ájô```M 2014/01/12م العدد ()122 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/01/12 )122م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (122) 12/01/2014
البحث عن الهوية يف الربكان ال�سوري
ح�سام مريو
�أكد الربكان ال�سوري الذي ما زال يفي�ض مبخزونه على اللحظة الراهنة على ال�رشخ العميق يف الهوية لدى جمتمع كان يحاول الهروب من الأ�سئلة العميقة املحددة ال�سبات التي لوجوده وحياته ،وكان م�ستكين ًا حلالة من ُ ارتطمت يف �آخر الأمر مبعطى واقعي مفاده � :أن عنا�رص "اال�ستقرار" �أو وهم اال�ستقرار مل تعد قادرة على الثبات، و�أنها اهتزت ،و�أن الربكان امل�ؤجل ال بد �أن ينفجر. و�سط انفجار الربكان ال�سوري وتداعياته الحق ًا بدا �أن ال�سوريني يجاولون تعريف ذواتهم من جديد ،بعد �أن ن ّز جرح الهوية يف �سياق مواجهة عنيفة بني نظام ال يحاول االعرتاف ب�رشعية التغيري و�رضورته وبني �شعب ظ ّل قادراً على ال�صمت لعقود ،لكنه مل يعد قادراً على ممار�سة املزيد من فعل ال�صمت� ،أو فعل املوت التاريخي ك�رضيبة ال�ستقرار مزعوم ي�ؤمنه نظام م�ستبد. قدم نف�سه قومي ًا وحدوي ًا ا�شرتاكي ًا مل يكن البعث الذي ّ معني ًا يف الواقع العملي من تطوير املجتمع ودينامياته ال�سيا�سية ،كما مل تكن ال�سلطة احلاكمة معنية ب�أية ق�ضية قد تنال من مكانتها ونفوذها ،تاركة املجتمع يغرق يف املزيد من التهمي�ش ،دون �إدراك منها� ،أو لعدم مباالة، ملا يتفاعل حتت جلد هذا املجتمع ،وما يتمزق من ن�سيجه الوطني ،حيث �أ�صبح العقد االجتماعي ال�سيا�سي عقد �إذعان بني مكونات اجتماعية غري متبلورة وبني �سلطة ت�سمو على �شعبها مبزيد من اال�ستعالء. ومع تو�سع رقعة الربكان ال�سوري ،ر�أينا كيف راحت
الهويات ت�أخذ طريقها �إىل ال�سطح ،وكانت الهوية الإ�سالمية �أكرث بروزاً ،و�أكرث �سيطرة (ب�شكل خا�ص) على احلراك امل�سلح املعار�ض ،وغري خمفية يف احلراك ال�سيا�سي وتعبرياته املختلفة ،وعلى الرغم من التباين يف مفهوم "الإ�سالمي" املتخذ عنوان ًا � ،إال �أنه جاء بدرجة كبرية ليعرب عن التمايز واالختالف عن �سلطة �سيتم تعيينها خالل ال�رصاع بو�صفها �أقلية ،بل وبو�صفها �سلطة �أقليات. إح�سا�س وزاد التخاذل الدويل يف �صيغه املختلفة من � ٍ متنام لدى قطاعات وا�سعة ب "�إ�سالمية" الهوية، ٍ فاملجتمع الدويل الذي طاملا �أحتف ال�شعوب ب�سمفونية الدميقراطية وحقوق الإن�سان والدفاع عن احلريات بدا وك�أنه غري معني بكل تلك ال�شعارات ،بينما كانت رو�سيا و�إيران تدعمان نظام ًا ال ي�ستطيع ال�صمود من دونهما ،الأوىل �أظهرت حجة واهية مبخاوفها من �صعود الإ�سالميني ،والثانية معروفة ب�أنها دولة دينية تتبع لوالية الفقيه ،وهكذا كان ملقومات بروز "�إ�سالمية" الهوية مربرات عديدة ،بالإ�ضافة �إىل وجود رعاة �إ�سالميني "�سنيني" �إقليميني ،وجدوا يف الربكان ال�سوري فر�صة �سانحة لتمكني م�شاريعهم. لكن ،ويف ال�سياق نف�سه ،بدت الهوية الإ�سالمية هويات، وجتلت تلك الهوية يف تعددها عرب فئات اجتماعية �إ�سالمية من دون �أن تكون م�سي�سة تنظيمياً ،ومل يكن البعد الديني �سوى �أحد تعينات الهوية لديها ،لكنه منا
مع مرو الوقت وت�صاعد العنف املمار�س من قبل النظام، وهناك الإخوان امل�سلمني ،وال�سلفية اجلهادية ،وال�سلفية العلمية ،وتدلل املعارك الأخرية بني القوى الإ�سالمية و "داع�ش" على �أن اجلذر الإ�سالمي امل�شرتك لي�س عن�رصاً مانع ًا �ضد االقتتال والتناف�س على النفوذ� ،أو خارج نطاق احل�سابات ال�سيا�سية. يف هذا ال�سيل اجلارف للربكان ،كيف ميكن تخيل �صعود الهوية الإ�سالمية وتبلورها؟ وهل هي قابلة لل�صمود؟ �أم �أن ما �سيحدد موقعها وتفاعالتها عودة الروح للوطنية ال�سورية اجلامعة �أو غياب تلك الروح وتال�شيها كلياً؟. ال �أجوبة نهائية وقاطعة �إزاء الهوية يف هذه اللحظة التي يتدفق فيها واقع حمكوم باملعارك ،فمن كان يظن ب�أن "داع�ش" باتت قدراً حمتم ًا يرى اليوم كيف تتداعى، ويتداعى معها يف امل�ستوى املعنوي على الأقل تلوين من تلوينات الهوية "الإ�سالمية" ،لكن يف ذات الوقت يرت�سخ البعد الإ�سالمي للهوية عرب معطيات كثرية ،لكن �ستبقى حدود الهوية "الإ�سالمية" قيد الت�شكل والتغري وفق ًا لتغري املعطيات. �إن القوى الوطنية والدميقراطية التي تبدو غري قادرة على الت�أثري يف م�سارات احلدث ال�سوري ،وغري م�ؤثرة �إيجاب ًا يف بلورة هوية �سورية جامعة �ستدفع مع الوقت ثمن ًا كبرياً لعجزها� ،أو �إحجامها عن املبادرة ،ولن يكون كافي ًا الت�شدق مبنطق حتمية التاريخ ،فالتاريخ هو تاريخ �صانعيه.
