Al badil 116

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2013/12/1ádGó``Y‬م‬ ‫العدد (‪)116‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (116) 1/12/2013‬‬

‫“م�شروع �أمة” �أم حرب ا�ستباقية على الدميقراطية يف �سوريا امل�ستقبل؟‬

‫ح�سام مريو‬

‫يثري �إعالن اجلبهة الإ�سالمية "م�رشوع �أمة" الكثري من‬ ‫الأ�سئلة حول م�ستقبل �سورية‪ ،‬خا�صة �أن "امل�رشوع"‬ ‫ي�صدر عن جبهة عري�ضة تن�ضوي حتتها �أهم الف�صائل‬ ‫املقاتلة‪ ،‬وهي جي�ش الإ�سالم‪ ،‬ولواء التوحيد‪ ،‬وحركة‬ ‫�أحرار ال�شام‪ ،‬و�ألوية �صقور ال�شام‪ ،‬وكتائب �أن�صار‬ ‫ال�شام‪ ،‬ولواء احلق‪ ،‬وهذه القوى تعطي الإعالن قوة‬ ‫مادية كبرية‪ ،‬مبا متتلكه من مكانة يف امل�شهد امل�سلح‪،‬‬ ‫ومن مقاتلني‪ ،‬ومن مال‪ ،‬ودول داعمة‪.‬‬ ‫يحدد البند الثالث من الأهداف التي يت�ضمنها‬ ‫"امل�رشوع" �شكل الدولة التي تطمح اجلبهة �إىل �إقامتها‬ ‫"دولة م�ستقلة تكون فيها ال�سيادة ل�رشع اهلل احلنيف"‪،‬‬ ‫وهذا يعني �أن الهدف التايل بعد �إ�سقاط النظام‬ ‫(املذكور يف البند الأول من الأهداف) هو �إقامة الدولة‬ ‫الإ�سالمية‪ ،‬وهو ما يتناق�ض مع القوى ال�سيا�سية‬ ‫ال�سورية التي حددت �شكل الدولة املقبل ب�أنها "دولة‬ ‫مدنية دميقراطية تعددية"‪ ،‬وكانت قوى املعار�ضة قد‬ ‫اتفقت على هذه ال�صيغة يف م�ؤمتر توحيد املعار�ضة‬ ‫ال�سورية الذي عقد يف القاهرة بتاريخ ‪2‬و‪ 3‬يوليو‪/‬‬ ‫متوز ‪ ،2012‬وكان الإخوان امل�سلمون من املوافقني‬ ‫على هذه ال�صيغة‪ ،‬ومل يروا فيها ما مي�س مبادئ‬ ‫اجلماعة‪ ،‬وكانت �صيغة الدولة املدنية قد �أقرت يف‬ ‫وثائق �أ�صدرها "الإخوان" يف غري منا�سبة‪ ،‬وتالي ًا‬ ‫ف�إن "امل�رشوع" الذي تتبناه اجلبهة الإ�سالمية هو‬ ‫�أكرث من خطوة �إىل الوراء‪ ،‬وميكن اعتباره يف هذه‬ ‫النقطة انق�ضا�ض ًا وا�ضح ًا على امل�شرتكات الرئي�سية‬ ‫لقوى املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬ولكثري من الفئات وال�رشائح‬

‫االجتماعية ال�سورية‪.‬‬ ‫�أما املادة العا�رشة من الإعالن فهي �أكرث من مثرية‬ ‫للجدل‪ ،‬وهي املادة التي تو�ضح "اجلبهة" موقفها‬ ‫من احلل يف �سورية‪ ،‬وجاء فيها �أن اجلبهة "ال ت�شارك‬ ‫يف �أية عملية �سيا�سية تخالف الدين �أو جتعل ال�سيادة‬ ‫لغري �رشع اهلل عز وج ّل‪ ،‬فكل عملية �سيا�سية ال تعرتف‬ ‫ب�أن الت�رشيع حق اهلل وحده مناق�ضة للدين‪ ،‬وو�سيلة‬ ‫�رضب من الرهبنة‬ ‫غري م�رشوعة‪ ،‬فالدين بال �سيا�سة‬ ‫ٌ‬ ‫املحرمة يف ديننا‪ ،‬وال�سيا�سة بال دين علمنة مرفو�ضة"‪،‬‬ ‫وبذلك ف�إن "اجلبهة" تعار�ض من الأ�سا�س مبد�أ احلل‬ ‫ال�سيا�سي‪� ،‬إذ �أن احلل ال�سيا�سي التفاو�ضي �سيقوم على‬ ‫�أ�س�س �سيا�سية حم�ضة‪ ،‬تتعلق بالعملية االنتقالية‪،‬‬ ‫وترتيباتها‪ ،‬ومن الطبيعي �أن قوى م�شاركة يف احلل‬ ‫ال�سيا�سي من جانب املعار�ضة والنظام لن تقبل ب�أن‬ ‫تكون الدولة املقبلة دولة �إ�سالمية يكون فيها الت�رشيع‬ ‫"حق هلل ال �رشيك فيه"‪ ،‬لأنها بذلك تلغي خ�صو�صيات‬ ‫التنوع ال�سوري‪ ،‬ودفع الأمور �إىل مزيد من التدهور‪،‬‬ ‫خا�صة �أن جزء كبري من الو�ضع ال�سوري مل يعد �ش�أن ًا‬ ‫خا�ص ًا بال�سوريني‪ ،‬وباتت احلروب بالوكالة تدار بني‬ ‫�أطراف �إقليمية‪ ،‬وهذه الأطراف لي�س لها م�صلحة يف‬ ‫�إيجاد حل �سيا�سي يف الوقت الراهن‪ ،‬كما �أنها ت�شتغل‬ ‫على خطط ا�سرتاتيجيات بعيدة املدى‪ ،‬ولي�س لها عالقة‬ ‫مبطالب ال�سوريني يف احلرية والكرامة‪ ،‬ما �إىل ذلك من‬ ‫�أهداف تتعلق ب�أ�سباب االنتفا�ضة ال�سورية‪.‬‬ ‫كما علنت "اجلبهة" موقفها من �ست م�سائل �أ�سا�سية‪،‬‬ ‫وهي العلمانية‪ ،‬والدميقراطية‪ ،‬والدولة املدنية‪،‬‬

‫والكورد‪ ،‬واملهاجرون‪ ،‬والأقليات‪ ،‬ومبا يخ�ص‬ ‫العلمانية فقد اعتربها "الإعالن" �أنها مناق�ضة‬ ‫للإ�سالم‪ ،‬لأنها "تف�صل الدين عن احلياة واملجتمع" ‪،‬‬ ‫وكذلك الدميقراطية لأنها تعطي حق الت�رشيع لل�شعب‪،‬‬ ‫وقد اعترب "الإعالن" �أن للمهاجرين (املقاتلني‬ ‫الأجانب) حقوق كالتي للمقاتلني ال�سوريني‪ ،‬ومل تكن‬ ‫مواقف "اجلبهة" من الق�ضية الكوردية �أو الأقليات‬ ‫�أف�ضل حا ًال من موقفها من العلمانية والدميقراطية‪،‬‬ ‫�أما الدولة املدنية فقد و�صفها الإعالن ب�أنها "تعبري‬ ‫م�ضلل"‪ ،‬كما اعترب القومية العربية �أكذوبة‪.‬‬ ‫لقد كان ال�سعي �إىل وحدة الف�صائل والكتائب املقاتلة‬ ‫هدف ًا طالبت به قوى �سيا�سية معار�ضة‪ ،‬وذلك من �أجل‬ ‫جتاوز حالة الت�رشذم واالنق�سام‪ ،‬وطرحت �صيغ عدة‬ ‫للتوحيد‪ ،‬وكان �أهمها �صيغة اجلي�ش الوطني‪ ،‬بحيث‬ ‫يخ�ضع لإ�رشاف ع�سكريني حمرتفني‪ ،‬ويخ�ضع لأمرة‬ ‫القيادة ال�سيا�سية لقوى املعار�ضة‪ ،‬لكن هذا الهدف‬ ‫مل يتحقق‪ ،‬ومن املعروف �أن قوى كثرية رف�ضت فكرة‬ ‫اجلي�ش الوطني‪ ،‬وعملت على �إف�شالها‪ ،‬بينما ي�أتي‬ ‫التوحد اليوم من خالل جبهة �إ�سالمية وا�سعة‪ ،‬لي�س‬ ‫وت�رصح ب�أن‬ ‫فيها �إ�شارة واحدة �إىل الدولة الوطنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرابط بني القوى املتحدة هو "انتما�ؤها للإ�سالم"‪.‬‬ ‫هل �إعالن اجلبهة الإ�سالمية هو خطوة نحو الأمام يف‬ ‫حل الأزمة ال�سورية‪ ،‬وبناء �سورية امل�ستقبل على �أ�سا�س‬ ‫العي�ش امل�شرتك‪� ،‬أم �أنها خطوة لتفجري ما تبقى من‬ ‫التعاي�ش‪ ،‬وزيادة تعقيد الأزمة وم�ستويات تداخلها؟‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تقارير‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪02‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وخدمة للنظام وم�صالح رو�سيا و�إيران‬ ‫خدعة‬ ‫يعتربونه‬

‫ً‬ ‫مادة لل�سخرية يف �أحاديث ال�سوريني وتعبرياتهم الفنية‬ ‫«جنيف ‪»2‬‬ ‫حلب‪ -‬حممد �إقبال ب ّلو‪:‬‬

