من الطفولة إلى ّ مشاق الري في محافظة إدلب ،حاجة مشاريع ّ العمل ماسة وواقع صعب ّ ص4
سياسية ثقافية نصف شهرية
السنة الثانية
/6آذار 2015 /
ص4
حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة، حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم بدوره يف صياغة وعي وط ّ ين سور ّي جامع ،يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
العدد - 26 -
newspaper.allsyrians.org
12صفحة
8آذار اليوم العامل ّي للمرأة شهادات ومواقف بأقالمه ّن
*«مديح ّ الظل العالي» في حضرة السنة الخامسة للثورة ينام السوريّون على أمل أن يستيقظوا أحياءً... عندما يصبح البقاء على قيد الحياة حلما ً ... أيّة حياة إذاً تلك التي نحياها..؟؟؟ ّ يستحق هل كان حلمنا الذي نهضنا من أجله ك ّل هذا الموت؟؟؟ .لم نف ّكر أ ّننا سنخرّ ب قانون البشريّة ..وال أ ّننا سنغيّر نواميس الكون. !!.. ك ّل ما في األمر أ ّننا نحن السوريّين حاولنا وبعد صمت طويل أن نجرّ ب ّ حظنا في الحياة، أن نجرّ ب مرّ ة واحدة كيف نطلق هذا الصراخ الذي يحتبس في حلوقنا منذ عقود طويلة... عقود طويلة صدئت فيها حناجرنا من الصمت ،وصدئت كرامتنا لكثرة ما امتهنوها... عقود طويلة نسينا صوت الصراخ ،نسينا متعة االختالف ونشوة االنتصار ألفكارنا... وعندما حاولنا لمرّ ة واح��دة أن نصرخ هبّ العالم كلّه لوأد صرختنا. ك ّل ما في األمر أ ّننا قرّ رنا أن نعود بشراً عاديّين ...أن نقبّل أطفالنا في الصباح قبل ذهابهم أو ذهابنا... ّ ك ّل ما في األمر أننا قرّ رنا أن ننظر في عيون نسائنا بعد أن عشنا طويالً نخاف النظر يشاهدن حجم العجز في في عيونهنّ كي ال َ أرواحنا. هذا ك ّل ما في األم��ر ...فقط بحثنا عن أرواحنا التي تضحك وتحبّ وتمارس الحياة كما يليق بالحياة. ك ّنا نعتقد ،وألنّ العالم كلّه يعرف حقيقة من يحكمون سورية ...من يختطفونها منذ عقود ويعتاشون على وجع السوريّين وإرهابهم... ك ّنا نعتقد أنّ العالم سيص ّفق لصرختنا ...سيفرح ألنّ صوتنا المحبوس خرج إلى الحرّ يّة ...ك ّنا
نحلم أنّ العالم يبحث عن األجمل ويطرب كثيراً لنشيد الحرّ يّة ...ك ّنا نعتقد أو نتوهّم أ ّننا نقارب القيم اإلنسانيّة في قرنها الحادي والعشرين... ه��ا نحن على أب���واب السنة الخامسة لثورتنا ...،إذاً أربع سنوات مرّ ت على تلك اللحظة التي أطلق فيها أهل درعا صرختهم األولى معلنين والدة الحرّ يّة ،أربع سنوات لم ّ يتبق شكل للموت إلاّ وجرّ بناه ...أربع سنوات يبق وجه للبشاعة والتطرّ ف والتآمر إلاّ لم َ وجرّ ب ك ّل أدواته فينا ...أربع سنوات والحزن يستبيح عيوننا والموت يجتاح بالدنا من أقصاها إلى أقصاها ...أربع سنوات ونحن نحمل حلمنا ووجعنا ونضرب في أصقاع هذا العالم نعيش في مخيّماته وعلى أرصفة شوارعه ...نموت في بحاره وعلى أسالك حدود بلدانه الشائكة. المشكلة أ ّننا لم نعد قادرين على الصمت بعد أن جرّ بنا الصراخ ...لم نعد قادرين على السجن بعدما لفحتنا شمس الحرّ يّة ...لم نعد قادرين على أن ننكسر في عيون نسائنا وال أن نمنع شفاهنا عن قبلة أطفالنا. ال يمكننا بعد اآلن أن نتواطأ مع ضميركم الميت فنعود إلى استكانتنا ....ال يمكننا أن نمنع فضيحتكم فنعتذر منكم عن فضحنا لحقيقة قيمكم ...سامحونا ...سامحونا إذا واصلنا صرختنا وموتنا.. ها نحن نواصل صرختنا وس��ط فاجعة سيذكرها التاريخ طويالً عندما يستيقظ ضميره ويدرك حجم هذه المأساة التي عاشها السوريّون عندما حاولوا أن يعرفوا طريقهم إلى الحياة. * عنوان قصيدة للشاعر محمود درويش
ب ّسام يوسف
ص8 - 7 - 6 - 5
الكاتب عدنان الزرّاعي بابا عمرو-حمص ص9
قراءة في لوحات الفنّان أسعد فرزات المرأة والفردوس
ص11
2
السنة الثانية
العدد 26
/ 6آذار 2015/
ردود فعل حول مقتل الكساسبة
ل��و ف ّكر المستهزئون قليالً بإحساس والدته ،ووالده ،بإحساس أخوته ،لو ف ّكر الشامتون بشعور من سيرى ه��ذا الفيديو ،بغضّ النظر إن كان هو مجرما ً برأيهم، أم ال؟ أو ك��ان يستحق القتل؟ أل ّنه قصف مدينة سوريّة ،وربّما أل ّنه أودى بحياة مدنيّين ،إن كان ّ يستحق القتل ،فيجب أن بالفعل يُحاكم ويُسجن ،أو على األق ّل يقتل بطريقة غير وحشيّة ،ولكن يكفي أن تكون «داعش» هي َمن قتلته، لكي يكسب تعاطف الكثيرين ممّن يملكون شعور اإلنسانيّة.
هل بات السوريّ دمو ّيا ً بعد أربعة أع��وام من مشاهد القتل والذبح ،أم كانت الدمويّة مدفونة في قلبه ولم يكن هناك من يدفعها للخروج؟
بتمام الساعة السادسة والنصف تقريبا ً م��ن مساء ي��وم الثالثاء 2015-2-3نشرت «داع��ش» فيديو مصوّ ر – ذو حرفيّة عالية كعادتها -يظهر إع��دام «معاذ الكساسبة» الطيّار األردنيّ حرقا ً داخل قفص حديديّ ،وبعد الحرق تكمل «داعش» جريمتها بإحضار «تراكس» وتدهس الجثمان. إلى هنا الصورة واضحة تماماً، جريمة شنعاء ترتكبها «داعش»، ل��ن نناقش ون��ؤ ّك��د أنّ اإلس�لام يرفض جميع ممارسات «داعش» قلبا ً وقالباً ،ولن نذكر أنّ هللا حرّ م العذاب والقتل بالحرق ،كما أ ّنني لن أناقش إن كان «الكساسبة» مجرما ً ويستحق القتل أم ال ،ولكن أو ّد التطرّ ق إلى الطريقة التي قُتل بها الطيّار األردن��يّ ،وردود فعل بعض السوريّين الذين شمتوا بحرقه ،أو بدؤوا بإطالق النكت السخيفة أو التزموا الحياد. الشامتون كان تبريرهم هو أ ّنه لم يجبر أحد ال «الكساسبة» وال الحكومة األردنيّة على قصف «داعش» عبر التحالف الدوليّ ،وأنّ الطيّار هو من اختار نهايته وذهب للر ّقة ليقصف المدينة السوريّة ،متناسين المثل العاميّ ال��ذي يقول «مين جبرك عالمرّ ،قلّو اﻷمرّ » أغلب الشعب السوريّ رحّ ب بالتحالف وذلك بهدف التخلّص من «داعش» وممارساتها الالإنسانيّة والمسيئة لإلنسانيّة. كما يبدو أنّ معظم من أطلق تلك النكت السخيفة أو من عبّر عن شماتته ،تناسى أ ّنه في يوم من األيّام أطلق شعارات «خافوا هللا يا عرب، يا عرب خذلتونا» أو تناسوا أ ّنهم تظاهروا بجمعة ّ «التدخل العسكريّ الفوريّ ». بعضهم اآلخر أ ّكد أنّ العالم بدأ اآلن يشعر
بمعاناة السوريّين ،وأنّ الشعب السوريّ بات له أربعة أعوام يعاني من بطش نظام «األسد» وممارساته الشبيهة ج ّداً بممارسات «داعش» داعين لتذوّ ق العالم بعضا ً من معاناة السوريّين، وكأ ّنهم يقصدون «نحن ّ تعذبنا ومتنا بك ّل الطرق، ّ ويتعذب» وما رح نحس بالعدل إلاّ ليموت العالم وهو تبرير سخيف ج ّداً. ّ محق ،لك ّنه الحياديّ أعتقد أ ّنه بهذا الموقف نسي أن الحياديّة مرفوضة باألمور اإلنسانيّة، وهنا أتكلّم عن اإلنسانيّة ،سابقا ً لم أكن مهت ّما ً ومتابعا ً لملفّ «الكساسبة» من مبدأ أنّ جميع السوريّين اعتادوا على الممارسات الهمجيّة، فـ»معاذ» كما اعتقدنا أ ّنه في نهاية المطاف سيُقتل «ذبحاً» كما فعلوا مع جميع الناشطين السوريّين والمدنيّين والصحفيّين واإلغاثيّين األجانب، ولكن ،واآلن وبعد مقتل الطيّار األردنيّ حرقا ً سيكون من غير المقبول أبداً الشماتة أو الحياد أو تبرير ذلك بأ ّنه هو من فعل ذلك بيديه ،وهو من يجب أن يتحمّل العواقب ،كما سيكون مرفوضا ً تماما ً عدم التضامن مع عائلة «الكساسبة» ليس لشخصه ،بل لطريقة قتله المقيتة.
ه��ن��اك م��ن ي��ق��ول :ت��ذ ّك��روا السوريّين الذين أُحرقوا على ي ّد ق��وّ ات النظام ،متناسيا ً ماذا فعل السوريّون يوم مجزرة الحولة، ويوم مجزرة المسعفين «مصعب وباسل وحازم» ويوم مجزرة نهر نرض في ذلك الوقت الشهداء ،لم َ بتلك الممارسات الهمجيّة ،ولن نقبل اآلن بتلك الممارسات ،في ذلك الوقت نزلنا إلى أحياء وشوارع المدن ونادينا بمحاسبة النظام ورأسه ،كما حاولنا أن نوصل صورتنا لجميع أنحاء العالم ،ولكن اآلن ال يوجد شوارع نتظاهر بها ،ك ّل ما يمكن عمله هو التنديد عبر وسائل التواصل االجتماعيّ . ربّما لو قُتل «الكساسبة» إعداما ً بالرصاص أو ح ّتى بالذبح لن يكون بالشيء الغريب عن «داعش» ،خصوصا ً بعدما اعتدنا ممارساتها، ّ وبأدق ولكن أن يُصوّ ر وهو يُحرق ،بد ّقة عالية، التفاصيل ،وتكون ردود أفعال بعض السوريّين كتلك التي عرضت بعضا ً منها ،فهذا يد ّل على أنّ سورية بات أمامها مستقبل مزدهر باإلجرام، ّ وبالتلذذ بالقتل ،وبإيجاد جميع المبرّ رات الالزمة الستمرار آلة القتل. ال ننكر ردود فعل البعض اآلخر حول حرق الكساسبة ،التي استنكرت ممارسات «داعش» كما كانت ،ومازالت تستنكر ممارسات «األسد»، والتي دائما ً ما تنظر إلى أيّ موضوع من الناحية اإلنسانيّة فقط وال غير. حممّد احلاج
سوري غير قابل للتخوين بو ٌح ّ
بات الوهنُ السوريّ كظ ّل يالزمنا في الداخل وفي الخارج ،وهن يطال من اختار البقاء تحت وطأة االستبداد ولم يمت بعد ،إلاّ أنّ ما تب ّقى من روحه يتداعى يوم ّيا ً مع ك ّل قذيفة ،مع ك ّل فاقة، مع ك ّل صقيع فوق هذا الدمار العظيم ،ولم يعتق أيضا ً روح من الذ بالفرار ،يلتهمه ح ّتى لو تم ّكن من أن يل ّج غمار البحار ونجح بالوصول إلى شواطئ الغربة ،ستراه يقف على الض ّفة األخرى بمالمح موشومة بالوهن السوريّ ،ولم يستثن هذا الوهن من طوق سطوته قلوب من يقطنون بلدانا ً تقع على تخوم مدنهم السوريّة ،يستنزفون ما تب ّقى من أعمارهم تر ّقبا ً ألجل غير مسمّى على أمل يوم العودة القريب ،أمّا الذين يقبعون في المخيّمات فال شيء ينصف وصف أوضاعهم. ّ يتضخم ذاك اإلنهاك بك ّل صفاته وتجلّياته يوما ً بعد يوم ،يأسرنا في بوتقة صراعات نفسيّة تحاصرنا الذات بها ،تحمل في طيّاتها الكثير من العتب واللوم واألسئلة العدميّة، نهرب منها ونتغاضى عن ضجيجها الذي يتر ّدد في أصداء أرواحنا عبر خلق ضجيج أعلى وأقسى ،فاإلنسان بطبعه مجبول على القسوة ال الرحمة ،وحين تقسو روحه عليه، ي ّتجه بغضبه نحو العالم المحيط به .وهذا ما نفعله اليوم بيأسنا األعظم أمام تكالب العالم على هذه البقعة المسمّاة «سورية». بتنا عاجزين عن ر ّد الطغيان ،عن فهم مغزى المؤامرات الكونيّة ومن يديرها ،عن التخفيف من شبق المصالح الدوليّة ،ولكي ال نعترف بعجزنا هذا ،تجدنا ننشغل عن ذلك برصد سلوكيّات من يحيط بنا ،ن ّنهش بغضبنا ك ّل ما حولنا ،نرمي على عاتق بعضنا البعض مسؤوليّة خساراتنا ،نبدأ صباحاتنا بانتعال أحذية التخوين لدعس ك ّل من يخالفنا لمجرّ د طرحه أيّ تساؤل يمسّ قدسيّة الشعارات التي يحملها أشباه الطغاة الذين ي ّدعون أ ّنهم في ص ّفنا ،فاالعتراض غير مسموح ،وال ح ّتى التساؤل عن عبثيّة الر ّد
newspaper@allsyrians.org
الدمويّ ،وإن ف ّكر أحدنا بنطق مفردة «الح ّل السياسيّ » فسيكون خائنا ً لدماء الشهداء ،وستنهال عليه سيوف اإلنهاك ،ذاك الذي ما استطعنا التغلّب عليه فسلّطناه على عنقه ،لكنّ هذا ال يمنعنا أيضا ً من أن نب ّدل مواقفنا ألف مرّ ة ومرّ ة ،فاليوم هذا حليفنا نحيّيه ونج ُّل بطوالته ،وفي الغ ّد هذا عدوّ نا ندين إجرامه. هذا يعني أ ّننا نراقب اليوم بصمت عاجز
تالشي أخالقيّات الثورة أمام المآزق األخالقيّة التي آل��ت إليها حربنا السوريّة وحاصرتنا بأسئلتها ،نستسلم لغريزة الدم ومقوالت الثأر األعمى العبثيّ ،ونتناسى أنّ معنى وقوفنا ض ّد النظام يعني أن نقف مع العدالة والكرامة والحرّ يّة ّ وحق الحياة لك ّل المدنيّين أوّ الً وأخيراً ،فمطلبنا حق الحياة بحرّ يّة ،هو ّ األزليّ هو ّ حق حرمنا إيّاه
النظام تحت مسمّى محاربة اإلرهاب ،لكن أن نجد اليوم كثيرين ممّن يقف ض ّد النظام ،أصبحوا هم ذاتهم أيضا ً يقفون ض ّد ّ حق الشعب بالحياة تحت مسمّى محاربة الطغيان ،هو أمر ببساطة اغتال مفردة الثورة بك ّل ما فيها من مضامين لصالح الحرب وحسب ،قد ال نعترض أو ال نريد ح ّتى التنديد بذلك ،ببساطة ال نشتهي االستسالم أمام هذا المأزق األخالقيّ الذي سيحيلنا إلى خيبات ال��واق��ع ،ل��ذا ننشغل بتصريحات تافهة لبعضنا ،نحيك منها قضايا تقيّد فكرنا وت��ك��وّ ن محور أحاديثنا ،نبتدع صفات هزليّة ألعدائنا نحاربهم بها افتراض ّيا ً على الصفحات الزرقاء فال نغدو أكثر من «دون كيشوت» شوّ هه العجز أمام الموت ،فخلق من الال شيء عدوّ اً يحاربه ،ليبرّ ر عجزه أمام العدوّ الحقيقيّ ،وبذلك نرضي ضميرنا الثوريّ ،ونس ّكن أوجاع وهننا السوريّ . إنّ معظم ردود أفعالنا اليوم هي نتاج اإلنهاك الذي يكبّلنا بالعجز ،الضياع، الشوق ،التوق إلى الخالص ،كلّنا يحلم بالعودة إلى الوطن ومزاولة الحياة الحرّ ة على ه��ذه األرض من جديد ،وك � ّل هذا الشوق يتأكسد في قلوبنا فيتحوّ ل إلى حقد عنيف ينصبّ على من حولنا ،فكيف ال ونحن نحيا في دائ��رة زمنيّة ال متناهية، تعيد ذاتها وتجترّ أحداثها من أحداثها ،ال شيء جديد .حرب استنزافيّة على األرض ّ تتدخل ألجل بين ص ّد ور ّد وكرّ وفرّ ،دول مصالحها ،وأخرى تنأى بنفسها عن ّ حق الر ّد ،ونقبع نحن السوريّين داخالً وخارجا ً في هذه الحرب التي استحالت إلى ثقب أسود ابتلعنا على حين حلمنا بالحرّ يّة وما عدنا نجد طريقنا إلى الخالص ،ليبقى الوهن وحده رديف الموت في قلب السوريّ ال شيء آخر ،ال حياة ..فإلى متى يا سورية ،قولي لنا ،هل ثمّة مصير آخر؟
م ّي الفارس
قراءة سياسية
إلى أين ترمي الريح بالسورّيين؟ لقد بات واضحا ً بعد مضيّ أكثر من أربعة أعوام ،على ما ّ خطه بضعة أطفال سوريّين فوق جدار مدرستهم ،من كلمات تحاكي مشهداً تلفزيون ّياً ،بأنّ ذلك النظام المغرق في ذاتيّته ،بعيداً ك ّل البعد عن الحفاظ على وطن ،ولو بصيغة دكتاتوريّة ،كذلك فإنّ ما جرى ويجري من أفعال وردود أفعال عنيفة ودمويّة ،والتي تبدو في بعض األحيان سعيا ً نحو تقسيم أوصال الوطن الواحد ،تشير إلى ما هو أبعد من ذلك التقسيم الذي تفرضه الصراعات ذات الطبيعة األهليّة ،ألسباب سياسيّة أو اجتماعيّة ،طائفيّة أو عرقيّة، حين تفصح الوقائع عن سلوك جرائميّ يستهدف ك ّل الوطن ،وبك ّل عناصره من س ّكان ومساكن ومستلزمات عيش. إنّ ما أقدم عليه نظام األسد ،وبمشاركة الميليشيات الشيعيّة القادمة من لبنان والعراق ،في إفراغ المنطقة الممت ّدة بين دمشق والساحل، بتدمير القسم غير العلويّ من مدينة حمص ،وبالتهجير شبه الكامل لمناطق القلمون وغرب حمص ،وتمسّك تلك الميليشيات بالسيادة على أرض بال شعب ،قد يظهر فكرة التقسيم كحقيقة قائمة ح ّتى لو لم يت ّم اإلعالن عنها؛ كذلك فإنّ ما يقوم به النظام في مناطق سوريّة أخرى ،من قصف مستمرّ للتجمّعات السكنيّة الخارجة عن نطاق سيطرته ،وتركيز انتشاره العسكريّ على شكل خطوط واصلة بين المناطق التي يسيطر عليها ،واالبتعاد عن مواجهة المشاريع التقسيميّة األخرى شمال شرق البالد ،من مشروع اإلدارة الذاتيّة، إلى مشروع دولة اإلسالم ،يظهر النظام كأكثر قوّ ة ساعية للتقسيم من جميع القوى ،ووفقا ً لمكوّ نات المجتمع السوريّ التي تتعرّ ض لفقدان العديد من عوامل العيش المشترك. ك بأنّ ما يمتلكه هذا النظام من عوامل بقاء مختلفة ،قد الش ّ لاّ ال تجعل مسألة سقوطه ،مسألة وقت ليس إ ،فالقوّ ة العسكريّة المتبقيّة ،ورغم عدم قدرتها على تأمين السيادة على كامل التراب، مازالت هي القوّ ة األكبر عدداً واألكثر تنظيماً ،والمتم ّتعة بالوالء الكامل لشخص واحد ّ ممثالً باألسد ،وهي التي تستخدم ك ّل صنوف األسلحة ،من دبّابات ومدافع وطائرات ،إضافة للصواريخ البعيدة المدى واألسلحة الكيميائيّة ،وهي التي تو ّفر لها اإلدارة الروسيّة، مصدر التسلّح المستمرّ ك ّما ً ونوعاً ،كذلك فإنّ الدعم اإليرانيّ المطلق ،و مشاركة الميليشيات الشيعيّة الوافدة في المعارك إلى جانب النظام ،قد حوّ لت المعارك الدائرة لحمايته من السقوط ،إلى حالة جهاديّة خالصة دون النظر لقوّ ته الشعبيّة ،تلك القوّ ة التي لم تكن خاضعة أليّة عوامل سياسيّة انتخابيّة ،والتي تحوّ لت من صيغة الـ %99المفروضة على كامل الشعب السوريّ باألساليب الدكتاتوريّة المعروفة ،إلى صيغة مماثلة لها ،رغم وجود أكثر من نصف س ّكان الداخل السوريّ خارج تلك المناطق التي يسيطر عليها ،ورغم وجود الماليين من المهجّ رين خارج البالد ،والذين قد يصلون إلى ضعف الماليين األربعة المسجّ لين لدى مفوضيّة الالجئين. أمام هذه الوقائع التي يدركها المعارضون قبل النظام ،والقوى اإلقليميّة والدوليّة قبل السوريّة ،كثيراً ما يت ّم القفز عليها كزيادة في تعقيد الوضع المع ّقد ،فالنظام الذي يعلن بين الحين واآلخر عن استعداده القبول بح ّل سياسيّ ،ال يبدي أيّ استعداد ،سوى لالستمرار بما يقوم به ،من تدمير وتهجير للمناطق الخارجة عن سيطرته، كذلك فإنّ المعارضين على اختالف توجّ هاتهم ،ال يُظهرون أيّة قدرة على إسقاط ذلك النظام الفاقد لك ّل أسباب الشرعيّة ،بل إنّ جهود معظم السياسيّين منهم ال تتع ّدى التمسّك بصفاتهم التمثيليّة، وفي محافظة العديد من قادة التشكيالت المسلّحة على نفوذهم المحلّيّ ،في حين أنّ القوى اإلقليميّة المواجهة للمشروع اإليرانيّ في المنطقة ،غير قادرة على التوصّل إلى حالة منسّقة وموحّ دة في دعم قوى الثورة السوريّة ،فيما وجدت القوى الدوليّة نفسها أمام خطر إرهاب دوليّ ،ا ّتخذ من منطقة العشائر الس ّنيّة السوريّة والعراقيّة ،مركزاً لدولته اإلسالميّة. من خالل تلك المواقف المتباينة ،لم يعد أمام السوريّين سوى االنتظار ،وربّما لسنوات طويلة ،ح ّتى تتف ّكك المشاكل اإلقليميّة والدوليّة قبل السوريّة ،لسنوات قد تكون أكثر مأساويّة من سابقاتها، مع استمراريّة سيطرة النفوذ الجهاديّ الخارجيّ بش ّقيه الشيعيّ والس ّنيّ ،بزيادة أعداد الضحايا من أبناء الشعب السوريّ ،وبتواصل حمالت التهجير لمن بقي فوق أرضه ،فالتنظيم «الداعشيّ » التي تختلف التحليالت كثيراً حوله ،والذي يبدو غريبا ً في أعماله عن أبناء المنطقة المنتشر فيها ،لم يعد ممكنا ً التكهّن بزواله القريب ،سواء بتلك المعارك الجاريّة ض ّده انطالقا ً من العراق وعبر الضربات الجوّ يّة ،أو بانتهاء دوره كورقة بيد القوى الداعمة له ،كذلك فإنّ المعارك التي تخوضها الجماعات الجهاديّة الشيعيّة الوافدة ،ال تنتج سوى العديد من حاالت السيطرة الجديدة لهذه الميليشيات ،كمناطق نفوذ خارجيّ يجري تكريسها على األرض بالتعاون مع أجهزة النظام في دمشق. مع تلك المؤ ّ شرات ،قد يكون الحديث عن التقسيم ،غير مختلف عن الحديث المكرّ ر للحلول السياسيّة ،التي يجري التسويق لها بين الفينة واألخرى ،فالبالد التي فقد النظام السيطرة عليها ،ولم تعد القوى المناهضة له قادرة على تحقيق أهدافها في إسقاطه وإقامة دولة جديدة تحوّ لت -كما يبدو -إلى مناطق نفوذ لجماعات مختلفة، بل ولساحة صراع غير مباشر بين القوى اإلقليميّة والدوليّة ،فعن أيّ تقسيم وعن أيّ ح ّل يمكن الحديث ،بعد أن أوقع نظام األسد البالد في كارثة حقيقيّة ،في سبيل خالصه من المصير الذي القته األنظمة المماثلة؟! .إنّ البحث في الخروج من هذه الكارثة قد يكون صعبا ً وطويالً أكثر ممّا تتضمّنه تلك الحلول ،فحين يتعرّ ض السوريّون النهيار بنيتهم االجتماعيّة ولعوامل تش ّتت مختلفة ،ال يمكن أن يكون البحث المستمرّ عن المخرج سوى بالضغط وبكا ّفة الوسائل لوقف ذلك االنهيار قبل ك ّل شيءَ ،مخرجا ً قد ال يأتي سوى بعمل دوليّ فعّال إليجاد سلطة انتقاليّة ،قادرة على إخراج كا ّفة الجماعات الجهاديّة الوافدة كبداية لعودة سورية إلى السوريّين، التي كان وم��ازال نظام األسد هو العابث الرئيسيّ بمصيرها، والملتجئ للتضحية باألرض والشعب ،كي يتج ّنب المحاسبة الدوليّة له كمجرم ّ بحق اإلنسانيّة. لؤي حاج بكري
