مؤتمرات التصنيف
ص2
أربع سنوات على الصرخات األولى ص7- 6- 5
سياسية ثقافية نصف شهرية
السنة الثانية
/3نيسان 2015 /
المدني بُعيد التحرير ،الوضع ّ في إدلب
ص3
حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة، حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم بدوره يف صياغة وعي وط ّ ين سور ّي جامع ،يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
العدد - 28 -
newspaper.allsyrians.org
12صفحة
سفير الغناء راوي الجزّ ّ
عريس صفقة
ص11
ص10
سورّيون في السويد
ص8
انتقام ... بالمصادرة
ص9
ص11
سوريالّيات إدلب ..هنانو ..المبعوجة
وإن اختلف الس ّجان ...السجن واحد ص9
ص5 6-
ّ
ص3
7-
يمكن ال��ق��ول إنّ أيّ إض��ع��اف لتحالف «النظام – إيران» وتوابعهما هو انتصار أكيد للشعب السوريّ ...ولمستقبل سورية ...لكن هل يكفي هذا القول لتكتمل المقولة؟؟؟ ...ال ب ّد لنا من إضافة وجه آخر لها لكي تتضح وهو: أنّ أيّ انتصار للقوى غير المدنيّة والديمقراطيّة هو إضعاف لسوريّة القادمة ،وعقبة أخرى أمام صيغة عقدها االجتماعيّ القادم ،أي الصيغة المدنيّة الديمقراطيّة التع ّدديّة ...التي حلم بها السوريّون وثاروا من أجلها. يمكن القول أيضاً ،إنّ ك ّل هذا العفن الذي رفعت الثورة السوريّة الغطاء عنه وفضحته ...وال��ذي كان يتغلغل عميقا ً ويصيب ك ّل مفاصل الحياة في سورية ،هو نتاج طبيعيّ لعقود القمع والتهميش وسحق الحياة المدنيّة والسياسيّة داخ��ل المجتمع السوريّ وداخل مؤسّساته وهيئاته المدنيّة ،والتي عمل عليها النظام السوريّ بمنهجيّة فائقة ....وهنا أيضا ً ال يكفي هذا القول ،إذ ال ب ّد من إضافة أخرى، وهو أ ّنه ال انتصار على هذا العفن بإحياء عفن بديل ...فسورية القادمة لكي تنتصر ال ب ّد لها أن تنتصر على العفن مهما تع ّددت وجوهه. ما يحاول الكثيرون فعله هو إغراقنا -نحن السوريّين -في التفاصيل اليوميّة التي يبدعون ويتف ّننون بصناعتها ...تفاصيل تنسينا في غمرة األلم حقيقة ما نريده وما ُثرنا من أجله ...ننسى في تفاصيل موتنا اليوميّة أ ّننا قمنا بثورتنا ألنّ النظام كان يمنع ع ّنا أيّ وجه للحياة ...ولم نقم لكي نتقاتل على تخوم طوائفنا ...لم نقم لنبني دولة دينيّة ،وال إلحياء حروب طائفيّة ...ولم نقم لمناصرة دولة تبحث عن مصالحها في سورية ض ّد دولة أخرى تبحث أيضا ً عن مصالحها ...لماذا إذاً ننسى ما قمنا من أجله
...ونستبدل سوريّتنا الحلم بتفاصيل تبعدنا ك ّل يوم عن حلمنا؟؟. ّ إنّ تحرير إدلب ...ال يكفي للقول :إننا انتصرنا ...فالر ّقة تحرّ رت منذ زمن طويل، لك ّنها في الحقيقة ال تزال غير محرّ رة ... لنعترف إذاً ،أنّ إخراج النظام من أيّة بقعة سوريّة هو انتصار للحلم السوريّ بالتأكيد، لك ّنه ليس نصراً مح ّققا ً كما يشتهيه السوريّون، ولكي يكتمل هذا االنتصار فعلينا أن نشرع بالتأسيس للخطوة الثانية التي ال تق ّل كثيراً ّ والمتمثلة في هزيمة عن أه ّميّة الخطوة األولى النظام وإخراجه منها. ً إدلب اليوم هي مسؤوليّتنا جميعا في منع تكرار تجربة الر ّقة ...فليس التطرّ ف ما نريده مهما تب ّدلت أسماؤه ...وتحطيم تمثال هنانو بالغ الداللة ...ال أل ّنه فقط تمثال لشخصيّة وطنيّة سوريّة لها رمزيّتها في وجدان السوريّين ...إ ّنه باختصار تكثيف شديد لصراع ثقافتين وفهمين متناقضين لسوريّة التي يريدها السوريّون... وإنّ مجزرة قرية «المبعوجة» ليست في عدد ضحاياها وال في انتماءاتهم الطائفيّة فقط ...إ ّنها تكثيف الصراع بين فهمين وثقافتين وصيغتين ...والحياد هنا وفي ك ّل هذا الصراع بين هاتين الثقافتين هو مساهمة في إجهاض حلم السوريّين. ّ لم يبق أمامنا نحن السوريّين متسع وال دم يكفي لكي نتريّث في تسمية أعدائنا ،ح ّددنا عدونا الواضح والصريح عندما ُثرنا على هذا النظام ،وألحقنا به ك ّل من سانده ،علينا اآلن أن نح ّدد أعداءنا الملتبسين والمق ّنعين والذين هم بوضوح وبملء الصوت ك ّل أشكال التطرّ ف واإلقصاء والقتل مهما تع ّددت تسمياته ومرجعيّاته. بسام يوسف
صغار سورّيون في ماردين ص8
األوضاع العسكرّية في مدينة إدلب وما حولها
2
العدد 28
السنة الثانية
/ 3نيسان 2015/
حوار العدد مع
الرسمي باسم الحكومة السورّية المؤ ّقتة. «أحمد الرمح» الناطق ّ - -
نن ّسق مع جيش الفتح لتقديم اخلدمات للمدنيّني إدارة إدلب مدنيّة من خالل الكوادر الوطنيّة من أبنائها نناشد اجملتمع الدول ّي ليطبّق حظر جوّ ّي ومنطقة آمنة
يتداول السوريّون الكثير من التساؤالت حول األوض��اع الراهنة في مدينة إدلب ومستقبلها. والستيضاح موقف الحكومة السوريّة المؤ ّقتة، نقلت صحيفة «كلّنا سوريّون» بعضا ً من هذه التساؤالت إلى الناطق الرسميّ باسم الحكومة األستاذ «أحمد الرمح» فكان الحوار التالي: قوات األسد منذ • تحررت مدينة إدلب من ّ ّ ّ أ ّيام ،هل يوجد للحكومة السور ّية المؤقتة ،اآلن، أي دور داخل المدينة؟ ّ الرمح: سعت الحكومة المؤ ّقتة منذ اللحظات األولى لتحرير إدلب للتواصل مع الجهات المعنيّة هناك للقيام بدورها وواجبها تجاه أهلنا في إدلب؛ وقامت باستنفار ك ّل طاقتها ووجهت ك ّل مديريّاتها للقيام بواجبهم حيال المواطنين هناك لتأمين ما يمكن تقديمه من خدمات مدنيّة وإنسانيّة؛ وجرى تواصل مع المجلس المحلّيّ لمدينة إدلب لرفع تقريره عن احتياجات المدينة لتنفيذها على وجه السرعة. وقد ت ّم إرسال دفعة من الحبوب حصّة شهر نيسان 4250طن من الحبوب على أن تكون حصّة شهر أيّار 8000طن سيت ّم إرسالها من أصدقاء الشعب السوريّ من خالل الحكومة المؤ ّقتة؛ كذلك ت ّم تسليم مبنى مديريّة التربيّة في إدلب من حركة أحرار الشام لمديريّة التربية الحرّ ة التابعة للحكومة المؤ ّقتة ،وقد م ّددت الحكومة المؤ ّقتة م ّدة التسجيل المتحانات الشهادة الثانويّة عشرة أيّام وستتك ّفل بنفقات االمتحانات وتقوم باإلشراف عليها؛ وهناك فريق يقوم اآلن بزيارة إدلب لالطالع على واقعها وتقديم تقريره للحكومة عن االحتياجات اإلنسانيّة وخصوصا ً ما يتعلّق بالناحية الصحّ يّة والتعليميّة والمعاشيّة. ك ّل ذلك يت ّم من خالل التنسيق مع قيادة جيش الفتح؛ لتسهيل تقديم الخدمات للمدنيّين من جانب
الحكومة. يتخوف الكثيرون من تكرار ما حدث • ّ ّ في مدينة الرقة من سيطرة «داعش» ما هي الخطط المستقبل ّية للحكومة المؤ ّقتة في إدارة مدينة إدلب؟ الرمح: حال ّيا ً مجلس ال��وزراء في حالة انعقاد دائم لوضع ك ّل إمكانات الحكومة المتواضعة في خدمة مدينة إدلب المشهود لها بالنضال ومقاومة االستبداد والمعروفة ببسالة أهلها وتفانيهم والتحامهم بالثورة منذ اليوم األوّ ل لها .وكما ُ قلت
ستؤدّي الحكومة وظائفها؟ وماذا عن انتقالها السوري؟ إلى الداخل ّ الرمح:
نحن نناشد المجتمع ال��دول��يّ لكي يضغط باتجاه حظر جوّ يّ ونطالب بمنطقة آمنة لتكون مالذاً للمدنيّين من القصف الهمجيّ وغاز الكلور السا ّم وطائرات النظام التي تدمّر وتقتل األطفال والنساء والشيوخ وته ّدم البنى التحتيّة وتعمل على إف��راغ المدن من أهلها كما نطالبه للقيام بواجبه ودوره حيال المدنيّين ليثبت مصداقيّة دعواه في حماية المدنيّين وحقوق اإلنسان وليق ّدم االحتياجات األساسيّة لهم من خالل دعم يجعل هؤالء المرابطين في الداخل يعيشون بكرامة في بيوتهم ومناطقهم. وأمّا مسألة الحماية فالحكومة تأسّست لتمارس عملها بالداخل وما يجري على من هم بالداخل يجري على طواقمها والب�� ّد من أن تتحمّل مسؤوليّاتها في ذلك -وهذا واجبها لكي تكون قريبة من الواقعوسريعة في التجاوب مع المطالب الشعبيّة الخدماتيّة اإلنسانيّة. وهي حال ّيا ً ستكون متواجدة من خالل مديريّاتها ومجلسها المحلّيّ باإلضافة إلى الزيارات الميدانيّة لوزرائها ومسؤوليها وتعمل لكي تؤمّن تواجدها في إدلب على الوجه المطلوب.
ت ّم توجيه مديريّات الحكومة المؤ ّقتة لتكون على األرض ح ّتى تعرف عن قرب احتياجات المدينة؛ ونحن حريصون على تكون إدل��ب نموذجا ً ّ يستحق الحرّ يّة يثبت أنّ الشعب السوريّ شعب والكرامة وهو قادر على إدارة مؤسّسات الدولة بشكل مدنيّ ليؤسّس دولته المدنيّة الديمقراطيّة التع ّدديّة؛ وقد ت ّم اال ّتفاق مع قيادة جيش الفتح على أن تكون إدارة إدلب مدنيّة من خالل الكوادر الوطنيّة من أبناء المدينة المشهود لهم بالكفاءة والوطنيّة والتضحيات وبحماية عسكريّة يتولاّ ها جيش الفتح. ي فوق جو ّ • في حال لم يت ّم تنفيذ حظر ّ المحررة ،أو إيجاد مناطق آمنة ،كيف المناطق ّ
ختاماً ،نحن نبارك ألهل إدلب تحرّ رهم من الطغيان واالستبداد ّ ونحث الفصائل كي تبقى متوحّ دة فقوّ تهم ونطالب في توحّ دهم ونقدر ونثمّن لهم بطوالتهم وتفانيهم وإخالصهم ،وإدلب معروفة تاريخ ّيا ً بنضالها وبطولتها وأهل إدلب قادرون على إدارتها مدن ّيا ً بمساعدة الحكومة على أكمل وجه كما نتم ّنى للجرحى والمصابين الشفاء العاجل ونترحّ م على أرواح الثوار األبطال الذين ضحّ وا بدمائهم من أجل هذه اللحظة التاريخيّة وندعو هللا أن يمنّ علينا بالنصر والتحرير لك ّل المحافظات السوريّة. الرسمي • األستاذ أحمد الرمح الناطق ّ باسم الحكومة السور ّية المؤ ّقتة ،شكراً جزيالً لكم.
حاوره ّ بشار فستق
مؤتمرات التصنيف
إنّ ما تشهده األوساط ال��س��ي��اس� ّي��ة وال��ث��وريّ��ة ال��س��وريّ��ة ه���ذه األيّ���ام يمكن أن يوضع تحت عنوان عريض مختصر: «الهرج والمرج» ،ففي الوقت ال��ذي تح ّقق فيه الثورة انتصارات ميدانيّة كبرى مثل تحرير إدلب والتق ّدم الكبير للجيش األوّ ل في الجنوب ،في الوقت ذاته نرى تراجعا ً كبيراً للفعل السياسيّ السوريّ لدى المعارضة وصل إلى مرحلة اإلفالس السياسيّ بعد تفريغه من مضمون التمثيل الشرعيّ «سياس ّياً» بعدم دعوة االئتالف الوطنيّ لحضور مؤتمر القمّة العربيّة في القاهرة ،بل ووض��ع علم النظام الديكتاتوريّ أمام الكرسيّ الفارغ للجمهوريّة العربيّة السوريّة ،الذي رغم فراغه أوصل بذاك ّ العلم تغيّر نظرة الجامعة العربيّة للممثل الشرعيّ للسوريّين ،يرافق ذلك إفالس ما ّديّ ،حيث هناك حالة من تجفيف الدعم الرسميّ من قبل المجتمع الدوليّ للجهات «الرسميّة» للمعارضة السوريّة ّ المتمثلة بالحكومة المؤ ّقتة واالئتالف الوطنيّ ، ّ منظمات المجتمع المدنيّ الناشئة، وح ّتى باقي وذلك التجفيف ليس مرتهنا ً باألوساط المدنيّة ،بل بالفصائل المقاتلة على األرض ،ذلك االضطراب الذي أحدثه اإلفالس السياسيّ والماديّ أ ّدى إلى حالة الهرج والمرج وح ّتى إلى حالة من االنفصام عن الواقع السياسيّ والميدانيّ ،فاالئتالف الوطنيّ يصدر مرسوما ً برفع حالة الطوارئ في سورية! بينما حكومة الطعمة تعلن أ ّنها ستنتقل إلى الداخل لتمارس عملها من مدينة إدلب؛ رغم أنّ أجزاء كبيرة من حلب محرّ رة قبل ح ّتى نشوء الحكومة!!
newspaper@allsyrians.org
وبعيداً عن مدى قبول الفصائل التي حرّ رت المدينة وعلى رأسها جبهة النصرة وأحرار الشام لهذا الطرح من عدمه ،فإنّ الحكومة المؤ ّقتة هي مفلسة تماما ً اليوم ،األمر الذي يعلمه القاصي والداني ،فما الذي تستطيع فعله؟ إنّ طروحات االئتالف الوطنيّ والحكومة الدونكيشوتيّة لألسف ال تعبّر إلاّ عن حالة واحدة نطلق عليها في أدبيّاتنا الفلكلورية «صحوة الموت» .في ظ ّل هذا التخبّط والعطلة السياسيّة للمعارضة ،ومع انشغال المجتمع الدوليّ (على األق ّل الجزء الفاعل منه في القضيّة السوريّة) بالمعركة العسكريّة القائمة حول اليمن ،والسياسية القائمة حول الملفّ النوويّ اإليرانيّ وحالة االضطراب التي خلقها اإلهمال المتعمّد للوضع السوريّ هناك العديد من الخيارات المرميّة أمام السوريّين ،مؤتمر موسكو ،ومؤتمر القاهرة ،وما ّ سيتمخض عنه ديمستورا ،لم ك ّل ذلك؟ أي ما الذي سينتجه مؤتمر مصر السيسي مختلفا ً عن مؤتمر روسيا بوتين ،وهل من اختالف؟ أم أنّ طبيعة العواصم وموروثها من التعامل مع القضيّة السوريّة هو المختلف؟ هل من الممكن أن تكون تلك المؤتمرات مؤتمرات تصنيف للمعارضة السوريّة؟ أي أنّ من يرفض سقف موسكو قد
يقبل بسقف القاهرة ،ومن يرفض سقف القاهرة قد يقبل بالح ّل األمميّ (جنيف) وم��ن يرفض التفاوض بمجمله .وبذلك ت��ص�� ّن��ف ال��م��ع��ارض��ة السوريّة إلى مجموعات ال يبقى على المجتمع الدولي إلاّ أن يختار منها ما يتناسب مع الطرح الذي يتصوّ ره ،ليمارس على المجموعة المختارة نوعا ً من «االصطفاء الطبيعيّ » بطريقة معكوسة فيجعل من المجموعة المصطفاة المجموعة األق���وى ،من خاللها يكون الدعم العسكريّ والمدنيّ وبعض الدعاية السينمائيّة وكاريزما جيّدة للبعض ،وتصبح األكثر وطنيّة. إنّ س��وري��ة ال��ي��وم ف��ي ظ�� ّل م��ا تعانيه من الديكتاتوريّة والتطرّ ف من قبل النظام إلى جانب مفرزات الفوضى األصوليّة والشموليّة هي أكثر ما تحتاج إلى جسد سياسيّ جديد قادر على التواصل مع المجموع الثوريّ ومع باقي أبناء المجتمع السوريّ ليصيغ مشروعا ً وطن ّيا ً ِّ ممثالً بشكل فعليّ لك ّل أبناء سورية ،مشروعا ً ليس على قياس فصيل ،وال على قياس ح ّتى ثورة ،ولكن على قياس وطن ،كما على هذا الجسد أن يدرك المصالح الدوليّة في ذلك الموقع الجيوسياسيّ المه ّم لسورية ،وأن يعمل لكي يجعل تقاطع تلك المصالح تناسب مشروعه الوطنيّ ال العكس، فيح ّقق الثنائيّة الذهبيّة للح ّل في سورية .األمر ال يحتاج إلى مثاليّة ،وإ ّنما يحتاج إلى رجال يحترمون أنفسهم ويقرؤون السياسة بشكل صحيح ويخلصون في العمل.
رعد أطلي
قراءة سياسية
في معارك التحرير المستمرّة.. مع دخول الثورة السوريّة عامها الخامس ،تخبو األحاديث عن الحلول السياسيّة ،وتتصاعد لغة السالح دون أيّة مؤ ّ شرات على حسم عسكريّ ،متغيّرات متالحقة على األرض ،وتضارب في النظرة إليها ح ّتى بين أبناء الموقف الواحد ،فما حصل في بصرى الشام من تحرير هادئ ،وما تبعه في إدلب من تحرير مصحوب بك ّل ذلك الضجيج ،وما حصل في محيط مدينة سلميّة من ضرب لحواجز النظام ،وما تبعه من مجازر مروّ عة في قرية المبعوجة، وما قد يحصل الحقا ً في مناطق مختلفة ،يحمل العديد من الدالالت على توجّ ه المشهد السوريّ باتجاهات متباينة ،قد يكون بغير االتجاه المؤ ّدي نحو الخالص ،اتجاهات الب ّد من تحديد مالمحها، وأسباب وجودها ،وعوامل استمرارها ،كي ال يكون الطريق نحو الخالص مبهماً ،وكي يتم ّكن جميع الباحثين عن خالص فعليّ من السير نحوه. ك بأنّ ما أقدم عليه النظام منذ بداية الثورة وح ّتى اليوم، الش ّ من قتل للمدنيّين ،وتصفيات للمعتقلين ،وتدمير للتجمّعات السكنيّة، يجعل من ك ّل معركة تؤ ّدي إلخراج ذلك النظام من أرضها ،معركة تحرير جزئيّة في سياق معركة تحرير شامل ،من ذلك النظام اإلجراميّ ،ومن ك ّل المحتلّين ،الذين استدعاهم لحمايته ،أو الذين شرّ ع لدخولهم عبر عنفه المفرط ،من إيرانيّين وعراقيّين ولبنانيّين، ومن تونسيّين وشيشان وجهاديّين آخرين؛ كذلك فإنّ ما يُقدم عليه النظام من قصف همجيّ للمنطقة التي يفقد السيطرة عليها ،في ظ ّل رادع عربيّ أو دوليّ ،ال يلغي ضرورة االستمرار الغياب أليّ ٍ في عمليّات التحرير ،إلى جانب الضغط بك ّل الوسائل لحماية المدنيّين من تلك الهجمات الوحشيّة ،في ظ ّل الضعف المستمرّ لقوّ ة النظام البشريّة ،وتراجعاته المتالحقة في السيطرة على األرض ّ مؤخراً ،باالستمرار في السوريّة ،والتي عبّر عنها رأس النظام القتال من أجل كسب السوريّين ،ال من أجل األرض والمواقع، كسبا ً على طريقته اإلجراميّة ،التي خلّفت ح ّتى اآلن ،مئات اآلالف من الضحايا ،والماليين من النازحين والمشرّ دين. إنّ تلك المعارك التي يخوضها العديد من أبناء الشعب السوريّ ، والدماء التي تق ّدم من أجلها ،ال يمكن النظر إليها من خالل الشعارات والرايات ذات الطابع الدينيّ المتش ّدد فحسب ،فإذا كانت تلك المناطق المحرّ رة من قبضة النظام تشهد العديد من التحوّ الت السلبيّة ،بفعل السيطرة الجديدة للتنظيمات المسلّحة التي تقود عمليات التحرير ،ولغياب القوى المدنيّة القادرة على إدارتها، حيث سادت الفوضى المخيفة ،في معظم المناطق التي سيطرت عليها الكتائب واأللوية المنضوية تحت مسمّى الجيش الحرّ ،وحيث طبّقت أحكام القرون الغابرة الظالميّة ،في المناطق التي سيطرت عليها «داع��ش» ،وحيث يمكن أن ال تخرج عن تلك السياقات المشابه ،المناطق التي تتم ّدد سيطرة جبهة النصرة عليها اليوم ،فإنّ تلك التحوّ الت قد ال تكون سوى تحوّ الت عابرة ،إذا كان القائمون عليها من وافدين وبعض السوريّين ،ليسوا أكثر من بضعة آالف، يفرضون بقوّ ة السالح ،ك ّل ما هو بعيد عن قناعات السوريّين وحياتهم االجتماعيّة ،وإنّ ذلك االنفالت المرعب ،ليس إلاّ نتيجة للتماهي الذي كان سائداً بين مؤسّسات الدولة وأجهزة النظام ،والذي ال يعوّ ل على بقائها طويالً وعلى امتداد األرض السوريّة ،في ظ ّل ذلك التآكل المتصاعد ألجهزة النظام ،والذي لن يُحلّ ،سوى عبر البدء بمؤسّسات دولة جديدة ،ال عبر إقامة مؤسّسات أهليّة ضيّقة، أو شرعيّة وفقا ً لرؤية من يحميها من مسلّحين. الشعب السوريّ وعلى اختالف مكوّ ناته وتوجّ هاته ،لم يدخل - وكما تظهر الوقائع -في أيّ صراع أهليّ عام ،فعلى الرغم من ك ّل ما حدث ،في السنوات األربع الماضية ،من تجييش طائفيّ وعرقيّ ،ومن مجازر ومآسي كبرى ،ظ ّل الشعب وبك ّل أطيافه بعيداً عن أيّ صدام مباشر ،وبقي شعبا ً مسالما ً باحثا ً عن لقمة عيشه وكرامته ،رغم الجوع والقتل والتشريد ،وإذا كان قسم مه ّم من أبنائه قد لجأ إلى حمل السالح ،في مواجهة أعتى أنواع الدكتاتوريّات في العالم ،وأكثرها عنفا ً وإجراماً ،فإنّ ما يصدر عن البعض من مواقف إسالميّة متش ّددة ،رعتها ّ وغذتها التنظيمات الجهاديّة الوافدة وداعميها ،لم تصل إلى حدود التطرّ ف والتكفير واإلرهاب ،كسلوك غريب ومستهجن في المجتمع السوريّ ،وكسلوك مرتبط بالوافدين القادمين باسم الجهاد ،من تلك المجتمعات اإلسالميّة والغربيّة التي نشأ وترعرع فيها ،كما تدلّل تلك الحوادث المتعلّقة بذلك، ومنها ما يتعلّق بتحطيم تماثيل الرموز التي يجلّها ك ّل سوريّ ، من المعريّ إلى هنانو .كذلك ،فإنّ ذلك القسم من أبناء المجتمع السوريّ الذي اختار الدفاع عن بقاء النظام ،ملتجئا ً إلى المشاركة في أساليبه العنفيّة واإلجراميّة ،من تشبيح وذبح وقتل ،أو مسانداً الستمراره في المناطق التي يسيطر عليها ،سعيا ً إلى المزيد من المكاسب الشخصيّة ،أو خوفا ً من حكم إسالميّ قادم ،فإ ّنه الب ّد على ّ تتلطخ يده بدماء أبناء وطنه ،أن يعيد النظر في من يرفض أن رؤيته لحقيقة ذلك النظام ،لكي يخرج من دائرة الموت التي يرميه النظام إليها ،في تحديه ّ الفظ لك ّل ح ّل سياسيّ ،وأن يشارك مع ك ّل السوريّين في بناء دولتهم الجديدة. بك ّل هذه المؤ ّ شرات التي ال يمكن القفز عليها ،ال تبدو إمكانات الشعب السوريّ قادرة على تلمّس طريق الخالص ،ما لم تتو ّفر لهم المساعدة الحقيقيّة والعربيّة أو الدوليّة ،ففي ظ ّل نظام يمتلك ك ّل وسائل الدعم المطلقة ،من مال وسالح ،ومن ميليشيات حقد طائفيّ تستهدف وجود أكثر من ثلثيّ الس ّكان ،وفي ظ ّل تنظيمات إسالميّة، تبحث عن سيادة على مناطق سوريّة مح ّددة ،رغما ً عن قاطنيها المتم ّتعين بالنظرة األكثر اعتداالً للدين من ك ّل شعوب المنطقة، مساعدة تخضع للعديد من التوازنات التي يجري إعادة رسمها في المنطقة ،توازنات لم يعد مجديا ً الرمي بعيداً لرؤيتها ،كمحاربة لإلمبرياليّة وربيبتها ،التي خرق أبواق النظام آذاننا بها طيلة عقود طويلة من الزمن ،في ظ ّل وقائع يجري تنفيذها بشكل فعليّ ،في العراق وسورية ولبنان واليمن.