‫بعد �أن متت حمادثات جنيف اخلا�صة بامللف‬ ‫النووي الإيراين ‪ ,‬وبعد �أن مت االتفاق بني الواليات‬ ‫املتحدة ودول االحتاد الأوروبي حول تفا�صيل‬ ‫هذا امللف ‪ ,‬وبعد �أن وقع ما وقع �رساً ‪ ,‬و�أُظهر ما‬ ‫اتفق عليه علن ًا ‪� ,‬أعلنت الأمم املتحدة موعد انعقاد‬ ‫م�ؤمتر جنيف‪ 2‬يف ال�شهر الأول من عام ‪,2014‬‬ ‫وهذا ما �أكد لل�سوريني عبارة رددوها ب�شكل م�ستمر‬ ‫(الكيماوي الأ�سدي مرتبط �أ�شد االرتباط بالنووي‬ ‫الإيراين) ‪ ,‬فبد�أ معظم ال�سوريون ي�سخرون من هذا‬ ‫امل�ؤمتر الذي �سيكون هزي ًال ح�سب تعبري البع�ض ‪,‬‬ ‫و�سيكون م�ؤمتراً لبيع �سورية لرو�سيا و�إيران يف‬ ‫املزاد العلني وفق تعبري البع�ض الآخر وقام �آخرون‬ ‫بن�رش �صور على مواقع الإنرتنت و�صفحات مواقع‬ ‫التوا�صل االجتماعي من امل�ؤمتر ومبن �سيح�رضونه‬ ‫‪ ,‬وت�ؤكد �أن الثورة �ضد النظام اال�ستبدادي يف �سورية‬ ‫م�ستمرة دون توقف‪.‬‬ ‫النا�شط عمر عبد الرحمن قال ل" البديل"‪ :‬مل �أ�سمع‬ ‫قط بثورة مل تنت�رص‪ ،‬فقدر كل الثورات ال�شعبية �أن‬ ‫تنت�رص ‪ ,‬ويف الثورات ال حتدث �أية مفاو�ضات‪ ،‬لأننا‬ ‫جميع ًا نعلم �أن التفاو�ض هو �سل�سلة من العمليات‬ ‫ال�سيا�سية واالتفاقات التي تت�ضمن تنازل �أحد‬ ‫الطرفني �أو كال الطرفني عن مواقف معينة‪ ,‬ويف‬ ‫الثورة ال�سورية لن يتنازل ال�شعب ال�سوري عن ر�أ�س‬ ‫ب�شار ومن وااله من �شبيحة ورجال ع�صابات‪,‬‬ ‫ال�سوريون م�ستمرون يف ثورتهم ولن يتوقف‬ ‫ن�ضالهم �ضد امل�ستبد الأ�سدي �سواء انعقد جنيف‬ ‫�أو مل ينعقد بتات ًا ‪ ,‬كل ذلك لي�س له �أي ت�أثري على‬ ‫م�سرية الثورة‪.‬‬ ‫وي�ضيف عبد الرحمن‪� :‬إن �أي تنازل يقدمه رجال‬ ‫املعار�ضة لن نوافق عليه ولن ن�سمح بتطبيقه ‪,‬‬

‫والكل يعلم �أن الكلمة الف�صل للثوار على الأر�ض ‪,‬‬ ‫و�أريد �أن �أ�س�أل هل لرئي�س االئتالف �شخ�صي ًا �أية‬ ‫�سلطة على �أي �شاب حمل ال�سالح وبد�أ بقتال النظام؟‬ ‫وهل لكل ال�شخ�صيات املعار�ضة �أية قدرة على‬ ‫فر�ض ر�أي على من ا�ست�شهدت عائلته �أو اغت�صبت‬ ‫�أخته �أو اعتقل �أخاه؟ اجلواب ال بالت�أكيد ‪� ,‬إذن فكيف‬ ‫�ستطبق مقررات جنيف �إذا مل يوافق عليها الثوار يف‬ ‫الداخل ال�سوري؟‪.‬‬ ‫�أحد املواطنني قام بافتتاح مقهى ومطعم �صغري‬ ‫متوا�ضع جداً و�أ�سماه مطعم جنيف‪ 2‬وكتب عليه‬ ‫ما يلي‪ ( :‬مطعم جنيف‪ ,2‬م�شاوي ‪ ,‬قهوة �إك�سربي�س‬ ‫‪ ,‬فالفل ‪ ,‬م�رشوب بارد ) وت�رصف كهذا يوحي لنا‬ ‫مبدى �سخرية ال�سوريني حتى الب�سطاء منهم بهكذا‬ ‫م�ؤمتر يتم عقده على جثث �شهداء �سورية ‪� ,‬إذ يقول لنا‬ ‫�أبو �أحمد النريبي ‪ :‬هذا الرجل �صاحب املطعم عرف‬ ‫بب�ساطته �أن جنيف‪ 2‬ما هو �إال كذبة جديدة تريد‬ ‫الدول �أن تخدعنا بها كما خدعتنا ب�أكاذيب �أخرى‬ ‫�سابقة ‪ ,‬ونحن لن نن�سى بالت�أكيد احل�شود الع�سكرية‬ ‫التي قام بها ( �أبو ح�سني �أوباما) يف املتو�سط على‬ ‫�أنه �سيقوم ب�رضبة ع�سكرية خالل �أيام ‪ ,‬ثم خالل‬ ‫�ساعات ‪ ,‬ثم خالل دقائق ‪ ,‬والتي تبني فيما بعد �أنها‬ ‫كذبة ما بعدها كذبة ‪ ,‬مل نعد ال�سذج الذين كنا يف‬ ‫ال�سابق ‪ ,‬لقد ك�شفنا كل النوايا والأ�ساليب للإبقاء‬ ‫على نظام الغدر واال�ستبداد وا�ستمرار قيامه تلبية‬ ‫مل�صالح الدول و�أهمها �إ�رسائيل‪.‬‬ ‫يف �صورة �أخرى ن�رشت على �صفحات التوا�صل‬ ‫االجتماعي جند جراراً يحرث املاء وال ي�ؤدي �إىل‬ ‫نتيجة ‪ ,‬وقرب اجلرار لوحة كتب عليها ( احلل‬ ‫ال�سيا�سي) ‪ ,‬يف تعبري هام عن �أن هكذا نظام غري‬

‫قابل للحل ال�سيا�سي مطلق ًا �إذ �أنه لي�س نظام ًا‬ ‫�سيا�سي ًا بل نظام ًا ع�سكري ًا قمعي ًا ‪ ,‬ورغم الكثري‬ ‫من اجلهود التي تبذلها بع�ض الدول لتحقيق حل‬ ‫�سيا�سي �أغلب الظن �أنه يف �صاحله �إال �أنه ما زال‬ ‫ب�سلوكياته يعلن رف�ضه لأي حل‪.‬‬ ‫يقول النا�شط �سامر امل�صطفى‪ :‬م�شكلة املجتمع‬ ‫الدويل املت�آمر مع النظام ل�صالح �إ�رسائيل مل يفهم‬ ‫�أننا �أدركنا تفا�صيل اللعبة ‪ ,‬منذ بداية الثورة‬ ‫والكتائب توجه بالدوالر القادم من الدول العربية‬ ‫والأجنبية (حا�رص هنا‪ ,‬ا�رضب هنا ‪� ,‬إياك �أن‬ ‫تهاجم ‪ , .....‬تخلى عن هذه املنطقة) كانت �ألوية‬ ‫اجلي�ش احلر تتحرك وفق ًا للتعليمات التي ت�أتيها‬ ‫من الداعمني الذين كانوا يلعبون باملعركة يف‬ ‫الداخل‪ ،‬وك�أن بيدهم (رميوت كونرتول) �إال �أن كل‬ ‫الكتائب والألوية اليوم قد اكت�شفت اللعبة ‪� ,‬صحيح‬ ‫�أنها اكت�شفت ذلك م�ؤخراً لكن املهم �أن اجلميع عرفوا‬ ‫ب�شكل جلي ما يحاك ويخطط �ضد الثورة ‪ ,‬وعرفوا‬ ‫�أن ال حل �سيا�سي ًا ‪ ,‬وال جنيف‪ 2‬وال حتى جنيف‪15‬‬ ‫�سين�رص الثورة ال�سورية ‪� ,‬إن الثورة ال�سورية لن‬ ‫تنت�رص �إال ع�سكري ًا ‪ ,‬لأن النظام لن يقبل �أن يتخلى‬ ‫عن �أي جزء من خمططاته و�سيا�ساته و�أي جزء من‬ ‫تركيبه الع�سكري والأمني ‪ ,‬فنظام �شمويل كهذا �إما‬ ‫�أن يبقى و�إما �أن ي�سقط دفعة واحدة وال �شيء �سوى‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫الكثري من العبارات ال�ساخرة التي رددها النا�شطون‬ ‫ب�شكل خا�ص وال�سوريون ب�شكل عام ومنها‪:‬‬ ‫�ستح�صلون على الكرا�سي الوهمية يف جنيف‪، 2‬‬‫ولكنكم حتتاجون لطائرات ال ت�صلها �صواريخنا‬ ‫حتى تهبطوا بها يف ق�صور دم�شق‪.‬‬


‫‪03‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫بعد ال�صفقة مع �إيران‬

‫�ضرورة و�ضع حد للحرب بالوكالة يف �سورية‬ ‫جريمي �شابريو – �صاموئيل �شراب‪ -‬ترجمة و�إعداد البديل‪:‬‬

‫يف �أعقاب جناح اتفاق جنيف بني ‪ P5 +1‬وايران ‪،‬‬ ‫ف�إن الإعالن عن عقد م�ؤمتر ال�سالم للحرب الأهلية‬ ‫يف �سوريا ‪ -‬ما ي�سمى م�ؤمتر جنيف الثاين ‪ -‬يوم‬ ‫‪ 22‬يناير‪ /‬كانون الثاين هو نب�أ �سار ‪ .‬ولكن حتى‬ ‫لو تبني �أن جميع الأطراف‪ -‬يف الواقع‪� -‬ستح�رض‬ ‫االجتماع ‪ ،‬ف�إن هناك �شكوك ًا كبرية حول ما �إذا‬ ‫كان التو�صل �إىل ت�سوية �سيا�سية بني الأطراف‬ ‫املتحاربة ال�سورية من املمكن يف هذه املرحلة‪.‬‬ ‫لزيادة فر�ص النجاح ‪ ،‬يتعني على الواليات املتحدة‬ ‫ورو�سيا ال�سعي لوقف �إطالق النار بني الدول‬ ‫الإقليمية الداعمة للأطراف امل�شاركة يف احلرب‬ ‫متهيداً جلنيف الثانية‪ .‬دعنا ن�سميها " جنيف ‪. "1.5‬‬ ‫ال�رصاع يف �سوريا مل يعد �رصاع ًا داخلي ًا‪ ،‬فقد �أ�صبح‬ ‫حرب ًا �إقليمية بالوكالة ‪ ،‬وب�صورة رئي�سية بني‬ ‫ال�سعودية و�إيران ‪ ،‬على الرغم من الأدوار املهمة‬ ‫التي تلعبها قطر وتركيا و العراق‪ .‬من املهم �أن‬ ‫ت�ضغط هذه الدول على حلفائها يف �سورية للح�ضور‬ ‫�إىل جنيف الثانية‪.‬‬ ‫�إن ال�سجل التاريخي حلل مثل هذه احلروب هو‬ ‫وا�ضح ‪ .‬حتى اجلهات اخلارجية ت�صل �إىل نوع من‬ ‫الت�سوية‪ ،‬و�إال ف�إنها �ست�سمر يف متويل و ت�سليح‬ ‫وكالئها‪ ،‬و �سوف ت�ستمر احلرب �إىل ما ال نهاية ‪.‬‬ ‫ر�أينا هذه الديناميكية غري املر�ضية يف احلروب‬ ‫الأهلية التي ا�ستمرت عقوداً يف كثري من الأحيان‬ ‫�أثناء احلرب الباردة‪ .‬ويف العراق و�أفغان�ستان مل‬ ‫يتمكن كل جربوت اجلي�ش الأمريكي من �إنهاء‬ ‫احلرب الأهلية التي تغذيها �أطراف خارجية‪.‬‬ ‫حتى الآن ‪ ،‬مل تبذل �أية جهود حقيقية للعمل على‬ ‫تغيري دور اجلهات الفاعلة الإقليمية يف �سوريا وما‬ ‫زالت ال�رصاعات قائمة بينها‪� .‬إن م�ؤمتر "جنيف ‪"1‬‬ ‫الذي انعقد يف متوز ‪ 2012‬مل ي�شمل ال�سوريني‪ ،‬لكنه‬ ‫ركز على مبادئ متعلقة باحلرب الأهلية‪ ،‬و ا�ستبعد‬

