1
كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر واآلوان ،بلد من البلدان له شأن ومكان ،تحكمه أسرة تتحدر من مستغانم القريبة من تلمسان ،قبل أن يصاب بالسرطان ،ويصبح ما يعرف تاريخيا ً باسم جماهيرية قذافيستان التي سرى بحديثها الركبان إلى أطراف األرض وأقاصي البلدان . في بعض األحيان تتسارع األحداث فتجري األيام في أعنتها كعجالة الراكب وقبسة العجالن ،ثم تتباطأ وتيرتها، وتطول المسافات وتبعد الشقة حتى لو كانت من العربان وغريان إلى جبل أبي غيالن .هزمت اليابان في حربها ضد األمريكان بعد أن توعدها الرئيس ترومان بالنار والدخان وشئ لم يحدث قط في قديم الزمان ، وهزم العرب على يد موشيه ديان ،وقبل ما يزيد على أربعين عام تآمر اإلنجليز واألمريكان وأعترفوا بإنقالب عسكري قام به ضباط صغيرو الشأن .في مستهل أمره ،لعب األفعوان دور الطيب والفقيه لوهلة من الزمان وعندما أستولى على مقاليد األمور وأستحوذ على السلطة والثروة والسالح ،كشف عن قرني الشيطان ،وقال لرفاقه :أيتها الحمير هذه لي ،وال ينازعني فيها أنس وال جان.
2
تسلط على البالد كما تسلط في قديم الزمان على الدولة العباسية ملوك ساسان ،وتخبطت إدارة البالد كما تتخبط الناقة العشواء أو كسفينة بال سكان ،وكما يقال فالحظ وحده يمكنه حمل السفينة إلى الشاطئ بال ربان. وبلسان الملك الشمس قال :
أنا ومن بعدي الطوفان . أفسد جنون العظمة وحب السلطان عقله مثلما أفسد شرب البالذر عقل صاحب كتاب ( فتوح البلدان ) ،وأعتبر أن اآلخرين هم الجحيم ،كما قال سارتر في كتابه الغثيان .ألغى جامعة السيد محمد بن علي السنوسي التي كان لها شأن ،وأقفل المعاهد التي كانت تدرس القراءات وعلوم القرآن .لم يكن ألفعوان قذافيستان مثيل في الخسران إال سلم الخاسر أو صابر نيازوف في تركمنستان ،الذي فرض الروخ نامه على التركمان. تعامل األفعوان مع رعيته بالكيسان ،وكما قال أبوالعتاهية ،لم يعد لهم من دنياهم إالّ الرغيف والطمران ، وتساءل جبران خليل جبران قائالً :
فهل من جدول األحالم يرتوي الظمآن ؟ كما قال ذلك الفنان :
لتعط كل إنسان وفق حاجته فالخالق ال يعطي الملح للعطشان ،وال الحجر للجوعان . ومن قديم الزمان قال التوحيدي ،أبوحيان :
كما أن المنع في موضع اإلعطاء حرمان ،كذلك اإلعطاء في موضع المنع خذالن . كاد األفعوان لكل صاحب موهبة ،العب كان أم فنان أو مسؤول كبير الشأن ،مثلما أضمر شركان الشر ألخيه ضوء المكان ،ولم يكن له وزير أمين ينصحه بمكافأة الجميل بالعرفان ،كما كان الوزير دندان ينصح الملك عمر النعمان ،أو كنظام الملك وزير السلطان ألب أرسالن ،وأستأنس بالقردان والعجالن وقرب منه بغاث الطير والغربان ،وفي هذا المعنى يقول محمد خليفة التونسي :
" أما من يأنس برضا الغوغاء ويستوحش لجفوتهم فهو من طينتهم الالزبة في الكيان والوجدان ، ولو توقر في القلنسوة والطيلسان ،ونطق بألف لسان في حلقات العميان ،أو تخايل بالتاج والصولجان وكان صاحب الزمان في موكب العبدان " . كان كأنه يعزف على القانون ولكن ليس على سبابته كشتبان ،فخرجت األلحان ،نشازاً تمجه األذواق وال تقبله اآلذان ،ويقول خوزيه ساراماغو في هذا الشأن ،إن العادة ال تصنع كاهنا ً ،والملك ال يصنعه صولجان . إنها حقيقة يجب أن ال تضيع طي النسيان ،فقد كان كما قال مصطفى أمين :
