ájô```M 2013/12/1ádGó``Yم العدد ()116 áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2013/12/1 )116م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (116) 1/12/2013
“م�شروع �أمة” �أم حرب ا�ستباقية على الدميقراطية يف �سوريا امل�ستقبل؟
ح�سام مريو
يثري �إعالن اجلبهة الإ�سالمية "م�رشوع �أمة" الكثري من الأ�سئلة حول م�ستقبل �سورية ،خا�صة �أن "امل�رشوع" ي�صدر عن جبهة عري�ضة تن�ضوي حتتها �أهم الف�صائل املقاتلة ،وهي جي�ش الإ�سالم ،ولواء التوحيد ،وحركة �أحرار ال�شام ،و�ألوية �صقور ال�شام ،وكتائب �أن�صار ال�شام ،ولواء احلق ،وهذه القوى تعطي الإعالن قوة مادية كبرية ،مبا متتلكه من مكانة يف امل�شهد امل�سلح، ومن مقاتلني ،ومن مال ،ودول داعمة. يحدد البند الثالث من الأهداف التي يت�ضمنها "امل�رشوع" �شكل الدولة التي تطمح اجلبهة �إىل �إقامتها "دولة م�ستقلة تكون فيها ال�سيادة ل�رشع اهلل احلنيف"، وهذا يعني �أن الهدف التايل بعد �إ�سقاط النظام (املذكور يف البند الأول من الأهداف) هو �إقامة الدولة الإ�سالمية ،وهو ما يتناق�ض مع القوى ال�سيا�سية ال�سورية التي حددت �شكل الدولة املقبل ب�أنها "دولة مدنية دميقراطية تعددية" ،وكانت قوى املعار�ضة قد اتفقت على هذه ال�صيغة يف م�ؤمتر توحيد املعار�ضة ال�سورية الذي عقد يف القاهرة بتاريخ 2و 3يوليو/ متوز ،2012وكان الإخوان امل�سلمون من املوافقني على هذه ال�صيغة ،ومل يروا فيها ما مي�س مبادئ اجلماعة ،وكانت �صيغة الدولة املدنية قد �أقرت يف وثائق �أ�صدرها "الإخوان" يف غري منا�سبة ،وتالي ًا ف�إن "امل�رشوع" الذي تتبناه اجلبهة الإ�سالمية هو �أكرث من خطوة �إىل الوراء ،وميكن اعتباره يف هذه النقطة انق�ضا�ض ًا وا�ضح ًا على امل�شرتكات الرئي�سية لقوى املعار�ضة ال�سورية ،ولكثري من الفئات وال�رشائح
االجتماعية ال�سورية. �أما املادة العا�رشة من الإعالن فهي �أكرث من مثرية للجدل ،وهي املادة التي تو�ضح "اجلبهة" موقفها من احلل يف �سورية ،وجاء فيها �أن اجلبهة "ال ت�شارك يف �أية عملية �سيا�سية تخالف الدين �أو جتعل ال�سيادة لغري �رشع اهلل عز وج ّل ،فكل عملية �سيا�سية ال تعرتف ب�أن الت�رشيع حق اهلل وحده مناق�ضة للدين ،وو�سيلة �رضب من الرهبنة غري م�رشوعة ،فالدين بال �سيا�سة ٌ املحرمة يف ديننا ،وال�سيا�سة بال دين علمنة مرفو�ضة"، وبذلك ف�إن "اجلبهة" تعار�ض من الأ�سا�س مبد�أ احلل ال�سيا�سي� ،إذ �أن احلل ال�سيا�سي التفاو�ضي �سيقوم على �أ�س�س �سيا�سية حم�ضة ،تتعلق بالعملية االنتقالية، وترتيباتها ،ومن الطبيعي �أن قوى م�شاركة يف احلل ال�سيا�سي من جانب املعار�ضة والنظام لن تقبل ب�أن تكون الدولة املقبلة دولة �إ�سالمية يكون فيها الت�رشيع "حق هلل ال �رشيك فيه" ،لأنها بذلك تلغي خ�صو�صيات التنوع ال�سوري ،ودفع الأمور �إىل مزيد من التدهور، خا�صة �أن جزء كبري من الو�ضع ال�سوري مل يعد �ش�أن ًا خا�ص ًا بال�سوريني ،وباتت احلروب بالوكالة تدار بني �أطراف �إقليمية ،وهذه الأطراف لي�س لها م�صلحة يف �إيجاد حل �سيا�سي يف الوقت الراهن ،كما �أنها ت�شتغل على خطط ا�سرتاتيجيات بعيدة املدى ،ولي�س لها عالقة مبطالب ال�سوريني يف احلرية والكرامة ،ما �إىل ذلك من �أهداف تتعلق ب�أ�سباب االنتفا�ضة ال�سورية. كما علنت "اجلبهة" موقفها من �ست م�سائل �أ�سا�سية، وهي العلمانية ،والدميقراطية ،والدولة املدنية،
والكورد ،واملهاجرون ،والأقليات ،ومبا يخ�ص العلمانية فقد اعتربها "الإعالن" �أنها مناق�ضة للإ�سالم ،لأنها "تف�صل الدين عن احلياة واملجتمع" ، وكذلك الدميقراطية لأنها تعطي حق الت�رشيع لل�شعب، وقد اعترب "الإعالن" �أن للمهاجرين (املقاتلني الأجانب) حقوق كالتي للمقاتلني ال�سوريني ،ومل تكن مواقف "اجلبهة" من الق�ضية الكوردية �أو الأقليات �أف�ضل حا ًال من موقفها من العلمانية والدميقراطية، �أما الدولة املدنية فقد و�صفها الإعالن ب�أنها "تعبري م�ضلل" ،كما اعترب القومية العربية �أكذوبة. لقد كان ال�سعي �إىل وحدة الف�صائل والكتائب املقاتلة هدف ًا طالبت به قوى �سيا�سية معار�ضة ،وذلك من �أجل جتاوز حالة الت�رشذم واالنق�سام ،وطرحت �صيغ عدة للتوحيد ،وكان �أهمها �صيغة اجلي�ش الوطني ،بحيث يخ�ضع لإ�رشاف ع�سكريني حمرتفني ،ويخ�ضع لأمرة القيادة ال�سيا�سية لقوى املعار�ضة ،لكن هذا الهدف مل يتحقق ،ومن املعروف �أن قوى كثرية رف�ضت فكرة اجلي�ش الوطني ،وعملت على �إف�شالها ،بينما ي�أتي التوحد اليوم من خالل جبهة �إ�سالمية وا�سعة ،لي�س وت�رصح ب�أن فيها �إ�شارة واحدة �إىل الدولة الوطنية، ّ الرابط بني القوى املتحدة هو "انتما�ؤها للإ�سالم". هل �إعالن اجلبهة الإ�سالمية هو خطوة نحو الأمام يف حل الأزمة ال�سورية ،وبناء �سورية امل�ستقبل على �أ�سا�س العي�ش امل�شرتك� ،أم �أنها خطوة لتفجري ما تبقى من التعاي�ش ،وزيادة تعقيد الأزمة وم�ستويات تداخلها؟
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تقارير
العدد ( 2013/12/1 )116م