‫بع�ض اجلهات الفاعلة الإقليمية الرئي�سية ‪ -‬وال‬ ‫�سيما �إيران وال�سعودية‪� .‬إن الغر�ض من م�ؤمتر جنيف‬ ‫�سيكون �شبيه ًا مبفاو�ضات خم�سة زائد واحد‪� ،‬أي‬ ‫ت�سهيل حل �سيا�سي يف نهاية املطاف داخل �سوريا‪،‬‬ ‫وذلك عن طريق خف�ض ن�شاط اجلهات الفاعلة‬ ‫الإقليمية التي تغذي ال�رصاع‪� .‬إن الهدف من االتفاق‬ ‫هو �أن يكون اتفاق وقف �إطالق النار‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة ورو�سيا ميكن لهما البدء بالعمل‬ ‫على جلب الفاعلني الإقليميني الرئي�سيني‪ ،‬وتقدمي‬ ‫امل�ساعدات الإن�سانية يف �سوريا ‪ ،‬وا�ستخدام هذا‬ ‫اجلهد لالنتقال اىل املناق�شات حول ال�رصاع و‬ ‫م�ستقبل �سوريا ‪ .‬و�إذا ما مت �إجال�س ال�سعوديني‬ ‫والإيرانيني حول طاولة واحدة ملناق�شة �سوريا‬ ‫ف�إن ذلك �سيكون انفراج كبري ‪ ،‬ولكن هذا يحتاج‬ ‫من وا�شنطن ومو�سكو دفع حقيقي بهذا االجتاه ‪.‬‬ ‫و�سيكون املفتاح �إقناع جميع الأطراف ب�أن لديهم‬ ‫�أمل يذكر يف حتقيق �أهدافهم البعيدة‪ ،‬ومن ثم �إيجاد‬ ‫�صيغة ميكن �أن ت�ستوعب م�صالح جميع االطراف‬ ‫�سوريا امل�ستقبل‪.‬‬ ‫على الرغم من ال�صعوبات الكثرية املرتبطة بهذا‬ ‫النهج ‪ ،‬لكن هناك �أ�سباب لالعتقاد ب�أن مثل هذه‬ ‫ال�صفقة قد تكون ممكنة‪ .‬يف �سوريا تهدر �إيران‬ ‫املوارد الثمينة‪ ،‬وتعمل ال�سعودية على تر�سيخ‬ ‫الرواية القائلة باالنق�سام ال�سني ال�شيعي‪ ،‬و�أن �إيران‬ ‫حتاول تدمري مكانتها يف العامل العربي ‪ .‬من املمكن‬ ‫لإيران القبول بت�سوية �إذا حققت فيها م�صاحلها‬ ‫الأ�سا�سية املتمثلة يف �ضمان ارتباطها مع حزب‬ ‫اهلل ولبنان‪ ،‬ومنع �سيطرة حكومة معادية لها يف‬ ‫دم�شق‪ ،‬وميكن اعتبار �أن جناح املحادثات النووية‬ ‫مع طهران �سيجعلها �أكرث انخراط ًا يف ت�سوية حول‬ ‫امللف ال�سوري‪.‬‬ ‫ويف الوقت نف�سه ‪ ،‬ف�إن ال�سعوديني يواجهون خطراً‬

‫متزايداً ب�أن �سوريا �أ�صبحت حا�ضنة لهذه العالمة‬ ‫التجارية من التطرف "تنظيم القاعدة" التي قد‬ ‫تهدد يف نهاية املطاف ال�سعودية نف�سها‪ .‬وبب�ساطة‪،‬‬ ‫ف�إن ال�سعودية �إن مل يكن مبقدورهما ك�سب حرب‬ ‫بالوكالة طويلة مع �إيران ف�إنها قد ترى فوائد يف‬ ‫حدوث ترتيبات لتقا�سم ال�سلطة يف دم�شق التي‬ ‫من �ش�أنها �أن تعطي لها بع�ض النفوذ مع احلكومة‬ ‫االنتقالية ال�سورية‪ ،‬ولذلك يجب دفع كل من‬ ‫ال�سعودية وطهران حل�ضور املفاو�ضات‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة و رو�سيا هما طرفان غري حمايدان‬ ‫يف احلرب ال�سورية ‪ ،‬ولكن على الرغم من ذلك فقد‬ ‫تعاونا من �أجل �إجناح مفاو�ضات حم�سة زائد واحد‪.‬‬ ‫ولهما م�صلحة م�شرتكة يف �ضمان �أن املتطرفني‬ ‫الإ�سالميني لن ي�سيطروا على �سوريا‪ .‬الواليات‬ ‫املتحدة لديها عالقات وثيقة مع اململكة العربية‬ ‫ال�سعودية وقطر و تركيا‪ ،‬و رو�سيا لديها عالقات‬ ‫�أف�ضل مع �إيران‪ .‬اذا كانت وا�شنطن ميكن �أن تثبت‬ ‫�أنها جادة يف كبح جماح حلفائها الإقليميني ‪ ،‬مع‬ ‫حماولة مو�سكو جلب �إيران �إىل طاولة املفاو�ضات‪،‬‬ ‫ف�إن ذلك قد ي�ؤدي �إلأى نتيجة مهمة‪ ،‬كما �أن رو�سيا‬ ‫تقليدي ًا حتب �أن تلعب دور ال�ضامن لإنهاء حروب‬ ‫الآخرين‪.‬‬ ‫�إن عقد جنيف خم�سة زائد واحد بالن�سبة ل�سوريا لن‬ ‫يكون �سهال بالن�سبة لرو�سيا �أو الواليات املتحدة ‪-‬‬ ‫ال يزال هناك عدم ثقة و اخلالفات بينهما بخ�صو�ص‬ ‫�سورية كبرية‪ .‬ولكن كما تو�ضح �صفقة الأ�سلحة‬ ‫الكيميائية ‪ ،‬ف�إن التعاون بني الواليات املتحدة و‬ ‫رو�سيا ب�ش�أن �سوريا ميكن �أن يحقق �أرباح ًا كبرية‪.‬‬ ‫رمبا عقد جنيف ‪ 2‬قد يكون �صعب املنال يف الوقت‬ ‫الراهن لكن ال�سعي لوقف �إطالق النار الإقليمي هو‬ ‫اخليار الأف�ضل للم�ضي نحو الأمام‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫�سيا�سة اخلطوة خطوة ‪ :‬من «جنيف الإيراين» �إىل «جنيف ال�سوري»‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫تتغري معطيات امل�شهد ال�سوري بوترية مت�سارعة‬ ‫منذ �صفقة الأ�سلحة الكيماوية ال�سورية‪ ،‬فالتدخل‬ ‫الع�سكري املبا�رش من قبل �إيران و حزب اهلل �أدى‬ ‫�إىل تغيري موازين القوى ل�صالح القوات النظامية‬ ‫ال�سورية‪ ،‬مع بوادر تفكك اجلي�ش ال�سوري احلر‬ ‫مقابل نزعة توحد للإ�سالمويني الذين عقدوا العزم‬ ‫على �أن يكونوا �ضد اجلميع‪ ،‬وان�شغال "القاعدة"‬ ‫باملحاكمات ال�رشعية واالجتار بالنفط ال�سوري‪.‬‬ ‫قطر تركت ال�ساحة لل�سعودية‪ ،‬وم�رص عادت بعد‬ ‫طرد الإخوان �إىل نظرية الأمن القومي اال�سرتاتيجي‬ ‫التي تتطلب بقاء �سورية موحدة بجي�ش قوي‪ .‬وبعد‬ ‫طرد الإخوان يف م�رص تقل�صت احل�صة ال�سيا�سية‬ ‫لـ «�إخوان» �سورية �أو تكاد ت�صبح معدومة رغم‬ ‫حماوالتهم غري املجدية على ما يبدو للتمايز عن‬ ‫«�إخوان» م�رص‪ .‬الرو�س والأمريكيون اتفقا على‬ ‫الإ�صالح من داخل النظام ولي�س تغيريه وعلى‬ ‫االبقاء على اجلي�ش ال�سوري قوي ًا يف مواجهة‬ ‫الإرهاب وبقاء الرئا�سة للطائفة العلوية‪ .‬ورمبا‬ ‫كان املعطى الأهم هو االتفاق النووي بني �إيران‬ ‫وجمموعة (‪.)1+5‬‬ ‫مل يكن الإعالن الأخري عن موعد "جنيف ‪"2‬‬ ‫ال�سوري بعد يوم واحد على "جنيف" الإيراين من‬ ‫باب ال�صدفة العابرة‪ ،‬بل كان ذلك مبثابة اعرتاف‬ ‫دويل ب�أن ال�ساحة ال�سورية كانت ميدان ًا لت�صفية‬ ‫العديد من امللفات الدولية والإقليمية‪ .‬ولي�س‬ ‫ب�صدفة �أن يتم االتفاق بعد �أن ي�صل �إىل �سدة احلكم‬ ‫الإ�صالحي ح�سن روحاين مع قبول «املر�شد الأعلى‬ ‫للثورة» االتفاق مبرارة ال تقل عن مرارة الإمام‬ ‫اخلميني عند قبوله �إنهاء احلرب مع �صدام ح�سني‪.‬‬ ‫يف م�سار املفاو�ضات ال�رسية الإيرانية االمريكية يف‬ ‫�سلطنة ُعمان‪ ،‬التي مهدت التفاق «جنيف» النووي‪،‬‬ ‫�أعاد الإيرانيون �إثارة امل�س�ألة ال�سورية معربني‬ ‫عن ا�ستعدادهم للتنازل يف امللف النووي االيراين‬ ‫مقابل تنازل �أمريكي غربي يف امللف ال�سوري‪.‬‬ ‫وثبت �أنه‪ ،‬ال طبيعة االنظمة وال �سيا�ساتها الداخلية‬ ‫ومدى تطابقها مع املعايري الغربية للدميقراطية‬ ‫وحقوق االن�سان حتدد طريقة التعامل معها‪،‬‬ ‫طاملا �ضمنت هذه الأنظمة م�صالح الدول العظمى‪.‬‬ ‫ينطبق هذا على احلالتني ال�سورية والإيرانية‪ ،‬فكما‬ ‫�أعاد الكيماوي ال�سوري غطاء ال�رشعية �إىل النظام‬ ‫ال�سوري يحيي النووي الإيراين نظام طهران‪.‬‬ ‫ت�شعر �إيران بالن�رص‪ ،‬فا�ستقبل �أع�ضاء الوفد الإيراين‬ ‫املفاو�ض ا�ستقبال الفاحتني‪ ،‬ولن يثني �إيران عن‬ ‫اال�ستمتاع بن�شوة الن�رص ت�رصيحات امل�س�ؤولني‬ ‫الأمريكيني عن �أن اخليار الع�سكري مطروح يف‬ ‫حال الف�شل يف �إبرام االتفاق ال�شامل‪ ،‬طاملا �أدرك‬ ‫الإيرانيون �أن االتفاق معهم قد �أنقذ الواليات‬ ‫املتحدة من التورط يف حرب �سورية‪ .‬وبقدر ما‬ ‫ي�ستبعد دني�س رو�س �أن يكون هذا االتفاق اجلديد‬ ‫هو نف�سه "�صفقة كريي" يف العام ‪2003‬م‪ ،‬ف�إن‬ ‫بدء الإدارة االمريكية بفتح قنوات مع حزب اهلل‬ ‫عرب طرف ثالث ت�ؤكد �أن ما مت مر�شح ليكون �صفقة‬ ‫‪2003‬م بعد �أن ن�ضجت عوامل �إمتامها‪ ،‬ال�سيما �أن‬ ‫روحاين الرئي�س �أكرث قدرة على فر�ض �إرادته من‬ ‫روحاين املفاو�ض‪.‬‬ ‫ح�سن روحاين‪ ،‬الذي �أعلن عقب توليه مقاليد‬ ‫احلكم �أن �إيران لن تتخلى قيد �أمنلة عن حقوقها‬