لؤي حاج بكري
www.allsyrians.org
قراءات
العدد 28
/ 3نيسان 2015/
3
السنة الثانية
األوضاع العسكرّية في مدينة إدلب وما حولها المرحلة الثانية بدأت ومعها بدأ االنهيار السريع لمعظم الحواجز وخ��اصّ��ة ف��ي الجبهة الشرقيّة، ّ والمتمثلة ب��ح��واج��ز (س��ادك��وب
بعد تحرير معسكريّ (وادي الضيف والحامديّة) ّ كخط دفاعيّ بعيد عن مدينة إدلب ،تش ّكلت غرفة عمليّات جيش الفتح التي استطاعت وضع ّ خطة محكمة راعت خطوط دفاع النظام المتوسّطة والقريبة ،وبدراسة متقنة شملت ك ّل مفاصل القوّ ة للنظام والميليشيات الشيعيّة المتع ّددة التي تسانده ،كانت الخطوات األولى إلعالن «غزوة» إدلب التي أطلقها جيش الفتح في محافظة إدلب وريفها لتحرير المدينة التي استعصت على أكثر من محاولة لتحريرها. المعركة ّ خططت لمراحل وبدأت مرحلتها األولى بتمهيد مدفعيّ وبمئات الفوّ هات من األسلحة الصاروخيّة ّ والمدفعيّة والهاون ،واستهدفت فصل الخط الدفاعيّ األوّ ل البعيد المحيط بإدلب عن ّ خط الدفاع الثاني. ّ ّ الخط الدفاعيّ األوّ ل الذي وضعه النظام يتمثل
عن مدينة إدل��ب بمعسكر المسطومة على االتجاه الجنوبيّ وحاجز القرميد والتنمية وحاجز ب ّنش على االتجاه الشرقيّ إضافة إلى حاجز معمل الكونسروة ّ على االتجاه الغربيّ ،أمّا ّ والمتمثل خط الدفاع الثاني بـ ( )30-25حاجزاً صغيراً تتموضع على كورنيشها الذي يحيط بالمدينة من جهاتها األربعة. العزل بالنيران الذي ح ّققته الفصائل المهاجمة وقطع الشريانين األساسيّين إلمداد قوّ ات النظام ،إن كان عبر ّ خط أريحا -المسطومة -إدلب ،أو عبر الشريان الواصل من قريتي الفوعة وكفريا ،واللتان تحويان معظم الشيعة القادمة من حزب هللا والحرس الثوريّ اإليرانيّ والباسيج وأيضا ً كا ّفة المرتزقة الشيعة القادمين من بلدان أسيويّة مختلفة ،هذا العزل والقطع م ّكن فصائل جيش الفتح من التق ّدم والوصول إلى تخوم المدينة واقتحام الدفاعات المباشرة للنظام ،وساهم بانطالق المرحلة الثانية واالنتقال نحو حدود المدينة ّ المتوزعة على والبدء بالتعامل مع الحواجز الصغيرة مداخل المدينة األربعة.
بعد معارك عنيفة استطاعت الفصائل المنضوية تحت مسمّى جيش الفتح أن تبسط سيطرتها على كامل مدينة إدلب ،وكانت الخشية أن يتكرّ ر في إدلب بعد تحريرها سيناريو أغلب المناطق المحرّ رة ،وما حدث فيها بعد التحرير من تخريب ونهب للممتلكات العامّة والخاصّة وعدم مراعاة حقوق المدنيّين في أمنهم وأمانهم وتبديد مخاوفهم ،بل وأحيانا ً إلحاق األذى بهم. لكن ما حصل في إدلب مختلف ج ّداً والوقائع كما هي، يلزم أن تقال. تأمين المدنيّين والمؤسّسات والممتلكات كانت الخطوة األولى في ّ خطة المقاتلين هي إجالء المدنيّين خوفا ً من القصف وتمكينهم من الخروج ،وذلك بتأمين وسائل نقل خاصّة تقلّهم إلى البلدات والقرى المجاورة ،حيث شهدت المدينة نزوحا ً شبه كامل لمعظم الس ّكان ،ويقول المقاتل سهيل :من جيش الفتح المشارك في معركة إدلب لقد كان تأمين خروج المدنيّين من أصعب المهام التي واجهتنا في هذه المعركة ،فقد كان همّنا تأمين وسائل النقل الخاصّة بهم وحمايتهم لقد وقع على كاهلنا تحمّل المسؤوليّة مضاعفة ،بحمايتهم وتأمين خروجهم ،وكان البعض م ّنا مكلّف بهذه المهمّة رسم ّياً» .تقول سارة وهي طالبة جامعيّة تسكن في إدلب «كنت خائفة ج ّداً ،لكنّ مخاوفي غادرتني مباشرة نتيجة مساعدة الثوّ ار لي ولجميع من كان معي من األهالي وعمل المقاتلون بشكل دؤوب وأسلوب لطيف دون أيّ إزعاج لتسهيل خروجنا ،وهذا ما ب ّدد جميع مخاوفي ،لقد أمّنوا لي وألختي الحماية الكافية لساعة ركوبنا في السيارة التي أقلّتنا إلى بلدتنا» .ولدى سؤالنا لها ،هل حصل من تخريب لمؤسّسات الدولة والممتلكات العامّة أو الخاصّة؟ أجابت سارة :إ ّنها لم تشاهد أيّ تخريب على أيّ مستوى كان ،وأضافت أ ّنها سمعت أنّ هنالك قراراً بمنع التخريب أليّ من المؤسّسات العامّة، وعدم المساس باألمالك الخاصّة تحت طائلة العقوبة الشديدة ،وأضافت سارة :بأنّ معظم س ّكان المدينة كان شعورهم نفس شعورها عندما شاهدوا كيفيّة تعامل الثوّ ار معهم وتأمين ك ّل ما يحتاجونه ،وتضيف :لقد عملوا على التخفيف قدر اإلمكان من مخاوف األهالي، فكانوا ينادون بالمكبّرات لطمأنتنا ،حينها بدأ األهالي
newspaper@allsyrians.org
واإلن���ش���اءات والمحلج والمسلخ ومعمل ال��غ��زل ال��ق��دي��م والجديد واألع�ل�اف) ،ممّا سهّل االندفاع نحو الداخل والبدء بحرب عصابات وحرب شوارع يتقنها الثوّ ار أكثر من غيرهم ،والجبهة الشماليّة إلدلب التي تض ّم حواجز (صباح قطيع والرام، والسكن الشبابيّ والجامعة) لم تكن بأفضل من مثيالتها في الشرق ،فسرعان ما انهارت تحت ضربات الثوّ ار ومهّدت لهم بالدخول نحو بقيّة األحياء السكنيّة ،وبهذا الخرق من القطاع الشماليّ والشرقيّ ولحق بهما فيما بعد تق ّدم ميدانيّ من الجهة الغربيّة التي استعصت باليومين األوليّين ث ّم ما لبث أن تق ّدمت كتائب جيش الفتح إلى داخل أسوار إدلب وبدأت الحرب من الداخل. أهالي قريتي الفوعة وكفريا الذين أع ّدهم النظام ّ ّ ضخه كخزان بشريّ وقالع عسكريّة بما واعتبرهم داخلهما من آليّات عسكريّة ثقيلة وميليشيات شيعيّة من حزب هللا وإيران والمرتزقة ،خذلوه ومنعوا أيّة مساندة أو مؤازرة تخرج إلدلب ليس وقوفا ً مع الثورة ،ولكن إلدراكهم أنّ أيّ دعم للنظام لن يغيّر بمصير المعركة، وأنّ أيّة قوّ ة تتوجّ ه إلدلب لدعم النظام فإ ّنها لن تعود وستحاصر أو تدمّر هناك ،هذا الموقف كان له موقفا ً مشابها ً له في شوارع وأحياء الالذقيّة التي اشتبكت فيها شبّيحة ميليشيات الدفاع الوطنيّ مع مخابرات النظام باألسلحة الر ّ شاشة وخاصّة في حيّ (دعتور بسنادا) بعد امتناعهم عن تشكيل قوّ ات مؤازرة للنظام تتوجّ ه إلى إدلب ،بعد سماعهم ألصوات سيّارات اإلسعاف وهي تدخل المدينة قادمة من إدلب ،محمّلة بعشرات الجثث والمصابين ،أو عبر أصوات السيّارات التي تجوب شوارع المدينة طالبة من األهالي التبرّ ع بالدم في المشافي العسكريّة والمدنيّة هناك. طائرات النظام التي لم تغادر سماء إدلب وألقت بصواريخها الفراغيّة وبراميل موتها على ك ّل ما يتحرّ ك تحتها ،وكثيراً ما أخطأت أهدافها وأصابت مواقع النظام ،كما حصل عندما استهدفت مبنى فرع المرور في إدلب ،وعندما كانت تعجز تلك الطائرات والحوّ امات عن اكتشاف أماكن تموضع الثوّ ار، كانت تذهب لالنتقام من المدنيّين في القرى المحرّ رة
بإمطارهم بك ّل ما تحمل من ذخائر لتستهدف الشيوخ والنساء واألطفال اآلمنين في القرى والبلدات المحيطة إلدلب مثل (سرمين وب ّنش ،وسراقب وقميناس) ،وح ّتى السالح الكيميائيّ ت ّم استخدامه لمرّ تين عندما استهدفت حوّ امات النظام قرى (سرمين وب ّنش) ببراميل تحمل غاز الكلور في خرق جديد يضاف لـ ( )361خرقا ً سابقا ً لقرارات مجلس األمن ،األمر الذي أوقع الكثير من المصابين بحاالت اختناق ت ّم نقلهم ألقرب المشافي الميدانيّة وأصحاب الحاالت الخطرة ت ّم إسعافهم للمشافي التركيّة عبر بوابة باب الهوى. بعد السيطرة على الجوانب ،تابعت المعارك لتدور قريبا ً من المربّعات األمنيّة في الجهة الجنوبيّة ،وليصبح الطريق مؤمّنا ً وسالكا ً نحو إكمال التحرير وتخليص إدلب من براثن عصابات مجوسيّة صفويّة أسديّة أذاقت أهل إدلب الويالت .وبتق ّدم متزن من المحاور الثالث شرقا ً وشماالً وغربا ً مع ترك الجبهة جنوبيّة تحت السيطرة ومنفذاً لهروب قوّ ات النظام ،وهذا ما تسبّب بانهيار سريع في منظومات الدفاع العسكريّة واألمنيّة والمدنيّة ،ومهّدت لهروب القيادات العسكريّة واألمنيّة من داخل إدلب إلى معسكر المسطومة (مقرّ القيادة العسكريّ الرئيسيّ ) ،وفرار القيادات المدنيّة إلى جسر الشغور ،وأثناء هروبها ارتكبت عصابات النظام آخر ما استطاعت من إجرام بقتل ك ّل سجناء فرع األمن العسكريّ بإعدامهم ميدان ّيا ً في زنازينهم. هذا الواقع ،أوجد حالة من االرتباك والفوضى والتش ّتت على قوّ ات النظام ساهم بسرعة التحرير وح ّقق نصراً أق ّل ما يقال عنه إ ّنه نصر استراتيجيّ سيغيّر من المعادالت العسكريّة على األرض، وسيكون له ارتدادات سياسيّة تقلب األوضاع وتغيّر من كا ّفة الموازين التي كانت تتح ّكم بالثورة السوريّة عرب ّيا ً وإقليم ّيا ً ودول ّياً. اآلن ،إدلب تعيش فرحة تحريرها وجيش الفتح مزهو بنشوة االنتصار ،اآلن تستكمل العمليّات العسكريّة التي تدور اآلن حول معسكر المسطومة وحاجز معمل القرميد وأريحا إلبعاد النظام عن كامل مدينة وريف محافظة إدلب ،لكن وبعد هدوء غبار المعركة التي لم تنقشع بعد ،الب ّد أن تكون هناك صورة مشرقة نق ّدمها للمجتمع الدوليّ عن كيفيّة إدارة أهل الثورة لمناطقهم المحرّ رة عبر حراك مدنيّ ومجالس محليّة من الداخل تقوم بتسيير أمور المدينة وترعى مصالح أهلها. هناك بوادر طيّبة ظهرت من غرفة عمليّات جيش
المدني في إدلب بُعيد التحرير ،الوضع ّ
ممّن يريد النزوح بالخروج وطلب المساعدة ،لقد كانت فرق اإلنقاذ منتشرة في معظم أحياء وشوارع المدينة ،وتحاول إسعاف المصابين ونقلهم إلى البلدات المجاورة. صحّ ّياً: ويقول أحد المشاركين في معركة التحرير :لقد شاركت جميع فرق الدفاع المدنيّ في سراقب وب ّنش وسرمين بإنقاذ المدنيّين وكان لهم الدور األكبر في إنقاذ ونقل الكثير من المدنيّين المصابين ألقرب المشافي الميدانيّة أو إلى سراقب وسرمين ،أمّا الحاالت الخطرة فت ّم إسعافهم للمشافي التركيّة عبر معبر باب الهوى ،فقد استهدف القصف الجويّ عدداً من المشافي ومعظم النقاط الطبيّة في المدينة وهذا بدوره أ ّدى إلى إغالق المشافي المستهدفة وتو ّقفها عن العمل كالمشفى الوطنيّ في المدينة ومشفى الهالل األحمر ومبنى العيادات الشاملة ،إنّ قوّ ات النظام تسعى لتدمير البنى التحتيّة الصحيّة الموجودة في المدينة ،وهذا الوضع يجعل الثوّ ار يواجهون تح ّديات كبيرة كالقدرة على حماية المنشآت العامّة والحفاظ على األجهزة الطبيّة والقدرة على إقامة نقاط طبيّة تق ّدم خدمات إسعافيّة أوليّة ورعاية صحّ يّة لعيادات األطفال والتوليد
والنسائيّة ومراكز غسل الكلى واألمراض المزمنة، كما يُرمى على عاتقهم توفير كا ّفة األجهزة الطبيّة في النقاط والمشافي ،باإلضافة إلى القلق الدائم والمستمرّ من ش ّدة القصف الذي يؤ ّدي إلى صعوبة وتعقيد تسيير األمور الطبيّة والمدنيّة في إدلب. الغذاء والمأوى والشعانين أمّا بالنسبة للموا ّد الغذائيّة فقد ت ّم ذلك بشكل طوعيّ من جميع البلدات المجاورة ،حيث ق ّدم ك ّل من أهالي سرمين وسراقب وب ّنش الموا ّد األوّ ليّة كتأمين الخبز وبعض المواد األخرى ،يقول أبو مجد« :ت ّم العمل من األهالي بشكل طوعيّ ونودي في المساجد لجمع التبرّ عات من األهالي الذين لبّوا النداء وجمعنا ما استطعنا من موا ّد غذائيّة حيث ت ّم التنسيق مع الثوّ ار لوصول ما ّدة الخبز إلى داخل المدينة وتوزيعها ،كما ت ّم بنفس الطريقة جمع التبرّ عات من األهالي للنازحين الجدد». أمّا بالنسبة لتأمين المأوى للعائالت التي نزحت إلى المناطق المجاورة فقد ت ّم تأمين السكن لهم وتأمين ك ّل ما يحتاجونه من أغطية وفرش ،وتعاون في ذلك جميع األهالي ،وهنا يمكن اإلشارة إلى أنّ مدينة إدلب التي تض ّم 400ألف شخص شهدت نزوحا ً في االتجاهين،
الفتح من خالل إصدار بيان بالحفاظ على مؤسّسات الشعب وحمايتها ومنع تشكيل أيّة مقرّ ات عسكريّة للفصائل المسلّحة داخل إدلب ومنع أيّ مظاهر مسلّحة بمجرّ د استتباب األمن داخل المدينة ،وكانت هناك لفتة من جبهة النصرة التي أعلنت عن حماية المسيحيّين المتواجدين داخل إدلب ،بل ووضعت على عاتقها حماية احتفاالتهم بعيد الشعنينة الذي يصادف هذه األيّام ،أيضا ً البيان الذي أصدرته حركة أحرار الشام من أ ّنه لن تكون هناك أيّة إمارة أو خالفة وأنّ إدلب سيقودها حراك مدنيّ من أهل إدلب فقط. وكان االئتالف وكذلك الحكومة المؤ ّقتة أعلنوا عن إمكانيّة انتقالهم للداخل ،ولكن ال أعتقد أنّ لهذا اإلعالن أيّة قدرة على التنفيذ نظراً لفقدانهما أيّة مصداقيّة لدى الشعب السوريّ بالداخل ،وأنّ رصيدها في الداخل ال يزيد عن رصيد «إبليس بالج ّنة». بيانات غرفة عمليّات جيش الفتح تبعث بشيء من الطمأنينة بالنفوس وتبقى العبرة بالتطبيق ،فالنظام الذي يض ّخ هالة إعالميّة كبيرة مر ّدداً أنّ ما سيحصل بإدلب سيكون مشابها ً لوضع أهل الر ّقة في ربط خبيث بين جيش الفتح ومجرمي تنظيم الدولة اإلسالميّة «داع��ش» ،ويقوم النظام اآلن بحرب انتقام همجيّة ّ تمثلت بعشرات الغارات الجويّة وببراميل الموت المحمّلة بغاز الكلور إضافة إلى صواريخ السكود الذي تسبّب أحدها بته ّدم ثالث أبنية على من فيها ،مع العلم أنّ مدينة إدلب يعيش فيها اآلن ما يزيد عن 200ألف مدنيّ معظمهم من الشيوخ والنساء واألطفال. بالطبع ه��ذا التغيير العسكريّ لميزان القوى وخارطة التوضّع سيكون له انعكاسات وارتدادات على الصعيدين العسكريّ والسياسيّ .عسكر ّيا ً – ميدان ّياً، الوضع الجديد سيضيق الخناق على النظام في جبهة حلب التي تصبح فيها قوّ ات النظام شبه معزولة وبعيدة عن أيّ خطوط إمداد بريّة ويبقى مطار حلب متن ّفسه الوحيد ،وأيضا ً ستش ّكل تلك القوى التي تحرّ رت من جبهات القتال في إدلب جهوداً عسكريّة قتاليّة تضاف إلى جبهات حلب وحماه والساحل. على الصعيد السياسيّ بالطبع سيكون لتحرير إدلب تغيّرات يفرضها الواقع الجديد ،يضعف من قوّ ة النظام ّ تتمثل ويقوّ ي من موقف الثورة ،ولكن هناك مشكلة بتأمين الدفاع والحماية الجويّة عن المدينة فهذه معضلة ستقلق المجتمع الدوليّ ،فال يمكن ترك مدينة بكاملها تحت رحمة طيران وصواريخ سكود األسد.
العميد الركن أمحد ر ّحال
إذ عاد الجئون من تركيّة وريف إدلب إلى بيوتهم لتف ّقدها بعد غياب استمرّ ألكثر من ثالث سنوات كما عاد كثيرون من إقليم هاتاي التركيّ ،ونزح آخرون من المدينة تخوّ فا ً من غارات متو ّقعة على المدينة ،أو تحسّبا ً من ممارسات قد يقوم بها بعض المسلّحين ،لذلك ظهرت مناشدات لعدم التعرّ ض للمدنيّين في المدينة التي تض ّم عدداً من أبناء الديانة المسيحيّة ومراعاة طقوسهم وشعائرهم الدينيّة خاصّة عيد الشعنينة الذي يصادف هذه األيّام. التربية واإلدارة المحلّية أمّا بالنسبة لما يتعلّق بمديريّة التربية ،وبعد أن ت ّم تحرير المدينة بالكامل فقد ذكرت مصادر صحفيّة من داخل إدلب أ ّنه كان من أولويّات الخطط التي وُ ضعت قيد التنفيذ بعد تحرير المدينة وبالفعل قام الثوّ ار بتسليم مديريّة التربية لمدير التربية الحرّ ة التابع للحكومة المؤ ّقتة في إدلب «جمال شحّ ود» كما قامت حركة أحرار الشام بتسليم مكتب المديريّة التابعة لحكومة النظام سابقا ً وسلّمتهم األجهزة والمستندات والوثائق الرسميّة فيها دون أن يحدث أيّ تخريب لها ،كما قاموا بتمديد فترة التسجيل للتق ّدم إلى امتحانات الشهادة الثانويّة الصادرة عن الحكومة المؤ ّقتة لم ّدة عشرة أيّام ،وأ ّنهم يسعون للحصول على اعتراف دوليّ بالشهادة ،إضافة ّ الموظفين الذين كانوا يعملون في المديريّات إلى أنّ والمدارس التابعة لحكومة النظام هم جزء من العمليّة التعليميّة والتربويّة وال يمكن االستغناء عنهم ،وهنا ال ب ّد من اإلشارة إلى أ ّنه كان من الواضح أنّ ما حصل في معركة تحرير إدلب ال ب ّد أن يكون هناك رؤية واضحة نموذجيّة يق ّدمها الثوّ ار للمجتمع الدوليّ عن كيفيّة إدارتهم وتسييرهم للمناطق المحرّ رة وهذا ّ يتمثل بالحراك المدنيّ عن طريق إقامة مجالس محليّة تعمل على تسيير أمور المدينة من الداخل ،وهذا يمنع بدوره قيام أيّة إمارة أو خالفة ويؤ ّكد أنّ المدينة سيقودها حراك مدنيّ من األهالي فقط. وأخيراً ،فإنّ ك ّل المؤ ّ شرات تد ّل على أنّ هنالك نوايا وتوجّ هات لدى جهات على األرض ،أن تكون إدلب نموذجا ً إيجاب ّيا ً للمناطق المحرّ رة.
