ájô```M 2014/04/20م العدد ()136 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/04/20 )136م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (136) 20/04/2014
�ســـــــورية نحــــــو االنـــتــحـــار
معركة حلب ح�سام مريو
لع ّل �سورية "الثورة" وهي ت�صطدم بتاريخها، وبنظامها ،وبانق�ساماتها التي كانت �شبه نائمة حتت جلد املجتمع ،لعلها مت�ضي بخياراتها نحو االنتحار بد ًال من �أن تكون الثورة بوابة عبور نحو م�ستقبل �أف�ضل لأجيال مقبلة. ولع ّل االنفجارات الكربى هي على الدوام ع�صية على التكهن امل�سبق بنتائجها ،ففي مثل هذه االنفجارات عوامل عديدة �شديدة التعقيد ،وال ميكن معرفة كيفية حتوالتها خالل عمليات التفاعل التي تن�ش�أ خالل االنفجار ،وال�شكل الذي �ست�ستقر عليه الحقاً .و�إذا كان بع�ض املنا�ضلني �أو املفكرين �أو النا�شطني قد عولوا على �أن تكون الثورة جولة خاطفة ت�سقط نظام ًا ا�ستبدادي ًا ب�رضبة قا�ضية من يد جيل جديد مت التعويل عليه راح ات�سم باجلر�أة وال�شجاعة ،ف�إن ما ّ مع مرور الوقت يغدو �رساب ًا يف ظل التعقيدات التي �شهدها الو�ضع ال�سوري ،بل بات �أكرث املتفائلني يف بدايات الثورة متخوف ًا من امل�آالت التي ميكن �أن ي�صل �إليها الوطن من احتماالت ،ولي�س احتمال التق�سيم بني دولتني �إال �إحدى تلك امل�آالت ،ناهيك عن حتول �سوريا �إىل كانتونات� ،أو �إطالة عمر الأزمة وتفتت �سورية وانهيار مقومات �أي نهو�ض جديد لها. هل قادت الثورة �سورية �شعب ًا وجغرافيا وتاريخ ًا نحو االنتحار� ،أم �أن ما حدث يبدو نتيجة �شبه منطقية جلملة العوامل املتداخلة يف الوطن ال�سوري من جهة،
ويف البيئة الإقليمية والدولية من جهة �أخرى؟. ال ميكن بالطبع �إعادة عقارب ال�ساعة �إىل الوراء ،وال ميكن لوم التاريخ ،لكن الفعل يف التاريخ يتطلب فهم ًا �أعمق حلركته ،ولهذا ،ف�إن فهم ًا �أف�ضل لو�ضع �سورية اليوم ،وملا جرى خالل الأزمة من حتوالت ومنعطفات من �ش�أنه �أن ي�ساعد على فهم الطريق الذي �ست�سلكه �سورية ،واكت�شاف مكامن الفر�ص التي ميكن البناء عليها لإيقاف حالة االنتحار الذاتي التي �أ�صابت الوطن ،هذا �إن مل يكن الوقت قد ت�أخر على وقف عملية االنتحار. يعلمنا التاريخ �أن الثورات ال تت�شابه من حيث النتائج، فقد قادت الكثري من الثورات �إىل �أنظمة �أكرث �شمولية من الأنظمة التي �سبقتها ،والثورة الإ�سالمية يف �إيران لي�ست �سوى منوذج ًا عن هذا الطراز من الثورات ،لكن الثورة بحد ذاتها هي ا�ستحقاق تاريخي ملجتمعات مل تتمكن من تطوير بنى مطابقة حلاجاتها ،ووجود �أنظمة تقف �سداً �أمام التغيري ،وترف�ض االعرتاف بانتهاء �صالحيتها التاريخية ،والأهم من ذلك و�صول عوامل التفجر �إىل حلظة اال�شتعال. لكن� ،سورية "الثورة" عرفت خالل الأعوام الثالث املا�ضية حتوالت عميقة ،و�أهمها خفوت امل�رشوع الدميقراطي مل�صلحة امل�رشوع الراديكايل ،وما رافق هذا التحول ال�سيا�سي من حتوالت مطابقة على امل�ستويات الأخرى ،وقد يكون �أهمها امل�ستوى
الع�سكري ،حيث ن�ش�أت ف�صائل وكتائب تعمل من دون مرجعية �أو قيادة �سيا�سية ،وتعاظم ظاهرة �أمراء احلرب ،مع ف�شل املعار�ضة ال�سيا�سية يف بلورة م�ؤ�س�سة ثورية لديها ا�سرتاتيجيتها ،وقادرة على و�ضع �أكرث من �سيناريو يف �سياق تطور الأحداث ملواجهة املخاطر ،واال�ستفادة من نقاط القوة. ويف و�صف احلال ال�سورية ،وت�صور م�آالتها ،ف�إن العديد من التقارير ت�ؤكد على �أن �سورية ما�ضية نحو املزيد من ال�رصاع ل�سنوات عدة مقبلة ،و�أن �آفاق احلل ال�سيا�سي احلقيقي �ستبقى غائبة يف املدى املنظور، خا�صة مع ت�شابك امللفات الإقليمية والدولية ،وهو ما يعني فعلي ًا �أن الهزمية �أو االنت�صار لأي طرف قد يكونا �سيان من حيث عدم قدرة �إعادة �إنتاج �سورية كبلد قابل للعي�ش على خمتلف ال�صعد. هل ميكن لل�سوريني �أن يلعبوا دوراً يف ظل و�ضع كهذا؟ هل لهم �أن يوقفوا حالة االنتحار؟ وهل ميكن لهم �أن ي�ستعيدوا زمام املبادرة بعيداً عن جتاذبات القوى الإقليمية والدولية؟� .إنها عينة من الأ�سئلة التي حتتاج �إىل �إجابات عملية ،لكن طرحها بات �رضورة ال غنى عنها لإدراك مدى الكارثة الوطنية ،و�رضورة البحث يف مقاربة جديدة لطبيعة احللول التي ميكن �أن جتد �سنداً لها يف الواقع ،بعيداً عن �أوهام االنت�صار� ،أو اخلوف من الهزمية.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/04/20 )136م
تقارير
02
الالجئون ال�سوريون يف م�صر يعانون من ت�سجيل �أبنائهم يف املدار�س القاهرة� -شبكة الأنباء الإن�سانية:
يف ظل ارتفاع عدد ال�سوريني يف م�رص ،يقول الالجئون �أن هناك �صعوبة متزايدة يف العثور على �أماكن لأبنائهم يف املدار�س احلكومية املنهكة �أ�ص ًال� .إ�ضافة �إىل ذلك ،ي�شكو الالجئون وطالبو اللجوء واملهاجرون يف م�رص من التكاليف املدر�سية الباهظة يف مدار�س القطاع اخلا�ص واملدار�س احلكومية ،ومن الإجراءات البريوقراطية لاللتحاق باملدار�س ،ووجود مناخ تت�سع فيه دائرة اال�شتباه وكراهية الأجانب والتمييز يف الف�صول الدرا�سية .وجتدر الإ�شارة �إىل �أن �سجالت املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني ت�شري �إىل وجود 179,762الجئ وطالب جلوء حتى نهاية عام ،2013معظمهم من ال�سوريني وال�سودانيني. لكن الأعداد احلقيقية ،وفق ًا لتقرير �صادر عن منظمة "ت�ضامن" ،وهي �أ�ضخم منظمة غري حكومية تركز على �ش�ؤون الالجئني يف م�رص ،قد ترتاوح ما بني 1.5و 3مليون الجئ ،وذلك ا�ستناداً �إىل تقديرات واردة من املنظمات غري احلكومية املحلية ،التي تدرج يف تعريفها لالجئني املهاجرين لأ�سباب اقت�صادية .من جهتهاُ ،ترجع "ت�ضامن" �أ�سباب االلتبا�س احلا�صل يف �أرقام الالجئني �إىل "اختالف التعاريف القانونية" و"عدم قيام �أو رف�ض عدد كبري من الالجئني الت�سجيل" .وتكفل اتفاقية عام 1951املعنية بو�ضع الالجئني احلق يف التعليم وتعد م�رص من بني الدول املوقعة عليها .مع ذلك، �أبدت م�رص يف عام 1981حتفظات على عدة مواد يف االتفاقية ،مما �أدى �إىل تقلي�ص حقوق الالجئني. وبد ًال من احل�صول على تعليم جماين ،يتعني على �أ�رس الالجئني تقدمي طلبات للح�صول على منح درا�سية من "م�ؤ�س�سة كاريتا�س الدولية" من خالل منظمة "خدمات الإغاثة الكاثوليكية"� ،رشيك
املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني. ويف هذا ال�صدد ،قالت مروة ها�شم ،م�س�ؤول التعليم يف املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني يف القاهرة �أن "�أ�رس الالجئني ال�سوريني الذين لديهم �أطفال م�سجلني يف عمر املدر�سة تتلقى منح ًا تعليمية مل�ساعدة الأ�رس يف تغطية تكاليف الر�سوم املدر�سية ،والزي املدر�سي ،والكتب والقرطا�سية واملوا�صالت". �إجراءات معقدة و�أ�ضافت �أنه "حتى منت�صف �شهر فرباير� /شباط من هذا العام ح�صل نحو 32,000طفل على منح درا�سية" .ووفق ًا ملحمد املليجي ،وهو نا�شط م�رصي�-سوداين وم�س�ؤول ات�صاالت يف منظمة "ت�ضامن" ،هناك عملية ت�سجيل معقدة ب�شكل وا�ضح ملنع الالجئني من الدخول �إىل قطاع التعليم املنهك �أ�ص ًال .و�أو�ضح �أن " الإجراءات الورقية الكثرية تعني �أن العديد منهم لن يكونوا قادرين على بدء الدرا�سة ملدة �سنة �أو �سنتني" .و�أ�ضافت ها�شم �أنه " من ال�صعب على الالجئني االلتحاق باملدار�س احلكومية �إذا مل تكن لديهم الوثائق التعليمية ال�سابقة". وعلى الرغم من منا�رصة املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ال�ستفادة الالجئني ال�سوريني من املرافق واخلدمات التعليمية� ،إال �أن املليجي يقول �أن هناك يف الواقع عدداً متزايداً من احلاالت ومل يعد هناك حتى جمرد "التظاهر بالقبول" ،و�أغلقت الأبواب بب�ساطة يف وجه الالجئني الذين ي�سعون لت�سجيل �أبنائهم يف املدر�سة .وقال املليجي �أن "هناك العديد من املدار�س التي لن تقبل الالجئني...لن جتد �أمراً من احلكومة يقول "ال تقبلوا الالجئني يف املدار�س" ولكن �سوف ترى ذلك عندما تذهب
�إىل مدر�سة وحتاول تقدمي طلب االلتحاق هناك. الأبواب لن تكون مفتوحة �أمامهم" .واجلدير بالذكر �أن م�س�ؤويل وزارة الرتبية والتعليم مل ي�ستجيبوا لطلبات متعددة لإجراء مقابلة معهم. و ن�رش "م�رشوع ال�شباب الالجئني" ومقره اململكة املتحدة ،تقريراً يف نهاية عام ،2013جاء فيه �أن ما يربو على 80باملائة من 400الجئ الذين �أُجريت معهم املقابالت ،ذكروا �أن ارتفاع تكاليف املدار�س وعدم توفر الأموال الالزمة من الأ�سباب الرئي�سية التي حالت دون �إر�سال �أطفالهم �إىل املدر�سة. يف ال�سياق ذاته ،قدر جمدي جر�س ،املدير امل�شارك مل�ؤ�س�سة كاريتا�س م�رص -وهي جمعية خريية تقدم امل�ساعدات املالية والدعم االجتماعي والرعاية الطبية لالجئني يف م�رص� -أن هناك نحو 17,000 �أ�رسة �سورية حتتاج �إىل امل�ساعدة املالية ،ومع ذلك مل حت�صل بعد على �أي دعم من املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني �أو م�ؤ�س�سة كاريتا�س .وتعليق ًا على هذا ،قال جر�س" :نعتقد ب�أن هناك قرابة 250,000الجئ �سوري يف م�رص. ندير خطة �إن�سانية ت�شمل � 31,000سوري ،وتدعم املفو�ضية ال�سامية لالجئني � 138,000آخرين، لكن هناك 81,000فرد� ،أي حوايل 17,000 �أ�رسة ،ال تزال حتتاج �إىل الدعم املايل" .وت�شري تقديرات حكومية �صادرة يف يونيو � ،2013إىل �أن هناك 300,000الجئ �سوري يف م�رص .وحتى 8 مار�س� /آذار من العام اجلاري� ،سجل 134,917 �سوري ًا �أنف�سهم يف املفو�ضية ال�سامية للأمم املتحدة كالجئني.
حتقيق
03 ذكرى اجلالء :ت�ضحيات الثورة و�أخطا�ؤها ت�ستح�ضر الأجداد العدد ( 2014/04/20 )136م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
«البديل» -يا�سر بدوي:
يف تاريخ �سوريا احلديث ،تلحظ منا�سبني �أعلن فيهما عن �سوريا م�ستقلة .الأوىل من قبل امل�ؤمتر ال�سوري العام يوم 8مار�س ، 1920ومتت خاللها مبايعة في�صل بن احل�سني مل ًكا و�إعالن اململكة ال�سورية العربية ب�شكل ر�سمي .والثانية ،متت يوم � 28سبتمرب 1941بعد ا�ستعادة احللفاء �سيطرتهم على �سوريا خالل احلرب العاملية الثانية ،و�أعلن يف �إثرها تاج الدين احل�سني "ك�أول رئي�س ل�سوريا امل�ستقلة" .خال ًفا لال�ستقالل الأول ،ف�إن اال�ستقالل الثاين ا�ستقبل بربود ال�سيما مع ا�ستمرار ق�سط وافر من الأجهزة يف �سورياّ ، التابعة للمفو�ضية الفرن�سية ،وي�ؤرخ ال�سوريون 17 من ني�سان ،1946كعيد اجلالء واليوم الوطني ال�سوري .واليوم مير العيد الرابع لال�ستقالل و�سوريا تعي�ش انتفا�ضتها الكربى للتحرر من اال�ستبداد فكيف ينظر ال�سوري ال�ستقالله وا�ستقالل وطنه يف الوقت الذي حتفر م�شاريع التق�سيم يف خريطة وطنه، والنظام امل�ستبد دمر ويقتل يف �سعيه لقتل روح الوطنية . ال�سيد من�صور �أتا�سي العار�ض ال�سوري يقول :كانت حلظة اال�ستقالل بداية ن�ضال �شعبنا من �أجل بناء دولته املدنية الدميقراطية الذي يتمتع فيها �شعبنا بحريته الكاملة باملعنى ال�سيا�سي واالجتماعي وحتى الفردي .