Al badil 120

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2013/12/29‬م‬ ‫العدد (‪)120‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (120) 29/12/2013‬‬

‫وداع ًا �سايك�س بيكو‪� ..‬أه ً‬ ‫ال بالدول الفا�شلة‬

‫ح�سام مريو‬

‫انفتحت ثالث دول على بع�ضها البع�ض‪ ،‬العراق‬ ‫و�سوريا ولبنان‪ ،‬ومع اختالف التفا�صيل التي تر�سم‬ ‫مالمح م�شكالت كل واحدة من هذه الدول على حدة‪،‬‬ ‫�إال �أن ال�سمة الرئي�سية اليوم هي حتولها �إىل بلدان‬ ‫فا�شلة‪ ،‬ومن املتوقع �أن تزداد حدة �أزمات امل�رشق‬ ‫العربي‪ ،‬و�أن يتحول �إىل رقعة واحدة‪� ،‬سمتها الأ�سا�سية‬ ‫هي حرب اجلميع �ضد اجلميع‪ ،‬ولي�س يف الأمر مبالغة‪،‬‬ ‫فامل�ؤ�رشات الواقعية حتدثنا عن واقع ال �أحد يتكهن‬ ‫مب�آله النهائي‪.‬‬ ‫يف العراق و�صل عدد الكيانات ال�سيا�سية �إىل ‪277‬‬ ‫كر�س‬ ‫حزب ًا وجتمع ًا وائتالف ًا �سيا�سياً‪ ،‬وهناك د�ستور ّ‬ ‫كر�س الأزمة الطائفية‪،‬‬ ‫املحا�ص�صة الطائفية‪ ،‬بل ّ‬ ‫واحلقد بني مكونات ال�شعب العراقي املختلفة‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود قوات ع�سكرية و�أمنية يفوق‬ ‫عددها املليون �إال �أن العراق غري قادر على التحكم‬ ‫ب�أو�ضاعه الأمنية‪ ،‬وباتت حدوده مع �سورية اليوم‬ ‫مفتوحة وخمرتقة من قبل قوى ع�سكرية غري نظامية‬ ‫"ميلي�شيات �إ�سالمية"‪ ،‬وانك�شاف هذه احلدود �أتى بعد‬ ‫�أن �أ�صبح الداخل العراقي نف�سه مك�شوفاً‪ ،‬فعمليات‬ ‫التفجري جتري يومياً‪ ،‬ومل تنجح كل خطط حكومة‬ ‫املالكي يف �ضبط الأمن‪ ،‬ومنع العمليات التي ت�رضب‬ ‫مدن ومناطق متعددة‪.‬‬ ‫�إيران ت�سيطر على القرار العراقي الر�سمي‪ ،‬وقد متكنت‬ ‫بعد �سقوط نظام �صدام ح�سني من اخرتاق العراق‪ ،‬ومن‬ ‫حتويله �إىل �ساحة لنفوذها‪ ،‬وعمقت ال�رشخ الطائفي‬

‫ال�سني‪ /‬ال�شيعي‪ ،‬بينما ت�صعد مكانة ودور �إقليم‬ ‫كرد�ستان‪ ،‬وي�صبح العب ًا مهم ًا يف ق�ضايا املنطقة‬ ‫ال�رشق �أو�سطية‪.‬‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬مل ي�ستفد البعث من جتربة العراق‪ ،‬وا�شتغل‬ ‫النظام ال�سوري ب�أدواته املعروفة يف ت�أجيج ال�رصاع‬ ‫الطائفي يف العراق‪ ،‬انطالق ًا من قناعة مفادها �أن‬ ‫�إف�شال االحتالل الأمريكي من خالل ميلي�شيات ي�سهل‬ ‫هو مرور �أفرادها �إىل العراق‪ ،‬وي�ساعد يف تقويتها‪،‬‬ ‫من �ش�أنه �أن يزيد �أوراق قوته‪ ،‬لكنه مل يخطر يف باله‬ ‫�أن املنطقة التي ُر�سمت حدودها منذ �أكرث من قرن‬ ‫باتفاقية �سايك�س بيكو معر�ضة ال�ستفحال مع�ضالت‬ ‫من ذات الطبيعة‪ ،‬نظراً لت�شابه معاناتها‪ ،‬وبيئاتها‬ ‫االجتماعية �إىل حد كبري‪ ،‬وه�شا�شة ن�سيجها الوطني‪.‬‬ ‫لبنان الر�سمي حاول الن�أي بالنف�س عن الأزمة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬لكن بني التمني والواقع م�سافة �شا�سعة‪� ،‬إذ‬ ‫ال ميكن لبلد م�صل لبنان بقيت فيه احلرب الطائفية‬ ‫قابعة يف الظل رغم اتفاق الطائف‪ ،‬وهي قابلة‬ ‫لال�شتعال �آج ًال �أم عاج ًال على وقع احلدث ال�سوري‪،‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬مل يتمكن لبنان من البقاء بعيداً عما يجري‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬وقد �شاركت مكونات لبنانية �إىل جانب‬ ‫�أطراف �سورية‪ ،‬واليوم يخو�ض حزب اهلل حرب وجود‬ ‫يف �سوريا‪ ،‬ف�سقوط النظام ال�سوري �سيعني �رضبة‬ ‫كبرية حلزب اهلل‪ ،‬ومل�ستقبله‪.‬‬ ‫نحن اليوم �أمام حلظة تاريخية فارقة يف امل�رشق‬ ‫العربي‪ ،‬حلظة يودع فيها التاريخ �سايك�س بيكو‪،‬‬

‫وي�ستقبل مرحلة تاريخية جديدة‪� ،‬أوىل مالحمها‬ ‫الف�شل‪ ،‬ف�شل بناء الدولة الوطنية‪ ،‬وكل ما ين�ضوي حتت‬ ‫هذا الف�شل من عناوين �أ�سا�سية وفرعية‪.‬‬ ‫�أقام النظامان العراقي وال�سوري �سلطتني مدعمتني‬ ‫ب�شعارات قومية كربى‪ ،‬واحتلت ق�ضية فل�سطني �أ�سا�س‬ ‫هذه ال�شعارات‪ ،‬وبذريعة املواجهة مع �إ�رسائيل لجُ مت‬ ‫القوى ال�سيا�سية عن الفعل‪ ،‬ولجُ م املجتمع من تطوير‬ ‫�آلياته االقت�صادية والوطنية‪ ،‬و�أ�صبح العقد الوطني‬ ‫عقد �إذعان للمواطنني �إزاء �سلطة ديكتاتورية‪.‬‬ ‫لبنان‪ ،‬بقي تابع ًا ل�سيا�سة دم�شق وحتوالتها‪ ،‬وكان‬ ‫م�ضطراً لأن ي�ضبط حياته ال�سيا�سية على �إيقاع‬ ‫ال�سيا�سة ال�سورية‪ ،‬وتدخالت رجاالت النظام ال�سوري‬ ‫يف بناء التوازنات �أو قلبها‪ ،‬وكان عليه �أن يتكيف مع‬ ‫هذا الإيقاع‪ ،‬من دون �أن ميتلك قدرة اال�ستقاللية‪ ،‬وبقي‬ ‫�أ�سرياً ل"الطائف"‪ ،‬ورغم اخلروج الر�سمي ال�سوري من‬ ‫�أرا�ضيه �إال �أن الت�أثري ال�سوري‪ ،‬ومن ورائه الإيراين‪ ،‬بقي‬ ‫العن�رص الأكرث ح�سم ًا يف ال�ساحة ال�سيا�سية‪.‬‬ ‫التقاتل يف لبنان على وقع الأزمة مل يهد�أً‪ ،‬واتخذ �أ�شكال‬ ‫عدة‪ ،‬والتفجريات واالغتياالت الأخرية هي �إحدى‬ ‫تعبريات االقتتال‪ ،‬وهي يف طريقها للت�صعيد‪ ،‬فلبنان‬ ‫منذ �أ�شهر عديدة من دون حكومة‪ ،‬وباتت حدوده مع‬ ‫�سورية �ساقطة مبختلف املعاين‪ ،‬وبات معروف ًا �أن ما‬ ‫يحدث يف لبنان هو امتداد ملا يجري يف �سوريا‪.‬‬ ‫وداع ًا �سايك�س بيكو ‪...‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫تقارير‬

