Abwab issue 21_September 2017

Page 1

‫‪ABWAB‬‬

‫‪Die Syrerinnen in‬‬ ‫‪Deutschland‬‬

‫‪Die Frage der‬‬ ‫‪Zukunft‬‬ ‫‪seite 23‬‬

‫المساهمون‪:‬‬ ‫أسامة منزلجي‪ ،‬أنس الحكيم‪ ،‬توماس هايني‪ ،‬جالل محمد أمين‪ ،‬حنا ورد‪ ،‬ديار حاجي‪ ،‬رعد أطلي‪ ،‬ريتا باريش‪ ،‬ريما‬ ‫القاق‪ ، ،‬زينة أرمنازي‪ ،‬سرى الدين‪ ،‬علياء أحمد‪ ،‬طارق عزيزة‪ ،‬عبد اهلل حسن‪ ،‬عالء سالم المحمد‪ ،‬مايا درويش‪ ،‬محمد‬

‫أول صحيفة عربية في ألمانيا‬ ‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪2017‬‬ ‫سياسية ‪ -‬ثقافية ‪ -‬مجتمعية ‪ -‬شهرية ‪ -‬مستقلة ‪ -‬توزع مجانًا‬

‫الماغوط‪ ،‬محمد ديبو‪ ، ،‬منال اسكندر‪ ،‬ميديا داغستاني‪ ،‬وجدان ناصيف عبود سعيد الخضر شودار‪ ،‬ميركو فوغل‪،‬‬

‫‪www.abwab.eu | info@abwab.de | facebook.com/abwab.de‬‬

‫مجموعة مهارة للترجمة‪ ،‬مصطفى علوش‪ ،‬أميرة الحلبي‪ ،‬سعاد عباس‪ ،‬توماس هينيه‪ ،‬طارق عزيزة‪ ،‬عبد الرزاق‬

‫‪Jahrgang II - Ausgabe 21 - Septemper 2017‬‬

‫شبلوط‪ ،‬وسيم الدهان‪ ،‬محمد صوافته‪.‬‬

‫‪Die erste bundesweite Zeitung in arabischer Sprache - kostenlos‬‬

‫الموقع اإللكتروني‪ :‬أسامة اسماعيل اإلخراج الفني‪ :‬طارق شيخ سليمان رئيسة التحرير‪ :‬سعاد عباس‬

‫جمانة سيف‪:‬‬ ‫إن عالماً يحكمه ترامب‬ ‫وبوتين ومساوماتهما لهو‬ ‫عالم مجنون‬ ‫ٌ‬ ‫صفحة ‪24‬‬

‫‪ 04‬حظوظ المهاجرين والالجئين‬ ‫من االنتخابات القادمة‬ ‫‪ 08‬العلمانية والدين في العالم‬ ‫العربي‬ ‫‪ 13‬اإلشكاالت القانونية في‬ ‫حاالت طالق السوريين في ألمانيا‬ ‫وما يتفرع عنها‬ ‫‪ 15‬الموسوعة الشاملة ‪ -‬دراسة‬ ‫المعلوماتية في ألمانيا وأنواعها‬ ‫‪ 16‬الهويات الض ّيقة والنساء ما‬ ‫بين المجتمع األلماني ومجتمع‬ ‫القادمين الجدد‬

‫بقلم سعاد عباس‬

‫لنفتح األبواب‬ ‫من جديد‬

‫قدر لألبواب أن تفتح‪ ،‬ليس بالرضورة أن‬ ‫تحقق التقاء مكانني فقد تكون وسيل ًة‬ ‫اللتقاء أزمنة وأحياناً لصدامها‪ ،‬لكنها كانت‬ ‫دوماً معربا ً يتجرأ البعض عىل الخطو‬ ‫خارجه‪ ،‬والبعض يعدو مبتعدا ً عام تركه‬ ‫خلفه أو اليكاد يخطو حتى يعود‪ .‬جريدة‬ ‫أبواب استمرت بدعمٍ من ق ّرائها ومتابعيها‪،‬‬ ‫وجهود جميع من تط ّوعوا وساهموا فيها‪،‬‬ ‫معلم‬ ‫عىل مدى عرشين عددًا‪ ،‬لتصبح‬ ‫ً‬ ‫ممي ًزا ال ميكن تجاهل حضوره يف املشهد‬ ‫وكأي‬ ‫اإلعالمي الناطق بالعربية يف أملانيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مرشو ٍع ناشئ‪ ،‬واجهنا العديد من التحديات‬ ‫والصعوبات‪ ،‬التي كانت دو ًما حاف ًزا‬ ‫لإلرصار عىل مواصلة الحلم والسري به قد ًما‪،‬‬ ‫مستفيدين من األخطاء ومراكمني مزيدًا من‬ ‫الخربات‪ ،‬سعيًا لتجاوز العرثات وتطوير‬ ‫العمل‪ .‬من هنا‪ ،‬وأل ّن “أبواب” ليست‬ ‫مرشو ًعا شخصيًّا‪ ،‬كان ال ب ّد من النهوض‬ ‫باملسؤولية واإلرصار عىل املتابعة واستئناف‬ ‫املرشوع من جديد‪.‬‬ ‫عندما ت ُفتح األبواب‪ ،‬فهذا يعني أ ّن هناك‬ ‫راحلني أو قادمني جدد‪ .‬لألسف‪ ،‬غادرنا عدد‬

‫ممن كانوا أعمدة أساسيّة يف هذا املرشوع‪،‬‬ ‫علم أنّهم تركوا بصامتهم فيه‪ ،‬وال ميكن إال‬ ‫ً‬ ‫كل ما بذلوه طيلة الفرتة‬ ‫أن نشكرهم عىل ّ‬ ‫املاضية‪ ،‬ونذكّرهم أ ّن األبواب‪ ،‬سواء فٌتحت‬ ‫برفق أو أوصدت بقوة‪ ،‬ستبقى تقوم بدورها‬ ‫األبدي‪ :‬العبور والتواصل بني األشخاص‬ ‫واألمكنة‪ ،‬بل واألزمنة أيضً ا‪.‬‬ ‫يف العدد األول‪ ،‬قلنا “ملاذا أبواب”‪ ،‬واآلن‬ ‫نعود مج ّددًا ونقول “ملاذا أبواب”‪ ،‬وبعد‬ ‫عامٍ أو اثنني سيتكرر السؤال‪ ،‬ألن التغيري‬ ‫والتط ّور ليس حدث ًا ملر ٍة واحدة‪ ،‬بل هو يشء‬ ‫يحدث كل يوم ورغبة ال تنتهي‪ ،‬نحن نتغري‬ ‫واآلخر أيضاً‪ ،‬فقط ألننا نعرب من هنا إىل‬ ‫الهنا اآلخر وأحياناً نعرب دون حتى أن ننتبه‪.‬‬ ‫هي الس ّنة األبدية قد تحمل الحلو واملر‪ .‬ونحن‬ ‫القادمون من تلك البالد القصية عن الرتابة‬ ‫األوروبية‪ ،‬عربنا إىل هنا مح ّملني بكل ما‬ ‫ولدنا به‪ ،‬ندخل يف صدف ٍة مل نشأها عامل ًا‬ ‫جديدًا نتنفس هواءه ونرشب ماءه‪ ،‬ونتأمل‬ ‫أحاملنا فيقول البعض هي كنزنا‪ ،‬والبعض‬ ‫يتخفف منها ويرميها عن كاهله‪ ،‬وينساها‬ ‫آخرون دون اكرتاث‪ .‬لكنهم جمي ًعا عربوا‬

‫الباب ذاته كقدَر‪ ،‬حتى ولو كان ذلك العبور‬ ‫يف اتجاهني متعاكسني‪.‬‬ ‫ولكن خلف الباب‪ ،‬هناك اآلخرون لن‬ ‫ننىس أنهم مثلنا ولهم أيضاً تلك التوقعات‬ ‫واألحامل‪ ،‬حني ننظر إليهم نرانا يف‬ ‫عيونهم‪ ،‬وأحياناً نرى أنفسنا بشكلٍ‬ ‫مختلف عن مرايانا‪ ،‬أجمل قليالً أو أقبح‬ ‫ويف الحالتني نستغرب‪ ،‬لكنهم وراء الباب‬ ‫ميارسون حالة السامح أو السالم أو حتى‬ ‫الصفق وبعضهم ال يفتح اآلن‪ ،‬ورمبا‬ ‫ليس حتى غدا ً‪ .‬األهم أنهم مثلنا بالضبط‪،‬‬ ‫خائفون مرتقبون راضو َن آملون‪ .‬وعىل‬ ‫األغلب ما أن مند أيدينا بالسالم حتى ميدوا‬ ‫أيديهم‪.‬‬ ‫إنّك إذ تفتح بابًا تقبل التحدي‪ ،‬وستميض‬ ‫عبت رصاح ًة أنك مل‬ ‫إىل األمام‪ ،‬فأنت بذلك ّ‬ ‫تعد خائفًا‪ .‬وليعلم اآلخرون أ ّن الباب حني‬ ‫يكون مواربًا‪ ،‬فهذا ال يعني أن االقرتاب‬ ‫مباح فحسب بل هي دعوة للدخول‪ ،‬وحتى‬ ‫إن كنت تظ ّنه موصدًا ميكنك أن تطرقه‪..‬‬ ‫باب يوصد إىل األبد‪.‬‬ ‫فإنّه مل يوجد يو ًما ٌ‬


‫‪2‬‬

‫باب العالم‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫العدل األوروبية‪ :‬ال يمكن رفض الالجئين‬ ‫رفضت أعلى محكمة في االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬دعاوى أقامتها سلوفاكيا‬ ‫وهنغاريا بشأن سياسة الهجرة في‬ ‫التكتل‪ ،‬وأيدت حق بروكسل في إجبار‬ ‫الدول األعضاء على استقبال طالبي‬ ‫اللجوء‪.‬‬

‫وخلصت محكمة العدل األوروبية إىل‬ ‫أن االتحاد األورويب يحق له إصدار‬ ‫أوامر للحكومات لقبول حصص من‬ ‫الالجئني‪ ،‬وأغلبهم من السوريني‬ ‫الذين سيعاد توطينهم من إيطاليا‬ ‫واليونان‪ .‬ورفضت املحكمة ومقرها‬ ‫لوكسمبورغ "الدعاوى التي أقامتها‬ ‫سلوفاكيا وهنغاريا ضد آلية إعادة‬ ‫التوطني اإللزامية املؤقتة لطالبي‬ ‫اللجوء"‪ .‬وأضافت أنها رفضت الدعاوى‬ ‫"برمتها"‪.‬‬

‫ال تمويل‬ ‫لجدران هنغاريا‬ ‫الحدودية‬

‫ومل يتضح كيف ستحاول بروكسل إجبار‬ ‫دول رشق أوروبا عىل استقبال الالجئني‪،‬‬ ‫وكثريون منهم ال يريدون االستقرار يف‬ ‫الجمهوريات السوفيتية السابقة األكرث فقرا ً‪.‬‬

‫وقالت املحكمة "تسهم اآللية فعليا يف‬ ‫متكني اليونان وإيطاليا من التعامل مع‬ ‫آثار أزمة الهجرة لعام ‪ ٢٠١٥‬وهي آلية‬ ‫متناسبة"‪ ،‬وحظي الربنامج الذي أنشأته‬ ‫املفوضية األوروبية مبوافقة غالبية الدول‬ ‫األعضاء يف مواجهة معارضة من الدول‬ ‫الشيوعية السابقة يف رشق أوروبا‪ ،‬التي‬ ‫قالت إن مجتمعاتها ال تستطيع استيعاب‬ ‫املهاجرين‪.‬‬

‫لكن دوال تستضيف أعدادا كبرية مثل‬ ‫أملانيا وإيطاليا قالت إن دول رشق أوروبا‬ ‫تعرض للخطر مساعدات االتحاد األورويب‬ ‫التي متولها دول غرب أوروبا‪ ،‬إذا متسكت‬ ‫بالرفض مام يزيد املشكالت العميقة داخل‬ ‫التكتل بينام يتعامل مع خروج بريطانيا‬ ‫الوشيك ويف ظل استمرار تعرث االقتصاد‪.‬‬

‫وكان الربنامج يهدف إىل إعادة توطني‬ ‫‪ ١٢٠‬ألفاً‪ ،‬لكن مل ينتقل إىل اآلن سوى‬ ‫‪ ٢٥‬ألفاً‪ .‬ومثة برنامج آخر إلعادة توطني‬ ‫املهاجرين مبارشة من خارج االتحاد‬ ‫األورويب لكنه يكابد أيضاً لتحقيق أهداف‬ ‫استقبال طالبي اللجوء‪.‬‬

‫يذكر أن دول االتحاد األورويب اتفقت‬ ‫خالل ذروة أزمة تدفق الالجئني إىل أوروبا‬ ‫عام ‪٢٠١٥‬عىل إعادة توزيع ‪ ١٢٠‬ألف‬ ‫الجئ من اليونان وإيطاليا عىل دول أخرى‬ ‫يف االتحاد‪ ،‬وذلك رغم معارضة هنغاريا‬ ‫وسلوفاكيا ورومانيا والتشيك‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إىل أن هذا العدد يتضمن‬ ‫الجئني لديهم فرصاً جيدة للحصول عىل‬ ‫اللجوء يف أوروبا‪ ،‬بسبب انحدارهم عىل‬ ‫سبيل املثال من سوريا التي تعاين من الحرب‪.‬‬ ‫وتسبب هذا القرار منذ ذلك الحني يف خالفات‬ ‫داخل االتحاد األورويب‪ ،‬حيث رفضت بولندا‬ ‫أيضا استقبال الجئني‪.‬‬ ‫ورأت محكمة العدل األوروبية أن القرار الذي‬ ‫تم اتخاذه يف ذلك الحني كان سليام‪ ،‬كام كان‬ ‫وسيلة مناسبة لتخفيف األعباء عن الدولتني‬ ‫املستقبلتني لالجئني‪ ،‬إيطاليا واليونان‪.‬‬ ‫وإذا واصلت هنغاريا وسلوفاكيا ودول أخرى‬ ‫يف االتحاد االمتناع عن تنفيذ القرار‪ ،‬فإنه من‬ ‫املمكن أن تتخذ املفوضية األوروبية إجراءات‬ ‫عىل أسس قانونية ثابتة ضد هذه الدول بسبب‬ ‫انتهاكها ميثاق االتحاد األورويب‪ ،‬قد تصل إىل‬

‫رفضت املفوضية األوروبية منح قرض طلبته‬ ‫هنغاريا لبناء جدران عىل الحدود مع جريانها‬ ‫بداعي ضبط الحدود‪ .‬وجاء رفض املفوضية‬ ‫للطلب حسبام رأت تقارير صحفية منسجامً‬ ‫مع موقف املفوضية القانوين من إقامة جدران‬ ‫بني الدول األعضاء أو عىل الحدود الخارجية‬ ‫لالتحاد‪.‬‬ ‫وتسعى املفوضية لتنفيذ جميع اإلجراءات‬ ‫املقررة أوروبياً بهدف ضبط الحدود‬ ‫الخارجية للتكتل املوحد بالشكل األمثل ولكن‬ ‫مبا ينسجم مع القوانني األوروبية‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار‪ ،‬أكد املتحدث باسم املفوضية‬ ‫ألكسندر وينرتستون أن مفهوم التضامن يسري‬ ‫باتجاهني‪ ،‬الفتاً إىل أن عىل الدول التي تطلب‬ ‫التضامن األورويب أن تظهره بدورها تجاه‬ ‫جريانها‪ .‬وتابع املتحدث‪“ :‬ال ميكن التعامل‬ ‫مع مفهوم التضامن حسب الطلب وبشكل‬ ‫انتقايئ”‪ .‬ولكنه عرب‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬عن استعداد‬ ‫املفوضية دراسة أي طلب هنغاري للمساعدة‬ ‫يف ضبط تدفق املهاجرين يف حال توافق ذلك‬ ‫مع القوانني األوروبية‪.‬‬

‫رئيس الوزراء الهنغاري‬ ‫جه رسالة‬ ‫فيكتور أوربان و ّ‬ ‫للمفوضية يطالب فيها‬ ‫بالتضامن مع بالده وتقديم‬ ‫مبلغ ‪ ٤٠٠‬مليون يورو‬ ‫لتمويل الجدران التي تقيمها‬ ‫بالده عىل الحدود مع رصبيا‬ ‫وكرواتيا لـ”صد املهاجرين”‬ ‫حسب تعبريه‪.‬‬

‫حد فرض غرامات مرتفعة عليها‪.‬‬

‫أوروبا مستعدة‬ ‫لمفاوضة خروج‬ ‫بريطانيا‬

‫تنديد غربي بـ”هيدروجينية” بيونغ يانغ‬ ‫أجرت كوريا الشاملية بنجاح اختباراً‬ ‫لقنبلة هيدروجينية متقدمة يوم‬ ‫األحد ‪ ٣‬أيلول (سبتمرب)‪ ،‬وجاء ذلك‬ ‫يف ظل تصاعد املواجهة بني الدولة‬ ‫املعزولة عاملياً والواليات املتحدة نتيج ًة‬ ‫للربنامج النووي لبيونغ يانغ‪.‬‬ ‫وبحسب التلفزيون الرسمي فقد متت‬ ‫التجربة بأمر من الزعيم كيم غونغ أون‪،‬‬ ‫وحققت نجاحاً كامالً فيام يعد خطوة‬ ‫مهمة الستكامل برنامج األسلحة النووية‬ ‫يف البالد‪ .‬وأفاد مسؤولون يابانيون‬ ‫وكوريون جنوبيون‪ ،‬أنهم رصدوا يف‬ ‫منطقة إجراء التجربة النووية زلزاالً تزيد‬

‫قوته بعرش مرات عن التجارب السابقة‪ ،‬وهذه‬ ‫التجربة هي السادسة التي تجريها كوريا‬ ‫الشاملية‪ .‬إال أنه مل يصدر أي تأكيد مستقل‬ ‫عىل أن قنبلة هيدروجينية كانت السبب‬ ‫بالتفجري‪.‬‬ ‫يشار إىل أن التجربة النووية هذه تع ّد األوىل‬ ‫منذ استالم ترامب لرئاسة الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫وهو ما يراه مراقبون تحدياً لرتامب الذي‬ ‫كان يبحث مع رئيس الوزراء الياباين شينزو‬ ‫آيب األزمة النووية ”املتصاعدة“ يف املنطقة‪.‬‬ ‫وصممت هذه القنبلة لحملها عىل صاروخ‬ ‫باليستي عابر للقارات ميكنه دخول الغالف‬ ‫الجوي لألرض ثانية دون أن يحرتق‪.‬‬

‫وعلق مسؤول أمرييك مختص يف‬ ‫الشؤون العسكرية والسياسية يف كوريا‬ ‫الشاملية‪ ،‬بأنه من السابق ألوانه تحديد‬ ‫مدى نجاح مزاعمها يف تطوير سالح‬ ‫نووي حراري‪ .‬ويف رد فعل مبارش لليابان‬ ‫طرحت إمكانية زيادة العقوبات عىل‬ ‫كوريا الشاملية‪ ،‬مبا فيها فرض قيود عىل‬ ‫تجارة املنتجات النفطية‪.‬‬ ‫وسارعت عواصم غربية عدة‪ ،‬اليوم األحد‪،‬‬ ‫إىل التنديد بتجربة القنبلة الهيدروجينية‪،‬‬ ‫كام دعت إىل اتخاذ خطوات “رادعة”‪ ،‬يف‬ ‫ظل تصاعد وترية التجارب الصاروخية‬ ‫والنووية يف اآلونة األخرية‪.‬‬

‫قال متحدث باسم املفوضية األوروبية‬ ‫إن املفوضية مستعدة لبدء مفاوضات‬ ‫خروج بريطانيا من االتحاد األورويب بعد‬ ‫أن أكدت الحكومة الربيطانية أنها ستفعل‬ ‫املادة ‪ ٥٠‬من معاهدة لشبونة يوم ‪٢٩‬‬ ‫آذار (مارس) من عام ‪ ،٢٠١٧‬والتي تطلق‬ ‫املفاوضات الخاصة بخروج بريطانيا من‬ ‫االتحاد‪.‬‬ ‫وقال مارجاريتيس شيناس كبري املتحدثني باسم‬ ‫املفوضية يف إفادة صحفية ”كل يشء معد فيام‬ ‫يتعلق بهذا األمر“‪ .‬وأشار إىل أن املفاوضات‬ ‫ستبدأ مبجرد أن تلتقي بقية الدول األعضاء يف‬ ‫االتحاد لتأكيد تفويض املفوضية يف املباحثات‪.‬‬ ‫وتنص املادة ‪ ٥٠‬املؤلفة من خمس فقرات‬ ‫أنه عىل أية دولة عضو يف االتحاد األورويب‬ ‫راغبة يف الخروج من االتحاد أن تحيط املجلس‬ ‫األورويب علامً بذلك‪ ،‬وأن تتفاوض عىل ذلك‪،‬‬ ‫عىل أن ال تتجاوز مدة املفاوضات سنتني إال يف‬ ‫حالة موافقة جميع الدول االعضاء االخرى عىل‬ ‫متديد هذه الفرتة‪.‬‬ ‫كام وتتطرق املادة ‪ ٥٠‬يف فقرتها الخامسة إىل‬ ‫إمكانية عودة الدولة التي قررت الخروج من‬ ‫االتحاد األورويب إىل عضوية االتحاد‪.‬‬

‫هذا وكانت متحدثة باسم رئيسة الوزراء‬ ‫الربيطانية ترييزا ماي ذكرت أن الحكومة‬ ‫الربيطانية تريد "تكثيف" مفاوضات خروج‬ ‫بريطانيا من االتحاد األورويب والتحرك بوترية‬ ‫أرسع من املعدل الحايل للمفاوضات يف‬ ‫بروكسل‪.‬‬ ‫وقالت املتحدثة "إننا مستعدون لتكثيف‬ ‫املفاوضات"‪ .‬وأضافت "مل يتم االتفاق عىل أي‬ ‫يشء رسمياً ولكن هذا يشء ميكننا مناقشته‬ ‫وعادة مع املفاوضات ومبرور الوقت نرى‬ ‫تسارعا يف الوترية"‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن تطرح الحكومة الربيطانية‬ ‫مرشوع قانون يتضمن الخروج من االتحاد‬ ‫األورويب يف األسابيع القليلة القادمة‪،‬‬ ‫ويتضمن هذا اإلجراء تحويل كل القوانني‬ ‫األوروبية السارية إىل القانون الربيطاين‪.‬‬


‫باب العالم‬

‫‪3‬‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫فرنسا بصدد مؤتمر‬ ‫يعيد السوريين إلى بالدهم‬ ‫أعلن الرئيس الفرنيس إميانويل ماكرون‬ ‫عن نية بالده تنظيم مؤمتر يعمل عىل عودة‬ ‫الالجئني السوريني إىل بالدهم‪ .‬جاء إعالن‬ ‫ماكرون هذا بعد لقائه برئيس الوزراء‬ ‫اللبناين سعد الحريري يف باريس‪.‬‬ ‫ومن املنتظر أن يشارك باملؤمتر إىل جانب‬ ‫لبنان الدول املضيفة لالجئني السوريني‬ ‫يف منطقة الرشق األوسط كاألردن وتركيا‪،‬‬ ‫وسيتناول إمكانيات عودة الالجئني إىل‬ ‫سوريا وإيجاد السبل لتحقيق ذلك‪ .‬ويرى‬ ‫محللون أن املؤمتر قد يختص بالالجئني‬ ‫املقيمني حالياً يف مخيامت يف الدول‬ ‫املجاورة لسوريا‪.‬‬ ‫ونوه ماكرون إىل إمكانية عقد املؤمتر يف‬ ‫بريوت‪ ،‬ومن املتوقع إقامة املؤمتر يف الفصل‬ ‫األول من عام ‪.٢٠١٨‬‬ ‫من جهته أكد سعد الحريري‪ ،‬أن الالجئني‬ ‫السوريني يف لبنان الذين يبلغ عددهم‬

‫حوايل ‪ ١.٢‬مليون الجىء‪ ،‬يلقون بثقلهم عىل‬ ‫االقتصاد والبيئة واألمن‪.‬‬ ‫بي ماكرون أن فرنسا‬ ‫وعىل صعيد آخر‪ّ ،‬‬ ‫راغبة بإقامة مؤمتر ثانٍ يعتزم عقده يف‬ ‫باريس بهدف تشجيع االستثامر يف لبنان‪،‬‬ ‫وسوف تتم دعوة كبار املستثمرين إىل ذلك‬ ‫املؤمتر وعىل رأسهم البنك الدويل‪.‬‬ ‫يذكر أن الرئيس الفرنيس سوف يستقبل يف‬ ‫‪ 25‬من الشهر الجاري نظريه اللبناين ميشيل‬ ‫عون‪ ،‬يف زيارة هي األوىل لرئيس دولة منذ‬ ‫تويل إميانويل ماكرون رئاسة فرنسا‪ ،‬مام‬ ‫يؤكد عىل أهمية العالقات بني البلدين‪ .‬بدوره‬ ‫تلك الزيارة ستكون األوىل للرئيس عون منذ‬ ‫توليه رئاسة لبنان‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬وردا ً عىل أحد األسئلة التي‬ ‫وجهت له‪ ،‬أكد ماكرون مرة أخرى بأن رحيل‬ ‫بشار األسد مل يعد يعترب “رشطاً مسبقاً”‬ ‫للحوار‪.‬‬

‫‪900‬‬ ‫‪watt‬‬

‫ممنوعة من دخول االتحاد األوربي‬ ‫قرر االتحاد األورويب فرض حظر عىل مبيعات املكانس الكهربائية التي تصدر ضوضاء‬ ‫وحرارة تفوق قدرتها عىل شفط املخلفات‪ .‬ويشمل الحظر املكانس التي تزيد قدرتها عىل‬ ‫‪ ٩٠٠‬وات‪ ،‬وتزيد قوة الصوت الصادر منها عىل ‪ ٨٠‬ديسيبل‪ ،‬بعد نفاذ الكميات املخزنة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ويقول معارضو القرار إن املنازل لن تنظف جيدا ً إذا اشرتى الناس مكانس بقدرات‬ ‫كهربائية أقل‪ .‬لكن خرباء يف الطاقة يؤكدون بأن األجهزة املنزلية ذات القدرة الكهربائية‬ ‫األقل تنظف بنفس جودة األجهزة ذات القدرات األعىل‪.‬‬ ‫وقال مكتب البيئة األورويب إن “الطاقة ال تساوي األداء دامئا‪ ،‬رغم انتشار هذا الفهم‬ ‫الخطأ”‪ .‬وأضاف‪“ :‬ظهرت طرازات جديدة عالية الكفاءة‪ ،‬توفر معايري مرتفعة لشفط‬ ‫الرتاب‪ ،‬مع استهالك قدر قليل جدا من الطاقة”‪.‬‬

‫وذكر املوقع اإللكرتوين لالتحاد األورويب أن “استخدام املكانس الكهربائية عالية الكفاءة‬ ‫ميكن االتحاد األورويب من توفري ‪ ٢٠‬تريا واط يف الساعة بحلول عام ‪ .”٢٠٢٠‬وأضاف‬ ‫أن “هذا الكم من الطاقة (الذي ميكن توفريه عن طريق استخدام املكانس عالية الكفاءة‬ ‫يف استهالك الكهرباء)‪ ،‬يساوي استهالك جميع األرس يف بلجيكا لعام كامل”‪.‬‬

‫وأشار املوقع إىل أن توفري هذا الكم الهائل من الطاقة “مينع إنتاج ستة ماليني طن من‬ ‫انبعاثات الكربون‪ ،‬وهو حجم انبعاثات الكربون من مثانية محطات طاقة متوسطة‬ ‫القدرة”‪.‬‬

‫ومن جهتها بينت مفوضية التغري املناخي الربيطانية أنه “منذ ‪ ،٢٠٠٨‬تراجع معدل‬ ‫استهالك الطاقة بحوايل ‪ ١٧‬يف املئة (رغم تشغيل جميع أجهزتنا املنزلية)‪ ،‬وهبط معدل‬ ‫الطلب عىل الغاز بواقع ‪ ٢٣‬يف املئة‪ ،‬وذلك نتيجة لتطبيق املعايري األكرث رصامة يف كفاءة‬ ‫استهالك الطاقة يف املنازل وتشغيل األجهزة املنزلية‪”.‬‬

‫صحافة‪ :‬المسلمون المعتدلون هم األقدر ض ّد اإلرهاب‬ ‫ألقت حادثة الدهس التي حصلت يف‬ ‫برشلونة شهر آب املايض بظاللها عىل‬ ‫الصحافة العاملية‪ ،‬وكانت الحادثة قد‬ ‫خلّفت ‪ 13‬ضحية وعرشات الجرحى‬ ‫بعد أن قام متشدد بدهس حشد من‬ ‫الناس بشاحنة مرسوقة يف منطقة‬ ‫"رامبالس" السياحية يف برشلونة‪،‬‬ ‫وفقاً لتقارير‪.‬‬ ‫فقد افتتحت صحيفة التاميز الربيطانية‬ ‫إصدارها بعنوان “إرهاب وكتاب مقدس‪ :‬إدانة‬ ‫رجال الدين املسلمني لإلرهاب أصبح حاجة‬ ‫ملحة”‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أنه بالرغم من تأهب‬ ‫الرشطة الكاتالونية عىل مدار األسبوع‬ ‫املايض إال أن ذلك مل يفلح يف منع وقوع‬ ‫حادثة الدهس التي ذهب ضحيتها ‪14‬‬ ‫شخصاً وأصيب أكرث من ‪ 100‬آخرين‬

‫باإلضافة إىل حادثتني آخرتني تسببتا بقتىل‬ ‫وجرحى‪.‬‬ ‫وتساءلت الصحيفة عن الطرق املمكنة‬ ‫للتصدي لهجامت إرهابية من هذا النوع‪ .‬كام‬ ‫ذكرت أنه بعد كل هجوم تظهر معلومات‬ ‫وحقائق مروعة‪.‬‬ ‫وأضافت الصحيفة أنه غالباً ما يتبني‬ ‫أن املشتبهني بحوادث من هذا النوع هم‬ ‫شبّان تعرضو ملا يشبه غسيل الدماغ من‬ ‫قبل متعصبني دينيني‪ ،‬وأن أفضل طريقة‬ ‫للتصدي لذلك هي من خالل معالجة األسباب‬ ‫الرئيسية للهجامت وذلك عن طريق تغيري‬ ‫القناعات الفكرية التي تقف ورائها‪.‬‬ ‫وتقول الصحيفة أن من أفضل السياسات‬ ‫للتغلب عىل ذلك الفكر املتطرف تكمن يف‬ ‫الوقوف يف وجه املتشددين ملنعهم من جذب‬ ‫وتجنيد الشباب‪ ،‬ومن املمكن تحقيق ذلك من‬ ‫خالل تشكيل مجلس من األمئة “التقدميني”‬

‫الذين يعملون عىل نرش فكر إسالمي معتدل‬ ‫ومتوازن يكون كفيال مبجابهة الفكر املتطرف‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة أن الشيخ اإلمام قاري‬ ‫عاصم املقيم يف بريطانيا اقرتح إنشاء‬ ‫مجلس من األمئة والشيوخ املعتدلني ليعملوا‬ ‫عىل تغيري الخطاب الديني املتشدد من خالل‬ ‫تقديم تفسريات جديدة مخالفة للتفسريات‬ ‫املتشددة التي تدعو للعنف والدموية‪.‬‬ ‫ويقول الشيخ عاصم ‪,‬إمام مسجد مكة‬ ‫يف ليدز‪ ,‬أن املسلمني الشباب يحتاجون‬ ‫توضيحات أكرث من األمئة مبا يخص بعض‬ ‫القضايا امللحة التي تنعكس يف واقعهم‬ ‫الراهن منها نبذ اإلسالم للتطرف و التمييز‬ ‫ضد املرأة‪.‬‬ ‫وتؤكد الصحيفة مختتمة أن املسلمني‬ ‫املعتدلني هم الوحيدين القادرين عىل التغلب‬ ‫عىل التطرف وكسب املعركة ضد اإلرهاب‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫دولة ظهر فيها البيض الملوث‬ ‫تأثرت ‪ ٤٠‬دولة بفضيحة واسعة تتعلق بالبيض امللوث باملبيد الحرشي “فيربونيل”‪ ،‬وذلك‬ ‫بحسب ما نقلته وكالة األنباء األملانية عن مصادر مل تحددها‪ .‬وذكرت الوكالة أنه تم اكتشاف‬ ‫البيض امللوث مببيد الـ “فيربونيل” يف ‪ ٤٠‬دولة‪ ،‬من بينها ‪ ٢٤‬دولة من دول االتحاد‬ ‫األورويب ‪ ،‬بينام أبلغت ‪ ١٦‬دولة أخرى غري أوروبية عن حاالت تلوث من بينها الواليات املتحدة‬ ‫وجنوب إفريقيا وتركيا‪.‬‬ ‫و”فيربونيل” هو مبيد حرشي سام يستخدم للتخلص من الرباغيث والقمل والقراد يف‬ ‫الحيوانات‪ .‬ويحظر استخدامه عىل الحيوانات املخصصة لالستهالك البرشي‪ ،‬وميكن أن‬ ‫يسبب هذا املبيد تلف الكبد والغدة الدرقية والكىل إذا استهلك بكميات كبرية‪.‬‬ ‫وأدى الخوف من تلوث البيض إىل سحب أعداد كبرية من البيض املحتمل تلوثه وإعدامه‬ ‫كإجراء وقايئ‪ .‬لكن تقول تقارير صادرة عن االتحاد األورويب إنه ال خطر عىل املستهلك إذا‬ ‫تناول أقل من ‪ ٠.٠٠٩‬مليغرام من املبيد لكل كيلوغرام من وزن جسمه‪ ،‬خالل وجبة طعام‬ ‫أو خالل يوم‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن التحقيق يف ما بات يعرف بـ”فضيحة البيض” أدى إىل توقيف شخصني يف‬ ‫هولندا وإىل عمليات مداهمة يف بلجيكا‪.‬‬

‫‪ABWAB‬‬

‫اشتراك أبواب للشركات والمنظمات والمدارس‬ ‫إشتراك أبواب لإلفراد أبواب تصل إلى بيتك‬ ‫إن كنت ترغب باإلشتراك في أبواب‪ ،‬يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى‪:‬‬ ‫‪info@Abwab.de‬‬

‫أو قم بتعبئة الطلب على موقعتا اإللكتروني من خالل هذا الرابط‪:‬‬ ‫‪http://www.abwab.eu/subscribe-to-abwab/‬‬

‫‪VERLAG‬‬

‫‪New German Media Ltd, Unit 7 Cavendish‬‬ ‫‪House, 369-391 Burnt Oak Broadway,‬‬ ‫‪HA8 5AW Edgware Middlesex, UK.‬‬ ‫‪Email: info@neweuropeanmedia.com‬‬

‫‪WERBUNG‬‬

‫‪www.abwab.eu‬‬ ‫‪REDAKTION‬‬

‫‪info@abwab.de‬‬ ‫‪c/o nhd consulting GmbH,‬‬ ‫‪Ernst-Griesheimer-Platz 6, 63071‬‬ ‫‪Offenbach, Germany‬‬

‫‪nhd consulting GmbH - marketing@nhd‬‬‫‪consulting.com +49 69 904 7541 20‬‬

‫‪CHEFREDAKTEUR‬‬

‫‪Souad Abbas / editor@abwab.de‬‬

‫‪LAYOUT/GESTALTUNG‬‬

‫‪ONLINE EDITOR‬‬

‫‪Tarek Sulaiman‬‬

‫‪Ousama Ismael‬‬


‫‪4‬‬

‫باب ألمانيا‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫حظوظ المهاجرين والالجئين من االنتخابات القادمة‬ ‫رعد أطلي‬ ‫يشهد يوم الرابع والعشرين من الشهر‬ ‫الجاري االنتخابات البرلمانية األلمانية‬ ‫التي تحدث كل أربع سنوات‪ ،‬وتحدد‬ ‫المستشار القادم أللمانيا‪ ،‬وشكل‬ ‫القرارات السياسية التي تتخذها الدولة‬ ‫عموماً عن طريق الجهاز التنفيذي‬ ‫المتمثل بالمستشار والوزارء‪ ،‬والجهاز‬ ‫التشريعي الذي يسن القوانين والمتمثل‬ ‫بأعضاء البرلمان المنتخبين‪ ،‬ويشارك في‬ ‫االنتخابات ‪ 65.5‬مليون ناخب مسجل‪،‬‬ ‫يدلون بصوتين األول لصالح المرشح‬ ‫المباشر‪ ،‬والثاني لصالح الحزب‪ ،‬أي أن‬ ‫المواطن ينتخب ممثله المباشر‪ ،‬والحزب‬ ‫الذي يراه ممثالً لتوجهاته ومصالحه‬ ‫السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪،‬‬ ‫وبالتالي يأتي البرلمان المؤلف من ‪598‬‬ ‫نائباً نصفه من أشخاص منتخبين مباشرة‬ ‫والنصف اآلخر يتم تقسيم مقاعده نسبياً‬ ‫بين األحزاب حسب حجم األصوات التي‬ ‫حصل عليها كل حزب‪.‬‬

‫يتنافس يف االنتخابات ما يقارب ثالثني حزباً‬ ‫أهمهم االتحاد املسيحي الدميقراطي "‪،"CDU‬‬ ‫والذي تنتمي له املستشارة أنجيال مريكل‪ ،‬واالتحاد‬ ‫املسيحي االشرتايك "‪"CSU‬واللذان يخوضان‬ ‫االنتخابات معاً‪ ،‬والحزب االشرتايك الدميقراطي‬ ‫"‪ "SPD‬الذي يتزعمه املرشح لصفة املستشار‬ ‫مارتن شولتز‪ ،‬وحزب أملانيا البديل "‪ ،"AFD‬وحزب‬ ‫الخرض "‪ "Grüne‬وحزب اليسار "‪،"Linke‬‬ ‫والحزب الدميقراطي الحر "‪ "FDP‬الذي مل يتمكن‬ ‫من الوصول إىل نسبة األصوات التي تدخله برملان‬ ‫‪ ،2013‬حيث ال يحق ألي حزب دخول الربملان‬ ‫تحصل عىل نسبة‬ ‫االتحادي "البوندستاغ" إال إذا‬ ‫ّ‬ ‫‪ 5%‬من عدد األصوات بالحد األدىن‪.‬‬

‫وامتألت مبناسبة االنتخابات شوارع أملانيا بصور‬ ‫املرشحني وملصقات األحزاب التي تعرب عن برامجها‬ ‫السياسية وخطتها للفرتة القادمة يف قيادة أملانيا‬ ‫يف حال تم انتخابها‪ ،‬وتعددت توجهات الربامج‬ ‫وموضوعاتها‪ ،‬ولكن باملجمل كان الرتكيز عىل‬ ‫األمن والتسليح واالقتصاد والتعليم وملف الهجرة‬ ‫واللجوء وسوق العمل‪ ،‬وموضوع ناتج عن ملف‬ ‫الهجرة بشكل رئييس وهو الهوية الثقافية ألملانيا‪،‬‬ ‫وكذلك يتحدث العرشات من املرشحني عرب القنوات‬ ‫التلفزيونية واملحطات اإلذاعية ووسائل التواصل‬ ‫االجتامعي لعرض وجهات نظرهم ورؤية أحزابهم‬ ‫ألملانيا خالل السنوات األربع القادمة‪ ،‬ويف هذا‬ ‫التقرير تركز أبواب عىل موقع ملف الهجرة واللجوء‬ ‫وغريه من امللفات املتعلقة من خطط األحزاب‬ ‫الرئيسية املتنافسة‪.‬‬ ‫مل يغري حزب "‪ "CDU‬من وجهة نظره من ملف‬ ‫اللجوء‪ ،‬بل دافعت املستشارة األملانية ورئيسة الحزب‬ ‫أنغيال مريكل عن قراراتها التي اتخذتها عام ‪2015‬‬ ‫حول سياسة الباب املفتوح أمام الالجئني وأنها‬ ‫كانت قرارات صائبة حينها‪ ،‬ولكن االتحاد املسيحي‬ ‫يف الوقت نفسه يسعى إىل تخفيض مستمر ألعداد‬ ‫الالجئني‪ ،‬وكذلك تسهيل هجرة من يحملون عقود‬ ‫عمل إىل أملانيا‪ ،‬ولكن يريدون ترحيل الذين تم‬ ‫رفض لجوئهم دون قيود‪ ،‬ويف مناظرتها مع‬ ‫منافسها مارتن شولتز مل تعترب تدفق الالجئني‬ ‫عىل أملانيا خطرا ً يهددها بقدر ما هو تح ٍّد لها‪،‬‬ ‫وأن أملانيا استفادت من العوملة كثريا يف تطوير‬ ‫اقتصادها وتحقيق ازدهارها‪ ،‬لذلك فمن الطبيعي‬ ‫أن تستجيب لتحديات العوملة وعدم االنعزال‬ ‫عن مجريات العامل مثل ما يحدث يف سوريا‬ ‫والعراق وأفريقيا‪ ،‬يف حني يطالب حزب ال‬ ‫"‪ "AFD‬بوضع حد أدىن لعدد املرحلني‬ ‫سنوياً‪ ،‬اي أن يكون هناك عدد واضح ومحدد‬ ‫من االالجئني واملهاجرين يتم ترحيلهم سنوياً من‬ ‫أملانيا‪ ،‬كام أنه عىل لسان مرشحه ألكسندر غوالند‬ ‫يرى أن عىل الالجئني أن ال يدخلوا أملانيا ويقدموا‬ ‫طلبات لجوئهم خارجها أو حتى خارج أوروبا‬

