حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي ،وتشارك السوريّني حياتهم يف بالد النزوح ،ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة ،حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي ،يساهم ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ ين س��ور ّي جامع، يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة .
سياسية ثقافية نصف شهرية العدد - 24 -السنة األوىل
/4شباط 2015 /
newspaper.allsyrians.org
12صفحة
إيران تستبيح األرض وإسرائيل تستبيح السماء عرض هزيل وأداء باهت يف مسرح موسكو العمل اإلغاث ّي بني املأسسة واالرجتال
السوري النظام ّ ما بين «القنيطرة» و «موسكو» أخيراً ر َّد حزب هللا على إسرائيل باستهداف دور ّي��ة عسكريّة لها في مزارع «شبعا» المحتلّة ،نتج عنها مقتل جنديّين وجرح عدد منهم ،ورغم أنّ وزير الدفاع اإلسرائيليّ «موشي يعلون» أعلن عن رسالة أرسلها «حزب هللا» عبر قوّ ات األمم الم ّتحدة إلى الحكومة اإلسرائيليّة عقب العمليّة مباشرة ،ويعلن فيها الحزب أ ّنه حريص ك ّل الحرص على عدم التصعيد ،وكأ ّنه يقول لإلسرائيليّين: (مرقولنا ياها هالمرّ ة بس يا شباب) محاوالً بذلك استعادة القليل من ماء الوجه الذي سُفح مراراً منذ «عماد مغنيّة» وح ّتى حادثة «القنيطرة» التي قتل فيها سبعة من قياديّي الحزب وعناصره بينهم ضابط إيرانيّ برتبة عالية. ماذا كان يفعل عناصر من حزب هللا وإيران في القنيطرة؟؟؟ ولماذا قبلت إسرائيل رسالة حزب هللا وأنهت الموضوع؟؟؟ ولماذا ظهر النظام السوريّ وكأ ّنه آخر من يهت ّم اآلخرون ألمره؟؟؟ على الرغم من أنّ األرض التي يتحارب فوقها اآلخرون هي أرض سوريّة؟؟؟. يبدو أنّ النظام السوريّ سلّم اإليرانيّين ك ّل شيء لدرجة أ ّنهم لم يعودوا مهتمّين ح ّتى بإخراج هذه التبعيّة بشكل الئق إعالم ّياً ،لم يعد هناك اعتبار للسيادة السوريّة على األق ّل أمام السوريّين ولم يعد مه ّما ً «ح ّتى كذباً» إيهامنا أنّ هناك بقيّة من سيادة سوريّة على أرض سورية.
تحقيقات العدد ص6 السكن حتت أشجار الزيتون خميّمات املوت تنادي األحياء ،فهل من منقذ هلا؟ ص6ص7 احللم األوّل للصانع األوّلص7 جمزرة النّهرص7 -بسمة على اجلدران
أزمة األحزاب السياسّية في سورّية
ص8
وأ ّما في لبنان فالسوق ازدهر بعشرة أضعافه ،كذلك ازداد بشكل ملحوظ عدد العاملين بمهنة تجارة السالح وتهريبه لما تؤ ّمنه من أرباح ومردود مادّ ي لفئة المغامرين العاملين في هذه المهنة قوات النظام على المع ّقدة ،ناهيك عن حقول األلغام التي زرعتها ّ طول الحدود البر ّية الشرق ّية والشمال ّية مع لبنان ...أمري جنم الدين
ص9
ر ّبما سيبقى هذا األمر مقبوالً نوعا ً ما -ح ّتى السنة القادمة،ل��ك� ّن��ه ل��ن ي��ك��ون ك��ذل��ك أك��ث��ر، نواح مختلفة ،ولر ّبما بدأت تلك وسيترك آثاراً سلب ّية ج ّمة على ٍ اآلثار في الظهور على السطح منذ اآلن ،ولك ّنها التزال غير متفاقمة للحدّ األسوأ. ريم احلاج
النقطة كنبراس ص 11
«أردت الوصول إلى النقطة ّ العربي قد سبقني الخط فرأيت ّ بيكاسو قال ذلك، إليها» بابلو ّ ألنّ «النقطة» عند أكثر العرفاء وحسب لغتهم الرمز ّية كاصطالح «الخال» الذي هو الوحدة على وجه المعشوق..
تنص األممي والتي مبادرة المبعوث ّ ّ بحجة على تجميد القتال في حلب، ّ تسهيل مرور المساعدات اإلنسان ّية لحلب – التي وصفها «دي ميستورا» بمدينة العالم -حجر المبادرة هو تجميد القتال ،أي بقاء المناطق المسيطر عليها من قبل المعارضة بيد المعارضة ،وبقاء المناطق المسيطر عليها من قبل النظام بيده، والضمانات كما قال المبعوث هو إيمان جميع األطراف باهلل! حممد احلاج ّ
الثورة السورّية بين حرب االستنزاف وتجارة األسلحة...
حلب مدينة النساء والعجائز
هل حقق الغرب أهدافه في سورّية ص2
حسيب م .عدي
ص3
جاءت بعض الردود على موضوع <<نحو بناء جسور بين القوى السياس ّية في سورية>> الذي طرحناه في العدد السابق من صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» طويلة نسب ّياً ،أي بما يعادل مقالة ،ورأينا أن نستكمل الحوار -كما وعدناكم -عبر نشرها، مع كل ّ الشكر واالحترام. الوطني للعدالة والدستور (وعد) :يكتنف مفهوم (الحزب) حسن النيفي /الحزب ّ االجتماعي في الوسط السوري المزيد من الضباب ّية والريبة في الفهم ،ولعل ّ مردّ ّ ّ تصحر ذلك إلى انعدام الثقافة الحزب ّية لدى السور ّيين طيلة نصف قرن ،وذلك نتيجة ّ ّ بحق السور ّيين. االستبدادي الذي مورس جراء الحكم ّ الحياة السياس ّية ّ
السوري حوار العدد مع المعارض ّ ُعقاب يحيى ص5
إي��ران وح��زب هللا وإسرائيل يتصرّ فون على األرض السوريّة كما يرغبون ،والنظام السوريّ لم يعد أكثر من واجهة ه ّ شة ،فقدت ح ّتى الح ّد األدنى من االعتبار ،وما جرى ويجري من قصف إسرائيليّ للمواقع السوريّة في دمشق ،وعلى امتداد المساحة السوريّة وصوالً إلى حادثة القنيطرة األخيرة ،ك ّل هذا أصبح مرهونا ً بصراع االستراتيجيّات اإليرانيّة اإلسرائيليّة وغيرها. لكنّ المفارقة الغريبة ج ّداً ،أنّ هذا النظام الذي يتعامل معه اآلخرون بك ّل استهتار واستصغار يتصرّ ف بعنجهيّة صفيقة حيال السوريّين ،ح ّتى حيال أولئك السوريّون الذين يمكن أن يتصاغروا أمامه ،وأن يقبلوا منه فتات الفتات. ّ ْ مؤخراً لقا ًء تشاور ّيا ً بين استضافت في موسكو التي الحكومة السوريّة ووفد أُطلق عليه (وفد المعارضة السوريّة) كان المشهد مذلاّ ً ،احتشد السوريّون «بصفتهم طرفين» على طاولة اللعبة الروسيّة التي ر ّتبها وحشد لها الروس طويالً، بمشهد ال يليق بسورية ،وال بتاريخها وال بشعبها وال بثورتها، بدا األمر كما لو أنّ تالميذ مدرسة يقفون بانتظار تعليمات ّ المتغطرس. مدير مدرستهم إذا كان النظام السوريّ قد أتقن طوال عقود حكمه إذالل السوريّين ،وسحق كرامتهم ،فالسؤال ال��ذي يحرق الدم، قبل هؤالء الذاهبون بصفتهم «معارضون» بك ّل هذا لماذا ِ اإلذالل؟؟؟ لماذا قبلوا أيضا ً بإذالل الروس لهم؟؟ ولماذا صمتوا على استقواء وفد الحكومة السوريّة بالروس إلذاللهم أيضاً؟
س��وري ،عضو الهيئة ُعقاب يحيى ،معارض ّ السوري لقوى الثورة الوطني السياس ّية لالئتالف ّ ّ والمعارضة. السوري ،التقت في سعيها لفتح فضاءات الحوار ّ السوري صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» مع المعارض ّ ُعقاب يحيى ،وكان الحوار التالي: السوري ،عبر النظام ومعه تنظيمات أخرى مثل اإلرهاب يفتك بالشعب • ّ «داعش» ،األطراف اإلقليم ّية والدول ّية تدّ عي محاربة اإلرهاب ،كيف تق ّيمون الواقع السوري اليوم؟ وما هو دوركم في مواجهة اإلرهاب فعل ّياً؟ ّ ذاتي ُعقاب يحيى :اإلرهاب نتاج مجموعة عوامل موضوع ّية ،وأخرى بفعل ّ يقترب من االختراق والتصنيع .عقود فوات وفشل ،وخيانة المشروع... حاوره ّ بشار فستق
لم يقبل وفد النظام السوريّ ح ّتى نقاش الح ّد األدنى من األفكار التي ق ّدمها (المعارضون) السوريّون ،وح ّتى ملفّ إغاثة السوريّين المنكوبين رفضوا نقاشه ،وطلبوا من وفد المعارضة تسليم ما لديهم إلى الجهة الروسيّة؛ كم كان المشهد هزيالً؟! وكم كانت مأساة السوريّين وثورتهم وكرامتهم مُهانة على طاولة موسكو. نظام ال يتجرّ أ أن يعترض على استباحة اآلخرين ألرضه، اآلخرون الذين يحتلّون ح ّتى غرف نوم قيادات هذا النظام، بينما يدعس بك ّل صفاقة على وجع السوريّين ومصيرهم.
ب ّسام يوسف
2
العدد 24
/4شباط 2015/
هل ح ّقق الغرب أهدافه في سورية
انتهى عام 2014بزخم المبادرات الدوليّة والتي تهدف – إلنهاء األزمة السوريّة -كما يحلو لهم تسميتها ،واستمرّ النقاش بتلك المبادرات التي لم ّ يبت بأمرها بعد في عام ،2015مبادرة المبعوث األمميّ «ستافان دي ميستورا» ومبادرة «موسكو »1ومبادرة مصر لردم هوّ ة الخالف بين أطياف المعارضة. ولكن هل من الممكن أن تكون إحدى تلك المبادرات هي الح ّل السحريّ لسورية؟ وهل أيّة مبادرة منها يمكن أن تح ّقق جزءاً من طموحات الشعب السوريّ ؟ مبادرة المبعوث األمميّ والتي تنصّ على تجميد القتال في حلب ،بحجّ ة تسهيل مرور المساعدات اإلنسانيّة لحلب – التي وصفها «دي ميستورا» بمدينة العالم -حجر المبادرة هو تجميد القتال ،أي بقاء المناطق المسيطر عليها من قبل المعارضة بيد المعارضة ،وبقاء المناطق المسيطر عليها من قبل النظام بيده ،والضمانات كما قال المبعوث هو إيمان جميع األطراف باهلل! ما يعني تقديم طبق من ذهب للنظام لتحويل جميع ميليشياته التي تقاتل على جبهات حلب إلى دمشق بشكل مح ّدد ،وتضييق الحصار على الغوطتين هناك وإعادة السيطرة عليها ،وبعدها اال ّتجاه نحو درعا التي تتسارع فيها األحداث لصالح المعارضة والتي تتق ّدم بها بشكل سريع ّ ومنظم ،وبعد ذلك انتهاء م ّدة تجميد حلب ووضع
ثقل النظام على المناطق ال��م��ح��رّ رة م��ن المدينة والسيطرة عليها مج ّدداً. الدردشة السياسيّة في موسكو كما أطلق عليها االئتالف ،مبدؤها الذهاب لموسكو واجتماع وف��ديّ النظام والمعارضة (وفد المعارضة يت ّم تحديده من قبل موسكو) ل��ردم الهوّ ة بين الطرفين ،وبعد ردمها، يبدأ الحديث عن مؤتمر شبيه بمؤتمر جنيف2 للسالم الذي فشل في العام الفائت ،الملفت بهذه «الدردشة» هو إصرار موسكو على «حوار غير مشروط» وع��دم مناقشة مستقبل األسد، وع��دم التطرّ ق لتشكيل حكومة انتقاليّة ذات صالحيّات واسعة. أي ،الحديث سيكون ح��ول «كيفيّة عودة المعارضين لحضن الوطن أو النظام» وهو بشكل مؤ ّكد ال يرقى لطموحات السوريّين. مصر اآلن تسعى إلعادة دورها المحوريّ في الشرق األوسط وذلك بعد أن بدأ االستقرار السياسيّ -ولو كان بشكل غير نهائيّ -ولذلك وجّ هت ع ّدة دعوات لجميع أطياف المعارضة السياسيّة الموجودة في سورية منها هيئة التنسيق واالئ��ت�لاف ،وذل��ك لعقد اجتماعات للخروج بمسوّ دة نهائيّة تجمعهم بأيّ مؤتمر قادم .انتهت تلك االجتماعات ولم يصدر إلى اآلن أيّ تصريح واض��ح ح��ول اال ّت��ف��اق ال��ذي ت� ّم خ�لال اجتماع القاهرة. إشاعات تكاد تكون مؤ ّكدة ،قالت :إنّ عمل وحدة تنسيق الدعم تو ّقف بشكل نهائيّ ،وعمل الحكومة المؤ ّقتة ببداية هذا العام سيكون بشكل تطوّ عيّ ،وتهديدات لالئتالف بقطع الدعم عنه بشكل كامل ،ما هي إلاّ ضغوطات على المعارضة التي -ال حول وال قوّ ة لها -للقبول بإمالءات السعوديّة أوّ الً وآخراً.
ممّا يعني القبول بأيّة مبادرة يت ّم اال ّتفاق عليها من تحت الطاولة بين الدول العظمى. موسكو تريد بقاء مصالحها في سورية، وإي��ران – التي بدأت بالتخصيب بشكل سرّ يّ كذلك األمر ،أمّا الدول األور ّبيّة واإلقليميّةفجميعها بانتظار أوامر واشنطن ،إلاّ أنّ األخيرة ال مصالح لها في سورية ،ولذلك هي غير مهتمّة بالشأن السوريّ حال ّياً. هذا الكالم يعني استمرار الوضع السوريّ إلى وقت ليس بالقصير ،فسورية حال ّيا ً باتت منطقة تصا ٍ ف وتح ٍّد بين الدول الكبرى ،روسيا تريد استعادة ثقلها الدوليّ ،وأميركا تحاربها في سورية. لبنان والجزائر واألردنّ ،فرضوا تأشيرة دخول على السوريّين ،أمّا تركيا فألغت استثناء دخول السوريّين إليها في حال انتهاء م ّدة جواز السفر ،بل أيضا ً عملت على رفض استقبال أيّ سوريّ عبر مطاراتها إن لم يكن جواز سفره ساري المفعول لم ّدة 3أشهر على األقل. إذاً ،هي خطوات من قِبل الدول التي يلجأ إليها السوريّ للتضييق عليه ،بمعنى آخر ،الضغط على الشعب السوريّ أيضا ً للقبول بأيّ ح ّل وإن لم يح ّقق طموحاته. على ما يبدو أنّ المجتمع الدوليّ قرّ ر أن ينهي الوضع السوريّ ،بأيّ شكل .ربّما ،تخفيض سعر النفط سيضغط على روسيا وإيران للقبول بح ّل يُفرض عليهم من قبل الدول الغربيّة وأميركا. ربّما ،لن يُؤخذ بأيّ من المبادرات التي ُذكرت آنفا ً في هذا المقال ،ولكن التو ّقعات تجري بأنّ يعقد مؤتمر شامل لجميع األطراف عبر موسكو لوضع حجر األساس إلنهاء المأساة السوريّة، والذي ستكون نتائجه ليست لصالح النظام وال المعارضة وال ح ّتى الشعب السوريّ ،بل ستكون نتائجه لصالح أحد األط��راف المشاركة في - حرب الوكالة -في سورية ،هذا الكالم ال يعني انتهاء الوضع السوريّ خالل العام الحاليّ ،بل من الممكن والمتو ّقع أن يمت ّد للعام القادم.
فتنة تحت الرماد
أحيانا ً نسمع من البعض أنّ المجتمع السوريّ قبل الثورة كان يعيش حياة هانئة نوعا ً ما ،وأنّ البنية االجتماعيّة السوريّة رغم تنوّ عها وتع ّدد ثقافاتها وطوائفها كانت تتعايش مع بعضها البعض بصورة متناغمة. إلاّ أنّ الحقيقة كانت خالف ذلك تماماً ،فالسلم األهليّ المزعوم الذي تغ ّنى به البعض من ذوي التفكير السطحيّ ،كان مجرّ د سلم وهميّ سكونيّ ت ّم ضبطه وفق إرادة السلطة التي حكمت سوريّة لعقود من الزمن. ألنّ السلم األهليّ الحقيقيّ المنشود لو تح ّقق فعالً لزرع األمن والطمأنينة ّ وع��زز التواصل في نفس المواطن االجتماعيّ بين م��ك��وّ ن��ات المجتمع ّ وعزز التع ّدديّة السلميّة وجعل المتع ّددة، من هذه التع ّدديّة مصدراً لغنى المجتمع الثقافيّ . إلاّ أنّ واقع المجتمع السوريّ كان عكس ما ُذكر ،فعلى المستوى الفرديّ كان الخوف هو الهاجس المسيطر على المواطن السوريّ ،وكانت فروع األمن مصدراً ّ لبث الرعب في نفسه ،إذ لم يكن بمقدور المواطن أ ّيا ً كان مستواه الثقافيّ أو درجته الوظيفيّة التعبير عن رأيه بحريّة وكان مكرها ً على التملّق للسلطة الحاكمة ألغراض ش ّتى ،فكثيراً ما كنت ترى مسؤوالً رفيع المستوى ّ يهز بمسبحته على رأس الدبكة المعقودة بمناسبة مبايعة الحاكم، وذلك طمعا ً بأن يتبوّ أ موقعا ً أه ّم من الموقع الذي يشغله أو على األق ّل كي يحافظ على ذاك الموقع. ْ زد على ذلك أنّ ك ّل مواطن س��وريّ كان يخاف من نظيره السوريّ عندما يتعلّق النقاش بسياسة الدولة أو بالسلطة الحاكمة ،فقد ج ّندت السلطات األمنيّة مئات اآلالف من السوريّين لكتابة التقارير ح ّتى وإن كانت مل ّفقة مقابل مبالغ ماليّة أو مقابل تم ّتع هذا المخبر بالحظوة ّ بحق لدى مراكز القوّ ة والنفوذ ،إذ كانت سوريّة جمهوريّة الرعب ،الرعب ح ّتى من الجدران، آذان صاغية في عهد الطغمة والتي أصبحت ذات ٍ الحاكمة ،فلم يكن يجرؤ أحد أن يصف االنقالب العسكريّ الذي قام به األسد األب عام 1970 بوصفه الحقيقيّ ،بل كان ملزما ً بأن يسميه بـ
newspaper@allsyrians.org
(الحركة التصحيحيّة المجيدة) لتجميل صورة الطاغية لدى الشعب ،وكان هذا الرعب أحد أه ّم عوامل زعزعة السلم األهليّ ألنّ حرّ يّة التعبير ُتعتبر من أه ّم مستلزمات هذا السلم. كما أنّ السلم الوهميّ الذي رسمه االستبداد األسديّ كان سببا ً في تفكيك المجتمع السوريّ وتشرذمه ،ألنّ التضييق على حرّ يّة مكوّ نات معيّنة من مكوّ نات المجتمع السوريّ في التعبير عن هويّتها وخصوصيّتها وتغيّبها عن المشاركة
ّ الحق لمكوّ نات أخرى بالتح ّكم السياسيّة ،مقابل منح بالجزء األكبر من مق ّدرات البلد ضمن صفقة شراء الوالءات وتجنيد التابعين لخدمة المصالح الضيّقة ،كان سببا ً في خلق الفجوة الحقيقيّة بين المكوّ نات االجتماعيّة وزرع بذور الفتنة األهليّة بينها وعامالً يزيد االحتقان والحساسيّات والرغبة في االنتقام ،إذ لم تكن المكوّ نات تتم ّتع بمساحات متساوية في التعبير ،وكان هامش الحريّة ي ّتسع أو يضيق حسب درجة الوالء للفكر االستبداديّ ، دون أن ننسى الخطوط الحمراء التي ال يجوز ّ تخطيها من أيّ مكوّ ن كان. وقد لجأ االستبداد إلى سياسة يمكن أن نسمّيها بسياسة التقمّص ،إذ كان يتقمّص شخصيّة مكوّ ن ما من خالل بعض المرتزقة من أبنائه ّ لبث مظاهر الحقد والكراهيّة تجاه مكوّ ن أو مكوّ نات أخرى ،ومن خالل زرع الفكرة الفوقيّة
حممّد احلاج
واالستعالء لدى بعض المكوّ نات تجاه غيرها، ناهيك عن أ ّنه قد لجأ -في سبيل ترسيخ ذلك التشرذم -إلى سياسات فاضحة كشفت الوجه الحقيقيّ لهذا النظام ،فمثالً جلب العرب الذين ُغمرت أراضيهم بمياه نهر الفرات في السبعينيّات من القرن الماضي إلى المناطق الكرديّة ،وت ّم انتزاع أراضي األكراد التي ورثوها «أبا ً عن ج� ّد» منهم ،ومنحها للعرب المذكورين دون وجه ّ حق ودون أيّ تعويض ،لألسف كان وال يزال جمراً تحت الرماد ،وخلق لدى الكرد أحقاداً تجاه المكوّ ن العربيّ قد ال ُتنسى ،إلاّ إذا تم ّك ّنا من ترسيخ مفهوم العدالة االنتقاليّة الذي يقتضي اللجوء إلى مجموعة من اإلجراءات القضائيّة وغير القضائيّة لمعالجة ما خلّفه االستبداد من انتهاكات جسيمة لحقوق اإلن��س��ان وض���رورة كبح النزعات االنتقاميّة وز ّج مؤسّسات المجتمع المدنيّ في عمليّة المعالجة هذه ،وال ب ّد من ترسيخ مفهوم العدالة االجتماعيّة الذي يستلزم أن يحصل ك ّل شخص على فرص حياتيّة متوازية مع غيره استناداً إلى الكفاءة والمهارة ،وليس إلى المحسوبيّة ودرجة الوالء للحاكم. فوق هذا وذاك ،ال ب ّد من وجود إعالم حرّ يتحسّس أمراض المجتمع ويُظهرها للعلن بهدف معالجتها واالرت��ق��اء بالمجتمع إلى المستوى المرغوب ،إذ كان اإلعالم طوال فترة الحكم االستبداديّ إعالما ً رخيصا ً مبتذالً بعيداً عن هموم الشارع ،ومهمّته تجميل قبائح الحاكم ال أكثر. وبالتالي ،فإنّ الثورة السوريّة كانت أمراً ال ب َّد منه ،كي ُتبيّن حقيقة مفادها :أنّ السلم الذي تبجّ ح به النظام كثيراً ،كان سلما ً وهم ّيا ً يُخفي بين طيّاته الفتنة الطائفيّة والعرقيّة والمذهبيّة والقوميّة والمناطقيّة ،بل وكانت تلك الفتنة المخفيّة تحت الرماد سببا ً لبقاء الحكم الدكتاتوريّ طوال العقود الماضية ،أل ّن��ه زرع في ذهن ك ّل مكوّ ن من مكوّ نات المجتمع السوريّ ،فكرة مفادها :أ ّنه (الدكتاتور) هو المالذ اآلمن ألبنائه إن تعرّ ضوا للظلم على يد أيّ مكوّ ن آخر.
رياض علي
قراءة سياسية
داعش ..بين التم ّدد والتقلّص
«دولة اإلسالم باقية وتتم ّدد» بهذا اإلعالن عن قيام المتطرّ فين اإلسالميّين في سورية والعراق لتثبيت دولتهم ،كان التحوّ ل األكبر في الوضع السوريّ ،رغم ك ّل المتغيّرات التي سبقته ،لكن وبصرف النظر عن طبيعة القوى المناهضة لهذه الدولة ،محلّيّة وإقليميّة ودوليّة ،عبر ضربات التحالف الدوليّ -العربيّ ،وعبر جيش النظام والحشد الشيعيّ والبيشمركة الكردستانيّة في العراق ،وعبر معظم تشكيالت المعارضة السوريّة ،إضافة لقوّ ات حزب اال ّتحاد الديمقراطيّ الكرديّ ،فإنّ سيطرة تنظيم تلك الدولة المعروف بـ «داعش» على المنطقة الممت ّدة من الموصل ح ّتى حلب ،قد خضع ويخضع للتم ّدد حينا ً وللتقلّص حينا ً آخر ،ممّا يدفع للبحث في طبيعة تلك السيطرة وإمكانات بقائها أو زوالها ،إضافة للنظر في المسبّبات والنتائج المتعلّقة بهذه الظاهرة ومدى تعلّقها بتغيير مسار الثورة السوريّة ،وك ّل ثورات الربيع العربيّ ،دون الخوض في االفتراضات الذهنيّة التي رافقتها وترافقها ،كحرب إعالميّة مساندة للحروب التي يخوضها الجميع فوق تلك األرض المستباحة. شك فيه أنّ القوّ ة النوعيّة التي م ّكنت «الدواعش» من ممّا ال َ الوصول إلى ما وصلوا إليه ،قد جاءت على نحو مفاجئ ،يمكن وصفه باللغز المحيّر ،وح ّتى بالفعل التآمريّ ،حين قامت قوّ ات جيش حكومة المالكيّ المتمركز في الموصل ،باالستسالم لبضعة مئات من «الداعشيّين» وتسليمهم ك ّل تلك الترسانة من األسلحة الثقيلة والذخائر ،إضافة لألموال الطائلة المتو ّفرة في البنوك ،فيما يمكن إرجاع ظهورهم في شمال شرق سورية ،بعد انطالق الثورة بأكثر من عام ونصف ،إلى تو ّفر المناخ المناسب لنشاط اإلسالم المتطرّ ف، نتيجة لعنف النظام وصبغته الطائفيّة ،على يد بقايا تنظيم القاعدة في بالد الرافدين ،ذلك التنظيم الذي اعتمد -ومنذ نشوئه -على حمالت استقدام الجهاديّين من المجتمعات اإلسالميّة المختلفة ،والتي نشطت في سورية بالتنسيق مع أجهزة النظام األمنيّة ،كما في حملة الشيخ محمود قول آغاسي المعروف بأبي القعقاع ،في حيّ الصاخور بمدينة حلب ،األمر الذي يشير بشكل أو بآخر إلى اختراقات معيّنة للنظام في صفوف التنظيم ،وربّما يفسّر طبيعة المعارك الجارية بينهما ،والتي تنشب بين الحين واألخر ،دون أن تصل إلى شكل لصراع كامل يستهدف إزالة طرف لآلخر ح ّتى اآلن. من جهة ثانية ،فإنّ الهيكليّة الحاليّة للتنظيم ،المعتمدة بشكل أساسيّ على األشخاص المتطرّ فين ،وأصحاب السوابق اإلرهابيّة ،القادمين من ك ّل أصقاع األرض ،من الشيشان وأوروبا الغربيّة ،كما من الخليج العربيّ وشمال أفريقياُ ،تبقي الباب مفتوحا ً أمام احتماالت اختراق ك ّل القوى الدوليّة واإلقليميّة ،ممّا يدفع لالعتقاد بأنّ ذلك التنظيم -مع مالحظة ك ّل ذلك الغموض في التمويل والدعم -ليس سوى أداة أكثر منه ظاهرة ،أداة ال يمكن أن تش ّكل ورقة ضغط بيد أيّ من الالعبين المختلفين ،وغير القادرين على التوصّل إلى أيّ ح ّل توافقيّ ،بين األمريكان والروس ،كما بين اإليرانيّين وبين األتراك والقطريّين والسعوديّين ،أداة كثيراً ما يكون اللجوء إليها في بعض المعارك والوقائع التي يخوضها ذلك التنظيم ،لمصلحة أحد الالعبين ومعاكسة لمصالح الالعبين اآلخرين. إنّ ما حصل من تم ّدد على مساحة واسعة في العراق وسورية، بعد االستحواذ على كميّات كبيرة ونوعيّات مختلفة من األسلحة والذخائر ،من أسلحة الجيش العراقيّ ،وح ّتى السوريّ ،يش َكل كما هو ظاهر على األرض ،المصادر األساسيّة لتسليح هذا التنظيم ،في حين ال يشير السالح المتد ّفق عبر األراضي التركيّة إلى الداخل السوريّ ،إلاّ إلى كونه تسليحا ً لتشكيالت المعارضة المسلّحة ،الذي يش َكل مصدراً أساس ّيا ً لها ،إلى جانب ما تستطيع السيطرة عليه من قوّ ات النظام ،والذي ال يش ّكل انتقال جزء منه إلى تنظيم «داعش» بمختلف األشكال ،أيّ مصدر مه ّم لتسليحهم؛ كذلك فإنّ ما يجري ومنذ ع ّدة أشهر من توجّ هات دوليّة وإقليميّة ،أمريكيّة وسعوديّة بشكل خاصّ ،للتضييق على الدعم العسكريّ والماليّ المق ّدمين لمعظم فصائل المعارضة المسلّحة ،بهدف التهيئة لخلق قوّ ة عسكريّة للمعارضة المعتدلة ،يش ّكل عامالً آخر من عوامل غياب اعتماد التنظيم على هذا المصدر .كذلك فإنّ تلك السيطرة الممت ّدة من مدينة الموصل إلى مناطق حلب ،لم يكن لها أن تت ّم لوال اعتمادها -ولو ّ جزئ ّيا ً -على الحالة االجتماعيّة المتمثلة بالشكل العشائريّ الس ّنيّ المتطلّع للخالص من الطغيان السلطويّ ،لحكومة بغداد ذات النزعة الشيعيّة التسلطيّة ،ولنظام األسد ذو الصبغة العلويّة ،األمر الذي يفسّر التقلّصات الالحقة لتلك السيطرة في المناطق الكرديّة ،بدءاً من سنجار ،وصوالً إلى عين العرب (كوباني) وكركوك؛ لكنّ ضربات التحالف الدوليّ الشديدة التركيز ،والتي أ ّدت لوقف التم ّدد ،كما أشار الرئيس األمريكيّ ،قد خلّفت فقدان التنظيم للعديد من كوادره للسعي نحو الهروب ،ح ّتى وعناصره ،بل دفعت وتدفع العديد منهم َ بات الحديث عن قيام التنظيم بإعدام بعض عناصره أمراً شبه يوميّ ؛ فيما تش ّكل اإلجراءات الجديدة بعد اعتداءات باريس اإلرهابيّة ،على الح ّد من التحاق المزيد من العناصر الجديدة بالتنظيم ،بعداً آخر من أبعاد التقلّص الجديد. إنّ تلك العوامل ،إضافة إلى غياب المصدر المستمرّ لتد ّفق األسلحة والذخائر ،قد تضع عمليّة التم ّدد في الماضي ،فيما تبقى عمليّة التقلّص المتواصل والزوال مرهونة ،على ما يبدو ،بالمتغيّرات السياسيّة ح ّتى خارج حدود المنطقة ،التي تدفع بالالعبين األساسيّين على الساحة الدوليّة واإلقليميّة ،إلى االستغناء عن خدمات ذلك التنظيم وغيره من التنظيمات المشابهة ،دون الحاجة إلى القيام بمواجهات مباشرة فيما بينهم ،يمكن أن تش ّكل عبئا ً ثقيالً عليهم ،طالما أ ّنه يمكن تحميل األعباء للجانب السوريّ بمفرده ،الذي تحّ ول إلى فريسة حقيقيّة لصراع األقوياء.
