Al badil 115

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2013/11/24‬م‬ ‫العدد (‪)115‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (115) 24/11/2013‬‬

‫�أولويــة ا�ستعـادة القـرار ال�ســوري‬

‫ح�سام مريو‬

‫تدفع جهات �إقليمية ودلية بقوة نحو عقد جنيف ‪،2‬‬ ‫وتعتقد بع�ض الدول الفاعلة يف امل�س�ألة ال�سورية �أن‬ ‫الو�صول �إىل اتفاق �سيا�سي ما‪ ،‬ومهما كانت �صيغته‪،‬‬ ‫كفيلة ب�أن ترمي عنها عبء امل�س�ألة ال�سورية‪ ،‬خا�صة‬ ‫�أن هناك م�سائل �أكرث �أهمية بالن�سبة لها‪ ،‬فالواليات‬ ‫املتحدة تهتم بامللف الإيراين بالدرجة الأوىل‪ ،‬وال‬ ‫ت�ش ّكل لها �سوريا �أية مكا�سب �أو م�صالح ذات قيمة‬ ‫عالية‪.‬‬ ‫لكن الدفع نحو جنيف ‪ 2‬قد يعني �أنه �سيعقد مبن‬ ‫يح�رض‪� ،‬أي مبن يقبل بحل �سيا�سي حتى لو مل ميتلك‬ ‫هذا احلل �أي قدرة على الدميومة‪ ،‬وخلق خارطة طريق‬ ‫نحو ا�ستقرار �سوريا‪.‬‬ ‫الو�ضع ال�سوري بات اليوم معقداً بدرجة كبرية‪ ،‬ومل يعد‬ ‫ال�رصاع بني النظام واملعار�ضة هو ال�رصاع الوحيد‬ ‫يف ال�ساحة ال�سورية‪ ،‬فثمة �أكرث من �رصاع‪ ،‬و�أكرث من‬ ‫حرب تدور وتدار على الأر�ض ال�سورية‪ ،‬فثمة حرب‬ ‫بني اجلي�ش احلر والقوى الراديكالية‪ ،‬وخا�صة الدولة‬ ‫الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش"‪ ،‬وهناك حرب‬ ‫بني النظام و"داع�ش"‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل حروب �صغرية‬ ‫بني كتائب يف مناطق عدة‪ ،‬وهي حروب على م�صالح‬ ‫�صغرية‪ ،‬لكنها يف النهاية باتت جزءاً ال يتجز�أ من‬ ‫امل�شهد ال�سوري املعقد‪.‬‬ ‫يف هذا الوقت الذي يحتاج فيه ال�سوريون �إىل نوع‬ ‫من التوافق بني القوى ال�سيا�سية املعار�ضة‪ ،‬ف�إن‬ ‫الواقع الفعلي ي�شهد املزيد من االنق�سام‪ ،‬حتى �أن‬

‫جزءاً من ال�رصاع بات �رصاع ًا على الذهاب �إىل جنيف‬ ‫‪ ،2‬وك�أن الذهاب بحد ذاته هو مك�سب ا�سرتاتيجي‪،‬‬ ‫خا�صة �أن البع�ض‪ ،‬وبخفة �سيا�سية‪ ،‬يعتقد �أن الركوب‬ ‫يف قطار جنيف ‪ 2‬يعني احل�صول على مقعد يف حكم‬ ‫�سوريا امل�ستقبل‪ ،‬من دون التفكري بالطبع ب�شكل هذا‬ ‫امل�ستقبل‪� ،‬أو مبا �سيرتتب على �أي ف�صيل �سيا�سي يف‬ ‫املرحلة االنتقالية من �أعباء ومهام ج�سام‪ ،‬و�سيكون‬ ‫الت�صدي لها �صعب ًا يف جوانب عدة‪ ،‬خا�صة حفظ‬ ‫الأمن‪ ،‬وحتقيق اال�ستقرار‪ ،‬فمن يتوقع �أن ح ًال �سيا�سي ًا‬ ‫يف جنيف ‪ 2‬كفيل بتهدئة ال�رصاع امل�سلح فهو بالطبع‬ ‫مل يقر�أ �أي �صفحة من �صفحات احلروب الأهلية يف‬ ‫التاريخ املعا�رص‪.‬‬ ‫ما زالت الأيديولوجيا تتحكم بذهنية الكثري من القوى‬ ‫ال�سيا�سية املعار�ضة‪ ،‬كما تر�سم لها حتالفاتها‪ ،‬كما‬ ‫يتحكم االرتهان مل�صالح قوى �إقليمية ودولية مبواقف‬ ‫البع�ض منها‪ ،‬وقلة هم الذين �أعطوا قلي ًال من اهتمامهم‬ ‫لقراءة الواقع ال�سوري‪ ،‬وما يحيق به من خماطر‪،‬‬ ‫خا�صة على امل�ستوى الوطني العام‪ ،‬ف�سوريا اليوم‬ ‫تعاين من متزقٍ عميقٍ يف بنيتها الوطنية‪ ،‬وهو ما‬ ‫�سيبقى عائق ًا كبرياً لأي م�صاحلة وطنية حقيقية على‬ ‫مدار �سنوات مقبلة قد تطول �أو تق�رص‪ ،‬وذلك بح�سب‬ ‫�شكل احلل الذي �سريتب اخلروج من الأزمة‪ ،‬و�ستبنى‬ ‫عليه الكثري من املعطيات‪.‬‬ ‫يف الأفق املنظور ال تبدو القوى املعار�ضة �ساعية �إىل‬ ‫فتح الأبواب نحو بع�ضها البع�ض‪ ،‬واخلروج من م�أزق‬

‫الت�رشذم الذي عرفته خالل العامني املا�ضيني‪ ،‬والذي‬ ‫انعك�س �سلب ًا على �صورة الثورة ال�سورية‪ ،‬وعلى دور‬ ‫هذه القوى نف�سها‪ ،‬حيث ابتلعتها خالفاتها‪ ،‬بينما كان‬ ‫الو�ضع ال�سوري يزداد تعقيداً‪ ،‬والكارثة تزداد هو ًال‪،‬‬ ‫ويزداد دور اخلارج يف حتديد م�صري ال�سوريني‪ ،‬حتى‬ ‫بات ال�سوريون غري قادرين على االجتماع �إىل بع�ضهم‬ ‫بع�ض ًا �إال من خالل و�ساطة اخلارج‪.‬‬ ‫�أما و�أن الدفع نحو جنيف ‪ 2‬قائم ًا وبقوة فهذا يرتب‬ ‫على القوى ال�سيا�سية م�س�ؤوليات كبرية‪ ،‬ومل يعد مقنع ًا‬ ‫�أن تبقى هذه القوى يف حالة انغالق ورف�ض للحوار‬ ‫مع بع�ضها البع�ض‪ ،‬واملطلوب هو �إيجاد ج�رس بني هذه‬ ‫القوى‪ ،‬فامل�س�ألة ال�سورية هي بالدرجة الأوىل اليوم‬ ‫م�س�ألة وطنية بامتياز‪ ،‬ولي�ست م�س�ألة �أيديولوجية‪،‬‬ ‫وتالي ًا ف�إن ا�ستعادة القرار ال�سوري باتت م�س�ألة ملحة‪،‬‬ ‫وهو ما يتطلب نوع ًا من امل�صاحلة ال�سيا�سية والوطنية‬ ‫بني القوى ال�سيا�سية ال�سورية‪ ،‬فهذه امل�صاحلة �ستعيد‬ ‫نوع ًا من الأمل لل�سوريني بالنخب ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫�إن البدء ب�إذابة اجلليد بني القوى ال�سيا�سية‪ ،‬واحلوار‬ ‫فيما بينها‪ ،‬والو�صول �إىل توافقات حول احلل ال�سيا�سي‬ ‫مبا ي�ضمن �أكرب قدر ممكن من القرار وامل�صلحة‬ ‫ال�سورية هو مهمة راهنة‪ ،‬ويجب �أن تكون على ر�أ�س‬ ‫الأولويات‪ ،‬و�إذا كان هذا الأمر يف �إطار الرغبة فمن‬ ‫ال�رضوري حتويله من ممكن �إىل واقع‪ ،‬وهو ما يتطلب‬ ‫�إرادة ووعي وح�س وطني وعالٍ بامل�س�ؤولية‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫عني احلقيقة ت�صاب بالرمد يف حمافظة حلب‬

‫“داع�ش” ا�ستبداد جديد يكم الأفواه ويغتال الإعالميني والنا�شطني‬ ‫حلب‪ -‬حممد �إقبال ب ّلو‪:‬‬

‫�أكرث من ن�صف م�ساحة حمافظة حلب تدخل �ضمن‬ ‫ت�سمية (املناطق املحررة) التي ت�ضج مبختلف‬ ‫الأحداث يومي ًا على ال�صعد الع�سكرية واملدنية‬ ‫والق�ضائية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الأحداث التي جتري‬ ‫يف نقاط التما�س مع النظام (اجلبهات)‪ ,‬وال بد من‬ ‫تغطية كل هذه الأحداث �إعالمي ًا‪ ،‬وذلك ل�رضورة‬ ‫دور الإعالم و�أهميته يف ر�سم �صورة الواقع‬ ‫الفعلي لهذه املناطق‪ ,‬وقد كان ع�رشات الإعالميني‬ ‫يف حلب وريفها عني احلقيقة منذ الأيام الأوىل‬ ‫لالنتفا�ضة ال�سورية‪ ،‬وحتى الفرتة الأخرية‪ ،‬والتي‬ ‫حتدد بال�شهور الأربعة املا�ضية‪ ,‬حيث �أ�صيبت عني‬ ‫احلقيقة بالرمد يف حمافظة حلب‪.‬‬ ‫بد�أت ت�شن حملة �رش�سة �ضد �إعالميي حلب ون�شطائها‬ ‫الطبيني والإغاثيني من قبل جهات خمتلفة منذ عدة‬ ‫�شهور‪ ,‬وكانت البداية هي االعتقاالت ‪ ,‬فقد �أقدمت‬ ‫عدة كتائب على اعتقال �إعالميني حلبيني ب�سبب‬ ‫ن�رشهم لأخبار (ف�ضائحية) عن هذه الكتائب �أو‬ ‫قادتها بالتحديد‪ ,‬ثم تطور املو�ضوع �إىل عمليات‬ ‫خطف للن�شطاء والإعالميني‪ ،‬وبد�أنا م�ؤخراً نالحظ‬ ‫�أن الأمور تطورت �إىل بع�ض حاالت االغتيال‬ ‫والت�صفيات اجل�سدية‪.‬‬ ‫ما تبقى من �إعالميي حلب انق�سموا �إىل ق�سمني‪،‬‬ ‫وال حل و�سط بينهما‪ ,‬ق�سم ق ّل�ص عمله الإعالمي‬ ‫�إىل ن�رش الأخبار اليومية ب�شكلها الروتيني املعتاد‪،‬‬ ‫وتوقف عن الغو�ص يف التفا�صيل والبحث عن‬ ‫احلقائق‪ ,‬وذلك خوف ًا على حياته وعلى حياة ذويه‬ ‫من بط�ش تلك القوى التي ت�شابه النظام الأ�سدي يف‬ ‫اال�ستبداد وكم الأفواه وقتل الكلمة احلرة‪� ,‬أما الق�سم‬ ‫الآخر وهو ما �أطلق عليهم الن�شطاء �أو الإعالميني‬ ‫االنتحاريني‪ ،‬وه�ؤالء هم الذين رف�ضوا �أن يتم تقييد‬ ‫�أقالمهم وكامرياتهم بتهديدات ال ت�صدر �إال عن‬ ‫حمتل جديد ‪ ,‬وا�ستمروا وزاد عطا�ؤهم الإعالمي‬ ‫من �أجل التغطية على النق�ص يف الكوادر الذي‬ ‫�أ�صاب ال�ساحة احللبية‪ ,‬ورغم كل املخاطر التي‬ ‫قد يتعر�ضون لها �إال �أنهم �أبوا اخلنوع والذل‪ ،‬بل‬ ‫ا�ستمروا وبحذر �شديد حتى �أن الكثريين منهم باتوا‬ ‫يحملون ال�سالح م�ؤخراً ‪.‬‬ ‫ه�ؤالء الإعالميون يقومون اليوم بحملة �ضد من‬ ‫يحاولون �إ�سكات �صوت احلق و�إعماء عني احلقيقة‪,‬‬ ‫ويقومون بف�ضح تلك اجلرائم ون�رش ما مت توثيقه من‬ ‫انتهاكات بحق �إعالميني ونا�شطني وم�سعفني وغري‬ ‫ذلك‪ ،‬حيث قام نا�شطون بن�رش قائمة طويلة ب�أ�سماء‬ ‫كل املغيبني ق�رسي ًا من نا�شطي حلب‪ ،‬وقد ُ�سجل �إىل‬ ‫جانب كل ا�سم ظروف اختفائه و�أ�سبابها‪ ،‬واملنطقة‬ ‫التي اختطف منها �أو قتل فيها‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل اجلهة‬ ‫التي ارتكبت هذه اجلرمية يف حال كانت معروفة‬ ‫بالن�سبة لهم‪ ,‬فجاءت القائمة طويلة جداً ومرعبة‬ ‫بالن�سبة للعدد الكلي لإعالميي حلب‪ ،‬وندون هنا‬ ‫تلك الأ�سماء لأهمية توثيق ذلك‪:‬‬ ‫النا�شط وائل ابراهيم �أبو مرمي‪ :‬اختطف من‬‫مظاهرة يف حي ال�سكري بتاريخ ‪11- 08-‬‬ ‫‪ ، 2013‬وهو من �أ�شهر ن�شطاء حي ب�ستان الق�رص‪.‬‬ ‫الإعالمي حازم العزيزي (عمر حاجولة) مدير‬‫مكتب �إعزاز الإعالمي‪ُ :‬قتل بر�صا�ص قنا�ص دولة‬ ‫العراق وال�شام �أثناء نزوله �أعز ًال و�سط ا�شتباك بني‬ ‫دولة العراق وال�شام ولواء عا�صفة ال�شمال يف مدينة‬ ‫�إعزاز بتاريخ ‪2013\9\19‬‬