‫‪02‬‬

‫‪� 7‬آالف قتيل مدين يف ‪2013‬‬

‫نار الطائفية ت�أكل العراق من جديد‬ ‫البديل‪ -‬وكالة الأنباء الإن�سانية‪:‬‬

‫ي�شهد العراق منذ �أ�شهر ارتفاع حدة التوترات‬ ‫الطائفية‪ ،‬وعودة موجة القتل على الهوية‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من اخلطط الأمنية الكثرية �إال �أنها ال تعطي �أي‬ ‫مفعول يذكر‪ ،‬فال�رصاع الطائفي يف ذروته‪ ،‬وهو ما‬ ‫يذكر بالعنف الطائفي يف عامي ‪ 2006‬و‪،2007‬‬ ‫حيث كانت امليلي�شيات الطائفية تفتح النار وتقتل‬ ‫املدنيني عند نقاط التفتي�ش الزائفة وخارج ديارهم‬ ‫ل�سبب واحد هو انتما�ؤهم لهذه الطائفة �أو تلك‪.‬‬ ‫وقد �شهد ما ُ�سمي بالقتل على �أ�سا�س الهوية الذي‬ ‫كان يتم على �أيدي فرق املوت ‪ -‬وهو �أحد الأ�سباب‬ ‫الرئي�سية للوفاة والنزوح يف ذلك الوقت ‪ -‬انخفا�ض ًا‬ ‫يف ال�سنوات التالية يف الوقت الذي حت�سنت فيه‬ ‫احلالة الأمنية العامة يف البالد‪.‬‬ ‫غري �أنه يف الأ�شهر الأخرية‪ ،‬رفعت التفجريات‬ ‫االنتحارية وتفجريات ال�سيارات امللغومة م�ستويات‬ ‫العنف يف العراق �إىل �أعلى م�ستوى لها منذ خم�س‬ ‫�سنوات‪ .‬وقد �سجل موقع ر�صد «�ضحايا حرب‬ ‫العراق» �أكرث من ‪ 7,000‬حالة وفاة من املدنيني‬ ‫منذ بداية هذا العام‪.‬‬ ‫ويقول حمللون �أمنيون �أن االغتياالت التي تتم‬ ‫على �أ�سا�س الهوية وحوادث االختطاف والتهديدات‬ ‫بالقتل قد �شهدت �أي�ض ًا ارتفاع ًا طفيف ًا (حل�سن احلظ‬ ‫مل ت�صل بعد �إىل امل�ستويات امل�سجلة يف ‪-2006‬‬ ‫‪.)2007‬‬ ‫من املحزن �أن املئات �أو حتى الآالف – ال يتوفر‬ ‫�سجل دقيق بذلك – من الرجال الأبرياء قد تعر�ضوا‬ ‫للتعذيب والقتل من قبل امليلي�شيات ال�شيعية ب�سبب‬ ‫حملهم لأ�سماء �سنية‪ .‬لقد كان تنظيم القاعدة يف‬ ‫ذلك الوقت يفعل ال�شيء نف�سه لل�سنة وال�شيعة –‬

‫حيث يقوم بخطفهم وتعذيبهم ثم قتلهم‪ .‬ولديهم‬ ‫مقولة ‹�إما �أن تكون معنا �أو تكون عدونا›‪.‬‬ ‫لقد كان الأمر الأكرث رعب ًا يف ذلك الوقت هو �أنهم‬ ‫اعتادوا بيع الأ�شخا�ص الذين يحملون �إحدى هذه‬ ‫الأ�سماء «ال�سنية»‪ ،‬مثل عمر �أو عثمان �أو �أبو بكر �أو‬ ‫معاوية‪ ،‬ملن يدفع �أعلى �سعر حتى يقوم امل�شرتي‬ ‫بقتلهم – ك�أننا نوع من الأ�ضاحي‪.‬‬ ‫ومنذ �أ�شهر يعي�ش العراقيون موجة جديدة من‬ ‫عمليات اخلطف والقتل‪ ،‬وال ي�ستثنى منها �شخ�صيات‬

‫�سيا�سية �أو �أمنية‪ ،‬وتنامي نفوذ «داع�ش» يف مناطق‬ ‫الأنبار‪ ،‬ودخول ميلي�شيات �شيعية عراقية على خط‬ ‫الأزمة يف �سوريا‪ .‬كل هذه الأجواء جتعل العراق‬ ‫قريب ًا من حالة الالعودة يف املواجهة الطائفية‪،‬‬ ‫خا�صة مع حتول العراق �إىل دولة فا�شلة‪ ،‬وا�ست�رشاء‬ ‫الف�ساد‪ ،‬وعجز الكيانات ال�سيا�سية عن تبني م�شاريع‬ ‫وطنية جامعة‪ ،‬مع حالة من ارتهان القرار ال�سيا�سي‬ ‫للخارج عند �أطراف حكومية وغري حكومية‪.‬‬

‫اتهام حزب اهلل باغتيال الوزير اللبناين حممد �شطح‬ ‫بريوت (رويرتز) ‪ -‬قتل الوزير اللبناين ال�سابق‬ ‫حممد �شطح املناه�ض للرئي�س ال�سوري ب�شار الأ�سد‬ ‫يف انفجار �ضخم يف العا�صمة بريوت‪ ،‬حيث وجه‬ ‫بع�ض حلفائه ال�سيا�سيني االتهامات اىل جماعة‬ ‫حزب اهلل ال�شيعية‪.‬‬ ‫و�أدى االنفجار الذي وقع �صباح اجلمعة املا�ضي‬ ‫�أي�ض ًا اىل مقتل خم�سة ا�شخا�ص �آخرين‪ ،‬ودفع لبنان‬ ‫الذي يعاين من ال�رصاع يف �سوريا املجاورة باجتاه‬ ‫املزيد من اال�ضطرابات بعد �سل�سلة من التفجريات‬ ‫الطائفية التي ا�ستهدفت ال�شيعة وال�سنة على مدى‬ ‫ال�سنة املا�ضية‪.‬‬ ‫واتهم رئي�س الوزراء اللبناين ال�سابق �سعد احلريري‬ ‫يف بيان حزب اهلل �ضمني ًا باغتيال م�ست�شاره‬ ‫ال�سيا�سي البالغ من العمر ‪ 62‬عاما قائال "�إنها‬

‫ر�سالة �إرهابية جديدة لنا"‪.‬‬ ‫وقال يف بيان "املتهمون بالن�سبة لنا وحتى‬ ‫�إ�شعار �آخر هم �أنف�سهم الذين يتهربون من وجه‬ ‫العدالة الدولية ويرف�ضون املثول امام املحكمة‬ ‫الدولية‪� ،‬إنهم �أنف�سهم الذين يفتحون نوافذ ال�رش‬ ‫والفو�ضى على لبنان واللبنانيني‪ ،‬وي�ستدرجون‬ ‫احلرائق الإقليمية اىل البيت الوطني" يف ا�شارة اىل‬ ‫املحاكمة القادمة يف الهاي خلم�سة من اع�ضاء‬ ‫حزب اهلل ي�شتبه يف �ضلوعهم يف قتل والده رئي�س‬ ‫الوزراء اال�سبق رفيق احلريري عام ‪.2005‬‬ ‫وقال وزير اخلارجية الأمريكي جون كريي "هذه‬ ‫خ�سارة رهيبة للبنان وال�شعب اللبناين والواليات‬ ‫املتحدة"‪.‬‬ ‫وندد الأمني العام للأمم املتحدة بان جي مون‬

‫وجمل�س الأمن الدويل باالنفجار‪ ،‬وقال بان يف بيان‬ ‫"الدكتور �شطح كان �صوت ًا ال يكل للت�سامح والتنوع‬ ‫واالعتدال‪ ...‬وفاته خ�سارة فادحة للبنان وتذكرة‬ ‫باحلاجة اىل و�ضع نهاية للإفالت من العقاب"‪.‬‬ ‫ويف بيان منف�صل عرب جمل�س الأمن الدويل عن‬ ‫"�إدانة تامة لأي حماولة لزعزعة ا�ستقرار لبنان‬ ‫من خالل االغتياالت ال�سيا�سية" وطالب املجل�س‬ ‫"بوقف فوري ال�ستخدام الرتويع والعنف �ضد‬ ‫ال�شخ�صيات ال�سيا�سية"‪.‬‬ ‫�أدى االنفجار اىل تدمري �سيارة �شطح التي حتولت‬ ‫اىل كومة من املعدن و�أ�سفر عن �إ�صابة ‪� 71‬شخ�صا‬ ‫ووقع يف مكان لي�س ببعيد عن املكان الذي مت فيه‬ ‫اغتيال رفيق احلريري يف انفجار �ضخم يف فرباير‬ ‫‪�/‬شباط ‪.2005‬‬


‫‪03‬‬

‫حتقيق‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫ربط م�شاركته يف جنيف بوقف الق�صف على حلب‬

‫ويعب عن عجز يف الآليات‬ ‫نا�شطون‪ :‬قرار االئتالف هزيل‬ ‫رّ‬

‫حلب‪ -‬حممد �إقبال بلو‪:‬‬

‫�أعلن االئتالف �أنه لن ي�شارك يف م�ؤمتر جنيف‪ 2‬يف‬ ‫حال ا�ستمرار الق�صف على حلب‪ ,‬وجاء قراره هذا‬ ‫بعد تعر�ض مدينة حلب وريفها لق�صف بالرباميل‬ ‫املتفجرة لأكرث من �أ�سبوع ‪ ,‬حيث خلفت براميل‬ ‫املوت املئات من ال�شهداء‪ ،‬والذين يبلغ عددهم‬ ‫ح�سب بع�ض الإح�صائيات خم�سمائة �شهيد‪ ،‬و�آالف‬ ‫اجلرحى‪ ،‬وع�رشات �آالف امل�رشدين ‪..‬‬ ‫يف �أح�سن احلاالت وهي �أخذ هذا القرار بح�سن نية‬ ‫– ح�سب نا�شطني – ف�إن االئتالف قد ت�أخر كثرياً‬ ‫بهكذا قرار خجول ‪ ,‬و�أنه يجب عليه �أن يتخذه‬ ‫منذ �أول برميل �سقط يف حلب ‪ ,‬وانتظاره مقتل‬ ‫خم�سمائة �شهيد �أغلبهم من الأطفال هو حالة من‬ ‫عدم الإح�سا�س بامل�س�ؤولية‪� ,‬إن مل تكن جرمية على‬ ‫�أع�ضائه �أن يحا�سبوا عليها‪� ,‬أما عن التربير يف‬ ‫�أن القرار كان بانتظار عقد اجتماع فمن العار �أن‬ ‫يتحدث �أع�ضاء االئتالف عن اجتماع ‪ ,‬لأنهم من‬ ‫املفرت�ض �أن يكونوا جمتمعني على مدار ال�ساعة‪،‬‬ ‫فالبالد يف حالة نكبة وحتتاج جاهزية كاملة‪.‬‬ ‫كل ما �سابق من جانب ح�سن النية باالئتالف‬ ‫و�أع�ضائه مت ذكره ‪� ,‬أما ما ف�رسه النا�شطون من قرار‬ ‫االئتالف هذا هو �أنه مينح النظام و�أدواته الإجرامية‬ ‫باختالف جن�سياتها وتوجهاتها مهلة متتد �إىل‬ ‫ت�سعة وع�رشين يوم ًا قادم ًا ‪ ,‬فم�ؤمتر جنيف �سينعقد‬ ‫بعد حوايل �شهر‪ ،‬وبالتايل ف�إن النظام قد ال ي�ستمر‬ ‫بق�صف حلب‪ ،‬وقد يوقف الق�صف قبل انعقاد امل�ؤمتر‬ ‫بيوم واحد �أو يومني‪ ،‬وبذلك ينفذ طلب االئتالف‬