www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 26
/ 6آذار 2015/
3
السنة الثانية
الكواكبي حوار العدد مع سالم ّ
يب ،معارض سوريّ ،أستاذ العلوم السياسيّة، سالم الكواك ّ نائب املدير ومدير البحوث يف مبادرة اإلصالح العرب ّي. مقيم يف فرنسا. في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ ،التقت صحيفة «كلّنا سوريّون» مع األستاذ «سالم الكواكبي» وأجرت معه الحوار التالي: على الساحة اليوم ،عدّة مبادرات ولقاءات • ومؤتمرات من أجل سورية ،هل من جديد فيها؟ وهل تعتقدون بوجود إمكان ّية لخلق حوار مع النظام؟ الكواكبيّ :المساعي تتواصل وتتكاثر وتتضارب وتتعارض أو تتوافق أو تفشل أو تنجح إعالم ّيا ً أو ُتجهض ....وذلك في سبيل إيقاف المقتلة السوريّة دون أيّة رؤية ج ّديّة لسبل إنهائها .النوايا الحسنة ال تكفي، بل هي تضرّ أحيانا ً إنْ كانت غير مبنيّة على أسس واضحة تح ّدد المسؤوليّات وتضع األطر الواضحة لحسم األمور وتتصوّ ر اآلليّات الناظمة كما العواقب الناجمة عن عدم االلتزام لهذا الطرف أو ذاك .الجديد /القديم ،هو مبادرة تجميد النزاع في مدينة حلب التي بدأها الموفد الدوليّ كقوقعة فارغة قام بملئها رويداً رويداً بلقاءات متنوّ عة .وأولى نتائجها ،ضرب مسار جنيف ،لقناعة لدى المبعوث األمميّ وبعض محاوريه من «حياديي» المجتمع المدنيّ السوريّ بأنّ الح ّل يمكن
له أن يت ّم من األسفل إلى األعلى ،عكس منطق األمور الذي يُبين بوضوح بأنّ ال ح ّل من دون قرار سياسيّ إقليميّ ودوليّ واضح يستند إلى تعاون محلّيّ حثيث. مسألة البيضة والدجاجة ُتلهي البعض عن االلتزام بج ّديّة الح ّل وبالوصول إلى نتيجة ،ناسين أو متناسين مقتل المئات أسبوع ّيا ً بانتظار هذا الح ّل المنشود وغير المُب ّ شر به .أمّا فيما يتعلّق بالحوار ،فالمفاوضات هي التعبير األص ّح للخروج من عنق الزجاجة ،ربّما مع النظام أو من يملك التأثير القوي والحاسم عليه. • يقال إنّ سبب عدم تحقيق المعارضة أل ّية توحدها؛ كيف تنظرون إلى إن��ج��ازات ،هو ع��دم ّ كتنوع وكأداء؟ المعارضة ّ الكواكبيّ :الحديث عن هذا األمر المحزن يحتاج إلى مجلّدات ،وأظنّ أنّ الباحثين في العلوم اإلنسانيّة سيجدون ما ّدة دسمة ،رغم حمولتها المؤلمة ،للقيام بأبحاث تتناول كا ّفة أبعاد األداء والممارسة .ستدخل العلوم النفسيّة في تحليل – أيضا ً -بعض الظواهر ّ وتضخم األنا الذاتيّة لدى البعض والتي الشخصانيّة دعت أحد المسؤولين السابقين الدوليّين للملفّ بنعت البعض بـ «أطفال الحضانة» .بالمقابل ،هناك من يعمل بصمت ويحاول تجاوز الكثير من العقبات والعديد من الضغوط التي تمارسها أطراف محلّيّة نافذة أو إقليميّة مُفسدة .وانقسام المعارضة السوريّة يمكن الرجوع بأسبابه إلى التصحير السياسيّ الذي دام لعقود وفقدان ثقافة العمل السياسيّ والعمل الجماعيّ . بالمقابل ،مضت سنوات أربع وهي كافية للجاهلين بالعلوم السياسيّة أن يحصلوا على شهادة من أه ّم المعاهد ،فما بالك بمن يده في العمل السياسيّ اليوميّ ؟ وأعتقد بأنّ توحيد المعارضة هو مفهوم قديم وال حاجة له إنْ لم تكن المعارضات تعمل ض ّد بعضها البعض. فال داعي لخلق جسم شمولي جديد ،بل ،إنّ التنوّ ع مفيد ضمن تآلف ،شريطة عدم الطعن في الظهر أو التراجع أو االستفادة من اله ّنات أو إفساد الذمم أو إل ّخ ...إنّ التنوّ ع هو دعامة من دعامات البناء الديمقراطيّ ، ولك ّنه يجب أن يكون سليما ً ومعافى من األمراض
الطارئة والمزمنة. الفرنسي عن غيره من • يتم ّيز الموقف ّ المواقف الغرب ّية تجاه الثورة السور ّية ،ما هو جوهر هذا التم ّيز؟ وماذا يمكن أن نأمل منه؟ الكواكبيّ :فرنسا كانت واضحة في مواقفها منذ بداية الحراك السلميّ وتميّزت عن باقي الدول الغربيّة، وبالخصوص الواليات الم ّتحدة األميركيّة ،بوضوح ه��ذا الموقف واستناده إل��ى أس��س واضحة المعالم وسياسة واضحة األهداف .ولكن ،يجب االعتراف بأنّ اال ّتحاد األوربيّ مكوّ ن من 28سياسة خارجيّة وال يوجد توافق وال ح ّتى تنسيق إلاّ في حدوده الدنيا .لذلك يبدو الموقف الفرنسيّ منعزالً نسب ّيا ً في المطلق .اآلن، زار نوّ اب يجهلون ألف باء الوضع السوريّ دمشق. وتمّت تلك الزيارة عبر وسطاء متنوّ عي الهويّة من رجال أعمال إلى عناصر أمنيّة سابقة .هذا التقارب الحاصل على مستوى األشخاص يفيد النظام ويُخرجه من عزلته الدبلوماسيّة ويُظهره كما أراد دائما ً أن يظهر كحام لألديان ومحارب لإلرهاب .الدبلوماسيّة الفرنسيّة ٍ واضحة الخطاب كما الرئاسة .بالمقابل ،الضغوط تشت ّد على الموقف الفرنسيّ داخل ّيا ً وأورو ّب ّيا ً ودول ّياً .فأحزاب اليمين المتطرّ ف ذات الشعبيّة المتصاعدة كما بعض اليسار ،تنتقد بش ّدة تقليديا ً أداء الحكومة فيما يخصّ المسألة السوريّة ألسباب تكاد تكون متطابقة .والجديد اآلن هو بروز أصوات يمينيّة ويساريّة معتدلة تدعو لعودة التواصل مع النظام لمحاربة إرهاب «داعش». • يتحدّ ث سور ّيون عن ضرورة ثورة ثانية، ويتحدّ ث آخرون منهم عن طريق طويلة ولك ّنها بدأت؛ إلى أين ت ّتجه األوضاع في سورية؟ وبتقديركم إلى متى؟ الكواكبيّ :أعتقد أنّ سورية والسوريّين دخلوا في مسار ثوريّ يمكن له أن يمت ّد طويالً في ظ ّل الظروف ّ التمزق العميق اإلقليميّة والدوليّة القائمة ،كما في ظ ّل في النسيج االجتماعيّ السوريّ الذي ت ّم التمهيد له عبر عقود من الدكتاتوريّة واالستقطابات المذهبيّة الممنهج. وأعتقد بأ ّنه ال يوجد عودة إلى الوراء .المسار صعب
ودام ومكلف ،ولك ّنه سيستمرّ مع فترات تباطؤ أو ٍ تراجع ح ّتى إعادة البناء الما ّديّ واألخالقيّ واالجتماعيّ ستأخذ وقتا ً طويالً متجاوزة جيالً بأكمله ،ممّا يدعو إلى التركيز على الشباب أل ّنهم دعامة هذه العمليّة .كما أنّ السلم األهليّ يعتمد في تأسيسه عليهم أوّ الً وآخراً. يجري التسويق لمنتج جديد س ّمي «جماعة • خراسان» ،ومع انتشار اإلسالموفوبيا في العالم، هل يمكن التمييز بين التنظيمات أو «اإلسالمات» والتعامل معها كل ّ على حدة؟ الكواكبيّ :اإلسالموفوبيا لها أسبابها المتع ّددة والمتشابكة .وبعض المسلمين يساهمون بشكل فاعل في تعزيز انتشارها وتعمّق ج��ذوره��ا في بعض المجتمعات .وممارسات بعض المسلمين أيضا ً ال تتر ّدد في م ّدها بالوقود الالزم لتدوير عجلتها .وبالمقابل، فهناك خطاب معا ٍد بالمطلق لإلسالم يُخفي عنصريّة جديدة تسمح لمتب ّنيه بأن يدفع عن نفسه تهمة العنصريّة التقليديّة ما دام ينتقد تصرّ فات ممارسي ديانة ما في مجتمع فصل الدين عن الدولة وعن المجال العا ّم بشكل متطوّ ر للغاية .األساسيّ في محاربة اإلرهاب بمسمّيات دينيّة هو التمييز بين المدارس المتطرّ فة واالستخدامات السياسيّة والتعريفات النمطيّة والتبسيطيّة .كما أ ّنه من الها ّم واألساسيّ عدم الوقوع في ف ّخ الوصوليّة السياسيّة بإعالن التحالف أو غضّ النظر عن مجرمين وإرهابيّين بحجّ ة أن الضرورات تبيح المحظورات. عدي ٌد من «رج��االت» المعارضة السوريّة راهن، وربّما لم يزل ،على إرهابيّين وقطاع طرق وشموليّين كما سواهم ،في محاربة النظام .هذا الرهان أثبت فشله وأثبت قصور نظر من تب ّناه .ولكن ،وفي إطار ضعف الثقافة السياسيّة خصوصا ً واضمحالل الثقافة عموماً، فاالعتذار يبدو أ ّنه من سابع المستحيالت على من راهن على الشيطان .مع أنّ االعتذار محمو ٌد في ك ّل األعراف واألديان والتقاليد والحضارات .ولكن أين بعضنا من هذا كلّه؟ الكواكبي ،شكراً جزيالً لكم. األستاذ سالم • ّ
حاوره ّ بشار فستق
الجنوبي البطالة في ريف حلب ّ (تزايد مستمرّ في عدد العاطلين عن العمل ،ونتائج كارثّية)
منذ انفجار الثورة السوريّة ،أف��رزت األزم��ات االقتصاديّة ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ في سورية عامّة ،وريف حلب الجنوبيّ خاصّة ،مشكلة الشلل االقتصاديّ ﺍﻟﺘﻲ تسبّبت بدورها ﻓﻲ مشكلة البطالة ،وأ ّدى تدمير نظام األسد المنطقة بمعاملها وبنيتها التحتيّة ،والضغط الديموغرافيّ على سوق العمل إلى ارتفاع مع ّدالت البطالة إلى مستويات تفوق الخيال في منطقة يق ّدر عدد س ّكانها بنصف مليون نسمة .ما يميّز هذه البطالة تر ّكزها في صفوف الشباب ،ذوي األعمار األق ّل من ٣٤عاماً ،وقد ش ّكلت نوعا ً من الخلل في النظام االجتماعيّ . أه ّمية دراسة وتحليل مشكلة البطالة في ريف حلب الجنوبي: ّ ترجع إلى أه ّميّة كون رأس المال البشريّ هو أساس التنمية ،باإلضافة إلى الخطر الناجم عن التزايد المستمرّ في أعداد العاطلين عن العمل ،وما ّ يمثله من مضاعفات في النتائج االجتماعيّة والسياسيّة التي ّ التعطل عن العمل ،كما أنّ انعدام الدخل ترافق حالة الذي يعتبر مرادفا ً للبطالة يؤ ّدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة أعداد الفقراء الذين يعيشون تحت ّ خط الفقر وما يرافق ذلك من األوضاع الال إنسانيّة. يعالج هذا التحقيق مشكلة البطالة في ريف حلب الجنوبيّ ،ويشرح كيفيّة حساب مع ّدل البطالة وأنواعها المختلفة .ويقترح معياراً على المستوى المحلّي للبطالة ،يستخدم في إعداد الخطط ويضع المعنيّين أمام التزاماتهم. ويعتمد على اإلحصاء الس ّكانيّ للعام ،2004 وكذلك على مسوحات القوّ ى العاملة منذ عام 2011 ح ّتى الربع األخير من عام 2014 برزت في الثورة السوريّة جملة من القضايا ،منها مشكلة البطالة ،ومشكلة النزوح الداخليّة في المناطق األق ّل خطراً ،باإلضافة إلى الخطر الناجم عن التزايد المستمرّ في أعداد العاطلين عن العمل وعلى الجميع، إدراك هذا البعد لمكافحة البطالة سعيا ً في تصحيح الخلل الذي يرجع إلى العديد من العوامل ،منها زيادة متطلّبات ،وتسارع وتيرة التطوّ ر ،واضطرار قسم من العاملين للقيام بأعمال ثانويّة أخرى ،باإلضافة لعملهم
newspaper@allsyrians.org
األساسيّ ،واستمرار عدد من العاملين بالعمل بعد سنّ التقاعد ،ممّا يدفع بالباحث عن العمل لـتأمين فرصة عمل غير منتظم ،أو الهجرة الخارجيّة ،وهذا ما أ ّدى إلى هجرة عدد كبير منهم في البحر المتوسّط غرقاً، في ظ ّل تزايد وتيرة العنف الذي يمارسه نظام األسد. ترافقت هذه العوامل باالنخفاض الشديد في فرص العمل ،وإذ ال توجد عوامل مواتية للح ّد من مشكلة البطالة نجد أنّ مع ّدل البطالة في اإلحصاءات الرسميّة هو في تصاعد منذ التعداد العا ّم للس ّكان في ،2014 حيث كانت 12.3ح ّتى وصلت في العام 2014إلى 60بالمائة ،حسب مسح القوى العاملة للربع األوّ ل من العام 2014 باإلضافة إلى ذلك ،يعتبر تع ّدد األرقام واالجتهادات حول البطالة مشكلة جديرة باالهتمام ،وال ب ّد للمعنيّين من إيجاد هيئة مكافحة البطالة ،ومكتب مركزي لإلحصاء .فالبطالة الحاليّة جليّة على درجة ّ تمثل تحديا ً كبيراً. وشيوع البطالة في ريف حلب الجنوبيّ ،يح ّددها التحقيق من خالل معايير هي: أن يكون الفرد قادر على العمل ،ومتاحا ً للعمل وباحثا ً عن عمل ،أو ال يعمل وال يبحث عن عمل بسبب افتقاره لألمل في توافر فرص العمل. وال ب ّد للحكومة المؤ ّقتة من مالحظة أنّ الرتفاع نسب البطالة نتائج اقتصاديّة واجتماعيّة ،تنعكس آثارها السلبيّة على الفرد والمجتمع ،وبالتالي على مجمل التنمية البشريّة .لذلك يجب دراسة تركيبة البطالة حسب الخصائص الفرديّة لألشخاص مثل البطالة حسب الجنس ،حسب العمر ،حسب المستوى التعليميّ ، وكذلك دراسة البطالة حسب عدد أفراد األسرة. تطور نسبة البطالة جدول ّ السنة
نسبة البطالة
2011
% 12.3
2012
% 36
2013
% 55
2014
% 60
- تو ّقف المصانع وال��م��ع��ام��ل في ري�������ف ح��ل��ب ال��ج��ن��وب��يّ فاقم مشكلة البطالة: بما أنّ ع��دداً من القوى العاملة ف��ي ري��ف حلب الجنوبيّ تعمل ف����ي م��ص��ان��ع ومعامل ومنشآت خاصّة متواجدة ف�����ي ال���ري���ف ال��ج��ن��وب��يّ ،ف��إنّ بعض أصحاب المعامل الخاصّة مارست دوراً سلب ّيا ً على القوى العاملة ومنها: معمل سيريا ميكا ،يملك المعمل هاني ّ عزوز، وهو إلنتاج الفورميكا ،ويذكر أ ّنه ،شريك آلل األسد، ويعمل فيه نحو ألف عامل مع بداية الثورة السوريّة، لكنّ صاحب المعمل وبتواطؤ مع المخابرات ،أصبح ك في لديه فرع معلومات عن العمّال ،فك ّل عامل يش ّ انخراطه في الثورة أو خروجه في المظاهرات ،حرمه من جميع حقوقه وأقتصّ من راتبه أربعة أشهر ،ويذكر ّ موظف كان يعمل لديه لم ّدة تتراوح من 5إلى أنّ ك ّل 10سنوات قام بتسليمهم إلى فرع المخابرات الجوّ يّة كي يتخلّص ممّا يتر ّتب عليه من واجبات والتزامات، ويذكر أنّ معظم عمّاله من ريف حلب الجنوبيّ ،وقد ت ّم تخصيص مفرزة عسكريّة كاملة تحت إمرته تقوم باعتقال ك ّل من يشتبه في انتمائه للثورة ،وأبقى على ّ الموظفين المعروفين بدعمهم ووالئهم للنظام األسديّ ومعظمهم لهم ارتباطات مع المخابرات األسديّة كما ت ّم فرز 7دباّبات لحماية مصانعه وتعتبر منطقة ريف حلب الجنوبيّ ،مقاطعة كاملة تحت إمرته تحتوي على معامل تعود إليه بالشراكة مع رامي مخلوف وب ّ شار األسد ،ويذكر أنّ معمله محرّ م عالم ّيا ً أل ّنه يتسبّب بإشعاعات نوويّة ملوّ ثة للبيئة ومحرّ مة دول ّياً ،والمنطقة
معرّ ضة لخطر هذه اإلشعاعات خالل العشر سنوات القادمة بأمراض خطيرة ومن بينها سرطان الجلد وذلك بسبب تلوّ ث هوائها ومائها باإلشعاعات التي تتسبّب بها معامله؛ قام ّ مؤخراً بتسليح جميع عمّاله بالمس ّدسات المزوّ دة بكاتم صوت ،وفي نهاية العام 2012حرّ ر الجيش الحرّ المنطقة ووضع يده على معامله ،وقد قصف طيران األسد معظمها ،وأخرجها عن الجاهزيّة، كما أنّ اللصوص سرقوا كثيراً من المع ّدات واآلالت. يبلغ عدد س ّكان ريف حلب الجنوبي حوالي 350 ألف نسمة ،باإلضافة إلى 100ألف نازح من مناطق سوريّة أخرى. وبعد تو ّقف المعامل وإغ�لاق أوتستراد حلب – دمشق ،هاجر قسم كبير من أهالي المنطقة إلى لبنان ودول أخرى ،وقسم منهم انض ّم إلى لجيش الحرّ . تسيطر على معامل الريف الجنوبيّ ،كتائب الجيش ّ يتبق سوى ثالثة معامل تعمل بجاهزيّة الحرّ ،ولم غير مكتملة ،وغالبيّتها تنتج األدوية ،ومعمل لأللبسة والقماش ،وال تتجاوز اليد العاملة فيه عشرة بالمائة من مجموع اليد العاملة في بداية الثورة عام 2011 لذلك ال ب ّد من البحث عن ح ّل لمشكلة البطالة المتفاقمة في ريف حلب الجنوبيّ .
مصطفى فرحان www.allsyrians.org
4
السنة الثانية
العدد 26
/ 6آذار 2015/
تحقيقات
ماسة وواقع صعب الري في محافظة إدلب ،حاجة ّ مشاريع ّ
عدسة بدر حسني تعتبر المياه أعظم منحة حباها هللا للبشر وقد عمل البشري والتكنولوجيا على تطور العقل ّ اإلنسان مع ّ ترشيدها واستخدامها بالشكل األمثل وتقسم المياه لقسمين وهي: أوالً :مياه الريّ والتي ال تعتمد على مواصفات قياسيّة كيميائيّة وجرثوميّة وفيزيائيّة كبيرة ،بل تستخدم كما هي ،أي كما نتجت من المنبع سواء اآلبار أو الفجّ ارات واألنهار والينابيع «مياه خام» ثانياً :مياه الشرب وهذه المياه تعتمد قبل استخدامها لمعالجات معيّنة أي قبل وضعها باالستخدام لكون تلوّ ثها يعتبر العامل األساسيّ لكثير من األمراض (الكوليرا – التهاب الكبد الوبائيّ – الزحار – التيفوئيد) وقد تؤ ّدي للوفاة أحياناً ،ولقد كانت سابقا ً فيما قبل الثورة تخضع لمعالجات ع ّدة بسبب تو ّفر اإلمكانات الالزمة والخبرات الكافية ،أمّا في أوضاعنا الطارئة الحاليّة وبسبب تدمير وتخريب البُنى التحتيّة فال تتو ّفر هذه اإلمكانات والمع ّدات المساعدة لألسف ،وبالكاد تجدها «مياه خام» ويستخدمها الناس كما هي لحاجتها الماسّة للشرب ولألغراض اإلنسانيّة ،ولعدم وجود الطاقة
ّ المغذية كالكهرباء أو المولّدات الكهربائيّة ،أو ح ّتى ّ تدخلت ع� ّدة جهات إلعادة قيمة المحروقات ،وقد تأهيل هذه المشاريع ووضعها بالخدمة ،ولكن ولألسف وبسبب عدم وجود التنسيق الكافي فيما بينها أو وجود هيئة راعية للجميع فضالً عن عدم وجود خبرة كافية أ ّدت في بعض األحيان لمنزلقات أ ّدت بالنتيجة لتخريب بعض التجهيزات وإن كانت النيّة اإلصالح وتعتمد إدلب في مصادر مائها. ري مياه إدلب إلى أين؟ مشاريع ّ متابعة لهذا الموضوع يح ّدثنا المهندس «أحمد حسن الشيخ» مدير مياه إدلب عن أه ّم مواقع مشاريع الريّ في المحافظة قائالً :نجد أنّ محافظة إدلب تعتمد بشكل رئيسيّ من أجل مياه الشرب على اآلبار الجوفيّة وبشكل ضئيل ج� ّداً على الينابيع واألنهار ،وهناك مشاريع رئيسيّة وأساسيّة تعتمد عليها معظم القرى ّ (يغذي وهي :مشروع الّلج – مشروع عين الزرقا تقريبا ً %60من محافظة إدلب وغزارته 5.3م/3 ثانية) مشروع المعرّ ة – مشروع الهلبة – مشروع ال ّدانا – مشروع سنجار – مشروع الدير الغربيّ –
مشروع ال ّتح وباقي القرى والنواحي والمناطق تعتمد على اآلبار الجوفيّة التي يت ّم حفرها ضمنها. وأضاف «الشيخ» إنّ ج ّل هذه المشاريع اآلن تحتاج لصيانة ودراس��ة مفصّلة الحتياجاتها لتكون جاهزة لالستثمار ،وما ينطبق على هذه المشاريع ينطبق على كامل مشاريع محافظة إدلب بدرجات متفاوتة ،وأوضح «الشيخ» :إنّ أسباب تراجع مشاريع المياه يرجع إلى ع ّدة أمور منها: أوّ الً :القصف الدائم في مراحل سابقة أ ّدى لتخريب أجزاء كبيرة من المشاريع. ثانياً :عبث العابثين ّ وقطاع الطرق سابقاً. ثالثاً :غياب عدم التنسيق والتنظيم فيما بين الجهات ّ والمنظمات الداعمة والقاصدة وإعادة تهيئة المشاريع ووضعها في الخدمة. راب��ع��اً :ع��دم االعتماد على العناصر الخبيرة في مجال المياه وعدم استقطابها إلعادة تهيئة المشاريع. خامساً :عدم وجود رقابة صحيّة على ال��م��ي��اه وإن و ِجدت فهي غير ّ منظمة. سادساً :التنسيق المباشر ّ للمنظمات والجهات الداعمة مع المجالس المحلّيّة مباشرة عدسة بدر حسني دون المرور بجسم مختصّ وم��وحّ ��د بالمحافظة يُعنى بمجال المياه .سادساً :عدم وجود مخابر فحص وموا ّد تعقيم للمياه. خطط مستقبل ّية بانتظار الدعم قال «الشيخ» :تقوم مديريّة المياه بإدلب بالعديد من اإلجراءات لتسهيل وضع هذه المشاريع في الخدمة، منها: إعداد دراس��ات مفصّلة لالحتياجات الضروريّة إلقالع المشاريع ،ابتداء بالمشاريع الكبيرة ،وبعد
التنسيق مع جميع القوى على األرض لمنع تخريب المنشآت وحال ّيا ً يت ّم ذلك ،كما أ ّننا نقوم بالسّعي إلطالق المديريّة واستقطاب جميع الجهات الداعمة لمشاريع المياه ،كونها الجهة المختصّة الوحيدة في المحافظة وتابع «الشيخ» :ونقوم أيضا ً باستقطاب العناصر ذات الكفاءات والخبرات ممّن كانوا يعملون في مؤسّسات المياه ومشهود لهم بالخبرة والنزاهة ،والسّعي لتأمين مخبر تحليل مياه متكامل لمحافظة إدلب ،وقد ت ّم إعداد دراسة له سابقا ً وأرسلت إلحدى الجهات الداعمة. وأوضح «الشيخ»: كما نقوم بالسّعي لتأمين التمويل الكافي عن طريق ال��وزارة لتوفير سبل العيش الكريم للخبرات الف ّنيّة لمنع هجرتها وتأمين وسائل مواصالت للكشف على المشاريع وصيانتها ،السّعي لدى الجهات الداعمة لتأمين
قيمة المحروقات لتشغيل المشاريع لم ّدة س ّتة أشهر مع ّ للموظفين ريثما يت ّم وضع منظومة جباية قيمة الرواتب المياه المستجرّ ة في نفس الفترة ،كما نقوم بالسّعي لتأمين مستودع مركزيّ يحوي األكسسوارات الضروريّة لصيانة المشاريع بالمحافظة باإلضافة للسّعي لتأمين آليّات هندسيّة وآليّات انتقال للعمّال والمهندسين لدراسة وصيانة ومتابعة استثمار المشاريع.
