Al badil 116

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2013/12/1ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)116‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (116) 1/12/2013‬‬

‫“م�شروع �أمة” �أم حرب ا�ستباقية على الدميقراطية يف �سوريا امل�ستقبل؟‬

‫ح�سام مريو‬

‫يثري �إعالن اجلبهة الإ�سالمية "م�رشوع �أمة" الكثري من‬ ‫الأ�سئلة حول م�ستقبل �سورية‪ ،‬خا�صة �أن "امل�رشوع"‬ ‫ي�صدر عن جبهة عري�ضة تن�ضوي حتتها �أهم الف�صائل‬ ‫املقاتلة‪ ،‬وهي جي�ش الإ�سالم‪ ،‬ولواء التوحيد‪ ،‬وحركة‬ ‫�أحرار ال�شام‪ ،‬و�ألوية �صقور ال�شام‪ ،‬وكتائب �أن�صار‬ ‫ال�شام‪ ،‬ولواء احلق‪ ،‬وهذه القوى تعطي الإعالن قوة‬ ‫مادية كبرية‪ ،‬مبا متتلكه من مكانة يف امل�شهد امل�سلح‪،‬‬ ‫ومن مقاتلني‪ ،‬ومن مال‪ ،‬ودول داعمة‪.‬‬ ‫يحدد البند الثالث من الأهداف التي يت�ضمنها‬ ‫"امل�رشوع" �شكل الدولة التي تطمح اجلبهة �إىل �إقامتها‬ ‫"دولة م�ستقلة تكون فيها ال�سيادة ل�رشع اهلل احلنيف"‪،‬‬ ‫وهذا يعني �أن الهدف التايل بعد �إ�سقاط النظام‬ ‫(املذكور يف البند الأول من الأهداف) هو �إقامة الدولة‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬وهو ما يتناق�ض مع القوى ال�سيا�سية‬ ‫ال�سورية التي حددت �شكل الدولة املقبل ب�أنها "دولة‬ ‫مدنية دميقراطية تعددية"‪ ،‬وكانت قوى املعار�ضة قد‬ ‫اتفقت على هذه ال�صيغة يف م�ؤمتر توحيد املعار�ضة‬ ‫ال�سورية الذي عقد يف القاهرة بتاريخ ‪2‬و‪ 3‬يوليو‪/‬‬ ‫متوز ‪ ،2012‬وكان الإخوان امل�سلمون من املوافقني‬ ‫على هذه ال�صيغة‪ ،‬ومل يروا فيها ما مي�س مبادئ‬ ‫اجلماعة‪ ،‬وكانت �صيغة الدولة املدنية قد �أقرت يف‬ ‫وثائق �أ�صدرها "الإخوان" يف غري منا�سبة‪ ،‬وتالي ًا‬ ‫ف�إن "امل�رشوع" الذي تتبناه اجلبهة الإ�سالمية هو‬ ‫�أكرث من خطوة �إىل الوراء‪ ،‬وميكن اعتباره يف هذه‬ ‫النقطة انق�ضا�ض ًا وا�ضح ًا على امل�شرتكات الرئي�سية‬ ‫لقوى املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬ولكثري من الفئات وال�رشائح‬

