتنظيمات المتش ّددة الرجعيّة‪.‬‬ ‫الشواف‪ ،‬فقد كان لها رأي مختلف‬ ‫أمّا اإلعالميّة لينا‬ ‫ّ‬ ‫تماماً‪ ،‬إذ اعتبرت أنّ ‪« :‬ال أحد من السوريّين رجاالً أو‬ ‫نسا ًء استطاع أن يؤسّس لخطاب ديموقراطيّ »‪.‬‬ ‫الناشطة المدنيّة هبة ّ‬ ‫عز الدين‪ ،‬وصفت الحال‬ ‫قائلة‪« :‬المرأة كانت بمعظم الحاالت تابعة للرجل‬ ‫ماد ّيا ً ومعيش ّيا ً إضافة إلى إقصائها عن الحياة السياسيّة‬ ‫وهذا حالها حال الرجل السوريّ في ظ ّل هيمنة األسد‪،‬‬ ‫في ظ ّل الثورة كانت المرأة تضاف كبهارات إلعطاء‬ ‫نكهة للجهات السياسيّة والمدنيّة إلرض��اء الغرب‬ ‫شكلن نصف الحراك‬ ‫أوّ الً وإلرضاء النساء اللواتي‬ ‫َ‬ ‫الشعبيّ تقريباً‪ .‬لم تنجح المرأة في الحياة السياسيّة‬ ‫بسبب عدم تمكنيها‪ ،‬وبسبب دخول التيّارات المتطرّ فة‬ ‫التي ال تهمّشها وتقصيها فقط‪ ،‬بل أعدمتها في كثير‬ ‫من المناطق‪ .‬بالنسبة للحياة المدنيّة أرى أنّ المرأة‬ ‫كانت رائ��دة في ذلك أل ّنها استمرّ ت بالتظاهر ض ّد‬ ‫الدكتاتوريّات بمختلف أشكالها وأبرزها جبهة النصرة‬ ‫في حوران وريف إدلب»‪.‬‬ ‫السيّدة لمى ق ّنوت الناشطة المدنيّة والعضوة في‬ ‫مبادرة «نساء من أجل السالم»‪ ،‬اختلفت مع طريقة‬ ‫صوغ السؤال‪ ،‬وقالت‪« :‬ال أ ّتفق معكم بالعكس لقد‬ ‫ق ّدمت الحركة النسويّة في سورية خطابا ً ديمقراط ّيا ً‬ ‫ورؤية لسوريّة الجديدة‪ ،‬دولة مدنيّة تعدديّة ديمقراطيّة‪،‬‬ ‫دولة المواطنة والقانون‪ ،‬الحياديّة تجاه جميع مكوّ ناتها‬ ‫وأيديولوجيتهم‪ ،‬دولة تحترم وتلتزم بشرعة حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وتجرّ م العنف والتمييز ض ّد النساء‪ ،‬وعملت‬ ‫بجهد حقيقيّ كي ال تبقى قيم الديمقراطيّة والمواطنة‬ ‫شعارات مفرّ غة من معناها الحقيقيّ ‪ ،‬وجزء من هاجسها‬ ‫هو تمكين الناشطات لمعرفة حقوقهنّ وتدريبهنّ على‬ ‫القيادة لي ُك َن جاهزات على دخول المعترك السياسيّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمات‬ ‫والمدنيّ ‪ ،‬أمّا أن تكون الحركة النسويّة أو‬ ‫بعينها منضوية تحت أحزاب أو قوى سياسيّة‪ ،‬فأنا ال‬ ‫أراه عمالً صائباً‪ ،‬فالتجربة أثبتت أ ّنها ستكون أسيرة‬ ‫توافقات وتنازالت حسب رؤية الحزب‪ ،‬ولن تكون‬ ‫حرّ ة بل مقيّدة‪ .‬لألسف‪ ،‬اإلعالم الذي نشأ خالل الثورة‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات النسويّة إلاّ خالل‬ ‫ال يسلّط الضوء على نشاط‬ ‫المناسبات مثل يوم المرأة‪».‬‬ ‫السيّدة هنادة فيصل الرفاعي‪ ،‬عضوة ا ّتحاد‬ ‫الديمقراطيّين‪ ،‬قالت‪« :‬عبر تاريخنا الطويل كان للمرأة‬ ‫دور ب��ارز في النضال والكفاح ض ّد الظلم والقهر‬ ‫والطغيان‪ ،‬ولم يقتصر هذا الدور على جانب معيّن‪،‬‬ ‫بل كان يشمل مختلف جوانب الحياة وخصوصا ً عند‬ ‫الملمّات واألزم��ات‪ ،‬ولكن لألسف ما زال مجتمع‬ ‫ذك��وريّ يحاول تهميش دور ال��م��رأة‪ ،‬ولذلك نحن‬ ‫من سنفرض وجودنا‪ ،‬لقد شاركت المرأة في عرس‬ ‫الثورة منذ بزوغ فجرها وتعرّ ضت للقتل واالغتصاب‬ ‫ضن‬ ‫والضرب والشتم بأقذع الكلمات النابية كما تعرّ َ‬ ‫للضرب واإلهانة»‪.‬‬ ‫التصورات واآلل ّيات التي‬ ‫السؤال الثاني‪ :‬ما هي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات النسو ّية الستقطاب الجيل‬ ‫تعمل عليها‬ ‫الشاب من النساء والرجال السور ّيين بغية التحشيد‬ ‫ّ‬ ‫والمناصرة لقضايا المرأة؟‬ ‫الصحفيّة ياسمين المرعي‪ ،‬قالت‪« :‬ليست هناك‬ ‫آليّات واضحة‪ ،‬هناك مجموعات نسائيّة يت ّم تشكيلها‬ ‫وبعد ذلك نشهد حالة من الركود أو اقتصار العمل‬ ‫على داخل المجموعة فقط‪ ،‬تستثنى من ذلك الحمالت‬ ‫اإلعالميّة التي قامت بها بعض التجمّعات النسويّة‬ ‫كحملة (سوريا وطن ال سجن) وحملة (أنا هي)‪».‬‬ ‫السيّدة لمى قنوت استفاضت وقالت‪ :‬العديد من‬ ‫الشابات والشباب ومنذ بداية الثورة تيقنوا من أنّ‬ ‫النضال من أجل قضايا المرأة له خصوصيّة‪ ،‬ويحتاج‬ ‫إلى عمل ممنهج على ك ّل األصعدة الدستوريّة والقانونيّة‬

‫والسياسيّة واالقتصاديّة والثقافيّة واإلعالميّة لتحقيق‬ ‫التغيير الجذريّ الحقيقيّ ‪ ،‬والحركة النسويّة تعمل على‬ ‫إشراكهم كمستقلّين ومستقلاّ ت أو كم ّنظمات مجتمع‬ ‫مدنيّ بشكل مستمرّ ودائم في ك ّل النشاطات‪ ،‬فعلى‬ ‫ّ‬ ‫منظمة «تقرير‬ ‫سبيل المثال ال الحصر ‪ ،‬ق ّدمت ‪13‬‬ ‫ظل» بتموز ‪ -2014‬وهو تقرير الجمعيّات غير‬ ‫الحكوميّة ق ّدم لألمم الم ّتحدة – لجنة اتفاقيّة إلغاء جميع‬ ‫أشكال التمييز ض ّد المرأة «سيداو»‪ ،‬ويعمل «تجمّع‬ ‫سوريّات من أجل الديمقراطيّة «ومنذ عامين مع العديد‬ ‫من ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ومحاميّات ومحامين على‬ ‫ورشات عمل ومؤتمرات من أجل بناء دستور مبنيّ‬ ‫على النوع االجتماعيّ «الجندر» في سورية‪.‬‬ ‫وجاءت إجابة الناشطة هنادة فيصل الرفاعي‪ ،‬على‬ ‫الشكل التالي‪« :‬األوليّات اآلن حسب األهميّة‪ :‬هي‬ ‫دعم المرأة والتوعية والتأهيل والتدريب والتمكين‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬من خالل الدعم النفسيّ لتشعر بإمكاناتها‬ ‫وطاقاتها وتتجاوز اإلحباط وتعود لتقود دورها في‬ ‫المجتمع‪ ،‬وأيضا ً عن طريق نشاطات مختلفة للتعارف‬ ‫لتستطيع التواصل واكتساب الخبرات من النساء ذوات‬ ‫الشخصيّة القياديّة‪.‬‬ ‫وكان لزين مالذي رأي مخالف‪ ،‬إذ أجابت‪« :‬خالل‬ ‫سنوات الثورة السوريّة المباركة لم يكن هناك حشد‬ ‫حقيقيّ سوى في يوم المرأة الذي تتحرّ ك فيه جميع‬ ‫المؤسّسات المجتمعيّة فتحيّي المرأة وتعترف بدورها‬ ‫وأهميّتها‪ ،‬لتموت القضيّة في اليوم التالي تماماً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات النسويّة لم تنضج تجربتها في مجتمعنا بعد‪،‬‬ ‫وما زالت تبحث عن عنوان قضيّتها»‪.‬‬ ‫أمّا السيّدة سميرة مصطفى فقد استندت في إجابتها‬ ‫على الحال التي وصلت إليها المرأة السوريّة نتيجة ما‬ ‫يجري في البالد‪« :‬نتيجة الظروف القاسية التي يعيشها‬ ‫الشعب السوريّ في أكثر محافظات القطر‪ ،‬فإنّ معظم‬ ‫العائالت نزحت داخل ّيا ً أو خارج ّياً‪ ،‬وهذا أ ّدى إلى تفرّ ق‬ ‫ّ‬ ‫يتبق منهنّ في‬ ‫الناشطات في العمل النسويّ حيث لم‬ ‫الداخل إلاّ القليل ال يتجاوز عدد أصابع اليد‪ ،‬وبعد خيبة‬ ‫األمل التي أصيب بها ك ّل من عاش التحرّ ك السياسيّ‬ ‫في سورية‪ ،‬تو ّقف النشاط بشكل كامل وانقطع التواصل‬ ‫بشكل كامل تقريباً‪ ،‬وأضافت‪« :‬اليوم تسعى بعض‬ ‫النساء الناشطات إلى إعادة هيكلة عمل المرأة بتشكيل‬ ‫تنظيمات نسائيّة داخل سورية تعمل على التواصل مع‬ ‫القائمين على المبادرات األمميّة إلنهاء الصراع في‬ ‫سورية‪ ،‬وفي حلب خصوصاً‪ .‬وذلك بتقديم الصورة‬ ‫الواقعيّة لمأساة الناس الذين يعيشون في مدينة حلب‬ ‫الواقعين تحت القصف المتبادل بين المسلّحين وبين‬ ‫النظام‪ ،‬وهذا يجذب الشباب من الجنسين للعمل بشكل‬ ‫جا ّد أل ّنهم المتضرّ ر األوّ ل واألخير من هذا الوضع»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الناشطة هبة ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫عز الدين‪ ،‬أجابت‪« :‬تعتمد‬ ‫النسائيّة على مبدأ الشراكات والمناصرة لقضايا‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المدنيّة من أجل الترويج‬ ‫المناصرة مع باقي‬ ‫تلجأن‬ ‫ودع��م بعض المشاريع وفي بعض األحيان‬ ‫َ‬ ‫لإلعالم‪ ،‬لكنّ ذلك اإلعالم ضعيف وال يبرز العمل‬ ‫الحقيقيّ وفعاليّته»‪.‬‬ ‫وقد جاءت إجابات رشا عمران وريم علي ولينا‬ ‫الشواف متشابهة‪ ،‬وهي عدم المعرفة بسبب عدم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫انتسابهنّ إلحدى هذه المنظمات‪ ،‬وبالتالي عدم معرفتهنّ‬ ‫بأساليب عملها‪.‬‬ ‫السؤال الثالث‪ :‬ما وصلت إليه الحال في سورية‬ ‫يخص المرأة هل هو عابر؟ هل هناك إمكان ّيات‬ ‫بما‬ ‫ّ‬ ‫لتجاوزه؟‬ ‫الناشطة زي��ن م�لاذي‪ ،‬أجابت‪« :‬الحال الراهن‬ ‫للمرأة مرتبط بمدى إمكانيّة التحايل على الوضع‬ ‫الراهن وم��دى التكيّف للمقاومة من خالله‪ ،‬تتع ّدد‬ ‫أشكال االستبداد وأساليب القمع‪ ،‬لكنّ فضاءات الحرّ يّة‬ ‫في مناطق ال تقع تحت هيمنة األسد و»داعش» هي‬ ‫بيئات خصبة لتحقيق الوجود‪ ،‬هناك بعض التحرّ كات‬

‫هنا وهناك‪ ،‬لكن كما أسلفت‪ ،‬ك ّل هذه التجمّعات تفتقر‬ ‫لنضج الفكرة‪ ،‬ويغيب عنها األساس الثقافيّ والفكريّ ‪،‬‬ ‫فتسير كتك ّتالت بال هدف واضح‪ ،‬سوى إثبات الوجود‬ ‫الذي سرعان ما يذوب إن لم ينضج مع الزمن‪ .‬وهذا‬ ‫الواقع (واقع المرأة بشكل خاصّ ‪ ،‬والمجتمعات الفقيرة‬ ‫بشكل عا ّم) ليس جديداً‪ ،‬وإ ّنما يعود إلى جيلين أو ثالثة‪،‬‬ ‫ثابر النظام البائد على تحقيقه»‪.‬‬ ‫الشواف‪ ،‬فقد رأت ما يلي‪« :‬الحال‬ ‫أمّا اإلعالميّة لينا‬ ‫ّ‬ ‫الراهن الذي وصلت إليه المرأة في سورية هو تصاعد‬ ‫بشكل طرديّ مع الوضع المأساويّ للبلد‪ ،‬أي لم يكن‬ ‫وضع المرأة السوريّة ممتازاً قبل الثورة وكما ّ‬ ‫تأزمت‬ ‫األوضاع المتعلّقة بك ّل شيء داخل البلد‪ّ ،‬‬ ‫تأزم وضع‬ ‫المرأة أيضاً‪ ،‬وبالتأكيد هو ليس عابراً‪ ،‬كما أنّ الوضع‬ ‫السوريّ ليس عابراً أبداً‪ ،‬تجاوزه سيكون عندما نبدأ‬ ‫بوضع أوّ ل الخطوات لتجاوز الوضع السوريّ ككلّ‪،‬‬ ‫عندها نبدأ بإمكانيّة تجاوز الحال الراهن الذي وصلت‬ ‫إليه المرأة السوريّة اآلن»‪.‬‬ ‫الشاعرة رشا عمران‪ ،‬قالت‪« :‬ال أظ ّنه عابراً‪ ،‬أظنّ‬ ‫أ ّنه سيبقى وقتا ً طويالً وسيزداد سوءاً‪ ،‬خصوصا ً للمرأة‬ ‫في الداخل السوريّ والموجودة في المناطق الخارجة‬ ‫عن سيطرة النظام‪ ،‬والتي سيطرت عليها الكتائب‬ ‫اإلسالميّة التي وجدت في المرأة العنصر األضعف‪،‬‬ ‫فبدأت بإلقاء عنفها على المرأة أوّ الً بحجّ ة تطبيق‬ ‫الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬الشريعة اإلسالميّة التي ترى‬ ‫المرأة في مرتبة أدنى من الرجل فما بالك بعناصر‬ ‫هذه التنظيمات وجلّهم متطرّ فون وجهلة‪ ،‬وح ّتى لو‬ ‫فرضنا أنّ هذه التنظيمات قد انتهى وجودها‪ ،‬وهو أمل‬ ‫ضعيف‪ ،‬فالشرخ المجتمعيّ الجنسانيّ توسّع كثيراً ولن‬ ‫يت ّم ردمه بسهولة‪ ،‬لديك كارثة اجتماعيّة أخرى تشمل‬ ‫جميع السوريّات‪ ،‬هي زيادة عدد النساء في سورية‬ ‫بمع ّدل مرتفع ج ّداً‪ ،‬إذ غالبيّة ضحايا سورية (من جميع‬ ‫األطراف) هم من الذكور‪ ،‬هذا يعني مشكلة عنوسة‬ ‫قادمة ويعني استغالل المشكلة النتشار تع ّدد الزوجات‬ ‫بذريعة السترة والحماية وإلى آخر ما هنالك ‪..‬والمرأة‬ ‫هي من سيدفع الثمن»‪.‬‬ ‫ووافقتها الرأي اإلعالميّة ياسمين المرعي‪« :‬ال‬ ‫أظ ّنه عابراً‪ ،‬فالمرأة السوريّة على مدى عقود كانت‬ ‫مهمّشة‪ ،‬وكان وجودها صور ّيا ً وانتقائ ّيا ً ح ّتى في‬ ‫صوريّته‪ .‬لكن بالطبع هناك إمكانيّات لتجاوزه‪ ،‬وهذا‬ ‫مرتبط بجديّة العمل النسويّ ‪ ،‬وبتو ّقف حالة اقتصار‬ ‫تمثيل المرأة السوريّة على بعض الشخصيّات النسائيّة‬ ‫في ك ّل المحافل‪ ،‬وفتح المجال‪ ،‬أمام كافة شرائح النساء‬ ‫للتعبير عن أنفسهنّ »‪.‬‬ ‫وجاءت إجابة ريم علي‪ ،‬متقاربة‪ ،‬قالت‪« :‬ليس‬ ‫عابراً‪ ،‬دور المرأة مقترن بالنهوض الحضاريّ للبالد‪،‬‬ ‫البالد التي وضعت قدما ً في التحرّ ر وأمسك العالم‬ ‫بقدمها األخرى‪ ،‬ربّما انفتح سقف عملها‪ ،‬لكن ليس‬ ‫بالمدى المنظور»‪.‬‬ ‫أمّا سميرة مصطفى فاعتبرت أنّ األمر ليس غريباً‪،‬‬ ‫قالت‪« :‬الوضع في سورية ليس غريباً‪ ،‬فقد مرّ ت به‬ ‫دول كثيرة قبل ذلك‪ ،‬كما في الحروب العالميّة (ونحن‬ ‫نع ّد الحرب في سورية حربا ً عالميّة ثالثة) ومثلما‬ ‫تجاوزته النساء في تلك الدول ستتجاوزه المرأة في‬ ‫سورية‪ ،‬وإن بصعوبة‪ ،‬وسيكون ذلك من الداخل‬ ‫السوريّ بك ّل تأكيد»‪.‬‬ ‫وكانت هبة ّ‬ ‫عز الدين غير متفائلة‪« :‬لن أكون‬ ‫متفائلة ج ّداً وأقول من السهل تجاوزه‪ ،‬لكن بوجود‬ ‫اإلرادة ستستطيع النساء تجاوزه‪ ،‬لكن ضمن دعم‬ ‫مجتمعيّ متكامل»‪.‬‬ ‫أمّا هنادة فيصل الرفاعي‪ ،‬فقد بدت متفائلة‪« :‬هذا‬ ‫الحال بالنسبة للمرأة عابر وما أستطيع استخالصه‪،‬‬ ‫هو أنّ المرأة السوريّة شاركت جنبا ً إلى جنب مع‬ ‫الرجل في صنع وحماية هذه الثورة المباركة‪ ،‬حيث‬ ‫كانت خير مثال على التضحية والصمود في وجه‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ملف العدد‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪7‬‬