نحن أشبه برجل فشل في زراعة نصف فدان فيقترحون عليه أن يزرع ألف فدان . 3
لقد حيل بينه وبين الصواب كما حيل بين العير والنزوان ،وفعل ما لم تفعله ريا وسكينة في حي اللبان ،وكان خليقا ً بأن يحجر عليه في المارستان .حول أفعوان قذافيستان الدولة إلى حالة الطبيعة المتميزة بالظلم والعدوان كما يقول توماس هوبز في كتابه اللفياثان :
أن اإلنسان كان فيها ذئبا ألخيه اإلنسان . وضع كتيبا ً قال أنه ح ٌل لمشاكل اإلنسان ،وفرضه على شعبه ،كما فُرض الياسق على المغول من قبل جنكيز خان ،ووصل به الحد من الهذيان فقال ليس في اإلمكان أبدع مما كان ،وحسب تعبير الشيخ إمام الفنان ،كأنه قد أمسك بالذئب من ذيله كما فعل فاالري جيسكار ديستان. أنتشر الجهل وترسخت القبلية وعبودية رموز الطغيان كما تنتشر النار في الهشيم ،وكما ينتشر في الجسم العليل مرض السرطان ،الذي يفتك بالخلية من داخل الكيان ثم يستفحل فيدمر األساس والبنيان. ساد الظلم وعم الطغيان جماهيرية قذافيستان ،كما غزا في قديم الزمان وباء الطاعون الذي نشرته الجرذان في بلدة هاملن بأرض األلمان .باء المجتمع باألدران ،فأصيبت البالد باإلحتقان كما يؤدي تراكم البيليروبين في الدم إلى اإلصابة باليرقان .وأستشرى الفساد في اوصال المجتمع ،وصار الناس يتعاملون بالرشى ، وفاحت من هذا الوضع رائحة كرائحة الظربان . أقتيد األحرار إلى السجون وحجزوا وراء القضبان وظلوا في الزنازين ردحا ً طويالً من الزمان ،وثبت بعضهم على مبدأه كثبات شجرة األرز في جبال لبنان ،وعلق بعضهم على العيدان في شهر رمضان كما شُنق اإلنجليز من قبل زهران ،والذ البعض بالفرار مفضلين حياة المنفى على حياة الذل والهوان فوق تراب األوطان وقرب األهل والخالن ،فطاردهم أعوان األفعوان في أصقاع األرض كمطاردة المفتش جافير لجان فالجان .أستشهد الكثير من الرجال في زمن عز فيه الرجال وظهر فيه الجبان ،وكان حريا ً بابن خلكان أن يدون أسماءهم في كتابه وفيات األعيان وأنبا ُء أبناء الزمان . ركبه التيه والغرور كما ركب الكبر جبلة بن األيهم ،آخر ملوك غسان ،فسلك مسلك الشبان ،وظن األفعوان أنه ال يكبر أبداً مثل بيتر بان ،وفي خريف عمره تصرف كمراهق من الصبيان ،وأحتفظ بصور لكونداليزا رايس وزيرة األمريكان .ومد عينيه إلى ما ُمتع به أزواجا ً من الخالن ،فكان كالمنخل اليشكري الذي نظر إلى المتجردة زوج النعمان عندما سقط عنها النصيف وأضحى الخفي باديا ً للعيان .وبالجاه والمال والسلطان أقتنى األفعوان الكثير من الجواري والقيان اللواتي كان ينزو عليهن كما ينزو حصان البحر على فرس الملك المهرجان. شبهت نجاح المساعيد نفسها بملكة سليمان ،وصاغت قصيدتها خطيا ً ،خشية أن تتبعثر حروفها ،وخوفا ً من النسيان ،وجاءت مريم نور وألتصقت به كما تلتصق األفعى باألفعوان ،دون مراعاة لوقار سن وما تفرضه
4
الحشمة والعفة من البعد عن الفتنة واالفتتان ،وفي بالد الطليان ،نظم القوادون أمسية أجتمع فيها الدون جوان بعشرات من الغانيات الحسان ،وأهدى لكل واحدة منهن نسخة من القرآن .
