Al badeel 136

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/04/20‬م‬ ‫العدد (‪)136‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (136) 20/04/2014‬‬

‫�ســـــــورية نحــــــو االنـــتــحـــار‬

‫معركة حلب‬ ‫ح�سام مريو‬

‫لع ّل �سورية "الثورة" وهي ت�صطدم بتاريخها‪،‬‬ ‫وبنظامها‪ ،‬وبانق�ساماتها التي كانت �شبه نائمة حتت‬ ‫جلد املجتمع‪ ،‬لعلها مت�ضي بخياراتها نحو االنتحار‬ ‫بد ًال من �أن تكون الثورة بوابة عبور نحو م�ستقبل‬ ‫�أف�ضل لأجيال مقبلة‪.‬‬ ‫ولع ّل االنفجارات الكربى هي على الدوام ع�صية على‬ ‫التكهن امل�سبق بنتائجها‪ ،‬ففي مثل هذه االنفجارات‬ ‫عوامل عديدة �شديدة التعقيد‪ ،‬وال ميكن معرفة كيفية‬ ‫حتوالتها خالل عمليات التفاعل التي تن�ش�أ خالل‬ ‫االنفجار‪ ،‬وال�شكل الذي �ست�ستقر عليه الحقاً‪ .‬و�إذا‬ ‫كان بع�ض املنا�ضلني �أو املفكرين �أو النا�شطني‬ ‫قد عولوا على �أن تكون الثورة جولة خاطفة ت�سقط‬ ‫نظام ًا ا�ستبدادي ًا ب�رضبة قا�ضية من يد جيل جديد‬ ‫مت التعويل عليه راح‬ ‫ات�سم باجلر�أة وال�شجاعة‪ ،‬ف�إن ما ّ‬ ‫مع مرور الوقت يغدو �رساب ًا يف ظل التعقيدات التي‬ ‫�شهدها الو�ضع ال�سوري‪ ،‬بل بات �أكرث املتفائلني يف‬ ‫بدايات الثورة متخوف ًا من امل�آالت التي ميكن �أن ي�صل‬ ‫�إليها الوطن من احتماالت‪ ،‬ولي�س احتمال التق�سيم‬ ‫بني دولتني �إال �إحدى تلك امل�آالت‪ ،‬ناهيك عن حتول‬ ‫�سوريا �إىل كانتونات‪� ،‬أو �إطالة عمر الأزمة وتفتت‬ ‫�سورية وانهيار مقومات �أي نهو�ض جديد لها‪.‬‬ ‫هل قادت الثورة �سورية �شعب ًا وجغرافيا وتاريخ ًا نحو‬ ‫االنتحار‪� ،‬أم �أن ما حدث يبدو نتيجة �شبه منطقية‬ ‫جلملة العوامل املتداخلة يف الوطن ال�سوري من جهة‪،‬‬

‫ويف البيئة الإقليمية والدولية من جهة �أخرى؟‪.‬‬ ‫ال ميكن بالطبع �إعادة عقارب ال�ساعة �إىل الوراء‪ ،‬وال‬ ‫ميكن لوم التاريخ‪ ،‬لكن الفعل يف التاريخ يتطلب فهم ًا‬ ‫�أعمق حلركته‪ ،‬ولهذا‪ ،‬ف�إن فهم ًا �أف�ضل لو�ضع �سورية‬ ‫اليوم‪ ،‬وملا جرى خالل الأزمة من حتوالت ومنعطفات‬ ‫من �ش�أنه �أن ي�ساعد على فهم الطريق الذي �ست�سلكه‬ ‫�سورية‪ ،‬واكت�شاف مكامن الفر�ص التي ميكن البناء‬ ‫عليها لإيقاف حالة االنتحار الذاتي التي �أ�صابت‬ ‫الوطن‪ ،‬هذا �إن مل يكن الوقت قد ت�أخر على وقف عملية‬ ‫االنتحار‪.‬‬ ‫يعلمنا التاريخ �أن الثورات ال تت�شابه من حيث النتائج‪،‬‬ ‫فقد قادت الكثري من الثورات �إىل �أنظمة �أكرث �شمولية‬ ‫من الأنظمة التي �سبقتها‪ ،‬والثورة الإ�سالمية يف �إيران‬ ‫لي�ست �سوى منوذج ًا عن هذا الطراز من الثورات‪ ،‬لكن‬ ‫الثورة بحد ذاتها هي ا�ستحقاق تاريخي ملجتمعات‬ ‫مل تتمكن من تطوير بنى مطابقة حلاجاتها‪ ،‬ووجود‬ ‫�أنظمة تقف �سداً �أمام التغيري‪ ،‬وترف�ض االعرتاف‬ ‫بانتهاء �صالحيتها التاريخية‪ ،‬والأهم من ذلك و�صول‬ ‫عوامل التفجر �إىل حلظة اال�شتعال‪.‬‬ ‫لكن‪� ،‬سورية "الثورة" عرفت خالل الأعوام الثالث‬ ‫املا�ضية حتوالت عميقة‪ ،‬و�أهمها خفوت امل�رشوع‬ ‫الدميقراطي مل�صلحة امل�رشوع الراديكايل‪ ،‬وما‬ ‫رافق هذا التحول ال�سيا�سي من حتوالت مطابقة‬ ‫على امل�ستويات الأخرى‪ ،‬وقد يكون �أهمها امل�ستوى‬

‫الع�سكري‪ ،‬حيث ن�ش�أت ف�صائل وكتائب تعمل من‬ ‫دون مرجعية �أو قيادة �سيا�سية‪ ،‬وتعاظم ظاهرة‬ ‫�أمراء احلرب‪ ،‬مع ف�شل املعار�ضة ال�سيا�سية يف بلورة‬ ‫م�ؤ�س�سة ثورية لديها ا�سرتاتيجيتها‪ ،‬وقادرة على‬ ‫و�ضع �أكرث من �سيناريو يف �سياق تطور الأحداث‬ ‫ملواجهة املخاطر‪ ،‬واال�ستفادة من نقاط القوة‪.‬‬ ‫ويف و�صف احلال ال�سورية‪ ،‬وت�صور م�آالتها‪ ،‬ف�إن‬ ‫العديد من التقارير ت�ؤكد على �أن �سورية ما�ضية نحو‬ ‫املزيد من ال�رصاع ل�سنوات عدة مقبلة‪ ،‬و�أن �آفاق احلل‬ ‫ال�سيا�سي احلقيقي �ستبقى غائبة يف املدى املنظور‪،‬‬ ‫خا�صة مع ت�شابك امللفات الإقليمية والدولية‪ ،‬وهو‬ ‫ما يعني فعلي ًا �أن الهزمية �أو االنت�صار لأي طرف قد‬ ‫يكونا �سيان من حيث عدم قدرة �إعادة �إنتاج �سورية‬ ‫كبلد قابل للعي�ش على خمتلف ال�صعد‪.‬‬ ‫هل ميكن لل�سوريني �أن يلعبوا دوراً يف ظل و�ضع كهذا؟‬ ‫هل لهم �أن يوقفوا حالة االنتحار؟ وهل ميكن لهم �أن‬ ‫ي�ستعيدوا زمام املبادرة بعيداً عن جتاذبات القوى‬ ‫الإقليمية والدولية؟‪� .‬إنها عينة من الأ�سئلة التي حتتاج‬ ‫�إىل �إجابات عملية‪ ،‬لكن طرحها بات �رضورة ال غنى‬ ‫عنها لإدراك مدى الكارثة الوطنية‪ ،‬و�رضورة البحث‬ ‫يف مقاربة جديدة لطبيعة احللول التي ميكن �أن جتد‬ ‫�سنداً لها يف الواقع‪ ،‬بعيداً عن �أوهام االنت�صار‪� ،‬أو‬ ‫اخلوف من الهزمية‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫الالجئون ال�سوريون يف م�صر يعانون من ت�سجيل �أبنائهم يف املدار�س‬ ‫القاهرة‪� -‬شبكة الأنباء الإن�سانية‪:‬‬

‫يف ظل ارتفاع عدد ال�سوريني يف م�رص‪ ،‬يقول‬ ‫الالجئون �أن هناك �صعوبة متزايدة يف العثور‬ ‫على �أماكن لأبنائهم يف املدار�س احلكومية‬ ‫املنهكة �أ�ص ًال‪� .‬إ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ي�شكو الالجئون‬ ‫وطالبو اللجوء واملهاجرون يف م�رص من التكاليف‬ ‫املدر�سية الباهظة يف مدار�س القطاع اخلا�ص‬ ‫واملدار�س احلكومية‪ ،‬ومن الإجراءات البريوقراطية‬ ‫لاللتحاق باملدار�س‪ ،‬ووجود مناخ تت�سع فيه دائرة‬ ‫اال�شتباه وكراهية الأجانب والتمييز يف الف�صول‬ ‫الدرا�سية‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن �سجالت املفو�ضية‬ ‫ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني ت�شري �إىل‬ ‫وجود ‪ 179,762‬الجئ وطالب جلوء حتى نهاية‬ ‫عام ‪ ،2013‬معظمهم من ال�سوريني وال�سودانيني‪.‬‬ ‫لكن الأعداد احلقيقية‪ ،‬وفق ًا لتقرير �صادر عن منظمة‬ ‫"ت�ضامن"‪ ،‬وهي �أ�ضخم منظمة غري حكومية تركز‬ ‫على �ش�ؤون الالجئني يف م�رص‪ ،‬قد ترتاوح ما بني‬ ‫‪ 1.5‬و‪ 3‬مليون الجئ‪ ،‬وذلك ا�ستناداً �إىل تقديرات‬ ‫واردة من املنظمات غري احلكومية املحلية‪ ،‬التي‬ ‫تدرج يف تعريفها لالجئني املهاجرين لأ�سباب‬ ‫اقت�صادية‪ .‬من جهتها‪ُ ،‬ترجع "ت�ضامن" �أ�سباب‬ ‫االلتبا�س احلا�صل يف �أرقام الالجئني �إىل "اختالف‬ ‫التعاريف القانونية" و"عدم قيام �أو رف�ض عدد‬ ‫كبري من الالجئني الت�سجيل"‪ .‬وتكفل اتفاقية عام‬ ‫‪ 1951‬املعنية بو�ضع الالجئني احلق يف التعليم‬ ‫وتعد م�رص من بني الدول املوقعة عليها‪ .‬مع ذلك‪،‬‬ ‫�أبدت م�رص يف عام ‪ 1981‬حتفظات على عدة مواد‬ ‫يف االتفاقية‪ ،‬مما �أدى �إىل تقلي�ص حقوق الالجئني‪.‬‬ ‫وبد ًال من احل�صول على تعليم جماين‪ ،‬يتعني على‬ ‫�أ�رس الالجئني تقدمي طلبات للح�صول على منح‬ ‫درا�سية من "م�ؤ�س�سة كاريتا�س الدولية" من خالل‬ ‫منظمة "خدمات الإغاثة الكاثوليكية"‪� ،‬رشيك‬