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/01/12 )122م
حتليل �سيا�سي
02
احلرب على «داع�ش» ومتطلبات امل�شهد ال�سوري ما قبل «جنيف »2 ح�سام امليالد
كربت "داع�ش" وا�شتد عودها .تغذت من دماء ال�سوريني ومن معاناتهم �أي�ضا� .آالف النازحني ممن تخلى عنهم اجلي�ش احلر وقوى املعار�ضة، و�أذلتهم املنظمات الإغاثية باالنتظار على القائمة �أو بتواقيع ا�ستالم امل�ساعدات �أو بال�صور التذكارية املهينة حني يح�صلون عليها ،وجدوا يف "داع�ش" كرم ًا غري حمدود ودون مقابل .هكذا بدت "امل�صيدة الداع�شية" وقد متتعت بقدر �أوفر من الإن�سانية مكنها من تكوين حا�ضنة �شعبية يف ال�رشق وال�شمال ال�سوري. و"داع�ش" �أي�ضا هي حم�صلة لرتدي املعار�ضة ال�سورية ع�سكري ًا و�سيا�سي ًا ب�أ�سبابه املو�ضوعية والذاتية .مئات املقاتلني يف �صفوف اجلي�ش احلر عدون وف�صائل املعار�ضة الأخرى الذين بد�أوا َي ّ ر�صا�صات بنادقهم تقنين ًا ،وجدوا يف "داع�ش" و�أخواتها مالذاً مل�ستوى معي�شي �أف�ضل لهم ولعائالتهم قبل �أن يرتووا �أيديولوجي ًا من �سلفيتها. �آالف "اجلهاديني" ال�شباب الذين تقطعت بهم ال�سبل واحت�ضنتهم �سنوات ال�سجن لتلفظهم �أوطانهم بعد ان لفظوا بدورهم جمتمعاتهم طوع ًا ،وجدوا يف "داع�ش" �أق�رص الطرق جلنتهم التي افتقدوها على الأر�ض .املعار�ضتان ال�سيا�سية والع�سكرية ال�سورية ف�ضلتا منذ البداية ال�سكوت عن "داع�ش" و�أخواتها، بل اعتربهم البع�ض يف املعار�ضتني �رشكاء يف القتال �ضد النظام .هكذا تواط�أت العلمانية مع الأ�صولية بحجة الرباغماتية املطلوبة يف التعاطي مع احلدث ال�سوري� ،أما م�صائر ال�سوريني وامل�رشوع التنويري فهو م�ؤجل دائما ملا بعد �سقوط ما مل ي�سقط بعد. النظام ال�سوري بدوره ،حاول منذ البداية احلديث عن �إرهاب و�إرهابيني يف �سوريا .وعلى الأر�ض، ا�ستطاع بحنكة وبتواط�ؤ دويل و�إقليمي �أن يخلق املعطيات التي تثبت ادعاءاته ،و�أن يجعل "داع�ش" يف واجهة الأحداث الدموية يف �سوريا منذ �سيطرتها على مدينة الرقة قبل �سنة ون�صف .ومل يكن غريب ًا �أن تهدد الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام "داع�ش" املتحالفني �ضدها ب�أن ت�سلم املناطق التي ت�سيطر عليها للنظام ال�سوري. الفر�صة اليوم تبدو منا�سبة للق�ضاء على �أ�سود "داع�ش" اجلائعة ،فقد �ضاق ال�سوريون ذرع ًا بها بعد �أن حتولت �إىل رديف ا�ستبدادي للنظام يف ما ي�سمى املناطق املحررة ،ف�إبراهيم ق�سوم بائع املحروقات وحممد قطاع البائع املتجول هما عنوانان منوذجيان م�صغران جلرائم �أب�شع يجمعهما مبد�أ واحد هو انتحال دور الو�صاية على حياة ال�سوريني� .أما يف �صحاري الأنبار فلم تكن خيارات املالكي املفرو�ضة على ع�شائرها فقط �سبب رغبتها يف التخل�ص من "داع�ش" ،بل كان ملمار�ساتها املوغلة يف الطائفية واحلقد دور يف �إعالن احلرب �ضدها ،حتى لو عنى ذلك �أن تك�سب ايران عرب املالكي وب�أداة "�سنية" دوراً �إقليميا يف مكافحة الإرهاب تت�شاركه مع النظام ال�سوري كملف �أ�سا�سي على طاولة "جنيف ."2ولكن يف الوقت الذي يك�سب فيه املالكي تكتيكيا فلي�س
من املرجح احلفاظ على هذا املك�سب ا�سرتاتيجيا، حني يجعل من الع�شائرية الراف�ضة ا�سا�سا لل�سلطة املركزية �سالحه �ضد الطائفية .اجلي�ش احلر مل يعد قادرا على ال�سكوت �أكرث ال�سيما و�أنه بد�أ يخ�رس مناطق نفوذه ل�صالح "داع�ش" بعد �أن خ�رس الدعم الغربي بف�ضل �سكوته عنها .وبعد �أن �أ�صبح تراجعه �أمام قوات النظام و�أمام الدولة اال�سالمية عامال يهدد مبزيد من االن�شقاقات يف �صفوفه ،وبالتايل زواله من امل�شهد ال�سوري .لذا يعمل بالتحالف مع اجلبهة اال�سالمية على الق�ضاء عليها قبل فوات الأوان .ومن جهتها ،تعلم هيئة الأركان ومعها كل من االئتالف واملجل�س الوطني �أن احلملة على "داع�ش" جزء من امل�شهد ال�سوري الذي ي�سبق "جنيف ،"2فللجميع اليوم م�صلحة يف احلرب على الإرهاب .الذي بات تذكرة حل�ضور م�ؤمتر من ح�رض. جبهة الن�رصة التي انبثقت �أ�سا�سا عن "داع�ش" و�أ�رصت على ا�ستقالليتها ،جتد نف�سها �أكرث ف�أكرث يف مواجهة معها .وبالرغم من حماولة �أبو حممد اجلوالين لعب دور الو�سيط يف املعركة الدائرة ،ف�إن هذا املوقف مل يجنب "الن�رصة" نقمة "داع�ش" .وت�ستعر بينهما اليوم حرب اجتهادية وفقهية تعود بنا �إىل مطالعات الع�رص اال�سالمي الو�سيط .ففي درا�سة بعنوان الفت جاء ب�صيغة �إ�سالموية قرو�سطية هو" :الثمر الداين يف الرد على خطاب اجلوالين" ،ي�صف �أبو همام الأثري �أحد منظري "داع�ش" وقادتها ،ي�صف اجلوالين بـ "الأمري املن�شق" وب�أنه "�سبب امل�صائب والبالء يف �ساحة ال�شام" .وفيما يدافع �أبو همام االثري عن ويح�ض على مبايعته �إمام ًا عام ًا �أبي بكر البغدادي ّ
داع�ش هي حم�صلة لرتدي املعار�ضة ال�سورية ع�سكري ًا و�سيا�سي ًا ب�أ�سبابه املو�ضوعية والذاتية
على امل�سلمني ،يدافع ع�صام الربقاوي املعروف بـ "ب�أبي حممد املقد�سي" عن "اجلوالين" ويدعو من �سجنه يف الأردن"�أبي همام الأثري" �إىل "الرتوي قبل �إ�صدار الفتاوى التي تلزم الأمة �أموراً عظام ًا ٍ درا�سة وتروٍ من جهابذة العلم" . حتتاج اىل جبهة الن�رصة ال جتد نف�سها معنية بـ "جنيف "2بقدر ما ت�ستفيد من متطلباته� ،أي الق�ضاء على "داع�ش" .فتم�ضي يف بناء "الدولة" ،وتعلن م�ؤخراً الإدارة العامة للخدمات التابعة لها يف حلب عن حاجتها لتعيني عدد كبري من املوظفني املخت�صني يف الإدارة العامة للخدمات من حملة �شهادات االخت�صا�ص العلمية واخلربات املهنية، يف اخت�صا�صات علمية �شاغرة يف جماالت الإعالم، والكهرباء ،واملياه ،واملخابز ،والنظافة! وت�ستمر اجلبهة يف فتح ذراعيها للمقاتلني املن�شقني عن الدولة الإ�سالمية املرمتني يف �أح�ضانها. وفيما يتجنب حزب اهلل �أي معركة مع القاعدة وتفرعاتها ويكتفى بعنوان عري�ض موارب حلربه يف �سوريا هو "احلرب �ضد التكفرييني" ،تبدو الأولوية بالن�سبة للغرب والواليات املتحدة االمريكية هي احلرب على "الإرهاب" .وا�شنطن تراقب عن كثب وتنتظر ح�سم املعركة حتى تت�ضح ا�سرتاتيجيتها القادمة مع ج�سد ع�سكري معار�ض يكون �ضد "القاعدة" والنظام يف �آن معا� .أما بع�ض دول اخلليج الفاعلة يف امل�شهد ال�سوري، فقد �أدركت �رضورة وجود معادل مو�ضوعي لـ "القاعدة" وتفرعاتها يكون بعيداً عن م�سمى الإرهاب ،ليدير ب�شكل فاعل ال�ساحة ال�سورية طاملا �أن رياح " جنيف "2قد هبت مبا ال ت�شتهيه �سفنها. �أما ال�شعب ال�سوري في�ستمر بدفع الفاتورة العالية الكلفة يف كل ما يجري ويدور ،يتجرع �أنواع املوت املتعددة ،ال�سيما و�أن هذه املعارك قد ترافقت مع كل االنتهاكات املمكنة حلقوق الإن�سان ،بل �أي�ض ًا مع كل االنتهاكات املمكنة للت�أريخ الإ�سالمي الكال�سيكي املفعم بف�ضائل الفاحتني و�أخالقهم.