بدر حسني
ّ مشاق العمل من الطفولة إلى
مهب العمالة ّ المبكرة) (األطفال السورّيون في ّ
عدسة وليد أبو راشد في ظ ّل ما تشهده سورية من أحداث خالل األربع سنوات من دم��ار على جميع األصعدة -إن كانت اقتصاديّة أو اجتماعيّة -ممّا أ ّدى إلى تفاقم الكثير من المآسي التي تصاب بها المجتمعات ويكون وقعها أش ّد ما يكون على األطفال ،لذلك أصبحت ظاهرة عمالة األطفال في سورية منتشرة في العديد من المدن والمناطق ،ففي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام يتزايد انتقال األطفال إلى أسواق العمل بدالً من المدارس بشكل كبير بسبب الفقر وصعوبة الحياة المعيشيّة حيث أنهت الحرب ودمّرت جميع سُبل العيش إضافة إلى تدهور فرص العمل إن كان في داخل سورية أو في خارجها حيث كان الكثير من السوريّين يعتمد على العمل في ال��دول المجاورة ،فضالً عن وفاة المعيل ،وتتنوّ ع األعمال التي يقوم بها األطفال رغم صغر س ّنهم وقلّة خبرتهم بين العمل في المعامل ومحلاّ ت تصليح السيّارات وغسيلها باإلضافة لمن يعمل كبائع متجوّ ل في ظ ّل ظروف مناخيّة صعبة، هذا ويفضّل أصحاب المهن األطفال النخفاض قيمة أجورهم ،فكلّما ازداد العنف والدمار ازدادت البطالة وازدادت عمالة األطفال وبالتالي استغاللهم ،وأصبح لك ّل طفل مهمّات يوميّة يقضيها في ظ ّل انقطاع سبل الحياة «الماء والكهرباء». من أجل قوت يومهم «ع���ارف» طفل م��ن بين المئات م��ن األطفال السوريّين من قرية «مصيبين» في جبل الزاوية نزحت عائلته إلى القرى المجاورة بعد أن ُدمّر بيتهم في البلدة،
newspaper@allsyrians.org
ا ّتجه للعمل في المشاريع الزراعيّة وعمره لم يتجاوز 14عاماً ،وجد نفسه في سوق العمل بمهنة ال تعود عليه بأكثر من قوت يوم واحد في أحسن األحوال ،فهو ّ متقطعة ،فتنقيل يحتاج للعمل طوال النهار وبساعات (بخاخات) مياه الريّ التي يقوم بها تتطلّب وقتا ً أنابيب ّ طويالً وعمالً شا ّقاً. يقول ع��ارف :بعد أن قُصف بيتنا واضطررنا للنزوح من بلدتنا وأصبحنا بدون مأوى توجّ ب علينا تأمين مكان آخر نقيم فيه وهذا ما يزيد من معاناتنا، فالبيت الذي نستأجره يتطلّب م ّنا أن نضاعف من عملنا لدفع إيجاره شهر ّيا ً وهذا ما يضطرّ نا للعمل أنا وباقي أخوتي بجميع األعمال ح ّتى وإن كانت مرهقة وال تناسب أعمارنا. تركوا مدرستهم من جانب آخر وممّا يضاف إلى معاناة األطفال في تلك المناطق ،فقد أصبح جمع الحطب عمالً أساس ّيا ً لك ّل طفل بعد غياب وقود التدفئة« ،عبد الرحمن» البالغ من العمر 12عاما ً من بلدة «سرمين» في إدلب يخرج في ك ّل صباح مع والده لجمع الحطب من الكروم المجاورة للبلدة وهذا العمل يقتضي ساعات طويلة من وقته، يحدثنا قائالً :نحتاج للحطب بشكل دائم وليس في الشتاء فقط ،بل نحن نستخدم الحطب للطهو وللغسيل ،وأنا أذهب مع والدي لمساعدته في هذا العمل. آالف األطفال لم تحمل أصابعهم األقالم والدفاتر منذ سنوات ونراهم استبدلوا حقيبة المدرسة بصندوق من الكرتون مليء بالكعك أو البسكوت ،فالطفل «أسامة»
البالغ من العمر 8أعوام من بلدة «سراقب» يخرج في ك ّل صباح مع بزوغ الضوء ليذهب إلى الفرّ ان ويكون محظوظا ً إن استطاع الحصول على كرتونة مليئة بالكعك لينطلق بعدها في شوارع وأز ّقة «سراقب»، ومهما كانت الظروف فأحيانا ً كثيرة يبدأ القصف بالطيران وأسامة يحمل كرتونته متجوّ الً في الشوارع علّه يبيع كعكه الذي إن بقي لليوم الثاني فلن يشتريه أحد ،يخبرنا أسامة عن عمله قائالً :إنْ استطعت بيع ما لديّ فإ ّنني أحصل على مبلغ أستطيع به شراء بعض الحاجات الضروريّة «الخبز – الخضرة» ألهلي، وإنْ لم أبعها جميعها فأستطيع شراء «ربطة خبز» فقط ،أمّا عمران الطفل ذو 14عاما ً الذي نزح مع والده الطاعن في السنّ ووالدته وزوجة شقيقه الشهيد وأطفالها من معرّ ة النعمان إلى إحدى القرى المجاورة لبلدة «سراقب» فيضطرّ للسير مسافة 2كم يوم ّيا ً للذهاب إلى المنطقة الصناعيّة التي يعمل بها في تصليح الدرّ اجات الناريّة ،يقول عمران :بعد استشهاد أخي األكبر في أحد معارك وادي الضيف والقصف المستمرّ على بلدتنا قرّ رنا النزوح من البلدة ،وبما أنّ ظروفنا أصبحت أكثر قسوة فنحن بحاجة لتأمين ما يلزمنا من متطلبات يوميّة كتأمين الح ّد األدنى للعيش، فراتب والدتي التقاعديّ ال يكفي لدفع قسط إيجار البيت الذي نقطنه باإلضافة إلى األدوية التي يتناولها والدي المريض ،هذه األمور مجتمعة أوصلتني إلى أن أترك الدراسة وأتوجّ ه للعمل في أيّ مهنة كانت ،فعلى الرغم من أنّ صاحب ورشة العمل في بداية عملي معه كنت ال أقبض أجراً ،إلاّ أ ّنني تابعت معه العمل ح ّتى أتقنت
عدسة وليد أبو راشد
عدسة وليد أبو راشد المهنة وبدأت أتقاضى أجراً أسبوع ّيا ً ال يتجاوز 250 ليرة سوريّة «دوالر واحداً» أسبوع ّياً ،ث ّم ازداد أجري فأصبح 500ليرة «دوالري��ن» أسبوع ّياً ،وآمل في األيام المقبلة أن يزيده لي. األثر على مستقبلهم هذه الحال ال تقتصر على األطفال السوريّين في الداخل فقط ،بل هي حال معظمهم ،إن كانوا في الداخل المدمّر أو في الخارج المهجّ ر ،فما يقوم به هؤالء األطفال من أعمال تنهك أجسادهم ،فإنّ أثر ذلك ال يتو ّقف عند الجسد فقط ،بل يتع ّداه إلى النفسيّ والعقليّ معاً ،إذ أنّ الطفل الذي يتعرّ ض لمثل هذه األعمال في سنّ مب ّكرة ،تأثيرها السلبيّ ال يكون على الجسد، بل التأثير األكبر يكون في الجانب النفسيّ والعقليّ فالضغوط التي ُتمارس على الطفل من قبل ربّ العمل كاستخدام الضرب مثالً ّ تؤثر بشكل أو بآخر على مسار حياته في المستقبل ،فاألحداث التي تتعرّ ض لها سورية ّأثرت على ك ّل شيء ،لكنّ الوطأة األكبر كانت من نصيب األطفال إذ سحقت وي ّتمت الحرب الكثيرين منهم ،وحرمت آخرين من أن يعيشوا طفولة طبيعيّة، وحوّ لت ما تب ّقى إلى كبار قبل األوان.
فلك اخلالد
www.allsyrians.org
العدد 26
ملف العدد
/ 6آذار 2015/
5
السنة الثانية
8آذار اليوم العامل ّي للمرأة
المرأة ودورها
شهادات ومواقف بأقالمه ّن
المرأة السورّية بين الفعل واإلقصاء
لطالما عانت المرأة في منطقتنا من ك� ّل أن��واع صا ً اإلقصاء ،ح ّتى المرأة التي رسمت طريقا ً خا ّ لها معلنة حرّ يّتها وانشقاقها عن المجتمع بتخلّفه القت الكثير خالل مسيرتها .أضع اللوم كلّه على أنظمة حكمت مجتمعاتنا مستفيدة من سلطتها السياسيّة وقُرب السلطة الدينيّة من خطابها ،كادت تلك الخطابات تخنق الرجل السوريّ وتكبّله ببراثن الجهل والغيبيّات ،وبالتالي وقع ظلمه على المرأة، فلو أتيح له بعض المعرفة والتحرّ ر من القوانين الرجعيّة الستطاع أن يكون سنداً حقيق ّيا ً للمرأة ،فهي تشجّ عه في ك ّل وقت على أن يعمل للوصول إلى حلمه وأحالمهما معاً ،رغم ك ّل ما تعانيه من قيود. وما أن صدح أحدهم بكلمة حرّ يّة في بداية الحراك الثوريّ عام 2011ح ّتى كانت المرأة أوّ ل المتحرّ كين بل والمشجّ عين له في ك ّل لحظة ومكان؛ لم تترك مجاالً تستطيع تقديم خبرتها الشعوريّة والعمليّة فيه إلاّ وكانت تزرع نفسها بإخالص للقضيّة ،ح ّتى أ ّننا نجد في أوساط الصامتين وبعض الموالين لنظام الحكم أنّ النساء هنّ من تحرّ كن في لحظة ما للمطالبة بأوالدهنّ ومحاولة الوقوف في وجه خطفهم من قبل النظام الذي يز ّج بهؤالء الشباب في حرب ال يريدونها ،أو على أق ّل تقدير ..ال يعرفون حقيقتها. أذكر أنّ الحراك السياسيّ المعارض لنظام الحكم
في سورية فترة الثمانينات اشتركت فيه نساء من ك ّل المناطق السوريّة وكانت عنصراً فعّاالً فيه، ونالها من االعتقال واالقصاء من الحياة المدنيّة فيما بعد كما نال الرجال المعارضين .لم يفرّ ق النظام بين الجنسين بأساليب تعذيبه ،وعندما خرجن من المعتقالت حاولت الكثيرات منهنّ رسم طريقها نحو الحرّ يّة الفكريّة واالجتماعيّة ،بدأ صراعهنّ مع المجتمعات التي تنتمي لها ولم ينته إلى هذه اللحظة، فعند أوّ ل كلمة حرّ يّة صار ك ّل ذكر في محيطها ّ يتدخل بتحرّ كاتها بحجّ ة الخوف عليها أحياناً ،والقلق من نجاحها أحيانا ً أخرى. المال السياسيّ كان له أثر كبير في ك ّل الهيئات والتجمّعات السياسيّة و»المدنيّة» التي تش ّكلت خالل األربع سنوات من نضال الشعب السوريّ .لم يكن قرار أيّ من تلك التك ّتالت مستقلاّ ً ،هذا طال أيضا ً التجمّعات النسائيّة ،وبما أ ّننا أبناء ذلك النظام اإلقصائيّ القائم على الشلليّة والعشائريّة فقد كانت تشكيالتنا على شاكلته أيضاً ،لألسف لم نسلم من عوارض األمراض الموروثة في مجتمعنا بسبب القهر المستمرّ ،وكانت التجمّعات النسائيّة تعاني منها وتقصي وتعمل بمبدأ الشلليّة ،رغم أ ّنها حاولت كثيراً أن تكون أفضل من التجمّعات السياسيّة القائمة على مبدأ المحاصصة العرقيّة والمناطقيّة والطائفيّة ...المرأة كانت أوعى،
وح�����اول�����ت إص��ل�اح بنية أيّ ت��ج��مّ��ع ت��ش��ت��رك فيه، ل���ك���نّ ص��وت التطرّ ف الدينيّ ك����ان أق����وى، ربّما هو بسبب العنف وربّما بسبب سوء معرفتنا بمجتمعنا وتركيبته المع ّقدة مذهب ّياً. منذ أن سمحنا ألوّ ل فكرة متطرّ فة أن تكون المسيطرة على خطابنا المنادي بالكرامة والعدالة، أضعنا البوصلة ،ولن نستر ّدها إلاّ إذا أوقفنا ك ّل فكر إقصائيّ ودخيل وجاهل. وألنّ المرأة تجمع ما بين َ الخلق (بالوالدة والحبّ ) والعقل فأظنّ أ ّنها القادرة على تغيير الوضع المزري الذي وصلت إليه حالنا ،من إقصاء وقهر لبعضنا. علينا فقط ،أن نتقبّل اآلخر المختلف ونحاوره بما نؤمن ،وأن نناضل من أجل بلد تكون فيه الموارد الطبيعيّة هي أه ّم أولويّاتنا بعد احترام حقوق اإلنسان، وأن نرفض ك ّل أشكال التمثيل السياسيّ ،ونخلّص اإلنسان السوريّ . لويز عبدالكريم
موضوعات مشتركة بين النساء السورّيات
إنّ الجهد ال��ذي بُ���ذل ف��ي إط��ار ق��ض��اي��ا ال��م��رأة قبل األزم��ة ،من خالل مجموعات عمل قدِمت من خلفيّات سياسية معارضة غالباً، ض كغيره ت��ع��رّ َ من المسائل إلى التبعثر .بل ،إنّ موضوع المرأة بات مقسّما ً مع االنقسامات الجغرافيّة والعسكريّة ،ولم يعد واح��داً ،صار أكثر تعقيداً ،وفي ك ّل نقطة من الجغرافيّات السوريّة هنالك أولويّات ،ومن الطبيعيّ أن يتراجع االهتمام بموضوعات المرأة في ظ ّل الحرب. وطرأ على المجموعات والنخب التي نشطت في حقل قضايا المرأة قبل األزمة ،ما طرأ على المجتمع السوريّ كك ّل من انقسامات واستقطابات حا ّدة ،ما ساهم بشكل أكبر في تقسيم قضيّة المرأة وتعقيدها،
قضّية المرأة
ولم يعد هنالك وحدة نضال على هذا الصعيد ،وليس هنالك اتفاق بين هذه النخب على ح ّد أدنى من وجهات النظر وأرضيّات العمل وأولويّاته. ال يمكن المقارنة إطالقا ً بين وضع المرأة على أصعدة الحرّ يّات الشخصيّة والعامّة ،ما بين مناطق سيطرة النظام السياسيّ ،ومناطق سيطرة القوى المتطرّ فة، ففي مناطق سيطرة «داعش» رجع موضوع المرأة عقوداً إلى الخلف وصار خارج الح ّد الحضاريّ األدن��ى ،أمّا في مناطق سيطرة الديكتاتوريّة فإنّ الكثير من الحقوق الشخصيّة ما زالت متاحة للمرأة. هنالك فرق تاريخيّ على مستوى الحرّ يّات الشخصيّة والعامّة واألمان. لكن ،رغم ذلك فإنّ الموضوعات المتعلّقة بالمرأة ال��س��ور ّي��ة واألزم���ة ،م��ن مل ّفات تجنيد األطفال واالعتقاالت والخطف واالختفاء لذويها ،والقتل، والعنف الجسديّ واإله��ان��ات وك � ّل ال��م��رارات و «التعتير» وتدبّر الوضع المعيشيّ ولملمة البيوت، وغير ذلك من التفاصيل الوحشيّة التي تواجهها المرأة السوريّة ،فهي من المفترض أ ّنها موضوعات
مشتركة بين النساء السوريّات اليوم ،موضوعات توحّ دهنّ ،وقد تكون أساسا ً للعمل من أجل الدفع باتجاه إرساء حلول. أعتقد أنّ أيّ حديث عن المرأة السوريّة ،يعني الحديث عن األزمة السوريّة من الزاوية األش ّد إيالماً .إ ّنها ّ تكثف المأساة ،وفي الوقت نفسه هي قضيّة جوهريّة في المجتمع السوريّ ،كالحرّ يّة والعلمانيّة والمواطنة، والديمقراطيّة ،ال يمكن أن تتطوّ ر بالمعنى اإليجابيّ إلاّ بعد وض��ع ح � ّل أو حلول لألزمة السوريّة، وإجراء مراجعات مجتمعيّة ،مدعومة بنضاالت على المستوى القانونيّ والدستوريّ . لقد تبعثرت الجهود السلميّة والعلنيّة التي قامت بها تلك المجموعات سواء منذ بداية األلفيّة الثالثة ،أو مع بداية الحراك في ،2011وباعتبار قضيّة المرأة من المسائل الحسّاسة فإ ّنها تعرّ ضت للنكوص بسرعة في المناطق التي شهدت مواجهات مسلّحة ،وفي المناطق التي عرفت خروجا ً عن ك ّل أشكال سيطرة النظام ،لتظهر على السطح قيم أكثر تخلّفا ً وإجحافا ً ّ بحق المرأة.
مايا جاموس
عانت الحركة النسويّة السوريّة مثلها مثل ك ّل حركة المجتمع المدنيّ السوريّ ،من القمع خالل الفترة الطويلة للحكم الدكتاتوريّ في ّ ومنظمات مجتمع مدنيّ ،بما سورية ،إذ لم يكن في سورية قبل الثورة السوريّة حركة للمجتمع المدنيّ ،فهو بك ّل أشكاله من نقابات فيها ّ منظمات المرأة ،كانت إمّا تابعة بشكل كلّيّ للنظام أو تعرّ ضت للقمع الشديد أو أ ّنها تحرّ كت بهامش صغير ج ّداً أضعف دورها وحضورها. بعد الثورة برزت في سورية الحاجة لتشكيالت تعبّر عن المجتمع المدنيّ ،وكان من الطبيعيّ أن تأتي منقسمة انقسام المجتمع السوريّ نفسه ،ولكنّ هذه التشكيالت ومنها الحركة النسويّة عانت أيضا ً -إضافة لالنقسام -من الضعف والتش ّتت ،فهي ما زالت تخطو خطوات خجولة في التعبير عن مجتمعها والتأثير فيه ،وقد تراجع هذا الدور في ظ ّل الح ّل األمنيّ المعتمد في سورية ،فحين يواجه اإلنسان الموت ويناضل من أجل ّ حق الحياة يصبح ك ّل نضال آخر ترفا ً بالنسبة له ،ولكن سرعان ما سنواجه ك ّل االستحقاقات األخرى وعلينا أن نكون مستع ّدات لها ،وهذا ما تحاوله الحركة النسائيّة السوريّة ،وإنْ ما زال بالشكل غير الكافي. إنّ ما تعاني منه المرأة السوريّة هو جزء ممّا يعانيه المجتمع السوريّ بالعا ّم ،وإنّ قضيّة المرأة ال تنفصل عن قضيّة تطوّ ر المجتمع، فبينهما عالقة جدليّة ،وال يمكن ألحدهما أن يتطوّ ر بعيداً عن اآلخر ،ومن هنا ال يمكن على االطالق صياغة عقد اجتماعيّ وسياسيّ مدنيّ ديمقراطيّ دون أن تكون المرأة جزءاً أصيالً منه. لينا وفائي
المرأة السورّية دور فاعل ً وواقع مرّ
ال أعتقد أنّ ما وصلت إليه حال سورية اليوم يمكن أن نعتبره عابرا ،فكيف إذا خصّصنا كالمنا عن المرأة السوريّة وحرّ يّتها وممارستها لحقوقها؟؟ إذا عدنا بالزمن إلى ما قبل الثورة السوريّة ،نجد أنّ المجتمع يحاول تقليص دور المرأة في كا ّفة مجاالت الحياة بداية من ّ ومنظمات الدولة كا ّفة ،إلاّ أّن المرأة استطاعت أن تح ّقق تق ّدما ً بسيطا ً األب واألخ والزوج وح ّتى االبن ،ونهاية بمؤسّسات على صعيد الدور الذي تقوم به في المجتمع ،وقد أثبتت ذلك في بداية الثورة السوريّة عندما خرجت إلى الشارع لتقول« :ال للظلم» و»أوقفوا القتل» و «الشعب يريد» ...وغيرها ،وشأنها شأن الرجل فقد تعرّ ضت لالعتقال والتعذيب والموت. كان ذلك تطوّ راً الفتا ً في دور المرأة إلاّ أّن أساليب التعذيب الوحشيّة واالنتهاكات الال إنسانيّة واالعتداءات الجنسيّة التي ّ بحق تحدثها الحروب والتي برزت عند النظام السوريّ وجنوده ،ومن ث ّم ظهور الجماعات اإلسالميّة المتش ّددة والجارفة المرأة وتطبيق أحكام الشرع – كما ي ّدعون – قلّصت دورها وانتهكت حقوقها ح ّتى تكاد حقوق المرأة أن تكون معدومة، فهي الضلع القاصر والطاعة العمياء. بالتأكيد ،ذلك لن ّ يؤثر على النساء فقط ،فمردوده سيطال المجتمع بأكمله ،وهذا هو الخطر األكبر والذي يحتاج إلى أجيال وأجيال لتداركه ،وهو ليس باألمر السهل أبداً ،وأعتقد أنّ السوريّين عامّة والنساء السوريّات خاصّة خارج سورية يجب أن يحملوا على عاتقهم إمكانيّة التأثير في المجتمع السوريّ بعد أن يخرج من الحرب، والعمل على نشر األفكار والوعي إلعادة دور المرأة ح ّتى يكون لها حضورها في المشهد السياسيّ والمدنيّ السوريّ ،ومن هنا ستكون نقطة البداية ولك ّنها ستحتاج وقتا ً طويالً. أروى غندور
newspaper@allsyrians.org
ش���ارك���ت ال��م��رأة ال���س���وريّ���ة خ�لال التاريخ في النشاط ال��س��ي��اس��يّ ،وال��ذي ازداد بشكل ملحوظ ف���ي خ��م��س��ي��ن � ّي��ات القرن الماضي ،لكن وب��األخ��صّ في ظ ّل نظام األسد كان هناك تغييب ملحوظ للمرأة عن العمل السياسيّ ال سيّما في مراكز صنع القرار .ورغم وجود حركات نسويّة في سورية، قدرة المرأة على المشاركة في العمل السياسيّ كان عليها نفس القيود التي فرضها النظام على كا ّفة مكوّ نات الشعب السوريّ بشكل عا ّم ،باإلضافة إلى القيود االجتماعيّة على النساء ال سيّما في قطاعات تعتبر تقليد ّيا ً من اختصاص الرجال. في الوقت الحالي ،تواجه الحركات النسويّة صعوبة، ربّما أكثر من السابق ،في صياغة خطاب يمكن أن يكون أساسا ً لمشارك ٍة أكثر فعّاليّة في العمل السياسيّ في سورية .أحد العوائق في الوقت الراهن يكمن في الشعور باالنتماء ألحد جهات «النزاع» – مع الثورة أو مع النظام – والتي ح ّتى على المستوى النسويّ تؤ ّدي إلى مواجهة صعوبة في الجلوس على طاولة واحدة وتقبّل الطرف اآلخر .وبينما استطاعت الجهات السياسيّة األخرى ،وباألخصّ المعارضة التي نمت أوتش ّكلت منذ انطالق الثورة السوريّة أن تبرز وتعمل على تطوير خطابها السياسيّ . واجهت المرأة السوريّة صعوبة في إستالم مناصب ضمن المؤسّسات والتيّارات السياسيّة يمكنها من خاللها إعطاء صوت للمرأة السوريّة .باإلضافة إلى ذلك ،تواجه الحركات النسويّة صعوبة في وضع شؤون المرأة ضمن األولويّات التي يجب التركيز عليها حال ّيا ً أو في التخطيط للمرحلة التالية ،وذلك ألنّ شؤون وحقوق المرأة لم تكن ضمن أفكار الثورة األساسيّة عند انطالقها ،والمسار الذي أخذته الثورة ر ّداً على ممارسات النظام يجعل وضع هذه األمور ضمن األولويّات حال ّيا ً أكثر صعوبة .وبما أنّ العمل السياسيّ في الوقت الراهن يتطلّب العمل ضمن هذه المؤسّسات والتيّارات السياسيّة ،تجد المرأة السوريّة نفسها مجبرة على إختيار تيّار معيّن على أساس معايير ربّما ال صلة لها بشؤون المرأة ،وهذا يؤ ّدي الى تمييع المواضيع النسويّة وقضايا المرأة السوريّة. باإلضافة إلى ذلك ،وبسبب مزيج من القيود االجتماعيّة ّ المنظمات النسويّة والتقاليد والقمع السياسيّ ،افتقدت السوريّة والناشطات في مجال حقوق المرأة الدعم من نظائرهنّ من الرجال ،أو ح ّتى من النساء اللواتي لم يتشجّ عن بسبب هذه العوائق للمشاركة في العمل النسويّ ودعم قضايا المرأة؛ وبالتالي ،أيّ خطط لتعزيز مشاركة المرأة في العمليّة السياسيّة وباألخصّ في صنع القرار سوف تتطلّب العمل على إشراك الرجال ال سيّما الجيل الشابّ واستقطاب دعمهم ،وهذا لن يكون أمراً سهالً أل ّنه سوف يتعارض مع الكثير من المفاهيم التي تعتبر من القيم األساسيّة لدى أغلب المجتمعات السوريّة، والتي تتعارض بشكل مباشر مع فكرة المساواة بين المرأة والرجل ،والتي هي ضرورة أليّ خطط للتحشيد والمناصرة لقضايا المرأة؛ التعامل مع هذا األمر سوف يتطلّب االعتماد واالستفادة من تجارب مجتمعات مشابهة نوعا ً ما للمجتمع السوريّ وباألخصّ في العقبات التي واجهت النساء في تحصيل المشاركة في العمليّة السياسيّة، وربّما يمكن االعتماد على نماذج ضمن المجتمع السوريّ ّ والمنظمات السياسيّة التي نفسه ،فهنالك بعض التيّارات تتواجد فيها المرأة في مراكز صنع القرار وبنسب عالية. بالتأكيد ،الكثير من هذه األمور سوف تعتمد على شكل الدولة السوريّة في المرحلة القادمة .وبينما شكل الدولة السوريّة التي نادى بها أغلب السوريّين في بداية الثورة يعطي المرأة -على األق ّل -القدرة على العمل لتحقيق هذه الطموحات. من المه ّم بدء العمل اآلن لضمان وجود األسس بالرغم من الصعوبات المذكورة أعاله ،هذه الصعوبات يمكن أن تتواجد بين أغلب األجيال األقدم الذين عاشوا وربّما عملوا في المجال السياسيّ لعقود في ظ ّل تواجد ضعيف للنساء بينهم ،ولكن بين األجيال الشبابيّة التي كانت من الصفوف األولى في الثورة كان هناك تعاون بين الرجال والنساء في كا ّفة جوانب العمل الثوريّ واالعتماد في بعض األمور على النساء لتسهيل عملهم؛ ولذلك من الضروري التركيز على العمل مع هذه الكوادر لتأسيس ودعم ّ منظمات مدنيّة تض ّم نسا ًء في كوادرها وتعمل على جوانب متعلّقة بشؤون المرأة في أغلب مشاريعها.