02
ً ً وخدمة للنظام وم�صالح رو�سيا و�إيران خدعة يعتربونه
ً مادة لل�سخرية يف �أحاديث ال�سوريني وتعبرياتهم الفنية «جنيف »2 حلب -حممد �إقبال ب ّلو:
بعد �أن متت حمادثات جنيف اخلا�صة بامللف النووي الإيراين ,وبعد �أن مت االتفاق بني الواليات املتحدة ودول االحتاد الأوروبي حول تفا�صيل هذا امللف ,وبعد �أن وقع ما وقع �رساً ,و�أُظهر ما اتفق عليه علن ًا � ,أعلنت الأمم املتحدة موعد انعقاد م�ؤمتر جنيف 2يف ال�شهر الأول من عام ,2014 وهذا ما �أكد لل�سوريني عبارة رددوها ب�شكل م�ستمر (الكيماوي الأ�سدي مرتبط �أ�شد االرتباط بالنووي الإيراين) ,فبد�أ معظم ال�سوريون ي�سخرون من هذا امل�ؤمتر الذي �سيكون هزي ًال ح�سب تعبري البع�ض , و�سيكون م�ؤمتراً لبيع �سورية لرو�سيا و�إيران يف املزاد العلني وفق تعبري البع�ض الآخر وقام �آخرون بن�رش �صور على مواقع الإنرتنت و�صفحات مواقع التوا�صل االجتماعي من امل�ؤمتر ومبن �سيح�رضونه ,وت�ؤكد �أن الثورة �ضد النظام اال�ستبدادي يف �سورية م�ستمرة دون توقف. النا�شط عمر عبد الرحمن قال ل" البديل" :مل �أ�سمع قط بثورة مل تنت�رص ،فقدر كل الثورات ال�شعبية �أن تنت�رص ,ويف الثورات ال حتدث �أية مفاو�ضات ،لأننا جميع ًا نعلم �أن التفاو�ض هو �سل�سلة من العمليات ال�سيا�سية واالتفاقات التي تت�ضمن تنازل �أحد الطرفني �أو كال الطرفني عن مواقف معينة ,ويف الثورة ال�سورية لن يتنازل ال�شعب ال�سوري عن ر�أ�س ب�شار ومن وااله من �شبيحة ورجال ع�صابات, ال�سوريون م�ستمرون يف ثورتهم ولن يتوقف ن�ضالهم �ضد امل�ستبد الأ�سدي �سواء انعقد جنيف �أو مل ينعقد بتات ًا ,كل ذلك لي�س له �أي ت�أثري على م�سرية الثورة. وي�ضيف عبد الرحمن� :إن �أي تنازل يقدمه رجال املعار�ضة لن نوافق عليه ولن ن�سمح بتطبيقه ,
والكل يعلم �أن الكلمة الف�صل للثوار على الأر�ض , و�أريد �أن �أ�س�أل هل لرئي�س االئتالف �شخ�صي ًا �أية �سلطة على �أي �شاب حمل ال�سالح وبد�أ بقتال النظام؟ وهل لكل ال�شخ�صيات املعار�ضة �أية قدرة على فر�ض ر�أي على من ا�ست�شهدت عائلته �أو اغت�صبت �أخته �أو اعتقل �أخاه؟ اجلواب ال بالت�أكيد � ,إذن فكيف �ستطبق مقررات جنيف �إذا مل يوافق عليها الثوار يف الداخل ال�سوري؟. �أحد املواطنني قام بافتتاح مقهى ومطعم �صغري متوا�ضع جداً و�أ�سماه مطعم جنيف 2وكتب عليه ما يلي ( :مطعم جنيف ,2م�شاوي ,قهوة �إك�سربي�س ,فالفل ,م�رشوب بارد ) وت�رصف كهذا يوحي لنا مبدى �سخرية ال�سوريني حتى الب�سطاء منهم بهكذا م�ؤمتر يتم عقده على جثث �شهداء �سورية � ,إذ يقول لنا �أبو �أحمد النريبي :هذا الرجل �صاحب املطعم عرف بب�ساطته �أن جنيف 2ما هو �إال كذبة جديدة تريد الدول �أن تخدعنا بها كما خدعتنا ب�أكاذيب �أخرى �سابقة ,ونحن لن نن�سى بالت�أكيد احل�شود الع�سكرية التي قام بها ( �أبو ح�سني �أوباما) يف املتو�سط على �أنه �سيقوم ب�رضبة ع�سكرية خالل �أيام ,ثم خالل �ساعات ,ثم خالل دقائق ,والتي تبني فيما بعد �أنها كذبة ما بعدها كذبة ,مل نعد ال�سذج الذين كنا يف ال�سابق ,لقد ك�شفنا كل النوايا والأ�ساليب للإبقاء على نظام الغدر واال�ستبداد وا�ستمرار قيامه تلبية مل�صالح الدول و�أهمها �إ�رسائيل. يف �صورة �أخرى ن�رشت على �صفحات التوا�صل االجتماعي جند جراراً يحرث املاء وال ي�ؤدي �إىل نتيجة ,وقرب اجلرار لوحة كتب عليها ( احلل ال�سيا�سي) ,يف تعبري هام عن �أن هكذا نظام غري
قابل للحل ال�سيا�سي مطلق ًا �إذ �أنه لي�س نظام ًا �سيا�سي ًا بل نظام ًا ع�سكري ًا قمعي ًا ,ورغم الكثري من اجلهود التي تبذلها بع�ض الدول لتحقيق حل �سيا�سي �أغلب الظن �أنه يف �صاحله �إال �أنه ما زال ب�سلوكياته يعلن رف�ضه لأي حل. يقول النا�شط �سامر امل�صطفى :م�شكلة املجتمع الدويل املت�آمر مع النظام ل�صالح �إ�رسائيل مل يفهم �أننا �أدركنا تفا�صيل اللعبة ,منذ بداية الثورة والكتائب توجه بالدوالر القادم من الدول العربية والأجنبية (حا�رص هنا ,ا�رضب هنا � ,إياك �أن تهاجم , .....تخلى عن هذه املنطقة) كانت �ألوية اجلي�ش احلر تتحرك وفق ًا للتعليمات التي ت�أتيها من الداعمني الذين كانوا يلعبون باملعركة يف الداخل ،وك�أن بيدهم (رميوت كونرتول) �إال �أن كل الكتائب والألوية اليوم قد اكت�شفت اللعبة � ,صحيح �أنها اكت�شفت ذلك م�ؤخراً لكن املهم �أن اجلميع عرفوا ب�شكل جلي ما يحاك ويخطط �ضد الثورة ,وعرفوا �أن ال حل �سيا�سي ًا ,وال جنيف 2وال حتى جنيف15 �سين�رص الثورة ال�سورية � ,إن الثورة ال�سورية لن تنت�رص �إال ع�سكري ًا ,لأن النظام لن يقبل �أن يتخلى عن �أي جزء من خمططاته و�سيا�ساته و�أي جزء من تركيبه الع�سكري والأمني ,فنظام �شمويل كهذا �إما �أن يبقى و�إما �أن ي�سقط دفعة واحدة وال �شيء �سوى ذلك. الكثري من العبارات ال�ساخرة التي رددها النا�شطون ب�شكل خا�ص وال�سوريون ب�شكل عام ومنها: �ستح�صلون على الكرا�سي الوهمية يف جنيف، 2ولكنكم حتتاجون لطائرات ال ت�صلها �صواريخنا حتى تهبطوا بها يف ق�صور دم�شق.