ف .اخلالد
www.allsyrians.org
4
العدد 28
السنة الثانية
/ 3نيسان 2015/
تحرير إدلب :هل من جديد؟ بكر صدقي -عن صحيفة القدس العرب ّي
قد يمكن القول عن معركة إدلب التي حسمها «جيش الفتح» في بضعة أيّام ،وانتهت بطرد قوّ ات النظام الكيماويّ وميليشياته منها ،إ ّنها توجّ ت مساراً متصاعداً من انتصارات المجموعات المعارضة على النظام، بالنظر إلى سيطرة مجموعات معارضة أخرى على بصرى الشام في الجبهة الجنوبيّة ،والخسائر الكبيرة التي يتكبّدها حزب هللا اللبنانيّ وميليشيات شيعيّة أخرى متع ّددة الجنسيّات في جبهات القلمون وحوران وجبهات أخرى. تشير هذه المعارك ،عموماً ،إلى تراجعات كبيرة لقوّ ات النظام وحلفائه على األرض ،وإل��ى هزال مقاومته حين يتعرّ ض لهجمات منسّقة .وقد أثبتت معركة تحرير إدلب أنّ هزيمة النظام ليست باألمر الصعب حين تتو ّفر غرفة عمليّات منسجمة كحال «جيش الفتح» وبعض السالح الثقيل والمتوسّط. لكنّ المدينة الصغيرة التي ظلّت ،طوال السنوات األربع الماضية ،تحت سيطرة النظام بخالف ريفها الذي كان من أولى المناطق التي خرجت عن سيطرته، لم تهنأ بالتحرير أكثر من يومين ،فكما هو متو ّقع بدأت غارات النظام الجوّ يّة التي استهدفت قبل ك ّل شيء مبنى المشفى الوطنيّ ،واستخدمت البراميل القاتلة المزوّ دة بغاز الكلور إليقاع أكبر عدد من المدنيّين انتقاما ً لخسارته المدينة .ذلك أنّ المبدأ الرائز لحرب النظام لم يتغيّر منذ بداية الثورة :إذا خرجت منطقة ّ تستحق البقاء! بل تدميرها على عن سيطرته ،فهي ال رؤوس َمن فيها ،كما ينقل على لسان رفيق الحريري
في لقائه األخير مع ّ جزار دمشق الذي ه ّدده حرف ّيا ً بـ «تكسير لبنان فوق رأسه» .وإذا كان قرار مجلس األمن رقم 1559القاضي بخروج جيش النظام الكيماويّ من لبنان قد حمى هذا البلد من «التكسير» (لكنّ الحريري نفسه ،وساسة ومث ّقفين لبنانيّين آخرين ،دفعوا الثمن اغتياالً) فالفيتو المزدوج «الروسيّ –الصينيّ » من جهة ،والمباالة المجتمع الدوليّ من جهة أخرى ،سمحا بتحطيم سورية تماماً. بهذا المعنى يصبح «تحرير» إدلب خسارة محضة ألهاليها ولسورية عموماً ،ما دام غير مندرج في إطار استراتيجيّة وطنيّة عامّة لإلطاحة بالنظام ،في إطار زمنيّ معقول .فك ّل منطقة يخسرها النظام معرّ ضة للتحوّ ل إلى ركام فوق رؤوس من يتب ّقى من س ّكانها بعد نزوح معظمهم إلى مناطق أخرى ،داخل سورية أو خارجها ،بحثا ً عن األمان. الواقع أنّ عمليّات النزوح الجماعيّة هذه تشير إلى مدى االنقالب الذي يجري في أولويّات الس ّكان .فمقابل إرادة الحرّ يّة التي أخرجتهم إلى الشوارع وواجهوا رصاص قوّ ات النظام وشبّيحته بأيديهم العزالء ،نرى اليوم مجموعات خائفة هائمة على وجوهها من مكان إلى آخر طلبا ً لألمان الوجوديّ فقط .هذه هي األرضيّة الخسيسة التي تنطلق منها دعوات ما يسمّى بالتيّار الثالث أو مبادرات «المجتمع المدنيّ » المموّ لة دول ّيا ً أو ،أخيراً ،مبادرات سياسيّة عقيمة كمبادرة «دي ميستورا» التي وأدها النظام قبل أن ترى النور في ّ المحطمة. أحد أحياء حلب هذا ما يدفعنا إلى رسم مالمح من المشهد اإلقليميّ الدوليّ الذي في إطاره جاءت معركة تحرير إدلب. ففي الوقت الذي يقترب فيه الموعد النهائيّ للمفاوضات النوويّة بين إيران ومجموعة 1+5في لوزان ،من غير
مؤ ّ شرات مؤ ّكدة إلى نتيجتها ،سلبا ً أو إيجاباً ،تتضارب األنباء حول حسم معركة تكريت بعدما دخلت طائرات ّ خط المعركة مقابل انسحاب التحالف الدوليّ على قوّ ات الحشد الشعبيّ الشيعيّة الم ّتهمة بارتكاب أعمال انتقاميّة ض ّد س ّكان المدينة من الس ّنة ،فيما تم ّكنت السعوديّة وحلفاؤها في عمليّة «عاصفة الحزم» من الحصول على دعم القمّة العربيّة والجامعة العربيّة من غير اعتراضات ظاهرة ،فضالً عن دعم الدول الغربيّة الرئيسيّة بما في ذلك الواليات الم ّتحدة. للمقارنة ،كانت الشروط اإلقليميّة والدوليّة مختلفة تماما ً حين بدأت عمليّة تحرير حلب ،صيف العام ،2012وكان النظام في إحدى أضعف لحظاته بعد تفجير خليّة األزمة وعدد من االنشقاقات المهمّة في منظومته العسكريّة والدبلوماسيّة ،ولم يكن تنظيم «داع��ش» موجوداً .مع ذلك تحوّ ل تحرير نصف المدينة إلى كارثة عليها ،س ّكانا ً وعمراناً ،فضالً عن ّ بحق الس ّكان .أمّا اآلن ،فنحن في انتهاكات الجيش الحرّ زمن يتح ّدث فيه وزير الخارجيّة األمريكيّة جون كيري عن ضرورة التفاوض مع األسد ،ويقوم برلمانيّون فرنسيّون وبلجيكيّون بزيارات إلى س ّفاح دمشق ،وفي ظ ّل حرب تقودها واشنطن ض ّد «داعش» ،من غير أيّ احتكاك مع طائرات النظام التي تلقي ببراميل الموت على المدنيّين .وفي الوقت الذي أصبحت فيه معركة اليمن ض ّد الحوثيّين على رأس جدول أعمال دول الخليج ،ليتراجع االهتمام بالمأساة السوريّة إلى الخلف عرب ّيا ً ودول ّياً. ك ّل هذا ولم نتح ّدث عن طبيعة المجموعات المسلّحة التي اجتمعت في غرفة عمليّات «جيش الفتح». فالعمود الفقريّ لهذا الجيش إ ّنما يتش ّكل من جبهة ّ لمنظمة القاعدة ،وأحرار الشام التي النصرة التابعة
ميلودراما الحرب المستشفيات، الفاصلة بين إسهاما ً في هذه حصيلة
فوّاز حداد -عن موقع املدن اإللكرتون ّي إذا أردنا التعليق على األحداث اليوميّة في أرجاء األرض السوريّة ،بعدما تراجع االهتمام بها إثر «عاصفة الحزم» ،فال يمكن تجاهل التق ّدم الذي أحرزته كتائب المعارضة المسلّحة في بصرى الشام وإدلب، وأيضا ً ما تحدثه آلة حرب النظام والميليشيات المذهبيّة من فجائع على مدار الساعة ،إذ لم تتو ّقف طوال السنوات األربع الماضية عن العنف والتدمير ،فالقتل بأصنافه المتع ّددة مورس على السوريّين :العشوائيّ والمبرمج ،شمل قنص المدنيّين ولم يستثن األطفال والنساء والكبار في السنّ ،العقوبات جماعيّة ،إضافة إلى حصارات «الركوع أو التجويع» ،والتعذيب ح ّتى الموت .هناك من األهالي من دفنوا أبناءهم سرّ اً خوفا ً من المالحقات ،وصل اإلجرام بأجهزة األمن والشبّيحة
إلى نبش المقابر ،وسرقة الجثث من ليجري تشويهها ورميها على الحدود األحياء المتجاورة والمختلفة طائف ّياً، التخويف والدفع إلى مناوشات ثأريّة. إعالن النظام الحرب على الشعب. ليس هناك جريمة لم ترتكب في سورية ،ارتكبت عن عمد وتصميم ،لمجرّ د القيام بأعمال كان أغلبها في جوهره إنسان ّياً ،وتعاضداً اجتماع ّياً؛ توصيل إعانات إغاثيّة للجرحى ،إيواء منش ّقين ،تقديم الطعام والدواء ...مخالفات يعاقب عليها في أقبية أجهزة األمن ومراكز االعتقال ،يقوم عليها بحقد وكفاءة زبانية الهمجية الجدد ،أوالد وأحفاد زبانية مرتكبي مجازر حماة وتدمر وجسر الشغور في الثمانينات ،يستنسخون جرائمهم منها على نحو مماثل .فالوحشيّة أيضاً ،توّ رث مثل السلطة المغتصبة. هذه المعلومات متوافرة ومتاحة للجميع ،لكن هناك ّ االط�لاع عليها ،لئال من ينكرها ،وال يرغبون في يعرفوا ،المعرفة اتهام ،يفضّلون ألاّ يعلموا ،ليقنعوا أنفسهم أنْ ال شيء يحدث .هذا ما اجترحه مسؤولو النظام من كبيرهم إلى صغيرهم :اإلنكار ،بينما اإلجرام يوميّ .
يزعم رج��ال النظام ومؤيّدوهم ،أ ّنهم منذ بداية الثورة يواجهون هجمة إرهابيّة تكفيريّة ،لئلاّ يؤّ رقوا ضمائرهم بالبراميل المتفجّ رة وراجمات الصواريخ والدبّابات والطائرات والكيماويّ ،حسب ا ّدعائهم ،تقتل التكفيريّن وتدمّر البيئات الحاضنة. هناك أيضا ً المث ّقفون الذين يقفون على الحياد ،لدواع إنسانيّة ،فهم ليسوا مع النظام ،لك ّنهم تخصّصوا في انتقاد أداء فصائل المعارضة المسلّحة والسياسيّة، وهو أمر محمود وضروريّ ،حسب ا ّدعائهم أيضا ً ال يعلمون بما يقع في سورية ،فلم يعرفوا بالمجازر ،وال بالكيماويّ وال ب 11000سوريّ قُتلوا تحت التعذيب. وإن كانوا غير راضين عما يجري من تجاوزات. يعلّلون الجرائم بأ ّنها متبادلة ...ث ّم أ ّنها الحرب .ما يبيح لهم عدم االلتفات إلى الضحايا المدنيّين األبرياء ،فهم مجهولون ،كانوا في المجهول وذهبوا إلى المجهول ،لم يمرّ وا في هذا العالم ،إلاّ ليسجّ لوا كضحايا مغمورين، ال أحالم لهم ،ولم يرغبوا في الحياة ،طريقهم إلى الموت مح ّدد منذ ُخلقوا .أمّا أساليب موتهم فتد ّل على أ ّنهم يستح ّقون هكذا مصير ،ال ب ّد اقترفوا جريمة ما ،فيصبح مبرّ راً اإلجهاز على شبّان موثقة أيديهم بالضرب بالبوط العسكريّ المق ّدس.
من الصحف
مؤخراً صقور الشام ،وهما ّ ّ منظمتان أدمجت في بنيتها سلفيّتان جهاديّتان من بيئة القاعدة نفسها ،إيديولوج ّيا ً على األقلّ .وعلى رغم تصريحات الناطق باسم أحرار الشام «الدبلوماسيّة» حول تشجيع إدارة مدنيّة للمدينة «تق ّدم نموذجا ً إيجاب ّياً» فالواقع على األرض يشير إلى تنازع الفصائل على الحصص في اإلدارة المفترض أ ّنها مدنيّة .وعلى رغم تطمينات الناطق باسم جبهة النصرة بشأن مصير العائالت المسيحيّة في المدينة، تتح ّدث أنباء عن إعدام رجل مسيحيّ وابنه بدعوى بيعهما للخمور ،فضالً عن أنّ التطمينات المذكورة ال تشمل أولئك الذين تعاونوا مع «العدو النصيريّ » حسب تعبير عبد هللا المحيسني من شرعييّ جبهة النصرة. ّ المنظمات الجهاديّة على وال تقتصر المشكلة مع موضوع انتهاكاتها الفظيعة ّ بحق الس ّكان ،أو قتالها ض ّد فصائل غير إسالميّة أقرب إلى تعريف الجيش الحرّ ، بل تتجاوز ذلك إلى كونها ال تعترف بسورية الوطن ً مستبدلة إيّاهما بمشروع الدولة اإلسالميّة، واالنتماء، وموقفها االستئصاليّ من األقليّات المذهبّية غير السنيّة .ك ّل ذلك يجعل من «ثورتها» غير ثورة سائر السوريّين ،ومن دولتها غير الدولة التي من أجلها خرج السوريّون في مبدأ ثورتهم. بالمقابل ،ال يخفي كثير من السوريّين فرحتهم بأيّة هزيمة يتل ّقاها النظام وحلفاؤه ،بصرف النظر عن ّ الجهة التي ألحقتها به ،خاصّة وقد بلغ التدخل اإليرانيّ المباشر وغير المباشر ،عبر الميليشيات الشيعيّة متع ّددة الجنسيّات ،مبلغا ً تحوّ لت فيه الثورة ض ّد النظام القاتل إلى حرب تحرير وطنيّ في نظر كثيرين.
يبدو الموت العاديّ تافهاً ،ليس هذا وقته ،ليس موتا ً غير هذا الموت بالجملة ،يستم ّد تميّزه من الرصاص والقصف ،وتف ّتت األجساد في فضاءات الغبار، وانسحاقها تحت الركام ،جثث ال مالمح لها ،مشوّ هة ومحترقة ،مغمّسة بالوحل وال��دم .قتل تتجلّى خ ّفته وجبروته في سقوط برميل متفجّ ر ،لينكشف الدخان عن بشر مذعورين يتراكضون ،وعشرات الجثث مبعثرة فوق األرض ،أو دفنت تحت األرض ...مناظر يوميّة يجري تعميمها ،على أ ّنها عاقبة ك ّل من يف ّكر أو يثور طلبا ً للحرّ يّة ،ح ّتى لو كان بالمصادفة في المكان غير المناسب ،بعد أن بات ليس هناك من مكان مناسب، وك ّل زمان هو الزمان الخطأ. يؤوّ ل المث ّقفون اإلنسانيّون هذه المشاهد على أ ّنها قضيّة ميلودراميّة تستثمر في الحرب الستدرار العواطف والدموع .بينما األزمة السوريّة تستعصي يوما ً بعد ي��وم على الحلول السياسيّة والضغوط االقتصاديّة والتهديدات الدوليّة ،كلّها جوفاء ،طالما أنّ الحرب ما زالت مفتوحة على جميع أنواع الموت. حال ّيا ً والجهود تبذل في محاولة لتوحيد كلمة العرب، ال تنسوا سورية.
السوري مجزرة «المبعوجة» تحت أعين النظام ّ عبسي مسيسم – عن «العرب ّي اجلديد»
ارتفعت حصيلة قتلى الهجوم الذي ش ّنه مقاتلون تابعون لتنظيم «داعش» على قرية المبعوجة في ريف حماة الشرقيّ ،يوم اإلثنين ،إلى نحو 70قتيالً ،معظمهم من المدنيّين ،وال يزال نحو 30مدن ّيا ً مختطفين لدى عناصر التنظيم ،في وقت ّ تدخلت فيه بعض عناصر الدفاع الوطنيّ «الشبّيحة» ،من مدينة صبّورة بعد الحادثة ،لسرقة بيوت القرية. وأ ّكد أحد الناجين من المجزرة ،فضّل عدم ذكر اسمه ،لـ»العربي الجديد» ،أنّ «مسلّحي (داعش) حشدوا عدداً من الدبّابات قبل الهجوم بساعتين ،انطالقا ً من قريتي صلبة وقليب الثور ،وكانت الدبّابات مرئيّة لقوّ ات النظام الموجودة في صبّورة ،التي تبعد نحو أربعة كيلومترات عن المبعوجة ،ولك ّنهم لم يحرّ كوا ساكناً». وأضاف «بحكم امتالكي سيّارة ،تم ّكنت من الهرب
newspaper@allsyrians.org
مع عائلتي أثناء الهجوم ،الذي وقع حوالي الساعة 12ليالً ،إلى قرية عقارب الصافية» .وتابع «هاجم عناصر التنظيم بيوت القرية ،وقتلوا وذبحوا وحرقوا عائالت بأكملها» .وكشف أنّ «معظم العائالت التي أُبيدت ،معروفة بمعارضتها للنظام كآل معمار ،الذين أُسر نحو 11فرداً منهم ،وقُتل إمام جامع القرية وأمّه، قبل أن ينسحبوا باتجاه القرى التي أتوا منها». وت��اب��ع «ه��رب جميع عناصر ال��دف��اع الوطنيّ الموجودين في القرية بمجرّ د بدء الهجوم ،كما أنّ وحدات الجيش المتمركزة في صبّورة وقرية برّ ي لم تتحرّ ك ،وهرب عناصر الشبّيحة من الحواجز التي تفصل بيننا وبين القرى التي حصل الهجوم منها قبل بدء الهجوم ،ما سهّل وقوع المجزرة». وتعيش معظم قرى ريف حماة الشرقيّ ،المحاذية لمواقع «داعش» حالة رعب حقيقيّ ،في ظ ّل قدرة التنظيم على اقتحامها في أيّ وقت يشاء من جهة، وفي عدم قدرة س ّكانها على الهرب إلى معظم مناطق المعارضة من جهة ثانية .كما يتعامل معها النظام كمناطق درجة ثانية ،بسبب تنظيمها تظاهرات ض ّده منذ بداية الثورة في عام ،2011ويالحق شبابها من أجل التجنيد اإلجباريّ .
ويبدو أنّ النظام يتعامل مع المناطق ذات األغلبيّة اإلسماعيليّة ،والتي تحوي خليطا ً طائف ّيا ً متنوّ عاً، الستخدامها كورقة ضغط على المجتمع الدوليّ ،إذ يستطيع استدراج «داعش» لدخول تلك المناطق ،من أجل المتاجرة بس ّكانها كـ «أقليّات» وقعت «ضحيّة إرهاب التنظيم» ،وذلك بهدف تثبيت نفسه كشريك أساسيّ ضمن التحالف الدوليّ لمحاربة اإلرهاب .كما يبدو أنّ النظام ي ّتبع سياسة «السكوت» على عمليّات االختراق التي يقوم بها «داعش» لبعض القرى التي تقع تحت سيطرته ،إلفهام س ّكانها بأنّ أيّ بديل للنظام القائم ،سيكون على شاكلة التنظيم ،األمر الذي يدفع األهالي إمّا إلى الهجرة خارج البلد ،أو إلى التطوّ ع في صفوف الدفاع الوطنيّ ،فيستخدمهم كرأس حربة في عمليّاته العسكريّة ،سواء ض ّد فصائل المعارضة أو ض ّد «داعش». وأ ّكد ناشط إعالميّ من قرية عقارب الصافية لـ «العربي الجديد» ،أنّ «عدداً من قرى ريف حماة الشرقيّ ،التي تخضع لسيطرة النظام كالمبعوجة وعقارب الصافية ،هي قرى ينظر إليها النظام على أ ّنها قرى معارضة ،وتقع على حدود مناطق سيطرة «داعش» من دون حماية ،وكأ ّنها متروكة لقدرها مع
التنظيم». وكشف أنّ «معظم فصائل المعارضة ،تحديداً اإلسالميّة منها ،تحسب مدينة سلميّة وريفها على النظام ،ألسباب متعلّقة بانجرار معظمها خلف الحالة الطائفيّة التي عمل عليها النظام ،علما ً بأنّ مناطقنا هي أولى المناطق التي ثارت ض ّد النظام». وسبق أن هاجم التنظيم حاجزاً للنظام في منطقة الشيخ هالل ،بريف سلميّة الشرقيّ ،فقتل حوالي 60 فرداً منهم ،ينتمي معظمهم إلى مدينة سلميّة وريفها، األم��ر ال��ذي أث��ار موجة من التساؤالت لدى س ّكان المنطقة عن سبب استهداف هذا الحاجز بالذات ،وكيف ت ّم تجاوز مختلف الحواجز قبل الوصول إليه من دون مقاومة ،ولماذا ت ّم استهداف س ّكان سلميّة بالذات ،وا ّتهم البعض النظام بـ»وقوفه وراء الحادث». كما قتل مسلّحون في منطقة كللي ،شمال إدلب، أربعة ناشطين من سلميّة ،أثناء محاولتهم العبور إلى تركيّا هربا ً من النظام .وعثر عناصر الدفاع المدنيّ على جثثهم التي يظهر عليها آثار تعذيب قبل تصفيتهم، ولم يتبنَّ أيّ فصيل مسؤوليّة قتلهم ،في حين وُ جّ هت اال ّتهامات نحو «جبهة النصرة» التي تسيطر في تلك المنطقة.
www.allsyrians.org
العدد 28
ملف العدد
/ 3نيسان 2015/
5
السنة الثانية
أربع سنوات على الصرخات األولى
أربع سنوات كاملة تفصل ما بني الصرخات األوىل «الشعب السوري ما بينذل» و «سوريا بدها ح ّريّة» و «واحد واحد واحد ،الشعب السوري واحد» ،وما بني الواقع الصعب الذي تعيشه سورية ،من اقتتال ،وانتشار الفكر السلف ّي األصول ّي ،وارتفاع وترية الطائفيّة، وسيطرة العمل املسلّح ،وضياع املعارضة السياسيّة يف أروقة الدول الكربى ،والتخبّط يف أجنداتها.. بعد أربع سنوات ،ما هي املآالت اليت وصلت إليها احلالة السوريّة؟ هل ما زالت هناك ثورة؟ وهل دخلت سورية ورقة اقتتال اآلخرين على أرضها؟ وهل من املمكن اسرتجاع ألق الثورة الشعبيّة يف بداياتها؟ هل سورية ذاهبة إىل التقسيم؟ أسئلة كثرية تطرحها علينا ذكرى انطالق الثورة ...وقد قامت صحيفة «كلّنا سوريّون» بطرح بعض من هذه األسئلة أمالً يف تقديم تصوّرات وانطباعات وآراء تساعدنا يف تلمّس املستقبل وصياغة خطاب وط ّ ين جديد. وها حنن ننشر على مساحة الصفحات الثالث التالية ما جاءنا من ردود وآراء.
ّ والحل في الثورة السورّية المصطلح
باسل اجلنيدي (املدير العامّ ملركز الشرق للسياسات -غازي عنتاب) تكمن المشكلة األساسيّة في أن مصطلح «ثورة» مصطلح فضفاض ،يُستخدم في وصف طي ٍ ف واسع من التغيرات التاريخيّة ،أغلبها «حروب أهليّة» و تزامن مع «انقالبات عسكريّة» بالتزامن أو بدون ٍ
غ ّسان مفلح
أ ّتهم نفسي قبل اآلخ��ري��ن ،من أ ّننا لم نكن على مستوى ث��ورة شعبنا كمعارضة وكنخب .انطالق الثورة من حوران في 18آذار ،2011كان نقطة تحوّ ل في تاريخ سورية المعاصرة ومنطقة الشرق األوسط عموماً ،لم يشهد التاريخ الحديث والمعاصر
بكري كعكة هي ثورة السوريّن بجميع أطيافهم وأعراقهم دون
newspaper@allsyrians.org
في هزيمة النظام ،فإ ّننا اليوم محكومون بالخارج، وبالتغيّرات السياسيّة على مستوى اإلقليم والعالم، وبهذا المعنى فإ ّنه لم يعد من المفيد انتظار «العدالة اإللهيّة» أو «الشرعيّة الدوليّة» ،ولم تعد أحقيّة مطالبنا واألثمان التي دفعناها من أجلها هي الحكم ،بل ،إنّ ك ّل ذلك هو جزء من صيرورة تاريخيّة ستحدث -لحسن الحظ -تغيّيراً حتم ّياً ،بعد أن أدرك العالم أ ّنه ال يستطيع ترك األمور تتع ّفن داخل الجغرافيّة السوريّة ،وأنّ هذا «العفن» ال ب ّد أن يتص ّدر وسينتج له إرهابا ً انتقام ّيا ً لم يشهد له مثيالً ،وسيكسر حدود الدول ،وسيخلق تو ّترات على مستوى األمن القوميّ لدول اإلقليم ،وحروبا ً يشبه فتيلها فتيل الحروب العالميّة. السياسة ،بجشعها وانحطاطها وتسبّبها بك ّل ما نحن فيه اليوم ،لألسف ،هي الحلّ ،النوايا الطيّبة لم تكفِ ،وهي صدمة وجوديّة لنا كشع ٍ ب ال أبالغ إن قلت إ ّنها سبّبت أمراضا ً نفسيّة مزمنة فينا قد ال نشفى منها ،أعتقد هنا ت سياسيّة وطنيّة وشبابيّة ّ أ ّننا اليوم بحاجة لكيانا ٍ تمثل الثورة ،وتلعب بخبثٍ ،قد تكون هي المنفذ الوحيد ليكون للوطن السوريّ مكان في التسويات القادمة ،إن نجحنا بتحقيق تلك التسوية العادلة فسيكون ك ّل «التطرف» و»اإلرهاب» الذي في سورية اليوم مجرّ د غبار ،أل ّننا سنشفى نفس ّيا ً بعض الشيء!.