‫و�رشطه للح�ضور ‪ ,‬ويتم ح�ضور االئتالف يف م�ؤمتر‬ ‫جنيف بعد �أن يقتل ع�رشين �ألف حلبي مث ًال‪.‬‬ ‫النا�شط �إياد حممد قال حول قرار االئتالف‪" :‬ال بد‬ ‫�أن من �أ�صدروا قراراً كهذا هم �أ�شخا�ص م�صابون‬ ‫مب�س يف عقولهم ‪ ,‬فماذا يعني �أنهم لن ي�شاركوا‬ ‫بامل�ؤمتر يف حال ا�ستمر ق�صف النظام على حلب‬ ‫؟ يف احلقيقة لو كانوا هم فع ًال �أ�صحاب قرار لقالوا‬ ‫‪� :‬أنهم لن ي�شاركوا يف جنيف‪ 2‬يف حال مل يتوقف‬ ‫النظام عن ق�صف حلب فوراً ‪ ,‬ومن ثم فهل حلب‬ ‫هي كل �سورية ‪ ,‬ملاذا يطالبون ب�إيقاف الق�صف‬ ‫عن حلب ‪� ,‬أال ترون معي �أن هذا يدل على �ضيق‬ ‫�أفق وافتقاد لبعد النظر؟ ‪ ,‬فمث ًال اليوم حول جمرمو‬ ‫الأ�سد طائراتهم �إىل الغوطة لقتل �أطفالها ون�سائها‬ ‫و�شيوخها"‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف �إياد‪�" :‬إن الو�ضع امل�أ�ساوي الذي يعي�شه‬ ‫ال�سوريون يحتاج رجا ًال وال يحتاج خ�شب ًا م�سندة‬ ‫دون فائدة ‪ ,‬ال �أق�صد تخوين �أحد ‪ ,‬بل ما �أعنيه �أن‬ ‫من يهتم ب�إيقاف معاناة ال�سوريني ال بد �أن يكون‬ ‫�صاحب قرار‪ ،‬و�أن يكون برناجمه داخلي ًا‪ ,‬ترى‬ ‫�أال يدركون �أن كل من يعمل ب�أجندات خارجية‬ ‫وبرنامج خمابراتي دويل �سي�سقط مع �سقوط النظام‬ ‫وقد ي�سقط قبله ‪ ,‬فقد تغيرّ ال�شعب ال�سوري ‪ ,‬وفقد‬ ‫اخلوف بعد �أن تنف�س ن�سيم احلرية‪ ،‬وقدم مئات‬ ‫الآالف من ال�شهداء‪ ،‬وال�شعب لن ير�ضى �أن يباع‬ ‫بثمن بخ�س"‪.‬‬ ‫قرار االئتالف الوطني هذا لقي الكثري من العبارات‬ ‫ال�ساخرة وامل�ستهزئة ب�إمكانات رجاالته ‪ ,‬فقد كتب‬ ‫النا�شط زين البا�شا على �صفحته على في�سبوك ‪:‬‬

‫"الأ�سد ين�صاع لتهديدات االئتالف املعار�ض‪ ،‬بعد‬ ‫�أن قال �أنه لن ي�شارك يف م�ؤمتر (جنيف) �إذا ا�ستمر‬ ‫ويحـول مروحياته احلربية‬ ‫الق�صف على حلب ‪,‬‬ ‫ّ‬ ‫اليوم �إىل ق�صف الغوطة بد ًال من حلب‪ ..‬عوفيتم يا‬ ‫�أبطال االئتالف ‪� ..‬إنها العني احلمراء فقط التي ُتفلح‬ ‫مع الأ�سد"‪.‬‬ ‫ذكر بع�ض النا�شطون زمالءهم �أن االئتالف قد‬ ‫كما ّ‬ ‫هدد بعدم ح�ضور جنيف بعد الهجمات الكيماوية‬ ‫التي نفذها النظام والتي قتلت الآالف من الأبرياء‬ ‫‪ ,‬ومن ثم غاب يف �صمت خم ٍز ور�ضخ لأ�سياده‬ ‫متنوعي اجلن�سيات من عرب و�أمريكان وفرن�سيني‪،‬‬ ‫وقرر �أن يذهب �إىل جنيف دون �رشوط ‪ ,‬وبعد ذلك‬ ‫ا�شرتط بع�ض الأع�ضاء رحيل ب�شار الكيماوي‬ ‫ك�رشط للذهاب �إىل جنيف ثم قبلوا �أن يكون رحيله‬ ‫نتيجة من نتائج م�ؤمتر جنيف ‪ ,‬وهيهات هيهات‬ ‫قد ينتهي هذا امل�ؤمتر التفاو�ضي بعد �سنوات ي�ستمر‬ ‫فيها النظام بقتل ال�شعب ال�سوري‪.‬‬ ‫ت�أتي تعليقات النا�شطني حول قرار االئتالف‬ ‫بعد �أن �صدرت يف الآونة الأخرية بيانات من‬ ‫جهات ع�سكرية ترف�ض �أن ميثلها االئتالف يف �أي‬ ‫تفاو�ض �سيا�سي‪ ،‬كما �أن ت�أليف احلكومة الذي مل‬ ‫ينعك�س ب�أي �شكل من الأ�شكال على املناطق التي‬ ‫خرجت عن �سيطرة النظام جعلت حالة التذمر من‬ ‫ت�رصيحات االئتالف وقراراته كثرية‪ ،‬خا�صة �أن‬ ‫الأو�ضاع الإن�سانية تزداد �سوءاً‪ ،‬من دون �أن يكون‬ ‫ت�صدر متثيل الثورة �أي قدرة على‬ ‫االئتالف الذي‬ ‫ّ‬ ‫امل�ساعدة يف حلها‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫‪04‬‬

‫براميل لتفجري املفاو�ضات وتعومي الت�شدد داخل املعار�ضة‬ ‫غازي دحمان‬

‫الغارات التي ي�شنها نظام ب�شار الأ�سد بالرباميل‬ ‫املتفجرة على حلب‪ ،‬املتوا�صلة بدون انقطاع‪،‬‬ ‫والتي يبدو �أنها �آخذة يف التعميم على كل املناطق‬ ‫«املحررة» ‪ ،‬يبدو �أن لها �أهداف �سيا�سية غري‬ ‫�أهدافها امليدانية املبا�رشة‪ .‬و�إذ تك�شف اال�ستهدافات‬ ‫املتوالية للمناطق املدنية وامل�أهولة بال�سكان‬ ‫العزل مدى فقر الأهداف الع�سكرية املراد حتقيقها‪،‬‬ ‫ف�إنها ت�ستبطن ح�صاداً �سيا�سي ًا وافراً ي�سعى نظام‬ ‫الأ�سد �إىل جنيه كح�صيلة لهذه العملية‪.‬‬ ‫قلي ًال من التدقيق والتمعن ونكت�شف �أن هذا‬ ‫اال�ستهداف الع�شوائي وتلك النريان الكثيفة وجهتهما‬ ‫�سيا�سية حم�ضة‪ ،‬ذلك �أن نظام الأ�سد‪ ،‬وبتو�صية من‬ ‫م�شغليه الإقليمني والدوليني �إمنا ي�سعى �إىل تفجري‬ ‫املعار�ضة وت�شتيتها و�إ�ضعاف حوا�ضنها ومواقفها‬ ‫وحتقيق الف�صل النهائي بني اجل�سمني ال�سيا�سي‬ ‫والع�سكري‪ ،‬وحتى خلخلة اجل�سم الع�سكري نف�سه‪.‬‬ ‫فيما يبدو �أنه �أمر مهمة م�ستعجل‪.‬‬ ‫من املعروف �أن املعار�ضة ال�سورية تنطوي على‬ ‫ت�شكيالت �سيا�سية متعددة تتقاطع وتختلف يف‬ ‫ر�ؤيتها لل�رصاع و�أهدافه‪ ،‬وهذا �أمر طبيعي على‬ ‫م�ستوى التنظيمات ال�سيا�سية عامة ويف ال�سلم‬ ‫واحلرب على ال�سواء‪ ،‬ومثلما توجد ت�شكيالت تتميز‬ ‫باملرونة ال�سيا�سية جتاه الأطروحات الدولية للحل‬ ‫ال�سيا�سي يف �سورية‪ ،‬ف�إنه توجد معها ومقابلها‬ ‫تنظيمات متيل �إىل الت�شدد‪� ،‬صحيح �أن ثمة توازن‬ ‫مقبول حتى اللحظة بني هذه التيارات داخل‬ ‫املعار�ضة‪ ،‬وهذا التوازن هو الذي ي�ساعد الطرف‬ ‫ال�سيا�سي يف املعار�ضة على التكيف مع الأطروحات‬ ‫اخلا�صة بالأزمة‪ ،‬لكن �أي�ض ًا هذا التوازن ه�ش‪ ،‬وهو‬ ‫�أمر معروف‪ ،‬ومن املمكن الت�أثري به �أو حتى تغيريه‪.‬‬ ‫تبع ًا لذلك‪ ،‬ي�صبح الهدف من وراء هذا اال�ستهداف‬

