ájô```M 2013/11/24م العدد ()115 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2013/11/24 )115م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (115) 24/11/2013
�أولويــة ا�ستعـادة القـرار ال�ســوري
ح�سام مريو
تدفع جهات �إقليمية ودلية بقوة نحو عقد جنيف ،2 وتعتقد بع�ض الدول الفاعلة يف امل�س�ألة ال�سورية �أن الو�صول �إىل اتفاق �سيا�سي ما ،ومهما كانت �صيغته، كفيلة ب�أن ترمي عنها عبء امل�س�ألة ال�سورية ،خا�صة �أن هناك م�سائل �أكرث �أهمية بالن�سبة لها ،فالواليات املتحدة تهتم بامللف الإيراين بالدرجة الأوىل ،وال ت�ش ّكل لها �سوريا �أية مكا�سب �أو م�صالح ذات قيمة عالية. لكن الدفع نحو جنيف 2قد يعني �أنه �سيعقد مبن يح�رض� ،أي مبن يقبل بحل �سيا�سي حتى لو مل ميتلك هذا احلل �أي قدرة على الدميومة ،وخلق خارطة طريق نحو ا�ستقرار �سوريا. الو�ضع ال�سوري بات اليوم معقداً بدرجة كبرية ،ومل يعد ال�رصاع بني النظام واملعار�ضة هو ال�رصاع الوحيد يف ال�ساحة ال�سورية ،فثمة �أكرث من �رصاع ،و�أكرث من حرب تدور وتدار على الأر�ض ال�سورية ،فثمة حرب بني اجلي�ش احلر والقوى الراديكالية ،وخا�صة الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش" ،وهناك حرب بني النظام و"داع�ش" ،بالإ�ضافة �إىل حروب �صغرية بني كتائب يف مناطق عدة ،وهي حروب على م�صالح �صغرية ،لكنها يف النهاية باتت جزءاً ال يتجز�أ من امل�شهد ال�سوري املعقد. يف هذا الوقت الذي يحتاج فيه ال�سوريون �إىل نوع من التوافق بني القوى ال�سيا�سية املعار�ضة ،ف�إن الواقع الفعلي ي�شهد املزيد من االنق�سام ،حتى �أن
جزءاً من ال�رصاع بات �رصاع ًا على الذهاب �إىل جنيف ،2وك�أن الذهاب بحد ذاته هو مك�سب ا�سرتاتيجي، خا�صة �أن البع�ض ،وبخفة �سيا�سية ،يعتقد �أن الركوب يف قطار جنيف 2يعني احل�صول على مقعد يف حكم �سوريا امل�ستقبل ،من دون التفكري بالطبع ب�شكل هذا امل�ستقبل� ،أو مبا �سيرتتب على �أي ف�صيل �سيا�سي يف املرحلة االنتقالية من �أعباء ومهام ج�سام ،و�سيكون الت�صدي لها �صعب ًا يف جوانب عدة ،خا�صة حفظ الأمن ،وحتقيق اال�ستقرار ،فمن يتوقع �أن ح ًال �سيا�سي ًا يف جنيف 2كفيل بتهدئة ال�رصاع امل�سلح فهو بالطبع مل يقر�أ �أي �صفحة من �صفحات احلروب الأهلية يف التاريخ املعا�رص. ما زالت الأيديولوجيا تتحكم بذهنية الكثري من القوى ال�سيا�سية املعار�ضة ،كما تر�سم لها حتالفاتها ،كما يتحكم االرتهان مل�صالح قوى �إقليمية ودولية مبواقف البع�ض منها ،وقلة هم الذين �أعطوا قلي ًال من اهتمامهم لقراءة الواقع ال�سوري ،وما يحيق به من خماطر، خا�صة على امل�ستوى الوطني العام ،ف�سوريا اليوم تعاين من متزقٍ عميقٍ يف بنيتها الوطنية ،وهو ما �سيبقى عائق ًا كبرياً لأي م�صاحلة وطنية حقيقية على مدار �سنوات مقبلة قد تطول �أو تق�رص ،وذلك بح�سب �شكل احلل الذي �سريتب اخلروج من الأزمة ،و�ستبنى عليه الكثري من املعطيات. يف الأفق املنظور ال تبدو القوى املعار�ضة �ساعية �إىل فتح الأبواب نحو بع�ضها البع�ض ،واخلروج من م�أزق
الت�رشذم الذي عرفته خالل العامني املا�ضيني ،والذي انعك�س �سلب ًا على �صورة الثورة ال�سورية ،وعلى دور هذه القوى نف�سها ،حيث ابتلعتها خالفاتها ،بينما كان الو�ضع ال�سوري يزداد تعقيداً ،والكارثة تزداد هو ًال، ويزداد دور اخلارج يف حتديد م�صري ال�سوريني ،حتى بات ال�سوريون غري قادرين على االجتماع �إىل بع�ضهم بع�ض ًا �إال من خالل و�ساطة اخلارج. �أما و�أن الدفع نحو جنيف 2قائم ًا وبقوة فهذا يرتب على القوى ال�سيا�سية م�س�ؤوليات كبرية ،ومل يعد مقنع ًا �أن تبقى هذه القوى يف حالة انغالق ورف�ض للحوار مع بع�ضها البع�ض ،واملطلوب هو �إيجاد ج�رس بني هذه القوى ،فامل�س�ألة ال�سورية هي بالدرجة الأوىل اليوم م�س�ألة وطنية بامتياز ،ولي�ست م�س�ألة �أيديولوجية، وتالي ًا ف�إن ا�ستعادة القرار ال�سوري باتت م�س�ألة ملحة، وهو ما يتطلب نوع ًا من امل�صاحلة ال�سيا�سية والوطنية بني القوى ال�سيا�سية ال�سورية ،فهذه امل�صاحلة �ستعيد نوع ًا من الأمل لل�سوريني بالنخب ال�سيا�سية. �إن البدء ب�إذابة اجلليد بني القوى ال�سيا�سية ،واحلوار فيما بينها ،والو�صول �إىل توافقات حول احلل ال�سيا�سي مبا ي�ضمن �أكرب قدر ممكن من القرار وامل�صلحة ال�سورية هو مهمة راهنة ،ويجب �أن تكون على ر�أ�س الأولويات ،و�إذا كان هذا الأمر يف �إطار الرغبة فمن ال�رضوري حتويله من ممكن �إىل واقع ،وهو ما يتطلب �إرادة ووعي وح�س وطني وعالٍ بامل�س�ؤولية.