03
حتليل �سيا�سي
العدد ( 2013/12/1 )116م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
بعد ال�صفقة مع �إيران
�ضرورة و�ضع حد للحرب بالوكالة يف �سورية جريمي �شابريو – �صاموئيل �شراب -ترجمة و�إعداد البديل:
يف �أعقاب جناح اتفاق جنيف بني P5 +1وايران ، ف�إن الإعالن عن عقد م�ؤمتر ال�سالم للحرب الأهلية يف �سوريا -ما ي�سمى م�ؤمتر جنيف الثاين -يوم 22يناير /كانون الثاين هو نب�أ �سار .ولكن حتى لو تبني �أن جميع الأطراف -يف الواقع� -ستح�رض االجتماع ،ف�إن هناك �شكوك ًا كبرية حول ما �إذا كان التو�صل �إىل ت�سوية �سيا�سية بني الأطراف املتحاربة ال�سورية من املمكن يف هذه املرحلة. لزيادة فر�ص النجاح ،يتعني على الواليات املتحدة ورو�سيا ال�سعي لوقف �إطالق النار بني الدول الإقليمية الداعمة للأطراف امل�شاركة يف احلرب متهيداً جلنيف الثانية .دعنا ن�سميها " جنيف . "1.5 ال�رصاع يف �سوريا مل يعد �رصاع ًا داخلي ًا ،فقد �أ�صبح حرب ًا �إقليمية بالوكالة ،وب�صورة رئي�سية بني ال�سعودية و�إيران ،على الرغم من الأدوار املهمة التي تلعبها قطر وتركيا و العراق .من املهم �أن ت�ضغط هذه الدول على حلفائها يف �سورية للح�ضور �إىل جنيف الثانية. �إن ال�سجل التاريخي حلل مثل هذه احلروب هو وا�ضح .حتى اجلهات اخلارجية ت�صل �إىل نوع من الت�سوية ،و�إال ف�إنها �ست�سمر يف متويل و ت�سليح وكالئها ،و �سوف ت�ستمر احلرب �إىل ما ال نهاية . ر�أينا هذه الديناميكية غري املر�ضية يف احلروب الأهلية التي ا�ستمرت عقوداً يف كثري من الأحيان �أثناء احلرب الباردة .ويف العراق و�أفغان�ستان مل يتمكن كل جربوت اجلي�ش الأمريكي من �إنهاء احلرب الأهلية التي تغذيها �أطراف خارجية. حتى الآن ،مل تبذل �أية جهود حقيقية للعمل على تغيري دور اجلهات الفاعلة الإقليمية يف �سوريا وما زالت ال�رصاعات قائمة بينها� .إن م�ؤمتر "جنيف "1 الذي انعقد يف متوز 2012مل ي�شمل ال�سوريني ،لكنه ركز على مبادئ متعلقة باحلرب الأهلية ،و ا�ستبعد
بع�ض اجلهات الفاعلة الإقليمية الرئي�سية -وال �سيما �إيران وال�سعودية� .إن الغر�ض من م�ؤمتر جنيف �سيكون �شبيه ًا مبفاو�ضات خم�سة زائد واحد� ،أي ت�سهيل حل �سيا�سي يف نهاية املطاف داخل �سوريا، وذلك عن طريق خف�ض ن�شاط اجلهات الفاعلة الإقليمية التي تغذي ال�رصاع� .إن الهدف من االتفاق هو �أن يكون اتفاق وقف �إطالق النار. الواليات املتحدة ورو�سيا ميكن لهما البدء بالعمل على جلب الفاعلني الإقليميني الرئي�سيني ،وتقدمي امل�ساعدات الإن�سانية يف �سوريا ،وا�ستخدام هذا اجلهد لالنتقال اىل املناق�شات حول ال�رصاع و م�ستقبل �سوريا .و�إذا ما مت �إجال�س ال�سعوديني والإيرانيني حول طاولة واحدة ملناق�شة �سوريا ف�إن ذلك �سيكون انفراج كبري ،ولكن هذا يحتاج من وا�شنطن ومو�سكو دفع حقيقي بهذا االجتاه . و�سيكون املفتاح �إقناع جميع الأطراف ب�أن لديهم �أمل يذكر يف حتقيق �أهدافهم البعيدة ،ومن ثم �إيجاد �صيغة ميكن �أن ت�ستوعب م�صالح جميع االطراف �سوريا امل�ستقبل. على الرغم من ال�صعوبات الكثرية املرتبطة بهذا النهج ،لكن هناك �أ�سباب لالعتقاد ب�أن مثل هذه ال�صفقة قد تكون ممكنة .يف �سوريا تهدر �إيران املوارد الثمينة ،وتعمل ال�سعودية على تر�سيخ الرواية القائلة باالنق�سام ال�سني ال�شيعي ،و�أن �إيران حتاول تدمري مكانتها يف العامل العربي .من املمكن لإيران القبول بت�سوية �إذا حققت فيها م�صاحلها الأ�سا�سية املتمثلة يف �ضمان ارتباطها مع حزب اهلل ولبنان ،ومنع �سيطرة حكومة معادية لها يف دم�شق ،وميكن اعتبار �أن جناح املحادثات النووية مع طهران �سيجعلها �أكرث انخراط ًا يف ت�سوية حول امللف ال�سوري. ويف الوقت نف�سه ،ف�إن ال�سعوديني يواجهون خطراً
متزايداً ب�أن �سوريا �أ�صبحت حا�ضنة لهذه العالمة التجارية من التطرف "تنظيم القاعدة" التي قد تهدد يف نهاية املطاف ال�سعودية نف�سها .وبب�ساطة، ف�إن ال�سعودية �إن مل يكن مبقدورهما ك�سب حرب بالوكالة طويلة مع �إيران ف�إنها قد ترى فوائد يف حدوث ترتيبات لتقا�سم ال�سلطة يف دم�شق التي من �ش�أنها �أن تعطي لها بع�ض النفوذ مع احلكومة االنتقالية ال�سورية ،ولذلك يجب دفع كل من ال�سعودية وطهران حل�ضور املفاو�ضات. الواليات املتحدة و رو�سيا هما طرفان غري حمايدان يف احلرب ال�سورية ،ولكن على الرغم من ذلك فقد تعاونا من �أجل �إجناح مفاو�ضات حم�سة زائد واحد. ولهما م�صلحة م�شرتكة يف �ضمان �أن املتطرفني الإ�سالميني لن ي�سيطروا على �سوريا .الواليات املتحدة لديها عالقات وثيقة مع اململكة العربية ال�سعودية وقطر و تركيا ،و رو�سيا لديها عالقات �أف�ضل مع �إيران .اذا كانت وا�شنطن ميكن �أن تثبت �أنها جادة يف كبح جماح حلفائها الإقليميني ،مع حماولة مو�سكو جلب �إيران �إىل طاولة املفاو�ضات، ف�إن ذلك قد ي�ؤدي �إلأى نتيجة مهمة ،كما �أن رو�سيا تقليدي ًا حتب �أن تلعب دور ال�ضامن لإنهاء حروب الآخرين. �إن عقد جنيف خم�سة زائد واحد بالن�سبة ل�سوريا لن يكون �سهال بالن�سبة لرو�سيا �أو الواليات املتحدة - ال يزال هناك عدم ثقة و اخلالفات بينهما بخ�صو�ص �سورية كبرية .ولكن كما تو�ضح �صفقة الأ�سلحة الكيميائية ،ف�إن التعاون بني الواليات املتحدة و رو�سيا ب�ش�أن �سوريا ميكن �أن يحقق �أرباح ًا كبرية. رمبا عقد جنيف 2قد يكون �صعب املنال يف الوقت الراهن لكن ال�سعي لوقف �إطالق النار الإقليمي هو اخليار الأف�ضل للم�ضي نحو الأمام.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2013/12/1 )116م
حتليل �سيا�سي
04
�سيا�سة اخلطوة خطوة :من «جنيف الإيراين» �إىل «جنيف ال�سوري» ح�سام امليالد
