ájô```M 2014/04/20م العدد ()136 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/04/20 )136م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (136) 20/04/2014
�ســـــــورية نحــــــو االنـــتــحـــار
معركة حلب ح�سام مريو
لع ّل �سورية "الثورة" وهي ت�صطدم بتاريخها، وبنظامها ،وبانق�ساماتها التي كانت �شبه نائمة حتت جلد املجتمع ،لعلها مت�ضي بخياراتها نحو االنتحار بد ًال من �أن تكون الثورة بوابة عبور نحو م�ستقبل �أف�ضل لأجيال مقبلة. ولع ّل االنفجارات الكربى هي على الدوام ع�صية على التكهن امل�سبق بنتائجها ،ففي مثل هذه االنفجارات عوامل عديدة �شديدة التعقيد ،وال ميكن معرفة كيفية حتوالتها خالل عمليات التفاعل التي تن�ش�أ خالل االنفجار ،وال�شكل الذي �ست�ستقر عليه الحقاً .و�إذا كان بع�ض املنا�ضلني �أو املفكرين �أو النا�شطني قد عولوا على �أن تكون الثورة جولة خاطفة ت�سقط نظام ًا ا�ستبدادي ًا ب�رضبة قا�ضية من يد جيل جديد مت التعويل عليه راح ات�سم باجلر�أة وال�شجاعة ،ف�إن ما ّ مع مرور الوقت يغدو �رساب ًا يف ظل التعقيدات التي �شهدها الو�ضع ال�سوري ،بل بات �أكرث املتفائلني يف بدايات الثورة متخوف ًا من امل�آالت التي ميكن �أن ي�صل �إليها الوطن من احتماالت ،ولي�س احتمال التق�سيم بني دولتني �إال �إحدى تلك امل�آالت ،ناهيك عن حتول �سوريا �إىل كانتونات� ،أو �إطالة عمر الأزمة وتفتت �سورية وانهيار مقومات �أي نهو�ض جديد لها. هل قادت الثورة �سورية �شعب ًا وجغرافيا وتاريخ ًا نحو االنتحار� ،أم �أن ما حدث يبدو نتيجة �شبه منطقية جلملة العوامل املتداخلة يف الوطن ال�سوري من جهة،
ويف البيئة الإقليمية والدولية من جهة �أخرى؟. ال ميكن بالطبع �إعادة عقارب ال�ساعة �إىل الوراء ،وال ميكن لوم التاريخ ،لكن الفعل يف التاريخ يتطلب فهم ًا �أعمق حلركته ،ولهذا ،ف�إن فهم ًا �أف�ضل لو�ضع �سورية اليوم ،وملا جرى خالل الأزمة من حتوالت ومنعطفات من �ش�أنه �أن ي�ساعد على فهم الطريق الذي �ست�سلكه �سورية ،واكت�شاف مكامن الفر�ص التي ميكن البناء عليها لإيقاف حالة االنتحار الذاتي التي �أ�صابت الوطن ،هذا �إن مل يكن الوقت قد ت�أخر على وقف عملية االنتحار. يعلمنا التاريخ �أن الثورات ال تت�شابه من حيث النتائج، فقد قادت الكثري من الثورات �إىل �أنظمة �أكرث �شمولية من الأنظمة التي �سبقتها ،والثورة الإ�سالمية يف �إيران لي�ست �سوى منوذج ًا عن هذا الطراز من الثورات ،لكن الثورة بحد ذاتها هي ا�ستحقاق تاريخي ملجتمعات مل تتمكن من تطوير بنى مطابقة حلاجاتها ،ووجود �أنظمة تقف �سداً �أمام التغيري ،وترف�ض االعرتاف بانتهاء �صالحيتها التاريخية ،والأهم من ذلك و�صول عوامل التفجر �إىل حلظة اال�شتعال. لكن� ،سورية "الثورة" عرفت خالل الأعوام الثالث املا�ضية حتوالت عميقة ،و�أهمها خفوت امل�رشوع الدميقراطي مل�صلحة امل�رشوع الراديكايل ،وما رافق هذا التحول ال�سيا�سي من حتوالت مطابقة على امل�ستويات الأخرى ،وقد يكون �أهمها امل�ستوى
الع�سكري ،حيث ن�ش�أت ف�صائل وكتائب تعمل من دون مرجعية �أو قيادة �سيا�سية ،وتعاظم ظاهرة �أمراء احلرب ،مع ف�شل املعار�ضة ال�سيا�سية يف بلورة م�ؤ�س�سة ثورية لديها ا�سرتاتيجيتها ،وقادرة على و�ضع �أكرث من �سيناريو يف �سياق تطور الأحداث ملواجهة املخاطر ،واال�ستفادة من نقاط القوة. ويف و�صف احلال ال�سورية ،وت�صور م�آالتها ،ف�إن العديد من التقارير ت�ؤكد على �أن �سورية ما�ضية نحو املزيد من ال�رصاع ل�سنوات عدة مقبلة ،و�أن �آفاق احلل ال�سيا�سي احلقيقي �ستبقى غائبة يف املدى املنظور، خا�صة مع ت�شابك امللفات الإقليمية والدولية ،وهو ما يعني فعلي ًا �أن الهزمية �أو االنت�صار لأي طرف قد يكونا �سيان من حيث عدم قدرة �إعادة �إنتاج �سورية كبلد قابل للعي�ش على خمتلف ال�صعد. هل ميكن لل�سوريني �أن يلعبوا دوراً يف ظل و�ضع كهذا؟ هل لهم �أن يوقفوا حالة االنتحار؟ وهل ميكن لهم �أن ي�ستعيدوا زمام املبادرة بعيداً عن جتاذبات القوى الإقليمية والدولية؟� .إنها عينة من الأ�سئلة التي حتتاج �إىل �إجابات عملية ،لكن طرحها بات �رضورة ال غنى عنها لإدراك مدى الكارثة الوطنية ،و�رضورة البحث يف مقاربة جديدة لطبيعة احللول التي ميكن �أن جتد �سنداً لها يف الواقع ،بعيداً عن �أوهام االنت�صار� ،أو اخلوف من الهزمية.