‫النظام األسديّ الغاشم‪ ،‬كيف ال‪ ،‬والشيء من معدنه‬ ‫ال يُستغرب‪ ،‬فلقد كانت المرأة السوريّة عبر تاريخها‬ ‫شعلة مضيئة في وجه ظالم الديكتاتوريّة واالستبداد‪،‬‬ ‫فهي المنارة التي ستنير ألوالدن��ا طريق الحريّة‬ ‫والكرامة‪ ،‬طريق المجد والخلود»‪.‬‬ ‫جماعي‬ ‫السؤال الرابع‪ :‬هل يمكن صـياغة فعل‬ ‫ّ‬ ‫إلقامة «دولــة ديمقراط ّية» يت ّم الوصول عبرها إلى‬ ‫وسياسي جديد دون أن تكون المرأة‬ ‫اجتماعي‬ ‫عقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات‬ ‫العبا ً رئيس ّيا ً فيها؟ وما هو دور المرأة‬ ‫النسو ّية في صياغة مثل هذا العقد الجديد؟‬ ‫السيّدة لمى ق ّنوت كانت حازمة في إجابتها‪« :‬ال‬ ‫يمكن تحقيق التغيير الجذريّ الحقيقيّ وبناء الدولة‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬ودولة المواطنة المتساوية التي ثار من‬ ‫أجلها الشعب السوريّ دون القضاء على ك ّل أشكال‬ ‫التمييز التي تعاني منها المرأة في ّكل المجاالت‬ ‫الدستوريّة والقانونيّة والسياسيّة واالقتصاديّة‬ ‫واالجتماعيّة‪ ،‬إنّ بلورة مالمح المستقبل من خالل‬ ‫عقد اجتماعيّ يتضمّن ويضمن بشكل واضح حقوق‬ ‫المواطنات والمواطنين ليكون للجميع دور في صنع‬ ‫السياسات وبناء الوطن بدون أيّ إقصاء أو تهميش‪ ،‬هنا‬ ‫ال ب ّد من ذكر دور «مبادرة سوريّات من أجل السالم‬ ‫والديمقراطيّة « في الحشد والمناصرة منذ مفاوضات‬ ‫جنيف ‪ 2‬مع المبعوث األمميّ السابق السيّد اإلبراهيمي‬ ‫والحالي السيّد «دي ميستورا» والمجتمع الدوليّ‬ ‫بضرورة تمثيل المرأة في المفاوضات بنسبة ‪ %30‬كي‬ ‫ال تغيب حقوقها في المرحلة االنتقاليّة‪ ،‬وعند كتابة‬ ‫الدستور وفي مجمل عمليّة السالم من ألفها إلى يائها»‪،‬‬ ‫وأضافت‪« :‬ت ّم تأسيس «اللوبي النسويّ السوريّ »‪،‬‬ ‫المعنيّ بالمشاركة السياسيّة المتساوية للنساء والرجال‬ ‫وإتاحة نفس الفرص لوصولهنّ المتساوي إلى مراكز‬ ‫صنع القرار‪ ،‬أل ّن��ه تجسيد للمساواة وإح��دى آليّات‬ ‫التغيير الديمقراطيّ للمجتمع التي تساهم في تغيير‬ ‫بنيته البطريركيّة‪ ،‬ويسعى مع كافة القوى السياسيّة‬ ‫ذات الخطاب الديمقراطيّ لردم الفجوة الكبيرة للتمثيل‬ ‫المتد ّني للمرأة فيها‪ ،‬ويسلّط الضوء على العوائق‬ ‫الكثيرة التي تمنع وصول المرأة إلى مراكز صنع‬ ‫القرار»‪.‬‬ ‫هبة ّ‬ ‫عز الدين‪ ،‬قالت‪« :‬المرأة كانت تش ّكل نصف‬ ‫المجتمع بالنسبة للعدد‪ ،‬أمّا اليوم فهي تقريبا ً تش ّكل ثالثة‬ ‫أرباع المجتمع وال يمكن تجاهل هذه النسبة وإلاّ سينتج‬ ‫مجتمع منقوص ومعاق»‪.‬‬ ‫هنادة فيصل الرفاعي‪ ،‬قالت‪« :‬ال يمكن تهميش‬ ‫المرأة ودورها بعد هذه الثورة ونحن كنساء سوريّات‬ ‫ساهمنا وخسرنا الكثير ولن نرضى باإلقصاء وهذا‬ ‫يتطلّب نشر الوعي وثقافة حقوق اإلنسان‪ ،‬وال سيّما‬ ‫(حقوق الطفل‪ ،‬المرأة‪ ،‬الالجئ‪ ،‬المعوق إل��خ‪)...‬‬ ‫وتكريس وتعميق الفهم الديمقراطيّ وتوعية المجتمع‬ ‫وال سيّما الفئات الشعبيّة المهمّشة لحقوقها االجتماعيّة‬ ‫واالقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة والمواطنة‪ ،‬وكافة‬ ‫الحقوق التي يكفلها الدستور والمواثيق والقوانين‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬ودعم المبادئ العالميّة لحقوق اإلنسان كما‬ ‫ترسّخت في كافة االتفاقيّات الدوليّة لحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫كما وردت في اتفاقيّة جنيف وإعالن برشلونه وكافة‬ ‫االتفاقيّات والبروتوكوالت والصكوك الدوليّة في‬

‫مبادئ الجمعيّة العامّة لألمم الم ّتحدة ونشر الوعي بهذه‬ ‫المبادئ في أوساط الرأي العا ّم في كافة المخيّمات»‪.‬‬ ‫أمّا ريم علي‪ ،‬فقد كانت إجابتها ّ‬ ‫مكثفة وحاسمة بذات‬ ‫الوقت‪« :‬ال يمكن‪ .‬ألنّ المساواة والحقوق والمواطنة‬ ‫أساس الدولة الديمقراطيّة»‪ .‬وأضافت‪« :‬دور المرأة‪،‬‬ ‫ليس ثانو ّياً‪ ،‬إ ّنه نصف العرض تماماً»‪.‬‬ ‫الناشطة زين مالذي‪ ،‬قاربت الموضوع من زاوية‬ ‫مختلفة‪« :‬المرأة موجودة‪ ،‬لكنّ المث ّقفات منهنّ قالئل‪،‬‬ ‫وال أعتقد أ ّنهن غائبات عن الفعل الحاليّ ‪ ،‬وبالتالي لن‬ ‫يتخلفن عن البروز في المراحل المقبلة‪ ،‬المشكلة تكمن‬ ‫َ‬ ‫في ش ّقين‪ :‬انعدام التوازن بين أعداد المث ّقفين من الذكور‬ ‫واإلناث لصالح الذكور‪ ،‬ث ّم عدم التكافؤ في المشاركة‬ ‫با ّتخاذ القرار مرّ ة أخرى لصالح الذكور‪ ،‬وهنا‪ ،‬تبرز‬ ‫مشكلة المجتمع السوريّ الشعبويّ ‪ ،‬والتي ّ‬ ‫تتمثل بكونه‬ ‫ذكوريّ متصلّب‪ ،‬يكاد يندر فيه أن ترى تشجيعا ً أليّ‬ ‫مشاركة أنثويّة‪ ،‬ومع األسف هذه الفئة هي األكبر وهي‬ ‫التي تتح ّكم بالمجتمعات المحرّ رة الحاليّة‪ ،‬مقابل انكفاء‬ ‫المرأة على نفسها واكتفائها في معظم األحيان بتسجيل‬ ‫حضور خجول في أعمال مدنيّة ال تحدث فرقا ً أو قيمة‬ ‫حقيقيّة في المجتمع»‪.‬‬ ‫الشواف‪ ،‬قالت‪« :‬ال يمكن طبعا ً إقامة‬ ‫اإلعالميّة لينا‬ ‫ّ‬ ‫دولة ديموقراطيّة مالم تكون المرأة العبا ً رئيس ّيا ً فيها‪،‬‬ ‫أعتقد أنّ المرأة لها الدور األه ّم حال ّيا ً ضمن الوضع‬ ‫السوريّ الراهن ال��ذي تحوّ ل إلى حرب بالوكالة‬ ‫على األرض السوريّة‪ ،‬ألنّ الرجل غرق في السالح‬ ‫ّ‬ ‫والسياسة‪ ،‬أمّا‬ ‫الخط المدنيّ أغلبيّة من يعمل عليه هنّ‬ ‫من النساء‪ ،‬لذلك سيكون لهنّ التأثير األكبر على الخطّ‬ ‫الديموقراطيّ ‪ ،‬ودورها الكبير يكمن في االستمرار‬ ‫ّ‬ ‫الخط وتطويره والثبات فيه»‪.‬‬ ‫على العمل ضمن هذا‬ ‫ولم تبتعد الصحفيّة ياسمين المرعي في إجابتها عن‬ ‫رفيقاتها‪« :‬بالطبع ال‪ ،‬وهذا ينطلق من كون المرأة‬ ‫يمتلكن‬ ‫نصف المجتمع‪ ،‬وكون الكثير من السوريّات‬ ‫َ‬ ‫طاقات كامنة هائلة‪ ،‬يجب أن يكون دور المرأة أساس ّيا ً‬ ‫وموازيا ً لدور الرجل في وضع هذا العقد‪ ،‬كونها تتقاطع‬ ‫ّ‬ ‫والحق في المواطنة‬ ‫معه في الخبرات واالختصاصات‬ ‫وتكافؤ الفرص‪ ،‬استناداً إلى تماثلهما في المسؤوليّة في‬ ‫كثير من المواقع»‪.‬‬ ‫الشاعرة رشا عمران‪ ،‬ال تتوقع أيّ دولة دون دور‬ ‫فاعل وأساسيّ للمرأة‪« :‬دولة ديموقراطيّة دون دور‬ ‫للمرأة يعني‪ ،‬استبداد من نوع جديد‪ ،‬أخالق ّيا ً وقانون ّيا ً ال‬ ‫يمكن بناء أيّ عقد اجتماعيّ يغفل دور المرأة‪ ،‬لكن على‬ ‫من ستعول في هذا؟ على المعارضة السياسيّة الحاليّة‪،‬‬ ‫أم على الكتائب المسلّحة‪ ،‬أم على حملة السالح الذين‬ ‫تحوّ لوا إلى عصابات بك ّل معنى الكلمة‪ ،‬هؤالء مضادون‬ ‫لألخالق مثلما هم معارضون للقوانين الناظمة‪ ،‬المسألة‬ ‫أعقد بكثير ممّا نتخيّل‪ ،‬ال يمكن حلّها سوريا ً فقط‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل القضيّة السوريّة عموماً‪ ،‬إن لم يت ّم فرض عقد‬ ‫اجتماعيّ وسياسيّ عادل من قبل القوى الدوليّة الالعبة‬ ‫في سورية فلن يكون هناك عقد اجتماعيّ في األصل‪،‬‬ ‫أثبتنا نحن السوريّين أ ّننا عاجزون عن ح ّل مشاكلنا‬ ‫وأزماتنا بأنفسنا‪ ،‬نستدعي اآلخرين دائما ً ليساعدوننا‬ ‫ك معضالتنا‪ ،‬اآلخرون بأجنداتهم وسلّة مصالحهم‬ ‫في ف ّ‬ ‫‪ ،‬وهذا ال يقتصر على جهة فقط من السوريّين‪ ،‬بل‬ ‫يشمل الجميع‪ ،‬النظام ومعارضيه معاً»‪.‬‬

‫السؤال الخامس‪ :‬هل ما نشهده من تغييب لعمل‬ ‫والمدني له عالقة بوجود‬ ‫السياسي‬ ‫المرأة في المشهد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جماعي ال يمتلك الثقافة التشارك ّية أو ال يؤمن‬ ‫وعي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالتعدّ د ّية واالختالف؟‬ ‫الناشطة زي��ن م�لاذي‪ ،‬قالت‪« :‬التغييب أساسه‬ ‫مجتمعيّ وأعني بذلك مجموعة العادات والتقاليد‪،‬‬ ‫عرف سائد في معظم المناطق المحرّ رة‪ ،‬تارة تحت‬ ‫شعار «عيب» وتارة أخرى تحت شعار «حرام»‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬يلوح أمل في األفق مع قدوم رياح التغيير وحدوث‬ ‫الصحوة الفكريّة «الثقافيّة –الدينيّة» واندماج الطبقات‬ ‫المجتمعيّة مع مرور الوقت‪ ،‬هناك تطوّ رات تحدث‪،‬‬ ‫نأمل أن تحمل في طيّاتها العدل لك ّل المكوّ نات»‪.‬‬ ‫وقالت السيّدة هنادة فيصل الرفاعي في إجابتها‪:‬‬ ‫«هذا صحيح والجميع بحاجة لوعي يؤمن بالتع ّدديّة‬ ‫واالختالف ونحن أيضا ً قصّرنا في ّ‬ ‫حق أنفسنا بالتمكين‬ ‫يساهمن في كافة نشاطات الحراك‬ ‫السياسيّ ألنّ النساء‬ ‫َ‬ ‫السلميّ كاالعتصام وتوزيع المنشورات وتنظيم‬ ‫الحمالت‪ ،‬ونش ّدد على الدور النسائيّ في جمع التبرّ عات‬ ‫وش��راء االحتياجات وتوزيعها وح ّتى إيصالها إلى‬ ‫المتضرّ رين في بؤر التو ّتر‪« ،‬ح ّتى أنّ بعض الفتيات‬ ‫ساهمن في تهريب بعض الناشطين إلى خارج البالد‬ ‫َ‬ ‫خالل مرافقتهنّ لهم ح ّتى الحدود لتسهيل مرورهم‬ ‫عبر الحواجز وعدم كشف أمرهم من قبل القوّ ات‬ ‫النظاميّة»‪ ،‬مع تصعيد العمليّات العسكريّة من قبل‬ ‫نظام األسد تراجع الدور النسائيّ على األرض‪ ،‬إذ لم‬ ‫يعد الشارع آمنا ً ال للرجل وال للمرأة‪ ،‬خاصّة مع تزايد‬ ‫الخوف من التعرّ ض لالغتصاب‪ ،‬وا ّتجهت الكثيرات‬ ‫إلى تكثيف أنشطتهنّ على مواقع التواصل االجتماعيّ ‪،‬‬ ‫خاصّة «فيس بوك» والمدوّ نات االلكترونيّة‪ ،‬كمنبر‬ ‫يقمن‬ ‫ثن من خالله بحريّة ض ّد القمع والظلم‪ ،‬كما‬ ‫َ‬ ‫يتح ّد َ‬ ‫يفضحن من خاللها االعتداءات‬ ‫بتحميل مقاطع فيديو‬ ‫َ‬ ‫دن على مطالبهنّ التي ُغيّبت‬ ‫التي يتعرّ ضن لها‪ ،‬أو يؤ ّك َ‬ ‫عن الشارع بسبب تصاعد األحداث»‪.‬‬ ‫الصحفيّة ياسمين المرعي‪ ،‬قالت‪« :‬ليست مشكلة‬ ‫عدم امتالك لثقافة التشاركيّة أو عدم اإليمان بالتع ّدديّة‬ ‫واالختالف‪ ،‬بل هي مشكلة ذهنيّة ذكوريّة إقصائيّة غير‬ ‫ّ‬ ‫متجذرة في أذهان‬ ‫مقتصرة على فكر الرجال‪ ،‬بل إ ّنها‬ ‫ّ‬ ‫تجذرها في‬ ‫بعض األمّهات والنساء عامّة أضعاف‬ ‫عقول الرجال‪ ،‬وفي بيئة ك ّل م ّنا مئات المثلة عن قمع‬ ‫المرأة للمرأة‪ ،‬نشهد ذلك ح ّتى في أصغر التشكيالت‬ ‫النسائيّة «الثوريّة»‪ .‬طبعا ً ال تقلّل هذه النقطة أو ال‬ ‫تلغي ما يمارسه الرجال في الكتل السياسيّة والهيئات‬ ‫المدنيّة من إقصاء ض ّد النساء‪ ،‬فلو نحن أردنا مقارنة‬ ‫وضع المرأة من حيث التمثيل السياسيّ في مؤسّسة‬ ‫النظام ومؤسّسة المعارضة لما وجدنا فرقا ً كبيراً‪ ،‬بل‬ ‫إنّ هذا التمثيل تراجع‪ ،‬عدد النساء الموجودات في‬ ‫االئتالف الوطنيّ هو ‪ 6‬سيّدات‪ ،‬ويذكر أن السيّدتين‬ ‫اللتين استقالتا من االئتالف (وهما ريما فليحان ومنى‬ ‫مصطفى) قد استبدلتا برجلين»‪.‬‬ ‫وقالت الشاعرة رشا عمران‪« :‬نعم‪ ،‬يص ّح هذا‬ ‫القول كثيراً‪ ،‬إضافة إلى الثقافة الذكوريّة السياسيّة‬ ‫واالجتماعيّة‪ ،‬الثقافة الذكوريّة المستم ّدة من الفرد‪ ،‬في‬ ‫الدين وفي السياسيّة‪ ،‬والدين والسياسة هما ما يح ّددان‬ ‫حركة المجتمع»‪.‬‬

‫ج��اءت إجابة ري��م علي مشابهة لرشا عمران‪،‬‬ ‫وأضافت عليها‪« :‬ك ّل هذا باإلضافة لتعقيدات السالح‬ ‫والحرب التي تقضي على ك ّل شيء ليس فقط المرأة‪،‬‬ ‫المرأة هي السالم»‪.‬‬ ‫السيّدة سميرة مصطفى‪ ،‬قالت‪« :‬لقد تربّينا في‬ ‫مجتمع يقوم على األحاديّة ورفض اآلخر‪ ،‬ح ّتى في‬ ‫األحزاب التق ّدميّة واالشتراكيّة التي أمضينا فيها معظم‬ ‫حياتنا‪ ،‬هذه التي كانت تستبعد المرأة وتحول دون‬ ‫وصولها إلى مناصب عليا رغم مقدرتها وتفوّ قها‪ ،‬وهذا‬ ‫نتيجة الموروث الثقافيّ المتخلّف الذي ال يؤمن بدور‬ ‫اآلخر ومن ث ّم بدور المرأة في بناء المجتمع»‪.‬‬ ‫أمّا هبة ّ‬ ‫عز الدين‪ ،‬فقالت‪« :‬حتما ً ولذلك التغيير يبدأ‬ ‫دائما ً من قاعدة الهرم وعندما تتحوّ ل النظرة لألنثى‬ ‫ضمن مجتمعها من «حرمة» إلى امرأة قد تحبو المرأة‬ ‫بخطوات بطيئة نحو المشاركة السياسيّة»‪.‬‬ ‫الشواف‪« :‬نحتاج‬ ‫ومثلها كانت إجابة اإلعالميّة لينا‬ ‫ّ‬ ‫لسنين طويلة ح ّتى نصل إلى وعيّ جماعيّ يؤمن بثقافة‬ ‫التشارك واختالف الرأي والتع ّدديّة أل ّننا مجتمع تربّى‬ ‫على الواحد والرأي الواحد والعمل الفرديّ ‪ ،‬ال نؤمن‬ ‫بالتع ّدديّة واالختالف ولتغيير هذه الثقافة نحتاج لسنوات‬ ‫من التوعية والتعليم وألجيال قادمة تزرع فيهم زرعا ً‬ ‫منذ الصغر»‪.‬‬ ‫وج���اءت إج��اب��ة الناشطة لمى ق � ّن��وت‪ ،‬طويلة‪،‬‬ ‫ومستفيضة‪« :‬ل�لأس��ف‪ ،‬منذ بداية ال��ث��ورة أهملت‬ ‫«النخب السياسيّة « عندما تداعت لتشكيل تحالفاتها‪،‬‬ ‫المشاركة المتساوية والتمثيل المتساوي بين النساء‬ ‫والرجال ولم تبذل أيّ جهد في استقطاب الناشطات‪،‬‬ ‫إنّ النسب المتد ّنية لمشاركة المرأة السياسيّة في قوى‬ ‫المعارضة تثير المخاوف في مرحلة مفصليّة من تاريخ‬ ‫سورية‪ ،‬تتطلّب جهد الجميع دون إقصاء أو تهميش‪،‬‬ ‫التزال الثقافة السياسيّة السائدة تش ّكل أحد المعوّ قات‬ ‫الحقيقيّة التي ّ‬ ‫تؤثر بصورة سلبيّة على مشاركة المرأة‬ ‫في الحياة السياسيّة‪ ،‬حيث تعمل تلك الثقافة على ربط‬ ‫قيم اإلنجاز في المجال السياسيّ بالرجل دون النساء‬ ‫بسبب الموروث الثقافيّ السياسيّ الذكوريّ والتسلّطيّ‬ ‫في الحياة السياسيّة السوريّة‪ ،‬وأضافت‪« :‬إنّ حريّة‬ ‫المجتمع مرتبط بتحرّ ر المرأة‪ ،‬وكما أنّ القانون هو‬ ‫رافعة للمجتمع‪ ،‬لألحزاب والنخب السياسيّة المؤمنة‬ ‫بدولة المواطنة والتي تطرح نفسها بديالً ديمقراط ّياً‪،‬‬ ‫دور يدفع باتجاه التغيير الجذريّ الحقيقيّ »‪ .‬وختمت‬ ‫إجابتها بالقول‪« :‬ال يمكن فصل قضايا المرأة عن‬ ‫النضال الديمقراطيّ العا ّم‪ ،‬فال حقوق للنساء دون‬ ‫ديمقراطيّة‪ ،‬وال ديمقراطيّة دون حقوق النساء‪ ،‬وتفرغ‬ ‫من معناها الحقيقيّ وتبقى حبراً على ورق عبارات‬ ‫المواطنة والديمقراطيّة التي وردت في ك ّل األدبيّات‬ ‫السياسيّة بدون عمل حقيقيّ وج ّديّ ‪ ،‬ينهض بنصف‬ ‫المجتمع المهمّش ‪،‬ويضع قضاياه الجوهريّة ضمن‬ ‫أهدافه‪ ،‬فالنضال من أجل قضايا المرأة يتطلّب جهداً‬ ‫مضاعفا ً من تلك القوى وعلى ع ّدة صعد‪ ،‬وما نسبة‬ ‫مشاركة المرأة السياسيّة المتد ّنية في القاعدة وعلى‬ ‫مستوى صناعة القرار في تلك القوى‪ ،‬وخاصّة في‬ ‫زمن الثورة‪ ،‬إلاّ دليل على أ ّنها تتعاطى مع تمثيلها‬ ‫السياسيّ الرمزيّ كشكل تزينيّ ‪ ،‬ال يتناسب مطلقا ً مع‬ ‫دورها على أرض الواقع»‪.‬‬ ‫باسل العبداهلل‬