‫يف حال كان لهم حق اللجوء أصالً‪ ،‬أما "‪"FDP‬‬ ‫فريى أن سياسة الباب املفتوح كانت خاطئة‪ ،‬يف‬ ‫حني أن مريكل ال تريد االعرتاف بخطئها حسب‬ ‫ما رصح به رئيس الحزب كريستيان لندنر يف‬ ‫مقابلة له عىل قناة ‪ DW‬يف الرابع والعرشين من‬ ‫شهر آب املايض‪ ،‬وأن الالجئني يجب أن ال يحصلوا‬ ‫سوى عىل إقامة مؤقتة ويتم ترحيلهم فور تحسن‬ ‫األوضاع يف بالدهم‪ ،‬ومع ذلك ال يبدي الحزب‬ ‫معارضة الستقبال الالجئني‪ ،‬بل ويطلب ترسيع‬ ‫منحهم اإلقامة لتسهيل اندماجهم يف سوق العمل‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى ابتعد االتحاد املسيحي واليمني‬ ‫عموماً عن سن قانون للهجرة يف حني طالب‬ ‫"‪ "SPD‬ومعه "‪ "Grüne‬بقانون للهجرة حسب‬ ‫النقاط كام هو معمول عليه يف كندا حيث تُس َّجل‬ ‫نقاط عىل اللغة والعمل والسن‪ ،‬أما حزب "‪"Linke‬‬ ‫فقد طالب بأن تصبح أملانيا "بلدا ً مفتوحاً للهجرة"‪.‬‬ ‫كام يتداخل ملف األمن بشكل شديد مع ملف الهجرة‬ ‫واللجوء‪ ،‬وتطالب كل األحزاب األملانية الرئيسية‬ ‫برفع عدد أفراد الرشطة‪،‬‬ ‫يف حني يطالب ‪AFD‬‬ ‫الذي يأيت يف املرتبة‬ ‫الثالثة بنسبة مؤيدين‬ ‫تصل ‪10%‬‬

‫محمد ديبو‬ ‫ ‬

‫ ‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫•“بعد االنتخابات ستتغير‬ ‫سياسة ألمانيا تجاه مسألة‬ ‫اللجوء”‬ ‫• “إذا وصل اليمين األلماني‬ ‫إلى السلطة قد يتغير كل‬ ‫لم‬ ‫شيء‪ ،‬وستصبح ملفات ّ‬ ‫الشمل أكثر صعوبة”‬ ‫•“يجب أن ال تخسر ماما‬ ‫ميركل”‬ ‫•“المهم أن يبقى اليسار‬ ‫في السلطة وال يصل‬ ‫اليمين”‪...‬‬

‫بعض من العبارات التي يتداولها‬ ‫تلك‬ ‫ٌ‬ ‫السوريون فيام بينهم حني يعلقون عىل‬ ‫االنتخابات األملانية القادمة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يطرح أسئلة من نوع‪ :‬مالذي يربط بني‬

‫ال شك أنه بالنسبة للسوريني والالجئني ملف‬ ‫السياسة األملانية تجاه مسألة اللجوء وملفات ّ‬ ‫مل‬ ‫الشمل هي األكرث استحواذا ً عىل تفكريهم‪ ،‬نظرا ً‬ ‫لتامس األمر مع حياتهم اليومية‪ ،‬فهم املرشودن‬ ‫ّ‬ ‫من بلدهم بعد سلسلة من اإلهانات والعذابات‬ ‫واألهوال‪ ،‬وال يريدون أن يترشدوا مرة أخرى! وهم‬ ‫املوزعة عوائلهم بني بلدان متعددة وينتظرون‬ ‫مل شمل األرسة‪ ،‬خاصة أن لديهم أحبّة ال زالوا‬ ‫معلّقني يف براثن نار االستبداد من جهة وداعش‬ ‫من جهة‪ ،‬بكل ما يعني ذلك من املوت املحدق بهم‬ ‫يف كل لحظة‪ ،‬إذ رغم ابتعاد من هم هنا عن نار‬ ‫الحرب إال أن أفئدتهم ال تزال معلقة هناك‪ ،‬إذ عند‬ ‫كل غارة أو اعتقال أو قصف أو معركة يرجون‬ ‫اآللهة والشياطني معاً أن ال يحمل لهم الغد خرب‬ ‫مقتل أحد أحبتهم املعلّقني يف فضاء العدم‪ ،‬حيث‬

‫امللف األهم هو ملف االندماج‪ ،‬وما يستتبعه من‬ ‫نقاش حول هوية أملانيا الثقافية‪ ،‬فاألحزاب اليمينية‬ ‫يف الوسط وأقىص اليمني تطالب مبنع ازدواجية‬ ‫الجنسية للجيل الثاين‪ ،‬أي أن الجيل املولود يف‬ ‫أملانيا عليه أن يختار بني الجنسية األملانية وجنسية‬ ‫بلده األصل‪ ،‬ويتبنى اليمني مبدأ "الثقافة الرائدة"‪،‬‬ ‫والتي يراها االتحاد املسيحي عىل أنها سلسلة من‬ ‫القيم والقدرات مثل اللغة والقدرة عىل املردودية‬ ‫واملساواة بني الرجل واملرأة‪ ،‬أما حزب ال‪ AFD‬فريى‬ ‫من ناحيته الثقافة الرائدة هي الثقافة املسيحية‬ ‫األملانية وأن اإلسالم ال ينتمي ألملانيا‪ ،‬وتركزت حملته‬ ‫االنتخابية عىل ذلك‪ ،‬حيث مألت ملصقاته التي‬ ‫ترفض استقبال املهاجرين وبشكل الخاص املسلمني‬ ‫الشوارع‪ ،‬من مقوالت مثل "أملانيا الجديدة نبنيها‬ ‫بأنفسنا" إىل الرتكيز عىل الحجاب والربقع الذي‬ ‫ال يرتديه إال مئات يف كل أملانيا من خالل ملصقات‬ ‫ٍ‬ ‫كرفض للربقع‪ ،‬إىل غريها من‬ ‫تظهر نساء بالبكيني‬ ‫امللصقات‪ ،‬ويطالب أيضاً بعدم‬ ‫توريث الجنسية وعىل‬ ‫الجيل الثاين أن‬ ‫يختار بني أملانيا‬ ‫وبالده‪ ،‬يف حني‬ ‫يرفض اليسار‬

‫تشري استطالعات الرأي إىل أن مريكل وحزبها‬ ‫املؤيًّد من مزارعني وأصحاب املهن الحرة‪ ،‬وخاصة‬ ‫املسنني واملؤمنني ويغلب عىل مؤيدي االتحاد‬ ‫املسيحي أصحاب املستوى التعليمي دون الوسط‪،‬‬ ‫تشري االستطالعات إىل أن االتحاد ما زال يف‬ ‫املقدمة بنسبة تتأرجح بني ‪ 38‬و‪ ،39%‬بينام يأيت‬ ‫ثانياً مارتن شولتز وحزبه االشرتايك الدميقراطي‬ ‫الذي ينحدر مؤيدوه من عامل املصانع والنقابات‬ ‫العاملية من الطبقة الوسطى بنسبة ‪ ،25%‬ويأيت‬ ‫حزب البديل اليميني ثالثاً بنسبة ‪ 10%‬بحظ وافر‬ ‫من املؤيدين الرجال يف العرشينات والثالثينات من‬ ‫أصحاب الدخل املتواضع‪ ،‬وال تشكل النساء أكرث‬ ‫من ‪ 15%‬من نسبة مؤيديه‪ ،‬ويأيت بأرقام متقاربة‬ ‫بنسبة ترتاوح يف محيط ال‪ 8%‬حزب اليسار من‬ ‫الطبقة العاملة وقلييل الدخل واملتواضعني علمياً‬ ‫وخاصة يف أملانيا الرشقية‪ ،‬وحزب الخرض الذي‬ ‫يتحدر مؤيدوه من املدن الكبرية واألوساط الجامعية‬ ‫ومعظمهم يف العقد الثالثيني ويعملون يف مجال‬ ‫الخدمات والتعليم‪ ،‬والحزب الدميقراطي الحر الذي‬ ‫يأيت معظم مؤيدوه من أعامل املهن الحرة بشكل‬ ‫خاص أطباء األسنان والصيادلة واملحامني وبأعداد‬ ‫أقل من املوظفني‪.‬‬ ‫حسب استطالعات الرأي حتى اآلن فإن أي ائتالف‬ ‫حكومي وأي مستشار قد يصل إىل قيادة أملانيا يف‬ ‫الفرتة القادمة سيكون بطريقة أو بأخرى يف صالح‬ ‫الالجئني‪ ،‬ولكن أيضاً سيكون هناك صوت معارض‬ ‫لهم بشدة يف البوندستاغ إذا ما متكن حزب البديل‬ ‫ألملانيا من دخول الربملان‪ ،‬بعد أن متكن من‬ ‫دخول ‪ 16‬برملان محيل من أصل ‪ 19‬يف‬ ‫االنتخابات اإلقليمية‪.‬‬

‫هل تعنينا االنتخابات األلمانية؟‬ ‫السوريني واالنتخابات؟ وبشكل موسع‪ :‬مالذي‬ ‫يربط بني الالجئني واالنتخابات‪ ،‬وبشكل أعمق‪:‬‬ ‫هل ملف الالجئني هو امللف الوحيد الذي يجعل‬ ‫السوريني وغريهم يهتمون باالنتخابات األملانية‬ ‫أم ال؟‬

‫مستفيدا ً من حركة اللجوء الضخمة التي شهدتها‬ ‫أملانيا يف عامي ‪ 2015‬و‪ 2016‬بأن يتم الرتكيز عىل‬ ‫محاربة الجرمية يف صفوف األجانب‪.‬‬

‫األملاين املتثمل بال ‪ SPD‬وال ‪ Grünen‬وال ‪Linke‬‬ ‫مبدأ الثقافة الرائدة‪ ،‬ويطالبون بالتعددية الثقافية‬ ‫ألملانيا كام يؤيدون ازدواجية الجنسية لألجيال‬ ‫املولودة يف أملانيا‪ ،‬ويطالب حزب اليسار بترسيع‬ ‫عمليات التجنيس‪.‬‬

‫ال تساوي حياة املرء أكرث من رصاصة طائشة أو‬ ‫قذيقة مص ّوبة بدقة أو تقرير أمني‪ ،‬أو حتى بدافع‬ ‫الرسقة والجرمية التي انترشت بعد أن تراخت‬ ‫سلطة الدولة يف الكثري من املناطق السورية‪ .‬وبنا ًء‬ ‫عليه‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن ينظر الالجئون إىل هذه‬ ‫االنتخابات‪ ،‬باعتبارها متسهم بطريقة أو بأخرى‪،‬‬ ‫أوليست السياسة بأبسط تعريفاتها هي االهتامم‬ ‫بأمور الناس والبرش وإدارة شؤونهم اليومية؟‬ ‫إال أن مثة سؤال آخر قد يطرح‪ :‬وهل من مهمة‬ ‫السيايس األملاين أن يهتم مبسائل الالجئني أم أن‬ ‫يهتم مبسائل مواطنيه األملان أ ّوالً وآخرا ً؟ أوليس‬ ‫هؤالء هم من سينتخبونه يف حني أنه ال يحق‬ ‫لالجئني التصويت‪ ،‬وبالتايل هم لن يلعبوا دورا ً‬ ‫يف نجاح هذا املرشح أو ذاك‪ ،‬يف حني أنه ميكن‬ ‫للمواطن األملاين أن ينتخب وأن يكون له دور يف‬ ‫سيايس دون غريه‪ ،‬ما يجعله (السيايس)‬ ‫نجاح‬ ‫ٍّ‬ ‫يهتم لهموم هؤالء دون سواهم؟‬ ‫هنا نصل إىل املسألة األهم واألوسع‪ ،‬إذ يف ظل‬ ‫العوملة والتداخل العاملي بني الشامل والجنوب‬

‫وترابط مسائل العامل ومشاكله‪ ،‬وتحول اإلرهاب‬ ‫إىل مسألة عاملية عابرة للحدود والدول‪ ،‬وأيضاً‬ ‫تح ّول مسألة االستبدادات يف كل دول العامل إىل‬ ‫مسألة عاملية‪ ،‬باعتبار أنها توفر البيئة املناسبة‬ ‫لإلرهاب‪.‬ص كل هذا يجعل من كل ما يجري‬ ‫يف العامل اليوم‪ ،‬مهام كان محلياً‪ ،‬حدثاً عاملياً‪،‬‬ ‫ألنه يؤثر عىل سياسة العامل وأمنه واستقراره‪،‬‬ ‫إذ انتهت منذ زمن بعيد‪ ،‬مسألة أن يكون ما‬ ‫يجري داخل دولة ما هو يخص الدولة نفسها‪،‬‬ ‫خاص ًة حني يتعلق األمر مبسائل حقوق اإلنسان‬ ‫واإلرهاب الذي بات يعرب الحدود ويهدّد اآلمنني‬ ‫يف أي بقعة يف األرض كانوا‪ ،‬ودون أن ننىس‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬السياسات الغربية تجاه مسائل‬ ‫الجنوب‪ ،‬فهي سياساتٌ مؤثرة عىل حياة املواطن‬ ‫يف بلدان الجنوب بشكل مبارش‪ .‬من هنا يغدو‬ ‫انتخاب دونالد ترامب حدثاً عاملياً بقدر ما هو‬ ‫حدث محيل‪ ،‬ألن السياسة األمريكية الخارجية‬ ‫ستؤثر عىل العامل كله‪ ،‬وهذا ما تعرفة أوروبا‬ ‫اليوم أكرث من غريها‪ ،‬وبالطبع كان لوصول‬ ‫ترامب إىل السلطة صداه يف القارة األوربية‪،‬‬ ‫إذ تخ ّوف الكثريون من أن يكون فوزه مقدمة‬ ‫لتقدم اليمني العنرصي إىل السلطة‪ ،‬كأحجار‬ ‫الدومينو‪.‬‬ ‫ومن هذه الزاوية‪ ،‬ميكن القول أن االنتخابات‬ ‫األملانية‪ ،‬وغريها طبعاً‪ ،‬باتت محط أنظار العامل‬

‫وكل من ميكن أن تؤثر عليه هذه االنتخابات‪،‬‬ ‫نظرا ً لتامس السياسة الخارجية األملانية مع‬ ‫عد ٍد من امللفات الحيوية يف الرشق األوسط‪،‬‬ ‫فأملانيا اليوم تعترب أحد أهم املراكز األوربية إىل‬ ‫جانب فرنسا‪ ،‬وأي سياسة تتخذ يف هذا الشأن‬ ‫سيكون لها أثرها عىل املواطن يف الجنوب‪،‬‬ ‫خاصة فيام يتعلق بإعادة تأهيل الدكتاتوريات‬ ‫التي يجري اليوم اإلعداد لها يف أكرث من‬ ‫عاصمة أوروبية‪ .‬إن مسألة تأهيل األسد وبقاءه‬ ‫يف السلطة تعني أن عددا ً كبريا ً من السوريني‬ ‫لن يعودوا إىل بلدهم‪ ،‬يف حني أن إزاحته عن‬ ‫السلطة تشكل الخطوة األوىل لجعل البعض‬ ‫يفكر بالعودة‪ ،‬إذ ال أحد عىل استعداد ألن يلدغ‬ ‫من نار الدكتاتور مرة أخرى‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬تغدو االنتخابات األملانية‪ ،‬انتخابات‬ ‫محلية‪ /‬أملانية بقدر ما هي انتخابات عاملية‪،‬‬ ‫وتفرض عىل السيايس األملاين بالرضورة‪ ،‬أن‬ ‫يكون مهتامً بكل هذا‪ ،‬ليحمي مواطينه األملان‪،‬‬ ‫وهذا لن يتحقق إال حني يكون العامل كله‬ ‫مستقرا ً وآمناً‪ ،‬فاإلرهاب ال يحارب بالسياسات‬ ‫األمنية وإعالء الجدران‪ ،‬وإمنا بعوملة‬ ‫حقوق اإلنسان والدميقراطية وعدم تعويم‬ ‫الدكتاتوريات التي تشكل يف حقيقة األمر‬ ‫البيئة الخصبة لإلرهاب‪.‬‬


‫‪SMART‬‬ ‫‪L‬‬

‫‪WORLD‬‬

‫‪ +‬سرعة عالية حتى ‪3 GB‬‬ ‫‪ 300 +‬دقيقة‬ ‫في ألمانيا و‪ 50‬دولة أخرى‬

‫‪ +‬التصفح واالتصال في‬ ‫دول االتحاد األوروبي‬ ‫‪On-Net Flat +‬‬

‫ساري في ألمانيا فقط على شبكات‬

‫‪19‬‬

‫‪Telefónica Deutschland‬‬

‫*‬

‫‪99 €‬‬

‫‪ 4/‬أسابيع‬

‫إتصاالت وتصفح‬ ‫إنترنت‬ ‫في المانيا‬ ‫في أوروبا‬

‫‪ +‬أفضل من التجوال‬

‫االتصال بدول أوروبا‬ ‫االتصال في دول العالم‬

‫**‬ ‫**‬

‫شبكة الهاتف الثابت‬

‫الشحن‬ ‫‪Ortel Mobile GmbH, E-Plus-Str.1, 40472 Düsseldorf‬‬

‫**‬

‫**‬

‫نحن نتكلم لغتك‬

‫تسجيل الوقت ‪ .60/60‬المكالمات داخل ألمانيا‪ 9 :‬سينت‪/‬دقيقة‪ ،‬باإلضافة إلى رسوم التوصيل غير المتكررة والتي تبلغ ‪ 9‬سينت لكل مكالمة؛ أما بالنسبة للمكالمات خارج ألمانيا فتبدأ من ‪ 1‬سينت للدقيقة الواحدة‪ ،‬باإلضافة إلى رسوم التوصيل غير المتكررة التي تبلغ ‪ 15‬سن ًتا لكل مكالمة (يمكنك اإلطالع على جميع األسعار عبر زيارة موقعنا‪ .)www.ortelmobile.de :‬سعر الرسالة ‪SMS‬‬ ‫(الرسائل النصية القصيرة) ‪ 15‬سن ًتا‪ 49 .‬سنت‪/‬ميجا بايت‪ .‬كل األسعار الموضحة تشمل ضريبة المبيعات (القيمة المضافة)‪( Smart World L‬فترة تشغيل خيارات تبلغ ‪ 28‬يومًا بقيمة ‪ 19.99‬يورو)‪:‬عدد دقائق يصل إلى ‪ 300‬دقيقة للمكالمات التي تتم في ألمانيا والمكالمات الواردة من ألمانيا سواء إلى شبكات التليفون األرضي أو الجوالة في دول االتحاد األوروبي اآلتية‪ ،‬باإلضافة إلى المكالمات‬ ‫التي تتم داخل أو بين الدول اآلتية‪ :‬بلجيكا‪ ،‬بلغاريا‪ ،‬الدانمارك‪ ،‬إستونيا‪ ،‬فنلندا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬اليونان‪ ،‬بريطانيا العظمى‪ ، ،‬أيرلندا‪ ،‬أيسلندا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬كرواتيا‪ ،‬التفيا‪ ،‬ليشتنشتاين‪ ،‬ليتوانيا‪ ،‬لوكسمبورج‪ ، ،‬مالطا‪ ،‬هولندا‪ ،‬النرويج‪ ،‬النمسا‪ ،‬بولندا‪ ،‬البرتغال‪ ،‬رومانيا‪،‬السويد‪ ،‬سلوفاكيا‪ ،‬إسبانيا‪ ،‬التشيك‪ ،‬المجر‪ ،‬بدون أرقام خاصة‪ ،‬خدمات (القيمة المضافة) وتحويل المكالمات‪ُ .‬تستخدم الدقائق المشتملة للمكالمات داخل‬ ‫ألمانيا ومكالمات من ألمانيا إلى شبكات التليفون األرضي والجوال في الدول التالية‪ :‬بنغالديش والبرازيل وتشيلي والصين وهونغ كونغ والهند وإندونيسيا والعراق وإسرائيل واليابان وكندا وماليزيا وباكستان وبورتو ريكو وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايالند والواليات المتحدة األمريكية باإلضافة إلى الخطوط األرضية في كازاخستان وروسيا وسلوفينيا‪ ،‬دون أرقام خاصة‪ ،‬وخدمات (متعددة القيمة)‬ ‫والتجوال وتحويل المكالمات‪ .‬تسجيل الوقت ‪ .60/60‬في جميع أنحاء ألمانيا‪ ،‬يشتمل سعر الخيار على المكالمات من شبكة ‪ Telefónica‬ألمانيا (مثل من ‪ .)Ortel Mobile, E-Plus, o2, AY YILDIZ, blau( )On-Net Flat‬بعد انتهاء الوحدات الحصرية ُتطبق شروط ‪ Ortel Mobile‬التعريفية القياسية طب ًقا لالئحة األسعار الحالية‪ .‬يشمل سعر اإلنترنت الموحد في جميع أنحاء ألمانيا وفي‬ ‫دول االتحاد األوروبي حتى حجم البيانات ‪ 3‬جيجا بايت بسرعات تصل إلى ‪ 21.6‬ميجابت‪/‬ثانية (تنزيل) و ‪ 8.6‬ميجابت‪/‬ثانية (رفع)‪ ،‬ثم حتى ‪ 56‬كيلو بت‪/‬الثانية للرفع والتنزيل‪.‬‬

‫‪Ortel.‬‬


‫‪6‬‬

‫باب شرقي‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫مهرجان فنون ‪7102‬‬ ‫أيام فنية سورية في مدينة بريمن األلمانية‬ ‫حنا ورد‬ ‫في مدينة بريمن الساحرة‬ ‫وعلى مدى ثمانية أيام امتدت‬ ‫فعاليات مهرجان فنون ‪\ 2017‬‬ ‫‪ ،Funun Festival‬الذي أقامته‬ ‫الجمعية الثقافية السورية في‬ ‫المهجر‪.‬‬ ‫بدأت النشاطات الفنية املكثفة بحفل االفتتاح‬ ‫يف القاعة الرئيسية يف والية برمين‪ ،‬وبحضور‬ ‫السيد كارسنت زيلنغ عمدة املدينة‪ ،‬ورئيسة‬ ‫وأعضاء الجمعية الثقافية السورية‪.‬‬ ‫واستهل الحفل غناء كورال أطفال سوريني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إىل جانب عزف عىل البيانو للطفل السوري‬ ‫نائل طرابليس والذي يبلغ الرابعة عرشة من‬ ‫العمر‪ ،‬وتلته عدة فقرات فنية أخرى‪.‬‬ ‫أما اليوم التايل فشهد افتتاح معرض فني لفنانني‬ ‫تشكيليني سورين منهم بهرام حاجو‪ ،‬بطرس‬ ‫املعري‪ ،‬نارص الحسني‪ ،‬عبد الرزاق شبلوط‪ ،‬منهل‬ ‫عيىس‪ ،‬نارص نعسان أغا وغريهم‪.‬‬ ‫وكان املهرجان من الغنى بحيث ضم أيضاً‬ ‫عروضاً ألفالم سينامئية وهي‪ :‬الفيلم‬ ‫التسجييل تدمر للمخرجني مونيكا بورغامن و‬ ‫لقامن سليم‪ ،‬وهو فيلم تسجييل يحيك قصص‬ ‫مساجني سابقني يف سجن تدمر اليسء‬ ‫الصيت‪ .‬والفيلم الروايئ " تراب الغرباء" من‬ ‫كل من‬ ‫إخراج سمري ذكرى‪ ،‬وحرض العرض ٌ‬ ‫الباحث سالم الكواكبي وحنا ورد مدير تصوير‬ ‫رض أيضاً فيلم "أكوروديون"‬ ‫الفيلم‪ .‬كام ُع َ‬ ‫للمخرج نهاد حسن‪.‬‬ ‫وكان للتصوير الفوتوغرايف حضو ٌر يف‬ ‫املهرجان‪ ،‬حيث عرضت أعامل مصورين ضمت‬ ‫صورا ً من الريف السوري‪ ،‬ومن املصورين‬ ‫املشاركني محمد الطالب ومعاذ العمر‪ ،‬وكان‬ ‫الفنان حنا ورد قد أرشف عىل اختيار الصور‬ ‫الفوتوغرافية املشاركة يف املعرض‪ ،‬وذلك‬ ‫كجز ٍء من مرشوعه املستقبيل عىل تطوير‬ ‫تجارب الفوتوغراف والفيديو ملصوري الداخل‬ ‫السوري مستقبال‪.‬‬

‫مرايا الجنرال‬ ‫رواية عن‬ ‫اللوثة القابعة‬ ‫في األعماق‬ ‫البشرية‬ ‫أميرة الحلبي‬

‫أما أبرز ما قدمه مهرجان "‪FUNUN‬‬ ‫‪ "FESIVAL 17‬فكان العرض األول لفرقة‬ ‫"مجاز \ ‪ "Majazz‬والذي التقى فيه‬ ‫املوسيقيان مياس اليامين وصالح عمو بعد‬ ‫عرشين عاماً حيث قاما بإطالق مرشوعهام‬ ‫املوسيقي الجديد "مجاز"‪ ،‬ومتيّز العرض‬ ‫موسيقي استثنايئ ما بني أنغام‬ ‫بتامزج‬ ‫ّ‬ ‫الرشق األصيلة وجامل موسيقى الجاز‪.‬‬ ‫ومبرافقة أهم موسيقيي الجاز من فيينا‬ ‫وهم ماريا بيرتوفا‪ ،‬جوليا سيدل‪ ،‬وأوليفر‬ ‫شتيغري‪ ،‬إضاف ًة للعازف توفيق مريخان‬ ‫عىل القانون و الفنان جورج أرو عىل‬ ‫اإليقاع‪ ،‬متكن هذا العرض األول للفرقة‬ ‫يف مهرجان الفنون يف برمين من نقل‬ ‫الجمهور يف رحل ٍة موسيقي ٍة بديعة وعملٍ‬ ‫فني متكامل‪.‬‬

‫عند قراءة مرايا الجرنال للكاتب املغريب طارق‬ ‫بكاري عن دار اآلداب ‪ ،2017‬تسمع أصواتاً‬ ‫عديدة لشخصيات تتبادل الرسائل يف مابينها‪،‬‬ ‫لكن رسعان مايستدعي انتباهك صوته ‪-‬صوت‬ ‫الجرنال‪ -‬صوتٌ قوي قاد ٌم من العدم كام‬ ‫يقول‪ .‬فال ذاكرة لديه وال عائلة‪ ،‬كل ماهناك‬ ‫لحظة ركوبه السفينة الحربية املتجهة‬ ‫من مرسليا إىل املغرب العريب (إىل ليكسوس)‬ ‫ليستلم منصبه الجديد‪ ،‬جرنال املدينة ‪.‬‬ ‫قاسم جالل الذي ادفأت قلبه البارد رؤية‬ ‫جواهر حني لوحت بشالها لحبيبها (سيمون)‬ ‫معلن ًة عن وصول رحلتها إىل ميناء الدار‬ ‫البيضاء بعد غياب قرسي دام عامان ‪ .‬جرنالنا‬ ‫هذا يرسد قصته بالرجوع بالزمن أكرث من‬ ‫عرشين عام بنا ًءا عىل رغبة معالجته النفسية‪،‬‬ ‫شاكياً من فصام حاد بالشخصية وهاوية‬ ‫عميقة بالذاكرة فيقول (كنت فاقدا ً لكل شئ‪،‬‬

‫أما الحفل املوسيقي الثاين فقدمته‬ ‫فرقة "‪ "ZollHausBoys‬املتعددة الجنسيات‬ ‫إذ ضمت موسيقيني سوريني وعراقيني وأفغان‬ ‫بإدارة املوسيقيني األملانيني باغو باليك‬ ‫وغريهارد ستيغري‪.‬‬

‫الرتاثية القدمية إضاف ًة إىل أغانيها الجديدة‪،‬‬ ‫والسيام أغاين ألبومها الجديد "مالك"‪ ،‬الذي‬ ‫كتبت بنفسها معظم أغانيه وتحيك فيها عن‬ ‫آالم السوريني ورصاعهم مع الدكتاتورية‪ ،‬وعن‬ ‫األطفال الذين كانوا ومازالوا الضحية األوىل‬ ‫عىل كافة الصعد‪ .‬وتم توفري البطاقات يف‬ ‫مكان الحفل وبسعر مخفض لحاميل بطاقة‬ ‫طالب أو مكتب العمل‪.‬‬

‫يجدر بالذكر أيضاً أن الفنان السوري فراس‬ ‫الشاطر "اليوتيوبر الشهري" كان له حضور‬ ‫لطيف ومتميز يف مهرجان فنون برمين‪ ،‬حيث‬ ‫قدم قراءة يف كتابه الجديد "أنا أتقرب من‬ ‫أملانيا"‪ .‬ومل يقترص املهرجان عىل األنشطة‬ ‫الداخلية هذه‪ ،‬إمنا امتد ليشمل أنشط ًة قصصية‬ ‫لألطفال يف مكتبة املدينة‪.‬‬

‫لعل أكرث ما يستحق اإلشادة به يف هذا‬ ‫ً‬ ‫املهرجان تقدميه ودعمه لفرقة مجاز يف حفلها‬ ‫الفني األول‪ ،‬إضاف ًة لتقديم الحفل األول لرشا‬ ‫رزق بعد إطالق ألبومها الجديد‪.‬‬

‫يف نهاية األيام الثامنية جاء حفل الختام رائعاً‪،‬‬ ‫إذ أدت فيه الفنانة رشا رزق كثريا ً من أغانيها‬

‫ٍ‬ ‫صعيد آخر البد من اإلشارة إىل أن‬ ‫عىل‬ ‫املهرجان أقيم مببادرة من السيدة ياسيمينا‬

‫أحمل بني جدران جمجمتي ذاكرة بتوالً تتصل‬ ‫بحارضها فقط‪ ،‬ال أذكر أنني كنت صبياً أو كان‬ ‫يل أهل أو أقرباء)‪ ،‬يتامهى قاسم مع جرناالت‬ ‫عاملنا العريب الذين ينتمون إىل زمن الحرب‬ ‫فقط‪ ،‬فال تاريخ يردع وال عمق حضاري ينقذ‬ ‫البالد من آلة الدمار والحرب‪ .‬يقول الجرنال‬ ‫الغازي (جئت أتأبط مشاريع صديد ودم‪ ،‬ال‬ ‫أدري متى وال كيف كتبت يف الذهن‪ ،‬مشاريع‬ ‫دموية‪ ،‬مل أملك بعد أن استمسكت بأزمة املدينة‬ ‫سوى االنصياع لها)‪.‬‬

‫البحث عن حياة أفضل بالنضال السلمي‬ ‫جه بأقىص عدة وعتاد‪ .‬ليأتينا‬ ‫واملظاهرات لتوا َ‬ ‫من هناك الفتى سيمون الشاب اليهودي‬ ‫املاركيس الهوى والهوية‪ ،‬الذي أنهكت روحه‬ ‫أقبية السجون وأزالم النظام‪ ،‬هذا الشاب‬ ‫الذي يعرب عن انهيار اليسار يف سبعينيات‬ ‫القرن وانتكاسة جيل مشبع بأحالم التغري‬ ‫دون االعتامد عىل القوة والتسلح يف مواجهة‬ ‫الجرنال‪ .‬ترصد الرواية العالقة الجدلية‬ ‫القامئة عىل العنف بني املثقف والسيايس‬ ‫وبني الجرنال‪ ،‬العالقة القامئة عىل الغرية‬ ‫الضمنية من الثائر ‪ ،‬صاحب االرض‪ ،‬فيعرب‬ ‫املؤلف بلسان الجرنال قائالً (كان سيمون قبل‬ ‫أن يتبدد كرذاذ النور يف سامء تلك املدينة‪ ،‬رجالً‬ ‫حقيقياً ال أملك إال أن أحسده‪ ،‬كان مؤمناً قوياً‬ ‫مبا يحمل يف رأسه من أفكار‪ ،‬ولَم أكن مثله‪،‬‬ ‫كان يرضب جذوره يف هذه املدينة وينتمي إىل‬ ‫ترابها ‪ ...‬أما أنا‪ ،‬فقط أخذتها اغتصاباً)‪.‬‬

‫رواي ٌة ترصد قدرة الجرنال الالمحدودة‬ ‫عىل تحطيم اإلنسان واألرض وتوسيع‬ ‫أقبية السجون‪ ،‬انهيار قيمة اإلنسان‬ ‫وسهولة قمعها‪ ،‬سقوط حصانة حرية اإلنسان‬ ‫أمام زوبعة الجرنال‪ .‬تقع أحداث الرواية‬ ‫يف فضاء مدينة ليكسوس ليصل مداها إىل‬ ‫مدننا العربية‪ ،‬لشخوص دون الجرنال تحايك‬

‫حريتاين رئيسة الجمعية الثقافية السورية‬ ‫يف املهجر وأعضاء الجمعية‪ ،‬ورجل األعامل‬ ‫السوري رجب ابراهيم‪ ،‬والسيد توفيق‬ ‫مريخان والدكتور وحيد غنام والسيدة‬ ‫إيفيزا ليوبني‪ .‬وافتتحت السيدة  ليبوجه‬ ‫تشرينا رئيسة مجلس املواطنة يف‬ ‫مدينة برمين حفل االفتتاح باقتباس من‬ ‫الالجيء السوري عبد الله الخطيب  يرشح فيه‬ ‫كيف غريت الحرب مجرى حياته بعد أن عوقب‬ ‫هو وشعبه ملجرد املطالبة بأبسط الحقوق؛‬ ‫عدالة‪ ،‬حرية‪ ،‬كرامة‪.‬‬ ‫ويُذكر ختاماً أن مهرجان فنون ‪ 2017‬استطاع‬ ‫أن يعكس مستوى الفن السوري وأن يشجع‬ ‫التجارب الفنية الجديدة بسبب غناه باألنشطة‬ ‫الفنية املتنوعة واالحرتافية عالية الجودة‪.‬‬

‫تحمل الرواية بني طياتها عوامل نفسية‬ ‫تبحث عن أصول الرش والخطيئة‪،‬‬ ‫عن اللوثة القابعة يف األعامق البرشية‪،‬‬ ‫وعن ذهاب اإلنسان باألخالق إىل‬ ‫أبعد نقطة من الرش النائم‪ ،‬تتحدث‬ ‫عن خطايا الجسد التي أوقعت‬ ‫(جواهر) بني يدي الجرنال‪ .‬جواهر‬ ‫الصوت األنثوي الباحث عن الحياة‪،‬‬ ‫ولذة الجسد‪ ،‬العائد من منفاه يف‬ ‫فرنسا‪ ،‬املتعب من النضال‪ .‬رواية‬ ‫رمزية بأبطالها‪ ،‬تحايك الحب‬ ‫والسياسة والحرب يف واقع يشبه‬ ‫واقعنا‪ ،‬وترصد بجدارة تبعية الجرنال‬ ‫ألجندات خارجية‪ ،‬ولكن البد من‬ ‫االنقالب عليه عند انتهاء دوره‬ ‫ومحاكمته‪ ،‬إنها مرايا الجرنال ومحاولة‬ ‫البحث عن جسد يناسب الوحش القابع‬ ‫باألعامق‪.‬‬


‫من القلب‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫‪7‬‬

‫هي من األشخاص الذين تحبهم‬ ‫ببساطة‪ ،‬التقيتها قبل عام‪ ،‬واتفقنا‬ ‫على ٍ‬ ‫الحقا لنحدد‬ ‫لقاء آخر‪ .‬راسلتها ً‬ ‫موع ًدا‪ ،‬فأجابت بلطف‪:‬‬ ‫“حبيبة قلبي‪ ،‬بحكي معك‬ ‫بهاليومين أكيد‪ ..‬بكرا عندي جرعة‬ ‫كيمو‪ ،‬وبمجرد مايتحسن وضعي‬ ‫منحكي ومنتفق‪ ”.‬وفوجئت‪،‬‬ ‫ألن اسمها لم ُيذكر أمامي أب ًدا‬ ‫مقترنًا بالشكوى‪ ،‬وال المراعاة‪،‬‬ ‫وفي لقاءاتنا التالية لم أشعر‬ ‫مرضا يحتاج من‬ ‫للحظة أنها تعاني ً‬ ‫الكثيرين التفرغ واالهتمام بالذات‬ ‫فقط‪ ،‬فبدت كمن يجري في سباق‬ ‫ٍ‬ ‫مسافات طويلة‪ ،‬وسبقت الكثيرين‬ ‫دون شكوى‪.‬‬

‫جميعا"‬ ‫حق لنا نحن السوريون‬ ‫"العدالة ّ‬ ‫ً‬

‫جمانة سيف تروي قصتها ألبواب‬ ‫قصتها‪ ،‬لك ّنني سأجتزء بعضً ا منها‬ ‫لن يكفي لقا ٌء واحد لرتوي ّ‬ ‫ألشارككم به‪ ،‬وتتع ّرفوا عىل جامنة سيف‪ ،‬كام قدّمت نفسها‪:‬‬ ‫“حقوقية سورية‪ ،‬الجئة يف أملانيا منذ آب ‪ ،2013‬أؤمن أن حرية‬ ‫االنسان وكرامته أغىل ماميلك”‪.‬‬ ‫• هالّ حدّثتنا‪ ،‬بدايةً‪ ،‬عن عملك قبل الثورة؟‬ ‫بدأت حيايت املهنية يف مجال عمل عائلتي يف صناعة املالبس‪،‬‬ ‫وانخرطت يف جو العمل ج ّديًا‪ ،‬وتدرجت يف مهنة الخياطة‬ ‫الصناعية ثم العمل اإلداري‪ .‬ومع تأسيس والدي‪ ،‬رياض سيف‪،‬‬ ‫رشكة “أديداس” يف سوريا عام ‪ ،1993‬عملت معه وأسست‬ ‫“قسم اإلرشاف االجتامعي” الذي كان يحظى مبخصصات‬ ‫من أرباح الرشكة ويعنى بالجوانب النفسية والصحية للعامل‬ ‫وعائالتهم‪ ،‬ودعم متابعة تعليمهم‪ ،‬وتطوير إمكانياتهم ومواهبهم‬ ‫(موسيقى‪ ،‬مرسح‪ ،‬شطرنج)‪ ،‬وتنظيم رحالت وبرامج ترفيهية‬ ‫لهم ولعائالتهم‪.‬‬ ‫عام ‪ 2001‬أصبحت دون عمل بعد اضطرارنا لبيع آخر حصة‬ ‫من الرشكة‪ ،‬لتسديد الرضائب الكيدية املتتالية التي كانت أسلوب‬ ‫النظام لالنتقام من والدي بسبب معارضته وإرصاره عىل كشف‬ ‫الفساد رغم املغريات التي قدمت له‪ ،‬ثم التهديدات عند رفضها‪،‬‬ ‫عمالً بواجبه كنائب عن الشعب يف الربملان منذ عام ‪.1994‬‬ ‫خرسنا كل يشء تقريبًا ومل تنته معركتهم حتى بعد اعتقال أيب‬ ‫يف أيلول ‪ ،2001‬نتيجة فضحه صفقة عقود الخليوي التي نهبت‬ ‫مال السوريني لصالح عائلتي األسد ومخلوف‪ ،‬واستئناف لقاءات‬ ‫“منتدى الحوار الوطني” يف منزله بصحنايا‪ .‬تصاعدت الضغوط‬ ‫األمنية والتهديدات عىل العائلة‪ ،‬مام دفع أغلبهم لالنكفاء فكان‬ ‫البد من قرار‪ ،‬فإما الخوف وإما إعالن موقفي بشجاعة وتحمل‬ ‫مسؤولية قراري‪ ،‬فاخرتت املواجهة واالنتصار ملباديئ‪ .‬وكان‬ ‫عىل رأس أولويايت الحفاظ عىل حياة أيب بعد تع ّرضه ألكرث‬ ‫من محاولة اغتيال يف السجن‪ .‬وأال أتركه معزوالً يف سجنه‪،‬‬ ‫فأصبحت صلته مع العامل الخارجي من محاميني ودبلوماسيني‬ ‫ُ‬ ‫وسياسني‪ ،‬والناطقة باسمه وممثلته الرسمية‪ ،‬فتسلّمت نياب ًة عنه‬ ‫جائزة مدينة فامير األملانية لحقوق االنسان واملواطنة عام ‪،2003‬‬ ‫ومثّلته عند تأسيس “إعالن دمشق” عام ‪ ،2005‬ويف لقاءات‬ ‫حقوقية ودبلوماسية‪.‬‬ ‫درست الحقوق يف الجامعة العربية ببريوت‪ ،‬وسجلت يف نقابة‬ ‫املحامني‪ .‬لألسف‪ ،‬مل أستطع مامرسة املهنة نتيجة إصدار مجلس‬ ‫فرع النقابة بدمشق قرا ًرا بفصيل‪ .‬واستمرت معركتي ألربع‬ ‫سنوات وحصلت عىل حكم بإعادة تسجييل يف شباط ‪،2012‬‬ ‫والفضل يف هذا يعود للثورة‪ .‬إال أنني مثل الكثريين‪ ،‬اضطررت‬ ‫للخروج من سوريا بعد وقت قصري‪.‬‬ ‫• وماذا عن تجربتك بعد الثورة ومغادرة سوريا؟‬ ‫بعد مغادرتنا سوريا‪ ،‬بقيت مع عائلتي لسنة تقريبًا يف القاهرة‪،‬‬