‫املطلقة‪ ،‬و�أنه يتعني على الغرب �أن يفهم �أنه لن‬ ‫يح�صل على �أي نتيجة بالتهديدات وال�ضغوط‪ ،‬هو‬ ‫نف�سه روحاين الذي توىل املفاو�ضات النووية بني‬ ‫�إيران والقوى العظمى �إبان حكم الرئي�س الإ�صالحي‬ ‫حممد خامتي‪ ،‬وهو من وافق يف ‪2003‬م على‬ ‫تعليق تخ�صيب اليورانيوم وعلى عمليات التفتي�ش‬ ‫املفاجئة للمن�ش�آت النووية الإيرانية‪� .‬إذ يعلم‬ ‫روحاين ومعه الإ�صالحيون �أنه ال ميكن لإيران‬ ‫اال�ستمرار يف ظل العقوبات املفرو�ضة عليها والتي‬ ‫�أدت �إىل تراجع �صادرات النفط االيراين مبقدار ‪50%‬‬ ‫وتدين قيمة العملة الوطنية وت�ضخم تخطى ‪.40%‬‬ ‫ال�سيما يف ظل ت�صاعد ال�سخط ال�شعبي ومنطقة‬ ‫ت�شهد انتفا�ضات جماهريية‪ .‬وح�سب «انرتنا�شونال‬ ‫هريالد تريبيون» ووكالة «فران�س بري�س»‪ ،‬فقد �أكد‬ ‫ال�سفري الفرن�سي يف طهران (‪2001‬م – ‪2005‬م)‬ ‫فرن�سوا نيكولو على �أن روحاين هو الذي �أوقف‬ ‫برناجم ًا �رسي ًا ل�صنع قنبلة نووية يف �إيران �أواخر‬ ‫‪ 2003‬م‪ .‬ووجود هذا الربنامج ال�رسي ثم وقفه‬ ‫�أكدتهما �أجهزة اال�ستخبارات املركزية الأمريكية‬ ‫يف ‪2007‬م ثم الوكالة الدولية للطاقة الذرية يف‬ ‫تقرير لها يف ‪2011‬م‪.‬‬ ‫يعلم روحاين وغريه من �صناع القرار يف �إيران �أن‬ ‫امتالك �إيران لل�سالح النووي �سيكون وباال عليها‬ ‫بدال من �أن يكون عامل قوة‪ ،‬ف�إيران ال تريد لعزلتها‬ ‫الدولية �أن ت�صبح على غرار النموذج الكوري‬ ‫ال�شمايل‪ ،‬وقد �أثبتت الأ�سلحة التقليدية قدرتها‬ ‫على الردع فجنبت �إيران ل�سنوات حرب ًا �أمريكية‬ ‫و�إ�رسائيلية‪ .‬حتى احلقوق املطلقة ثبت �أنها قابلة‬ ‫للتفاو�ض وامل�ساومة بل حتى البيع يف معرتك‬ ‫ال�سيا�سة الدولية‪.‬‬ ‫�إن �إعادة ت�أهيل �إيران بد�أت على قدم و �ساق‪ ،‬و‬ ‫االتفاق التمهيدي بالرغم من كونه اتفاق ًا م�ؤقت ًا �إال‬ ‫�أنه قد �أحدث انقالب ًا يف العالقة بني �إيران والغرب‪،‬‬ ‫فلم يعد اخليار الع�سكري مطروح ًا بعد �سنوات من‬

‫التهديدات الأمريكية و الغربية‪ ،‬و�أ�صبح اخليار‬ ‫الديبلوما�سي هو الوحيد املطروح على الطاولة‬ ‫ل�سنوات قادمة على الأقل‪ ،‬وال�شك �أن الدور الرو�سي‬ ‫كان فاع ًال يف التو�صل لهذا االتفاق من خالل‬ ‫�سيا�سة «اخلطوة خطوة» التي يبدو �أنها �ست�صبح‬ ‫منوذج ًا دولي ًا للتعامل مع كثري من الأزمات‬ ‫امل�شابهة‪ ،‬على ر�أ�سها الأزمة ال�سورية وامللف‬ ‫النووي الكوري ال�شمايل‪ .‬وبعد االتفاق النووي بات‬ ‫ح�ضور ايران م�ؤمتر «جنيف ‪ »2‬م�س�ألة حتمية‪،‬‬ ‫وقد �أدرك �أحمد اجلربا رئي�س «االئتالف الوطني‬ ‫ال�سوري» املعار�ض ذلك‪ ،‬فطالب املجتمع الدويل‬ ‫بربط م�شاركة �إيران ب�سحب قواتها ووكالئها‬ ‫من �سورية‪ ،‬ويبدو �أن ذلك بالن�سبة للجربا ومعه‬ ‫االتالف مبثابة «�أ�ضعف الإميان»‪.‬‬ ‫�إن ا�ستمرار �إيران يف التحكم ب�ش�ؤون املنطقة‬ ‫�أيديولوجي ًا و�سيا�سي ًا من �أفغان�ستان �رشق ًا �إىل‬ ‫موريتانيا غرب ًا ومن تركيا �شما ًال اىل اليمن جنوب ًا‬ ‫هو �سالح �إيران الأهم واحلقيقي‪ .‬لذلك كانت �إيران‬ ‫م�ستعدة للتخلي عن ال�سالح النووي مقابل الإم�ساك‬ ‫بالورقة ال�سورية ومن خاللها مقارعة النفوذ‬ ‫الإقليمي لدول �أخرى‪ .‬ومن الطبيعي �أن ال تكون‬ ‫م�ستعدة للتنازل عن امل�شاركة يف «جنيف‪.»2‬‬ ‫ويبدو �أنه حتى �سلوك النظام الإيراين يف هذه‬ ‫املنطقة لي�س مطروح ًا للمقاي�ضة‪ ،‬ومل يكن جزءاً من‬ ‫�أي �صفقة مع القوى العظمى‪ ،‬و�إذا كان جون كريي‬ ‫قد ا�شرتط لتطوير عالقات بعيدة املدى مع �إيران‬ ‫�أن «تغيري �سلوكها ال�سيا�سي» ف�إن ذلك ال يتعدى‬ ‫املوقف الإيراين حيال �إ�رسائيل جلهة تبني خطاب‬ ‫معتدل يف التعاطي معها‪ ،‬واالنتقال يف خطوة‬ ‫تالية لأن تلعب �إيران دورها يف احتواء «حزب‬ ‫اهلل» اللبناين بعدما رف�ضت �سوريا مراراً �أن تلعب‬ ‫هذا الدور لغياب �صفقة مقابلة ال�سيما فيما يتعلق‬ ‫مبلف ال�سالم مع �إ�رسائيل‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫ر�أي‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫تداعيات فر�ضية االن�سحاب الأمريكي على دول املنطقة‬ ‫غازي دحمان‬