‫املحموم للمناطق التي تقع حتت �سيطرة املعار�ضة‪،‬‬ ‫هو �إحراج املعار�ضة يف الذهاب �إىل جنيف‪ ،‬وجعل‬ ‫هذا الأمر حمفوف ًا باملخاطر ال�سيا�سية على م�ستقبل‬ ‫املعار�ضة‪ ،‬مقابل تعومي حالة من الت�شدد تنظيمي ٍا‬ ‫وحركيا ت�صبح هي العنوان الأ�سا�سي للثورة‪.‬‬ ‫ال يريد النظام الذهاب �إىل طاولة املفاو�ضات يف‬ ‫بناء على حزمة من التقديرات‬ ‫هذه املرحلة‪ ،‬وذلك ً‬ ‫بناها يف احلقلني امليداين وال�سيا�سي‪ ،‬فهو يعتقد‬ ‫�أنه يحقق �إجنازات ميدانية راهنة و�أنه ب�صدد‬ ‫حتقيق مثيالتها م�ستقب ًال نتيجة لزخم الدعم‬ ‫الإيراين والعراقي وحزب اهلل‪ ،‬مقابل حالة ال�شح يف‬ ‫الدعم التي تتلقاها املعار�ضة‪ ،‬والتي و�صلت �إىل حد‬ ‫توقف الواليات املتحدة الأمريكية وبريطانيا عن‬ ‫التوقف يف الدعم بالو�سائل غري القاتلة للمعار�ضة‪.‬‬

‫ال ترغب طهران يف و�ضع حدود‬ ‫لدورها يف �سورية قبل �أن تتو�ضح‬ ‫توجهات مفاو�ضاتها مع الغرب‬ ‫كما انه يعتقد �أنه يحقق �إجنازات �سيا�سية ال تقل‬ ‫�أهمية‪ ،‬ويعتقد �أن دائرة الأطراف التي باتت ت�صدق‬ ‫روايته يف حربه على الإرهاب والتطرف يف ات�ساع‬ ‫م�ستمر‪ ،‬وال �شك �أنه يلقى �أذنه يف هذا املجال‬ ‫حلليفه الرو�سي الذي يعلن على امللأ �أن الكثري من‬ ‫الدبلوما�سيني الغربيني �أخربوه ب�أنهم باتو مقتنعني‬ ‫برواية النظام‪� ،‬أو على الأقل يعتربونه الأقل �سوءاً‬ ‫من اخليارات الأخرى‪.‬‬ ‫ويقدر النظام �أن قلي ًال من ال�صرب والتما�سك والإبداع‬ ‫ّ‬ ‫يف ت�صنيع املعطيات �ضد الثورة من �ش�أنها �أن‬ ‫تريحه من م�ؤمتر جنيف وا�ستحقاقاته‪ ،‬و�إذا كان‬

‫لي�س مبقدوره �أن يرف�ض الذهاب �إىل جنيف ف�إنه‬ ‫يعمل على �أن ي�أتي الرف�ض من املعار�ضة ليثبت‬ ‫للعامل �أن ال �رشيك جدي ًا له يف �سورية وال ند قادر‬ ‫على الإيفاء بااللتزامات الدولية غريه‪.‬‬ ‫من جهتهم حلفاء النظام‪� ،‬إيران وحزب اهلل‪ ،‬يف�ضلون‬ ‫هذه اال�سرتاتيجية‪ ،‬حيث ال ترغب طهران يف و�ضع‬ ‫حدود لدورها يف �سورية قبل �أن تتو�ضح توجهات‬ ‫مفاو�ضاتها مع الغرب‪ ،‬وذلك �أن من �شان انطالق‬ ‫جنيف وتطبيق مقراراته �أن ت�ؤدي �إىل خ�سارتها‬ ‫للورقة ال�سورية قبل انتهاء �أوان ا�ستثمارها‪� .‬أما‬ ‫حزب اهلل فبدوره يطمح لأن ي�صبح �رشيك ًا دولي ًا‬ ‫معتمداً يف حماربة الإرهاب‪ ،‬و�شطب كل الق�ضايا‬ ‫املثارة بوجهه ب�صفته تنظيم ًا �إرهابي ًا يف لبنان‬ ‫و�سورية‪.‬‬ ‫مل يعد من �شك �أن الأحداث يوم ًا تلو يوم‪ ،‬ت�ؤيد‬ ‫�رضورة توحيد ال�صفوف والتعجيل بحل اخلالفات‬ ‫بني ف�صائل الثورة وت�شكيالتها و�أطرافها ال�سيا�سية‪،‬‬ ‫وت�صدير ا�سرتاتيجية �سيا�سية وع�سكرية للوقوف يف‬ ‫وجه النظام وحلفائه‪ ،‬فقد ثبت يف الأ�شهر الأخرية‬ ‫�أن النظام ا�ستطاع حتويل الثورة �إىل الوجهة التي‬ ‫تنا�سبه وتنا�سب �إدعاءاته وباتت هذه امل�س�ألة يف‬ ‫�صلب رهاناته على البقاء واالنت�صار على ال�شعب‬ ‫ال�سوري‪� .‬صحيح �أن حتقيق هذا احللم دونه م�صاعب‬ ‫عديدة‪ ،‬لكن ال�صحيح �أي�ض ًا �أن ا�ستمرار النظام كل‬ ‫يوم �إ�ضايف يجلب املزيد من امل�آ�سي لل�سوريني‬ ‫وهذا ما يتوجب على الثورة �إدراكه‪ ،‬ولعل الرتجمة‬ ‫احلقيقية لهذا الإدراك تبد�أ من خالل ا�ستعادة‬ ‫املبادرة الثورية ودفع النظام �إىل مواقع الدفاع‬ ‫واالرتباك ودفعه تالي ًا �إىل القبول باحلل ال�سيا�سي‬ ‫لالزمة‪.‬‬


‫‪05‬‬

‫حتليل �سيا�سي‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫جنيف ‪ : 2‬هل هو جمرد احتفالية وباقات من الزهور؟‬ ‫فريدريك هوف‪ -‬ترجمة و�إعداد “البديل”‪:‬‬

‫ينبغي �أن يثري قرار مو�سكو منع �صدور قرار من‬ ‫جمل�س الأمن التابع للأمم املتحدة يدين انتهاكات‬ ‫نظام الأ�سد حلقوق الإن�سان ال�شك حول موقف‬ ‫رو�سيا من م�ؤمتر جنيف ‪ ،2‬فاخلطوط اال�سرتاتيجية‬ ‫ل�سيا�سة مو�سكو ما زالت تقوم على �إبقاء عميلها‬ ‫ال�سوري موجوداً‪ ،‬وبقاء النظام ال�سيا�سي للأ�سد‪.‬‬ ‫بينما تتوقع الواليات املتحدة �أن ت�ضغط مو�سكو‬ ‫من �أجل �إيجاد خمارج‪ ،‬وهو افرتا�ض ي�ستحق النظر‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫مما ال �شك فيه �أن وزير اخلارجية جون كريي قد‬ ‫ا�ستثمر الوقت و اجلهد الكبري يف �إقامة عالقة‬ ‫من الثقة واالطمئنان مع نظريه الرو�سي �سريجي‬ ‫الفروف ويحاول كريي اال�ستفادة الق�صوى من‬ ‫ا�ستخدام الديبلوما�سية‪� ،‬إذ �أن التهديد بقيام عمل‬ ‫ع�سكري �ضد النظام ال�سوري مل يعد وارداً‪ ،‬ولهذا ف�إن‬ ‫كريي ال يرى يف الأفق غري العمل الديبلوما�سي‪.‬‬ ‫ا�سرتاتيجية كريي مل�ؤمتر جنيف تقع على رو�سيا‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة تطلب من املعار�ضة ال�سورية‬ ‫احل�ضور �إىل امل�ؤمتر مع طرح هيئة حكم انتقايل‪،‬‬ ‫و�سيكون هناك قائمة ب�أ�سماء �ضباط وم�س�ؤولني‬ ‫ممن لهم خدمات �سابقة وكفاءات معروفة‪،‬‬ ‫(احلاليني وال�سابقني ‪ ،‬مبا يف ذلك العلويني‬ ‫وغريهم من الأقليات )‪� .‬إن مثل هذه القائمة تقدم‬ ‫طرح ًا مثالي ًا حول �أمرين‪ ،‬الأول هو �إقناع ال�سوريني‬ ‫ب�إمكانية وجود بديل‪ ،‬والأمر الآخر هو �ضمان بقاء‬ ‫م�صالح رو�سيا من دون الأ�سد‪.‬‬ ‫ي�أمل املرء �أن ال�سيد كريي لديه ‪� ،‬أو على الأقل‬ ‫يعتقد �أن لديه ‪� ،‬ضمانات م�سبقة من ال�سيد الفروف‬ ‫�أن الأمور �ست�سري نحو مبتغاها‪ ،‬لأنه يف حال عدم‬ ‫النجاح‪ ،‬ف�إن جنيف �سيكون عبارة عن باقة من‬ ‫الزهر‪ ،‬و�رضبة حظ‪ ،‬مل�صلحة النظام وم�ؤيديه‪.‬‬