تتغري معطيات امل�شهد ال�سوري بوترية مت�سارعة منذ �صفقة الأ�سلحة الكيماوية ال�سورية ،فالتدخل الع�سكري املبا�رش من قبل �إيران و حزب اهلل �أدى �إىل تغيري موازين القوى ل�صالح القوات النظامية ال�سورية ،مع بوادر تفكك اجلي�ش ال�سوري احلر مقابل نزعة توحد للإ�سالمويني الذين عقدوا العزم على �أن يكونوا �ضد اجلميع ،وان�شغال "القاعدة" باملحاكمات ال�رشعية واالجتار بالنفط ال�سوري. قطر تركت ال�ساحة لل�سعودية ،وم�رص عادت بعد طرد الإخوان �إىل نظرية الأمن القومي اال�سرتاتيجي التي تتطلب بقاء �سورية موحدة بجي�ش قوي .وبعد طرد الإخوان يف م�رص تقل�صت احل�صة ال�سيا�سية لـ «�إخوان» �سورية �أو تكاد ت�صبح معدومة رغم حماوالتهم غري املجدية على ما يبدو للتمايز عن «�إخوان» م�رص .الرو�س والأمريكيون اتفقا على الإ�صالح من داخل النظام ولي�س تغيريه وعلى االبقاء على اجلي�ش ال�سوري قوي ًا يف مواجهة الإرهاب وبقاء الرئا�سة للطائفة العلوية .ورمبا كان املعطى الأهم هو االتفاق النووي بني �إيران وجمموعة (.)1+5 مل يكن الإعالن الأخري عن موعد "جنيف "2 ال�سوري بعد يوم واحد على "جنيف" الإيراين من باب ال�صدفة العابرة ،بل كان ذلك مبثابة اعرتاف دويل ب�أن ال�ساحة ال�سورية كانت ميدان ًا لت�صفية العديد من امللفات الدولية والإقليمية .ولي�س ب�صدفة �أن يتم االتفاق بعد �أن ي�صل �إىل �سدة احلكم الإ�صالحي ح�سن روحاين مع قبول «املر�شد الأعلى للثورة» االتفاق مبرارة ال تقل عن مرارة الإمام اخلميني عند قبوله �إنهاء احلرب مع �صدام ح�سني. يف م�سار املفاو�ضات ال�رسية الإيرانية االمريكية يف �سلطنة ُعمان ،التي مهدت التفاق «جنيف» النووي، �أعاد الإيرانيون �إثارة امل�س�ألة ال�سورية معربني عن ا�ستعدادهم للتنازل يف امللف النووي االيراين مقابل تنازل �أمريكي غربي يف امللف ال�سوري. وثبت �أنه ،ال طبيعة االنظمة وال �سيا�ساتها الداخلية ومدى تطابقها مع املعايري الغربية للدميقراطية وحقوق االن�سان حتدد طريقة التعامل معها، طاملا �ضمنت هذه الأنظمة م�صالح الدول العظمى. ينطبق هذا على احلالتني ال�سورية والإيرانية ،فكما �أعاد الكيماوي ال�سوري غطاء ال�رشعية �إىل النظام ال�سوري يحيي النووي الإيراين نظام طهران. ت�شعر �إيران بالن�رص ،فا�ستقبل �أع�ضاء الوفد الإيراين املفاو�ض ا�ستقبال الفاحتني ،ولن يثني �إيران عن اال�ستمتاع بن�شوة الن�رص ت�رصيحات امل�س�ؤولني الأمريكيني عن �أن اخليار الع�سكري مطروح يف حال الف�شل يف �إبرام االتفاق ال�شامل ،طاملا �أدرك الإيرانيون �أن االتفاق معهم قد �أنقذ الواليات املتحدة من التورط يف حرب �سورية .وبقدر ما ي�ستبعد دني�س رو�س �أن يكون هذا االتفاق اجلديد هو نف�سه "�صفقة كريي" يف العام 2003م ،ف�إن بدء الإدارة االمريكية بفتح قنوات مع حزب اهلل عرب طرف ثالث ت�ؤكد �أن ما مت مر�شح ليكون �صفقة 2003م بعد �أن ن�ضجت عوامل �إمتامها ،ال�سيما �أن روحاين الرئي�س �أكرث قدرة على فر�ض �إرادته من روحاين املفاو�ض. ح�سن روحاين ،الذي �أعلن عقب توليه مقاليد احلكم �أن �إيران لن تتخلى قيد �أمنلة عن حقوقها
املطلقة ،و�أنه يتعني على الغرب �أن يفهم �أنه لن يح�صل على �أي نتيجة بالتهديدات وال�ضغوط ،هو نف�سه روحاين الذي توىل املفاو�ضات النووية بني �إيران والقوى العظمى �إبان حكم الرئي�س الإ�صالحي حممد خامتي ،وهو من وافق يف 2003م على تعليق تخ�صيب اليورانيوم وعلى عمليات التفتي�ش املفاجئة للمن�ش�آت النووية الإيرانية� .إذ يعلم روحاين ومعه الإ�صالحيون �أنه ال ميكن لإيران اال�ستمرار يف ظل العقوبات املفرو�ضة عليها والتي �أدت �إىل تراجع �صادرات النفط االيراين مبقدار 50% وتدين قيمة العملة الوطنية وت�ضخم تخطى .40% ال�سيما يف ظل ت�صاعد ال�سخط ال�شعبي ومنطقة ت�شهد انتفا�ضات جماهريية .وح�سب «انرتنا�شونال هريالد تريبيون» ووكالة «فران�س بري�س» ،فقد �أكد ال�سفري الفرن�سي يف طهران (2001م – 2005م) فرن�سوا نيكولو على �أن روحاين هو الذي �أوقف برناجم ًا �رسي ًا ل�صنع قنبلة نووية يف �إيران �أواخر 2003م .ووجود هذا الربنامج ال�رسي ثم وقفه �أكدتهما �أجهزة اال�ستخبارات املركزية الأمريكية يف 2007م ثم الوكالة الدولية للطاقة الذرية يف تقرير لها يف 2011م. يعلم روحاين وغريه من �صناع القرار يف �إيران �أن امتالك �إيران لل�سالح النووي �سيكون وباال عليها بدال من �أن يكون عامل قوة ،ف�إيران ال تريد لعزلتها الدولية �أن ت�صبح على غرار النموذج الكوري ال�شمايل ،وقد �أثبتت الأ�سلحة التقليدية قدرتها على الردع فجنبت �إيران ل�سنوات حرب ًا �أمريكية و�إ�رسائيلية .حتى احلقوق املطلقة ثبت �أنها قابلة للتفاو�ض وامل�ساومة بل حتى البيع يف معرتك ال�سيا�سة الدولية. �إن �إعادة ت�أهيل �إيران بد�أت على قدم و �ساق ،و االتفاق التمهيدي بالرغم من كونه اتفاق ًا م�ؤقت ًا �إال �أنه قد �أحدث انقالب ًا يف العالقة بني �إيران والغرب، فلم يعد اخليار الع�سكري مطروح ًا بعد �سنوات من
التهديدات الأمريكية و الغربية ،و�أ�صبح اخليار الديبلوما�سي هو الوحيد املطروح على الطاولة ل�سنوات قادمة على الأقل ،وال�شك �أن الدور الرو�سي كان فاع ًال يف التو�صل لهذا االتفاق من خالل �سيا�سة «اخلطوة خطوة» التي يبدو �أنها �ست�صبح منوذج ًا دولي ًا للتعامل مع كثري من الأزمات امل�شابهة ،على ر�أ�سها الأزمة ال�سورية وامللف النووي الكوري ال�شمايل .وبعد االتفاق النووي بات ح�ضور ايران م�ؤمتر «جنيف »2م�س�ألة حتمية، وقد �أدرك �أحمد اجلربا رئي�س «االئتالف الوطني ال�سوري» املعار�ض ذلك ،فطالب املجتمع الدويل بربط م�شاركة �إيران ب�سحب قواتها ووكالئها من �سورية ،ويبدو �أن ذلك بالن�سبة للجربا ومعه االتالف مبثابة «�أ�ضعف الإميان». �إن ا�ستمرار �إيران يف التحكم ب�ش�ؤون املنطقة �أيديولوجي ًا و�سيا�سي ًا من �أفغان�ستان �رشق ًا �إىل موريتانيا غرب ًا ومن تركيا �شما ًال اىل اليمن جنوب ًا هو �سالح �إيران الأهم واحلقيقي .لذلك كانت �إيران م�ستعدة للتخلي عن ال�سالح النووي مقابل الإم�ساك بالورقة ال�سورية ومن خاللها مقارعة النفوذ الإقليمي لدول �أخرى .ومن الطبيعي �أن ال تكون م�ستعدة للتنازل عن امل�شاركة يف «جنيف.»2 ويبدو �أنه حتى �سلوك النظام الإيراين يف هذه املنطقة لي�س مطروح ًا للمقاي�ضة ،ومل يكن جزءاً من �أي �صفقة مع القوى العظمى ،و�إذا كان جون كريي قد ا�شرتط لتطوير عالقات بعيدة املدى مع �إيران �أن «تغيري �سلوكها ال�سيا�سي» ف�إن ذلك ال يتعدى املوقف الإيراين حيال �إ�رسائيل جلهة تبني خطاب معتدل يف التعاطي معها ،واالنتقال يف خطوة تالية لأن تلعب �إيران دورها يف احتواء «حزب اهلل» اللبناين بعدما رف�ضت �سوريا مراراً �أن تلعب هذا الدور لغياب �صفقة مقابلة ال�سيما فيما يتعلق مبلف ال�سالم مع �إ�رسائيل.