‫الطبيب حممد �أبي�ض‪ :‬جراح عظمية ترك العمل يف‬‫م�شفى الرازي احلكومي �إبان نزول الثوار �إىل حلب‬ ‫وتطوع يف امل�ست�شفيات امليدانية ‪ ,‬واختطف اثناء‬ ‫خروجه من م�ست�شفى �أطباء بال حدود يف مدينة‬ ‫�إعزاز‪ ،‬ووجدت جثته بعد يومني بالقرب من بلدة‬ ‫دير جمال‪.‬‬ ‫النا�شطان �سمر ال�صالح وحممد العمر‪ :‬اختطفا يف‬‫الأتارب بعد �رضبهما و�إهانتهما �أثناء �إعدادهما‬ ‫تقرير عن عمل املجال�س املحلية يف املدينة بتاريخ‬ ‫‪ 2013-8-12‬ومتت زيارتهما يف �سجن دولة‬ ‫العراق وال�شام يف بلدة الدانا‪.‬‬ ‫مرا�سل تلفزيون �أورينت نيوز عبيدة بطل وفريق‬‫�أورينت املوجود معه‪ :‬اختطفته جمموعة م�سلحة‬ ‫من امللثمني يف بلدة م�سقان بالقرب من مدينة‬ ‫تل رفعت ‪ ,‬بعد �أن قامت بتك�سري حمتويات املكتب‬ ‫و�سلب الكامريات و�أجهزة الكمبيوتر والإنرتنت‬ ‫الف�ضائي بتاريخ ‪.2013\7\25‬‬ ‫ مرا�سال قناة �سكاي نيوز �إ�سحاق خمتار و�سمري‬‫ك�ساب ومعهما �شاب يف طاقم العمل يدعى عدنان‬ ‫عجاج‪ :‬مت اختطافهم بعد خروجهم من بلدة عندان‬ ‫�صباح عيد الأ�ضحى املبارك‪ ،‬وكانت وجهتهم حلب‬ ‫املدينة لت�صوير �أجواء العيد هناك‪.‬‬ ‫مرا�سل �أورينت نيوز �سابق ًا ومرا�سل العربية حممد‬‫�سعيد‪ :‬من بلدة م�سقان يف ريف حلب ال�شمايل مت‬ ‫قتله يف بلدة حريتان من قبل ملثمني مب�سد�س‬ ‫كامت لل�صوت �أثناء تواجده بالقرب من حمل حالقة‬ ‫يف �أحد �شوارع حريتان‪ ,‬وهو من �أوائل النا�شطني‬ ‫والإعالميني يف حلب‪.‬‬

‫ما تبقى من �إعالميي حلب‬ ‫انق�سموا �إىل ق�سمني وال حل‬ ‫و�ســــط بينــــــــهما‬

‫مرا�سل قناة �أورينت نيوز م�ؤيد ال�سلوم‪ :‬اختطف‬‫على حاجز لدولة العراق وال�شام على طريق‬ ‫الكا�ستيلو بتاريخ ‪.2013\11\1‬‬ ‫ الإعالمي عبد الوهاب املال "ابو �صطيف" من‬‫�أبناء مدينة الباب‪� :‬شارك يف احلراك ال�سلمي منذ‬ ‫بدايته‪ ،‬ومت اعتقاله‪ ،‬ثم ب�ضغط من والده �سافر �إىل‬ ‫ال�سعودية بعد خروجه من املعتقل‪ ,‬ثم عاد �إىل حلب‪,‬‬ ‫قدم برنامج ثورة ‪3‬جنوم على قناة حلب اليوم ‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫اختطف من منزله يف حي م�ساكن هنانو بتاريخ‬ ‫‪.2013-11-7‬‬ ‫النا�شط وال�صحفي �أحمد برميو‪ :‬اختطف من حي‬‫الزبدية ‪ ، 2013-11-17‬حيث قامت جمموعة‬ ‫م�سلحة باختطافه بعد �أن ا�شتبكت هذه املجموعة‬ ‫مع جمموعة م�سلحة من مقاتلي كتائب "فا�ستقم‬ ‫كما �أمرت" �إال �أنه ورغم ذلك جنحوا بالفرار ومتت‬ ‫عملية اخلطف‪.‬‬ ‫وح�سب النا�شط رامي �سويد ف�إن القا�سم امل�شرتك‬ ‫بني جميع ه�ؤالء هو انتقاداتهم ل�سيا�سة (داع�ش)‬ ‫املتمثلة مبحاولة ال�سيطرة على املناطق املحررة‬ ‫بالقوة‪ ,‬والق�ضاء على �أي ت�شكيل �أو �أي فرد يحاول‬ ‫منع ذلك‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر �أن حلب فقدت منذ �أيام �أحد �أهم‬ ‫�إعالمي املدينة الذين عملوا ب�صمت منذ انطالق‬ ‫الثورة ال�سورية ‪ ,‬وهو الإعالمي حممد العنداين‬ ‫(حممد �أحمد تي�سري بلو) الذي قرر التواجد يف �ساحات‬ ‫املعارك لنقل احلقيقة �إىل العامل ‪ ,‬وكان العنداين قد‬ ‫ابتعد عن املكاتب وال�شا�شات ما عدا ظهوره عدة‬ ‫مرات فقط على بع�ض القنوات يف حاالت �رضورية‪.‬‬ ‫ا�ست�شهد العنداين بطلقة قنا�ص عندما �أ�رص الت�صوير‬ ‫يف منطقة قريبة جداً من فرع املخابرات اجلوية‬ ‫الذي يحا�رصه اجلي�ش احلر منذ �أكرث من عام‪ ،‬والذي‬ ‫جعل بع�ض املراقبني يت�ساءلون �إىل متى �سيظل هذا‬ ‫الفرع ال�رش�س ي�ستهلك �شبابنا وطاقاتنا ؟ ومتى‬ ‫�سيتم اتخاذ القرار احلقيقي اجلدي بتحريره؟‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ت�ساعدهم يف احل�صول على احتياجاتهم الإغاثية ومتنع الغ�ش‬

‫التكنولوجيا الرقميةيف خدمة ق�ضايا الالجئني ال�سوريي‬ ‫�شبكة الأنباء الإن�سانية‪:‬‬

‫�أدى ال�رصاع يف �سوريا �إىل نزوح ‪ 6.5‬مليون �شخ�ص‬ ‫داخل بالدهم‪ ،‬وفرار �أكرث من ‪ 2.2‬مليون الجئ‪ ،‬يعي�ش‬ ‫معظمهم يف البلدان املجاورة‪ ،‬وهي الأردن ولبنان‬ ‫والعراق وتركيا‪ ،‬حيث تواجه الوكاالت الإن�سانية‬ ‫واحلكومات امل�ضيفة مطالب هائلة‪ .‬ولكن تطبيق‬ ‫التقنيات الذكية ي�ساعد يف تخفيف هذا العبء‪ .‬وفيما‬ ‫يلي نعر�ض بع�ض االبتكارات التي ت�ساعد عمال الإغاثة‬ ‫على تخطيط وتقدمي ا�ستجابة �أف�ضل وحتفظ الكرامة‬ ‫ب�شكل �أكرب‪.‬‬

‫ر�سم اخلرائط بالأقمار ال�صناعية‬

‫ت�ستخدم الأمم املتحدة �صور الأقمار ال�صناعية‬ ‫وبيانات نظام املعلومات اجلغرافية (‪ )GIS‬لر�سم‬ ‫خرائط تف�صيلية للمناطق التي ين�صب عليها االهتمام‪.‬‬ ‫وقد لعبت اخلرائط ‪ -‬مثل تلك امل�ستخدمة مل�ساعدة‬ ‫الوكاالت على اال�ستجابة للكوارث الطبيعية كالأعا�صري‬ ‫والفي�ضانات ‪ -‬دوراً �أ�سا�سي ًا يف متكني وكاالت املعونة‬ ‫من معرفة جيوب ال�رصاع وحركات ال�سكان داخل‬ ‫�سوريا‪ .‬وتبني �صور الأقمار ال�صناعية النازحني الذين‬ ‫ا�ستقروا بالقرب من احلدود الرتكية‪ .‬ومن اجلدير بالذكر‬ ‫�أن هذه اخلرائط ت�أتي من الربنامج الت�شغيلي لتطبيقات‬ ‫الأقمار ال�صناعية التابع ملعهد الأمم املتحدة للتدريب‬ ‫والبحث "يونو�سات" الكائن يف جنيف‪ ،‬والذي يدار‬ ‫بدعم من املنظمة الأوروبية للأبحاث النووية‪ .‬وعند‬ ‫حدوث حاالت طوارئ‪ ،‬يقوم املوظفون امليدانيون‬ ‫بتنبيه "يونو�سات" الذي يجمع �صور الأقمار ال�صناعية‬ ‫للمناطق املت�رضرة من احلكومات ومقدمي اخلدمات‬ ‫التجارية‪ .‬ثم يتم جمع وحتليل تلك ال�صور‪ ،‬و�إنتاج‬ ‫خرائط وبيانات نظم املعلومات اجلغرافية التي يتم بعد‬ ‫ذلك �إر�سالها �إىل �صناع القرار يف امليدان‪ .‬وكانت �صور‬ ‫الأقمار ال�صناعية مفيدة للغاية يف تخطيط ملخيمات‬ ‫الالجئني‪ .‬ففي خميم الزعرتي الأردين املرتامي‬ ‫الأطراف‪ ،‬حيث يعي�ش ‪� 120,000‬شخ�ص‪ ،‬كانت لهذه‬ ‫اخلرائط �أهمية كبرية يف م�ساعدة املفو�ضية ال�سامية‬ ‫للأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني على �إدارة تطور املخيم‬ ‫و�سكانه‪ ،‬الذين تتغري �أماكنهم على الدوام‪ .‬وبا�ستخدام‬ ‫تلك ال�صور‪ ،‬ميكن لعمال الإغاثة معرفة عدد اخليام‬ ‫اجلديدة التي تتم �إقامتها وح�ساب م�ساحة الأر�ض التي‬ ‫ال تزال متاحة‪ .‬وقد ا�ستخدمت املفو�ضية خرائط الأقمار‬ ‫ال�صناعية �أي�ض ًا لإدارة خميم دوميز‪ ،‬وهو �أكرب خميم‬ ‫لالجئني ال�سوريني يف العراق‪� .‬أما يف لبنان‪ ،‬حيث مت‬ ‫ت�سجيل �أكرث من ‪ 700,000‬الجئ �سوري ولكن من دون‬ ‫وجود خميمات ر�سمية لالجئني‪ ،‬فت�ستخدم املفو�ضية‬ ‫�أدوات ر�سم اخلرائط على الإنرتنت‪ ،‬مثل برنامج‬ ‫"‪ ArcGIS‬على االنرتنت"‪ ،‬لتتبع امل�ستوطنات غري‬ ‫الر�سمية املكونة من اخليام‪ .‬ويف ت�رصيح ل�شبكة الأنباء‬ ‫الإن�سانية (�إيرين)‪ ،‬قال �أندرو هاربر ممثل املفو�ضية يف‬ ‫الأردن‪" :‬نحن بحاجة ملعرفة معلومات �أكرث بكثري مما‬ ‫كنا نحتاج �إليه يف �أي وقت م�ضى‪ .‬ووجود هذه الأدوات‬ ‫والتحليل لي�س مفيداً للغاية فقط‪ ،‬بل �أ�صبح ال غنى عنه‬ ‫كذلك"‪ .‬امل�سح الأحيائي‪ :‬يف وقت �سابق من هذا العام‪،‬‬ ‫بد�أ عمال الإغاثة يف �إ�ضافة كافة الالجئني ال�سوريني‬ ‫الوافدين �إىل الأردن �إىل قاعدة بيانات �أحيائية عند‬ ‫الت�سجيل‪ .‬وف�ض ًال عن حت�سني دقة وكفاءة ال�سجالت‬ ‫وجتنب االزدواجية‪� ،‬أتاح نظام اال�ستدالل الأحيائي‬ ‫الفر�صة لتقدمي مدفوعات نقدية عن طريق نظام التعرف‬ ‫على الهوية من خالل القزحية‪ ،‬على غرار الأ�سلوب املتبع‬ ‫يف �أفالم هوليوود‪ .‬وهذه هي املرة الأوىل التي توزع‬ ‫فيها مفو�ضية الأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني النقود‬ ‫بهذه الطريقة‪.‬‬ ‫عمان‪ ،‬ي�ستطيع‬ ‫القاهرة‬ ‫بنك‬ ‫مع‬ ‫ال�رشاكة‬ ‫ومن خالل‬ ‫ّ‬ ‫الالجئون امل�ؤهلون لتلقي م�ساعدات نقدية من املفو�ضية‬