لكن فرتة االنقالبات الع�سكرية املتتالية مل ت�سمح ل�شعبنا ببناء دولته املدنية فلم ينعم طيلة الفرتة املا�ضية �سوى ب�أربع �سنوات من احلرية ،واعتقل بعدها بالإحكام العرفية التي قمعت العمل ال�سيا�سي وكممت الأفواه وقتلت احلريات. كان �آخرها و�أق�ساها و�أ�صعبها مرحلة حكم �آل الأ�سد ،حيث دخل ع�رشات الألوف �إىل املعتقالت وقتل ع�رشات الألوف ،و�صفي اخل�صوم بدم بارد، ومنع �أي �شكل من �أ�شكال التعبري عن الر�أي ،و�ساد الف�ساد الذي هو مرافق لال�ستبداد ،وو�صل للق�ضاء الذي مت �إخ�ضاعه ل�صالح النظام وللجامعات، وانت�رشت البطالة والر�شوة و�أخالق العامل ال�سفلي، واعتقلت حتى امل�ؤ�س�سات احلكومية التي كانت تدار يبق �أمام �شعبنا �سوى من ق�رص اال�ستبداد ،ومل َ املطالبة بالتغيري عن طريق الإ�صالح �إال �أن النظام الأمني جابه املطالبة بالإ�صالح بالر�صا�ص ،وقتل مئات الألوف من الأطفال وال�شباب والن�ساء ال�شيوخ، واعتقل ع�رشات الألوف من خرية �أبناء الوطن ،وقتل الألوف منهم حتت التعذيب ،وهدم املدن ،وحا�رصها، ومنع عن �سكانها الغذاء والدواء واملاء ،وا�ست�شهد مئات الأطفال وال�شيوخ واملر�ضى يف املناطق املحا�رصة ،وعبث بكل القيم يف حماولة للحفاظ على وجوده الغري �رشعي. ،وكما فعل اال�ستعمار الفرن�سي عمل النظام وما يزال على �إثارة النعرات املذهبية والدينية مدعي ًا �أنه حامي الأقليات مق�سما �شعبنا �إىل مكونات مت�صارعة. ويتابع الأتا�سي :وكما فعل �شعبنا حني جابه امل�ستعمر الفرن�سي بوحدة وطنية مرتا�صة �أبطلت تق�سيم �سورية �إىل دويالت فثار ال�سلطان با�شا الأطر�ش �إىل جانب �إبراهيم هنانو وت�ضامن ثوار الغوطة مع ثوار ادلب وحم�ص وحلب ف�إن �شعبنا �أالن يت�صدى للطغيان بكل مدنه وقراه ومكوناته وقواه ال�سيا�سية ،جمابه ًا الرباميل املتفجرة وق�صف الطائرات واملدافع وال�صواريخ والغازات ال�سامة، وجمابها كافة �أ�شكال التطرف الديني واملذهبي والقومي ،ورافع ًا راية احلرية والعدالة االجتماعية متقدما باجتاه الن�رص الأكيد .وكما كان النظام العاملي ظامل ًا وخا�ضع ًا لإمالءات امل�ستعمرين ف�إن
م�ضافة �سلطان با�شا الأطر�ش من الداخل �شعبنا �سيقاتل مبفرده من �أجل احلرية له ول�شعوب العامل كما كان دائما . ويختم الأتا�سي� :إن ذكرى اجلالء تلهمنا القوة، وت�ضحيات �شهداء اجلالء تقدم لنا املثل ب�إن احلرية ت�ؤخذ بالقوة والت�ضحيات . النا�شط ال�سيا�سي و االعالمي طارق �رشابي يعرب عن حال الثورة م�ستذكرا البدايات التي انطلقت منها ثورة الكرامة احلالية ،ويبدي خماوفه من التق�سيم ال�ضياع الهوية الوطنية ويقول للبديل :كنا يف بداية الثورة املباركة نردد عبارة ال�شعب ال�سوري واحد يف كل مظاهراتنا واعت�صاماتنا �إ�رصاراً من �شباب الثورة على وحدة ال�شعب ال�سوري ،ولكن ما لبث �أن بد�أت تلك ال�صورة والعبارة تتال�شى �شيئا ف�شيئا ،عندما بد�أت �صورة اال�صطفافات ال�سيا�سية ،وظهور �سيا�سة الدكاكني ،وبد�أ �رشاء الوالءات و�رشاء النفو�س و�رشاء ال�شعارات ،كلها ل�صالح دول وجتاذبات ت�شرتي وتبيع بدماء ال�سوريني .نعم تال�شت تلك العبارة وانعدمت ،نحن وبكل جر�أة نحن من �ساهم بتال�شيها ،عندما قبلنا �أن نعمل مل�صالح بلدان ودول ،وننفذ �أجندتها بعيداً عن الأجندة ال�سورية الوطنية الثورية . ويتابع �رشابي :اال�ستقالل كلمة جميلة الأبعاد واملالمح واللون ،كنا ن�سمعها عندما كنا يافعني ،وتذكرنا ببطوالت الأجداد يف الثورة ال�سورية الكربى ،وتالحمهم و�صمودهم ووحدتهم على اختالف عقائدهم �أو مناطقهم ،فكان يو�سف العظمة ،وفوزي القاوقجي ،و�صالح العلي ،وابراهيم هنانو ،و�سلطان با�شا الأطر�ش .كلهم �أجدادنا و�أبناء الوطن ال�سوري ،وذلك اال�ستقالل رفع ر�ؤو�س ال�سوريني والعرب ،ومل ينالوه �إال بوحدة الأر�ض وال�شعب واحلجر ،لكن اليوم ن�سال عن اال�ستقالل الثاين وننادي به� ،أين نحن من �صورة اال�ستقالل الأول ،و�أين وحدتنا ووحدة الوطن؟ فلنكر�س ا�ستقاللنا بوحدتنا ووحدة ثورتنا . �أما د� .سليمان هواري ف�أكد �أهمية ما يقوم به ال�شعب ال�سوري لنيل حريته و �إجناز ا�ستقالله وقال :معركة
اال�ستقالل التي نخو�ضها اليوم �ضد قوات االحتالل هي �أ�صعب و�أهم بكثري من معركة اال�ستقالل ال�سابقة ،والفرق بني امل�ستعمر واملحتل وحده كافي ًا ليعطينا م�ؤ�رشاً عن �صعوبة و�أهمية ما نقوم به اليوم. و�أ�ضاف د .الهواري :ال�شعب ال�سوري وعى ما يحاك �ضده و �ضد وطنه ،لذلك يقاوم ويدفع الغايل للتم�سك بوحدة الرتاب ووحدة ال�شعب بكل طوائفه و قومياته وتنوعه. عبد الباري عثمان من جتمع الدميقراطيني يخت�رص ر�ؤيته ليوم اال�ستقالل ويقول :عندما ينتهي الإجرام يف بلدي وينتهي اﻻ�ستبداد �ستحتفل كل املكونات ال�سورية حتت راياتها با�ستقالل �سوريا ،و�سيكون اال�ستقالل احلقيقي الذي �سنعي�شه. ال�صحفي م�صطفى ال�سيد يتحدث بحرقة الواقع و هو ي�ستذكر يوم ا�ستقالل �سورية� :أقول لل�سوريني على �ضفاف العا�صي و الفرات و بردى وحوران و حلب و �سواحل ال�شام من �أنطاكية �إىل العري�ش �إن مل تقيموا العدل بينكم و توقفوا القتل فان الإبادة م�صريكم جميعاً. ويتابع خماطب ًا الفاعلني ال�سوريني يف الأزمة: �ست�صبحون لعبة الأمم ،وبال ا�ستثناء .لعبت بكم �أجهزة اال�ستخبارات فقتلتم بع�ضكم بع�ضاً ،و �أفنيتم املحبة بني ال�سوريني ،لأن ل�صو�صكم �أرادوا �رسقتكم بالقوة و الإذالل و �أنتم تلقيتم وعوداً كاذبة ب�إزاحة احلرامية ،وي�ضيف " :فقط طائفة احلرامية يف طول البالد و عر�ضها تت�سع �أعمالها و تزدهر ا�ستثماراتها، فالل�صو�ص و قطاع الطرق اليوم هم قادة البلد يف ال�سلطة و املعار�ضة و بدون منازع". ويختم" :مبنا�سبة ال�سابع ع�رش من ني�سان الذي غادر فيه �آخر جنود اجلي�ش الفرن�سي �أر�ض �سورية و ترك لنا معظم جنود جي�ش ال�رشق الفرن�سي املكون ممن خانوا ال�سوريني ليحكموا �سورية بانقالبات متتالية حتى �آخر انقالب ،والأوطان ير�سم حدودها �أبناء االر�ض و ثقافتهم و كل م�صاحلهم ،ال�سوريون الذين بذلوا الدم �ضد الفرن�سي هم يبذلون الدم منذ عام ." 2011
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/04/20 )136م
حتليل �سيا�سي
04
�صيف �ساخن لتغيري خارطة املعطيات امليدانية غازي دحمان