‫املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني‪.‬‬ ‫ويف هذا ال�صدد‪ ،‬قالت مروة ها�شم‪ ،‬م�س�ؤول التعليم‬ ‫يف املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون‬ ‫الالجئني يف القاهرة �أن "�أ�رس الالجئني ال�سوريني‬ ‫الذين لديهم �أطفال م�سجلني يف عمر املدر�سة‬ ‫تتلقى منح ًا تعليمية مل�ساعدة الأ�رس يف تغطية‬ ‫تكاليف الر�سوم املدر�سية‪ ،‬والزي املدر�سي‪ ،‬والكتب‬ ‫والقرطا�سية واملوا�صالت"‪.‬‬ ‫�إجراءات معقدة‬ ‫و�أ�ضافت �أنه "حتى منت�صف �شهر فرباير‪� /‬شباط‬ ‫من هذا العام ح�صل نحو ‪ 32,000‬طفل على‬ ‫منح درا�سية"‪ .‬ووفق ًا ملحمد املليجي‪ ،‬وهو نا�شط‬ ‫م�رصي‪�-‬سوداين وم�س�ؤول ات�صاالت يف منظمة‬ ‫"ت�ضامن"‪ ،‬هناك عملية ت�سجيل معقدة ب�شكل وا�ضح‬ ‫ملنع الالجئني من الدخول �إىل قطاع التعليم املنهك‬ ‫�أ�ص ًال‪ .‬و�أو�ضح �أن " الإجراءات الورقية الكثرية‬ ‫تعني �أن العديد منهم لن يكونوا قادرين على بدء‬ ‫الدرا�سة ملدة �سنة �أو �سنتني"‪ .‬و�أ�ضافت ها�شم �أنه‬ ‫" من ال�صعب على الالجئني االلتحاق باملدار�س‬ ‫احلكومية �إذا مل تكن لديهم الوثائق التعليمية‬ ‫ال�سابقة"‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من منا�رصة املفو�ضية ال�سامية للأمم‬ ‫املتحدة ال�ستفادة الالجئني ال�سوريني من املرافق‬ ‫واخلدمات التعليمية‪� ،‬إال �أن املليجي يقول �أن هناك‬ ‫يف الواقع عدداً متزايداً من احلاالت ومل يعد هناك‬ ‫حتى جمرد "التظاهر بالقبول"‪ ،‬و�أغلقت الأبواب‬ ‫بب�ساطة يف وجه الالجئني الذين ي�سعون لت�سجيل‬ ‫�أبنائهم يف املدر�سة‪ .‬وقال املليجي �أن "هناك‬ ‫العديد من املدار�س التي لن تقبل الالجئني‪...‬لن‬ ‫جتد �أمراً من احلكومة يقول "ال تقبلوا الالجئني‬ ‫يف املدار�س" ولكن �سوف ترى ذلك عندما تذهب‬

‫�إىل مدر�سة وحتاول تقدمي طلب االلتحاق هناك‪.‬‬ ‫الأبواب لن تكون مفتوحة �أمامهم"‪ .‬واجلدير بالذكر‬ ‫�أن م�س�ؤويل وزارة الرتبية والتعليم مل ي�ستجيبوا‬ ‫لطلبات متعددة لإجراء مقابلة معهم‪.‬‬ ‫و ن�رش "م�رشوع ال�شباب الالجئني" ومقره اململكة‬ ‫املتحدة‪ ،‬تقريراً يف نهاية عام ‪ ،2013‬جاء فيه‬ ‫�أن ما يربو على ‪ 80‬باملائة من ‪ 400‬الجئ الذين‬ ‫�أُجريت معهم املقابالت‪ ،‬ذكروا �أن ارتفاع تكاليف‬ ‫املدار�س وعدم توفر الأموال الالزمة من الأ�سباب‬ ‫الرئي�سية التي حالت دون �إر�سال �أطفالهم �إىل‬ ‫املدر�سة‪.‬‬ ‫يف ال�سياق ذاته‪ ،‬قدر جمدي جر�س‪ ،‬املدير امل�شارك‬ ‫مل�ؤ�س�سة كاريتا�س م�رص‪ -‬وهي جمعية خريية تقدم‬ ‫امل�ساعدات املالية والدعم االجتماعي والرعاية‬ ‫الطبية لالجئني يف م�رص‪� -‬أن هناك نحو ‪17,000‬‬ ‫�أ�رسة �سورية حتتاج �إىل امل�ساعدة املالية‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك مل حت�صل بعد على �أي دعم من املفو�ضية‬ ‫ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني �أو م�ؤ�س�سة‬ ‫كاريتا�س‪ .‬وتعليق ًا على هذا‪ ،‬قال جر�س‪" :‬نعتقد‬ ‫ب�أن هناك قرابة ‪ 250,000‬الجئ �سوري يف م�رص‪.‬‬ ‫ندير خطة �إن�سانية ت�شمل ‪� 31,000‬سوري‪ ،‬وتدعم‬ ‫املفو�ضية ال�سامية لالجئني ‪� 138,000‬آخرين‪،‬‬ ‫لكن هناك ‪ 81,000‬فرد‪� ،‬أي حوايل ‪17,000‬‬ ‫�أ�رسة‪ ،‬ال تزال حتتاج �إىل الدعم املايل"‪ .‬وت�شري‬ ‫تقديرات حكومية �صادرة يف يونيو ‪� ،2013‬إىل �أن‬ ‫هناك ‪ 300,000‬الجئ �سوري يف م�رص‪ .‬وحتى ‪8‬‬ ‫مار�س‪� /‬آذار من العام اجلاري‪� ،‬سجل ‪134,917‬‬ ‫�سوري ًا �أنف�سهم يف املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة‬ ‫كالجئني‪.‬‬


‫حتقيق‬

‫‪03‬‬ ‫ذكرى اجلالء ‪ :‬ت�ضحيات الثورة و�أخطا�ؤها ت�ستح�ضر الأجداد‬ ‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫«البديل»‪ -‬يا�سر بدوي‪:‬‬

‫يف تاريخ �سوريا احلديث‪ ،‬تلحظ منا�سبني �أعلن فيهما‬ ‫عن �سوريا م�ستقلة‪ .‬الأوىل من قبل امل�ؤمتر ال�سوري‬ ‫العام يوم ‪ 8‬مار�س ‪ ، 1920‬ومتت خاللها مبايعة‬ ‫في�صل بن احل�سني مل ًكا و�إعالن اململكة ال�سورية‬ ‫العربية ب�شكل ر�سمي‪ .‬والثانية‪ ،‬متت يوم ‪� 28‬سبتمرب‬ ‫‪ 1941‬بعد ا�ستعادة احللفاء �سيطرتهم على �سوريا‬ ‫خالل احلرب العاملية الثانية‪ ،‬و�أعلن يف �إثرها تاج‬ ‫الدين احل�سني "ك�أول رئي�س ل�سوريا امل�ستقلة"‪ .‬خال ًفا‬ ‫لال�ستقالل الأول‪ ،‬ف�إن اال�ستقالل الثاين ا�ستقبل بربود‬ ‫ال�سيما مع ا�ستمرار ق�سط وافر من الأجهزة‬ ‫يف �سوريا‪ّ ،‬‬ ‫التابعة للمفو�ضية الفرن�سية‪ ،‬وي�ؤرخ ال�سوريون ‪17‬‬ ‫من ني�سان ‪ ،1946‬كعيد اجلالء واليوم الوطني‬ ‫ال�سوري ‪.‬واليوم مير العيد الرابع لال�ستقالل و�سوريا‬ ‫تعي�ش انتفا�ضتها الكربى للتحرر من اال�ستبداد‬ ‫فكيف ينظر ال�سوري ال�ستقالله وا�ستقالل وطنه يف‬ ‫الوقت الذي حتفر م�شاريع التق�سيم يف خريطة وطنه‪،‬‬ ‫والنظام امل�ستبد دمر ويقتل يف �سعيه لقتل روح‬ ‫الوطنية ‪.‬‬ ‫ال�سيد من�صور �أتا�سي العار�ض ال�سوري يقول‪ :‬كانت‬ ‫حلظة اال�ستقالل بداية ن�ضال �شعبنا من �أجل بناء‬ ‫دولته املدنية الدميقراطية الذي يتمتع فيها �شعبنا‬ ‫بحريته الكاملة باملعنى ال�سيا�سي واالجتماعي‬ ‫وحتى الفردي ‪.‬لكن فرتة االنقالبات الع�سكرية‬ ‫املتتالية مل ت�سمح ل�شعبنا ببناء دولته املدنية فلم‬ ‫ينعم طيلة الفرتة املا�ضية �سوى ب�أربع �سنوات من‬ ‫احلرية‪ ،‬واعتقل بعدها بالإحكام العرفية التي قمعت‬ ‫العمل ال�سيا�سي وكممت الأفواه وقتلت احلريات‪.‬‬ ‫كان �آخرها و�أق�ساها و�أ�صعبها مرحلة حكم �آل‬ ‫الأ�سد‪ ،‬حيث دخل ع�رشات الألوف �إىل املعتقالت‬ ‫وقتل ع�رشات الألوف‪ ،‬و�صفي اخل�صوم بدم بارد‪،‬‬ ‫ومنع �أي �شكل من �أ�شكال التعبري عن الر�أي‪ ،‬و�ساد‬ ‫الف�ساد الذي هو مرافق لال�ستبداد‪ ،‬وو�صل للق�ضاء‬ ‫الذي مت �إخ�ضاعه ل�صالح النظام وللجامعات‪،‬‬ ‫وانت�رشت البطالة والر�شوة و�أخالق العامل ال�سفلي‪،‬‬ ‫واعتقلت حتى امل�ؤ�س�سات احلكومية التي كانت تدار‬ ‫يبق �أمام �شعبنا �سوى‬ ‫من ق�رص اال�ستبداد ‪ ،‬ومل َ‬ ‫املطالبة بالتغيري عن طريق الإ�صالح �إال �أن النظام‬ ‫الأمني جابه املطالبة بالإ�صالح بالر�صا�ص‪ ،‬وقتل‬ ‫مئات الألوف من الأطفال وال�شباب والن�ساء ال�شيوخ‪،‬‬ ‫واعتقل ع�رشات الألوف من خرية �أبناء الوطن‪ ،‬وقتل‬ ‫الألوف منهم حتت التعذيب‪ ،‬وهدم املدن‪ ،‬وحا�رصها‪،‬‬ ‫ومنع عن �سكانها الغذاء والدواء واملاء‪ ،‬وا�ست�شهد‬ ‫مئات الأطفال وال�شيوخ واملر�ضى يف املناطق‬ ‫املحا�رصة‪ ،‬وعبث بكل القيم يف حماولة للحفاظ‬ ‫على وجوده الغري �رشعي‪. ،‬وكما فعل اال�ستعمار‬ ‫الفرن�سي عمل النظام وما يزال على �إثارة النعرات‬ ‫املذهبية والدينية مدعي ًا �أنه حامي الأقليات مق�سما‬ ‫�شعبنا �إىل مكونات مت�صارعة‪.‬‬ ‫ويتابع الأتا�سي‪ :‬وكما فعل �شعبنا حني جابه‬ ‫امل�ستعمر الفرن�سي بوحدة وطنية مرتا�صة �أبطلت‬ ‫تق�سيم �سورية �إىل دويالت فثار ال�سلطان با�شا‬ ‫الأطر�ش �إىل جانب �إبراهيم هنانو وت�ضامن ثوار‬ ‫الغوطة مع ثوار ادلب وحم�ص وحلب ف�إن �شعبنا‬ ‫�أالن يت�صدى للطغيان بكل مدنه وقراه ومكوناته‬ ‫وقواه ال�سيا�سية‪ ،‬جمابه ًا الرباميل املتفجرة وق�صف‬ ‫الطائرات واملدافع وال�صواريخ والغازات ال�سامة‪،‬‬ ‫وجمابها كافة �أ�شكال التطرف الديني واملذهبي‬ ‫والقومي‪ ،‬ورافع ًا راية احلرية والعدالة االجتماعية‬ ‫متقدما باجتاه الن�رص الأكيد‪ .‬وكما كان النظام‬ ‫العاملي ظامل ًا وخا�ضع ًا لإمالءات امل�ستعمرين ف�إن‬