‫�سحب الأموال املخ�ص�صة لهم من �أكرث من ‪ 100‬موقع‬ ‫يف الأردن‪ .‬وبد ًال من ا�ستخدام بطاقة ال�سحب الآيل‪ ،‬يتم‬ ‫بب�ساطة �إجراء م�سح �ضوئي لأعينهم عند �أجهزة ال�رصاف‬ ‫الآيل‪ .‬وقال فولكر �شيمل‪ ،‬كبري املن�سقني امليدانيني‬ ‫باملفو�ضية‪�" :‬إنها و�سيلة ممتازة ل�ضمان �أن الأ�شخا�ص‬ ‫الذين يقومون ب�سحب املال هم من ينبغي �أن يح�صلوا‬ ‫عليه‪ "،‬م�ضيف ًا �أنه "�إجراء ا�ستهدايف ويهدف �إىل مكافحة‬ ‫الغ�ش‪ ،‬كما �أنها و�سيلة جيدة للر�صد يف مرحلة ما بعد‬ ‫التوزيع لأننا ن�ستطيع �أن نحدد مكان �سحب النقود‬ ‫ون�ستطيع ربط هذه العملية ب�شخ�ص معني‪ ،‬وربط هذا‬ ‫ال�شخ�ص مبوقع ما‪.‬‬

‫ق�سائم الغذاء الإلكرتونية‬

‫يف تركيا‪ ،‬يتوىل برنامج الأغذية العاملي‪ ،‬باال�شرتاك‬ ‫مع جمعية الهالل الأحمر الرتكي‪ ،‬املعروفة با�سم‬ ‫كيزيالي‪� ،‬إدارة نظام ق�سائم الغذاء الإلكرتونية‪ .‬ووفق ًا‬ ‫لهذا الربنامج‪ ،‬يح�صل الالجئون على بطاقات ُي�ضاف‬ ‫�إليها "ائتمان" كل �شهر حتى يتمكنوا من ا�ستخدامها‬ ‫ل�رشاء املواد الغذائية من املتاجر املحلية‪ .‬وال يعطي‬ ‫ذلك الالجئني فر�صة اختيار ما يريدون �رشاءه فح�سب‪،‬‬ ‫بل ويرفع عن كاهل برنامج الأغذية العاملي عبء‬ ‫�إدارة التوزيع اجلماعي للمواد الغذائية‪ .‬عالوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬ف�إن الربنامج يق�ضي على حماوالت بيع املواد‬ ‫الغذائية املجانية يف ال�سوق ال�سوداء‪ ،‬كما �أنه �أكرث �أمن ًا‬ ‫من توزيع العملة ال�صعبة‪ .‬وتتم �إ�ضافة ‪ 80‬لرية تركية‬ ‫(‪ 45‬دوالراً) لل�شخ�ص الواحد يف ال�شهر الواحد �إىل بطاقة‬ ‫الغذاء الإلكرتونية ال�ستخدامها يف متاجر خمتارة من‬ ‫قبل برنامج الأغذية العاملي وجمعية الهالل الأحمر‬ ‫الرتكي واحلكومة‪ .‬وميكن ا�ستخدام هذه البطاقات ل�رشاء‬ ‫�أي مواد غذائية ما عدا الكحول وال�سجائر وال�شوكوالته‬ ‫واحللويات والب�سكويت والآي�س كرمي وامل�رشوبات‬ ‫الغازية‪ .‬ويتم حتميل املال الكرتوني ًا على البطاقات من‬ ‫خالل دفعتني يف كل �شهر‪ ،‬ويف نهاية ال�شهر يتم الغاء‬ ‫�أي ر�صيد متبقي يف البطاقة‪ .‬ومنذ �أغ�سط�س ‪،2012‬‬ ‫�أتاح هذا الربنامج ما يعادل ‪ 73‬مليون وجبة طعام‬ ‫حلوايل ‪� 117,000‬سوري‪.‬‬ ‫�رشائح الهواتف النقالة املتخ�ص�صة‬ ‫تو�شك مفو�ضية الأمم املتحدة ل�ش�ؤون الالجئني‬ ‫على �إطالق برنامج جديد يف الأردن مينح الالجئني‬ ‫ال�سوريني �رشائح الهواتف النقالة (‪)SIM cards‬‬ ‫امل�صممة خ�صي�ص ًا لهم‪ ،‬والتي ميكن من خاللها تلقي‬ ‫ر�سائل الإعالم اجلماعية‪ .‬و�سوف حتتوي كل �رشيحة‬

‫على قائمة حمملة م�سبق ًا لتوفري املعلومات الأ�سا�سية‬ ‫وتفا�صيل االت�صال مبقدمي اخلدمات‪ .‬كما �سيتم تزويد‬ ‫ال�رشائح مبيزات خا�صة بحاالت الطوارئ‪ ،‬بحيث يتمكن‬ ‫الالجئون �أي�ض ًا من �إجراء مكاملات جمانية �إىل خط‬ ‫املعلومات التابع للمفو�ضية‪ ،‬والذي يتلقى حالي ًا حوايل‬ ‫‪ 700‬مكاملة يومياً‪ .‬ولن تنتهي �صالحية هذا ال�رشائح‬ ‫حتى لو يتم �إ�ضافة �أي ائتمان جديد �إىل احل�ساب‪ .‬وتقول‬ ‫املفو�ضية يف هذا ال�صدد �أنها تتوقع ت�سليم ‪120,000‬‬ ‫�رشيحة لالجئني يف الأ�شهر املقبلة‪ .‬ويف �إقليم كرد�ستان‬ ‫العراق‪ ،‬تتبادل املفو�ضية املعلومات مع �سكان خميم‬ ‫دوميز لالجئني عرب الر�سائل الن�صية الق�صرية‪ .‬ومن‬ ‫خالل هذا املخطط‪ ،‬الذي تديره جلنة الإنقاذ الدولية‬ ‫(‪ ،)IRC‬يح�صل حوايل ‪ 5,000‬الجئ على بيانات‬ ‫حمدثة ب�شكل منتظم حول احلياة يف املخيمات‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك �أوقات التوزيع‪ ،‬وطرق احل�صول على املواد غري‬ ‫الغذائية‪ ،‬ومعلومات عن الت�سجيل وغريها من الق�ضايا‬ ‫املجتمعية العامة‪.‬‬

‫رموز اال�ستجابة ال�رسيعة‬

‫يربط معظم النا�س بني رموز اال�ستجابة ال�رسيعة‬ ‫(‪ )QR‬وهواتفهم الذكية‪ ،‬وي�ستخدمونها لال�شرتاك‬ ‫يف التخفي�ضات وامل�سابقات �أو للت�سوق عرب الإنرتنت‪،‬‬ ‫ولكن املنظمات الإن�سانية ت�ستخدمها �أي�ضاً‪ .‬ويف‬ ‫ال�سياق ال�سوري‪ ،‬كانت رموز اال�ستجابة ال�رسيعة �أداة‬ ‫حيوية يف تو�صيل امل�ساعدات ال�رضورية �إىل من هم‬ ‫يف �أم�س احلاجة �إليها‪ .‬ونظراً للتحديات التي تعوق‬ ‫الو�صول �إىل املحتاجني يف �سوريا‪ ،‬ت�ضطر وكاالت‬ ‫املعونة الدولية ال�ستخدام العديد من املنظمات ال�رشيكة‬ ‫املختلفة لتو�صيل امل�ساعدات داخل البالد‪ .‬ويف بع�ض‬ ‫احلاالت‪ ،‬ميكن �أن ي�ؤدي هذا �إىل وجود �سال�سل توريد‬ ‫طويلة ومعقدة ي�صعب تعقبها‪ .‬وي�ست�شهد االحتاد الدويل‬ ‫جلمعيات ال�صليب الأحمر والهالل الأحمر (‪)IFRC‬‬ ‫يف �أحدث تقاريره عن الكوارث يف العامل بوكالة �إغاثة‬ ‫دولية واحدة ت�ستخدم رموز اال�ستجابة ال�رسيعة لر�صد‬ ‫طرق الإمداد و�ضمان ت�سليم الب�ضائع‪ .‬فقد قامت وكالة‬ ‫الإغاثة هذه‪ ،‬التي مل يذكر التقرير ا�سمها‪ ،‬بتزويد عدة‬ ‫"جهات نقل" خمتلفة بالهواتف الذكية التي حتتوي‬ ‫على رموز اال�ستجابة ال�رسيعة امل�صممة خ�صي�ص ًا لها‬ ‫وغريها من التطبيقات‪ ،‬مما ي�سمح لهم بت�سجيل موقع‬ ‫مواد الإغاثة‪ .‬ثم ي�ؤكد امل�ستخدم النهائي �أو ينفي و�صول‬ ‫ال�شحنة عن طريق الربيد الإلكرتوين �أو برنامج �سكايب �أو‬ ‫غريها من الو�سائل‪.‬‬


‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬ ‫حتليل �سيا�سي ‪04‬‬ ‫الدور الإيراين يف �سورية وا�سرتاتيجية تطويق اخل�صوم‬ ‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫غازي دحمان‬

‫ماذا يعني الإ�رصار على عقد م�ؤمتر جنيف ‪2‬‬ ‫�إن مل يكن هناك �إمكانية لتطبيق ا�ستحقاقاته‬ ‫ومندرجاته؟‪� ،‬أم �أن الق�ضية ال تعدو كونها جمرد‬ ‫تكتيكات �سيا�سية معينة‪ ،‬الهدف منها الإيحاء‬ ‫بوجود حترك عاملي حلل الأزمة يف �سورية!‪.‬‬ ‫ثمة تناق�ض فا�ضح ومك�شوف تنطوي عليه حركة‬ ‫الدبلوما�سية الدولية جتاه �سورية‪ ،‬مل يعد الأمر‬ ‫قاب ًال للإخفاء‪ ،‬ومل تعد تنفع كل تكتيكات املناورة‬ ‫التي تتبعها بع�ض الأطراف ذات العالقة بال�ش�أن‬ ‫ال�سوري‪ ،‬وعلى ر�أ�سها الواليات املتحدة الأمريكية‪،‬‬ ‫التي �صار وا�ضح ًا �أنها متار�س �سيا�سة ا�صطياد‬ ‫الفر�ص يف مياه ال�رشق الأو�سط العكرة‪ ،‬وقد باتت‬ ‫مك�شوفة طبيعة اللعبة التي متار�سها وا�شنطن جتاه‬ ‫بع�ض الأطراف‪ ،‬حيث تعر�ض عليهم فر�صة ممار�سة‬ ‫�أدوار معينة مقابل ابتزازا تلك الأطراف و�إلهائهم عن‬ ‫الأهداف احلقيقية لوا�شنطن يف املنطقة والعامل‪.‬‬ ‫و�إذ يبدو �أن رو�سيا و�إيران يف طريقهما البتالع‬ ‫الطعم‪ ،‬والدخول باللعبة اجلديدة امل�صممة على‬ ‫مقا�سات �أمريكية خال�صة‪ ،‬وذلك من اجل ا�ستنفاذ‬ ‫جهودهما يف ملفات معقدة و�شائكة‪ ،‬بالتوازي مع‬ ‫م�ساعي �أمريكا لإعادة متو�ضعها اال�سرتاتيجي يف‬ ‫مناطق تنطوي على فر�ص اقت�صادية وا�سرتاتيجية‬ ‫واعدة من �ش�أنها ترميم القوة االقت�صادية الأمريكية‬ ‫املت�أزمة واملهددة باملناف�سة من بع�ض القوى‬ ‫ال�صاعدة‪ ،‬وهو الأمر الذي يثبت �أمريكا كقوة‬ ‫اقت�صادية �أ�سا�سية يف عامل امل�ستقبل‪.‬‬ ‫يف ظل هذه املناخات ثمة خماطر ممكنة باتت حتيق‬ ‫بالق�ضية ال�سورية‪ ،‬وباتت مالحمها وا�ضحة‪ ،‬ومل يعد‬ ‫بالإمكان �إخفا�ؤها �أو ال�سكوت عنها‪ ،‬حيث تق�ضي‬ ‫ال�سيا�سة الأمريكية بهذا اخل�صو�ص تطبيع العالقات‬ ‫مع �إيران‪ ،‬وال�سيطرة على نفطها بعد �أن �أنهكتها‬ ‫العقوبات االقت�صادية وحولتها �إىل طرف �سهل ميكن‬ ‫ت�شفيته يف املفاو�ضات عرب �إغرائها بفتح قنوات‬ ‫و�رشفات يظهر خاللها الأمريكيون ب�أنهم ي�ؤيدون‬ ‫�سيا�ساتها الإقليمية‪� ،‬أو �أقله ال يعار�ضونها‪ ،‬وخا�صة‬