ضمت قائمة المحضيات الكثيرات من ظباء البان والكواعب الحسان ،فمنهن األردنية دعد شرعب ،والكويتية حليمة بولند ،واألمريكية تيكا زنديق ،واألوغندية بيست كيميغيسا ،واألوكرانية غالينا كولوتنيتسكا ،وغيرهن من الجواري والقيان . أصدر مؤسس ويكيليكس األسترالي جوليان بيان يكشف فيه مخازي عائلة األفعوان مثلما أصدر الصحفي البريطاني أندرو جيلجان تقريراً يفضح فيه حكومته ويتهمها باإلفك والبهتان . فقدت البالد الجيروسكوب الذي يمنعها من الميالن ،والكردان الذي يبقيها في حالة إتزان ،وأصبحت جماهيرية قذافيستان ملهاة تُضحك الجثمان ،وباتت ماسأة تجعل الحليم حيران ،جدير بأن تتغنى بحالتها فرقة ناس الغيوان .كانت البالد في أمس الحاجة إلى حلف كحلف الفضول الذي عقد في دار حاسي الذهب ،عبدهللا بن جدعان . أشعل البوعزيزي الشموع فسرت النيران في مدينة منزل بوزيان لتطهر النفوس من المذلة واالمتهان ،ومن رماد القربان ،أنفجر البركان بدوي يصم اآلذان .هرع الزين ليقف أمام فتى بوزيان وهو ملفوفا ً باألكفان ،لقد وقف الطغيان ذليالً في حضرة الجثمان ال ُمهان . 5
ال يعيب البوعزيزي كونه تاجر جلنار ورمان ،فكما قال دينغ شياو بينغ :
الهر ال تعيبه األلوان ،فسواء كان أبيض أم أسود فهو مطلوب إذا كان صياداً للفئران. أختلف الناس في تقدير ما قام به فتى بوزيان ،كما أختلف النقاد في اعتبار ما قام به ويلي لومان ،هل كان ذلك تضحية على مذبح الحلم األمريكي أم عمل جبان ؟ وهل كان فرانسيس بيكون محقا ً حينما قال :
في الظالم تتشابه األلوان ولكن هذا كله ال يمنعنا من سؤال الحفيظ المنان بأن يجعل فتى بوزيان في روح وريحان ،وجنة ذات أفنان . عندها خرج األفعوان ووصف ويكيليكس بالكلينكس فكأنه كان يستشعر قدوم الطوفان ،وقال ألهل تونس الخضراء ،عيشوا بأمان في ظل حكم الزين إلى آخر الزمان .كان كالمه بمثابة ( الحديث لكم يا جيران ) . وكما قال الدكتور كنج ،ذلك الحالم الولهان :إن الظلم في أي مكان ،يمثل تهديداً للعدالة في كل مكان ،وكذلك قال سونيكا :يموت اإلنسان داخل كل من يلزم الصمت في وجه الطغيان . كان البلدان جاران ،وما يطرأ على الجار سيطرأ على الجيران .كان البلدان سفينتان ،وما جرى في تونس من فوران هو نبؤة لما سيحدث في بلد الجيران ،وال غرو في ذلك ،فقديما ً غرقت التايتنيك كما تنبأ بذلك الكاتب مورجان في رواية له بعنوان غرق السفينة تيتان . 6
بدون لف وال دوران ،أطلق األفعوان صرخة الحرب والعدوان كصرخة ( الرب يريدها ) التي أطلقها البابا أوربان مستهالً بها حروب الصلبان ،وأتهم خصومه باإلرهاب كما أتهم حسان باإلفك صفوان ،وأمر جنوده بـ " الضرب في المليان " ،والقضاء على القمل والجرذان مثلما طلبت هيروديا وسالومة من هيرودس أن يأتيهما برأس يوحنا المعمدان .