دميا موسى www.allsyrians.org
6
السنة الثانية
العدد 26
/ 6آذار 2015/
ملف العدد
المرأة السورّية ،الواقع واآلفاق ،حوار مفتوح الحر ّية المرأة في سورية كانت شريكا ً أساس ّيا ً في حلم االنتقال من دولة الشمول ّية واالستبداد إلى فضاءات ّ والعيش الكريم ،وكانت عنصراً فاعالً ومح ّفزاً في كل ّ النشاطات السلم ّية والمبادرات المدن ّية التي أنتجتها بواكير الثورة األولى. الثوري بعد هذه المشاركة الفاعلة والمم ّيزة للمرأة في النشاط ّ ّ والمدني ،انقلبت اآلية ،فبعد هيمنة الحل ّ العسكري في سورية وانتشار ظاهرة التسليح ،وما جاء بعدها من انتشار للمجموعات األصول ّية المتشدّ دة، ّ وتحجم إلى حدوده الدنيا ،وفي أماكن كثيرة ُمنعت من ممارسة هذا الدور. إذ انكفأ عمل المرأة ّ إنّ دور المرأة مهدّ د بالخطر واإلقصاء بسبب استبداد النظام وما يقوم به من ممارسات قمع ّية تطال األصولي الذي يقوم على مفاهيم إقصائ ّية المجتمع بشكل عا ّم والمرأة على وجه الخصوص ،وبسبب المدّ ّ للمرأة ودورها في بناء المجتمع. نسوي بارز في الحياة السياس ّية السور ّية ،إلى واقع مؤلم باتت بين مشاركة فاعلة في التأسيس لدور ّ فيه المرأة سب ّية وأمة ال دور لها ،وبين مستقبل أسود ينتظرها بعد إعالن الدولة اإلسالم ّية وما تمارسه باقي التنظيمات المتشدّدة من قمع واستالب لها .وبالمقابل استمرار النظام في حربه المجنونة على الشعب العالمي للمرأة نتقدّ م إليكنّ /م بورقة العمل مكوناته ،بين هذا وذاك ونحن على أعتاب اليوم ّ السوري بكامل ّ ّ هذه في محاولة لتوصيف الواقع واقتراح الحلول والمبادرات. األول :لماذا لم تستطع الحركة النسو ّية السؤال ّ يؤسس استمرار ّيتها ديمقراطي صياغة خطاب ّ ّ ومشاركتها في الحياة السياس ّية والمدن ّية السور ّية؟ حول هذا السؤال أجابت الشاعرة رشا عمران قائلة: المعارضة ذات األمراض التي «تعاني الحركة النسويّة ِ تعاني منها المعارضات السياسيّة السوريّة ،االنقسام ّ والتحزب والشللية والهوى والخضوع والخالفات لرغبة المموّ لين وعدم التمثيل الصحيح والحقيقيّ ، إضافة إلى ظهور النزعة العقائديّة الحزبيّة والدينيّة لدى العديد من المشاركات في الشبكات والتنظيمات النسائيّة التي ظهرت بعد الثورة ،إضافة إلى أنّ التعامل مع المرأة في هيئات المعارضة لم يكن أكثر من ديكور استجابة لرغبة الغرب وليس عن قناعة بأصالة دور المرأة السوريّة في هذه المرحلة الصعبة، ك ّل هذا ساهم في تقهقر دور المرأة وفي تش ّتت رؤيتها الجمعيّة وتش ّتت خطابها وانقسامه بين الوطنيّ والدينيّ والمذهبيّ ». أمّا األستاذة ياسمين المرعي مديرة تحرير مجلّة «سيّدة سوريا» فقد أجابت« :هناك قلق غير مبرّ ر (من وجهة نظري) من ممارسة العمل السياسيّ بشكل مباشر لدى غالبيّة الناشطات العامالت في الشأن العا ّم السوريّ في ض ّفة المعارضة ،بسبب اإلقصاء الواضح، إنّ في المؤسّسات الرسميّة للمعارضة أو ح ّتى على مستوى الكتل واألحزاب والمجالس المحليّة ،كعضوة في شبكة المرأة السوريّة وعضو مؤسّس في «اللوبي النسويّ السوريّ » أرى أنّ جزءاً كبيراً من النساء يسعين لتفعيل مشاركة المرأة السياسيّة ،لك ّنه سعي َ بعيد عن التفكير بتأسيس حزب سياسيّ يطرح نفسه كمنافس وشريك سياسيّ ،وهذا االنكفاء عن المبادرة ّ إلى تشكيل حركة سياسيّة نسائيّة هو معطل أساسيّ لتأسيس خطاب ديمقراطيّ يؤسّس لمشاركتها». وكان لريم علي رأي مخالف ،حيث اعتبرت أ ّنه: «ما من حركة نسويّة متبلورة في سورية». أمّا الناشطة المدنيّة في تيّار الوعد السوريّ ،السيّدة زين مالذي ،قالت« :يؤلمنا أنّ تجربة معظم الحركات النسويّة في المدن واألري���اف المحرّ رة تتشارك بصفة الفقر الفكريّ والثقافيّ ،وتكاد تنعدم في بعض األوساط ،ممّا يح ّد من إمكانيّة تقييم وجودها من عدمه تع المرأة أنّ عليها مسؤوليّات قبل في هكذا أوساط لم ِ ً الحقوق ،كما يقف بعض الذكور حائال أمام تفعيل دور المرأة ،صياغة خطاب من أيّ نوع كان ،بقي حبيس جدران جمعيّات هذه التك ّتالت ،التي لم يكن لها حضور ترتق لمستوى التفاعل المدنيّ معها بعد». إعالميّ ،ولم ِ السيّدة سميرة مصطفى ،عضوة رابطة النساء السوريّات لحماية األمومة والطفولة ،أجابت« :لقد لعبت المرأة دوراً أساس ّيا ً في ك ّل خطوة من خطوات الحراك السياسيّ السلميّ ،وكانت الحافز األكبر في دفع الشباب لالستمرار في هذا التحرّ ك الراقي ،حيث كانت المظاهرات السلميّة تض ّم المئات من الشابّات الواعيات المث ّقفات من طالبات جامعيّات إلى عامالت في مجال الطبّ والهندسة والتعليم ،وكان الهدف األوّ ل واألسمى لك ّل هذا هو تغيير الواقع االستبداديّ الفرديّ القمعيّ إلى واقع ديمقراطيّ ،وتقديم ورقة عمل تكون النواة لمشاركة المرأة في الحياة السياسيّة والمدنيّة في سورية ،ولكنّ األسلوب القمعيّ الوحشيّ الذي قوبلت فيه تلك الحركات السلميّة والتي وُ جّ هت بشكل بشع نحو المرأة من اعتقال وتعذيب واغتصاب ..في مجتمع يرى أنّ الشرف مسؤوليّة المرأة في الدرجة األولى، جعلها تحجّ م وتبتعد عن االستمرار ،ومن ث ّم استالب الحراك الثوريّ من قبل المتطرّ فين الذين يحرّ مون على المرأة العمل السياسيّ ويرون فيها عنصراً «ناقصة عقل ودين». يعملن مع المتطرّ فين، وإذا وجدنا بعض النساء َ يختلفن عنهم في التفكير والتصرّ ف حيال فهنّ ال َ
newspaper@allsyrians.org
بنات جنسهنّ .أمام هذا الواقع األليم لم تجد المرأة إلاّ االنحسار والتراجع ،ألّنها أصبحت بين ف ّكي كمّاشة ال ترحم ،النظام المستب ّد والتنظيمات المتش ّددة الرجعيّة. الشواف ،فقد كان لها رأي مختلف أمّا اإلعالميّة لينا ّ تماماً ،إذ اعتبرت أنّ « :ال أحد من السوريّين رجاالً أو نسا ًء استطاع أن يؤسّس لخطاب ديموقراطيّ ». الناشطة المدنيّة هبة ّ عز الدين ،وصفت الحال قائلة« :المرأة كانت بمعظم الحاالت تابعة للرجل ماد ّيا ً ومعيش ّيا ً إضافة إلى إقصائها عن الحياة السياسيّة وهذا حالها حال الرجل السوريّ في ظ ّل هيمنة األسد، في ظ ّل الثورة كانت المرأة تضاف كبهارات إلعطاء نكهة للجهات السياسيّة والمدنيّة إلرض��اء الغرب شكلن نصف الحراك أوّ الً وإلرضاء النساء اللواتي َ الشعبيّ تقريباً .لم تنجح المرأة في الحياة السياسيّة بسبب عدم تمكنيها ،وبسبب دخول التيّارات المتطرّ فة التي ال تهمّشها وتقصيها فقط ،بل أعدمتها في كثير من المناطق .بالنسبة للحياة المدنيّة أرى أنّ المرأة كانت رائ��دة في ذلك أل ّنها استمرّ ت بالتظاهر ض ّد الدكتاتوريّات بمختلف أشكالها وأبرزها جبهة النصرة في حوران وريف إدلب». السيّدة لمى ق ّنوت الناشطة المدنيّة والعضوة في مبادرة «نساء من أجل السالم» ،اختلفت مع طريقة صوغ السؤال ،وقالت« :ال أ ّتفق معكم بالعكس لقد ق ّدمت الحركة النسويّة في سورية خطابا ً ديمقراط ّيا ً ورؤية لسوريّة الجديدة ،دولة مدنيّة تعدديّة ديمقراطيّة، دولة المواطنة والقانون ،الحياديّة تجاه جميع مكوّ ناتها وأيديولوجيتهم ،دولة تحترم وتلتزم بشرعة حقوق اإلنسان ،وتجرّ م العنف والتمييز ض ّد النساء ،وعملت بجهد حقيقيّ كي ال تبقى قيم الديمقراطيّة والمواطنة شعارات مفرّ غة من معناها الحقيقيّ ،وجزء من هاجسها هو تمكين الناشطات لمعرفة حقوقهنّ وتدريبهنّ على القيادة لي ُك َن جاهزات على دخول المعترك السياسيّ ّ منظمات والمدنيّ ،أمّا أن تكون الحركة النسويّة أو بعينها منضوية تحت أحزاب أو قوى سياسيّة ،فأنا ال أراه عمالً صائباً ،فالتجربة أثبتت أ ّنها ستكون أسيرة توافقات وتنازالت حسب رؤية الحزب ،ولن تكون حرّ ة بل مقيّدة .لألسف ،اإلعالم الذي نشأ خالل الثورة ّ المنظمات النسويّة إلاّ خالل ال يسلّط الضوء على نشاط المناسبات مثل يوم المرأة». السيّدة هنادة فيصل الرفاعي ،عضوة ا ّتحاد الديمقراطيّين ،قالت« :عبر تاريخنا الطويل كان للمرأة دور ب��ارز في النضال والكفاح ض ّد الظلم والقهر والطغيان ،ولم يقتصر هذا الدور على جانب معيّن، بل كان يشمل مختلف جوانب الحياة وخصوصا ً عند الملمّات واألزم��ات ،ولكن لألسف ما زال مجتمع ذك��وريّ يحاول تهميش دور ال��م��رأة ،ولذلك نحن من سنفرض وجودنا ،لقد شاركت المرأة في عرس الثورة منذ بزوغ فجرها وتعرّ ضت للقتل واالغتصاب ضن والضرب والشتم بأقذع الكلمات النابية كما تعرّ َ للضرب واإلهانة». التصورات واآلل ّيات التي السؤال الثاني :ما هي ّ ّ المنظمات النسو ّية الستقطاب الجيل تعمل عليها الشاب من النساء والرجال السور ّيين بغية التحشيد ّ والمناصرة لقضايا المرأة؟ الصحفيّة ياسمين المرعي ،قالت« :ليست هناك آليّات واضحة ،هناك مجموعات نسائيّة يت ّم تشكيلها وبعد ذلك نشهد حالة من الركود أو اقتصار العمل على داخل المجموعة فقط ،تستثنى من ذلك الحمالت اإلعالميّة التي قامت بها بعض التجمّعات النسويّة كحملة (سوريا وطن ال سجن) وحملة (أنا هي)». السيّدة لمى قنوت استفاضت وقالت :العديد من الشابات والشباب ومنذ بداية الثورة تيقنوا من أنّ النضال من أجل قضايا المرأة له خصوصيّة ،ويحتاج إلى عمل ممنهج على ك ّل األصعدة الدستوريّة والقانونيّة
والسياسيّة واالقتصاديّة والثقافيّة واإلعالميّة لتحقيق التغيير الجذريّ الحقيقيّ ،والحركة النسويّة تعمل على إشراكهم كمستقلّين ومستقلاّ ت أو كم ّنظمات مجتمع مدنيّ بشكل مستمرّ ودائم في ك ّل النشاطات ،فعلى ّ منظمة «تقرير سبيل المثال ال الحصر ،ق ّدمت 13 ظل» بتموز -2014وهو تقرير الجمعيّات غير الحكوميّة ق ّدم لألمم الم ّتحدة – لجنة اتفاقيّة إلغاء جميع أشكال التمييز ض ّد المرأة «سيداو» ،ويعمل «تجمّع سوريّات من أجل الديمقراطيّة «ومنذ عامين مع العديد من ّ منظمات المجتمع المدنيّ ومحاميّات ومحامين على ورشات عمل ومؤتمرات من أجل بناء دستور مبنيّ على النوع االجتماعيّ «الجندر» في سورية. وجاءت إجابة الناشطة هنادة فيصل الرفاعي ،على الشكل التالي« :األوليّات اآلن حسب األهميّة :هي دعم المرأة والتوعية والتأهيل والتدريب والتمكين السياسيّ ،من خالل الدعم النفسيّ لتشعر بإمكاناتها وطاقاتها وتتجاوز اإلحباط وتعود لتقود دورها في المجتمع ،وأيضا ً عن طريق نشاطات مختلفة للتعارف لتستطيع التواصل واكتساب الخبرات من النساء ذوات الشخصيّة القياديّة. وكان لزين مالذي رأي مخالف ،إذ أجابت« :خالل سنوات الثورة السوريّة المباركة لم يكن هناك حشد حقيقيّ سوى في يوم المرأة الذي تتحرّ ك فيه جميع المؤسّسات المجتمعيّة فتحيّي المرأة وتعترف بدورها وأهميّتها ،لتموت القضيّة في اليوم التالي تماماً، ّ المنظمات النسويّة لم تنضج تجربتها في مجتمعنا بعد، وما زالت تبحث عن عنوان قضيّتها». أمّا السيّدة سميرة مصطفى فقد استندت في إجابتها على الحال التي وصلت إليها المرأة السوريّة نتيجة ما يجري في البالد« :نتيجة الظروف القاسية التي يعيشها الشعب السوريّ في أكثر محافظات القطر ،فإنّ معظم العائالت نزحت داخل ّيا ً أو خارج ّياً ،وهذا أ ّدى إلى تفرّ ق ّ يتبق منهنّ في الناشطات في العمل النسويّ حيث لم الداخل إلاّ القليل ال يتجاوز عدد أصابع اليد ،وبعد خيبة األمل التي أصيب بها ك ّل من عاش التحرّ ك السياسيّ في سورية ،تو ّقف النشاط بشكل كامل وانقطع التواصل بشكل كامل تقريباً ،وأضافت« :اليوم تسعى بعض النساء الناشطات إلى إعادة هيكلة عمل المرأة بتشكيل تنظيمات نسائيّة داخل سورية تعمل على التواصل مع القائمين على المبادرات األمميّة إلنهاء الصراع في سورية ،وفي حلب خصوصاً .وذلك بتقديم الصورة الواقعيّة لمأساة الناس الذين يعيشون في مدينة حلب الواقعين تحت القصف المتبادل بين المسلّحين وبين النظام ،وهذا يجذب الشباب من الجنسين للعمل بشكل جا ّد أل ّنهم المتضرّ ر األوّ ل واألخير من هذا الوضع». ّ الناشطة هبة ّ المنظمات عز الدين ،أجابت« :تعتمد النسائيّة على مبدأ الشراكات والمناصرة لقضايا ّ المنظمات المدنيّة من أجل الترويج المناصرة مع باقي تلجأن ودع��م بعض المشاريع وفي بعض األحيان َ لإلعالم ،لكنّ ذلك اإلعالم ضعيف وال يبرز العمل الحقيقيّ وفعاليّته». وقد جاءت إجابات رشا عمران وريم علي ولينا الشواف متشابهة ،وهي عدم المعرفة بسبب عدم ّ ّ انتسابهنّ إلحدى هذه المنظمات ،وبالتالي عدم معرفتهنّ بأساليب عملها. السؤال الثالث :ما وصلت إليه الحال في سورية يخص المرأة هل هو عابر؟ هل هناك إمكان ّيات بما ّ لتجاوزه؟ الناشطة زي��ن م�لاذي ،أجابت« :الحال الراهن للمرأة مرتبط بمدى إمكانيّة التحايل على الوضع الراهن وم��دى التكيّف للمقاومة من خالله ،تتع ّدد أشكال االستبداد وأساليب القمع ،لكنّ فضاءات الحرّ يّة في مناطق ال تقع تحت هيمنة األسد و»داعش» هي بيئات خصبة لتحقيق الوجود ،هناك بعض التحرّ كات
هنا وهناك ،لكن كما أسلفت ،ك ّل هذه التجمّعات تفتقر لنضج الفكرة ،ويغيب عنها األساس الثقافيّ والفكريّ ، فتسير كتك ّتالت بال هدف واضح ،سوى إثبات الوجود الذي سرعان ما يذوب إن لم ينضج مع الزمن .وهذا الواقع (واقع المرأة بشكل خاصّ ،والمجتمعات الفقيرة بشكل عا ّم) ليس جديداً ،وإ ّنما يعود إلى جيلين أو ثالثة، ثابر النظام البائد على تحقيقه». الشواف ،فقد رأت ما يلي« :الحال أمّا اإلعالميّة لينا ّ الراهن الذي وصلت إليه المرأة في سورية هو تصاعد بشكل طرديّ مع الوضع المأساويّ للبلد ،أي لم يكن وضع المرأة السوريّة ممتازاً قبل الثورة وكما ّ تأزمت األوضاع المتعلّقة بك ّل شيء داخل البلدّ ، تأزم وضع المرأة أيضاً ،وبالتأكيد هو ليس عابراً ،كما أنّ الوضع السوريّ ليس عابراً أبداً ،تجاوزه سيكون عندما نبدأ بوضع أوّ ل الخطوات لتجاوز الوضع السوريّ ككلّ، عندها نبدأ بإمكانيّة تجاوز الحال الراهن الذي وصلت إليه المرأة السوريّة اآلن». الشاعرة رشا عمران ،قالت« :ال أظ ّنه عابراً ،أظنّ أ ّنه سيبقى وقتا ً طويالً وسيزداد سوءاً ،خصوصا ً للمرأة في الداخل السوريّ والموجودة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ،والتي سيطرت عليها الكتائب اإلسالميّة التي وجدت في المرأة العنصر األضعف، فبدأت بإلقاء عنفها على المرأة أوّ الً بحجّ ة تطبيق الشريعة اإلسالميّة ،الشريعة اإلسالميّة التي ترى المرأة في مرتبة أدنى من الرجل فما بالك بعناصر هذه التنظيمات وجلّهم متطرّ فون وجهلة ،وح ّتى لو فرضنا أنّ هذه التنظيمات قد انتهى وجودها ،وهو أمل ضعيف ،فالشرخ المجتمعيّ الجنسانيّ توسّع كثيراً ولن يت ّم ردمه بسهولة ،لديك كارثة اجتماعيّة أخرى تشمل جميع السوريّات ،هي زيادة عدد النساء في سورية بمع ّدل مرتفع ج ّداً ،إذ غالبيّة ضحايا سورية (من جميع األطراف) هم من الذكور ،هذا يعني مشكلة عنوسة قادمة ويعني استغالل المشكلة النتشار تع ّدد الزوجات بذريعة السترة والحماية وإلى آخر ما هنالك ..والمرأة هي من سيدفع الثمن». ووافقتها الرأي اإلعالميّة ياسمين المرعي« :ال أظ ّنه عابراً ،فالمرأة السوريّة على مدى عقود كانت مهمّشة ،وكان وجودها صور ّيا ً وانتقائ ّيا ً ح ّتى في صوريّته .لكن بالطبع هناك إمكانيّات لتجاوزه ،وهذا مرتبط بجديّة العمل النسويّ ،وبتو ّقف حالة اقتصار تمثيل المرأة السوريّة على بعض الشخصيّات النسائيّة في ك ّل المحافل ،وفتح المجال ،أمام كافة شرائح النساء للتعبير عن أنفسهنّ ». وجاءت إجابة ريم علي ،متقاربة ،قالت« :ليس عابراً ،دور المرأة مقترن بالنهوض الحضاريّ للبالد، البالد التي وضعت قدما ً في التحرّ ر وأمسك العالم بقدمها األخرى ،ربّما انفتح سقف عملها ،لكن ليس بالمدى المنظور». أمّا سميرة مصطفى فاعتبرت أنّ األمر ليس غريباً، قالت« :الوضع في سورية ليس غريباً ،فقد مرّ ت به دول كثيرة قبل ذلك ،كما في الحروب العالميّة (ونحن نع ّد الحرب في سورية حربا ً عالميّة ثالثة) ومثلما تجاوزته النساء في تلك الدول ستتجاوزه المرأة في سورية ،وإن بصعوبة ،وسيكون ذلك من الداخل السوريّ بك ّل تأكيد». وكانت هبة ّ عز الدين غير متفائلة« :لن أكون متفائلة ج ّداً وأقول من السهل تجاوزه ،لكن بوجود اإلرادة ستستطيع النساء تجاوزه ،لكن ضمن دعم مجتمعيّ متكامل». أمّا هنادة فيصل الرفاعي ،فقد بدت متفائلة« :هذا الحال بالنسبة للمرأة عابر وما أستطيع استخالصه، هو أنّ المرأة السوريّة شاركت جنبا ً إلى جنب مع الرجل في صنع وحماية هذه الثورة المباركة ،حيث كانت خير مثال على التضحية والصمود في وجه
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 26
/ 6آذار 2015/
السنة الثانية
7
النظام األسديّ الغاشم ،كيف ال ،والشيء من معدنه ال يُستغرب ،فلقد كانت المرأة السوريّة عبر تاريخها شعلة مضيئة في وجه ظالم الديكتاتوريّة واالستبداد، فهي المنارة التي ستنير ألوالدن��ا طريق الحريّة والكرامة ،طريق المجد والخلود». جماعي السؤال الرابع :هل يمكن صـياغة فعل ّ إلقامة «دولــة ديمقراط ّية» يت ّم الوصول عبرها إلى وسياسي جديد دون أن تكون المرأة اجتماعي عقد ّ ّ ّ والمنظمات العبا ً رئيس ّيا ً فيها؟ وما هو دور المرأة النسو ّية في صياغة مثل هذا العقد الجديد؟ السيّدة لمى ق ّنوت كانت حازمة في إجابتها« :ال يمكن تحقيق التغيير الجذريّ الحقيقيّ وبناء الدولة الديمقراطيّة ،ودولة المواطنة المتساوية التي ثار من أجلها الشعب السوريّ دون القضاء على ك ّل أشكال التمييز التي تعاني منها المرأة في ّكل المجاالت الدستوريّة والقانونيّة والسياسيّة واالقتصاديّة واالجتماعيّة ،إنّ بلورة مالمح المستقبل من خالل عقد اجتماعيّ يتضمّن ويضمن بشكل واضح حقوق المواطنات والمواطنين ليكون للجميع دور في صنع السياسات وبناء الوطن بدون أيّ إقصاء أو تهميش ،هنا ال ب ّد من ذكر دور «مبادرة سوريّات من أجل السالم والديمقراطيّة « في الحشد والمناصرة منذ مفاوضات جنيف 2مع المبعوث األمميّ السابق السيّد اإلبراهيمي والحالي السيّد «دي ميستورا» والمجتمع الدوليّ بضرورة تمثيل المرأة في المفاوضات بنسبة %30كي ال تغيب حقوقها في المرحلة االنتقاليّة ،وعند كتابة الدستور وفي مجمل عمليّة السالم من ألفها إلى يائها»، وأضافت« :ت ّم تأسيس «اللوبي النسويّ السوريّ »، المعنيّ بالمشاركة السياسيّة المتساوية للنساء والرجال وإتاحة نفس الفرص لوصولهنّ المتساوي إلى مراكز صنع القرار ،أل ّن��ه تجسيد للمساواة وإح��دى آليّات التغيير الديمقراطيّ للمجتمع التي تساهم في تغيير بنيته البطريركيّة ،ويسعى مع كافة القوى السياسيّة ذات الخطاب الديمقراطيّ لردم الفجوة الكبيرة للتمثيل المتد ّني للمرأة فيها ،ويسلّط الضوء على العوائق الكثيرة التي تمنع وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار». هبة ّ عز الدين ،قالت« :المرأة كانت تش ّكل نصف المجتمع بالنسبة للعدد ،أمّا اليوم فهي تقريبا ً تش ّكل ثالثة أرباع المجتمع وال يمكن تجاهل هذه النسبة وإلاّ سينتج مجتمع منقوص ومعاق». هنادة فيصل الرفاعي ،قالت« :ال يمكن تهميش المرأة ودورها بعد هذه الثورة ونحن كنساء سوريّات ساهمنا وخسرنا الكثير ولن نرضى باإلقصاء وهذا يتطلّب نشر الوعي وثقافة حقوق اإلنسان ،وال سيّما (حقوق الطفل ،المرأة ،الالجئ ،المعوق إل��خ)... وتكريس وتعميق الفهم الديمقراطيّ وتوعية المجتمع وال سيّما الفئات الشعبيّة المهمّشة لحقوقها االجتماعيّة واالقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة والمواطنة ،وكافة الحقوق التي يكفلها الدستور والمواثيق والقوانين الدوليّ ،ودعم المبادئ العالميّة لحقوق اإلنسان كما ترسّخت في كافة االتفاقيّات الدوليّة لحقوق اإلنسان، كما وردت في اتفاقيّة جنيف وإعالن برشلونه وكافة االتفاقيّات والبروتوكوالت والصكوك الدوليّة في
مبادئ الجمعيّة العامّة لألمم الم ّتحدة ونشر الوعي بهذه المبادئ في أوساط الرأي العا ّم في كافة المخيّمات». أمّا ريم علي ،فقد كانت إجابتها ّ مكثفة وحاسمة بذات الوقت« :ال يمكن .ألنّ المساواة والحقوق والمواطنة أساس الدولة الديمقراطيّة» .وأضافت« :دور المرأة، ليس ثانو ّياً ،إ ّنه نصف العرض تماماً». الناشطة زين مالذي ،قاربت الموضوع من زاوية مختلفة« :المرأة موجودة ،لكنّ المث ّقفات منهنّ قالئل، وال أعتقد أ ّنهن غائبات عن الفعل الحاليّ ،وبالتالي لن يتخلفن عن البروز في المراحل المقبلة ،المشكلة تكمن َ في ش ّقين :انعدام التوازن بين أعداد المث ّقفين من الذكور واإلناث لصالح الذكور ،ث ّم عدم التكافؤ في المشاركة با ّتخاذ القرار مرّ ة أخرى لصالح الذكور ،وهنا ،تبرز مشكلة المجتمع السوريّ الشعبويّ ،والتي ّ تتمثل بكونه ذكوريّ متصلّب ،يكاد يندر فيه أن ترى تشجيعا ً أليّ مشاركة أنثويّة ،ومع األسف هذه الفئة هي األكبر وهي التي تتح ّكم بالمجتمعات المحرّ رة الحاليّة ،مقابل انكفاء المرأة على نفسها واكتفائها في معظم األحيان بتسجيل حضور خجول في أعمال مدنيّة ال تحدث فرقا ً أو قيمة حقيقيّة في المجتمع». الشواف ،قالت« :ال يمكن طبعا ً إقامة اإلعالميّة لينا ّ دولة ديموقراطيّة مالم تكون المرأة العبا ً رئيس ّيا ً فيها، أعتقد أنّ المرأة لها الدور األه ّم حال ّيا ً ضمن الوضع السوريّ الراهن ال��ذي تحوّ ل إلى حرب بالوكالة على األرض السوريّة ،ألنّ الرجل غرق في السالح ّ والسياسة ،أمّا الخط المدنيّ أغلبيّة من يعمل عليه هنّ من النساء ،لذلك سيكون لهنّ التأثير األكبر على الخطّ الديموقراطيّ ،ودورها الكبير يكمن في االستمرار ّ الخط وتطويره والثبات فيه». على العمل ضمن هذا ولم تبتعد الصحفيّة ياسمين المرعي في إجابتها عن رفيقاتها« :بالطبع ال ،وهذا ينطلق من كون المرأة يمتلكن نصف المجتمع ،وكون الكثير من السوريّات َ طاقات كامنة هائلة ،يجب أن يكون دور المرأة أساس ّيا ً وموازيا ً لدور الرجل في وضع هذا العقد ،كونها تتقاطع ّ والحق في المواطنة معه في الخبرات واالختصاصات وتكافؤ الفرص ،استناداً إلى تماثلهما في المسؤوليّة في كثير من المواقع». الشاعرة رشا عمران ،ال تتوقع أيّ دولة دون دور فاعل وأساسيّ للمرأة« :دولة ديموقراطيّة دون دور للمرأة يعني ،استبداد من نوع جديد ،أخالق ّيا ً وقانون ّيا ً ال يمكن بناء أيّ عقد اجتماعيّ يغفل دور المرأة ،لكن على من ستعول في هذا؟ على المعارضة السياسيّة الحاليّة، أم على الكتائب المسلّحة ،أم على حملة السالح الذين تحوّ لوا إلى عصابات بك ّل معنى الكلمة ،هؤالء مضادون لألخالق مثلما هم معارضون للقوانين الناظمة ،المسألة أعقد بكثير ممّا نتخيّل ،ال يمكن حلّها سوريا ً فقط ،مثلها مثل القضيّة السوريّة عموماً ،إن لم يت ّم فرض عقد اجتماعيّ وسياسيّ عادل من قبل القوى الدوليّة الالعبة في سورية فلن يكون هناك عقد اجتماعيّ في األصل، أثبتنا نحن السوريّين أ ّننا عاجزون عن ح ّل مشاكلنا وأزماتنا بأنفسنا ،نستدعي اآلخرين دائما ً ليساعدوننا ك معضالتنا ،اآلخرون بأجنداتهم وسلّة مصالحهم في ف ّ ،وهذا ال يقتصر على جهة فقط من السوريّين ،بل يشمل الجميع ،النظام ومعارضيه معاً».