‫م�ضافة �سلطان با�شا الأطر�ش من الداخل‬ ‫�شعبنا �سيقاتل مبفرده من �أجل احلرية له ول�شعوب‬ ‫العامل كما كان دائما ‪.‬‬ ‫ويختم الأتا�سي‪� :‬إن ذكرى اجلالء تلهمنا القوة‪،‬‬ ‫وت�ضحيات �شهداء اجلالء تقدم لنا املثل ب�إن احلرية‬ ‫ت�ؤخذ بالقوة والت�ضحيات ‪.‬‬ ‫النا�شط ال�سيا�سي و االعالمي طارق �رشابي يعرب عن‬ ‫حال الثورة م�ستذكرا البدايات التي انطلقت منها‬ ‫ثورة الكرامة احلالية ‪،‬ويبدي خماوفه من التق�سيم‬ ‫ال�ضياع الهوية الوطنية ويقول للبديل ‪ :‬كنا يف‬ ‫بداية الثورة املباركة نردد عبارة ال�شعب ال�سوري‬ ‫واحد يف كل مظاهراتنا واعت�صاماتنا �إ�رصاراً من‬ ‫�شباب الثورة على وحدة ال�شعب ال�سوري ‪ ،‬ولكن ما‬ ‫لبث �أن بد�أت تلك ال�صورة والعبارة تتال�شى �شيئا‬ ‫ف�شيئا‪ ،‬عندما بد�أت �صورة اال�صطفافات ال�سيا�سية‬ ‫‪ ،‬وظهور �سيا�سة الدكاكني ‪ ،‬وبد�أ �رشاء الوالءات‬ ‫و�رشاء النفو�س و�رشاء ال�شعارات ‪ ،‬كلها ل�صالح دول‬ ‫وجتاذبات ت�شرتي وتبيع بدماء ال�سوريني‪ .‬نعم‬ ‫تال�شت تلك العبارة وانعدمت ‪ ،‬نحن وبكل جر�أة‬ ‫نحن من �ساهم بتال�شيها‪ ،‬عندما قبلنا �أن نعمل‬ ‫مل�صالح بلدان ودول‪ ،‬وننفذ �أجندتها بعيداً عن‬ ‫الأجندة ال�سورية الوطنية الثورية ‪.‬‬ ‫ويتابع �رشابي‪ :‬اال�ستقالل كلمة جميلة الأبعاد‬ ‫واملالمح واللون‪ ،‬كنا ن�سمعها عندما كنا يافعني‬ ‫‪ ،‬وتذكرنا ببطوالت الأجداد يف الثورة ال�سورية‬ ‫الكربى‪ ،‬وتالحمهم و�صمودهم ووحدتهم على‬ ‫اختالف عقائدهم �أو مناطقهم‪ ،‬فكان يو�سف‬ ‫العظمة‪ ،‬وفوزي القاوقجي‪ ،‬و�صالح العلي‪ ،‬وابراهيم‬ ‫هنانو‪ ،‬و�سلطان با�شا الأطر�ش‪ .‬كلهم �أجدادنا‬ ‫و�أبناء الوطن ال�سوري‪ ،‬وذلك اال�ستقالل رفع ر�ؤو�س‬ ‫ال�سوريني والعرب ‪ ،‬ومل ينالوه �إال بوحدة الأر�ض‬ ‫وال�شعب واحلجر ‪ ،‬لكن اليوم ن�سال عن اال�ستقالل‬ ‫الثاين وننادي به‪� ،‬أين نحن من �صورة اال�ستقالل‬ ‫الأول‪ ،‬و�أين وحدتنا ووحدة الوطن؟ فلنكر�س‬ ‫ا�ستقاللنا بوحدتنا ووحدة ثورتنا ‪.‬‬ ‫�أما د‪� .‬سليمان هواري ف�أكد �أهمية ما يقوم به ال�شعب‬ ‫ال�سوري لنيل حريته و �إجناز ا�ستقالله وقال‪ :‬معركة‬

‫اال�ستقالل التي نخو�ضها اليوم �ضد قوات االحتالل‬ ‫هي �أ�صعب و�أهم بكثري من معركة اال�ستقالل ال�سابقة‬ ‫‪ ،‬والفرق بني امل�ستعمر واملحتل وحده كافي ًا ليعطينا‬ ‫م�ؤ�رشاً عن �صعوبة و�أهمية ما نقوم به اليوم‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف د‪ .‬الهواري‪ :‬ال�شعب ال�سوري وعى ما يحاك‬ ‫�ضده و �ضد وطنه‪ ،‬لذلك يقاوم ويدفع الغايل للتم�سك‬ ‫بوحدة الرتاب ووحدة ال�شعب بكل طوائفه و قومياته‬ ‫وتنوعه‪.‬‬ ‫عبد الباري عثمان من جتمع الدميقراطيني يخت�رص‬ ‫ر�ؤيته ليوم اال�ستقالل ويقول ‪ :‬عندما ينتهي الإجرام‬ ‫يف بلدي وينتهي اﻻ�ستبداد �ستحتفل كل املكونات‬ ‫ال�سورية حتت راياتها با�ستقالل �سوريا‪ ،‬و�سيكون‬ ‫اال�ستقالل احلقيقي الذي �سنعي�شه‪.‬‬ ‫ال�صحفي م�صطفى ال�سيد يتحدث بحرقة الواقع و هو‬ ‫ي�ستذكر يوم ا�ستقالل �سورية‪� :‬أقول لل�سوريني على‬ ‫�ضفاف العا�صي و الفرات و بردى وحوران و حلب و‬ ‫�سواحل ال�شام من �أنطاكية �إىل العري�ش �إن مل تقيموا‬ ‫العدل بينكم و توقفوا القتل فان الإبادة م�صريكم‬ ‫جميعاً‪.‬‬ ‫ويتابع خماطب ًا الفاعلني ال�سوريني يف الأزمة‪:‬‬ ‫�ست�صبحون لعبة الأمم‪ ،‬وبال ا�ستثناء‪ .‬لعبت بكم‬ ‫�أجهزة اال�ستخبارات فقتلتم بع�ضكم بع�ضاً‪ ،‬و �أفنيتم‬ ‫املحبة بني ال�سوريني‪ ،‬لأن ل�صو�صكم �أرادوا �رسقتكم‬ ‫بالقوة و الإذالل و �أنتم تلقيتم وعوداً كاذبة ب�إزاحة‬ ‫احلرامية‪ ،‬وي�ضيف ‪ " :‬فقط طائفة احلرامية يف طول‬ ‫البالد و عر�ضها تت�سع �أعمالها و تزدهر ا�ستثماراتها‪،‬‬ ‫فالل�صو�ص و قطاع الطرق اليوم هم قادة البلد يف‬ ‫ال�سلطة و املعار�ضة و بدون منازع"‪.‬‬ ‫ويختم‪" :‬مبنا�سبة ال�سابع ع�رش من ني�سان الذي غادر‬ ‫فيه �آخر جنود اجلي�ش الفرن�سي �أر�ض �سورية و ترك‬ ‫لنا معظم جنود جي�ش ال�رشق الفرن�سي املكون ممن‬ ‫خانوا ال�سوريني ليحكموا �سورية بانقالبات متتالية‬ ‫حتى �آخر انقالب‪ ،‬والأوطان ير�سم حدودها �أبناء‬ ‫االر�ض و ثقافتهم و كل م�صاحلهم ‪ ،‬ال�سوريون الذين‬ ‫بذلوا الدم �ضد الفرن�سي هم يبذلون الدم منذ عام‬ ‫‪." 2011‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫�صيف �ساخن لتغيري خارطة املعطيات امليدانية‬ ‫غازي دحمان‬

