1
.دستور سرايا :بقلم فريد أبوسرايا . قوانين سرايا لضبط أداء الحكام وتحديد سلطاتهم وصالحياتهم . بالفعل جدتي امرأة سابقة لزمانها وفائقة ألقرانها .كانت تدعى سرايا ،وكما يقال إن لكل امرؤ حظا ً من أسمه ،فأرائها عالية القدر كعلو أبراج السرايا .فكان غيرها ينهل من الغدران ،وكانت هي تنهل مباشرة من السحاب ،وهي في السياسة خاصةً ال يصطلى بنارها وال يجرى في مضمارها .عشنا في منطقة تسمى طاراخنت بالجبل األخضر ،وأشتقت هذه المنطقة أسمها من اللغة اإليطالية وتحديداً من حانة أقامها اإليطاليون هناك وأطلقوا عليها اسم ( الكونتيسات الثالث ) أي األميرات الثالث ،وصحف أجدادي االسم وحرفوه ليصبح ( طاراخنت ) .لم تكن طاراخنت قرية بالمعنى الصحيح ،ولكنني أتصور أنها أقرب ما تكون إلى خربة حسب التصنيف الجغرافي الذي يطلقه السوريون على بعض مناطقهم مثل خربة الجوز أو خربة غزالة ،إذن يمكننا القول وبدرجة كبيرة من المصداقية أن طاراخنت كانت خربة مئة بالمائة .و ذات يوم من أيام شتاء طاراخنت جرى بيني وبين جدتي سرايا نقاش حول صالحيات وسلطة الحاكم والحدود التي يجب أن يتوقف عندها وال يتجاوزها حتى لو طلع القمر من بين جنبيه أو أشرقت الشمس من المغرب .ردت عل ّي جدتي قائلة :هذا سؤال حقيق أن يسأل ،وحقيق أن يجاب عنه بدقة ،وإنني طالما فكرت في هذه المسألة ،وبعد طول تدبر وتأمل صحف أو أبوح بها لبشر ، خلصت إلى ثالثة قوانين ظلت حبيسة رأسي حيث عقلها عقلي ،ولم أدونها في ٍ ولكنني في اآلونة األخيرة سمعت عن رجل يلقبونه باآللة الكاتبة البشرية قد استنبط وهو يهيم في عوالم الخيال العلمي ثالثة قوانين تضبط عمل الرجال اآلليين ،ومن العجيب أن هناك تماثالً بين قوانين هذا الرجل ، وبين القوانين التي و ضعتها أنا لضبط عمل الحكام ،ولكن األعجب من ذلك أن قوانين أسحق أسيموف هذا تتعلق بالرجال اآلليين ( الروبوتات ) بينما قوانيني أنا تتعلق بالرؤوساء والوزراء ،إذ أنني أعتبر أن الحكام في خدمة األمة هم كرجال آليين نزعت عنهم إرادتهم وزرع مكانها إرادة األمة ،إن كان لها إرادة أو فلنقل إذا كان الشعب حيا ً .وما المؤهالت التي يتميز بها هؤالء الحكام من شهادات علمية رفيعة ،أو خبرات كبيرة إال كمثل الصفات التي يتسم بها الرجال اآلليين ( الروبوت ) كالطاعة العمياء ،والتفاني في العمل ،والصبر المذهل وعدم التذمر والتشكي ،وال يقظة الدائمة وعدم النوم ،ودوام االستعداد والتأهب ،والحركة المحسوبة بدقة ...الخ وهاكم ما قالته جدتي في هذا الصدد :
.قانون سرايا األول . : تراخ ٍٍ تبطل أو كس ٍل أو ال يجوز لرئيس الوزراء أو الرئيس أو أي كائنا ً من كان أن يفعل ،أو أن يسمح بسبب ٍ ٍ بحدوث ما من شأ نه أن يمس مصلحة ليبيا المتمثلة في قوة دينها وسالمة شعبها وعافيته ،وعزة أرضها ، 2
وتنمية اقتصادها وازدهاره ،وصيانة تاريخها وثقافتها أو يعرضها للخطر أو الضياع أو النقصان أو اإلجحاف أو الغبن أو الضرر أو ألي عمل ،قوالً كان أم فعل ،ناجم عن جهل ،أو غباء أو حمق ،أو ضعف رأي ،أو ضيق أفق ،أو قلة علم ،أو غفلة ،أو تقصير ،أو سوء تدبير ،أو سوء نية ،أو استبداد برأي ،أو قياس فاسد ،أو خيانة ،أو تآمر .
.قانون سرايا الثاني . : يجب على رئيس الوزراء أو الرئيس تنفيذ سياسة الحكومة ( الوزراء ) ،وإطاعة تشريعات البرلمان ما لم تتعارض هذه السياسة وتلك التشريعات مع القانون األول .
3
.قانون سرايا الثالث . : يجب على رئيس الوزراء أو الرئيس المحافظة على وجوده طالما أن مثل هذه المحافظة ال تتعارض مع القانونين األول والثاني .
الخميس 5 ،يناير 2102
4