‫متار�س بع�ض الأطراف يف املنطقة �سيا�سة ابتزاز‬ ‫حول ق�ضية افرتا�ضية يجري الرتويج لها‪ ،‬وهي‬ ‫م�س�ألة ان�سحاب �أمريكا من املنطقة‪ ،‬حتى لتبدو‬ ‫�أنها تريد ان تقب�ض ثمن هذا االن�سحاب االفرتا�ضي‬ ‫مقدم ًا من مواقع و�أو�ضاع خ�صومها‪.‬‬ ‫ذكية”‬ ‫“‬ ‫حماولة‬ ‫ويف الواقع لي�ست هذه �سوى‬ ‫ّ‬ ‫لتحقيق مكا�سب عن طريق التهويل والتدلي�س ‪ ،‬ذلك‬ ‫�أن احليثيات تعاند هذه االدعاءات وتك�شف تهافتها‪:‬‬ ‫ال يوجد يف ال�رشق الأو�سط قوى ميكنها �ضبط‬ ‫�سواء بقواها الذاتية �أو مب�ساعدة‬ ‫وقيادة املنطقة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قوى حليفة من خارج الإقليم‪ ،‬ذلك �أن كل القوى‬ ‫تعر�ضت يف العامني املا�ضيني �إىل حالة من‬ ‫الإنهاك واال�ستنزاف ال�شديد بحيث برزت عيوب‬ ‫وم�شكالت يف داخل كل الكيانات واملكونات‬ ‫جتعلها �ضعيفة وتنذر بحدوث تطورات غري متوقعة‬ ‫بداخلها‪ ،‬وال تنجو �أي قوة من هذا امل�صري الذي بد�أ‬ ‫يت�شكل‪ ،‬حتى و�إن بقيت م�ؤ�رشاته ملتب�سة‪� ،‬إذ ت�ؤكد‬ ‫اخلربة التاريخية �أن احلروب عادة ما تكون �آخر‬ ‫ا�شكال ال�رصاع داخل املجموعات‪ ،‬وهي غالب ًا ما‬ ‫تف�ضي �إىل بروز قوى جديدة تكون قادرة على �إدارة‬ ‫املراحل التالية‪ ،‬فهل من قوى مل تنخرط بعد يف‬ ‫احلرب الإقليمية؟‪.‬‬ ‫ا�ستتباعا لذلك‪ ،‬تعترب احلرب نهاية قيادة نخبة‬ ‫و�سيطرة مزاج معني‪ ،‬وبالتايل ف�إن النخب التي‬ ‫مار�ست عملية اال�ستنزاف ملجتمعاتها لن تكون‬ ‫قادرة على �إ�صالح ما خربته‪ ،‬ولن يكون لديها‬ ‫القدرة على التكيف مع املزاج الذي �ستفرزه الأحوال‬ ‫الالحقة‪ ،‬والذي رويداً رويداً �سينتج �آلياته وبنياته‬ ‫وا�ستجاباته الإ�سعافية للخروج من هذا الواقع‪،‬‬ ‫والأهم �إنتاج وتوليد واقع جديد با�شرتاطات‬ ‫خمتلفة‪ ،‬على افرتا�ض ان هذا الواقع �سينتج منط ًا‬ ‫من التفكري الواقعي ليمكن جتاوز الأ�رضار التي‬ ‫خلفتها �رصاعات الأيديولوجيا و�سيادة العقائد غري‬ ‫املنطقية‪ ،‬ويف الغالب تتك�شف ال منطقية احلروب‬

‫بعد نهايتها‪ ،‬حينما ينتهي مفعول �أفيون التحري�ض‪،‬‬ ‫وحني يتم رفع ال�ستار عن النوايا احلقيقية التي‬ ‫وقفت وراء �إ�شعال تلك احلروب وتوجيهها و�إدامتها‪.‬‬ ‫مل ت�صل بعد امريكا �إىل قرار اخلروج النهائي من‬ ‫املنطقة‪ ،‬كل امل�ؤ�رشات تدل على �أنها ب�صدد هيكلة‬ ‫ا�سرتاتيجيتها العاملية‪ ،‬وتبع ًا لها الإقليمية‪ ،‬وهي‬ ‫ا�سرتاتيجية تقوم على تعديل قواعد اال�شتباك‬ ‫ولي�س �إلغاءها‪ ،‬واملق�صود بهذا التعديل �أن ي�ساعد‬ ‫برت�شيد الإنفاق الأمريكي‪ ،‬مع �إمكانية احلفاظ على‬ ‫امل�صالح‪ ،‬حتى ان �أمريكا تنطلق يف مقاربتها هذه‬ ‫من حلظة عاملية تعتقد �أن اخل�صوم‪ ،‬وخا�صة يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬منهكني وميكن يف هذا املناخ حتقيق‬ ‫ت�سويات م�ؤاتية‪ .‬فعلى �سبيل املثال هناك �أكرث من‬ ‫ع�رش قواعد ع�سكرية متمركزة حول ايران من كل‬ ‫جانب‪ ،‬وهي منت�رشة يف �سلطنة عمان والإمارات‬ ‫العربية املتحدة وقطر والبحرين والكويت وتركيا‬ ‫و�أذربيجان وتركمان�ستان وباك�ستان وافغان�ستان‬ ‫وكلها تتبع ( القيادة الأمريكية الو�سطى)‪ .‬ولذلك‬ ‫فان رفع حالة اال�ستنفار او التوجه من حالة الال‬ ‫حرب �إىل حالة ال�سلم من �ش�أنه خف�ض عدد العاملني‬ ‫يف هذه القواعد دون التخلي عن القواعد نف�سها‪.‬‬ ‫ومن هنا فان وجود قوة �أ�صغر ت�ستطيع احلفاظ‬ ‫على م�صالح وا�شنطن يف العامل وتوفري ما ال يقل‬ ‫عن ‪ 100‬مليار دوالر �سنوي ًا‪.‬‬ ‫ان�سحاب �أمريكا‪� ،‬إن ح�صل‪ ،‬فهو لن يكون مب�صلحة‬ ‫الأطراف املهللة له‪ ،‬لأنه �سيعني نهاية �شكل من‬ ‫�أ�شكال الأنظمة والكيانات والقوى التي �سيطرت‬ ‫على احلياة ال�سيا�سية واالجتماعية و�شكلتها وفق‬ ‫�صيغة معينة‪� ،‬صحيح �أن بع�ض هذه الكيانات كانت‬ ‫على درجة معينة من اال�شتباك مع بع�ض بنود‬ ‫الإ�سرتاتيجيات الأمريكية‪� ،‬أو لنقل حالة اعرتا�ض‬ ‫على تكتيكات تطبيق تلك اال�سرتاتيجيات �إال �أن‬ ‫امل�صالح الأمريكية ولعبة التوازنات �أفادت بقاء‬ ‫هذه الأ�شكال و�ضمنت تطورها وا�ستمرارها حتى‬

‫اللحظة‪ ،‬و�أن االن�سحاب الأمريكي لو ح�صل ف�إنه‬ ‫يعني فتح الباب �أما تطورات قد ال ت�ستطيع هذه‬ ‫الأطراف �ضبطها والتحكم بها‪.‬‬ ‫لعل امل�شكلة يف املنطقة �أن �أمريكا مل تفكر‬ ‫باالن�سحاب‪ ،‬الت�سويات التي ت�صممها ت�ؤكد �أنها‬ ‫باقية‪ ،‬و�إمنا وفق م�صاحلها وما يتنا�سب مع‬ ‫تطورات اللحظة الدولية وظروفها االقت�صادية‬ ‫وتوجهات ر�أي نخبها‪.‬‬ ‫تلك الق�ضية التي يجب التوقف عندها واحلذر من‬ ‫ا�ستحقاقاتها والعمل على منع مندرجاتها ما �أمكن‬ ‫يف ال�سياق اجليوا�سرتاتيجي للمنطقة والذي بات‬ ‫يعاين من عطب �شديد يف كامل مفا�صله‪ ،‬بحيث‬ ‫يجعل كل الأطراف على �سوية واحدة من اال�ستهداف‬ ‫وال�رضر‪ ،‬و�أولها تلك الأطراف التي تدعي �أنها‬ ‫ك�سبت من وراء فر�ضية االن�سحاب الأمريكي‪� ،‬أي‬ ‫�إيران و�أذرعها وعمالءها يف املنطقة‪ ،‬وهم �أكرث‬ ‫الأطراف ا�ستفادة من �إ�ستمرارالوجود الأمريكي يف‬ ‫املنطقة والذي بف�ضله ا�ستطاعوا تورية �أهدافهم‬ ‫الطائفية واملذهبية ب�أبعاد ثورية مقاومة‪ ،‬وحققوا‬ ‫مكا�سب ما كان لها �أن تتحقق لوال تلطيهم بالوجود‬ ‫الأمريكي الذي ما زالوا بحاجة لبقائه‪� ،‬أقله لتغطية‬ ‫ه�شا�شة �أو�ضاعهم الداخلية وت�صدع بنى ومرتكزات‬ ‫كياناتهم ومكوناتهم التي بد�أت تتمظهر بو�ضوح‬ ‫جراء ال�سيا�سات اخلاطئة التي مار�سوها بحق‬ ‫�شعوبهم او ًال و�شعوب املنطقة تالي ًا‪.‬‬ ‫كل الأطراف يف املنطقة �أ�صبحت يف دائرة‬ ‫ا�ستهداف وجودها‪ ،‬مبا فيها وعلى ر�أ�سها‪� ،‬إيران‪،‬‬ ‫وهي �أكرث الدول املر�شحة ال�ستقبال املوجات‬ ‫االرتدادية لأزمات املنطقة‪ ،‬فهي الطرف الذي‬ ‫ينطوي على تناق�ضات عديدة تنتظر ب�شوق ورغبة‬ ‫حلظة االنفجار‪ ،‬وهي قادمة بعد �أن جردت �سيا�سات‬ ‫�إيران يف املنطقة ور�ضوخها الأخري للغرب كل‬ ‫الأردية التي تلفع بها حكم املاليل ليطبق على‬ ‫�صدر ال�شعوب الإيرانية‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫موجز ال�شرق‬