لؤي حاج بكري
www.allsyrians.org
قراءة سياسية
العدد 24
3
/4شباط 2015/
أزمة األحزاب السياسّية في سورّية
السياسيّ ،أي أضعف االنتقال للنظام السياسيّ الجديد جاءت بعض الردود على موضوع <<حنو بناء جسور بني القوى السياسيّة يف سورية>> الذي نريده ،وهو عامل الضعف الذاتيّ داخل القوى الذي طرحناه يف العدد السابق من صحيفة «كلّنا سوريّون» طويلة نسبيّاً ،ورأينا أن نستكمل السياسيّة السوريّة ،باإلضافة لعقليّة الهيمنة وإلغاء اآلخر وقصر النظر السائدة عند بعضها؛ وقد تصوّ رت نشر احلوار -كما وعدناكم -مع ك ّل الشكر واالحرتام. بعض القوى السياسيّة أنّ النظام سيسقط خالل أشهر هيئة التحرير على أبعد تقدير ،لذلك كانت تر ّتب أمور استالمها وتفرّ دها بالسلطة ،و أيضا ً هناك قوى لم تستطع أن حسن النيفي /احلزب الوط ّ ين للعدالة والدستور (وعد) لنظام األسد ،بل ما ق ّدمته المعارضة السوريّة من يقود الحركة الوطنيّة غيرها ،أو يشاركها في قيادة يكتنف مفهوم (الحزب) في الوسط االجتماعيّ تضحيات – وخاصّة المعارضة اإلسالميّة – (شهداء الحركة الوطنيّة ،ففجّ رت التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ السوريّ المزيد من الضبابيّة والريبة في الفهم ،ولع ّل – معتقلون – مهجّ رون) نكاد ال نجد لها مثيالً في أيّ في انتخابات عجيبة ،ث ّم دفعت األم��ور لصراعات مر ّد ذلك إلى انعدام الثقافة الحزبيّة لدى السوريّين طيلة بلد عربيّ في تلك الفترة الزمنيّة ،ولكن على الرغم منهكة داخل المجلس الوطنيّ ،ث ّم دفعت األمور نحو نصف قرن ،وذلك نتيجة تصحّ ر الحياة السياسيّة جرّ اء من ك ّل ذلك فإنّ المعارضة السوريّة وأعني (األحزاب أشكال من الصراع أكثر خطورة داخل االئتالف الحكم االستبداديّ الذي مورس ّ بحق السوريّين. السياسيّة بك ّل توجّ هاتها) لم تستطع تجاوز النظام الحاكم الوطنيّ ،ممّا أنهكه و أخرجه من معادلة الصراع. ولم تستطع األحزاب السياسيّة السوريّة التقليديّة – أو نظام البعث من حيث آليّات التفكير والمنهج في والغريب ،أنّ األحزاب والتجمّعات التي حافظت بحكم واقعها المأزوم – أن تسهم في تجسيد قناعة لدى العمل الذي ينعكس على الممارسات والسلوك انعكاسا ً على تماسكها وتجمّعها في عهد األسد ،سرعان ما الناس مغايرة للقناعة المستقرّ ة في أذهانهم ،ذلك أنّ مباشراً ،ودليل ذلك أنّ ك ّل األحزاب في سوريّة هي ّ تمزقت وانقسمت عند انطالق الثورة ،أي عندما قط ثمرات نشاط حزبيّ ملموس عاجزة اآلن عن إنتاج مشروع سياسيّ ّ السوريّين لم يحصدوا ّ يمثل مصالح كانت سورية بحاجة إليها ،منها -على سبيل المثال في سوريّة ال قبل الثورة وال بعد انطالقتها ،ويعود السوريّين ،كما هي عاجزة من إحراز حضور فعّال في ال الحصر -حزب اال ّتحاد االشتراكيّ الديمقراطيّ ذلك إلى النهج الذي مارسته األحزاب في تواصلها مع الثورة السوريّة. وحزب العمل الشيوعيّ وحزب الشعب الديمقراطيّ ؛ الناس والتعامل مع قضاياهم ،وال نستغرب اإلفالس وأ ّيا ً كان الشأن فإنّ إعادة االعتبار للحياة الحزبيّة رغم أنّ انقسام بعضها كان موضوع ّياً ،فقد التزمت الذي مُنيت به اإليديولوجيّات التقليديّة بك ّل أصنافها ،في سوريّة ،والشروع في تشكيل األحزاب السياسيّة ،أقسام منها بالثورة ،بينما رأت أقسام أخرى أ ّنها ثورة وذلك إبّان انفجار ثورات الربيع العربيّ الذي أثبتت هو أمر ال ب ّد منه لتدشين حياة سياسيّة في سوريّة دينيّة سلفيّة ،يجب الوقوف مع النظام لضرب اإلرهاب ّ كشوفاته الثقافيّة أنّ هواجس المواطن السوريّ وهمومه المستقبل ،إلاّ أنه من جهة أخرى أرى أ ّنه الب ّد أليّ والتطرّ ف ،فتحوّ ل بعض هذه األحزاب إلى أحزاب ومعاناته لم تكن بمنأى عن اهتمام السلطة الحاكمة مشروع حزبيّ مستقبليّ من أن يكون موسوما ً بما يلي :مجرمة قاتلة مثل القسم المتعاون مع السلطة بحزب فحسب ،بل بمنأى عن األحزاب التي كانت تص ّنف في – 1القدرة على تحويل المضامين اإليديولوجيّة القوميّين السوريّين االجتماعيّين. إلى مشاريع تخدم الواقع االجتماعيّ ،وتلبّي حاجات صفوف المعارضة أيضاً. لذلك ،نستطيع أن نقول :إنّ الثورة هي فرن صهر ولم تتم ّكن أحزاب المعارضة السوريّة من جعل الناس المعيشيّة. هذه األح��زاب ،ويعيد إنتاجها بشكل أفضل لتصبح برامجها وشعاراتها السياسيّة برامج حياتيّة تستم ّد – 2مرونة الذات الحزبيّة وقابليّتها للعمل واالندماج قادرة على تغيير مساراتها ورؤيتها للمجتمع ،لتكون ّ مضمونها من حياة الناس ونشاطهم االجتماعيّ ،بل في التكوينات السياسيّة الكبرى (تيّار – تكتل – تجمّع) .جزءاً منه وليست مهيمنة على أحد؛ ورغم أنّ مرحلة – 3القناعة الفعليّة بأن يكون الشعب مصدر إعادة بناء هذه األحزاب مكلفة سياس ّيا ً وبشر ّيا ً ووطن ّيا ً ظلّت في أغلب األحيان تدفع ثمن معارضتها للسلطة دون أن تتم ّكن من تقديم البدائل األفضل. السلطة ،األمر الذي يعني القناعة بمفهوم الدولة المدنيّة وإنسان ّياً ،إلاّ أ ّنها الطريق الذي سارت عليه األمور. وممّا زاد األمر تعقيداً وخطورة ظهور التيّارات الديمقراطيّة. إنّ المؤ ّ شرات الحاليّة تؤ ّكد على وجود بداية ظواهر ما يمكن قوله في األزمة الحزبيّة في سوريّة مه ّم تب ّ الراديكاليّة في اإلسالم السياسيّ التي ساهمت باستنزاف شر بعودة عالقات تعاون حزبيّة على أُسس تعاون ً الثورة السوريّة وانحراف مسارها ،وكان من مفرزات ج ّدا ،ومن غير اإلنصاف اختزاله بمقالة ال تتجاوز ن ّديّة ،وتهيئ إلعادة اللحمة بين التيّارات الحزبيّة التي هذه التيّارات ظهور المجموعات المسلّحة المتطرّ فة ( )300كلمة ،ولكن نأمل أن يكون ذلك حافزاً لدراسات تنطلق من فكر واحد ،ونرجو ونعمل ألاّ تطول هذه التي أعادت إنتاج االستبداد والقمع وممارسة الظلم أكثر شموليّة وتفصيالً. المرحلة. األحزاب وإعادة البناء بأسوأ تجلّياته. اخلروج من الفوضى والعدميّة منصور األتاسي /مبادرة الشيوعيّني السوريّني ثمّة اعتقاد على نطاق واسع بأنّ أزمة األحزاب هيثم خوري /حزب اجلمهوريّة ومنع حظر على ّون ي االنقالب عمل طويلة عقود منذ السياسيّة في سوريّة إ ّنما تكمن في ماهيّتها اإليديولوجيّة لكي نجيب عن آليّات تعاطينا مع الواقع السوريّ ، أو السياسيّة ،فضالً عن قدرتها على التم ّدد واالنتشار العمل السياسيّ في الوطن العربيّ بشكل عام ،وفي علينا أوّ الً توصيفه .الواقع السوريّ مؤلم ج ّداً بسبب وإقناع الناس بمشروعيّة وجودها ،ولكن – فيما أعتقد بالدنا سورية بشكل خاصّ ؛ وهكذا استقرّ ت األنظمة الدمار والقتل الناجم عن آالت القتل الهمجّ ية .األمم – أنّ المشكلة الحزبيّة هي من اإلشكاليّات المزمنة في السياسيّة منذ سبعينيّات القرن الماضي ،واستقرّ شكل الم ّتحدة تصف األزمة اإلنسانيّة السوريّة بأ ّنها أكبر الواقع السوريّ ،كما أنّ هذه المشكلة تشمل األحزاب من العالقة بين الغرب وشركاته من جهة ،وبين الح ّكام أزمة إنسانيّة منذ الحرب العالميّة الثانية .المشكلة جميعها منذ عهد االستقالل وح ّتى اللحظة الراهنة ،العرب من جهة أخ��رى ،فقد سمح الح ّكام العرب األساسيّة هي غياب الحلّ ،فال الحسم العسكريّ ممكن وتتجلّى من خالل السمات التالية: للشركات الغربيّة بسرقة الثروات العربيّة وخصوصا ً في المدى القصير ،في ظ ّل معطيات توازن القوى –1االنشغال باإليديولوجيا ،والسعي الحثيث إلى النفط والسيطرة على األس��واق النشطة ،أيّ أسواق الحاليّ ،وال الح ّل السياسيّ واقع ّيا ً يبدو قريباً ،فالنظام إيجاد مبرّ ر إيديولوجيّ لوجود الحزب ،وذلك بدالً الخليج بصورة خاصّة مقابل السماح للح ّكام العرب مازال يعيش في أوهام الح ّل العسكريّ ،والمعارضة من االهتمام بالبرنامج الحزبيّ الذي ينبغي أن يتجسّد بنهب الشعب ،وشيئا ً فشيئا ً أصبح الح ّكام العرب من متشرذمة تائهة في خالفاتها الصغيرة. على أرض الواقع ،وهذا يعني أنّ العقيدة الحزبيّة هي أثرياء العالم ،مثالً عندما مات باسل األسد ابن حافظ، لألسف ،المعارضة اليوم هي جزء من المشكلة مصدر شرعيّة الحزب وليست الوظيفة االجتماعيّة تبيّن أنّ ثروته 12مليار دوالر وراتبه ال يتجاوز 500وليست جزءاً من الحلّ .كان أمامها في شهر تمّوز دوالر شهر ّياً! التي يقتضيها الواقع االجتماعيّ لحياة الناس. 2012فرصة جي ّدة لتكون جزءاً من الحلّ ،ولتضع ُ قلت ت اع ّة ي العرب البلدان ل ك في كما سورية، في ّ -2االستغراق الكامل في الشأن السياسيّ لألمّة، اللبنات األولى أمام رسم صورة سورية المستقبل، واالهتمام البالغ بتصدير الخطابات والبيانات التي تلبّي السياسة ودخل عشرات األلوف السجون منذ سبعينيّات ولك ّنها لألسف فرّ طت بها في مؤتمر المعارضة الذي – في معظم األحيان – حاجة نفسيّة لألنا المهزومة القرن الماضي خصوصاً ،ورغ��م أنّ «اإلخ��وان عُقد في ذلك الحين ،عُرض عليها تبّني بيان جنيف،1 بالدرجة األول��ى ،وخاصّة لدى األح��زاب القوميّة ،المسلمون» هم من قادوا التحرّ كات المسلّحة ،إلاّ أنّ ولكنّ المؤتمرين رفضوا في النهاية ،بالرغم من أنّ وذلك أكثر من االهتمام بحاجات الناس االجتماعيّة حافظ األسد استغ ّل الوضع ليز ّج بكا ّفة المعارضين النظام كان في أضعف حاالته في ذلك الحين ،وكان واالقتصاديّة وغيرها. السياسيّين في السجون .وهكذا فقد انتهى الصراع مستع ّداً للتفاوض ،ولم يكن قد أسلم أمره كلّيّة إليران، -3اال ّدعاء بتمثيل جميع الجماهير ،دون االلتفات واالصطفاف على أساس سياسيّ ،وألنّ اإلنسان كائن ك ّل هذا أظهر للمجتمع الدوليّ أنّ المعارضة السوريّة إلى التباين االجتماعيّ والفكريّ بين شرائح المجتمع .اجتماعيّ أي يعيش ضمن جماعات فقد تق ّدمت – غير ناضجة ،وال تدرك الداخليّة واإلقليميّة والتوازنات -4ع��دم ق��درة ه��ذه األح���زاب على إع��ادة إنتاج وبتشجيع من النظام ،وبسبب شكل تركيبة النظام – الدوليّة ،باإلضافة لهذا ،خرج ذلك المؤتمر بوثيقتين، مضامينها اإليديولوجيّة وذلك وفقا ً لتغيّر الظروف ذهنيّة الصراع الما قبل سياسيّ ،أي صراعات طائفيّة وثيقة «العهد الوطنيّ » ووثيقة «الرؤية السياسيّة واألحوال ،األمر الذي جعل األفكار الحزبيّة أقرب إلى ومذهبيّة ودينيّة وقوميّة وقبائليّة ومناطقيّة ،إل ّخ .هذه لمالمح المرحلة االنتقاليّة» ولكن لألسف فرّ طت قوى أيقونات ذات وظيفة تزينيّة غير قادرة على مقاربة الصراعات لن تنتج سوى حروب قاسية ج ّداً تف ّكك المعارضة بهما ،ممّا ساهم في ضياع بوصلة الثورة، الواقع االجتماعيّ . الوطن وتلغي االنتماء الوطنيّ لصالح االنتماء الما وفتح الباب أمام ظهور تنظيمات عسكريّة ذات توجّ هات -5نموّ لوثة االستبداد في الممارسة السياسيّة بسبب قبل وطنيّ ،وهذا ما نالحظه في سورية ،لذلك فإنّ دينيّة ،ال تضع الهويّة الوطنيّة السوريّة الجامعة أساسا ً االعتقاد باحتكار الحقيقة ،ونفي أيّ شرعيّة لوجود مهمّة بناء الديمقراطيّة تت ّم عن طريق تقوية الوحدة لمشروعها. الوطنيّة بين س ّكان سورية ،وهذا يتطلّب إعادة صياغة اآلخر. زد على ذلك ،أنّ عدم التزام بعض األطراف بلجنة قاتلة صراعات من تحويلها أي سورية، في الصراعات -6الضحالة الفكريّة والثقافيّة في معظم المكوّ نات المتابعة التي انبثقت عن ذلك المؤتمر ،وتمييعها عمداً، ك بين أطراف المعارضة ،واألنكى من الحزبيّة ،واعتماد األحزاب السياسيّة على البرامج مدمّرة مجرمة ،إلى صراعات سياسيّة تخدم تطوّ ر عمّق حالة الش ّ الثقافيّة التي ّ تعزز قناعاتها بسالمة وصحّ ة ما تعتقده بالدنا وتنتقل إلى حالة جديدة هي الصراعات السياسيّة هذا كلّه أنّ بعض أطراف المعارضة ارتهنت قراراتها فقط ،األمر الذي يؤ ّدي إلى تكلّس وتنميط العقل الحزبيّ التي تتصارع فيها القوى السياسيّة على برامج تهدف وتوجّ هاتها لدول عربيّة أو إقليميّة ،ممّا أفقد المعارضة إلى تطوير سورية. وجعله ال يرى إلاّ من ثقب مح ّدد. استقالليّة القرار الوطنيّ . من هنا ،ن��رى أنّ الصراعات واالصطفافات -7افتقار معظم األحزاب إلى رصيد نظريّ فكريّ ، إذاً كيف نخرج من هذه الفوضى والعدميّة؟ للخروج حيث ال تحفل أدبيّات األحزاب على بحوث ودراسات السياسيّة المدنيّة السوريّة هي لصالح سورية الجديدة من حالة التوهان هذه ال ب ّد من: تتجاوز فترة كتابتها ،واالكتفاء بالمنتج الصحفيّ التي نسعى إليها -كما ذكرت -وهذه مهمّة سياسيّة .1إعادة بناء الثقة بين أطراف المعارضة ،عبر االستهالكيّ . وتثقيفيّة وتوعويّة تهدف إلى إعادة صياغة الصراعات تشجيع االتصاالت واللقاءات الثنائيّة فيما بينها. ولع ّل هذه العوامل مجتمعة ،يضاف إليها ما كانت التي قتلها نظام األسد بهدف استقرار حكمه ونهبه، .2إقامة ح��وار مستمرّ وتدريجيّ بين القوى تمارسه السلطات االستبداديّة ،وخاصّة نظام األسد أقول ذلك ألستنتج أنّ النظام هو المسؤول أوّ الً عن المعارضة بعيداً عن المحاور اإلقليمّية والدوليّة ،بهدف على امتداد أربعة عقود من الزمن ،قد أ ّدت كلّها إلى إضعاف القوى السياسيّة وتمزيقها وتدميرها. بناء رؤية سياسيّة متكاملة لحاضر ومستقبل سورية. وعندما انفجرت الثورة السورية ،فجّ رها وأطلقها حالة من التصحّ ر السياسيّ ،وانعدام إرث سياسيّ يمكن .3عقد مؤتمر وطنيّ جامع بعد إنضاج جهود ّ أن يكون صالحا ً للتأسيس عليه. الشباب بغياب الحركة الوطنيّة الممزقة ،لذلك استقرّ ت إعادة الثقة وبناء الرؤية السياسيّة للخروج بـ: ولع ّل ما هو مؤلم ح ّقاً ،أنّ األحزاب المعارضة الصراعات التي أنتجها النظام. أ .وثيقة رؤية سياسيّة مرحليّة تتضمّن تصوّ راً في سوريّة والتي ق ّدمت تضحيات هائلة في مواجهتها وهناك سبب آخر أضعف التحوّ ل إلى النشاط دقيقا ً حول المرحلة االنتقاليّة ،ومن بينها ثوابت أليّ
newspaper@allsyrians.org
عمليّة تفاوضيّة مع النظام. ب .ميثاق وطنيّ يرسم صورة لسورية المستقبل، ً وماهيّة بنية نظام الحكم فيها ،يكون أساسا للدستور السوريّ اآلتي. ت .تأليف هيئة مهمّتها التنسيق بين أطراف المعارضة وتدير عملها السياسيّ المشترك. املهمّة الصعبة حممّد قنطار /ائتالف شباب الثورة يف سورية إنّ ظهور التشكيالت السياسيّة في أيّ مجتمع ،هي حالة صحّ يّة ،وهي تنبثق من حاجة هذا المجتمع للبحث عن آليّات لتطويره بمختلف جوانب حياته االجتماعيّة والمعيشيّة والفكريّة من خالل طرح رؤى وتصوّ رات سياسيّة نابعة من احتياجات ذلك المجتمع وتطلّعاته نحو حياة أكثر نموّ اً. ولكن ما شهدته الثورة من ظهور (تفريخ) للمئات من البُنى الهالميّة مدن ّيا ً وسياس ّيا ً وعسكر ّياً ،والتي تشهد هشاشة في بنيتها الداخليّة وصراعات مستمرّ ة فيما بينها ،وتحوّ الت كبيرة وجذريّة في المواقف والتوجّ هات واالصطفاف كان حصيلة ألسباب كثيرة غاية في التعقيد وأهمّها: بُعد الشعب السوريّ ألكثر من أربعين عاما ًعن ممارسة العمل السياسيّ ،أو ح ّتى العمل المدنيّ في ّ منظمات المجتمع المدنيّ وحياته في مجتمع ما قبل أهليّ ،خاضع لحزب واحد ،وحاكم واحد ،وقلّة قليلة ج ّداً متح ّكمة بك ّل مفاصل القرار في البلد. الشرخ االجتماعيّ الهائل الذي خلّفه النظامّ والمتمثل في في سورية بين مختلف أطياف المجتمع، حالة عدم ثقة عمياء بين أفراد هذا المجتمع ،نتيجة لقبضة أمنيّة واستخباراتيّة تغلغلت في ّ أدق تفاصيل حياة المواطن السوريّ ،وال��ذي لم يعد ق��ادراً على التفاعل مع محيطه بشكل إيجابيّ وبسهولة ،وخصوصا ً خالل الثورة السوريّة. باإلضافة للموقع «الجيوسياسيّ » الغاية فيّ محط التعقيد ،والتي تتم ّتع به سورية ،والذي يش ّكل أنظار الدول العظمى ،نتيجة لتشابك مصالحها في منطقة الشرق األوسط عموماً ،األمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان ،االستقالل بالقرار السياسيّ أليّ كيان سياسيّ ناشئ ،وخصوصا ً في ظ ّل ضعف شديد في اإلمكانيّات والخبرات السابقة لنشوء هكذا كيانات، باإلضافة لظروف غاية في الصعوبة ،من قصف ودمار هائل ،وانعدام أبسط سُبل التواصل. الصراعات المستمرّ ة بين هذه الكانتونات،والقائمة على أسس سياسيّة ومصلحيّة ماديّة ومكتسبات ضيّقة أخرى. ه��ذه العوامل ساهمت وبشكل فعّال في ت��ذرّ ر قوى الثورة السوريّة بك ّل أشكالها المدنيّة والسياسيّة والعسكريّة ،وجعلتها تدور في فضاءات مفرغة خالية من أيّ هدف واضح ،أو رؤية سياسيّة وطنيّة جامعة. كما أنّ ظهور القاعدة والقوى التي تتشارك معها في نفس النهج والتطرّ ف في سورية ،وتعاظم نموّ ها، ّ وعطل أعاق وبشكل فائق تطوّ ر تلك البُنى السياسيّة، أدواتها على األرض بشكل كبير لدرجة االستحالة، نتيجة لتمترسها خلف خطاب دينيّ متزمّت ومقيت ّ يمت لإلسالم أو ألّي دين آخر بأيّة صلة ومتخلّف ،ال مطلقاً ،ولجوئها لالختطاف أو االغتيال لعدد كبير من قادة الثورة ورموزها ونشطائها وعلى نطاق واسع، ما دفع بقسم كبير من هؤالء إلى طلب الهجرة في مختلف دول اللجوء ،األمر الذي أ ّدى لتفريغ الساحة السوريّة بصورة كبيرة من تلك الشخصيّات ،والتي كان من الممكن أن تطرح رؤى ومشاريع وطنيّة يمكن البناء عليها وتطويرها لترقى ألهداف الثورة السوريّة وتطلّعاتها. هذه العوامل مجتمعة هيّأت المناخ المالئم لتنامي قوى الظالم وأمراء الحرب ،الذين ليس لديهم أيّة خلفيّة ثقافيّة أو دينيّة أو أخالقيّة. ولذلك ،فإنّ عمليّة تجميع القوى الوطنيّة المؤمنة بأهداف الثورة السوريّة في الحرّ يّة والكرامة والعيش المشترك ،أصبح مهمّة صعبة للغاية ،وهو بحاجة إلرادة حقيقيّة وخصوصا ً من القوى السياسيّة والمدنيّة والعسكريّة الكبرى التي أفرزتها الثورة السوريّة، ّ ومكثف بين تلك ويبدأ بم ّد جسور التواصل بشكل فعّال القوى من خالل طرح مشروع وطنيّ جامع ،يبتعد عن الدخول في حالة االنتماءات المذهبيّة الضيّقة ،ويالمس واقع وهموم الشعب السورّ ي وتطلّعاته بالخالص من النظام ،ومن ك ّل قوى الظالم التي تحاول استعباده، وخصوصا ً بعد االنهيار شبه الكامل للبُنى التحتيّة للدولة وعلى رأسها الجيش ،وبعد سيطرة أمراء الحرب والعصابات بمختلف توجّ هاتهم الدينيّة والفكريّة على مساحات واسعة على األرض ،وامتالكهم لقوّ ة عسكريّة ال يُستهان بها ،وبظ ّل وجود ذلك الخطاب الدينيّ الذي يسعى إلعادة سورية عشرات السنين إلى الخلف ،خدمة لمصالح دوليّة وإقليميّة.