تغييرات جوهريّة في توزيع الثروة وعالقات اإلنتاج، ووفق هذا المنطلق فإنّ الثورة اإلسالميّة في إيران ثورة ،وثورة الثامن من آذار ثورة ،والثورة الفرنسيّة ثورة ،والثورة الصناعيّة ثورة ،بغضّ النظر عن القيم «اإليجابية» أو «السلبيّة»« ،التق ّدميّة» أو «الرجعيّة» التي حملتها تلك التغيّرات التاريخيّة لمجتمعاتها .الفكرة هنا أنّ مصطلح «الثورة» بح ّد ذاته يحمل قيمة إيجابيّة، وألنّ المنتصر هو من يكتب التاريخ فهو يحرص دوما ً على وصف انتصاراته بهذا المصطلح. أعتقد أنّ استعجالنا في منح وسام «الثورة» في وصف الحراك واالنتفاضة المجتمعيّة التي حدثت وتحدث في سورية -وأنا شخص ّيا ً من المتحمّسين لهذا المصطلح «الثورة السوريّة» -يعود لرغب ٍة فينا للتأكيد على جوانب أساسيّة :االنتفاضة السوريّة هي عمل بطولي يقوم بها أصحاب ّ حق ،يكاد فيها المنتفضون يواجهون ك ّل العالم ،تهدف إلحداث تغييرات جوهريّة على مستوى -النظام ،الدولة ،المجتمع -ال مجرّ د تغييرات مطلبيّة بسيطة ،كما أ ّنها انتفاضة ذات أبعاد «وطنيّة» تلتزم بالدولة -األمّة السوريّة. لذا ،فإنّ مصطلح «الثورة السوريّة» هو باألصل مصطلح «رغبويّ » لم ينتظر التاريخ ،والمنتصرين في هذا التاريخ ،ح ّتى يمنحوه هم ذاتهم هذا الوسام، وبهذه «الرغبويّة» بالذات كسر الثوّ ار حاجز الخوف
وانتفضوا أمام الرصاص وكسّروا أصنام الرئيس ث ّم حملوا السالح في مواجهة جيشه ،ودفعوا أثمانها مئات األلوف من األرواح والمعتقلين وماليين المهجّ رين، بمعنى آخر هناك طاقة مجتمعيّة تد ّفقت لصنع التاريخ، أُوصّفها بالثورة ،وسيوصّفها غيري بـ «الحرب األهليّة» أو «الطائفيّة» أو «األزمة السوريّة» أو مهما يكن ،بالنهاية توصيفي لها بهذا المعنى هو تعبير عن طاقة أصبح عمرها ٤سنوات ،إذا ما هُزمت مستقبالً وخارت فسأكون ،بك ّل بساطة ،مهزوماً ،وستتكرّ س مصطلحات اآلخرين. بعيداً عن «الرغبويّة» ،فإنّ تأمّل الوضع السوريّاليوم يشير لنا بوضوح أنّ القوى الذاتيّة للمجتمع السوريّ لم تتم ّكن من إح��داث التغيير المطلوب، وتص ّدرت األزمة لإلقليم لدرجة أ ّنها كسرت «جغرافيا» المنطقة ،كسر هذه الحدود لم يقم به «داعش» وحده، بل سبقة دورة اقتصاديّة تعتمد بحكم األمر الواقع على الدول المجاورة ،الشمال مع تركيا والساحل ودمشق مع لبنان والجنوب مع األردن والشرق مع العراق، وأصبحت الحرب حربا ً إقليميّة بالوكالة تدور أغلب أحداثها في سورية ،بل تصاعدت الحتماالت انتهاء «حروب الوكالة» على األراضي السوريّة ونشوب حرو ٍ ب مباشرة بين دول اإلقليم في المستقبل القريب. في سياق آخر ،وبعد فشل القوى الذاتيّة السوريّة
خروج شعب على حاكم بهذه الحشود من المواطنين، لم نشهد ثورة تخرج خالل شهرين أكثر من %60 من مدن وقرى بلد ض ّد نظام مجرم ومتسلّط ،مثلما شهدت مدن وقرى سورية ،باستثناء قرى الساحل، وبعض القرى المسيحيّة ،العتبارات يعرفها الجميع. تبق مدينة أو قرية في سورية إلاّ استثناء هذه القرى لم َ وخرجت فيها تظاهرات ض ّد آل األسد ،بغضّ النظر عن األعداد في ك ّل مدينة وقرية ،لكن لم َ تبق مدينة في سورية إلاّ وخرجت فيها تظاهرات بعد درعا ،حلب إدلب ودمشق ،الالذقيّة وطرطوس ،جبلة وبانياس، حمص وحماة ،دير الزور ،الر ّقة ،القامشلي ،الحسكة، البوكمال والميادين .تظاهرات في السويداء وشهبا رغم قوّ ة التشبيح هناك ،أكبر دليل على ما نقول ،هو عدد الالجئين والنازحين السوريّين الذي يفوق ثلث س ّكان سورية ،إضافة لمئات المدن الصغيرة ومثلها ،وأكثر قرى أيضا ً ريفي حلب ودمشق لوحدها يش ّكالن ثقالً س ّكان ّيا ً كبيراً ،ما أردت قوله بالمختصر من هذه الجولة السريعة ،أ ّنه ال نجد في تاريخ الشعوب ثورة امت ّدت
سلم ّيا ً بهذا الشكل وهذه السرعة ،وهذه الحشود مثلما شهدت سورية .إ ّنها ثورة لم يشهد التاريخ الحديث والمعاصر مثل وقائعها .هذا جانب والجانب اآلخر والذي يع ّد سببا ً مباشراً في مأساة شعبنا مع هذا النظام المجرم ،هي باختصار ودون الدخول في تفاصيل الموقف الدوليّ عموماً ،هو الموقف األمريكيّ عموما ً واألوب��ام��يّ الحقير خصوصاً .لقد كتب لي صديق أمريكيّ صحفيّ مقرّ ب من أجواء اإلدارة األمريكيّة، أنّ أوباما منذ أكثر من عام ،طلب من مستشاريه عدم إدخال أيّ تقرير يخصّ الوضع في سورية ،وخاصّة ما يقوم به نظام األسد من قتل في الشعب السوريّ ، لهذا قلت الموقف األوباميّ الحقير ،أوباما ا ّتخذ قراره إسرائيل ّيا ً لك ّنه زاود فيه على اإلسرائيليّين بتغطية األسد وجرائمه ،أوباما يتحمّل تماما ً مأساة شعبنا كما يتحمّله آل األسد بنفس الدرجة والطريقة والشكل والمحتوى، صحيح أنّ روسيا شريكة في القتل لك ّنها حليف تافه من حيث الوزن في الشرق األوسط ،وإيران أيضا ً شريكة كقاتل مأجور ،ال أكثر وال أقلّ ،لكنّ أوباما هو الشريك
الفعليّ لألسد في مأساة شعبنا .هذه أكتبها للتاريخ الذي سيكشف ربّما تفاصيل أكثر بشاعة عن موقف أوباما ووزير خارجيّته جون كيري .تفاصيل عن حجم التواطؤ والمشاركة في القتل عندما ا ّتخذ أوباما قراراً بتحويل سورية إلى بؤرة من العنف المزمن ،وساعد في تخريب الوضع في ليبيا ،وجلب اإلخوان للحكم في مصر ث ّم انقلب عليهم لكي يجعل قمّة الفساد تقوم بانقالب في مصر بقيادة السيسي ،الذي يعتبر رمزاً تافها ً النتصار العسكر والفساد في العالم العربيّ ،ليس هذا موضوعنا اآلن لكنّ الشيء بالشيء يُذكر .مأساة شعبنا يتحمّلها آل األسد أوّ الً وأوباما ثانياً ،استمرار سورية بؤرة صوملة ألغى ثورتها ،لكن بالمقابل علينا ألاّ نرى اللوحة من وجه واحد بعض قوى الثورة ساهمت في الصوملة أيضاً .سورية ليست معرّ ضة للتقسيم لك ّنها مطروحة للتلغيم االجتماعيّ السياسيّ في بنية الدولة تماما ً كالعراق ولبنان ،وهذا المخيف في األمر األوباميّ ..مع ك ّل هذا التكالب على شعبنا ،شعبنا اليزال ح ّيا ً ويريد حريّته وكرامته.
جدال أو نقاش وأكبر إثبات على ذلك ..بطش العصابة األسديّة وإجرامها الذي لم يفرّ ق بين ُس ّنيّ أو علويّ ، بين مسيحيّ أو مسلم ،بين شيعيّ أو درزيّ ..عربا ً كانوا أم كرداً أم تركمانا ً وغيرهم ،الك ّل ذاق عبر أربعين عاما ً المرار والظلم من تلك العصابة الطاغية. بعد أرب��ع سنوات على انطالقتها ما زال��ت الثورة مستمرّ ة ومازالت في قلوب السوريّين الحقيقييّن على مبادئها وميثاقها الحقيقيّ ،وما يحصل اآلن من اقتتال ونزاعات وصرخات طائفيّة هي ليست إلاّ مكائد أرادها لنا األسد وأسياده ليحوّ لوها من ثورة شعب وحقوق إلى عصابات إرهابيّة تعبث في أمن البلد وتزرع البغض بين الطوائف وبين شرائح السوريّين ،كما يسوّ ق لذلك منذ أوّ ل خطاب له ..عندها كان يتح ّدث عن عشرات ومئات اآلالف من اإلرهابيّين !! ك ّنا نهزئ منه ،ولم
نكن نعلم حينها ما يضمر لنا من مكر ومكائد ..كان حينها يح ّدثنا عمّا سيقوم بفعله إلخماد ثورتنا العظيمة ...األسد ما هو إلاّ صبيّ إليران التي لديها مشروع عقائديّ وسياسيّ واقتصاديّ في الشرق األوسط ولألسف أصبحت سورية بعد انطالق ثورتها (التي عجّ لت بتسارع بعض األحداث) إحدى أوراق الضغط والربح أو الخسارة إلعادة توزيع القوى والحصص بين إيران وأمريكا في الشرق األوسط. لكن ،فلنعلم نحن والعالم بأسره ،أنّ سبب صمود الثورة و ثبات السوريّين في وجه الحرب التي أعلنتها عليهم إيران وخادمها األسد وحلفاؤهم وميليشياتهم ك ّل هذه الم ّدة هي صمود أسود المقاومة الوطنيّة السوريّة (جيش حر ،سياسيّين ،ناشطين ،إعالميّين ،أطبّاء ،عاملين في ّ منظمات ،وك ّل الفاعلين) نعم هؤالء هم أبطال المقاومة
الوطنيّة السوريّة ،ال بل ،والعربيّة أيضا ً الذين يقاتلون ويق ّدمون ويستنزفون في سبيل تحرير وطنهم من تلك العصابة وردع االحتالل اإليرانيّ وإفشال مشروعهم في المنطقة الذي سيطال رؤوس العرب من كبيرهم ح ّتى صغيرهم .. ّ للحق معركة التحرير والحرّ يّة ستطول ،ولكن النصر وألصحاب األرض وك ّل ما يحصل اآلن من أخطاء، ومن ظلم البعض للبعض اآلخر ،ومن ظهور بعض أصحاب العقول السوداء ،وك ّل هذه العشوائيّة ،ليست إلاّ مرحلة ،ونهايتها ال��زوال ،هي أشبه بالمخاض الذي ستنتج بعده حياة جديدة لسورية المستقبل لك ّل السوريّين. «بالنهاية ،مهما حصل و مهما جرى اإلنسان «بيرجع ألصلو ..والسوري أصلو دهب والدهب ما بيتغير»...
العام الخامس للثورة السورّية
«ثورة شعب أراد الحياة»
www.allsyrians.org
6
السنة الثانية
العدد 28
/ 3نيسان 2015/
ثورة تحت الرماد
تحويل الحالة الثوريّة الشعبيّة التي قام بها سوريّون، نسوا إنسانيّتهم لعقود طويلة ،وفجأة شعروا بذواتهم وبوطنهم وبتقاطع مصالحهم مع بعضهم ،ومع قيم الحرّ يّة والكرامة والعدالة التي نادوا بها فطر ّيا ً عام ،2011إلى حالة تداعي وانهيار للوطن. تلك القوى صارت لها مصالح مشتركة في استدامة التدمير البنيويّ لسورية ،وبنفس الوقت تتقاطع في ّ المتمثل برأسه حرصها ،حال ّيا ً على وجود النظام تحديداً ضمانا ً لشرعنة ّ تدخلها وتأمين مكتسباتها في الجسد السوريّ ،ومن ناحية أخرى هي حريصة على بقاء التنظيمات القاعديّة والمتطرّ فة شمّاعة ّ لتدخلها.
خالد قنوت الرابعة رحلت دامية وقاسية ،والخامسة ابتدأت باستعادة راية الثورة ،وهذه لرمزيتها الوطنيّة تعطي إش��ارات جيّدة لما حملته الثورة السوريّة من قيم وأهداف هي الراسخة اليوم في الضمائر الحرّ ة وسط رياح السموم التي تعصف بالوطن. إنّ عمليّة مسح جيوسياسيّة على امتداد الوطن السوريّ ،قد تعطينا مؤ ّ شرات سيّئة وحزينة لمستقبل سورية ،ساهمت قوى دوليّة وإقليميّة ومحلّيّة في
اليوم ،وبمقاييس السياسات الدوليّة ،وربّما بالمقياس الوطنيّ السوريّ ليس هناك سيناريو قدريّ التح ّقق لمآالت الحدث السوريّ ،فبقاء النظام األس��ديّ أو سقوطه ،بما يعني سقوط متالزمة مؤسّسات الدولة والنظام في مقابل الحالة العبثيّة العسكريّة والسياسيّة القائمة على األرض ،وهو معنى وحيد لفشل الدولة السوريّة ولوقوعها تحت رزح قرارات أمميّة ملزمة قادمة سوف لن تخرج منها سورية لعقود. نعم ،وبقدر ما نكون صادقين مع أنفسنا وبقدر
الصدمة ،علينا أن نرى ببصائرنا مصائر دول الربيع العربيّ بحكم أ ّننا نتقاطع كثيراً كدول وشعوب .هذا، ّ التدخالت الدوليّة ،حيث يمكن إذا استبعدنا نظر ّيا ً جميع ربط ك ّل سيناريو بتجربة دولة من دول الربيع العربيّ :
إنّ غياب رأس النظام األسديّ اليوم عن سوريةسيصل بنا إلى حالة أكثر دمويّة من الحالة الليبيّة ،بسبب الكثافة الس ّكانيّة وتنوّ عها وطبيعة سورية الجغرافيّة، إضافة النتشار التنظيمات المتطرّ فة ونصف المتطرّ فة على كامل الخارطة السوريّة وتواضع وزن القوى الوطنيّة العسكريّة بعد حصارها وعزلها من قبل النظام والدول الفاعلة وحتى المعارضات الخارجيّة الطامعة بالسلطة كهدف مباشر. إنّ بقاء رأس النظام في سورية سيصل بنا لحالةأكثر عنفا ً وطائفي ًّة من الحالة اليمنيّة حيث اإلمكانيّات الماليّة الضخمة ،وارتباطات عائلة ونظام األسد سوف لن تدع السوريّين يهنؤون بيوم سالم واحد كما يفعل الرئيس علي عبد صالح باليمن. إنّ غياب رأس النظام وبقاء النظام بتركيبته األمنيّةالبوليسيّة سوف تصل بنا للحالة المصريّة ،حيث سيستخدم النظام العسكريّ قدراته ويفرض حالة دولة
ملف العدد
تحت الحكم العسكريّ واألمنيّ من جديد. إنّ التغيّر الجذريّ في النظام وغياب العائلة األسديّةعن المشهد السوريّ سوف يعوّ م الحالة اإلخوانيّة التي عملت سنين طويلة في المنفى وتعمل منذ أربعة سنوات على تثبيت قواها على األرض عسكر ّيا ً ّ وسياس ّيا ً متمثلة في االئتالف الوطنيّ والمجلس من قبله ،وتطرح نفسها كإسالم معتدل مقبول أمريك ّيا ً مقابل إسالم متطرّ ف منتشر ودمويّ ،سيصل بنا إلى الحالة التونسيّة اإلقصائيّة التي حاولت القوى اإلخوانيّة فرضها قبل االنتخابات. إنّ العامل الذاتيّ الستمرار الثورة هو جمرها القابع تحت رماد المدن والقرى واألحياء المدمّرة يظهر بين الحين واآلخر بمظاهرات السوريّين بين استراحات القصف الجوّ يّ األسديّ واقتحامات القوى المتطرّ فة، اللتان تشتركان في نشر العنف والرعب بين المدنيّين. ستشهد سورية ثورات عديدة ح ّتى بعد سقوط رأس النظام أو النظام نفسه ،بدءاً بثورة الجياع وانتها ًء بثورة الهويّة ...ووجود األجندة الوطنيّة حقيقة ،أليّة قوى سياسيّة تضطلع بمهمّة القيادة ،هو الشراع الذي سينقذ سورية والسوريّين من عواصف قويّة قادمة.
ربيع عام 2011كنت هناك بعيدة للمعترض ،فكانت الثورة باب الفرج الذي أطلّت منه الوجوه المتعبة واألصوات التي صرخت :حرّ يّة.. حرّ يّة
في ربيع عام 2011كنت هناك بعيدة عن المكان قريبة من سماع صوت االستغاثات عبر مكبّرات الجامع العمريّ وأص��وات أزي��ز الرصاص كانت البنادق والليل البهيم وانقطاع الكهرباء واال ّتصاالت يفصلنا عن معرفة ما حدث ،وكانت دموعنا وقهرنا صرخات جلجلت في فضاء ليل مخيف عانقت عنان السماء :هللا أكبر.
ماجدولني الرفاعي (كاتبـة وصحفيّـة مقيمة يف هولندا) . في البداية كانت الدهشة تأخذ شكل انفعاالت فوضويّة، إذ بعد سنوات من القهر الممضّ وكم األفواه وسيادة عناصر األمن والمخابرات على الشعب المسالم الذي أبقته الدكتاتوريّة في دوامة البحث عن الرغيف وسبل العيش مع ترديد شعارات لم يكن يلمس تنفيذها على أرض الواقع ،ولك ّنه كان يستمرّ في ترديدها خوفا ً من السجن واالعتقال ،فسيادة الحزب الواحد األوحد ال تقبل أيّة مهادنة أو نقد وكان التدجين يبدأ من رياض األطفال وانتهاء بالجامعات ثم ينتقل إلى العمل وويل
في اليوم التالي ،ع ّم السكون والوجوم المدينة، استشهد شيخ الجامع ومن معه ود ّنس المكان باألحذية ّ المستفزة وسال الدم الطاهر فوق سجّ اد والشعارات الصالة ،ممّا زاد الثورة توهّجا ً وكثرت المظاهرات وتكاتف الجميع بطريقة حماسيّة رائعة فطلاّ ب الحرّ يّة يُقتلون على مرآى ومسمع العالم وال مجير لهم غير هللا وتماسكهم ،فانطلقت الهتافات المعبّرة عن خيبة طلاّ ب الحرّ يّة بالعالم وباألش ّقاء في الوطن العربيّ بشكل عام. يا هلل مالنا عيرك يا هلل ،هي هلل ال للثورة وال للجاه ،من حوران هلّت البشاير ..وغيرها من هتافات توضح أنّ الهدف من الثورة نيل الحرّ يّة والكرامة التي أهدرها نظام األسد األب واالبن. وبعدها جاء حصار درعا بالدبّابات حيث عشنا حاالت قهر جماعيّة مع منع التجوال وتفتيش البيوت واعتقال الشباب والرجال ومنع المواد الغذائيّة من ك الحصار الدخول للمدينة ،ومع محاولة الريف ف ّ ارتكب النظام أفظع المجازر على تخوم درعا من جميع جهاتها فكانت مجزرة صيدا وإزرع واليادودة التي
ذهب ضحيتها المئات من الشهداء الذي كان سالحهم ح ّتى اللحظة رغيف الخبز وأغصان الزيتون وهتافاتهم ك الحصار عن أخوتهم ،وكان من بينهم مجموعة من بف ّ األطفال منهم حمزة الخطيب وثامر الشرعي ،حيث ت ّم اعتقالهما وقتلهما تحت التعذيب بوحشيّة يندى لها جبين اإلنسانيّة .
في تلك المرحلة من الثورة سادت حالة مدهشة من التالحم االجتماعيّ فالطعام والشمع والماء يتقاسمه الجميع عن طيب خاطر وحبّ .. عندما زادت عنجهيّة النظام ووحشيّته في قمع الثورة واعتقال المئات من الثوّ ار وامتداد الثورة إلى كا ّفة المحافظات السوريّة ومدنها وبدأت مرحلة الكفاح المسلّح فتو ّقفت المظاهرات وانتشرت الحواجز وبدأ نفير الحرب ودخلت الثورة مرحلة جديدة ،إذ بدأت االشتباكات وتحرير المدن والقرى وبدأت االنشقاقات في صفوف الجيش ت��زداد وتيرتها ،وعلى الصعيد السياسيّ تش ّكلت مجموعة من األحزاب والتنظيمات السياسيّة وعلى رأسها االئتالف والحكومة االنتقاليّة وبدأ ض ّخ المال والسالح من جهات ودول مختلفة وبدأت تظهر معالم الحرب الطائفيّة ،وزاد النظام من قبحه فراح يحرق البيوت ويقصف االحياء بأسلحة مختلفة ،البراميل والكيماويّ والقنابل العنقوديّة ويعتقل الشعب بالمئات ،ولع ّل صور الشهداء التي سرّ بت من المعتقالت خير دليل على وحشيّته .ك ّل تلك العوامل زاد ت من حركة النزوح واللجوء دون أن تح ّل المؤتمرات التي عُقدت بكا ّفة مسمّياتها المشكلة ،فالنظام متمسّك بكرسيّه والعالم ال يريد أن ترجح ك ّفة على أخرى فيم ّد الثورة بالسالح الخفيف ويهادن النظام ،وما زاد الطين
بلّة ظهور الكتائب اإلسالميّة الس ّنيّة المسلّحة بكا ّفة مسمّياتها وأكثر عناصرها من خارج سورية (داعش ،النصرة ،غرباء الشام )..وعلى الجانب اآلخر راح حزب هللا وايران وكتائب أبو الفضل العبّاس العراقيّة الشيعيّة بالقتال إلى جانب النظام تحوّ لت سورية إلى ساحة حرب الشعب هو الضحيّة الوحيدة فيها فأصبح الموت خبزهم اليوميّ وال أمل لهم في الخالص وهم يتابعون اختالف الفصائل المسلّحة فيما بينها من جهة واختالف المعارضة الخارجيّة على المال والكراسي من جهة أخرى وما بينهما النظام يزداد شراسة ،وهم بين قتيل وجريج ومهجّ ر بين الخيام ودول اللجوء بينما العالم يمطرهم بالشفقة والفرجة ..
قد تكون النظرة سوداويّة لواقع الثورة السوريّة العظيمة ،لك ّنه واقع الحال الذي يلقي بظالله على يوميّات جميع السوريّين في ك ّل مكان فالسوريّ في الخارج يبكي على وطن ضاع منه والسوريّ في الداخل يحاصره الموت والغالء والنزوح وانقطاع كا ّفة وسائل الحياة ورغم عرض آمالنا ،إلاّ أ ّننا ال نرى شكل النهاية وال ملمحها ،فالدول الكبرى المتصارعة هي من سترسم خارطة سورية وحدودها بعد انتهاء م ّدة صالحيّة النظام عندهم ،وبعد استثمار موتنا خير استثمار وسرقة خيراتنا وآثارنا ،فها هي بصرى الشام تتحرّ ر بعد سيطرة النظام وإيران عليها منذ بداية الثورة فقد انتهوا من نهبها وسرقة آثاره كما باقي األوابد األخرى ،وال أستبعد أبداً أن تعرض تلك المسروقات في إيران بشكل علنيّ وليس لنا إلاّ هللا وأملنا بالنصر والحرّ يّة.
الوطني؟ الثورة من األزمة إلى المشروع ّ
أمحد الرمح (الكتلة الوطنيّة الدميقراطيّة) مع دخول العام الخامس من عمر الثورة السوريّة؛ الب ّد من مرور سريع على ما نتج في عامها الرابع من ّ تعثر ثوريّ وسياسيّ جعله أكثر أعوامها خيبة لألمل؛ ممّا أدخل المجتمع السوريّ بحالة إحباط نتيجة االنتكاسات السياسيّة والعسكريّة! ولتوصيف ما سبق
newspaper@allsyrians.org
من عمر الثورة يمكننا أن نقسّم الثورة في األعوام السابقة إلى ثالث مراحل:
العراقيّة أن تفعله مع البعثيّين أو الموالين للنظام العراقيّ السابق!.
مرحلة السلميّة :وهي أرقى وأنقى مراحلها .ث ّم مرحلة العسكرة :وه��ي مرحلة اندفع فيها بعض الثوريّين لحمل السالح إليمانهم بأنّ الح ّل العسكريّ هو األسرع واألنجع مع هكذا نظام .فالمرحلة الداعشيّة: وهي مرحلة تغلغل تنظيمات متطرّ فة خطفت الثورة لمصالحها اآليديولوجيّة وعرقلتها وحرفت البندقيّة باالتجاه الخاطئ.
وهذا أمر طبيعيّ في السياسة ،إذ أنَّ ك ّل ثورة لها هدف اجتماعيّ وثقافيّ وبالتالي سياسيّ تعمل على تحقيقه ،ولهذا ممّا يدور ويُطرح ما بين التك ّتالت السياسيّة؛ أنّ ما يحصل من معارك دمويّة على أرض الوطن سينتهي بال رابح وال خاسر للطرفين كما يبدو المشهد عسكر ّياً!؟ .ولكنّ األكيد أنّ الوطن والمجتمع هما الخاسر األكبر.
وإنْ صح هذا التقسيم الزمني للثورة؛ وح ّتى ال ندخل في دوّ امة اليأس واإلحباط ،فإ ّننا نظنّ لما لهذه المرحلة األخيرة من سيئات وفواحش ثوريّة فإنّ لها حسنات تصبّ في مصلحة الثورة .إذ أ ّنها ساهمت بعودة الوعي الثوريّ لك ّل الفرقاء العاملين في الحقل الثوريّ ،فقد عمل ما أيقن ج ُّل العاملين في خدمة الثورة أ ّنه الب ّد من ٍ إلنقاذ الثورة مما ْ آلت إليه!
إنَّ أخطر ما في هذه المعارك الطاحنة الخاضعة ألجندات خارجيّة وتصبّ في مصلحتها؛ أنَّ الطبقة الوسطى التي تع ّد صمام أمان أيّة أ ّم��ة؛ ومحرّ كها اإلبداعيّ والتنمويّ والثقافيّ ،أصبحت مسحوقة! وهذا نذير اجتماعيّ خطير ج ّداً.
لذلك خرجت وتعالت أصوات تبحث في هذا األمر؛ وتؤمن بالوقت نفسه أنّ ما يُسمى بعلم السياسة (المعادلة الصفريّة) لم تعد حلاّ ً عاقالً وال في مصلحة الوطن. ْ ب��دأت ج� ّد ّي�ا ً بالبحث عن مخرج لألزمة ولذلك ّ يتمثل بح ّل سياسيّ لها؛ ال يجعل تضحيات المجتمع تذهب هباء؛ وال يجعل من إلغاء اآلخر (فيزيولوجيا وسيكولوجيا) هدفا ً ممكن التحقيق؛ كما حاولت التجربة
أضف إلى ذلك ،سيطرة ثقافة العسكرة على المجتمع بمختلف أعماره وتك ّتالته .من هنا يجب أن نتنبه إلى مسألة في غاية األه ّميّة ،أنَّ اله َّم األكبر لنا يجب أن ينصبّ ال على إسقاط النظام أو إعادة اإلعمار فحسب، إ ّنما بإعادة المجتمع إلى ثقافة المدنيّة التي كان يتحلّى بها قبل سيطرة ثقافة العسكرة .وهذا أمر ليس بالهيّن أو السهل إنْ فكرنا بالمجتمع استراتيج ّياً. ناهيك عن بعض األصوات والمبادرات الخارجيّة التي بدأت تطرح أفكاراً للحلّ؛ تجعل ك ّل طرف يبقى
بموضعه الذي يسيطر عليه عسكر ّيا ً ومن َث َّم تشكيل مجالس وإدارات لك ّل جهة مع وقف إلطالق النار ّ (خطة دي ميستورا) وهذه صوملة واعتراف متبادل ّ ملطفة وتقسيم مناطقيّ قد يؤ ّدي إلى تقسيم سياسيّ ؛ علما ً بأنّ صقور النظام والجماعات المتش ّددة لن تقبل بهكذا مبادرة ،وبذا يستمرّ النزيف السوريّ إلى ما ال نهاية! ليغدو في المستقبل أمراً واقعا ً علينا التعايش معه.