‫وهناك ُع ِقد املؤمتر التأسييس لشبكة املرأة السورية‪ ،‬وهي تضم‬ ‫شخصيات مستقلة ومنظامت نسوية وحقوقية تؤمن بقضايا‬ ‫املرأة وبأهداف الثورة السورية‪ ،‬وانتُ ِخبت للجنة املتابعة والتنسيق‪،‬‬ ‫وبعد سنتني انتُ ِخبت لرئاسة اللجنة القانونية يف الشبكة‪ ،‬ومثلت‬ ‫الشبكة واملرأة السورية يف فعاليات ومؤمترات ومنابر دولية‪،‬‬ ‫كمجلس حقوق اإلنسان واألمم املتحدة‪.‬‬ ‫وصلت برلني يف آب ‪ ،2013‬ودرست اللغة األملانية‪ ،‬وكانت يل‬ ‫ُ‬ ‫فرصة التد ّرب يف رشكة محاماة أملانية‪ ،‬لك ّن املرض منعني من‬ ‫قبول عرضهم بالعمل بدوام جزيئ‪ .‬وبعد نهاية العالج الذي‬ ‫احتاج سن ًة تقريبًا‪ ،‬بدأت العمل مع “املركز االورويب للحقوق‬ ‫الدستورية وحقوق االنسان” (‪ ،)ECCHR‬كام أنني ضمن فريق‬ ‫عمل “املركز السوري للدراسات واألبحاث القانونية”‪.‬‬ ‫• كحقوقية‪ ،‬هل تؤمنني بعدالة القانون الدويل يف الشأن‬ ‫السوري‪ ،‬ونحن نعلم فساد القانون يف سوريا؟‬ ‫القانون الدويل‪ ،‬مبا يخص الجرائم ضد اإلنسانية وجرائم الحرب‪،‬‬ ‫حديث العهد نسبيًّا‪ ،‬ومبني عىل اتفاقيات توقّعها الدول وفق‬ ‫مصالح إقتصادية وسياسية متشابكة‪ ،‬لذا لست واهم ًة بأننا‬ ‫سرنى مرتكبي الفظائع يف سوريا وعىل رأسهم بشار األسد يف‬ ‫املحاكم الدولية قريبًا‪ ،‬ومع هذا أعرف أن هناك رغبة عند الكثري‬ ‫من الدول واملنظامت لوضع حد لإلفالت من العقاب‪ ،‬وأن الظروف‬ ‫الدولية تتغيري‪ ،‬وهذه الجرائم التسقط بالتقادم‪ .‬وعليه‪ ،‬واجبنا‬ ‫كحقوقيني سوريني وبالتعاون مع املنظامت الحقوقية االستفادة‬ ‫من القوانني التي تضمن محاسبة املجرمني وتحقيق العدالة‪.‬‬ ‫• لو تعطينا فكرة عن مرشوعك الحايل؟‬ ‫أعمل حاليًا الكتساب أكرب قدر من املعرفة والخربة يف القانون‬ ‫الدويل‪ ،‬واملساهمة يف الجهود الرامية إىل مساءلة ومحاسبة‬ ‫مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري‪ ،‬السيام االنتهاكات ضد‬ ‫النساء‪ ،‬كاالغتصاب املمنهج والتعذيب الوحيش يف املعتقالت‪،‬‬ ‫لذا أنا ضمن فريقي (‪ )ECCHR‬و”املركز السوري للدراسات‬ ‫واألبحاث القانونية”‪.‬‬ ‫• ماهي رؤيتك للمشاريع والحركات “النسوية” العديدة‪،‬‬ ‫وما أهميتها للمرأة السورية؟‬ ‫مل يكن هناك “حركة نسوية” قبل الثورة‪ ،‬فاملجتمع مصادر‬ ‫ومحروم من العمل السيايس واملدين م ًعا‪ ،‬كان هناك بعض‬ ‫املناضالت النسويات وه ّن موضع تقدير بالتأكيد‪ .‬بعد الثورة‬ ‫تأسست العديد من املنظامت والشبكات النسائية والنسوية‪،‬‬ ‫وحاولت العمل ضمن الظروف املتاحة‪ ،‬وأعتقد أننا بدأنا نلمس‬ ‫مؤخ ًرا‪ ،‬كنتيجة لعمل السنوات املاضية‪ ،‬مالمح حركة نسوية‬ ‫بأهداف ومطالب واضحة‪ ،‬كاملشاركة الفاعلة يف جميع مراحل‬ ‫صنع السالم وبناء سوريا املستقبل‪ .‬مازالت هذه الحركة تحتاج‬

‫الكثري من التنظيم والدعم‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬أعتقد أن ظروف الحرب‬ ‫القاسية التي دفعت املرأة للخروج إىل العمل وإعالة أرستها‬ ‫ستفرض واق ًعا جديدًا‪ ،‬وأدوا ًرا وعالقات مختلفة يف املجتمع‪،‬‬ ‫ريا يف إعادة اإلعامر نتيجة خسارة‬ ‫وألنه سيعول عىل املرأة كث ً‬ ‫الرجال‪ ،‬وستتح ّمل مسؤوليات وواجبات إضافية‪ ،‬فال بد من‬ ‫مقابلتها بالحقوق والضامنات‪.‬‬ ‫• ضمن املعطيات الدولية الحالية‪ ،‬كيف تنظرين إىل الحل‬ ‫يف سوريا‪ ،‬وهل من حل عادل حقًا؟‬ ‫إن عامل ًا يحكمه ترامب وبوتني ومساوماتهام لهو عامل مجنون‪،‬‬ ‫ال اعتبار فيه للقيم اإلنسانية وحقوق االنسان والقضايا العادلة‪.‬‬ ‫حا عىل كل االحتامالت‪ ،‬لكنني مؤمنة‬ ‫لذلك‪ ،‬أرى املستقبل مفتو ً‬ ‫بقضيتنا‪ ،‬مؤمنة بثورتنا وعدالة مطالبها برغم ماشابها من‬ ‫أخطاء وانحرافات‪ .‬هي قضية ماليني السوريني‪ ،‬الذين دفعوا‬ ‫مث ًنا هائالً ملجرد مطالبتهم بالحرية والكرامة يف مواجهة نظام‬ ‫ديكتاتوري مجرم‪ ،‬استعمل كل األسحلة الفتاكة ومنها الكياموي‬ ‫إلبادة معارضيه والبقاء بالحكم‪ ،‬وهذا مثبت يف تقارير املنظامت‬ ‫الدولية باألدلة الدامغة‪ ،‬فهو مجرم حرب ومجرم ضد اإلنسانية‬ ‫مبقتىض كل القوانني والرشائع‪ ،‬فإىل متى سيحتمل العامل‬ ‫املكابرة يف محاوالت فرضه علينا؟! هل يعتقدون بإمكانية بناء‬ ‫السالم مع مجرم؟! وهل يتخىل املجتمع الغريب عن قيم الحرية‬ ‫العدالة والكرامة االنسانية ويدوسها بهذه البساطة بعد كل‬ ‫نضاله من أجل إرسائها؟ فإن فعل‪ ،‬فبأي قيم سيحارب التطرف‬ ‫والعنف وهل سيتحمل الكلفة؟ لعلّها سذاجة مني‪ ،‬ولكن يصعب‬ ‫ٍ‬ ‫مناف للعدالة ولإلنسانية وللعقل‬ ‫يل تصور سيناريو كهذا النه‬ ‫ع ّ‬ ‫واملنطق‪.‬‬ ‫• نعلم أن املرض مل يوقف نضالك عىل الصعيد الشخيص‬ ‫وعىل صعيد دعم الثورة‪ّ ،‬‬ ‫هل حدثتنا عن هذا؟‬ ‫كمعظم السوريني‪ ،‬يف هذه الظروف‪ ،‬أهملت وضعي الصحي‬ ‫يل‪ .‬وبعدما اشتدت اآلالم زرت‬ ‫رغم التغيريات التي ظهرت ع ّ‬ ‫الطبيب يف موعد مستعجل‪ ،‬ألفاجأ به يقول بهدوء‪“ :‬لديك‬ ‫رسطان ثدي‪ ،‬وضعك ليس سهالً‪ ،‬أعتقد أنه متقدم وأمتنى أال‬ ‫رشا‪ .‬عليك استكامل الفحوصات والخضوع لعمل‬ ‫يكون منت ً‬ ‫جراحي بأرسع وقت”‪ .‬أجبته‪ :‬لن أبدأ شيئًا قبل عرشة أيام‪ ،‬لدي‬ ‫التزامات يجب إنهاؤها وسأسافر غدًا‪ .‬استجاب الطبيب وحدد‬ ‫مواعيد الفحوصات بعد عرشة أيام وبعدها العملية الجراحية‪.‬‬ ‫خرجت من عنده حزينة جدًا‪ .‬جلست يف الحديقة واستعرضت‬ ‫حيايت‪ .‬اتخذت قرارات شخصية كانت مؤجلة منذ سنوات‪ ،‬فرغم‬ ‫أن رسطان الثدي من أسهل الرسطانات ونسبة الشفاء منه عالية‪،‬‬ ‫إال أن احتامل املعاناة الطويلة واملوت قائم‪ .‬فكرت بالعالج كام‬ ‫رشحه الطبيب (جراحة‪ ،‬كياموي‪ ،‬أشعة‪ ،‬دون شعر) ثم فكرت‬ ‫باملعتقلني‪ ،‬وتخيلت نفيس معتقلة يف أحد فروع األمن الحقرية‪.‬‬

‫حقوقية سورية‪ ،‬الجئة في‬ ‫ألمانيا منذ آب ‪ ،2013‬أؤمن أن‬ ‫حرية االنسان وكرامته أغلى‬ ‫مايملك”‬ ‫هل تساوي كل فرتة العالج ساعة من التعذيب يف معتقالت املوت‬ ‫قياسا مبا يعانيه السوريون‬ ‫السورية‪ .‬ماذا تساوي “معانايت” ً‬ ‫والسوريات يف املخيامت واملناطق املحارصة؟ هذه الفكرة‬ ‫منحتني القوة والتحدي‪ ،‬بجانب دعم والدي الحبيب وأوالدي‬ ‫وأحىل األصدقاء‪ ،‬وأنا ممت ّنة لهم جمي ًعا فقد أحاطوين بالحب‬ ‫والفرح لدرجة تجعلني أقول إن فرتة العالج كانت من أجمل‬ ‫سنني حيايت لوجودهم حويل دامئًا‪ ،‬والطاقة اإليجابية والقوة‬ ‫التي منحوها يل‪ ،‬فاستطعت مواصلة نشاطي وعميل التطوعي‬ ‫وسفري دون انقطاع‪.‬‬ ‫• العدالة‪ ،‬كشف االنتهاكات‪ ،‬محاكمة املجرمني‪ ،‬أين جامنة‬ ‫من كل هذا؟‬ ‫سيايس ال يطلق مسار‬ ‫حل‬ ‫وأي ٍّ‬ ‫أنا مؤمنة بأن السالم بال عدالة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫العدالة ويفتح ملفات املحاسبة لن يجلب سال ًما مستدا ًما‪ ،‬وإن‬ ‫حق لنا نحن السوريني جمي ًعا‪،‬‬ ‫فرض سال ًما زائفًا هشًّ ا‪ .‬العدالة ّ‬ ‫وبدونها لن تهدأ النفوس ولن يتحقق السلم األهيل‪ ،‬أو يعود‬ ‫الالجؤون إىل سوريا ليعيدوا إعامرها‪ .‬العدالة حقنا وحق أبناءنا‬ ‫وحق اإلنسانية‪ ،‬ولن نتنازل عنه‪.‬‬ ‫• هل من كلمة أخرية لـ “أبواب” نختم بها اللقاء؟‬ ‫كالجئة يف أملانيا عانيت ما يعانيه معظم الالجئني السوريني‬ ‫يف أوروبا‪ ،‬البداية من تحت الصفر‪ ،‬تعلم لغة جديدة صعبة‪،‬‬ ‫ثقافة وعادات مختلفة‪ ،‬البدء بعمل رمبا يبعد كل البعد عن عمله‬ ‫وخرباته‪ .‬مع ذلك ال ميكن ألّ أرى الجوانب اإليجابية لوجودنا‬ ‫هنا‪ ،‬فهذه فرصة لنا وألبنائنا للتعلم واكتساب خربات جديدة‪.‬‬ ‫الجامعات فُ ِتحت للسوريات والسوريني‪ ،‬واملؤسسات أ ّمنتنا‬ ‫صحيًا وصانت كرامتنا‪ .‬ورغم وجود بعض الحركات املتط ّرفة‬ ‫ضد الالجئني‪ ،‬فاملجتمع األملاين بغالبيته مرحب‪ ،‬أو عىل األقل‬ ‫يتقبّل وجودنا‪ .‬لديه مخاوف وهواجس مفهومة ومربرة‪ ،‬وإ ّن‬ ‫تبديدها وطأمنته تجاهنا وكسب ثقته واجبنا جمي ًعا‪ ،‬فكل منا‬ ‫سفري لسوريا ولقضيتنا‪ ،‬وأمتنى أن نستثمر الفرصة بأرقى صورة‬ ‫ونعود قريبًا‪ ،‬فسوريا املستقبل‪ ،‬الحرة الدميقراطية كام نتمناها‪،‬‬ ‫بحاجة ألبنائها‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫باب شرقي‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫صباحات سورية‬

‫أما عن كيف يتم تقديم أو رسد هذ الحكايا فقد رشح الفنان‬ ‫داود ألبواب بأن كل شخص يقدم قصته بنفسه‪ ،‬ألن غاية‬ ‫املرشوع هي تشجيع الناس عىل التعبري عن مكنوناتهم‪ ،‬ليس‬ ‫فقط بكتابة القصص وإرسالها وإمنا بأن يقوموا بأنفسهم‬ ‫بروايتها للناس‪ ،‬فيتمكنون بذلك من اإلحساس بالكلمة‬ ‫وإيقاعها والتقاط رد فعل الجمهور وتفاعله بشكلٍ مبارش‪ ،‬فال‬ ‫أحد سريوي قصصهم بنفس الصدق‪.‬‬

‫قصصنا نرويها في العلن‪..‬‬

‫وعن بدء املرشوع وطريقة التواصل مع الناس سواء كروا ٍة‬ ‫للقصص أو متابعني لها يقول داود أن املرشوع بدأ منذ سنة‬ ‫ٍ‬ ‫ورشات وأمسيات كجزء من‬ ‫ونصف تقريباً‪ ،‬وقدمت فيه عدة‬ ‫مشاريع وأنشطة ثقافية أخرى‪ ،‬حيث قدمت أمسي ًة عىل األقل‬ ‫لبيت الحكايا كل بضعة أشهر‪ ،‬ولكن يبقى العمل عىل تطوير‬ ‫املرشوع ليصبح أكرث توثيقي ًة لقصص الناس يف املستقبل‬ ‫مستمرا ً‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى يوضح الفنان إن األصعب هو أن ندعو الناس‬ ‫إىل “الحيك”‪ ،‬فالناس غري معتادة وليست لها الجرأة للحيك‬ ‫يف العلن‪ ،‬ومشاركة قصصها مع الغرباء‪ ،‬إال أن مشاركة‬ ‫البعض شجعت غريهم‪ ،‬إضاف ًة إىل دور السوشيال ميديا‬ ‫يف نرش الفكرة والدعوة إىل األنشطة والورشات املختلفة‪،‬‬ ‫أشخاص لديهم فعالً القدرة عىل الكتابة‬ ‫ويف النتيجة يساهم‬ ‫ٌ‬ ‫والتعبري عن أفكارهم بطريقة سلسة وواضحة‪ ،‬وهنا نحاول‬ ‫أن “ندربهم عىل طريقة إلقاء القصة أمام الجمهور بالحدود‬ ‫البسيطة بطريقة منطقية ليتمكنو من توصيل مشاعرهم”‪.‬‬

‫الحكايا تروى للسوريين واألوروبيين معاً‪..‬‬ ‫استضافت “سيدة سوريا” في برلين عرضاً من بيت الحكايا السورية تحت عنوان “صباحات‬ ‫سورية”‪ ،‬حيث تابع الفنان المسرحي السوري بسام داود في هذه األمسية القصصية‬ ‫ٍ‬ ‫حكايات يروي أصحابها ما عاشوه من‬ ‫مشروعاً يحيي فيه تقليد الحكواتي‪ ،‬ولكن عبر‬ ‫القاصة‬ ‫قصص في سوريا‪ .‬شارك في العرض وسرد الحكايا كل من السيدة فاتن عبيد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تغريد دواس والمهندس فراس اليونس‪ ،‬مع موسيقى الفنان أثيل حمدان‬

‫حاورته سعاد عباس‬

‫التقت أبواب بالفنان بسام داود حيث تحدث عن مرشوع بيت‬ ‫الحكايا‪ ،‬الذي يهدف لخلق مساحة ملشاركة القصص الشخصية‬ ‫ما بني الراوي واملتلقي‪ ،‬موضحاً أن هذه املساحة مفتوحة لكل‬ ‫ٍ‬ ‫شخص يحب أن يشارك قصصه مع الجمهور ويروي تجارب‬ ‫عاشها لآلخرين‪ ،‬وذلك ضمن عروض يحمل كل منها عنواناً‬ ‫ٍ‬ ‫حكايات عن صباحاتهم‬ ‫مختلفاً‪ .‬هذه املرة روى املشاركون‬ ‫ٍ‬ ‫عرض سابق روى آخرون قصصاً عن البدايات‬ ‫السورية‪ ،‬ويف‬ ‫الجديدة تحت عنوان “نقطة‪ .‬أول السطر”‪.‬‬

‫الهدف من املرشوع بالعموم كام يقول داود هو إتاحة الفرصة‬ ‫للناس للتعبري‪ ،‬فمشاركة القصص هي خطوة ليعرب اإلنسان‬ ‫عن نفسه ومشاعره ويشارك قصته مع اآلخرين وهذا ميكن‬ ‫أن يكون جز ًءا من الدعم النفيس الذي نحتاجه جميعاً‪ ،‬إذ ال‬ ‫ٍ‬ ‫برضوض نفسية عىل إثر التغريات‬ ‫ننكر أن أغلبنا مصابون‬ ‫التي طرأت عىل حياتنا‪ ،‬لذلك نحتاج أن “نحيك” ونعرب حتى‬ ‫نقفل صفحة ونبدأ صفحة جديدة‪ ،‬بعد أن نتمكن من تفريغ‬ ‫دواخلنا ومن ث ّم نعرف متاماً ماذا نريد‪ .‬ويشري الفنان إىل‬

‫العلمانية والدين في العالم العربي‬ ‫في إطار الفصل الدراسي الصيفي لعام‬ ‫‪ُ ،2017‬قدم سيمنار بعنوان "العلمانية‬ ‫والدين في العالم العربي" لطالب‬ ‫ماجستير الدراسات العربية واإلسالمية‬ ‫في معهد الدراسات الشرقية في‬ ‫جامعة اليبتزغ‪.‬‬ ‫محمد الماغوط‬

‫‪،،‬‬

‫وقدم السيمينار ملحة عامة عن نشوء العلامنية وتطورها‬ ‫يف العامل العريب ‪-‬بوصفه حال ًة اجتامعية وفكرا ً سياسياً‬ ‫وفلسفياً أيضاً‪ -‬عىل مدى القرنني املاضيني‪ ،‬وعالقتها‬ ‫مبختلف التيارات الدينية والسياسية واالجتامعية األخرى‪.‬‬ ‫وتوجه إىل الطالب املهت ّمني مبوضوعات من قبيل نشوء‬ ‫الدول‪ ،‬التطورات االجتامعية‪ ،‬والرصاعات األيديولوجية‪،‬‬ ‫وتحديدا ً تلك املتعلّقة بدور الدين يف املجال العام يف سياق‬ ‫عريب‪-‬إسالمي‪.‬‬ ‫وطرحت من خالله أسئلة من قبيل “هل العلامنية أيديولوجيا‬ ‫فرضت من القوى االستعامرية والنخب املتغ ّربة أم أنها‬ ‫نتيجة تطورات داخلية يف املجتمع العريب‪ ،‬سبقت أو‬ ‫حتى أنها جاءت ر ّدا ً عىل االستعامر؟”‪ ،‬و”هل اإلسالموية‬ ‫نقيض العلامنية أم أنها نتيجة لها؟”‪ .‬وغطى السيمنار هذه‬ ‫املوضوعات عىل مدى ‪ 12‬جلسة أسبوعية‪ ،‬مل تكن مقترص ًة‬ ‫عىل السياسة بل امتدت إىل املجتمع‪ ،‬والثقافة الشعبية‪،‬‬ ‫واإلعالم‪.‬‬ ‫كانت النصوص املقررة ‪-‬باللغات العربية واإلنكليزية‬ ‫واألملانية‪ -‬متنوعة ما بني دراسات أكادميية لباحثني عرب‬ ‫وغربيني من أمثال عزيز العظمة‪ ،‬ألربت حوراين‪ ،‬رشيف‬ ‫مردين‪ ،‬أسامة مقديس‪ ،‬بسام طيبي‪ ،‬برنارد لويس‪ ،‬وأوليفيري‬ ‫روا‪ .‬إضافة إىل نصوص صحافية ودراسات فلسفية ودينية‬

‫هل العلمانية أيديولوجيا فرضت من القوى االستعمارية والنخب المتغ ّربة‬ ‫أم أنها نتيجة تطورات داخلية في المجتمع العربي‪ ،‬سبقت أو حتى أنها‬ ‫جاءت ر ّد ًا على االستعمار؟‬

‫ملؤلفني عرب من مختلف املشارب واالتجاهات‪ ،‬كعيل عبد‬ ‫الرازق‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬صادق جالل العظم‪ ،‬ويوسف القرضاوي‪.‬‬ ‫فضالً عن ذلك ُعرضت أفالم وثائقية ومقاطع مصورة‪،‬‬ ‫وشُ جع الطالب عىل متابعة ما يدور يف اإلعالم العريب من‬ ‫مناقشات عن الدين ودوره يف الحياة العامة‪.‬‬ ‫وابتدأ السيمنار بجلسة تناولت نظرية العلمنة يف علم‬ ‫االجتامع (واملناقشات الدائرة حولها) بوصفها إطارا ً نظرياً‬ ‫للجلسات الالحقة‪ .‬أما الجلسات التالية فجاءت مرتبة زمنياً‬ ‫وموضوعياً‪ ،‬فبعد تقديم خلفية تاريخية عن أوضاع البالد‬ ‫العربية يف ظل الحكم العثامين‪ ،‬وأثر اإلصالحات املعروفة‬ ‫بالتنظيامت فيها‪ ،‬جرى االنتقال إىل التيارات العربية‬ ‫التي جاءت استجاب ًة للحداثة ويف مقدمتها تيارا النهضة‬ ‫واإلصالح اإلسالمي‪.‬‬

‫الجلسة التالية عالجت املرحلة االستعامرية‪ ،‬التي شهدت‬ ‫بروز القومية العربية وبدايات الحراك اإلسالمي؛ ومن‬ ‫ثم الصدام بني هذين التيارين يف عدد من البالد العربية‬ ‫بعد االستقالل؛ حيث ترافق ذلك الصدام بنزاعات عسكرية‬ ‫وسياسية (إقليمية وعاملية) وتغيريات هيكلية اقتصادية‪.‬‬ ‫وقد عالج السيمنار أيضاً املناقشات الفكرية واأليديولوجية‬ ‫الحادّة بعد نكسة عام ‪ ،1967‬فضالً عن ظاهرة الجهاد‬ ‫العاملي والتامزج بني النيوليربالية وعدد من التيارات‬ ‫اإلسالمية‪ .‬يف ختام السيمنار تم تناول املناقشات الواسعة‬ ‫التي أثارها الربيع العريب فيام يتعلق بطبيعة الدولة‬ ‫(إسالمية‪ ،‬مدنية‪ ،‬أم علامنية)‪ .‬إىل جانب طالب برنامج‬ ‫الدراسات العربية واإلسالمية يف جامعة اليبتزغ‪ ،‬حرض‬ ‫جلسات السيمنار طالب من برنامج دراسات العوملة الذي‬

‫تديره جامعة اليبتزغ باالشرتاك مع جامعات أخرى عدة‪ ،‬من‬ ‫ضمنها كلية لندن للعلوم االقتصادية والسياسية وجامعة‬ ‫فيينا‪ ،‬مام أغنى املناقشات الدائرة فيها بوجهات نظر‬ ‫مختلفة‪ .‬وقدّم كل طالب مشارك محارض ًة اختار موضوعها‬ ‫من بني عدد من املوضوعات املقرتحة مثل الحركة النسوية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬الطائفية يف الحرب األهلية يف سورية‪ ،‬والعالقة‬ ‫بني اإلخوان املسلمني يف مرص والوهابية‪.‬‬ ‫هذا وقد أثريت نقاشات عميقة بني الطالب يف جلسة‬ ‫تناولت التغيريات العمرانية يف مدينة مكة املكرمة‪ ،‬حيث‬ ‫يتم إزالة مباين املدينة التاريخية املرتبطة بالحقبة النبوية‬ ‫من أجل إقامة فنادق فاخرة ومراكز تسوق عىل الطراز‬ ‫الغريب‪ .‬وطرحت هذه الجلسة تساؤالً حول ما إذا كان ميكن‬ ‫ع ّد هذه التطورات ‪-‬التي ميتزج فيها التوسع االستهاليك‬ ‫النيوليربايل بأكرث أشكاله ح ّد ًة مع أيديولوجيا دينية معادية‬ ‫تجل للقداسة يف العامل املحسوس‪ -‬شكالً من أشكال‬ ‫ألي ٍّ‬ ‫علمنة اإلسالم “من الداخل” أم محض تحول سطحي ال‬ ‫ميس جوهر الدين وطبيعته يف يشء‪.‬‬ ‫انتهت املناقشة بسؤا ٍل مفتوح عام إذا كان من املمكن يف‬ ‫املستقبل غري البعيد أن تشهد اململكة العربية السعودية‬ ‫ٍ‬ ‫تحوالت جذرية فيام يتعلق بدور الدين يف الحياة العامة‪،‬‬ ‫خصوصاً إذا تابعت مسرية تحولها إىل اقتصا ٍد رأساميل‬ ‫حر عىل النمط النيوليربايل‪ ،‬وما قد يتبع ذلك من تغريات‬ ‫اجتامعية وثقافية جذرية قد ال ميكن لألرسة الحاكمة وال‬ ‫املؤسسة الدينية السيطرة عليها‪.‬‬ ‫محمد املاغوط‬ ‫باحث سوري حاصل عىل الدكتوراه يف الدراسات العربية‬ ‫من جامعة اليبتزغ‪ ،‬ويعمل باحثاً يف مركز الدراسات‬ ‫اإلنسانية املتقدمة “العلامنيات املتعددة‪ :‬ما بعد الغرب‪ ،‬ما‬ ‫بعد الحداثات”‪.‬‬


‫باب شرقي‬ ‫أن تجاوب الحضور يؤكد عىل تحقق هذا الهدف يف بعض‬ ‫عبت سيدة من الحضور عن أن‬ ‫الحاالت‪ ،‬وعىل سبيل املثال ّ‬ ‫مل ما كانت تعرفه‪.‬‬ ‫هذه التجربة فتحت لها نافذة عىل عا ٍ‬ ‫من جهة أخرى يهدف مرشوع بيت الحكايا حني يتوجه إىل‬ ‫الجمهور األملاين واألجنبي عموماً إىل تسليط الضوء عىل‬ ‫تفاصيل إنسانية عاشها السوريون‪ ،‬فهم هنا ال يروون قصصاً‬ ‫عن الحرب والثورة‪ ،‬وإمنا عن اإلنسان السوري الحقيقي‬ ‫وتجاربه يف سوريا‪ ،‬لتوصيل حقيق ٍة مفادها أن ما يجري يف‬ ‫سوريا ليس مجرد رصاع دول ومصالح‪ ،‬بل إنسا ٌن تعرض‬ ‫عىل مدى ما يزيد عن خمسني عاماً‪ ،‬لقمع حريته وعقله‬ ‫وقدرته عىل العطاء‪ ،‬وهذا ما يجب إيصاله للجمهور األملاين‪،‬‬ ‫حتى ال يتم التعامل مع السوري عىل أنه مجرد شخص فار‬ ‫من الحرب أو محبط لتحول ثورته إىل حرب‪ ،‬السيام أن‬ ‫األخبار العاملية تكتفي بالحديث عن الحرب والتطرف وداعش‪،‬‬ ‫مع تجاهل اإلنسان والشعب الذي ثار ضد نظامٍ قمعي قاتل‪.‬‬ ‫ولهذا يهت ّم املرشوع بتقديم إضاءات عىل زاوية من زوايا‬ ‫الحياة واملجتمع السوري يف كل أمسية‪.‬‬ ‫وأهمية ذلك بحسب داود‪ ،‬تكمن يف أن اإلنسان األورويب مل‬ ‫تكن حياته يوماً تتقاطع مع حياتنا كسوريني‪ ،‬حتى ظهرنا‬ ‫فجأ ًة عىل شاشات التلفزيون ونرشات األخبار وأصبحنا جزءا ً‬ ‫من حياتهم‪ .‬ويقول “نريد عىل األقل أن نع ّرفهم بالخلفية التي‬ ‫جاء منها هذا اإلنسان وكيف كان يعيش”‪ ،‬وليفهموا “ملاذ‬ ‫يعرب السوري عن أن أزمته الحقيقية ليست يف داعش وإمنا‬ ‫هي النظام الذي أسس لحالة عالية من التطرف‪ ،‬السيام أن‬ ‫املجتمع السوري ال ميكن أن يكون حاضنة لتنظيم مثل داعش‬ ‫فاإلسالم السوري هو إسالم اجتامعي معتدل وليس متطرف‬ ‫راديكايل”‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫لفئات متشابهة‪ ،‬ولكن‬ ‫أغلب األنشطة تتوجه‬ ‫كيف يمكن التوجه للناس الذين ال يتوجه‬ ‫إليهم أحد؟‬ ‫أكد الفنان عىل الرتحيب باختالف وتعدد وجهات النظر ألن‬ ‫هذا يعرب عن سوريا امللونة واملتعددة الخلفيات‪ ،‬ولكن لألسف‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫حتى اآلن كان املشاركون تقريباً ذوو توجهات متشابهة‬ ‫سياسياً واجتامعياً وثقافياً‪ ،‬ويؤكد عىل أنه يتمنى أن يشارك‬ ‫ٍ‬ ‫بتوجهات مختلفة طاملا أنهم ال يؤيدون القتل‬ ‫أشخاص‬ ‫ٌ‬ ‫والديكتاتورية‪ ،‬وهذا ميكن أن يكون جز ًءا من العمل عىل خلق‬ ‫مساحة تجمع بني األطياف املختلفة‪ ،‬عىس أن يتمكنوا من‬ ‫الحوار بعيدا ً عن املواجهات العنيفة‪.‬‬ ‫ويشري أيضاً إىل أن كثريين ممن ينتمون إىل أطياف متفاوتة‬ ‫وعياً وثقاف ًة دينية واجتامعية‪،‬رمبا ال يعرفون مبثل هذه‬ ‫األنشطة واملشاريع‪ ،‬فقد بات الناس يعيشون ضمن دوائر‬ ‫متشابهة‪ ،‬التتقاطع مع بعضها ‪ .‬وهنا يوضح أنه يعمل مع‬ ‫مجموعة من الفنانني عىل مرشو ٍع آخر يدعى “فيفاتيش” ‪،‬‬ ‫يقدمون من خالله ورشات عمل يف املوسيقا والقصة ومرسح‬ ‫خيال الظل‪ ،‬ويتوجهون من خالله إىل األشخاص الذين أنهوا‬ ‫مرحلة “الكامب” وبدؤوا الحياة خارجه وبالتايل أصبح لديهم‬ ‫فرا ٌغ ما بعد توقف األنشطة التي كانت تقدمها املنظامت‬ ‫والجمعيات أثناء وجودههم يف “الكامب”‪ .‬وهذا الفراغ‬ ‫ينعكس بشكلٍ قوي عىل حياة األطفال واملراهقني الذين‬ ‫وجدوا أنفسهم فجأة ما بني املدرسة والبيت دون أي أنشطة‬ ‫أخرى‪ ،‬سيام أن ضغوط الحياة ترتك األهل بدون تصورات‬ ‫حول ما ميكن أن يفعلوه‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى سيتم التوجه هذا العام أيضاً إىل “الكامبات”‬ ‫املهمشة والتي ال تتوجه إليها الكثري من املنظامت كمحاولة‬ ‫ألن “نذهب نحن إىل هؤالء الناس الذين ال يعرفوننا وال يأتون‬ ‫إلينا ‪ ...‬ولكن لنعرتف بأن األشخاص غري الراغبني لن يأتوا‬ ‫مهام فعلنا”‪.‬‬

‫عن مستقبل الحكايا السورية‪..‬‬ ‫الخطوة املقبلة هي جمع حكايات الناس وترجمة قصصهم‬ ‫والتوجه بها لألملان‪ ،‬وهذه الخطوة تحتاج لبعض التفرغ‬ ‫الحقاً‪ .‬إذ رغم وجود العديد من األملان بني الحضور إال أنهم‬ ‫ميثلون الفئة املهتمة أصالً بالالجئني‪ ،‬ولكن يجب التوجه أبعد‬ ‫من ذلك‪ ،‬مع التأكيد عىل أن املرشوع مستمر مع استمرار‬ ‫حكايا الناس‪.‬‬

‫جماعة حالة‬ ‫الثقافية‬ ‫االجتماعية‬ ‫أعلنت مجموع ٌة من األدباء السوريني يف أملانيا األول‬ ‫من أيلول\سبتمرب ‪ ،2017‬عن إعادة تفعيل "جامعة‬ ‫حالة الثقافية االجتامعية" والتي تأسست يف سوريا‬ ‫‪ ،2010‬وتعطلت أنشطتُها بعد انطالق الثورة‪.‬‬ ‫وتطمح املجموعة إىل خلق حالة ثقافية بعيدة عن‬ ‫املحاصصات التي تفرضها األسامء‪ ،‬وإىل تنشيط‬ ‫عالقة حقيقية تنطوي عىل الندية بني ثقافتني‪،‬‬ ‫وتجاوز الذهنية القامئة عىل فكرة الجئ وأرض‬ ‫وثقافة جديدة‪ ،‬وتسليط الضوء عىل الحالة املجتمعية‬ ‫يف املهجر‪ ،‬وتقديم املشهد الثقايف السوري بكل‬ ‫اشتغاالته‪ ،‬وجوانبه‪ ،‬وارتداداته عىل التواجد السوري‬ ‫يف أوروبا‪ ،‬مع التأكيد عىل أهمية االنفتاح عىل‬ ‫الجميع‪ ،‬السيام األصوات امله ّمشة‪ ،‬وكرس الحواجز‬ ‫فيام بينها وبني املناب ِر التي صارت حك ًرا عىل أسامء‬ ‫محدد ٍة‪.‬‬ ‫وجاء يف نص اإلعالن تأكيد األدباء املشاركني عىل‬ ‫االلتزام بتقديم املشهد الثقايف االجتامعي السوري‬ ‫وستنسحب‬ ‫تكريسه إعالميًا‪،‬‬ ‫دون االلتفات ملا ت ّم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫مساحات واسعة من‬ ‫فعالياتُ "حالة" عىل‬ ‫النشاطات‪ ،‬وستتناول املنتج األديب‪ ،‬ونقدَه‪ ،‬واإلعال َم‪،‬‬ ‫والفنو َن عىل تن ّو ِعها‪.‬‬ ‫وعىل صعيد ترسيخ انطالقة الجامعة سيتم إنشاء‬

‫‪9‬‬

‫منرب إلكرتوين‪ ،‬والرتخيص ملق ّر وتسمية مجلس إدارة ينظّ ُم‬ ‫عملها ليكون مؤسساتياً‪ ،‬ضمن إطا ٍر قانوين ومهني يحفظ‬ ‫الحقوق وامللكية الفكرية‪ .‬ويرجح أن يكون املقر يف مدينة‬ ‫كولن عىل أن تشمل الفعاليات املستقبلية مدناً أخرى ودوالً‬ ‫مجاورة بحسب اإلمكانات‪ ،‬حيث تلقت الجامعة دعوات عديدة‪،‬‬ ‫يتم دراستها وجدوى املشاركة فيها‪.‬‬ ‫ومن املفرتض أن تقيم جامعة "حالة" فعاليات شهرية وفق‬ ‫برنامج دوري‪ ،‬وخطط مستقبلية‪ .‬وستكون أوىل الفعاليات‬ ‫هي امللتقى الشعري‪ ،‬الذي سيضم اثني عرش شاعرا ً وشاعرة‬ ‫هم‪ :‬عارف حمزة‪ ،‬خرض األغا‪ ،‬ميسون شقري‪ ،‬حسن ابراهيم‬ ‫الحسن‪ ،‬جوزيف كورية‪ ،‬فايز العباس‪ ،‬فريد ياغي‪ ،‬حسن‬ ‫شاحوت‪ ،‬وجيهة عبد الرحمن‪ ،‬محمد زادة‪ ،‬ردوي سليامن‪،‬‬ ‫ومحمد املطرود‪ .‬كام سيتم توقيع رواية الباندا للروايئ راهيم‬ ‫حساوي عىل هامش فعالية اليوم الثاين‪ ،‬إضافة إىل ورشة‬ ‫بحثية صباحية يشارك فيها الكتاب والشعراء وبعض املهتمني‬ ‫وذلك بالتعاون مع الديوان الرشقي الغريب يف كولن‪.‬‬ ‫وتؤكد جامعة "حالة" عىل العمل الجامعي وتكريس الروح‬ ‫التشاركية وترحب باآلراء‪ ،‬واألفكار والتصويبات واملساهامت‬ ‫الجديدة سواء عرب وسائل التواصل االجتامعي أو بشكلٍ‬ ‫شخيص‪ .‬وميكن االطالع عىل الصفحة الرسمية لجامعة حالة‬ ‫عىل الرابط التايل‬

‫‪https://www.facebook.com/%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9‬‬‫‪1523080321045638/?pnref=story‬‬