03
ق�ضايا
العدد ( 2014/01/12 )122م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رهانات ال pydامل�ستقلة عن الن�ضال الكوردي وارتباطاته مع البعث وحلفائه ابراهيم كوجلو -ترجمة جان كورد
بعد اتفاقية لوزان مت تق�سيم كورد�ستان ،وخ�ضوع اجلزء ال�صغري منه – جنوب غرب كورد�ستان – �إىل ال�سلطة ال�سورية .و بعد �أن قامت يف غرب كورد�ستان �سلطة �سورية ،ت�أ�س�س يف كورد�ستان نظام �أدنى من اال�ستعمار. فقد �أ�صبح ال�شعب الكوردي حمروم ًا من كل حقوقه القومية ،ومل يتم قبول الكورد كمواطنني �سوريني �أي�ضاً، �إذا ما �أردنا تثبيت حال الكورد على العموم يف تلك الأوقات ،ف�سيكون كالتايل :كانت كورد�ستان قد �أ�صبحت وطن ًا جمز�أً و الكورد �أم ًة ممزقة �أي�ضاً ،ويف كل جز ٍء من كورد�ستان كانت الأمة الكوردية حمرومة من حقوقها القومية ،االجتماعية والثقافية. ولذا انتف�ض الكورد يف وجه النظام اال�ستعمار ،وكافحوا من �أجل حريتهم ،ومن �أجل �أن ي�صبحوا حاكمني لأنف�سهم .ومل يكن �شكل الكفاح القومي واحداً يف الأجزاء املختلفة. يف غرب كورد�ستان ،مل يحدث �أن بد�أ كفاح م�سلح ك�شكل ن�ضايل يف ٍ وقت من الأوقات من �أجل انتزاع احلقوق القومية .لذا ف�إن غرب كورد�ستان كان له على الدوام خ�صو�صيته ،و�إحدى هذه اخل�صائ�ص �أنه على �أثر الثورات يف �شمال وجنوب كورد�ستان قد التج�أ عدد كبري من ر�ؤ�ساء وكتاب و�سيا�سيي الق�ضية الكوردية �إىل هناك ،ولذلك فقد كان يف غرب كورد�ستان طاقة ثقافية حيوية وكبرية جداً .ولذا ف�إن التنظيم الكورد�ستاين (خويبون – )Xweybûnت�أ�س�س يف غرب كورد�ستان، و�صار عام ًال م�ساعداً للثورات القومية يف الأجزاء الأخرى �أي�ضاً. وعلى �أ�سا�س هذه الثقافة وجتارب الثورات القومية �أي�ضاً :فقد ت�أ�س�س يف عام " 1957احلزب الدميوقراطي الكورد�ستاين – �سوريا) .ولذلك ف�إن الق�صد من ت�أ�سي�س احلزب وهدفه كان توحيد كورد�ستان وا�ستقالل كورد�ستان .ولكن مت تغيري ا�سم احلزب بعد فرتة �إىل "احلزب الدميوقراطي الكوردي يف �سوريا" ،عندها خا�ض احلزب �سيا�سة حملية من �أجل غرب كورد�ستان. �أ�صبح احلزب يف غرب كورد�ستان يف فرتة وجيزة قوي ًا ِ امل�ستعمرة مل تف�سح جداً وجماهريي ًا .ولكن الدولة املجال للحركة يف غرب كورد�ستان لتتقدم ،بل قامت بعمليات كبرية �ضد احلزب ،فاعتقلت م�ؤ�س�سي احلزب وم�س�ؤوليه وعذبتهم ،وا�ستمر احلزب يف ن�ضاله يف ظروف خطرية للغاية ،و�أ�صبح يف �سوريا معار�ض ًا قوي ًا ومنظم ًا يف �رسية با�ستمرار. تعر�ض احلزب يف عام � 1965إىل االن�شقاق حتت ت�أثري احلركة القومية يف جنوب كورد�ستان .فانتظم ال�شق الي�ساري وال�شق اليميني كلٍ على حدة� .أخذت احلركة القومية يف غرب كورد�ستان لون ًا �آخر ،ودخلت مرحل ًة جديدة يف عام ،1980خا�ص ًة بعد �أن ربط نظام البعث حزب العمال الكورد�ستاين PKKبنف�سه .ولكي يجعل النظام البعثي احلركة القومية يف غرب كورد�ستان والأحزاب وقادة الكورد بال اعتبار ف�إنه قد �أعلن عليها الهجوم عن طريق ت�سخري ، PKKومار�س �ضدها حملة �شعواء ،وو�ضع �آالف ال�شباب الكورد يف خدمة ،PKK ال لينا�ضلوا من �أجل مناطقهم ،و�إمنا يف ليحاربوا يف �شمال كورد�ستان ،فقتل الآالف من �شباب غرب كورد�ستان �ضمن �صفوف PKKيف �شمال كورد�ستان. و�صل هذا امل�رشوع بعد ٍ فرتة من الزمن �إىل مرحلة �أن قام حزب العمال الكورد�ستاين بت�أ�سي�س حزب االحتاد الدميوقراطي ،PYDالذي كان ثمرة تلك اجلهود امل�شرتكة ،لذا ف�إن ا�سم هذا التنظيم خالٍ من "الكورد" و "كورد�ستان".
مقاتالت يف �صفوف ال pyd
عمل pydمنفرداً حتى يتمكن من ت�صفية تنظيمات غرب كورد�ستان ،وت�سبب يف وقوع حوادث �سيئة عديدة، �إال �أنه مل ينجح يف م�ساعيه تلك ،فال�شعب الكوردي مل ي�سمح له �أن يكون التنظيم الوحيد. ومع قيام الثورة ال�سورية �ضد نظام البعث يف عام ، 2011ظهر احلراك القومي لل�شعب الكوردي يف غرب كورد�ستان وتنظيماته لإ�سقاط نظام البعث ال�شمويل، و�إقامة نظام تعددي الأحزاب وبرملاين .فقط حزب PYDهو الذي �أبدى موقف ًا �سلبي ًا من الثورة ،وظل مع بقاء نظام البعث قائماً. لذا ،من �أجل �أن ال تتحالف املعار�ضة الكوردية مع املعار�ضة العربية ،ف�إن النظام قد �ساعد حزب PYD ب�شدة ليقوى ،و�أف�سح له املجال ومده بالإمكانات الكبرية ،ومن جل ذلك ،فقد �سعى حزب PYDللقيام بواجباته جتاه نظام البعث ،وارتكب �أعما ًال غري �إن�سانية وقتل ر�ؤ�ساء و�أع�ضاء الأحزاب القومية الكوردية. يف بداية الثورة ال�سورية مل تكن تنظيمات كورد�ستان متفقة فيما بينها ،فكيف �سيكون و�ضع كورد�ستان بعد �إ�سقاط نظام البعث؟ يف هذه امل�س�ألة اال�سرتاتيجية �أي�ض ًا مل تكن ذات ٍ هدف موحد. لذا بد�أت حماولة من �أجل �أن توحد تنظيمات غرب كورد�ستان هدفها ون�ضالها .لذلك انعقد "امل�ؤمتر الوطني الكوردي يف �سوريا" ،فتقرر االحتاد والن�ضال امل�شرتك يف امل�ؤمتر ،ومن �أجل ممار�سة الن�ضال امل�شرتك ت�أ�س�س املجل�س الوطني الكوردي ،وبقي PYDخارج هذا الوحدة ،لأنه مل يكن يريد لنظام البعث �أن ي�سقط. بعد ذلك ،يف امل�ؤمتر الثاين للمجل�س الوطني الكوردي مت �إقرار �أن ت�صبح الدولة ال�سورية دولة فيدرالية ويكون و�ضع كورد�ستان فيها فيدرالياً. هذا املوقف وهذا القرار كان هام ًا جداً لغرب كورد�ستان وح ًال مل�شكلة تاريخية. وقف حزب PYDموقف ًا معار�ض ًا من احلل الفيدرايل، لأن PYDكان يريد ح ًال على �شكل "�إدارة دميوقراطية" يف ظل نظام البعث. هذه اال�سرتاتيجية كانت يف نظر الراي العام ا�سرتاتيجية حزب , PKKوهذا ما �أظهر �أن حزب PYDلي�س حزب ًا لغرب كورد�ستان ،و�إمنا هو تنظيم حلزب .PKKوهذا ما �أو�ضح �أن حزب PYDعرثة يف غرب كورد�ستان، كان من الواجب حل هذه املع�ضلة ،و�إبعاد حزب
PYDعن نظام البعث .لذا �أراد رئي�س دولة كورد�ستان الفيدرالية �أي�ض ًا �أن يعقد اجتماع ًا لكل تنظيمات غرب كورد�ستان ومن �ضمنه . PYDوجنح يف حماولته هذه يف ٍ وقت ق�صري ،فانعقد االجتماع يف "هولري"، ومتخ�ض عن االجتماع "اتفاقية هولري" التي ن�صت على عمل كل تنظيمات غرب كورد�ستان معاً ،وت�شكيل "الهيئة الكوردية العليا" لغرب كورد�ستان تتوىل قيادة الن�ضال امل�شرتك ،و�أن ال ي�شكل تنظيم ما لوحده قوات م�سلحة. مل ينفذ PYDم�ضمون تلك االتفاقية ،وال ي�ستطيع تنفيذها ،لأنه تنظيم تابع لنظام البعث وحلزب . PKK و�إن حزب PKKالذي �أوقف القتال يف تركيا �أراد نقل قواته م�ؤقت ًا �إىل غرب كورد�ستان .وقام بذلك فع ًال. وت�شكل قوات حزب PYDب�أيادي حزب ، PKKوالآن جميع م�س�ؤويل حزب PYDمنه ،والنظام يدعم ذلك. و�ضع النظام لنف�سه يف غرب كورد�ستان �سيا�سة ا�سرتاتيجية جديدة فجعل حزب � PYDرشيك ًا له .وهذا هو ما دفع باملعار�ضة العربية الإ�سالمية واجلي�ش احلر �إىل اتخاذ حزب PYDهدف ًا لهم ويحاربونه ،وكذلك الكورد جميعاً .فنجح نظام البعث يف ا�سرتاتيجيته هذه ب�أن دخل القتال يف غرب كورد�ستان ،ودفع بحزب � PYDإىل القتال بجانبه ،وا�ضطر الكورد �إىل التجمع حول .PYD ومن ناحية �أخرى ،فقد عمل PYDعلى تقوية عالقاته مع �إيران ،وحكومة املالكي ورو�سيا ،يف الوقت الذي عملت تركيا على تدجني الكورد من خالل ت�سخري �أوجالن .كما �أقام عالقات مع اال�ستخبارات الرتكية� .إن PYDيبني نظام ًا ا�ستبدادي ًا ت�سلطي ًا لنف�سه ،و�أقام جمل�س ًا له بطريقة غري دميوقراطية ،ويحاول �أن ير�ضخ بنظامه هذا الكورد كلهم له. هذا احلراك وهذا البناء ال�سيا�سي ي�شكل خطراً على ال�شعب الكوردي ،ويف امل�ستقبل �سيكون �سبب ًا يف �أن يقتل الكورد بع�ضهم بع�ضاً .ويف الوقت ذاته ،ف�إن هذا املوقف وهذه الرتكيبة ل �PYDسيدفع مع ا�سقاط نظام البعث �إىل الهجوم على ، PYDو�سينجم عن ذلك �رضر ل�شعبنا الكوردي �أي�ضاً. على � PKK / PYDأن يتخليا عن هذه املمار�سات، و�أن يتحركا مع الكورد ،و�أن يحرتما اتفاقية "هولري".