‫المرأة في درعا‬

‫من بلدة النعيمة‪ ،‬حيث قامت بصفع الضابط الذي قام‬ ‫بإهانتها أمام أبنائها خالل اقتحام البلدة بعد تل ّفظه بكالم‬ ‫مسيء لها ولذويها‪ ،‬ليت ّم اقتيادها إلى منزل مجاور‬ ‫وإعدامها‪ ،‬ومن ث ّم إحراق جثمانها‪.‬‬ ‫ُتركت وحيدة وبقيت صامدة‬ ‫مع ازدياد بطش النظام واستخدامه لآللة العسكريّة‬ ‫وتحوّ ل الحراك إلى مسلّح‪ ،‬تقلّص دور المرأة نوعا ً ما‪،‬‬ ‫وازداد ذلك مع دخول التنظيمات األصوليّة وفرض‬ ‫قيود تح ّد من حركة المرأة وتن ّقلها‪ ،‬لكنّ المرأة واصلت‬ ‫نضالها بطرق مختلفة‪ ،‬فقد باتت العديد من النساء‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بالزوج‬ ‫معيالت ألسرهنّ جرّ اء استشهاد المعيل‬ ‫أو األبّ أو األخ‪ ،‬في حين غابت التنظيمات المعنيّة‬ ‫بشؤون المرأة والطفل على ح ّد سواء عن التواجد‪ ،‬وإن‬ ‫و ِجدت فقد اقتصرت على البقاء بعيداً خارج أسوار‬ ‫الوطن‪ ،‬وعبر صفحات التواصل االجتماعيّ ‪ ،‬ولم‬ ‫تتعمّق في هموم المرأة وأوجاعها لتترك المرأة وحيدة‬ ‫تواجه واقعها بمرارة‪ ،‬لك ّنها بقيت صامدة‪.‬‬ ‫االقتصادي‬ ‫العامل‬ ‫ّ‬ ‫تم ّكن العديد منهنّ من خلق مصادر رزق كصناعة‬ ‫المونة المنزليّة‪ ،‬وتحضير الخبز والمعجّ نات الشعبيّة‬ ‫وبيعها‪ ،‬أو الخياطة بمختلف أنواعها‪ ،‬كما امتهنّ غسيل‬

‫المالبس والتنظيف لتأمين احتياجات أسرهنّ ‪ ،‬إلاّ أنّ‬ ‫الفقر بقي يطرق أبواب الكثير منهنّ نظراً النتشار‬ ‫البطالة وفقدان معظم األسر لمصادر رزقها وخاصّة‬ ‫كون ق��وّ ات النظام ما زال��ت تسيطر على المنطقة‬ ‫ّ‬ ‫المحطة‪ ،‬والتي تش ّكل‬ ‫التجاريّة والصناعيّة في درعا‬ ‫العصب االقتصاديّ لمحافظة درعا بنسبة ‪ %90‬إضافة‬ ‫إلى فقدان الورش والمعامل الصغيرة المنتشرة بين‬ ‫الحارات جرّ اء القصف بالبراميل المتفجّ رة واألسلحة‬ ‫الثقيلة للمنازل المدنيّين‪ ،‬كما ش ّكل اللجوء حلاّ ً من‬ ‫قبل البعض للخروج من األزمة االقتصاديّة‪ ،‬فالكثير‬ ‫من األسر باعت ما تملكه بمدينتها في رحلة البحث‬ ‫عن األم��ان المفقود في بالدها وهروبا ً من األزمة‬ ‫االقتصاديّة الصعبة التي تعيشها‪ ،‬ولع ّل الغالء الفاحش‬ ‫في المشت ّقات النفطيّة والمواد األساسيّة أسهم في انتشار‬ ‫البطالة بين الرجال وعجزهم عن ممارسة مهنهم‪ ،‬ممّا‬ ‫يش ّكل عامالً إضاف ّيا ً لمعاناة المرأة وتعرّ ضها لضغوط‬ ‫نفسيّة واجتماعيّة كبيرة‪ ،‬وبعضهنّ يلجأ ّ‬ ‫للزواج المب ّكر‪،‬‬ ‫حيث يت ّم تزويج الفتيات في أعمار صغيرة بين ‪ 12‬و‬ ‫‪ ،17‬حيث يتر ّتب جرّ اء ذلك مشاكل اجتماعيّة مب ّكرة‪،‬‬ ‫كارتفاع ح��االت الطالق المب ّكر وأم��راض الحمل‬ ‫واإلسقاط والزواج مرّ ة أخرى من كبار السنّ ‪ ،‬وإن‬

‫كانت تش ّكل حاالت فرديّة إلاّ أنّ العامل االقتصاديّ‬ ‫يسهم بشكل كبير في وقوعها بين الفتيات الصغيرات‪.‬‬ ‫االعتقال كسالح‬ ‫تعمل المرأة في مجاالت التعليم واإلغاثة والتوثيق‬ ‫واإلعالم‪ ،‬وهناك عدد من النساء ممّن بتن يواجهن‬ ‫خطر التهديد األمنيّ من قبل قوّ ات النظام من جهة‬ ‫والقيود االجتماعيّة التي أخذ خناقها يزداد في الفترة‬ ‫األخيرة جرّ اء وجود جماعات أصوليّة تسعى للح ّد‬ ‫من حضور المرأة في المجتمع واقتصاره على العمل‬ ‫المنزليّ دون غيره من جهة أخرى‪ ،‬ويش ّكل انتشار‬ ‫األميّة بين األطفال في السنين الدراسيّة المب ّكرة‬ ‫عامالً آخر يسهم في التضييق على الفتيات‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى االعتقال الذي طال المئات من النساء في محافظة‬ ‫درع��ا‪ ،‬والتصفية الجسديّة للعديد منهنّ إلى جانب‬ ‫ضن له على أيدي قوّ ات‬ ‫التعذيب الوحشيّ الذي تعرّ َ‬ ‫النظام السوريّ بشكل ممنهج‪ ،‬حيث يُستخدم االعتقال‬ ‫للنساء كسالح للضغط على ذويهنّ لتسيلم أنفسهم‬ ‫سواء أكانوا ناشطين سلميّين‪ ،‬أو إعالميّين أو مسلّحين‪.‬‬ ‫يذكر بأ ّنه خالل العام الماضي فقط‪ ،‬ت ّم توثيق استشهاد‬ ‫قتلن‬ ‫‪ 411‬شهيدة أنثى بينهنّ ‪ 153‬طفلة‪ ،‬معظمهنّ‬ ‫َ‬ ‫بقصف الطيران المروحيّ بالبراميل المتفجّ رة‪.‬‬

‫شاركت المرأة‬ ‫ف�����ي ال����ح����راك‬ ‫الثوريّ منذ بدايته‬ ‫ف��ي مدينة درع��ا‬ ‫وس��ق��ط��ت أوّ ل‬ ‫ش��ه��ي��دة ب��ن��ي��ران‬ ‫الجيش السوريّ‬ ‫ليلة اقتحام الجامع‬ ‫العمريّ في ‪23‬‬ ‫من شهر آذار من‬ ‫عام ‪ 2011‬وهي‬ ‫«ابتسام المسالمة»‪ ،‬فتنوّ عت مساهمتها كالمشاركة‬ ‫في التظاهرات واالعتصام والعمل التنظيميّ وتشيع‬ ‫الشهداء‪ ،‬إضافة للعمل في المشافي الميدانيّة وعالج‬ ‫الجرحى‪ ،‬وتأمين األدوية وإيصالها من مكان آلخر‪،‬‬ ‫ممّا دفع بالعديد منهنّ إلى دفع أثمان غالية كاالعتقال أو‬ ‫التصفية الميدانيّة كما حدث للمعلّمة «أمل الفحماويّ »‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫سارة احلوراني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫أربع سنوات من الثورة‪ ...‬المرأة السورّية إلى أين؟‬

‫بمناسبة اقتراب اليوم العالميّ للمرأة وعمل ّيا ً بعد مرو‬ ‫أربع سنوات على انطالق ثورة الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫قد يبدو للمتابع وللوهلة األولى أنّ دخول التطرّ ف‬ ‫واألسلمة والم ّد األصوليّ و»داع��ش» وقبل ذاك‬ ‫النظام‪ ،‬هم من كان لهم الدور األساسيّ في أنّ المرأة‬ ‫لم تستطع أن تصيغ خطابا ً سياس ّيا ً واضحاً‪ ،‬وتفعّل‬ ‫دورها في الثورة‪ ..‬على الرغم من ك ّل التضحيات‬ ‫واألدوار التي قامت بها أثناء المظاهرات ومشاركاتها‬ ‫الحيويّة والتي لم يكن ليُستغنى عنها أبداً في تاريخ‬ ‫ومسيرة الثورة‪.‬‬ ‫وبعيداً عن التعريفات والمصطلحات العاطفيّة لدور‬ ‫ومكانة المرأة باعتبارها األ ّم والمربّية‪ ،‬والمضحّ ية‬ ‫والجملة التي حفظناها عن ظهر قلب‪ ..‬مقولة‬ ‫نابليون‪ ..‬األ ّم التي ّ‬ ‫تهز سرير ابنها بيمناها فإ ّنها‬ ‫تهز العالم بيسراها‪ ،‬فإنّ هذه المقولة بقيت عموما ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وكأ ّنها للتدليل على ما كان مفترضا أن يكون على‬ ‫أرض الواقع‪ ،‬دون أن يقوم الرجل فعل ّيا ً بمنحها هذا‬ ‫الدور‪ ،‬فقد بقيت بالنسبة لعموم الرجال تلك األ ّم ‪..‬‬ ‫والزوجة‪ ..‬وربّة المنزل ‪ ..‬وفي أحسن األحوال‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫موظفة أو مدرّ سة‪ ،‬ينتهي العالم الخارجيّ بالنسبة لها‬ ‫بعودتها إلى المنزل لمزاولة مهمّاتها البيتيّة وكفى‬ ‫هللا المؤمنين شرّ القتال ‪..‬‬ ‫وبقيت فئة قليلة من النساء في سورية قبل الثورة‬ ‫تمارس دورها النسويّ ومحاوالتها ‪ -‬التي غالبا ً ما‬ ‫كانت تبوء بالفشل ‪ -‬في تعديل الدستور والقوانين‬ ‫وتعديل قانون األحوال الشخصيّة‪ ،‬وكانت تحرّ كاتها‬ ‫ضمن الشكل الديمقراطيّ والحدود التي رسمتها‬ ‫لها السلطات واألنظمة والقوانين على ألاّ تتجاوز‬ ‫تلك الحدود السلطات التي منحها لها الرجل أوّ الً‬ ‫والقوانين من خالله ثانياً‪.‬‬ ‫قد نتو ّقف عند من يقول هل على الرجل «منح»‬ ‫المرأة ح ّقها لكي تفعّل دوره��ا ويكون خطابها‬ ‫بارزاً في الحياة السياسيّة؟!! وهل الحقوق ُتمنح؟!!‬ ‫نعم ‪..‬الحقوق ال تمنح ‪..‬ولو كانت تمنح لما قامت‬ ‫ثورة الشعب السوريّ من أساسه ‪..‬إلاّ أنّ الوضع‬ ‫االجتماعيّ عموما ً التي كانت تعيش فيه المرأة هو‬ ‫وضع متخلّف‪ ،‬فهي محاطة اجتماع ّيا ً بمجموعة من‬ ‫الضوابط والعادات والتقاليد قامت تاريخ ّيا ً بتحجيم‬ ‫دورها وقصره على ربّة المنزل ‪..‬وتربية األطفال‬ ‫‪..‬باإلضافة إلى أنّ مجمل قوانين األحوال الشخصيّة‬ ‫في سورية سابقا ً وح ّتى هذه اللحظة‪ ،‬والتي تعتمد‬ ‫بمجملها على الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬ساهمت بإضافة‬ ‫طوق جديد حول رقبتها ‪..‬وبمساهمة فعليّة من‬ ‫القوانين والمؤسّسات التي يقوم عليها الرجال بالطبع‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى عدم وجود الرغبة الحقيقيّة والمباشرة‬ ‫للجهات التشريعيّة «مدفوعة ومدعومة» من السلطة‬ ‫التنفيذية إلحقاق المرأة وإنصافها ‪..‬‬ ‫لألسف‪ ،‬بعد الثورة‪ ،‬تجلّى عدم الوعي الجماعيّ لدى‬ ‫التنظيمات والمجموعات التي يقوم الرجل الذى تربّى‬ ‫في هذه المجتمعات غير الواعية لدور ومكانة المرأة‬ ‫الحقيقيّة ‪..‬بما فيهم أكثرهم وعيا ً وثقافة وتعلّما ً على‬ ‫قيادة هذه التجمّعات والتنظيمات‪ ،‬وعاود حصاره‬ ‫للمرأة‪ ،‬رغم أ ّنه كان مضطرّ اً وبشكل عالنيّ ألن يلقي‬ ‫الخطب ويتحّ دث عن دور المرأة ومكانتها‪ ،‬وكيف‬ ‫أ ّنه من واجبنا أن نشركهنّ في تجمّعاتنا وتنظيماتنا‬ ‫وإعطائهنّ مكانتهنّ ورؤيتهنّ السياسيّة تماشيا ً مع‬ ‫كون المرأة نصف المجتمع؛ وكما قال السيّد «جورج‬ ‫صبرا» في افتتاحه لالجتماع التأسيسيّ لشبكة المرأة‬ ‫السوريّة‪« :‬المرأة هي األ ّم والمربّية ‪..‬هي الزوجة‬ ‫والمعتقلة وأ ّم الشهيد ‪..‬المكافحة» جورج صبرا‬ ‫نموذجا ً لهؤالء الرجال الذين لم يستطيعوا أن يش ّكلوا‬ ‫رؤية مغايرة للمرأة عن هذه الصورة النمطيّة‪.‬‬

‫كان للرجل في هذه الثورة السيطرة الكبيرة والقول‬ ‫الفصل بمن ستشارك من ه��ؤالء النسوة‪ .‬ومن‬ ‫الضروريّ أن تتوافر فيها الصفات التالية‪ :‬أوّ الً أن‬ ‫ال تناقش‪ ..‬صوتها منخفض ‪..‬ال تتع ّدى على آراء‬ ‫أسيادها من الرجال ‪..‬مطيعة ‪..‬منصاعة‪ ،‬يجب ألاّ‬ ‫تبدو أكثر ثقافة أو صاحبة رأي حرّ ‪..‬باإلضافة إلى‬ ‫انتمائها الدينيّ والمذهبيّ والقوميّ ‪ ،‬لتكتمل المشاركة‬ ‫المبنيّة على واجهة ديمقراطيّة ومحتوى طائفيّ بحت‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬ورغم جميع المحاوالت النسائيّة من خالل‬ ‫تنظيماتهنّ لتشكيل تجمّعات سياسيّة‪ ،‬ومنبر خاصّ‬ ‫بالمرأة تستطيع من خالله تكوين خطابها النسويّ‬ ‫والديمقراطيّ المبنيّ على رغبتها بمشاركة فعّالة‬ ‫وطموحة في التمثيل السياسيّ ‪ ،‬وبالتالي ا ّتخاذ القرار‬ ‫السياسيّ الذي وصل في بعض األحيان إلى ‪%50‬‬ ‫إلاّ أ ّنها الزالت عاجزة عن الوصول لهذا الهدف‪،‬‬ ‫وعاجزة عن تجاوز مجمل الصعوبات والعوائق‪.‬‬ ‫حرّ يّة المرأة جزء أساسيّ من حرّ يّة الرجل‪ ،‬ومن‬ ‫حرّ يّة أيّ مجتمع‪ ،‬ولن تنال حرّ يّتها وحقوقها إلاّ حين‬ ‫يكون الرجل حرّ اً‪ ،‬هذه الحرّ يّة تتطلّب وعيا ً كبيراً‬ ‫وجهود جميع المؤسّسات واألفراد لإلمساك بيدها‬ ‫وترسيخ دورها وخطابها ورؤيتها ومشاركتها‪ ،‬ال‬ ‫وضع العصيّ في العجالت‪ ،‬وذلك يحتاج إلى الكثير‬ ‫من الوقت وتضافر اإلرادات والجهود وتوعية‬ ‫شاملة للجيل الجديد‪ ،‬باإلضافة إلى األجيال األكبر‬ ‫والتي تربّت على إقصاء المرأة وتهميش دورها‪،‬‬ ‫ونشر التوعية بحقوق المرأة ودورها الفعليّ في هذا‬ ‫المجتمع وفي عمليّة بناء سورية الجديدة‪.‬‬ ‫تؤ ّكد الما ّدة رقم (‪ )12‬من دستور حزب البعث‬ ‫اهتمام الحزب بالمرأة عندما تقول (تتم ّتع المرأة‬ ‫العربيّة بحقوق المواطن كلّها والحزب يناضل في‬ ‫سبيل رفع مستوى المرأة ح ّتى تصبح جديرة بتم ّتعها‬ ‫بهذه الحقوق)‪ .‬ونصّ دستور الجمهوريّة العربيّة‬ ‫السوريّة في الما ّدة (‪ )45‬على اآلتي (تكفل الدولة‬ ‫للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة‬ ‫والكاملة في الحياة السياسيّة واالجتماعيّة والثقافيّة‬ ‫واالقتصاديّة‪ ،‬وتعمل على إزالة القيود التي تمنع‬ ‫تطوّ رها ومشاركتها في بناء المجتمع االشتراكيّ )‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ حزب البعث قد أ ّقر مساواتها‬ ‫حق التر ّ‬ ‫بالرجل من حيث ّ‬ ‫شح واالنتخاب والعمل‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬وعلى الرغم من أنّ المرأة قد تولّت‬ ‫مناصب رفيعة خالل فترة البعث من وزيرة للثقافة‬ ‫وقاضية ووزيرة للشؤون االجتماعيّة والعمل ونائبة‬ ‫يعن وال بأيّة حال أنّ المرأة‬ ‫للرئيس‪ ،‬ك ّل ذلك لم ِ‬ ‫السوريّة وخالل مسيرة التصحيح المزعومة التي‬ ‫قادها حافظ األسد خالل ثالثين عاما ً وتابع ابنه ب ّ‬ ‫شار‬ ‫هذه المسيرة تحت شعار التغيير واإلصالح‪ ،‬قد كانت‬ ‫مسيرتها مشرقة أو أ ّنها نالت ح ّقا ً من حقوقها الفعليّة‪.‬‬ ‫فالديمقراطية المعلنة والشعارات الفضفاضة‪ ،‬أبقت‬ ‫المرأة على حالها‪ ،‬من حيث وضعها المتخلّف والغير‬ ‫منصف من الناحية الشرعيّة والقانونيّة‪ ،‬والذي ال‬ ‫يواكب حركة التطوّ ر التاريخيّة ضمن إطار حقوقها‬ ‫وال��ذي تجلّى بداية في الح ّد األدن��ى من مساواتها‬ ‫بالرجل من حيث الحقوق والواجبات بح ّقها في منح‬ ‫أبنائها جنسيّتها السوريّة؟!! هذا في حال تجاوزنا‬ ‫موضوع قانون األحوال الشخصيّة الغير منصف‪،‬‬ ‫والذي أبقى المرأة ملحقة بالرجل وطوع أوامره‬ ‫ورغباتها‪ ،‬كذلك األمر باال ّتحاد النسائيّ وأيّ تنظيم‬ ‫آخر كان من مهمّاته إحقاق حقوق المرأة وإنصافها‪،‬‬ ‫فقد بقي اال ّتحاد رهينة بمقرّ رات مجلس الشعب‪،‬‬ ‫وال��ذي كان ملحقا ً وبشكل فعليّ بقرارات القصر‬ ‫الرئاسي وأوامره‪.‬‬ ‫ك ّل هذه األمور جعلت المرأة متفائلة بعد الثورة في‬