من هنا ،بدأ البحث عن حلول واقعيّة لح ِّل األزمة؛ توقف التدمير والتهجير؛ وتعيد الثورة لمسارها الحقيقيّ ّ المتمثلة بالحرّ يّة والكرامة إلحياء أهدافها الوطنيّة للوصول إلى دولة المواطنة لتحقيق ثقافة الديمقراطيّة والعدالة االجتماعيّة والمساواة بين الجميع على أساس الكفاءة وليس الوالء ،لينبثق عن ذلك دستور حضاريّ مدنيّ يكفل حقوق الجميع ؛ فيتولّد عنه قانون يخضع الجميع له دون استثناء؛ وعلى هذا فإ ّنه يمكننا القول إنْ ك ّنا جا ّدين بالبحث عن ح ٍّل لألزمة وإنقاذ الثورة؛ ال ب ّد من برنامج يعمل على وحدة عمل المعارضة، وليس وحدتها -ألنّ ذلك ثبتت استحالته -يخرج بوثيقة شرف وطنيّ ،تأسّس لورقة مبادئ بين ك ّل الفرقاء؛ يتنادى من أجلها الجميع نحو مؤتمر وطنيّ شامل للقوى السياسيّة؛ ح ّتى تستطيع نقل الثورة من األزمة إلى المشروع الوطنيّ ،الذي يمكن أن يُنقذ ما تبقى إلنقاذه من الوطن.
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 28
/ 3نيسان 2015/
7
السنة الثانية
بعض االستنتاجات بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة السورّية والتحليالت الموضوعيّة .فما هي أه ّم األمور السلبيّة واإليجابيّة ،التي وواجهتها الثورة؟ األمور السلبيّة ونتائجها: عدم توافق القيادات الوطنيّة السياسيّة والعسكريّةعلى رؤية واحدة ،وميثاق وطنيّ وبرنامج عمل؛ فقدان قيادة سياسيّة فاعلة للثورة على األرض ،وفقدان قيادة عسكريّة موحّ دة تعمل تحت قيادة سياسيّة ،ثورة بدون برنامج وبدون قيادة. عدم توحّ د (توافق) فصائل الحركة السوريّةالكرديّة السياسيّة والعسكريّة ،أدى إلى صعوبات كبيرة في عمليّات التنسيق السياسيّة والعسكرية ...وأدى إلى معارك على األرض وشهداء ،وهذا يصبّ في مصلحة النظام.
حميي الدين حمروس ما هي أه ّم االستنتاجات وال��دروس المستفادة من الثورة السوريّة خالل األربع سنوات من استمرارها، وتقديم الشهداء ،ودفع فاتورة كبيرة من المعتقالت والمعتقلين ،والمخطوفات والمخطوفين ،والمغتصبات، والتهجير والنزوح ،والدمار الشامل للبلد؟ بالطبع ،ال يمكن كتابة ك ّل هذه االستنتاجات ألربع سنوات من عمر الثورة ،من خالل مقالة واحدة .حيث سيكتب المف ّكرون والباحثون الكتب حولها ،ليت ّم تدريسها مستقبالً في المدارس والجامعات وعلم الثورات. ال ب� ّد من االنطالق من الحقائق والوقائع على األرض ،إلى تش ّكل المعطيات أله� ّم االستنتاجات
هيمنة اإلخوان المسلمين على المجلس الوطنيّ ،وبالتالي على االئتالف الوطنيّ ،أ ّدت إلى نتائج سلبيّة على المستوى الداخليّ واإلقليميّ والدوليّ ،منها: صعوبة توافق القوى الوطنيّة السوريّة معهم ،نتيجة سياسة اإلقصاء التي مارسوها ويمارسونها إلى يومنا هذا ،ح ّتى أنّ دخول بعض الشخصيّات الديمقراطيّة لالئتالف ،لم يؤ ِّد لعمليّة إصالحه ،نتيجة تركيبته ،جزء من الجماهير التي كانت مع الثورة في بدايتها ،ا ّتخذ موقف الحياد ،لعدم تأييده لإلخوان .كذلك أ ّدى لتحجيم الدعم الدوليّ لالئتالف طالما بقي بقيادة اإلخوان ،هذا عدا عن أنّ العديد من الدول -بشكل مستق ّل -ت ّتخذ موقف الحذر من تقديم أيّة مساعدة عسكريّة ،عن طريق اإلخوان ،والقيادات العسكريّة المتطرّ فة. -إعطاء ضوء أخضر من قبل المجلس الوطني
والجيش الحرّ ،لدخول المجاهدين من مختلف الدول العربيّة ودول العالم ،وح ّتى تب ّني الدفاع عن بعض ّ المنظمات المعروفة لدى العالم بأ ّنها تابعة للقاعدة، مثل جبهة النصرة و «داعش» وأخواتها ،وأعطى المبرّ رات للنظام المستب ّد ،الستدعاء الميليشيات اإليرانيّة والعراقيّة وكتائب حزب الشيطان. تسليح الثورة ،وال أقصد بهدف الدفاع عن النفس،فهو ّ حق مشروع في ك ّل القوانين والشرائع الدينيّة، وإ ّنما في تحرير مناطق دون تأمين حماية جوّ يّة لها، أ ّدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيّين.
الثورة المسلّحة تعني إطالة المعارك لسنوات طويلة؛ لع ّدة أسباب ومنها :عدم التوازن العسكريّ بين فصائل مسلّحة (غير موحّ دة) ،وجيش نظاميّ منذ عشرات السنين له ميزانيّة كبيرة للتسليح والتدريب. إضافة لذلك ،ليس ك� ّل مواطنة ومواطن بقادر على حمل السالح ،ممّا يعني قلّة عدد المشاركات والمشاركين في الثورة ،بدالً من أن تكون جماهيريّة وشعبيّة. خضوع بعض الفصائل العسكريّة للضغوط العربيّةولالبتزاز (لحاجة السالح والتمويل) ،ألسلمة تسمياتها وشعاراتها ،ولحرفها عن أهداف الثورة السياسيّة إلى حروب دينيّة. األمور اإليجابيّة ونتائجها: التحقت الثورة السوريّة بثورات الربيع العربيّ ،وحافظت ألشهر عديدة على سلميّتها ،وهو العصر الذهبيّ ،رغم وحشيّة النظام في التعامل معها.
اكتسبت الثورة التأييد الواسع من الدول العربيّةوتركيا والعديد من دول العالم والتنظيمات الدوليّة. وص��والً إل��ى مجموعة أصدقاء الشعب السوريّ ، ّ كممثل للشعب السوريّ (هذا له واالعتراف باالئتالف سلبيّاته أيضاً) .هذا التأييد انخفض فيما بعد ألسباب داخليّة تتعلّق بالثورة وقياداتها ،وألسبا ٍ ب أخرى تتعلّق بالمصالح الدوليّة.
استمرار مسيرة الثورة رغم استخدام النظام لكا ّفةاألسلحة ،وازدياد عدد القتلى والمعتقلين والمُهجّ رين... أجبر العالم على البحث عن ح ّل سياسيّ ،فت ّم عقد جنيف 1بهدف إدارة األزمة السوريّة ،ومن ث ّم جنيف٢ للوصول إلى ح ّل سياسيّ ،يؤ ّدي لمرحلة انتقاليّة، مخاض عسير). وموافقة االئتالف على التفاوض (بعد ٍ تشكيل العديد من األحزاب والتنظيمات السياسيّةوالمدنيّة داخ��ل الوطن وخارجه ،وعلى صفحات التواصل االجتماعيّ ،ممّا أعطى دفعا ً سياس ّيا ً وثقاف ّياً، وأتاح ممارسة حرّ يّة التعبير عن الرأي ،التي كان الشعب السوريّ محروما ً منها. ثورة في الوعي االجتماعيّ السوريّ ،في رفضهلك ّل أشكال االستبداد السياسيّ والدينيّ ،هذا التحوّ ل النوعيّ هو الضمانة الستمراريّة الثورة ح ّتى تحقق أهدافها ،مهما بلغت التضحيات. لألسف ،العديد من المحلّلين يميل إلى رمي أسباب اإلخفاقات للعوامل الخارجيّة ،تبعا ً لنظريّة المؤامرة. ال أنفي تأثير هذه العوامل الخارجيّة ،لكنّ األساس هو االنطالق من العوامل الداخليّة في التحليل. الثورة مستمرّ ة وستنتصر.
نعم كلّنا متألّمون لما آل إليه الحال الحال في البدايات ،ولكن من هم الذين سيقومون بذلك وإلى أيّ ح ّد هم مستع ّدون لدفع ثمن استعادة روح الثورة وألقها األوّ ل؟ بالنسبة لي لم يعد لديّ أيّة ثقة بأيّة جهة أو شخص يطالب بهذا األمر وهو خارج الحدود بدون سبب منطقيّ يقنع من هو مستع ّد لدفع حياته ثمنا ً لذلك؟ ت ّتهمون اإلسالميّين بسرقة الثورة؟! طيب تعالوا نقارن بين ما فعله اإلسالميّون لتحقيق أهدافهم وبين ما فعله الوطنيّون والديمقراطيّون والقوميّون والليبراليّون واليساريّون واليمينيّون واألمميّون وووإلخ؟
عقيل حسني – صحفي وناشط نعم يمكن إعادة ألق الثورة الشعبيّة كما كان عليه
لقد كان أصحاب المشاريع اإلسالميّة يتزاحمون على التشبّث بالميدان ،بينما لم يبق من أصحاب المشاريع األخرى من يقبل ح ّتى بدعم الذين يعتقدون بمشروعه ممّن تب ّقى على األرض ،بعد أن استشهد الكثير منهم أو أصبح معاقا ً مرم ّيا ً ال يسأل عنه أحد! ماذا قدم ك ّل طرف لمشروعه غير الكالم واألحالم، بينما يقاتل اآلخرون من أجل مشروعهم؟! ث ّم عندما
نتح ّدث عن التسلّح والسالح باعتبار أ ّنه ت ّم توظيفه في الكثير من األحيان خارج أهداف الثورة أو ح ّتى كسالح لمعارك اآلخرين على األرض السوريّة ،فهل هذا يُعفي معارضي التسلّح من مسؤوليّة ترك الساحة ألصحاب السالح يرزحون تحت ثقل هذه األحمال ،إذا ما اعتبرناهم أصحاب نيّة حسنة ،أو في حال اعتبرناهم غير ذلك ،فلماذا لم يت ّم التكاتف للوقوف بوجه أيّ انحراف للسالح؟! طبعاً ،ج��رى ذل��ك من خ�لال اإلع�لام وصفحات التواصل االجتماعيّ ،ولعمري فإنّ هذا موقف ،الر ّد عليه باالعالم وعبر وسائل التواصل االجتماعيّ هو أكثر ما يستح ّقه. نعم ،كلّنا متألّمون لما آل إليه الحال في الثورة، وجميعنا لم يكن يريد أن نصل إلى ما وصلنا إليه ،بمن فينا المخطئون والمتجاوزون ،بل ،وإذا قلنا المنحرفون، ولكن متى كان الندب والتباكي عن بعد هو الحلّ؟! أعرف العشرات ممن بقوا في حلب متمسّكين بالثورة
الثورة كذكرى
لم يبق من الثورة السوريّة التي اندلعت ض ّد نظام االستبداد األسديّ الذي شهد تحوّ الت فاشيّة في سياق الثورة ،سوى حطام يحمل في جوف مأساته توق السوريّين للتحرّ ر. باتت ثورة الحرّ يّة والكرامة السوريّة منفيّة بعد أن استنزف النظام طاقتها الثوريّة وقتل وسجن وأرهب رعيلها األوّ ل ،ما هيّأ في سورية المناخات المالئمة الزدهار نبتة التطرّ ف الشيطانيّة التي التهمت الثورة والحرّ يّة والكرامة معاً .الثورة السوريّة اليوم ال حضور كثيفا ً لها سوى في رموزها األولى .واليوم بات الثوّ ار السوريّون المنفيّون والمشرّ دون في أصقاع األرض يمارسون طقوسا ً إحيائيّة من الخارج متوسّلين هذه الرموز في طقوسيّة توهن األمل فيما هي تسعى إلى إحياء الذكرى.
راتب شعبو (نزيه شعبان) newspaper@allsyrians.org
خارج سورية ،حيث للسالم أرض يستقرّ عليها، بدأ السوريّون بإشادة مسرح لخالفاتهم المزمنة بعيداً عن صوت المدافع والرصاص ،وبعيداً عن صراع ال تمثيل فعل ّيا ً لهم فيه .وداخل سورية ،آلة الحرب تطحن ك ّل شيء ،ح ّتى يصعب على المرء أن يفهم من أين
يأتي الفرح «بانتصار» عسكريّ هنا أو هناك ،في حين يبدو جل ّيا ً أنّ االنتصار الحاسم ليس في متناول أيّ طرف .وأ ّنه إذا مالت الك ّفة لصالح طرف ،فإنّ «العالم الحرّ » سوف يستعيد توازن التآكل من جديد ،كما ظ ّل يحدث طوال ثماني سنوات من الحرب بين العراق وإيران ،حين كان يراد إرهاق الطرفين.
ما يؤلم الروح أنّ الثورة المنفيّة لم تعد ثورة إلاّ باعتبارها ذكرى وفولكلور .وقد تعلّمنا من الثورة الفلسطينيّة كيف تجري المبالغة في الرموز كتعويض عن االحباطات الفعليّة المتواترة .وكيف ت ّتخذ الخيبة والعجز شكل اإلكثار من إشارات النصر ومن تكرار «مستمرّ ون» ومن رفع النبرة التفاؤليّة والتأكيدات الثوريّة الخاوية. قد يسقط نظام االستبداد األسديّ ،وهو سيسقط ولو بعد حين ،ولكنّ هذا لن يعني بعد اآلن أنّ الثورة انتصرت .الذي سينتصر هو القوّ ة التي تم ّكنت من إسقاط نظام األسد وال يوجد قوّ ة بيد الحالمين بالحرّ يّة والكرامة قادرة على إنجاز هذه المهمّة .يمكن أن يسقط نظام األسد بيد قوى إسالميّة متطرّ فة ،عندئذ فالنصر
ومبادئها إلى اليوم ،ولكنّ هؤالء ال عون لهم وال سند، يتألمّون بمفردهم ويسعون وحيدين أل ّنهم لم يقبلوا أن يكونوا أداة بيد أحد ،وال أن ين ّفذوا أجندات أحد ،وال أن يبيعوا مبادئهم لداعم أو ّ منظمة أو غيرها. ت ّم تشكيل العديد من المؤسّسات الثوريّة المدنيّة من قبل ناشطين على األرض ،لك ّنها لم تجد من يق ّدم لها أيّ دعم ما دامت هذه المؤسّسات نقيّة ال تقبل التجيير وال التسييس ،فبقيت بال تأثير ،واضمحل دورها ،ث ّم عاد شبابها لالنزواء والبكاء بحرقة قبل أن يفقد الكثير منهم األمل! نعم ،يمكن استعادة ألق الثورة وروحها األولى، ولكن بالعمل والتضحيات الجماعيّة ،وليس باالنتهازيّة وال��ك�لام والتباكي وانتظار اآلخ��ري��ن أن يق ّدموا التضحيات من أجل مشاريع ال يؤمنون بها ،ومن كان يؤمن بمشروعه ،فليتفضّل إلى األرض وليعمل من أجله ويضحّ ي في سبيله ،ويق ّدم من ماله وجهده ووقته وأمنه ورفاهيته لألهداف التي يسعى من أجلها.
لها ولداعميها على حساب الحرّ يّة والكرامة بال شكّ. وإذا سقط بيد قوى خارجيّة فالنصر لها على حساب أوجاع الشعب السوريّ وتضحياته .الشعب السوريّ الذي أشعل ثورته األولى على أمل التحرّ ر ،بات خارج حسبان الجميع بعد أن خذله المحلّلون وناشطو السياسة وسلّموه إلى ناشطي اإلغاثة .بات الشعب السوريّ موضوعا ً للبطش بدعوى «البيئات الحاضنة» ،وما ّدة للتجنيد اإللزاميّ والحشد وحسب. بك ّل بساطة ،لم تعد الحرّ يّة والكرامة هي الدافع ك احتكار المحرّ ك للصراع السوريّ اليوم ،ولم يعد ف ّ السلطة واالنتقال إلى شكل دولة تداوليّة حديثة هو هدف أيّ من أطراف الصراع الفاعلين الذين يطمح ك ّل منهم إلى إشادة استبداده الخاصّ . هذا واقع ف ّج ال يكلّف المراقب عبء االستنتاج. الصراع اليوم بين أطراف بعضها يحتقر الديموقراطيّة وبعضها اآلخر يك ّفر الديموقراطيّة .ما من دولة إقليميّة أو عالميّة دعمت الثورة السوريّة ،إلاّ كما يدعم حبل المشنقة عنق المشنوق ،حسب التعبير الشهير لزعيم الثورة البلشفيّة في روسيا .هيئة التحرير
www.allsyrians.org
8
السنة الثانية
سورّيون في السويد
خاص -استوكهومل -كلّنا سوريون منذ أن قرّ ر النظام السوريّ أنّ طريقه الوحيد للح ّل في سورية هو اإليغال في قمع السوريّين بك ّل الطرق ومهما تكن النتائج ،بدأت حكاية الرحيل السوريّ تكتب حروفها بمأساويّة ،رحيل بدأ داخل سورية من حيّ إلى حيّ ،ومن قرية إلى قرية ،ث ّم من مدينة إلى مدينة لكنّ الموت الذي زرعه النظام في وجوههم أينما ذهبوا دفعهم إلى اللجوء لخارج سورية. على الحدود التي تحيط بسورية انتصبت خيام السوريّين ونام أبناؤها في العراء ليبدأ الفصل الثاني من المأساة السوريّة ،في الدول التي هربوا إليها في البداية كان مكسبهم الوحيد أ ّنهم لم يعودوا يموتون بالقصف والقنص ،بل أصبح موتهم ب��رداً وجوعا ً ومرضاً، وهكذا بدأ السوريّون البحث عن أرض تمنحهم شروطا ً أفضل للحياة فغادروا إلى البعيد. تق ّدر دائرة الهجرة السويديّة أنّ عدد السوريّين الذين وصلوا إلى السويد منذ بداية األحداث وح ّتى الشهر العاشر من عام ،2014بـ 36ألف سوريّ وصلوا برّ اً وبحراً وجوّ اً ...بهجرة شرعيّة وغير شرعيّة. ينصّ قانون التعليم السويديّ على أنّ لجميع األطفال واألحداث ّ حق الحصول على فرص متساوية للتعليم، بغضّ النظر عن الجنس أو مكان عيشهم أو أيّة عوامل اجتماعيّة أو اقتصاديّة أخرى ،إنّ الحضور في المدرسة إلزاميّ لك ّل األطفال ح ّتى العام الدراسيّ التاسع ويداوم اليوم تقريبا ً جميع األطفال في الصفوف التمهيديّة غير اإللزاميّة في سنّ السادسة ،وعمل ّياً ،يعني هذا إنّ األطفال يتل ّقون عشرة أعوام من التعليم إجماالً. ستقوم جريدة كلّنا سوريّون بتحقيقات متتالية ترصد فيها حياة هؤالء السوريّين الذين وصلوا إلى السويد. سوري في «فيمربي»: يوم من حياة طفل ّ اسمي :أوس ،عمري 12عاماً ،وصلت إلى السويد في نهاية عام 2014أوّ ل ما شاهدته في السويد هو
الثلج أحسّست ببرد شديد وحلمت بالعودة لسورية.... «سورية أدفى». أذه���ب اآلن إل��ى ال��م��درس��ة ص � ّف��ي اس��م��ه صف (االنترناشونال) وهو تابع لمدرسة «أستريد ْ لندجرين »* Astrid Lindgrenفيه 18طالباً ،ثالثة عشر منهم سوريّون ،أ ّم��ا اآلخ��رون فقد قدموا من «قرغيزستان ،وتايوان ،وأفغانستان وصربيا» هنا نتعلّم اللغة السويديّة ونتعلّم أيضا ً لغتنا األ ّم. ي��������ولاّ Ulla مدرّ سة في الصفّ الدوليّ تقول :نحن حريصون على أن يبقى الطالب على ت��واص��ل م��ع لغته األ ّم ،ل��ذل��ك نتعب ك��ث��ي��راً ف��ي تأمين مدرّ سين للغة األم، لدينا ثالثة مدرّ سين ي����درّ س ك��� ّل منهم طالبا ً واحداً. يبدأ يومنا في الثامنة والربع صباحاً ،يقول أوس ،ويضيف :لك ّل م ّنا خزانته الخاصّة، كأس الشايّ والحذاء الخاصّ الذي نلبسه داخل الصفّ ...الصفّ هنا أقرب للبيت فيه مطبخ ومكتبة وخزائن األلعاب ...نتعلّم حروف اللغة السويديّة ومفرداتها ونلعب ...في الحادية عشر صباحا ً نذهب إلى مطعم المدرسة ..مطعم كبير ونظيف نخدم أنفسنا ونقف على الدور لنمأل صحوننا من بوفيه مفتوح ،هناك يجتمع ك ّل الطلاّ ب السويديّين وغير السويديّين على طعام الغداء، لم أستسغ الطعام السويديّ في البداية لك ّنني شيئا ً فشيئا ً بدأت أحبّه.
العدد 28
/ 3نيسان 2015/
ب���ع���د أش���ه���ر م��ن وج��ودن��ا ف��ي الصفّ ال��دول��يّ سننتقل إلى ال��م��درس��ة ال��ع��اد ّي��ة، هناك سيكون ك ّل م ّنا في الصفّ المناسب له وهناك سنكون مع طلبة سويديّين وغير سويديّين. ال ي��ذه��ب األط��ف��ال فقط إلى المدارس ،بل تذهب العائلة بكاملها لتعلّم اللغة السويديّة وأشياء أخرى تعلّمهم القوانين السويديّة وكيف يفتحون بوابة االندماج مع المجتمع الجديد. ً ً صا للقادمين تطبّق الحكومة السويديّة برنامجا خا ّ الجدد الذين تزيد أعمارهم عن 18سنة يسمّونه في السويد (برنامج الترسيخ) م ّدة هذا البرنامج سنتان وهو متع ّدد المستويات ،يبدأ من المستوى Aوينتهي في مستوى Dيهدف ه��ذا ال��ب��رن��ام��ج إلى تعليم الكبار اللغة السويديّة للمهاجرين، وه���و م��س��ت��وى من اللغة يؤمّن لهم الح ّد األدنى من المفردات والقواعد التي تسمح لهم بالعيش والعمل داخ������ل ال��م��ج��ت��م��ع السويديّ ،ويعلّمهم أيضا ً مهارات عمليّة متوافقة مع األعمال التي كانوا يقومون بها في بالدهم ،وكذلك يعرّ فهم بالقوانين السويديّة األساسيّة التي يحتاجونها في السويد. تدفع الحكومة السويديّة راتبا ً شهر ّيا ً مقابل التحاق المهاجرين بهذه المدارس. والكبار إلى المدرسة «أبو زياد» سوريّ قادم مع عائلته من مدينة الحسكة عمره 58عاما ً يذهب إلى المدرسة مع ابنه وزوجته يضحك قائالً« :بعد ما شاب ودوه ع الك ّتاب» ،ويكمل، اللغة السويديّة صعبة لم يعد لديّ القدرة على تعلّم لغة جديدة لك ّنني أحاول ،ابني وزوجتي أفضل م ّني في المدرسة في البيت يسخرون من محاوالتي في قراءة
ملف العدد
السويديّة ،أظنّ أ ّنني سأبقى طويالً بمستوى .A «عليّ » عمره 25عاما ً هو اآلن في المستوى C يقول :البرنامج ّ مكثف ومتعب ،لك ّنهم يق ّدمون ك ّل ما نحتاجه لكي نتعلّم سريعاً ،سأنهي المستوى Dوبعدها أف ّكر في إكمال دراستي الجامعيّة. في برنامج الترسيخ المخصّص للكبار تجتمع جنسيّات كثيرة من العالم ...ويش ّكل السوريّون اآلن النسبة األعلى بينهم ....وأنت تجلس في المطعم ...تسمع السوريّون بلهجاتهم المتع ّددة وبصخبهم وباختالفاتهم السياسيّة ....وبضحكاتهم .... ّ موظف سويديّ يعمل في إدارة يقول ماتس - :وهو شؤون المهاجرين -من الضروريّ أن يحاول الجميع االستفادة من برنامج الترسيخ الذي يستغرق سنتين ..أل ّنه سيكون بوابة القادم إلى حياته واستقراره. أحمد سوريّ من حلب ...ال يهت ّم كثيراً بتعلّم اللغة وال ببرنامج الترسيخ ...يقول :سأبقى سنتين هنا أل ّنني بحاجة إلى الراتب الشهريّ ...وبعدها سيستمرّ ون بمساعدتي ...سأعيش على المساعدة االجتماعيّة. من هي Astrid Lindgren؟ ول ْ ِدت «أستريد لندجرين» في مدينة فيمربي في 14نوفمبر 1907م ،مؤلّفة وأديبة مرموقة وكاتبة سيناريو سويديّة األصل ،تخصّصت في أدب الطفل، لتكون بذلك الكاتبة السويديّة الوحيدة التي وضعت عالمة هامّة ومميّزة على أدب األطفال في العالم. بدأت حياتها المهنيّة كمحرّ رة صحافيّة ،ولُقبت بـ «معلّمة األجيال» ،كما ت ّم تصنيفها كالكاتبة الثامنة عشرة في العالم ،من حيث كثرة عدد أعمالها المُترجمة، وبلغ عدد كتبها أكثر من 100قصّة وكتاب ،ترجمت غالبيتها إلى 76لغة من لغات العالم المعروفة ،وت ّم بيع ماليين النسخ منها حول العالم (ما يقرب من 145 مليون نسخة) ،ل ُتع ّد بذلك من أب��رز ك ّتاب قصص األطفال خالل القرن العشرين.