05
ر�أي
العدد ( 2013/12/1 )116م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
تداعيات فر�ضية االن�سحاب الأمريكي على دول املنطقة غازي دحمان
متار�س بع�ض الأطراف يف املنطقة �سيا�سة ابتزاز حول ق�ضية افرتا�ضية يجري الرتويج لها ،وهي م�س�ألة ان�سحاب �أمريكا من املنطقة ،حتى لتبدو �أنها تريد ان تقب�ض ثمن هذا االن�سحاب االفرتا�ضي مقدم ًا من مواقع و�أو�ضاع خ�صومها. ذكية” “ حماولة ويف الواقع لي�ست هذه �سوى ّ لتحقيق مكا�سب عن طريق التهويل والتدلي�س ،ذلك �أن احليثيات تعاند هذه االدعاءات وتك�شف تهافتها: ال يوجد يف ال�رشق الأو�سط قوى ميكنها �ضبط �سواء بقواها الذاتية �أو مب�ساعدة وقيادة املنطقة، ً قوى حليفة من خارج الإقليم ،ذلك �أن كل القوى تعر�ضت يف العامني املا�ضيني �إىل حالة من الإنهاك واال�ستنزاف ال�شديد بحيث برزت عيوب وم�شكالت يف داخل كل الكيانات واملكونات جتعلها �ضعيفة وتنذر بحدوث تطورات غري متوقعة بداخلها ،وال تنجو �أي قوة من هذا امل�صري الذي بد�أ يت�شكل ،حتى و�إن بقيت م�ؤ�رشاته ملتب�سة� ،إذ ت�ؤكد اخلربة التاريخية �أن احلروب عادة ما تكون �آخر ا�شكال ال�رصاع داخل املجموعات ،وهي غالب ًا ما تف�ضي �إىل بروز قوى جديدة تكون قادرة على �إدارة املراحل التالية ،فهل من قوى مل تنخرط بعد يف احلرب الإقليمية؟. ا�ستتباعا لذلك ،تعترب احلرب نهاية قيادة نخبة و�سيطرة مزاج معني ،وبالتايل ف�إن النخب التي مار�ست عملية اال�ستنزاف ملجتمعاتها لن تكون قادرة على �إ�صالح ما خربته ،ولن يكون لديها القدرة على التكيف مع املزاج الذي �ستفرزه الأحوال الالحقة ،والذي رويداً رويداً �سينتج �آلياته وبنياته وا�ستجاباته الإ�سعافية للخروج من هذا الواقع، والأهم �إنتاج وتوليد واقع جديد با�شرتاطات خمتلفة ،على افرتا�ض ان هذا الواقع �سينتج منط ًا من التفكري الواقعي ليمكن جتاوز الأ�رضار التي خلفتها �رصاعات الأيديولوجيا و�سيادة العقائد غري املنطقية ،ويف الغالب تتك�شف ال منطقية احلروب
بعد نهايتها ،حينما ينتهي مفعول �أفيون التحري�ض، وحني يتم رفع ال�ستار عن النوايا احلقيقية التي وقفت وراء �إ�شعال تلك احلروب وتوجيهها و�إدامتها. مل ت�صل بعد امريكا �إىل قرار اخلروج النهائي من املنطقة ،كل امل�ؤ�رشات تدل على �أنها ب�صدد هيكلة ا�سرتاتيجيتها العاملية ،وتبع ًا لها الإقليمية ،وهي ا�سرتاتيجية تقوم على تعديل قواعد اال�شتباك ولي�س �إلغاءها ،واملق�صود بهذا التعديل �أن ي�ساعد برت�شيد الإنفاق الأمريكي ،مع �إمكانية احلفاظ على امل�صالح ،حتى ان �أمريكا تنطلق يف مقاربتها هذه من حلظة عاملية تعتقد �أن اخل�صوم ،وخا�صة يف املنطقة ،منهكني وميكن يف هذا املناخ حتقيق ت�سويات م�ؤاتية .فعلى �سبيل املثال هناك �أكرث من ع�رش قواعد ع�سكرية متمركزة حول ايران من كل جانب ،وهي منت�رشة يف �سلطنة عمان والإمارات العربية املتحدة وقطر والبحرين والكويت وتركيا و�أذربيجان وتركمان�ستان وباك�ستان وافغان�ستان وكلها تتبع ( القيادة الأمريكية الو�سطى) .ولذلك فان رفع حالة اال�ستنفار او التوجه من حالة الال حرب �إىل حالة ال�سلم من �ش�أنه خف�ض عدد العاملني يف هذه القواعد دون التخلي عن القواعد نف�سها. ومن هنا فان وجود قوة �أ�صغر ت�ستطيع احلفاظ على م�صالح وا�شنطن يف العامل وتوفري ما ال يقل عن 100مليار دوالر �سنوي ًا. ان�سحاب �أمريكا� ،إن ح�صل ،فهو لن يكون مب�صلحة الأطراف املهللة له ،لأنه �سيعني نهاية �شكل من �أ�شكال الأنظمة والكيانات والقوى التي �سيطرت على احلياة ال�سيا�سية واالجتماعية و�شكلتها وفق �صيغة معينة� ،صحيح �أن بع�ض هذه الكيانات كانت على درجة معينة من اال�شتباك مع بع�ض بنود الإ�سرتاتيجيات الأمريكية� ،أو لنقل حالة اعرتا�ض على تكتيكات تطبيق تلك اال�سرتاتيجيات �إال �أن امل�صالح الأمريكية ولعبة التوازنات �أفادت بقاء هذه الأ�شكال و�ضمنت تطورها وا�ستمرارها حتى
اللحظة ،و�أن االن�سحاب الأمريكي لو ح�صل ف�إنه يعني فتح الباب �أما تطورات قد ال ت�ستطيع هذه الأطراف �ضبطها والتحكم بها. لعل امل�شكلة يف املنطقة �أن �أمريكا مل تفكر باالن�سحاب ،الت�سويات التي ت�صممها ت�ؤكد �أنها باقية ،و�إمنا وفق م�صاحلها وما يتنا�سب مع تطورات اللحظة الدولية وظروفها االقت�صادية وتوجهات ر�أي نخبها. تلك الق�ضية التي يجب التوقف عندها واحلذر من ا�ستحقاقاتها والعمل على منع مندرجاتها ما �أمكن يف ال�سياق اجليوا�سرتاتيجي للمنطقة والذي بات يعاين من عطب �شديد يف كامل مفا�صله ،بحيث يجعل كل الأطراف على �سوية واحدة من اال�ستهداف وال�رضر ،و�أولها تلك الأطراف التي تدعي �أنها ك�سبت من وراء فر�ضية االن�سحاب الأمريكي� ،أي �إيران و�أذرعها وعمالءها يف املنطقة ،وهم �أكرث الأطراف ا�ستفادة من �إ�ستمرارالوجود الأمريكي يف املنطقة والذي بف�ضله ا�ستطاعوا تورية �أهدافهم الطائفية واملذهبية ب�أبعاد ثورية مقاومة ،وحققوا مكا�سب ما كان لها �أن تتحقق لوال تلطيهم بالوجود الأمريكي الذي ما زالوا بحاجة لبقائه� ،أقله لتغطية ه�شا�شة �أو�ضاعهم الداخلية وت�صدع بنى ومرتكزات كياناتهم ومكوناتهم التي بد�أت تتمظهر بو�ضوح جراء ال�سيا�سات اخلاطئة التي مار�سوها بحق �شعوبهم او ًال و�شعوب املنطقة تالي ًا. كل الأطراف يف املنطقة �أ�صبحت يف دائرة ا�ستهداف وجودها ،مبا فيها وعلى ر�أ�سها� ،إيران، وهي �أكرث الدول املر�شحة ال�ستقبال املوجات االرتدادية لأزمات املنطقة ،فهي الطرف الذي ينطوي على تناق�ضات عديدة تنتظر ب�شوق ورغبة حلظة االنفجار ،وهي قادمة بعد �أن جردت �سيا�سات �إيران يف املنطقة ور�ضوخها الأخري للغرب كل الأردية التي تلفع بها حكم املاليل ليطبق على �صدر ال�شعوب الإيرانية.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2013/12/1 )116م
موجز ال�شرق
06