‫‪06‬‬

‫الطريق �إىل جنيف ‪ 2‬مير مبعركة حلب‬ ‫�إن القتال الذي دار م�ؤخراً بني اجلي�ش ال�سوري احلر‬ ‫�ضد جمموعة من قوات الأ�سد و امليلي�شيات ال�شيعية‬ ‫العراقية ووحدات من حزب اهلل يف اخلالدية يف‬ ‫�ضواحي حلب �شاهد على �رضاوة احلرب القائمة‬ ‫لل�سيطرة على العا�صمة التجارية للبالد ‪.‬اذ �أن �آمال‬ ‫ب�شار الأ�سد يف اقتحام مدينة حلب من اجتاهات‬ ‫خمتلفة قد حتطمت حني قام اجلي�ش احلر ب�شن‬ ‫هجوم مفاجئ على خنا�رص‪( ،‬بلدة ا�سرتاتيجية يف‬ ‫حلب) تقع يف �أطراف طريق حماة‪ ،‬وت�ستخدم من‬ ‫قبل النظام لتزويد قواتها بالإمدادات والذخرية‬ ‫حول حلب‪ .‬بالإ�ضافة �إىل �أن القوات النظامية‬ ‫�أ�صيبت خالل الهجوم املفاجئ على يد اجلي�ش احلر‬ ‫على موقع الطيارية نتج عنها فرار هذه القوات من‬ ‫املوقع‪.‬‬ ‫�إن معركة حلب �سوف تكون مريرة‪ .‬فقوات‬ ‫املعار�ضة املدافعة عن املدينة ت�ستخدم متفجرات‬ ‫ومعدات حملية ال�صنع‪� ،‬إىل جانب درا�سة كيفية‬ ‫�إدارة املعركة والتكيف مع القوات النظامية �أثناء‬ ‫القتال يف املناطق امل�أهولة بال�سكان‪ .‬ولكن من‬ ‫الوا�ضح �أي�ضا �أن قوات اجلي�ش احلر بحاجة ما�سة‬ ‫�إىل �إمدادات كافية للدفاع عن املدينة‪ ،‬كما �أن‬ ‫�أهمية ا�ستمرار احل�صار حول حلب يتجاوز حدود‬ ‫هذه املدينة القدمية‪.‬‬ ‫ان من يقر�أ البيان ال�صادر عن جمل�س مدينة حلب‬ ‫ال�صادر يف ‪ 13‬من ال�شهر اجلاري يدرك �أنه من‬ ‫الوا�ضح �أن هذا البيان ين�ص على �أن كل من يقاتل‬ ‫مع الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام يعترب‬ ‫جمرم ًا‪ ،‬مما ي�شري �إىل التحري�ض على «داع�ش» يف‬ ‫حلب‪ ،‬ويف �أماكن �أخرى من البالد‪.‬‬ ‫يف الواقع‪ ،‬ال بد من القول �إن حالة احل�صار على‬

‫املدينة تلقي بظاللها على م�ؤمتر جنيف ‪� ، 2‬إذ‬ ‫�رصح كريي �أن اجلهود الدبلوما�سية يجب �أن تتم‬ ‫بالتوازي مع احلالة على �أر�ض الواقع التي تتعار�ض‬ ‫مع املنطق‪ .‬يف �أكتوبر‪ /‬ت�رشين الأول املا�ضي‪ ،‬قال‬ ‫كريي «ولكن الو�ضع على �أر�ض الواقع ال ميت ب�صلة‬ ‫�إىل م�س�ألة تنفيذ من جنيف ‪ - 1‬ورمبا يحتاج‬ ‫الرئي�س الأ�سد �إىل �إعادة قراءة جنيف ‪ 1‬مرة �أخرى‪،‬‬ ‫والذي ين�ص على حكومة انتقالية بالرتا�ضي‪ .‬لذلك‬ ‫فان املوقع امليداين لي�س حيوي ًا‪ ،‬كما �أن الهدف من‬

‫جنيف ‪ 2‬مل يتغري فيمل يتعلق بحكومة ير�ضى عنها‬ ‫الطرفان‪.‬‬ ‫�رصح �أحد قيادات قوات املعار�ضة يف حلب قائ ًال‬ ‫«بالن�سبة لنا‪ ،‬جنيف ‪ 2‬هو م�ضيعة للوقت‪ .‬ولكن‬ ‫�إذا وقعت حلب يف يد النظام ‪ ،‬فهي بالن�سبة لب�شار‬ ‫لي�ست م�ضيعة للوقت «‪ ،‬ويف احلالة ال�سورية ال ميكن‬ ‫تطبيق احلل على �أر�ض الواقع من خالل توازن‬ ‫القوى مع الدبلوما�سية الدولية �أو مع ال�صفقات بني‬ ‫العوا�صم املعنية‪.‬‬

‫راي�س �ضد كريي ‪ -‬االنق�سامات يف الأمن القومي لإدارة �أوباما‬

‫بدا �أن االنق�سام قد بد�أ منذ �أمد بعيد يف فريق الأمن‬ ‫القومي يف فرتة الوالية الثانية للرئي�س �أوباما‪،‬‬ ‫وقد ُك�شف هذا االنق�سام من قبل و�سائل الإعالم‬ ‫عرب �سل�سلة من الت�رسيبات ال�سيا�سية واملنتقاة‬ ‫بعناية �إىل �صحيفتي «الديلي بي�ست» و «النيويورك‬ ‫تاميز» ‪ ،‬ووفق ًا مل�صادر قريبة من البيت الأبي�ض �أن‬ ‫بع�ض �أع�ضاء احلزب الدميقراطي من موظفي البيت‬ ‫الأبي�ض هم وراء بع�ض تلك الت�رسيبات‪.‬‬ ‫يزداد قلق موظفي البيت االبي�ض وم�ست�شاري �أوباما‬ ‫املقربني‪ ،‬مثل فالريي جاريت‪ ،‬وري�سينج �أدفن�رش‪،‬‬ ‫و�سوزان راي�س‪ ،‬وحتى ال�سيدة الأوىل مي�شيل �أوباما‪،‬‬ ‫حول تزويد �أوباما بامل�شورة الالزمة‪ ,‬كما �أن كبار‬ ‫امل�س�ؤولني احلكوميني يرون �أن ال�سيا�سة اخلارجية‬ ‫تعاين من ال�رصاعات الداخلية‪ .‬وما مل يتم ت�سوية‬ ‫هذه املنازعات‪ ،‬فهناك خ�شية من �أنها �ستكون‬ ‫نهاية والية الرئي�س �أوباما‪.‬‬ ‫فعلى جبهات ال�سيا�سة اخلارجية و�صلت ال�رصاعات‬ ‫بني م�ست�شارة الأمن القومي راي�س ووزير اخلارجية‬ ‫جون كريي �إىل نقطة حرجة‪ .‬فقبيل جولة الأخري‬ ‫�إىل ال�رشق الأو�سط‪� ,‬صدرت التعليمات من راي�س‬ ‫لل�ضغط على احلكومة امل�رصية امل�ؤقتة لإخالء‬ ‫�سبيل الرئي�س ال�سابق حممد مر�سي‪ ،‬و التهديد مبزيد‬ ‫من التخفي�ضات يف امل�ساعدات الع�سكرية مل�رص ما‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬

‫مل ت�سارع الأخرية باتخاذ اخلطوات الالزمة فيما‬ ‫يتعلق بالد�ستور اجلديد واجراء انتخابات حرة‪ .‬كما‬ ‫�أن راي�س ت�رص على �أنه يتوجب على ال�سي�سي‪ ،‬ذو‬ ‫ال�شعبية ورئي�س القوات امل�سلحة امل�رصية‪ ،‬على‬ ‫�إجراء االنتخابات الرئا�سية‪ ،‬و�أن املعونة الأمريكية‬ ‫مل�رص مرتبطة مبوافقته على هذه االنتخابات‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬وبدعم من وزير الدفاع ت�شاك هيجل‪,‬‬ ‫واجلرنال مارتن دميب�سي رئي�س هيئة الأركان‬ ‫امل�شرتكة‪ ,‬جتاهل كريي تعليمات راي�س‪ ،‬ومل ي�أت‬ ‫على ذكر املحاكمة خالل اللقاءات اخلا�صة والعامة‬ ‫وامل�ؤمترات ال�صحفية يف م�رص‪ .‬تبدو الرتويكا‬ ‫امل�ؤلفة من كريي وهيجل و دميب�سي �أنها على‬ ‫خالف مع راي�س فيما يتعلق بتخفي�ض امل�ساعدات‬ ‫الع�سكرية الأمريكية مل�رص‪ ,‬يف حني �أن راي�س‪ ,‬هي‬ ‫مهند�س مذهب «التدخل الإن�ساين» الداعي �إىل تقدمي‬ ‫امل�ساعدات املالية ‪ ،‬كما �أن احلل الو�سط ال ير�ضي‬ ‫�أي ًا من الأطراف ‪ ,‬ويعمق االن�شقاقات الداخلية‪.‬‬ ‫و تعر�ضت جريدة «النيويورك تاميز» �إىل اخلالفات‬ ‫التي ن�ش�أت خالل مفاو�ضات الواليات املتحدة يف‬ ‫�أفغان�ستان ب�ش�أن «اتفاق الأمن الثنائي» الذي �سوف‬ ‫يحدد ا�ستمرار الوجود الع�سكري الأمريكي يف البالد‬ ‫بعد ان�سحاب قوات الواليات املتحدة وحلف �شمال‬ ‫الأطل�سي حلول نهاية عام ‪.2014‬‬

‫يف حني �أن الرئي�س حامد كرزاي قدم تنازالت يف‬ ‫م�س�ألتني �أ�سا�سيتني‪ :‬اجلنود الأمريكيني واملقاولني‬ ‫الذين �سوف يكونون املو�ضوع الأ�سا�سي يف تلك‬ ‫املفاو�ضات ‪ ،‬اذ �أن القانون ال ي�سمح لهم بالدخول‬ ‫�إىل البيوت الأفغانية �أثناء مداهمات مكافحة‬ ‫الإرهاب ‪ ،‬ويف املقابل طالب كرزاي من الرئي�س‬ ‫�أوباما ب�إ�صدار بيان يعرتف فيه ب»�أخطاء»‬ ‫أمريكي �أثناء تواجده يف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫االحتالل ال‬ ‫ّ‬ ‫ويف حني علق كريي بالقول ب�أن هذه اخلطوة تعترب‬ ‫ثمن ًا �ضئي ًال مقابل �ضمان ا�ستمرار وجود الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ويف اجتماع املجل�س‬ ‫الأعلى للقبائل الأفغانية (اللويا جريغا) يف ‪20‬‬ ‫نوفمرب‪� ,‬أ�صدرت راي�س بيان ًا با�سم البيت الأبي�ض‬ ‫ترف�ض فيه تقدمي �أي اعتذار‪.‬‬ ‫�إن ن�رش ال�رصاعات القائمة بني املتدخلني‬ ‫«الإن�سانيني» و»الواقعيني» يف �إدارة �أوباما‬ ‫�أ�ضعفت م�صداقيته ‪ ،‬وقد قام ديفيد جوردان‪ ،‬وهو‬ ‫من احلزب اجلمهوري لعب دورا رئي�سي ًا يف �إدارة‬ ‫الأزمة خالل والية الرئي�س بيل كلينتون‪ ،‬بتوجيه‬ ‫االتهام �إىل الرئي�س �أوباما من �أجل ا�ستبدال كبار‬ ‫موظفي البيت االبي�ض مبن لديهم خربة من غري‬ ‫احلزبيني‪� ،‬أو مواجهة املزيد من التفكك يف رئا�سته‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫موجز ال�شرق‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫حتركات ال�ستلهام منوذج «ال�صحوة العراقية» يف �سورية‬