صغار سورّيون في ماردين
يجتمعون حولك ليحكي ك ّل واحد منهم معاناته في العمل وتركه لمدرسته وأصدقائه والشارع الذي كان يلعب فيه ،بالمقابل ولصغر س ّنهم ترى أحدهم يسألك: ألن تجبرونا على العودة إلى سورية في هذه األوضاع؟ فنشرح لهم عملنا بأ ّننا جريدة «كلّنا سوريّون» ننقل معاناتكم للداخل السوريّ وللعالم الخارجيّ .حينها ينادي بعضهم بعضا ً فترى مجموعة كبيرة من الصغار السوريّين حواليك ،وأنت كنت تظنّ بأنّ هذا السوق ال يوجد فيه إلاّ اثنين أو ثالثة من صغارنا الذين أجبروا على مغادرة الوطن مع ذويهم واضطرّ وا للعمل في أعمال شا ّقة وبساعات طويلة بدل الجلوس على مقاعد الدراسة. ساعات عمل طويلة وأجرة قليلة سوق البقر في ماردين القديمة سوق قديمة تحوي دكاكين عديدة ومتنوّ عة وأسعار المواد فيها مقبولة مقارنة بغيرها من المحلاّ ت في السوق الجديدة التقينا فيها بعدد من الصغار حيث تح ّدث لنا ك ّل منهم بالتالي: أحمد داود :أنا من مدينة عامودا عمري ( )15سنة
newspaper@allsyrians.org
أتيت لماردين منذ ثالث سنوات أعمل في دكان للخضرة بأجر من الساعة السابعة صباحا ً وح ّتى الخامسة مسا ًء ٍ يوميّ قدره عشر ليرات تركيّة والعمل صعب ولكن ماذا أفعل فأنا مجبر وال أستطيع العودة لبلدي وأتم ّنى العودة كي أدرس مثل غيري من األطفال. محمّد حيدو :أنا من قامشلو عمري ( )13سنة ،منذ سنة أتيت إلى هنا أعمل في د ّكان للسجاد من الساعة التاسعة صباحا ً ح ّتى الرابعة عصراً بأجر يوميّ قدره سبع ليرات تركيّة وعملي ليس صعبا ً ولكن أجرتي قليلة وقد كنت في الصفّ الخامس. أحمد محمود :أنا من قامشلو عمري ( )15سنة، منذ سنتين أتيت إلى هنا وفي سورية كنت أعمل لدى قصّاب وهنا عملت في أعمال عديدة من فرن إلى د ّكان للبهارات إلى ماركيت واآلن أعمل لدى قصّاب من الساعة السادسة صباحا ً وح ّتى الخامسة مسا ًء بعشر ليرات تركيّة والعمل صعب وظهري تؤلمني ولك ّنني أعمل ألجل عائلتي فأبي أيضا ً يعمل ولكن المصروف ثقيل على أبي وأريد العودة لسورية (هللا يط ّفي هل
النار) لنعود إلى بيوتنا. محمود حميرة :أنا من محافظة الحسكة من مدينة تل تمر عمري ( )12سنة ،منذ ُ كنت في الصف الرابع سنتين وأنا هنا وقد في تل تمر أمّا هنا فعملت في مطعم ث ّم لدى خيّاط واآلن في د ّكان خضرة من السابعة صباحا ً ح ّتى السادسة مسا ًء بأجر يوميّ ّ ست ليرات تركيّة وأتم ّنى أن أعود قدره إلى بلدي وأذهب إلى مدرستي فقد اشتقت لها. عبدالوهاب حميرة :أنا من مدينة تل تمر في محافظة الحسكة عمري ( )14سنة، منذ ثالث سنوات وأنا هنا ولم أكن أدرس في سورية وهنا أعمل في مقهى من الثامنة صباحا ً وح ّتى الخامسة مسا ًء وبعشرين ليرة تركية ولكن ضجرت وأريد العودة إلى بلدي. أحمد حميرة :أنا من تل تمر عمري ()13 سنة كنت في الصفّ الخامس وقد تركت مدرستي وأتيت مع عائلتي إلى ماردين وأعمل في مطعم من الثامنة صباحا ً ح ّتى الخامسة مسا ًء بأجر يومي قدره خمسة عشر ليرة تركيّة والعمل صعب ومتعب ولك ّنني مجبر وأريد العودة لسورية (أموت وأعود إلى سوريا) رأي مواطن تركي اسمي (بكر أول��غ��اج) م��واط��ن تركي من ماردين لدي د ّكان خضرة ومن الحرام أن يفعل أصحاب األعمال ذلك باألطفال السوريّين فيجب أن نهت ّم بهم ونراعي وضعهم فسبع ليرات وعشر ليرات ال يفعالن شيئا ً وال قيمة لهما وال أريد أن يعمل األطفال فضميري ال يحتمل ذلك. وعند سؤالنا له :لو حدث لكم ما حدث لنا وأتيتم إلى سورية وتعاملنا مع صغاركم كما تتعاملون مع صغارنا وكنتم مجبرين على تشغيل صغاركم ماذا كنتم تقولون ع ّنا؟
أجاب :بالنسبة لي ،ال أقبل أن يعمل أطفال أبداً ولكن كما تقولون لو اضطررت لذلك لقلت أمري هلل وحسبنا هللا ونعم الوكيل. للسوري اّإل الريح ليس ّ كما قال الشاعر الكبير محمود درويش :ليس للكورديّ إلاّ الريح. فقد أصبح السوريّ وحيداً في عالم صامت لذلك لن ننادي أحداً ،بل سندعوا هللا أن يخلّصنا من طاغية دمشق ،لنعود إلى بالدنا ونعمّرها وتزدهر بالمحبّة احملامي علي كولو وحسبنا هللا ونعم الوكيل.
www.allsyrians.org
اقتصاد و قانون
العدد 28
9
السنة الثانية
/ 3نيسان 2015/
القضاء في ّ ظل الثورة بين واقعه وتداعياته كلّنا يعلم الدور الحيويّ للقضاء في أيّ مجتمع أو بيئة، كما نعلم جميعا ً مدى خطورة الجانب القضائيّ في حياة الشعوب حيث يعتبر مقياسا ً رئيس ّيا ً وها ّما ً ج ّداً لمعرفة مدى تق ّدمها ورُقيّها من خالل القوانين المعمول بها واإلجراءات القضائيّة المتبعة ومدى احترامها لحقوق اإلنسان وقدرتها على تحقيق العدالة في المجتمع. ولكن في سورية ،وفي ظ ّل ما تشهده المناطق الخارجة عن سلطة النظام من قتل وتدمير مستمرّ ومن ّ يمت للدين تفشي خطاب دينيّ متخلّف ومريض ال اإلسالميّ أو أيّ دين سماويّ آخر بأيّ صلة وال يحمل في مفرداته سوى الجهل والشموليّة وإقصاء اآلخر. محاكم أم هيئات؟ في ظ ّل هذا الواقع ،وفي ظ ّل غياب مفهوم الدولة ومؤسّساتها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، كان ال ب ّد من قيام محاكم كي تعمل ولو بالح ّد األدنى على ملء ذلك الفراغ الذي ال ب ّد من ملئه بأيّ حال من األح��وال ،ولكن كنتيجة طبيعيّة لما تق ّدم لم يكن للقضاة والحقوقيّين في تلك المحاكم أيّ دور يذكر، وت ّم إقصاؤهم وتهميشهم من قبل من يسمّون أنفسهم اليوم (الشرعيّين) ال بل ومحاربتهم بتهمة أ ّنهم «أزالم النظام السابقين» وبحجّ ة أ ّنهم يعملون وفقا ً للقوانين الوضعيّة التي تخالف الشريعة اإلسالميّة ،وأ ّنهم دعاة علمانيّة ومعادين للمشروع اإلسالميّ . ومنذ قرابة العام أصدرت الهيئة الشرعيّة في حلب قراراً يمنع الترافع أمام القضاة من أجل الم ّتهمين من قبل المحامين ،ث ّم أصدرت قراراً بمنع دخول المحامين (غير الملتحين) إلى الهيئة الشرعيّة وع��دم قبول دعاويهم أو مرافعاتهم. وبذلك ،خلت تلك المحاكم والتي أيضا ً أصبح اسمها (هيئات شرعيّة) من القضاة والحقوقيّين وأصحاب الكفاءة في هذا المجال ،وبالتالي فقدت أدنى معايير
المهنيّة في عملها القضائيّ . ك ّل هذا ،كان ثمرة ذلك الخطاب الدينيّ المقيت الذي استطاع أسلمة الثورة بطيف كبير منها واستطاع استجرار عواطف الثوّ ار من الجيش الحرّ لالنجرار خلف ذلك الخطاب ،حيث بدأت تلك الفصائل بتشكيل تلك الهيئات الشرعيّة للعب دور القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرتها. بنية الهيئات الشرعيّة: تتألّف تلك المحاكم أو الهيئات من أشخاص ملتحين يسمّونهم المشايخ أو الشرعيّين ينتمي ك ّل منهم لفصيل عسكريّ معيّن أو في أحسن األحوال يكون محسوبا ً على ذلك الفصيل ويت ّم تعيينهم من قبل ق��ادة تلك الفصائل وفقا ً لنظام محاصصة معيّن بينها ،وهم من يلعبون دور القضاة في محاكم ال يحكمها أيّ قانون وتصدر فيها أحكام بنا ًء على فتوى الشيخ حسب مدى فهمه هو للشريعة اإلسالميّة ال أكثر ،وغالبا ً ما يكونون أشخاصا ً ال يحملون ح ّتى إجازات جامعيّة بالشريعة اإلسالميّة.
وعندما تختلف بعض الفصائل مع فصائل أخرى ش ّكلت هيئة شرعيّة معيّنة ،تقوم تلك الفصائل الغير مشاركة بتشكيل محكمة شرعيّة في منطقة نفوذها وال تعترف بالمحكمة األخرى ،و ُتصدر أحكامها ضمن المناطق الخاضعة لنفوذها. أمثلة عن أبرز رؤساء تلك الهيئات الشرعيّة: (حسن الكيّاري) رئيس الهيئة الشرعيّة والتي كانت تسمى الرباعيّة – نسبة الشتراك أربعة فصائل رئيسيّة في حلب بتشكيلها – كان يحمل شهادة االبتدائية فقط، وكان يعمل أعماالً حرّ ة بسيطة ليكسب قوت يومه قبل الثورة. (أبو جابر) وهو من جبهة النصرة ،أيضا ً أصبح رئيسا ُ للهيئة الشرعيّة لفترة ما وال أحد يعرف اسمه أو مدى كفاءته. (عبد القادر فلاّ س) اآلن هو رئيس الهيئة الشرعيّة بحلب وأيضا ً ال يحمل إجازة بالشريعة ،ولك ّنه من جماعة أهل الدعوة. وغيرهم الكثير من األمثلة التي ال مكان لحصرها
هنا ،من األشخاص الذين ال يحملون أيّة كفاءة علميّة مطلقاً ،واآلن هم قضاة في تلك الهيئات الشرعيّة. القانون المعمول به في تلك الهيئات: ال وجود لقانون يرتكز عليه هؤالء الشرعيّين في إص��دار أحكامهم بزعم منهم أنّ القوانين الوضعيّة تخالف الشريعة اإلسالميّة وعليهم أن يطبّقوا شرع هللا من خالل القرآن و ُس ّنة نبيّه محمّد عليه الصالة والسالم. لك ّننا عندما نرى أنّ لك ّل هيئة من تلك الهيئات أحكاما ً تختلف عن أحكام الهيئة األخرى ،وأحيانا ً يكون لك ّل قاض منهم ،حكم يختلف عن حكم القاضي اآلخر في ٍ ً نفس القضيّة ضمن نفس الهيئة – علما أنّ الجميع ي ّدعون أ ّنهم يطبّقون شرع هللا – نتساءل ،أيّ شرع من تلك الشرائع المطبّقة هو شرع هللا؟! وفي سابقة أخرى أيضاً ،لم يشهد القضاء مثلها ،فإنّ القضاة أو الشرعيّين ال يلعبون دور القاضي فقط والذي يحاول أن يكون على أعلى درجات الحياديّة والنزاهة، وإ ّنما قد يقوم أحدهم بلعب دور المح ّقق والقاضي معا ً فيقوم بنفسه باستجواب المعتقلين وإدانتهم والحكم عليهم بالوقت ذاته. المحاكم الشرعيّة ليست مجرّ د محاكم!!! في الغالب لم تكن تلك المحاكم هي مجرّ د محاكم، وإ ّنما كان هؤالء الشرعيّين يتقنون أعماالً أخرى كاستصدار أوراق إذن المرور للبضائع والسيّارات، وبيع وشراء ما تت ّم مصادرته بقرار قضائيّ صادر عنهم واصدار شهادات االنشقاق للعسكريّين المنش ّقين عن النظام وإصدار شهادات الوفاة والميالد ،كما كانت تلك الهيئات تض ّم مكاتب خدميّة ما كان يسمّى مكتب الخدمات اإلسالميّة ،كما أنّ وظيفتها إصدار الفتاوى لقادة الفصائل بجواز القيام بعمل ما أو عدمه.
انتقام ...بالمصادرة
وإن اختلف الس ّجان ...السجن واحد
عن جهة قضائيّة ولم يكن من ضمن الحاالت التي ح � ّدده��ا القانون يعتبر باطل.
المنقولة لك ّل من يرتكب إحدى الجرائم اإلرهابيّة، ولكن بشرط أن يكون هناك دالئل كافية ،وتحديد ما إذا كانت الدالئل كافية أم ال يعود للنائب العا ّم ّ يحق أليّة جهة غير قضائيّة أن تأمر حصراً ،وال بتجميد األموال.
المصادرة هي نزع م���ال م��ن ي��د صاحبه لصالح السلطة العامّة، وال��م��ص��ادرة ن��وع��ان: مصادرة عامّة وتميل معظم التشريعات إلى الغائها ،ومصادرة تقع على مال معيّن بذاته ،والمصادرة بنوعيها يجب أن تكون قانونيّة وقضائيّة.
وبحسب القانون ينصّ حكم اإلدان��ة بمصادرة ّ للمنظمة األموال المنقولة أو غير المنقولة العائدة اإلرهابيّة وبمفهوم المخالفة ال يجوز أن تصادر األم��وال ما لم يصدر حكم باإلدانة عن الجهة القضائيّة.
المصادرة
اع ُتقل عبد القادر ح ّداد ،المعروف باسم عبود ح ّداد ،في 26 حزيران ،2013على يد «داعش» في منطقة ريف إدلب بينما كان في طريقه إلى تركيّة. أصبح ح ّداد مصوّ راً ّ يوثق االنتهاكات المرتكبة في سورية منذ كانون األوّ ل ،2011حيث عمل متعاونا ً مع العديد من وسائل اإلعالم السوريّة واألجنبيّة ،وبينما ال تزال أسباب اختطافه مجهولة ح ّتى اآلن ،لم َ تتلق عائلته أيّة معلومات عنه منذ ذلك الحين. عبد القادر الح ّداد من مواليد مدينة دمشق ،1992/1/1والدته المع ّدة والكاتبة فاتن عجّ ان ووالده الصحفيّ والناقد المسرحيّ راتب الح ّداد. درس في دمشق وتعلّم الموسيقى كما قام بكتابة وتلحين ع ّدة أغاني ،حيث ت ّم تسجيلها في بيروت وذلك بسبب رفض االستديوهات في دمشق من تسجيلها لمحتواها الذي يتح ّدث عن التمايز الطبقيّ في المجتمع السوريّ . توفي والد عبود ح ّداد عندما كان عمره عام ونصف العام ،مّما اضطرّ والدته للعمل تعويضا ً لفقدان األب وضاعفت جهدها في العمل كي تؤمّن مستقبل أفضل ألوالدها. ناشدت الصحفيّة السوريّة فاتن عجّ ان والدة البغداديّ زعيم تنظيم «داعش» وزوجته ،إطالق سراح ابنها عبد القادر ،المعتقل لدى التنظيم ،وذلك في رسالة وجّ هتها عبر أثير إذاعة «روزنة»، وطلبت من والدة البغداديّ وزوجته أن يتبادلن األدوار مع أمّهات المعتقلين والمخطوفين ،ويشعرن بلوعة فراق األبناء والخوف عليهم ،وتساءلت عن سبب االستمرار في اعتقالهم طوال هذه الفترة ،بالرغم من أنّ ابنها لم يمارس أيّ نشاط عسكريّ ،وبأنّ عمله كان يقتصر على تصوير الحاالت اإلنسانيّة وعن معاناة األطفال والنساء خالل الحرب ،وذلك بعد انشقاقه من الخدمة العسكريّة في جيش النظام السوريّ ،وذ ّكرت فاتن عجّ ان بالعديد من المعتقلين كعبيدة بطل ومحمّد العمر وسمر صالح وعبود العتيق والمهندس حسام الدين وغيرهم من المغيّبين في سجون التنظيم .يبقى السجن واحد وإن اختلف السجّ ان.
newspaper@allsyrians.org
حممّد قنطار
خائن!!! تهمة مع ّدة مسبقا ً لك ّل من يقف في المقلب اآلخر سياس ّياً .طبعا ً للتهمة تبعات شخصيّة كالتشهير واالعتقال وقد تصل للقتل ،واقتصاديّة كالحجز على أموال المعارض أو مصادرتها. وبدون أيّ مستند قانونيّ أو شرعي مارست ك ّل أطراف الصراع في سورية المصادرة بنا ًء على الموقع السياسيّ للشخص الذي تمّت مصادرة أمواله ،داعش تصادر أو تحرق أموال من يخالفها والنظام يصدر ق��رارات بالحجز أو المصادرة ّ بحق معارضيه وفصائل المعارضة تصادر أموال بعض المواطنين والتهمة جاهزة لمصادرة أمواله (شبّيح) سنحاول تسليط الضوء على ما قام به النظام من مصادرة أو حجز ألموال المعارضين السوريّين سواء أكانوا سياسيّين أو رجال أعمال أو ضبّاط منش ّقين أو ف ّنانين. الحجز
وتعني قانونيّة المصادرة :أن ينصّ عليها في قانون العقوبات أو أيّ قانون خاصّ آخر ،وبذلك ال يجوز مصادرة أموال أيّ شخص الرتكابه فعل مباح أي غير مجرّ م ،مهما كان هذا الفعل ال يوافق السلطات الحاكمة وقناعاتها. أمّا قضائيّة المصادرة فيعني: أ ّنه ال يجوز مصادرة أموال أيّ شخص بدون حكم قضائيّ مبرم صادر وفقا ً لألصول القانونيّة ّ يحق أليّة جهة عن جهة قضائيّة مختصّة ،وال إداريّة أو أمنيّة أن تقوم بفعل المصادرة ألنّ ذلك يعتبر خرقا ً للقوانين وتع ّديا ً فاضحا ً يعرّ ض تلك الجهات للمساءلة القانونيّة. إرهاب وغسيل أموال
يعرّ ف القانون السوريّ الحجز االحتياطيّ بأ ّنه: وضع مال المدين تحت يد القضاء لمنعه من القيام بأي عمل يؤ ّدي إلى استبعاد المال من دائرة الضمان العام للدائن الحاجز. ولم يسمح القانون السوريّ بالحجز االحتياطي باالستناد إلى المواقف السياسيّة وإ ّنما ع ّددَ حاالت واضحة ومح ّددة يجوز فيها الحجز االحتياطيّ على أموال المدين .ويشترط قانون أصول المحاكمات السوريّ أن يصدر قرار الحجز عن جهة قضائيّة ويُحدد في قرار القاضي األموال التي يجب أن يقع عليها الحجز وح ّدد القانون بعض األموال التي ال يجوز أن يقع عليها الحجز؛ إذاً ك ّل حجز ال يصدر
معظم قرارات الحجز أو المصادرة كانت تحت مظلّة قانون اإلرهاب أو غسيل األموال ،حيث ينصّ قانون اإلرهاب على تجميد األموال المنقولة وغير
وقانون غسيل األموال وتمويل اإلرهاب ينصّ أيضا ً على مصادرة األموال الناجمة عن جرائم غسل األموال وتمويل اإلرهاب؛ ويستفاد ممّا تق ّدم أ ّنه ال يجوز مصادرة األموال قبل صدور حكم مبرم من المحكمة. إنّ ك ّل من قانون اإلره��اب وغسيل األم��وال وتمويل اإلرهاب لم يسمحا بحجز أموال المواطنين بدون قرار صادر عن جهة قضائيّة كما أ ّنهما منعا مصادرة أموال المواطنين بدون حكم مبرم صادر عن جهة قضائيّة مختصّة. وبذلك تكون ك ّل قرارات الحجز أو المصادرة التي ص��درت عن النظام السوريّ وبعيداً عن القضاء ،هي أعمال بلطجة تدخل تحت بند االنتقام والتش ّفي والتي تعيدنا إلى عهود ما قبل الدولة إلى عصر البربريّة. الخاتمة تركيزنا على قرارات النظام بالحجز والمصادرة ال يعني ب��أيّ شكل أنّ الجهات األخ��رى بريئة ،فاألحداث على األرض تثبت أن ك � ّل الجهات ارتكبت جرائم مصادرة وحرق ألم��وال المواطنين ب��دون أحكام قضائية. والمصادرة بدون مستند شرعيّ هي قرصنة ولصوصيّة أ ّيا ً كان من يطبّقها معارضة أم نظام أم «داعش» وك ّل الخطابات والتهم السياسيّة لألفراد المصادرة أموالهم لن يغيّر من حقيقة الفعل.
احملامي حممّد محو www.allsyrians.org
10
السنة الثانية
العدد 28
/ 3نيسان 2015/
الخوف الساكن في عيونهم (أطفالنا في دول اللجوء)
كلمة مختصرة في مسألة إنكار الطائفّية من المسؤول؟ مرشدة اجتماعيّة تعمل في إحدى المدارس السوريّة في لبنان تقول :إنّ الوضع النفسيّ لألطفال السوريّين ّ لمنظمات عالميّة خطير وهم بحاجة تكفل عالجهم. وتتابع القول:
ما يزال الخوف مرافقا للسوريّين أينما حلّوا ،فمن قال إنّ جدار الخوف قد كسر لديهم؟! الخوف قابع في أعماق السوريّين ،وخاصّة السوريّ الالجئ في البلدان التي ت ّدعي األخوّ ة وت ّدعي وحدة الحال (سابقاً). السوريّ هو السوريّ ،الذي ال انتماء له إلاّ ضمن حدود بلده والتشبيح يح ّل عليه في ك ّل مكان يح ّل به. قصة واقع ّية ّ هكذا كانت عيون الطفلة السوريّة «ري��م» تقول عندما ُسئِلت عن بلدها ،لم تجب بأيّة كلمة فقد كانت عيناها تجيبان بك ّل صدق ،خافت النطق ح ّتى بكلمة سورية هي بلدي ،وأنا من إحدى المناطق التي ّ تتكثف بها الحرب. عيون األطفال كفيلة بأن تروي قصصهم ،معاناتهم، وألمهم الصادق .يكفي أن ترى لباسهم ح ّتى تدرك أ ّنهم غادروا بلدهم مسرعين هربا ً من الموت الذي يطال ك ّل شيء في سورية وخاصّة روح اإلنسان التي تعبت من الصمود أمام هول األحداث وتساقط الدماء. ّ الرثة كانت تبكينا قصّة بائعة الكبريت لثيابها
وازرقاق يديها من البرد وعيونها المتوسّلة .لقد تكرّ ر المشهد ذاته لكن بقصّة واقعيّة أكثر لنا ،إ ّنها حكاية الطفل السوريّ ،فقد أصبح لك ّل منهم حكايته المبكية التي ترويها عيونهم وك ّل خليّة من جسدهم ،لم يغادر ّ توطن فيها الخوف أرواح السوريّين ،بل على العكس مع ك ّل صوت مروحيّة ،أو صفارة إنذار عابرة ،لسيارة إسعاف تمرّ على عجل ،وح ّتى صوت المفرقعات بات يثير الهلع في نفوس السوريّين الهاربين من الحرب.
فكيف إذاً ،بإقحامهم في أسئلة كانت بديهيّة للجميع، وليست بديهيّة فحسب ومدعاة للتفاخر ،السؤال عن الموطن واالنتماء هذا السؤال البديهيّ أصبح يشكل ارتيابا ً لدى السوريّ ال��ذي عانى األمرّ ين في بلده هجره ،فانعكست معاناته بطرق أخرى وخاصّة في بلدان اللجوء التي ّ كثفت خوفه وكسرت شيئا ً ما بداخله، فهم اآلن بشر بال انتماء بال هويّة بال وطن يحميهم، أصبحوا عراة من ك ّل شيء ،فهويّتهم في وجوههم في بريق عيونهم وسلوكهم الخجول. عالم بال إحساس إحدى البائعات اللبنانيّات تر ّد على الحالة المأساويّة ألطفال سورية :هللا يلعن يالّي كان السبب.. السبب هو الذي أوصل السوريّ للذ ّل في بلده ،وهو نفسه السبب الذي جعل السوريّ يهرب من الذ ّل في وطنه ليُذ ّل في مكان آخر ،اختلف المكان والخوف واحد والمعاناة واحدة وماتزال عيون األطفال تتكلّم وتتكلّم ليصمت ك ّل من رآها ويعرف حكايتها حكاية ألم وخوف وهروب بدون التطرّ ق إلى السؤال. ماذا نفعل نحن السوريّين لنمحي خوفنا الذي صنعه تاريخنا وأ ّكده حاضرنا ومرافقا ً لنا في هروبنا؟ ماذا نفعل والعالم كلّه يرى ويسمع لك ّنه فاقد اإلحساس نحونا ،فقط نحونا نحن السوريّين؟ هذه الطفلة السوريّة في صمت عيونها ،تكلّمت أكثر ممّا تكلّم العالم كلّه في حربنا وموتنا المستمرّ ين ،فعيون األطفال ال ت ّكذب ،عيون األطفال تعكس قمّة المأساة التي وصل إليها اإلنسان السوريّ والطفل السوريّ اليوم في القرن الواحد والعشرين.