www.allsyrians.org
4
العدد 24
/4شباط 2015/
أحوال
ّ المنظمات اإلغاثّية السورّية وسُبل المأسسة 2/1 بين الواقع ُ
صحيفة «كلّنا سوريّون» وضمن خ ّطتها بطرح قضايا الشأن العامّ اليت ته ّم الشعب السور ّي ،عقدت بتاريخ 27كانون الثاني ،طاولة مستديرة ،ناقشت فيه موضوع «واقع العمل اإلغاث ّي يف سورية». اعتمدت هيئة التحرير على نقطتني أساسيّتني لتطرح سؤاهلا: حمور :1تظهر فجأة بعض املن ّظمات اإلغاثيّة وتبدأ حبمالت دعائيّة ،جتمع من خالهلا مواداً وأمواالً يف ظرف معينّ (العاصفة الثلجيّة) ،ث ّم ختتفي املن ّظمة مبا أخذت كما ظهرت. حمور :2تستخدم بعض القوى السياسيّة اإلغاثة ألغراض انتخابيّة ،أو شراء والءات أو غري ذلك ،وتستغ ّل احملتاجني لصاحل أجنداتها اخلا ّصة. السؤال :ما هي األليّات اليت ميكن من خالهلا ضبط العمل اإلغاث ّي ومنع االحتيال أو االستغالل؟؟ الصحيفة تشكر مجيع املن ّظمات واألفراد الذين جتاوبوا مع الدعوة ،وحضروا ملناقشة املوضوع والبحث يف تفاصيله، بقلوب مفتوحة ونيّة صادقة باحلوار اجلادّ والفعّال ،وألهمّيّة املوضوع املطروح والنقاشات اليت دارت حوله ننشر يف هذا العدد القسم األوّل منه ،على أن نستكمل نشر املوضوع يف العدد القادم؛ وتذكّر هيئة التحرير بأ ّن صفحات الصحيفة مفتوحة لك ّل من يريد أن يستكمل النقاش يف هذه القضيّة اهلامّة أو غريها. هيئة التحرير ّ منظمة مرام – يقظان الشيشكلي: رغم أه ّميّة الورقة المق ّدمة ،أرجو أن تتقبّلوا انتقاداً ّ بمنظمات أوّ ليا ً حول صياغة السؤال ،فنحن لم نسمع اختفت ،وبرأيي الطرح هنا غير عادل ،أل ّنه مسيء نوعا ً ما ،ولذلك يجب أن نكون واثقين بالجماعات التي يت ّم التبرّ ع لها ،لذا أتم ّنى تغيير صيغة السؤال بحيث تنتفي منها صيغة اال ّتهام. عبدهللا حكواتي قاطعه باقتراح بالورقة :ألنّ من ّ المنظمات. يظهر ويختفي هي الحمالت وليست السوري العا ّم -مح ّمد عيدو: اال ّتحاد ّ أ ّتفق مع طرح األستاذ يقظان ،ويوجد نوع من عدم العدل ،أمّا التساؤل فهو األه ّم ،وخاصّة بش ّقه األوّ ل، ما هي اآلليّات التي يمكن من خاللها ضبط العمل اإلغاثيّ ،وأنا أ ّتفق معها مائة بالمائة ،وأقف عند هذه النقطة أل ّنها أه ّم من منع االحتيال واالستغالل، وبها ح ّل للمشاكل ومن ضمنها االزدواجيّة ،وهناك مخيّمات أو مناطق تصل إليها اإلغاثة بشكل كبير ومناطق أخرى ال تأخذ شيء ،وقد يكون ذلك له عالقة بالحالة السياسيّة والوالءات ،وأنّ ضبط العمل اإلغاثيّ وتطويره هو األه ّم .طبعاً ،يوجد هناك آليّات للعمل ولكن نحن ال نأخذ بها .وأعيد ألش ّدد على ما قاله السيّد ّ منظمات ظهرت يقظان ،وأنا ال أعرف أمثلة عن واختفت في الفترة الزمنيّة للعاصفة الثلجيّة رغم أ ّننا نبحث عن الحاالت الصفراء ،ولدينا كا ّتحاد ،أو كلّنا ّ التحزبيّة وخاصّة في مدينة حلب ،أمّا يعرف عن الحالة الجنوب فال علم لي بذلك ،ورغم علمنا أيضا ً بها ،نحن كا ّتحاد ال يمكننا التكلّم بها ونحبّ تجاوزها ،ولذلك أنا أؤ ّكد على التساؤل عن تطوير آليّات العمل اإلغاثيّ ، أمّا عبارة «لمنع النصب واالحتيال» فنحن باإلغاثة نقلّل من كلمة فساد ونتب ّنى كلمة هدر ،أل ّننا كجمعيّة أو ّ منظمة أو ،..ال نقول إنّ الجميع فاسدون ،أي نحن فقط، جيّدون رغم أنّ ك ّل الجمعيّات تقول ذلك ،وبما أ ّننا نعمل باإلغاثة ،محكوم علينا مسبقا ً أ ّننا نعمل باألصفر. مدني مستقلّ: وائل أبو كويت -ناشط مجتمع ّ أريد أن أوضّح نقطة مهمّة ،إنّ عبارة ظهور بعض ّ المنظمات واختفائها هي عبارة خاطئة ،وليس لها عالقة بموضوع العاصفة الثلجيّة ،ويجب أن نفرّ ق بين عمل ّ المنظمات وعمل الحمالت التي يقوم بها الناشطون في حاالت العواصف والكوارث ،وهذه الحمالت أغلب الداعين لها هم ناشطون مستقلّون ،وأنا أسمّيها شخص ّيا ً «حمالت إرضاء الضمير» وهنا تصبح اإلشكاليّات أل ّننا ال نعلم أين تذهب ،وما هي آليّة التوزيع؟ وهذا ّ ّ فالمنظمة تقوم المنظمات، األمر يختلف كل ّيا ً عن عمل بحمالت دوريّة ليس فقط في حالة األزمات ،ولكن في حالة العاصفة الثلجيّة فهي تأخذ صدى أكبر بسبب تعاطف الناس معها. ّ المنظمة فجأة ،فهذا خطأ ألنّ من أمّا موضوع اختفاء يختفي هي الحمالت ،ألنّ من يقوم بها بحالة عشوائيّة فوضويّة إلرضاء الضمير وال نعلم آليّات العمل بها، ّ والمنظمة ال تختفي إلاّ ألسباب معيّنة ،فإنْ أعدنا ترتيب ّ المنظمات ،فهي باألساس كانت عبارة عن أفراد ظهور في الداخل قاموا بتوزيع «ربطة خبز» أعجبهم األمر، ث ّم كبرت هذه الظاهرة وأصبحت جمعيّة ،ث ّم ذهبت ّ المنظمات، هذه «الموضة» وحلّت مكانها «موضة» ولم تستطع العمل في المجال المؤسّساتيّ فتو ّقف الدعم
newspaper@allsyrians.org
عنها فانهارت ،وهناك فرق بين االنهيار واالختفاء، ونحن اآلن وصلنا إلى مرحلة ،أنّ الجهات الداعمة بشكل عا ّم ،والمتبرعين ،لم تعد تعطي أليّة جهة إلاّ إن كان لديها حساب بنكيّ وهيكليّة ونظام داخليّ ليت ّم التبرّ ع لها ،وأيضا ً السمعة الجيّدة .والجمعيّات السابقة انهارت ،أي ال يوجد هنا سرقة ،بل ،هي عبارة عن سوء تنسيق وحالة فوضويّة ،وفي الفترة األخيرة قامت حملة هنا في غازي عنتاب من قبل مجموعة من الشباب ،وهي حملة كبيرة ورغم ذلك ال نعلم أين ذهبت المواد ،فهم ّ وزعوا وصوّ روا وانتهى األمر هذا ّ المنظمات ولكن هو الفرق ،وأقول هناك أخطاء من ليست بموضوع السرقة واالختفاء. عبد الرحمن كحيل -مجلس محافظة حلب: ّ للمنظمات في الوضع الراهن يختلف عمّا بالنسبة كان في السابق ،فكانت أيّة جهة أو أيّ شخص يضع إعالن على موقع التواصل االجتماعيّ «فيسبوك» ّ منظمة ،نجد أنّ الناس تبدأ بالتعامل معه، ويعلن أ ّنه أمّا في الوقت الراهن فأصبح األمر يحتاج إلى هيكليّة ّ ّ المنظمات، المنظمات الدوليّة تتعامل مع هذه وأصبحت وأصبح من الصعب ظهور ّ منظمات واختفاؤها ،لذلك أ ّتفق مع ما قاله البعض :بأنّ هذه الحاالت تحتاج إلى مثال عنها ،وما هي األمثلة التي تمّت في ظ ّل األزمة (أوضح منسق الجلسة أنّ عبارة العاصفة الثلجيّة. َ الثلج ّية هي مثال ال ُيقصد بذاته ،بل هي تع ّبر عن األزمات) تابع «كحيل» إنّ أغلبيّة األعمال التي تظهر ّ منظمات وحسب علمي ال أذكر هي حمالت وليست ّ منظمات ظهرت واختفت ،والتي ظهرت واختفت. أشخاص انتقلوا إلى ّ منظمات أخرى. «ربيع السبكي» أحد الناشطين الفوضو ّيين الذين شاركوا في الحملة األخيرة: الحملة التي عملنا بها نتيجة األخبار التي وردتنا من المخيّمات واألستاذ وائل أبو كويت كان في نفس المجموعة التي أرسلت لنا النداءات ،والحملة ليس لها اسم وهذا هو سبب نجاحها ،وإضافة لذلك أيضا ً كان بها شفافيّة كاملة فك ّل شخص دفع مبلغ ولو كان بسيطا ً كان يذكر اسمه كي ال يقول أحدهم :أين ذهبت المبالغ؟ وا ُّتهمنا أ ّننا نقوم بالدعاية لمن تبرّ عوا .نحن خرجنا نخوة كما قال البعض ،ولكن منذ ثالث سنوات ونحن نتكلّم عن المخيّمات من أجل فرش األرضيّة ،إلى اآلن لم يسأل أحد عن هذا األمر ،وقد ذهبنا إلى الحكومة أكثر من مرّ تين لطرح موضوع المخيّمات ،ولم يت ّم أيّ ر ّد أو تفاعل ،لماذا اآلن؟ من أجل الدعاية والظهور؟ يجب االهتمام بالمخيّمات التي ليست عبارة عن توزيع سلّة إغاثيّة لقد علّمناهم الكسل ،وهناك أكثر من ثالثة آالف رجل فاغر الف ّم ينتظرون اإلغاثةّ ، فالطين في تلك المخيّمات يصل إلى الساق ،لماذا هذا التقصير؟ وهناك ّ منظمات ال عمل لها إلاّ التصوير مع األطفال من أجل ّ الموزع ،أو من أجل جلب الدعم .نحن إظهار منتجها كناشطين ُ طلب م ّنا التوثيق وأعطينا التوثيق للجهة التي طلبته ،ولكن ليس للنشر ،فقط للتوثيق. مدني ،مشارك في الحملة: فؤاد حلاّ ق -ناشط ّ كما ذكر ربيع ،ت ّم توثيق الحملة ،ولكن فقط للمانح وبالنسبة لنا كناشطين نحن ض ّد توزيع األموال والسّلل فقط من أجل الدعاية والتشهير بالناس عبر الصور. والحملة التي قمنا بها ّ غطت ما يقارب %70من مدينة
حلب (بالنسبة ألدوات التدفئة) وهذا األمر لم يقم به ال مجلس مدينة أو محافظة وال ّ منظمة وال ح ّتى الحكومة، وهي كحركة ا ّتهمت بالفوضويّة ،رغم أ ّنها نسّقت مع المجالس المحلّيّة في المناطق المنسيّة مثل الميسر والجزماتي ،وعندما وصلنا إلى هناك فوجئنا بحجم الكارثة ،وهم أيضا ً تفاجؤوا بنا ،ألنّ هذه المناطق ال ّ منظمات أو مجلس تصل إليها موا ّد إغاثيّة من أيّ ّ المنظمات المدينة أو المحافظة .وما قمنا به لم تقم به التي تصل فقط إلى المعابر الحدوديّة والمخيّمات القريبة للقيام بالتصوير الفوتوغرافيّ والنشر عبر صفحاتهم، ّ المنظمات هو أن تتواصل مع المجالس وما أعرفه عن وكذلك الحكومة من أجل قيام مشاريع تنمويّة وليس سلّة إغاثيّة .نحن كنشطاء استطعنا أن نؤمّن لهم «مدفأة وثياب شتويّة» وكذلك سلل غذائيّة في بعض المناطق، ّ المنظمات يجب أن تعمل للمستقبل. أمّا وأؤك��د أنّ الحملة توجّ هت إلى المخيّمات ،وعند التوزيع كان هناك أشخاص من المخيّم ،فإن ضحكت لهم المرأة فيعطيها ثالث أغطية أو ما يزيد عن حاجتها، وإن لم تفعل ذلك فحصّتها غطاء واحد ،يجب أن نتكلّم عن هذه األمور ،هناك عصابات ،يقرّ رون التوزيع من عدمه .وعندما سألتهم لماذا ال تعملون؟ رغم وجود ما يقارب ثالثة آالف رجل ،ال أطالبهم بالعمل في الثورة ،بل العمل في المدن التركيّة ،كان جوابهم :نحن رشاوى نجاهد مع نسائنا .علّق «ربيع» :لقد دفعنا َ من أجل إدخال الموا ّد التي ت ّم تأمينها إلى الداخل وإلى المخيّمات ،وهناك جمعيّات حاولت أن تفرض علينا وضع اسمها مقابل إدخال المساعدات عبر الحدود. وأ ّكد فؤاد بأنّ شرط مساعدتنا هو وضع اسم الجمعيّة «يريدون الظهور على أكتافنا» قاطع األستاذ وائل ُ اقترحت على األصدقاء المساعدة ،وموضوع بقوله: المخيّمات نقاش طويل ،وهناك قصص يشيب لها الرأس ،أمّا موضوع إدخال المساعدات عبر المعبر ال يمكن أن يت ّم إلاّ عبر الهالل التركيّ أو ّ منظمة معترف بها في تركيّا ومسجّ لة ،ولكن التوزيع سيكون باسمك ّ للمنظمة بذلك. وال عالقة مأمون عثمان ّ - مسرات: منظمة ّ ّ يحق للجميع النشاط باسم بما يخصّ المحور األوّ ل النخوة والغيرة على الوطن ،وبدل أن أطرح موضوع خرجت ،أو ّ ْ ْ انتهت ،أبحث عن حرصهم منظمة حملة على أبناء البلد ،وأتم ّنى أن تكبر وأن تر ّتب بطريقة ّ ّ ّ كمنظمة المنظمات ،ونحن منظمة أو تنض ّم إلحدى تعبنا مع المانحين ،فهم ال يتعاملون مع األمور بشكل ف��وريّ إلاّ عند األزم��ة ،وحاولنا قبل الشتاء تأمين االحتياجات ،ولكنّ المانحين لم يتجاوبوا ،وهذا ليس ّ المنظمات بقدر ما هو تقصير من المانحين، تقصير من وأريد أن أتكلّم بموضوع التوثيق والصور ،أنا مع ألاّ يصوّ ر أحد وينشر ،ونحن كمؤسّسة نعمل منذ سنتين ونصف في الداخل ،وحال ّيا ً في الريف ،أي بدأنا بتوسيع عملنا ،ونرى أ ّنه ال أخالق ّيا ً وال دين ّيا ً إن أراد أحدهم التبرّ ع بمبلغ ما ّدي ،أن يصوّ ر الطرف المستفيد ألنّ به امتهان ورياء ،ولكن عندما ترى أنّ من يعمل بصمت ّ المنظمات ال يصلهم شيء ،فواجب علينا إظهار من الصور( ،قاطعه نبيه :التصوير وليس اإلذالل) وافقه األستاذ مأمون بأنّ الصور للتوثيق وليس ألمر آخر، ونحن ال ننشر هكذا صور على صفحتنا. أمّا المشاريع التنمويّة ،نحن ندعم حال ّيا ً هذه المشاريع مع ع ّدة ّ منظمات أخرى. سياسي: د .نمير الناصر -ا ّتحاد الديمقراط ّيين مكتب ّ ّ (موظف في الحكومة المؤ ّقتة سابقاً) أ ّتفق مع ما قاله ُ ساهمت مع البعض ،إنّ الحمالت نوع من النخوة ،وأنا أصدقاء من الخارج بحملة في الشتاء الماضي ،ولم نصوّ ر ولم نقم بحملة دعائيّة ،ونعمل على حملة في األيّام القادمة مع الجاليات السوريّة في الخارج باسم الحكومة .وأ ّتفق مع األستاذ فؤاد بوجود «مافيات» ُ قطنت بإحدى المخيّمات لم ّدة سنة ونصف ،كنت فأنا ّ مدير نقطة ط ّبيّة لم يكن هناك تنظيم إداريّ ،فقد علمناهم الكسل ،ولم نساهم بمشروع بسيط كاأللبان الذي ال ّ المنظمات يحتاج للمع ّدات ،ونحن رغم أنّ بعض تعمل ،إلاّ أ ّننا ال نرى أبعد من أنفنا ،ففي الصيف
نتذ ّكر ما نحتاجه بالصيف ،والشتاء كذلك ،لذلك يجب التجهيز قبل وقوع الحوادث .ونحن كحكومة ،كانت لدينا مستودعات صغيرة ،وك ّنا نساهم ،ولكن هناك فصائل سياسيّة وعسكريّة في الداخل ال تستطيع السمع باسم الحكومة ،فالتهمة جاهزة «مرت ّد» أتكلّم باسمي الشخصيّ ،لذلك أدعو للتجهيز المسبق لك ّل المواد التي نحتاجها ،رغم مرور أربع سنوات ومع ذلك لم نتعلّم ونقع بنفس األزمة .وبالنسبة لموضوع فرش المخيّمات ،قُ ّدم المشروع لوزارة المواصالت وقامت بفرش ع ّدة مخيّمات ،ولكن هناك مخيّمات مثل ّ مخيم «أطمة» الذي ال يمكن التعامل معه بسبب موقعه الجيولوجيّ . شخيط ـ ّ رند ّ منظمة بسمة وزيتونة: ّ المنظمات، أرى أنّ الحمالت الشبابيّة تبخس دور ّ والمنظمات عندما تقوم بحملة فالمتبرّ ع واألف��راد يعرفون إلى أين ا ّتجهت أموالهم نتيجة الثقة والعمل المستمرّ ،وأنتم عندما قامت حملتكم ،كان هناك أشخاص موثوق بهم ،لذلك ساهمنا وساهمت الناس بالتبرّ ع ،ال يوجد عمل دون ثقة ،ال يمكن ظهور واختفاء عمل من ال شيء ،ربّما حدث في البداية ،ولكن بعد أربع سنوات ال أتو ّقع أنّ هذا األمر قد يحدث .وأنّ الحاجة واألزمة ّ يغطيها ناشطون لك ،إن لم تساهم هي أكبر من أن ّ المنظمات مع جهود األفراد فلن يستطيع الناشطون ّ للمنظمات االستمرار ر ّداً على فؤاد ويجب أن يكون ّ شق إغاثيّ وآخر تنمويّ كي يتكامل العمل. إعالمي: عبدهللا حكواتي – ّ إنّ الحمالت ضروريّة بسبب النداءات التي خرجت من المخيّمات وجعلت الكثير من الشباب يساهم بإزاحة عبء كبير ،ولكن هناك ن��داءات كاذبة تخرج من المخيّمات ،كالنداء األخير عن اإلضراب وغيره ،فقط للضغط على الحكومة واالئتالف .وأنا أ ّتفق أنّ هناك ّ منظمة أن تقوم مخيّمات وضعها سيّ ء وال تستطيع بهذا العمل ،وبرأيي ال توجد ّ منظمات نشأت واختفت إلاّ إنْ كان األمر حالة نصب ،ولكنّ الحمالت تظهر وتختفي. مدني: نبيه مستريح -ناشط مجتمع ّ ّ ُ ساهمت به ،هو مع منظمة «بسمة آخر مشروع وزيتونة» ورغم ذلك أشبّه هذه المرحلة بالمراحل األولى من الثورة ،وكان هذا األمر في تلك الفترة ض��روريّ لعدم وجود خبرة أو هيكليّة ،ث ّم تأسّست وحدة تنسيق الدعم وهي سبب البالء ،وبدأت تطلب ّ منظمات من األفراد المحتاجين للدعم بالقيام بتشكيل عن طريق صفحة «فيسبوك» مع بعض الصور، هكذا بدأ األمر .وهناك ّ منظمات استمرّ ت بالعمل إلى اآلن وأخرى اختفت ،وإنّ من يتحمّل هذه المسؤوليّة هي وحدة التنسيق والدعم .وأيضا ً الحالة السياسيّة أي االئتالف -أيضا ً فشل -ممّا ح ّفز الناشطين لتحمّل ّ المنظمة مسؤوليّاتهم ،أمّا موضوع المانحين أو عمل فيبدأ باستبيان ينتهي بعد شهر بالح ّد الطبيعيّ ،لتعرف ما هي احتياجاتك ،وبعدها ترسل إلى المموّ ل وإلى أن يت ّم الموافقة عليها قد يستغرق األمر أكثر من ّ المنظمات تحاول شهرين ليت ّم العمل بالمشروع ،وإنّ أن تحصر عملها فقط في المناطق اآلمنة ،ألنّ المموّ ل ّ والمنظمة ال تريد إلاّ االستمرار عن طريق عمل آمن ّ موثق ،ورغم ذلك قد يغيّر المموّ ل رأيه بحجج انتهاء السنة الماليّة. وائل أبو كويت :أعترض على كلمة احتيال واستغالل. وأنا عندما طرحت موضوع الفوضى بالحمالت ،لم أقصد الفوضى التنظيميّة ،بل الفوضى بالطلب ،أي بعد مقتل 6أطفال ،بعدها قمنا بالحملة وت ّم التعاطف معها بدون أيّ تنسيق أو تنظيم للحاالت قبل أن تقع ّ المنظمة والحملة ،وقاطعه األزمة ،ويجب أن نفرّ ق بين «هناك ّ منظمات انتهت أل ّنها غير منتظمة وال يوجد لها ّ المنظمات تنتهي هيكليّة» .أكمل أبو كويت قوله :بأنّ في حاالت هي :عدم التنظيم وعدم القدرة على ترتيب ّ المنظمات أعمالهم ،وعدم استمرار الدعم ،ألنّ بعض كان دعمها ذاتيّ ،لذلك يجب أن نفرّ ق بين الفوضى ّ والمنظمة ،أمّا موضوع االحتيال والتنظيم ،وبين الحملة ّ ال يمكن أن يكون ،ومن ّ حق ك ّل منظمة مصاريف
التتمّة ص 5
www.allsyrians.org
ملف العدد
العدد 24
حوار العدد مع السوري ُعقاب يحيى المعارض ّ
/4شباط 2015/
ُعقاب حييى ،معارض سور ّي ،عضو اهليئة السياسيّة لالئتالف الوط ّ ين السور ّي لقوى الثورة واملعارضة.
السوري ،التقت في سعيها لفتح فضاءات الحوار ّ السوري صحيفة «ك ّلنا سور ّيون» مع المعارض ّ ُعقاب يحيى ،وكان الحوار التالي: السوري ،عبر النظام اإلرهاب يفتك بالشعب • ّ ومعه تنظيمات أخ��رى مثل «داع���ش» ،األط��راف اإلقليم ّية والدول ّية تدّ عي محاربة اإلره��اب ،كيف السوري اليوم؟ وما هو دوركم في تق ّيمون الواقع ّ مواجهة اإلرهاب فعل ّياً؟ ُعقاب يحيى :اإلره���اب نتاج مجموعة عوامل موضوعيّة ،وأخرى بفعل ذاتيّ يقترب من االختراق والتصنيع .عقود ف��وات وفشل ،وخيانة المشروع النهضويّ من قبل حملته ،وم ّدعي رفع رايته ،وتحوّ لهم إلى نظم نهبيّة ،وفئويّة ،واستبداديّة من طراز خاصّ ، وسياسة التهميش والتغييب ،واغتيال الحرّ يّات الفرديّة والجماعيّة ،وإقامة ممالك للرعب والنهب والرهاب متع ّدد الوجوه ،ترك فراغا ً كبيراً في الفئات الشعبيّة، مح ّمالً باليأس ور ّدات الفعل ،فعمل كثير على ملئه فيما يعرف بـ «الصحوة اإلسالميّة» التي يمكن تناول حيثيّاتها السلبيّة واإليجابيّة ،فتقوية ردود الفعل العنيفة تجاه الظلم والفقر والتهميش واغتصاب البشر والحقوق، بما يخلق بيئات مناسبة للتطرّ ف :بيت توليد اإلرهاب. ّ الخط وكانت أمريكا ،وغيرها من الدول الغربيّة على الستثمار ذلك وتوظيفه في حربها االستراتيجيّة ض ّد ّ التدخل في اال ّتحاد السوفي ّتيّ من خاصرة ،وخطيئة أفغانستان ،ومشاركة أنظمة عربيّة مختلفة في دعم تلك الظاهرة وم ّدها بك ّل وسائل التقوية والتحشيد ،ح ّتى إذا ما انقلبت عليهم ،واألسباب متراكبة .وح ّتى إذا ما انتهت الحرب الباردة بسقوط اال ّتحاد السوفي ّتيّ وبقيّة الدول التابعة له ،جرى تصنيع ،وتضخيم ،وتصدير يافطة جديدة ،كالبعبع ليكون جسراً ،ودريئة ،وواجهة لتحقيق مجموعة أهداف يطول الحديث فيها. لقد دعّموا اإلرهاب بشكل مباشر ،أو عبر االختراق والتصنيع ،وحين نجيء عليه في بلدنا العزيز ،والذي يعتبر ظاهرة ّ شاذة ،ومفاجئة ،فقد بات واضحا ً الدور الخبيث ،والمر ّتب من قبل مجموعة أط��راف يقع النظام السوريّ في مق ّدمها ،ونظام العراق وإيران وسوق الثورة نحو التشويه، لتحقيق مجموعة أهدافَ ، والحرف ،في حين أسهمت األفعال الطائفيّة الفاقعة، خاصّة بعد الدخول العلنيّ لحزب هللا وغيره من المليشيات الطائفيّة ،وما يشبه احتالل إيران لبلدنا بمشروعها المذهبيّ ـ القوميّ في عمليّات التصعيد والتوتير وتقوية الحاضنة الشعبيّة للتطرّ ف والتش ّدد، ّ دون نسيان أنّ النظام بك ّل فعله المنظم هو اإلرهابيّ األوّ ل ،واألخطر ،وهو الذي قاد ويقود فعل اإلبادة الجماعيّة والتدمير المعمّم ،وح ّتى التطهير المذهبيّ .