‫�إيران تراهن بكل قوتها على‬ ‫تثبيت �سيطرتها على �سورية‬ ‫عرب �سعيها �إىل ت�شكيل هالل �شيعي من طهران �إىل‬ ‫�سورية ولبنان‪ ،‬بالتزامن مع نزوع ال�سيا�سة الإيرانية‬ ‫�إىل النهج املذهبي‪.‬‬ ‫ما يعزز هذا التحليل‪� ،‬أن �سورية باحل�سابات‬ ‫الأمريكية ال متتلك �أية ميزة مهمة‪ ،‬ال اقت�صادي ًا وال‬ ‫اجتماعياً‪ ،‬فهي بالد ال نفط فيها وال ثروات باطنية‬ ‫ذات قيمة‪ ،‬ولي�س لدى �شعبها انبهار بالنموذج‬ ‫احلياتي الأمريكي‪ ،‬كما �أنها كانت على الدوام‪ ،‬ومنذ‬ ‫ت�شكلها ككيان �سيا�سي ذات �أيديولوجية معادية‬ ‫لأمريكا‪ ،‬لي�س باملعنى املمانع املائع الذي ابتدعه‬ ‫نظام الأ�سدين‪ ،‬بل من منطلقات قومية و�إن�سانية‬ ‫كر�ستها �سنوات العداء مع �إ�رسائيل التي مل تنقطع‬ ‫رغم التهدئة الأ�سدية الطويلة‪.‬‬ ‫هذه احلقيقة ت�ؤكدها التوجهات الأمريكية يف‬ ‫مفاو�ضاتها مع �إيران‪� ،‬إذ ت�سعى وا�شطن بو�ضوح‬ ‫�إىل نزع قدرة �إيران على �إنتاج ال�سالح النووي على‬ ‫الرغم من �أن قدرة �إيران على بلوغ العتبة النووية امر‬ ‫م�شكوك به‪ ،‬وهي تبذل يف هذا ال�سبيل كل جهودها‪،‬‬ ‫لكنها متار�س �سيا�سة النعامة يف م�سالة احلرب‬ ‫الوا�ضحة التي ت�شنها �إيران على الأر�ض ال�سورية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫تكتف �إيران باالعتماد على �أذرعها كحزب اهلل‬ ‫فلم‬ ‫وكتائب �أبي الف�ضل العبا�س ذات التمويل والتجهيز‬ ‫الإيراين‪ ،‬بل ثبت وباعرتاف م�س�ؤولني كبار يف‬ ‫النظام الإيراين‪ ،‬حجم االنخراط والتورط الإيراين يف‬ ‫الداخل ال�سوري‪ ،‬ومن خالل قوات النخبة التي ميثلها‬ ‫احلر�س الثوري الإيراين الذي يتبع بدوره لوالية‬ ‫املر�شد خامنئي‪.‬‬ ‫امل�شكلة يف االندفاع الإيراين جتاه �سورية �أنه نتاج‬ ‫مزيج من العنا�رص والعوامل القومية واملذهبية‬

‫والتاريخية‪ ،‬حتى �أنه ميكن املجازفة بالقول �إنه‬ ‫ي�شبه تلك الأ�سباب التي وقفت وراء احتالل اليهود‬ ‫لفل�سطني‪ ،‬ناهيك عن اتباعه ذات النهج يف تثبيت‬ ‫االحتالل‪� ،‬سواء عرب تهجري ال�سكان الأ�صليني �أو‬ ‫عمليات التجني�س الوا�سعة التي ميار�سها النظام‬ ‫لآالف من ال�شيعة غري �سوريني‪� ،‬أو من خالل حتديد‬ ‫مناطق خا�صة وو�ضعها حتت احلماية‪ ،‬املراقد يف‬ ‫دم�شق وريفها وبع�ض مناطق �إدلب والرقة‪.‬‬ ‫مل تعد ق�ضية �إيران يف �سورية ق�ضية دفاع عن نظام‬ ‫حليف‪ ،‬الق�ضية تتجاوز هذا الأمر‪ ،‬كما �أن امل�س�ألة �إذا‬ ‫�أُخذت بهذا املعنى فهي ال ت�ستحق كل تلك اخل�سائر‬ ‫التي تتكبدها �إيران وحلفاءها يف املنطقة‪ ،‬فما‬ ‫دامت عملية جنيف �سوف تنتج حكومة انتقالية‬ ‫ترتب لتغيري �سيا�سي يطيح بالنظام احلايل فلماذا‬ ‫تغامر طهران بكل هذه الإمكانيات وتغامر بخ�سارة‬ ‫ال�شعب ال�سوري‪ ،‬وتدفع وكيلها يف لبنان ح�سن ن�رص‬ ‫اهلل �إىل ا�ستفزاز ال�سوريني وا�ستعداءهم؟ ذلك ال �شك‬ ‫غباء �سيا�سي من �ش�أن ت�صديقه النوم يف ع�سل‬ ‫الأوهام القاتلة‪.‬‬ ‫�إيران تراهن بكل قوتها على تثبيت �سيطرتها على‬ ‫�سورية‪ ،‬وهي م�ستعدة لإبداء مرونة كبرية يف‬ ‫ملفها النووي مقابل ترك يدها ممدودة يف �سورية‪،‬‬ ‫والوا�ضح �أنها ر�صدت يف �سبيل حتقيق ذلك �إمكانيات‬ ‫كبرية‪ ،‬وتعترب هذا الأمر درة ا�سرتاتيجياتها‪ ،‬ذلك‬ ‫لأنه �سي�ضمن لها تطويق اخلليج العربي و�إ�سقاطه‬ ‫يف مرحلة الحقة‪ ،‬وو�ضع تركيا بني فكي كما�شة‬ ‫ودفعها لالنكفاء و�إعادة التوجه غرباً‪� .‬سقوط �سورية‬ ‫بيد �إيران �أهم من �أي ا�ستثمار �أخر‪ ،‬مبا فيه النووي‪،‬‬ ‫�إذ تدرك �أن حلم النووي دونه عقبات كثرية كما �أن‬ ‫فاعليته لن تزيد عن فاعلية الكيماوي الأ�سدي‪ ،‬يف‬ ‫ظل التفوق الإ�رسائيلي الهائل‪ ،‬فيما تثبيت ال�سيطرة‬ ‫على �سورية �سيمنحها مزايا ا�سرتاتيجية م�ضمونة‬ ‫وعلى مدى طويل‪ ،‬ولعل ما ي�شجع �إيران على مثل‬ ‫ذلك رخاوة البيئة الدولية‪ ،‬وتقهقر النظام العربي‬ ‫وتفككه‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫م�صر‪ :‬منوذج وا�ضح لف�شل الدبلوما�سية الأمريكية‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫منذ توقيع اتفاقيات ال�سالم بني م�رص و�إ�رسائيل‬ ‫عقب حرب العام ‪ ،1973‬بد�أت العالقات الأمريكية‬ ‫امل�رصية ت�أخذ �أبعاداً ا�سرتاتيجية على مدى الثالثة‬ ‫عقود املن�رصمة‪ ،‬و�أفرزت عدداً من االتفاقيات كان‬ ‫املعونة مل�ساعدة م�رص على اخلروج‬ ‫�أبرزها م�رشوع ُ‬ ‫من �أزمتها االقت�صادية الناجتة عن اقت�صاد احلرب‬ ‫�إىل اقت�صاد الرخاء‪ .‬بدءاً من العام ‪ ،1979‬بلغ �إجمايل‬ ‫املعونات الأمريكية ‪2.15‬مليار دوالر‪ ،‬منهم ‪1.3‬‬ ‫مليار دوالر معونات ع�سكرية والباقي حوايل ‪850‬‬ ‫مليون دوالر معونات اقت�صادية‪ .‬وتعترب م�رص ثاين‬ ‫�أكرب متلقٍ للمعونات الأمريكية بعد �إ�رسائيل‪ .‬بقيت‬ ‫املعونات االقت�صادية ثابتة حتى ا ّتخذت احلكومة‬ ‫الأمريكية يف عام ‪ 2005‬قراراً بتخفي�ضها بن�سبة‬ ‫‪� 5%‬سنوياً‪ ،‬ومنذ ذلك احلني هي يف تنا ُق�ص م�ستمر‪.‬‬ ‫ترافق ذلك مع حراك ملفت للمعار�ضة امل�رصية‬ ‫وانتقادات �أمريكية ب�ش�أن �أو�ضاع احلريات يف م�رص‪.‬‬ ‫بالرغم من حالتي القلق والرتدد الأمريكيني حيال‬ ‫ثورة ‪ 25‬كانون الثاين يف م�رص‪� ،‬أ�شاد باراك �أوباما‬ ‫يف ‪ 2011/2/11‬ب�إرادة ال�شعب امل�رصي وانت�صار‬ ‫مبادئ احلرية والدميقراطية بو�صفها من املبادئ‬ ‫الأ�سا�سية للواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬و�أثنى على‬ ‫دور اجلي�ش و�إدارته للأزمة‪ .‬بدا ذلك انت�صاراً ملنطق‬ ‫املبادئ الأمريكية على منطق احلفاظ على احللفاء‪،‬‬ ‫لتتخلى الواليات املتحدة عن الرئي�س ح�سني مبارك‬ ‫دون �أن تعار�ض حماكمته‪ .‬لكن وقائع ‪ 30‬يونيو‪،‬‬ ‫مل ت�ستجلب موقف ًا �أمريكي ًا وا�ضح ًا حيالها‪ ،‬بقدر ما‬ ‫�أحدثته من �إرباك وانق�سام يف ال�سيا�سة الأمريكية‪.‬‬ ‫حذرت الواليات املتحدة الأمريكية التي دعمت مر�سي‬ ‫خالل فرتة حكمه‪ ،‬الفريق �أول عبد الفتاح ال�سي�سي من‬ ‫�أن تدخل اجلي�ش �سيعترب مبثابة انقالب ع�سكري على‬ ‫حكومة منتخبة دميقراطياً‪ ،‬مما يحتم ح�سب القانون‬ ‫الأمريكي تعليق امل�ساعدات مل�رص‪ .‬ف�ضل ال�سي�سي يف‬ ‫حينه اال�ستجابة ملطالب اجلموع املحت�شدة وك�سب‬ ‫الت�أييد ال�شعبي على ح�ساب العالقة مع الواليات‬ ‫املتحدة االمريكية‪ ،‬واثق ًا على ما يبدو يف قدرة اجلي�ش‬ ‫على الإم�ساك بزمام الأمور ومطمئن ًا ب�أن التهديدات‬ ‫الأمريكية لن تو�ضع حيز التنفيذ‪ .‬لكن ردة فعل‬ ‫الإخوان و منا�رصي الرئي�س مر�سي و�أحداث العنف‬ ‫كانت قد غيت جميع احل�سابات‪.‬‬