بدون إحساس وإستبطان كانت النتيجة أنه لم يصب في الرأي وخ ِطئ الهذان ، وكما رصد األمريكان برقية ألفرد زمرمان التي تعرض على المكسيك إجراء تعاون مع األلمان ،فقد رصدت مكالمات بين األفعوان وأزالمه من العبيد واألعوان يحرضون فيها على القتل واإلغتصاب واإلذالل واإلمتهان . في باب العزيزية ،أحتشدت الغوغاء والزعران ،وأكلوا األرز ولحم الضأن والثيران ،كما يحتفل بأكل اللحم في مهرجان الكرنفال عند طائفة الكاثوليك الرومان .لقد تيمتهم العبودية وتولهوا بمحبة الطغيان ،وعبد البعض األفعوان كما عبدت العرب في الجاهلية إساف ونائلة ذانك الصنمان ،أو كما عبدت الفراعنة في سالف الدهر حشرة الجعران . ال يرون وال يسمعون على الرغم من أن لهم عيون وآذان ،وال يفقهون ألن قلوبهم عليها غطاء يسمى الران . لو كان النورس جوناثان يطير في أجواء قذافيستان لسئم من االمتهان ،وقرر أن يتعلم المعنى الحقيقي للطيران .لم يكن هناك حالً يسمح للذئب بأن يبات شبعان وفي نفس الوقت يضمن سالمة الخرفان ،فاتحد األحرار في شرق البالد وغربها إلسقاط نظام األفعوان كما أتحدت حركتا زابو وزانو األفريقيتان لتحرير زيمبابوي من قبضة العنصري إيان ،وكما يقول المثل الفرنسي ،لقد كان الشمعدان يستحق الرهان . أحرقت صور األفعوان وكتبه في كل ميدان وديس على رأسه في شهر رمضان .وفي مدينة الشجعان ،هدم األحرار صنما ً ألشهر األوثان مثلما فجرت حركة طالبان تمثالي بوذا في باميان .
7
وفي شهر رمضان ،وهو الشهر الذي يقيد فيه ويصفد الجان ،أرتكبت كتائب القذافي جريمة تقشعر لها األبدان ،فأحرقوا بالنيران مجموعة من األسرى في معسكر اليرموك بخلة الفرجان ،كما أحرق في قديم الزمان الملك أبونواس وأصحاب األخدود نصارى نجران .
في تاريخ الرومان ،صرخت إحدى العاهرات في وجه السلطان حين أعتزم الهرب قائلة له :إن العباءة االمبراطورية هي خير األكفان ،وطورد األفعوان في األرض كما طورد الصربي سلوبودان ،والكردي عبدهللا أوجالن ،وقبض عليه في حفرة كما قبض من قبل على صدام أخي برزان ،وسيق كما سيق الخليفة المستكفي ماشيا ً على أيدي الديلمان ،وقتل كما قتل المتوكل ومعه وزيره الفتح بن خاقان .وهلل در أبوالفتح البستي حين قال :
ص ْد في عواقبه .....ندامةً ولحصد الشر إبّانُ ِّ من يزرع الشر يح ُ توقف القلب عن الخفقان ،ولم يكفن جسده بأكبر القمصان كما جرى مع الغريق الجميل المسمى إستبان .لم يترك األفعوان صهاريج وتماثيل ونقوش وعمدان كاآلثار التي تركها اإلغريق والفنيقيين والرومان ،ولكنه أندثر وخلف وراءه إرثا ً من الحقد والكراهية والعدوان ،وأزالم وأعوان وأركان ينطوون على الشر واإلفك والبهتان. ظهر على الساحة بعض العبيد واألقنان وغيروا مواقفهم ال عن قناعة وال عن إيمان ،وإنما ليتمتعوا بأكل اليمام والسمان ،وليمتصوا الدماء كما تفعل القردان ،فتسلقوا الموجة وركبوها ببراعة الدالفين والحيتان ، 8
فمسخوا الصورة وشوهوا العنوان ،وهذا ليس غريبا ً على تاريخ الثورات من قديم الزمان ،فقد فعل ذلك في الثورة الفرنسية المدعو تاليران.