ال يمكن مقاومة اإلره��اب دون ع�لاج مقوّ ماته وأسبابه ،ودون التوازن في تناوله ،وأقصد بذلك أن توجّ ه الحرب ض ّد جميع أطرافه ،وألاّ يقتصر األمر ويحصر بـ «داعش» وأبناء عمومتها ،ذلك أنّ اقتصار «الحرب الدوليّة» على اإلره��اب بتلك الطريقة العرجاء ،االنتقائيّة وسّع الحاضنة الشعبيّة لـ «داعش» والتفّ حولها قطاع ها ّم ومتزايد من «الس ّنة العرب» في حين أنّ ترك النظام دون عقاب ومحاسبة ،يترك أبلغ األثر الضارّ على الثورة ،ومصير تلك الظاهرة. نحن ض ّد اإلرهاب بالقطع ،وال نحتاج إثبات ذلك ك ّل يوم ،أل ّنه باختصار يتناقض وألف باءات الحرّ يّة التي نؤمن بها ،لك ّننا نرى أنّ النظام أسّ اإلرهاب ومن أه ّم ص ّناعه ،وال ب ّد من توجيه الحرب ض ّده ،وض ّد بقيّة األطراف بوقت واحد. مبادرة «دي ميستورا» ث ّم «لقاء القاهرة» • األخير ،وبعده «ندوة موسكو» وما هي نواتج هكذا تحركات؟ وإل��ى متى يمكن أن ننتظر والمعارضة ّ منفعلة – وليست فاعلة – بكل ّ أشكالها؟ ُعقاب يحيى :تكثر المبادرات والحكايا عن نوايا لحلول سياسيّة ،لك ّني أؤمن بأ ّنه في غياب القرار األمريكيّ الفاعل ،ومعه بقيّة هيئات المجتمع الدوليّ فليس هناك ما يمكن اعتباره حلاّ ً سياس ّياً ،بقدر ما هو محاوالت لملء فراغ ،أو ربّما التحضير لإلمساك بأوراق ما يجري المقايضة فيها مع األمريكان. الواليات الم ّتحدة منشغلة بمل ّفات أخرى :محاربة اإلرهاب وملفّ إيران النوويّ ؛ وقد وضعت الملفّ السوريّ جانباً ،بك ّل ما يتركه ذلك من أثر على المسألة السوريّة .إن كان لجهة الحسم العسكريّ الذي لم يعد يلوح في األفق القريب ،أو بفرْ ض ح ّل سياسيّ يلبّي الح ّد األدنى من مطالب الشعب السوريّ . ْ أعلنت ج ّل القوى المعارضة قبولها بالح ّل لقد السياسيّ ،واعتماد بيان جنيف وبنوده الس ّتة مرجعيّة، وظهر جل ّيا ً أنّ النظام هو من أفشله ورفسه دون أن يقابل ذلك موقف قويّ من الدول الراعية ،ث ّم بدأت عديد التحرّ كات التراجعيّة ،واالستبداليّة ،وعديدها يريد أن يضع يافطة ميزان القوى ممرّ اً للنزول بسقف المطالب السوريّة إلى مستوى مفتوح على مسلسل ال يدري أحد نهاياته ،ومآله« .دي ميستورا» يريد إيجاد حالة تجميد ّ متقطعة ،ولم يربط أطروحاته بجنيف 1و 2أو بح ّل شامل ،والروس يفعلون ما هو قريب من ذلك تحت عنوان :الحوار المباشر مع النظام ،وترك أمر مصير رأس النظام وكبار رموزه من القتلة لقادم الحوارات، أو لصيغ يسرّ بونها عن ترك األمر للشعب في انتخابات ّ الخط بإرباك قادمة؛ بينما يدخل النظام المصريّ على وغموض ،وبين هدف توحيد عمل المعارضة ،الذي
هو هدف حيويّ للجميع ،ويجب العمل ألجله، وبين تشكيل محاور ما ،أو اإلبعاد للبعض ،تجيء اللقاءات بما يتجاوز المأمول والمقرّ ر منها ،مع األمل أن يكون جهد توحيد عمل المعارضة مخلصا ً وبعيداً عن العقل الكيديّ ،االستئثاريّ ،أو الخضوع لهذا المحور أو ذاك. المحررة ال يعرف أغلب في المناطق • ّ السور ّيين االئتالف أو الحكومة المؤ ّقتة ،أو ر ّبما ال يأبهون لألمر ،كيف تنظرون إلى هذه العالقة؟ خاصة وأ ّنه (ما مبرر وجود االئتالف، ّ وما هو ّ بيطلع بإيدو شي)؟ ُعقاب يحيى :قصّة االئتالف طويلة ،لك ّنها ال تنفصل عن عاملين متراكبين :العامل الذاتيّ الذي يخصّ حال المعارضة وأزمتها «التاريخيّة» وضعفها ،وأبواب دخولها إلى الثورة في ظ ّل غياب قيادة من صُلبها ،وبين مجموع التداخالت واألوض��اع اإلقليميّة والخارجيّة وفعلها ـ السلبيّ ـ في النتيجة. لقد كتبنا مراراً في أزمة المعارضة ،وفعل عقود التصحّ ر ،والمالحقة ،والحروب فيها ،وأنّ الثورة لم تكن من نتاجها ،وبعضها كان بعيداً وراح يتراكض للحاق والركوب ،ث ّم جاء المجلس الوطنيّ محاولة لس ّد فراغ ،في ظروف غير طبيعيّة أيضاً ،فعانى إشكاالت مختلفة ،وولّد االئتالف بهدف أن يكون البديل المستفيد من التجربة واألخطاء ،لك ّنه وقع بذات األمراض، ّ التدخالت الخارجيّة أقوى ـ نتيجة المتغيّرات وبرز ثقل والتطوّ رات ـ حيث حُقن االئتالف عند التأسيس بأكوام من الوعود الداعمة ،ثم تنصّل منها الجميع تقريباً، وراحوا يتملّصون بذرائع مختلفة .وبالوقت نفسه طغت والعسكرة ،مفسحة في في تلك المرحلة ظاهرة التسليح َ المجال ّ لتدخل عديد القوى اإلقليميّة التي راحت تخترق وضع الفوضى والتش ّتت إلقامة حاالت تابعة إليها، وبما جعل من شبه المستحيل توحيدها ،أو إخضاعها لقيادة سياسيّة واحدة ،وكان ذلك األساس األوّ ل لتر ّنح االئتالف ،وخلخلته داخل ّيا ً وبروز عديد الصراعات فيه ،ث ّم بروز المال السياسيّ والمحاور لدى البعض وتوظيفهما خدمة ألغراض تخصّهم ،وإقحام االئتالف للدخول في مغطس يبدو شديد الذاتيّة ،واالبتعاد عن المأسسة وعن المها ّم التي وجد ألجلها. يجب التأكيد ـ للحقيقة فقط ـ أنّ االئتالف وعلى صعيد ممكناته ق ّدم ما يمكنه للداخل السوريّ ،لكنّ العجز الشديد كان أقوى وأكبر من أن يُظهر ما يقوم به .فمثالً: كان التقدير قبل عام للحاجات األوّ ليّة يتجاوز الـ 500 مليون دوالر شهر ّيا ً كي يستطيع النهوض باألعباء، وحين ال يصل عشرها ،بل وأقلّ ،كيف سيتصرّ ف؟ ناهيك عن أنّ صراعات االستنزاف فيه أبعدته عن
داخليّة وتحسمها من أيّ تتمّة ظمات اإلغاثيّة السوريّة شيء يدخل إليها ،لذلك املن ّ يجب االبتعاد عن االتهام ّ المنظمة، رغم أ ّنها قد تحدث من قبل أشخاص ضمن ّ المنظمة هي التي تحتال ،لماذا تو ّقف ولكن ال يعني أنّ الدعم الخليجيّ وش ّح أورب ّياً ،السبب هو التعامل مع األفراد وانتهاء الثقة ،فيما بعد؛ وأيضا ً عبارات التخوين التي أطلقها السوريّون على بعض ،ونحن أيضا ً «كبلبل ّ المنظمات ،ولكنّ أغلبهم زادة» نتعامل مع الكثير من ي ّتهمون بعضهم بعدم المصداقيّة ،أي أنّ المشكلة فينا. يقظان الشيشكلي ـ منظمة مرام : هناك َمن قال :إنّ على الحمالت أن تنتهي ،ولكنّ الحملة األخيرة كانت أفضل الحمالت ،من حيث التضامن بين الجاليات السوريّة ،وقد ساهمت هذه الحملة بتوازن جديد ضمن الثورة من إعادة التواصل، وأنا باسم ّ منظمة مرام ،نشكر الشباب الذين ساهوا بها، أمّا موضوع وحدة تنسيق الدعم فهناك لغط كبير ،فهم انتقلوا من تنسيق إلى وحدة تل ّقي وتنفيذ الدعم ،وهذا من المشاكل بين الوحدة واالئتالف. ّ ّ المنظمات ،فهناك منظمات أ ّم��ا موضوع اختفاء ظهرت واختفت وال يمكن إنكار هذا األمر ألسباب ذكرها وائل ،أو ألسباب أخرى ،ألنّ الوضع التنظيميّ اآلن اختلف عن السنتين الماضيتين ،فكان الدعم موجّ ه
من قبل فرد يدعم هذه المجموعة ،أمّا اليوم أصبح هناك تسجيل وضرائب ،والحكومة التركيّة أيضا ً ّ المنظمة ،أمّا موضوع اإلعالم، تسجّ ل ما ت ّم إدخاله إلى ّ ّ المنظمات الموجودة ،ومجبرين كمنظمة من أوائل نحن على الكثير من التصوير بهذه الطريقة رغم أ ّننا ض ّدها، واستمرّ ينا لم ّدة سنة ونصف ،دون أن نصوّ ر ،ولكن أُرغمنا ،ألنّ المتبرّ عين هم من أرادوا ذلك ،باإلضافة لعدم وج��ود شخص محترف بموضوع التصوير، ّ المنظمات التي تبحث عن محترف واليوم نحن من يستلم موضوع الدعاية رغم أ ّنه ليس عذر ،ولكن للتوضيح ،أمّا موضوع المخيّمات فإنّ أغلب المخيّمات القريبة تحصل على أغلب الموا ّد ،أمّا المخيّمات الباقية أي في الداخل -قد ال يصلها ش��يء ،وه��ذا خطأّ ّ المنظمات الدوليّة تنظيميّ من قبلنا كمنظمات .هذا ألنّ تفضّل العمل في المناطق اآلمنة ،ولكن يوجد الكثير من اإلدارات الجيّدة في المخيّمات التي تعْ لمنا أ ّنها ال تحتاج إلى موا ّد معيّنة ،أل ّنها متو ّفرة. مأمون عثمان ـ ّ مسرات: منظمة ّ أريد التح ّدث عن الموضوع الذي طرحه األستاذ ّ منظمة نبيه ،فليس خطأ أن يُقال لك أن تقوم بإنشاء كي يصلك الدعم ،أل ّنه سيطلب منك فيما بعد أن ّ تنظم نفسك بهيكليّة ،ومن ث ّم مجلس إدارة ،ويجب أن ندعم ّ المنظمات كي تأخذ المنحى المهنيّ لتستطيع ك ّل
االستمرار ،ولدينا مثال واضح هوّ : منظمة «األوتشه» ّ المنظمات لذلك يجب أن يكون التي تض ّم الكثير من هناك مهنيّة ،وك ّل الموجدين يعلمون أنّ المجتمع الدوليّ وصل لمرحلة الش ّح بال ّدعم والتبرّ عات لألفراد والمؤسّسات غير المهنيّة ،وأنا ال أرى خطأ بالحمالت، ولكن يجب التنظيم والعمل بمهنيّة أكثر. شخيط ّ رند ّ منظمة بسمة وزيتونة: أريد أن أتكلّم عن موضوع الصورة ،هناك الكثير ّ المنظمات أطلقت حمالت لجمع التبرّ عات منذ من �اس ،ولكن لم يكن بداية الصيف للتحضير لشتاء ق� ٍ هناك استجابة ،وهذا ما حدث معنا في لبنان ،لم يساهم أحد ،وبالصدفة نتيجة صورة «بجوّ ال» للخيم التي يعلوها الثلج تحرّ ك المجتمع العالميّ ،فالصورة لها تأثير لتحريك الضمير ،ولألسف لم نستطع التأثير قبل األزمة. السوري العا ّم: مح ّمد عيدو اال ّتحاد ّ نحن نعرف اإلغاثة ،وهناك اجتماع للمنسّقين من ا ّتحادات وشبكات ،وقد عملنا على توحيد المفاهيم اإلغاثيّة ،أمّا الصورة قد تختلف من شخص آلخر، ّ منظمات لم ّدة سنة ونصف لم تصوّ ر ،ولك ّنها وهناك ّ تعمل ،وهناك أيضا ً منظمة ال تملك صفحة على «الفيس بوك» وهي ناجحة إلى اآلن ،رغم أنّ هناك ّ المنظمات التي لم تعمل بالصورة والتنسيق الكثير من
newspaper@allsyrians.org
5
معالجة المشاكل الكثيرة. مع ذلك ،هناك اليوم جوّ إيجابيّ يع ّم األغلبيّة في أه ّميّة وضرورة إصالح أوضاع االئتالف ومأسسته ،ووضع برامج عمليّة لمهامّه ،واالنفتاح الحقيقيّ على القوى المعارضة والحراك الثوريّ والعسكريّ والمدنيّ ودعم الحكومة بأقصى الممكن للنهوض بأعبائها الكثيرة، ومعالجة الوضع العسكريّ باتجاه التوحيد ،والضبط، وتكريس المهنيّة ،والعالقة الناظمة مع القيادة السياسيّة. هو امتحان كبير مطروح بقوّ ة على المخلصين في االئتالف والمعارضة لبناء معادلة متوازنة يكون لها شأنها في تعديل ميزان القوى سياس ّياً ،وعلى األرض، واالستناد إليها في أيّ ح ّل سياسيّ من شأنه أن ينجز تحوّ ل بالدنا إلى نظام ديمقراطيّ يُنهي نظام اإلجرام والفئويّة واالستبداد. يقال إ ّن��ه ال يوجد تناقض بين اإلس�لام • «النص» والعلمان ّية ،كيف يمكن فهم ذلك بوجود ّ كمقدّ س؟ ُعقاب يحيى :ليست العلمانيّة واحدة في مضمونها وتطبيقها ،فبين المطبّق في فرنسا والواليات الم ّتحدة ـ مثالً ـ بون شاسع .لقد فهم ج ّل اإلسالميّين والمؤمنين في عموم األديان أ ّنها معادية للدين ،وتدعو للتكفير واإللحاد ،في حين أ ّنها في جوهرها :استخدام العلم في التحليل والتركيب والنظام الديمقراطيّ ،وإبعاد الدين عن السياسة كي ينمو بطريقة حرّ ة ،مع ّ حق الجميع في العبادة والعقيدة واعتناق وممارسة ما يؤمنون به، ونالحظ أنّ الدول التي اعتمدت العلمانيّة لم تعش ذلك الصراع الحا ّد بين الدين والدولة ،رغم أنّ البعض يعود باألمر إلى الثورة الفرنسيّة وما طرحته من فصل الدين عن الدولة. األمر عندنا ،سيكون مرتبطا ً بفهم القوى العلمانيّة الواقعيّ لمجتمعاتنا ،وموقع الدين واإليمان فيها ،وكذا موقف األحزاب والقوى اإلسالميّة المعتدلة من العمل في ظ ّل قوانين عامّة ليست دينيّة وإ ّنما وضعيّة. األستاذ ُعقاب يحيى ،شكراً جزيالً لكم. •
حاوره ّ بشار فستق
ْ ضعفت وقلّت مواردها ،ولكنّ توحيد المفاهيم هو قد شيء ضروريّ في عالم اإلغاثة والتنمية .ور ّداً على كالم «ربيع» ال أستطيع اآلن أن أقوم بعمل تنمويّ لتشغيل مخيّم ،ث ّم يأتي القصّ ،فال أستطيع عمل شيء عند ذلك ،أي هناك أصول للعمل ،ألنّ الداعم يبحث عن األمان في دعمه ،أل ّنه ال يوجد لدينا مناطق آمنة، بل هي كذلك نسب ّياً. أريد أن أر ّكز على موضوع اإلعالم ،فنحن نستطيع التح ّدث عن وحدة التنسيق ،ولكن يجب أيضا ً أن نقول: ماذا ق ّدمت وحدة التنسيق؟ ّ المنظمات وعن عملها من استبيانات دون مقارنة مع الدوليّة ،فالوحدة ساهمت على األرض وتح ّدت في فترة ما ّ منظمات قويّة فاعلة ،فاإلعالم الثوريّ أو السوريّ يلعب دوراً مه ّما ً في ترسيخ العبارتين المذكورتين «احتيال واستغالل» ،أمّا موضوع «المافيات» الذي ذكره البعض هو أمر عاديّ ،فالسلّة تصل إلى شخص بقيمة عشرة آالف ويقوم هو ببيعها ب 2000فهي لم تذهب إلاّ لمحتاج (قاطعه األستاذ يقظان وقال: األمر ليس كذلك ،بالصورة العامّة فهي تباع للتجّ ار ليبيعونها للمحتاجين) ،أ ّكد األستاذ عيدو بأنّ كالمه ليس بشكل دائم ،ولكن بعض األحيان تباع للتجّ ار.
إعداد :باسل العبداهلل www.allsyrians.org
6
العدد 24
/4شباط 2015/
تحقيقات
مخّيمات الموت تنادي األحياء ،فهل من منقذ لها؟
مخيّمات الموت في الداخل ،هذا ما أصبح يطلق عليها بعد موجة البرد القارس التي اجتاحت المنطقة خالل األيّام القليلة الماضية ،والتي كشفت المستور ّ بحق أناس هجّ رهم جور النظام المجرم من بيوتهم عنوة ،إلى أماكن لم يكن يتخيّلها أيّ مواطن سوريّ ، ليقطنوا في أكثر من سبعة مخيّمات على الحدود التركيّة ،باإلضافة لمئات آالف الخيم المتناثرة في مزر ،ال قرى محافظة حلب ،وهم يعيشون في وضع ٍ يحسدون عليه ،من نقص في التدفئة واأللبسة والمأكل والمشرب ،وح ّتى المسكن. هذا كلّه ،يجري أمام سمع ونظر العالم ،الذي لم يحرّ ك ساكنا ً ّ بحق شعب يُقهر ويقتل ويهجّ ر؛ أمّا ما ّ واهتزت له حدث في باريس فقد حرّ ك العالم بأسره أوربّا وأمريكا ،فإلى متى أيّها العالم ستظ ّل صامتا ً ّ بحق شعب سورية؟ جريدة «كلّنا سوريّون» التقت مع عدد من ساكني
هذه المخيّمات ،فكان ج��واب��ه��م ومطلبهم واح��د ألنّ البرد واحد والمسكن واحد وإلههم واحد ،وهو :أنقذونا نحن وأطفالنا ونساؤنا من البرد القارس أطعمونا من الجوع القاتل نريد دواء ل��ل��م��رّ ض ال��ذي ح ّل بنا ألبسونا في ظ ّل هذا الظرف الصعب. وأض���اف ال��ن��ازح��ون: نحن نعيش ف��ي أس��وأ ال���ظ���روف م���ن خيم مهترئة وأرض موحلة من السماء ماء ومن األرض ماء وبرد لم نره في حياتنا. فهل من مجيب لهؤالء القوم البائسين المشرّ دين الجائعين؟ إحصاءات وأرقام ،هل مِن مجُ يب؟ ومتابعة لهذا الموضوع ،التقت جريدة « كلناّ سوريّون» مع «عارف شريفة» رئيس مكتب الشؤون االجتماعيّة واإلغاثيّة في مجلس محافظة حلب الحرّ ة ال��ذي ح ّدثنا قائالً :بعد موجة البرد التي اجتاحت المنطقة وما وصل إليه وضع النازحين من سوء، قمنا بإعالن حالة الطوارئ في مناطق المخيّمات في الريف الشماليّ وفي مناطق تناثر الخيم في المناطق المتفرّ قة في قرى محافظة حلب المحرّ رة ،كما قمنا بإطالق حملة «زمّلوني» بهدف تقديم ما نستطيع من احتياجات للنازحين ،وقمنا أيضا ً بالتواصل مع
ّ المنظمات والجهات الداعمة لدفعهم لتقديم الدعم لهم، وأضاف «شريفة « لقد قام مكتب الشؤون االجتماعيّة واإلغاثيّة بمسح كامل للمخيّمات من أعداد الخيم واألسر وتحديد كا ّفة االحتياجات التي يتطلّبها النازحون في المخيّمات السبعة ،باإلضافة إلى المخيّمات المتناثرة، وهي مخيّم باب السالمة ومخيّم سجّ و ومخيّمات شمارين (ضاحية الشهداء واإليمان والنور) ومخيّم إكدة باإلضافة إلى المخيّمات المتناثرة مثل عبطين والصعيبيّة والعامريّة في الريف الجنوبيّ ومخيّمات صغيرة في قرى مارع من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة في قرية الورديّة وما حولها؛ وعن عدد الخيم التي ت ّم إحصاؤها من قبل المكتب قال «شريفة « لقد بلغ عدد الخيم /4175/خيمة في المناطق التي ذكرناها سابقا ً باإلضافة إلى /1392/كارفاناً ،كما بلغ عدد العائالت /5315/عائلة حيث بلغ عدد س ّكان المخيّمات /30785/ نسمة .وأوضح «شريفة» قائالً: يوجد في المخيّمات /8150/ طفالً ،وقد بلغ عدد األيتام /762/ يتيماً ،كما يوجد /727/شهيداً، باإلضافة إلى /481/من ذوي االحتياجات الخاصّة .وعن أه ّم االحتياجات التي يتطلّبها النازحون قال «شريفة « يحتاج النازحون وبشكل سريع إلى لوازم تدفئة من مدافئ ومحروقات وبيرين ولباس شتوي وحرامات واسفنجات وإلى سلل غذائيّة وخيم وأرضية خيم ،كما يحتاجون إلى دور لرعاية المس ّنين ونقاط ط ّبيّة وإنارة للخيم ،وأضاف «شريفة» هناك مخيّمات تحتاج إلى تعبيدها بالبحص
وصرف صحيّ وخيم جديدة بدل المتضرّ رة ،وخاصة في مخيّم النور في شمارين ،وبالنسبة للجهات الداعمة ّ المنظمات مثل أي هاي لهذه المخيّمات هناك عدد من هاي ( )ihhومرسي كوربس وميركل وسيما والهالل األزرق و ،nrcوأوضح «شريفة» مع وجود ك ّل هذه ّ المنظمات فإنّ هذا الدعم ال يكفي والوضع سيّ ء ج ّداً، فنحن نطالب باستبدال الخيم بكارفانات فهي تح ّقق وضع أفضل للنازحين ،وأش��ار «شريفة» بالنسبة للمخيّمات المتناثرة في الريف الجنوبيّ وقرى مارع وغيرها ،ال يوجد جهات داعمة لها ،وهي أيضا ً تحتاج إلى دعم لكا ّفة االحتياجات التي ذكرناها سابقاً. في النهاية ،هذه قصّة ساكني خيم الموت التي ال
تقيهم برد الشتاء وال حرّ الصيف؛ هل من سيسمع صوتهم ويلبّي احتياجاتهم؟ واأله�� ّم من ذل��ك ،هل يستطيع العالم أن يُعيدهم إلى منازلهم ويوقف عنهم ظلم جبّار متكبّر شرّ دهم وأوصلهم إلى هذا الوضع؟؟
بدر حسني
السكن تحت أشجار الزيتون
على مدى أربع سنوات والوضع السوريّ يزداد ك بأنّ المواطن السوريّ هو الذي سوءاً ،وما من ش ّ يدفع فاتورة ما يحصل ،فالقصف المستمرّ على المناطق المحرّ رة بكل أنواع األسلحة وما يخلّفه من دمار على نطاق واسع ّأثر بشكل كبير على وضع السوريين في هذه المناطق ،فهناك العديد من العائالت السوريّة في الداخل فقدت بيوتها وأصبحت بدون مأوى وعدد ليس قليالً ،ماذا بإمكانها أن تفعل لتؤمّن مكانا ً بديالً لها يقيها حرّ الصيف وبرد الشتاء، بيوت سوّيت باألرض ّ أبو أكرم وعائلته المؤلفة من زوجته وخمسة أوالد أكبرهم أكرم ،هي إحدى العائالت الكثر في سراقب ممن هُدمت بيوتهم وأصبحوا بدون مأوى ،توجّ هنا إلى المكان الذي بنت به عائلة «أبو أكرم» خيمتها التي
newspaper@allsyrians.org
أصبحت بديالً عن بيتهم ،يقول «أبو أكرم» :سقطت بالقرب من البيت ع ّدة قذائف وفي ك ّل مرّ ة نقوم بإصالحه وترميمه ونعود للعيش فيه ،لكن المرّ ة األخيرة عندما عدنا إليه بعد استهداف المدينة بالبراميل المتفجّ رة في شهر آب من العام الماضي وكانت الصدمة كبيرة ي باألرض ،لم نخسر البيت عندما وجدنا أن بيتنا قد سوّ َ فقط لقد خسرنا ك ّل األشياء التي يحتاج إليها الناس من (معدات البيت وأثاثه وك ّل ما يحتاجه المنزل) لقد بتنا ال نملك إلاّ ثيابنا وبعض األشياء التي ك ّنا نأخذها أثناء نزوحنا المؤ ّقت أي أثناء الهجوم على المدينة وقصفها، فنحن نخرج من الساعة السادسة صباحا ً وال نعود ح ّتى يتو ّقف الطيران بالهجوم على المدينة ،وأحيانا ً كثيرة نبقى ساعات طويلة قد تمت ّد طوال النهار ،لم يبق لنا سوى هذه «الطريزينة» (وهي عبارة عن درّ اجة ناريّة لها ثالث عجالت). أبو أك��رم كان عامل طِ �لاء (د ّه���ان) يساعده ابنه األكبر «أكرم» في عمله .تح ّدثنا «أ ّم أكرم» ع��ن وضعهم منذ بدء الثورة وتقول :كان أكرم وأب��وه يعمالن لساعات طويلة لتأمين ما نحتاجه م��ن مستلزمات الحياة وب��ع��د ق��ي��ام ال��ث��ورة بدأ العمل يق ّل شيئا ً فشيئاً، وتستمرّ في الحديث عن ابنها أك��رم ،كان – هللا
يحميه -يطلع بالمظاهرات السلميّة مع انو صغير وبقي هيك متل رفقاتو وعند اللي تسلّحو ما رضي إال يكون متلن ،وهللا كبر بالثورة» أكرم من مواليد ،1996التحق بصفوف الثوّ ار وتكاد ال تخلو معركة إلاّ وأكرم ضمنها ،يقول األب. أطفال وأمّهات يعملون لتأمني لقمة العيش وعند سؤالنا لهم عن كيفيّة تدبير أمورهم اليوميّة ومتطلّبات الحياة؟ قالت أ ّم أكرم :نعمل أنا وابنتيّ أعماالً يدويّة مثل النسيج على «ال ّنول» وفي الخياطة – الحمد هلل مستورة -فهناك الكثير من معارفنا وأقاربنا يأتون لعندنا لشراء ما نشتغله ،لكنّ اإلنتاج قليل ج ّداً وذلك أل ّننا نعتمد كل ّيا ً على العمل اليدويّ ، فمثالً مكنة الخياطة ك ّنا قد حوّ لناها إلى مكنة يدويّة لعدم تو ّفر الكهرباء ،وتضيف «بس نحنا في الليل منشغل ضو ،هللا يطول عمرو ألبو أكرم وصل ّنا من بطارية الطريزينة كهربا». ونتوجّ ه إلى الفتاتين «لمى وصفا» تقول لمى :كان عمري 13عاما ً عندما بدأت الثورة كنت في المدرسة أنا وأختي وك ّنا من المتفوّ قات ،وبالرغم من استمرار القصف تابعنا الذهاب إلى مدارسنا ،ولكن عندما هُدم بيتنا واضطررنا إلى العيش في هذه الخيمة لم نعد نذهب للمدرسة وح ّتى مدرستنا قُصفت هي األخرى، وأصبحت أنا وإخوتي بدون مدرسة ،فنحن نساعد ّ يتدخل األخ األصغر أهلنا في جميع األعمال ،وهنا «ح � ّم��ودي» ق��ائ�لاً :في األم��س عندما ك��ان موسم الزيتون عملنا في حواش الزيتون جميعنا لنساعد أبي، وأيضا ً عند حصاد الكمّون عملنا معه في الحصاد. وبدأ يعرض علينا صوره التي كان قد التقطها له والده أثناء الحصاد ويردف قائالً« :رح نبقى نضحك ونشتغل ح ّتى لو هدم بيوتنا وما رح نسكت ح ّتى ناخد حريّتنا وأنا بس اكبر شوي رح انضم ألخي أكرم ورفقاتو». مأساة يتشارك بها اجلميع تقول أم أكرم :لسنا الوحيدين في هذا الوضع هناك الكثير من العائالت فقدت منازلها وسكنت في خيم مثلنا ،وبدأت تع ّدد لنا أسماء العائالت التي تسكن الخيم مثلهم تحت أشجار الزيتون، وتحمد ربّها أ ّنهم لم يكونوا في المنزل أثناء سقوط البرميل عليه ،وتح ّدثنا عن أحد معارفهم وكيف سقط البرميل على منزلهم وكانوا بداخله ولم يسلم منهم أحد. ويخبرنا «أب��و أك��رم» ب��أنّ جارهم «أب��و ماجد» وزوجته وأوالده السبعة ،الذي بنى خيمته بالقرب منهم وهو مريض ال يستطيع العمل ،كل يوم تطبخ «أم ماجد» شوربة العدس وفقط ،فهم ال يستطيعون
شراء الح ّد األدنى من حاجيّاتهم ،وهذا حال جميع من سقطت على بيوتهم البراميل وأصبحوا من س ّكان الخيم ،فمنهم من بنى خيمته بالقرب من أرض زراعيّة ليست له ،وذلك بغية تأمين الماء من بئر «ارتوازيّة»، معظم النازحين من س ّكان الخيم يعانون من قلّة الماء وأغلبهم يقوم بشرائها من صهاريج الماء وبأسعار مرتفعة ،تصل إلى 3000ليرة سوريّة ،وقد يزداد سعره حسب الحاجة للماء ففي الصيف يزداد سعره أضعافا ً مضاعفة ،وفي أحيان كثيرة يكاد يكون تأمين الماء من األمور الصعبة وهي من أه ّم المشاكل التي تواجه سكان هذه الخيم ،ويضاف إلى ذلك أ ّنهم ّ يطرون إلى دفع سعر كامل الصهريج وال يأخذون إلاّ جزءاً منه بسبب عدم وجود ّ خزانات تتسع لكامل الصهريج،
أمّا طهو الطعام فيت ّم على الحطب وبذلك يكون جمع األخشاب مهمّة يقوم بها أطفالهم ويستخدمونها ّ للطهو وللتدفئة في الشتاء ،هذا ويكون العبء األكبر على كاهل أ ّم أكرم التي تقوم بجميع األعمال لتأمين الح ّد األدنى من العيش لها ولعائلتها.