الطريق �إىل جنيف 2مير مبعركة حلب �إن القتال الذي دار م�ؤخراً بني اجلي�ش ال�سوري احلر �ضد جمموعة من قوات الأ�سد و امليلي�شيات ال�شيعية العراقية ووحدات من حزب اهلل يف اخلالدية يف �ضواحي حلب �شاهد على �رضاوة احلرب القائمة لل�سيطرة على العا�صمة التجارية للبالد .اذ �أن �آمال ب�شار الأ�سد يف اقتحام مدينة حلب من اجتاهات خمتلفة قد حتطمت حني قام اجلي�ش احلر ب�شن هجوم مفاجئ على خنا�رص( ،بلدة ا�سرتاتيجية يف حلب) تقع يف �أطراف طريق حماة ،وت�ستخدم من قبل النظام لتزويد قواتها بالإمدادات والذخرية حول حلب .بالإ�ضافة �إىل �أن القوات النظامية �أ�صيبت خالل الهجوم املفاجئ على يد اجلي�ش احلر على موقع الطيارية نتج عنها فرار هذه القوات من املوقع. �إن معركة حلب �سوف تكون مريرة .فقوات املعار�ضة املدافعة عن املدينة ت�ستخدم متفجرات ومعدات حملية ال�صنع� ،إىل جانب درا�سة كيفية �إدارة املعركة والتكيف مع القوات النظامية �أثناء القتال يف املناطق امل�أهولة بال�سكان .ولكن من الوا�ضح �أي�ضا �أن قوات اجلي�ش احلر بحاجة ما�سة �إىل �إمدادات كافية للدفاع عن املدينة ،كما �أن �أهمية ا�ستمرار احل�صار حول حلب يتجاوز حدود هذه املدينة القدمية. ان من يقر�أ البيان ال�صادر عن جمل�س مدينة حلب ال�صادر يف 13من ال�شهر اجلاري يدرك �أنه من الوا�ضح �أن هذا البيان ين�ص على �أن كل من يقاتل مع الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام يعترب جمرم ًا ،مما ي�شري �إىل التحري�ض على «داع�ش» يف حلب ،ويف �أماكن �أخرى من البالد. يف الواقع ،ال بد من القول �إن حالة احل�صار على
املدينة تلقي بظاللها على م�ؤمتر جنيف � ، 2إذ �رصح كريي �أن اجلهود الدبلوما�سية يجب �أن تتم بالتوازي مع احلالة على �أر�ض الواقع التي تتعار�ض مع املنطق .يف �أكتوبر /ت�رشين الأول املا�ضي ،قال كريي «ولكن الو�ضع على �أر�ض الواقع ال ميت ب�صلة �إىل م�س�ألة تنفيذ من جنيف - 1ورمبا يحتاج الرئي�س الأ�سد �إىل �إعادة قراءة جنيف 1مرة �أخرى، والذي ين�ص على حكومة انتقالية بالرتا�ضي .لذلك فان املوقع امليداين لي�س حيوي ًا ،كما �أن الهدف من
جنيف 2مل يتغري فيمل يتعلق بحكومة ير�ضى عنها الطرفان. �رصح �أحد قيادات قوات املعار�ضة يف حلب قائ ًال «بالن�سبة لنا ،جنيف 2هو م�ضيعة للوقت .ولكن �إذا وقعت حلب يف يد النظام ،فهي بالن�سبة لب�شار لي�ست م�ضيعة للوقت « ،ويف احلالة ال�سورية ال ميكن تطبيق احلل على �أر�ض الواقع من خالل توازن القوى مع الدبلوما�سية الدولية �أو مع ال�صفقات بني العوا�صم املعنية.
راي�س �ضد كريي -االنق�سامات يف الأمن القومي لإدارة �أوباما
بدا �أن االنق�سام قد بد�أ منذ �أمد بعيد يف فريق الأمن القومي يف فرتة الوالية الثانية للرئي�س �أوباما، وقد ُك�شف هذا االنق�سام من قبل و�سائل الإعالم عرب �سل�سلة من الت�رسيبات ال�سيا�سية واملنتقاة بعناية �إىل �صحيفتي «الديلي بي�ست» و «النيويورك تاميز» ،ووفق ًا مل�صادر قريبة من البيت الأبي�ض �أن بع�ض �أع�ضاء احلزب الدميقراطي من موظفي البيت الأبي�ض هم وراء بع�ض تلك الت�رسيبات. يزداد قلق موظفي البيت االبي�ض وم�ست�شاري �أوباما املقربني ،مثل فالريي جاريت ،وري�سينج �أدفن�رش، و�سوزان راي�س ،وحتى ال�سيدة الأوىل مي�شيل �أوباما، حول تزويد �أوباما بامل�شورة الالزمة ,كما �أن كبار امل�س�ؤولني احلكوميني يرون �أن ال�سيا�سة اخلارجية تعاين من ال�رصاعات الداخلية .وما مل يتم ت�سوية هذه املنازعات ،فهناك خ�شية من �أنها �ستكون نهاية والية الرئي�س �أوباما. فعلى جبهات ال�سيا�سة اخلارجية و�صلت ال�رصاعات بني م�ست�شارة الأمن القومي راي�س ووزير اخلارجية جون كريي �إىل نقطة حرجة .فقبيل جولة الأخري �إىل ال�رشق الأو�سط� ,صدرت التعليمات من راي�س لل�ضغط على احلكومة امل�رصية امل�ؤقتة لإخالء �سبيل الرئي�س ال�سابق حممد مر�سي ،و التهديد مبزيد من التخفي�ضات يف امل�ساعدات الع�سكرية مل�رص ما بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
مل ت�سارع الأخرية باتخاذ اخلطوات الالزمة فيما يتعلق بالد�ستور اجلديد واجراء انتخابات حرة .كما �أن راي�س ت�رص على �أنه يتوجب على ال�سي�سي ،ذو ال�شعبية ورئي�س القوات امل�سلحة امل�رصية ،على �إجراء االنتخابات الرئا�سية ،و�أن املعونة الأمريكية مل�رص مرتبطة مبوافقته على هذه االنتخابات. ولكن ،وبدعم من وزير الدفاع ت�شاك هيجل, واجلرنال مارتن دميب�سي رئي�س هيئة الأركان امل�شرتكة ,جتاهل كريي تعليمات راي�س ،ومل ي�أت على ذكر املحاكمة خالل اللقاءات اخلا�صة والعامة وامل�ؤمترات ال�صحفية يف م�رص .تبدو الرتويكا امل�ؤلفة من كريي وهيجل و دميب�سي �أنها على خالف مع راي�س فيما يتعلق بتخفي�ض امل�ساعدات الع�سكرية الأمريكية مل�رص ,يف حني �أن راي�س ,هي مهند�س مذهب «التدخل الإن�ساين» الداعي �إىل تقدمي امل�ساعدات املالية ،كما �أن احلل الو�سط ال ير�ضي �أي ًا من الأطراف ,ويعمق االن�شقاقات الداخلية. و تعر�ضت جريدة «النيويورك تاميز» �إىل اخلالفات التي ن�ش�أت خالل مفاو�ضات الواليات املتحدة يف �أفغان�ستان ب�ش�أن «اتفاق الأمن الثنائي» الذي �سوف يحدد ا�ستمرار الوجود الع�سكري الأمريكي يف البالد بعد ان�سحاب قوات الواليات املتحدة وحلف �شمال الأطل�سي حلول نهاية عام .2014
يف حني �أن الرئي�س حامد كرزاي قدم تنازالت يف م�س�ألتني �أ�سا�سيتني :اجلنود الأمريكيني واملقاولني الذين �سوف يكونون املو�ضوع الأ�سا�سي يف تلك املفاو�ضات ،اذ �أن القانون ال ي�سمح لهم بالدخول �إىل البيوت الأفغانية �أثناء مداهمات مكافحة الإرهاب ،ويف املقابل طالب كرزاي من الرئي�س �أوباما ب�إ�صدار بيان يعرتف فيه ب»�أخطاء» أمريكي �أثناء تواجده يف �أفغان�ستان. االحتالل ال ّ ويف حني علق كريي بالقول ب�أن هذه اخلطوة تعترب ثمن ًا �ضئي ًال مقابل �ضمان ا�ستمرار وجود الواليات املتحدة ،ومن ناحية �أخرى ،ويف اجتماع املجل�س الأعلى للقبائل الأفغانية (اللويا جريغا) يف 20 نوفمرب� ,أ�صدرت راي�س بيان ًا با�سم البيت الأبي�ض ترف�ض فيه تقدمي �أي اعتذار. �إن ن�رش ال�رصاعات القائمة بني املتدخلني «الإن�سانيني» و»الواقعيني» يف �إدارة �أوباما �أ�ضعفت م�صداقيته ،وقد قام ديفيد جوردان ،وهو من احلزب اجلمهوري لعب دورا رئي�سي ًا يف �إدارة الأزمة خالل والية الرئي�س بيل كلينتون ،بتوجيه االتهام �إىل الرئي�س �أوباما من �أجل ا�ستبدال كبار موظفي البيت االبي�ض مبن لديهم خربة من غري احلزبيني� ،أو مواجهة املزيد من التفكك يف رئا�سته.