ثقافة
مثال على ذلك أنّ فتاة في التاسعة من العمر قد سحبت سكين وبدأت تصرخ وتركض بالشارع فما كان م ّني إلاّ أن لحقت بها -أي المرشدة -ولم تكفّ الطفلة عن الصراخ بل زاد حين حاولت االقتراب منها ومعرفة سبب سلوكها العنيف ،أخذت تصرخ بك ّل قوّ تها تريد أن تقتل نفسها أمامي ،فما كان م ّني إلاّ أن حاولت تهدئتها وأنا في صدمة من هكذا سلوك يبدر عن طفلة ،فالذي دفعها لمثل هكذا سلوك هو ليس حالة نفسيّة بسيطة فاألطفال السوريّون قد رزحوا تحت ضغوط هائلة إن كان في بلدهم جرّ اء الحرب أو ح ّتى هنا في لبنان ،وقد مرّ وا بظروف صعبة جعلت من سلوكهم إمّا عنيفا ً نتيجة العنف الذي كان محيطا ً بهم أو انطوائيّين، و أحيانا ً قد ينفجرون فجأة بدون أيّ سبب واضح. فمن المسؤول بشكل مباشر عن معاناة األطفال في بالد العرب أوطاني؟ ومن المسؤول عن معاناة الطفل السوريّ بشكل خاصّ داخل أو خارج سورية؟؟ لن نستطيع -مهما حاولنا -الوصول إلى قلب الطفل السوريّ الذي حُرم من ك ّل شيء ،فكم من األطفال ُي ّتموا نتيجة الحرب ،وكم من األطفال ُ شرّ دوا لذات السبب وكم من أطفال سوريّين يعيشون بال منازل تحميهم أو مدارس تعلّمهم؟! ولكن! إلى متى ستبقى عيون أطفالنا حبيسة الدمعة؟ ونبقى نحلم بالهروب ألوطان أخرى لنحمي أطفالنا فيها من ذ ّل بالدنا العربيّة؟ ربّما نكون غرباء في تلك البالد األجنبيّة لك ّننا على األق ّل نعامل كبشر فيها وهذا هو المه ّم ،واأله ّم ألطفالنا هو العيش في مكان بعيد ك ّل البعد عن األرض العربيّة أرض اإلذالل ودم��وع األطفال ،لكن هيهات فالقلّة القليلة تستطيع الوصول إلى تلك البالد األخ��رى ،ومن يبقى الجئا ً في إحدى دول الجوار سيستمرّ في معاناته وذلّه في أجحار تشبه البيوت وأماكن تشبه األوطان ،لك ّنها بعيدة ك ّل البعد عن اإلنسانيّة.
يارا جرعتلي
ّ تتوزع اآلراء حول مسألة الطائفيّة في سورية بين من يراها واقعا ً موجوداً وبُعداً أساس ّيا ً مح ّدداً لما يحصل منذ آذار من عام ،2011وبين من ينكر وجودها تماماً. ينقسم الفريق األوّ ل إلى فئتين :فئة ت ّتهم النظام بالطائفيّة (كعلويّ ) وبالتالي ت ّتهم الطائفة العلويّة بأكملها بالطائفيّة .وفئة ثانية ،وهي على األغلب مؤيّدة للنظام ،ت ّتهم الثورة والمعارضة بالطائفيّة وال ترى محرّ كا ً لهما سوى السلفيّة التكفيريّة وكره األقلّيّات الدينيّة. أمّا الفريق الثاني ،الذي يُنكر وجود الطائفيّة - على األغلب -هذا الفريق ،مكوّ ن من أشخاص لديهم دوافع وطنيّة مثاليّة زائدة تمنعهم من أن يكونوا واقعيّين (الشعب السوريّ واحد) ومن االعتراف بوجود هذه الظاهرة (ربّما تسبّب لهم جرح نرجسي) .ضمن هذا الفريق أيضا ً هناك أشخاص يحاولون إنكار الطائفيّة بأيّ شكل كان، ح ّتى أصبحوا مهووسين في هذا االنكار وي ّتهمون ك ّل من يختلف معهم في هذه القضيّة بالطائفيّة. هؤالء المهووسون في إنكار الطائفيّة غالبا ً ما ينخرطون في تحليالت إيديولوجيّة ماركسيّة وتحليالت طبقيّة عقيمة وبعيدة ك ّل البعد عن الواقع أو في كتابات مطوّ لة ومع ّقدة ومفلسفة ومتفلسفة بحيث تقرؤها مرّ ة ومرّ تين وثالث وال تفهم ما يريدون منها! وربّما هذا التعقيد والتفلسف الزائد في تناول هذه المسألة هو استراتيجيّة دفاعيّة ومحاول للهروب من مواجهة الواقع. أغلب الظنّ ،أنّ االنكار بهذا الشكل العُصابيّ المرضيّ ليس إلاّ لدوافع طائفيّة دفينة (االنتماء بالالشعور لطائفة ُم ّتهمة بالطائفيّة) ،فأكثر من ينكر اضطهاد المرأة من قبل الرجال هم أولئك الرجال الذين يشعرون أوّ الً أ ّنهم من فئة الرجال. ظاهرة الطائفيّة موجودة وهي من أخطر الظواهر التي يعاني منها المجتمع السوريّ قبل وبعد الثورة ،ولكن ال يمكن اعتبارها أبداً وال بأيّ شكل «كبعد أوحد يحرّ ك األفراد السوريّين والفئات االجتماعيّة والقوى السياسيّة» .على العكس، يتداخل هذا البعد مع غيره من األبعاد والعوامل السياسية واالقتصاديّة والثقافيّة واالجتماعيّة والنفسيّة ويزداد تعقيداً بتشابكه معها. إنكار ظاهرة الطائفيّة كما يفعل بعض «مث ّقفي» أو باألحرى متثاقفي اليســار الماركسـيّ ليـس حـلاّ ً لها ،وإ ّنما تهرّ ب فاضـح من مواجهـة مشــكلة تتطلّب م ّنا الجرأة والهدوء والوعي في التحليل .عالج أيّ مرض يبدأ باالعتراف بوجوده ومن ث ّم البحث عن أســبابه وتحليل العوامل المتشــابكة التي أ ّدت لنشــوئه ،ومن ث ّم اقتراح حلول علميّـة وعمليّـة؛ توصيف الواقع ال يعني أبداً االنحياز له. ّ
عزام أمني
عريس صفقة المرأة السوريّة أو الجنس اآلخر بعد الرجال أو كما يحلو للبعض أن يسمّيها الضلع القاصر أو الواقعة تحت قيامة الذكر ،شاركت في الثورة منذ بدايتها وفي ك ّل مجاالت العمل المدنيّ ودفعت ضريبة ال تق ّل عن الرجل على أيدي نظام الطاغية استشهدت واع ُتقلت، أعيقت وك��أيّ مواطن مظلوم ومستعبد استبشرت بالثورة أل ّنها ثورة حرّ يّة ولكن خاب أملها ،إن كان في الداخل أو الخارج ،ففي الداخل وبعد سيطرت كتائب اإلسالم السياسيّ على أغلب المناطق المحرّ رة وجدت المرأة نفسها تحت حيف من نوع آخر وتختلف وطأته حسب تش ّدد هذا الفصيل المسيطر أو ذاك. طفالت للزواج في المناطق المحرّ رة بدأ الخوف والقلق ينتشر بين األمّهات اللواتي فقدن المعيل وفُرض عليهنّ مسؤوليّة لم تكن بالحسبان ،تقول أمل( :أ ّم لخمسة أطفال من سراقب عاشت في حلب ث ّم نزحت عائدة إلى سراقب) عن وضعها «بعد استشهاد األب وما وصلت إليه األحوال في مدينة حلب قرّ ُ رت العودة مع بناتي إلى بلدتي ،وهنا بدأت المشاكل بالتزايد فالبنات كبرت وأصبحت األنظار تتوجّ ه إليهنّ وهذا الوضع تسبّب لنا بع ّدة مشاكل ممّا جعلني أقرّ ر تزويجهنّ ألوّ ل عريس يتق ّدم لخطبتهنّ » وعند سؤالنا لها عن أعمار الفتاتين التوءمين بدأت تتهرّ ب من الجواب بقولها «صاروا صبايا ...اسم هللا عليهن والزم ينستروا ألنو والد الحرام كتروا هاأليام» وتضيف «خوفي على التوءم أن تصاب إحداهما بأذى ،أو أن يتح ّدث الناس علينا جعلني أ ّتخذ هذا القرار إضافة إلى أ ّننا ال معيل لنا يحمينا من عوائد الزمن في هذه األيّام الصعبة ،وكما ّ محط أنظار تعرفون أنّ الفتاة في سنّ الزواج تكون الجميع ولكي أحميها من أن تكون ضحيّة في مكان
newspaper@allsyrians.org
ال يرحم أحد» وهنا تروي لنا أمل قصّة جارتها التي تعرّ ضت ابنتها لمضايقات من البعض وكيف بدأ الناس يتداولون قصّتها ممّا أدى بها إلى فضيحة جعلت أهلها يغادرون البلدة ،و «أنا ال أريد أن أصل إلى ما وصلوا إليه» .غيداء وسناء التوءمان اللتان لم يتجاوز عمرهما 14عاماً ،هكذا تقول المعلّمة ندى« :عندما عادت أ ّم التوءم إلى البلدة كان عمر الفتاتين 12عاماً ،جاءت إلى المدرسة وسجّ لت البنتين ،وبعد فترة بدأ التوءم بالغياب المتكرّ ر عن المدرسة ح ّتى في األحوال العاديّة التي لم يكن فيها قصف ،عندها قرّ ُ رت الذهاب لزيارتهم ومعرفة سبب الغياب ،أفاجأ ب��أنّ والدتهما قرّ رت منعهما من الذهاب للمدرسة ليس بسبب القصف وإ ّنما ألسباب أخرى تتعلّق بسمعة البنتين ،وكانت الصدمة كبيرة عندما سمعت ا ّنها قد زوّ جتهما ألوّ ل عريس تق ّدم لهما ،لقد زوّ جت الفتاتين ،إ ّنها كانت سعيدة بهذا الفعل وكانت تقول« :زوّ جتهم وارتحت من همّهم ...بال فضايح وبال رجم» هذا الوضع ال يقتصر على غيداء وسناء فقط فمعظم األهالي في الداخل المحرّ ر يتوقون لتزويج بناتهم في سنّ مب ّكرة ألسباب عديدة منها عدم القدرة على تحمّل المسؤوليّة واأله ّم من ذلك الخوف من الفضائح وبالتالي التعرّ ض للمساءلة ،إضافة إلى صعوبة إكمال الفتاة تعليمها في الجامعات والمخاطر التي قد تتعرّ ض لها أثناء ذهابها إلى الجامعة ومخاطر الطرق وصعوبة المواصالت... صفقات الخوف هذا غيض من فيض ،عن وضع الفتاة في الداخل، أمّا ما تتعرّ ض له المرأة في الخارج فهو أمر آخر، «أح�لام» المرأة النازحة من «دوم��ا» ،أ ّم لطفلين،
تح ّدثنا ع��ن مأساتها ونزوحها األوّ ل ،قائلة :بعد أن أدركت تماما ّ أ ّنني إن بقيت في دوم��ا فسوف تكون حياتي مه ّددة بالخطر وبعد أن علمت بأنّ زوجي قد ت ّم اعتقاله قرّ رت الهروب بأيّة وسيلة كانت، ذهبت إلى لبنان وسكنت في البقاع حيث وجدت مكانا ً أقمت فيه مع الطفلين ،بدأت أبيع قطع مصاغي الذهبي قطعة ..قطعة ،هكذا ح ّتى نفذ ك ّل ما عندي من مال ،وعندها لم أجد أمامي إلاّ سالل اإلغاثة، فكانت مصدري الوحيد لتأمين قوتنا اليوميّ .تضيف «أحالم» قائلة :أطفالي صغار ج ّداً ال أستطيع تركهم والبحث عن عمل – هذا إن وجدت – وبدأت معاناتي عندما طلبت من الشخص الذي يق ّدم لنا سلّة اإلغاثة المساعدة في البحث عن عمل ،فبدأ بالتحرّ ش بالكالم الواضح ،يقول لي« :لو تسمعين مني فقط فأجعلك ال تحتاجين شيء ،بل وأكثر من ذلك» وتخبرني أنّ ذلك تكرّ ر لع ّدة مرّ ات بل وطلب مني أن أخرج معه بسيّارته الفخمة المفيّمة ولن أحتاج ألحد بعد ذلك ،تقول أحالم «عندها بدأت أشعر بالخوف والقلق وبدأ يتبادر لذهني ما يمكن أن يفعله وخصوصا ً أ ّنني وحيدة ،هنا قرّ رت ترك مغادرة المكان والهروب رغم مخاطر الطريق إلى تركيّة ألعيش مأساة من نوع آخر» .هذا عن أحالم الدومانيّة. الشيخ والسلعة أمّا ما تعرّ ضت له «هبة» فهذا شأن آخر ،وهي فتاة في مقتبل العمر نزحت من حلب لوحدها إلى تركيّا لتسكن مع قريبة لها في أنطاكية ،وبعد أن استقرّ ت
عندها ،بدأت تحلم بعمل يجعلها تعتمد على نفسها ،فما كان من قريبتها إلاّ أن منعتها من البحث عن عمل، تروي لنا «هبة» قصّتها كالتالي« :عندما بدأت بالبحث عن عمل شعرت أنّ قريبتي فقدت صوابها ،في البداية لم أعلم لماذا وسرعان ما تبيّن لي األمر لقد كانت ّ تخطط ألشياء أخرى» ،وعند سؤالنا لها عن ماهيّة هذه األشياء لم تصرّ ح بها في بداية األمر ،لقد كانت تخجل من الحديث عنها ،بعدها قرّ رت الحديث بعد أن اطمأ ّنت أ ّننا لن ننشر اسمها الحقيقيّ ،لتخبرنا قائلة: «لقد كانت في ك ّل يوم تدعو أشخاصا ً لزيارتها ،يأتي هؤالء األشخاص لبيتها ،وفي ك ّل يوم أجدها قد وجدت لي العريس (اللقطة) طبعا ً والشيخ معها ومستع ّد دائما ً لعقد الزواج أو باألحرى للصفقة ،هذا الزواج الذي لن يستمرّ إلاّ ألشهر «بالمشرمحي بيع سلعة» ،وبعدها يت ّم طالقي على ي ّد نفس الشيخ ألباع من جديد وبصفقة جديدة ،حاولت الهروب منها ونجحت في ذلك ،لك ّني اآلن ب��دون عمل وب��دون م��أوى أسكن عند إحدى صديقاتي وال أعرف إلى أين ستصل بي األمور؟؟؟
فلك اخلالد www.allsyrians.org
ثقافة
العدد 28
11
السنة الثانية
/ 3نيسان 2015/
دروس التفكيك ،اﻹنسان والعدمّية في اﻷدب المعاصر كتاب “دروس التفكيك – اإلنسان والعدميّة يف ااألدب املعاصر” الذي يعاجل فيه الدكتور حسام نايل نقديّاً ثالثيّة الروائي إدوار اخل ّراط« :رامة والتنّني، الزمن اآلخر ،يقني العطش» من منظور مفاهيم التفكيك ومفاهيم يبتكرها مثل :أنطووجودي، أنطوبالغي ،أنطوزماني. يبدأ الناقد الدكتور حسام نايل نقده في كتابه «دروس التفكيك ،منشورات دار التنوير »2014من لحظة هجرانه دروس النقد اﻷدبيّ الرتيبة في جامعة القاهرة ،تلك الدروس التي تسكن إلى نظام التشابه - أو المطابقة -الذي يُشيع االطمئنان في وحدة الوجود وسكونه القارّ إلى االكتمال المكتمل لنظام الحقيقة ولتمام المعنى والحضور ،تأسيسا ً على التطابق بين ال��دا ّل والمدلول ،فالتطابق بين العالمات واﻷشياء. فينحذف الناقد في قلقه إلى قراءات كثيفة في اﻷدب والفلسفة ح ّتى عثر على بهجته التي تنسكب في الكتاب من أوّ له إلى آخره ،والتي ّ تمثلت في التعرّ ف المتزامن إلى نصوص الروائيّ إدوار الخرّ اط التي هي -بحسب الناقد -أفاع تفكيكيّة ،وإلى كتابات جاك دريدا وغيره في التفكيك التي نشأت ونمت في محاوﻻتها تقويض فلسفة الحضور التي هيمنت على الفكر األوربّيّ منذ أفالطون إلى هيجل ،وهي التي اشتغلت على أنّ فكر اﻹنسان هو مركز الكون ،فالوعي -والحالة هذه -ﻻ يعترف ّإﻻ بما يحضر فيه ،فيأخذ شكل الداللة والمعنى والقانون والهويّة فيتطابق مع مقوﻻته. هذا التفكيك الذي سعى إلى تقويض الميتافيزيقا فأنشأ فلسفة الغياب ،التي تشتغل من اﻵخر المغاير الذي يستمرّ في نأيه عبر صيرورة االختالف الذي هو -بحسب دريدا -أصل اﻷشياء المر ّكب والمختلف الذي ﻻ يخضع لشروط سابقة عليه ،والذي ﻻ يمكن الذهاب أبعد منه ،والذي يتضمّن معنى اﻹرجاء ومعنى
اﻷثر ،وبالتالي ﻻ يمكن التي ّقن ممّا نقول ،ﻷنّ اللغة محكومة باالختالف بين الدا ّل والمدلول ،وﻷنّ المعنى والحضور مسكونان باﻹرجاء وغياب المعنى. والناقد يبتكر -إضافة إلى توظيفه مفاهيم التفكيك مفاهيم مثل :العودة الجدليّة ،التفاوض ،أنطوزماني،أنطولغويّ الذي يعني عنده :أن الوجود ﻻ يظهر إلاّ في اللغة «فاللغة مسكن الوجود ومقرّ ه» ،وعلى هذا فإنّ «بنيات المكتوب هي نفسها بنيات وجود الموجود» هذه العالقة التي يعبّر عنها بمفهوم «أنطوبالغي»، دون أن ينشغل بالكيفيّة التي ولّد فيها هذه المفاهيم من نسق مفاهيم التفكيك ،وبالتوافق أو بالتعارض مع مفاهيم الميتافيزيقا ،وهو باإلضافة إلى هذا يشترط على قارئ نصّه :أن يكون قارئا ً للنقد اﻷدبيّ حاذقا ً ومخلصا ً و «له خلفيّة فلسفيّة معيّنة» وكأ ّنه قد كان يتبع أثر إدوار الخرّ اط الذي كان قد رأى :أنّ قارئ أعماله ﻻ ب ّد أن يكون قارئا ً للفلسفة وللشعر لكي يتم ّكن من التفاعل مع نصّه في النظر ﻻ في النظريّة. بهذه المحموﻻت يتناول الناقد ثالثيّة الروائيّ إدوار الخرّ اط« :رامة والتنين ،الزمن اﻵخر ،يقين العطش» فيرى أ ّنها تنبني على تجربة العشق بين الرجل ميخائيل والمرأة رامة ،هذه التجربة العشقيّة التي تعطي للنصّ كامل طاقته ،والتي تظهر وتتشابك منها وفيها أسئلة المعنى والحضور والحقيقة ،هذه اﻷسئلة التي تثار في كينونة العاشق المشدود بحبال القدر إلى اﻵخر المعشوق الذي ﻻ يحضر ّإﻻ لكي يغيب ،وعلى
هذا فتجربة العشق تنهض وتنكتب من قراءة العاشق لألثر المنقوش في ذاكرة دواخله اﻷليفة فينشئ بقراءته وكتابته تبادالً بين بنيات حرفيّة وبنيات مجازيّة تقوده إلى قصده الذي يسعى إليه بدأب وإصرار ،وهو اكتمال المعنى وتماميّة الحضور في االلتحام الجسديّ الشهويّ بين العاشقين الذي يسمّيه الناقد «كينونة الواحد» الذي هو إشكال ميتافيزيقيّ يتح ّكم ببنيات النصّ من البداية إلى الختام ،والذي يمسك به – الناقد -من رصده لتمفصالت النصّ البنيويّة التي تشير كذلك إلى حيدان النصّ عن قصده بضالل يقوده منذ البدء ويصمّمه. وهو يؤ ّكد قراءته باقتباسات مطوّ لة أو قصيرة من نصّ الخرّ اط الذي بتكوينه ﻻ يطاوع االقتباس، ﻷنّ االقتباس منه سيترك ثغرة فاغرة ﻻ تردم ،هذا باالتفاق مع إدوار الخرّ اط الذي كان قد وصف نصّه ّ بخط اﻷرابيسك في تشابكاته وامتداداته المفتوحة على الالنهائيّ ،وبالتوافق -أيضا ً -مع الدكتور حسام نايل الذي قرّ ر أنّ نصّ إدوار الخرّ اط :أفاع تفكيكيّة ،الذي يعني فيما يعنيه أ ّنه نصّ يختلف عن النصّ التقليديّ المبنيّ على نظام المعنى والحضور والحقيقة ،والذي يمكن االجتزاء منه دون خلخلة معناه ،مادام الجزء فيه يعبّر عن الك ّل في معماره الصاعد. والناقد -إلى ذلك -قد تجاهل بنيات النصّ السرديّة ،وتمازج النثريّ بالمجازيّ ،واختالطات اﻷزمنة التي تتجسّد في الحضور الالفت للماضي والحاضر والمستقبل في ك ّل فقرة ،وروغان المعنى الذي يغيب عن الذي يحدث ،ويتأ ّكد في الذي لم يحدث، وفي الذي ﻻ يمكن أن يحدث أبداً .ث ّم اإلفقار النقديّ لحضور «رام��ة» المتع ّدد في النصّ وال��ذي يمكن أن يوحي أ ّنها تكثيف موحّ د لتع ّدد الوجوه والتواريخ واللغات في تجارب ميخائيل العشقيّة والتي أحضرها
الغناء اآلش��وريّ :وهو األق��دم واألصعب غناء ،ويكاد يقترب سلّمه الموسيقيّ من السلّم الخماسيّ ،وهناك مجمّع كبير أللحانه وموسيقاه التاريخيّة منذ القدم ،فكتاب «الخدرا» مثالً فيه عدد ال يحصى من األغاني واأللحان لجميع األشكال، األغاني الدينيّة الموغلة في القدم الدينيّة ،وأه ّم ما يميّز الغناء اآلشوريّ هو (الراوي) ،وله أنواع عديدة أهمّها الديوانيّ ، وهناك عدد ال يُستهان به من أغاني الدبكات المتنوّ عة مثل أغاني دبكة (الشيخاني وأغاني دبكة الباكية ودبكة شرا). وأمّا بالنسبة للغناء السريانيّ :فهناك بحر من األلحان واألغاني وباألخصّ التراتيل الدينيّة :فهناك مدارس لألغنية السريانيّة القديمة والحديثة ،فالقديمة منها مدرسة «مار أفرام» السريانيّ األبّ الروحيّ لأللحان السريانيّة الذي ألّف ولحّ ن اآلالف من األلحان السريانيّة ،وهناك كتاب بأجزائه مجمع لأللحان السريانيّة يسمّى (البيت كاز) .وأيضا ً هناك بعض ال��روّ اد الجدد للموسيقى السريانيّة والغناء ،فمنهم الباحث الكبير األستاذ نوري إسكندر الذي دوّ ن موسيق ّيا ً كتاب بيت كاز ،وسهّل دراسته ،ووضعه بين أيدي الموسيقيّين للبحث والدراسة. وعن الغناء باللغة األرمنيّة لغة أجداده يقول إبراهيم :أتى األرمن من موطنهم ،وحملوا معهم فلكلورهم وتراثهم الشعبيّ ورقصاتهم الجميلة وآالتهم الموسيقيّة قبل أن تح ّل عليهم المآسي ،وهناك كبار الموسيقيّين األرمن الذين وضعوا الكثير من األلحان ّ وأثروا بشكل واضح في الموسيقى الشرقيّة ،منهم طاطيوس أفندي وكيورك أفندي ،وقد كتبوا مؤلّفاتهم على ع ّدة صيغ وقوالب موسيقيّة ومؤلّفات رائعة أمّا بالنسبة للغناء العربيّ فيقول :هناك ع ّدة ألوان للغناء العربيّ في محافظة الجزيرة (الحسكة) منها الماردينيّ (الماردللي) :فهناك القديم منه ،والكثير من أغانيه كك ّل الغناء الشعبيّ ال يُعرف له
newspaper@allsyrians.org
وبعد ه��ذا ،هل انبنى الضالل النقديّ ،الذي انحرف عن قصده ،على فكرة غير مف ّكر فيها ،هي: أنّ األنساق الفكريّة في العالم جميعها متماثلة وتنحكم بنسق الفلسفة اﻷورو ّبيّة؟ الحال الذي دفعه إلى معالجة النصّ اﻹبداعيّ كأ ّنه منظومة فلسفيّة من منظور فلسفيّ فكانت النتيجة اختزاالً وإفقاراً وعنفا ً مفرطاً ،كان قد أ ّكده الدكتور نايل حين كتب« :نحن -شاء الكاتب أم أبى -أمام ذات تتغ ّنى بذاتها» ،األمر الذي يفرض على القارئ أن يختم قراءته بالتساؤل :هل كان الناقد وف ّيا ً لرهانه الذي بدأ به الكتاب؟ ذلك الرهان الذي سماه «اﻹخالص المزدوج» الذي يعنى به إخالصا ً للنصّ وللقارئ في الوقت عينه.