ت�شري �أغلب املعطيات ،امليدانية وال�سيا�سية� ،إىل وجود حت�ضريات خلو�ض جولة عنف جديدة على االر�ض ال�سورية ،بق�صد تعديل موازين القوة، وايجاد �أر�ضية منا�سبة لت�سوية الأزمة املعقدة والذاهبة �إىل مزيد من التعقيد مامل يجري �إحداث تعديالت معينة يف ديناميات ت�شغيلها ويف خطوط م�ساراتها. ي�سعى نظام الأ�سد وحلفائه ،بكل قوتهم� ،إىل �إيجاد �صيغة �سيا�سية وميدانية ،ي�ستطيعون من خاللها تهيئة الأمور لالنتخابات الرئا�سية القادمة ،ويدرك �أطراف ذلك احللف �أن هذا االمر لن يتحقق ما مل ت�سنده و�ضعية ميدانية منا�سبة ،والت�صور الوا�ضح لديهم هنا �إعادة �إخ�ضاع مزيد من املناطق اخلارجة عن �سيطرة النظام و�إظهارها ككتلة جغرافية متما�سكة وم�ؤيدة ،بحيث يدخل يف �إطارها غالبية املناطق ذات الكثافة ال�سكانية ،من درعا املدينة وحتى حلب ،بالإ�ضافة اىل كامل املناطق املحيطة بدم�شق يف الغوطتني الغربية وال�رشقية. وي�سعى النظام ،يف حماولته لتحقيق هذا ال�سيناريو، اىل �إ�ستن�ساخ جتربته يف القلمون وترحيلها اىل حلب وغوطة دم�شق ،وذلك باالعتماد على كثافة النريان التي ي�ستخدمها واملتكونة من كل �صنوف الأ�سلحة ،مبا فيها الكيماوي الذي عاد ال�ستخدامه يف �أرياف دم�شق وحماة ،و�أي�ضا على زخم الدعم الب�رشي الذي يتلقاه من �شيعة العراق ولبنان، ويحاول اتباع حرب نف�سية لتحقيق مثل هذا الأمر، مفادها ان �سقوطه �أمر م�ستحيل ،وان اجلهات الداعمة للثوار �إمنا تريد دفعهم من �أجل �أن ميوتوا يف احلرب �ضده ،يف حني �أنه يعر�ض عليهم فر�صة النجاة ب�أرواحهم عرب �آلية الهدن التي يقيمها يف بع�ض املناطق ،والتي ي�شرتط فيها ت�سليم الثوار
ل�سالحهم و�إدماجهم �ضمن ت�شكيالت ع�سكرية غري نظامية!. يتزامن مع هذا الأمر ،دعاية يحاول بثها حلفاء النظام ،ويتوىل ترويجها الإعالم املمول �إيرانيا، وكذا بع�ض ال�شخ�صيات التي تنتمي للحلف امل�ؤيد لب�شار الأ�سد ،وقد كان الفتا الت�رصيحات ،يف هذا التوقيت بالذات ،التي �أدىل بها زعيم حزب اهلل ح�سن ن�رص اهلل ونائبه نعيم قا�سم ،والتي �أرادوا منها �إي�صال ر�سالة واحدة وهي �أن الأ�سد هو اخليار الوحيد واملمكن ل�سورية وللعامل يف املرحلة املقبلة ،وال خيار �آخر �سواه ،حيث ي�ؤكد الرجالن �أن مرحلة �إ�سقاط الأ�سد انتهت ،و�أن تفكيك املعار�ضة امل�سلحة لي�ست �سوى م�س�ألة وقت لن يطول ،و�أن الوقت لن يطول قبل �أن تتبلور هذه احلقائق وت�صبح معطيات را�سخة على الأر�ض ،وما على العامل �سوى االعرتاف ب�أهمية الدور الإيراين يف ال�رشق الأو�سط وهيمنته التي متتد من بغداد اىل بريوت وما بينهما دم�شق ،بالطبع ال حاجة لإثبات دعائية مثل هذه املواقف ال�سيا�سية ورغبويتها ،و�إذا كان من غري املمكن �إتهام ايران وحلفا�ؤها بال�سذاجة واملراهقة ال�سيا�سية ،ف�إن مثل هذه الت�رصيحات املندفعة ال تعني �سوى الرغبة يف �إيجاد مناخ من الإحباط لدى الطرف الأخر و�إقناعه باال�ست�سالم ،وكل ذلك مقابل بع�ض التقدم الذي حققته قوات النظام وحلفائها يف مناطق حمدودة ،يف حني هم يرتاجعون على جبهات عديدة ،كما ان قوتهم تو�شك على النفاذ حتى يف املناطق التي ي�سيطرون عليها. يف املقابل ،تتح�رض املعار�ضة امل�سلحة ،على جبهات عدة ،ملواجهة �شاملة مع النظام ،بعد �أن نظمت �صفوفها يف �أكرث من موقع وجبهة ،وبعد تلقيها تعزيزات مهمة على م�ستوى الذخرية،
وبح�سب تقارير �أمريكية ن�رشتها �صحف وا�شنطن، ف�إن الإدارة الأمريكية �سمحت لبع�ض الأطراف الإقليمية الداعمة للمعار�ضة بتزويدها ب�أ�سلحة وذخائر نوعية من �ش�أنها تغيري معادلة القوة على الأر�ض ،وذلك من �أجل خف�ض �سقف توقعات �إيران، الداعم اال�سا�سي لنظام ب�شار ،بل امل�شغل الأهم له ،وخا�صة بعدما تبني لإدارة �أوباما �أن نظام املاليل ي�سعى �إىل ا�ستثمار الواقع امليداين ال�سوري يف مفاو�ضاته النووية ،بل حتى �أن بع�ض �أركانه راحوا يب�رشون ب�سقوط الورقة ال�سورية كاملة ب�أيديهم ،من هنا ف�إن التغري يف املوقف الأمريكي جلهة تزويد املعار�ضة ببع�ض الأ�سلحة ي�أتي �ضمن �سياق �أبعد ،الهدف منه �إ�ضعاف القدرة الت�ساومية لإيران بالدرجة االوىل ،ذلك �أن التقديرات حول املفاو�ضات النووية ت�شري �إىل �إمكانية �إجناز �صيغة للحل يف غ�ضون ال�شهرين املقبلني ،ويف فرتة ال تتجاوز �شهر �أيار القادم. على وقع ذلك ،تتح�رض �أكرث من جبهة خلو�ض معارك حا�سمة يف �سورية ،فجبهة اجلنوب من درعا �إىل القنيطرة ،باتت �شبه جاهزة ،والعمل يجري ب�صمت وبعيداً عن الأ�ضواء ،حيث التح�رضات جارية ل�شن هجوم باجتاه جنوب وغرب دم�شق ،وقد حققت املعار�ضة يف الأ�سابيع املا�ضية تقدم ًا ملحوظا عرب �سيطرتها على مواقع ونقاط ا�سرتاتيجية ت�رشف على م�ساحات وا�سعة من اجلبهة ،وخا�صة يف ريف القنيطرة ،التي متتاز بت�ضاري�س وعرة ت�شكل املرتفعات �أكرث نقاطها �أهمية� ،أما يف حلب و�أرياف �إدلب وحماة فتقدم املعار�ضة يبدو وا�ضح ًا ،كما ان �أداء "الثوار" فيها �أ�صبح �أكرث ن�ضجا وفعالية، مما يعني تزخيم الكتائب املقاتلة يف تلك املناطق بكوادر �أكرث تاهيال وتدريبا. �إذاً نحن على �أعتاب �صيف �ساخن ي�شهده امليدان ال�سوري ،والأكيد� ،أن الأهداف ال�سيا�سية التي ينطوي عليها ذلك الت�صعيد لي�ست بخافية، ذلك ان الطرفني ي�سعيان اىل �إنتاج واقع ميداين جديد ي�ساعد يف مترير مطالبهما من احلدث .و�إذ يبدو النظام راغبا يف تغيري خريطة احلدث نهائيا عرب تزخيمها مبعطيات �سيا�سية جديدة تتمثل يف رغبته بالظهور على �أنه خياراً �سوري ًا �شعبي ًا ،ت�ؤيده غالبية ال�شعب ال�سوري عرب ا�ستحقاق االنتخابات الرئا�سية القادمة ،وبالتايل تعطيل مفاعيل احلركة املعار�ضة �ضده ،و�إظهارها على �أنها مترداً حمدوداً وال �رشعي ًا ،ف�إن املعار�ضة باملقابل ت�سعى اىل �إرباكه ،وعدم متكنيه من �إجناز تلك العملية ،و�إبرازه كنظام فاقد لل�رشعية ،وحتى و�إن ح�صل و�أجرى االنتخابات فتكون على رقعة ب�سيطة من �سورية ال متنحه القدرة على الإدعاء بوجود قاعدة �شعبية داعمة له.