‫أن ت��ق��وم بنيل‬ ‫جزء من حقوقها‬ ‫وبمشاركة فعليّة‬ ‫م���ن ال��وج��ه��ة‬ ‫النظريّة بعد أن‬ ‫شاركت عمل ّيا ً‬ ‫في الثورة بك ّل‬ ‫وسيلة أو شكل‬ ‫م����ن أش���ك���ال‬ ‫ال����ث����ورة‪ ،‬إلاّ‬ ‫أ ّن��ه عمل ّيا ً جاء‬ ‫وض��ع��ه��ا بعد‬ ‫ال���ث���ورة وم��ن‬ ‫خالل التنظيمات الدوليّة بداية ومؤسّسات المعارضة‬ ‫الحقا ً إلى تحجيم مشاركتها وإقصاء المرأة صاحبة‬ ‫الصوت الحرّ ‪ ،‬وحصر دورها ومهمّتها بالقدر الذي‬ ‫تتطلّبه تلك المشاركة إلظهار الشكل الديمقراطيّ‬ ‫لهذا التنظيم أو الجهة المعارضة‪ ،‬دون أن تتضمّنه‬ ‫أيّة مشاركة حقيقيّة وفعّالة بما بتناسب مع دورها‬ ‫ورؤيتها ومكانتها التي يجب أن تكون عليها فعل ّيا ً‬ ‫ال نظر ّياً‪ ،‬وانحسرت مشاركاتها عموما ً بما قد يخدم‬ ‫تلك الجهات‪ ،‬وبما تتطلّبه ضرورات التمثيل الدينيّ‬ ‫أو القوميّ أو المذهبيّ الطائفيّ في جميع أنحاء‬ ‫سورية‪ ،‬بالرغم من أنّ االئتالف قد ر ّ‬ ‫ش��ح نائبة‬ ‫للرئيس امرأة‪ ،‬وتوّ لت بعض مواقعه أيضا ً نساء‪،‬‬ ‫إلاّ أنّ تلك المشاركات السياسيّة لم تتجاوز قيمتها‬ ‫أو فعّاليتها الشكل الديمقراطيّ دون الوصول إلى‬ ‫ممارسة حقيقيّة لهذا الموقع أو المكانة‪ ،‬وبقي دور‬ ‫المرأة بعد الثورة دون مكانها السياسيّ الحقيقيّ‬ ‫وكأنّ دور المرأة أو مكانتها ال تتجلّى صوره إلاّ‬ ‫بالمرأة األ ّم‪ ،‬أو المرأة التي تساعد باإلغاثة ومساعدة‬ ‫األطفال واألمّهات ‪ ..‬المعتقلة‪ ..‬أو زوجة الشهيد أو‬ ‫أ ّم المعتقل‪ ،‬والزال البعض من النسوة المنضويات‬ ‫تحت عناوين مختلفة لتنظيمات نسائيّة (كشبكة المرأة‬ ‫السوريّة) يبذلن الجهود والمحاوالت لتفعيل دور‬ ‫المرأة ورفع نسبة تمثيلها السياسيّ ومشاركاتها‪.‬‬ ‫ومن هذه النقطة‪ ،‬أستطيع القول‪ :‬إنّ الثورة وجميع‬ ‫المؤسّسات التي أفرزتها‪ ،‬كالمجلس الوطنيّ بداية‬ ‫وفيما بعد االئتالف لم يخرجا من عباءة النظام في‬ ‫الهوّ ة التي أوقعا نفسيهما فيها من حيث التماثل بين‬ ‫الشكل والمضمون‪ ،‬بين ما يطرحه النظام من خالل‬ ‫أدبيّاته وأفكاره وبين السلوك العمليّ ونظرته لدور‬ ‫المرأة «نصف المجتمع» ووضع المرأة في مكانها‬ ‫الصحيح ومساعدتها للوصول إلى تفعيل مشاركاتها‪،‬‬ ‫والتأكيد على مبدأ المواطنة الحقيقيّة للمرأة السوريّة‬ ‫والمساواة الكاملة مع الرجل من حيث الحقوق‬ ‫والواجبات‪.‬‬ ‫في الختام‪ ،‬أجدني آسفة مضطرّ ة للقول ونحن أمام‬ ‫عيد المرأة العالميّ من جهة ومع اقترابنا من جهة‬ ‫ثانية إلنهاء العام الرابع على خروج الشعب السوريّ‬ ‫في ثورته للمطالبة بالحرّ يّة والديمقراطية والعدالة‬ ‫وفصل السلطات‪ ،‬وتغيير الدستور وبتبديله بحيث‬ ‫يتناسب مع مبدأ المواطنة الفعليّة لجميع أفراد الشعب‬ ‫السوريّ ‪ ..‬فإنّ المرأة الزالت في بداية الطريق‪،‬‬ ‫والمسيرة أمامها شا ّقة وصعبة وتحتاج إلى ثورات‬ ‫وثورات وقلب جذريّ للمفاهيم وإعادة توعية كاملة‬ ‫للمجتمع السوريّ من أطفالنا بداية إلى الرجل وإعادة‬ ‫تثقيفه بحيث يدرك ضرورة وحتميّة مشاركة المرأة‬ ‫الفعّالة للوصول إلى مكانها ودورها الحقيقيّ في‬ ‫عملية بناء سورية الجديدة‪.‬‬

‫ع ّزة البحرة‬

‫المرأة السورّية أسطورة صمود‪ ،‬وملحمة عطاء‬

‫شاركت المرأة‬ ‫ال���س���ور ّي���ة في‬ ‫مختلف مجاالت‬ ‫ال���ث���ورة‪ ،‬حيث‬ ‫ك��ان��ت ت��ش��ارك‬ ‫في المظاهرات‬ ‫ال��س��ل��م� ّي��ة التي‬ ‫عرّ ضت الكثير‬ ‫م���ن ال��ف��ت��ي��ات‬ ‫ل�لاع��ت��ق��ال أو‬ ‫ك عدد من الشبّان‬ ‫التشبيح أو القتل‪ .‬وساهمت في ف ّ‬ ‫من أيدي الشبّيحة‪ ،‬حيث اشتهرت جملة «هذا خطيبي‬ ‫اتركوه» في جامعة حلب‪ ،‬إذ كانت الفتيات تخلّصن‬ ‫الشبابّ من أيدي الشبّيحة‪ ،‬بحجّ ة أ ّنه خطيبها‪ ،‬وهي‬ ‫ال تعرفه وال تجمعها به سوى الثورة‪.‬‬ ‫صمدت المرأة السوريّة أيضا ً في وجه جيش النظام‪،‬‬ ‫فال ننسى نساء بانياس المناضالت ووقفتهنّ على‬ ‫أب��واب مدينتهنّ لمنع الجيش من اقتحام المدينة‬ ‫واعتقال شبابها‪ .‬كما كان صوت المرأة السوريّة‬ ‫مسموعا ً ضمن المنابر اإلعالميّة المحلّيّة والعالميّة‪،‬‬ ‫وكانت لها بصمة خاصّة على المتل ّقي‪ ،‬حيث كانت‬ ‫ّ‬ ‫ومؤثر ممّا جعل تأثيرها‬ ‫تنقل الواقع بشكل دقيق‬ ‫أعمق وأصدق على من يسمع كلماتها‪.‬‬ ‫تحرّ رت الكثير من الفتيات من عقد مجتمع أصرّ على‬ ‫تهميشها والتقليل من شأنها‪ ،‬حيث اثبتت جدارتها في‬ ‫جميع مجاالت العمل الثوريّ ‪ ،‬وحاولت جاهدة أن‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تكون فاعلة لخلق مجتمع مدنيّ يحفظ حقوقها‪ ،‬وأن‬ ‫تشارك أيضا ً بصناعة القرار السياسيّ ‪ .‬إلاّ أنّ الفجوة‬ ‫الكبيرة بين النساء المناضالت على أرض سورية‪،‬‬ ‫وبين من ت ّم فرضهنّ لتمثيل هذا الحراك النسويّ لم‬ ‫تكن عادلة؛ فكانت معظم النساء العامالت بالشأن‬ ‫النسويّ بعيدات ك ّل البعد عن الواقع المؤلم الذي‬ ‫تعيشه المرأة السوريّة ضمن المناطق التي تتعرّ ض‬ ‫للقصف اليومي من قبل قوّ ات النظام أو ما باتت‬ ‫اليوم تحت سيطرة ما يسمّون أنفسهم باإلسالميّين‪.‬‬ ‫لم تستطع المرأة السوريّة التي انخرطت في العمل‬ ‫السياسيّ إنصاف شقيقاتها في الداخل السوريّ ‪،‬‬ ‫فانشغلت بالمناصب والمهاترات الحاصلة ضمن‬ ‫معظم الكيانات السياسيّة التي ّ‬ ‫تمثل الثورة السوريّة‬ ‫بشكل خاطئ‪ ،‬فنتج عن ذلك خيبة أمل لدى من ق ّدمت‬ ‫ك ّل ما لديها فداء لقضيّة آمنت بها‪ ،‬وبين من فُرضت‬ ‫ّ‬ ‫كممثلة لهذه الشريحة الواسعة‪ ،‬فكانت المطالب ضمن‬ ‫المحافل الدوليّة والسياسيّة بعيدة ك ّل البعد عن الواقع‪.‬‬ ‫ونتيجة لتهميش المرأة وإلقصائها عن العمل السياسيّ‬ ‫في فتره نظام األس��د‪ ،‬بعد أن كان لها دور فاعل‬ ‫في الخمسينيّات من القرن الماضي‪ ،‬فقد حصلت‬ ‫تخبّطات أساءت إلى المرأة السوريّة الصامدة‪ ،‬إنْ‬ ‫على الصعيد السياسيّ أو اإلعالميّ ‪ ،‬فخسرت معظم‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات والمؤسّسات النسويّة دعم المرأة الحقيقيّ‬ ‫لعدم طرحها و دعمّها لقضايا تمسّ المرأة بشكل‬ ‫حقيقيّ ‪ ،‬وكان العمل على األرض بناء على متطلّبات‬ ‫الجهات المانحة وليس بناء على حاجة المرأة في‬

‫الداخل‪ ،‬فنتج عن ذلك رفض العديد من النساء‬ ‫السوريّات العمل أو االنخراط ضمن هذه المؤسّسات‬ ‫لعدم توافق أهدافهن الحقيقيّة مع أهداف هذه الجهات‪،‬‬ ‫ممّا جعل الكثير من الفتيات النازحات ‪ -‬على سبيل‬ ‫المثال ‪ -‬مضطرّ ة إلى العمل في أماكن عرّ ضتهنّ‬ ‫للتحرّ ش الجنسيّ أو اإلهانة من قبل ربّ العمل؛ وها‬ ‫نحن ح ّتى اليوم ال نسمع أو نرى أيّ اهتمام بهذه الفئة‬ ‫من قبل من نصّبوا أنفسهم ّ‬ ‫ممثلين عن هذه الشريحة‪.‬‬ ‫ومع صمود المرأة السوريّة ضمن االحتالل األسديّ‬ ‫وما واجهته من تعنيف وخسارة واعتقال وتهجير‪،‬‬ ‫واستمرار عملها وعطائها من بعد سيطرة ما يسمّى‬ ‫بالقوى اإلسالميّة‪ ،‬يجعلنا نتفاءل بأن يكون للمرأة‬ ‫ّ‬ ‫يحق ألحد أن‬ ‫دور حقيقيّ في بناء دولة مدنيّة ال‬ ‫ينتزع أيّ ّ‬ ‫حق من حقوقها فيها‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬فعلى ك ّل العاملين في شأن المرأة أن يوجّ هوا‬ ‫جهودهم لتوعية المجتمع عن دور المرأة والعمل‬ ‫على تمكينها ضمن المحيط المتواجدة به وتأمين‬ ‫احتياجاتها‪ ،‬لتكون ذات دور أكثر فاعليّة في‬ ‫المراحل المقبلة؛ المرأة السوريّة ليست فقط الجامعيّة‬ ‫أو المتحرّ رة‪ ،‬بل هي أ ّم محمّد ربّة المنزل وسما‬ ‫الفتاة التي لم يُتح لها إنهاء تعليمها الثانويّ ‪ ،‬فدعونا‬ ‫ال نقصي أحداً لنصل إلى إنصاف المرأة وجعلها‬ ‫ركنا ً أساس ّيا ً في سورية جديدة تحفظ حقوق المرأة‬ ‫وتساندها في أيّ من قراراتها‪ ،‬غير مبالية من أيّة‬ ‫بقعة جغرافيّة أتت هذه المرأة‪.‬‬

‫ملف العدد‬

‫في اإلعادة إفادة‬ ‫*املرأة يف حكم التاريخ‬

‫قاسم حممّد أمني (‪ )1908 – 1863‬كاتب‬ ‫وأدي��ب ومصلح اجتماع ّي وأحد مؤ ّسسي‬ ‫احلركة الوطنيّة يف مصر‪ ،‬كما يع ّد رائد‬ ‫حركة حترير املرأة‪.‬‬

‫ال يمكن معرفة ح��ال المرأة اليوم إلاّ بعد معرفة‬ ‫حالها في الماضي‪ .‬تلك هي قاعدة البحث في المسائل‬ ‫االجتماعيّة‪ ،‬فإ ّننا ال يمك ّننا أن نقف على حقيقة حالنا في‬ ‫أيّ شأن من شؤوننا‪ ،‬إلاّ بعد استقراء الحوادث الماضية‬ ‫واإللمام باألدوار التي تقلّبت فيها‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬يلزم أن‬ ‫نعرف من أيّة نقطة ابتدأنا؛ ح ّتى نعلم إلى أيّة نقطة نصل؟‬ ‫ذكر شيخ المؤرّ خين (هيروديت) أنّ عالقات الرجل‬ ‫بالمرأة كانت متروكة إلى الصدفة‪ ،‬وال تفترق عمّا يشاهد‬ ‫بين األنعام‪ ،‬وكان الشأن إذا ولدت المرأة ولداً أن يجتمع‬ ‫القوم متى وصل الولد إلى سنّ البلوغ‪ ،‬وينسبوه إلى أشبه‬ ‫الناس به‪ ،‬وهذه العادة كانت معروفة ‪-‬أيضا ً ‪ -‬عند القبائل‬ ‫الجرمانيّة وعند العرب في الجاهليّة‪.‬‬ ‫وقد ج��اءت رواي��ات السيّاح المعاصرين لنا مؤيّدة‬ ‫لما جاء به التاريخ؛ فإنّ جميع السيّاح الذين طافوا بالد‬ ‫(تايتي) وجزائر (مركيز) وغيرهما من أقاليم أستراليا‬ ‫وزيلّندا الجديدة‪ ،‬وبعض بالد الهند وأفريقيا‪ ،‬ذكروا أنّ‬ ‫الزواج غير معروف في تلك البالد‪.‬‬ ‫وال خالف في أنّ المرأة التي هذه حالها‪ ،‬تعيش مستقلّة‪،‬‬ ‫تعوّ ل نفسها بنفسها‪ ،‬مساوية للرجل في جميع األعمال‪،‬‬ ‫بل لها من المزيّة عليه أن نسب األوالد في الغالب بها‬ ‫وحدها‪ ،‬فالمرأة في هذا الدور األوّ ل هي ذات الشأن في‬ ‫الهيئة االجتماعيّة‪ ،‬وربّما كانت تشترك في الدفاع عن‬ ‫قبيلتها مع الرجال‪ ،‬ويد ّل على ذلك ذكر وقائع الفارسات‬ ‫في التواريخ القديمة‪ ،‬ووجود عادة منتشرة إلى اآلن في‬ ‫بعض البالد‪ ،‬تقضي بتجنيد النساء كما تج ّند الرجال‪،‬‬ ‫ومن هذا القبيل أنّ ملك (سيام) كان له عدد من النساء‬ ‫َع ِهد إليهن بحراسته‪ ،‬وكان الملك (الداهومية بها نزن)‬ ‫الذي استولى الفرنساويّون على بالده من بضع سنين‪،‬‬ ‫خمسمائة جنديّ من الرجال وخمسمائة من النساء‪.‬‬ ‫ولما و ّدع اإلنسان بداوته‪ ،‬وا ّتخذ وطنا ً قارّ اً‪ ،‬واشتغل‬ ‫بالزراعة وجد نظام البيت‪ ،‬ومن أه ّم ما ساعد على تشكيل‬ ‫العائلة‪ ،‬أ ّنه كان لك ّل عائلة معبود خاصّ بها تختاره‬ ‫من بين أسالفها‪ ،‬كما كان جاريا ً عند اليونان والرومان‬ ‫والهنود والجرمانيّين‪ ،‬وكما هو جار إلى اآلن عند األمم‬ ‫المتوحّ شة‪ ،‬وله بقيّة في بالد الصين‪ ،‬وكانت العائلة تق ّدم‬ ‫القربان إلى آلهتها‪ ،‬فكان هذا باعثا ً للرجل على استبقاء‬ ‫ذريّة تقوم بتأدية الخدمات الدينيّة‪.‬‬ ‫وتر ّتب على دخول المرأة في العائلة حرمانها من‬ ‫استقاللها؛ لذلك نرى رئيس العائلة عند اليونان والرومان‬ ‫والجرمانيّين والهنود والصينيّين والعرب مالكا ً لزوجته‪،‬‬ ‫وكان يملكها كما يملك الرقيق بطريق الشراء‪ ،‬بمعنى‬ ‫أنّ عقد ال��زواج كان يحصل على صورة بيع وشراء‪،‬‬ ‫وهذا أمر يعلمه ك ّل ّ‬ ‫مطلع على القانون الرومانيّ ‪ ،‬وذكره‬ ‫المؤرّ خون‪ ،‬ورواه السيّاح المعاصرون لنا‪ ،‬يشتري‬ ‫الرجل زوجته من أبيها فتنتقل إليه جميع حقوق األب‬ ‫عليها‪ ،‬ويجوز له أن يتصرّ ف فيها بالبيع لشخص آخر‪،‬‬ ‫فإذا مات انتقلت مع تركته إلى ورثته من أوالدها الذكور‬ ‫أو غيرهم‪.‬‬ ‫وممّا يتبع هذه الحال أنّ المرأة ال تملك شيئا لنفسها وال‬ ‫ترث وأن يتزوّ ج الرجل بع ّدة نساء؛ ألنّ الوحدة في الزواج‬ ‫تفرض المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫ث ّم خ ّفت صولة الرجل على المرأة نوعا ً بتأثير الحكومة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فر ّدت إليها ّ‬ ‫وحق اإلرث تا ّما ً أو‬ ‫حق المُلك كلّه أو بعضه‪،‬‬ ‫ناقصا ً على حسب الشرائع‪ ،‬ولكنّ حماية الحكومة للمرأة‬ ‫لم تبلغ في أيّ بلد من البالد إلى ح ّد أ ّنها سوّ ت بين الرجل‬ ‫والمرأة في الحقوق‪ ،‬فالمرأة في الهند كانت مجرّ دة عن‬ ‫شخصيّتها الشرعيّة‪ ،‬وعند اليونان كانت النساء مكلّفات‬ ‫بأن يعشن في الحجاب التا ّم‪ .‬وال يخرجن من بيوتهنّ‬ ‫إلاّ عند الضرورة‪ ،‬وعند الرومان كانت المرأة في حكم‬ ‫القاصر‪ ،‬وفي مبدأ تاريخ أوربّا عندما كانت خاضعة إلى‬ ‫سلطة الكنيسة والقانون الرومانيّ ‪ ،‬كانت في أسوأ حال‪،‬‬ ‫ح ّتى أنّ بعض رجال الدين أنكروا أنّ لها روحا ً خالدة‪،‬‬ ‫وعُرضت هذه المسألة على المجمع الذي انعقد في (ماون)‬ ‫في سنة ‪ ٥٨٦‬فقرّ ر بعد بحث طويل ومناقشة حا ّدة أنّ‬ ‫المرأة إنسان‪ ،‬ولك ّنها ُخلقت لخدمة الرجل‪...‬‬ ‫* من كتاب «المرأة الجديدة» لقاسم أمين‪ ،‬طبعة هنداوي للتعليم والثقافة‪،‬‬ ‫الصفحات (‪)14 – 12‬‬