إن الثورة أول ما تكون فكرة تداعب خيال الحالم الولهان ،ثم يأتي األبطال والفرسان ،ويشعل فتيلها ويفجر أتونها الصنديد ثابت الجنان ،ثم يتقرب منها الشهداء ويأخذوا بيدها ويخفضوا لها جناحهم بكل إشفاق وتحنان ،ويطعموها من أشالءهم ويرووها بدمائهم الحمر كاألرجوان ،وفي آخر المطاف يسيطر على المشهد كل رعديد جبان ،ثم يقطف ثمارها ويتفيأ ظاللها كل آفاق وخوان. هذا لألسف هو قانون الثورات المستبان . هيمن األورانغ أوتان على أجزاء من جماهيرية قذافيستان ،وأضحى البلد كالمشط المستوي األسنان الذي يتنازعه رجالن أصلعان .خرج أحدهم وقال أن لست مجرد زلم من األزالم ،بل إنني ركن من األركان . وأضحت قذافيستان مرتعا ً خصبا ً لمؤامرات وكيد محمد دحالن وضاحي خلفان . صالت ألمافيا النفط الليبية وجالت فخرج علينا األخوان ،إبراهيم وسالم الجضران ،وطالبا بنصيب من كعكة الدماء واألحزان ،ففاوضهما رئيس الحكومة علي زيدان ومعه ناجي مختار ،العضو في البرلمان ،على أن تدفع إليهما القناطير المقنطرة من الذهب الرنان ،ولكن تظل إدعاءات الجضران بحماية النفط من السرقة والنقصان بالتطفيف في الميزان ،هي نفسها بحاجة إلى برهان ،فليس كل من ركب الهجين فهو هجان ، وليس كل من قاد سفينة فهو قبطان ،وليس كل من طلب نايا ً ليغني فهو العبقري جبران . إذا كانت آية ( فبأي آالء ربكما تكذبان ) قد وردت واحد وثالثين مرة في سورة الرحمن ،وإذا كان زيد بن ثابت هو من جمع القرآن ،وإذا كان لمن عمر ميسرة المسجد من األجر كفالن ،وإذا كان السابق السابع هو عتبة بن غزوان ،وإذا كان قبر المصطفى (ص) قد بناه وردان ،وإذا كان اإلمام أحمد قد ثبت في محنة خلق القرآن ،وإذا كان ذو الثدية قد قتل في معركة النهروان ،وإذا كان كتاب (فضل الكالب على كثير ممن لبس الثياب ) من تصنيف ابن المرزبان ،وإذا كان أبو نواس ،الحسن بن هانئ هو القائل :
ـان غير إني قائـــــــ ٌل ما أتاني .....من ظنوني ، ٌ مكذب للعيـ ِ قائم في الوهم ،حتى إذا ما .....رمته ،رمتُ ُمعمى المكـان شئ .....من أمامي ليس بالمستبــان فكأني تابــــــــ ٌع َ حسن ٍ وإذا كان العميل 313هو رفعت الجمال ،ورفعت الجمال هو رأفت الهجان ،وإذا كان العنصري األبرز في فرنسا هو جان ماري لوبان ،وإذا كان المح قق تروتر هو القاتل في مسرحية مصيدة الفئران ،وإذا كان المتنبي هو القائل من يهن يسهل عليه الهوان ،وإذا كانت أشجان عنترة قد هيجها طائر البان ،وإذا كان من الزهور ما يسمى شقائق النعمان ،وإذا كان ماكسيمليان روبسبير قد قال إن حكم الثورة هو إستبداد الحرية 9