‫بعد �أن طال �أمد الأزمة بني الفرقاء امل�رصيني وبعد‬ ‫تردد �أمريكي ف�رسه كل طرف على �أنه م�ساندة �أمريكية‬ ‫للطرف الآخر‪ ،‬خرج املتحدث با�سم البيت الأبي�ض غي‬ ‫كارين ليعرب عن رف�ض وا�شنطن تو�صيف ما حدث‬ ‫يف م�رص على �أنه انقالب ع�سكري‪ ،‬و�أن �إدارة �أوباما‬ ‫�ست�أخذ الوقت الالزم للتو�صل �إىل ذلك التو�صيف‬ ‫بطريقة تت�سم بامل�س�ؤولية وتخدم الأهداف البعيدة‬ ‫املدى للواليات املتحدة‪ ،‬ولن تتخذ قراراً ب�ش�أن تعليق‬ ‫امل�ساعدات يف الوقت الراهن‪ .‬لكن مع ا�ستمرار �أعمال‬ ‫العنف واالعتقاالت و�سقوط القتلى بد�أت وا�شنطن‬ ‫تعرب عن قلقها من احتمال عدم جتاوز م�رص �أزمتها‬ ‫ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫يف الواقع مل ُت�سرّ وا�شنطن من �سلوك ال�سي�سي "الوقح"‬ ‫حيال التهديدات الأمريكية‪ ،‬والتي اختار فيها‬ ‫الت�ضحية باملكا�سب ذات املدي الطويل التي متثلها‬ ‫العالقات الأمريكية امل�رصية يف مقابل‪ ‬مكا�سب ذات‬ ‫مدى ق�صري‪ ،‬وهي ك�سب الت�أييد ال�شعبي‪ ،‬وف�ضلت‬ ‫الواليات املتحدة �أن حتافظ‪ ،‬بعد هيبتها‪ ،‬على‬ ‫م�صداقيتها فيما يتعلق بحقوق الإن�سان ال�سيما حيال‬ ‫ما ر�أت فيه ممار�سات تع�سفية بحق الإخوان امل�سلمني‬ ‫واعتقال الرئي�س املنتخب حممد مر�سي‪.‬‬ ‫بعد القرار الأمريكي بتعليق املعونة الع�سكرية جزئيا‬ ‫يف ‪ /10‬ت�رشين �أول املا�ضي‪� ،‬أكدت وزارة اخلارجية‬ ‫امل�رصية يف بيان ر�سمي �أن م�رص �سوف تعمل على‬ ‫�ضمان ت�أمني «احتياجاتها احليوية» ب�شكل متوا�صل‬ ‫ومنتظم‪ ،‬خا�صة فيما يتعلق ب�أمنها القومي‪ .‬وهو ما‬ ‫اعترب �إ�شارة وا�ضحة �إيل �إمكانية اللجوء �إيل توفري‬ ‫االحتياجات وال�سالح من م�صادر بديلة للواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية‪ .‬وهدد اجلي�ش امل�رصي �أنه يف‬ ‫حال قطع املعونة الع�سكرية الأمريكية ب�شكل نهائي‬ ‫ف�إن القوات امل�سلحة �ستفتح تعامالتها مع جميع دول‬ ‫العامل‪ ،‬وخا�صة القوى الكربى فيما يتعلق بالت�سلح‬ ‫وقطع الغيار والت�صنيع‪ .‬و ُنظر �إىل القرار الأمريكي‬ ‫على امل�ستويني الر�سمي وال�شعبي على �أن هدفه‬ ‫االنتقام من م�رص وحماولة �إ�ضعاف قدراتها الأمنية‬ ‫والع�سكرية‪� .‬إن زيارة وزيري الدفاع واخلارجية‬ ‫الرو�سيني �إىل م�رص‪ ،‬والدعم االقت�صادي الكويتي‬ ‫والإماراتي وال�سعودي جعلت من القرار الأمريكي‬ ‫مناورة لي�ست ذات جدوى‪ .‬ف�إذا كان التهديد بتعليق‬

‫امل�ساعدات الأمريكية جنح مع دولة مثل مايل‬ ‫خ�ضعت للإرادة االمريكية وقامت بخطوات معقولة‬ ‫نحو الدميقراطية‪ ،‬فان ذلك كان له نتائج معاك�سة‬ ‫يف احلالة امل�رصية ر�سمي ًا و�شعبياً‪ ،‬ومل حت�صد منه‬ ‫الإدارة الأمريكية �سوى ف�ش ًال جديداً للدبلوما�سية‬ ‫الأمريكية يف ال�رشق الأو�سط‪.‬‬ ‫ناهيك عن التقارب الرو�سي امل�رصي‪ ،‬جت�سد هذا الف�شل‬ ‫�أي�ض ًا يف االنق�سام احلاد يف دوائر �صناعة القرار‬ ‫الأمريكي الذي بد�أ يظهر للعلن‪ ،‬فبينما ت�رص م�ست�شارة‬ ‫الرئي�س للأمن القومي �سوزان راي�س على �سيا�سة �أكرث‬ ‫توازن ًا يف التعامل مع ال�ش�أن امل�رصي‪ ،‬بو�ضع م�س�ألة‬ ‫رف�ض القمع والإجراءات غري الدميقراطية يف �صلب‬ ‫اال�سرتاتيجية الأمريكية‪ ،‬يرى وزيري اخلارجية كريي‬ ‫والدفاع ت�شاك هاجل �رضورة النظر �إىل الأمام من‬ ‫خالل احللف اال�سرتاتيجي مع م�رص وم�ستقبل العالقة‬ ‫وامل�صالح دون الرجوع �إىل املا�ضي‪ ،‬و�رضورة الكف‬ ‫عن التعويل على مر�سي الذي مل يكن �سوى ح�صان‬ ‫رهان خا�رس‪ ،‬والتعامل مع حركة ‪ 30‬يونيو على �أنها‬ ‫«ثورة �شعبية»‪.‬‬ ‫كريي الذي كان قد عار�ض خطوة تعليق جزء من‬ ‫امل�ساعدات مل�رص‪ ،‬انتقد قبل �أيام الإخوان امل�سلمني‬ ‫واتهمهم ب�رسقة الثورة امل�رصية‪ ،‬معترباً �أن فتيان‬ ‫ميدان التحرير مل يتحركوا بدافع من دين �أو �أيديولوجيا‬ ‫بل كل ما �أرادوه هو �أن يعملوا ويتعلموا و�أن يكون‬ ‫لهم م�ستقبل ال حكومة فا�سدة متنعهم من ذلك‪ .‬وقد‬ ‫كان كريي �رصح يف م�ؤمتره ال�صحفي بعد زيارته‬ ‫املفاجئة مل�رص يف ‪ /3‬ت�رشين الثاين‪� ،‬أنه يجري‬ ‫تنفيذ خارطة الطريق التي و�ضعها ال�سي�سي لالنتقال‬ ‫الدميقراطي على نحو �أف�ضل‪ .‬هذه الت�رصيحات مل َت ُرق‬ ‫لراي�س‪ ،‬و يف كلمة لها يف منتدى «�أفكار وا�شنطن»‬ ‫الذي نظمه معهد «�آ�سنب» يف ‪/13‬ت�رشين الثاين ‪،‬‬ ‫ر�أت راي�س �أن وا�شنطن ال ت�ستطيع �أن تقف مع حكومة‬ ‫«قتلت �أكرث من �ألف �شخ�ص»‪ .‬وطالبت راي�س بامل�ضي‬ ‫قدم ًا يف العملية ال�سيا�سية دون عنف مع �رضورة‬ ‫م�شاركة كل امل�رصيني‪ .‬واملعروف �أن راي�س كانت‬ ‫من �أ�شد املتحم�سني لقرار تعليق جزئي للم�ساعدات‬ ‫الأمريكية‪ .‬وح�سب �صحيفة «نيوزويك»‪ ،‬فقد طلبت‬ ‫راي�س من كريي �أن ينتقد يف م�رص حماكمة الرئي�س‬ ‫مر�سي‪ ،‬لكنه جتاهل طلبها و�أعلن �أن م�رص «ت�سري على‬ ‫طريق الدميقراطية»‪.‬‬ ‫من حق الواليات املتحدة �أن تخ�شى على م�صاحلها‬ ‫اال�سرتاتيجية يف م�رص‪ ،‬لكن ذلك ي�ستوجب �أن حت�سم‬ ‫موقفها يف دعم ا�ستقرار م�رص الداخلي من خالل‬ ‫منطق امل�صالح املتبادلة ال منطق الو�صاية وتعليق‬ ‫امل�ساعدات‪ ،‬عندها ت�ستطيع م�رص �أن متار�س دورها‬ ‫الإيجابي يف احلفاظ على الأمن واال�ستقرار وال�سالم‬ ‫يف املنطقة‪ .‬لكن �أوباما حتى الآن‪ ،‬مل يح�سم التوجه‬ ‫الأمريكي الذي مازال موزع ًا بني دوائر �صناعة‬ ‫القرار الأمريكية‪ .‬ولن يجدي م�رص نفع ًا جمرد‬ ‫اخلروج من العباءة الأمريكية �إىل عباءة �أخرى قد‬ ‫تكون رو�سية‪ .‬بل �إن قدرة م�رص على الإ�سهام يف‬ ‫ر�سم م�ستقبل العالقات امل�رصية مع الدول الكربى‬ ‫مبا يخدم امل�صالح امل�رصية‪ ،‬مرهون بتنفيذ خارطة‬ ‫الطريق نحو الدميقراطية احلقيقية التي ال تقت�رص‬ ‫على �صناديق االقرتاع‪ ،‬بل �أن تكون �أ�صوات جميع‬ ‫امل�رصيني م�سموعة‪ ،‬متثلهم حكومتهم متثي ًال حقيقي ًا‬ ‫وعدم املغامرة �أكرث من الالزم مبنح �شخ�ص واحد‬ ‫�شيك ًا على بيا�ض‪.‬عندها فقط ميكن انتهاء حقبة‬ ‫الإمالءات على القرار ال�سيا�سي امل�رصي‪ ،‬لتبد�أ حقبة‬ ‫جديدة من اخليارات الوا�سعة �أمام الدبلوما�سية‬ ‫امل�رصية امل�ؤ�س�ساتية مبا يحفظ مل�رص مكانتها‬ ‫�إقليمي ًا ودولياً‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫موجز ال�شرق‬

‫‪06‬‬

‫«الإخوان» ال�سوريون يعززون موقعهم يف ظل �صراع القوى الإ�سالمية‬ ‫�إن ال�س�ؤال امللح يف �سورية هو ‪ :‬هل ميكن التغلب‬ ‫على �رشا�سة االقتتال بني ف�صائل املقاومة‬ ‫الإ�سالمية امل�سلحة التي تقاتل �ضد نظام الأ�سد؟‪.‬‬ ‫على مدى �أ�شهر �أ�ضعفت املعارك الداخلية من قدرة‬ ‫الإ�سالميني على تعزيز انت�صاراتهم‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬يبدو من ال�رضوري طرح ال�س�ؤال حول قدرة‬ ‫الإخوان امل�سلمني على حتقيق وحدة املعار�ضة‬ ‫الإ�سالمية يف كنفهم‪� ،‬آخذين بعني االعتبار ف�شل‬ ‫الإخوان يف م�رص‪ ،‬ومدى معار�ضة القوى الإقليمية‬ ‫لهم‪ ،‬وميكن القول �إن هاتني امل�شكلتني حتددان‬ ‫املوقف من املعار�ضة الإ�سالمية‪.‬‬ ‫�إن اغتيال جالل بيرييل ع�ضو هيئة امل�صاحلة بني‬ ‫القوى املتناحرة يف «دولة العراق اال�سالمية و بالد‬ ‫ال�شام» (داع�ش) و «اجلي�ش ال�سوري احلر» يظهر مدى‬ ‫خطورة املعارك الداخلية‪ .‬وقد ا�ستهدف بيرييل يف‬ ‫�ضواحي الالذقية بعد هجوم داع�ش على �أحد مواقع‬ ‫اجلي�ش احلر يف ال�ساحل ال�سوري‪ .‬و ويف حديث متلفز‬ ‫لزعيم تنظيم القاعدة «�أمين الظواهري» دعا �إىل‬ ‫تفكيك (داع�ش) يف �سورية‪ ،‬م�شدداً على �أن «الن�رصة‬ ‫فقط هي املمثل الوحيد على اجلبهة ال�سورية‬ ‫للمنظمة العاملية لتنظيم القاعدة» الأمر الذي �سوف‬ ‫ي�ؤجج املزيد من ال�رصعات بني الإ�سالميني‪.‬‬ ‫تخ�ضع اجلماعات اجلهادية املتطرفة �إىل عملية‬ ‫تغيري جذرية‪ ،‬كما �أن تفاوت الوالء بني خمتلف‬ ‫قادة جماعات املعار�ضة الإ�سالمية‪ ،‬كثريا ما‬ ‫انعك�س �رصاع ًا خفيا على ثالثة �أهداف مبدئية‬ ‫ت�شكل الأ�ساليب املنهجية يف املعارك وهي‪ :‬امليل‬ ‫اىل ت�أمني مواقع �أقوى على الأر�ض‪ ،‬و�إمكانية‬ ‫الت�أثري داخل املعار�ضة‪ ،‬واحل�صول على قدر �أكرب‬ ‫من املوارد املالية امل�ضمونة‪.‬‬ ‫حتول هذه احلالة من املعارك الأيديولوجية‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية الأنظار عن الهدف الرئي�سي املتمثل‬ ‫ب�إ�سقاط النظام‪� ،‬آخذين باالعتبار �أن جزء من هذا‬ ‫التناف�س بني الف�صائل هو من �أجل زيادة قدرتها‬