‫لمن هذا الشارع؟‬ ‫ميديا داغستاني‬ ‫كان قد مضى أربعة شهور على بداية‬ ‫الثورة السورية‪ ,‬في صيف عام ‪٢٠١١‬‬ ‫عندما كنا ابنتي وأنا نسير في أحد شوارع‬ ‫مدينتنا حمص‪ .‬على عادة األطفال في‬ ‫سنها (أقل من أربع سنوات) كانت دائمة‬ ‫السؤال عما تشاهده أمامها‪ ،‬وبصبر‬ ‫األمهات المعروف كنت أجيبها بما يشبع‬ ‫فضولها كلما استطعت‪ .‬لم أفاجأ عندما‬ ‫سألتني سؤاالً بدا لوهلة أنه من ضمن‬ ‫أسئلتها الطفولية‪:‬‬ ‫“ماما ملني هادا الشارع؟”‪ .‬وبالطبع‪ ،‬مع مسح ٍة توجيهية‬ ‫بحسب مقتضيات الرتبية كام أعتقد‪ ،‬أجبتها دون تدقيق‬ ‫يف كلاميت‪ :‬إنه لنا‪ ،‬هو وكل هذه الشوارع‪ ،‬إنها مدينتنا‬ ‫لذلك علينا ابقاءها نظيفة كام نفعل يف بيتنا‪“ .‬زيا” أردفت‬ ‫بسؤال آخر ألعلم أن السؤال األول كان متهيدياً‪“ :‬إذا هادا‬ ‫الشارع إلنا‪ ،‬ليش ما منقدر نقول فيه شو ما بدنا؟”‪ .‬كان‬ ‫سؤالها احتجاجياً عىل نح ٍو ما‪ ،‬فأنا منذ شهور أدربها يك‬ ‫ال تردد وال تذكر يف الشارع الشعارات التي كانت تغنيها‬ ‫يف البيت مام تسمعه وتراه يف نرشات األخبار‪ ،‬رمبا دون‬ ‫أن تفهم معناها‪ .‬ومن بينها الهتاف األشهر يف املظاهرات‬ ‫“الشعب يريد إسقاط النظام”‪.‬‬ ‫أوقفت النقاش بادئ األمر‪ ،‬فنحن يف الشارع‪ ،‬وزيا مل‬ ‫تتدرب بعد كباقي السوريني عىل خفض صوتها عندما‬ ‫يقتيض األمر‪ ،‬يك ال يسمعنا أحد‪ .‬لكن هذا السؤال الربيء‬ ‫سيفتح فيام بعد جملة ال تنتهي من األسئلة‪ ،‬يف داخيل‬ ‫عىل األقل‪ .‬محاول ًة اإلجابة عىل األسئلة التي فجرها سؤال‬ ‫“زيا” البسيط والقايس ولّدت لدي ما أستطيع وصفه‬ ‫بواحدة من أهم لحظات اإلرباك يف حيايت‪.‬‬ ‫ما معنى الوطن؟ وأي شعور هذا الذي أك ّنه لوطن ال‬ ‫أستطيع أن أقول فيه ما أريد أن أقوله خوفاً من النظام؟‬ ‫وال أستطيع أن أرتدي الثياب التي أريد مراعاة للتقاليد‬ ‫االجتامعية وسلطتها القوية التي تطال مختلف مناحي‬ ‫حياتنا؟ بدت يل كل األشياء التي نفعلها وكأنها مرسوقة‬ ‫ويجب إدارتها بكثري من املواربة‪ .‬من أين يأيت ذاك الدفء‬ ‫إذا ً يف حياتنا مع األهل واألصدقاء وتلك املشاعر املميزة‬ ‫وسط كل تلك التناقضات؟ هل كنا نقتطع لحظات الدفء‬ ‫الوافرة يف حياتنا ذات اإليقاع البطيء يف غفلة عن قسوة‬ ‫القوانني واألعراف يف املجتمع؟ أم هي لحظات مرتاكبة‬ ‫معها وسمة من سامتها؟ وأخريا ً كان السؤال األهم ماذا‬ ‫أريد أنا؟‬ ‫أي من‬ ‫لن أستطيع االدّعاء بأين متكنت من اإلجابة عن ّ‬ ‫املفتاحي‪ .‬وها أنا اليوم هنا‬ ‫أسئلتي وال حتى عن سؤال “زيا”‬ ‫ّ‬ ‫يف أملانيا‪ ،‬بعد سنوات طويلة ومتقلبة‪ .‬وللمفارقة (املفهومة‬ ‫بالتأكيد) هنا يف برلني بتُّ أحن لذاك الدفء املميز الذي‬ ‫أفتقده‪ .‬فهنا ال يتصل بك األصدقاء ليخربوك أنهم قادمون‬ ‫خالل ساعة‪ .‬وال يخطر ألحد أن يطرق الباب دون موعد‬ ‫بهدف مفاجأتك‪ .‬إنه إيقاع آخر يختلف متاماً عن كل ما‬

‫عرفته يف حيايت‪ .‬يف لحظات الحزن كنت سأجد صديقايت‬ ‫حويل خالل برهة مستنفرات لسامعي واإلصغاء يل لساعات‬ ‫طويلة‪ ،‬أما هنا فال‪.‬‬ ‫كان مضحكاً يل وصادماً يف آنٍ معاً‪ ،‬أن يصلني “إمييل”‬ ‫من صديق من أجل أن نلتقي‪ .‬وحتى اليوم وبعد أن غدا‬ ‫هذا األمر عادياً بفعل التكرار ما زلت أضحك كل ما وصلني‬ ‫“إمييل” من هذا النوع‪ ،‬وأتساءل أما كان لالتصال أن يكون‬ ‫أرسع وأكرث حميميةً؟ ال ليس األمر كذلك‪ .‬فاإلمييل هنا رمبا‬ ‫يخربك أو يسألك عن لقاء بعد أسبوع أو اثنني‪ .‬ما الذي‬ ‫جرى؟ فنحن ما زلنا السوريني أنفسنا‪ ،‬فكيف استطاعت‬ ‫أجواء هذا البلد الجديد أن تكون فاعلة يف دواخلنا عىل‬ ‫هذا النحو؟‪ .‬من املعروف أن ماليني السوريني بعد الثورة‬ ‫وبسبب ظروف الحرب الصعبة اضطروا إىل اللجوء إىل‬ ‫العديد من الدول ومنها أملانيا بالطبع‪ .‬وكان سؤال االندماج‬ ‫من أصعب األسئلة التي ما زالت تربك السوريني‪ .‬فليس‬ ‫سهالً االنتقال عىل نح ٍو مفاجئ من مجتمع تتسم حركته‬ ‫بالكثري من الفوىض واالرتجال والعفوية‪ ،‬إىل مجتمع‬ ‫ميكن وصفه بامل ُؤمتت حتى اجتامعياً‪.‬‬ ‫أصاب اإلرباك الجميع دون استثناء وإن بدرجات متفاوتة‬ ‫وصلت يف بعضها لحدود االكتئاب‪ .‬ورمبا ردا ً عىل هذه‬ ‫الحالة املربكة‪ ،‬بدأت تتشكل لدى السوريني بؤر جذب‬ ‫يبادر إليها شباب مميزون‪ ،‬هي خطوات تأيت ببطء ولكنها‬ ‫بدت جاذبة مام يوحي بأنها سترتسخ لتكون فاعلة يف‬ ‫الحياة االجتامعية األملانية للسوريني هنا‪ .‬خطوات تحاول‬ ‫املواءمة بني الحاجة األصيلة لدى السوريني (واملرشقيني‬ ‫عموماً) للعالقات االجتامعية العفوية الدافئة وبني الحياة‬ ‫األملانية بالغة التنظيم والرتابة‪.‬‬ ‫استفاد العديد من الشباب السوريني من الحرية‬ ‫والدميقراطية واألنظمة والقوانني األملانية‪ ،‬التي لن متنعك‬ ‫بأي حال من أن تكون كام تريد ما دمت لن تؤذي اآلخرين‪.‬‬ ‫وبدأوا بتشكيل وجود سوري يف بلد لجوئهم الجديد‪ .‬هنا‬ ‫يف برلني‪ ،‬ال مييض شهر دون أن يكون هناك أكرث من‬ ‫حدث ثقايف‪ ,‬موسيقي‪ ,‬مرسحي‪ .‬أو حتى حفل ستكون فيه‬ ‫للشباب السوريني اللمسة األوضح‪ .‬وقد يبدو طريفاً أن أهم‬ ‫وأجمل هذه االجتامعات وأكرثها متعة وجذباً‪ ،‬عندما يتم‬ ‫اإلعالن عرب وسائل التواصل االجتامعي عن إقامة حفل عيد‬ ‫ميالد لشخص ما يف مقهى معني‪ .‬هكذا ستبدو الدعوة عامة‬ ‫قد يتواجد فيها يف بعض الحاالت عدد كبري رمبا يتجاوز‬ ‫املائة‪ .‬سيحرض املوسيقيون آالتهم ويبدؤون بالغناء‪ ،‬أغانٍ‬ ‫من الرتاث والفولكلور السوري ورسعان ما سينضم العديد‬ ‫من األملان واألجانب للمشاركة واالستمتاع‪.‬‬ ‫اليوم وبعد ثالث سنوات يف برلني مع بدايات جيدة‬ ‫لحياة جديدة‪ .‬ومع شعور بالفخر ما زال يالزمني بلغتي‬ ‫وبثقافتي وموسيقاي الجميلة‪ .‬أحب برلني‪ ،‬أحب أين أعيش‬ ‫يف بالد الحرية‪ ،‬ويسحرين أننا استطعنا أن نعيد ترتيب‬ ‫لقاءاتنا الدافئة ضمن هذه املدينة الباردة‪ .‬لكني مل أستطع‬ ‫بعد اإلجابة متاماً عىل سؤال “زيا”‪ .‬فرغم أن لدي بدايات‬ ‫مبرشة باالنتامء لهذه املدينة‪ .‬وأقول هنا يف الشارع ما أريد‬ ‫أن أقول بصوت عا ٍل ودون خوف‪ ،‬لكني ما زلت بانتظار‬ ‫أن أصل للقول أن هذا الشارع يل‪ ،‬وسوف أصل‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫باب مفتوح‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫دليل المواد الغذائية األساسية في ألمانيا ونصائح مج ّربة‬

‫الجزء السادس (الطحين)‬

‫ريتا باريش | كاتبة سورية من أسرة أبواب‬ ‫طحين األرز‬

‫تلقي‪ ‬هذه السلسلة من المقاالت الضوء على تنوع المواد‬ ‫الغذائية األساسية الموجودة في ألمانيا‪ ،‬كاألرز والسكر والزيت‬ ‫والقهوة والشاي والبطاطا والطحين والحبوب األخرى‪ ،‬لتكون‬ ‫دليالً يعمل على زيادة معرفتكم بها وبأماكن توفر أفضلها‪.‬‬

‫الطحين‬

‫يف بالدنا يوجد ما يدعى بطحني الكاتو‪ ،‬وهو طحني ذو استخدام عام للخبز األبيض والتورتات‬ ‫واملخبوزات التي تحتاج أن تنتفخ وتصبح مسامية‪ ،‬ألن‪ ‬الطحني‪ ‬ناعم وخفيف ويسمح بتشكل‬ ‫الجيوب الهوائية‪ ،‬إال‪ ‬أن قابليته لالنكامش عالية بسبب وجود كمية كبرية من املعادن "‪ "ASH‬فيه‬ ‫وفقره بالغلوتني‪ .‬وعند استعامله للعجن نالحظ أن العجينة تتقلص ويصعب تشكيلها ومدها‪.‬‬ ‫أما الدقيق متعدد االستعامالت فكان يسمى بالطحني الكندي‪ ،‬وهو يستعمل لبعض أنواع‬ ‫البسكويت والعجني والكعك‪ ،‬كام يوجد طحني الزيرو األخشن واملائل إىل لون أصفر شاحب‪،‬‬ ‫وطحني الفرخة األقرب للسميد والذي نستعمله للمعمول واملخبوزات‪ ،‬والتي بحاجة أن تترشب‬ ‫أكرث كمية من الدهون والزيوت وليست بحاجة لتنتفخ‪ .‬أما اليوم فمن املحري فعالً ما نراه عىل‬ ‫رفوف السوبرماركت من أنواع مختلفة من الطحني‪ .‬هذا املقال هو إلرشادنا حول أنواع الطحني‬ ‫املوجودة والفوارق بينها وماتعنيه األرقام التي تحملها وكيف ميكننا التمييز بينها واختيار ما‬ ‫يناسبنا‪.‬‬ ‫الطحني أو الدقيق هو املسحوق الناعم الناتج عن طحن الحبوب املختلفة‪ .‬أكرثه شيوعاً هو الطحني‬ ‫املصنوع من القمح‪ ،‬ولكن هناك طحني يصنع من حبوب أخرى كالجاودار والحنطة والذرة واألرز‬ ‫والبطاطا‪ .‬ويتألف الطحني من مكونني رئيسيني يصنف بحسبهام‪ :‬الرماد ‪ Ash‬وهو نسبة ما‬ ‫يحويه الطحني من معادن ومواد أخرى‪ ،‬والغلوتني ‪Glutin‬‬ ‫وهو بروتني موجود يف القمح والحنطة بشكل رئييس‪،‬‬ ‫مينح الطحني متاسكه ولدائنيته عند عجنه‪.‬‬

‫طحين السميد‬

‫طحين البطاطا‬

‫(‪)Mehltype 1600‬‬

‫هو دقيق بني اللون ويستمد يستخرج من طحن حبوب القمح‬ ‫الكاملة مع النخالة‪ ،‬وهو ألذ مذاقاً من الطحني األبيض ويحوي‬ ‫املزيد من العنارص الغذائية واأللياف والدهون عام هو موجود‬ ‫يف دقيق القمح الكامل‪.‬‬

‫عندما يستخدم يف الخبز‪ ،‬فإنه يعطي مذاق جوزي وملمس‬ ‫أكرث كثافة باملقارنة مع الدقيق األبيض‪ .‬أما الخبز املصنوع من‬ ‫دقيق القمح الكامل فهو أثقل وال يرتفع مثل الخبز املصنوع من‬ ‫الدقيق األبيض‪ ،‬وغالبا ما يتم استخدام مزيج من القمح الكامل‬ ‫والدقيق األبيض‪.‬‬

‫الدقيق األبيض للكاتو‬ ‫والبيتيفور‬

‫(‪)Mehltype 405‬‬

‫يصنع من طحن القمح الطري ويحوي ما‬ ‫نسبته ‪ 8-10٪‬من الغلوتني‪ .‬فقره بتلك‬ ‫املادة يجعل من قوامه ليناً غري متامسك‬ ‫ويحيل لونه إىل األبيض العاجي‪ ،‬مام‬ ‫يجعل من األفضل استخدامه للسلع‬ ‫املخبوزة التي ال تعتمد الطحني كمكون‬ ‫أسايس‪ ،‬وإمنا كعنرص رابط يسهم‬ ‫يف متاسك املادة املخبوزة كالتورتات‬ ‫والبتيفوروالكعك‪ .‬وهو يعادل ما كنا نطلق‬ ‫عليه “طحني كاتو”‪.‬‬

‫دقيق القمح الكامل‬

‫دقيق الجاودار‬

‫(‪)Roggen Mehl 1150‬‬

‫دقيق الجاودار هو أغمق من الدقيق‬ ‫املصنوع من القمح ويحوي كميات‬ ‫أعىل من الفيتامينات ‪ B‬و ‪ .E‬يستخدم‬ ‫دقيق الجاودار يف معظم األحيان للخبز‬ ‫وعجائن الخبز‪ .‬ويضفي نكهة حامضة‬ ‫قليال إىل الخبز‪ .‬إال أن الخبز املصنوع من‬ ‫دقيق الجاودار له مدة صالحية أطول‬ ‫وطعم طازج أطول من الخبز املصنوع‬ ‫من دقيق القمح‪ .‬وغالباً ما يتم خلطه مع‬ ‫أنواع أخرى من الدقيق بسبب انخفاض‬ ‫محتواه من الغلوتني‪.‬‬

‫دقيق الجاودار الكامل‬

‫(‪)Roggen-Vollkornmehl‬‬

‫وهو دقيق مصنوعة من الحبوب الجاودار‬ ‫الكاملة‪ ،‬مبا يف ذلك النخالة‪ .‬وكثريا ما‬ ‫يخلط دقيق الجاودار الكامل مع دقيق‬ ‫الجاودار أو دقيق القمح األبيض إلنتاج‬ ‫طعم أكرث سالسة وأخف وزناً‪.‬‬

‫طحين الخبز‬

‫(‪)Mehltype 812‬‬

‫يف أملانيا‪ ،‬يستعمل نوع الطحني ‪ 812‬لصنع الخبز‪ .‬ويصنع طحني الخبز من القمح الصلب‬ ‫ويحتوي عىل نسبة غلوتني من ‪ .11-13٪‬مييل لونه إىل األصفر الشاحب عندما يطحن‬ ‫للتو ويتحول إىل األبيض الشاحب مبرور الوقت‪ .‬ملمسه حبيبي عند فركه باألصابع‪.‬‬ ‫هو أفضل أنواع الدقيق الستخدامات الخبز‪ ،‬إذ يعطي املحتوى العايل من الغلوتني للخبز‬ ‫البنية التي يحتاجها من حيث االرتفاع والشكل الثابت أثناء الخبز‪.‬‬

‫دقيق متعدد االستعماالت (‪)Mehltype 550‬‬

‫يتم تصنيع هذا النوع من الطحني من جميع أنواع القمح الصلب واللني ويحوي نسبة من‬ ‫الغلوتني ترتاوح ما بني ‪.9-11٪‬‬ ‫ميكن أن يكون أبيض أو غري مقشور (نخالة)‪( ،‬الدقيق األبيض هو أكرث بياضا ويحوي‬ ‫نسبة أقل من فيتامني ‪.)E‬‬ ‫يستخدم الدقيق متعدد االستعامالت لجميع أغراض الخبز املنزيل ألنه الطحني األكرث شيوعاً‪.‬‬ ‫وميكن استخدامه لخبز مجموعة كبرية ومتنوعة من املخبوزات واملعجنات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإننا‬ ‫باستعامله من أجل صنع الخبز ال تحصل عىل القوام اللدن الذي نحصل عليه باستعامل طحني‬ ‫الخبز‪ ،‬وال يكون للمخبوزات والتورتات ذلك القوام الهش الذي مينحه استعامل طحني الكاتو‬ ‫األبيض‪ .‬وهو ال يستخدم من قبل الخبازين املحرتفني‪.‬‬

‫الدقيق الغني بالغلوتين‬

‫(‪)Mehltype 1050‬‬

‫دقيق الحنطة‬

‫(‪)Dinkel Mehl 630‬‬

‫وهو دقيق مصنوع من حبوب الحنطة‪ ،‬غالباً‬ ‫ما يستخدم بدالً من نوع الدقيق ‪ .405‬وهو‬ ‫ممتاز لخبز الخبز‪ ،‬ولكن عادة ما يخلط مع‬ ‫نوع آخر من الطحني بسبب محتواه العايل‬ ‫من الغلوتني‪ ،‬فالخبز املصنوع ‪ 100%‬من‬ ‫طحني الحنطة يكون جافاً وصعب العجن‪،‬‬ ‫يوجد منه أيضاً دقيق الحنطة الكامل‬ ‫(‪)Dinkel-Vollkornmehl‬‬

‫الدقيق الغني بالغلوتني هو دقيق أبيض‬ ‫مصنوع من القمح الصلب‪ ،‬يحتوي عىل ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 13-14.5٪‬من الغلوتني‪ .‬ولذا فمن‬ ‫األفضل استخدامه جنباً إىل جنب مع دقيق‬ ‫الحبوب األخرى إلضفاء املزيد من التامسك‪.‬‬ ‫كام أنه جيد للمخبوزات التي تحتاج مرونة‬ ‫اضافية مثل الخبز والبيتزا‪.‬‬

‫وال ينبغي الخلط بني دقيق الغلوتني والغلوتني‬ ‫الحيوي‪ ،‬وهو مسحوق نقي من الغلوتني ميكن‬ ‫استخدامه بكمية صغرية إلضفاء املرونة عىل‬ ‫الدقيق الضعيف‪.‬‬


‫قم بإجراء املكاملات الهاتفية لخارج البالد بسعر مناسب مع البطاقة ُمسبقة الدفع‬ ‫مع ‪ Ortel Mobile‬ميكنك مواصلة االستمتاع مبزايا إجراء املكاملات الهاتفية مع بطاقة الج ّوال ُمسبقة الدفع‪ .‬واعتبا ًرا من هذه اللحظة‪ ،‬أصبحت الخيارات‬ ‫تشتمل عىل املزيد من الدول وميكنك استخدام جوالك يف الدول األوروبية كام يحلو لك‪.‬‬

‫هكذا يتم إجراء املكاملات الهاتفية الدولية من خالل ‪Ortel‬‬

‫‪ 1‬قم بإجراء املكاملات الهاتفية بسعر‬ ‫مناسب من أملانيا إىل بلدك‪.‬‬

‫‪ 2‬إجراء املكاملات الهاتفية‬ ‫والتصفّح من أملانيا‪.‬‬

‫‪ 3‬مع الخيارات العاملية‪ :‬قم بإجراء املكاملات الهاتفية‬ ‫والتصفّح من أملانيا إىل جميع دول االتحاد األورويب‬ ‫والعكس‪ .‬وال يتوفر هذا لدى معظم الباقات املحجوزة‬ ‫ذات السعر الثابت يف أملانيا‪ ،‬والتي تقدمها رشكات‬ ‫الجوال األخرى‪ .‬ومن خالل إلغاء رسوم التجوال‪ ،‬يصبح‬ ‫سعر املكاملات الهاتفية من خارج البالد أقل‪ .‬بينام تظل‬ ‫املكاملات الهاتفية من أملانيا إىل دول االتحاد األورويب‬ ‫األخرى مرتفعة السعر نتيجة لتغري القانون ‪ -‬أو مع‬ ‫‪ :Ortel Mobile‬بسعر مناسب مل يتغري‪.‬‬

‫‪ 4‬كام ميكنك إجراء املكاملات‬ ‫الهاتفية‪ ،‬والتصفّح‪ ،‬وإرسال‬ ‫الرسائل من خالل خدمة املراسلة‬ ‫واستخدام شبكات التواصل‬ ‫االجتامعي خارج البالد‪ :‬ميكنك‬ ‫االستمتاع بكل هذه املزايا يف‬ ‫جميع دول االتحاد األورويب‪.‬‬

‫تظل بطاقات ‪ُ SIM‬مسبقة الدفع ُمف ّعلة‬ ‫‪..................................................................................................‬‬ ‫ •مرنة‪ :‬بدون عقد‪ ،‬ميكن حجز الخيارات وخصم قيمتها‪.‬‬ ‫ •التحكم الكامل يف التكاليف‪ :‬ال تلزم نفقات مرتبطة وال بيان باالرتباط بالحساب البنيك‪.‬‬ ‫ •مجانية‪ :‬ال يلزم توفر سكن ثابت يف أملانيا‪.‬‬ ‫ •بسعر مناسب‪ :‬إجراء املكاملات الهاتفية واتصال عايل الرسعة باإلنرتنت خارج البالد‪.‬‬

‫تقديم إثبات الشخصية مع بطاقات ‪ُ SIM‬مسبقة الدفع‬

‫القوانني الجديدة سارية منذ ‪ 1‬يوليو ‪ 2017‬عىل جميع‬ ‫مقدمي خدمات االتصاالت يف أملانيا‪ .‬لذلك‪ ،‬عليك تقديم‬ ‫إثبات شخصية ساري لتسجيل بطاقة ‪ SIM‬الخاصة بك‪.‬‬ ‫وميكن أن يكون إثبات شخصية أجنبي أيضً ا‪،‬‬

‫أو جواز سفر‪ ،‬أو ترصيح إقامة‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪ .‬عند‬ ‫استخدامك لبطاقة ‪ُ SIM‬مسبقة الدفع‪ ،‬لن يتغري أي يشء‬ ‫بالنسبة لك‪ .‬ميكنك االستمرار يف إجراء املكاملات الهاتفية‬ ‫والتصفّح باستخام بطاقة ‪ SIM‬الخاصة بك دون تغيري‬


‫‪12‬‬

‫باب مفتوح‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫عن الصحة النفسية لالجئين في برلين‪ ..‬استراحة المحارب‬ ‫تحتاج الخدمات املقدمة إىل تقديم طلبات أو‬ ‫أوراق أو حجز موعد‪ ،‬إمنا يوجد أوقات محددة‬ ‫ميكن لالجئ فيها االتصال أو القدوم إىل املركز‬ ‫ببساطة‪ .‬تقدم هذه املراكز االستشارات يف‬ ‫مخيامت اللجوء ويف أماكن سكن الالجئني عند‬ ‫الحاجة أيضاً‪.‬‬

‫ريما القاق‬ ‫“الصحة هي حالة من اكتامل السالمة‬ ‫بدنياً وعقلياً واجتامعياً‪ ،‬ال مج ّرد انعدام‬ ‫املرض أو العجز“ بهذا الشكل يعرف‬ ‫دستور منظمة الصحة العاملية الصحة‪ ،‬ما‬ ‫يعني أن الصحة النفسية جزء ال يتجزأ من‬ ‫صحة اإلنسان ومتتعه بالعافية الالزمة‪،‬‬ ‫وال يقل أهمية عن الصحة الجسدية‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن تفاقم بعض‬ ‫األمراض النفسية قد يؤدي إىل أمراض‬ ‫جسدية يف حال عدم القيام بالعالج‬ ‫الالزم‪.‬‬ ‫اعتاد معظم الالجئني العزوف عن طلب العالج‬ ‫النفيس يف بالدهم‪ ،‬أو حتى التكلم حول هذا‬ ‫األمر‪ .‬يعود ذلك لعدة أسباب ال مجال لذكرها‬ ‫يف مقال واحد‪ ،‬لكن يبدو جلياً أن مفهوم املرض‬ ‫النفيس يف السياق الشعبي والتيار العام يف‬ ‫املجتمع يشكل سبباً أساسياً لتجنب الناس التطرق‬ ‫لهذا املوضوع‪ ،‬سوريا والعراق كأمثلة‪.‬‬ ‫يف املجتمع السوري والعراقي‪ ،‬جرت العادة‬ ‫بشكل عام عىل اعتبار أي شخص يعاين‬ ‫من اضطراب نفيس ”مجنون“ أو ”معقد“‪،‬‬ ‫يظهر هذا جلياً يف الدراما والنكات مثالً‪،‬‬ ‫فعاد ًة ما يتم تجسيد مشفى األمراض‬ ‫النفسية كمجمع للـ“املجانني“ بشكل من‬ ‫املفروض أن يثري الضحك‪ ،‬فيظهر األشخاص‬ ‫املصابون مبشاكل نفسية مبظهر "مثري‬ ‫للسخرية"‪ ،‬كام أن كلمة "مريض نفيس"‬ ‫أو "معقد" أو "مجنون" أو "الزمك طبيب‬ ‫نفيس" تستخدم كنوع من الشتائم املسيئة‬ ‫واملهينة لذم شخص ما‪.‬‬

‫يف الوقت نفسه‪ ،‬تعاين معظم الدول التي قدم‬ ‫منها الالجئون من قصور يف نظام الدعم النفيس‬ ‫يف حال وجوده أساساً‪ .‬فحسب تقارير منظمة‬ ‫الصحة العاملية‪ ،‬ينحرص الطب النفيس يف‬ ‫سوريا بوجود مشفيني و‪ ٨٥‬عيادة تغطي سوريا‬ ‫باكملها‪ ،‬الحال يف العراق ليس بأفضل حسب‬ ‫تقارير أخرى لنفس املنظمة‪.‬‬ ‫ضمن هذه الظروف‪ ،‬يسعى بعض الناس‬ ‫للتضامن االجتامعي يف مواجهة األزمات النفسية‪،‬‬ ‫بينام يسعى آخرون لحلول روحانية مثل التوجه‬ ‫للطقوس الدينية‪ .‬يف حاالت أقل انتشارا ً لكنها‬ ‫مستمرة إىل يومنا هذا‪ ،‬يسعى البعض للسحر‬ ‫وفك الخط وسواه‪ .‬األمر املشرتك بني هذه الحلول‬ ‫البديلة عدم وجود تشخيص صحيح وطبي لهذه‬ ‫الحاالت لقلة الوعي بوجود اضطرايات نفسية‬ ‫لها أعراض معينة وعالج مناسب متاماً كحاالت‬ ‫املرض الجسدي‪.‬‬

‫أما يف أملانيا‪ ،‬فيوجد نظام صحي نفيس متقدم‪،‬‬ ‫ال يقترص عىل وجود طبيب وعيادة ومشفى‪ ،‬بل‬ ‫يقوم نظام الصحة النفسية عىل عدة مستويات‪،‬‬ ‫حيث يوجد إجراءات وقائية‪ ،‬وعالج االضطرابات‬ ‫النفسية بأشكال وطرق مختلفة‪ ،‬ودعم نفيس‬ ‫اجتامعي لالندماج يف املجتمع‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل األقسام الخاصة بالعالج النفيس‬ ‫يف املستشفيات والعيادات الخارجية‪ ،‬توجد‬ ‫مراكز اجتامعية نفسية تستقبل كافة الحاالت‬ ‫من االكتئاب‪ ،‬اإلدمان‪ ،‬التعرض للعنف املنزيل‪،‬‬ ‫التعرض للتحرش الجنيس إىل الحاالت النفسية‬ ‫املتنوعة‪ .‬وتختلف طرق العالح حسب الحالة من‬ ‫العالج الفردي إىل الجامعي‪ ،‬وكذلك العالج عن‬ ‫طريق العمل واألنشطة املتنوعة باإلضافة إىل‬ ‫مراكز الرعاية اليومية‪ .‬وعليه‪ ،‬يوجد اختصاصات‬ ‫متعددة ال تقترص عىل وجود طبيب نفيس فقط‬ ‫بل يوجد أيضاً مختص نفيس ومعالج نفيس‪.‬‬

‫“عن بطاقة الحماية المؤقتة في تركيا”‬ ‫عبد اهلل حسن‬ ‫أشع ُر بالغربة يف ذايت قبل كل يشء‪،‬‬ ‫هكذا أح ّبذ أن أبتدئ شهاديت األوىل‬ ‫هذه لجريدة «أبواب»‪ ،‬وبهذا العنوان‬ ‫الكالسييك الجميل؛ ولهذا أكتب رمبا‬ ‫عموماً‪ ..‬يس ّميها البعض «مقاالً»‬ ‫وآخرون يستخدمون كلامت من قبيل‬ ‫(خرب‪ ،‬تقرير‪ ،‬تحقيق‪ ،‬بحث) يف إشارة‬ ‫إىل تصنيفات أخرى‪ ،‬ومثة من يستخدم‬ ‫«قصة» أو «رواية»‪ ،‬والبعض اآلخر يختزل‬ ‫فيقول الـ «شعر»؛ عىل أية حال‪ ،‬الجميع‬ ‫يَشهد عىل نفسه‪ ،‬وعىل العامل من حوله‪،‬‬ ‫وهكذا خُلقت الفنون واآلداب يف اليوم‬ ‫الذي تىل خلقنا مبارشةً‪ ،‬بعدَ املوسيقى‬ ‫والصمت‪ ،‬وقبل الضجة والرصاخ‬ ‫بلحظات‪.‬‬ ‫يف كتابه «الوجيز يف تاريخ» املوت‪ ،‬يذكر‬ ‫دوغالس ج‪ .‬ديڤيس أن اإلنسان حني أوجد‬ ‫الكتابة قبل آالف األعوام كانت بالنسبة له‬ ‫املحفظة التي خلّدت تراجيديا حياته ‪ ..‬وآليّة‬ ‫دفاعية َوقَتْه إىل حد ما خوف ُه املتعاظم من‬ ‫خوض تجربة الفناء املادي‪.‬‬ ‫غودار يف أحد أفالمه الجميلة يذكّر بأن‬ ‫هومريوس شاع َر اإللياذة واألوديسة مل يكن‬

‫له من الحرب يشء‪ ،‬كان أعمى‪ ،‬والجميع يعلم‬ ‫هذا‪ ،‬إال أنه كان لسا َن قومه‪ ،‬وتحدّث عام‬ ‫أرادوه؛ لهذا تبلغ الكتابة تأثريها األكرب رمبا‬ ‫حني تَشهد عىل مايف داخلك أوالً‪ ،‬وتخربك عن‬ ‫أنت عليه من صحة وعافية مقارن ًة‬ ‫مقدار ما َ‬ ‫بالكاتب نفسه ثانياً‪ ،‬نزعة برشية من قبيل‬ ‫”أشك ُر الله أنني مل أتع ّرض ملثل ما تعرض له‬ ‫فالن“ قبل التعاطف معه‪ ،‬خذ مثالً أن خربا ً‬ ‫عن مقتل مجموعة من األشخاص دهساً يف‬ ‫منطقة ما‪ ،‬يُفهم يف سياق مشابه لـ‪ :‬حدثَ‬ ‫وأن بقينا وإياكم عىل قيد الحياة يوم اإلثنني‬ ‫إثر قيام أحدهم بعملية دهس يف شارع كذا‬ ‫باملنطقة الفالنية‪ ،‬وعليه مث َة متس ٌع ٍ‬ ‫كاف‬ ‫للحلم مبا هو ُمبهم وأفَضل بطبيعة الحال‪،‬‬ ‫انتهى‪ .‬من ناحيتي‪ ،‬أجد أنه من الرضورة‬ ‫أستغل السبب الثاين عىل الرغم‬ ‫ّ‬ ‫مبكان أن‬ ‫من عدم براعتي يف ذلك‪ .‬لدى دخولك تركيا‬ ‫برا ً محروماً من جواز السفر ألسباب شتى‬ ‫عىل األرجح أمنيّة يقال إنك محمي مؤقتاً‪،‬‬ ‫ويعني هذا أنك ستعود حني يصفّي األقوياء‬ ‫حساباتهم يف بالدك‪ ،‬وعلي ِه تُ نح وثيق ًة‬ ‫مضاف ًة إىل كومة األوراق التي تَحملها معك‬ ‫كـ شاهدة أنك موجود عىل الكرة األرضية‬ ‫تدعى «كملك»؛ هذه البطاقة تتيح لك التواجد‬ ‫ضمن منطقة جغرافية معينة يف تركيا يحرم‬ ‫عليك تخطّيها دون إذن‪ .‬إذن االنتقال إىل‬

‫منطقة أخرى يف تركيا يتطلب كحد أدىن أن‬ ‫تكون مسجالً ضمن قامئة املخلوقات البرشية‬ ‫املتواجدة يف املدينة امل ُراد السفر منها إىل‬ ‫مكان آخر‪ ،‬أي أن متتلك «كملكاً» (أحبّذ أن‬ ‫أتجاوز قاعدة املمنوع من الرصف هنا)‪..‬‬ ‫وهكذا أنت اآلن عىل دراية شبه تامة بطبيعة‬ ‫سري األمور‪ .‬لكن َ‬ ‫تعال نقلب الطاولة‪ ..‬لديك‬ ‫بطاقة شخصية سوريّة‪ ،‬ودفرت خدمة إلزامية‬ ‫جح أن يُقال‬ ‫جل بدافع (األر َ‬ ‫كُتب عليه آنذاك‪ :‬مؤ َّ‬ ‫ربر) الدراسة يف جامعة البعث‪ ،‬كلية اآلداب‪،‬‬ ‫مب ِّ‬ ‫قسم الرتجمة اإلنكليزية؛ ال جواز سفر‪ ،‬وال‬ ‫دفرت عائلة‪ ،‬وال حتى صور شخصية مطبوعة‪،‬‬ ‫وهي غري مجدية بطبيعة الحال إن ُوجدت‪،‬‬ ‫ككل األشياء يف هذا العامل‪.‬‬ ‫الـ«كملك» اللعني هذا يكلّفك التواصل مع‬ ‫السامرسة‪ ،‬أي أنه مبعنى أو بآخَر يكلّفك‬ ‫مهارات التواصل بحد ذاتها ناهيك عن‬ ‫السامرسة أنفسهم‪ ،‬ومكاملات الهاتف (هذه‬ ‫أيضاً بحاجة للكملك) إضافة إىل ‪ ٤٠٠‬دوالر‬ ‫أمرييك (العمل بحاجة لكملك)‪ ،‬بالسعر ذاته‬ ‫الذي تفرضه قنصلية بالدك يف إسطنبول عىل‬ ‫منحك جواز السفر بعد التأكد من استحقاقك‬ ‫إياه‪ ..‬أح ّقيّتك بأي يشء يف العامل مرهونة‬ ‫بأحقّيتك إياه أيضاً‪ ..‬يا للسخف‪ ،‬حتى الحياة‬ ‫دون أوراق‪ ..‬أشيد بتسمية هذه املجلة بـ‬

‫كام يوجد خطوط هاتف مبارشة لإلبالغ عن أي‬ ‫حالة نفسية تشكل خطرا ً عىل الشخص نفسه أو‬ ‫عىل األشخاص اآلخرين‪.‬‬ ‫ورغم ما سبق‪ ،‬لوحظ ندرة توجه الالجئني‬ ‫لطلب الدعم النفيس بكافة أشكاله‪ .‬نتيجة لذلك‪،‬‬ ‫وبسبب وجود حاجز اللغة‪ ،‬أقيم مرشوع "مراكز‬ ‫االستشارة والتواصل املتنقلة يف برلني" عام‬ ‫‪ .٢٠١٦‬تقوم فكرة املرشوع عىل دمج الالجئني‬ ‫يف النظام الصحي النفيس األملاين‪ ،‬حيث‬ ‫تقوم مراكز موزعة عىل أحياء برلني بتقديم‬ ‫االستشارات النفسية االجتامعية لالجئني‪ .‬وتم‬ ‫اختيار املوظفات واملوظفني من البالد التي‬ ‫قدم منها الالجئون مام يسهل التواصل اللغوي‬ ‫والثقايف‪ .‬وتقدم االستشارات بشكل مجاين‬ ‫ومبارش ورسي‪ ،‬إذ لست بحاجة إىل إبراز بطاقة‬ ‫هوية أو بطاقة التأمني الصحي مام يحفظ كامل‬ ‫الخصوصية والرسية منعاً ألي إحراج‪ ،‬كام ال‬

‫أبواب‪ ،‬عوضاً عن أوراق‪.‬‬ ‫حسناً ‪ ..‬أعتقد أنني قد أغرقت شهاديت بأشياء‬ ‫غري مهمة‪ ،‬عزايئ يف ذلك هو أن مريسو يف‬ ‫َ‬ ‫اعرتف بكونه مل يتواجد حال دفن‬ ‫«الغريب»‬ ‫والدته‪ ،‬يف حني يطالبه القايض بالحديث‬ ‫عن قتله للشاب العريب إثر تعرضه لرضبة‬ ‫شمس أغاظت مزاجه‪ ،‬لتتحول املحاكمة بعد‬ ‫ذلك إىل استجواب حول األسباب التي حالت‬ ‫دون تواجده أثناء الدفن ال عن جرمية القتل‪..‬‬ ‫إنها الشمس عىل أية حال‪ ،‬بغيضة ومثرية‬ ‫للشفقة ههههه‪ ،‬أت َرى كم هي تأخذنا عىل‬ ‫املحمل الجد؟‪.‬‬ ‫تقول أمي (مثة كاتب قبيح قد بدأ كل كتاباته‬ ‫أحس والدته يف مكانة‬ ‫بهذه الجملة حتى ّ‬ ‫بت ّ‬ ‫بني دوستويفسيك وكانط)‪ ،‬حسناً‪ ..‬تقول‬ ‫أمي (مثة كاتب قبيح …) إن بطاقة الكملك‬ ‫يف املدينة التي تسكنها مجانيّة‪ ،‬وأنها مليئة‬ ‫بأنصار رجب طيب أردوغان؛ واو‪ ..‬حسناً‬ ‫أمي‪ ،‬أحبّك‪ ،‬أنا قادم‪ ،‬وسأحاول أال أنال من‬ ‫مكانة الرجل يف أدمغتكم خالل هذه الحقبة‪،‬‬ ‫سنتحدث عنه يف وقت الحق‪ ،‬مبج ّرد عبورنا‬ ‫للحدود بعد إقرارهم لنا بحق العودة‪( .‬أح ّقيّتك‬ ‫بأي يشء يف العامل مرهونة بأحقّيتك إياه‬ ‫أيضاً‪ ..‬يا للسخف) مجددا ً‪.‬‬ ‫الوصول يب إىل هناك للحصول عىل البطاقة‬ ‫اللعينة يتطلب حصويل عىل البطاقة اللعينة‬ ‫نفسها‪ ،‬معادَلة مبجهولني وحقيقة واحدة‬ ‫تقول‪ :‬عليك أن تحصل عىل البطاقة اللعينة‪..‬‬ ‫أحد األشخاص يقول إن حالً مج ّرباً يقيض‬

‫متتلك مراكز االستشارة معلومات عن املنظامت‬ ‫الداعمة لالجئني يف مختلف املجاالت‪ ،‬وميكن‬ ‫للموظفني تحويل الالجئ إىل املنظمة القادرة‬ ‫عىل مساعدته عىل أقل تقدير‪ .‬كام تقدم بعض‬ ‫هذه املراكز عروضاً جامعية وفعاليات تبادل‬ ‫ثقايف‪ .‬إن أمعنا النظر فيام قاساه الالجئون‬ ‫يف دولهم من مشاهد عنف وقصص مأساوية‪،‬‬ ‫وما واجههم يف الطريق من مخاطر ومصاعب‪،‬‬ ‫واضطرارهم للحياة يف مجتمع جديد ميلك لغة‬ ‫وثقافة مختلفتني‪ ،‬مع ظروف املعيشة الصعبة‬ ‫يف بعض املخيامت‪ ،‬فقدان األحبة‪ ،‬البعد عن‬ ‫األهل‪ ،‬االندماج ومفرزاته من ضغوط اجتامعية‬ ‫نفسية‪ ،‬إضاف ًة إىل عدم وجود فرص عمل‪ ،‬نجد‬ ‫أن أهمية هذه املراكز تأيت كمساحة صغرية‬ ‫للبوح‪ ،‬حيث يجد الالجئ أذناً صاغية ملا مر ومير‬ ‫به دون محاكامت أو عواقب‪ ،‬قد تكون ظالً‬ ‫السرتاحة املحارب‪.‬‬ ‫عىل املوقع التايل‪ ،‬يوجد معلومات وافية عن‬ ‫توزع هذه املراكز‪ ،‬عروضها‪ ،‬معلومات التواصل‬ ‫و أوقات العمل‪:‬‬ ‫�‪https://www.berlin.de/lb/psychi‬‬ ‫‪atrie/in-den-bezirken/angebote-fuer‬‬‫‪/gefluechtete‬‬ ‫برلني‪ -‬ميته‪ ،‬منطقة فيدينغ ‪.KBS e.V‬‬ ‫رميا القاق‬ ‫ماجستري يف إدارة النزاعات بني الثقافات‬ ‫املختلفة‪ ،‬مسؤولة مركز االستشارة والتواصل‬ ‫املتنقل لالجئني‪،‬‬