فاضل الفاضل
مدينتي
الجزراوي سفير الغناء ّ
تعتبر الجزيرة السوريّة مهداً ألقدم الحضارات اإلنسانيّة التي خلّفت المه ّم من التراث الغنائيّ ،ويعتبر الف ّنان ّ الجزراويّة، إبراهيم كيفو سفير األغنية فعدا عن كونه يغ ّني بع ّدة لغات فهو كذلك مل ّم بتفاصيل الغناء بهذه اللغات ،ويح ّدثنا عن الغناء باللغة الكرديّة فيقول :أكثر ما يتميّز به الغناء الكرديّ هو الغناء أغان ملحميّة طويلة الملحميّ ،فهناك ٍ ملحّ نة ،وت��ؤ ّدى بد ّقة فريدة من حيث شعرها ولحنها ،ولها أنواع منها :أغاني تحكي قصص حبّ وعشق وحرمان، مثل ملحمة (مموزين) الشهيرة وملحمة (سيامند وخ��ج��ه) وأغ���ان أق��رب إلى األساطير تتح ّدث عن حروب ومعارك وأبطال شعبيّين ،وتسمّى شارا مثل (درويش عبدي) ،وهذه األغاني غالبا ً ما تكون غير مو ّقعة وأغاني الحزن والمآتم وكذلك أغاني المديح واألغاني الدينيّة باللغة الكرديّة (الديانة اإلسالميّة واإليزيديّة والمسيحيّة)وأغاني األفراح واألعراس والتي غالبا ً ما تكون إيقاعاتها سريعة راقصة وجملها الموسيقيّة سهلة الحفظ واألداء.
الفقدان بعد أن غابت ،فتجسّدت في «رامة» التي خلقها الروائيّ ونجح في إيهامنا أ ّنها هي الوحيدة الواحدة.
عبدالباسط الصوفي
كاتب كلمات وال ملحّ ن ،ولكن هذا الغناء ّ منظم بشكل متماسك وعلى إيقاعات متنوّ عة بسيطة ومر ّكبة ،فمثالً هناك أغنية مشهورة ج ّداً (صبيحة) إيقاعاتها من فصيلة السماعي الثقيل ( )8/10أحد أهم الضروب في الموسيقى الشرقيّة ،ويسمّى هذا اإليقاع (الجورجينا) ،وأيضا ً هناك مئات األغاني الشعبيّة والفلكلوريّة بهذه اللهجة المحبّبة ،أمّا القسم الثاني من الغناء العربيّ البدويّ الجميل وبأنواعه الكثيرة :فهناك بعض األغاني الخاصّة بمنطقة الجزيرة ،ويتميّز تميّزاً واضحا ً بموسيقاه وإيقاعاته ألنّ كثيراً من عرب محافظة الحسكة دخلوا في حالة استقرار ،وبنوا البيوت الحديثة اإلسمنتيّة على ضفاف نهر الخابور ومناطق المالكيّة والقحطانيّة وعلى ضفاف نهر صا ً في الغناء بعيداً عن ّ التأثر نوعا ً دجلة ،فعملوا لهم لونا ً خا ّ ما بالغناء العراقيّ ،مثال ذلك األغنية الشهيرة الجزراويّة (ك ّل الهال بالناهي) ،أمّا باقي األلوان مثل (الموليّا والسويحلي والعتابات و النايل) النفحة العراقيّة واضحة فيها وجزء ال ّ يتجزأ منها ،ويتابع هناك تفاوت في مستوى أداء األغنية الجزراويّة باللغات السابقة والسبب األه ّم ليس هو ضعف المؤ ّدي أو المطرب ،ولكن هناك عوامل ع ّدة ،أهمّها ندرة ك ّتاب كلمات األغاني في الجزيرة باللغات (العربيّة ،الكرديّة، اآلشوريّة ،السريانيّة) ،وهناك تقصير إعالميّ في ترويج هذا النوع من األغاني في الجزيرة من قِبل وسائل اإلعالم إن كان في اإلذاعة أو التلفزيون ،والتواصل الصحيح بين صاحب االختصاص والجمهور غير جيّد وغير متاح بسهولة ،وعن أه ّم األسماء التي ساهمت في ترويج األغاني وتطويرها فيقول إبراهيم :في مجال األغنية العربيّة وألوانها ،أذكر مثالً الف ّنان (جان كارات باألغنية الماردليّة) (الف ّنان فوزي البكري باللون البدويّ ) والف ّنان (آرام ديكران وسعيد يوسف باللون الكرديّ ) والف ّنانين( أدور موس ويوسف إيشو بالغناء األشوريّ ) وفرقة (الكرونك للغناء األرمنيّ بمدينة القامشلي). ّ الجزراويّة أغانيه حمل الف ّنان إبراهيم كيفو سفير األغنية بك ّل اللغات السابقة ،اآلتي من عمق حضارة الجزيرة ليق ّدمها على المسارح المحلّيّة والعالميّة ولسان حاله هذه هي سورية التاريخ والحضارات والعراقة ،وأل ّنه كذلك حصد جوائز محليّة وعالميّة أكثر من أن ي ّتسع لتعدادها هذا المقال.
أسعد شالش
ولد الشاعر في مدينة حمص ،وتو ّفي في مدينة كوناكري (عاصمة غينيا). الجامعي في مدينة أنهى مراحل تعليمه قبل ّ حمص عام ،1950ث ّم التحق عام 1952 وتخرج بالمعهد العالي للمع ّلمين بدمشق، ّ فيه من قسم اآلداب .1956 مدرسا ً للغة العرب ّية في مدارس مدينة عمل ّ المتوسطة والثانو ّية ،وفي مدينة حمص ّ دير الزور ،ث ّم بعثته وزارة التربية إلى غينيا لتدريس اللغة العرب ّية ،وهناك أصيب عصبي أدّ ى به إلى االنتحار. بانهيار ّ أعيد جثمانه إلى مدينة حمص ودفن بها بعد شهرين من وفاته. ومن قصائده: نحن وأنتم تقـولـونَ :فجَّ َر أحقـــــــــــــــــــادَ هُ وألقى، إلى الريح أصـفـــــــــــــــادَ هُ بـالقبضتـيـــــــــــــن تقـولـون :لـوَّ َح ِ وتـنـتظ ُر الشمسُ ،مـيعــــــــــــــــاده ُّ يـهـز الـمســـــــــــو ُد عـلى تقـولـون :كـيف ّ الـحق أسـيـــــــــــــــاده؟ صخرة ويـهدر فـي لُ ِّج طـوفــــــــــــــــــان ِه ويأخذ، مـن لهــــــــــــــــــبٍ ،زاده؟ يـقـولــــــــــــــــــــونَّ : مز َق آال َم ُه ومِنْ م َِز ٍق ،صـاغ أكبـــــــــــــــــــادَ ه ُ أيفلـت هـذا القطـــــــــــــــي ُع يـقـود، قطـي ٌع إلى الـذبحَ ،منْ قــــــــــاده!؟ القــــــــــــــــرون وتلطم أعبـ ٌد ،يُزيح ظال َم ِ ك ّفاه ،جالّدَ ه ُ أيأبقَ ،منْ كـان ،فــــــــــــــــي َط ْو ِق ِه يـقـ ِّدم، للس َّْوط ،أجســــــــــــــــاده!! بـالـمستحــــــــــيل هـو الشعب ،يـهـزأ ِ ُ الـبطـوالت أمـجــــــــــــــادَ ه وتبنـي سال ٌم ،عـلى حـاقـدٍ ،فـي الشعــــــــــا ِ ب بأوراسَ ،فجَّ َر أحقـــــــــــــــــــــاده َ ب سال ٌم ،عـلى ثـائر ،فـي الجنـــــــــــو ِ ٍ يُروِّ ض ،للثأر ،أجـيـــــــــــــــــــاده خن ،فـي العــــــــــــراق تلفُّ سال ٌم ،عـلى م ُْث ٍ ِ ُ الخـيـانـات بـــــــــــــــــغداده معصـم ،فـي الـحديــــــــــ ِد سال ٌم ،عـلى ٍ يـقـ ِّي ُد ،بـالعـــــــــــــــــار ،ح ّداده سال ٌم ،عـلى جـارفٍ ،فـي الـمحـيــطِ يجـمِّع فـي الصخر ْ إزبــــادَ ه الخلــــــــــــيج عـلى عـلى نخلةٍ ،فـي رمـال ِ شـاعــــــــــــــــــر ،ض ّم أوراده ٍ وطن خـالــــــــــــــــــــ ٍد ير ّد، سال ٌم عـلى ٍ
()1960 – 1931
لعـدنـان ،أحفـــــــــــــــــاده َ العـنفـــــــــــــــوان ،مع تفلّت ،فـي صرخة ِ هللا ،أبعـــــــــــــــــــاده مدينتي َّ مديـنـتـي ،ال تـمـل ُ الـــــــــــــذرّ هْ، ك مديـنـتـي ،طـي ٌ ّبة ،حــــــــــــــــــرَّ ْه اإلنسـان فـــــــــــــــي آل ٍة أو ال تصلـب َ ْ تـمض ُغ األحقـادَ ،فـــــــــــــي فِكره ُ نـبضـات قـيثـــــــــــــار ٍة حـيـناً، مديـنـتـي، ٌ وحـيــــــــــــــــنا ً ضحكة ثرَّ ه ٌ قـديـمة ،كـالـحـبِّ ،مـيال ُدهــــــــــــا لـمّـا صحـا درب الهـــــــــــــــوى َمرَّ ه ٌ أرجـوحة ،أفـيـاؤُ هـا الــــــــــــواجفهْ ، مـواكبٌ ،أضـواؤُ هـــــــــــــــا الزاحفه قـد ُك ِّدس الـور ُد ب ُ شرفـاتِهـــــــــــــــا ،مـا أرهـب ْتهـا السحـبُ العـاصــــــــــفه تد َّف ْ قت ،والفجـرُ ،فــــــــــــــــي مه ِدهِ، ْ وارتعـشـت عــــــــــــــــاطفه أغنـي ًّة، قـلـب أطفـالهــــــــا ،ولـوّ ِن يـا دفءُ ،لـمـلـ ْم َ الـدنـيــــــــــــــاً ، رؤى وارفه مديـنـتـي ،تش ُّد أوتــــــــــــــــــاري ً النــــــــــــــــار ص ِل مـجـدولة ،مـن ُخ َ ِ ضلـوعُهـا ،حصْ نـي ،وأســـــــــــــــواري وقـلـبُهـا ،بـيـتـي وأزهـــــــــــــاري ٌ تـمـرَّ ْ جـبــــــــــــــــــهة دتِ ،ك ْبرُهـا أقـــــــــــــــــــــدار ولـوَّ حت ،قبض َة ِ مديـنـتـي ،بعضُ حكـايـاتهــــــــــــــا :أقـام ّار مـجـدي ،ألفُ جـــــــــــــــــب ِ انطالق ال تسألـيـنـي ،أن أه ِّد َم جـبـهتـــــــــي ُ وأشهق! بـالظنـــــــــــون أأسـير خلفكِ ، ِ وأش ّد أعصـابـي ،إلى قـيثـــــــــــــارٍ ة ّ يـتـــــــــــمزق؟ وتـرً ا ،بأنغام الهـوى ُ ُ ْ وأجفلـــــــــــــت أغلقت الضلـوع أغلقت ك ّفي ،عـلى صدري ،وقـلـبـــــــــــي مُغلق أسطـورةُ الـحـبِّ الـمـج ّنح عِ ف ُتهــــــــــا ونثرت أوراقـي ،ومـات الزنـــــــــــبق! ال تسألـيـنـي أن أمـرِّ َغ مقـلـتـــــــــي أيذوب فـي عـيـنـي الضـيـــــــاء ويُخنق؟ َ بنـت مـاضـيَّ الـذي شــــــــــــيَّع ُته يـا لـم َ يبق ،فـي جفـنـيكِ حـلـ ٌم مشــــــــرق تستـنزفـيـن الـوهـم فـي سأم الــــــدجى و ُت ْ الجــــــــــــــرح ،وهْ و ي َُح ِّدق هدهِديـن َ مـن أنـتِ؟ أنـت هـنـا حطـا ُم قصـيــــــد ٍة سـودا َء الهثةٍ ،وحـرفٌ مـــــــــــــــر َهق
www.allsyrians.org
12
السنة الثانية
العدد 28
مقامات
/ 3نيسان 2015/
السوري ّ يموت
بدنا حنكي ألم نقل لكم؟؟!!
أال تذكرون؟ حذرناكم ولم تنتبهوا! إ ّنكم تسلّمون البلد للظالميّين ،وتشاركون في حمّام الدم المتفجّ ر في سورية... هذه وغيرها من التخاريف التي بات يطالعنا فيها ك ّل يوم بقايا اليسار المتورّ م ،وبقايا اليسار المهزوم ،وجمع الثوّ ار الفيسبوكيّين المنتشرين في بقاع أوربّا.. الزمتكم هذه ،ونصائحكم المعلّبة مسبقة الصنع ،ما عادت تنفع ،قبل أن صد ّقونيِ ، تقولوا لنا وتذ ّكرونا متنا ،وبعد أقوالكم االستشرافيّة ووصاياكم الخالدة متنا! السوريّ يموت في ك ّل مكان، في البحر وفي النهر ،في الجبل وفي السهل ،في الملجأ ،وتحت األنقاض ،يموت في معركة ،ويموت وهو يهرب من معركة ..يموت وهو يغازل زوجته ،ويموت وهو يعاكس ابنة الجيران ،يموت وهو يحمل الكاميرا ويموت وهو يحمل المدفع ،السوريّ يموت.. السوريّ الباحث عن حرّ يّته ومواطنته يموت،
ّ لكل مقام مقال
أبو الشمقمق، وشيخ الدجاج
تروي كتب التاريخ فيما تروي عن شاعر هجّ اء يدعى «أبو الشمقمق» عاش بين البصرة وبغداد أيّام هارون الرشيد ،ورغ��م معاصرته لشعراء شار بن برد وأبو العتاهية ،إلاّ أمثال ب ّ أنّ صيته لم يذع مثلهم ،ولع ّل ذلك يعود لمواقفه المعارضة من أهل السياسة والحكم ووالتهم من الوعّاظ والفقهاء معاً .يُذكر أ ّنه كان يجلس مرّ ة في منتصف جسر الرصافة ببغداد يأكل بين المارّ ة ،إذ صادفه فقيه بغداديّ ممتعضاً ،فخاطبه؛ كيف تجرّ أت يا أبا الشمقمق أن تأكل في وسط الشارع ،والمؤمنون يمروّ ن بك.. اخجل من نفسك قليالً. أجابه «أبو الشمقمق» :ال أرى مؤمنين يا شيخ أنا لوحدي على الجسر! ح ّدق الفقيه بعينيه وأخذ يتأ ّفف من عناده وجدله. صاح «أبو الشمقمق» :أال تص ّدقني؟ فلتنظر اذاً ،ث ّم صعد إلى حافة الجسر ونادى بأعلى صوته :أيّها الناس هلمّوا لقد روي عن النبيّ أ ّنه قال من أخرج لسانه وأوصله إلى أرنبة أنفه كان من أهل الج ّنة. سارع ك ّل من سمعه بإخراج لسانه في منظر ساخر تجد فيه األلسن تتصارع كي تصل لألرنبة ،ولكن دون جدوى. التفت «أبو الشمقمق» إلى الفقيه وسأله :هل هؤالء مؤمنون ح ّقاً؟ تعال اجلس لنأكل سويّة. يبدو أنّ انتكاب المجتمع العربيّ بوعاظ السالطين -فكرهم وثقافتهم – أعظم أثراً وأضرب عمقا ً في التاريخ ممّا يعتقده البعض ،فذاتها الجماهير التي كانت ترفع ألسنتها لتالمس أرنبة أنفها ،تجلس اليوم إلى شيخ يتح ّدث عن دروسه المجيدة للدجاج، وحكاياته معهم ،وتعليمهم الفقه والحديث ،بل وتجد مثل هذه المشايخ من يدافع عنهم وعن قصصهم ويحاول جاهداً كي يجد لها مبرّ رات وتخاريج مختلفة. إذ ال تحتاج مثل هذه الجماهير لتقتنع بصواب الشيء وصدقه، سوى بادئة قدسيّة مثل ،قال هللا ورسوله ،أو قال الشيخ الفالنيّ ، ح ّتى تعتبر ما يرد بعدها حقيقة مطلقة الصواب ،سديدة المنطق، عظيمة الحجّ ة .وقد كان مستبدو ك ّل عصر أوّ ل زبائن هذه العقليّة ،نظراً النتفاعهم الكبير منها في تبرير حكمهم وتمرير ثقافة السمع والطاعة ،نرى ذلك في رواج سوق مشايخ الدجاج وعمائم حسّون وصوفيّات البوطيّ إبان حكم آل األسد ،حيث يلتفّ ألوف الناس على حلقاتهم التي تناقش مواضيع مختلفة تبدأ من المذاهب العشرة في كيفيّة الوضوء وح ّتى المراتب العشرة في الحبّ اإللهيّ ،منسلخين عن واقع كان يع ّج بالمعطيات التي تتطلّب من يتص ّدى لها ،في غياب واضح متعمّد أليّة قوى فكريّة وثقافيّة أخرى على الساحة االجتماعيّة ،إذ اقتصرت المنابر في سورية األسد على الدينيّة منها كمرحلة أولى ،ث ّم ليجري تفريغها من أيّ مضمون حقيقيّ في مرحلة الحقة ،ممّا ش ّكل فراغا ً يم ّكن ك ّل مستب ّد من استمراره في الحكم ،فبينما ينشغل هو بشؤون الحكم والسياسة ،يتف ّقه الشعب مسائل الطهارة والتصوّ ف. من هنا يمكن أن نفهم دور الخطاب الدينيّ السائد في رسم الوضع ّ المتأخر للعالم العربيّ ،وأن نرى أهميّة الدعوات المعاصرة لنقد التراث و بناء عقليّة عربيّة بديلة تستند على أسس منطقيّة وعلميّة ،ورغم ما يظ ّنه البعض من أنّ مثل هذه الدعوات تقف بمواجهة مع اإلرث اإلسالميّ ،إلاّ أ ّنها في الحقيقة تش ّكل طوق النجاة له ،فمع ك ّل التطوّ رات التي تعصف بالمنطقة وثقافتها اليوم ،يقف الفكر الدينيّ أمام تح ّد هو األكبر من نوعه منذ قرون، إذ لم يعد من الممكن نقل هذا الفكر إلى عصر جديد بدأت تلوح آفاقه دون عمليّات مراجعة جذريّة تستند في أسسها إلى معطيات العلم وأسلوب التفكير العلميّ ،وإلاّ فإنّ جلوس «أبو الشمقمق» وصاحبه على الجسر لن يكون له نهاية قريبة .طريف العتيق
رئيس التحرير بسام يوسف َ
هيئة التحرير ّ بشار فستق -غزوان قرنفل ثائر موسى -عزّة البحرة
newspaper@allsyrians.org
مصباح مصنوع من ما ّدة “عجيبة”
في أيّام السلميّة مات ،في أيّام العسكرة مات ،ببراميل الموت مات ،وبجرار جهنم مات ،بغاز الكلور مات ،في الزنازين ،تحت التعذيب مات ،في فراشه وبين أوالده مات، السوريّ يموت.. طالما أنّ هناك دكتاتوراً فاقد الصالحيّة في سورية سنموت ونموت.. وطالما أنّ هناك من ينصّب نفسه إلها ً صغيراً باسم هللا سنموت ونموت... وطالما أنّ هناك متقوّ لين يتفاصحون حين يحلو لهم ،ويخوّ نون حين يحلو لهم، ويصرعون رأسنا بمعلّقات من تحليالت مريضة ،سنموت ونموت.. ّ نتشظى كثيراً.. تعالوا ال تعالوا ال نختبئ خلف قراءات متخيّلة..
طوّ ر باحثون بريطانيّون مصباحا ً يستهلك 10بالمائة من الطاقة التي تستهلكها المصابيح العاديّة ،ويحتوي المصباح خافت ً ّ ّ أبناء الثورة ،يحبّون الحياة ،هم ضد الطاغية والدكتاتور معا ،ضد الظالميّين اإلضاءة الجديد على تقنية إضاءة ثنائيّة الصمام (إل إي دي) مغطى بما ّدة الغرافين ،التي توصف بأ ّنها واإلرهابيّين ،هم ما زالوا يسعون نحو هدفهم األوّ ل نحو سورية الجديدة.. ّ على شكل فتيل دقيق «عجيبة» .ومن المتو ّقع أن يُطرح مصباح الغرافين في األسواق هم ما عادوا يتحمّلون دروسكم الغبيّة!!!... حسني برو بسعر أق ّل من المصابيح السابقة.
القاسم المشترك األعظم في موتنا هو الدكتاتور األبله..
مرايا سورّية في «بيتنا»
أقيمت في «بيتنا سوريا» مجموعة من النشاطات من خالل أسبوع «مرايا سوريّة» في الفترة من الخميس ٢٦ آذار إلى اإلثنين ٣٠آذار. واف ُتتحت فعّاليّات أسبوع «مرايا سوريّة» بأمسية موسيقيّة لـ ميترا أستينج وأسامة دادا وعدنان هورو ،في السابعة مسا ًء في مبنى «بيتنا سوريا» واستمرّ ت حتى الثامنة والنصف. في اليوم التالي – 27آذار -والذي وافق اليوم العالميّ للمسرح ،أقيمت أمسية ،في صالة «بيتنا سوريا» قرئت فيها كلمة للمخرج البولونيّ كريستوف ورليكوفسكي الخاصّة بهذه المناسبة ،ث ّم قُ ّدمت ق��راءات مسرحيّة لنصوص عالميّة وسوريّة ،واستمع الحضور إلى عزف منفرد على العود. أمّا اليوم الثالث من الفعّاليّة ،فأقيم في قاعة المؤتمرات في بلديّة الشهيد كامل التابعة لمدينة غازي عينتاب ،عُرض فيها فيلم دفاتر الع ّ شاق أو (حيطان
«ليبيريا» تدعو إلى االمتناع عن الجنس دعت ليبيريا الناجين م��ن م���رض اإلي��ب��وال إل��ى االل��ت��زام الصارم بفترة من االمتناع عن الجنس بعد التعافي من ال��م��رض ،وذل��ك وسط م��خ��اوف م��ن أن آخر حالة إصابة بالمرض في البالد ربّما تكون قد نجمت عن االتصال الجنسيّ .وكان أكثر من 10300 شخصا ً قد أصيبوا بالمرض في ليبيريا وغينيا وسيراليون ح ّتى اآلن. ألوّ ل مرّ ة يمرّ رأس السنة (أكيتو) ونينوى دون أهلها ،والخابور وضفافه في عويل على أح���ف���اد ف���رس���ان جيش النهرين ،وكبرئيل موشي وللسنة الثانية بعيد بعيد عن أكيتو .الوطن ،ك ّل الوطن في ح��زن المأساة .لكن رغ��م األه��وال وجراحها لنا األمل ،كامل األمل ،بانبعاثه وبألوانه الذهبيّة .لك ّل الوطن أكيتو بريخو .لك ّل المعتقلين أكيتو أكيتو بريخو .ك ّل أكيتو وأنتم بخير.
االخراج الفني منير األيوبي
سراقب) بعرضه األوّ ل في السابعة من مساء الـ 28 آذار. وكان للشعر يوم الـ 29منه في صالة «بيتنا سوريا» حيث ألقى في هذه األمسية ك ّل من :وداد نبي ووائل قيس نصوصا ً شعريّة ،كما شارك الشاعر عبدالسالم حلّوم ببعض من قصائده. وعرض فيلم ماء الفضّة ،الذي نال العديد من الجوائز العالميّة ،لوئام بدرخان والمخرج أسامة محمّد ،في نفس الصالة ،اإلثنين ٣٠آذار. وعلى مدى أ ّي��ام فعّاليّات «مرايا سورية» استمرّ معرض لمجموعة «سوريّات» لألشغال الف ّنيّة اليدويّة من الصوف والكروشيه والكنفا ،في صالة معارض «بيتنا سوريا» في غازي عينتاب التركيّة.
المدن المحرّرة
صدر حديثا ً عن دار رياض الريّس، كتاب «سورية ،تجربة المدن المحرّ رة» ويتألّف من س ّتة أق��س��ام ،على شكل مجموعة من الدراسات الميدانيّة لك ّتاب سوريّين ،من إع��داد صبر دروي��ش. تسعى األبحاث إلى سبر تجربة التحرير من خالل المناطق السوريّة التي خرجت عن سيطرة النظام ،في محاولة لقراءة هذه التجربة نقد ّياً ،وتقديم دراس��ات وش��ه��ادات ووث��ائ��ق عن أوض��اع تلك المناطق.
(فيديو؛ 5دقائق) شهادة خير ،،سالم ،،أمن.... ط��ب � ّي��ة ألب��ط��ال ال��دف��اع تسامح ..محبّة ،،تعايش المدنيّ على مشارف مدينة ،،ازدهار ،،صدق ،،بناء،، إدل��ب 40 – 30 ،إصابة ن��م��اذج م��ن #كذبة_ بين المدنيّين أغلبهم من نيسان ولكم حرّ يّة االختيار. األط��ف��ال ،بعد استهداف روال إبراهيم ياريت يلّي عم بصير بسلميّة ...سلميّة الثورة سرمين وب ّنش وما حولهما السوريّة كذبة متل كذبات نيسان #سلميّة #سوريا ثالث مرّ ات بالبراميل المتفجّ رة المحمّلة بغاز الكلور السا ّم ،بواسطة طيران األسد؛ نداء على الضمائر Abed-Alrahman القادة العرب ا ّتفقوا على إنشاء قوّ ة عسكريّة اإلنسانيّة :ال نملك إلاّ كمامات عادية ،وهي غير كافية. مشتركة لتحرير سورية من الطاغية ب ّ شار األسد... https://www.youtube.com/watch?v=D8EaZ247ZGY . . . . . .كذبة نيساااان .إبداعات الثورة السوريّة
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org