‫االجتماعية ال�سورية‪.‬‬ ‫�أما املادة العا�رشة من الإعالن فهي �أكرث من مثرية‬ ‫للجدل‪ ،‬وهي املادة التي تو�ضح "اجلبهة" موقفها‬ ‫من احلل يف �سورية‪ ،‬وجاء فيها �أن اجلبهة "ال ت�شارك‬ ‫يف �أية عملية �سيا�سية تخالف الدين �أو جتعل ال�سيادة‬ ‫لغري �رشع اهلل عز وج ّل‪ ،‬فكل عملية �سيا�سية ال تعرتف‬ ‫ب�أن الت�رشيع حق اهلل وحده مناق�ضة للدين‪ ،‬وو�سيلة‬ ‫�رضب من الرهبنة‬ ‫غري م�رشوعة‪ ،‬فالدين بال �سيا�سة‬ ‫ٌ‬ ‫املحرمة يف ديننا‪ ،‬وال�سيا�سة بال دين علمنة مرفو�ضة"‪،‬‬ ‫وبذلك ف�إن "اجلبهة" تعار�ض من الأ�سا�س مبد�أ احلل‬ ‫ال�سيا�سي‪� ،‬إذ �أن احلل ال�سيا�سي التفاو�ضي �سيقوم على‬ ‫�أ�س�س �سيا�سية حم�ضة‪ ،‬تتعلق بالعملية االنتقالية‪،‬‬ ‫وترتيباتها‪ ،‬ومن الطبيعي �أن قوى م�شاركة يف احلل‬ ‫ال�سيا�سي من جانب املعار�ضة والنظام لن تقبل ب�أن‬ ‫تكون الدولة املقبلة دولة �إ�سالمية يكون فيها الت�رشيع‬ ‫"حق هلل ال �رشيك فيه"‪ ،‬لأنها بذلك تلغي خ�صو�صيات‬ ‫التنوع ال�سوري‪ ،‬ودفع الأمور �إىل مزيد من التدهور‪،‬‬ ‫خا�صة �أن جزء كبري من الو�ضع ال�سوري مل يعد �ش�أن ًا‬ ‫خا�ص ًا بال�سوريني‪ ،‬وباتت احلروب بالوكالة تدار بني‬ ‫�أطراف �إقليمية‪ ،‬وهذه الأطراف لي�س لها م�صلحة يف‬ ‫�إيجاد حل �سيا�سي يف الوقت الراهن‪ ،‬كما �أنها ت�شتغل‬ ‫على خطط ا�سرتاتيجيات بعيدة املدى‪ ،‬ولي�س لها عالقة‬ ‫مبطالب ال�سوريني يف احلرية والكرامة‪ ،‬ما �إىل ذلك من‬ ‫�أهداف تتعلق ب�أ�سباب االنتفا�ضة ال�سورية‪.‬‬ ‫كما علنت "اجلبهة" موقفها من �ست م�سائل �أ�سا�سية‪،‬‬ ‫وهي العلمانية‪ ،‬والدميقراطية‪ ،‬والدولة املدنية‪،‬‬

‫والكورد‪ ،‬واملهاجرون‪ ،‬والأقليات‪ ،‬ومبا يخ�ص‬ ‫العلمانية فقد اعتربها "الإعالن" �أنها مناق�ضة‬ ‫للإ�سالم‪ ،‬لأنها "تف�صل الدين عن احلياة واملجتمع" ‪،‬‬ ‫وكذلك الدميقراطية لأنها تعطي حق الت�رشيع لل�شعب‪،‬‬ ‫وقد اعترب "الإعالن" �أن للمهاجرين (املقاتلني‬ ‫الأجانب) حقوق كالتي للمقاتلني ال�سوريني‪ ،‬ومل تكن‬ ‫مواقف "اجلبهة" من الق�ضية الكوردية �أو الأقليات‬ ‫�أف�ضل حا ًال من موقفها من العلمانية والدميقراطية‪،‬‬ ‫�أما الدولة املدنية فقد و�صفها الإعالن ب�أنها "تعبري‬ ‫م�ضلل"‪ ،‬كما اعترب القومية العربية �أكذوبة‪.‬‬ ‫لقد كان ال�سعي �إىل وحدة الف�صائل والكتائب املقاتلة‬ ‫هدف ًا طالبت به قوى �سيا�سية معار�ضة‪ ،‬وذلك من �أجل‬ ‫جتاوز حالة الت�رشذم واالنق�سام‪ ،‬وطرحت �صيغ عدة‬ ‫للتوحيد‪ ،‬وكان �أهمها �صيغة اجلي�ش الوطني‪ ،‬بحيث‬ ‫يخ�ضع لإ�رشاف ع�سكريني حمرتفني‪ ،‬ويخ�ضع لأمرة‬ ‫القيادة ال�سيا�سية لقوى املعار�ضة‪ ،‬لكن هذا الهدف‬ ‫مل يتحقق‪ ،‬ومن املعروف �أن قوى كثرية رف�ضت فكرة‬ ‫اجلي�ش الوطني‪ ،‬وعملت على �إف�شالها‪ ،‬بينما ي�أتي‬ ‫التوحد اليوم من خالل جبهة �إ�سالمية وا�سعة‪ ،‬لي�س‬ ‫وت�رصح ب�أن‬ ‫فيها �إ�شارة واحدة �إىل الدولة الوطنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرابط بني القوى املتحدة هو "انتما�ؤها للإ�سالم"‪.‬‬ ‫هل �إعالن اجلبهة الإ�سالمية هو خطوة نحو الأمام يف‬ ‫حل الأزمة ال�سورية‪ ،‬وبناء �سورية امل�ستقبل على �أ�سا�س‬ ‫العي�ش امل�شرتك‪� ،‬أم �أنها خطوة لتفجري ما تبقى من‬ ‫التعاي�ش‪ ،‬وزيادة تعقيد الأزمة وم�ستويات تداخلها؟‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.