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
ر�أي
العدد ( 2014/01/12 )122م
04
تفعيل البعد اال�سرتاتيجي للعقل الثوري غازي دحمان
ميثل التطور اجلديد يف الثورة ال�سورية ،واملتج�سد ب�إخراج التنظيمات الأكرث تطرف ًا ،من �سياق الفعل الثوري ،نقلة مهمة يف التفكري اال�سرتاتيجي لعقل الثورة ،وهو اجلانب الذي �أ�صابه العطب يف فرتة ما �أو جراء تعطيله مراعاة لظروف معينة. �أهمية هذه اخلطوة ت�أتي من �إدراك العقل الثوري لأهمية العامل الإ�سرتاتيجي يف االنت�صار� ،إذ طاملا اعتقد العقل الثوري �أن بناء املجال الإ�سرتاتيجي للثورة �سيفقدها حالة االن�سيابية التي متيزت بها، ف�ض ًال عن املجهود الذي يتطلبه وخوف بع�ض القائمني على الثورة من �أال تلقى ت�رصفاتهم تلك �صدى جماهريي ،ورمبا خمافة اعرتا�ض املزاج الثوري الذي يعتقد البع�ض �أنه ذهب �إىل ذلك التطرف جراء ال�ضغط الذي تواجهه الثورة وبيئتها احلا�ضنة ،والذي جتاوز حدود التنكيل. يف ظل هذا املناخ مال العقل الثوري �إىل جماراة الواقع والركون �إىل الك�سل الثوري الذي ال يتطلب جمهود الإبداع الدائم والبحث عن البدائل ونقد الواقع والتواجه مع قوى و�أفراد ،وو�صل الأمر �إىل حد اعتقاد العقل الثوري �أن تلك الت�شكيالت املنحرفة ت�شكل روافداً ثورية ،و�إن اختلفت التوجهات والتطلعات والر�ؤى ،فالوقت لي�س وقت �إجراء حما�سبات تكون نتيجتها �إنقا�ص بع�ض القوة من ر�صيد الثورة ،فيما امل�ستفيد الوحيد هو النظام، بل �صار البع�ض يعتقد �أن احل�ساب بعد اخلال�ص من النظام يف ما ي�شبه ر�ؤية انتهازية �سطحية توظف تلك القوى للخال�ص من النظام ثم تتخل�ص منها ذاتها يف حلظة قادمة. البقية معروفة فقد كانت اخل�سائر �أكرب من غلة الربح التي كان يت�أملها العقل الثوري ،خ�سائر
ميكن و�صفها بالقاتلة ،حينما بد�أ العامل يفكر ب�شكل جدي ب�إعادة مو�ضعة مواقعه جتاه احلدث ال�سوري و�أطرافه ،الكثري من القوى �أعادت التن�سيق الأمني مع النظام� ،صحيح �أنها اختارت اجلانب القذر يف العالقة بني الأنظمة ال�سيا�سية ،مما يو�ضح درجة االحتقار التي ال زالت دول العامل تكنها للنظام ال�سوري ،لكن �أغلب تلك الدول مل تعد تتحدث عن �رضورة رحيل ب�شار ،معطوف ًا على ذلك عدم االهتمام باحلدث ال�سوري على امل�ستويات ال�سيا�سية والإعالمية. �إعادة مقاربة احلدث ال�سوري بطريقة جديدة، كان يجب �أن يجريها �أو ًال العقل الثوري ،وهو وحده املطلوب منه �إعادة بناء الق�ضية ال�سورية وتكييفها مع امل�صلحة العاملية وهواج�سها الأمنية وال�سيا�سية ،ولي�س مطلوب ًا من العامل بلورة احلدث ال�سوري وتوليفه بحيث يتجان�س مع ال�سياق العاملي وقيمه ومفاهيمه. احلقيقة �أن النظام مل يركن كثرياً حلقيقة �أن له حلفاء ومنا�رصين� ،إن على م�ستوى الدول �أو على م�ستوى الأحزاب واجلماعات يف العامل ،بل �أنه �أجرى تعديالت وا�سعة على �أداءه الإعالمي ور�ؤيته و�صياغته ال�سيا�سية للحدث ،ولي�س مهم ًا هنا درجة امل�صداقية وال�شفافية التي ي�سبغها على روايته بقدر �أهمية تقدميه لنف�سه على انه الطرف العلماين املت�سامح وما �إىل �أخر ذلك من هذه الأن�شودة التي طاملا نظر لها العقل الثوري با�ستخفاف وازدراء. املطلوب من املعار�ضة �أن ت�ستمر بهذا الأمر لي�س ا�ستجابة ملواعيد �سيا�سية ،جينيف وغريها، بالأ�صل جينيف م�سار ولي�س خامتة ،وقد يطول هذا امل�سار ل�سنوات ،من قال �إن الثورة �ست�ستغرق
كل هذه املدة؟ .ذلك �أن التعقيدات التي باتت حتيط بالأزمة تتطلب ا�سرتاتيجية بعيدة املدى ت�أخذ يف االعتبار نقاط القوة وال�ضعف لدى النظام ،وعلى املعار�ضة �أن تتعامل ب�شكل جدي مع بناء جمال ال�رصاع للثورة ،و�إن كان يف امليادين الع�سكرية �أو امليادين الدبلوما�سية التفاو�ضية ،ومنم ال�رضوري يف كل تلك املجاالت الإحاطة بتفا�صيل وتعقيدات احلالة ،وعلى اجلميع �أن يدرك �أن طاولة التفاو�ض تعني من حيث املبد�أ �أن الغلبة �ستكون للأقوى دبلوما�سي ًا ،العامل �أحال الق�صة �إىل الطاولة، وللطاولة قواعدها التي يقبل بها اجلميع وال تعرتف طاوالت التفاو�ض ب�ضحية ونظام م�ستبد بل باجلميع ك�أطراف �رصاع. واحلال ،ومبا �أن الثورة �صارت ممث ًال لتحالف عري�ض يقف خلفها ،وكذا النظام �أي�ض ًا هو واجهة التحالف الذي يقف خلفه ،وبالتايل ف�إن الثورة �ستقدم نف�سها بو�صفها ممثلة لذلك التحالف� ،أكرث من متثيلها لل�شعب ال�سوري ،و�إن كانت تت�ضمن هذا التمثيل وت�ستند �إليه ،والأهم من ذلك النظر �إىل ان النظام ممثل لتحالف ي�ستنفر قواه الدبلوما�سية ومهاراته التفاو�ضية مثلما ي�ستنفر موارده وقواه الع�سكرية يف امليدان. احلقيقة �أن الثورة حتولت �إىل جزء من اللعبة ،لي�س اللعبة مبعناها الهزيل او ال�سلبي ،و�إمنا اللعبة ال�سيا�سية الدائرة على امل�ستويني الإقليمي والدويل، هذا التحول �صار واقع ًا ،وبالتايل فاملطلوب �إدراك قواعد اللعبة و�رشوط االنخراط فيها وكل ما يخ�صها ،هنا ت�صري الدبلوما�سية واحلنكة ال�سيا�سية جزءاً من املجهود احلربي يف �ساحات القتال� ،أو موا�صلة لها.