‫ُعال الربازي‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫اقتصاد و قانون‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪9‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫كيف يم ّول تنظيم «داعش» نفسه؟ وم ّمن؟‬

‫أقرّ مجلس األمن الدوليّ باإلجماع في ‪ 12‬شباط‬ ‫‪ 2015‬مقترحا ً كانت تق ّدمت به جمهوريّة روسيا‬ ‫اال ّتحاديّة‪ ،‬بغية‪ :‬تجفيف مصادر تمويل تنظيم «داعش»‬ ‫وطالب القرار بتجميد أصول هذا التنظيم وأمثاله من‬ ‫الجماعات اإلرهابيّة مثل جبهة النصرة‪ ،‬واالمتناع عن‬ ‫التعامل التجاريّ معهم بأيّ شكل‪ ،‬ومنع التهريب عن‬ ‫طريق مسك الحدود البرّ يّة خصوصا ً عبر حدود ك ّل‬ ‫من (كردستان) العراق وتركيا‪ ،‬وشمل المنع أيضاً‪،‬‬ ‫التجارة باآلثار المسروقة‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬طالب القرار بمنع حصول التنظيم وأمثاله‪،‬‬ ‫على أموال من خالل اختطاف رهائن طلبا ً للفدية‪،‬‬ ‫وش ّدد على حظر توريد أسلحة وأنظمة الدفاع الجويّة‪،‬‬ ‫التي ُتحمل على الكتف‪ .‬أُدرج هذا القرار تحت الفصل‬ ‫السابع‪ ،‬بمعنى أن ُتعا َقب الدول التي ال تطبّقه‪ ،‬ليأتي‬ ‫كجزء من حزمة قرارات بدأ ي ّتخذها مجلس األمن منذ‬ ‫عام‪ ،‬أي منذ أن تم ّدد التنظيم المقصود بين سورية‬ ‫والعراق مُعلنا ً دولته (اإلسالميّة) بنيهما‪.‬‬

‫النفط‬ ‫وهو من أه ّم مصادر التنظيم الماليّة‪ ،‬فمن المعروف‬ ‫أنّ «داعش» يتحصّل على نحو مليون دوالر يوم ّيا ً‬ ‫من بيع النفط السوريّ الخام إلى نظام األسد (العدد‬ ‫‪ /24/‬في ‪ 4‬شباط ‪ ،2015‬صحيفة «كلّنا سوريّون»‬ ‫نفطنا بيد أكثر من مافيا – منديل ‪ -‬صفحة ‪ )8‬وقد أقام‬ ‫التنظيم لنفسه السنة الفائتة مؤسّسته الماليّة وأسماها‬ ‫بيت المال‪ ،‬كخطوة لتأسيس ما يشبه وزارة تخطيط‬ ‫ك عملة من المعادن الثمينة كالذهب‬ ‫وماليّة؛ بل‪ ،‬وس ّ‬ ‫والفضّة‪ ،‬في نقلة إعالميّة أكثر منها اقتصاديّة‪ ،‬إذ أعلن‬ ‫أنّ غاية هذه العمليّة تخليص مسلمي العالم من آليّات‬ ‫االقتصاد العالميّة الحاليّة التي تعتمد على «الربويّة‬ ‫الشيطانيّة»!‬ ‫ال يختلف الكثيرون على التوحّ ش والفظاعة التي‬ ‫ت ّتصف بها ممارسات تنظيم «داع��ش» وعلى أنّ‬ ‫األساليب المعتمدة من قبله في إرهاب البشر غاية في‬ ‫اإلجرام وبما يفوق الخيال؛ ولكن فيما يختصّ باالقتصاد‬

‫الكاتب عدنان الزرّاعي‬ ‫بابا عمرو‪-‬حمص‬

‫على خلفيّة رأيه بالثورة السوريّة ونصرته للشعب ومطالبه‬ ‫وتعبيره عنها من خالل كتابته خاصّة مسلسله «فوق السقف»‬ ‫الذي كان يحمل مسبقا ً اسم «الشعب يريد» قبل أن تعترض‬ ‫الرقابة على اسمه‪ ،‬اعتقل عدنان زراعي منذ أكثر من ‪ 3‬سنوات‬ ‫وما يزال في داخل المعتقل‪.‬‬ ‫ب ّ‬ ‫ُث من المسلسل المذكور بضع حلقات‪ ،‬ث ّم أوقف بسبب‬ ‫عرضه لمشاهد إطالق رجال األمن السوريّ النار مباشرة على‬ ‫المدنيّين ّ‬ ‫العزل وغيره من االنتقادات التي وجّ هها عدنان زراعي‬ ‫للنظام‪ ،‬هذه كانت األسباب الرئيسة التي أ ّدت إلى اعتقاله‪.‬‬ ‫اعتقل عدنان في ‪ 2012/2/26‬ليالً‪ ،‬احتجز ‪ 15‬يوما ً في فرع‬ ‫األمن – الجسر األبيض – ومن ث ّم ت ّم نقله إلى فرع األمن في‬ ‫الخطيب وقضى هناك ‪ 15‬يوما ً أيضاً‪ ،‬ومن ث ّم ت ّم نقله إلى أمن‬ ‫الدولة في كفر سوسة‪ ،‬وأ ّكد بعض الذين كانوا معه في المعتقل‬ ‫بأنّ األمن يتقصّد مضايقته بشكل مستمرّ ح ّتى أ ّنهم قد كسروا أحد‬ ‫أضالع صدره جرّ اء التعذيب‪.‬‬ ‫كاتب السيناريو عدنان زراعي الذي حاول أن يرتفع في عمله‬ ‫الدراميّ األخير «فوق السقف» هو اآلن معتقل‪ ،‬إذ خرج من بيته‬ ‫لشراء بعض األغراض‪ ،‬ولم يعد بعدها‪ ،‬تاركا ً زوجته وطفلهما‬ ‫الرضيع‪.‬‬ ‫كان زراعي قد تناول تعامل األمن مع المتظاهرين وإطالق‬ ‫النار عليهم في مسلسله الذي حمل اسم «الشعب يريد» لكنّ‬ ‫الرقابة لم تمرّ ر العنوان‪ ،‬فاختار عنوان «فوق السقف» ليصل‬ ‫األمر إلى إيقاف المسلسل نهائ ّيا ً بعد ّ‬ ‫بث عدد من حلقاته‪.‬‬ ‫عدنان زراعي هو أوّ ل من طرح فكرة «الرجل ّ‬ ‫البخاخ» الذي‬ ‫يرسم على الجدران شعارات ثوريّة في لوحة تمثيليّة‪ ،‬ذلك الدور‬ ‫الذي أصبح رمزاً من رموز الثورة فيما بعد‪ ،‬وعالوة على كونه‬ ‫كاتبا ً فإنّ زراعي هو ابن حيّ بابا عمر الحمصيّ حيث اكتوى‬ ‫بما شهده الحيّ وأهله من عنف وتشرّ د كما هو الحال مع الكثير‬ ‫من س ّكان حمص‪.‬‬ ‫هذا وقد و ّق��ع مجموعة من الشباب السوري بيانا ً طالبوا‬ ‫باإلفراج عن أعضاء تجمّع الشارع السوريّ من المعتقلين‬ ‫وحمّلوا السلطات السوريّة كامل المسؤوليّة أمام المجتمع الدوليّ‬ ‫فيما يتعلّق بسالمتهم الشخصيّة‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫فإنّ المحلّلين االقتصاديّين ي ّتفقون تقريبا ً على المقدرات‬ ‫العالية والتطوّ ر في منظومة التنظيم الماليّة‪ ،‬من حيث‬ ‫استحداثه لمصادر إمداد ألعماله وافتتاح طرق ووسائل‬ ‫لجمع المال ونقله وتحويله‪ ،‬خصوصا ً عندما نأخذ بنظر‬ ‫االعتبار حداثة نشوء هذا التنظيم اإلرهابيّ ونظرة‬ ‫الطغمة الماليّة في العالم له‪.‬‬ ‫المصارف‬ ‫ومن هذه المصادر الماليّة األخرى‪ :‬سرقة المصارف‪،‬‬ ‫فقد أعلنت ع ّدة مصارف في العراق أنّ «داعش»‬ ‫استولى على ما يعادل خمسمائة مليون دوالر أميركيّ‬ ‫في الموصل وحدها عندما احت ّل المدينة وسطا على‬ ‫مصارفها‪.‬‬ ‫الخطف‬ ‫أمّا عن األموال المحصّلة بطريق الخطف ث ّم طلب‬ ‫الفدية‪ ،‬فقد أعلنت وزارة الماليّة في اإلدارة األميركيّة‬ ‫أنّ إجماليّ المبالغ التي وصلت منذ ‪2012 - 2004‬‬ ‫إلى «القاعدة» ومن حولها قد وصل ما يعادل مائة‬ ‫وعشرين مليون دوالر أميركيّ ‪ .‬كما أجرت جريدة‬ ‫«نيويورك تايمز» تحقيقا ً استقصائ ّيا ً وجدت فيه أنّ‬ ‫«داعش» حصل على ما يعادل س ّتة وس ّتين مليون‬ ‫دوالر أميركيّ في العام ‪2013‬من أموال الفدى‪.‬‬ ‫اآلثار‬ ‫في المناطق التي يسيطر عليها «داع��ش» يقوم‬

‫الس ّكان بالحفر بحثا ً عن اآلثار‪ ،‬ويأخذ التنظيم أمواالً‬ ‫ممّا يبيعون من مسروقات بحساب نسب من أرقام‬ ‫المبيعات التي تت ّم فعالً للُّقى األثريّة‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫وثقته‬ ‫تحقيقات صحفيّة منذ الصيف الماضي‪ ،‬ومازال جارياً‪.‬‬ ‫األتاوى‬ ‫كما يفرض التنظيم أت��اوى يحصّلها من خالل‬ ‫المؤسّسات التي ش ّكلها في مناطق نفوذه أو على‬ ‫المعابر التي يسيطر عليها‪ ،‬وذلك كضرائب أو رسوم‬ ‫أو لقاء خدمات مدنيّة كتسجيل المواليد‪.‬‬ ‫ح ّتى األعضاء البشر ّية‬ ‫أمّا‪ ،‬ما فضحته وسائل اإلعالم المختلفة عند اكتشاف‬ ‫بعض المقابر الجماعيّة عن وجود جثث لضحايا سُرقت‬ ‫أعضاؤها‪ ،‬فقد ّ‬ ‫وثقها العراق وق ّدم مذ ّكرة لألمم الم ّتحدة‬ ‫حول سرقة وبيع تنظيم «داعش» لألعضاء البشريّة‪،‬‬ ‫ليكوّ ن اإلتجار باألعضاء البشريّة رافداً مال ّيا ً آخر ‪-‬‬ ‫ولو ضئيالً وغير متواصل – لهذا التنظيم الرهيب‪.‬‬ ‫َمن المستفيد؟‬ ‫بالعودة إلى قرار مجلس األمن‪ ،‬نجد أنّ المنع لم‬ ‫ِّ‬ ‫يغط ك ّل مصادر التمويل هذه‪ ،‬وربّما كان ذلك أمراً‬ ‫طبيع ّياً‪ ،‬فمن الصعب عمل ّيا ً اإلمساك بك ّل تلك المسارب‬ ‫التمويليّة المختلفة‪ ،‬إذن‪ ،‬ما هي مصلحة روسيا في‬ ‫استصدار هكذا قرار؟‬ ‫في جرد لمختلف المصادر المذكورة أعاله‪ ،‬يبدو‬ ‫النفط هو األه� ّم‪ ،‬أل ّنه يح ّقق أعلى العائدات الماليّة‬ ‫وأسرع وأضمن السبل‪ ،‬ولن يتو ّقف ما يرد منه في‬ ‫حال ظ ّل تداول النفط بين «داعش» ونظام مافيات‬ ‫األسد محصوراً ضمن الحدود السوريّة‪ ،‬وهنا يأتي‬ ‫دور استفادة روسيا‪ ،‬إذ أ ّنها ستقبض مستح ّقاتها من‬ ‫الديون على نظام األسد‪ ،‬جرّ اء بيعه األسلحة وغيرها‬ ‫من السلع عندما تستمرّ تلك الصفقات النفطيّة‪.‬‬

‫عبداهلل منديل‬

‫الليرة السورّية انعطفت نحو االنهيار‬

‫فالدروز في السويداء ه ّددوا حكومة‬ ‫النظام بقطع الطريق من دمشق إلى‬ ‫المطار ودمشق إلى بيروت واالنفتاح‬ ‫على دار ّي��ا منهيا ً الحصار‪ ،‬وما زال‬ ‫الش ّد والجذب منذ أيّام‪.‬‬

‫أربعة أعوام واقتصاد األسد صامد‪ ،‬بل ويحارب‬ ‫بك ّل ما أوتي من خبرات للحفاظ على متانة اقتصاده‬ ‫ومكانة عملته «الليرة السوريّة» التي يحارب بها‬ ‫مواطنيه‪ ،‬فيطالعنا المصرف المركزيّ في هذا‬ ‫النظام ك ّل فترة بإصدارات جديدة لعملته المتهاوية‬ ‫كان آخرها إصدار فئة «‪ »500‬ل‪ .‬س وقبلها‬ ‫العديد من اإلصدارات النقديّة‪ ،‬حيث يستفيد هذا‬ ‫باع طويل‬ ‫النظام من وجود أركان اقتصاديّة ذات ٍ‬ ‫وخبرات متنوّ عة في مجاالت االقتصاد والنقد‬ ‫والمال‪ ،‬حيث يلتفّ حوله مجموعة من الخبراء‬ ‫واالستشاريّين الذين يحاولون تمكين االقتصاد في‬ ‫وجه التغييرات الجيوسياسيّة التي تحدث في منطقة‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬

‫وح��اول تجّ ار الذهب والعمالت في مناطق‬ ‫النظام عدم التعامل بالليرة السوريّة وبشكل عفويّ‬ ‫وارتجاليّ كان من المفترض أن يُحجم ك ّل َمن‬ ‫في مناطق النظام عن التعاطي بها‪ ،‬إلاّ أنّ النظام‬ ‫أصدر ق��رارات حاسمة منع بموجبها ت��داول أو‬ ‫التعامل بالعمالت األخرى مهما كانت‪ ،‬وك ّل من‬ ‫ألقي القبض عليهم ت ّم إلصاق تهم بهم حول التعامل‬ ‫بغير العملة السوريّة ودعم اإلرهابيّين‪ ،‬وداهمت‬ ‫حمالت عديدة في ك ّل من المدن السوريّة‪ :‬حلب‬ ‫ودمشق والالذقيّة شركات صرافة وتجّ ار وأفراد‪،‬‬ ‫وقامت أجهزة أمن النظام بإلقاء القبض على تجّ ار‬ ‫وصيّاغ ذهب خاصّة من مدينة حلب منذ أكثر من‬ ‫عام‪ ،‬وما زال أغلبهم يقبع في سجون النظام‪.‬‬

‫إنّ التكوين الهيكليّ القتصاد النظام‬ ‫بعد بداية الثورة بدأ يأخذ طابعا ً‬ ‫مختلفا ً عن المعهود بعد أن تو ّقفت‬ ‫عجلة اإلنتاج في مختلف القطاعات‬ ‫رغم المحاوالت الكثيرة إلرغام‬ ‫بعض المؤسّسات باستمراريّة‬ ‫العمل‪ ،‬إلاّ أنّ اإليراد من العمالت‬ ‫األجنبيّة بدأ يضعف شيئا ً فشيئا ً إلى‬ ‫أن تالشى نهائ ّياً‪ ،‬وبدأت عمليّات‬ ‫استنزاف المخزونات واالحتياطيّات‬ ‫من تلك العمالت والتي كانت في عام ‪2011‬‬ ‫تبلغ الثمانية عشر مليار دوالر‪ ،‬وحين نفذ ذلك‬ ‫المخزون وتوالت خروج قطاعات اإلنتاج بدأت‬ ‫مرحلة االقتراض من روسيا وإيران على شكل‬ ‫موا ّد وسلع وأسلحة وأدوات حربيّة ولجأ أيضا ً‬ ‫لطبع إصدارات جديدة دون تغطية‪.‬‬

‫واليوم بعد اضطراب اقتصاد روسيا وإيران‬ ‫قلّصت تلك الدول من دعمهما للنظام السوريّ‬ ‫الماليّ فبدأ الميزان االقتصاديّ باالختالل خاصّة‬ ‫أنّ النظام راح يروّ ج لمشاريع استثماريّة وسياحيّة‪،‬‬ ‫واعتمد بذلك على استقرار مدن الساحل والسويداء‬ ‫ودمشق‪ ،‬إلاّ أنّ تلك الموازين أخ��ذت بالتغيّر‬

‫والب � ّد من اإلش��ارة إلى أنّ النظام‬ ‫ش��جّ ��ع أص��ح��اب ال��م��ه��ن وال���ورش‬ ‫والمعامل الكبيرة والمتوسّطة لنقل‬ ‫معاملهم للمدن الساحليّة وحشر تلك‬ ‫الصناعات ف��ي ط��رط��وس ومدينة‬ ‫«حسيّا» الصناعيّة بحمص وق � ّدم‬ ‫لهم التسهيالت والتراخيص الالزمة‬ ‫وساعدهم لالستقرار في تلك المدن في‬ ‫ّ‬ ‫خطة تمكين اقتصاده وتعزيزه وتمتينه‬ ‫خاصّة أ ّنه كان قد ّ‬ ‫خطط إلقامة دولته‬ ‫ّ‬ ‫وسخر لتلك المناطق‬ ‫العلويّة في حمص والساحل‬ ‫ك ّل موازنة حكومته للعامين ‪ 2013‬و ‪2014‬‬ ‫وأيضا ً للعام الحاليّ ‪ ،2015‬وأفاد الصناعيّون‬ ‫الذين نقلوا معاملهم إلى مدن ساحليّة أ ّنهم قد‬ ‫تعرّ ضوا لمضايقات أمنيّة وتهديد وعدم دفع تجّ ار‬ ‫من الساحل لديون تراكمت عليهم أثناء سحب‬ ‫بضائع مص ّنعة‪ ،‬ممّا دفع بعضهم إلى بيع مصنعه‬ ‫بأق ّل من قيمته‪ ،‬وترك المدينة التي كان يعمل بها‬ ‫بعد أن ساهم في تركيز الصناعات في الساحل‪.‬‬ ‫هذا كلّه أ ّدى إلى استقرار مؤ ّقت لسعر الصرف‬ ‫مع قيام المصرف المركزيّ للنظام بض ّخ أجزاء‬ ‫من مبالغ ت ّم اإلعالن عنها من العمالت األجنبيّة‪،‬‬ ‫لكنّ شهر عسل الليرة السوريّة بدأ‬ ‫بالنهاية وبعد أن واصلت الليرة‬ ‫السوريّة انهيارها في سوق العمالت‬ ‫حيث وصل غرام الذهب في أسواق‬ ‫المدن السوريّة إل��ى ‪ 8300‬ليرة‬ ‫وأحيانا ً تتجاوز هذا المبلغ‪ ،‬وتجاوز‬ ‫سعر الدوالر الواحد مبلغ ‪ 233‬ليرة‪،‬‬ ‫أي أنّ الليرة السوريّة قد انخفضت‬ ‫قيمتها للخمس حسب سعر الذهب‪،‬‬ ‫كون الذهب هو أداة قياس نموذجيّة‬ ‫ودقيقة‪.‬‬ ‫وسنراقب القادمات من األيّام وما تحمله لنا من‬ ‫تغييرات على سعر الصرف وقيمة الليرة السوريّة‬ ‫ومتانة اقتصاد نظام األسد‪.‬‬