‫على خدمة الأهداف اال�سرتاتيجية للدول التي تقدم‬ ‫لها الدعم املايل‪.‬‬ ‫ويف ظل هكذا ظروف‪ ،‬ف�إن خمتلف القوى الإقليمية‬ ‫قادرة على اللعب للح�صول على املزيد من الت�أثري‬ ‫الداخلي‪ ،‬ومكافحة ال�سلطة ال�سيا�سية بني خمتلف‬ ‫قوى املعار�ضة على �أر�ض الواقع‪ ،‬كما �أن الغر�ض‬ ‫من ذلك هو حتديد مدى هذا الت�أثري يف مرحلة‬ ‫�سوريا ما بعد الأ�سد‪.‬‬ ‫�إن جماعة الإخوان امل�سلمني ال�سوريني ال تزال �أقوى‬ ‫من كل اجلماعات ال�سيا�سية املعار�ضة يف املنفى‪،‬‬ ‫وهي تقوم بتعزيز نفوذها يف الأقاليم ال�شمالية‬ ‫التي تخ�ضع ل�سيطرة املتمردين امل�سلحني‪� .‬أما‬

‫ا�سرتاتيجية الإخوان فتقوم على احلفاظ على �شبكة‬ ‫من التحالفات مع خمتلف القوى الفكرية على �أر�ض‬ ‫الواقع‪ ،‬ميا يف ذلك تلك التي تبدو متناق�ضة مع‬ ‫جماعة الإخوان امل�سلمني‪ ،‬وذلك من �أجل �أن تكون‬ ‫«اجلماعة» هي مركز الثقل يف �أي حتالف �إ�سالمي‬ ‫م�ستقبلي‪ .‬وجناح الإخوان يعتمد على زيادة‬ ‫وجودهم داخل �سورية‪ ،‬وا�ستعادة الدعم الإقليمي‬ ‫لهم‪.‬‬ ‫واقع الفو�ضى بني اجلماعات الإ�سالمية املتطرفة‬ ‫يف �سورية يعمل ل�صالح الإخوان امل�سلمني‪ ،‬وبهذا‬ ‫ف�إن �سورية قد تكون بوابة الإخوان ال�ستعادة‬ ‫دورهم الإقليمي‪.‬‬

‫الأكراد يهددون ا�سرتداد تركيا لنفوذها الإقليمي‬ ‫�أدلت م�ؤخراً كلٍ من �أربيل و�أنقرة و اجلي�ش ال�سوري‬ ‫احلر (‪ ) FSA‬ببيانات منف�صلة تندد بقيام حزب‬ ‫االحتاد الدميقراطي الكردي يف �سوريا (‪PYD‬‬ ‫) ب�إن�شاء �إدارة م�ؤقتة يف املنطقة الكردية ب�شمال‬ ‫�سوريا ‪ .‬م�سعود بارزاين ‪ ،‬رئي�س حكومة �إقليم‬ ‫كرد�ستان العراق ورئي�س الوزراء الرتكي رجب طيب‬ ‫�أردوغان �أكدا �أن ‪ PYD‬ال ميثل كل الأكراد يف‬ ‫�سوريا ‪� ،‬أما اجلي�ش احلر فاعترب �أن ال ‪ PYD‬يعتمد‬ ‫يف ت�سليحه على نظام ب�شار الأ�سد ‪.‬‬ ‫يف البداية ‪ ،‬كان �إعالن �إدارة م�ؤقتة «م�ستقلة» يبدو‬ ‫رمزي ًا فح�سب حيث مل تعد مناطق تواجد الأكراد‬ ‫تخ�ضع ل�سيطرة دم�شق ‪ ،‬وح�صل حزب االحتاد‬ ‫الدميقراطي على دعم حزب العمال الكرد�ستاين الذي‬ ‫�أمدهم بالرجال وال�سالح‪ ،‬وهو ما مكنه من �إحراز‬ ‫انت�صارات ع�سكرية يف بع�ض املواجهات الع�سكرية‬ ‫احلا�سمة �ضد املعار�ضة ال�سورية يف ال�شهرين‬ ‫املا�ضيني ‪ .‬وبالتايل ‪ ،‬ف�إن هذا �إعالن الإدارة الذاتية‬ ‫كان يعد رمزي ًا لكونه يواءم هذه التطورات التي‬ ‫كانت يف طور الت�شكل‪.‬‬ ‫كما تبادل بارزاين و�أردوغان الزيارات و العالقات‬ ‫بني �أنقرة و�أربيل‪ ،‬و�أجنزا تطورات مهمة على �صعيد‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬

‫العالقات يف قطاعي الطاقة والتجارة‪ .‬ولكن هذا‬ ‫التح�سن ي�أتي �ضد تعرث «عملية ال�سالم» بني حزب‬ ‫العمال الكرد�ستاين و تركيا‪.‬‬ ‫�أربيل رمبا من حيث املبد�أ ال تعار�ض �إن�شاء الإدارة‬ ‫الكردية يف �شمال �سوريا‪ .‬لكن مربرات معار�ضة‬ ‫�أربيل لهذه اخلطوة �سبق بيانه يف مناق�شات غري‬ ‫ر�سمية‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل حتفظها على مو�ضوع توقيت‬ ‫الإعالن عن �إن�شاء الإدارة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل غياب‬ ‫التن�سيق مع حكومة �إقليم كرد�ستان ‪.‬‬ ‫من وجهة نظر �أنقرة ‪ ،‬ميكن ملبادرة ‪ PYD‬ممار�سة‬ ‫ت�أثري �سلبي على حمادثات ح�سا�سة مع حزب العمال‬ ‫الكرد�ستاين ‪ .‬الأتراك فهموا �أن القومية الكردية قد‬ ‫حققت تقدم ًا كبرياً منذ مطلع القرن ‪ ،‬و�إعادة ت�شكيل‬ ‫هذه القوة الإقليمية املتزايدة هي ق�ضية مركزية‬ ‫بالن�سبة لال�سرتاتيجيني يف �أنقرة ‪.‬‬ ‫كان من الوا�ضح �أنه مل يكن توقيت �إن�شاء الإدارة‬ ‫الكردية يف �شمال �سوريا مالئم ًا لأهداف تركية‬ ‫‪� .‬أنقرة حتاول حت�سني العالقات مع بغداد كجزء‬ ‫من مراجعة عامة ل�سيا�ستها الإقليمية بعد �سل�سلة‬ ‫مذهلة من النك�سات‪ .‬هذا وكان وزير اخلارجية‬ ‫الرتكي �أحمد داود �أوغلو قد زار بغداد بعد �أ�سبوع‬

‫واحد من زيارة نظريه العراقي هو�شيار زيباري �إىل‬ ‫�أنقرة‪.‬‬ ‫�إن دعم تركيا للمعار�ضة ال�سورية وتو�سع �سيطرة‬ ‫تنظيم القاعدة يف �شمال �سوريا هما عن�رصان‬ ‫�أ�سا�سيان على جدول �أعمال املناق�شات بني �أنقرة‬ ‫وبغداد ‪ ،‬خ�صو�صا �أن التهديدات الأمنية من‬ ‫الإ�سالميني الذين يعملون يف �سوريا وي�شهد ن�شاطهم‬ ‫ت�صاعداً كبرياً يف العراق ‪� .‬سيكون من ال�صعب‬ ‫بالن�سبة للأتراك �أن يوفقوا بني �سيا�سة جتمع بني‬ ‫مقاومة تو�سع حزب العمال الكرد�ستاين يف �شمال‬ ‫�سوريا ‪ ،‬ودعم املعار�ضة ال�سورية ‪ ،‬وحت�سني‬ ‫العالقات مع حكومة �إقليم كرد�ستان ‪ ،‬والعودة �إىل‬ ‫عالقات طبيعية مع بغداد ‪ ،‬وحفظ حمادثاتها مع‬ ‫حزب العمال الكرد�ستاين على قيد احلياة‪.‬‬ ‫�إن العالقات التي تزداد �إيجابية بني �أنقرة وطهران‬ ‫هي جزء من �إعادة ر�سم الدور الرتكي ‪ ،‬وحت�سن هذه‬ ‫العالقة هو م�صدر قلق خطري يف بع�ض العوا�صم‬ ‫الإقليمية‪.‬‬ ‫ما زال علينا �أن نرى كيف �ستنعك�س عودة تركيا‬ ‫احلالية على الأزمة ال�سورية‪ ،‬وعلى تو�سع تنظيم‬ ‫القاعدة يف كلٍ من �سوريا والعراق ‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫موجز ال�شرق‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫ال�صراع بني مو�سكو والريا�ض واحلاجة �إىل التوافق‬

‫يف ‪ 10‬نوفمرب‪ /‬ت�رشين الثاين اجلاري �أجرى الرئي�س‬ ‫الرو�سي فالدميري بوتني حمادثة هاتفية مع العاهل‬ ‫ال�سعودي امللك عبد اهلل بهدف بناء خطوط ات�صال بني‬ ‫البلدين اللذين يزداد دورهما املحوري يف ال�ش�ؤون‬ ‫الإقليمية ‪.‬‬ ‫كان املو�ضوع الرئي�سي لهذه املحادثة هو التح�ضريات‬ ‫اجلارية مل�ؤمتر جنيف ‪ 2‬حول �سورية حتت رعاية كل‬ ‫من رو�سيا والواليات املتحدة‪ ،‬علم ًا �أن بوتني يعلم‬ ‫جيداً �أن التعاون مع العاهل ال�سعودي ي�ؤمن �إ�رشاك‬ ‫املعار�ضة الوطنية ال�سورية‪� ،‬آخذاً بعني االعتبار توتر‬ ‫العالقات بني كل اململكة العربية ال�سعودية والواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية‪.‬‬ ‫يف حني �أن ك ًال من رو�سيا وامل�س�ؤولني ال�سعوديني مل‬ ‫يك�شفوا عن تفا�صيل املحادثة بني الزعيمني‪ ،‬لكن يف‬ ‫اليوم التايل للمحادثة �أعلن جمل�س الأمن تخليه عن‬ ‫ال�رشط الأ�سا�سي املتعلق مبطالبة الرئي�س ب�شار الأ�سد‬ ‫ترك ال�سلطة ك�رشط م�سبق مل�شاركته يف م�ؤمتر جنيف‪.‬‬ ‫�أما املو�ضوع الثاين الذي ت�ضمنته املكاملة هو مو�ضوع‬ ‫م�رص‪ ،‬فبعد �أن خف�ضت �إدارة �أوباما امل�ساعدات‬ ‫الع�سكرية مل�رص بدا وا�ضح ًا ال�سعي الرو�سي مللء هذا‬ ‫الفراغ‪ .‬ويف ‪ 14‬نوفمرب‪ ,‬خالل زيارة الفروف ووزير‬ ‫الدفاع الرو�سي اىل م�رص متت مناق�شة �صفقة بيع‬ ‫�أ�سلحة مببلغ ‪ 2‬بليون دوالر مل�رص‪ ،‬مبا فيها طائرات‬ ‫مقاتلة من طراز ميج ‪ 29‬و�أنظمة دفاع جوي و�أ�سلحة‬ ‫م�ضادة للدبابات‪ .‬كما �أن اململكة العربية ال�سعودية‬ ‫و�سائر دول جمل�س التعاون اخلليجي قدموا مبلغ ‪12‬‬ ‫مليار دوالر على �شكل م�ساعدات وقرو�ض مل�رص‪،‬‬ ‫مل يخ�ص�ص منها �أي مبلغ ل�رشاء املعدات الع�سكرية‬ ‫الرو�سية‪ .‬خالل هذه الزيارة �أو�ضح الفروف �أن رو�سيا‬ ‫لن تتدخل يف ال�ش�ؤون الداخلية مل�رص قائ ًال «�إن �أمة‬ ‫عمرها ‪ 5000‬عام من احل�ضارة قادرة على حتديد‬ ‫كيفية التعامل مع م�شاكلها الداخلية‪ ،‬مبا فيها‬ ‫جماعة االخوان امل�سلمني»‪.‬‬ ‫يرى بوتني �أن �صفقات الأ�سلحة �إىل م�رص تعد‬