‫ت�شري �أغلب املعطيات‪ ،‬امليدانية وال�سيا�سية‪� ،‬إىل‬ ‫وجود حت�ضريات خلو�ض جولة عنف جديدة على‬ ‫االر�ض ال�سورية‪ ،‬بق�صد تعديل موازين القوة‪،‬‬ ‫وايجاد �أر�ضية منا�سبة لت�سوية الأزمة املعقدة‬ ‫والذاهبة �إىل مزيد من التعقيد مامل يجري �إحداث‬ ‫تعديالت معينة يف ديناميات ت�شغيلها ويف خطوط‬ ‫م�ساراتها‪.‬‬ ‫ي�سعى نظام الأ�سد وحلفائه‪ ،‬بكل قوتهم‪� ،‬إىل �إيجاد‬ ‫�صيغة �سيا�سية وميدانية‪ ،‬ي�ستطيعون من خاللها‬ ‫تهيئة الأمور لالنتخابات الرئا�سية القادمة‪ ،‬ويدرك‬ ‫�أطراف ذلك احللف �أن هذا االمر لن يتحقق ما مل‬ ‫ت�سنده و�ضعية ميدانية منا�سبة‪ ،‬والت�صور الوا�ضح‬ ‫لديهم هنا �إعادة �إخ�ضاع مزيد من املناطق اخلارجة‬ ‫عن �سيطرة النظام و�إظهارها ككتلة جغرافية‬ ‫متما�سكة وم�ؤيدة‪ ،‬بحيث يدخل يف �إطارها غالبية‬ ‫املناطق ذات الكثافة ال�سكانية‪ ،‬من درعا املدينة‬ ‫وحتى حلب‪ ،‬بالإ�ضافة اىل كامل املناطق املحيطة‬ ‫بدم�شق يف الغوطتني الغربية وال�رشقية‪.‬‬ ‫وي�سعى النظام‪ ،‬يف حماولته لتحقيق هذا ال�سيناريو‪،‬‬ ‫اىل �إ�ستن�ساخ جتربته يف القلمون وترحيلها اىل‬ ‫حلب وغوطة دم�شق‪ ،‬وذلك باالعتماد على كثافة‬ ‫النريان التي ي�ستخدمها واملتكونة من كل �صنوف‬ ‫الأ�سلحة‪ ،‬مبا فيها الكيماوي الذي عاد ال�ستخدامه‬ ‫يف �أرياف دم�شق وحماة‪ ،‬و�أي�ضا على زخم الدعم‬ ‫الب�رشي الذي يتلقاه من �شيعة العراق ولبنان‪،‬‬ ‫ويحاول اتباع حرب نف�سية لتحقيق مثل هذا الأمر‪،‬‬ ‫مفادها ان �سقوطه �أمر م�ستحيل‪ ،‬وان اجلهات‬ ‫الداعمة للثوار �إمنا تريد دفعهم من �أجل �أن ميوتوا‬ ‫يف احلرب �ضده‪ ،‬يف حني �أنه يعر�ض عليهم فر�صة‬ ‫النجاة ب�أرواحهم عرب �آلية الهدن التي يقيمها يف‬ ‫بع�ض املناطق‪ ،‬والتي ي�شرتط فيها ت�سليم الثوار‬

‫ل�سالحهم و�إدماجهم �ضمن ت�شكيالت ع�سكرية غري‬ ‫نظامية!‪.‬‬ ‫يتزامن مع هذا الأمر‪ ،‬دعاية يحاول بثها حلفاء‬ ‫النظام‪ ،‬ويتوىل ترويجها الإعالم املمول �إيرانيا‪،‬‬ ‫وكذا بع�ض ال�شخ�صيات التي تنتمي للحلف امل�ؤيد‬ ‫لب�شار الأ�سد‪ ،‬وقد كان الفتا الت�رصيحات‪ ،‬يف هذا‬ ‫التوقيت بالذات‪ ،‬التي �أدىل بها زعيم حزب اهلل‬ ‫ح�سن ن�رص اهلل ونائبه نعيم قا�سم‪ ،‬والتي �أرادوا‬ ‫منها �إي�صال ر�سالة واحدة وهي �أن الأ�سد هو‬ ‫اخليار الوحيد واملمكن ل�سورية وللعامل يف املرحلة‬ ‫املقبلة‪ ،‬وال خيار �آخر �سواه‪ ،‬حيث ي�ؤكد الرجالن �أن‬ ‫مرحلة �إ�سقاط الأ�سد انتهت‪ ،‬و�أن تفكيك املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة لي�ست �سوى م�س�ألة وقت لن يطول‪ ،‬و�أن‬ ‫الوقت لن يطول قبل �أن تتبلور هذه احلقائق وت�صبح‬ ‫معطيات را�سخة على الأر�ض‪ ،‬وما على العامل �سوى‬ ‫االعرتاف ب�أهمية الدور الإيراين يف ال�رشق الأو�سط‬ ‫وهيمنته التي متتد من بغداد اىل بريوت وما بينهما‬ ‫دم�شق‪ ،‬بالطبع ال حاجة لإثبات دعائية مثل هذه‬ ‫املواقف ال�سيا�سية ورغبويتها‪ ،‬و�إذا كان من غري‬ ‫املمكن �إتهام ايران وحلفا�ؤها بال�سذاجة واملراهقة‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬ف�إن مثل هذه الت�رصيحات املندفعة ال‬ ‫تعني �سوى الرغبة يف �إيجاد مناخ من الإحباط لدى‬ ‫الطرف الأخر و�إقناعه باال�ست�سالم‪ ،‬وكل ذلك مقابل‬ ‫بع�ض التقدم الذي حققته قوات النظام وحلفائها‬ ‫يف مناطق حمدودة‪ ،‬يف حني هم يرتاجعون على‬ ‫جبهات عديدة‪ ،‬كما ان قوتهم تو�شك على النفاذ‬ ‫حتى يف املناطق التي ي�سيطرون عليها‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬تتح�رض املعار�ضة امل�سلحة‪ ،‬على‬ ‫جبهات عدة‪ ،‬ملواجهة �شاملة مع النظام‪ ،‬بعد �أن‬ ‫نظمت �صفوفها يف �أكرث من موقع وجبهة‪ ،‬وبعد‬ ‫تلقيها تعزيزات مهمة على م�ستوى الذخرية‪،‬‬

‫وبح�سب تقارير �أمريكية ن�رشتها �صحف وا�شنطن‪،‬‬ ‫ف�إن الإدارة الأمريكية �سمحت لبع�ض الأطراف‬ ‫الإقليمية الداعمة للمعار�ضة بتزويدها ب�أ�سلحة‬ ‫وذخائر نوعية من �ش�أنها تغيري معادلة القوة على‬ ‫الأر�ض‪ ،‬وذلك من �أجل خف�ض �سقف توقعات �إيران‪،‬‬ ‫الداعم اال�سا�سي لنظام ب�شار‪ ،‬بل امل�شغل الأهم‬ ‫له‪ ،‬وخا�صة بعدما تبني لإدارة �أوباما �أن نظام‬ ‫املاليل ي�سعى �إىل ا�ستثمار الواقع امليداين ال�سوري‬ ‫يف مفاو�ضاته النووية‪ ،‬بل حتى �أن بع�ض �أركانه‬ ‫راحوا يب�رشون ب�سقوط الورقة ال�سورية كاملة‬ ‫ب�أيديهم‪ ،‬من هنا ف�إن التغري يف املوقف الأمريكي‬ ‫جلهة تزويد املعار�ضة ببع�ض الأ�سلحة ي�أتي �ضمن‬ ‫�سياق �أبعد‪ ،‬الهدف منه �إ�ضعاف القدرة الت�ساومية‬ ‫لإيران بالدرجة االوىل‪ ،‬ذلك �أن التقديرات حول‬ ‫املفاو�ضات النووية ت�شري �إىل �إمكانية �إجناز �صيغة‬ ‫للحل يف غ�ضون ال�شهرين املقبلني‪ ،‬ويف فرتة ال‬ ‫تتجاوز �شهر �أيار القادم‪.‬‬ ‫على وقع ذلك‪ ،‬تتح�رض �أكرث من جبهة خلو�ض‬ ‫معارك حا�سمة يف �سورية‪ ،‬فجبهة اجلنوب من درعا‬ ‫�إىل القنيطرة‪ ،‬باتت �شبه جاهزة‪ ،‬والعمل يجري‬ ‫ب�صمت وبعيداً عن الأ�ضواء‪ ،‬حيث التح�رضات جارية‬ ‫ل�شن هجوم باجتاه جنوب وغرب دم�شق‪ ،‬وقد حققت‬ ‫املعار�ضة يف الأ�سابيع املا�ضية تقدم ًا ملحوظا‬ ‫عرب �سيطرتها على مواقع ونقاط ا�سرتاتيجية ت�رشف‬ ‫على م�ساحات وا�سعة من اجلبهة‪ ،‬وخا�صة يف‬ ‫ريف القنيطرة‪ ،‬التي متتاز بت�ضاري�س وعرة ت�شكل‬ ‫املرتفعات �أكرث نقاطها �أهمية‪� ،‬أما يف حلب و�أرياف‬ ‫�إدلب وحماة فتقدم املعار�ضة يبدو وا�ضح ًا‪ ،‬كما‬ ‫ان �أداء "الثوار" فيها �أ�صبح �أكرث ن�ضجا وفعالية‪،‬‬ ‫مما يعني تزخيم الكتائب املقاتلة يف تلك املناطق‬ ‫بكوادر �أكرث تاهيال وتدريبا‪.‬‬ ‫ �إذاً نحن على �أعتاب �صيف �ساخن ي�شهده‬ ‫امليدان ال�سوري‪ ،‬والأكيد‪� ،‬أن الأهداف ال�سيا�سية‬ ‫التي ينطوي عليها ذلك الت�صعيد لي�ست بخافية‪،‬‬ ‫ذلك ان الطرفني ي�سعيان اىل �إنتاج واقع ميداين‬ ‫جديد ي�ساعد يف مترير مطالبهما من احلدث‪ .‬و�إذ‬ ‫يبدو النظام راغبا يف تغيري خريطة احلدث نهائيا‬ ‫عرب تزخيمها مبعطيات �سيا�سية جديدة تتمثل يف‬ ‫رغبته بالظهور على �أنه خياراً �سوري ًا �شعبي ًا‪ ،‬ت�ؤيده‬ ‫غالبية ال�شعب ال�سوري عرب ا�ستحقاق االنتخابات‬ ‫الرئا�سية القادمة‪ ،‬وبالتايل تعطيل مفاعيل احلركة‬ ‫املعار�ضة �ضده‪ ،‬و�إظهارها على �أنها مترداً حمدوداً‬ ‫وال �رشعي ًا‪ ،‬ف�إن املعار�ضة باملقابل ت�سعى اىل‬ ‫�إرباكه‪ ،‬وعدم متكنيه من �إجناز تلك العملية‪ ،‬و�إبرازه‬ ‫كنظام فاقد لل�رشعية‪ ،‬وحتى و�إن ح�صل و�أجرى‬ ‫االنتخابات فتكون على رقعة ب�سيطة من �سورية‬ ‫ال متنحه القدرة على الإدعاء بوجود قاعدة �شعبية‬ ‫داعمة له‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تخ ّبط ال ُنخب ال�سورية يف حتليل �أ�سباب الثورة‬ ‫فيكتوريو�س بيان �شم�س‬

