Al badil 123

Page 1

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ 2014/01/19‬م‬ ‫العدد (‪)123‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫‪01‬‬

‫ا�سبوعية‪�-‬سيا�سية‪-‬م�ستقلة‬ ‫العدد (‪ 2014/01/19 )123‬م‬

‫‪ájô```M‬‬ ‫‪ádGó``Y‬‬ ‫‪áæWGƒe‬‬

‫رئي�س التحرير ‪ :‬ح�سام مريو‬ ‫‪www.al-badeel.org‬‬

‫‪Issue (123) 19/01/2014‬‬

‫على �أبواب جنيف‪ :‬كيف يفكر العامل ب�سورية؟‬

‫ح�سام مريو‬

‫منذ �أن بد�أ النظام ال�سوري يواجه االنتفا�ضة بالقمع‬ ‫تطلع �سوريون كرث �إىل دور فاعل للمجتمع الدويل‪،‬‬ ‫وكان النموذج الليبي ما زال حي ًا وماث ًال يف الذهن‪،‬‬ ‫�إذ �سارعت دول �أوروبية يف ليبيا �إىل دعم تدخل‬ ‫فاعل للغرب من �أجل �إ�سقاط القذايف‪ ،‬وهو ما ح�صل‬ ‫بالفعل‪ ،‬لكن الغرب بقي �إزاء الو�ضع ال�سوري ظاهرة‬ ‫وركز دعمه على‬ ‫�صوتية فاقدة لأي مفعول عملي‪ّ ،‬‬ ‫ملفات �إغاثية و�إن�سانية‪ ،‬وهو دعم ال يرتقي بطبيعة‬ ‫احلال �إىل حجم الكارثة الإن�سانية يف �سورية‪ ،‬كما �أنه‬ ‫ال يرتقي �إىل املكانة التي مينحها الغرب لنف�سه على‬ ‫خارطة ال�سيا�سة العاملية‪.‬‬ ‫ومن جملة التحوالت يف امللف ال�سوري �أن الغرب‬ ‫مال مع الوقت �إىل بناء ت�صورات احلل على �أ�سا�س‬ ‫املخرج التفاو�ضي‪ ،‬باعتباره املخرج الأقل تكلف ًة‪،‬‬ ‫والذي ي�أخذ بعني االعتبار جمموعة من امل�صالح‪،‬‬ ‫ويف مقدمتها م�صالح �أمريكا مع رو�سيا‪ ،‬لكن يبقى‬ ‫الأ�سا�س هو غياب الرغبة الغربية يف االنخراط‬ ‫باحلدث ال�سوري‪ ،‬مهما �آلت �إليه الأو�ضاع يف هذا‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫وبعد ما يقارب الثالث �سنوات من الو�ضع ال�سوري‪،‬‬ ‫يحاول الغرب �أن يعطي مل�ؤمتر جنيف ‪� 2‬أهمية‬ ‫كبرية يف ر�سم مالمح اال�ستقرار يف �سوريا‪ ،‬و�إعادة‬ ‫بناء اال�صطفافات داخل املعار�ضة ال�سورية‪ ،‬لكن‬ ‫ر�ؤية الغرب املحددة بنق�صان الإرادة‪ ،‬وغياب‬