05
ر�أي
العدد ( 2014/04/20 )136م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تخ ّبط ال ُنخب ال�سورية يف حتليل �أ�سباب الثورة فيكتوريو�س بيان �شم�س
تعاين الثورة ال�سورية منذ انطالقتها يف �آذار 2011 من "اليتم" ،وهو ا�صطالح �صحيح ،يحاول و�صف واقع احلال لثورة �شعب ت�ضامن مع كل ثورات "الربيع العربي" وغريها ،لكنه مل ُيقابل �سوى بالتجاهل العربي �شعبي ًا .وبتوظيف ثورته وحماولة اال�ستفادة منها ر�سمي ًا .ولهذا �أ�سبابه التي �أ�صبح من ال�رضوري مبكان ،ت�سليط ال�ضوء عليها ،ملحاولة ا�ستك�شاف �سبل ح ّلها� ،إن كان مازال هنالك م ّت�سع من الوقت لإنقاذ �شعب ُيقتل ب�أب�شع الطرق التي ال متاثلها �سوى جمريات احلرب العاملية الثانية بح�سب تو�صيف "هيئة الأمم امل ّتحدة". تختلف النخب ال�سورية ،وج ّلها يعي�ش يف اخلارج، حول م�سائل كثرية ،منها على �سبيل املثال ،تاريخ انطالق الثورة ،هل هو يف 15مار�س� /آذار 2011 من دم�شق؟� ،أم يف 18من ذات ال�شهر يف درعا؟، ومثال �آخر حول اجلدل الذي تخو�ضه ذات "النخب": "هل الثورة هي ثورة خبز �أم ثورة كرامة؟". لك�أن اخلبز والكرامة نقي�ضان ،ال يجتمعان ،بل يتنافران يف عقلية هذه "النخب"! .ويف حتليلهم لأ�سباب الثورة ،تراهم يلج�أون (فريقي اخلالف) حلادثة �أطفال درعا لتف�سري انطالق الثورة ،متنا�سني �أي بعد تاريخي لأ�سبابها البعيد غري املبا�رشة ،لكن الأ�سا�سية بعد تراكمها على مر عقود. ومقره أعده "املعهد العربي للتخطيط" يف تقرير � ّ ّ الكويت يف العام � ،2010أي قبل انطالق الثورة ب�أ�شهر قليلة ،ي�شري التقرير �إىل �أ ّنه بني عامي 2003 – 2004ا�ستهلك الـ ( )20%الأدنى من ال�سكان ( )7%فقط من جممل الإنفاق .بينما ا�ستهلك الـ ثراء (.)45% ( )20%الأكرث ً كما ي�شري التقرير �إىل �أن ( 2مليون) �سوري� ،أي ( )11,4من �إجمايل عدد �سكان البالد ،مل يتم ّكنوا يف ذات الفرتة من احل�صول على حاجاتهم الأ�سا�سية من املواد الغذائية ،وغري الغذائية! هذه واحدة من الق�ضايا التي �إذا افرت�ضنا جد ًال، �أن "النخب" ال�سورية ال تعرفها ،ف�إن كل حتليلها لأ�سباب الثورة يكون معناه ناق�ص ًا. لكن امل�س�ألة لي�ست كما تبدو على ب�ساطتها ،وال ال ُنخب �ساذجة ،و�إن مل ت�سمع بهذه الأرقام .امل�س�ألة برمتها يف مكان �آخر. ّ يف حتليله حل�ضور الطائفية يف احلرب الأهلية اللبنانية ،ي�صل املف ّكر اللبناين مهدي عامل �إىل �أن الطائفية مبا هي الأيديولوجيا التي ت� ّؤمن للطبقات امل�سيطرة دميومة �سيطرتها ،ت�ستطيع يف الأزمات حتول االنق�سام الأفقي الذي الطبقية الكربى� ،أن ّ توحدت الطبقات يهدّد �سيطرتها الطبقية� ،إذا ما ّ ال�شعبية امل�سحوقة يف قوة �سيا�سية� ،إىل انق�سام عمودي ،هو االنق�سام ال�سيا�سي على �أ�سا�س طائفي، ي�شل قدرة الطبقات الثورية امل�سحوقة، وهو انق�سام ُّ أن ل انق�سامها، فيبقيها حبي�سة توحدها ،يعني ّ ي�سميه "الطغمة املالية احلاكمة". انتهاء �سلطة ما ّ
املتوحدة مع نف�سها املرتبعة، � ّأما هذه الطغمة ،فهي ّ ّ وم�صاحلها على ر�أ�س هذا الهرم االجتماعي ،وهي التي تعي خماطر من هم �أ�سفل الهرم. هذا يعني� ،أن "النخب" ال�سورية ،حتى و�إن كانت من طبقات اجتماعية �أدنى بكثري يف موقعها االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي من "الطغمة املالية" اللبنانية امل�ستفيدة من احلرب الأهلية اللبنانية .ومبوقع �أبعد ما يكون عن موقع القرار يف هذه احلرب (�أقرب �إىل �أوراقٍ و�أدوات) ف�إ ّنها حتمل وعي ًا خمتلف ًا عن وعي الطبقات والفئات ال�شعبية �صاحبة امل�صلحة الأ�سا�سية بانت�صار الثورة على هذا النظام .ال بل ،حتمل وعي ًا �أقرب ما حتول يكون لوعي النظام نف�سه .هذا النظام الذي ّ الرباقة ،والتي من من رافع لل�شعارات "القومية" ّ خلفها مار�س عمليات ال�سطو والنهب على مقدرات حجة تتنافى ال�شعب ال�سوري� ،إىل نظام قائم على ّ متام ًا مع ّادعاءاته ال�سابقة� ،أي "حماية الأقليات" "يهدد بافرتا�سهم". من البحر الأغلبي العظيم الذي ّ هذا متقاطع بالطبع مع م�شاريع وم�صالح دولية، متف�صلت على مافيوية النظام "حامي الأقليات"، طيعة. ليتحول بدوره �إىل �أداة دولية – �إقليمية ّ وبالتايل ،ف�إن هذه "النخب" من خالل تبنيها ل�شعار "ثورة الكرامة" ،وتركيزها على احلريات ك�سبب رئي�سي للثورة ،وا�ستبعادها الحتماالت �أن يكون اجلوع واحد من الأ�سباب احلقيقية للقيام على النظام ،تقاطعت مع النظام يف م�صاحله ،ومتاثلت معه يف حماوالته �إخفاء �أ�سباب الثورة باختالق معزوفة "الإرهاب". هنا ،يحق لل�سائل �أن ي�س�أل� :أال ُتعترب م�شكلة احلريات يف �أ�سا�سها ،م�شكلة طبقية؟ هل كان لأوروبا �أن ت�صل �إىل ما و�صلت �إليه اليوم ،لو مل تو ّفر حداً �أدنى من
العدالة االجتماعية وال�ضمانات التي ردمت الهوة وفتحت الآفاق للحريات ال�سيا�سية واالجتماعية والتعبريية ،و� ّأ�س�ست ملفاهيم جديدة تنفي� ،أو للد ّقة تق ّل�ص التناق�ض بني اجلوع والكرامة الإن�سانية. �رص "ال ُنخب" ال�سورية على ح�رص �أ�سباب ملاذا ُت ّ بناء على الثورة بالكرامة؟ وملاذا ال تكون الثورة ً ت�رصيحات بع�ض رموز النظام نف�سه ،ثورة جياع ؟ فها هو نائب رئي�س جمل�س الوزراء ال�سابق ،ووزير "حماية امل�ستهلك" قدري جميل ،يعلن قبل اندالع الثورة ب�أ�شهر قليلة �أنه" :حتى يعي�ش املواطن حياة حرة كرمية ،يجب �أن يكون احلد الأدنى للأجور بني 30,000و 40,000لرية"� ،أي ما يعادل :من � 600إىل 800دوالر �أمريكي �شهري ًا .بينما احلد الأدنى فعلي ًا بح�سب املر�سوم الت�رشيعي الذي يحمل الرقم ( )38بتاريخ ،22/6/2013ين�ص على حتديد احلد الأدنى للأجور بـ ( )6070لرية �سورية ت�ضخم و�صل �أي ما يعادل ( 121دوالر) يف ظل ّ خالل الأزمة مل�ستويات غري م�سبوقة �إذ بلغ يف نف�س العام �أكرث من ( ،)117%وارتفاع يف �أ�سعار ال�سلع اال�ستهالكية بلغ حدود (.)491% يف النتيجة ،للم�شكلة اخلاطئة ،ح ّل خاطئ بال�رضورة .والتحليل اخلاطئ (فر�ض ًا) للأزمة، �سي� ّؤدي حللول خاطئة .مبعنى :عدم فهم الأ�سباب الطبقية احلقيقية للثورة ،وح�رصها مب�س�ألة الكرامة وحدها ،و�سيعيد �إنتاج النظام نف�سه ،بلبو�س �أكرث �صح الو�صف� ،سواء علمت هذه "دميقراطوية" �إن ّ "ال ُنخب بهذا� ،أم مل تعلم .عدا عن �أن تو�صيفها ربئ النظام من تاريخ اخلاطئ لأ�سباب الثورةُ ،ي ّ حافل بالهيمنة واال�ستئثار مبوارد وثروات البالد والعباد.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/04/20 )136م