السؤال الخامس :هل ما نشهده من تغييب لعمل والمدني له عالقة بوجود السياسي المرأة في المشهد ّ ّ جماعي ال يمتلك الثقافة التشارك ّية أو ال يؤمن وعي ّ ّ بالتعدّ د ّية واالختالف؟ الناشطة زي��ن م�لاذي ،قالت« :التغييب أساسه مجتمعيّ وأعني بذلك مجموعة العادات والتقاليد، عرف سائد في معظم المناطق المحرّ رة ،تارة تحت شعار «عيب» وتارة أخرى تحت شعار «حرام». لكن ،يلوح أمل في األفق مع قدوم رياح التغيير وحدوث الصحوة الفكريّة «الثقافيّة –الدينيّة» واندماج الطبقات المجتمعيّة مع مرور الوقت ،هناك تطوّ رات تحدث، نأمل أن تحمل في طيّاتها العدل لك ّل المكوّ نات». وقالت السيّدة هنادة فيصل الرفاعي في إجابتها: «هذا صحيح والجميع بحاجة لوعي يؤمن بالتع ّدديّة واالختالف ونحن أيضا ً قصّرنا في ّ حق أنفسنا بالتمكين يساهمن في كافة نشاطات الحراك السياسيّ ألنّ النساء َ السلميّ كاالعتصام وتوزيع المنشورات وتنظيم الحمالت ،ونش ّدد على الدور النسائيّ في جمع التبرّ عات وش��راء االحتياجات وتوزيعها وح ّتى إيصالها إلى المتضرّ رين في بؤر التو ّتر« ،ح ّتى أنّ بعض الفتيات ساهمن في تهريب بعض الناشطين إلى خارج البالد َ خالل مرافقتهنّ لهم ح ّتى الحدود لتسهيل مرورهم عبر الحواجز وعدم كشف أمرهم من قبل القوّ ات النظاميّة» ،مع تصعيد العمليّات العسكريّة من قبل نظام األسد تراجع الدور النسائيّ على األرض ،إذ لم يعد الشارع آمنا ً ال للرجل وال للمرأة ،خاصّة مع تزايد الخوف من التعرّ ض لالغتصاب ،وا ّتجهت الكثيرات إلى تكثيف أنشطتهنّ على مواقع التواصل االجتماعيّ ، خاصّة «فيس بوك» والمدوّ نات االلكترونيّة ،كمنبر يقمن ثن من خالله بحريّة ض ّد القمع والظلم ،كما َ يتح ّد َ يفضحن من خاللها االعتداءات بتحميل مقاطع فيديو َ دن على مطالبهنّ التي ُغيّبت التي يتعرّ ضن لها ،أو يؤ ّك َ عن الشارع بسبب تصاعد األحداث». الصحفيّة ياسمين المرعي ،قالت« :ليست مشكلة عدم امتالك لثقافة التشاركيّة أو عدم اإليمان بالتع ّدديّة واالختالف ،بل هي مشكلة ذهنيّة ذكوريّة إقصائيّة غير ّ متجذرة في أذهان مقتصرة على فكر الرجال ،بل إ ّنها ّ تجذرها في بعض األمّهات والنساء عامّة أضعاف عقول الرجال ،وفي بيئة ك ّل م ّنا مئات المثلة عن قمع المرأة للمرأة ،نشهد ذلك ح ّتى في أصغر التشكيالت النسائيّة «الثوريّة» .طبعا ً ال تقلّل هذه النقطة أو ال تلغي ما يمارسه الرجال في الكتل السياسيّة والهيئات المدنيّة من إقصاء ض ّد النساء ،فلو نحن أردنا مقارنة وضع المرأة من حيث التمثيل السياسيّ في مؤسّسة النظام ومؤسّسة المعارضة لما وجدنا فرقا ً كبيراً ،بل إنّ هذا التمثيل تراجع ،عدد النساء الموجودات في االئتالف الوطنيّ هو 6سيّدات ،ويذكر أن السيّدتين اللتين استقالتا من االئتالف (وهما ريما فليحان ومنى مصطفى) قد استبدلتا برجلين». وقالت الشاعرة رشا عمران« :نعم ،يص ّح هذا القول كثيراً ،إضافة إلى الثقافة الذكوريّة السياسيّة واالجتماعيّة ،الثقافة الذكوريّة المستم ّدة من الفرد ،في الدين وفي السياسيّة ،والدين والسياسة هما ما يح ّددان حركة المجتمع».
ج��اءت إجابة ري��م علي مشابهة لرشا عمران، وأضافت عليها« :ك ّل هذا باإلضافة لتعقيدات السالح والحرب التي تقضي على ك ّل شيء ليس فقط المرأة، المرأة هي السالم». السيّدة سميرة مصطفى ،قالت« :لقد تربّينا في مجتمع يقوم على األحاديّة ورفض اآلخر ،ح ّتى في األحزاب التق ّدميّة واالشتراكيّة التي أمضينا فيها معظم حياتنا ،هذه التي كانت تستبعد المرأة وتحول دون وصولها إلى مناصب عليا رغم مقدرتها وتفوّ قها ،وهذا نتيجة الموروث الثقافيّ المتخلّف الذي ال يؤمن بدور اآلخر ومن ث ّم بدور المرأة في بناء المجتمع». أمّا هبة ّ عز الدين ،فقالت« :حتما ً ولذلك التغيير يبدأ دائما ً من قاعدة الهرم وعندما تتحوّ ل النظرة لألنثى ضمن مجتمعها من «حرمة» إلى امرأة قد تحبو المرأة بخطوات بطيئة نحو المشاركة السياسيّة». الشواف« :نحتاج ومثلها كانت إجابة اإلعالميّة لينا ّ لسنين طويلة ح ّتى نصل إلى وعيّ جماعيّ يؤمن بثقافة التشارك واختالف الرأي والتع ّدديّة أل ّننا مجتمع تربّى على الواحد والرأي الواحد والعمل الفرديّ ،ال نؤمن بالتع ّدديّة واالختالف ولتغيير هذه الثقافة نحتاج لسنوات من التوعية والتعليم وألجيال قادمة تزرع فيهم زرعا ً منذ الصغر». وج���اءت إج��اب��ة الناشطة لمى ق � ّن��وت ،طويلة، ومستفيضة« :ل�لأس��ف ،منذ بداية ال��ث��ورة أهملت «النخب السياسيّة « عندما تداعت لتشكيل تحالفاتها، المشاركة المتساوية والتمثيل المتساوي بين النساء والرجال ولم تبذل أيّ جهد في استقطاب الناشطات، إنّ النسب المتد ّنية لمشاركة المرأة السياسيّة في قوى المعارضة تثير المخاوف في مرحلة مفصليّة من تاريخ سورية ،تتطلّب جهد الجميع دون إقصاء أو تهميش، التزال الثقافة السياسيّة السائدة تش ّكل أحد المعوّ قات الحقيقيّة التي ّ تؤثر بصورة سلبيّة على مشاركة المرأة في الحياة السياسيّة ،حيث تعمل تلك الثقافة على ربط قيم اإلنجاز في المجال السياسيّ بالرجل دون النساء بسبب الموروث الثقافيّ السياسيّ الذكوريّ والتسلّطيّ في الحياة السياسيّة السوريّة ،وأضافت« :إنّ حريّة المجتمع مرتبط بتحرّ ر المرأة ،وكما أنّ القانون هو رافعة للمجتمع ،لألحزاب والنخب السياسيّة المؤمنة بدولة المواطنة والتي تطرح نفسها بديالً ديمقراط ّياً، دور يدفع باتجاه التغيير الجذريّ الحقيقيّ » .وختمت إجابتها بالقول« :ال يمكن فصل قضايا المرأة عن النضال الديمقراطيّ العا ّم ،فال حقوق للنساء دون ديمقراطيّة ،وال ديمقراطيّة دون حقوق النساء ،وتفرغ من معناها الحقيقيّ وتبقى حبراً على ورق عبارات المواطنة والديمقراطيّة التي وردت في ك ّل األدبيّات السياسيّة بدون عمل حقيقيّ وج ّديّ ،ينهض بنصف المجتمع المهمّش ،ويضع قضاياه الجوهريّة ضمن أهدافه ،فالنضال من أجل قضايا المرأة يتطلّب جهداً مضاعفا ً من تلك القوى وعلى ع ّدة صعد ،وما نسبة مشاركة المرأة السياسيّة المتد ّنية في القاعدة وعلى مستوى صناعة القرار في تلك القوى ،وخاصّة في زمن الثورة ،إلاّ دليل على أ ّنها تتعاطى مع تمثيلها السياسيّ الرمزيّ كشكل تزينيّ ،ال يتناسب مطلقا ً مع دورها على أرض الواقع». باسل العبداهلل
المرأة في درعا
من بلدة النعيمة ،حيث قامت بصفع الضابط الذي قام بإهانتها أمام أبنائها خالل اقتحام البلدة بعد تل ّفظه بكالم مسيء لها ولذويها ،ليت ّم اقتيادها إلى منزل مجاور وإعدامها ،ومن ث ّم إحراق جثمانها. ُتركت وحيدة وبقيت صامدة مع ازدياد بطش النظام واستخدامه لآللة العسكريّة وتحوّ ل الحراك إلى مسلّح ،تقلّص دور المرأة نوعا ً ما، وازداد ذلك مع دخول التنظيمات األصوليّة وفرض قيود تح ّد من حركة المرأة وتن ّقلها ،لكنّ المرأة واصلت نضالها بطرق مختلفة ،فقد باتت العديد من النساء ّ المتمثل بالزوج معيالت ألسرهنّ جرّ اء استشهاد المعيل أو األبّ أو األخ ،في حين غابت التنظيمات المعنيّة بشؤون المرأة والطفل على ح ّد سواء عن التواجد ،وإن و ِجدت فقد اقتصرت على البقاء بعيداً خارج أسوار الوطن ،وعبر صفحات التواصل االجتماعيّ ،ولم تتعمّق في هموم المرأة وأوجاعها لتترك المرأة وحيدة تواجه واقعها بمرارة ،لك ّنها بقيت صامدة. االقتصادي العامل ّ تم ّكن العديد منهنّ من خلق مصادر رزق كصناعة المونة المنزليّة ،وتحضير الخبز والمعجّ نات الشعبيّة وبيعها ،أو الخياطة بمختلف أنواعها ،كما امتهنّ غسيل
المالبس والتنظيف لتأمين احتياجات أسرهنّ ،إلاّ أنّ الفقر بقي يطرق أبواب الكثير منهنّ نظراً النتشار البطالة وفقدان معظم األسر لمصادر رزقها وخاصّة كون ق��وّ ات النظام ما زال��ت تسيطر على المنطقة ّ المحطة ،والتي تش ّكل التجاريّة والصناعيّة في درعا العصب االقتصاديّ لمحافظة درعا بنسبة %90إضافة إلى فقدان الورش والمعامل الصغيرة المنتشرة بين الحارات جرّ اء القصف بالبراميل المتفجّ رة واألسلحة الثقيلة للمنازل المدنيّين ،كما ش ّكل اللجوء حلاّ ً من قبل البعض للخروج من األزمة االقتصاديّة ،فالكثير من األسر باعت ما تملكه بمدينتها في رحلة البحث عن األم��ان المفقود في بالدها وهروبا ً من األزمة االقتصاديّة الصعبة التي تعيشها ،ولع ّل الغالء الفاحش في المشت ّقات النفطيّة والمواد األساسيّة أسهم في انتشار البطالة بين الرجال وعجزهم عن ممارسة مهنهم ،ممّا يش ّكل عامالً إضاف ّيا ً لمعاناة المرأة وتعرّ ضها لضغوط نفسيّة واجتماعيّة كبيرة ،وبعضهنّ يلجأ ّ للزواج المب ّكر، حيث يت ّم تزويج الفتيات في أعمار صغيرة بين 12و ،17حيث يتر ّتب جرّ اء ذلك مشاكل اجتماعيّة مب ّكرة، كارتفاع ح��االت الطالق المب ّكر وأم��راض الحمل واإلسقاط والزواج مرّ ة أخرى من كبار السنّ ،وإن
كانت تش ّكل حاالت فرديّة إلاّ أنّ العامل االقتصاديّ يسهم بشكل كبير في وقوعها بين الفتيات الصغيرات. االعتقال كسالح تعمل المرأة في مجاالت التعليم واإلغاثة والتوثيق واإلعالم ،وهناك عدد من النساء ممّن بتن يواجهن خطر التهديد األمنيّ من قبل قوّ ات النظام من جهة والقيود االجتماعيّة التي أخذ خناقها يزداد في الفترة األخيرة جرّ اء وجود جماعات أصوليّة تسعى للح ّد من حضور المرأة في المجتمع واقتصاره على العمل المنزليّ دون غيره من جهة أخرى ،ويش ّكل انتشار األميّة بين األطفال في السنين الدراسيّة المب ّكرة عامالً آخر يسهم في التضييق على الفتيات ،إضافة إلى االعتقال الذي طال المئات من النساء في محافظة درع��ا ،والتصفية الجسديّة للعديد منهنّ إلى جانب ضن له على أيدي قوّ ات التعذيب الوحشيّ الذي تعرّ َ النظام السوريّ بشكل ممنهج ،حيث يُستخدم االعتقال للنساء كسالح للضغط على ذويهنّ لتسيلم أنفسهم سواء أكانوا ناشطين سلميّين ،أو إعالميّين أو مسلّحين. يذكر بأ ّنه خالل العام الماضي فقط ،ت ّم توثيق استشهاد قتلن 411شهيدة أنثى بينهنّ 153طفلة ،معظمهنّ َ بقصف الطيران المروحيّ بالبراميل المتفجّ رة.
شاركت المرأة ف�����ي ال����ح����راك الثوريّ منذ بدايته ف��ي مدينة درع��ا وس��ق��ط��ت أوّ ل ش��ه��ي��دة ب��ن��ي��ران الجيش السوريّ ليلة اقتحام الجامع العمريّ في 23 من شهر آذار من عام 2011وهي «ابتسام المسالمة» ،فتنوّ عت مساهمتها كالمشاركة في التظاهرات واالعتصام والعمل التنظيميّ وتشيع الشهداء ،إضافة للعمل في المشافي الميدانيّة وعالج الجرحى ،وتأمين األدوية وإيصالها من مكان آلخر، ممّا دفع بالعديد منهنّ إلى دفع أثمان غالية كاالعتقال أو التصفية الميدانيّة كما حدث للمعلّمة «أمل الفحماويّ »
newspaper@allsyrians.org
سارة احلوراني
www.allsyrians.org
8
السنة الثانية
العدد 26
/ 6آذار 2015/
أربع سنوات من الثورة ...المرأة السورّية إلى أين؟
بمناسبة اقتراب اليوم العالميّ للمرأة وعمل ّيا ً بعد مرو أربع سنوات على انطالق ثورة الشعب السوريّ ، قد يبدو للمتابع وللوهلة األولى أنّ دخول التطرّ ف واألسلمة والم ّد األصوليّ و»داع��ش» وقبل ذاك النظام ،هم من كان لهم الدور األساسيّ في أنّ المرأة لم تستطع أن تصيغ خطابا ً سياس ّيا ً واضحاً ،وتفعّل دورها في الثورة ..على الرغم من ك ّل التضحيات واألدوار التي قامت بها أثناء المظاهرات ومشاركاتها الحيويّة والتي لم يكن ليُستغنى عنها أبداً في تاريخ ومسيرة الثورة. وبعيداً عن التعريفات والمصطلحات العاطفيّة لدور ومكانة المرأة باعتبارها األ ّم والمربّية ،والمضحّ ية والجملة التي حفظناها عن ظهر قلب ..مقولة نابليون ..األ ّم التي ّ تهز سرير ابنها بيمناها فإ ّنها تهز العالم بيسراها ،فإنّ هذه المقولة بقيت عموما ً ّ ً وكأ ّنها للتدليل على ما كان مفترضا أن يكون على أرض الواقع ،دون أن يقوم الرجل فعل ّيا ً بمنحها هذا الدور ،فقد بقيت بالنسبة لعموم الرجال تلك األ ّم .. والزوجة ..وربّة المنزل ..وفي أحسن األحوال.. ّ موظفة أو مدرّ سة ،ينتهي العالم الخارجيّ بالنسبة لها بعودتها إلى المنزل لمزاولة مهمّاتها البيتيّة وكفى هللا المؤمنين شرّ القتال .. وبقيت فئة قليلة من النساء في سورية قبل الثورة تمارس دورها النسويّ ومحاوالتها -التي غالبا ً ما كانت تبوء بالفشل -في تعديل الدستور والقوانين وتعديل قانون األحوال الشخصيّة ،وكانت تحرّ كاتها ضمن الشكل الديمقراطيّ والحدود التي رسمتها لها السلطات واألنظمة والقوانين على ألاّ تتجاوز تلك الحدود السلطات التي منحها لها الرجل أوّ الً والقوانين من خالله ثانياً. قد نتو ّقف عند من يقول هل على الرجل «منح» المرأة ح ّقها لكي تفعّل دوره��ا ويكون خطابها بارزاً في الحياة السياسيّة؟!! وهل الحقوق ُتمنح؟!! نعم ..الحقوق ال تمنح ..ولو كانت تمنح لما قامت ثورة الشعب السوريّ من أساسه ..إلاّ أنّ الوضع االجتماعيّ عموما ً التي كانت تعيش فيه المرأة هو وضع متخلّف ،فهي محاطة اجتماع ّيا ً بمجموعة من الضوابط والعادات والتقاليد قامت تاريخ ّيا ً بتحجيم دورها وقصره على ربّة المنزل ..وتربية األطفال ..باإلضافة إلى أنّ مجمل قوانين األحوال الشخصيّة في سورية سابقا ً وح ّتى هذه اللحظة ،والتي تعتمد بمجملها على الشريعة اإلسالميّة ،ساهمت بإضافة طوق جديد حول رقبتها ..وبمساهمة فعليّة من القوانين والمؤسّسات التي يقوم عليها الرجال بالطبع، باإلضافة إلى عدم وجود الرغبة الحقيقيّة والمباشرة للجهات التشريعيّة «مدفوعة ومدعومة» من السلطة التنفيذية إلحقاق المرأة وإنصافها .. لألسف ،بعد الثورة ،تجلّى عدم الوعي الجماعيّ لدى التنظيمات والمجموعات التي يقوم الرجل الذى تربّى في هذه المجتمعات غير الواعية لدور ومكانة المرأة الحقيقيّة ..بما فيهم أكثرهم وعيا ً وثقافة وتعلّما ً على قيادة هذه التجمّعات والتنظيمات ،وعاود حصاره للمرأة ،رغم أ ّنه كان مضطرّ اً وبشكل عالنيّ ألن يلقي الخطب ويتحّ دث عن دور المرأة ومكانتها ،وكيف أ ّنه من واجبنا أن نشركهنّ في تجمّعاتنا وتنظيماتنا وإعطائهنّ مكانتهنّ ورؤيتهنّ السياسيّة تماشيا ً مع كون المرأة نصف المجتمع؛ وكما قال السيّد «جورج صبرا» في افتتاحه لالجتماع التأسيسيّ لشبكة المرأة السوريّة« :المرأة هي األ ّم والمربّية ..هي الزوجة والمعتقلة وأ ّم الشهيد ..المكافحة» جورج صبرا نموذجا ً لهؤالء الرجال الذين لم يستطيعوا أن يش ّكلوا رؤية مغايرة للمرأة عن هذه الصورة النمطيّة.