‫عبد الرمحن أنيس‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية‬

‫الهوّية واالعتقاد‬

‫شهرة النسيج السوريّ مثل األطلس والقرمزيّ‬ ‫والسابوريّ والحرير‪ ،‬نابع من تنوّ عه وتلوّ نه‪،‬‬ ‫وتع ّدد نقوشه وضروبه‪ ،‬وجمال زخارفه المشغولة‬ ‫بالمكوك اليدويّ أو بإبر يدويّة تغزرها أنامل‬ ‫السوريّات الرقيقة‪.‬‬ ‫لم يكن يوما ً البياض الكامل وال السواد الشديد‬ ‫ميزة تميّزه‪ ،‬ولهذا لم يكن علم االستقالل علما ً بلون‬ ‫واحد يُفرض على الجميع‪ ،‬وإ ّنما علما ً ملوّ نا ً يرمز‬ ‫لكا ّفة الشرائح‪.‬‬ ‫لقد شارك العربيّ والكرديّ واألشوريّ والكلدانيّ‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل‬ ‫والسريانيّ بانتمائهم الوطنيّ ‪ ،‬ال العقائدي‪،‬‬ ‫بالس ّني والشيعيّ والمسيحيّ واالسماعيليّ في بناء‬ ‫سورية الحديثة‪ .‬وكان فارس الخوري‪ ،‬المسيحيّ ‪،‬‬ ‫صوتا ً سور ّيا ً يعبّر عن األكثريّة السنيّة‪ ،‬وكان‬ ‫الص ّقال المسيحيّ ‪ ،‬محاميا ً مشرفا ً لهنانو الكرديّ ‪،‬‬ ‫الذي لم يكن كرد ّيا ً وإ ّنما زعيما ً وطن ّياً‪ ،‬ولم يكن‬ ‫سلطان األطرش سلطانا ً للدورز‪ ،‬وإ ّنما قائداً عا ّما ً‬ ‫للثورة السوريّة ض ّد االنتداب‪ .‬كذلك ك ّل األبطال‬ ‫العظام الذين مهّدوا لنا التاريخ الحديث‪ ،‬إلى أن‬ ‫ج��اءت القوميّة الواحدة‪ ،‬لتنسف وتقصي باقي‬ ‫الفئات‪.‬‬ ‫فالهويّة األثنيّة جبريّة ال خيار لنا بها‪ ،‬واالعتقاد‬ ‫خيار وإن بدأ تقليداً‪ ،‬والذي جمع الفروقات وحدة‬ ‫الهدف‪ ،‬إلنشاء دولة وطنيّة تشمل الجميع وال‬ ‫تقصي أحداً‪ .‬ولن تنجح الخيارات العسكريّة على‬ ‫المدى الطويل‪ ،‬وإن ح ّققت غايتها على المدى‬ ‫القصير‪ .‬فالدولة العبّاسية لم يكتب لها النجاح ض ّد‬

‫الدولة األمويّة لوال تب ّنيها شعار الحرّ يّة للجميع‪.‬‬ ‫وما انهارت إلاّ لتخلّيها عن هذا الشعار‪.‬‬ ‫تستخدم ال��ح��رك��ات السياسيّة‪ ،‬والدينيّة‪،‬‬ ‫واالجتماعيّة‪ ،‬وعلى ال��دوام‪ ،‬شعارات متماثلة‪،‬‬ ‫لتحقيق الحرّ يّة والعدالة‪ .‬وما أن تصل إلى مراكز‬ ‫السيادة‪ ،‬ح ّتى تطوي تلك الشعارات كطيّ المصلّي‬ ‫التقليديّ سجادته بعد االنتهاء من صالته‪ ،‬والمباشرة‬ ‫في تجارته أو عمله‪ ،‬دون التفكر ولو لحظة بجوهر‬ ‫ما كان يفعله‪ ،‬إلى أن يحين موعدالصالة من جديد‪.‬‬ ‫نحن جيل القوميّات‪ ،‬فشلنا أل ّنهم ق ّدموا لنا‬ ‫جيالً منافقاً‪ ،‬تتلمذ على يد روّ اد أخفوا علومهم‬ ‫وحوّ روها‪ ،‬في األدب والفنّ والفكر‪ ،‬وتركوا لنا‬ ‫مفكراً واحداً أو اثنين‪ .‬ومهما يكن تفكيره‪ ،‬فهو‬ ‫بشر‪ ،‬يخطئ ويصيب‪ ،‬فنخطئ معه ونصيب‪.‬‬ ‫حرمونا التنوّ ع والتع ّدد‪ ،‬وفرضوا علينا صحيفة‬ ‫واحدة بثالثة أسماء‪ ،‬كأفعى واحدة بثالثة رؤوس‪،‬‬ ‫وأثقلوا علينا العلم بحجّ ة الطبّ والمال‪ ،‬فرفعوا‬ ‫وصعّبوا دخول الجامعات‪ ،‬وجعلوا الدخول هي‬ ‫الغاية‪ ،‬والمال وال��والء هي الوسيلة‪ ،‬وفرّ غوا‬ ‫المساجد من وظائفها األخالقيّة‪ ،‬وحوّ لوها لوظائف‬ ‫حركيّة ال معنى لها‪ ،‬بحجّ ة تخليصها من المنتفعين‬ ‫الذين استعملوها بدورهم أوك��اراً ومراكز لنشر‬ ‫أفكارهم المريضة والبعيدة عن جوهر اإلنسانيّة‬ ‫في اإلخاء والتعاون‪.‬‬ ‫لم يدرّ سونا في كتبنا التاريخيّة كيف اجتمع‬ ‫األبطال العظماء على تنصيب السطان‪ ،‬وكيف‬ ‫اجتمع الكرد واألش���ور والكلدان مع أخوتهم‬

‫العدد ‪26‬‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫ال��ع��رب ف��ي األرض وال��وط��ن ض ّد‬ ‫المستعمر‪ ،‬وسلبوا الجنسيّات وغيّروا‬ ‫الطبيعة الديموغرافيّة وزرع��وا بينها‬ ‫األحقاد والكره والصراع‪ ،‬وبات الزيّ‬ ‫الموحّ د والقانون الموحّ د والفكر الموحّ د‬ ‫والزواج الموحّ د والكفر الموحّ د عنوانا ً‬ ‫خالداً مق ّدساً‪ ،‬وأيّ حديث للتنوّ ع والتع ّدد‬ ‫والتحاور يعرّ ضك ألقسى العقوبات‬ ‫ويطلق عليك صفة السامريّ ويطبق‬ ‫عليك حكم (وال مساس)‪.‬‬ ‫لم تدمّر القوى الظالمة العراق من‬ ‫أجل ص ّدام‪ ،‬وليست عاجزة عن اغتياله‬ ‫مثلما فعلت مع الفيصل أو كيندي أو‬ ‫ح ّتى ب��ن الدن وال��زرق��اوي؛ د ّم��رت‬ ‫العراق لقتل العلماء وأصحاب الفكر‪ ،‬دمّرتها ألنّ‬ ‫امتالكنا لوسائل المادة ستر ّدنا إلى قيمنا النائمة‪،‬‬ ‫فقتلوا العلماء وانتقلوا الستاذة الجامعات ومن ث ّم‬ ‫أصحاب الشهادات العليا‪ ،‬فالمتوسّطة‪ ،‬فاالبتدائيّة؛‬ ‫وكذلك يفعلون بسورية‪ ،‬ويمارسون ك ّل أنواع‬ ‫اإلبادة‪ ،‬يعينها على ذلك زبانيتهم وطغاتنا‪ ،‬فيت ّم‬ ‫تفريغ البلد ممّن تب ّقى من رجال‪ ،‬أو خمائر مب ّ‬ ‫شرة‬ ‫بإحياء سورية الوطنيّة المتعايشة مع كا ّفة أفرادها‬ ‫وشرائحها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اليوم‪ ،‬يتش ّدق ك ّل طرف بأ ّنه‬ ‫الممثل الشرعيّ‬ ‫لشعب سورية‪ ،‬وتتصارع مع بعضها دون أن‬ ‫تسأل نفسها ل َم االقتتال وهدفنا واحد؟ أليست الغاية‬ ‫الوصول لسورية شاملة للجميع تع ّم بالرخاء والعدل‬ ‫والسالم؟ عاجزين عن تقديم الماء النظيف للشباب‬ ‫ّ‬ ‫المتعطش‪ ،‬وال��ذي لم يجد سوى ماء «داعش»‬ ‫الملوّ ث‪ ،‬ويتجاهلون بأنّ عشرات الجامعيّين من‬ ‫مهندسين وحقوقين وغيرهم‪ ،‬يعملون كسائقين‪،‬‬ ‫لنقل البضاعة والبشر عبر معابر سورية مع تركيا‬ ‫التي تقلّصت إلى معبر واحد نتيجة سيطرة فئة‬ ‫مرتزقة على المعابر األخرى‪.‬‬ ‫نقول للجميع بأنّ سورية ليست حكراً لمجموعة‬ ‫دون أخ��رى‪ ،‬وال مكان لإلقصاء في سورية‬ ‫الجديدة المتخيّلة‪ ،‬وهي ّ‬ ‫حق وحلم شرعيّ ألفرادها‬ ‫الراغبين بالحرّ يّة والسكينة والطمأنينة‪.‬‬

‫عالء الدين ح ّسو‬

‫النرجسّية من الفرد إلى الجماعة‬ ‫«نرسيس» الشابّ ال��ذي هام بنفسه بعد أن‬ ‫شاهد صورته في الماء فأصبح ملهما ً للكثير من‬ ‫الشعراء والف ّنانين ممّا أغرى «سيمجوند فرويد»‬ ‫بتحليل أسطورته وليكشف تشابها ً بين «أناه»‬ ‫وبين «األنا» بمعناه السيكولوجيّ ويطلق على‬ ‫عشق الذات هذا مصطلح «النرجسيّة»‪ ،‬وغدت‬ ‫الشخصيّة النرجسيّة بمعناها «الفرويديّ » حالة‬ ‫مرضيّة ترى في نفسها الذات األه ّم‪ ،‬وعليه يجب‬ ‫أن تح ّقق مصالحها ولو على حساب اآلخرين‬ ‫ومآسيهم‪ ،‬وإذا ما اقترنت بنزوعات سكولوجيّة‬ ‫أخرى مثل الساديّة فهي تزيد من غطرستها أكثر‬ ‫وتغدو في حساب صاحبها سيّدة زمانها‬ ‫ّ‬ ‫والمضخمة‬ ‫والعارفة بك ّل شيء والمعجبة‬ ‫لك ّل ما تفعله‪ ،‬وباالنتقال من الحالة الفرديّة‬ ‫إلى الحالة الجماعيّة تصبح النرجسيّة حالة‬ ‫جماعيّة وموضوعها هنا هو الجماعة‪ ،‬وألنّ‬ ‫األرض هي الكوكب الذي نعيش عليه فقد‬ ‫ذهبت بنا نرجسيّتنا إلى اعتباره مركز الكون‬ ‫وعليه عارضت الكنيسة بشكل سافر نظرية‬ ‫«كوبر نيكوس» بأنّ األرض تدور وهي‬ ‫ليست مركز الكون‪ ،‬بل الشمس هي المركز‪،‬‬ ‫وعادة ما تعبّر نرجسيّة الجماعة عن حالة‬ ‫دينيّة أوعرقيّة أو مناطقيّة‪ ،‬بحيث تصبح‬ ‫الجماعة التي ينتمي إليها الفرد هي األسما‬ ‫واألنقى واألفضل ويفاخر بها صراحة وتغدو‬ ‫أوهامه حقيقة طالما هي تستم ّد مشروعيّتها‬ ‫من أفكار الجماعة فما يه ّم هنا هو اإلجماع‬ ‫وليس المنطق والعقل ال��ن��ق��ديّ ‪ ،‬وتلعب‬ ‫النرجسيّة الجماعيّة دوراً مه ّما ً في تنمية‬ ‫الحميّة بين الجماعة وتزيد من تمسّك الفرد‬ ‫وغطرسته باعتبار هذا البائس المسكين والمرمي‬ ‫على هامش الحياة أصبح عضواً في جماعة لها‬ ‫قيمها ومفاهيمها‪ ،‬وهكذا يُعتبر التعصّب أه ّم‬ ‫صفات النرجسيّة أكانت فرديّة أو جماعيّة‪.‬‬ ‫ودرجة النرجسيّة الجماعيّة متناسبة مع فقدان‬ ‫الفرح الحقيقيّ بالحياة‪ ،‬وتتناسب درجة ح ّدتها‬ ‫طرداً مع بؤس الحياة وشقائها‪ ،‬وغالبا ً ما ّ‬ ‫تتجذر في‬ ‫الطبقات الدنيا والوسطى ويمكن تزكيتها بسهولة‬ ‫في مجتمعات االستبداد والتخلّف إن كان في‬ ‫المدارس أو المساجد وح ّتى في الجامعات‪ ،‬ويستثار‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫النرجسيّ الفرديّ أليّ جرح ُتصاب به الجماعة‬ ‫ك بأنّ نرجسيّته‬ ‫التي ينتمي إليها وال يعتريه أيّ ش ّ‬ ‫مريضة طالما أ ّنه يتشارك مع الجماعة‪ ،‬وفي حالة‬ ‫الحروب واالقتتال والتنازع بين الجماعات يعمد‬ ‫أولي األمر ومن يتبعونهم للنفخ في كير النرجسيّة‬ ‫الجماعيّة لتصبح في أش ّد حالتها تفاخراً وابتهاجاً‪،‬‬ ‫وبالمقابل يت ّم شيطنة قيم وأخالق الجماعة المعادية‬ ‫والنزول بها على كا ّفة المستويات إلى الحضيض‬ ‫وهو موقف دفاعيّ وإن بدا على أ ّن��ه هجوميّ‬ ‫ويأخذ بعداً عنصر ّيا ً وشوفين ّياً‪ .‬والنرجسيّة بمعناها‬ ‫الدينيّ أو العرقيّ هي قطيعة معرفيّة مع اإلنسانيّة‬

‫ومكتسباته العقليّة والدينيّة‪ ،‬فالعقل باعتباره معطى‬ ‫بيولوجيّ ينمو ويتطوّ ر ويزدهر فوق األعراق‬ ‫واألديان أو أيّ انتماءات أخرى‪ ،‬فحين ت ّدعي أمّة‬ ‫من األمم أو مجموعة ما احتكار الدين‪ ،‬يفقد الدين‬ ‫صفته ودالالته اإلنسانيّة ومعياريّته كدين ويت ّم‬ ‫إحالته إلى األيديولوجيا ويغدو خاضعا ً لفئة أو أمّة‬ ‫وإن ظهرت أو تظاهرت أ ّنها هي الخاضعة له‪،‬‬ ‫وتغدو ك ّل أمّة في نظر أبنائها هي المفضّلة دين ّيا ً‬ ‫على جميع األمم‪ ،‬فاليهوديّة ت ّدعي أنّ أتباعها هم‬ ‫شعب هللا المختار وفي الكتاب المق ّدس‪( :‬أنتم أوالد‬

‫ثقافة‬

‫الربّ إلهكم ‪..‬أل ّنك شعب مق ّدس للربّ إلهك وقد‬ ‫صا ً فوق جميع‬ ‫اختارك الربّ لكي تكون له شعبا ً خا ّ‬ ‫الشعوب الذين على وجه األرض) والحالة ذاتها‬ ‫ألتباع الديانة المسيحيّة‪ ،‬فإنّ أتباعها هم أبناء ال‬ ‫ربّ ‪:‬‬ ‫(يا أبا األبّ ‪ ..‬فالروح شهدت لنا بأ ّننا أبناء هللا‪،‬‬ ‫لهذا سنرثه‪ ،‬ومن يرث هللا سيرث المسيح) اإلنجيل‬ ‫«رسالةبولس»‪ ،‬وي ّدعي أتباع البوذيّة أ ّنه ال يمكن‬ ‫الوصول إلى النيرفانا إلاّ لمن كان من أتباع‬ ‫بوذا‪ ،‬وعندما عيّر يهوديّين البعض من المسلمين‬ ‫بقولهم‪ :‬نحن أفضل منكم وديننا خير‪ ،‬فأنزل‬ ‫هللا تعالى اآلية(كنتم خير أمّة أخرجت للناس‬ ‫تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) «آل‬ ‫عمران ‪ ،»110‬ويقول البعض‪ :‬إ ّنها نزلت‬ ‫في الذين هاجروا مع النبيّ صلى هللا عليه‬ ‫وسلم إلى المدينة وقال آخ��رون‪ :‬هم جميع‬ ‫المؤمنين من هذه األمّة‪ ،‬وهكذا يت ّم التعميم‬ ‫ليصبح المسلمون هم خير أمّة أخرجت للناس‪،‬‬ ‫ويعالج أبو حيّان التوحيديّ في كتابه (اإلمتاع‬ ‫والمؤانسة) مشكلة النرجسيّة الجماعيّة بكثير‬ ‫من المنطق حيث يقول‪« :‬فلك ّل أمّة فضائل‬ ‫ورذائل ولك ّل قوم محاسن ومساوئ‪ ،‬ولك ّل‬ ‫طائفة من الناس في صناعتها وحلّها وعقدها‬ ‫كمال وتقصير‪ ،‬وهذا يقضي بأنّ الخيرات‬ ‫والفضائل والشرور والنقائص مفاضة على‬ ‫جميع الخلق‪ ،‬مفضوضة بين كلّهم» وعليه‬ ‫يكون تحديد ال��ذات وتمركزها معرف ّيا ً هو‬ ‫ضرب من الوعي الناقص بالذات وباآلخر‪،‬‬ ‫وارتداد إلى ذهنيّة طفوليّة وبدائيّة من حيث‬ ‫الوعي ال يمكن أن يتجاوزها الفرد سيكولوج ّيا ً‬ ‫إلاّ باالنتقال إلى مرحلة من الوعي والنضوج‬ ‫الفكريّ والوجدانيّ ‪ ،‬والحال نفسها بالنسبة لألمم‬ ‫والمجتمعات فال يمكن أن تتجاوز نرجسيّتها إلاّ‬ ‫بانتقالها إلى طور من اكتمال رؤاه��ا وقدراتها‬ ‫وتخلّيها عن نرجسيّتها بك ّل المعاني ويت ّم تحوّ ل‬ ‫وعي ال��ذات‪ ،‬إن على صعيد الفرد أو المجتمع‬ ‫واألمّة‪ ،‬من تمجيد للذات إلى المقدرة على نقدها‪،‬‬ ‫ومن شعورها الفرديّ واألنانيّ إلى شعور جمعيّ‬ ‫متشارك ومتفاعل اجتماع ّيا ً وإنسان ّياً‪.‬‬