ق�ضايا
06
بعد الطائفية يف �سوريا� ..صحوة الع�شائرية حكم عاقل
يبدو �أن �أحداث الأزمة ال�سورية متر بوترية مت�سارعة �أكرث من �أي وقت م�ضى .فبعد معارك ك�سب حتتدم معارك حلب ،واجلي�ش النظامي يتقدم نحو �أحياء حم�ص القدمية واملر�شحة لل�سقوط خالل �أيام بعد �سقوط االتفاق الإن�ساين املوقع على هام�ش «جنيف .»-2ح�سمت معركة القلمون لتبقى جيوب املعار�ضة امل�سلحة عر�ضة لـ «التطهري» يف الزبداين .الزعبي يحدد يوم غد الأثنني كموعد يعلن فيه جمل�س ال�شعب فتح باب الرت�شح النتخابات الرئا�سة ،مما يعني �إطالق ر�صا�صة الرحمة على «جنيف »-1الذي ن�ص على ت�شكيل هيئة انتقالية� .أما ت�رصيحات الأ�سد حول «انعطاف» يف الأزمة مل�صلحة النظام فيجب �أخذها جدي ًا من قبل املعار�ضة على �أنها تو�صيف حقيقي ملعطيات ميدانية داخلية و�سيا�سية دولية ال �أن حتجب كعادتها وراء اخلطاب العاطفي والثوري املت�شنج الذي قد يعترب تلك الت�رصيحات مبثابة هروب اىل الأمام �أو على �أنها جزء من حملة انتخابية مل يعلن عنها ر�سميا بعد. يبدو �أن وا�شنطن وعوا�صم غربية بل حتى رو�سيا ،و�إن على طريقتها ،تبدي قلقا متزايدا من خطر التطرف املتمثل يف املجموعات اجلهادية يف �سوريا .فوفق تقارير ا�ستخباراتية غربية باتت �سوريا ت�شكل مالذا �آمنا له�ؤالء بعيداً عن مرمى نريان الطائرات الأمريكية دون طيار .وتك�شف هذه التقارير عن قلق غربي من توا�صل �أفراد من «جبهة الن�رصة» و «داع�ش» مع قيادات من «القاعدة» يف باك�ستان ،وتذكر «التاميز» ا�سم �أبو (خالد ال�سوري) الذي قتل يف هجوم انتحاري ال�شهر الفائت ك�أحد ه�ؤالء. نحن هنا �أمام توجه �أمني يف التعاطي مع امل�س�ألة ال�سورية التي يبدو �أنها تفي�ض خارج حدودها: التوترات يف اجلوالن ال�سوري املحتل وعلى احلدود ال�سورية الفل�سطينية ،التدخل الرتكي يف معارك ك�سب، الأحداث الأمنية يف لبنان ،تنقالت املقاتلني عرب احلدود العراقية ال�سورية ،وم�ؤخراً الطريان الأردين يق�صف مركبات ع�سكرية حاولت عبور احلدود باجتاه
الأردن. الإدارة الأمريكية ما�ضية يف �سيا�سة �إدارة الأزمة بد ًال عن الرغبة احلقيقية يف حلها .التقارير اال�ستخباراتية الغربية تعزز هذا التوجه حني ترجح �أن تكون �سوريا منطلقا لعمليات �إرهابية ينفذها مقاتلون غربيون يتم ا�ستقطابهم وتدريبهم يف �سوريا ويبلغون اليوم حوايل 1200مقاتل ح�سب بع�ض التقديرات ،و �أن الظواهري يخطط حلرب طويلة الأمد مع الغرب تكون �سوريا قاعدتها الرئي�سية. قبل �أ�شهر توافقت وا�شنطن ومو�سكو على مد يد العون �إىل املالكي يف معارك الأنبار �ضد تنظيم «داع�ش» مب�ساعدة الع�شائر العراقية .لكن يبدو اليوم �أن مواجهة «داع�ش» يف الأرا�ضي ال�سورية بات �أمرا ملحاً. ما يناق�ش الآن يف �أروقة ال�سيا�سة الأمريكية هو مواجهة تنظيم «داع�ش» عرب �إعادة ا�ستن�ساخ جتربة «�صحوات» العراق العام 2007يف حمافظة الأنبار. لكن �إذا كانت الرتكيبة الع�شائرية للمناطق ال�سورية على احلدود مع العراق ويف حمافظة الرقة ت�شكل �إغراء لإعادة التجربة العراقية ف�إن ا�ستن�ساخها الذي ف�شل يف العراق نف�سها خارج حمافظة الأنبار �أو ًال والحق ًا يف �أفغان�ستان العام 2008يحتم توقع ف�شلها هنا يف �سورية .ففي العراق دعمت هذه «ال�صحوات» من نظام قوي ا�ستطاع ال�سيطرة على فو�ضاها ،ومنع وقوعها حتت �سيطرة �أمراء احلرب .وكان بالإمكان الحقا ا�ستيعاب ق�سم كبري منهم يف �أجهزة الأمن العراقية� .أما يف احلالة ال�سورية فلي�س هناك �ضمانات كهذه ،ناهيك عن عدم التجان�س العرقي لهذه الع�شائر يف املناطق املقرتحة � .إن اخل�شية الأمريكية من و�صول الأ�سلحة �إىل املتطرفني اجلهاديني يف �سوريا قد جعلها حتجم ح�سب ادعائها عن ت�سليح املعار�ضة نوعياً ،وكان من املفرو�ض ملنطق كهذا �أن يطرح التحفظات نف�سها يف التعاطي مع فكرة «ال�صحوات ال�سورية» .ولن يفيد املعار�ضة امل�سلحة ،امل�صنفة �أمريكيا باملعتدلة ،التفرغ ملواجهة النظام الذي تتيحه لها هذه «ال�صحوات» بت�صديها لـ «داع�ش» يف
ظل ا�ستمرار توا�ضع �إمكانياتها الع�سكرية. هناك �س�ؤال م�رشوع مفاده� :أين كانت �أجهزة اال�ستخبارات الغربية والأمريكية منذ بدايات توافد اجلهاديني من خمتلف اجلن�سيات �إىل �سوريا ،وملاذا مل تول الإدارة الأمريكية وحلفائها �آذانا �صاغية الدعاءات الرو�س والنظام حول خطر الإرهاب املتنامي يف �سوريا منذ البداية؟ �إذ مل يكن مهما الك�شف عن «املغناطي�س» اجلاذب للإرهاب بقدر ما كان الأهم هو ال�سيطرة على احلقل املغناطي�سي. يبدو �أن الإدارة الأمريكية �إما �أنها ال متلك قدرة على امل�ساهمة يف حل امل�سالة ال�سورية ،و�إما �أنه ال تتوفر لديها الرغبة يف ذلك ،و�أن امل�سالة بالن�سبة لها م�س�ألة توقيت يهدف �إىل �إطالة �أمد الأزمة ،وهذا يتطلب حتويل الأزمة ال�سورية �إىل ملفات فرعية حتدد �أولوياتها ح�سب رغبة الإدارة الأمريكية .لكن ذلك يف الوقت نف�سه هو ما مينح حلفاء النظام ال�سوري قدرة على املناورة ،وخلق ملفات جديدة ،وترتيب �أولوياتها �أي�ضاً .هنا تغدو �سيا�سة �إدارة الأزمة التي �أ�صبحت �سيا�سة دولية م�شرتكة للفرقاء والالعبني الدوليني هي بحد ذاتها جوهر الأزمة ال�سورية .واليوم يبدو �أن الإدارة الأمنية للأزمة ال�سورية هي امللف الذي يحظى بالأولوية الأمريكية يف الوقت الراهن. «ال�صحوات» يف العراق لعبت دوراً مهم ًا يف احلد من نفوذ «القاعدة» .ولكنها مل ت�ستطع الق�ضاء عليه نهائياً ،وا�ستطاع املالكي يف م�سعاه لتوطيد �سلطاته تغطية الطائفية بالع�شائرية دون ا�ستبدال �أحدهما بالأخرى� .أما �سنة العراق الذين �أرادوا االنخراط يف العملية ال�سيا�سية فدفعوا الثمن املطلوب منهم �أمريكيا ،مل يح�صلوا حتى الآن على ما وعدوا به .يف �سوريا ال توجد ا�ص ًال �أية عملية �سيا�سية ،الأمر الذي يعني مزيدا من التفتت الع�شائري والتناحر القبلي، ي�ضاف اىل التفتت املذهبي والطائفي ،مع �سيا�سة �أمريكية ال ترى حلو ًال �إال ب�إطالة عمر الأزمة ال�سورية، و�إعادة �إنتاجها عرب تفتيت املفتت وجتز�أة املجز�أ.