فلك اخلالد www.allsyrians.org
تحقيقات
العدد 24
/4شباط 2015/
الحلم األ ّول للصانع األ ّول اإللكتروني رسالة وصلت إلى بريد الصحيفة ّ �رف مرسلها عن نفسه بقوله: من إسبانيا ،ع� ّ اسمي أيمن بيطار من مواليد دمشق 1981 وم��ن خ�لال حديثنا معه اكتشفنا العديد من السوري ،وال��ذي لم تتح له المواهب لدى هذا ّ لاّ يحب وينجح ،إ في بيئة الفرصة لكي يقوم بما ّ مر به ح ّتى اليوم أخرى؛ وقد تسلسل سرده لما ّ ّ نتدخل السياق إلاّ لنستوضح منه بعض برهافة ،لم النقاط؛ وهكذا جاء ما رواه لنا وما تابعناه من حكاية عمله ،فقال: عندما كان عمري 7سنوات صنعت آلة موسيقيّة، هي عبارة عن صندوق ماكينة خياطة أمّي وعصا لتكون الزند ،كانت األوتار عبارة عن خيطان من النوع الذي ك ّنا نض ّم فيه حبّات السبحة. في سن الـ 11اشتريت أوّ ل غيتار ألتعلّم العزف. بدأت بالعزف مح ّبا ً للموسيقى العربية واإلسبانيّة، وكان التلفزيون -في ذاك الوقت -يعرض برنامج اسمه «القيثارة الطليقة». عشقت الموسيقى اإلسبانيّة وقررت االحتراف، درس��ت عند أفضل مدرّ سي الغيتار السوريّين للموسيقى اإلسبانيّة الكالسيكيّة .كنت أري��د أن أدرس موسيقى الفالمنكو ،ولكن ال يوجد مدرّ سين محترفين لهذا النوع في سورية. درست موسيقى الفالمنكو عن طريق الكتب والفيدوهات ،والسماع ساعات وساعات .ق ّدمت أوّ ل أمسية موسيقيّة في المركز الثقافي العربيّ ، وملكني ذلك الشعور عند العزف على المسرح. بعدها ق ّدمت الكثير من األمسيات الموسيقيّة في دار األوبرا بدمشق ،وفي ع ّدة محافظات أخرى ،وفي لبنان. ُ عملت ك��م��درّ س غيتار في المركز الثقافي اإلسبانيّ بدمشق ( )Cervantesأخيراً ،وبعد ك ّل هذا قرّ رت االحتراف بشكل أكثر أكاديميّة.
قرار الرحيل وفعالً ،في عام 2011ذهبت إلى إسبانيا للدراسة بشكل أكاديميّ ،فدرست في كونسرفاتوار برشلونة، وعلى يد أساتذة بشكل خاصّ ،وق ّدمت العديد من األمسيات لموسيقى الفالمنكو في إسبانيا. في السنة الماضية ،شعرت برغبة بأن أعيش الفالمنكو األندلسيّ القديم في األن��دل��س ،أل ّنه الفالمنكو التقليديّ الحقيقيّ ،فانطلقت أنا زوجتي من برشلونة إلى غرناطة. وفي ليلة صيف ،بعد نهار طويل سرنا فيه للتعرّ ف على أحياء المدينة الجميلة ،بعد أن تعرّ فت على أه ّم مص ّنعي الغيتار اإلسبانيّ اليدويّ ،جلسنا – أنا وزوجتي -على سطح بيتنا الجديد المط ّل على قصر الحمراء ،وفي القصر مهرجان (فيستيفال) فالمنكو ،و كان الهواء ينشر الصوت. قلت لزوجتي :كم أتم ّنى أن يكون لديّ غيتار حقيقيّ من خشب حقيقي وفيه رائحة خشب السرو. قالت زوجتي :لماذا ال تصنع أنت الغيتار الذي تحلم به .وهنا اكتملت الفكرة التي كانت شبه نائمة في طفولتي ،قرّ ْ رت أن تصبح كبيرة وواقعيّة. في اليوم التالي ،ذهبت إلى عدد من مص ّنعي الغيتار ،أسأل أن أتعلّم منهم .األكثريّة رفضوا، ومن لم يرفض قال :إنّ لهذه المهنة أسراراً ،وهي ُتنقل من األب إلى االبن .قالوا وقالوا ..ولم أسمع. عدت حزينا ً إلى البيت وأخبرت زوجتي بما حصل. اإلصرار رغم الرفض لكنّ ما حصل جعل عندي إصراراً أكبر ألصنع غيتاري بيديّ .اشتريت بعض الكتب وشاهدت مئات الفيديوهات على يوتيوب ،اشتريت الخشب وبعض أدوات العمل وبدأت بصناعة أوّ ل غيتار. بعد شهرين ونصف انتهيت من صناعة أوّ ل غيتار وذهبت إلى صانع غيتارات مشهور بغرناطة، يقال إ ّن��ه شخص جيّد ،ذهبت إل��ى ه��ذا الصانع اسمه خ��وان ميغيل كارمونا Juan Miguel ) )Carmonaوسألته النصح، فسألني :أنت الذي صنعت هذا الغيتار؟ من أين أنت؟ وماذا تعمل؟ قلت له :أنا صنعته نعم ،وأنا سوريّ ،عازف ورسام وأحب الفنّ ،رأيت العديد من الفيديوهات
بسمة على الجدران
ﻷ ّنهم أطفال سورية فابتسامتهم تعني الكثير، ابتسامتهم لها إيحاء كبير ومميّز أل ّنهم أطفال سورية ،ويستح ّقون م ّنا الكثير ،ويحتاجون البتسامة تمسح عن جبينهم آثار الحرب التي آن لها أن تنتهي. وم��ن أج��ل رس��م ه��ذه البسمة ...ونقش تلك ّ المنظمات فرقة الفرحة في قلوبهم ،استقدمت إحدى المهرّ جين اﻷلمان لألطفال في يوم عيد اﻷضحى من العام الماضي ،وقامت بتوزيع حقائب وقرطاسيّة ومالبس صوفيّة عليهم في مدارسهم. ث ّم جاءت خطوتها اﻷخيرة ،إلعادة االبتسامة والفرحة ،وذلك باستقدامها للرسّام اﻷمريكيّ آموس غريغوري. رسالة وفرحة لدى سؤالنا السيّد «محمّد كنداوي :مدير الوكالة السوريّة الحرّ ة لإلنقاذ عن الهدف من الحفلة؟ أجابنا بأنّ هناك هدفان :أوّ لهما ،إيصال رسالة األطفال للعالم من خالل الرسومات بأ ّنه حان الوقت لوقف الحرب في سورية وعودة السالم واﻷمان إليها، وثانيهما ،وهو اﻷه ّم ،بسمة اﻷطفال وفرحتهم والتي ال تق ّدر بثمن .وعند سؤاله عن المعوقات التي تواجه الوكالة في عملها؟ كان جوابه :أكبر عائق يواجهنا هو ضعف الدعم واإلمكانيّات ..ونحن في الوكالة رغم بساطة االمكانيّات نطمح ونجهد لرسم االبتسامة على وجه أطفالنا وزرع الفرحة في قلوبهم ،لك ّننا دائما ً ما نصطدم بعائق اإلمكانيّات. ّ بالمنظمة قائالً: وعرّ ف المدير «كنداوي» هي وكالة سوريّة غير حكوميّة غير ربحيّة، تأسّست في الشهر األوّ ل من عام 2013مقرّ ها تركيا وسورية ،وهي تعنى بالمصابين والجرحى
newspaper@allsyrians.org
السوريّين نتيجة أعمال القتل وال��ع��ن��ف ال��ت��ي ي��ت��ع��رّ ض لها ال��س��ور ّي��ون م��ن ك��ا ّف��ة أط��راف النزاع وعلى كامل مساحة البلد، كما وتعمل على تقديم مختلف أنواع المساعدة اإلنسانيّة ،الط ّبيّة منها واإلغاثيّة لك ّل السورييّن على ح ّد سواء ،و تؤ ّكد الوكالة أ ّنها غير مرتبطة بأيّ حزب أو تيّار سياسيّ أو عرق أو دين أو طائفة ،كما وتعمل الوكالة على لفت انتباه العالم للوقوف إلى جانب مأساة الشعب السوريّ ومساعدته لتجاوز هذه األزمة. أنا رمست لوحة جداريّة وعندما التقينا ب��ال��رس��ام الضيف «آم��وس غريغوري» الذي جسّد برسوماته رسالة أطفالنا بشكل رائع ومميّز ،فقد أوصل رسالتهم وأبهج قلوبهم ،قال :أنا أعمل مع قدامى المحاربين في الجيش األمريكيّ ،وإنّ رسم الجداريّات عن الحرب والصدمات النفسيّة في الشارع ،هو صلب عملي، وقد بدأت بذلك في سان فرانسيسكو ،وما ترونه اليوم هو نوع منه .وأوضح «آموس غريغوري»
الفكرة الرئيسيّة والهدف من عمله هنا بالقول :الفكرة التي أعمل عليها عبارة عن الصدمة ،الصدمة التي يعيشها األطفال السوريّون هي نفسها الذي يعيشها المحاربون القدامى. وفسّر الف ّنان لنا مراحل التعليم التي ي ّتبعها في التعامل مع األطفال والمجتمع: ح ّتى تعطيهم خبرة في الحياة ولكي نستطيع مسايرة الواقع ،ولكي نبيّن لهم أيضا ً كيفيّتة ،ننطلق
وقرأت الكثير عن صناعة الغيتار ،وصنعت هذا الغيتار في بيتي. أعطاني بعض النصائح المفيدة وقال لي إ ّنه يريد أن يرى غيتاراً آخر من صناعتي .بعد شهرين، ذهبت إلى خوان ميغيل مع غيتاري الثاني ألسأله عن عملي وآلخذ بعض النصائح ،فقال لي :لقد تحسّنت بشكل كبير وسريع ،أنت موهوب وتحبّ الغيتار يمكنك أن تأتي ك ّل يوم إلى ورشتي وأنا سوف أعلّمك أسرار الصناعة لتصبح صناعتك احترافيّة ..سعادة ما بعدها سعادة أصبح لي معلّم وأستاذ.. ّ كنت أذهب ك ّل يوم ألتعلم في ورشته وأستفيد من خبرته وخبرة أصدقائه الصانعين الشكر له ولهم. أعطاني وعلّمني أس��رار الغيتار وأس��رار أنواع الخشب وسماكته ووزنه والكثير من المعلومات القيّمة. غيتار مصنوع من القلب أخذت محلاّ ً ألجعل منه ورشة صغيرة لصناعة الغيتار ،وبدأت العمل باحترافيّة أكثر وجماليّة. ِبعت العديد من الغيتارات إلى ع ّدة عازفين. واآلن ،استمتع بصناعة الغيتار والرسم والعزف، ألنّ الفنّ ليس له حدود. الغيتار الذي يصنع في المعمل على الماكينات التي ليس فيها روح ،من المؤ ّكد أ ّنه سيخرج غيتاراً
بال روح) من أجل إيجاد الروح داخل الغيتار يجب أن يكون مصنوعا ً من القلب). أشعر بالسعادة الحقيقيّة والفخر أل ّنني السوريّ األوّ ل الذي يصنع الغيتار اإلسبانيّ .
أمين بيطار
إلى العالم من الصدمة ،ولكن في كلمات خاصّة ،أنا هنا كبداية أعمل وفي المرحلة األولى على القيام بأعمال ف ّنية للناس .كم نعلّمهم األدوات الالزمة إلنشاء الصور الخاصّة بهم من قصصهم. ويشرح الف ّنان نشأة القضيّة المجتمعيّة لديه: تظهر ق��وّ ة في المجتمع عندما يتعلّق األمر باإلنسانيّة ،فاأله ّم هو التعرّ ف على المجتمع المحيط بالمدرسة ،أو رؤية األطفال وأهاليهم وتعلّم قصص من معاناتهم وحياتهم ليس فقط من إرهاب األسد. لدي القضايا نفسها من آمال وأحالم شعبي ،وهم من المهاجرين الذين قدموا ألمريكا كعبيد ،فأنا أسعى لخلق التضامن بين قضايا الناس ،لذلك ن ّفذت هذه اللوحة الجداريّة.
وعندما طلبنا من الرسّام «آموس غريغوري» أن يوجه كلمة إلى السوريّين عموما ً قال: ك ّل من يقرأ هذه الكلمات في سورية أرجو أن يفهم أ ّننا مع اآلخرين الذين يحاربون إلنهاء معاناتهم ،رغم أنّ حكومتنا (الواليات الم ّتحدة) تفعل العكس ،والذي يفعل ما بوسعه إلنهاء معاناتهم يقوم بهذا الشيء بدافع الحبّ .أمّا كلماتي األخيرة ،فأريد أن أؤ ّكد(( :أنا خادم للمجتمع ،ولك ّني لست عبداً، تألّق عندما تتألّق)) آموس غريفوري. يف احلفلة كانت الحفلة في معهد اإليمان في منطقة نارلجة في مدينة أنطاكية التركيّة ،حيث حضرها أطفال المعهد مع أطفال مدرسة الهدى والذين فاق عددهم الـ 250طفالً ،تخلّل الحفلة توزيع الوكالة المالبس الصوفيّة والحلوى والشوكوال على اﻷطفال ،ممّا ترك عظيم األثر في نفوسهم.
أنطاكية -كلّنا سوريّون
7
مجزرة النّهر
يوم ليس كباقي األيّام ،حين استفاق أهالي حلب على هول واقعة لم يشهد تاريخ البشريّة لها من مثيل ،فالنهر الذي كان منبع الحياة لحلب وكان أهالي حلب يذكرونه بين الج ّد والهزل تحوّ ل على يد النظام المجرم إلى نهر الموت الذي يحكي عن مجزرة راح ضحيّتها حوالي 240مدن ّيا ً بريئا ً بينهم نساء وأطفال. وكعادته حاول المجرم (النظام األسديّ ) ا ّتهام المعارضة بقتلهم مدعّما ً روايته بحجج ال تنطلي على الطفل الصغير. وبما أنّ المعهد السوريّ هو من قام بتوثيق هذه المجزرة من خالل كوادره ،توجّ هنا إلى إدارة المعهد ،حيث قابلنا مدير المعهد المحامي عبد القادر مندو ،وح ّدثنا عن المجزرة قائالً: ظهرت الجثث صبيحة يوم الثالثاء تاريخ 2013\1\29 نتيجة انحسار تدريجيّ لمياه نهر «قويق» حيث كانت الجثث على طرفي سرير النهر في حيّ بستان القصر ،وت ّم انتشالها، وكان عددها ّ 90 جثة ،ظهر عليها جميعها آثار التعذيب وكانت بغالبيّتها مكمّمة األفواه ومكبّلة األيدي. توالى وصول الجثث على مدى 45يوماً ،وكانت تصل الجثث بمع ّدل ّ 15 جثة ك ّل أسبوع ،وكان آخر وصول للجثث يوم 2013\3\13وذلك بعد أن رأينا إغالق العنفات التي ّ تغذي النهر من س ّد تشرين في الريف الشماليّ ،وأخذنا قراراً بذلك من مجلس القضاء الموحّ د ،وذلك لقطع الطريق على النظام في االستمرار في مجزرته التي جمعنا الكثير من األدلّة على أ ّنه هو من قام بالمجزرة. بلغ العدد النهائيّ للجثث ّ 240 جثة بينها شيوخ وخمس نساء وطفل عمره ال يتجاوز 15عاما ً وك ّل الشهداء مدنيّون ،وهنا: عدد من الجثث دفعته مياه النهر لمسافة 25كم جنوب حلب، ت ّم التعرّ ف على ّ 60 جثة من قبل ذويهم وسلّمت إليهم أصوالً، وت ّم فيما بعد أخذ شهاداتهم ،أمّا الجثث التي لم يت ّم التعرّ ف عليها ت ّم تسجيل مواصفاتها وأخذ صورة عنها وأعطيت رقم في السجلاّ ت ،مطابق لرقم القبر الذي وضِ ْ عت فيه. قام المعهد من خالل مجموعة من المحامين وأخصائيّين باألدلّة الجنائيّة وأطبّاء شرعيّين بإعداد ملفّ دعوى جنائيّة، ورفعت للمحكمة الجنائيّة الدوليّة وقي ْ ّدت في سجلاّ تها ،وإلى اليوم لم تحرّ ك المحكمة ساكنا ً في هذه الدعوى ،وال زلنا نتابع الملفّ إلى اليوم. وللوقوف على حالة الجثث وتشخيصها قمنا بزيارة رئيس الطبابة الشرعيّة المل ّقب «أبو جعفر» أخصائيّ باألدلّة الجنائيّة والذي أدلى بشهادته قائالً :أنا من قمت بتشخيص ك ّل الجثث ،ورأيت أنّ ك ّل الجثث قد قتلت من مسافة قريبة وبطلق بالرّ أس من سالح حربيّ أ ّدى إلى انفجار الجمجمة وخروج الما ّدة الدماغيّة من مكانها كلّها أو قسم كبير منها كما أنّ آثار التعذيب ظاهرة على معظم الجثث ،وبعض الجثث شوّ هت باألسيد ،كما أنّ بعض الجثث ،ونتيجة مكوثها بالماء ألكثر من أسبوع ،ضاعت معالمها وأصبح من الصعب التعرّ ف عليها ،وقبل دفن الجثث قمنا بأخذ عيّنات من الشعر لتحليلها فيما بعد للتعرّ ف على أصحابها.
الشهادات كثيرة حول المجزرة سواء من قبل الناشطين الذين انتشلوا الجثث من النهر أو من قبل أهالي الشهداء الذين تعرّ فوا على أبنائهم ،حيث أ ّكدوا أنّ أبناءهم فُقدوا في المناطق التي يسيطر عليها النظام ،وأ ّنهم إمّا ذهبوا للعمل أو شراء حاجياتهم ،أو من قبل بعض من قام بهذه المجزرة بعد أن ت ّم أسرهم من قبل الجيش الحرّ وسماع شهاداتهم. ها هي سنتان مرّ ت على المجزرة وهي ليست الوحيدة ّ بحق الشعب السوريّ وال زالت المجازر مستمرّ ة تحت نظر وسمع العالم أجمع دون أن يتحرّ ك المجتمع الدوليّ ال ّتخاذ ّ الجزار الذي ما فتئ يفتك بشعبنا. موقف يُدين
احملامي عبّاس املوسى www.allsyrians.org
8
العدد 24
اقتصاد و قانون
/4شباط 2015/
الثورة السورّية بين حرب االستنزاف وتجارة األسلحة... من األجانب يتح ّدثون العربيّة وبينهم «مصريّون وعراقيّون وأردنيّون وليبيّون وسودانيّون» ،وذلك كلّه ّ يؤثر سلبا ً على الالجئين المقيمين في تركيّا ،أل ّنه يتهمها بأ ّنها الداعم الرئيسيّ لتلك التجارة بسبب فتحها للحدود مع سورية ،إلاّ أنّ قوّ ات األمن التركيّة تحاول جاهدة أن توقف تلك التجارة ،ولكنّ كبر الشريط الحدوديّ يسبب عجزاً في توقيف تلك التجارة. ليبيا السوق األكرب عربيّاً يف السالح
منذ بدء ثورتنا ،أو كما يسمّيها البعض األحداث في سورية ،عمل نظام األسد جاهداً على قتل األمن واألمان وخلق حالة من الرعب والحياة في ظ ّل غابة، مستخدما ً ك ّل وسائله في ز ّج اإلرهابيّين الذين تكلّم عنهم منذ بداية ثورتنا ،ولِ َم ال؟ وهي المسّبب الرئيسيّ والمبرّ ر الوحيد في قصف المدنيّين ّ العزل ،األمر الذي جعل من تجارة السالح تزدهر ،وبشكل كبير فأصبحت تلك المهنة مثل الكنز يجهد أصحاب الحاجة والباحثون عن المجد ،هواة ومحترفون ،والك ّل ممّن يكونون ذات أنفس ضعيفة ورخيصة ،هنا يلهث خلف زغردة السالح األقوى ،اإلقبال الكثيف خلق منافسة شديدة بين أصحاب المهنة الواحدة ،هكذا يحتدم الصراع على مختلف المستويات ،ك ّل األسلحة في ساحة القتال مباحة ،سواء الدينيّة أو العسكريّة ،وفي الوقت نفسه
المال الوفير الذي يعرض لتأمين السالح ،اإلغراء هنا ال يُقاوم ،ماليين الدوالرات ُتصرف يُمنة ويُسرة في هذه اللعبة ،والك ّل يتم ّنى ويرغب في الّلعب في تلك الّلعبة ،بل أصبح نوعا ً من المدح (ماذا تعمل؟ تاجر سالح ،والحمد هلل) هذه العبارة سمعتها من أكثر من شخص سوريّ يقيم بين تركيّا واألراضي السوريّة، وقد برز اسم تركيّا كأحد األماكن التي تزدهر فيها تلك التجارة ،وهناك مدن تركيّة صغيرة على الحدود مع سورية تع ّد نموذجا ً النتعاش تجارة الحرب ،حيث أخذها التجّ ار كمنافذ لبيع ك ّل أنواع السالح ،وكان واضحا ً أنّ المشترين في هذه المتاجر أشخاص يتد ّفقون عليها من مختلف أنحاء الشرق األوسط ،ح ّتى أصبحت هذه المدن ُتعرف بالقاعدة الجديدة للبيع والشراء لمع ّدات الحرب، ويقول األتراك أصحاب هذه المتاجر :إنّ عمالءهم
اعتقاالت تطال ّ كل المك ّونات السورّية
كبرئيل موشي كورية مواليد القامشلي 1962م��ن القادة السياسيّين القوميّين السلميّين لشعبنا في سورية. يشغل المهندس كبرئيل منصب مسؤول المكتب السياسيّ ّ للمنظمة اآلثوريّة الديمقراطيّة السوريّة المعارضة التي تع ّد من أقدم األحزاب اآلشوريّة ،تأسّست عام . 1957 تعرّ ض لالعتقال التعسّفيّ بعد قيام جهاز المخابرات العامّة (أمن الدولة) – فرع القامشلي – بمحافظة الحسكة باستدعائه بتاريخ 19كانون األوّ ل ،2013ث ّم تمّت إحالته إلى دمشق، وجرى نقله إلى سجن عدرا في شباط ،2014ومازال محتجزاً ح ّتى هذه اللحظة ،وتت ّم محاكمة كبرئيل أمام محكمة قضايا اإلره��اب على خلفيّة ا ّتهامات منها :االنتماء لتنظيم سياسيّ ّ مرخص ،والتحريض على العنف لإلطاحة بالحكومة سرّ ي غير السوريّة بموجب المادة 8من قانون مكافحة اإلرهاب السوريّ الصادر عام ،2012وتأتي هذه االتهامات على خلفيّة نشاطاته السلميّة التي تتضمّن العمل على نشر ثقافة التآخي والحوار بين المكوّ نات السوريّة ،والنضال في سبيل تحصيل حقوق الشعب اآلشوريّ في سوريّة ضمن إطار وحدة البالد أرضا ً وشعباً، والسعيّ في سبيل تحقيق التغيير الديمقراطيّ في سوريّة. ويثير استمرار اعتقال كورية العديد من التساؤالت حول وجود رغبة أو نيّة صادقة لدى الحكومة السوريّة في ح ّل سياسيّ من أيّ نوع كان ،وتقديم ولو القليل من التنازالت إليقاف الصراع السوريّ ،وقد أصدر المرصد اآلشوريّ لحقوق اإلنسان بيانا ً يطالب فيه السلطات السوريّة باإلفراج الفوري عن القياديّ اآلشوريّ السوريّ كبرئيل دون قيد أو شرط ،كما ويرون في استمرار احتجازه مخالفة صريحة لقرار مجلس األمن الدوليّ رقم ( )2139الصادر في شباط 2014الذي يطالب باإلفراج عن جميع المحتجزين تعسف ّيا ً في سوريّة نتيجة نشاطهم السلميّ أو الصحفيّ أو اإلنسانيّ . وكان اتحاد شبيبة اآلشوريّة في السويد قد منح كبرئيل جائزة الرجل اآلشوريّ لعام 2013وذلك من خالل اجتماعه السنويّ في مدينة غوتنبرغ السويديّة ،وقد جاء هذا التكريم تقديراً لجهوده. الحريّة لعشاق الحريّة.
newspaper@allsyrians.org
ال يختلف اثنان في أنّ ليبيا أصبحت أكبر سوق سوداء للسالح ،وذلك جعل منها مقصداً لتجّ ار األسلحة والمافيات الدوليّة ،هناك تنخفض أسعار قطع السالح كثيراً كأ ّنك تشتريها من بلد المنشأ ،حيث هناك خدمة التوضيب والتوصيل تحصل عليها مجّ انا ً بمجرّ د شراء بضاعتك ،إنّ السالح هناك متو ّفر بسهولة ،وفي متناول الجميع ،ويشير إلى أنّ سهولة توضيب شحنات السالح وإرسالها إلى أيّ بلد كان تكاد تشعرك بأ ّنها كالمساعدات الغذائيّة. لبنان تزدهر يف جتارة السالح...