‫مسري العلي‬

‫الوحدة‬

‫هناك م َثل إنكليزيّ ‪ ،‬معناه أنّ اإلنسان ال يعيش منعزالً‪،‬‬ ‫ومنذ صغرنا علّمونا في المدارس في ما ّدة االجتماعيّات ضمن‬ ‫المرحلة االبتدائيّة أنّ اإلنسان كائن اجتماعيّ بطبعه‪ ،‬ظاهر ّيا ً‬ ‫يحيا اإلنسان حياته محاطا ً باآلخرين‪ ،‬في البيت في العمل في‬ ‫الشارع‪ ،‬قد يندر تواجده وحيداً تماما ً في محيط واحد‪ ،‬ولكن هل‬ ‫هذا كافٍ؟ ويعني أ ّنه ليس وحيداً؟‬ ‫أكثر ما ت ّتصف به العالقات اليوم هو سطحيّتها وسرعة‬ ‫تواترها‪ ،‬وضعف أساسها لتنهار بسرعة‪ ،‬إ ّنه نتاج عصر‬ ‫السرعة وعصر الماكينات‪ ،‬فال وقت لألمور الروحيّة وتغذيتها‬ ‫بعالقات حقيقيّة عميقة تساعد اإلنسان كي يتواصل مع داخله عن‬ ‫طريق اتصاله بدواخل اآلخرين‪ ،‬بالنتيجة يتحوّ ل ك ّل إنسان إلى‬ ‫سجين داخل نفسه ويتحسّس الخطر في ك ّل التفاتة وك ّل حركة‪،‬‬ ‫لو كان عندي موهبة الرسم لرسمت لوحة تعبّر عن عالقات‬ ‫اليوم بمجموعة من القنافذ المتحسّسة للخطر مبرزة أشواكها في‬ ‫وجه اآلخرين‪ ،‬فالجميع خائف ي ّتخذ وضعيّة الدفاع‪ ،‬ربّما تظهر‬ ‫عند البعض كهجوم‪ ،‬لك ّنها في الحقيقة عمليّة دفاعيّة‪ ،‬فهو يهاجم‬ ‫دفاعا ً عن وجوده نتيجة إحساسه بالخطر القائم في محيطه وعدم‬ ‫شعوره باألمان‪ ،‬نتيجة ضعف العالقات المبنيّة بينه وبين المحيط‬ ‫الذي ّ‬ ‫يتمثل باآلخرين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فتتأزم حالة‬ ‫وفي الحالة السوريّة‪ ،‬وضمن هذه الحرب‪،‬‬ ‫الوحدة أكثر فأكثر‪ ،‬فالخوف ازداد وحالة عدم االستقرار‬ ‫زادت‪ ،‬ويتوجّ س الجميع من الجميع كمخلّفات السياسة األمنيّة‬ ‫المخابراتيّة‪ ،‬فال أحد يعلم من أين ومِن َمن ستأتيه الطعنة؟ أمّا من‬ ‫كان محظوظا ً بإيجاد رفيق حقيقيّ بعالقة وطيدة أساسها متين‪،‬‬ ‫فمن الغالب أن تكون الحرب قد تسبّبت بتشتيتهم‪ ،‬األمر الذي ال‬ ‫ينطبق فقط بين األصدقاء وبشكل خاصّ من فئة الشباب‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫ضمن العائلة الواحدة‪ ،‬فع ّدة أفراد مش ّتتين في ع ّدة دول مع عسرة‬ ‫الوصول أو زيارة بعضهم في ظ ّل الظروف الحاليّة واألبواب‬ ‫المغلقة أمام الوجوه السوريّة‪ ،‬ك ّل هذا يؤ ّدي إلى تفاقم اإلحساس‬ ‫بالوحدة واليأس‪ ،‬والحاجة لألنس‪ ،‬والتواصل مع الذات‪.‬‬ ‫هنا يدخل ما يعتقد اإلنسان بأ ّنه الحلّ‪ ،‬لك ّنه ليس سوى إبرة‬ ‫مخ ّدر‪ ،‬تقوم بإزالة اإلحساس باأللم والوحدة‪ ،‬دون زوالها‬ ‫حقيقة‪ ،‬أو زوال أسبابها‪ ،‬إ ّنها مواقع التواصل االجتماعيّ ‪ ،‬التي‬ ‫يقضي عليها الجميع ك ّل أوقاتهم‪ ،‬ح ّتى في العمل يجد المرء‬ ‫نفسه مرتبطا ً بالك ّم الهائل من البرامج المخصّصة للتواصل مع‬ ‫اآلخرين‪ ،‬الذين قد ال يربطه بهم حبّ أو عالقة عميقة‪ ،‬هم فقط‬ ‫أدوات ليشعر باألنس الذي يبحث عنه‪ ،‬وهم بالمقابل يفعلون‬ ‫ويشعرون بالمثل‪ ،‬فكلّنا ندور في الدائرة ذاتها دون أن نشعر أو‬ ‫ندرك ذلك حقيقة‪ ،‬لذا يكون انقطاع االنترنت أش ّد وأصعب من‬ ‫انقطاع الكهرباء أو المياه‪ ،‬أل ّنها تجعل المرء يتحسّس وحدته‬ ‫التي يهرب منها بشكل ملموس وما ّدي‪ ،‬ليدرك الفراغ الذي يحيا‬ ‫به والال جدوى المحيطة به وبوجوده ككلّ‪ ،‬وهشاشة ما يعتقده‬ ‫عن حياته التي يحياها‪ ،‬فيدرك أ ّنها ليست سوى تمرير لأليّام‪،‬‬ ‫وضياع لها على الالشيء‪.‬‬ ‫إ ّنه القرن الحادي والعشرون‪ ،‬قرن تحوّ ل اإلنسان إلى آلة‬ ‫وبقايا إنسان‪ ،‬فال يستطيع التخلّص من بقايا آدميّته‪ ،‬وال يمكنه‬ ‫التخلّص من استحكام هذا العصر به‪ ،‬ليبقى الجميع منغلقين على‬ ‫ذواتهم‪ ،‬باحثين عن أنفسهم وعن أمانها واستقرارها‪ ،‬مستشعرين‬ ‫لخطر ال يوجد إلاّ داخل عقل ك ّل منهم‪ ،‬خلقوه بأنفسهم‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫لينا احلكيم‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪26‬‬

‫ثقافة‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫كنان العظمة‬

‫في سنّ السادسة بدأ بتل ّقي الدروس على آلة الكمان‪ ،‬ث ّم انتقل‬ ‫إلى آلة الكالرينت وهي من آالت النفخ الخشبيّة‪ ،‬تخرّ ج من‬ ‫المعهد العربيّ للموسيقى‪ ،‬ث ّم المعهد العالي‪ ،‬حاز على الجائزة‬ ‫األولى في مسابقة «نيقوالي روبنشتاين» الدوليّة للعازفين‬ ‫الشباب في موسكو عام ‪ ،1997‬كنان العظمة من مواليد دمشق‬ ‫‪ ،1976‬وفي عام ‪ 2005‬أصدر ألبومات ع ّدة آخرها بعنوان‬ ‫«غرب مع أوركسترا مندلسون» وإبراهيم كيفو‪ ،‬و»رسائل‬ ‫إلى الوطن» و»شروق» عام ‪ ،2012‬وعزف مع فرقة «غني‬ ‫ميرزو» والف ّنان إبراهيم كيفو في مهرجان أربيل لكردستان‬ ‫العراق الذي يُع ّد من أوائل المهرجانات العالميّة‪ ،‬ومع فرقته‬ ‫األساسيّة وعازف اإليقاع اللبنانيّ «روني براك» و»أصوات‬ ‫بسيطة»‪ ،‬ومع عازف البيانو «دينوك ويجراتنه» وغيرها من‬ ‫التسجيالت التي بدأها مع موسيقيّين سوريّين تش ّتتوا اليوم في‬ ‫لجوء قد يطول‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ألّف العظمة فرقة خماسي موسيقى الحجرة التي تتألف‬ ‫من خمسة عازفين هم كنان العظمة وهو أيضا ً المدير الف ّني‬ ‫للمجموعة‪ ،‬وبدايات أعمال هذا الخماسي ق ّدموا حفلتين األولى‬ ‫في العاصمة دمشق حيث ق ّدموا فيها مقطوعات قُ ّدمت للمرّ ة‬ ‫األولى ألربعة مؤلّفين سوريّين هم ضيا س ّكري المقيم بباريس‬ ‫وزياد جبري المقيم في بولونيا وشفيع بدر الدين وكريم رستم‬ ‫المقيم في بوسطن‪ ،‬والثانية في دير الزور عام ‪ ،2008‬حيث‬ ‫ق ّدم كنان العظمة حفلة دير الزور بقوله‪« :‬هدفنا ليس فقط‬ ‫جلب الموسيقى العالميّة إلى هنا‪ ،‬بل أيضا ً إيصال الموسيقى‬ ‫السوريّة والشرقيّة بشكل عا ّم إلى مسارح العالم‪ ،‬برز كنان‬ ‫كعازف منفرد ومؤلّف موسيقي على نطاق عالميّ في قاعات‬ ‫أهمّها (أوبر الباستيل) في باريس و(أليس تولي) في نيويورك‪،‬‬ ‫عزف بقيادة عدد من أشهر قادة األوركسترا في العالم أمثال‬ ‫جون أدمز وأحمد الصعيدي‪ ،‬شاركه المسرح ف ّنانون كبار من‬ ‫أمثال مارسيل خليفة وماري كيمورا‪ ،‬كان يزعج كنان المرور‬ ‫األمنيّ لحامل جواز السفر السوريّ عبر المطارات‪ ،‬فهو لم‬ ‫يكن بتلك السهولة‪ ،‬حيث يتعرّ ض في ك ّل مرّ ة إلجراءات أمنيّة‬ ‫مع ّقدة وفي ذلك ويقول‪« :‬في تلك الغرفة في الخلف‪ ،‬حيث‬ ‫ألتقي بأصدقائي من العراق‪ ،‬إي��ران‪ ،‬السودان والكثير من‬ ‫البلدان المشابهة‪ ،‬وأحيانا ً يصبح األمر مزعجا ً أل ّنهم يبقونك‬ ‫لديهم لبضع ساعات‪ ،‬لذلك وبعد ع ّدة سنوات من المرور بهذه‬ ‫المواقف قرّ رت أن أستخدم وقتي بشكل خلاّ ق‪ ،‬وهكذا ألّفت‬

‫‪11‬‬

‫تمرّ المدينة برقاً‬

‫مقطوعة بعنوان‪ :‬مطارات» يتشارك كنان في أغلب أعماله‬ ‫مع عازفين مميّزين يتيح ك ّل منهما لآلخر مجاالً واسعا ً ليرتقي‬ ‫بأحاسيسه من خالل ما يق ّدمه من ارتجال بعيد عن النوتة‬ ‫الموسيقيّة ومفرداته ودائما ً يبدع في ارتجاالته والتي ُتعتبر من‬ ‫أه ّم ميزاته‪.‬‬ ‫أسّس العظمة ورفاقه فرقتهم عام ‪ ،2006‬في نيويورك‬ ‫حيث انطلقوا مقترحين مزيجا ً من الموسيقى العربيّة‬ ‫والكالسيكيّة الغربيّة والجاز‪ ،‬وقد عُزفت في أغلب العواصم‬ ‫األور ّبيّة‪ ،‬موسيقى العظمة ال تسعى إلى استدرار التعاطف من‬ ‫باب سوريّتها‪ ،‬بحكم أصل صانعها‪ ،‬وإ ّنما من أصالتها كنتاج‬ ‫إبداعيّ قبل ك ّل شيء‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬خلق الموسيقي‬ ‫السوريّ ح��واراً عميقا ً مع جمهوره ما بين الوتر واإليقاع‬ ‫والن َفس‪ ،‬ويحلّق كنان مع الكالرينت ينفث فيها شجونه نوتات‬ ‫تحت ّج على الظلم والقهر ويواجه بشاعة العالم وقبحه‪ ،‬يواجه‬ ‫كنان من موقعه كف ّنان‪ .‬كانت وستبقى آلته صوت السوريّين‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مراهنة على الموسيقى في االحتجاج على الحرب‬ ‫المعذبين‪،‬‬ ‫والدكتاتوريّة والموت‪.‬‬ ‫شارك العظمة وأسّس العديد من الفرق الموسيقيّة فهو‬ ‫عضو في ك ّل من‪ :‬فرقة «ح��وار» فرقة «سيتي باند» في‬ ‫نيويورك‪ ،‬ومجموعة «كنان العظمة «وهي فرقة مسمّاة باسمه‬ ‫تأسّست عام ‪ 2006‬في نيويورك واكتسبت شهرة فوريّة بسبب‬ ‫البراعة الفائقة واألداء الحيويّ والطاقة العالية التي يتميّز بها‬ ‫أعضاؤها‪ ،‬باإلضافة لذلك شارك مع فرقة طريق الحرير التي‬ ‫ضمّت عازفين وملحّ نين من أكثر من ‪ 20‬دولة من مختلف‬ ‫الثقافات أبرزهم «‪ »Yo Ma‬وهو من أشهر عازفي التشيلّو‬ ‫في العالم‪ ،‬والتي تأسّست عام ‪ ،2000‬موسيقى هذه الفرقة‬ ‫كانت قديمة ومعاصرة‪ ،‬مألوفة وغريبة‪ ،‬تقليديّة وحديثة‪،‬‬ ‫تصوّ ر تقاليد مختلف دول العالم لخلق لغة موسيقيّة جديدة‬ ‫تعكس المجتمع العالميّ في القرن الـ ‪ ،21‬وصفته صحيفة‬ ‫«الديلي ستار» بـ (المبدع المتميّز الصوت) و «لوس أنجلس‬ ‫تايمز» بـ (اآلسر األنيق)‪.‬‬ ‫وأخيراً ُتعتبر اآللة النفخيّة من أكثر اآلالت مقدرة على‬ ‫التعبير عن شجون الروح‪ ،‬و ُتعتبر الكالرينت من أجملها صوتا ً‬ ‫وأصعبها عزفاً‪ ،‬وقد استطاع كنان العظمة التفاهم معها لتعبّر‬ ‫عن ك ّل ما يريد‪.‬‬

‫أسعد شالش‬

‫ولدت الشاعرة عفيفة الحصني عام ‪1918‬‬ ‫في دمشق ودرست في مدارسها ح ّتى نالت‬ ‫شهادة البكالوريا‪ ،‬انتسبت إلى قسم اللغة‬ ‫العرب ّية وآدابها في معهد التربية بالقاهرة‪،‬‬ ‫وتخرجت عام ‪.1940‬‬ ‫ّ‬ ‫عملت بعد تخرّ جها مدرّ سة للغة العربيّة في‬ ‫ثانويات دمشق‪ ،‬أُحيلت على التقاعد عام‬ ‫‪ 1978‬وقد ساهمت في تأليف الكثير من‬ ‫الكتب المدرسيّة‪.‬‬ ‫كانت عضواً في ا ّتحاد الك ّتاب العرب‪ ،‬ونقابة‬ ‫المعلّمين‪ ،‬والندوة الثقافية النسائيّة‪ ،‬وجمعيّة‬ ‫المكفوفين‪ ،‬ومتابعة دؤوبة لك ّل ما يجري من‬ ‫فعاليّات ثقافيّة‪ ،‬ح ّتى وفاتها في دمشق عام‬ ‫‪ .2003‬من مؤلّفاتها‪:‬‬ ‫القراءة الموحّ دة (باالشتراك) ‪ -‬مشروع‬ ‫ّ‬ ‫االطالع‬ ‫النشاط المدرسيّ (باالشتراك) ‪-‬‬ ‫الخارجيّ لما ّدة اللغة العربيّة (باالشتراك) ‪-‬‬ ‫المرأة في شعر أبي العالء ‪ -‬مرايا ونساء‪.‬‬ ‫دواوين عفيفة الحصني الشعريّة‪ :‬وفاء ‪1966‬‬ ‫ شهيد التضحيات ‪ - 1970‬والء ‪- 1971‬‬‫عازفة القيثار ‪ - 1979‬سراب البحر ‪.1989‬‬ ‫من قصائدها‪:‬‬ ‫فــــي التقـــاليــــــد البـــاليــــــة‬ ‫ُ‬ ‫لست عبدة منهج‬ ‫وهللا إ ّني‬ ‫عبثت بصيغته دياجير الرقيق‬ ‫أنا حرّ ةٌ ال يستب ّد بمنهلي‬ ‫قرْ ع الطبول‪ ،‬وال أهازيج النعيق‬ ‫لي نظرة‪ ،‬لي همّة‪ ،‬وعزيمة‬ ‫تجتاز أصفاد المسالك والقيود‬ ‫ّ‬ ‫وتمزق الغيم الملبَّد في الدجى‬ ‫ليح ّل دون الغيم إشراق جديد‬ ‫وقصيدة‪:‬‬ ‫حرة‬ ‫أنا ّ‬ ‫أهوى العطاء‬ ‫أهوى الضياء‬ ‫النور والمعنى العميق‬ ‫وأُج ّل فيه‬ ‫َ‬ ‫ال كالفراش الغِرّ يسعى للحريق‬ ‫يسعى إلى الضوء المشعّ بلهفة‬ ‫وبخ ّف ٍة وبنشوة وصبابة‬ ‫وبسحر أجنح ٍة وإيقاع رشيق‬ ‫ِ‬ ‫متفانيًا بالضوء يُغريه البريق‬ ‫أرنو إليه بعين وجدان شفيق‬ ‫أفنى الحياة سُدى بال هد ٍ‬ ‫ف مجيد‬ ‫أنا حرّ ة‬

‫أهبُ الحيا َة ألمّتي‬ ‫لعروبتي وكرامتي‬ ‫والعمل المفيد‬ ‫واإلبداع‬ ‫للفكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن أَ َح ْت ِر ْق‬ ‫فرماد قلبي زهرةٌ‬ ‫تهب األنام‬ ‫عطر المحب ِة للكرا ْم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقصيدة‪:‬‬ ‫سحـــــر الحجـــــــارة‬ ‫صور التعذيب ش ّتى‬ ‫صاغها لصُّ الحضارة‬ ‫ْ‬ ‫فانحنت هاما ُتها‪ ..‬تعنو ألطفال الحجارة‬ ‫للتص ّدى والتح ّدي‬ ‫ّ‬ ‫الحق اعتباره‬ ‫ولمن ر َّد إلى‬ ‫لرجال ّ‬ ‫مزقوا هام الوصاية‬ ‫واستم ّدوا العزم والصبر‬ ‫وأسلوب الحماية‬ ‫من بطوالت الصحارى‬ ‫ّ‬ ‫من ليوث فتحوا الدنيا وبثوا‬ ‫في الورى كنه الحضارة‪.‬‬ ‫وقصيدة‪:‬‬ ‫طفـولـــــة‬ ‫َس َر ْ‬ ‫بليل رهي ٍ‬ ‫ب يا َلـ َمسْ َرا َها‬ ‫ت ٍ‬ ‫في وحش ِة البي ِد واإليمانُ‬ ‫يرعاها‬ ‫َ‬ ‫ف خ ّفي ملؤه ٌ‬ ‫ترنو بطر ٍ‬ ‫ثقة‬ ‫بالنصر إذ ت ّتقي األعداء عيناها‬ ‫ويخفق القلب إن الحت لها سمة‬ ‫في ظلمة الرمل ال تبدو خفاياها‬ ‫ً‬ ‫خلسة تخفي تسلُّ َلها‬ ‫فتنحني‬ ‫وتحجبُ الخطو عن طي ٍ‬ ‫ف تح ّداها‬ ‫َ‬ ‫لواحظها‬ ‫وال تبالي بما يُدمي‬ ‫إن تعصف الريح في آفاق مسراها‬ ‫تسعى وفي صدرها س ٌر تك ِّت ُم ُه‬ ‫الصخر أخفاه محيّاها‬ ‫لو فجّ روا‬ ‫َ‬ ‫سرٌّ تعهّده إخالصُ مؤمن ٍة‬ ‫تجو ُد بالروح دون السرّ نجواها‬ ‫ٌ‬ ‫بارقة‬ ‫أسما ُء هل أشرقت في األرض‬ ‫فاسترشدت روحُك المثلى ببشراها؟‬ ‫وكيف ر ّد أمانات لصاحبها‬ ‫ناءت بأثقالها هامات دنياها‬ ‫أسماء يا طفل ُة تزهو بسيرتها‬ ‫بطولة النشء تستقصي مزاياها‬ ‫قُصِّي علينا َحكايا ما أُحيالها‬

‫قراءة في لوحات الفنّان أسعد فرزات‬ ‫المرأة والفردوس‬

‫متمرّ د ودائ��م البحث ال تكفيه الصياغة الشكليّة‬ ‫والحلول الواقعيّة وال القريبة من الواقع للوصول‬ ‫إلى المعنى يرغب في قول الكثير تضيق اللوحة عما‬ ‫يرغب بقوله يحاول تفجير الجسد من الداخل يصنع من‬ ‫نسائه خرائط ألزمنة فيها من الفوضى والغربة فيها من‬ ‫الصقيع والعبث أ ّنه يحاول أن يقول ك ّل شيء في جسد‬ ‫ال ي ّتسع لوالدة طفل‪.‬‬ ‫الف ّنان أسعد فرزات من مواليد مدينة حماة‪ ،‬سورية‬ ‫‪.1959‬‬ ‫تخرج من كل ّية الفنون الجميلة بدمشق قسم‬ ‫ّ‬ ‫التصوير ‪.1986‬‬ ‫متفرّ غ للعمل الف ّنيّ ‪ ،‬أعماله مقتناه من قبل وزارة‬ ‫الثقافة السوريّة‪ ،‬والمتحف الوطنيّ بدمشق‪ ،‬وضمن‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫مجموعات خاصّة له العديد من‬ ‫المعارض الفرديّة وشارك بالعديد‬ ‫من المعارض الجماعيّة‪.‬‬ ‫في الشكل الف ّن ّي‪:‬‬ ‫تتجلّى ف��ي ل��وح��ات الف ّنان‬ ‫فرزات خصوصيّة أسلوبيّة عالية‬ ‫وإن اعتمدت بعض األعمال على‬ ‫مرجعيّات بصريّة معروفة إلاّ أّنه‬ ‫ّ‬ ‫المؤثرات‬ ‫استطاع إعادة إنتاج تلك‬ ‫بقالب خ��اصّ وصياغة شكليّة‬ ‫متفرّ دة ويغدو أسلوبه مستقرّ اً رغم‬ ‫التجريب الدؤوب والجرأة العالية‬ ‫في تحوير واستنطاق الشكل بغية‬ ‫وصول األشكال إلى مستقرّ اتها‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫أكثر ما يميّز لوحة الف ّنان هو‬ ‫قوة التأليف البصريّ والحلول‬ ‫البصريّة لألشكال والتي تنعكس بشكل جليّ على بناء‬ ‫اللوحة وتماسكها وإنتاجه إليقاع مضبوط وقويّ يجذب‬ ‫العين مباشرة ويشكل عامالً رئيس ّيا ً في القبض وإحكام‬ ‫البصر ضمن بنية اللوحة‪.‬‬ ‫غالبيّة اللوحات تعتمد في بنائها على المستقيمات‬ ‫المتقاطعة وتسود الزاوية القائمة على سواها من‬ ‫الزوايا‪.‬‬ ‫اللون في لوحاته ثانويّ ‪ ،‬فال يحضر اللون باعتباره‬ ‫عنصراً أساس ّيا ً لوحة الف ّنان أقرب إلى العمل الغرافيكيّ‬ ‫الملّون منها إلى التصوير وإن أنجزت بتقنيّات اللوحة‬ ‫التصويريّة الزيتيّة فتنوّ ع السطوح قائم لديه على تنوّ ع‬ ‫ّ‬ ‫المعالجات‬ ‫الخطيّة ال على العجائن والملمس وكأنّ‬