07
عربي
العدد ( 2014/04/20 )136م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
بوتفليقة �إىل والية رابعة بكر�سي متحرك اجلزائر -رويرتز« -البديل»:
�أثار فوز الرئي�س اجلزائري عبد العزيز بو تفليقة (77 عاماً) بوالية رابعة ا�ستياء الكثري من اجلزائريني، وخا�صة املعار�ضة اجلزائرية التي قاطعت �ستة �أحزاب منها االنتخابات ،وبلغت ن�سبة الإقبال على االنتخاب حوايل 51.7على م�ستوى البالد ،وهو ما يعك�س بح�سب مراقبني كرث احلال التي و�صلت �إليها البالد ،حيث توجد خماوف حقيقية من حدوث ا�ضطرابات ت�شبه ما حدث يف بالد الربيع العربي (تون�س ،م�رص ،اليمن� ،سوريا)، تن�س بعد اال�ضطرابات كما �أن ذاكرة اجلزائريني مل َ التي عا�شتها اجلزائر خالل عقد الت�سعينات من القرن املا�ضي ،و�أودت بحياة �أكرث من � 200ألف مواطن جزائري. وفاز الرئي�س اجلزائري عبد العزيز بوتفليقة بفرتة رئا�سية جديدة يوم اجلمعة املا�ضي ،بعد انتخابات قال معار�ضوه �أنها ي�ستهدف �إبقاءه يف احلكم رغم اعتالل �صحته .وكان بوتفليقة قد �أدىل ب�صوته وهو يجل�س على كر�سي متحرك يوم اخلمي�س املا�ضي ،وذلك يف ظهور
علني نادر منذ �إ�صابته بجلطة العام املا�ضي �أثارت ت�سا�ؤالت حول ا�ستقرار البالد. ويحكم بوتفليقة وهو �أحد قادة حرب اال�ستقالل املخ�رضمني البالد منذ 15عاما. وكان من املتوقع على نطاق وا�سع ان يفوز بوتفليقة ( 77عاما) بدعم من حزب جبهة التحرير الوطني احلاكم الذي يهيمن على امل�شهد ال�سيا�سي منذ اال�ستقالل عن فرن�سا يف عام . 1962 وقال وزير الداخلية الطيب بلعيز يف م�ؤمتر �صحفي �إن النتائج الأولية الر�سمية تظهر فوز بوتفليقة بن�سبة 81.53يف املئة من الأ�صوات .وفاز �أقرب مناف�سيه علي بن فلي�س بن�سبة 12.8يف املئة. وقال رئي�س وزرائه ال�سابق عبد املالك �سالل يف م�ؤمتر �صحفي «ي�ؤكد الفوز �أن بوتفليقة قادر على �إعطاء املزيد للجزائريني يف الأعوام اخلم�سة القادمة. ». لكن احلالة ال�صحية للرئي�س تثري مزيداً من الت�سا�ؤالت
حول االنتقال املحتمل يف اجلزائر ،ومن الذي �سيحل حمله �إذا مر�ض خالل واليته الرابعة ،و�إىل �أي مدى �ستتجه احلكومة اجلديدة نحو �إجراء �إ�صالحات �سيا�سية واقت�صادية. �أما عن قدرة النظام اجلزائري على فر�ض بوتفليقة لوالية رئا�سية جديدة ف�إن كرث من املواطنني اجلزائريني يعتقدون �أن من يدير البالد فعلي ًا هم قيادات متنفذة داخل جبهة التحرير اجلزائرية املتحالفني مع �ضباط من رتب عليا يف اجلي�ش ،بالإ�ضافة �إىل رجال �أعمال، وكلهم لهم م�صلحة بدوام الو�ضع احلايل ،ولذلك فهم ي�ستخدمون بوتفليقة كواجهة مل�صاحلهم. وعلى غرار م�رص ،ف�إن حركة «بركات» والتي تعني «كفاية» تدعو �إىل �إجراء حالة تغيري يف البالد ،وكانت احلركة قد انطلقت بعد �إعالن بوتفليقة عن تر�شيح نف�سه ،وتتبنى احلركة اخلط ال�سلمي يف الدعوة �إىل تغيري دميقراطي.
م�صر� :صباحي ر�سمياً �إىل مناف�سة ال�سي�سي و�آمال الفوز �ضعيفة دخل حمدين �صباحي ر�سمي ًا �إىل �سباق االنتخابات الرئا�سية يف م�رص ،وذلك بعد �أن قدم �أوراق تر�شحه ر�سمي ًا للجنة االنتخابات ّ الرئا�سية يف م�رص ،وجمعت حملة �صباحي 31 �ألف و 100توكيل من عدة حمافظات .وطبقا للقانون يجب �أن يح�صل من يرغب يف الرت�شح على ت�أييد � 25ألف ناخب من 15حمافظة على الأقل من �أ�صل 27حمافظة ،و�أال يقل عدد امل�ؤيدين يف املحافظة الواحدة عن �ألف ناخب. ويعد �صباحي املر�شح الثاين بعد امل�شري عبد الفتاح ال�سي�سي الذي قدم ا�ستقالته من من�صب وزير الدفاع ليت�سنى له الرت�شح للرئا�سة ،وكان ال�سي�سي قد قدم �أوراق تر�شحه يوم الأثنني املا�ضي ،وبلغ عدد توكيالت الت�أييد � 200ألف.