‫ينبغي �أن ي�ضع االئتالف الوطني ال�سوري جدو ًال‬ ‫للحكم االنتقايل يكون مطمئن ًا للأقليات‪ ،‬و�أن‬ ‫تكون مقبولة لعموم ال�سوريني‪ ،‬وذلك بد ًال من‬ ‫التهجم على مواقف مو�سكو‪ .‬و�سنفرت�ض �أن الإدارة‬ ‫الأمريكية عرب ال�سفري فورد �ستقوم مبحاولة ربط‬ ‫اجلبهة الإ�سالمية باملفاو�ضات‪ ،‬ثم دعونا ن�ضع‬ ‫جانب ًا ال�شك ب�أن قائمة احلكومة االنتقالية �ستحظى‬ ‫مبوافقة النظام واملعار�ضة‪ ،‬ولكن ماذا بعد؟‪.‬‬ ‫�ستقول مو�سكو �إن املفاو�ضات بد�أت بني ال�سوريني‪،‬‬ ‫و�أنها تدعم املتفاو�ضني‪ ،‬ولكن املعار�ضة هل‬ ‫�ستجل�س مع النظام الذي �أعلن ب�شكل �رصيح �إعادة‬ ‫تر�شيح الأ�سد لالنتخابات الرئا�سية املقبلة؟‪.‬‬ ‫هل �سترتك مو�سكو املتفاو�ضني و�ش�أنهم؟ وهل‬ ‫�سيم�سك الرئي�س بوتني الهاتف ليقول للأ�سد وعائلة‬ ‫خملوف �إن اللعبة انتهت؟ وبهذا يكمل الأ�سد واليته‬ ‫حتى متوز من العام املقبل ويغادر ال�سلطة بعدها‪،‬‬ ‫مع توقع موافقة الأ�سد وا�ستجابته‪� ،‬أم �أنه �سيوا�صل‬ ‫حربه على ظهر امليلي�شيات الأجنبية املو�ضوعة‬ ‫حتت ت�رصفه من قبل �إيران التي تعترب تبعية النظام‬ ‫ال�سوري وحزب اهلل لها م�س�ألة ذات �أهمية حيوية‬ ‫لأمنها القومي‪ ،‬و�إذا كان هذا هو ال�سيناريو فكيف‬ ‫�ستتفاعل مو�سكو معه؟‬ ‫�إذا م�ؤمتر جنيف لي�س جمرد باقة من الزهر ‪ ،‬وكثري‬ ‫من هذه الأ�سئلة قد متت ت�سويتها من قبل ال�سادة‬ ‫كريي والفروف ‪ .‬ت�رصيح نائب وزير اخلارجية‬ ‫الرو�سية ميخائيل بوغدانوف لفت انتباه املراقبني‪،‬‬ ‫الذي �أ�شار �إىل �أن ت�رصيحات النظام املتعلقة‬ ‫ب�إعادة انتخاب ب�شار الأ�سد لي�ست مفيدة من حيث‬ ‫تهيئة الأجواء للم�ؤمتر املقبل‪ .‬وبح�سب ما ورد ف�إن‬ ‫مو�سكو فعلت بع�ض الأ�شياء على الهام�ش لت�رسيع‬ ‫ت�أ�شريات لبع�ض عمال الإغاثة للأمم املتحدة يف‬

‫�سوريا‪ .‬بعد ا�ستمرار عرقلة رو�سيا ملجل�س الأمن‬ ‫يف مواجهة جرائم احلرب عمالئها واجلرائم �ضد‬ ‫الإن�سانية (كما ورد �إىل جمل�س حقوق الإن�سان من‬ ‫قبل اللجنة الدولية امل�ستقلة لتق�صي احلقائق )‪ ،‬وهو‬ ‫ما يوحي ‪ ،‬على الأقل للعني املجردة ‪� ،‬أن مو�سكو‬ ‫تقوم ببع�ض التحركات املطلوبة‪.‬‬ ‫�إن �إدارة �أوباما مل تتوقع �أن نظام الأ�سد �سوف‬ ‫ي�ستخدم اتفاق وا�شنطن ومو�سكو ب�ش�أن الأ�سلحة‬ ‫الكيميائية يف زيادة ال�ضغط والرتويع �ضد املدنيني‪،‬‬ ‫و�إعادة الزخم له من خالل تلقيه دعم ًا �إ�ضافي ًا من‬ ‫امليلي�شيات الإيرانية‪ ،‬وو�صول ال�سالح الرو�سي له‪،‬‬ ‫لذلك ف�إن املعار�ضة ال�سورية اليوم لديها اخل�شية‬ ‫من حتويل م�ؤمتر جنيف �إىل فر�صة جديدة للنظام‪.‬‬ ‫خا�صة �أن قوى م�سلحة يف املعار�ضة �شعرت ب�أن‬ ‫قطع وا�شنطن الدعم عنها هو حماولة جديدة لإذالل‬ ‫املعار�ضة‪ ،‬وال�ضغط عليها‪.‬‬ ‫يف �ضوء هذه الت�رصفات كيف لنا �أن نتوقع من‬ ‫م�ؤمتر جنيف �أن ي�سري نحو وجهته املتوقعة؟‪ .‬من‬ ‫الأهمية مبكان �أن ي�سبق امل�ؤمتر هدنة �إن�سانية ذات‬ ‫قاعدة عري�ضة ‪ ،‬و�أن ت�صل امل�ساعدات الإن�سانية‬ ‫�إىل كل املدن واملناطق من دون حتفظ على منطقة‬ ‫بعينها‪ ،‬وهو ما يتطلب �أن يكون التن�سيق بني‬ ‫مو�سكو ووا�شنطن على خط واحد من �أجل �إجناز‬ ‫التحول ال�سيا�سي‪ ،‬وهو ما يجب العمل عليه قبل‬ ‫حجز بطاقات الطائرة ملمثلي الوفود‪.‬‬ ‫�إن م�ؤمتر جنيف ميكن يف حال عدم وجود خطوات‬ ‫ا�ستباقية على امل�ستوى الإن�ساين �أن ي�شكل �رضراً‬ ‫جديداً لل�سوريني‪ ،‬و�أن يزيد من امل�أ�ساة‪ ،‬ولن يكون‬ ‫�سوى جمرد دعوة لالجتماع يف �سوي�رسا‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫ر�أي‬

‫‪06‬‬

‫�أبو حممد اجلوالين ‪ :‬ال�شاهد امللك لإدانة النظام ال�سوري‬ ‫يا�سر بدوي‬

‫هل �أدى ظهور �أبو حممد اجلوالين يف قناة ‪ -‬رعاية‬ ‫تنظيم القاعدة ‪� -‬إىل فك طال�سم القاعدة يف �سوريا‪،‬‬ ‫وتالي ًا يف العراق والعامل الإ�سالمي ومدى ارتباط‬ ‫هذا التنظيم ب�أجهزةاال�ستخبارات العاملية؟ بكل‬ ‫ت�أكيد الإجابة بالنفي‪ ،‬لكن قدم �إ�شارات بالغة‬ ‫اخلطورة فيما يتعلق بال�رصاع يف �سوريا ‪،‬وعلى‬ ‫�سوريا وال�سورين ‪،‬هذه الإ�شارات وا�ضحة و�ضوح‬ ‫ال�شم�س رغم كل الظالم الذي يلف تنظيم القاعدة‬ ‫يف �سوريا ‪،‬ومدى ارتباطه بالنظام ال�سوري‪ ،‬و�ساعد‬ ‫يف هذا املو�ضوع �ضعف اجلوالين الثقايف والديني‬ ‫وال�سيا�سي ‪.‬‬ ‫هذه الإ�شارات ميكن تبويبها واخت�صارها ب�أربعة‬ ‫نقاط حمورية يف م�سار الثورة ال�سورية واختطافها‬ ‫وانحرافاتها املتعددة ‪.‬‬ ‫النقطة الأوىل ت�أكيد �أبو حممد اجلوالين رواية‬ ‫النظام القاتلة عن الثورة ال�سورية منذ اليوم الأول‬ ‫يف الثامن ع�رش من �آذار عام ‪، 2011‬عندما اتهم‬ ‫منظمات ارهابية ا�سالمية بقتل املدنيني ورجال‬ ‫الأمن وكانت التهمة �رصيحة ‪ -‬فتح الإ�سالم ‪-‬ومع‬ ‫النفي القطعي من �أنور رجا ‪ ،‬امل�س�ؤول يف اجلبهة‬ ‫ال�شعبية لتحرير فل�سطني ‪ ،‬راحت رواية النظام تتهم‬ ‫يف العموم الع�صابات امل�سلحة ‪،‬حتى كانت غزوة‬ ‫اجلوالين يف ال�سابع والع�رشين من كانون �أول عام‬ ‫‪ 2011‬وتفجري فرع املنطقة – يف منطقة اجلمارك‬ ‫وقامت الرواية الر�سمية للنظام باتهام الإخوان‬ ‫امل�سلمني‪ .‬االخوان نفوا عالقتهم بالتفجري وك�شفوا‬ ‫ارتباط املوقع الذي �صممه اجلي�ش االلكرتوين‬ ‫با�سمهم ‪ ،‬وبقى النظام يتخبط ‪ ،‬لكن ين�سبه لالرهاب‬ ‫الإ�سالمي‪ ،‬وك�شفت امييالت الرئي�س امل�رسبة ر�سالة‬ ‫من ح�سني مرت�ضى ‪،‬مرا�سل قناة العامل ‪،‬يحذر من‬ ‫الت�رسع يف اتهام املعار�ضة‪ .‬اجلوالين اعرتف وعدد‬ ‫جميع املواقع التي مت التفجري فيها‪ ،‬و�أكد م�س�ؤولية‬ ‫جبهة الن�رصة عن جميع هذه التفجريات‪ ،‬و�أ�ضاف‬ ‫عليها تفجري فرع الدوريات دون �أن يعرف ا�سمه‬ ‫‪ ،‬واملخابرات اجلوية يف �ساحة التحرير والأمن‬ ‫اجلنائي يف اجلمارك ويف حلب وديرالزور‪ ،‬وهذا‬ ‫الت�أكيد لرواية النظام يعطي املربرات ملا قام به‬ ‫النظام ويقوم به‪ ،‬رغم جهل اجلوالين ب�أ�سماء الأفرع‬ ‫الأمنية التي ا�ستهدافت بالتفجري ‪ ،‬فهو يقول تفجري‬ ‫�أمن الدولة يف ال�سابع والع�رشين وتفجري �أمن‬ ‫الدولة كان بعد ذلك التاريخ ب�شهور‪� ،‬أما التفجري‬ ‫الذي حدث يف ذلك التاريخ كان يف فرع املنطقة !‬ ‫ويدح�ض اجلوالين جميع روايات الثوار ‪،‬عن افتعال‬ ‫النظام هذه التفجريات‪ ،‬وقد ظهرت العديد من‬ ‫الدالئل من خالل االخطاء التي وقع فيها النظام ‪،‬‬ ‫كتفجري امليدان‪ ،‬حيث كان امل�صور ي�ضع الأكيا�س‬ ‫لي�صورهم‪ ،‬وجندي ينظر �إىل النا�س وي�ستلقي ‪،‬‬ ‫وكذلك يتناق�ض اجلوالين مع نف�سه يف نقطتني ‪:‬‬ ‫�أنهم كانو �سبعة عندما دخلوا �أر�ض ال�شام ! فكيف‬ ‫لهذا العدو �أن يخرتق هذه املربعات الأمنية ؟‬