07
موجز ال�شرق
العدد ( 2013/12/1 )116م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
حتركات ال�ستلهام منوذج «ال�صحوة العراقية» يف �سورية
الأمريكان ي�سعون ملحاربة «داع�ش» بعنا�صر من ال�سكان املحليني قد تتحول �سوريا �إىل م�رسح لإحياء واحدة من املبادرات الأكرث �إبداع ًا للحرب على العراق «�أبناء العراق» �أو»ال�صحوة» .ولكن ما يدعو لل�سخرية هو املحاوالت اجلارية لإن�شاء تنظيم «ال�صحوة ال�سوري» يف حني مت الق�ضاء عليه تقريب ًا يف م�سقط ر�أ�سه الأ�صلي العراق. ووفقا مل�صادر ،MEBعقدت جل�سة يف �إحدى العوا�صم الإقليمية بني وجهاء القبائل ال�سورية البارزين ،و�آخرين ملناق�شة احلاجة �إىل بناء �شبكة ال�صحوة يف الرقة ،ودير الزور ،وحم�ص� ،إذا كان ذلك ممكناً ،و �أماكن �أخرى يف �سوريا. وذكرت امل�صادر نف�سها �أن اجتماع ًا �إقليمي ًا عقد يف العا�صمة ال�سورية بني �شيوخ القبائل ووجهائها البارزين و�آخرين ملناق�شة احلاجة �إىل بناء �شبكة من ال�صحوة يف الرقة و دير الزور و حم�ص �إذا كان ذلك ممكناً� ،إىل جانب �أماكن �أخرى يف �سوريا. يبقى ال�س�ؤال هو :ما مدى جناح هذه املبادرة؟ فمن امل�ؤكد �أنها �ستواجه حتدي ًا �صعباً .ف�سياق ت�شكيل «ال�صحوة العراقية» يختلف متام ًا عنها يف �سوريا اليوم ،حيث تواجدت القوات الأمريكية باللإ�ضافة �إىل متويل اال�ستخبارات ،و نزع فتيل املتطرفني حتت عدة �شعارات قيادية. يف مقال ن�رش م�ؤخراً ،ي�صف اجلرنال ديفيد بيرتاو�س املبادرة العفوية التي جرت م�ؤخراً مع قبائل حمافظة الأنبار ال�سنة ب�أنها جمدية ومتت يف توقيت منا�سب» .عندما اقرتح الكولونيل �شون ماكفارالند �أن املهم حالي ًا هو ت�شجيع ودعم «�أبناء العراق» ،جابه مقاومة من قبل �أولئك الذين يعتقدون �أنه �سيكون من اجلنون ت�سليح وم�ساعدة النا�س الذين كانوا علن ًا �ضد الأمريكيني (بع�ضهم تورط يف قتل اجلنود الأمريكيني) ،علق اجلرنال برتيو�س :ولكنها ح�صلت على دعم الكثريين ،و�أ�صبحت ت�ستقطب العديد من الرجال مثل كرة الثلج ،ولكن يف هذه احلالة علينا القيام بالعمل اجلاد ،ولكن كيف؟ «.يف هذه احلالة
البد من القول �إن «القاعدة» لي�ست فقط يف الأنبار، بل هي تنت�رش من هناك �إىل �شمال �سوريا من خالل «الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام». وهكذا ،بينما يعمل اجلي�شان يف العراق ميكن �أن ت�ستمر التدابري التي و�ضعها �ضباط �أمريكيون على �أر�ض الواقع يف التعامل مع ال�شعب العراق .هذه التدابري التي تن�ص على حتفيز املواطنني ،وتعزيز امل�صاحلة ،وتوفري احلماية يف حالة انتقام العدو، والعديد من اخلطوات الأخرى. هذه احلالة «�أبناء العراق» ميكن ا�ستغاللها كذلك ال�ستخال�ص �أهم الدرو�س حول كيفية حماربة تنظيم «القاعدة» يف و�سط العراق و�سوريا .بب�ساطة ،هناك حاجة �إىل وجود مثل هذه احلالة يف �سوريا يف ظل الغياب املادي للقوات �ألأمريكية ،وت�صاعد القلق من تنامي نفوذ تنظيم «القاعدة» يف بالد ال�شام. �إن القاعدة لن تهزم �أبداً من دون �إ�رشاك ال�سكان الأ�صليني يف القتال .كما �أنها لن تهزم بدون وجود فكر خالق على غرار الذي مت تطبيقه يف العراق، كما �أن املوقف احلايل يتطلب النظر �إىل و�سط العراق
و�شمال �سوريا على �أنهما �ساحة معركة واحدة ،كما �أن ت�شكيل ال�صحوة ال�سوري يقت�ضي تكثيف جهود بغداد احلالية الرامية لإحياء �صحوة الأنبار . ومن امل�سلم به� ،أن ت�شكيل ال�صحوة ال�سورية ميكن �أن يكون له ت�أثري �سلبي على وحدة �سوريا يف مرحلة ما بعد احلرب� .إىل جانب (ت�شكيالت امليلي�شيا الدرزية يف جنوب �سوريا والكردية يف ال�شمال مع الرتكيز على مقاتلي حزب العمال الكرد�ستاين) و 600من اجلماعات ال�سنية� .إىل جانب التحول الذي يطر�أ على اجلي�ش الوطني ال�سوري بحكم املتغريات .وقد �شدد على �أنه من ال�رضوري �أن تبقى العني على «بعد» احلرب ،قائال «ال يكفي �أننا ال نرى القاعدة « ...هذا كان يف العراق يف ,2010يف حني �ساهم نوري املالكي على مرور الزمن يف هزمية ال�صحوة العراقية. البد من القول �إن الوقت يحتم علينا الآن للعمل مع املجتمعات املحلية ال�سورية وقياداتها على غرار ما حدث يف لبنان ،و�إال �سوف يكون م�صري �سوريا يف ال�صحوة مماث ًال حلالة العراق».