كان للرجل في هذه الثورة السيطرة الكبيرة والقول الفصل بمن ستشارك من ه��ؤالء النسوة .ومن الضروريّ أن تتوافر فيها الصفات التالية :أوّ الً أن ال تناقش ..صوتها منخفض ..ال تتع ّدى على آراء أسيادها من الرجال ..مطيعة ..منصاعة ،يجب ألاّ تبدو أكثر ثقافة أو صاحبة رأي حرّ ..باإلضافة إلى انتمائها الدينيّ والمذهبيّ والقوميّ ،لتكتمل المشاركة المبنيّة على واجهة ديمقراطيّة ومحتوى طائفيّ بحت. لذلك ،ورغم جميع المحاوالت النسائيّة من خالل تنظيماتهنّ لتشكيل تجمّعات سياسيّة ،ومنبر خاصّ بالمرأة تستطيع من خالله تكوين خطابها النسويّ والديمقراطيّ المبنيّ على رغبتها بمشاركة فعّالة وطموحة في التمثيل السياسيّ ،وبالتالي ا ّتخاذ القرار السياسيّ الذي وصل في بعض األحيان إلى %50 إلاّ أ ّنها الزالت عاجزة عن الوصول لهذا الهدف، وعاجزة عن تجاوز مجمل الصعوبات والعوائق. حرّ يّة المرأة جزء أساسيّ من حرّ يّة الرجل ،ومن حرّ يّة أيّ مجتمع ،ولن تنال حرّ يّتها وحقوقها إلاّ حين يكون الرجل حرّ اً ،هذه الحرّ يّة تتطلّب وعيا ً كبيراً وجهود جميع المؤسّسات واألفراد لإلمساك بيدها وترسيخ دورها وخطابها ورؤيتها ومشاركتها ،ال وضع العصيّ في العجالت ،وذلك يحتاج إلى الكثير من الوقت وتضافر اإلرادات والجهود وتوعية شاملة للجيل الجديد ،باإلضافة إلى األجيال األكبر والتي تربّت على إقصاء المرأة وتهميش دورها، ونشر التوعية بحقوق المرأة ودورها الفعليّ في هذا المجتمع وفي عمليّة بناء سورية الجديدة. تؤ ّكد الما ّدة رقم ( )12من دستور حزب البعث اهتمام الحزب بالمرأة عندما تقول (تتم ّتع المرأة العربيّة بحقوق المواطن كلّها والحزب يناضل في سبيل رفع مستوى المرأة ح ّتى تصبح جديرة بتم ّتعها بهذه الحقوق) .ونصّ دستور الجمهوريّة العربيّة السوريّة في الما ّدة ( )45على اآلتي (تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسيّة واالجتماعيّة والثقافيّة واالقتصاديّة ،وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطوّ رها ومشاركتها في بناء المجتمع االشتراكيّ ). وعلى الرغم من أنّ حزب البعث قد أ ّقر مساواتها حق التر ّ بالرجل من حيث ّ شح واالنتخاب والعمل السياسيّ ،وعلى الرغم من أنّ المرأة قد تولّت مناصب رفيعة خالل فترة البعث من وزيرة للثقافة وقاضية ووزيرة للشؤون االجتماعيّة والعمل ونائبة يعن وال بأيّة حال أنّ المرأة للرئيس ،ك ّل ذلك لم ِ السوريّة وخالل مسيرة التصحيح المزعومة التي قادها حافظ األسد خالل ثالثين عاما ً وتابع ابنه ب ّ شار هذه المسيرة تحت شعار التغيير واإلصالح ،قد كانت مسيرتها مشرقة أو أ ّنها نالت ح ّقا ً من حقوقها الفعليّة. فالديمقراطية المعلنة والشعارات الفضفاضة ،أبقت المرأة على حالها ،من حيث وضعها المتخلّف والغير منصف من الناحية الشرعيّة والقانونيّة ،والذي ال يواكب حركة التطوّ ر التاريخيّة ضمن إطار حقوقها وال��ذي تجلّى بداية في الح ّد األدن��ى من مساواتها بالرجل من حيث الحقوق والواجبات بح ّقها في منح أبنائها جنسيّتها السوريّة؟!! هذا في حال تجاوزنا موضوع قانون األحوال الشخصيّة الغير منصف، والذي أبقى المرأة ملحقة بالرجل وطوع أوامره ورغباتها ،كذلك األمر باال ّتحاد النسائيّ وأيّ تنظيم آخر كان من مهمّاته إحقاق حقوق المرأة وإنصافها، فقد بقي اال ّتحاد رهينة بمقرّ رات مجلس الشعب، وال��ذي كان ملحقا ً وبشكل فعليّ بقرارات القصر الرئاسي وأوامره. ك ّل هذه األمور جعلت المرأة متفائلة بعد الثورة في
أن ت��ق��وم بنيل جزء من حقوقها وبمشاركة فعليّة م���ن ال��وج��ه��ة النظريّة بعد أن شاركت عمل ّيا ً في الثورة بك ّل وسيلة أو شكل م����ن أش���ك���ال ال����ث����ورة ،إلاّ أ ّن��ه عمل ّيا ً جاء وض��ع��ه��ا بعد ال���ث���ورة وم��ن خالل التنظيمات الدوليّة بداية ومؤسّسات المعارضة الحقا ً إلى تحجيم مشاركتها وإقصاء المرأة صاحبة الصوت الحرّ ،وحصر دورها ومهمّتها بالقدر الذي تتطلّبه تلك المشاركة إلظهار الشكل الديمقراطيّ لهذا التنظيم أو الجهة المعارضة ،دون أن تتضمّنه أيّة مشاركة حقيقيّة وفعّالة بما بتناسب مع دورها ورؤيتها ومكانتها التي يجب أن تكون عليها فعل ّيا ً ال نظر ّياً ،وانحسرت مشاركاتها عموما ً بما قد يخدم تلك الجهات ،وبما تتطلّبه ضرورات التمثيل الدينيّ أو القوميّ أو المذهبيّ الطائفيّ في جميع أنحاء سورية ،بالرغم من أنّ االئتالف قد ر ّ ش��ح نائبة للرئيس امرأة ،وتوّ لت بعض مواقعه أيضا ً نساء، إلاّ أنّ تلك المشاركات السياسيّة لم تتجاوز قيمتها أو فعّاليتها الشكل الديمقراطيّ دون الوصول إلى ممارسة حقيقيّة لهذا الموقع أو المكانة ،وبقي دور المرأة بعد الثورة دون مكانها السياسيّ الحقيقيّ وكأنّ دور المرأة أو مكانتها ال تتجلّى صوره إلاّ بالمرأة األ ّم ،أو المرأة التي تساعد باإلغاثة ومساعدة األطفال واألمّهات ..المعتقلة ..أو زوجة الشهيد أو أ ّم المعتقل ،والزال البعض من النسوة المنضويات تحت عناوين مختلفة لتنظيمات نسائيّة (كشبكة المرأة السوريّة) يبذلن الجهود والمحاوالت لتفعيل دور المرأة ورفع نسبة تمثيلها السياسيّ ومشاركاتها. ومن هذه النقطة ،أستطيع القول :إنّ الثورة وجميع المؤسّسات التي أفرزتها ،كالمجلس الوطنيّ بداية وفيما بعد االئتالف لم يخرجا من عباءة النظام في الهوّ ة التي أوقعا نفسيهما فيها من حيث التماثل بين الشكل والمضمون ،بين ما يطرحه النظام من خالل أدبيّاته وأفكاره وبين السلوك العمليّ ونظرته لدور المرأة «نصف المجتمع» ووضع المرأة في مكانها الصحيح ومساعدتها للوصول إلى تفعيل مشاركاتها، والتأكيد على مبدأ المواطنة الحقيقيّة للمرأة السوريّة والمساواة الكاملة مع الرجل من حيث الحقوق والواجبات. في الختام ،أجدني آسفة مضطرّ ة للقول ونحن أمام عيد المرأة العالميّ من جهة ومع اقترابنا من جهة ثانية إلنهاء العام الرابع على خروج الشعب السوريّ في ثورته للمطالبة بالحرّ يّة والديمقراطية والعدالة وفصل السلطات ،وتغيير الدستور وبتبديله بحيث يتناسب مع مبدأ المواطنة الفعليّة لجميع أفراد الشعب السوريّ ..فإنّ المرأة الزالت في بداية الطريق، والمسيرة أمامها شا ّقة وصعبة وتحتاج إلى ثورات وثورات وقلب جذريّ للمفاهيم وإعادة توعية كاملة للمجتمع السوريّ من أطفالنا بداية إلى الرجل وإعادة تثقيفه بحيث يدرك ضرورة وحتميّة مشاركة المرأة الفعّالة للوصول إلى مكانها ودورها الحقيقيّ في عملية بناء سورية الجديدة.
ع ّزة البحرة
المرأة السورّية أسطورة صمود ،وملحمة عطاء
شاركت المرأة ال���س���ور ّي���ة في مختلف مجاالت ال���ث���ورة ،حيث ك��ان��ت ت��ش��ارك في المظاهرات ال��س��ل��م� ّي��ة التي عرّ ضت الكثير م���ن ال��ف��ت��ي��ات ل�لاع��ت��ق��ال أو ك عدد من الشبّان التشبيح أو القتل .وساهمت في ف ّ من أيدي الشبّيحة ،حيث اشتهرت جملة «هذا خطيبي اتركوه» في جامعة حلب ،إذ كانت الفتيات تخلّصن الشبابّ من أيدي الشبّيحة ،بحجّ ة أ ّنه خطيبها ،وهي ال تعرفه وال تجمعها به سوى الثورة. صمدت المرأة السوريّة أيضا ً في وجه جيش النظام، فال ننسى نساء بانياس المناضالت ووقفتهنّ على أب��واب مدينتهنّ لمنع الجيش من اقتحام المدينة واعتقال شبابها .كما كان صوت المرأة السوريّة مسموعا ً ضمن المنابر اإلعالميّة المحلّيّة والعالميّة، وكانت لها بصمة خاصّة على المتل ّقي ،حيث كانت ّ ومؤثر ممّا جعل تأثيرها تنقل الواقع بشكل دقيق أعمق وأصدق على من يسمع كلماتها. تحرّ رت الكثير من الفتيات من عقد مجتمع أصرّ على تهميشها والتقليل من شأنها ،حيث اثبتت جدارتها في جميع مجاالت العمل الثوريّ ،وحاولت جاهدة أن
newspaper@allsyrians.org
تكون فاعلة لخلق مجتمع مدنيّ يحفظ حقوقها ،وأن تشارك أيضا ً بصناعة القرار السياسيّ .إلاّ أنّ الفجوة الكبيرة بين النساء المناضالت على أرض سورية، وبين من ت ّم فرضهنّ لتمثيل هذا الحراك النسويّ لم تكن عادلة؛ فكانت معظم النساء العامالت بالشأن النسويّ بعيدات ك ّل البعد عن الواقع المؤلم الذي تعيشه المرأة السوريّة ضمن المناطق التي تتعرّ ض للقصف اليومي من قبل قوّ ات النظام أو ما باتت اليوم تحت سيطرة ما يسمّون أنفسهم باإلسالميّين. لم تستطع المرأة السوريّة التي انخرطت في العمل السياسيّ إنصاف شقيقاتها في الداخل السوريّ ، فانشغلت بالمناصب والمهاترات الحاصلة ضمن معظم الكيانات السياسيّة التي ّ تمثل الثورة السوريّة بشكل خاطئ ،فنتج عن ذلك خيبة أمل لدى من ق ّدمت ك ّل ما لديها فداء لقضيّة آمنت بها ،وبين من فُرضت ّ كممثلة لهذه الشريحة الواسعة ،فكانت المطالب ضمن المحافل الدوليّة والسياسيّة بعيدة ك ّل البعد عن الواقع. ونتيجة لتهميش المرأة وإلقصائها عن العمل السياسيّ في فتره نظام األس��د ،بعد أن كان لها دور فاعل في الخمسينيّات من القرن الماضي ،فقد حصلت تخبّطات أساءت إلى المرأة السوريّة الصامدة ،إنْ على الصعيد السياسيّ أو اإلعالميّ ،فخسرت معظم ّ المنظمات والمؤسّسات النسويّة دعم المرأة الحقيقيّ لعدم طرحها و دعمّها لقضايا تمسّ المرأة بشكل حقيقيّ ،وكان العمل على األرض بناء على متطلّبات الجهات المانحة وليس بناء على حاجة المرأة في
الداخل ،فنتج عن ذلك رفض العديد من النساء السوريّات العمل أو االنخراط ضمن هذه المؤسّسات لعدم توافق أهدافهن الحقيقيّة مع أهداف هذه الجهات، ممّا جعل الكثير من الفتيات النازحات -على سبيل المثال -مضطرّ ة إلى العمل في أماكن عرّ ضتهنّ للتحرّ ش الجنسيّ أو اإلهانة من قبل ربّ العمل؛ وها نحن ح ّتى اليوم ال نسمع أو نرى أيّ اهتمام بهذه الفئة من قبل من نصّبوا أنفسهم ّ ممثلين عن هذه الشريحة. ومع صمود المرأة السوريّة ضمن االحتالل األسديّ وما واجهته من تعنيف وخسارة واعتقال وتهجير، واستمرار عملها وعطائها من بعد سيطرة ما يسمّى بالقوى اإلسالميّة ،يجعلنا نتفاءل بأن يكون للمرأة ّ يحق ألحد أن دور حقيقيّ في بناء دولة مدنيّة ال ينتزع أيّ ّ حق من حقوقها فيها. لذا ،فعلى ك ّل العاملين في شأن المرأة أن يوجّ هوا جهودهم لتوعية المجتمع عن دور المرأة والعمل على تمكينها ضمن المحيط المتواجدة به وتأمين احتياجاتها ،لتكون ذات دور أكثر فاعليّة في المراحل المقبلة؛ المرأة السوريّة ليست فقط الجامعيّة أو المتحرّ رة ،بل هي أ ّم محمّد ربّة المنزل وسما الفتاة التي لم يُتح لها إنهاء تعليمها الثانويّ ،فدعونا ال نقصي أحداً لنصل إلى إنصاف المرأة وجعلها ركنا ً أساس ّيا ً في سورية جديدة تحفظ حقوق المرأة وتساندها في أيّ من قراراتها ،غير مبالية من أيّة بقعة جغرافيّة أتت هذه المرأة.
ملف العدد
في اإلعادة إفادة *املرأة يف حكم التاريخ
قاسم حممّد أمني ( )1908 – 1863كاتب وأدي��ب ومصلح اجتماع ّي وأحد مؤ ّسسي احلركة الوطنيّة يف مصر ،كما يع ّد رائد حركة حترير املرأة.
ال يمكن معرفة ح��ال المرأة اليوم إلاّ بعد معرفة حالها في الماضي .تلك هي قاعدة البحث في المسائل االجتماعيّة ،فإ ّننا ال يمك ّننا أن نقف على حقيقة حالنا في أيّ شأن من شؤوننا ،إلاّ بعد استقراء الحوادث الماضية واإللمام باألدوار التي تقلّبت فيها ،وبعبارة أخرى :يلزم أن نعرف من أيّة نقطة ابتدأنا؛ ح ّتى نعلم إلى أيّة نقطة نصل؟ ذكر شيخ المؤرّ خين (هيروديت) أنّ عالقات الرجل بالمرأة كانت متروكة إلى الصدفة ،وال تفترق عمّا يشاهد بين األنعام ،وكان الشأن إذا ولدت المرأة ولداً أن يجتمع القوم متى وصل الولد إلى سنّ البلوغ ،وينسبوه إلى أشبه الناس به ،وهذه العادة كانت معروفة -أيضا ً -عند القبائل الجرمانيّة وعند العرب في الجاهليّة. وقد ج��اءت رواي��ات السيّاح المعاصرين لنا مؤيّدة لما جاء به التاريخ؛ فإنّ جميع السيّاح الذين طافوا بالد (تايتي) وجزائر (مركيز) وغيرهما من أقاليم أستراليا وزيلّندا الجديدة ،وبعض بالد الهند وأفريقيا ،ذكروا أنّ الزواج غير معروف في تلك البالد. وال خالف في أنّ المرأة التي هذه حالها ،تعيش مستقلّة، تعوّ ل نفسها بنفسها ،مساوية للرجل في جميع األعمال، بل لها من المزيّة عليه أن نسب األوالد في الغالب بها وحدها ،فالمرأة في هذا الدور األوّ ل هي ذات الشأن في الهيئة االجتماعيّة ،وربّما كانت تشترك في الدفاع عن قبيلتها مع الرجال ،ويد ّل على ذلك ذكر وقائع الفارسات في التواريخ القديمة ،ووجود عادة منتشرة إلى اآلن في بعض البالد ،تقضي بتجنيد النساء كما تج ّند الرجال، ومن هذا القبيل أنّ ملك (سيام) كان له عدد من النساء َع ِهد إليهن بحراسته ،وكان الملك (الداهومية بها نزن) الذي استولى الفرنساويّون على بالده من بضع سنين، خمسمائة جنديّ من الرجال وخمسمائة من النساء. ولما و ّدع اإلنسان بداوته ،وا ّتخذ وطنا ً قارّ اً ،واشتغل بالزراعة وجد نظام البيت ،ومن أه ّم ما ساعد على تشكيل العائلة ،أ ّنه كان لك ّل عائلة معبود خاصّ بها تختاره من بين أسالفها ،كما كان جاريا ً عند اليونان والرومان والهنود والجرمانيّين ،وكما هو جار إلى اآلن عند األمم المتوحّ شة ،وله بقيّة في بالد الصين ،وكانت العائلة تق ّدم القربان إلى آلهتها ،فكان هذا باعثا ً للرجل على استبقاء ذريّة تقوم بتأدية الخدمات الدينيّة. وتر ّتب على دخول المرأة في العائلة حرمانها من استقاللها؛ لذلك نرى رئيس العائلة عند اليونان والرومان والجرمانيّين والهنود والصينيّين والعرب مالكا ً لزوجته، وكان يملكها كما يملك الرقيق بطريق الشراء ،بمعنى أنّ عقد ال��زواج كان يحصل على صورة بيع وشراء، وهذا أمر يعلمه ك ّل ّ مطلع على القانون الرومانيّ ،وذكره المؤرّ خون ،ورواه السيّاح المعاصرون لنا ،يشتري الرجل زوجته من أبيها فتنتقل إليه جميع حقوق األب عليها ،ويجوز له أن يتصرّ ف فيها بالبيع لشخص آخر، فإذا مات انتقلت مع تركته إلى ورثته من أوالدها الذكور أو غيرهم. وممّا يتبع هذه الحال أنّ المرأة ال تملك شيئا لنفسها وال ترث وأن يتزوّ ج الرجل بع ّدة نساء؛ ألنّ الوحدة في الزواج تفرض المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات. ث ّم خ ّفت صولة الرجل على المرأة نوعا ً بتأثير الحكومة، ّ فر ّدت إليها ّ وحق اإلرث تا ّما ً أو حق المُلك كلّه أو بعضه، ناقصا ً على حسب الشرائع ،ولكنّ حماية الحكومة للمرأة لم تبلغ في أيّ بلد من البالد إلى ح ّد أ ّنها سوّ ت بين الرجل والمرأة في الحقوق ،فالمرأة في الهند كانت مجرّ دة عن شخصيّتها الشرعيّة ،وعند اليونان كانت النساء مكلّفات بأن يعشن في الحجاب التا ّم .وال يخرجن من بيوتهنّ إلاّ عند الضرورة ،وعند الرومان كانت المرأة في حكم القاصر ،وفي مبدأ تاريخ أوربّا عندما كانت خاضعة إلى سلطة الكنيسة والقانون الرومانيّ ،كانت في أسوأ حال، ح ّتى أنّ بعض رجال الدين أنكروا أنّ لها روحا ً خالدة، وعُرضت هذه المسألة على المجمع الذي انعقد في (ماون) في سنة ٥٨٦فقرّ ر بعد بحث طويل ومناقشة حا ّدة أنّ المرأة إنسان ،ولك ّنها ُخلقت لخدمة الرجل... * من كتاب «المرأة الجديدة» لقاسم أمين ،طبعة هنداوي للتعليم والثقافة، الصفحات ()14 – 12
ُعال الربازي
www.allsyrians.org
اقتصاد و قانون
العدد 26
9
السنة الثانية
/ 6آذار 2015/
كيف يم ّول تنظيم «داعش» نفسه؟ وم ّمن؟
أقرّ مجلس األمن الدوليّ باإلجماع في 12شباط 2015مقترحا ً كانت تق ّدمت به جمهوريّة روسيا اال ّتحاديّة ،بغية :تجفيف مصادر تمويل تنظيم «داعش» وطالب القرار بتجميد أصول هذا التنظيم وأمثاله من الجماعات اإلرهابيّة مثل جبهة النصرة ،واالمتناع عن التعامل التجاريّ معهم بأيّ شكل ،ومنع التهريب عن طريق مسك الحدود البرّ يّة خصوصا ً عبر حدود ك ّل من (كردستان) العراق وتركيا ،وشمل المنع أيضاً، التجارة باآلثار المسروقة. كذلك ،طالب القرار بمنع حصول التنظيم وأمثاله، على أموال من خالل اختطاف رهائن طلبا ً للفدية، وش ّدد على حظر توريد أسلحة وأنظمة الدفاع الجويّة، التي ُتحمل على الكتف .أُدرج هذا القرار تحت الفصل السابع ،بمعنى أن ُتعا َقب الدول التي ال تطبّقه ،ليأتي كجزء من حزمة قرارات بدأ ي ّتخذها مجلس األمن منذ عام ،أي منذ أن تم ّدد التنظيم المقصود بين سورية والعراق مُعلنا ً دولته (اإلسالميّة) بنيهما.
النفط وهو من أه ّم مصادر التنظيم الماليّة ،فمن المعروف أنّ «داعش» يتحصّل على نحو مليون دوالر يوم ّيا ً من بيع النفط السوريّ الخام إلى نظام األسد (العدد /24/في 4شباط ،2015صحيفة «كلّنا سوريّون» نفطنا بيد أكثر من مافيا – منديل -صفحة )8وقد أقام التنظيم لنفسه السنة الفائتة مؤسّسته الماليّة وأسماها بيت المال ،كخطوة لتأسيس ما يشبه وزارة تخطيط ك عملة من المعادن الثمينة كالذهب وماليّة؛ بل ،وس ّ والفضّة ،في نقلة إعالميّة أكثر منها اقتصاديّة ،إذ أعلن أنّ غاية هذه العمليّة تخليص مسلمي العالم من آليّات االقتصاد العالميّة الحاليّة التي تعتمد على «الربويّة الشيطانيّة»! ال يختلف الكثيرون على التوحّ ش والفظاعة التي ت ّتصف بها ممارسات تنظيم «داع��ش» وعلى أنّ األساليب المعتمدة من قبله في إرهاب البشر غاية في اإلجرام وبما يفوق الخيال؛ ولكن فيما يختصّ باالقتصاد
الكاتب عدنان الزرّاعي بابا عمرو-حمص
على خلفيّة رأيه بالثورة السوريّة ونصرته للشعب ومطالبه وتعبيره عنها من خالل كتابته خاصّة مسلسله «فوق السقف» الذي كان يحمل مسبقا ً اسم «الشعب يريد» قبل أن تعترض الرقابة على اسمه ،اعتقل عدنان زراعي منذ أكثر من 3سنوات وما يزال في داخل المعتقل. ب ّ ُث من المسلسل المذكور بضع حلقات ،ث ّم أوقف بسبب عرضه لمشاهد إطالق رجال األمن السوريّ النار مباشرة على المدنيّين ّ العزل وغيره من االنتقادات التي وجّ هها عدنان زراعي للنظام ،هذه كانت األسباب الرئيسة التي أ ّدت إلى اعتقاله. اعتقل عدنان في 2012/2/26ليالً ،احتجز 15يوما ً في فرع األمن – الجسر األبيض – ومن ث ّم ت ّم نقله إلى فرع األمن في الخطيب وقضى هناك 15يوما ً أيضاً ،ومن ث ّم ت ّم نقله إلى أمن الدولة في كفر سوسة ،وأ ّكد بعض الذين كانوا معه في المعتقل بأنّ األمن يتقصّد مضايقته بشكل مستمرّ ح ّتى أ ّنهم قد كسروا أحد أضالع صدره جرّ اء التعذيب. كاتب السيناريو عدنان زراعي الذي حاول أن يرتفع في عمله الدراميّ األخير «فوق السقف» هو اآلن معتقل ،إذ خرج من بيته لشراء بعض األغراض ،ولم يعد بعدها ،تاركا ً زوجته وطفلهما الرضيع. كان زراعي قد تناول تعامل األمن مع المتظاهرين وإطالق النار عليهم في مسلسله الذي حمل اسم «الشعب يريد» لكنّ الرقابة لم تمرّ ر العنوان ،فاختار عنوان «فوق السقف» ليصل األمر إلى إيقاف المسلسل نهائ ّيا ً بعد ّ بث عدد من حلقاته. عدنان زراعي هو أوّ ل من طرح فكرة «الرجل ّ البخاخ» الذي يرسم على الجدران شعارات ثوريّة في لوحة تمثيليّة ،ذلك الدور الذي أصبح رمزاً من رموز الثورة فيما بعد ،وعالوة على كونه كاتبا ً فإنّ زراعي هو ابن حيّ بابا عمر الحمصيّ حيث اكتوى بما شهده الحيّ وأهله من عنف وتشرّ د كما هو الحال مع الكثير من س ّكان حمص. هذا وقد و ّق��ع مجموعة من الشباب السوري بيانا ً طالبوا باإلفراج عن أعضاء تجمّع الشارع السوريّ من المعتقلين وحمّلوا السلطات السوريّة كامل المسؤوليّة أمام المجتمع الدوليّ فيما يتعلّق بسالمتهم الشخصيّة.
newspaper@allsyrians.org
فإنّ المحلّلين االقتصاديّين ي ّتفقون تقريبا ً على المقدرات العالية والتطوّ ر في منظومة التنظيم الماليّة ،من حيث استحداثه لمصادر إمداد ألعماله وافتتاح طرق ووسائل لجمع المال ونقله وتحويله ،خصوصا ً عندما نأخذ بنظر االعتبار حداثة نشوء هذا التنظيم اإلرهابيّ ونظرة الطغمة الماليّة في العالم له. المصارف ومن هذه المصادر الماليّة األخرى :سرقة المصارف، فقد أعلنت ع ّدة مصارف في العراق أنّ «داعش» استولى على ما يعادل خمسمائة مليون دوالر أميركيّ في الموصل وحدها عندما احت ّل المدينة وسطا على مصارفها. الخطف أمّا عن األموال المحصّلة بطريق الخطف ث ّم طلب الفدية ،فقد أعلنت وزارة الماليّة في اإلدارة األميركيّة أنّ إجماليّ المبالغ التي وصلت منذ 2012 - 2004 إلى «القاعدة» ومن حولها قد وصل ما يعادل مائة وعشرين مليون دوالر أميركيّ .كما أجرت جريدة «نيويورك تايمز» تحقيقا ً استقصائ ّيا ً وجدت فيه أنّ «داعش» حصل على ما يعادل س ّتة وس ّتين مليون دوالر أميركيّ في العام 2013من أموال الفدى. اآلثار في المناطق التي يسيطر عليها «داع��ش» يقوم
الس ّكان بالحفر بحثا ً عن اآلثار ،ويأخذ التنظيم أمواالً ممّا يبيعون من مسروقات بحساب نسب من أرقام المبيعات التي تت ّم فعالً للُّقى األثريّة ،وهذا ما ّ وثقته تحقيقات صحفيّة منذ الصيف الماضي ،ومازال جارياً. األتاوى كما يفرض التنظيم أت��اوى يحصّلها من خالل المؤسّسات التي ش ّكلها في مناطق نفوذه أو على المعابر التي يسيطر عليها ،وذلك كضرائب أو رسوم أو لقاء خدمات مدنيّة كتسجيل المواليد. ح ّتى األعضاء البشر ّية أمّا ،ما فضحته وسائل اإلعالم المختلفة عند اكتشاف بعض المقابر الجماعيّة عن وجود جثث لضحايا سُرقت أعضاؤها ،فقد ّ وثقها العراق وق ّدم مذ ّكرة لألمم الم ّتحدة حول سرقة وبيع تنظيم «داعش» لألعضاء البشريّة، ليكوّ ن اإلتجار باألعضاء البشريّة رافداً مال ّيا ً آخر - ولو ضئيالً وغير متواصل – لهذا التنظيم الرهيب. َمن المستفيد؟ بالعودة إلى قرار مجلس األمن ،نجد أنّ المنع لم ِّ يغط ك ّل مصادر التمويل هذه ،وربّما كان ذلك أمراً طبيع ّياً ،فمن الصعب عمل ّيا ً اإلمساك بك ّل تلك المسارب التمويليّة المختلفة ،إذن ،ما هي مصلحة روسيا في استصدار هكذا قرار؟ في جرد لمختلف المصادر المذكورة أعاله ،يبدو النفط هو األه� ّم ،أل ّنه يح ّقق أعلى العائدات الماليّة وأسرع وأضمن السبل ،ولن يتو ّقف ما يرد منه في حال ظ ّل تداول النفط بين «داعش» ونظام مافيات األسد محصوراً ضمن الحدود السوريّة ،وهنا يأتي دور استفادة روسيا ،إذ أ ّنها ستقبض مستح ّقاتها من الديون على نظام األسد ،جرّ اء بيعه األسلحة وغيرها من السلع عندما تستمرّ تلك الصفقات النفطيّة.