‫تعاين الثورة ال�سورية منذ انطالقتها يف �آذار ‪2011‬‬ ‫من "اليتم"‪ ،‬وهو ا�صطالح �صحيح‪ ،‬يحاول و�صف‬ ‫واقع احلال لثورة �شعب ت�ضامن مع كل ثورات‬ ‫"الربيع العربي" وغريها‪ ،‬لكنه مل ُيقابل �سوى‬ ‫بالتجاهل العربي �شعبي ًا‪ .‬وبتوظيف ثورته وحماولة‬ ‫اال�ستفادة منها ر�سمي ًا‪ .‬ولهذا �أ�سبابه التي �أ�صبح‬ ‫من ال�رضوري مبكان‪ ،‬ت�سليط ال�ضوء عليها‪ ،‬ملحاولة‬ ‫ا�ستك�شاف �سبل ح ّلها‪� ،‬إن كان مازال هنالك م ّت�سع‬ ‫من الوقت لإنقاذ �شعب ُيقتل ب�أب�شع الطرق التي‬ ‫ال متاثلها �سوى جمريات احلرب العاملية الثانية‬ ‫بح�سب تو�صيف "هيئة الأمم امل ّتحدة"‪.‬‬ ‫تختلف النخب ال�سورية‪ ،‬وج ّلها يعي�ش يف اخلارج‪،‬‬ ‫حول م�سائل كثرية‪ ،‬منها على �سبيل املثال‪ ،‬تاريخ‬ ‫انطالق الثورة‪ ،‬هل هو يف ‪ 15‬مار�س‪� /‬آذار ‪2011‬‬ ‫من دم�شق؟‪� ،‬أم يف ‪ 18‬من ذات ال�شهر يف درعا؟‪،‬‬ ‫ومثال �آخر حول اجلدل الذي تخو�ضه ذات "النخب"‪:‬‬ ‫"هل الثورة هي ثورة خبز �أم ثورة كرامة؟"‪.‬‬ ‫لك�أن اخلبز والكرامة نقي�ضان‪ ،‬ال يجتمعان‪ ،‬بل‬ ‫يتنافران يف عقلية هذه "النخب"!‪ .‬ويف حتليلهم‬ ‫لأ�سباب الثورة‪ ،‬تراهم يلج�أون (فريقي اخلالف)‬ ‫حلادثة �أطفال درعا لتف�سري انطالق الثورة‪ ،‬متنا�سني‬ ‫�أي بعد تاريخي لأ�سبابها البعيد غري املبا�رشة‪ ،‬لكن‬ ‫الأ�سا�سية بعد تراكمها على مر عقود‪.‬‬ ‫ومقره‬ ‫أعده "املعهد العربي للتخطيط"‬ ‫يف تقرير � ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكويت يف العام ‪� ،2010‬أي قبل انطالق الثورة‬ ‫ب�أ�شهر قليلة‪ ،‬ي�شري التقرير �إىل �أ ّنه بني عامي ‪2003‬‬ ‫– ‪ 2004‬ا�ستهلك الـ (‪ )20%‬الأدنى من ال�سكان‬ ‫(‪ )7%‬فقط من جممل الإنفاق‪ .‬بينما ا�ستهلك الـ‬ ‫ثراء (‪.)45%‬‬ ‫(‪ )20%‬الأكرث ً‬ ‫كما ي�شري التقرير �إىل �أن (‪ 2‬مليون) �سوري‪� ،‬أي‬ ‫(‪ )11,4‬من �إجمايل عدد �سكان البالد‪ ،‬مل يتم ّكنوا يف‬ ‫ذات الفرتة من احل�صول على حاجاتهم الأ�سا�سية‬ ‫من املواد الغذائية‪ ،‬وغري الغذائية!‬ ‫هذه واحدة من الق�ضايا التي �إذا افرت�ضنا جد ًال‪،‬‬ ‫�أن "النخب" ال�سورية ال تعرفها‪ ،‬ف�إن كل حتليلها‬ ‫لأ�سباب الثورة يكون معناه ناق�ص ًا‪.‬‬ ‫لكن امل�س�ألة لي�ست كما تبدو على ب�ساطتها‪ ،‬وال‬ ‫ال ُنخب �ساذجة‪ ،‬و�إن مل ت�سمع بهذه الأرقام‪ .‬امل�س�ألة‬ ‫برمتها يف مكان �آخر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف حتليله حل�ضور الطائفية يف احلرب الأهلية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ي�صل املف ّكر اللبناين مهدي عامل �إىل �أن‬ ‫الطائفية مبا هي الأيديولوجيا التي ت� ّؤمن للطبقات‬ ‫امل�سيطرة دميومة �سيطرتها‪ ،‬ت�ستطيع يف الأزمات‬ ‫حتول االنق�سام الأفقي الذي‬ ‫الطبقية الكربى‪� ،‬أن ّ‬ ‫توحدت الطبقات‬ ‫يهدّد �سيطرتها الطبقية‪� ،‬إذا ما ّ‬ ‫ال�شعبية امل�سحوقة يف قوة �سيا�سية‪� ،‬إىل انق�سام‬ ‫عمودي‪ ،‬هو االنق�سام ال�سيا�سي على �أ�سا�س طائفي‪،‬‬ ‫ي�شل قدرة الطبقات الثورية امل�سحوقة‪،‬‬ ‫وهو انق�سام ُّ‬ ‫أن‬ ‫ل‬ ‫انق�سامها‪،‬‬ ‫فيبقيها حبي�سة‬ ‫توحدها‪ ،‬يعني‬ ‫ّ‬ ‫ي�سميه "الطغمة املالية احلاكمة"‪.‬‬ ‫انتهاء �سلطة ما ّ‬

‫املتوحدة مع نف�سها‬ ‫املرتبعة‪،‬‬ ‫� ّأما هذه الطغمة‪ ،‬فهي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وم�صاحلها على ر�أ�س هذا الهرم االجتماعي‪ ،‬وهي‬ ‫التي تعي خماطر من هم �أ�سفل الهرم‪.‬‬ ‫هذا يعني‪� ،‬أن "النخب" ال�سورية‪ ،‬حتى و�إن كانت‬ ‫من طبقات اجتماعية �أدنى بكثري يف موقعها‬ ‫االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي من "الطغمة‬ ‫املالية" اللبنانية امل�ستفيدة من احلرب الأهلية‬ ‫اللبنانية‪ .‬ومبوقع �أبعد ما يكون عن موقع القرار‬ ‫يف هذه احلرب (�أقرب �إىل �أوراقٍ و�أدوات) ف�إ ّنها‬ ‫حتمل وعي ًا خمتلف ًا عن وعي الطبقات والفئات‬ ‫ال�شعبية �صاحبة امل�صلحة الأ�سا�سية بانت�صار‬ ‫الثورة على هذا النظام‪ .‬ال بل‪ ،‬حتمل وعي ًا �أقرب ما‬ ‫حتول‬ ‫يكون لوعي النظام نف�سه‪ .‬هذا النظام الذي ّ‬ ‫الرباقة‪ ،‬والتي من‬ ‫من رافع لل�شعارات "القومية" ّ‬ ‫خلفها مار�س عمليات ال�سطو والنهب على مقدرات‬ ‫حجة تتنافى‬ ‫ال�شعب ال�سوري‪� ،‬إىل نظام قائم على ّ‬ ‫متام ًا مع ّادعاءاته ال�سابقة‪� ،‬أي "حماية الأقليات"‬ ‫"يهدد بافرتا�سهم"‪.‬‬ ‫من البحر الأغلبي العظيم الذي ّ‬ ‫هذا متقاطع بالطبع مع م�شاريع وم�صالح دولية‪،‬‬ ‫متف�صلت على مافيوية النظام "حامي الأقليات"‪،‬‬ ‫طيعة‪.‬‬ ‫ليتحول بدوره �إىل �أداة دولية – �إقليمية ّ‬ ‫وبالتايل‪ ،‬ف�إن هذه "النخب" من خالل تبنيها‬ ‫ل�شعار "ثورة الكرامة"‪ ،‬وتركيزها على احلريات‬ ‫ك�سبب رئي�سي للثورة‪ ،‬وا�ستبعادها الحتماالت �أن‬ ‫يكون اجلوع واحد من الأ�سباب احلقيقية للقيام على‬ ‫النظام‪ ،‬تقاطعت مع النظام يف م�صاحله‪ ،‬ومتاثلت‬ ‫معه يف حماوالته �إخفاء �أ�سباب الثورة باختالق‬ ‫معزوفة "الإرهاب"‪.‬‬ ‫هنا‪ ،‬يحق لل�سائل �أن ي�س�أل‪� :‬أال ُتعترب م�شكلة احلريات‬ ‫يف �أ�سا�سها‪ ،‬م�شكلة طبقية؟ هل كان لأوروبا �أن ت�صل‬ ‫�إىل ما و�صلت �إليه اليوم‪ ،‬لو مل تو ّفر حداً �أدنى من‬