05
ر�أي
العدد ( 2014/01/12 )122م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
املعريف وال�شعاراتي ..الوطنية والدميقراطية عالء الدين زيات
معرت�ضة �أوىل: بقايا الدولة احلالية ،ال�سائرة بخطى واثقة باجتاه الدولة الفا�شلة ( ف�شل من نوع عدمية الإدارات ودمار البنى) �أي م�رسع يلزمها �أف�ضل من حرب ميلي�شيات ؟ . امل�رسع بد�أ ،يفرح البع�ض ،وي�س�أل البع�ض ما لعمل مع قوى ظالمية منحازة للخلف؟ ،و�أنا �أقول نعم كله �صحيح� ،أ�سئلة مقلقة ومتتلك كامل احلق ،ولكن النتيجة دولة فا�شلة من النوع امل�شار اليه �سابقا . علينا قراءة �سيناريو من هذا النوع باكراً. املفهومان الأبرز يف التداول ال�سيا�سي اليوم : الوطنية والدميقراطية ،يف م�سعى جدي لفك حالة التف�ضيل بالت�ضاد ،التي �صنعتها الديكتاتوريات ، ور�ضيت بها قوى الي�سار ،حتت يافطة كتب عليها بقلم الر�صا�ص " :ممانعة" ،ما لبثت �أن ذابت الكتابة مع �أول قطرات دم �سقطت على الأر�ض . لمِ َ كانت الوطنية مرجعية باملمار�سة تخت�ص بالأنظمة " اجلمهورية " ،وترتافق مع �أقوى �سحق متاح لقوى ال�شعب لو رغبت يف �إعالء �صوتها ، واالنخراط بال�ش�أن العام ؟ �سنحاول الإجابة . امل�شكلة يف كال امل�صطلحني ،هو ت�أ�سي�سهما على معنى �شعاراتي ،دون االلتفات للمعنى املعريف ، وهذا �سيحيلنا دومنا �إبطاء ل�سرب التجهيل املق�صود ،عرب تلم�س ق�رشية املعنيني . الوطنية :هي جغرافيا تر�سمها �أنا�شيد اجلنود ،وتت�شابك يف هويتها ح�ضارات و�أوابد ومدن ومعارك ،وتختزل بقيم عامة ت�سمى �أخالقيات جمتمع ،وتتج�سد ب�شكل ال لب�س فيه لدى القادة . وهم منوذج الوطنية وحتم ًا يرتبع فوق ذلك القائد الرمز الذي ال يدانى . يف كل العر�ض ال�سابق يغيب الإن�سان الفرد ويذوب ويختزل كم�صفق ،يخ�ضع للت�صفية اجل�سديةُ ،
ٍ ومتماه مع ومتلهف للطاعة ،ويقتله ال�شوق للرتاب، التاريخ . وحني يرغب ذلك الفرد بالتعبري عن �إميانه بفرديته � ،أو بحريته � ،أو ب�شذوذه عن باقي خملوقات الوطن ، �أي حني تلح عليه الدميقراطية كمعرب ،ي�صبح لزام ًا مقابلة ذلك ب�أنه فرد ال وطني ،ي�صبح ج�رس اخليانة الوطنية هو نزوعه الدميقراطي .لذا جتد حماربني " وطنيني " �أ�شداء ال ي�سمحون ،ولو لربهة ق�صرية بناء �أي حجر يف هذا اجل�رس ،هل من العقل بناء ج�سور خيانة ؟. معرت�ضة ثانية: مل تكن القوى الدميقراطية بغافلة عن هذه املزدوجة بالت�ضاد ،وكانت تراها ،بل وحتاول فك ا�شتباك حلقاتها لتعزل املعنيني عن �أن يكونا مرتهنني لتف�سري قطبي ،لكن االبداع النظري مل يخرج مطلق ًا عن حلقة "بكدا�ش" الرئي�سية. يف تاريخها احلديث وب�شكل او�ضح مع مقارعة الفرن�سيني ،ظلت ق�ضايا الوطن تنهل مفهوم اال�ستقالل بت�شجيع �أطراف متنوعة ،مرة بت�أثري منهجي �إ�سالمي � ،أو حتت �أحالم الر�أ�سمالية النا�شئة � ،أو بنزعة ا�ستقالل بالعدوى وت�أثرا بالتنوير � ....إلخ � .إال �أن حمتواها التحرري ( االقت�صادي االجتماعي ) ظ ّل غائب ًا كلي ًا ما بني احلربني �أو جزئيا ما بعد اال�ستقالل ،بع�ض الف�سحات ال�صغرية كانت حتاول ت�أ�سي�س مفهوم وطني باملعنى االقت�صادي االجتماعي ،ولكن عدة حروب وانتكا�سات كانت كفيلة لعودة الوطنية مبعناها ال�شامل كمنظومة �ضبط مطلق وتكري�س تعبري ج�رس اخليانة امل�ستند للدميقراطية للتداول ،وها نحن . يحب �أن ي�سجل لإ�رسائيل هنا ف�ضل وا�ضح يف تعميم هذا املفهوم ومنح ورقة لعب دائمة لل�سلطات " اجلمهورية " لتعليق الدميقراطية على م�شجب
املحرمات . هل متتلك جمريات الأحداث يف �سورية فر�صة جديدة لفك ا�شتباك الت�ضاد هذا ؟. �سيكون اجلواب املت�رسع غري الئق ،وخا�صة �أن مراجعة كاملة تبدو �رضورية جدا اليوم ،من منطلق �أ�رشنا �إليه �سابقا ،وهو االنفالت من ال�ضخ ال�شعاراتي واالرتكاز على املعنى املعريف .ولكن ال ميكن نكران �أن ت�ضاداً هائ ًال ما يزال يلف املعنيني، وهو ت�ضاد ي�صفع جبهتي ال�رصاع ( كقدمي وجديد ) وي�صفع كل جبهة بذاتها ( كقدمي وجديد مرة وكقدمي و�أكرث عتق ًا مرة �أخرى ) ،ونادراً ما �شهدنا جمريات �رصاع بهذه احلدة والتداخل واال�شتباك ا�ستطاع �أطرافها �أن يخرجوا من ارتهانهم لليوميات ،وفتح �سجل طويل للمراجعة والت�أمل . ال�صوت امل�ستمر للطلقات ال يبقي للت�أمل فر�ص ًا كافية ،ورمبا من هنا جند ا�ستمرار حالة ا�شتباك الت�ضاد بني الوطني والدميقراطي ،فمع ف�شل الدولة الكلي لي�س من دميقراطية ممكنة ،لي�ست �شعاراً يل�صق با�سم الدولة مينحها القدرة والرغبة على اال�ستجابة ملتطلبات الأفراد يف احلرية وامل�شاركة ،بل هي حمتوى اجتماعي اقت�صادي فعال ، الدولة الفا�شلة ال ميكنها �صناعة ذلك بال�شعار �أو بالإعالنات. معرت�ضة ثالثة: عدمية الإدارات وانهيار البنى ،كتعبري عن مظاهر الدولة الفا�شلة ،ال تعني بال�رضورة موت ًا �رسيري ًا للمجتمع ،اذ للمجتمعات طرق ًا الفتة يف حفظ النوع واملتابعة ،ولكن فك ا�شتباك الت�ضاد بني الوطني والدميقراطي �سي�صبح من جديد مهمة م�ؤجلة كان اخلارج �سابقا حمر�ض ت�أجيلها ،واليوم عنا�رص الداخل املت�صارعة تر�سي ت�أجيلها اجلديد .