‫�أكرث ربحي ًة من بيع حمطات الطاقة النووية �إىل‬ ‫دول جمل�س التعاون اخلليجي‪ .‬ويف املا�ضي كانت‬ ‫اخلالفات بني رو�سيا وال�سعودية تدور حول حركات‬ ‫التمرد الإ�سالمية يف القوقاز وو�سط �آ�سيا‪ ،‬مما �أدى اىل‬ ‫قطع التعاون االقت�صادي بني البلدين‪ .‬ولكن بوتني‬ ‫يعتزم التغلب على هذه العقبات من خالل �صفقات‬ ‫مبيعات �ضخمة من ال�صواريخ الرو�سية لدعم نظم‬ ‫الدفاع اجلوي يف منطقة اخلليج‪.‬‬ ‫بينما تتخذ الدبلوما�سية الرو�سية موقف ًا �أكرث حزما‬ ‫جتاه ال�رشق الأو�سط‪ ،‬وات�سمت هذه الديبلوما�سية‬ ‫بطابع ديني مع زيارة «هيالريون» رئي�س �إدارة‬ ‫العالقات اخلارجية يف الكني�سة الأرثوذك�سية الرو�سية‬ ‫�إىل لبنان العا�صمة‪.‬‬ ‫وخالل اجتماعات مع كبار امل�س�ؤولني اللبنانيني‬ ‫مبن فيهم الرئي�س مي�شال �سليمان تعهدت الكني�سة‬ ‫الرو�سية الدفاع عن الطوائف امل�سيحية يف بالد ال�شام‬ ‫‪ ،‬وفوراً بعد اجتماعه بامليرتوبوليتان «هيالرون»‪،‬‬ ‫�سافر الرئي�س �سليمان برفقة رئي�س الوزراء ال�سابق‬ ‫�سعد احلريري �إىل الريا�ض لإجراء حمادثات مطولة‬ ‫مع امللك عبد اهلل و كبار امل�س�ؤولني يف اململكة‪.‬‬ ‫وانطلق املرتوبوليتان هيالريون �إىل روما‪ ،‬حيث‬ ‫التقى البابا فران�سي�س الأول ‪ .‬و�سوف يجري بوتني بعد‬ ‫غد حمادثات يف الفاتيكان مع البابا‪ ,‬و�سيكون ال�ش�أن‬ ‫ال�سوري على ر�أ�س تلك املباحثات‪.‬‬ ‫وحتظى �سورية باالهتمام الأكرب يف العالقات‬ ‫ال�سعودية الرو�سية التي ت�شكل �أ�سا�س ًا للمجمل تطلعات‬ ‫الدولتني املت�صارعتني‪ ،‬ففي حني تطمح ال�سعودية‬ ‫�إىل متكني اجلماعات ال�سلفية يف �سورية من ال�سلطة‪،‬‬ ‫ف�إن مو�سكو تطمح �إىل �سورية دولة علمانية ع�سكرية‬ ‫قوية‪ ،‬حيث تتوىل الأجهزة الأمنية قمع املتمردين‬ ‫الإ�سالميني املدعومني من جمل�س التعاون اخلليجي ‪.‬‬ ‫ويبقى �أن نرى ما �إذا كانت الريا�ض ومو�سكو ميكن �أن‬ ‫تتفقا على �أر�ضية م�شرتكة للتفاهم فيما بينهما مبا‬ ‫يتعلق بامللفات احليوية يف املنطقة‪.‬‬

‫�أدلة دامغة‪ :‬الواليات املتحدة متول طالبان‪ ،‬حقاين‬ ‫ح ّذر املفت�ش العام اخلا�ص ب�إعادة �إعمار‬ ‫�أفغان�ستان (�سيجار فريق) دافع ال�رضائب الأمريكي‬ ‫ب�أنه يقوم بتمويل املتمردين الأفغان من خالل‬ ‫عقود البنتاغون مع �رشكات مرتبطة بطالبان‬ ‫والقاعدة �إىل جانب �شبكة حقاين‪.‬‬ ‫وجاء يف �آخر تقرير ف�صلي �أن ‪ 2-1‬مليون دوالر‬ ‫�شهري ًا تذهب �إىل �شبكة حقاين من خالل عقد واحد‬ ‫فقط‪ ،‬كما �أن هناك ما ال يقل عن ‪� 43‬رشكة ترتبط‬ ‫بنظام طالبان على �شبكة حقاين‪ ،‬وهي �رشكات‬ ‫ت�ساهم يف برامج التعمري اخلا�صة بالبنتاغون‪.‬‬ ‫كما حتتفظ وزارة التجارة الأمريكية بقوائم �أ�صول‬ ‫ال�رشكات التي �أثبتت ارتباطها مبا�رشة بجماعات‬ ‫املتمردين يف �أفغان�ستان وباك�ستان‪.‬‬ ‫وتعترب وحدة البنتاجون‪ ،‬فرقة العمل ‪ 2010‬هي‬ ‫امل�س�ؤولة عن حجب ال�رشكات املرتبطة باجلماعات‬ ‫والأفراد املتمردين من احل�صول على متويل �إعادة‬ ‫الإعمار‪ ،‬كما حتظى ال�رشكات الأفغانية مبوجب‬ ‫القانون ‪ 2006‬للواليات املتحدة بالأولوية لدى‬ ‫مركز املنح التابع لربامج �إعادة االعمار‪ ،‬يف حني‬ ‫يرف�ض البنتاغون منع ال�رشكات من الو�صول �إىل‬ ‫الأموال على �أ�سا�س �أنها معلومات �رسية‪.‬‬ ‫يف ‪ ,2011‬طلب �سيجار من مكتب الإدارة‬ ‫وامليزانية يف البيت الأبي�ض منحه �سلطة تعليق �أو‬ ‫ا�ستبعاد املتعاقدين مع اجلماعات الإرهابية من‬ ‫أمريكية ملنظمي الأعمال‪ ،‬لكن حتى‬ ‫تلقي الأموال ال‬ ‫ّ‬

‫الآن مل جتب الإدارة عن هذا الطلب‪ ،‬بحجة �أنه �سوف‬ ‫يخرق القوانني االحتادية‪.‬‬ ‫ووفقا لتقرير �سيجار الف�صلي يف �أكتوبر‪ /‬ت�رشين‬ ‫الأول املا�ضي هناك حالي ًا يف وزارة الدفاع‬ ‫‪ 85,528‬مقاو ًال يعملون يف �أفغان�ستان ‪ ،‬ثلثهم من‬ ‫الرعايا الأفغان‪ .‬كما �أنه مت تخ�صي�ص ‪ 19‬مليار‬ ‫دوالر من قبل احلكومة الأمريكية بانتظار التعاقد ‪.‬‬ ‫وك�شفت �شبكة حقاين عالقتها بطالبان‪ ،‬و�أن الزعيم‬ ‫القبلي الأفغاين حاجي خليل زدران قام ب�صب‬ ‫ماليني الدوالرات من البنتاغون �إىل �شبكة حقاين‪.‬‬ ‫ولدى �رشكة زدران �سعد اهلل خان للهند�سة والبناء‬ ‫عقداً مببلغ ‪ 15‬مليون دوالر لبناء الطرق بني‬ ‫املدن الأفغانية من غرديز وخو�ست‪ .‬وطب ًقا لوثائق‬ ‫البنتاجون ف�إن �رشكة علي �رساج الدين حقاين زعيم‬ ‫ال�شبكة االرهابية يقع مقرها يف منطقة وزير�ستان‬ ‫ال�شمالية يف باك�ستان على احلدود مع �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫وذلك يف الوقت الذي خ�ص�صت احلكومة الأمريكية‬ ‫مكاف�أة مببلغ ‪ 5‬مليون دوالر مكاف�أة للقب�ض على‬ ‫�رساج الدين حقاين‪ ،‬وهو �أحد كبار حماة �شبكات‬ ‫القاعدة يف املنطقة‪.‬‬ ‫كما �أن �رشكة زدران تزايد على عقد للبنتاغون‬ ‫مببلغ ‪ 11‬مليون دوالر لبناء مطار خو�ست‪ .‬وذكرت‬ ‫وثائق (�سيجار فريق) �أن �رشكة زدران ح�صلت حتى‬ ‫الآن على �أكرث من ‪ 125‬مليون دوالر من �أموال‬ ‫�إعادة الإعمار يف �أفغان�ستان‪.‬‬