‫العدالة االجتماعية وال�ضمانات التي ردمت الهوة‬ ‫وفتحت الآفاق للحريات ال�سيا�سية واالجتماعية‬ ‫والتعبريية‪ ،‬و� ّأ�س�ست ملفاهيم جديدة تنفي‪� ،‬أو للد ّقة‬ ‫تق ّل�ص التناق�ض بني اجلوع والكرامة الإن�سانية‪.‬‬ ‫�رص "ال ُنخب" ال�سورية على ح�رص �أ�سباب‬ ‫ملاذا ُت ّ‬ ‫بناء على‬ ‫الثورة بالكرامة؟ وملاذا ال تكون الثورة ً‬ ‫ت�رصيحات بع�ض رموز النظام نف�سه‪ ،‬ثورة جياع ؟‬ ‫فها هو نائب رئي�س جمل�س الوزراء ال�سابق‪ ،‬ووزير‬ ‫"حماية امل�ستهلك" قدري جميل‪ ،‬يعلن قبل اندالع‬ ‫الثورة ب�أ�شهر قليلة �أنه‪" :‬حتى يعي�ش املواطن حياة‬ ‫حرة كرمية‪ ،‬يجب �أن يكون احلد الأدنى للأجور بني‬ ‫‪ 30,000‬و ‪ 40,000‬لرية"‪� ،‬أي ما يعادل‪ :‬من‬ ‫‪� 600‬إىل ‪ 800‬دوالر �أمريكي �شهري ًا‪ .‬بينما احلد‬ ‫الأدنى فعلي ًا بح�سب املر�سوم الت�رشيعي الذي يحمل‬ ‫الرقم (‪ )38‬بتاريخ ‪ ،22/6/2013‬ين�ص على‬ ‫حتديد احلد الأدنى للأجور بـ (‪ )6070‬لرية �سورية‬ ‫ت�ضخم و�صل‬ ‫�أي ما يعادل (‪ 121‬دوالر) يف ظل‬ ‫ّ‬ ‫خالل الأزمة مل�ستويات غري م�سبوقة �إذ بلغ يف نف�س‬ ‫العام �أكرث من (‪ ،)117%‬وارتفاع يف �أ�سعار ال�سلع‬ ‫اال�ستهالكية بلغ حدود (‪.)491%‬‬ ‫يف النتيجة‪ ،‬للم�شكلة اخلاطئة‪ ،‬ح ّل خاطئ‬ ‫بال�رضورة‪ .‬والتحليل اخلاطئ (فر�ض ًا) للأزمة‪،‬‬ ‫�سي� ّؤدي حللول خاطئة‪ .‬مبعنى‪ :‬عدم فهم الأ�سباب‬ ‫الطبقية احلقيقية للثورة‪ ،‬وح�رصها مب�س�ألة الكرامة‬ ‫وحدها‪ ،‬و�سيعيد �إنتاج النظام نف�سه‪ ،‬بلبو�س �أكرث‬ ‫�صح الو�صف‪� ،‬سواء علمت هذه‬ ‫"دميقراطوية" �إن ّ‬ ‫"ال ُنخب بهذا‪� ،‬أم مل تعلم‪ .‬عدا عن �أن تو�صيفها‬ ‫ربئ النظام من تاريخ‬ ‫اخلاطئ لأ�سباب الثورة‪ُ ،‬ي ّ‬ ‫حافل بالهيمنة واال�ستئثار مبوارد وثروات البالد‬ ‫والعباد‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫ق�ضايا‬

‫‪06‬‬

‫بعد الطائفية يف �سوريا‪� ..‬صحوة الع�شائرية‬ ‫حكم عاقل‬

‫يبدو �أن �أحداث الأزمة ال�سورية متر بوترية مت�سارعة‬ ‫�أكرث من �أي وقت م�ضى‪ .‬فبعد معارك ك�سب حتتدم‬ ‫معارك حلب‪ ،‬واجلي�ش النظامي يتقدم نحو �أحياء‬ ‫حم�ص القدمية واملر�شحة لل�سقوط خالل �أيام بعد‬ ‫�سقوط االتفاق الإن�ساين املوقع على هام�ش «جنيف‬ ‫‪ .»-2‬ح�سمت معركة القلمون لتبقى جيوب املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة عر�ضة لـ «التطهري» يف الزبداين‪ .‬الزعبي‬ ‫يحدد يوم غد الأثنني كموعد يعلن فيه جمل�س ال�شعب‬ ‫فتح باب الرت�شح النتخابات الرئا�سة‪ ،‬مما يعني‬ ‫�إطالق ر�صا�صة الرحمة على «جنيف‪ »-1‬الذي ن�ص‬ ‫على ت�شكيل هيئة انتقالية‪� .‬أما ت�رصيحات الأ�سد‬ ‫حول «انعطاف» يف الأزمة مل�صلحة النظام فيجب‬ ‫�أخذها جدي ًا من قبل املعار�ضة على �أنها تو�صيف‬ ‫حقيقي ملعطيات ميدانية داخلية و�سيا�سية دولية ال‬ ‫�أن حتجب كعادتها وراء اخلطاب العاطفي والثوري‬ ‫املت�شنج الذي قد يعترب تلك الت�رصيحات مبثابة‬ ‫هروب اىل الأمام �أو على �أنها جزء من حملة انتخابية‬ ‫مل يعلن عنها ر�سميا بعد‪.‬‬ ‫يبدو �أن وا�شنطن وعوا�صم غربية بل حتى رو�سيا‪ ،‬و�إن‬ ‫على طريقتها‪ ،‬تبدي قلقا متزايدا من خطر التطرف‬ ‫املتمثل يف املجموعات اجلهادية يف �سوريا‪ .‬فوفق‬ ‫تقارير ا�ستخباراتية غربية باتت �سوريا ت�شكل مالذا‬ ‫�آمنا له�ؤالء بعيداً عن مرمى نريان الطائرات الأمريكية‬ ‫دون طيار‪ .‬وتك�شف هذه التقارير عن قلق غربي من‬ ‫توا�صل �أفراد من «جبهة الن�رصة» و «داع�ش» مع‬ ‫قيادات من «القاعدة» يف باك�ستان‪ ،‬وتذكر «التاميز»‬ ‫ا�سم �أبو (خالد ال�سوري) الذي قتل يف هجوم انتحاري‬ ‫ال�شهر الفائت ك�أحد ه�ؤالء‪.‬‬ ‫نحن هنا �أمام توجه �أمني يف التعاطي مع امل�س�ألة‬ ‫ال�سورية التي يبدو �أنها تفي�ض خارج حدودها‪:‬‬ ‫التوترات يف اجلوالن ال�سوري املحتل وعلى احلدود‬ ‫ال�سورية الفل�سطينية‪ ،‬التدخل الرتكي يف معارك ك�سب‪،‬‬ ‫الأحداث الأمنية يف لبنان‪ ،‬تنقالت املقاتلني عرب‬ ‫احلدود العراقية ال�سورية‪ ،‬وم�ؤخراً الطريان الأردين‬ ‫يق�صف مركبات ع�سكرية حاولت عبور احلدود باجتاه‬

‫الأردن‪.‬‬ ‫الإدارة الأمريكية ما�ضية يف �سيا�سة �إدارة الأزمة بد ًال‬ ‫عن الرغبة احلقيقية يف حلها‪ .‬التقارير اال�ستخباراتية‬ ‫الغربية تعزز هذا التوجه حني ترجح �أن تكون �سوريا‬ ‫منطلقا لعمليات �إرهابية ينفذها مقاتلون غربيون‬ ‫يتم ا�ستقطابهم وتدريبهم يف �سوريا ويبلغون اليوم‬ ‫حوايل ‪ 1200‬مقاتل ح�سب بع�ض التقديرات‪ ،‬و �أن‬ ‫الظواهري يخطط حلرب طويلة الأمد مع الغرب تكون‬ ‫�سوريا قاعدتها الرئي�سية‪.‬‬ ‫قبل �أ�شهر توافقت وا�شنطن ومو�سكو على مد يد العون‬ ‫�إىل املالكي يف معارك الأنبار �ضد تنظيم «داع�ش»‬ ‫مب�ساعدة الع�شائر العراقية‪ .‬لكن يبدو اليوم �أن مواجهة‬ ‫«داع�ش» يف الأرا�ضي ال�سورية بات �أمرا ملحاً‪.‬‬ ‫ما يناق�ش الآن يف �أروقة ال�سيا�سة الأمريكية هو‬ ‫مواجهة تنظيم «داع�ش» عرب �إعادة ا�ستن�ساخ جتربة‬ ‫«�صحوات» العراق العام ‪ 2007‬يف حمافظة الأنبار‪.‬‬ ‫لكن �إذا كانت الرتكيبة الع�شائرية للمناطق ال�سورية‬ ‫على احلدود مع العراق ويف حمافظة الرقة ت�شكل �إغراء‬ ‫لإعادة التجربة العراقية ف�إن ا�ستن�ساخها الذي ف�شل‬ ‫يف العراق نف�سها خارج حمافظة الأنبار �أو ًال والحق ًا‬ ‫يف �أفغان�ستان العام ‪ 2008‬يحتم توقع ف�شلها هنا‬ ‫يف �سورية‪ .‬ففي العراق دعمت هذه «ال�صحوات» من‬ ‫نظام قوي ا�ستطاع ال�سيطرة على فو�ضاها‪ ،‬ومنع‬ ‫وقوعها حتت �سيطرة �أمراء احلرب‪ .‬وكان بالإمكان‬ ‫الحقا ا�ستيعاب ق�سم كبري منهم يف �أجهزة الأمن‬ ‫العراقية‪� .‬أما يف احلالة ال�سورية فلي�س هناك �ضمانات‬ ‫كهذه‪ ،‬ناهيك عن عدم التجان�س العرقي لهذه الع�شائر‬ ‫يف املناطق املقرتحة ‪� .‬إن اخل�شية الأمريكية من‬ ‫و�صول الأ�سلحة �إىل املتطرفني اجلهاديني يف �سوريا‬ ‫قد جعلها حتجم ح�سب ادعائها عن ت�سليح املعار�ضة‬ ‫نوعياً‪ ،‬وكان من املفرو�ض ملنطق كهذا �أن يطرح‬ ‫التحفظات نف�سها يف التعاطي مع فكرة «ال�صحوات‬ ‫ال�سورية»‪ .‬ولن يفيد املعار�ضة امل�سلحة‪ ،‬امل�صنفة‬ ‫�أمريكيا باملعتدلة‪ ،‬التفرغ ملواجهة النظام الذي‬ ‫تتيحه لها هذه «ال�صحوات» بت�صديها لـ «داع�ش» يف‬