�أ�ضواء على املوقف الفرن�سي املت�شدد من املفاو�ضات مع �إيران �أعلن وزير اخلارجية الفرن�سي لوران فابيو�س لدى و�صوله �إىل جنيف يف 8نوفمرب /ت�رشين الثاين اجلاري االن�ضمام �إىل مفاو�ضات 1+P5مع �إيران، ودعمه لعقد اتفاق م�ؤقت ملدة �ستة �أ�شهر ،اذ جاء يف تقييم املخابرات الفرن�سية �أن املفاعل االيراين الذي يعمل باملاء الثقيل يف «�آراك» الزال قيد الت�شييد, الأمر الذي ي�شكل عن�رصا حيوي ًا لدى اجلمهورية الإ�سالمية لل�سعي من �أجل ال�سالح النووي .وح�سب تقديرات املخابرات الفرن�سية ف�إن طهران لديها تعاون �رسي مع كوريا ال�شمالية يف جمال الربنامج النووي الإيراين. خالل فرتة املفاو�ضات ال�سدا�سية التي متت قبل التوقيع على العقد� ،أعلنت جمهورية كوريا ال�شعبية االنتهاء �رساً من تخ�صيب البلوتونيوم ،وقد فوجئ العامل بتقارير اال�ستخبارات التي تثبت �أنها قد جنحت فع ًال �إىل ت�صنيع قنبلة نووية. وبدا فابيو�س مقتنع ًا بتقارير �أجهزة اال�ستخبارات وبخطورة اخلطوة الإيرانية املماثلة لدرجة �أنه اتخذ
موقف املت�شدد من من�ش�أة «�آراك». ومل يكن دور الفرن�سيني جديداً يف .P5 1فخالل املحادثات ال�سابقة يف فرباير ومار�س املا�ضيني يف كازاخ�ستان ،حيث وجه �آنذاك رئي�س الوفد الفرن�سي ،جاك �أوديربت ،املدير العام لل�ش�ؤون ال�سيا�سية بوزارة اخلارجية االتهامات احلادة لإيران ب�إف�شال املفاو�ضات ،الأمر الذي �أغ�ضب الوفدين الأمريكي والربيطاين .ويف 21مار�س/ �آذار املا�ضي ،قال �آية اهلل علي خامنئي يف خطاب عام �إن «م�س�ؤولني يف احلكومة الفرن�سية �أعلنوا معاداتهم لل�شعب الإيراين خالل ال�سنوات القليلة املا�ضية ،و�أن اخلطوة الفرن�سية غري ذكية من قبل امل�س�ؤولني يف احلكومة الفرن�سية» منوه ًا �إىل �أن هذه امل�شاكل ال تزال م�ستمرة منذ وقت �ساركوزي. يف الواقع ،فان �أوديربت كان �أجرى مفاو�ضات �رسية مع �إيران نيابة عن الرئي�س �ساركوزي مع وزير اخلارجية الإيراين ال�سابق علي �أكرب واليتي ،ولكنها توقفت ب�سبب انزعاج كل من
�ساركوزي و�أوديربت من الطرف الإيراين ،و قبل و�صول فابيو�س �إىل جنيف 8نوفمرب 8اجلاري, �أ�سفرت املفاو�ضات بني كل من الواليات املتحدة واملفاو�ضني الإيرانيني عن الطاقة �إىل م�رشوع اتفاق م�ؤقت ،الأمر الذي اعترب خطوة ناجحة. وكانت كاثرين ا�شتون رئي�س املفاو�ضني قد ا�ستدعت وزير اخلارجية الأمريكي جون كريي �إىل جنيف اعتقاداً منها عن قرب التوقيع النهائي على االتفاق. وقد اعرت�ض فابيو�س على لغة االتفاق ،مطالب ًا �أن ين�ص على جتميد البناء موقع «�آراك» �أثناء فرتة التفاو�ض ملدة �ستة ا�شهر .ويبقى �أن نرى ما �إذا كان التدخل الفرن�سي �سوف يعرقل االتفاق امل�ؤقت � ،إىل جانب �أن الرئي�س الفرن�سي فرن�سوا هوالند زار ا�رسائيل و تعهد باحلفاظ على موقف فرن�سا املت�شدد من املفاو�ضات الإيرانية ,متفق ًا يف وجهة النظر تلك مع رئي�س الوزراء بنيامني نتانياهو القائلة ب�أن اتفاقية �سيئة �أ�سو�أ من �أي �صفقة . بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
الأخرية
العدد ( 2013/12/1 )116م
08
مـــ�آالت الدولــة العــــربيـــة احلديثــة الدكتور عبداهلل تركماين
تتعر�ض العديد من الدول العربية �إىل �أزمة بنيوية عميقة تطال �أ�س�س النظام ال�سيا�سي وم�ستقبله، خا�صة تلك الدول التي تفتقد �سلطاتها لل�رشعية الد�ستورية .ففي حاالت عربية لي�ست قليلة يتفكك كيان الدولة املوحدة بفعل الهويات املت�صارعة داخلها ،مما ي�ضع م�ستقبل هذه الدول على املحك، وحتولها ويعر�ضها الفتقاد جمتمعاتها للحماية ّ ّ �إىل دول فا�شلة. ويبدو � ّأن الدولة العربية “احلديثة” قد انحلت �إىل جمرد �أجهزة �إدارية تابعة للفئة املت�سلطة على احلكم ،مبعنى �أنه مل يتح للمجتمعات العربية �أن تفرز �سلطاتها القادرة على �إدارة دولة حق وقانون، بل بقي هذا الأمنوذج غائب ًا �إجما ًال ،لي�س النعدام التقاليد الدميقراطية �أ�ص ًال من املجال العام ،بل ب�سبب تلك احلالة من فقدان اجلماعة ح�س الأمان العام يف ظل �سلطات ا�ستبدادية اعتادت على منهج اخلوف والتخويف ك�أ�سا�س لكل عالقة بني احلاكم واملحكوم. ويف الواقع ،ال �أحد ينكر � ّأن العامل العربي قد اب ُتلي، يف �أغلب دوله ،بنخب حاكمة هي مزيج من كوا�رس جموف وخمتل باحثة عن فري�ستها يف ج�سم جمتمع ّ قطاع طرق خمتفني وراء �ألقاب ورتب التوازن ،ومن ّ �سيا�سية وع�سكرية و�أمنية واقت�صادية ،ومهربي خمدرات وجتار �سالح وخمتل�سني لأموال الدول، ول�صو�ص ومرت�شني ،ال مبد�أ لديهم وال مثال غري �إر�ضاء ال�شهوة البدائية يف ال�سيطرة والقوة والرثوة املادية .وكانت النتيجة النهائية لكل تلك املقدمات
امل�أزومة � ّأن الدولة العربية «احلديثة» ف�شلت ف�ش ًال ذريع ًا يف �إي�صال املجتمعات العربية �إىل �شاطئ وبر الأمان واالطمئنان الذي �سبق �أن وعدت ال�شعب به. وعلى �صعيد �آخر مل تنجح الدولة العربية �أو مل حتاول العمل على حل م�شكلة التعددية الإثنية واملذهبية والدينية متى وجدت هذه التعددية ،ال بل زادتها حدة بعدما جتاهلتها �أو حاولت توظيفها يف لعبة داخلية ،انقلب يف نهايتها ال�سحر على ال�ساحر. �أما واقع املجتمعات العربية فهو لي�س �أح�سن حا ًال ،فهذه املجتمعات تبدو يف غربة �أو غيبوبة، وهي مغيبة ،بفعل القيود الكثرية املكبلة حلركتها وحراكها ،وغائبة بحكم ارتهانها للهموم اليومية التي تكابدها ،لتح�صيل لقمة العي�ش ،ومعها ت�أمني احلد الأدنى من التعليم وال�صحة وال�سكن وباقي م�ستلزمات احلياة الكرمية� ،إن �أُمكن. هكذا تتكرر �صورة املفا�ضلة الإجبارية بني اخليارات ال�سيئة لتطال معظم الدول العربية، ف�إما ا�ستقرار للدول والأوطان حتت ظالل �سلطات م�ستبدة ،متار�س البط�ش والعنف الداخلي ،ومت�سك اقت�صاداً ريعي ًا ،وت�رشف على توزيع ما ت�ستغني وتهم�ش يف الوقت عنه لبع�ض الفئات املوالية لها، ّ نف�سه �أو�سع فئات �شعبها ،بعيداً عن �أية م�شاركة �سيا�سية �أو خارج �أية م�ساهمة يف التنمية والتقدم االقت�صادي ،خالقة بذلك احلا�ضنة االجتماعية واالقت�صادية حلركات التطرف والإرهاب. �إن الإ�شكالية التي تعي�شها الدولة الوطنية يف
العامل العربي هي �أنها مل تتمكن من �إيجاد نوع من التوافق بني ال�سلطة واحلرية ،ف�إيجاد هذا النوع من التوافق يتوقف عليه القدر من ر�ضى املواطنني عن احلكومات ،مما ي�سهم يف �إ�ضفاء ال�رشعية عليها و�إىل بقاء وا�ستمرارية الدولة الوطنية .لذلك بات من واجبها �أن تبحث عن ال�سبل التي ت�ستطيع من خاللها ت�أمني القدر املعقول من احلرية يف �سبيل �ضمان م�صالح املواطنني. � ّإن الواقع ،املو�صوف �أعاله ،يدعونا جميع ًا للتعاطي املجدي مع التحديات الكربى ،مما يفر�ض �رضورة انفتاح الأنظمة على �شعوبها ،واعرتافها بالتق�صري عن حتقيق �أهدافها وتطلعاتها والتزاماتها التي �سبق �أن وعدت بها .كما يفر�ض �أن تتجه جهود �أبناء جمتمعاتنا كلهم -حكام ًا وحمكومني � -إىل تركيز الطاقات باجتاه العمل والتنمية وال�سعي للنهو�ض بواقع دولهم ،يف حماولتها ال�ستيعاب املعرفة مبختلف جوانبها ،والعمل على اكت�سابها، ون�رشها ،وتعميمها ،وذلك من �أجل االرتقاء بواقعها االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي يف مواجهة عامل كبري يتحكم فيه منطق القوة وامل�صالح. فلم يعد عي�ش املواطن العربي حتت وط�أة الإق�صاء ال�سيا�سي �أو البط�ش املنهجي هو القدر املحتوم �أمامه ،بل البد من �إجراء تغيرّات عميقة يف دولنا العربية كي ت�صبح دول حق وقانون ،دول كل مواطنيها بدون متييز طائفي �أو عرقي �أو جهوي.