ájô```M 2014/01/12م العدد ()122 ádGó``Y áæWGƒe
01
ا�سبوعية�-سيا�سية-م�ستقلة العدد ( 2014/01/12 )122م
ájô```M ádGó``Y áæWGƒe
رئي�س التحرير :ح�سام مريو www.al-badeel.org
Issue (122) 12/01/2014
البحث عن الهوية يف الربكان ال�سوري
ح�سام مريو
�أكد الربكان ال�سوري الذي ما زال يفي�ض مبخزونه على اللحظة الراهنة على ال�رشخ العميق يف الهوية لدى جمتمع كان يحاول الهروب من الأ�سئلة العميقة املحددة ال�سبات التي لوجوده وحياته ،وكان م�ستكين ًا حلالة من ُ ارتطمت يف �آخر الأمر مبعطى واقعي مفاده � :أن عنا�رص "اال�ستقرار" �أو وهم اال�ستقرار مل تعد قادرة على الثبات، و�أنها اهتزت ،و�أن الربكان امل�ؤجل ال بد �أن ينفجر. و�سط انفجار الربكان ال�سوري وتداعياته الحق ًا بدا �أن ال�سوريني يجاولون تعريف ذواتهم من جديد ،بعد �أن ن ّز جرح الهوية يف �سياق مواجهة عنيفة بني نظام ال يحاول االعرتاف ب�رشعية التغيري و�رضورته وبني �شعب ظ ّل قادراً على ال�صمت لعقود ،لكنه مل يعد قادراً على ممار�سة املزيد من فعل ال�صمت� ،أو فعل املوت التاريخي ك�رضيبة ال�ستقرار مزعوم ي�ؤمنه نظام م�ستبد. قدم نف�سه قومي ًا وحدوي ًا ا�شرتاكي ًا مل يكن البعث الذي ّ معني ًا يف الواقع العملي من تطوير املجتمع ودينامياته ال�سيا�سية ،كما مل تكن ال�سلطة احلاكمة معنية ب�أية ق�ضية قد تنال من مكانتها ونفوذها ،تاركة املجتمع يغرق يف املزيد من التهمي�ش ،دون �إدراك منها� ،أو لعدم مباالة، ملا يتفاعل حتت جلد هذا املجتمع ،وما يتمزق من ن�سيجه الوطني ،حيث �أ�صبح العقد االجتماعي ال�سيا�سي عقد �إذعان بني مكونات اجتماعية غري متبلورة وبني �سلطة ت�سمو على �شعبها مبزيد من اال�ستعالء. ومع تو�سع رقعة الربكان ال�سوري ،ر�أينا كيف راحت
الهويات ت�أخذ طريقها �إىل ال�سطح ،وكانت الهوية الإ�سالمية �أكرث بروزاً ،و�أكرث �سيطرة (ب�شكل خا�ص) على احلراك امل�سلح املعار�ض ،وغري خمفية يف احلراك ال�سيا�سي وتعبرياته املختلفة ،وعلى الرغم من التباين يف مفهوم "الإ�سالمي" املتخذ عنوان ًا � ،إال �أنه جاء بدرجة كبرية ليعرب عن التمايز واالختالف عن �سلطة �سيتم تعيينها خالل ال�رصاع بو�صفها �أقلية ،بل وبو�صفها �سلطة �أقليات. إح�سا�س وزاد التخاذل الدويل يف �صيغه املختلفة من � ٍ متنام لدى قطاعات وا�سعة ب "�إ�سالمية" الهوية، ٍ فاملجتمع الدويل الذي طاملا �أحتف ال�شعوب ب�سمفونية الدميقراطية وحقوق الإن�سان والدفاع عن احلريات بدا وك�أنه غري معني بكل تلك ال�شعارات ،بينما كانت رو�سيا و�إيران تدعمان نظام ًا ال ي�ستطيع ال�صمود من دونهما ،الأوىل �أظهرت حجة واهية مبخاوفها من �صعود الإ�سالميني ،والثانية معروفة ب�أنها دولة دينية تتبع لوالية الفقيه ،وهكذا كان ملقومات بروز "�إ�سالمية" الهوية مربرات عديدة ،بالإ�ضافة �إىل وجود رعاة �إ�سالميني "�سنيني" �إقليميني ،وجدوا يف الربكان ال�سوري فر�صة �سانحة لتمكني م�شاريعهم. لكن ،ويف ال�سياق نف�سه ،بدت الهوية الإ�سالمية هويات، وجتلت تلك الهوية يف تعددها عرب فئات اجتماعية �إ�سالمية من دون �أن تكون م�سي�سة تنظيمياً ،ومل يكن البعد الديني �سوى �أحد تعينات الهوية لديها ،لكنه منا
مع مرو الوقت وت�صاعد العنف املمار�س من قبل النظام، وهناك الإخوان امل�سلمني ،وال�سلفية اجلهادية ،وال�سلفية العلمية ،وتدلل املعارك الأخرية بني القوى الإ�سالمية و "داع�ش" على �أن اجلذر الإ�سالمي امل�شرتك لي�س عن�رصاً مانع ًا �ضد االقتتال والتناف�س على النفوذ� ،أو خارج نطاق احل�سابات ال�سيا�سية. يف هذا ال�سيل اجلارف للربكان ،كيف ميكن تخيل �صعود الهوية الإ�سالمية وتبلورها؟ وهل هي قابلة لل�صمود؟ �أم �أن ما �سيحدد موقعها وتفاعالتها عودة الروح للوطنية ال�سورية اجلامعة �أو غياب تلك الروح وتال�شيها كلياً؟. ال �أجوبة نهائية وقاطعة �إزاء الهوية يف هذه اللحظة التي يتدفق فيها واقع حمكوم باملعارك ،فمن كان يظن ب�أن "داع�ش" باتت قدراً حمتم ًا يرى اليوم كيف تتداعى، ويتداعى معها يف امل�ستوى املعنوي على الأقل تلوين من تلوينات الهوية "الإ�سالمية" ،لكن يف ذات الوقت يرت�سخ البعد الإ�سالمي للهوية عرب معطيات كثرية ،لكن �ستبقى حدود الهوية "الإ�سالمية" قيد الت�شكل والتغري وفق ًا لتغري املعطيات. �إن القوى الوطنية والدميقراطية التي تبدو غري قادرة على الت�أثري يف م�سارات احلدث ال�سوري ،وغري م�ؤثرة �إيجاب ًا يف بلورة هوية �سورية جامعة �ستدفع مع الوقت ثمن ًا كبرياً لعجزها� ،أو �إحجامها عن املبادرة ،ولن يكون كافي ًا الت�شدق مبنطق حتمية التاريخ ،فالتاريخ هو تاريخ �صانعيه.