عبداهلل منديل
الليرة السورّية انعطفت نحو االنهيار
فالدروز في السويداء ه ّددوا حكومة النظام بقطع الطريق من دمشق إلى المطار ودمشق إلى بيروت واالنفتاح على دار ّي��ا منهيا ً الحصار ،وما زال الش ّد والجذب منذ أيّام.
أربعة أعوام واقتصاد األسد صامد ،بل ويحارب بك ّل ما أوتي من خبرات للحفاظ على متانة اقتصاده ومكانة عملته «الليرة السوريّة» التي يحارب بها مواطنيه ،فيطالعنا المصرف المركزيّ في هذا النظام ك ّل فترة بإصدارات جديدة لعملته المتهاوية كان آخرها إصدار فئة « »500ل .س وقبلها العديد من اإلصدارات النقديّة ،حيث يستفيد هذا باع طويل النظام من وجود أركان اقتصاديّة ذات ٍ وخبرات متنوّ عة في مجاالت االقتصاد والنقد والمال ،حيث يلتفّ حوله مجموعة من الخبراء واالستشاريّين الذين يحاولون تمكين االقتصاد في وجه التغييرات الجيوسياسيّة التي تحدث في منطقة الشرق األوسط.
وح��اول تجّ ار الذهب والعمالت في مناطق النظام عدم التعامل بالليرة السوريّة وبشكل عفويّ وارتجاليّ كان من المفترض أن يُحجم ك ّل َمن في مناطق النظام عن التعاطي بها ،إلاّ أنّ النظام أصدر ق��رارات حاسمة منع بموجبها ت��داول أو التعامل بالعمالت األخرى مهما كانت ،وك ّل من ألقي القبض عليهم ت ّم إلصاق تهم بهم حول التعامل بغير العملة السوريّة ودعم اإلرهابيّين ،وداهمت حمالت عديدة في ك ّل من المدن السوريّة :حلب ودمشق والالذقيّة شركات صرافة وتجّ ار وأفراد، وقامت أجهزة أمن النظام بإلقاء القبض على تجّ ار وصيّاغ ذهب خاصّة من مدينة حلب منذ أكثر من عام ،وما زال أغلبهم يقبع في سجون النظام.
إنّ التكوين الهيكليّ القتصاد النظام بعد بداية الثورة بدأ يأخذ طابعا ً مختلفا ً عن المعهود بعد أن تو ّقفت عجلة اإلنتاج في مختلف القطاعات رغم المحاوالت الكثيرة إلرغام بعض المؤسّسات باستمراريّة العمل ،إلاّ أنّ اإليراد من العمالت األجنبيّة بدأ يضعف شيئا ً فشيئا ً إلى أن تالشى نهائ ّياً ،وبدأت عمليّات استنزاف المخزونات واالحتياطيّات من تلك العمالت والتي كانت في عام 2011 تبلغ الثمانية عشر مليار دوالر ،وحين نفذ ذلك المخزون وتوالت خروج قطاعات اإلنتاج بدأت مرحلة االقتراض من روسيا وإيران على شكل موا ّد وسلع وأسلحة وأدوات حربيّة ولجأ أيضا ً لطبع إصدارات جديدة دون تغطية.
واليوم بعد اضطراب اقتصاد روسيا وإيران قلّصت تلك الدول من دعمهما للنظام السوريّ الماليّ فبدأ الميزان االقتصاديّ باالختالل خاصّة أنّ النظام راح يروّ ج لمشاريع استثماريّة وسياحيّة، واعتمد بذلك على استقرار مدن الساحل والسويداء ودمشق ،إلاّ أنّ تلك الموازين أخ��ذت بالتغيّر
والب � ّد من اإلش��ارة إلى أنّ النظام ش��جّ ��ع أص��ح��اب ال��م��ه��ن وال���ورش والمعامل الكبيرة والمتوسّطة لنقل معاملهم للمدن الساحليّة وحشر تلك الصناعات ف��ي ط��رط��وس ومدينة «حسيّا» الصناعيّة بحمص وق � ّدم لهم التسهيالت والتراخيص الالزمة وساعدهم لالستقرار في تلك المدن في ّ خطة تمكين اقتصاده وتعزيزه وتمتينه خاصّة أ ّنه كان قد ّ خطط إلقامة دولته ّ وسخر لتلك المناطق العلويّة في حمص والساحل ك ّل موازنة حكومته للعامين 2013و 2014 وأيضا ً للعام الحاليّ ،2015وأفاد الصناعيّون الذين نقلوا معاملهم إلى مدن ساحليّة أ ّنهم قد تعرّ ضوا لمضايقات أمنيّة وتهديد وعدم دفع تجّ ار من الساحل لديون تراكمت عليهم أثناء سحب بضائع مص ّنعة ،ممّا دفع بعضهم إلى بيع مصنعه بأق ّل من قيمته ،وترك المدينة التي كان يعمل بها بعد أن ساهم في تركيز الصناعات في الساحل. هذا كلّه أ ّدى إلى استقرار مؤ ّقت لسعر الصرف مع قيام المصرف المركزيّ للنظام بض ّخ أجزاء من مبالغ ت ّم اإلعالن عنها من العمالت األجنبيّة، لكنّ شهر عسل الليرة السوريّة بدأ بالنهاية وبعد أن واصلت الليرة السوريّة انهيارها في سوق العمالت حيث وصل غرام الذهب في أسواق المدن السوريّة إل��ى 8300ليرة وأحيانا ً تتجاوز هذا المبلغ ،وتجاوز سعر الدوالر الواحد مبلغ 233ليرة، أي أنّ الليرة السوريّة قد انخفضت قيمتها للخمس حسب سعر الذهب، كون الذهب هو أداة قياس نموذجيّة ودقيقة. وسنراقب القادمات من األيّام وما تحمله لنا من تغييرات على سعر الصرف وقيمة الليرة السوريّة ومتانة اقتصاد نظام األسد.
عبد الرمحن أنيس www.allsyrians.org
10
السنة الثانية
الهوّية واالعتقاد
شهرة النسيج السوريّ مثل األطلس والقرمزيّ والسابوريّ والحرير ،نابع من تنوّ عه وتلوّ نه، وتع ّدد نقوشه وضروبه ،وجمال زخارفه المشغولة بالمكوك اليدويّ أو بإبر يدويّة تغزرها أنامل السوريّات الرقيقة. لم يكن يوما ً البياض الكامل وال السواد الشديد ميزة تميّزه ،ولهذا لم يكن علم االستقالل علما ً بلون واحد يُفرض على الجميع ،وإ ّنما علما ً ملوّ نا ً يرمز لكا ّفة الشرائح. لقد شارك العربيّ والكرديّ واألشوريّ والكلدانيّ ّ المتمثل والسريانيّ بانتمائهم الوطنيّ ،ال العقائدي، بالس ّني والشيعيّ والمسيحيّ واالسماعيليّ في بناء سورية الحديثة .وكان فارس الخوري ،المسيحيّ ، صوتا ً سور ّيا ً يعبّر عن األكثريّة السنيّة ،وكان الص ّقال المسيحيّ ،محاميا ً مشرفا ً لهنانو الكرديّ ، الذي لم يكن كرد ّيا ً وإ ّنما زعيما ً وطن ّياً ،ولم يكن سلطان األطرش سلطانا ً للدورز ،وإ ّنما قائداً عا ّما ً للثورة السوريّة ض ّد االنتداب .كذلك ك ّل األبطال العظام الذين مهّدوا لنا التاريخ الحديث ،إلى أن ج��اءت القوميّة الواحدة ،لتنسف وتقصي باقي الفئات. فالهويّة األثنيّة جبريّة ال خيار لنا بها ،واالعتقاد خيار وإن بدأ تقليداً ،والذي جمع الفروقات وحدة الهدف ،إلنشاء دولة وطنيّة تشمل الجميع وال تقصي أحداً .ولن تنجح الخيارات العسكريّة على المدى الطويل ،وإن ح ّققت غايتها على المدى القصير .فالدولة العبّاسية لم يكتب لها النجاح ض ّد
الدولة األمويّة لوال تب ّنيها شعار الحرّ يّة للجميع. وما انهارت إلاّ لتخلّيها عن هذا الشعار. تستخدم ال��ح��رك��ات السياسيّة ،والدينيّة، واالجتماعيّة ،وعلى ال��دوام ،شعارات متماثلة، لتحقيق الحرّ يّة والعدالة .وما أن تصل إلى مراكز السيادة ،ح ّتى تطوي تلك الشعارات كطيّ المصلّي التقليديّ سجادته بعد االنتهاء من صالته ،والمباشرة في تجارته أو عمله ،دون التفكر ولو لحظة بجوهر ما كان يفعله ،إلى أن يحين موعدالصالة من جديد. نحن جيل القوميّات ،فشلنا أل ّنهم ق ّدموا لنا جيالً منافقاً ،تتلمذ على يد روّ اد أخفوا علومهم وحوّ روها ،في األدب والفنّ والفكر ،وتركوا لنا مفكراً واحداً أو اثنين .ومهما يكن تفكيره ،فهو بشر ،يخطئ ويصيب ،فنخطئ معه ونصيب. حرمونا التنوّ ع والتع ّدد ،وفرضوا علينا صحيفة واحدة بثالثة أسماء ،كأفعى واحدة بثالثة رؤوس، وأثقلوا علينا العلم بحجّ ة الطبّ والمال ،فرفعوا وصعّبوا دخول الجامعات ،وجعلوا الدخول هي الغاية ،والمال وال��والء هي الوسيلة ،وفرّ غوا المساجد من وظائفها األخالقيّة ،وحوّ لوها لوظائف حركيّة ال معنى لها ،بحجّ ة تخليصها من المنتفعين الذين استعملوها بدورهم أوك��اراً ومراكز لنشر أفكارهم المريضة والبعيدة عن جوهر اإلنسانيّة في اإلخاء والتعاون. لم يدرّ سونا في كتبنا التاريخيّة كيف اجتمع األبطال العظماء على تنصيب السطان ،وكيف اجتمع الكرد واألش���ور والكلدان مع أخوتهم
العدد 26
/ 6آذار 2015/
ال��ع��رب ف��ي األرض وال��وط��ن ض ّد المستعمر ،وسلبوا الجنسيّات وغيّروا الطبيعة الديموغرافيّة وزرع��وا بينها األحقاد والكره والصراع ،وبات الزيّ الموحّ د والقانون الموحّ د والفكر الموحّ د والزواج الموحّ د والكفر الموحّ د عنوانا ً خالداً مق ّدساً ،وأيّ حديث للتنوّ ع والتع ّدد والتحاور يعرّ ضك ألقسى العقوبات ويطلق عليك صفة السامريّ ويطبق عليك حكم (وال مساس). لم تدمّر القوى الظالمة العراق من أجل ص ّدام ،وليست عاجزة عن اغتياله مثلما فعلت مع الفيصل أو كيندي أو ح ّتى ب��ن الدن وال��زرق��اوي؛ د ّم��رت العراق لقتل العلماء وأصحاب الفكر ،دمّرتها ألنّ امتالكنا لوسائل المادة ستر ّدنا إلى قيمنا النائمة، فقتلوا العلماء وانتقلوا الستاذة الجامعات ومن ث ّم أصحاب الشهادات العليا ،فالمتوسّطة ،فاالبتدائيّة؛ وكذلك يفعلون بسورية ،ويمارسون ك ّل أنواع اإلبادة ،يعينها على ذلك زبانيتهم وطغاتنا ،فيت ّم تفريغ البلد ممّن تب ّقى من رجال ،أو خمائر مب ّ شرة بإحياء سورية الوطنيّة المتعايشة مع كا ّفة أفرادها وشرائحها. ّ اليوم ،يتش ّدق ك ّل طرف بأ ّنه الممثل الشرعيّ لشعب سورية ،وتتصارع مع بعضها دون أن تسأل نفسها ل َم االقتتال وهدفنا واحد؟ أليست الغاية الوصول لسورية شاملة للجميع تع ّم بالرخاء والعدل والسالم؟ عاجزين عن تقديم الماء النظيف للشباب ّ المتعطش ،وال��ذي لم يجد سوى ماء «داعش» الملوّ ث ،ويتجاهلون بأنّ عشرات الجامعيّين من مهندسين وحقوقين وغيرهم ،يعملون كسائقين، لنقل البضاعة والبشر عبر معابر سورية مع تركيا التي تقلّصت إلى معبر واحد نتيجة سيطرة فئة مرتزقة على المعابر األخرى. نقول للجميع بأنّ سورية ليست حكراً لمجموعة دون أخ��رى ،وال مكان لإلقصاء في سورية الجديدة المتخيّلة ،وهي ّ حق وحلم شرعيّ ألفرادها الراغبين بالحرّ يّة والسكينة والطمأنينة.
عالء الدين ح ّسو
النرجسّية من الفرد إلى الجماعة «نرسيس» الشابّ ال��ذي هام بنفسه بعد أن شاهد صورته في الماء فأصبح ملهما ً للكثير من الشعراء والف ّنانين ممّا أغرى «سيمجوند فرويد» بتحليل أسطورته وليكشف تشابها ً بين «أناه» وبين «األنا» بمعناه السيكولوجيّ ويطلق على عشق الذات هذا مصطلح «النرجسيّة» ،وغدت الشخصيّة النرجسيّة بمعناها «الفرويديّ » حالة مرضيّة ترى في نفسها الذات األه ّم ،وعليه يجب أن تح ّقق مصالحها ولو على حساب اآلخرين ومآسيهم ،وإذا ما اقترنت بنزوعات سكولوجيّة أخرى مثل الساديّة فهي تزيد من غطرستها أكثر وتغدو في حساب صاحبها سيّدة زمانها ّ والمضخمة والعارفة بك ّل شيء والمعجبة لك ّل ما تفعله ،وباالنتقال من الحالة الفرديّة إلى الحالة الجماعيّة تصبح النرجسيّة حالة جماعيّة وموضوعها هنا هو الجماعة ،وألنّ األرض هي الكوكب الذي نعيش عليه فقد ذهبت بنا نرجسيّتنا إلى اعتباره مركز الكون وعليه عارضت الكنيسة بشكل سافر نظرية «كوبر نيكوس» بأنّ األرض تدور وهي ليست مركز الكون ،بل الشمس هي المركز، وعادة ما تعبّر نرجسيّة الجماعة عن حالة دينيّة أوعرقيّة أو مناطقيّة ،بحيث تصبح الجماعة التي ينتمي إليها الفرد هي األسما واألنقى واألفضل ويفاخر بها صراحة وتغدو أوهامه حقيقة طالما هي تستم ّد مشروعيّتها من أفكار الجماعة فما يه ّم هنا هو اإلجماع وليس المنطق والعقل ال��ن��ق��ديّ ،وتلعب النرجسيّة الجماعيّة دوراً مه ّما ً في تنمية الحميّة بين الجماعة وتزيد من تمسّك الفرد وغطرسته باعتبار هذا البائس المسكين والمرمي على هامش الحياة أصبح عضواً في جماعة لها قيمها ومفاهيمها ،وهكذا يُعتبر التعصّب أه ّم صفات النرجسيّة أكانت فرديّة أو جماعيّة. ودرجة النرجسيّة الجماعيّة متناسبة مع فقدان الفرح الحقيقيّ بالحياة ،وتتناسب درجة ح ّدتها طرداً مع بؤس الحياة وشقائها ،وغالبا ً ما ّ تتجذر في الطبقات الدنيا والوسطى ويمكن تزكيتها بسهولة في مجتمعات االستبداد والتخلّف إن كان في المدارس أو المساجد وح ّتى في الجامعات ،ويستثار
newspaper@allsyrians.org
النرجسيّ الفرديّ أليّ جرح ُتصاب به الجماعة ك بأنّ نرجسيّته التي ينتمي إليها وال يعتريه أيّ ش ّ مريضة طالما أ ّنه يتشارك مع الجماعة ،وفي حالة الحروب واالقتتال والتنازع بين الجماعات يعمد أولي األمر ومن يتبعونهم للنفخ في كير النرجسيّة الجماعيّة لتصبح في أش ّد حالتها تفاخراً وابتهاجاً، وبالمقابل يت ّم شيطنة قيم وأخالق الجماعة المعادية والنزول بها على كا ّفة المستويات إلى الحضيض وهو موقف دفاعيّ وإن بدا على أ ّن��ه هجوميّ ويأخذ بعداً عنصر ّيا ً وشوفين ّياً .والنرجسيّة بمعناها الدينيّ أو العرقيّ هي قطيعة معرفيّة مع اإلنسانيّة
ومكتسباته العقليّة والدينيّة ،فالعقل باعتباره معطى بيولوجيّ ينمو ويتطوّ ر ويزدهر فوق األعراق واألديان أو أيّ انتماءات أخرى ،فحين ت ّدعي أمّة من األمم أو مجموعة ما احتكار الدين ،يفقد الدين صفته ودالالته اإلنسانيّة ومعياريّته كدين ويت ّم إحالته إلى األيديولوجيا ويغدو خاضعا ً لفئة أو أمّة وإن ظهرت أو تظاهرت أ ّنها هي الخاضعة له، وتغدو ك ّل أمّة في نظر أبنائها هي المفضّلة دين ّيا ً على جميع األمم ،فاليهوديّة ت ّدعي أنّ أتباعها هم شعب هللا المختار وفي الكتاب المق ّدس( :أنتم أوالد
ثقافة
الربّ إلهكم ..أل ّنك شعب مق ّدس للربّ إلهك وقد صا ً فوق جميع اختارك الربّ لكي تكون له شعبا ً خا ّ الشعوب الذين على وجه األرض) والحالة ذاتها ألتباع الديانة المسيحيّة ،فإنّ أتباعها هم أبناء ال ربّ : (يا أبا األبّ ..فالروح شهدت لنا بأ ّننا أبناء هللا، لهذا سنرثه ،ومن يرث هللا سيرث المسيح) اإلنجيل «رسالةبولس» ،وي ّدعي أتباع البوذيّة أ ّنه ال يمكن الوصول إلى النيرفانا إلاّ لمن كان من أتباع بوذا ،وعندما عيّر يهوديّين البعض من المسلمين بقولهم :نحن أفضل منكم وديننا خير ،فأنزل هللا تعالى اآلية(كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) «آل عمران ،»110ويقول البعض :إ ّنها نزلت في الذين هاجروا مع النبيّ صلى هللا عليه وسلم إلى المدينة وقال آخ��رون :هم جميع المؤمنين من هذه األمّة ،وهكذا يت ّم التعميم ليصبح المسلمون هم خير أمّة أخرجت للناس، ويعالج أبو حيّان التوحيديّ في كتابه (اإلمتاع والمؤانسة) مشكلة النرجسيّة الجماعيّة بكثير من المنطق حيث يقول« :فلك ّل أمّة فضائل ورذائل ولك ّل قوم محاسن ومساوئ ،ولك ّل طائفة من الناس في صناعتها وحلّها وعقدها كمال وتقصير ،وهذا يقضي بأنّ الخيرات والفضائل والشرور والنقائص مفاضة على جميع الخلق ،مفضوضة بين كلّهم» وعليه يكون تحديد ال��ذات وتمركزها معرف ّيا ً هو ضرب من الوعي الناقص بالذات وباآلخر، وارتداد إلى ذهنيّة طفوليّة وبدائيّة من حيث الوعي ال يمكن أن يتجاوزها الفرد سيكولوج ّيا ً إلاّ باالنتقال إلى مرحلة من الوعي والنضوج الفكريّ والوجدانيّ ،والحال نفسها بالنسبة لألمم والمجتمعات فال يمكن أن تتجاوز نرجسيّتها إلاّ بانتقالها إلى طور من اكتمال رؤاه��ا وقدراتها وتخلّيها عن نرجسيّتها بك ّل المعاني ويت ّم تحوّ ل وعي ال��ذات ،إن على صعيد الفرد أو المجتمع واألمّة ،من تمجيد للذات إلى المقدرة على نقدها، ومن شعورها الفرديّ واألنانيّ إلى شعور جمعيّ متشارك ومتفاعل اجتماع ّيا ً وإنسان ّياً.
مسري العلي
الوحدة
هناك م َثل إنكليزيّ ،معناه أنّ اإلنسان ال يعيش منعزالً، ومنذ صغرنا علّمونا في المدارس في ما ّدة االجتماعيّات ضمن المرحلة االبتدائيّة أنّ اإلنسان كائن اجتماعيّ بطبعه ،ظاهر ّيا ً يحيا اإلنسان حياته محاطا ً باآلخرين ،في البيت في العمل في الشارع ،قد يندر تواجده وحيداً تماما ً في محيط واحد ،ولكن هل هذا كافٍ؟ ويعني أ ّنه ليس وحيداً؟ أكثر ما ت ّتصف به العالقات اليوم هو سطحيّتها وسرعة تواترها ،وضعف أساسها لتنهار بسرعة ،إ ّنه نتاج عصر السرعة وعصر الماكينات ،فال وقت لألمور الروحيّة وتغذيتها بعالقات حقيقيّة عميقة تساعد اإلنسان كي يتواصل مع داخله عن طريق اتصاله بدواخل اآلخرين ،بالنتيجة يتحوّ ل ك ّل إنسان إلى سجين داخل نفسه ويتحسّس الخطر في ك ّل التفاتة وك ّل حركة، لو كان عندي موهبة الرسم لرسمت لوحة تعبّر عن عالقات اليوم بمجموعة من القنافذ المتحسّسة للخطر مبرزة أشواكها في وجه اآلخرين ،فالجميع خائف ي ّتخذ وضعيّة الدفاع ،ربّما تظهر عند البعض كهجوم ،لك ّنها في الحقيقة عمليّة دفاعيّة ،فهو يهاجم دفاعا ً عن وجوده نتيجة إحساسه بالخطر القائم في محيطه وعدم شعوره باألمان ،نتيجة ضعف العالقات المبنيّة بينه وبين المحيط الذي ّ يتمثل باآلخرين. ّ فتتأزم حالة وفي الحالة السوريّة ،وضمن هذه الحرب، الوحدة أكثر فأكثر ،فالخوف ازداد وحالة عدم االستقرار زادت ،ويتوجّ س الجميع من الجميع كمخلّفات السياسة األمنيّة المخابراتيّة ،فال أحد يعلم من أين ومِن َمن ستأتيه الطعنة؟ أمّا من كان محظوظا ً بإيجاد رفيق حقيقيّ بعالقة وطيدة أساسها متين، فمن الغالب أن تكون الحرب قد تسبّبت بتشتيتهم ،األمر الذي ال ينطبق فقط بين األصدقاء وبشكل خاصّ من فئة الشباب ،وإ ّنما ضمن العائلة الواحدة ،فع ّدة أفراد مش ّتتين في ع ّدة دول مع عسرة الوصول أو زيارة بعضهم في ظ ّل الظروف الحاليّة واألبواب المغلقة أمام الوجوه السوريّة ،ك ّل هذا يؤ ّدي إلى تفاقم اإلحساس بالوحدة واليأس ،والحاجة لألنس ،والتواصل مع الذات. هنا يدخل ما يعتقد اإلنسان بأ ّنه الحلّ ،لك ّنه ليس سوى إبرة مخ ّدر ،تقوم بإزالة اإلحساس باأللم والوحدة ،دون زوالها حقيقة ،أو زوال أسبابها ،إ ّنها مواقع التواصل االجتماعيّ ،التي يقضي عليها الجميع ك ّل أوقاتهم ،ح ّتى في العمل يجد المرء نفسه مرتبطا ً بالك ّم الهائل من البرامج المخصّصة للتواصل مع اآلخرين ،الذين قد ال يربطه بهم حبّ أو عالقة عميقة ،هم فقط أدوات ليشعر باألنس الذي يبحث عنه ،وهم بالمقابل يفعلون ويشعرون بالمثل ،فكلّنا ندور في الدائرة ذاتها دون أن نشعر أو ندرك ذلك حقيقة ،لذا يكون انقطاع االنترنت أش ّد وأصعب من انقطاع الكهرباء أو المياه ،أل ّنها تجعل المرء يتحسّس وحدته التي يهرب منها بشكل ملموس وما ّدي ،ليدرك الفراغ الذي يحيا به والال جدوى المحيطة به وبوجوده ككلّ ،وهشاشة ما يعتقده عن حياته التي يحياها ،فيدرك أ ّنها ليست سوى تمرير لأليّام، وضياع لها على الالشيء. إ ّنه القرن الحادي والعشرون ،قرن تحوّ ل اإلنسان إلى آلة وبقايا إنسان ،فال يستطيع التخلّص من بقايا آدميّته ،وال يمكنه التخلّص من استحكام هذا العصر به ،ليبقى الجميع منغلقين على ذواتهم ،باحثين عن أنفسهم وعن أمانها واستقرارها ،مستشعرين لخطر ال يوجد إلاّ داخل عقل ك ّل منهم ،خلقوه بأنفسهم. ٍ
لينا احلكيم
www.allsyrians.org
العدد 26
ثقافة
السنة الثانية
/ 6آذار 2015/
كنان العظمة
في سنّ السادسة بدأ بتل ّقي الدروس على آلة الكمان ،ث ّم انتقل إلى آلة الكالرينت وهي من آالت النفخ الخشبيّة ،تخرّ ج من المعهد العربيّ للموسيقى ،ث ّم المعهد العالي ،حاز على الجائزة األولى في مسابقة «نيقوالي روبنشتاين» الدوليّة للعازفين الشباب في موسكو عام ،1997كنان العظمة من مواليد دمشق ،1976وفي عام 2005أصدر ألبومات ع ّدة آخرها بعنوان «غرب مع أوركسترا مندلسون» وإبراهيم كيفو ،و»رسائل إلى الوطن» و»شروق» عام ،2012وعزف مع فرقة «غني ميرزو» والف ّنان إبراهيم كيفو في مهرجان أربيل لكردستان العراق الذي يُع ّد من أوائل المهرجانات العالميّة ،ومع فرقته األساسيّة وعازف اإليقاع اللبنانيّ «روني براك» و»أصوات بسيطة» ،ومع عازف البيانو «دينوك ويجراتنه» وغيرها من التسجيالت التي بدأها مع موسيقيّين سوريّين تش ّتتوا اليوم في لجوء قد يطول. ّ ألّف العظمة فرقة خماسي موسيقى الحجرة التي تتألف من خمسة عازفين هم كنان العظمة وهو أيضا ً المدير الف ّني للمجموعة ،وبدايات أعمال هذا الخماسي ق ّدموا حفلتين األولى في العاصمة دمشق حيث ق ّدموا فيها مقطوعات قُ ّدمت للمرّ ة األولى ألربعة مؤلّفين سوريّين هم ضيا س ّكري المقيم بباريس وزياد جبري المقيم في بولونيا وشفيع بدر الدين وكريم رستم المقيم في بوسطن ،والثانية في دير الزور عام ،2008حيث ق ّدم كنان العظمة حفلة دير الزور بقوله« :هدفنا ليس فقط جلب الموسيقى العالميّة إلى هنا ،بل أيضا ً إيصال الموسيقى السوريّة والشرقيّة بشكل عا ّم إلى مسارح العالم ،برز كنان كعازف منفرد ومؤلّف موسيقي على نطاق عالميّ في قاعات أهمّها (أوبر الباستيل) في باريس و(أليس تولي) في نيويورك، عزف بقيادة عدد من أشهر قادة األوركسترا في العالم أمثال جون أدمز وأحمد الصعيدي ،شاركه المسرح ف ّنانون كبار من أمثال مارسيل خليفة وماري كيمورا ،كان يزعج كنان المرور األمنيّ لحامل جواز السفر السوريّ عبر المطارات ،فهو لم يكن بتلك السهولة ،حيث يتعرّ ض في ك ّل مرّ ة إلجراءات أمنيّة مع ّقدة وفي ذلك ويقول« :في تلك الغرفة في الخلف ،حيث ألتقي بأصدقائي من العراق ،إي��ران ،السودان والكثير من البلدان المشابهة ،وأحيانا ً يصبح األمر مزعجا ً أل ّنهم يبقونك لديهم لبضع ساعات ،لذلك وبعد ع ّدة سنوات من المرور بهذه المواقف قرّ رت أن أستخدم وقتي بشكل خلاّ ق ،وهكذا ألّفت
11
تمرّ المدينة برقاً
مقطوعة بعنوان :مطارات» يتشارك كنان في أغلب أعماله مع عازفين مميّزين يتيح ك ّل منهما لآلخر مجاالً واسعا ً ليرتقي بأحاسيسه من خالل ما يق ّدمه من ارتجال بعيد عن النوتة الموسيقيّة ومفرداته ودائما ً يبدع في ارتجاالته والتي ُتعتبر من أه ّم ميزاته. أسّس العظمة ورفاقه فرقتهم عام ،2006في نيويورك حيث انطلقوا مقترحين مزيجا ً من الموسيقى العربيّة والكالسيكيّة الغربيّة والجاز ،وقد عُزفت في أغلب العواصم األور ّبيّة ،موسيقى العظمة ال تسعى إلى استدرار التعاطف من باب سوريّتها ،بحكم أصل صانعها ،وإ ّنما من أصالتها كنتاج إبداعيّ قبل ك ّل شيء .وعلى هذا األساس ،خلق الموسيقي السوريّ ح��واراً عميقا ً مع جمهوره ما بين الوتر واإليقاع والن َفس ،ويحلّق كنان مع الكالرينت ينفث فيها شجونه نوتات تحت ّج على الظلم والقهر ويواجه بشاعة العالم وقبحه ،يواجه كنان من موقعه كف ّنان .كانت وستبقى آلته صوت السوريّين ّ ً مراهنة على الموسيقى في االحتجاج على الحرب المعذبين، والدكتاتوريّة والموت. شارك العظمة وأسّس العديد من الفرق الموسيقيّة فهو عضو في ك ّل من :فرقة «ح��وار» فرقة «سيتي باند» في نيويورك ،ومجموعة «كنان العظمة «وهي فرقة مسمّاة باسمه تأسّست عام 2006في نيويورك واكتسبت شهرة فوريّة بسبب البراعة الفائقة واألداء الحيويّ والطاقة العالية التي يتميّز بها أعضاؤها ،باإلضافة لذلك شارك مع فرقة طريق الحرير التي ضمّت عازفين وملحّ نين من أكثر من 20دولة من مختلف الثقافات أبرزهم « »Yo Maوهو من أشهر عازفي التشيلّو في العالم ،والتي تأسّست عام ،2000موسيقى هذه الفرقة كانت قديمة ومعاصرة ،مألوفة وغريبة ،تقليديّة وحديثة، تصوّ ر تقاليد مختلف دول العالم لخلق لغة موسيقيّة جديدة تعكس المجتمع العالميّ في القرن الـ ،21وصفته صحيفة «الديلي ستار» بـ (المبدع المتميّز الصوت) و «لوس أنجلس تايمز» بـ (اآلسر األنيق). وأخيراً ُتعتبر اآللة النفخيّة من أكثر اآلالت مقدرة على التعبير عن شجون الروح ،و ُتعتبر الكالرينت من أجملها صوتا ً وأصعبها عزفاً ،وقد استطاع كنان العظمة التفاهم معها لتعبّر عن ك ّل ما يريد.