‫ظل ا�ستمرار توا�ضع �إمكانياتها الع�سكرية‪.‬‬ ‫هناك �س�ؤال م�رشوع مفاده‪� :‬أين كانت �أجهزة‬ ‫اال�ستخبارات الغربية والأمريكية منذ بدايات توافد‬ ‫اجلهاديني من خمتلف اجلن�سيات �إىل �سوريا‪ ،‬وملاذا‬ ‫مل تول الإدارة الأمريكية وحلفائها �آذانا �صاغية‬ ‫الدعاءات الرو�س والنظام حول خطر الإرهاب‬ ‫املتنامي يف �سوريا منذ البداية؟ �إذ مل يكن مهما‬ ‫الك�شف عن «املغناطي�س» اجلاذب للإرهاب بقدر ما‬ ‫كان الأهم هو ال�سيطرة على احلقل املغناطي�سي‪.‬‬ ‫يبدو �أن الإدارة الأمريكية �إما �أنها ال متلك قدرة‬ ‫على امل�ساهمة يف حل امل�سالة ال�سورية‪ ،‬و�إما �أنه ال‬ ‫تتوفر لديها الرغبة يف ذلك‪ ،‬و�أن امل�سالة بالن�سبة‬ ‫لها م�س�ألة توقيت يهدف �إىل �إطالة �أمد الأزمة‪ ،‬وهذا‬ ‫يتطلب حتويل الأزمة ال�سورية �إىل ملفات فرعية حتدد‬ ‫�أولوياتها ح�سب رغبة الإدارة الأمريكية‪ .‬لكن ذلك يف‬ ‫الوقت نف�سه هو ما مينح حلفاء النظام ال�سوري قدرة‬ ‫على املناورة‪ ،‬وخلق ملفات جديدة‪ ،‬وترتيب �أولوياتها‬ ‫�أي�ضاً‪ .‬هنا تغدو �سيا�سة �إدارة الأزمة التي �أ�صبحت‬ ‫�سيا�سة دولية م�شرتكة للفرقاء والالعبني الدوليني‬ ‫هي بحد ذاتها جوهر الأزمة ال�سورية‪ .‬واليوم يبدو �أن‬ ‫الإدارة الأمنية للأزمة ال�سورية هي امللف الذي يحظى‬ ‫بالأولوية الأمريكية يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫«ال�صحوات» يف العراق لعبت دوراً مهم ًا يف احلد‬ ‫من نفوذ «القاعدة»‪ .‬ولكنها مل ت�ستطع الق�ضاء عليه‬ ‫نهائياً‪ ،‬وا�ستطاع املالكي يف م�سعاه لتوطيد �سلطاته‬ ‫تغطية الطائفية بالع�شائرية دون ا�ستبدال �أحدهما‬ ‫بالأخرى‪� .‬أما �سنة العراق الذين �أرادوا االنخراط‬ ‫يف العملية ال�سيا�سية فدفعوا الثمن املطلوب منهم‬ ‫�أمريكيا‪ ،‬مل يح�صلوا حتى الآن على ما وعدوا به‪ .‬يف‬ ‫�سوريا ال توجد ا�ص ًال �أية عملية �سيا�سية‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫يعني مزيدا من التفتت الع�شائري والتناحر القبلي‪،‬‬ ‫ي�ضاف اىل التفتت املذهبي والطائفي‪ ،‬مع �سيا�سة‬ ‫�أمريكية ال ترى حلو ًال �إال ب�إطالة عمر الأزمة ال�سورية‪،‬‬ ‫و�إعادة �إنتاجها عرب تفتيت املفتت وجتز�أة املجز�أ‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫عربي‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫بوتفليقة �إىل والية رابعة بكر�سي متحرك‬ ‫اجلزائر‪ -‬رويرتز‪« -‬البديل»‪:‬‬

‫�أثار فوز الرئي�س اجلزائري عبد العزيز بو تفليقة (‪77‬‬ ‫عاماً) بوالية رابعة ا�ستياء الكثري من اجلزائريني‪،‬‬ ‫وخا�صة املعار�ضة اجلزائرية التي قاطعت �ستة �أحزاب‬ ‫منها االنتخابات‪ ،‬وبلغت ن�سبة الإقبال على االنتخاب‬ ‫حوايل ‪ 51.7‬على م�ستوى البالد‪ ،‬وهو ما يعك�س بح�سب‬ ‫مراقبني كرث احلال التي و�صلت �إليها البالد‪ ،‬حيث توجد‬ ‫خماوف حقيقية من حدوث ا�ضطرابات ت�شبه ما حدث‬ ‫يف بالد الربيع العربي (تون�س‪ ،‬م�رص‪ ،‬اليمن‪� ،‬سوريا)‪،‬‬ ‫تن�س بعد اال�ضطرابات‬ ‫كما �أن ذاكرة اجلزائريني مل َ‬ ‫التي عا�شتها اجلزائر خالل عقد الت�سعينات من القرن‬ ‫املا�ضي‪ ،‬و�أودت بحياة �أكرث من ‪� 200‬ألف مواطن‬ ‫جزائري‪.‬‬ ‫وفاز الرئي�س اجلزائري عبد العزيز بوتفليقة بفرتة‬ ‫رئا�سية جديدة يوم اجلمعة املا�ضي‪ ،‬بعد انتخابات قال‬ ‫معار�ضوه �أنها ي�ستهدف �إبقاءه يف احلكم رغم اعتالل‬ ‫�صحته‪ .‬وكان بوتفليقة قد �أدىل ب�صوته وهو يجل�س على‬ ‫كر�سي متحرك يوم اخلمي�س املا�ضي‪ ،‬وذلك يف ظهور‬

‫علني نادر منذ �إ�صابته بجلطة العام املا�ضي �أثارت‬ ‫ت�سا�ؤالت حول ا�ستقرار البالد‪.‬‬ ‫ويحكم بوتفليقة وهو �أحد قادة حرب اال�ستقالل‬ ‫املخ�رضمني البالد منذ ‪ 15‬عاما‪.‬‬ ‫وكان من املتوقع على نطاق وا�سع ان يفوز بوتفليقة‬ ‫(‪ 77‬عاما) بدعم من حزب جبهة التحرير الوطني احلاكم‬ ‫الذي يهيمن على امل�شهد ال�سيا�سي منذ اال�ستقالل عن‬ ‫فرن�سا يف عام ‪. 1962‬‬ ‫وقال وزير الداخلية الطيب بلعيز يف م�ؤمتر �صحفي‬ ‫�إن النتائج الأولية الر�سمية تظهر فوز بوتفليقة بن�سبة‬ ‫‪ 81.53‬يف املئة من الأ�صوات‪ .‬وفاز �أقرب مناف�سيه‬ ‫علي بن فلي�س بن�سبة ‪ 12.8‬يف املئة‪.‬‬ ‫وقال رئي�س وزرائه ال�سابق عبد املالك �سالل يف م�ؤمتر‬ ‫�صحفي «ي�ؤكد الفوز �أن بوتفليقة قادر على �إعطاء املزيد‬ ‫للجزائريني يف الأعوام اخلم�سة القادمة‪. ».‬‬ ‫لكن احلالة ال�صحية للرئي�س تثري مزيداً من الت�سا�ؤالت‬

‫حول االنتقال املحتمل يف اجلزائر‪ ،‬ومن الذي �سيحل‬ ‫حمله �إذا مر�ض خالل واليته الرابعة‪ ،‬و�إىل �أي مدى‬ ‫�ستتجه احلكومة اجلديدة نحو �إجراء �إ�صالحات �سيا�سية‬ ‫واقت�صادية‪.‬‬ ‫�أما عن قدرة النظام اجلزائري على فر�ض بوتفليقة‬ ‫لوالية رئا�سية جديدة ف�إن كرث من املواطنني اجلزائريني‬ ‫يعتقدون �أن من يدير البالد فعلي ًا هم قيادات متنفذة‬ ‫داخل جبهة التحرير اجلزائرية املتحالفني مع �ضباط‬ ‫من رتب عليا يف اجلي�ش‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل رجال �أعمال‪،‬‬ ‫وكلهم لهم م�صلحة بدوام الو�ضع احلايل‪ ،‬ولذلك فهم‬ ‫ي�ستخدمون بوتفليقة كواجهة مل�صاحلهم‪.‬‬ ‫وعلى غرار م�رص‪ ،‬ف�إن حركة «بركات» والتي تعني‬ ‫«كفاية» تدعو �إىل �إجراء حالة تغيري يف البالد‪ ،‬وكانت‬ ‫احلركة قد انطلقت بعد �إعالن بوتفليقة عن تر�شيح‬ ‫نف�سه‪ ،‬وتتبنى احلركة اخلط ال�سلمي يف الدعوة �إىل تغيري‬ ‫دميقراطي‪.‬‬

‫م�صر‪� :‬صباحي ر�سمياً �إىل مناف�سة ال�سي�سي و�آمال الفوز �ضعيفة‬ ‫دخل حمدين �صباحي ر�سمي ًا �إىل �سباق‬ ‫االنتخابات الرئا�سية يف م�رص‪ ،‬وذلك بعد �أن‬ ‫قدم �أوراق تر�شحه ر�سمي ًا للجنة االنتخابات‬ ‫ّ‬ ‫الرئا�سية يف م�رص‪ ،‬وجمعت حملة �صباحي ‪31‬‬ ‫�ألف و‪ 100‬توكيل من عدة حمافظات‪ .‬وطبقا‬ ‫للقانون يجب �أن يح�صل من يرغب يف الرت�شح‬ ‫على ت�أييد ‪� 25‬ألف ناخب من ‪ 15‬حمافظة‬ ‫على الأقل من �أ�صل ‪ 27‬حمافظة‪ ،‬و�أال يقل عدد‬ ‫امل�ؤيدين يف املحافظة الواحدة عن �ألف ناخب‪.‬‬ ‫ويعد �صباحي املر�شح الثاين بعد امل�شري عبد‬ ‫الفتاح ال�سي�سي الذي قدم ا�ستقالته من من�صب‬ ‫وزير الدفاع ليت�سنى له الرت�شح للرئا�سة‪ ،‬وكان‬ ‫ال�سي�سي قد قدم �أوراق تر�شحه يوم الأثنني‬ ‫املا�ضي‪ ،‬وبلغ عدد توكيالت الت�أييد ‪� 200‬ألف‪.‬‬

‫وعلى الرغم من �صعوبة موقف حمدين �صباحي‬ ‫يف االنتخابات‪ ،‬حيث بات من امل�ؤكد �أن ال�سي�سي‬ ‫ي�شق طريقه بقوة نحو الرئا�سة‪ ،‬لكن �صباحي‬ ‫يعتقد �أن حظوظه قوية يف الفوز‪ ،‬وقال ‪�" :‬أعتقد‬ ‫فر�صي �أكرب يف معركة �أ�صعب"‪.‬‬ ‫ويتوقع �أن تقت�رص املناف�سة يف االنتخابات‬ ‫الرئا�سية على ال�سي�سي و�صباحي‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫جميع الذين �أعلنوا رغبتهم بالرت�شح مل يتمكنوا‬ ‫من جمع العدد املطلوب من التوكيالت التي‬ ‫تخولهم الدخول �إىل ال�سباق االنتخابي‪.‬‬ ‫وكانت جبهة الإنقاذ التي متثل العديد من‬ ‫الأحزاب والتيارات امل�رصية‪ ،‬ومنها التيار‬ ‫ال�شعبي الذي يتزعمه حمدين �صباحي‪ ،‬قد‬ ‫�رصحت �أنها لن تقدم مر�شح ًا خا�ص ًا بها‪ ،‬لكنها‬