وأ ّم��ا في لبنان فالسوق ازده��ر بعشرة أضعافه، كذلك ازداد بشكل ملحوظ عدد العاملين بمهنة تجارة السالح وتهريبه لما تؤمّنه من أرباح ومردود ما ّدي لفئة المغامرين العاملين في هذه المهنة المع ّقدة ،ناهيك
عن حقول األلغام التي زرعتها قوّ ات النظام على طول الحدود البريّة الشرقيّة والشماليّة مع لبنان ،وهذا أمر مضحك ،فهم زرعوا في أماكن وتركوا أخرى ،أل ّنهم الرؤساء لتلك المافيات ،إلاّ أنّ السواتر الترابيّة التي وضعتها قوّ ات الجيش اللبنانيّ جعلت تلك العصابات تلجأ إلى البغال في نقل أسلحتهم وبضائعهم ،ومن أكثر المعابر شهرة في لبنان لتهريب السالح والممنوعات تنتشر في ك � ّل من مناطق وادي خالد وعرسال وجرودها. حرب استنزاف الدم السور ّي بأيدي ّ جتار السالح.. أمّا اآلن ،وبعد استنزاف للدم السوريّ لم ّدة أربع سنوات لم يعد السالح الخفيف مطلوبا ً هذه األ ّي��ام، يبحث تجّ ار السالح عن سالح متوسّط أو ثقيل ،مثل (قذائف المدفعيّات والهاون والصواريخ) إن و ِجدت، ّ متعطش لسالح يحدث فرقاً، فمسرح المعارك السوريّ في البدء كان شراء رشاش روسيّ وتهريبه إلى سورية إنجازاً كبيراً ،ولكن لم يعد الحال كذلك ،بل اختلف كثيراً ح ّتى تكاد تنعدم أه ّميّة الر ّ شاش الروسيّ بالنسبة للثوّ ار ،ح ّتى تحوّ ل األمر إلى تجارة أسلحة وتهريب عكسيّ ،وتحديداً للر ّ شاشات الروسيّة التي فاضت بها سوق السالح السوريّة ح ّد التخمة ،فاألسلحة الثقيلة هي التي تميل كفّ الميزان ،إذ ترى مصادر في المعارضة السوريّة المسلّحة أنّ استمرار الحال على ما هي عليه، تعني استنزاف دماء الشعب السوريّ ،ويقول أحدهم ) لن يُسقط الكالشنيكوف النظام ،نريد صاروخاً) انطالقا ً من هذه النقطة يظهر أنّ ك ّل هذا من أجل تدمير الشعب السوريّ ،وسرقة ثورته وتدمير أرض��ه وتحويلها لمختبر إلف��راغ وتجريب ك ّل شحنات السالح على األراضي السوريّة وتجريبها على الدم السوريّ .
أمري جنم الدين
نْ َفطنا ،بيد أكثر من «مافيا»
وفي مسألة الكهرباء ،قام المواطنون بتدبّر أمورهم عبر ما أسموه «األمبيرات»
وه��ي عمليّة توليد الطاقة الكهربائيّة عبر المولّدات التي تعمل بالمازوت أو البنزين ،وتم ّد المنازل بالح ّد األدنى من الكهرباء مقابل مبالغ أسبوعيّة تصل إلى آالف الليرات السوريّة؛ ألنّ التيّار النظاميّ قد يأتي لبضع ساعات في األسبوع، أو ال يأتي! ويتباهى النظام السوريّ بأ ّنه يؤمّن الخبز بأسعار مخ ّفضة في المناطق التي يسيطر عليها ،ويم ّدها بالمساعدات الدوليّة ،ألنّ المسلّحين يمنعونه من إدخالها إلى المناطق األخرى ،كما ي ّدعي. الصفقات احلقيقيّة ،مَن وكيف وكم؟ لماذا يرتفع سعر المازوت في سورية؟ بينما تنخفض أسعاره في العالم إلى النصف؟ فقد ارتفع منذ أيّام سعر المازوت من 80إلى 125ليرة سوريّة ،أي بزيادة أكبر من ،%56وهذه الزيادة سبقتها خالل السنوات األربع الفائتة قفزات متعاقبة، ففي عام 2011كان سعر ليتر المازوت 7ليرات سوريّة؛ وحجّ ة النظام في رفع السعر -حسب ما أورد مسؤولوه على شاشة التلفزيون -القضاء على السوق السوداء. م���ن ال���م���ع���ل���وم ،أنّ ال��ت��ه��ري��ب واألس�����واق السوداء في سورية منذ عشرات السنين – وما زالت – بيد رجال النظام م��ن العائلة ومحيطها، وه��م أنفسهم م��ن ينجز اليوم صفقات شراء النفط الخام مع «داعش» حيث يشترونه من التنظيم ،ثم يبيعونه لشركات أجنبيّة، أو يبيعونه للمصفاتين الرئيسيّتين الباقيتين وهما في حمص وبانياس، واللتان تعمالن بـ % 10من طاقتهما فقط ،حسب تصريحات سليمان حيّان نائب وزير اقتصاد األسد. وتوصف السوق السوداء للنفط في سورية بـ «المزدهرة» وأ ّنها السبب في اندالع «احتجاجات ض ّد الفساد في المناطق التي يتم ّتع فيها نظام األسد بتأييد قويّ ».
وقد حدث في الفترة األخيرة أن قام مواطنون في الالذقيّة باحتجاجات بعد الش ّح الكبير في الوقود، وارت��ف��اع أس��ع��اره ،مثل مختلف أشكال الطاقة عموماً ،وقال بعض المواطنين :إنّ رجال مافيا النظام يسيطرون على استالم الوقود من النظام، ويبيعونه مرّ ة أخرى باألسعار التي يفرضونها. مع العلم ،أنّ العقوبات المطبّقة على سورية من
لكنّ ما يجري من صفقات في الواقع ُتظهر أنّ الموضوع أكبر من ذلك بكثير؛ فهنالك أسواق نشطت محلّ ّيا ّ وتقدر بماليين ال��دوالرات ،وهي الصفقات التي تت ّم بين «داعش» ورجال «أعمال» من مافيا النظام ،تؤمّن دخالً لتنظيم «داعش» يزيد عن مليون دوالر يوم ّياً؛ باعتبار أنّ إنتاج آبار محافظة دير الزور وحدها ،والتي تق ّدر بالمئات، تنتج 130ألف برميل يوم ّياً .بحساب بسيط على أساس أق ّل من 10دوالر للبرميل ال��واح��د ،يمكن تصوّ ر تمويل «داعش» ك ّماً ،وبالطبع كيفاً! وفي الواقع أيضاً ،تجري عمليّات تكرير بواسطة م��ص��اف ت��ق��وم بعضها بمعالجة ما يصل إلى ألف برميل يوم ّياً ،وبسعر يزيد بثالثة أضعاف عن الخام.
الدول الغربيّة أو األمم الم ّتحدة ،ال تشمل منع بيع الوقود من وإلى سورية ،باإلضافة إلى «الهدايا» اإليرانيّة من وقود الديزل إلى النظام. كما يربط مسؤولون رسميّون ،ن��درة الوقود وارتفاع أسعاره بعمليّات التهريب إلى لبنان، ويبرّ رون قيام النظام برفع األسعار على أساس أن يح ّد ذلك من التهريب ،وما يقال عن المازوت يقال عن البنزين ،وكذلك الغاز.
هنا ،يمكن أن نضيف كم هي أرباح مافيا النظام في حال باع النفط خاما ً أم كرّ ره؟ فهل تصل األرقام إلى ما يزيد عن 3مليون دوالر يوم ّيا ً أم ال؟ مع هذا ،يرفع النظام السعر على (المواطن) الذي ظ ّل لعشرات السنين ،ال يجرؤ ح ّتى على ذكر كلمة النفط السوريّ ،أو إلى أين تذهب عائداته؟!
عبد اهلل منديل www.allsyrians.org
مجتمع
العدد 24
9
/4شباط 2015/
حلب مدينة النساء والعجائز
منذ أن بدأت الثورة ،بدأت المدينة تخلو تدريج ّيا ً من شبابها ،فنسبة كبيرة من الشباب إمّا اعتقل أو استشهد ،ومنذ أن انقسمت حلب إلى قسمين زادت ح ّدة “الهجرة الذكوريّة” من قسم إلى آخر ،ما لبث ذاك القسم أن أصيب بعدوى تلك “الهجرة” بعد تر ّكز وانتشار تنظيم “داعش” بشكل واسع فيه ،ومع مرور الزمن ،وما بين هروب الشباب من األوضاع المعيشيّة الخانقة من جهة والبطالة القاتلة من جهة أخرى، وبين هروبهم من أداء الخدمة اإللزاميّة ،تحوّ ل بقاء الشباب هنا في هذه المدينة إلى مدعاة للتعجّ ب. واليوم زاد األمر سوءاً بعد أن أعلن جيش النظام عن حاجته لالحتياط؛ وهكذا تحوّ لت حلب إلى مدينة للنساء والعجائز واألطفال.
والنظاميّ ك ّل على حدة ،إضافة إلى انتشار السالح بشكل مخيف بين أبنائه ،عداك عن تو ّقف المؤسّسات التعليميّة عن أداء عملها واستمرارها شكل ّيا ً وظاهر ّيا ً ال غير ،وغيرها من المشكالت االجتماعيّة المختلفة التي تتركها الحرب. ولربّما األمر لن يتو ّقف هنا ،فنتيجة لهذه “الهجرة الذكوريّة” نالحظ بدء هجرة اإلناث الشابّات منها أيضاً ،ففعل ّيا ً ما من شيء بقي هنا في هذه المدينة، ح ّتى ال��زواج بات شيئا ً بعيد المنال ،إضافة إلى البطالة وع��دم توافر فرص العمل ،وإن وجدت
ر ّب��م��ا سيبقى ه��ذا األم��ر مقبوالً -ن��وع�ا ً م��ا -ح ّتى السنة القادمة ،لك ّنه لن يكون كذلك أكثر ،وسيترك آث��اراً نواح مختلفة، سلبيّة جمّة على ٍ ولربّما بدأت تلك اآلثار في الظهور على السطح منذ اآلن ،ولك ّنها الت��زال غير متفاقمة للح ّد األسوأ. ف��ه��ذا ال��خ��ل��ل ال��ح��ا ّد في المجتمع لن يكون بال آثار حا ّدة أيضاً ،حتماً ،بدءاً من الناحية االجتماعيّة ،وانتها ًء باالقتصاديّة مروراً بالنفسيّة ،فمدينة كاملة من النساء لن تكون خالية من المشكالت حتماً! ولربّما أش ّد النواحي ّ تأثراً بهذا الخلل هو الناحية االجتماعيّة بال شكّ ،طالما أنّ التغيير الذي حدث ويحدث هو تغيير طال المجتمع بح ّد ذاته ،إضافة إلى أنّ هذا التغيير لم يحدث بشكل تدريجيّ أو أخذ الوقت الكامل له ،بل حدث بشكل سريع ومفاجئ دون أيّة تدرّ جات ،عوضا ً عن أنّ حدوث هذا التغيير كان في وقت شديد الحرج ،فالمجتمع الحلبيّ كان يمرّ بأزمات ح��ا ّدة أخطرها :تقسيم هذا المجتمع إلى مجتمعين واجتياح اإلرهاب بشكليه “الداعشيّ ”
فهي بأجور أدنى من المطلوب والمناسب لظروف المعيشة المرتفعة ج ّداً ،وهكذا يمكننا أن نتنبّأ بأنّ حلب ستتحوّ ل إلى مدينة للعجائز ،فقط ،في غضون سنوات قليلة إن بقي الحال على ما هو عليه اآلن ،أو إن أصبح أسوأ. ويمكننا أن نتنبّأ بمشاكل اجتماعيّة أخرى قد تلوح في األفق ،كتو ّقع انتشار تع ّدد الزوجات بشكل كبير، إضافة إلى انتشار ال��زواج العرفيّ أو المتعة أو غيرها ،عدا عن زواج القاصرات وتباعد فرق العمر بين الزوجين وغيرها من المشكالت االجتماعيّة
التي من شأنها أن تجرّ المجتمع إلى مزيد ومزيد من الجهل والتخلّف والظالم. وعلى الرغم من أنّ الناحية االجتماعيّة هي أش ّد ما ّ سيتأثر بهذا التغيير ،وبوسعنا القول إنّ حاالت النفي غير المباشرة هذه التي تطال الذكور من المجتمع، ال ب ّد أن ت ّترك آثارها السلبيّة على نفسيّة الشباب المهاجرين وأهاليهم المتروكين هنا؛ فاإلحباط واليأس واالكتئاب أش ّد اآلثار النفسيّة وضوحا ً على كال الجانبين ،فالشابّ المهاجر سيضطرّ إلى العمل خارجا ً بأجور منخفضة وساعات كثيرة ،وقد يرضى أن يكون موضعا ً لالستغالل، أو العمل ضمن شروط عمل غير أخالقيّة وغير مناسبة مقابل القليل ممّا يس ّد حاجته، وه���و مجبر ع��ل��ى ال��خ��روج من هذه المدينة وإلاّ سيكون مشروع قتيل أو مشروع معتقل في غضون أشهر قليلة ،وهل بوسعنا أن نتخيّل األ ّم واألبّ واألخوة والحبيبة وغيرهم من المتروكين هنا؟ فهذه “الهجرة” ُتشيع جوّ اً من مشاعر الخوف والحزن والخوف من الفقد، فتتحوّ ل تلك المشاعر من مشاعر نفسيّة فرديّة إلى ظاهرة نفسيّة اجتماعيّة. ورغ���م أنّ ه��ذا األم���ر له آث���اره الكبيرة على الناحية االقتصاديّة ،إالّ أ ّننا لن نوردها هنا ،وذلك بسبب انهيار االقتصاد شبه الكامل في سورية ،وربّما تكون هذه الظاهرة أكثر بروزاً في مدينة حلب إلاّ أنّ ذلك ال يعني أنّ المدن األخرى ال تعاني منها ،ولك ّنها فقط أكثر ح ّدة هنا. ويمكننا اآلن أن نتخيّل سورية بعد م ّدة من الزمن إن استمرّ الحال على ما هو عليه اآلن -علىأ ّنها بلد العجائز ،ولك ّنها لن تقتصر على ذلك ،بل ستتحوّ ل إلى بلد للقتلة والمجرمين.
ريم احلاج
شيماء الصبّاغ السورّية ..
مهما حاولت أن تتجاهل مالمحها في تلك اللحظات األخيرة من حياتها ،كما فعل المارّ ون من قربها حين سقطت ،لن تتم ّكن من ذلك ،فذاك الوجه النازف حين تهاوى جسدها ،واليدان اللتان تحاول حضنها في محاولة لمنعها من السقوط ،ك ّل ذلك سيحاصرك في مشهد خالد حول استشهاد الفكر الحرّ األعزل أمام عنف العسكر وسالحه. شيماء الصبّاغ التي سقطت ج��رّ اء إصابتها برصاص ّ مطاطي في الرأس من قبل رجال الداخليّة في يوم االعتصام بالورود لتكريم شهداء ثورة مصر، قد يقول القارئ «ما عاد يستوقفني مثل هذا السقوط، إنّ السقوط المدنيّ الجماعيّ في سورية تحت وطأة القصف الممنهج فاق المعقول ولبّد اإلحساس في قلوبنا ،كيف تريدين أن أتعاطف مع هذا الحدث الفرديّ ؟» غير أ ّنك يا صديقي حين تمعن النظر في سقوط شيماء السلميّ الشامخ ،ذاك التهاوي دون االنحناء، ستعود أيّها السوريّ الغارق بالدماء ح ّتى أذنيك إلى لحظات مشابهة ،الب ّد أ ّنك خضّت مثلها ،أو أ ّنك تابعتها بشغف حين كانت الكلمة تجابه السالح، قبل أن يت ّم االلتفاف على صدقها من قبل السلطة، والمتاجرة بأحالمها من قبل الساسة ،وشرذمتها بالعنف المضا ّد ،ولست هنا في معرض الحديث عن تحوّ الت الثورة السوريّة ،فسقوط شيماء التراجيديّ أعادني بالذاكرة إلى إحدى المظاهرات الجامعيّة في
newspaper@allsyrians.org
تالشت من روحه.
حلب ،بل إلى مشهد من تلك المظاهرة ،حيث أُصيبت فتاة جامعيّة بطلق ن���اريّ وكانت تسير في الشارع حاملة عينها المصابة بيدها، ن��ع��م ص � ّدق��ن��ي كانت ْ وحاولت تحمل عينها، أن تستنجد بصاحب إح��دى المحلاّ ت غير أّن��ه أغلق باب المح ّل بوجهها وكأنّ اإلنسانيّة
المج ّندون يكتسحون الشارع باعتقاالت عشوائيّة، الرصاص ال يهدأ ،والمارّ ون يتجاهلون ما يحدث وكأ ّنهم من كوكب آخر ..تماما ً كما حدث في األمس مع شيماء المصريّة كانت دماؤنا رخيصة وأحالمنا الكبرى في العدالة والحريّة والكرامة لم تصل إلى قلوبهم ،فكيف بعقولهم؟ لم تصل إليهم ح ّتى وصلنا إلى أيّامنا الدمويّة هذه ،حيث غدت األرواح تزهق بالك ّم ال الكيف، وما سقوط شيماء إلاّ دليل على أنّ الكلمة خالدة في نضالها ،وال يجب أن ننسى شهداءنا ،أولئك الذين ماتوا بشرف أعزل أمام وحشيّة السلطة وسالحها الغادر ،إنّ من يقصف اليوم ربّما يجد لنفسه تبريراً بأ ّنه يحارب أوكار اإلرهاب ،بحسب البرمجة العقليّة التي مورست لتعديل مبادئه وتخدير ضميره ،لكن ما هو التبرير الذي يدفع ذاك المج ّند بدم بارد إلى ضغط الزناد ليوجّ ه رصاصة في قلب ثائر يجابهه بالصوت والكلمة؟ هي أسئلة لطالما أرّ قتنا ،حول المارّ ة العابثين بقيمة أرواحنا ،نحن من نحلم بأن نشاركهم بوطن أفضل ،وذاك المج ّند الذي يقتلنا بدم بارد في الوقت الذي نأمل أن ينتمي إلينا ويكون حمايتنا ،هل يكفي أن يكون القانون المحميّ بسلطة السالح هو الجامع بين الشعب؟ يح ّدد لهم حقوقهم ،وما لهم وما عليهم لنعيش
بعزلة ،ال يهمّنا ما يصيب غيرنا ،لك ّننا تحت مسمّى الوطن الواحد ،أم أنّ اإلنسانيّة يجب أن تتفوّ ق على القانون في معيار المواطنة واالنتماء؟ وبمعنى آخر ،هل تنتمي -يا شريكي في الوطن إلى دمّي ،أم تنتمي إلى أرضي؟ تأ ّكد حين تنتميإلى أرضي ،فإ ّننا سنكون في حالة نزاع دائم ،وإن مرّ ذاك النزاع بسبات طويل سوف يصحو على أوّ ل خالف دينيّ أو قوميّ لتنشب الحرب بيننا تماماً، كالحرب التي نحيا في دائرتها اليوم ،ندفع الثمن باهظا ً لتحقيق مطامع من يشتهي السلطة ومن تاجر بثورتنا ،غير أ ّنك إذا انتميت إلى دمي فسنكون سويّة ّ الحق وأصحاب العيش أصحاب الثورة وأصحاب المشترك في وطننا المشتهى ،ولن يفرّ قنا شيء.
فلنُبحر.. هل تملّكتك الرغبة يوما ً ما في زيارة بل ٍد ما والتعرّ ف على حضارات مختلفة ووجهات نظر مغايرة لما تعرفه؟ ربّما يصعب علينا أن نجوب العالم ،ونذهب هنا وهناك لنستكشف ما ُتخفيه هذه األرض ،ولكن هناك طريقة تم ّكننا من هذا التجوال ،إ ّنها القراءة؛ فأن تفتح كتاباً ،هذا يعني أ ّنك مُقبل على عالم كامل بال شكّ ،عالم جديد كنت تجهل الكثير والكثير ع ّنه ،فمن يقرأ يكون قادراً على أن يزور بقاع األرض جميعها .ال بل ،يستطيع أيضا ً أن يخترق الزمن فيعود للتاريخ ويُمحّ صه ،أو يذهب للمستقبل ويرى ما يُمكن أن تؤول إليه حياته. القراءة ُتغني أرواحنا ،فمن يقرأ يجد نفسه قادراً على بشكل أفضل وفهم احتياجاته ورغباته ،فكثيراً فهم ذاته ٍ ما نظنُّ أنّ الكاتب يتح ّدث ع ّنا ونقول :يا له من عبقريّ كيف استطاع أن يعرف ما بي ويصف حالتي في الوقت الذي عجزت أنا عن وصفها؟ وستجعلك تفهم َمن حولك بشكل أكبر وبوعيٍ أكبر ،فهنالك الروايات التي تحلّل لك الشخصيّات وتعطيك التصرّ فات والدوافع التي أ ّدت إليها وتصف لك العالقات بين البشر على حقيقتها ،و ُكتب الرأي التي تستعرض لك اآلراء المختلفة ،فتجد كم كنت صغيراً وجاهالً قبلها! وكم امتلكت من علم بعدها ،فترى نفسك عالما ً بما َ كنت به جاهالً. ككتاب “حيونة اإلنسان” للكاتب “ممدوح عدوان” الذي يتكلّم فيه عن تلك العالقة الوحشيّة التي تنشأ بين البشر وتحيلهم لوحوش حيوانيّة ،فيستعرض األسباب والمسوّ غات التي تدفع وتسمح لنفس المجرم التصرّ ف بشكل حيوانيّ ، وكما يتكلّم عن طبيعة الضحيّة وتأثير هذه العالقة الحيوانيّة لشخص آخر مع مرور الزمن، عليه أيضاً ،وكيف تحيله ٍ وغالبا ً ما يكون الجلاّ د هو ابن النظام المستب ّد الذي يسعى ّ ويخطط لهذه العالقة الحيوانيّة الشبه مدروسة ،والضحيّة هو ابن عامّة الشعبِّ ، ممثالً بدوره السوّ اد األعظم من الشعب. وكتاب “التخلّف االجتماعيّ ،سيكلوجيّة اإلنسان المقهور” للكاتب والباحث مصطفى حجازي ،الذي يتكلّم به عن البنيّة النفسيّة لإلنسان في بلدان العالم الثالث عموما ً (وبلدان المنطقة ولبنان على وجه الخصوص) ذات البيئة المتخلّفة اجتماع ّياً ،فيشرح العديد من التصرّ فات التي قد تبدو غير مقبولة منطق ّيا ً ولكن تركيبة اإلنسان المتخلّف تدفعه للقيام بها ،فيشرح مدى تأثير االضطهاد النفسيّ واالجتماعيّ الذي تمارسه األنظمة وك ّم الخوف والرعب الذي تزرعه في نفوس مواطنيها ،التي سيكون لها الدور األكبر في آليّة تحوّ ل اإلنسان لكائن غير طبيعيّ وباألخصّ في حال وجوده في بيئة اجتماعيّة متخلّفة ذات مستو ثقافيّ ٍ متدنٍّ ،فمن يقرأ هذا الكتاب يستطيع اإلجابة على الكثير من األسئلة التي تراودنا عن تصرّ فات وأفعال ال نفهم لها سببا ً ظاهراً وواضحا ً ونراها منتشرة بكثرة في أيّامنا هذه. أردت استعراض بعض األمثلة عن الكتب إلظهار مكانتها في هذا الوقت الذي نمرّ فيه، فلطالما ارتبط تطوّ ر البلدان وازدهارها بمع ّدالت القراءة فيها ،فنجد بلدان العالم األوّ ل تحظى بأعلى نسب من القراءة، وبلدان العالم الثالث تكاد تكون النسب فيها معدومة. أحيانا ً تعاني القراءة من مشكلة ما ،كأن يكون من يقرأ جاهالً بوجود كتاب وفكر غير الذي يقرؤه ،فنجد هكذا أشخاص يتب ّنون أيّة فكرة يقرؤونها ويص ّدقونها تصديقا ً أعمى ،دون أن يضعوا بين أعينهم احتمال أن تكون الفكرة غير صحيحة ،أو أنّ هناك ما يناقضها وأحيانا ً يدحضها، لذا علينا أيضا ً عندما نقرأ ألاّ ُنسلّم تسليم األعمى لك ّل ما تقع أبصارنا عليه. فالقراءة ُت ّ شذب الشخصيّات وتعطيها بعداً حقيق ّياً ،فنجد الشخص المث ّقف أكثر رحابة صدر في تقبّل اآلخرين وأكثر منطقيّة في التعامل مع الحياة عامّة ،وليس كالق ّ شة داخل البحر تأخذه األمواج المتالطمة وتعيده. بالتأكيد ،هناك من مُدعيّ الثقافة الكثير ،أولئك الذين يقرؤون ولك ّنهم كاألجهزة اإللكترونيّة يحفظون ما يقرؤون، دون أن تنصهر الثقافة فيهم وفي يوميّاتهم ،يسعون فقط للمكانة االجتماعيّة ،ولقب المث ّقف ولك ّنهم فارغو المضمون.
ربّما يكون األوان قد فات ،لك ّني ح ّتى آخر رمق سأطلب منك أن تف ّكر بما فعلناه سويّة ،ف ّكر بدمي ودمك ،بدماء من سقطوا بشرف ،وبدماء من سقطوا ظلماً ،لنبني مج ّدداً من أشالء حلمنا الذي ّ مزقته الحرب ،وتع ّنت الكثيرين وتلبّدهم بلداً يجمعنا برابط اإلنسانيّة. مي الفارس
ّ
نعم ،لقد عملوا على تجهيلنا كثيراً ،ولكن نحن أيضا ً من ساعدناهم على ذلك ،فال أحد يمنعك من أن تقرأ كتاباً، أكان في األدب أم التاريخ أم كتابا ً علم ّياً ،فلتتخيّل فقط عالما ً وعلوما ً كثيرة في متناول يديك. ما أبخلنا! حين ُنضيّع هكذا فرصة من المعرفة على أنفسنا.