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/01/12 )122م
موجز ال�شرق
06
�ضلوع رو�سيا يف حتقيقات الف�ساد الأخرية يف تركيا وفقا مل�صادر مطلعة يف الواليات املتحدة ،ف�إن ممثلي االدعاء االحتادي الرو�سي لعبوا دوراً رئي�سي ًا يف االعتقاالت اجلماعية التي طالت كبار م�ساعدي رئي�س الوزراء الرتكي رجب طيب �أردوغان. يف 17دي�سمرب /كانون الأول � 2013شنت وحدة اجلرائم املالية التابعة لل�رشطة ا�سطنبول حملة على �شبكة تهريب الذهب مقابل تبادل النفط بني �إيران وتركيا .كما �ألقت ال�رشطة القب�ض على �أبناء �أربعة وزراء ،بالإ�ضافة اىل ايراين �أذري و�أخر �أذربيجاين �إيراين متهم بدفع � 63ألف دوالر ر�شاوى مل�س�ؤولني كبار يف حزب العدالة والتنمية لت�سهيل �صفقات النفط وانتهاك احلظر الذي فر�ضته الأمم املتحدة والواليات املتحدة على �إيران .وتتهم تركيا بتهريب ما جمموعه 119مليار دوالر من النفط من �إيران .كما اتهم املتعهد االيراين زاراب ر�ضا بغ�سيل �أموال املدفوعات من خالل بنوك الذهب الرو�سي وال�صيني. ميلك امل�س�ؤولون الرو�س �أدلة قوية على �أن جزءاً كبرياً من متويل احلركة االنف�صالية والإرهاب اجلهادي يف منطقة القوقاز جنوب رو�سيا ي�أتي من جتارة الأفيون يف �أفغان�ستان .وقد �أعطى املدعي العام الرو�سي االحتادي ملكافحة املخدرات فيكتور �إيفانوف ال�ضوء الأخ�رض لت�صعيد احلملة �ضد غ�سيل الأموال، حني ك�شفت النيابة العامة الرو�سية تعامالت الذهب غري امل�رشوعة يف البنوك الرو�سية يف عام 2011 مع نظرائها الأتراك ،كما �أدت التحقيقات ال�رسية التي ا�ستمرت لأكرث من عام اىل مداهمات واعتقاالت 17دي�سمرب .وكان من بني الذين اعتقلوا يف احلملة �سليمان �أ�صالن �أحد املقربني من �أردوغان -الرئي�س التنفيذي لبنك خلق الذي متلكه الدولة -الذي �شارك البنوك الرو�سية يف التعامل بالذهب وغ�سيل الأموال، واجلدير بالذكر �أن ال�رشطة حني داهمت منزله عرثت على مبلغ 4.5مليون دوالر نقداً. ا�ستجاب �أردوغان للجملة بت�رسيح �أكرث من �ألف �ضابط
�رشطة ،و�أمر بالتحرك ملنع املزيد من االعتقاالت. مما �أدى اىل تفاقم الأزمة التي مير بها ،كما �أن املدعي العام يف ق�ضية الر�شوة زكريا �أوز ،ارتبط ا�سمه باحلركة الإ�سالمية التي ير�أ�سها فتح اهلل غولني ذات ال�شعبية الوا�سعة يف داخل تركيا ،والتي اخرتقت وكاالت �إنفاذ القانون ،ومكاتب املدعي العام وو�سائل الإعالم الذي كان يف البداية من امل�ؤيدين لرجب طيب �أردوغان وحزب العدالة والتنمية. ومنذ عدة �سنوات � ،أمر �أردوغان بحملة على املدار�س الإعدادية التابعة لغولن يف جميع �أنحاء البالد ،ويف �أوائل كانون الأول/دي�سمرب ،ن�رش �صحايف التحالف الغوليني ،حممد باران�سو ،وثيقة م�رسبة من ‹الأمن الوطني› ،وقعها �أردوغان ،ي�أمر فيها ب�شن حملة على الإمرباطورية املالية لغولني داخل تركيا. وي�أتي توقيت هذه احلملة على الف�ساد يف مرحلة حرجة مير بها �أردوغان ،ففي مار�س �/آذار املقبل هناك االنتخابات البلدية ،ويف �أغ�سط�س �/آب ،ت�أتي
االنتخابات الربملانية املحددة لالنتخابات الرئا�سية يف منت�صف .2015ومن الوا�ضح �أن �شعبية �أردوغان قد تزعزعت نتيجة لهذه الغارات والف�ضائح .وكان رئي�س الوزراء قد اتهم ال�سفري الأمريكى فران�سي�س ريكياردون على �أنه املحر�ض وراء م�ؤامرة حركة فتح اهلل كولن التي تهدف اىل زعزعة حزب العدالة والتنمية (فتح اهلل كولن يعي�ش حالي ًا يف املنفى يف الواليات املتحدة بوالية بن�سلفانيا منذ .)1999 فيما عمل الرو�س و لدوافع خا�صة على ف�ضح �صفقة النفط مقابل الذهب ،كما مت اخرتاق اجلانب الإيراين يف عملية انتهاك العقوبات من قبل دوائر فيلق احلر�س الثوري الإيراين بتحالف وثيق مع الرئي�س ال�سابق �أحمدي جناد من خالل ف�ضح عملية غري قانونية� ،ساند الرو�س الرئي�س روحاين والرئي�س ال�سابق رف�سنجاين، اللذين حر�صا على و�ضع اللم�سات االخرية على االتفاق مع جمموعة خم�سة زائد واحد من �أجل رفع العقوبات املفرو�ضة على ايران نهائياً.
العملية االنتقالية يف م�صر وعبثية الآليات
ان ا�ستئناف الثورة يف �إعادة بناء دولة م�رص ما منحى عبثي ًا يف الأ�سابيع القليلة بعد مبارك اتخذ ً املا�ضية .فبعد انهيار �أجزاء من هيكل الدولة خالل العا�صفة التي متر بها املرحلة انتقالية ،جنح النظام القدمي يف جتميع عنا�رصه الرئي�سية ،وبد�أ حملة من�سقة لإ�سكات املعار�ضة من املع�سكرين الإ�سالمي وما ي�سمى بالليرباليني و ن�شطاء حقوق الإن�سان. يف حني �أن التعامل مع الإخوان بدا له ما يربره يف �أعني امل�رصيني بعد �سنة من الفو�ضى حتت حكم الرئي�س ال�سابق حممد مر�سى ،غري �أن التحرك �ضد الليرباليني ال�شباب ال يبدو �أن له ما يربره ،وقد تعر�ض هذا التحرك �إىل ال�سخرية من قبل كثريين. وقد عملت �أجهزة الأمن على ت�رسيب ت�سجيالت حمادثات هاتفية لبع�ض النا�شطني ،وال �سيما للمعار�ض حممد الربادعي ،مما �أثار بع�ض الت�سا�ؤالت حول مدى قدرة ال�رشطة وممار�ساتها الأخالقية .كما ظهرت ت�سجيالت ملكاملات هاتفية لبع�ض زعماء حركة املعار�ضة تف�ضح مناق�شات دارت حول التربعات املالية مع بع�ض رجال الأعمال البارزين .وقد وجدت هذه الت�سجيالت بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
طريقها اىل قنوات التلفزيون احلوارية ،و ا�ستخدمت لت�شويه �سمعة الن�شطاء الليرباليني. يف حني يتم الت�سا�ؤل حول مدى م�رشوعية هذه الت�سجيالت الهاتفية ،جنح اجلو العام تدريجي ًا �إىل حافة اله�سترييا الوطنية .كما �أن دعاية �إعالنية كبرية لإحدى �رشكات االت�صاالت �أظهرت الدمية القطنية تتحدث على الهاتف على �أنها ر�سالة �إىل الإرهابيني لتفجري مركز جتاري من قبل املعار�ضة يف م�ؤامرة خططت لها بريطانيا عرب �رشكة االت�صاالت . M16مما نتج عنه �أن يتقدم املدعي العام بطلب ر�سمي للتحقيق حول هذه الدمية. يهدف هذا التحرك �إىل �إحكام الرقابة على البلد للتخل�ص من جميع قوى املعار�ضة .حني يتم متثيل جماعة الإخوان امل�سلمني على �أنهم جماعات �إرهابية ،والن�شطاء على �أنهم «عمالء �أجانب» .هذا التكتيك هو يف غاية اخلطورة ،وقد �أثبت جناحه يف املا�ضي لفرتة ق�صرية ،لكنه الآن يكاد يكون «مهمة م�ستحيلة» ال�ستعادة متا�سك امل�ؤ�س�سات كما كانت عليه يف عهد مبارك الذي انهار بالكامل تقريبا قبل ثالث �سنوات� .إن منطق الإ�رصار على �إعادة بناء الدولة بنف�س الطريقة القدمية ي�شكل حتدي ًا ،ويف�سح
املجال ل�سل�سلة من الثورات العنيفة والعفوية كالتي �شهدتها البالد منذ االطاحة مببارك ،والتي كانت موجهة �أ�سا�سا �ضد الدولة .ما الذي يدفع �أي �شخ�ص �أن يعود �إىل احلالة ال�سابقة �إال اذا كان من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إىل ثورة �أخرى تعيد الإخوان واحلركات املتطرفة �إىل احلكم؟ ما�ض قدم ًا يف ومع ذلك ،ف�إن النظام اجلديد ٍ م�سارات متوازية� .أوال ،حتقيق املتطلبات التقنية التي نادت بها الثورة �أوال ،وهي الد�ستور الذي �سوف يتم الت�صويت عليه عرب ا�ستفتاء 14من ال�شهر اجلاري ،واالنتخابات الرئا�سية التي تليها انتخابات برملانية يف غ�ضون �أ�شهر قليلة .ثاني ًا، حملة �شعواء �ضد تر�شح بع�ض اجلماعات الليربالية. يكاد يكون من امل�ؤكد �أن عبد الفتاح ال�سي�سي �سوف يكون رئي�س ًا للجمهورية ،ولكن �إحياء حالة عهد مبارك والتقدم يف تعزيز و�سائلها دون الإ�رصار على احلفاظ على مظهر التغيري لن ي�ساعد النظام اجلديد على املدى املتو�سط ،اذ �أن اخلط�أ الرئي�سي من املحاولة احلالية للعودة �إىل الو�ضع الطبيعي يف م�رص هو مواءمة املطالب ال�شعبية الفورية مع العوامل احلقيقية التي ت�ضمن اال�ستقرار.