ضد الطغيان ،وإذا كان عبدالرحمن الشرقاوي هو صاحب مسرحية الفتى مهران ،وإذا كان الجنرال بيتان هو من تصدى لأللمان في معركة فردان ،وإذا كان عبيد األرض هم األقنان ،وإذا كان األصغران هما القلب واللسان ،وإذا كان كل أعمى قد أصاب وجها ً من وجوه الحقيقة في حكاية الفيل والعميان ،وإذا كان المتصوف عبدالقادر قد جاء من جيالن ،وإذا كانت كوامن النفس تظهرها فلتات اللسان ،وإذا كان الفارابي هو أبو نصر محمد بن طرخان ،وإذا كان لفريد األطرش أخت أسمها أسمهان ،وإذا كان القيصر الروسي الرهيب هو إيفان، وإذا كان جوزيف راتسينغر ،بابا الفاتيكان قد أقتبس ذات مرة كالما ً لمانويل الثاني إمبراطور الرومان يسئ فيه إلى طه العدنان ،ثم أعتذر بعد ذلك وقال إن ما أقتبسه ال يعبر عما في الوجدان ،وإذا كان اليابانيون يأكلون بالعيدان ،وإذا كان الليبيون وهم يأكلون البازين والعصبان قد شيطنوا الحزبية واألحزاب وكأنهم أستذكروا مقولة (من تحزب خان) ،التي كان ينفث بها األفعوان ،وإذا كان النازيون قد أحرقوا البوندستاغ في بالد األلمان ،وإذا كان البابا ليو العاشر هو أول من منح صكوك الغفران ،وإذا كانت والدة الخليفة هارون الرشيد هي الخيزران ،وإذا كان هاشم الرفاعي يهوى الحياة كريمة ،ال قيد ،وال إرهاب ،وال إستخفاف باإلنسان ،وإذا كان المتنبي يظن أن الموت سيان ،فجالينوس يموت في طبه مثلما يموت في جهله راعي الضأن ،وإذا كان صالح بن مرداس قد قبل شفاعة رهين المحبسين في بلدة معرة النعمان ،وإذا كان اإلنسان المبدع والحمار الوحشي يشتركان في كلمة فنان .وإذا كان الفلكي الهولندي كريستيان هو مكتشف القمر تيتان.
وإذا لم يكن هناك فرق بين البغل وبغالن ،وبين الكرم وكرمان ،وبين ال َملت وملتان ،وبين الحر وحران ، وبين اللبن ولبنان ،وبين العم و ُعمان ،وبين العجم وعجمان ،وبين جزين وجازان ،وبين طنطا وطنطان ، وبين صوران وصرمان ،وبين عجلون وتطوان ،وبين عمران وعمان ،وبين غريان وغليزان ،وبين نجران وفرسان ،وبين وزان ووهران ،وبين دخان ودهبان ،وبين سيدي بلعباس وسيدي سليمان ،فليس هناك ثمة فرق بين رمضان وشعبان ،وبين الوزير ابن سعدان والفيلسوف ابن حيان ،وبين شعب الفايكنج والسفير أحمد بن فضالن ،وبين كولن باول والوزير دومينيك دوفيلبان ،وبين ياسر عرمان وياسر سيروان ،وبين 10
الكفر واإليمان ،وبين الخراب والعمران ،وبين الشح واإلحسان ،وبين زحل وتيتان ،وبين الدودة والمصران ،وبين البعر والبعران ،وبين الميثان والبروبان ،وبين أفعوان قذافيستان وفرعون وهامان . في سالف األزمان ،قال نصرهللا صفير ،سيصيح الديك قريبا ً في لبنان ،فهل ستصيح الديكة ،أو تفح األفاعي ،أو تنعق الغربان في يوم من األيام بجماهيرية قذافيستان ؟ إنها لمسألة جديرة بأن تستوضح وتستبان .
وما توفيقي إال باهلل فريد أبوسرايا السبت 11 ،أبريل 2015م الموافق 22جمادي اآلخر 1436هـ
11