سارة ع ّز www.allsyrians.org
10
العدد 24
/4شباط 2015/
«داعش وأخواتها» وأصول االقتباس
ّ مؤخراً عن دار الريّس للكتب والنشر صدر ك��ت��اب «داع���ش وأخ��وات��ه��ا» ،تأليف الكاتب والصحفيّ محمّد علّوش ،وهو كتاب من القطع المتوسّط والذي يمت ّد على حوالي 400صفحة. العنوان الفرعيّ للكتاب «من القاعدة إلى الدولة اإلسالميّة» ،وهو يشير بطبيعة الحال إلى الما ّدة التي يسعى الكاتب إلى تقديمها لقرّ ائه ،وهي محاولة منه في مقاربة تنظيم الدولة اإلسالميّة المعروف بـ «داعش» وتوضيح سياقات تكوّ نه والخلفيّات التاريخيّة لبروز هذا التنظيم ،الذي تم ّكن وخالل فترة زمنيّة قياسيّة نسب ّيا ً من فرض نفسه العبا ً مه ّما ً في المشهد السوريّ وقبله العراقيّ . يتألّف الكتاب من س ّتة أب��واب والعديد من الفصول ،يق ّدم من خاللها علّوش ك ّما ً كبيراً من المعلومات حول نشأة تنظيم «داعش» ،وخلفيّته الفكريّة ،أه ّم ّ منظري التيّارات الجهاديّة في العالم، وأه ّم النقاط المركزيّة التي تجمع فيما بينها ،ويسعى فيما بعد إلى تسليط الضوء على الح ّد الفاصل بين تنظيم القاعدة العالميّ ،وبين تنظيم «داعش» الذي خرج من عباءته. يسعى علّوش إلى مقاربة تنظيم «داع��ش» متمسّكا ً بقدر من الموضوعيّة ،إلاّ أ ّنه ما إن يباشر في تحليل هذا التنظيم ح ّتى تسقط حياديّته ،وينكشف موقفه السياسيّ عبر تحديده للعوامل واألسباب التي أ ّدت إلى بروز التيّارات الجهاديّة على سطح المشهد السوريّ . يقول علّوش «كان فكر القاعدة ينتشر في بيئات اجتماعيّة مح ّددة ،ويعاني عزلة تامّة ..إلى أن جاء الربيع العربيّ ،فأحدث تحوّ الً لمصلحة تنظيم القاعدة وأفكاره لم يكن في الحسبان» ص ،99 ويشرح األسباب التي تقف خلف هذا التحوّ ل فيقول «إنّ تنظيم القاعدة استغ ّل حالة اإلرباك وموجة االحتجاجات التي ّ هزت العالم العربيّ للتغلغل في النسيج المجتمعيّ لهذه الدول ،فالفراغ الذي خلّفته األنظمة السابقة إلى جانب تف ّكك أجهزة األمن، وفشل معظم االنتفاضات العربيّة في وضع خريطة طريق لمستقبلها السياسيّ » ك ّل هذا أ ّدى إلى تم ّدد الفكر القاعديّ وانتشاره في أغلب دول العالم
العربيّ وال سيّما في تلك التي ضربتها الثورات. ال إش��ارة ل��دى علّوش إل��ى طبيعة «النظم السابقة» التي حكمت بلدان الربيع العربيّ ،وال إلى الدور الذي لعبته في إنهاك ثورات الربيع العربيّ ،واستهداف قواه المدنيّة ،وال مقاربة ولو ح ّتى خجولة إلى دور «األجهزة األمنيّة» التي أحصت على الناس أنفاسها وفتكت بأغلب القوى السياسيّة التي ش ّكلت خطراً على أمن «أنظمتها السابقة» ال إشارة لدى علّوش سوى إلى ما فتحته الثورات العربيّة من أبواب على الجحيم كانت لربّما بقيت مغلقة ببقاء األنظمة العربيّة «السابقة» حارسة األمن واألمان في مجتمعاتها وفق منطوق ّ علّوش المبطن في نصّه السابق؛ فالربيع العربيّ لم يفعل وفق علّوش سوى أ ّنه ق ّدم فرصة جديدة إلعادة إحياء تنظيم القاعدة ،وهو كتحصيل حاصل يجعل من الربيع العربيّ علّة تم ّدد فكر القاعدة وأخواتها. ّ ال أسباب أخرى يراها علوش تكمن خلف تم ّدد الجهاديّات بك ّل األصناف واأللوان سوى ثورات الشعوب المقهورة ،وال يرى الدور المحوريّ الذي لعبه على وجه التحديد نظام األسد في إنعاش هذه التيّارات تحديداً فيما يخصّ الوضع السوريّ ،إذ ال يرى علّوش أنّ القمع المنفلت من أيّ عقال مارسته قوّ ات األسد على القوى السوريّة المنتفضة كان عامالً حاسما ً في توفير مناخ من الغضب والكراهيّة والرغبة بالثأر كانت في مجملها تش ّكل مناخا ً غن ّيا ً ال إلنعاش فقط التيارات الجهاديّة ،بل إلنعاش التطرّ ف من ك ّل حدب وصوب. كما يعجز علّوش عن تحديد الديناميّات المختلفة التي ساهمت في تفكيك بنية المجتمع السوريّ وأع���ادت بنائه وف��ق منظور م��ا قبل وطنيّ ، جعلته غير محصّن حيال االنخراط في أشكال من الصراعات االجتماعيّة القذرة كالصراعات الطائفيّة وما يشبهها. ويتجاهل علّوش عن قصد ممارسات نظام األسد في العقود السابقة ويتناسى أ ّنه هو وال أحد سواه َمن بنى آالف المساجد منذ مطلع السبعينيّات وح ّتى اليوم وأغلق في المقابل آالف المنابر الديموقراطيّة
ال���ح���رّ ة ،ون��ظ��ام األسد هو الذي موّ ل ودعم افتتاح المئات من معاهد تحفيظ القرآن ،ومنع في ال��م��ق��اب��ل ت���داول كتاب معرفيّ واحد ي��س��ت��ح� ّ �ق اس��م��ه، ونظام األسد هو الذي استقطب آالف الجهاديّين وأرسلهم في طول البالد وعرضها ،وفي المقابل اعتقل خيرة رج��االت س��ور ّي��ة من التقدميّين والديمقراطيّين ،وهو بك ّل ذلك كان يساهم -عن سابق تصميم وإص��رار -في خلق خصم يسهل عليه التعامل معه ،فخصم نظام األسد الحقيقيّ لم يكن بحال من األحوال تنظيم «داعش» بقدر ما كان خصمه هو القوى حاملة المشروع الديمقراطيّ نقيض نظام األسد االستبداديّ . يفتقر كتاب علّوش إلى التحليل المنهجيّ ، ويكتفي الباحث في إيراد العشرات والعشرات من المعلومات والتفاصيل ،وهو شيء جيّد ومطلوب لوال أنّ فصوالً بكاملها من الكتاب يوردها الباحث وهي مأخوذة من مصادر مختلفة ،منها ما هو جدير بالثقة ومنها ما ال يقترب من المرجع العلميّ ، كاالعتماد على تصريحات المدعو «أبو أحمد» ونقل كالمه حرف ّيا ً باعتباره مصدراً للثقة ،وليست المشكلة هنا فقط في شرعيّة المراجع المعتمدة، بل في عدم اعتماد الباحث لألسلوب العلميّ في االقتباس ،فيواجه القارئ فصوالً بأكملها ال توجد إشارة فيها سوى أ ّنها من كتابة الباحث ،ليتفاجأ القارئ فيما بعد بأنّ هذه الفصول والتي تمت ّد على صفحات وصفحات هي مجرّ د اقتباسات من مراجع مختلفة ،من دون العثور على أهلّة أو إشارات تفصل المقتبس عن ما ّدة الباحث ،وهو أمر معيب على صعيد العمل العلميّ ،فهو شيء يقترب من السرقة إذا لم نقل أ ّنه سرقة ،بيد أ ّنها سرقة معرفيّة.
صرب درويش
إلاّ الجهل والتكفير والنفاق
ّ نظمت تجمّعات جماهيريّة ،مظاهرات غضب، ض ّد ما سمّي ب(االستهزاء) بالرسول عليه الصالة والسالم ،وكان العنوان األساس لها «إلاّ رسول هللا» ويقصد بذلك الرسول محمّد صلى هللا عليه وسلمّ . نظمت هذه المظاهرات في العديد من الدول العربيّة واإلسالميّة ،بعد إصرار من الصحافة الغربيّة على إعادة نشر كاريكاتيرات ،اعتبرها ّ بحق الرسول محمّد ،في حين كثيرون مسيئة اعتبر صحافيّو الغرب هذا التكرار بالنشر ح ّقهم بحرّ يّة التعبير التي تكفلها لهم قوانين بالدهم، والتي تحمل قدسيّة اجتماعيّة ،في البيئة الفكريّة التي يعيشون فيها ،عقب جريمة اغتيال رسّامي كاريكاتير في مقرّ جريدتهم بالعاصمة الفرنسيّة باريس في بدايات العام الجاري ،واعتبر هذا الرّ د تعاضداً مع الرسّامين المجني عليهم في «شارل إيبدو». إنّ المتابع لشؤون الدول العربيّة واإلسالميّة، ودول الجوار السوريّ على وجه الخصوص ،حيث تقع أكبر كارثة في القرن الواحد والعشرين ،جرّ اء تشريد ما يزيد عن سبعة ماليين مواطن سوريّ ، من مناطق النزاع في األراض��ي السوريّة ،بعد دخول الثورة السوريّة مرحلة الصراع العسكريّ ، يجد أنّ التعاطف الجماهيريّ ،مع الكارثة اإلنسانيّة السوريّة ال يذكر على اإلطالق ،بل وعلى العكس، نجد الكارثة وتبعاتها تأخذ تصوّ رات وممارسات يبغضها هللا ،ويبغضها رسوله ،بل ويالحظ تنامي عنصريّة بغيضة ُتمارس ّ بحق النازحين والهاربين من لظى الحرب ،ونجد االستعالء ورفع األسعار، بل وح ّتى االستعباد ،وارتفاع وتيرة اال ّدعاءات بخصوص رفع المعاناة عن الشعوب المستضيفة، التي تنهكها أصالً أنظمة فاسدة وجائرة ،وك ّل ما ّ بحق من انقطعت بهم السُبل وتركوا سبق يمارس ّ وراءهم ك ّل ما يملكون ،من األشقاء السابقين. لسنا هنا بصدد الدفاع عن حرّ يّة تعبير نجدها م��ق� ّ �ززة ،وال ح ّتى أن نعرّ ف ال��ق��رّ اء بأسلوب الرّ د على تلك الحرّ يّة المفرطة واالنتقائيّة .فمن وجهة نظر إسالميّة بحتة ،مثل هذه االعتداءات مدانة صراحة ،في الفكر اإلسالميّ السليم ،ومن السهولة بمكان الر ّد على مثيالتها من الس ّنة النبويّة في التاريخ المكتوب للرسول محمّد عليه الصالة وال��س�لام ،حيث م��ورس ض� ّد الرسول األك��رم، ش ّتى أنواع االفتراء واال ّتهامات الباطلة والكاذبة، وهذا له أهل اختصاص ،ينبغي عليهم ،وحسب اختصاصاتهم أن ال يتركوا الجماهير في هذه
newspaper@allsyrians.org
الحالة من الهيجان غير المجدي ،والذي يشوبه الكثير من المقارنات التي ت��د ّل على أولويّات خاطئة ،إن لم نقل إ ّنها تد ّل على نفاق ،والعياذ باهلل. ولك ّننا هنا نجد أ ّنه ّ حق علينا أن ند ّل القرّ اء على كيف أ ّنه يمكن استثارة كثير من الغاضبين عاطف ّياً، ورفع انفعاالتهم لتق ّدم صورة خاطئة عن اإلسالم كمنهجيّة ،وعن المأزق الذي تضعنا فيه األنظمة الحاكمة الفاسدة بتبرير أدائها الجرميّ والعنيف ّ بحق شعوبها (البدائيّة والبربريّة) اتجاه أيّة حالة انفالت ،من الممكن أن ته ّدد أمن اآلخرين ،وأ ّنه ينبغي لآلخرين (الذين يؤيّدون حصول هؤالء المتوحّ شين على الحرّ يّة) تفهّم تلك الوحشيّة التي ّ بحق المندفعين المنفعلين لو وصلوا لد ّفة تمارس السلطة ،ولو بطريقة ديموقراطيّة ،كما هي حالة الثورة السوريّة التائقة لالنعتاق من عصابة األسد اإلجراميّة. بداية وبشكل عام ،نحبّ الرسول عليه الصالة والسالم ،وهذا ال يحتاج ألن يظهر على شكل ّ ينظمها أن��اس ال يهمهم ما مظاهرات احتجاج يحدث لشؤون المسلمين والمظلومين خصوصا ً لدى ال��دول الجيران ،بل ،ونجد العديدين ممن خرجوا ،لو سألتهم عن الشأن السوريّ وأردت انتقاد طاغية دمشق ،ولو تلميحا ً في حوار معهم، لوجدتهم من السبّاقين بتحييد أبناء جلدتهم عن أن يهتموا بشؤون إخوانهم من المقهورين ،ألنّ ما يحدث ببالد الشام هو مجرّ د فتنة ،بعد أن اختلطت األوراق ،كما سي ّدعون ،مع غياب شبه كامل عن مناصرة الثورة السوريّة منذ بدايتها. إلى الذين خرجوا بمسيرات من الدول العربيّة واإلسالميّة على وجه الخصوص ،نصرة للرسول األكرم ،هل تعلمون أ ّنه من لم يهت ّم ألمر من أمور المسلمين فهو ليس منهم! كم مرّ ة خرجتم نصرة لمجازر األطفال؟! كم مرّ ة خرجتم استنكاراً لما يحدث من فظائع مع إخوتنا األحرار في سجون عصابة األسد المجرم؟ كم مرّ ة عبّرتم عن غيرتكم على إخوانكم في سورية والعراق وفلسطين؟! وح ّتى في بورما وأندونيسيا والصين؟ هل حبّ الرسول عليه الصالة والسالم هذا ظهر بأسلوبكم بالتعامل مع الضعفاء؟ هل هذا ظهر باالبتعاد عن النفاق لألقوياء ،والمستحكمين برقاب العباد والقتلة والطغاة؟ هل تعتقدون ح ّقا ً أنّ الرسول األكرم سيرضى عنكم أل ّنكم غضبتم الستفزاز رسّامين ،أعتبرهم شخص ّيا ً من السفهاء! ولك ّنكم لم تغضبوا ولم تتصرّ فوا ولم تنزلوا للميدان
ثقافة
كي تعبّروا عن مقتل األطفال والنساء والشيوخ بالكيمياويّ وبالصواريخ البالستيّة؟ هل تعتقدون أ ّنه سيرضى عنكم أل ّنكم تصلّون عليه فقط لفظا ً باألوراد ،وتنسون فعالً ك ّل سُننه بالتعاض ّد ض ّد القتلة والمجرمين واألوغاد ،ولو ببعض الصدقة وبعض الدعاء؟ وتكتفون بأ ّنكم لم تفهموا بعد، لماذا يعتبر اآلخرين ضحايانا مجرّ د رقم بارد من األعداد؟ إن كان حبّ الرسول عليه الصالة والسالم لديك مجرّ د فزعة ونخوة تقوم بها ض ّد المستهزئين به ،فال تفعل ،فقد كفاه هللا أحقاد واستهزاء المستهزئين ،في محكم التنزيل .وبقيت أنت ،ومن هم سواك مجرّ د كتلة من األرقام ،ال تق ّدم وال ّ تؤخر في متوالية الصياح بال طائل ،فدع عنك هذا التص ّنع والعناء ،لو كنت ح ّيا ً لحرّ كتك اآلالم والدماء ،وك ّل هذا المستنقع من الظلم والطغاة. ال ينبغي أن نفوّ ت الجموع الغاضبة عن سؤال لماذا كان الشعار فقط «إلاّ رسول هللا»؟ وكأنّ المسلمين ال يعنيهم من الرسل إلاّ نبيّ اإلسالم عليه أفضل الصالة والسالم! أوليس الرسل لدينا كلّهم خرجوا من مشكاة واحدة ،وكلّهم لدينا سواء؟ لماذا هذا التفريق الذي يُظهر عجزاً ح ّتى عن ا ّتخاذ شعار عميق يرسل رسالة لآلخرين ،مفادها أ ّننا كلّنا سواء من حيث أنّ التعبير وحرّ يّته ينبغي أن يكون لها توصيف ،والقفز فوقها له محاذير. ً ث ّم لماذا لم نسمع لهؤالء الغاضبين صوتا ض ّد إجرام طغاة حاقدين ،خرجوا باسم الدين اإلسالميّ ، يُعرفون اليوم باسم «داعش»؟ هل السكوت عن الجرائم التي يرتكبونها هو رضى وتسليم ألفعالهم؟ هل ال زلنا انتقائيّين من حيث توجيه د ّفة الغضب والبحث عن الجُناة الذين ينبغي أن نغضب ح ّقا ً من حجم ا ّدعاءاتهم وكذبهم وقتلهم باسم هللا والدين. يطول الشرح من حيث الفائدة التي كسبها طغاة العرب وح ّكامهم ،بخصوص مثل هذه المظاهرات التي كان األول��ى أن توجّ ه ّ لهز عروش هؤالء المنتفعين والفاسدين الذين أرهقوا المواطنين ومق ّدرات األوط��ان بك ّل ذاك السيل من القيود والسجون والمعتقالت والزنازين. أت��وق لليوم ال��ذي الب� ّد فيه لألمّة أن تستيقظ من هول الجرائم التي ُترتكب باسمها ،وأن تعبّر عن شديد وعي لمثل هذه المصائد ،وأن يغرس الناصحون ذوو الوعي واإليمان بذور ثورة حقيقيّة على المجرمين والطغاة والفاسدين في قلوب المواطنين فتسمو هذه األوطان وتعلو فوق كيد عبد الكريم أنيس الكائدين.
في اإلعادة إفادة
*النقد التارخي ّي
عميد األدب العرب ّي طه حسني ()1973 – 1889 ..فأمّا النظر إلى الناس من حيث هم ناس ،ووصفهم بما يمكن أن يوصف به الناس ،وتحليل أخالقهم وعاداتهم كما تحلّل أخالق الناس وعاداتهم ،والمالءمة بين هذه األخالق والعادات ،وما اكتنفها من الظروف واألحوال ،فذلك شيء قلّما يف ّكر فيه هؤالء العلماء أو يلتفتون إليه. ولست أغضّ من هؤالء العلماء ،وإ ّنما أجلّهم وأكرمهم، وحسبك أن إمامهم في المذهب هو ابن خلدون .ولعلّك تعلم أ ّني أج ّل ابن خلدون وأكبره ،ولك ّني أخالفهم في الرأي ،وأرى أنّ مذهبهم في التاريخ غير مستقيم ،وأ ّنه خليق بأن يتغيّر ،وأ ّنه سيتغيّر بدون شك ،بل أنا أرى أكثر من هذا ،أرى أنّ هذا المذهب ـــ مذهب تقديس السلف وتنزيهه عن الصغائر ،مذهب إسباغ الدين على التاريخ ــــ طور من أطوار التاريخ ال ب ّد من أن يمرّ به ،بل طور من أطوار الحياة العقليّة والسياسة للناس، الب ّد من أن يمرّ وا به ،وقد خضعت لهذا الطور أمم أخرى غير العرب. ذلك أنّ هذه األمم إذا اضطرّ تها ظروف الحياة إلى أن تنزل ّ وتنحط عن مكانتها العالية ،فتخضع لخطوب عن مجدها، ّ العزة والسلطان ،ث ّم استفاقت من هذا الدهر حيناً ،وتنام عن النوم ،وتنبّهت بعد الغفلة ،وطمحت إلى أن تستر ّد المجد القديم، وتستأنف سيرها إلى سبيل العلياء ،فأوّ ل شعور تجده في نفسها إ ّنما هو الشعور بهذا المجد القديم ،والحاجة إلى إجالل أصحابه وإكبارهم واتخاذهم مُثالً عليا. فأنت ال تنظر إلى هؤالء الناس نظراً علم ّيا ً مجرّ داً بريئاً ،وإ ّنما تنظر إليهم نظراً مه ّماً ،ملؤه اإلعجاب واإلكبار؛ أل ّنك ّ تتأثر بهم، وتحتذى على مثالهم .وإذن فرأيك فيهم غير صحيح ،وحكمك لهم أو عليهم مه ّم ،وكيف تستطيع أن تجمع بين اإلعجاب الذي ال ح ّد له ،وبين النقد العلميّ الذي ال يعرف الهوى ،وال ّ يتأثر بالميول والعواطف! ومن هنا ّ يتأثر بحثك ونقدك بهذا اإلعجاب، وهذا الميل إلى االحتذاء والتقليد ،فتصرف همّتك إلى أن تبرّ ئ موضع إعجابك من ك ّل عيب ،وتدفع عنه ك ّل مكروه ،وتبذل ما تستطيع من قوّ ة وجهد ،لتوجد ف ّنا ً من النقد التاريخيّ له قيمته وخطره. ولكنّ الغاية التي يسمو إليها ليست علميّة بالمعنى الصحيح، أل ّنه يسمو إلى التنزيه والتمجيد ،ال إلى التحقيق الذي ال يسمو إلى مدح وال إلى ذ ّم ،والذي ال يحفل بحمد أو هجاء. انظر إلى مق ّدمة ابن خلدون ،وإلى القسم األوّ ل من هذه المق ّدمة ،انظر بنوع خاصّ إلى منهجه التاريخيّ ،وإلى هذا النقد الذي بسّطه ليبيّن أغالط المؤرّ خين وتورّ طهم في ضروب من الخطأ في الحكم ،تجده قد تصوّ ر قواعد علميّة ال بأس بها ،فهو ّ ويحذر من أخطار كثيرة تحيط بكاتب يكره الغرض والهوى، التاريخ ،ويحبّب إليك ،أو يح ّتم عليك ،تحكيم العقل فيما يروى لك من الحوادث ،وهو يصل إلى هذا كلّه إلى استكشاف قوانين قيّمة في النقد التاريخيّ ،ولك ّنه ال يكاد يعرض لتطبيق هذه القوانين كما يقولون ،ح ّتى يتورّ ط في مثل ما تورّ ط فيه المؤرّ خون من قبل ،أل ّنه ّ متأثر بمجد القدماء ،وانحطاط المعاصرين ،وفساد أخالقهم وأحوالهم. فهو إذا أراد مثالً أن يصحّ ح نسب الدولة اإلدريسيّة في المغرب األقصى لم يعمد إلى بحث تاريخيّ ،وإ ّنما استد ّل على صحّ ة هذا النسب بحديث شريف ،فيه أنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر ،وهو إذا أراد أن يدفع عن الرشيد ما ا ّتهم به من العبث والمجون ،لم يذهب مذهب المؤرّ خين في ذلك ،وإ ّنما تح ّدث إليك بأنّ الرشيد كان يصلّي مائة ركعة في اليوم ،وكان يح ّج سنة ويغزو سنة أخرى ،وإذا كان هذا شأنه فليس من الممكن أن يعبث وال أن يلهو. ولم يف ّكر ابن خلدون في أنّ من ّ حق مؤرّ خ آخر ،أن ينكر عليه أنّ الرشيد كان يصلي مائة ركعة في اليوم ،أو أن يزعم له أنّ الرشيد كان يجمع بين الصالة وبين العبث ،ولم يخطر ذلك البن خلدون ،ألنّ ابن خلدون كان يعجب بالرشيد ويُكبره ،ويريد أن يضعه هو وأمثاله من الخلفاء موضع القدوة الصالحة والمثل األعلى... *من كتاب «حديث األربعاء» لطه حسين ،الجزء الثاني صفحات ( )66 – 64طبعة – 14دار المعارف.
www.allsyrians.org
العدد 24
ثقافة
أغاني الطغاة في هدفه األوّ ل واألخير لتثبيت سلطته وطغيانه يُفسد الطاغية جميع مناحي الحياة وذلك بتسخيرها لما يخدم سلطته ويرسّخها ،فبعد أن يُجيّر الدين والثقافة والسياسة لما يخدم مصالحه يعمل على ترويض الفنّ والف ّنانين باعتبارهما الوجه األب��رز للحركة الثقافيّة واألكثر جماهيريّة أثراً وتأثيراً في السواد األعظم من الناس، في أيّ مجتمع كان؛ فيت ّم وبدراية ،ربط ك ّل الهيئات التمثيليّة أليّ فنّ من الفنون إن كان كتابة أو تمثيالً أو غ��ن��اء ب��األج��ه��زة األمنيّة التابعة للسلطات ويصبح المعيار الوحيد لمرور أيّة قيمة جماليّة إلى الجمهور على أيّ صعيد ك��ان ،ليس ما تتضمّنه م��ن معاني جماليّة ورقيّ ف ّني ،بل ما تح ّققه من خدمة أهداف الطاغية وتوجّ هاته. على سبيل المثال ال الحصر ،بعد أن ت ّم بثّ مسلسل «خالد بن الوليد» من اإلذاعة السوريّة وحينها كانت كلمات أغنية الشارة هي (خال ٌد أح��بّ هللا والحريّة واألح��رار فصاح إ ّني حارث أحرث فجراً عرب ّيا ً وأحمي نهار) وبعد انتهاء المسلسل مباشرة استبدلت كلمة خالد لتصبح (حافظ) دون أيّ تغيير في اللحن ،وقد رُصدت مبالغ ماليّة طائلة في حينها لمثل هذه األعمال ،وعلى سبيل المثال رُصدت الماليين في حينها لمِا عُرف بسمفونيّة (الربّان والعاصفة) التي كتبها «صفوان بهلوان» وعزفتها الفرقة «الفلهارمونيّة» لجمهوريّة ألمانيا الشرقيّة وقتها بقيادة الموسيقار «نوري الرحيباني» وبعدها عُرضت لمرّ ة واحدة على شاشة التلفزيون لتختفي بعدها وإلى األبد! ً ّ تستحق بالمقابل ،فإنّ هنالك أعماال موسيقيّة رائدة ك ّل االهتمام لما تحمله من قيم فنيّة مستوحاة من روح المنطقة ،لم يُصرف ما يكفي لتسجيلها وإخراجها بما يليق بها لتصل إلى الجمهور ،وح ّتى إن سجّ لت بشكل متواضع فال يمكن أن تصل إلى الجمهور وتأخذ من الدعاية ما تستحق وذلك ألسباب سياسيّة ،ففي ك ّل مناسبة سياسيّة أو حزبيّة كانت نقابة الف ّنانين تفرض أغان تمجّ د القائد وبطولته ،عمالً على أغلب المطربين ٍ بأعراف قديمة ّ سخر من خاللها الف ّنان ف ّنه لمدح شيخ القبيلة أو العشيرة من مثل (و ّدي المراكب على المينا وقود السفينة يا معلّم) و(زادك هللاّ .. عز وقوّ ة قائدنا..
زادك هللا) ومن ال ين ّفذ ويمتثل لألوامر يُهمّش مهما كانت إمكانيّاته الف ّنية. هذا الوضع وما ّ تمخض عنه من تكوين ما يشبه العصابات الف ّنيّة ،فلك ّل منها مرجعيّته السياسيّة أو األمنيّة ،فتح المجال لظهور مطربين ومطربات ليس لهم أيّة دراية بعلم الموسيقى وال يملكون أيّة موهبة على صعيد الصوت واألداء ،وكذلك الحال بالنسبة لبقيّة أركان األغنية من كلمة ولحن ،وهكذا أصبح الفنّ خادما ً لإليديولوجيا ودخلت األغنية في سراديب ّ الغث من الغناء شكالً ومضمونا ً السياسة ،وانتشر أل ّن��ه فقط يمجّ د قائد المسيرة ويتح ّدث عن إنجازاته وعطاءاته ،وراح المرتزقة على حساب الفنّ يكتبون ويغ ّنون للمنظمة التي ّ ّ أطرت األط��ف��ال (ط�لائ��ع البعث) ليت ّم تشويه عقول األجيال وذائقتهم الف ّنية وتسلّل إلى وسائل اإلعالم المسموعة والمرئيّة مطربون ليس لهم أيّة درج��ة وال تصنيف من الناحية الف ّنية ،ليت ّم تسويقهم وفرضهم ع�����ل�����ى الجمهور ولتواصل األغنية انحدارها لحنا ً وكلمة وتفقد هويّتها المحلّيّة لحساب األغنية المصريّة والعراقيّة واللبنانيّة ،بعد المحاوالت الجا ّدة لتأسيس أغنية سوريّة الطابع والهويّة كلمة ولحنا ً على يد الف ّنان «رفيق شكري» في مجموعة من أغانيه (حوّ ل يا غنام حوّ ل) و(بالفال جمّال سارح) وقصيدة دمشق من شعر «سليم الزركلي» وكذلك الف ّنان «فهد بالن» صاحب الصوت القويّ (جسّ الطبيب لي نبضي) والف ّنانة «مها الجابري» والمطربتين «كروان» و»دالل الشمالي» وغيرهنّ كثيرات ،وأصبح الغناء المحلّيّ عبارة عن منوّ عات من األغاني الشعبيّة تخصّ المنطقة التي ينتمي إليها هذا الف ّنان أو ذاك ،وغابت األغنية كقيمة جماليّة شكالً ومضموناً. ك فيه ،أنّ ذلك كان له أثر بالغ في تكوين وممّا ال ش ّ ذائقة المتل ّقي ،وإذا ما تمعّنا بنوعيّة األغاني التي كانت منتشرة قبل الثورة نستطيع أن نحكم على ماهيّة التحديث والتطوير الذي كانت السلطة ت ّدعيه ،باعتبار أنّ األغنية والموسيقى هي الحسّاسة لمقياس مدى تطوّ ر الشعوب وتق ّدمها ،استناداً إلى مقولة الحكيم كونفوسيوش (إذا أردت أن تعرف حضارة بلد فاسمع موسيقاه).