‫السطوح لديه من ّفذة بطريقة الطباعة وتحاكي بتنوّ عها‬ ‫الكوالج لك ّنها كوالج مطبوع‪.‬‬ ‫ك بأنّ العين تنتقل براحة في مساحة اللوحة‬ ‫ال ش ّ‬ ‫وتنعكس الثقة التجريبيّة التي يتعامل فيها الف ّنان مع‬ ‫عناصر لوحته على المتل ّقي مانحة إياه نشوة بصريّة‬ ‫ودهشة والعديد من األسئلة‪.‬‬ ‫البصري‪:‬‬ ‫في الخطاب‬ ‫ّ‬ ‫ال تنحصر لوحات الف ّنان في موضوع واحد فهو‬ ‫يجرّ ب ح ّتى على الموضوع ولكن في أغلب لوحاته‬ ‫تحضر المرأة وتغدو أه ّم المواضيع لديه‪.‬‬ ‫ففي لوحاته النسويّة نستطيع أن نلحظ تطوّ ر ونموّ‬ ‫مفهوم (المرأة –والفردوس) الذي بدأت‬ ‫تجليّاته في اللوحة الحموية كسمة عامّة‬ ‫لهذه اللوحة وتعاقب األجيال الف ّنيّة التي‬ ‫أغنته بالمعالجات المختلفة‪.‬‬ ‫يتحوّ ل المكان في لوحات الف ّنان‬ ‫ليدخل في مسار وبنية جديدة فمن البنية‬ ‫الفردوسيّة الليّنة والعذبة التي ظهرت‬ ‫في اللوحات الحمويّة األولى ليصل في‬ ‫لوحات فرزات إلى البنية المعدنيّة الجا ّفة‬ ‫والحا ّدة والتي تحاكي المكان الواقعيّ‬ ‫التي افرزته المدنيّات الحديثة ببعده‬ ‫النفسيّ االغترابيّ ‪،‬‬ ‫إنّ المكان ل��دى أسعد ف��رزات هو‬ ‫تجريد حقيقيّ لصقيع المعدن الحديث‪،‬‬ ‫وضمن ه��ذا التحوّ ل الدراماتيكي‬ ‫لمفهوم المكان من الفردوس إلى الصقيع‬ ‫المعدنيّ الجافّ والحا ّد‪ ،‬تخرج المرأة من‬ ‫طور األنوثة المشتهاة لتدخل في شرنقة من األحاسيس‬

‫المتناقضة ولتنحسر أنوثتها ضمن هذه التناقضات‬ ‫والصراعات لصالح الخواء والفراغ الجليديّ ‪ ،‬إ ّننا‬ ‫ال نلحظ من أنوثتها شيئاً‪ ،‬جسدها أقرب إلى الثوب‬ ‫المنسوج من تشابك الفراغ والوحدة‪ ،‬لكنّ رأسها‬ ‫وأطرافها لم تزل توغل بالبحث عن أنوثتها الضائعة‬ ‫في أحالم هي أقرب إلى التذ ّكر العقيم‪.‬‬ ‫في لوحات الف ّنان أسعد فرزات نقف أمام تطوّ ر‬ ‫جديد وهام لمثنوية (المرأة الفردوس) أ ّننا أمام (المكان‬ ‫–الخواء والمرأة – العاقر) إلى هذه اإلجابة تصل‬ ‫لوحة الف ّنان أسعد فرزات وتترك الباب مفتوحا ً على‬ ‫قراءات أخرى‪.‬‬

‫سهف عبدالرمحن‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪26‬‬

‫السنة الثانية‬

‫مقامات‬

‫‪ / 6‬آذار ‪2015/‬‬

‫«داعش» اإلسالمّية‬ ‫العظمى !!‬

‫بدنا حنكي‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫استفزني وهيّج ملكاتي العقليّة‬ ‫تعثرت فيما كنت أسبر منحدرات الـ «فيسبوك» بخبر‬ ‫المتواضعة‪ ،‬الخبر نشرته وكالة أنباء األناضول ويتضمّن تصريحا ً ألحد كبار القادة‬ ‫العسكريّين األمريكيّين عن تم ّكن «داعش» من اختراق وقرصنة موقعيّ القيادة المركزيّة‬ ‫للقوّ ات األمريكيّة على «تويتر» و»يوتيوب»!!‬ ‫«الداعشيّون» إذاً ليسوا مجرّ د أجالف كما ُخيّل لعقولنا القاصرة‪ ،‬فهنالك منهم من يتقن‬ ‫لغة العصر ويتعامل مع أدواته‪ ..‬بل ويتفوّ ق بها للدرجة التي تم ّكنه معارفه ومهاراته من‬ ‫السطو على موقعين إلكترونيّين من المفترض أ ّنهما محميّان جيّداً ألعلى هيئة عسكريّة‬ ‫أمريكيّة!‬ ‫باقية وتتم ّدد ‪..‬‬ ‫لم يعد شعاراً يستجاب له بالهزء والسخرية‪ ،‬فـ «داعش» تستخرج (نفطها) وتجد له سبل‬ ‫ك عملتها‪ ،‬وتفتتح مصارف وكلّيّات جامعيّة‪ ،‬وهي تخوض حربا ً في مواجهة‬ ‫التسويق‪ ،‬وتس ّ‬ ‫ما يُفترض أ ّنه تحالف دوليّ يل ّم شمل شتات قوى األرض في مواجهتها !!‬ ‫تتم ّدد جغرافيّتها حيثما يتوجّ ب عليها أن تفعل (!) وتملك من أدوات السيطرة ‪ -‬وفي‬ ‫المق ّدمة منها فصل الرؤوس عن األجساد ‪ -‬ما يم ّكنها من إعمال مبدأ البقاء والتم ّدد (!)‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫فسيفساء الغربة‬

‫سرعات خارقة على شبكات الجيل الخامس‬

‫أعلنت هيئة‬ ‫إ ّنك ال تمضي‬ ‫فما تزا ُل تحاذيك عصافير مُدمّاة على االت����ص����االت‬ ‫ف��ي بريطانيا‬ ‫السّياج‬ ‫وس��روٌ ‪ ،‬ما ق��ال‪ :‬أحمل عنه هذي (أوف��ك��وم) أنهّ‬ ‫ي��م��ك��ن إت��اح��ة‬ ‫االنحناءات حتى آخري‪،‬‬ ‫خدمات شبكات‬ ‫شبر بسروةٍ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وظالل أنت ربّيتها ك ُّل ٍ‬ ‫ما تع ّنت وألقت بعضا ً من هوامشها الجيل الخامس‬ ‫ف��ي بريطانيا‬ ‫عليك‬ ‫ب��ح��ل��ول ع��ام‬ ‫وندىً ‪ ،‬أنت شات ُل قمصانه في أقاصيك‬ ‫‪.2020‬‬ ‫ما تن ّقط على لسانك الخشن‪،‬‬

‫أو تك ّف َل بالدوران حول مهبّك‬ ‫إ ّنك ال تمضي‪،‬‬ ‫ُتع َّدان‬

‫مسامير من ذه ٍ‬ ‫ب‬ ‫هي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الرشيق‬ ‫وأنت‪ ،‬قفزك‬ ‫َ‬ ‫النوافذ‬ ‫هي‪ ،‬ستائر من غبار وأنت‪،‬‬ ‫األخضر وهي‪ ،‬مقصات ال َب َرد‬ ‫أنت‪ ،‬لدان َة‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫واقفة‪ ،‬هكذا‪ ،‬مكتوفة ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شجر‬ ‫حدائق‬ ‫أنت‪ ،‬النزهاتِ‪ ،‬وهي‪،‬‬ ‫كورق م ّتسخ باألبيض‪ ،‬على‬ ‫الطفو‬ ‫المالمح لها‪ ،‬وهي‪،‬‬ ‫أنت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫مراياك‬ ‫إ ّنك ال تمضي‬ ‫فمن يغا ِدرُ‪ ،‬ال يباطِ ىء في العشبِ‪،‬‬ ‫ال يساع ُد نحالً على بنفسج‬ ‫ال يعصر عيدان شوكها على ظهره المر ّقع بالطعنات‬ ‫بازغ في صبّارة الور ِد‬ ‫مفرق‬ ‫ال يتناعسُ عند أول‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال يتأب ُ‬ ‫ّط خبزاً‪،‬‬ ‫ال يسائل عن جرار في التخوم‬ ‫ال يقلّ ُد بالصفير مغازلة القصب‬ ‫الحسير كخزان ٍة مخلّعة‬ ‫ال يصغي لقلبه‬ ‫ِ‬ ‫كم ال تبتع ُد؟‬ ‫فكلّما ناغ َلك الحنين‬ ‫تقنطر بين عينيك بكا ٌء ناشفٌ ‪ ،‬يسو ُّد فوق زفير قديم‬ ‫الرحيل لم تحم ْل سالالً‪ ،‬وس َ‬ ‫َّعت ما بين‬ ‫وألنّ الحصى فاكهة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وأسكنت ما تبقى لك من هوائها الفاخر‪،‬‬ ‫الضلوع‪،‬‬ ‫وأل ّنك شب ُه مائ ٍ‬ ‫ت من البرد‬ ‫َ‬ ‫فروك النبيل‬ ‫خلعت عليها‬ ‫تذكرُ‪ ،‬وأنت تجتاز الزمهرير‪ ،‬كيف‬ ‫َ‬ ‫كم ال تبتع ُد‪،‬‬ ‫بعيدك الشرفات التي تسه ُر‬ ‫فما تزال تح ّدد من‬ ‫َ‬ ‫الصبح‪،‬‬ ‫وتلك التي ُتناولها‬ ‫َ‬ ‫وتعرفُ من أين تدخل الجهات إلى مطارحها؟‬ ‫وكم َلعبا ً بينك اآلن وبين تفاصيلها؟‬ ‫وفي حضن أيّ الجبال تخبىء األقما ُر أهلّتها؟‬ ‫ودون أن تمرّ على الصدغ سباب ُتك‬ ‫تح ّدد بيت الحبيبة‬ ‫إ ّنك ال تمضي‬ ‫فحين ُتطعم الحمام المرافق ك َّل قمحكِ‬ ‫فأي ُة مساف ٍة ستقطع خطوك النحيل؟‬ ‫وحين تلتقط النجوم النازكات حتى ال تخدش وجهها‬ ‫فبأيّة أصابع ستحفن رمل ذكرياتها؟‬ ‫وهل سيزيد على غصّاتها الغناء‬ ‫مع من ثعالبها‪ ،‬ترندح؟‬ ‫حتى على َمسْ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ومفرط بالصمت‬ ‫وحين تنسى أ ّنك مصابٌ باللغة‬ ‫بماذا تدمدم وأنت ترفع ذيول أثوابها‬ ‫عن ب َُرك الحبر‪.‬؟‬ ‫عبد السالم حلّوم‬

‫المدير العام‬

‫رئيس التحرير‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫لن أكون متفاجئا ً إنْ حضر ّ‬ ‫ممثل لها في مؤتمر لـ «أوبك» ليتح ّدث عن أسواق النفط‬ ‫وأسعاره وحصص اإلنتاج وتخفيضه‪ ،‬وربّما تتطلّع ألبعد من ذلك ‪ -‬في ظ ّل ضحالة الرواية‬ ‫ّ‬ ‫بحق النقض في مجلس األمن لتوكيد‬ ‫واألداء التمثيليّ ‪ -‬وهو المطالبة بمقعد دائم مز ّنر‬ ‫عظمتها في هذا الحيّز من العالم؟!‬ ‫أمام أيّ فيلم هوليوديّ هزليّ نحن؟‬ ‫أمام أيّ عرض مسرحيّ فكاهيّ يضعنا العالم؟‬ ‫والكارثة أنّ من يدفع ثمن هذا العرض وأكالفه هي أرواح وبشر من لحم وكرامة ودم‬ ‫ّ‬ ‫تتجذر وتتم ّدد‬ ‫يهرق يوم ّيا ً ما بين عصابة ضربت جذور قذاراتها في عمق نخاعنا وعصابة‬ ‫فيه!‬ ‫غزوان قرنفل‬

‫عقار مزدوج اللتهاب الكبد واإليدز‬ ‫أفادت دراسة دوائيّة أميركيّة بأنّ ‪ 97‬في‬ ‫المائة من مرضى االلتهاب الكبديّ الوبائيّ (سي)‬ ‫ممّن أصيبوا أيضا ً بفيروس اإليدز‪ ،‬قد تعافوا من‬ ‫الفيروس الذي يدمّر الكبد بعد ‪ 12‬أسبوعا ً من‬ ‫تناول العقار الجديد الذي تنتجه شركتا األدوية‬ ‫بريستول وجلياد ساينسي‪ ،‬وأشارت النتائج إلى‬ ‫شفاء ‪ 149‬من بين ‪ 153‬مريضاً‪.‬‬

‫و با لسر عة‬ ‫التي اختبرها الباحثون‪ ،‬يمكن تحميل ملفّ يبلغ حجمه مائة ضعف‬ ‫مل ّفات األفالم الطويلة‪ ،‬في حوالي ثالث ثوان‪ .‬كما أنّ السرعة‬ ‫الجديدة تفوق متوسّط سرعة التحميل في شبكات الجيل الرابع‬ ‫بحوالي ‪ 65‬ألف مرّ ة!!ّ!‬

‫وداعا ً عمّوري‪ ...‬وداعا ً أبا الليث‪...‬‬ ‫وداعا ً أخي وصديقي الف ّنان الكبير عمر‬ ‫حجّ و‪ ...‬عاشق حلب ال��ذي أص��رّ على‬ ‫وضعها على خارطة الدراما السوريّة‬ ‫فشاركني عالم المدينة العريقة منذ الفيلم‬ ‫التلفزيونيّ نقطة ببحر إلى خان الحرير‬ ‫والثريّا ح ّتى آل الجاللي‪...‬‬ ‫عمر حجّ و يصير الشخصيّة فهو في‬ ‫سوق الحبال في خان الحرير سواء أكان‬ ‫أثناء التصوير أو خارجه ير ّتب دكانه‬ ‫الصغير ومستحيل أن يعرف أحد أ ّنه ليس‬ ‫حقيقة الحاج عبد القادر بائع «الحبيل»‪...‬‬ ‫وحين كان الحاج أمين الجاللي بهيبته‬ ‫ووقاره كان عمر الف ّنان الكبير المتألّق‬

‫السالم لروح الفنّان عمر ح ّجو‬

‫وال سورّية واحدة‬

‫ط��رح م��وق��ع ‪CNN‬بالعربيّة‬ ‫السؤال‪ :‬من هي الناشطة الحقوقيّة‬ ‫العربيّة األكثر إلهاما ً للجمهور؟‬

‫الذي تص ّدقه في ك ّل لمحة وك ّل فعل‪...‬‬ ‫عمر حجّ و الذي أهداني الليث ابنا ً ف ّن ّيا ً‬ ‫ّ‬ ‫أعتز به وأفخر بإنجازاته‪ ،‬لم يتو ّقف‬ ‫يوما ً على المنح والعطاء لك ّل من عرفه‬ ‫وشاركه أحالمه التي صنعت منه ف ّنانا ً‬ ‫استثنائ ّيا ً وأبا ً رائعا ً وزوجا ً مح ّباً‪...‬‬ ‫صديقي عمر‪ ،‬كم يؤلمني أ ّنني لم أكن‬ ‫في وداعك وأنت ترحل ‪ ...‬قدرنا أن نفارق‬ ‫األحبّة دون نظرة الوداع األخيرة‪...‬‬ ‫للصديق عمر حجّ و الرحمة وأل ّم الليث‬ ‫والليث وسالم ولك ّل محبّيه على امتداد‬ ‫رقعة ف ّنه الواسعة الصبر والسلوان ‪...‬‬ ‫عن صفحة المخرج هيثم ح ّقي‬

‫فوق ألسنة اللهب‬

‫صدر حديثا ً عن دار «نون‪ »4‬للطباعة‬ ‫والنشر رواية «فوق ألسنة اللهب» في‬ ‫شباط ‪ 2015‬من تأليف مشترك بين‬ ‫الدكتور محمّد محمود والحقوقيّة نادية‬ ‫خلوف‪.‬‬

‫واختار الموقع‪ ،‬بمناسبة يوم‬ ‫المرأة العالميّ في ‪ 8‬آذار‪ ،‬أربع‬ ‫ناشطات حقوقيّات عربيّات‪ ،‬بارعات‬ ‫في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬وهنّ ‪:‬‬

‫تقع الرواية في مائة صفحة من القطع‬ ‫المتوّ سط‪.‬‬

‫المصريّة ن��وال السعداوي‪،‬‬ ‫واليمنيّة تو ّكل كرمان‪ ،‬والبريطانيّة من أصل لبنانيّ آمال علم الدين‪ ،‬والسعوديّة‬ ‫سمر بدوي‪.‬‬

‫وقد تمّت الطباعة في تركيا‪ ،‬حيث يقيم‬ ‫الكاتب محمود‪ ،‬بينما تقيم الكاتبة خلّوف‬ ‫في السويد‪.‬‬

‫الصمود والممانعة‬ ‫م��ا أُش��ي��ع م��ن تحطيم‬ ‫والعقيدة‬ ‫«داع��ش» آلثار الموصل‬ ‫ه��ن��اك ت�ل�ازم ق��ويّ‬ ‫ما هي إلاّ لعبة قذرة بين‬ ‫وغ��ري��ب ب��ي��ن اإلي��م��ان‬ ‫الغرب من رعاة «داعش»‬ ‫بنظريّة المؤامرة من جهة‬ ‫وب��ي��ن ع��ص��اب��ات��ه��م في‬ ‫والصمود والممانعة من‬ ‫االستيالء على آثار العراق‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬نفس هذا التالزم نجده بين نظريّة وبيعها‪.‬‬ ‫عبدالغين اجمليدي‬ ‫المؤامرة واإلسالم السياسيّ ! وربّما يمكننا القول‬ ‫بشكل أوس��ع إ ّن��ه هناك ت�لازم ق��ويّ بين نظريّة‬ ‫بمناسبة تحطيم آثار العراق‪:‬‬ ‫المؤامرة والعقيدة سواء كانت دينيّة أو ماركسيّة أو‬ ‫عمرو بن العاص لمّا دخل مصر‬ ‫ّ‬ ‫‪Mona kareem‬‬ ‫‪Azzam Amin‬‬ ‫قوميّة أو بعثيّة‪...‬‬ ‫لم يحطم أبو الهول‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ّ‬ ‫بشار فستق ‪ -‬غزوان قرنفل‬ ‫ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫(ف��ي��دي��و) ت��دم��ي��ر تنظيم‬ ‫«داعش» لتماثيل تعود إلى‬ ‫أكثر من سبعة آالف سنة‬ ‫بمتحف نينوى في الموصل‬ ‫ال��ع��راق� ّي��ة‪ ،‬الخميس ‪26‬‬ ‫شباط ‪ ،2015‬وق��د نشر‬ ‫ال��ج��ه��اد ّي��ون ه��ذا الفيديو‬ ‫بطول ‪ 5‬دقائق الذي يصوّ ر ج��زءاً من العمليّة‪،‬‬ ‫معلّقين بأ ّنها «أصنام» يجب تدميرها‪ ،‬وأرفقوا‬ ‫ذلك بأغنيات‪ .‬وقد استخدم المسلّحون الجهاديّون‬ ‫المطارق والمثاقب لتحطيم المنحوتات‪.‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=kgBFKZOTd74‬‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.