‫ر�أي‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫اجل�سر غري املرئي‬

‫يعتقد القادة الإ�رسائيليون �أن املفاو�ضات بني الواليات‬ ‫املتحدة و �إيران �سوف تكون مرتبطة ب�شكل وثيق‬ ‫مبفاو�ضاتهم مع الفل�سطينيني ‪ ،‬و �أنه نظرا لهذه ال�صلة‬ ‫‪� ،‬سيكون لديهم حق الفيتو الظاهري على رفع �أمريكا‬ ‫العقوبات على ايران‪ ،‬ولكن هذا اجل�رس الذي يربط بني‬ ‫املفاو�ضات الأمريكية الإيرانية وبني املفاو�ضات‬ ‫الإ�رسائيلية الفل�سطينية قد يكون جمرد �رساب‪.‬‬ ‫وقد انعك�ست مزالق هذا الربط االفرتا�ضي على البيان الذي‬ ‫�أ�صدره رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي بنيامني نتنياهو يف ‪12‬‬ ‫نوفمرب‪ /‬ت�رشين الثاين ‪ ،‬حيث �أعلن فج�أة عن �إعادة تقييم‬ ‫ملف اال�ستيطان‪ ،‬وكلف وزير الإ�سكان بتجميد بناء ‪24‬‬ ‫�ألف وحدة �سكنية يف ال�ضفة الغربية ‪ .‬و�أو�ضح م�س�ؤول‬ ‫�إ�رسائيلي عايل امل�ستوى �أن الت�أخري كان «يتعلق باجلهد‬ ‫الكبري الذي كان يقوم به رئي�س الوزراء يف �أمور تت�صل‬ ‫بامللف الإيراين‪».‬‬ ‫كيف ميكن �أن يكون التنازل الإ�رسائيلي للفل�سطينيني‬ ‫مت�ص ًال ب�أهداف �إ�رسائيل نحو �إيران؟ �ستيفن �سيمون من‬ ‫املعهد الدويل للدرا�سات اال�سرتاتيجية ي�شري �إىل �أن املنطق‬ ‫الإ�رسائيلي لي�س فيه �شيء من هذا القبيل ‪ « :‬بالت�أكيد ‪،‬‬ ‫�إذا كانت الواليات املتحدة تريد التو�صل �إىل اتفاق بني‬ ‫ا�رسائيل والفل�سطينيني ب�شكل �سيء للغاية ‪ ،‬ف�إنها �سوف‬ ‫تكون على ا�ستعداد للدفع بقوة يف هذا االجتاه»‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫« �إن التعوي�ض املنا�سب يكون بتبني النهج املف�ضل‬ ‫لإ�رسائيل يف نزع �سالح �إيران‪ ».‬كتب �سيمون‪ « :‬رمبا‬ ‫كان وجود قناعة عميقة كامنة وراء هذه ال�صورة قد �ش ّكل‬ ‫املر�آة التي عك�ستها الت�رصيحات الأمريكية‪ ،‬ومفادها‬ ‫�أنه �سيكون من احلكمة واحلكمة على حد �سواء لإ�رسائيل‬ ‫�أن مت�سح الطوابق ا�ستعداداً ل�رصاع حمتمل مع �إيران من‬ ‫خالل �صنع ال�سالم مع الفل�سطينيني‪ »،‬و�أ�ضاف �سيمون‪« :‬‬ ‫�إذا كان الأمر كذلك ‪ ،‬و�أعتقد �أننا منلك الكثري من الأدلة‪،‬‬ ‫كما لو كنا بحاجة �إىل انت�صار التحيز املعريف يف �إدارة‬ ‫العالقات الدولية‪« .‬‬ ‫�إذا �أبرمت الواليات املتحدة‪ ،‬كما تقول ب�شكل وا�ضح ‪� ،‬أن‬ ‫�إيران النووية �ستكون خطراً كبرياً على ال�رشق الأو�سط‬ ‫كله ‪ ،‬مبا يف ذلك �إ�رسائيل وامل�صالح الأمريكية هناك ‪،‬‬ ‫ملاذا يرى الإ�رسائيليون �أنه من ال�رضوري تقدمي تنازالت‬ ‫لت�شجيع الواليات املتحدة للقيام مبا هو قائم بالفعل يف‬ ‫م�صلحتها اال�سرتاتيجية املعلنة؟ ولي�س �رساً يف وا�شنطن‬ ‫�أن نتنياهو �شكك دائما بتعهد الرئي�س �أوباما ب�أن « تظل‬ ‫كل اخليارات مطروحة على الطاولة « ‪ ،‬و�أن الواليات‬ ‫املتحدة لن ت�سمح �أبداً لإيران بامتالك �أ�سلحة نووية ‪.‬‬ ‫ولكن االنفتاح الأمريكي م�ؤخراً نحو �إيران واالجتماعات‬ ‫واملكاملات الهاتفية وودية املفاو�ضات تعترب من قبل‬ ‫الإ�رسائيليني مبثابة خيانة �رصيحة‪ .‬هل �أخط�أ نتنياهو‬ ‫يف ح�ساباته وقام ب�رشاء «ج�رس غري مرئي» عندما فتح‬ ‫املحادثات مع الفل�سطينيني ؟ وقال �أنه �أبرم تلك ال�صفقة‬ ‫العتقاده ب�أنها املحاولة النهائية يف مفاو�ضات �أمريكا‬ ‫مع �إيران �سوف تف�شل �رسيع ًا ‪ ،‬وبالتايل ف�إن الواليات‬ ‫املتحدة �ستقوم بعمل ع�سكري لوقف طموحات ايران يف‬ ‫احل�صول على �أ�سلحة نووية‪ .‬بالطبع �إن خيار املفاو�ضات‬ ‫مع �إيران هو امل�سعى ال�صعب‪ ،‬لكن املفاو�ضات الفا�شلة‬ ‫قد تكون �أكرث �صعوبة‪ .‬ف�إذا قامت �إحدى الدول الغربية‪،‬‬ ‫عن عمد‪ ،‬بعرقلة املفاو�ضات‪ ،‬ف�إن الت�أييد بالإجماع‬ ‫لفر�ض عقوبات يكون قد انهار‪� ،‬أو على الأقل ت�آكل‬ ‫ب�رسعة ‪ .‬ثم هناك �إغراء غري معلن لأي قوة يف احل�صول‬ ‫على ميزة على الآخرين يف �صفقات جتارية‪� .‬إن امل�ضي‬ ‫بفر�ضية الربط بني املفاو�ضات الأمريكية الإيرانية وبني‬ ‫املفاو�ضات بني الإ�رسائيليني والفل�سطينيني قد ي�ؤدي �إىل‬ ‫ا�ستنتاج حرج‪ ،‬وهو �أن يقدم نتنياهو �أق�صى التنازالت ‪،‬‬ ‫وهي �إقامة دولة فل�سطينية على طول خطوط عام ‪1967‬‬ ‫‪ ،‬الأمر الذي من �ش�أنه �أن ي�ضع الغرب يف موقف �صعب‪،‬‬ ‫هو ق�صف �إيران‪ .‬الربط املفرت�ض كان دائم ًا له حدوده‪.‬‬ ‫�إن خط�أ نتنياهو كان يف حماولة تو�سيع نطاق املعادلة‪.‬‬ ‫ثم وجد �أنه من امل�ستحيل موا�صلة التو�سع اال�ستيطاين‬ ‫يف ال�ضفة الغربية قبل �أيام فقط من من�صبه اجلديد‬ ‫«�صديق» يف املعركة �ضد �إيران‪ .‬و�صل فران�سوا هوالند‬ ‫هددوا باالن�سحاب‬ ‫�إىل �إ�رسائيل ‪ ،‬وكان الفل�سطينيون قد ّ‬ ‫من املفاو�ضات‪ ،‬وموا�صلة ال�سعي �إىل لتعزيز الع�ضوية‬ ‫يف الأمم املتحدة ‪ .‬نتنياهو ال ميكن �أن يعول على كريي‬ ‫لوقف ذهاب الفل�سطينيني �إىل الأمم املتحدة �إذا تو�سعت‬ ‫امل�ستوطنات الإ�رسائيلية ‪ .‬الآن ‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬ف�إن‬ ‫�إ�رسائيل �ستحاول لعب �أقوى �أوراقها يف الكوجنر�س‬ ‫الأمريكي‪ ،‬والدفع نحو فر�ض عقوبات �أكرث �رصامة �ضد‬ ‫�إيران من قبل الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ومن الوا�ضح �أن رئي�س الوزراء الإ�رسائيلي ُيح�رش ‪ .‬وقال‬ ‫�إنه ال يحب ال�صفقة مع الإيرانيني ‪ ،‬ولكنه ال ي�ستطيع‬ ‫ربطها مبفاو�ضات ال�سالم ‪ .‬قد يكون من املفيد �أن نراقب‬ ‫عن كثب �إذا كان ب�إمكان نتنياهو القفز من الزاوية التي‬ ‫ح�رش نف�سه فيها‪ .‬ولكننا نعرف الآن �أن ال�سيد �ساميون كان‬ ‫على الأقل حمق جزئي ًا ‪ .‬و�إذا مل يكن هناك �أية �صلة‪ ،‬فكيف‬ ‫ميكن لنتنياهو �أن يت�صور الطريق؟‪.‬‬

‫ع�صام عزيز‬

‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/11/24 )115‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫حـول التن�شـــئة ال�سيــا�سيــة و�أدواتـها‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫بلورة الر�ؤى ال�صحيحة وحت�سني ال�سبل العملية‬ ‫املف�ضية �إىل تن�شئة �سيا�سية ع�رصية يتطلبان –‬ ‫بداية – االنطالق من التالزم الع�ضوي بني الرتبوي‬ ‫واالجتماعي وال�سيا�سي يف املناهج الدرا�سية‪ ،‬مبا‬ ‫ي�ساعد على تنقيتها من الت�صورات ال�سلبية املت�صلة‬ ‫بالآخر‪ .‬بحيث ال تكتفي هذه التن�شئة بح�شد ذهن‬ ‫املتعلم مبعلومات حول الكرامة واحلرية وامل�ساواة‬ ‫واالختالف فح�سب‪ ،‬و�إمنا تقوم على �أ�سا�س �أن‬ ‫ميار�س تلك احلقوق‪ ،‬و�أن ي�ؤمن بها وجداني ًا‪،‬‬ ‫و�أن يعرتف بها كحقوق للآخرين‪ ،‬و�أن يحرتمها‬ ‫كمبادئ ذات قيمة عليا‪.‬‬ ‫� ّإن هذا النمط من التن�شئة والثقافة ال�سيا�سية يندرج‬ ‫�ضمن �إطار «الرتبية املواطنية» التي مو�ضوعها‬ ‫هو « ت�شكيل املواطن وتنميته»‪ .‬هي تربية على‬ ‫املواطنية وتربية يف املواطنية‪� .‬إنها عملية �شاقة‬ ‫ومتوا�صلة‪� ،‬إذ ينبغي ال�سعي با�ستمرار �إىل تكوين‬ ‫املواطن وتنمية وعيه بنظام حقوقه وواجباته‬ ‫وتر�سيخ �سلوكه وتطوير م�ستوى م�شاركته يف حياة‬ ‫جماعة املواطنني التي ينتمي �إليها‪ ،‬وهي لي�ست‬ ‫�سوى و�سيلة من و�سائل تنوير املواطن بحقيقته من‬ ‫حر يف الدولة‪ ،‬يت�ساوى مبدئي ًا مع‬ ‫حيث �أنه ع�ضو ٌّ‬ ‫�سائر مواطنيها يف احلقوق والواجبات‪ ،‬وي�شارك يف‬ ‫حياتها على جميع الأ�صعدة‪.‬‬

‫وب�إ�شاعة هذه الطريقة يف التن�شئة ال�سيا�سية يزداد‬ ‫الوعي العام ب�أهمية احلوار‪ ،‬بو�صفه و�سيلة لتحقيق‬ ‫الت�ضامن االجتماعي‪ ،‬وبو�صفه و�سيلة ملحاولة‬ ‫التو�صل �إىل الأحكام ال�سديدة الر�شيدة‪ .‬وب�إ�شاعة‬ ‫هذه الطريقة يف التن�شئة يحل احلوار حمل �أ�سلوب‬ ‫الفر�ض والإمالء واال�ستبداد بالر�أي‪ ،‬ويتعزز وينت�رش‬ ‫الر�أي يف � ّأن التو�صل �إىل معرفة احلقيقة هو نتيجة‬ ‫عملية فكرية‪ ،‬ي�ستطيع �أن ي�شارك فيها النا�س من‬ ‫كل الطوائف والأجنا�س والفئات والطبقات‪ ،‬ويف � ّأن‬ ‫امللكات الالزم توفرها الكت�شاف احلقيقة ملكات‬ ‫ُتكت�سب‪ ،‬ويف �أنه ‪ -‬بالتايل ‪ -‬ميكن لأي امرئ �أن‬ ‫يديل بدلوه يف عملية حماولة التو�صل �إىل احلقيقة‪،‬‬ ‫ولأن ي�شارك يف اتخاذ القرار م�شاركة ب ّناءة‪ ،‬ولأن‬ ‫يكون ع�ضواً فاع ًال يف �ش�ؤون املجتمع الذي يعي�ش‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫ومن �أجل جتديد الثقافة ال�سيا�سية ميكن الإ�شارة �إىل‬ ‫�أهم الأ�س�س للتن�شئة ال�سيا�سية املعا�رصة‪:‬‬ ‫(‪ - )1‬اعتبار �ساحة الفعل ال�سيا�سي مفتوحة‬ ‫على الدوام على قوى وجمموعات �سيا�سية �أخرى‬ ‫ذات ت�صورات فكرية و�سيا�سية متباينة‪� ،‬سواء مت‬ ‫اعتبارها �ضمن �صنف احللفاء �أو املناف�سني �أو‬ ‫التحول والتغيري ‪ -‬من‬ ‫اخل�صوم من جهة‪ ،‬واعتبار‬ ‫ّ‬ ‫جهة �أخرى ‪ -‬قانون ًا را�سخ ًا يف كل واقع �سيا�سي‪.‬‬

‫الأمر الذي يفر�ض على املرء اعتماد قدر كبري من‬ ‫املرونة يف التعامل مع ال�ش�أن ال�سيا�سي‪ ،‬مت ّكنه من‬ ‫املتحول‪.‬‬ ‫التكيف مع معطيات الواقع‬ ‫القدرة على ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪� - )2‬رضورة التزام اخلطاب العقالين والواقعي‬ ‫يف العمل ال�سيا�سي‪ ،‬ملا يتيحه ذلك من �إمكانية‬ ‫والتعرف على العوامل‬ ‫الإحاطة بالواقع ال�شامل‬ ‫ّ‬ ‫امل�ؤثرة يف �سريورة تطوره‪� .‬إذ � ّأن الواقعية‬ ‫والعقالنية تقت�ضيان تقديراً دقيق ًا للإمكانيات‬ ‫الفعلية للذات التي تتوخى الفعل والتغيري يف و�ضع‬ ‫�سيا�سي ما‪ ،‬ذلك � ّأن ت�ضخيم تلك الإمكانيات يرتتب‬ ‫عليه ر�سم خطط وبرامج للممار�سة مكلفة مادي ًا‬ ‫وفا�شلة عملي ًا‪ ،‬ويف ذلك هدر للطاقات يف معارك‬ ‫جمانية �أو غري متكافئة قد تنتهي �إىل كارثة حمققة‪.‬‬ ‫(‪ - )3‬اعتماد ثقافة احلوار انت�صاراً لفكرة �أو دفاع ًا‬ ‫عن موقف وحماية مل�صلحة خا�صة �أو عامة‪.‬‬ ‫ويف �سياق ذلك ينبغي احلر�ص على عدم اعتماد‬ ‫الأ�ساليب املتطرفة يف التعاطي مع ق�ضايا اخلالف‪،‬‬ ‫فقد ت�سيء احلدة املفرطة يف اجلدل ال�سيا�سي بني‬ ‫املواقف املتعار�ضة �إىل الق�ضية مو�ضوع احلوار‪،‬‬ ‫�إذا مل تعرف الأطراف املختلفة كيف ومتى ترتك‬ ‫للمار�سة هام�ش ًا ي�سمح باختبار خمتلف الآراء‬ ‫والأطروحات ومتييز ال�صائب منها عن اخلاطىء‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.