‫يل دخول املستشفى بدافع‬ ‫أنه من الواجب ع ّ‬ ‫اإلسعاف‪ ،‬وأن القامئني عىل هذا األخري من‬ ‫طاقم املشفى ُمطالبون مبنحي بطاقة الحامية‬ ‫(املؤقتة) ‪ ..‬أعتقد أنني بحاجة ماسة إىل‬ ‫أن أصاب بأذى‪ ..‬التهاب الزائدة‪ ،‬أو أمراض‬ ‫متعلقة بسوء التغذية‪ ،‬أو رضبة شمس؛ لك أن‬ ‫ألقي بك إىل هذا العامل مصادفة‪،‬‬ ‫تتخيل كيف َ‬ ‫باسمٍ يقاسمك إياه املاليني حوله‪ ،‬ومبالمح قيل‬ ‫إنها تشابه حتى أربعني فردا ً آخرين غريك‪ ..‬يا‬ ‫للهول!‪ ،‬وألمك نهدان غضّ ان طريّان‪ ،‬أسق َ‬ ‫َينك‬ ‫يف البدء متهيدا ً لرحلتك األرضية؛ … وها أنت‬ ‫ذا‪ ،‬عىل طول املسافة‪ ،‬ويف كل يوم‪ ،‬محاطاً‬ ‫بأشياء تتأك ُد تدريجياً غُربتُها عنك‪ ،‬وجهلُها‬ ‫بك‪ ،‬وإنكارها لوجودك‪ ،‬وال مباالتها الجذرية‬ ‫مبصريك واختياراتك‪.‬‬ ‫عىل األرجح‪ ،‬أو بالتأكيد‪ ،‬أنا امل ُالم يف كل‬ ‫ما يجري‪ُ ،‬مالم يف اللحظة التي عربت فيه‬ ‫السامء األوىل قادماً إليكم من فرج والديت‪،‬‬ ‫لكنني سأفعل ما يفعله اآلخرون‪ ،‬يلعنون القدر‬ ‫والحظ والله وأشياء أخرى كثرية ليس لها أي‬ ‫تأثري يذكر عىل حياتنا‪ ..‬وسأش ّجع كرواتيا‬ ‫وآيسلندا يف مباراتيهام املقبلتني ضد تركيا‬ ‫ضمن التصفيات املؤهلة إىل كأس العامل يف‬ ‫كرة القدم املزمع انطالقها مروي وين‪ ،‬يف‬ ‫الـ كذا مطلع شهر كذا العام القادم بدافع‬ ‫الشفقة عىل مدى جدّيتي يف التعاطي مع كل‬ ‫هذا؛ يقول إميل سيوران‪ :‬إن موسيقى باخ هي‬ ‫الحجة الوحيدة التي تربهن عىل أن خلق الكون‬ ‫ال ميكن اعتباره فشال تاما‪.‬‬


‫باب مفتوح‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫اإلشكاالت القانونية في‬ ‫حاالت طالق السوريين في ألمانيا وما يتفرع عنها‬ ‫يخرج البحث في ماهية‬ ‫حاالت الطالق وأسبابه عن‬ ‫طبيعة النص القانوني‪،‬‬ ‫ويحتاج إلى بحث اجتماعي‬ ‫اقتصادي ونفسي مرتبط‬ ‫بهيكلية الدولة االقتصادية‪،‬‬ ‫وما بتفرع عنها من دعم‬ ‫للحاالت االقتصادية المؤثرة‬ ‫في حاالت الطالق لذلك يفضل‬ ‫البحث فيما يفيد القارئ‪.‬‬ ‫وال بد من إيراد حالة من‬ ‫الحاالت كمثال لتفهم الحالة‬ ‫القانونية‪.‬‬

‫القانون األملاين يعترب نفسه صاحب الوالية‬ ‫وبالتايل يطبق القانون األملاين عىل كافة‬ ‫السوريني‪ ،‬سواء كانوا قد حصلوا عىل الجنسية أو‬ ‫عىل اإلقامة‪.‬‬ ‫وتطبق أصول املحاكامت األملانية يف دعاوى الطالق‪،‬‬ ‫وما يتفرع عنها من نفقة وحضانة وإراءة وتقاسم‬ ‫امللكية بني الطرفني ومدة سري إجراءات املحاكمة‪.‬‬

‫إجراءات الطالق‬ ‫تصل مدة الفصل يف دعاوى الطالق إىل ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬بحيث تعترب السنة األوىل منها سنة تفريق‬ ‫ملحاولة مراجعة الذات من قبل الزوجني‪ ،‬ومن بعدها‬ ‫تبدأ اجراءات الطالق‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن عىل الزوجني الراغبني‬ ‫باالنفصال مراجعة مركز الجوب سنرت‪ ،‬وتبليغه‬ ‫بنشوء الخالف‪ ،‬وبرغبة الزوجني بتقايض املساعدات‬ ‫منفصلني عن بعضهام‪ ،‬ويجب أن متر مدة سنة كاملة‬ ‫عىل هذا االنفصال املايل‪ ،‬وتعترب هذه السنة جزءا ً‬ ‫من مراحل املحاكمة‪ ،‬أي يتبقى من مدة املحاكمة‬ ‫حوايل السنتني‪.‬‬ ‫وتبقى هذه اإلجراءات خالية من أي إشكال قانوين‬ ‫إذا كان الزوجان يف أملانيا‪ ،‬سواء كان الطالق برضاء‬ ‫الطرفني أم ال‪ .‬إال أن اإلشكال يظهر عندما يكون‬ ‫الطرف اآلخر خارج أملانيا‪.‬‬ ‫ويعترب التبليغ أحد أكرب اإلشكاليات يف سري‬

‫املحاكمة‪ ،‬ألنه ال ميكن السري بالدعوى دون‬ ‫علم الطرف اآلخر بها‪ ,‬وما يزيد الطني بلة‬ ‫هو وجود الطرف اآلخر(املدعى عليه) يف‬ ‫بلد عريب كسوريا ومرص ولبنان‪ ،‬حيث أن‬ ‫البناء العشوايئ يعيق عملية التبليغ إضافة‬ ‫إىل تفيش الفساد لدى موظفي التبليغ يف‬ ‫هذه البلدان‪.‬‬ ‫ففي إحدى الدعاوى املقدمة من سيدة‬ ‫سورية ضد زوجها املقيم يف لبنان‪ ،‬عادت‬ ‫ح يفيد بأن‬ ‫مذكرات التبليغ إىل أملانيا برش ٍ‬ ‫املدعى عليه ال يقيم يف هذا السكن‪ ،‬فقامت‬ ‫املحكمة بتكليف املدعية بتوضيح السكن‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬إال أنها فوجئت بدعوى مقامة‬

‫رأي في‬ ‫االنتخابات األلمانية‬ ‫عالء سالم المحمد‬

‫جالل محمد امين‬

‫الشخصية عىل كل من يقيم يف أملانيا االتحادية‪،‬‬

‫‪13‬‬

‫ضدها يف بريوت‪ ،‬وتم تبليغها مذكرة‬ ‫الدعوى املقامة عليها يف لبنان‪ ،‬وهذا‬ ‫دليل عىل أن املدعى عليه قد علم بفحوى‬ ‫الدعوى لذلك قدمت املدعية هذه املذكرة إىل‬ ‫املحكمة العائلية (الرشعية)‪ ،‬ولكن لألسف‬ ‫اعترب القايض أن املحكمة اللبنانية هي‬ ‫املختصة‪ ،‬لوجود دعوى أخرى أمام املحاكم‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫وتبعاً لذلك فإن وجود أحد أطراف‬ ‫الدعوى خارج أملانيا يعرقل سري الدعوى‪،‬‬ ‫وقد تصل إىل قرار رد الدعوى لعدم‬ ‫االختصاص املكاين‪.‬‬ ‫لذلك من األفضل للزوجة التقدم بدعوى‬ ‫التفريق يف سوريا‪ ،‬ومحاولة توكيل محام‬ ‫عن طريق السفارة السورية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫يستطيع املحامي تبليغ املدعى عليه عن‬ ‫طريق الصحف الرسمية‪ ،‬وقد ال تستمر‬ ‫الدعوى أكرث من ستة أشهر‪.‬‬ ‫طبعاً ال بد من تنفيذ قرار الطالق‬ ‫(التفريق) يف السجل املدين‪ ،‬ليتسنى‬ ‫للزوجة الحصول عىل بيان قيد فردي‬ ‫يشري إىل أنها مطلقة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمخالعة الرضائية‪ ،‬فهي‬ ‫دعوى غري معرتف بها يف أملانيا‪ ،‬والتقدم‬ ‫إىل القضاء إلنهاء العالقة الزوجية بني‬ ‫الطرفني يعترب كدعوى الطالق وتستمر‬ ‫حوايل الثالث سنوات‪.‬‬

‫نفقة االوالد‬ ‫ما يرتتب عىل البدء يف التفريق بني‬ ‫الزوجني يف حال كان الزوج يف أملانيا هو‪:‬‬ ‫بداية إلزام الزوج بنفقة األوالد‪ ،‬فالزوج‬ ‫ملزم بدفع نفقة شهرية لكل طفل إال إذا‬ ‫كان يعيش عىل املعونات‪ ،‬أو كان دخله‬ ‫الشهري ال يتجاوز مبلغ ‪ 1080‬يورو‪،‬‬ ‫فحينها تقوم دائرة رعاية األرسة بدفع‬ ‫النفقة وتسجيلها كدين يف ذمة الزوج‪.‬‬ ‫فهي ال تحتاج إىل قرار بالطالق‪ ،‬بل يكفي‬ ‫االنفصال املايل لترتتب النفقة يف ذمة‬

‫الزوج‪ ،‬وكام أوردنا سابقاً القانون األملاين‬ ‫هو فقط الذي يطبق‪.‬‬ ‫أما إذا كانت الزوجة قد حصلت عىل قرار‬ ‫النفقة يف سوريا أو أي دولة أخرى‪ ،‬وتبني‬ ‫أن مبلغ النفقة يصلها وبشكل منتظم‪،‬‬ ‫فيقوم مركز رعاية األرسة (يوغند أمت)‬ ‫بخصم ذلك املبلغ من املبلغ املقرر للزوجة‬ ‫كنفقة لألطفال‪ .‬فإذا ً من يقرر النفقة هو‬ ‫مركز رعاية األرسة‪ ،‬ويف حال االعرتاض‬ ‫يستطيع الشخص امللزم بالنفقة الرجوع‬ ‫إىل القضاء‪.‬‬ ‫أما إذا كانت الزوجة تعمل فتكون هي‬ ‫أيضاً ملزمة بكل ما يلزم به الزوج‪ .‬وإذا‬ ‫لسبب ما‪،‬‬ ‫كان الطفل يف حضانة األب‬ ‫ٍ‬ ‫وكان األب عاطالً عن العمل‪ ،‬وكانت األم‬ ‫تعمل ومل تطالب بالحضانة فهي ملزمة‬ ‫بالنفقة أيضاً‪.‬‬

‫الحضانة‬ ‫بالنسبة للحضانة فإن أي قرار صادر‬ ‫يف سوريا‪ ،‬يتضمن إسقاط الحضانة أو‬ ‫تثبيتها‪ ،‬غري معرتف به يف أملانيا وال ميكن‬ ‫تنفيذه‪.‬‬ ‫ففي القانون األملاين تأيت رفاهية الطفل‬ ‫يف املرتبة األوىل‪ ،‬وتنظر املحكمة يف‬ ‫املكان والشخص األصلح للطفل ومبوجبه‬ ‫تقرر أحقية أي طرف بالحضانة‪.‬‬ ‫وخالفاً للقانون السوري‪ ،‬فإن بقاء‬ ‫الحاضن أكرث من مثانية ساعات خارج‬ ‫املنزل ال يسقط الحضانة‪ ،‬بل أكرث من ذلك‬ ‫فحتى عمل الحاضنة يف الدعارة ال يسقط‬ ‫الحضانة أيضاً طاملا أنها تستطيع االهتامم‬ ‫بطفلها بعد عودتها من العمل‪.‬‬ ‫وتكون معظم حاالت إسقاط الحضانة‬ ‫بسبب املخدرات‪ ،‬أو وجود أحكام بالسجن‬ ‫للحاضن أو الحاضنة‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر‪ ،‬إنه يف بعض األحيان‬ ‫يؤخذ برأي الطفل يف اختيار الحاضن‪ ،‬إال‬ ‫إذا كان رأيه يخالف مصلحته األساسية‪.‬‬

‫اإلراءة‬ ‫من الواضح أنه ما عدا قرار التفريق أو‬ ‫الطالق‪ ،‬ليست ألي قرارات صادرة عن‬ ‫القضاء السوري أي تأثري عىل القانون‬ ‫األملاين وال تنفذ يف أملانيا‪ ،‬ومن ضمنها‬ ‫اإلراءة‪.‬‬ ‫اإلراءة هي‪ :‬قيام الطرف الحاضن بتمكني‬ ‫الطرف اآلخر من رؤية أطفاله ملدة يحددها‬ ‫القضاء‪ ،‬ترتاوح بني ساعتني إىل يومني‬ ‫يف األسبوع‪.‬‬ ‫واإلراءة تبدأ بالتفاوض بني الزوجني أمام‬ ‫مركز رعاية األرسة‪ ،‬وذلك بعد طلب يقدم‬ ‫من طالب اإلراءة إىل املركز‪ ،‬ويف حال‬ ‫الخالف يتم اللجوء إىل املحاكم ‪.‬‬ ‫هذا وقد حاول الكثري من األزواج‬ ‫السوريني الباقني يف سوريا أو لبنان‪ ،‬رفع‬ ‫دعاوى اسرتداد قارص أو إبطال حضانة‬ ‫وغريها من الدعاوى عبثاً‪ ،‬ومل يعرتف بتلك‬ ‫القرارات‪.‬‬ ‫جانب آخر‪ ،‬وبسبب قيام بعض‬ ‫ومن‬ ‫ٍ‬ ‫السوريون بعد حصولهم عىل قرار اإلراءة‪،‬‬ ‫باختطاف أطفالهم وإعادتهم إىل سوريا‬ ‫أو تركيا‪ ،‬قامت بعض املحاكم بنا ًء عىل‬ ‫طلب الزوجة مبنع سفر الطفل مع والده‬ ‫خارج االتحاد األورويب أو أملانيا‪ ،‬أو تم‬ ‫منح الوالد مدة إراءة قدرها ساعتني فقط‪،‬‬ ‫ويف مركز رعاية األرسة‪ ،‬وتحت ارشاف‬ ‫املوظفني‪.‬‬ ‫وبحسب ما سبق فإن القانون األملاين هو‬ ‫الوحيد صاحب الوالية الشخصية‪ ،‬يف كل‬ ‫اإلجراءات اإلدارية و القضائية الخاصة‬ ‫باألرسة‪ ،‬والتي تتم يف أملانيا وتخص كل‬ ‫من يقيم فيها‪ ،‬وال تعرتف بأي قرار صادر‬ ‫خارجها‪ ،‬ماعدا قرار التفريق أو املخالعة‬ ‫أو الطالق‪.‬‬ ‫جالل محمد امني‬ ‫محامي ومستشار قانوين | برلني‬

‫قبألشهر‪ ،‬أمضيت فرتة تدريب يف مكتب أحد النواب‪،‬‬ ‫استطعت خاللها االطالع عىل عمل النواب‪ ،‬وآلية صناعة‬ ‫القرار يف أروقة السياسة األملانية‪ ،‬ولقاء شخصيات‬ ‫سياسيّة فاعلة يف املقاطعة التي أقطنها‪ ،‬واالستامع‬ ‫إىل نقاشات ممثيل األحزاب لنيل ثقة الناخبني‪ .‬مام‬ ‫زاد اهتاممي باالنتخابات األملانية‪ ،‬وسط تحديات عىل‬ ‫ٍ‬ ‫مؤثرات‬ ‫املستويني املحيل واألوريب‪ ،‬عدا عن القلق من‬ ‫ما‪ ،‬تب ًعا آلخر رصعات التكنولوجيا وإمكانية اخرتاق‬ ‫البيانات‪.‬‬ ‫لدي انطباعات من‬ ‫مبتابعتي لهذا الحدث تشكّلت ّ‬ ‫موقعي كالجئ‪ ،‬أتأثر بال شك بأحداثها السياسية‪ .‬يف‬ ‫اليوم الذي تال انطالق الحملة االنتخابية رسميًا‪ ،‬فوجئت‬ ‫بصور مرشحني من مختلف األحزاب وقد أُس ِقطت‬ ‫أرضً ا‪ ،‬أو ش ِّوهت بالطالء‪ ،‬يف ما بدا رفضاً لالنتخابات‬ ‫أو تعبريا ً عن مقاطعتها‪ .‬والحمد لله مل يعلَّق هذا‬ ‫الترصف عىل شامعة الالجئني كالعادة‪ .‬لفتني نزول‬ ‫املرشحني وقادة األحزاب إىل الشارع‪ ،‬وتوزيعهم نرشات‬ ‫الدعاية االنتخابية بأنفسهم‪ ،‬والتحدث مع الناس مبارشة‬ ‫وإجابة أسئلتهم‪ ،‬دون النظرة االستعالئية املعتادة‬ ‫للسياسيني‪.‬‬ ‫سألت عددّا من األصدقاء األملان عن رأيهم يف‬ ‫فعب أكرثهم برصاحة عن قناعتهم بدور‬ ‫االنتخابات‪ّ ،‬‬ ‫تحالف اإلعالم واملال والسياسة يف االنتخابات‪ ،‬وأنه من‬ ‫فهم هذا التحالف تبدو النتيجة محسومة مسبقًا‪ ،‬وتبقى‬ ‫عميلة تقسيم الكعكة دون املساس بالقيم الدستورية‪.‬‬ ‫رغم ذلك‪ ،‬أكّد معظمهم أنهم سيامرسون حقهم يف‬ ‫االنتخاب اعتامدا ً عىل املقارنة بني الربامج االنتخابية‬ ‫التي تقدمها األحزاب‪ .‬وعربوا عن حرصهم عىل‬ ‫التصويت من ًعا الستغالل عدم مشاركتهم يف االنتخابات‬ ‫من قبل اليمني املتطرف أو سواه ممن يدعون بشكل غري‬ ‫مبارش إىل املقاطعة‪ ،‬رفضً ا لقرارات الحكومة التي يبدو‬ ‫أن ألحزابها حظوظ جيدة يف هذه االنتخابات‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬هناك من يستهجن اهتاممنا كالجئني‬ ‫مبتابعة االنتخابات‪ ،‬إذ يرون أ ّن هذا ليس من شأننا‪.‬‬ ‫أحدهم سألني‪“ :‬أال تفكر بالعودة إىل بلدك ببعض‬ ‫الخربات واملهارات الدميقراطية يف أملانيا؟” ففكرت‬ ‫أنني رمبا أعود يو ًما إىل بالدي وأوضح للناس أهمية‬ ‫كل منهم يف االنتخابات‪ ،‬ودور املواطنني يف‬ ‫صوت ّ‬ ‫العملية الدميقراطية وتحصني حقوقهم الدستورية‪.‬‬ ‫وقد أخربهم عن النقاشات التي رأيتها هنا بني املواطن‬ ‫واملرشح‪ ،‬وكيف أن األخري هو موظف لدى املواطنني‪،‬‬ ‫عليه خدمتهم وفقًا للعقد االجتامعي الذي يسمى‬ ‫الدستور‪.‬‬ ‫يبقى الخوف من أحداث أمنية واتهام الالجئني‪،‬‬ ‫واستغاللهم ضمن التجاذبات االنتخابية‪ ،‬فوقوع‬ ‫أي جرمية سيعقبها تغطية إعالمية واسعة‪ ،‬وتالعب‬ ‫ولعل ما يح ّد تأثري سيناريوهات‬ ‫جهات الناخبني‪ّ .‬‬ ‫بتو ّ‬ ‫كهذه‪ ،‬أ ّن الكثريين يدركون جيّدًا أن الرتكيز عىل الوضع‬ ‫األمني من قبل تيارات معينة للدعاية ضد األجانب بات‬ ‫لعبة مكشوفة‪ ،‬ومجرد مناورة لكسب الناخبني‪ ،‬فالجميع‬ ‫يعلم أ ّن فتح الحدود لن يتكرر‪ ،‬مهام كان الفائز‪ ،‬وال‬ ‫داعي لتهويل “مشكلة” الالجئني التي ال تكاد تذكر‬ ‫قياسا بتحديات اقتصادية وسياسية عدّة يفرتض أ ّن‬ ‫ً‬ ‫تكون من أولويات الحكومة الجديدة‪.‬‬ ‫ريا‪ ،‬ال يسعني إال التمني عىل الفائز أن يكون أكرث‬ ‫أخ ً‬ ‫رأفة بحال من فرقتهم الحرب أو حالت البريوقراطية‬ ‫دون مل شملهم‪ .‬ولو كان يل حق االنتخاب حقًا النتخبت‬ ‫يل يف السكن‪ ،‬الذين ش ّجعاين عىل كتابة رأيي يف‬ ‫زمي ّ‬ ‫انتخابات بالدهم‪.‬‬ ‫عالء سامل املحمد‬ ‫الجئ سوري يقيم يف مدينة اليبزيغ‬


‫‪14‬‬ ‫وجدان ناصيف‬ ‫"بالتأكيد سأعود بس تخلص‬ ‫بسوريا"‪ ،‬جملة يرددها الكثير من‬ ‫السوريين الالجئين بدون الخوض‬ ‫في التفاصيل‪ :‬ما هي التي سـ "‬ ‫تخلص" ؟ وكيف سيعود؟ وإلى‬ ‫أين؟ كلها أسئلة يتم التهرب‬ ‫منها‪ .‬أي جواب يعتبر فاتحة‬ ‫ألسئلة ليس الالجئون أو النازحون‬ ‫من يمتلك جوابها‪ ،‬بل هي خرجت‬ ‫من أيديهم جميعاً‪ ،‬كما يعترف‬ ‫معظم السوريين بما فيهم‬ ‫البسطاء‪.‬‬ ‫ينتظر عادل أن يعود ملخيم الريموك‪ ،‬وحتى‬ ‫حينها هو يؤجل كل يشء؛ تعلم اللغة‪ ،‬البحث‬ ‫عن عمل‪ ،‬وحتى التعرف عىل األماكن الجميلة‬ ‫حوله‪ ،‬فهذه البالد مل يحبها وهي "ال تناسبه"‬ ‫كام يقول‪ .‬يدعو أبو صابر الرجل الثامنيني‬ ‫الذي ُه ّج َر من بيته يف حي التضامن إىل‬ ‫منطقة قريبة‪ ،‬أن يؤجل الله أخذ أمانته حتى‬ ‫يعود يف بيته‪ .‬ومثلهام تنتظر سمر وغريها‬ ‫العودة إىل حلب أو دير الزور أو داريا أو‬ ‫يلدا يف ريف دمشق‪ .‬الكل ينتظر أن تأيت‬ ‫لحظة يعود فيها إىل حيث كانت حياته تجري‬ ‫بصورة عادية قبل أن يبدأ فيلم الرعب الطويل‪.‬‬ ‫هل أنا حقاً هنا ؟ ال‪ ،‬ال بد أنه كابوس‪ ،‬كل‬ ‫ليلة‪ ،‬عندما أذهب للنوم‪ ،‬أستحرض عمدا ً صورا ً‬ ‫من ذاكريت أكاد أفقدها‪ ،‬أسامء تالميذي‬ ‫يف املدرسة‪ ،‬رائحة الطبشور عىل أصابعي‪،‬‬ ‫تفاصيل بيتي؛ الباب الحديدي األخرض الذي‬ ‫نال إعجاب ز ّواري‪ ،‬ولون السريامك يف أرضية‬ ‫مطبخي وترتيب صحون الطعام يف خزانته‪،‬‬ ‫واملشجب يف زاوية غرفتي ولون معطفي‬ ‫والشاالت امللقاة عليه‪ ،‬ألعاب أطفايل‪ ،‬ورنة‬ ‫صوت جاريت وهي تنده يل لتناول فنجان‬ ‫قهوة‪ .‬تفاصيل أخىش كل يوم أن تنسيني إياها‬ ‫هذه البالد‪ ،‬فأقاوم‪ .‬وأبقى أقاوم‪.‬‬ ‫ليست هذه البالد أجمل من بالدي‪ ،‬لكنها‬ ‫"بالد املطر" يا أبو طالل‬ ‫يف بالد غرقها املطر‪ ..‬وبالدي عطشانه‬ ‫ويف بالد س ّيجها الفرح‪ .‬وبالدي عتبانة‪..‬‬ ‫نادرا ً ما نلتقي نحن السوريون بدون أن‬

‫شيء من فيض‬ ‫ٌ‬ ‫الجمال هنا‬ ‫حين ينشد‬ ‫"روالند باوه"‬ ‫للسالم‬

‫باب مفتوح‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫ليتنا غيمة‬

‫رحالت اللجوء والرفاق املوىت؟ ماذا عن األوالد‬ ‫الذين مل يتعلموا العربية‪ ،‬وقد بدؤوا بنطق‬ ‫الحروف وتعلمها يف بالد اللجوء؟ ماذا عن‬ ‫هناك؟ ماذا عن األحبة الذين رحلوا؟ ماذا عن‬ ‫املفقودين ؟ ماذا عن‪ ....‬وعن‪ ...‬؟‬ ‫تخيلوا أن يُرتَك آالف‪ ،‬بل مئات آالف السوريني‬ ‫ليدخلوا قراهم وحاراتهم ومدنهم؛ سيبحثون عن‬ ‫بيوتهم‪ ،‬وال يجدونها مثلام كانت يف مخيلتهم‪.‬‬ ‫لن يجدوا شيئاً مام حفظته ذاكرتهم؛ ال الثياب‬ ‫وال املشاجب وال السرياميك عىل األرضيات وال‬ ‫الفاكهة "الغري" وال الخرضوات املختلفة‪ ،‬ورمبا‬ ‫لن يجدوا سوريا التي يرددونها كل ليلة قبل‬ ‫النوم‪ ،‬ليثبتوا ألنفسهم أن ذاكرتهم عامرة بها‪،‬‬ ‫بأسامء الشوارع والحارات واملحالت واملقاهي‬ ‫وبياعي الشاورما واملسبحة‪..‬‬ ‫ّ‬

‫اللوحة للفنانة ريم يسوف‬ ‫نخوض يف حوار تحكمه املقارنة والتفضيل‪.‬‬ ‫بالدنا مناخها أفضل‪ ،‬الناس فيها طيبون‪،‬‬ ‫التعليم فيها أفضل‪ ،‬الطب‪ ،‬الطعام‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫املقارنة تصل بنا إىل طعم الفواكه والخضار‬ ‫التي اختزنتها ذاكرتنا‪ .‬املبالغة تأيت من‬ ‫الحنني‪ ،‬والتفضيل يأيت كنوع من املقاومة‪.‬‬ ‫مقاومة الوقوع يف هوى بالد "املطر" تبدو‬ ‫رشطاً لعدم نسيان بالد العطش "العتبانة"‪.‬‬

‫األمل والذل والقهر‪ .‬دقيقتان احتقرتا عمرا ً‬ ‫ووشمتاه لألبد بــ "الخسارة"‪.‬‬

‫ملاذا إذا ً سجنتموين كل هذه السنوات‪ ،‬وكيف‬ ‫ستعيدونها يل؟"‪.‬‬

‫يومها ما أن دخلت مكتب الضابط حتى أمرين‪،‬‬ ‫بدون أن ينظر يف وجهي‪ ،‬أن أجلس عىل‬ ‫الكريس الذي وضع منفردا ً يف وسط مكتبه‬ ‫الكبري والفخم‪ .‬بقي للحظات يقرأ ملفاً يف‬ ‫يل‪ ،‬ثم نطق بعد دقائق‪:‬‬ ‫يده دون أن ينظر ا ّ‬ ‫"هذه هويتك؟"‪ .‬انتظر اجابتي‪ ،‬وفهم إنّني‬ ‫ال أستطيع متييزها عن بعد األمتار الثالثة‬ ‫التي تفصل بني كرسيي ومكتبه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫واستغربت صوريت‬ ‫"اقرتيب"‪ .‬أمسكتها بلهفة‬ ‫ُ‬ ‫التي مل تعد تشبهني‪ .‬قلت‪ ":‬نعم هي بطاقة‬ ‫هويتي"‪ ،‬ومددت يدي ليك أعيدها له‪ ،‬لكنه‬ ‫قال‪" :‬خذيها واخرجي من هذا الباب"! و أشار‬ ‫لباب يفيض إىل فناء فرع التحقيق العسكري‪.‬‬

‫يومها كان مرسوم قد صدر بإطالق رساحنا أنا‬ ‫ورفيقايت‪ ،‬قرار شخيص من األسد األب‪ ،‬مثلام‬ ‫كان قرار اعتقالنا واالحتفاظ بنا لسنوات‪ ،‬قرار‬ ‫شخيص منه‪.‬‬

‫تقول يل طبيبة األسنان املهتمة بالشأن‬ ‫السوري بعد تعليقها عىل ترصيحات‬ ‫األوربيني حول الحل السيايس مع أو بدون‬ ‫األسد‪ " :‬هل ستعودون إىل سوريا؟ " ثم‬ ‫تتابع قبل انتظار الجواب‪ " :‬ماذا عن األوالد‬ ‫وتعليمهم؟ " "أليس من األفضل أن يبقى‬ ‫األوالد هنا حتى ال تضيع منهم سنوات‬ ‫أخرى يف محاولة التأقلم بني عاملني ولغتني‬ ‫وطريقتي تعليم؟ إن بقيوا هنا ألن يصبح‬ ‫هذا البلد وطنهم؟ رمبا سيعودون لكن فقط‬ ‫للزيارة‪ ،‬أليس كذلك؟"‪.‬‬

‫قدمي ثبتتا‬ ‫وقفت أمامه واجمة وكأ ّن‬ ‫َّ‬ ‫إن مل أفهم‪ ،‬فكرر الجملة‬ ‫باألرضية‪ .‬قلت له ّ‬ ‫ذاتها‪ ،‬وبذات االستهتار والالمباالة‪.‬‬

‫يف كل لحظة أطرح عىل نفيس هذه األسئلة‪،‬‬ ‫تبلغت خرب إطالق رساحي‪ .‬خالل‬ ‫أتذكر كيف‬ ‫ُ‬ ‫دقيقتني فقط تكثفت أمامي كل السنوات وكل‬

‫"بهذه البساطة؟" سألته‪ .‬هز رأسه اشارة‬ ‫إىل أنّه مل يفهم قصدي‪ ،‬فقلت‪":‬إن كان‬ ‫خروجي بهذه البساطة‪ ،‬خذي هويتك وامض‬

‫مصطفى علوش‬ ‫لستُ مغرماً باملدن الكبرية‪ ،‬حتى دمشق التي عشتُ‬ ‫فيها عمرا ً قبل هجريت‪ ،‬مل أتعلق بها‪ ،‬لطاملا شعرتُ‬ ‫أن املحبة يجب أن تكون للبرش ال لألماكن‪ ،‬للحياة‬ ‫الدافئة املوجودة يف الكائنات الحية‪.‬‬ ‫بعد وصولنا إىل أملانيا عابرين عدة بلدان أوربية‪،‬‬ ‫وبعد ثالثة وخمسني يوماً قضيناها يف الكامب‬ ‫القريب من مدينة “تسييل”‪ ،‬جاء فرزنا إىل مدينة‬ ‫“باسوم” الواقعة ضمن قضاء ديبهولز يف والية‬ ‫ساكسونيا السفىل‪ ،‬ومع لحظة وصولنا إىل محطة‬ ‫القطار كان يف انتظارنا مجموعة من األملان ومعهم‬ ‫متطوعة سورية تحمل الجنسية األملانية ‪ ،‬أقلونا‬ ‫بسياراتهم إىل البلدية حيث قمنا بكل اإلجراءات‬ ‫اإلدارية‪ ،‬هذه املجموعة التي حملتنا عرب فيض‬ ‫إنسانيتها‪ ،‬ستبقى يف ذاكريت مدى العمر‪ ،‬من‬ ‫هؤالء املرشفة علينا أنجيال‪ ،‬التي تستحق لوحدها‬ ‫الكثري من الصفحات الخاصة للكتابة عنها‪.‬‬ ‫ثم مع مرور األيام وما بني العراك مع اللغة‬ ‫وجامليات الحياة‪ ،‬بدأت عالقتي بالناس هنا تكرب‬ ‫يومياً‪ ،‬وعرب املوسيقى عرفت طريقي لدخول لهذه‬

‫املدينة‪ ،‬وبعد انضاممي إىل مجموعة موسيقية يف‬ ‫مدينتي تعرفتُ إىل الصديق “روالند باوه” الذي‬ ‫ميلك صوتاً جميالً‪ .‬كان صديقي يعمل منذ العام‬ ‫املايض عىل إعداد أغنية من تأليفه وغنائه‪ ،‬تدور‬ ‫كلامتها حول السالم‪ ،‬أغنية تهجو الحروب يف هذا‬ ‫العامل‪ ،‬واجتهد عىل ترجمة نص األغنية إىل عدة‬ ‫لغات عاملية قبل أن يقوم بنرشأغنيته عىل اليوتيوب‪.‬‬ ‫أغنيته عن السالم ورفض البندقية‪ ،‬دعو ٌة لوقف‬ ‫الحروب‪ ،‬وإنقاذ األطفال من ويالتها‪.‬‬ ‫لشدة حساسية باوه وإنسانيته وحبّه للحياة كنت‬ ‫أراه يستمتع ويتفاعل مع أصغر تفاصيل حياته‪،‬‬ ‫يشرتي مرتني أسبوعياً حبوباً إلطعام الطيور‪ ،‬ثم‬ ‫يرش لها الحبوب‪ ...‬يتأملها وهي‬ ‫يف سعادة غامرة ّ‬ ‫تتجمع يف فضاء حديقته التي تتجاوز مساحتها‬ ‫الخمس دومنات‪.‬‬ ‫يف لقاءاتنا الكثرية اعتاد باوه أن يناقشني يف‬ ‫السياسة والدين‪ ،‬يحيك عن األيام السوداء التي‬ ‫عاشها الناس يف الحروب األوربية قدمياً‪ ،‬يتساءل‬ ‫كام أتساءل معه‪ :‬مل كل هذه الرصاعات بني‬ ‫البرش؟ كيف سمحنا بأن ترتاكم كل هذه الكراهية‬ ‫عىل األرض‪ ،‬ثم يسخر بعدها من ترهات البرش‬

‫يحدث أحياناً ان نتحمل الخسارة من اجل‬ ‫تغيري ما‪ ،‬لكن ماذا لو كانت الخسارات بال‬ ‫مقابل كام يبدو للمتابع للواقع السوري اليوم‪.‬‬

‫ال زلت أذكر كيف وقفت أمام الباب الذي‬ ‫أشار يل الضابط للخروج منه‪ ،‬ال يشء معي‬ ‫إالّ بطاقة هوية عليها صورة مل تعد تشبهني‪.‬‬ ‫وقفت هناك أنتظر رفيقات سجني‪ ،‬فقد كنت‬ ‫غري قادرة عىل أن أخطو بدونهن‪ ،‬خرجن‬ ‫واحدة تلو االخرى تفصل بني خروجهن دقائق‬ ‫طويلة‪ .‬وقفنا ننتظر صامتات بدون أن نتكلم‬ ‫عن عجزنا عن امليض خطوات بعيدا ً عن الفرع‪،‬‬ ‫وبعدها رصنا أكرث وأكرث‪ ،‬وكان رجال األمن‬ ‫كلام زاد عددنا يطلبون منا االبتعاد‪ ،‬لكننا كنا‬ ‫ملتصقات باملكان‪ ،‬بقينا نتنظر لساعات حتى‬ ‫اجتمعنا كلنا وقد رصنا مطرودات فعلياً من‬ ‫فناء الفرع وحتى من الشارع الذي يفيض‬ ‫إليه‪ .‬بعدها كان علينا أن نودع بعضنا ومنيض‬ ‫كل إىل مصريها املنفرد‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫أتخيل أحياناً أنه لو حدث وقالوا لالجئني‬ ‫فجأة‪" :‬خلصت" بسوريا عىل طريقة عادل‪،‬‬ ‫"خذوا أمتعتكم وعودوا"‪ ،‬سيقرر الكثريون‬ ‫العودة‪ ،‬لكن يف تلك اللحظة ستصعد كل‬ ‫األسئلة املؤجلة وتنبت لها أشواك‪ ،‬سيتكثف‬ ‫كل األمل والخسارة والفقدان والوقت املهدور‪.‬‬ ‫قبل أن يعودوا‪ ،‬سيضطرون للخوض يف‬ ‫تفاصيل كانوا كل الوقت يتجاهلونها ألن‬ ‫ال أحد ميتلك الجواب مثلام أن ال أحد اليوم‪،‬‬ ‫وحتى الذين يفاوضون عنهم‪ ،‬ال يعرفون "‬ ‫كيف ســتخلص"‪ ،‬ماذا عن اإلعامر والتنمية ؟‬ ‫ماذا عن سنوات الذل وهدر الكرامة؟ ماذا عن‬

‫ما أشبه اليوم باألمس‪ ،‬وكم هو مؤمل أن نعيش‬ ‫يف عم ٍر واحد ذاتَ التجارب التي تتكرر‬ ‫بنفس مقدار شدة األمل ملرات ومرات‪ ،‬وبذات‬ ‫االستهتار والالمباالة من اآلخرين‪ .‬أتخيلها‬ ‫أمامي لحظة العودة؛ لن ينتظر أحدُنا أحد‪.‬‬ ‫سنميض منفردين ليك نقف عىل عتبات‬ ‫خساراتنا‪ ،‬سنفتح غرف العزاء ملن فقدناهم‬ ‫وسنفتش عن مصري غريهم وستزدحم صورهم‬ ‫أمامنا وسنوشم بوشم الخسارة من جديد‬ ‫وسيكتب ع ّنا‪:‬‬ ‫مثل حبات املطر‬ ‫ال يعرفون شيئاً عن مصري الهطول‬ ‫ليتهم كانوا أرضاً‬ ‫أو‪ ..‬ليتهم بقوا غيمة‪.‬‬

‫وخرافاتهم‪ .‬تعلمتُ منه كيف يصبح التواضع‬ ‫يكتب من قلبه‬ ‫الحقيقي واملحبة الصافية عادة‪ ،‬وهو ُ‬ ‫نصوص أغانيه ومنها أغنية بعنوان “يف الكلمة”‬ ‫التي يقول فيها‪:‬‬ ‫يف الكلمة‪...‬‬ ‫يف الليل عندما تصل‪ ،‬قبل عتبة بيتك‬ ‫انظر عالياً إىل النجم امليضء‬ ‫لعلّك عندها تتمكن من رؤية هذا الكون الكبري‬ ‫ماذا ترى عيونك حقاً؟‬ ‫أنت مجرد نفحة صغرية جدا ً يف الالنهايئ‬ ‫لك ّن الناس ال تدرك ذلك‬ ‫وال تستقيص األبعاد أيضاً‬ ‫َ‬ ‫عينيك تلتفتان إىل املحيط‬ ‫أما أنت ‪ ...‬فدع‬ ‫إذ مثة حكمة يف هذا العامل‬ ‫ستعلمك الفرق بني الجوهري وغري الجوهري‬ ‫أعط الحياة واإلنسانية مكانها املتميز‬ ‫وال تفتح باباً للرش‬ ‫انتبه لضمريك‬ ‫وانتبه للمصائر‬ ‫فالكثري من النجوم املضيئة عاشت يوماً ما ثم مل‬ ‫تعد هناك‬