‫الأمريكان ي�سعون ملحاربة «داع�ش» بعنا�صر من ال�سكان املحليني‬ ‫قد تتحول �سوريا �إىل م�رسح لإحياء واحدة من‬ ‫املبادرات الأكرث �إبداع ًا للحرب على العراق «�أبناء‬ ‫العراق» �أو»ال�صحوة»‪ .‬ولكن ما يدعو لل�سخرية هو‬ ‫املحاوالت اجلارية لإن�شاء تنظيم «ال�صحوة ال�سوري»‬ ‫يف حني مت الق�ضاء عليه تقريب ًا يف م�سقط ر�أ�سه‬ ‫الأ�صلي العراق‪.‬‬ ‫ووفقا مل�صادر ‪ ،MEB‬عقدت جل�سة يف �إحدى‬ ‫العوا�صم الإقليمية بني وجهاء القبائل ال�سورية‬ ‫البارزين‪ ،‬و�آخرين ملناق�شة احلاجة �إىل بناء �شبكة‬ ‫ال�صحوة يف الرقة‪ ،‬ودير الزور‪ ،‬وحم�ص‪� ،‬إذا كان ذلك‬ ‫ممكناً‪ ،‬و �أماكن �أخرى يف �سوريا‪.‬‬ ‫وذكرت امل�صادر نف�سها �أن اجتماع ًا �إقليمي ًا عقد‬ ‫يف العا�صمة ال�سورية بني �شيوخ القبائل ووجهائها‬ ‫البارزين و�آخرين ملناق�شة احلاجة �إىل بناء �شبكة من‬ ‫ال�صحوة يف الرقة و دير الزور و حم�ص �إذا كان ذلك‬ ‫ممكناً‪� ،‬إىل جانب �أماكن �أخرى يف �سوريا‪.‬‬ ‫يبقى ال�س�ؤال هو‪ :‬ما مدى جناح هذه املبادرة؟ فمن‬ ‫امل�ؤكد �أنها �ستواجه حتدي ًا �صعباً‪ .‬ف�سياق ت�شكيل‬ ‫«ال�صحوة العراقية» يختلف متام ًا عنها يف �سوريا‬ ‫اليوم‪ ،‬حيث تواجدت القوات الأمريكية باللإ�ضافة �إىل‬ ‫متويل اال�ستخبارات‪ ،‬و نزع فتيل املتطرفني حتت عدة‬ ‫�شعارات قيادية‪.‬‬ ‫يف مقال ن�رش م�ؤخراً‪ ،‬ي�صف اجلرنال ديفيد بيرتاو�س‬ ‫املبادرة العفوية التي جرت م�ؤخراً مع قبائل‬ ‫حمافظة الأنبار ال�سنة ب�أنها جمدية ومتت يف توقيت‬ ‫منا�سب»‪ .‬عندما اقرتح الكولونيل �شون ماكفارالند �أن‬ ‫املهم حالي ًا هو ت�شجيع ودعم «�أبناء العراق»‪ ،‬جابه‬ ‫مقاومة من قبل �أولئك الذين يعتقدون �أنه �سيكون‬ ‫من اجلنون ت�سليح وم�ساعدة النا�س الذين كانوا‬ ‫علن ًا �ضد الأمريكيني (بع�ضهم تورط يف قتل اجلنود‬ ‫الأمريكيني)‪ ،‬علق اجلرنال برتيو�س‪ :‬ولكنها ح�صلت‬ ‫على دعم الكثريين‪ ،‬و�أ�صبحت ت�ستقطب العديد من‬ ‫الرجال مثل كرة الثلج‪ ،‬ولكن يف هذه احلالة علينا‬ ‫القيام بالعمل اجلاد‪ ،‬ولكن كيف؟ «‪.‬يف هذه احلالة‬

‫البد من القول �إن «القاعدة» لي�ست فقط يف الأنبار‪،‬‬ ‫بل هي تنت�رش من هناك �إىل �شمال �سوريا من خالل‬ ‫«الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام»‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬بينما يعمل اجلي�شان يف العراق ميكن �أن‬ ‫ت�ستمر التدابري التي و�ضعها �ضباط �أمريكيون على‬ ‫�أر�ض الواقع يف التعامل مع ال�شعب العراق‪ .‬هذه‬ ‫التدابري التي تن�ص على حتفيز املواطنني‪ ،‬وتعزيز‬ ‫امل�صاحلة‪ ،‬وتوفري احلماية يف حالة انتقام العدو‪،‬‬ ‫والعديد من اخلطوات الأخرى‪.‬‬ ‫هذه احلالة «�أبناء العراق» ميكن ا�ستغاللها كذلك‬ ‫ال�ستخال�ص �أهم الدرو�س حول كيفية حماربة تنظيم‬ ‫«القاعدة» يف و�سط العراق و�سوريا‪ .‬بب�ساطة‪ ،‬هناك‬ ‫حاجة �إىل وجود مثل هذه احلالة يف �سوريا يف ظل‬ ‫الغياب املادي للقوات �ألأمريكية‪ ،‬وت�صاعد القلق من‬ ‫تنامي نفوذ تنظيم «القاعدة» يف بالد ال�شام‪.‬‬ ‫�إن القاعدة لن تهزم �أبداً من دون �إ�رشاك ال�سكان‬ ‫الأ�صليني يف القتال‪ .‬كما �أنها لن تهزم بدون وجود‬ ‫فكر خالق على غرار الذي مت تطبيقه يف العراق‪،‬‬ ‫كما �أن املوقف احلايل يتطلب النظر �إىل و�سط العراق‬

‫و�شمال �سوريا على �أنهما �ساحة معركة واحدة‪ ،‬كما‬ ‫�أن ت�شكيل ال�صحوة ال�سوري يقت�ضي تكثيف جهود‬ ‫بغداد احلالية الرامية لإحياء �صحوة الأنبار ‪.‬‬ ‫ومن امل�سلم به‪� ،‬أن ت�شكيل ال�صحوة ال�سورية ميكن �أن‬ ‫يكون له ت�أثري �سلبي على وحدة �سوريا يف مرحلة ما‬ ‫بعد احلرب‪� .‬إىل جانب (ت�شكيالت امليلي�شيا الدرزية‬ ‫يف جنوب �سوريا والكردية يف ال�شمال مع الرتكيز‬ ‫على مقاتلي حزب العمال الكرد�ستاين) و ‪ 600‬من‬ ‫اجلماعات ال�سنية‪� .‬إىل جانب التحول الذي يطر�أ على‬ ‫اجلي�ش الوطني ال�سوري بحكم املتغريات‪ .‬وقد �شدد‬ ‫على �أنه من ال�رضوري �أن تبقى العني على «بعد»‬ ‫احلرب‪ ،‬قائال «ال يكفي �أننا ال نرى القاعدة ‪ « ...‬هذا‬ ‫كان يف العراق يف ‪ ,2010‬يف حني �ساهم نوري‬ ‫املالكي على مرور الزمن يف هزمية ال�صحوة العراقية‪.‬‬ ‫البد من القول �إن الوقت يحتم علينا الآن للعمل مع‬ ‫املجتمعات املحلية ال�سورية وقياداتها على غرار ما‬ ‫حدث يف لبنان‪ ،‬و�إال �سوف يكون م�صري �سوريا يف‬ ‫ال�صحوة مماث ًال حلالة العراق»‪.‬‬

‫�أ�ضواء على املوقف الفرن�سي املت�شدد من املفاو�ضات مع �إيران‬ ‫�أعلن وزير اخلارجية الفرن�سي لوران فابيو�س لدى‬ ‫و�صوله �إىل جنيف يف ‪ 8‬نوفمرب ‪/‬ت�رشين الثاين‬ ‫اجلاري االن�ضمام �إىل مفاو�ضات ‪ 1+P5‬مع �إيران‪،‬‬ ‫ودعمه لعقد اتفاق م�ؤقت ملدة �ستة �أ�شهر ‪ ،‬اذ جاء يف‬ ‫تقييم املخابرات الفرن�سية �أن املفاعل االيراين الذي‬ ‫يعمل باملاء الثقيل يف «�آراك» الزال قيد الت�شييد‪,‬‬ ‫الأمر الذي ي�شكل عن�رصا حيوي ًا لدى اجلمهورية‬ ‫الإ�سالمية لل�سعي من �أجل ال�سالح النووي‪ .‬وح�سب‬ ‫تقديرات املخابرات الفرن�سية ف�إن طهران لديها‬ ‫تعاون �رسي مع كوريا ال�شمالية يف جمال الربنامج‬ ‫النووي الإيراين‪.‬‬ ‫خالل فرتة املفاو�ضات ال�سدا�سية التي متت قبل‬ ‫التوقيع على العقد‪� ،‬أعلنت جمهورية كوريا ال�شعبية‬ ‫االنتهاء �رساً من تخ�صيب البلوتونيوم‪ ،‬وقد فوجئ‬ ‫العامل بتقارير اال�ستخبارات التي تثبت �أنها قد‬ ‫جنحت فع ًال �إىل ت�صنيع قنبلة نووية‪.‬‬ ‫وبدا فابيو�س مقتنع ًا بتقارير �أجهزة اال�ستخبارات‬ ‫وبخطورة اخلطوة الإيرانية املماثلة لدرجة �أنه اتخذ‬

‫موقف املت�شدد من من�ش�أة «�آراك»‪.‬‬ ‫ومل يكن دور الفرن�سيني جديداً يف ‪ .P5 1‬فخالل‬ ‫املحادثات ال�سابقة يف فرباير ومار�س املا�ضيني‬ ‫يف كازاخ�ستان‪ ،‬حيث وجه �آنذاك رئي�س الوفد‬ ‫الفرن�سي‪ ،‬جاك �أوديربت‪ ،‬املدير العام لل�ش�ؤون‬ ‫ال�سيا�سية بوزارة اخلارجية االتهامات احلادة‬ ‫لإيران ب�إف�شال املفاو�ضات‪ ،‬الأمر الذي �أغ�ضب‬ ‫الوفدين الأمريكي والربيطاين‪ .‬ويف ‪ 21‬مار�س‪/‬‬ ‫�آذار املا�ضي ‪ ،‬قال �آية اهلل علي خامنئي يف خطاب‬ ‫عام �إن «م�س�ؤولني يف احلكومة الفرن�سية �أعلنوا‬ ‫معاداتهم لل�شعب الإيراين خالل ال�سنوات القليلة‬ ‫املا�ضية‪ ،‬و�أن اخلطوة الفرن�سية غري ذكية من قبل‬ ‫امل�س�ؤولني يف احلكومة الفرن�سية» منوه ًا �إىل �أن‬ ‫هذه امل�شاكل ال تزال م�ستمرة منذ وقت �ساركوزي‪.‬‬ ‫يف الواقع‪ ،‬فان �أوديربت كان �أجرى مفاو�ضات‬ ‫�رسية مع �إيران نيابة عن الرئي�س �ساركوزي‬ ‫مع وزير اخلارجية الإيراين ال�سابق علي �أكرب‬ ‫واليتي‪ ،‬ولكنها توقفت ب�سبب انزعاج كل من‬

