ájô```M 2013/12/29م العدد ()120 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2013/12/29 )120م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (120) 29/12/2013
وداع ًا �سايك�س بيكو� ..أه ً ال بالدول الفا�شلة
ح�سام مريو
انفتحت ثالث دول على بع�ضها البع�ض ،العراق و�سوريا ولبنان ،ومع اختالف التفا�صيل التي تر�سم مالمح م�شكالت كل واحدة من هذه الدول على حدة، �إال �أن ال�سمة الرئي�سية اليوم هي حتولها �إىل بلدان فا�شلة ،ومن املتوقع �أن تزداد حدة �أزمات امل�رشق العربي ،و�أن يتحول �إىل رقعة واحدة� ،سمتها الأ�سا�سية هي حرب اجلميع �ضد اجلميع ،ولي�س يف الأمر مبالغة، فامل�ؤ�رشات الواقعية حتدثنا عن واقع ال �أحد يتكهن مب�آله النهائي. يف العراق و�صل عدد الكيانات ال�سيا�سية �إىل 277 كر�س حزب ًا وجتمع ًا وائتالف ًا �سيا�سياً ،وهناك د�ستور ّ كر�س الأزمة الطائفية، املحا�ص�صة الطائفية ،بل ّ واحلقد بني مكونات ال�شعب العراقي املختلفة، وعلى الرغم من وجود قوات ع�سكرية و�أمنية يفوق عددها املليون �إال �أن العراق غري قادر على التحكم ب�أو�ضاعه الأمنية ،وباتت حدوده مع �سورية اليوم مفتوحة وخمرتقة من قبل قوى ع�سكرية غري نظامية "ميلي�شيات �إ�سالمية" ،وانك�شاف هذه احلدود �أتى بعد �أن �أ�صبح الداخل العراقي نف�سه مك�شوفاً ،فعمليات التفجري جتري يومياً ،ومل تنجح كل خطط حكومة املالكي يف �ضبط الأمن ،ومنع العمليات التي ت�رضب مدن ومناطق متعددة. �إيران ت�سيطر على القرار العراقي الر�سمي ،وقد متكنت بعد �سقوط نظام �صدام ح�سني من اخرتاق العراق ،ومن حتويله �إىل �ساحة لنفوذها ،وعمقت ال�رشخ الطائفي
ال�سني /ال�شيعي ،بينما ت�صعد مكانة ودور �إقليم كرد�ستان ،وي�صبح العب ًا مهم ًا يف ق�ضايا املنطقة ال�رشق �أو�سطية. يف �سوريا ،مل ي�ستفد البعث من جتربة العراق ،وا�شتغل النظام ال�سوري ب�أدواته املعروفة يف ت�أجيج ال�رصاع الطائفي يف العراق ،انطالق ًا من قناعة مفادها �أن �إف�شال االحتالل الأمريكي من خالل ميلي�شيات ي�سهل هو مرور �أفرادها �إىل العراق ،وي�ساعد يف تقويتها، من �ش�أنه �أن يزيد �أوراق قوته ،لكنه مل يخطر يف باله �أن املنطقة التي ُر�سمت حدودها منذ �أكرث من قرن باتفاقية �سايك�س بيكو معر�ضة ال�ستفحال مع�ضالت من ذات الطبيعة ،نظراً لت�شابه معاناتها ،وبيئاتها االجتماعية �إىل حد كبري ،وه�شا�شة ن�سيجها الوطني. لبنان الر�سمي حاول الن�أي بالنف�س عن الأزمة ال�سورية ،لكن بني التمني والواقع م�سافة �شا�سعة� ،إذ ال ميكن لبلد م�صل لبنان بقيت فيه احلرب الطائفية قابعة يف الظل رغم اتفاق الطائف ،وهي قابلة لال�شتعال �آج ًال �أم عاج ًال على وقع احلدث ال�سوري، وبالفعل ،مل يتمكن لبنان من البقاء بعيداً عما يجري يف �سوريا ،وقد �شاركت مكونات لبنانية �إىل جانب �أطراف �سورية ،واليوم يخو�ض حزب اهلل حرب وجود يف �سوريا ،ف�سقوط النظام ال�سوري �سيعني �رضبة كبرية حلزب اهلل ،ومل�ستقبله. نحن اليوم �أمام حلظة تاريخية فارقة يف امل�رشق العربي ،حلظة يودع فيها التاريخ �سايك�س بيكو،
وي�ستقبل مرحلة تاريخية جديدة� ،أوىل مالحمها الف�شل ،ف�شل بناء الدولة الوطنية ،وكل ما ين�ضوي حتت هذا الف�شل من عناوين �أ�سا�سية وفرعية. �أقام النظامان العراقي وال�سوري �سلطتني مدعمتني ب�شعارات قومية كربى ،واحتلت ق�ضية فل�سطني �أ�سا�س هذه ال�شعارات ،وبذريعة املواجهة مع �إ�رسائيل لجُ مت القوى ال�سيا�سية عن الفعل ،ولجُ م املجتمع من تطوير �آلياته االقت�صادية والوطنية ،و�أ�صبح العقد الوطني عقد �إذعان للمواطنني �إزاء �سلطة ديكتاتورية. لبنان ،بقي تابع ًا ل�سيا�سة دم�شق وحتوالتها ،وكان م�ضطراً لأن ي�ضبط حياته ال�سيا�سية على �إيقاع ال�سيا�سة ال�سورية ،وتدخالت رجاالت النظام ال�سوري يف بناء التوازنات �أو قلبها ،وكان عليه �أن يتكيف مع هذا الإيقاع ،من دون �أن ميتلك قدرة اال�ستقاللية ،وبقي �أ�سرياً ل"الطائف" ،ورغم اخلروج الر�سمي ال�سوري من �أرا�ضيه �إال �أن الت�أثري ال�سوري ،ومن ورائه الإيراين ،بقي العن�رص الأكرث ح�سم ًا يف ال�ساحة ال�سيا�سية. التقاتل يف لبنان على وقع الأزمة مل يهد�أً ،واتخذ �أ�شكال عدة ،والتفجريات واالغتياالت الأخرية هي �إحدى تعبريات االقتتال ،وهي يف طريقها للت�صعيد ،فلبنان منذ �أ�شهر عديدة من دون حكومة ،وباتت حدوده مع �سورية �ساقطة مبختلف املعاين ،وبات معروف ًا �أن ما يحدث يف لبنان هو امتداد ملا يجري يف �سوريا. وداع ًا �سايك�س بيكو ...