‫مع ذلك مازالت تسطع من أجلك‬ ‫تهديك الضوء يف الظالم‬ ‫افعل كام النجوم ‪ ...‬سالم‬ ‫كن مساملاً معي‪.‬‬ ‫روالند الذي يبلغ من العمر سبع ًة وستني عاماً‬ ‫ويعود ألصول مهاجرة عن طريق والده البولوين‬ ‫األصل‪ ،‬يرى أن الدعوة إىل السالم العاملي عن‬ ‫طريق الغناء واملوسيقى هي طريق اإلنسانية‬ ‫لنتمكن من فعل شيئٍ يف الحياة القصرية التي‬ ‫نعيشها‪.‬‬ ‫هنا يف مدينة “باسوم” ترسح األغاين‬ ‫واملوسيقى بالسالم‪ ،‬مثة مساحات كبرية‬ ‫للحب والدفء‪ ،‬رغم قسوة الربد وكآبة الغيوم‬ ‫ّ‬ ‫الداكنة‪ ،‬نجد حولنا أشخاصاً كثريين يشبهون‬ ‫“روالند باوه”‪ ،‬أناساً قالوا لنا أنتم هنا بأمان‬ ‫ونريدكم أن تعيشوا معنا كام نعيش‪ ،‬ونحن‬ ‫ِ‬ ‫نكتف فقط بأن نسكن ونعيش بينهم‬ ‫‪ ...‬مل‬ ‫إمنا أيضاً بادلناهم الحب والحياة والضحك‬ ‫والجامل‪.‬‬ ‫فهل سيتسع العامل يوماً لسالم يعم جميع البرش؟‬ ‫هذا فقط ما آمله‪.‬‬


‫باب مفتوح‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫‪15‬‬

‫الموسوعة الشاملة ‪ -‬دراسة المعلوماتية في ألمانيا وأنواعها‬ ‫تعد المعلوماتية من أكثر‬ ‫الفروع الجامعية ارتباطاً بعصرنا‬ ‫الحالي‪ ،‬وتدخل في جميع‬ ‫تفاصيل حياتنا اليومية‪ ،‬وحتى ما‬ ‫يخص مجاالت الطب‪ ،‬الهندسة‬ ‫وغيرها من العلوم‪.‬‬ ‫أنس الحكيم ‪ -‬محمد صوافته‬

‫لمحة عامة عن هذا االتجاه العلمي‬

‫بداي ًة ال ب ّد من توضيح بعض الصفات التي يجب توافرها‬ ‫يف الشخص الراغب بدراسة هذا املجال‪ ،‬كأن يكون قادرا ً‬ ‫عىل حل مشاكله بطريقة منطقية وتحليلها لتسهيل فهمها‪.‬‬ ‫إضاف ًة إىل ذلك فإن أساس أي عملية حاسوبية‪ ،‬يستند‬ ‫ٍ‬ ‫عمليات حسابية وخوارزميات ال ميكن‬ ‫بشكل أسايس إىل‬ ‫استيعابها عند عدم الفهم الكايف للعلم الريايض‪ ،‬فمثالً‬ ‫لتحليل منهج برنامج معني أي لفهم آلية عمل ذلك الربنامج‪،‬‬ ‫يجب فهم الخطوات التي يقوم بها خلف الكواليس‪ .‬فاآللة‬ ‫الحاسبة البسيطة مثالً تستطيع القيام بعمليات حسابية‬ ‫ضخمة جدا ً‪ ،‬ويف أجزاء من الثانية مستندة إىل عمليات‬ ‫رياضية بحتة‪ ،‬مرتبطة بآلية برمجية معينة مخزنة ضمن‬ ‫الرشيحة االلكرتونية‪.‬‬ ‫وهناك منوذج آخر نشاهده يف البورصة ويف االقتصاد‪،‬‬ ‫ويعتمد عىل تحليل البيانات ملراقبة الخطوط الزمنية‬ ‫املتعلقة بنمط معني "‪ ،"Pattern‬سواء كان يتعلق مبراقبة‬ ‫عامة‪ ،‬أو بالتنبؤ بالربح أو الخسارة أو بنتيجة معينة‪،‬‬ ‫حيث يقوم الشخص عادة بتحليلها من خالل إيجاد التابع‬ ‫الريايض املناسب لهاـ والنمط امل ُتبع يف حال كان هذا‬ ‫التحليل ملدة قصرية نسبياً‪.‬‬ ‫ومع وجود آالف البيانات التي يجب تحليلها فإن ذلك‬ ‫سيستغرق سنوات عديدة لحسابها بدقة متناهية! لذا ميكننا‬ ‫التسليم بأن العامل الرقمي‪ُ ،‬وجد بشكل أو بآخر ليسهل‬ ‫القيام بالعديد من العمليات يف وقت قصري ال ميكننا إنجاز‬ ‫عملياته الحسابية خالل وجودنا كبرش‪.‬‬

‫أنواع االختصاصات‬ ‫يوجد يف أملانيا‪ ،‬العديد من االختصاصات املتعلقة‬ ‫باملعلوماتية‪ ،‬سنتعرف عىل نبذة عن كل منها يف مقالنا‬ ‫هذا‪ .‬يختلف موعد التقديم من جامعة إىل أخرى‪ ،‬ولكن‬ ‫لألسف يف أغلب الجامعات يحق للطالب الجديد التسجيل‬ ‫بها فقط يف الفصل الشتوي‪.‬‬ ‫ولكن هناك عدة طرق ممكنة لبدء الدراسة يف الفصل‬ ‫الصيفي‪ ،‬سنتكلم عنها الحقاً يف فقرة النصائح العامة يف‬ ‫نهاية املقالة‪.‬‬ ‫ املعلوماتية العامة ‪Allgemeine Informatik‬‬ ‫وهي تختص بأدق التفاصيل املتعلقة بأي رشيحة‬ ‫إلكرتونية‪ ،‬مرورا ً بتكوينها وآلية عملها وبرمجتها‪.‬‬ ‫يتضمن ذلك العديد من املواد املختلفة عىل مدى ثالث‬ ‫سنوات يف البكالوريوس‪ ،‬فمثالً جامعة برلني التقنية لديها‬ ‫ما يدعى بـالخطة األمثل لالنتهاء من البكالوريوس دون‬ ‫تأخري‪ ،‬ولكن ذلك اليعني االلتزام بها بنفس الرتتيب‪.‬‬ ‫حيث يدرس الطالب يف أول أربعة فصول املواد اإلجبارية‬ ‫أو ما يدعى باألساس‪ ،‬ومن ثم يبدأ يف الفصل الخامس‬ ‫والسادس باختيار مواد مختلفة تناسبه وتناسب ميوله‪،‬‬ ‫فهناك العديد من املجاالت التي ميكن للطالب تحصيل‬ ‫عالمات "‪ "Leistungspunkte‬منها‪ ،‬إضافة ملادة اختيارية‬ ‫ضمن نطاق التدريب العميل "‪."Praktikum‬‬ ‫املعلوماتية االقتصادية ‪Wirtschaftsinformatik‬‬ ‫وهو أحد االختصاصات املطلوبة يف املعلوماتية لوجود‬ ‫مزيج مميز بني علم الحواسيب وإدارة األعامل‪.‬‬ ‫املعلوماتية الطبية ‪Medizinische Informatik‬‬

‫وهو أقرب االختصاصات للهندسة الطبية‪ ،‬فمن خالله ميكن‬ ‫للشخص تحليل حالة صحية معينة‪ ،‬إليجاد حلول عالجية‬ ‫ممكنة من خالل املحاكاة"‪ ،"Simulation‬والتي تسعى‬ ‫لتحديد األخطاء التي ميكن حصولها يف حال التدخل‬ ‫البرشي املبارش‪ ،‬كذلك إليجاد الربنامج العالجي "الفيزيايئ‬ ‫املناسب" بشكل نظري‪.‬‬ ‫كام ميكن للطالب املتخرج تصميم محاكاة كاملة بصيغة‬ ‫رقمية لألعضاء البرشية‪ ،‬بهدف تسهيل تحليلها كام ذكرنا‬ ‫يف الفقرة السابقة‪.‬‬ ‫املعلوماتية اإلعالمية ‪Medieninformaik‬‬ ‫يعترب من االختصاصات الحديثة نسبياً‪ ،‬وبدأ مع نشوء‬ ‫العامل الرقمي عىل الشبكة العنكبوتية‪ ،‬حيث نشاهد‬ ‫حالياً العديد من الرشكات الناجحة مثل "‪"Facebook‬‬ ‫و "‪ "Google‬وغريها‪ K‬التي تعتمد بشكل أسايس عىل‬ ‫تواصل الناس مع بعضها ‪,‬عىل الناحية اإلعالمية يف نرش‬ ‫املعلومة‪.‬‬ ‫وميكننا القول بأن الربمجة ليست كافية وحدها يف‬ ‫هذا االختصاص‪ ،‬حيث يجب الرتكيز أيضاً عىل إيصال‬ ‫املعلومة بطريقة برصية "‪ ،"Visual‬ويتم ذلك من خالل‬ ‫الفيديوهات والرسوم املتحركة غريها‪.‬‬ ‫إضاف ًة لذلك علينا تسليط الضوء عىل التفاصيل املتعلقة‬ ‫باألصوات وتحليلها والتالعب بها‪ ،‬فهناك أمور يف‬ ‫عاملنا‪ ،‬ليس بالرضورة أن تكون واقعاً حقيقياً‪ ،‬وإمنا‬ ‫قد تكون مزيجاً من األفكار وبعضها من نسج خيال‬ ‫شخص ما‪.‬‬ ‫كام يركز هذه االختصاص عىل ردود الفعل يف املجتمع‬ ‫والعامل الحقيقي‪ ،‬لغاية دراسة البرش وطباعهم‪ ،‬وذلك‬ ‫من أجل إحصائيات معينة أو ألمور تتعلق بالتسويق‬ ‫واإلعالن‪.‬‬

‫فرص العمل‬ ‫تعد االختصاصات املتعلقة باملعلوماتية‪ ،‬من أكرث‬ ‫االختصاصات املطلوبة‪ ،‬فيمكن للمتخرج مزاولة عمله‬ ‫اعتامدا ً فقط عىل جهازه املحمول يف أغلب الحاالت‪.‬‬ ‫بحسب دراسة قامت بها الـ ‪ ،Statista‬فإن راتب املهندس‬ ‫"‪ "Brutto‬يرتاوح تقريباً بني ‪ 45‬ألف يورو (مع سنتني خربة‬ ‫سابقة) سنوياً‪ ،‬وبني ‪ 65‬ألف يورو سنوياً مع وجود ‪6-10‬‬ ‫سنوات خربة سابقة)‪ .‬كام إن زيادة املهارات مع الزمن‪ ،‬من‬ ‫أهم العوامل ليكون الشخص يف املقدمة‪ ،‬وله األفضلية يف‬ ‫الحصول عىل املكان الشاغر عند التقدم لعمل يف رشكة ما‪.‬‬ ‫مالحظات هامة ‪:‬‬ ‫الموكل‬ ‫ يختلف راتب المهندس باختالف العمل ُ‬‫به إليه وبحسب طبيعة عمله‪.‬‬ ‫ الرواتب المذكورة سابقاً هي فقط لألشخاص‬‫الذين يعملون ضمن نطاق معين‪ ،‬أي كموظف‬ ‫في شركة ما‪ ،‬ويختلف تماماً عندما يكون عمله‬ ‫مستقل وله شركته الخاصة‪.‬‬

‫يجدر بالذكر أن العديد من الطالب يودون دراسة‬ ‫اختصاص أو فرع معني يف الجامعة‪ ،‬ولكن عليهم االنتظار‬ ‫شهورا ً عديدة من أجل الفصل الشتوي‪ ،‬ويف هذه الحالة ‪:‬‬ ‫ •من املمكن التسجيل يف الجامعة كطالب مستمع (يف‬ ‫حال عدم توفر شهادة اللغة الكافية)‪.‬‬ ‫ •من املمكن التسجيل يف الجامعة بفرع يحوي مواد‬ ‫مشرتكة مع فرعك األصيل‪ ،‬حيث يتم تقديم االمتحان‬ ‫امل ُتعلق بهذه املواد‪ ،‬ومعادلتهم الحقاً عند البدء بدراسة‬ ‫الفرع املطلوب‪.‬‬

‫ نصائح عامة‬ ‫يف نهاية مقالتنا‪ ،‬نود طرح بعض النصائح‬ ‫التي يجب عىل الشخص االنتباه لها يف حال‬ ‫الرغبة مبواكبة أحداث عرصنا الحايل‪:‬‬ ‫ •التتوقف عن التعلم! فالعامل الرقمي وتقنياته ليس‬ ‫علامً ثابتاً ويعترب من أكرث املجاالت التي تتطور‬ ‫برسعة فائقة‪.‬‬ ‫ •تعلم دوماً لغات وتقنيات برمجية جديدة‪ ،‬فأي لغة‬ ‫برمجة ليست صعبة التعلم طاملا كنت قادرا ً عىل‬ ‫تعلم األساس الربمجي والتفكري املنطقي‪ ،‬فجميع‬ ‫لغات الربمجة لها نفس املبدأ‪.‬‬ ‫أرشف أعاملك السابقة كمرجع لك‪ ،‬ليك تستطيع‬ ‫ • ْ‬ ‫ان تستفيد منها مستقبالً‪.‬‬ ‫ •كن شغوفاً بعملك‪ ،‬وال تعتربه وظيفة تريد إنهاءها‬ ‫بأرسع وقت‪ ،‬فالجودة مطلوبة‪.‬‬ ‫ •كن مبتكرا ً وليس تقليدياً‪ ،‬فالتَميز مفتاح النجاح‬ ‫لرتك بصمة تتعلم منها األجيال القادمة‪.‬‬ ‫ختاماً‪ ،‬ما ورد أعاله هو أكرث الفروع انتشارا ً حيث ال ميكن‬ ‫يف هذه املقالة حرص جميع فروع املعلوماتية امل ُتاحة يف‬ ‫الجامعات األملانية‪ ،‬لكرثتها واختالف أنظمتها من جامعة‬ ‫إىل أُخرى‪.‬‬ ‫املصادر التي تم اعتامدها‪:‬‬ ‫‪Uni Heidelberg‬‬ ‫‪TU Berlin - Informatik‬‬ ‫‪TU Berlin - Medieninformatik‬‬ ‫‪Absolventa - Gehalt als Informatiker‬‬ ‫أنس الحكيم‪:‬‬ ‫ •طالب يف كلية الهندسة املعلوماتية يف جامعة برلني التقنية‬ ‫‪ TU Berlin‬‬ ‫ •موظف يف منظمة ‪.Otto Benecke Stiftung e.V‬‬ ‫محمد صوافته‪:‬‬ ‫ • طالب هندسة طبية يف جامعة مانهايم للعلوم التطبيقية ‬ ‫ •معيد يف ‪Mannheimer Abendakademie und‬‬ ‫‪Volkshochschule GmbH‬‬


‫‪16‬‬ ‫جمهورية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫النساء األلمانية‬

‫الجزء األول‬

‫بابها‬

‫ترجمة وإعداد‪ :‬منال اسكندر‬ ‫المصدر‪ENIZAGAM TIEZ :‬‬

‫ما الذي ستكون عليه ألمانيا لو كانت القرارات كلها بيد النساء؟ ما األحزاب‬ ‫التي ستختارها؟ ما الذي يمكن شراؤه؟ ماذا عن األفالم و الموسيقى؟دعونا‬ ‫نفكر بذلك‪.‬‬ ‫ضمن هذا التصور‪ ،‬لنجعل لعبة األفكار هذه تصبح حقيقة واقعية‪ .‬لقد سألنا أنفسنا كيف‬ ‫ستبدو أملانيا إذا ُسمح للنساء لفرت ٍة ما فقط باتخاذ كل القرارات‪ .‬الرجال ليسوا بأي حال‬ ‫من األحوال من ضمن تجربتنا‪ ،‬حيث أن قراراتهم مجمدة يف هذه اللحظة‪ .‬ما الذي ميكن أن‬ ‫يتغري يف أملانيا‪ ،‬وما الذي لن يحدث؟ من سيُنتخب يف الربملانات؟ أية موسيقي سنسمع؟‬ ‫ما السيارات التي سرناها عىل الطرقات؟ وهل سيكون العامل أفضل؟ جمعنا بيانات من‬ ‫مجموعات واسعة ومن مجاالت الحياة املختلفة‪ ،‬و أحصينا قرارات النساء فقط‪.‬‬ ‫لرنى ما الذي سيكون الحال عليه يف جمهورية النساء األملانية‪.‬‬

‫تتفاوت حقوق النساء ما بين األلمانيات‬ ‫والالجئات‪ ،‬فهي في الجانب األلماني حيث‬ ‫وفقا للدستور‬ ‫النساء يتمتّعن بحقوقه ّن ً‬ ‫والقوانين التي تساوي بين المرأة والرجل‬ ‫بوجه عام‪ ،‬ورغم وجود بعض الثغرات‪،‬‬ ‫أعلى بدرجات كبيرة منها عند الالجئات‪،‬‬ ‫اللواتي تتدنّى حقوقه ّن بشكل كبير في‬ ‫بالده ّن التي عانين فيها تمييزًا صري ًحا‬ ‫ض ّدهن في القوانين وفي أعراف المجتمع‬ ‫وعاداته‪ .‬وبغض النظر عن حاالت الصداقة‬ ‫التي بدأت تنشأ بين ألمانيات ونساء‬ ‫الجئات‪ ،‬متجاوز ًة الصور النمطية المسبقة‪،‬‬ ‫فليست "كل األلمانيات شقراوت وذوات‬ ‫أجساد متناسقة"‪ ،‬وال كل النساء الالجئات‬ ‫"مقهورات‪ ،‬ذليالت وجاهالت"‪ .‬إال أن ميزان‬ ‫المقارنة يبقى حاض ًرا حتى بين الصديقات‬ ‫أنفسهنّ‪.‬‬ ‫علياء أحمد | خاص أبواب‬

‫النساء والسيارات (صغيرة وعملية)‬ ‫لندع جانباً كل النكات التي تسخر من‬ ‫طريقة النساء يف قيادة وركن السيارات‪.‬‬ ‫ونضع بالحسبان الحقائق فقط‪ .‬تشري‬ ‫اإلحصاءيات إىل أن غالبية النساء يقدن‬ ‫سيارات صغرية وقدمية نسبياً مقارن ًة‬ ‫بسيارات الرجال‪ .‬تفضل النساء السيارات‬ ‫الصغرية والعملية حتى لو كانت قدمية‪.‬‬ ‫سيارات مث ل ‪ Nissan Micra‬و �‪Kia Pe‬‬ ‫‪ canto‬و‪ Hyundai i10‬ستكون من ضمن‬ ‫السيارات األكرث تفضيال لدى النساء بنسبة‬ ‫‪ 60%‬تقريبأ‪ .‬ومن امللفت أن تلك السيارات‬ ‫ليست صناعة أملانية‪ .‬كام أن ‪ 40%‬من‬ ‫النساء يقدن سيارات أقدم من سيارات‬ ‫الرجال بشكل واضح و قد يصل عمر‬ ‫السيارة لحد العرش سنوات‪ ،‬بينام ‪ 30%‬من‬ ‫الرجال يفضلون سيارات حديثة ال يتجاوز‬ ‫عمرها الثالث سنوات عىل األكرث‪.‬‬ ‫أما من حيث األلوان فخالفاً لكل‬ ‫الكليشيهات ال متيل النساء األملانيات‬ ‫الختيار السيارات امللونة‪ ،‬فأكرثهن مثل‬ ‫الرجال يفضلن األلوان الرمادية‪ ،‬السوداء‬ ‫أو البيضاء‪.‬‬ ‫باملناسبة لو ترك األمر للنساء لكانت حدود‬ ‫الرسعة عىل الطرقات الرسيعة يف أملانيا ال‬ ‫تتجاوز ‪ 130‬كم يف الساعة‪ .‬و ذلك حسب‬ ‫استطالع للرأي أجرته مؤسسة (دراسة‬ ‫الوعي البيئي) عام ‪.2016‬‬ ‫النساء وكرة القدم‬ ‫تعشق النساء األملانيات كرة‬ ‫القدم‪ ،‬ويتابعن أخبار ومباريات‬ ‫البودنسليغا‪ .‬وعىل صفحات‬ ‫املعجبني يف الفيس بوك تبلغ‬ ‫نسبة النساء املشجعات لكل فريق‬ ‫أكرث من الثلث‪ .‬لكن يبدو أن هناك‬ ‫فريق واحد عىل وجه الخصوص ألهم‬ ‫النساء أكرث من غريه‪ .‬فمن هو هذا‬ ‫الفريق الذي متكن من قلوب النساء؟‬ ‫إن كنتم تظنون أنه بايرن ميونخ‬ ‫فأنتم مخطئون‪ ،‬فعىل الرغم من أن‬

‫النساء و االنتخابات البرلمانية‬ ‫إذا مل يص ّوت غري النساء يف االنتخابات‬ ‫اإلقليمية األخرية‪ ،‬فإن املشهد السيايس لن‬ ‫يتغري كثريا ً يف أملانيا‪ .‬ولكن رغم ذلك فإن‬ ‫حزب ال ‪ ( AFD‬البديل من أجل أملانيا) ال‬ ‫يتوقع أن يتجاوز عقبة نسبة ال ‪ 5%‬يف‬ ‫واليتي شلزفيغ هولشتاين وبرمين‪ .‬أما يف‬ ‫والية هيسن فإن حزب ال ‪( FDP‬الحزب‬ ‫الدميقراطي الحر) لن يصل إىل الربملان‪.‬‬ ‫المرأة واألطفال‬ ‫ما هي الظروف التي يُنىشء فيها الناس‬ ‫أرسهم؟ بالنسبة للنساء عىل وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬مل تتم بعد تسوية مسألة توافق‬ ‫ٍ‬ ‫مرض‪.‬‬ ‫األرسة والعمل يف أملانيا عىل نحو‬ ‫هل سيولد أطفال أكرث أم أقل لو كان القرار‬ ‫بيد النساء فقط؟ الجواب املفاجىء هو أنه‬ ‫لن يزيد عدد األطفال يف أملانيا إال بنسب ٍة‬ ‫قليلة‪ ،‬فعىل الرغم من أن األطفال يلعبون‬ ‫دورا ً أكرث أهمية بالنسبة للنساء من الرجال‪،‬‬ ‫‪ 84%‬من النساء يهمه ّن جدا ً موضوع‬ ‫األطفال‪ ،‬مقابل ‪ 76%‬من الرجال‪ .‬لنوضح‬ ‫أكرث باألرقام‪ :‬يف عام ‪ 2015‬عل سبيل املثال‬ ‫كان من املمكن أن يولد ‪ 3600‬طفل أكرث‬ ‫يف أملانيا لو كان األمر متعلقاُ بالنساء ففط‪.‬‬ ‫وال يزال الحال بشكل عام هو أن املرأة هي‬ ‫من يرعى األطفال‪ .‬ففي حالة األزواج الذين‬ ‫لديهم أوالد‪ ،‬فإن نسبة ‪ 45%‬من الحاالت‬ ‫يعمل األب بدوام كامل فيام تعمل األم بدوام‬ ‫جزيئ‪ .‬وفقط بنسبة ‪20%‬‬ ‫تعمل األمهات أيضاً بدوام‬ ‫كامل‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫لألمهات‬ ‫العازبات‬ ‫فتبلغ‬ ‫نسبة‬ ‫اللوايت يعملن‬ ‫بدوام كامل الثلث‪ ،‬حسب‬ ‫إحصاءات عام ‪.2016‬‬ ‫ولكن كم عدد ساعات‬ ‫العمل التي قد ترغب بها‬ ‫املرأة إذا كان بإمكانها أن‬ ‫تقرر ذلك بنفسها؟‬

‫الالجئات واأللمانيات‪...‬‬ ‫معرف ُة الذات عن طريق اآلخر‬ ‫علياء أحمد‪" .‬هبة" (اسم مستعار)‪ ،‬شابّة‬ ‫سورية‪ ،‬وصلت أملانيا مبفردها قبل نحو عامني‪،‬‬ ‫استطاعت اجتياز حاجز اللغة والحصول عىل‬ ‫قبول جامعي‪ .‬تقول‪" :‬فوجئت بأن هناك أملانيات‬ ‫متحفظات وخجوالت‪ .‬كنت أعتقد أن الجميع هنا‬ ‫ال مشكلة لديهم يف اإلباحية الجنسية مثالً‪ .‬لقد‬ ‫كنت مخطئة جدًا يف هذا"‪ .‬أ ّما صديقتها "آنّا"‬ ‫(اسم مستعار)‪ ،‬فتقول‪" :‬ظننت أن كل النساء‬ ‫اللوايت يرتدين الحجاب هن نساء مقهورات‪،‬‬ ‫يتعرضن للرضب من قبل الرجال يف عائالتهن‪،‬‬ ‫وكم كانت مفاجأة كبرية بالنسبة يل عندما‬ ‫تعرفت عىل نساء محجبات ميتلكن قراراهن‬ ‫ويستطعن الدراسة يف الجامعة والسفر‬ ‫لوحدهن"‪.‬‬

‫سناء نفسها التي نقول هذا الكالم‪ ،‬تعرتف‬ ‫بأنه ليس لديها أي صديقة أملانية‪ ،‬وأنها بنت‬ ‫رأيها عىل املشاهدات يف الشارع‪ ،‬وما تسمع‬ ‫من بعض صديقاتها (وه ّن الجئات أيضً ا)‪،‬‬ ‫فضالً عن الكثري مام تقرؤه يف املجموعات عرب‬ ‫التطبيقات ووسائل التواصل املختلفة (واتساب‪،‬‬ ‫فيسبوك‪ .)..‬ولدى سؤالها عن وضعها وحقوقها‬ ‫هي كامرأة تنتمي ملجتمع رشقي‪ ،‬أجابت‪:‬‬ ‫"صحيح أنني لست حرة بالكامل وليس عندي‬ ‫الكثري من الحقوق التي عند األملانيات‪ ،‬ولكني‬ ‫أشعر أن املرأة يف املجتمع الرشقي ملكة معززة‬ ‫مكرمة يف بيتها‪ ،‬ال تتعب كالنساء األملانيات‪،‬‬ ‫وال تعاين من املسؤوليات والصعوبات التي‬ ‫تفرضها املساواة عليهن"‪.‬‬

‫ريا ما تؤدّي وسائل اإلعالم دو ًرا سلبيًّا من‬ ‫كث ً‬ ‫خالل تكريس صور منطية تدفع إىل إطالق‬ ‫أحكام مسبقة عىل "اآلخر" الذي نجهل حقيقته‪،‬‬ ‫وهذا ما قد مينع الكثريين من االنفتاح وإيجاد‬ ‫سبل للتواصل املبارش والتعرف عىل الثقافات‬ ‫األخرى‪ ،‬التي ال ّ‬ ‫شك أنها تحمل نقاط إلتقاء هنا‬ ‫ومتايز هناك‪ ،‬دون أن يشكل ذلك "خط ًرا" عىل‬ ‫"الثقافة األصلية" لكل شخص‪ .‬وهناك دوما‬ ‫مستفيدون كُرث من عمليات التشويه التي تصيب‬ ‫دعم ملصالحهم‪،‬‬ ‫ثقافة "اآلخر" ويستثمرونها ً‬ ‫فمن يخىش امتالك النساء الالجئات حريتهن‬ ‫ومتتعه ّن بحقوقه ّن‪ ،‬ويرفض أن تتساوى حقوق‬ ‫النساء والرجال‪ ،‬سيعمل جاهدًا عىل تصوير‬ ‫الثقافة األخرى بأنها "منحلة" و"ال أخالقية"‪،‬‬ ‫ومثله من يخىش انفتاح مجتمعه عىل حضارات‬ ‫وثقافات غريبة عنه‪ ،‬متوه ًّم أ ّن "الحضارة"‬ ‫و"حقوق اإلنسان" حكر عىل مجتمعه فقط‪،‬‬ ‫فيص ِّور "اآلخر" القادم حامالً ثقافة مختلفة‪،‬‬ ‫وكأنّه متخلّف ومتوحش!‬

‫إ ّن الكثري من النساء الالجئات‪ ،‬شأنه ّن شأن‬ ‫سناء‪ ،‬ينسني‪ ،‬أو يتناسني أن "امللكة املعززة‬ ‫املك ّرمة"‪ ،‬املحبوسة يف بيتها‪ ،‬التي يتباهني‬ ‫بها‪ ،‬هي ملكة وهمية مسلوبة اإلرادة وتابعة ملن‬ ‫ينفق عليها ويؤ ّمن احتياجاتها‪ ،‬وه ّن إذ يخشني‬ ‫تح ّمل املسؤليات التي تفرضها الحرية‪ ،‬فليس‬ ‫لعيب يف الحرية أو املسؤولية‪ ،‬وإنّ ا لخلل‬ ‫يف أسلوب الرتبية والتنشئة‪ ،‬حيث مل يربني‬ ‫بطريقة تعلّمهن كيف ميتلكن زمام حياته ّن‬ ‫ويك ّن ملكات أنفسهن بحق‪ .‬هكذا‪ ،‬نجد الكثريات‬ ‫هنا يلجأن إلنجاب املزيد من األطفال تهربًا‬ ‫من اسنحقاق تعلم اللغة مثالً‪ ،‬أو لتربير عدم‬ ‫االنخراط يف سوق العمل‪.‬‬

‫سناء (اسم مستعار)‪ ،‬ربّة منزل سوريّة‪،‬‬ ‫لجأت مع أرستها إىل أملانيا منذ أربع سنوات‪،‬‬ ‫عبت عن رأيها يف "األملانيات" بالقول‪" :‬أنا‬ ‫ّ‬ ‫أشفق عىل األملانيات‪ ،‬فقدن أنوثتهن يف هذه‬ ‫املساواة التي يتباهني بها‪ .‬لقد تحولن إىل‬ ‫مكنات عمل وآالت مربمجة حتى يف عواطفهن"‪.‬‬

‫تول املناصب الها ّمة يف‬ ‫األجور أو إمكانية ّ‬ ‫كربى الرشكات‪ ،‬فهناك الكثري غريها من مظاهر‬ ‫ولعل من املفارقات أ ّن وصول أعداد‬ ‫هذا التمييز‪ّ ،‬‬ ‫كبرية من الالجئني إىل أملانيا خالل السنوات‬ ‫القليلة املاضية‪ ،‬شكّل فرص ّة للكشف أكرث وأكرث‬ ‫عن تلك الذكورية املق ّنعة يف املجتمع األملاين‪.‬‬

‫‪،،‬‬

‫الفريق املذكور لديه أعىل نسبة معجبني‪ ،‬إال‬ ‫أن الفريق الذي تتابعه النساء ويتفاعلن معه‬ ‫أكرث سواء بعدد املشا َركات أو الاليكات هو‬ ‫فريق كولن‪ ،‬يليه فريق هامبورغ ثم بروسيا‬ ‫دورمتوند‪.‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬تختلف اآلراء إىل ح ّد كبري يف‬ ‫أوساط النساء األملانيات والالجئات ممن‬ ‫لديهن احتكاك مبارش‪ ،‬واستطعن نسج أشكال‬ ‫من الصداقة والعالقات االجتامعية الودّية‬ ‫فيام بينه ّن‪ ،‬أتاحت له ّن تل ّمس ذلك التقاطع‬ ‫يخص التمييز الذكوري املامرس‬ ‫الالفت يف ما‬ ‫ّ‬ ‫ضدهن‪ ،‬ففي حني تتباهى املجتمعات الرشقية‬ ‫بذكوريتها‪ ،‬تتلطى ذكورية املجتمع األملاين‬ ‫تطل بوجهها الحقيقي هنا أو‬ ‫خلف األقنعة‪ ،‬ثم ّ‬ ‫هناك بطريقة صادمة‪ .‬ذلك أن العقلية الذكورية‬ ‫تتجل فقط‬ ‫ّ‬ ‫التي تعاين منها النساء األملانيات ال‬ ‫يف التمييز الحاصل يف قوانني العمل من حيث‬

‫إ ّن تأ ّثر أوضاع النساء نتيجة‬ ‫احتكاكه ّن بالمجتمع‬ ‫أهم‬ ‫“اآلخر”‪ ،‬هو من ّ‬ ‫كز عليه رافضوا‬ ‫ما ير ّ‬ ‫والمتعصبون‬ ‫االنفتاح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذين ال مكان عندهم‬ ‫الحترام اآلخر أو قبوله‬ ‫والتفاعل معه‪،‬‬

‫تقول أولريكا (اسم مستعار)‪ ،‬وهي تنشط‬ ‫ضمن مشاريع تهتم بالالجئني‪" :‬قبل قدوم‬ ‫الالجئني إىل أملانيا كنت أظن نفيس امرأة حرة‬ ‫باملطلق يل خيارايت الكاملة مثل الرجل متا ًما‪،‬‬ ‫فهذا ما أمارسه يف حيايت‪ .‬أنا أدرس وأسافر‬ ‫وأعيش مع صديقي وقد أنجب طفالً من غري‬ ‫زواج إذا شئت هذا‪ ،‬أرتدي ما أريد وأترصف‬ ‫بالشكل الذي يحلو يل‪ .‬ولكن مع تزايد أعداد‬ ‫الالجئني‪ ،‬ونشوء صداقات بيني وبني العديد‬ ‫منهم‪ ،‬بدأت أسمع عبارات تحذيرية واستهجانية‬ ‫علم أنّهم ليسوا‬ ‫من قبل بعض معاريف‪ً ،‬‬ ‫متطرفني أو نازيني‪ ،‬لكنهم يرفضون سلفًا‬ ‫فكرة العالقة بني فتاة أملانية وشاب الجئ"‪.‬‬ ‫وتسنغرب أولريكا كيف أ ّن هؤالء أنفسهم‬ ‫مل يطلقوا تحذيراتهم خوفًا عىل شبان أملان‬ ‫يقيمون عالقات مع فتيات الجئات‪ ،‬وإن كانوا‬ ‫ال يحبّذون ذلك إمنا من منطلق أخر مختلف‪.‬‬ ‫وتضيف‪" :‬بدأت أشعر فجأة بأنني يشء ميتلكه‬ ‫هذا املجتمع ويخاف عليه فقط ألنني امرأة‪.‬‬ ‫ومن خالل تواصيل الدائم مع أوساط الالجئني‪،‬‬ ‫تنبهت ملسائل أخرى يف مجتمعي األملاين مل‬ ‫تكن لتثري اهتاممي سابقًا‪ ،‬بدا يل أنّها متا ًما كام‬ ‫يف مجتمع الالجئني‪ ،‬فالشاب الذي لديه عالقات‬


‫بابها‬

‫‪17‬‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫الخطوط الحمراء في مجتمعنا السوري‬

‫ثوابت أم متغيرات تابعة للبيئة والمجتمع؟‬ ‫ولدى النساء خاصةً‪ ،‬سلباً أو إيجاباً‪ ،‬المهم أنه حدث بالفعل‪ ،‬ونتج عن هذا تغيير‬ ‫كبير في قناعات ومعايير اجتماعية عدة‪ ،‬كانت تق ّيد بعض األشخاص في إظهار‬

‫مختلف ِة األعمار واالنتماءات من النساء السوريات اللواتي أجمعن على أن تغيير ًا‬

‫هويتهم االجتماعية‪.‬‬

‫كبير ًا قد حصل‪.‬‬

‫زينة أرمنازي‪.‬‬

‫نسائية متعددة محط غرية أصحابه ودعاباتهم‪،‬‬ ‫بل ويفاخر بهذا ألنه رجل‪ ،‬بينام إذا كانت املرأة‬ ‫متعددة العالقات‪ ،‬ستوصف بالعهر‪ ".‬وختمت‬ ‫تقول أنّه بغض النظر عن قبول هذه السلوكيات‬ ‫أو رفضها‪ ،‬فهذا وغريه من األحكام التي تطلق‬ ‫عىل املرأة بسبب سلوكها أو مظهرها‪ ،‬هي نقاط‬ ‫يتشارك فيها املجتمعان من منطلق ذكوري‬ ‫بحت‪.‬‬ ‫إ ّن تأث ّر أوضاع النساء نتيجة احتكاكه ّن‬ ‫باملجتمع "اآلخر"‪ ،‬هو من أه ّم ما يركّز عليه‬ ‫واملتعصبون الذين ال مكان‬ ‫رافضوا االنفتاح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عندهم الحرتام اآلخر أو قبوله والتفاعل معه‪،‬‬ ‫أكانوا أملانًا أو الجئني‪ ،‬فيعمدون إىل استغالل‬ ‫موضوع املرأة بشكل خاص لتحقيق أهداف‬ ‫تنسجم مع أيديولوجياتهم اإلقصائية‪ ،‬املغلقة‪،‬‬ ‫والذكوريّة‪ ،‬فيم ّررون السم يف الدسم‪ ،‬من‬ ‫خالل التذ ّرع بالحرص عىل "نسائهم"‪ ،‬والقول‬ ‫أنّهم ال يريدون له ّن السوء الذي تعيشه نساء‬ ‫الطرف اآلخر‪ .‬ومام يدعو لألسف انخراط نساء‬ ‫كثريات من الجانبني يف هذه اللعبة البائسة‪،‬‬ ‫سواء وعني هذا أو عن غري وعي‪ ،‬فيتب ّنني تلك‬ ‫النظرة الذكورية تجاه نظرياتهن دون إدراك أ ّن‬ ‫ما يجمعه ّن كنساء أعمق وأوسع من التصنيفات‬ ‫والهويات الضيّقة التي يصطنعها و"يحرسها"‬ ‫الرجال‪ ،‬ودون أن يلتفنت إىل مدى الفائدة وغنى‬ ‫التجربة املتبادل الذي يحققه التواصل مع‬ ‫قريناتهن عىل الجانب اآلخر‪.‬‬ ‫يف ظل هذا املزيج من التمييز الذكوري‪ ،‬بشكليه‬ ‫العلني واملقنع‪ ،‬تبدو دراسة ومقارنة أوضاع‬ ‫النساء يف أملانيا‪ ،‬مواطنات والجئات‪ ،‬أم ًرا عىل‬ ‫غاية األهمية‪ .‬إنها قضيّة مركبّة وال شك‪ ،‬غري‬ ‫أ ّن من يسعى إىل مجتمع ص ّحي‪ ،‬عادل‪ ،‬يحرتم‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬كل إنسان‪ ،‬ال بد له من الوقوف‬ ‫مليًّا عند مسألة حقوق النساء‪ .‬بغري هذا‪ ،‬لن‬ ‫تكون النتيجة سوى تكريس الظلم‪ ،‬واستمرار‬ ‫األزمات املجتمعية‪ ،‬فمفاتيح استقرار املجتمعات‬ ‫ورقيّها بأيدي النساء‪.‬‬ ‫▄▄‬

‫العمل والتعليم‪:‬‬ ‫عىل الرغم من أن التعليم والعمل يف سورية‬ ‫كان متاحاً للسوريات‪ ،‬إال أن هناك حاالت منعت‬ ‫املرأة من إكامل طريقها‪ ،‬فكانت متابعة الدراسة‬ ‫غري متاح ٍة لبعض فئات املجتمع‪ ،‬يف حني‬ ‫اعتُربت الدراسة مجرد "بريستيج" لدى ٍ‬ ‫فئات‬ ‫أخرى‪ ،‬كانت تفضّ ل أن تكون "البنت متعلمة"‬ ‫ولكن يف الواقع ال أفق أمامها بسبب غياب‬ ‫الفرص الحقيقة إلثبات الذات والنجاح أمام‬ ‫السوريني كلهم نسا ًء أم رجاالً‪ .‬ورأت املشاركات‬ ‫أن املساواة واحرتام قدرات املرأة أعطته ّن حافزا ً‬ ‫أكرب يف أملانيا‪ ،‬لالنطالق يف أحالمهن والسعي‬ ‫لتحقيقها‪ .‬تقول سمر عقيل‪“ :‬لطاملا أيقنت أن‬ ‫الحياة ليست زواجاً وأوالدا ً وطبخاً وتنظيفاً‬ ‫فحسب‪ ،‬وبرصاحة مل أعتقد أين بعد زواجي‬ ‫وإنجايب سأستطيع االلتفات لنفيس‪ ،‬ألتعلم‬ ‫وأعمل‪ ،‬لكنني بدأت أصدق أنني أستطيع تحقيق‬ ‫أحالمي"‪.‬‬ ‫أما رمياس التناوي فتقول‪” :‬الوقت والتعليم هام‬ ‫ِ‬ ‫ولكنك هنا ال‬ ‫األهم هنا لالندماج يف املجتمع‪،‬‬ ‫تشعرين بأنك بعد تخرجك ستعلقني شهادتك‪،‬‬ ‫بل توجد فرصة لتعميل لنفسك وتحققي ذاتك‪”.‬‬ ‫مناخ الحرية وتقبل اآلخر‪:‬‬ ‫احرتام الخصوصية يف أملانيا منح النساء‬ ‫مساحتهن الخاصة‪ ،‬باتخاذ قرارتهن الشخصية‬ ‫بكامل إرادتهن‪ ،‬دون تأثري الضغط االجتامعي‪،‬‬ ‫كالعنوسة والطالق‪ ،‬اللذين مل يعودا هاجساً‬ ‫يخيف املرأة من النبذ االجتامعي‪ ،‬إضافة إىل أن‬ ‫القوانني ودعم منظامت املجتمع املدين‪ ،‬د ّعمت‬ ‫الثقة بالنفس عند املرأة يف حاالت الطالق‪.‬‬ ‫وتوضح م‪ .‬ع‪ .‬حالتها “أنا شابة يف الخامسة‬ ‫والعرشين من عمري‪ ،‬متزوجة منذ سبع‬ ‫سنوات ولدي طفالن‪ُ ،‬ولِدت يف عائلة محافظة‪،‬‬ ‫وكذلك زوجي‪ ،‬عشت حيايت كلها "أنفّذ دون‬ ‫تغي كل يشء‬ ‫اعرتاض"‪ ،‬عندما أتيت إىل هنا ّ‬ ‫يف نظري‪ ،‬وقررت كرس صمتي والعمل‬ ‫يل قناعتي‪ ،‬وقررت االنفصال‬ ‫بحسب ما متليه ع ّ‬ ‫عن زوجي‪ ،‬واالعتامد عىل نفيس يف تربية‬ ‫أطفايل‪ ،‬وكانت هذه كارثة حقيقية بالنسبة‬ ‫إىل عائلتي‪ .‬أستطيع القول اآلن إنني إنسانة‬ ‫مختلفة كلياً‪ ،‬وأين تحولت من امرأة ضعيفة إىل‬ ‫أخرى قوية وناجحة‪ ،‬فأنا أدرس اآلن وأخطط‬