وعلى الرغم من �صعوبة موقف حمدين �صباحي يف االنتخابات ،حيث بات من امل�ؤكد �أن ال�سي�سي ي�شق طريقه بقوة نحو الرئا�سة ،لكن �صباحي يعتقد �أن حظوظه قوية يف الفوز ،وقال �" :أعتقد فر�صي �أكرب يف معركة �أ�صعب". ويتوقع �أن تقت�رص املناف�سة يف االنتخابات الرئا�سية على ال�سي�سي و�صباحي ،خا�صة �أن جميع الذين �أعلنوا رغبتهم بالرت�شح مل يتمكنوا من جمع العدد املطلوب من التوكيالت التي تخولهم الدخول �إىل ال�سباق االنتخابي. وكانت جبهة الإنقاذ التي متثل العديد من الأحزاب والتيارات امل�رصية ،ومنها التيار ال�شعبي الذي يتزعمه حمدين �صباحي ،قد �رصحت �أنها لن تقدم مر�شح ًا خا�ص ًا بها ،لكنها
لن تقف يف وجه �أي تيار ينتمي لها يف تر�شيح �أحد قادته ،وهو بالفعل ما �أقدم عليه التيار ال�شعبي. لكن امل�ؤ�رشات العامة يف م�رص ال ت�شري �إىل وجود فر�صة قوية �أمام حمدين �صباحي ،فال�سي�سي الذي متكن من �إزاحة الإخوان امل�سلمني عن احلكم هو الرجل القوي يف م�رص اليوم ،وتقف وراءه امل�ؤ�س�سة الع�سكرية ،كما يعتربه البع�ض الوحيد القادر على �ضبط امللفات العديدة التي تواجه م�رص ،على الرغم من تراجع االقت�صاد امل�رصي ،خا�صة قطاع ال�سياحة الذي ي�شكل القطاع الرئي�سي للأعمال ،مع تنامي العنف، بالإ�ضافة �إىل الأو�ضاع الأمنية املرتدية يف �سيناء.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/04/20 )136م
الأخرية
08
حمنــة العـــــرب و�ضـــرورة التغــيري د .عبداهلل تركماين
حمنة العرب ،التي ن�ش�أت نتيجة خطايا النظم ومعاناة ال�شعوب العربية ،هي اليوم الدافع الأ�سا�سي وم�صدر الإلهام احلقيقي لكل التوجهات الع�رصية املطلوبة حتى ن�صبح يوما بحق «خري �أمة �أُخرجت للنا�س» .فهل ننتظر التغيري من اخلارج �أم �سنبدع حلو ًال وو�سائل جديدة للنهو�ض وممار�سة دورنا يف امل�سرية العاملية مت�أثرين وفاعلني ؟ وهل ننتظر املزيد من حماكمات �صورية ل�سجناء الر�أي وال�ضمري ؟ وهل �ستحتاج احلكومات العربية لكوارث �أخرى ،تفوق الكارثة ال�سورية التي مل ي�شهد العامل مثي ًال لها منذ احلرب العاملية الثانية ،لتتعلم � ّأن ال �شيء يعلو على حرية املواطن التي هي �أ�سا�س بناء املجتمعات احلديثة وتقدمها ؟ ورمبا يكون ال�س�ؤال ال�صعب الذي يواجهنا اليوم هو :كيف نعيد املعنى �إىل ق�ضايانا ونبني حداثتنا ونثبت الأمل بدل الي�أ�س ،و�أن نبد�أ التفكري ب�أقل ما ميكن من االنفعال و�أكرث ما ميكن من العقل لتحديد معامل م�رشوع نه�ضتنا اجلديدة ؟ لقد �آن الأوان لكي يتحرك العرب نحو الإ�صالح اجلاد والتفكري ال�شامل واالبتعاد عن الع�شوائية ال�سيا�سية، �إنه وقت لل�صحوة املطلوبة والر�ؤية الغائبة والر�شد املنتظر .فقد حان الوقت للتغيري ،لبدء الطريق نحو التخل�ص من التبعية والتهمي�ش و�إعادة �إنتاج الفقر والت�أخر والتفاوت واجلهل والت�سلط والتفكك ،وذلك باالعرتاف بانهيار ع�رص عربي ،ب�أنظمته و�أحزابه وم�ؤمتراته وعقائده ،و�إجراء مراجعة �شاملة لل�شعارات الكبرية املعتمدة على �أفكار جتاوزها الزمن ،ونقد للذات ،والبدء بقبول وفهم الوقائع العاملية اجلديدة وتداعياتها املحلية ،وو�ضع حلول للحا�رض وامل�ستقبل ال ُت�ستح�رض من مفاهيم املا�ضي �إال مبقدار ما تنطوي على جدوى للحا�رض وامل�ستقبل.
ولعل مما �سبق يت�ضح � ّأن هنالك زاوية �أخرى يجب �إدخالها يف املعادلة القائمة وهي املجتمعات العربية و�إرادتها ،و�إبراز ما ميكن �أن تقوم به يف حتديد م�صري امل�ستقبل الذي �ستكون عليه املنطقة العربية .فمن الأمور التي ينبغي الرتكيز عليها يف هذه املرحلة وبعيداً عن ال�شعارات الكربى التي مل ن�ستطع حتقيقها تكمن يف: ( - )1ن�رش ثقافة احلقوق والكف عن التذكري بالواجبات التي حفظتها �شعوبنا العربية عن ظهر قلب ،واال�ستعا�ضة عنها بثقافة احلقوق والواجبات جمتمعة ،حتى يكون كل منها داعم ًا للآخر. ( - )2بث روح امل�شاركة الوطنية وفتح جماالتها �أمام كل �إن�سان يف العامل العربي ،فهو م�شارك �أ�سا�سي يف بناء جمتمعه ،وهو عامل حا�سم يف تنمية ورقي البلد الذي ينتمي �إليه ،وذلك عن طريق تفعيل دوره يف كافة �أوجه الن�شاط القائم يف حميطه .كل ذلك ميكن �أن يتحقق ب�إعطائه الفر�صة للم�شاركة احلرة يف العمل االجتماعي والثقايف وال�سيا�سي واالقت�صادي ،وكذلك ت�شجيع العمل التطوعي و�إبراز �آثاره الإيجابية. (� - )3إعطاء ال�شعوب مزيداً من احلرية يف اتخاذ قراراتها وفق ت�صوراتها اخلا�صة وكذلك نقدها ملا يدور حولها ،وخ�صو�ص ًا يف الأمور ذات العالقة املبا�رشة بها ناهيك من الأمور الكربى التي قد حتدد م�ستقبلها� ،سواء يف املنتديات العامة �أو و�سائل الإعالم املتعددة ،وعدم اقت�صار اخلو�ض يف هذه الأمور على جهات معينة ذات توجهات معروفة م�سبقاً ،فلم يعد املجال مقت�رصاً على وجهة النظر الواحدة ،فاحلياة العامة �أرحب وميكن �أن ت�ستوعب �أكرث من وجهة نظر. (� - )4إر�ساء مبادئ العدالة يف املجتمع بجميع �رشائحه وطبقاته ،فالكل �أمام القانون �سواء ،والكل
م�ساءل عن ت�رصفاته ،الكل تطالهم يد القانون ،ال ا�ستثناء ،فالقاعدة القانونية و�ضعت عامة جمردة ،مل ُينظر عند و�ضعها �إىل �شخ�ص من تطبق عليه �أو مركزه يف املجتمع .وكذلك تفعيل دور رقابة املواطن ملا يدور حوله وم�ساءلة القائمني على ال�ش�أن العام عند تق�صريهم يف �أداء �أعمالهم ،بل و�إحالتهم �إىل اجلهات الرقابية والق�ضائية التخاذ ما تراه منا�سب ًا جتاههم. (� - )5إعادة النظر يف �سيا�سات الرتبية والتعليم عطل املبنية على التلقني والكم ولي�س الكيف ،الذي ّ عقول النا�شئة ،واال�ستعا�ضة عنه ب�أ�سلوب الإقناع واحلوار وامل�شاركة حتى تكون هذه العقول على �إميان مبا تتعلم وترتبى عليه ،كما � ّأن هذا الأ�سلوب يعطيها القدرة على الإبداع واالبتكار ،بل �أنه ي�ساعدها عندما تنتقل �إىل حياتها العملية على تطوير �أدائها وتنمية مهاراتها لأنها ن�ش�أت على ذلك. � ّإن املطلوب يف هذه الأيام احلا�سمة من تاريخنا �أن تنتقل كل القوى الفاعلة والنخب الفكرية وال�سيا�سية منها ،على وجه التحديد ،من حالة التنظري �إىل حالة الفعل الإيجابي بال�سعي لت�شكيل توافقات وطنية داخل كل قطر عربي� ،أو ما ميكن ت�سميته بـ «الكتلة العربية الواحدة من �أجل التغيري» ،حيث يعطى هذا التج�سيد العربي من ال�صالحيات ومن القدرات ما ي�ؤهله من القيام بعملية �إ�صالح �شاملة ،تهدف �إىل �صياغة ر�ؤى فكرية معا�رصة تنطلق لبناء م�ؤ�س�سات املجتمع املدين ،و�إر�ساء قواعد دولة احلق والقانون ،وانتهاج ثراء و�إغناء للحياة الدميقراطية م�ساراً ،والتعددية ً العربية ،واعتماد احلرية متنف�س ًا �إن�ساني ًا للتعبري والنقد الب ّناء وامل�شاركة اخلالقة ،و�إ�شاعة روح البحث العلمي يف كل ميدان من امليادين ،و�إتاحة املناخات ال�صحية التي تفجر طاقات املبدعني.