موجز ال�شرق
07 لبنان :االغتياالت هي الطريق �إىل املواجهة الطائفية
كان للهجوم ب�سيارة مفخخة يف جنوب بريوت على حارة حريك ثالثة �أهداف مبا�رشة يف �سياق ات�ساع ال�رصاع الطائفي الذي يزداد دموية كل �أ�سبوع .الهدف الأول الذي ا�ستهدف �أن�صار ب�شار الأ�سد يف مواقعهم يتعلق بت�شكيل احلكومة اجلديدة يف لبنان� .أما الهدف الثاين �إر�سال ر�سالة اىل حزب اهلل ملغادرة �سوريا ،والثالث االيحاء لأن�صار ب�شار الأ�سد ب�أنهم لي�سوا مب�أمن من الو�صول اليهم يف �أحياء ال�سنة . عقب تفجري حارة حريك الذي �أدى �إىل مقتل �أربعة و�إ�صابة 77معظمهم من اللبنانيني ال�شيعة يوم اخلمي�س 2من ال�شهر اجلاري �شهدت طرابل�س يف �شمال لبنان ا�شتباكات عنيفة بني الأغلبية ال�سنية والأقلية ال�شيعية يف املدينة .واجلدير بالذكر �أن طرابل�س هي عادة ما تكون مر�آة امل�شاعر الطائفية يف لبنان .وقد �أظهرت و�سائل الإعالم الوطنية احتفاالت ال�سنة يف طرابل�س عقب انفجار حارة حريك ،و رد ال�شيعة على اال�ستفزاز ب�إطالق نريان ا�ستهدفت زفافني لل�سنة يف باب التبانة. �إن هذا االنفجار الأخري هو جزء من �سل�سلة من الهجمات التي ت�ضع لبنان جمدداً على ر�أ�س قائمة من �ضحايا اال�ستقطاب ال�سني -ال�شيعي يف ال�رشق الأو�سط .ويت�ضح �أكرث ف�أكرث �أن هذا اال�ستقطاب العميق ،يزيد من �صعوبة احتواء انت�شاره يف امل�ستقبل القريب .وبالرغم من �أن طبيعة القوى التي تدفع هذا اال�ستقطاب معروفة ومع ذلك ،ف�أن �إمكانية ال�سيطرة عليها قد ت�ؤدي �إىل عواقب خطرية. وتقع املنطقة حيث وقع االنفجار حتت �إجراءات �أمنية م�شددة من حزب اهلل .ويزعم �أن �سائق �سيارة مليئة باملتفجرات طلب الأذن من احلرا�س ل�رشاء بع�ض اخلبز من خمبز يف املنطقة .وقد �سمح احلرا�س على م�ض�ض لل�سيارة بالعبور .ويدعي اجلاين �أنه من ال�سنة الذين ان�ضموا اىل جمموعة املجاهدين للقتال �إىل جانب املعار�ضة ال�سورية،
العدد ( 2014/01/12 )122م
لكنه �أر�سل لقتال حلفاء الأ�سد يف لبنان. الآن يرتقب اجلميع يف لبنان ردة فعل حزب اهلل ، وما �إذا كان الرد �سوف يكون عن طريق هجمات م�ضادة بني ال�شيعة وال�سنة املقاتلني عرب احلدود اللبنانية� ،أو عن طريق �سل�سلة هجمات وهجمات م�ضادة يف بالد �أخرى تدعم اجلماعات اجلهادية � .إذا كان حزب اهلل ال يتخذ مثل هذا القرار فوراً، فامل�س�ألة جمرد م�س�ألة وقت قبل �أن ت�رسي العدوى اللبنانية من هجمات وهجمات م�ضادة وتنت�رش يف بلدان �أخرى. يعترب تفجري حارة حريك م�ؤ�رشاً على �أن الو�ضع الإقليمي ينزلق خارج ال�سيطرة .ولكن يجب �أن ينظر اىل هذا التفجري على �أنه واحدة من �سل�سلة االغتياالت و غريها من ال�رضبات التي كانت غائبة يف لبنان لعدد من ال�سنوات .ويف هذا ال�سياق من بعد �أكرث من �أ�سبوع اغتيل دبلوما�سي لبناين بارز من ال�سنة هو الوزير ال�سابق حممد �شطح اغتيل مفخخة بينما كان متوجه ًا �إىل �سيارة ّ عند انفجار ّ اجتماع .وبعد ذلك بعدة �أيام� ،أفيد �أن ماجد املاجد قائد كتائب عبد اهلل عزام قد مت القب�ض عليه .ويف ين. �صباح 4يناير ،تويف املاجد يف �سجن لبنا ّ ويف اليوم نف�سه� ،أعلن تنظيم الدولة الإ�سالمية يف العراق وال�شام م�س�ؤوليته عن التفجري االنتحاري يف حارة حريك. ال ميكن التكهن الآن حول مدى امتداد احلرب يف �سوريا وانعكا�ساتها على لبنان ،ولكن ثمة دبلوما�سيون عرب يناق�شون بع�ض التقارير التي قد تدفع اىل عقد م�ؤمتر �إقليمي يف حال تو�صل الغرب وايران اىل اتفاق دائم ب�ش�أن برنامج طهران النووي .ولكن مع تناق�ص دور الواليات املتحدة يف املنطقة وعدم قدرتها لفر�ض نفوذها للت�أثري على الالعبني الإقليميني ،ف�إنه �سيكون من ال�صعب �أن نتوقع �أي نتائج �أخرى بل املزيد من التدهور.
ر�أي
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
عيدر�أ�سال�سنةاجلديدةلتنظيمالقاعدة
قبل �أن تبزغ �شم�س اليوم الأول من العام اجلديد ، قام تنظيم القاعدة بالهجوم املفاجئ على الفلوجة و الرمادي يف خطوة مثرية للقلق تعك�س التو�سع امل�ستمر للمنظمة يف ال�رشق الأو�سط يف غ�ضون العامني املا�ضيني � .صحيح �أن قرار رئي�س الوزراء العراقي نوري املالكي مبهاجمة االعت�صامات يف عدد من مدن الأنبار ،تاله �سحب قوات اجلي�ش من املناطق ذات الكثافة ال�سكانية العالية يف هذه املدن ،ما ميثل فر�صة للدولة الإ�سالمية يف العراق و بالد ال�شام ( داع�ش ) يف الأنبار .ولكن هذا التو�سع يف تنظيم القاعدة لي�س جمرد رد فعل على تلك الأخطاء التقنية. �إن تنظيم القاعدة ،بكل ما فيه من « تنظيمات « وفروع هو مظهر من مظاهر �أزمة �سيا�سية �أعمق يف ال�رشق الأو�سط ،حيث ظهرت هذه الأزمة يف العامل قبل ثالث �سنوات يف �شكل ما ي�سمى بالربيع العربي ،وتلك التنظيمات تقوم الآن باال�ستيالء على الأرا�ضي احلالية على �أ�س�س اجلغرافية ال�سيا�سية �أو االجتماعية. بينما يقف العامل عاجزاً �إزاء ما يحدث ،فحكمة اليوم هو «ح�سنا ،ميكننا �أن نفعل �شيئا « � ،أو «نحن نفعل �أف�ضل �شيء « .ولكن العامل ميكن �أن يفعل الكثري و من الأف�ضل �أن يكون عاج ًال ولي�س �آج ًال ،فما ال ميكن ت�صوره هو �إدراك �أن العامل م�صنوع من عاملني خمتلفني متاما يعي�شان ب�سالم ،كلٍ وراء عامله اخلا�ص ،مثل �سور ال�صني العظيم . ونحن بالت�أكيد �سوف جند يف كل حالة يتو�سع فيها تنظيم القاعدة العديد من املعلومات التف�صيلية ل�رشح بع�ض احلوادث ال�صغرية والكبرية ،ففي حالة العراق مثال � ،سبق الهجوم على «داع�ش» يف الأنبار لقاء بني �أمري �سعودي بارز و م�س�ؤول الأمن القومي العراقي فالح الفيا�ض يف الأردن، ويف حالة م�رص عقد اجتماع وافق فيه املجل�س الع�سكري الأعلى على تر�شيح ال�سي�سي للرئا�سة ، وميكن لنا يف كال احلالتني �أن نغرق ب�سهولة يف بحر من التفا�صيل .لكن جوهر هذه اخلرائط املعقدة التي ال تعرف الكلل ويحتار العقل �أمام �أحداثها هو :احلاجة امللحة و العميقة للتنمية االقت�صادية واحلكم الر�شيد يف املنطقة. ذات مرة خل�ص �صديق يل من �أفغان�ستان م�شكلة بالده بالقول « حني ترى امل�صنع بجانب جمموعة من القرى ،يكون كل �شيء قد انتهى « .كذلك يف حالة الزوج الذي ي�ستعبد زوجته وابنه ،وين�ضم �إىل اجلهاديني طلب ًا للرزق� ،سوف ينتهي كل هذا يف حالة توفر فر�صة العمل احلقيقية ،حيث �أنهم �سيجدون املعنى احلقيقي لذواتهم .ولن تقبل الزوجة بعد اليوم �إيذاء زوجها لها ،ولن ي�ستمع االبن لقوى التع�صب املدمرة ،فكالهما �سوف يدافعان عن �أنف�سهما و حياتهما �رشيطة �أن يكون جوهر اخليار الكرامة والرفاه. قد تكون هذه وجهة نظر مب�سطة عن ويالت ال�رشق الأو�سط .ولكننا نعرف �أنه يجب �أن يكون هناك و�سيلة ملواجهة هذا ال�رش الذي يتو�سع كل يوم يف هذه املنطقة ،وما مل نفهم القوى العاملية �أن « لكل نف�س خا�صتها» لن ننجح ،و�سوف نواجه �أ�سو�أ م�شاكل العامل ،مثل احلروب والقوات اجلهادية ، و�سيوا�صل تنظيم القاعدة الدموي االحتفال بهذه ال�سنة اجلديدة ،وكل �سنة جديدة قادمة.