‫ملستقبيل‪ ،‬ومقتنعة مبا أنا عليه‪ ،‬وتغريت لدي‬ ‫بعض القناعات التي كانت خطاً أحمر وال‬ ‫أستطيع التفكري فيها كالدين والحجاب مثالً‪،‬‬ ‫أصبحت أراه من زواية مختلفة‪ ،‬بأننا منارسه‬ ‫من قلبنا لرب العاملني فحسب‪ ،‬وليس كام يريد‬ ‫الناس‪ .‬ولكن لألسف ال املك الجرأة حتى اليوم‬ ‫عىل مواجهة عائلتي النني متأكدة بأنهم لن‬ ‫يفهموين”‪.‬‬

‫أنها ع ّرفتهن عىل أهمية استقاللهن‪ ،‬تقول زهراء‬ ‫سقعان “ مل أكن أتوقع العيش بعيدا ً عن أرسيت‬ ‫وصديقايت‪ ،‬حتى اكتشفت أنني أستطيع إنجاز‬ ‫الكثري بنفيس‪ ،‬فكوين وحيدة يساعدين ألحقق‬ ‫أعامالً كبرية يف وقت رسيع"‪.‬‬

‫‪،،‬‬

‫اللوحة لبيكاسو‬

‫تحول كبير في المفاهيم لدى السوريين‬ ‫خالل بضع سنوات من االغتراب طرأ‬ ‫ٌ‬

‫فما هي تلك القناعات الجديدة والتغييرات الطارئة على تفكير المرأة السورية؟‬ ‫ط ِرح على مجموع ٍة‬ ‫وكيف أثرت في شخصيتها خالل وجودها في ألمانيا؟ سؤال ُ‬

‫ساعدت أيضاً ثقافة الحريات العامة يف احرتام‬ ‫املرأة السورية لخصوصياتها واحرتام ترصفاتها‬ ‫ومظهرها الخارجي ومن ث َ ّم تقبلها هي أيضاً‬ ‫لآلخر‪ ،‬تقول تناوي "هنا أستطيع ركوب‬ ‫الدراجة الهوائية من دون أن أخاف تعليقات‬ ‫املجتمع و"تلطيشات" الشباب املزعجة"‪.‬‬ ‫وأضافت ماسة املحياين "كان لدي خطوط‬ ‫حمراء كاملصافحة والحديث إىل شخص غريب‪،‬‬ ‫ولكنني أفعل هذا هنا براحة تامة دون االكرتاث‬ ‫لشئ‪ ،‬فاألمر أقل من عادي‪ ،‬وال أشعر بالقلق من‬ ‫أ ّن من أتحدث إليه سيفهمني بطريقة خاطئة"‪.‬‬ ‫تضيف الرا (مدرسة رياضيات) "طريقة‬ ‫السالم تغريت‪ ،‬هنا أستطيع أن أسلّم عىل صديق‬ ‫أملاين بالعناق‪ ،‬بينام ال أستطيع فعل ذلك مع‬ ‫الرجل العريب‪ ،‬وما زلت أتعامل معه كام كنت‬ ‫يف سورية"‪ .‬و أبدت مينى الدمشقي رأيها “‬ ‫أصبحت أتقبل االشياء كلها‪،‬حتى لو كنت غري‬ ‫مقتنعة بها‪ ،‬مبعنى آخر أصبحت أؤمن بالحرية‬ ‫وأمارسها‪ ،‬كتقبيل ملظاهر كنت أرفضها‪ ،‬كالفتاة‬ ‫التي تضع حلقاً يف فمها أو أنفها‪ ،‬أصبحت‬ ‫أرى اآلخرين ببساطة أحرارا ً مبا يفعلون"‪ .‬أما‬ ‫غفران الدسوقي فتقول "أحب حيايت هنا‪ ،‬وال‬ ‫أفكر بالرجوع إىل بلد عريب‪ ،‬أنا محجبة وأرتدي‬ ‫مانطو طويل‪ ،‬ومع ذلك مل يضايقني أحد ممن‬ ‫حويل‪ ،‬جمعيهم يعاملونني باحرتام"‪.‬‬ ‫االستقاللية‪:‬‬ ‫االستقاللية الشخصية حالة غريبة عىل املرأة‬ ‫السورية‪ ،‬وكان يصعب تحقيقها يف سورية‪،‬‬ ‫بل مل تكن مطروح ًة لوال الحرب واللجوء‪،‬‬ ‫قليالتٌ مثالً متك ّن من االستقالل الشخيص عن‬ ‫العائلة دون زواج‪ ،‬إال أن الكثريات اضطررن يف‬ ‫أملانيا للسكن بعيدا ً عن األهل‪ ،‬كام أجربت نساء‬ ‫أخريات عىل ترك أزواجهن لفرتات قد تطول‪.‬‬ ‫هذا األمر الجديد عىل العائلة السورية بات اليوم‬ ‫عادياً ومقبوالً من املجتمع‪ .‬وبالتأكيد عاىن‬ ‫البعض يف املرحلة األوىل من تلك التجربة‪ ،‬إال‬

‫احترام الخصوصية في‬ ‫ألمانيا منح النساء‬ ‫مساحتهن الخاصة‪ ،‬باتخاذ‬ ‫قرارتهن الشخصية بكامل‬ ‫إرادتهن‪ ،‬دون تأثير الضغط‬ ‫االجتماعي‪ ،‬كالعنوسة‬ ‫والطالق‪ ،‬اللذين لم يعودا‬ ‫هاجساً يخيف المرأة من‬ ‫النبذ االجتماعي‪.‬‬

‫الزواج والعالقات الشخصية‪:‬‬ ‫تحوالت أخرى طرأت عىل أمور تتعلق بالزواج‬ ‫واختيارالرشيك‪ ،‬تقول جودي(‪ 33‬عاماً) “أتيت‬ ‫إىل أملانيا منذ أكرث من ست سنوات للدراسة‪،‬‬ ‫يف اشياء كثرية‪ ،‬كنت أعتقد أنني ال‬ ‫تغريت ّ‬ ‫ميكن أن أتفاهم مع شاب غري سوري‪ ،‬أما اآلن‬ ‫فرشيك حيايت هو شاب أملاين‪ ،‬وهذه خطوة‬ ‫ساعدتني أكرث عىل االقرتاب من املجتمع األملاين‬ ‫بعد هذه السنني كلها‪ ،‬بعد ما كنت قد حارصت‬ ‫نفيس بدائرة معارف استثنيت منها األملان‪.‬‬ ‫حالياً أشعر بأنني جزء من عائلة صديقي ‪-‬وهذا‬ ‫صحي ومالئم يل‪ -‬وبأن عالقايت السابقة مع‬ ‫شباب مبتورين من عائالتهم يف سورية كانت‬ ‫مرهقة‪“.‬‬ ‫أدى االطالع عىل مكانة املرأة يف أملانيا أيضاً‬ ‫إىل بعض التغريات يف طريقة تعامل املرأة‬ ‫السورية مع زوجها يف املنزل أو مع عائلتها‪،‬‬ ‫إيل ( ‪ ٢٣‬عاماً) "كان زوجي ال يحرض‬ ‫تقول ّ‬ ‫لنفسه كأس ماء‪ ،‬كنت أخدمه يف كل يشء‪ ،‬اآلن‬ ‫تغري معي ‪ ١٨٠‬درجة‪ ،‬وأصبح يساعدين يف‬ ‫كل يشء‪ ،‬حتى الطبخ أصبح بارعاً به"‪ ،‬تغريت‬ ‫طريقة تربية األطفال والعالقة معهم‪ .‬وتقول‬ ‫رشا حول هذا املوضوع “تغريت معاملتي البني‬ ‫ذي الخمس سنوات‪ ،‬تعلمت كيف أسايره وأنزل‬ ‫إىل مستوى تفكريه‪ ،‬أحرتم رغباته‪ ،‬بعدما كنت‬ ‫أمارس عليه سلطة أبوية وأفرض عليه رأيي يف‬ ‫مواضيع بسيطة وتافهة ألنني أكرب منه فحسب‪،‬‬

‫بدأت يف ذلك بعدما رأيت كيف يعلمون األطفال‬ ‫االستقالل برأيهم يف الروضة وبدأت أنتبه إىل‬ ‫نفيس‪ ،‬ومازلت أتدرب عىل التحدث معه بهدوء‬ ‫وإرشاده دون رصاخ أو إهانة‪ ،‬هنا أستطيع‬ ‫الترصف هكذا بعيدا ً عن الضغوطات العائلية‪،‬‬ ‫وأشعر باألسف حني أرى عائالت ال تستطيع‬ ‫تف ّهم أطفالها‪ ،‬أويعاملونهم بالرضب”‪.‬‬ ‫خطوط حمراء تحولت إىل خرضاء يف تفكري‬ ‫املجتمع السوري‪ ،‬وراحت مناقشات تشق‬ ‫طريقها بني السوريني‪ ،‬بعضها مل يكن ميكن‬ ‫التحدث فيها‪ ،‬أو التلميح عنها لرفضها قطعياً‬ ‫من املجتمع‪ ،‬لكنها أصبحت مطروقة ومقبولة‬ ‫من بعضهم‪ ،‬كمفهوم املثلية الجنسية الذي‬ ‫كان من أخطر االحاديث يف سورية وأعقدها‪،‬‬ ‫وزواج املرأة من رجل من دين آخر‪ ،‬والعالقات‬ ‫خارج إطار الزواج‪ .‬تقول سارة (طالبة) "تغري‬ ‫تفكريي تجاه كل يشء‪ ،‬أهمها نظريت إىل‬ ‫الحرية‪ ،‬وإىل العالقات‪ ،‬كلنا برش بغض النظر‬ ‫عن الجنسية‪ ،‬الدين أو اللون‪ ،‬اهتممت بالنسوية‬ ‫وآمنت بالفيمينسم وفكرة املساواة‪ ،‬االتجاه أو‬ ‫امليول الجنسية أصبحت غري مهمة سواء هومو‬ ‫أو هيرتو أو مزدوج‪ ،‬تقبلت الحب بأي شكل‪،‬‬ ‫وأصبحت أحرتم األديان جميعها باختالفاتها‬ ‫وتعددها‪ ،‬فالله محبة‪ ،‬واحرتم الالدينيني وكذلك‬ ‫احرتم الرأي املغاير‪ ،‬املعتقدات واالختالف“‬ ‫وحتى الثوابت السياسية ومفاهيم الوطن‬ ‫والعدو وغريها‪ ،‬تغريت أيضاً‪ ،‬تقول حنني‬ ‫داوود “نظريت إىل الوطن صارت أوسع‪ ،‬فلم‬ ‫يعد مجرد مكانٍ خلقت فيه‪ ،‬صار الوطن هو‬ ‫كل مكان أستطيع فيه أن أحلم بحرية‪ ،‬وأنا أعلم‬ ‫بأن حلمي سيتحقق فعالً‪ ،‬ومل يعد انتاميئ‬ ‫ضيق إىل دين‪ ،‬أو وطن‪ ،‬أو فكرة محددة‪ .‬صار‬ ‫انتاميئ إىل البرشية والكون كله“‬ ‫سلوكيات كثرية كانت تع ّد شائكة‪ ،‬وقد تودي‬ ‫إىل القتل تحت حامية القانون ومبسمى جرمية‬ ‫الرشف‪ ،‬أو الخوف من الفضيحة‪ ،‬حاالت‬ ‫أصبحنا نراها اليوم عىل املأل أمام أعيننا‪ ،‬يتقبلها‬ ‫البعض ويرفضها اآلخر‪ ،‬إال أنها مل تعد يف تلك‬ ‫الزواية املعتمة أو تحت خطر املوت عند االقرتاب‬ ‫منها‪.‬‬ ‫▄▄‬


‫‪18‬‬

‫باب أرابيسك‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫أكيد سبب وقوع الطائرة األول هو أن تكون‬ ‫تعرضت لعمل إرهايب! خاص ًة إذا مل يتم‬ ‫العثور عىل الصندوق األسود‪ .‬بكل األحوال‬ ‫سيحتاجون إىل عدة أيام ليعرثوا عىل‬ ‫الصندوق األسود‪ ،‬وبهذا األسبوع بالتأكيد‬ ‫سريجعون إىل الركاب وجنسياتهم وهنا‬ ‫تذكرت اسمي وذقني عىل جواز سفري “‬ ‫املحمد عبود سعيد” سوري وأحد ركاب‬ ‫الطائرة التي سقطت‪.‬‬

‫الصندوق األسود المفقود‬ ‫عبود سعيد‬ ‫قلت سابقاً‪ :‬في المطارات‬ ‫أنا متهم حتى أثبت العكس‪.‬‬ ‫“وياحزركن أنا وين شفت مطارات‬ ‫بحياتي؟ أكيد مو مطار دمشق‬ ‫وال مطار حلب الدولي أو مطار‬ ‫أبوظبي‪ ،‬هدول المطارات بس‬ ‫لألكابر”‪ .‬نحن تشردنا وأصبحت‬ ‫مطارات أوربا كلها تحت تصرفنا‪،‬‬ ‫من فيينّا إلى أمستردام ومن برلين‬ ‫إلى ستوكهلم‪ .‬حقنا الطبيعي‪،‬‬ ‫نمارسه طالما لدينا جواز سفر‬ ‫أزرق‪ ،‬مطارات من أفخم ما يكون‪،‬‬ ‫أناقة‪ ،‬نظام‪ ،‬خدمة خمس نجوم‬ ‫وأحياناً إنترنت ببالش‪.‬‬ ‫الحياة جميلة وسهلة‪ ،‬لكنها تصبح أكرث بشاعة‬ ‫وتضيق عندما تصل إىل الكونرتول وميسك‬ ‫بيده جواز سفرك! يكفي أن يقوم الكونرتول‬ ‫بتفحصك زيادة عن اللزوم ولو للحظات‪ ،‬أو‬ ‫بنظرة تدقيق‪ ،‬ولو بتقليب الصفحات عدة‬ ‫مرات مع صفنة خفيفة‪ ،‬ليك تتذكر أنك لست‬ ‫أهالً للثقة وال تشبه اآلخرين‪ ،‬خاص ًة إذا كان‬ ‫اسمك بهذه “ الوقاحة”‪ :‬املحمد عبود سعيد!‬ ‫ناهيك عن سامر برشيت الذي كانت أمي‬ ‫تتباهى به يوماً ما‪.‬‬ ‫كان مطار استنبول أول مطار أدخله‪ ،‬حينها‬ ‫قال يل صديقي لقامن ديريك‪“ :‬شوف أخوي‬ ‫عبود! اليوم إنت رح تروح عاملطار‪ ،‬واملطار‬ ‫كبري‪ ،‬وانت يعني افهم واحد عالفيسبوك‪،‬‬ ‫وشيخ الكتاب‪ ،‬وأكرب معلم باملنطقة الصناعية‬ ‫والحدادة‪ ،‬عىل عيني ورايس بس إنت باملطار‬ ‫جحش! ما تشغل مخك وال تروح هني وهني‪،‬‬ ‫تسأل وتستفرس منشان ما تضيع يا أخوي‪”.‬‬ ‫من استنبول إىل برلني‪ ،‬وذلك بدعوة ألقوم‬ ‫بقراءات تتعلق بكتايب املنشور يف أملانيا‪،‬‬ ‫فأنا اآلن كاتب‪ ،‬وكان ال بد من إشارة توحي‬ ‫يل سوى أن أقرر أن أطيل‬ ‫بذلك‪ ،‬فام كان ع ّ‬ ‫ذقني عىل األقل‪“ ،‬مو هيك يعملوا الكتاب؟!”‬ ‫يف برلني‪ ،‬كاتب وبذقن طويلة أقدم أوراقي‬

‫للحصول عىل إقامة لجوء‪ ،‬شاءت األقدار‬ ‫أن تكون الصورة التي التقطتها لتث ّبت عىل‬ ‫جواز سفري يف الوقت الذي كانت تنمو فيه‬ ‫ذقني الثقافية‪ .‬صار عندي جواز سفر باسمي‬ ‫وذقني وبرشيت‪ ،‬من مطار إىل مطار تتغري‬ ‫املدن واألسباب واملطارات‪ ،‬لكن اسمي وذقني‬ ‫وبرشيت والكونرتول واحد‪ .‬فتلت أوروبا كلها‬ ‫تقريباً‪ ،‬بكل ما استطاع إليه جواز سفري‬ ‫األزرق سبيال‪ ،‬لكن ال مفر من أن تتذكر يف كل‬ ‫مطار من أنت! إال يف الربازيل األمر مختلف‪،‬‬ ‫فلقد تلقيت دعوة لحضور أحد املهرجانات بعد‬ ‫أن أصبح يل كتاب منشور هناك‪ ،‬وافقت عىل‬ ‫الفور‪ ،‬من يقول ال للربازيل؟!‬ ‫والربازيليون أغلبهم سمر وأسمر مني كامن‪،‬‬ ‫وليس لديهم فوبيا البرشة العربية اإلسالمية‪،‬‬ ‫“ضايعة بني سامرهم”! وبعيدون جدا ً!‬ ‫ومعلوماتهم قليلة عن األسامء العربية ورعبها‪.‬‬ ‫كل يشء ممكن يف الربازيل‪ ،‬وكأنك يف سوريا‬ ‫بدون بشار األسد! يف الربازيل‪ ،‬الجميلة ال‬ ‫تعرف أنها جميلة وأنه يحق لها أن تتعاىل‪،‬‬ ‫السوبر ماركت يف الربازيل عبارة عن دكان‪،‬‬ ‫مثل الدكان الذي نذهب إىل صاحبه ونقول‪:‬‬ ‫عمو عطينا بخمس لريات بزر‪.‬‬ ‫حرضت املهرجان‪ ،‬وطبعاً كالعادة‪ ،‬يريدونني‬ ‫أن أتحدث عن الحرب وداعش وحقوق اإلنسان‬ ‫وإىل ما هنالك من هذا الكالم‪ ،‬ببساطة رفضت‬ ‫وقلت أنا ال أريد أن أتكلم عن الحرب وداعش‪،‬‬ ‫وأفضل أن أتكلم عن كتايب وعني‪ .‬التقط‬ ‫عدد من الصحفيني هذه الجملة ووضعوها‬ ‫عنواناً ملقاالتهم‪ .‬مىض يوم يومني‪ ،‬لينتهي‬ ‫املهرجان بخري وسالم‪ ،‬وال أثر له وال لكتّابه‬ ‫الذين حرضوا وال أثر ملواقفهم ووجهات‬ ‫نظرهم‪ ،‬وال حتى للمقاالت التي كتبت عنه‪.‬‬ ‫انتهى املهرجان لكنني ما زلت يف الربازيل‪،‬‬ ‫أتسكع يف البارات وأرشب الكاشاسا‪ ،‬وأتعرف‬ ‫عىل الربازيليني وميكنني أن أصفهم بجملة‬ ‫واحدة‪ :‬الربازيليون ليسوا أجانب! شعب‬ ‫تعمه الفوىض والجامل‪ ،‬لدرجة أنني كنت‬ ‫يف مطار ريو دي جانريو ذاهباً إىل ساو‬ ‫باولو‪ ،‬وقفت ألدخن خارج املطار وكان جواز‬

‫سفري مع صديقتي عىل شباك “التشيك إن”‪،‬‬ ‫فسألتها املوظفة الربازيلية أين صاحب الجواز‬ ‫فأشارت صديقتي بيدها بعيدا ً وقالت‪ :‬هو‬ ‫يدخن يف الخارج‪ ،‬فقالت املوظفة الربازيلية‬ ‫ما يف مشكلة وط ّجت الختم وأعطتها الجواز‬ ‫والتكتات‪ .‬بهذه البساطة تجري األمور يف‬ ‫الربازيل‪ ،‬كل يشء ممكن أن يحدث يف‬ ‫الربازيل‪.‬‬ ‫أنهيت سيجاريت ووضعت العقب يف قنينة‬ ‫برية كانت موضوعة عىل الرصيف‪ ،‬ودخلت‬ ‫إىل املطار أبحث عن طياريت‪ ،‬فإذ باملوظف‬ ‫الربازييل األسمر يوقفني ويطلب جوازي‬ ‫وأوراقي‪ ،‬كان يتكلم كثريا ً باللغة الربتغالية‬ ‫التي ال أفهمها‪ ،‬وأنا أعطيه األوراق وأقول‬ ‫لنفيس‪ :‬هل انضم الربازيليون إىل كونرتول‬ ‫العامل؟!‪ ،‬لكنهم مل يخيبوا ظني فقد كانت‬ ‫مجرد مخالفة إلطفاء السيجارة عىل الرصيف‬ ‫وليس يف مكانها املحدد‪ .‬أي مو مية أهال‬ ‫وسهال!!! ولك ألف مخالفة سيجارة وال نظرة‬ ‫كونرتول وحدة! كان املوظف يكتب املخالفة‬ ‫لكن القلم ال يكتب‪ ،‬ودفرت املخالفات يشبه‬ ‫دفاتر الطالب الكسالنني يف الصف الثاين‬ ‫واألول‪ ،‬مجعلك الصفحات وقديم وفوق كل‬ ‫هذا نقل املوظف اسمي ورقم جواز سفري‬ ‫خطأً وكان يضع نظارات سمكية‪ ،‬وال يرى‬ ‫ّعت‬ ‫جيدا ً‪ ،‬إنه مطار الربازيل‪ ،‬أحىل ناس! وق ُ‬ ‫عىل املخالفة‪ ،‬ثم رأيت موظفة برازيلية من‬ ‫موظفات املطار جميلة جدا ً‪ ،‬التقطت صورة‬ ‫معها وذهبت إىل مدخل الطائرة‪ ،‬أنتظر أن‬ ‫يفتحوا البوردينغ‪ ،‬وأنا أتأمل الطائرة الربازيلية‬ ‫التي سأركبها‪ ،‬فأالحظ أن طالء واجهة الطيارة‬ ‫مقشور‪ ،‬والطيارة “مهرتكة شوي” وهنالك‬ ‫بعض الصدأ ويظهر من شباك الطائرة رأس‬ ‫الطيار الربازييل الذي يتجهز للرحلة‪ ،‬أنظر‬ ‫إىل وجهه املتهكم وأقول لنفيس‪“ :‬والله‬ ‫شكلو هالربازييل هلق فايق من النوم وجاي‬ ‫عالرحلة‪ ،‬عادي بالربازيل كل يش بيصري!”‬ ‫أتأمل الطائرة وأتخيل أنها ستهوي بعد قليل‬ ‫يف املحيط‪ ،‬ألتفه األسباب‪ ،‬مثل أن ينفذ الوقود‬ ‫فجأة‪ .‬وتعال اقنع اليس إن إن أو البي يب يس‬ ‫والجزيرة إنو السالفة سالفة وقود!‬

‫لطاملا حلمت مثل أي مثقف أن أشغل وسائل‬ ‫اإلعالم وامليديا‪ ،‬فام بالك أن تنشغل بك كل‬ ‫الدنيا‪ ،‬ويتكرر اسمك يف كل التلفزيونات‬ ‫واإلذاعات والصحف واملجالت‪ ،‬ومن حق أي‬ ‫وسيلة إعالم‪ ،‬طاملا الصندوق األسود ما زال‬ ‫مفقودا ً أن تيضء عىل هذه النقطة‪ ،‬عىل األقل‬ ‫بهذه الطريقة‪ :‬الطائرة الربازيلية التي سقطت‬ ‫وهي تحمل عدة ركاب مختلفي الجنسيات‬ ‫وبينهم راكب سوري اسمه املحمد عبود سعيد‪.‬‬ ‫أتخيل أن املحطات التلفزيونية ستتصل عرب‬ ‫األقامر الصناعية بكبار األساتذة الجامعيني‬ ‫للتحدث عن حوادث الطائرات واإلرهاب‪،‬‬ ‫انطالقاً من اسمي‪ ،‬مجرد شكوك طبيعية‪،‬‬ ‫حقهم! أصحاب املقاالت أنفسهم‪ ،‬الذين قالوا‬ ‫أنّني رفضت التكلم عن الحرب وداعش وحقوق‬ ‫اإلنسان سيتحمسون لكتابة مقاالت أخرى‬ ‫يوضحون فيها عالقة حادثة سقوط الطائرة‬ ‫مبا حدث يف املهرجان‪ ،‬فهم أوىل من غريهم‪،‬‬ ‫كانوا السباقني يف اكتشايف‪ .‬املوظف أبو‬ ‫النظارات الذي خالفني‪ ،‬سيشعر بالخصوصية‬ ‫عندما يشاهدين عىل التلفاز‪ ،‬وستنشهر‬ ‫املوظفة التي التقطت صورة معي‪ .‬أما دار‬ ‫النرش التي نرشت كتايب‪ ،‬ستزدهر وتبيع كل‬ ‫النسخ يف األسبوع الذي ما زال فيه الصندوق‬ ‫األسود ضائعاً‪ .‬أتخيل الفيسبوك وأصدقايئ‬ ‫الفيسبوكيني‪ ،‬العاديني منهم واملثقفني الذين‬ ‫ال يرتكون عيد شجرة أو موت شخص بحادثة‬ ‫سري يف قرية بلجيكية أو ثورة أو مظاهرة يف‬ ‫بلد ما‪ ،‬تفلت من بوستاتهم‪ ،‬فام بالك أن يكون‬ ‫لديهم برازيل! وسوري مشتبه به! وطائرة‬

‫تسقط بني مدن تليق مبستواهم الثقايف‪،‬‬ ‫ريو دي جانريو!‪ ،‬ساو باولو!‪ ..‬إلخ‪ .‬سأكون‬ ‫مقاالت يكتبها الكتاب النخبويون‪ ،‬سيفرغون‬ ‫يب كل الكلامت التي حفظوها عن اإلسالم‬ ‫السيايس واإلرهاب‪ .‬سيعودون إىل صفحتي‪،‬‬ ‫ويلتقطون صورا ً لبوستات كتبتها وأنا أسخر‬ ‫من مراهقي العلامنية‪ ،‬ويربطونها بسقوط‬ ‫الطائرة‪.‬‬ ‫أتخيل صديقي املثقف سيكتب بوستاً ويقول‪:‬‬ ‫سالمات لساو باولو من اإلرهاب‪ ..‬مادة دسمة‬ ‫للمثقفني أينام حلوا وأينام كانوا‪ .‬أما أصدقايئ‬ ‫األملان سيحذفونني مبارشة ويحذفون كل‬ ‫الرسائل الخاصة بيني وبينهم‪ ،‬ويكتفون‬ ‫مبشاهدة األخبار بكل حياد إىل أن يتم العثور‬ ‫عىل الصندوق األسود‪ .‬أقربايئ وأوالد عمي‬ ‫وأبناء عشرييت الذين مل يقتنعوا بعد بأنني‬ ‫كاتب وأقيم يف أملانيا‪ ،‬سيفتحون بيت عزاء‬ ‫ويستقبلون املع ّزين ويضيفون القهوة امل ّرة‬ ‫وكلام سألهم أحدهم‪“ :‬شلون مات قرايبكم‬ ‫عبود السعيد؟” يبدؤون من الفيسبوك‬ ‫وينتهون بالربازيل‪ ،‬وأحد أوالد عمومة أيب‪،‬‬ ‫ضعيف بالجغرافية‪ ،‬وكلام سأله أحد‪ :‬وين مات‬ ‫قرايبكم عبود السعيد؟ ينادي ابنه الصغري‬ ‫ويقول له‪ - :‬قول لعاممك وين وقعت الطيارة‬ ‫اليل مات بيها ابن عمك‪ - .‬الطيارة وقعت‬ ‫بالربازيل‪ ،‬كانت الطيارة طايرة من ليوناردو‬ ‫ديكابريو لألب باولو ووقعت بالبحر‪.‬‬ ‫أتخيل مجلس عزايئ هو عبارة عن بيت شَ عر‬ ‫كبري يعج بالرجال ودخان السجائر‪ ،‬رغم أن‬ ‫عشرييت عريقة جدا ً إال أن بيت الشَ عر سيكون‬ ‫مفعامً بأحاديث سخيفة مثل‪ :‬كاتب‪ ،‬بوستات‪،‬‬ ‫فيسبوك‪ ،‬مهرجانات‪ ..‬إلخ‪ .‬وقبل أن يتم العثور‬ ‫عىل الصندوق األسود ترصخ املوظفة عرب‬ ‫امليكروفون‪ :‬يرجى من املحمد عبود سعيد‬ ‫الصعود إىل الطائرة قبل إغالق الباب‪.‬‬ ‫▄▄‬

‫ر‬

‫هيسه‬ ‫“من مفكرتي“ لهيرمن ّ‬ ‫أسامة منزلجي‬ ‫ليلة أمس راودتني أحال ٌم كثيرة لم أتذ ّكر أياً منها بوضوح ‪ .‬كل ما أنا‬ ‫اتجاهين‪:‬‬ ‫متيقّن منه هو أ َّن سياق تلك األحالم واإلحساس بها جرى في‬ ‫َ‬ ‫حل بي – والبعض اآلخر باالشتياق‬ ‫بعضها يتعلّق حصرًا بكل أنواع الحزن الذي َّ‬ ‫والكفاح للتغلُّب على هذا الحزن عبر الفهم التا ّم ‪ ،‬وعبر القداسة ‪.‬‬ ‫وهكذا بني املعاناة والتأ ُّمل ‪ ،‬بني اليأس ‪,‬‬ ‫وأعمق الجهود ‪ ،‬تالطمت أفكاري ‪ ،‬ورغبايت‬ ‫‪ ،‬وأوهامي طوال ساعات عىل جدرانٍ ضيّقة‬ ‫‪ ،‬إىل درجة اإلرهاق امل ُعذِّب ‪ ،‬وأحياناً كانت‬ ‫تتحول إىل مشاعر جسديّة شبه ُمبهمة ‪:‬‬ ‫حاالت ُمحدَّدة بدقّة ‪ ،‬ومميَّزة بوضوح تام‬ ‫من الحزن ‪ ،‬والبؤس ‪ ،‬وضيق القلب ُمتمثّلة‬ ‫بجالء عىل هيئة صور وأنغام متناسقة ‪ ،‬ويف‬ ‫الوقت نفسه من منطقة أخرى من الروح‬ ‫برزت دوافع تتّصف بحيويّة روحيّة أعظم‬ ‫التحل بالصرب ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .‬إنها تحذيرات بوجوب‬ ‫وبالكفاح ‪ ،‬وبالتزام الطريق الذي ال نهاية‬ ‫له ‪ .‬كان كل نشيج يُقابله خطوة شجاعة‬ ‫إىل األمام ؛ وإحساس بالعذاب عىل مستوى‬ ‫تُجيبه عىل مستوى آخر نصيحة ‪ ،‬حافز ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫إدراك للذات ‪ .‬إ َّن كان هناك أي معنى يف‬

‫الرتكيز عىل مثل تلك التجارب ‪ ،‬التي متيل بانتباه‬ ‫فوق األعامق واألهوية السحيقة التي يحملها املرء‬ ‫داخله ‪ ،‬فهذا املعنى ال يتكشّ ف إال إذا حاولنا أ ْن‬ ‫نتبع دوافع أرواحنا بأش ّد إخالص ودقّة ممكنني‬ ‫– إىل أبعد وأعمق مام ميكن للكلامت أ ْن تبلغه ‪.‬‬ ‫إ َّن كل َم ْن يحاول يُس ّجل هذا يفعل ذلك بالشعور‬ ‫نفسه الذي ينتابه لدى محاولته مناقشة شئون‬ ‫شخصيّة صعبة ودقيقة بلغة أجنبيّة ال يعرف‬ ‫أقل القليل ‪.‬‬ ‫منها إال ّ‬ ‫وهكذا كانت حالة تجربتي وامتدادها عىل الشكل‬ ‫التايل ‪ :‬من ناحية كانت تح ُّمل حزن هائل ‪ ،‬ومن‬ ‫ناحية أخرى كفاحاً واعياً للسيطرة عىل هذا‬ ‫الحزن ‪ ،‬من أجل تحقيق تناغمٍ كامل مع القدر ‪.‬‬ ‫كان ذلك تقريباً ال ُحكم الذي أصدره وعيي ‪ ،‬أو‬ ‫باألحرى الصوت األول املسموع داخل وعيي ‪.‬‬


‫باب أرابيسك‬

‫‪19‬‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد ‪ - 21‬أيلول ‪August • 2017‬‬

‫حين ير ّن الهواء حولك من القسوة‬ ‫رجل كسول‬ ‫فأنا ٌ‬ ‫يحب األلفة كثريا ً واألشياء‪ ‬‬ ‫سأبقى رغم ما تقوله األرصاد‪ ‬‬ ‫عن صحة الطبيعة‬ ‫واكتفي بعادايت القليلة هنا‪ ‬‬ ‫لن أقع يف الخوف‪ ‬‬ ‫من الفقد مجددا‬ ‫أو يعاتبني أح ٌد عن الهوية والذكريات‪ ‬‬ ‫سأترك أظافري تطول‬ ‫أضع يف الصحون فتاتا من الخبز للطيور‬ ‫و أقعد كشجرة أمام الشمس‪ ‬‬ ‫نصف عار‪ ‬‬ ‫أنتظر األرض‪ ‬‬ ‫يك تعود‪.‬‬

‫الخضر شودار‬ ‫في هذا العالم‬

‫هاجرتُ من مدنٍ مل أزرها أبدا ً من قبل‬ ‫ال زالت مذاقاتها يف فمي‬ ‫و شمسها يف ثيايب‬ ‫قرأتُ هناك كتباً بال مؤلفني‬ ‫فشلت م ّر ٍ‬ ‫ات يف الحب‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫مع نسا ٍء مل أصادفه ّن يف حيايت‬ ‫و ألنني دامئاً عىل حق‬ ‫و بسبب من حامقايت‬ ‫قتلت شخصاً أو شخصني‬ ‫مل يولدا بعد‬ ‫منت عميقاً ليلتها‬ ‫ُ‬ ‫كنت أميش عارياً متاماً‬ ‫أمام نفيس‬ ‫و ال أخجل‬ ‫و اآلن‬ ‫أنا أعيش يف مدنٍ تعرفني‬ ‫قابلت مرارا ً حكامء ومؤلفني‬ ‫ُ‬ ‫مل أفشل أبدا ً يف الحب‬ ‫و مل أقتل أحدا ً‬ ‫و مع ذلك حني‬ ‫أميش بكل أناقتي‬ ‫أمام اآلخرين‬ ‫أتعرث‬ ‫يف هذا العامل‬ ‫أخجل‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫و‬

‫حين ير ّن الهواء حولك من القسوة‬

‫(رسالة إىل فرناندو بيسوا)‬ ‫عزيزي فرناندو ‪...‬‬ ‫مل نلتق أبدا ً من قبل‬ ‫رمبا م ّر ًة واحدة بالصدفة‬ ‫بعد رحيلك بأعوام‬ ‫السبعني‬ ‫ُ‬ ‫كنت أنا يف العارشة و أنت يف نهايات ّ‬ ‫عرفتك من قبعتك و نظارات املونوكل‬ ‫لكني تأكدت أكرث من تلك الرجفة الشعرية‬ ‫يف أهدابك‬

‫هناك صوت آخر أضعف ‪ ،‬لكنه أعمق ورنّان أكرث‬ ‫عب عن األمر بشكل مختلف ‪ .‬هذا الصوت‬ ‫‪ ،‬يُ ِّ‬ ‫(الذي سمعته بوضوح كالصوت األول لكنه أبعد‬ ‫داخل نومي وحلمي) مل يصف املعاناة بأنها‬ ‫الحيوي من أجل تحقيق‬ ‫خاطئة ورصاعي العقيل‬ ‫ّ‬ ‫الكامن بأنه صائب ‪ ،‬بل وزّع الخطأ والصواب‬ ‫عب‬ ‫بالتساوي عىل كليهام ‪ .‬هذا الصوت الثاين ّ َ‬ ‫عن عذوبة املعاناة ‪ ،‬ورضورتها ‪ ،‬ومل يكن ُمهتامً‬ ‫بالسيطرة عليها أو بإزالتها بل فقط بتعميقها‬ ‫وإنارتها‪.‬‬ ‫الصوت األول ‪ ،‬قال شيئاً بالكاد يبدو كالكلامت‬ ‫‪ ،‬يشبه ما ييل ‪ “ :‬إ َّن املعاناة هي معاناة ‪ ،‬وال‬ ‫جدال حول هذا ‪ .‬إنها مؤملة ‪ ،‬وموجِعة ‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك ِقوى ميكنها أ ْن تتغلَّب عليها ‪ .‬إذن ‪ ،‬ابحث‬ ‫عن تلك ال ِقوى ‪ ،‬هذّبها ‪ ،‬وف ّعلها ‪ ،‬واجعلها تُهدِّئ‬ ‫رغبت‬ ‫من قلقك ! سوف تكون أحمق وضعيفاً إذا‬ ‫َ‬ ‫يف مواصلة املعاناة إىل األبد “‬ ‫لك َّن الصوت الثاين قال شيئاً يشبه ما ييل ‪“ :‬‬ ‫إ َّن املعاناة تؤمل فقط َ‬ ‫ألنك تخافها ‪ .‬املعاناة تؤمل‬ ‫فقط َ‬ ‫ألنك تشتيك منها ‪ .‬وهي تسعى إليك فقط‬ ‫ألنك تهرب منها ‪ .‬ال ينبغي أ ْن تهرب ‪ ،‬ال ينبغي‬ ‫تحب‬ ‫أ ْن تشتيك ‪ ،‬وال ينبغي أ ْن تخاف ‪ .‬يجب أ ْن ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تعرف جيدا ً ‪ ،‬يف‬ ‫تعرف هذا كله ‪،‬‬ ‫‪ .‬أنت نفسك‬ ‫أعامقك ‪ ،‬أ َّن هناك فقط ِسحرا ً واحدا ً ‪ ،‬قوة واحدة‬ ‫‪ ،‬خالصاً واحدا ً ‪ ،‬وسعادة واحدة ‪ ،‬وتُس ّمى املحبّة‬

‫شيمبورسكا‬

‫أنا من مدينة قصية‬ ‫ال تذكرها كتب التاريخ‬ ‫يقال لها يف لغتي " أغيالس"‬ ‫لبؤة نامئة بني جبلني يف رسير الوادي‬ ‫كانت أصابعي تنبض عىل جسد التني‬ ‫ٍ‬ ‫زهرات يف عباءة‬ ‫و النحل الربي يرعى عىل‬ ‫جديت‬ ‫مل يسافر أح ٌد يف بلدتنا أبعد من بلدتنا‬ ‫أطول رحالتنا كانت بني الينابيع واألشجار‬ ‫و بيوتنا يف األحراش حباحب توصوص بال‬ ‫كهرباء‬ ‫أعرف بأنك ال تحب أن يش ّبهك أحد بالطبيعة‬ ‫و أنني مجرد عشب مهمل عىل العتبات‬ ‫هل ما زلت تحب رشاب الرباندي املنكّه بالتوت‬ ‫متل من الجلوس و املناقشات‬ ‫وال ّ‬ ‫عن الطالع واألفالك‬ ‫ال تسألني أرجوك‬