أسعد شالش
11
/4شباط 2015/
«تاريخ الجمجمة»
ولد الشاعر الراحل «عبد اللطيف ّ خطاب» عام 1959على ضفاف «البليخ» شمال مدينة الر ّقة، درس في كل ّية االقتصاد -جامعة حلب ،و ُعرف في ملتقى شعراء جامعة حلب الشباب أوائل الثمانينات. وتو ّفي عام ،2006وت��رك وراءه مجموعة شرقي» عن شعر ّية مطبوعة بعنوان «زول أمير ّ دار الريس ،ومخطوطات منها «الغرنوق الدنف»، و»سفر الرمل» ،و»ترجمان النوم» «تاريخ الجمجمة»
الذي قال لي: كيف َ هي الدولة المقبلة؟ كيف حال الضحايا األنيقين مثل الجاللةِ؟ أما زالوا حزانى علينا كالميّتين القدامى؟ أفي الوجو ِه الحديث ِة آثارنا؟ والرما ُل كالرياح الخفيفةَِ ،و ْق ُع أيدينا عليها؟ األنيقة تسفونا ِ َو ْق ُع أسماعنا المذأ َبهْ ، ً بغتة:
استقبلتنا الجماج ُم ،احتفتنا الجحافل مثل السيول التي تذبح األرض ،وأنا الذي األميرات المس ّن ُ ُ ات ،وأنا الذي رافقتني رافقتني ُ الجماجم ،وأنا أميرات ِ ُ العرش، أصلحت وضع األمير ِة على س ّدة الذي ِ وأنا الذي باغ ّتها ضاحكا ً بالعبارات الرسوليّهْ : ت أن ِ التي ال تنحنين إلاّ للفحولةِ ،أنت جمجمة ُنحْ تُ عليها مثل نوحي عليَّ ، أنت التي سـاقوك قربانا ً على مذبحي ،أنت التي ناوشـ ْتني عذاباتي بيدين من ت خصب العفونة ،أنت الزورد ،أنت التي بارك ِ ت سيفي ،أنت التي التي بارك ِ بالدمع، بلل ِت ِه ِ سوس. وأنا الذي حربا ً على حرب ال َب ِ «طغيان رمل الموت» العالمات الخبيئة ،دوّ نتها لتمجيد الرمل ،لتمجيد ما لم تمجّ ده النفس، وأقبعتها الكمائن الكثبانيّة ،لش ّل قدرة حبائل الطغيان ،لكنّ أحداً م ّنا ما ك��ان يعاتب أشباحه ،أو يرائي سيادة اآللهة
االصطناعيّة ،وما أحد م ّنا كان يلوّ ث الرمل بيديه المائديّتين ،غير أنّ التباشير جاءتنا باإلنذارات التابوتيّة ،لحمل األج ّنة على كفّ المواسم. «اإلمبراطور» سليلو أفا ّقين نحن ،و ّنباشوا موتى. سليلو أباطرة نحن ،وقياّفوا جنون، أسالف البربر نحن، وأخالف اإلسالم، بدو نحن، نعاقر شذاذ الموتى ،وصحارى الجنّ ، والعرب ،الجند ونحن :في ذاكرة اآلشور الحبلى بال ّدم. بدو نحن نتباهل والخالق ،كي يرسم بالخزف الصينيّ . وج��وه ضحايانا ،ويودعها س��رّ اً ـ في «اللوح المحفوظ»، بدو نحن ،نرسم في سفو الرمل عمر الليل المكتوم الغيظ، المذبوح األنفاس. ونفاخر: ها نحن الغرثى في ب ّح «الهيكل»، ّ « ...وشال اإلرواح��يّ عصاه ،يتلقنها السحّ ار األبديّ ، يجمجم مذهوالً: ينمّم شطرنا صوب الوجوه المستفيضة للجاللة، لوجوهنا تستعمر الصور الرهيفة، لحاشية األمير ،مقلّداً صوت الحواة، يداعب السعدان كي يلهي به الساحر، «وال ّ شعر مثل السّحر يا جمل المحامل، يهمزه الجيل ،ويلفظه الجليل، وترتوي مثل المنايا قربان قافية، يرغي بها الجمل الحرون، وتغور في األرضين ما ًء سلسبيل»، ينمّم شرطنا صوب العذارى، صوب نخل الروح، بنهج األطياف أطوراً، فتبتهج الصحابة، نسيل عنهم أيامنا ،أيامهم ،صوب حرّ الروح والسّغب المقيت، ونخلع النعل العتيق ،ونمرّ في الوادي المق ّدس، «غير ذي شجن»، ونباهل السجّ يل في أطوار سينا»...
النقطة كنبراس يسطرون. ّ الخط العربيّ األوّ ل ،قيل بأ ّنه وفي أصل ّ الخط المُسند وسمّي كذلك بالجزم أو القطع، على أ ّن��ه قُطع من المسند الحِميريّ ،وال يُختلف على ّ تأثر أصله باآلراميّ ،فكان من ّ الخط النبطيّ نحو 250 نتاج المزج أن ظهر للميالد ،حين استخدمته ملوك العرب.
ذلك التكثيف واالنتقاء من شكل الحرف اللغويّ في سبيل خلق رسم بلون روحيّ يسمو على الصوت اللسانيّ ،بما هو ليس كالما ً ْلغو ّيا ً وال لكنة ،لك ّنه لُغات لها إيقاعاتها ودوزاناتها كأيّة موسيقى ،وكأيّ مشهد بصريّ يمكن أن يستدرج به اإلنسانُ اإلنسان كي يتأوّ ه َ حزناً ،فرحاًّ ،لذة ،أو ألماً ،ال نفهمه قبل أن نحسّ به، ّ الخط العربيّ . هو فنّ ّ الخط العربيّ قد «أردت الوصول إلى النقطة فرأيت سبقني إليها» بابلو بيكاسّو قال ذلك ،ألنّ «النقطة» عند أكثر العرفاء وحسب لغتهم الرمزيّة كاصطالح «الخال» الذي هو الوحدة على وجه المعشوق ،وهي ّ الحق مرتبطة ،وغير قابلة للتجزئة؛ من هنا، ذات صارت كمركز وأصل دائرة الوجود لعالمين هما :نفس اإلنسان الناطقة وقلبه .لذا قال العارف :إنّ سويداء قلب اإلنسان ،تجسّد النقطة المركزيّة في وجوده وتصوِّ ر مرآة الوحدة الحقيقيّة هلل. النقطة ،هي البداية والنهاية ،المقياس والنسبة« ،أنا النقطة تحت الباء» وقال «ما من حرف إلاّ وهو اسم من أسماء هللا» وهذا ال يتناقض مع شخصيّة ك ّل حرف على حدة ،فكم من ألف واقفة أو ياء تسبح في مياه، أمّا النون فلها حكاية طويلة وأسرارها تتعلّق بالقلم وما
newspaper@allsyrians.org
وي ّتفق كثير من الباحثين على أنّ من الخطوط الدارجة قبيل اإلسالم :البصْ ريّ ،الحيري، األنباريّ الملكيّ ،المدنيّ ،الكوفيّ ؛ وهذا األخير بقي ّ الخط – بعدما تطوّ ر كثيراً – إلى يومنا هذا .يُوصف الكوفيّ باليابس ،ربّما أل ّنه هندسيّ ،ولك ّنه مطواع للزخرفة إذا لقي من يداريه .ولقد صار له في ك ّل حقبة ومصر فرع فمنه :الكوفي المملوكيّ واأليّوبيّ والفاطميّ ،وكذلك األندلسيّ ،والنيسابوريّ والقيرواني، وكذلك تنوّ ع فسمّي بحسب شكله المحض كالمورّ ق النباتيّ والشطرنجيّ والمضفور.
أمّا ّ خط الثلث فهو األجمل واألصعب بين إخوته – برأيّ الكثيرين -إنْ من حيث شكل الحرف أو من ّ الخطاط ابن حيث التراكيب؛ ونعود هنا إلى الوزير مُقلة الذي وضع قواعد الثلث أيضاً ،ث ّم جاء ابن البوّ اب ّ ويهذب ،ولكنّ القواعد بقيت كما أرساها ابن ليجمّل مُقلة ،ح ّتى بعد أن ّ خط العبقريّ العربيّ حامد اآلمديّ ( 1982 – 1891للميالد) أي في قلب القرن العشرين عبر الثلث وأب��دع؛ وقد ظهر ّ خط َ مزج بين الثلث ّ بخط اإلجازة أو التوقيع ،وهو لمن والنسخيّ ،وسمّي ّ ك أسرارهما. يتقن كال الخطين ،ويف ّ
ّ الخط النسخيّ في العراق ،فيما يقارب ظهر أسّ المائة الثامنة للميالد ،وتطوّ ر كما الخطوط األساسيّة ّ الخطاط الوزير أو ما يسمّى باألقالم الس ّتة على يد ابن مُقلة الذي ولد في 886للميالد وعاش حياة حافلة بالتقلّبات السياسيّة و ّقطعت يده لكيال يكتب ،فش ّد عليها القصب وكتب ،ح ّتى قُتل في 940للميالد، ّ بعد أن وضع قواعداً للخط العربيّ مازال منها ما هو ّ معتمد إلى اليوم ،وهذه القواعد جعلت الخط النسخيّ األوضح بين إخوته ،والمكتمل بالشكل ،ليصبح األكثر استخداما ً في كتابة المصاحف واألوردة وغيرها في ّ الخطاطين العثمانيّين ،كالحافظ عثمان (-1642 عهد 1698ميالديّ ) الذي ج ّدد في النسخيّ ،ح ّتى ظهور ّ الخطاط ّ عزت (1876 -1801ميالديّ ) مدرستين باسم ّ والخطاط شوقي (1887 -1829ميالديّ ) ليصل هذا ّ ّ الخطاط عبدالعزيز الرفاعيّ (-1871 الخط على يد
في فارس ،ظهر ّ خط التعليق في القرن الثالث عشر ّ الخط بجماليّة خاصّة لما فيه من الميالديّ ،ويمتاز هذا رشاقة ولين وامتداد ،وهو بال شكل على حروفه ،كما ّ للخطاط طواعية تمنح إمكانيّة االستدارة والمرونة فيه ّ الخط التعليق (الفارسيّ ) أكبر في الرسم ،ويقبل الزخرف الحتوائه على الدائرة وأقواسها ،ما يفتح ذلك بابا ً للخيال .و ُتنسب قواعده األساسيّة من أصول وأبعاد ّ الخطاطين الفرس المعروف بالتبريزيّ . إلى أحد
1934ميالديّ ) إلى قمّة من قممه.
ّ الخط الديوانيّ ؛ الذي يقال له وأحد أجمل الخطوط، أيضاً :السلطانيّ والغزالنيّ ،ولك ّل اسم سبب؛ فبعد أن فتح السلطان محمّد القسطنطينيّة عام 1453للميالد، ّ الخط في دواوين الحكومة ،لكتابة أوامره استعمل هذا من منح لألوسمة وتوظيف وغيرها ،فقيل السلطانيّ والديوانيّ ؛ وكان من أشهر ّ خطاطيه مصطفى غزالن، ّ الخط بالغزالنيّ .كان الديوانيّ سرّ اً من أسرار فسمى القصر ،وكان على صورة مع ّقدة تتقارب الكلمات فيه
ج ّداً وال مكان فارغ يمكن إضافة كلمة أو حرف بين أسطره حرصا ً على عدم تبديل الكلمات أو اإلضافة إليها في النصوص واألوراق الرسميّة .تشبّه حروفه وتشكيالته ،بحركات الرقص لما تملك من مطواعيّة وحيويّة ،وقد تنوّ عت المدارس في تطويره وتفريعه فكان منه :الديوانيّ المرسل بمدارسه :البغداديّة والمصريّة والتركيّة؛ والديوانيّ الجليّ الذي يتميّز بالليونة وقابليّة االمتداد واالستطالة ،وإلدخال عنصر الزخرف فيه ،لذلك يمكن تشكيله بما يريد الخطاط عند صيّات وضع رسم بشكل مح ّدد مسبقاً ،فك ّل تلك الخا ّ ٍ تم ّكن من تشكيل الرسم ،ويؤ ّدي الزخرف مهمّة تعبئة باقي الفراغ بك ّل د ّقة. خط الكتابة اليوميّة هو ّ خط الرقعة ،ويقال بأنّ سبب التسمية هي الرقعة من الجلد ،واألخصّ جلود الغزالن التي كانت تستخدم في الكتابة ويقال أيضا ً الرقاع؛ وقد اس ُتخدم لتوحيد خطوط الكتابة في معامالت الدولة العثمانيّة ،فوضع الخطاط ّ عزت (سبق ذكره) أُسس ّ الخط ،الذي وُ جدت له أساليب وعُرف بأسماء كتابة هذا بلدانها كاألسلوب التركيّ أو المصريّ ،أو بحسب ّ خط الرقعة االستخدام كالرقعة التجاريّ ؛ ويُعتمد عموما ً لدى األساتذة كالخطوة األوّ لى للمبتدئين في تعلّم ّ الخط العربيّ . وهنالك من الخطوط الكثير ،بأسماء وأنواع وأفرع، كالطغراء ،والريحانيّ ،و ،..وهي على جمالها وغناها، تعتمد النقطة كمقياس وأسّ وأساس. محوك *اللوحات للفنان محمد عماد ّ
حسيب م .عدي
www.allsyrians.org
12
العدد 24
مقامات
/4شباط 2015/
سفيرنا إلى العالمّية
بدنا حنكي
ّ لكل مقام مقال
في السنوّية الثالثة
بعد مرور ثالث سنوات ،للمرّ ة األولى أتجرّ أ أن أتكلّم علنا ً عنه ،ابن عمّتي الذي ال أحمل معه إلاّ ذكريات قليلة م��ن الطفولة ،فبسبب البعد الجغرا ّفي لم تسنح الفرصة لتكوين الكثير ،وابتعادنا حين كبرنا ،ففي عائلتي ال يجتمع الشباب والصبايا حين يكبرون ،وال يلعبون سويّة كما في الطفولة ،ث ّم جاءت وفاة عمّتي ،ليقطع زوجها ك ّل عالقة بأقاربها. كان يجب أن يكون اليوم مثلي ،في عمر السادسة والعشرين، لك ّنه تو ّقف عند عمر الثالثة والعشرين ،كان الهاتف األخير ،الذي ّ انشق عن قطعته العسكريّة أخبرنا خالله أ ّنه في حمص ،فكان قد من خدمة الجيش اإللزاميّ ،لينض ّم لصفوف الثوّ ار في حمص (بدن يانا نقوّ ص عالعالم) كان قد حسم خياره وانض ّم إلى جهة الشعب ،تلك كانت كلماته األخيرة لنا .بعد أسبوع وصلنا نبأ استشهاده. كان خبر انضمامه لصفوف الجيش الحرّ حينها صدمة لي، فأنا التي كنت ملتزمة بمبادئ السلميّة ورفض السالح الذي لن يجرّ نا سوى إلى الدمار ،متمسّكة بها ومجادلة في جدواها وضرر السالح ،متمسّكة ومقاتلة لهذه المبادئ بأظفاري وأسناني أمام الطوفان الكاسح للسالح وأنصاره ،فكان وجود ابن عمّتي بينهم سببا ً ألعيش بعض األفكار المزدوجة ،فبين خوفي عليه ودعائي بأن يحميه هللا ويثبّت خطاه ،وبين رفضي لفعله لتنافيه مع موقفي. حين أخبرني والدي باستشهاد حسين ،ك ّنا حينها في المطبخ مساءً ،أع� ّد لي كأسا ً من «النسكافيه» ألحضّر المتحاناتي الجامعيّة التي كانت قد بدأت ،لم أجد ألبي ر ّداً سوى «هذا خياره» وعدت لغرفتي ،ألبدأ تنظيم محاضراتي ،ث ّم ينكبّ عليّ البكاء .لم أستوعب فكرة استشهاده في البداية ،فلم يكن بكائي حزنا ً عليه، إ ّنما على نفسي وعلى ر ّدي البارد على أبي ،كيف استقبل خبر استشهاد ابن عمّتي بهذا البرود والقسوة ،كيف أحمّله سبب موته وأبرّ ئ قاتله ،ألّنه ا ّتبع موقفه وإيمانه وانض ّم إلى ما أرفضه؟ كيف تم ّكنت من تجاهل ذلك الحزن في عينيّ أبي ،والقهر الذي كان في صوته وهو يحاول أن يتماسك ويبتلع دمعة ال يريد لها أن ُتزرف ،وأقول له تلك العبارة الجوفاء وأمضي دون أن ألتفت إليه ،أو ح ّتى ّ أعزيه؟ مضى العام وأنا أتجاهل الحدث ،أتجاهل الحديث عنه ،أو ح ّتى التفكير فيه بيني وبين نفسي ،لتكون السنويّة األولى ،اليوم الذي جلست فيه مع نفسي ألنعي شهيد العائلة األوّ ل ،وأؤ ّنب نفسي على ظلمه ،فلم أبكه وأحزن كما بكيت من تتالى بعده ،فقد «كرّ ت السبحة» من بعده ،وتوافد أقربائي لالنضمام للجيش الحرّ واالستشهاد الواحد تلو اآلخر ،لكن يبقى لحسين مكانة خاصّة، ألخ ّفف من ح ّدة تأنيب ضميري ،الذي ال يكفّ عن تذكيري بقسوتي وبرودي اتجاه خبر الرحيل. في السنويّة الثانية ،كنت غارقة بانتقال المعركة إلى حلب، واعتقال العديد من أصدقائي ،لم أنتبه لليوم ،فقد كانت األيّام ّ مكثفة ،فضاع م ّني التقويم واأليّام ،مضت سنويّة استشهاده الثانية دون أن أبكي ،أو أن أقرأ الفاتحة على روحه. اليوم وفي السنويّة الثالثة ،أفرح أ ّنه رحل مب ّكراً ،رحل قبل أن يتلوّ ث ،لقد رحل حسين نق ّيا ً كما كان ،كما عرفته دائماً. لم يعد بمقدوري البكاء ،فعائلتي تقلّصت إلى النصف بين شهيد ُ اعتدت الغياب والرحيل يا ومفقود ،أصدقائي بين معتقل والجئ. حسين ،لم أعد أستطيع البكاء ،فقط أبتسم في وجه غيابك الثالث سنويّتك الثالثة ،محاولة استرجاع بعض من مالمحك ،وأغفر لك َ ملكت الشجاعة لتحيّ خيارك ،وتموت تعارضك مع سلميّتي ،فقد ألجل ما آمنت به ،ألجل حرّ يّتي وحرّ يّتك وحرّ يّة بلدنا وتطهيرها من عقود االستبداد والخضوع .ابتسم أل ّنك ال تدري أ ّنك أخذت الموت ،وبقيت لنا المذلّة. لينا احلكيم
المدير العام
رئيس التحرير
توفيــق دنيـــا
بسام يوسف َ
newspaper@allsyrians.org
ح َّل السيّد نزار الحراكي سفير االئتالف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة في قطر ،وبتصريح صحفيّ ،المشكلة األعقد التي يعاني منها السوريّون الممنوعون من السفر بسبب انتهاء الم ّدة الزمنيّة المسموح بها في جوازات سفرهم .والسيّد الحراكي يعلن وبالفم المآلن أنّ التجديد سيكون بشكل دائم ح ّتى سقوط نظام ب ّ شار األسد. ويستتبع تصريحه األوّ ليّ بشروحات إضافيّة يوضّح فيها: «أ ّنه سيجري تجديد جوازات سفر السوريّين بداية في قطر ،ث ّم في دول مجلس التعاون الخليجيّ ،ث ّم في جميع أنحاء العالم التي يوجد فيها سوريّون» وال أعرف لماذا ذ ّكرتني هذه الثقة الزائدة بالنفس بهتاف سمعناه في جامعة دمشق وكأ ّنني أسمعه من جديد هنا أنت يا سيّد حراكي قليل عليك أن تكون سفيراً لالئتالف في قطر فقط عليك أن تكون سفيراً عالم ّيا ً فوق األوطان .فالسيّد الحراكي يعلن بداية فتوحاته الدبلوماسيّة من قطر ولك ّنه يعد بالتم ّدد نحو العالم بأسره. وتأكيداً على صدقيّته ،يشرح لنا السيّد الحراكي أنّ الدول التي راسلتها السفارة وعددها 52بخصوص تجديد جوازات سفر السوريّين ،ولم تعترض على هذا األمر إلاّ دولة وحيدة وهي كندا ،لك ّنه لم يبيّن لنا أنّ باقي الدول لم تر ّد عليه باألساس ،فقط الكنديّون تعاملوا معه جد ّيا ً وأجابوه بالرفض مع تساؤل ور ّد في كتابهم حول تحديد الصفة التي تمّت بها المراسلة، وأنّ باقي الدول لم تر ّد باألساس ،لم ترفض ولم تقبل ،ولم تتعامل مع الكتاب المرسل من قبل السيّد الحراكي بأ ّنه ذا صفة ،ولكن وحسب تربيتنا في مجتمعاتنا الشرقيّة اعتبر السيّد أكبر أرباح لشركة في التاريخ السفير أن السكوت عالمة الرضا. كثيرون ّ حذروا من مغبّة هذا التصرّ ف ،وبأ ّنه غير قانونيّ ،وأ ّنه قد يوقع الســوريّين في مطبّات جديدة ليـس أوّ لها تهمة التزوير العلنيّ ،وكان آخرهم الســيد خالد خوجا رئيــس االئتالف الذي ّ حذر وبتصريح علنيّ من عواقب مثل هذا التصرّ ف ،وبال شــرعيّته وال قانونيّته ،لكنّ الســيّد الحراكي يعيد في اليوم التالي وبتصريح جديد شــرعيّة ما يقوم به وكأنّ الذي صرّ ح قبل ســاعات ليس رئيســه المباــشر وليـس رئيـس االئتالف ،وكأ ّننا به يقول لنا جميعاً: «بتقلو تيس بقلك احلبوا». ولألسف ح ّتى اللحظة ،لم يتم إصدار أيّ قرار رسميّ من االئتالف يمنع سفيره من التجاوز ،ولم يصدر عنه أيّة وثيقة رسميّة ّ تحذر من أخطار هذا اإلجراء ما عدا التصريح أعلنت عمالق التكنولوجيا األمريكيّة آبّل عن أكبر أرباح في الشفهيّ لرئيسه ،وما يؤسف أكثر أن يت ّم التعامل مع قضيّة في هذا الحجم ومن أشخاص التاريخ تح ّققها شركة عامّة في ربع عام. مسؤولين على أساس فقط صفحات الفيسبوك ،ح ّتى الوزارة العتيدة حين تذ ّكرت الموضوع فقد أعلنت آبّل عن أرباح قيمتها 18مليار دوالر في ربعها تذ ّكرته بتصريح لفخامة رئيسها نشرته على صفحتها الزرقاء. الماليّ األوّ ل ،متفوّ قة على أرباح عمالق النفط إيكسون موبيل في الحراكي يتجاوز الجميع ويزيد من مآسي السوريّين والك ّل صامت!! الربع الثاني من 2012والتي بلغت 15.9مليار دوالر.
حسني برو
الحرّّية الحرّّية الحرّّية في صباح 9كانون األوّ ل ،2013 اخ ُتطف أربعة ناشطين حقوقيّين سوريّين بمدينة دوما في ريف دمشق، تبيِّن عمليّة االختطاف ه��ذه مدى خطورة التطوّ ر الذي تشهده الثورة السوريّة. فقد قامت مجموعة مجهولة بمداهمة مكتب مركز توثيق االنتهاكات في سورية ،واختطاف الناشطة رزان زيتونة وفريق عملها المكوّ ن من :وائل حمّادة ،سميرة خليل ،وناظم حمّادي، واقتادتهم إلى جهة غير معروفة. وبحسب المعلومات فإنّ عمليّة االختطاف قد تمّت في منطقة ال يتواجد فيها النظام السوريّ ،إ ّنما تؤ ّدي في نهاية المطاف إلى تقديم خدمة للنظام الذي حارب بك ّل جهده الناشطين السوريّين بك ّل ألوانهم وأطيافهم ،من خالل القتل
واالعتقال والتعذيب والتشريد ،ليس خالل الثورة السوريّة فحسب وإ ّنما على امتداد عقود حكمه الطويلة التي خيّمت على سورية بمظلّة سوداء داكنة من الظلم والقهر. الحرّ يّة لـ :رزان زيتونة ،وائل حمّادة ،سميرة خليل ،وناظم حمّادي ،وجميع المعتقلين في سجون االستبداد على اختالف أنواعه.
دماغان بشرّيان يّتصالن ببعضهما إلكترونّياً! استطاع فريق بحثيّ في جامعة «هارفارد» من الربط ما بين دم��اغ رجل ب��ذي��ل ج���رذ ،بحيث ك��ان بوسع الرجل تحريك الذيل بمجرّ د التفكير .وتم ّكنت مجموعة بحثيّة في جامعة «واش��ن��ط��ن» م��ن إق��ام��ة اتصال بين عقلين عبر وسيط إلكترونيّ ،بحيث جعل اليد ّ تدق على لوحة مفاتيح (كيبورد) بشكل ال شعوريّ .
مارقة إلى فاشلة صدر كتاب «كيف تحوّ لت سورية م��ن دول��ة م��ارق��ة ال��ى دول��ة فاشلة» ل��روب��رت آي روت��ن��ب��رغ وس��ي��ث د. كابالن .يتناول فيه المؤلّف بلغة علميّة، إحصائيّة ،وأرق��ام وخرائط ،مختلف األشكال التي جعلت سورية تنتقل من دولة مارقة إلى فاشلة. الكتاب صدر عن (رياض الريّس للكتب والنشر -ب��ي��روت) في 400 صفحة من القطع المتوسّط.
(ف��ي��دي��و) وص��ي��ف��ة ملكة االئتالف يشبه لوحة ي��ه��دف ل��ق��اء القاهرة الجمال تش ّدها من شعرها ف ّنيّة لك ّنها ليست حقيقيّة إل��ى تشكيل ك��ي��ان جديد وتنتزع منها التاج. إ ّن��م��ا ه��ي لوحة (ب��زل) للمعارضة من شخصيّات حين أعلن ف��وز إحداهن قطعها مح ّددة ومحسوبة، ال وزن لها ،بإيعاز خليجيّ بلقب ملكة جمال شمال ويت ّم تركيبها بين فترة ورعاية مصريّة ،ترحّ ب األمازون هجمت الوصيفة وأخ��رى على ه��وى من بجميع الحلول وأهمّها بقاء األولى بغضب واضح على ملكة الجمال المنتخبة يقوم بتركيبها. األسد في السلطة. وقد ثارت أعصابها من الغيرة ،فشدتها من شعرها على الشعب السوريّ أن ينتظر ف ّنانه الذي RajwaAlMallouhi ً من بنود لقاء موسكو «عدم قبول أيّ وجود أجنبيّ وانتزعت عن رأسها التاج ،وطرحته أرضا على يستطيع أن يرسم لوحة حقيقيّة وبألوان زيتيّة حقيقيّة تعبر عنه ...لوحة ّ على أراضي سورية دون موافقة حكومتها «! أعطوا مرأى من الحضور والكاميرات .شاهد! تمثل سورية وشعبها.
هيئة التحرير حسين برو ّ - بشار فستق غزوان قرنفل -ثائر موسى -عزّة البحرة
Fouad Eliaa
االخراج الفني منير األيوبي
ضوءاً أخضر للميليشيات الشيعيّة.
فريق العمل هلّ العبدال سكرتاريا :نور التدقيق اللغوي :فلك الخالد الموقع اإللكتروني :باسل العبداهلل
tojjarthawratsy
https://www.youtube.com/watch?v=OBLbqZZjek4
اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة
www.allsyrians.org