ع�صام عزيز
بالتعاون مع مركز ال�شرق للبحوث
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
العدد ( 2014/01/12 )122م
الأخرية
08
�إ�شكالية احلريات الأكادميية يف العامل العربي الدكتور عبداهلل تركماين
�شاركت يف امل�ؤمتر اخلام�س والع�رشين ملنتدى الفكر ُ املعا�رص بدعوة كرمية من « م�ؤ�س�سة التميمي للبحث العلمي واملعلومات « و « م�ؤ�س�سة كونراد �أديناور « يف تون�س ،خالل الفرتة من � 19إىل 21يونيو/حزيران وقدمت ورقة حتت عنوان « جدل العالقة بني .2008 ُ احلريات الأكادميية والن�سق ال�سيا�سي العربي « ،و�أود �أن �أطلع قراء « البديل « على بع�ض ما �أثرته يف تلك الورقة. ال ميكن احلديث عن احلريات الأكادميية مبعزل عن احلريات العامة يف �أي جمتمع ،وبالتايل مبعزل عن جمموعة الأن�ساق االقت�صادية واالجتماعية والثقافية وال�سيا�سية .ويف مقالتنا اليوم �سنتناول احلريات الأكادميية من زاوية عالقتها بالن�سق ال�سيا�سي العربي� ،إذ � ّأن الو�ضعية م�ؤ�سفة للغاية ،فطيلة الن�صف القرن الأخري تعر�ضت م�ؤ�س�سات التعليم العايل يف البلدان العربية �إىل التوظيف ال�سيا�سي وا�س ُتغلت كف�ضاء للت�أطري الأيديولوجي. ويف الواقع ،متثل �أزمة البحث العلمي جما ًال مهم ًا للعديد من الإ�شكاليات الرئي�سية ،مثل موقع البحث يف خريطة اهتمامات ال�سلطة وامل�س�ؤولني وامل�رشفني على التعليم العايل والبحث العلمي :عالقة ال�سلطة يف العامل العربي بالبحث العلمي وعالقة البحث العلمي ب�صناعة القرار ،وعالقة الدول العربية بالأدمغة املهاجرة والكفاءات العلمية العربية املوجودة يف خمتلف �أنحاء العامل ،وماذا فعلت احلكومات العربية ال�ستقطاب هذه الكفاءات �أو على الأقل اال�ستفادة منها ؟ ويف هذا املجال ،ميكن الإ�شارة �إىل � ّأن الأزمة العربية مبجملها هي �أزمة قيادة تفتقر ،يف الن�سق ال�سيا�سي، �إىل القدرة على ا�ستيعاب املتغيات يف البيئة الدولية، خا�صة ق�صور النظرة �إىل الأ�ساليب الدميقراطية يف قيادة املجتمع والدولة .فقد ا�ستولت النخب احلاكمة
على الدولة ،وحتولت �إىل �سلطات مل ت�أخذ من �أدوار الدولة �سوى اجلانب الأمني ،من دون �أي اعتبار للمفاهيم الأخرى كاملواطنة والدميوقراطية والتنمية والتطور االقت�صادي واالجتماعي. وكان من نتيجة �أزمة الن�سق ال�سيا�سي العربي �أن ا�ستفحلت ظاهرة هجرة الكفاءات العربية� ،إذ جاء يف ورقة عمل حملت عنوان « هجرة العمالة العربية، الفر�ص والتحديات « قدمتها �إدارة ال�سيا�سات ال�سكانية والهجرة يف جامعة الدول العربية لالجتماع الأول لوزراء الهجرة العرب يف فرباير�/شباط ،2008 � ّأن نحو � 70ألف جامعي عربي يهاجرون �سنوي ًا من جمموع � 300ألف متخرج �سنوي ًا من اجلامعات العربية ،وحذرت من � ّأن �أكرث من مليون مهاجر عربي يف بلدان منظمة التعاون االقت�صادي للتنمية « C. « S.Dحا�صلون على �شهادات جامعية عليا ،و� ّأن عدد الأطباء العرب الذين يهاجرون �سنوي ًا نحو البلدان وقدرت الأوروبية يقدر بنحو خم�سة �آالف طبيبّ . خ�سائر العامل العربي ،ب�سبب هجرة الكفاءات ،بنحو 1.57مليار دوالر �سنوياً. ومن بني �أهم الأ�سباب الداخلية التي دفعت العقول العربية �إىل الهجرة خارج الف�ضاء العربي نذكر: �أوال ّ � -إن التقدم الوظيفي يف الدول العربية مرهون، �إىل حد بعيد ،بالتقرب من ال�سلطات احلاكمة. ثانيا -غياب حرية الفكر وحرية البحث العلمي وغياب االحرتام للعلماء. ثالثا -ت�شري عدة تقارير عربية �إىل عامل �آخر بالغ الق�سوة ،وهو القيود اخلانقة �ضد الن�رش وحرية الفكر. وهكذا ،ميكن القولّ � :إن ال�سبب الأ�سا�سي للهجرة مت�صل بغياب الدميوقراطية يف الدول العربية .والدميوقراطية هنا لي�ست مبعنى توافر احلريات الفردية والعامة فقط ،كي ي�شارك الأكادمييون يف انتخابات حرة ونزيهة ويطالعون �صحف ًا م�ستقلة ويحمون كرامتهم
من التعديات واالنتهاكات ال�شائعة يف بلدانهم ،و�إمنا هي �أي�ض ًا التنظيم العقالين للمجتمع ،وبخا�صة قطاع البحث العلمي الذي يحتاج ليكون �أمنوذج ًا ملحاربة الف�ساد واملح�سوبية والر�شوة. � ّإن اجلامعات ال ميكن �أن تنتج معرفة بدون حريات �أكادميية ،ومراكز الدرا�سات والبحوث ال ميكن �أن تعمل وتنتج معرفة معمقة يف ظل تدخالت وممنوعات تفر�ضها ال�سلطات العربية� ،أو بع�ض القوى اجلاهلة يف املجتمع تارة با�سم « الأعراف والتقاليد « وتارة با�سم « ال�سلم الأهلي « وتارة �أخرى با�سم « الدين « .وبالطبع ال ميكن احلديث عن �إنتاج معرفة ال ميكن النطق بنتائجها يف غياب حرية التعبري ،مما يجعلنا ننتظر ح�صول تغيرّ ات كربى يف عقلية و�إرادة وتوجهات وبنية الدولة العربية نف�سها. وبعد �سقوط الأن�ساق ال�سيا�سية املغلقة التي كانت حتتكر احلقيقة ،وظهور �أن�ساق �سيا�سية مفتوحة .وبعد �أن �أ�ضحى جمتمع املعرفة يقوم على �أ�سا�س تنمية الإبداع واالعتماد على الأن�ساق الفكرية املفتوحة، القادرة على مواجهة م�شكالت العامل اجلديد املعقدة. ف� ّإن هذا يقت�ضي التعاقد على �أ�سا�س �سيا�سي يوفر، ب�شكل ملزم ودائم� ،آلية �إنتاج ال�سلطة الوطنية على قاعدة التوازن الوطني ،وبالتايل يتوجب ممار�سة امل�س�ؤوليات يف م�ؤ�س�سات الدولة وال�سلطة الد�ستورية وامل�ؤ�س�سات العامة على قاعدة اال�ستحقاق وامل�ؤهالت دون تفرقة �أو متييز بني مواطن و�آخر .وعندما نعتمد �أ�سلوب االختيار على �أ�سا�س الكفاءة ف�إننا نعطي �أم ًال يحول النا�س جلميع املواطنني يف �إمكانية التغيري ،مما ّ من �سلبيني و�ساخطني وحمبطني دائم ًا �إىل �أنا�س م�شاركني وفاعلني ومتطلعني ولهم �أمل ،وت�ساعد على خلق �صفوف جديدة من القيادات ال�شابة التي ت�ستعد لأخذ دورها ،بناء على جهدها وعملها ون�شاطها.