‫السيئة‬ ‫عن عادايت ّ‬ ‫زلت أحب املطر‬ ‫فأنا ما ُ‬ ‫مبلل من الداخل‬ ‫وأشعر دامئا بأين ٌ‬ ‫أجل‬ ‫مل أعد بصح ٍة ج ّيدة‬ ‫منذ أن قتل حطابون أجالف‬ ‫فريس السوداء‬ ‫تخيّ ْل ‪ ،‬أنت ال ّرهيف‬ ‫أن متوتَ يف غاب ٍة برضبة فأس‬ ‫و الهوا ُء حولك ير ّن من القسوة‬ ‫مل يعد حينها املربع و املستطيل مستقيمني‬ ‫كام يف املدرسة‬ ‫بل دائريان‬ ‫النبع دائري ‪ ..‬الرسو دائري ‪ ..‬الثلج دائري‬ ‫ثقوب مالبيس‬ ‫ورصخة ذلك الرجل عالياً يف الحراثة‬ ‫تنهدات الحب‬

‫أحب معاناتك ‪ .‬ال تقاومها ‪ ،‬ال‬ ‫‪ .‬حس ٌن إذن ‪ّ ،‬‬ ‫تهرب منها ‪ .‬تذ ّوق مدى حالوتها يف جوهرها ‪،‬‬ ‫استسل ْم لها ‪ ،‬ال تواجهها بكراهية ‪ .‬إ َّن كراهيتك‬ ‫وحدها تؤمل ‪ ،‬وال يشء آخر ‪ .‬إ َّن الحزن ليس‬ ‫حزناً ‪ ،‬واملوت ليس موتاً إذا مل تجعلهام كذلك !‬ ‫أصغيت إليها‬ ‫املعاناة هي موسيقى رائعة – إذا‬ ‫َ‬ ‫برهة ‪ .‬لكنك ال تُصغي ؛ إ َّن يف أُذنك دامئاً نوعاً‬ ‫مختلفاً ‪ ،‬خاصاً ‪ ،‬عنيدا ً من املوسيقى والنغم‬ ‫تتخل عنه وال ينسجم مع موسيقى املعاناة‬ ‫َّ‬ ‫لن‬ ‫يل ‪ ،‬وتذكّر ‪ :‬إ َّن املعاناة‬ ‫يل !‬ ‫‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أنصت إ ّ‬ ‫أنصت إ ّ‬ ‫ال يشء ‪ ،‬املعاناة وهم ‪ .‬أنت اخرتعتها بنفسك ‪،‬‬ ‫وأنت الذي يُسبِّب األمل لنفسه !‬

‫كل من الصوتني األصليني ‪ .‬وكل صوت ثانوي‬ ‫ٌ‬ ‫جديد انقسم من جديد ولكن ليس من أجل‬ ‫تشكيل فرقتني تقفان متقابلتني ‪ ،‬كام لو أنهام‬ ‫عىل سبيل املثال األكرث إرشاقاً وأكرث قتامة ‪،‬‬ ‫األعىل واألكرث انخفاضاً ‪ ،‬الذكر واألنثى ‪ ،‬أو‬ ‫كائناً ما كان ‪ .‬كال ‪ ،‬بل كل صوت جديد يحتوي‬ ‫شيئاً من كال الصوتني امل ُهيمنني ‪ ،‬أصداء العامء‬ ‫وأصداء اإلرادة الف ّعالة ‪ ،‬ليالً ونهارا ً ‪ ،‬ذكر وأنثى‬ ‫‪ ،‬يف تركيبة جديدة وفريدة ‪ .‬وكل صوت كان له‬ ‫دامئاً الشخصية املناقضة متاماً للصوت الذي هو‬ ‫طفله وذريته ‪ .‬والصوت الثانوي الجديد الذي‬ ‫يئ يبدو دامئاً‬ ‫يربز فجأة من الصوت األم العام ّ‬ ‫أكرث رجولة ووضوحاً ‪ ،‬و ُمفعامً أكرث باملعنى ‪،‬‬ ‫وأش ّد هدوءا ً ‪ ،‬وتحديدا ً – والعكس بالعكس ‪.‬‬ ‫انبثق‬ ‫ولك ْن كالً منهام كان مزيجاً ‪ ،‬وكالً منهام َ‬ ‫من االشتياق إىل األصل اآلخر ‪.‬‬

‫وهكذا اإلضافة إىل املعاناة وإرادة الهروب‬ ‫‪ ،‬كان هناك أيضاً رصاع مستمر وتوتّر بني‬ ‫الصوتَني ‪ .‬األول ‪ ،‬األقرب إىل الوعي ‪ ،‬لديه الكثري‬ ‫يقوله عن نفسه ‪ .‬إنه يواجه عامل الضمري امل ُع ِتم‬ ‫بوضوحه الخاص ‪ .‬إىل جانبه تقف السلطات ‪،‬‬ ‫موىس واألنبياء ‪ ،‬واألب واألم ‪ ،‬واملدرسة ‪ ،‬وكانط‬ ‫وفيخته ‪ .‬والصوت الثاين بدا بعيدا ً ‪ ،‬وكأنه يربز‬ ‫من الال وعي ومن املعاناة نفسها ‪ .‬إنه ال يخلق‬ ‫جزيرة آمنة وسط العامء ‪ ،‬وال يُلقي ضوءا ً إىل‬ ‫سبب‬ ‫الظالم ‪ .‬إنه هو نفسه ُمظلامً ‪ ،‬وهو نفسه ٌ‬ ‫يئ ‪.‬‬ ‫بدا ّ‬ ‫من املستحيل اآلن وصف الطريقة التي تطور‬ ‫وتجسدا ‪ .‬يف الواقع لقد انقسم‬ ‫بها الصوتان‬ ‫ّ‬

‫تجل يل فيه العامل‬ ‫هكذا نشأ تع ُّد ٌد وتف ُّر ٌع ّ‬ ‫بر ّمته مع ما فيه من ماليني االحتامالت ‪ .‬وكل‬ ‫احتامل كان يتوازن مع نقيضه ؛ كأ َّن العامل كله‬ ‫يجري يف مساره يف روحي الحاملة ليُصاحب‬ ‫األمل األخرس املتواصل ‪ .‬كانت هناك قوة ودافع‬ ‫يف تقدّمه ‪ ،‬ولكن أيضاً الكثري االحتكاك ‪ ،‬والكبح‬ ‫‪ ،‬والحدود املوجعة ‪ .‬إ َّن العامل يدور حول نفسه ‪،‬‬ ‫نئ ويُدخّن ‪.‬‬ ‫يدور بجامل وشغف ‪ ،‬لك َّن املحور ي ّ‬ ‫حلمت به‬ ‫عم‬ ‫ُ‬ ‫كام َ‬ ‫سبق أ ْن قلت ‪ ،‬ال أعرف املزيد ّ‬

‫أصابع األطفال يف الهواء دائرية‬ ‫البكاء‬ ‫القبالت‬ ‫وذاك الحقري املوت‬ ‫دائري أيضا‬ ‫مل أترك كتاباً يف الشعر وال جراحاً يف حجر‬ ‫ٍ‬ ‫قامش أزرق‬ ‫ومل أمتاوج عىل‬ ‫الذين أح ّبوين كتبوا عىل شاهدة قربي‬ ‫"حيوان عديم الصفات"‬

‫أنتظر األرض‪.. ‬‬

‫رتيب هذا العام‬ ‫الصيف ٌ‬ ‫وال أسباب تغري حقاً بالرحيل‬ ‫سبقني الغزاة والرحالة والفضوليون‬ ‫إىل كل مكان سأذهب إليه‬ ‫الجهات األربع امتألت عن آخرها‬ ‫ال حاجة إىل األسفار إذن‬

‫يتبق غري اللحن امل ُميَّز‬ ‫‪ .‬لقد‬ ‫ْ‬ ‫اختفت النغامت ‪ ،‬مل َّ‬ ‫واألصوات ُمس ّجلة يف ذاكريت ‪ .‬كل ما أعرف هو‬ ‫لت الكثري من األمل ‪ ،‬ومع كل أمل جديد‬ ‫أنني تح ّم ُ‬ ‫كان مفهوم الحرية والخالص الشجاع يُضاء من‬ ‫جديد ‪ .‬إذن هنا كانت عمليّة أبديّة ‪ ،‬جولة من‬ ‫الدافع والقبول ‪ ،‬من الخلق والتح ُّمل ‪ ،‬من الفعل‬ ‫واملعاناة – ال تنتهي ‪.‬‬ ‫شاهدتُ هذا وابتأست ‪ .‬كان كل يشء يتّسم‬ ‫بنكهة الحزن أكرث من الفرح ‪ ،‬عندما اتّخذتْ‬ ‫أحوال الحلم أشكال املشاعر املحسوسة ‪ ،‬كانت‬ ‫صبت بالصداع ‪ ،‬وانتابني الدوار واإلغامء‬ ‫مؤملة ؛ أُ ُ‬ ‫وقعت يل تتألف من‬ ‫‪ .‬كانت األحداث التي‬ ‫ْ‬ ‫طبقات متعددة ‪ ،‬وعىل كل تجربة جديدة أو‬ ‫حزن كان صوتٌ جديد يُعطي جواباً ‪ ،‬وكل‬ ‫هجوم تتلوه نصيحة داخليّة ‪ .‬وبرزت أمثلة‬ ‫‪ ،‬ميَّزتُ بينها ستاريتس زوسيام من رواية‬ ‫“ اإلخوة كارامازوف “ يظهر ك ِمثال يُحتذى‬ ‫األبوي البدايئ ‪،‬‬ ‫ومعلِّم ‪ .‬لك َّن ذلك الصوت‬ ‫ّ‬ ‫انشق يف‬ ‫ويتغي شكله باستمرار ‪،‬‬ ‫األبدي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ينشق بل منحني‬ ‫كل مرة ‪ ،‬أو باألحرى ‪ ،‬مل‬ ‫ّ‬ ‫إحساساً كأ َّن محبوبة تُشيح ببرصها عني‬ ‫وته ّز رأسها يف صمت ‪.‬‬

‫وكأ َّن ذلك الصوت يقول “ ال تقبل أي قُدوة‬ ‫! ال وجود للقدوات ‪ ،‬إنهم أشياء تخرتعها‬ ‫ببساطة من أجل نفسك للتظاهُر ‪ .‬و ُمحاكاة‬

‫عزيزيت شيمبورسكا‬ ‫الزلت منذ أشهر أبحث‬ ‫يف أشعارك‪ ‬‬ ‫عن قصائد يل كتبتها‬ ‫عن " الغريب"‪ ‬‬ ‫الذي رأيته مرارا ً يف املحطات‬ ‫و حفالت رأس السنة‬ ‫يخرج يف آخر الليل‪ ‬‬ ‫مثالً من با ٍر رخيص‪،‬‬ ‫يدس يديه من الربد‬ ‫ّ‬ ‫يف جيوب معطفه الثقيل‪ ‬‬ ‫حارقاً يف سجائره‬ ‫أوجاع العامل‪ ‬‬ ‫ال زلت حتى هذه الساعة‪ ‬‬ ‫أقلب الصفحات‬ ‫و مل أعرث سوى عىل‬ ‫غيومٍ شاردة‬ ‫و ابتسامات‪ ‬‬ ‫ثياب ملوت غري مبالغ فيه‬ ‫عىل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫استعراضات عسكرية‪ ‬‬ ‫او‬ ‫بني الليل و النهار‬ ‫و رجل " ال أعرفه " يقلب منذ أشهر‬ ‫عن قصائد له‪ ‬‬ ‫يف أشعارك‬

‫القدوات هراء ‪ .‬والعمل الصائب ينشأ من‬ ‫ني ‪ .‬فقط عان‬ ‫تلقاء ذاته ‪ .‬فقط عان ‪ ،‬يا بُ ّ‬ ‫وارشب الكأس حتى القطرة األخرية ! وكلام‬ ‫اجتهدتَ يف املحاولة لتج ّنبه يُصبح مذاقه‬ ‫أش ّد مرارة ‪ .‬إ َّن الجبان يجرع قَ َد َره وكأنه‬ ‫ُس ّم أو دواء ‪ ،‬أما أنت فعليك أ ْن ترشبه كام‬ ‫ٍ‬ ‫عندئذ سوف يكون‬ ‫ترشب النبيذ والنار ‪.‬‬ ‫مذاقه حلوا ً “‬ ‫لك َّن مذاقه كان ُم ّرا ً وطوال الليل كان‬ ‫نئ ويُدخّن حول‬ ‫دوالب العامل يدور ‪ ،‬ي ّ‬ ‫محوره ‪ .‬من ناحية كان طبيعة عمياء ‪،‬‬ ‫ومن ناحية أخرى كان الروح امل ُشا ِهدة –‬ ‫تتغي لتُصبح‬ ‫لك َّن الروح امل ُشا ِهدة ظلّت‬ ‫َّ‬ ‫أشياء عمياء ‪ ،‬وميّتة وعقيمة ‪ :‬لتُصبح‬ ‫أخالقاً ‪ ،‬وفلسفة ‪ ،‬وصيَغاً ؛ الطبيعة‬ ‫العمياء ظلّت دامئاً تفتح إحدى عينيها‬ ‫عىل هذا اليشء وذاك ‪ ،‬عني رائعة ‪ ،‬دامعة‬ ‫‪ ،‬حييّة وب ّراقة ‪ .‬ال يشء يبقى ُمخلصاً‬ ‫السمه ‪ .‬ال يشء يبقى مخلصاً لجوهره ‪.‬‬ ‫كل األشياء كانت “ فقط “ أسامء ‪ ،‬كل‬ ‫يشء كان “ فقط “ جوهرا ً ‪ ،‬وخلف ذلك‬ ‫ح َرم الحياة ولغز النداء الباطني‬ ‫كله ‪ ،‬كان َ‬ ‫يرتاجع أكرث فأكرث إىل مرايا أعامق جديدة‬ ‫أبعد و ُمخيفة أكرث ‪ .‬وهكذا يستمر عاملي‬ ‫يف الدوران وإرسال الدخان ‪ ،‬ما دام‬ ‫املحور صامدا ً ‪.‬‬


Auf Deutsch

August • 2017 ‫ أيلول‬- 21 ‫ العدد‬- ‫السنة الثانية‬

20

seine Eltern und Geschwister um sein Gleichgewicht wiederzuerlangen." Auch Saleh, der jetzt 12 Jahre alt ist, ist vor fast einem Jahr allein nach Deutschland gekommen. Durch das Vormundschaftsgericht wurde ein deutscher Vormund ernannt: Sie heißt Katharina und besitzt ein Haus in Stuttgart, in dem sie ein paar wenigen minderjährigen Geflüchteten, die unbegleitet nach Deutschland gekommen sind, ein Zuhause gibt und sich um ihre Bedürfnisse kümmert.

Lauchzwiebel verwendet man Schnittlauch und mariniert die gekochten Kartoffeln mit weißem Essig, Senf und Rapsöl. So bereitet man Kartoffelsalat in Süddeutschland zu, im Norden gibt man gekochte Eier und Mayonnaise hinzu. Freekeh (Grünkern) Seien Sie nicht überrascht: Auf dem Land essen auch die Deutschen gerösteten grünen Weizen, welcher unserem Freekeh entspricht. Seit langer Zeit ist es bei den deutschen Bauern Brauch, einen Teil des Weizens noch vor seiner Reife zu ernten, um sich gegen einen Ernteausfall durch schlechtes Wetter abzusichern. Ende Juli wird der noch grüne Weizen geschnitten und über einem Feuer aus Buchenholz geröstet, was ihm seinen besonderen Geschmack und Geruch gibt. Dann wird das Korn getrocknet - ursprünglich geschah dies mittels der Restwärme von Bäckhäusern -, wobei die Kornfeuchte von 50% auf 13% sinkt. So wird der Grünkern lagerfähig und man kann daraus im Winter eine schmackhafte Suppe bereiten. Soweit bekannt kam diese Technik zum ersten Mal im Jahr 1660 zu Anwendung,

in der bayerischen Stadt Amorbach. Etwa 8.350 Jahre früher, noch bevor der Mensch sesshaft wurde, war eine ähnliche Methode in der Levante bekannt. Auf dem Gebiet der heutigen Staaten Syrien, Libanon, Israel und Jordanien sammelte man damals wilden Weizen vor seiner Reife und verbrannte ihn, um ihn haltbar zu machen. Der Grund hierfür war natürlich nicht die Angst vor schlechtem Wetter: Die Körner des nichtdomestizierten Weizens fallen zu Boden sobald sie reif sind, um den Kreislauf des Lebens aufrechtzuerhalten, weswegen sie der Mensch vorher, wenn sie noch grün sind, ernten musste. Bei uns wird Grünkern traditionellerweise in den Weizenanbauregionen hergestellt: Im Nordosten und Südwesten Syriens und im Süden des Libanons. Nach der Ernte im Frühjahr entzündet man ein Feuer unter einem mit einem Netz bespannten Metallrahmen und wirft das noch grüne Getreide darauf, so dass die Ähren schwarz werden und die Halme verbrennen. Danach werden die Weizenkörner gereinigt und zum Trocknen in die Sonne gelegt. Übersetzung: Mirko Vogel, Mahara-Kollektiv, vogel@ mahara-kollektiv.de

Katharina, die erst 25 Jahre alt ist, sagt: "Bei mir zu Hause leben ungefähr vier Minderjährige. Ich kümmere mich um ihre Sicherheit und helfe ihnen im Alltag. Saleh hat subsidiären Schutz erhalten. Ich verfolge diese Angelegenheit und versuche, notwendige Maßnahmen zu ergreifen. Deshalb hoffe ich, dass das Klageverfahren der Anwältin Erfolg haben wird und er einen Aufenthaltstitel über drei Jahre bekommt, damit er seine Eltern anhand eines Antrags auf Familienzusammenführung zu sich holen kann." Saleh sagt: "Ich bin sehr optimistisch. Mama Katharina hat mir versprochen, dass sie meine Eltern zu mir bringt, sodass wir alle gemeinsam hier in Deutschland leben und nie wieder voneinander getrennt werden." Ogid ist ein junger Mann, der seit ungefähr zwei Monaten zusammen mit minderjährigen Geflüchteten verschiedener Nationalitäten und Vertretern diverser Menschenrechtsorganisationen Proteste vor dem Deutschen Bundestag in Berlin organisiert. Dort wehen Banner mit Forderungen danach, unbegleiteten Geflüchteten die Familienzusammenführung zu ermöglichen. Ogid ist vor ungefähr zwei Jahren allein in die Bundesrepublik eingereist. Nach seiner Ankunft stellte er einen Antrag auf Nachzug seiner Mutter und seines Vaters. Zu diesem Zeitpunkt war er gerade 16 Jahre alt. Letztendlich gelang es ihm lediglich seine Mutter einreisen zu lassen, da er, bevor er seinen Vater zu sich holen konnte, bereits das 18. Lebensjahr erreicht hatte. Durch das Aussetzen des Familiennachzugs für zwei Jahre, wird es jedem minderjährigen Geflüchteten unmöglich gemacht, die Eltern nachzuholen, wenn in der Zwischenzeit die Volljährigkeit erreicht wird. Nadia Halmoush, eine Sozialpädagogin, die sich um die Angelegenheiten Geflüchteter in Kassel kümmert, sagte Abwab gegenüber Folgendes: „In der Unterkunft leben Minderjährige im Alter von 14 - 18 Jahren. Wir übernehmen den Großteil der elterlichen Aufgaben, so fahren wir zum Beispiel zum Arzt, eine

sehr schwierige Angelegenheit, da Einige keine offiziellen Papiere haben. Die meisten minderjährigen Geflüchteten leiden außerdem unter psychischen Beschwerden, als Folge dessen, was ihnen in ihren Heimatländern und auf der Flucht widerfahren ist. Darüber hinaus fürchten sie um ihre Familien, die in Kriegsgebieten zurückbleiben. So werden in manchen Fällen starke Veränderungen im Verhalten deutlich, oft nehmen die Kinder feindselige Haltungen an und sie weinen und schreien häufig. Einige schlafen bei brennendem Licht, da sie sich vor Dunkelheit fürchten. Die Präsenz der Familie und die familiäre Bindung ist für Minderjährige sehr wichtig, da sie wesentlich zur Stabilität im Leben des Kindes beiträgt und somit hilft, das psychische Gleichgewicht wiederzuerlangen, sowie sich in der deutschen Gesellschaft zu integrieren." Menschenrechtsorganisationen kritisieren, dass zwei Drittel der syrischen Asylbewerber in Deutschland subsidiären Schutz erhalten, wodurch die Situation erschwert und kompliziert werde. Der Berliner Flüchtlingsrat hat diesbezüglich den Innenausschuss des deutschen Bundestags dazu aufgerufen, eine Sitzung mit unabhängigen Experten einzuberufen, um den neuen Gesetzesentwurf der Grünen und der Linken zu diskutieren. Letztere Parteien sind für eine Aufhebung des Gesetzes, welches das Aussetzen des Familiennachzugs bis zum Jahr 2018 vorschreibt. Genauso haben Vertreter von Menschenrechtsorganisationen und Organisationen aus der Flüchtlingshilfe gefordert, dass jenes Gesetz der Regierung unter Angela Merkel, das im März 2016 verabschiedet wurde, aufgehoben wird. Es solle zumindest im Falle syrischer Geflüchteter eine Ausnahme gemacht werden, ganz besonders, was Minderjährige betrifft. Übersetzung: Serra Al-Deen, MaharaKollektiv, aldeen@mahara-kollektiv.de


21

Auf Deutsch

August • 2017 ‫ أيلول‬- 21 ‫ العدد‬- ‫السنة الثانية‬

Wie sich die Küchen doch ähneln!

Entdecke die deutsche Version von sieben unserer traditionellen Gerichte aus dem Osten. RITA BARICHE Viele sagen, dass die deutsche Küche nichts mit der Küche des östlichen Mittelmeerraums gemein habe. Aber das ist nur ein Teil der Wahrheit. Nun gibt es in der deutschen Küche Butter anstelle von Olivenöl. Sahne, weiße Soßen und dicke Fleischsoßen, anstelle von Tomatenmark, Zitronen und Knoblauch. Wurzeln, Knollen und Kohl anstelle von Blattgemüse und bunten Früchten. Aber genau so wahr ist es – auch wenn es der gängigen Meinung widerspricht – dass das kulinarische Wissen ein geteiltes Gut unterschiedlicher Völker/Kulturen ist und sich auf erstaunliche Weise über Kontinente hinweg verbreitet. Die folgenden Zeilen sollen dies am Beispiel von sieben Gerichten zeigen, die hier und dort auf sehr ähnliche Weise zubereitet werden. Basmashkat (Rinderrouladen) Ob man es nun Basmashkat, wie in Damaskus, Kowaisat wie in Aleppo, oder Qabraghat wie im Nordosten Syriens nennt, immer ist ein beliebtes Festtagsgericht gemeint. Man verwendet hierfür entweder den relativ fettigen Rindernacken

oder aber Schnitzelfleisch, füllt es mit Reis, Fleisch, Zwiebeln sowie Gewürzen und näht es dann zu. Diese gefüllten Fleischstücke brät man dann in Fett an oder schiebt sie in den Ofen, bevor man sie in einer Brühe kocht. Serviert werden sie dann mit einer Tomatensauße, in einer Fleischbrühe mit Zwiebeln und Gewürzen, oder aber auf Fette Tachine (Kichererbsenpüree mit Tahina und geröstetem Brot). Auch in Deutschland ist Basmashkat ein traditionelles Gericht welches man an Sonn- und Feiertagen reicht. Hier heisst es "Rinderroulade" und wird auf die gleiche Art zubereitet: Man belegt Kalbsschnitzel mit Gurken, Senf, Zwiebeln und Speck, rollt diese auf und kocht sie in einer Fleischbrühe mit Bier. Hierzu isst man Klöße und Apfelrotkohl. Machschi Yackna (Kohlrouladen) Bei all dem Kohl, der einem während des langen deutschen Winters begegnet, führt kein Weg an Kohlrouladen vorbei. Hierbei wird der gekochte Kohl mit einem Gemisch aus Hackfleisch, Gewürzen, Senf,

Brot und Ei gefüllt, anders als im Osten, wo die Füllung zu gleichen Teilen aus Fleisch und Reis besteht. Diese Zutaten werden in Kohlblätter eingerollt und dann im Ofen gebacken. In Deutschland reicht man dazu braune Fleischsoße und gekochte Kartoffeln. Börek (Maultaschen) Eines können wir mit Sicherheit feststellen: Vom fernen Osten bis hin nach Westeuropa gibt es eine ungeheure Anzahl von Rezepten, bei denen ein Teig aus Weizenmehl mit verschiedenen Arten von Gemüse, Fleisch und Gewürzen gefüllt wird: Asiatische Dumplings und Gyoza, indische Samosa, afghanische Mantu, russische Balminik (oder: Pelmeni), armenische Mantı, türkische Börek, griechisches Sbanakopita, italienische Ravioli und Tortellini, spanische Empanadas und deutsche Maultaschen. Vielleicht erklärt dies den Streit zwischen Chinesen und Italienern darüber, wer denn die Nudel erfunden hat. Brachte sie Marco Polo von Italien nach China oder war es umgekehrt? Maultaschen sind köstliche Teigwaren, die ursprünglich aus dem äußersten Südwesten Deutschlands, der Region Schwaben in BadenWürttemberg, stammen.

Wenn man die Bewohner dieser Region richtig ärgern möchte, braucht man dieses traditionelle Gericht nur als "Ravioli" zu bezeichnen. Man sagt, ein Mönch habe es erfundenes, um das gewürztes Fleisch, die Zwiebeln, den Lauch, die Karotten, das Brot, die Petersilie, die Eier und die Muskatnuss während der Fastenzeit in einer Teigtasche zu verstecken. Rishtaya (Linseneintopf) Rishtaya ist ein schweres Essen für kalte Wintertage, reich an Vitaminen und Mineralien. Dieser dicke Brei ist sehr nahrhaft, da er aus Mangold, Linsen, Kichererbsen, Koriander, Olivenöl, Knoblauch, Nudeln und Kartoffeln gekocht wird. Ähnliche Gerichte werden im Winter auch in Deutschland gegessen, sie heißen "Eintöpfe", weil sie in einem einzigen Topf zubereitet werden. Ein "Linseneintopf" besteht beispielsweise aus Linsen, Speck, Sellerie, Karotten, Lauch, Kartoffeln sowie Petersilie, und wird mit Wiener Würstchen oder Bockwurst serviert. KUFTA (FRIKADELLEN) Die Frikadelle, die als der direkte Großvater des Hamburgers gilt, verdankt

ihren Namen der Stadt Hamburg, von deren Häfen aus viele Auswanderer in die neue Welt aufbrachen. Diese saftigen Fleischbällchen, welche mit Senf und Muskatnuss verfeinert werden, kann man auf viele verschiedene Arten zubereiten. Auf Arabisch heissen sie "Kufta", wobei das Wort aus dem Persischen kommt, wo es Hackfleisch bedeutet. Mittlerweile findet man dieses Gericht von Indien im Osten über Pakistan, den Iran, den Mittleren Osten, die Türkei, Griechenland, und Ägypten bis zum Balkan. Meist trägt es den gleichen Namen und ändert sich nur in Abhängigkeit des verwendeten Fleischs und der zusätzlichen Zutaten. Salatat Al-Batata (Kartoffelsalat) In unserem kulinarischen Gedächtnis ist dieses Essen fest mit dem Putztag verbunden, an dem unsere Mütter und Großmütter eine einfache und doch sättigende Mahlzeit zubereiteten, weil sie mit nie enden wollender Hausarbeit beschäftigt waren. Hierzu werden gekochte Kartoffeln mit Olivenöl, Zitrone, Knoblauch, Salz, Petersilie und Lauchzwiebeln angemacht. Das deutsche Rezept unterscheidet sich nicht wesentlich, anstelle der


Auf Deutsch

،،

August • 2017 ‫ أيلول‬- 21 ‫ العدد‬- ‫السنة الثانية‬

Lasst uns für unser Land leben, als würden wir morgen zurückkehren und für unser neues Heim, als würden wir für immer bleiben

das diplomatische Chor des syrischen Staates spielt noch deutlicher: Statt sich um die Belange seiner Bürger*innen zu kümmern, wie es seine Aufgabe wäre, repräsentiert es das autoritäre Regime als dessen verlängerter Arm, schützt seine Interessen und versucht sein Image aufzupolieren. Nicht zu vergessen, dass es seit Jahrzehnten im Rahmen seines „Sicherheitsauftrags“ eine schmutzige Mission erfüllt, indem es die Syrer*innen im Ausland und insbesondere die Oppositionellen unter ihnen auf Schritt und Tritt überwacht. Und auf Grundlage der Berichte aus den Botschaften wurde eine Vielzahl von Syrier*innen, die sich zum Arbeiten oder Studieren im Ausland aufhielten, bei ihrer Rückkehr von den Geheimdiensten festgenommen! Natürlich bedeutet „sich zu organisieren“ nicht, dass man sich in homogene Viertel („Ghettos“) zurückzieht. Es bedeutet auch nicht, dass man sich von der Gesellschaft abkapselt, sei es unter dem Banner der „kulturellen Eigenheit“, oder dem Verweis auf die Unzulänglichkeiten der „Integrations“politik oder gar ihr Scheitern. In diesem Zusammenhang muss auch vor bestimmten Akteuren gewarnt werden, deren zweifelhafte Rolle darin besteht, die Neuankömmlinge in die Irre zu führen, indem sie ihre religiösen Gefühle ausnutzen und sie so letztlich ins Verderben stürzen. Was wir brauchen sind Vereine, Vereinigungen und Zusammenschlüsse

Familienzusammenführung minderjähriger Geflüchteter in Deutschland

auf ehrenamtlicher Basis, in denen sich die Syrer*innen organisieren können, damit sie ihnen als Organisationen der Zivilgesellschaft eine Stimme verleihen und sich für ihre Anliegen einsetzen. Diese Möglichkeit gab es in Syrien während Jahrzehnten der autoritären Herrschaft nicht. Den Syrer*innen blieben während dieser Zeit alle Formen der Versammlung, Organisation und freien Äußerung ihrer Anliegen verwehrt. Jetzt allerdings bietet sich ihnen dank der demokratischen Freiheiten in Deutschland die großartige Chance, diese Erfahrungen zu machen. Sich vorerst selbst zu organisieren, ersetzt aber selbstverständlich nicht zukünftiges Engagement in „deutschen“ Vereinen, Vereinigungen und Gewerkschaften sowie die aktive Beteiligung an der Zivilgesellschaft und ihren Institutionen. Auch wenn die geflüchteten Syrer*innen grundsätzlich aus einer unerwarteten Notlage heraus gekommen sind, bringt es ihnen nichts, wenn sie ihr Leben im Aufnahmeland so leben, als sei es nur ein vorübergehender Zustand. Besser wäre es, wie ein „Migrant“ zu denken, der gekommen ist, um zu bleiben, nicht wie ein „Geflüchteter“ auf der Durchreise. Bleibt abschließend noch zu sagen: Lasst uns für unser Land leben, als würden wir morgen zurückkehren und für unser neues Heim, als würden wir für immer bleiben.

TARIK AZIZA syrischer Autor aus der Abwab-Familie

22

MAYA DARWISH Komplexe bürokratische Verfahren und die Einhaltung aller behördlichen Bedingungen stellen für Geflüchtete im Allgemeinen eine erhebliche Hürde dar. Ganz besonders jedoch gilt das für minderjährige Geflüchtete. Dadurch verschlechtert sich konstant ihre psychische Verfassung und die Integration in die deutsche Gesellschaft wird schwerer. Von den 63.000 minderjährigen Geflüchteten, die laut des Statistischen Amtes der Europäischen Union (Eurostat) im Jahr 2016 die Europäische Union erreicht haben, sollen mehr als die Hälfte in Deutschland angesiedelt sein, während andere, vor allem aus den Herkunftsländern Afghanistan und Syrien, auf die übrigen europäischen Länder verteilt wurden. Die Lage verschlechtert sich aufgrund des Asylpaket II, welches im vergangen Jahr verabschiedet wurde. Darin wird die Familienzusammenführung durch minderjährige Geflüchtete ausgesetzt. So sind in letzter Zeit in einigen Bundesländern Verzögerungen bei der Entscheidung der Asylanträge unbegleiteter minderjähriger Geflüchteter zu verzeichnen, bis diese das 18. Lebensjahr erreicht haben, womit ihr Recht auf Familienzusammenführung nicht mehr besteht. Gleichzeitig erhalten minderjährige Geflüchtete in anderen Bundesländern subsidiären Schutz, wodurch sie Anspruch darauf haben, ein Jahr lang in Deutschland zu bleiben, was jedoch keiner vollständigen Anerkennung als Asylberechtigem gleicht. Dadurch wird unter anderem das Recht einen Antrag auf Familienzusammenführung zu stellen, für zwei Jahre ausgesetzt. Yousif ist sechs Jahre alt und kam zusammen mit seiner Großmutter auf den sogenannten "Booten des Todes" nach Deutschland. Seine Eltern ließ er in einem Flüchtlingslager in der Türkei zurück, in der Hoffnung, sie so bald wie möglich nachzuholen. Yousif lebt heute mit seiner Großmutter in einem Haus in Kassel. Fatima, die Großmutter Yousifs, die 60 Jahre alt ist, sagt: "Wir sind vor fast zwei Jahren nach Deutschland gekommen und ich habe einen Aufenthaltstitel für drei Jahre erhalten, während Yousif subsidiären Schutz bekam und dadurch hat er kein Recht auf Familienzusammenführung. Seit

drei Monaten ist eine Anwältin beauftragt Widerspruch gegen diesen Beschluss einzulegen, seitdem haben wir nichts Neues gehört. Yousif weint immerzu und sagt : « ich möchte, dass Mama und meine Geschwister kommen », oder: « bring mich zu Mama ». In der Schule isoliert er sich und seine Stimmung ist stets gedrückt. Was mich betrifft, so bin ich nicht in der Lage mich zu integrieren und die Sprache zu lernen. Zudem kann ich, aufgrund des subsidiären Schutzstatuses, den Yousif erteilt bekommen hat, nicht einmal in ein anderes Bundesland umziehen". Mit diesem Problem, kein Recht auf Familienzusammenführung zu haben, ist Yousif nicht allein: Ahmad, 11 Jahre alt, ist mit seiner Schwester und ihrer Familie vor ungefähr zwei Jahren nach Deutschland gekommen, seine Eltern dahingegen sind in Syrien geblieben. Ahmad lebt zusammen mit seiner Schwester und ihrer Familie in einem Haus in Fulda. Maryam, die Schwester Ahmads sagt, sie und ihre Familie, sowie Ahmad hätten subsidiären Schutz bekommen. Seit sechs Monaten sei ein Anwalt beauftragt, bisher bleibe die Reaktion allerdings noch aus. "Die seelische und körperliche Verfassung Ahmads hat sich verändert. Er ist oft feindselig, aggressiv und gleichgültig. So vernachlässigt er seine Schulaufgaben und schlägt sich mit seinen Freunden. Ich leide sehr darunter und weiß nicht, wie ich helfen kann. Er braucht

weiterlesen auf Seite 20


23

Auf Deutsch

August • 2017 ‫ أيلول‬- 21 ‫ العدد‬- ‫السنة الثانية‬

Die Syrerinnen in Deutschland

Die Frage der Zukunft Deutschland hat einen Großteil der ungefähr einer Million Geflüchteten aufgenommen, die in den letzten Jahren das Mittelmeer in Richtung Europa überquert haben. Die Angaben und Schätzungen zur Zahl der Syrer*innen in Deutschland schwanken naturgemäß und sind wohl manchmal auch ein bisschen zu hoch angesetzt. Allerdings, verschiedenste Quellen zeigen eindeutig, dass die Syrer*innen in absoluten Zahlen derzeit die größte Gruppe der Geflüchteten und Asylantragsteller*innen in Deutschland stellen.

zu erneuern. Denn es ist anzunehmen, dass es, wenn dieser humanitäre Grund nicht mehr vorliegt, vielen Syrer*innen nicht möglich sein wird, eine neue Aufenthaltsgenehmigung zu bekommen, ohne bestimmte Bedingungen zu erfüllen. An erster Stelle heißt das: die Sprache beherrschen, einer Arbeit nachgehen und seinen Lebensunterhalt selber bestreiten.

nach Syrien zurückkehren. Denn trotz der vielzitierten internationalen Anstrengungen, eine politische Lösung zu finden, deutet nichts darauf hin, dass ein Ansatz zur Beendigung dieser humanitären Katastrophe in Reichweite wäre. Auch sie werden also auf unabsehbare Zeit in Deutschland bleiben, allerdings sollten sie nicht einfach weitermachen wie gehabt und sich darauf verlassen, dass ihnen aufgrund des Konflikts in Syrien weiterhin Asyl gewährt wird. Das wird deutlich am Beispiel der tausenden Familien aus dem ehemaligen Jugoslawien, dem Irak und anderen Ländern, die abgeschoben wurden, nachdem die Gründe für das Asyl nicht mehr gegeben waren.

Aber auch diejenigen, die nicht so gut ausgebildet oder qualifiziert sind, werden wohl nicht so bald, freiwillig oder unfreiwillig,

Das Vorangegangene macht deutlich, dass es mittlerweile eine relativ große „syrische Gemeinde“ in Deutschland gibt, ja

VON TARIK AZIZA

ICH

glaube, man kann mit einiger Sicherheit sagen, dass unser Aufenthalt hier nicht von kurzer Dauer sein wird. Viele Syrer*innen arbeiten hart daran, die Sprachbarriere zu überwinden, und wer es wirklich will, kann es auch schaffen. Und denjenigen, die die Sprachbarriere überwunden haben, bieten sich Chancen auf dem Arbeitsmarkt, insbesondere wenn sie wissenschaftliche oder berufliche Qualifikationen mitbringen; und tatsächlich gibt es viele, die bereits

auf dem Arbeitsmarkt Fuß fassen konnten! Arbeit zu finden, bedeutet sich von der staatlichen Unterstützung emanzipieren zu können und selbständig für seinen Lebensunterhalt zu sorgen. Mittelfristig birgt das realistische Chancen auf ein Leben in stabilen Verhältnissen. Darüber hinaus bringt es die Möglichkeit mit sich, die Aufenthaltsgenehmigung im Rahmen der geltenden Gesetze nicht auf Basis der ursprünglichen humanitären Gründe, sondern auf Grundlage eines Arbeitsverhältnisses

vielleicht entsteht sogar gerade eine „syrische Gesellschaft“ hier (und in anderen Aufnahmeländern). Für uns als Syrer*innen im Exil bedeutet dies, dass wir uns ernsthaft mit einer Vielzahl von drängenden Fragen auseinandersetzen müssen, die weit über die vieldiskutierte „Integrationsfrage“ hinausgehen. Das heißt, wir müssen uns nach Möglichkeiten umsehen, uns zu organisieren, um unsere Lebensbedingungen zu verbessern und die mit unserem neuen Leben einhergehenden Herausforderungen zu meistern. Denn wir als Gruppe, die faktisch zu einem Teil der Bevölkerung dieses Landes geworden ist, sind mehr oder weniger mit den gleichen Schwierigkeiten und Hürden konfrontiert. Insofern haben wir gemeinsame Anliegen, die wir vorantreiben und verteidigen sollten. Die Notwendigkeit, sich zu organisieren, wird angesichts der Rolle, die


Linguistic support for a good start. Erste Worte für einen guten Anfang.

.‫دﻋﻢ ﻟﻐﻮي ﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺟﻴﺪة‬

Dictionary Sprachführer Arabic Arabisch

‫اﻟﻘﺎﻣﻮس‬

‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

Erste Worte für einen guten Anfang. Holen Sie sich Ihren kostenlosen Sprachführer – ab sofort in allen MoneyGram eigenen Filialen (solange der Vorrat reicht)

Über MoneyGram:

MoneyGram – mehr als weltweiter Geldtransfer MoneyGram ist mit mehr als 350.000 Vertriebspartnern in über 220 Ländern einer der weltweit führenden Anbieter im weltweiten Bargeldtransfer. Innerhalb von wenigen Minuten können Kunden mit MoneyGram Geld um die ganze Welt verschicken und empfangen (abhängig von den Öffnungszeiten der Vertriebspartner und örtlichen Regelungen). Mit Mitarbeitern aus so gut wie jedem Land dieser Erde, versteht sich MoneyGram als weltoffenes Unternehmen. Mehr noch, MoneyGram setzt es sich zum Ziel, Menschen auf allen Kontinenten zu helfen. Neben der MoneyGram Foundation, die karitative Projekte weltweit unterstützt, gibt es viele weitere soziale Projekte für Groß und Klein. Das Motto „MoneyGram verbindet“ ist somit eine gelebte Unternehmensphilosophie.

moneygram.de © 2017 MoneyGram. MoneyGram und der "Globe" sind eingetragene Marken von MoneyGram. MoneyGram International Limited ist ein autorisiertes Zahlungsinstitut für den Europäischen Wirtschaftsraum (EWR), welches von der Financial Conduct Authority in Großbritannien reguliert ist.

Ihre nächste MoneyGram-Filiale


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.