‫ن�سي اجلوالين �أن تاريخ الإفراج عنه كان بعد‬ ‫الإفراج عن زمالئه ‪�،‬أحمد عي�سى وح�سان عبود‬ ‫وزهران علو�ش ب�شهر‪ ،‬مما يعني �أن �إطالق �رساحه‬ ‫كان يف ال�شهر التا�سع من العام ‪ 2011‬فكيف‬ ‫تن�سجم روايتة مع االحداث التي ذكرها ‪.‬‬ ‫النقطة الثانية ي�ؤكد �أبو حممد اجلوالين �أنهم يف‬ ‫م�سار واحد ملا حدث يف ال�ستينات يف م�رص ‬ ‫والثمانيات يف �سوريا وجتمعوا يف افغان�ستان ثم‬ ‫العراق وكانوا ينتظرون التوقيت لدخول ال�شام ‪،‬‬ ‫وجاءت الثورة فر�صة لهم لدخول ار�ض ال�شام ‪،‬وهنا‬ ‫ي�ؤكد له هذه النقطة تي�سري علوي ويوافقه ليعيد‬ ‫�إنتاج ما قاله الأ�سد �أن �سوريا �ستكون �أفغان�ستان‪،‬‬ ‫ويعيد �إنتاج جممل الرواية عن �أن القاعدة ا�ستفادت‬ ‫من اال�ضطراب لتدخل �سوريا‪ ،‬وهنا يلغي اجلوالين‬ ‫الثورة وكل ما �أنتجته ليخت�رصها بفكر القاعدة‪،‬‬ ‫ويخت�رصها بر�ؤيته لأر�ض املالحم وقيام ال�ساعة ‪.‬‬ ‫النقطة الثالثة ادعاء اجلوالين �أن التنظيم ملتحم‬ ‫مع ال�شعب ال�سوري‪ ،‬وال�شعب من يحمي جبهة‬ ‫الن�رصة‪ ،‬وبعيداً عن �صحة هذه الإدعاء ون�سبة تقبل‬ ‫ال�شارع للجبهة ‪� .‬إن هذه النقطة على درجة بالغة‬ ‫من اخلطورة ‪ ،‬وتتقدم على الأفكار الأخرى النها‬ ‫تعطي املربرات لق�صف النظام للأحياء ال�شعبية‬ ‫وتدمريها‪ ،‬لأنها بذلك تكون حا�ضنة للقاعدة ‪..‬‬ ‫وتزداد خطورتها م�ستقب ًال وهنا تدخل النقطة‬ ‫الثالثة ‪:‬‬ ‫يرى اجلوالين �أنهم وتنظيم «داع�ش» �شيء واحد‪،‬‬ ‫وما ح�صل بينهما هو جمرد خالفات داخل البيت‬ ‫الواحد‪ ،‬ويرف�ض �أن مييز تنظيمه عن «داع�ش»‬ ‫البغدادي‪ ،‬وهنا مقتل ال�صوت «العقالين» داخل‬ ‫جبهة الن�رصة من الب�سطاء الذين وجدوا �أنف�سهم‬ ‫يف التنظيم ملقاومة النظام ‪ ،‬وهذا التيار يحاول‬

‫ا�ستيعاب «داع�ش» ‪ ،‬وعزل �أمرائها الدخالء‪ .‬ينفي‬ ‫اجلوالين كل هذا التمايز وي�رضب منط ًا من التفكري‬ ‫يعتقد الكثري من حملته ‪،‬انها انف�صلت عن «داع�ش»‬ ‫‪ ،‬ومتايزات يف الفكر وال�سلوك ‪.‬‬ ‫النقطة الرابعة هي املوقف من جنيف ‪ ، 2‬جزم‬ ‫�أبو حممد اجلوالين �أن امل�ؤمتر �إحياء للنظام امليت!‬ ‫هذه القراءة �سيا�سي ًا �صفر‪ ،‬لأن النظام ال ميتلك وال‬ ‫يريد �أي حل �سيا�سي‪ ،‬و�أعلن من الأيام االوىل للثورة‬ ‫احلل الأمني يف الوقت الذي كان ي�ستطيع احلديث‬ ‫فيه عن حل �سيا�سي ورف�ضه ‪ ،‬فكيف ي�ستطيع اليوم‬ ‫امتالك الدخول يف حل �سيا�سي وقد �أ�صبحت �سوريا‬ ‫م�ستودعات لل�سالح ‪.‬ثم يقرر مع توريط تي�سري علوين‬ ‫عند �س�ؤاله عن ت�أثري التقارب الإيراين – االمريكي‬ ‫عن الو�ضع يف �سوريا‪ ،‬يقرر اجلوالين وينجر �إىل‬ ‫فكرة امل�ؤامرة الكونية �ضد ال�سنة‪ ،‬وي�صبغ الثورة‬ ‫بالطابع الطائفي الذي يخدم مقولة النظام وروايته‬ ‫التي �أعلنها منذ الثالث والع�رشين ‪ 2011‬على‬ ‫ل�سان م�ست�شارة الرئي�س الإعالمية وال�سيا�سية بثينة‬ ‫�شعبان ثم كررها الرئي�س يف خطابه الأول ‪� 30‬آذار‬ ‫‪. 2011‬‬ ‫جممل لقاء اجلوالين جاء لي�ؤكد رواية النظام‬ ‫وذرائعه ‪ ،‬وجاء يف هذا التوقيت الذي ي�سبق م�ؤمتر‬ ‫جنيف ‪ ،2‬ليعطي م�صداقية مفرت�ضة ملقوالت‬ ‫النظام حول ثورة ال�شعب ال�سوري و�إرادته وحرفها‬ ‫�إىل ق�ضية ارهاب وفو�ضى‪ ،‬وت�أكيد جلميع انحرافات‬ ‫الثورة التي خطط لها النظام و�أجرب ال�شعب على‬ ‫اللجوء �إليها ‪ ،‬وهو �إختطاف جديد لإرادة ال�شعب‬ ‫ال�سوري ‪.‬ويبقى ال�س�ؤال م�رشع ًا ‪ ..‬ملاذا اجلزيرة ؟‬ ‫وملاذا انعدم احلوار من اللقاء ؟ وملاذا الت�أكيد على‬ ‫نقاط حمددة ؟ وملاذا ت�ستمر املحرقة ال�سورية عرب‬ ‫الإعالم ؟ وملاذا ذكرين بال�شاهد امللك ؟‪.‬‬


‫‪07‬‬

‫ق�ضايا‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫�أحد ا�شكال املوت ال�سوري اجلديد‪ ...‬املوت جوع ًا‬ ‫ح�سام امليالد‬