أسعد شالش
ولدت الشاعرة عفيفة الحصني عام 1918 في دمشق ودرست في مدارسها ح ّتى نالت شهادة البكالوريا ،انتسبت إلى قسم اللغة العرب ّية وآدابها في معهد التربية بالقاهرة، وتخرجت عام .1940 ّ عملت بعد تخرّ جها مدرّ سة للغة العربيّة في ثانويات دمشق ،أُحيلت على التقاعد عام 1978وقد ساهمت في تأليف الكثير من الكتب المدرسيّة. كانت عضواً في ا ّتحاد الك ّتاب العرب ،ونقابة المعلّمين ،والندوة الثقافية النسائيّة ،وجمعيّة المكفوفين ،ومتابعة دؤوبة لك ّل ما يجري من فعاليّات ثقافيّة ،ح ّتى وفاتها في دمشق عام .2003من مؤلّفاتها: القراءة الموحّ دة (باالشتراك) -مشروع ّ االطالع النشاط المدرسيّ (باالشتراك) - الخارجيّ لما ّدة اللغة العربيّة (باالشتراك) - المرأة في شعر أبي العالء -مرايا ونساء. دواوين عفيفة الحصني الشعريّة :وفاء 1966 شهيد التضحيات - 1970والء - 1971عازفة القيثار - 1979سراب البحر .1989 من قصائدها: فــــي التقـــاليــــــد البـــاليــــــة ُ لست عبدة منهج وهللا إ ّني عبثت بصيغته دياجير الرقيق أنا حرّ ةٌ ال يستب ّد بمنهلي قرْ ع الطبول ،وال أهازيج النعيق لي نظرة ،لي همّة ،وعزيمة تجتاز أصفاد المسالك والقيود ّ وتمزق الغيم الملبَّد في الدجى ليح ّل دون الغيم إشراق جديد وقصيدة: حرة أنا ّ أهوى العطاء أهوى الضياء النور والمعنى العميق وأُج ّل فيه َ ال كالفراش الغِرّ يسعى للحريق يسعى إلى الضوء المشعّ بلهفة وبخ ّف ٍة وبنشوة وصبابة وبسحر أجنح ٍة وإيقاع رشيق ِ متفانيًا بالضوء يُغريه البريق أرنو إليه بعين وجدان شفيق أفنى الحياة سُدى بال هد ٍ ف مجيد أنا حرّ ة
أهبُ الحيا َة ألمّتي لعروبتي وكرامتي والعمل المفيد واإلبداع للفكر ِ ِ إن أَ َح ْت ِر ْق فرماد قلبي زهرةٌ تهب األنام عطر المحب ِة للكرا ْم. َ وقصيدة: سحـــــر الحجـــــــارة صور التعذيب ش ّتى صاغها لصُّ الحضارة ْ فانحنت هاما ُتها ..تعنو ألطفال الحجارة للتص ّدى والتح ّدي ّ الحق اعتباره ولمن ر َّد إلى لرجال ّ مزقوا هام الوصاية واستم ّدوا العزم والصبر وأسلوب الحماية من بطوالت الصحارى ّ من ليوث فتحوا الدنيا وبثوا في الورى كنه الحضارة. وقصيدة: طفـولـــــة َس َر ْ بليل رهي ٍ ب يا َلـ َمسْ َرا َها ت ٍ في وحش ِة البي ِد واإليمانُ يرعاها َ ف خ ّفي ملؤه ٌ ترنو بطر ٍ ثقة بالنصر إذ ت ّتقي األعداء عيناها ويخفق القلب إن الحت لها سمة في ظلمة الرمل ال تبدو خفاياها ً خلسة تخفي تسلُّ َلها فتنحني وتحجبُ الخطو عن طي ٍ ف تح ّداها َ لواحظها وال تبالي بما يُدمي إن تعصف الريح في آفاق مسراها تسعى وفي صدرها س ٌر تك ِّت ُم ُه الصخر أخفاه محيّاها لو فجّ روا َ سرٌّ تعهّده إخالصُ مؤمن ٍة تجو ُد بالروح دون السرّ نجواها ٌ بارقة أسما ُء هل أشرقت في األرض فاسترشدت روحُك المثلى ببشراها؟ وكيف ر ّد أمانات لصاحبها ناءت بأثقالها هامات دنياها أسماء يا طفل ُة تزهو بسيرتها بطولة النشء تستقصي مزاياها قُصِّي علينا َحكايا ما أُحيالها
قراءة في لوحات الفنّان أسعد فرزات المرأة والفردوس
متمرّ د ودائ��م البحث ال تكفيه الصياغة الشكليّة والحلول الواقعيّة وال القريبة من الواقع للوصول إلى المعنى يرغب في قول الكثير تضيق اللوحة عما يرغب بقوله يحاول تفجير الجسد من الداخل يصنع من نسائه خرائط ألزمنة فيها من الفوضى والغربة فيها من الصقيع والعبث أ ّنه يحاول أن يقول ك ّل شيء في جسد ال ي ّتسع لوالدة طفل. الف ّنان أسعد فرزات من مواليد مدينة حماة ،سورية .1959 تخرج من كل ّية الفنون الجميلة بدمشق قسم ّ التصوير .1986 متفرّ غ للعمل الف ّنيّ ،أعماله مقتناه من قبل وزارة الثقافة السوريّة ،والمتحف الوطنيّ بدمشق ،وضمن
newspaper@allsyrians.org
مجموعات خاصّة له العديد من المعارض الفرديّة وشارك بالعديد من المعارض الجماعيّة. في الشكل الف ّن ّي: تتجلّى ف��ي ل��وح��ات الف ّنان فرزات خصوصيّة أسلوبيّة عالية وإن اعتمدت بعض األعمال على مرجعيّات بصريّة معروفة إلاّ أّنه ّ المؤثرات استطاع إعادة إنتاج تلك بقالب خ��اصّ وصياغة شكليّة متفرّ دة ويغدو أسلوبه مستقرّ اً رغم التجريب الدؤوب والجرأة العالية في تحوير واستنطاق الشكل بغية وصول األشكال إلى مستقرّ اتها األخيرة. أكثر ما يميّز لوحة الف ّنان هو قوة التأليف البصريّ والحلول البصريّة لألشكال والتي تنعكس بشكل جليّ على بناء اللوحة وتماسكها وإنتاجه إليقاع مضبوط وقويّ يجذب العين مباشرة ويشكل عامالً رئيس ّيا ً في القبض وإحكام البصر ضمن بنية اللوحة. غالبيّة اللوحات تعتمد في بنائها على المستقيمات المتقاطعة وتسود الزاوية القائمة على سواها من الزوايا. اللون في لوحاته ثانويّ ،فال يحضر اللون باعتباره عنصراً أساس ّيا ً لوحة الف ّنان أقرب إلى العمل الغرافيكيّ الملّون منها إلى التصوير وإن أنجزت بتقنيّات اللوحة التصويريّة الزيتيّة فتنوّ ع السطوح قائم لديه على تنوّ ع ّ المعالجات الخطيّة ال على العجائن والملمس وكأنّ
السطوح لديه من ّفذة بطريقة الطباعة وتحاكي بتنوّ عها الكوالج لك ّنها كوالج مطبوع. ك بأنّ العين تنتقل براحة في مساحة اللوحة ال ش ّ وتنعكس الثقة التجريبيّة التي يتعامل فيها الف ّنان مع عناصر لوحته على المتل ّقي مانحة إياه نشوة بصريّة ودهشة والعديد من األسئلة. البصري: في الخطاب ّ ال تنحصر لوحات الف ّنان في موضوع واحد فهو يجرّ ب ح ّتى على الموضوع ولكن في أغلب لوحاته تحضر المرأة وتغدو أه ّم المواضيع لديه. ففي لوحاته النسويّة نستطيع أن نلحظ تطوّ ر ونموّ مفهوم (المرأة –والفردوس) الذي بدأت تجليّاته في اللوحة الحموية كسمة عامّة لهذه اللوحة وتعاقب األجيال الف ّنيّة التي أغنته بالمعالجات المختلفة. يتحوّ ل المكان في لوحات الف ّنان ليدخل في مسار وبنية جديدة فمن البنية الفردوسيّة الليّنة والعذبة التي ظهرت في اللوحات الحمويّة األولى ليصل في لوحات فرزات إلى البنية المعدنيّة الجا ّفة والحا ّدة والتي تحاكي المكان الواقعيّ التي افرزته المدنيّات الحديثة ببعده النفسيّ االغترابيّ ، إنّ المكان ل��دى أسعد ف��رزات هو تجريد حقيقيّ لصقيع المعدن الحديث، وضمن ه��ذا التحوّ ل الدراماتيكي لمفهوم المكان من الفردوس إلى الصقيع المعدنيّ الجافّ والحا ّد ،تخرج المرأة من طور األنوثة المشتهاة لتدخل في شرنقة من األحاسيس
المتناقضة ولتنحسر أنوثتها ضمن هذه التناقضات والصراعات لصالح الخواء والفراغ الجليديّ ،إ ّننا ال نلحظ من أنوثتها شيئاً ،جسدها أقرب إلى الثوب المنسوج من تشابك الفراغ والوحدة ،لكنّ رأسها وأطرافها لم تزل توغل بالبحث عن أنوثتها الضائعة في أحالم هي أقرب إلى التذ ّكر العقيم. في لوحات الف ّنان أسعد فرزات نقف أمام تطوّ ر جديد وهام لمثنوية (المرأة الفردوس) أ ّننا أمام (المكان –الخواء والمرأة – العاقر) إلى هذه اإلجابة تصل لوحة الف ّنان أسعد فرزات وتترك الباب مفتوحا ً على قراءات أخرى.
سهف عبدالرمحن www.allsyrians.org
12
العدد 26
السنة الثانية
مقامات
/ 6آذار 2015/
«داعش» اإلسالمّية العظمى !!
بدنا حنكي
ّ ّ استفزني وهيّج ملكاتي العقليّة تعثرت فيما كنت أسبر منحدرات الـ «فيسبوك» بخبر المتواضعة ،الخبر نشرته وكالة أنباء األناضول ويتضمّن تصريحا ً ألحد كبار القادة العسكريّين األمريكيّين عن تم ّكن «داعش» من اختراق وقرصنة موقعيّ القيادة المركزيّة للقوّ ات األمريكيّة على «تويتر» و»يوتيوب»!! «الداعشيّون» إذاً ليسوا مجرّ د أجالف كما ُخيّل لعقولنا القاصرة ،فهنالك منهم من يتقن لغة العصر ويتعامل مع أدواته ..بل ويتفوّ ق بها للدرجة التي تم ّكنه معارفه ومهاراته من السطو على موقعين إلكترونيّين من المفترض أ ّنهما محميّان جيّداً ألعلى هيئة عسكريّة أمريكيّة! باقية وتتم ّدد .. لم يعد شعاراً يستجاب له بالهزء والسخرية ،فـ «داعش» تستخرج (نفطها) وتجد له سبل ك عملتها ،وتفتتح مصارف وكلّيّات جامعيّة ،وهي تخوض حربا ً في مواجهة التسويق ،وتس ّ ما يُفترض أ ّنه تحالف دوليّ يل ّم شمل شتات قوى األرض في مواجهتها !! تتم ّدد جغرافيّتها حيثما يتوجّ ب عليها أن تفعل (!) وتملك من أدوات السيطرة -وفي المق ّدمة منها فصل الرؤوس عن األجساد -ما يم ّكنها من إعمال مبدأ البقاء والتم ّدد (!)
ّ لكل مقام مقال
فسيفساء الغربة
سرعات خارقة على شبكات الجيل الخامس
أعلنت هيئة إ ّنك ال تمضي فما تزا ُل تحاذيك عصافير مُدمّاة على االت����ص����االت ف��ي بريطانيا السّياج وس��روٌ ،ما ق��ال :أحمل عنه هذي (أوف��ك��وم) أنهّ ي��م��ك��ن إت��اح��ة االنحناءات حتى آخري، خدمات شبكات شبر بسروةٍ، ٍ وظالل أنت ربّيتها ك ُّل ٍ ما تع ّنت وألقت بعضا ً من هوامشها الجيل الخامس ف��ي بريطانيا عليك ب��ح��ل��ول ع��ام وندىً ،أنت شات ُل قمصانه في أقاصيك .2020 ما تن ّقط على لسانك الخشن،
أو تك ّف َل بالدوران حول مهبّك إ ّنك ال تمضي، ُتع َّدان
مسامير من ذه ٍ ب هي، َ َ الرشيق وأنت ،قفزك َ النوافذ هي ،ستائر من غبار وأنت، األخضر وهي ،مقصات ال َب َرد أنت ،لدان َة ِ ً واقفة ،هكذا ،مكتوفة ال ّ َ َ شجر حدائق أنت ،النزهاتِ ،وهي، كورق م ّتسخ باألبيض ،على الطفو المالمح لها ،وهي، أنت، َ َ ٍ مراياك إ ّنك ال تمضي فمن يغا ِدرُ ،ال يباطِ ىء في العشبِ، ال يساع ُد نحالً على بنفسج ال يعصر عيدان شوكها على ظهره المر ّقع بالطعنات بازغ في صبّارة الور ِد مفرق ال يتناعسُ عند أول ٍ ٍ ال يتأب ُ ّط خبزاً، ال يسائل عن جرار في التخوم ال يقلّ ُد بالصفير مغازلة القصب الحسير كخزان ٍة مخلّعة ال يصغي لقلبه ِ كم ال تبتع ُد؟ فكلّما ناغ َلك الحنين تقنطر بين عينيك بكا ٌء ناشفٌ ،يسو ُّد فوق زفير قديم الرحيل لم تحم ْل سالالً ،وس َ َّعت ما بين وألنّ الحصى فاكهة ِ َ وأسكنت ما تبقى لك من هوائها الفاخر، الضلوع، وأل ّنك شب ُه مائ ٍ ت من البرد َ فروك النبيل خلعت عليها تذكرُ ،وأنت تجتاز الزمهرير ،كيف َ كم ال تبتع ُد، بعيدك الشرفات التي تسه ُر فما تزال تح ّدد من َ الصبح، وتلك التي ُتناولها َ وتعرفُ من أين تدخل الجهات إلى مطارحها؟ وكم َلعبا ً بينك اآلن وبين تفاصيلها؟ وفي حضن أيّ الجبال تخبىء األقما ُر أهلّتها؟ ودون أن تمرّ على الصدغ سباب ُتك تح ّدد بيت الحبيبة إ ّنك ال تمضي فحين ُتطعم الحمام المرافق ك َّل قمحكِ فأي ُة مساف ٍة ستقطع خطوك النحيل؟ وحين تلتقط النجوم النازكات حتى ال تخدش وجهها فبأيّة أصابع ستحفن رمل ذكرياتها؟ وهل سيزيد على غصّاتها الغناء مع من ثعالبها ،ترندح؟ حتى على َمسْ ٍ ٌ ومفرط بالصمت وحين تنسى أ ّنك مصابٌ باللغة بماذا تدمدم وأنت ترفع ذيول أثوابها عن ب َُرك الحبر.؟ عبد السالم حلّوم
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
لن أكون متفاجئا ً إنْ حضر ّ ممثل لها في مؤتمر لـ «أوبك» ليتح ّدث عن أسواق النفط وأسعاره وحصص اإلنتاج وتخفيضه ،وربّما تتطلّع ألبعد من ذلك -في ظ ّل ضحالة الرواية ّ بحق النقض في مجلس األمن لتوكيد واألداء التمثيليّ -وهو المطالبة بمقعد دائم مز ّنر عظمتها في هذا الحيّز من العالم؟! أمام أيّ فيلم هوليوديّ هزليّ نحن؟ أمام أيّ عرض مسرحيّ فكاهيّ يضعنا العالم؟ والكارثة أنّ من يدفع ثمن هذا العرض وأكالفه هي أرواح وبشر من لحم وكرامة ودم ّ تتجذر وتتم ّدد يهرق يوم ّيا ً ما بين عصابة ضربت جذور قذاراتها في عمق نخاعنا وعصابة فيه! غزوان قرنفل
عقار مزدوج اللتهاب الكبد واإليدز أفادت دراسة دوائيّة أميركيّة بأنّ 97في المائة من مرضى االلتهاب الكبديّ الوبائيّ (سي) ممّن أصيبوا أيضا ً بفيروس اإليدز ،قد تعافوا من الفيروس الذي يدمّر الكبد بعد 12أسبوعا ً من تناول العقار الجديد الذي تنتجه شركتا األدوية بريستول وجلياد ساينسي ،وأشارت النتائج إلى شفاء 149من بين 153مريضاً.
و با لسر عة التي اختبرها الباحثون ،يمكن تحميل ملفّ يبلغ حجمه مائة ضعف مل ّفات األفالم الطويلة ،في حوالي ثالث ثوان .كما أنّ السرعة الجديدة تفوق متوسّط سرعة التحميل في شبكات الجيل الرابع بحوالي 65ألف مرّ ة!!ّ!
وداعا ً عمّوري ...وداعا ً أبا الليث... وداعا ً أخي وصديقي الف ّنان الكبير عمر حجّ و ...عاشق حلب ال��ذي أص��رّ على وضعها على خارطة الدراما السوريّة فشاركني عالم المدينة العريقة منذ الفيلم التلفزيونيّ نقطة ببحر إلى خان الحرير والثريّا ح ّتى آل الجاللي... عمر حجّ و يصير الشخصيّة فهو في سوق الحبال في خان الحرير سواء أكان أثناء التصوير أو خارجه ير ّتب دكانه الصغير ومستحيل أن يعرف أحد أ ّنه ليس حقيقة الحاج عبد القادر بائع «الحبيل»... وحين كان الحاج أمين الجاللي بهيبته ووقاره كان عمر الف ّنان الكبير المتألّق
السالم لروح الفنّان عمر ح ّجو
وال سورّية واحدة
ط��رح م��وق��ع CNNبالعربيّة السؤال :من هي الناشطة الحقوقيّة العربيّة األكثر إلهاما ً للجمهور؟
الذي تص ّدقه في ك ّل لمحة وك ّل فعل... عمر حجّ و الذي أهداني الليث ابنا ً ف ّن ّيا ً ّ أعتز به وأفخر بإنجازاته ،لم يتو ّقف يوما ً على المنح والعطاء لك ّل من عرفه وشاركه أحالمه التي صنعت منه ف ّنانا ً استثنائ ّيا ً وأبا ً رائعا ً وزوجا ً مح ّباً... صديقي عمر ،كم يؤلمني أ ّنني لم أكن في وداعك وأنت ترحل ...قدرنا أن نفارق األحبّة دون نظرة الوداع األخيرة... للصديق عمر حجّ و الرحمة وأل ّم الليث والليث وسالم ولك ّل محبّيه على امتداد رقعة ف ّنه الواسعة الصبر والسلوان ... عن صفحة المخرج هيثم ح ّقي
فوق ألسنة اللهب
صدر حديثا ً عن دار «نون »4للطباعة والنشر رواية «فوق ألسنة اللهب» في شباط 2015من تأليف مشترك بين الدكتور محمّد محمود والحقوقيّة نادية خلوف.
واختار الموقع ،بمناسبة يوم المرأة العالميّ في 8آذار ،أربع ناشطات حقوقيّات عربيّات ،بارعات في مجال حقوق اإلنسان ،وهنّ :
تقع الرواية في مائة صفحة من القطع المتوّ سط.
المصريّة ن��وال السعداوي، واليمنيّة تو ّكل كرمان ،والبريطانيّة من أصل لبنانيّ آمال علم الدين ،والسعوديّة سمر بدوي.
وقد تمّت الطباعة في تركيا ،حيث يقيم الكاتب محمود ،بينما تقيم الكاتبة خلّوف في السويد.
الصمود والممانعة م��ا أُش��ي��ع م��ن تحطيم والعقيدة «داع��ش» آلثار الموصل ه��ن��اك ت�ل�ازم ق��ويّ ما هي إلاّ لعبة قذرة بين وغ��ري��ب ب��ي��ن اإلي��م��ان الغرب من رعاة «داعش» بنظريّة المؤامرة من جهة وب��ي��ن ع��ص��اب��ات��ه��م في والصمود والممانعة من االستيالء على آثار العراق جهة أخرى ،نفس هذا التالزم نجده بين نظريّة وبيعها. عبدالغين اجمليدي المؤامرة واإلسالم السياسيّ ! وربّما يمكننا القول بشكل أوس��ع إ ّن��ه هناك ت�لازم ق��ويّ بين نظريّة بمناسبة تحطيم آثار العراق: المؤامرة والعقيدة سواء كانت دينيّة أو ماركسيّة أو عمرو بن العاص لمّا دخل مصر ّ Mona kareem Azzam Amin قوميّة أو بعثيّة... لم يحطم أبو الهول.
هيئة التحرير ّ بشار فستق -غزوان قرنفل ثائر موسى -عزّة البحرة
االخراج الفني منير األيوبي
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
(ف��ي��دي��و) ت��دم��ي��ر تنظيم «داعش» لتماثيل تعود إلى أكثر من سبعة آالف سنة بمتحف نينوى في الموصل ال��ع��راق� ّي��ة ،الخميس 26 شباط ،2015وق��د نشر ال��ج��ه��اد ّي��ون ه��ذا الفيديو بطول 5دقائق الذي يصوّ ر ج��زءاً من العمليّة، معلّقين بأ ّنها «أصنام» يجب تدميرها ،وأرفقوا ذلك بأغنيات .وقد استخدم المسلّحون الجهاديّون المطارق والمثاقب لتحطيم المنحوتات. https://www.youtube.com/watch?v=kgBFKZOTd74
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org