‫�ساركوزي و�أوديربت من الطرف الإيراين‪ ،‬و قبل‬ ‫و�صول فابيو�س �إىل جنيف ‪ 8‬نوفمرب ‪ 8‬اجلاري‪,‬‬ ‫�أ�سفرت املفاو�ضات بني كل من الواليات املتحدة‬ ‫واملفاو�ضني الإيرانيني عن الطاقة �إىل م�رشوع‬ ‫اتفاق م�ؤقت‪ ،‬الأمر الذي اعترب خطوة ناجحة‪.‬‬ ‫وكانت كاثرين ا�شتون رئي�س املفاو�ضني قد‬ ‫ا�ستدعت وزير اخلارجية الأمريكي جون كريي �إىل‬ ‫جنيف اعتقاداً منها عن قرب التوقيع النهائي على‬ ‫االتفاق‪.‬‬ ‫وقد اعرت�ض فابيو�س على لغة االتفاق‪ ،‬مطالب ًا �أن‬ ‫ين�ص على جتميد البناء موقع «�آراك» �أثناء فرتة‬ ‫التفاو�ض ملدة �ستة ا�شهر‪ .‬ويبقى �أن نرى ما �إذا‬ ‫كان التدخل الفرن�سي �سوف يعرقل االتفاق امل�ؤقت‬ ‫‪� ،‬إىل جانب �أن الرئي�س الفرن�سي فرن�سوا هوالند‬ ‫زار ا�رسائيل و تعهد باحلفاظ على موقف فرن�سا‬ ‫املت�شدد من املفاو�ضات الإيرانية ‪ ,‬متفق ًا يف وجهة‬ ‫النظر تلك مع رئي�س الوزراء بنيامني نتانياهو‬ ‫القائلة ب�أن اتفاقية �سيئة �أ�سو�أ من �أي �صفقة ‪.‬‬ ‫بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫الأخرية‬

‫العدد (‪ 2013/12/1 )116‬م‬

‫‪08‬‬

‫مـــ�آالت الدولــة العــــربيـــة احلديثــة‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫تتعر�ض العديد من الدول العربية �إىل �أزمة بنيوية‬ ‫عميقة تطال �أ�س�س النظام ال�سيا�سي وم�ستقبله‪،‬‬ ‫خا�صة تلك الدول التي تفتقد �سلطاتها لل�رشعية‬ ‫الد�ستورية‪ .‬ففي حاالت عربية لي�ست قليلة يتفكك‬ ‫كيان الدولة املوحدة بفعل الهويات املت�صارعة‬ ‫داخلها‪ ،‬مما ي�ضع م�ستقبل هذه الدول على املحك‪،‬‬ ‫وحتولها‬ ‫ويعر�ضها الفتقاد جمتمعاتها للحماية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫�إىل دول فا�شلة‪.‬‬ ‫ويبدو � ّأن الدولة العربية “احلديثة” قد انحلت �إىل‬ ‫جمرد �أجهزة �إدارية تابعة للفئة املت�سلطة على‬ ‫احلكم‪ ،‬مبعنى �أنه مل يتح للمجتمعات العربية �أن‬ ‫تفرز �سلطاتها القادرة على �إدارة دولة حق وقانون‪،‬‬ ‫بل بقي هذا الأمنوذج غائب ًا �إجما ًال‪ ،‬لي�س النعدام‬ ‫التقاليد الدميقراطية �أ�ص ًال من املجال العام‪ ،‬بل‬ ‫ب�سبب تلك احلالة من فقدان اجلماعة ح�س الأمان‬ ‫العام يف ظل �سلطات ا�ستبدادية اعتادت على منهج‬ ‫اخلوف والتخويف ك�أ�سا�س لكل عالقة بني احلاكم‬ ‫واملحكوم‪.‬‬ ‫ويف الواقع‪ ،‬ال �أحد ينكر � ّأن العامل العربي قد اب ُتلي‪،‬‬ ‫يف �أغلب دوله‪ ،‬بنخب حاكمة هي مزيج من كوا�رس‬ ‫جموف وخمتل‬ ‫باحثة عن فري�ستها يف ج�سم جمتمع ّ‬ ‫قطاع طرق خمتفني وراء �ألقاب ورتب‬ ‫التوازن‪ ،‬ومن ّ‬ ‫�سيا�سية وع�سكرية و�أمنية واقت�صادية‪ ،‬ومهربي‬ ‫خمدرات وجتار �سالح وخمتل�سني لأموال الدول‪،‬‬ ‫ول�صو�ص ومرت�شني‪ ،‬ال مبد�أ لديهم وال مثال غري‬ ‫�إر�ضاء ال�شهوة البدائية يف ال�سيطرة والقوة والرثوة‬ ‫املادية‪ .‬وكانت النتيجة النهائية لكل تلك املقدمات‬

‫امل�أزومة � ّأن الدولة العربية «احلديثة» ف�شلت ف�ش ًال‬ ‫ذريع ًا يف �إي�صال املجتمعات العربية �إىل �شاطئ‬ ‫وبر الأمان واالطمئنان الذي �سبق �أن وعدت ال�شعب‬ ‫به‪.‬‬ ‫وعلى �صعيد �آخر مل تنجح الدولة العربية �أو مل‬ ‫حتاول العمل على حل م�شكلة التعددية الإثنية‬ ‫واملذهبية والدينية متى وجدت هذه التعددية‪ ،‬ال بل‬ ‫زادتها حدة بعدما جتاهلتها �أو حاولت توظيفها يف‬ ‫لعبة داخلية‪ ،‬انقلب يف نهايتها ال�سحر على ال�ساحر‪.‬‬ ‫�أما واقع املجتمعات العربية فهو لي�س �أح�سن‬ ‫حا ًال‪ ،‬فهذه املجتمعات تبدو يف غربة �أو غيبوبة‪،‬‬ ‫وهي مغيبة‪ ،‬بفعل القيود الكثرية املكبلة حلركتها‬ ‫وحراكها‪ ،‬وغائبة بحكم ارتهانها للهموم اليومية‬ ‫التي تكابدها‪ ،‬لتح�صيل لقمة العي�ش‪ ،‬ومعها ت�أمني‬ ‫احلد الأدنى من التعليم وال�صحة وال�سكن وباقي‬ ‫م�ستلزمات احلياة الكرمية‪� ،‬إن �أُمكن‪.‬‬ ‫هكذا تتكرر �صورة املفا�ضلة الإجبارية بني‬ ‫اخليارات ال�سيئة لتطال معظم الدول العربية‪،‬‬ ‫ف�إما ا�ستقرار للدول والأوطان حتت ظالل �سلطات‬ ‫م�ستبدة‪ ،‬متار�س البط�ش والعنف الداخلي‪ ،‬ومت�سك‬ ‫اقت�صاداً ريعي ًا‪ ،‬وت�رشف على توزيع ما ت�ستغني‬ ‫وتهم�ش يف الوقت‬ ‫عنه لبع�ض الفئات املوالية لها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نف�سه �أو�سع فئات �شعبها‪ ،‬بعيداً عن �أية م�شاركة‬ ‫�سيا�سية �أو خارج �أية م�ساهمة يف التنمية والتقدم‬ ‫االقت�صادي‪ ،‬خالقة بذلك احلا�ضنة االجتماعية‬ ‫واالقت�صادية حلركات التطرف والإرهاب‪.‬‬ ‫�إن الإ�شكالية التي تعي�شها الدولة الوطنية يف‬

‫العامل العربي هي �أنها مل تتمكن من �إيجاد نوع من‬ ‫التوافق بني ال�سلطة واحلرية‪ ،‬ف�إيجاد هذا النوع من‬ ‫التوافق يتوقف عليه القدر من ر�ضى املواطنني عن‬ ‫احلكومات‪ ،‬مما ي�سهم يف �إ�ضفاء ال�رشعية عليها‬ ‫و�إىل بقاء وا�ستمرارية الدولة الوطنية‪ .‬لذلك بات‬ ‫من واجبها �أن تبحث عن ال�سبل التي ت�ستطيع من‬ ‫خاللها ت�أمني القدر املعقول من احلرية يف �سبيل‬ ‫�ضمان م�صالح املواطنني‪.‬‬ ‫� ّإن الواقع‪ ،‬املو�صوف �أعاله‪ ،‬يدعونا جميع ًا للتعاطي‬ ‫املجدي مع التحديات الكربى‪ ،‬مما يفر�ض �رضورة‬ ‫انفتاح الأنظمة على �شعوبها‪ ،‬واعرتافها بالتق�صري‬ ‫عن حتقيق �أهدافها وتطلعاتها والتزاماتها التي‬ ‫�سبق �أن وعدت بها‪ .‬كما يفر�ض �أن تتجه جهود‬ ‫�أبناء جمتمعاتنا كلهم ‪ -‬حكام ًا وحمكومني ‪� -‬إىل‬ ‫تركيز الطاقات باجتاه العمل والتنمية وال�سعي‬ ‫للنهو�ض بواقع دولهم‪ ،‬يف حماولتها ال�ستيعاب‬ ‫املعرفة مبختلف جوانبها‪ ،‬والعمل على اكت�سابها‪،‬‬ ‫ون�رشها‪ ،‬وتعميمها‪ ،‬وذلك من �أجل االرتقاء بواقعها‬ ‫االجتماعي واالقت�صادي وال�سيا�سي يف مواجهة‬ ‫عامل كبري يتحكم فيه منطق القوة وامل�صالح‪.‬‬ ‫فلم يعد عي�ش املواطن العربي حتت وط�أة الإق�صاء‬ ‫ال�سيا�سي �أو البط�ش املنهجي هو القدر املحتوم‬ ‫�أمامه‪ ،‬بل البد من �إجراء تغيرّات عميقة يف دولنا‬ ‫العربية كي ت�صبح دول حق وقانون‪ ،‬دول كل‬ ‫مواطنيها بدون متييز طائفي �أو عرقي �أو جهوي‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.