Al badil 119

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2013/12/22‬م‬ ‫العدد (‪)119‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2013/12/22 )119‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (119) 22/12/2013‬‬

‫�سوق اجلهاد ودكاكني الدميقراطيني‬

‫ح�سام مريو‬

‫مل ُيرث تغليب ال�شعارات الدينية على ال�شعارات‬ ‫املدنية يف مرحلة املواجهة العنيفة مع النظام‬ ‫حفيظة �شخ�صيات وقوى حم�سوبة على الفكر‬ ‫ال�سيا�سي الدميقراطي ال�سوري‪� ،‬إذ اع ُترب ا�ستخدام‬ ‫ال�شعارات الدينية �أمراً طبيعي ًا يف �سياق مواجهة‬ ‫يخو�ضها املتظاهرون مع نظام ال يتقن �سوى‬ ‫العنف‪ ،‬ويف �سياق ثقافة عمومية ملعظم ال�شعب‬ ‫"الأكرثية"‪ ،‬كما �أن قدوم جهاديني من خمتلف دول‬ ‫مت تربيره‪ ،‬وكان‬ ‫العامل للقتال يف �سوريا هو الآخر ّ‬ ‫احلديث يدور حول ن�سبة اجلهاديني ال�ضئيلة يف‬ ‫�صفوف اجلي�ش احلر‪ ،‬و�أنهم �سيعودون �إىل بالدهم‬ ‫حني تنت�رص الثورة‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وقد انفتحت �سوريا على حرب يخو�ضها‬ ‫جهاديون �سنة و�شيعة‪ ،‬ف�إننا مطالبون مبراجعة‬ ‫نقدية للكيفية التي �أ�سهم بها "دميقراطيون" يف‬ ‫حتويل �سوريا �إىل �سوق للجهاد‪ ،‬وقبل تلك املراجعة‬ ‫علينا االعرتاف ب�أن �سوريا باتت �أر�ض ًا للجهاد‪،‬‬ ‫و�أن كل احلديث عما متتلكه بالدنا من ح�صانة كي‬ ‫ال تتحول �إىل �أفغان�ستان �أخرى هو �أمر يف �سياق‬ ‫الرغبات‪ ،‬ولكنه ال ميت للواقع ب�صلة‪.‬‬ ‫لي�س مهم ًا يف �سوق اجلهاد ما هي املرجعية‬ ‫التي يقاتل حتتها املتحاربون‪ .‬الطرفان يجدان‬ ‫يف املرجعية الدينية قو ًة و�سنداً متدهما ب�أ�سباب‬ ‫اال�ستمرار وعدم �إلقاء ال�سالح‪ ،‬والهروب من مواجهة‬

‫هزمية‪ ،‬ويف مناخ كهذا ي�صبح احلديث عن ال�شعب‬ ‫كالم ًا ال معنى له‪ ،‬فال�شعب يعي�ش �آالمه‪ ،‬ويحاول‬ ‫�سواء داخل �سوريا‬ ‫التكيف مع ظروف غري �إن�سانية ً‬ ‫ّ‬ ‫�أو يف خميمات النزوح �أو يف املنايف‪.‬‬ ‫حتى اللحظة‪ ،‬يبدو �أداء القوى الدميقراطية هزي ًال‪،‬‬ ‫وم�شتت ًا‪ ،‬حتى �أن �إطالق مفهوم "قوى" على‬ ‫الكيانات التي تتخذ من الدميقراطية والدولة‬ ‫ٍ‬ ‫�شعارات لها ال‬ ‫املدنية واحلريات وما �إىل ذلك‬ ‫ي�صح‪ ،‬فهي قوى غري فاعلة‪ ،‬وال متتلك �أي ت�أثري‬ ‫يذكر على �سياق احلدث ال�سوري‪ ،‬وقد �أ�صبح بع�ضها‬ ‫يدور يف فلك قوى �إقليمية ب�شكل �أو ب�آخر‪ ،‬وهو‬ ‫م�ؤ�رش على عدم امتالكها روافع عملية داخل الأزمة‬ ‫ت�ؤهلها لأن ت�شكل حيزاً من اال�ستقاللية‪� ،‬أما القوى‬ ‫الأخرى التي بقيت بعيدة عن االنخراط يف اللعبة‬ ‫الإقليمية فهي الأخرى قوى ه�شة‪ ،‬وما زالت ت�صارع‬ ‫من �أجل الإبقاء على احلد الأدنى لوجودها‪ ،‬يف ظل‬ ‫تنامي حالة الي�أ�س من حتوالت الأزمة ال�سورية‬ ‫نحو التطييف والتدويل‪.‬‬ ‫هل ما زالت �إمكانية التحول الدميقراطي يف‬ ‫�سوريا قائمة؟ هذا ال�س�ؤال الذي تهرب منه القوى‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬لكنها‪� ،‬رسعان ما �ستجد نف�سها يف‬ ‫مواجهته‪ ،‬لي�س فقط يف �إطار الت�سا�ؤل النظري‪،‬‬ ‫و�إمنا يف �إطار الواقع الفا�ضح‪ ،‬واقع تتعرى فيه‬ ‫�سوريا على �أب�شع �صور التطييف‪ ،‬وت�صبح كلمات‬

‫مثل دميقراطية وحرية وحقوق ال حمل لها من‬ ‫الإعراب‪.‬‬ ‫�أمل يحن الوقت ليقدم كبار "الدميقراطيني" نقداً‬ ‫خلياراتهم خالل الفرتة املا�ضية؟ �أم ما زال لديهم‬ ‫من القدرة على جتاهل الواقع ما يكفي لي�ستمروا‬ ‫حيث هم الآن‪ ،‬وبع�ضهم يف �أف�ضل احلاالت واجهة‬ ‫لهيئات ال متت للدميقراطية ب�صلة‪ ،‬بل تتحمل جزءاً‬ ‫مهم ًا من م�س�ؤولية التحوالت التي عرفها م�سار‬ ‫الأزمة ال�سورية‪.‬‬ ‫فتح دميقراطيون دكاكني‪ ،‬واعتقدوا �أن ذلك يكفي‬ ‫ليكونوا فاعلني‪ ،‬ومع معرفتهم الأكيدة مبحدودية‬ ‫ت�أثريهم �إال �أنهم ما زالوا يت�شبثون بتلك الدكاكني‪،‬‬ ‫وال يقبلون ب�أية �رشاكة مع كيانات ال تبتعد يف‬ ‫�أهدافها عن �أهدافهم‪ ،‬مع �أن واقع احلال يقول ب�أنه‬ ‫يبق من معظم تلك الدكاكني �سوى ا�سمها فقط‪.‬‬ ‫مل َ‬ ‫�إن وقفة نقدية اليوم باتت مطلوبة من �أجل تعرية‬ ‫جممل الواقع ال�سوري‪ ،‬و�إيجاد مقاربة مطابقة لهذا‬ ‫الواقع‪ ،‬مقاربة ال تخ�ضع للرغبات‪� ،‬أو احل�سابات‬ ‫ال�ضيقة‪ ،‬و�إمنا من معطيات الواقع‪ ،‬وعدم �إنكار‬ ‫حتوالته‪ ،‬وو�ضع مهام جديدة �أمام الدميقراطيني‪،‬‬ ‫ت�أخذ بعني االعتبار �أن عليها املناف�سة يف �سوق‬ ‫ب�ضاعته الرائجة اليوم اجلهاد‪ ،‬و�إحراق ما تبقى من‬ ‫�سوريا‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.