‫لن تقف يف وجه �أي تيار ينتمي لها يف تر�شيح‬ ‫�أحد قادته‪ ،‬وهو بالفعل ما �أقدم عليه التيار‬ ‫ال�شعبي‪.‬‬ ‫لكن امل�ؤ�رشات العامة يف م�رص ال ت�شري �إىل وجود‬ ‫فر�صة قوية �أمام حمدين �صباحي‪ ،‬فال�سي�سي‬ ‫الذي متكن من �إزاحة الإخوان امل�سلمني عن‬ ‫احلكم هو الرجل القوي يف م�رص اليوم‪ ،‬وتقف‬ ‫وراءه امل�ؤ�س�سة الع�سكرية‪ ،‬كما يعتربه البع�ض‬ ‫الوحيد القادر على �ضبط امللفات العديدة التي‬ ‫تواجه م�رص‪ ،‬على الرغم من تراجع االقت�صاد‬ ‫امل�رصي‪ ،‬خا�صة قطاع ال�سياحة الذي ي�شكل‬ ‫القطاع الرئي�سي للأعمال‪ ،‬مع تنامي العنف‪،‬‬ ‫بالإ�ضافة �إىل الأو�ضاع الأمنية املرتدية يف‬ ‫�سيناء‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2014/04/20 )136‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫حمنــة العـــــرب و�ضـــرورة التغــيري‬ ‫د‪ .‬عبداهلل تركماين‬

‫حمنة العرب‪ ،‬التي ن�ش�أت نتيجة خطايا النظم ومعاناة‬ ‫ال�شعوب العربية‪ ،‬هي اليوم الدافع الأ�سا�سي وم�صدر‬ ‫الإلهام احلقيقي لكل التوجهات الع�رصية املطلوبة‬ ‫حتى ن�صبح يوما بحق «خري �أمة �أُخرجت للنا�س»‪ .‬فهل‬ ‫ننتظر التغيري من اخلارج �أم �سنبدع حلو ًال وو�سائل‬ ‫جديدة للنهو�ض وممار�سة دورنا يف امل�سرية العاملية‬ ‫مت�أثرين وفاعلني ؟ وهل ننتظر املزيد من حماكمات‬ ‫�صورية ل�سجناء الر�أي وال�ضمري ؟ وهل �ستحتاج‬ ‫احلكومات العربية لكوارث �أخرى‪ ،‬تفوق الكارثة‬ ‫ال�سورية التي مل ي�شهد العامل مثي ًال لها منذ احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬لتتعلم � ّأن ال �شيء يعلو على حرية‬ ‫املواطن التي هي �أ�سا�س بناء املجتمعات احلديثة‬ ‫وتقدمها ؟ ورمبا يكون ال�س�ؤال ال�صعب الذي يواجهنا‬ ‫اليوم هو‪ :‬كيف نعيد املعنى �إىل ق�ضايانا ونبني‬ ‫حداثتنا ونثبت الأمل بدل الي�أ�س‪ ،‬و�أن نبد�أ التفكري ب�أقل‬ ‫ما ميكن من االنفعال و�أكرث ما ميكن من العقل لتحديد‬ ‫معامل م�رشوع نه�ضتنا اجلديدة ؟‬ ‫لقد �آن الأوان لكي يتحرك العرب نحو الإ�صالح اجلاد‬ ‫والتفكري ال�شامل واالبتعاد عن الع�شوائية ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫�إنه وقت لل�صحوة املطلوبة والر�ؤية الغائبة والر�شد‬ ‫املنتظر‪ .‬فقد حان الوقت للتغيري‪ ،‬لبدء الطريق نحو‬ ‫التخل�ص من التبعية والتهمي�ش و�إعادة �إنتاج الفقر‬ ‫والت�أخر والتفاوت واجلهل والت�سلط والتفكك‪ ،‬وذلك‬ ‫باالعرتاف بانهيار ع�رص عربي‪ ،‬ب�أنظمته و�أحزابه‬ ‫وم�ؤمتراته وعقائده‪ ،‬و�إجراء مراجعة �شاملة لل�شعارات‬ ‫الكبرية املعتمدة على �أفكار جتاوزها الزمن‪ ،‬ونقد‬ ‫للذات‪ ،‬والبدء بقبول وفهم الوقائع العاملية اجلديدة‬ ‫وتداعياتها املحلية‪ ،‬وو�ضع حلول للحا�رض وامل�ستقبل‬ ‫ال ُت�ستح�رض من مفاهيم املا�ضي �إال مبقدار ما تنطوي‬ ‫على جدوى للحا�رض وامل�ستقبل‪.‬‬

‫ولعل مما �سبق يت�ضح � ّأن هنالك زاوية �أخرى يجب‬ ‫�إدخالها يف املعادلة القائمة وهي املجتمعات العربية‬ ‫و�إرادتها‪ ،‬و�إبراز ما ميكن �أن تقوم به يف حتديد م�صري‬ ‫امل�ستقبل الذي �ستكون عليه املنطقة العربية‪ .‬فمن‬ ‫الأمور التي ينبغي الرتكيز عليها يف هذه املرحلة‬ ‫وبعيداً عن ال�شعارات الكربى التي مل ن�ستطع حتقيقها‬ ‫تكمن يف‪:‬‬ ‫(‪ - )1‬ن�رش ثقافة احلقوق والكف عن التذكري‬ ‫بالواجبات التي حفظتها �شعوبنا العربية عن ظهر‬ ‫قلب‪ ،‬واال�ستعا�ضة عنها بثقافة احلقوق والواجبات‬ ‫جمتمعة‪ ،‬حتى يكون كل منها داعم ًا للآخر‪.‬‬ ‫(‪ - )2‬بث روح امل�شاركة الوطنية وفتح جماالتها‬ ‫�أمام كل �إن�سان يف العامل العربي‪ ،‬فهو م�شارك �أ�سا�سي‬ ‫يف بناء جمتمعه‪ ،‬وهو عامل حا�سم يف تنمية ورقي‬ ‫البلد الذي ينتمي �إليه‪ ،‬وذلك عن طريق تفعيل دوره يف‬ ‫كافة �أوجه الن�شاط القائم يف حميطه‪ .‬كل ذلك ميكن‬ ‫�أن يتحقق ب�إعطائه الفر�صة للم�شاركة احلرة يف العمل‬ ‫االجتماعي والثقايف وال�سيا�سي واالقت�صادي‪ ،‬وكذلك‬ ‫ت�شجيع العمل التطوعي و�إبراز �آثاره الإيجابية‪.‬‬ ‫(‪� - )3‬إعطاء ال�شعوب مزيداً من احلرية يف اتخاذ‬ ‫قراراتها وفق ت�صوراتها اخلا�صة وكذلك نقدها ملا‬ ‫يدور حولها‪ ،‬وخ�صو�ص ًا يف الأمور ذات العالقة‬ ‫املبا�رشة بها ناهيك من الأمور الكربى التي قد حتدد‬ ‫م�ستقبلها‪� ،‬سواء يف املنتديات العامة �أو و�سائل الإعالم‬ ‫املتعددة‪ ،‬وعدم اقت�صار اخلو�ض يف هذه الأمور على‬ ‫جهات معينة ذات توجهات معروفة م�سبقاً‪ ،‬فلم يعد‬ ‫املجال مقت�رصاً على وجهة النظر الواحدة‪ ،‬فاحلياة‬ ‫العامة �أرحب وميكن �أن ت�ستوعب �أكرث من وجهة نظر‪.‬‬ ‫(‪� - )4‬إر�ساء مبادئ العدالة يف املجتمع بجميع‬ ‫�رشائحه وطبقاته‪ ،‬فالكل �أمام القانون �سواء‪ ،‬والكل‬

‫م�ساءل عن ت�رصفاته‪ ،‬الكل تطالهم يد القانون‪ ،‬ال‬ ‫ا�ستثناء‪ ،‬فالقاعدة القانونية و�ضعت عامة جمردة‪ ،‬مل‬ ‫ُينظر عند و�ضعها �إىل �شخ�ص من تطبق عليه �أو مركزه‬ ‫يف املجتمع‪ .‬وكذلك تفعيل دور رقابة املواطن ملا‬ ‫يدور حوله وم�ساءلة القائمني على ال�ش�أن العام عند‬ ‫تق�صريهم يف �أداء �أعمالهم‪ ،‬بل و�إحالتهم �إىل اجلهات‬ ‫الرقابية والق�ضائية التخاذ ما تراه منا�سب ًا جتاههم‪.‬‬ ‫(‪� - )5‬إعادة النظر يف �سيا�سات الرتبية والتعليم‬ ‫عطل‬ ‫املبنية على التلقني والكم ولي�س الكيف‪ ،‬الذي ّ‬ ‫عقول النا�شئة‪ ،‬واال�ستعا�ضة عنه ب�أ�سلوب الإقناع‬ ‫واحلوار وامل�شاركة حتى تكون هذه العقول على �إميان‬ ‫مبا تتعلم وترتبى عليه‪ ،‬كما � ّأن هذا الأ�سلوب يعطيها‬ ‫القدرة على الإبداع واالبتكار‪ ،‬بل �أنه ي�ساعدها عندما‬ ‫تنتقل �إىل حياتها العملية على تطوير �أدائها وتنمية‬ ‫مهاراتها لأنها ن�ش�أت على ذلك‪.‬‬ ‫� ّإن املطلوب يف هذه الأيام احلا�سمة من تاريخنا �أن‬ ‫تنتقل كل القوى الفاعلة والنخب الفكرية وال�سيا�سية‬ ‫منها‪ ،‬على وجه التحديد‪ ،‬من حالة التنظري �إىل حالة‬ ‫الفعل الإيجابي بال�سعي لت�شكيل توافقات وطنية داخل‬ ‫كل قطر عربي‪� ،‬أو ما ميكن ت�سميته بـ «الكتلة العربية‬ ‫الواحدة من �أجل التغيري»‪ ،‬حيث يعطى هذا التج�سيد‬ ‫العربي من ال�صالحيات ومن القدرات ما ي�ؤهله من‬ ‫القيام بعملية �إ�صالح �شاملة‪ ،‬تهدف �إىل �صياغة‬ ‫ر�ؤى فكرية معا�رصة تنطلق لبناء م�ؤ�س�سات املجتمع‬ ‫املدين‪ ،‬و�إر�ساء قواعد دولة احلق والقانون‪ ،‬وانتهاج‬ ‫ثراء و�إغناء للحياة‬ ‫الدميقراطية م�ساراً‪ ،‬والتعددية ً‬ ‫العربية‪ ،‬واعتماد احلرية متنف�س ًا �إن�ساني ًا للتعبري والنقد‬ ‫الب ّناء وامل�شاركة اخلالقة‪ ،‬و�إ�شاعة روح البحث العلمي‬ ‫يف كل ميدان من امليادين‪ ،‬و�إتاحة املناخات ال�صحية‬ ‫التي تفجر طاقات املبدعني‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.