‫الروافع العملية‪ ،‬جتعل من حتقق توقعاته �أمراً يقارب‬ ‫امل�ستحيل‪.‬‬ ‫يف الفكر الغربي ال�سيا�سي‪ ،‬ويف دوائر �صناعة القرار‬ ‫يف وا�شنطن وعوا�صم �أوروبية كثرية‪ ،‬هناك ر�ؤية‬ ‫�إىل دول ال�رشق الأو�سط تعترب �أن هذه الدول عجزت‬ ‫و�ستبقى عاجزة عن بناء الدولة الوطنية‪ ،‬و�أن معيقات‬ ‫التحول نحو الدميقراطية هي معيقات بنيوية‪ ،‬ومن‬ ‫ال�صعب معاجلتها‪� ،‬أو الت�أثري من �أجل تفكيكها‪.‬‬ ‫ال يعتقد الأمريكان جدي ًا ب�أن جنيف ‪� 2‬سيف�ضي �إىل‬ ‫حلول �سحرية‪ ،‬لكن �إدارة �أوباما تريد قوننة الو�ضع‬ ‫ال�سوري يف �إطار التفاو�ض‪ ،‬بغ�ض النظر عن الواقع‬ ‫الفعلي الذي ال يوحي بوجود �إمكانات التو�صل �إىل‬ ‫حلول جذرية‪ ،‬وجل ما تتطلع نحوه الإدارة الأمريكية‬ ‫هو و�ضع م�سار �سيا�سي موازٍ للأزمة على الأر�ض‪،‬‬ ‫دون التفكري بعواقب الف�شل ال�سيا�سي نف�سه‪ ،‬والذي‬ ‫من املمكن �أن يلغي م�ستقب ًال �أي احتمال للو�صول �إىل‬ ‫حل‪.‬‬ ‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬ما زال املوقف الغربي عموماً‪،‬‬ ‫والأمريكي على وجه اخل�صو�ص‪ ،‬يرى �أن �إدارة الأزمة‬ ‫يف �سوريا هي الأ�سا�س‪ ،‬ولي�س حلها‪ ،‬تارك ًا لقوى‬ ‫�إقليمية متناف�سة االنخراط �إىل جانب �أطراف ال�رصاع‪،‬‬ ‫ويف ال�رصاع على الأر�ض ال�سورية‪� ،‬إذ �أن �أي حل‬ ‫جذري هو ح ٌل مكلف‪ ،‬ويحتاج �إىل ترتيبات �إقليمية‬ ‫ودولية مل تن�ضج �أ�س�سها بعد مبا يكفي‪.‬‬

‫ونحن‪ ،‬حتى لو ذهبنا يف افرتا�ضاتنا �إىل �أبعد مدى‬ ‫ممكن حول ما ميكن �أن ي�ؤول �إليه الو�ضع ال�سوري‬ ‫ف�إننا لن جند ما ي�ؤثر جدي ًا على الغرب‪� ،‬أو ما ي�ؤثر‬ ‫ب�شكل مبا�رش‪ ،‬فماذا �سيخ�رس الغرب �إذا حتولت �سورية‬ ‫�إىل دويالت؟ �أو �إذا ا�ستمرت يف دم�شق حكومة �ضعيفة‬ ‫مع وجود قوى مت�صارعة تغيّ‬ ‫ميليه امليدان عليها؟‪.‬‬ ‫لقد �شطح بع�ض ال�سوريني يف املبالغة مبوقع �سورية‬ ‫اال�سرتاتيجي‪ ،‬ومبدى ت�أثريها على الو�ضع العاملي‪،‬‬ ‫م�ستندين يف ذلك �إىل قراءات تعطي الأولوية �إىل‬ ‫اجليو�سيا�سي‪ ،‬غافلني عن جملة التحوالت التي طر�أت‬ ‫يف ال�سيا�سة الدولية‪ ،‬ويف مواقف و�أولويات �أمريكا‬ ‫حتديداً جتاه منطقة ال�رشق الأو�سط‪ ،‬وقد لعبت تلك‬ ‫املبالغات دوراً �سلبي ًا يف ر�سم املخارج الوطنية‬ ‫للحلول‪.‬‬ ‫رمبا �آن الأوان لل�سوريني �أن يعيدوا ح�ساباتهم‪،‬‬ ‫منطلقني من �أولوية امل�س�ألة الوطنية بالدرجة الأوىل‪،‬‬ ‫والتي اتخذت غالب ًا ك�شعار �أكرث من كونها حمدداً‬ ‫للموقف والعمل‪ ،‬و�أن يبتكروا ر�ؤى جديدة يف مقاربة‬ ‫وت�شخي�ص ممكنات احلل‪ ،‬ف�سورية يف نظر العامل مل‬ ‫تعد بلداً‪ ،‬و�إمنا قوى مت�صارعة‪ ،‬وجماعات �سيا�سية‬ ‫متار�س املناكفة ال�سيا�سية‪ ،‬وجلها تابع لقوى‬ ‫خارجية‪ ،‬مبا فيها النظام‪ ،‬وكارثة �إن�سانية حتتاج‬ ‫�إىل مليارات الدوالرات �سنوي ًا ملعاجلة تبعاتها‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.