‫كان على الفل�سطيني الالجئ �أن يدفع ثمن جلوئه‬ ‫و�أن يحمل �أعباء ق�ضيته بالإ�ضافة �إىل �أعباء �أزمات‬ ‫دول اللجوء‪ .‬ومنذ نكبة العام ‪ 1948‬حتول الالجئون‬ ‫الفل�سطينيون �إىل مك�رس ع�صا‪� .‬آالف الفل�سطينيني‬ ‫�سقطوا يف �أيلول الأ�سود عام ‪ 1970‬يف الأردن‪ ،‬ومل‬ ‫ت�ستثنهم احلرب الأهلية يف لبنان ‪ ،1976‬ومل ي�سلم‬ ‫خميم تل الزعرت من الدمار‪ .‬ويف املكان ذاته دفع‬ ‫الفل�سطينيون يف عام ‪ 1982‬ثمنا باهظا ع�سكريا‬ ‫واجتماعيا‪ ،‬مل يكن �أوله يف �صربا و�شاتيال ومل يكن‬ ‫وهجر مئات الألوف منهم‬ ‫�آخره يف حرب املخيمات‪ّ .‬‬ ‫من الكويت بعد االحتالل العراقي‪ ،‬لي�سقط من بقي منهم‬ ‫يف العراق �ضحية العنف الطائفي واملذهبي حتى زوال‬ ‫املجال ال�سو�سيولوجي الفل�سطيني هناك بالكامل‪ .‬كما‬ ‫مل ي�سلم الفل�سطينيون من مزاجية و�سذاجة بع�ض‬ ‫احلكام حني ُنفي الآالف منهم اىل «وادي العقارب»‬ ‫يف ال�صحراء ليعودوا �إىل فل�سطني �سريا على الأقدام �أو‬ ‫�سباحة‪ ،‬كما اعتقد الراحل معمر القذايف‪ .‬واليوم تتجدد‬ ‫م�أ�ساة الالجئ الفل�سطيني يف �سوريا‪.‬‬ ‫بالرغم من اندماج الفل�سطينيني يف‬ ‫ ‬ ‫املجتمع ال�سوري و�شعورهم ب�أنهم جزء من هذا الن�سيج‬ ‫االجتماعي‪� ،‬إال �أن ذلك مل يحل بني الفل�سطيني العائد‬ ‫�إىل خميم الريموك بعد يوم طويل من العمل �أو الدرا�سة‬ ‫وبني الإح�سا�س بالعودة �إىل الوطن‪ ،‬فقد �شكل خميم‬ ‫الريموك بالن�سبة لأبنائه‪ ،‬ب�شوارعه املكتظة وحاراته‬ ‫ال�ضيقة‪ ،‬ن�سخة م�صغرة عن فل�سطني التي مل تعرفها‬ ‫�أجيال ما بعد النكبة �إال خيا ًال م�شحونا بالعاطفة‬ ‫م�ضيع‪.‬‬ ‫والتباكي على جمد ّ‬ ‫خميم الريموك �أو «عا�صمة ال�شتات» كما ي�سمى‪ ،‬هو‬ ‫�أكرب جتمعات الالجئني الفل�سطينيني يف كل من �سوريا‬ ‫ولبنان والأردن‪ .‬وبالرغم من عدم اعرتاف «الأنروا» به‬ ‫كمخيم ر�سمي‪� ،‬إال �أنها تقدم هناك خدماتها ال�صحية‬ ‫والرتبوية‪� .‬أن�شئ املخيم على بعد ب�ضعة كيلو مرتات‬ ‫من العا�صمة دم�شق يف العام ‪ ،1975‬لكنه �أ�صبح‬ ‫اليوم جزءاً �أ�سا�سي ًا من املدينة التي تو�سعت خ�صو�ص ًا‬ ‫باجتاه الأطراف اجلنوبية‪ ،‬و معظم �سكانه اليوم من‬ ‫ال�سوريني بعد تكاثر الأحياء الع�شوائية على �أطراف‬ ‫املخيم‪.‬‬ ‫كان ملخيم الريموك دور بارز يف الكفاح امل�سلح‬

‫‪ ،‬ال�سيما يف مرحلة الثورة الفل�سطينية يف لبنان‬ ‫واالجتياح الإ�رسائيلي عام ‪ ،1982‬حتى �أطلق �شارون‬ ‫عبارته الغا�ضبة التي توعد بها املخيم بقوله «لك يوم‬ ‫يا خميم الريموك»‪ .‬لكن بعد طرد الراحل يا�رس عرفات‬ ‫من �سوريا وحظر حركة «فتح» وفر�ض قيود على العمل‬ ‫ال�سيا�سي الفل�سطيني التي طالت �سائر ف�صائل منظمة‬ ‫التحرير الفل�سطينية‪ ،‬يف مقابل ن�شاط وا�ضح للف�صائل‬ ‫الإ�سالمية الفل�سطينية املمثلة بـ «اجلهاد اال�سالمي»‬ ‫وحركة «حما�س»‪ ،‬تراجع دور املخيم ووزنه يف الثورة‬ ‫الفل�سطينية‪.‬‬ ‫منذ بداية احلدث ال�سوري يف ‪� 15‬آذار ‪ ،2011‬غلب‬ ‫على الفل�سطينيني ر�سميا و�شعبيا �سيا�سة احلياد خ�شية‬ ‫تكرار م�أ�ساة �أخرى م�شابهة مل�آ�سي فل�سطينيي دول‬ ‫اجلوار تاريخياً‪ .‬لكن �سيا�سة احلياد تلك التي مل تلق‬ ‫ا�ستح�سان ال النظام وال املعار�ضة على حد �سواء‪ ،‬مل‬ ‫جتنب الفل�سطينيني حماوالت الزج بهم يف �أتون الأزمة‬ ‫ال�سورية التي حتولت اىل حرب �أهلية وي�سودها العنف‬ ‫الطائفي‪ ،‬لكنها مل متنعهم �أي�ضا عن التعاطف مع‬ ‫�أ�شقائهم ال�سوريني وتقدمي العون املتمثل بامل�ساعدات‬ ‫الطبية والإغاثة‪.‬‬ ‫خميم الريموك دفع ثمنا باهظا �أي�ضا‪ ،‬فبالإ�ضافة �إىل‬ ‫موقعه اال�سرتاتيجي بالن�سبة لطريف النزاع من حيث‬ ‫كونه خا�رصة دم�شق الرخوة ونقطة و�صل بني عدة‬ ‫مناطق حميطة به‪ ،‬مما يجعله ي�شكل عمق ًا ا�سرتاتيجيا‬ ‫بالن�سبة لطرق الإمداد من داريا �إىل الغوطة ال�رشقية‪،‬‬ ‫نقول بالإ�ضافة اىل ذلك‪ ،‬كان املخيم بو�صفه �أكرب‬ ‫جتمع لالجئني الفل�سطينيني �ضحية حماوالت‬ ‫الإم�ساك بالورقة الفل�سطينية من �أجل توظيفها �سوريا‬ ‫ل�صالح طرف �ضد الآخر‪ .‬مع ذلك ا�ستمر فل�سطينيو‬ ‫الريموك مبد يد العون لأ�شقائهم ال�سوريني يف املناطق‬ ‫املجاورة التي ت�رضرت من النزاع امل�سلح وحتول‬ ‫املخيم خليمة �إيواء كربى‪.‬‬ ‫يف ‪ ،2012/9/8‬تخلى اجلي�ش ال�سوري عن تكتيك‬ ‫الق�صف اجلوي واملدفعي ليقتحم املخيم للمرة الأوىل‬ ‫باملدرعات وامل�شاة‪ ،‬بحجة الق�ضاء على املعار�ضة‬ ‫امل�سلحة التي �سيطرت على املناطق املحيطة باملخيم‪،‬‬ ‫الأمر الذي �أدى �إىل �أول موجة نزوح جماعية عن‬ ‫املخيم‪� ،‬إال �أن هذا مل يدم �سوى �أيام عاد بعدها غالبية‬

‫النازحني اىل بيوتهم‪ .‬ا�ستمرت اجلبهة ال�شعبية ‪-‬‬ ‫القيادة العامة‪ ،‬بقيادة �أحمد جربيل‪ ،‬يف �إن�شاء اللجان‬ ‫ال�شعبية التي كان هدفها املعلن الدفاع عن املخيم‬ ‫و�إبقائه خارج ال�رصاع مبنع امل�سلحني من الدخول‬ ‫�إليه‪ ،‬لكن موقف القيادة العامة املنحاز للنظام ال�سوري‬ ‫وم�شاركة قواتها يف القتال اىل جانب اجلي�ش النظامي‬ ‫ال�سوري يف مناطق �أخرى خارج املخيم‪ ،‬مل تفلح يف‬ ‫جتنيب املخيم نقمة املعار�ضة امل�سلحة‪ ،‬لت�سيطر �أخريا‬ ‫على املخيم بعد ا�شتباكات عنيفة ان�سحبت على �إثرها‬ ‫القيادة العامة اىل �أطراف املخيم‪.‬‬ ‫هنا كان النزوح الثاين‪ ،‬حيث بلغ عدد النازحني من‬ ‫الفل�سطينيني حوايل ‪ 150‬الف نازح‪ ،‬لتقوم بعدها‬ ‫قوات القيادة العامة واجلي�ش النظامي ال�سوري بفر�ض‬ ‫ح�صار خانق على املخيم منذ حوايل �ستة �أ�شهر‪ ،‬منع‬ ‫على �إثره حوايل ع�رشون الفا بقوا هناك‪ ،‬من احلركة‬ ‫من املخيم و�إليه ومنعت كافة املواد الغذائية والطبية‬ ‫من الدخول‪.‬‬ ‫ونتيجة لتقدم اجلي�ش ال�سوري وامليلي�شيات املوالية‬ ‫له يف املناطق املحيطة باملخيم ال�سيما ال�سبينة‬ ‫وحجرية والبوي�ضة وبقاء احلجر الأ�سود حتت ال�سيطرة‬ ‫النارية للجي�ش ال�سوري‪ ،‬واقتناع املعار�ضة امل�سلحة‬ ‫بعدم اجلدوى الع�سكرية للبقاء يف املخيم‪ ،‬انطلقت‬ ‫مبادرات حثيثة لفك احل�صار عن خميم الريموك ومت‬ ‫توقيع عدة اتفاقات بني اطراف النزاع والو�سطاء‬ ‫حلل �أزمة املخيم ولكنها‪ ،‬وهو ما يدعو لال�ستغراب‪،‬‬ ‫قد ف�شلت‪� .‬أما الأزمة الإن�سانية فقد تفاقمت لدرجة‬ ‫ي�صعب ت�صورها‪ ،‬ال�سيما و�أن دميغرافية املخيم وكونه‬ ‫منطقة مدنية تخلو من �أية عالمات زراعية �أو ريفية‬ ‫تزيد من �صعوبة ت�أمني الأغذية الزراعية �أو احليوانية‪.‬‬ ‫فبعد الفتوى الدينية التي ال تخلو من �إهانة لكل ما هو‬ ‫�إن�ساين والتي �أجازت ملن بقي يف املخيم ب�أكل حلم‬ ‫احلمري والقطط‪� ،‬أ�صدرت الهيئات وامل�ؤ�س�سات الإغاثية‬ ‫العاملة يف خميم الريموك يف ‪ 2013/12/5‬نداء‬ ‫اال�ستغاثة الذي و�صفته بالأخري‪ ،‬وكانت حماوالت‬ ‫وكالة غوث وت�شغيل الالجئني الفل�سطينيني «الأنروا»‬ ‫لدخول املخيم منذ �أيلول املا�ضي قد ف�شلت‪ ،‬ووجهت‬ ‫الوكالة نداء يف ‪ 2013/12/20‬طالبت فيه بال�سماح‬ ‫ب�إدخال امل�ساعدات لتجنب الكارثة الإن�سانية التي‬ ‫بد�أت بالفعل يف خميم الريموك‪ .‬ويوم اجلمعة املا�ضي‬ ‫فقط تويف خم�سة مواطنني بينهم امر�أة وطفل وم�سن‪،‬‬ ‫نتيجة نق�ص الأغذية والإمكانات العالجية والطبية‪.‬‬ ‫خميم الريموك اليوم �ضحية احل�سابات الأمنية‬ ‫وال�سيا�سية لطريف النزاع ال�سوري‪ ،‬والتي يكمن �أخطرها‬ ‫يف النظر له�ؤالء الذين مت�سكوا مبخيمهم ورف�ضوا‬ ‫التفريط به على �أنهم حم�سوبني على اجلماعات‬ ‫امل�سلحة‪ .‬وهو �أي�ض ًا �ضحية العقلية الف�صائلية التي‬ ‫ت�سيطر على القوى ال�سيا�سية الفل�سطينية وعدم‬ ‫ا�ستقاللية قرارها او ارتهانه حل�سابات الهيمنة ال�ضيقة‬ ‫التي نتج عنها ف�شل تطبيق اتفاقات الهدنة‪ .‬هو‬ ‫�ضحية غياب متثيل حقيقي لفل�سطينيي ال�شتات والذي‬ ‫تتحمل م�س�ؤوليته ال�سلطة الفل�سطينية ومنظمة التحرير‬ ‫الفل�سطينية‪ .‬ال�سيما و�أن املثل ال�سوري الدارج الذي‬ ‫طاملا ردده ال�سوريون «ما حدا مبوت من اجلوع» مل‬ ‫يعد يحظى ب�أي م�صداقية بعد اليوم‪ .‬فقد �أ�صبح املوت‬ ‫جوعا عالمة فارقة يف الأزمة ال�سورية‪ ،‬وتكري�سا لأحد‬ ‫اهم �أ�شكال املوت الالحق �سوريا وفل�سطينيا‪.‬‬


‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫العدد (‪ 2013/12/29 )120‬م‬

‫الأخرية‬

‫‪08‬‬

‫كيف تكون الدولة ملكوت احلرية‬ ‫الدكتور عبداهلل تركماين‬

‫�إ�شكالية الدولة و�أ�سئلتها من بني �أكرث الإ�شكاليات‬ ‫تعقيداً والتبا�س ًا يف اخلطاب ال�سيا�سي العربي‬ ‫املعا�رص‪ ،‬فتاريخي ًا الدولة العربية املعا�رصة‬ ‫هي وريثة الدولة ال�سلطانية‪ ،‬دولة القهر والتغ ُّلب‬ ‫بالتعبري اخللدوين (ن�سبة �إىل ابن خلدون)‪ ،‬حيث‬ ‫العالقة بني احلاكم وال�شعب عالقة ت�س ّلط وا�ستئثار‬ ‫وهيمنة‪ .‬وبالرغم من ذلك ف� ّإن الر�ؤية التي نراهن‬ ‫عليها هي التي جتعل �إمكان التكامل بني املجتمعني‬ ‫ال�سيا�سي واملدين ممكن ًا‪ ،‬وهي التي متهد لدمقرطة‬ ‫الدولة العربية‪ ،‬من دون �أن تف�ضي �إىل متزقها‬ ‫وتفككها �إىل ع�صبياتها ما قبل الوطنية‪ ،‬وهي بذلك‬ ‫ميكن �أن ت�ؤ�س�س للحداثة واملواطنية واملجتمعات‬ ‫املدنية وحقوق الإن�سان‪.‬‬ ‫� ّإن التمييز بني الدولة وغريها من الأجهزة املندرجة‬ ‫يف �إطارها �أمر يف غاية الأهمية‪ ،‬لفهم م�ضمون‬ ‫الدولة ومتثلها من جهة‪ ،‬ولرت�شيد الفعل ال�سيا�سي‬ ‫واملدين من جهة �أخرى‪ .‬فحني ي�صبح هذا التمييز‬ ‫منغر�س ًا يف وعينا اجلمعي‪ ،‬ومنبث ًا يف ثقافتنا‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬ن�ستطيع ترتيب والءاتنا ب�شكل عقالين‬ ‫و�سليم‪ ،‬حيث تنت�صب الدولة يف املقام الأول‪،‬‬ ‫وتت�صدر غريها من الإعاقات‪ ،‬وهي كثرية يف‬ ‫ولكن هذه الإعاقات قابلة للتجاوز‬ ‫منطقتنا العربية‪ّ .‬‬ ‫بالتدريج واملراكمة الفعلية‪� ،‬إذا توفرت �سل�سلة من‬

‫واملي�سة لها‪ ،‬ويف مقدمتها‬ ‫ال�رشوط امل�ساعدة‬ ‫رِّ‬ ‫ح�صول م�صاحلة مزدوجة‪ :‬م�صاحلة املجتمع مع‬ ‫الدولة‪ ،‬على �أنها بيت للجميع‪ ،‬وم�صاحلة الدولة مع‬ ‫املجتمع‪ ،‬باعتباره حمور الدولة وقطب رحاها‪.‬‬ ‫لقد اخفق اخلطاب ال�سيا�سي العربي يف مواجهة‬ ‫الدولة الت�سلطية العربية التي حا�رصت املجتمع‬ ‫مبمار�ساتها الفوقية‪ ،‬و�أجه�ضت �إمكانيات قيام‬ ‫جمتمع مدين م�ستقل‪ ،‬بتقدميها الوالء ال�شخ�صي‬ ‫مكر�سة بذلك العقل‬ ‫على العالقات املواطنية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الرعوي اال�ستبدادي على ح�ساب التوجه ال�شعبي‬ ‫الدميقراطي‪ .‬ومن ثم ف� ّإن لإحياء املجتمع املدين‬ ‫ثالثة مداخل �رضورية‪� :‬أولها‪ ،‬ك�رس احتكار �سلطة‬ ‫الدولة‪ ،‬وتعزيز طابعها الدميقراطي ووظائفها‬ ‫االجتماعية‪ .‬وثانيها‪� ،‬إلغاء طابعها اجلزئي‪� ،‬أي‬ ‫�إلغاء كونها دولة احلزب‪� ،‬أو دولة النخبة �أو دولة‬ ‫الطغمة �أو دولة �أي ع�صبية من الع�صبيات‪ .‬وثالثها‪،‬‬ ‫�إلغاء طابعها الأمني‪.‬‬ ‫� ّإن جت�سري العالقة بني الأنظمة واملجتمعات املدنية‬ ‫املحلية هو خطوة �رضورية من خطوات الإ�صالح‬ ‫املن�شود‪ ،‬وتبد�أ عملية التج�سري باالعرتاف بحق‬ ‫هذه املجتمعات يف الوجود من خالل �إطالق حرية‬ ‫تكوين اجلمعيات والأحزاب والنقابات وحترير‬

‫و�سائل الإعالم من كل �أ�شكال االحتكار‪ .‬ثم فتح‬ ‫احلوار مع املمثلني ال�رشعيني للمجتمع املدين‪،‬‬ ‫و�إ�رشاكهم يف �إعادة ترتيب الأو�ضاع الداخلية‬ ‫و�صياغة ال�سيا�سات العامة‪.‬‬ ‫� ّإن و�ضع قواعد وا�ضحة بني احلكومات ومنظمات‬ ‫املجتمع املدين يف البلدان العربية �أمر ممكن‪� ،‬إذا‬ ‫�صدقت النوايا وتوفرت الإرادة ال�سيا�سية‪ .‬ولهذا‬ ‫يجب طرح العالقة اجلدلية بني �سلطة الدولة و‬ ‫املجتمع املدين من خالل ر�ؤية جديدة ال تت�أثر‬ ‫ب�سلبيات املا�ضي وتكون جمرد رد فعل لتاريخ‬ ‫ت�سلط الدولة وم�صادرتها لن�شاط املجتمع املدين‬ ‫وقواه احلية‪.‬‬ ‫ويف �إطار ذلك يتعني تطوير نظام ف�صل ال�سلطات‬ ‫ومراقبة بع�ضها البع�ض‪� ،‬إذ ال يجب مل�ؤ�س�سة بعينها‬ ‫�أو �شخ�ص مهما كان �أن ي�ستحوذ على �سلطات‬ ‫كبرية‪ ،‬كما هو احلال بالن�سبة للجهاز التنفيذي‬ ‫الذي يتمتع ب�صالحيات مت�ضخمة يف معظم �أرجاء‬ ‫العامل العربي‪ ،‬وباملوازاة مع ذلك يتعني تطوير‬ ‫اجلهاز الت�رشيعي و�ضمان ا�ستقالل الق�ضاء‪ ،‬لأنه‬ ‫باجلهازين مع ًا ميكن �ضمان ف�صل ال�سلطات وعدم‬ ‫تغول �إحداها على الأخرى‪ ،‬وهو ما �سيجعل الدولة‬ ‫ّ‬ ‫ملكوت ًا للحرية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.